الخرائج والجرائح

هوية الكتاب

سرشناسه : قطب راوندی، سعید بن هبةالله، -573ق.101844

مرکز نگهدارنده نسخه : سازمان اسناد و كتابخانه ملي ايران

شماره بازیابی نسخه : 5-3677

شماره هاي شناسايي دیگر : 3677ع

1078-440

عنوان و نام پديدآور : الخرایج و الجرایح[نسخه خطی]/ قطب الدین سعیدبن هبه الله راوندی

وضعیت استنساخ : محمدباقر کاتب اصفهانی، قرن 11ق.

مشخصات ظاهري : 213 برگ، 25سطر: 180x90؛ قطع: 250x150

يادداشت کلی : زبان: عربی

آغاز ، انجام ، انجامه : آغاز: "بسمله، اللهم صل علی محمد و آل محمد و اعن و وفق و حسبنا الله و نعم الوکیل، اما بعد حمدالله الذی هدانا الی منهاج الدلیل و الصلوه علی محمد و آل الذین سلکوا بنا سواء السبیل"

انجام: "و قال الصادق(عليه السلام) اذا قام قائم آل محمد(صلی الله عليه وآله وسلم) یبنی فی ظهر الکوفه مسجداله الف باب. تم کتاب ..."

يادداشت مشخصات ظاهری : نوع و درجه خط: نسخ خوش

نوع کاغذ: اصفهانی نخودی

تزئینات متن: عناوین و سرفصلها به شنگرف، بالای برخی از کلمات و عبارات با شنگرف خطکشی شده

نوع و تز ئینات جلد: میشن زرشکی، جداول حاشیه ای با روکش کاغذی زیتونی و بوته های ریسه ای به زر، لولادار، مقوایی، اندرون میشن زیتونی، جداول حاشیه ای به زر

خصوصيات نسخه موجود : حواشی اوراق: نسخه حاشیه نویسی مختصر دارد و به سال 1067ق. مقابله و تصحیح شده

یاداشت تملک و سجع مهر : شکل و سجع مهر:در برگ اول یادداشت هبه ممهور به مهر بیضوی "لااله الاالله الملک الحق المبین عبده محمدتقی، 1216" و مهر "الواثق بالله الغنی عبده محمدعلی"، در دو برگ پایان مهر بیضوی اخیر و مهر "عبدالحسین"

توضیحات نسخه : نسخه بررسی شده .

منابع اثر، نمايه ها، چکيده ها : الذریعه 145:7؛ مرعشی 175:3

معرفی نسخه : مولف، معجزات معصومین علیهم السلام را در 20 باب کتاب جمع آوری نمود و چون معجزاتی که از آن بزرگواران خارج و صادر شده تاییدی است بر صدق ادعای آنها و نتیجه آن کسب صداقت گفتار برای آنهاست، بنابراین کتاب را "الخرایج والجرایح" نام گذارد. [جرح الرجل: اکتسب] باب 1- در معجزات رسول الله(صلی الله عليه وآله وسلم)، باب 2 تا 13 - در معجزات دوازده امام علیهم السلام، باب 14 - در معجزات و اعلام معصومین باب 15 - در دلایل بر امامت دوازده امام، باب 16 - در نوادر معجزات نبی و ائمه، باب 17 - در موازات معجزات نبی و اوصیای وی با معجزات انبیاآ پیشین، باب 18 - در ام المعجزات: قرآن مجید، باب 19 - در تفاوت بین حیل و معجزات، باب 20 - در علامات و مراتب خارق العادات آنها و ذکر اخلاق و سیره نبی(صلی الله عليه وآله وسلم)

موضوع : احادیث شیعه

Hadith (Shiites) -- Texts

چهارده معصوم -- معجزات

*Fourteen Innocents of Shiite -- Miracles

شناسه افزوده : کاتب اصفهانی، محمدباقر، قرن11ق.، کاتب

دسترسی و محل الکترونیکی : آدرس الکترونیکی منبع

ص:1

المجلد 1

تقديم :

بسم اللّه الرحمن الرحیم

الحمدللّه الذي بر وی وجود نظام حقائق الكون و نوامیس الحياة المحكمة، وجوب وجوده وسعة علمه وقدرته اللامتناهية، كما تروی آیات ذكره الحکیم نزراً من أنباء الغيب، و بعضاً من أحاديث معجزات أنبيائه ورسله الالهية.

وأكمل صلواته على أمين وحيه ، وخاتم سفرائه، محمد رسول اللّه، وعلى آله المصطفين الذين أورثهم اللّه کتاب و حيه، وجعلهم مجاري أمره ، ومجالی آیاته ومعجزاته، فبعثوا الفقهاء امناء على حفظ أحاديث معجزات رسول الله والأئمة الاثني عشر من آله و روایتها

وبعد : فمن الذين حفظوا عنهم عليهم السلام مواریث النبوة في صحائفهم وكتبهم شيخنا الأقدم مؤلف هذا الكتاب «قطب الدين الراوندی، قدس سره» .

فانه أودع في سفره القيم هذا كتاب «الخرائج والجرائح» لمعاً من الأحاديث في معجزات النبي والأئمة عليهم السلام وأعلامهم ودلائلهم (تسنناً ) بما قال جل وعلا : « نحن نفص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين ».

وليكون هذا بصائر للناس، و لیستیقن الذين اوتوا العلم بما يتفكرون في آياته، وليؤمنوا بالغيب: «بالله وملائكته ووحيه وكتبه ورسله و يوم لقائه»، و ليعلم الذين سعوا في آيات الله معاجزين أنه ما كان الله ليعجزه شيء في السماوات ولا في الارض .

مفهوم الاعجاز :

هنا لابد من الاشارة الى معنى الاعجاز، فهو مطلقاً : اتیان شیء و ایجاد ما يعجز عنه غير فاعله، كما أشار اليه تعالى في قوله : « ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبا باً ولو اجتمعوا له» و «قل لئن اجتمعت الجن والانس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً».

فعلی هذا كان الاعجاز المطلق خاصاً بالله القادر الذي بيده ملكوت كل شيء وهو بكل خلق عليم ، وعن كل سبب غنی، لا يعجزه شيء مما في السماوات والأرض، وليس كمثله شيء فان له الخلق و الامر، يقول - أو بأذن لصفیه ورسوله أن يقول لشي: «كن. فیکون».

علما بأنه ليس من الاعجاز اتیان شیء بأسبابه الطبيعية العادية أو الرياضية حين تتكامل الصنعة في شتى العلوم المعاصرة أو المستقبلة ، فان التقدم في اكتشاف نواميس الطبيعة وحل رموزها التي فطرها الله تعالى ، وقدر فيها أقواتها ، أو استخدام القوى والاسباب في الصنائع البديعة، ليس في حقيقته اعجاز اً، بل فضلا لمكتشفة أو صانعه من بين أقرانه.

ص: 1

من يقوم بالاعجاز (باذن اللّه) ؟

لقد صرح القرآن الكريم بأسماء بعض من اصطفاهم الله و أيدهم ووهبهم الأذن على القيام بأعمال اعجازية، وقد اقتضت الحكمة الالهية أن يخص كل واحد من رسله وأوصيائه في مختلف العصور بآ یات باهرة، ومعجزات ظاهرة .

ألا ترى في القرآن الكريم أحوال هؤلاء الانبياء والمرسلين والاوصیاء : نوح، هود صالح ، ابراهيم ، موسی، عیسی ، داود ، سليمان : الى خاتم الانبیاء، كلهم كانوا يبلغون رسالات الله، و يتلون آیاته من أنباء الغيب والوحي، وهم الادلاء على مرضاة الله، وجاءوا بآيات بينات ومعجزات في كل عصر بما شاء الله و أذن لهم ، دليلا على صدقهم.

والمعجزات كثيرة منها: ما في آيات ابراهيم عليه السلام، بصیر ورة النار برداً وسلاماً له ، واحياء الطيور على يده.

وفي آيات موسی علیه السلام اذ قال الله تعالى له : ألق ما في يدك (عصاك ) فاذا هي حية تسعى ، تلقف ما كانوا يأفكون ، وما سحروا به أعين الناس .

وفي تسع آيات بينات له منها : سيلان الدم(1) من غير أن يصيب حيواناً ذا نفس سائلة.

وفي آيات عیسی علیه السلام باحياء الموتى من القبور البالية ، وصيرورة الطين طيراً كما خلق الله «آدم» من تراب .

وفي آية داود عليه السلام بالانة الحديد له من غير أن تذيبه نار .

وفي تسخیر قوی الجن والانس والطير في ملك سليمان عليه السلام، و سیره على عرشه ومن حوله بما كان غدوها شهر، ورواحها شهر، وعلمه بمنطق الطیر .

و في اتيان و زیره «آصف» عرش ملكة سبأ من قبل أن يرتد اليه طرفه بلا أي جهاز .

هذه و أمثالها معجزات الانبياء، و آيات الله تصديقاً لرسالتهم عن رب العالمين الذي يقول لشيء: «كن. فیکون» .

ص: 2


1- ولابأس بالاشارة الى ما تناقلته وسائل الاعلام بأن السماء قد أمطرت دماً في يوم (21) من شهر رمضان المبارك سنة 1409 ه. ق في احدى مناطق الهند «محلة السادات» لعدة ساعات، و بعد اجراء التحليلات المختبرية لوحظ بأن هناك تشابهاً بينه و بين دم الانسان في المحتويات، كما أفادت بذلك التقارير العلمية. والتاريخ يحدثنا بأن السماء قدمطرت دماً عبيطاً يوم استشهد سيد الشهداء ثار الله وابن ثاره الحسين بن على بن أبي طالب عليهما السلام . ويا حبذا لو نشرت المزيد من التحقيقات العلمية حول هذه الظاهرة

الرسالة الالهية والامامة غير مستغنية عن المعجزات :

فبما أن الله الذي خلق خلقه (ليعرف ويعبد و بجزی) بدأ خلق الانسان من طين، ثم جعل نسله من ماء مهين(1) فجعله نسباً وصهراً ، ثم هداهم برسله و كتبه ، و وعدهم حياة طيبة في النشأة الأخرة : بأن يحيي جميع موتاهم ، فيخرجون من الاجداث ، كأنهم جراد منتشر فلا أنساب بينهم يومئذ ، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم بجمع الله فيه الاولين والآخرين (والنبين) الى ميقات يوم معلوم ، قال الله عز وجل :

«يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَکسِبُونَ » وقالوا لجلودهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، وهو خلقكم أول مرة، وهذا يوم عظيم يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون:

اما في جنات النعيم تجري من تحتها الانهار خالدين فيها، نعم الثواب وحسنت مرتفقاً . واما في در كات الجحيم، طعامهم من زقوم، وشرابهم من غسلين ، وساءت مستقراً.

وبما أن تلك الحقائق التي وعدها الله في النشأة الاخرة بعد هذه النشأة الحاضرة المتفانية معارف من غيب الوجود الذي لا ينال با لعقل الذي لايدرك الا كلياً دون الوجود الخارجي ، ولا بعلم التلازم بين الشيء وأثره، کآیات تدل على وجود الباریء، أو النار و الاحراق، دليلا لميا أو انياً ، ولا با لحس الذي لايدرك الا الموجود الحاضر الملموس .

بل علمه خاص بعالم الغيب الذي لا يظهر على غيبه أحداً الا لمن ارتضی من رسول فيوحي اليه من أنبائه .

وبما أن العقول قد بهرت وعجزت عن كنه معرفة الله كما قال تعالى : «و لايحيطون بشیء من علمه الا بما شاء» وقال عز وجل في الذين يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا ، وهم عن الاخرة هم غافلون : «ما قدروا الله حق قدره اذ قالوا: ما أنزل الله على بشر من شیء» .

وقالوا: ان هي الاحياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعو ثين، وما يهلكنا الا الدهر.

وقال الكافرون:هذا شيء عجيب: ءاذا متنا وکنا تراباً وعظاماً ءانا لمبعوثون خلقاً جديداً؟

وقال : من يحيى العظام وهي رميم ؟!(2)

وبما أن هذه رسالة الهية ، ودعوة دينية غيبية، غير مستغنية عن آية باهرة، ومعجزة قاطعة ، وحجة با لغة ، ليهلك من هلك عن بينة، و لئلا يكون الناس على الله حجة بعدالرسل.

و بالجملة فلاجل هذا كله فالرسالة الالهية و الامامة مفتقرة الى الايات و المعجزات

ص: 3


1- تجد تفصیل آیات الانسان في النشأتين في كتابنا«المدخل الى التفسير الموضوعی»
2- أمثال هذه الآيات والمقالات كثيرة جمعناها في كتابنا «المدخل الى التفسير الموضوعي»

كما قيل للانبياء في مختلف العصور : « فأت بآية ان كنت من الصادقین».

ومنه قال تعالى: (وسنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) .

وقال: فانظر الى آثار رحمة الله : (الماء) كيف يحيى الارض بعد موتها ان ذلك لمحي الموتی.

أقول : صفوة الايات الباهرات في بيان هذا الغيب «المعاد الجسماني في النشأة الأخرة » أن الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما من الشمس و القمر و...

أرسل الرياح ، ثم أنزل من السماء ماءأ، فأحيا به الارض بعد موتها ، باخراج زرعها ونباتها وشجرها ، فأخرج منها حبأ وفواكه مختلفاً ألوانها ، متشابهاً وغير متشابه.

فانظر كيف يقلب الله الحب نباتاً خضراً ، لا ترى فيه حباً ، ثم يخرج منه حباً متراكماً مثله فهو قادر على أن يعيد الموتى مرة اخرى من الارض أحياءاً، و يجمعهم ليوم الجمع لاريب فيه.

وأنت ترى اليوم نظير ذلك في أكمل الصناعات البديعة كالاجهزة الكامبيوترية والتلفزيونية كيف يصور في محطاتها المركزية شيء مرئی و مسموع، ثم يحول الى قوى و أمواج لاتری ولاتسمع، ثم يحول ثانياً، فيعود کصورته الاولى جريأ على استخدام القوى المقدرة في طبا ئعها .

وبالجملة : هذان المثلان الطبيعي والصناعي لا يخرقان نوامیس الطبيعة بما فيها من القوى والأسباب، بل هما آيتان، و اعجاز من الخالق لدفع استعجاب هؤلاء الذين يقولون: ءاذا متنا وکنا تراباً وعظاماً، ءانا لمبعوثون خلقاً جديداً؟! أو آباؤنا الاولون ؟! أو من قال: من يحيى العظام وهي رميم ؟!

بلی! في النشأة الأخرة خلق جدید بمثل الخلق الأول

«قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ...

أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن « يخلق مثلهم»(1) بلي، وهو الخلاق العليم، وما خلقكم ولا بعثكم الا کنفس واحدة (وقال :) فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون، انه لحق مثلما أنكم تنطقون، انما قولنا لشيء اذا أردناه أن نقول له كن فيكون .

ص: 4


1- وقد حبانا الله بكر امة سنة 1407 ه،ق في ذكرى ولادة سیدنا و مولانا الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة ، يومها كنا في مجلس يضم الكثير من الفضلاء و الاخيار متقر بین الى الله بالتوسل الی علی بن موسی الرضا عليهما السلام بذکر جدته فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله، اذ قریء ماروی عن أمير المؤمنین علیه السلام: «والله لقد حنت، وأنت، ومدت يديها، وضمتهما الى صدرها ملياً .. .» فتجلی نور بھی، وفاحت رائحة طيبة حتى أحس بهما الجميع . و الحق يقال : ما وجدنا مثلهما قبل اليوم . فالخالق الذي يخلق لنا مثل رائحة حنوط فاطمة عليها السلام ، المخصص لها من الجنة ، و قد مضى على شهادتها ما يقارب من (14) قرن، قادر على اعادة خلق ما قد بلى، وأصبح رميماً، فتبارك الله أحسن الخالقین

عناوين المقدمة

اشارة

التعريف بالمؤلف 4

موطنه 4

اسرته 4

أولاده وأحفاده 5

مكانته العلمية والاجتماعية 5

أساتذته ومشايخه 6

وفاته ومدینه 7

آثاره 8

کتاب الخرائج والجرائح 8

الوجه في تسمية الكتاب 11

أهمية الكتاب ، والاعتماد عليه 11

منتخب الخرائح 11

ترجمة الخرائج والجرائح 12

التعريف بنسخ الكتاب 12

منهج التحقين 13

تقدير وعرفان 14

ص: 5

التعريف بالمؤلف

هو فقيه الشيعة و حامي الشريعة ، الثقة الخبير ، العالم الكبير ، الشاعر المتكلّم البصير المعلّم ، المحدّث المفسّر، العلامة المتبحّر، شیخ الشيوخ أبو الحسين « سعيد بن عبدالله بن الحسين بن هبة الله بن الحسن » المشهور ب

«قطب الدين الراوندی»

موطنه

لقّب ب « الراوندي » نسبة إلى « راوند » و هو اسم أطلق على ثلاثة مواضع ، هي:

- بليدة بقرب کاشان ، ومازالت تعرف إلى الآن بهذا الاسم.

- ناحية بظاهر نيسابور .

- مدينة قديمة بالموصل، بناها راوند الأكبر بن بیوراسف الضحّاك .

قيل أصلها « راهاوند » أي الخير المضاعف .(1)

قال شيخنا البهائي : الظاهر أنّه منسوب إلى راوند ، قرية من قری کاشان .(2)

وقال الميرزا الأفندي: يمكن أن يكون القطب - هذا - من ناحية نيسابور أيضاً.(3)

اسرته

كان رضوان الله عليه ينتمي إلى أسرة علمية كبيرة ، لها مقام اجتماعي جايل و منزلة علميّة مرموقة ، بيد أنّها لم تكتسب تلك الشهرة التي تليق بها إلا بعد نبوغ القطب الراوندي ، حيث لم تسلّط الأضواء على اصول هذه الاسرة سوى وجيزة إجمالية أفادنا بها الميرزا عبدالله الأفندي :

« كان والده وجدّه أيضاً من العلماء» .(4)

ص: 6


1- راجع معجم البلدان : 19/3 ، مراصد الاطلاع: 2 / 598، ووفيات الأعيان : 1 / 94
2- ریاض العلماء : 2/ 420
3- ریاض العلماء : 2/ 420
4- ریاض العلماء: 2 / 430

أولاده وأحفاده

خلفه - قدس سره- أولاد علماء فضلاء فقهاء أتقياء ، أثنى عليهم أصحابنا في كتب تراجمهم و أطروهم بالعلم والفضل والتقى ، وهم :

1 - الشيخ عماد الدين أبو الفرج علي بن سعيد الراوندي .

يروي عن والده ، وعن السيّد ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني الراوندي صاحب النوادر .

ويروي عنه ولده - سبط المؤلف - الشيخ الفاضل العالم برهان الدين أبو الفضائل محمد بن علي بن سعيد الراوندي(1) والشيخ محمد بن جعفر بن نما .

والشيخ أبوالسعادات أسعد بن عبدالقاهر الاصفهاني .

والشيخ نصير الدين أبوطالب عبد الله بن حمزة الطوسي.

والسيّد حيدر بن محمد الحسيني صاحب غررالدرر .(2)

2- الشيخ العالم الصالح الشهيد نصير الدين أبو عبد الله الحسين بن سعيد الراوندي.(3)

3- الشيخ الفقيه الثقة العدل ظهير الدين أبو الفضل محمّد بن سعيد الراوندي .(4)

مكانته العلمية و الاجتماعية

أجمع العلماء وأرباب معاجم التراجم على جلالة قدره وتبرّزه في العلوم العقليّة والنقليّة، لم يمر بذكره أحد من الرواة عنه أو المترجمين له إلا و يستصحب ذکره

ص: 7


1- فهرس منتجب الدين : 172، ریاض العلماء : 5 / 117، الثقات العيون : 273،والانوار الساطعة : 162
2- فهرس منتجب الدين : 172 ، أمل الأمل : 171/2 ، وص 188، ریاض العلماء:83/4 ، وص100 ، والثقات العيون : 190
3- فهرس منتجب الدين : 56 ، ریاض العلماء : 7/2 ، والثقات العيون : 75
4- فهرس منتجب الدين : 172 ، أمل الأمل : 2/ 274، ریاض العلماء : 107/5 ،والثقات العيون :265

بعبارات تدلّ على عظمته وسمو مكانته، و كانت هذه المكانة و الجلالة ملازمة له أينماحلّ و نزل.

وكان موضع احترام و تقدير كافّة الطبقات و الأوساط العلميّة و الاجتماعيّة .

وكان قد۟س سرّه بالاضافة إلى مقامه العلمي الرفيع على جانب كبير من الأدب والشعر، وشعره جيّد، مستعذب الألفاظ ، راقي المعاني ، يغلب عليه طابع مدح أهل البيت، وتبیین فضائلهم ، ورثائهم .

عدّه العلامة الاميني في شعراء الغدير(1)، وذكر نماذج من شعره .

هذا ما يختص بمكانته - رضوان الله عليه - في حياته، أمّا بعدها فله المكانة الكبرى بما أثرى به العالم الاسلامي من المؤلّفات الضخمة القيّمة الكثيرة التي تكلّ الألسن عن وصفها، ويقصر البيان عن مدحها و تعريفها، وأصبحت مراجع ها مّاًمن المراجع المعتمد عليها في مختلف المجالات العلميّة .

ولا يفوتنا دوره البارز في نشر العلوم في ربوع العالم الاسلامي ، حيث تتلمذ على يديه نوابغ و أفذاذ من علماء الكلام والحديث والفقه والتفسير وغيرها، نذكر منهم :

الشيخ رشيد الدين محمّد علي السروي المازندراني المعروف به « ابن شهر اشوب» صاحب الكتاب القيّم «مناقب آل أبي طالب».

وقد أطلنا البحث حول مكانته قد۟ س سرّه، وهو بحث يستأهل أكثر من هذه السطور.

أساتذته ومشايخه

تلقّى الشيخ قطب الدين الراوندي قد۟س سرّه علومه عند أساطين العلم ، و كبار العلماء في عصره .

وروي عن شيوخ الرواية والحديث من وجوه علماء الخاصّة والعامّة في عصره .

ولسنا بصدد سرد أسمائهم، و الحصر التام لعددهم، أو الإحاطة بكلّ من يمتّ إليه بصلة علميّة. .

ص: 8


1- الغدير : 379/5 - 384

بل نقتبس منها بعض الأسماء اللامعة، و نحيلك إلى فهرس مشايخه في آخر الكتاب.

فنذكر منهم الشيخ الثقة الفقيه المفسّر أمين الاسلام الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير القيّم «مجمع البیان» و کتاب « إعلام الوری » وغيرهما من روائع المؤلّفات و أعلاها .

ومنهم الشيخ الثقة العالم الجليل المعمّر، الواسع الرواية عماد الدين محمّد ابن أبي القاسم علي بن محمّد الطبري، صاحب كتاب «بشارة المصطفى لشيعة المرتضی».

ومن مشا یخه رضوان الله عليه من علماء العامّة :

الشيخ العالم المحدّث شهردار بن الحافظ شیرویه بن شهردار الديلمي صاحب الكتاب الشهير «مسند الفردوس» .

وفاته ومدفنه

قال العلامة الشيخ المجلسي : وجدت بخط الشيخ الزاهد العالم شمس الدين محمد جد شيخنا البهائي قدّس الله روحهما نقلا من خط الشهيد روح الله روحه: توفّي الشيخ الامام السعيد أبو الحسين قطب الملّة والدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي رحمه الله ضحوة يوم الأربعاء الرابع عشر من شوال سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.(1).

أو في ثالث عشر شو ال، كما في لسان الميزان: 48/3 .

و مزاره الشامخ في الصحن الكبير في حضرة السيّدة فاطمة المعصومة علیها السلام.(2)

ص: 9


1- البحار : 235/105
2- قال الميرزا عبدالله في رياض العلماء : 420/2 : ان المولی حشرى الشاعر المشهورنقل في كتاب تذکرة الاولياء في أحوال العلماء: أن قبر القطب الراوندی في قرية خسروشاه من توابع تبریز . أقول: و أنا أيضاً رأيت قبراً بتلك القرية يعرف عند أهلها بأنه قبر القطب الراوندی وكانوا يزورونه فيه ، وقد زرته أنا أيضاً فيه ، ولايبعد أن يكون أحدهما قبر الشيخ قطب الدين الراوندی ، والثاني قبر السيد فضل الله الراوندى ، أو أحدهما قبر أحد أولاده المذكورين ، أو قبر والده، أو جده ، والاخر قبره

آثاره

لعلّ خير ما يصور منزلة القطب الراوندي هو دراسة آثاره الكثيرة التي خلّفها و بیان قيمتها مقارنة بمثيلاتها ، و مدى اهتمام العلماء و الباحثين و الدارسين بها في العصور التالية ، و المساهمة الفعّالة و الجادّة التّي قدّمتها للعالم الاسلامي في مختلف عصوره .

على أن۟ مهارته - قد۟س سرّه - و براعته تظهران في أحسن الوجوه إشراقاً، وأكثرها تألّماً عند دراستنا له محدثاً يعني بهذا الفن۟.

فقد مهر في علم الحديث و صنّف فيه الكتب الكثيرة ، الخرائج و الجرائح والدعوات والقصص و... كما برع في غيره من العلوم، وألّف فيها. سرد من ترجم له من أصحاب المعاجم الرجاليّة قائمة الأسماء مؤلّفاته ، نيّفت على الستّين .

ومن أشهر هذه الكتب وأكبرها :

کتاب الخرائج والجرائح

وهو هذا السفر الجليل العظيم الذي نقدّمه اليوم للقرّاء، وهو يعدّ من أعظم كتب المعجزات و دلائل نبوّة نبيّنا صلی الله علیه و آله و سلّم وإمامة الأئمة علیهم السلام التي انتهت إلينا من تراث علمائنا الأقدمين، ترتیباً و تنقيحاً، و توثيقاً و إحكاماً، وإحاطة وشمولا ، فهو ينبیء عن سعة اطّلاع مؤلّفه - قد۟س سرّه - على كلّ ماسبقه من تأليف في موضوعه ، و دراية تامّة بمعجزاتهم ، وماقيل في حقّهم صلی الله علیه و آله و سلّم. ويتميّز عن غيره من الكتب التّي الّفت في بابه أنّه استطاع التوفيق بين المعجزات والدلائل والمسائل الكلاميّة الواردة عليها .

ولم يقتصر على نوع معيّن من المعجزات بل تنوّعت فشملت مختلف أشكالها .

وكان للقطب الراوندي أسلوبه المتميّز في صياغة روايات كتابه هذا ، وأسلوب عرضها، الأمر الذي دفعه في أغلب الأحيان إلى اختصار المادّة الروائيّة المرويّة باسهاب في مؤلّفات من سبقه باسلوبه الخاص، ولم ير في ذلك ضيراً، طالما قد توخّى

ص: 10

الدقّة والامانة في نقل أهداف الرواية ، لاسيّما تلك التي لا تنقص من قيمتها إعادة الصياغة، كحذف مقدّمات الحديث. وباقي الأحداث الهامشيّة الخارجة عن تبیان المعجزات و الدلائل ، و اختصار أسماء الرواة ونحو ذلك.

أمّا أسلوبه الأدبي في عرض أحداث الرواية ، فقد تميّز بالطراوة و الحبك وام يعن بتزويق الألفاط الذي يتجلّى فيه العناية بالاسلوب على حساب دقّة المعاني ودلالة الكلمات .

أضف أنّ معرفته القويّة باللغة العربيّة - نحوها ، وصرفها- أكسبته التمتّع بهذا الاسلوب الرصين البليغ الخالي من اللحن .

ومن المزايا التي تميّز بها هذا الكتاب القيّم عن غيره هو إيراده :

الملحقات الخمسة في آخر الباب الخامس عشر بقوله :

«وقد كنت جعت «خمس مختصرات» تتعلّق بهذا الفنّ من العلوم، فأضفتها إلى هذا الكتاب أيضاً بالخطبة التي في أول كل واحد منها» و هي :

1- کتاب نوادر المعجزات(1) : وهو الباب السادس عشر، قال في خطبته :

«إنّ هذه أحاديث هائلة، مهولة ، فانّها من المشكلات التي تتهافت فيها العقول ،لكونها من المعضلات، وقد كان الشيخ الصدوق سعد بن عبد الله بن أبي خاف الأشعري ذكرها في كتاب البصائر ، وأوردها الشيخ الثقة محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب بصائر الدرجات ، و كلاهما لم يكن غالياً ولاقالياً» .

ويستفاد من كلامه رحمه الله امور: منها أنّه انتخب أحاديث كتابه هذا من كتابي بصائر درجات الأشعري و الصفّار ، و أنّها أحاديث ذات خصوصيّة تميّزها عن مثيلاتها بكونها من المعضلات ، وقد علّل ذلك - بعد سطور - بأن روی : «حديث آل

ص: 11


1- مما تجدر الاشارة اليه أن لشيخنا الصدوق والشيخ محمد بن جریر الطبری (صاحب دلائل الامامة) مصنفين بهذا العنوان .راجع الذريعة : 349/24 وص350

محمد صعب مستصعب ...».

ويستفاد أيضاً أن كتابه هذا روائي بحت، لذا لم يضمنّه أي بحث كلامي .

2- کتاب الموازاة بين معجزات نبينا صلى الله عليه و آله ومعجزات الانبياء ويشكّل هذا الكتاب الباب السابع عشر من كتابنا الخرائج والجرائح.

ولاأظن أنّنا بحاجة ماسّة إلى تعريف موضوعه الذي ينطق به اسمه. ورغم أن اسم الكتاب صريح في موضوعه فقد أبان المؤلّف عنه و عن منهجه في مقدّمته ، فقال : «قد ذكرنا من معجزاته صلی الله علیه و آله و سلّم ومعجزات أو صيائه علیهم السلام الّتي رواها الرواة المعروفون بالأمانة مايربي على أعلام الرسل الماضين عند الموازاة والموازنة .

ونذكر هاهنا شيئاً يفتقر إليه في هذا المعنى» .

3- کتاب ام المعجزات، وهو القرآن المجيد، وقد شغل تمام الباب الثامن عشر ضمّنه وجوه إعجاز القرآن، وأكثر فيه من ذكر و افتراض الشبهات والردّ عليها بكلام يسير محکم موجز خال من الاغلاق و الابهام والغموض و التعقيد.

4- كتاب الفرق بين الحيل والمعجزات ، و هو الباب التاسع عشر ، قال في دیباجته: «إنّي أذكر ما ينكشف فيه الفصل بين الحيل والمعجزات، و تظهر به الشعوذة والمخاريق ، وحقيقة الدلالات والعلامات لكلّ ذي رأي صائب و نظر ثاقب ... ».

وهو - فيما أعلم - كتاب لم يسبقه أحد إلى تناوله بالبحث و التأليف ، و ضمّنه - کسابقه - سلاسة الألفاظ ودقّة التعبير ، والقدرة على الاقناع .

5- کتاب علامات ومراتب نبينا صلی الله علیه و آله و سلّم أوصيائه علیهم السلام و هو الباب العشرون قال في ديباجته : « إنّ علامات النبي صلی الله علیه و آله و سلّم والأئمة علیهم السلام من أهل بيته في الكتب المتقدّمة كثيرة ، وأنا أشير في هذا المختصر إلى جمل منها خطيرة ، وأضيف إليها من الرؤيا الدالّة على مراتبهم مايليق بها».

فهذا الكتاب كما ينبیء عنه مؤلّفه هو في ذكر البشارات بنبيّنا صلی الله علیه و آله و سلّم وأوصيائه علیهم السلام و علاماتهم ، ثمّ تطرق إلى ذكر العلامات السارّة الدالّة على صاحب الزمان وأردفها بذكر العلامات الحزينة الدالّة عليه (عجّل الله تعالی فرجه الشريف) .

ص: 12

الوجه في تسمية الكتاب

بيّن لنا المؤلّف قدّس سرّه الوجه في تسميته كتابه هذا بالخرائج والجرائح بأوجز عبارة وأدقّ معنی فقال: «وسمّيته ب «الخرائج والجرائح»لأنّ معجزاتهم التي (خرجت) على أيديهم مصحّحة لدعاويهم ، لأنّها (تكسب) المدّعي - ومن ظهرت على يده - صدق قوله».(1)

أقول: جرح و اجترح: اكتسب ، وجمعها جرائح .

قال تعالى : «وهو الذي يتوفّاکم بالليل و يعلم ماجرحتم بالنهار »(2) أي كسبتم .

وقال : «أم حسب الّذين اجترحوا السيّئات»(3)أي اكتسبوا.

أهمية الكتاب ، والاعتماد عليه

الخرائج والجرائح عين من عيون كتب تراث أهل البيت علیهم السلام وهو الأصل والمأخذ لكثير من الروايات والأحاديث التي أودعها أصحاب المؤلّفات في مؤلّفاتهم بعده لدى تناولهم معجزات النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و الأئمة علیهم السلام و دلائلهم بالجمع و التأليف .

فممّن اعتمد عليه من علمائنا:

الأربليّ في«کشف الغمّة»، والشيخ زين الدين النباطي في «الصراط المستقيم»والشيخ الحر العاملي في «و سائل الشيعة» و «اثبات الهداة» .

والشيخ المجلسي في «بحار الانوار» والشيخ عبد الله البحراني في «عوالم العلوم»و السيّد هاشم البحراني في «تفسير البرهان» و «غاية المرام» و«مدينة المعاجز» .

ومن علماء العامة : ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة»(4)و القندوزي في «ينابيع المودّة»(5) و غيرهم ممّن يطول المقام بذكرهم واستقصائهم .

منتخب الخرائج و الجرائح

لدي بحثنا عن تاريخ ونسخ الخرائج و الجرائح وقعت بين أيدينا نسخ خطّيّة

ص: 13


1- الخرائج والجرائح : 19
2- سورة الأنعام : 60
3- سورة الجاثية : 21
4- الفصول المهمة : 199
5- ينابيع المودة : 332

و مطبوعتان حجريّتان اختزلت فيها أحاديث الكتاب بنسبة كبيرة فعلى سبيل المثال: الباب الثاني في معجزات أمير المؤمنين علیه السلام (ص 171- 235) تضمّن «78» حديثاً ، بينما في النسخ المشار إليها«17» حديثاً فقط.

والباب التاسع في معجزات الامام الرضا علیه السلام (ص337- 371) احتوى على «29» حديثاً و في النسخ السابقة الذكر «12» حديثاً فقط.

وطال هذا الاختزال والاختصار باقي أبواب الكتاب، ممّا اضطر۟نا إلى صرف النظر عن الاشارة إلى الأحاديث المختزلة في تعليقاتنا على الكتاب .

فهذه النسخ هي «منتخب الخرائج والجرائح» إن صح۟ التعبير .

ترجمة الخرائج والجرائح

قام العلامة الشيخ محمّد شريف الخادم بترجمة كتاب «الخرائج والجرائح» إلى اللغة الفارسيّة، وسمّاه «كفاية المؤمنين في معجزات الأئمة المعصومين علیهم السلام» ورتبّه على أربعة عشر باباً، وقد وشّحه باسم السلطان إبراهيم قطب شاہ بن السلطان علي قطب شاہ الذي ملك ثلاث وثلاثين سنة، ومات في سنة 988 عن عمر ناهز الاحدي والخمسين سنة.(1).

التعريف بنسخ الكتاب

إعتمدنا في تحقيقنا لهذا الكتاب على ثلاث نسخ خطّيّة هي:

النسخة الاولى : مصوّرة عن النسخة المحفوظة في المكتبة الشخصيّة للعلامة الشيخ محي الدين المامقاني ، حفيد آية الله الشيخ عبدالله المامقاني، العالم الرجالي المعروف صاحب کتاب «تنقیح المقال في أحوال الرجال ».

وهي أتقن النسخ وأصحّها وأنمّها، كتبها - بخطّ النسخ - السيّد كمال الدین حسن بن محمّد بن عماد الحسيني الاسترابادي ، في الخامس عشر شهر جمادى الثانية سنة 958 ه. ق . وتقع في «554» صفحة .

ص: 14


1- راجع الذريعة : 18/ 100، وطبقات أعلام الشيعة في القرن العاشر: 103 (وفيه : شریف الخادم، بدون محمد) ریاض العلماء : 431/2

وكانت هذه النسخة النفيسة هي الأصل المعتمد عليه في تحقيقنا، ورمزنا لها : ب «م» .

النسخة الثانية : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمی شهاب الدين المرعشي النجفي - دامت برکاته - تحت الرقم «983». كتبت بخطّ النسخ في سنة « 1092» وتقع في «296 » ورقة ، واحتوت كسابقتها تمام الکتاب ورمزنا لها ب «ه-».

النسخة الثالثة : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات آية الله الحاج السيّد مصطفى الحسيني الصفائي الخوانساري ، واحتوت « منتخب الخرائج والجرائح » وسقطت من آخرها الأبواب الخمسة الأخيرة ، ورمزنا لها : ب « س ».

و اعتمدنا في تحقيق الأبواب الثلاثة الأخيرة على نسختين عرفناهما في ص 969.

وحصلت بأيدينا نسختان مطبوعتان :

الاولى : المطبوعة الحجريّة في سنة 1301 ه، ق، ضمن مجموعة تضمّنت ثلاثة كتب هي: الأربعون حديثاً للعلاّمة الشيخ المجلسي - صاحب بحار الانوار - والخرائج والجرائح ، و كفاية الأثر للخزاز القمّي.

الثانية : المطبوعة الحجريّة في بومباي في سنة 1301 ه-. ق. وهذه المطبوعة والتي قبلها هي « منتخب الخرائج والجرائح » .

منهج التحقيق

بعد استنساخ الكتاب ومقابلته مع نسخه و مصادره و البحار ، اتّبعنا - كما هو دأبنا - طريقة التلفيق بين النسخ والبحار والمصادر ، لاثبات متن صحیح سليم للكتاب مشيرين في الهامش إلى الاختلافات اللفظيّة الضروريّة.

ومن ثم أشرنا في نهاية كل حديث إلى مصادره واتّحاداته بصورة مفصّلة .

كما وقمنا بشرح بعض الألفاظ اللغويّة الصعبة نسبيّاً شرحاً مبسّطاً موجزاً ، مع إثبات ترجمة لبعض الأعلام الواردة في أسانید و متون الروايات ، خاصّة تلك التي

ص: 15

صحّفت وحرّفت، معتمدين في ذلك على أمّهات كتب تراجم الرجال .

و كذا الحال بالنسبة لأسماء القبائل والأقوام والفرق والأماكن والبقاع .

علما أنّ كلّ ما بين المعقوفين [ ] بدون إشارة فيو ممّا لم يكن في نسخة «م»وإنّما أثبتناه من سائر النسخ، أو من أحدها .

ووضعنا الاختلافات اللفظيّة الطويلة نسبيّاً، أو التي تبهم الاشارة إليها في الهامش بين قوسين ( ).

وحصرنا النصوص الواردة في المتن بين قوسي التنصيص الصغيرين « » .

تقدير وعرفان

ممّا يزيد في قيمة هذا الكتاب الرائد النفيس، ويعلي مكانته بين الكتب هو إصداره بهذه الحلّة الزاهية الرائعة ، والطبعة المحقّقة النافعة التي تسر۟ كل۟ محب۟ وموال لأهل بيت العصمة و الطهارة علیهم السلام وقد يسّر الله لمؤازرتي و شد۟ عضدي في إنجازه وتحقيقه ثلّة من الذوات المخلصة العاملة في « مؤسّسة الامام المهدي » عجّل الله فرجه الشريف ، سيّما الأفاضل :

نجم عبد البدري ، شاکر شبع ، أمجد عبدالملك الساعاتي ، فارس حسون،أبو حيدر المسجدي ، السيّد فلاح الشريفي .

فلهم الشكر والثواب ، و كان الله شاكراً عليماً .

السيّد محمّد باقر نجل المرتضى الموحّد الأبطحي الاصفهاني

مؤسسة الامام المهدی علیه السلام

قم المقدسة

ص: 16

الصورة

ص: 17

الصورة

ص: 18

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد حمد الله الّذي هدانا إلى منهاج الدليل و الصلاة على محمّد و آله الّذين سلكوا بنا سواء السّبيل فان۟ قومأ(1) من الّذين أقروا بظاهرهم بالنبوات، جحدوا في الامامة(2) کون المعجزات، فضاهوا الفلاسفة و البراهمة(3) الجاحدين في النبوة الأعلام الباهرات فدعاواهم جميعاً باطلة فاضحة ، إذ الأدلّة على صحّة جميع ذلك واضحة .

وقد أخبرنا جماعة ثقات منهم : الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي۟ بن المحسن الحلبي ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمّد

ابن الزّبير القرشي ، عن أحمد بن الحسين بن عبدالملك الأزدي(4) ، عن الحسن بن محبوب ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسن موسی بن جعفر أنّه قال :

أعظم الناس ذنباً ، و أكثرهم إثماً على لسان محمّد : الطاعن(5) على [ عالم ] آل محمّد والمكذّب ناطقهم، و الجاحد معجزاتهم(6) .

ص: 19


1- «فرقاً» س ، ط
2- «باب الامامة» س ، ط
3- البراهمة: أحد المذاهب التي يتعبد بها في بلاد الهند ، يقوم على أساس نفي النبوات أصلا و رأساً، والنسبة في هذه التسمية لرجل يقال له « بر اهم » . من أراد تفصيل ذلك فليراجع الملل والنحل : 2/ 250 - 255
4- «الاودی» ط و اثبات الهداة . و كلاهما وارد . راجع الوسائل: 127/20 ، ورجال السيدالخوئی : 2/ 94
5- «الراد» ط
6- عنه اثبات الهداة : 259/ 1 ح248

على أنّ من أنكر المعجزات لعلي و أولاده الأحد عشر مع إثباته للنبي فانّه جاهل بالقرآن.

وقد أخبرنا الله سبحانه عن آصف بن برخيا وصي سليمان وعن ما أتی به من المعجز من عرش ملكة اليمن، و كان سليمان يومئذ ببیت المقدس فقال وصيّه:

«أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك»(1) و ارتداد الطرف مالا يتوهّم فيه ذهاب زمان ولا قطع مسافة ، و كان بين بيت المقدس و الموضع الذي فيه عرشها باليمن مسيرة خمسمائة فرسخ ذاهياً و خمسمائة راجعاً ، فأتاه به وصيّه من هذه المسافة قبل ارتداد الطرف ، فلو فعله سليمان أكان معجزاً [ل] فلمّا أراد أن يدل أهل زمانه على وصيّه و من يقوم مقامه بعده، قام به وصيّه [باذن الله] وهذا أقوى من النص .

وهذا كما ذكر الله في معجزات الأنبياء: من طوفان نوح وسفينته و ناقة صالح وفصيلها وشر بهم و شر بها

ونار إبراهيم، و أضيافه، وإحياء الله تعالى الطيور الأربعة الّتي ذبحها و فرقها على الجبال ، ثمّ كانت (تأتيه سعياً)(2) و تسخير الله الريح لسليمان و إلانة الحديد لأبيه(3) وتعليمه منطق الطير والنمل وعصا موسی و انقلابها حيّة ، و اليد البيضاء من غير سوء ، و آياته المذكورة في القرآن(4) من الطوفان و الجراد والقمّل والضفادع والدم و الرجز ونتوق الجبل فوقهم، و انفلاق البحر لقومه، والمن والسّلوى [و التيه] و العيون الجارية من الحجرئ والغمام المظل و نحو ذلك .

ص: 20


1- سورة النمل : 40
2- «طیوراً باذن الله تعالی» س
3- «له» م. وهو تصحيف
4- «الكتاب» م

وما أخبر الله به عن عيسى من كلامه في المهد ، وإحياء الموتى، وإبراء الاكمه والابرص، و جعل الله الطين طيرأ، وما شاكل ذلك.

وكذلك ما أخبر الله تعالی به عن محمّد من شقّ القمر، و الاسراء إلى بيت المقدس ، والمعراج ، وما نقله عنه المسلمون من الآيات والدلائل و المعجزات كلّ ذلك قد شوهد، وعليه الاجماع .

وكذلك ما رواه الشيعة الاماميّة خاصّة في معجزات أئمّتهم المعصومين صحيح، لاجماعهم عليه ، و إجماعهم حجّة، لانّ فيهم(1) حجّة.

وقد جمعت بعون الله سبحانه من ذلك جماية لا تكاد توجد مجموعة في كتاب [واحد] ليستأنس بها الناظر ون، و ينتفع بها المؤمنون وسميته ب « كتاب الخرائج و الجرائح »

لانّ معجزاتهم الّتي خرجت على أيديهم مصحّحة لدعاويهم، لانّها تكسب المدّعي - ومن ظهرت على يده - صدق قوله.

والمعجز في العرف : ما له حظّ في الدلالة على صدق من ظهر على يده .

وجعلته على عشرين باباً :

[منها ثلاثة عشر باباً في معجزات النبي محمد صلی الله علیه و آله و سلم والاثني عشر اماماً ]:

الباب الأوّل : في معجزات رسول الله محمّد صلی الله علیه و آله و سلم .

الباب الثاني : في معجزات أمير المؤمنين علي علیه السلام.

الباب الثالث : في معجزات الحسن بن علي علیه السلام.

الباب الرابع: في معجزات الحسين بن علي علیه السلام.

الباب الخامس : في معجزات الامام علي بن الحسین زین العابدين علیه السلام.

الباب السادس : في معجزات الامام محمّد بن عليّ الباقر علیه السلام.

ص: 21


1- «في اجماعهم» س ، ط

الباب السابع : في معجزات الامام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام.

الباب الثامن: في معجزات الامام موسی بن جعفر الكاظم علیه السلام.

الباب التاسع : في معجزات الامام عليّ بن موسی الرضا علیه السلام.

الباب العاشر : في معجزات الامام محمّد بن عليّ التقي علیه السلام.

الباب الحادي عشر : في معجزات الامام عليّ بن محمّد النقي علیه السلام.

الباب الثاني عشر : في معجزات الامام الحسن بن عليّ الزكيّ العسكري علیه السلام.

الباب الثالث عشر : في معجزات صاحب الزمان مهدي آل محمّد علیه السلام.

[و السبعة الاخرى] :(1)

الباب الرابع عشر: في أعلام النبيّ والأئمّة علیهم السلام :

ويشتمل على أربعة عشر فصلا لكلّ واحد منها فصلا.

الباب الخامس عشر: في الدلائل على إمامة الاثني عشر

من الآيات الباهرات لهم .

الباب السادس عشر: في نوادر المعجزات لهم.

الباب السابع عشر: في موازاة معجزات نبيّنا صلی الله علیه وآله وسلم و أوصيائه علیهم السلام معجزات الأنبياء المتقدمين علیهم السلام.

الباب الثامن عشر: في أم المعجزات (وهي المعجز الباقي الّذي هو)(2) القرآن المجيد

الباب التاسع عشر: في الفرق بين الحيل وبين المعجزات والفصل بين المكر والاعجاز

الباب العشرون : في العلامات و المراتب الخارقة للعادات لهم

ص: 22


1- محل هذه العبارة كان في أول تعداد الابواب ، فأثبتناها هنا لمناسبتها الكلام أكثر، علماً أن تفصيل الابواب 1-13 ليس في نسخة «س»
2- «الباقية التي هي في» م . «و هو» م

الباب الاول

في معجزات نبينا محمد صلی الله علیه و آله

روي عن الصادق علیه السلام أنه قال :

لمّا ولد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم عظمت قريش في العرب، وسمّوا أهل الله.

وكان إبليس يخرق السماوات السبع، فلمّا ولدعيسی علیه السلام حجب عن ثلاث سماوات وكان يخرق أربع سماوات، فلمّا ولدرسول الله [في] عام الفيل في [شهر] ربيع الأوّل حين طلع(1) الفجر ، حجب عن السبع كلها، و رميت الشياطين بالنجوم للمرجوم.

ثمّ توفي أبوه بالمدينة عند أخواله و هو ابن شهرين ، و دفعه عبدالمطلب إلى الحارث بن عبدالعزّی بن رفاعة السعدي(2) ، وهو زوج حليمة الّتي أرضعته، وهي بنت أبي ذؤيب الشاعر(3) ، وماتت أمّه وهو ابن أربع سنين ، ومات عبدالمطلب وله نحو من ثمان سنين، و كفّله أبو طالب [عمّه].

ص: 23


1- «طلوع» س
2- «الحارث بن عبدالعزيز بن قناعة السعدي»، وفي م : «قناعة» بدل «رفاعة» .وفي بعض النسخ : قباعة .وما أثبتناه كما ورد اسمه في اسدالغابة : 1/ 338، و الاصابة : 282/1 ح 1438
3- أبو ذؤيب الهذلي الشاعر المشهور، اسمه خویلد بن خالد بن محرث، ويقال: خالد بن خويلد.كان فصيحاً متمكناً في الشعر ، وعاش في الجاهلية دهراً ، وأدرك الاسلام فأسلم .توفي في زمن عثمان تجد ترجمته في اسد الغابة : 188/5 ، والاصابة : 4 / 65 رقم 388

فصل

إعلم أنّ معجزاته عليه و آله السلام على أقسام :

منها ما انتشر نقله وثبت وجوده عامّا في كلّ زمان و مكان حين ظهوره کا لقرآن الّذي بين أيدينا ، نتلوه ونسمعه و نكتبه ونحفظه ، لا يمكن [لأحد] جحده ، إنّه هو الّذي أتى به نبيّنا [محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ]، و إنّما دخلت الشبهة على قوم لم ينكشف لهم وجه إعجازه ، وقد كشفنا ذلك ببيان قريب في كتاب مفرد .

والقسم الثاني على أقسام : منها : مارواه المسلمون وأجمعوا على نقله ، و كان اختصاصهم بنقله ، لأنهم كانوا هم المشاهدين لذلك(1) وظهرت بين أيديهم في سفر كانوا هم المصاحبين له، أو في حضر لم يحضره غيرهم ، فلذلك انفردوا بنفلها وهم الجماعة الكثيرة الّتي لا يجوز على مثلها نقل الكذب بما لا أصل له .

والثاني من هذه الاقسام ، ما شاهده بعض المسلمين فنقلوه إلى حضرة جماعتهم و كان المعصوم وراءه ، فلم يوجد منهم إنكار لذلك ، فاستدلّ بتركهم النكير عليهم على صدقهم، لأنهم على كثرتهم لا يجوز عليهم السكوت على باطل، ومنكر يسمعونه فلاینکر ونه ، ولا منع ، كما لا يجوز أن ينقلوا كذباً و لا رغبة و لارهبة هناك تحملهم على النقل و التصديق .

ومنها: ماظهر في وقته صلوات الله عليه قبل مبعثه تأسيساً لأمره .

ومنها : ما ظهر على أيدي سراياه في البلدان البعيدة، إبانة أصدقهم في ادّعائهم بنبوّته، لأنهم ممّن لا تظهر منهم(2) المعجزات، إذ لم يكونوا من أوصيائه، فيعلم بذلك تصديقه في دعواهم له .

ومنها: ما وجدت في كتب الانبياء قبله من تصديقه ووصفه بصفاته، وإظهار علاماته

ص: 24


1- «لها » س
2- « عليهم » م، «عنهم» ط

والدلالة على وقته ومكانه و ولادته، وأحوال آبائه وأمّهاته .

ومن معجزاته أيضاً: أخلاقه و معاملاته وسيرته و أحواله الخارقة للعادة .

ومن معجزاته أيضاً : شرائعه الّتي لا تزداد على طول البحث عنها ، والنطق فيها إلاّ حسناً و ترتیباً و إتقاناً وصحة، واتساقاً و لطفاً .

ونذكر أولا:

معجزاته الموجزة الّتي ظهرت عليه في حياته، وتلك على أنحاء و مراتب :

فمنها : ما ظهرت عليه قبل مبعثه المتأنيس والتمهيد والتأسيس.

ومنها: ما ظهرت عليه بعد مبعثه لاقامة الحجّة بها على الخلق.

ومنها: ماظهر من دعواته المستجابة .

ومنها : ما ظهر من إخباره عن الغائبات فوجد كلّها صدقاً .

ومنها: ما أخبر به ثم ظهر بعد وفاته صلی الله علیه و آله و سلّم.

[فصل من روايات العامة]

1- فمن معجزاته خبر منتشر في مؤمن العرب و کافرها، يتقاولون فيه الأشعار ويتفاوضونه في الديار : أمر سراقة بن مالك بن جعشم، قد تبعه متوجهاً إلى المدينة ملتمساً غرّته ليحظى به عند قريش ، فأمهله الله حتى أيقن أنه قدظفر ببغيته ، لايمتری لقوّ ته، خسف الله به الأرض فساخت قوائم فرسه وهو بمو ضع صلب كأنه ظهر صفوان فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي، فناداه : يا محمد.

فأجابه آخذاً بالفضل علیه و رحمة لعباد الله، وقد قال له : أدع ربك يطلق فرسي وذمة الله علي أن لاأدلّ عليك، بل أدفع عنك .

فدعا له ، فوثب جواده كأنّه أفلت من أنشوطة(1) . و كان رجلا داهية ، وعلم بما

ص: 25


1- هي العقدة التي يسهل انحلالها

رأى أن سيكون له نبأ، فقال له: أكتب لي أماناً. و لو عقل لتنبّه فأسلم .(1).

2- ومنها : ما انتشر خبره أنّ أبا جهل اشتری من رجل طاريء(2) من العرب علیمكّة إبلا ، فبخسه حقه و ثمنه، فأتى نادي قريش فذكّرهم حرمة البيت ، فأحالوه على محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم استهزاءاً به لقلة منعته(3) عندهم ، فأتی محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فمضى معه ، ودقّ على أبي جهل الباب ، فخرج متخوّف القلب، وقال أهلا يا أبا القاسم - قول الذليل -.

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : أعط هذا الرجل حقه. فأعطاه في الحال ، فعيّره قومه ، فقال : رأيت ما لم تروا، رأيت فالجاً(4) لو أبيت لابتلعني . فعلموا أنّه صدق بما أخبرهم، لبغضه له .(5)

3- و منها : أنّ أبا جهل دلب غرّته، فلما رآه ساجدأ أخذ صخرة ليطرحها عليه فألصقها الله بكفه ، فلما عرف أن لانجاة إلاّ بمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم سأله أن يدعو ربّه.فدعا الله ، فأطلق يده ، وطرح صخرته .(6).

4- و منها : أنّه بهرت عقولهم لما أخبرهم من إسراء الله بنه من مكة إلى المسجد الأقصى بالشام . فبات معهم أول الليل ، ثم اخترق الشام ، فبلغ من بيت المقدس سدرة المنتهى ، ورجع من ليلته .

و أنكره المشركون فامتحنوه بوسع طاقتهم، فخبّرهم عنه عياناً بمجيء عير هم و بالبعير الذي يتقدّم، عليه غرارتان.

وأمر البعير أعجب العلامات لأنه أخبرهم قبل مجيئهم ، ولو كان يخبرهم عن

ص: 26


1- عند البحار : 387/17 ح 53 ، وعن اعلام الوری : 24.ورواه ابن الاثير في اسد الغابة : 264/2 ، و في الكامل في التاريخ : 105/2
2- الطاريء : الغريب
3- المنعة : القوة التي تمنع من يريد أحداً بسوء
4- « ثعباناً» س . وأضاف في ط: «یعنی أسداً» ، وهو خطأ .والفلج و الفالج : البعير ذوالسنامين . لسان العرب : 346/2
5- عنه البحار : 74/18 ح 30، وعن اعلام الوری : 29
6- عنه البحار : 56/18 ج 10، وعن مناقب ابن شهر آشوب : 69/1

غير اللّه لم يدر، لعلّه أن يتقدّم بعير آخر، فيجيء الأمر بخلاف ما أخبر(1) .

5- و منها : ما هو مشهور أنّه خرج في متوجّهه إلى المدينة، فآوى إلى غار بقرب مكة يعتوره ، ويأوي إليه الرعاء ، قلّ ما يخلو من جماعة نازلين يستريحون فيه فأقام به علیه السلام ثلاثاً لايطوره(2) بشرّ وخرج القوم في أثره، فصدّ هم الله عنه بأن بعث عنكبوتاً فنسجت عليه ، فآيسهم من الطلب فيه ، فانصرفوا، وهو نصب أعينهم .(3).

6- و منها : أنّه مرّ بامرأة يقال لها «أمّ معبد» لها شرف في قومها ، نزل بها فاعتذرت بأنّه ما عندها إلاعنز لم تر لها قطرة لبن منذ سنة [ للجدب ](4) فمسح ضرعهاوروّ اهم من لبنها، و أبقى لهم لبنها وخيراً كثيراً، ثم أسلم أهلها لذلك .(5).

7- و منها : أنه أتى إمرأة من العرب يقال لها «أمّ شريك» فاجتهدت في قرائه وإكرامه، فأخرجت عكّة لها فيها بقایا سمن، فالتمست فيها فلم تجد شيئاً فأخذها وحرّكها بيده فامتلات سمناً عذباً، وهي تعالجها قبل ذلك لا يخرج منها شيء، فأروت القوم منها وأبقت فضلا عندها كافياً ، وبقّى لها النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم شرفاً يتوارثه الأعقاب، وأمر أن لا يسدّ رأس العكة .(6).

8- و منها : أنّه مرّ بشجرة(7) غليظة الشوك، متقنة الفروع ثابتة الأصل، فدعاها فأقبلت تخدّ الأرض إليه طوعاً ، ثم أذن لها فرجعت إلى مكانها .

ص: 27


1- روی نحوه في الكافي : 262/8 ح 376، عنه البحار : 309/18 ح 18
2- أي لايقر به . قال ابن الاثير في النهاية : 3/ 142: «في حديث على علیه السلام: والله لاأطور به ما سمر سمير . أي لا أقر به أبداً »
3- عنه البحار : 73/18 ح27 ، وج 72/19 ح24
4- من البحار . يقال : أجدب المكان : اذا انقطع عنه المطر فيبست أرضه
5- عنه البحار : 26/18 ح 5 ،6
6- عنه البحار : 26/18 ح 5 ،6
7- « بسمرة » البحار . قال ابن الاثير في النهاية : 2/ 399 : «هو ضرب من شجر الطلح الواحدة سمرة»

فأيّ آية أبين و أوضح من موات يقبل مطيعاً لأمره مقبلا و مدبراً.(1)

9 - و منها : أنّه في غزوة الطائف مرّ في كثير طلح ، فمشي وهو وسن(2) من النوم فاعترضته سدرة، فانفرجت السدرة نصفين، فمرّ بين نصفيها، و بقيت السدرة منفردة على ساقين إلى زماننا هذا . و هي معروفة بذلك البلد ، مشهورة يعظمها أهله وغيرهم ممن عرف شأنها لأجله . وتسمّى «سدرة النبيّ».

وإذا انتجع الأعراب الغيث عضدوا منه(3) ما أمكنهم، وعلّقوه على إبلهم و أغنامهم ويقلعون شجر هذا الوادي ولا ينالون هذه السدرة ( بقطع ولاشيء من المكروه )(4) معرفة بشأنها وتعظيماً لحالها ، فصارت له آية بينة وحجة باقية هناك .(5).

10- و منها : أنّه كان في مسجده جذع، كان إذا خطب فتعب(6) أسند إليه ظهره فلمّا اتّخذ له منبر حنّ الجذع ، فدعاه، فأقبل يخدّ الأرض ، و الناس حوله ينظرون إليه ، فالتزمه و كلّمه فسكن [ثم] قال له : عد إلى مكانك. وهم يسمعون. فمرّ حتّى صار في مكانه، فازداد المؤمنون يقيناً و في دينهم بصیر تو [ كان] هنالك المنافقون و قد نقلوه و لكن الهوى يميت القلوب .(7)

11- و منها : أنّه انتهى إلى نخلتين و بينهما فجوة من الأرض فقال لهما: انضمّا

ص: 28


1- عنه البحار : 374/17 ح 31
2- الو سن : فتور يتقدم النوم
3- انتجع الغيث : أي ذهب في طلب الكلاء الذي ينبت بماء الغيث عضدوا منه : أي نثروا من ورقه لابلهم. 4)
4- «ويقطع من المكسورة» م،ط
5- عنه البحار : 375/17 ح 32، وعن مناقب ابن شهر اشوب : 117 /1 ، و اعلام الوری :30 من کتاب شرف النبی صلی الله عليه و آله، لابي سعيد الواعظ
6- «فأحب» م. «فأحب اذا» ط
7- عنه البحار : 375 /17 ح 33 وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة : 556/ 2 - 563 وج 67/6 و ص 68 بعدة طرق ورواه كثير من العلماء في مصنفاتهم بطرق كثيرة

- وأصحابه حضور- فأقبلتا تخدّ ان الأرض حتّى انضمّتا.(1)

فأيّ حجّة أوضح ؟ و أيّ عبرة أبين من هذه ؟ فأيّ شبهة تدخل هاهنا ؟!

12- و منها : أنّ رجلا كان في غنمه يرعاها فأغفلها سويعة من نهاره ، فأخذالذئب منها شاة ، فجعل يتلهّف و يتعجّب ، فطرح الذئب الشاة و كلّمه بكلام فصيح: أنتم أعجب، هذا محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم يدعو إلى الحقّ ببطن مكة وأنتم عنه لاهون فأبصر الرجل رشده ، وأقبل حتّى أسلم ، وحدّث القوم بقصّته و [كان] أولاده يفتخرون على العرب بذلك ، فيقول أحدهم: أنا ابن مكلّم الذئب .(2).

13- و منها : أنّه أتي بشاة مسمومة أهدتها له إمرأة يهودية ومعه أصحابه، فوضع يده ثم قال : إرفعوا أيديكم فانّها تخبرني أنّها مسمومة .(3)

ولو كان ذلك لعلّة الارتياب باليهودية ما قبلها بدئاً ، ولا جمع لها أصحابه ، ولا استجاز تركهم أكلها .

14- و منها : أنّ أصحابه يوم الأحزاب صاروا بمعرض العطب لفناء الأزواد فهيّأ رجل قوت رجل أورجلين - لا أكثر من ذلك - ودعا النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فانقلب القوم وهم الوف معه ، فدخل، فقال :

غطّوا إناء كم فغطّوه ، ثمّ دعا و برّك عليه فأكلوا جميعاً وشبعوا، والطعام بهيئته .(4).

ص: 29


1- عنه البحار : 375/17 ح 34
2- «فيقولون : نحن بنو مكلم الذئب » س ، ط.عنه البحار : 406/17 ح27. وأخرجه في اثبات الهداة : 88 /2 ح 436 عن اعلام الوری : 25. ويأتي مثله ح 38
3- عنه البحار : 406/17 ح 28. و أخرجه السيوطي في الخصائص الکبری 63/2- 65 بعدة طرق
4- عنه البحار : 26/18 ح 7، وعن اعلام الوری : 26، وأخرجه في اثبات الهداة:2/ 88 ح 438عن اعلام الوری

15- و منها : أنّهم شكوا إليه في غزوة تبوك نفاد أزوادهم ، فدعا بزاد لهم فلم يوجد إلاّ بضع عشرة تمرة ، فطرحت بين يديه فمسّها بيده ودعاربه ، ثم صاح بالناس فانحفلوا(1) وقال: كلوا بسم الله. فأكل القوم فصاروا كأشبع ما كانوا ، وملاوا مزاودهم وأوعيتهم ، والتمرات بحالها كبھيئتها يرونها عياناً ، لاشبهة فيه .(2)

16- و منها : أنّه ورد في غزاته هذه على ماء قليل لايبل حلق واحد من القوم وهم عطاش ، فشكوا ذلك إليه، فأخذ سهماً من كنانته فأمر بغرزه في أسفل الركي-فاذا غرزوا - ففار الماء إلى أعلى الركي فارتو وا للمقام و استقوا الضعن ، وهم ثلاثون ألفاً ورجال من المنافقین حضور متحیّرین .(3)

17- و منها : أنّهم كانوا معه في سفر فشكوا إليه أن لا ماء معهم ، وأنّهم بسبيل هلاك ، فقال «كلاّ إنّ معي ربّي عليه توكلّي ، وإليه مفزعي » ثم دعا بر کوة فيها ماء فطلب فلم يوجد إلافضلة في الركوة، وما كانت تروي رجلا، فوضع كفّه فيه، فنبع الماء من بين أصابعه يجري، وصيح في الناس، فسقوا، و أسقوا، فشربوا حتى نهلوا و علّوا وهم ألوف، وهو يقول: إشهدوا أني رسول الله حقاً .(4)

18- ومنها : أنّ قوماً شكوا إليه ملوحة مائهم ، فأشرف على بئرهم ، وتفل فيها و كانت مع ملوحتها غائرة، فانفجرت بالماء العذب، فها هي يتوارثها أهلها يعدّونها

ص: 30


1- أي احتشدوا
2- عنه البحار : 27/ 18 ح 8 وعن اعلام الوری : 26، وأخرجه في اثبات الهداة : 2/ 89 ح 439 عن اعلام الوری . وأورده في ثاقب المناقب : 18 (مخطوط)
3- عنه البحار : 27/18 ح 9 و عن اعلام الوری : 26. وأخرجه في اثبات الهداة : 89/2 ح 440 عن اعلام الوری
4- عنه البحار : 27/17 ح10. وأورده في اعلام الوری : 23، عنه اثبات الهداة : 2/ 85 ح 431 وأوردة في كشف الغمة ، 24/1 ، و ثا قب المناقب :12 (مخطوط)

أعظم مكارمهم .(1).

و كان ممّا أكدّ الله صدقه أن قوم مسيلمة لمّا بلغهم ذلك سألوه مثلها، فأتي بئراً فتفل فيها، فعاد ماؤها ملحاً أجاجاً كبول الحمار، فهي بحالها إلى اليوم معروفة الأهلوالمكان .(2).

19- ومنها: أنّ إمراة أتته بصبي لها ترجو برکته بأن يمسّه ويدعو له و كان برأسه عاهة فرحمها، و الرحمة صفته صلی الله علیه و آله و سلّم فمسح يده على رأسه فاستوى شعره، و بریء داؤه. فبلغ ذلك أهل اليمامة، فأتوا مسيلمة بصبي لامرأة فمسح رأسه، فصلع، وبقي نسله إلى يومنا هذا صلعاً .(3).

20- ومنها: أنّ قوماً من عبد القيس أتوه بغنم لهم فسألوه أن يجعل لهم علامة يعرفونها بها، فغمز بيده في أصول آذانها، فابيضّت، فهي إلى اليوم معروفة النسل .(4)

21-ومنها : أن أهل المدينة مطر وا مطراً عظيماً، فخافوا الغرق، فشكوا إليه فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : اللهّم حوالينا، ولا علينا. فانجابت السحاب عن المدينة على هيئة الا كليل لا تمطر في المدينة و تمطر حواليها ، فعاین مؤمنهم وكافرهم أمراً لم يعاينوا مثله .(5)

ص: 31


1- زاد في البحار «وهذه البئر بظاهر مكة بموضع يسمى الزاهر، و اسمها العسيلة»قال الفيرز آبادي : الزاهر: مستقي بين مكة والتنعيم . وقال : العسيلة كجهينة : ماء شرقی سمیراء . القاموس المحيط: 43/2 و ج 4 /16
2- عنه البحار : 28 /18 ح 11، وعن مناقب ابن شهر آشوب : 102/1 ، واعلام الوری :26 وأورده في كشف الغمة : 27/1
3- عنه البحار : 8/18 ح 8 وعن اعلام الوری : 27. وأخرجه في اثبات الهداة: 2/ 90ح443 عن اعلام الوری
4- عنه البحار : 406/17 ح 29، وعن المناقب : 104/1 . و أخرجه في اثبات الهداة :: 2/ 90 ح 444 عن اعلام الوری
5- عنه البحار : 354/17 ح 6. و أورده في اعلام الوری :270 ، عنه اثبات الهداة :91/2 ح 445

22- ومنها: أنّ قوماً من العرب اجتمعوا عند صنم لهم ففاجأهم صوت من جوفه ويناديهم بكلام فصيح: [ أتاكم محمّد بدعوكم إلى الحقّ ].

فانجفلوا مسرعين(1) وذلك حين بعث علیه السلام، فأسلم أكثر من حضر .(2).

23- و منها : أنّه لاقى(3) أعداءه يوم بدر و هم ألف و هو في عصابة كثلث أعدائه ، فلمّا التحمت الحرب أخذ قبضة من تراب - و القوم متفرّقون في نواحي عسکره - فرمی به وجوههم فلم يبق منهم رجل إلا امتلات منه عيناه ، و إن كانت الريح العاصف يومها إلى الليل لتقصف(4) بأعاصير التراب لايصيب أحداً مثله.(5).

وقد نطق به القرآن ، وصدّق به المؤمنون ، وشاهد الكفّار ما نالهم منه [وحدّثوا به ] و ليس في قوى أحد من العالمين أن يرمي قوماً بينه و بينهم مائتا ذراع و أكثر وهم كثير متفرّقون ، طرفاهم متباعدان ، والتراب ملء كفه فعلم أنّ فاعل ذلك هو الله تعالی .(6).

24- و منها : أنّه كان في سفرين من أسفاره قبل البعثة معروفين مذكورين عند عشيرته ، وغيرهم ، لا يدفعون حديثهما ، ولا ينكرون ذکر هما فكانت سحابة أظلّت عليه حين يمشي، تدور معه حيثما دار، وتزول حيث زال، یر اها رفقاؤه ومعاشروه .(7).

25- و منها : أنّ ناقته افتقدت فأرجف المنافقون ، فقالوا: يخبرنا بأسرار السماء ولا يدري أين ناقته . فسمع صلی الله علیه و آله و سلّم ذلك فقال :إنّي وإن أخبركم بلطائف السماء(8) لكنّي لاأعلم من ذلك إلاّ ما علّمني اللّه فلما وسوس إليهم الشيطان بذلك دلّهم على حالها ، و وصف لهم الشجرة التي

ص: 32


1- «فزعين » البحار . قال المجلسي : انجفل القوم : أى انقلعوا كلهم ومضوا
2- عنه البحار : 376/17 ح 35
3- «صاف» م . «صادف» ط
4- «لتعصف» ط والبحار. يقال: ربح قاصف أوقاصفة: شديدة جداً تكسر ما مرت به من الشجر
5- «من عسكره» البحار
6- عنه البحار : 73/18 ح28
7- عنه البحار: 354/17 ح7
8- «الاسرار» البحار

هي متعلّقة بها ، فأتوها فوجدوها على ماوصف قد تعلّق خطامها بشجرة أشار إليها .(1).

26- و منها : أنّ القمر قد انشقّ وهو بمكة أوّل مبعثه ، يراه أهل الأرض طرّاً فتلا به عليهم قر آناً ، فما أنكروا عليه ذلك ، و كان ما أخبر هم به من الأمر الذي لا يخفى أثره ، ولا يندرس ذكره .

وقول بعض الناس : «لم يروه ولم يره إلا واحد» خطأ ، بل شهرته أغنت عن نقله على أنّه لم يره إلاّ واحد كان أعجب .

وروى ذلك خمسة نفر:

ابن مسعود وابن عبّاس، و ابن جبير، و ابن مطعم عن أبيه، وحذيفة وغيرهم(2).(3).

27- ومنها: أنّ من كان بحضرته من المنافقين كانوا لا يكونون في شيء من ذكره إلاّ أطلعه الله عليه وبيّنه فيخبرهم به، حتى كان بعضهم يقول لصاحبه: أسكت و كفّ فوالله لو لم يكن عندنا إلاّ الحجارة لأخبرته حجارة البطحاء . ولم يكن ذلك منه ولا منهم مرّة، بل يكثر ذلك من أن يحصي عدده حتى يظّن ظانّ أنّ ذلك كان بالظن و بالتخمين، كيف وهو يخبرهم بما قالوا على ما لفظوا، ويخبرهم عمّا في ضمائرهم فكلمّا ضو عفت عليهم الآیات ازدادوا عمي لعنادهم .(4).

28- ومنها: أنّ سلمان أتاه فأخبره أنّه قد كاتب مو اليه على كذا وكذا ودية - وهي صغار النخل - كلّها تعلق، و كان العلوق أمراً غير مضمون عند العاملين على ما جرت به عادتهم لولا ماعلم من تأييد الله لنبيّه، فأمر سلمان بضمان ذلك لهم فجمعها لهم .

ص: 33


1- عنه البحار : 109/ 18 ح 11، وعن اعلام الوری : 28 ، وأخرجه في اثبات الهداة :91/2 ح 447
2- وروي ذلك أيضاً : أنس بن مالك وابن عمر
3- عندالبحار: 354/17 ح 8.والحديث متواتر مشهوررواه علماء الفريقين وشهدوا بصحته، راجع البحار: 347/17 - 362، دلائل النبوة للبيهقي : 2/ 262 - 268، والخصائص الکبری : 312/1
4- عنه البحار : 110/18 ح 12، و اثبات الهداة : 113/2 ح512

ثم قام علیه السلام فغرسها بيده ، فما سقطت منها واحدة، و بقيت علماً معجزاً یستشفي بثمر تھا(1) و ترجی بر کاتها و أعطاه تبرة(2) من ذهب كبيضة الدّيك .

فقال : اذهب بها و أوف بها أصحابك الديون .

فقال - متعجباً مستقلا لها- : أين تقع هذه ممّا عليّ؟ فأدارها على لسانه ثم أعطاها إيّاه - إنما هي قد كانت في هيئتها الاولى ووزنها لاتفي بربع حقّهم -فذهب بها وأوفى القوم منها حقوقهم .(3)

29- ومنها: أنّ الاخبار تواترت و اعترف بها الكافر والمؤمن بخاتم النبّوة الّذي بين كتفيه عليه شعرات متراكمة، تقدمت بها الأنبياء قبل مولده بالزمن الطويل فوافق ذلك ما أخبروا عنه في صفته .(4).

30- و منها : أنّ أحد أصحابه(5) أصيب باحدى عينيه في إحدى مغازيه، فسالت حتى وقعت على خدّه ، فأتاه مستغيثاً به.

ص: 34


1- «بتمرها» ط والبحار
2- «نبوة» م . ط. وهو تصحيف .والتبر- بالكسر : ما كان من الذهب غير مضروب
3- عنه البحار : 28/18 ح 12، واثبات الهداة : 114/2 ح 512 ، والمستدرك : 47/3ح4 . ورواه مثله البيهقي في دلائل النبوة: 97/6 . وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد :336/8 عن أحمد والبزار
4- عنه البحار : 174/16 ح17.والروايات في خاتم النبوة و صفته كثيرة راجع دلائل النبوة : 259/1 – 267
5- هو قتادة بن النعمان بن زید بن عامر ، أبو عمرو الانصاري الظفري البدري .من نجباء الصحابة ، شهد العقبة ، هوو أخوه أبو سعيد الخدري لامه . توفي سنة 23 بالمدينة .راجع بشأنه و الرواية : سير أعلام النبلاء : 2/ 231 رقم 66، اسد الغابة : 195/4 :الاصابة : 225/3 ، وغيرها من كتب التراجم

فأخذها، فردّها مكانها، و كانت أحسن عينيه منظراً، وأحدّهما بصراً .(1).

31- و منها : أنّه أتی يهود النضير مع جماعة من أصحابه فاندس(2) له رجل منهم ولم يخبر أحداً ، ولم يؤامر(3) بشراً إلاّ ما أضمره عليه ، و هو يريد أن يطرح عليه صخرة ، و كان قاعداً في ظلّ اطم(4) من آطامهم ، فنذرته صلی الله علیه و آله و سلّم نذارة اللّه .

فقام راجعاً إلى المدينة، وأنبأ القوم بما أراد صاحبهم ، فسألوه فصدقهم وصدّقوه و بعث الله على الّذي أراد كيده أمسّ الخلق به رحماً، فقتله.

فنفله رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم بماله كلّه .(5)

32- و منها: أنّ ابن «ملاعب الأسنة»(6) كان ببطنه استسقاء(7) فبعث إليه يستشفيه

ص: 35


1- عنه البحار : 8/18 ح9 وعن اعلام الوری : 28 ، وفيه : وأصحهما وأحدهما نظراً .أخرجه في اثبات الهداة : 2/ 92 ح 449 عن الاعلام
2- الدسيسة : ما اكمن من المكر والعداوة
3- آمر فلاناً في الامر أي : شاوره . والمعنى : لم يشاور أحداً
4- الاطم : الحصن ، جمعه آطام
5- عنه البحار : 110 /18 ح13
6- هو أبو البراء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الاسنة ، وكان سيد بني عامر بن صعصعة وسمي ملاعب الاسنة ، يوم سوبان ، وهو يوم كانت فيه وقيعة في أيام العرب بين قیس و تميم ، وقد فر عنه أخوه يومئذ فقال شاعر : فررت وأسلمت ابن امك عامراً بلاعب أطراف الوشيج المزعزع قالوا : قد قدم على رسول الله صلى الله عليه و آله ، وأهدی له هدية ، فأبی رسول الله أن يقبلها ، وقال : يا أبا براء : لاأقبل هدية مشرك، فأسلم ان أردت أن أقبل هديتك. وعرض عليه الاسلام ، ولم يسلم . و له دور مؤثر في غزوة بئر معونة . راجع تاريخ الطبری : 219/2 ، مغازی الواقدي :346/1 ، تاریخ ابن الاثير : 2/ 171 . دلائل النبوة للبيهقي : 338/ 3
7- الاستسقاء : هو تجمع سوائل في تجويف أو أكثر من تجاويف الجسد، أو في خلاياه

فأخذ صلی الله علیه و آله و سلّم بيده جثوة(1) من الأرض، فتفل عليها ثم أعطاها رسوله . فأخذها متعجبّاً يرى أنّه قد هزأ به، فأتاه بها وإذا هو بشفا هلاك، فشربها فاطلق من مرضه وغسل عنه داؤه .(2).

33- و منها : أنّ امرأة من اليهود عملت له سحراً، وظنّت أنّه ينفد فيه کيدها والسحر باطل محال ، إلاّ أنّ الله دلّه عليه ، فبعث من استخر جه ، و كان على الصفة التي ذكرها ، وعلى عدد العقد التي عقد فيها ، و وصف ما لو عاينه معاین لغفل عن بعض ذلك .(3).

34- و منها : أنّه كان على جبل حرّاء فتحرّك الجبل ، فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم :اسكن فما عليك إلا نبي أووصي . و كان معه علىّ ، [فسكن] .(4).

35- و منها : أنّه انصرف ليلة من العشاء فاضاءت له برقة، فنظر إلى قتادة بن النعمان(5) ، فعرفه ، و كانت ليلة مطيرة، فقال: يا نبيّ الله أحببت أن أصلّي معك .

فأعطاه عرجوناً(6) ، و قال : خذ هذا فانّه سيضيء لك أمامك عشراً ، فاذا أتيت بيتك فانّ الشيطان قد خلفك، فانظر إلى الزاوية على يسارك حين تدخل، فأعله بسيفك .

ص: 36


1- الجثوة : كومة التراب . وفي البحار واعلام الورى والمناقب : حثوة ( با لحاء) ، ولم نجد لها أصلا في المعاجم والاول أصح
2- أخرج نحوه في البحار: 22/ 18 ح 50، عنه وعن المناقب لابن شهر آشوب: 101/1 وعن اعلام الوری : 28، واللفظ للاخير .وأخرجه في اثبات الهداة : 2/ 92 ح450 عن اعلام الوری .ورواه في كتاب المغازي للواقدي : 350/1 بمثل ما مر في الاعلام
3- عند البحار : 57/18 ح11
4- عنه البحار : 376/17 ح 36
5- تقدمت ترجمته في الحديث: 30
6- العرجون ، و يقال له العرجد : أصل العذق الذي يعوج و يبقى على النخل یا بساً بعد أن تقطع عنه الشماريخ ، وجمعه عراجين

فدخلت، فنظرت حيث قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم . فاذا أنا بسواد، فلموته بسیفي.

فقال : أهلي : ماذا تصنع ؟.

وفيه معجزتان : أحادهما اضاءة العرجون بلانار جعلت في رأسه.

والثانية : خبره عن الجنّي على ما كان .(1).

26- و منها : أنّ جارية كان يقال لها «زائدة»(2) كثيراً [ما] كانت تأتي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم . فأنته ليلة وقالت : عجنت عجيناً لأهلي ، فخرجت أحتطب ، فرأیت فارساً لم أر أحسن منه ، فقال [لي] : كيف محمّد ؟ قلت : بخير، ينذر النّاس بأيام(3) الله .

فقال: إذا أتيت محمّداً فأقرئيه السلام وقولي [له]: إنّ رضوان خازن الجنّة يقول:

إنّ الله قسّم الجنّة لامتّك أثلاثاً : فثلث يدخلون الجنّة بغير حساب ، و ثلث يحاسبون حساباً يسيراً ، وثلث تشفع لهم فتشفّع فيهم .

قالت : فمضى ، فأخذت الحطب أحمله، فثقل عليّ ، فالتفت و نظر إلىّ وقال : ثقل عليك حطبك ؟ فقلت : نعم . فأخذ قضيباً أحمر كان في يده فغمز الحطب ثم نظر فاذا هو بصد خرة ناتئة(4) فقال : أيّتها الصخرة احملي الحطب معها .

فقالت : يا رسول الله فانّي رأيتها تدكدك(5) حنّی رجعت، فألقت الحطب

ص: 37


1- عنه البحار: 376/17 ح 37
2- هي مولاة عمر بن الخطاب ، وقيل : اسمها : زيدة .راجع الاصابة : 311/4 رقم 460، و اسد الغابة : 461/ 5
3- «بآیات » ط ، ه
4- أي : بارزة. وفي ط و ه : تأتيه ، وفي نسخة اخرى : ثابتة
5- «تذكرك» س و خ ل، والبحار ، والظاهر أنها تصحيف . دك الارض دكاً : سوى صعودها وهبوطها ، ودك التراب دكاً : كبسه وسواه .والدك : الدق ، وقد دكکت الشيء : اذا ضربته و کسرته حتی سويته بالارض ، و منه قوله تعالى «فد کتا دكة واحدة» . راجع لسان العرب : 425/ 10 و426

و انصرفت .(1).

37- و منها : أنّه أتاه رجل من جهينة يتقطّع من الجذام، فشكا إليه فأخذ قدحاً من الماء فتفل فيه ، ثم قال : امسح به جسدك .ففعل، فبرأ حتى لايوجد منه شيء.(2)

38- و منها : مارواه أبو سعيد الخدري: إنّ عمير الطائي كان يرعي بالحرّة غنماً له إذ جاء ذئب إلى شاة من غنمه ، فانتهزها(3)، فحال بين الذئب و الشاة أذ أقعی(4) الذئب على ذنبه ، فقال ألا تتّقي الله، تحول بيني و بين رزق ساقه الله إليّ. فقال الراعي: العجب من الذئب يكلّمني .

فقال الذئب : أعجب من هذا رسول الله بين الحرّ تين يحدّث النّاس بأنباء ماقد سبق .

فأخذ الراعي الشاة فأتي بها المدينة، ثمّ أتى النبيّ فأخبره، فخرج النبي إلى الناس فقال الراعي: قم فحدّثهم . فقام فحدّثهم . فقال النبيّ : صدق الراعي .(5)

ص: 38


1- عنه البحار : 298/ 17 ح8، واثبات الهداة : 115/ 2 ح513. وأورد نحوه في اسدالغابة: 461/ 5 في ترجمة «زائدة»، وفيه «الخضر» بدل «رضوان»وفي الاصابة : 311 / 4 رقم 460 عن كتاب شرف المصطفى لابی سعدالنيسابوری، وعن أبي موسى والمستغفري، بمثل ما مر في اسدالغابة، وفي رواية سعد: رضوان خازن الجنة
2- عنه البحار: 8/ 18 ح10. وأورده في ثاقب المناقب : 32 و 33 (مخطوط)
3- انتهز الفرصة : اغتنمها وانتهض اليها مبادراً، وانتهز الشيء : قبله وأسرع الى تناوله
4- أقعي الكلب أو الاسد: جلس على استه
5- عنه البحار: 394/ 17 ح6، وعن أمالي الشيخ الطوسی : 12/1 باسناده الی أبی سعید الخدری (مطولا) . ورواه بمثل ما مر في الامالي : البيهقي في دلائل النبوة : 41 /6 وأحمد في مسنده : 3/ 83 و 84 ، والترمذي في صحيحه : 476 / 4 . وأخرجه ابن كثير في البداية والنهاية: 143/ 6 عن مسند أحمد ، و في الخصائص الکبری: 271 - 267 / 2 بعدة طرق . وأورده في ثاقب المناقب : 39 عن أبي سعيد

39- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم كان في سفر ، إذ جاء بعير فضرب الأرض بجرانه(1) ثم بکی حتّی ابتلّ ما حوله من دموعه ، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : هل تدرون مايقول ؟ إنّه يزعم أنّ صاحبه يريد نحره غداً . فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لصاحبه :

تبيعه ؟ قال : مالي مال أحبّ إليّ منه . فاستوصی به خيراً.(2).

40- ومنها : أنّ ثوراً أخذ ليذبح [ فتكلّم ] فقال : رجل يصيح ، لأمر نجيح بلسان فصيح، بأعلى مكتة « لاإله إلا الله » ، فخلى عنه .(3).

41- ومنها : ما روت أمّ سلمة رضي الله عنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم كان يمشي في الصحراء فناداه مناد: يارسول الله فاذا هي ظبية [موثقة ] قال: ما حاجتك ؟ قالت: هذا الأعرابي صادني ولي خشفان(4) في ذلك الجبل، فاطلقني حتى أذهب وأرضعهما فأرجع قال: وتفعلين ؟ قالت: نعم [فان لم أفعل عذّبني الله عذاب العشار].(5).

فأطلقها فذهبت [فأرضعت خشفيها](6) ثم رجعت فأوثقها، فأتاه الأعرابي ، فأخبره النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم بحالها، فأطلقها، فعدت تقول : أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّك رسول الله .(7)

42 - ومنها : أنّ رجلا جاء إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فقال : إنّي قدمت من سفر لي فبينا بنيّة خماسيّة تدرج حولي في صبغها و حليها ، أخذت بيدها فانطلقت إلى وادي كذا و طرحتها فيه . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : انطلق معي فأرني الوادي . فانطلق مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى الوادي فقال لأبيها(8) : ما اسمها ؟ قال : فلانة . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : أجيبي(9) یا فلانة

ص: 39


1- الجران من البعير : مقدم عنقه. و يقال: ألقى البعير جرانه: أي برك . وجمعه جرن وأجرنة
2- عنه البحار : 407/17 ح 32
3- عنه البحار : 408/17 ح33
4- الخشف : ولد الظبي أول ما يولد
5- من قصص الانبياء والبحار . العشار : أي عشرة عشرة ، وعذاب العشار أي : يضاعف أعشاراً
6- من قصص الانبياء والبحار . العشار : أي عشرة عشرة ، وعذاب العشار أي : يضاعف عشاراً
7- عنه البحار : 402/ 17 ح19، و عن قصص الانبياء للمصنف : 306 (مخطوط) عن الصدوق باسناده الى ام سلمة . وأخرجه في البحار : 348/ 75 ح50 عن قصص الانبياء
8- في المناقب : لامها
9- في البحار : أحيي

باذن اللّه . فخرجت الصبيّة تقول : لبيّك يا رسول اللّه وسعديك .

قال : إنّ أبويك قد أسلما(1) ، فان أحببت أردّك عليهما .

قالت : لا حاجة لي فيهما ، وجدت الله خيراً لي منهما .(2)

43- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم كان في أصحابه إذ جاء أعرابي و معه ضبّ [قد] صاده ، و جعله في كمّه ، قال : من هذا ؟ قالوا : [ هذا] النبيّ .

فقال : و الّلات والعزّى ما أحد أبغض إلي منك ، و لولا أن يسمّيني قومي عجولا، لعجّلت عليك، فقتلناك .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : ما حملك على ما قلت ؟ آمن [بي].(3) قال : لا أؤمن أويؤمن بك هذا الضبّ . فطرحه . فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : یا ضب .

فأجابه الضب بلسان عربي يسمعه القوم : لبّيك وسعديك ، يازين من وافي القيامة .

قال : من تعبد ؟ قال : الّذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر سبيله ، وفي الجنّة رحمته ، وفي النار عنّابه .

قال : فمن أنا يا ضبّ ؟ قال :

رسول ربّ العالمين ، وخاتم النبيّين ، قد أفلح من صدّقك ، وخاب من كذّبك .

قال الأعرابي : لا أتبع أثراً بعد عين ، لقد جئتك وما على وجه الأرض أحد أبغض إليّ منك ، فانّك الآن أحب إلي من نفسي، و والدي(4) أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّك رسول الله . فرجع إلى قومه - و كان من بني سليم - فأخبرهم بالقضيّة

ص: 40


1- في المناقب: أساءا
2- عنه البحار : 8/18 ح 11 ، وعن المناقب لابن شهراشوب : 144 /1 .وروی نحوه البيهقي في دلائل النبوة: 6/ 34 و 35 باسناده الی أبی سعید و زيد بن أرقم .وأورد نحوه ابن كثير في البداية والنهاية : 147/ 6 و 148، والسيوطي في الخصائص:60/ 2 عن أنس بن مالك، و ام سلمة وغيرهما
3- من «س» . وفي البحار : بالله
4- «و ولدی» س

و آمن ألف إنسان منهم .(1)

44- ومنها : ما روى أنس قال: خرجت مع النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم إلى السوق ومعي عشرة دراهم، وأراد صلی الله علیه و آله و سلّم أن يشتري عباءة ، فرأى جارية تبكي، وتقول: سقط منّي درهمان [في زحام السوق] ولا أجسر أن أرجع إلى مولاي.

فقال [لي] صلی الله علیه و آله و سلّم : أعطها در همین. فأعطيتها ، فلمّا اشتري عباءة ، بعشرة دراهم فوقفت [علی](2) ما بقي [معي]، فاذا هي عشرة كاملة .(3).

45- وروى أنس : أن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم دخل حائطاً للانصار وفيه غنم فسجدت له فقال أبو بكر: نحن أحقّ بالسجود لك من هذه الغنم .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إنّه لا ينبغي(4) أن يسجد أحد لأحد، ولو كان ينبغي أن يسجد أحد لأحد(5) لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .(6)

46- ومنها : أنّ عبد الله بن أبي أو في قال : بينما نحن قعود عند النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم إذ أتاه آت فقال : ناضح(7) آل فلان قدند(8)

ص: 41


1- عنه البحار : 406/ 17 ح30، وروى مثله باختلاف الالفاظ في دلائل النبوة : 36/6 .وأورده ابن كثير في البداية والنهاية : 149/6 عن البيهقي ، و أبو نعيم في الدلائل : 320 عن الطبراني في الاوسط والصغير ، وابن عدى والحاكم في المعجزات ، والبيهقي وأبي نعيم وابن عساكر
2- «وزنت ما بقی» س ، والبحار
3- عنه البحار : 29/18 ح13
4- «يجوز» س
5- «و لو جاز ذلك» م ، والبحار
6- عنه البحار : 408/17 ح 34 ، و عن المناقب لابن شهر آشوب : 86/ 1 . وأخرجه في مستدرك الوسائل : 2/ 550 باب 61 ح2 عن الخرائج .والسيوطي في الخصائص : 2/ 265 عن أبی نعیم بالاسناد عن أنس ، مثله
7- الناضح : البعير يستقي عليه
8- ند البعير : نفر و ذهب شارداً وفي دلائل النبوة للبيهقي: اغتلم أي اشتد وقوى ، وفي حديث آخر : أبق ، وفي حديث : قطن أى : أقام . و في الخصائص للسيوطي : صئولا : أي شديد الوثوب و الهجوم وكلها كلمات معينة تدل على خروج البعير من طوره الطبيعى الى حالة اخرى

عليهم. فنهض ونهضنا معه فقلنا : لاتقربه فانّا نخافه عليك .

فدنا من البعير ، فلما رآه سجد له ، ثمّ وضع يده على رأس البعير فتال : هات الشكال(1) . فوضعه في رأسه ، وأوصاهم به خيراً .(2).

47- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم بعث بر جل يقال له: «سفينة»(3) بكتاب إلى معاذ(4) و هو باليمن ، فلمّا صار في بعض الطريق إذا هو بأسد رابض في الطريق ، فخاف أن يجوز، فقال: أيّها الأسد إنّي رسول رسول الله إلى معاذ ، وهذا كتابه إليه.

ص: 42


1- الشكال : جمعه شکل : حبل يشد به قوائم الدابة
2- عنه البحار : 408 /17 ح35. ورواه باختلاف الألفاظ في دلائل النبوة : 28/ 6 - 30 بأسانيده عن جابر بن عبدالله وعن عبدالله بن أبي أوفى : وعن ابن عباس وأخرجه السيوطي في الخصائص : 2/ 255 و 256 عن أبی نعیم والطبرانی
3- سفينة مولى رسول الله صلی الله عليه و آله ، أبو عبدالرحمان ، كان عبداً لام سلمة ، فاعتقته وشرطت عليه خدمة الرسول ماعاش . وسفينة لقبه ، واسمه مهران ، وقيل : رومان ، وقيل : قيس. قيل : انه حمل مرة متاع أصحابه ، فقال له النبي صلى الله عليه و آله : ما أنت الا سفينة فلزمه ذلك اللقب . توفي بعد سنة سبعین . راجع سير أعلام النبلاء : 3/ 172 رقم 29، اسد الغابة : 2/ 190 و 324، الاصابة:58/2 ، تقريب التهذيب : 312/ 1 رقم 325 وغيرها
4- هو معاذ بن جبل ، أبو عبدالرحمن الأنصاري الخزرجي ، شهد بدراً و العقبة ، روی عنه عدد كبير من الصحابة ، بعثه الرسول صلى الله عليه و آله قاضياً الى اليمن ، اختلف في سنة وفاته ، والاصح سنة 18 للهجرة . راجع سير أعلام النبلاء : 443/ 1 رقم 86 ، حلية الاولياء : 228/ 1 ، اسدالغابة : 194/ 5 ، وتقريب التهذيب : 2/ 255

فهرول قدّ امه غلوة(1) ثمّ تنحّى عن الطريق .

فلمّا رجع بجواب الكتاب، فاذا بالسبع في الطريق ففعل مثل ذلك ، فلمّا قدم على النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم أخبره بذلك ، فقال : ما تدري ما قال في المرّة الأولى ؟

قال : كيف رسول الله ؟ وفي الثانية قال : إقرأ رسول الله السلام .(2)

48- ومنها : أنّ أعرابياً بدويّاً يمانيّاً أتى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم على ناقة حمراء، فلمّاقضي تحيّته قالوا : إنّ الناقة التي تحت الأعرابي سرقة . قال : ألكم بيّنة ؟ قالوا : نعم قال : يا علي خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البيّنة - فأطرق الأعرابي ساعة - ثمّ قال : قم يا أعرابي لأمر الله ، وإلاّ فأدل بحجّتك . فقالت الناقة :

والذي بعثك (بالحقّ نبيّاً ، یا رسول الله)(3) إنّ هذا ما سرقني ولا ملكني أحد سواه فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : يا أعرابي ما الّذي أنطقها بعذرك ؟ وما الذي قلت؟ قال : قلت : اللّهم إنّك لست بربّ استحدثناك ، ولا معك إله أعانك على خلقنا ولامعك ربّ فیشر كك في ربو بيّتك . أنت ربّنا كما تقول، وفوق ما يقول القائلون أسألك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد ، وأن تبرئني ببراءتي فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : والذي بعثني بالحقّ [نبيّاً] لقد رأيت الملائكة يبتدرون[أفواه] الأزقّة يكتبون مقالتك ، ألا من نزل به مثل ما نزل بك فليقل مثل مقالتك ، وليكثر

ص: 43


1- «عنوة» س ، ومعناها القهر والغلبة ، وهي غير مناسبة . قال الجزري في النهاية : 383/ 3 : ومنه حديث ابن عمر « بينه و بين الطريق غلوة» . الغلوة : قدر رمية بسهم . انتهى .أي ابتعد الأسد أمامه مسافة رمية بسهم ، ثم تنحى عن الطريق
2- عنه البحار : 407/17 ح 31. وروی نحوه في دلائل النبوة : 45/ 6 و 46 ، وأخرجه عنه ابن كثير في البداية والنهاية:147/6 ، و السيوطي في الخصائص الکبری : 276/ 2 عن ابن سعد و أبی یعلی وابن مندة، والحاكم
3- «با لكرامة» م

الصلاة عليّ [فينقذه الله تعالی] .(1)

49- ومنها : أنّه لمّا فتح خیبر أصابه من سهمه حمار أسود ، فكلّم النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم الحمار وكلمّه الحمار ، فقال ما اسمك ؟ فقال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جدّي ستين حماراً ، کلّها لم يركبه إلاّ نبيّ ، ولم يبق من نسل جدّي غيري، ولامن الأنبياء غيرك، قد كنت أتوقّعك لتركبني، و كنت ليهودي يجيع بطني، و يضرب ظهري. فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : سمّيتك يعفور ، تشتهي الاناث ؟ قال : لا. وكان مركبه إلى أن مضى ، فجاء بعد موته إلى بئر لأبي الهيثم ابن التيهان(2) فتردّى فيها - فصار قبره - جزعاً عليه صلی الله علیه و آله و سلّم .(3).

50- ومنها : أنّ سلمة بن الأكوع(4) أصابه ضربة في يوم خيبر، فأتى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم

ص: 44


1- عنه البحار : 403/ 17 ح 20، و عن قصص الانبياء للمصنف : 307 (مخطوط ) مثله باختلاف يسير . وأخرجه عن القصص في البحار : 190/90 ح18
2- هو أبو الهيثم مالك بن التيهان الانصاری . كان يكره الاصنام في الجاهلية، ويقول بالتوحيد هو و أسعد بن زرارة ، و كانا أول من أسلم من الانصار بمكة ، و يجعل في الثمانين الذين لقوا رسول الله صلی الله علیه و آله بمكة ، و من أهل العقبة الاثني عشر . آخی رسول الله صلی الله عليه و آله بينه و بين عثمان بن مظعون . شهد بدراً و المشاهد الاخرى ، قتل بصفين مع أمير المؤمنین علی علیه السلام . راجع : سير أعلام النبلاء : 189/1 رقم22 ، اسدالغابة: 14 / 5 ، الاصابة : 3/ 341 وج212/ 4 ، و تهذيب الأسماء : 79 /2
3- أخرجه في البحار : 100/ 16 ح 38 وج17/ 404 ح 21 عن قصص الانبياء : 307 وأخرجه السيوطي في الخصائص : 2/ 274 عن ابن عساکر مثله
4- هو سلمة بن عمرو بن الاكوع، و اسم الاكوع : سنان بن عبدالله ، أبو عامر و أبو مسلم ويقال : أبو أياس الاسلمي الحجازی المدنی قيل : شهد مؤتة وهو من أهل بيعة الرضوان ، روى عدة أحاديث توفي سنة 94 ، وكان من ابناء التسعين ، بعد أن كف بصره راجع سیر اعلام النبلاء : 326/ 3 رقم 50، طبقات ابن سعد : 305 / 4 ، اسد الغابة :423 / 2 ، الاصابة : 66 / 2 ، تقريب التهذيب : 318 / 1 رقم 375

فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكاها حتّى الممات .

وأصاب عين قتادة بن النعمان ضربة أخرجتها ، فردّها النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم إلى موضعها فكانت أحسن عينيه .(1).

51- ومنها : أنّ جبرئيل أتاه فر آہ حزيناً ، فقال : مالك ؟ قال : فعل بي الكفّار كذا و كذا . قال جبرئيل : فتحب أن اريك آية ؟ قال : نعم .

فنظر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى شجرة من وراء الوادي .

فقال : ادع تلك الشجرة. فدعاها النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فجاءت حتى قامت بين يديه .

قال : مرها فلترجع . فرجعت ، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : حسبي .(2).

52- ومنها : أنّه كان صلی الله علیه و آله و سلّم في سفر فأقيل أعرابي إلى رسول الله ، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم :هل أدلّك إلى خير ؟ قال : ما هو ؟ قال : تشهد أن لا إله إلاّ الله ، و أنّ محمّداً عبده و رسوله .

قال الأعرابي : هل من شاهد ؟ قال : هذه الشجرة . فدعاها النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فأقبلتتخدّ الأرض ، فقامت بين يديه فاستشهدها ، فشهدت كما قال ، ورجعت إلى منبتها .

ورجع الأعرابي إلى قومه و قد أسلم، فقال: إن يتّبعوني أتيتك بهم ، وإلاّ رجعت إليك و كنت معك .(3)

ص: 45


1- عنه البحار : 9/18 ح 12 ، وأورده في ثاقب المناقب : 13 . أخرج مثله في الخصائص : 62/ 6 عن البخاري ، عن يزيد بن أبی عبید . تقدم ذيل الحديث في ص13
2- عنه البحار: 376/17 ح 38 . وروى عدة أحاديث في دلائل النبوة : 13/6 -17 نحوه وأخرجه عنه ابن كثير في البداية و النهاية : 123/ 6 و 124
3- عنه البحار : 376/ 17 ح 39.رواه البيهقي في دلائل النبوة : 14 / 6 باسناده الی ابن عمر وأخرجه السيوطي في الخصائص الکبری:202 / 2 عن ألدازني وأبی یعلی و الطبرانی و البزار وابن حبان والبيهقي وأبي نعيم عن ابن عمر . وفي ص200- 202 عدة أحاديث نحوه، وابن كثير في البداية والنهاية: 125 / 6 عن الحاكم

53- ومنها : أنّ أعرابيّاً جاء إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: هل لك من آية فيما تدعو إليه؟ قال : نعم ، إنت تلك الشجرة فقل لها « يدعوك رسول الله ».

فمالت عن يمينها ويسارها و بين يديها فقطعت عروقها، ثم جاءت تخدّ الأرض حتّی وقفت بين يدي رسول اللّه.

قال : فمرها حتى ترجع إلى منزلها ، فأمرها ، فرجعت إلى منبتها .

فقال الأعرابيّ : إئذن لي أسجد لك. قال : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . قال : فاذن لي أن أقبّل يديك . فأذن له .(1)

54- ومنها : أنّه قال لأعرابيّ : إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة فتجيء إليّ تشهد أنّي رسول الله ؟ قال : نعم . فدعا العذق ، فنزل من النخلة حتى سقط على الأرض ، فجعل ينقز(2) حتّى أتى النبيّ ، ثمّ قال له : ارجع. فرجع إلى مكانه ، فقال : أشهد أنّك رسول الله.(3).

55- ومنها : أن یعلی بن سیّابة(4) قال : كنت مع رسول الله في مسير

ص: 46


1- عنه البحار : 377/ 17 ح 40 . مر نظيره في الحديثين السابقين
2- أي يثب
3- أخرجه في البحار : 368/17 ح17 عن قصص الانبياء .ورواه في دلائل النبوة : 15/6 .وأخرجه في الخصائص الکبری: 202/2 عن أحمد والبخاري في التأريخ ، والدارمی والترمذي والحاكم والبيهقي وأبی نعیم وأبی یعلی وابن سعد عن ابن عباس ، وأخرجه فيالبداية والنهاية : 125/6 عن البیهقی
4- قال العسقلاني في تقريب التهذيب : 378/2 رقم 411: یعلی بن مرة بن وهب بن جابر الثقفي ، أبو مرازم ، وامه سیا بة ، صحابی شهد الحديبية وما بعدها . راجع نفس الصفحة رقم 404 (یعلی بن سیا بة) ، وإسدالغابة : 129/5

فأراد أن يقضي حاجته ، فأمر وديّتين(1) فانضمّت أحدهما بالاخرى إلى أن فرغ ثم أمرهما ، فرجعتها كما كانتا .(2).

56- و منها : أنّ شاباً من الأنصار كان له أمّ عجوز عمياء ، و كان مريضاً فعاده رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم. فمات ، فقالت: اللّهمّ إن كنت تعلم أنّي هاجرت، إليك وإلى نبيّك رجاء أن تعينني على كلّ شدّة، فلا تحملن علي هذه المصيبة .

قال أنس : فما برحنا أن كشف الثوب عن وجهه، فطعم وطعمنا(3) .(4).

57- ومنها: أنّ أسامة بن زيد قال : خرجنا مع النبيّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم في حجّته الّتي حجّها، حتّى إذا كنّا ببطن الروحاء نظرنا إلى امرأة تحمل صبيّأ ، فقالت : يا رسول الله هذا ابني ما أفاق من خناق(5) منذ ولدته إلى يومه هذا.

ص: 47


1- خ ل والمناقب : نخلتين . الودي : الواحدة ودية : صغار الفسيل ، سمي به لانه يحرج من النخل ثم يقطع منه فيغرس
2- عنه البحار : 364 ح4 وعن المناقب لابن شهر آشوب : 117/1 .وروی نحوه في دلائل النبوة : 8/6 و9 و 18 و 20 و 21 بعدة طرق.وأخرج نحوه في الخصائص: 205/ 2 عن الدارمي وابن راهويه وابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر. وص206 عن البزار والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود ، وعن أحمد وابن سعد والبيهقي عن يعلى بن مرة.و ابن كثير في البداية والنهاية : 140/6 و141 عن البيهقي وابن عساكر
3- قال الجزري في النهاية : 127/3 مادة «طعم» :«فاستطعمه الحديث» أي : طلبت منه أن يحدثني وأن يذيقنی طعم حديثه
4- عنه البحار : 9/18 ح13.وروی مثله في دلائل النبوة : 50/ 6 و 51 باسناديه الى أنس ، وأخرجه عنه في البداية والنهاية : 154/ 6 ، وفي الخصائص : 280/6 عن ابن عدي وابن أبي الدنيا و ليهقی وأبی نعیم عن أنس
5- الخناق : داء يعسر معه نفوذ النفس الى الرئة

فأخذه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله و سلّم و تفل في فيه ، فإذا الصبيّ قد برأ.

فقال رسول الله لی : إنطلق، انظر هل ترى من حسّ؟(1)

قلت : إنّ الوادي ما فيه مو ضع يغطّي عن الناس .

فقال : إنطلق إلى النخلات ، و قل : إنّ رسول الله يأمركنّ أن تدنين لمخرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم، و قل للحجارة مثل ذلك. فوالذي بعثه بالحق نبيّاً لقد قلت لهنّ ذلك وقد رأيت النخلات تقاربن و الحجارة يتقربن، فلمّاقضي حاجته رأيتهن بعدن إلى مواضعهن.(2)

58- و منها : أن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم قال: إنّي لأعرف حجراً بمكّة كان يسلّم علي.(3)

59- و عن أمير المؤمنين علیه السلام: كنت مع رسول صلی الله علیه و آله و سلّم فخرج في بعض نواحيها ، فما بقي شجر ولاحجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله .(4)

60- وعن جابر : لم يمرّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنّه قد سلكه(5) من طيب عرفه ، ولم يمرّ بحجر ولاشجر إلا سجد له .(6).

ص: 48


1- الحش : البستان ، أو النخل المجتمع ، أو موضع قضاء الحاجة
2- عنه البحار : 9/18 ح 14.وروی نحوه في دلائل النبوة : 24/6 و25 باسناده الی اسامة بن زيد . ورواه أبو نعيم في الدلائل : 336 بمثل مامر في دلائل النبوة
3- عنه البحار : 17/ 372 ح 26، وعن أمالي الشيخ الطوسی : 351/1 مثله ، وزاد فيه :«قبل أن أبعث ، اني لاعرفه الان» . ورواه مسلم في صحيحه : 1782 /42277، وأحمد في المسند : 9 /5 و 10 و 95بأسانيدهما الى جابر بن سمرة . والدارمي في سنه : 12/1 عن علي عليه السلام
4- أخرجه في البحار : 387/ 17 ح55 عن اعلام الوری : 38. ورواه أحمد في مسنده : 375/ 1 و ج 368/ 3 ، والحاكم في المستدرك : 2/ 620 والدارمي في سننه : 12/1
5- «فتتبعته الا عرف الله مسلکه» م
6- عنه البحار : 77/17 ح 41. ورواه في دلائل النبوة : 69 باسناده الى جابر ، وفيه «من طيب عرقه»

61- و منها : ماروی عن أنس أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم كفّاً من الحصى فسبّحن في يده ثم صبّهنّ في ید علي، فسبّحن في يده حتّى سمعنا التسبيح في أيديهما، ثمّ صبّهنّ في أيدينا فما سبّحت في أيدينا .(1)

62- ومنها : أنّ عبد الله قال : إنّكم تعدّون الآيات عذاباً ، و إنّا كنّا نعدّها بركة على عهد النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لقد كنّا نأكل الطعام مع النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ونحن نسمع التسبيح من الطعام .(2)

63- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال : أتمّوا الرکوع و السجود، فوالله إنّي لأراكم من بعد ظهري إذا رکعتم وسجدتم.(3)

64- ومنها : ماروی أبو أسيد أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قل للعبّاس : يا أبا الفضل إلزم منزلك غداً أنت و بنوك ، فانّ لي فيكم حاجة . فصبّحهم و قال : تقاربوا ، فزحف بضهم إلى بعض حتّى إذا أمكنوا(4) اشتمل عليهم بملاءة، وقال : يا ربّ هذا عمّي و صنو أبي، وهؤلاء بنوعمّي أسترهم من النار كستري إيّاهم، فأمّنت(5) أسكفّة(6)

ص: 49


1- عنه البحار : 377/ 17 ح 42 وج 41/ 252 ح 10. ورواه في دلائل النبوة: 64/ 6 و65 ، وأخرجه عنه في البداية والنهاية : 132/6 . وفي الخصائص الکبری : 304/2 عن البزار والطبراني في الأوسط وأبی نعیم والبيهقي
2- عنه البحار: 389/17 ح 58 . ورواه في دلائل النبوة : 62/6 ، والبخاري في صحيحه:235/4 ، والترمذي في سننه : 597/5 ح 3633
3- عنه البحار : 175/16 ح 18 .و روی مثله باختلاف في دلائل النبوة : 73/6 و 74 باسناده الى أبي هريرة .ورواه مسلم في صحيحه: 320/1 ح 112، والبخاری : 114/1 باسنادهما الى أنس
4- «آمنوا» م وط وه. وأمكن الامر : سهل عليد أو تيسر له فعله وقدر عليه
5- أي قالت : آمین
6- الاسكفة : عتبة الباب التي يوطأ عليها ، وجمعها اسكفات

الباب وحوائط البيت : آمین آمین .(1)

65- ومنها : ماروی عن أمّ سلمة أنّ فاطمة علیها السلام جاءت إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم حاملة حسناً و حسیناً وفخاراً فيه حريرة(2) فقال : ادعي ابن عمّك . فأجلس أحدهما على فخذه اليمني، والاخر على فخذه اليسرى، وعليّاً وفاطمة أحدهما بين يديه ، والاخر خلفه ، فقال : اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً - ثلاث مرّات - وأنا عند عتبة الباب.

فقلت : وأنا منهم ؟ فقال : أنت إلى خير . و ما في البيت أحد غير هؤلاء و جبرئيل ثم أغدف(3) عليهم كساء خيبريّاً فجلّلهم به وهو معهم .

ثمّ أتاه جبرئیل بطبق فيه رمّان و عنب فأكل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فسبّح ، ثمّ أكل الحسن والحسين علیهما السلام فتناولا، فسبّح العنب والرمّان في أيديهما ، ودخل علي علیه السلام فتناول منه فسبّح أيضاً، ثمّ دخل رجل من أصحابه وأراد أن يتناول.

فقال جبرئیل : إنّما يأكل من هذا نبيّ أو ولد نبيّ أو وصيّ نبيّ .(4)

ص: 50


1- عنه البحار : 377/17 43 رواه في دلائل النبوة : 71/ 6 ، وأبو نعيم في الدلائل : 370، عنهما الخصائص الکبری:309/ 2 بأسانيدهم الی أبی اسید الساعدي
2- الحريرة : الدقيق يطبخ بلبن أو دسم
3- قال الجزري في النهاية : 345 / 3 : «انه أغدف علی علی و فاطمة ستراً» أي : أرسله وأسبله . وفي البحار : 37 : «أغدف خمیصة كساء خیبری فجللهم به» .والخميصة : ثوب أسود مربع وجلل الشيء غطاه
4- عنه البحار : 359/17 ح 15 وج 100/37ح3. راجع بشأن حديث الكساء «الجامع الكبير» کتاب «آية التطهير في أحاديث الفريقين» لحجة الاسلام السيد على الموحد الابطحي الاصفهاني ، فيه الكفاية للراغب

66- ومنها : أنّ النبيّ صلی اللظه علیه و آله و سلّم لمّا قدم المدينة، وهي أوبأ أرض الله ، فقال : «اللّهمّ حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكّة، وصحّحها لنا ، و بارك لنا في صاعها و مدّها، وانقل حمّاها إلى الجحفة» .(1)

67- ومنها : أنّ أبا طالب مرض، فدخل عليه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال : يابن أخ أدع ربّك الّذي تعبده أن يعافيني .

فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : «اللّهمّ اشف عمّي». فقام فكأنّما أنشط من عقال .(2)

68- ومنها : أنّ عليّاً علیه السلام مرض وأخذ يقول : اللّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخّراً فارفعني، وإن كان للبلاء فصبّرني.

فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : «اللّهمّ اشفه، اللهمّ عافه » ثمّ قال : قم.

قال علي علیه السلام : فقمت، فما عاد ذلك الوجع إليّ بعد .(3)

69- ومنها : ما روى ابن عبّاس : أنّ امرأة جاءت بابن لها إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فقالت : ابني هذا به جنون يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيحثو(4) علينا.

فمسح صلی اللّه علیه و آله و سلّم صدره و دعا، فثعّ(5) ثعّة، فخرج من جوفه مثل جرو الأسود(6) فبرء.(7)

ص: 51


1- عنه البحار : 9/18 ح15
2- عنه البحار : 9/18 ح16 وعن المناقب لابن شهر اشوب : 75/1 .ورواه في دلائل النبوة : 2/ 569 باسناده الى عائشة : و قال : رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
3- عنه البحار : 10/18 ح17.ورواه في دلائل النبوة : 179/6 باسناده الى عبد الله بن سلمة ، عن على علیه السلام
4- الحثي : ما غرف باليد من التراب وغيره
5- ثع ثعأ : قاء ما أكله
6- «جر و الاسد» م ، ط، ه، و في البحار : خرء الاسد : و ما أثبتناه كما في دلائل النبوة ومسند أحمد و سنن الدارمی و بعض نسخ الخرائج ومصادر اخرى. و الجرو : صغير كل شيء حتى الرمان والبطيخ ، و لكنه غلب على ولد الكلب والاسد
7- عنه البحار: 10 / 18 ح 19، ورواه في دلائل النبوة : 187/6 ، وفي مسند أحمد :254/1 و 268، وسنن الدارمی: 11 / 1 ، وأخرجه في الخصائص الکبری : 2/ 290 عن أحمد والدارمي والطبراني والبيهقي وأبی نعیم عن ابن عباس

70- ومنها : أنّ عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول :

إنّ النبيّ صلی اللّه علیه و آله و سلّم تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله، فبرء.(1)

71- ومنها : أنّ معاذ بن عفراء جاء إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يحمل يده، و كان قطعها أبو جهل، فبصق عليها النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فألصقها فلصقت .(2)

72- ومنها : أنّ نبيّ الله صلی الله علیه و آله و سلّم رأى رجلا يكفّ شعره إذا سجد ، قال : «اللّهم افتتح رأسه». قال : فتساقط شعره حتّى ما بقي في رأسه شيء .(3)

73- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم دعا لأنس لمّا قالت أمّه أمّ سليم : أدع له فهو خادمك.

فقال : اللّهمّ أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته.

فقال أنس : أخبرني بعض ولدي أنّه دفن من ولده أكثر من مائة .(4)

74- ومنها : أن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم أبصر رجلا يأكل بشماله ، فقال : كل بيمينك. فقال: لا أستطيع . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : لا ، استطعت . قال :فما وصلت إلى فيه يمينه بعد،كلمّا رفع اللقمة إلى فيه ذهبت في شقّ آخر .(5)

75- ومنها : ما روى أبو نهيك الأزدي ، عن عمرو بن أخطب أنّه استسقی النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال: فأتيته باناء فيه ماء، وفيه شعرة فرفعتها، ثم ناولته ، فقال: «اللّهم فجمّله» قال : فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة ما في رأسه و لحيته شعرة بيضاء .(6)

ص: 52


1- عنه البحار : 10/18 ح18، 20، 21
2- عنه البحار : 10/18 ح18، 20، 21
3- عنه البحار : 10/18 ح18، 20، 21
4- عنه البحار : 10/18 ح 22. ورواه باختلاف الالفاظ في دلائل النبوة : 194/6 -196من عدة طرق . ومسلم في صحيحه : 1928/4 ح 141143 ، والبخاري في صحيحه:93/8 بأسانيدهم الى أنس بن مالك
5- عنه البحار : 11/18 ح23 وعن المناقب لابن شهر اشوب : 72/1 عن سلمة بن الاكوع عن أبيه، مثله ورواه في دلائل النبوة: 238 / 6 بطريقين ، ومسلم في صحيحه : 3/ 1599 ح107 بأسانيدهما الى سلمة بن الاکوع ، عن أبيه
6- عنه البحار : 11/18 ح 24 وعن المناقب لابن شهر اشوب : 74/ 1 مثله . ورواه باختلاف الالفاظ فی دلائل النبوة : 210/ 6 -212 بعدة طرق، عن أنس و عنه قتادة ، وعن أبي زيد الانصاري ، وعن عمرو بن أخطب . والترمذي في صحيحه: 594/5 ، و أحمد في مسنده : 77/5 و 340 و341

76- ومنها : أنّ ابن مسعود قال : كنّا مع النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم نصلّي في ظلّ الكعبة و ناس من قريش و أبو جهل نحروا جزوراً في ناحية مكّة ، فبعثوا فجاءوا بسلاها(1) فطرحوه بين كتفيه ، فجاءت فاطمة علیها السلام فطرحته عنه ، فلمّا انصرف قال : « اللّهم عليك بقريش ، بأبي جهل و بعتبة وشيبة و الوليد بن عتبة و أميّة بن خاف و بعقبة بن أبي معيط» . قال عبد الله : ولقد رأيتهم قتلى في قليب بدر .(2)

77- ومنها : أنّ النابغة الجعديّ أنشد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قوله :

بلغنا السماء عزّة و تكرّماً *** وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهراً

فقال : إلى أين يا أبا لیلی؟ قلت: إلى الجنّة. قال : « أحسنت لايفضض الله فاك » قال الرّاوي: فرأيته شيخاً له ثلاثون ومائة سنة ،و أسنانه مثل ورق الأقحوان نقاءاً وبياضاً وقد تهدّم جسمه إلا فاه.(3)

78- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم خرج فعرضت له إمرأة مسلمة فقالت : يارسول الله إني امرأة و معي زوج لي في بيتي مثل المرأة.

فقال : أدعي زوجك . فدعته ، فقال لها: أتبغضينه ؟ قالت: نعم .

ص: 53


1- السلي: جمعها أسلاء: جلدة يكون ضمنها ولدالحيوان في بطن امه. والمراد هنا : أحشاؤه
2- عنه البحار : 57/18 ح 12 .ورواه في دلائل النبوة : 2/ 279، و مسلم في صحيحه : 1419/3ح 108 و 109 والبخاري في صحيحه : 53/4 ، بأسانيدهم الى عبدالله بن مسعود
3- عنه البحار : 11/18 ح 25. وروى مثله في دلائل النبوة : 6/ 232 و 233 بثلاثة طرق ، عن يعلى بن الاشدق و عن عبد الله بن جراد ، عن النابغة الجعدی .وأخرجه عنه السيوطي في الخصائص : 72/3 وعن دلائل أبی نعیم

فدعا النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لهما، و وضع جبهتها على جبهته فقال : « اللّهمّ ألّف بينهما وحبّب أحدهما إلى صاحبه »

ثمّ قالت المرأة بعد ذلك : ما طارف(1) ولا تالد ولا والد أحبّ إلىّ منه .

فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : اشهدي أنّي رسول الله(2)

79- ومنها : أنّ عمرو بن الحمق الخزاعي سقی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال : «اللّهمّ أمتعه بشبابه» فمر به ثمانون سنة لم تر له شعرة بيضاء .(3)

80- ومنها : أن عمران بن حصين قال: كنت عند النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم جالساً، إذ أقبلت فاطمة علیها السلام وقد تغيّر وجهها من الجوع، فقال [لها] : ادني. فدنت ، فرفع يده حتی وضعها على صدرها - وهي صغيرة - في موضع القلادة ثمّ قال: «اللّهمّ مشبع الجاعة ورافع الوضيعة، لاتجع فاطمة بنت محمّد» . قال :فرأيت الدم قد غلب على وجهها كما كانت الصفرة ، فقالت : ماجعت بعد ذلك .(4)

81- ومنها : أنّ أسماء بنت عمیس قالت: إنّ عليّاً علیه السلام قد بعثه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في حاجة في غزوة حنين، وقد صلّى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم العصر و لم يصلّها عليّ علیه السلام ، فلمّا رجع وضع رأسه في حجر عليّ علیه السلام وقد أوحي إليه فجلّله بثوبه، ولم يزل كذلك حتّی کادت الشمس تغيب ، ثمّ إنّه سري عن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم .

فقال : أصلّيت يا عليّ ؟ فقال : لا. قال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : «اللّهمّ ردّ على علي الشمس».

ص: 54


1- الطارف : المال الحديث أو المستحدث. ويقابله التالد
2- عنه البحار : 11/18 ح 26. وأورده في مناقب ابن شهر آشوب : 73/1 مثله .ورواه في دلائل النبوة : 228/6 باسناده الى ابن عمر
3- عنه البحار : 12/18 ح27 وأخرجه في الخصائص الکبری : 74/3 عن ابن أبي شيبة في مسنده ، وأبی نعیم ، و ابن عساكر عن عمرو بن الحمق
4- عنه البحار : 27/43 ح 29. ورواه فی دلائل النبوة : 108/6 . وأخرجه في الخصائص:294/3 عن البيهقي ، وعن أبی نعیم ، عن عمران بن حصين

فرجعت حتّى بلغت نصف المسجد. قالت أسماء : وذلك بالصّهباء .(1)

82- ومنها : أنّ عطا قال: كان في وسط رأس مولاي السائب بن یزید شعر أسود و بقيّة رأسه و لحيته بيضاء ، فقلت : ما رأيت مثل رأسك هذا أسود و هذا أبيض .

فقال : أفلا أخبرك ؟ قلت : بلى . قال :

إنّي كنت ألعب مع الصبيان ، فمر بي نبيّ الله صلی الله علیه و آله و سلّم فعرضت له و سلّمت عليه فقال: وعليك السّلام، من أنت؟ قلت: أنا السائب ابن اخت النمر.(2)فمسح رسول الله رأسي و قال: بارك الله فيك . فلا والله لا تبيض أبداً .(3)

83- ومنها : أنّ عليّاً علیه السلام قال : بعثني رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى اليمن ، فقلت :

یا رسول الله بعثتني وأنا حديث السن لاعلم لي بالقضاء ! فقال: إنطلق فانّ الله سيهدي قلبك ، ويثبّت لسانك . قال علي علیه السلام : فما شككت في قضاء بين رجلين .(4)

ص: 55


1- عنه البحار : 359/17 ح 14 وج41/ 179 ح15 وأخرجه بهذا اللفظ و بغيره في الخصائص الکبری :324/2 عن ابن مندة وابن شاهين والطبراني بأسانيدهم عن أسماء بنت عمیس . وأخرجه عن ابن مردويه عن أبي هريرة ، وعن الطبراني عن جابر
2- «أخو النمر بن قاسط» ه و ط، وفي «م» ليست واضحة ، والكل تصحيف .وما أثبتناه كما في كتب التراجم . وهو: السائب بن یزید بن سعيد بن ثمامة ، أبو عبدالله وأبو يزيد الكندي المدني ، ابن اخت نمر .راجع بشأنه والرواية: اسدالغابة : 2/ 258، سير أعلام النبلاء: 437/3 رقم 80، وغيرها
3- عنه البحار : 12/18 ح 28. ورواه في دلائل النبوة: 209/6 باسناده الي عطاء
4- عنه البحار : 12 /18 ح 29، وعن المناقب لابن شهرلشوب : 1/ 74 مثله .وروى مثله في دلائل النبوة: 397/ 5 ، و في طبقات ابن سعد : 2/ 337، وفي مسند أحمد :83/ 1 و فی فضائله: 71 ح108، وابن ماجة في السنن : 48/2 وفي خصائص النسائی: 70 و 71، و في مستدرك الحاكم:3/ 135 و مناقب الخوارزمی: 41، و فرائد السمطین: 167/1 وللحديث بهذا اللفظ و بغيره مصادر عديدة، بطرق متعددة، .فراجع احقاق الحق : 63/7- 75، وج34/8 -47 ، وج 119/17 -125 وص299 و 519 -521

84- ومنها : أنّ عليّاً قال : لما خرجنا إلى خيبر فاذا نحن بواد ملان ماء فقدّ رناه أربع عشر قامة ، فقال الناس: یا رسول الله العدوّ من ورائنا، و الوادي أمامناكما قال أصحاب موسی : «إنّا لمدركون ، قال کلاإن معي ربّي سيهدين»(1)

فنزل،صلی الله علیه و آله و سلّم ثمّ قال : « اللّهمّ إنّك جعلت لكلّ مرسل علامة، فأرنا قدرتك »فركب صلی الله علیه و آله و سلّم و عبرت الخيل والابل لاتتندّی حوافرهاو أخفافها، ففتحوه. ثمّ أعطي بعده في أصحابه حین عبورعمرو بن معديكرب المدائن والبحر بجيشه .(2).

85- و منها : ماروی جعيل(3) الاشجعي أنّه قال : غزوت مع رسول الله في بعض غزواته فقال : سر یا صاحب الفرس . فقلت: يا رسول الله عجفاء(4) ضعيفة .

فرفع مخفقة معه، فضربها ضرباً خفيفاً ، و قال : «اللّهمّ بارك له فيها »، قال: لقد رأيتني ما أمسك رأسها أن تقدّم الناس ، ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفاً .(5).

86- و منها : أنّ جرهداً(6) أتى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و بین یدیه طبق، فأدلى جرهد بيده الشمال ليأكل، و كانت يده اليمني مصابة، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : كل باليمين . قال : إنّها مصابة فنفث رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم عليها ، فمااشتكاها بعد .(7)

ص: 56


1- اقتباس من سورة الشعراء : 61 و 62
2- عنه البحار : 28/21 ح 29
3- في البحار : مرة بن جعبل الاشجعی. ذكره العسقلاني في تقريب التهذيب : 133/2 رقم 106 وعده من الصحابة
4- عجف عجفاً : ضعف وذهب سمنه ، وعجفت مواشيهم أي : هزلت
5- عنه البحار : 12/18 ح 30 وعن المناقب لابن شهر اشوب : 73/1 .ورواه في دلائل النبوة : 153/6 باسناده عن جعيل
6- ذكره في تقريب التهذيب : 126/ 1 رقم 50، و قال : جرهد الاسلمي ، مدنی ، له صحبة ، وكان من أهل الصفة ، يقال : مات سنة إحدى وستين
7- عنه البحار : 12/18 ح 31 و عن المناقب لابن شهر اشوب : 103/1 . وأخرجه في الخصائص الکبری : 291/2 عن الطبرانی مثله

87- و منها : أنّ أبا هريرة قال: أتيت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يوماً بتمرات، فقلت: أدع الله لي بالبركة فيهنّ . فدعا ، ثمّ قال :

خذهنّ واجعلهنّ في المزود(1) وإذا أردت شيئاً فأدخل يدك فيه، ولاتنثره.

قال : فلقد حملت من ذلك التمر وسقاً(2) وكنّا نأكل منه و نطعم ، وكان لا يفارق حقوي(3) فارتكبت مأثماً فانقطع و ذهب.

و قيل : إنّه كتم الشهادة لعلي ثمّ تاب، فدعا له علي علیه السلام فصار كما كان ، فلمّا خرج إلى معاوية ذهب وانقطع .(4)

88- و منها : أنّ عثمان بن حنيف(5) قال : جاء رجل ضرير إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و شكا إليه ذهاب بصره.

فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : إنت الميضأة، فتوضّأ ثم صلّ ركعتين، و قل : « اللّهمّ إنّي أسألك و أتوجّه إليك بمحمّد نبي الرحمة - يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك ليجلي عن بصري - اللّهمّ شفّعه فيّ وشفّعني في نفسي». قال ابن حنيف :فلم يطل بنا الحديث حتّى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرّ قطّ.(6)

ص: 57


1- المزود : هو الوعاء من جلد وغيره يجعل فيه الزاد
2- «أوسقاً» خ ل والبحار
3- أي المزود ، و الحقو : هو موضع شد الازار وهو الخاصرة
4- عنه البحار : 29/18 ح 14 ، وعن المناقب :1/ 74 ورواه البيهقي في دلائل النبوة : 109/6 -111 بأربعة طرق مثله ، عنه ابن کثیر فی البداية والنهاية : 117/6 . ورواه الترمذي في سننه :5/ 858 باب مناقب أبي هريرة
5- في سائر النسخ المعتمدة، والبحار : «جنید» و كذا في الموضع التالي. وهو تصحيف و ما أثبتناه في المتن من المصادر ، كما أنه لم يعد رجل باسم عثمان بن جنید من أصحاب الرسول صلى الله علیه و آله
6- عنه البحار : 13/18 ح 32، وج 5/94 ح6.و رواه في دلائل النبوة : 166/6 - 168 بستة طرق ، و الترمذي في سننه : 569/5ح3578، ورواه الحاكم في المستدرك :313/1 ، وابن الاثير في اسدالغابة :3/ 371باسنادهم جميعاً الى عثمان بن حنيف

89- ومنها : أنّ أبيض بن حمال قال : كان بو جهي حزاز(1) - يعني : القوباء -قد التمعت. فدعاه النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فمسح وجهه ، فذهب في الحال ، و لم يبق له أثر على وجهه.(2)

90- ومنها : أنّ الفضل بن عبّاس قال : إنّ رجلا قال: يا رسول الله إنّي بخيل جبان، نؤوم، فادع لي. فدعا الله أن يذهب جبنه، وأن يسخّي نفسه، وأن يذهب كثرة نومه ، فلم ير أسخی نفساً، ولا أشدّ بأساً، ولا أقل نرماً منه.(3)

91- و منها : أنّ عبد الله بن عبّاس قال : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال : « اللّهمّ أذقت أول قریش نکالا، فأذق آخرهم نوالاً». فوجد كذلك .(4)

92- و منها : أنّ أبا ثروان كان راعياً في إبل عمرو بن تميم ، فخاف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم من قريش ، فنظر إلى سواد الابل فقصد له و جلس بينها ، فقال :یا محمّد أخرج، لاتصلح إبل أنت فيها. فدعا عليه ، فعاش شقيّاً يتمنّى الموت.(5)

93- و منها : أنّ عتبة بن أبي لهب قال : كفرت بربّ النجم قال النبيّ : أما تخاف أن يأ كلك كلب الله . فخرج في تجارة إلى اليمن فبيناهم قد عرسوا إذ سمع صوت الأسد فقال لأصحابه : إنّي مأكول بدعاء محمّد وأحدقوا به، فضرب على آذانهم فناموا ، فجاء الأسد حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته وفي خبر آخر : أنّه لمّا قل : كفرت بالذي «دنی فتدلّی». ثم تفل في وجه محمّد،صلی الله علیه و آله و سلّم قال : «اللّهم سلّط عليه كلباً من كلابك».

ص: 58


1- كلمة عامية تعنی داء يظهر في الجسد فيتقشر ويتسع، وقد يعالج بالريق وفصيحها «القوباء» وفي دلائل النبوة «جدرة» وهي البئور الناشئة على الجسم ، و لعل «جدرة» من الجدری وهو المرض المعروف الذي يسبب بثوراً حمراء ، بيضاء الرؤوس تنتشر في البدن و تنقبح سريعاً
2- عنه البحار: 13/ 18 ح32 . ورواه البيهقي في دلائل النبوة :6 /177، و ابن حجرالعسقلاني في الإصابة : 17/1
3- عنه البحار :13/18ح 34 و 35
4- عنه البحار :13/18ح 34 و 35
5- عنه البحار : 57/18 ، ح 13

فخرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا، فقال لهم راهب من الدير : هذه أرض مسبعة.(1) فقال أبو لهب: يا معشر قريش أعينونا هذه اللّيلة إنّي أخاف عليه دعوة محمّد. فجمعوا جمالهم(2) و فرشوا العتبة في أعلاها، و ناموا حوله ، فجاء الأسد يتشمّم وجوههم ، ثم ثنّی ذنبه فوثب، فضربه بيده ضربة واحدة، فخدشه ، قال : قتلني . ومات مكانه.(3)

94- و منها : أنّ عليّاً علیه السلام كان رمد العين يوم خيبر ، فتفل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في عينه ، ودعا له ، وقال : «اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد».

فما وجد حرّاً، و لابرداً بعده [ وكان يخرج في الشتاء في قمیص واحد] .(4)

95- و منها : أنّ أبا هريرة قال لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : إنّي أسمع منك الحديث الكثير أنساه . قال : أبسط رداك كلّه . [ قال : ] فبسطته، فوضع يده فيه ، ثمّ قال :ضمّه . فضممته، فما نسيت حديثاً بعده.(5)

96- ومنها : أنّه قال لابن عباس و هو غلام : «اللّهم فقّهه في الدين وعلّمه

ص: 59


1- أي كثيرة السباع
2- «أحمالهم » ط
3- عنه البحار : 57/18 ح 14 ، وعن المناقب : 71/1 .ورواه في دلائل النبوة: 2/ 338، و ص 339 بثلاثة طرق
4- عنه البحار : 13/18 ح 36.ورواه ابن المغازلی فی مناقبه: 74، و بدر الدين العيني في عمدة القاری : 16، و با کثیرالحضرمي في وسيلة المآل : 115 (مخطوط) ، و اللكنهوئي في مرآة المؤمنين : 53 والمولوی الهندي في وسيلة النجاة : 156 ، وعلى بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح : 440/11 ، و ابن الجوزي في تذکرة الخواص : 29و البدخشى في مفتاح النجا : 127 (مخطوط) ، و للحديث مصادر اخر كثيرة راجع احقاق الحق : 445/5 وج16/ 230 ، وج 132/17
5- عنه البحار : 13/18 ح37روی نحوه مسلم في صحيحه: 1940/4 ح 159 بطريقين، والبيهقي في دلائل النبوة:6 / 201

التأويل». فكان فقيهاً ، عالماً بالتأويل .(1)

97- و منها : أن نفراً من قريش اجتمعوا وفيهم : عتبة، وشيبة، وأبو جهل، وأميّة ابن خلف ، فقال أبو جهل : زعم محمّد أنّكم إن اتبعتموني كنتم ملوكاً . فخرج إليهم رسول الله ، فقام على رؤوسهم ، و قد ضرب الله على أبصارهم دونه ئفقبض قبضة من تراب فذرّها على رؤوسهم، وقرأ «یس» حتى بلغ العشر منها ثمّ قال : إنّ أبا جهل هذا يزعم أنّي أقول: إن خالفتموني فانّ لي فيكم ریحاً(2) و صدق و أنا أقول ذلك. ثم انصرف.

فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، و لم يشعروا به، ولا كانوا، رأوه .(3)

98- ومنها : أنّ أياس بن سلمة ، روي عن أبيه قال : خرجت إلى النبيّ و أنا غلام حدث ، وتركت أهلي ومالي إلى الله ورسوله فقدمنا الحديبيّة مع النبيّ حتّی قعد على مياهها وهي قليلة قال : فامّا بصق فيها، وإمّا دعا ، فما نزفت بعد .(4)

99- ومنها : أنّ أعرابيّاً قام فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع لنا فرفع يده، و ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ، ثمّ لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته ، فمطرنا إلى الجمعة .

ثمّ قام أعرابي فقال : تهدّم البناء ، فادع . فقال : «حوالينا ، ولاعلينا» .

قال الراوي(5) : فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت حتی

ص: 60


1- أورده ابن شهر اشوب في المناقب : 74/1 ، عنه البحار : 18/18 .ورواه الحاكم في المستدرك : 3/ 534، والبيهقي في دلائل النبوة : 192/6
2- أي قوة و غلبة
3- عنه البحار : 72/19 ح25
4- عنه البحار: 29/18 ح 15 ، . رواه في دلائل النبوة : 111/4 مثله
5- وهو أنس بن مالك كما سيأتي في التخريجات

صارت المدينة مثل الجوبة(1) وسال الوادي شهراً ، فضحك رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال :لله درّ أبی طالب لو كان حيّاً قرّت عيناه .(2)

100- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : لمّا نادى بالمشركين ، و استعانوا عليه ، دعا الله أن يجدب بلادهم، فقال: «اللّهمّ سنين كسني يوسف، اللّهمّ اشددوطأتك علیه مضر»:

فامسك المطر عنهم حتى مات الشجر ، و ذهب الثمر ، وفني المواشي ، و عند ذلك وفد حاجب بن زرارة على کسری ، فشكا إليه واستأذنه في رعي السواد، فأرهنه قوسه ، فلمّا أصاب مضر الجهد الشديد عاد النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم بفضله عليهم ، فدعا الله بالمطرلهم(3).

ص: 61


1- قال ابن الاثير في النهاية : 310/1 : في حديث الاستسقاء «حتى صارت المدينة مثل الجوبة» وهي الحفرة المستديرة الواسعة . وكل منفنق بلا بناء : جوبة . أي حتى صار الغيم والسحاب محيطاً بآفاق المدينة
2- عنه البحار : 14/ 18 ح38 .ورواه البخاري في صحيحه : 35/ 2 -37 ، ومسلم في صحيحه : 2/ 612 - 614 ح8 -12، والنسائي في سننه: 160 / 3 و ص 161 وص165، وأبو داود :366 / 1 وص367والبيهقي في السنن الکبری: 353 / 3 -356، وفي دلائل النبوة : 139 / 6 -140 جميعاًباسنادهم من عدة طرق الى أنس بن مالك . وفي بعضها زيادة بعد قوله «قرت عيناه»:من ينشدنا قوله ؟ فقام على علیه السلام فقال : يا رسول الله كأنك أردت : و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامی عصمة للارامل يلوذ به الهلال من آل هاشم*** فهم عنده في نعمة و فواضل كذبتم و بیت الله يیزی محمداً*** و لما نقاتل دونه و نناضل و نسلمه حتى نصرع حوله*** و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
3- عنه البحار: 14/18 ح 39 وعن المناقب لابن شهر اشوب: 1/ 72 عن ابن عباس ومجاهد. وروی نحوه في دلائل النبوة : 326 / 2 . وأخرجه عنه في الخصائص الکبری : 369 / 1 عن الشيخين (مسلم والبخاری) باسنادهما الى ابن مسعود

101- ومنها : أنّ عليّاً قال : بعثني رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم والزبير والمقداد معي فقال : انطلقوا حتّى تبلغوا روضة خاخ ، فانّ فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين . فانطلقنا و أدر کناهما وقلنا : أين الكتاب ؟ قالت : ما معي کتاب. ففتّشها الزبير والمقداد ، وقالا : ما نرى معها كتاباً .

فقلت: حدّث به رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وتقولان: ليس معها كتاب!

لتخرجنّه أو لاجرّدنّك. فأخرجت من حجزتها .

فلمّا عادوا إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال : ياحاطب ما حملك على هذا ؟ قال : أردت أن يكون لي يد عند القوم، وما ارتددت. فقال: صدق حاطب [ فلاتقولوا له إلاخيراً].

وفي هذا: إعلام [بمعجزات: منها] إخباره عن الكتاب،وإخباره عن بلوغ المرأة روضة خاخ، و شهادته لحاطب بالصدق ، و قد وجد كلّ ذلك كما أخبر .(1)

102- ومنها : أنّ النبيّ أنفذ عمّاراً في سفر ليستقي الماء، فعرض له شيطان في صورة عبد أسود ، فصرعه ثلاث مرّات فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إنّ الشيطان قدحال بين عمّار و بين الماء في صورة عبد أسود ، وإن الله أظفر عمّاراً . فدخل، فأخبر بمثله .(2)

103- ومنها : أنّ وائل بن حجر قال : جاءنا ظهور محمّد و أنا في ملكعظيم ، فرفضت ذلك ، و آثرت الله و رسوله ، و قدمت عليه، فأخبرني أصحابه أنّهبشرّهم بي قبل قدومي بثلاث ، فقال : هذا وائل بن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة .فلمّا قدمت عليه أدناني، وبسط لي رداه ، فجلست عليه، فصعد المنبر فقال : هذا وائل بن حجر أتانا راغباً في الاسلام طائعاً ، بقيّة أبناءالملوك اللّهم بارك في وائل

ص: 62


1- عنه البحار: 110/18 ح14. وروی مثله في دلائل النبوة: 152/ 3 ، ومسلم في صحيحه: 1941/ 4161 باستادهما الي على علیه السلام
2- عنه البحار : 111 /18 ح 15 .وروی نحوه في دلائل النبوة : 124/7 باسناده الى الحسن البصري

و ولده ، و ولد ولده .(1)

104- ومنها : أنّ أبا سعيد الخدري قال : كنّا نخرج في الغزوات مترافقین تسعة و عشرة ، فنقسّم العمل : فيقعد بعضنا في الرحل ، و بعضنا يعمل لأصحابه ، يصنع طعامهم ويسقي ركابهم ، و طائفة تذهب إلى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فاتفق في رفقتنا رجل يعمل عمل ثلاثة نفر يحتطب(2) و يستقي ويصنع طعامنا ، فذكر ذلك للنبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ، فقال :ذلك رجل من أهل النار، فلقينا العدوّ فقاتلناهم فجرح، فأخذ الرجل سهماً، فقتل به نفسه.

فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : أشهد أنّي رسول الله وعبده .(3)

105- ومنها : أنّ ابن عبّاس قال : كان النبيّ صلى الله عليه و آله جالساً في ظلّ حجر كاد أن ينصرف عنه الظلّ فقال : إنّه سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعين شيطان فاذا جاءكم فلاتکلّموه . فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق ، فدعاه صلی الله علیه و آله و سلّم و قال: على ما تشتمني أنت و أصحابك ؟ فقال : لانفعل . قال : دعني آتك بهم .

فدعاهم، فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا، و ما فعلوا ، فأنزل الله : «يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ »(4) (5) .

106- و منها : أنّه لمّا قدم العبّاس المدينة سهر النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم تلك الليلة ، فقيل له في ذلك ، فقال : سمعت حسّ العباس في وثاقه . فاطلق ، فقال [ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ]: یا عباس إفد نفسك او بن أخيك عقيل ، و نوفل بن الحارث ، فانّك ذو مال . فقال :

ص: 63


1- عنه البحار : 108/ 18 ح7 وعن قصص الانبياء (مخطوط) مثله . ورواه البخاري في التاريخ الكبير : 175/4 ،والبيهقي في دلائل النبوة: 349/5 (مختصراً)
2- «يخيط» م ، ط و مستدرك الوسائل
3- عنه البحار : 111/ 18 ح16
4- سورة المجادلة : 18 .
5- عنه البحار : 111/ 18ح1. و رواه في دلائل النبوة: 282/5 باسناده الى ابن عباس. وفي مستدرك الحاكم : 482/2 .وأخرجه السيوطي في الدر المنثور : 186/6 عن أحمد والبزار ، والطبرانی ، و ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والحاكم

إنّي كنت مسلماً ، و لكن قومي استكرهوا عليّ. فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : الله أعلم بشأنك ، أمّا ظاهر أمرك كنت علينا . فقال : يا رسول الله قد أخذ منّي عشرون أوقية من ذهب فاحسبها لي من فدائي . قال : لا ، ذاك شيء أعطانا الله منك .

قال: فانّه ليس لي مال. قال : فأين المال الذي دفعت بمكّة إلى أم الفضل حين خرجت، فقلت: إن أصابني في سفري هذا شيء فللفضل كذا ، و لقثم كذا، و لعبدالله كذا ، و لعبيد الله كذا ؟

قال : فوالذي بعثك [بالحقّ نبيّاً] ما علم بذلك أحد غيري وغيرها ، فأنا أعلم أنّک رسول الله .(1)

107- ومنها : أنّه كان جالساً إذ أطلق حبوته(2) فتنحّى قليلا ، ثمّ مدّ يده كأنه يصافح مسلماً، ثمّ أتانا فقعد ، فقلنا : كنّا نسمع رجع الكلام ولا نبصر أحداً .

قال : ذلك [إسماعيل] ملك المطر استأذن ربّه أن يلقاني ، فسلّم عليّ ، فقلت له : اسقنا. قال: میعاد كم يوم كذا في شهر كذا . فلمّا جاء ميعاده صلّينا الصبح، فكنّا لانرى شيئاً ، و صلّينا الظهر ، فلم نر شيئاً حتّى إذا صلّينا العصر ، نشأت سحابة فمطرنا ، فضحكنا . فقال : مالكم ؟ قلنا : الذي قال الملك .

قال : أجل مثل هذا احفظوا .(3)

108- و منها : أنّ أبيّ بن خلف قال للنبيّ بمكّة : إنّي أعلف العوراء (4)

ص: 64


1- عنه البحار : 273/19 ح 14 . وأورد مثله في قصص الانبياء : 345 (مخطوط) .و روی مثله في دلائل النبوة :3/ 141/ 142 و باسناده الى ابن عباس ، و بطریق آخرعن الزهری نحوه
2- الحبوة: ما يشتمل به من ثوب ، ويقال : حل حبو ته أي : قام ، وعقد حبوته أي : قعد
3- عنه البحار : 10/18 ح. 4
4- «العودا» م، «عوذاء» خ ، «عوزاء» خل. واختلاف الضبط لا يؤثر على مجرى الرواية

- يعني فرساً له - أقتلك عليه. قال [رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم ] : بل أنا أقتلك إن شاء الله .

فلقي يوم أحد، فلمّا دنا تناول رسول اللّه الحربة من الحارث بن الصمّة، فمشى إليه فطعنه و انصرف ، فرجع إلى قريش وهو يقول: قتلني محمّد قالوا : وما بك بأس .

قال : إنّه قال لي بمكة «إنّي أقتلك» لو بصق عليّ لقتلني . فمات بسرف(1) .(2)

109- ومنها : أنّه لمّا نزل :« فاصدع بما تؤمر ، و أعرض عن المشرکین اناكفيناك المستهزئين »(3) يعني خمسة نفر ، فبشّر النبيّ أصحابه أن الله كفاه أمرهم فأتى الرسول البيت والقوم في الطواف، و جبرئيل عن يمينه، فمرّ الأسود بن المطّلب فرمي في وجهه بورقة خضراء، فأعمى الله بصره وأثكله ولده ومرّ به الأسود بن عبد يغوث، فأومي إلى بطنه ، فسقى ماءاً فمات حبناً(4)

ومر به الوليد بن المغيرة، فأومأ إلى جرح كان في أسفل رجله، فانتقض بذلك فقتله.

و مرّ به العاص بن وائل ، فأشار إلى أخمص رجله ، فخرج على حمار له یریدالطائف، فدخلت فيه شوكة فقتلته ومرّ به الحارث ، فأومأ إليه و تفقّأ قيحأ فمات .(5)

ص: 65


1- سرف : موضع على ستة أميال من مكة
2- عنه البحار : 77 /20 ح 15 . وأورد نحوه في مناقب ابن شهر اشوب : 102/1 ، عنه البحار : 74/ 18 ح 29 . ورواه بتمامه في دلائل النبوة : 3/ 211 باسناده الی موسی ابن عقبة . و نحوه في ص 237 باسناده الى الزهري ، وفي ص 259 باسناده الى عروة ابن الزبير ، عنه البداية والنهاية : 32/4 .وأورد ابن هشام في السيرة النبوية : 9/3 و 30 مثله
3- سورة الحجر : 94 و 95
4- حبن حبناً: عظم بطنه و ورم
5- عنه البحار : 240/18 ح87.وأخرج السيوطي في الدر المنثور: 4 /106-108 عدة أحاديث بألفاظ مختلفة ومنها: عن أبی نعیم و البيهقي . وعن ابن مردويه بأسانيدهم عن ابن عباس وعن علی علیه السلام. وعن عبدالرزاق في المصنف عن عكرمة، وعن أبي نعيم في الدلائل عن قتادة، وعن ابن أبي حاتم عن الربيع ، و عن عكرمة ، وعن ابن أبی جرير وأبی نعیم عن أبي بكر الهذلي وعن سعید بن منصور وأبی نعیم عن الشعبي، وعن عبدالرزاق، وأبی جریر، وأبی نعیم عن قتادة، ومقسم موای ابن عباس

110- ومنها: أنه صلی الله علیه و آله و سلّم قال يوماً: توفي أصحمة(1) - رجل صالح من الحبشة - فقوموافصلّوا عليه . فصلّي عليه ، فكان كذاك .(2)

111- ومنها : أن كسری کتب إلى فيروز الديلمي - وهو من بقية أصحاب سيف ابن ذي يزن - أن أحمل إليّ هذا العبد الذي يبدأ باسمه قبل اسمي ، فاجتري عليّ ودعاني إلى غير ديني .

فأتاه فيروز وقال له: إنّ ربيّ أمرني أن آتيه بك. فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم :

إنّ ربّي أخبرني أنّ ربّك قتل البارحة . فجاء الخبر أنّ ابنه شير ويه [وثب عليه] فقتله في تلك الليلة فأسلم فيروز و من معه فلمّا خرج الكذّاب العبسيّ أنفذه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ليقتله فتسلّق سطحاً، فلوي عنقه، فقتله .(3)

112- ومنها : أنّ أبا الدرداء كان يعبد صنماً في الجاهليّة ، وأنّ عبد الله بن رواحة ومحمّد بن مسلمة ينتظر ان خلوة أبي الدرداء ، فغاب فدخلا على بيته، فكسرا صنمه . فلمّا رجع إلى أهله قال : من فعل هذا ؟ قالت : لا أدري ، سمعت صوتاً فجئت وقد خرجوا، ثمّ قالت: لو كان يدفع الصنم لدفع عن نفسه . فقال: أعطيني حلّتي. فلبسها. فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : هذا أبو الدرداء يجيء و يسلم . فاذا هو جاء فأسلم .(4)

ص: 66


1- هو اسم النجاشي ملك الحبشة ، و النجاشي : لقب یلقب به كل من ملك الحبشة
2- عنه البحار : 420/18 ح7.وأخرجه في الخصائص الکبری : 2/ 372 عن الشيخين عن جابر
3- عنه البحار : 377/20 ح 1
4- عنه البحار : 111/18 ح18 (قطعة) و ج 13/22 ح 79. و روی مثله باختلاف في دلائل النبوة: 301/ 6 ، وفي مستدرك الحاكم: 336/3 ، بالاسناد الى جبير بن نفیل

113- ومنها : أنّه أخبر أباذر بما جرى عليه بعد وفاته ، فقال : كيف بك إذا أخرجت (من مكانك ؟)(1) قال : أذهب إلى المسجد الحرام.

فقال : كيف بك إذا أخرجت منه ؟قال: أذهب إلى الشام.

قال : كيف بك إذا أخرجت منها؟ قال : أعمد إلى سيفي، فأضرب حتّى أقتل .

قال : لا تفعل و لكن اسمع وأطع. و كان ما كان حتّى أخرج إلى الربذة .(2)

114- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال لفاطمة علیها السلام: إنّك أوّل أهل بيتي لحوقاً بي.

وكانت أوّل من مات بعده.(3).

115- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال لأزواجه : أطولكنّ یداً، أسر عكن بي لحوقاً قالت عائشة : كنّا نتطاول بالأيدي حتّى ماتت زینب بنت جحش .(4)

ص: 67


1- «منه » م و ط
2- عند البحار : 112/18 ح18 (قطعة) روی خبر موت أبي ذر «رضی الله عنه» في أكثر كتب الحديث والتاريخ والتراجم ومنها :في دلائل النبوة : 221/5 -223 وج 6 401/و 0402 وابن هشام في السيرة النبوية : 133/ 4 ، وابن كثير في البداية والنهاية : 8 5 .وراجع اسدالغابة و الاصابة وغيرها
3- عنه البحار : 112/18 ح18 (قطعة ) و روی نحوه في دلائل النبوة : 364/6 باسناده الی عائشة ، والبخاري في صحيحه :248/4 وج 12/6، ومسلم في صحيحه: 1905 / 4 ح 99، وأحمد في مسنده : 282/ 6و ابن سعد في الطبقات الکبری: 2/ 247 ، والترمذي في صحيحه : 319/ 2 ، وفي حلية الاولياء : 2/ 40 عن ابن عباس
4- عنه البحار : 112/18 . ورواه بألفاظ مختلفة في دلائل النبوة : 371/6 و 374 بأسانيده الى عائشة .والبخاري في صحيحه : 137/2 ، ومسلم في صحيحه : 1907/4 ح 101. وزينب كانت أطولهن بداً بالعطاء، و كما ورد في بعض الأحاديث أنها كانت تعمل بيدها و تتصدق ، وفي اخرى : أنها كانت أطولهن بداً في الخير والصدقة . ولا يؤخذ الحديث على ظاهر ألفاظه

116- ومنها: أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم ذکر زید بن صوحان فقال: زید ، و مازید؟! يسبق منه عضو إلى الجنّة. فقطعت يده يوم «نهاوند» في سبيل الله.(1)

117- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال : لاکسری بعد کسری ، و لاقيصر بعد قيصر ، لتنفتنّ كنوزهما في سبيل الله. فكان كما قال .(2)

118- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلم قال يوم الخندق لأصحابه : لئن أمسيتم قليلا لتكثرن ، وإن أمسيتم ضعفاء لتشرقنّ ، حتى تصيروا نجوماً يهتدی بكم وبواحد منكم. فكان كما قال.

119- ومنها : ما أخبر عن أمّ ورقة الأنصارية ، فكان يقول: انطلقوا بنا إلى الشهيدة نزورها. فقتلها غلام و جارية لها بعد وفاته .(3)

120- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال في محمّد بن الحنفية :«يا عليّ سيولد لك ولد قد نحلته إسمي و کنیتي ».(4)

121- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال : رأيت في يدي سوارین من ذهب فنفختهما فطارا .

فأوّلتهما هذين الكذّابين: «مسيلمة» كذاب اليمامة ، و كذاب صنعاء: «العنسي»(5)

ص: 68


1- عنه البحار : 112 / 18 و ج 113 / 22 ح 81.وروى مثله في دلائل النبوة : 416/6 باسناده الی علی علیه السلام . وأورده ابن حجر في الاصابة: 1/ 582 من طريق أبی یعلی وابن مندة، وفی اسدالغابة: 2342
2- أخرجه في البحار : 141 / 18 ح 41 (قطعة) عن المناقب لابن شهراشوب : 121/1 .وأخرجه في الخصائص الكبرى : 412/2 ؛ عن الشيخين ، عن أبي هريرة
3- عنه البحار :112/18 . روى الحديث بتمامه في دلائل النبوة : 381 /6 و 382، وأحمد بن حنبل في مسنده :405/6 باسنادهما الى ام ورقة
4- عنه البحار : 112/18 . ورواه فی دلائل النبوة: 380/6 ، و في طبقات ابن سعد : 91/5 بالاسناد الى على (ع)
5- عنه البحار : 112/18 .وروى مثله في دلائل النبوة : 358/6 ، ومسلم في صحيحه : 4/ 1781 ذح 21 و 22 و أحمد في مسنده : 263/1 با لاسانید الى ابن عباس

122- ومنها : أنّ عبد الله بن الزبير قال : احتجم النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فأخذت الدم لاهريقه فلمّا برزت حسوته(1) فلمّا رجعت قال: ما صنعت؟ قلت: جعلته في أخفى مكان.

قال : ألفاک(2) شربت الدم؟ فقال : ويل للناس منك، و ويل لك من الناس.(3)

123- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال : ليت شعري أيتّكنّ صاحبة الجمل الأدبب(4) تخرج فتنبحها كلاب الحوأب .(5)

124- وروى لمّا أقبلت عائشة مياه بني عامر ليلا نبحتها كلاب الحوأب، قالت:ما هذا ؟ قالوا: الحو أب. قالت : ما أظنّني إلاّ راجعة، ردّونيّ ، إنّ رسول الله قال لنا ذات يوم: «كيف با حداكنّ إذا نبح عليها كلاب الحوأب» ؟.(6)

ص: 69


1- أي : شربته
2- أي: أجدك
3- عنه البحار : 113/18 . ورواه في السيرة الحلبية : 248/2 ، وفي السنن الكبرى للبيهقي : 67/7 .وقد وردت أحاديث مغايرة له حول التبرك بشرب دمه صلی الله عليه و آله ، ولم ينكر عليهم وحثهم عليه . راجع کتاب «التبرك» لمؤلفه «على الاحمدی» فقيه زيادة في التخريجات و توضیح ذلك النغاير في الاحاديث
4- «الاذيب»م.ط، ومعانی الاخبار قال الشيخ الجليل محمد بن ادريس الحلى في مستطرفات السرائر : 129: وجدت في الغريبين للهروى هذا الحديث وهو في باب الدال غير المعجمة مع الباء المنقطة تحتها نقطة واحدة و ذكر قدس سره أنه وجده هكذا أيضا في مجمل اللغة لابن فارس . و وجدناه أيضاً في النهاية لابن الاثير: 96 /2 ، والفائق للزمخشری: 408/1 وغيرها. ومعناها الكثير و بر الوجه
5- قال الشيخ الصدوق قدس سرہ: الحوأب ماء لبنی عامر .عنه البحار: 113/18 . ورواه الصدوق في معانی الاخبار : 305 ح 1 ، عنه مستطرفات السرائر: 129 ح 1، والبحار: 8 (طبع حجر)/ 452، واثبات الهداة: 502/ ح113
6- عنه البحار: 113/18. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: 52 /6 وص97، والحافظ البيهقي في دلائل النبوة:410/6 ؛ بطر يقين . والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : 6/ 211 وص212 وقال :هذا اسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه

125- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال : أخبرني جبرئيل أنّ إبني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ، وجاءني بهذه التربة، فأخبرني أنّ فيها مضجعه .(1)

126- ومنها : أنّ أمّ سلمة قالت: كان عمّار ينقل اللّبن لمسجد الرسول، و كان صلی الله علیه و آله و سلّم يمسح التراب عن صدره، ويقول: تقتلك الفئة الباغية .(2)

127- ومنها : ما روى أبو سعيد الخدري أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قسّم يوماً قسماً ، فقال رجل من تميم: إعدل؟ فقال ويحك ومن یعدل إذا لم أعدل ؟!

قيل نضرب عنقه ؟ قال: لا، إنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته وصيامه مع صلاتهم و صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، آيتهم(3) رجل أدعج أحد ثدييه مثل ثدي المرأة .قال أبو سعيد : وإني كنت مع علي حين قتلهم ، فالتمس في القنلى [بالنهروان] فاتي به على النعت الذي نعته رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم .(4)

ص: 70


1- عنه البحار: 18/ 113. و للحديث مصادر كثيرة تجد بعضها في عوالم العلوم : 101/17-157 ، وخصائص السیوطی: 449/2 - 455، و دلائل النبوة: 468/6 -472، و احقاق الحق: 339/11 -416
2- عنه البحار: 113/18.وهذا الحديث مما تواتر نقله عند علماء الفريقين تجد بعض مصادره في دلائل النبوة: 2/546- 552 و ج 420/6 - 422 والخصائص الکبری للسیوطی : 496/2 -498و احقاق الحق : 422/8 468
3- «رئیسهم» ه، والبحار
4- عنه البحار : 18/ 113، وج8 (طبع حجر) /596. رواه البخاري في صحيحه : 243/4 ، ومسلم في صحيحه : 744/2 ح148 ، و أحمد في مسنده : 56/3 وص65، والنسائي في خصائصه : 137 وص138، و الخوارزمی في المناقب: 182 ، والبغوي في تفسيره: 3/ 188 (المطبوع بهامش تفسير الخازن) و المتقی الهندی فی کنز العمال: 11/ 296، والبيهقي في دلائل النبوة : 427/6 ، وابن كثير في البداية والنهاية : 216/6 ، وابن الاثير في اسد الغابة : 2 / 140، والهيثمي في مجمع الزوائد : 6/ 234 ، و المقريزى في امتاع الاسماع : 425 ، و بدرالدین العيني في عمادة القاری: 142/ 16 ، والتبريزي العمري في مشكاة المصابيح : 175/3و النبهاني في الانوار المحمدية : 487 ، والشيخ محمد بهجت في نقد عين الميزان: 27والامر تسرى في أرجح المطالب : 631 .و للحديث مصادر وشواهد كثيرة تجدها في احقاق الحق : 8/ 475 - 519

128 - ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال: تبني مدينة بين دجلة ودجيل ، و قطربّل والصراة(1)تجبى إليها خزائن الأرض، يخسف بها . - يعني بغداد -

وذكر أرضاً يقال لها : البصرة إلى جنبها نهر يقال له: دجلة ، ذو نخل، ينزل بها بنو قنطورا،(2) يتفرق الناس فيه ثلاث فرق: ففرقة تلحق بأهلها فيهلكون. وفرقة تأخذ على أنفسها فيكفرون، وفرقة تجعل ذراريهم خلف ظهورهم يقاتلون، قتلاهم شهداء. يفتح الله على بقيتهم .(3).

129- ومنها : أنّه روي عن الصادق علیه السلام أنّه قال: لمّا ولد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال إبليس لابلسة : قد أنكرت الليلة الأرض . فصاح في الأبالسة ، فاجتمعوا إليه ، فقال : أخرجوا فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث. فذهبوا ثم رجعوا، وقالوا: ما وجدنا شيئاً. قال: أنا لها

ص: 71


1- «و تطول بالبصراة» ه، م، ط . وهو تصحیف صوابه ما في المتن كما في هامش بعض النسخ والبحار. قطربل: - بضم أوله و بالباء المشددة المضمومة - قرية بين بغداد. وعكبرا.معجم البلدان : 4/ 371. والصراة : نهر ببغداد . معجم البلدان : 399/3
2- قال ابن الأثير في النهاية: 113/4 : في حديث حذيفة: «يوشك بنو قنطورا أن يخرجوا من عراقهم» و یروی : «أهل البصرة منها ، كأني بهم خنس الانوف ،خزرالعيون ، عراض الوجوه» قيل : ان قنطوراء كانت جارية لابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، ولدت له أولاداً منهم الترك والصين
3- عنه البحار: 113/18 . وأورده في المناقب : 121/1 عن جبیر بن عبدالله، عند البحار : 141/18

ثمّ ضرب بذنبه على الأرض على قذاله(1) ثم اغتمس في الدنيا حتى انتهى إلى الحرم فوجده منطبقاً بالملائكة فذهب ليدخل فصاح به جبرئيل علیه السلام فقال: [ما] وراءك. فقال: حرف أسألك عنه، ألي قيه نصيب ؟ قال: لا. قال: ألي في أمّته؟ قال: نعم. فلما أصبحوا أقبل رجل من أهل الكتاب إلى الملأ من قريش فقال : أولد فيكم الليلة؟ مولود قالوا: لا . قال : فولد إذاً بفلسطين غلام اسمه أحمد] له شامة كلون الخزّ الأدکن فتفرّق القوم، فبلغهم أنّه ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام، قالوا: فطلبناه، و قلنا له:

إنّه ولد فيناغلام. قال: قبل أن قلت لكم أو بعده؟ قالوا: قبل . قال : فانطلقوا بنا ننظر إليه .

فانطلقوا ، فقالوا لامّه: أخرجي إبنك حتّى ننظر إليه .

قالت: إنّ ابني و الله لقد سقط، فما سقط كما يسقط الصبيان لقد اتّقی الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء ، فنظر إليها ثم خرج منه نور حتّى نظرت إلى قصور بصری و سمعت هاتفاً يقول: قد ولدتيه سيد هذه الأمّة ، فاذا وضعتیه، فقولي :

أعيذه بالواحد *** من شرّ كل حاسد

وكل خلق مارد *** يأخذ بالمراصد

في طرق الموارد *** من قائم وقاعد

[ و سمیّه «محمداً»]

فأخرجته فنظر إليه وإلى الشامة التي بين كتفيه ، فخر مغشيّاً عليه، فأخذوا الغلام وردوه إلى أمّه، وقالوا : بارك الله لك فيه .

فلمّا أفاق قالوا له: مالك؟ قال: ذهبت نبوّة بني إسرائيل إلى يوم القيامة ، هذا والله الغلام الذي يبيرهم . ثم قال لقريش : فرحتم ؟ أما والله ليسطون بكم سطوة يتحدّث

ص: 72


1- القذال : كسحاب ، جما ع مؤخر الرأس ، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصیه.قاله الفيروز آبادي في القاموس المحيط: 36/4

بها أهل المشرق و المغرب. و كان أبو سفيان يقول: إنّما يسطو بمضر.

وأتي به عبد المطّلب فأخذه، و وضمه في حجره فقال :

الحمدلله الذي أعطاني *** هذا الغلام الطيّب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان.(1)

130- و منها : ما روي عن أبي عبدالله علیه السلام قال : فنشأ رسول الله في حجر أبي طالب فبينا هو غلام يجيء بين الصفا والمروة إذ نظر إليه رجل من أهل الكتاب فقال: ما اسمك ؟ قال: اسمي محمّد. قال : ابن من؟ قال: ابن عبد الله . قال: ابن من؟ قال : ابن عبد المطّلب . قال: فما اسم هذه ؟ - وأشار إلى السماء - قال : السماء قال: فما اسم هذه ؟ - وأشار إلى الأرض - قال: الأرض .

قال فمن ربّهما؟ قال: الله. قال: فهل لهما ربّ غير الله؟ قال: لا.

ثمّ إنّ أبا طالب خرج به معه إلى الشام في تجارة قريش ، فلمّا انتهی به إلى بصری - وفيها راهب لم يكلّم أهل مكّة، إذا مروا به -ورأى علامة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في الركب، فانّه رأى غمامة تظللّه في مسيره، و نزل تحت شجرة قريبة من صومعته فتثنّب أغصان الشجرة عليه و الغمامة على رأسه بحالها، فصنع لهم طعاماً ، فاجتمعوا عليه، و تخلّف محمد صلی الله علیه و آله و سلّم ، فلما نظر بحيرا إليهم و لم ير الصفة التي يعرف قال :فهل تخلّف منكم أحد؟ قالوا : لا . و اللاّت والعزّى - إلا صبيّ .فاستحضره فلمّا لحظ إليه نظر إلى أشياء من جسده قد كان يعرفها من صفته، فلمّا تفرّقوا قال : يا غلام أتخبرني عن أشياء أسألك عنها؟ قال : سل.

قال : أنشدك واللات والعزّى إلا أخبرتني عمّا أسألك عنه - وإنّما أراد أن

ص: 73


1- عند البحار : 171/15 . و روی مثله با ختلاف يسير الصدوق في كمال الدين:196/1ح 39، والقمي في تفسيره : 349 عنها البحار : 269/15 ح 15

يعرف لأنّه سمعهم يحلفون بهما - فذكروا أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال له : لاتسألني باللات والعزّى، فانّي و الله لم أبغض بضهما شيئاً قطّ .

قال : فباللّه إلاّ أخبرتني عمّا أسألك عنه ؟ قال : فجعل يسأله عن حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يخبره ، فكان يجدها موافقة لما عنده .

فقال له: اكشف عن ظهرك . فكشف عن ظهره ، فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الموضع الّذي يجده عنده ، نأخذه الأفكل - وهو الرعدة - واهتزّ الديراني.

فقال : من أبو هذا الغلام؟ قال أبو طالب : دو ابني. قال: لا والله لا يكون أبوه حيّاً. قال أبو طالب : إنّه ابن أخي.

قال : فما فعل أبوه ؟ قال : مات و هو ابن شهرين. قال :صدقت.

قال: فارجع بابن أخيك إلى بلادک، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأته وعرفوا منه الّذي عرفت ليبغينّه شرّاً.

فخرج أبو طالب فردّه إلى مكّة .(1)

131- ومنها : أنّ زبیراً(2) وتمّاماً(3) و إدريساً(4) كانوا نفراً من أهل الكتاب قد كانو ارأوا من علامة رسول الله مثل مارأي بحيرا فذكرهم بالله مايجدون من ذكره و صفته و أنّهم اجتمعوا على ما أرادوا ، فعرفوا ما قال وصدّقوه و انصرفوا فذكر هم أبو طالب في قصيدة .(5)

ص: 74


1- عنه البحار : 214/15 ح 28 ورواه ابن هشام في السيرة : 191/1 ، والبيهقي في دلائل النبوة : 26/2 . والسیوطی في الخصائس الكبرى : 208/1
2- و في سيرة ابن هشام : « زریراً »
3- كذا في المصادر . وهو غير واضح في النسخ
4- في المصادر «دریساً»
5- رواه في دلائل النبوة: 29 /2 ، وابن هشام في السيرة: 194/1 ، والخصائص: 210/1

فصل

ونذكر هاهنا شيئاً ممّا في الكتب المتقدّمة من ذكر نبيّنا، و كيف بشرّت الأنبياء به قبله بألفاظهم :

منها الفاظ التوراة في هذا الباب في السفر الأول منه :

«إنّ الملك نزل على إبراهيم فقال له : إنّه يولدفي هذا العالم لك غلام اسمه إسحاق. فقال إبراهيم : ليت إسماعيل يعيش بين أيديك بخدمتك . فقال الله لابراهيم : لك ذلك، قد استجبت في اسماعيل، و إنّي أبرکه و آمنه و أعظّمه بما استجبت فيه » .

و تفسير هذا الحرف : محمد صلی الله علیه و آله و سلّم.

[وفيه أيضاً مكتوب : «و أمّا ابن الأمة فقد بارکت عليه جداً جّداً ](1)و یلد إثني عشر عظيماً، وأصيّره لامّة كثيرة».

و قال في التوراة :«إنّ الملك نزل على هاجر - أمّ إسماعيل - و قد كانت خرجت مغاضبة لسارة وهي تبكي، فقال لها: ارجعي واخدمي مولاتك، و اعلمي أنّك تلدين غلاماً یسمی إسماعيل، و هو يكون معظّماً في الامم، ویده على كلّ يد».

ولم يكن ذلك لاسماعيل ولا لأحد من ولده غير نبيّنا صلی الله علیه و آله و سلّم .

وقال في التوراة : «إنّ إبراهيم لمّا خرج باسماعيل وأمّه هاجر أصابهما عطش فنزل عليهما ملك وقال لها: لا تهاوني بالغلام، و شدي يديك به ، فانّي أريد أن أصيّره لأمر عظيم » .

فان قيل : هذا تبشير بملك و ليس فيه ذكر نبوّة.

قلنا : الملك ملكان : ملك كفر وملك هدى ، و لا يجوز أن يبشّر اللّه إبراهيم علیه السلام و هاجر بظهور الكفر في ولدهما ويصفه بالعظم .

ص: 75


1- من مجمع البيان والبحار . والمراد ب «ابن الامة» اسماعیل (ع)

وقال في التوراة :« أقبل من سيناء، وتجلّی من ساعیر(1) وظهر من حنبل فاران»(2)«فسيناء» جبل كلّم الله عليه موسی.

«وساعیر» هو الجبل الذي بالشام كان فيه عیسی، و جبل « فاران » مكّة .

وفي التوراة : « إنّ إسماعيل سكن بريّة فاران، ونشأ فيها ، وتعلّم الرمي » فذكر الله فاران مع طور سيناء، وساعير التي جاء منها بأنبيائه - و مجيء الله إتيان دينه وأحكامه - و فقد ظهر دين الله من مكّة وهی فاران ، فأتمّ الله تعالى هذه المواعد لابراهيم علیه السلام بمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فظهر دين الله في مکّة بالحجّ إليها ، و استعلن ذكره بصراخ أصحابه بالتلبية على رؤوس الجبال و بطون الأودية ، و لم يكن موجز دأ إلا بمجيء محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ، وغيره من ولد إسماعيل عبّاد أصنام ، فلم يظهر الله بهم تبجيله .

ويدل على تأويلنا ما قال في كتاب حیقوق : «سيّد يجيء من اليمن مقدس من جبل فاران يعطي السماء بهاءاً ، و يملا الأرض نوراً ، ويسير الموت بين يديه ، و ينقر الطير بموضع قدميه» .

وقال في كتاب حزقيل النبيّ لبني إسرائيل: « إنّي مؤيّد [بني] قيدار بالملائكة - و قیدار جدّ العرب ابن إسماعيل لصلبه - وأجعل الدين تحت أقدامهم فيدينونكم بدينهم ، ويهمشون(3) أنفسكم بالحميّة و الغضب . ولاترفعون أبصاركم و لاتنظرون

ص: 76


1- قال الحموي في معجم البلدان : 171/ : في التوراة اسم لجبال فلسطين ... و هو من حدود الروم وهو قرية من الناصرة بين طبرية وعكا . وذكره في التوراة : «جاء من سینا » يريد مناجاته لموسى على طور سينا «و أشرق من ساعیر» اشارة الى ظهور عیسی ابن مريم عليه السلام من الناصرة « و استعلن من جبال فاران » وهي جبال الحجاز ،يريد النبی صلی الله علیه و آله ، و هذا في الجزء العاشر في السفر الخامس من التوراة
2- قال الحموي في معجم البلدان : 225/4 : « كلمة عبرانية معربة و هي من أسماء مكة ذكرها في التوراة . قيل : هو اسم لجبال مكة » ثم ذكر نص التوراة المذكور. وذكر هذا النص في مجمع البیان : 487/4 ، عنه البحار : 177/15
3- الهمش : الكلام والحركة . (العين : 405/3)

إليهم ، وجميع رضاي يصنعونه بكم» .

وإنّ محمّداً صلی الله علیه و آله و سلّم أخرج إليهم من أطاعه من بني قيدار فيقتل مقاتليهم ، وأيّدهم الله بالملائكة في بدر والخندق و خیبر .

وقال في التوراة في السفر الخامس :

«إنّي أقيم لبني إسرائيل نبيّاً من إخوتهم مثلك ، و أجعل كلامي على فمه».(1)

-وإخوة بني إسرائيل ولد إسماعيل - و لم يكن في بني إسماعيل(2) نبي مثله موسی ولا أتي بكتاب ككتاب موسی غیر نبيّنا صلی الله علیه و آله و سلّم .

ومن قول حیقوق النبي، ومن قول دانیال: «جاء [به] اللّه من اليمن، والتقديس من جبال فاران ، فامتلات الأرض من تحميد أحمد وتقديسه ، وملك الأرض بهيبته» .

وقال أيضاً : «يضيء لنوره الأرض(3) وتحمل خيله في البرّ والبحر».

وقال، أيضاً : «ستنزع في قبيلك أغراقاً، و تر توي السهام بأمرك يا محمّد ارتواءاً » وهذا إيضاح باسمه ، وصفاته .

وفی کتاب شعيا النبي : «عبدي خيرتي [من خلقي] رضي نفسي أفيض عليه روحي» أو قال : «أنزل فيظهر في الامم عدلي ، لايسمع صوته في الأسواق ، يفتح العيون العور ، و يسمع الآذان الصمّ ، ولايميل إلى اللهو، ركن المتواضعين ، وهو نورالله الّذي لايطفأ حتّى تثبت في الأرض حجّتي ، وينقطع به العذر» وقال في الفصل الخامس : «أثر سلطانه على كتفه» يعني علامة النبوة ، و كان على كتفه خاتم النبوة.

ص: 77


1- وذكره أيضاً في مجمع البیان : 487/4 ، عنه البحار: 177/15 و فيه : «و أجعل کلامی في فيه ، فيقول لهم كل ما أوصيه به»
2- كذا في البحار وهو الصحيح . وفي النسخ : اسرائیل
3- «يضيء له نور» ط ، ه

وأعلامه في الزبور :

قال داود علیه السلام في الزبور : «سبّحوا الرب تسبيحاً حديثاً، و ليفرح إسرائيل بخالته ونبوة صهيون ، من أجل أنّ الله اصطفى له أمّته، وأعاد النصر ، وسدّد الصالحين منهم بالكرامة، يسبّحونه على مضاجعهم، وبأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم الله تعالى من الامم الّذين لايعبدونه» .

وفي مزمور آخر من الزبور : « تقلّد أيّها الخيار السيف ، فانّ ناموسک وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك ، وسهامك مسنونة ، والامم يجرّون تحتك» .

وفي مزمور آخر : «إنّ الله أظهر من صهيون إكليلا محموداً» :

ضرب الاكليل مثلا للرئاسة والامامة ، و «محمود» هو محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم .

وذكر أيضاً في صفته : « ويجوز من البحر إلى البحر من لدن الأنهار إلى مقطع الأرض ، وإنّه ليجر(1) أهل الخزائن بين يديه ، تأتيه ملوك الفرس ، و تسجد له ، وتدين له الامم بالطاعة ، ينقذ الضعيف ، ويرق بالمساكين».

وفی مزمور آخر : «اللّهم ابعث جاعل السنّة كي يعلم الناس أنّه بشّر».

هذا إخبار عن محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم يخبر الناس عن أنّ المسيح بشر .

وفی کتاب شعيا النبی :«قيل لي: قم نظاراً فانظر ماذا ترى فيخبّر به .

فقلت: أری راكبين مقبلين: أحدهما على حمار، والآخر على جمل، يقول أحدهما لصاحبه: سقطت بابل و أصنامها» .

فكلّ أهل الكتاب يؤمن بهذه الكنب ، وتنفرد النصاری بالاتجيل .

وأعلامه في الانجيل :

«قال المسيح للحواريّين : أنا أذهب و سيأتيكم الفارقلیط روح(2) الحقّ الذي لا يتكلّم من قبل نفسه، إنّما هو كما يقال له ويشهد عليّ وأنتم تشهدون ، لأنّكم معه

ص: 78


1- «ليخبر » ط ، ه
2- «بروح» ط ، ه والبحار

من قبل الناس، و كلّ شيء أعده اللّه لكم يخبركم به».

وفي حكاية يوحنا عن المسيح قال : «الفارقلیط لايجيئكم ما لم أذهب ، فاذا جاء وبخ العالم على الخطيئة ، ولا يقول من تلقاء نفسه، ولكنّه يكلّمكم مما(1) یسمع و سیؤتيكم بالحقّ ، وبخبركم بالحوادث والغيوب» .

وقال في حكاية اخرى :

«الفارقلیط روح الحقّ الذي يرسله باسمي ، هو يعلّمكم كلّ شيء » .

وقال : إنّي سائل ربّي أن يبعث إليكم فارقلیط آخر يكون محكم إلى الأبد وهو يعلّمكم كلّ شيء».

و قال في حكاية اخرى : «ابن البشر ذاهب، والفارقلیط يأتي بعده ، يحيي لكم الأسرار ، و يفسّر لكم كلّ شيء ، وهو يشهد لي كما شهدت له ، فانّي أجیئکم(2)بالأمثال، وهو يجيئكم(3) بالتأويل» .

و من أعلامه في الانجيل : « أنّه لمّا حبس يحيى بن زكريا ليقتل ، بعث بتلاميذه إلى المسيح وقال لهم : قولوا : أنت هو الآتي ؟ أو نتوقّع غيرك ؟فأجابه المسيح وقال : الحق اليقين أقول لكم : إنّه لم تقم النساء عن أفضل من يحيى بن زكريّا، وإنّ التوراة و كتب الأنبياء يتلو بعضها بعضاً بالنبوّة والوحي حتّى جاء يحيى ، فأمّا الآن فان شئتم فاقبلوا أنّ «الاليا» متوقّع(4) على أن يأتي ، فمن كانت له أذنان سامعتان فليسمع» .

روي أنّه كان فيه : « إنّ أحمد متوقّع ...» فغيّروا الاسم و جعلوه «إليا» كقوله : «يحرفون الكلم عن مواضعه»(5) و«إليا» هو عليّ بن أبي طالب علیه السلام.

ص: 79


1- «فما» ه،م
2- كذا في البحار ، وفي النسخ «احیکم»
3- في النسخ «يحيكم»
4- «مزمع» م، ه
5- سورة النساء : 46وسورة المائدة : 13

و قيل : إنّما ذكر « إليا » لأنّ عليّاً علیه السلام كان قدّام محمّد صلی الله علیه و آله و سلم في كلّ حرب وفي كلّ حال حتی تقوم القيامة [فانه صاحب رايته].

وإسم محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم عندهم بالسريانية «مشفّحاً» ومشفّح هو محمّد صلی الله علیه و آله و سلم بالعربيّة وإنّهم يقولون : «شفح لالاها» إذا أرادوا أن يقولوا «الحمدللّه»

وإذا كان «الشفّح» «الحمد» فمشفّح محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم .

وفي كتاب شعيا في ذكر الحج :

«ستمتلىء البادية فتصفر لهم(1) من أقاصي الأرض ، فاذا هم سراع يأتون، يبثّون تسبيحه في البحر والبرّ ، يأتون من المشرق کالصعيد كثرة».

وقال شعيا : قال الرب : ها أناذا مؤسّس بصهيون من بيت اللّه حجراً (و في رواية: مكرمة) فمن كان مؤمناً فلايستعجلنا» .

وقال دانيال في الرؤيا التي رآها بخت نصر ملك بابل، وعبرها:

«أيّها الملك رأيت رؤياً هائلة، رأيت صنماً بارع الجمال، قائماً بين يديك، رأس: من الذهب، وساعده من الفضّة، وبطنه وفخذه نحاس، وسلاه حديد، و بعض رجليه خزف.

ورأيت حجراً صك رجلي ذلك الصنم فدقهما دقّاً شديداً، فتفتت ذلك الصنم كلّه حدیده و نحاسه و فضّته و ذهبه ، وصار رفاتاً كدقاق البيدر، و عصفته الريح فلم يوجد له أثر، و صار ذلك الحجر الذي دق الصنم جبلا عالياً امتلات منه الأرض كلها ، فهذه رؤياك ؟ قال : نعم».

ثم عبّرها له فقال : « إنّ الرأس الذي رأيته من الذهب مملكتك ، فتقوم بعدك ومملكة أخرى دونك ، والمملكة الثالثة التي تشبه النحاس تتسلّط على الأرض كلّها والمملكة الرابعة قوّتها قوّة الحديد كما أن الحديد يدق كلّ شيء و أمّا الرجل الذي كان بعضها من حديد ، وبعضها من خزف ، فانّ بعض تلك

ص: 80


1- أي تدعوهم ، وفي «ط ، ه ، خ ل البحار» فيظفر بهم . والظاهر أنها تصحيف

المملكة يكون عزاً، وبعضها يكون ذلا ، وتكون كلمة أمل المملكة متشتّتة ، ويقيم إله السماء في تلك الأيام ملكاً عظيماً دائماً أبديّاً، لا يتغيّر ولايتبدّل ولايزول ، ولايدع لغيره من الامم سلطاناً ، ويقوم هو دهر الداهرین» .

فتأويل الرؤيا مبعث محمد صلی الله علیه و آله و سلم تمزّقت الجنودلنبوّ ته، ولم تنتقض مملكة فارس لأحد قبله، و كان ملكها أعز ملوك الأرض وأشدّها شوكة، وكان أوّل ما بدأ فيه انتقاص قتل « شیرو به بن أبرويز » أباه، ثمّ ظهر الطاعون في مملكته وهلك فيه، ثمّ هلك ابنه « أردشير » ثمّ ملك رجل لم يكن من أهل بيت الملك فقتلته « بوران بنت کسری » ثمّ ملك بعده رجل يقال له: «کسری بن قباد» ولد بأرض الترك، ثمّ ملكت « بوران بنت کسری ».

فبلغ رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم مملكتها فقال: «لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى إمرأة» .

ثمّ ملكت ابنة أخرى لكسری فسمّت وماتت، ثمّ ملك رجل ثمّ قتل .

فلمّا رأى أهل فارس ما هم فيه من الانتشار أمّر إبن لكسرى يقال له : «یزدجرد» فملّكوه عليهم، فأقام بالمدائن على الانتشار ثماني سنين ، وبعث إلى الصين بأمواله وخلّف أخاً بالمدائن لرستم فأتى لقتال المسلمين ، و نزل بالقادسيّة، و قتل بها، فبلغ ذلك يزدجرد، فهرب إلى سجستان فقتل هناك .

وقال في التوراة : « أحمد عبدي المختار ، لا فظ ، ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، و لا يجزىء بالسيّئة السيئة ، و لكن يعفو و يغفر.

مولده بمكة ، و هجرته طيبة(1) و ملكه بالشام.

وأمته الحامدون، يحمدون الله على كلّ نجد(2) ويسبّحونه في كلّ منزل، ويقومون

ص: 81


1- «طابة» م و خ . قال الحموي في معجم البلدان : 53/4 : « طيبة : بالفتح ثم السكون ثم الباء موحدة ، وهو اسم لمدينة رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم، يقال لها: طيبة وطابة من الطيب وهي الرائحة الحسنة لحسن رائحة تربتها فيما قيل»
2- النجد : ما أشرف من الارض و ارتفع

على أطرافهم و هم رعاة الشمس(1) مؤذنهم في جوّ السماء ، صفّهم في الصلاة وصفّهم في القتال سواء، رهبان باللّيل ، أسد بالنهار ، لهم دوي كدوي النحل يصلّون الصلاة حيثما أدركتهم» .

أراد : أنّ اليهود كانت لا تقبل صلاتهم إلاّ فی کنائسهم، فوسّع الله علي هذه الامة أن يصلّوا حيثما أدركتهم الصلاة.

ومما أوحى الله الى آدم :« أنا الله ذوبكة، أهلها جيرتي، وزوارها و فدي و أضيافي أعمّره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجاً شعثاً غبراً، يعجّون بالتكبير والتلبية فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارني ، و هو وفدلي ، ونزل بي ، و حقّ لي أن أتحفه بکراماتي، أجعل ذلك البيت و ذکره، و شرفه و مجده، وسناه لنبي من ولدك يقال له «إبراهيم» أبني له قواعده، وأجري على يديه عمارته ، وأنبط(2) له سقايته ، وأريه حلّه وحرمه، أعلّمه مشاعره، ثمّ تعمره الامم و القرون حتّى ينتهي إلى نبيّ من ولدك يقال له : «محمّد و هو خاتم النبيّين ، فأجعله من سكّانه و ولاته».

و من أعلامه اسمه، لأنّ الله حفظ اسمه حتى لم يسم باسمه أحد قبله صيانة من الله لاسمه ، ومنع منه كما فعل بيحبی بن زکریا «لم نجعل له من قبل سمیّاً» .(3)و كما فعل بابراهيم وإسحاق ويعقوب وصالح وأنبياء كثيرة منع من تسمياتهم(4)قبل مبعثهم ليعرفوا به إذا جاءوا، و يكون ذلك، أحد أعلامهم.

132-و عن سراقة بن جعشم قال : خرجت رابع أربعة ، فلمّا قدمنا الشام نزلنا على غدير فيه شجرات، وقربه قائم(5) لديراني ، فأشرف علينا، قال: من أنتم ؟

قلنا : قوم من مضر . قال: من أيّ المضرين ؟ قلنا : من خندف. قال: أما إنّه سيبعث فيكم

ص: 82


1- المراد أنهم يرقبون الشمس لتعيين وقت الصلاة
2- النبط : الماء الذي ينبط من قعر البئر اذا حفرت . لسان العرب : 410/7
3- سورة مريم : 7
4- «مسمياتهم» ط
5- أى بناء

وشيكاً نبيّ اسمه « محمد » فلمّا صرنا عند أهلنا ولد لكلّ رجل منّا غلام فسمّاه « محمّداً صلی الله علیه و آله و سلم» . وهذا أيضاً من أعلامه(1)

133-ومنها: أن تبّع بن حسان صار إلى يثرب، وقتل من اليهود ثلاثمائة وخمسين رجلا صبراً، وأراد إخرابها ، فقام إليه رجل من اليهود له مائتان وخمسون سنة، فقال : أيّها الملك مثلک لا يقبل قول الزور، ولا يقتل علی الغضب ، وأنّك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية . قال : ولم؟

قال: لأنّه يخرج منها من ولد إسماعيل نبي يظهر من هذه البنية. يعني البيت الحرام.

فكفّ تبّع، ومضى يريد مكّة ومعه اليهود، و كسا البيت، وأطعم الناس، وهو القائل :

شهدت على أحمد أنّه *** رسول من الله باریء النسم

فلو مد عمري إلى عمره*** لکنت و زیراً له و ابن عم

ويقال : هو تبّع الأصغر، وقيل : الأوسط .(2)

134 - و منها : أنّه لمّا ولد النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قدمت حليمة بنت أبي ذؤيب في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء(3) بمکّة، قالت : فخرجت معهن على أتان(4) ومعي زوجي، ومعنا شارف(5) لنا ما تبض(6) بقطرة من لبن ، ومعي ولد ما يجد في ثدیی ما نعلّله(7) به ، وما ننام ليلنا جوعاً ، فلما لدمنا مکّة لم تبق منا إمرأة إلا عرض

ص: 83


1- من بداية الفصل الى هنا أخرجه عنه في البحار : 207 /15 -214 ح 26
2- عنه البحار : 214/15 ح27 ، واثبات الهداة : 375/1 ح 102 ، و نحوه في الكامل لابن الأثير: 417/1
3- الرضعاء : جمع رضيع ، والمراد هنا الاطفال الذين يطلب لهم أهلهم مرضعات
4- الاتان : هي الانثى من الحمير
5- الشارف: الناقة المسنة
6- بض الماء : أي سال قليلا قليلا
7- يقال : تعال الصی ثدي امه : أي امتص ما فيه من اللبن

عليها محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فكر هناد وقلنا : يتيم ، وإنما يكرم الظئر(1) الوالد، فكلّ صواحبي أخذن رضيعاً و لم آخذ شيئاً فلمّا لم أجد غيره رجعت إليه فأخذته، فأتيت به الرحل(2) فأمسيت و أقبل ثدياي باللبن حتى أرويته، و أرويت ولدي أيضاً ، و قام زوجي إلى شارفنا تلك يلمسها بيده فإذا هي حافل(3) فحلبها فأرواني من لبنها، و روی الغلمان، فقال :

يا حليمة لقد أصبنا نسمة مباركة. فبتنا بخير ، ورجعنا فركبت أتاني ثمّ حملت محمّداً صلی الله علیه و آله و سلّم معي، فوالّذي نفس حليمة بيده لقد طفت(4) بالركب حتّى أن النسوة يقلن : يا حليمة أمسكي علينا ، أهذه أتانك التي خرجت عليها؟! قلت: نعم. قلن: ما شأنها؟ قلت: حملت غلاماًمباركاً، و يزيدنا الله كل يوم و ليلة خيراً حتی و البلاد قحط. والرعاة يسرحون ثمّ يريحون، فتروح أغنام بني سعد جياعاً وتروح غنمي شباعاً بطاناً حفّلا، فنحلب و نشرب.(5)

ص: 84


1- أي المرضعة
2- الرحل: ما يستصحبه المسافر معه من الاثاث والمنا ع في سفره
3- الحافل : الممتلئة الضرع من اللبن ، والحفل : اجتماع اللبن في الضرع
4- الطف والطفاف من الخيل : السريع الخفيف
5- عنه البحار : 331/15 ح 1 ، ورواه مفصلا ابن هشام في السيرة : 1/ 172 ، والبیهقی في دلائل النبوة : 133/1 - 136 ، وأبو نعيم في دلائل النبوة : 111، و ابن الجوزی في الوفا : 108/1 ، وابن كثير في البداية والنهاية : 273 /2

(فصل)من روايات الخاصة

135- فمن معجزاته أن الصادق علیه السلام قال : نشأ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في حجر أبي طالب حتى [إذا] بلغ قريباً من العشرين سنة ، قال :

يا عمّ إني أرى في المنام رجلا يأتيني ومعه آخر(1) فيقولان: «هو هو، فاذا بلغ فشأنك به» و الرجل لا يتكّلم، ثمّ قال:

يا عمّ إني قد رأيت الرجل - الذي كنت أراه في المنام - قد ظهر لي فانطلق به أبو طالب إلى عالم كان بوادي مكّة يتطبّب،فصوّب الرجل فيه بصره وصعد، و أخبره رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بما يرى .

فقال الطبيب : یابن عبد مناف إنّ لابن أخيك شأناً ، إنّما هذا الذي يجد ابن أخيك الناموس [الأكبر] الذي يجده الأنبياء.

136- ومنها : أنّ أبا عبد الله ، قال : لمّا بلغ رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم أربعين سنة قال:سمعت صوتاً من السماء : يا محمّد أنت رسول الله و أنا جبرئیل ، ولمّا تراءى له جبرئیل بأعلى الوادي ، و عليه جبّة سندس، أخرج له درنو كاً من درانيك الجنة، و أجلسه عليه ، و أخبره أنّه رسول الله ، و أمره بما أراد ، ثم قال : أنا جبرئيل، و قام .

فلحق محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم بالغنم ، و كان يرعى غنم عمّه أبي طالب .

قال: فما من شجرة ولا مدرة إلاّ سلّمت عليّ و هنّأتني.(2).

137- ومنها : أنّ جبرئيل أتاه و هو بأعلى مكّة ، فغمز بعقبة في ناحية الوادي فانفجرت عين، فتوضّأ ليريه كيف و ضوء الصلاة، ثم تطّهر رسول الله ، ثم صلّی جبرئیل

ص: 85


1- كذا في الاصل، والظاهر أنها «آخران»
2- أورد قطعة منه في ثاقب المناقب :36(مخطوط) عن الباقر عليه السلام ، مثله

وصلّی رسول اللّه، و إنّها الظهر، فهي أوّل صلاة افترضت .

فرجع رسول الله إلى خديجة، فأخبرها، فتوضأت وصلّت .(1)

138 - ومنها: أنّ أبا جعفر علیه السلام قال : إن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا أسري به نزل جبرئیل علیه السلام بالبراق،وهو أصغر من البغل ،و أكبر من الحمار ، مضطرب الاذنين، عيناه في حوافره خطاه مدّ بصره، له جناحان يحفزانه(2) من خلفه، عليه سرج [من] یاقوت ، فيه من كل لون، أهدب العرف(3) الأيمن، فوقّفه على باب خديجة، ودخل على رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فمرح(4) البراق، فخرج إليه جبرئيل علیه السلام فقال: اسكن فانّما يركبك [خير البشر ] أحبّ خلق الله إليه. فسكن .

ثم خرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فر کب ليلا، وتوجّه نحو بيت المقدس، فاستقبل شیخاً، فقال جبرئيل علیه السلام : هذا أبوك إبراهيم. فثنّى رجله وهم بالنزول، فقال جبرئيل علیه السلام : كما أنت.

فجمع من شاء الله من أنبيائه ببیت المقدس، فأذّن جبرئيل ، فتقدم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فصلّى بهم.

ثم قال أبو جعفرعلیه السلام في قوله : «فان كنت في شكّ ممّا أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك» هؤلاء الأنبياء الذين جمعوا «[ لقد جاءك الحق من ربّك] فلا تكوننّ من الممترين»(5) قال: فلم يشك رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ولم يسأل .(6).

139- وفي رواية اخرى : أن البراق لم يكد يسكن لركوب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الا

ص: 86


1- أورد مثله في اثبات الوصية : 114 مرسلا
2- قال ابن الاثير في النهاية : 407/1 : الحفر : الحث والاعجال ، ومنه حديث البراق «وفي فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه»
3- أهدب العرف أي طويله وكثيره ، مرسلا من الجانب الايمن
4- المرح : شدة الفرح والنشاط
5- سورة يونس : 94
6- عنه البحار : 379/ 18 ح 84. و نحوه في صحيفة الرضا عليه السلام : 154 ح 95 . وروى مثله باختلاف في علل الشرائع : 130 ح 2 باسناده عن أحدهما عليهما السلام في تفسيره للاية المذكورة، عنه البحار : 87 /17 ح16

بعد شرطه أن يكون مركوبه يوم القيامة .(1).

140-ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا رجع من السری(2) نزل علی أم هاني بنت أبي طالب فأخبرها، فقالت: بأبي أنت وأمّي ، و الله لئن أخبرت الناس بهذا ليكذّبنّك من صدقك وكان أبو طالب قد فقده تلك الليلة فجعل يطلبه ، و جمع بني هاشم ، ثمّ أعطاهم المدي(3) و قال لهم : إذارأيتموني قد دخلت و ليس معي محمد ، فلیضرب كل رجل منكم جليسه و الله لانعيش نحن ، ولاهم ، و قد قتلوا محمّداً .

فخرج في طلبه و هو یقول : يا لها عظيمة إن لم يواف رسول الله مع الفجر . فتلقّاه على باب أم هاني حين نزل من البراق، فقال : يا ابن أخي، أنطلق فادخل بين يدي المسجد و سلّ سيفه عند الحجر وقال: يا بني هاشم أخرجوا مداكم.

فقال : لو لم أره ما بقي منكم شفر(4) أو عشنا ، فاتّقته قريش منذ يوم أن يغتالوه .

ثم حدّ ثهم محمد صلی الله علیه و آله و سلّم، فقالوا: صف لنا بیت المقدس . قال: إنّما. دخلته ليلا فأتاه جبرئيل فقال: انظر إلى هناك. فنظر إلى البيت، فوصفه و هو ينظر إليه، ثمّ نعت لهم ما كان لهم من غير ما بينهم وبين الشام .(5)

141-ومنها : أنّ قريشاً كلّهم اجتمعوا، و أخرجوا بني هاشم إلي شعب أبي طالب ومكثوا فيه ثلاث سنين إلا شهراً ، و أنفق أبو طالب وخديجة جميع مالهما، ولا يقدرون على الطعام(6) إلاّ من موسم إلى موسم، فلقوا من الجوع والعرى ا الله أعلم به

وأنّ الله بعث على صحيفتهم الأرضة، فأكلت كلّ ما فيها إلا اسم الله فذكر ذلك رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لأبي طالب، فماراع قريشاً إلا و بنو هاشم عنقا(7) واحداً

ص: 87


1- عند البحار : 379
2- «السري» البحار . وكلاهما بمعنى السير في الليل ، والمراد هنا الاسراء
3- المدى : جمع مدية ، وهي السكين أو الشفرة الكبيرة
4- «سفر» البحار، وهو تصحيف. و شفر أي أحد، وما في الدار شفر: أي ليس فيها أحد
5- عنه البحار: 82/35 ح 25
6- «الاطعام » م و ه و ط
7- العنق: الجماعة

قد خرجوا من الشعب.

فقال قریش : الجوع أخرجهم. فجاؤوا حتى أتوا الحجر،وجلسوا فیه، و كان لايقعد فيه إلاّ فنيان(1) قریش . فقالوا: يا أبا طالب قد آن لك أن تصالح قومك .

قال: قدّ جئتكم بخبر ، ابعثوا إلى صحيفتكم لعلّه أن يكون بيننا وبينكم صلح .

قال: فبعثوا إليها وهي عند أم أبي جهل ، و كانت قبل في الكعبة، فخافوا عليها السرق فوضعت بين أيديهم، وخراتیمهم عليها .

فقال أبو طالب : هل تنكرون منها شيئاً ؟ قالوا: لا. قال : إنّ ابن أخي حدّثني - ولم يكذّبني قط - أنّ الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضة، فأكلت كل قطيعة و إثم ، و تركت كلّ اسم هو لله، فإن كان صادقاً، أقلعتم عن ظلمنا، وإن يكن كاذباً ندفعه إليكم فقتلتموه.

فصاح الناس : نعم(2) يا أبا طالب. ففتحت ثمّ أخرجت فإذا هي مشربة(3) كما قال صلی الله علیه و آله و سلّم فكبّر المسلمون وانتقعت (4) وجوه المشركين .

فقال أبو طالب: أتبيّن لكم أيّنا(5) أولى بالسحر و الكهانة ؟ فأسلم يومئذ عالم من النّاس، ثمّ رجع أبو طالب إلى شعبه ، ثم عيّرهم هشام بن

ص: 88


1- «مسان» م و ه و ط و خ ل، ولم نجد لها معنى في المعاجم اللغوية، والظاهر أنها تصحيف فتيان» أو صبيان». وفي البحار : «لا يقعد فيه صبيان قریش»
2- «أنصفتنا » ه وط و البحار
3- كذا في جميع النسخ والبحار ، و لم نجد لها معنى مناسباً في هذا الموضع من الكلام. ولكن قد يكون مشتقة من قول ابن منظور في لسان العرب : 493/1 مادة «شرب» : «ويقال : مازال فلان على شربة واحدة أي على أمر واحد ». انتهی أي : أنّ الصحيفة اخرجت على الامر الذي قاله صلى الله علیه و آله
4- «امتقعت» البحار. و كلاهما بمعنی تغیر أو اختطاف لون الوجه من حزن أو فزع أو ريبة
5- «نبينا» م وه

عمرو العامريّ بما صنعوا ببني هاشم .(1).

142 -ومنها : أنّه صلّی الله علیه و آله و سلّم كان يصلّي مقابل الحجر الأسود، و يستقبل الكعبةو يستقبل بیت المقدس ، فلا يرى حتّى يفرغ من صلاته ، و كان يستقر بقوله تعالی :

«وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا »(2) وبقوله: «أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ »(3).

و بقوله : «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا »(4)

و بقوله : «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً »(5) .(6)

143- ومنها: أنّ رجلا أتى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال: إنّي خرجت و امرأتي حائض ورجعت و هي حبلى ! فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : من تتّهم؟ قال: فلاناً وفلاناً. قال: ائت بهما. فجاء بهما فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إن يكن من هذا فسيخرج قططاً(7) كذا و كذا. فخرج كما قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم (8).

144- و منها: أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بعث إلى يهودي يسأله قرض شيء له ، ففعل ثم جاء اليهودي إليه فقال: جاءتك حاجتك؟ قال : نعم ، ثم قال : فابعث فيما أردت ولاتمتنع من شيء تريده . فقال له النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : أدام الله جمالك .

فعاش اليهودي ثمانين سنة مارؤي في رأسه طاقة شعر بيضاء(9).(10)

ص: 89


1- عنه البحار : 16/19 ح8 وأخرج نحوه في الخصائص الکبری : 1/ 374 عن البيهقي وأبی نعیم من طریق موسی ابن عقبة عن الزهري وص376 عن ابن سعد . یأتی نحوه في الحديث 230
2- سورة الاسراء : 45
3- سورة النحل : 108
4- سورة الأنعام : 25 والاسراء : 46
5- سورة الجاثية : 23
6- عنه البحار : 58/ 18 ح 15
7- قططاً : قصير الشعر وجعده
8- عنه البحار : 114 /18 ح 19
9- كذا في البحار، و في الاصل بياض
10- عنه البحار : 15/18 ح 41

145- ومنها: أنّ أبا عبد الله علیه السلام قال : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان يسير في بعض مسيره قال لأصحابه: يطلع عليكم من بعض هذه الفجاج شخص لیس له عند بأنيس(1) منذ ثلاثة أيام .

فما لبثوا أن أقبل أعرابيّ قد يبس جلده على عظمه ، و غارت عيناه في رأسه و اخضر ت شفتاه من أكل البقل . فسأل عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم في أوّل الرفاق(2) حتّى لقيه فقال له: أعرض عليّ الأسلام .

فقال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي محمّد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم . قال: أقررت .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : تصلّي [الصلوات] الخمس، وتصوم شهر رمضان. قال: أقررت .(3).

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : تحجّ البيت [الحرام]، و تؤدّي الزكاة، وتغتسل من الجنابة . قال: أقررت.

فتخلّف بعير الأعرابي ، و وقف النبی صلی الله علیه و آله و سلّم فسأل عنه ، فرجع الناس في طلبه فوجدوه في آخر العسكر قد سقط خف بعيره في حفرة من حفر الجرذان، فسقط فاندق عنق الأعرابي، و عنق البعير وما ميّتان .

فأمر النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فضربت خيمة فغسّل فيه، ثمّ دخل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فكفّنه، فسمعوا للنبي صلی الله علیه و آله و سلّم حركة، فخرج و جبينه يترشّح عرقاً، وقال :

إنّ هذا الأعرابي مات وهو جائع، وهوه ممّن آمن ولم يلبس إيمانه بظلم. فابتدرته الحور العين بثمار الجنّة يحشون بهاشدقه ، هذه تقول :یا رسول الله اجعلني في أزواجه، وهذه تقول: يارسول الله اجعلني في أزواجه.(4).

146 - ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم كان يخرج في الليلة ثلاث مرات إلى المسجد ويخرج في آخر ليلة، و كان يبيت عند المنبر مساکین، فدعا بجارية تقوم على نسائه فقال:

ص: 90


1- «ابليس» م والبحار
2- «الزقاق» س وخ ل، «الزمان» ط وه
3- « نعم » س . و كذا ما بعد ما
4- عنه البحار : 75 / 22 ح 27 وج 282/68 ح 38

إنتيني بما عندكم. فأتته ببرمة(1) ليس فيها إلاّ شيء يسير ، فوضعها .

ثم أيقظ عشرة وقال: كلوا باسم اللّه. فأكلوا حتّى شبعوا، ثم أيقظ عشرة، فقال: کلوا باسم اللّه . فأكلوا حتى شبعوا [ثمّ] هكذا، و بقي في القدر بقيّة فقال : إذهبي بهذا إليهم.(2)

147- ومنها : أن رمان جاء إلى رسول الله فقال : ما طعمت طعماً ، منذ يومين فقال: عليك بالسوق . فلمّا كان من الغد أتاه(3) فقال: يا رسول الله أتيت السوق أمس فلم أصب شيئاً ، غبت بغير عشاء .

قال: فعليك بالسوق. فأتي بعد ذلك أيضاً. فقال صلی الله علیه و آله و سلّم: عليك بالسوق .

فانطلق إليها فاذا عير قد جاءت و عليها متاع، فباعوه بفضل دینار(4)

فأخذه الرجل وجاء إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و قال: ما أصبت شيئاً .

قال: هل أصبت من عير آل فلان شيئاً؟ قال: لا.

قال: بلی ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار ؟

قال: نعم. قال : فما حملك على أن تكذب ؟ قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم : أتعلم ما يعمل الناس؟ [وأن] أزداد خيراً إلى خير .

فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم: صدقت، من استغنى أغناه الله، ومن فتح علی نفسه باب مسألة فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر لا يسدّ أدناها شيء . فما رؤي سائل بعد ذلك اليوم .

ثمّ قال: إنّ الصدقة لاتحلّ لغنيّ ولا لذي مرّة سوي.(5)

ص: 91


1- البرمة : القدر من الحجر ، والجمع : يرم
2- عنه البحار : 30/18 ح 16
3- «دخل» البحار
4- «ففضل بدينار» البحار
5- انظر الوسائل ج 6 ص 159 و جامع الاحادیث الشيعة ج 8 ص 179ب 2 قال ابن الاثير في النهاية: 316/4 مادة «مرر»: فيه «لاتحل الصدقة لغني ولالذي مرة سوى .المرة : القوة و الشدة والسوى : الضحیح الاعضاء

أي: لا يحلّ له أن يأخذها وهو يقدر أن يكفّ نفسه عنها.(1)

148- ومنها:أنّ أبا جعفرعلیه السلام قال: بينا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يوماً جالساً ، إذقام متغيّر اللون فتوسّط المسجد، ثمّ أقبل يناجي، فمكث طويلا، ثمّ رجع إليهم ، فقالوا: یا رسول الله رأينا منك منظراً ما رأيناه فيما مضى .

قال: إنّي نظرت إلى ملك السحاب «إسماعيل» ولم يهبط إلى الأرض إلاّ بعذاب فوثبت مخافة أن يكون قد نزل في أمّتي بشيء، فسألته ما أهبطه؟ فقال: استأذنت ربّي في السلام عليك ، فأذن لي.

قلت: فهل أمرت فيها بشيء؟ قال: نعم في يوم كذا، في شهر كذا، في ساعة كذا فقام المنافقون وظنّوا أنّهم على شيء، فكتبوا ذلك اليوم، و كان أشد يوم حرّاً فأقبل القوم يتغامزون، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : لعليّ علیه السلام أنظر هل ترى في السماء شيئاً ؟ فخرج ثمّ قال: أرى في مكان كذا کھيئة الترس غمامة . فما لبثوا أن جلّلتهم سحابة سوداء ، ثمّ هطلت عليهم حتى ضجّ الناس .(2)

149-ومنها : أنّ أبا عبد الله علیه السلام قال: من الناس من لايؤمن إلا بالمعاينة و منهم من يؤمن بغيرها . إن رجلا أتى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: أرني آية .

فقال(3) بيده إلى النخلة، فذهبت يمنة ثم قال هكذا، فذهبت يسرة، فآمن الرجل.(4) 150- و منها: أنّ علياً علیه السلام بکی یوماً، وقال : ماتت أمّي. فنهض النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: هي والله أمي حقاً ، ما رأيت من عمّي شيئاً إلّا وقد رأيت منها أكثر منه. ثم صاح یا أم سلمة ! هذه بردتي فأزریها فیها وهذه قميصي فدرعيها فيها ، وهذا ردائي فادرجيها فيه ، فاذا فرغت من غسلها فأعلميني .

ص: 92


1- عنه البحار : 18/ 114 ح20
2- عنه البحار : 115/18 ح 21. تقدم نظيره في الحديث 109
3- أي : فأشار
4- عنه البحار : 377/17 ح 44

فأعلمته أمّ سلمة، فحملها على سریرها، ثمّ صلّي عليها، ثم نزل [لحدها] فلبث(1) ما شاء اللّه لا يسمع له [إلا] همهمة .

ثم صاح يا فاطمة !قالت: لبّيك يا رسول اللّه. قال: هل رأيت ما ضمنت لك.

قالت : نعم ، فجزاك اللّه عنّي في المحيا والمات أفضل الجزاء.

فلما سوّى عليها و خرج، سئل عنها فقال. : فرأت عليها يوماً «وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ »(2).

فقالت: یارسول اللّه ومافرادی؟ ، قلت : عراة. قالت : و اسوأتاه. فسألت اللّه ألا تبدي عورتها.

ثم سألتني عن منكر ونكير فأخبرتها [بحالهما] بأنّهما كيف يجيئان قالت: واغوثاه بالله منهما . فسألت الله أن لا يريهما إيّاها، و أن يفسح لهافي قبرها ، و أن يحشرها في أكفانها.(3)

151- ومنها : أنّ رجلامات، وإذا الحفّارون لم يحفروا شيئاً ، فشكوا إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم وقالوا: ما يعمل حديدنا في الأرضّ کما نضرب في الصفا .(4)

قال: ولم؟ إن كان صاحبكم لحسن الخلق، إئتوني بقدح من ماء : فأدخل يده فيه ثمّ رشّه على الارض رشّأ، فحفر الحفّارون فكأنّما رمل يتهايل عليهم .(5)

152 - ومنها : أنّ محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر علیه السلام : الرجل يكون في المسجد فتكون الصفوف مختلفة، فيها الناقصة ، فأميل إليه أسعی حتّی أتمسّه ؟

قال: لا بأس، إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال: ألا أيّها الناس، إنّي أراكم من خلفي كما أراكم من بين يديّ ، فلتقيمنّ صفوفكم، أو ليخالفنّ اللّه بين قلوبكم .(6)

ص: 93


1- «فمكث» م
2- سورة الانعام : 94
3- عند البحار : 232/ 6 ح 44 وعن بصائر الدرجات : 287 ح 9، باسناده عن أبي عبدالله عليه السلام ، مثله باختلاف . وأخرجه في البحار : 6/18 ح6 عن البصائر
4- الصفا : مقصورة الحجارة ، ويقال : الحجارة الملس ، الواحدة : صفاة
5- عنه البحار : 377 /17 ح 45
6- عنه البحار : 99/88 ح 71 وعن بصائر الدرجات: 19 ح2 باستناده عن أبي جعفر مثله و أخرجه في الوسائل : 5/ 72، ح 8 والبحار : 173 /16 ح 10 عن البصائر .تقدم نظيره في الحديث : 63

153- و منها : أنّ ابن الكوا قال لعليّ علیه السلام : بما كنت وصي محمّد من بين بني عبدالمطّلب ؟ قال :

أدن، ما الخير تريد(1). لمّا نزل على رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ »(2)

جمعنا رسول الله و نحن أربعون رجلا، فأمرني فأنضجت له رجل شاة ، و صاعاً من طعام ، أمرني فطحنته وخبزته ، و أمرني فأدنيته .

ثمّ قال : فقال : تقدّم عليّ عشرة عشرة من أجلّتهم. فأكلوا حتّی صدروا[وبقي الطعام كما كان] وإنّ منهم لمن يأكل الجذعة(3) و يشرب الفرق(4) نأكلوا منها كلهم أجمعون.

فقال أبو لهب : سحر کم صاحبكم، فتفرّقوا عنه .

ودعاهم رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم ثانية ثمّ قال: أيّكم يكون أخي ووصيّي و وارثي؟

ص: 94


1- «اذن ما الخبر تريد» البحار
2- سورة الشعراء:214
3- قال ابن الاثير في النهاية : 250/1 مادة «جذع» :وأصل الجذع من أسنان الدواب ، وهو ما كان منها شاباً فتياً . فهو من الابل ما دخل في السنة الخامسة ، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية . وقيل : البقر في الثالثة ، و من الضأن ما تمت له سنة ، وقيل : أقل منها . و منهم من يخالف بعض هذا التقدير
4- وقال في ج 437/3 مادة «فرق» : الفرق بالتحريك : مكيال يسع ستة عشر رطلا، وهي اثنا عشر مداً ، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. وقيل : الفرق : خمسة أقساط ، والقسط نصف صاع . فأما الفرق بالسكون : فمائة وعشرون رطلا . انتهى . أقول : هو كناية على أن أحدهم من حيث قوّته وقدرته يأكل ويشرب الی حدلا يتصور ولايصدق

فعرض عليهم كلّهم، و كلّهم يأبى حتّى انتهى إليّ وأنا أصغرهم سنّا[و أعمشهم(1) عيناً ، وأحمشهم(2) ساقاً].

فقلت : أنا . فرمى إليّ بنعله(3) فلذلك كنت وصيّه من بينهم.(4)

154- و منها : أن أبا عبد الله علیه السلام قال: قال عبد الله بن أميّة لرسول الله : إنّا لن نؤمن لك حتّى تأتينا بالله و الملائكة قبیلا ، أو يكون لك بيت من ذهب ، أو ترقی في السماء ، ولن نؤمن لرقيّك، والله لو فعلت ذلك ما كنت أدري أصدّقك أم لا.

فانصرف النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ثم نظروا في أمورهم، فقال أبو جهل :

ص: 95


1- في بعض المصادر : وأرمصهم عيناً . العمش : ضعف البصر مع سيلان الدمع .والرمص : وسخ أبيض في مجرى الدمع من العينين
2- حمش الرجل: صار دقيق الساقين . وهذه الصفات كنايات على أنه عليه السلام ، أصغرهم عمراً ، وأقلهم مكانة ، ولايعتد به ، و لا يؤخذ برأيه ، وقد اختاره الله تعالى من بينهم للوصاية دون غيره
3- كذا في النسخ والبحار . و العبارة لا تناسب مقام أمير المؤمنین علیه السلام ، وقد تكون مصحفة لكلمات اخرى. ومنها «بنفله». والنفل: العطية أو الغنيمة ، أو غير ذلك من الهبات
4- عنه البحار : 18/ 44 ح31. وروى هذا الحديث باختلاف الالفاظ من طرق الخاصة والعامة في كتبهم ومؤلفاتهم :فقد رواه في علل الشرائع : 170 ح 2، وفي تفسير القمي : 474 ، و في أمالي الطوسی:194/2 ، و في تفسير الفرات : 113، عنهم البحار : 178/18 ح 7 و 181ح11و191ح27 و 212 ح 41.وأورده في تأويل الآيات: 393/2 ح 19 و في مجمع البیان : 206/7 ورواه في مناقب أحمد: 161 ، وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنین علیه السلام: 84/1 -93 و في فرائد السمطين : 1/ 85 ح 55 ، وفي كفاية الطالب : 205، و في تفسير البغوی :400/3 . و للحديث مصادر عديدة و طرق مختلفة فراجع احقاق الحق : 60/4 -70 و ص352 و 353 و 383 و 384. وج 113/15 و 144 - 149 و 169 و 217 و 693 وغیرها

لئن أصبحت و هو قد دخل المسجد لأطرحن على رأسه أعظم حجر أقدر عليه .

فدخل رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم المسجد فصلّي ، و أخذ أبو جهل الحجر، و قریش تنظر فلما دنا رمي بالحجر من يده، وأخذته الرعدة . فقالوا : مالك ؟

قال : رأيت أمثال الجبال مقنّعين في الحديد لو تحرّكت أخذوني .(1).

155- و منها : أنّ أباعبداللّه علیه السلام قال : كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلّم يأتي مراضع فاطمة علیها السلام فيتفل في أفواههم، ثمّ يقول لفاطمة :لا ترضعيهم».(2).

156 - و منها : أن محمّد بن عبد الحمید روی عن عاصم بن حميد، عن يزيدابن خليفة، قال : كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام قاعداً ، فسأله رجل من القمّيين ، قال : أتصلّي النساء على الجنائز ؟ فقال :

إنّ المغيرة بن أبي العاص ادعى أنّه رمی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فکسر رباعيّته، وشقّ شفتيه، و کذب، وادّعى أنّه قتل حمزة ، و كذب.

فلمّا كان يوم الخندق ضرب على أذنيه(3) فنام فلم يستيقظ حتّى أصبح ، فخشي أن يجيء الطلب فيأخذوه، فتنكّر و تقنّع بثوبه، و جاء إلى منزل عثمان يطلبه، وتسمّی

ص: 96


1- عنه البحار : 58/18 ح16 . وأخرج نحوه في الخصائص الکبری : 315/1 من طريق مسلم ، عن أبي هريرة . وعن اسحاق، والبيهقي وأبی نعیم ، عن ابن عباس . والبخاري بنحو آخر عن ابن عباس وعن البزار والطبراني في الاوسط والحاكم والبيهقي وأبی نعیم عن ابن عباس، عن العباس
2- عنه البحار : 30/18 ح 17 وج 250/43 ح 25 والعوالم : 23/16ح3. و راجع العوالم : 21/17 باب رضاعه عليه السلام . وروى مثله باختلاف في دلائل النبوة :226 بطريقين عن اميمة
3- قال ابن الاثير في النهاية : 3/ 80: «فضرب على آذانهم» : هو كناية عن النوم ، ومعناه:حجب الصوت و الحس أن يلجأ آذانهم فينتبهوا، فكأنما قدضرب عليهم حجاب. انتهى. ومنه قوله تعالى : «فضر بنا على آذانهم» الكهف : 11

باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل والغنم والسمن .

فجاء عثمان فأدخله منزله وقال: ويحك ماصنعت؟ ادّعيت أنّك رمیت رسول اللّه وادّعيت أنّك شققت شفتيه، و کسرت رباعيّته ، وادّعيت أنّك قتلت حمزة.

وأخبره بما لقي، وأنّه ضرب على أذنه .

فلمّا سمعت ابنة النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم بما صنع بأبيها و عمّها صاحت، فأسكتها عثمان، ثم خرج عثمان إلى رسول الله وهو جالس في المسجد فاستقبله بوجهه وقال : يا رسول الله إنّك آمنت، عمّي المغيرة و كذب ؟ فصرف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وجهه عنه.

ثم اتقبله من الجانب الآخر فقال: يارسول الله إنّك آمنت عمّي المغير تو كذب؟ فصرف عنه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وجهه ثلاثاً .

ثمّ قال : قد آمنّاه وأجّلناه ثلاثاً ، فلعن الله من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتباً أو سقاً أو قربة أو أداوة(1) أو خفّاً أو نعلا أو زادة أو ماء.

قال عاصم : هذه عشرة أشياء، فأعطاها كلّها إبّاه عثمان . فخرج فسار على ناقته فنقبت، ثم مشى في خفّيه فنقبا ، ثم مشى في نعليه فنقبتا، ثم مشى على رجليه فنقبتا ، ثم جثا على ركبتيه فنقبتا، فأتى شجرة فجلس تحتها .

فجاء الملك فأخبر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بمكانه، فبعث إليه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم زيداً و الزبير(2) فقال لهما : إئتياه فهو في مكان كذا وكذا، فاقتلاه .

فلمّا إنتهيا إليه قال: زيد للزبير : إنّه ادعى أنّه قتل أخي، وقد كان رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم آخی بین حمزة و زيد فاتركني أقتله . فتر که الزبير ، فقتله .

ص: 97


1- «دلواً» ه ، والبحار . والاداوة : اناء صغير من جلد
2- في رواية الكافي : على علیه السلام وعمار و ثالث لهما

فرجع عثمان من عند النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم فقال لامرأته: إنّك أرسلتي إلى أبيك فأعلمتيه بمكان عمّي .

فحلفت له باللّه ما فعلت ، فلم يصدّقها فأخذ خشب القتب(1) فضربها ضرباً مبرحاً .

فأرسلت إلى أبيها تشكو ذلك وتخبره بماصنع: فأرسل إليها : إنّي لأستحيي للمرأة أن لا تزال تجر ذيولها تشكو زوجها.

فأرسلت إليه أنّه قد قتلني . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم لعلي علیه السلام : خذ السيف، ثم إئت بنت عمّك فخذ بيدها، فمن حال بينك وبينها فاضربه بالسيف .

فدخل عليها علي علیه السلام فأخذ بيدها ، فجاء بها إلى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم. فأرته ظهرها ،فقال أبوها: قتلها، قتله الله. فمكثت يوماً وماتت في الثاني، واجتمع الناس للصلاة عليها .

فخرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم من بيته وعثمان جالس مع القوم ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم:

من ألّم(2) بجاريته الليلة فلايشهد جنازتها. قالها مرّتين، و هو ساكت فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ليقومن أو لاسمّينه باسمه واسم أبيه. فقام يتوكأ على مهين(3)

قال: فخرجت فاطمة في نسائها ، فصلّت على أختها.(4)

ص: 98


1- «القيت» م وه وط. والقتب : جمعها أقتاب ، وهو رحل الدابة
2- ألم الشي : قربه ، وألم بجاريته : أي قاربها و واقعها راجع المصباح المنير : 559 ، والبحار : 3/78 (بیان) ويوافقه في هذا المعنى ما في رواية الكليني : قوله عليه السلام : «ملتحفاً بجاريتها»
3- قال ابن الاثير في اسد الغابة : 425/4 : مهین بن الهيثم بن ناجي بن مجدعة من آل الأسود بن أوس بن نابی لا عقب له . ذكره ابن اسحاق فيمن شهدا لعقبة. وذكره ابن منیع و جعفر المستغفري في الصحابة. أخرجه أبو موسی وقال المجلسى (رحمه الله) في توضيحه في البحار : 159/22 : و كان مهيناً اسم مولاه.ومما يعضده ما في رواية الكليني: «فأقبل عثمان متوكياً على مولى له»
4- عنه البحار:158/22 ح 19 وج 391/78 ح 57 ورواه بنحو آخر في الكافي: 251/3 ح 8 ، وفي التهذيب : 333/ 3 ح 69. وأخرجه في الوسائل: 818/2 ح 2 و البحار: 160/22 ح 22: ج 392/78 (بيان) عن الكافي

157- ومنها : ما رواه جابر بن یزید الجعفي، عن أبي جعفرعلیه السلام قال: مرّ رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم يوماً علي عليّ علیه السلام والزبير قائم معه يكلّمه فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ما تقول له؟ فوالله لتكونن أوّل العرب تنكث بيعته .(1)

158- ومنها : أنّ أبا بصبر روی ، عن أبي عبد الله علیه السلام: أنّه كان في المسجد الحرام ثلاثمائة وستّون صنماً ، و إن بعضها فيما يزعمون مشدود ببعضها بالرصاص. فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم کفّاً من حصى، فرماها في عام الفتح، ثم قال: « جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا » .(2) فما بقي منها صنم إلا خرّ لوجهه.

فأمر بها فاخرجت من المسجد، فطرحت و کسّرت .(3)

فلمّا دخل وقت صلاة الظهر أمر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بلالا، فصعد على الكعبة فقال عكرمة(4) : أكره أن أسمع صوت ابن رباح ينهق على الكعبة .

ص: 99


1- عند البحار : 116/18 ح 22
2- الاسراء :81
3- عنه البحار:117/21ح15 وعن الارشاد للمفید: 80. و روی نحوه في أمالي الطوسی 346/1 ، عند البحار :16/21 ح 11.وأورد نحوه في تأويل الآيات: 286/1 ح 26، و في كشف الغمة :498/2 ، وفي سعد السعود:220، و في مجمع البيان : 435/6 .ووردت الرواية في كتب التفاسير في ذيل الاية المذكورة بألفاظ مختلفة ومنها :في التبيان: 512/6 ، و في تفسير أبي الفتوح: 274/ 7 ، والبغوی : 2/ 133 و الطبری:152/15 ، والدر المنثور: 199/4 ، والكشاف: 537/2 ، وابن کثیر : 59/3 ، و النيسابوری:466/ 2 ، وأبي السعود :191/5 ، والرازی : 34/21 ، والقرطبی: 314/10 والسبزواری: 310/4 ، والبيضاوی: 126/3 و للحديث مصادر كثيرة بطرق و أسانید متعددة من كتب الخاصة والعامة، وما أوردناه بعض منها، و للمزيد راجع: احقاق الحق: 3/ 550 وج 684/8 ، و ج 14 / 574، و ج 162/18
4- هو عكرمة بن أبي جهل

و حمد[اللّه] خالد بن أسيد(1) أنّ أباه [أباعتاب] توفّي ولم ير ذلك.

وقال أبو سفيان: لا أول شيئاً، لو نطقت لظننت أنّ هذه الجدر(2) ستخبر به محمّداً .

فبعث إليهم النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : فأتي بهم، فقال عتاب: نستغفر الله ونتوب إليه، قد و الله يا رسول الله قلنا. فأسلم و حسن إسلامه، فولّاه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم مكّة .(3)

159- ومنها : أنّ الصادق علیه السلام قال : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم أقبل إلى الجعرانة(4)

فقسّم فيها الأموال، و جعل الناس يسألونه و يعطيهم حتّى ألجؤوه إلى شجرة فأخذت برده و خدشت ظهره حتّی رحلوه عنها و هم يسألونه ، فقال : أيّها الناس ردّوا علي بردي، والله لو كان عندي عدد شجر تھام: نعماً لقسّمته بينكم، ثم ما ألفيتموني جباناً ولا بخيلا. ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة قال: فما رأيت تلك الشجرة إلا خضراء كأنما يرش عليها الماء وفي رواية اخرى: حتى انتزعت الشجرة رداءه وخدشت ظهره .(5).

160- ومنها: أنّه في وقعة تبوك أصاب الناس عطش،فقالو : یا رسول الله لو دعوت الله

ص: 100


1- هو خالد بن اسید بن أبي العاص بن امية بن عبد شمس الاموي ، أخوعتاب. وعتاب بن اسید ، أبو عبدالرحمن ، أو أبو محمدالمکی ، له صحبة ، وكان أمير مكة في عهد النبي صلی الله علیه و آله. راجع الاصابة: 401/1 رقم 2144، وتقريب التهذيب : 3/2 رقم 1
2- جمع جدار
3- عنه البحار: 118/21 ح16 وروی نحوه فی دلائل النبوة :328/4 باسناده الی سعید ابن المسيب، والواقدي في المغازی: 2/ 737. وأورده ابن كثير في البداية والنهاية : 232/4
4- الجعرانة : هي ماء بين الطائف و مكة ، وهي الى مكة أقرب نزلها النبي صلى الله علیه و آله لما قسم غنائم هوازن عند رجوعه من غزاة حنين ، و أحرم منها . وله فيها مسجد ، و بها بثار متقاربة . معجم البلدان 142/2
5- عنه البحار: 226/16 ح 32 و 33

لسقانا؟ فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : لو دعوت الله لسقيت .

قالوا: يارسول الله ادع الله ليسقينا . فدعا، فسالت الأودية و إذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(1) الذراع و بنوء كذا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ألا ترون؟ فقال خالد: ألا أضرب أعناقهم؟ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : لا، هم يقولون هكذا، وهم يعلمون أنّ الله أنزله .(2)

161- ومنها : أنّ أبا عبدالله علیه السلام قال: قال الناس في غزوة تبوك : تخلّف أبوذر فنزل [بسحر طویل](3) فلم يبرح مكانه حتّى أصبح، ثم جعل يرمق الطريق حتّی طلع أبوذر يحمل كساه(4) على عاتقه ، قال : و قد تخلّف عنه بعيره فتلوّم(5) عليه فلمّا أبطأ عليه، أخذ متاعه ومضي، قال : هذا أبوذر.

فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلم : أبوذرّ يمشي وحده ، و يجييء(6) وحده ، و يموت وحده ويبعث وحده، اسقوه، فانّه عطشان.

فقلنا : يارسول الله هذه إداوة معلّقة معه بعصاة مملوءة ماءاً .

ص: 101


1- النوء : النجم اذا مال للمغيب ، والجمع أنواء . و انما سمى نوءاً ، لانه اذا سقط الساقط منها بالمغرب ، ناء الطالع بالمشرق .وبنوء نوءاً أي : نهض و طلع ، وذلك النهوض هو النوء ، فسمى النجم به والذراع: هي أحد الانواء الثمانية والعشرين من منازل القمر ، ومنها : السرطان ، و القلب و سعد السعود ، وغيرها . لسان العرب: 176/1
2- عنه البحار: 15/18 ح 42 وج 316/58 ح7
3- ليس في البحار . «شجر» ه وط. والسحر : بفتحتين: قبيل الصبح
4- «أشياءه» البحار
5- تلوم تلوماً : تمكث أي : انتظر. وقال الجزري في النهاية : 4 / 278: «و كانت العرب تلوم باسلامهم الفتح» أي : تنتظر
6- «یحیی» م، والبحار

قال : فالتفت وقال : فاياكم أن تقتلوه ، اسقوه ، فانّه عطشان .

قال أبو قتادة: فأخذت قدحي فملاته ، ثمّ سعيت به نحوه حتّى لقيته ، فبرك على ركبتيه ، ثم شرب حتّى أتى عليه ، فقلت : رحمك الله أبلغ من العطش ما أرى و هذه إداوة معك مملوءة ماء ؟ قال : إنّي مررت على نضحة من السماء على صخرة فأوعيتها إداوتي ، وقلت : أسقيها رسول الله .(1)

162- ومنها : أنّ أبا عبد الله علیه السلام قال : ما زال القرآن ينزل بكلام المنافقين حتّی تركوا الكلام ، واقتصروا بالحواجب يغمزون ، فقال بعضهم :

ما تأمنون أن تسمّوا في القرآن فتفتضحوا أنتم وعقبكم ، هذه عقبة بن أيدينا لورمينا به منها يتقطع . فقعدوا على العقبة و يقال لها : عقبة ذي فيق.(2)

قال حذيفة : كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إذا أراد النوم على ناقته اقتصدت في السير.

فقال حذيفة : قلت ليلة من الليالي : لا واللّه لاافارق رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم . قال : فجعلت أحبس ناقتي عليه . فنزل جبرئیل علی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال :

هذا فلان وفلان و[فلان] حتّی عدهم، قد قعدوا ينفرون(3) بك.

ص: 102


1- عند البحار: 433 / 22 ح45 . وروى مثله باختلاف في دلائل النبوة : 221 /5 باسناده عن عبدالله بن مسعود . وأورده في البداية والنهاية : 8/5
2- «فتق» البحار . قال الحموي في معجم البلدان : 286/4 :فيق : با لكسر ثم السكون، كأنه فعل ما لم يسم فاعله من فاق يفوق . قال أبو بكر الهمداني : فيق مدينة بالشام بين دمشق وطبرية ويقال : أفيق : بالالف . وعقبة فيق لها ذكر في أحاديث الملاحم قلت أنا : عقبة فيق ينحدر منها الى الغور، غور الاردن . ومنهايشرف على طبرية و بحيرتها وقد رأيتها مراراً ... انتهى أقول : الظاهر أنها «عقبة فيق» كما في المعجم ، وليس «ذي فيق» كما في الرواية
3- قال ابن الاثير في النهاية : 92/5 و 93: يقال : نفر اذا فر و ذهب ، و أنفر بنا: أي جعلنا منفرين ذوي ابل نافرة .ومنه حديث زينب بنت رسول الله صلى الله علیه و آله « فأنفربها المشركون بعيرها حتى سقطت» انتهی أقول: أرادوا أن يفزعوا الناقة لتسقط الرسول صلى الله عليه و آله عن ظهرها ، فيقتلوه أو أن يقع في واد أو غيره

فقال رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم : يا فلان، یا فلان ، یا فلان ، يا أعداء الله . حتّي سمّاهم بأسمائهم كلّهم . ثمّ نظر ، فاذا حذيفة ، فقال : عرفتهم ؟ قلت : نعم برواحلهم و هم متلثمون ، فقال : لاتخبر بهم أحداً . فقلت : يا رسول الله أفلا تقتلهم ؟ قال :

إنّي أكره أن يقول الناس «قاتل بهم حتّى إذا ظفر قنلهم» و كانوا من قريش(1).

163- ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال لجيش بعثهم إلى أكيدر دومة الجندل(2):

أما إنّكم تأتونه فتجدونه يصيد البقر. فوجدوه كذلك.(3)

ص: 103


1- عند البحار : 233/21 ح 11
2- قال الحموي في معجم البلدان 487/2 (والعبارات متفرقة) : لماكثر ولد اسماعيل عليه السلام بتهامة ، خرج دوماء بن اسماعيل حتى نزل موضع دومة وبني به حصناً ، فقيل : دوماء ، و نسب الحصن اليه ، وهي سبع مراحل من دمشق ، بينها و بين مدينة الرسول صلى الله عليه و آله . سمیت دومة الجندل، لان حصنها مبنی با لجندل ، [والجندل: جمعه جنادل ، الصخر العظيم] فأما دومة فعليها سور يتحصن به ، و في داخل السور حصن منيع يقال له : «مارد» وهو حصن اکیدر بن عبدالملك السكوني الكندي ، و كان النبي صلى الله عليه و آله قد وجه اليه خالد بن الوليد من تبوك، وقال له : ستلقاه يصيد الوحش . و كان نصرانياً ، فأسلم أخوه حريث، فأقره النبي صلى الله عليه و آله على ما في يده، و نقض اكيدر الصلح بعد النبی صلی الله علیه و آله. راجع المصدر المذكور، ففيه تفصيل
3- عنه البحار : 116/18 ح23 . ورواه مفصلا في دلائل النبوة:250/5 -253 بأسانید وطرق متعدده، وفي السيرة النبوية لابن هشام: 139 / 4 وأورده ابن كثير في البداية والنهاية: 17/ 5 مختصراً. راجع معجم البلدان أيضاً

164- ومنها : أنّه لمّا نزلت: «إذا جاء نصر اللّه والفتح»(1) قال : نعيت إلي نفسي وأنّي مقبوض . فمات في تلك السنة .

وقال لمّا بعث معاذبن جبل إلى اليمن: إنّك لا تلقاني بعد هذا .(2)

165- ومنها : أنّ الصادق علیه السلام قال: أصابت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في غزوة المصطلق ریح شديدة، فتّت(3) الرحال و كادت تدفنها،(4) فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم :أم إنّها موت منافق . قالوا : فقدمنا المدينة فوجدنا رفاعة بن زيدمات في ذلك اليوم، وكان عظيم النفاق، وكان أصله من اليهود .

فضلّت ناقة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في تلك الريح، فزعم(5) یزید بن الاصيب، و كان في منزل عمّارة بن حزم : كيف يقول: إنّه يعلم الغيب و لا يدري أين ناقته ؟

فقالوا : بئس ما قلت والله ما يقول هو أنّه يعلم الغيب، وهو صادق .

فأخبر النبيّ بذلك فقال: لا يعلم الغيب إلا الله، و إنّ الله أخبرني أنّ ناقتي في هذا الشعب تعلق زمامها بشجرة . فوجدوها كذلك ، ولم يبرح أحد من ذلك الموضع(6)فأخرج عمّارة بن الاصيب من منزله .(7)

166- ومنها : أنّ سلمان قال: كنت صائماً فلم أقدر إلا على الماء ثلاثاً، فأخبرت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بذلك، فقال: اذهب بنا .

ص: 104


1- سورة النصر
2- عنه البحار : 116 / 18 ح 24 . وأخرج نحوه الخاصة والعامة، في تفاسيرهم، أحاديث متعددة و بألفاظ مختلفة، ضمن السورة المذكورة
3- «فقلبت» ه ، والبحار، «فنبشت» ط ، «شتت » خ ل
4- «تدقها» ه ، والبحار
5- زعم زعماً : قال قولا حقاً أو با طلا. وأكثر ما يقال في ما يشك فيه، أو يعتقد كذبه . ومن عادتهم أن من قال كلاماً و كان عندهم كاذباً، يقولون فيه «زعم فلان»
6- «المسجد» م وه وط
7- عنه البحار: 116/18 ح 25

قال: فمررنا فلم نصب شيئاً إلا عنزة، فقال رسول الله لصاحبها : قربّها . قال : حائل.(1)

قال: قربّها . فقربها، فمسح موضع ضرعها، فأسدلت .

قال لصاحبها : قرّب قعبك(2) [فجاء] فملاه لبناً، فأعطاه صاحب العنز فقال: اشرب. فشرب، ثم ملا القدح وناولني فشربته ، ثم أخذ القدح، فملاه فشرب .(3).

167- ومنها : أنّ أنساً قال : قال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : يدخل عليكم من هذا الباب خيرالأوصياء، وأدنى الناس منزلة من الأنبياء .

فدخل عليّ بن أبي طالب علیه السلام فقال لعلي: «اللّهم اذهب عنه الحرّ والبرد» .

فلم يجدهما حتّى مات، فانّه كان يخرج في قميص في الشتوة .(4)

168- ومنها : أن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كتب إلى قيس بن عرنة البجلي يأمره بالقدوم عليه، فأقبل ومعه خویلد بن الحارث الكلبي ، حتّى إذا دنا من المدينة، هاب الرجل أن يدخل .

فقال له قيس: أمّا إذا أبيت أن تدخل فكن في هذا الجبل حتى آتيه، فان رأيت الّذي تحب أدعوك، فاتبّعني.

فأقام و مضي قيس حتّى إذا دخل على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم المسجد فقال: یا رسول الله أنا آمن؟ قال: نعم، وصاحبك الّذي تخلّف في الجبل .

قال: فانّي أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول الله .

ص: 105


1- يقال : امرأة حائل و نخلة حائل، أي : لا تحملان
2- القعب : اناء ضخم کالقصعة، والجمع «قعاب» و «أقعب»
3- عند البحار: 30 /18 ح 18
4- عنه البحار : 16/18 ح43. تقدمت بعض تخریجاته في ص57 ح 94 و الدعاء قاله الرسول صلى الله عليه و آله أيضاً في يوم خيبر، كما ذكره المؤرخون والمؤلفون في كتبهم . راجع بشأنه احقاق الحق: 96/5 و 421 و 436 و 437 -442وج 127/17

فبايعه، وأرسل إلى صاحبه فأتاه، فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم :

يا قیس إنّ قومک قومي، وإنّ لهم في الله وفي رسو له خلفاً .(1)

169- ومنها : أنّ هرقل بعث رجلا من غسّان وأمره أن يأتيه بخبر محمّد ، وقال له: احفظ لي من أمره ثلاثاً : انظار على أي شيء تجده جالساً ، و من على يمينه، و إن استطعت أن تنظر إلى خاتم النبوة فافعل فخرج الغسّاني حتّى أتى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فوجده جالساً على الأرض، و وجد عليّ بن أبي طالب علیه السلام عن يمينه ، و جعل رجليه في ماء يفور ، فقال : من هذا على يمينه ؟ قيل: ابن عمّه. فكتب ذاك و نسي الغسّاني الثالثة .

فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : تعال ، فانظر إلى ما أمرك به صاحبك .

فنظر إلى خاتم النبوة ، فانصرف الرسول إلى هرقل .

قال : ماصنعت ؟ قال : وجدته جالساً على الأرض و الماء يفور تحت قدميه .

و وجدت عليّاً ابن عمّه عن يمينه، وأنسيت ما قلت لي في الخاتم، فدعاني فقال :هلم إلى ما أمرك به صاحبك . فنظرت إلى خاتم النبوّة.

فقال هرقل : هو هذا الّذي بشّر به عیسی بن مریم ، إنّه ير كب البعير فاتّبعوه وصدقوه. ثم قل للرسول: أخرج إلى أخي فأعرض عليه، فانّه شريكي في الملك فقلت له : فما صاب نفسه عن ذهاب ملكه(2).

170- ومنها : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لقي في غزوة ذات الرقاع رجلا من محارب يقال له : عاصم ، فقال له : يا محمّد أتعام الغيب ؟ قال : لا يعلم الغيب إلا الله قال : والله لجملي هذا أحب إلي من إلهك.

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : لكن الله قد أخبرني من علم غيبه أنّه تعالی سیبعث عليك قرحة في

ص: 106


1- عنه البحار: 16/18 ح 26 و ج76/22ح 28
2- عنه البحار: 378/ 20 ح 2

في مسبل(1) لحيتك حتّى تصل إلى دماغك فتموت - والله - إلى النار.

فرجع فبعث الله قرحة فأخذت في لحيته - حتّى وصلت إلى دماغه ، فجعل يقول: لله در القرشي إن قال بعلم ، أو زجر(2) فأصاب .(3).

171- ومنها : أن أباذر قال: يا رسول اله إنّي قد اجتویت(4) المدينة أفتأذن لي أن أخرج أنا وابن أخي إلى الغابة(5) فنكون بها ؟.

قال: إنّي أخشى أن تغير حيّ من العرب ، فيقتل ابن أخيك نتأتي تسعى ، فتقوم بين يدي متّکئاً على عصاك فتقول ، قتل ابن أخي ، وأخذ السرح.(6)

فقال : يارسول الله بل لا يكون إلا خيراً. فأذن له فأغارت خیل بني فزارة، فأخذوا السرح و قتلوا ابن أخيه ، فجاء أبوذرّ معتمداً على عصاه ، و وقف عند رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و به طعنة قد جافته(7) فقل : صدق الله ورسوله.(8)

ص: 107


1- «مسك» ه ، «مسد» م. قال الجزري في النهاية : 2/ 339 : « انه كان وافر السبلة» ... قال الهروی : هی دالشعرات التي تحت اللحى الاسفل. والسبلة عندالعرب : مقذم اللحية وها اسبل منها على الصدر
2- الزجر: الكهانة ، وزجر الرجل : تكهن ، ويقولون : زجرت أن يكون كذا وكذا، أي: أنذرت بو قوعه
3- عنه البحار : 118/18 ح 28
4- قال الجزري في النهاية: 318 /1 : «فاجتووا المدينة» أي : أصابهم الجری: وهو المرض، وداء الجوف اذا تطاول، وذلك اذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها . ويقال: اجتويت البلد : اذا كرهت المقام فيه ، وان كنت في نعمة
5- الغابة : هو موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لاهل المدينة .معجم البلدان : 182/4
6- السرح : جمعها «سروح» و واحدته «سرحة» : الماشية
7- جاف جافاً با لطعنة : بلغ بها جوفه
8- عنه الحار: 117/ 18 ح27 وعن المناقب لابن شهر آشوب: 1/ 100 مثله، وج 402/22ح13 وعن الكافي: 126/8 ح 96 باسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام : مثله أورد المجلسي « رحمه الله » في البحار بياناً للحديث ، و ننقل قوله في البحار : 18:«ثم أن هذا من أبی ذر - رضی الله عنه - على تقدير صحته ، لعله كان قبل کمال ایمانه و استقرار أمر

172- ومنها : أن أبا ذر أتی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و كان نائماً في حائط(1) فكره أن ينبّهه ، فأراد أن يستبرىء(2) نومه من يقظته، فتناول عسيباً(3) یابساً فكسره ، فسمعه رسول الله فقال :يا أباذر أما تعلم أنّي أری أعمالكم في منامي كما أرى في يقظتي ؟ إن عيني تنامان، ولاينام قلبي.(4)

173-و منها : أنّ النبي صلی الله علیه و آله و سلّم قال للعبّاس : ويل لذريّتي من ذرّيتك .

فقال : يا رسول الله فأختصي؟ قال: إنّه أمر قد قضي.

أي لاينفع الخصاء، فعبد الله قد ولد، وصار له ولد .(5)

174- ومنها : أنّ وابصة بن عبد الأسدي أتاه و قال في نفسه: لا أدع من البر و الاثم شيئاً إلاّ سألته ، فلمّا أتاه قال له بعض أصحابه : إليك يا وابصة عن سؤال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم . فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم :دعوا و ابصة، أدن .

فدنوت، فقال: تسأل عمّا جئت له ؟ أم أخبرك؟ قال: أخبرني .

قال: جئت تسأل عن البر والاثم . قال: نعم فضرب يده على صدره ثمّ قال : البر ما اطمأنّت إليه النفس، والبر ما اطمأنّ إليه الصدر

ص: 108


1- أي بستان
2- قال الشيخ المجلسي : الاستبراء كناية عن الامتحان، أي فعل ذلك ليستعلم أنه صلى الله علیه و آله نائم أم لا
3- العسيب : جريدة من النخل مستقيمة رقيقة يكشط خوصها
4- عنه البحار : 173/16 ح9 ، وعن بصائر الدرجات: 421ح10. و رواه في ص421ح9 من البصائر باسناده الی میدون القداح عن الصادق عليه السلام. عنه البحار المذكور:172 ح8
5- عنه البحار: 119/18 ح 31

والاثم ماتردّد في الصدر، و جال في القلب، وإن أفتاك الناس، وإن أفتوك .(1)

175- ومنها : أنّه أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه ، فلمّا أدر کوا حاجتهم قال: إئتوني بتمر أرضكم ممّا معكم . فأتاه كل واحد منهم بنوع منه، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : هذا يسمّى كذا، وهذا يسمّى كذا . قالوا: أنت أعلم بتمر أرضنا منها !

فوصف لهم أرضهم، قالوا: دخلتها؟ قال : لا، ولكن فسح لي فنظرت إليها .

فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله هذا خالي و به خبل . فأخذ بردائه وقال: أخرج یا عبد(2) الله - ثلاثاً - ثمّ أرسله فبريء. فأتوه بشاة هرمة ، فأخذ إحدى أذنيها بين إصبعيه فصار لها ميسماً(3) ثمّ قال: خذوها فانّ هذا ميسم في آذان ما تلد إلى يوم القيامة. فهي تتوالد كذلك .(4)

176- ومنها : أنّه كان في سفر فمر على بهير قد أعيا وأقام على أصحابه، فدعا بماء فتمضمض منه في إناء وتوضّأ وقال : افتح فاه . وصب في فيه من ذلك الماء و على رأسه ثم قال : اللهمّ احمل خلاداً و عامرأ و رفيقهما . وهما صاحبا الجمل.

فرکبوه وإنّه ليهتز بهم أمام الخيل .(5)

177- ومنهما : أنّه مرّ على بعير ساقط فبصبص له، فقال: إنّه يشكو ولاية أهلهوسأله أن يخرج عنهم، فسأل عن أصحابه فأتا، صاحبه فقال له:

ص: 109


1- عنه البحار: 119/18 ح 29.ورواه في قرب الاسناد: 135، عنه الوسائل: 121/18 ح 34، والبحار: 229/17ورواه في دلائل النبوة : 292/6 بطريقين . وأحمد في مسنده : 227/4 و ص228 وابن كثير في البداية والنهاية: 181/6
2- «عدو» البحار
3- أي علامة
4- عنه البحار: 118/18 ح 30. ورواه في قرب الاسناد:135، عنه البحار: 229/17 .وتقدم نحوه في ص29 ح 20
5- عنه البحار: 30/18 ح 19. ورواه في قرب الاسناد: 136،عنه البحار : 229/17

بعه و أخرجه عنك . فأبى ، و البعير يرغو ، ثمّ نهض و تبع النبيّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم فقال :يسألني أن أتولّى أمره. فباعه من عليّ علیه السلام ، فلم يزل عدده إلى أيّام صفّين.(1)

178- ومنها : أنّ ناقة ضلّت لبعض أصحابه في سفر كان فيه، فقال صاحبها :لو كان نبيّاً لعلم أين الناقة . فبلغ ذلك النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : الغيب لايعلمه إلاّ الله ، انطلق يا فلان فانّ ناقتك بمكان كذا، قد تعلّق زمامها بشجرة.فوجدها كما قال .(2).

179- ومنها: أنّ عليّاً علیه السلام قال: دخلت السوق فابتعت لحماً بدرهم، و ذرة بدرهم نأتيت بهما فاطمة علیها السلام حتى إذافرغت من الخبز والطبخ قالت: لو أتيت أبي فدعوته.

فخرجت وهو مضطجع، وهو يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً .

نقلت: يا رسول الله عندنا طعام . فاتّكأ علي ، ومضينا نحو فاطمة .

فلمّا دخلنا قال: هلم طعامك يا فاطمة. فقدّمت إليه البرمة(3) و القرص ، فغطّي القرص وقال : اللّهمّ بارك لنا في طعامنا .

ثمّ قال : اغرفي لعائشة . فغرفت ثم قال : اغرفي لأمّ سلمة .

فما زالت تغرف حتّى وجّهت إلى نسائه التسع بقرصة قرصة و مرق .

ثمّ قال: اغرفي لأبيك وبعلك . ثمّ قال : اغرفي و کلي و اهدي لجيرانك .

ففعلت، و بقي عندهم ما يأكلون أيّاماً .(4)

180- ومنها : أن امرأة عبدالله بن مسلم أتته بشاة مسمومة، ومع النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بشر

ص: 110


1- عنها البحار: 408/17 ح 36. ورواه في قرب الاسناد: 136، عنه البحار المذكورص230
2- عنه البحار: 119/18 ح 32. ورواه في قرب الاسناد المذكور، عنه البحار المذكور..و تقدم نحوه فی ص 30 ح 25. ويأتي في ح197
3- البرمة : قدر يصنع من الحجر
4- عند البحار: 30/18 ح 20، ورواه في قرب الاسناد:137، عنه البحار : 232/17

ابن البراء بن معرور(1) فتناول النبي صلی الله علیه و آله و سلّم الذراع، وتناول بشر الكراع فأمّا النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فلاكها، و لفظها، وقال: إنها لتخبرني أنّهامسمومة.

و أمّا بشر فلاك المضغة فابتلعها فمات، فأرسل إليها فأقرّت .

فقال: ما حملك على ما فعلت ؟ قالت: قلت زوجي، و أشراف قومي، فقلت : إن كان ملكاً قتلته، وإن كان نبيّأ فسيطلعه الله عليه.(2)

181- ومنها : أن سعد بن عبادة أتاه عشيّة وهو صائم، فدعاه إلى طعامه ودعامعه عليّاً فلمّا أكلوا قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : نبيّ و وصيّ أفطرا عندك و أكل طعامك الأبرار، و أفطر عندك الصائمون، و صلّت عليك الملائكة .

فحمله سعد على حمار قطوف(3) و ألقى عليه قطيفة، وإنّه لهملاج(4) [لا] سایر .(5)

182- ومنها: أنّه أقبل إلى الحديبيّة وفي الطريق - يوم خرج- و شل(6) بقدر مايروي الراكب و الراكبين ، فقال : من سبقنا إلى الماء فلا يستقينّ.

ص: 111


1- كذا في جميع المصادر وهو الصحيح . وفي سائر النسخ وقصص الانبياء : عازب .راجع بشأنه و الرواية: طبقات ابن سعد: 111/2 ، اسد الغابة : 1/ 183، تهذيب الاسماء و اللغات : 1/ 133، سير أعلام النبلاء : 169/1 ، کنز العمال : 296/13 ، و مجمعالزوائد : 215/9
2- عنه البحار : 408 /17 ح37، وأخرجه في ص 232 عن قرب الاسناد: 137. و رواه المصنف في قصص الانبياء: 310 (مخطوط). ورواه فی دلائل النبوة: 262 /4 وص263 بعدة طرق، عنه البداية والنهاية: 210/4 . و تقدم مختصراً في ص27ح13
3- القطوف من الدواب : التي تسيء السير وتبطيء
4- دابة هملاج : الحسنة السريعة السير المتبخترة و قوله «لا يساير» أى لاتسير معه دابة ولا يسابق لسرعة سيره
5- عنه البحار: 409/17 ح 38، و أخرجه في ص 233 عن قرب الاسناد: 138
6- الوشل : الماء القليل

فلما انتهی إليه دعا بقدح، فتمضض فيه، ثم صب في الماء، فشربوا وملاوا أداواتهم ومياضيهم(1) و توضّؤوا . فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم :لئن بقيتم أو بقي منكم ليسمعن بقي ما بين يديه من كثرة مائه . فوجدوا من ذلك ما قال .(2)

183- ومنها : أنّ أخت(3) عبد الله بن رواحة الأنصاري مرّت به أيام حفرهم الخندق، فقال لها : أين تريدين؟ قالت: آتي عبد الله بهذه المرات .

فقال : هاتیهن. فنثرت في كفّه ، ثمّ دعا بالانطاع(4) ثمّ نادى : هلمّوا فكلوا .

فأكلوا فشبعوا وحملوا ما أرادوا معهم . ودفع ما بقي إليها .(5)

184- ومنهما : أنّه كان في سفر فأجد الناس جوعاً ، فقال : من كان معه زاد فليأتنا فأتاه نفر منهم بمقدار صاع، فدعا بالازر والأنطاع، ثم صفّف التمر عليها، ودعا ربّه فأكثر الله ذلك التمر حتى كان أزوادهم إلى المدينة .(6)

185- ومنها : أنّ أعرابيّاً أتاه علیه السلام فقال: إنّي أريد أن أسألك عن أشياء فلاتغضب .

قال: سل عمّا شئت، فان كان عندي أجبتك وإلاّ سألت جبرئیل .

فقال: أخبرنا عن الصليعاء، والقریعاء(7) وعن أول دم وقع على وجه الأرض ، و عن

ص: 112


1- واحدها : اداوة وهي الاناء الصغير الذي يصنع من جلد. المياضى جمع الميضاة: المطهرة
2- عنه البحار : 31/ 18 ح 21. ورواه في قرب الاسناد: 138، عنه البحار: 233/17
3- «بنت» البحار:18
4- الانطاع: جمع نطع، وهو البساط المصنوع من الجلد
5- عنه البحار: 31 /18 ح 22. و رواه في قرب الاسناد: 139، عنه البحار :17 / 234.و نحوه في دلائل النبوة: 427/3 ، و سیره ابن هشام: 3/ 172، والبداية والنهاية: 96/4
6- عنه البحار: 31/18 ح 23. ورواه في قرب الاسناد: 139، عنه البحار : 234/17
7- الصلیعاء : تصغير الصلعاء وهي الارض التي لاتنبت. وقال ابن الاثير في النهاية : 45 / 4 : ومنه حديث على: «أن أعرابياً سأل النبي صلى الله علیه و آله عن الصليعاء والقریعاء» القریعاء : أرض لعنها الله، اذا أنبتت أو زرع فيها ثبت في حافتيها، ولم ينبت في متنها شیء

خير بقاع الأرض، وعن شرّ ها؟

فقال: يا أعرابي هذا ما سمعت به، ولكنّني يأتيني جبرئيل فأسأل منه.

فهبط، فسأله فقال : هذه أسماء ما سمعت بها قطّ، فعرج إلى السماء، ثم هبط فقال: أخبر الأعرابي أن «الصليعاء» هي السباخ التي يزرعها أهلها فلا تنبت شيئاً .

وأمّا «القريعاء» فالأرض التي يزرعها أهلها فتنبت هاهنا طاقة وهاهنا طاقة، فلا ترجع إلى أهلها نفقاتهم.

وخير بقاع الأرض المساجد، و شرّها الأسواق، وهي ميادين إبليس إليها يغدو . و إن أول دم وقع على الأرض مشيمة حوّاء حين ولدت قابيل بن آدم .(1)

186- ومنها : أن قوماً من اليهود قالوا للصادق علیه السلام:أيّ معجز يدل على نبوّة محمّد ؟ قال : كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما أعطي من الحلال والحرام و غيرهما ممّا لو ذكرناه لطالت .

فقال اليهود : و كيف لنا بأن نعلم أنّ هذا كما وصفت ؟ فقال لهم موسی بن جعفر علیه السلام- وهو صبي و كان حاضراً - : و كيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آیات موسى أنّها على ما تصفون؟ قالوا : علمنا ذلك بنقل الصادقين قال لهم موسی بن جعفر علیه السلام: فاعلموا صدق ما أنبأكم به بخبر طفل لقّنه الله من غیر تعلیم، ولا معرفة عن الناقلین .

فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّداً رسول الله ، و أنّكم الأئمّة الهادية والحجج من عند الله على خلقه .

فوثب أبو عبدالله علیه السلام فقبّل بين عيني موسی بن جعفرعلیه السلام ثم قال : أنت القائم من بعدي.

(فلهذا قالت الواقفية: إنّ موسی بن جعفر علیه السلام حي وأنّه القائم)

ص: 113


1- عنه البحار : 281/9 ح 4

ثم كساهم أبو عبدالله علیه السلام و وهب لهم، وانصرفوا مسلمين .

ولاشبهة في ذلك لأنّ كل إمام يكون قائمًا بعد أبيه، فأمّا القائم الذي يملا الأرض عدلا فهو المهدي بن الحسن العسكري علیه السلام .(1)

[فدك]

187-ومنها : أنّ أبا عبد الله علیه السلام قال : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم خرج في غزاة فلمّا انصرف راجعاً نزل في بعض الطريق ، فبينا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يطعم و الناس معه إذ أتاه جبرئيل علیه السلام فقال: يا محمّد قم فاركب .

فقام النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فرکب، و جبرئيل معه فطویت له الأرض كطي الثوب حتى انتهى إلى فدك(2) فلمّا سمع أهل فدك وقع الخيل ظنّوا أن عدوّهم قد جاءهم ، فغلّقوا أبواب المدينة، ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة، ولحقوا برؤوس الجبال ، فأتى جبرئيل العجوز حتى أخذ المفاتيح ، ثم فتح أبواب المدينة ودار النبي صلی الله علیه و آله و سلّم في بيوتها وقراها، فقال جبرئیل :

یا محمّد هذا ما خصّك الله به و أعطاك دون الناس، وهو قوله :

«ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول و لذي القربى»(3) وذلك في قوله « فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ » .(4)

ص: 114


1- عنه البحار : 244/10 ح 3
2- قرية بالحجاز بينها و بين المدينة يومان و قیل ثلاثة راجع معجم البلدان: 4/ 238- 240 فيه بحث حول دوران ملكية فدك
3- سورة الحشر : 7 و 6. وراجع تفسير قوله تعالى: «... آت ذا القربي حقه» الاسراء:26، و الروم: 38 في احقاق الحق : 549/3 وج 14/575/ و شأن نزولها في فاطمة عليها السلام و فدك
4- سورة الحشر : 7 و 6. وراجع تفسير قوله تعالى: «... آت ذا القربي حقه» الاسراء:26، و الروم: 38 في احقاق الحق : 549/3 وج 575/14 و شأن نزولها في فاطمة عليها السلام و فدك.

ولم يغزوا(1) المسلمون ولم يطؤوها و لكن الله أفاءها على رسوله، وطوّف به جبرئیل في دورها وحيطانها و غلّق الباب و دفع المفاتيح إليه فجعلها رسول الله في غلاف سیفه و هو معلّق بالرحل. ثمّ ركب و طويت له الأرض کطّي الثوب ، فأتاهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وهم على مجالسهم لم يتفرقوا ولم يبرحوا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم للناس: قد انتهيت إلى فدك ، وإنّي قد أفاءها الله علي .

فغمز المنافقون بعضهم بعضاً . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : هذه مفاتیح فدك .

ثم أخرجها(2) من غلاف سيفه، ثمّ ركب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و ركب معه الناس فلمّا دخل على فاطمة علیها السلام فقال : يا بنيّة إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصّه بها فهي لي خاصّة دون المسلمين، أفعل بها ما أشاء، و إنّه قد كان لامك خديجة على أبيك مهر ، وإن أباك قد جعلها لك بذلك، ونحلتكها تكون(3) لك و لولدك بعدك قال: فدعا بأدیم عكاظي(4) ودعا علي بن أبي طالب علیه السلام فقال:أكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم .

و شهد على ذلك علي بن أبي طالب ، و مولی لرسول الله ، و أمّ أيمن .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إن أم أيمن إمرأة من أهل الجنّة وجاء أمر فدك إلى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة .(5)

ص: 115


1- «يعرف» م
2- «أخرج» م. ه
3- «و أنحلتك اياها» س ، ه
4- الاديم: هو الجلد المدبوغ وعكاظی: نسبة الى سوق عكاظ لانه يحمل اليه فيباع هناك معجم البلدان: 142/4
5- عنه البحار: 378/17 ح46، وج8 (ط . حجر) /93، و اثبات الهداة: 116/2 ح515. أقول: فدك وما أدراك ما فدك؟ فتحت في تاريخ الاسلام با سم «فدك» بحوث ومحاورات وسيعة خالدة ، الى أن يقوم الامام الثاني عشر و یکشف الحجاب عن ذلك ولذا تصفح عن الخوض في هذا البحث صفحاً جميلا ،وقد ذكر شيخنا البحاثة الطهرانی فی کتاب ذريعته: 129/16 عشر كتب تناولت قصة فدك من جوانبها المختلفة، وهناك أيضاً كتاب باسم «فدک» للسيد الجليل محمد حسن الموسوي وغيرها، وراجع بعض خطب نهج البلاغة التي تعرض فيها علیه السلام لفدك . وراجع البحار8 (ط. حجر)/91، و احقاق الحق: 296/10 والسبعة السلف: 35 و وو

188- ومنها : أنّ قريشاً أرسلت النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط إلى اليهود بیثرب فقالوا لهما: إذا قدمتما عليهم فاسألوهم عنه. فلمّا قدما سألوهم عنه، فقالوا :صفوا لنا صفته. فقالوا: و من تبعه ؟ قالوا: سفلتنا . فصاح حبر منهم ثم قال :

هذا النبيّ الّذي نجد نعته في التوراة، و نجد قومه أشد الناس عداوة له.(1)

189- ومنها : أنّ أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه فقال عبد المطّلب لأبرهة وقدحقّره بعد أن عظّم شأنه لسؤاله بعيره :«إنّ لهذا البيت ربّاً يمنعه» .

ثم رجع أهل مكّة، فدعا عبد المطلب على أبي قبيس، و أهل مكّة قد صعدوا وقدترکوا مكّة، ثم قال لأبي طالب: أخرج وانظر ماذا ترى في السماء .

فرجع وقال: أری طیوراً لم تكن في ولايتنا. وقد أخبره سيف بن ذي يزن و غیره به فأرسل الله عليهم طيراً أبا بیل، و دفعهم عن مكّة وأهلها فأهلكهم ببركة محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم .(2)

190- ومنها : أنّ سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة، وفد علي: قريش، وفيهم عبد المطّلب، فسأله عن محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم سراً ، فأخبره به .

ثمّ بعد مدّة طويلة دخلوا عليه فسألهم عنه ، و وصف لهم صفته، فأقرّوا جميعاً

ص: 116


1- عنه البحار : 216/15 ح 29. و رواه في قرب الاسناد: 134، عنه البحار : 227/17 .و نحوه في دلائل النبوة للبيهقی: 2/ 270
2- عنه البحار : 145/15 ح77، ورواه في قرب الاسناد :133 ، عند البحار: 226/17 والقصة مشهورة معروفة، مروية في كتب التاريخ والسيرة، و تفسير سورة الفيل

أنّ هذه الصفة في محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فقال :

هذا أوان مبعثه، و مستقرّه بيثرب، و موته بها .(1)

191- ومنها : ما روی معمر بن خلاد عن الرضا، عن أبيه موسی بن جعفر علیه السلام قال: كنت عند أبي يوم(2) و أنا طفل خماسي [إذ] دخل عليه نفر من اليهود، فقالوا :أنت ابن محمّد نبيّ هذه الامة، والحجة على أهل الأرض؟ قال له : نعم .

قالوا: فانّا نجد في التوراة أنّ الله آتی إبراهيم و ولده الكتاب والحكم والنبوة وجعل لهم الملك والأمامة ، هكذا وجسدنا ذرية الأنبياء لاتتعدّاهم النبوّة و الخلافة والوصيّة، فما بالكم قد تعد اكم ذاك ، و ثبت في غيرکم ، و نلقاكم مستضعفين مقهورین لاترقب فيكم ذمّة نبيكم؟

فدمعت عينا أبي عبد اللّه علیه السلام ثمّ قال: نعم، لم تزل أنبياء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حقّ، و الظلمة غالبة، وقليل من عباد الله الشكور.

قالوا: فانّ الأنبياء و أولادهم عملوا من غير تعلیم و أوتوا العلم تلقيناً ، و كذلك ينبغي لائمتهم و خلفائهم و أوصيائهم فهل أوتيتم ذلك ؟

قال أبو عبد اللّه علیه السلام :أدن یا موسی. فدنوت ، فمسح يده على صدري، ثم قال :«اللّهمّ أيّده بنصرك بحقّ محمّد و آله» .

ثمّ قال: سلوه عمّا بدا لکم . قالوا: كيف نسأل طفلا لا يفقه؟

فقلت: سلوني تفقّهاً، ودعوا العنت.

فقالوا : أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسی بن عمران .

فقلت: العصا ، و إخراجه يده من جيبه بيضاء، و الجراد، والقمّل، والضفادع، والدم

ص: 117


1- عند البحار : 216/15 ح 30 . ورواه في قرب الاسناد 133 .والحديث طويل : تمامه في دلائل النبوة للبیهقی : 2/ 9- 14، و دلائل النبوة لابی نعیم:60-52 ، والبداية والنهاية: 330/2
2- «ذات يوم» خ ل

ورفع الطور ، والمنّ و السلوي آية واحدة، و فلق البحر .قالوا:

صدقت، فما أعطي نبيّكم من الآيات التي نفت الشكّ عن قلوب من ارسل إليه؟ قلت: آيات كثيرة أعدها إن شاء الله فاسمعوا، وعوا، وافقهوا :

أما أول ذلك فأنتم تدرون بأنّ الجن كانت تسترق السمع قبل مبعثه فمنعت في أوان رسالته بالرجوم و انقضاض النجوم، و بطلان السحرة والكهنة .

ومن ذلك : كلام الذئب بخبر نبوته، و اجماع العدو والصديق على صدق لهجته وصدق أمانته، وعدم جهله أيام طفوليته وحين أيفع، وفتی و کھلا، لا يعرف له شكل ولا يوازنه مثل .

ومن ذلك : أنّه كان دعاعلی مضر فقال: اللهمّ اشدد وطأتك على مضر ، و اجعلها عليهم كسنين يوسف . فأصابهم سنون. و عد معجزات كثيرة .(1)

192- ومنها : ما روی عیسی بن عبدالله الهاشمي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ علیه السلام قال : لمّا كان يوم القضيّة(2) حين ردّ المشركون النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ومن معه، و دافعوه عن المسجد أن يدخلوه، فهادنهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ، فكتبوا بينهم كتاباً .

قال علي: فكنت أنا الذي كتبت، فكتبت: «باسمك اللّهمّ ، هذا كتاب بين محمّد رسول الله و بین قریش» فقال سهيل بن عمرو : لو أقررنا أنّك رسول الله لم ينازعك أحد.

فقلت : بل هو رسول الله وأنفك راغم .

فقال لي رسول الله : أكتب له ما أراد، ستعطى يا علي بعدي مثلها .

قال علیه السلام: فلمّاكتبت الصلح بيني وبين أهل الشام فكتبت :

«بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب بين علي أمير المؤمنين و بين معاوية بن أبي سفیان»

ص: 118


1- رواه في قرب الاسناد: 132، عنه البحار: 225/17 ح 1، واثبات الهداة : 457/1 ح 70. ورواه المصنف في قصص الانبياء :309 مختصراً
2- أي قضية الهدنة في الحديبية

فقال معاوية وعمرو بن العاص : لو علمنا أنّك أمير المؤمنين لم ننازعك.

فقلت : أكتبوا ما رأيتم(1) فعلمت أن قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قد جاء حقاً .(2)

193- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا تلا «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى »(3) قال رجل مسن قریش : كفرت بربّ النّجم .

فقال النبيّ صلّی اللّه علیه و آله و سلّم : سلّط الله عليك(4) كلباً من کلابه - يعني أسداً - .

فخرج مع أصحابه في كثرة إلى الشام حتّى إذا كانوا بها رأي أسداً ، فجعلت فرائصه ترعد فقيل له: من أيّ شيء ترعد وما نحن وأنت إلاّ سواء ؟ فقال :إنّ محمّداً دعاعليّ ، لا والله ما أظلّت هذه السماء من ذي لهجة أصدق من محمّد ثم وضعوا العشاء، فلم يدخل يده فيه، ثم جاء القوم فحاطوه بأنفسهم وبمتاعهم و وسطوه(5) بينهم وناموا جميعاً حوله، فجاءهم الأسد فهمس يستنشق رجلا رجلا حتّى انتهى إليه فضغمه ضغمة(6) کانت إيّاها ، و كان بآخر رمق وهو يقول(7):

ألم أقل [لكم] إن محمّداً أصدق الناس ؟ ومات(8)

194- ومنها : أنّ شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قال: ما كان أحد أبغض إلي من محمّد ، و كيف لا يكون ذلك وقد قتل منّا ثمانية كل منهم يحمل اللّواء فلمّا فتح مكّة آيست ممّا كنت أتمنّاه من قتله، وقلت في نفسي:

قد دخلت العرب في دينه، فمتى أدرك ثأري منه ؟

فلمّا اجتمعت هوازن بحنين قصدتهم لآخذ منه غرّة(9) فاقتله ، ودبّرت في نفسي

ص: 119


1- « أردتم » ط ، ه
2- عنه البحار: 356/20 ح5
3- سورة النجم : 1 و 2
4- «علیه» م
5- «وجعلوه» ط ، س ، ه
6- «فضه عضة» م. والضغم : العض . وقوله «كانت اياها» أي موتته وقاطعة حياته
7- «و قال بأخر رمق»س،ه،ط والبحار
8- عنه البحار : 241/18 ح 88. تقدم مثله في ص 56 ح93
9- أي غفلة

كيف أصنع ، فلمّا انهزم الناس و بقي محمّد وحده والنفر الّذين بقوا معه جئت من ورائه ورفعت السيف حتّى إذا كدت أحطّه غشي فؤادي ، فلم أطق ذاك، فعلمت أنّه ممنوع.

وروى أنّه قال: رفع إلىّ شواظ من نارحتّی کاد أن يحمشني(1) ثم التفت إلي محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فقال لي: أدن يا شيبة وقاتل . و وضع يده في صدري، فصار أحب الناس إلي ، وتقدمت و قاتلت بين يديه، فلو عرض لي أبي لقتلته في نصرة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم .

فلمّا انقضى القتال دخلنا(2) على رسول الله فقال لي: الذي أراد الله بك خيراً ممّا أردته لنفسك . وحدّثني بجميع ما زوّرته(3) في نفسي فقلت : ما اطّلع على هذا إلا الله . فأسلمت .(4).

195- و منها : لمّا حاصر النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم أهل الطائف قال عيينة بن حصين(5): ائذن لي حتّى آتي حصن الطائف فاكلّمهم. فأذن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فجاءهم فقال : أدنو منكم وأنا آمن؟ قالوا: نعم . و عرفه أبو محجن فقال: أدن ودخل عليهم ، فقال : فداكم أبي وأمي والله لقد سرني مارأيت منكم، و مافي العرب

ص: 120


1- كذا في م ، ه و باقي المصادر . يقال : أحمشت النار ، اذا ألهبتها . (النهاية: 41/1). وفي س، ط : يمحقني . ومعناه النقص والمحو والابطال. وفي البحار: يمحيني. أى يبطلني ويذهب بأثرى. وفي بعض النسخ : يحمسني. أي يقليني ويحرقني
2- «دخلت» س ، ط، ه
3- «رويته» ه . قال ابن الاثير في النهاية : 318/2 :کنت زورت في نفسي مقالة ، أي هیأت وأصلحت
4- عنه البحار: 154/21 ح 4. ورواه في دلائل النبوة :128/5 وص145، عنه البدايةوالنهاية: 333/4 . ورواه الواقدی فی المغازی: 910/3
5- «عتبة بن حصين» ط، ه ،م و البحار. وهو تصحيف . وما في المتن هو الصحيح كما في دلائل النبوة . وفي ترجمته من اسد الغابة : 166/4 أنه من المؤلفة قلوبهم ، أسلم بعدالفتح: وكان يقول : ما آمنت بالله طرفة عين. و تزوج عثمان بن عفان ابنته

أحد غيركم ، و واللّه ما في محمّد مثلكم، ولقد قل المقام و طعامكم كثير ، و ماؤكم وافر لاتخافون قطعه .

فلمّا خرج قال ثقيف لأبي محجن : فانّا قد كرهنا دخوله، وخشينا أن يخبر محمّداً بخلل إن رآه فينا أو في حصننا. فقال أبو محجن:

أنا كنت أعرف به، ليس منّا أحد أشدّ علی محمّد منه، وإن كان معه .

فلمّا رجع إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال : قلت لهم: ادخلوا في الاسلام، فو الله لا يبرح محمّد عقر دار کم حتّى ننزلوا، فخذوا لأنفسكم أماناً فخذّلتهم ما استطعت .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : كذبت ، لقد قلت لهم : كذا و كذا.

و عاتبه جماعة من الصحابة قال: أستنفر الله وأتوب إليه، ولا أعود أبداً.(1).

196- ومنها : أن المشركين لمّا رجعوا من بدر إلى مكّة أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى صفران بن أميّة بن خالد الجمحي فقال صفوان: قبّح الله العيش بعد قتلى بدر .

قال عمير : أجل و الله ما في العيش بعدهم خير ولولا دين علي لاأجد له قضاء و عبال لاأدع لهم شيئا لرحلت إلى محمّد حتّى أقتله إن ملئت عيني منه ، فانّه بلغني أنه يطوف في الأسواق، وإن لي عندهم علّة أقول: قدمت على ابني هذا الأسير .

ففرح صفوان بقوله وقال: يا أبا أميّة هل نراك فاعلا. قال: إي و رب هذه البنيّة. قال صفوان: فعلي دينك ، و عيالك أسوة عيالي ، وأنت تعلم أن ليس بمكّة رجل أشد توسّعاً على عياله مني.

فقال عمير : قد عرفت بذلك يا أبا وهب.

قال: صفوان: فان عيالك مع عيالي لن يسعني شيء ويعجز عنهم، و دينك علي .

ص: 121


1- عنه البحار : 154/21 ح 5 . و رواه البيهقي في دلائل النبوة:163/5 ، و أبو نعيم فيدلائل النبوة : 465، عنهما الصالحي في السيرة الشامية: 562/5

فحمله صفوان على بعيره وجهّزه وأجرى على عياله ما يجري على عيال نفسه و أمر عمير بسيفه فشحذ، و سمّ ثم خرج إلى المدينة، وقال لصفوان:

أكتم عليّ أياماً حتى أقدمها . فلم يذكرها صفوان .

فقدم عمير فنزل على باب المسجد، وعقل راحلته، و أخذ السيف فتقلّده ، ثمّ عمد نحو رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فلمّا رآه النبي قال له : ما أقدمک يا عمير ؟

قال: قدمت في أسيري عندكم تفادو ننا وتحسنون إلينا فيه، فانكم العشيرة.

قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : فما بال السيف؟ قال: قبّحها الله من سيوف، و هل أنت من شيء؟

إنّما نسيته حين نزلت وهو في رقبتي .

فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : فما شرطت لصفوان في الحجر؟

ففزع عمير وقال: ماذا شرطت له ؟

قال: تحمّلت له بقتلي على أن يقضي دينك و يعول عيالك ، والله حائل بيني و بين ذلك قال عمير : أشهد أنّك رسول الله وأنّك صادق، وأن لا إله إلاّ الله، کنّا یارسول الله نكذّبك بالوحي و بما يأتيك من السماء، وإنّ هذا الحديث كان شيئاً بيني وبين صفوان كما قلت لم يطّلع عليه غيري وغيره، وقد أمرته أن يكتم علي أياماً، فأطلعك الله عليه فآمنت بالله و برسوله وشهدت أن ما جئت به صدق و حقّ.

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : علّموا أخاكم القرآن و أطلقوا له أسيره .

فقال عمیر : إنّي كنت جاهداً على إطفاء نورالله و قد هداني الله، فله الحمد فأذن لي لألحق قريشاً فأدعوهم إلى الله و إلى الاسلام. فأذن له، فلحق بمكّة .

و كان صفوان يسأل عن عمير ، فقيل له: إنّه أسلم . فطرح عیاله.

وقدم عمير ، فدعاهم إلى الله، وأخبرهم بصدق رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فأسلم معه نفر كثير .(1)

ص: 122


1- أورده ابن شهر اشوب في المناقب : 113/1 ، عنه البحار: 140/18 ح40. ورواه الكازروني في المنتقی :113، عنه البحار: 326 /19 ح 82 ورواه ابن هشام في السيرة: 316/2 ، والبيهقي في دلائل النبوة: 1473 -149

197- ومنها : أنّه لمّا توجّه إلى تبوك فضلّت ناقته القصوى وعنده عمارة بن حزم قال كالمستهزيء : يخبرنا محمّد بخبر السماء و لا يدري أين ناقته .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إنّي لا أسلم إلاّ ما علميني انتن ، و قد أخبرني الأن أنّها بشعب كذا وزمامها ملتف بشجرة . فكان كما قال .(1)

198- منها : أنه لمّا قتل «زید بن حارثة» بمؤتة قال صلی الله علیه و آله و سلّم بالمدينة : «قتل زید و أخذ الرّاية جعفر» ثم قال: «قتل جعفر» و توقّف وقفة ثمّ قال: «و أخذ الراية عبد الله بن رواحة» وذلك أنّ عبد الله لم يسارع إلى أخذ الراية كمسارعة جعفر ثم قال :

«وقتل عبد اللّه» .

ثمّ قام النبي صلی الله علیه و آله و سلّم إلى بيت جعفر ، إلى أهله ، ثمّ جاءت الأخبار بأنّهم قد قتلوا في ذلك اليوم على تلك الهيئة .(2)

199– ومنها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم أخبر الناس بمکّة بمعراجه وقال : آية ذلك أنّه ند(3) لبني فلان في طريقي بعير ، فدللتهم عليه ، وهي(4) الآن تطلع عليكم من ثنيّة كذا

ص: 123


1- عنه البحار: 234/21 ح 12. و رواه ابن هشام في السيرة: 166/4 ، والبيهقي في دلائل النبوة: 232 /5 . و فيهما أن المستهزيء هو زید بن اللصيت القينقاعي، وكان في رحل عمارة بن حزم ، فلما سمع بهذه المقانة أقبل على زيد یجأ في عنقه و يقول : ان في رحلی لداهية وما أدري، اخرج عني يا عدو الله فلا تصحبني. وتقدم نحوه في ح25 وح178
2- عنه البحار: 52/21 ح2 روي هذه المعجزة وما وقع في غزوة مؤتة ، واخباره (ص) عن الوقعة قبل مجيء خبرها في دلائل النبوة : 358 /4 - 375 بعدة طرق و بألفاظ مختلفة ، و في السيرة النبوية لابن هشام:3/ 322، وطبقات ابن سعد: 128/2 ، وصحيح البخاری:141/5 ، و تاریخالطبری: 23/ 3 ، وأنساب الاشراف : 169/1 ، والبداية والنهاية: 241/4
3- ند البعير : نفر و ذهب شارداً
4- كذا في كل النسخ، وفي البحار : «وهو» ، وهو خطأ بل الضمير «هی» يعود الى القافلة التي كانت في الطريق، وكانوا يترقبون وصولها - اليهم ، والتي يتقدمها الجمل الاورق، كما أشار اليه الرسول صلى الله عليه و آله، كما ورد في معظم الروايات

يقدمها جمل أورق(1) عليه غرارتان(2): إحداهما سوداء، والاخرى برقاء.(3)فوجدوا الأمر على ما قال.(4)

200- و منها : أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم رأی عليّاً علیه السلام نائماً في بعض الغزوات في التراب فقال: يا أبا تراب(5) ألا أحدثك بأشقى الناس أخي(6) ثمود ، والذي يضربك على هذا - و وضع يده على قرنه - حتّی قبل هذه من هذا ؟ وأشار إلى لحيته .(7)

ص: 124


1- الاورق وجمعه ورق : الذي لونه لون الرماد
2- الغرارة : وعاء . العين للفراهیدی :346 /4
3- البرقاء : هي الشاة التي في خلال صوفها الابيض طاقات سود . وتأتي هنا للغرارة راجع النهاية : 119/1 مادة «برق»
4- عند البحار: 119/18 ح33 تقدم مثله في الحديث: 4، ونظيره في ذيل الحديث : 14
5- في بعض الروايات : ان رسول الله صلی الله علیه و آله وجده نائماً، وقد ترب جنبه، فجعل يحث التراب عن جنبه و يقول: قم أبا تراب وفيه منافاة لما في المتن الا أن يكون رسول الله (ص) کناه بها مرتين : مرة في المسجد ، ومرة في هذه الغزوة
6- «أحيمر» م و بعض المصادر وأحيمر ثمود : هو الذي عقر ناقة صالح
7- عندالبحار: 119/18 وروى في مصادر كثيرة اخباره صلی الله علیه و آله بقتل على علیه السلام ومنها :في دلائل النبوة: 438/6 و 439 بأسانيده المتعددة ، و في البداية والنهاية: 218/6 عن الدلائل ، وفي مسند أحمد: 102/1 وج 263/4 و في فضائله: 49 ح 76، وفي طبقات ابن سعد: 3/ 34، والطبراني في المعجم الكبير : 105 (مخطوط)، وابن عساكر في ترجمة الامام على علیه السلام في تاريخ دمشق: 287/3 ، والحاكم في مستدرکه:3/ 113 و 140و فرائد السمطين :386/1 .وأخرجه في مجمع الزوائد: 136/9 عن البزار و أحمد، وفي الخصائص الکبری: 2/ 445وفي الصواعق المحرقة: 74، وفي سيرة ابن هشام: 249/2 ، والنسائي في الخصائص:129 و للحديث مصادر عديدة بطرق وأسانید متعددة بألفاظ مختلفة راجع بشأن ذلك : احقاق الحق:340/7 -352 وج 350/17 -362

201- و منها أنّه صلی الله علیه و آله و سلّم قال لعليّ علیه السلام: تقاتل بعدي الناكثين و القاسطین والمارقين و كان كذلک(1)

202- ومنها : أنّ عام الخندق أصابتهم جماعة لمّا حاصر هم المشركون، فدعابكف من تمر ، وأمر بثوب فبسط، وألقى ذلک التهن عليه، وأمر منادياً ينادي في الناس : هلمّوا إلى الغذاء .

فاجتمع أهل المدينة فأكلوا وصدروا والتمر بنض(2) من أطراف الثوب.(3)

203- ومنها: أنّه لمّا صده المشركون بالحديبيّة ، شكا إليه الناس قلّة الماء فدعا بدلو من ماء البئر ، فتوضّأ منه ، ثمّ تمضمض و مج في الدلو، و أخرج من كنانته سهماً ، ثم أمر بأن يصب في البئر تلک الدلو ، و أن يغرز ذلك السهم في أسفل البئر . فعمل ففارت البئر بالماء إلى شفیرها ، واغترف الناس فعند ذلك قال أوس بن خولي لعبد الله بن أبي سلول : أبعد هذا شيء ؟ أما آن لك أن تبصر ؟(4)

204- ومنها : أنّه لمّا أصاب الناس بالحديبيّة جوع شديد، وقلّت أزوادهم(5)

ص: 125


1- عنه البحار: 119/18 . وروى مثله في مناقب الخوارزمی: 122 ، وابن عساكر في ترجمة الامام علی علیه السلام :3/ 162و فرائد السبطين : 1/ 282 و 331، وغيرهم من جمهور المحدثين في كتبهم راجع احقاق الحق : 247/4 -249 وص385 وج60/6 -78 وج 581/15 -586وج 440/16446
2- «تبض» البحار، وكلاهما بمعنى واحد . يقال : بض الماء : اذا قطر و سال ، ويقال :نض الماء من العين : اذا نبع . راجع النهاية : 132/1 و ج 5/ 72
3- عنه البحار : 247/20 ح 16
4- عند البحار: 357/20 ح 6. تقدم نظيره في الحديث: 182
5- الازواد والازودة : جمع زاد على غير القياس وهو ما يتخذ من الطعام للسفر. راجع النهاية : 317/2

لأنّهم أقاموا بها بضعة عشر يوماً.

فشكوا إليه ذلك وأمر بالنطع(1) أن يبسط ، و أمرهم أن يأتوا ببقيّة أزوادهم فيطرحوا، فأتوا بكف من دقيق و تميرات .

فقام و دعی بالبركة فيها، و أمرهم بأن يأتوا بأوعيتهم فملؤوها حتّى لم يجدوا له محلا(2) .(3)

205- ومنها : أنّ الناس في غزاة تبوك لمّا ساروا يوماً ، نالهم عطش كادت تنقطع أعناق الرجال والخيل و الرکّاب عطشاً فدعا بر کوة(4) فصب فيها ماءاً قليلا من أداوة(5) كانت معه، و وضع أصابعه عليها فنبع الماء من تحت أصابعه، فاستقوا و ارتووا، و العسكر ثلاثون ألف رجل سوی الخيل والابل .(6)

206- ومنها: أنّه أخذ الحصى في كفّه ، فقالت كل واحدة :سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر .(7)

207- ومنها : قوله لعمّار: ستقتلك الفئة الباغية، و آخر زادك ضياح(8) من لبن.

فاتي عمّار بصفّين بلین ، فشربه ، فبارز فقتل ، فكان كذلك .(9)

208- ومنها : أنّ أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود [روی] عن أبيه قال : إن الله

ص: 126


1- النطع : جمعه أنطاع، وهو البساط المصنوع من الجلد
2- «محملا» م،ه،ط
3- عنه البحار: 357/20ح7. تقدم نظيره في الحديث : 15.45
4- ركوة : جمعها ركاء و رکوات والاداوة : جمعها أداوی ، وكلاهما اناء صغير يصنع من الجلد
5- ركوة : جمعها ركاء و رکوات والاداوة : جمعها أداوی ، وكلاهما اناء صغير يصنع من الجلد
6- عنه البحار: 232/21 ح7
7- عنه البحار:17 /379 ح 48
8- الضياح والضيح بالفتح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط . النهاية : 107/3
9- عنه البحار : 119/18 وروى مثله باختلاف في دلائل النبوة: 420/6 و 421 بأسانيده المتعددة . وفي صحيحمسلم: 2236/4 ح 72 و 73، و في مسند أحمد: 319/4 ، و في مستدرك الحاكم:3/ 389 و غيرها

أمر نبيّه أن يدخل الكنيسة ليدخل رجلا الجنّة فلمّا دخلها و معه جماعة فاذا هو بيهود يقرؤون التوراة ، وقد وصلوا إلى صفةالنبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم . فلمّا رأوه أمسكوا، وفي ناحية الكنيسة رجل مريض فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : مالكم أمسكتم ؟ فتال المريض : إنّهم أتوا على صفة النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فأمسكوا . ثم جاء المريض يجثو(1) حتّى أخذ التوراة فقرأها ، حتّی أتی على آخر صفة النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و أمّته ، فقال : هذه صفتك و صفة أمّتك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنّك رسول الله . ثم مات .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم باب: صلوا على أخيكم(2) .(3).

209- ومنها : ما قال بعضهم : حضرت سوق بصری(4) ، فاذا راهب في صومعةيقول: سلوا أهل هذا الموسم هل فيكم أحد من أهل الحرم؟ قالوا: نعم .

فقال: سلوه هل ظهر أحمد بن عبد المطّلب؟ فهذا هو الشهر الّذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء، ومخرجه من الحرم، و مهاجرته إلى نخل(5) وحرّة(6) و سباخ .(7).

ص: 127


1- جثا : جلس على ركبتيه ، أو قام على أطراف أصابعه
2- «ولوا أخاكم» البحار
3- عند البحار : 216/15 ح 31
4- بصری : مدينة بالشام ، وهي التي وصل اليها النبي صلى الله عليه و آله للتجارة مراصد الاطلاع: 201/1
5- نخل : با لفتح ثم السكون ، جمع نخلة : منزل من منازل بنی ثعلبة من المدينة على مرحلتين و قيل: موضع بنجد من أرض غطفان ، وهو موضع في طرف الشام من ناحية مصر . وقيل : منزل لبني مرة بن عوف على ليلتين من المدينة . و كأنه الأول مراصد الاطلاع: 3/ 1364
6- حرة: الحرار في بلاد العرب كثيرة. والحرة: كل أرض ذات حجارة سود نخرة ، كأنما احرقت بالنار . وأكثر الحرار حول المدينة ، و تسمی مضافة الى أماكنها ، فمنها : حرة أوطاس ، وحرة تبوك ... مراصد الاطلاع: 394 /1
7- والسباخ من الارض : ما لم يحرث و لم يعمر

قال الراوي : فلمّا رجعت إلی مكّة قلت : هل هنا من حدث؟

قالوا: تنبأ(1) محمّد بن عبد الله الأمین .(2)

210- ومنها : أنّ زيد بن سلام قال: إنّ جده أبا سلام حدّثه أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بينما هو في البطحاء قبل النبوة، فإذا هو برجلين علينها(3) ثياب سفر .

فقالا:السّلام عليك. فقال لهما النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم : و عليكما السّلام . فقال أحدهما لصاحبه:

لا إله إلاّ الله ما لقيت أحداً منذ ولدتني أمّي يردّ السلام قبله(4).

وقال الآخر : سبحان الله ما لقيت رجلا يسلّم منذ ولدتني أمي .(5)

فقال له الراكب : هل في القريةرجل يدعى أحمد؟ فقال: ما فيها أحمد ولامحمّدغيري.

قال: من أهلها أنت ؟ قال : نعم من أهلها، و ولدت فيها. فضرب ذراع راحلته وأناخها ثمّ كشف عن كتف رسول الله حتی نظر إلى الخاتم الّذي بين كتفيه فقال: أشهد أنّك رسول الله، و تبعث بضرب رقاب قومك ، فهل من زاد تزودني ؟ فأتاه بخبز و تمیرات ، فجعلهن في ثوبه حتّى أتى صاحبه، و قال : الحمدلله الّذي لم يمتني حتّى حمل لي نبي الله الزاد في ثوبه .

ثم قال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم : هل من حاجة سوى هذا؟ قال: تدعو الله أن يعرّف بيني و بينك يوم القيامة . فدعا له ، ثمّ انطلق .

211-و في كتب الله المتقدمة : لمّا خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه، عطس، فقال له ربّه : قل الحمدلله . فلمّا قالها ، قال له ربّه : يرحمك الله ، إئت أولئك الملا من

ص: 128


1- «أتانا» البحار
2- عنه البحار : 16/152ح 32
3- «برجل عليه»م، وكذا ما بعده بلفظ المفرد. و يظهر من سیاق الكلام أنهما اثنان ، و ليس بواحد ، و كذا أثبتناه
4- كذا استظهرناها ، وفي الاصل و البحار : قبلك
5- من خلال الحوار ، يدل على أن أحدهما له علم بمبعث النبي صلى الله علیه و آله ، وأن أداء التحية والرد عليها بهذا الشكل ، هو من مواصفات الدين الجديد و تعجب صاحبه الاخر منه ، لانه لا يعلم عن هذا الأمر شيئاً

الملائكة وقل لهم: السّلام عليكم. فقالوا: و عليك السّلام ورحمة الله وبركاته .

ثم قال له ربّه: هذه تحيتّك و تحيّة ذرّيتك .(1).

212- ومنها : أنّه سئل ابن عبّاس: بلغنا أنّك تذكر سطيحاً الغسّاني(2) وتزعم أن الله خلقه ولم يخلق من ولد آدم شيئاً يشبهه ؟ قال: نعم، إن الله خلق سطيحاً الغسّاني لحماً على وضم(3) - والوضم شرائح من جرائدالنخل - أو كان يحمل على وضم، ويؤتى به حيث يشاء ، و لم يكن فيه عظم ولاعصب إلا الجمجمة و العنق و كان يطوی من رجليه إلى ترقوته، كما يطوى الثوب، ولم يكن يتحرّك منه شيء إلا لسانه فلمّا أراد الخروج إلى مكّة حمل على وضمة فاتي به [إلى] مكّة فخرج إليه أربعة من قريش فقالوا: أتينك لنزورك لما بلغنا من علمك ، فأخبرنا عمّا

ص: 129


1- عنه البحار : 217/15 ح33. و روی نحو ذيل الحديث في علل الشرائع : 102 ح 1، عنه البحار: 6/76 ح 21
2- سطيح : هو أحد الكهان ، و اسمه : ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدی بن مازن غسان يقال : انما سمي سطيحاً ، لانه کالبضعة الملقاة على الارض ، فكأنه سطح عليها . ويروي عن وهب بن منبه أنه قال: قيل لسطیح : أن لك هذا العلم ؟ فقال : لی صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم الله تعالى منه موسی علیه السلام فهو يؤدي الى من ذلك ما يؤديه . راجع بشأنه و اخباره عن مبعث الرسول (ص) في السيرة النبوية لابن هشام: 15/1 -18 و 43 و 7و 72 و 73، و في دلائل النبوة: 127/1 -129
3- قال الجزري في النهاية : 198/5 :«انما النساء لحم على وضم ، الا ما ذب عنه» الوضم : الخشبة أو البارية التي يوضع عليها اللحم ، تقيه من الارض. وقال الزمخشري : «الوضم : كل ما وقيت به اللحم من الارض» أراد أنهن من الضعف مثل ذلك اللحم الذي لا يمتنع على أحد الا أن يذب عنه ويدفع.راجع الفائق للزمخشري : 411/2

يكون في زماننا، وما يكون من بعد.

قال: يا معشر العرب ، لا علم عندكم ولافهم . ينشأ من عقبكم دهم(1) يطلبون أنواع العلم، یکسرون الصنم، ويقتلون العجم، و يطلبون المغنم .

قالوا: يا سطيح من يكونون أولئك؟ قال : والبيت ذي الأركان لينشأنّ من عقبكم ولدان يوحّدون الرحمان، ويتركون عبادة الشيطان .

قالوا: فمن نسل من يكونون أولئك؟ قال: أشرف الأشراف من عبد مناف .

قالوا: من أي بلدة يخرج ؟ قال : والباقي [إلى] الأبد ليخرجنّ من ذي البلد، يهدي إلى الرشد ، يعبد ربّاً انفرد .(2).

213- ومنها : أن عبد المطّلب قدم اليمن، فقال له حبر من أهل الزبور: أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك؟(3) قال : نعم إلا إلى عورة .

ففتح إحدى منخريه فنظر فيه، ثم نظر في الأخرى، فقال : أشهد أن في إحدى يديك الملك ، وفي الأخرى النبوّة، وإنّا نجده في بني زهرة فكيف ذلك؟ قال: قلت: لا أدري قال: هل من شاعة؟ قلت: ما الشاعة؟ قال: الزوجة . قال : فاذا رجعت فتزّوج منهم فرجع إلى مكّة فتزّوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة(4)

ص: 130


1- الدهم : الخلق . يقال : أي الدهم هو : أي خلق الله هو ؟
2- عنه البحار : 217 /15 ح 34
3- بعض : جمعها أبعاض: الشي ، جزء، أو طائفة منه
4- عنه البحار : 218/15 ح 35 و روی مثله في دلائل النبوة :: 106/1 باسناده عن ابن عباس ، عن أبيه ، وزاد فيه : «فولدت له حمزة وصفية، وتزوج عبد الله بن عبدالمطلب ، آمنة بنت وهب، فولدت رسول الله صلی الله عليه و آله . فقالت قريش حين تزوج عبدالله آمنة: فلج عبدالله على أبيه أقول : فلج : ظفر بما طلب ، و فلج خصمه : غلبه وروی مثله في طبقات ابن سعد : 86/1 ، وفي دلائل أبی نعیم : 88. وأورده في البداية والنهاية : 251/2 ،والخصائص الكبرى : 40/1

214- ومنها : أن عبدالله بن عبد المطّلب لمّا ترعرع(1) ركب يوماً للصيد، وقد نزل بالبطحاء قوم من اليهود قدموا ليهلكوا والد محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ليطفؤوا نور الله .

فنظروا إلى عبد الله فرأوا حلية أبوة النبوة فيه ، فقصدوه - و كانوا ثمانین نفراً من اليهود - بالسيوف والسكاكين.

وكان وهب بن عبد مناف بن زهرة والد آمنة أم محمد صلی الله علیه و آله و سلّم في ذلك الهوب يتصّيد، وقد رأي عبد الله وقد حف به اليهود ليقتلوه ، فقصد أن يدفعهم عنه، فاذا بكثير من الملائكة معهم الأسلحة طردوا اليهود عنه [و كان الله قد كشف عن بصر وهب] فتعجّب من ذلك وانصرف ، و دخل على عبد المطّلب و قال : أزوّج ابنتي آمنة من عبدالله . نعقد [العقد ، فحملت] فولدت رسول الله(2)

215- ومنها : أن بعد مولد النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بسنتين أتت أشراف العرب سيف بن ذي يزن الحميري ، لمّا تا ظهر على الحبشة ، و فد إليه قریش للتهنئة ، وفيهم عبد المطّلب .

فقال: أيّها الملك سلفك خير سلف، و أنت [لنا منه] خير خلف .

قال: من أنت؟ قال: عبد المطّلب بن هاشم . قال : ابن أختنا. ثمّ أدناه .

( قال : إن من سر علمي أمراً لو يكون غيرك لم أبح له فيه، فليكن عندك مطويّاً حتّى يأذن اللّه .

إنّي أجد في الكتاب المكنون خیراً عظيماً للناسّ عامّة، و لرهضک خاصّة، و هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد . اسمه محمّد ، بموت أبوه و أمّه، يكفله جدّه، ثم عمّه، والله باعثه جهاراً، و جاعل له منّا أنصاراً .

يعبد الرحمان، و يكسّر الأوثان . قوله فصل، و حكمه عدل .

ثم قال: إنّك ستجده يا عبد المطّلب .

فخر عبدالمطلب ساجداً لله، ثم قال: كان لي ابن ، فزوجته كريمة من قومي، فجاءت

ص: 131


1- ترعرع : نشأ و شب
2- عنه البحار: 15/ 111 ج57

بغلام، سمّيته محمداً .

قال: إحذر عليه اليهود ، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي ، لجعلت يثرب دار ملكي، و هو موضع قبره، ولولا أنّي أقيه الآفات، لأعلنت عليه)(1).

ثم أمر لكل قرشي بنعمة عظيمة ، و لعبد المطّلب بأضعافها عشر مرات ، و هم يغبطونه بها .

فقال: لو علمتم بفخري وذكري لغبطتم به .(2)

216- ومنها : أنّ جبیر بن مطعم قال : كنت آذی قریش لمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فلمّا ظننت انّهم سيقتلونه خرجت حتّى لحقت بدير ، فأقاموا لي الضيافة ثلاثاً ، فلمّا رأوني لاأخرج، قالوا: إن لك لشأناً ؟

قلت: إنّي من قرية إبراهيم ، و ابن عمي يزعم أنّه نبي، فآذاه قومه فأرادوا قتله فخرجت لثلاً أشهد ذلك. فأخرجوا إلى صورة قلت: ما رأيت شيئاً أشبه بشيء من هذه الصورة بمحمّد، كأنّه طوله و جسمه، و بعد ما بين منكبيه.

قالوا: لا يقتلونه، و ليقتلن من يريد قتله ، وإنّه لنبيّ ،و ليظهرنّه ألله.

فلمّا قدمت مكّة إذ هو خرج إلى المدينة. وسئلوا من أين لكم هذه الصورة ؟ قالوا: إن آدم علیه السلام سأل ربّه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل الله عليه صورهم، و كان

ص: 132


1- « وقال : انی مفضي اليك خبراً (خيراً - البحار) عظيماً : يولد نبي أو قد ولد ، اسمه محمد، الله باعثه جهاراً، وجاعل له منا أنصاراً. فقال عبد المطلب : كان لي ابن، زوجته كريمة ، فجاءت بغلام سمیه محمداً» خ و ط والبحار
2- عنه البحار : 218/15 ح 36رواه مفعلا في دلائل النبوة : 9/2 -14 باسناده عن أبي زرعة بن سيف بن ذي يزن ،وفي دلائل أبی نعیم : 52- 60. وأورده في البداية والنهاية : 2/ 330

في خزانة آدم عنده مغرب الشمس ، فاستخرجها ذو القرنين من هناك فدفعها إلى دانیال.(1)

217- ومنها : أن دحية الكلبي قال : بعثني رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بكتاب إلى قيصر فأرسل إلى الأسقف فأخبره بمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم و كتابه فقال : هذا النبي الّذي كنّا ننتظره، بشّرنا به عیسی بن مریم .

فقال الأسقف : أمّا أنا فمصدّقه ومتّبعه.

فقال قيصر : أمّا أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي .

ثم قال قیصر : التمسوا لي من قومه هاهنا أحداً أسأله عنه .

وكان أبو سفيان و جماعة من قريش دخلوا الشام تجّاراً فأحضرهم، قال: ليدن منّي أقربكم نسباً به.

فأتاه أبو سفيان فقال: أنا سائل عن هذا الرجل الذي يقول: انّه نبي .

ثم قال لأصحابه: إن كذب فكذّبوه.

قال أبو سفيان: لولا الحياء أن يأثر(2) أصحابي عنّي الكذب لأخبرته بخلاف ما هو عليه

فقال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: ذو نسب .

قال: فهل قال هذا القول منكم أحد ؟قلت: لا.

قال: فهل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل؟ قلت: لا.

قال: فأشراف الناس اتّبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت: ضعفاؤهم. قال: [فهل] يزيدون أو ينقصون؟ قلت: يزيدون. قال : يرتد أحد منهم سخطأ لدينه؟ قلت : لا .

قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا . قال : فهل قاتلكم(3) ؟ قلت : نعم . قال : فكيف

ص: 133


1- عنه البحار : 219/15 ح37
2- من آثر الحدیث اذا رواه
3- «قاتلتموه» البحار

حربكم وحربه ؟ قلت : ذو سجال(1) مرّة له ، ومرّة عليه ؟ قال: هذه آية النبوة .

قال : فما يأمركم ؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده ، لا نشرك به شيئاً ، و ينهانا عمّا كان يعبد آباؤنا ، و يأمرنا بالصلاة و الصوم و العفاف و الصدق و أداء الامانة والوفاء بالعهد .

قال: هذه صفة نبيّ، وقد كنت أعلم أنه يخرج ولم أظنّ أنّه منكم ، فانّه يوشك أن يملك ماتحت قدمی هاتین.

ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشّمت لقياه، و لو كنت عنده لغسلت(2) قدميه .

و إنّ النصاری اجتمعوا على الأسقف ليقتلوه فقال : إذهب إلى صاحبك فاقرأ علیه سلامي ، و أخبره أنّي أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنّ محمّداً رسول الله ، وأن النصارى أنكروا ذلك علي . ثم خرج إليهم فقتلوه .(3)

218- ومنها: أنّه لمّا بعث محمد صلی الله علیه و آله و سلّم بالنبوة، بعث کسری رسولا إلى باذان(4)

عامله في أرض العرب: بلغني أنّه خرج رجل قبلك يزعم أنّه نبي فلتقل له فليكفف عن ذلك، أو لأبعثن إليه من يقتله ويقتل قومه .

ص: 134


1- قال الجزري في النهاية : 344/2 : السجل : الدلو الملاي ماء ، ويجمع على سجال ومنه حديث أبي سفيان وهرقل «والحرب بيننا سجال» أي مرة لنا ومرة علينا وأصله : أن المستيقن بالسجل يكون لكل واحد منهم سجل
2- «لقبلت» خ
3- عنه البحار : 378/20 ح3 .ما جاء في بعث الرسول صلى الله عليه و آله دحية الكلبي الى قيصر ، وما جرى في سؤاله أبا سفيان عند صلی الله عليه و آله ، رواه بألفاظ متعددة في دلائل النبوة: 377/4 .وفي صحيح البخاری : 4 / 54 -58، وفي صحيح مسلم:1393/3 -1397 ح 74
4- باذان : أحد ملوك اليمن، المنصوب من قبل کسری. و لم يزل عليها حتى بعث الله الرسول الاكرم صلى الله عليه و آله . فلما بلغ ذلك باذان ، بعث باسلامه و اسلام من معه من الفرس الى رسول الله صلی الله عليه و آله . راجع السيرة النبوية لابن هشام: 2/71/1

فبعث باذان إلى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بذلك ، فقال : « لو كان شيء قلته من قبلي لكففت عنه ، و لكن الله بعثني» و ترك رسل باذان و هم خمسة عشر نفرأ و لا يكلمّهم خمسة عشر يوماً ، ثم دعاهم .

فقال : اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له : إن ربيّ قتل ربّه الليلة ، إن ربّي قتل کسری [ الليلة ] ولا كسري بعد اليوم ، وقتل قیصر ، ولاقيصر بعد اليوم . فكتبوا قوله فاذاهما قد ماتا في الوقت الذي حدّثه محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم .(1)

219- ومنها : (حديث النجاشي) روي عن ابن مسعود [قال] : بعثنا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى أرض النجاشي و نحن ثمانون رجلا ، و معنا جعفر بن أبي طالب ، و بعثت قریش خلفنا عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص مع هدايا فأتوه بها، فقبلها، وسجدوا له فقالوا : إنّ قوماً منّا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك .

فبعث إلينا، فقال لنا جعفر : لايتكلّم أحد منكم أنا خطيبكم اليوم، فانتهينا إلى النجاشي، فقال عمرو وعمارة: إنّهم لا يسجدون لك. فلمّا انتهينا إليه زبر نا(2) الرهبان أن اسجدوا للملك. فقال لهم جعفر: لانسجد إلا لله فقال النجاشي :وما ذاك؟ قال: إن الله بعث فينا رسوله، وهو الّذي بشّر به عیسی اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئاً، وأن نقيم الصلاة ، و نؤتي الزكاة، و أمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر . فأعجب النجاشي قوله.

فلمّا رأى ذلك عمرو قال: أصلح الله الملك، إنّهم يخالفونك في ابن مریم .

فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مریم؟ قال: يقول فيه قول الله :هو روح الله وكلمته، أخرجه من العذراء البتول الّتي لم يقر بها بشر .

ص: 135


1- عنه البحار : 380/20 ح 4. وروى مثله في سيرة ابن هشام: 71/1 . تقدم ذيله في الحديث : 119
2- زبره : انتهره ، أو زجره . وزبره عن الامر : منعه و نهاه عنه

فتناول النجاشي عوداً من الأرض، فقال: يا معشر القسّيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مریم ما يزن هذا .

ثم قال النجاشي لجعفر : أنقرأ شيئاً ممّا جاء به محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ؟ قال: نعم .

قال: اقرأ وأمر الرهبان أن ينظروا في كتبهم فقرأ جعفر «کهیعص ...»(1) إلى آخر قصّة عيسي علیه السلام و كانوا يبكون.

ثم قال النجاشي: مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد (أنّه رسول الله)(2) وأنّه الّذي بشّر به عیسی بن مریم، و لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه، اذهبوا أنتم «سيوم» - أي آمنون - .و أمر لنا بطعام و كسوة، وقال : ردّوا لی هذين هديّتهما .

وكان عمرو قصيراً، وعمارة جميلا، وشربا في البحر الخمر ، فقال عمارة لعمرو :قل لامرأتك . و كانت معه - : تقّبلني .

فلم يفعل عمرو ، فأخذه عمارة فرمى به في البحر ، فناشده حتّی خلاه فحقد عليه عمرو فقال للنجاشي: إذا خرجت خلّف عمارة في أهلك، فنفخ في إحليله الزئبق فطار مع الوحش .(3)

220- ومنها: لمّا قدم و فد نجران عليه ، فدعا النبي صلی الله علیه و آله و سلّم العاقب و الطيّب(4)

ص: 136


1- سورة مريم
2- «أن لا اله الا الله، و أن محمد رسول الله» البحار
3- عنه البحار : 420/18 ح8. روی مثله في دلائل النبوة للبيهقي : 299/2 . وأورده في البداية والنهاية :3/ 70و نحوه في سيرة ابن هشام : 360/1
4- في بعض المصادر : السيد . ذكرهما ابن هشام في سيرته : 222/2 قال : العاقب : أمير القوم وذو رأيهم ، و صاحب مشورتهم ، و الذي لا يصدرون الا عن رأيه واسمه عبدالمسيح. والسيد : ثما لهم ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، واسمه : الايهم . انتهى. أقول: ثمال القوم : هو أصلهم الذي يقصدون اليه ، ويقوم بامورهم وشؤونهم

رئيسهم إلى الاسلام ، فقالا : أسلمنا قبلك .

فقال : كذبتما، يمنعكما من ذلك حبّ الصليب و شرب الخمر .

فدعاهما إلى الملاعنة فواءداه على أن يغادیاه .

فغدا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وقد أخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة علیها السلام.

فقالا : أتی بخواصّه واثقاً بديانتهم . فأبوا الملاعنة .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : لو فعلا لاضرم(1) الوادي ناراً.(2).

221- ومنها : أنّ زيد بن عمرو بن نفيل، و ورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتّى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد : من أين أقبلت یا صاحب البعير ؟ قال : من بیت(3) إبراهيم . قال : و ما تلتمس ؟ قال : الدين .

ص: 137


1- «لامطر» خ
2- عنه البحار: 341/21 ح7 . روی هذه الفضيلة والمعجزة الخاصة والعامة في كتبهم التاريخية ، وفي تفاسيرهم ، ضمن سورة آل عمران : 61 آية المباهلة بألفاظ مختلفة ، و منها: الاختصاص : 109- 113و تفسیر فرات الكوفي : 14-19، و روضة الواعظین :196 و سعدالسعود : 91- 94و دعائم الاسلام : 17/1 وغيرها و في شواهد التنزيل: 1/ 124 ح 172 ، وفرائد السمطین:377/1 ، وابن عساکر: 207/1وكفاية الطالب :142، ومناقب ابن المغازلی: 263ح360، والبداية والنهاية: 54/5 وجامع الترمذی: 225/5 ح 2999، والسنن الکبری : 63/7 ، و ينابيع المودة: 224وللحديث مصادر عديدة ، راجع بشأن الحديث :احقاق الحق: 49/3 -76وج 70/9 -91 ، وج 31/14 -148 وج 389/18 -391
3- «بنية» البحار، وستأتي في الحديث. قال الجزري في النهاية: 158/1 : في حديث البراء بن معرور «رأيت أن لاأجعل هذه البنية مني يظهر» يريد الكعبة وكانت تدعي بنية ابراهيم عليه السلام ، لانه بناها ، وقد كثر قسمهم برب هذه البنية

قال: ارجع فانّه يوشك أن يظهر [النين] الذي تطلب في أرضك .

فرجع يريد مكّة حتّى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه ، وكان يقول : أنا على دين إبراهيم علیه السلام و أنا ساجد علی نحو البنية التي بناها إبراهيم علیه السلام و كان يقول: إنّا ننتظر نبيّا من ولد إسماعيل من بني عبدالمطّلب .(1).

222- ومنها حديث كعب بن ماتع :بينا هو في مجلس و رجل من القوم معهم يحدّث أصحابه يقول : رأيت في النوم أنّ الناس حشر وا، وأن الامم تمر كل أمّة مع نبيّها ، ومع كل نبي نوران يمشي بينهما ، و مع كل من اتّبعه نور يمشي به ، حتّی مر محمّد في أمّته فاذا ليس معه شعرة إلا وفيها نوران من رأسه و جلده ، ولامن اتّبعه من أمّته إلا ومعه نوران مثل الانبياء .

فقال كعب: - والتفت إليهما - ما هذا الذي يحدّث به ؟ قال : رؤيا رأيتها.

فقال: والذي بعث محمّداً بالحق إنّه لفي كتاب الله كما رأيت .(2)

223- ومنها : ما روي عن ابن الاعرج(3) أن سفينة مولى رسول الله قال : خرجت غازياً فكسر بي، فغرق المركب و ما فيه، و أفلت(4) و ما علي إلاخرقة قد اتّزرت بها، وكنت على لوح، و أقبل اللّوح یرمي بي على جبل في البحر ، فاذا صعدت و ظننت أنّي نجوت جاءتني موجة فانتسفتني(5) فعلت بي مراراً ثم إني خرجت أشتد(6) على شاطىء البحر ، فلم تلحقني، فحمدت الله على سلامتي فبينا أنا أمشي إذ بصر بي أسد، فأقبل يزأر يريد أن يفتر سني، فرفعت يدي إلى السماء

ص: 138


1- عنه البحار: 220/15 ح 39. وروى مثله با ختلاف في دلائل النبوة : 124/ 2 ، وفي مستدرك الحاكم : 3/ 439
2- عنه البحار: 219 / 15 ح38
3- «ابن الأعرابی» س وط والبحار
4- «وأقبلت» البحار وط
5- انتسف الشيء: اقتلعه
6- «استند» س وط والبحار. واشتد في السير: أسرع

فقلت: اللّهمّ إنّي عبدك و مولی نبيك نجّيتني من غرق، أفتسلّط عليّ سبعك؟ فالهمت أن قلت: أيّها السبع أناسفينة مولى رسول الله إحفظ رسول الله في مولاه.

فوالله إنّه لترك الزئير، وأقبل کالسنّور يمسح خدّه بهذه الساق مرة، وبهذه أخری وهو ينظر في وجهي مليّاً.

ثم طأطأ ظهره وأومأ إلي أن اركب، فركبت ظهره، فخرج يخب(1) بي، فما كان بأسرع من أن هبط جزيرة ، و إذا فيها من الشجر و الثمار وعين عذبة من ماء دهشت ، فوقف و أومأ إلي أن انزل. فنزلت وبقي واقفاً حذاي ينظر .

فأخذت من تلك الثمار وأكلت، وشربت من ذلك الماء فرويت، فعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزراً واتّزرت بها ، وتلحّفت باخرى، وجعلت ورقة شبيهاً بالمزود.(2) فملاتها، من تلك الثمار، وبلّلت الخرقة التي كانت معي لأعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه .

فلمّا فرغت ممّا أردت، أقبل إلي فطأطأ ظهره، ثم أومأ إلي : أن اركب.

فلمّا ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الّذي أقبلت منه .

فلمّا صرت على [ساحل] البحر ، إذا مرکب سائر في البحر ، فلو حت لهم، فاجتمع أهل المركب يسبّحون ويهلّلون ويرون رجلا راكباً أسداً، فصاحوا:یافتي من أنت أجنّي أم إنسي؟

قلت: أنا سفينة مولی رسول الله ، راعي الأسد في حق رسول الله ، ففعل ماترون .

فلمّا سمعوا ذکر رسول الله حطّوا الشراع و حملوا رجلين في قارب صغير، و دفعوا إليهما ثياباً فجاءا إلي، ونزلت من الأسد ، و وقف ناحية مطرقاً ينظر

ص: 139


1- الخبب: ضرب من العدو ، وخب الفرس في عدوه : راوح بين يديه و رجليه ، أي: قام على احداهما مرة ، وعلى الاخرى مرة
2- المزود ، جمعها: مزاود : ما يوضع فيه الزاد

ما أصنع ، فرميا إليّ بالثياب وقالا : البسها . فلبستها .

فقال أحدهما : اركب ظهري حتّي أحملك إلى القارب ، أيكون السبع أرعی لحق رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم من أمّته ؟

فأقبلت على الأسد فقلت : جزاك الله خيراً عن رسول الله . فوالله لقد نظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك ، حتّى دخلت القارب ، و أقبل يلتفت إلي ساعة بعد ساعة حتّى غبنا عنه.(1)

224- ومنها : ما ذكرنا شيئاً منه و هو أن أباطالب سافر بمحمّد فقال : فلمّا(2) كنّا نسير في الشمس تسير الغمامة بسيرنا وتقف بوقوفنا .

فنزلنا يوماً على راهب بأطراف الشام في صومعة يقال له «بحيرا الراهب» ، فلمّا قربنا منه نظر إلى الغمامة تسير بسيرنا على رؤوسنا فقال: في هذه القافلة نبي مرسل(3)فنزل من صومعته فأضافنا ، و كشف عن كتفيه فنظر إلى الشامة بين كتفيه فيكي، وقال: يا أبا طالب لم يجب(4) أن تخرجه معك من مكة ، و بعد إذ أخرجته فاحتفظ به و احذر عليه اليهود فله شأن عظيم ، و ليتني أدر که فأكون أوّل مجيب لدعوته .(5)

225-ومنها: ما روي عن فاطمة بنت أسد: أنّه لمّا ظهرت أمارة(6) وفاة عبدالمطّلب قال لأولاده : من يكفل محمّداً ؟ قالوا : هو أكيس منّا فقل له يختار لنفسه .

فقال عبد المطلب : يا محمّد جدك على جناح السفر إلى القيامة ، أي عمومتك وعمّاتك تريد أن يكفلك ؟

فنظر في وجوههم ، ثم زحف إلى عند أبي طالب ، فقال له عبدالمطّلب :

ص: 140


1- عنه البحار: 409 / 17 ح 39، تقدم نحوه في الحديث :47
2- «کلما» ط والبحار
3- «شیء» البحار
4- «لم نحب» ط
5- عنه البحار: 355 / 17 ح 9 . تقدم مفصلا في الحديث: 132
6- الامارة : جمعها أمارات : العلامة

يا أبا طالب ، إنّي قد عرفت دیانتك وأمانتك ، فكن له كما كنت له .

قالت : فلمّا توفّي أخذه أبو طالب ، و كنت أخدمه ، و كان دعوني الامّ .

قالت: و كان في بستان دارنا نخلات، و کان أول إدراك الرطب ، و كان أربعون صبيّاً من أتراب(1) محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم يدخلون عليناكل يوم في البستان ويلتقطون مايسقط فما رأيت قط محمّداً أخذ رطبة من يد صبي سبق إليها ، والآخرون يختلس بعضهم من بعض . و كنت كل يوم ألتقط لمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم حفنة فما فوقها ، و كذلك جاريتي.

فاتّفق يوماً أن نسيت أن ألتقط له شيئاً و نسيت جاريتي ، و كان محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم نائماً ودخل الصبيان و أخذوا كل ما سقط من الرطب و انصرفوا، فنمت فوضعت الكمّ على وجهي حياء من محمّد إذا انتبه .

قالت: فانتبه محمّد، ودخل البستان ، فلم ير رطبة على الأرض فانصرف، فقالت له الجارية : إنّا نسينا أن نلتقط شيئاً و الصبيان دخلوا وأكلوا جميع ما كان قد سقط.

قالت : فانصرف محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم إلى البستان و أشار إلى نخلة ، و قال : أيّتها الشجرة أنا جائع . قالت : فرأيت الشجرة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتّى أكل منها محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم : ما أراد ، ثم ارتفعت إلى موضعها .

قالت فاطمة : فتعجّبت ، و كان أبوطالب قد خرج من الدار ، و كلّ يوم إذا رجع و قرع الباب كنت أقول للجارية حتّى تفتح الباب .

فقرع أبو طالب، فعدوت حافية إليه وفتحت الباب وحكيت له مارأيت فقال: هو إنّما يكون نبيّاً، وأنت تلدين وزيره بعد ثلاثين. فولدت عليّاً علیه السلام كما قال(2)

226- ومنها : أن جابراً روی أن سبب تزويج خديجة بمحمّد صلی الله علیه و آله و سلّم كان [أنّ] أبا طالب قال: يا محمّد إنّي أريد أن أزوجك ولامال لي أساعدك به ، وإنّ خديجة

ص: 141


1- أي : كانوا في سنه صلوات الله عليه وعلى آله
2- عند البحار : 363 /17 ح 1

قرابتنا ، وتخرج كل سنة قريشاً في مالها مع غلمانها يتّجر لها، ويأخذ وقر بعير ممّا أتى به ، فهل لك أن تخرج ؟ قال : نعم .

فخرج أبو طالب إليها وقال لها ذلك ، ففرحت وقالت لغلامها ميسرة : أنت وهذا المال كلّه بحكم محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم . فلمّا رجع ميسرة [ من سفره ] حدّث أنه ما مرّ بشجرة ولامدرة إلا قالت : السلام عليك يا رسول اللّه .

وقال: وجاء « بحيرا الراهب » وخدمنا لمّا رأى الغمامة على رأسه تسير حيثما سار تظلّه بالنهار. وربحا في تلك السفرة ربحاً كثيراً .

فلمّا انصرفا قال ميسرة: لو تقدّمت يا محمّد إلى مكّة وبشّرت خديجة بما قد ربحنا لكان أنفع لك.

فتقدّم محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم على راحلته، و كانت خديجة في ذلك اليوم جالسة على غرفة مع نسوة فوق سطح لها فظهر لها محمد صلی الله علیه و آله و سلّم راكباً، فنظرت خدیجة إلى غمامة عالية على رأسه تسير بسيره، ورأت ملكين عن يمينه وعن شماله، وفي يد كلّ واحد سیف مسلول، يجيئان في الهواء معه .

فقالت: إنّ لهذا الراكب لشأناً عظيماً، ليته جاء إلى داري. فاذا هو محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم قاصداً لدارها.

فنزلت حافية إلى باب الدار، و كانت إذا أرادت التحوّل من مكان إلى مكان حوّلت الجواري السرير الّذي كانت عليه، فلمّا دنت منه قالت : يا محمّد أخرج و احضر لي عمّك أبا طالب الساعة. وقد بعثت إلى عمّها أن زوّجني من محمّد إذا دخل عليك .

فلمّا حضر أبو طالب قالت: أخرجا إلى عمّي ليزوّجني من محمّد، فقد قلت له في ذلك . فدخلا على عمّها ، وخطب أبو طالب الخطبة المعروفة ، وعقد النكاح فلمّا قام محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ليذهب مع أبي طالب قالت خديجة : إلى بيتك ، فبيتي بيتك

ص: 142

وأنا جاريتك .(1)

227- ومنها :ما روي عن جابر قال. كنت إذا مشيت في شعاب مكّة مع محمّد لم يكن يمر بحجر ولاشجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله .(2)

228- ومنها :ما روي عن علي أنّه لمّا كان بعد ثلاث سنين من مبعثه أسري به إلى بيت المقدس ، وعرج به منه إلى السماء ليلة المعراج فلمّا أصبح من ليلته حدّث قريشاً بخبر معراجه، فقال جھّالهم: ما أكذب هذا الحديث وقال قائلهم : يا أبا القاسم، فيم نعلم أنّك صادق؟ قال: مررت بعير كم في موضع كذا، وقدضلّ لهم بعير ، وعرّفتهم مكانه، وصرت إلى رحالهم، و كانت لهم قرب مملوءة من الماء فصبّبت قربة، و العير توافيكم في اليوم الثالث من هذا اليوم(3)مع طلوع الشمس فأوّل العير جمل أحمر وهو جمل فلان .

فلمّا كان اليوم الثالث خرجوا إلى باب مكّة لينظروا صدق ما أخبر به محمّدصلی الله علیه و آله و سلّم قبل طلوع الشمس ، فهم كذلك إذ طلعت العير عليهم بطلوع الشمس، في أولها الجمل الأحمر فتعجّبوا من ذلك، و سألوا الّذين كانوا مع العير فقالوا مثل ما قال محمّدصلی الله علیه و آله و سلّم في إخباره عنهم . فقالوا: هذا أيضاً من سحر محمّد .(4)

229- ومنها : أن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم كان ليلة جالساً في الحجر(5) ، و كانت قريش في مجالسها يتسامرون، فقال بعضهم لبعض: قد أعيانا أمر محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ، فما ندري ما نقول فيه.

فقال بعضهم : قوموا بنا جميعاً إليه نسأله أن يرينا آية من السماء، فان السحر قد

ص: 143


1- عند البحار : 3/16 ح 8
2- عنه البحار : 364/ 17 ح 2. تقدم مثله في الحديث: 59
3- «الموضع»ه و س و البحار
4- عنه البحار : 18/ 379 ح 85. تقدم نظيره في الحديث : 4 و 140
5- الحجر الحائط المستدير الى جانب الكعبة الغربي . النهاية: 341 /1

يكون في الأرض ولا يكون في السماء، فصاروا إليه .

فقالوا : يا محمّد إن لم يكن هذا الّذي نرى منك سحراً، فأرنا آية في السماء فانّا نعلم أن السحر لا يستمر في السماء كما يستمر في الأرض .

فقال لهم : ألستم ترون هذا القمر في تمامه لأربع عشرة؟ فقالوا: بلى.

قال: أفتحبّون أن تكون الآية من قبله وجهته؟ قالوا: قد أحببنا ذلك .

فأشار إليه باصبعه فانشق بنصفين ، فوقع نصفه على ظهر الكعبة، و نصفه الآخر على جبل أبي قبيس، وهم ينظرون إليه .

فقال بعضهم: فرده إلى مكانه. فأومی بيده إلى النصف الذي كان على ظهر الكعبة و بيده الاخرى إلى النصف الذي كان على جبل أبي قبيس ،فطارا جميعاً فالتقيا في الهواء فصارا واحداً، واستقر القمر في مكانه، على ما كان.

فقالوا : قوموا فقد استمر سحر محمّد في السماء و الأرض . فأنزل الله تعالی :«اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ »«وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ »(1) (2)

230- ومنها : أنّه لمّا كانت قريش تحالفوا و كتبوا بينهم صحيفة ألا يجالسوا واحداً من بني هاشم ولا يبايعوهم حتى يسلّموا إليهم محمّداً ليقتلوه ، و علقوا تلك الصحيفة في الكعبة ، و حاصروا بني هاشم في الشعب - شعب عبد المطّلب - أربع سنين ، فأصبح النبي صلی الله علیه و آله و سلّم يوماً وقال لعمّه أبي طالب: إنّ الصحيفة التي کتبتها قريش في قطيعتنا قد بعث الله عليها دابّة فلحست كل ما فيها غير اسم الله ، و كانوا قد ختموها بأربعين خاتماً من رؤساء قريش .

فقال أبو طالب : يا ابن أخي أفأصير إلى قريش فأعلمهم بذلك ؟ قال : إن شئت .

فصار أبو طالب رضي الله عنه إليهم فاستبشروا بمصيره إليهم ، و استقبلوه بالتعظيم والاجلال، وقالوا: قد علمنا الآن أن رضی قومك أحب إليك ممّا كنت فيه ، أفتسلّم

ص: 144


1- سورة القمر: 1و2
2- عنه البحار : 17/ 355ح 10. تقدم نظيره في الحديث : 26

إلينا محمّداً - ولهذا جئتنا - ؟

قال : يا قوم إنّي قد جئتكم بخبر أخبرني به ابن أخي محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فانظروا في ذلك ، فان كان كما قال فاتّقوا الله وارجعوا عن قطيعتنا ، وإن كان بخلاف ما قال سلّمته إليكم واتّبعت مرضاتكم .

قالوا : وما الذي أخبرك ؟

قال : أخبرني أن الله قد بعث على صحيفتكم دابّة فلحست ما فيها غير اسم الله فحطّوها فان كان الأمر بخلاف ما قال سلّمته إليكم.

ففتحوها فلم يجدوا فيها شيئاً غير اسم اللّه .

فتفرّ قوا وهم يقولون : سحر سحر . وانصرف أبو طالب رضي الله عنه .(1)

231- ومنها : أنّه لمّا كانت اللّيلة التي خرج فيها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى الغار كانت قريش اختارت من كل بطن منهم رجلا ليقتلوا محمّداً صلی الله علیه و آله و سلّم فاختارت خمسة عشر رجلا من خمسة عشر بطناً ، كان فيهم أبو لهب من بطن بني هاشم ليتفرّق دمه في بطون قريش فلايمكّن بني هاشم أن يأخذوا بطناً واحداً ، فيرضون عند ذلك بالدية فيعطون عشر ديات.

فقال النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لأصحابه: لا يخرج اللّيلة منكم أحد من داره . فلمّا نام الرسول صلی الله علیه و آله و سلّم قصدوا باب عبدالمطّلب ، فقال لهم أبو لهب : یا قوم إنّ في هذه الدار نساء بني هاشم و بناتهم ، و لانأمن أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن فيبقى ذلك علينا مسبّة و عاراً إلى آخر الدهر في العرب ، و لكن اقعدوا بنا جميعاً على الباب نحرس محمّداً في مرقده ، فاذا طلع الفجر تو اثبنا إلى الدار فضربناه ضربة رجل واحد وخرجنا، فالى أن تجتمع الناس قد أضاء الصبح ،فيزول عنّا العار عند ذلك .

فقعدوا بالباب يحرسونه .

ص: 145


1- عنه البحار : 120/18 و تقدم نحوه في ح 141

قال علي علیه السلام : فدعاني رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: إنّ قريشاً دبّرت كيت و کيت في قتلي فنم على فراشي حتّى أخرج أنا من مكّة، فقد أمرني الله تعالی بذلك .

فقلت له : السمع و الطاعة .

فنمت على فراشه، وفتح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الباب، و خرج عليهم وهم جميعاً جلوس ينتظرون الفجر ، وهو يقول: «وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ »(1) و مضى وهم لايرونه، فرأى أبا بكر قد خرج في اللّيل يتجسّس عن خبره - وقد كان وقف على تدبير قریش من جهنهم - فأخرجه معه إلى الغار .

فلمّا طلع الفجر تواثبوا إلى الدار ، و هم يظنّون أنّي محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم فوثبت في وجوههم وصحت بهم . فقالوا : عليّ ؟! قلت: نعم. قالوا: وأين محمّد ؟ قلت:خرج من بلدكم . قالوا : و إلى أين خرج ؟ قلت : الله أعلم .

فتركوني وخرجوا فاستقبلهم أبو كريز الخزاعي و كان عالماً بقصص الآثار، فقالوا :يا أبا کریز اليوم نحب أن تساعدنا في قصص أثر محمّد، فقد خرج عن البلد .

فوقف على باب الدار ، فنظر إلى أثر رجل محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم ، فقال : هذه أثر قدم محمّد ، و هي والله أخت القدم التي في المقام ! ومضى به على أثره حتّى إذا صار إلى الموضع الذي لقيه فيه أبو بكر ، فقال : [هنا] قد صار مع محمّد آخر ، وهذه قدمه ، إمّا أن تكون قدم أبي قحافة أو قدم ابنه.

فمضى على ذلك إلى باب الغار ، فانقطع عنه الأثر ، وقد بعث الله إليه العنكبوت فنسجت على باب الغار کله ، و بعث الله قبجة فاضت على باب الغار فقال : ما جاز محمّد هذا الموضع ، و لا من معه ، إمّا أن يكونا صعدا إلى السماء ، أو نزلا في الأرض ، فانّ باب هذا الغار كما ترون عليه نسج العنكبوت ، والقبجة حاضنة على

ص: 146


1- سورة يس : 9

بيضها على باب النار . فلم يدخلوا الغار ، و تفرّقوا في الجبل يطلبونه .(1)

232- ومنها : أنّ أبو بكر اضطرب في الغار اضطراباً شدیداً خوفاً من قريش و أراد الخروج إليهم، فقعد واحد من قريش ، مستقبل الغار يبول، فقال أبو بكر : هذا قدر آنا قال صلی الله علیه و آله و سلّم : كلاّ لو رآنا ما استقبلنا بعورته.

وقال له النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم «لا تخف إنّ الله معنا» لن يصلوا إلينا . فلم يسكن اضطرابه .

فلمّا رأى صلی الله علیه و آله و سلّم ذلك منه، رفس ظهر الغار، فانفتح منه باب إلى بحر وسفينة، فقال له: اسكن الان، فانّهم إن دخلوا من باب الغار خرجنا من هذا الباب و ركبنا السفينة فسكن عند ذلك ، فلم يزالوا إلى أن أمسوا في الطلب فيئسوا وانصرفوا.

و وافي ابن الأريقط بأغنام یر عاها إلى باب الغار وقت الليل يريد مكّة بالغنم فدعاه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و قال: أفيك مساعدة لنا؟ قال: إي والله، فوالله ما جعل الله هذه القبجة على باب الغار حاضنة لبيضها، ولا نسج العنكبوت عليه إلا وأنت صادق، و أنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول اللّه .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : الحمدلله على هدايتك، فصر الان إلى عليّ فعرّفه موضعنا، و مرّ بالغنم إلى أهلها إذا نام الناس ، ومرّ إلى عبد أبي بكر . فصار ابن الأريقط إلى مكة و فعل ما أمر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ، فأتى علياعلیه السلام وعبد أبي بكر . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم :أعد لنا يا أبا الحسن راحلة و زاداً، و ابعثها إلينا، وأصلح ما تحتاج إليه لحمل والدتك و فاطمة و ألحقنا بهما إلى يثرب ، وقال أبو بكر لعبده مثله ، ففعلا ذلك ، فأردف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ابن الاريقط، وأبو بكر عبده .(2)

233- ومنها : أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا خرج بهؤلاء، و أصبحوا من تلك الليلة التي خرجوا فيها على حي سراقة بن مالك بن جعشم ، فلمّا نظر سراقة إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم

ص: 147


1- عند البحار: 72/ 19 ح 26. والحدیث متواتر مشهور، و في كتب السيرة والتاريخ مسطور
2- عنه البحار: 19 / 74

قال : أتخذ به یداً عند قريش . وركب فرسه وقصد محمّداً صلی الله علیه و آله و سلّم قالوا: قد لحق بنا هذا الشيطان. فقال: إن الله سيكفينا أمره .

فلمّا قرب قال صلی الله علیه و آله و سلّم : «اللّهمّ خذه» فارتطم فرسه في الأرض فصاح : يا محمّد خلّص فرسي، لا سعيت لك في مكروه بعدها . و علم أنّ ذلك بدعاء محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم - فقال: «اللّهمّ إنّ كان صادقاً فخلّصه» فوثب الفرس .

فقال: يا أبا القاسم ستمرّ برعاتي و عبيدي فخذ سوطي، فكل من تمر به خذ ما شئت فقد حكّمتك في مالي . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : لا حاجة لي في مالك .

قال: فسلني حاجة. قال صلی الله علیه و آله و سلّم : ردّ عنّا من يطلبنا من قريش.

فانصرف سراقة، فاستقبله جماعة من قريش في الطلب فقال لهم : انصرفوا عن هذا الطريق، فلم يمر فيه أحد، و أنا أكفيكم هذا الطريق، فعليكم بطريق اليمن والطائف.(1)

234- ومنها : أنّ النبيّ سار حتّى نزل خيمة أم معبد، فطلبوا عند ها قرى(2)

فقالت: ما يحضرني شيء . فنظر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى شاة في ناحية الخيمة قد تخلّفت من الغنم لضر ها، فقال: تأذنين في حلبها ؟ قالت: نعم و لا خير فيها.

فمسح يده على ظهرها ، فصارت أسمن ما يكون من الغنم، ثم مسح يده على ضرعها، فأرخت ضرعاً عجیباً ، و درت لبناً كثيراً فقال: يا أمّ معبد هاتي العس(3) . فشربوا جميعاً حتّی رووا .

فلمّا رأت أم معبد ذلك قالت: يا حسن الوجه إن لي و لداً له سبع سنين، وهو كقطعة لحم لا يتكلّم و لا يقوم . فأتته به .

فأخذ تمرة قد بقيت في الوعاء، و مضغها وجعلها في فيه، فنهض في الحال و مشی وتكلّم، وجعل نواها في الأرض فصارت في الحال نخلة، وقد تهدّل الرطب منها

ص: 148


1- عنه البحار: 19 / 75.و تقدم مختصراً فی ص23 ح1
2- القرى : ما يقدم للضيف
3- العس بضم أوله : القدح الكبير

و كان كذلك صيفاً وشتاءاً ، و أشار من الجوانب فرار ما حولها مراعي ، و رحل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم .

ولمّا توفي صلی الله علیه و آله و سلّم لم ترطب تلك النخلة، و كانت خضراء، فلمّا ، قتل على علیه السلام لم تخضر و كانت باقية، فلمّا فتل الحسين سال منها الدم و يبست .

فلمّا انصرف أبو معبد و رأى ذلك، و سأل عن سببه قالت: مر بي رجل قرشي من حاله و قصّته [كذا وكذا] قال: يا أم معبد إن هذا الرجل هو صاحب أهل المدينة الّذي هم ينتظرونه ، و و الله ما أشك الآن أنّه صادق في قوله أنّه رسول الله ، فليس هذا إلا من فعل الله . ثم قصد إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فآمن هو و أهله .(1)

235- ومنها : أنه لمّا كانت وقعة بدر قتل المسلمون من قريش سبعين رجلا و أسروا منهم سبعين، فحكم رسول الله بقتل الأسارى و حرق الغنائم فقال جماعة من المهاجرين : إنّ الاساری هم قومك وقد قلنا منهم سبعين، فأطلق لنا أن نأخذ الفداء من الاسارى و الغنائم فنقوى(2) بها على جهادنا .

فأوحى الله إليه يقتل منكم في العام المقبل في مثل هذا اليوم عدد الاساری إن لم يقتلوا [الأساری] وأنزل الله «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ».(3)

فلمّا کان في العام المقبل و قتل من المسلمین سبعون - عدد الاساری - قالوا : یا رسول الله قد وعدتنا النصر فما هذا الذي وقع بنا؟ و نسوا الشرط ببدر .

فأنزل الله : «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا »(4) يعني ما كانوا أصابوا من قریش ببدر وقبلوا الفداء من الأسراء «قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ »(5)

ص: 149


1- عنه البحار : 75/19 ، وفي المستدرك : 121/3 باب 103 ح 1 مختصراً . وتقدم بعض الحديث في ص 25 ح6
2- « فنقوی» خ ل
3- سورة الانفال : 67
4- آل عمران : 165
5- آل عمران : 165

يعني بالشرط الذي شرطوه على أنفسهم أن يقتل منهم بعدد الاسارى إذا هو أطلق لهم الفداء منهم و الغنائم ، فكان الحال في ذلك على حكم الشرط.

ولمّا انكشفت الحرب يوم أحد سار أولياء المقتولين ليحملوا قتلاهم إلى المدينة فشدّوهم على الجمال ، و كانوا إذا توجّهوا بهم نحو المدينة بركت الجمال ، وإذا توجّهوا بهم نحو المعركة أسرعت ، فشكوا الحال إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم . فقال : ألم تسمعوا قول الله « قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ »(1)

فدفن كل رجلين في قبر إلا حمزة، فانّه دفن وحده .

و كان أصاب عليّاً علیه السلام البلا في حرب أحد أربعون جراحة ، فأخذ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الماء على فمه فرشّه على الجراحات ، فكأنّها لم تكن من وقتها .

و كان أصاب عين قتادة(2) سهم من المشركين فسالت الحدقة، فأمسكها النبي صلی الله علیه و آله و سلّم فعادت صحيحة ، و كانت أحسن من الاخرى.(3)

236- ومنها : أنّ عليّاً علیه السلام قال : انقطع سيفي يوم أحد فرجعت إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقلت : إن المرء يقاتل بسيفه ، وقد انقطع سيفي ، فنظر إلى جريدة نخل عتيقة یا بسة مطروحة فأخذها بيده ، ثم هزها فصارت سیفه «ذا الفقار» فناولنيه ، فماضربت به أحداً إلا وقده بنصفين .(4)

237- ومنها : أن جابراً قال : كان النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم بمكة و رجل من قریش یربّی مهراً ، كان إذا لقي محمّداً و المهر معه يقول: يا محمد على هذا المهر أقتلك. قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : أقتلك عليه. قال: بل أقتلك. فوافي أحداً، فأخذ النبي صلی الله علیه و آله و سلّم حربة رجل وخلع سنانه و رمى به ، فضربه بها على عنقه ، فقال : النار النار . و سقط ميتاً .(5)

ص: 150


1- آل عمران : 154
2- «عم قتادة» م. وهو خطأ . راجع تعليقتنا على الحديث «30»
3- عنه البحار : 77/20 ح16. و نحوه في دلائل البيهقي : 137/3 وص139 . و تقدم ذيل الحديث في ص 32 ح 30 وذح.5
4- عنه البحار : 78/30
5- عنه البحار : 78/30

238- ومنها : أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم انتهى إلى رجل قد فوق(1) سهماً ليرمي بعض المشركين ، فوضع صلی الله علیه و آله و سلّم يده فوق السهم ، وقال : إرم . فرمى ذلك المشرك فهرب المشرك من السهم ، وجعل يروغ من السهم يمنة ويسرة ، و السهم يتبعه حيثما راغ حتّى سقط السهم في رأسه ، فسقط المشرك ميتاً فأنزل الله :

«فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى » .(2)

239- و كان أبوعزّة(3) الشاعر حضر مع قريش يوم بدر يحرض قر یشاً بشعره على القتال ، فاسر في السبعين الذين أسروا .

فلمّا وقع الفداء على القوم قال أبو عزة: يا أبا القاسم تعلم أنّي رجل فقير فامنن على بناتي . فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إن أطلقتك بغیر فداء أتكثر علينا بعدها؟ قال : لاوالله. فعاهده أن لا يعود . فلمّا كانت حرب أحد دعته قريش إلى الخروج معها ليحرض الناس بشعره على القتال، فقال : إنّي عاهدت محمّداً ألا أكثر عليه بعد ما من علي.

قالوا: ليس هذا من ذاك ، إنّ محمّداً لا يسلم منّا في هذه الدفعة. فقلبوه عن رأيه فلم يؤسر يوم أحد من قريش غيره .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ألم تعاهدني؟ قال: إنّما غلبوني على رأيي ، فامنن على بناتي قال : لا ، تمشي بمكّة و تحرّك كتفيك فتقول : سخرت من محمّد مرتين، المؤمن لايلسع من جحر مرتين، ياعليّ اضرب عنقه(4) .

ص: 151


1- الفوقة : موضع الوتر في رأس السهم
2- عنه البحار: 298/17 ح 9 وج 78/20 ح16 (قطعة منه)
3- ذكره ابن هشام في سير ته : 315/2
4- عند البحار : 79/20 .وروی نحوه ابن هشام في السيرة: 5/3 ، والواقدي في المغازی : 201/1 ، عنه شرح نهج البلاغة : 214/14 . وأخرجه في البحار : 19 / 345، عن، شرح النهج

240- ومنها : أنّه لمّا و افی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم المدينة مهاجراً نزل بقبا(1) وقال :لا أدخل المدينة حتّى يلحق بي علي .

و كان سلمان کثير السؤال عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و كان قد اشتراه بعض اليهود وكان يخدم نخلا لصاحبه .

فلمّا وافي صلی الله علیه و آله و سلّم قبا - و كان سلمان قد عرف بعض أحواله من بعض أصحاب عیسی و غیره - فيحمل طبقاً من تمر و جاءهم به ، فقال : سمعنا أنّكم غرباء وافيتم إلى هذا الموضع في حملنا هذا إليكم من صدقاتنا فكلوه .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : سمّوا و كلوا. ولم يأكل هو منه شيئاً ، و سلمان و قف ينظر ، فأخذ الطبق وانصرف وهو يقول : هذه واحدة - بالفارسيّة - . ثمّ جعل في الطبق تمرأ آخر و حمله فوضعه بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: رأيتك لم تأكل من تمر الصدقة ، وهذه هديّة(2) فمد يده [وأكل ] وقال لأصحابه :كلوا باسم الله . فأخذ سلمان الطبق ويقول : هذه اثنتان .

ثمّ دار خلف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فعلم صلی الله علیه و آله و سلّم مراده منه، فأرخی رداءه عن كتفيه ، فرأي سلمان الشامة ، فوقع عليها وقبّلها ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله

ثمّ قال : إنّي عبد ليهودي فما تأمرني ؟ قال: اذهب فكاتبه على شيء تدفعه إليه.

فصار سلمان إلى اليهودي فقال : إنّي أسلمت و اتّبعت هذا النبي على دينه ولاتنتفع بي ، فكاتبني على شيء أدفعه إليك وأملك نفسي.

فقال اليهودي : اكاتبك على أن تغرس لي خمسمائة نخلة ، و تخدميها حتّی تحمل ثم تسلّمها إلي ، وعلى أربعين أوقيّة ذهباً جیّداً .

ص: 152


1- قبا با لضم : اسم بئر هناك ، عرفت القرية بها، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار.وهي قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد الى مكة. راجع معجم البلدان: 301/4
2- «فحملت هذا هدية» م وط

فانصرف إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فأخبره بذلك، فقال: اذهب فكاتبه على ذلك.

فمضی سلمان و کاتبه على ذلك و قدّر اليهودي أن هذا شيء لا يكون إلا بعد سنين فانصرف سلمان بالكتاب إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال : اذهب فأتني بخمسمائة نواة وفي رواية الحشويّة(1) : بخمسمائة فسيلة .

فجاء سلمان بخمسمائة نواة ، فقال : سلّمها إلى عليّ . ثمّ قال لسلمان : اذهب بنا إلى الأرض التي طلب النخل فيها. فذهبوا إليها ، فكان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يثقب الأرض باصبعه ، ثم يقول لعلي لیه السلام : ضع في الثقب نواة ، ثمّ يردّ التراب عليها و يفتح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم أصابعه فينفجر الماء من بينها، فيسقي ذلك الموضع ، ثم يصير إلى موضع الثانية فيفعل بنا كذلك.

فاذا فرغ من الثانية تكون الاولى قد نبتت، ثمّ يصير إلى موضع الثالثة، فاذا فرغ منها تكون الاولى قد حملت، ثمّ يصير إلى موضع الرابعة و قد نبتت الثالثة و حملت الثانية ، و هكذا حتّى فرغ من غرس الخمسمائة، وقد حملت كلّها .

فنظر اليهودي، و قال: صدقت قريش أن محمّداً ساحر. و قال: قد قبضت منك النخل فأين الذهب ؟

فتناول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم حجراً كان بين يديه فصار ذهباً أجود ما يكون، فقال اليهودي :

ما رأيت ذهباً قطّ مثله. وقدّره مثل تقدير عشرة أواق فوضعه في الكفّة فرجّح فزاد عشراً، فرجّح حتّى صار أربعين أوقية لا تزيد ولا تنقص .

ص: 153


1- «اخرى» س وه و ط . قال النوبختي في فرق الشيعة : 34 : الحشوية، ومن قال بقولهم: أن علياً وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم ، وأن المصيبين هم الذين قعدوا عنهم، وأنهم يتولونهم جميعاً ، و يتبرؤون من حربهم ، ويردون أمرهم الى الله عزوجل

قال سلمان: فانصرفت إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله و سلّم فلزمت خدمته و أنا حر .(1)

241- ومنها : أنّ جابراً قال: لمّا اجتمعت الاحزاب من العرب لحرب الخندق و انتشار النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم المهاجرين و الأنصار في ذلك فقال سلمان: إنّ العجم إذا أحزبها(2)أمر مثل هذا اتخذوا الخنادق حول بلدانهم، وجعلوا القتال من وجه واحد.

فأوحى الله أن يفعل مثل ما قال سلمان .

فخطّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الخندق حول المدينة، و قسّمه بين المهاجرين و الأنصار بالذراع، فجعل لكلّ عشرة منهم عشر أذرع.

قال جابر : فظهرت في الخط لنا يوماً صخرة عظيمة لم يمكن كسرها، و لا كانت المعاول تعمل فيها، فأرسلني أصحابي إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لاخبره بخبرها ، فصرت إليه فوجدته مستلقياً، وقد شدّ على بطنه الحجر، فأخبرته بخبر الحجر ، فقام مسرعاً فأخذ الماء في فمه فرشّه على الصخرة، ثمّ ضرب المعول بيده وسط الصخرة ضربة برقت منها برقة، فنظر المسلمون فيها إلى قصور اليمن و بلدانها، ثم ضربها ضربة فبرقت برقة أخرى نظر المسلمون فيها إلى قصور العراق، و فارس، و مدنها.

ثم ضربها الثالثة فانهارت الصخرة قطعاً.

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ما الّذي رأيتم في كل برقة؟ قالوا: رأينا في الأولى كذا و في الثانية كذا، وفي الثالثة كذا . وقال: سيفتح الله عليكم ما رأيتموه .

قال جابر : و كان في منزلي صاع من شعیر و شاة مشدودة، فصرت إلى أهلي فقلت: رأيت الحجر على بطن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و أظنّه جائعاً ، فلو أصلحنا هذا الشعير و هذه

ص: 154


1- عنه البحار : 38622 ح 6. تقدم نحوه في الحديث : 28
2- قال الجزري في النهاية: 377/1 : وفيه «كان اذا حزبه أمر صلى» أي: اذا نزل به مهم أو أصابه غم. ومنه حديث على عليه السلام «نزلت کرائه الامور وحوازب الخطوب» جمع حازب، وهو الامر الشديد

الشاة و دعونا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلينا كان لنا قربة عند اللّه .

قالت : فاذهب فأعلمه، فان أذن فعلناه .

فذهبت فقلت: يا رسول اللّه إن رأيت أن تجعل غداءك اليوم عندنا . قال: و ماعندك؟ قلت : صاع من الشعير و شاة . قال: أفأصير إليك مع من أحب أو أنا وحدي ؟ قال: فكرهت أن أقول: أنت وحدك، بل قلت: مع من تحب، و ظننته يريد عليّاً بذلك. فرجعت إلى أهلي، فقلت : أصلحي أنت الشعير ، و أنا أسلخ الشاة، ففرغنا من ذلك وجعلنا الشاة كلّها قطعاً في قدر واحد و ماء و ملحاً، و خبزت أهلي ذلك الدقيق وصرت إليه، فقلت: يا رسول الله قد أصلحنا ذلك فوقف على شفير الخندق، ونادى بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أجيبوا دعوة جابر فخرج جميع المهاجرين والأنصار فخرج [النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم ] و الناس خلفه، فلم يكن يمر بملا من أهل المدينة إلاّ قال: أجيبوا دعوة جابر .

فأسرعت إلى أهلي فقلت: قد أتانا ما لا قبل لنا به ، و عرّفتها خبر الجماعة. فقالت: ألست قد عرّفت رسول الله ما عندنا؟ قلت: بلى . قالت:فلاعليك فهو أعلم بما يفعل فكانت أملي أفقه منّي.

فأمر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم النّاس بالجلوس خارج الدار، و دخل هو و عليّ الدار، فنظر في التنور و الخبز فيه، فتفل فيه و كشف القدر فنظر فيها، ثم قال للمرأة: أقلعي من التنور رغيفاً رغيفاً، و ناوليني واحداً بعد واحد.

فجعلت تقلع رغيفاً و تناوله إيّاه، و هو وعليّ يثردان في الجفنة، ثم تعود المرأة إلى التنّور فتجد مكان الرغيف الذي اقتلعته رغيفاً آخر .

فلمّا امتلات الجفنة بالثريد غرف عليه من القدر، و قال علیه السلام: أدخل عليّ عشرة من الناس. فدخلوا، و أكلوا حتّى شبعوا [و الثريد بحاله] .

ثمّ قال: يا جابر ائتني بالذراع. ثمّ قال: أدخل عليّ عشرة

ص: 155

فدخلوا و أكلوا حتّى شبعوا و الثريد بحاله .

ثم قال:هات الذراع. فأتيته به . ثم قال : أدخل علي عشرة. فأكلوا وشبعوا و الثريد بحاله و قال صلی الله علیه و آله و سلّم : هات الذراع. قلت : كم للشاة من ذراع ؟ قال: ذراعان .

قلت: قد أتيت بثلاث أذرع. قال صلی الله علیه و آله و سلّم : لو سكت لأكل الجميع من الذراع فلم يزل يدخل عشرة و يخرج عشرة حتّى أكل الناس جميعاً .

ثمّ قال: تعال حتّى نأكل نحن و أنت . فأكلت أنا و محمّد صلی الله علیه و آله و سلّم و علي علیه السلام و خرجناء و الخبز في التنّور على حاله، و القدر على حالها و الثريد في الجفنة على حاله، فعشنا أيّاماً بذلك .(1)

242- ومنها : أن جابراً قال: استشهد والدي بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يوم أحد و هو ابن مائتي سنة، و كان عليه دين، فلقيني رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يوماً فقال : ما فعل دین أبيك؟ قلت : على حاله . فقال: لمن هو؟ قلت: لفلان اليهودي .قال: متى حينه ؟قلت: وقت جفاف التمر . قال: إذا جفّفت التمر فلا تحدّث فيه حتّى تعلمني، واجعل كلّ صنف من التمر على حدة .

ففعلت ذلك، و أخبرته صلی الله علیه و آله و سلّم ، فصار معي إلى التمر و أخذ من كل صنف قبضة بيده و ردّها فيه، ثمّ قال: هات اليهودي. قدعوته .

ص: 156


1- عنه البحار: 32/پ18 ح 25. وروی نحوه في قصة حفر الخندق، وظهور البرقة عندضر به صلوات الله عليه الحجر بالمعول في دلائل النبوة : 398/3 -400 باسناده عن موسى بن عقبة ، وص417 بطريق آخر عن سلمان ، وفي السيرة النبوية لابن هشام : 173/3 . وأخرج بنحو آخر قصة ذراع الشاة في الخصائص الکبری: 251 /2 و 252 عن أحمد والدارمي وابن سعد والطبراني وأبی نعیم من طریق شهر بن حوشب عن أبی عبید وأخرجه عن أحمد وابن سعد وأبي يعلى والطبراني وأبی نعیم وابن عساكر من طرق أربعة عن أبي رافع. وأخرجه عن أبی نعیم بعدة أوجه عن أبي هريرة

فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : إختر من هذا التمر أي صنف شئت، فخذ دينك منه .

فقال اليهودي : وأي مقدار لهذا التمر كلّه حتّى آخذ صنفاً منه؟ و لعلّ كلّه لا يفي بدیني! فقال: إختر أي صنف شئت فابتدىء به .

فأومي إلى صنف الصيحاني ، فقال : أبتدیء به ؟ فقال: افعل باسم الله.

فلم يزل يكيل منه حتى استوفي منه دینه کلّه، و الصنف على حاله مانقص منه شيء .

ثمّ قال صلی الله علیه و آله و سلّم : يا جابر هل بقي لأحد عليك شيء من دينه؟ قلت: لا.

قال: فاحمل تمرك بارك اللّه لك فيه.

فحملته إلى منزلي، و كفانا السنة كلّها ، فكنّا نبيع لتفقتنا ومؤونتنا ونأكل منه، ونهب منه و نهدي، إلى وقت التمر الحديث ، و التمر على حاله إلى أن جاءنا الحديث(1) .(2)

243- ومنها : ما روی عمّار بن ياسر أنّه كان مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في بعض أسفاره قال: فنزلنا يوماً في بعض الصحارى القليلة الشجر، فنظر إلى شجرتين صغيرتين فقال لي: يا عمّار صر إلى الشجرتين فقل لهما: يأمر كما رسول الله أن تلتقيا حتّى يقعد تحتكما . فأقبلت كل واحدة إلى الاخرى، حتى التقتا فصارتا كالشجرة [الواحدة و مضى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم خلفهما فقضى حاجته] .

فلمّا أراد الخروج قال: لترجع كل واحدة إلى مكانها. فرجعتا كذلك .(3)

244- ومنها : أنّ عليّاً علیه السلام بعثه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في بعض الامور بعد صلاة الظهر و انصرف من جهته تلك(4) و قد صلّى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم العصر بالناس .

فلمّا دخل عليّ علیه السلام جلس يقص عليه ما كان قد نفذ فيه . فنزل الوحي عليه في تلك الساعة ، فوضع رأسه في حجر علي علیه السلام و کانا كذلك حتّى غربت الشمس

ص: 157


1- «الجديد» البحار
2- عند البحار: 31/18 ح 24
3- عنه البحار: 364/17 ح 3. تقدم نحوه بكامل تخريجاته في الحديث: 55
4- «فانصرف من وجهة ذلك» الاصل

فسري عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم في وقت الغروب .

فقال لعليّ : هل صلّيت العصر ؟ قال: لا، فانّي كرهت أن أزيل رأسك، و رأيت جلوسي تحت رأسك و أنت في تلك الحال أفضل من صلاتي .

فقام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فاستقبل القبلة فقال: «اللّهمّ إنّ كان عليّ في طاعتك و حاجة رسولك فاردد عليه الشمس ليصلّي صلاته» فرجعت الشمس حتّى صارت في موضع أوّل العصر ، فصلّي عليّ ثم انقضّت الشمس للغروب مثل انقضاض الكوكب.

و روي أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم قال: يا عليّ إنّ الشمس مطيعة لك فادع.

فدعا فرجعت، و كان قد صلاها بالاشارة.(1)

245- ومنها : أن الحصار لمّا اشتد على المسلمين في حرب الخندق، و رأی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم منهم الضجر لما كان فيه من الضر ، صعد على مسجد الفتح فصلّی رکعتین ثم قال : «اللّهمّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد بعدها في الأرض» فبعث الله ريحاً قلعت خيم المشركين، و بددت رواحلهم، و أجهدتهم بالبرد، و سفّت(2) الرمال و التراب عليهم ، و جاءته الملائكة فقالت: يا رسول الله إن الله قد أمرنا بالطاعة لك فمرنا بما شئت . قال: زعزعي المشركين و ارعبيهم، و کوني من ورائهم .

ففعلت بهم ذلك وأنزل الله :«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ - یعني أحزاب المشركين - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا » «إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ - أي أحزاب العرب -وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ (3) يعني بني قريظة حين نقضوا عهد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و صاروا مع الأحزاب على المسلمين .»

ص: 158


1- عنه البحار: 170/ 41 ح6. تقدم نحوه في الحديث: 81
2- سفي التراب : تذری و تبدد
3- سورة الأحزاب:9 و 10

ثمّ رجع من مسجد الفتح إلى معسكره فصاح بحذيفة بن اليمان - و كان قريباً - ثلاثاً ، فمال في الثالثة: لبيّك يارسول الله . قال: تسمع صوتي ولا تجيبني؟ فقال: منعني شدّة البرد. فقال: اعبر الخندق، فاعرف خبر قریش والأحزاب، وارجع، ولاتحدث حدثاً حتى ترجع إليّ .

فقمت و أنا أنتفض من البرد، فعبرت الخندق، و كأنّي في الحمّام، فصرت إلى معسكرهم فلم أجد هناك إلاّ خيمة أبي سفيان و عنده جماعة من وجوه قریش، و بین أيديهم نار تشتعل مرّة و تخبو أخرى، فانسللت فجلست بينهم .

فقال أبو سفيان: إن كنّا نقاتل أهل الأرض فنحن بالقدرة عليه، و إنّ كنّا نقاتل أهل السماء كما يقول محمّد فلا طاقة لنا بأهل السماء، انظروا بينكم لا يكون لمحمّد عين بيننا، فليسأل بعضكم بعضاً .

قال حذيفة: فبادرت إلى الذي عن يميني فقلت: من أنت؟ قال : خالد بن الوليد و قلت للذي عن يساري: من أنت ؟ قال: فلان. فلم يسألني أحد منهم .

ثم قال أبو سفيان لخالد: إمّا أن تتقدّم أنت فتجمع إلي الناس ليلحق بعضهم ببعض، فأكون على الساقة، و إما أن أتقدّم أنا، و تكون على الساقة .

قال: بل أتقدّم أنا و تتأخّر أنت .

فقاموا جميعاً فتقدموا و تأخّر أبو سفيان، فخرج من الخيمة و أنا اختفیت في ظلّها ، فركب راحلته و هي معقولة من الدهش الّذي كان به، فنزل يحل العقال فأمكنني قتله، فلمّا هممت بذلك تذكّرت قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لي: «لا تحدثن حدثاً حتّى ترجع إليّ».

فكففت و رجعت إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و قد طلع الفجر، فحمد الله، ثمّ صلّی بالناس الفجر، و نادى مناديه: لا يبرحين أحد مكانه إلى أن تطلع الشمس.

فما أصبح إلا وقد تفرّق عنه الجماعة إلا نفراً يسيراً.

ص: 159

فلما طلعت الشمس انصرف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و من كان معه، فلمّا دخل منزله أمر فنودي: أن لا يصلّي أحد منكم إلاّ في بني قريظة . فسار المسلمون إليهم ، فوجدوا النخل محدقاً بقصرهم . ولم يكن للمسلمين معسكر ينزلون فيه، و وافی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: ما لكم لا تنزلون؟ فقالوا: ما لنا مكان ننزل به من اشتباك النخل.

فوقف في طريق بين النخل ، فأشار بيده يمنة ، فانضم النخل بعضه إلى بعض و أشار بيده يسرة فانضم النخل كذلك ، و اتّسع لهم الموضع فنزلوا .(1).

246- ومنها : أنّه لمّا خرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم للعمرة سنة الحديبيّة منعت قريش من دخوله مكّة، و تحالفوا أنّه لا يدخلها و منهم عين تطرف .

و قال لهم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : ما جئت محارباً لكم، إنّما جئت معتمراً.

قالوا: لا ندعك تدخل مكّة على هذه الحالة فتستند لنا العرب و تعيّرنا، و لكن اجعل بيننا و بينك هدنة لا تكون لغيرنا، فاتّفقوا عليها .

و قد نفد ماء المسلمين و كظّهم و بهائمهم العطش ، فجيء بر کوة فيها قليل من الماء ، فأدخل يده فيها ففاضت الركوة، و نودي في العسكر : من أراد الماء فليأته . فسقوا و استقوا ، و ملأوا القرب .(2)

247- ومنها : ما روی جابر ، عن عمار بن ياسر أنّه كان مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في بعض غزواته، قال: فلمّاخرجنا من المدينة و تأخّر عنّا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ثم أقبل خلفنا

ص: 160


1- عند البحار : 248/20 ح17 وروی نحوه (قصة ارسال النبي صلى الله علیه و آله حذيفة بن اليمان الى معسكر المشركين وظهور المعجزات) في دلائل النبوة : 449/3 -455 . و قطعات منه في صحيح مسلم :3/ 1414 ح 99، ومستدرك الحاكم : 31/3 ، و في سيرةابن هشام : 186/3 - 187 وأخرجه في البداية والنهاية: 114/4 و 115، وفي السنن الکبری :149/9
2- عند البحار : 358/ 20 ح 8. تقدم نحوه في الحديث: 203

فانتهى إليّ و قد قام جملي و برك في الطريق، و تخلّفت عن الناس بسبب ذلك ، فنزل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم عن راحلته فأخذ من الاداوة ماء في فمه ، ثم رشّه على الجمل، صاح به، فنهض کأنّه ظبي، فقال لي: اركبه وسر عليه .

فركبته وسرت مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فوالله ما كانت ناقة رسول الله العضباء تفوته .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم لی : يا عمار تبيعني الجمل؟ قلت: هو لك يا رسول الله .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : لا إلا بثمن . قلت : تعطي من الثمن ما شئت .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : مائة درهم . قلت: قد بعتك .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : ولك ظهره إلى المدينة .

فلمّا رجعنا و نزلنا المدينة حططت عنه رحلي، و أخذت بزمامه، فقدمته إلى باب دار رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ، فقال : و فیت یا عمّار . فقلت: الو احب هذا یا رسول الله .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : يا أنس أدفع إلى عمّار مائة درهم ثمن الجمل ، و ردّ عليه الجمل هديّة منّا إليه لينتفع به .(1)

248- قال جابر : وكنّا يوماً جلوساً حوله صلی الله علیه و آله و سلّم في مسجده فأخذ كفّاً من حصي المسجد فنطقت الحصيات كلّها في يده بالتسبيح ، ثمّ قذف بها إلى موضعهافي المسجد.(2)

249- ومنها : أنّه لما سار إلى خیبر أخذ أبو بكر الراية إلى باب الحصن فحاربهم فحملت اليهود فرجع منهزماً يجبّن أصحابه ويجبّنونه .

و لمّا كان من الغد أخذ عمر الراية وخرج، ثم رجع يجبّين الناس(3).

فغضب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم وقال:ما بال أقوام يرجعون منهزمین يجبّنون أصحابهم؟! أنا لاعطين الراية غداً رجلا يحب الله و رسوله، و يحبّه الله و رسوله، کرّاراً غير فرار لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه .

ص: 161


1- عند البحار: 411/17 ح40
2- عند البحار : 411/17 ، و تقدم نحوه في ح 61
3- «أصحابه» خ ل

و كان عليّ علیه السلام أرمد العين، فتطاول جميع المهاجرين و الأنصار و قالوا:

أمّا عليّ فانّه لا يبصر شيئاً، لا سهلا ولا جبلا .

فلمّا كان من الغد خرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم من الخيمة و الراية في يده فرکزها و قال :

أين علي؟ فقيل : یا رسول الله هو رمد معصوب العينين . قال: هاتوه إليّ .

فأتي به يقاد ففتح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم عينيه ثم تفل فيهما، فكأنما لم ترمدا قط .

ثمّ قال: «اللهمّ أذهب عنه الحر و البرد» فكان علي يقول: ما وجدت بعد ذلك حراً و لا برداً في صيف ولا شتاء(1) . ثم دفع إليه الراية ثم قال له: سر في المسلمين إلى باب الحصن، وادعهم إلى إحدى ثلاث خصال :إمّا أن يدخلوا في الاسلام، و لهم ما للمسلمين و عليهم ما عليهم، و أموالهم لهم .

و إمّا أن يذعنوا بالجزية و الصلح، و لهم الذمّة و أموالهم لهم .

و إمّا الحرب . فان هم اختاروا الحرب فحاربهم .

فأخذها و سار بها و المسلمون خلفه حتّی وافی باب الحصن، فاستقبله حماة اليهود وفي أو لهم مرحب يهدر(2) كما يهدر البعير ، فدعاهم إلى الاسلام فأبوا، ثم دعاهم إلى الذمّة فأبوا ، فحمل عليهم أمير المؤمنين علیه السلام فانهزموا بين يديه ودخلوا الحصن و ردوا بابه وكان الباب حجراً منقوراً في صخر ، و الباب من الحجر في ذلك الصخر المنقور كأنّه، حجر رحی، و في وسطه ثقب لطیف، فرمى أمير المؤمنين علیه السلام بقوسه من يده اليسرى، و جعل يده اليسرى في ذلك الثقب الذي في وسط الحجر دون اليمني لأن السيف كان في يده اليمنى، ثم جذبه إليه فانهار الصخر المنقور ، وصار الباب في يده اليسرى، فحملت عليه اليهود، فجعل ذلك ترساً له، و حمل عليهم فضرب مرحباٌ، فقتله

ص: 162


1- تقدمت قطعة الحديث هذه مع تخريجاتها في ص57 ح 94 ، وذح167
2- الهدير: تردید صوت البعير في الحنجرة

وانهزم اليهود من بين يديه ، فرمی عند ذلك بالحجر بيده اليسرى إلى خلفه، فمر الحجر - الذي هو الباب - على رؤوس الناس من المسلمين إلى أن وقع في آخر العسكر .

وقال المسلمون: فذر عنا المسافة التي مضى فيها الباب فكانت: أربعين ذراعاً، ثم اجتمعنا على ذلك الباب لنرفعه في الأرض، و كنّنا أربعين رجلا حتّى تهیّأ لنا أن نرفعه قليلا من الأرض .(1).

250- ومنها : أنّه لمّا انصرف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم من خيبر راجعاً إلى المدينة قال جابر : أشرفنا (2) علی واد عظيم قد امتلا بالماء، فقاسوا عمقه برمح فلم یبلغغ قعره، فنزل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و قال [: «اللّهم أعطنا اليوم آية من آيات أنبيائك و رسلك» ثمّ ضرب الماء بقضيبه و استوی علی راحلته ثمّ قال ]: سيروا خلفي (على اسم)(3) الله . فمضت راحلته على وجه الماء و اتّبعه الناس على رواحلهم و دوابّهم ، فلم تتر طّب أخفافها ولاحوافرها .(4).

251- ومنها : أن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا أراد المسير إلى مكّة لفتحها قال: «اللّهم أعم الأخبار عن قريش حتّی نبغتها في دارها » فعميّت الأخبار عليهم وكان حاطب بن أبي بلتعة قد أسلم و هاجر و كان أهله وولده بمكّة، فقال قريش لهم: اكتبوا إلى حاطب کتا بأسلوه أن يعرّفنا خبر محمّد . فكتبو اکتاباً و بعثته قريش مع امرأة سرّأ، فكتب الجواب بأن محمداً صائر إليكم .و دفعه إلى المرأة و خرجت فقال عليه و آله السلام : إن الله أوحي إليّ أنّ حاطباً قد كتب بخبرنا إلى مكة والكتاب حملته امرأة من حالها و صفتها ... فمن يمضي خلفها فيرد الكتاب؟ قال الزبير : أنا . قال صلی الله علیه و آله و سلّم : يكون . علي معك .

ص: 163


1- عنه البحار: 28/21 ح 30. و للحديث مصادر جمة ذكر بعضها في احقاق الحق: 368/5-468 وج 220/16 -276
2- «و صرنا» م
3- «باسم» م
4- عنه البحار : 30/21 ح 31، واثبات الهداة : 117/2 ، ح 518

فخرجا فلحقاها في الطريق، فقالا: أين الكتاب ؟ قالت: ما معي . و رميت إليهماكل ما كان معها، فقال الزبير : ما معها كتاب . قال علي علیه السلام : ماكذب رسول الله، ولا كذب الله، و جرد سيفه، فقال: لتخرجن الكتاب، أولأفتلنّك. فأخرجته من شعر رأسها فأنزل الله تعالی :«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ »(1) .(2).

252- ومنها: أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلّم خرج قاصداً مكّة في عشرة آلاف فارس من المسلمين، فلم يشعر أهل مكّة حتّى نزل تحت العقبة، و كان أبو سفيان و عكرمة أبي جهل خرجا إلى العقبة يتجسّسان خبراً، ونظرا إلى النيران فاستعظما، فلم يعلما لمن النيران، وكان العبّاس قد خرج من مكّة مستقبلا إلى المدينة، فردّه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم معه . و الصحيح أنّه منذ يوم بدر كان بالمدينة .

فلمّا نزل تحت العقبة ركب العبّاس بغلة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و صار إلى العقبة طمعا أن يجد من أهل مكّة من ينذرهم، إذ سمع كلام أبي سفيان يقول لعكرمة : ماهذه النيران؟ فصاح العباس إلى أبي سفيان، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل ما هذه النيران؟

قال: نیران عسکر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم .

فقال أبو سفيان: هذا محمد !!

فقال العبّاس: يا أبا سفيان نعم هذا رسول الله .

قال: ما تری لي أن أصنع؟

قال: تركب خلفي فأصير بك إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فأخذ لك الأمان .

قال: و تراه يؤمنني؟ قال: نعم، فانّي إذا سألته شيئاً لم يردّني.

فركب أبو سفيان خلفه و انصرف عكرمة إلى مكّة، فصار العباس إلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم

ص: 164


1- سورة الممتحنة : 1
2- عند البحار : 112/21 ح5 ج388/75 ح 1 وعن تفسير القمي : 674 و تقدم مثله في ح 101 . وذكر بعض مصادر الحديث في احقاق الحق : 368/8

فقال العبّاس: هذا أبو سفيان صار معي إليك فتؤمنه بسببي .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : أسلم تسلم يا أبا سفيان . فقال : يا أبا القاسم ما أكرمك و أحلمك .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : أسلم تسلم . قال : ما أكرمك [و أحلمك] .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم :أسلم تسلم . فوكزه العباس : ويلك إن قالها الرابعة ولم تسلم قتلك ؛

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : خذه يا عم إلى خيمتك . وكانت قريبة، فلمّا جلس في الخيمة ندم على مجيئه مع العباس، وقال في نفسه: من فعل بنفسه مثل ما فعلت أنا ؟ جئت فأعطيت بيدي ولو كنت انصرفت إلى مكّة فجمعت الأحابيش(1) و غيرهم فلعلّي كنت أهزمه .

فناداه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم من خيمته فقال : « إذاً كان الله يخزيك »

فجاء العبّاس فقال : يريد أبو سفيان أن يجيئك يا رسول الله . قال صلی الله علیه و آله و سلّم : هاته .

فلمّا دخل قال صلی الله علیه و آله و سلّم : ألم يأن [لك] أن تسلم ؟

فقال له العباس: قل، وإلاّ فيقتلك. فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنّك رسول الله فضحك صلی الله علیه و آله و سلّم فقال: رده إلى عندك . فقال العبّاس: إنّ أبا سفيان يحب الشرف فشرّفه قال صلی الله علیه و آله و سلّم : «من دخل داره فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن ».

فلمّا صلّى بالناس الغداة قال للعبّاس: خذه إلى رأس العقبة فأقعده هناك لتراه جنود الله، و يراها .

فقال أبو سفيان: ما أعظم منك ابن أخيك ؟! قال العباس: إنهاهي نبوّة ، قال : نعم.

ثم قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : تقدم إلى مكّة فأعلمهم بالأمان.

فلمّا دخلها قالت هند: اقتلوا هذا الشيخ الضال.

ودخل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم مكّة، و كان وقت الظهر ، فأمر بلالا، فصعد على ظهر الكعبة فأذن، فما بقي صنم بمكّة إلا سقط على وجهه ، فلمّا سمع وجوه قريش الأذان قال

ص: 165


1- هم أحياء من القارة انضموا الى بني ليث في محاربتهم قريشاً . والتحبش: التجمع. وقيل حالفوا قريشاً تحت جبل يسمى حبشياً - بضم الحاء - فسموا بذلك. النهاية: 1/ 330

بعضهم في نفسه: الدخول في بطن الأرض خير من سماع هذا .

وقال آخر: الحمد لله الذي(1) لم يعش والدي إلى هذا اليوم .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : يافلان قد قلت في نفسك كذا، و یا فلان قلت في نفسك كذا.

فقال أبو سفيان: أنت تعلم أنّي لم أقل شيئاً .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : «اللّهم اهد قومي فانّهم لا يعملون» .(2)

253- ومنها : أنّ النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لّما سار إلى خيبر كانوا قد جمعوا حلفاءهم من العرب من غطفان أربعة آلاف فارس ، فلمّا صلی الله علیه و آله و سلّم نزل بخيبر سمعت غطفان صائحاً يصيح في تلك الليلة : يا معشر غطفان، الحقوا حيّكم، فقد خولفتم إليهم .

وركبوا من ليلتهم و حساروا إلى حيّهم من الغد، فوجدوهم سالمين قالوا: فعلمنا أن ذلك من قبل الله ليظفر محمّد بيهود خيبر .

[فنزل صلی الله علیه و آله و سلّم تحت الشجرة، فلمّا انتصف النهار نادى مناديه، قالوا: فاجتمعنا إليه فاذا عنده رجل جالس فقال: عليكم هذا، جاءني و أنا نائم و سلّ سيفي، و قال: من يمنعك منّي؟ قلت: الله يمنعني منك، فصار كما ترون لاحراك به .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : دعوه .ولم يعاقبه ].

و لمّا فتح عليّ علیه السلام حصن خيبر الأعلى بقيت لهم قلعة، فيها جميع أموالهم و مأكولهم، ولم يكن عليها حرب من وجه من الوجوه، نزل رسول لله صلی الله علیه و آله و سلّم عليها محاصراً لمن فينا ، فصار إليه يهودي منهم فقال: يا محمّد تؤمّنني على نفسي و أهلي و ولدي حتّى أدلّك على فتح القلعة ؟

فقال له النبي صلی الله علیه و آله و سلّم : أنت آمن، فما دلالتك ؟

ص: 166


1- «حين» م
2- عنه البحار : 118/21 ح 17 ، وفي مستدرك الوسائل :252/ح 8 (ط. الحجر ) قطعة ، و تقدمت قطعة منه في ذح 158

قال: تأمر أن يحفر هذا الموضع ، فانّهم يصيرون إلى ماء أهل القلعة فيخرج و يبقون بغير ماء، فيسلّمون إليك القلعة طوعاً .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم : أو يحدث الله غير هذا و قد أمّناك ؟

فلمّا كان من الغد ركب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بغلته و قال المسلمين: إتبعوني . و سار نحو القلعة و أقبلت السهام و الحجارة نحوه وهي تمر عن يمننه و يسرته فلا يصيبه ولا أحداً من المسلمين شيء منها حتّى وصل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى باب القلعة فأشار بيده إلى حائطها ، فانخفض الحائط حتّى صار مع الأرض و قال للناس : أدخلوا القلعة من رأس الحائط بغير كلفة .(1)

254- ومنها : ما روت عائشة أن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بعث عليّاً علیه السلام يوماً في حاجة له، فانصرف إلى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و هو في حجرتي، فلمّا دخل علي من باب الحجرة استقبله رسول لله صلی الله علیه و آله و سلّم إلى وسط واسع [ من ] الحجرة فعانقه، و أظلّتهما غمامة ستر تهما عنّي، ثم زالت عنهما الغمامة، فرأيت في يد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم عنقود عنب أبيض و هو يأكل و يطعم علياً.

فقلت: يا رسول الله تأكل و تطعم عليّاً ولا تطعمني؟

قال: إنّ هذا من ثمار الجنة لا يأكله إلا نبي أو وصي نبي في الدنيا .(2)

255- ومنها : أن نبي الله صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا بنى مسجده كان فيه جذع نخل إلى جانب المحراب یا بس عتيق ، إذا خطب يستند إليه، فلمّا اتّخذ له المنبر و صعده حن ذاك الجذع [ كحنين الناقة إلى فصيلها ]، فنزل [رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ] فاحتضنه [فسكن من الحنين ثم رجع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ] . و يسمّى «الحنّانة».

ص: 167


1- عند البحار: 30/ 21 ح 32
2- عنه البحار : 360/17 ح16 ، وج 101/37 ح 4، و ج 39 / 125 ح 11، ومدينة المعاجز :60

إلى أن هدم بنو أميّة المسجد و جدّدوا بناءه، فقطعوا الجذع .(1)

256- ومنها : أنّه لمّا بعث النبي صلی الله علیه و آله و سلّم عسكراً إلى مؤتة ولّى عليهم زيد بن حارثة و دفع الراية إليه، و. قال : «إن قتل زید فالوالي عليكم جعفر بن أبي طالب فان قتل جعفر فالوالي عليكم عبد الله بن رواحة الأنصاري » و سكت .

فلمّا ساروا، وقد حضر هذا الترتيب في الولاية من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم رجل من اليهود فقال اليهودي: إن كان محمّد نبيّاً كما يقول سيقتل هؤلاء الثلاثه . فقيل له: لم قلت هذا؟ قال: لأن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا بعث نبي منهم بعثاً في الجهاد فقال: إن قتل فلان فالوالي عليكم بعده فلان ، فان سمّي للولاية كذلك اثنين أو مائة أو أقل أو أكثر قتل جميع من ذكر فيهم الولايات .

و قال جابر: فلمّا كان اليوم الذي وقعت فيه حربهم صلّي النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بنا الغداة(2) ثمّ صعد المنبر فقال: «قد التقى إخوانكم مع المشركين للمحاربة » فأقبل يحدّثنا بكرّات بعضهم على بعض إلى أن قال: «قال زيد و سقطت الراية ».

ثمّ قال: «قد أخذها جعفر بن أبي طالب و تقدّم للحرب بها » .

ثمّ قال: «قد قطعت يده وقد أخذ الراية بيده الاخرى».

ثمّ قال: «و قطعت يده الاخرى و قد احتضن الراية في صدره » .

ثمّ قال: «قتل جعفر و سقطت الراية ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة و قد قتل من المشرکین کذا، و قتل من المسلمين فلان و فلان » إلى أن ذكر جميع من قتل من المسلمين بأسمائهم .

ثمّ قال: «قتل عبد الله بن رواحة، و أخذ الراية خالد بن الوليد و انصرف المسلمون» .

ثمّ نزل عن المنبر وصار إلى دار جعفر، فدعا عبد الله بن جعفر فأقعده في حجره

ص: 168


1- عنه البحار : 365/17 ح 6، وتقدم مثله في ص26 ح 10
2- «صلاة الفجر» ط ، ه. «الفجر» البحار

و جعل يمسح على رأسه .

فقالت والدته أسماء بنت عمیس: یارسول الله إنّك لتمسح على رأسه كأنّه يتيم .

قال: قد استشهد جعفر في هذا اليوم . ودمعت عينا رسول الله ، و قال: قطعت يداه قبل أن يستشهد(1) وقد أبدله الله من يديه جناحين من زمرد أخضر، فهو الآن يطير بهما في الجنّة مع الملائكة كيف يشاء .(2)

257- ومنها : أن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لمّا بعث سريّة ذات السلاسل عقد الراية و ساربها أبوبكر حتّى إذا صار بها بقرب المشر کین اتّصل بهم خبر هم ، فتحرّزوا ، و لم يصل المسلمون إليهم .

فأخذها عمر، وخرج مع السريّة فاتّصل بهم خبرهم فتحرّ زوا، و لم يصل : المسلمون إليهم .

. فأخذ الراية عمرو بن العاص فخرج مع السريّة و انهزموا أيضاً .

فعقد صلی الله علیه و آله و سلّم الراية لعلي علیه السلام وضمّهم إليه، ومن كان في تلك السريّة .

و كان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم : ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة فيأخذون حذرهم و استعدادهم.

فلمّا خرج علي علیه السلام ترك الجادة و أخذ بالسريّة في الأودية بين الجبال.

فلمّا رأى عمرو بن العاص قد فعل علي ذلك علم أنّه سيظفر بهم ، فحسده فقال لأبي بكر وعمر ، و وجوه السريّة : إنّ عليّاً رجل غر لاخبرة له بهذه المسالك و نحن أعرف بها منه، و هذا الطريق الّذي توجه فيه كثير السباع، و سيلقى الناس من معرّتها أشد ما يحاذرونه من العدو ، فاسألوه أن يرجع عنه إلى الجادة. فعرفوا أمير المؤمنين علیه السلام ذلك، قال : من كان طائعاً لله و لرسوله منكم فليتبعني، ومن أراد

ص: 169


1- «استشهد» م
2- عنه البحار: 53/21 ج3 . و تقدم مختصراً مع ذكر تخریجاته ح198

الخلاف على الله و رسوله فلينصرف عنّي .

فسكتوا و ساروا معه. فكان يسير بهم بين الجبال باللّيل ويكمن في الأودية بالنهار وصارت السباع التي فيها كالسنانير(1) إلى أن كبس المشر کین و هم غارون(2) آمنون وقت الصبح، فظفر بالرجال و الذراري و الأموال، فحاز ذلك كلّه ، و شد الرجال في الحبال كالسلاسل، فلذلك سمّیت «غزاة ذات السلاسل».

فلمّا كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين علیه السلام على العدوّ - و من المدينة إلى هناك خمس مراحل-خرج النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و صلّي بالناس الفجر، وقرأ «و العاديات» في الركعة الأولى ، وقال : « هذه سورة أنزلها الله علي في هذا الوقت يخبرني فيها باغارة علي على العدوّ ».

و جعل حسده(3) لعلي حسداً له فقال : «إن الانسان لربّه لكنود»(4) و الكنود: الحسود، و هو عمرو بن العاص ههنا ، إذ هو كان يحب الخير، و هو الحياة حين أظهر الخوف من السباع ثمّ هدّده الله تعالى .(5)

258- ومنها : أن جابراً قال: إن الحكم بن أبي العاص عم عثمان بن عفان كان يستهزيء من رسول الله بخطوته في مشيته، و يسخر منه، و كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم [يمشي] يوماًو الحكم خله يحرّك كتفيه و يكسّر يديه خلف رسول الله إستهزاءاً منه بمشيته صلی الله علیه و آله و سلّم فأشار رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ما بيده و قال : هكذا فكن .

فبقي الحكم على تلك الحال من تحريك أكتافه و تكسير يديه ، ثم نفاه عن المدينة و لعنه ، فكان مطروداً إلى أيّام عثمان فردّه إلى المدينة [و أكرمه] .(6)

ص: 170


1- واحدها : السنور وهو الهر
2- ومنه الحديث: «أنه أغار علی بنی المصطلق وهم غارون» أي غافلون. النهاية :3/ 355
3- أي حسد عمرو بن العاص
4- سورة العاديات: 6
5- عنه البحار: 76/21 ح4. وأشار اليه في اثبات الهداة: 118/2 ح 119
6- عند البحار : 59 /18 ح17 ، واثبات الهداة : 118/2 ح 520

259- ومنها : أنّه لمّا غزا تبوك كان معه من المسلمين خمسة وعشرون ألفاً سوی خدمهم ، فمّرصلی الله علیه و آله و سلّم في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله من غير سیلان، فقالوا: ما أعجب رشح هذا الجبل؟!

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : إنّه يبكي . قالوا: و الجبل يبكي ؟!

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : أتحبّون أن تعلموا ذلك؟ قالوا: نعم .

قال صلی الله علیه و آله و سلّم : أيّها الجبل ممّ بكاؤك؟

فأجابه الجبل وقد سمعه الجماعة بلسان(1) فصيح: یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم مر بي عيسی ابن مريم و هو يتلو : «نَارَا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ »(2) فأنا أبكي منذ ذلك اليوم خوفاً من أن أكون من تلك الحجارة .

فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : أسكن من بكائك(3) فلست منّا إنّما تلك الحجارة «الكبريت» .

فجفّ ذلك الرشح من الجبل في الوقت، حتّى لم ير شيء من ذلك الرشح، و من تلك الرطوبة التي كانت .(4)

260- و منها : أنّه لمّا صار بتبوك و اختلف الرسل بین رسول الله و صلی الله علیه و آله و سلّم ملك الروم فطالت في ذلك الأيّام حتّی نفد الزاد فشكوا إليه نفاده، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم : من كان معه شيء من الدقيق أو تمر، أو سویق فليأتني فجاءه رجل(5) بكف تمر، والآخر بكف سويق، فبسط رداءه، و جعل ذلك عليه و وضع يده على كل واحد منها، ثم قال: نادوا في الناس: من أراد الزاد فليأت فأقبل الناس يأخذون الدقيق و التمر و السويق حتّی ملاوا جميع ما كان معهم من

ص: 171


1- «بكلام» م
2- سورة التحريم:66
3- «مكانك» البحار
4- عنه البحار : 297/8 ح 50، وج 364/17 ح5، و ج 234/21 ح 3، واثبات الهداة :118/2 ح 521
5- «فجاء أحد بدقيق ، ولااخر» البحار

الأوعیة، و ذلك الدقيق و التمر و السويق على حالة ما نقص من واحد منها شيء ولا زاد على ما كان.

ثمّ سار إلى المدينة فنزل يوماً على واد كان يعرف فيه الماء فيما تقدّم، فوجدوه یا بساً لا ماء فيه، فقالوا: ليس في الوادي ماء یا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم.

فأخرج سهماً من كنانته فقال لرجل: خذه فانصبه في أعلى الوادي .

فنصبه حيث أمر النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ، فتفجّرت من حول السهم اثنتا عشرة عيناً تجري في الوادي من أعلاه إلى أسفله و ارتووا(1) و ملاوا القرب .(2)

ص: 172


1- «ورووا المسلمون» م
2- عنه البحار : 235/21 ح14، وأشار اليه في اثبات الهداة: 113/2 .وتقدم صدر الحديث في ص28 ح 15، وذيله في ح16 مع التخريجات

الباب الثانی

في معجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

1- ومنها : عن أبي عبد الله علیه السلام، عن آبائه علیهم السلام أنّ العبّاس بن عبد المطلب و نوفل بن قعنب کانا جالسين ما بين بني هاشم إلى فريق عبد العزی بازاء بيت الله ، إذ أنت فاطمة بنت أسد ، فوقفت، و قد أخذها الطلق، و دعت .

قالا: رأينا البيت و قد انفتح عن ظهره، فدخلت و غابت عن أبصارنا، و انغلق الباب ثم عادت الفتحة، ثم التزقت، فرمنا أن نفتح الباب لتصل إليها بعض نسائنا فما انفتح فعلمنا أنّ ذلك أمر من الله .

فبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام، وأهل مكّة يتحدّثون بذلك .

ثم انفتح البيت من الموضع الذي دخلت فيه ، فخرجت و علي علیه السلام على يدها فقالت : كنت آكل من ثمار الجنّة في ثلاثة أيام .

فلمّا رأى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم قال: السلام عليك يا رسول الله . وضحك في وجهه .

ووضع النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشر عيناً.(1)

ص: 173


1- رواه مفصلا في علل الشرائع :135 ج3، ومعانی الاخبار: 62 ح 1 ، وأمالي الصدوق :114 ح 9، باسناده الى سعيد بن جبير عن يزيد بن قعنب ، عنه البحار : 8/35 ح 11 وعن روضة الواعظين : 150 مرسلا و رواه في بشارة المصطفى : 7 باسناده الى الشيخ الصدوق ، عنه کشف الغمة : 60/1وكشف الیقین:6، و كشف الحق للعلامة الحلى - عنهما البحار المذكور ص9 - ، والدهلوی في تجهيز الجيش : 110 (مخطوط) عنه احقاق الحق : 59/5

2- ومنها : ما روي عن الثمالي، عن رميلة - و كان ممن صحب علياً علیه السلام - قال:... و صار إليه نفر من أصحابه فقالوا : إنّ وصي موسی کان یریهم الدلائل و العلامات و البراهين و المعجزات ، و كان وصي عيسی یریهم كذلك.

فلو أريتنا شيئاً تطمئنّ إليه و به قلوبنا؟

قال: إنّكم لاتحتملون علم العالم ولاتقوون على براهینه و آیاته . و ألحّوا عليه فخرج بهم نحو أبيات الهجريّين حتى أشرف بهم على السبخة، فدعا خفیّأ، ثم قال: اكشفي غطاءك . فاذا بجنّات وأنهار في جانب، وإذا بسعير ونيران من جانب فقال جماعة : سحر، سحر.

و ثبت آخرون على التصديق ولم ينكروا مثلهم، و قالوا: فقد قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم :«القبر روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حفر النار»(1) .(2).

3- ومنها : أنّه اختصم رجل وامرأة إليه، فعلا صوت الرجل على المرأة فقال له علي علیه السلام : إخسأ - و كان خارجيّاً - فاذا رأسه رأس کلب، فقال رجل :

يا أمير المؤمنین صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس كلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال: ويحك لو أشاء أن آتي بمعاوية إلى هاهنا على سريره لدعوت الله حتى فعل ولكنّا لله خزان ، لا على ذهب ، ولا فضّة ، ولا إنكار على أسرار تدبير الله أما تقرأ «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ «لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ »(3).

و في رواية: قال: إنّما أدعوا هؤلاء لثبوت الحجّة، و كمال المحنة، ولو أذن

ص: 174


1- رواه في الخصال: 119 ضمن ح 1، باسناده الى الزهري، عن علي بن الحسين عليه السلام عنه البحار: 148/ 78 ضمن ح10. وأورده الراوندي في الدعوات : 244 ذح 691، عنه البحار: 173/ 82
2- عنه البحار: 248 / 41 ح 2، واثبات الهداة: 4/ 544ح188، ومدينة المعاجز :199ح547
3- سورة الانبياء : 26 و 27

في الدعاء بهلاك معاوية لما تأخّر .(1).

4- ومنها : أن الباقر عليه السلام قال : شكا أهل الكوفة إلى عليّ عليه السلام زيادة الفرات فركب هو والحسن والحسين عليهما السلام فوقف على الفرات، وقد ارتفع الماء على جانبيه فضر به بقضيب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فنقص ذراع، وضر به اخرى فنقص ذراعان.

فقالوا : يا أمير المؤمنين لو زدتنا ؟

فقال : إنّي سألت الله فأعطاني ما رأيتم، و أكره ان أكرن عبداً ملحّاً. (2)

5- و منها : أنّ الصادق صلی الله علیه و آله و سلم قال: كان قوم من بني مخزوم لهم خؤولة(3) مع علي علیه السلام فأتاه شاب منهم يوماً فقال: يا خال مات ترب(4) لي فحزنت عليه حزناً شديداً.

قال : فتحبّ أن تراه؟ قال: نعم .

قال: فانطلق بنا إلى قبره . فدعا الله وقال: قم يا فلان باذن الله . فأذا الميّت جالس على رأس القبر وهو يقول «و نیه، و نیه، شالا» معناه: لبيّك لبيك سيدنا .

فقال أمير المؤمنين علیه السلام : ما هذا اللّسان ألم تمت وأنت رجل من العرب ؟

قال: نعم، ولكنّي متّ على ولاية فلان وفلان، فانقلب لساني إلى ألسنة أهل النار .(5)

ص: 175


1- عنه البحار: 191/41 ح 1 ، و اثبات الهداة: 544/ 4 ح 189، ومدينة المعاجز :199ح548.وأورده في ثاقب المناقب : 210 عن جابر الجعفي ، عن الباقر عليه السلام وأخرجه الحنفي الترمذي في المناقب المرتضوية: 315 عن كتاب مفاتیح الغیوب مرسلاعنه احقاق الحق: 757/8
2- عنه البحار : 249/ 41 ح 3 . وأورده المسعودي في اثبات الوصية : 148 مرسلا و أخرجه في اثبات الهداة : 5/ 32 ح 270 عن مطالب السؤول مختصراً
3- جمع خال ، وهو أخوالامم
4- الترب - بكسر التاء وسكون الراء - الصديق أو من ولد مع الانسان ، و بتعبير آخر:من كان على سن ، و في عمره . جمعها أتراب
5- عنه البحار: 192/ 41 ح 2. ورواه الصفار في بصائر الدرجات: 273 ح3 عن سلمة ابن الخطاب ، عن عبدالله بن محمد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عیسی شلقان ، عنالصادق عليه السلام ، عند البحار: 230/6 ح 39، وج 195/41 ح 8 .ورواه في الكافي : 456/1 ح7 عن محمد بن يحيى ، عن سلمة ، عنه مدينة المعاجز : 36 ح53 . أخرجه في اثبات الهداة : 440/4 ح12 عنه وعن البصائر و رواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 159 باسناده الى المفضل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام. وأورده في ارشادا لقلوب:284، و ثاقب المناقب: 193 عن الصادق عليه السلام

6- ومنها : ما روي عن الباقر علیه السلام : أنّ عليّاً مر يوماً في أزقّة الكوفة، فانتهى إلى رجل قد حمل جريئاً(1) فقال: أنظروا إلى هذا قد حمل إسرائيلّياً .

فأنكر الرجل وقال: متى صار الجريث إسرائيليّاً ؟!

فقال عليّ علیه السلام : أما إنّه إذا كان اليوم الخامس إرتفع لهذا الرجل من صدغه دخان فيموت مكانه . فأصابه في اليوم الخامس ذلك فمات، فحمل إلى قبره .

فلمّا دفن جاء أمير المؤمنين علیه السلام مع جماعة إلى قبره فدعا الله، ثمّ رفه برجله فاذا الرجل قائم بين يديه، وهو يقول:

«الرادّ على علي كالراد على الله، وعلى رسوله».

وقال له: عد في قبرك . فعاد فيه، فانطبق القبر عليه .(2)

7- ومنها : ما روي عن رميلة أنّ علياً علیه السلام مرّ برجل يخيط وهو يغنّي .

فقال له: يا شابّ لو قرأت القرآن لكان خيراً لك.

فقال: إنّي لا أحسنه ، ولوددت أنّي أحسن منه شيئاً .

ص: 176


1- ضرب من السمك معروف يشبه الحيات ، و يسمى أيضاً : الجري ، و يقال له بالفارسية «مار ماهی» أي : حية السمك
2- عنه البحار : 192/ 41 ح3 . ورواه الشيخ محمد بن على العاملي في تحفة الطالب عن الباقر عليه السلام : عنه اثبات الهداة : 21/ 5 ح 335وأورده في ثاقب المناقب : 127 : ومدينة المعاجز : 40 ح67 عنه عليه السلام

فقال: ادن منّي . فدنا منه فتكلّم في أذنه بشيء خفيّ ، فصوّر الله القرآن كلّه في قلبه، يحفظه كلّه .(1).

8- ومنها : ما روي عن علي بن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه علیهم السلام قال: كان عليّ علیه السلام ينادي: من كان له عند رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم عدّة أو دين . فليأتني. فكان [كلّ] من أتاه يطلب دیناً، أو عدّة يرفع مصلاّه، فيجد ذلك كذلك تحته فيدفعه إليه .

فقال الثاني للاول: ذهب هذا بشرف الدنيا في هذا دوننا، فما الحيلة ؟

فقال : لعلّك لو نادیت کما نادى هو كنت تجد ذلك كما يجد هو ، إذ كان، إنّما يقضي عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فنادى أبوبكر كذلك، فعرف أمير المؤمنين علیه السلام الحال فقال :

أما إنّه سيندم على ما فعل .

فلمّا كان من الغد أتاه أعرابيّ وهو جالس في جماعة من المهاجرين والأنصار فقال: أيّكم وصيّ رسول الله؟ فأشير إلى أبي بكر .

فقال : أنت وصيّ رسول الله وخليفته؟ قال: نعم، فما تشاء؟ قال: فهلمّ الثمانين الناقة الّتي ضمن لي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال: وما هذه النوق ؟

قال: ضمن لي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ثمانين ناقة حمراء، كحل العيون.

فقال لعمر : كيف نصنع الآن ؟ قال : إنّ الأعراب جهّال، فاسأله: ألك شهود بما تقوله فتطلبهم منه [فقال أبو بكر الاعرابي: ألك شهود بما تقول ؟].

قال: ومثلي يطلب [منه] الشهود على رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بما يضمن لي(2) ؟و الله ما أنت بوصيّ رسول الله ولاخلیفته .

فقام إليه سلمان فقال: يا أعرابيّ اتّبعني حتّى أدلّك على وصيّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم

ص: 177


1- عنه البحار : 17/ 42 ح 1 ، ومدينة المعاجز : 95 ح239
2- «يتضمنة» م والبحار

فتبعه الأعرابي حتّى انتهى إلى علي علیه السلام فقال: أنت وصيّ رسول الله؟ قال : نعم فما تشاء؟ قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ضمن لي ثمانين ناقة حمراء، كحل العيون فهلمّها.(1)

فقال له عليّ علیه السلام : أسلمت أنت وأهل بيتك ؟

فانكبّ الأعرابي على يديه يقبّلهما وهو يقول: أشهد أنّك وصي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وخليفته، فبهذا وقع الشرط بيني و بينه(2) وقد أسلمنا جميعاً .

فقال علي علیه السلام : ياحسن انطلق أنت و سلمان مع هذا الأعرابي إلى وادي فلان فناد:«يا صالح، یا صالح» . فاذا أجابك فقل : إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام و يقوللك: هلمّ الثمانين الناقة(3) التي ضمنها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لهذا الأعرابي .

قال سلمان : فمضينا إلى الوادي فنادى الحسن فأجابه : لبيّك يا بن رسول لله فأدّى إليه رسالة أمير المؤمنين علیه السلام فقال: السمع والطاعة .

فلم يلبث أن خرج إلينا زمام ناقة من الأرض ، فأخذ الحسن علیه السلام الزمام(4) فناوله الأعرابيّ وقال : خذ . فجعلت النوق تخرج حتى كملت(5) الثمانون على الصفة.(6)

9- ومنها : أن زاذان و جماعة من أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام قالوا : كنّا معه علیه السلام بصفّين ، فلمّا أن صافّ معاوية ، أتاه رجل من ميمنته فقال : يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل . قال : إرجع إلى مقامك . فرجع.

ص: 178


1- «فهاتھا » ط
2- «و بين رسول الله صلى الله علیه و آله» ط وه
3- «النوق» م
4- «زمامها» ط وه
5- «تم» م
6- عنه البحار: 41/ 192 ح ، واثبات الهداة : 545/ 4 ح190 ، وغاية المرام : 665باب 128 ح1 ، ومدينة المعاجز : 86 ح221 ورواه في الهداية الكبرى : 153 ، وارشاد القلوب : 279 باسنادهما الى جابر الجعفی عن الباقر عليه السلام وأخرجه في اثبات الهداة : 22/ 5 ح 336 عن تحفة الطالب

ثمّ أتاه ثانية، فقال: يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل. قال: ارجع إلى مقامك. فرجع. (ثم أتاه ثالثة)(1) كأن الأرض لاتحمله ، فقال : يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل .

فقال علیه السلام: قف . فوقف ، فقال أمير المؤمنين : عليّ بمالك الأشتر ، فقال علیه السلام :يا مالك . قال: لبيّك يا أمير المؤمنين . قال : ترى ميسرة معاوية ؟ قال: نعم. قال: تری صاحب الفرس المعلّم ؟ قال: نعم . قال : الذي عليه الأحمر ؟ قال : نعم.

قال: انطلق فأتني برأسه .

فخرج مالك، فدنا منه وضربه فسقط رأسه. ثم تناوله فأقبل به إلى أمير المؤمنين فألقاه بين يديه ، فأقبل عليّ علیه السلام على الرجل فقال(2) : نشدتك الله هل كنت نظرت إلى هذا فرأيته وحليته ، وهوملا قلبك فرأيت الخلل في أصحابك ؟ قال : اللّهم نعم.

فأقبل [عليّ] علينا و نحن حوله، فقال : أخبرني بهذا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أفترونه بقي بعدهذا شيء ؟ ثم قال للرجل: ارجع إلى مقامك.(3)

10- و منها : ماروی أبو حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : قريء(4) عند أمير المؤمنين علیه السلام«إذا زلزلت الأرض زلزالها» إلى أن بلغ قوله «وقال الانسان مالها يومئذ تحدّث أخبارها»(5).

قال : أنا الانسان ، وإيّاي تحدّث أخبارها .

فقال له ابن الكوّاء: يا أمير المؤمنين «وعلى الأعراف رجال يعرفون كلابسيماهم»(6)

قال : نحن الأعراف نعرف أنصار نا بسيماهم ، ونحن أصحاب الأعراف نوقف بين الجنّة والنار ، فلايدخل الجنّة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه . و كان علي يخاطبه بويحك ، و كان يتشیّع ، فلمّا كان يوم النهروان

ص: 179


1- «ثانية» م
2- «فأقبل الرجل على على علیه السلام فقال» م
3- عنه البحار: 530/ 8 ، ط. حجر
4- «قرئت» بحار
5- سورة الزلزال : 1 - 4
6- سورة الأعراف: 46

قاتل علياً علیه السلام ابن الكوّاء.

وجاءه علیه السلام رجل فقال : إنّي لاحبّك ، فقال [ أمير المؤمنين علیه السلام](1) : كذبت .

فقال الرجل : سبحان الله كأنّك تعلم ما في قلبي!

وجاءه آخر فقال : إني أحبّكم أهل البيت - و كان فيه لين - فأثنى عليه عنده .فقال أمير المؤمنين علیه السلام: كذبتم لايحبّنا مخنّث ولا ديّوث ، ولا ولد زنا، ولا من حملت به أمّه في حيضها. فذهب الرجل، فلمّا كان يوم صفّين قتل مع معاوية.(2)

11- و منها ما روي عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعيّ ، عمرو بن الحمق قال :دخلت على علیه السلام علي حين ضرب الضربة بالكوفة .

فقلت ليس عليك بأس، إنّما هو خدش .

قال : لعمري إنّي لمفارقكم، ثم قال لي: إلى السبعين بلاء - قالها ثلاثاً - .

قلت : فهل بعد البلاء رخاء ؟ فلم يجبني و أغمي عليه، فبكت امّ کلثوم ، فلمّا أفاق قال : لاتؤذيني ياأم كلثوم ، فانك لو ترین ما أرى لم تبك ، إنّ الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض ، والنبيّين يقولون لي: انطلق يا عليّ فما أمامك خير لك مما أنت فيه .

فقلت : يا أمير المؤمنين إنّك قلت : «إلى السبعين بلاء» فهل بعد السبعين رخاء؟ قال : نعم وإنّ بعد البلاء رخاء «يمحو اللّه مايشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب»(3)

قال أبو حمزة : قلت لأبي جعفر علیه السلام: إنّ علياً علیه السلام قال : «إلى السبعين بلاء» و كان يقول : «بعد السبعين رخاء» وقد مضت السبعون، ولم نر رخاء

فقال أبو جعفر علیه السلام: یا ثابت إنّ الله قد كان وقّت هذا الأمر في السبعين ، فلمّا

ص: 180


1- من البحار
2- عنه البحار : 17/42 ح2 ،ومدينة المعاجز: 125 ح349، واثبات الهداة :4 / 545 ح 191 ،قطعة
3- سورة الرعد : 39

قتل الحسين علیه السلام[اشتدُ] غضب اللّه على أهل الأرض، فأخّره اللّه إلى الأربعين ومائة سنة، فحدّثناكم فأذعتم الحديث، و كشفتم القناع ، قناع السر(1) ، فأخّره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً (2) «يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب»

قال أبو حمزة : قلت لأبي عبداللّه علیه السلام ذلك ، فقال : قد كان ذلك .

[و كذلك قال أحدهم علیه السلام: كذب الوقّاتون](3) .(4).

12-ومنها: ما روي عن مقرن [قال] : دخلنا جماعة على أبي عبدالله علیه السلام فقال: إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال لأمّ سلمة : إذا جاء أخي فمريه أن يملا هذه الشكوة(5) من الماء ويلحقني بها بين الجبلين ومعه سيفه . فلمّا جاء علي علیه السلام قالت له :

قال أخوك: املا هذه الشكوة من الماء وألحقني بها بين الجبلين .

قالت : فملاها وانطلق حتّى إذا دخل بين الجبلين استقبله طريقان فلم يدر في أيّهما يأخذ ، فرأى راعياً على الجبل فقال: يا راعي هل مرّ بك رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ؟ فقال الراعي : مالله من رسول ! فأخذ عليّ علیه السلام جندلة(6) فصرخ الراعي ، فاذا

ص: 181


1- «وكشفتم قناع الستر» ط ، ه
2- أضاف في م ، ه «عندالله»
3- من حاشية نسخة م
4- رواه العياشي في تفسيره: 217/2 ح68 ، وص 218 ح 69، عنه البحار : 119/4 ح60 ، وص120 ح 61، والكليني في الكافي : 368/ 1 ح 1 ذیله ، والنعماني في غيبته : 293 ح 10 ذیله ، والمسعودي في اثبات الوصية :151 صدره ، والطوسی في غيبته : 263 ذيله ، عنه البحار : 114/ 4 ح 39 ،و ج 105 / 52 ح11، والمستدرك : 300 / 12 ح 34 ذيله ، بأسانيدهم عن عمر بن الحمق ورواه ابن الاثير الجزري في اسد الغابة : 38/ 4 نحوه ، والبدخشی في مفتاح النجاة 90 «مخطوط» ، والامر تسرى في أرجح المطالب : 655 ، والحنفی الترمذی فی کتابه المناقب المرتضوية: 494، و روى الحديث نقلا عن فتوحات القدس لكنه ذكر اسم الراوی حبیب بن عمرو، عنهم احقاق الحق : 796/8
5- الشكوة: وعاء من جلد للماء أو اللبن
6- الجندل: الصخر العظيم ، الواحدة جندلة

الجبل قد امتلأ بالخيل و الرجل ، فما زالوا يرمونه بالجندل(1) و اكتنفه(2) طائران أبيضان ، فمازال يمضي ويرمونه ، حتّى لقي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فقال: ياعلي مالك منبهراً(3) ؟ فقال : يا رسول اللّه كان كذا و كذا.

فقال: وهل تدري من الراعي وما الطائران؟ قال: لا.

قال: أمّا الرّاعي فابليس، وأمّا الطائران فجبرئیل و میکائیل .

ثمّ قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : يا عليّ خذ سيفی هذا و امض بين هذين الجبلين فلاتلق أحداً إلاقتلته ولا تهابنّه . فأخذ سيف رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم و دخل بين الجبلين ،فرأى رجلا عيناه کالبرق الخاطف و أسنانه كالمنجل ، يمشي في شعره ، فشد عليه فضربه ضربة فلم يبلغ شيئاً ، ثم ضربه أخرى فقطعه إثنين(4) ، ثم أتی رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم فقال : قتلته .

فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلم : الله أكبر - ثلاثاً - هذا يغوث(5) و لايدخل في صنم يعبد(6)من دون الله حتّى تقوم الساعة(7).

13- ومنها : أنّ أعرابيّا أتى أمير المؤمنين علیه السلام وهو في المسجد. فقال: مظلوم قال: ادن منّي . فدنا ، فقال : يا أمير المؤمنین مظلوم . قال: أدن.

فدنا حتّى وضع يديه على ركبتيه(8) قال : ما ظلامتك ؟ فشکا ظلامته .

فقال: يا أعرابيّ أنا أعظم ظلامة منك ، ظلمني المدر و الوبر(9) ، ولم يبق بیت

ص: 182


1- «با لجندلة» الاصل
2- اكتنفه : أحاط به
3- «منهزماً» البحار
4- «بين اثنتين» البحار
5- «يعوق» ط
6- «بعد» م
7- عنه البحار : 175/ 39 ح 17 ، ومدينة المعاجز : 95 ح 243، و ص107 ح 289عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : رسول الله صلی الله عليه و آله ، قطعة
8- «يده على ركبته» الاصل
9- المدر : قطع الطين اليابس والو بر: صوف الابل والارانب ونحوها . أراد بقوله عليه السلام أن ظلمني الجميع

من العرب إلاّ وقد دخلت مظلمتي عليهم ، ومازلت مظلوماً حتّى قعدت مقعدي هذا، إن كان عقيل بن أبي طالب ليرمد(1) ، فما يدعهم يذرونه حتّی یأتوني فاذر و ما بعيني رمد، ثم كتب له بظلامته و رحل، فهاج الناس و قالوا : قدطعن على الرجلين فدخل عليه الحسن علیه السلام فقال : قد علمت ماشرب قلوب الناس من حب هذين. فخرج علیه السلام فقال : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال:

أيّها الناس إنّ الحرب خدعة ، فاذا سمعتموني أقول : قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فواللّه لئن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من [أن] أكذب على رسول الله كذبة ، وإذا حدّثتكم عن نفسي أنّ الحرب خدعة، ثمّ ذكر غير ذلك .

فقام رجل يساوي برأسه رمّانة المنبر فقال: أنا أبرأ من الاثنين والثلاثة .

فالتفت إليه أمير المؤمنين علیه السلام، فقال : بقرت العلم في غير أوانه ، لتبقرن كما بقرته فلمّا قدم ابن سميّة(2) أخذه و شقّ بطنه ، وحشا جوفه حجارة ، وصلبه .(3).

14 - ومنها : ماروی حنّان بن سدير، عن رجل من مزينة ، قال : كنت جالساً عند علي علیه السلام، فأقبل إليه قوم من مراد [و] معهم ابن ملجم ، فقالوا : يا أمير المؤمنین طرأ علينا ، ولا والله ما جاءنا زائراً ولا منتجعاً(4)، وإنّا لنخافه عليك، فاشدد يدك به .

فقال له عليّ علیه السلام : اجلس . فنظر في وجهه طويلا، ثمّ قال له : أرأيتك إن سألتك عن شيء وعندك منه علم هل أنت مخبري به ؟ قال : نعم. وحلف عليه .

فقال : أكنت تراضع الغلمان(5) و تقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا : قد جاءنا ابن راعية الكلاب ؟ قال : اللهمّ نعم .

ص: 183


1- «يومه يرمد» البحار
2- ابن سمية : هو زياد بن أبیه
3- عنه البحار : 187/ 42 ح5 ، ومدينة المعاجز : 123 ح338
4- انتجع فلان : أتاه طالباً معروفه
5- تراضع الغلمان : لعله من قولهم «فلان يرضع الناس» أي يسألهم ، وفي بعض النسخ «تواضع» بالواو ، من المواضعة بمعنى الموافقة في الأمر (قاله المجلسی)

فقال له عليّ : فمررت برجل وقد أيفعت، فنظر إليك فأحدّ النظر، فقال لك : يا أشقى من عاقرناقة ثمود ؟ قال: نعم .

قال : فأخبرتك أمّك أنّها حملت بك في بعض حيضها ؟ فتعتع(1) هنيئة ، ثمّ

قال : نعم قد حدّثتني بذلك ، ولو كنت كاتماً شيئاً لكتمتك هذه المنزلة .

فقال له عليّ علیه السلام : قم . فقام ، ثم قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم يقول : إنّ قاتلك شبه اليهودي بل هو يهوديّ.(2)

وعن رجاء بن زیاد : جاء ابن ملجم يستحمل(3) عليّاً ، فقال : احملني يا أميرالمؤمنين . قال : يا غزوان احمله على الأشقر .

فجاء بفرس أشقر، وأخذ بعنانه ثمّ قال عليّ علیه السلام:

أريد حباءه ويريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد(4).

وعن أبي الطفيل : جاء ابن ملجم ليبايعه ، فردّه ، ثم جاءه فردّه [ ثمّ جاءه فردّه، ثمّ جاء] ، فبايعه .

ثمّ قال: ليخضنّ هذه من هذه - يعني لحيته من رأسه - ثمّ تمثّل لمّا تولّي:أشدد حيازيمك للموت فان الموت لاقيكا *** ولا تجزع من الموت إذا حل بوادیکا(5)

15 - ومنها : أن يهوديّاً قال لعليّ علیه السلام : إن محمّداً صلی الله علیه و آله و سلم ؟ قال : «إنّ في كلّ

ص: 184


1- تعتع في الكلام : تردد فيه، من عي
2- عنه البحار : 197/ 42 ح17 ، والحديث ليس في «ب و ج»
3- استظهر ناها، و في الأصل «استحمل»
4- أخرج نحوه في البحار : 308/ 42 ح 8، عن الارشاد للمفيد : 14 ، قال : روی جعفر بن سليمان الضبعي ، عن المعلی بن زیاد
5- أخرج نحوه في البحار: 42/ 192 ح1 . عن الارشاد للمفيد : 13 ، قال : أخبر به على ابن المنذر الطريفي، عن أبي الفضل العبدي، عن فطر ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة

رمّانة حبّة من الجنّة » و أنا كسرت واحدة وأكلتها كلّها.

فقال علیه السلام: صدق رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، وضرب يده على لحيته ، فوقعت حبّة رمّان منها ، وتناولها علیه السلام وأكلها ، وقال : لم يأكلها الكافر ، والحمدللّه .(1)

16- و منها : ما روي عن جعفر(2) ، عن أبيه علیه السلام قال : مرّ عليّ علیه السلام بكربلاء فقال -لمّا مرّ به أصحابه ، وقد اغرورقت عيناه يبكي(3)-: هذا مناخ(4) رکابهم ، هذا ملقى رحالهم ، هاهنا مراق دمائهم(5)، طوبی لك من تربة عليها تراق دماء الأحبّة.

وقال الباقر علیه السلام: خرج عليّ علیه السلام يسير بالناس حتّى إذا كان من كربلاء على ميلين أو میل ، تقدّم بين أيديهم حتّى طاف بمكان يقال له «المقذفان» ، فقال :

قتل فيها مائتا نبيّ، و مائتا سبط،کلّهم شهداء، مناخ ركاب، ومصار ع شهداء(6) لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من بعدهم .(7).

17- ومنها : ما روي عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : جمع أمير المؤمنين علیه السلام بنيه - وهم إثنا عشر ذکراً - فقال لهم : إنّ الله أحبّ أن يجعل في سنّة من يعقوب إذ جمع بنيه - وهم إثنا عشر ذکراً - فقال لهم :

إنّي أوصي إلی یوسف ، فاسمعوا له ، وأطيعوا.

و أنا أوصي إلى الحسن والحسين ، فاسمعوا لهما وأطيعوا.

فقال له عبد الله ابنه : أدون محمّد بن عليّ ؟ - يعني محمّد بن الحنفيّة - .

ص: 185


1- عنه البحار : 300/41 ح 30، ومدينة المعاجز : 60 ح 124
2- «أبی جعفر» البحار
3- زاد في البحار «و يقول»
4- المناخ : الموضع الذي تناخ فيه الابل
5- كناية عن قتلهم و استشهادهم عليهم السلام
6- «عشاق شهداء» البحار
7- عنه البحار: 41 / 295 ح18

فقال له : أجرأة عليّ في حياتي؟! كأنّي بك قد وجدت مذبوحاً في فسطاطك لا يدري من قتلك . فلمّا كان في زمان المختار أتاه فقال : لست هناك .

فغضب فذهب إلى مصعب بن الزبير وهو بالبصرة فقال : ولّني قتال أهل الكوفة فكان على مقدّمة مصعب ، فالتقوا بحروراء(1) فلمّا حجر(2) الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه ، لا يدري من قتله.(3).

18- ومنها : أنّ عيسى النهريري(4) روی عن أبي عبدالله علیه السلام قال : إن فلاناً، وفلاناً ، وابن عوف أتوا النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم لیعنّتوه(5) .

فقال الاول : إتّخذ اللّه إبراهيم خليلا، فماذا صنع بك ربّك ؟

وقال الثاني : كلّم اللّه موسى تكليماً، فماذا صنع بك ربّك ؟

و قال ابن عوف: عیسی بن مريم يحيي الموتى باذن الله، فماذا صنع بك ربّك؟ فقال للاول : إتّخذ الله إبراهيم خليلا ، واتّخذني حبيباً .

وقال للثاني: كلّم الله موسى تكليماً من وراء حجاب ، وقد رأيت عرش ربّي و كلّمني .

وقال للثالث: عیسی بن مريم يحيي الموتى بأذن الله ، و أنا إن شئتم أحييت لكم

ص: 186


1- حروراء - بفتحتين وسكون الواو -: قرية بظاهر الكوفة ، وقيل ، موضع على ميلين منها ...(مراصد الاطلاع: 394/ 1 )
2- في بعض النسخ «حجز»، وكلاهما بمعنى المنع
3- عنه البحار : 295/ 41 ح 19 وج 87 / 42 ح15، واثبات الهداة : 546 / 4 ح193، وج 5 / 13426
4- عيسى النهریری (النهر بری)(النهرتری): من أصحاب الصادق (ع) . انظر رجال الشيخ :565 ، و رجال السيد الخوئی : 234/ 13 رقم 9242
5- عنته : شدد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه وشق عليه تحمله . وفي البحار «ليعتبوه»

موتاكم . قالوا : قد شئنا . وعلى ذلك داروا(1).

فأرسل النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم إلى عليّ علیه السلام فدعاه، ثمّ قال(2) له : أقدمهم إلى القبور ، ثمّ قال لهم : اتّبعوه فلمّا توسّط الجبّانة(3) ، تكلّم بكلمة فاضطربت الأرض وارتجّت(4) ، و دخلهم من الذعر ما شاء الله ، والتمعت(5) ألوانهم ، ولم تقل(6) ذلك قلوبهم .

فقالوا : يا أبا الحسن أفلنا عثراتنا، أقالك الله عثرتك . قال : إنّما رددتم على الله ثمَّ إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم بعث إلى عليّ علیه السلام، فدعاه .(7)

19 - ومنها : أنّ عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي(8) روي عن أبي عبدالله علیه السلام قال : إنّ جبير الخابور كان صاحب بيت مال معاوية، وكانت له أمّ عجوز بالكوفة كبيرة

فقال لمعاوية : إنّ لي أمّاً بالكوفة عجوزاً اشتقت إليها ، فأذن لي حتّى آتيها فأقضي من حقّها ما يجب علي.

فقال معاوية : ما تصنع بالكوفة ؟ فان فيها رجلا ساحراً كاهناً يقال له «عليّ بن

ص: 187


1- أي اتفقوا واجتمعوا
2- «فأتاه فقال» البحار
3- الجبان ، في الأصل : الصحراء : وأهل الكوفة يسمون المقبرة جبانة ، و بالكوفة محال تسمى بها ... (مراصد الاطلاع: 310 /1 )
4- «وارتجت قلوبهم» البحار
5- أي ذهبت و تغيرت . وفي البحار : امتقعت. بمعناها
6- أى تحمل و تطيق . وفي البحار : تقبل
7- عنه البحار : 194/41 ح5 . ورواه في اثبات الوصية : 148، و ثاقب المناقب :60 مخطوط ، عنه مدينة المعاجز: 98 ح253 مثله
8- «عبد الحميد بن العلى الاودی» م . «عبدالحميد الاودی» بحار . أثبتناه من كتب الرجال انظر رجال الشيخ: 235 ، ورجال النجاشی : 246 و رجال السيد الخوئی: 280 /9رقم 6266

أبي طالب» ، و ما آمن أن يفتنك .

فقال جبير : مالي و لعليّ ، إنّما آتي أمّي فأزورها وأقضي حقّها . فأذن له .

فقدم جبير إلى عين التمر(1) و معه مال ، فدفن بعضه في عين [التمر] ، وقد كان لعلي مناظر ، فأخذوا جبيراً بظاهر الكوفة ، وأتوا به عليّاً ، فلمّا نظر إليه قال له :

یا جبير الخابور أما إنّك كنز من كنوز الله ، زعم لك معاوية أنّي كاهن ساحر؟! قال : إي واللّه، قال ذلك معاوية . ثمّ قال : ومعك مال قد دفنت بعضه في عين التمر.قال : صدقت يا أمير المؤمنين ، لقد كان ذلك .

قال عليّ علیه السلام : یا حسن ضمّه إليك ، فأنزله وأحسن إليه .

فلمّا كان من الغد دعاه، ثمّ قال لأصحابه : إنّ هذا يكون في جبل الأهواز في أربعة آلاف مدجّجين في السلاح، فيكونون معه حتّى يقوم قائمنا أهل البيت(2)فيقاتل معه .(3).

20- ومنها : ما قال أبو ظبية : جمع عليّ علیه السلام العرفاء ، ثمّ أشرف عليهم فقال : افعلو اكذا . قالوا : لا نفعل . قال علیه السلام: أما والله ليستعملنّ عليكم اليهود والمجوس ثمّ لاتمتنعون(4). فكان ذلك كذلك(5)

21 - ومنها : ما روي عن عيسى بن عبدالله الهاشمي ، عن أبيه ، عن جدّه، عن عليّ علیه السلام ، قال : لمّا رجع الأمر إليه أمر أبا الهيثم بن التيهان ، و عمّار بن یاسر وعبد اللّه بن أبي رافع فقال : اجمعوا الناس ، ثمّ انظروا إلى ما في بيت مالهم فاقسموه بينهم بالسويّة .فحسبوا، فوجدوا نصيب كل واحد [منهم] ثلاثة دنانير ،

ص: 188


1- عین التمر : بلدة قريبة من الانبار غربي الكوفة ، بقربها موضع يقال له «شفاثا» ...(معجم البلدان : 176/4)
2- أي في الرجعة
3- عنه البحار: 296/41 ح 20
4- لا تمتعون «البحار»
5- عنه البحار المتقدم ح 21

فأمرهم يقعدون للناس و يعطوهم .

قال : و أخذ مكتله(1) ومسحاته ، ثم انطلق إلى بئر الملك(2) ، فعمل فيها ،فأخذ الناس ذلك القسم حتّى بلغوا الزبير ، و طلحة ، وعبد اللّه [بن عمر] أمسكوا بأيديهم وقالوا : هذا منكم أو من صاحبكم ؟ قالوا : بل هذا أمره ، لانعمل إلا بأمره .

قالوا : فاستأذنوا لنا عليه . قالوا : ما عليه إذن ، هوذا ببئر الملك يعمل.

فركبوا دوابّهم حتّى جاءوا إليه ، فوجدوه في الشمس ، و معه أجيرله يعينه فقالوا له : إنّ الشمس قد آذتنا ، فارتفع معنا إلى الظلّ . فارتفع معهم إليه.

فقالوا له : لنا قرابة من نبيّ اللّه ، و سابقه و جهاد و أنّك أعطيتنا بالسويّة ولم يكن عمر ولاعثمان يعطوننا بالسويّة ، كانوا يفضّلونا على غيرنا .

فقال علي علیه السلام : أيّهما عندكم أفضل : عمر ، أو أبو بكر ؟ قالوا : أبوبكر.

قال : فهذا(3) قسم أبي بكر ، وإلا فدعوا أبا بكر وغيره ، هذا كتاب الله فانظروا مالكم من حق فخذوه . قالا(4) : فسابقتنا ! قال: أنتما أسبق منّي بسابقتي ؟ قالوا: لا.

قالوا : قرابتنا بالنبيّ ؟ قال : أقرب من قرابتي ؟ قالوا : لا.

فقالوا : فجهادنا ! قال : أعظم من جهادي ؟ قالوا : لا.

قال : فوالله ما أنا في هذا المال وأجيري هذا إلا بمنزلة سواء.

قالا : فتأذن لنا في العمرة .

قال : ما العمرة تريدان ؟ و إنّي لأعلم أمركم و شأنكم ، فاذهبا حيث شئتما فلمّا وليّا ، قال : فمن نكث فانّما ينكث على نفسه .(5).

ص: 189


1- المكتل : زنبيل من خوص
2- بائر الملك : بالمدينة ، منسوبة الى تبع (معجم البلدان : 302/1)
3- «فخذوا» ه، ط
4- «قالوا» ط ، حلية . الكلام هنا لطلحة والزبير ظاهراً
5- عنه البحار : 415/8 4 ط ، حجري ، ومدينة المعاجز : 117 ح314، وحلية الابرار:365/1

22- و منها: ما روي عن جعفر بن عبدالحميد قال : اجتمعنا يوماً فقال نفر :إنّ عليّا كان وصيّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، وقال آخرون: لم يكن وصيّا لمحمّد صلی الله علیه و آله و سلم.

فقمنا فأتينا أبا حمزة الثمالي فقلنا : جرى بيننا الكلام على كذا و كذا .

فغضب أبو حمزة فقال :

لقد شهدت الجن فضلا على الأنس بأنّ عليّاً كان وصيّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، أخبرني أبو خيثمة التميميّ : لمّا كان بين الحكمين ما كان ، قلت : لاأكون مع عليّ ولا عليه فخرجت أريد أرض الروم ، فبينا أنا مار على شاطیء نهر بميّافارقين(1) إذا أنا بصوت من ورائي وهو يقول :

يا أيّها الساري بشطّ فارق *** مفارق للحقّ دین الخالق

متّبع به رئيس مسارق *** ارجع إلى وصي النبي(2) الصادق

فالتفت فلم أر أحداً، فقلت :

أنا أبو خيثمة التميمي *** لمّا رأيت القوم في الخصوم

تركت أهلي غازياً للروم *** حتّى يكون الامر في الصميم

فاذا بصوت وهو يقول :

اسمع مقالي و ارع قولي ترشدا *** إرجع إلى علي الخضم الأصيدا(3)إنّ عليًّا هو وصي أحمدا قال أبو خيثمة : فرجعت إلى علي علیه السلام.(4)

ص: 190


1- میا فارقين - بفتح أوله ، و تشديد ثانیه - : أشهر مدينة بديار بكر ... (معجم البلدان : 5 / 235)
2- «الوصي للنبي» م
3- الحضم - بتشديد الميم - : السيد الجواد المعطاء. وفي م «ذي الخصام». والاصيد: الملك
4- عنه الصراط المستقیم : 36/2 مختصراً، والبحار : 167/39 ح7

23 - ومنها : أنّ عليّاً بينا هو قائم على المنبر ، إذ أقبلت حيّة من باب الفيل(1) مثل البختي(2) العظيم ، فناداهم عليّ : إفرجوا لها ، فانّ هذا رسول قوم من الجنّ . فجاءت حتّى وضعت فاها على أذنه ، و إنّها لتنق كما ينقّ الضفدع و كلّمها بكلام شبیه نقيقها(3) ، ثمّ ولّت الحيّة ، فقال الناس : ما حالها ؟

قال : هو رسول قوم من الجنّ، أخبرني أنّه وقع بين بني عامر وبني عنزة(4)شرّ و قتال ، فبعثوه لآتيهم أصلح بينهم ، فوعدتهم أن آتيهم الليّلة . فقالوا : أتأذن لنا أن نخرج معك ؟ قال : ما أكره ذلك . فلمّا صلّى بهم عشاء الآخرة انطلق بهم حتّى أتى ظهر الكوفة قبل الغري ، فخط حولهم خطّة ، ثمّ قال لهم : إيّاكم أن تخرجوا من هذه الخطّة، فانّه إن يخرج أحد منكم من الخطّة اختطف .

فقعدوا في الخطّة ينظرون إليه ، وقد نصب له منبر ، فصعد عليه فخطب بخطبة لم يسمع الأولون والاخرون مثلها ، ثمّ لم يبرح حتّى أصلح ذات بينهم ، وقد برىء بعضهم من بعض ، و كان الجن أشبه شيء بالزط(5) .(6)

24 - ومنها: ما روي عن شريك بن عبد الله وهو يومئذ قاض- أن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم بعث عليّاً علیه السلام وأبابكر وعمر إلى أصحاب الكهف فقال : ائتوهم فأبلغوهم منّي السلام .

فلمّا خرجوا من عنده ، قالوا لعليّ : تدري أين هم ؟

فقال : ما كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم يبعثنا إلى مكان إلاّ هدانا الله له .

ص: 191


1- باب الفيل : هي أحد أبواب مسجد الكوفة ، تسمى باب الثعبان و قصتها مشهورة
2- البخت : جمال طوال الأعناق
3- «بنقها« البحار
4- «و غیرهم» البحار
5- الزط - بضم الزای و تشديد المهملة - : جنس من السودان أو الهنود ، الواحد زطی
6- عنه البحار : 167/39 ح 8 ، ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 53 باسناده عنالحارث الهمداني، عنه مدينة المعاجز : 194 ح 534. وأورده الديلمی مرسلافی ارشاد القلوب : 278 عن الحارث

فلمّا أوقفهم على باب الكهف قال : يا أبا بكرسلّم ، فانّك أسنّنا فسلّم فلم يجب،ثمّ قال : يا أبا حفص سلّم، فانّك أسن منّي . فسلّم ، فلم يجب .

قال : فسلّم عليّ بن أبي طالب علیه السلام، فردّوا السلام وحيّوه ، وأبلغهم سلام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، فردّوا عليه ، فقال أبو بكر : سلهم ما لهم سلّمنا عليهم فلم يسلّموا علينا ؟ قال : سلهم أنت، فسألهم فلم يتكلّموا ، ثمّ سألهم عمر فلم يكلّموه ، فقالا :يا أبا الحسن سلهم أنت .

قال علي علیه السلام: إنّ صاحبيّ هذين سألاني أن أسألكم : لم رددتم عليّ ولم تردّوا عليهما ؟ قالوا لأنّا لانكلّم إلا نبيّاً أو وصيّ نبيّ .(1).

25 - و منها : ما روی أبو بصير ، عن أحدهما علیهما السلام قال :أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن ، فلمّا بنوه سقط ، فأتوا أبابكر فقال : استوثقوا من البناء و افعلوا . ففعلواو أحكمو افسقط، فعادوا إليه فسألوه، فخطب الناس وناشدهم : إن كان لواحد منكم به علم فليقل .

فقال عليّ علیه السلام : احتفروا في ميمنة القبلة وميسرتها ، فانّه يظهر لكم قبران علیهما كوبة(2) مكتوب عليها «أنا رضوی و اختي حيّا(3) ابنتا تبّع ، متنا لانشرك بالله شيئاً»فاغسلوهما و کفّنوهما وصلّوا عليهما و ادفنوهما ، ثمّ ابنوا مسجد کم فانّه يقوم بناؤه ففعلوا ، فكان كذا ، فقام البناء .(4)

ص: 192


1- عنه البحار : 136/39 ح3
2- الكوبة : حجر مدور . وفي فرج المهموم «تربة»
3- «حبی» الصراط المستقيم
4- عنه البحار : 297/ 41 ح 22 وعن فرج المهموم : 223 نقلا من دلائل الحميري وأورده في الصراط المستقيم : 14 عن الصادق عليه السلام مثله ، عنه اثبات الهداة :63 /5 ح437.وقال في الصراط : قال ابن حماد : و قال للقوم امحضوا الان واحتفروا *** أساس قبلتكم تفضوا الى حزن عليه لوح من العقيان محتفر*** فيه بخط من الياقوت مندفن نحن ابنتا تبع ذي الملك من يمن*** حبی ورضوی بغير الحق لم ندن متنا على ملة التوحيد لم نك من *** صلی الى صنم کلا ولا وثن

26 - ومنها : سما روي عن أبي عبد الله علیه السلام أنّ حبابة الوالبيّة مرّت بعليّ علیه السلام ومعها سمك فيه جرّية ، قال : ما هذا الّذي معك ؟ قالت : سمك ابتعته للعيال .فقال : نعم زاد العيال السّمك ، ثم قال : فما هذا الّذي معك ؟ قالت : أخي اعتل من ظهره ، فوصف له أكل جري . فقال : يا حبابة إنّ اللّه لم يجعل الشفاء فيما حرّم،والّذي نصب الكعبة ، لو أشاء أن أخبرك باسمها واسم أبيها لأخبرتك فضربت بها الأرض ، وقالت : استغفر الله من حملي لها(1).

27- ومنها : ماروي الحارث الأعور [قال]: بينا أمير المؤمنين علیه السلام يخطب بالكوفة على المنبر، إذنظر إلى زاوية المسجد فقال: يا قنبر ائتني بما في ذلك الجحر(2).فاذا هو بأرقط حيّة من أحسن مايكون.

فأقبل(3) إلى أمير المؤمنين علیه السلام، فجعل يسارّه ، ثمّ انصرف إلى الجحر، فتعجّب الناس، قال: أتعجبون ؟ قالوا: ومالنا لانعجب .

قال: ما ترون هذه الحيّة ! بايعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم على السمع و الطاعة ، و هي سامعة مطيعة لي ، وأنا وصيّ رسول اللّه آمركم بالسّمع والطاعة ، فمنكم من يسمع ويطيع ، ومنكم من لايسمع ولا يطيع.

قال الحارث : فكنّا مع أمير المؤمنين علیه السلام في كناسة(4) إذ أقبل أسد يهوي(5)

ص: 193


1- عنه البحار : 62 / 85 ح 8، ومستدرك الوسائل : 141/3 ح5
2- الجحر : مكان تحتفره الهوام لانفسها
3- أي ذلك الارقط . والرقطة : سواد يشو به نقط بيضاء ، ومنه: حية رقطاء
4- كناسة : محلة بالكوفة ... (معجم البلدان : 4/ 481)
5- هوى في السير : مضى . وهوى في الارض : ذهب فيها

من البرّ، فتقضقضنا(1) من حوله ، وجاء الأسد حتّى قام بين يديه ، فوضع يديه بين أذنيه فقال له عليّ علیه السلام : ارجع باذن اللّه ، ولاتدخل دار الهجرة(2) بعد اليوم ، وأبلغالسباع عنّي .(3).

28- ومنها : ماروي عن أبي بصير ، عن أبي جعفر علیه السلام أن أمير المؤمنين علیه السلام ملك ما فوق الأرض، فاختار الصعبة على الذّلول(4)، فركبها فدارت به سبع أرضين، فوجد ثلاثاً منها خراب ، وأربعاً عوامر .(5).

29- ومنها : ماروي عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام : أنّ غلاماً يهوديّاً قدم على أبي بكر في خلافته، فقال: السلام عليك يا أبا بكر. فوجيء(6) عنقه ، وقيل له :

ص: 194


1- النقضقض : التفرق . وفي م «فتعضعضنا / فتضعضنا خ». وفي ط «فتعسعسنا» يقال : عسعس السحاب : دنا من الأرض . تضعضع: ضعف و خف جسمه من حزن أو مرض
2- فالكوفة كانت دار هجرته عليه السلام
3- عنه البحار : 231/41 ح2 . ورواه في الهداية الكبرى : 52 صدره ، وص 53ذيله في (المخطوطة فقط) باسناده عن الحارث الهمداني ، وأورده في ثاقب المناقب :213 صدره ، وفي ص 217 وفی ارشاد القلوب : 277 مرسلا عن الحارث .وأخرجه في اثبات الهداة : 24/5 ح 344 عن الهداية ذيله ، و في مدينة المعاجز :20 ح 22 عن ثانب المناقب صدره
4- ذل البعير : سهل انقياده ، فهو ذلول . و الصعب : نقيض الذلول ، و الناقة الصعبةخلاف الذلول
5- عنه البحار: 39 / 136 ح2 و عن بصائر الدرجات: 409 ح2 باسناده عن أبی جعفر علیه السلام(مثله)ورواه المفید فی الاختصاص: 194 باسناده عن أبی جعفر(ع) (مثله)، عنه البحار: 27 / 32 ح2 ، ومدینة المعاجز: 90 ذح 228 و عن البصائر، و أخرجه فی البحار: 57 / 344 ح35، وج 60 / 120 ح7
6- وجأ فلاناً بيده أو بالسكين : ضربه في أي موضع كان

لم لم تسلّم عليه بالخلافة؟ ثمّ قال له أبو بكر: ما حاجتك ؟

قال: مات أبي(1) يهوديّاً وخلّف كنوزاً و أموالا ، فان أنت أظهرتها و أخرجتها إليّ أسلمت على يديك ، و کنت مولاك ، و جعلت لك ثلث ذلك المال ، و ثلثاً للمهاجرين والأنصار ، و ثلثاً لي.

فقال أبوبكر : يا خبيث وهل يعلم الغيب إلا اللّه !؟ ونهض أبو بكر ، ثمّ انتهى اليهودي إلى عمر ، فسلّم عليه ، و قال : إنّي أتيت أبا بكر أسأله عن مسألة، فاوجعت ضرباً، وأنا أسألك عن المسألة ، وحكى قصّته. قال : وهل يعلم الغيب إلا اللّه ؟

ثم خرج اليهودي إلى علي علیه السلام وهو في المسجد ، فسلّم عليه، وقال: يا أمير المؤمنين و قد سمعه أبو بكر وعمر ، فو کزوه وقالوا ، یا خبيث هلاّ سلّمت على الأوّل كما سلّمت على علي، والخليفة أبوبكر !؟ فقال اليهودي :

واللّه ماسمّيته بهذا الاسم حتّى وجدت ذلك في كتب آبائي و أجدادي في التوراة فقال أمير المؤمنين علیه السلام: وماحاجتك ؟ قال : مات أبي يهودياً ، و خلّف كنوزاً كثيرة ، و أموالا ، فلم يطّلعني عليها، فأن أخرجتها لي ، أسلمت على يديك ؟

فقال أمير المؤمنين علیه السلام: وتفي بما تقول ؟ قال : نعم ، وأشهد اللّه وملائكته و جميع من يحضرني قال : نعم . فدعا برق أبيض ، فكتب عليه كتاباً، ثمّ قال : تحسن أن تكتب ؟ قال : نعم . قال : خذ معك ألواحاً ، وصر إلى بلاد اليمن ، و سل عن وادي برهوت بحضر موت ، فاذا صرت بطرف الوادي عند غروب الشمس ، فاقعد هناك فانّه سيأتيك غرابيب(2) سود مناقيرها ، و هي تنعب(3) ، فاذا هي نعتت فاهتف

ص: 195


1- «أبوه» م ، ه . و كذا التي تلي ، وهو تصحيف
2- كذا في نسخ الاصل والبحار ، والظاهر أنها تصحیف «غرابين» ، وهي جمع الجمع للغراب ، الطائر الاسود المعروف .وفي رواية البرسی : غرابان . وكذا ما بعدها
3- النعيب : صوت الغراب وفي م، ط: نغبت . يقال : نغب الطائر : حسا من الماء

باسم أبيك، وقل: يا فلان أنا رسول وصيّ محمد صلی الله علیه و آله و سلم فكلّمني، فانّه سيجيبك أبوك فلا تفتر عن سؤاله عن الكنوز الّتي خلّفها، فكلّ ما أجابك به في ذلك الوقت وتلك الساعة فاكتبه في ألواحك، فاذا انصرفت إلى بلادك، بلاد خيبر ، فتتبّع مافي ألواحك واعمل بما فيها .

فمضى اليهودي حتّى انتهى إلى بلاد اليمن ، و قعد هناك كما أمره ، فاذاهو بالغرابيب السود قد أقبلت تنعب فهتف اليهودي ، فأجابه أبوه وقال :

ويلك ماجاء بك في هذا الوقت إلى هذا الموطن وهو من مواطن أهل النّار ؟ قال : جئتك أسألك عن كنوزك أين خلّفتها ؟ قال : في جدار کذا، في موضع كذا، في حيطان كذا . فكتب الغلام ذلك ، ثمّ قال : ويلك اتّبع دین محمد صلی الله علیه و آله و سلم وانصرفت الغرابيب ورجع اليهودي إلى بلاد خيبر ، وخرج بغلمانه و فعلته وإبل و جوالیق وتتبّع مافي ألواحه، فأخرج کنزاً من أواني الفضّة و كنزاً من أواني الذهب ثم أوقر(1) عيراً(2) وجاء حتّى دخل على علىّ علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأشهد أنّ محمداً رسول اللّه، وأنّك وصي محمّد وأخوه وأمير المؤمنین حقّاً كما سمّيت ، وهذه عبر دراهم و دنانير فاصرفها حيث أمرك اللّه ورسوله واجتمع الناس، فقالوا لعليّ : كيف علمت هذا ؟

قال : سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، وإن شئت أخبرتكم بماهو أصعب من هذا قالوا: فافعل قال : كنت ذات يوم تحت سقيفة مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ، و إنّي لاحصي ستّاً وستّين وطأة ، كلّ ملائكة ، أعرفهم بلغاتهم و صفاتهم وأسمائهم و وطئهم(3).

ص: 196


1- أو قر الدابة : حملها ثقيلا
2- العير : الحمار . وفي رواية الطبرسی : بعير
3- عنه البحار : 196/ 41 ح 9. و أورد مثله البرسی في مشارق أنوار اليقين : 81 ، عنهمدينة المعاجز : 100 ح 268

30- و منها : ماروی سعد الخفّاف ، عن زاذان أبي عمرو ، قلت :

یازاذان إنّك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته ، فعلى من قرأت ؟

فتبسّم ثمّ قال : إن أمير المؤمنين علیه السلام مربي و أنا أنشد الشعر ، و كان لي خلق حسن ، فأعجبه صوتي ، فقال : يا زاذان هلاً بالقرآن(1)؟ قلت : و كيف لي بالقرآن فوالله ما أقرأ منه إلا بقدر ما أصلّي به .

قال: فادن منّي فدنوت منه، فتكلّم في أذني بكلام ماعرفته ولاعلمت مايقول ،ثمّ قال لي : افتح فالك . فتفل في في ، فوالله ما زالت قدمي من عنده حتّی حفظت القرآن با عرابه وهمزه ، وما احتجت أن أسأل عنه أحداً بعد موقفي ذلك .

قال سعد : فقصصت قصّة زاذان على أبي جعفر علیه السلام قال: صدق زاذان ، إنّ أمير المؤمنين علیه السلام دعا لزاذان بالاسم الأعظم الّذي لايرد(2).

31- ومنها: أن عليّاً علیه السلام قال يوماً : لو وجدت رجلا ثقة لبعثت معه بمال إلى المدائن إلى شيعتي . فقال رجل في نفسه : لآ تينّه ولأقولن: أنا أذهب بالمال، فهویثق بی، فاذا أخذته ، أخذت طريق الشام إلى معاوية .

فجاء إلى علیّ علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين أنا أذهب بالمال .

فرفع رأسه فقال : إليك عنّي، تأخذ طريق الشام إلى معاوية ؟!(3)

32 - ومنها : ما روی داود العطّار قال : قال رجل : سألني رجل من صحابة(4)أمير المؤمنين علیه السلام، فقال [لي] : انطلق حتّی نسلّم على أمير المؤمنين علیه السلام قال :

ص: 197


1- أي هلا حفظت أو تحفظ القرآن ؟ فالامام عليه السلام يلومه على ترك ذلك أو لحثه على ذلك والأول أظهر
2- عنه البحار : 195/41 ح 6
3- عنه البحار : 8/ 732 ط . حجر ، وج 297/41 ح 23
4- «خاصة» خ ل والبحار

و كنت لا أحبّ ذلك ، فلم يزل بي حتّى أتيت معه . فسلّمنا عليه .

فرفع أمير المؤمنين علیه السلام الدرّة(1) فضرب بها ساقي، فنزوت(2) ، فقال : انز ،أنز(3) إنّك مكره ، إنّك ميسرة .

ثم ذهب ، فقيل له : صنع بك أمير المؤمنين مالم يصنع بأحد.

قال : إنّي كنت مملوكاً لآل فلان ، و كان اسمي ميسرة، ففارقتهم و ادّعيت إلى من لست أنا منه ، فسمّاني أمير المؤمنين باسمي(4) .

33 - ومنها : ما روی معاوية بن جرير الحضرمي قال : عرض الخيل(5) على عليّ علیه السلام، فجاء ابن ملجم إليه، فسأله عن اسمه ونسبه، فانتمى إلى غير أبيه .

قال : كذبت . حتّى انتسب(6) إلى أبيه، فقال : صدقت(7) .

34 - ومنها : ماروي عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : دخل الأشتر علي علي علیه السلام فسلّم ، فأجابه فقال علي علیه السلام ما أدخلك علي في هذه الساعة ؟

قال : حبّك يا أمير المؤمنین .

قال علیه السلام: فهل رأيت ببابي أحداً ؟ قال : نعم ، أربعة نفر .

فخرج الأشتر معه فاذا بالباب : أكمه ، ومكفوف ، ومقعد ، وأبرص .

فقال علیه السلام: ما تصنعون ههنا ؟ قالوا: جئناك لما بنا . فرجع ففتح حقّاً له ، فأخرج رقّا(8) أبيض ، فيه كتاب أبيض ، فقرأ عليهم ، فقاموا كلّهم من غير علّة .(9).

ص: 198


1- الدرة - بالكسر - : التي يضرب بها ، السوط
2- نز : اضطرب ، ويقال: نز فلان عنی : ابتعد وانفرد
3- «أترى» لبحار
4- عنه البحار : 297/41 ح 24
5- الخيل : تستعمل على المجاز للفرسان وركاب الخيل
6- «انتهى» البحار
7- عنه البحار : 297/41 ح 25
8- الرق - بفتح الراء - : جلد رقيق يكتب فيه. والحق - بضم الحاء - : الوعاء
9- عنه البحار : 195/41 ح7

35 - ومنها : ما روي [عن] أبي الصيرفي عن رجل من مراد ، قال : كنت واقفاً على رأس أمير المؤمنين علیه السلام يوم البصرة إذ أتاه ابن عباس بعد القتال ، فقال : إنّ لي حاجة .

فقال علیه السلام: ما أعرفني بالحاجة التي جئت فيها : تطلب الأمان لابن الحكم ؟ قال : ما جئت إلا لتؤمنه . قال : قد آمنته ، ولكن اذهب وجئني به ، ولا تجئني به إلا رديفاً(1) ، فانّه أذل له .

فجاء به ابن عباس مردفاً خلفه كأنّه قرد ، قال أمير المؤمنين علیه السلام: تبايع ؟ قال :نعم ، وفي النفس ما فيها . قال : الله أعلم بما في القلوب .

فلمّا بسط يده ليبايعه أخذ كفّه عن كفّ مروان فنترها ، فقال : لا حاجة لي فيها إنّها كفّ يهوديّة ، لوبايعني بيده عشرين مرة لنكث باسته .

ثمّ قال : هيه يا بن الحكم خفت على رأسك أن يقع في هذه المعمعة(2) ، کلا واللّه حتّى يخرج من صلبك فلان وفلان يسومون هذه الأمّة خسفاً(3) ، ويسقونهم

ص: 199


1- الرديف : الراكب خلف الراكب
2- المعمعة: شدة الحرب . وفي خل : المعمكة . يقال: معك فلاناً في الخصومة : لواه وقهره
3- سامه خسفاً : أهانه و كلفه المشقة

كأساً مصبّرة .(1)

36 - ومنها : ما روي عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن بعض الكوفيّين قال: دخل أسد الكوفة فقال: دلّوني على أمير المؤمنين علیه السلام، فذهبوا معه فدلّوه عليه .

فلمّا نظر إليه الأسد مضي نحوه يلوذ به ويتبصبص إليه . فمسح علي علیه السلام ظهره ثم قال له : اخرج . فنكس الأسد رأسه، ونبذ(2) ذنبه على ظهره(3) ولا يلتفت يميناً ولا شمالا حتى خرج منها.(4).

37 - ومنها : أن عوف بن مروان قال : إنّ راكباً قدم من الشام ، فأفشى في الكوفة أن معاوية مات ، فجيء بالرجل إلى علي علیه السلام فقال : أنت شهدت موت معاوية ؟ قال : نعم ، كنت فيمن دفنه .

فقال له علي : إنّك كاذب فقال القوم : أهو يكذب ؟ قال : نعم ، لأنّ معاوية لا يموت حتّى يملك هذه الأمّة ، ويفعل كذا ، ويفعل كذا بعد ما ملك .

فقال القوم : فلم تقاتله وأنت تعلم أنّه سيبلغ هذا ؟ قال : للحجّة .(5).

وعن مينا قال : سمع علي علیه السلام ضوضاء في عسكره ، فقال : ما هذا ؟ قالوا: هلك معاوية . قال : كلا والذي نفسي بيده أن يهلك حتّى تجتمع عليه هذه الامّة .

ص: 200


1- عنه البحار : 298/41 ح 26. ورواه في الهداية الكبرى : 151 باسناده عن رجلمن مراد يقال له ذباب (رباب بن ریاح) مثله عنه اثبات الهداة : 4/5 ح343.وأورده في ارشاد القلوب مرسلا عن رجل من مراد يقال له رباب بن ریاح ، وفي مشارق أنوار اليقين : 76 مرسلا قطعة . عنه مدينة المعاجز : 98 ح 256
2- نبذ الشيء : طرحه ورمی به . وفی خ ل «مد»
3- «الارض» البحار
4- عنه البحار : 231/41 ح3
5- عنه البحار : 304/41 محلق ح 37 و عن مناقب ابن شهر اشوب : 2/ 95 بالاسناد عن النضر بن شميل ، عن عوف ، عن مروان الأصفر. وأخرجه في مدينة المعاجز : 119 ح320 عن المناقب

فقالوا : فيم تقاتله ؟ قال: ألتمس العذر فيما بيني وبين اللّه .(1).

38- ومنها : أنّ الأشعث بن قیس استأذن على علي علیه السلام، فرده قنبر ، فأدمی أنفه، فخرج علي علیه السلام فقال : مالي ولك يا أشعث ؟ أما والله لو بعبد ثقيف تمرّست(2)لاقشعرّت شعيرات إستك.

قال : ومن غلام ثقيف ؟ قال : غلام يليهم(3) لايبقي بيتاً من العرب إلاّ أدخلهم الذل قال: كم يلي ؟ قال : عشرين إن بلغها .

قال الراوي: فولّي الحجّاج سنة خمس وسبعين ، ومات سنة خمس وتسعين .(4).

39- ومنها : ما انتشرت به الآثار عنه علیه السلام من قوله قبل قتاله الفرق الثلاث بعد بيعته: «أمرت بقتال الناكثين و القاسطين والمارقین»(5).

فقاتلهم ، و كان الأمر فيما خبّر به على ما قال .

و قال علیه السلام لطلحة و الزبير حين استأذناه في الخروج إلى العمرة : لا و اللّه ماتريدان العمرة ولكن تريدان البصرة. فكان كما قال.

وقال علیه السلام لابن عباس وهو يخبره به عن استیذانهما له في العمرة :

إنّني أذنت لهما مع علمي بما انطويا عليه من الغدر، فاستظهرت بالله عليهما، وإنّ اللّه سيرد كيدهما و يظفر ني بهما. و كان كما قال.

ص: 201


1- عنه البحار : 298/41 ح27 وعن مناقب ابن شهر اشوب : 2/ 95 بالاسناد عن عبدالرزاق ، عن أبيه ، عن مينا مولی عبدالرحمن بن عوف . وأورده في مشارق أنوار اليقين : 76 مرسلا باختصار ، عنه اثبات الهداة : 563/4 ح219 أخرجه فی اثبات الهداة : 73/5 ح 459
2- تمرس بالرجل: تعرض له بشر
3- أي يكون والياً عليهم
4- عند الحار 733/8 ط حجر وج 199/41 ح28
5- زاد في البحار : یعنی الجمل وصفين والنهروان

وقال بذي قار وهو جالس لأخذ البيعة : يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلا، ولاينقصون رجلا يبايعوني على الموت .

قال ابن عبّاس : فجزعت لذلك وخفت أن ينقص القوم عن العدد ، أو يزيدوا عليه فيفسد الأمر علينا ، و إنّي أحصي القوم فاستوفيت عددهم تسع مائة رجل و تسعة و تسعين رجلا ، ثم انقطع مجيء القوم فقلت : إنّا لله و إنّا إليه راجعون، ماذا حمله على ما قال؟

فبينا أنا من مفکّر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتّی دنا ، و هو راجل(1) عليه قباءصوف [و] معه سیف و ترس و إداوة(2) ، فقرب من أمير المؤمنين علیه السلام.

فقال : أمدد يديك أبايعك.

فقال عليّ علیه السلام: وعلى ما تبايعني ؟ قال : على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتّى أموت، أو يفتح الله عليك . فقال : ما اسمك قال : أويس . قال : أويس القرني؟ قال : نعم . قال : الله أكبر أخبرني حبيبي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أنّي أدرك رجلا من أمّته يقال له « أويس القرني » يكون من حزب الله و رسوله ويموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر .

قال ابن عباس : فسري(3) عني(4).

40 - ومنها : قوله علسیه السلام- وقد رفع أهل الشام المصاحف ، و شكّ فريق من أصحابه ، ولجؤوا إلى المسالمة ، ودعوه إليها-: ويلكم إن هذه خديعة، وما يريد القوم

ص: 202


1- «رجل» البحار . بمعناها ، أي يمشي على رجليه
2- ادارة الشيء وأدواته : آلته . يريد أنه كان ذو أداة أي شاك في السلاح
3- سرى عنه : زال عنه ما كان يجده من الغضب أو ألهم
4- عنه البحار : 299/41 ح 29 وعنه ج 147/42 ح7 وعن الارشاد المفيد 182 .وأورد قطعة منه في ثاقب المناقب : 232، عنه مدينة المعاجز : 141 ملحق ح397 ،وفی ارشاد القلوب : 224 مرسلا

القرآن لأنّهم ليسوا من أهل قرآن ، فاتّقوا الله وامضوا على بصائركم في قتالهم، فان لم تفعلوا تفرّقت بكم السبل ، وندمتم حين لاتنفعكم الندامة . و كان كما قال.(1).

41- ومنها : ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته ، وأنّه يخرج من الدنيا شهيداً من قوله: والله ليخضبنّها من فوقها - وأومأ إلى شيبته - ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم .

و قوله علیه السلام: أتاكم شهر رمضان ، وفيه تدور رحى السلطان ، ألا وإنّكم حاجّوا العام صفّا واحداً ، وآية ذلك أنّي لست فيكم .

وكان يفطر في هذا الشهر ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين ، وليلة عند عبد اللّه ابن جعفر زوج زینب بنته لأجلها ، لا يزيد على ثلاث لقم ، فقيل له في ذلك ، فقال : يأتيني أمر اللّه وأنا خمیص(2) ، إنّما هي ليلة أو ليلتان ، فاصيب من اللّيل .

وقد توجّه إلى المسجد في اللّيلة الّتي ضربه الشقي في آخرها ، فصاح الاوز(3) في وجهه ، فطرد هن النّاس ، فقال : دعوهن فانّهن نوائح .(4)

42- ومنها : أنّه لمّا بلغه ما صنع بسر(5) بن أرطاة باليمن قال : « اللّهمّ إن بسراً باع دينه بالدنيا ، فاسلبه عقله» .

ص: 203


1- عنه البحار: 593/8 ، ط . حجر، وعن الارشاد للمفيد: 183. وأخرجه في اثبات الهداة:586/4 ح274 عن الارشاد
2- الخميص : الضامر البطن
3- نوع من الطيور
4- عنه البحار : 300/ 41 صدر ح31. وأورده المفيد في الارشاد : 185 مرسلا
5- بضم الباء و سكون السين ، و في بعض النسخ «با لشين» و كلاهما وارد ظاهر وقيل : ابن أبي أرطاة ، واسمه عمرو بن عويمر بن عمران ... قال الواقدي : ولد قبل وفاة الرسول (ص) بسنتين ، وقال أهل الشام سمع من رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله ، شهد صفين مع معاوية ، ثمّ سيره الى الحجاز واليمن ليقتل شيعة على ويأخذ البيعة له . و كان يحيى بن معين يقول : هو رجل سوء ، . توفي بالمدينة أيام معاوية ، وقيل : بالشام أيام عبد الملك، وكان قد حرف آخر عمره . تجد ترجمته في أسد الغابة : 1/ 179، الجرح والتعديل : 422/ 2 رقم 1678، سير أعلام النبلاء409/3 رقم 65، تاریخ الطبری: 167/5 ، مروج الذهب : 211/3 ، الاستیعاب:157، تاریخ بغداد: 210/6 ، الأغاني : 2/ 79، تهذيب التهذيب : 436/1 ، وغيرها

فبقي بسر حتى اختلط ، فاتّخذ له سيف من خشب يلعب به حتّى مات .(1).

43 - ومنها : ما استفاض عنه علیه السلام من قوله : إنّكم ستعرضون من بعدي على سبّي ، فسبسّوني ، فان عرض عليكم البراءة منّي فلا تبرؤا منّي .فكان كما قال .(2).

44 - و منها : قوله علیه السلام لجويرية(3) بن مسهر : لتعتلنّ إلى العتل(4) الزنيم وليقطعن يدك ورجلك(5) ، ثمّ ليصلبنّك ثم مضى دهر حتّى ولّي زیاد(6) في أيّام معاوية ، فقطع يده ورجله ثم صلبه.(7)

ص: 204


1- عنه البحار : 301/41 ضمن ح 31، و ج 147 /42 صدر ح8 وأورد مثله المفيد في الارشاد : 1/ 86 ، وابن شهر اشوب في المناقب : 113/ 2 عن الوليد بن الحارث و غیره عن رجالهم ، عنهما البحار : 204/41 ح 19.وأورده في ارشاد القلوب : 288 مرسلا نحوه .ورواه العسقلاني في تهذيب التهذيب : 436/1 ، وابن أبي الحديد في شرح النهج:121/1 مثله ، عنهما احقاق الحق : 740/8
2- عنه البحار : 301/41 ضمن ح 31. و أورده المفيد في الارشاد : 186 ، مر سلامثله عنه الوسائل : 481/11 ح 21 واثبات الهداة : 587/4 ح276. والبحار : 39/317 ح16 . وروى الصدوق في عيون الاخبار : 64/2 ح 274 باسناده عن علی (ع)نحوه ، عنه اثبات الهداة : 450/4 ح 26، والبحار : 317/39 ح 15
3- «لجويرة» م . هو تصحيف . ترجم له السيد الخوئي في رجاله : 180/4 رقم 2413وذكر قصته أعلاه برواية المفيد ، فراجع
4- عتله: جذبه وجره عنيفاً . و العتل - بضمتين مشددة اللام - : الجاني الغليظ الشديد والزنيم : اللئيم ، الدعي ، اللاحق بقوم ليس منهم
5- «يديك ورجليك» خل . وكذا التي بعدها بصيغة الغائب
6- أي زياد بن أبيه لما ولي الكوفة
7- عنه البحار : 301/41 ح 31 .و أورده المفيد في الارشاد : 186 مرسلا، عنه

45 - ومنها : ماروي من قوله علیه السلام: إنّي دعوتكم إلى الحقّ ، فتلونتم علي(1) وضربتكم بالدرة فأعيیتموني ، أما إنّه سيکلبكم(2) بعدي ولاة يعذّبونكم بالسياط و الحديد وآية ذلك حين يأتيكم صاحب اليمن ( الحجّاج )(3) ، فيأخذ العمّال وعمّال العمّال . فكان كما قال .(4).

46 - ومنها : ما رووه أن ميثماً التمّار كان عبداً لامرأة ، فاشتراه على علیه السلام فأعتقه ، وقال له : ما اسمك ؟ قال : سالم . قال : حدّثني رسول الله بأنّ اسمك الّذي سمّاك به أبوك في العجم «میثم» .

قال : صدق اللّه ورسوله ، وصدقت واللّه ، إنّه لاسمي.

قال : فارجع إلى اسمك الذي سمّاك به رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فرجع إلى ميثم ، واكتنی بأبي سالم . فقال علیه السلام: إنّك لتؤخذ بعدي فتصلب . و كان كما قال(5).

47-ومنها: ما تظاهر به الخبر أن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بعث علیّاً علیه السلام إلى وادي الجنّ ، وقد أخبره جبرئیل علیه السلام أن طوائف منهم قد اجتمعوا لكيده ، بأغني عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، وكفى اللّه المؤمنین به کیدهم ، ودفعهم بقوته عن المسلمين .

ص: 205


1- «فتو ليتم عنی» الارشاد ، الغارات، شرح النهج
2- «سیلیکم» الارشاد ، الغارات ، شرح النهح
3- «حتى يحل بين أظهركم» الارشاد ، الغارات ، شرح النهج
4- أورده المفيد في الارشاد : 186 مثله مرسلا ، عنه اثبات الهداة : 587/4 ح277،والبحار : 285/41 ح4.وأورد الخطبة الثقفي في الغارات : 458/ 2 عن زيد بن على، عن : علی علیه السلام ، عنه البحار : 675/8 ط . حجر وابن أبي الحديد في شرح النهج: 306 /2 برواية محمدابن فرات الجرمي ، عن زيد بن على، عن علي (ع)
5- أورده المفيد في الارشاد : 187 مثله مرسلا ، عنه اثبات الهداة 2/ 150 ح 589 ،والبحار : 124/42 ح7

قال ابن عباس : لمّاخرج النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم إلى غزاة بني المصطلق جنب(1) عن الطريق ، وأدركه الليل ، فنزل بقرب واد و عر.

فلمّا كان في آخر اللّيل، هبط جبرئيل عليه يخبره أنّ طائفة من كفّار الجنّ قداستبطنرا الوادي يريدون [كيده ،و] إيقاع الشرّ بأصحابه عند سلوکهم إيّاه.

فدعا عليّاً علیه السلام وقال [له]: إذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجنّ من يريدك ، فادفعه بالقوّة الّتي أعطاك اللّه، وتحصّن منه بأسماء الله الذي خصّك بعلمها . وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس ، فقال لهم : كونوا معه، وامتثلوا أمره .

فتوجّه أمير المؤمنين علیه السلام إلى الوادي، فلمّا قارب شفیره(2) أمر المائة الّذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير، ولا يحدثوا شيئاً حتّى يأذن لهم ، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي ، وتعوذ بالله من الأعداء ، وسمّى اللّه ، وأومأ إلى القوم الذين اتّبعوه أن يقربوا منه ، فقربوا ، و كان بينهم وبينه غلوة(3)، ثم رام الهبوط ، فاعترضت ريح عاصف كاد أن يقع القوم على وجوههم لشدّتھا ، ولم تثبت على الأرض أقدامهم من هول ما لحقهم.

فصاح أمير المؤمنين علیه السلام : أنا علي ابن أبي طالب بن عبدالمطّلب و صيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم و ابن عمّه، اثبتوا إن شئتم .

فظهر للقوم أشخاص على صورة الزط - و هم الزنج - يخیّل في أيديهم شعل النار، قد اطمأنّوا بجنبات الوادي ، فتوغّل أمير المؤمنين علیه السلام بطن الوادي و هو يقرأ القرآن ، ويومي بسيفه يميناً وشمالا ، فما لبث الأشخاص حتّى صارت كالدخان الأسود ، وكبّر [عليّ] علیه السلام ثمّ صعد من حيث انهبط، فقام مع القوم الّذين اتّبعوه حتّى أسفر(4) الوضع عمّا اعتراه.

ص: 206


1- جنب : مال
2- الشفير : ناحية كل شی
3- الغلوة: قدر رمية بسهم
4- «أصفر» البحار : 39

فقال له الصحابة : مالقيت يا أبا الحسن ؟ فلقد كدنا أن نهلك خوفاً، و أشفقنا عليك .

فقال علیه السلام لهم: إنّه لمّا تراءی لي العدوّ ، جهرت فيهم بأسماء الله [تعالی] فتضاءلوا وعلمت ما حلّ بهم من الجزع ، فتوغّلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيأتهم لأتيت على آخرهم ، وقد كفى الله كيدهم ، و كفي المؤمنين شر هم، وقد سبقتني بقيّتهم إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم. فانصرف ، ودعا له النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم ، وقال :

قد سبقك إلي ياعلي من أخافه الله بك فأسلم. ثم قطعوا الوادي آمنين.

ص: 207

ص: 208

48- ومنها : ماروی جمیع بن عمير قال: اتّهم علي علیه السلام رجلايقال له «العيزار»(1) يرفع أخباره إلى معاوية ، فأنكر ذلك وجحده .

فقال له : أتحلف بالله أنّك ما فعلت ذلك ؟ قال : نعم . وبدر ، فحلف .

فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك .

فما دارت الجمعة حتّى أخرج أعمى يقاد، قد أذهب الله بصره.(2).

49- ومنها: ما روي عن طلحة بن عميرة قال : نشد(3) علي علیه السلام الناس في قول

ص: 209


1- «الغيزار» الارشاد «المغيرة» ارشاد القلوب. «الغيرار» البحار . «الغرار» احقاق الحق
2- عنه البحار : 733/8 ط . حجر ، وعنه ج 198/41 ح11 وعن ارشادالمفيد:203 بالاسناد عن عبدالقاهر بن عبدالملك بن عطاء الأشجعي ، عن الوليد بن عمران البجلي عنجميع بن عمير و أورده ابن شهر اشوب في مناقبه : 112 /2 ، عنه مدينة المعاجز : 126 ح 352والاربلي في كشف الغمة: 283/1 ، والدیلمی فی ارشاد القلوب : 228 مثله ورواه الامر تسري في أرجح المطالب : 681 . عنه احقاق الحق : 8/ 739
3- نشده عهده أو وعده : ذكره ماعاهده به و وعده وطلبه منه

النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم «من کنت مولاه فعليّ مولاه»(1) فشهد إثناعشر رجلا من الأنصار ، وأنس ابن مالك حاضر لم يشهد .

فقال علي علیه السلام: يا أنس مايمنعك أن تشهد، وقد سمعت ماسمعوا ؟

قال : كبرت و نسيت .

فقال علیه السلام: اللّهمَّ إن كان كاذباً فاضربه ببياض أو بوضح(2) لاتواريه العمامة قال ابن عميرة : فأشهد بالله لقد رأيتها(3) بيضاء بين عينيه.(4).

50 - و منها : ماروي عن زيد بن أرقم قال: نشد علي علیه السلام الناس في المسجد فقال : أنشد الله رجلا سمع النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم يقول : «من کنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» فقام إثنا عشر بدريّاً : ستّة من الجانب الأيمن ، و ستّة من الجانب الأيسر،فشهدوا بذلك .

قال زيد : و كنت فيمن سمع ذلك فكتمته، فذهب اللّه ببصري، و كان يندم على ما

ص: 210


1- استفصینا تمام مصادر وموارد هذا الحديث عند تحقیقنا صحيفة الامام الرضا عليه السلام ص 109 ، فراجع
2- الوضح : البرص . والبيضاء بمعناها
3- «رأيته» البحار : 42
4- عنه البحار : 204/41 ح20، وعن الارشاد للمفيد : 203 بالاسناد عن اسماعیل بن عمیرعن مسعر بن کدام ، عن طلحة بن عميرة مثله وعنه البحار : 148/42 ح 9.ورواه الامر تسرى في أرجح المطالب : 579 ، عنه احقاق الحق : 332/6 .وأورده في كشف الغمة : 283/1 مرسلا أقول: وهذا حديث متواتر روته العامة والخاصة بألفاظ مختلفة وأسانيد شتی.انظر: احقاق الحق : 741/8 - 747 وج 562 /16

فاته من الشهادة ويستغفر(1).

51- ومنها : ماروي عن حكيم بن جبير و جماعة قالوا: شهدنا علياً علیه السلام علی المنبر و هو يقول : أنا عبد الله ، و أخو رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ورثت نبيّ الرحمة ، ونكحت سيّدة نساء أهل الجنّة(2)، وأنا سيّد الوصيّين، و آخر أوصياء النبيّين(3)، لايدّعي ذلك غيري إلا أصابه الله بسوء.

فقال رجل من عبس كان جالساً بين القوم : من لا يحسن أن يقول هذا !؟ أناعبداللّه و أخو رسول الله . فلم يبرح مكانه حتّی تخبّطه الشيطان ، فجر برجله إلى باب المسجد ، فسألنا قومه عنه، فقلنا: تعرفون منه عرضاً(4) قبل هذا؟ قالوا: اللّهم لا.(5).

ص: 211


1- عنه البحار : 205/41 ح 21، وعن الارشاد للمفيد : 203 بالاسناد عن أبی اسرائیل عن الحكم بن أبي سلمان المؤذن ، وعن زيد بن الأرقم مثله . وعنه البحار : 148/42ح10 . وأورده في كشف الغمة : 283/1 مرسلا.أقول : وهذا أيضاً حدیث متواتر رواه الفريقان بأسانيد شتي وألفاظ مختلفة .انظر احقاق الحق : 318/ 6 - 320 روايته ، وغيره
2- «سيدة نساء العالمين سيدة نساء أهل الجنة» م، ط.والظاهر أن العبارة الاولی هی «خل» من النسخة، وأدخلها الناسخ في المتن بلا اشارة
3- «المرسلين» خل
4- «عارضاً» البحار . و العرض - بفتحتين - : من أحداث الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك
5- عنه البحار : 205 /41 ح 22، و عن الارشاد للمفيد : 204 با لاسناد عن علي بن مسهر ، عن الاعمش ، عن موسى بن طريف ، عن عباية بن موسی النميري ، عن عمران ابن میثم ، عن عباية وموسي الوجیهی، عن المنهال بن عمرو ، عن عبدالله بن الحارث وعثمان بن سعيد وعبد الله بن بكير ، عن حکیم بن جبير مثله ، وعن مناقب ابن شهراشوب 166 / 2 بالاسناد عن الاعمش ، عن رواته ، عن حکیم بن جبير ، وعن عقبة الهجري عن عمته ، وعن أبي يحيي مثله وأورده في كشف الغمة : 284/1 مرسلا وأخرجه في مدينة المعاجز : 139 ح389 عن المناقب

52- ومنها : أن سبعة(1) إخوة أو عشرة في حيّ من أحياء العرب كانت لهم أخت واحدة، فقالوا لها : كلّ مايرزقنا الله من عرض الدنيا و حطامها ، فانّا نطرحه بين يديك ، و نحكّمك فيه ، فلاترغبي في التزویج ، فحميّتنا لاتحتمل(2) ذلك فوافقتهم في ذلك ، ورضيت به، وقعدت [في خدمتهم] و هم يكرمونها .

فحاضت يوماً ، فلمّا طهرت أرادت الاغتسال ، و خرجت إلى عين ماء كانت بقرب حيّهم(3)، فخرجت من الماء علقة(4)، فدخلت في جوفها وقد جلست في الماء فمضت عليها أيّام والعلقة تكبر، حتّی علابطنها ، وظن الأخوة أنّها حبلی و قدخانت فأرادوا قتلها .

قال بعضهم : نرفع خبرها(5) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فانّه يتولّى ذلك . فأخرجوها إلى حضرته وقالوا فيها ماظنّوا بها، فاستحضر طشتاً مملواً بالحمأة(6) ، و أمرها أن تقعد عليه فلمّا أحسّت العلقة برائحة الحمأة نزلت من جوفها.

فقالوا : ياعليّ أنت ربّنا ، أنت ربّنا العليّ، فانك تعلم الغيب ، فزبرهم وقال : إن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أخبرنا بذلك عن الله بأن هذه الحادثة تقع في هذا اليوم، في هذا الشهر ، في هذه الساعة .(7).

53 - ومنها : أن الصحابة سألوا النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم أن يأمر الريح فتحملهم إلى

ص: 212


1- «تسعة» البحار
2- «تحمل» ه، البحار . احتمل الامر : أطاقه و صبر عليه
3- «حلتهم» م. بمعناها
4- العلق - بفتح العين واللام - : دود أسود وأحمر يكون بالماء ، يعلق بالبدن و يمص الدم ... الواحدة علقة . (حياة الحيوان 70/20)
5- «أمرها» البحار
6- قوله تعالی «من حمأ مسنون» الحجر : 28 /26 ، 33. الحمأ : جمع «حمأة» وهوالطين الاسود المتغير . (مجمع البحرین : 107/1)
7- عنه البحار : 242/40 ح 20، ج 166/62 ح 1

أصحاب الكهف ففعل، فلمّا نزلوا هناك سلّم عليهم أبو بكر وعمر وعثمان فلم يردّوا عليهم، ثمّ قام القوم الآخرون كلّهم فسلّموا، فلم يردّوا عليهم أيضاً .

فقام عليّ علیه السلام فقال : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آیاتنا عجباً.(1) فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبا الحسن .

فقال أبو بكر : سل القوم مالنا(2) سلّمنا عليهم و لم يجيبوا ؟ فسألهم علي علیه السلام فقالوا: إنّا لانكلّم إلاّ نبيّاً أو وصيّ نبيّ ، وأنت وصيّ خاتم الأنبياء.

ثمّ قال عليّ علیه السلام : ياريح احملينا.

قالوا: فاذا نحن في الهواء، فلمّا أن كان في جوف اللّيل ، قال عليّ علیه السلام : ياريح ضعينا ثم قام فركض برجله ، فاذانحن بعين ماء، فتوضّأ، ثم قال : فتوضّأوا فانّكم مدر کون بعض صلاة الصبح مع(3) رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم.

ثمّ قال : ياريح احملينا. فأدركنا آخر ركعة مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم.

فلمّا أن قضينا ماسبقنا به، التفت إلينا و أمرنا بالاتمام . فلمّا فرغنا قال: يا أنس أحدّثكم أو تحدّثوننا ؟ قلت : يارسول الله من فيك أحسن .

فحدّثنا كأنّه كان معنا ، ثم قال : إشهد بهذا لعلي يا أنس .

قال أنس : فاستشهدني عليّ علیه السلام وهو على المنبر، فداهنت في الشّهادة .

فقال : إن كنت كتمتها مداهنة من بعد وصيّة رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ، فأبرصك الله ،وأعمى عينيك ، وأظمأ جوفك . فلم أبرح من مكاني حتى عميت و برصت.

وكان أنس لايستطيع الصوم في شهر رمضان ولافي غيره من شدّة الظماء و كان بطعم في شهر رمضان كلّ يوم مسكينين حتّى فارق الدنيا وهو يقول : هذا من دعوة علي،(4)

ص: 213


1- اقتباس من قوله تعالى في سورة الكهف: 90
2- «ما لهم» ط
3- «عند» البحار
4- عنه البحار : 137/39 ح 4

54 - و منها : أنّه أتي عمر بأسير في عهده، فعرض عليه الاسلام فأبى، فأمر بقتله قال: لاتقتلوني [وأنا] عطشان. فجاءوا بقدح ملان ماء فقال: لي الأمان إلى أن أشرب؟

قال عمر : نعم . فأراق الماء على الأرض فنشفته(1)، قال عمر: اقتلوه ، فانّه احتال.

فقال علي بن أبي طالب علیه السلام: لا يجوز لك قتله وقد آمنته . قال: ما أفعل [به]؟ قال:اجعله لرجل من المسلمين بقيمة عدل(2). قال: ومن يرغب فيه؟ قال: أنا. قال: هو لك.

فأخذ أمير المؤمنين علیه السلام القدح بكفّه ، فدعا ، فاذا ذلك الماء اجتمع في القدح فأسلم لذلك ، فأعتقه أمير المؤمنين علیه السلام، فلزم المسجد والتعبّد.

فلمّا قتل أبولؤلؤة عمر ، ظن عبيد الله بن عمر أن الهرمزان قتل أباه ، فدخل المسجد وقتله . فعرّفوا عمر حاله . فقال : أخطأ ، قتلني أبو لؤلؤة ، الهرمزان مولی علي بن أبي طالب ، و لا يوصي إلا بقتل عبيدالله . فتوفي عمر ، و قام عثمان ، فلم يقتل عبيد الله .

وقال علي علیه السلام إن مكّنني اللّه منه لأقتله.

فلمّا قتل عثمان هرب عبيد اللّه إلى معاوية وظفر به بصفين فقتله(3) وهو متقلّد بسيفين(4).

55 - ومنها : أنّه صعب على المسلمين قلعة(5) فيها كفّار ، و يئسوا من فتحها فعقد في المنجنيق ورماه الناس إليها، وفي يده ذو الفقار، فنزل عليهم وفتح القلعة .(6).

ص: 214


1- نشف الماء في الارض : ذهب ونضب
2- «عبد» البحار . والعدل : الفدية
3- راجع تفصيل ذلك في مروج الذهب : 378/2 - 385
4- عنه البحار : 250/41 ح 5 الى قوله « فلزم المسجد و التعبد » .وأورد نحوه في الصراط المستقیم: 1/ 104 نقلا من كتاب العقد عن المغربي، عنه اثباتالهداة 57/5 ح 421
5- يقال: انها قلعة سلاسل في شوشتر . (من حاشيةم )
6- عنه البحار : 18/42 ح 3

56 - و منها : أن قوماً من النصارى كانوا دخلوا على النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم و قالوا :نخرج ونجيء بأهالينا وقومنا ، فان أنت أخرجت مائة ناقة من الحجر لنا سوداء ،مع كل واحدة فصيل، آمنّا .

فضمن ذلك رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم وانصرفوا إلى بلادهم .

فلمّا كان بعد وفاة رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم رجعوا ، فدخلوا المدينة ، فسألوا عن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم فقيل لهم : توفّي صلی الله علیه و آله و سلم فقالوا: نحن نجد في كتبنا أنّه لا يخرج من الدنيا نبيّ إلا ويكون له وصيّ، فمن كان وصيّ نبيّكم محمّد ؟

فدلّوا على أبي بكر، فدخلوا عليه وقالوا : لنا دين على محمّد.

فقال : وماهو؟ قالوا(1) : مائة ناقتة ، ومع كلّ ناقة فصیل و کلّها سود .

فقال : ما ترك رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم تركة تفي بذلك .

فقال بعضهم البعض بلسانهم : ما كان أمر محمّد إلا باطلا.

و كان سلمان حاضراً و كان يعرف لغتهم(2) ، فقال لهم : أنا أدلّكم على وصيّ رسول اللّه(3) . فإذا بعلي قد دخل المسجد، فنهضوا إليه مع سلمان و جثوا(4) بینيديه قالوا : لنا على نبيّكم مائة ناقة ديناً بصفات مخصوصة .

قال [علي] علیه السلام: وتسلمون حينئذ ؟ قالوا: نعم. فواعدهم إلى الغد ، ثمّ خرج بهم إلى الجبّانة، و المنافقون يزعمون أنّه يفتضح، فلمّا وصل إليها صلّى ركعتين ودعا خفيّاً ، ثمّ ضرب بقضيب رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم على الحجر(5) فسمع منه أنين كما يكون للنوق عند مخاضها .

ص: 215


1- «قال» نسخ الاصل . تصحيف ظء
2- «ألسنتهم ولغاتهم» خل
3- «محمد» البحار
4- «جلسوا» ط . جثا : جلس على ركبتيه ، أو قام على أطراف أصابعه
5- زاد في م «و خرج منه»

فبينا كذلك إذ انشقّ الحجر ، فخرج منه رأس ناقة قد تعلّق منه الزمام (1) .

فقال علیه السلام لابنه الحسن : خذه .

فخرج منه مائة ناقة ، مع كل واحدة فصيل كلّها سود الألوان.

فأسلم النصاری کلّهم، ثمّ قالوا : كانت ناقة صالح النبي واحدة، و كان بسببها هلاك قوم كثير ، فادع اللّه يا أمير المؤمنين حتّى ترجع(2) النوق و فصالها(3) في الحجر لئلا يكون شيء منها سبب هلاك امّة محمّد.

فدعا، فدخلت مثلما خرجت.(4).

57 - و منها : أن أبا عبد الله الغنوي(5) قال : إنّا لجلوس مع علي بن أبي طالب علیه السلام(6) يوم الجمل إذ جاءه الناس، فقالوا : لقد نالنا النبل و النشّاب. فسكت ثمّ جاء آخرون يهتفون به(7) وقالوا : قد جرحنا.

فقال علیه السلام: [ یا قوم ] من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة؟ فقال:(8) إنّا لجلوس ما نرى ريحاً ولانحسّها إذ هبّت ريح طيّبة من خلفنا، واللّه لوجدت بردها بين كتفي(9) من تحت الدرع والثياب .

قال : فلمّا هبّت الريح صبّ أمير المؤمنين علیه السلام درعه ، ثمّ قام إلى القوم ، فما رأيت فتحاً كان أسرع منه .(10).

ص: 216


1- الزمام : المقود
2- «تدخل» البحار . وهي أظهر
3- «فصيلها» م، ط. والفصال : جمع فصيل ، وهو ولد الناقة
4- عنه البحار : 198/41 ح10
5- «العنزي» الأمالی و کشف . و لم يثبت لدينا
6- «على أمير المؤمنین» ط
7- «يهرعون (به) الیه» ط. هنف : صاح
8- أي الراوي للحديث
9- «علی کبدی» خل
10- عنه البحار : 436/8 ، ط. حجر وعن أمالي الطوسی : 212/2 باسناده عن المفيد عن عمر الصيرفي ، عن محمد بن القاسم ، عين جعفر بن عبدالله. عن يحيى بن الحسن عن المسعودی ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي محمد العنزي، عن أبي عبدالله العنزي.وأورده في كشف الغمة : 395/1 مرسلا عن أبي عبدالله العنزي

58 - ومنها : أن ابن الكوّا قال لعليّ علیه السلام أين كنت حيث ذكر اللّه أبا بكر فقال: «ثاني اثنين إذ هما في الغار»(1)؟ فقال علیه السلام: ويلك يا بن الكوّا كنت على فراش رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم وقد طرح عليّ ربطته(2) فأقبلت قريش مع كلّ رجل منهم هراوة(3) فيها شوکها، فلم يبصروا رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم فأقبلوا علي يضربونني حتى تنفّط(4) جسدي، وأوثقوني بالحديد ، و جعلوني في بيت ، و استوثقوا الباب بقفل ، و جاءوا بعجوز

تحرس الباب .

فسمعت صوتاً يقول : يا عليّ ! فسكن الوجع الذي(5) أجده .

وسمعت صوتاً آخر [ يقول ](6) يا علي ! فاذا الحديد الذي علي قد تقطّع .

ثمّ سمعت صوتاً : يا علي ! فاذا الباب فتح ، فخرجت، والعجوز لاتعقل(7) .(8).

59 - ومنها : ما روي عن الصادق علیه السلام أنّه قال : لمّا قتل علي علیه السلام عمرو بن عبد ودّ أعطى سيفه ذا الفقار الحسن علیه السلام وقال : قل لامّك : تغسل هذا الصقيل(9) .

فردّه وعلي علیه السلام عند النبيّصلی الله علیه و آله و سلم ، و في وسطه نقطة لم تنق(10) ، فقال : أليس قد غسلته الزهراء ؟ قال : نعم . قال : فما هذه النقطة ؟ فقال النبي صلی الله علیه و آله و سلم : يا عليّ سل

ص: 217


1- التوبة : 40
2- الريطة : الملاءة اذا كانت قطعة واحدة ونسجاً واحداً
3- الهراوة : العصا الضخمة ، کهر اوة الفأس
4- نفطت يده : فرحت
5- «فلن» البحار: 19 وج8 ط.حجر
6- من البحار : 19 وج8 ط. حجر
7- أي لا تدرك
8- عنه البحار : 76/ 19 ح27 ، ج 620/8 ط. حجر .وأورده الشريف الرضي في خصائص أمير المؤمنین : 26 مثله .عنه البحار: 46/36 ح 7، وحلية الابرار : 278/1 ، ومدينة المعاجز: 76ح 189
9- الصقيل : السيف
10- نقی نقاوة : نظف وحسن أخلص فهو نقي

ذا الفقار يخبرك. فهزّه وقال : أليس قد غسلتك الطّاهرة من دم الرجس النجس ؟

فأنطق اللّه السيف فقال: [نعم](1) ولكنّك ما قتلت بي أبغض إلى الملائكة من عمرو ابن عبدود فأمرني ربّي، فشربت هذه النقطة من دمه وهو حظّي منه ، فلا تنتضيني(2)

يوماً إلا ورأته الملائكة فصلّت عليك.(3).

60 - ومنها: ما أخبرنا به أبو منصور شهردار بن شیر و یه بن شهر دار الديلمي(4).

[قال: حدَّثنا أبي، قال:] حدَّثنا أبو الحسن علي بن أحمد الميداني، حدَّثنا أبو عمرو محمد بن يحيي حدَّثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عمر [قال:] سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الوفا بالكوفة يقول :

كنت بالمسجد الحرام ، فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : راهب أسلم . فأشرفت عليه ، فاذا أنا بشیخ کبیر علیه جبّة صوف وقلنسوة صوف، عظيم الخلق، وهو قاعد بحذاء مقام إبراهيم ، فسمعته يقول :

كنت قاعداً في صومعتي ، فأشرفت منها ، فاذا طائر كالنسر قد سقط على صخرة على شاطىء البحر ، فتقيّأ فرمی بربع إنسان، ثم طار، فتفقّدته، فعاد فتقيّأ فرمی بربع إنسان ، ثم طار ، ثم جاء فتقيّأ بربع إنسان ، ثم طار ، ثم جاء فتقيّأ بربع إنسان ثم طار، فدنت الأرباع، فقام رجلا، فهو قائم، وأنا أتعجّب منه، ثم انحدر الطير، فضر به وأخذ ربعه فطار ، ثم رجع فأخذ ربعه فطار ، ثم رجع فأخذ ربعة آخر فطار، ثم رجع فأخذ الربع الآخر.

فبقيت أتفكّر وتحسّرت أن لا أكون لحقته فسألته من هو؟ فبقيت أنفقّد الصخرة

ص: 218


1- من البحار.
2- نضي السيف وانتضاه : سله
3- عنه البحار : 249/20 ح 18، ومدينة المعاجز : 95 ح240
4- هومن ذرية الضحاك بن فيرور الديلمي ، سمع من أبيه وغيره ، مات سنة 558 .تجد ترجمته في سير أعلام النبلاء : 375/20 رقم 255

حتى رأيت الطير قد أقبل، فتقيّأ بربع إنسان ، فنزلت فقمت بازائه ، فلم أزل حتى تقيّأ بالربع الرابع، ثمّ طار ، فالنأم رجلا فنام قائماً .

فدنوت منه ، فسألته ، فقلت : من أنت ؟ فسكت عنّي ، فقلت : بحقّ من خلقك من أنت ؟ قال : أنا ابن ملجم . فقلت : وأيش(1) عملت ؟

قال : قتلت علي بن أبي طالب ، فو كّل بي هذا الطير يقتلني كلّ يوم قتلة(2).

فهو يحدّثني ، إذ انقضّ الطائر فضربه(3) فأخذ ربعه و طار ، فسألت عن عليّ فقالوا : ابن عمّ رسول الله [ و وصيّه ] . فأسلمت .(4).

61 - ومنها : ما روی مکحول ، أن مرحباً اليهودي ، قدّمته اليهود لشجاعته ويساره ، و كان طويل القامة ، عظیم الهامة ، و ما واقفه قرن لعظم خلقه ، وكانت له ظئر(5) [قد] قرأت الكتب ، و كانت تقول له : قاتل كل من قاتلك إلا من يسمّى بحيدرة ، فانّك إن وقفت له هلكت . فلمّا

ص: 219


1- أيش : مخفف «أي شیء»
2- في بعض المصادر «أربعين قلة»
3- «فهذا يخبرنی و انفض الطير» م ، ه
4- عنه البحار : 307/42 ح7 وعن كشف الغمة: 1/ 434 ، وعنه مدينة المعاجز :199ح 549.ورواه الخوارزمي في مناقبه : 281 باسناده عن شهردار بن شیر و به الديلمي ... مثله ، عنه الفصول المهمة: 759، وحديقة الافراح لازالة الأتراح:95 ، و نور الابصار: 120.و رواه الحمويني في فرائد السمطین : 391/1 . و أخرجه الحضرمي في وسيلة المال:157 عن حديقة الافراح ، و الأمر تسرى في أرجح المطالب: 656 عن الفصول المهمة وروی نحوه الحلواني في مقصد الراغب : 104 (مخطوط) باسناده عن أبي الخير بدل ابن أبي المعمر يرفعه عن عصمة العبادانی ، والمناوي في الكواكب الدرية : 1/ 44عن ابن عساكر ، عن عصمة العباد .وأخرجه عن بعض المصادر أعلاه احقاق الحق : 759/8 - 671 و ج 214/18
5- أى مرضعة

کثر مناوشته(1) ، وبعل(2) الناس بمكانه ، شكوا إلى النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم وسألوه أن يخرج إليه عليّاً علیه السلام و كان أرمد ، فتفل النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم في عينه ، فصحّت.

ثمّ قال له : « يا عليّ اكفني مرحباً» . فخرج إليه فلمّا بصر به مرحب أسرعد إليه، فلم يره يعبأ به فتحیّر، ثم قال : أنا الذي سمّتني أمّي مرحباً .

فقال علي علیه السلام : أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة .

فلمّا سمعها(3) هرب ولم يقف [خوفاً](4) ممّا حذّرته ظئره، فتمثّل له إبليس

وقال : إلى أين ؟ قال: حذرت ممّن اسمه حیدرة . قال: أو لم يكن حیدرة إلا هذا ؟ حیدرة في الدنيا كثير، فارجع فلعلّك تقتله، فان قتلته سدت قومك(5) وأنا في ظهرك .

فما كان إلاّ كفواق(6) ناقة حتّى قتله أمير المؤمنين(7).(8)

62 - ومنها : ما روى الحارث الأعور قال: خرجنا مع علي علیه السلام حتى انتهينا(9)إلى العاقول(10) ، فاذا هناك أصل شجرة وقد وقع لحاؤها(11) ويبس عودها.

ص: 220


1- مناو شته : منازلته
2- بعل بأمره: تحير فلم بدر ما يمنع . وفي ه ، س «ثقل» وهو ما استظهره فی«م»
3- «سمع بذكر حیدرة» ط
4- من الامالی
5- ساد قومه: صار سيدهم
6- الفواق : ما بين الحلبتين من وقت. وقيل : ما بين فتح يد الحالب وقبضها على الضرع
7- وفي ذلك يقول الكميت بن يزيد الاسدی (ره) في مدحه لعلی علیه السلام :سقی جرع الموت ابن عثمان بعدما تعاورها منه وليد و مرحب فالوليد : ابن عتبة ، وعثمان : ابن طلحة
8- عنه البحار : 9/21 ح3، وعن أمالي الطوسی : 2/1 باسناده عن مكحول مفصلا .وأخرجه في غاية المرام :470 باب 10 ح3 عن الامالی
9- «أتينا» طی
10- العاقول : منعطف الوادي أو النهر .وفي رواية ارشاد القلوب :... الى العاقول بالكوفة على شاطىء الفرات
11- اللحاء : قشر الشجرة

فضربها علیه السلام بيده ثمّ قال : ارجعي باذن الله خضراء ذات ثمر . فاذا هي بأغصانها تهتز ، حملها كمّثری ، فقطعنا وأكلنا منها وحملنا معنا .

فلمّا كان من الغد عدنا إليها ، فاذا هي على حالها خضراء فيها الكمّئری .(1)

63 - ومنها : ما روي [عن] الأصبغ بن نباتة [ قال] : كنّا نمشي خلف عليّ [ بن أبي طالب ] علیه السلام و معنا رجل من قريش ، فقال لأمير المؤمنين علیه السلام : قد قتلت الرجال وأيتمت الأولاد(2) وفعلت و(3)فعلت .

فالتفت إليه علیه السلام فقال له: اخسأ(4). فاذا هو كلب أسود، فجعل يلوذ به ويبصبص(5)فرأيناه يرحمه(6) ، فحرك شفتيه ، فاذا هو رجل كما كان.

فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية؟ فقال : نحن عباد الله مكرمون، لانسبقه بالقول ، ونحن بأمره عاملون .(7).

64 - ومنها : ما روي عن أبي جعفر، عن آبائه علیهم السلام أن الحسين بن علي علیهم السلام قال :كنّا قعوداً ذات يوم عند أمير المؤمنين علیه السلام وهناك شجرة رمّان يابسة ، إذ دخل عليه نفر من مبغضيه ، وعنده قوم من محبّيه فسلّموا ، فأمرهم بالجلوس.

ص: 221


1- عنه البحار : 248/ 41 ، و عن بصائر الدرجات: 254 ح3 باسناده عن الحارث مثله. وأورده في اثبات الوصية :151، وثاقب المناقب : 213 (مخطوط).و مناقب آل ابی طالب : 153/ 2 ، وارشاد القلوب : 278 مرسلا عن الحارث
2- «الأطفال» س ، ط
3- «ما» البحار
4- زاد في م ه«یا کلب»
5- البصبصة : تحريك الكلب ذنبه طمعاً أو خوفاً
6- يرحمه : برق له و يشفق عليه . وفي س ، ط بلفظ « فرآه فرحمه ». و في البحار : «فوافاه برحمة»
7- عنه اثبات الهداة : 546/ 4 ح 194 ، والبحار : 199/41 ح 12.و روی نحوه الخصيبي في الهداية : 124 باسناده عن جابر الجعفی عن الباقر (ع) ،وأورد نحوه في ثاقب المناقب: 209 مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام

فقال عليّ علیه السلام : إنّي أربكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل إذ يقول الله «إنّي منزّلها عليكم فمن يكفر بعد منکم فانّي أعذّبه عذاباً لاأعذّبه أحداً من العالمین»(1).

ثمّ قال : انظروا إلى الشجرة . و كانت يابسة - وإذا هي قد جرى الماء في عودها ثم اخضرت وأورقت وعقدت(2) وتدلّی حملها على رؤوسنا ، ثم التفت إلينا فقال للقوم الّذين هم محبّوه : مدوا أيديكم وتناولوا و كلوا . فقلنا: « بسم الله الرحمن الرحيم » و تناولنا وأكلنا رمّاناً لم نأكل قط شيئاً أعذب منه و أطيب .

ثمّ قال للنفر الّذين هم مبغضوه: مدوا أيديكم وتناولوا، فمدوا أيديهم فارتفعت و كلّما مدّ رجل منهم يده إلى رمّانة ارتفعت ، فلم يتناولوا شيئاً ، فقالوا : يا أمير المؤمنين مابال إخواننا مدوا أيديهم وتناولوا ، وأكلوا ، ومددنا أيدينا فلم ننل ؟

فقال علیه السلام: و كذلك الجنّة لا ينالها إلا أولياؤنا و محبّونا ، ولا يبعد منها إلا أعداؤنا ومبغضونا .

فلمّا خرجوا قالوا : هذا من سحر علي بن أبي طالب قليل !

قال سلمان : ماذا تقولون « أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون»(3) .(4).

65 - ومنها : ما روي عن أبي علي الحسن بن عبدالعزيز الهاشمي قال : كانت

ص: 222


1- سورة المائدة : 115
2- عقد الزهر : انضمت أجزاؤه فصار ثمراً
3- اقتباس من قوله تعالى في سورة الطور :15
4- عنه البحار : 249/ 41 ح 4: وأورده في ثاقب المناقب : 211 عن عبدالله بن عبدالجبار ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، عن آبائه ، عن الحسين بن علی بن أبی طالب عليهم السلام ، عنه مدينة المعاجز :57 ح 112 . وأورده الرضوي الحائر في كنز المطالب، عنه اثبات الهداة : 30 /5 ح 359 مختصراً . وروی نحوه الحنفی الترمذي في المناقب المر تضوية: 317 ، عنه احقاق الحق 717/8

الفتنة قائمة بين العبّاسيّين و الطالبيّين بالكوفة، حتى قتل سبعة عشر [رجلا] عبّاسياً، وغضب الخليفة القادر،

واستنهض الملك مشرّف الدولة(1) أبا عليّ حتى يسير إلى الكوفة ويستأصل من بها من الطالبيّين ، ويفعل كذا و كذا بهم و بنسائهم وبناتهم ، و كتب من بغداد هذا الخبر على طيور إليهم ، وعرفوهم ما قال القادر ، ففزعوا من ذلك وتعلّفوا ببني خفاجة.

فرأت امرأة عبّاسيّة في منامها كأن فارساً على فرس أشهب ، وبيده رمح نزل من السماء ، فسألت عنه ، فقيل لها : هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يريد أن يقتل من عزم على قتل الطالبيّين .

فأخبرت الناس فشاع منامها في البلد ، وسقط الطائر بكتاب من بغداد بأن الملك مشرف الدولة بات عازماً على المسير إلى الكوفة ، فلمّا انتصف الليل مات فجأة وتفرقت العساكر ، وفزع القادر .(2).

66 - و منها : ما روى أبو محمد الصالحي(3) [قال] : حدّثنا أبو الحسن عليّ ابن هارون المنجّم أنّ الخليفة الراضي كان يجادلني كثيراً على خطأ علي [بن أبي طالب] فيما دبّره في أمره مع معاوية .

قال : فأوضحت له الحجّة أن هذا لا يجوز على عليّ ، و أنّه علیه السلام لم(4) يعمل إلاّ الصواب ، فلم يقبل منّي هذا القول، و خرج إلينا في بعض الأيّام ينهانا عن االخوض في مثل ذلك .

وحدّثنا أنّه رأى في منامه كأنّه خارج من داره برید بعض متنزّهاته ، فرفع إليه رجل قصّته(5) ورأسه رأس الكلب ، فسأل عنه ؟

ص: 223


1- «شرف الدولة» بعض النسخ والبحار
2- عنه البحار : 1/42 ح1
3- «الصالح» البحار
4- «لا» س ، ط
5- «قصة» م. «قصير» البحار

فقيل له : هذا الرجل كان يخطّىء عليّ بن أبي طالب علیه السلام.

قال : فعلمت أنّ ذلك كان عبرة لي و لأمثالي ، فتبت إلى اللّه .(1)

47 - و منها : ما روي عن أبي سعيد عقيصا قال : خرجنا مع عليّ علیه السلام نرید صفين ، فمررنا بكربلاء فقال : هذا موضع الحسين علیه السلام وأصحابه .

ثمّ سرنا حتّى انتهينا إلى راهب في صومعة ، و تقطّع(2) الناس من العطش وشكوا إلى علي ذلك ، و أنّه قد أخذ بهم طريقاً لا ماء فيه من البر ، و ترك طريق الفرات .

فدنا من الراهب ، فهتف به، وأشرف إليه فقال: أقرب صومعتك ماء ؟

قال: لا. فثنّی رأس بغلته ، فنزل في موضع فيه رمل ، و أمر الناس أن يحفروا هذا الرمل ، فحفروا ، فأصابوا تحته صخرة بيضاء ، فاجتمع ثلاثمائة رجل، فلم يحركوها.

فقال علیه السلام : تنحّوا فانّي صاحبها ثم أدخل يده اليمنى تحت الصخرة ، فقلعها من موضعها حتی رآها الناس على كفّه فوضعها ناحية ، فاذا تحتها عين ماء أرقّ من الزلال و أعذب من الفرات، فشرب الناس وسقوا واستقوا و تزوّدوا، ثمّ ردّ الصخرة إلى موضعها وجعل الرمل كما كان .

وجاء الراهب فأسلم ، وقال : إن أبي أخبرني، عن جدّه - وكان من حواري عيسی-: إنّ تحت هذا الرمل عين ماء ، وإنّه لا يستنبطها إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ.

و قال لعلي علیه السلام : أتأذن لي أن أصحبك في وجهك هذا ؟

قال علیه السلام: الزمني(3) . ودعا له ، ففعل ، فلمّا كان ليلة الهرير(4) قتل الراهب فدفنه بياده ، وقال :

ص: 224


1- عنه البحار : 1/ 42 ح 2 ، ومدينة المعاجز : 200 ح 550
2- «و قد انقطع» س ، ه ، ط
3- أي لا تفارقني
4- ليلة الهریر : رقعة كانت بين علي عليه السلام ومعاوية بظهر الكوفة سنة 37ه-

لكأنّي أنظر إليه ، وإلى منزله في الجنّة، ودرجته التي أكرمه الله بها.(1).

68 - و منها : ما روى الشيخ أبو جعفر بن بابویه [قال :] حدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد ، حدّثنا محمد بن الصفّار ، حدثنا أحمد بن محمد السجزي(2) حدثنا عثمان بن عفان السجزي قال : خرجت في طلب العلم فدخلت البصرة فصرت إلى محمد بن عباد، صاحب عبّادان.

فقلت : إنّي رجل غريب أتيتك من بلد بعيد لأقتبس من علمك شيئاً .

قال : من أين أنت ؟ قلت : من أهل سجستان.

قال : من بلد الخوارج ؟ قلت : لو كنت خارجياً ما طلبت علمك .

قال : أفلا أخبرك بحديث حسن إذا أتيت بلادك تحدّث به الناس ؟ قلت : بلى .

قال : كان لي جار من المتعبّدین ، فرأى في منامه كأنّه قد مات و کفّن و دفن وقال: مررت بحوض النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم وإذا هو جالس على شفير الحوض والحسن والحسين علیهما السلام يسقيان الامّة الماء، فاستسقيتهما فأبيا أن يسقياني .

فقلت: يا رسول الله إنّي من أمّتك ! قال : وإن قصدت عليّاً لا يسقيك فبكيت .

و قلت: أنا من شيعة عليّ قال: لك جار يلعن عليّاً و لم تنهه .

قلت : إنّي ضعيف ليس لي قوة، وهو من حاشية السلطان .

قال : فأخرج النبيّ سكّیناً مسلولا وقال: امض و اذبحه . فأخذت السكّين وصرت إلى داره ، فوجدت الباب مفتوحاً، فدخلت فأصبته نائماً فذبحته ، و انصرفت إلى

ص: 225


1- عنه البحار : 530/8 ، ط. حجر وروى مثله السيد المرتضی علم الهدی فی شرح بائية السيد الحميري عند قوله :ولقد سری فیما يسير بليلة بعد العشاء بكربلا في موكب عنه اثبات الهداة : 83/5 ح 500
2- سجز : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره زای : اسم: لسجستان، البلد المعروف في أطراف خراسان ، والنسبة اليها سجزی . وفي البحار «النجستی»

النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم و قلت : قد ذبحته و هذه السكّين ملطّخة بدمه . قال : هاتها ، ثمّ قال للحسن(1) : اسقه [ ماء ](2). فلمّا أضاء الصبح سمعت صراخاً(3) «فسألت عنه فقيل : إنّ فلاناً وجد على فراشه مذبوحاً ، فلمّا كان بعد ساعة قبض أمير البلد على جيرانه ، فدخلت عليه و قلت : أيّها الأمير إتّق الله، إن القوم براء ، وقصصت عليه الرؤيا ، فخلّی عنهم .(4).

69 - ومنها : ما روی جو یريّة بن مسهر قال: أقبلت مع علي علیه السلام من النهروان فلمّا صرنا في أرض بابل(5) حضر وقت الصلاة ، فقال : أيّها الناس إن هذه أرض ملعونة قد خسف بها مرتين من الدهر ، وهي إحدى المؤتفكات(6) ، و هي أول أرض عبد فيها وثن ، ولا ينبغي لنبي ولا لوصي أن يصلّي فيها ، و ضرب بغلة

رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وسار .

قال: فتبعته فواللّه ما عبر سوراً حتّی غربت الشمس وظهر الليل فالتفت إليّ فقال : يا جويريّة صليّت ؟ قلت : نعم .

فنزل وأذن وتنحّي عنّي فأحسبه توضّأ، ثم دعا بكلام حسبته بالعبرانيّة أومن التوراة ، فاذا الشمس قد بدت راجعة حتّى استقرت في موضعها من الزوال ، فقام يصلّي، وصلّيت معه الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، فلمّا قضينا صلاة العصر هوت الشمس وصرنا في الليل .

ثم قال: يا جويريّة إنّ الله يقول : « فسبّح باسم ربّك العظيم »(7) وإنّي دعوت

ص: 226


1- «للحسين» البحار
2- من البحار
3- هكذا في البحار، وفي «الاصل» صارخاً
4- عنه البحار : 2/42 ح3
5- بابل : اسم ناحية منها الكوفة والحلة . قلت : والمشهور بهذا الاسم المدينة الخراب بقرب الحلة، والى جانبها قرية تسمى الان بابل، عامرة. (مراصد الاطلاع: 1/ 145)
6- المؤتفکات: المدن التي أبادها الله وقلبها على أهلها
7- سورة الواقعة : 74

للّه باسمه العظيم فردّ لي الشمس كما رأيت .(1).

70 - ومنها : ما روي عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه علیهما السلام ، قال: لمّا أراد علي أن يسير إلى النهروان(2) ، استنفر أهل الكوفة و أمرهم أن يعسكروا بالمدائن(3) فتأخّر عنه شبث بن ربعي ، وعمرو بن حريث ، و الاشعث بن قیس

ص: 227


1- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 217 - 219ح 1 و 3 و 4 بثلاثة طرق الى جويرية ابن مسهر ، عنه البحار : 178/ 41 ح13 و 4 ! ، ومستدرك الوسائل : 3/ 350 ح 4. ورواه الصدوق في علل الشرائع : 352 ح 4، عنه الوسائل : 468/ 3 ح3 ،واثبات الهداة : 4/ 484 ح80، والبحار : 317/83 ح10 وعن البصائر ورواه في من لا يحضره الفقيه : 203/1 ح 611، عنه الوسائل المذكور ح1 و 2واثبات : 4/445 ح18 رعن العلل والبصائر .ورواه في الهداية الكبرى : 122 بالاسناد عن جويرية.وأورده في أثبات الوصية :150 مرسلا .وأخرجه في البحار : 167/41 ح3 عن العلل والبصائر والروضة : 30ح 17 عن الحسين عليه السلام ، والفضائل لشاذان : 68.وأخرجه أيضاً في مدينة المعاجز : 19 ح 42 عن الفقيه و البصائر و تأويل الابات :720/2 ح17 وثائب المناقب : 219.وأخرجه في اثبات الهداة : 14/5 ح317 عن عيون المعجزات :7. وأخرجه في غاية المرام : 631 ح 13 عن خصائص أمير المؤمنين : 24 وأخرجه في احقاق الحق : 537/5 عن نصر بن مزاحم في «صفين» : 152 باسناده عنعبد خير . وعن ابن حسنویه في در بحر المناقب 1170-118 باسناده عن الحسين بن علی علیه السلام . وعن القندوزي في ينابيع المودة : 318 عن الحسين بن علی «ع»
2- النهروان : وهي ثلاثة نهروانات : الأعلى والأوسط والاسفل ، وهی كورة واسعة بين بغداد و واسط من الجانب الشرقي ... و كان بها وقعة لامير المؤمنین علی بن أبی طالب رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة . «معجم البلدان : 324/5»
3- المدائن: جمع مدينة ، وانما سميت بذلك لانها كانت مدناً ، كل واحدة منها الى جنب الاخرى ... وفي وقتنا هذا : بليدة صغيرة في الجانب الغربي من دجلة «مراصد الاطلاع1243/3»

وجرير بن عبد الله البجلي ، وقالوا: أتأذن لنا أيّاماً نتخلّف عنك في بعض حوائجنا و نلحق بك ؟ فقال لهم: قد فعلتموها، سوءة لكم من مشايخ ، فوالله ما لكم من حاجة تتخلّفون عليها ، وإنّي لأعلم ما في قلوبكم وسابيّن لكم: تريدون أن تثبّطوا عنّي الناس ، و كأنّي بكم بالخورنق(1) وقد بسطتم سفر كم للطعام ، إذ يمرّ بكم ضبّ فتأمرون صبيانكم فيصيدونه ، فتخلعوني وتبايعونه .

ثمّ مضى إلى المدائن وخرج القوم إلى الخورنق وهيّأوا طعاماً، فبينا هم كذلك على سفرتهم وقد بسطوها إذ مر بهم ضب فأمروا صبيانهم فأخذوه و أو ثقوه ومسحوا أيديهم على يده كما أخبر علي ، وأقبلوا على المدائن .

فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام : بئس للظالمين بدلا، ليبعدكم اللّه يوم القيامة مع إمامكم الضبّ الذي بايعتم ، لكأنّي أنظر إليكم يوم القيامة وهو يسوقكم إلى النار .

ثمّ قال : لئن كان مع رسول الله منافقون فانّ معي منافقين ، أما واللّه يا شبث ویا بن حريث لتقاتلان ابني الحسين ، هكذا أخبرني رسول الله .(2).

71 - ومنها : روي أن علياً علی السلام لمّا سار إلى النهروان، شك رجل يقال له: جندب فقال له عليّ علیه السلام : الزمني و لا تفارقني . فلزمه فلمّا دنوا من قنطرة النهروان نظر [علي] علی السلا قبل زوال الشمس إلى قنبریؤذن بالصلاة فنزل وقال: إئتني بماء فقعد يتوضّأ فأقبل فارس وقال : قد عبر القوم .

ص: 228


1- الخورنق : موضع بالكوفة ، قيل: انه نهر ، والمعروف أنه القصر القائم الى الان بالكوفةبظاهر الحيرة «مراصد الاطلاع: 489/1»
2- عنه البحار : 610/8 «ط حجر».رواه في الهداية الكبرى : 42 باسناده الى أبي حمزة الثمالی ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 193 ح533 .يأتي نحوه في الباب الخامس في الدلالات على صحة امامة الاثني عشر ح 64 عن الأصبغابن نباتة

فقال أمير المؤمنين علیه السلام: ما عبروا، ولا يعبرونها ، ولا يفلت منهم إلاّ دون العشرة ولا يقتل منكم إلاّ دون العشرة، والله ما كذبت و لا كذّبت .

فتعجّب الناس ، فقال جندب : إن صحّ ما قال علي فلا أحتاج إلى دليل غيره فبينا هم كذلك إذ أقبل فارس ، فقال : يا أمير المؤمنين القوم على ما ذكرت لم يعبروا القنطرة . فصلّى بالناس الظهر ، وأمرهم بالمسير إليهم .

قال جندب فقلت : لا يصل إلى القنطرة قبلي أحد فركضت فرسي فاذا هم دون القنطرة وقوف(1) ، فكنت أوّل من رمى فقتلوا كلّهم إلا تسعة، وقتل من أصحابناتسعة.

ثم قال علي علیه السلام : اطلبوا ذا الثدية(2). فطلبوه فلم يجدوه ، فقال : اطلبوه فوالله ماكذبت ولا كذبت . ثم قام فركب البغلة نحو قتلی کثیر، فقال : اقلبوها. فاستخرجوا ذا الثدية ، فقال : الحمد لله الذي عجّلك إلى النار . و قد كان الخوارج قبل ذلكخرجوا عليه بجانب الكوفة في حروراء(3)، و كانوا إذ ذاك إثني عشر ألفاً .

قال : فخرج إليهم أمير المؤمنين في إزار ورداء راكباً البغلة ، فقيل : القوم شا کون في السلاح ، أتخرج إليهم كذلك؟ قال: إنّه ليس بيوم قتالهم . وصار إليهم بحر وراء وقال لهم: ليس اليوم أوان قتالكم، وستفترقون حتّى تصيرون أربعة آلاف، فتخرجون عليّ في مثل هذا اليوم، في هذا الشهر ، فأخرج إليكم بأصحابي فاقاتلكم حتّی

ص: 229


1- «و فوق» م
2- «ذو الثديقه» لقب رجل من الخوارج ، اسمه ثرملة ، قتل يوم النهروان ، فمن قال في الثدي : انه مذكر ، يقول : انما أدخلوا الهاء في التصغير لان معناه اليد وهي مؤنثة ،وذلك أن يده كانت قصيرة مقدار الثدى ، يدل على ذلك أنهم كانوا يقولون فيه « ذواليدية» مجمع البحرين : 1/ 72
3- الحروراء: قرية بظاهر الكوفة ، و قيل: موضع على ميلين منها نزل بها الخوارج الذين خالفوا على بن أبی طالب رضي الله عنه و قيل ... وبها كان أول تحكيمهم و اجتماعهم حين خالفوا عليه . معجم البلدان : 2/ 245

لا يبقى منكم إلاّ دون عشرة و يقتل من أصحابي يومئذ دون عشرة ، هكذا أخبرني رسول اللّه . فلم يبرح من مكانه حتّی تبرأ بعضهم من بعض ، وتفرقوا إلى أن صاروا أربعة آلاف بالنهروان(1).

72 - ومنها : ما روي عن قنواء بنت رشيد الهجري : سمعت أبي يقول : قال لي عليّ حبيبي : كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيّ بني أميّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت : ألست معك في الجنّة؟ قال : بلی. قلت : ما أبالي .

قالت : فما ذهبت الأيام حتّی بعث عبیدالله بن زياد ، فدعاه إلى البراءة من علي، فأبى عليه ، فقال الدعي : اختر أي قتلة شئت .

فقال: قال عليّ علیه السلام: إنك تقطع يدي ورجلي ولساني .

قال : لا كذّبن أبا تراب، اقطعوا يديه ورجليه واترکوا لسانه .

قالت : فحضرت قطعه وهو يتبسّم ، فقلت ما تجد ألمأ ؟ قال : لا.

فلمّا أخرجناه من القصر وحوله زحمة من الناس .

فقال لهم رشيد : اكتبوا عنّي علم البلايا والمنايا .

فكتبوا : هذا ما عهد النبيّ الأمّي إلى عليّ في بني أميّة وما ينزل بهم .

فأخبر الدعيّ بذلك، فقال: اقطعوا لسانه. فأتوه بحجّام فقطعوا لسانه، فكان رشید

ص: 230


1- عنه البحار : 610/8 «ط حجر» روی نحوه السيد الرضى في خصائص أمير المؤمنين : 28 باسناده مرفوع الى جندب بن عبدالله البجلي ، عنه مدينة المعاجز : 118ح316. وأورد نحوه الديلمي في ارشاد القلوب : 225 مرسلا : عنه البحار : 284/41 ح3وابن شهر اشوب في مناقبه : 104/2 مرسلا . عنه البحار : 312/41 .وفی کشف الغمة : 1/ 274 قطعة

يقول الرجل : تموت يوم كذا ، وللاخر تقتل يوم كذا ، فيكون كما قال(1).

73 - ومنها : ما روي عن يوسف بن عمران ، عن ميثم التمّار(2) ، دعاني أميرالمؤمنين علیه السلام يوماً، فقال: كيف بك إذا دعاك دعي بني أميّة إلى البراءة منّي؟! قلت : لا أبرا منك . قال : إذا واللّه يقتلك ويصلبك .

قلت : أصبر، وذلك عندي في الله قليل . قال : إذا تكون معي في الجنّة .

فكان میثم يقول لعريف قومه : كأنّي بك وقد دعاك دعي بني أميّة يطلبني منك، فتقول : هو بمكّة، فيقول: لابدّ من أن تأتيني به من حيت كان، فتخرج إلى القادسيّة(3).

فتقيم بها إلى أن أقدم عليك من مكّة ، فتذهب بي إليه ، فيقول لي : تبرّأ من أبي تراب. فأقول: لا [ والله ] ولا كرامة، فيصلبني على باب عمرو بن حريث، فاذا كان في

ص: 231


1- عنه البحار : 136/42 ح17 ، وعن الاختصاص : 72، ورجال الكشی : 75 ح131وأخرجه في البحار : 433/75 ، عن رجال الكشي ، وفي مستدرك الوسائل : 12/273ح10 عن الاختصاص .ورواه الطوسي في أماليه : 167/1 ، عنه المحتضر :86، وعنه البحار: 121/42 ح1واثبات الهداة : 491/4 ح87 ومدينة المعاجز : 120 ح 322.ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 131.والطبري في بشارة المصطفی : 93 عن ابن الشيخ الطوسي ، عن أبيه، جميعاً باسنادهم الى قنواء بنت رشید الهجری .ورواه الثقفي في كتاب الغارات : 799/2 باسناده الی زیاد بن النضر الحارثي عنه شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید : 2/ 294. و أخرجه عن شرح النهج البحار :343/41 و 345 واحقاق الحق : 56/8 نحوه
2- «عمران عن ، أبیه میثم» الاصل. وما في المتن كما في ط ، خ ورجال الكشي والهداية
3- القادسية : قرية قرب الكوفة ، من جهة البر ، بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخاًو بينها و بین العذيب أربعة أميال «مراصد الاطلاع : 1054/3»

اليوم الرابع ابتدر الدم من منخري . فكان كذلك .

فلمّا صلب، قال ميثم للناس: سلوني فوالله لاخبرنّكم بما يكون من الفتن ومخازي بني أمية . فلمّا حدثهم حديثاً واحداً ، بعث إليه الدعي فألجمه بلجام من شريط(1)فكان ميثم أول من الجم وهو مصلوب .(2).

74 - و منها : أن الفرات مد(3) على عهد علي علیه السلام فقال الناس : نخاف الغرق فرکب و صلّي على الفرات ، فمر بمجلس ثقيف فغمز عليه بعض شبابهم فالتفت إليهم وقال : يا بقيّة ثمود با صعّار الخدود(4) هل أنتم إلا طغام(5) لئام ؟ من لي بهؤلاء الأعبد(6) ؟

فقال مشائخ منهم : إن هؤلاء شباب جهّال ، فلا تأخذنا بهم ، اعف عنّا .

فقال : لا أعفو عنكم إلا على أن أرجع وقد(7) هدمتم هذه المجالس ، و سددتم

ص: 232


1- الشريط : خوص مفتول بشرط به السرير و نحوه
2- عنه الوسائل : 477/11 ح7 ، والبحار : 130/42 ح13. عن رجال الكشی: 83ح139 ، وأخرجه في البحار : 75/ 433 عن رجال الكشی .ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 132. والثقفي في الغارات : 797/2 .باسناده الى أحمد بن الحسن المیثمی عنه شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: 291/2وأخرجه في البحار : 731/8 «ط حجر» ج: 343/41 واحقاق الحق : 8/ 158عن شرح النهج .وأورده الشريف الرضي في خصائص أمير المؤمنین : 22 عن ابن میثم ، عنه مدينة المعاجز119 ح 321
3- مد النهر أو البحر : زاد ماؤه
4- هكذا في البحار ، وفي الأصل : ياصغار الخدود و صعر خده: أما له عجباً وكبراً
5- الطغام : أراذل الناس وأوغادهم
6- الأعبد واحدها العبد : الرقيق
7- هكذا في البحار : وفي الاصل : الا على ألاأرجع «أن رجع» الا وقد

كلّ كوّة، و قلعتم كلّ ميزاب ، وطمینم(1) كلّ بالوعة على الطريق ، فانّ هذا كلّه في طريق المسلمين ، وفيه أذى لهم .

فقالوا : نفعل. فمضى وتركهم، ففعلوا ذلك كلّه.

فلمّا صار إلى الفرات دعا ، ثمّ قرع(2) الفرات قرعة فنقص ذراع.

فقالوا : يا أمير المؤمنين هذه رمّانة قد جاء بها الماء ، وقد احتبست على الجسر من كبرها وعظمها ، فاحتملها ، وقال : هذه رمّانة من رمّان الجنّة، ولا يأكل ثمارالجنّة في الدنيا إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ ، ولولا ذلك لقسمتها بينكم(3) .

75 - ومنها : ما روي عن أبي هاشم الجعفري، عن أبيه ، عن الصادق علیه السلام قال : لمّا فرغ علي علیه السلام من وقعة صفّين ، وقف على شاطىء الفرات وقال : أيّها الوادي من أنا ؟ فاضطرب وتشقّقت(4) أمواجه ، وقد نظر الناس وقد سمعوا من الفرات صوتاً(5) : أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمّداً رسول الله، و أن عليّاً(6) أمير المؤمنین حجّة الله على خلقه(7).

76 - ومنها : ما روي عن عبيد ، عن السكسكي(8) ، عن أبي عبدالله عن

ص: 233


1- طمستم «البحار»
2- قرع : ضرب
3- عنه البحار : 250/41 ح 6.ورراه الخصيبي في الهداية الكبری: 150 باسناده الی أبی بصیر، عن أبي عبدالله عليه السلام وأورد ذيله في مدينة المعاجز : 56 ح17 ذيله
4- «وتشقشقت» م ، ط
5- «أصواتاً» البحار
6- «وأشهد أن محمد رسول الله صلی الله علیه و آله وأن علياً ولی الله» البحار
7- عنه البحار : 531/8 ، وج : 41 / 251 ح7
8- «سکیکی» ه. « السکیکی ، خ ط . «عبدالله بن السکسکی» البحار : 8. «عبيدالسکسکی» مشارق.ولم نعثر له على ترجمته في كتب الرجال التي عندنا

آبائه علیهم السلام أن عليّاً علیه السلام لمّا قدم من صفّين ، وقف على شاطىء الفرات ، ثمّ انتزع من كنانته(1) سهاماً ، ثمّ أخرج منها قضيباً أصفر، فضرب به الفرات .

فقال علیه السلام : انفجري. فانفجرت إثنتا عشر عيناً كلّ عين كالطّود(2) ، و الناس ينظرون إليه ، ثم تكلّم بكلام لم يفهموه ، فأقبلت الحيتان رافعة رؤوسها بالتهليل والتكبير ، و قالت : السلام عليك يا حجّة الله في أرضه ، و یا عين الله في عباده ،خذلك قومك بصفّين كما خذل هارون(3) بن عمران قومه.

فقال لهم : أسمعتم ؟ قالوا : نعم قال : فهذه آية لي عليكم، وقد أشهدتكم عليه(4) .

77 - ومنها : ما روي عن سلمان الفارسي أنّ عليّاً علیه السلام بلغه عن عمر ذکر لشيعته(5) فاستقبله في بعض طرقات بساتين المدينة وفي يد علي قوس عربية.

فقال علي : یا عمر بلغني ذكر لشيعتي عنك(6) . فقال : اربع علي ظلعك(7) .قال علي : إنّك لها هنا ؟ ثمّ رمى بالقوس إلى(8) الأرض ، فاذا هي ثعبان کالبعير، فاغر فاه(9) وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه. فصاح عمر : الله الله يا أبا الحسن لا عدت بعدها في شيء. وجعل يتضرع إليه فضرب علي يده إلى(10) الثعبان، فعادت القوس كما كانت ، فمضى(11) عمر إلى بيته مرعوباً .

ص: 234


1- الكنانة : جعبة من جلد أو خشب تجعل فيها السهام
2- الطود : الجبل العظيم
3- «موسی» ه، م خ
4- عنه البحار: 8/ 532(ط.حجر)، وج: 41/ 251، وأورده البرسی في مشارق أنوار اليقين :78 ومدينة المعاجز : 99 ح 263
5- «شیعته» ط ، البحار
6- «بلغني عندك ذكرك شیعتی» ه، ط ، البحار
7- اربع على ظلمك : ارفق على نفسك فيما تحاوله
8- «علی» ط ، البحار
9- فاغر فاه : فاتح فمه
10- «بیده» «یده» على خط
11- «فمر» م،ه، البحار

قال سلمان : فلمّا كان في اللّيل دعاني علي علیه السلام، فقال : صر إلى عمر فانّه حمل إليه مال من ناحية المشرق ، ولم يعلم به أحد ، وقد عزم أن يحتبسه ، فقل له : يقول لك علي: أخرج ما حمل إليك من المشرق(1) ، ففرقه على من جعل لهم ولاتحبسه فأفضحك .

قال سلمان: وأدّيت إليه الرسالة(2) . فقال : حيّرني أمر صاحبك فمن أين علم هو به ؟ قلت : وهل يخفى عليه مثل هذا . فقال : يا سلمان(3) اقبل منّي ما أقول لك :

ما عليّ إلا ساحر وإنّي لمشفق عليك منه ، والصواب أن تفارقه وتصير(4) في جملتنا.

قلت : بئس ما قلت ، لكنّ عليّاً قد ورث من آثار(5) النبوّة ما قد رأيت منه و ما هو أكبر منه(6). قال : إرجع إليه فقل له : السمع و الطاعة لأمرك ، فرجعت إلى علي علیه السلام فقال: أحدّثك بماجرى بينكما؟ فقلت : أنت أعلم به منّي، فتكلّم بكل ما(7)جری بيننا ، ثم قال : إن رعب الثعبان في قلبه إلى أن يموت(8) .

78 - و منها : أنّه علیه السلام قال : رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم [في منامي] وهو يمسح الغبار عن وجهي وهو يقول : ياعليّ لاعليك، لاعليك قد قضيت ما عليك ، فما مكث إلا ثلاثاً(9) حتّى ضرب .

وقال : رأيت رسول الله في منامي فشكوت إليه ما لقيت من أمتّه(10) من الأود

ص: 235


1- «اخرج اليك مال من ناحية المشرق» البحار
2- «فمضيت اليه وأدّيت الرسالة» ه ، ط
3- «لسلمان» البحار
4- «و تقر» ط
5- «أسرار» ط ، البحار
6- «و عنده (ما هو) أكثر مما رأيت منه» ط
7- «بما» ط خ
8- البحار : 82/8 «ط . حجر» ، وج: 256/41 ح17 ، و مدينة المعاجز : 200 ح551 ، واثبات الهداة : 547/4 ح195.وأورد نحوه في ثاقب المناقب 119، عنه مدينة المعاجز : 29ح198
9- «ثلاثة أيام» ط
10- «من بني امية» البحار

واللدد(1) ، وبكيت ، فقال : لاتبك.

والتفت فإذا رجلان مصفّدان(2)، وإذا جلاميد ترضح(3) بها رؤوسهما .

ثمّ قال للحسن و الحسين علیهما السلام: إذا متّ فاحملاني إلى الغري(4) من نجف الكوفة واحملا آخر سريري ، فالملائكة يحملون أوّله.وأمرهما أن يدفناه هناك ويعفيا قبره ، لما يعلمه من دولة(5) بني أمية بعده .

وقال : ستریان صخرة بيضاء تلمع نوراً . فاحتفرا فوجدا ساجة(6) مكتوباً عليها:ممّا ادّخرها(7) نوح لعليّ بن أبي طالب علیه السلام.

[ففعلا ما أمرهما به]، فدفناه فيه وعفيا أثره .

ولم يزل قبره مخفيّاً حتّى دل عليه جعفر بن محمد علیهما السلام في أيّام الدولة العبّاسيّة وقد خرج هارون الرشید یوماً يتصيّد ، و أرسلوا الصقور والكلاب على الظباء بجانب الغريّين فجاولتها(8) ساعة ، ثم لجأت الظباء إلى الأكمة(9) فرجع الكلاب والصقور عنها فسقطت [في] ناحية ، ثم هبطت الظباء من الأكمة فهبطت الصقور و الكلاب ترجع إليها ، فتراجعت الظباء إلى الأكمة فانصرفت عنها الصقور والكلاب، ففعلوا ذلك ثلاثاً.

ص: 236


1- الاود : الكذب والتعب . واللدد : الخصومة الشديدة
2- صفده صفداً : أو ثقه وقيده بالحديد
3- الجلمد جمع جلاميد : الصخر . ورضح رأسه بالحجر : رضه
4- الغريان تثنية الغری : طربالان و هما بناءان کالصومعتين بظهر الكوفة قرب قبر علىابن أبی طالب عليه السلام. (معجم البلدان : 196/4 )
5- «لما يعلمه من فعل» ط ، ه
6- الساج: شجر عظيم صلب الخشب ، جمعها سيجان، والواحدة: ساجة
7- «هذا مما ادخره» ط ، ه
8- جاوله : طارده وصاوله . وفي خ ط «فحاولتها » . وفي البحار «فجادلتها»
9- الاكمة : التل

فتعجّب هارون [ الرشید من ذلك ] وسأل شيخاً(1) من بني أسد : ما هذه الأكمة؟

فقال : لي الأمان؟ قال : نعم .

قال : فيها قبر عليّ بن أبي طالب علیه السلام فتوضّأ هارون وصلّي ودعا .

ثم(2) أظهر الصادق علیه السلام موضع قبره بتلك الأكمة(3) .

ص: 237


1- «شخصاً» ط
2- «فعند ذلك» ط ، ه
3- عنه البحار : 222/42 ح33 ، واثبات الهداة : 547/4 ح196 ، ومدينة المعاجز:200ح 552.و روی قطعة منه في ارشاد المفيد : 20 باسناده عن حيان بن علي العنزي ، عن مولی لعلی بن أبی طالب عليه السلام، عنه اثبات الهداة: 582/4 ح365 والبحار : 217/42ح19، وعن فرحة الغری : 36.وروی قطعة منه في ارشاد المفيد : 21 باسناده عن عبدالله بن حازم، عنه البحار: 42/329 ح16 وعن فرحة الغری : 119.وأورده في روضة الواعظين : 165 مرسلا ، وفی اعلام الوری : 202 عن حيان بن علی العنزي، عنه مدينة المعاجز : 174 ح487 وعن ارشاد المفيد وأورده في ارشاد القلوب : 235 مرسلا

الباب الثالث

في معجزات الامام الحسن بن علی امیر المؤمنين عليهما السلام

1- روی محمد بن اسحاق قال : إن أبا سفيان جاء إلى المدينة ليأخذ تجدید العهد من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فلم يقبل ، فجاء إلى علي علیه السلام، قال : هل لابن عمّك أن يكتب لنا أماناً ؟ فقال : إن النبي صلی الله علیه و آله و سلم عزم على أمر لا يرجع فيه أبداً . و كان الحسن بن علي علیه السلام ابن أربعة عشر شهراً(1)، فقال بلسان عربي مبين : « یا ابن صخر قل :

لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، حتّى أكون لك شفيعاً إلى جدي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم » .

فتحيّر أبو سفيان.

فقال علي علیه السلام: «الحمد لله الذي جعل في ذرّية محمّد نظیر یحیی بن زکریّا» - و كان الحسن علیه السلام يمشي في تلك الحالة(2)

2- روي أن عمرو بن العاص قال لمعاوية : إن الحسن بن عليّ رجل حيي(3)وإنّه إذا صعد المنبر ورمقوه [الناس] با بصارهم خجل وانقطع ، أو أذنت له .

فقال له معاوية : يا أبا محمّد لو صعدت المنبر و وعظتنا.

ص: 238


1- كذا في المناقب ، و في الأصل «أربعة أشهر»
2- أورد نحوه في مناقب آل ابی طالب : 3/ 173، عنه البحار :326/43 ح 6، وعوالم العلوم : 16 / 85 ح 1 ، واثبات الهداة : 164/5 ح 45
3- «عی» البحار

فقام(1) فحمد الله ، وأثنى عليه، وذكر جده فصلّى عليه ثم قال: [أيّها الناس] من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي [بن أبي طالب]، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله ، أنا ابن رسول الله ، أنا ابن نبي الله ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين ، أنا ابن من بعث إلى الجن و الأنس، أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضائل ،

أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل ، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقّي(2) أنا وأخي سيّدا شباب أهل الجنّة ، أنا ابن الركن والمقام ، أنا ابن مكّة ومني، أنا ابن المشعر وعرفات .

فغاظ(3) معاوية فقال : خذ في نعت الرطب ودع ذا.

فقال : الريح تنفخه ، والحر ينضجه ، وبرد الليل يطيّبه .

ثم عاد فقال : أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن من قاتلت معه الملائكة ، أنا ابن من خضعت له قريش ، أنا [ابن] إمام الخلق وابن محمّد رسول الله .

فخشی معاوية أن يفتتن به الناس، فقال : يا أبا محمّد انزل، فقد كفي ما جرى .

فنزل ، فقال له معاوية : ظننت أن ستكون خليفة ، وما أنت وذاك .

فقال الحسن : إنّما الخليفة من سار بكتاب الله وسنّة رسوله، ليس الخليفة من سار بالجور، وعطّل السنن، واتّخذ الدنيا أباً وأمّاً ، ملك ملكا متّع فيه قليلا ، ثم تنقطع لذته ، وتبقى تبعته .

وحضر المحفل رجل من بني أميّة و كان شابّاً، فأغلظ للحسن كلامه ، وتجاوز الحد في السب والشتم له ولأبيه .

فقال الحسن : اللّهم غيّر ما به من النعمة، واجعله أنثى ليعتبر به. فنظر الأموي

ص: 239


1- «فقام فصعد المنبر» س ، ط
2- «حق» ط ، ه
3- «فاغتاظ» البحار

في نفسه وقد صار امرأة ، قد بدل الله له فرجه بفرج النساء ، وسقطت لحيته .

فقال له الحسن : أغربي ! مالك و محفل(1) الرجال فانّك إمراة.

ثم إن الحسن علیه السلام سكت ساعة ، ثم نفض ثوبه فنهض ليخرج.

فقال [له] ابن العاص : اجلس فانّي أسألك عن مسائل .

قال : علیه السلام سل عمّا بدا لك. قال عمرو : أخبرني عن الكرم والنجدة والمروة.

فقال : أمّا الكرم فالتبرع بالمعروف ، و الأعطاء قبل السؤال ، و أمّا النجدة فالذب عن المحارم، و الصبر في المواطن عند المكاره ، وأمّا المروة فحفظ الرجل دينه ، وإحرازه نفسه من الدنس ، وقيامه بأداء الحقوق ، وإفشاء السلام .

فخرج ، فعذل(2) معاوية عمراً ، فقال : أفسدت أهل الشام . فقال عمرو : إليك عنّي إن أهل الشام لم يحبِّرك محبّة [إيمان و] دین ، إنّما أحبّوك للدنيا ينالونها منك، والسيف والمال بيدك، فما يغني عن الحسن كلامه.

ثم شاع أمر الشاب الأموي و أنت زوجته إلى الحسن علیه السلام فجعلت تبكي وتتضرّع فرق لها، و دعا له(3) فجعله الله كما كان.(4)

3- ومنها : [ما روي عن الصادق ، عن آبائه علیه السلام] أن الحسن قال [ يوماً ] لأخيه الحسين و لعبد الله بن جعفر : إن معاوية قد بعث إليكم بجوائز کم و هي تصل إليكم يوم كذا لمستهل الهلال . و قد أضافا(5) ، فوصلت في الساعة

ص: 240


1- «و لمحفل» م
2- عذل : لام
3- «وخرجت من داره زوجته فأتى الى الحسن یبکی و يتفرع عند الحسن عليه السلام فرق له» م
4- عنه البحار : 88/44 ح 2، ومدينة المعاجز : 231 ح 99 . وروى أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين: 47 باسناده الى اسماعيل بن عبدالرحمان، قطعة نحوه
5- أضاق : صار في ضيق، أو فقد ماله وافتقر

الّتي ذكر لمّا كان(1) رأس الهلال ، فلمّا و افاهم المال كان على الحسن علیه السلام دین كثير فقضاه ممّا بعثه إليه ، و فضلت فضلة ففرقها في أهل بيته و مواليه ، و قضى الحسين علیه السلام أيضاً دينه ، و قسّم ثلث ما بقي في أهل بيته و مواليه ، وحمل الباقي إلى عياله .

وأمّا عبدالله فقضى دينه ، و ما فضل(2) دفعه إلى الرسول ليتعرف(3) معاوية من الرسول ما فعلوا ، فبعث إلى عبد الله أموالا حسنة(4) .

4- ومنها : ما روي عن صندل(5) عن أبي أسامة ، عن الصادق ، عن آبائه علیهم السلام أن الحسن علیه السلام خرج إلى مكّة ماشياً من المدينة، فتورمت قدماه فقيل له: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم . فقال : كلاّ، ولكنّا إذا أتينا المنزل ، فانّه يستقبلنا أسود معه دهن يصلح لهذا الورم، فاشتروا منه ولا تماكسوه(6).

فقال له بعض مواليه : ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع مثل هذا الدواء ؟

فقال: بلى إنّه أمامنا. وساروا أميالا(7) فاذا الأسود قد استقبلهم .

فقال الحسن لمولاه : دونك الأسود ، فخذ الدهن منه بثمنه . فقال الأسود : لمن تأخذ هذا الدهن ؟ قال: للحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام . قال : انطلق بي إليه .

ص: 241


1- «الوقت الذي ذكره رأس الهلال» ط
2- «وما بقی» س ، ط ، ه
3- «فتعرف»م
4- عنه البحار: 323/ 43 ح 2 ، وعوالم العلوم : 90/16 ح4 ، وأخرجه في اثبات الهداة:160/5 ح8 عن صاحب کتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باسناده الی عنبسة بن مصعب عن أبی عبدالله عليه السلام
5- صندل : عده الشيخ الطوسي في رجاله: 352 من أصحاب الامام الكاظم عليه السلام . انظر جامع الرواة : 417/1 ، رجال المامقانی : 102/2 ورجال السيد الخوئي:9/145 . وفي م «مندل بن أبی اسامة» ، وفي ط «صندل بن اسامة» وكلاهما تصحيف
6- تماكس الرجلان في البيع : تشاحا
7- «میلا» م

فصار الأسود إليه، فقال: يا ابن رسول الله إنّي مولاك لا آخذ له ثمناً، ولكن ادع الله أن يرزقني ولداً سويّأ ذكراً بحبّكم أهل البيت فانّي خلّفت امرأتي تمخض(1). فقال : انطلق إلى منزلك ، فانّ الله تعالی قد وهب لك ولداً ذکراً سويّاً .

فرجع الأسود من فوره فاذا امرأته قد ولدت غلاماً سويّاً ، ثمِّ رجع الأسود إلى الحسن علیه السلام ودعا له بالخير بولادة الغلام له، وإن الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام من موضعه حتى زال الورم .(2)

5- ومنها: ماروي أن فاطمة أتت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم تبكي وتقول : إن الحسن و الحسين خرجا ولاأدري أين هما؟ فقال: طيبي نفساً، فهما في ضمان الله حيث كانا .

فنزل جبرئيل ، وقال : همانائمان في حائط(3) بني النجار متعانقين ، و قد بعث الله ملكاً قد بسط جناحاً تحتهما، وجناحاً فوقهما.

فخرج رسول الله و أصحابه معه فرأوهما ، وحيّة الحلقة حولهما ، فأخذهما رسول الله على منكبيه ، فقالوا : نحملهما عنك ؟ قال: نعم المطيّة مطيّنهما ، ونعم الراكبان هما ، و أبوهما خير منهما.(4)

ص: 242


1- مخضت الحامل : دنا ولادها ، وأخذها الطلق
2- عنه البحار : 324/43 ح3 ، وعن الكافي : 463/1 ح6 باسناده عن أبي اسامة مثله الى قوله : فقد وهب الله لك ذکر اً سوياً وهو من شیعتنا ، وأخرجه في كشف الغمة :1557والوسائل، 55/8 ح8 مختصراً. واثبات الهداة : 146/5 ح 6، وحلية الابرار:521/1 ، ومدينة المعاجز : 205ح27 عن الكافي . وأورده في دلائل الامامة : 68 ، ومناقب ابن شهر اشوب : 174 /3 ، و ثاقب المناقب: 273، عن أبی اسامة ، عن أبي عبدالله عليه السلام. وفي عيون المعجزات : 62، واثبات الوصية : 157 مرسلا
3- الحائط : البستان من التخيل اذا كان عليه حائط، وهو الجدار
4- رواه الصدوق في أماليه : 360 ضمن ح 8 باسناده عن الشحام ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام ، عنه البحار : 267/43 ضمن ح25

6- ومنها : [روي] أن الحسن علیه السلام[وإخوته] وعبد الله بن العباس كانوا(1) على مائدة ، فجاءت جرادة و وقعت على المائدة .

فقال عبدالله للحسن : أي شيء مكتوب على جناح الجرادة ؟

فقال : مكتوب عليه: أنا الله لا إله إلا أنا، ربّما أبعث الجراد رحمة(1) لقوم جياع ليأكلوه(2)، وربّما أبعثها نقمة على قوم فتأكل أطعمتهم .

فقام عبد الله ، وقبّل رأس الحسن ، وقال : هذا من مكنون العلم(3) .

7- ومنها : ماروي عن الصادق ، عن آبائه علیهم السلام أن الحسن علیه السلام قال لأهل بيته:

إنّي أموت بالسمّ، كما مات رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقالوا : ومن يفعل ذلك.

قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فان معاوية يدس إليها و يامرها بذلك.

قالوا : أخرجها من منزلك ، وباعدها من نفسك . قال: كيف اخرجها و لم تفعل بعد شيئاً ، ولو أخرجتها ماقتلني غيرها، و كان لها عذر عند الناس .

فما ذهبت الأيّام حتّى بعث إليها معاوية مالاجسيماً ، وجعل يمنّيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا(4) و بزوجها من يزيد ، و حمل إليها شربة سم لتسقيها الحسن فانصرف(5) إلى منزله وهو صائم فأخرجت [له] وقت الافطار - وكان يوماًحاراً - شربة

ص: 243


1- «رزقاً» ط ، ص
2- «ليأكلوها» م
3- عنه البحار: 43 / 337 ح 8، أورده فی مدینة المعاجز: 223 ح 83. وروی نحوه فی صحیفة الرضا: 259 ح 194، راجع تخریجة الحدیث
4- «أيضاً وضياع» ه، ط
5- «ففي بعض الايام انصرف» ه، ط

لبن و قد ألقت فيها ذلك السمّ ، فشر بها و قال : يا عدوة الله قتلتيني قتلك الله ، والله لاتصيبين منّي خلفاً(1) و لقد غرك وسخر منك ، والله يخزيك و يخزيه .

فمكث علیه السلام يومين، ثم مضى، فغدر معاوية بها، ولم يف لها بما عاهد(2) عليه.(3)

8- ومنها : [روي] أن الصادق علیه السلام قال: لمّا أن حضرت الحسن بن علي علیه السلام الوفاة بكی بكاء شديداً وقال: إنّي أقدم على أمر عظيم وهول لم أقدم على مثله قط . ثمّ أوصى(4) أن يدفنوه بالبقيع.

فقال: يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لاجدّد به عهدي ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فادفنّي هناك، فستعلم يا ابن أمّ أن القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله ، فيجلبون(5) في منعكم ذلك، وبالله أقسم عليك أن لا تهرق في أمري محجمة دم .

فلمّا غسّله و کفّنه الحسين حمله على سريره ، و توجّه به(6) إلى قبر جده رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ليجدد به عهداً ، أتی مروان بن الحكم ومن معه من بني أميّة فقال :أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي ؟ لايكون ذلك أبداً. ولحقت عائشة على بغل وهي تقول : مالي ولكم [یا بني هاشم]؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لااحب.

ص: 244


1- «لاتبصرین خيراً» ط، ه
2- «عاهدها» ه ، ط
3- عنه البحار : 153/ 44 ح23 ، واثبات الهداة : 5 / 150 ح12. وأوروده نحوه في المناقب : 3/ 175 عن الحسين بن أبي العلاء ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام. عنه البحار: 43 / 327 ضمن ح6.وفی ثاقب المناقب. 272 (مخطوط) عن داود البرقي ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 209 ح44 . وفي الصراط المستقيم : 2/ 177ح3
4- «وصی» م
5- جلب: اجتمع جلب وأجلب القوم: ضجوا واختلطت أصواتهم
6- «وکفنه حمل الحسن عليه السلام على سريره و توجه به» ط

فقال ابن عبّاس لمروان: انصرفوا ، لانريد دفن صاحبنا عند رسول الله، فانّه كان أعلم [و أعرف] بحرمة قبر [جده] رسول الله من أن يطرق عليه هدماً ، كما يطرق ذلك غيره(1) ، ودخل بيته بغير إذنه ، إنصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّی(2).

ثم قال لعائشة : واسوأتاه يوماً على بغل ، ويوماً على جمل .

وفي رواية يوماً تجمّلت ، ویوماً تبغّلت ، وإن عشت تفيّلت .

فأخذه ابن الحجّاج الشاعر البغدادي فقال :

يابنت أبي بكر(3) لا كان ، ولا كنت *** لك التسع من الثمن وبالكل تملّكت(4)

*** تجمّلت تبغّلت وإن عشت تفیّلت.

بیان : قوله لك التسع من الثمن إنّما كان ذلك في مناظرة فضّال بن الحسن بن فضّال الكوفي مع أبي حنيفة .

فقال له الفضّال قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ »(5) منسوخ أو غير منسوخ ؟ قال: هذه الآية غير منسوخة .

قال : ما تقول في خير الناس بعد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أبو بكر وعمر ؟ أم علي بن أبي طالب ؟ فقال: أما علمت أنّهما ضجيعا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم في قبره ، فأي حجّة تريد ئأوضح في فضلهما من هذه ؟

فقال له الفضّال : لقد ظلما [إذأوصيا] بدفنهما في موضع ليس لهمافيه حق ، و إن كان الموضع لهمافوهباه لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لقد أساءا إذا رجعا في هبتهما، ونكثا عهدهما و قد أقررت أن قوله تعالی «لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ » غير منسوخة

ص: 245


1- من غير أن يطرق عليه هجمابیته طرق ذلك عبرة» ط
2- «أوصی» ط
3- «ألا يا بنت ابی بکرو» ط
4- «تكلمت» م
5- سورة الاحزاب : 53

فأطرق أبو حنيفة ثم قال: لم يكن له ولالهما خاصّة، ولكنّهما نظرافي حق عائشة وحفصة ، فاستحّقا الدفن في ذلك الموضع لحقوق ابنتيهما .

فقال له فضّال : أنت تعلم أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم مات عن تسع حشايا(1)، و كان لهن الثمن لمكان ولده فاطمة فنظرنا فاذا لكل واحدة منهن تسع الثمن ، ثم نظرنا في تسع الثمن فاذا هو شبر في شبر، و الحجرة كذا و كذا طولا وعرضاً ، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك ؟ و بعد فمابال عائشة وحفصة يرثان رسول الله وفاطمة بنته(2) منعت الميراث ؟ فالمناقضة ظاهرة في ذلك من وجوه كثيرة.

فقال أبو حنيفة: نحّوه یا قوم عنّي، فانّه - والله - رافضي خبيث .(3)

ص: 246


1- الحشايا : الفراش، کنی بها عن الزوجات . «قاله المجلسی»
2- «لاترثه» ط، ه
3- عنه البحار : 44 / 154ح24 ، و عوالم العلوم : 291/16 ح 6

الباب الرابع

في معجزات الحسين بن علي عليهما السلام

1- عن أبي خالد الكابلي ، عن يحيى بن ام الطويل قال : كنّا عند الحسين علیه السلام إذ دخل عليه شاب يبكي ، فقال له الحسين : ما يبكيك ؟

قال : إنّ والدتي توفّيت في هذه الساعة ولم توص، ولها مال و كانت قد أمرتني أن(1) لا أحدث في أمرها شيئاً(2) حتّى أعلمك خبرها .

فقال الحسين علیه السلام: قوموا بنا حتّى نصير إلى هذه الحرة.

فقمنا معه حتّى انتهينا(3) إلى باب البيت الّذي(4) فيه المرأة [و هي] مسجّاة فأشرف على(5) البيت ، ودعا الله ليحيها حتّى توصي بما تحب من وصیّنها(6) فأحياها الله ، وإذا المرأة جلست وهي تتشهّد ، ثم نظرت إلى الحسين علیه السلام فقالت: أدخل البيت يا مولاي ومرني بأمرك.

فدخل وجلس على مخدة ثم قال لها : وصّي، يرحمك الله .

فقالت : يا ابن رسول الله [ إنّ ] لي من المال كذا و كذا في مكان كذا و كذا وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك ، و الثلثان لابني هذا إن علمت

ص: 247


1- «أخبرتني أنی» ط، ه
2- هكذا في البحار ، وفي م حدثاً»
3- «انتهى» م
4- «الذي توفيت» ط
5- «فی» م
6- «وصیها» ط

أنّه من مواليك و أوليائك ، وإن كان مخالفاً فخذه إليك، فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين .

ثم سألته أن يصلّي عليها وأن يتولّى أمرها ، ثمّ صارت المرأة ميتة كما كانت.(1)

2- و منها : ماروي عن جابر الجعفي، عن زين العابدین علیه السلام قال: أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبرالحسين علیه السلام لما(2) ذكر له من دلائله ، فلمّا صار بقرب المدينة خضخض ودخل المدينة ، فدخل على الحسين وهو جنب .

فقال له أبو عبد الله الحسین علیه السلام : أما تستحيي يا أعرابي أن تدخل إلى إمامك وأنت جنب ؟ [ وقال : ] أنتم معاشر العرب إذا خلوتم(3) خضخضتم .

فقال الأعرابي : يا مولاي قد بلغت حاجتي ممّا جئت فيه.

فخرج من عنده فاغتسل ورجع إليه فسأله عمّا كان في قلبه .(4)

3- ومنها : ماروي عن مندل ، عن هارون بن خارجة(5) ، عن الصادق علیه السلام عن

ص: 248


1- عنه البحار : 180/44 ح3 ، وعوالم العلوم : 49/17 ح4 ، ومدينة المعاجز : 246 ح64 .وأورده في ثاقب المناقب : 297 «مخطوط» جميعاً عن يحيى بن أم الطويل . وأورده مختصراً في الصراط المستقيم : 178/2 ح1
2- «فیما» م
3- هكذا في الوسائل والبحار : 81، و في الأصل والبحار : 44 «دخلتم» . والخضخضة : الاستمناء ، وهو استنزال المني في غير الفرج ، وأصل الخضخضة : التحريك
4- عنه الوسائل : 476/1 ح24، و ص 490 ح4، والبحار : 44/ 181 ح4 ، وعوالم العلوم : 54/ 17 ح3 جميعاً عن جابر ، عن زيد العابدین علیه السلام . وأورده مختصراً في الصراط المستقیم : 178/2 ع 2
5- «عن مندل بن هارون بن صدقه» ط،ه . وما أثبتناه من «م» و دلائل الامامة و بقية المصادر وهو الصحيح ، راجع رجال السيد الخوئی : 378/ 18 وج: 19 / 274

آبائه علیه السلام [قال] إن الحسين علیه السلام إذا أراد(1) أن ينفذ غلمانه في بعض أموره قال لهم : لاتخرجوا يوم كذا ، واخرجوا يوم كذا ، فانّكم إن خالفتموني قطع عليكم .

فخالفوه مرة وخرجوا ، فقتلهم اللّصوص ، وأخذوا ما معهم ، و اتّصل الخبر بالحسين فقال : لقد حذرتهم ، فلم يقبلوا منّي.

ثم قام من ساعته ودخل على الوالي ، فقال الوالي : يا أبا عبد الله بلغني قتل غلمانك فآجرك الله فيهم .

فقال الحسين علیه السلام : فانّي أدلّك على من قتلهم فاشدد يدك بهم .

قال : أوتعرفهم يا ابن رسول الله ؟ قال : نعم، كما أعرفك، وهذامنهم- وأشار بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي -.

فقال الرجل : ومن أين قصدتني بهذا، ومن أين تعرف أنّي منهم ؟!

فقال له الحسين علیه السلام : إن أنا صدّقتك تصدّقني (2) ؟ فقال الرجل : نعم ، و الله لاصدّقنّك. فقال: خرجت ومعك فلان وفلان. وذكرهم كلّهم:

فمنهم أربعة من موالي المدينة والباقون من حبشان(3) المدينة .

فقال الوالي للرجل: ورب القبر والمنبر، لتصدقني أولأهر أن(4) الحمك بالسياط.

فقال الرجل : والله ماكذب الحسين و قد صدق (5) ، و كأنّه كان معنا .

ص: 249


1- «انه قال أن الحسين عليه السلام كان» ه،ط . وفي البحار والعوالم «قال : اذا أراد الحسين عليه السلام»
2- «فأصدّقنی» ه، ط
3- «جیشان» البحار . والحبش : جنس من السودان . أوسكان بلاد الحبشة . واحده حبشی والجمع : حبشان
4- «لانشرن» ط خ. وفي البحار «لاهرقن». وأهرأ اللحم: أنضجه، فتهرأ حتى سقط من العظم
5- «و لصدق» البحار

فجمعهم الوالي جميعاً ، فأقرّوا جميعاً فضرب أعناقهم .(1).

4- ومنها: أنّ رجلا صار إلى الحسين علیه السلام فقال : جئتك أستشيرك في تزويجي فلانة. فقال: لاأحبّ ذلك لك. و كانت كثيرة المال، و كان الرجل أيضاً مكثراً فخالف الحسين فتزوّج بها. فلم يلبث الرجل حتّى افتقر.

فقال له الحسین علیه السلام: قد أشرت إليك(2) ، فخلّ سبيلها فانّ اللّه يعوّضك خيراً(3)منها . ثمّ قال : وعليك بفلانة . فتزوّجها فمامضت(4) سنة حتّى كثر ماله ، و ولدت له ولداً ذكراً ، ورأى منها ما أحب(5) .

5- ومنها: أنّه علیه السلام سئل في حال صغره عن أصوات الحيوانات لأنّ من شرط الامام أن يكون عالماً بجميع اللغات حتّى أصوات الحيوانات ، فقال :

على ما روی محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي(6) عن الحسين علیه السلام أنّه قال: إذا صاح النسر فانّه يقول : « يابن آدم عش ماشئت فآخره الموت» .وإذ صاح البازي يقول : « يا عالم الخفيّات يا كاشف البليّات » .

ص: 250


1- عنه البحار: 44/ 181 ح5 ، وعوالم العلوم 17/ 55 ح4 . ورواه في الهداية الكبرى:205، عنه اثبات الهداة: 204/5 ح 2 وأورده في دلائل الامامة : 76، عنه مدينة المعاجز :238ح20، جميعاً عن هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله عليه السلام، وأورده في الصراطالمستقيم : 178/2 ح3
2- «عليك» ،ه،ط
3- هكذا في البحار، وفي «م» «منها خيراً» وفی ه، س.ط«عنها خيراً»
4- «مضت له» ه ، ط، س
5- عنه الوسائل : 32/14 ح10، والبحار : 182/44 ح6، وعوالم العلوم: 56/17 ح5، ومدينة المعاجز 247 ح 68. ورواه في الهداية الكبرى للخصیبی: 204 باسناده عن أبی عبدالله عليه السلام نحوه، عنه اثبات الهداة : 205/5 ح 63، ومدينة المعاجز
6- «التمیمی» ه ،ط ، والبحار .وهو محمد بن ابراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، وثقه یحیی بن معین ، توفي سنة120 ه. راجع کتاب الجرح والتعديل : 7/ 184 ، و تقريب التهذيب : 2/ 140

وإذا صاح الطاووس يقول : « مولاي ظلمت نفسي واغتررت بزينتي فاغفر لي».

وإذا صاح الدرّاج يقول:« الرحمن على العرش استوى » .

وإذا صاح الديك يقول : « من عرف اللّه لم ينس ذكره » .

وإذا قرقرت الدجاجة تقول: «يا إله الحقّ أنت الحقّ وقولك الحقّ يا أللّه ياحقّ» .

وإذا صاح الباشق(1) يقول : «آمنت باللّه واليوم(2) الآخر» .

وإذا صاحت الحدأة(3) تقول : «توكّل على اللّه ترزق» .

وإذا صاح العقاب يقول : « من أطاع اللّه لم يشق » .

وإذا صاح الشاهين يقول : « سبحان اللّه حقّاً حقّاً .

وإذا صاحت البومة تقول : « البعد من الناس أنس» .

وإذا صاح الغراب يقول : « یا رازق ابعث بالرزق الحلال ».

وإذا صاح الكرکې(4) يقول : « اللّهم احفظني من عدوّي» .

و إذا صاح اللقلق يقول : « من تخلّى من الناس نجی من أداهم » .

وإذا صاحت البطّة تقول: «غفرانك يا الله غفرانك»(5).

وإذا صاح الهدهد يقول : « ما أشقى من عصي اللّه»!

وإذا صاح القمري(6) يقول : « يا عالم السرّ والنجوى يا اللّه » .

وإذا صاح الدبسي(7) يقول : « أنت اللّه لا إله سواك يا اللّه » .

ص: 251


1- الباشق : طائر من أصغر الجوارح
2- «و با ليوم» ط
3- «الحداء» البحار . والحدأة : طائر من الجوارح ، والعامة تسميه: الحدية
4- الکرکی : طائر کیر أغبر اللوان طويل العنق والرجلين أبتر لذنب قليل اللّحم یأوی الى الماء أحياناً
5- «غفرانك يا الله» ط ، البحار
6- القمری : ضرب من الحمام حسن الصوت
7- الدبسي : طائر صغير منسوب الی دبس الرطب ، من الحمام البري. وفي ط «الدلبی»

وإذا صاح العقعق(1) ، يقول : « سبحان من لا يخفى عليه خافية » .

وإذا صاح الببغاء يقول: «من ذكر ربّه غفر ذنبه» .

وإذا صاح العصفور يقول : « استغفر اللّه ممّا يسخط اللّه » .

وإذا صاح البلبل يقول : « لا إله إلا الله حقّاً حقّاً» .

و إذا صاحت القبجة(2) تقول : « قرب الحق ، قرب».

وإذا صاحت السماناة(3) تقول : « يا ابن آدم ما أغفلك عن الموت» .

وإذا صاح السنوذنيق(4) يقول: «لا إله إلا اللّه محمّد [رسول اللّه] و آله خيرة اللّه».

وإذا صاحت الفاخته تقول : «یا واحد یا أحد یا فرد یا صمد ».

وإذا صاح الشقراق(5) يقول «مولاي اعتقني من النار» .

وإذا صاحت القنبرة(6) تقول : « مولاي تب على كلّ مذنب من المؤمنين » .

وإذا صاح الورشان(7) يقول : « إن لم تغفر ذنبي شقيت ».

ص: 252


1- العقعق : طائر على قدر الحمامة وهو على شكل الغراب و جناحاه أكبر من جناحی الحمامة
2- القبج : طائر يشبه الحجل ، والواحدة «قبجة» تطلق على الذكر والاثنی
3- السمانی : نوع من الطيور القواطع للواحد و للجمع، وقيل : الواحدة «سماناة»
4- السنوذنيق : الصقر . و تكون على صيغ اخرى منها: السذانق، والسوذنيق والسوذانق
5- الشقراق : طائر صغير يسمى الأخيل ، وهو أخضر مليح بقدر الحمامة، وخضرته حسنة مشبعة ، وفي أجنحته سواد
6- القبرة والقنبرة : عصفورة
7- الورشان : ذكر القماری، و قيل: انه طائر يتولد بين الفاختة و الحمام ، وهو نوع من الحمام البرى أكدر اللون، فيه بياض فوق ذنبه

وإذا صاح الشفنين(1) يقول : « لا قوة إلا باللّه [العلي](2) العظيم » .

وإذا صاحت النعامة تقول : « لا معبود سوى اللّه ».

وإذا صاحت الخطافة(3) انها تقرأ سورة الحمد و تقول :

« یا قابل توبة التوّابين، یا اللّه لك الحمد» .

و إذا صاحت الزرّافة تقول: «لا إله إلاّ الله وحده » .

وإذا صاح الحمل(4) يقول : «كفى بالموت واعظاً» .

وإذا صاح الجدي(5) يقول : « عاجلني الموت فقلّ ذنبي».

وإذا زأر الاسد يقول : « أمر اللّه مهمّ مهمّ ».

وإذا صاح الثور يقول :

«مهلا مهلا يا ابن آدم أنت بين يدي من یري ولا يرى وهو اللّه».

وإذا صاح الفيل يقول : « لا يغني عن الموت قوّة ولا حيلة ».

وإذا صاح الفهد يقول: « يا عزيز يا جبّار یا متكبّر یا اللّه » .

وإذا صاح الجمل يقول: « سبحان مذلّ الجبّارين سبحانه » .

ص: 253


1- هكذا في البحار ، وفي م «السفنير». وفي ط «السفنبر». والشفنين : بكسر الشين ، و هو متولد بين نوعين مأكولين، وعده الجا - ظ في أنواع الحمام، وصوته في الترنم كصوت الرباب وفيه تحزن و من طبعه أنه اذا فقد انثاه لم يزل أعزب الى أن يموت و كذلك الانثى اذا فقدت ذکرها، واذا سمن سقط ريشه و يمتنع عن السفاد ومن طبعه ایثار العزلة ، و عنده نفور واحتراس من الاعداء
2- من البحار
3- الخطاف : طائر يشبه السنونو طويل الجناحين قصير الرجلين أسود اللون
4- الحمل : الخروف اذا بلغ ستة أشهر ، وقيل : هو ولد الضأن الجذع فمادون
5- الجدى : الذكر من أولاد المعز

وإذا صهل الفرس يقول : « سبحان(1) ربّنا سبحانه » .

وإذا صاح الذئب يقول: « ما حفظ الله فلن يضيع أبداً » .

وإذا صاح ابن آوى يقول : «الويل الويل الويل للمذنب المصرّ » .

وإذا صاح الكلب يقول : «كفى بالمعاصي ذلا» .

وإذا صاح الأرنب يقول: «لا تهلكني با اللّه، لك الحمد » .

وإذا صاح الثعلب يقول : « الدنيا دار غرور» .

وإذا صاح الغزال يقول : « نجّني من الأذى » .

وإذا صاح الكردن يقول: «أغثني(2) وإلاّ هلكت يا مولاي» .

وإذا صاح الأيّل(3) يقول : «حسبي اللّه ونعم الوكيل حسبي» .

وإذا صاح النمر يقول : «سبحان من تعزّز بالقدرة سبحانه » .

و إذا سبّحت الحيّة تقول : « ما أشقى من عصاك يا رحمن » .

وإذا سبّحت العقرب تقول : «الشرّشيء وحش».

ثمّ قال علیه السلام: ماخلق الله من شيء إلاّ وله تسبيح يحمد به ربّه ، ثمّ تلا هذه الاية:«وإن من شيء إلا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.(4) .(5).

6- ومنها : أنّه لمّا ولد الحسين علیه السلام أمر اللّه تعالی جبرئيل أن يهبط في ملا من الملائكة فيهنّیء محمداً ، فهبط فمرّ بجزيرة فيها ملك يقال له: فطرس ، بعثه اللّه في شيء، فأبطأ فكسر جناحه ، وألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد اللّه سبعمائة عام(6)

ص: 254


1- «سبحانه» ط
2- «أغشنی» ط، ه
3- «الابل» ط، البحار . و الابل : بتشديد الياء المكسورة : ذكر الأوعال ، و يقال : هو الذي يسمى بالفارسية «الكوزن» ، وأكثر أحواله شبیه ببقر الوحش
4- سورة الاسراء : 44
5- عنه البحار : 27/64 ح 8
6- «سنة» ط

فقال فطرس لجبرئیل :

إلى أين ؟ قال : إلى محمّد. قال : احملني معك إلى محمد لعلّه يدعو لي .

فلمّا دخل جبرئيل، وأخبر محمداً بحال فطرس ، قال له النبيّ : قل له يمسح(1)بهذا المولود [ جناحه ] . فمسح(2) فطرس بمهد الحسين علیه السلام، فأعاد اللّه عليه في الحال جناحه ، ثمّ ارتفع مع جبرئيل إلى السماء فسمّي عتیق الحسين علیه السلام(3) .

7- ومنها : أنّه علیه السلام لمّا أراد العراق قالت له أمّ سلمة : لاتخرج إلى العراق فقد(4) سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم يقول :

يقتل ابني الحسين ب [أرض](5) العراق و عندي تربة دفعها إليّ في قارورة .

فقال : واللّه إني مقتول كذلك ، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلونني أيضاً ، وإن

ص: 255


1- «قل بتمسح» البحار
2- «فتمسح» البحار، تمسح به: تبرك به لفضله
3- عنه البحار : 182/44 ح، وعوالم العلوم : 47/17 ح4. ورواه الصفار في بصائر الدرجات : 68 باسناده الى الازهر البطيخي ، عن أبي عبداللّه عليه السلام، عنه البحار : 340/26 ح10 ومدينة المعاجز : 236 ح5 .ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 66، والصدوق في أماليه : 118ح8 باسناديهماعن ابراهیم بن شعيب، عن الصادق عليه السلام ، عنهما البحار: 243/43 ح18.وأخرجه في البحار : 367/101 ح 9 عن الامالی. و أورد ابن شهر اشوب في المناقب : 228/3 عن ابن عباس و الصادق عليه السلام عنه البحار : 43 / 244 ح 19. و أورد نحوه - في المناقب المذكور عن المسالة الباهرة في تفضيل الزهراء - الطاهر عن أبي محمد الحسن بن طاهر القاینی الهاشمي. و أورده في اثبات الوصية :161 مرسلا ، و في روضة الواعظین : 186 عن الصادق عليه السلام ، وفي بشارة المصطفی : 218، عن الرضا ، عن آبائه ، عنه رسول الله صلی الله عليه و آله ، وفي الجنة الواقية : 544 (حاشیة)،وفي الصراط المستقیم 179/2ح5 مرسلا
4- «فانی» ه، ط
5- من البحار

أحببت أن أريك مضجعي(1) ومصرع أصحابي . ثمّ مسح بيده على وجهها ، ففسح اللّه في بصرها حتّى أراها(2) ذلك كلّه ، و أخذ تربة فأعطاها(3) من تلك التربة أيضاً في قارورة أخرى ، وقال علیه السلام : فإذا فاضتا(4) دماً، فاعلمي أنّي قد قتلت .

فقالت أمّ سلمة : فلمّا كان يوم عاشوراء نظرت إلى القارورتين بعد الظهر فاذا هما قد فاضتا دماً ، فصاحت .

ولم يقلب في ذلك اليوم حجر ولا مدر إلاّ وجد تحته دم عبيط(5) .

8- ومنها : ما روي عن زین العابدين علیه السلام أنّه قال : لمّا كانت اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين علیه السلام في صبيحتها قام في أصحابه فقال علیه السلام:

إنّ هؤلاء يريدونني دونكم، ولو قتلوني لم يقبلوا(6) إليكم ، فالنجاء النجاء ، و أنتم في حلّ فانّكم إن أصبحتم معي قتلتم كلّكم .

فقالوا : لا نخذلك ، ولا نختار العيش بعدك .

فقال علیه السلام: إنّكم تقتلون کلّكم حتّى لايفلت منكم واحد(7). فكان كما قال علیه السلام(8)السير :

ص: 256


1- «مصرعی» ط
2- «رأت» ه ، ط. «رأيا» البحار
3- «ثم أعطاها» م ، ط
4- «فاضت» ط ، البحار
5- عنه البحار 45 / 89ح27، وعوالم العلوم : 157/17 ح7. ورواه في الهداية الكبرى : 202 عن أبي بصير ، عن الباقر عليه السلام .وأورده في اثبات الوصية : 262 مرسلا ، و في ثاقب المناقب : 285 (مخطوط) عن الباقر عليه السلام، عنه مدينة المعاجز : 243 ح 45، وحلية الابرار : 1/ 600.وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 179 ح مرسلا
6- «يلفتوا» خل «يصلوا» البحار
7- «أحد» البحار
8- عنه البحار : 89/45 ذح 27 ، وعوالم العلوم : 344/17 ح 1

الباب الخامس

في معجزات [الامام] علی بن الحسين عليهما السلام

1- عن الباقر علیه السلام أنّه قال: كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت ، وعليّ ابن الحسين يطوف بين يديه ، لا يلتفت إليه، ولم يكن عبدالملك يعرفه بوجهه .

فقال : من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا ؟

فقيل : هذا علي بن الحسین . فجلس مكانه، وقال : ردّوه إليّ فردّوه .

فقال له : يا علي بن الحسين إنّي لست قاتل أبيك ، فما يمنعك من المصير إليّ !

فقال علي بن الحسين علیه السلام: إنّ قاتل أبي أفسد - بما فعله - دنياه عليه ، و أفسد أبي عليه بذلك آخرته ، فان أحببت أن تكون کھو ، فكن .

فقال : كلا ، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا .

فجلس زین العابدین و بسط رداءه ، فقال : « اللّهمّ أره حرمة أوليائك عندك »فاذا رداءه(1) مملوء درراً، یکاد شعاعها يخطف الأبصار .

فقال له : من تكون هذه حرمته عند اللّه(2) يحتاج إلى دنياك ؟!

ص: 257


1- كذا في ط ، ه، وفي م: «ازاره» والرداء : كل ما يلبس في الثياب . والازار : كل ما يستر
2- «ربه» ط ، ه

ثم قال : اللّهمّ خذها، فلا حاجة لي فيها(1) .(2).

2- و منها : أنّ الحجّاج بن يوسف كتب إلى عبد الملك بن مروان :«إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل عليّ بن الحسين».

فكتب عبد الملك إليه : «أمّا بعد : فجنّبني دماء بني هاشم و احقنها، فانّي رأيت آل أبي سفيان لمّا أولعوا فيها لم يلبثوا أن أزال اللّه الملك عنهم » و بعث بالكتاب إليه سرّاً(3).

فكتب علي بن الحسين علیه السلام إلى عبد الملك من الساعة التي أنفذ فيها الكتاب إلى الحجّاج : « وقفت على(4) ما كتبت في حقن دماء بني هاشم ، وقد شكر اللّه لك ذلك وثبّت ملكك، وزاد في عمرك».

وبعث به مع غلام له بتاريخ الساعة التي أنفذ فيها عبد الملك كتابه إلى الحجّاج بذلك.

فلمّا قدم اللام وأوصل الكتاب إليه، نظر عبدالملك في تاريخ الكتاب فوجده موافقاً تأريخ كتابه ، فلم يشكّ في صدق زین العابدین علیه السلام ففرح بذلك، وبعث إليه بوقر(5) دنانير، وسأله أن يبسط إليه بجميع حوائجه و حوائج أهل بيته ومواليه .

و كان في كتابه علیه السلام: « إن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم أتاني في النوم فعرّ فني ماكتبت به إلى الحجّاج(6) و ماشكر الله لك من ذلك»(7) .

ص: 258


1- «فما لي فيها حاجة» ط ، ه
2- عنه البحار : 120/46 ح11، والعوالم : 175/18 ح1 : واثبات الهداة: 234/5ح26. وعند في مدينة المعاجز: 313 ح 73 وعن ثاقب المناقب : 311 . و أوردناهفي الصحيفة السجادية الجامعة : دعاه 259 (معدة للطبع).وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 180 ح 1 مرسلاو مختصراً
3- أضاف في م «أيضأ» ولا وجه لها
4- «علمت» ه
5- الوقر - بكسر الواو - : الحمل
6- «اليك» م بدل «الى الحجاج»
7- عنه البحار : 28/46 ح 19 ، والعوالم : 42/18 ح3 ورواه الصفار في بصائر الدرجات: 396 ح4 ، والمفيد في الاختصاص : 308 باسنادهما الى علي بن عبدالعزيز ، عن أبيه، عن الصادق ، عنهما البحار : 119/46 ح9والعوالم : 171/18 /ح1 .ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 223 باسناده الى أبي الصباح ، عن أبي عبدالله عليه السلام وأورده في كشف الغمة : 212/2 عن أبی عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 46 / 44ح44 ، والعوالم : 66/ 18 ح 2 وأورده في اثبات الوصية : 168 مرسلا ، عنه اثبات الهداة : 361/5 .وأورده في ثاقب المناقب : 308 مرسلا عن الصادق عليه السلام .وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 180 ح2 مرسلا ومختصراً وأخرجه في مدينة المعاجز : 307 ح43 عن بعض المصادر أعلاه

3- ومنها : ماروي عن أبي خالد الكابلي قال : دعاني محمد بن الحنفيّة، بعد قتل الحسين علیه السلام و رجوع عليّ بن الحسين علیهما السلام إلى المدينة، وكنّا بمكّة.

فقال : صر إلى عليّ بن الحسين علیه السلام وقل له : «إنّي أنا أكبر ولد أمير المؤمنين بعد أخويّ الحسن والحسين، وأنا أحقّ بهذا الأمر منك، فينبغي أن تسلّمه إليّ، وإن شئت فاختر حكماً نتحاكم إليه» . فصرت إليه وأدّيت إليه رسالته .

فقال : إرجع إليه وقل له : «يا عمّ اتّق اللّه ولاتدّع مالم يجعله اللّه لك، فان أبیت فبيني وبينك الحجر الأسود فأيّنا يشهد له الحجر الأسود فهو الأمام» .

فرجعت إليه بهذا الجواب . فقال : قل له: قد أجبتك.

قال أبو خالد : [فسارا] فدخلا جميعاً، وأنا معهما، حتى وافيا الحجر الأسود.

فقال عليّ بن الحسين علیه السلام: تقدّم باعمّ فانّك أسنّ ، فاسأله الشهادة لك .

فتقدّم محمّد ، فصلّى ركعتين ، ودعا بدعوات ، ثمّ سأل الحجر بالشهادة إن كانت الامامة له، فلم يجبه بشيء.

ص: 259

ثمّ قام عليّ بن الحسين علیهما السلام فصلّى ركعتين ثمّ قال : أيّها الحجر الذي جعله اللّه شاهداً لمن يوافي بيته الحرام من وفود عباده ، إن كنت تعلم أنّي صاحب الأمر وأنّي الامام المفترض الطاعة على جميع عباد الله، فاشهد لي بذلك، ليعلم عمّي أنّه لاحقّ له في الامامة .

فأنطق اللّه الحجر بلسان عربي مبين ، فقال : يا محمد بن عليّ ، سلّم إلى عليّ ابن الحسين الأمر، فانّه الامام المفترض الطاعة عليك ، وعلى جميع عباد اللّه دونك ودون الخلق أجمعين في زمانه .

فقبّل محمد ابن الحنفيّة رجله وقال : الأمر لك .

وقيل : إنّ ابن الحنفيّة إنّما فعل ذلك إزاحة لشكوك الناس في ذلك .

وفي رواية أخرى : إنّ اللّه أنطق الحجر [فقال] : يا محمد بن علي إنّ علي بن الحسين هو الحقّ الذي لايعتريه شكّ - لما علم من دينه وصلاحه - وحجة الله عليك وعلى جميع من في الأرض ومن في السماء ، ومفترض الطاعة ، فاسمع له وأطع.

فقال محمد : سمعنا سمعنا(1) یا حجّة الله في أرضه وسمائه .(2)

ص: 260


1- «سمعاً وطاعة» ه، والبحار
2- عنه البحار : 29/46 ح 20، و العوالم : 77/18 ح1.ورواه الكليني في الكافي : 348/1 ح5 بطريقين الى زرارة عن الباقر عليه السلام عنه اثبات الهداة : 3/ 292 ح 8 ، وج 123/5 ح8 ، وص 170 ح4 ، وص218ح4 ورواه في مختصر بصائر الدرجات : 170 باسناده الى الکلینی. ورواه في ص 14 ، والصفار في بصائر الدرجات : 502 ح3، وابن بابویه في الامامة والتبصرة: 60 ح49 باسنادهم جميعاً الى علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام .ورواه فی دلائل الامامة : 89 باسناده الى الشيخ الصدوق بهذا الاسناد .ورواه في ص87 باسناده الى أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام . وأورده ابن نما في رسالة شرح الثأرعن أبی بجیر عالم الاهواز، عنه البحار : 347/45وج 22/46 ، والعوالم : 37/18 ح 1 . و أوردناه في الصحيفة السجادية الجامعة دعاء 264 (معدة للطبع). وأخرجه في اعلام الوری : 258 عن نوادر الحكمة .و أخرجه ابن شهر اشوب في المناقب 288/3 عن الكامل لابن المبرد ، عن أبی خالد الكابلي ، وعن نوادر الحكمة ، عنه البحار : 113/46 ، والعوالم : 271/18 ح1 .وأورده في عيون المعجزات : 71 عن رشيد الهجری و یحیی بن ام الطويل .وفي الاحتجاج : 46/2 مرسلا ، وفي ثا قب المناقب : 299 عن أبي عبدالله عليه السلام وأخرجه في البحار : 111/46 ح 2 و3 و 4 ، والعوالم : 271/18 ح 2 عن البصائر والاحتجاج ، و مختصر البصائر ، واعلام الوری ، و المنائب . وفي مدينة المعاجز : 297ح 21 عن أكثر المصادر المذكورة أعلاه

4- ومنها : ما روی جابر بن یزید الجعفي ، عن الباقر علیه السلام قال : كان عليّ بن الحسين جالساً مع جماعة إذ أقبلت ظبية من الصحراء ، حتّى وقفت قدّ امه فهمهمت(1) وضربت بيديها [الأرض].

فقال بعضهم : يا ابن رسول الله ما شأن هذه الظبية؟ قد أتتك مستأنسة .

قال : تذكر أن إبناً ليزيد طلب من أبيه خشفاً(2) ، فأمر بعض الصيّادين أن يصيد له خشفاً، فصاد بالأمس خشف هذه الظبية ، ولم تكن قد أرضعته، وإنّها تسأل أن نحمله إليها لترضعه و تردّه علیه .

فأرسل علي بن الحسين علیه السلام إلى الصيّاد فأحضره وقال له : إنّ هذه الظبية تزعم أنّك أخذت خشفاً لها ، وأنّها(3) لم تسقه لبناً منذ أخذته ، وقد سألتني أن أسألك أن تتصدّق به عليها .

ص: 261


1- «فحمحمت» ط ، م ، ه ، وكذا في الموضع التالي . وحمحم الفرس ، وتحمحم : هو صوته اذا طلب العلف .والهمهمة : ترديد الصوت في الصدر
2- الخشف : ولد الظبي أول ما يولد
3- «وأنك» ط ، ه

فقال : يا ابن رسول اللّه لست أستجرىء على هذا.

قال : إنّي أسألك أن تأتي به إليها لترضعه وترده إليك . ففعل الصيّاد .

فلمّا رأته همهمت ودموعها تجري ، فقال عليّ بن الحسين علیه السلام للصيّاد : بحقّي عليك إلا وهبته لها. [ فوهبه لها ] فانطلقت مع الخشف وهي تقول(1): أشهد أنّك من أهل بيت الرحمة ، وأنّ بني أميّة من أهل بيت اللعنة(2) .(3)

5- ومنها: ماروی بکر بن محمد، عن [محمّد بن] عليّ بن الحسين علیه السلام قال:

ص: 262


1- «و قالت» م ، بدل «وهی تقول»
2- أضاف في حواشی م بخط آخر : «کیف [لا] وهم الشجرة الملعونة في القرآن»
3- عنه مدينة المعاجز : 313 ح 74.وعنه البحار : 30/46 ح 21، والعوالم : 51/18 ح4، و عن کشف الغمة : 109/2حيث أخرجه عن دلائل الحميري .ورواه في بصائر الدرجات : 350 ح10 ، وفي الاختصاص : 292 باسنادهما الى جابر عن أبي جعفر عله السلام، عنهما البحار: 25/46 ح 9، والعوالم : 50/1832 وأخرجه في البحار المذكور ح10 عن مناقب ابن شهر اشوب : 283/3 بالاسناد عن یونس الحر ، عن الفتال ، و القلادة عن أبي حاتم ، و الوسيلة عن الملا بالاسناد الى جابر .ورواه في دلائل الامامة : 86 باسناده الي جابر عن أبي جعفر عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 294ح 12 .ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 215 بهذا الاسناد .وأورده في ثاقب المناقب : 306 عن جابر بن عبدالله . وأخرجه في اثبات الهداة:230/5 ح 19 عن البصائر، وفي ص 244 ح 41 عن كشف الغمة و رواه بنحو آخر في بصائر الدرجات : 352 ح14، والاختصاص : 290 باسنادهما عن حمران بن أعين ، عنهما البحار : 26/46 ح 11 ، والعوالم : 49/18 ح1. وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 180 ح 4 مرسلا ومختصراً

خرج أبي في نفر من أهل بيته وأصحابه إلى بعض حيطانه ، وأمر باصلاح سفرة فلمّا وضعت ليأكلوا أقبل ظبي من الصحراء يتبغّم(1) ، فدنا من أبي ، فقالوا: يا ابن رسول اللّه ما يقول هذا الظبي ؟

قال : يشكو أنّه لم يأكل منذ ثلاث شيئاً ، فلا تمسّوه حتى أدعوه ليأكل معنا .

قالوا: نعم . فدعاه ، فجاء يأكل معهم ، فوضع رجل منهم يده على ظهره فنفر، فقال أبي : ألم تضمنوا لي أنّكم لا تمسّوه ؟! فحلف الرجل أنّه لم يرد به سوءاً ، فكلّمه أبي وقال للظبي :

إرجع فلا بأس عليك . فرجع يأكل حتى شبع ، ثم تبغّم وانطلق .

فقالوا : يا ابن رسول اللّه ماقال [الظبي] ؟ قال: دعا لكم بالخير [وانصرف] .(2).

6- ومنها: أنّ أبا خالد الكابلي كان يخدم محمد بن الحنفيّة دهراً، وما كان يشك أنّه إمام ، حتى أتاه يوماً فقال : إنّ لي حرمة ، فأسألك برسول اللّه و بأمير المؤمنین إلاّ أخبرتني: أنت الامام الذي فرض اللّه طاعته ؟

فقال : عليّ ، و عليك ، وعلىّ كل مسلم الامام علي بن الحسين .

فجاء أبو خالد إلى عليّ بن الحسين علیه السلام، فلمّا سلّم عليه قال له : مرحباً بك یا کنکر، ما كنت لنا بزوّار ! ما بدا لك فينا ؟

فخرّ أبو خالد ساجداً للّه تعالى لما سمعه منه ، وقال : الحمد للّه الذي لم يمتني حتى عرفت إمامي . قال : كيف عرفت ؟

ص: 263


1- تبغم الظبي : صوت بأرخم ما يكون من صوته
2- عنه البحار : 30/46 ح2،والعوالم : 50/18 ح 2.وعنه مدينة المعاجز : 313 ح 75 و عن الهداية الكبرى : 216 حيث رواه باسناده الی بكر بن محمد ، عن أبي عبدالله عليه السلام .وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 180 ح 5 مختصراً ومرسلان

قال : إنّك دعوتني باسمي الذي سمّتني به أمّي، ولقد كنت في عماء(1) من أمري ، ولقد خدمت محمّد بن الحنفيّة عمراً، فناشدته اليوم: «أنت إمام ؟ » أرشدني إليك فقال : « هو الامام عليّ، وعليك ، وعلى الخلق كلّهم » فلمّا دنوت منك سمّيتني باسمي الذي سمتني به أمّي ، فعلمت أنّك الامام الذي فرض اللّه عليّ وعلى كلّ مسلم طاعته.

وقال: ولدتني أمي فسمّتني « وردان » فدخل عليها والدي وقال : « سمّيه: كنكر » و واللّه ماسمّاني به أحد من الناس - إلى يومي هذا - غيرك ، فأشهد أنك إمام من في الأرض ، وإمام من في السماء .(2).

7- ومنها: ما روي عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت الباقر علیه السلام یقول:خدم أبو خالد الكابلي، عليّ بن الحسين علیه السلام برهة من الزمان، ثمّ شکا شدّة شوقه إلى والديه ، وسأله الأذن في الخروج إليهما، فقال له علي بن الحسین علیه السلام: یا کنکر إنّه يقدم علينا غداً رجل من أهل الشام له قدر وجاه ومال ، ومعه إبنة له قد أصابها عارض

ص: 264


1- «عمياء» رجال الكشي. والعماء: هو كل أمر لاتدر که عقول بنی آدم، ولا يبلغ كنهه الوصف. والعمياء : تأنيث الأعمى ، وهي الجهالة والضلالة . (النهاية : 304/3 و 305)
2- عنه البحار : 94/42 ح23 و 24 ، وج 45/46 ح 47 و48 ، والعوالم : 65/18 ح1 وعن رجال الكشی: 120 ح192 ، و عن رسالة شرح الثار لابن نما باسنادهما الى أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام وأخرجه في البحار: 348/45 عن شرح النار، وفي المناقب : 288/3 عن رجال الكشی.ورواه في الهداية الكبرى : 221 باسناده الى أبي بصير أيضاً ، عنه مدينة المعاجز :316 ح 82 وعن رجال الكشی .وأورده في اعلام الوری : 259، عنه اثبات الهداة : 233/5 ح 24، وفي الصراط المستقيم : 2/ 180ح6 مرسلا ومختصراً .وأخرجه في اثبات الهداة : 257/5 ح65 عن صاحب مناقب فاطمة وولدها

من الجنّ، وهو يطلب معالجاً يعالجها، ويبذل في ذلك ماله ، فاذا قدم فصر إليه أوّل الناس ، وقل له: «أنا أعالج إبنتك بعشرة آلاف درهم» فانّه يطمئن إلى قولك، ويبذل لك ذلك .

فلمّا كان من الغد قدم الشامي ومعه ابنته وطلب معالجاً .

فقال له أبو خالد : أنا أعالجها على أن تعطيني عشرة آلاف [درهم] على أن لا يعود إليها أبداً. فضمن أبوها له ذلك.

فقاله أبو خالد لعلي بن الحسين علیه السلام، فقال علیه السلام: يا أبا خالد إنّه سيغدر بك .

قال : قد ألزمته المال . قال: فانطلق ، فخذ باذن الجارية اليسرى وقل : «يا خبيث يقول لك علي بن الحسين : أخرج من بدن هذه الجارية ، ولا تعد إليها».

فعل كما أمره ، فخرج عنها ، وأفاقت الجارية من جنونها ، وطالبه بالمال فدافعه فرجع إلى علي بن الحسين علیه السلام.

فقال له : يا أبا خالدألم أقل لك أنّه يغدر ؟! ولكن سيعود إليها غداً ، فاذا أتاك فقل : « إنّما عاد [ إليها ] لأنك لم تف بما ضمنت لي ، فان وضعت عشرة آلاف درهم على يد عليّ بن الحسين علیه السلام عالجتها على أن لا يعود إليها أبداً .

فلمّا كان بعد ذلك أصابها من الجنّ عارض ، فأتی أبوها إلى أبي خالد ، فقال له أبو خالد : ضع المال على يد علي بن الحسين علیه السلام فانّي أعالجها على أن لا يعود إليها أبداً .

فوضع المال على يدي علي بن الحسين علیه السلام، وذهب أبو خالد إلى الجارية وقال في أذنها كما قال أوّلا(1) ثمّ قال : إن عدت [ إليها ] أحرقتك بنار اللّه .

ص: 265


1- «كذلك» م بدل «كما قال أولا» وفي نسخ الحدیث والبحار اختلافات كثيرة ، الاشارة اليها تحرم القاری انسجامه مع سير أحداث الرواية ، الا أنها لاتضر بالمعنى ، وان شئت فراجع

فخرج وأفاقت الجارية ولم يعد إليها ، فأخذ أبو خالد المال و أذن له في الخروج إلى والديه ، فخرج بالمال حتّى قدم على والديه .(1).

8- ومنها: ما روى أبو بصير، عن أبي جعفر علیه السلام قال: كان فيما أوصى به إليّ أبي عليّ بن الحسين علیهما السلام أن قال :

يا بنيّ إذا أنا متّ فلا يلي غسلي غيرك ، فانّ الامام لا يغسّله إلاّ إمام مثله .

و اعلم [یابنيّ] أنّ عبداللّه أخاك سيدعو الناس إلى نفسه ، فامنعه ، فان أبي فدعه، فانّ عمره قصير .

قال الباقر علیه السلام: فلمّا مضى أبي ادعي عبد اللّه الامامة فلم انازعه ، فلم يلبث إلاّ شهوراً يسيرة حتى قضى نحبه(2) .(3)

ص: 266


1- عنه البحار : 31/46 ح 24، والعوالم : 57/18 ح 1، وعن مناقب ابن شهر اشوب :.286/3وأخرجه في رجال الكشی : 121 ح193 من خط جبريل بن أحمد باسناده الی أبی الصباح ، عنه الوسائل : 109/12 ح3 .وعنه اثبات الهداة : 237/5 ح 28 وعن الخرائج .ورواه الخصيبي في الهداية : 222 باسناد له الى أبی الصباح، عنه مدينة المعاجز :314 ح76 وعن المناقب ورجال الكشی . وعنه حلية الابرار: 29/2 ، وعن الخرائج و المناقب وأخرجه في البحار : 85/ 63 ح41 عن الخرائج والمناقب و رجال الكشی .وأورده في الصراط المستقيم : 181 /2 ح7 مرسلا ومختصراً
2- كذا في الخرائج و کشف الغمة، و لم يثبت في مصدر آخر ادعاء عبدالله بن على الامامة كما أنه لم يذكر في المصادر المعتمدة أن الشيعة افترقت بعد وفاة الامام علی بن الحسين ومحمّد الباقر عليهما السلام والثابت الصحيح أن الذي ادعى الامامة بعد استشهاد والده هو عبدالله بن جعفر الصادق عليه السلام الملقب بالافطح ، والمنسوبة اليه «الفرقة الفطحية» ويؤيد ذلك رواية مناقب ابن شهر اشوب، ودلائل الامامة، واثبات الوصية باسنادهم عن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام أنه أخبر ولده الكاظم عليه السلام أن عبدالله سیدعی الامامة ، فليدعه ، فان عمره قصير وعبد الله بن علي الملقب ب «الباهر» لجماله وحسنه ولی صدقات النبی صلی الله علیه و آله وعلى عليه السلام، وقال عنه الباقر عليه السلام : «أما عبدالله فيدي التي أبطش بها» وقال عنه الشيخ المفيد في الارشاد : 300 : «كان فاضلا فقيهاً ...»راجع رجال السيد الخوئی: 275/10
3- عنه البحار: 166/46 ح9 ، والعوالم: 214/18 ح 1، واثبات الهداة: 245/5 ح43.وأخرجه في كشف الغمة : 137/2 عن دلائل الحميري باستاد له الى أبي بصيرعن أبي جعفر عليه السلام ، عنه البحار : 269/46 ح 69 ، واثبات الهداة : 264/5 ح 8. و رواه في دلائل الامامة : 163 باسناده الى أبي بصير ، عن العبد الصالح عليه السلام عنه مدينة المعاجز : 403ح168 ، وص432 ح23 وأورده في اثبات الوصية : 192 عن علي بن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي بصير ، عن العبد الصالح ، عنه اثبات الهداة : 5 / 576ح 147.وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 251/3 عن أبي بصير، عنه البحار : 290/27ح4، وج 127/ 47 ، وص 255 ح 25، ومدينة المعاجز : 314 ح77.وأورده في الصراط المستقيم : 181/2 ح8 مرسلا ومختصراً.أقول : و في حاشية نسخة «م» أضاف هذه العبارة ، وسيأتي نصها في معجزات الباقر عليه السلام ذيل الحديث «9» :«قال : سيخرج أخي زيد بعد موتي، و يدعو الرجال إلى نفسه ، و يخلع ابني جعفراً ، ولا يلبث إلا ثلاثاً حتى يقتله ، ويصلب ، ويحرق بالنار و يذري بالريح ويمثّل به مثلة ما مثّل أحد قبله»

9- ومنها : أن حمّاد بن حبيب الكوفي القطّان قال : خرجنا سنة حجّاجاًفرحلنا من زبالة(1) فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة ، فتقطّعت القافلة ، فتهت في تلك

ص: 267


1- زباله - بضم أوله : منزل بطريق مكة من الكوفة . معجم البلدان : 129/3

البراري ، فانتهيت إلى واد قفر، وجنّني الليل، فآويت إلى شجرة، فلمّا اختلط الظلام إذا أنا بشاب عليه أطمار(1) بيض ، قلت :

هذا وليّ من أولياء الله متى ما أحسّ بحر کتي خشيت نفاره ، فأخفيت نفسي فدنا إلى موضع ، فتهيّأ للصلاة ، وقد نبع له ماء ، ثمّ وثب قائماً يقول :

« يا من حاز كلّ شيء ملكوتاً ، وقهر كلّ شيء جبروتاً ، صلّ على محمد و آل محمد ، وأولج قلبي فرح الاقبال إليك(2) وألحقني بميدان المطيعين لك » .

ودخل في الصلاة ، فتهيّأت أيضاً للصلاة ، ثم قمت خلفه ، وإذا بمحراب مثّل في ذلك الوقت قدّامه، وكلمّا مر بآية فيها الوعد والوعيد يردّدها بانتحاب وحنين فلمّا تقشّع الظلام قام ، فقال: « يا من قصده الضالّون فأصابوه مرشدأ ، وأمّه الخائفون فوجدوه معقلا ، ولجأ إليه العائدون فوجدوه موئلا(3) .

متی راحة من نصب لغيرك بدنه؟! ومتى فرح من قصد سواك بهمّته(4) ؟!

إلهي قد انقشع الظلام ولم أقض من خدمتك و طرأ، ولا من حياض مناجاتك صدراً صلّ على محمد و آل محمد ، وافعل بيّ أولى الأمرين بك» .

[و نهض]فعلّقت به،فقال: لو صدق تو كلك ما كنت ضالاّ ، ولكن اتّبعني واقف أثري و أخذ بيدي ، فخيّل إليّ أنّ الأرض تميد(5) من تحت قدمي.

فلمّا انفجر عمود الصبح قال : هذه مكّة.

ص: 268


1- الطمر - بالكسر - : الثوب الخلق ، والجمع «أطمار»
2- «عليك» ط ،ه
3- المآل : الملجأ . وفي ط، ه: «العائذون فوجدوه مؤملا» وفي فتح الابواب: «العا بدون فوجدوه نو الا»
4- «لغيرك همته» ط ، ه
5- أي تحركت ، واضطربت ، ودارت ، واهتزت

فقلت: من أنت بالّذي ترجوه؟ فقال: أمّا إذا أقسمت، فأنا علي بن الحسين .(1).

10 - ومنها : أن علي بن الحسين علیه السلام حجّ في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك وهو خليفة ، فاستجهر(2) الناس منه علیه السلام وتشوفوا(3) له وقالوا لهشام : من هو؟ قال هشام: لاأعرف.لئلا يرغب فيه فقال الفرزدق - و كان حاضراً - : بل أنا أعرفه :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه و الحلّ والحرم. إلى آخرها .

فبعثه هشام ، وحبسه، ومحا إسمه من الديوان، فبعث إليه عليّ بن الحسين لیهما السلام بصلة ، فردّها ، وقال : ما قلت ذلك إلأديانة .

فبعث بها إليه أيضاً ، وقال : قد شكر الله لك ذلك.

فلمّا طال الحبس عليه - و کانیو عده بالقتل - شكر إلى عليّ بن الحسين علیهما السلام فدعا له فخلّصه اللّه ، فجاء إليه وقال : يابن رسول اللّه إنّه محا اسمي من الديوان .

فقال : كم كان عطاؤك ؟ قال : كذا. فأعطاه لأربعين سنة ، و قال علیه السلام:لو علمت

ص: 269


1- عنه البحار : 41/46 ح35 ، والعوالم : 33/18 ح5، ومدينة المعاجز : 314 ح78وأخرجه ابن طاووس في فتح الابواب : 94«مخطوطه عن أمالي محمد بن أبی عبدالله باسناده الى أبي بكر الكوفي ، عنه البحار : 77/ 46 ح73 ، والعوالم : 33/18 ح6وص 71 ح1. وأوردناه في الصحيفة السجادية الجامعة دعاء 72 (معدة للطبع).وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 283 عن حماد ، عنه البحار : 40/46 ،وص 77 ح74، والعوالم : 32/18 ح 4، ومدينة المعاجز : 312ح68.وعنه البحار : 230/87 ح43 وعن الخرائج .وعنه مستدرك الوسائل: 124/4 ، ص 177 ح3 وعن الخرائج وفتح الابواب.وأورده في الصراط المستقيم : 181/2 ح 9 مرسلا ومختصراً
2- الجهر - بالضم - : هيئة الرجل وحسن منظره. وجهر الرجل : نظر اليه و عظم في عينه و راعه جماله وهيئته ، کاجنهره . (القاموس المحيط : 395/ 11)
3- تشوف - بتشديد الواو - للشيء : أي طمح بصره اليه . (النهاية : 09/2)

أنّك تحتاج إلى أكثر من هذا لأعطيتك .

فمات الفرزدق بعد أن مضى أربعون سنة.(1).

11 - ومنها : أن الحجّاج بن يوسف لمّا خرّب الكعبة بسبب مقاتلة عبداللّه ابن الزبير، ثم عمّروها، فلمّا اعيد البيت و أرادوا أن ينصبوا الحجر الأسود، فكلّما نصبه عالم من علمائهم ، أر قاض من قضاتهم ، أو زاهد من زهّادهم يتزلزل ، ويقع ويضطرب ، ولا يستقرّ الحجر في مكانه .

فجاءه عليّ بن الحسين علیهما السلام وأخذه من أيديهم ، وسمّی اللّه، ثم نصبه ، فاستقرّ في مكانه ، و كبّر الناس ، ولقد الهم الفرزدق في قوله :

يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم(2).

12 - ومنها: ماروي عن أبي خالد الكابلي أنّه قال: قلت لعلي بن الحسين علیهما السلام:من الأمام بعدك ؟ قال : حدد إبني ، يبقر العلم بقراً ، و من بعد محمد جعفر إسمه عند أهل السماء « الصادق » .

قلت : كيف صار اسمه الصادق، وكلّكم الصادقون ؟

قال: حدثني أبي ، عن أبيه أنّ رسول الله صلی اللّه علیه و آله و سلم قال :

ص: 270


1- عنه البحار : 141/46 ح 22، والعوالم : 199/18ح2 ، ص 286 ح3، ومدينة المعاجز : 314 ح 79.أقول : والقصة معروفة مشهورة ، ذكرها أهل السير والتواريخ في مصنفاتهم ، و دونها الادباء في كتبهم، ومصادرها من الكثرة بحيث يضيق بنا المجال لسردها .راجع البحار 124/46 ح17 ، والعوالم : 18 /194 ح 1، و احقاق الحق : 136/12- 149 ، وج19 /442 - 446
2- عنه البحار : 32/46 ح 25 ، وج 62/99 ح37، والعوالم : 18/ 180ح 2، ومدينة المعاجز : 318 ح86، ومستدرك الوسائل : 327/9 ح 8.وأورده في الصراط المستقیم : 181/2 ح 12 مرسلا ومختصراً

إذا ولد إبني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسمّوه «الصادق» فانّ الخامس الذي من ولده الذي اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءاً على اللّه و كذباً عليه ، فهو عند اللّه «جعفر الكذّاب المفتري على اللّه».

ثمّ بكى عليّ بن الحسين علیه السلام فقال : كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه والمغيّب في حفظ اللّه . فكان كماذكر.(1).

13- ومنها: ماروی أبو حمزة الثمالي قال : خرجت مع عليّ بن الحسين علیه السلام إلى ظاهر المدينة ، فلمّا وصل إلى حائط قال : إنّي انتهيت يوماً إلى هذا الحائط فانكببت عليه ، فاذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي، ثمّ قال لي:

مالي أراك حزيناً؟ أعلى الدنيا ؟ فهو رزق حاضر ، يأكل منه البرّ والفاجر .

قلت: ماعلى الدنيا حزني، وإنّ القول لكما تقول .

قال : أفعلى الآخرة؟ فهو وعد صادق، يحكم فيه ملك قاهر، فعلام حزنك ؟

قلت: أتخوّف من فتنة ابن الزبير.(2).

ص: 271


1- عنه البحار : 230/46 ح5 ، وج 9/47 ح4.ورواه في علل الشرائع : 234 ح 1 باسناده الى الثمالى ، عن علي بن الحسين ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله علیه و آله ، عنه البحار 8/47ح 2.وأورده في دلائل الامامة : 112 ، ومقصد الراغب : 156 (مخطوط) مرسلا
2- هو عبدالله بن الزبير بن العوام ، وكان ممن امتنع عن مبايعة يزبد - لعنه الله - و آوی الى مكة فحاصره أصحاب یزید ، و نصبوا له المنجنيق على الكعبة ، ورموها بالنار،فلما مات يزيد في سنة أربع وسنين بايعه أهل الحرمین با لخلافة ، بعد أن بقي الناس بغیر خلافة جماديين وأياماً من رجب ، ثم بايعه أهل العراق واليمن .وفي سنة ثلاث وسبعين نازل الحجاج ابن الزبير بأمر من عبدالملك بن مروان فحاصره و نصب المنجنیق على أبي قبيس ، ورمي الكعبة ، ودام القتال أشهراً ، حتى قتل في هذه الفتنة خلق كثير .وقد رويت في مصادر العامة عن رسول الله صلى الله عليه و آله روايات في لعنه كثيرة فراجع اسد الغابة : 242/3 ، سير أعلام النبلاء : 363/3 ، العبر فی خبر من غبر :51/1 - 60 ، و وفیات الاعیان: 3/ 71 وغيرها

فتبسّم ثم قال : هل رأيت أحداً توكّل على اللّه فلم يكفه ؟! قلت : لا .

قال: فهل رأيت أحداً سأل اللّه فلم يعطه ؟! قلت: لا.

قال : فهل رأيت أحداً خاف اللّه فلم ینجه ؟! قلت : لا.

قال علیه السلام: فاذن ليس قدّامي أحد .(1)

14- ومنها : أنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لمّا رأت ما يفعله ابن أخيها قالت لجابر : هذا عليّ بن الحسين بقيّة أبيه قد انخرم أنفه، و ثفنت جبهتاه وركبتاد[فعليك أن تأتيه و](2)تدعوه إلى البقيا على نفسه .

فجاء جابر با به و إذا ابنه محمد. فقال له : أقبل، أنت - واللّه - الباقر ، و أنا أقرئك سلام

ص: 272


1- عنه البحار : 145/46 ح 1.ورواه في الكافي : 63/2 ح 2 ، وفي التوحيد : 373 ح 17 ، و ارشاد المفيد : 289و أمالي المفيد : 204 ح 34 جميعاً باسنادهم الى أبي حمزة الثمالی .وأخرجه في المناقب: 3/ 279عن حلية الأولياء: 3/ 134، و فضائل أبی السعادات باسنادهم الى أبي حمزة الثمالی و منذر الثوری، عنه البحار: 37/46 ح 33 ، والعوالم : 18/39 ح 1.وأورده في كشف الغمة: 87/2 عن الثمالي، عنه العوالم : 200/18 ح1 وعن الخرائج. وأخرجه في الوسائل : 166/11 ح 1 عن الكافي . وفي البحار : 46145 ح 2 عن کشف الغمة ، وح3 عن الارشاد، وفی 148/7143 عن ارشاد المفيد، وأما ليه وفي مدينة المعاجز : 310 ح 54 عن المناقب والارشاد
2- من البحار

رسول اللّه وقال لي(1) : إنّك تبقى حتى تعمى ، ثمّ يكشف لك عن بصرك .الخبر بتمامه .(2).

ص: 273


1- أى قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لجابر كما في أمالي الطوسي الذي حوى تمام الخبر بألفاظ تدل على أن جابراً يوم التقي الباقر عليه السلام كان بصره صحيحاً ، وانما بشر بلقاء الباقر عليه السلام ، و بالعمى و الابصار من قبل الرسول صلى الله عليه و آله و في الأصل : «فقال». ثم أن هذه الرواية وان تضمنت الاشارة الى كثرة عبادة الامام السجاد عليه السلام و نصيحة جابر له بالبقيا على نفسه، ولكن ليس فيها معجزة كما هو المطلوب في أحاديث هذا الباب . الا أن يتوهم رجوع ضمير «قال» الي على بن الحسين عليهما السلام
2- عنه البحار : 32/46 ح 26، والعوالم : 58/18 ح 1.ورواه بتمامه في أمالي الطوسی: 2/ 249 باسناده الى عمرو بن عبدالله بن هند، عن أبی جعفر محمد بن على الباقر عليه السلام ، أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام... ، عنه البحار : 60/46 ح18.ورواه في بشارة المصطفى : 66 باسناده الى الشيخ الطوسي.وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 289 مرسلا مع اختصار .عنه البحار: 78/46 ح75 ، وعنه العوالم : 103/18 ح8 وعن الامالی

الباب السادس

في معجزات الامام محمد بن على الباقر عليهما السلام

1- عن عباد بن كثير البصري [قال :] قلت للباقر علیه السلام: ما حق المؤمن على اللّه؟ فصرف وجهه، فسأله عنه ثلاثاً .

فقال: من حقّ المؤمن على اللّه أن لو قال لتلك النخلة : أقبلي. لأقبلت .

قال عبّاد: فنظرت - واللّه - إلى النخلة التي كانت هناك قد تحركت مقبلة، فأشار إليها : قري(1) فلم أعنك .(2).

2- ومنها : ما روي عن أبي الصباح الكناني قال : صرت يوماً إلى باب أبي جعفر الباقر علیهما السلام، فقرعت الباب، فخرجت إليّ وصيفة ناهد ، فضربت بيدي إلي رأس ثديها وقلت لها : قولي لمولاك : إنّي بالباب .

فصاح من آخر الدار : أدخل،لاامّ لك(3) .

فدخلت، وقلت : يا مولاي - و اللّه - ما قصدت ريية، ولا أردت إلا زيادة في يقيني

ص: 274


1- قر في المكان : ثبت وسكن
2- عنه کشف الغمة : 141/2 ، واثبات الهداة : 292/5 ح 39، والبحار : 248/46ح 39 ، ومدينة المعاجز : 351 ح 99.وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 182 مرسلا
3- لا امّ لك: قال الجزري في النهاية: 68/1 : هوذم و سب، أي أنت لقيط لاتعرف لك أم .وقيل : قد يقع مدحاً بمعنى التعجب منه ، وفيه بعد. انتهى . وفي م «أمر» بدل «أم»

فقال : صدقت لئن ظننتم أنّ هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصار کم، إذن(1) لا فرق بيننا وبينكم ! فايّاك أن تعاود لمثلها .(2).

3- و منها : أنّ حبّابة الوالبيّة دخلت على الباقر علیه السلام فقال لها :

ما الذي أبطأ بك عنّي ؟ قالت : بیاض عرض في مفرق رأسي، شغل قلبي .

قال : أرينيه. فوضع الباقر علیه السلام يده عليه، ثم رفع يده ، فاذا هو أسود، ثم قال :هاتوا لها المرآة . فنظرت وقد اسودّ ذلك الشعر !(3).

4 - و منها : ماروي عن أبي بصير [قال:] كنت مع الباقر علیه السلام في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم قاعدأ، حدثان(4) مامات(5) علي بن الحسين علیهما السلام، إذ دخل الدوانیقي ، و داود إبن سلیمان قبل أن أفضي الملك إلى ولد العباس، وما قعد إلى الباقر علیه السلام إلاّ دارد .

فقال [له] علیه السلام: ما منع الدوانيقي أن يأتي ؟ قال : فيه جفاء(6).

قال الباقر علیه السلام: لا تذهب الأيّام حتى يلي أمر هذا الخلق ، فيطأ أعناق الرجال ويملك شرقها وغربها ، و يطول عمره فيها حتى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجمع لأحد قبله .

ص: 275


1- «لانه» نسخ الاصل
2- عنه کشف الغمة: 141/2، والبحار: 248/46 ح40
3- عنه کشف الغمة : 2/ 142وروى مثله الصفار في بصائر الدرجات : 270 ح 3 باسناده عن ابراهيم بن هاشم ،عن علی بن معبد يرفعه ، عنه اثبات الهداة : 284/5 ح 24 والبحار : 237/46 ح 16وأورده الخصيبي في الهداية الكبری: 240 عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلامعنه مدينة المعاجز : 355 ح 114
4- حدثان - بكسر الحاء وسكون الدال - الشيء : أوله ، وهو مصدر حدث. وفي الفصول المهمة بلفظ «في حدثان موت والده عليه السلام»
5- «امامة» خل
6- الجفاء - بالضم والمد - : الباطل - و با لفتح والمد - : غلظ الطبع ، والبعد عن الاداب

فقام داود، و أخبر الدوانيقي بذلك ، فأقبل إليه الدوانيقي و قال : ما منعني من الجلوس إليك إلا إجلالا لك، فما الذي أخبر به (1) داود ؟ فقال : هو كائن .

قال: وملكنا قبل ملككم ؟ قال: نعم .

قال: ويملك بعدي أحد من ولدي؟ قال: نعم. قال: فمدّة بني أميّة أكثر أم مدّتنا .

قال : مدّتكم أطول ، وليتلقفنّ هذا الملك صبيانكم ، و يلعبون به كما يلعبون بالكرة ، هذا ما عهده إليّ أبي. فلمّا ملك الدوانيقي تعجّب من قول الباقر علیه السلام.(2).

5- ومنها : ما روي عن أبي بصير [قال:] قلت يوماً للباقر علیه السلام: أنتم ذريّة رسول اللّه؟ قال : نعم. قلت : ورسول اللّه وارث الأنبياء كلّهم ؟

قال: نعم ورث جميع علومهم . قلت : وأنتم ورثتم جمیع علم رسول اللّه ؟ قال: نعم . قلت : وأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى ، وتبرؤا الأكمه و الأبرص ، و تخبروا الناس بما يأكلون ، وما یدّخرون في بيوتهم ؟ قال: نعم باذن اللّه .

ثمّ قال : ادن منّي يا أبا بصير ، فدنوت منه ، فمسح يده على وجهي ، فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض ، ثم مسح يده على وجهي ، فعدت كما كنت لا أبصر شيئاً . قال: ثم قال لي الباقرعلیه السلام:

إن أحببت أن (تكون هكذا)(3) كما أبصرت ، و حسابك على اللّه؟ و إن أحببت أن تكون

ص: 276


1- «أخبرنی» ه ، ط
2- عنه کشف الغمة : 2/ 142، والفصول المهمة : 199، والبحار : 249/46 ح 41ومدينة المعاجز : 321 ، و ينابيع المودة : 332 .وأورده النبهاني في جامع کرامات الاولياء: 164/1 مثله، ثم قال: قاله في المشرع الروی وأورده في الصراط المستقیم : 182/3 باختصار .وأخرجه في احقاق الحق : 181/12 عن جامع الكرامات و الفصول المهمة
3- «تبصر» ه ، ط

كما كنت وثوابك الجنّة ؟ فقلت : أكون كما كنت ، والجنّة أحب إلي.(1).

6- ومنها: ماقال جابر : كنّا عند الباقر علیه السلام نحواً من خمسين رجلا إذ دخل عليه کثیر النّواء - و كان من المغيريّة(2) فسلّم وجلس ثم قال: إنّ المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أنّ معك ملكاً يعرّفك الكافر من المؤمن ، وشيعتك من أعدائك .

قال : ما حرفتك ؟ قال : أبيع الحنطة . قال: كذبت . قال : وربّما أبيع الشعير .

قال: ليس كما قلت، بل تبيع النوى. قال: من أخبرك بهذا؟ قال: الملك الذي يعرّفني

ص: 277


1- عنه کشف الغمة : 142/، والفصول المهمة : 199 ، والبحار : 249/46 ح 42،وفي ص 237 ح 13 - 15 عنه وعن بصائر الدرجات : 269 ح 1 باسناده عن أحمد ابن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير مثله ، و عن اعلام الوری : 267 بالسند المتقدم ، ومناقب آل ابی طالب : 318/3 مرسلا عن أبی بصیر ورجال الكشی : 174 ح298 بالاسناد عن أبي بصير مثله وعنه في الايقاظ من الهجعة : 101 وص242 وعن الكافي : 470/1 ح3 باسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم ، عن مثنی الحناط، عن أبي بصير مثله، وعن كشف الغمة ورجال الكشی .وأورده في ثاقب المناقب : 317 مرسلا عن أبی بصیر وأخرجه في اثبات الهداة : 270/ 5 ح6 عن الكافی و بصائر الدرجات و اعلام الوری وأورده الشبلنجی في نور الابصار: 159، عنه احقاق الحق : 182/12 وعن الفصول المهمة ، والمسعودي في اثبات الوصية : 175 مرسلا عن أبي بصير
2- المغيرية : أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي الذي ادعى أن الامامة بعد محمد بن على بن الحسين عليهم السلام لمحمد - النفس الزكية - بن عبدالله بن الحسن ، و زعم أنه حي لم يمت . وعده الشيخ في رجاله : 134 ، وفي رجال الكشی : 225 من البترية . وقال البرقي في رجاله : 15 : انه كان عامياً وفي م «المغافرة».«المفارقة» ه،ط.«المعامرة» کشف. وما في المتن من البحار ورجال المامقانی

شيعتي من عدوّي ، لست تموت إلا تائهاً (1).

قال جابر الجعفيّ : فلمّا انصرفنا إلى الكوفة، ذهبت في جماعة نسأل عن كثير ، فدللنا على عجوز ، فقالت : مات تائهاً منذ ثلاثة أيّام .(2).

7- ومنها : ماقال أبو بصير : كنت مع الباقر علیه السلام في المسجد، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز ، عليه ثوبان ممصّران(3) متّكئأ على مولى له .

فقال علیه السلام: ليلين(4) هذا الغلام ، فيظهر العدل ، و يعيش أربع سنين ، ثم يموت فيبكي عليه أهل الأرض ، و يلعنه أهل السماء .

فقلنا : يابن رسول اللّه، أليس ذکرت عدله وإنصافه ؟ قال : يجلس في مجلسنا ، ولا حقّ له فيه، ثمّ ملك وأظهر العدل جهده !(5).

8- ومنها : أنّ عاصم بن أبي حمزة قال : ركب الباقر علیه السلام يوماً إلى حائط(6) له و كنت أنا و سلیمان بن خالدمعه، فما سرنا إلا قليلا فاستقبلنا رجلان .

فقال علیه السلام: هما سارقان خذوهما . فأخذناهما . وقال لغلمانه : استوثقوا منهما وقال لسليمان : انطلق إلى ذلك الجبل - مع هذا الغلام - إلى رأسه، فانّك تجد في أعلاه کهفاً ، فادخله ، وصر إلى وسطه ، فاستخرج مافيه ، وادفعه إلى هذا الغلام يحمله بین يديك ، فان فيه لرجل سرقة ، ولآخر سرقة .

ص: 278


1- الظاهر أن المراد بالتائه : الذاهب العقل، و يحتمل أن يكون المراد به: التحير في الدين(قاله المجلسي ره )
2- عنه کشف الغمة : 143/2 ، والبحار : 250/46 ح43 ، ورجال المامقانی : 36/2 رقم 9842. وأورده في الصراط المستقیم : 182 مرسلا
3- قال الجزري في النهاية : 336/4 : المصرة من الثياب : التي فيها صفرة خفيفة
4- أي يكون والياً
5- عنه اثبات الهداة : 292/5 ح40 ، والبحار : 46 / 251 ح44، و مدينة المعاجز : 351 ح100
6- الحائط : البستان

فخرج(1) واستخرج عیبتین(2)، وحملها على ظهر الغلام، فأني بهما الباقر علیه السلام فقال:هما لرجل حاضر ، و هناك عيبة [أخرى] لرجل غائب سيحضر بعد(3) .

فذهب و استخرج العيبة الأخرى من موضع آخر من الكهف.

فلمّا (دخل الباقر علیه السلام المدينة)(4) فاذا صاحب العيبتين ادعي على قوم، وأراد الوالي أن يعاقبهم ، فقال الباقر علیه السلام: لاتعاقبهم . وردّ العيبتين إلى الرجل(5) ، ثم قطع السارقين، فقال أحدهما : لقد قطعتنا بحقّ ، والحمد للّه الذي أجرى قطعي وتوبتي على يدي ابن رسول اللّه .

فقال الباقر علیه السلام: لقد سبقتك بدك التي قطعت إلى الجنّة بعشرين سنة . فعاش الرجل(6) عشرين سنة [ثم مات] .قال: فما لبثنا إلا ثلاثة أيام حتى حضر صاحب العيبة الأخرى، فجاء إلى الباقر علیه السلام فقال له : أخبرك بمافي غيبتك وهي بختمك؟ فيها ألف دینار لك ، و ألف أخرى لغيرك ، وفيها من الثياب كذا و كذا.

قال : فان أخبرتني بصاحب الالف [دينار] من هو؟ وما اسمه؟ و أين هو؟ علمت أنك الامام [المنصوص عليه] المفترض الطاعة.

قال: هو محمّد بن عبدالرحمن ، وهو صالح كثير الصدقة ، كثير الصلاة ، ومو الآن على الباب ينتظرك . فقال الرجل :- و هو بر بري نصراني - آمنت بالله الذي لاإله إلا هو، وأنّ محمداً عبده و رسوله [وأنك الإمام المفترض الطاعة] و أسلم.(7).

ص: 279


1- «فمضی» ه، ط
2- العيبة : ما تجعل فيه الثياب کالصندوق
3- «سيظهر فيما بعد» م ، خ، ط اثبات الهداة
4- «عاد الباقر عليه السلام» س ، ه ، ط ، اثبات الهداة
5- «صاحبهما» س ، ط، اثبات الهداة
6- زاد في م «بعده»
7- عنه کشف الغمة : 44/2 باختصار، وعنه البحار : 272/46 ح 78، وح76 عن رجال الكشی: 356 ح 664 مثله، وح77 عن مناقب آل ابی طالب : 319/3 مرسلا عن أبی حمزة مثله . وأورده في الصراط المستقيم : 2/ 182 قطعة باختصار

9- ومنها : ماقال محمّد بن أبي حازم : كنت عند أبي جعفر علیه السلام فمرّ بنا زید بن عليّ فقال أبو جعفر : أما واللّه ليخرجنّ بالكوفة ، وليقتلن، وليطافن برأسه ، ثم يؤتى به، فينصب على قصبة في هذا الموضع - وأشار إلى الموضع الّذي قتل فيه -

قال: سمع أذناي منه، ثمّ رأت عيني بعد ذلك ، فبلغنا خروجه و قتله ، ثم مكثنا ماشاء الله ، فرأينا يطاف برأسه ، فنصب في ذلك الموضع على قصبة فتعجّبنا .

وفي رواية أنّ الباقر علیه السلام قال: سيخرج أخي زيد بعد موتي ، ويدعو الناس إلى نفسه ، ويخلع جعفراً ابني ، ولا يلبث إلا ثلاثاً حتّى يقتل ويصلب ، ثم يحرق بالنار ويذري في الريح ، و يمثّل(1) به مثلة مامثّل بأحد قبله(2).

10- ومنها: أنّه علیه السلام جعل يحدث أصحابه بأحاديث شداد ، وقد دخل عليه رجل يقال له : النضر بن قرواش ، فاغتم أصحابه لمكان الرجل ممّا يستمع حتى نهض، فقالوا : قد سمع ماسمع ، وهو خبيث .

قال : لو سألتموه عمّا تكلّمت به اليوم ماحفظ منه شيئاً . قال بعضهم : فلقيته بعد ذلك ، فقلت : الأحاديث التي سمعتها من أبي جعفر أحب أن أعرفها .

فقال : والله مافهمت منها قليلا ولا كثيراً .(3)

11. ومنها: أن أبا عبد الله علیه السلام قال: إن أول ما ملكته لدیناران على عهد أبي ، و

ص: 280


1- مثلت با لقتيل . اذا جدعت أنفه أو أذنه أو شيئا من اطرافه . والاسم : المثلة . ومثل -با لتشديد - للمبالغة
2- عنه البحار : 46 / 251 ح46 والعوالم : 251 /18 ح3. وأورد صدره في كشف الغمة : 137/2 ، وفي الفصول المهمة : 200 نقلا من دلائل الحمیری مثله مرسلا ، عنه اثبات الهداة : 307/5 ح63 . وأورد مثله قطعة في اثبات الوصية : 173 وص178 ، وفي الصراط المستقیم: 2/ 182 . وأخرجه في احقاق الحق : 12/ 182 عن الفصول المهمة
3- عنه البحار : 252/46 ح47

كان رجل يشتري الأردية من صنعاء ، فأردت أن أبضعه فقال أبي: لاتبضعه(1) .

قال : فدفعت إليه سراً من أبي ، فخرج الرجل ، فلمّا رجع بعثت إليه رسولا فقال له : مادفع إلي شيئاً . قال : فظننت أنّه إنّما استتر ذلك من أبي ، فذهبت إليه بنفسي وقلت : الدينار ان ؟ قال : مادفعت إليّ شيئاً !

فأتيت أبي ، فلمّا رآني رفع إلي رأسه، ثم قال(2) متبسّماً : يا بني ألم أقل لك أن لاتدفع إليه؟ إنّه من ائتمن شارب الخمر، فليس له على الله ضمان، إنّ الله يقول «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا»(3) فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟إن شهد لم تجز شهادته ، وإن شفع لم يشفّع، وإن خطب لم يزوج .(4)

12- ومنها: أن أبا عبد الله علیه السلام قال: إن جابر بن عبدالله (رض) كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و كان رجلا منقطعاً إلينا أهل البيت ، و كان يقعد في مسجد الرسول معتجراً(5) بعمامة .

وكان يقول: يا باقر، یا باقر، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر(6) . فكان يقول:

لاو الله لا أهجر ، ولكنّي سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم يقول : «إنّك ستدرك رجلا منّي اسمه اسمي ، وشمائله شمائلي ، يبقر العلم بقراً» فذلك الّذي دعاني إلى ما أقول.

قال : فبينما جابر ذات يوم يتردد في بعض طرق المدينة إذ مر بمحمّد بن علي علیه السلام فلمّا نظر إليه قال : ياغلام أقبل . فأقبل ، ثم قال : أدبر. فأدبر ، فقال : شمائل

ص: 281


1- أبضعته بضاعة : دفعتها اليه
2- «ضحك» خل
3- سورة النساء :5
4- عنه الوسائل : 231/ 13 ح 4 و 5 و عن قرب الاسناد : 131 باسناده عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد عن أبي الحسن عليه السلام نحوه . وعنه البحار : 143/79ح56، وج 84/103 ح 9
5- قال الجزري في النهاية : 3/ 185 : الاعجار بالعمامة : هو أن يلفها على رأسه ، ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه
6- هجر : خلط وهذي

رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم : [والّذي نفس جابر بيده](1) ما اسمك ياغلام ؟

فقال: أنا محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . فقبّل رأسه، ثم قال :

بأبي أنت وأمّي، أبوك رسول الله يقرئك السلام. فقال: و على رسول الله السلام.

قال: ويقول لك ... ويقول لك ...(2)

فرجع محمد إلى أبيه و هو ذعر، فأخبره بالخبر .

فقال : يا بني قد فعلها جابر؟ قال: نعم. قال: يا بني الزم بينك . قال : فكان جابر یأتیه طرفي النهار ، فكان أهل المدينة يقولون: واعجباً لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار ، وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ! فلم يلبث أن مضي علي بن الحسين ،فكان محمّد بن علي علیه السلام يأتيه على الكرامة لصحبته لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

قال: فجلس الباقر يحدّثهم عن الله، فقال أهل المدينة : مارأينا أحداً قط أجرأ من ذا!

فلمّا رأى ما يقولون حدّثهم عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ، فقال أهل المدينة: مارأينا قط أحداً أكذب من هذا يحدث عمّن لم يره!

فلمّا رأى ما يقولون، حدثهم عن جابر بن عبد الله ، نصدقوه ، و كان - والله - جابر يأتيه فيتعلّم منه(3) .

ص: 282


1- من البحار و بقية المصادر
2- «یقرئك ااسلام و يقول ذلك» الكافي . «يقرئك السلام ويقول لك» الاختصاص
3- عنه البحار : 225/46 ح5 وعن الاختصاص للمفيد: 56 بالاسناد عن ابن الوليد ، عن الصفار ، رفعه عن حریز ، عن أبان بن تغلب عنه عليه السلام مثله ، وعن رجال الكشی41 ح 88 باسناده عن حمدويه و ابراهیم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن حريز مثله . ورواه في الكافي : 469/1 ح2 باسناده عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن سنان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ،عنه اثبات الهداة : 415/ 1 ح16 ، وحلية الابرار : 93/2وأورد - قطعة منه - في اعلام الوری بأعلام الهدی:268 عن أبي عبدالله عليه السلام مثله

13- ومنها : ماروي [عن] الحسن(1) بن راشد قال:ذکرت زید بن علي فتنقّصته(2)

عند أبي عبد الله فقال : لا تفعل ! رحم الله عمّي (إن عمّي)(3) أني أبي فقال : إنّي أريد الخروج على هذا الطاغية .

فقال : لا تفعل یازید فانّي أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة ، أما علمت یازید أنّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج

السفياني إلا قتل ؟

ثم قال لي : ياحسن إن فاطمة أحصنت فرجها(4) فحرم الله ذريتها على النار ، و فيهم نزلت «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ »(5) فالظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام ، و المقتصد العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات هو الامام .

ثم قال : يا حسن إنّا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتّى يقر لكلّ ذي فضل بفضله .(6)

ص: 283


1- «الحسین» کشف الغمة والفصول المهمة . ذكره المامقاني في رجاله : 276/1 رقم 2434 في باب الحسن ، و له بیان ، فراجع
2- تنقص فلانا : ذمه و نسب اليه النقص . وفي م «فنقصه»
3- «زيداً وأنه» ه ، ط
4- زاد في ه، ط «لعظها على الله »
5- سورة فاطر : 32
6- عنه کشف الغمة: 2/ 144، واثبات الهداة : 294/5 ح 43، والبحار: 185/46 ح 5وج 275/102 ملحق هامش 1. وأورده في الفصول المهمة : 200 مرسلا ، و في ينابيع المودة : 420 نقلا من معالم العترة الطاهرة للحافظ ابن الاخضر من طريق أبی نعیم ، عن ابن على الرضا محمد الجواد ، عن الباقر عليهم السلام مثله، عنه احقاق الحق : 12 / 182 . وأخرجه المامقانی في رجاله : 277/1 عن كشف

14- ومنها : ماقال سدير الصيرفي : سمعت أبا جعفرعلیه السلام يقول :

إنّي لأعرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل المشرق ، قبل ظلام الليل، إلى البقية الذين قال الله «وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ »(1) لمشاجرة فيما بينهم فأصلح بينهم، و رجع ولم يقعد من فراشه، فمر بنطفتكم(2) فشرب منها- يعني الفرات -.

ثم مر عليك يا أبا الفضل(3) فقرع عليك بابك، ومرة برجل عليه المسوح، معقّل(4)

به عشرة مو كّلون يستقبل به عين الشمس ، و يوقد حوله النيران ، ويدار به حول(5) الشمس حيث دارت ، كلّما مات واحد من العشرة أضاف الله إليهم [من أهل القرية] واحداً آخر، فالناس يموتون والعشرة لا ينقصون.

فمرّ به الرجل فقال : ما قصّتك ؟ قال له الرجل(6) : إن كنت عالماً فما أعرفك بأمري . وقال : هو ابن آدم القاتل(7) .

قال محمّد بن مسلم :و كان الرجل الذي خرج إلى المشرق محمّد بن علي علیه السلام .(8)

ص: 284


1- سورة الأعراف : 159
2- النطفة : الماء الصافي قل أو كثر ، البحر
3- وهي كنية سدير
4- المسح - بكسر الميم : ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً وقهراً للجسد. جمعها : مسوح وأمساح . ومعقل : مشدود بالعقال وهو الحبل
5- كذافي خل ، و في النسخ «حر» وفي بعض المصادر : حذاء
6- أي الرجل المعقول
7- یعنی قابيل ، المذكورة قصته في القرآن الكريم
8- عنه البحار : 341/ 46 و 342 ح 28 و 29، و عن بصائر الدرجات : 399 ح 11 والاختصاص : 312 باسناديهما عن علی بن اسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ،عن أبيه ، عن ابن مسکان ، عن سدير الصير في مثله . و أخرجه في البحار : 243/11 ح38 عن البصائر . ورواه في بصائر الدرجات: 397 ح 3 وص398 ح 4 و6 و7 و ص 399 ح 9 و 10 وص 400 ح 12 وفي الاختصاص: 310- 312 با سنادیهما من طرق عدة و بألفاظ مختلفةعنهما البحار: 370/25 ح 18 و 19، وفی 371ح 20 من البحار المذكور وج 328/57ح9 عن البصائر . وأخرجه في مدينة المعاجز : 336 ح 22 عن الاختصاص من عدة طرق

15- ومنها : ماروی أبو بصير ، عن أبي جعفرعلیه السلام قال :

إني لأعرف من لو قام بشاطىء البحر، لعرف بدواب البحر و أمّهاتها وعمّاتها وخالاتها .(1)

16- ومنها : ماقال سعد الأسكاف : طلبت الأذن على أبي جعفرعلیه السلام فقيل لي: لاتعجل فعنده قوم من إخوانكم.

فلم ألبث أن خرج اثنا عشر رجلا يشبهون الزط ، عليهم أقبية طبقات(2) وبتوت(3)

وخفاف ، قل: فسلّموا ومروا، فدخلت على أبي جعفر فقلت: ما أعرف هؤلاء، فمن هم ؟

قال : هؤلاء قوم من إخوانكم من الجن . قلت: ويظهرون لكم ؟ قال: هم يغدون علينا في حلالهم وحرامهم كما تغدون.(4)

17- ومنها : ماروي عن عبد الله بن طلحة سألت أبا عبد الله علیه السلام عن الوزغ قال :

ص: 285


1- عنه کشف الغمة : 145/2 والبحار: 254/46 ح 52. وروي مثله الصفار في بصائر الدرجات513 ح 31 وص517 ح46 باسناده عن محمد بن عبدالجبار ، عن عبدالرحمن ، عن على بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عنه عليه السلام مثله ، عنه البحار : 25/ 372ح 022 وأورده في مختصر بصائر الدرجات : 65 مثله
2- «ضيقات» کشف الغمة . القباء : ثوب يلبس فوق الثياب ، جمعها : أقبية
3- البيت : كساء غليظ مربع من و بروصوف ، و قيل : طيلسان من خز، والجمع: بتوت
4- عنه البحار : 269/46 و 270 ح 71 و 72 وعن كشف الغمة : 138/ 2 نقلا من دلائل الحميري ، عن سعد الاسكافي مثله . وأورده في الصراط المستقيم : 183/2 مرسلا (قطعة)

هوالرجس ، وهو مسخ ، فاذا قتلته فاغتسل - يعني شكراً -.

وقال : إنّ أبي كان قاعداً في الحجر(1) ومعه رجل يحدثه ، فاذا هو بوزغ(2)

يولول بلسانه فقال أبي علیه السلام للرجل : تدري مايقول هذا الوزغ ؟

فقال الرجل : لاعلم لي بما يقول .قل: فانّه يقول : لئن ذکرت عثمان لأسبّن عليّاً.

وقال : إنّه ليس يموت من بني أميّة ميّت إلا مسخ وزغاً(3) .

وقال أبي علیه السلام : إن عبد الملك لمّا نزل به الموت ، مسخ وزغاً ، و كان عنده ولده ولم يدروا كيف يصنعون ، وذهب ثم فقدوه ، فأجمعوا على أن يأخذوا جذعاً فصنعوه کهيئة الرجل ، ففعلوا ذلك ، وألبسوا الجذع ، ثم لفّوه في الأكفان ، و لم يطّلع عليه أحد من الناس إلا ولده وأنا .(4)

ص: 286


1- یعنی حجر الكعبة، وهو الحائط المستدير الى جانب الكعبة الغربي ، ونقل أن اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام دفن امه في الحجر فحجر عليها لئلاتوطأ
2- الوزغ - بالتحريك - : واحد الأوزاغ والوزغان ، وهي التي يقال لها سام أبرص، يقال : انه كان ينفخ على نار ابراهيم عليه السلام . قاله الطريحي في مجمع البحرین :18/5 و أورد الرواية أعلاه
3- قال المجلسي ره : اما بمسخه قبل موته أو بتعلق روحه بجسد مثالي على صورة الوزغ وهما ليسا تناسخاً ... أو بتغيير جسده الاصلي الى تلك الصورة كما هو ظاهر آخر الخبر لكن یشكل تعلق الروح به قبل الرجعة والبعث . و يمكن أن يكون قد ذهب بجسده الى الجحيم أو احرق و تصور لهم جسده المثالي
4- عنه البحار : 268/27 و 269 ح 17 و 19 ، وعنه في ج 10/81 ح11، وعن بصائر الدرجات : 353 ح 1 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ابن على ، عن کرام ، عن عبدالله بن طلحة مثله . ورواه في الكافي: 222/8 ح 305 باسناده عن علي بن محمد ، عن صالح ، عن الوشاءعن کرام، عن عبدالله بن طلحة ، عنه البحار : 53/61 ح 41. ومدينة المعاجز : 353 ح 106 و في الاختصاص: 295 باسناده عن أحمد بن محمد ابن عیسی ، عن الحسين بن سعيد ، عن الوشاء ... مثل صدره . وفي دلائل الامامة : 99 باسناده عن علي بن هبة الله، عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ... مثله . وأخرجه في البحار : 225/ 65 ح7 عن الكافي والبصائر والاختصاص والدلائل ، وفي ج 67/80 ح5 عن البصائر والاختصاص . وفي مدينه المعاجز : 324ح 18 عن البصائر والاختصاص والدلائل

18- ومنها : ماروی أبو حمزة، عن أبي جعفر علیه السلام قال: إنّي لفي عمرة اعتمرتها فأنا في الحجر جالس إذ نظرت إلى جان(1) قد أقبل من ناحية المسعی(2) حتّی دنا من الحجر الأسود ، فأقبلت ببصري نحوه ، فوقف طويلا، ثم طاف بالبيت اسبوعاً ثم بدأ بالمقام ، فقام على ذنبه يصلّي ركعتين ، و ذلك عند زوال الشمس فبصر به «عطاء» وأناس معه فأتوني فقالوا : يا أبا جعفر أما رأيت هذا الجان ؟

فقلت : قدرأيته وماصنع ، ثم قلت لهم: انطلقوا إليه وقولوا له : يقول لكم محمّد ابن علي : إنّ البيت يحضره أعبد و سودان ، وهذه ساعة خلوته منهم ، وقد قضيت نسكك ، ونحن نتخوّف عليك منهم ، فلو خفّفت وانطلقت قبل أن يأتوك .

قال : فكوّم كومة(3) من بطحاء(4) المسجد ، ثم وضع ذنبه عليها ، ثم مثل(5) في الهواء.(6)

ص: 287


1- الجان : ضرب من الحيات ، قيل: هي حية أكحل لاتؤذي ، كثيرة في الرمل
2- «المشرق» البحار
3- الكومة : القطعة المتجمعة المرتفعة من التراب ونحوه
4- البطحاء : مسیل واسع فيه رمل و دقائق الحصي
5- مثل : غاب
6- عنه البحار : 252/46 ح48 و عن مناقب آل أبی طالب : 3/ 320 نقلا من كتاب المعجزات مثله . وأورده في روضة الواعظين : 245 مرسلا . وفي مختصر بصائر الدرجات : 15 بالاسناد عن أحمد وعبدالله ، ابنا محمد بن عیسی ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبی حمزة الثمالی مثله ، عنها مدينة المعاجز : 339 ح 57

19- ومنها: أن جماعة استأذنوا على أبي جعفر علیه السلام قالوا: فلمّاصرنا في الدهليز إذا قراءة سريانيّة بصوت حسن يقرأ و يبكي حتّى أبكى بعضنا و ما نفهم ما يقول فظننّا أنّ عنده بعض أهل الكتاب استقرأه .

فلمّا انقطع الصوت دخلنا عليه ، فلم نرعنده أحداً ، قلنا: [يا ابن رسول الله] لقد سمعنا قراءة سريانيّة بصوت حسن !

قال : ذكرت(1) مناجات إليا(2) النبي فأبكتني .(3)

20- ومنها: ماروي عن عیسی بن عبدالرحمان ، عن أبيه [ قال : ] دخل ابن عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر علیه السلام ، و كان أبو عبد الله علیه السلام قائماً عنده فقدّم إليه عنباً فقال : حبّة حبّة يأكله الشيخ الكبير أو الصبي الصغير ، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنّه لا يشبع، فكله حبّتين حبّتين ، فانّه يستحب.

فقال لابی جعفر : لأيّ شيء لاتزوّج أبا عبد الله علیه السلام ؟ فقد أدرك التزويج ؟ و بين يديه صرة مختومة فقال :

سيجيء نخّاس من بر بر(4) ينزل دار میمون [فنشتري له بهذه الصرّة جارية .

قال:](5) فأتي لذلك ما أتي ، فدخلنا على أبي جعفر علیه السلام فقال: ألا أخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ فقد قدم ، فاذهبوا فاشتروا بهذه المرة جارية .

فأتينا النخّاس فقال : قدبعت ما كان عندي إلا جاريتين [مريضتين](6) إحداهما أمثل من الاخرى. قلنا : فأخرجهما حتّى ننظر إليهما .

فأخرجهما ، فقلنا : بكم تبيعنا هذه الجارية المتماثلة(7) ؟

ص: 288


1- «ذکر تنی» م ، ه
2- «الیاس» ط
3- عنه کشف الغمة : 145/2 ، والبحار : 181/ 26 ح4، وج 254/46 ح50
4- «أهل بربر» الكافي والبحار
5- من الكافي والبحار
6- من الكافي والبحار
7- تماثل من علته : أقبل وقارب الشفاء . قال المجلسی ره : تماثل العليل : قارب البرء ، وأما ثل القوم : خبارهم . و قوله «المتماثلة» يحتمل أن يكون مأخوذا من كل من المعنيين، والأول أظهر

قال : بسبعين ديناراً . قلنا: أحسن . قال: لاانقص (من سبعين ديناراً)(1) فقلنا : نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت .

و كان عنده رجل أبيض الرأس واللحية فقال : فكّوا الخاتم و زنوا . فقال النخّاس: لاتفكّوا ، فانّها إن نقصت حبّة من السبعين لم أبايعكم . قال الشيخ : زنوا. قال: ففككنا و وزنّا الدنانير ، فاذاهي سبعون ديناراً لاتزيد ولاتنقص ، وأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر علیه السلام وجعفر علیه السلام قائم عنده ، فأخبرنا أبا جعفر علیه السلام بما كان .

فحمد الله ثم قال لها: ما اسمك ؟ قالت : حميدة .

فقال: حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة، أخبريني عنك أ بكر، أم ثيّب؟ قالت:

بكر. قال: و كيف ولايقع في يد النخّاسين شيء إلا أفسدوه !؟

قالت: كان يجيء فيقعد منّي [مقعد الرجل من المرأة](2) فيسلّط الله عليه رجلا أبيض الرأس واللحية فلايزال يلطمه حتّى يقوم عنّي،ففعل بي مراراً وفعل الشيخ مراراً.

فقال : يا جعفر خذها إليك .

فولدت خير أهل الأرض [الامام] موسی بن جعفر علیه السلام .(3)

21- و منها : ماروي عن أسودبن سعيد، عن أبي جعفرعلیه السلام قال - ابتداءاً من غير

ص: 289


1- «منها شيئاً» ه ، ط
2- من الكافي والبحار
3- عنه کشف الغمة : 2/ 145 ، والبحار : 5/48 ح5 .ورواه في الكافي : 476/1 ج1، وج 351/6 ح6 (صدره) باسناده عن الحسين بن محمد ، عن المعلی ، عن علي بن السندي ، عن عیسی بن عبدالرحمان مثله . عنه الوسائل : 523/ 16 ح 1، واثبات الهداة : 5/ 272 ح 9، والبحار المذكورص6 ح6 ، ومدينة المعاجز : 338 ح 51. وأورد نحوه في اثبات الوصية : 184 مرسلا عن جابر ، وفي ثاقب المناقب : 320مرسلا عن عيسى ، وفي الهداية الكبرى : 98 (مخطوط) مرسلا عمل أبي حمزة

أن أسأله - : نحن حجّة اللّه ، و نحن باب اللّه، ونحن لسان اللّه، ونحن وجه اللّه، و نحن عين اللّه في خلقه ، و نحن ولاة أمراللّه في عباده .

ثم قال : إن بيننا وبين كل أرض تراً(1)، مثل تر البنّاء ، فاذا أمرنا في الأرض بأمر أخذنا ذلك التر ، فأقبلت إلينا الأرض بكلّيتها و أسواقها و کورها(2) حتّی ننفذ فيها من أمر الله مانؤمر [به](3) وإن الربح كما كانت مسخّرة لسليمان، فقد سخّرها [الله]لمحمّد و آله .(4)

22- ومنها : ماروي عن محمّد بن مسلم قال: [قال] أبو جعفر علیه السلام: لئن ظننتم أنّا لانراكم ، ولانسمع كلامكم ، لبئس ماظننتم ، لو كان كما تظنّون أنّا لانعلم ما أنتم في وعليه ، ما كان لنا على الناس فضل ! قلت : أرني بعض ما أستدل به .

قال: وقع بينك وبين زميلك بالربذة(5) حتّى عيّرك بناو بحبّنا ومعرفتنا. قلت : إي والله لقد كان ذلك إقال: فتراني قلت باطّلا ع الله ، ما أنا بساحر ولاكاهن ولا بمجنون لكنّها من علم النبوة ، و نحدث بما يكون. قلت : من الّذي يحدّثكم بما نحن عليه؟

قال : أحياناً ينكت في قلوبنا، ويوفر في آذاننا ، ومع ذلك فان لنا خدمأمن الجن

ص: 290


1- التر- با لضم والتشديد - : الخيط الذي يمد على البناء فيقدر به
2- الكورة: البقعة التي تجتمع فيها المساكن والقرى . جمعها : کور
3- «ما أمر» البحار : 46
4- عنه البحار : 366 / 25 ح 8 وعن بصائر الدرجات :407 ح10 و الاختصاص :318 بالاسناد عن ابن عیسی ، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن الأسود بن سعیدمثله . وعنه البحار : 255/ 46 ح53 . وأورده المسعودي في اثبات الوصية : 174 مرسلا عن الاسود مثله . وأخرجه في مدينة المعاجز : 326 ح23 عن الاختصاص و البصائر
5- الربذة : من قرى المدينة ، على ثلاثة أميال منها ... بها قبر أبي ذر (ره). (مراصدالاطلاع: 601/2)

من المؤمنين ، وهم لنا شيعة، وهم لنا أطوع منكم. قلنا(1): مع كل رجل واحد منهم ؟ قال: نعم، يخبرنا بجميع ما أنتم فيه و عليه .(2)

23- ومنها: ماروی أبو بصير ، عن الصادق علیه السلام قال : كان أبي في مجلس له ذات بوم إذ أطرق رأسه(3) إلى الأرض ، فمكث فيها مليّاً(4).

ثم رفع رأسه ، فقال : يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتّى يستعرضكم(5) بالسيف ثلاثة أيّام ، فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه(6) بلاءلاتقدرون أن تدفعوه ، و ذلك من قابل(7) فخذوا حذركم ، و اعلموا أن الّذي قلت [لكم] هو كائن لابدّ منه .

فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا : لايكون هذا أبداً، ولم يأخذوا حذرهم إلا نفر يسير(8) وبنوهاشم خاصّة(9)، وذلك أنّهم علموا أن كلامه هو الحق.

فلمّا كان من قابل ، تحمّل(10) أبو جعفر بعياله وبنوهاشم فخرجوا من المدينة، وجاء نافع بن الأزرق حتّى كبس المدينة فقتل مقاتلتهم ، وفضح نساءهم .

ص: 291


1- «قلت» البحار
2- عنه البحار : 255/46 ح 54. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3/ 324 عن عاصم الحناط ، عن محمد بن مسلم مثله عنه مدينة المعاجز: 347 ح 84. وفي الصراط المستقیم : 183/ 2 مرسلا عن محمد بن مسلم مثله ، عنه اثبات الهداة : 320/ 5 ح89
3- أطرق رأسه : أما له و أسكنه
4- يقال: «انتظر ته مليا» أي زمناً طويلا. وفي س ، ه ، ط «ماشاء الله» وفي البحار «مکناً»
5- استعرض القوم : قتلهم ولم يسأل عن حال أحد
6- «منهم» م ، ه
7- قابل : قادم وفریب
8- «قليل منهم» ه ، ط
9- «فخرجوا من المدينة خاصة» س ، ه ، ط، والبحار
10- تحمل : ارتحل

فقال أهل المدينة : لانرد على أبي جعفر شيئاً نسمعه منه أبداً بعدما سمعنا ورأينا فانّهم أهل بيت النبوة، وينطقون بالحق .(1)

24- ومنها: ماروی الحسن بن مسلم ، عن أبيه قال : دعاني الباقر علیه السلام إلى طعام فجلست إذ أقبل ورشان(2) منتوف الرأس ، حتّى سقط بين يديه و معه ورشان آخرفهدل(3) الأول، فرد الباقر عليه(4) بمثل هديله ، فطارا . فقلنا للباقرعلیه السلام : ماقالا ؟ وماقلت؟

ص: 292


1- عنه کشف الغمة : 146/2 ، و الفصول المهمة : 200، و عنه في البحار : 254/46ح51 وعن مناقب آل أبی طالب : 3/ 325عن أبي بصير مثله . ورواه الطبري في دلائل الامامة : 98 باسناده عن الحسن ، عن المثنى ، عن أبي بصير ، عن أبی عبدالله عليه السلام مثله ، عنه مدينة المعاجز : 323 ح 18 . وأورده الشبلنجی فی نورالابصار : 159 مرسلا عن الصادق عليه السلام ، والعاملی فی الصراط المستقيم : 183 /2 مختصراً . وأخرجه في مدينه المعاجز : 347 ح 85 عن المناقب ، وفی احقاق الحق : 180/12عن الفصول المهمة و نور الابصار . أقول : خلت روايتا الطبری و ابن شهر اشوب من التعرض لذكر «نافع بن الازرق» فاللفظ في الأولى: ... و وقع ما قال في المدينة ... و في الثانية ... فكان كما قال ... وكلا اللفظين أظهر ، اذ لم نعثر في كتب التاريخ والسيرة الموجودة في متناول ۔ یدنا۔ أن ابن الازرق غزا المدينة ، اذ المعروف أنه في سنة 63 ه وقبل أن يبيح مسرف بن عقبة المدينة ثلاثاً، خرج علی بن الحسين عليه السلام بحرمه وحرم مروان بن الحكم - بعد أن كلمه في ذلك - الي ينبع. وقيل : بل أرسل حرم مروان و أرسل معهم ابنه عبدالله بن علي الى الطائف . فلاحظ
2- الورشان : نوع من الحمام البرى أكدر اللون ، فيه بياض فوق ذنبه
3- هدل الحمام أو الغلام : صوت - بتشديد الواو -. و الهديل : صوت الحمام
4- «علیه السلام» البحار

قال علیه السلام: إنّه اتّهم زوجته بغيره، فنقر رأسها و أراد أن يلاعنها عندي .

فقال لها : بيني وبينك من يحكم بحكم داود و آل داود ، ويعرف منطق الطير ، و لايحتاج إلى شهود، فأخبرته أن الّذي ظن بها لم يكن كماظن ، فانصرنا على صلح.(1)

25- ومنها: ما روي عن الصادق علیه السلام(2) أن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة - وفي رواية: هشام بن عبدالملك - أن وجّه إلي محمّد بن علي فخرج أبي ، وأخرجني معه، فمضينا حتّى أتينا مدين(3) شعيب ، فاذا نحن بدير عظيم [البنيان] وعلى بابه أقوام ، عليهم ثياب صوف خشنة ، فألبسني والدي ولبس ثياباً خشنة ، وأخذ بيدي حتّى جئنا وجلسنا عند القوم، فدخلنا مع القوم الدير.

فرأينا شيخاً قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فنظر إلينا، فقال لأبي : أنت منّا أم من هذه الأمّة المرحومة ؟

قال: لا ، بل من هذه الأمّة المرحومة . قال من علمائها أم من جهّالها ؟

قال أبي : من علمائها . قال : أسألك عن مسألة ؟ قال [له] : سل [ماشئت] .

ص: 293


1- عنه البحار : 255/46 ح55. وروی نحوه الصفار في بصائر الدرجات : 342 ح5، والكليني في الكافي : 470/1ح4 باسنادهما عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام. وأورده المسعودي في اثبات الوصية : 173 مرسلا نحوه، وابن شهر اشوب في مناقبه:324/3 عن محمد بن مسلم نحوه ، والعاملي في الصراط المستقیم: 183/2 مرسلا باختصار . وأخرجه في البحار المذكور ص238 ح17 و 18 عن بصائر الدرجات والمناقب ، وفي مدينة المعاجز : 324 ح15 عن الكافي والمناقب ، وفي رجال المامقانی : 3/186 عن الكافي
2- زاد في ه، ط: أنه قال
3- «مدائن» نسخ الاصل . و مدین - بالفتح ثم السكون و فتح الياء المثناة - : مدينة قوم شعيب ، و هي تجاه تبوك على بحر القلزم ، بينهماست مراحل ، وهي أكبر من تبوك ،و بها البئر التي استقى بها موسی علیه السلام لغنم شعیب. (مراصد الاطلاع: 1246/3)

قال: أخبرني عن أهل الجنّة إذا دخلوها وأكلوا من نعيمها هل ينقص من ذلك شيء؟

قال: لا. قال الشيخ : ما نظيره ؟

قال أبي : أليس التوراة والانجيل والزبور والقرآن يؤخذ منها ولا ينقص منها [شيء] ؟ قال: أنت من علمائها . ثم قال: أهل الجنّة هل يحتاجون إلى البول والغائط؟ قال أبي : لا . قال [الشيخ]: وما نظير ذلك ؟

قال أبي : أليس الجنين في بطن أمّه يأكل ويشرب ولایبول ولايتغوط؟

قال : صدقت . قال : وسأل عن مسائل [كثيرة] و أجاب أبي [عنها] .

ثم قال الشيخ : أخبرني عن توأمين ولدا في ساعة ، وماتا في ساعة ، عاش أحدهما مائة وخمسين سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من كانا ؟ و كيف قصّتهما(1)؟

قال أبي:هما عزير وعزرة ، أكرم الله تعالى عزبراً بالنبوة عشرين سنة ، وأماته مائة سنة ، ثم أحياه فعاش بعده(2) ثلاثين سنة، وماتا في ساعة [واحدة] .

فخر الشيخ مغشيّاً عليه ، فقام أبي ، و خرجنا من الدير ، فخرج إلينا جماعة من الدير، وقالوا : يدعوك شيخنا . فقال أبي: مالي إلى شيخكم حاجة، فان كان له عندنا حاجة فليقصدنا . فرجعوا ، ثم جاؤوا به، وأجلس بين يدي أبي ، فقال [الشيخ] :

ما اسمك ؟ قال علیه السلام: محمّد. قال: أنت محمّد النبي؟ قال: لا أنا ابن بنته.

قال: ما اسم أمّك ؟ قال: أمّي فاطمة . قال: من كان أبوك؟ قال: اسمه علي.

قال : أنت ابن إليا بالعبرانية و عليّ بالعربيّة؟ قال: نعم. قال: ابن شبّر أم شبير ؟

قال : إنّي ابن شبير . قال الشيخ : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن جدك محمداً رسول الله.

ثم ارتحلنا حتّى أتينا عبدالملك [ودخلنا عليه] فنزل من سريره و استقبل أبي و قال: عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء ! فأخبرني إذا قتلت هذه الأمة إمامها المفروض طاعته عليهم أي عبرة(3) يريهم الله في ذلك اليوم ؟

قال أبي : إذا كان كذلك لايرفعون حجراً إلا ويرون تحته دماً عبيطاً(4) .

ص: 294


1- «قضيتهما» م
2- يعني بعد الموت
3- العبرة - بكسر العين - : العجب ، العظة
4- دم عبيط : خالص طری

فقبّل عبد الملك رأس أبي، وقال: صدقت، إنّ في اليوم الذي قتل فيه أبوك علي(1)ابن أبي طالب علیه السلام كان على باب أبي مروان حجر عظيم ، فأمر أن يرفعوه فرأينا تحته دماً عبيطاً يغلي .

و كان لي أيضاً حوض كبير في بستاني و كان حافّتاه حجارة سوداء ، فأمرت أن ترفع ويوضع مكانها حجارة بيض، و كان في ذلك اليوم قتل الحسين علیه السلام فرأيت دماً عبيطاً يغلي تحتها ، أفتقيم عندنا و لك من الكرامات ماتشاء، أم ترجع ؟

قال أبي : بل أرجع إلى قبر جدّي . فأذن له بالانصراف. فبعث قبل خروجنا بريداً يأمر أهل كل منزل أن لا يطعمونا ولا يمكنونا من النزول في بلد حتّی نموت جوعاً، فكلمّا بلغنا منزلا طردونا، وفنی زادنا حتّى أتينا مدین شعيب، وقد أغلق بابه ، فصعد أبي جبلا هناك مطلا على البلد - أو مكاناً مرتفعاً عليه - فقرأ:

««وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ »«وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ«بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)»»(2) ثمّ رفع صوته وقال : وأنا - واللّه - بقيّة الله .

فأخبروا الشيخ بقدومنا وأحوالنا ، فحملوه إلى أبي ، و كان معهم من الطعام كثير ، فأحسن ضيافتنا ، فأمر الوالي بتقييد الشيخ فقيّدوه ليحملوه إلى عبد الملك لانّه خالف أمره .

قال الصادق علیه السلام: فاغتممت [لذلك] وبكيت ، فقال والدي: لابأس من عبدالملك بالشيخ ، ولا يصل إليه ، فانّه يتوفّى في أوّل منزل ينزله .

وارتحلنا حتّى رجعنا إلى المدينة بجهد .(3)

ص: 295


1- «الحسين بن علی» س ، ه ، ط
2- سورة هود : 83 - 85
3- عند البحار : 152 /10 ج3، و مدينة المعاجز : 351 ح 101 و أشار اليه في اثبات الهداة : 292 /5

الباب السابع

في معجزات الامام جعفر الصادق عليه السلام

1- روی عن المفضّل بن عمر قال : كنت أمشي مع أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیهما السلام بمكّة(1) إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميّتة ، و هي مع صبيّة لها تبكيان فقال علیه السلام لها : ما شأنك؟

قالت: كنت أنا وصبياني نعيش من هذه البقرة وقد ماتت، لقد تحيّرت في أمري.

قال : أفتحبّین(2) أن يحييها الله لك ؟ قالت : أو تسخر منّي مع مصيبتي !؟

قال: كلا ما أردت ذلك ، ثمّ دعا بدعاء ، ثمّ ركضها(3) برجله ، وصاحبها ، فقامت البقرة مسرعة سويّة ، فقالت : عیسی(4) بن مريم وربّ الكعبة .

فدخل الصادق علیه السلام بين الناس ، فلم تعرفه [المرأة].(5).

2- ومنها : أنّ صفوان بن يحيى قال: قال لي العبدي: قالت أهلي لي : قد طال(6)عهدنا بالصادق علیه السلام فلو حججنا وجدّدنا به العهد .

فقلت لها : واللّه ماعندي شيء أحجّ به . فقالت : عندنا كسوة وحليّ ، فبع ذلك

ص: 296


1- «بمكة أو بمنی» البحار
2- «أتحبين» ط ، ه
3- ركضها : ضربها ، يقال : ركضت الدابة اذا ضربتها برجلك لتستحثها
4- «أنت عیسی» ط
5- عنه کشف الغمة : 199/2 ، والبحار : 115/47ج151، ومدينة المعاجز : 387 ح94، وأشار اليه في اثبات الهداة: 401/5
6- «أطلنا» م

وتجهّز به(1).ففعلت، فلمّا صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتّى أشرفت (2) على الموت ، فلمّا دخلنا المدينة خرجت من عندها وأنا آیس منها ، فأتيت الصادق علیه السلام وعليه ثوبان ممصّران(3) ، فسلّمت عليه ، فأجابني و سألني عنها، فعرّفته خبرها وقلت : إنّي خرجت وقد أيست منها. فأطرق مليّاً.

ثمّ قال: يا عبديّ أنت حزين بسببها؟ قلت: نعم.

قال : لابأس عليها، فقد دعوت الله لها بالعافية، فارجع إليها فانّك تجدها [قد فاقت وهي] قاعدة، والخادمة تلة مها الطبرزد(4) .

قال: فرجعت إليها مبادراً، فوجدتها قد أفاقت وهي قاعدة، والخادمة تلقمها الطبرزد فقلت: ما حالك؟ قالت: قد صبّ اللّه عليّ العافية صبّا وقد اشتهيت هذا السكّر.

فقلت : خرجت من عندك آیساً ، فسألني الصادق عنك فأخبرته بحالك ، فقال : لا بأس عليها إرجع إليها فهي تأكل السكّر .

قالت : خرجت من عندي و أنا أجود بنفسي، فدخل عليّ رجل عليه ثوبان ممصّران قال : مالك ؟ قلت : أنا میّنة ، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض(5) روحي . فقال :يا ملك الموت . قال : لبّيك أيّها الامام . قال : ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا ؟قال : بلى . قال: فانّي آمرك أن تؤخّر أمرها عشرين سنة . قال : السمع والطاعة .

قالت : فخرج هو وملك الموت من عندي ، فأفقت من ساعتي(6) .

ص: 297


1- «و نتجهز به» م
2- «وأشرفت» ط ، البحار
3- الممصرة من الثياب : التي فيها صفرة خفيفة
4- طبرزد - على وزن سفر جل -: معرب ، ومنه حديث «السكر الطبرزد يأكل الداء أكلا»وقيل: الطير زد هوالسكر الأبلوج ، و به سمى نوع من التمر لحلاوته ، وعن أبي حاتم : الطبرزدة بسرتها صفراء مستديرة
5- «يقبض» ، ط، ه ، البحار
6- عنه البحار: 115/47 ح 152 ، واثبات الهداة : 401/5 ح 133 ومدينة المعاجز :386 ح 92 . وأورد قطعة منه في الصراط المستقيم : 2/ 185ح2

3- ومنها : ما قال علي بن أبي حمزة [قال:] حججت مع الصادق علیه السلام فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال :

یا نخلة أطعمينا(1) ممّا جعل اللّه فيك من رزق عباده .

قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمایلت نحو الصادق علیه السلام وعليها أعذاقها ، وفيها الرطب(2). قال: ادن فسمّ و كل. فأكلنا(3) منها رطباً أعذب رطب وأطيبه، فاذا نحن باعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا !!

فقال الصادق علیه السلام: نحن ورثة الأنبياء ليس فينا ساحر ولا كاهن، بل ندعوا اللّه فيجيب ، وإن أحببت أن أدعو اللّه فيمسخك كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم، وتبصبص(4) لأهلك [فعلت](5) ؟ قال الأعرابي - بجهله - : بلی.

فدعا اللّه فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه .

فقال لي الصادق علیه السلام: اتبعه . فاتّبعته حتّى صار إلى حیّه ، فدخل إلى منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ، فأخذوا له العصا حتى أخرجوه(6) ، فانصرفت إلى الصادق علیه السلام فأخبرته بما كان [منه] ، فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتّی وقف بين يدي الصادق علیه السلام وجعلت دموعه تسيل [على خدّيه] ، وأقبل يتمرّغ في التراب

و بعدي فرحمه، فدعا اللّه [له] فعاد أعرابيّاً.

فقال له الصادق علیه السلام: هل آمنت يا أعرابي ؟ قال : نعم ، ألفاً وألفاً.(7).

ص: 298


1- «أطعمينی» ط
2- هكذا في كشف الغمة ، وفي الأصل والبحار «وعليها أوراقها ، وعليها الرطب»
3- «فأكلت» ط ه
4- بصبص و تبصبص الكلب : حرك ذنبه
5- من کشف الغمة
6- «عصتً فأخرجوه» البحار
7- عنه کشف الغمة : 199/2 واثبات الهداة : 403 /5 ح 134، و البحار : 47 / 110ح147 ، وأورد قطعة منه في الصراط المستقيم : 2/ 185 ح3.وأخرجه في مدينة المعاجز: 382 ح 78 عن ثاقب المناقب

4- ومنها: ما روي عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند الصادق علیه السلام مع جماعة فقلت : قول اللّه تعالى لابراهيم «خذ أربعة من الطير فصر من»(1) أو كانت أربعة [من] أجناس مختلفة ؟ أو من جنس [واحد]؟

فقال : أتحبّون أن أريكم مثله ؟ قلنا : بلى .

قال : يا طاووس . فاذا طاووس طار إلى حضرته، ثمّ قال : يا غراب . فاذا غراب بين يديه ، ثمّ قال : يا بازيّ . فاذا بازي بين يديه ، ثمّ قال : يا حمامة . فاذا حمامة بين يديه ، ثمّ أمر بذبحها كلها و تقطيعها ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض .

ثمّ أخذ برأس الطاووس ، فقال : يا طاووس. فرأينا لحمه وعظامه وریشه ، يتميّز من غيره حتّى التزق ذلك كلّه برأسه ، وقام الطاووس بين يديه [حيّاً] ثمّ صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي و الحمامة مثل ذلك ، فقامت كلّها أحياء بين يديه .(2).

5- ومنها: ما روي عن داود بن كثير الرقّي قال : كنت عند الصادق علیه السلام أنا وأبو الخطّاب، و المفضّل، و أبو عبد اللّه البلخي إذ دخل علينا كثير النّوا فقال : إنّ أبا الخطّاب هذا يشتم أبا بكر وعمر (3) ويظهر البراءة منهما(4) .

فالتفت الصادق علیه السلام إلى أبي الخطّاب وقال : يا محمّد ما تقول ؟

قال : كذب واللّه ما سمع منّي قط شتمهما .

ص: 299


1- سورة البقرة : 260
2- عنه کشف الغمة : 2/ 200، واثبات الهداة 404/5 ح135 ، والبحار : 111 /57ح148 ، ومدينة المعاجز : 387 ح 95.وأورد نحوه في ثاقب المناقب : 103 (مخطوط) عن داود بن ظبيان
3- أضاف في خ ط والبحار «و عثمان»
4- «متهم» خ ط ، والبحار ، وكذلك ما يأتي بعدها بصيغة الجمع

فقال الصادق علیه السلام: قد حلف ولايحلف كاذبا . فقال : صدى لم أسمع أنا منه ولكن حدّثني الثقة به عنه .

قال الصادق علیه السلام: وإنّ الثقة لايبلّغ ذلك ، فلمّا خرج كثير ، قال الصادق علیه السلام:أما واللّه لئن كان أبو الخطّاب ذكر ماقال كثير ، لقد علم من أمرهما ما لم يعلمه كثير ، واللّه لقد جلسا مجلس أمير المؤمنين علیه السلام غضباً فلا غفر اللّه لهما، ولاعفا عنهما .

فبهت(1) أبو عبد اللّه البلخي (و نظر إلى) (2) الصادق علیه السلام متعجبّاً ممّا قال فيهما فقال له الصادق علیه السلام: أنكرت ما سمعت منّي فيهما ؟ قال : قد كان ذلك.

فقال الصادق علیه السلام: فهلا كان هذا(3) الانكار منك ليلة رفع إليك فلان بن فلان البلخيّ جاريته فلانة لتبيعها له فلمّا عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة ؟!

فقال البلخيّ : قد مضى و الله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة ، و لقد تبت إلى اللّه من ذلك .

فقال الصادق علیه السلام: لقد تبت وما تاب اللّه عليك ، و لقدغضب اللّه لصاحب الجارية ثمّ ركب وسار والبلخيّ معه ، فلمّا برزا.

قال الصادق علیه السلام وقد سمع صوت حمار : إنّ أهل النار يتأذّون بهما وبأصواتهما كما تتأذّون بصوت الحمار .

فلمّا برزنا إلى الصحراء فاذا نحن بجب(4) كبير ، التفت(5) الصادق علیه السلام إلى البلخي فقال : اسقنا من هذا الجبّ.

فدنا البلخيّ ثمّ قال : هذا جبّ بعيد القعر ، لا أری ماءاً [به].

فتقدّم الصادق علیه السلام فقال : أيّها الجبّ السامع المطيع لربّه اسقنا ممّا جعل

ص: 300


1- بهت و بهت : دهش. سكت متحيراً
2- «الی قول» ط ، ه ، ط
3- «ذلك» ط، ه
4- الجب : البئر العميق
5- «ثم التفت» البحار

اللّه فيك من الماء باذن اللّه . فنظرنا الماء يرتفع من الجبّ فشربنا منه .

ثمّ سار حتّى انتهى إلى موضع فيه نخلة يابسة، فدنا منها ، فقال : أيّتها النخلة أطعمينا ممّا جعل اللّه فيك فانتشرت رطباً جنيّاً ، فأكلنا ، ثمّ جازها فالتفتنا فلم نر(1) فيها شيئاً .

ثمّ سار فاذا نحن بظبي قد أقبل فبصبص بذنبه(2) إلى الصادق علیه السلام و تبغّم(3).

فقال : أفعل إن شاء اللّه . فانصرف الظبي .

فقال البلخيّ: لقد رأينا [شيئاً] عجباً فما الذي سألك الظبي؟

فقال : استجار بي ، وأخبرني أنّ بعض من يصيد(4) الظباء بالمدينة صاد زوجته ،وأنّ لها خشفين(5) صغيرين ، وسألني أن أشتريها ، و أطلقها اللّه إليه ، فضمنت له ذاك .

واستقبل القبلة ودعا ، وقال : الحمد للّه كثيراً كما هو أهله و مستحقّه .وتلا «أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله»(6).

ثمّ قال : نحن واللّه المحسودون .

ثمّ انصرف ونحن معه ، فاشترى الظبية وأطلقها ، ثمّ قال : لا تذيعوا سرّ نا ، و لا تحدّثوا به عند غير أهله ، فانّ المذيع سرّنا أشدّ علينا من عدوّنا.(7).

6- و منها : أنّ أبا الصلت الهرويّ روى عن الرضا علیه السلام أنّه قال : قال لي أبي موسى علیه السلام: كنت جالساً عند(8) أبي علیه السلام إذ دخل عليه بعض أوليائنا ، فقال : بالباب

ص: 301


1- «ثم جاء فالتفت فلم ير» البحار
2- «يبصبص بذنبه» ط ، ه « يبصبص بذنبه قد أقبل» البحار
3- «و تحمحم» م «و ينغم» البحار . و تبغمت الظبية : صوتت بأرخم ما يكون من صوتها
4- «يصطاد» ط ، ه
5- الخشف : ولد الظبي أول ما يولد
6- سورة النساء : 54
7- عنه اثبات الهداة : 404/5 ح 136، و البحار : 251/8 ط حجر قطعة ، و ج 47111 ح 149 ، ومدينة المعاجز : 407 ح 186.وأخرج نحوه في مدينة المعاجز : 381 ح77 عنه ثاقب المناقب : 365(مخطوط)
8- «مع» خ. ل

ركب كثير يريدون الدخول عليك فقال [لي]: أنظر من بالباب.

فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل راكب فرساً ، فقلت : من الرجل ؟

فقال : رجل من السند والهند، أردت الامام جعفر بن محمّد علیهما السلام، فأعلمت والدي بذلك . فقال : لاتأذن للنجس الخائن . فأقام بالباب مدّة مديدة ، فلا يؤذن له حتّی شفع یزیدبن سليمان، ومحمّد بن سليمان ، فأذن له.

فدخل الهندي وجثي بين يديه ، فقال : أصلح اللّه الامام ، أنا رجل من بلد الهند من قبل ملكها(1) ، بعثني إليك بكتاب مختوم ، ولي بالباب حول ، لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا(2) يفعل الانبياء ؟ قال : فطأطأ رأسه ثمّ قال :

«ولتعلمنّ نبأه بعد حين»(3) ، وليس مثلك من يطأ مجالس الانبياء.

قال موسى علیه السلام: فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفکّه فكان فيه :

بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد [الصادق] الطاهر من كلّ نجس(4)من ملك الهند .

أمّا بعد فقد هداني(5) اللّه على يديك ، وإنّه أهدي إليّ جارية لم أرأحسن(6) منها و لم أجد أحداً يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شيء من الحليّ والجواهر والطيب ثمّ جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للامانة ، واخترت من الالف مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحداً وهو میزاب بن حبّاب لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه [الجارية و الهديّة] فقال جعفر علیه السلام: ارجع أيّها الخائن، ماكنت بالذي أقبلها(7)، خائن لانّك فيما ائتمنت عليه . فحلف أنّه ما خان.

ص: 302


1- «ملكنا» م ، ط خ
2- «و هكذا» م ، ط خ
3- سورة ص : 88
4- «الرجس» ط
5- «فهدانی» م
6- «أعقل» م، ط خ
7- «أتقبلها» ط خ، البحار

فقال علیه السلام: إن شهد عليك بعض ثيابك بماخنت تشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، و أن محمّداً عبده ورسوله صلی الله علیه و آله و سلم (1) ؟ قال: أو تعفيني من ذلك ؟

قال : أكتب إلى صاحبك بمافعلت . قال الهندي : إن علمت(2) شيئاً فاكتب ، وكان عليه فروة فأمره بخلعها ، ثمّ قام الامام فركع ركعتين ، ثمّ سجد .

قال موسی علیه السلام: فسمعته في سجوده يقول :

اللّهمّ إنّي أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، ومنتهی الرحمة من كتابك أن تصلّي على محمّد عبدك ورسولك وأمينك في خلقك و آله ، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن يتكلّم(3) بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليائنا(4) ، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت(5)، فيزدادوا إيماناً مع إيمانهم .

ثمّ رفع رأسه فقال : أيّها الفرو تکلّم بما تعلم من هذا الهندي.

قال موسى علیه السلام: فانتفضت الفروة(6) و صارت کالكبش، و قالت : يا ابن رسول اللّه ائتمنه الملك على هذه الجارية وما معها ، وأوصاه بحفظها حتّى صرنا إلى بعض الصحاري ، أصابنا المطر وابتلّ جميع مامعنا ، ثمّ احتبس المطر و طلعت الشمس ، فنادى خادماً كان مع الجارية يخدمها يقال له بشر [وقال له:] لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام ، و دفع إليه دراهم ، و دخل الخادم المدينة ، فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب قد نصب [لها] في الشمس فخرجت و كشفت عن ساقيها إذا [كان](7) في الأرض وحل(8) و نظر هذا الخائن إليها

ص: 303


1- «وأن محمداً رسول الله صلی الله عليه و آله» ه ، ط، البحار
2- «ان كنت فعلت» ط ، ه
3- «أن ينطق بفعله وأن يحكم» البحار
4- «أوليائك» ط، ه
5- «أهل بيت نبيك» ط ، ه
6- هكذا في البحار وفي م، ه ،ط «فانقبضت الفروة». والفروة: كساء يتخذ من أوبار الابل
7- من البحار
8- الوحل : الطين الرقيق

فراودها عن نفسها ، فأجابته ، و فجربها ، وخانك.

فخرّ الهندي [على الأرض] ، فقال : إرحمني فقد أخطأت ، و أقرّ بذلك ، ثم صار(1) فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها، فلمّا لبسها انضمّت في حلقه وخنقته(2) حتّی اسود وجهه .

فقال الصادق علیه السلام: أيّها الفرو خلّ عنه ، حتى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولی به منّا، فانحلّ الفرو [وقال علیه السلام: خذ هديّتك وارجع إلى صاحبك] فقال الهندي:

اللّه اللّه [يا مولاي] فيّ فانّك إن رددت الهديّة خشيت أن ينكر ذلك عليّ ، فانّه شدید(3)العقوبة . فقال: أسلم أعطك(4) الجارية ، فأبي . فقبل الهديّة ، وردّ الجارية. فلمّا رجع إلى الملك ، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر(5) فيه مكتوب :

بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الامام علیه السلام من ملك الهند: أمّا بعد فقد كنت أهديت إليك جارية فقبلت منّي ما لا قيمة له ، ورددت الجارية فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء معهم فراسة(6)، فنظرت إلى الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتاباً وأعلمته أنّه ( جاءني منك بخيانة )(7) و حلفت أنّه لا ينجيه إلا الصدق ، فأقرّ بما فعل ، و أفرّت الجارية بمثل ذلك ، و أخبرت بما كان من أمر الفرو(8) ، فتعجّبت من ذلك، وضربت عنقها وعنقه، وأنا أشهد أن لا إله الاّ اللّه وحده

ص: 304


1- «ثم عاد الكبش» ط ، ه ، «ثم صارت» البحار
2- «انضم في حلقه وخنقه» م، ه
3- «يعيد» م ، «بعيد» البحار
4- هكذا في البحار ، وفي م «نعطك» ، وفي ط ، ه «حتی اعطيك»
5- «شهر» ط خ
6- فرس - فراسة با لعين-: ثبت النظر وأدرك الباطن من نظر الظاهر
7- «قدأ تاني منك وقد عرفت الخيانة» ط،ه. «أتاني منك الخيانة» البحار
8- «الفروة» ط، البحار

لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله . واعلم أنّي [واصل] على أثر الكتاب .

فما أقام إلا مدّة يسيرة ، حتّی ترك(1) ملك الهند و أسلم وحسن إسلامه.(2).

7- ومنها : ماروی هشام بن الحكم أنّ رجلا من الجبل أتى أبا عبد الله علیه السلام ومعه عشرة آلاف درهم ، وقال : اشترلي [بنا](3) داراً أنزلها(4) إذا قدمت و عيالي معي(5)ثمّ مضى إلى مكّة، فلمّا حجّ وانصرف ، أنزله الصادق علیه السلام في داره .

وقال له : إشتريت لك داراً في الفردوس الأعلى حدّها الأول إلى [دار] رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم، والثاني إلى علي علیه السلام، والثالث إلى الحسن علیه السلام، والرابع إلى الحسين علیه السلام وكتبت [لك هذا](6) الصّك به .(7).

فقال الرجل - لمّا سمع ذلك - : رضيت. ففرّق الصادق علیه السلام تلك الدراهم(8) على أولاد الحسن و الحسين علیهما السلام و انصرف الرجل، فلمّا وصل إلى المنزل إعتلّ علّة الموت ، فلمّا حضرته الوفاة جمع أهل بيته وحلّفهم أن يجعلوا الصكّ معه في قبره ففعلوا ذلك .

ص: 305


1- «حتی أتی الی أبی» ط، ه
2- عنه البحار : 113/47 150 ، واثبات الهداة: 406/5 ح137 قطعة، ومدينة المعاجز387 ح 96.وأورده في مناقب آل أبی طالب: 367/3 مرسلا نحوه، عنه البحار المذكور، وأورده في ثاقب المناقب : 338 (مخطوط) عن أبي الحسن بن محمد التقى، عن أبيه ، عن جده، عن أبيه موسی بن جعفر عليهم السلام نحوه مختصراً .وفي الصراط المستقیم : 186/2 ح6 قطعة منه مرسلا
3- من کشف الغمة ، و في ط «بهذه»
4- «أسكنها» ط
5- «بعدی» م ، کشف الغمة
6- من اثبات الهداة، والمراد من ضمير «به» ما أعطاه من عشرة آلاف درهم
7- «فلما سمع الرجل ذلك فال» ط، کشف الغمة
8- «الدنانير» م، کشف الغمة

فلمّا أصبح وغدوا إلى قبره وجدوا الصكّ على ظهر القبر، و على ظهر الصكّ [مکتوب] : وفي لي وليّ اللّه جعفر بن محمد علیهما السلام بما وعدني(1) (2).

8- ومنها : أنّ حمّاد بن عیسی سأل الصادق علیه السلام أن يدعو له ليرزقه [اللّه] مایحّج به كثيراً، وأن يرزقه ضياعاً حسنة وداراً حسناً، وزوجة من أهل البيوتات صالحة وأولاداً أبراراً .

فقال [الصادق] علیه السلام : أللّهمّ ارزق حمّاد بن عیسی مایحجّ به خمسين حجّة ، و ارزقه ضياعاً حسنة وداراً حسناً ، وزوجة صالحة من قوم كرام ، وأولاداً أبراراً .

قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حمّاد بن عيسى في داره بالبصرة .فقال لي : أتذكر دعاء الصادق علیه السلام لي ؟ قلت : نعم .

قال : هذه داري و ليس في البلد مثلها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من کرام الناس ، وأولادي [هم من] تعرفهم [من الأبرار] و قد حججت ثمانية وأربعين حجّة.

قال فحجّ حمّاد حجّتين بعد ذلك، فلمّا خرج في الحجّة الحادية و الخمسين و[و] وصل إلى الجحفة(3) ، و أراد أن يحرم ، دخل وادياً ليغتسل ، فأخذه السيل، ومرّ

ص: 306


1- «قال» ط
2- عنه کشف الغمة : 200 /2 ، واثبات الهداه : 406/5 ح138 .والبحار : 134/47 ح 183 نحوه .وأورده في مناقب آل أبی طالب : 359/3 ، عنه البحار المذكور جميعاً عن هشام بن الحكم. وأورده في الصراط المستقیم : 186/2 ، مرسلا، مختصراً
3- الجحفة: بالضم، ثم السكون، والفاء : كانت قرية كبيرة ، ذات منبر ، على طريق مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام ، ان لم يمروا على المدينة ، وكان اسمها مهيعة ، وسميت الجحفة لان السيل جحفها ، وبينها وبين البحر سنة أميال ، و بينها وبين غدیر خم میلان . (مراصد الاطلاع 315/1)

به، فتبعه غلمانه ، فأخرجوه من الماء ميّتاً، فسمّي حمّادغريق الجحفة .(1).

9- ومنها : أن علي بن أبي حمزة، قال: خرجت بأبي بصير أقوده إلى أبي عبد اللّه علیه السلام فقال لي لا تتكلم ولا تقل شيئاً . فلمّا انتهيت به إلى الباب فتنحنح فسمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول- في داخل الدار- : يا فلانة افتحي لأبي محمّد ، فدخلناوالسراج بین يديه و إذا سفط (2) بين يديه مفتوح.

ص: 307


1- عنه کشف الغمة : 201/1 ، و اثبات الهداة : 407 /5 ح 139 ص530 ح60،والبحار : 116/47 ح153، ومدينة المعاجز : 409 ح194.و أورده العلامة في رجاله : 156، و زين الدين النباطي في الصراط المستقیم 187/2ح8 مختصراً، عن حماد بن عیسی عن الصادق عليه السلام .ورواه في قرب الاسناد : 128 ، والكشي في معرفة الرجال : 316 ح 572 ، والمفيدفي الاختصاص : 201، وفي أماليه : 12ح 11 ، والطبري في دلائل الامامة :162 جميعاً بأسانيدهم الى حماد بن عیسی عن الكاظم عليه السلام .وأورده في اثبات الوصية : 193 عن حماد بن عیسی عن الكاظم عليه السلام .وأخرجه في مناقب آل أبی طالب : 3/ 422 عن معرفة الرجال .وأخرجه في اثبات الهداة اعلاه ، والبحار : 47/48 ح 36 و 37 ، وعوالم العلوم : 166/21 ح1 عن قرب الاسناد ، و معرفة الرجال .وأخرجه في اثبات الهداة : 530/5 ح60 عن قرب الاسناد ، العلامة في الخلاصة ،والمفيد في الاختصاص ، ومعرفة الرجال .وأخرجه في ص 560 ح107 عن أمالي المفيد .وأخرجه في البحار : 180 /48 ح23 وعوالم العلوم: 382/21 ح 1 عن الاختصاص وأخرجه في مدينة المعاجز : 432 ح 22 عن دلائل الامامة ، وقرب الاسناد ، ومعرفةالرجال ، وعن المفيد في الاختصاص . ولعل كل واحد منهما عليهما السلام دعا لحماد بن عیسی و یکون دعاء الكاظم عليه السلامفي حياة أبيه ، أو بعد موته
2- السفط : وعاء کالقفة أو الجوالق . ما يعبأ فيه الطيب وما أشبه من أدوات النساء

قال : فوقعت عليّ رعدة ، فجعلت أرتعد ، فرفع رأسه إليّ، فقال: أبزّاز أنت ؟

قلت : نعم .(1).

10- و عن أبي الصامت الحلاوني [قال:](2) قلت للصادق علیه السلام أعطني شيئاً ينفي الشك [عن نلبي]. قال الصادق علیه السلام: هات المفتاح الّذي في كمّك(3) . فناولته فاذا المفتاح شبه أسد فخفت قال: خذ، ولاتخف. فأخذته، فعاد مفتاحاً كما كان(4).

ص: 308


1- عنه البحار : 77/47 ح48.ورواه الصفار في بصائر الدرجات : 257ح 2 باسناده الى علي بن أبي حمزة ، عنهالبحار المذكور ح47
2- من البحار
3- «الذي معك» ط ، ه. والكم : مدخل اليد ومخرجها من الثوب
4- عنه البحار : 117/47 ح 154 . وأخرجه في مدينة المعاجز : 416 ح237، عنه ثاقب المناقب : 365 «مخطوط»

الباب الثامن

في معجزات الامام موسی بن جعفر عليهما السلام

1-روي عن أبي الصلت الهروي ، عن أبي الحسن الرضا علیه السلام، قال : قال أبي موسی بن جعفر علیه السلام: لعلي بن أبي حمزة مبتدءاً : تلقى رجلا من أهل المغرب يسألك عنّي ، فقل له : هو الامام الذي قال لنا [به] أبو عبدالله الصادق علیه السلام فاذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه .

قال: فما علامته؟ قال : رجل جسيم طويل اسمه يعقوب بن یزید و هو رائد قومه وإن أراد الدخول إلي فأحضره عندي .

قال علي بن أبي حمزة: فواللّه إنّي لفي الطواف إذ أقبل رجل طويل جسيم ، فقال لي : أريد أن أسألك عن صاحبك . قلت : عن أيّ الأصحاب ؟ قال : عن موسی بن جعفر علیهما السلام. قلت : فما اسمك ؟ قال : يعقوب بن یزید . قلت : من أين أنت ؟ قال : من المغرب . قلت: من أين عرفتني ؟ قال : أتاني آت في منامي ، فقال لي : إلق علي بن أبي حمزة ، فسله عن جميع ما تحتاج إليه. فسألت عنك فدللت عليك(1).

قلت: أقعد في هذا الموضع حتّى أفرغ من طوافي وأعود إليك. فطفت ثمّ أتيته فكلّمته فرأيت رجلا عاقلا فهماً(2) ، فالتمس منّي الوصول إلى موسی بن جعفر علیهما السلام فأوصلته إليه .

ص: 309


1- «اليك» م
2- «فطناً» كشف الغمة

فلمّا رآه ، قال : يايعقوب بن يزيد قدمت أمس ووقع بينك وبين أخيك خصومة في موضع كذا حتّى تشاتمتما، وليس هذا من ديني ولا من دين آبائي ، فلا نأمر بهذا أحداً من شيعتنا ، فاتّق اللّه فانّكما ستفترقان عن قریب بموت ، فأمّا أخوك فيموت في سفر ته هذه قبل أن يصل إلى أهله، وتندم أنت على ما كان منك إليه، فانّكما تقاطعتما وتدابرتما ، فقطع [اللّه](1) عليكما أعماركما.

فقال الرجل : يابن رسول اللّه فأنا متى يكون أجلي؟

قال : قد كان حضر أجلك ، فوصلت عمّتك بما وصلتها في منزل كذا و كذا فنسأ(2) الله [تعالی] في أجلك عشرين حجّة(3).

قال : علي بن أبي حمزة ، فلقيت الرجل من قابل بمكّة فأخبرني أنّ أخاه توفّي ودفنه في الطريق قبل أن يصير إلى أهله (4).

2- ومنها: أنّ المفضّل بن عمر قال : لمّا مضى(5) الصادق علیه السلام كانت وصيّته

ص: 310


1- من کشف الغمة
2- «فسح» ط . يقال : نسا الله أجله ، وفي أجله . أي أخره
3- «سنه» خ ط
4- عنه کشف الغمة: 2/ 245 ، واثبات الهداة: 540/5 ح 77، البحار: 48 / 37 ح 8 .وعنه مستدرك الوسائل : 136/9 ح3 ، وعن الاختصاص : 86 بالاستناد الى على بن أبي حمزة ، وعن معرفة الرجال : 442 ح 831 بالاسناد الى الحسن بن علی بن أبی حمزة ، عن أبيه ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي الحسن عليه السلام ، وعن مناقب آل أبی طالب : 412/3 عن علي بن أبي حمزة . جميعاً مثله .وأورده في دلائل الامامة : 166 عن علي بن أبي حمزة .وأخرجه في البحار المذكور ص 34 - 37 ح7، 10،9 ، عن معرفة الرجال والمناقبوالاختصاص .وأخرجه في مدينة المعاجز : 434 ح 29 عن دلائل الامامه والمناقب
5- «لما قضی) ط، ه . اثبات الهداة والبحار

في الامامة إلى موسى الكاظم علیه السلام(1) ، فادّعى أخوه عبد الله الامامة ، و كان أكبر ولد جعفر علیه السلام في وقته ذلك ، وهو المعروف بالأفطح (2).

فأمر موسی علیه السلام بجمع حطب كثير في وسط داره ، فأرسل إلى أخيه عبداللّه يسأله أن يصير إليه، فلمّا صار عنده، ومع موسی علیه السلام جماعة من وجوه الاماميّة، فلمّا جلس إليه أخوه عبد اللّه ، أمر موسى علیه السلام أن تضرم(3) النار في ذلك الحطب ، فاضرمت(4)،ولا يعلم الناس السبب فيه(5) ، حتّى صار الحطب كلّه جمراً، ثمّ قام موسى علیه السلام و جلس بثيابه في وسط النار ، وأقبل يحدّث القوم(6) ساعة ، ثمّ قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس ، فقال لأخيه عبد اللّه : إن كنت تزعم أنّك الامام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس. قالوا :

ص: 311


1- «لموسی علیه السلام»ط ، ه
2- اليه نسبت «الفطحية» وسموا بذلك لان عبدالله كان أفطح الراس وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين وقال بعض الرواة : نسبوا الى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له : عبدالله بن فطيح ومال الى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقائها ولم يشكوا في أن الامامة في (عبدالله بن جعفر) وفی ولده من بعده فمات عبدالله و لم يخلف ذكرا . فرجع عامة الفطحية عن القول با مامته سوى قليل منهم الى القول بامامه (موسی بن جعفر) وقد كان رجع جماعة منهم في حياة عبدالله الی موسی بن جعفر عليهما السلام ثم رجع عامتهم بعدو فاته من القول به و بقي بعضهم على القول با مامته ثم امامة موسی بن جعفر من بعده ، وعاش عبدالله بن جعفر بعد أبيه سبعين يوماً أو نحوها. (فرق الشيعة للنوبختی : 88) ولاحظ عن الفطحية الملل والنحل للشهرستانی : 167/1ومعجم الفرق الاسلاميه : 186
3- «تجعل» م ، البحار
4- «فاحترق كله» م البحار
5- «ما سبب ذلك» ط، به اثبات الهداة
6- «الناس» ط ، ه ، اثبات الهداة ، البحار

فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه، فقام(1) يجرّ رداءه حتّى خرج من دار موسی علیه السلام.(2).

3- ومنها : ما قال إسحاق(3) بن منصور [ قال:] سمعت أبي يقول : سمعت موسی بن جعفر علیهما السلام يقول ناعياً(4) إلى رجل من الشيعة نفسه ، فقلت في نفسي :وإنّه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته! ! فالتفت إليّ فقال : اصنع ما أنت صانع فانّ عمرك قدفني ، وقد بقي منه دون سنتين ، و كذلك أخوك لايمكث بعدك إلاّ شهراً واحداً حتّى يموت، وكذلك عامّة أهل بيتك(5) ، و تتشتّت كلمتهم (6) ، و يتفرق جمعهم(7) ، ويشمت بهم أعداؤهم و[هم] يصيرون رحمة لاخوانهم.

أكان هذا في صدرك؟(8) قال : أستغفر اللّه ممّا عرض في صدري .

فلم يستكمل منصور سنتين حتّى مات ، ومات بعده بشهر أخوه ، و مات عامّة أهل بيته ، و أفلس بقيتهم ، و تفرّقوا حتّى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة .(9).

4- ومنها : ماروی واضح عن الرضا علیه السلام قال : قال أبي موسى علیه السلام للحسين بن أبي العلا : اشترلي جارية نوبيّة(10) . فقال الحسين : أعرف واللّه جارية نوبيّة نفيسة

ص: 312


1- «ثم قام» ط ، ه
2- عنه کشف الغمة : 246/2 و اثبات الهداة : 541/5 ح78 والبحار : 251/47 ح 22وج : 67/48 ج89، ومدينة المعاجز : 459 ح93وأورده في ثا قب المناقب : 101 (مخطوط) عن المفضل بن عمر وأورده مرسلا في الصراط المستقیم 189/2 ح 2 ، عنه اثبات الهداة : 572/5 ح135
3- «اسماعیل» اثبات الهداة
4- نعي لنا و الینا فلاناً : أخبرنا بوفاته ، ويقال : نعاه بموت فلان . أي خبره به
5- «عامة اهلك» ط
6- «و يتشتت كلهم» البحار
7- «كلهم» ه، ط
8- «فقلت» ه، ط البحار
9- عنه اثبات الهداة : 541/5 ح78 ، والبحار : 48/68 ح90وعنه مدينة المعاجز : 459 ح94 وعن ثاقب المناقب : 405(مخطوط)
10- النوب والنوبه : جيل من السودان

أحسن مارأيت من النوبة ، فلولاخصلة لكانت من شأنك(1).

قال علیه السلام: وما تلك الخصلة ؟ قال : لا تعرف كلامك وأنت لا تعرف كلامها.

فتبسّم علیه السلام ثمّ قال : اذهب حتى تشتريها .

فلمّا دخلت [بها] إليه ، قال لها بلغتها : ما اسمك ؟ قالت : مؤنسة. قال: أنت لعمري مؤنسة ، قد كان لك اسم غير هذا ، [وقد] كان اسمك قبل هذا حبيبة . قالت: صدقت.

ثمّ قال: يا بن أبي العلا إنّها ستلد لي غلاماً لا يكون في ولدي أسخي(2) ولاأشجع ولا أعبد منه. قلت : فماتسمّيه حتّى أعرفه ؟ قال : إسمه إبراهيم .

فقال عليّ بن أبي حمزة: كنت مع موسى علیه السلام بمني إذ أتی(3) رسوله فقال: إلحق بي بالثعلبية(4) . فلحقت به، ومعه عياله و عمران خادمه . فقال : أيّما أحب إليك المقام هاهنا أو تلحق بمكّة ؟ قلت : أحبّهما إليّ ما أحببت . قال : مكّة خير لك .

ثمّ سبقني(5) إلى داره بمكّة ، و أتيته وقد صلّي المغرب فدخلت عليه ، فقال :«إخلع نعليك إنّك بالوادي المقدّس [طوی]» (6).

فخلعت علي وجلست معه فأتیت بخوان فيه خبيص(7) فأكلت أنا وهو ، ثمّ رفع الخوان و كنت أحدثه ، ثمّ غشيني النعاس ، فقال لي:

ص: 313


1- هكذا في اثبات الهداة ، وفي م، والبحار «لكانت من يأتيك» ، وفي ط «لكانت له امائك من يأتيك به»
2- قوله عليه السلام : لايكون ولدي، أسخی منه ... أي سائر أولاده سوى الرضا عليه السلام (قاله المجلسی)
3- «أتاني» ط ، البحار
4- الثعلبية : من منازل طريق مكة ، قد كانت قرية فخر بت، وهي مشهورة (مراصد الاطلاع296/1)
5- «ثم مضى» ط. «ثم بعثنی» البحار
6- اقتباس من قوله تعالى في سورة طه: 12
7- الخوان : ما يوضع عليه الطعام ليؤكل ، و تسمية العامة السفرة والخبيص : طعام معمول من التمر والزبيب والسمن

قم، فنم حتّى أقوم أنا لصلاة اللّيل، فحملني النوم إلى أن فرغ من صلاة الليل(1)

ثمّ جاءني فنبّهني . فقال : قم فتوضّأ ! وصلّ صلاة الليل و خفّف، فلمّا فرغت من الصلاة ، صلّينا(2) الفجر، ثمّ قال لي :

ياعليّ إنّ أمّ ولدي ضربها الطلق فحملتها إلى الثعلبيّة مخافة أن يسمع الناس صوتها فولدت هناك الغلام الذي ذكرت لك كرمه وسخاءه وشجاعته.

قال عليّ : فواللّه لقد أدركت الغلام فكان كما وصف.(3).

5- ومنها : ماروي [عن] ابن أبي حمزة [قال:] كنا عند أبي الحسن موسی [بن جعفر]علیهما السلام إذ دخل عليه ثلاثون [غلاماً] مملوكاً من الحبشة [ قد ] اشتروا له فتكلّم غلام منهم و كان جميلا بكلام ، فأجابه موسی علیه السلام بلغته ، فتعجّب الغلام وتعجّبوا جميعاً، وظنّوا أنه لا يفهم(4) كلامهم .

فقال له موسى علیه السلام: إنّي أدفع إليك مالا، فادفع إلى كلّ واحد منهم ثلاثين درهماً فخرجوا وبعضهم يقول لبعض : إنّه أفصح منا بلغتنا ، وهذه نعمة من اللّه علينا .

قال عليّ بن أبي حمزة : فلمّا خرجوا ، قلت : يا بن رسول اللّه رأيتك تكلّم هؤلاء الحبشيّين بلغاتهم ؟! قال: نعم. وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم ؟

قال : نعم، أمرته أن يستوصي بأصحابه خيراً، وأن يعطي كلّ واحد منهم في كلّ

ص: 314


1- «صلاته» ط
2- «صلیت» ط ، البحار
3- عنه اثبات الهداة : 542/ 5 ح 80 ، والبحار : 48 / 69 ح 92 وأورده في دلائل الامامة: 170 بالاسناد الى الحسين بن أبي العلا، عنه مدينة المعاجز:438ح37 وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 190 عن الحسين بن أبي العلا .وأخرجه في اثبات الهداة : 569/5 ح130 عن صاحب کتاب مناقب فاطمة وولدهاباسناده عن الحسين بن أبي العلا
4- «جميعاً وكان في خلمهم أنه لا يعرف» ط، ه

شهر ثلاثين درهماً ، لأنه لمّا تكلّم كان أعلمهم ، فانّه من أبناء ملوكهم ، فجعلته عليهم وأوصيته بما يحتاجون إليه، وهو مع ذلك(1) غلام صدق .

ثمّ قال : لعلّك عجبت من كلامي إيّاهم بالحبشيّة ؟ قلت: إي واللّه.

قال: فلا تعجب ، فما(2) خفي عليك من أمري أعجب وأعجب، [من کلامي إياهم] وما الّذي سمعته منّي إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة، أفترى هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر ؟!

والامام بمنزلة البحر لا ينفد ماعنده و عجائبه أكثر(3) من عجائب البحر .(4).

6- ومنها : ما قال بدر(5) مولی الرضا علیه السلام: إنّ إسحاق بن عمّار دخل على موسی بن جعفر علیهما السلام فجلس عنده إذ استأذن عليه رجل خراساني فكلّمه بكلام لم يسمع(6) مثله [قط] كأنّه كلام الطير .

قال إسحاق : فأجابه موسی علیه السلام بمثله وبلغته إلى أن قضى وطره من مسألته، فخرج من عنده ، فقلت: ماسمعت بمثل هذا الكلام ؟

قال: هذا كلام قوم من أهل الصين وليس كلّ كلام أهل الصين مثله .

ثم قال : أتعجب من كلامي بلغته ؟قلت: هو موضع التعجّب .

قال علیه السلام: أخبرك بماهو أعجب منه [إعلم] أنّ الأمام يعلم منطق الطير ونطق(7) کل

ص: 315


1- «هذا» البحار
2- «مما» ط
3- «أعظم» ط
4- عنه اثبات الهداة: 542/5 ح 81، والبحار: 70/48 ح93 و ص 101 ح4.ورواه في قرب الاسناد : 144 باسناده الى علي بن أبي حمزة ، عنه البحار : 190/26 ح 2، والبحار: 100/48 ح3، ومدينة المعاجز: 438 ح36. وأورده في دلائل الامامة : 169 بالاسناد الى علي بن أبي حمزة، عنه مدينة المعاجز وأورده مرسلا في الصراط المستقيم : 2/ 190 ح5 مختصراً
5- «نور» خ ل
6- «لاسمع» م
7- «منطق» البحار

ذي روح خلقه الله تعالى ومايخفى على الأمام شيء .(1).

7- ومنها : ما قال عليّ بن أبي حمزة [قال:] أخذ بيدي موسى بن جعفر علیهما السلام يوماً ، فخرجنا من المدينه إلى الصحراء فاذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي و بين يديه حمار ميّت، ورحله مطروح.

فقال له موسی علیه السلام: ما شأنك؟ قال : كنت مع رفقائي نريد الحجّ فمات حماري ها هنا و بقيت [و حدي]، ومضى أصحابي و قد بقيت متحيّرأ(2) ليس لي شيء أحمل عليه.

فقال موسی علیه السلام: لعلّه لم يمت قال : أما ترحمني حتّى تلهو بي قال : إنّ لي رقية(3) جيّدة . قال الرجل : ليس يكفيني ما أنا فيه حتّى تستهزأ بي ؟!

فدنا موسي علیه السلام من الحمار ودعا(4) بشيء لم أسمعه(5) ، وأخذ قضيباً كان مطروحاً فنخسه به وصاح عليه ، فوثب الحمار صحيحاً سليماً .

فقال: يا مغربيّ ترى هاهنا شيئاً من الاستهزاء: إلحق بأصحابك . ومضينا و تركناه.

قال عليّ بن أبي حمزة : فكنت واقفاً يوماً على بئر زمزم بمكّة ، فإذا المغربي هناك فلمّا رآني عدا(6) إلي وقبّل يدي فرحاً مسروراً ،

ص: 316


1- عنه کشف الغمة : 2/ 247، والبحار: 70/48 ح94.وأورده في دلائل الامامة : 171 بالاستناد الى اسحاق بن عمار ، عنه مدينة المعاجز :438 ح 38.وأورده في ثاقب المناقب : 406 (مخطوط) عن اسحاق بن عمار . وفي الصراطالمستقيم : 2/ 290 ح6 مختضراً
2- «وأنا متحیر» ط، ه
3- الرقية : العودة التي يرقى بها صاحب الأفة وقيل الرقية: أن يستعان للحصول على أمر بقوی تقوق النوى الطبيعية
4- «و تکلم» ط ، ه . «و نطق» البحار
5- «أفهمه» ط، ه
6- «أقبل» ط ، ه. «غدا» م

فقلت له : ما حال حمارك ؟ فقال : هو واللّه سلیم صحيح وما أدري من أین ذلك الرجل الذي من اللّه به عليّ فأحيا لي حماري بعد موته ؟

فقلت له : قد بلغت حاجتك فلا تسأل عمّا لا تبلغ معرفته(1).

8- ومنها: ما روي عن أبي خالد الزبالي [قال] : قدم أبو الحسن موسی علیه السلام زبالة(2) ومعه جماعة من أصحاب المهدي (3) بعثهم في إشخاصه إليه .

قال : وأمرني بشراء حوائج له ونظر إليّ وأنا مغموم .

فقال : يا أبا خالد ما لي أراك مغموماً ؟

قلت : هو ذا تصير إلى هذا الطاغية ، ولا آمنك منه .

قال : ليس عليّ منه بأس ، إذا كان يوم كذا فانتظرني في أوّل اليل(4) .

قال : فما كان(5) لي همّة إلاأحصي(6) الأيّام حتّى إذا كان ذلك اليوم وافیت أول الميل ، فلم أر أحداً حتّى كادت الشمس تجب(7) فشككت ، و نظرت بعد إلى شخص قد أقبل فانتظرته فاذا هو أبو الحسن موسی على بغلة قد تقدم ، فلمّا نظر إلى ، قال : لا تشكّن . فقلت : قد كان ذلك .

ص: 317


1- عنه کشف الغمة : 247/2 ، والبحار : 48/ 71 ح 95 ، والايقاظ من الهجمة : 196ح 9، ومدينة المعاجز : 459 ح 96.وأورده مرسلا في الصراط المستقیم: 2/ 190 ح8 مختصراً، عنه اثبات الهداة
2- زبالة ، بضم أوله : موضع معروف بطريق مكة ، بين واقصة و الثعلبية بها بر کتان(مراصد الاطلاع: 656/2)
3- المهدي : هو ثالث خلفاء الدولة العباسية ، اسمه محمد بن عبدالله بن محمد بن على بن عبدالله بن العباس
4- «الليل» خل ، وكذا التي تأتي. وأول الميل : أول زوال الشمس عن كبد السماء ، أو عندما تقارب الغياب
5- «كانت» البحار
6- «احصاء» البحار
7- تجب : تغيب ، يقال : وجبت الشمس : غابت

ثمّ قال : إنّ لي عودة، ولا أتخلّص منهم . فكان كما قال .(1).

9- ومنها: أنّ عيسى المدائني قال : خرجت سنة إلى مكّة فأقمت بها ثمّ قلت : أنيم بالمدينة مثل ما أقمت بمكّة [ فهو أعظم ](2) لثوابي ، فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلّي إلى جنب دار أبي ذر ، فجعلت أختلف إلى سيّدي فأصابنا مطر شديد بالمدينة فأتيت أبا الحسن علیه السلام مسلّماً عليه يوماً وإنّ السماء تهطل فلمّا دخلت ابتدأني . فقال لي : وعليك سلام اللّه يا عيسى ارجع فقد انهدم بينك على متاعك.

فانصرفت راجعاً وإذا البيت قد انهار، واستعملت عملة، فاستخرجوا متاعي كلّه ولا افتقدته غير سطل كان لي .

فلمّا أتيته الغد مسلّماً عليه ، قال : هل فقدت من متاعك شيئاً فندعو اللّه [ لك ] بالخلف ؟ قلت : ما فقدت شيئاً ما خلا سطلا كان لي أتوضّأ منه فقدته .

فأطرق مليّاً، ثمّ رفع رأسه إلي فقال ليّ : قد ظننت أنّك قد أنسيت [ السطل ] فسل جارية ربّ الدار عنه ، وقل لها : أنت رفعت السطل في الخلاء ، فردّیه ، فانّها ستردّه عليك. فلمّا انصرفت أتيت جارية ربّ الدّار فقلت :

ص: 318


1- عنه البحار : 71/48 ح 96. و رواه في قرب الاسناد : 140 باسناده الى أبي خالد الزبالي، عنه البحار: 228/48 ح 32.ورواه في الکافی : 477/1 ح3 باسناده الى أبي خالد الزبالي، عنه مدينة المعاجز:435 ح32 ، و عن اعلام الوری : 305 با لاسناد الى أبي خالد الزبالي .و أورده مرسلا في ثا قب المناقب : 397 (مخطوط) عن أبي خالد الزبالي.وأخرجه في كشف الغمة :238/2 من کتاب دلائل الحميري ، عنه البحار 229/48 ح 34. وأخرجه في اثبات الهداة : 502/5 ح3 عن الكافي و قرب الاسناد و اعلام الوری وكشف الغمة
2- من البحار

إنّي نسيت السطل في الخلاء فردّیه عليّ أتوضّأ منه . فردّت عليّ سطلي .(1).

10- ومنها: أنّ عليّ بن أبي حمزة قال : كنت عند موسی بن جعفر علیهما السلام إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له « جندب » فسلّم عليه وجلس ، فسأله أبو الحسن علیه السلام وأحسن السؤال به ، ثمّ قال له : يا جندب ما فعل أخوك ؟

قال له : بخير وهو يقرئك السلام .

فقال : يا جندب عظّم اللّه(2) أجرك في أخيك.

فقال : ورد كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوماً بالسلامة .

فقال : إنّه واللّه مات بعد كتابه إليك بيومين ، ودفع إلى امرأته مالا ، وقال :ليكن هذا المال عندك فاذا قدم أخي فادفعيه إليه . وقد أودعته الأرض في البيت الذي كان يكون فيه ، فإذا أنت أتيتها فتلطّف لها و أطمعها في نفسك فانّها ستدفعه إليك .

قال عليّ بن أبي حمزة : و كان جندب رجلا [ كبيراً ] جميلا .

قال : فلقيت جندباً بعد ما فقد أبو الحسن علیه السلام فسألته عمّا قال له .

فقال: صدق والله سيدي مازاد، ولا نقص، لافي الكتاب ولا في المال .(3).

ص: 319


1- عنه البحار 60/48 ح 74.وأخرجه في كشف الغمة : 241/2 من كتاب دلائل الحميري ، عن عيسى المدائنی مثله. عنه اثبات الهداة : 5/555 ح 98 والبحار 61/48 ح74
2- «أعظم الله لك» البحار
3- عنه البحار 61/48 ح 76، وح77، عن عيون المعجزات: 98 عن على، وح78 عن فرج المهموم : 230 باسناده الى الحميري في دلائل الامامة برفعه الى على ، وح 79عن کشف الغمة : 241/2 من كتاب دلائل الامامة للحميري عن علی ، جميعاً مثله.وأورده في اثبات الوصية :191 عن على ، وفي دلائل الامامة للطبری : 162 بالاسناد الى على ، وفي ثاقب المناقب : 406 «مخطوط» عن علي ، و في الصراط المستقيم190/ 2 ح7 مرسلا . وأخرجه في اثبات الهداة : 556/5 ح99 عن كشف الغمة .وأخرجه في مدينة المعاجز : 32 ح 21 عن دلائل الامامة للطبری

11- ومنها : ما روی عليّ بن أبي حمزة قال : كان رجل من موالي أبي الحسن لي صديقاً، قال : خرجت من منزلي يوماً فاذا أنا بامرأة حسناء جميلة ومعها أخرى فتبعتها ، فقلت لها : تمتّعيني نفسك ؟ فالتفتت إليّ، و قالت : إن كان لنا عندك جنس فليس فينا مطمع ، وإن لم يكن لك زوجة ، فامض بنا . فقلت : ليس لك عندنا جنس.فانطلقت معي حتّى صرنا إلى باب المنزل فدخلت ، فلمّا أن خلعت فرد خفّ وبقي الخفّ الاخر تنزعه إذا قارع يقرع الباب ، فخرجت فاذا [ أنا ] بموفّق مولى أبي الحسن ، فقلت له : ماوراك ؟ قال : خير ، يقول لك أبو الحسن :

أخرج هذه المرأة التي معك في البيت ولا تمسّها .

فدخلت فقلت لها : البسي خفّك يا هذه واخرجي . فلبست خفّها وخرجت ،فنظرت إلى موفق بالباب ، فقال سدّ الباب . فسددته(1) ، فواللّه ماجازت(2) غير بعيد، وأنا وراء الباب أستمع وأطّلع حتّى لقيها رجل مستفز(3).

فقال لها : مالك خرجت سريعاً، ألست قلت لاتخرجي ؟

قالت: إنّ رسول الساحر جاء يأمره أن يخرجني فأخرجني .

قال : فسمعته يقول : أولی له . وإذا القوم طمعوا في مال عندي ، فلمّا كان العشاء عدت إلى أبي الحسن ، قال : لا تعدّ فان تلك امرأة من بني أميّة، أهل بيت اللعنة إنّهم كانوا بعثوا أن يأخذوها في(4) منزلك فاحمد اللّه الذي صرفها .

ثمّ قال لي أبو الحسن : تزوّج بابنة فلان وهو مولى أبي أيّوب الأنصاري(5) فان له إبنة(6) قد جمعت كلّ ما تريد من أمر الدنيا والاخرة.

ص: 320


1- «شد الباب فشددته» م
2- «ما جاءت له» البحار
3- «مستغنی» ط«مستعر» البحار . ومستفز : مستخف يقال : رجلا مستفزاً أي غير مطمئن
4- «من» البحار
5- هكذا في ثاقب المناقب، و في الأصل، والبحار «البخاری»
6- «فانها امرأة» البحار

فتزوّجت، فكان كما قال علیه السلام.(1).

12 - ومنها : أنّ علي بن أبي حمزة قال : بعثني أبو الحسن في حاجة فجئت وإذا معتّب على الباب ، فقلت : أعلم مولاي بمكاني . فدخل معتّب ومرّت بي امرأة وقلت : لولا أنّ معتّباً دخل فأعلم مولاي بمكاني لاتّبعت هذه المرأة فتمتّعت بها فخرج معتّب فقال : ادخل . فدخلت [ عليه ] وهو على مصلّي تحته مرفقة(2) فمدب یده و أخرج من تحت المرفقة صرّة فناولنيها ، وقال :

الحق المرأة فانّها على دكان العلاّف بالبقيع تنتظرك . فأخذت الدراهم و کنت إذا قال لي شيئاً لا أراجعه ، فأتيت البقيع فاذا المرأة على دكّان العلاف تقول :

يا عبد اللّه قد حبستني . قلت : أنا ؟! قالت : نعم ، فذهبت بها وتمتّعت بها(3) .

13 - ومنها : ما قال المعلّی بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن بكّار القمّي قال: حججت أربعين حجّة ، فلمّا كان في آخرها أصبت بنفقتي بجمع(4) فقدمت مكّة فأقمت حتّى يصدر(5) الناس ، ثمّ قلت : أصير إلى المدينة فأزور رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم وأنظر إلى سيّدي أبي الحسن موسى علیه السلام وعسى أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئاً فأستعين به على طريقي إلى الكوفة .

ص: 321


1- عنه البحار : 16/48 ح 80.و أورده في ثاقب المناقب : 407 (مخطوط) عن على ، عنه مدينة المعاجز : 468ح127، و أورده مرسلا في الصراط المستقیم : 2/ 190 ح 9 مختصراً، عنه اثباتالهداة : 5 / 573 ح139
2- المرفقة : المخدة
3- عنه البحار : 62/48 ح 81، و أورده في الصراط المستقيم: 2/ 190 ح 10 قطعة عن علي ، عنه اثبات الهداة: 573/5 ح 140
4- جمع ، ضد التفرق : وهو المزدلفة ، سمي جمعاً لازدلاف آدم الى حواء و اجتماعه معها.(مجمع البحرین : «زلف»)
5- صدر عن المكان : رجع عنه

فخرجت حتّى صرت إلى المدينة فأتيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم فسلّمت عليه ، ثمّ جئت إلى المصلّي إلى الموضع الذي يقوم فيه الفعلة ، فقمت(1) فيه رجاء أن يسبّب اللّه لي عملا أعمله ، فبينا أنا كذلك إذ أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة(2)فجئت فوقفت معهم فذهب بجماعة فاتّبعته ،

فقلت: يا عبد اللّه إنّي رجل غريب، فان رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني .

فقال : أنت من أهل الكوفه ؟ قلت : نعم . قال: إذهب فانطلقت معه إلى دار كبيرة تبني جديدة ، فعملت فيها أيّاما و کنّا لا نعطي من اسبوع إلى اسبوع إلا يوماً واحداً ، و كان العمّال لا يعملون ، فقلت للوكيل : استعملني عليهم حتّى أستعملهم وأعمل معهم .

فقال : قد استعملتك. فكنت أعمل ، و أستعملهم .

قال : فانّي لواقف ذات يوم على السلّم إذ نظرت إلى أبي الحسن موسی علیه السلام قد أقبل وأنا في السلّم في الدار، فدار في الدار ثمّ رفع رأسه إليّ فقال : [ يا ] بكّار جئتنا انزل فنزلت. قال : فتنحّى ناحية ، فقال لي : ماتصنع هاهنا . فقلت؟ جعلت فداك أصبت بنفقتي بجمع فأقمت [ بمكّة ] إلى أن صدر النّاس ، ثمّ إنّي صرت إلى(3) المدينة فأتيت المصلّى ، فقلت : أطلب(4) عملا فبينا أنا قائم إذ جاء و كيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني كما يستعملهم ، فقال لي : قم يومك هذا.

(فلمّا كان من الغد و كان اليوم الذي يعطون فيه جاء )(5) فقعد على الباب ،

ص: 322


1- «العملة فوقعت» ط، ھ ، «العلماء فقمت» البحار
2- «العملة» ط
3- «ثم أتيت» ط ، ه
4- «لا طلب » ط
5- «ثم توجه بالخروج ، فعملت حتى كان اليوم الذي يعطون فيه الفعلة فجاء الوكيل» ط،وفي ط خ «فعملت ، فقال لي : أقم يومك هذا حتى كان اليوم الذي يعطون فيه العملة فجاء الوکیل»

فجعل يدعو الوکیل بر جل رجل يعطيه فكلمّا ذهبت إليه أومأ بيده إلي أن اقعد .(1).

حتّى إذا كان في آخرهم ، قال لي : أدن. فدنوت فدفع إليّ صرة فيها خمسة عشر دیناراً ، فقال : خذ هذه نفقتك إلى الكوفة .

ثمّ قال : اخرج غداً . قلت : نعم جعلت فداك ولم أستطع أن أردّه ، ثمّ ذهب وعاد إليّ الرسول ، فقال :

قال أبو الحسن علیه السلام (2) : إئتني غداً قبل أن تذهب . [فقلت : سمعاً وطاعة] .

فلمّا كان من الغد أتيته ، فقال : أخرج الساعة حتّى تصير إلى فيد(3) فانّك توافق قوماً يخرجون إلى الكوفة، وهاك(4) هذا الكتاب فادفعه إلى عليّ بن أبي حمزة.

قال : فانطلقت فلا واللّه(5) ما تلقّاني خلق حتّى صرت إلى فيد ، فاذا قوم قد تهيّأوا للخروج إلى الكوفة من الغد ، فاشتريت بعيراً وصحبتهم إلى الكوفة فدخلتها ليلا ، فقلت : أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ثمّ أغدو بكتاب مولاي إلى عليّ بن أبي حمزة، فأتيت منزلي فاخبرت أنّ اللصوص دخلوا إلى حانوتي قبل قدومي بأيّام.

فلمّا أن أصبحت صلّيت الفجر فبينا أنا جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع [عليّ] الباب، فخرجت فاذا[هو] عليّ بن أبي حمزة فعانقته وسلّم عليّ(6) ، ثمّ قال لي : بابکّار هات كتاب سيّدي . قلت : نعم ، [ و إنّني ] قد كنت على [عزم] المجيء إليك الساعة . قال : هات قد علمت أنّك قدمت ممسياً(7).

ص: 323


1- «فكلما ذهبت لادنو قال لي بيده: كذا» م. البحار
2- «ثم ذهب وأتانی رسوله قال: أن أبا الحسن عليه السلام قال:» ط ، ه
3- فيد ، بالفتح ، ثم السكون ، ودال مهملة: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة (مراصد الاطلاع: 1049/3)
4- «وخذ» ط، ه
5- «فوالله» ط ، ه
6- «فسلمت عليه» ط
7- «قد أتيت عشیاً» ط ، ه

فأخرجت الكتاب فدفعته(1) إليه فأخذه وقبّله ووضعه على عينيه و بکی، فقلت: ما يبكيك؟

قال: شوقاً إلى سيّدي. ففكّه(2) وقرأه، ثمّ رفع رأسه [إليّ] و قال : يا بکّار دخل عليك اللصوص ؟ قلت : نعم . قال: فأخذوا ما كان في حانوتك ؟ قلت: نعم .

قال : إنّ اللّه قد أخلفه عليك(3)، قد أمرني مولاك ومولاي أنا خلف عليك ماذهب منك.

أعطاني أربعين ديناراً(4). قال: فقوّ مت ماذهب [منّي] فاذا قيمته أربعون ديناراً ففتح(5)عليّ الكتاب فاذافيه : إدفع إلى بكار قيمة ماذهب من حانوته أربعين ديناراً .(6).

14- ومنها : أنّ إسحاق بن عمّار قال: لمّا حبس هارون أبا الحسن موسی علیه السلام دخل عليه أبويوسف ومحمّد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة ، فقال : أحدهما للاخر :نحن على أحد أمرين إمّا أن نساويه، وإمّا أن نشاكله(7) . فجلس بين يديه، فجاء رجل كان موکلا به من قبل السنديّ بن شاهك، فقال : إنّ نوبتي قد انقضت وأنا على الانصراف فان كانت لك حاجة أمرتني حتّى آتيك بها في الوقت الذي تلحقني النوبة ؟

فقال [له] : مالي حاجة . فلمّا أن خرج ، قال لأبي يوسف و محمّد بن الحسن : ما أعجب هذا يسألني أن اكلّفه حاجة من حوائجي ليرجع، وهو ميّت في هذه الليلة.

قال : فغمز أبويوسف محمّد بن الحسن للقيام، فقاما ، فقال أحدهما للاخر : إنّا

ص: 324


1- «و سلمته» ط ، ه
2- «ففضه» ط ، 5
3- «فقال : الله قد رد عليك» ط ، ه
4- «ما ذهب منك وأخرج صرة فيها أربعين ديناراً فدفعها الى» ط ،ه
5- «فقرأ» ط ، ه
6- عنه البحار : 62/48 ح 82 ومدينة المعاجز : 459 ح97.وأورده في ثاقب المناقب : 177 (مخطوط) بالاسناد الى بكار القمی مثله. وفي الصراط المستقیم : 2/ 190 ح 11 مختصراً على بكار
7- «نشککه» م ، ه، کشف «نشكله» البحار ، ونشا كله ، من شاكله مشاكلة : ماثله ، وافقه يقال : «في فلان مشاكلة من أبيه» أي شبه

جئنا لنسأله عن الفرض والسنّة وهوالآن جاء بشيء آخر كأنّه من علم الغيب .

ثمّ بعثا برجل مع الرجل ، فقالا: إذهب حتّى تلزمه و تنتظر(1) مايكون من أمره في هذه الليلة، وتأتينا بخبره من الغد.

فمضى الرجل فنام في مسجد عند باب داره فلمّا أصبح سمع الواعية ورأى الناس يدخلون داره ، فقال: ماهذا ؟ قالوا : [قد] مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علّة.

فانصرف [الرجل] إلى أبي يوسف ومحمّد وأخبرهما (الخبر ، فأتيا)(2) أبا الحسن علیه السلام فقالا : قد علمنا أنّك قد أدركت العلم في الحلال و الحرام ، فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكّل بك أنّه يموت في هذه اللّيلة ؟

قال: من الباب الذي أخبر بعلمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم علي بن أبي طالب علیه السلام. فلمّا أورد(3) عليهما هذا بقيا لا يحيران(4) جواباً.(5).

15 - ومنها : ماروي أنّ هارون الرشید بعث يوماً إلى موسی بن جعفرعلیهما السلام على يد ثقة له طبقاً من السرقين(6) الذي هو على هيئة التين ، وأراد استخفافه ، فلمّا رفع الازار منها فاذا هي من أحلى التين و أطيبه، فأكل علیه السلام و أطعم بعضها الحامل وردّ

ص: 325


1- «اذهب معه وانظر» ط ، ه
2- «فأتينا» ط، ه، کشف
3- «ورد» کشف ، «درد» البحار
4- من حار يحور حوراً : رجع ، و أحار عليه جواباً : رده . و قوله «فلم يحر جواباً» أي يرجع ولم يرد ، وفي ه ، ط «بقيا متحرين لا يردان جواباً»
5- عنه کشف الغمة : 248 2 ، و اثبات الهداة : 544/5 ح84 ، ومدينة المعاجز : 460ح98 .وأورده مرسلا في الصراط المستقیم: 191/2 ح12 مختصراً ، عنه اثبات الهداة :574/5 ح 141
6- السرقين : الزبل . ويقال أيضاً : السرجين وهي كلمة أعجمية ، وأصلها «سر کین» بالكاف فعربت الی الجيم والقاف

بقيتها(1) إلى هارون .

فلمّا تناوله [هارون](2) صار سرقیناً في فيه ، و كان في يده تيناً(3) .

16 - ومنها ما قال : إسحاق بن عمّار :إن أبا بصير أقبل مع أبي الحسن موسی من المدينة يريد العراق(4) ، فنزل أبو الحسن لمنزل(5) الذي يقال له زبالة(6) بمرحلة ، فدعا یعليّ بن أبي حمزة البطائني ، و كان تلميذاً لأبي بصير ، فجعل يوصیه بوصيّة بحضرة أبي بصير ويقول : يا علي إذا صرنا إلى الكوفة فتقدم في كذا.

فغضب أبو بصير وخرج من عنده ، فقال : لا واللّه ما أعجب ما أرى هذا [الرجل] أنا أصحبه منذ حين، ثمّ يتخطّاني بحوائجه إلى بعض غلماني.

فلمّا كان من الغد حمّ أبو بصير بزبالة فدعا بعليّ بن أبي حمزة فقال له : أستغفر الله ممّا حكّ(7) في صدري من مولاي و [ من ] سوء ظنّي به، كان قد علم أنّي میّت وأنّي لا ألحق الكوفة ، فاذا أنا متّ فافعل كذا، وتقدّم في كذا.

فمات أبو بصير بزبالة(8).

ص: 326


1- «ورد بعضها» کشف الغمة، اثبات الهداة
2- من کشف الغمة، واثبات الهداة
3- عنه اثبات الهداة : 558/5 ح104، و کشف الغمة : 2/ 248، و له نظر في هذا الخبر نتركه للقاریء
4- «من مكة الى المدينة» البحار
5- «في الموضع» البحار
6- زبالة ، بضم أوله : منزل معرون بطريق مكة من الكوفة
7- «حل» کشف الغمة، واثبات الهداة، والبحار . وحك، وأحك الكلام في صدره : عمل وأثر فيه ، ويقال : «ما حك في صدري كذا» أي لم أنشرح له
8- عنه کشف الغمة : 249/2 ، واثبات الهداة : 558/5 ح 105، والبحار : 65/48ح84، وأورده في الصراط المستقیم: 191/2 مرسلا باختصار

17 - ومنها : أن هشام بن الحكم قال : لمّا مضي أبو عبد اللّه علیه السلام وادّعى الامامة عبداللّه بن جعفر و أنّه أكبر ولده ، دعاه موسی بن جعفر علیهما السلام وقال : يا أخي إن كنت صاحب هذا الامر فهلم يدك فأدخلها النار. و كان حفر حفيرة وألقي فيها حطباً وضربها بنفط ونار ، فلم يفعل عبد اللّه ، و أدخل أبو الحسن يده في تلك النار(1) و لم يخرجها من النار إلا بعد احتراق الحطب وهو يمسحها .(2)

18 - ومنها : أنّ عليّ بن سويد(3) قال: خرج - إليه - عن أبي الحسن موسی علیه السلام :سألتني عن أمور کنت منها في تقيّة ومن كتمانها في سعة ، فلمّا انقضی سلطان الجبابرة و دنا سلطان ذي السلطان العظيم ( بفراق الدنيا )(4) المذمومة إلى أهلها العتاة(5) على خالقهم ، رأيت أن أفسّر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء شیعتنا(6) من قبل جهالتهم فاتّق الله واكتم ذلك إلا من أهله ، واحذر أن تكون سبب بليّة على الأوصياء أو حارشاً (7) عليهم في إفشاء ما استودعتك و إظهار ما استكتمتك ، ولن تفعل إن شاء الله ، إن أول ما أنهي(8) عليك [ أن ](9) أنعی [ إليك ](10) نفسي في ليالي هذه ، غير جازع، ولا نادم ، ولا شك فيما هو كائن

ص: 327


1- «الحفيرة» البحار
2- عنه البحار : 65/48 ح 85 . و أورده في الصراط المستقيم : 191 /2 ذح 2 مرسلا باختصار، عنه اثبات الهداة : 572/5 ح135
3- «المؤيد» البحار . راجع رجال السيد الخوئی : 58/ 12 - 61
4- هكذا في البحار وفي الاصل «منا والدنيا»
5- عتا عتواً: استكبر وجاوز الحد ، فهو عات، و جمعها عتاة
6- هكذا في البحار، وفي الأصل «امتنا»
7- قال ابن الأثير : الاحتراش والحرش : أن تهيج الضب من جحره ، بأن تضربه بخشبة أو غيرها من خارجه فيخرج ذنبه و يقرب من باب الجحر بحسب أنه أفعی ، فحينئذيهدم عليه جحره ويؤخذ. والمعنی استعارة
8- أنهى انهاء الشيء: أبلغه
9- من البحار
10- من البحار

ممّا قضى الله و قدّر و حتّم . (في كلام كثير) .

ثمّ إنّه مضى علیه السلام في أيّامه هذه .(1).

19 - ومنها : ما روي عن محمّد بن عبدالله ، عن صالح بن واقد الطبري قال: دخلت على موسی بن جعفر علیهما السلام فقال : ياصالح إنّه يدعوك الطاغية - يعني هارون - فيحبسك في محبسه ، ويسألك عنّي فقال: إنّي لا أعرفه ، فإذا صرت في محبسه(2) فقل من أردت أن تخرجه ، فأخرجه باذن الله تعالی .

قال صالح : فدعاني هارون من طبرستان(3) ، فقال : ما فعل موسی بن جعفر فقد بلغني أنّه كان عندك ؟

فقلت : ومايدريني من موسی بن جعفر ؟ أنت يا أمير المؤمنين أعرف به وبمكانه .

فقال : اذهبوا به إلى الحبس . فواللّه إنّي لفي بعض الليالي قاعد و أهل الحبس نیام إذا أنا به يقول : ياصالح . قلت : لبّيك . قال : قد صرت إلى هاهنا ؟

فقلت : نعم يا سيدي .

قال : قم فاخرج واتّبعني . فقمت و خرجت ، فلمّا أن صرنا إلى بعض الطريق قال : يا صالح ! السلطان سلطاننا كرامة من الله أعطاناها .

قلت : يا سيدي فأین أحتجز من هذا الطاغية ؟

قال : عليك ببلادك فارجع إليها فانّه لن يصل إليك .

قال صالح : فرجعت إلى طبرستان فواللّه ما سأل عنّي، ولادری أحبسني أم لا؟(4).

ص: 328


1- عنه البحار : 66/48 ح86
2- «حبسه» ط ، ه
3- طبرستان : بفتح أوله ، و ثانیه ، و كسر الراء أو اسكان الراء المهملة، بلاد واسعة ومدن كثيرة ، يشملها هذا الاسم يغلب عليها الجبال ، وهي تسمى بمازندران ، وهي مجاورة لجيلان ودیلمان ، وهي الري وقومس (مراصد الاطلاع: 878/ 2)
4- عنه البحار : 66/48 ح87.وأورده في الصراط المستقيم : 191/2 ح5 مختصراً

20- و منها : أنّ إسماعيل بن سالم قال: بعث إليّ عليّ بن يقطين و إسماعيل ابن أحمد فقالا لي : خذ هذه الدنانير ، وائت الكوفة فألق فلاناً فاستصحبه(1) واشتريا راحلتين، وامضيا بالكتب و مامعكما من الأموال حتّى تأتيا المدينة، وادفعا ما معكما من كتب ومال إلى موسی بن جعفر علیهما السلام . ففعلنا، حتّى إذا كنّا ببطن الرمّة(2) وقد اشترينا علفاً ، و وضعناه(3) بين الراحلتين و جلسنا نأكل، فبينا نحن كذلك إذطلع علينا موسی بن جعفر علیهما السلام على بغلة له - أو بغل - وخلفه شاکري(4) فلمّا رأيناه وثبنا إليه فسلّمنا عليه.

فقال: هاتیا(5) مامعكما . فأخرجناه و دفعناه إليه وأخرجنا الكتب فناولنا إيّاه ، فأخرج کتباً من كمّه، فقال لنا : هذه جوابات كتبكم ، فانصرفا في حفظ اللّه .

قلنا: فقد فني زادنا وقد قربنا من المدينة، ولو أذنت لنا فزرنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله و سلم وتزودنا زاداً .

فقال : أبقي معكما من زاد کما شيء ؟ قلنا : نعم .

قال : ائتوني به. فأخرجناه إليه فقلّبه(6) بيده ، وقال: هذه بلغتكم إلى الكوفة ،

امضيا في حفظ اللّه. فرجعنا وكفانا الزاد إلى الكوفة(7) .(8).

ص: 329


1- «و أشخصه» البحار
2- هكذا في البحار ، وفي الأصل «ببطن الرملة» . بضم الراء ، و تشديد الميم . وقد يقال بالتخفيف ، وهو واد معروف بعالية نجد (معجم البلدان: 449/9 ، و في ج3/72 قيل غير ذاك)
3- «ووفقنا» خ ل
4- الشاکری : الأجير ، والمستخدم، جمعها شاكرية ، والكلمة من الدخيل
5- «هات» اسم فعل ، بمعنى أعطني
6- «فقبضه» کشف ، اثبات الهداة
7- «فرجعنا و كان يكفينا» الاصل
8- عنه کشف الغمة : 249/2 ، واثبات الهداة : 559/5 ح106، والبحار : 35/48 ح 6.ورواه في معرفة الرجال: 36 ح 821 باسناده الي اسماعيل بن سلام، و فلان بن حميد. قالا : بعث الينا على بن يقطين، وفي ص 437 ح 821 بسند آخر.عنه البحار 48/ 34 ح 5 .وأورده في الصراط المستقيم : 191/2 ح16 مرسلا باختصار .وأخرجه في مدينة المعاجز : 468ح 124 عن ثاقب المناقب : 400 (مخطوط) ، وعن اسماعيل بن سلام وأبي حميد قالا : بعث الينا على بن يقطين مثله

21- ومنها: ماقال الأصبغ بن موسی : حملت دنانير إلى موسی بن جعفر علیه السلام بعضها لي وبعضها لاخواني ، فلمّا دخلت المدينة أخرجت الذي لأصحابي فعددته فكان تسعة وتسعين دیناراً ، فأخرجت من عندي دیناراً و أتممتها مائة دينار ، فدخلت عليه فصیبتها بين يديه ، فأخذ ديناراً من بينها ، ثمّ قال :

هاك دینارك ، إنّما بعثت إلينا وزناً، لاعدداً .(1).

22- ومنها :أنّ داود بن كثير الرقّي قال: وفد من خراسان وافد يكنّى أبا جعفر واجتمع إليه(2) جماعة من أهل خراسان ، فسألوه أن يحمل لهم أموالا و متاعاًو مسائلهم في الفتاوى والمشاورة ، فورد الكوفة [فنزل] وزار أمير المؤمنين علیه السلام ورأي في ناحية رجلا وحوله(3) جماعة ، فلمّا فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء و يسمعون من الشيخ فسألهم عنه، فقالوا : هو(4) أبو حمزة الثمالي . قال : فبينا نحن جلوس إذ أقبل أعرابي ، فقال : جئت من المدينة و قدمات جعفر بن محمد علیهما السلام.

فشهق أبو حمزة وضرب بيده الأرض ، ثمّ سأل الأعرابيّ : هل سمعت له بوصيّة ؟ قال : أوصى إلى ابنه عبد اللّه ، وإلى ابنه موسی ، و إلى المنصور .

فقال أبو حمزة : الحمدللّه الذي لم يضلّنا ، دلّ على الصغير ، ومنّ على الكبير وستر(5) الأمر العظيم. و وثب(6) إلى قبر أمير المؤمنين فصلّى وصلّينا .

ص: 330


1- عنه البحار : 67/48 ح 88
2- «علیه» ط ، ه
3- «معه» ه، ط
4- «هذا» ط ، ه
5- «سر» البحار ، و كذا التي تلي
6- «قصد» ظ، ه . وثب : نهض ونام

ثمّ أقبلت عليه وقلت له: فسّرلي ما قلته؟

فقال : بيّن أنّ الكبير ذو عاهة، ودلّ على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير ، وستر الأمر بالمنصور ، حتّى إذاسأل المنصور من وصيّه ؟ قيل أنت .

قال الخراساني: فلم أفهم جواب ما قاله ، ووردت المدينة ، ومعي المال و الثياب والمسائل ، و كان فيما معي درهم - دفعته إلىّ امرأة تسمّی شطيطة - ومنديل .

فقلت لها : أنا أحمل عنك مائة درهم. فقالت : إنّ اللّه لا يستحيي من الحقّ ، فعو جت الدرهم وطرحته في بعض الأكياس ، فلمّا حصلت بالمدينة(1) سألت عن الوصيّ فقيل [لي] عبداللّه ابنه . فقصدته ، فوجدت باباً مرشوشاً مکنوساً عليه بّوّاب فأنكرت ذلك في نفسي و استأذنت و دخلت بعد الاذن ، فادا هو جالس في منصبه ، فأنكرت ذاك أيضاً .

فقلت: أنت وصيّ الصادق علیه السلام، الامام المفترض الطاعة ؟ قال: نعم .

قلت : كم في المائتين من الدراهم زكاة ؟ قال: خمسة دراهم.

قلت: فكم في المائة ؟ قال : درهمان و نصف .

قلت : ورجل قال لامرأته : أنت طالق بعدد نجوم السماء [هل] تطلّق بغير شهود؟

قال : نعم ، و يكفي من النجوم رأس الجوزاء (2) ثلاثاً .

فعجبت(3) من جواباته و مجلسه.

وال: احمل إليّ مامعك ؟ قلت : مامعي شيء.[و] جئت إلى قبر النبي صلی الله علیه و آله و سلم فلمّار جعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف ، فقال : سلام عليك . فرددت عليه السلام.

قال : أجب من تريده. فنهضت معه، فجاء بي إلى باب دار مهجورة، ودخل وأدخلني

ص: 331


1- «دخلت المدينة» ط ، ه . حصلت : ثبت
2- أي بعدد رأس الجوزاء وهو اما الانجم الثلاثة، أو حرف الجيم وهو ثلاث بحساب العدد «والجوزاء» نجم يقال : انها تعترض في جوز السماء ، أي وسطها
3- «فتعجبت» ط، ھ

فرأيت موسی بن جعفر على علیهما السلام حصير الصلاة ، فقال لي :

يا أبا جعفر [اجلس] . وأجلسني(1) قريباً، فرأيت دلائله ، أدباً وعلماً ومنطقاً .

وقال لي : احمل مامعك. فحملته إلى حضرته فأومی بيده إلى الكيس [ الذي فيه درهم المرأة ]، فقال لي : افتحه . ففتحته . وقال لي : إقلبه. فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوجّ فأخذه بيده وقال : افتح تلك الرزمة(2) . ففتحتها ، فأخذ المنديل منها بيده وقال - وهو مقبل علیّ - : إن الله لا يستحيي من الحقّ .

يا أبا جعفر اقرأ على شطيطة السلام منّي وادفع إليها هذه الصرّة.

وقال لي : أردد ما معك إلى من حمله وادفعه إلى أهله ، وقل : قد قبله ووصلكم به(3) . وأقمت عنده و حادثني وعلّمني ، وقال لي : ألم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر الكوفة وأنتم زوار أمير المؤمنين علیه السلام كذا وكذا ؟ قلت : نعم .

قال : كذلك يكون المؤمن إذا نوّر الله قلبه كان علمه بالوجه(4) . ثم قال لي: قم إلى ثقاة أصحاب الماضي(5) فسلهم عن نصّه .

قال أبو جعفر الخراساني : فلقيت جماعة كثيرة منهم(6) شهدوا بالنصّ على موسى علیه السلام، ثم مضى أبو جعفر إلى خراسان .

قال داود الرقّي : فكاتبني من خراسان ، إنّه وجد جماعة ممّن حملوا المال

ص: 332


1- «فجلست» ه ، ط
2- الرزمة من الثيات وغيرها : ما جمع وشد معاً ، جمعها رزم
3- «قد قبلته ووصلتكم به» م ، ط
4- كان علمه با لوجه أي بالوجه الذي ينبغي أن يعلم به ، أو بوجه الكلام وایما ئه من غير تصریح ، كما ورد أن القرآن ذووجوه ، أو اذا نظر الى وجه الرجل علم ما في ضميره فيكون ذكره على التنظير (قاله المجلسی)
5- المراد بالماضي هنا : الامام الصادق عليه السلام
6- «ثم» م

قد صاروا فطحيّة(1)، وإنه وجد شطيطة على أمرها تتوقّعه يعود.

قال : فلمّارأيتها عرّفتها(2) سلام مولانا(3) عليها ، وقبوله منها دون غيرها و سلّمت إليها الصرّة ، ففرحت وقالت لي : أمسك الدراهم معك ، فانّها لكفني .

فأقامت ثلاثة أيّام وتوفّيت [ إلى رحمة اللّه تعالی ].(4).

23 - ومنها : ما روي عن هشام بن سالم [ قال : ] كنت أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق بالمدينة ، بعد وفاة جعفر علیه السلام وقد اجتمع الناس على عبد اللّه ابنه فدخلنا عليه وقلنا : الزكاة في كم تجب ؟

قال : في مائتي درهم ، خمسة دراهم. فقلنا : ففي مائة ؟ قال : درهمان ونصف.

فخرجنا ضلالا فقعدنا باكين في موضع نقول : [ إلى من نرجع] إلى المرجئة إلى المعتزلة، إلى الزيديّة(5) ، فنحن كذلك إذ رأيت شيخاً لا أعرفه يؤمیء إليّ

ص: 333


1- الفطحية : فرقة قالت : الامامة بعد جعفر عليه السلام في ابنه عبدالله بن جعفر الافطح ،وسموا بذلك لان عبدالله كان أفطح الرأس، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين . (فرق الشيعة : 88)
2- «أقرأتها» ط ، ه
3- «مولای علیه السلام» ط
4- عنه البحار : 47 / 251 ح23، واثبات الهداة : 545 ح 85 ، ومدينة المعاجز : 460ح99، وص460 ح106.و أورده في مناقب آل أبی طالب : 409/3 عن أبي علي بن راشد و غیره نحوه عنه البحار : 73/48 ح 100، عنها ثبات الهداة : 575/5 ح144. وأورده في ثاقب المناقب : 378 (مخطوط)، عن عثمان بن سعيد، عن أبی علی بن راشد نحوه، عنه مدينة المعاجز : 460 ح 106، وعن المناقب
5- المرجئة : هم الذين قالوا لا يضر مع الايمان معصية ، كما لاينفع مع الكفر طاعة، راجع معجم الفرق الاسلاميه: 219 ، والملل والنحل : 1/ 139، فرق الشيعة : 25. والمعتزلة : و يسمون أصحاب العدل والتوحيد و يلقبون با لقدرية، والعدليه (الملل والنحل:43/1) وقال في فرق الشيعة: 24، فرقة اعتزلت مع سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمر بن الخطاب ... فان هؤلاء اعتزلوا عن علي عليه السلام و امتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته و الرضا به، فسموا المعتزلة وصاروا أسلاف المعتزلة الى آخر الابد .والزيديه: هم القائلون بامامة زيد بن علی بن الحسين عليه السلام في وقته و امامة ابنه یحیی بن زيد بعده . راجع معجم الورق الاسلامية : 127 ، والملل والنحل : 1/ 154، وفرق الشيعة : 39

فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور، فانّه أمر بضرب رقاب من يجتمع على(1) موسي علیه السلام وقتله إن اجتمعوا عليه .

فقلت للاحول(2) : تنحّ ، لا تهلك فانّي خائف على نفسي ، و تبعت الشيخ حتّى أخر جني(3) إلى باب موسی علیه السلام و أدخلني [عليه] ، فلمّا رآني موسى علیه السلام قال لي - ابتداءاً منه - : إليّ إليّ ، لا إلى المرجئة ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى الزيديّة. فقلت : مضى أبوك ؟ قال : نعم . قلت: فمن لنا بعده ؟ قال : إن شاء اللّه أن يهديك هداك .

فقلت في نفسي : لم أحسن المسألة فقلت [ و ] عليك إمام ، قال ؟ لا.

فدخلني هيبة له، قلت : أسألك كما سألت أباك ؟

قال : سل تخبر ولا تذع ، فان أذعت فهو الذبح . فسألته فاذا هو بحر لا ينزف.

قلت : شيعة أبوك ضلال فأدعوهم إليك ؟ قال : من آنست منه الرشد.

فلقيت أبا جعفر الأحول وزراة وأبا بصير. وندخل عليه إلا طائفة عمّار الساباطي

ص: 334


1- «الی» خ ، ل
2- «لاخوانی» ط، قال النجاشی : محمد بن على بن النعمان ابن أبي طريفة البجلی مولی، الأحوال أبو جعفر : كوفي ، صیرفی ، یلقب مؤمن الطاق وصاحب الطاق ... و له ترجمه في رجال النجاشی: 325، و رجال الخوئی : 17/ 36
3- «أوصلني» ط ، ه

و بقي عبداللّه لا يدخل عليه إلاّ القليل .(1).

24 - ومنها : ما قال أبو بصير : قلت لأبي الحسن موسی علیه السلام: بما يعرف الامام؟ قال : بخصال : أمّا أو لهنّ : فانّه خصّ بشيء قد تقدّم فيه من أبيه ، وإشارته إليه ليكون حجّة ، ويسأل فيجيب ، وإذا سكت عنه ابتدأ بما في غد ، و يكلّم الناس بكلّ لسان ، ثم قال : أعطيك علامة قبل أن تقوم .

فلم ألبث(2) أن دخل عليه خراساني فكلّمه بالعربيّة، فأجابه أبو الحسن علیه السلام بالفارسيّة .

فقال الخراساني : ما منعني أن أكلّمك بلساني إلاّ ظننت أنّك لا تحسنها .

فقال : سبحان اللّه إذا كنت لا أحسن أجيبك، فما فضلي عليك ، فبما أستحقّ(3)

به الامامة . ثمّ قال : إنّ الأمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا منطق الطير ولا کلام شيء فيه روح .(4).

ص: 335


1- عنه مدينة المعاجز : 429 ذیل ح14 نحوه .ورواه في بصائر الدرجات : 251 ح4 ، وفي الكافي : 351/1 ح7 ، وفي الارشادللمفيد : 326، وفي دلائل الامامة: 159، جميعاً بأسانيدهم الی هشام بن سالم نحوه .و أورده في ثاقب المناقب : 376 (مخطوط) ، و مناقب ابن شهر اشوب : 409/3مرسلا عن هشام بن سالم وأخرجه في اعلام الوری : 300 عن الكافي ، وفي اثبات الهداة : 523 /5 ح 44عن بصائر الدرجات، وفي البحار: 343/47 ح 35، عن الارشاد، وح36 عن المناقبوفي البحار: 51/48 ح 47، عن البصائر ، و في مدينة المعاجز المذكور من الكافي و دلائل الامامة ، والبصائر ، و ثا قب المناقب ، ومناقب ابن شهر اشوب
2- هكذا في الارشاد و غیره و في الأصل «يلبث»
3- هذا في الارشاد وغيره، و في الأصل «يستحق»
4- عنه البحار : 47/48 ح 34. ورواه في قرب الاسناد : 146 ، عنه اثبات الهداة :535/5 ح72، والبحارالمذکور ح33.ورواه في الكافي : 1/ 285 ح7، عنه اثبات الهداة : 386/7ح7 ، ومدينة المعاجز: 437 ح35

فقال الرشيد [ يوماً ] : أحبّ أن أستبرىء(1) أمر عليّ بن يقطين، فانّهم يقولون :إنّه رافضيّ ، و الرافضة يخفّفون في الوضوء [ فطلبه ] فناطه(2) بشيء من الشغل في الدار حتّی دخل وقت الصلاة ، فوقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحیث یری عليّ بن يقطين ، ولا يراه هو ، وقد بعث إليه بالماء للوضوء ، فتوضّأ كما أمره موسی علیه السلام(3) (فقام الرشيد وقال)(4) : كذب من زعم أنّك رافضيّ.

فورد على علي بن يقطين [بعد ذلك] کتاب موسی بن جعفر علیه السلام: من الآن توضّأ كما أمر اللّه : اغسل وجهك مرّة فريضة ، و أخرى إسباغاً ، و اغسل [يديك](5)

من المرفقين كذلك ، وامسح مقدّم رأسك، وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما يخاف عليك .(6).

ص: 336


1- استبرأ : طلب الابراء من الدين و الذنب . وفي ه ، ط «أستبين»
2- ناطه : علقه ، يقال : نيط عليه الشيء أي علق عليه . وفي البحار «فبا طأه» أي أخره
3- «الامام» ه، ط
4- «فدخل عليه الرشيد فقال» ه، ط
5- من البحار
6- عنه البحار: 270/80 ح 25 نحوه، ومدينة المعاجز : 451 ذح 81.وأورده في الارشاد : 330 ، واعلام الوری: 303، وثاقب المناقب : 393(مخطوط) جميعاً عن محمد بن اسماعيل، عن محمد بن الفضل مثله .وفي المناقب لابن شهر اشوب: 407/3 ، وکشف الغمة: 225/2 عن محمد بن الفضل .وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 192 ح 21 مرسلا باختصار .وأخرج في الوسائل : 312/1ح3، عن الارشاد، وفی اثبات الهداد: 5 / 537 ح 74 عن اعلام الوری، والارشاد، و کشف الغمة .وفي البحار: 39 /48 ح14 ومدينة المعاجز المذكور عن اعلام الوری و المناقب و الارشاد.و زاد في المدينة، ثاقب المناقب . وفي البحار : 270/80 ذح 25 عن الارشاد

الباب التاسع

في معجزات الامام المظلوم المسموم علی بن موسی الرضا عليه السلام

1- عن علي بن میثم ، عن أبيه [قال:] سمعت أبي يقول(1) : سمعت « نجمة » امّ الرضا علیه السلام تقول :

لمّا حملت بابني الرضا ، لم أشعر بثقل الحمل ، و كنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلا و تحميداً من بطني ، فيهولني ، فاذا انتبهت لم أسمع ، فلمّا وضعته وقع على الأرض ، واضعاً يده على الأرض ، رافعاً رأسه ، ويحرّك بشفتيه ، ويتكلّم.(2).

2- ومنها : عن إبراهيم بن موسی القزّاز - و كان يؤمّ في مسجد الرضا بخراسان - قال : ألححت على الرضا علیه السلام في شيء طلبته منه فخرج يستقبل بعض الطالبيين ، وجاءوقت الصلاة ، فمال إلى قصر هناك ، فنزل تحت شجرة(3) بقرب القصر وأنا معه، وليس معنا ثالث ، فقال : أذّن . فقلت : ننتظر يلحق بنا أصحابنا ؟

ص: 337


1- «امی تقول» عيون الاخبار
2- رواه في عيون أخبار الرضا: 20/ 1 ح 2 باسناده عن نمیم القرشي، عن أبيه ، عن أحمدالانصاری ، عن علی بن میثم مثله عنه کشف الغمه : 297/2 ، والوسائل: 138/15 ح 4، واثبات الهداة : 45/6 ح28والبحار : 9/49 ح14 ، وحلية الابرار: 297/2 ، ومدينة المعاجز : 473 ملحق ح1
3- «صخرة» البحار

فقال : غفر الله لك ، لا تؤخّرنّ صلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها من غير علّة عليك ، ابدأ بأوّل الوقت . فأذّنت وصلّينا .

فقلت : يا ابن رسول اللّه قد طالت المدّة في العدة(1) التي وعدتنيها ، و أنا محتاج وأنت كثير الشغل(2) ، لا أظفر بمسألتك كلّ وقت.

قال : فحكّ بسوطه الأرض حکّاً شديداً ، ثمّ ضرب بيده إلى موضع الحكّ فأخرج سبيكة ذهب ، فقال : خذها إليك بارك الله لك فيها، وانتفع بها واكتم مارأيت.

قال : فبورك [ لي ] فيها حتّى اشتريت بخراسان ما كان قیمته سبعين ألف دينار فصرت أغنى الناس من أمثالي هناك .(3).

ص: 338


1- العدة : الوعد
2- «الاشتغال» ه ، ط
3- عنه البحار : 49/ 49 ح 49 ، وج 21/83 ح 38.ورواه في بصائر الدرجات : 374 ح 2 باسناده عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن حمزة ، عمن أخبره عن ابراهيم بن موسی مثله . و في الكافي: 488/1 ح6 عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن حمزة عن ابراهيم بن موسی مثله وفي الارشاد : 347 باسناده عن ابن قولویه ، عن الكليني ، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن حمزة، عن ابراهيم بن موسی مثله وفي الاختصاص : 264 بالاسناد عن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة ، عن ابراهیم ابن موسی مثله وفي دلائل الامامة : 190 باسناده عن علي بن هبة الله الموصلي ، عن الصدوق ، عن أبيه : عن سعد بن عبدالله ، عن البرقی ، عن محمد بن حمزة ، عن ابراهيم بن موسی مثله. وأورده في روضة الواعظين : 265، و کشف الغمة : 2/ 274 ، و ثاقب المناقب :415 (مخطوط) ، والصراط المستقیم : 193 ح1 مرسلا مثله .و أخرجه في اثبات الوصية: 202 عن الحميري ، و في اعلام الوری: 326، ومناقب آل أبي طالب: 456/3 عن الكافي ، وفي اثبات الهداة : 38/6 ح 16 عن الكافي و البصائر و أعلام الوری وفي البحار : 49 / 47 ح45 عن البصائر والاختصاص والارشاد ، وفي مدينة المعاجز: 474 ح6 عن الكاف والاختصاص ودلائل الامامة، وص 511ح150 عن ثاقب المناقب

3- ومنها : ماقال محمد بن عبدالرحمن الهمداني : ركبني دین ضاق به صدري فقلت في نفسي : ما أجد لقضاء ديني إلاّ مولاي الرضا علیه السلام، فصرت إليه ، فقال لي :

قد قضى اللّه حاجتك، لايضيقنّ صدرك . ولم أسأله شيئاً حين قال ما قال! فأقمت عنده ، و كان صائماً ، فأمر أن يحمل إليّ طعام، فقلت: أنا صائم ، وأنا أحبّ أن آكل معك ، فأتبرّك بأكلي معك .

فلمّا صلّي المغرب جلس في وسط الدار، ودعا بالطعام ، فأكلت معه ، ثم قال: تبيت عندنا الليلة ، أو تقضي حاجتك فتنصرف ؟

فقلت : الانصراف بقضاء حاجتي أحبّ إليّ .

فضرب بيده الأرض ، فقبض منها قبضة ، فقال : خذ هذا . فجعلته في كمّي(1)،فاذا هو دنانير ! فانصرفت إلى منزلي ، فدنوت من المصباح لأعد الدنانير، فوقع من(2) يدي دینار ، فنظرت فاذا عليه مكتوب « خمسمائة دينار نصفها لدينك، و النصف الاخر لنفقتك».

فلمّا رأيت ذلك لم أعدّها ، فألقيت الدينار فيها ، فلمّا أصبحت طلبت الدينار فلم أجده في الدنانير ، وقد قلّبتها عشر مرّات (3) ، و كانت خمسمائة دينار !(4).

ص: 339


1- الكم - بضم الكاف والميم المشددة - : مدخل اليد ومخرجها من الثوب
2- «في» خ ل
3- زاد في ط : ولم أجد شيئاً فوزنتها
4- عنه اثبات الهداة: 128/6 ح136 وعنه البحار: 38/49 ح 22، و عن عيون أخبار الرضا :219/2 ح 29 باسناده عن الوارق، عن ابن بطة ، عن الصفار ، عن محمد بن عبدالرحمن الهمداني ، عن أبي محمد الغفاری مثله . وأخرجه في مدينة المعاجز : 484 ح60، وحلية الابرار : 316/2 عن العيون

4- ومنها : ماروی إسماعيل بن أبي الحسن قال : كنت مع الرضا علیه السلام وقد قال(1) بيده على الأرض كأنّه يكشف شيئاً، فظهرت سبائك ذهب، ثم مسح بيده علیها(2) فغابت .

فقلت في نفسي : لو أعطاني واحدة منها . قال : لا، إن هذا الأمر لم يأت(3) وقته.(4).

5- ومنها : ما قال أبو إسماعيل السندي : سمعت بالسند(5) أن للّه في العرب حجّة ، فخرجت منها في الطلب ، فدللت على الرضا علیه السلام فقصدته ، فدخلت عليه وأنا لا أحسن من العربيّة كلمة .

فسلّمت بالسنديّة ، فردّ عليّ بلغتي ، فجعلت أكلّمه بالسنديّة ، وهو يجيبني بالسنديّة فقلت له: إنّي سمعت بالسند أنّ للّه حجّة في العرب ، فخرجت في الطلب فقال - بلغتي - : نعم، أناهو. ثم قال: فسل عمّا تريد.

فسألته عمّا أردته ، فلمّا أردت القيام من عنده قلت : إنّي لاأحسن من العربيّة شيئاً ،فادع اللّه أن يلهمنيها لأتكلّم بها مع أهلها .

فمسح يده على شفتي ، فتكلّمت بالعربيّة من وقتي .(6).

ص: 340


1- «مال» ه، ط والبحار . قال بيده: أهوى بها وأخذ
2- «على الأرض» البحار
3- «یأن» م ، وكلاهما بمعنى واحد . قال المجلسى (ره) : یعنی خروج خزائن الارض و تصرفنا فيها ، انما هو في زمن القائم علیه السلام
4- عنه کشف الغمة : 304/2 ، ومشارق أنوار اليقين : 96 ، والبحار : 50/49 ح 50 وأورده في ثاقب المناقب: 150، و في الصراط المستقیم: 2/ 195 مرسلا عن اسماعيل مثلهوأخرجه في مدينة المعاجز : 510 عن مشارق الانوار
5- «با لهند» البحار. والسند : بلاد بين الهند و کرمان وسجستان ... معجم البلدان 267 /3
6- عنه کشف الغمة : 304/2 ، واثبات الهداة: 142/6 ح160، البحار: 50/49 ح 51.وأورده في ثاقب المناقب : 438 مرسلا مثله ، عنه مدينة. المعاجز : 511 ح147 ، وفي الصراط المستقیم : 195/2 باختصار

6-ومنها: ماروي عن محمّد بن الفضل الهاشمي قال : لمّا توفّي [الامام] موسی ابن جعفر علیه السلام أتيت المدينة ، فدخلت على الرضا علیه السلام فسلّمت عليه بالأمر و أوصلت إليه ما كان معي، وقلت : إنّي صائر إلى البصرة ، و عرفت كثرة خلاف الناس وقد نعي إليهم موسی علیه السلام وما أشكّ أنّهم سيسألوني عن براهين الامام ، فلو أريتني شيئاً من ذلك ؟

فقال الرضا علیه السلام لم يخف عليّ هذا ، فأبلغ أولياءنا بالبصرة وغيرها أنّي قادم عليهم ، ولاقوّة إلا باللّه . ثمّ أخرج إليّ جميع ما كان للنبيّ صلی الله علیه و آله و سلم عند الأئمة:من بردته وقضيبه و سلاحه وغير ذلك .

فقلت : ومتى تقدم عليهم ؟ قال: بعد ثلاثة أيّام من وصولك ودخولك البصرة .

فلمّا قدمتها سألوني عن الحال فقلت لهم : إنّي أتيت موسی بن جعفر علیهما السلام قبل وفاته بيوم واحد ، فقال : إنّي ميّت لا محالة، فاذا واريتني في لحدي فلاتقيمنّ ، وتوجّه إلى المدينة بودائعي هذه، وأوصلها إلى ابني «عليّ بن موسی» فهو وصيّي وصاحب الأمر بعدي. ففعلت ما أمرني به، وأوصلت الودائع إليه، وهو يو افيكم إلى ثلاثة أيّام من يومي هذا فاسألوه عمّا شئتم .

فابتدر للكلام عمرو بن هذّ اب من القوم ، و كان ناصبيّاً بنحو نحو التزيّد(1) والاعتزال ، فقال : يا محمّد إنّ الحسن بن محمّد رجل من أفاضل أهل هذا البيت في ورعه وزهده وعلمه وسنّه ، وليس هو کشابّ مثل عليّ بن موسى ، و لعلّه لو سئل عن [شيء من] معضلات الأحكام لحار في ذلك .

فقال الحسن بن محمّد - و كان حاضراً في المجلس - : لاتقل یاعمر وذلك، فان عليّاً على ما وصف من الفضل ، و هذا محمّد بن الفضل يقول : إنّه يقدم إلى ثلاثة أيّام

ص: 341


1- «الزيدية» ه، ط. 8 والزيدية : هم القائلون بامامة زيد بن علی بن الحسين بن علی بن أبی طالب عليه السلام في وقته وامامة ابنه يحیی بن زید بعده . انظر الملل والنحل: 1/ 154

فكفاك به دليلا . و تفرّقوا.

فلمّا كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة إذا الرضا صلی الله علیه و آله و سلم قد وافی(1) فقصد منزل الحسن بن محمّد وأخلى له داره ، وقام بين يديه، يتصرّف بين أمره ونهيه فقال : یا [حسن بن] محمّد أحضر جميع القوم الّذين حضروا عند محمّد بن الفضل و غيرهم من شيعتنا ، وأحضر جاثليق النصاری ، ورأس الجالوت(2)، ومر(3) القوم أن يسألوا عمّا بدالهم.

فجمعهم كلّهم و الزيديّة والمعتزلة وهم لا يعلمون لمايدعوهم الحسن بن محمّد فلمّا تكاملوا ثني للرضا صلی الله علیه و آله و سلم وسادة ، فجلس عليها ، ثم قال :

السلام عليكم ورحمة اللّه و بركاته ، هل تدرون لم بدأتكم بالسلام ؟ فقالوا : لا.

قال : لتطمئن(4) أنفسكم . قالوا : ومن أنت يرحمك اللّه ؟

قال : أنا عليّ بن موسی بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ، صلّيت اليوم الفجر في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم مع والي المدينة وأقر أني - بعد أن صلّینا - کتاب صاحبه إليه ، و استشارني في كثير من أموره ، فأشرت عليه(5) بما فيه الحظّ له، ووعدته أن يصير إليّ بالعشيّ بعد العصر من هذا اليوم، ليكتب عندي جواب کتاب صاحبه ، وأنا وان له بما وعدته به، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه .

فقال الجماعة : يا ابن رسول اللّه ما نريد مع هذا الدليل برهاناً أكبر منه ، وإنك عندنا الصادق القول . وقاموا لينصرفوا ، فقال لهم الرضا علیه السلام:

ص: 342


1- وافي : أتي . وفي ط «وافانی»
2- الجاثليق : رئيس النصارى في بلاد الاسلام ، و لغتهم السريانية ورأس الجالوت :كبير اليهود وعالمهم
3- الامر من الفعل «أمر»
4- «لتطمئنوا عند» م
5- أشار عليه : أمره ونصحه ، ودله على وجه الصواب

لا تفرقوا(1) فانّي إنمّا جمعتكم لتسألوني(2) عمّاشئتم من آثار النبوّة وعلامات الامامة التي لاتجدونها إلاّ عندنا أهل البيت ، فهلمّوا مسائلكم .

فابتدر(3) عمرو بن هذّاب فقال : إنّ محمّد بن الفضل الهاشميّ ذكر عنك أشياء لاتقبلها القلوب . فقال الرضا علیه السلام: وما تلك ؟

قال : أخبرنا عنك أنّك تعرف كل ما أنزله اللّه ، وأنّك تعرف كلّ لسان و لغة !

فقال الرضا علیه السلام: صدق محمّد بن الفضل فأنا أخبرته بذلك فهلمّوا فاسألوا .

قال: فانّا نختبرك قبل كل شيء بالألسن واللّغات ، وهذا روميّ، وهذا هنديّ (4)و[هذا] فارسيّ ، و[هذا] تركيّ .فأحضرناهم .

فقال علیه السلام فليتكلّموا بما أحبّوا ، جب كلّ واحد منهم بلسانه إن شاء اللّه .

فسأل كلّ واحد منهم مسألة بلسانه ولغته، فأجابهم عمّا سألوا بألسنتهم و لغاتهم فتحيّر الناس وتعجبّوا، وأقرّوا جميعاً بأنّه أفصح منهم بلغاتهم.

ثم نظر الرضا علیه السلام إلى ابن هذّاب فقال: إن أنا أخبرتك أنّك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك أكنت مصدّقا لي ؟ قال : لا، فانّ الغيب لايعلمه إلاّ اللّه تعالی .

قال علیه السلام: أوليس اللّه يقول: «عالم الغيب فلايظهر على غيبه أحداً إلاّ من ارتضی من رسول»(5) فرسول اللّه عنداللّه مر تضی ، و نحن ورثة ذلك الرسول الّذي أطلعه اللّه على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان ومایکون إلى يوم القيامة ، وإنّ الّذي أخبرتك [به] يا بن هذّاب لكائن إلى خمسة أيّام ، فان لم يصحّ ما قلت لك في هذه المدّة فانّي(6)كذّاب مفتر، وإن صحّ فتعلم أنّك الرادّ علي اللّه و على رسوله .

ولك دلالة أخرى: أما إنّك ستصاب ببصرك ، وتصير مكفوفاً ، فلاتبصر سهلا ولا

ص: 343


1- «تنصرفوا» ه، ط
2- «جئتكم لنسألوا» ه ، ط
3- «فابتدأ» ه ، ط ، و البحار
4- «سندی»خ ل
5- سورة الجن: 27
6- «و الافانی» م ، ه ، ط

جبلا، وهذا كائن بعد أيّام .

ولك عندي دلالة أخرى : إنّك ستحلف يميناً كاذبة فتضرب بالبرص .

قال محمد بن الفضل : فوالله لقد نزل ذلك كلّه بابن هذّاب ، فقيل له : أصدق الرضا أم كذب ؟ قال : لقد علمت في الوقت الّذي أخبرني به أنه كائن ولكنّي كنت أتجلّد . ثمّ إنّ الرّضا علیه السلام إلتفت إلى الجاثليق فقال: هل دلّ الانجيل على نبوّة محمد صلی الله علیه و آله و سلم ؟ قال: لودلّ الانجيل على ذلك ماجحدناه .

فقال علیه السلام: أخبرني عن السكتة(1) التي لكم في السفر الثالث .

فقال الجاثليق : اسم من أسماء اللّه تعالى لا يجوز لنا أن نظهره .

قال الرضا علیه السلام : فان قرّرتك(2) أنّه اسم محمّد وذكره ، و أقر(3) عيسي به، وأنه بشّر بني إسرائيل بمحمّد أتقرّ به ولاتنكره ؟

قال الجاثليق : إن فعلت أقررت ، فانّي لاأردّ الانجيل ولاأجحده .

قال الرّضا علیه السلام: فخذعليّ السفر الثالث الّذي فيه ذكر محمّد ، و بشارة عيسی بمحمّد . قال الجاثليق : هات! فأقبل الرضا علیه السلام يتلو ذلك السفر - الثالث من الانجيل - حتّی بلغ ذکر محمد صلی الله علیه و آله و سلم ، فقال : ياجاثليق من هذا النبيّ الموصوف؟

قال الجاثليق : صفه ؟ قال : لا أصفه إلاّ بما وصفه اللّه : هو صاحب الناقة والعصا والكساء ، النبيّ الأمّي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، یأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن المنكر ، ويحلّ لهم الطيّبات ، و يحرّم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم(4) والأغلال التي كانت عليهم يهدي إلى الطريق الأقصد(5) والمنهاج الأعدل ، والصراط الأقوم .

ص: 344


1- «السكينة» ط
2- قرره بالامر : جعله يعترف به. يقال : قررت عنده الخبر أي حققته له
3- «اقرار»م
4- «الأفضل» ه، ط
5- الأصر : الثقل ، الذنب

سألتك يا جاثليق بحقّ عیسی روح الله و كلمته ، هل تجد (1) هذه الصفة في الانجيل لهذا النبيّ ؟ فأطرق الجاثلیق مليّاً، وعلم أنّه إن جحد الانجيل كفر، فقال:

[نعم] هذه الصفة في الانجيل ، و قد ذكر عيسى هذا النبيّ ، (و لم يصح عند النصارى أنّه صاحبکم) (2).

فقال الرضا علیه السلام: أمّا إذا لم تكفر بجحود الانجيل ، وأقررت بما فيه من صفة محمّد صلی الله علیه و آله و سلم فخذعليّ في السفر الثاني ، فانّي أوجدك ذكره ، وذكر وصيّه ، وذكر ابنته فاطمة ، وذكر الحسن والحسين.

فلمّا سمع الجاثليق و رأس الجالوت ذلك علما أنّ الرضا علیه السلام عالم بالتوراة والانجيل فقالا: واللّه قد أتى بما لا يمكننا ردّه ولا دفعه، إلاّ بجحود التوراة والانجيل والزبور ، وقد بشّر به موسی و عیسی جميعاً ، و لكن لم يتقرّر عندنا بالصحّة أنّه محمّد هذا ، فأمّا اسمه محمّد ، فلا يجوز(3) لنا أن نقرّ لكم بنبوّته ، ونحن شاكّون أنّه محمّدكم أو غيره .

فقال الرضا علیه السلام: إحتجزتم(4) بالشكّ ، فهل بعث اللّه قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبياًّ اسمه محمّد صلی الله علیه و آله و سلم ؟ أو تجدونه في شيء من الكتب الّتي أنزلها اللّه على جميع الأنبياء غير محمّدنا ؟ فأحجموا عن جوابه و قالوا : لا يجوز لنا أن نقرّ لكم بأنّ محمّداً هو محمّد كم(5) لأنّا إن أقررنا لك بمحمّد ووصيّه وابنته وابنيه على ماذكرت أدخلتمونا في الاسلام كرهاً .

ص: 345


1- «تجدون» البحار
2- «وقد صح في الانجيل ما أقررت بما فيه من صفة محمد أنه صاحبكم ولم يصح عند النصاری» ط
3- «يصح» ه ، ط
4- احتجز به : امتنع . وفي ه والبحار : احتججتم
5- «یا ابن محمد أنه محمد كم» من «بانه محمد کم» س ، ه، ط ومدينة المعاجز . وما في المتن من البحار

فقال الرضا علیه السلام : أنت یا جاثليق آمن في ذمّة اللّه وذمّة رسوله أنه لا يبدؤك منّا شيء تكره ممّا تخافه وتحذره .

قال : أمّا إذا قد آمنتني فانّ هذا النبيّ الّذي اسمه «محمّد» وهذا الوصيّ الّذي إسمه «علي» وهذه البنت التي إسمها «فاطمة» وهذان السبطان اللّذان إسمهما «الحسن والحسين» في التوراة والإنجيل والزبور .

قال الرضا علیه السلام : فهذا الّذي ذكرته في التوراة والانجيل والزبور من اسم هذا النبيّ ، وهذا الوصيّ، وهذه البنت ، وهذين السبطين، صدق وعدل أم كذب وزور؟

قال : بل صدق و عدل ، وما قال اللّه إلاّ الحقّ .

فلمّا أحذ الرضا علیه السلام إقرار الجاثلیق بذلك ، قال لرأس الجالوت : فاستمع الان يا رأس الجالوت السفر الفلاني من زبور داود . قال : هات بارك اللّه عليك وعلى من ولدك . فتلا الرضا علیه السلام السفر الأوّل من الزبور حتّى انتهى إلى ذكر محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : سألتك يا رأس الجالوت بحقّ اللّه أهذا في زبور داود ؟ ولك من الأمان والذمّة والعهد ما قد أعطيته الجاثليق .

فقال رأس الجالوت : نعم هذا بعينه في الزبور بأسمائهم .

قال الرضا علیه السلام: فبحقّ العشر الآيات التي أنزلها اللّه على موسى بن عمران علیه السلام في التوراة ، هل تجد صفة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في التوراة منسوبين إلى العدل والفضل ؟ قال : نعم ، ومن جحد هذا فهو كافر بربّه و أنبيائه .

قال له الرضا علیه السلام: فخذ الان علي سفر كذا من التوراة . فأقبل الرضا علیه السلام، يتلو التوراة، و أقبل رأس الجالوت يتعجّب من تلاوته وبيانه ، وفصاحته و لسانه حتّى إذا بلغ ذکر محمّد قال رأس الجالوت : نعم ، هذا أحماد و بنت أحماد وإليا و شبّر وشبير ، و تفسيره بالعربيّة : محمّد و علي وفاطمة والحسن والحسين .

فتلا الرضا علیه السلام السفر إلى تمامه.

ص: 346

فقال رأس الجالوت - لمّا فرغ من تلاوته-: واللّه يا ابن محمّد لولا الرئاسة التي قد حصلت لي على جميع اليهود لآمنت بأحماد ، واتبّعت أمرك ، فو اللّه الّذي أنزل التوراة على موسى ، والزبور على داود، والانجيل على عيسی ما رأيت أقرأ للتوراة والانجيل والزبور منك ، ولارأيت أحداً أحسن بیاناً و تفسيراً و فصاحة لهذه الكتب منك .

فلم يزل الرضا علیه السلام معهم في ذلك إلى وقت الزوال ، فقال لهم - حين حضر وقت الزوال - : أنا أصلّي وأصير إلى المدينة للوعد (1) الّذي وعدت به والي المدينة ليكتب جواب كتابه ، وأعود إليكم بكرة، إن شاء اللّه .

قال : فأذن عبداللّه بن سليمان ، وأقام ، وتقدّم الرضا علیه السلام فصلّى بالناس ، وخفّف القراءة ، وركع تمام السنّة ، و انصرف. فلمّا كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك فأتوه بجارية روميّة، فكلّمها بالروميّة - والجاثليق بسمع، و كان فهماً بالروميّة.

فقال الرضا علیه السلام- بالروميّة - لها : أيّما أحبّ إليك محمّد أم عیسی ؟

فقالت : كان فيما مضى عيسى أحبّ إليّ حين لم أكن عرفت محمداً، فأما بعد أن عرفت محمّداً، فمحمّد الأن أحبّ إليّ من عیسی و من كلّ نبيّ. فقال لها الجاثليق : فاذا كنت دخلت في دين محمّد فتبغضين عیسی ؟

قالت : معاذ اللّه بل أحبّ عيسى وأؤمن به ، ولكنّ محمّداً أحب إليّ .

فقال الرضا علیه السلام للجاثليق : فسّر للجماعة ما تكلّمت به الجارية ، وما قلت أنت لها وما أجابتك به . ففسّر لهم الجاثليق ذلك كلّه(2) ، ثمّ قال الجاثليق :

يا ابن محمّد ههنا رجل سنديّ وهو نصراني صاحب احتجاج و کلام بالسنديّة(3)

فقال له : أحضرنيه . فأحضره ، فتكلّم معه بالسنديّة ، ثمّ أقبل يحاجّه و ينقله

ص: 347


1- «حتى أفي الوعد» ط
2- « ففسر الجاثليق للجماعة ما تكلمت به الجارية وما قال لها» ط
3- «في دين النصرانية» ط

من شيء إلى شيء - بالسنديّة - في النصرانيّة.

فسمعنا السنديّ يقول بالسندية : بثطي بثطی بثطلة(1) .

فقال الرضا علیه السلام قد وحّد اللّه بالسنديّة.

ثم كلّمه في عیسی و مریم ، فلم يزل یدرجه من حال إلى حال إلى أن قال بالسنديّة: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، و أنّ محمّداً رسول اللّه . ثمّ رفع منطقة كانت عليه فظهر من تحتها زنّار(2) في وسطه فقال : اقطعه أنت بيدك يا ابن رسول اللّه .

فدعا الرضا علیه السلام بسكّين، فقطعه، ثمّ قال لمحمّد بن الفضل الهاشمي : خذ السنديّ إلى الحمّام فطهّره ، واکسه وعياله واحملهم جميعاً إلى المدينة .

فلمّا فرغ من مخاطبة(3) القوم ، قال : قد صحّ عندكم صدق ما كان محمّدبن الفضل يلقي عليكم عنّي؟ فقالوا [بأجمعهم]: نعم ، و اللّه قد بان لنا منك فوق ذلك أضعافاً مضاعفة ، وقد ذكر لنا محمّد بن الفضل أنّك تحمل إلى خراسان ؟

فقال : صدق محمّد إلا أنّي أحمل مكرّماً معظّماً مبجّلا.

قال محمد بن الفضل : فشهد له الجماعة بالامامة ، وبات عندنا تلك الليلة فلمّا أصبح ودّع الجماعة وأوصاني بما أراد ، ومضى ، وتبعته أشيّعه(4) حتّی إذا صرنا في وسط القرية عدل عن الطريق ، فصلّى أربع ركعات.

ثمّ قال : يا محمّد انصرف في حفظ اللّه ، غمّض طرفك . فغمضته ، ثم قال : افتح عينيك . ففتحتهما فإذا أنا على باب منزلي بالبصرة ! ولم أر الرضا علیه السلام .

ص: 348


1- «ثبطی ثبطی ثبطلة» البحار ومدينة المعاجز
2- الزنار : ما على وسط المجوسي و النصرانی .وفي التهذيب : ما يلبسه الذي يشده علی وسطه . (لسان العرب : 330/ 4)
3- «مخاطبات» م ، ه
4- شیعه - بتشديد الياء - : خرج معه ليودعه ، أو يبلغه منزله

قال : وحملت السنديّ وعياله إلى المدينة في وقت الموسم.(1).

7- ومنها : ماروی في دخول الرضا (ع) الكوفة :

قال محمّد بن الفضل : كان فيما أوصاني به الرضا علیه السلام في وقت منصرفه من البصرة أن قال لي : صر إلى الكوفة فاجمع الشيعة هناك وأعلمهم أنّي قادم عليهم .

و أمرني أن أنزل في دار حفص بن عمير اليشكري ، فصرت إلى الكوفة ، فأعلمت الشيعة أن الرضا علیه السلام قادم عليهم .

فأنایوماً عند نصر بن مزاحم إذ مرّبي سلام خادم الرضا علیه السلام، فعلمت أن الرضا علیه السلام قد قدم، فبادرت إلى دار حفص بن عمير ، فاذاهو في الدار، فسلّمت عليه ، ثمّ قال لي :

احتشد [لي](2) في طعام تصلحه للشيعة .

فقلت : قداحتشدت و فرغت ممّايحتاج إليه. فقال : الحمدللّه على توفيقك .

فجمعنا الشيعة ، فلمّا أكلوا قال : يا محمّد انظر من بالكوفة من المتكلّمين والعلماء فأحضرهم. فأحضرناهم، فقال لهم الرضا علیه السلام: إنّي أريد أن أجعل لكم حظّاً من نفسي كما جعلت لأهل البصرة ، وإنّ اللّه قد أعلمني كل كتاب أنزله.

ثم أقبل على (جاثليق ، و كان معروفاً بالجدل والعلم)(3) و الانجيل فقال :

یاجاثلیق ، هل تعرف لعيسى صحيفة فيها خمسة أسماء بعلّقها في عنقه ، إذا كان

ص: 349


1- عنه اثبات الهداة : 386/1 ح 104، ج530/3 ح561 ، وج129 /6 ح 138 قطعةوالبحار : 73/49 ح1 .وعنه في مدينة المعاجز: 505 ح124، وعن ثاقب المناقب: 151 مرسلا مثله . وأورده في الصراط المستقیم : 195/7 ح5 مرسلا عن محمد بن الفضل مثله
2- احتشد لفلان في كذا : أعدله : و يقال احتشد لنا في الضيافة : اذا اجتهد وبذل وسعه
3- «علماء النصاری و فعل کفعله بالبصرة ، فاعترفوا له بذلك بأجمعهم و كان من علماء النصارى رجل يعرف بالعلم والجدل» س ، ط، ه ، ومدينة المعاجز

بالمغرب، فأراد المشرق فتحها ، فأقسم على الله باسم واحد من الخمسة(1) أن تنطوي له الأرض ، فيصير من المغرب إلى المشرق (2) و من المشرق إلى المغرب في لحظة؟

فقال الجاثليق : لا علم لي بها(3) و أمّا الأسماء الخمسة فقد كانت معه [بلاشك و] يسأل اللّه بها، أو بواحد منها فيعطيه اللّه جميع ما سأله .

قال: اللّه أكبر إذ لم تنكر الأسماء ! فأمّا الصحيفة فلايضرّ أقررت بها أو أنكرت إشهدوا على قوله(4) .

ثمّ قال : يا معاشر الناس اليس أنصف الناس من حاجّ خصمه بملّته و بکتابه وبنبيّه وشريعته ؟ قالوا : نعم . قال الرضا علیه السلام: فاعلموا أنّه ليس بامام بعدمحمّد إلاّ من قام بما قام به محمّد حين يفضي(5) الأمر إليه ، ولا تصلح الامامة إلاّ لمن حاجّ الأمم بالبراهين للامامة .

فقال رأس الجالوت : وما هذا الدليل على الامام ؟

قال : أن يكون عالماً بالتوراة والانجيل والزبور والقرآن الحكيم ، فيحاجّ أهل التوراة بتوراتهم ، وأمل الانجيل با نجيلهم ، وأهل القرآن بقرآنهم ، وأن يكون عالماً بجميع اللغات حتّى لا يخفى عليه لسان واحد ، فيحاجّ كل قوم بلغتهم ثمّ يكون مع هذه الخصال تقيّاً نقيّاً من كلّ دنس، طاهراً من كلّ عيب ، عادلا ،منصفاً ، حكيماً ، رؤوفاً ، رحيماً ، حليماً ، غفوراً ، عطوفاً ، صدوقاً(6)، باراً ، مشفقاً ، أميناً، مأموناً ، راتقاً ، فاتقاً.

فقام إليه نصر بن مزاحم فقال : يا ابن رسول اللّه ما تقول في جعفر بن محمّد؟

ص: 350


1- «الخمسة الأسماء» م
2- «أو» م
3- «با لصحيفة» ه و ط
4- «الله أكبر اذا لم تنكر الاسماء فهو الغرض» س ، ط، ومدينة المعاجز
5- «حتى» نسخ الاصل ومدينة المعاجز. وما في المتن كما في البحار : وأفضى اليه :وصل
6- «صادقاً» البحار

فقال : ما أقول في إمام شهدت أمّة محمّد قاطبة بأنّه كان أعلم أهل زمانه !

قال : فما تقول في موسی بن جعفر ؟ قال : كان مثله .

قال : فانّ الناس قد تحيّروا في أمره.

قال : إنّ موسی بن جعفر عمّر برهة من دهره (1) فكان يكلّم الأنباط بلسانهم ،ويكلّم أهل خراسان بالدرية ، وأهل الروم(2) بالروميّة ، ويكلّم العجم بألسنتهم ،و كان يرد عليه من الآفاق علماء اليهود والنصارى ، فيحاجّهم بكتبهم وألسنتهم .

فلمّا نفدت(3) مدّته ، و كان وقت وفاته أتاني مولی برسالته يقول : يا بنيّ إنّ الأجل قد نفد ، والمدّة قد إنقضت ، وأنت وصيّ أبيك ، فانّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم لمّا كان وقت وفاته دعا عليّاً وأوصاه ، ودفع إليه الصحيفة التي كان فيها الأسماء التي خصّ اللّه بها الأنبياء والأوصياء ، ثمّ قال: يا عليّ أدن منّي .[فدنا منه] فغطّی رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم رأس علي علیه السلام بملاءته ، ثمّ قال له : أخرج لسانك . فأخرجه فختمه بخاتمه، ثمّ قال : يا علي اجعل لساني في فيك فمصّه(4) ، وابلع كلّ ما تجد في فيك .

ففعل علىّ ذلك ، فقال له : إنّ اللّه قد فهّمك ما فهّمني ، وبصّرك ما بصّرني و أعطاك من العلم ما أعطاني ،إلا النبوّة، فانّه لانبيّ بعدي، ثمّ كذلك إماماً بعد إمام.

فلمّا مضی موسی علمت كلّ لسان و كلّ كتاب [ و ما كان و ما سيكون بغير تعلّم ، وهذا سرّ الأنبياء أودعه الله فيهم ، والأنبياء أودعوه إلى أوصيائهم ، ومن لم يعرف ذلك و يحقّقه ، فليس هو على شيء ، ولاقوة إلاّ بالله] .(5).

ص: 351


1- «الزمان» البحار
2- «خراسان الروم» م
3- نفد الشيء : فنی و انقطع ولم يبق منه شيء . وفي بعض النسخ «نفذ» أي تم . وكذا التي بعدها
4- «فضمه» م. وفي البحار بلفظ : فمصه وابلع عني
5- عنه اثبات الهداة : 379/1 ح 105 ، وج 20/3 ح 632، وج 131/6 ح139 ،والبحار : 79/49 ذح 1 ، ومدينة المعاجز: 507 ح 125 . وأورده في الصراط المستقیم : 196/2 ح6 مرسلا باختصار

8- ومنها: ما روي في وفاة الرضا علیه السلام: حدّث أبو عبدالله محمّد بن سعيد النيشابوري - متوجّهاً إلى الحجّ - عن أبي الصلت الهرويّ - وكان خادماً الرضا علیه السلام- قال : أصبح الرضا علیه السلام يوماً فقال لي : ادخل هذه القبّة التي فيها هارون ، فجئني بقبضة تراب من عند بابها ، وقبضة من يمنتها، وقبضة من یسر تھا ، وقبضة من صدرها ، وليكن كلّ تراب منها على حدته .

فصرت إليها ، فأتيته بذلك ، وجعلته بين يديه على منديل ، فضرب بيده إلى تربة الباب فقال: هذا من عند الباب ؟ قلت : نعم .

قال : غداً تحفر لي في هذا الموضع، فتخرج صخرة لاحيلة فيها(1) .

ثمّ قذف به ، و أخذ تراب اليمنة ، وقال : هذا من يمنتها ؟ قلت : نعم .

قال : ثمّ تحفر لي في هذا الموضع ، فتظهر نبكة(2) لا حيلة فيها .

ثمّ قذف به ، وأخذتراب اليسرة ، وقال : ثمّ تحفر لي في هذا الموضع ، فتخرج نبكة مثل الأولى ، وقذف به .

وأخذ تراب الصدر فقال: وهذا تراب من الصدر ، ثمّ تحفر لي في هذا الموضع، فيستمرّ الحفر إلى أن يتمّ ، فإذا فرغ(3) من الحفر ، فضع يدك على أسفل القبر ، و تكلّم بهذه الكلمات ...(4)، فانّه سينبع الماء حتّى يمتلىء القبر ، فتظهر فيه سميكات

ص: 352


1- یعني لا يمكن قلعها ، والعلة في ذلك هو أن المأمون أراد أن يجعل قبر أبيه الرشید قبلة لقبر الامام الرضا عليه السلام ، وهو ما عبر عنه عليه السلام بقوله « ولن يكون ذلك - والله - أبداً». راجع مناقب آل أبی طالب
2- النبكة - بالتحريك - : أكمة محددة الرأس
3- «فرغت» البحار . والظاهر أنه تصحيف بقرينة ما رواه الصدوق من أنه عليه السلام قال لابي الصلت : «سيحفر لي في هذا الموضع ، فتأمرهم أن يحفروا ...»
4- وهي كلمات علمها عليه السلام لابي الصلت

صغار ، فاذا رأيتها ففتّت لها كسرة(1) ، فاذا أكلتها خرجت حوتة كبيرة ، فابتلعت تلك السميكات كلّها ثمّ تغيب .

فاذا غابت فضع يدك على الماء، و أعد الكلمات ، فانّ الماء ينضب كلّه وصل المأمون عنّي أن يحضر وقت الحفر ، فانّه سيفعل ليشاهد هذا كلّه .

ثم قال علیه السلام: الساعة يجيء رسوله فاتّبعني ، فان قمت من عنده مکشوف الرأس فكلّمني بما تشاء ، وإن قمت من عنده مغطّى الرأس فلاتكلّمني بشيء.

قال : فوافاه رسول المأمون ، فلبس الرضا علیه السلام ثيابه و خرج وتبعته، فلمّا دخل إلى المأمون وثب إليه ، فقبّل بين عينيه ، وأجلسه معه على مقعده ، و بين يديه طبق صغير، فيه عنب، فأخذعنقوداً قد أكل نصفه و نصفه باق - و قد كان شرّ به بالسمّ - وقال للرضا علیه السلام : حمل إليّ هذا العنقود ، فاستطبته، فأكلت منه ، وتنغّصت(2) به أن لاتأكل منه، فأسألك أن تأكل منه .

قال: أو تعفيني من ذلك ؟ قال: لاواللّه ، فانّك تسرّ ني بما تأكل منه .

قال : فاستعفاه ثلاث مرّات ، وهو يسأله بمحمّد وعليّ أن يأكل منه .

فأخذ منه ثلاث حبّات فأكلها وغطّى رأسه ونهض من عنده .

فتبعته و لم أكلّمه بشيء حتّى دخل منزله، فأشار إليّ أن اغلق الباب، فأغلقته وصار إلى مقعد له، فنام عليه، وصرت أنا في وسط الدار ، فاذا غلام عليه وفرة(3) ظننته ابن الرضا علیه السلام ولم أكن قد رأيته قبل ذلك ، فقلت : يا سيدي الباب مغلق، فمن أين دخلت ؟

فقال: لاتسأل عمّا لا تحتاج إليه. وقصد إلى الرضا علیه السلام.

فلمّا بصر به الرضا علیه السلام وثب إليه، وضمّه إلى صدره ، وجلسا جميعاً على المقعد

ص: 353


1- الكسرة : القطعة من الشيء . وهنا الخبز ، كما سيأتي . وفي روضة الواعظین : فتفتت لها الخبز الذي أعطيك
2- نغص نغصاً : لم تتم له هناءته
3- الوفرة : شعر الرأس اذا وصل الى شحمة الأذن

ومدّ الرضا علیه السلام الرداء عليهما، فتناجيا طويلا بما لم أعلمه .

ثمّ امتدّ الرضا علیه السلام على المقعد ، وغطّاه محمّد بالرداء ، وصار إلى وسط الدار.

فقال : يا أبا الصّلت . قلت : لبّيك يا ابن رسول اللّه . .

قال: أعظم اللّه أجرك في الرضا فقد مضى .

فبكيت ، قال: لاتبك ، هات المغتسل والماء لنأخذ في جهازه .

فقلت : يا مولاي الماء حاضر ، و لكن ليس في الدار مغتسل إلاّ أن يحضر من خارج الدار فقال: بل(1) هو في الخزانة .

فدخلتها فوجدت فيها مغتسلا لم أره قبل ذلك، فأتيته به وبالماء .

ثم قال : تعال حتّى نحمل الرضا علیه السلام. فحملناه على المغتسل .

ثمّ قال : اغرب(2) عنّي . فغسّله هو وحده ، ثمّ قال : هات أكفانه و الحنوط .

قلت: لم نعدّ له كفناً ! فقال: ذلك في الخزانة .

فدخلتها فرأيت في وسطها أكفاناً و حنوطاً لم أره قبل ذلك ، فأتيته به فكفّنه وحنّطه .

ثم قال لي : هات التابوت من الخزانة . فاستحييت منه أن أقول: ماعندنا تابوت.

فدخلت الخزانة فوجدت فيها تابوتاً لم أره قبل ذلك، فأتيته به فجعله فيه .

فقال: تعال حتّى نصلّي عليه . وصلّى بي، وغربت الشمس ، و كان وقت صلاة المغرب ، فصلّی بي المغرب والعشاء، وجلسنا نتحدّث ، فانفتح السقف ورفع التابوت .

فقلت : يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي؟

قال: لا عليك ، فانه سيعود إلى موضعه ، فما من نبيّ يموت في مغرب الأرض ولايموت وصيّ من أوصيائه في مشرقها ، إلا جمع اللّه بينهما قبل أن يدفن .

فلمّا مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا التابوت قدر جع من السقف حتّى استقرّ مكانه .

فلمّا صلّينا الفجر قال لي : افتح باب الدار ، فانّ هذا الطاغية يجيئك الساعة

ص: 354


1- «بلی» م ، ط
2- اغرب: اذهب ، تنحى . وفي ط والبحار : اعزب . بمعناها

فعرّفه أنّ الرضا علیه السلام قد فرغ من جهازه . قال : فمضيت نحو الباب فالتفتّ فلم أره! فلم يدخل من باب ، ولم يخرج من باب ، قال: وإذا المأمون قد وافی، فلمّار آني قال : مافعل الرضا ؟ قلت: أعظم اللّه أجرك في الرضا . فنزل و خرّق(1) ثيابه ، وسفی(2)

التراب على رأسه ، و بکی طویلا ، ثم قال : خذوا في جهازه . قلت: قد فرغ منه .

قال :ومن فعل به ذلك ؟ قلت: غلام وافاه لم أعرفه إلا أنّي ظننته ابن الرضا علیه السلام .

قال: فاحفروا له في القبّة. قلت: فانّه يسألك أن تحضر موضع الحفرة(3) . قال: نعم أحضروا کردسیّاً . فجلس عليه، وأمرأن يحفر له عند الباب، فخرجت الصخرة ، فأمر بالحفر في يمنة القبّة، فخرجت النبكة، ثمّ أمر بذلك في يسرتها فظهرت النبكة الاخرى فأمر بالحفر في الصدر فاستمرّ الحفر .

فلمّا فرغ منه، وضعت يدي على أسفل القبر ، و تكلّمت بالكلمات ، فنبع الماء و ظهرت السميكات ، ففتّتت لها كسرة خبز فأكلتها ، ثمّ ظهرت السمكة الكبيرة فابتلعتها كلّها وغابت ، فوضعت يدي على الماء ، وأعدت الكلمات فنضب الماء كلّه وانتزعت الكلمات من صدري من ساعتي ، فلم أذكر منها حرفاً واحداً .

فقال المأمون : يا أبا الصلت ، الرضا علیه السلام أمرك بهذا ؟ قلت : نعم .

قال: فمازال الرضا يرينا العجائب في حياته ، ثمّ أراناها بعد وفاته .

فقال الوزير : ماهذا ؟ قال: ألهمت أنّه ضرب لكم مثلا بأنكم تتمتّعون في الدنيا قليلا مثل هذه السميكات ، ثمّ يخرج واحد منهم فيهلككم.

فلمّا دفن علیه السلام قال لي المأمون : علّمني الكلمات . قلت: واللّه انتزعت من قلبي فما أذكر منهاحرفاً، و باللّه لقد صدقته ، فلم يصدّقني، وتوعّدني بالقتل إن لم أعلّمه إياها وأمر بي إلى الحبس ، فكان في كلّ يوم يدعوني إلى القتل أو تعليمه ذلك ، فأحلف له مرّة بعد أخرى ، كذلك سنة فضاق صدري ، فقمت ليلة جمعة فاغتسلت ، و أحييتها

ص: 355


1- خرق : مزق
2- سفی : ذر
3- «دفنه» البحار

راكعاً وساجداً و با کیاً و متضرّعاً إلى الله في خلاصي .

فلمّا صلّيت الفجر إذا أبو جعفر بن الرضا علیه السلام قد دخل إليّ وقال : يا أبا الصلت ضاق صدرك ؟ قلت: إي والله يا مولاي.

قال: أما لو فعلت قبل هذا ما فعلته الليلة لكان الله قد خلّصك كما يخلّصك الساعة .

ثمّ قال : قم . فقلت : إلى أين والحرّاس على باب السجن والمشاعل بين أيديهم ؟ قال : قم فانّهم لا يرونك ، ولا تلتقي معهم بعد يومك هذا . فأخذ بيدي وأخرجني من بينهم ، وهم قعود يتحدّثون و المشاعل بين أيديهم ، فلم يرونا .

فلمّا صرنا خارج السجن قال: أيّ البلاد ترید؟ قلت: منزلي بهراة .

قال: أرخ(1) رداءك على وجهك . وأذ بيدي فظننته حوّلني عن يمنته إلى يسرته ثمّ قال لي : اكشف وجهك . فكشفته ، فلم أره، فاذا أنا على باب منزلي ، فدخلته فلم ألتق مع المأمون ، ولامع أحد من أصحابه إلى هذه الغاية .(2).

9- ومنها : ماروی محمّد بن عيسى ، عن هشام العبّاسي قال : طلبت بمكّة

ص: 356


1- أرخ : أسدل
2- عنه البحار : 49/50 ح27 .ورواه الصدوق في أماليه: 526 ح17 وفي عيون أخبار الرضا: 2/ 242 ح 1 باسناده عن ماجيلويه و ابن المتوكل والهمداني و أحمد بن على بن ابراهیم و این ناتانة والمكتب والوارق جمیعاً عن علي، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي مثله عنهما الوسائل :837/2 ح 4، والبحار: 300/49 ح10 وج 46 /82 ح 35 و مدينة المعاجز: 498 ح114وص524 ح37.و أورده ابن القتال في روضة الواعظين : 273 مرسلا عن أبي الصلت نحوه ، عنه مناقب آل أبی طالب : 482/3 ، و الطبرسی في اعلام الوری : 340 بالاسناد عن أبي الصلت نحوه ، عنه کشف الغمة : 330/2 .وأورده عماد الدين في ثاقب المناقب : 429 مرسلا نحوه وأخرجه في اثبات الهداة : 93 /6 ح97 عن العيون

ثوبين سعيديّين(1) أهديهما لابني، فلم أصب بمكّة منها شيئاً على ما أردت .

فمررت بالمدينة في منصرفي ، فدخلت على الرضا علیه السلام فلمّا ودّعته وأردت الخروج ، دعا بثوبين سعيديّين - على عمل الوشي الذي كنت طلبت - فدفعهما إليّ وقال : اقطعهما لابنك .(2).

10 - ومنها : ماروی أبو عبد الله البرقي ، عن الحسن بن موسی بن جعفر، قال :خرجنا مع أبي الحسن علیه السلام إلى بعض أمواله في يوم لاسحاب فيه، فلمّا برزنا قال : حملتم معكم المماطر؟ قلنا: وما حاجتنا إلى المماطر، وليس سحاب ولانتخوّف المطر!

قال: لكنّي قد حملته و ستمطرون.

قال: فما مضينا إلاّ يسيراً حتى ارتفعت سحابة، و مطرنا حتّی أهمّتنا أنفسنا ، فما بقي منّا أحد إلا ابتلّ غيره .(3).

11 - ومنها : ماروی محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن يحيى، قال :

ص: 357


1- السعيدية : من برود اليمن
2- عنه : البحار: 41/49 ح 28 ، وعن عيون أخبار الرضا : 220/2 ذح 36 باسناده عن ماجيلويه ، عن على بن ابراهيم ، عن اليقطيني مثله .وعن كشف الغمة : 303/2 نقلا من دلائل الحمیری مثله .وأورده في ثا قب المناقب : 419 عن محمد بن عیسی مثله .وأخرجه في اثبات الهداة : 81/6 ح73 ، ومدينة المعاجز : 485 ح67 عن العيون
3- عنه البحار: 41 /49 ح 29 وعن عيون أخبار الرضا : 221/2 ح37 باسناده عن ابن ادریس عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسی مثله ، وعن كشف الغمة: 303/2نقلا من دلائل الحميري مثله وأخرجه في اعلام الوری : 326، ومدينة المعاجز : 485 ح68 عن العيون ، وفي اثبات الهداة : 82/6 ح 74 عن العيون والاعلام والدلائل و کشف الغمة .و أورده في مناقب آل أبی طالب : 452/3 و في الصراط المستقيم : 196/2 ح7عن الحسن بن موسی مثله

زوّدتني جارية لي ثوبين ملحمين(1)، وسألتني أن أحرم فيهما، فأمرت الغلام فوضعهما في العيية(2) فلمّا انتهيت إلى الوقت الّذي ينبغي أن أحرم فيه ، دعوت بالثوبين لألبسهما ، ثم اختلج في صدري(3) فقلت : ما أظنّه ينبغي (أن أحرم فيهما)(4).

فتركتهما و ليست غيرهما.

فلمّا صرت بمكّة كتبت كتاباً إلى أبي الحسن الرضا علیه السلام، و بعثت إليه بأشياء كانت معي ، ونسيت أن أكتب إليه أسأله عن المحرم هل يلبس(5) الملحم ؟

فلم ألبث أن جاءني الجواب بكلّ ماسألته عنه، وفي أسفل الكتاب: لا بأس بالملحم أن يلبسه المحرم .(6).

12- ومنها: ماقال عليّ بن الحسين بن يحيى : كان لنا أخ يرى رأي الأرجاء (7).يقال له : عبد الله ، و كان يطعن علينا .

فكتبت إلى أبي الحسن علیه السلام أشكو إليه و أسأله الدعاء، فكتب إليّ : سترى حاله

ص: 358


1- الملحم: جنس من الثياب ، وهو ما كان سداه أبريسم أي حرير أبيض، و لعمته غير أبريسم
2- العيبة : ما تجعل فيه الثياب کا لصندوق
3- اختلج الشيء في صدره . شغله و تجاذبه
4- «لى أن ألبس ملحماً وأنا محرم» کشف الغمة والبحار
5- «يجوز له لبس» البحار
6- عنه کشف الغمة: 304/2 والوسائل: 121/9 ح 2، والبحار : 50/49 ح52 ، وج 141/99 ح1 .وأورده في الصراط المستقيم : 196/2 ح 8 مرسلا باختصار
7- المرجئة : هم الذين قالوا : لا يضر مع الايمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة وقالوا : الايمان قول بلا عمل ، كأنهم قدموا الايمان وأرجأوا العمل . والارجاء : اما أن يكون من الرجاء : لان المرجئة يرجون لاصحاب المعاصي الثواب من اللّه تعالى، والمرجئة أربعة أصناف: مرجئة الخوارج والقدرية والجبرية و الخالصة(الصالحية) . انظر: الملل والنحل: 1/ 139

إلى ما تحبّ ، وأنّه لن يموت إلاّ على دين اللّه، وسيولد له من امّ ولد له - فلانة. غلام.

قال عليّ بن الحسين بن یحیی : فما مكثنا إلا أقلّ من سنة حتّى رجع إلى الحقّ فهو اليوم خير أهل بيتي، وولد له - بعد كتاب أبي الحسن - من ام ولده تلك غلام!(1).

12 - و منها : ماقال سليمان بن جعفر الجعفري كنت مع الرضا علیه السلام في حائط(2) له و أنا أحدّثه إذجاء عصفور، فوقع بين يديه، وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب فقال لي : تدري ما يقول هذا العصفور ؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم.

قال: قال : إن حيّة تريد أن تأكل فراخي في البيت . فقم فخذ تلك النسعة(3) وادخل البيت ، و اقتل الحيّة.

قال: فقمت، وأخذت النسعة فدخلت البيت ، وإذاحيّة تجول في البيت فقتلتها.(4).

ص: 359


1- عنه البحار : 51/49ح53 .وأورده في الصراط المستقیم 197/2 ح 9 مرسلا باختصار
2- یعنی بستان
3- النسعة - بالكسر - : سير مضفور یجعل زماماً للبعير وغيره ، وقد تنسج عريضة . وفي رواية الصفار : النبعة ، أي العصا
4- عنه کشف الغمة : 305/2 ، والوسائل 391/ 8 ح 9، و البحار : 273/64 ح40وعنه في البحار : 88/49 ح 8 وعن بصائر الدرجات : 345 ح19 باسناده عن أحمد ابن موسى ، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال . عن محمد بن الحسين ، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب مثله ، وعن مناقب آل أبی طالب : 447 / 3 عن سليمان مثله وأورده في دلائل الامامة: 172 عن أحمد بن محمد - المعروف بغزال - مثله وفي الصراط المستقیم : 197/2 مرسلا باختصار .وفي ثاقب المناقب : 143 مرسلا عن سليمان مثله .وأخرجه في اثبات الهداة : 122/6 ح 126 عن البصائر .وفي مستدرك الوسائل: 124/16 باب 30 ح 1 عن اللب اللباب لقطب الدین الراوندی

14 - ومنها : ماقال أبو محمّد المصري، عن أبي محمّد البرقي(1) قال: دخلت على الرضا علیه السلام فسلّمت عليه، فأقبل يحدّثني و يسألني إذ قال لي :

يا أبا محمّد ما ابتلى اللّه عبداً مؤمناً بيليّة فصبر عليها إلاّ كان له مثل أجر ألف شهيد.

قال: ولم يكن قبل ذلك في شيء من ذكر العلل والمرض و الوجع ، فأنكرت ذلك من قوله ، وقلت: ما محل هذا(2) - فيما بيني و بين نفسي - رجل أنا معه في حديث قد عنيت به إذ حدّثني بالوجع في غير موضعه.

فودّعته وخرجت من عنده ، فلحقت بأصحابي - وقدار تحلوا - فاشتكيت رجلي من ليلتي فقلت : هذا ممّا تعنّيت(3).

فلمّا كان من الغد تورّمت ، ثمّ أصبحت وقد اشتدّ الورم ، فذكرت قوله علیه السلام.

فلمّا وصلت إلى المدينة جرى فيها القيح، وصار جرحاً عظيماً لا أنام ، و لا أنيم فعلمت أنّه حدّث بهذا الحديث لهذا المعنى، وبقيت بضعة عشر شهراً صاحب فراش.

قال الراوي : ثم أفاق ، ثمّ نكس منها فمات .(4).

15- ومنها: ماقال الحسن بن علي بن فضال : إنّ عبد اللّه بن المغيرة قال : كنت

ص: 360


1- «الرقي» البحار. «الكوفي» الهداية ، والدلائل
2- قوله «ما أمحل هذا» انکار لوقوعه . وفي البحار «ما أخجل هذا»
3- عني تعنية الرجل : آذاه و كلفه مايشق عليه . وفي الهداية «هذا من تعبی» . وفي الدلائل «هذا لما تعبت» وفي البحار «هذا مما عبت»
4- عنه البحار : 51 /49 ح54. ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 286 باسناده الى الحسين بن محمد بن جمهور عن أبيه ، عن محمد بن عبدالله بن مهران ، عن الحسن بن نصير البصري ، عن أبي محمد الكوفي مثله ، والطبري في دلائل الامامة : 188 باسناده الى محمد بن الوليد ، عن أبي محمد الكوفي مثله ، عنهما مدينة المعاجز : 476 ح19. و أورد الاهوازي في المؤمن : 16 ح 8 مرسلا عن أبي الحسن عليه السلام قطعة عنه البحار : 97 /71 نح65

واقفياً(1)، وحججت على تلك الحالة .

فخلج في صدري بمكّة شيء ، فتعلّقت بالملتزم(2) ثم قلت : اللّهم قد علمت طلبتي وإرادتي، فأرشدني إلى خير الأديان . فوقع في نفسي أن آتي الرضا علیه السلام، فأتيت المدينة ، فوقفت بیابه، فقلت للغلام : قل لمولاك : رجل من أهل العراق بالباب .

فسمعت نداءه وهو يقول: أدخل ياعبد اللّه بن المغيرة. فدخلت فلمّا نظر إليّ قال: قد أجاب اللّه دعوتك وهداك لدينه . فتلت: أشهد أنّك حجّة اللّه على خلقه.(3)

16 - و منها : ماروي عن أحمد بن عمر(4) قال: خرجت إلى الرضا علیه السلام وامرأتي

ص: 361


1- أي واقفاً على امامة الكاظم عليه السلام ، مما يلزم عدم انتقال الامامة الى ولده الامام الرضا عليه السلام
2- الملتزم : و يقال له المدعى و المتعوذ، سمي بذلك لالتزامه الدعاء و التعوذ، و هو ما بين الحجر الاسود والباب ... (معجم البلدان : 190/ 5)
3- عنه البحار : 39/49 ح 24، وعن عيون أخبار الرضا : 219/2 ح 31 باسناده عن ابن شاذویه عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن على بن فضال مثله ، وعن الاختصاص : 81 باسناده عن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال مثله وعن كشف الغمة : 302/ 2 نقلا من دلائل الحميري ، عن ابن المغيرة مثله . ورواه في الكافي: 1/ 355 ح13 باسناده عن ابن فضال مثله عنه اثبات الهداة : 34/6 ح 9 و عن عيون الاخبار ، و عن دلائل الحميري على ما ذكره في كشف الغمة .ورواه في اختيار معرفة الرجال : 594 ح1110 على ما وجده بخط ابن شاذان ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، مثله . عنه مناقب آل أبي طالب : 479/ 3 والبحار : 272/ 48 ح33 . وأورده في ثاقب المناقب : 416 مرسلا مثله . وأخرجه في مدينة المعاجز : 476 ح 22 عن الكافي والعيون
4- «عمرة» البحار

حبلى، فقلت له : إنّي خلّفت أهلي وهي حامل ، فادع اللّه أن يجعله ذكراً .

فقال لي : هو ذکر فسمّه عمر . فقلت: نويت أن أسميّه عليّاً ، وأمرت الأهل به! قال علیه السلام: سمّه عمر. فوردت الكوفة ، وقد ولد ابن لي وسمّي عليّاً، فسمّيته عمر.

فقال لي جيراني : لا نصدّق بعدها بشيء ممّا كان يحكي عنك .

فعلمت أنّه كان أنظر لي من نفسي(1).

17 - ومنها : ما روي عن بكر بن صالح قال : قلت للرضا علیه السلام(2): امرأتي

اخت محمد بن سنان(3) بها حمل ، فادع اللّه أن يجعله ذكراً .

قال : هما إثنان . قلت في نفسي : [ هما ] محمّد وعليّ - بعد انصرافي-.

فدعاني بعد فقال : سمّ واحداً عليّاً ، والأخرى امّ عمر .

فقدمت الكوفة ، وقد ولد لي غلام وجارية في بطن ، فسمّيت كما أمرني .

فقلت لامّي : ما معنى امّ عمر ؟ فقالت : إنّ أمّي كانت تدعى امّ عمر .(4).

ص: 362


1- عنه البحار : 52/49 ح55 . وأورده في ثاقب المناقب : 180 مرسلا مثله ، عنه مدينة المعاجز : 511 ح148 ،وفي الصراط المستقيم : 197/2 ح 12 مرسلا باختصار
2- «أتیت الرضا عليه السلام وقلت» البحار
3- «سینا» م ، ه ، ط
4- عنه کشف الغمة : 2/ 305، والبحار : 52/49 ح56 .وأورده عمادالدین فی ثاقب المناقب :181 و ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة228 والشبلنجی في نور الابصار : 176 ، والقرماني في أخبار الدول، و آثار الأول، والنبهانی في جامع کرامات الأولياء: 313 /2 ، والعاملي النباطي في الصراط المستقیم: 197/2ح13 باختصار .وأخرجه في اثبات الهداة : 142/6 ح161 ورجال المامقانی : 179/1 عن كشف الغمة ، وفي مدينة المعاجز : 511 ح 49 ع ثاقب المناقب، و في احقاق الحق : 12/365 عن بعض المصادر المتقدمة

18 - ومنها ما روي عن الوشّاء ، عن مسافر [ قال]: قلت للرضا علیه السلام : رأيت في النوم كأنّ وجه قفص وضع على الأرض فيه أربعون فرخاً.

قال علیه السلام: إن كانت صادقة خرج منّا رجل فعاش أربعين يوماً .

فخرج محمّد بن إبراهيم [ ابن ] طباطبا(1) فعاش أربعين يوماً .(2).

19 - ومنها : ما روی الوشّاء ، عن الرضا علیه السلام[ أنه ] قال - بخراسان - : إنّي حيث أرادوا بي الخروج جمعت عيالي ، فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتّى أسمع ثمّ فرّقت فيهم اثني عشر ألف دينار .

ثمّ قال(3): أما إنّي لا أرجع إلى عيالي أبداً .(4).

ص: 363


1- هو أبو عبدالله محمد بن ابراهيم بن اسماعیل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علی بن أبي طالب عليهما السلام المعروف بابن طباطبا ، خرج بالكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة كما ذكر الطبري في تاريخه : 117/7 وابن الأثير في الكامل : 6/199 ، ثم ذكرا أنه مات في الأول من رجب .وروى أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين : 348 باسناده عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن منصور ، عن علي بن الحسين ، عن عمر المکی ، عن جابر الجعفی عن أبي جعفر محمد بن علی علیهما السلام قال : « يخطب على أعوادكم يا أهل الكوفة سنة تسع و تسعین و مائة في جمادی الاولی رجل منا أهل البيت ، يباهي الله به الملائكة» .و روی مثله أيضاً بسند آخر عن زيد بن على وفيه : «في عشر من جمادی الاولی» .ومما تجدر اليه الاشارة أن الكليني روي في الكافي : 257/8 ح 370 باسناده عن ياسر الخادم عن الرضا عليه السلام مثله ، الا أن فيه «قفصاً فيه سبعة عشر قارورة» فأجابه الامام أنه يخرج رجل من أهل بیتی یملك سبعة عشر يوماً ... فخرج محمد بن ابراهيم ... وعلى كل فلا اتفاق . بين الروايات فيما يتعلق بتلك الفترة ، والله أعلم
2- عنه البحار : 52/49 ح57
3- «قلت» البحار
4- عنه کشف الغمة : 305/2 ، والبحار : 52/ 49 ح58 . ورواه الصدوق في عيون أخبار الرضا: 217/2 ح28 باسناده عن الحاكم الشاذانی، عن أحمد بن ادریس ، عن اليقطيني ، عن الوشاء مثله .عنه اعلام الوری : 325 ، و اثبات الهداة : 78 /6 ح 66، والبحار المذكور ص117ح3 ، ومدينة المعاجز : 484 ح 61. والطبري في دلائل الامامة : 176 باسناده عن محمد بن عبدالله ، عن أبي النجم بدر ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن محمد بن عيسى ، عن الوشاء، و عن جماعة من أصحاب الرضا عليه السلام ، مثله . عنه مدينة المعاجز : 501 صدر ح117. وأورده في اثبات الوصية : 204، و مناقب آل ابی طالب : 452/ 3 عن محمد بن عیسی عن الوشاء مثله

20- ومنها : ما روي عن الوشّاء أيضا [قال:] لدغتني عقرب ، فأقبلت أقول: یا رسول الله ، یا رسول اللّه ، فأنكر السامع و تعجّب من ذلك .

قال له الرضا علیه السلام: مه، فواللّه لقد رأى رسول اللّه . قال : وقد كنت رأيت في النوم رسول اللّه ، ولا واللّه ما كنت أخبرت به أحداً .(1)

21- ومنها : ما روي عن عبد الله بن سوقة(2) قال: مرّ بنا الرضا علیه السلام فاختصمنا في إمامته ، فلمّا خرج، خرجت أنا وتميم بن يعقوب السرّاج - من أدل برقة - و نحن مخالفون له - نرى رأي الزيديّة - فلمّا صرنا في الصحراء فاذا نحن بظباء ، فأومی أبو الحسن علیه السلام إلى خشف(3) منها ، فاذا هو قد جاء حتّی وقف بين يديه ، فأخذ

ص: 364


1- عنه کف الغمة: 305/2 ، والبحار : 49 / 52 ح 59. وأورده في الصراط المستقيم : 197/2 ح 14 عن الوشاء مثله . وأخرجه في اثبات الهداة : 143/6ح162 عن كشف الغمة
2- «شبرمة» بعض النسخ والبحار . وفي بعضها الآخر (سمرة) . وفي الصراط المستقیم : سرقة . وهو غير «عبد الله بن شبرمة» الذي كان قاضياً للمنصور ، والمتوفي سنة «144»
3- الخشف : ولد الظبي

أبو الحسن يمسح رأسه ، ودفعه(1) إلى غلامه ، فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه ، فكلّمه الرضا بكلام لا نفهمه ، فسكن .

ثمّ قال : يا عبد اللّه أو لم تؤمن؟

قلت : بلى يا سيّدي ، أنت حجّة اللّه على خلقه ، و أنا تائب إلى اللّه .

ثمّ قال للظبي: إذهب [إلى مرعاك] .

فجاء الظبي و عيناه تدمعان ، فتمسّح بأبي الحسن علیه السلام و رغی(2) .

فقال أبو الحسن علیه السلام: تدري ما يقول؟ قلنا : اللّه ورسوله وابن رسوله أعلم .

قال : يقول : دعوتني ورجوت أن تأكل من لحمي فأجبتك وحزّنتني(3) حينا امرتني بالذهاب .(4).

22 - ومنها : ماروی إسماعيل بن مهران قال: أتيت الرضا علیه السلام يوماً أنا وأحمد البزنطيّ بصريا»(5) و کنّا تشاجرنا في سنّه .

فقال أحمد : إذا دخلنا عليه فذكّرني حتّى أسأله عن سنّه(6) فانّي قد أردت ذلك غير مرّة فأنسی. فلمّا دخلنا عليه ، وسلّمنا وجلسنا ، أقبل على أحمد ، و كان أول ما تكلّم به أن قال :

ص: 365


1- «رفعه» البحار
2- یعنی صوت - بتشديد الواو -
3- یعنی صیر تنی حزيناً ، وفي بعض النسخ والبحار : أحزنتنی
4- عنه اثبات الهداة : 132 /6 ح140 ، والبحار : 52/ 49 ح60 ، وعنه مدينة المعاجز : 508 ح126، وعن ثاقب المناقب : 142 مثله .وأورده في الصراط المستقيم : 197/2 ح15 عن عبدالله بن سرقة مثله باختصار
5- نقل ابن شهر اشوب في مناقبه : 489/3 عن كتاب الجلاء والشفاء ضمن حدیث أن «صريا» قرية أسسها موسی بن جعفر عليهما السلام على ثلاثة أميال من المدينة. ويظهر من الحديث أن الامام الرضا عليه السلام قد أقام بها فترة من الزمن
6- «ذلك» ه ، ط

يا أحمد كم أتى عليك من السنين ؟ فقال: تسع وثلاثون .

فقال : ولكن أنا قد أتت علىّ ثلاث وأربعون سنة . (1)

23 - ومنها : ماروي عن الحسن بن عليّ الوشّاء [قال:] كنّا عند رجل بمرو و كان معنا رجل واقفيّ ، فقلت له :

اتّق اللّه ، قد كنت مثلك ، ثمّ نوّر اللّه قلبي ، فصم الأربعاء و الخميس و الجمعة واغتسل وصلّ ركعتين ، وسل اللّه أن يريك في منامك ما تستدلّ به على هذا الأمر.

فرجعت إلى البيت ، و قد سبقني كتاب أبي الحسن إليّ يأمرني فيه أن أدعو إلى هذا الأمر ذلك الرجل ، فانطلقت إليه ، وأخبرته وقلت له : احمد اللّه و استخره(1) مائة مرّة، وقلت :

إنّي وجدت كتاب أبي الحسن قد سبقني إلى الدار [أن] أقول لك ، وفيها كنّافيه وإنّي لأرجو أن ينوّر اللّه قلبك(2) فافعل ماقلت لك من الصوم والدعاء .

فأتاني يوم السبت في السحر فقال لي : أشهد أنّه الامام المفترض الطاعة. فقلت: و كيف ذلك ؟ قال : أتاني أبو الحسن البارحة في النوم فقال : يا إبراهيم - و اللّه -

لترجعنّ إلى الحقّ. وزعم أنه لم يطّلع عليه إلا اللّه .(3).

24 - ومنها : ماروي عن الوشّاء ، عن مسافر [قال:] قال لي أبو الحسن علیه السلام يوماً : قم فانظر في تلك العين حيتان ؟ فنظرت فاذا فيها ! قلت: نعم .

قال: إنّي رأيت ذلك في النوم و رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم يقول لي : يا عليّ ماعندنا خير

ص: 366


1- «استخر» البحار . «استجيرة» مدينة المعاجز
2- «لك» م
3- عنه اثبات الهداة : 6/ 133 ح 142 ، والبحار : 53/49 ح 62، ومدينة المعاجز :491 ح93

لك(1) . فقبض بعد أيّام .(2).

25 - ومنها : ماروی الحسن(3) بن عبّاد -وكان كاتب الرضا علیه السلام- [قال]: دخلت على الرضا علیه السلام، وقدعزم المأمون بالمسير إلى بغداد ، فقال : يا ابن عبّاد ما ندخل العراق ولانراه . قال: فبكيت ، وقلت : آیستني أن آتي أهلي و ولدي .

قال علیه السلام: أمّا أنت فستدخلها ، وإنّما عنيت نفسي .

فاعتلّ وتوفّي بقرية من قری طوس وقد كان تقدّم في وصيّته أن يحفر قبره ممّا يلي الحائط ، وبينه وبين قبر هارون ثلاثة أذرع ، و قد كانوا حفروا ذلك الموضع لهارون ، فكسرت المعاول والمساحي، فتركوه، وحفروا حيث أمكن الحفر .(4)

فقال : احفروا ذلك المكان ، فانّه سيلين عليكم ، و ستجدون صورة سمكة من نحاس عليها كتابة بالعبرانيّة، فاذاحفرتم لحدي فعمّقوه وردّوها فيه ممّایلي رجلي .

فحفرنا ذلك المكان ، فكانت المحافر تقع في الرمل الليّن بالموضع ، ووجدنا السمكة مكتوباً عليها بالعبرانيّة :

ص: 367


1- لعل ذکر الحيتان اشارة الی ماظهر في قبره منها ، أو المعنى أن علمی بمونی کعلمی بها قاله المجلسی ره
2- عنه البحار : 54/49 ح63 وروى الصفار في بصائر الدرجات: 483 ح 9 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسن ابن على الوشا مثله . عنه البحار المذكور ص 306 ح15.والكليني في الكافي : 260/ 1 ح6 باسناده عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن الوشاء مثله ، عنه الايقاظ من الهجمة : 211 ح6
3- «الحسین» م، ط.ولاشاهد له في سائر الكتب . وأما الحسن بن عباد فقد عده الشيخ الطوسي في رجاله:374 رقم 38 من أصحاب الرضا عليه السلام
4- تقدم تفصيل ذلك في الحديث «8» فراجع

«هذه روضة علي بن موسی، و تلك حفرة هارون الجبّار(1)» فرددناها ، ودفنّاها(2). في لحده عند شفّه(3) .(4).

26- ومنها : ماروی الحسن بن سعيد ، عن الفضل بن يونس قال: خرجنا نريد مكّة، فنزلنا المدينة و بها هارون الرشيد يريد الحجّ، فأتاني الرضا - وقد حضر غدائي وعندي قوم من أصحابنا - فدخل الغلام فقال: بالياب رجل يكنّي «أبا الحسن» يستأذن عليك . فقلت : إن كان الّذي أعرف، فأنت حرّ ، فخرجت فاذا أنا بالرضا علیه السلام فقلت : انزل . فنزل حتى(5) دخل .

ثمّ قال علیه السلام لي بعد الطعام : یافضل إنّ أمير المؤمنین كتب للحسين بن زید بعشرة آلاف دينار ، و كتب بها إليك ، فادفعها إلى الحسين .

قال: قلت : واللّه ما لهم عندي قليل ولا كثير ، فان أخرجتها من عندي ذهبت، فان كان لك في ذلك رأي فعلت . فقال : يا فضل ادفعها إليه ، فانّه سیرجع(6) إليك قبل أن تصير إلى منزلك . (فدفعتها إليه ، قال : فرجعت إليّ)(7) كما قال.(8).

ص: 368


1- روى الكليني في الكافي : 242/ 3 ح 2 باسناده عن العدة ، عن سهل بن زیاد ، عن الحسن بن علي ، عن غالب بن عثمان ، عن بشیر الدهان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ان للقبر كلاماً في كل يوم ، يقول : أنا بيت الغربه ... أنا روضة من رياض الجنة أو حفرةمن حفر النار
2- «دفناه» م
3- «موضع قاله» البحار. والشق : الناحية والجانب
4- عنه البحار : 307/49 ح17.وأورده في الصراط المستقیم: 199/2 ح23 عن الحسين بن عباد باختصار
5- «و» ه، ط، والبحار
6- «فانها سترجع» ه ، ط، ومدينة المعاجز
7- «فاذا أنا بهم ، وقد طلبوا مني الذهب ، فدفعته اليهم ، فرجع المال الى قبل أن أصيرالى منزلی ، فرجع المال الى منزلی» ه، ط
8- عنه اثبات الهداة : 134/6 ح143، والبحار : 54/49 ح64 ومدينة المعاجز : 508ح127

27 - ومنها : ما روي عن أحمد بن عمر الحلال(1) قال : قلت لأبي الحسن الثاني عليه السلام : جعلت فداك إنّي أخاف عليك من هذا، صاحب الرقّة(2).

قال: ليس عليّ منه بأس ، إنّ للّه بلاداً تنبت الذهب قدحماها اللّه بأضعف خلقه بالذر(3)، فلو أرادتها الفيلة ماوصلت إليها .

ثم قال لي الوشّاء: إنّي سألته عن هذه البلاد - وقد سمعت الحديث قبل مسألتي - (فاخبرت أنّه)(4) بين بلخ و التّبت(5) و أنّها تنبت الذهب ، وفيها نمل كبار أشباه

ص: 369


1- قال عنه النجاشي في رجاله : 99 رقم 248 : كان يبيع الحل - يعني الشيرج - روی عن الرضا عليه السلام ، وله عنه مسائل ...
2- الرقة : البستان المقابل للتاج من دار الخلافة ببغداد وهي بالجانب الغربي ، و هو عظیم جداً جلیل القدر ... (معجم البلدان : 60/3) .والمراد ب «صاحب الرقة» هارون الرشید .وفي ه ، ط : البرقة ، وهي الدهشة .وفي اثباب الوصية بلفظ «أخاف عليك من هارون»
3- الذر : صغار النمل : وفي ه ، ط : النمل
4- «فقال : والبلاد ما» ط . و في اثبات الوصية بلفظ «سألته عن هذه البلاد فأخبرني أنها»
5- تبت : بالضم ، و كان الزمخشري يقوله بكسر ثانیه ، و بعض يقوله بفتح ثانیه ،ورواه أبو بكر محمد بن موسی بفتح أوله وضم ثانیه مشددة في الروايات كلها ... وهی مملكة متاخمة لمملكة الصين، ومن جهة الشرق للهند والهياطلة، ومن جهة الغرب البلاد الترك... و با لتبت جبل يقال له جبل السم اذا مر به أحد تضيق نفسه فمنهم من يموت ، و منهم من يثقل لسانه. (معجم البلدان : 10/1 ، ومراصد الاطلاع: 251/1) . و بلخ : مدينة مشهورة بخراسان من أجلها وأشهرها ... تحمل غلتها الى جميع خراسان والی خوارزم .. يقال لجیحون: نهر بلخ . (معجم البلدان: 479/ 1)

الكلاب على خلقها ، فليس يمرّ(1) بها الطير (فضلاعن)(2) غيره ، تكمن بالليل في جحرها و تظهر بالنهار .

فربما غزوا الموضع على الدواب التي تقطع ثلاثين فرسخاً في ليلة (لايعرف شيء من الدواب يصبر صبرها)(3) فيوقرون (4) أحمالهم و يخرجون ، فاذا أصبحت النمل ، خرجت في الطلب فلاتلحق شيئاً إلا قطّعته، تشبّه بالريح من سرعتها وربّما شغلوها باللحم يتّخذلها إذا لحقتهم بطرح لها في الطريق [فتشتغل به عنهم] فان لحقتهم قطّعتهم و دوابّهم(5).

28- ومنها : ما روی صفوان بن يحيى قال : كنت مع الرضا علیه السلام بالمدينة

ص: 370


1- «على حلقها قلس (قليس) لايمر» البحار .قال المجلسی ره : القلس : حبل ضخم من ليف أو خوص أو غيرهما ، و كأنه وصف المشبه به أي الكلاب المعلمة . والخلق - بضم الخاء - : السجية والطبع . قال الدميري في حياة الحيوان : 251/2عند وصفه الكلب : ومن طبعه أن يحرس ربه ويحمي حرمه شاهداً وغائباً، ذاكراً و غافلا نائماً و يقظاناً، وهو أيقظ الحيوان عيناً في وقت حاجته للنوم ... وهو في نومه أسمع من فرس أحذر من عقعق
2- «فکیف» ه، ط ، ومدينة المعاجز
3- «فيأتون في الليل» ه ، ط ، ومدينة المعاجز
4- الوقر : الحمل الثقيل
5- عنه اثبات الهداة : 6/ 134 ح 144 ، والبحار : 54/49 ح 65 ، وج 60/ 185ح16ومدينة المعاجز : 508 ح 128. وأورده المسعودي في اثبات الوصية : 200 عن الحمير ، عن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن عمر مثله ، والعاملي النباطی فی الصراط المستقتم : 197/2 ح16 مرسلا باختصار وروى في الكافي : 59/2 ح 11 باسناده علی بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن الرضا عليه السلام نحوه ، عنه الوسائل : 159 / 11 ح9 ، والبحار : 158/ 70 ح 16

فمرّ مع قوم بقاعد، فقال : هذا إمام الرافضة . فقلت له عليه السلام :أما سمعت ما قال هذا القاعد ؟ قال : نعم، أما إنّه مؤمن مستكمل الايمان .

فلمّا كان بالليل دعا عليه فاحترق دکّانه ، ونهب السرّ اق ما بقي من متاعه فرأيته من الغد بين يدي أبي الحسن خاضعاً مستكيناً ، فأمر له بشيء.

ثمّ قال : يا صفوان أما إنّه مؤمن مستكمل الايمان ، و ما يصلحه غير مارأیت.(1).

29 - ومنها : ما روی مسافر قال : أمر أبو إبراهيم عليه السلام- حين أخرج - به أبا الحسن عليه السلام أن ينام على بابه في كلّ ليلة أبداً ما دام حيّاً إلى أن يأتيه خبره.

قال : فكنّا نفرش في كلّ ليلة لابي الحسن في الدهليز ، ثمّ يأتي بعد العشاء الاخرة فينام فاذا أصبح انصرف إلى منزله .

وكنّا ربّما خبّأنا الشيء منه ممّا يؤكل فيجيء(2) ويخرجه ويعلمنا أنّه قد علم به ، ما كان ينبغي أن يخبأ منه.

فلمّا كان ليلة أبطأ عنّا ، واستوحش العيال وذعروا ، ودخلنا من ذلك مدخل عظيم ، فلمّا كان من الغد ، أتي الدار ، ودخل على العيال ، وقصد إلى أمّ أحمد فقال لها :هاتي الّذي أودعك أبي! فصرخت و لطمت و شقّت وقالت: مات سيّدي.

فكفّها وقال : لا تتكلّمي حتى يجيء الخبر . فدفعت إليه سفطاً(3) .(4)

ص: 371


1- البحار : 49/ 55 ح66
2- «حتی» م ، ه ، ط
3- السفط - محركة - : ما يعبأ فيه الطيب و نحوه
4- عنه البحار: 71/49 ح 94 ورواه في الكافي : 381/ 1 ح6 باسناده عن على بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن مسافر مثله ، عنه اثبات الهداة :35/6 ح10، والبحار : 48467 ح53 ، و مدينة المعاجز : 477 ح25. وفي دلائل الامامة : 193 باسناده عن محمد بن هارون ، عن أبيه ، عن أبي جعفر بن الوليد ، عن أبي محمد أبي نصر ، عن مسافر نحوه ، عنه مدينة المعاجز :488 87. وأورده في اثبات الوصية : 198 مرسلا نحوه

الباب العاشر

في معجزات الامام محمد بن على التقی علیهما السلام

1- [ عن ] محمد بن میمون(1) أنه كان مع الرضا عليه السلام بمكّة قبل خروجه إلى خراسان قال: قلت له: إنّي أريد أن أتقدم إلى المدينة، فاكتب معي كتاباً إلى إبي جعفرعليه السلام. فتبسّم و کتب، فصرت إلى المدينة ، وقد كان ذهب بصري .

فأخرج الخادم أبا جعفر عليه السلام إلينا يحمله من(2) المهد ، فناولته الكتاب ، فقال لموفق الخادم : فضّه وانشره . ففضّه ونشره بين يديه ، فنظر فيه، ثمّ قال لي :

یا محمد ما حال بصرك ؟ قلت : يا ابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم اعتلّت عيناي ، فذهب بصري كما ترى . فقال [ ادن مني ، فدنوت منه ] : فمد يده ، فمسح بها على عيني فعاد إلى بصري كأصح ما كان، فقبّلت يده ورجله، وانصرفت من عنده، و أنا بصير .(3)

2- ومنها : أن محمد بن إبراهيم الجعفري روى عن حكيمة بنت الرضا عليه السلام

ص: 372


1- ترجم له المامقانی ره فی تنقیح المقال: 194/3 رقم 1435، وذكر الحديث، فراجع
2- «فحمله (الی) من» نسخ الاصل . وفي البحار : فحمله في. وما في المتن من کشف الغمة
3- عنه کشف الغمة : 2/ 365، واثبات الهداة : 6/ 184 ح 24 ، والبحار : 46/50 ح20 وحلية الابرار : 396/2 ، وعنه في مدينة المعاجز: 531 ح48 وعن ثاقب المناقب :165 وص458 مرسلا عن محمد بن میمون مثله .وأورده في اثبات الوصية : 203 عن الحميري ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن سنان نحوه

قالت : لمّا توفي أخي محمد بن الرضا علیه السلام صرت يوماً إلى امرأته أم الفضل(1)بسبب احتجت إليها فيه قالت : فبينا نحن نتذاكر فضل محمد و كرمه وما أعطاه الله من العلم والحكمة ، إذ قالت امرأته أم الفضل :

یا حكيمة أخبرك عن أبي جعفر بن الرضا علیه السلام باعجوبة لم يسمع أحد مثلها ؟

قلت : و ما ذاك ؟ قالت : إنّه كان ربّما أغارني مرة بجارية ، و مرة بتزويج فكنت أشكو إلى المأمون فيقول: يا بنيّة احتملي فانّه ابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم .

فبينا أنا ذات ليلة جالسة إذ أتت امرأة، فقلت: من أنت؟ - و كأنّها قضيب بان (2)أو غصن خیزران - قالت : أنا زوجة لأبي جعفر . قلت : من أبو جعفر ؟

قالت : محمد بن الرضا علیه السلام وأنا امرأة من ولد عمّار بن یاسر .

قالت : فدخل عليّ من الغيرة مالم أملك نفسي ، فنهضت من ساعتي ، فصرت إلى المأمون ، وقد كان ثملا(3) من الشراب، وقد مضى من الليل ساعات ، فأخبرته بحالي وقلت : إنّه يشتمني و يشتمك، ويشتم العباس و ولده ، قالت: وقلت ما لم يكن .

فغاظه ذلك منّي جداً، ولم يملك نفسه من السكر، وقام مسرعاً فضرب بيده إلى سيفه ، وحلف أنّه يقطّعه بهذا السيف ما بقي في يده ، وصار إليه .

قالت : فندمت عند ذلك ، وقلت في نفسي : ما صنعت ،ملكت وأهلكت . قالت: فعدوت خافه لأنظر ما يصنع ، فدخل إليه ، وهو نائم ، فوضع فيه السيف ، فقطّعه قطعة قطعة ، ثم وضع السيف على حلقه فذبحه، و أنا أنظر إليه و یاسر الخادم، و انصرف وهو يزبد(4) مثل الجمل .

ص: 373


1- زاد في بعض النسخ : بنت المأمون الخليفة العباسي
2- البان : شجر معتدل القوام ، لين ورقه كورق الصفصاف ، يشبه به القد لطوله
3- الثمل الذي أخذ منه الشراب والسكر
4- تزبد الانسان : اذا غضب وظهر على صماغيه زبدتان والزبد : زبد ااجمل الهائج ، وهو لغامه الأبيض الذي تتلطخ به مشا فره اذاهاج

قالت : فلمّا رأيت ذلك هربت على وجهي حتى رجعت إلى منزل أبي فبتّ بليلة لم أنم فيها إلى أن أصبحت .

قالت : فلمّا أصبحت دخلت إليه وهو يصلّي ، وقد أفاق من السكر ، فقلت [له]: يا أمير المؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة ؟ قال : لا والله ، فما الذي صنعت ؟! ويلك قلت : فانّك صرت إلى ابن الرضا علیه السلام وهو نائم ، فقطّعته إرباً إرباً(1) و ذبحته بسيفك ، وخرجت من عنده ، قال : ويلك ما تقولين ؟! قلت : أقول ما فعلت .

فصاح : یا یاسر ، وقال : ما تقول هذه الملعونة ويلك ؟ ! قال : صدقت في كل ما قالت . قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هلكنا وافتضحنا ، ويلك يا ياسر بادر إليه فائتني بخبره .

فر كض إليه، ثم عاد مسرعاًفقال : يا أمير المؤمنين البشري ! قال : فما وراك ؟ قال:دخلت إليه ، فاذا هو قاعد يستاك ، وعليه قميص ودواج(2) فبقيت متحيّراً في أمره ، ثم أردت أن أنظر إلى بدنه هل فيه شيء من الأثر ، فقلت له : أحب أن تهب لي هذا القميص الذي عليك أتبرك به .

فنظر إلي وتبسّم كأنّه علم ما أردت بذلك ، فقال: أكسوك كسوة فاخرة . فقلت:لست أريد غير هذا القميص الذي عليك . فخلعه و کشف لي بدنه کلّه، فوالله ما رأيت أثراً.

فخر المأمون ساجداً ، و وهب لياسر ألف دينار ، و قال : الحمد لله الذي لم يبتلني بدمه .

ثم قال: یا یاسر أمّا(3) مجيء هذه الملعونة إلي وبكاؤها بين يدي فأذكره، و أمّا مضيّي(4) إليه ، فلست أذكره . فقال ياسر : [ يا مولاي ] والله ما زلت تضر به بسيفك

ص: 374


1- الارب : العضو
2- الدواج - على وزن رمان - : اللحاف الذي يلبس
3- «كلما كان من» البحار
4- یعنی ذهابی . وفي ه ، ط، والبحار «مصیری»

وأنا وهذه ننظر إليك وإليه حتى قطّعته قطعة قطعة، ثمّ وضعت سيفك علی حلقه فذبحته وأنت تزبد كما يزبد البعير .

فقال : الحمد للّه. ثمّ قال لي : والله لئن عدت بعدها (فی شیء ممّاجری)(1) لأقلنّك ثمّ قال لياسر : احمل إليه عشرة آلاف دينار و قد(2) إليه الشهريّ الفلاني ، و سله الركوب إليّ، وابعث إلى الهاشميّين و الأشراف والقوّاد ليركبوا معه(3) إلى عندي ويبدأوا بالدخول إليه ، والتسليم عليه .

ففعل ياسر ذلك، وصار الجميع بين يديه، وأذن للجميع [بالدخول] وقال: یا یاسر هذا كان العهد بيني و بينه؟ قلت: يا ابن رسول اللّه ليس هذا وقت العتاب ، فوحقّ «محمد وعليّ» ما كان يعقل من أمره شيئاً .

فأذن للاشراف كلّهم بالدخول إلاّ عبد اللّه وحمزة ابني الحسن لأنّهما كانا وقعا فيه عند المأمون يوماً، وسعيا به مرّة بعد أخرى ، ثمّ قام فركب مع الجماعة و صار إلى المأمون، فتلقّاه وقبّل ما بين عينيه، و أقعده على المقعد(4) في الصدر، و أمر أن يجلس الناس ناحية ، فخلا به ، فجعل يعتذر إليه.

فقال له أبو جعفر علیه السلام: لك عندي نصيحة فاسمعها منّي. قال: هاتها .

قال: أشير عليك بترك الشراب المسكر . فقال: فداك ابن عمّك قد قبلت نصحك.(5).

ص: 375


1- «الی شكواك (بشكواك) فيما يجری بینکما» ط ، والحلية
2- قد : فعل أمر من قاد يقود
3- «في خدمته» ه ، ط
4- «المقعدة» م. و كلاهما بمعنى واحد
5- عنه کشف الغمة : 2/ 365، واثبات الهداة: 184/6 ح25، والبحار : 69/50 ح47،وحلية الابرار : 412/2 ، ومدينة المعاجز : 530 ملحق ح47.وأورده في عيون المعجزات : 124 برواية صفوان بن يحيى ، عن أبي نصر الهمدانی عن حكيمة بنت أبي الحسن القرشی نحوه ، عنه البحار المذكور ص98 ح10 ومدينة المعاجز 529 ح47. وفي مناقب آل ابی طالب : 499/3 برواية صفوان بن يحيى ، عن أبي نصر الهمداني و اسماعيل بن مهران و الاسباطی ، عن حكيمة بنت أبي الحسن القرشي، عن حكيمة بنت موسی بن عبدالله ، عن حكيمة بنت محمد بن علی بن موسی التقى عليهم السلام نحوه عنه البحار المذكور ص 99 ح11. وفي ثاقب المناقب : 186 مرسلا عن ام الفضل مثله . وفي الصراط المستقیم : 199/2 ح 2 مرسلا باختصار . وروى ابن طاووس في مهج الدعوات : 36 باسناده عن حكيمة بنت محمد بن علی بن موسی بن جعفر عمة أبي محمد الحسن بن علی علیهما السلام نحوه ، عنه البحار المذكورص 95 ح9

3- ومنها : ماروي عن أبي بكر بن إسماعيل [قال:] قلت لأبي جعفر بن الرضا علیهما السلام: إنّ لي جارية تشتكي من ريح بها. فقال: ائتني بها . فأتيت بها فقال لها ما تشتكين يا جارية ؟ قالت : ريحاً في ركبتي . فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب ، فخرجت الجارية من عنده ، ولم تشتك و جعاً بعد ذلك .(1).

4- ومنها : ماروي عن علي بن جرير [قال:] كنت عند أبي جعفر بن الرضا علیه السلام جالساً، وقد ذهبت شاة لمولاة له ، فأخذوا بعض الجيران يجرّونهم إليه و يقولون: أنتم سرقتم الشاة . فقال أبو جعفر علیه السلام: ويلكم خلّوا عن جيراننا، فلم يسرقوا شاتكم، الشاة في دارفلان، فاذهبوا فأخرجوها من داره .

فخرجوا، فوجدوها في داره ، و أخذوا الرجل وضر بوه و خرّقوا ثيابه ، و هو يحلف أنّه لم يسرق هذه الشاة ، إلى أن صاروا إلى أبي جعفر علیه السلام فقال :ويحكم(2) ظلمتم هذا الرجل فانّ الشاة دخلت داره و هو لا يعلم بها، فدعاه فوهب

ص: 376


1- عنه البحار : 46/50 ح 21 .وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 200 ح عن أبی بکر بن اسماعيل باختصار
2- ويح: كلمة ترحم و توجع ، تقال لمن وقع فيهلكة لا يستحقها

له شيئاً بدل ماخرّق من ثيابه وضربه.(1).

5- ومنها : ماروي عن محمد بن عمیر بن واقد الرازيّ قال : دخلت على أبي جعفر بن الرضا علیهما السلام ومعي أخي به بهر(2) شديد، فشكا إليه ذلك البهر .

فقال علیه السلام: عافاك اللّه ممّا تشكو .

فخرجنا من عنده وقد عوفي، فما عاد إليه ذلك البير إلى أن مات .

قال محمد بن عمير : و كان يصيبني وجع في خاصرتي في كلّ أسبوع ، فيشتدّ ذلك(3) بي أيّاماً ، فسألته أن يدعو لي بزواله عنّي.

فقال: وأنت فعافاك اللّه . فما عاد إلى هذه الغاية .(4)

6- ومنها: ما روي عن القاسم بن المحسن(5) [قال]: كنت فيما بين مكة والمدينة

فمر بي أعرابي ضعيف الحال، فسألني شيئاً فرحمته، فأخرجت له رغيفاً فناولته إيّاه.

فلمّا مضى عنّي هبّت ريح زوبعة(6) فذهبت بعمامتي من رأسي ، فلم أرها كيف ذهبت ، و لا أين مرت ، فلمّا دخلت المدينة صرت إلى أبي جعفر بن الرضا فقال لي : يا قاسم ذهبت عمامتك في الطريق ؟

ص: 377


1- عنه البحار : 47/50 ح 22
2- البهر : انقطاع النفس من الاعياء . وفي ثاقب المناقب «بهق»
3- «ذلك الوجع» البحار
4- عنه البحار: 47/50 ح23 ، وأورده في ثا قب المناقب : 458 عن محمد بن عمران عن واقد الرازی مثله ، عند مدينة المعاجز : 534 ح73
5- كذا في نسخ الاصل والبحار، وفي الصراط المستقیم: بن الحسن . أقول: ولعله تصحیف «بن الحسين» البزنطي الذي عد في كتب الرجال من أصحاب الامام الجواد علیه السلام كما في رجال الشيخ : 404 ، رجال المامقانی : 19/2 ،ورجال السيد الخوئی : 19/ 14 رقم 9495
6- الزوبعة: الاعصار، ويقال: أم زوبعة، وهي ريح تثير الغبار، فيرتفع الی السماء كأنه عمود

قلت : نعم . فقال : يا غلام أخرج إليه عمامته . فأخرج إليّ عمامتي بعينها .

قلت : يا ابن رسول اللّه كيف صارت إليك ؟ قال : تصدّقت على الأعرابيّ فشكره اللّه لك ، وردّ إليك عمامتك ، وإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين .(1).

7- ومنها: ما قال المطرفي(2) إنّ الرضا مضى ، ولي عليه أربعة آلاف درهم فقلت في نفسي :ذهبت.

فأرسل إليّ أبو جعفر علیه السلام: إذا كان غداً فائتني ، ومعك ميزان و أوزان .

فدخلت عليه ، فقال : أبو الحسن مضى ولك عليه أربعة آلاف درهم .

فرفع المصلّي الذي كان تحته ، فإذا دنانير تحته ، فدفعها إليّ ، و كانت بقيمتها .(3).

8- ومنها: أنّه لمّا خرج بزوجته امّ الفضل من عند المأمون، و وصل شارع الكوفة ، وانتهى إلى دار المسيّب عند غروب الشمس دخل المسجد ، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز فتوضّأ في أصلها ، وقام فصلّي بالناس صلاة المغرب ، فقرأ في الأولى الحمد ، وإذا جاء نصر الله ، وفي الثانية الحمد ، وقل هو اللّه أحد.

ص: 378


1- عنه البحار : 47/50 ح 24.وأورده في الصراط المستقيم : 50/2 ح 24 مرسلا باختصار
2- «الطرفي» خل
3- عنه البحار : 55/50 ملحق ح29. ورواه في الكافي : 497/1 ح 11 باسناده عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال وعمرو بن عثمان ، عن رجل من أهل المدينة، عن المطر في ، مثله ، عنه کشف الغمة: 2/ 360 ، واعلام الوری : 350. وفي الارشاد : 366 باسناده عن ابن قولويه ، عن الكليني، عن عدة من أصحابه ... مثله . وأورده في روضة الواعظين : 288، وفي مناقب آل أبی طالب : 496/3 مرسلا عنالمطر في مثله .وأخرجه في اثبات الهداة : 177/6 ح17 عن الكافي ، و الارشاد، و اعلام الوری و کشف الغمة . وفي البحار المذكور ص 54 ح 29 عن الارشاد و اعلام الوری

فلمّا سلّم جلس هنيهة(1) وقام من غير أن يعقّب تعقيباً تامّأ ، فصلّى النوافل الأربع وعقّب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ، فلمّا انتهى إلى النبقة رآها الناس قد حملت حملا حسناً ، فأكلوا منها ، فوجدوا نبقاً لاعجم له(2) حلواً .(3).

9- ومنها : ماروي عن محمد بن علي الهاشمي (4) قال : دخلت على أبي جعفر صبيحة عرسه بامّ الفضل، بنت المأمون ، و كنت تناولت من الليل دواء ، فقعدت إليه ، فأصابني العطش ، فكرهت أن أدعو بالماء ، فنظر أبو جعفر في وجهي وقال :أراك عطشان؟ قلت : أجل . قال : ياغلام اسقنا ماء. قلت : في نفسي الساعة يأتون بماء مسموم ، واغتممت لذلك ، فأقبل الغلام ومعه الماء.

فتبسّم أبو جعفر في وجهي ، ثم قال للغلام : ناولني الماء . فتناوله فشرب ظاهراً

ص: 379


1- «هنيئة» خ ل . بمعناها أي قليل من الزمان
2- قال في المناقب : قال الشيخ المفيد : وقد أكلت من ثمرها ، وكان لاعجم له
3- عنه البحار : 87 ح 3 وعن الارشاد للمفيد : 364 بالاسناد عن الحسن بن محمد بن سلیمان ، عن علی بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن الريان بن شبیب (ضمن حدیت طويل) وأورده في اعلام الوری : 354 ، و ثاقب المناقب: 449 مرسلا عن الريان بن شبیب وفي مناقب آل أبی طالب : 495/3 مرسلا .وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 358، والوسائل : 1059/4 ح، والبحار : 100/86عن الارشاد، وفی اثبات الهداة: 183/6 ح23 عن الارشاد، و اعلام الوری و کشف الغمة .وفي البحار : 89/50 ح 4 عن الارشاد و اعلام الوری ، وفي مدينة المعاجز : 529ح46 عن الارشاد و اعلام الوری والمناقب و ثاقب المناقب .وأورده في الفصول المهمة : 252 ، وفي نور الابصار : 179 ، و في أخبار الدول و آثار الاول : 116.وفي جامع کرامات الأولياء : 168/1 ، عنها احقاق الحق : 425/12وج 19/599 ح 3
4- ترجم له في تنقيح المقال : 163/ 3 رقم 11149 ، و ذكر الرواية نفسها

ثم ناولني فشربت ، وأطلت المقام والجلوس عنده ، فعطشت فدعا بالماء ، ففعل كما فعل في الأول ، فشرب ثم ناولني وتبسّم .

قال محمد بن حمزة(1) : قال لي محمد بن علي الهاشمي : والله إنّي أظن أنأبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة . (2).

10- ومنها : ماروی أبو القاسم بن قولويه ، عن محمد بن یعقوب، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسّان ، عن عليّ بن خالد (3) قال :كنت بالعسكر(4) ، فبلغني أنّ هناك رجلا محبوساً أتي به من ناحية الشام مكبولا(5) [بالحديد] وقالوا : إنّه تنبّأ . فأتيت الباب وداریت(6) البوابين حتى وصلت إليه

ص: 380


1- ترجم له في تنقيح المقال: 110/3 رقم 10638، ومعجم رجال الحديث : 55/16رقم 10657، فراجع
2- رواه في الكافي : 495/ 1 ح6 باسناده عن الحسين بن محمد ، عن معلی بن محمد ،عن محمد بن على ، عن محمد بن حمزة الهاشمي ، عن علي بن محمد أو محمد بن على الهاشمی مثله ، عنه اثبات الهداة : 174/6 ح 12 ، و في الارشاد للمفيد :366 باسناده عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن معلی بن محمد ...مثله، عنه کشف الغمة : 2/ 360، والبحار : 54/50 ح 28.و أورده في دلائل الامامة : 215 مرسلا عن محمد بن علی بن حمزة الهاشمی مثله .وفي روضة الواعظین : 288، و مناقب آل أبی طالب: 496/3 مرسلا عن محمد بن حمزة الهاشمي مثله .وأخرجه في مدينة المعاجز : 521 ح14 عن الكافي و دلائل الامامة و المناقب
3- أضاف في الكافي : «قال محمد و كان زيدياً». ترجم له في تنقيح المقال : 2/ 826.وأورد الخبر برواية الكليني. و في معجم رجال الحديث : 9/12 رقم 8105 و أشار الى رواية الكليني والمفيد و الصفار وابن شهر اشوب
4- العسكر: اسم سر من رأى
5- یعنی مقيداً
6- داراه مداراة : لاطفه و خاتله

فاذا رجل اه فهم و عقل ، فقلت له : ما قصّتك ؟

قال: إنّي رجل كنت بالشام أعبدالله في الموضع الذي يقال: إنّه نصب فيه رأس الحسين علیه السلام فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر اللّه إذ رأيت شخصاً (بين يدي فنظرت)(1) إليه فقال [ لي ] : قم .

فقمت معه فمشي بي قليلا، فاذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: أتعرف هذا المسجد؟ قلت: نعم هذا مسجد الكوفة . فصلّى وصلّيت معه، ثمّ انصرف وانصرفت(2) معه .

فمشی [بي ] قليلا ، و إذا نحن بمسجد الرسول صلی اللّه علیه و آله و سلم فسلّم على رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم

و سلّمت ، وصلّي وصلّيت معه، ثمّ خرج وخرجت معه .

فمشي بي قليلا ، فاذا نحن بمكّة، فطاف بالبيت وطفت معه، وخرج فخرجت معه فمشی [بي] قليلا، فاذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد اللّه فيه بالشام، وغاب الشخص(3)

عن عيني ، فتعجّبت ممّا رأيت .

فلمّا كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص ، فاستبشرت به ، ودعاني فأجبته ففعل كما فعل في العام الأوّل ، فلمّا أراد مفارقتي بالشام ، قلت : سألتك بحقّ الذي أقدرك على ما رأيت من أنت ؟ قال : أنا محمد بن عليّ بن موسی بن جعفر .

فحدّثت من كان يصير إليّ بخبره ، فرقي(4) ذلك إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات(5)، فبعث إلي فأخذني و كبّلني في الحديد ، و حملني إلى العراق ، وحبست كما تری ، وادعي علي المحال .

ص: 381


1- «علیه المهابة ، فاطلت نظری» ه، ط
2- «خرج وخرجت» ط
3- «الرجل» ه ، ط
4- یعنی: فرفع
5- هو أبو جعفر محمد بن عبدالملك بن أبان بن حمزة المعروف بابن الزيات ... وزر لثلاثة خلفاء من بني العباس، وهم: المعتصم والواثق والمتوكل ... ودفن ولم يعمق قبره، فنبشته الكلاب وأكلته ...(وفيات الأعيان : 94/ 5 - 103)

فقلت له : أرفع عنك قصّة إلى محمد بن عبدالملك الزيّات ؟ قال: افعل .

فكتبت عنه قصّة شرحت أمره فيها ، و رفعتها إلى الزيّات ، فوقّع في ظهرها : قل للّذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة [ و ] إلى المدينة [ و ] إلى مكّة أن يخرجك من حبسي هذا.

قال عليّ بن خالد : فغمّني ذلك من أمره ، و رققت له ، و انصرفت محزوناً فلمّا كان من الغد ، باکرت الحبس لاعلمه بالحال ، و آمره بالصبر والعزاء .

فوجدت الجند ، وأصحاب الحرس ، وصاحب السجن ، وخلقاً عظيماً(1) من الناس يهرعون ، فسألت ( عنهم وعن حالهم )(2) فقيل : المحمول من الشام المتنبّي

افتقد البارحة من الحبس ، فلا يدري خسفت الأرض به أو اختطفته الطير ؟

و كان هذا الرجل(3) - أعني : عليّ بن خالد - زیدیّاً ، فقال بالامامة لمّا رأى ذلك وحسن اعتقاده .(4).

ص: 382


1- « كثيراً» ط
2- «ما الحال» س
3- «المرسل» البحار
4- عنه اثبات الهداة : 168/6 ح5 ، و عن بصائر الدرجات : 402 ح1 باسناده عن محمد بن حسان مثله ، و عن الكافي : 492/1 ح1 باسناده عن أحمد بن ادریس ،عن محمد بن حسان مثله ، وعن اعلام الوری :347 نقلا عن محمد بن يعقوب.وعنه في البحار : 376/25 ح25 ، وعن الاختصاص : 314.ورواه في الارشاد : 365 باسناده عن ابن قولویه مثله .وفي دلائل الامامة: 214 باسناده عن محمد بن هارون، عن أبيه، عن ابن الوليد، عن محمدابن الحسين الصفار ، عن محمد بن حسان مثله . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 498/3 ، و کشف الغمة : 359 /2 ، و ثاقب المناقب 445، و الصراط المستقیم : 2/ 200 ح6، والفصول المهمة : 253، و نور الابصار :178 مرسلا عن علي بن خالد مثله .وأخرجه في البحار : 38/50 ح عن البصائر والارشاد واعلام الوری .و في مدينة المعاجز: 520 ح 9 عن الكافي والبصائر والاختصاص والدلائل والمناقب و ثاقب المناقب ، وفي احقاق الحق : 427/12، وج 597/ 19 عن الفصول المهمة و نور الابصار

11- ومنها : ما روي عن محمد بن أورمة(1) عن الحسين المكاري [قال] : دخلت على أبي جعفر ببغداد وهو على ما كان من أمره.

فقلت في نفسي : هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبداً، و أنا أعرف مطعمه .(2) قال : فأطرق رأسه ، ثمّ رفعه وقد اصفرّ لونه فقال : يا حسين خبز شعير ، وملح جريش في حرم [ جدّي ] رسول اللّه أحبّ إليّ ممّا تراني فيه.(3).

12 - ومنها : ما روي عن إسماعيل بن عبّاس الهاشميّ [قال] : جئت إلى أبي جعفرعلیه السلام يوم عيد ، فشكوت إليه ضيق المعاش فرفع المصلّي وأخذ من التراب سبيكة من ذهب فأعطانيها ، فخرجت بها إلى السوق فكان فيها ، ستّة عشر مثقالا من ذهب.(4).

13 - ومنها : ما روي عن الحسن بن علي الوشّاء [قال] : كنت بالمدينة به «صريا »(5) في المشربة(6) مع أبي جعفر فقام وقال : لا تبرح.

ص: 383


1- «أرومة» م . قال ابن داود في رجاله: 499 رقم 417 : محمد بن اورمة - بضم الهمزة وسكون الواو قبل الراء المضمومة - أبو جعفر القمی ... و قال الحلى في الخلاصة: 252 رقم 28: وقد تقدم الراء على الأول . و ترجم له النجاشي في رجاله : 329 رقم 891، و المامقانی فی تنقیح المقال : 2/ 83رقم 10425 و غيرهم فراجع
2- «وما أعرف مطعمه؟» و البحار
3- عنه اثبات الهداة : 6/ 184 ح 26، والبحار : 48/50 ح25.وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 200ح7 مرسلا عن المكاری باختصار
4- عنه البحار : 49/50 ح 26، وعنه في مدينة المعاجز : 531 ح 49 وعن ثاقب المناقب :459. وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 200 ح 8
5- تقدم بيانها في الباب 9 ح22
6- المشربة : الغرفة ، ومنه مشر به ام ابراهيم عليه السلام

15 - ومنها : ما روي عن ابن أورمة(1) قال(2): حملت إلىّ امرأة شيئاً من حليّ و شيئاً من دراهم ، وشيئاً من ثياب .

فتوهّمت أنّ ذلك كلّه لها ، و لم أسألها(3) أنّ لغيرها في ذلك شيئاً ، فحملت ذلك إلى المدينة مع بضاعات لأصحابنا(4) .

وكتبت في الكتاب أنّي [قد] بعثت إليك من قبل فلانة كذا ، ومن قبل فلان كذا و من قبل فلان وفلان بكذا.

فخرج في التوقيع: قدوصل مابعثت من قبل فلان وفلان، ومن قبل المرأتين ، تقبّل اللّه منك ، ورضي عنك ، وجعلك معنا في الدنيا و الآخرة .

فلمّا رأيت(5) ذكر المرأتين ، شككت في الكتاب أنّه غير كتابه ، وأنّه قد عمل

ص: 384


1- «أبی أرومة» م . تصحيف . تقدم بيانه في الحديث (11)
2- زاد في م ، ط : حدثنا الشيخ
3- «احفظ عليها» م، ط. وفي البحار بلفظ «و لم أحتط عليها أن ذلك لغيرها فيه شيء»
4- فحملت الى المدينة مع بضاعات لاصحابنا فوجهت ذلك كله اليه» م ، ط ، و البحار
5- «سمعت» البحار

عليّ دونه لأنّي كنت في نفسي على يقين أنّ الذي دفعت إليّ المرأة كان [كلّه] لها وهي مرأة واحدة ، فلمّا رأيت [في التوقيع] امرأتين اتّهمت موصل کتابي .

فلمّا انصرفت إلى البلاد، جاءتني المرأة فقالت: هل أوصلت بضاعتي ؟

قلت: نعم. قالت: وبضاعة فلانة ؟

قلت : و كان(1) فيها لغيرك شيء ؟ قالت: نعم، كان لي فيها كذا، ولاختي فلانة كذا.

قلت : بلى قد أوصلت [ذلك . وزال ما كان عندي]. (2).

16- ومنها : ماروی بکر بن صالح ، عن محمد بن فضيل الصيرفي [قال]: كتبت إلى أبي جعفر علیه السلام الكتاباً ، وفي آخره: هل عندك سلاح رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ؟ ونسيت أن أبعث بالكتاب .

فكتب إليّ بحوائج له ، وفي آخر كتابه «عندي سلاح رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم وهو فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، يدور معنا حيث درنا [و] هو مع كلّ إمام ».

و كنت بمكّة ، فأضمرت في نفسي شيئاً لايعلمه إلا اللّه ، فلمّاصرت إلى المدينة و دخلت عليه ؛ نظرإليّ فقال: استغفر اللّه ممّا أضمرت، ولاتعد .

قال بكر : فقلت لمحمد : أيّ شيء هذا ؟ قال: لا أخبر به أحداً.

قال: وخرج باحدى رجلي العرق المدنيّ ، وقد قال لي قبل أن يخرج(3) العرق في رجلي و قد ودعته ، فكان آخر ما قال : إنّه ستصيب وجعاً ، فاصبر ، فأيمّا رجل من شيعتنا اشتكى فصبر و احتسب ، كتب الله له أجر ألف شهيد .

ص: 385


1- «هل كان» البحار
2- عنه اثبات الهداة: 6/ 50 ح 28، والبحار: 52/50 ح 26، ومدينة المعاجز :532ح 50
3- «خرج» نسخ الاصل والبحار

فلما صرت في «بطن مرّ»(1) ضرب(2) على رجلي، وخرج بي العرق، فمازلت شاكياً أشهراً، وحججت في السنة الثانية، فدخلت عليه، فقلت: جعلني اللّه فداك عوذ رجلي وأخبرته أن هذه التي توجعني . فقال : لا بأس على هذه ، وأعطني رجلك الأخرى الصحيحة . فبسطتها بين يديه فهو ذها، فلمّا قمت من عنده خرج في الرجل الصحيحة فرجعت إلى نفسي ، فعلمت أنّه عوذها من الوجع، فعافاني الله بعده.(3).

17- و منها : ماروي عن محمد بن الوليد الكرمانيّ (4) [قال] : أتيت أبا جعفر ابن الرضا علیهما السلام فوجدت بالباب الذي في الفناء قوماً كثيراً ، فعدلت إلى مسافر(5). فجلست إليه حتّى زالت الشمس ، فقمنا للصلاة .

فلمّا صلّينا الظهر وجدت حسّاً من ورائي ، فالتفت فإذا أبو جعفر علیه السلام فسرت إليه حتى قبلت يده(6) ثمّ جلس وسأل عن مقدمي ثمّ قال : سلّم .

فقلت جعلت فداك قد سلّمت. فأعاد القول ثلاث مرات: «سلّم!» وقلت: ذاك ما قد كان في قلبي منه شيء. فتبسّم، وقال: سلّم. فتداركتها، وقلت: سلّمت ورضیت یا ابن رسول الله، فأجلي(7) الله ما كان في قلبي حتى لو جهدت ورمت لنفسي أن أعود

ص: 386


1- بطن مر - بفتح الميم ، وتشديد الراء - : من نواحي مكة ، عنده يجتمع وادي النخلتين ، فيصيران وادياً واحداً : قال الواقدی: بین مر و بين مكة خمسة أميال . (معجم البلدان :449/1 ، وج 104/ 5)
2- أي ضرب الوجع . ومنه ضرب الجرح أو الضرس: اشتد وجعه وفي الاصل «نفر» . يقال : نفرت العين و غيرها من الاعضاء : هاجت و ورمت
3- عنه البحار : 53/50 ح27.وأورده في الصراط المستقیم : 201 /2 ح10 ،عنه اثبات الهداة : 203/6 ح 73 اشارة
4- ترجم له في تنقيح المقال : 197/ 3 رقم 11472 ، و أشار للرواية
5- «سافر» البحار بمعناها. و في الهداية الكبرى بلفظ «... قوماً كثيرين و رأیت (ابن مسافر/ط) مسافراً جالساً في معزل منهم فعدلت اليه فجلست معه ...»
6- «كفة» البحار
7- أي كشف وأذهب

إلى الشكّ ما وصلت إليه .

فعدت من الغد باكراً ، فارتفعت عن الباب الأوّل ، وصرت قبل الخيل(1) و ما ورائي أحد أعلمه، وأنا أتوقّع أن أجد(2) السبيل إلى الارشاد إليه، فلم أجد أحداً(3) حتى اشتد الحر والجوع جداً، حتى جعلت أشرب الماء أطفيء به حر ما أجد من الجوع والخواء(4).

فبينا أنا كذلك إذ أقبل نحوي غلام قدحمل خواناً عليه طعام و ألوان(5) ، و غلام آخر معه طشت و إبريق ، حتى وضع بين يدي ، و قالا: أمرك أن تأكل . فأكلت .

فما فرغت حتى(6) أقبل، فقمت إليه، فأمرني بالجلوس و بالأكل، فأكلت، فنظر إلى الغلام، فقال: كل معه ينشط(7)! حتى إذا فرغت ورفع الخوان(8) ، ذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان، من فتات الطعام، فقال: مه مه(9) ما كان في الصحراء فدعه، ولو فخذ

شاة ، وما كان في البيت فالقطه(10).

ثمّ قال: سل. قلت : جعلني الله فداك ما تقول في المسك ؟

ص: 387


1- الخيل : تستعمل على المجاز للفرسان وركاب الخيل . و في الهداية بلفظ «ثم عدت من الغد بكرة ومامعی خلق و لا أری خلقاً و أنا أتوقّع (السبيل الي من أجد و ینتهی خبری اليه وطال /ط) أن أحداً يأتي فطال على ذلك حتى اشتدّ الحرّ الجوع...»
2- «آخذ» البحار
3- «أحداً أخذ» البحار
4- خوی الرجل خواء : خلاجوفه من الطعام وجاع. وفي البحار «جوی» يقال: جوي : أصابته حرفة وشدة وجد من عشق أوحزن
5- أي أنواع من المأكولات
6- «فلما فرغت» البحار
7- أي تطيب نفسه للاكل
8- ما يوضع عليه الطعام للاكل ، وهو ما تسمية العامة «السفرة»
9- مه مه : اسم فعل مبني على السكون ، بمعنى انكفف
10- القط الشيء : أخذه من الارض بلاتعب

فقال: إنّ أبي أمر أن يعمل له مسك في بان(1) فكتب إليه الفضل(2) يخبره أن الناس يعيبون ذلك عليه فكتب : يافضل أما علمت أن يوسف كان يلبس ديباجاً مزروراً بالذهب(3) ، و يجلس على كراسيّ الذّهب ، فلم ينقص من حكمته شيئاً، و كذلك

سلیمان ، ثم أمر أن يعمل له غالية(4) بأربعة آلاف درهم .

ثمّ قلت : ما لمواليك في موالاتكم ؟ فقال : إنّ أبا عبد الله علیه السلام كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد، فبينا هو جالس و معه بغلة إدأقبلت رفقة(5) من خراسان فقال له رجل من الرفقة : هل لك ياغلام أن تسأله أن يجعلني مكانك ، وأكون له مملوكاً ، وأجعل لك مالي كلّه ؟فانّي كثير المال من جميع الصنوف ، إذهب فاقبضه وأنا أقيم معه مكانك . فقال: أسأله ذلك .

فدخل على أبي عبداللّه علیه السلام فقال : جعلت فداك تعرف خدمتي ، و طول صحبتي فان ساق اللّه إليّ خيراً تمنعنيه ؟ قال: أعطيك من عندي ، و أمنعك من غيري ! فحكی له قول الرجل فقال : إن زهدت في خدمتنا ، ورغب الرجل فينا قبلناه و أرسلناك .

فلمّا ولّى عنه دعاه ، فقال له : أنصحك لطول الصحبة ، ولك الخيار ، إذا كان يوم القيامة كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم متعلّقا بنور الله ، و كان أمير المؤمنین علیه السلام متعلّقا بنور رسول الله(6) ، و كان الأئمّة متعلّقين بأمير المؤمنين ، و كان شيعتنا متعلّقين بنا يدخلون مدخلنا ، و یردون موردنا .

ص: 388


1- البان : شجر ، و لحب ثمره دهن طيب . وفي البحار : فأرة . والفأرة : نافحة المسك ، أي وعاؤه
2- هو الفضل بن سهل المعروف بذي الرئاستين لانه تقلد الوزارة والسيف
3- يعني أن أزراره كانت من الذهب ، يقال : زرر ثوبه أي شد أزراره
4- الغالية : نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وعود و دهن
5- الرفقة - بضم الراء : الجماعة المترافقون في السفر
6- «برسول الله» البحار

فقال له الغلام : بل أقيم في خدمتك وأؤثر الاخرة على الدنيا .

فخرج الغلام إلى الرجل ، فقال له الرجل : خرجت إليّ بغير الوجه الذي دخلت به ! فحكى له قوله، وأدخله على أبي عبداللّه علیه السلام فقبل ولاءه ، وأمر للغلام بألف دينار

ثمّ قام إليه فودّعه ، وسأله أن يدعو له ، ففعل .

فقلت : يا سيّدي لولا عيال بمكّة وولدي ، سرّني أن أطيل المقام بهذا الباب .

فأذن لي، وقال : توافق غمّاً . ثمّ وضعت بين يديه حقّاً(1) كان له ، فأمرني أن أحملها ، فتأبّيت(2)، وظننت أنّ ذلك موجدة (3).

فضحك إليّ وقال: خذهاإليك ، فانّك توافق حاجة .

فجئت وقد ذهبت نفقتنا - شطر منها - (4)فاحتجت إليه ساعة قدمت مكّة .(5).

ص: 389


1- الحق - بضم الحاء - : وعاء صغير ذو غطاء يتخذ من عاج أوزجاج أو غيرهما
2- تأبه عليه : تكبر ، و تأبه عنه : تنزه و ترفع
3- وجده مو جدة عليه : غضب
4- كذا في البحار ، و في م: «كان معي فطر منه»
5- عنه البحار : 87/50 ح 3 ، و ج 303/79 ح 15 قطعة ورواه في الهداية الكبرى : 121 مخطوط باسناده عن ميسر ، عن محمد بن الوليد بن یزید ( و في المطبوع منه ص 308 باسناده عن محمد بن يحيى الفارسي ، عن علي بن حديد ، عن علي بن مسافر، عن محمد بن الوليد) بلفط آخر مثله وزاد في آخره : وقال الكرمانی : حسب مواليهم بهذا شرفاً و فضلا عنه مدينة المعاجز : 537 ح83 ، ومستدرك الوسائل : 288/16 ح 2. و روی في الكافي : 516/6 ح 4 باسناده الى محمد بن الوليد الكرمانی قطعة منه عنه الوسائل : 443/1 ح3 ، والبحار : 103 /49 ح 25، وحلية الابرار : 363/2وأورده في مكارم الأخلاق : 141 مرسلا عن محمد بن الوليد قطعة منه ، عنه البحار :430 /66 ح14

الباب الحادي عشر

في معجزات الامام علی بن محمد النقی عليهما السلام

1- حدّث جماعة من أهل اصفهان ، منهم أبو العباس أحمد بن النصر(1) و أبوجعفر محمّد بن علويّة قالوا : كان باصفهان رجل يقال له : عبدالرحمان و كان شيعيّاً

قيل له : ما السبب الّذي أوجب عليك به القول بامامة عليّ النقيّ دون غيره من أهل الزمان ؟

قال : شاهدت ما أوجب ذلك عليّ و ذلك أنّي كنت رجلا فقيراً و كان لي لسان و جرأة، فأخرجني أمل إصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلى باب المتوکّل متظلّمين فكنّا بباب المتوکّل(2) يوماً إذ خرج الأمر باحضار علي بن محمّد بن الرضا صلی الله علیه و آله و سلم فقلت لبعض من حضر : من هذا الرجل الّذي قد أمر باحضاره ؟

فقيل : هذا رجل علويّ تقول الرافضة بامامته . ثمّ قيل: ويقدّر(3) أن المتوکّل يحضره للقتل . فقلت : لا أبرح من ههنا حتّى أنظر إلى هذا الرجل أيّ رجل هو ؟ قال : فأقبل راكباً على فرس ، وقد ام الناس يمنة الطريق ويسرته صفّين ينظرون إليه ، فلمّا رأيته وقع حبّه في قلبي فجعلت(4) أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه

ص: 390


1- «النضر» البحار
2- «فتظلمنا فبينا نحن بالباب» ه . اثبات الهداة
3- «ثم قيل : وقدرت» ط . «ثم قال : وقدر» البحار
4- «فصرت» ه

شرّ المتوكّل ، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف(1) دابّته لا ينظر يمنة ولا يسرة ، وأنا دائم(2) الدّعاء له، فلمّا صار بازائي (3) أقبل إليّ بوجهه ، وقال : استجاب اللّه دعاءك ، وطول عمرك ، و كثّر مالك و ولدك .

قال : فارتعدت [ من هيبته ] ووقعت بين أصحابي ، فسألوني وهم يقولون : ما شأنك ؟ فقلت : خير ، ولم أخبرهم بذلك.

فانصرفنا بعد ذلك إلى إصفهان ، ففتح اللّه عليّ [ الخير بدعائه ، و ] وجوهاً من المال حتّى أنا اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم ، سوی مالي خارج داري ، ورزقت عشرة من الأولاد ، وقد بلغت الآن من عمري(4) نيّفاً وسبعين سنة وأنا أقول بامامة هذا(5) الّذي علم ما في قلبي(6) واستجاب الله دعاءه في ولي(7) .(8).

2- ومنها: ما روي عن يحيى بن هرثمة(9) ، قال : دعاني المتوکّل فقال : اختر ثلاثمائة رجل ممّن ترید و اخرجوا إلى الكوفة، فخلّفوا أثقالكم فيها ، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة ، فاحضروا علي بن محمّد بن الرضا علیه السلام إلى عندي مكر مأمعطّماً مبجّلا.

ص: 391


1- العرف : الشعر النابت في محدب رقبة الفرس
2- «وأنا اكرر في نفسی» ه، اثبات الهداة
3- «الی» م ، البحار
4- «وقد مضى لي من العمر» ه ، اثبات الهداة
5- «ذلك الرجل» ه . اثبات الهداة
6- «نفسی» ه، اثبات الهداة
7- «أمری» ه ، اثبات الهداة
8- عنه اثبات الهداة : 236/5 ح 37 والبحار : 141 /50 ح 26.وعنه في مدينة المعاجز : 546 ح 48 وعن ثاقب المناقب: 479 (مخطوط).وأورده في الصراط المستقیم : 202/2 ح3 مرسلا باختصار
9- كذا في كتب الرجال، وذكروا الخبر ، منهم المامقانی فی رجا له: 322/3 ، و السيد الخوئی في رجاله : 113/ 20 . وفي الأصل «حزيمة»

قال: ففعلت وخرجنا و كان في أصحابي قائد من الشراة(1) و كان لي كاتب یتشیّع و أنا على مذهب الحشويّه(2) و كان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب و كنت أستريح إلى مناظرتهما لقطع الطريق . فلمّا صرنا إلى وسط الطريق(3) قال الشاري للكاتب : أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من(4) الأرض بقعة إلا وهي قبر أو ستكون قبراً ؟

فانظر إلى هذه البر يّة(5) أين من يموت فيها حتّى يملاها اللّه قبوراً كما تزعمون ؟

قال : فقلت للكاتب : أهذا من قولكم ؟ قال : نعم . قلت : صدق أين من يموت في هذه البريّة العظيمة حتّى تمتلىء قبوراً ؟! وتضاحكنا ساعة(6) إذ انخذل الكاتب في أيدينا .

قال : وسرنا حتّى دخلنا المدينة ، فقصدت باب أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا علیه السلام فدخلت إليه(7) فقرأكتاب المتوکّل فقال: انزلوا وليس من جهتي خلاف.

قال : فلمّا صرت إليه من الغد، و كنّا في تموز أشدّ ما يكون من الحرّ ، فإذا بين يديه خيّاط وهو يقطع من ثياب غلاظ خفاتین(8) له ولغلمانه ، ثمّ قال للخيّاط :

ص: 392


1- الشراة ، جمع شار : وهم الخوارج الذين خرجوا عن طاعة الامام، وانما لزمهم هذا اللقب لانهم زعموا أنهم شروا دنیا هم بالاخره أی باعوا، أوشروا أنفسهم بالجنة لانهم فارقوا أئمة الجور. (قاله الطريحي في المجمع 245/ 1)
2- الحشوية : طائفة من أصحاب الحديث تمسكوا با لظاهر . لقبوا بهذا اللقب لاحتما لهم كل حشو روی من الأحاديث المختلفة المتناقضة ، راجع معجم الفرق الاسلامية : 97، فرق الشيعة : 34
3- «فلما انتصفنا المسافة» ه، اثبات الهداة
4- «في» م
5- البرية : الصحراء جمعها براری
6- «ساعة من كلام الشيعي» ه
7- «علیه» ه ، البحار
8- الخفتان: ضرب من الثياب، والكلمة من الدخيل

اجمع عليها جماعة من الخيّاطين ، و اعمد على الفراغ منها يومك هذا و بکّربها إليّ في هذا الوقت. ثمّ نظر إليّ وقال : يا يحيى اقضوا وطر کم(1) من المدينة في هذا اليوم ، واعمل على الرحيل غداً في هذا الوقت .

قال : فخرجت من عنده وأنا أنعجّب منه من الخواتين ، وأقول في نفسي : نحن في تموز وحرّ الحجاز وإنّما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيّام(2) فما يصنع بهذه الثياب ؟! ثمّ قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر ، وهو يقدّر أنّ كلّ سفر يحتاج فيه إلى هذه الثياب، و أتعجّب من الرافضة حيث يقولون با مامة هذا مع فهمه هذا .

فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت ، فإذا الثياب قد أحضرت ، فقال لغلمانه : ادخلوا وخذوا لنا معكم ليا برد و بر انس(3) . ثمّ قال : ارحل يا يحيى.

فقلت : في نفسي وهذا أعجب من الأوّل ، أیخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتّى أخذ معه اللبابيد و البرانس ؟

فخرجت وأنا أستصغر فهمه ! فسرنا حتّى وصلنا إلى موضع(4) المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودت، وأرعدت ، وأبرقت حتّى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت علينا برداً (5) مثل الصخور وقد شد على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس، وقال لغلمانه: ادفعوا إلى يحيی لبّادة و إلى الكاتب بر نساً. وتجمّعنا والبرد يأخذنا حتّى قتل من أصحابي ثمانين رجلا وزاات ورجع الحرّ كما كان .

ص: 393


1- الوطر : الحاجة والبغية جمعها أو طار
2- «عشرين يوماً» ه
3- اللبادة : هنة من صوف تلبس على الرأس . أو هي القباء من اللبد ، وقيل : ما يلبس للمطر . و البرنس : كل ثوب رأسه منه ملزوق به من در اعة أوجية أو ممطر أو غيره
4- «حتى وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت» ط ، البحار
5- البرد : ماء الغمام يتجمد في الهواء البارد ويسقط على الارض حبوباً

فقال لي : يايحيي أنزل(1) أنت من بقي من أصحابك ليدفن(2) من [قد] مات من أصحابك . [ثم قال:] فهكذا يملا الله هذه البريّة قبوراً .

قال [يحيي]: فرميت بنفسي عن دابّتي وغدوت إليه فقبّلت رکابه ورجله، وقلت: أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً عبده و رسوله ، وأنّكم خلفاء اللّه في أرضه ، وقد كنت کافراً ، و إنّني الآن قد أسلمت على يديك يامولاي.

قال يحيى : وتشيّعت و لزمت خدمته(3) إلى أن مضى .(4).

3- ومنها : أنّ هبة اللّه بن أبي منصور الموصلي قال : كان بديار ربيعة كاتب نصراني(5) و كان من أهل كفرتوثا(6) ، یسمّی یوسف بن يعقوب، و كان بينه و بين والدي صداقة، قال: فوافانا فنزل عند والدي فقال له و الدي: ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال: قد دعيت إلى حضرة المتوکّل، ولا أدري ما يراد منّي، إلا أنّی اشتريت نفسي من

الله بمائة دينار، وقد حملتها لعلي بن محمّد بن الرضا علیه السلام معي.

ص: 394


1- «آمر» ط، في اثبات الهداة «مر»
2- «فادفن» خ ل
3- «حديثه» ط
4- عنه اثبات الهداة : 237/6 ح 38، والبحار : 142 /50 ح 27 .وعنه في مدينة المعاجز :546 ح 49 وعن ثاقب المناقب : 481 (مخطوط)
5- «جاء رجل من ديار ربيعة و كان نصرانياً» ط. ديار ربيعة : بين الموصل الى رأس عين ، نحو بقعاء الموصل و نصیبین و رأس عين و دنیسر والخابور جميعه ، و ما بين ذلك من المدن و القرى ، وربما جمع ذلك بين یار بکر و دیارر بيعة، وسميت كلها ديار ربيعة لانهم كلهم ربيعة. سميت هذه البلاد بذلك لان العرب كانت تحله، و اسم الجزريشمل الكل (مراصد الاطلاع: 548/ 2)
6- کفر توثا : بضم التاء المثناة من فوق ، وسكون الواو ، و ثاء مثلثة : قرية كبيرة ، من أعمال الجزيرة ، بينها و بين دارا خمسة فراسخ، و بین دارا و رأس عين . و کفر توثا أيضاً : من قرى فلسطين

فقال له: والدي : قد وفّقت في هذا .

قال: وخرج إلى حضرة المتوكّل وانصرف إلينا بعد أيّام قلائل فرحاً مستبشراً(1).فقال له والدي : حدّثني حديثك .

قال : صرت إلى سرّ من رأى(2) ومادخلتها قطّ ، فنزلت في دار وقلت : أحبّ أن أوصل المائة إلى ابن الرضا علیه السلام قبل مصيري إلى باب المتوکّل، وقبل أن يعرف أحد قدومي . قال: فعرفت أنّ المتوکّل قدمنعه من الركوب ، وأنّه ملازم لداره فقلت :

كيف أصنع ؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا ؟! لا آمن أن ينذر(3) بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره .

قال : ففكّرت ساعة في ذلك ، فوقع في قلبي(4) أن أركب حماري و أخرج في البلد، فلا أمنعه من حيث يذهب، لعلّي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً.

قال: فجعلت الدنانير في كاغدة، وجعلتها في كمّي، وركبت فكان الحمار يخترق(5) الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار، فوقف الحمار فجهدت

أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار ؟

فقيل : هذه دار [علي بن محمد] ابن الرضا ! فقلت : اللّه أكبر دلالة والله مقنعة.

ص: 395


1- «مسروراً» ه ، اثبات الهداة
2- سر من رأى: بضم أوله و يفتح ، بين بغداد و تكریت قيل: اسمها قديما ساميرا، فلما بناها المعتصم سماها سر من رأى ، و يقال على عدة وجوه : سامرا بالقصر . و سامراء بالمد ... (مراصد الاطلاع 684/ 2 و 709)
3- قال ابن الأثير : أصل الانذار الاعلام، و نذرت به، اذعلمت ومنه الحديث «فلما أن قد نذروا به هرب» أي علموا وأحسوا بمكانه، و في ه والبحار واثبات الهداة «يبدربی»
4- «نفسی» ه ، اثبات الهداة
5- هكذا في اثبات الهداة ، في م والبحار «يتحرق». اخترق الدار : جعلها طريقاً لحاجته واخترفت الخيل ما بين القرى والشجر : تخللتها

قال: و إذا خادم أسود قد خرج [من الدار] فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم . قال : انزل . فنزلت فأقعدني في الدهليز(1) و دخل ، فقلت في نفسي : وهذه دلالة أخرى من أين عرف هذا الخادم(2) اسمي [واسم أبي] وليس في هذا البلد من يعرفني، ولادخلته قطّ ؟!

قال: فخرج الخادم فقال : المائة الدينار الّتي في كمّك في الكاغدة هاتها !؟ فناولته إيّاها ، فقلت : وهذه ثالثة، ثمّ رجع إليّ ، فقال: ادخل .

فدخلت إليه وهو في مجلسه و حده فقال : يا يوسف أما آن لك أن تسلم؟

فقلت : يا مولاي قد بان [لي من البرهان] مافيه كفاية لمن اكتفي.

فقال: هيهات أما إنّك لاتسلم، ولكن سيسلم ولدك فلان ، وهو من شيعتنا .

[فقال:] يايوسف إنّ أقواماً يزعمون أن ولايتنا لاتنفع أمثالك ، كذبوا واللّه إنّها لتنفع أمثالك ، امض فيما وافيت له، فانّك سترى ماتحبّ [و سيولد لك ولد مبارك].

قال: فمضيت إلى باب المتوکّل فقلت كلّ ما أردت فانصرفت.

قال هبة اللّه: فلقيت ابنه(3) بعد [موت أبيه] و هو مسلم حسن التشيّع، فأخبرني أنّ أباه مات على النصرانيّة ، و أنّه أسلم بعد موت والده . و كان يقول :

أنا بشارة مولاي علیه السلام(4).

4- ومنها : أن أيّوب بن نوح قال : كان ليحيى بن زکریا حمل(5) فكتب إلى أبي الحسن: أن لي حملا ، ادع الله لي أن يرزقني ابناً .

ص: 396


1- الدهليز :: ما بين الباب و الدار . المسلك الطويل الضيق
2- «الغلام» اثبات الهداة والبحار
3- «هذا» م . وفي البحار «هذا - یعنی بعد موت أبيه - والله»
4- عنه اثبات الهداة :240/6 ح 39، والبحار : 144/50 ح 28، و عنه في مدينة المعراجز :547ح50، وعنه ثاقب المناقب:483(مخطوط)
5- الحمل : ما في البطن من ولد

فكتب إليه : ربّ ابنة خير من ابن. فولدت له ابنة.

وقال أيوب بن نوح: كتبت إلى أبي الحسن علیه السلام [وقد تعرّض لي جعفر بن عبدالواحد القاضي، و كان يؤذيني بالكوفة](1) ، أشكو إليه ما ينالني منه من الأذى .

فكتب إليّ : تكفى أمره إلى شهرين فعزل [عن الكوفة](2) في الشهرين واسترحت منه .(3).

5- ومنها: ما قال أبو هاشم الجعفري أنّه ظهر برجل من أهل سرّ من رأى برص(4) فتنغّص عليه عيشه ، فجلس يوماً إلى أبي عليّ(5) الفهري فشكا إليه حاله فقال له : لو تعرّضت يوماً لأبي الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا علیهم السلام فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك .

فجلس(6) يوماً في الطريق وقت منصرفه من دار المتوکّل ، فلمّا رآه(7) قام ليدنو منه فيسأله ذلك فقال له : تنحّ عافاك اللّه. وأشار إليه بيده: تنحّ عافاك الله. وأشار إليه بيده تنحّ ، عافاك اللّه - ثلاث مرات - .

فرجع(8) الرجل ولم يجسر أن يدنو منه وانصرف ، فلقی(9) الفهريّ فعرّفه الحال وما قال ، فقال : قددعا لك قبل أن تسأل، فامض فانّك ستعافی .

ص: 397


1- من کشف الغمة
2- من کشف الغمة
3- عنه في البحار : 177/50 ذح 55 ، وعن كشف الغمة : 2/ 385 من کتاب الدلائل للحمیری وأخرجه في اثبات الهداة : 257/6 ح56 و 57 عن كشف الغمة
4- البرص : مرض يحدث في الجسم كله قشراً ابيض و يسبب للمريض حكاً مؤلماً .وفي م «من البرص»
5- «أبي الحسن» خ ل
6- «قال: فتعرضت له»ط، ه، اثبات الهداة
7- «نظر اليه» ه ، اثبات الهداة
8- «فانخذل» م «فابعد: البحار
9- «و قصد» ه، اثبات الهداة

فانصرف الرجل إلى بيته، فبات تلك الليلة فلمّا أصبح لم ير على بدنه شيئاً من ذلك.(1).

6- ومنها: ما روى أبو القاسم بن أبي القاسم البغدادي ، عن زرافة(2) صاحب المتوكّل أنّه قال: وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلى المتوكّل يلعب لعب الحقّة(3) و لم ير مثله، و كان المتوكّل لعّاباً ، فأراد أن يخجل علی بن محمّد بن الرضا علیهم السلام .

فقال لذلك الرجل : إن أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار [ زكيّة ](4) .

قال : تقدّم(5) بأن يخبز رقاق خفاف، و اجعلها على المائدة، وأقعدني إلى جنبه ففعل وأحضر عليّ بن محمّد علیهما السلام للطعام وجعلت له مسورة(6) عن يساره كان عليها صورة أسد و جلس اللاعب (إلى جانب المسورة) (7) .

فمدّ عليّ بن محمّد علیهما السلام إلى رقاقة فطيّرها ذلك الرجل (8) في الهواء (ومدّ

ص: 398


1- عنه اثبات الهداة : 242/6 ح40، والبحار : 145/50 ح 29.وعنه في مدينة المعاجز : 547 ح 51 وعن ثاقب المناقب : 485 (مخطوط)
2- «زرارة» البحار . زرافة : الظاهر أنه زرافة الحاجب . راجع الكامل في التاريخ : 97/ 7
3- الحق و الحقة - بالضم - : الوعاء من الخشب وغيره ، و كأن المشعبذين كانوا يلعبون با لحقة نحواً من اللعب : يجعلون فيها شيئاً بعيان الناس ثم يفتحونها و ليس فيها شيء، أو كان آلات لعبهم في حقة مخصوصة فسموا بذلك، ولذلك يعرفون عند الاعاجم ب «حقه باز» أي اللاعب با لحقة .(من البحار) وفي ط،ه ، اثبات الهداة « يلعب بالحق»
4- من البحار وفي ط «ركنية»
5- تقدم اليه بكذا : أمره به
6- المسور والمسورة : متكأ من جلد
7- «وقدم الطعام» ط ، اثبات الهداة
8- «الهندی» خ ل

يده إلى أخرى فطيّرها)(1) فتضاحك الجميع(2).

فضرب عليّ بن محمّد علیهما السلام يده إلى تلك الصورة التي في المسورة ، وقال :خذه .(3) فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل ، و عادت في المسورة كما كانت .

فتحيّر الجميع(4) ونهض عليّ بن محمّد علیهما السلام فقال له المتوکّل : سألتك إلاّ جلست ورددته. فقال : واللّه لا يرى بعدها ، أتسلّط أعداء اللّه على أولياء اللّه !وخرج من عنده فلم ير الرجل بعد .(5).

7- ومنها: ما روي أنّه أتاه رجل من أهل بيته يقال له «معروف» وقال : أتيتك فلم تأذن لي . فقال : ما علمت بمكانك وأخبرت بعد انصرافك ، وذكرتني بما لا ينبغي . فحلف ما فعلت(6).

فقال أبو الحسن علیه السلام: فعلمت أنّه حلف کاذباً فدعوت اللّه عليه وقلت : اللّهم إنّه حلف کاذباً فانتقم منه . فمات الرجل من الغد . (7).

8- ومنها : ما قال أبو القاسم البغدادي ، عن زرافة (8) قال : أراد المتو کّل

ص: 399


1- تكررت العبارة أربع مرات في «م»، و في «ط» و اثبات الهداة ثلاث مرات
2- «الجمع» خ ل، «الناس» البحار
3- «خذعدو الله» ط ، اثبات الهداة
4- «الجمع» خ ل
5- عنه اثبات الهداة : 243/6 ح 41 و البحار: 146/50 ح46. وعنه في مدينة المعاجز : 548 ح 52 وعن ثاقب المناقب : 486 «مخطوط» عن زرافة صاحب المتوکل
6- «قلت» خ ل
7- عنه اثبات الهداة : 258/6 ح 62، والبحار: 147/50 ح 31وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 394 عن صاحب كتاب الدلائل للحميري
8- «زرارة» البحار . تقدم أيضاً في حديث 6 ص:400

أن يمشي علي بن محمّد بن الرضا علیه السلام يوم السلام، فقال له وزیره : إن في هذا(1) شناعة عليك وسوء مقالة(2) فلا تفعل . قال : لابد من هذا.

قال : فان لم يكن بدّ من هذا فتقدّم بأن يمشي القوّاد و الأشراف كلّهم ، حتّی لا يظن الناس أنّك قصدته بهذا دون غيره .

ففعل و مشی علیه السلام و كان الصيف، فوافي الدهليز وقد عرق .

قال : فلقيته بأجلسته في الدهليز و مسحت وجهه بمندیل و قلت : إنّ ابن عمّك لم يقصدك بهذا دون غيرك، فلا تجد عليه في قلبك.

فقال : إيها(3) عنك «تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ »(4)

قال زرافة : و كان عندي معلّم يتشیّع و كنت كثيراً أمازحه بالرافضي فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء وقلت : تعال يا رافضي حتّى أحدثك بشيء سمعته اليوم من إمامكم . قال : وماسمعت ؟ فأخبرته بما قال .

فقال : (يا حاجب أنت سمعت هذا من علي بن محمّد علیه السلام؟ قلت : نعم .

قال : فحقّك عليّ واجب بحق خدمتي لك)(5) فاقبل نصيحتي. قلت : هاتها .

قال : إن كان علي بن محمّد قد قال ما قلت فاحترز واخزن كل ما تملكه ، فان المتوكّل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيّام.

فغضبت عليه و شتمته وطردته من بين يدي، فخرج.

فلمّا خلوت بنفسي ، تفكّرت وقلت : مايضرني أن آخذ بالحزم ، فان كان من

ص: 400


1- «هذه» م ، ه
2- «قالة» البحار
3- ايه : كلمة زجر بمعنی حسبك ، و تنون فيقال : ايهاً . وقال الجوهري : اذا أسكته و كففته قلا ایهاً عنا ، واذا أردت التبعيد قلت : أيهاً ، بفتح الهمز ، بمعنی هیهات
4- سورة هود : 65
5- «أقول لك» البحار

هذا شيء كنت قد أخذت بالحزم ، وإن لم يكن لم يضرني ذلك ، قال: فركبت إلى دار المتوکّل فأخرجت كل ما كان لي فيها، وفرقت كل ما كان في داري إلى عند أقوام أثق بهم ، ولم أترك في داري إلا حصيراً أقعد عليه .

فلمّا كانت اليلة الرابعة قتل المتوكّل و سلمت أنا و مالي ،فتشيّعت عند ذلك وصرت إليه، ولزمت خدمته، وسألته أن يدعولي وتولّيته(1) حق الولاية .(2).

9- ومنها : ما روي عن أبي القاسم بن القاسم(3))، عن خادم عليّ بن محمّد علیه السلام قال : كان المتوکّل يمنع الناس من الدخول إلى علي بن محمّد ، فخرجت يوماً وهو في دار المتوكّل ، فاذا جماعة من الشيعة جلوس بقرب الباب(4)

فقلت : ما شأنكم جلستم ههنا ؟ قالوا : ننتظر انصراف مولانا النظر إليه و نسلّم عليه وننصرف . قلت لهم : وإذا رأيتموه تعرفونه ؟ قالوا: كلّنا نعرفه .

فلمّا وافي قاموا إليه فسلّموا عليه، ونزل فدخل داره، وأراد أولئك الانصراف.

فقلت : يا فتيان اصبروا حتّى أسألكم أليس قد رأيتم مولاكم ؟ قالوا: بلى(5).

قلت : فصفوه ؟ فقال واحد: هو شيخ أبيض الرأس ، أبيض مشرب بحمرة.

وقال آخر : لايكذب ، ماهو إلا أسمر أسود اللحية .

وقال الآخر : لا لعمري ماهو كذلك، هو کھل ما بين البياض و السمرة .

فقلت : أليس زعمتم أنکّم تعرفونه ؟ انصرفوا في حفظ الله.(6)

ص: 401


1- «تواليته» البحار
2- عنه البحار : 147/50 ح 32
3- هكذا في البحار وفي الاصل «ابن أبي القاسم»
4- «خلف الدار» البحار
5- «بلی» حرف تصدیق مثل نعم ، و أكثر ما تقع بعد الاستفهام ، و تختص بالايجاب سواء كان قبلها مثبتاً أو منفياً . وفي البحار «نعم»
6- عنه البحار : 148/50 ح 33

10. ومنها : ماقال أبوهاشم الجعفري(1): أنّه كان للمتوکّل مجلس بشبابيك (كيماتدور الشمس)(2) في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت ، فاذا كان يوم السلام جلس في ذلك المجلس فلايسمع مايقال له ،ولا يسمع مايقول من اختلاف (3) أصوات تلك الطيور ، فاذا وافاه علي بن محمّد بن الرضا علیه السلام سكتت الطيور فلايسمع منها صوت واحد إلى أن يخرج من عنده، فاذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها .

قال: و كان عنده عدة من القوابج(4) [في الحيطان](5) و كان يجلس في مجلس له عال ، ویرسل تلك القوابج تقتتل ، وهو ينظر إليها ويضحك منها ، فاذا وافي علي ابن محمّد علیه السلام إليه في ذلك المجلس لصقت تلك القوابج بالحيطان فلاتتحرك(6)من مواضعها حتّى ينصرف، فاذا انصرف عادت في القتال.(7)

11 - ومنها: أن أبا هاشم الجعفري قال: ظهرت في أيّام المتوكّل امرأة تدعي

ص: 402


1- هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبو هاشم الجعفری رحمه الله ، قال، عنه النجاشي في رجاله : 156 رقم 411 : كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام شريف القدر ، ثقة ، روی أبوه عن أبي عبدالله عليه السلام وقال الشيخ في الفهرست: 131 رقم 280 : من أهل بغداد ... وقد شاهد الرضا والجواد والهادی، والعسكري، وصاحب الامر عليهم السلام، و كان مقدماً عند السلطان وعده في رجاله: 375 رقم 1 من أصحاب الرضا عليه السلام ترجم له السيد الخوئي في رجاله : 121/ 7 وج 75/22
2- هكذا في البحار وفي الاصل «كما تدور»
3- «لاختلاف» البحار
4- القبج : بفتح القاف و اسكان الباء الموحدة و با لجيم في آخره ، واحده قبجة الحجل والقبجة اسم جنس يقع على الذكر و الاثني
5- من البحار
6- «فكانت لا تتحرك» ط ، ه
7- عنه اثبات الهداة : 244/6 ح 42، و البحار : 148/50 ح 34،ومدينة المعاجز :548 ح 53، و أورده في الصراط المستقیم : 204/2 ح 9

أنّها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال لها المتوکّل : أنت امرأة شابّة وقد مضى من وقت وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ما مضى من السنين .

فقالت : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم مسح على رأسي وسأل الله أن يردّ عليّ شبابي في كل أربعين سنة، ولم أظهر للناس إلى هذه الغاية ، فلحقتني الحاجة فصرت إليهم .

فدعا المتوكّل مشايخ آل أبي طالب، وولد العبّاس و قریش فعرّفهم حالها . فروی جماعة وفاة زينب [بنت فاطمة علیها السلام] في سنة كذا ، فقال لها : ما تقولين في هذه الرواية؟

فقالت: كذب وزور ، فانّ أمري كان مستوراً عن الناس، فلم يعرف لي حياة ولاموت فقال لهم المتوکّل: هل عندكم حجّة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟ قالوا: لا. قال: أنا(1) بريء من العبّاس إن[لا] أنزلها عمّا ادعت إلّا بحجّة [تلزمها].

قالوا: فأحضر [علي بن محمّد] ابن الرضا -علیه السلام فلعلّ عنده شيئاً من الحجّة غير ماعندنا . فبعث إليه فحضر فأخبره بخبر المرأة . فقال : كذبت فان زینب توفّيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا . قال : فان هؤلاء قد رووا مثل هذه الرواية وقد حلفت أن (2) لاأنزلها عمّا ادّعت إلا بحجّة تلزمها .

قال : ولا عليك فههنا حجّة تلزمها وتلزم غيرها . قال : وماهي؟ قال: لحوم ولد(3) فاطمة محرمة على السباع ، فأنزلها إلى السباع فان كانت من ولد فاطمة فلاتضر ها [السباع] . فقال لها : ما تقولين ؟ قالت : إنّه يريد قتلي. قال : فههنا جماعة من ولد الحسن والحسين علیهما السلام فأنزل من شئت منهم . قال : فوالله لقد تغيّرت وجوه الجميع فقال بعض المتعصّبين(4): هو يحيل على غيره، لم لا يكون هو ؟

فمال المتوكّل إلى ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع فقال : يا أبا الحسن لم لا يكون أنت ذلك ؟ قال : ذاك إليك . قال : فافعل ! قال :

ص: 403


1- «فهو» م ، ط. «هو» البحار
2- «انی» م ، ط
3- «بنی» البحار
4- «المبغضين» خ ل

أفعل [ إن شاء اللّه ] . فأتی بسلّم وفتح عن السباع و كانت ستّة من الأسد ، فنزل [ الامام ] أبو الحسن علیه السلام إليها ، فلما دخل وجلس صارت [ الاسود ] إليه ، ورمت بأنفسها بين يديه ، ومدت بأيديها، ووضعت رؤوسها بين يديه .

فجعل يمسح على رأس كل واحد منها بيده ، ثم يشير له(1) بيده إلى الاعتزال فيعتزل ناحية ، حتّى اعتزلت كلّها وقامت(2) بازائه .

فقال له الوزير : ما كان هذا صواباً ، فبادر باخراجه من هناك ، قبل أن ينتشر خبره . فقال له : أبا الحسن ما أردنا بك سوءاً وإنّما أردنا أن نكون على يقين ممّا قلت ، فاحب أن تصعد . فقام وصار إلى السلّم وهي حوله تتمسّح بثيابه .

فلمّا وضع رجله على أول درجة التفت إليها و أشار بيده أن ترجع . فرجعت وصعد فقال :كل من زعم أنّه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس .

فقال لها المتوکّل : انزلي .

قالت : اللّه اللّه ادعيت الباطل ، و أنا بنت فلان حملني الضر على ما قلت فقال [ المتوکّل ] : ألقوها إلى السباع ، فبعثت والدته واستوهبتها منه و أحسنت إليها .(3)

12- و منها : ما روي عن محمّد بن علي [قال:] أخبرني زيد بن علي بن

ص: 404


1- «اليه» البحار
2- «ووقفت» ط ، «و أقامت» البحار
3- عنه اثبات الهداة : 244/ 6 ح 43 ، وفيه ثم أمر بطرحها للسباع فأقرت ثم استوهبتها ام المتوكل منه . والبحار : 149/50 ح 35 وفيه : ألقوها الى السباع . فاستوهبتها والدته . وحلية الابرار: 2/ 468، وعنه في مدينة المعاجز : 548 ح54 واللفظ للرواندی . وعن المناقب لابن شهر اشوب : 518/3 عن أبي الهلقام و عبدالله بن جعفر الحمیری والصقر الجبلي، وأبي شعيب الحناط، وعلى بن مهزیار قالوا ... نحوه . وعن ثاقب المناقب : 474 عن ابن مهزیار نحوه . وقال المسعودي في مروج الذهب : 86/4 : قد ذكرنا خبر على بن محمد بن موسی رضي الله عنه ... في كتابنا «أخبار الزمان». عنه احقاق الحق : 614/19

الحسين بن زيد [ قال : ] مرضت فدخل عليّ الطبيب ليلا ، ووصف لي دواء آخذه في السحر كذا و كذا يوماً ، فلم يسكنني تحصيله من الليل ، وخرج الطبيب من الباب وورد صاحب أبي الحسن علیه السلام في الحال و معه صرّة فيها ذاك الدواء بعينه ، فقال لي: أبو الحسن يقرئك السلام و يقول: خذ هذا الدواء كذا و كذایوماً. فشربت فبرأت قال محمّد : قال زيد : أين الغلاة(1) عن هذا الحديث .(2)

13 - ومنها : ما روي عن خيران الأسباطي قال : قدمت المدينة على أبي الحسن علیه السلام فقال لي : ما فعل الوائق ؟ قلت : هو في عافية .

وقال : ما فعل جعفر ؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالا في السجن. وقال :ما فعل ابن الزيّات ؟ قلت: الأمر أمره وأنا منذ عشرة أيّام خرجت من هناك .

فقال: مات الواثق ، وقد قعد المتوکّل جور ، و قتل ابن الزيّات .

قلت : متى؟ قال : بعد خروجك بستّة أيّام. و كان كذلك. (3)

ص: 405


1- «قال : زید بن العلا عن هذا الحديث» م ، ه
2- عنه البحار : 50 / 150 ح 26 وعن الارشاد للمفيد : 374، والمناقب لابن شهر اشوب 511/3 .ورواه الخصيبي في الهداية الكبری: 314 عن أبي الحسين بن على البكا، عن زيد بن على مثله وفي الكافي : 502/1 ح9 عن بعض أصحابه ، عن محمد بن علي ، عنه اثبات الهداة :218/6 ح 14 ومدينة المعاجز : 540 ح 11. وأورده في روضة الواعظين : 290، و ثاقب المناقب : 479 (مخطوط) و کشف الغمة :381/2 جميعاً عن زيد بن على مثله
3- عنه اثبات الهداة : 213/6 ح 4 واللفظ لمحمد بن يعقوب ، والبحار : 151/50 ح37 ورواه في الكافي : 498/1 ح1 عن الحسين بن محمد، عن معلی بن محمد ، عن الوشاء،عن خيران الاسباطی ، عنه اعلام الوری : 358 ،واثبات الهداة المذكور، والبحار: 50/158 ح 48، ومدينة المعاجز : 538ح2 ورواه المفيد في الارشاد : 370 عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب وأورده في المناقب لابن شهر لشوب : 513/3 ، وفي الصراط المستقیم : 204/2ح11مختصراً ، و في كشف الغمة : 378/2 جميعاً عن الأسباطی . وأورده ابن الصباغ في الفصول المهمة :261، والشبلنجی في نور الابصار : 182عنهما احقاق الحق : 2/ 451 . أقول : الواثق بالله هو أبو جعفر هارون بن المعتصم بن هارون الرشید بويع له يوم الخميس اثمان عشر مضت من ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين ، و توفي في ذي الحجه لست بقین منه سنة اثنين وثلاثين ومائتين و أما جعفر : فهو المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بويع له بعد موت الواثق وابن الزيات : هو محمد بن عبدالملك الزيات كان وزیراً في خلافة المعتصم والواثق والمتوكل وقد أساء ابن الزيات الى جعفر في خلافة الواثق و كان حبسه لسبع خلون من صفر ومو ته لاحدى عشر بقيت من ربيع الاول سنة ثلات و ثلاثين ومائتين قوله عليه السلام : «مات الواثق ، وقد قعدا لمتوكل» كان كما أخبر ، وأما قوله عليه السلام : «و قتل ابن الزيات» فقد كان في علمه - وعلمه عليه السلام من الله عز وجل - أنه يقتل على يد المتوكل فأشار الى قتله عند استلام المتوكل الخلافة ونهاية أمره ، وقد تحقق ذلك بعد أيام

14 - ومنها: أن أحمد بن هارون قال : كنت جالساً أعلّم غلاماً من غلمانه في فازة(1) داره - فيها بستان - إذ دخل علينا أبو الحسن علیه السلام راكباً على فرس له ، فقمنا إليه فسبقنا ، فنزل قبل أن ندنو منه ، فأخذ بعنان (2) فرسه بيده فعلّقه في طنب(3) من أطناب الفازة ثم دخل وجلس معنا ، فأقبل علي فقال :

متى رأيك تنصرف إلى المدينة ؟ فقلت : الليلة .

ص: 406


1- الفازة : مظلة من نسيج أو غيره تمد على عمود أو عمودین . وفي اثبات الهداة «مغازة داره» . و كذا ما بعدها
2- العنان : سير اللجام
3- الطنب : حبل طويل يشد به سرادق البيت

قال : فأكتب إذاً كتاباً معك توصله إلى فلان التاجر؟ قلت : نعم .

قال : يا غلام هات الدواة والقرطاس . فخرج الغلام ليأتي بهما من دار أخرى فلمّا غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه(1) فقال له بالفارسيّة : ما هذا القلق ؟ فصهل الثانية فضرب بذنبه(2). فقال [ له ] - بالفارسيّة-: لي حاجة أريد أن أكتب كتاباً إلى المدينة فاصبر حتّى أفرغ. فصهل الثالثة و ضرب بيديه ، فقال له - بالفارسيّة - : اقلع ، فامض إلى ناحية البستان، و بل هناك و رث ، وارجع ، فقف هناك مكانك.

فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه ، ثم مضى إلى ناحية البستان حتّى لانراه(3) في ظهر الفازة، فبال، و راث، و عاد إلى مكانه .

فدخلني من ذلك ما الله به عليم ، و وسوس الشيطان في قلبي وأقبل إلي فقال :يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت ، إن ما أعطى الله محمّداً و آل محمّد ، أكثر ممّا أعطى داود و آل داود .

قلت : صدق ابن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فما قال لك ؟ وماقلت له؟ فما(4) فهمته .

فقال : قال لي الفرس : قم فاركب إلى البيت حتّی تفرغ عنّي. قلت : ما هذا القلق ؟ قال : قد تعبت . فقلت: لي حاجة أريد أن أكتب كتاباً إلى المدينة فاذا فرغت ركبتك . قال : إنّي أريد أن أروث و أبول ، وأكره أن أفعل ذلك بين يديك . فقلت له : اذهب إلى ناحية البستان فافعل ما أردت ، ثم عد إلى مكانك . ففعل الّذي رأيت .

ثمّ أقبل الغلام بالدواة و القرطاس - وقد غابت الشمس - فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتّى أظلم [ الليل ](5) فيما بيني وبينه ، فلم أر الكتاب ، وظننت أنّه قد أصابه الّذي أصابني .

ص: 407


1- «بیدیه» خ ل . «بيده» اثبات الهداة
2- «بيده» اثبات الهداة ، البحار
3- «لا يراه أحد» ط ، ه ، اثبات الهداة
4- «فقد» م، البحار
5- من البحار

فقلت للغلام : قم ، فهات بشمعة من الدار حتّی یبصر(1) مولاك كيف يكتب . فمضى ، فقال للغلام : ليس لي إلى ذلك حاجة .

ثمّ كتب كتاباً طويلا إلى أن غاب الشفق(2)، ثم قطعه فقال الغلام : أصلحه فأخذ الغلام الكتاب ، وخرج من الفازة ليصلحه ثم عاد إليه و ناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوباً أو غير مقلوب ، فناولني [ الكتاب ] فأخذت ، فقمت لأذهب فعرض في قلبي - قبل أن أخرج من الفازة - أصلّي قبل أن آتي المدينة .

قال : يا أحمد صل المغرب والعشاء الأخرة في مسجد الرسول صلی الله علیه و آله و سلم ثم اطلب الرجل في الروضة، فانّك توافيه، إن شاء الله .

قال : فخرجت مبادراً فأتيت المسجد وقدنودي للعشاء الآخرة ، فصلّيت المغرب ثم صلّيت معهم العتمة(3) وطلبت الرجل حيث(4) أمرني فوجدته ، فأعطيته الكتاب فأخذه ففضّه ليقرأه ، فلم يتبيّن(5) قراءة في ذلك الوقت ، فدعا بسراج فأخذته فقرأته عليه في السراج في المسجد ، فاذا خط مستو ، ليس حرف ملتصقاً بحرف وإذا الخاتم مستو ، ليس بمقلوب ، فقال لي الرجل : عد إلي غداً حتّى أكتب جواب الكتاب. فغدوت فكتب الجواب فمضيت(6) به إليه.

فقال : أليس قد وجدت الرجل حيث قلت [لك] ؟ فقلت : نعم . قال : أحسنت .(7)

ص: 408


1- «ينظر» م
2- الشفق : بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل
3- العتمة : صلاة العشاء أو وقت صلاة العشاء الاخرة . قيل : والوجه في تسمية صلاة العشاء بالعتمة ، لان الاعراب يعتمون بالابل في المرعى ، فلا يأون بها الا بعد العشاء الأخرة فيسمون ذلك الوقت : عتمة . (قاله الطريحي في «عتم»)
4- في الموضع الذي» ه ، اثبات الهداة
5- «يستبين» ه ، اثبات الهداة : «يستبن» البحار
6- «فأخذته فجئت» ه . «فأخذته» ط. «فجئت» البحار
7- عنه اثبات الهداة : 245/6 ح 44 ، والبحار : 153/50 ح40، ومدينة المعاجز : 549ح55 ، وأورده في الصراط المستقيم : 204/2 ح 12 مرسلا باختصار

15 - ومنها : ما روي عن علي بن جعفر قال . قلت لأبي الحسن علیه السلام : أيّنا أشدّ حبّا لدينه ؟ قال : أشدّ كم حبّاً لصاحبه - في حديث طويل - ثمّ قال لي :

يا عليّ إنّ هذا المتوكّل يبني بين المدينة بناءاً(1) لايتمّ بناؤه ويكون هلاكه قبل

تمامه على يدي فرعون من فراعنة الترك.(2).

16 - ومنها: ما روي عن أحمد بن عيسى الكاتب قل : رأيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم فيما يرى النائم كأنّه نائم في حجرتي ، و کأنّه دفع إليّ كفّأ من تمر عدده خمس

وعشرون تمرة ، قال : فما لبثت حتّى أقدم(3) بأبي الحسن عليّ بن محمّد علیه السلام ومعه قائد فأنزله في حجرتي و كان القائد يبعث ويأخذ من العلف من عندي فسألني يوماً : کم لك علينا ؟ قلت : لست آخذ منك شيئاً من ثمنه .

قال لي : أفتحبّ أن تدخل إلى هذا العاري فتسلّم ليه ؟ قلت : لست أكره ذلك .فدخلت فسلّمت عليه ، و قلت له : إنّ في هذه القرية كذا و كذا من مواليك قان أمرتنا باحضارهم فعلنا ، قال : لاتفعلوا . قلت : فانّ عندنا تموراً جياداً فأذن لي أن أحمل لك بعضها . قال : إن حملت شيئاً لم يصل إليّ ، ولكن احمله إلى القائد فانّه سيبعث إلي منه . فحملت إلى القائد أنواعاً من التمر وأخذت نوعاً جيّداً في

ص: 409


1- أقول: الظاهر أن البناء هو الماخورة التي أمر المتوكل ببنائها سنة 245 و سماها الجعفرية ... و كان يسميها هو و أصجابه المتوكلية. و بي فيها قصراً سماه «لؤلؤة» لم ير مثله في عمره و حفر لها نهراً يسقى ما حولها فقتل المتوكل، فبطل حفر النهر ، واخر بت الجعفرية وهلك المتوكل على يدي باغر الترکی کما أخبر بذاك عليه السلام . (راجع الكامل في التاريخ :87/7 - 95. و مروج الذهب : 34/4 - 39
2- عنه البحار : 152 /50 ح 38.وأورد المسعودي في اثبات الوصية : 231 نحوه ، عن الحميري ، عن النوفلي قال :قال أبو الحسن ... وفيه يبتدىء بيناء مدينة
3- «فما لبثت الا وأنا» البحار

كمّي وسكرّجه(1) من زبد فحملته إليه، ثم جئت فقال لي القائد :أتحبّ أن تدخل على صاحبك ؟

قلت: نعم. فدخلت فاذا قدّ امه من ذلك التمر الّذي بعثت به إلى القائد، فأخرجت التمر الّذي معي و الزبد ، فوضعته بين يديه ، فأخذ كفّاً من تمر فدفعه إليّ ، وقال : لوزادك رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم لزدناك. فعددته فاذا هو كما رأيته في النوم لم يزد و لم ينقص.(2).

17 - ومنها : ماروی أبو سليمان ، قال: حدّثنا ابن أورمة(3) [قال:] خرجت أيّام المتوكّل إلى سرّ من رأى فدخلت علي سعيد الحاجب ودفع المتوكّل أبا الحسن إليه ليقتله، فلمّا دخلت عليه ، قال: تحبّ أن تنظر إلى إلهك؟ قلت: سبحان اللّه إلهي(4) لاتدركه الأبصار . قال : هذا الّذي تزعمون أنّه إمامكم ! قلت: ما أكره ذلك قال : قد أمرت(5) بقتله ، وأنا فاعله غداً - و عنده صاحب البريد - فاذا خرج فادخل إليه فلم ألبث أن خرج قال : ادخل .

فدخلت الدار التي كان فيها محبوساً فاذا هوذا بحياله قبر يحفر ، فدخلت وسلّمت وبكيت بكاء شديداً ، قال : ما يبكيك ؟ قلت : لما أری .

قال: لاتبك لذلك [فانّه] لايتمّ لهم ذلك . فسكن ما كان بي.

فقال : إنّه لا يلبث أكثر من يومين حتّی يسفك اللّه دمه ودم صاحبه الّذي رأيته .

قال: فواللّه ما مضى غير يومين حتّی قتل [وقتل صاحبه] .

ص: 410


1- قال ابن الأثير في النهاية : 384/2 وفيه «لا آكل في سکرجة»هی بضم السين والكاف والراء والتشديد : اناء صغير يؤكل فيه الشي القليل من الادم، وهي فارسية
2- عنه البحار : 153/50 ح 39 . و أورده في الصراط المستقیم : 204/2 ح 13 عن أحمد بن عیسی مختصراً ، عنه اثبات الهداة : 266/6 ح 86
3- هو محمد بن أورمة ولقد تقدمت ترجمته ، راجع تنقیح المقال : 84 /2 ، ورجال السيدالخوئی : 128/15 ، وأخرجا الرواية
4- «الذي» البحار
5- «أمرني المتوكل» ه

قلت لأبي الحسن علیه السلام: حديث رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم (لاتعادوا الأيّام فتعاديكم) ؟

قال : نعم ، إنّ لحديث رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم تأويلا.

أمّا السبت فرسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم ، و الأحد أمير المؤمنين علیه السلام، و الاثنين : الحسن والحسين علیهما السلام و الثلاثاء : عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد والأربعاء: موسی بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ ، وأنا [علي بن محمّد] والخميس ابني الحسن ، والجمعة : القائم منّا أهل البيت.(1).

18 - ومنها : أنّ أبا محمد الطبري قال: تمنّيت أن يكون لي خاتم من عنده علیه السلام فجاءني نصر الخادم بدرهمين ، فصنعت منه خاتماً فدخلت على قوم يشربون الخمر فتعلّقوا بي حتّى شربت قدحاً أو قدحين و كان الخاتم ضيّفاً في إصبعي لا يمكنني

ص: 411


1- عنه البحار : 195/500 ح7 ومدينة المعاجز : 550 ح56 وحلية الابرار : 2/ 465 ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى: 363 عن الحسن بن مسعود و محمد بن الجليل قالا: دخلنا على سيدنا على العسكري (ذيله). والخزاز في كفاية الاثر : 285 عن علي بن محمد بن منويه ، عن أحمد بن زیاد، عن على بن ابراهيم، عن عبدالله بن أحمد الموصلی عن الصقر بن أبي دلف (نحوه) عنه البحار : 13/364 ح 3 ورواه الصدوق في الخصال : 394 ح 102 عن محمد بن موسى، عن علي بن ابراهيم عنه البحار : 34/ 238 ح 1 ، وج : 20/59 ح3 ، وعنه ج : 194/50 ح 6، وعن كمال الدين : 382 ح9 عن أحمد بن زياد الهمداني ، عن علي بن ابراهيم و رواه في معانی الاخبار : 123 ح1 عن محمد بن موسی . عنه اثبات الهداة : 2/ 357 ح177. وأخرجه عن الصدوق الجزائري في الانوار النعمانية : 112/2 .وأورده في اثبات الوصية : 256 بالاسناد الى أبي الحسن صاحب العسكر (ذيله).وفي اعلام الوری : 437 بالاسناد الى الصقر بن أبي دلف .و في الصراط المستقیم 204/2 ح14 عن ابن اورمة (صدره) و ص 195 بالاسناد الى الصقر بن أبی داف بطريقين (ذيله)

إدارته للوضوء، فأصبحت وقد افتقدته ، فتبت إلى اللّه .(1).

19 - ومنها : حديث تلّ المخالي وذلك أنّ الخليفة (2) أمر العسكر وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى أن يملا كلّ واحد مخلاة(3) فرسه من الطين الأحمر، ويجعلوا بعضه على بعض في وسط بريّة واسعة(4) مناك ، ففعلوا.

فلمّا صار(5) مثل جبل عظیم صعد فوقه ، و استدعى(6) أبا الحسن علیه السلام و استصده وقال : استحضرتك لنظارة خيولي ، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف(7) و يحملوا الأسلحة وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتمّ عدّة، وأعظم جيبة (و كان غرضه أن يكسر قلب كلّ من يخرج عليه ، و كان خوفه من أبي الحسن علیه السلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة)(8).

فقال له أبو الحسن علیه السلام : وهل [تريد أن] أعرض عليك عسكري ؟ قال: نعم.

فدعا اللّه سبحانه فاذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدجّجون

ص: 412


1- عنه البحار : 155/50 ح43
2- كذا في م، و في خ ل «ان الخليفة المتوكل أو الواثق أو غيرهما». وفي ه ، اثبات الهداة والبحار «ان المتوكل وقيل الواثق» . وفي ط«المتوكل قتل الواثق» . والظاهر أنه : المعتصم .قال في مراصد الاطلاع: 272/1 : قل المخالي عند سر من رأى . ذكر أن المعتصم قال لجندد: ليأت كل واحد بمخلاة تراب . فصار منه ذلك التل
3- المخلاة : ما يجعل فيه العلف و يعلق في عنق الدابة، جمعها مخال
4- «تربة» البحار
5- «فلما فعلوا ذلك صار» ه، اثبات الهداة
6- «دعی» م
7- قال ابن الأثير في النهاية: 1/ 279: وفي حديث الحديبية «فجاء يقوده الى رسول الله صلی الله عليه و آله و سلم على فرس مجفف» أي علية تجفاف ، وهو شيء من سلاح يترك على الفرس يقيه الأذى . وقد يلبسه الانسان أيضاً ، وجمعه تجافيف . وفي ه «الخفاتین»
8- «قال في نفسه اني أكسر قلبه» م

فغشي على الخليفة ، فلمّا أفاق قال أبو الحسن علیه السلام : نحن لا ننافسكم(1) في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، فلاعليك شيء ممّا تظن .(2).

20- ومنها : ما روى أبو محمّد البصريّ ، عن أبي العبّاس خال شبل کاتب إبراهيم بن محمّد قال: كنّا أجرينا ذكر أبي الحسن علیه السلام فقال لي : يا أبا محمّد لم أكن في شيء من هذا الأمر و كنت أعيب على أخي ، وعلى أهل هذا القول عيباً شديداً بالذمّ والشتم، إلى أن كنت في الوفد الّذين أوفد المتوكّل إلى المدينة في إحضار أبي الحسن علیه السلام فخرجنا إلى(3) المدينة .

فلمّا خرج وصرنا في بعض الطريق ، طوينا المنزل (4) و كان يوماً(5) صائفاً شدید

الحرّ ، فسألناه أن ينزل فقال : لا. فخرجنا ولم نطعم و لم نشرب ، فلمّا اشتدّ الحرّ والجوع(6) و العطش فينا ونحن إذ ذاك في [أرض] ملساء لانرى شيئاً و لاظلّ ولاماء

نستريح إليه، فجعلنا نشخص بأبصارنا(7) نحوه .

فقال : مالكم أحسبكم(8) جياعاً وقد عطشتم؟ فقلنا : إي واللّه ، وقد عيينا ياسيدنا.

ص: 413


1- « نناقشكم» ط ، البحار
2- عنه اثبات الهداة: 249/6 ح 46، والبحار : 155/50 ح 44 ومدينة المعاجز : 550ح57 وحلية الابرار : 475/2 .وأورده في ثا قب المناقب: 489 (مخطوط) مرسلا، عنه المدينة والحلية .وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 205 ح 15 مرسلا باختصار .أقول : يحتمل ما في هذا الخبر من كرامة من الله عز وجل له عليه السلام أنه كان أحد أسباب تسميته بالعسکری
3- «من» ه ، س
4- طوينا المنازل: قطعناها. والمنزل: مكان النزول أو الدار أوالمنهل. جمعها منازل
5- «منزلا» م ، والبحار
6- «و بالغ الجوع» م
7- شخص بصدره : فتح عينيه فلم يطرف
8- «أظنكم» ه ، س ، اثبات الهداة

قال : عرّسوا !(1) و كلوا واشربوا.

فتعجّبت من قوله، ونحن في صحراء ملساء لانرى فيها شيئاً ، نستريح إليه، ولا نری ماءاً ولاطلا . قال : ما لكم؟ عرّسوا . فابتدرت إلى القطار لانيخ(2) .

ثمّ التفت إذا أنا بشجرتين عظيمتين يستظلّ تحتهما عالم من الناس وإنّي لأعرف(3)

موضعهما أنه أرض براح قنر(4) وإذا [أنا] بعين تسيح على وجه الأرض أعذب ماء وأبرده فنزلنا وأكلنا وشربنا و استرحنا ، وإنّ فينا من سلك ذلك الطريق مراراً .

فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب ، وجعلت أحدّ النظر إليه و أتأمّله طويلا و إذا نظرت إليه تبسّم وزوى(5) وجهه عنّي.

فقلت في نفسي : و اللّه لأعرفنّ هذا كيف هو ؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي، و وضعت عليه حجرين ، وتغوّطت في ذلك الموضع ، و تھيّأت للصلاة فقال أبو الحسن : استر حتم ؟ قلنا: نعم . قال : فارتحلوا على اسم اللّه . فارتحلنا فلمّا أن سر نا ساعة، رجعت على الأثر(6) فأتيت الموضع فوجدت الأثر والسيف كما وضعت والعلامة و كأنّ الله لم يخلق [ثمّ] شجرة ولاماء [و ظلالا] ولا بللا فتعجّبت [من ذلك](7) و رفعت يدي إلى السماء فسألت اللّه بالثبات على المحّبة و الايمان به، والمعرفة منه، وأخذت الأثر ولحقت القوم ، فالتفت إليّ أبو الحسن علیه السلام وقال:

ص: 414


1- عرس القوم : نزلوا من السفر للاستراحة، ثم ير تحلون
2- القطار ، بالكسر : قطار الابل ، وهو عدد على نسق واحد .وأناخ الجمل : أبرکه
3- «و كنت أعرف» ه ، س و اثبات الهداة
4- البراح : المتسع من الأرض لاشجر فيه و لابناء والقفر: الخلاء من الأرض لا ماء فيه ، ولاناس ، و لا كلا
5- زوی وجهه : نحاه . وفي ه ، س واثبات الهداة «طوی»
6- أي في الحال . وفي م، ط: «الى الاثر»
7- من البحار

يا أبا العباس فعلتها ؟ قلت : نعم يا سيّدي ، لقد كنت شاكّاً ، ولقد أصبحت وأنا عند نفسي من أغنى الناس بك في الدنيا والآخرة.

فقال: هو كذلك ، هم معدودون معلومون لا يزيد رجل ولاينقص [رجل].(1).

21- ومنها: ماروی أبو سعيد سهل بن زیاد [قال:] حدّثنا أبو العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب و نحن في داره بسامرّة (2) فجرى ذكر أبي الحسن . فقال: يا أبا سعيد إنّي أحدّثك بشيء حدّثني به أبي، قال : كنّا مع المعتز(3) و كان أبي كاتبه قال: فدخلنا الدار، وإذا المتوكّل(4) على سريره قاعد، فسلّم المعتزّ ووقف ، ووقفت خلفه، و كان عهدي به إذا دخل عليه رحبّ به ويأمره بالقعود ، فأطال القيام، وجعله(5)يرفع قدماً(6) ويضع أخرى ، وهو لايأذن له(7) بالقعود .

ونظرت إلى وجهه يتغيّر ساعة بعد ساعة ، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول:هذا الّذي تقول فيه ماتقول. و يردّد (8) القول ، والفتح مقبل عليه یسکّنه ، ويقول:مكذوب

ص: 415


1- عنه اثبات الهداة : 250/6 ح47، والبحار : 156/50 ح 45، وعنه مدينة المعاجز :550 ح 58 وفيه روى أبو بصير ، عن أبي العباس ...وأورده في ثاقب المناقب : 460 «مخطوط» عن یحیی بن هرثمة نحوه .وفي الصراط المستقیم : 205/3 ح16 عن أبي العباس مختصرأ .قال المجلسي : «هم معدودون» أي الشيعة وأنت منهم
2- سامرا : لغة في سر من رأى ، وهي المدينة التي أنشأها المعتصم بين بغداد و تکریت ويقال على عدة وجوه: سامرا بالقصر، وسامراء. با لمد ... وسامرة. بالهاء (مراصد الاطلاع : 2 / 684)
3- هو الزبير بن جعفر المتوكل ، الثالث عشر من خلفاء بني العباس
4- هو جعفر بن محمد بن هارون ، العاشر من خلفاء بني العباس
5- «وجعل المتوكل»
6- «رجلا» خ ل ، اثبات الهداة
7- «للمعتز» هم
8- «و یردعلی» م، اثبات الهداة

عليه يا أمير المؤمنين ، وهو يتلظّی ويشطط(1) و يقول : واللّه لأقتلنّ هذا المرائي الزنديق وهو الذي يدّعي الكذب، ويطعن في دولتي ثمّ قال: جئني بأربعة من الخزر جلاف(2) لايفهمون ، فجيء بهم و دفع إليهم أربعة أسياف ، وأمرهم [أن] یرطنوا(3) بألسنتهم إذادخل أبو الحسن ، و أن يقبلوا عليه بأسيافهم ( فيخبطوه و يعلقوه )(4)وهو يقول : والله لاحرقنّه بعد القتل . وأنا منتصب قائم خلف المعتزّ من وراء الستر فما علمت إلاّ بأبي الحسن قددخل ، وقد بادر الناس قدّ امه ، و قالوا : [قد] جاء والتفت، ورأى فماذا أنابه و شفتاه تتحرّكان ، وهو غير مكترث(5) ولاجازع ، فلمّا بصر به المتوکّل رمي بنفسه عن السرير إليه، وهو يسبقه، فانكبّ عليه يقبّل بين عينيه ويديه وسيفه(6) بيده ، وهويقول : يا سيّدي يا ابن رسول اللّه يا خير خلق اللّه يا ابن عمّي يا مولاي يا أبا الحسن ! وأبو الحسن علیه السلام يقول: أعيذك يا أمير المؤمنين باللّه[اعفني] من هذا. فقال: ما جاء بك يا سيّدي(7) في هذا الوقت؟ قال: جاءني رسولك فقال: المتوكل [يدعوك . فقال:] كذب ابن الفاعلة ، ارجع ياسيّدي من حيث جئت(8).

یافتح ! ياعبيد اللّه ! يا معتزّ شیّعوا سیّد کم وسيّدي .

فلمّا بصر به الخزر خرّوا سجّداً مذعنين، فلمّا خرج دعاهم المتوکّل (ثمّ أمر

ص: 416


1- تلظى فلان : التهب واغتاظ . والشطط : الجور والظلم والبعد عن الحق
2- الجلف : الغليظ الجافی. جمعها أجلاف و جلوف .والخزر : جنس من الأمم خزر العيون من ولد یافث بن نوح عليه السلام ، من خزرتالعين: اذا صغرت وضاقت .وفيه «لا يفقهون» بدل «لايفهمون»
3- تراطن القوم وتراطنوا فيما بينهم : تكلموا بالاعجمية
4- «فيختطفوه» ط. وخبطه خبطاً : ضربه ضرباً شديداً
5- غیر مکثرت : غير مبالي
6- «و احتمل شقه» م
7- «یا شیخاً» م ، ط
8- «أتيت» اثبات الهداة . «شئت» البحار

الترجمان أن يخبره)(1) بما يقولون ، ثمّ قال لهم : لم لم تفعلوا ما أمرتم ؟ قالوا: شدّة هيبته، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأمّلهم ، فمنعنا ذلك عمّا أمرت به، وامتلات قلوبنا من ذلك [رعباً].

فقال المتوكّل : يافتح هذا صاحبك - وضحك في وجه الفتح، وضحك الفتح في وجهه - وقال : الحمد للّه الّذي بيّض وجهه ، وأنار حجّته.(2).

22- ومنها : ماروي عن محمّد بن الفرج قال : [قال](3) لي علي بن محمد علیهما السلام: إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها، وضع الكتاب تحت مصلاك و دعه ساعة ثم أخرجه وانظر فيه. قال : ففعلت، فوجدت جواب ماسألت عنه موقّعاً فيه .(4).

ص: 417


1- «فقال : للترجمان أخبرنی» ه ، ط واثبات الهداة
2- عنه اثبات الهداة : 6 / 251 ح 48 ، والبحار: 196/50 ح8 ،و حلية الأبرار : 2/ 465 ، وعنه مدينة المعاجز : 550 ح 59 ، وعن ثاقب المناقب:487 (مخطوط) عن أبي العباس فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب .وأورده في الصراط المستقیم : 2/ 205 ح7 مرسلا باختصار
3- من البحار
4- عنه البحار : 155/50 ح 41.وأورده في ثاقب المناقب 477 (مخطوط) عن محمد بن الفرج

الباب الثاني عشر

في معجزات الامام الحسن بن على العسكري عليهما السلام

1- عن أبي هاشم الجعفري قال : لمّا مضي أبو الحسن علیه السلام صاحب العسكر اشتغل أبو محمّد ابنه بغسله و شأنه ، وأسرع بعض الخدم إلى أشياء احتملوها من ثياب ودراهم وغيرها .

فلمّا فرغ أبو محمد من شأنه صار إلى مجلسه ، فجلس ، ثمّ دعا أولئك الخدم، فقال لهم : إن صدّقتموني عمّا احدثكم فيه(1) فأنتم آمنون من عقوبتي ، وإن أصررتم على الجحود دللت على كلّ ما أخذه كلّ واحد منكم ، و عاقبتكم عند ذلك بما تستحقّونه .منّي ثمّ قال : أنت يا فلان أخذت كذا و كذا ( أكذلك هو ؟

قال : نعم يا ابن رسول اللّه . قال : فردّه.

ثمّ قال: وأنت يا فلانة، أخذت كذا وكذا، أكذلك هو ؟ قالت: نعم . قال : فردّبه)(2).

فذكر لكلّ واحد منهم ما أخذه ، وصار إليه ، حتّی ردّوا جميع ما أخذوه .(3).

ص: 418


1- «فيما أسألكم عنه» البحار
2- «وأنت يا فلان أخذت كذا وكذا ؟ قالوا . نعم : قال . فردوه» البحار
3- عنه البحار : 209/50 ح 19. وروی نحوه في اثبات الوصية : 239 باسناده عن علان عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن عبيد الله .وأورده في الصراط المستقيم : 206/ 2 ح 1 مرسلا باختصار

2- ومنها: ما قال أبوهاشم(1) : إنّ أبا محمد علیه السلام ركب يوماً إلى الصحراء فركبت معه ، فبينا نسير ، وهو قدّامي و أنا خلفه ، إذعرض لي فكر في دين - كان عليّ - قد حان أجله ، فجعلت أفكّر من أيّ وجه قضاؤه .

فالتفت إليّ فقال : يا أبا هاشم ! الله يقضيه . ثمّ انحنى على قربوس(2) سرجه فخطّ بسوطه خطّة في الأرض وقال : انزل ، فخذ ، واكنم .

فنزلت فاذا سبيكة ذهب قال : فوضعتها في خفّي و سرنا ، فعرض لي الفكر .

فقلت : إن كان فيها تمام الدين ، وإلاّ فانّي أرضي صاحبه بها ، ويجب أن ننظر الان في وجه نفقة الشتاء ، وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها .

فالتفت إليّ ، ثم انحنی ثانية ، و خطّ بسوطه خطّة في الأرض مثل الأولى ، ثمّ قال : انزل، فخذ، واكتم .

قال : فنزلت ، وإذا سبيكة فضّة ، فجعلتها في خفّي الآخر ، وسرنا يسيراً ، ثمّ انصرف إلى منزله ، وانصرفت إلى منزلي ، فجلست ، فحسبت ذلك الدين ، وعرفت مبلغه ، ثمّ وزنت سبيكة الذهب ، فخرجت بقسط ذلك الدين ، ما زادت ولا نقصت! ثمّ نظرت فيما نحتاج إليه لشتوتي من كلّ وجه ، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بدّ منه على الاقتصاد ، بلا تقتير (3) ولا إسراف ،ثمّ وزنت سبيكة الفضّة، فخرجت على ماقدّرته مازادت ولانقصت !(4) .

ص: 419


1- أي أبوهاشم الجعفري راوي الحديث السابق . وهو داود بن القاسم، تقدمت ترجمته في معجزات الامام الهادي عليه السلام ح10 ، فراجع
2- القربوس : حنو السرج ، أي قسمه المقوس المرتفع من قدام المقعد ومن مؤخره
3- «تعسر» ه
4- عنه البحار : 259/50 ح20.وروی نحوه في الكافي: 507/1 ح5 باسناده عن أبي أحمد بن راشدوعن أبی ها شم الجعفري عنه اثبات الهداة: 284/6 ح6، وحلية الابرار: 491/2 . وأورد نحوه في الارشاد للمفيد: 386 عن ابن راشد عن الجعفری ، وفي مناقب آل أبی طالب 531/3 ، وکشف الغمة : 412/2 مرسلا عن الجعفري .وأخرجه في البحار المذكور ص 279 ح53 عن المناقب والارشاد

3- ومنها: ما حدّث به نصراني متطبّب بالري يقال له مرعبدا(1) ، وقد أتی عليه مائة سنة ونيّف وقال: كنت تلميذ بختیشوع طبيب المتوکّل(2)، و كان يصطفيني(3) فبعث إليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا علیهم السلام أن يبعث إليه بأخصّ أصحابه عنده ليفصده(4) فاختارني وقال :

قد طلب منّي ابن الرضا من يقصده فصر(5) إليه، وهو أعلم في يومنا هذا بمن(6)

: تحت السماء ، فاحذر أن تعترض عليه فيما يأمرك به .

فمضيت إليه فأمر بي إلى حجرة ، وقال : كن [ ههنا ] إلى أن أطلبك .

قال : وكان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيّداً محموداً للفصد ، فدعاني في وقت غير محمود له ، و أحضر طشتاً، عظيماً (7) ففصدت الأكحل(8) ، فلم يزل الدم يخرج حتى امتلا الطشت .

ثمّ قال لي : اقطع.(9) فقطعت ، و غسل يدّه وشدّها ، وردّني إلى الحجرة وقدّم من الطعام الحارّ والبارد شيء كثير، وبقيت إلى العصر .

ص: 420


1- «فطرس» الحلية و المدينة
2- قال عنه ابن الأثير في الكامل : 85/ 7 في حوادث سنة «244»: وفيها غضب المتوكل علی بختیشوع الطبيب ، وقبض ماله ، و نفاه الى البحرين
3- يعني يختارنی
4- الفصد : شق العرق
5- «فحضر» م. تصحيف
6- «ممن» س ، م
7- «کبیراً ، عظيماً» س
8- الاكحل: عرق في الذراع يفصد
9- «اقطع الدم» س ، ه

ثمّ دعاني ، فقال : سرّح.(1) ودعا بذلك الطشت ، فسرّحت ، وخرج الدم إلى أن امتلا الطشت، فقال: اقطع . فقطعت و شدّيده ، وردّني إلى الحجرة ، فبتّ فيها .

فلمّا أصبحث وظهرت الشمس دعاني وأحضر ذلك الطشت و قال : سرّح.فسرّحت ، فخرج من يده مثل اللبن الحليب إلى أن امتلا الطشت، ثمّ قال : اقطع. فقطعت ، و شدّ يده ، وقدّم إليّ تخت(2) ثياب وخمسين ديناراً وقال : خذها، وأعذر وانصرف. فأخذت وقلت : يأمرني السيد بخدمة؟ قال : نعم، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول(3) .

فصرت إلى بختیشوع ، وقلت له القصّة .

فقال : أجمعت الحكماء على أنّ أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمنان(4)

من الدم ، و هذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجباً ، وأعجب ما فيه اللبن ففکّر ساعة ، ثمّ مكثنا ثلاثة أيّام بلياليها نقرأ الكتب على أن تجد لهذه الفصدة(5) ذكراً في العالم فلم نجد ، ثم قال : لم تبق اليوم في النصرانيّة أعلم بالطبّ من راهب بدير العاقول.

فكتب إليه كتاباً يذكر فيه ما جرى ، فخرجت و ناديته ، فأشرف عليّ فقال : من أنت ؟ قلت: صاحب بختيشوع. قال: أمعك كتابه ؟ قلت : نعم . فأرخى لي زبيلا(6) فجعلت الكتاب فيه ، فرفعه فقرأ الكتاب ، ونزل من ساعته .

ص: 421


1- تسريح دم المقصود : ارساله بعد ما يسيل منه حين يفصد مرة ثانيه . (لسان العرب :(479/2
2- التخت : خزانة الثياب
3- دير العاقول : بين مدائن كسرى والنعمانية ، بينه و بين بغداد خمسة عشر فرسخا على شاطی دجلة كان ، فأما الآن فبينه و بين دجلة مقدار میل ... (معجم البلدان : 520/2)
4- المن : رطلان ، والرطل : تسعون مثقالا
5- «القصة» البحار: 50
6- «زنبیلا» البحار. بمعناها ، أي القفة أو الجراب أو الوعاء

فقال : أنت الذي فصدت الرجل ؟ قلت : نعم .

قال : طوبى لامّك ! و ركب بغلا ، وسرنا ، فوافينا « سرّ من رأي» وقد بقي من الليل ثلثه ، قلت : أين تحبّ : دار أستاذنا : أم دار الرجل ؟ قال : دار الرجل .

فصرنا إلى بابه قبل الأذان الأول ، ففتح الباب، وخرج إلينا خادم أسود ، وقال : أيّكما راهب(1) دیر العقول ؟ فقال: أنا جعلت فداك . فقال : انزل . وقال لي الخادم:

احتفظ بالبغلين . و أخذ بيده ودخلا ، فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار.

ثم خرج الراهب وقد رمي بثياب الرهبانيّة ، ولبس ثياباً بيضاً ، وأسلم ، فقال :خذني الآن إلى دار أستاذك . فصرنا إلى باب بختیشوع ، فلمّا رآه بادر يعدو إليه ثم قال : ما الذي أزالك عن دينك ؟

قال : وجدت المسيح ، وأسلمت على يده ، قال : وجدت المسيح ؟!

قال(2) : أو نظيره ، فان هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح ، وهذا نظيره في آياته وبراهينه .

ثم انصرف إليه ، ولزم خدمته إلى أن مات .(3).

4- ومنها: ما روى أحمد بن محمد ، عن جعفر بن الشريف الجرجاني(4)حججت سنة ، فدخلت على أبي محمد علیه السلام « سرّ من رأي » وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئاً من المال، فأردت أن أساله إلى من أدفعه ؟

ص: 422


1- «صاحب» س
2- «قال : نعم» س، ه
3- عنه الوسائل : 75 /12 ح 2 و البحار: 260/50 ح 21، وج 132/62 ح 102 وحلية الابرار 495/2 ، ومدينة المعاجز: 573ح 79.وروی نحوه في الكافي : 512/1 ح 24 عنه الوسائل المذكور ص 74ح1 والبحار :131/62 ح 101
4- ترجم له الشيخ المامقاني في رجاله: 217/1 رقم 1730 وذكر الخبر ، والسيد الخوئیفي 74/4 رقم 2172، فراجع

فقال - قبل أن قلت له ذلك -: إدفع ما معك إلى المبارك خادمي .

قال : ففعلت [ وخرجت ] وقلت : إنّ شيعتك بجرجان يقرأون عليك السلام قال : أولست منصرفاً بعد فراغك من الحجّ ؟ قلت : بلى.

قال: فانّك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مائة و سبعین(1) بروما ، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال يمضين من شهر ربيع الآخر في أوّل النهار ، فأعلمهم أنّي

أو افيهم في ذلك اليوم آخر النهار ، فامض راشداً، فانّ اللّه سيسلّمك ویسلّم مامعك فتقدم على أهلك وولدك ، ويولد(2) لولدك الشريف ابن، فسمّه الصلت بن الشريف

ابن جعفر بن الشريف، وسيبلغه الله، ويكون من أوليائنا.

فقلت : يابن رسول اللّه إن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني(3) و هو من شيعتك كثير المعروف إلى أوليائك ، يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم وهو أحد المتقلّبين في نعم الله بجرجان .

فقال : شكر اللّه لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعته إی شیعتنا ، وغفر له ذنوبه ورزقه ذکراً سوّياً قائلا بالحقّ ، فقل له: يقول لك الحسن بن علي : سمّ ابنك أحمد فانصرفت من عنده ، وحججت ، وسلّمني اللّه حتى وافيت جرجان في يوم الجمعة في أول النهار من شهر ربيع الآخر على ماذكر علیه السلام وجاءني أصحابنا يهنّئوني أعلمتهم(4) إنّ الأمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم ، فتأهّبوا لما تحتاجون إليه، وأعدّوا مسائلكم وحوائجكم كلّها .

فلمّا صلّوا الظهر والعصر اجتمعوا كلّهم في داري، فواللّه ما شعرنا إلا وقد وافانا

ص: 423


1- «و تسعين» من
2- «وولد» من
3- «الجلختی» م و کشف الغمة . قال المامقانی فی تنقیح المقال : 14/1 رقم 67 :ابراهیم بن اسماعيل الخلنجي الجرجاني أبو اسحاق، والخلنجی - بالخاء المعجمة المفتوحة واللام المفتوحة والنون والجيم المعجمة ثم الياء - نسبة الى الخلنج ... شجر. .وذكر الخبر
4- «فوعدتهم» البحار

أبو محمد علیه السلام، فدخل إلينا و نحن مجتمعون، فسلّم هو أو لا علينا، فاستقبلناه و قبّلنا يده ثمّ قال : إنّي كنت وعدت جعفر بن الشريف(1) أن أوافيكم في آخر هذا اليوم فصلّيت الظهر والعصر ؛ «سرّ من رأي» وصرت اليكم لاجدّد بكم عهداً، وها أنا جئتكم الآن، فاجمعوا مسائلكم و حوائجكم كلّها .

فأول من انتدب لمسائلته(2) النضر بن جابر ، قال : يابن رسول اللّه إن ابني جابراً أصيب ببصره منذ أشهر ، فادع اللّه له أن يردّ عليه عينيه . قال فهاته .

فمسح بيده على عينيه فعاد بصيراً ، ثمّ تقدّم رجل فرجل يسألونه حوائجهم وأجابهم إلى كلّ ما سألوه حتى قضى حوائج الجميع ، و دعا لهم بخير ، وانصرف من يومه ذلك .(3).

5- ومنها : ماروي عن عليّ بن زید بن علي بن الحسين بن زید بن علي(4) [قال]: صحبت أبا محمد علیه السلام من دار العامّة إلى منزله .

فلمّا صار إلى الدار ، و أردت الانصراف ، قال: أمهل . فدخل ، ثمّ أذن لي.

فدخلت فأعطاني مائة دينار وقال: صيّرها(5) في ثمن جارية ، فانّ جاريتك فلانة

ص: 424


1- «محمد الشريف» من
2- زاد في م: ثلاثة . وفي البحار بلفظ : ابتدأ المساءلة
3- عنه کشف الغمة : 427، واثبات الهداة : 317/6 ح 64، والبحار: 262/50 ح 22،وعنه في مدينة المعاجز ، وعن ثا قب المناقب : 181.وأورده في الصراط المستقیم : 206/2 ح3 باختصار
4- عده الشيخ الطوسي في رجا له: 433 رقم 18 من أصحاب العسکری علیه السلام . وترجم له في تنقيح المقال: 3/ 290 رقم 8291، و في معجم رجال الحديث : 35/12رقم 8140.وفي كتب الانسان أن علياً الا حول هو ابن زيد الشبيه النسابة ، وهو ابن علي ، وهو ابن الحسين المعروف بذي الدمعة ، وهو ابن زيد الشهيد المعروف، ابن سید الساجدین علیه السلام
5- أي اجعلها . و في س ، واثبات الهداة والبحار «اصرفها»

ماتت . و كنت خرجت من منزلي وعهدي بها أنشط ما كانت ، فمضيت فاذا الغلام قال : ماتت جاريتك فلانة الساعة !

قلت : ماحالها ؟ قال : شربت ماء، فشرقت ، فماتت .(1).

6- ومنها : ماروي عن إسماعيل بن محمّد بن علي بن إسماعيل بر علي بن عبداللّه ابن عباس(2) بن عبدالمطلب [قال]: قعدت على ظهر الطريق لأبي محمد علیه السلام فلمّا مرّ بي شكوت إليه الحاجة قال: دفنت مائتي دينار، وليس قولي دفعاً(3) وأعطاه مائة دينار .

قال: ثمّ أقبل عليّ، فقال: أما إنّك تحرمنا أحوج ما تكون إليها - يعني الدنانير التي دفنتها - وصدق ، فاذا ابن لي قدعرف مكانها ، وأخذها وهرب ، فماقدرت منها على شيء.(4).

ص: 425


1- عنه کشف الغمة : 2/ 428، واثبات الهداة : 318/6 ح 65 و حلية الأبرار : 493/2ومدينة المعاجز : 574ح 81، وعنه في البحار : 264/50 ح23 وعن مناقب آل أبی طالب : 531/3 .وأخرجه في اثبات الهداة المذكور ص348 ح134 عن المناقب
2- كذا في الكافي و ارشاد المفيد ورجال الشيخ الطوسی : 428 رقم 17، ورجال السيد الخوئی : 169 / 3 رقم 1419. وفي الاصل : علی بن محمد بن على بن اسماعيل بن علی بن عباس
3- أي ليس قولی هذا - أنك دفنت المائتی دینار - دفعاً لك عن العطية
4- عنه اثبات الهداة : 288/6 ح 16 وعن الكافي : 509/1 ح14 باسناده عن علي بن محمد ، عن اسحاق النخعي ، عن اسماعيل بن محمد بن علی بن اسماعيل... مثله .وعنه في البحار: 281/50 ح56، وعن الارشاد للمفيد : 387 باسناده آلی اسماعیل مثله .وأخرجه في اعلام الوری : 370 ، و حلية الابرار: 491/2 عن الكافي . و في كشف الغمة:413/2 عن الارشاد .وأورده في اثبات الوصية: 244، و مناقب آل أبی طالب: 3/ 531 ، و ثاقب المناقب 530 و الفصول المهمة :268، و نورالابصار: 184 ، مرسلا عن اسماعيل .وأورده في الصراط المستقیم : 206/2 ح 4، مرسلا عن علی بن محمد باختصار.وأخرجه في احقاق الحق : 470/ 12 عن الفصول المهمة و نورالابصار

7- و منها : ماروي عن أبي هاشم الجعفري [قال]: كنت عند أبي محمد علیه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن فدخل رجل طويل جسيم ، فسلّم عليه بالولاية .

فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ؟ فقال أبو محمد علیه السلام: هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع فيها آبائي بخو اتیمهم، فانطبعت .

فأخرج حصاة وفي جانب منها مو ضع أملس، فطبع فيها فانطبع ، و كأنّي أقرأ الساعة نقش خاتمه: «الحسن بن علي» ثم نهض الرجل وهو يقول :

«رحمة الله وبرکاته عليكم أهل البيت ذريّة بعضها من بعض» .

فسألته عن اسمه، فقال : مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أمّ غانم وهي الأعرابيّة اليمانيّة صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين علیه السلام (1).وصاحبات الحصى ثلاث : إحداهنّ هي، و تكّني أمّ غانم والثانية امّ الندی حبابة بنت جعفر الوالبيّة والأولى إسمها سعاد من بني سعد بن بكر بن عبد مناف .(2).

ص: 426


1- زاد في بعض المصادر : قال أبو هاشم الجعفري في ذلك :بدرب الحصى مولى لنا يختم الحصى له الله أصفى بالدليل و أخلصا و أعطاه آیات الامامة كلها كموسی و فلق البحر واليد والعصا وما قمص الله النبيين حجة و معجزة الا النبيين قمصا فمن كان مرتاباً بذاك فقصره من الأمر أن يبلو الدليل و يفحصا
2- «مناة» م ، و ثاقب. تصحيف ظ. راجع جمهرة أنساب العرب : 265 267 ، وسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: 25

والثالثة تدعى أمّ سليم كانت قارئة الكتب ، ولكلّ واحدة خبر.(1).

8- ومنها : ماروي عن علي بن محمد بن زياد الصيمري(2) [قال]: دخلت على أبي

ص: 427


1- عنه اثبات الهداة : 279/6 -281 ح 1 ، وعن الكافي 347/ 1 ح4 باسناده عن محمد بن أبی عبدالله و علی بن محمد، عن اسحاق النخعي ، عن أبی هاشم مثله، وعن غيبة الطوسی: 122 بالاسناد الى سعد الاشعری عن أبی هاشم مثله ، وعن اعلام الوری: 371 نقلا من كتاب أخبار أبي هاشم لاحمد بن محمد بن عياش ، عن أحمد بن محمد العطار ومحمد بن أحمد بن بن مصقله ، عن سعد ، عن داود بن القاسم مثله وعن كشف الغمة : 418/ 2 نقلا من دلائل الحميری و ص 431 نقلا من اعلام الوری و عنه في البحار: 302 / 50 - 303 ح 78 و عن اعلام الوری و غيبة الطوسی و کشف الغمة ررواه في اثبات الوصية : 240 باسناده الحميري ، عن أبي جعفر العامري عن علان بن حموية الكلابي ، عن محمد بن الحسن النخعي ، عن أبي هاشم بلفظ آخر. وأورده في مناقب آل أبي طالب: 441/ 3 ، و ثاقب المناقب: 490 ، والصراط المستقیم :206/2 ح5 مرسلا . وأخرجه في البحار: 179/ 25 ح3 عن الكافي و غيبة الطوسی و اعلام الوری، وفي مدينة المعاجز : 564 ح 31. عن بعض المصادر المتقدمة
2- « عمر (و) بن محمد بن زیاد (الريان) الصيمري » نسخ الاصل و الغيبة و كشف الغمة واثبات الهداة والبحار وكلها تصحيف، والصحيح ما في المتن، عده الشيخ في رجاله : 419رقم 25 من أصحاب الهادي عليه السلام وفي ص 432 رقم 3 من أصحاب العسكرى . ومثله البرقي في رجاله : 58 وص61 وترجم له في تنقيح المقال : 304/ 2 رقم 8473، و في معجم رجال الحديث : 12 / 154 رقم 8422 ، فراجع وقال في اثبات الوصية : صهر جعفر بن محمود الوزير على ابنة أم أحمد ، و كان رجلا من وجوه الشيعة و ثناتهم ومقدماً في الكتابة والأدب والعلم والمعرفة

أحمد بن عبد اللّه بن طاهر(1) و بين يديه رقعة أبي محمد علیه السلام، وفيها :

«إني نازلت اللّه(2) في هذا الطاغي - يعني المستعین - (3) وهو آخذه بعد ثلاث»(4) فلمّا كان اليوم الثالث خلع، و كان من أمره ما كان حتی قتل(5).(6)

ص: 428


1- هو أبو أحمد عبيد الله بن عبدالله بن طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي كان أميراً، وولي الشرطة ببغداد خلافة عن أخيه محمد بن عبدالله ، ثم استقل بها بعد موت أخيه - فی خلاقة المعتز - وكان سيداً ، واليه انتهت رئاسة أهله ، وكان شاعراً لطيفة ، وله كتب ...راجع و فیات الاعيان : 3/ 120
2- قال ابن الأثير في النهاية : 43 / 5 : نازلت ربی فی كذا : أي راجعته ، وسألته مرة بعد مرة
3- الظاهر أن قوله : « یعنی المستعين هو من كلام المصنف أو الناسخ، فقد ذكر صاحب کتاب دلائل الامامة ما لفظه : «یعنی الزبير بن جعفر» والمراد به المعتز بالله ، فالتاريخ يخبرنا أن المعتز بويع بعد خلح المستعين - وهو أحمد بن محمد بن المعتصم - لنفسه سنة 252 : ثم خلع المعتز نفسه سنه 255 وقتل يعدها بستة أيام ، واختلف أصحاب السير والتواريخ في مقتله . وكان المستعين قد اعتقل المعتز و المؤيد حين انحدر الى بغداد ، و لم يأخذهما معه ...فأجمع الموالي على اخراج المعتز والمبايعة له والانقياد الی خلافته ، ومحاربة المستعين ... فبايعوه يوم الاربعاء لاحدى عشر ليلة خلت من المحرم سنه 251 ... فأخذ البيعة على الناس ، وأحدر أخاه أبا أحمدمع عدة من الموالي لحرب المستعين الى بغداد .. فخلع المستعين نفسه من الخلافة سنة 252، فكان له مذوا في مدينة السلام الى أن خلع سنة كاملة... وقدم على المعتز عبید الله بن عبد الله بن طاهر بالبرد والقضيب والسيف و بجوهر الخلافة والمعروف أيضاً أن شهادة أبي الحسن علی بن محمد عليهما السلام كانت في خلافة المتعز سنة 254 ، فلاحظ وسيأتي تعليق للمجلسي في هامش ح1 حول هذا الموضوع. راجع مروج الذهب: 60/4 - 97، والكامل في التاريخ : 117/7-198 وغيرها
4- «ثلاثه أيام» ه
5- «و كان من أهله ما كان وقتل»س
6- عنه کشف الغمة : 428/2 ، و عنه في اثبات الهداة: 318/ 6 ح 66 و عن كشف الغمة وعنه في البحار: 248/50 ح 2، وعن غيبة الطوسی بالاسناد الى (عمر بن ریان الصيمري) وعن المناقب : 3/ 530 مرسلا عن علي بن محمد بن زياد الصيمري .و أورده في دلائل الامامة : 225 عن الصيمري ، وفي اثبات الوصية : 240 بالاسناد عن محمد بن عمر الكاتب ، عن علی بن محمد بن زیادا لصيمري، وفي الصراط المستقیم 206/2 ح6. وأخرجه في مدينة المعاجز : 567ح 49 عن الدلائل

9- ومنها : ماقال أبو هاشم الجعفري : كنت محبوساً مع أبي محمد علیه السلام في حبس المهتدي ابن الواثق فقال لي : إنّ هذا الطاغي أراد أن يتعبّت(1) باللّه في هذه الليلة ، وقد بتر اللّه عمره ، وساء رزقه .

فلمّا أصبحنا شغب الأتراك(2) على المهتدي، فقتلوه، وولّي المعتمد مكانه ، و سلّمنا الله .(3).

10- ومنها: ماروی الحسن بن ظریف(4) أنّه قال: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتابة بهما إلى أبي محمد علیه السلام ، فكتبت أسأله عن القائم علیه السلام :بم يقضي ؟ وأين مجلسه ؟ و كنت أردت أن أسأله عن شيء لحمّي الرّبع؟(5) فأغفلت ذكر الحمّی .

ص: 429


1- عبث بالدين و غيره : استخف
2- شغب القوم - و بهم وعليهم -: هيج الشرء عليهم . قال في مروج الذهب : 100/ 4 : وكان حنق الاتراك على المهتدى بسبب قتله با يكيال
3- أورده في غيبة الطوسی : 123 عن سعد بن عبدالله ، عن أبي هاشم الجعفرى مثله .عنه مناقب آل أبی طالب :3/ 530 .واثبات الهداة : 305/6 ح 46، ومدينة المعاجز : 578ح115. وأورده في اثبات الوصية : 245 عن سعد ، عن أبي هاشم مثله .وأخرجه في البحار : 303/50 ح 79 عن الغيبة والمناقب
4- الحسن بن ظريف - بالظاء المعجمة المفتوحة ، قال عنه النجاشي في رجاله : 61 رقم 140: كوفي يكنى أبا محمد ثقة ... له نوادر ، والرواة عنه كثيرون ... وترجم له في تنقيح المقال : 286/ 1 رقم 2483، فراجع
5- الربع في الحمى : أن تأخذيوماً وتدع يومين، وتجيء في اليوم الرابع

فجاء الجواب: سألت عن القائم إذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء دارد ولا يسأل البّينة ، و كنت أردت أن تسأل لحمّي الربع ، فانسيت .

فاكتب في ورقة ، وعلّقه على المحموم «یانار کوني برداً وسلاماً على إبراهيم»(1) فكتبته وعلّقته على المحموم ، فبرأ .(2).

11 - ومنها : ما روي عن أحمد بن الحارث القزويني ، قال :

كنت مع أبي ب «سرّ من رأی» و كان أبي يتعاطى البيطرة في مربط(3) أبي محمد و كان عند المستعين بغل لم نر مثله حسناً و كبراً ، و كان يمنع ظهره واللجام ، وقد جمع الروّاض(4) فلم يكن له حيلة في ركوبه .

فقال له بعض ندمائه : ألا تبعث إلى الحسن بن الرضا حتى يجيء ، إمّا أن بركبه وإمّا أن يقتله ، فبعث . إلى أبي محمد علیه السلام ومضى معه أبي.

فلمّا دخل الدار كنت مع أبي ، فنظر أبو محمد علیه السلام إلى البغل واقفاً في صحن

ص: 430


1- سورة الانبياء : 69
2- عنه البحار : 95 / 66 ح46 ، وعنه في ج 50 / 264 ح 24 ، وعن مناقب آل أبی طالب531/3ورواه في الكافي : 509/ 1 ، ح13 ، والارشاد للمفيد : 387 با سنادیهما الى الحسن بن ظریف مثله . وأورده الراوندي في الدعوات : 209ح567 ، والار بلي في كشف الغمة : 413/ 2، وعماد الدين في ثا قب المناقب : 494، والصراط المستقیم : 207/ 2 مرسلا عن الحسن بن ظريف مثله وأخرجه في اعلام الوری : 376 و اثبات الهداة : 287/ 6 ح 15 ، و حلية الأبرار :627/ 2 عن الكافي ، وفي البحار : 31/ 95 ضمن ح 15 عن الدعوات ، وفي ج50/ 264 ملحق ح 24 عن الارشاد و اعلام الوری
3- المربط : موضع ربط الدواب
4- راض المهر : ذلله و طوعه وعلمه السير ، فهو رائض، وجمعها راضة ورواض

الدار ، فوضع يده على كتفه، فعرق البغل، ثمّ صار إلى المستعین ، فرحّب به وقرّبه وقال : ألجم(1) هذا البغل . فقال أبو محمد علیه السلام لأبي : ألجمه .

فقال المستعين : ألجمه أنت يا أبا محمد.

فقام أبو محمد و وضع طيلسانه ، فألجمه ، ثمّ رجع إلى مجلسه

فقال : يا أبا محمد أسرجه . فقال أبو محمد لأبي : أسرجه .

فقال المستعين : أسرجه أنت يا أبا محمد علیه السلام فقام [أبو محمدال ثانية] فأسرجه [ورجع] ثم قال : ترى أن تركبه ؟ قال : نعم.

فركبه أبو محمد علیه السلام من غير أن يمتنع عليه ، ثمّ ركضه(2) في الدار، ثم حمله على الهملجة(3) فمشى له أحسن مشي ، ثمّ نزل ، فرجع إليه، فقال المستعين :قد حملك عليه أمير المؤمنين ، فقال أبو محمد لأبي : خذه . فأخذه وقاده(4).

ص: 431


1- ألجم الدابة : ألبسها اللجام ، وهو ما يجعل في فمها من الحديد
2- ركض الفرس برجليه : استحثه للعدو
3- الهملجة : حسن سير الدابة في سرعة . والهملاج: الحسن السير في سرعة و بخترة .(لسان العرب : 393/ 2)
4- عنه البحار : 265/ 50 ح 25، وعن مناقب آل أبی طالب : 537/3 .ورواه في الكافي: 507/1 ح 4 ، والارشاد للمفيد :385 باسنادیهما الى أحمد بن الحارث القزوینی مثله وأورده في روضة الواعظين : 294، و کشف الغمة : 411/2 ، و ثاقب المناقب :504 مرسلا عن أحمد بن الحارث وأخرجه في اثبات الهداة : 6/ 283 ح5 ، و حلية الأبرار : 499/2 ، ومدينة المعاجز 561 ح5 عن الكافي ، وفي البحارالمذكور ملحق ح25 عن الارشاد قال المجلسی:في مرآة العقول: 151/ 6 : يشكل هذا بأن الظاهر أن هذه الواقعة كانت في أيام أمامة أبي محمد بعد وفاة أبيه عليهما السلام ، وهما كانتا في جمادی الاخرة سنة 254 كما ذكره الكليني وغيره، فكيف يمكن أن يكون هذا في زمان المستعين ، فلابد اما من تصحيف المعتز بالمستعين ، وهما متقار بان صورة ، أو تصحيف أبي الحسن بالحسن والأول أظهر للتصريح بأبي محمد في مواضع و کون ذلك قبل امامته عليه السلام في حياة والده عليه السلام، وان كان ممكناً لكنه بعيد ، انتهى و تقدم فيها مش ح 8 ص 429 بيان حول هذا، فراجع

12- ومنها : ماروي عن عليّ بن زید بن عليّ بن الحسين بن زيد بن علي(1).قال : كان لي فرس کنت به معجباً ، أكثر ذكره في المجالس ، فدخلت على أبي محمد علیه السلام يوماً فقال : ما فعل فرسك ؟ قلت : هو ذا على بابك الآن .

فقال : استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتر لاتؤخّر ذلك . ودخل داخل فانقطع الكلام ، فقمت مفكّراً(2) ومضيت إلى منزلي ، فأخبرت أخي بذلك ، فقال : ما أدري ما أقول في هذا ، وشححت(3) به ، ونفست(4) على الناس به ، فلمّاصلّيت العتمة جاءني السائس .

فقال : نفق(5) فرسك الساعة . فاغتممت وعلمت أنّه عني هذا بذلك القول فدخلت على أبي محمد علیه السلام(من بعد و أنا)(6) أقول في نفسي : ليته أخلف(7) عليّ دابّة. فقال - قبل أن أتحدّث بشيء - : نعم نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني

ص: 432


1- تقدم بيانه في ص426ح5
2- فكر و تفكر في الامر : أعمل الخاطر فيه و تأمله . وفي ه والكافي : متفكراً
3- شح بالشيء : بخل و حرص
4- نفس به : ضن به . و نفس الشيء على فلان : لم يره أهلا له
5- نفق : مات أقول : المعصوم علیه السلام هنا أظهر كرامة من كراماته بعلمه بموت الفرس ، و قد سبق في علمه عليه السلام بقوله «ان قدرت... » أنه لا يبيعه لتعلقه الشديد به
6- «و» م. وفي الكافي «بعد أيام وأنا»
7- أخلف اللّه عليه : رد عليه ما ذهب

الكميت(1).

ثمّ قال لي : هذا خير من فرسك وأوطأ وأطول عمراً .(2).

13 - ومنها : ما قال أبو هاشم الجعفري : شكوت إلى أبي محمد علیه السلام ضيق الحبس ، وشدّة القيد ، فكتب إليّ : تصلّي الظهر في منزلك فاخرجت وقت الظهر ، وصلّيت في منزلي . و كنت مضيقاً(3) فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الّذي كتبته إليه فاستحييت فلمّا صرت إلى المنزل وجّه إلي مائة دينار (4) و كتب إلي :

ص: 433


1- البرذون - بكسر الراء - : هو من الخيل الذي أبواه أعجميان . والكميت من الخيل: الفرس الاحمر والمصدر : الكمتة ، وهي حمرة يدخلها قنوء ، وعن الخليل وقد سأله سيبويه عن الكميت ؟ قال : انما صغر لانه بين السوادوالحمرة لم يخلص واحد منهما ، فأرادوابا لتصغير أنه منهما قريب ، والفرق بين الكميت و الأشقر بالعرف والذنب فان كانا أسودين فكميت ، وان كانا أحمرین فأشقر . ( مجمع البحرين : 217 /2وج178/3)
2- عنه البحار : 266/ 50 ح 26، وعن مناقب آل أبی طالب : 3/ 531 . ورواه في الكافي : 510/ 1 ح15 ، وفي الارشاد للمفيد : 388 باستاديهما الی علی بن زید بن علی بن الحسين بن زید بن علی وأورده في اثبات الوصية : 244 عن علان الكلبي ، عن اسحاق ، عن علی بن زید بن على مثله ، وفي ثاقب المناقب :499، و کشف الغمة: 413/ 2 مرسلا عن علی بن زید بن الحسين وأخرجه في اعلام الوری : 371، و اثبات الهداة : 289/ 6 ح17 عن الكافي و في البحارالمذكور ملحق 26 عن الارشاد واعلام الوری ، و في مستدرك الوسائل : 256/ 8 ح5
3- أي في فقر وشدة
4- كذا في خل والأصل ، وفي م «ثمانية دنانير»

إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ، واطلبها تأتيك على ما تحبّ أن تأتيك .(1).

14- و منها : ماروي عن أبي حمزة نصير الخادم [قال] : سمعت أبا محمد علیه السلام غير مرّة، يكلّم غلمانه و غيرهم بلغاتهم، وفيهم روم و ترك و صقالبة فتعجّبت من ذلك ، و قلت : هذا ولد هنا(2) و لم يظهر لأحد حتى مضى(3) أبو الحسن و لا رآه أحد، فكيف هذا ؟-أحدّث بهذا نفسی(4) .

فأقبل عليّ فقال : إن اللّه بيّن حجّته من بين سائر خلقه ، وأعطاه معرفة كلّ شيء فهو يعرف اللغات والأسباب(5) والحوادث، و لولا ذلك لم يكن بين الحجّة

ص: 434


1- عنه اثبات الهداة : 286/6 ح 11 و 12 وعن الكافي 508/1 ح10 باسناده إلى أبي هاشم الجعفری ، وعنه في البحار : 267/ 50 ح 27 ، و عن مناقب آل أبی طالب : 532/3 صدره وص 538 ذيله ورواه في الارشاد للمفيد : 386 باسناده الی أبی هاشم الجعفري مثله وأورده في اثبات الوصية : 241 صدره و ص 262 ذیله ، وفي كشف الغمة : 412/ 2 وفي ثاقب المناقب: 502 صدره و ص 494 ذیله ، وفي الصراط المستقیم : 207/2 ح 9 مرسلا عن أبی ها شم مثله . وأخرجه في اعلام الوری : 372 عن أبي عبدالله أحمد بن محمد بن عياش باسناده الى أبي هاشم الجعفری مثله . وزاد في آخره : قال: وكان أبوهاشم حبس مع أبي محمد عليه السلام ، كان المعتز حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة 258، عنه حلية الأبرار : 492 / 2 . وأخرجه في البحارالمذكور ملحق ح27 عن الارشاد و اعلام الوری . وأخرجه في مدينة المعاجز :562ح 11 و 12 عن الكافي وعن ابن عیاش ، وفي ص 570 ح63 عن السيدا لمرتضی
2- «بالمدينة» البحار وأغلب المصادر
3- «قضي» البحار
4- «في نفسی» م
5- «الأنساب» البحار

والمحجوج فرق .(1).

15 - و منها : أنّ أبا محمد علیه السلام سلّم(2) إلى نحریر(3) فقالت له امرأته : اتّق الله(4) فانّك لا تدري من في منزلك ؟ و ذکرت عبادته و صلاحه - وأنا أخاف عليك منه. فقال : لأرمينّه بين السباع.

ثم استأذن في ذلك ، فأذن له ، فرمی به إليها، ولم تشكّ(5) في أكلها له .

فنظروا من الغد إلى الموضع ليعرفوا الحال ، فوجدوه قائماً يصلّي ، و هي حوله فأمر باخراجه .(6).

ص: 435


1- عنه اثبات الهداة : 286/6 ح13 ، وعن الكافي : 509/ 1 ح 11 باسناده الی أبی حمزة نصير الخادم . وعنه في البحار : 268/ 50 ح28 ، وعن مناقب آل أبی طالب : 529 / 3 . ورواه في الارشاد للمفيد : 387 باسناده الی أبی حمزة نصير الخادم . وأورده في اثبات الوصية : 243 عن أحمد بن محمدالاقرع، عن نصير الخادم، وروضة الواعظين : 294 ، و کشف الغمة: 412 / 2 .وأخرجه في اعلام الوری : 375 عن الكافي
2- على بناء المجهول
3- هوالخادم ، و كان راع لسباع الخليفة و كلابه . وذكره المجلسی ره في مرآة العقول و قال : النحریر لعنه الله . وذكر ابن الأثير في الكامل اسم «نحر ير الخادم» في حوادت سنة 301، وسنة 379 فراجع . و في المناقب «یحیی بن قتيبة الاشعری» ، وفي ثا قب المناقب «یحیی بن أيم» و في حلية الابرار «نحرير الخادم»
4- ففي رواية الكافي أنه كان يضيق عليه ويؤذيه
5- أي امرأة النحرير . وفي البحار «يشكوا»
6- عنه البحار : 268 / 50 ح 29 ورواه في الكافي : 513/ 1 ح26، والارشاد للمفيد : 389 باسنادیهما الى بعض الاصحاب مثله. و أورد مثله في مناقب آل أبی طالب :3/ 530 عن يحيى بن قتيبة الا شعری ،وفی کشف الغمة :414/2 مرسلا ، و في ثا قب المناقب: 506عن يحي من ايم . وأخرجه في أعلام الوری : 379، و اثبات الهداة : 294/ 4 ح 29، وحلية الابرار :2/ 485 عن الكافي، وفي مدينة المعاجز : 578ح 114 عن المناقب

16 - ومنها : ما روى أبو سليمان داود بن عبد اللّه [ قال : حدّثنا ] المالكي عن ابن الفرات [قال] : كنت بالعسكر قاعداً (1) في الشارع، و كنت أشتهي الولد شهوة شديدة فأقبل أبو محمد علیه السلام فارسأ(2) .

فقلت تراني(3) أرزق و لداً ؟ فقال برأسه (4) : نعم . فقلت : ذكراً ؟ فقال برأسه:لا.

فولدت لي ابنة.(5).

17 - ومنها : ما روى أبو سليمان، عن علي بن زيد(6) المعروف ب «ابن رمش»

قال : اعقلّ ابني أحمد، وكنت بالعسكر ، وهو ببغداد ، فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء .

فخرج توقيعه : «أو ما علم عليّ أنّ لكلّ أجل كتاباً» ؟ فمات الابن .(7)

ص: 436


1- زاد في ط «مفكراً» . والعسكر من أسماء «سر من رای»
2- فارساً : راكباً فرساً
3- «تری» ط ، والبحار
4- قال برأسه : أشار
5- عنه اثبات الهداة : 319/6 ح67 ، والبحار : 268/50 ح 30، وعن كشف الغمة :28/2 : نقلا من دلائل الحميري . ورواه في الهداية الكبرى : 386 باسناده عن أبي على المالكي و أبی عبدالله جعفر بن محمد الرامزی مثله . وأورده في اثبات الوصية : 247 عن جعفر بن محمد بن موسی مثله ، و في الصراطالمستقيم : 207/2 ح 11 عن ابن الفرات مثله
6- «یزید» م . والظاهر أنه على بن زید العلوي
7- عنه کشف الغمة : 428/2 ، والبحار : 269/50 ح 31 وأخرجه في اثبات الهداة : 337/6 ح17 عن الكشف

18- ومنها : ما روی أبو سليمان ، عن المحمودي(1) قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء(2) [بأن أرزق ولداً .

فرقّع : « رزقك اللّه ولداً وأصبرك عليه». فولد لي ابن و مات](3)

19 - ومنها : ما روي عن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني(4) قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله ( التبرّك ، بأن يدعو )(5) أن أرزق ولداً ذكراً من بنت عمّ لي فوقّع : « رزقك اللّه ذكراناً » قولد لي أربعة .(6).

20- ومنها: ما روي عن علي بن جعفر الحلبي [قال] : اجتمعنا با لعسكر ، وترصّدنا لأبي محمد علیه السلام يوم ركوبه ، فخرج توقيعه : «ألا لا يسلّمنّ عليّ أحد ، ولا يشير إليّ بيده ، ولا يومىء أحدكم ، فانّكم لا تأمنون على أنفسكم».

ص: 437


1- «أبو سليمان المحمودي» البحار ، والظاهر أن المحمودی هو أحمد بن حماد المکنی بأبي على ، المعدود في رجال الشيخ: 428 رقم 8 من أصحاب العسکری علیه السلام
2- «التبرك» م. وما بعده كما في كشف ، واثبات ، والبحار. فالموجود في «م» تتمة الحديث التالي الذي ذكر سنده - عن الهمداني في - الحاشية ، فحصل خلط بين الحديثين. وأورد في الصراط المستقیم : 2/ 9 ما لفظه : أخبر عليه السلام المحمودي أنه سيولد له ذكر انا ، فولد له أربعة. فلاحظ
3- عنه کشف الغمة : 428/ 2 ، و اثبات الهداة : 338 / 6 ح 108، و البحار : 50/ 269 ح 32
4- ذكره الشيخ في الفهرست : 301 رقم 656 ، وقال له كتاب ، وعده في رجاله : 493 رقم 14 في من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام . و قال ابن الغضائری: کانت لابيه وصلة بأبي الحسن عليه السلام . تجد ترجمته في تنقيح المقال : 152 / 3 رقم 11079
5- «أن يدعو الله» کشف ، واثبات
6- عنه کشف الغمة : 428/2 ، و اثبات الهداة : 338/6 ح 109، والبحار : 50269 ح 33

قال : وإلى جانبي شابّ ، قلت : من [أين] أنت ؟ قال : من المدينة . قلت : ما تصنع ههنا ؟ قال : اختلفوا عندنا في أبي محمد علیه السلام فجئت لأراه وأسمع منه ، أو أرى منه دلالته ، ليسكن قلبي ، وإنّي من ولد أبي ذرّ الغفاري ، فبينا نحن كذلك إذ خرج أبو محمد علیه السلام مع خادم له ، فلمّا حاذانا ، نظر إلى الشابّ الذي بجنبي .

فقال : غفاري أنت؟ قال : نعم . قال : ما فعلت أمّك حمدويه(1) ؟ قال : صالحة. ومرّ، فقلت للشاب : أكنت رأيته قطّ ، وعرفته بوجهه قبل اليوم ؟ قال : لا.

قلت : فيقنعك هذا ؟ قال : ومن دون هذا . (2).

21 - ومنها : ماقل يحيى بن المرزبان : التقيت مع رجل من أهل السيب(3). سیماه الخير(4) و أخبرني أنّه كان له ابن عمّ ينازعه في الامامة ، والقول في أبي محمد علیه السلام وغيره ، قلت : لا أقول [ به ] أو أرى منه علامة .

فوردت العسكر في حاجة، فأقبل أبو محمد علیه السلام - فقلت في نفسي متعنّتاً - (5) : إن مدّ يده إلى رأسه فكشفه ، ثم نظر إليّ فردّه ، قلت به .

فلمّا حاذاني مدّ يده إلى رأسه فكشفه، ثم برّق عينيه(6) في ثم ردّهما ، ثم قال :

ص: 438


1- «حمدونة» الصراط
2- عنه البحار : 269 /50 ح 34. وأورده في الصراط المستقیم: 207/2 ح13 باختصار
3- «السبت» م . و السيب - بالكسر ثم السكون - : كورة من سواد الكوفة ، والسيب أيضاً نهر بالبصرة فيه قرية كبيرة، وأيضاً موضع أو جزيرة بخوارزم .وسبت : موضع بين طبرية والرملة عند عقبة طبرية. (معجم البلدان : 182/3 و ص293)
4- «سماه بالخير» م . «سماه» اثبات الهداة
5- من الكشف والبحار
6- عنتة : أصل صحيح يدل على مشقة وما أشبه ذلك . والعنت: العسف والحمل على المكروه ويحمل على هذا و يقاس عليه (معجم مقاييس اللغة : 150/4) . وفي م ، ه «متعتناً» . يقال : أعتن على غريمه: تشددعلیه و آذاه

وایحیی مافعل ابن عمّك الّذي تنازعه في الامامة ؟ فقلت: خلّفته صالحاً .

قال: لاتنازعه . ثم مضى .(1).

22- ومنها : ماروي عن ابن الفرات [قال:] كان لي على ابن عمّ لي عشرة آلاف درهم(2) فكتبت إلى أبي محمد علیه السلام أسأله الدعاء لذلك. فكتب إليّ : إنه رادّ عليك مالك، وهو ميّت بعدجمعة. قال: فردّ عليّ ابن عمّی مالي، فقلت له: مابدا لك في ردّه وقد منعتنيه ؟ قال: رأيت أبا محمد علیه السلام في النوم ، فقال : إنّ أجلك قد دنا ، فردّ على ابن عمّك ماله .(3).

23- ومنها : ماروي عن عليّ بن الحسن بن سابور قال: قحط الناس ب«سرّ من رأى» في زمن الحسن الأخير علیه السلام فأمر [المعتمد بن](4) المتوكّل الحاجب و أهل المملكة أن يخرجوا إلى الاستسقاء .

فخرجوا ثلاثة أيّام متوالية إلى المصلّي يستسقون، ويدعون فماسقوا.

فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان، و كان فيهم راهب ، فلمّامدّ يده هطلت السماء بالمطر.

ص: 439


1- عنه کشف الغمة : 428/2 ،والبحار : 270/50 ح 35 . وأورده في ثقب المناقب : 496 عن یحیی بن المرزبان مثله ، عنه مدينة المعاجز :577ح 105 .وأخرجه في اثبات الهداة :338/6 ح 110 عن كشف الغمة
2- زاد في كشف بين [ ]: «فطالبته بها مراراً فمنعنيها»
3- عنه کشف الغمة : 429/ 2 ، والبحار : 270/ 50 ح 36. وأورده في ثا قب المناقب : 497 عن ابن الفرات مثله ، عنه مدينة المعاجز : 577 ح 106. وفي الصراط المستقیم : 207/ 2 ح14 باختصار .وأخرجه في اثبات الهداة : 339/6 ح 111 عن كشف الغمة
4- من بعض المصادر . وفي س ، والبحار ، و بقية المصادر بلفظ «فأمر الخليفة الحاجب» . ومعلوم أنه كانت شهادة الامام الهادي سنة 254»، وشهادة الامام العسكرى سنة «260» ومات المتوكل سنة 247، بينما بويع المعتمدسنة «256» ، فلاحظ

وخرج في اليوم الثاني، فهطلت السماء با لمطر . فشكّ أكثر الناس ، و تعجّبوا و صبوا(1) إلى النصرانيّة، فبعث الخليفة(2) إلى الحسن - و كان محبوساً - فاستخرجه من حبسه وقال: الحق امّة جدّك فقد هلكت .

فقال له : إنّي خارج في الغد ، و مزيل الشكّ إن شاء اللّه .

فخرج الجائليق في اليوم الثالث، و الرهبان معه، و خرج الحسن علیه السلام في نفر من أصحابه فلمّا بصر بالراهب - وقد مدّ يده - أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى، ويأخذ

مابين إصبعيه ، ففعل وأخذ من بين سبّابته و الوسطی(3) عظمأ أسود، فأخذالحسن علیه السلام بيده ثم قال له: استسق الآن . فاستسقى ، و كانت السماء متغيّمة فتقشّعت(4) وطلعت الشمس بيضاء، فقال الخليفة : ماهذا العظم يا أبا محمّد ؟

فقال علیه السلام : هذا رجل(5) مرّ بقبر نبيّ من أنبياء اللّه ، فوقع في يده هذا العظم ،وما كشف عن عظم نبيّ إلاّ هطلت السماء بالمطر .(6)

ص: 440


1- صبوا : مالوا
2- «المتوكل» م. و كذا بعدها
3- «سبابتيه»
4- تقشع السحاب : زال و انکشف
5- «رجل شريف» ه
6- عنه کشف الغمة : 429 /2 ، واثبات الهداة : 319/6 ح 68.وعنه في البحار : 270 /50 ح37 ، و حلية الابرار :502/2 وعن مناقب آل أبی طالب:526/3 وعنه في مدينة المعاجز : 574 ح83 ، وعن ثاقب المناقب : 501.وأورده في الصراط المستقیم : 207/2 ح 15 مرسلا باختصار ، وفي الفصول المهمة:269، و نور الابصار : 184 عن أبی هاشم الجعفری ره ، وفي الصواعق المحرقة :124 ، وجواهر العقدین : 396 ،و مفتاح النجا : 189 ، ورشفة الصادی : 196 مرسلا.وأخرجه في ينابيع المودة : 366 عن الصواعق والمسعودی ، وص396 عن داود بنالقاسم الجعفری ، وفي احقاق الحق : 264/12 - 266 عن بعض المصادر المتقدمة

24- ومنها : ماروی أبو سليمان قال: حدّثنا أبو القاسم بن أبي حليس(1) [قال]:

كنت أزور العسكر(2) في شعبان في أوّله، ثمّ أزور الحسين علیه السلام في النصف ، فلمّاكان في سنة من السنين ، وردت العسكر قبل شعبان ، وظننت أنّي لا أزوره في شعبان فلمّا دخل شعبان قلت : لا أدع زیارة كنت أزورها ، و خرجت إلى العسكر و كنت إذا وافيت العسكر أعلمهم برقعة أو برسالة .

فلمّا كان في هذه المرّة قلت : أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها ، و قلت لصاحب المنزل : أحبّ أن لا تعلمهم بقدومي .

فلمّا أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين و هو يبتسم متعجّباً ويقول :بعث إليّ بهذين الدينارين وقيل لي :

ادفعهما إلى الحليسي و قل له : من كان في حاجة(3) الله ، كان الله في حاجته .(4)

25- ومنها : ماروی إسحاق بن یعقوب ، عن بدل مولاة أبي محمد علیه السلام قالت(5):كنت رأيت من عند رأس أبي محمد علیه السلام نوراً ساطعاً إلى السماء ، وهو نائم .(6)

ص: 441


1- «أبو القاسم الحليسي» م . «أبو القاسم الحبشی» ه ، ط، الاثبات، والبحار .وما في المتن كما في كمال الدين ومجمع الرجال : 84/ 7 وص192 ذكره القهبائی -عن ربيع الشيعة - فی من رأى الحجة «عج» من غير الوكلاء
2- «الحسن» ط. «العسکری» ه
3- «طاعة» ط ، س ، ه ، الاثبات والبحار
4- عنه اثبات الهداة : 320 / 6 ح 69 . والبحار : 271/ 50 ح 38 . وعنه في مدينة المعاجز : 574 ح84 وعن ثاقب المناقب : 497.ورواه في اكمال الدين : 493/2 ح 18 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبی القاسم بن أبي الحليس مثله ، عنه اثبات الهداة : 305/7 ح 53، والبحار : 51/331 ح 56
5- «بذل مولى أبي محمد عليه السلام قال» البحار
6- عنه البحار : 50/ 272 ح 39، وعن كشف الغمة : 426/2 نقلا من كتاب الدلائل مثله . وأخرجه في اثبات الهداة : 6/ 337 ح 105 عن الكشف

26- ومنها : ماروی عليّ بن محمّد بن الحسن قال : و افت جماعة من الأهواز من أصحابنا - و أنامعهم - وخرج السلطان إلى صاحب البصرة يريد النظر إلى أبي محمد علیه السلام فنظرنا إليه ماضياً معه، و قعدنا بين الحائطين ؛ « سرّ من رأى » ننتظر رجوعه .

قال : فرجع ، فلمّا(1) حاذانا ، وقف فمدّ يده إلى قلنسوته(2) فأخذها من رأسه ، وأمسكها بيده ، ثم أخذ بيده الاخرى ، ووضعها على رأسه ، وضحك في وجه رجل منّا .

فقال الرجل : أشهد أنّك حجّة اللّه و خيرته . فقلنا ، يا هذا ما شأنك ؟ قال : كنت شاكّاً فيه(3)

فقلت في نفسي : إن رجع وأخذ القلنسوة من رأسه، قلت با مامته .(4).

27 - ومنها : ما روي عن علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زید [قال:] دخلت يوماً على أبي محمد علیه السلام وإنّي جالس عنده إذ ذكرت منديلا كان معي فيه خمسون دیناراً ، فقلقت(5) لها ، و لم أتكلّم(6) بشيء [ولاأظهرت ما خطر ببالي] (7).

ص: 442


1- «قال : فلما»م
2- القلنسوة : نوع من ملابس الرأس ، وهي على هيئات متعددة
3- «في امامته» اكشف والاثبات
4- عنه البحار : 50 / 294 ح 68 ، وعن كشف الغمة : 425/2 نقلا من كتاب الدلائل مثله وأورده في اثبات الوصية : 246 عن علي بن محمد بن الحسن ، وفي عيون المعجزات : 136 عن الحسن بن سهل ، عن علي بن محمد بن الحسن ، وفي الصراط المستقيم : 2/ 208ح16 باختصار . وأخرجه في اثبات الهداة : 320/ 6 ح 70 عن الكشف ، وفي مدينة المعاجز : 571ح 66 عن السيد المرتضی
5- قلق: اضطرب وانزعج
6- «وما تكلمت» ه. ط، والبحار
7- من البحار ومدينة المعاجز

فقال أبو محمد علیه السلام : لا بأس هي مع أخيك الكبير ، سقطت منك حين نهضت فأخذها وهي محفوظة [ معه ] إن شاء الله . فأتيت المنزل ، فردّها إليّ أخي .(1)

28 – ومنها : ما روي عن محمد بن ربيع الشيباني(2) قال : ناظرت رجلا من الثنويّة(3) بالأهواز ، ثمّ قدمت سرّ من رأى ، وقد علق قلبي بشيء من مقالته ، وإنّي لجالس علی باب أحمد بن الخضيب إذ أقبل أبو محمد علیه السلام من دار العامّة يوم الموكب فنظر إليّ وأومأ بسبّابته «أحد، أحده، فوحّده» فسقطت مغشيّاً عليّ .(4).

29 - ومنها : ما روي عن أبي العيناء محمد بن القاسم الهاشمي قال : كنت أدخل على أبي محمد علیه السلام وأعطش فأجلّه(5) أن أدعو بالماء ، فيقول : « یا غلام اسقه » وربّما حدّثت نفسي بالنهوض فافكّر في ذلك ، فيقول : يا غلام دابّته .(6).

ص: 443


1- عنه البحار : 50/ 272 ح40، ومدينة المعاجز : 575 ح 85. وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 425 عن كتاب الدلائل عنه البحار المذكور
2- قال السيد الخوئي في رجاله : 81/ 16 رقم 10735 : محمد بن الربيع السائی (الشائی) (الشیبانی).روی عن العسکری علیه السلام ... وعده الشيخ في رجاله:437 رقم 24 من أصحاب الامام الحسن العسکری علیها السلام وفيه محمد بن الربيع بن سویدالسائی
3- الثنوية : من يثبت مع القديم قديماً غيره، قيل: وهم فرق المجرس يثبتون مبدأين مبدءاً للخير و مبدءاً للشروهما النور و الظلمة ، و يقولون بنبوة ابراهيم عليه السلام . وقيل ... (مجمع البحرین مادة «ثنا»)
4- عنه البحار : 293/ 50 ح67 ، وعن كشف الغمة: 2/ 425من كتاب الدلائل عن محمد بن الربيع . ورواه الكليني في الكافي : 511/ 1 ح20 عن اسحاق قال : أخبرني محمد بن الربيع الشائی ... عنها ثبات الهداة : 292/6 ح24.وأورده فی مناقب آل أبی طالب : 529/ 3 عن محمد بن الربيع الشيباني، عنه مدينة المعاجز : 578 ح3 . وأورده في الصراط المستقیم : 208/2 ح 18 عن محمد بن الربيع
5- جل فلان يجل - بالكسر - جلالة : أي عظم قدره، فهو جلیل
6- عنه البحار : 50/ 272 ح 41 وعن مناقب آل أبی طالب : 3/ 533 عن أبي العيناء

30- ومنها : ما روي عن أبي بكر الفهفكي (1) [قال:] أردت الخروج من سر من رأى لبعض الامور وقد طال مقامي بها ، فغدوت يوم الموكب وجلست في شارع أبي قطيعة بن داود(2) إذ طلع أبو محمد علیه السلام يريد دار العامّة فلمّا رأيته قلت في نفسي : أقول له : يا سيّدي إن كان عندك الخروج من سرّ من رأى خيراً لي ، فأظهر التبسّم في وجهي .

فلمّا دنا منّي تبسّم تبسّاً بيّناً جيّداً فخرجت من يومي، فأخبرني [بعض] أصحابنا أنّ غريماً(3) لي كان له عندي مال ، قدم يطلبني ولو ظفر بي لهتکني(4) لأن ماله لم يكن عندي [ شاهداً ] .(5).

31- ومنها : ما روي عن محمد بن أحمد بن الأقرع [قال:] كتبت إلى أبي محمد علیه السلام أسأله عن الامام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي : الاحتلام شيطنة وقد أعاذ الله أولياءه من ذلك .

فورد الجواب : حال الأئمة في النوم حالهم في اليقظة ، لا يغيّر النوم منهم

ص: 444


1- ابو بكر الفيفكي ابن أبی طیفور المتطب ، من أصحاب الهادی علیه السلام ، في ذكره الشيخ في رجاله : 426 رقم 8 السيد الخوئي في رجاله : 71/ 21
2- هكذا في اثبات الهداة والبحار ، وفي الأصل «قطيعة ابن أبی داود»
3- الغريم : الدائن ، المديون ، والمراد به المعنى الأول هنا
4- «ان غريماً لك كان له عندك مالقدم يطلبك فلم يجدك ولو ظفر بك هتكك (قنلك)، ط ، ه،س اثبات الهداة
5- عنه اثبات الهداة : 6/ 321 ح 72، و البحار : 273/ 50 ح 42 ، و مدينة المعاجز :575 ح 86

شيئاً ، وقد أعاذ الله أولياءه من لمّة(1) الشيطان كما حدثتك نفسك.(2).

32 - ومنها :ما روي عن محمد بن عبدالعزيز البلخي [ قال : ] أصبحت يوماً فجلست في شارع الغنم(3) فاذا بأبي محمد قد أقبل من منزله يريد دار العامّة

فقلت في نفسي : إن صحت يا أيّها الناس هذا حجّة الله عليكم فاعرفوه ، يقتلوني؟ فلمّا دنا منّي أومأ إلي باصبعه السبّابة على فيه أن اسکت ! ورأيته تلك الليلة يقول : إنّما هو الكتمان أو القتل، فاتّق اللّه على نفسك .(4).

33 - ومنها : ما روي عن عمر بن أبي مسلم [قال:] كان سميع المسمعيّ يؤذيني كثيراً و يبلغني عنه ما أكره(5) وكان ملاصفاً لداري ، فكتبت إلى أبي محمّد

ص: 445


1- اللمة : الهمة والخطرة تقع في القلب . وقيل : الشيطان لمة أي دنو
2- عنه اثبات الهداة : 287/ 6 ح14 ، وعن الكافي : 509/1 ح12 باسناده الى اسحاق عن الأقرع مثله ، وعن كشف الغمة : 423/ 2 من كتاب الدلائل عن محمد بن أحمدالاقرع ، مثله . وعنه البحار : 157/25 ح28 ، وج : 290/50 ح 64 ، وعن كشف الغمة .ورواه المسعودي في اثبات الوصية : 244 عن الحميري . وأورده في ثاقب المناقب : 499 (مخطوط) عن اسحاق ، وفي الصراط المستقیم : 2/ 208 ح 20 عن الاقرع وأخرجه في مدينة المعاجز : 562ح 14عن الكافي
3- «القمر» ط، ومدينة المعاجز
4- عنه البحار : 290/ 50 ذح 63، ومدينة المعاجز : 575ح 87.ورواه المسعودی فی اثبات الوصية : 243 عن الحميري عن اسحاق، عن محمد بن عبدالعزيزعنه مستدرك الوسائل : 72 / 9 ح8 .وأورده في الصراط المستقيم : 208/2 ح 21 ، عن محمد بن عبدالعزيز .وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 422 من كتاب الدلائل عن محمد بن عبدالعزيز ، عنه البحار المذكور ، ومعجم رجال الحديث : 223/16
5- «الهم» ط «أكثر» اثبات الهداة

علیه السلام أسأله الدعاء بالفرج منه .

فرجع الجواب : الفرج سریع(1)، يقدم عليك مال من ناحية فارس(2) . وكان لي بفارس ابن عمّ تاجر لم يكن له وارث غيري ، فجاءني ماله بعد ما مات بأيّام يسيرة و وقّع في الكتاب : إستغفر اللّه وتب إليه ممّا تكلّمت به . وذلك أنّي كنت [جالساً ] يوماً مع جماعة من النصّاب فذكروا آل أبي طالب حتّى ذكروا مولاي فخضت معهم لتضعيفهم أمره ، فتركت الجلوس مع القوم ، وعلمت أنّه أراد ذلك.(3).

34- ومنها: ما روي عن الحجّاج بن سفيان العبديّ(4) قال : خلّفت ابني بالبصرة عليلا و كتبت إلى أبي محمد علیه السلام أسأله الدعاء لابني .

فكتب إليّ(5) رحم اللّه ابنك إنّه(6) كان مؤمناً .

قال الحجّاج : فورد عليّ كتاب من البصرة أنّ ابني(7) مات في ذلك اليوم الّذي كتب [إلي](8) أبو محمد بموته . و كان ابني شك في الامامة للاختلاف الذي جرى بين الشيعة .(9).

ص: 446


1- «أبشر با لفرج سريعاً» البحار
2- وزادفی ط «فبعد مدة قليلة قبض جاری»
3- عنه اثبات الهداة : 323/6 ح 74، والبحار : 273/50 ح43 ، و مدينة المعاجز :575 ح 88.وأخرجه في كشف الغمة : 422/2 من كتاب الدلائل عن عمر بن أبي مسلم مثله .عنه اثبات الهداة : 334/6 ح 98 ، والبحار : 289/50 ذح 63
4- هكذا في خ ل البحار وفي اثبات الوصية . راجع رجال المامقانی : 1/ 255 ، ومعجم رجال الحديث : 233/4 .و في الأصل واثبات الهداة والبحار ومدينة المعاجز «الحجاج بن یوسف العبدی»
5- (فكتب الجواب» ط ، ه ، اثبات الهداة
6- هكذا في اثبات الهداة ومدينة المعاجز ، و في الأصل والبحار «ان»
7- «ابنك» اثبات الهداة ومدينة المعاجز
8- من البحار
9- عنه اثبات الهداة : 323/ 6 ح 75، والبحار : 274/ 50 ح44 ، ومدينة المعاجز :575 ح 89. ورواه المسعودي في اثبات الوصية : 242 باسناده عن الحميري ، عن أبی هاشم ، عن الحجاج بن سفيان العبدي ، وفيه «السنة» بدل «الشيعة». وأخرجه في كشف الغمة : 422/2 من كتاب الدلائل عن الحجاج بن سفيان العبدی، عن البحار المذكور .وأورده في الصراط المستقیم : 208/2 ح 22 عن الحجاج العبدی

35- ومنها : ما قال أبو القاسم الهروي خرج توقيع [ من ] أبي محمد علیه السلام إلى بعض بني أسباط ، قال : كتبت إلى الأمام(1) أخبره من اختلاف الموالي وأسأله باظهار دلیل(2).

فكتب [ إلي ](3): إنّما خاطب اللّه العاقل ، وليس أحد يأتي بآية أو يظهر دلیلا أكثر ممّا جاء به خاتم النبيّين و سيّد المرسلین صلی الله علیه و آله و سلم فقالوا: کاهن و ساحر و كذّاب! وهدي من اهتدى ، غير أنّ الأدلّة يسكن إليها كثير من الناس .

وذلك أنّ اللّه(4) يأذن لنا فنتكلّم ، ويمنع فنصمت .

ولو أحبّ اللّه(5) أن لا يظهر حقّنا، ما بعث(6) الله النبيّين مبشّرين ومنذرین يصدعون(7) بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ، ليقضي [ الله ]

ص: 447


1- «الیه» م «الی أبی محمد» البحار
2- وزاد في ط «وكان يتضمن توقيعه»
3- من البحار
4- لعل قوله عليه السلام: «وذلك أن الله» تعليل لما يفهم من كلامه عليه السلام من الاباء عن اظهار الدليل والحجة والمعجزة «قاله المجلسی»
5- قوله عليه السلام : «ولو أحب الله» لعل المراد أنه لو أمرنا ربنا بان لانظهر دعوى الامامة أصلالما أظهرنا، ثم بین علیه السلام الفرق بين النبي والامام في ذلك ، بأن النبي انما يبعث في حال اضمحلال الدين وخفاء الحجة ، فيلزمه أن يصدع بالحق على أي حال ، فلما ظهر للناس سبيلهم وتمت الحجة عليهم لم يلزم الامام أن يظهر المعجزة و يصدع بالحق في كل حال ، بل يظهره حيناً ويتقى حيناً على حسب ما يؤمر «قاله المجلسی»
6- «حقنا ماظهر ، بعث» البحار
7- صدع بالحق : تكلم به جهاراً . وفي ط ، ه «يدعون»

أمره وينفذ حكمه .

والناس على طبقات [ مختلفين ] شتّی : فالمستبصر على سبيل نجاة متمسّك(1)بالحقّ ، فيتعلّق بفرع أصيل ، غیر شاكّ ولا مرتاب ، لا يجد عنه(2) ملجأ .

وطبقة لم تأخذ(3) الحقّ من أهله ، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه . وطبقة استحوذ(4) عليهم الشيطان ، شأنهم الردّ على أهل الحقّ ، ودفع الحقّ بالباطل، حسداً من عند أنفسهم .

فدع من ذهب يميناً وشمالا، کالراعي(5) إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأدون السعي ذكرت ما اختلف فيه مواليّ ، فاذا كانت الوصيّة والكبر فلاریب(6).

ومن جلس مجالس(7) الحكم فهو أولي بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت ، وإيّاك والاذاعه وطلب الرئاسة ، فانّهما يدعوان إلى الهلكة .

ص: 448


1- «مستمسك» ط ، م
2- هكذا في اثبات الوصية و كشف الغمة . وفي ط ، ه ، البحار ، ومدينة المعاجز «عنی»وفي م «عنا»
3- «يأخذوا» م، ط «يأخذ» البحار ، مدينة المعاجز
4- استحوذ عليه : غلبه واستولى عليه
5- قوله عليه السلام : « کالراعی » أي نحن کالراعي اذا أردنا جمعهم ، و أمرنا بذلك جمعناهم بأدنی سعی
6- قوله عليه السلام: «فاذا كانت الوصية والكبر فلاريب». أي بعد أن أوصی أبی الی، و کونی أكبر أولاد أبي لايبقى ريب في امامتی (قاله المجلسی)
7- و قوله : عليه السلام : «و من جلس مجالس الحكم » لعله تقية منه عليه السلام أي الخليفة أولی بالحكم ، أو المراد أنه أولی با لحكم عند الناس ، و يحتمل أن يكون المراد بالجلوس في مجالس الحكم بيان الأحكام للناس ، أي من بين الأحكام للناس من غیر خطأ فهو أولی با لحكم والامامة ، فيكون الغرض زظهار حجة أخرى على امامته صلوات الله عليه (قاله المجلسی)

ذكرت شخوصك إلى فارس فاشخص [ عافاك اللّه ] خار اللّه لك، وتدخل مصر إن شاء اللّه آمنا، واقرأ من تثق به من مواليّ السلام، ومرهم بتقوى اللّه العظيم ، و أداء الأمانة ، وأعلمهم أنّ المذيع علينا [ سرّنا ] حرب لنا.

قال : فلمّا قرأت :«و تدخل مصر » لم أعرف له معنی ، وقدمت بغداد و عزیمتي(1) الخروج إلى فارس، فلم يتهيّألي الخروج إلى فارس(2) وخرجت إلى مصر ، [فعرفت أن الأمام عرف أنّي لا أخرج إلى فارس].(3).

36- ومنها: ما روي عن محمد بن عبد اللّه قال: لمّا أمر سعيد بحمل أبي محمد علیه السلام إلى الكوفة ، كتب أبو الهيثم إليه: بلغنا خبر أقلقنا . فكتب بعد ثلاث يأتيكم الفرج.

فقتل المعتزّ(4) يوم الثالث .(5).

قال : وفقد غلام لأبي الحسن صغير فلم يوجد ، فاخبر بذلك .

فقال: اطلبوه في البركة . فطلب، فوجد في بركة الدار میّتاً.

ووقع أبو محمد علیه السلام و هو صغير في بئر الماء ، وأبو الحسن علیه السلام في الصلاة والنسوان يصرخن ، فلمّا سلّم قال: لا بأس . فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر و أبو محمّد على رأس الماء يلعب بالماء .(6)

ص: 449


1- «وفی عزمی» ط،ه
2- «يتهيألي ذلك»ط
3- عنه اثبات الهداة : 323/6 ح 76، والبحار : 181/2 ح 4، وج 50 / 296 ضمن ح70، ومدينة المعاجز : 575 ح 90 .و أخرجه في كشف الغمة: 416/2 من كتاب الدلائل عن القاسم الهروی ، عنه اثباتالهداة المذكور والبحار : 50، وأورده في اثبات الوصية: 239 مثله
4- «الزبیری» م، والمعتز هوالزبير بن جعفر المتوكل، تقدمت ترجمته
5- أخرجه في كشف الغمة: 416 /24 من كتاب الدلائل عن محمد بن عبد الله عنه اثبات الهداة:331/6 ح 90 والبحار : 50 / 2905 ح 19
6- عنه البحار : 50/ 274 ح 45. وأورده في اثبات الوصية: 240 مثله، وفي الصراط المستقيم : 208/2 ح23 مرسلا عنه اثبات الهداة : 347/6 ح 133، وأورد صدره فیثاقب المناقب : 502 (مخطوط)

37- ومنها : ماقال علي بن محمّد بن زياد : إنّه خرج إليه توقيع أبي محمّد علیه السلام فيه : فكن حلساً(1) من أحلاس بيتك . قال : فنابتني نائبة(2) فزعت منها ، فكتبت إليه : أمي هذه ؟ فكتب : لا أشد من هذه . فطلبت بسبب جعفر بن محمود(3)ونودي عليّ من أصابني فله مائة ألف درهم .(4).

38 - ومنها : ما روي عن أحمد بن محمد بن مطهّر [ قال : ] كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمد علیه السلام - من أهل الجبل - يسأله عمّن وقف على أبي الحسن موسی علیه السلام (5) أتولاهم أم أتبرأ منهم ؟

فكتب إليه : لاتترحّم(6) على عمّك ، لا رحم اللّه عمّك ، وتبرّأ منه ، أنا إلى اللّه منهم بريء فلاتتولاهم ، ولاتعد مرضاهم، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً .

سواء من جحد إماماً من اللّه ، أو زاد إماماً ليست إمامته من اللّه ، أو جحد ، أوووج عن محمد بن عبدالله .

ص: 450


1- الحلس، بالكسر : كساء يوضع على ظهر البعير تحت البرذعة، هذا هو الأصل، والمعنى الزم بيتك لزوم الاحلاس ، ولا تخرج منها فتقع في الفتنة ، وجمع الحلس أحلاس
2- النائبة : النازلة ، المصيبة
3- جعفر بن محمود من أصحاب المتوكل كما جاء عنه في رواية الكليني في الكافي : 463/7 ح 21 و من خاصة المعتز كما في الكامل في التاريخ : 216/7 فراجع
4- عنه البحار: 297 /50 ح 71 وعن كشف الغمة : 417/2 من كتاب الدلائل عن علي بن محمودبن زیاد مثله ، وعنه اثبات الهداة : 332/6 ح92
5- فرقة من الشيعة سموا بذلك لوقوفهم علی موسی بن جعفر أنه الامام القائم و لم يأتموا بعده بامام ولم يتجاوزوه الى غيره ... (راجع فرق الشيعة: 91، معجم الفرق الاسلامية : 268)
6- «أتترحم» ه

قال(1) : ثالث ثلاثة .إن جاحد أمر آخر نا جاحد أمر أو لنا ، والزائد فينا كا لناقص الجاحد أمرنا . فكان هذا - أي السائل - لم يعلم أنّ عمّه كان منهم، فأعلمه ذلك.(2).

39 - ومنها: أنّ أبا هاشم الجعفريّ قال : كنت عند أبي محمد علیه السلام فقال : إذا خرج القائم علیه السلام أمر بهدم المنار والمقاصير(3) الّتي في المساجد للجامع فقلت في نفسي : لأيّ معنى هذا ؟

فأقبل عليّ فقال : معنى هذا أنّها محدثة مبتدعة ، لم يبنها نبيّ ولا حجّة .(4).

40 - ومنها : أنّ قبور الخلفاء من بني العباس بسامرّة عليها من ذرق(5) الخفافيش

ص: 451


1- «و جحد أو قال» البحار، «و جحد وقال» المستدرك : وقوله عليه السلام : «ثالث ثلاثة» اشارة الى قوله تعالى في سورة المائدة :73 «لقد كفر الذين قالوا: ان الله ثالث ثلاثة ...» قيل هو رد على النصارى لاثباتهم قدم الاقنوم - أعني الأصل - وقالوا: الاقانیم ثلاثة ... (مجمع البحرین مادة ثلث)
2- عنه کشف الغمة : 429/2 ، و وسائل الشيعة: 565/18 ج 40.والبحار : 274/50 ح 46، ومستدرك الوسائل: 291/2 ح7، و ج 312/12 ح
3- المشهور بين الاصحاب کراهة تطويل المنارة أزيد من سطح المسجد لئلا يشرف المؤذنون على الجيران ...، و المراد بالمقاصير : المحاريب الداخلة (قاله المجلسی)
4- أورده في غيبة الطوسی : 123 عن سعد بن عبدالله عن داود بن القاسم الجعفری ، وفي مناقب آل أبی طالب: 3/ 536 عن أبي هاشم، وأخرجه في اعلام الوری : 373 من کتاب أحمد بن محمد بن عياش، عن العطار ، عن سعد و الحمیری معاً عن الجعفری ، وفی کشف الغمة: 418/2 من كتاب الدلائل عن أبي هاشم .وأخرجه في اثبات الهداة: 306/6 ح 48، وج 15/ 7 ح 311 و البحار: 323/52 ح32 عن غيبة الطوسي وفي البحار: 250/50 ح3 عن المناقب والغيبة و كشف الغمة واعلام الوری و فیج 376/83 ح 44 عن كشف الغمة والغيبة
5- «زرق» البحار . بمعنى واحد.وزاد فيط «الخفافيش ، و كذلك بغداد في الرصافة ، و مشهد الكاظم عليه السلام مطهر كما ذكر عن مشهد سر من رأى صلوات الله على ساكنه»

والطيور ما لا يحصى [ وينقی(1) منها كل يوم ، و من الغد تعود مملوءة ذرقاً ] ولا يرى على رأس قبّة العسكريّين (ولا على قباب مشاهد)(2) آبائهما ذرق طير ، فضلا على(3) قبورهم ، إلهاماً للحيوانات ، وإجلالا لهم ، صلوات الله عليهم أجمعين .(4).

ص: 452


1- «وینفی» ط، مدينة المعاجز
2- «شی مولا علی با بها ذرق طير» ط
3- «عن» ط
4- عنه اثبات الهداة : 324/6 ح77 ، والبحار : 275 /50 ح47،ومدينة المعاجز : 575 ح91

الباب الثالث عشر

في معجزات الامام صاحب الزمان علیه السلام

1- عن حكيمة [ قالت : ] دخلت يوما على أبي محمّد علیه السلام فقال [يا عمّة] بيتي عندنا الليلة فان اللّه سيظهر الخلف فيها .

قلت : وممّن ؟ [قال : من نرجس(1).

قلت : ] فلست أری بنر جس حملا.

قال : يا عمّة إنّ مثلها كمثل أمّ موسى ، لم يظهر حملها بها إلاّ وقت ولادتها فبتّ أنا وهي في بيت ، فلمّا انتصف الليل صلّيت أنا وهي صلاة الليل ، فقلت في نفسي : قد قرب الفجر ولم يظهر ما قال أبو محمّد.

فناداني أبو محمد علیه السلام [من الحجرة] لاتعجلي. فرجعت إلى البيت خجلة، فاستقبلتني نرجس [و هي] ترتعد(2) فضممتها إلى صدري، وقرأت عليها «قل هو الله أحد»

«و إنّا أنزلناه» و«آية الكرسي»، فأجابني الخلف من بطنها يقرأ كقراءتي(3) .

قالت : و أشرق نور في البيت فنظرت فاذا الخلف تحتها ساجد [اللّه تعالی] إلى

ص: 453


1- هیأم الامام المهدي عليه السلام وقد أخبر عنها الرسول صلى الله علیه و آله و الأئمة عليهم السلام بأنها خير الاماء في أحاديث كثيرة ، ومن أسمائها أيضاً: صیقل، سوسن ، حكيمة مليكة ... راجع کتاب امهات الأئمة عليهم السلام : 107 (مخطوط) والعوالم : حياة الامام المهدي عليه السلام في باب امه وأسمائها ...
2- «ترعد» ط،م
3- «القرآن» خ ل

القبلة ، فأخذته فناداني أبو محمّد علیه السلام من الحجرة : هلمّي بابني إليّ يا عمّة . قالت : فأتيته به فوضع لسانه في فيه وأجلسه على فخذه، وقال : انطق یا بنيّ باذن اللّه.

فقال: أعوذ باللّه السميع العليم ، من الشيطان الرجیم «بسم اللّه الرحمن الرحيم ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثین و نمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون»(1) وصلّی اللّه على محمّد المصطفى، وعليّ المرتضی، وفاطمة الزهراء ، والحسن ، والحسين وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد ، وموسی بن جعفر ، وعليّ ابن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن علي، أبي .

قالت [ حكيمة ] : وغمرتناطيور خضر فنظر أبو محمّد إلى طائر منها(2) فدعاه فقال له : خذه واحفظه حتّى يأذن الله فيه فان الله بالغ أمره.

قالت حكيمة : قلت لأبي محمّد : ما هذا الطائر(3) وما هذه الطيور ؟ قال : هذا جبرئيل ، وهذه ملائكة الرحمة(4) ، ثم قال : يا عمّة ردّيه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد اللّه حق ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون(5) فرددته إلى أمّه .

قالت [ حكيمة ] : ولمّا ولد كان نظيفاً مفروغاً منه ، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب «جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقاً»(6) .(7)

ص: 454


1- سورة لقصص : 5 - 6
2- «منهم» ه،س
3- «الطير» م،ط
4- «الله» م ، ط
5- اقتباس من سورة القصص : 13
6- اقتباس من سورة الاسراء : 81
7- عنه کشف الغمة: 498/ 2 ، و مدينة المعاجز : 590 ح7، وحلية الابرار : 2/ 536 وروى الصدوق في كمال الدين : 424/2 ح 1 نحوه باسناده الى حكيمة، عنه البحار :2/ 51 ح3 وص 426 بطريق آخر عن حكيمة نحوه ، عنه اثبات الهداة : 300/6 ح39، ج 289/ 7 ح33، والبحار : 11/51 ح14، و حلية الأبرار : 2/ 524 . ورواه في غيبة الطوسی:140- 143، بعدة طرق عن حكيمة نحوه، عنه الصراط المستقيم :2/ 234، وعنه اثبات : 16/ 7 ح 315 و 322 ح 89. ورواه في دلائل الامامة: 268 باسناده الى حكيمة. و أخرجه في احقاق الحق: 3/ 95 ، عن الجامي الحنفي في شواهد النبوة: 21، وعن المولى الهندي في وسيلة النجاة: 417، وعن البخاري في فصل الخطاب على ما في ينابيع المودة : 387 . وله تخريجات اخر فراجع العوالم حياة الامام المهدي عليه السلام بتفصيل تخريجاته

2- ومنها : ماروي عن السيّاري(1) ، [قال:] حدّثتني نسیم و مارية قالت : لمّا خرج صاحب الزمان من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه رافع سبّابتيه(2) نحو السماء ثمّ عطس ، فقال : الحمدلله ربّ العالمين وصلّى اللّه على محمّد و آله، عبداً داخراً(3) للّه غير مستنكف و لامستكبر [ولامستحسر] (4) ثم قال :

زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة(5) ولو أذن لنا(6) في الكلام لزال الشك .(7)

ص: 455


1- هو أحمد بن محمد بن سيار أبو عبدالله الكاتب ، بصری ، کان من كتاب آل طاهر في زمن أبی محمد عليه السلام، راجع رجال النجاشی : 80/ 192، ورجال الطوسی : 427 ، ومعجم رجال السيد الخوئي : 2/ 289 - 343.
2- «سبابته» م
3- الداخر : الصاغر الذليل
4- استحسر : تعب وأعيا
5- داحضة : زائلة باطلة
6- «لی » ط ، ه
7- عنه کشف الغمة : 498/2 ، والبحار : 53/76 ح5 ورواه الصدوق في كمال الدين : 430/ 2 ح 5 عن ما جيلويه و العطار معاً ، عن محمد العطار ، عن الحسين بن على النيسابوري ، عن ابراهیم بن محمد بن عبد الله بن موسی بن جعفر عليهم السلام، عن السياری، عن نسیم ومارية مثله. عنه اثبات الهداة : 292/7 ح 34، والبحار : 4/ 51 ح6، وحلية الابرار : 2/ 544، وعنه مدينة المعاجز: 586ح2 وعن غيبة الطوسی :147 عن علان ، عن محمد العطار مثله . عنه اعلام الوری : 420 والبحار : 4/51 ح6 ، وأورده في ثاقب المناقب : 507 (مخطوط) عن السياری وأورده في اثبات الوصية :251 عن علان

3- ومنها: ماروی علان، عن ظريف أبي نصر الخادم(1) قال : دخلت على صاحب الزمان علیه السلام وهو في المهد فقال لي : عليّ بالصندل الأحمر . فأتيته به ، فقال : أتعرفني ؟ قلت: نعم، أنت سيّدي وابن سيّدي . فقال: ليس عن هذا سألتك . فقلت: فسّرلي.

فقال : أنا خاتم الأوصياء ، وبي يرفع(2) اللّه البلاء عن أهلي وشيعتي.(3).

4- ومنها : ماروي عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري قال: وجّه قوم من المفوّضة(4) كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد علیه السلام قال: فقلت - في نفسي - : لمّادخلت عليه أسأله عن الحديث المروي عنه علیه السلام« لايدخل الجنّة إلاّ من عرف

ص: 456


1- « طريف أبو نصر » م ، « طريف ، عن نصر » ط ، س ، ه . وما أثبتناه كما في غيبة الطوسی ، راجع رجال السيد الخوئی : 181/ 9
2- «يدفع» س، ط ، ه
3- عنه کشف الغمة : 499/2 .ورواه الصدوق في كمال الدين : 441/2 ح 12 عن المظفر العلوي ، عن ابن العیاشی عن أبيه، عن آدم بن محمد البلخي، عن علي بن الحسن الدقاق ، عن ابراهيم بن محمد العلوي ، عن طريف ، عنه البحار : 30/52 ح 25، وعن غيبة الطوسی : 148 عن علان ، عن ظریف ، عنه اثبات الهداة : 19/7 ح 319. وأورده في الهداية الكبرى : 358 عن علان الكلایی . وأورده في ينابيع المودة : 463 عن ظريف أبی نصر ، عنه احقاق الحق : 704/ 19 . أقول : ان وجه الاعجاز هو تكلمه عليه السلام في المهد واخباره بانه خاتم الاوصیاء و...وهذا نظير ما خص الله تعالی به عیسی علیه السلام و قدأ يده بروح القدس يكلم في المهد صبياً : « قال انی عبدالله آتانی الكتاب وجعلني نبياً » مریم : 30
4- المفوضه : فرقة من الغلاة . زعموا أن الله خلق محمداً صلى الله عليه و آله ، ثم فوض اليه خلق العالم فهو الذي خلق العالم دون الله تعالى ، ثم فوض محمد تدبير العالم الى علي بن أبي طالب عليه السلام . معجم الفرق الاسلاميه : 235، مجمع البحرین للطريحي مادة « فرض »

معرفتي» و کنت جلست إلى باب عليه ستر مرخي(1) فجاءت الريح فكشفت طرفه فاذا أنا بفتی کأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها .

فقال لي : يا كامل بن إبراهيم ! فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت: لبّيك يا سيّدي.

فقال : جئت إلى وليّ اللّه تسأله « لايدخل (2) الجنّة إلاّ من عرف معرفتك و قال بمقالتك » ؟ قلت: إي واللّه .

قال: إذن واللّه يقلّ داخلها، واللّه إنّه ليدخلهاقوم يقال لهم: الحقّيّة . قلت: ومن هم؟ قال: قوم - من حبّهم لعلي بن أبي طالب علیه السلام- يحلفون بحقّه ولايدرون ماحقّه وفضله ، أي قوم يعرفون ما يجب عليهم معرفته جملة(3) لا تفصيلا من معرفة اللّه تعالی ورسوله والأئمّة علیهم السلام ونحوها .

ثم قال : و جئت تسأل عن مقالة المفوّضة (4)؟ كذبوا ، بل قلوبنا أوعية لمشيّة اللّه عزّ وجلّ ، فاذا شاء اللّه تعالی شئنا، واللّه يقول : «وما تشاؤن إلا أن يشاءالله» .(5)فقال ليّ أبو محمّد علیه السلام : ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك [قم فقمت] .(6)

ص: 457


1- «مسبل» کشف الغمة
2- « هل يدخل » م . س
3- «مجملا» ط
4- «المفوضة فينا أنا نتكلم بما يخطر في قلوبنا» ط
5- سورة الانسان : 30، سورة التكوير : 29
6- عنه کشف الغمة : 499/2 . ورواه في الهداية الكبرى : 359 باسناده الی أحمد الأنصاري ، قال : وجه قوم ... ورواه الطبري في دلائل الامامة : 173 باسناده الی أبی نعیم ... عنه البحار : 50/52 ح 35 ، وعن غيبة الطوسی : 148 باسناده الی أحمد الانصاری بطريقين ، عنه اثبات الهداة : 19/ 7 ح 320، و البحار : 117/ 70 ح 5، وج 163/ 72 ح 20 دج 302 / 79 ح 12، وأورده في ينابيع المودة :461، مرسلا باختصار، عنه احقاق الحق: 642 /19 ، وله تخريجات اخر

5- و منها : ما روي عن رشيق حاجب المادراني(1) قال : بعث إلينا المعتضد(2) [رسولا] وأمرنا أن نركب ونحن ثلاثة نفر، و نخرج مخفّين(3) على السروج و نجنب أخر، وقال: الحقوابسامراء واكبسوادار الحسن بن علي ، فانّه توفي و من رأيتم فيها(4) فأتوني برأسه . فکبسنا الدار كما أمرنا ، فوجدنا داراً سريّة (5) كأن الأيدي رفعت عنها في ذلكالوقت ، فرفعنا الستر وإذا سرداب في الدار الاخرى ، فدخلناه و كأن فيه بحراً وفي أقصاه حصير - قد علمنا أنّه على الماء - وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي فلم يلتفت إلينا ولاإلى شيء من أسبابنا.

فسبق أحمد بن عبدالله ليتخطّي فغرق في الماء ، ومازال يضطرب حتّی مددت يدي إليه فخلّصته(6) وأخرجته، فغشي عليه وبقي ساعة .

وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك، فناله مثل ذلك، فبقيت مبهوتاً .

فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك، فوالله ماعلمت كيف الخبر، وإلى من نجيء(7) وأنا تائب إلى الله .

فما التفت إلي بشيء ممّا قلت ، فانصرفنا إلى المعتضد .

ص: 458


1- «المادرای، المروائی» ط. والظاهر أن المادرانی هو أحمد بن الحسن المادرانی .ذكره القمي في الكنى و الالقاب : 107/ 3 و له بيان فراجع
2- هكذا في النسخ و المصادر . و الظاهر أنه تصحيف المعتمد. حيث بويع أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد بالله في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله عمه وهو يوم الثلاثاء لاثنتی عشر ليلة بقيت من رجب سنة سبع وسبعين ومائتين. بينما قبض الامام الحسن العسکری عليه السلام في سنة ستين ومائتين (راجع مروج الذهب: 111/4و143)
3- «مختفين» ط. «مخفین» کشف الغمة
4- «في الدار، ط، کشف الغمة
5- «دار شبيه الجنة» ط
6- «فجذبته» ط،ه
7- «نحن» ط

فقال: اكتموه، وإلا أضرب(1) رقابكم .(2).

6- ومنها : ماروي عن يعقوب بن يوسف الضرّاب الغسّاني في منصرفه من إصفهان قال: حججت في سنة إحدى وثمانين و مائتين وكنت مع قوم مخالفين من أهل بلدنا فلمّا قدمنا مكّة نزلنا(3) داراً في سوق الليل تسمّی دار الرضا علیه السلام و فيها عجوز سمراء ، فسألتها: ماتكونين من أصحاب هذه الدار ؟ قالت: أنا من مواليهم [وعبيدهم ] أسكننيها الحسن بن عليّ علیهما السلام فكنّا إذا انصرفنا من الطواف تغلق الباب .

فرأيت غير ليلة ضوء السراج، ورأيت الباب قد انفتح ولا أری أحداً فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلا ربعة(4) أسمر [يميل] إلى الصفرة، ما هو قليل اللحم، يصعد إلى غرفة في الدار حيث تكون(5) العجوز تسكن، و كانت تقول لنا : إن لي في الغرفة ابنة لاتدعو أحداً يصعد إليها، فأحببت أن أقف على خبر الرجل .

فقلت للعجوز : إنّي أحبّ أن أسألك .

قالت : وأنا أريد(6) أن أسرّ إليك فلم يتهيّأ، من أجل أصحابك .

فقلت : ما أردت أن تقولي ؟ فقالت : يقول لك - يعني صاحب الدار - ولم تذكر

ص: 459


1- «اكتموا هذا الحال ، والاضربت» ط، ه
2- عنه کشف الغمة : 2/ 499، واثبات الهداة : 324/7 ح 92.وعن غيبة الطوسی: 149، قال: وحدث عن رشیق صاحب المادرانی مثله، عنه البحار: 51/52ح 36 ، ومدينة المعاجز :597 ح18.و أورده في كشف الأستار : 55 مرسلا ، وأخرجه القندوزي في ينابيع المودة : 458عن كتاب الغيبة عن شقيق الارزانی
3- «دخلنا» ط، ھ
4- قال ابن الأثير في النهاية: 2/ 190: وفي صفته عليه الصلاة والسلام «أطول من المربوع» هو بين الطويل والقصير . بقال: رجل ربعة ومر بوع
5- «كانت» م
6- «احب: ط،ه

أحداً [باسمه] لا تخاشننّ(1) أصحابك و شر کاءك ، و لاتلاحّهم(2) فانّهم أعداؤك

و دارهم . فلم أجسر أن أراجعها ، فقلت : أيّ أصحابي ؟ قالت : شر کاؤك الّذين في بلدك وفي الدار معك. وقد كان جري بيني وبين من [معي] في الدار عنت(3) في الدين فسعوا بي حتّی هربت و استرت بذلك السبب، فوقفت(4) على أنّها عنت أولئك. و كنت نذرت أن القي في مقام إبراهيم عشرة دراهم ليأخذها من أراد الله ، فأخذت عشرة دراهم فيها ستة رضويّة وقلت لها: ادفعي هذه إلى الرجل. فأخذت [ الدراهم ] وصعدت و بقيت ساعة ثم نزلت ، فقالت : يقول لك : ليس لنا فيها حق، اجعلها في الموضع الّذي نذرت و نویت، ولكن هذه الرضويّة خذمنّابدلها و ألقها في الموضع الّذي نويت . ففعلت .(5)

7- ومنها : ماروي عن محمّد بن إبراهيم بن مهزیار(6) قال: شككت عند مضي(7) أبي محمد علیه السلام و كان اجتمع عند أبي مال جليل فحمله وركب السفينة ، و خرجت معه مشيّعا له فوعك(8) .

ص: 460


1- خاشنه : حار شه خلاف لابنه . خشن عليه في القول أو العمل
2- لاحاه ملاحاة: نازعه و خاصمه
3- أعنته و تعنته تعنتاً: سأله عن شيء أراد به اللبس عليه والمشقة. لسان العرب: 61/2 (عنت)
4- «فعرفت» ط، ھ أورده في دلائل الامامة : 300 قال: نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبی عبدالله الحسين الغضائری ، عن أبي الحسن علی بن عبدالله القاشاني ، عن الحسين بن محمد مثله ، عنه البحار : 52/ 17- 22ح 15، وعن غيبة الطوسی : 165 باسناده عن أبي الحسين محمد جعفر الاسدی ، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري القمي ، عن يعقوب بن يوسف الضراب مثله .عنه اثبات الهداة : 22/7 ح 326، ومدينة المعاجز : 608ح 69، و تبصرة الولی: 782 ورواه في جمال الأسبوع: 494 باسناده الى يعقوب بن يوسف الضراب
5- «مهران» ط،م،ه . والصحيح محمد بن ابراهيم بن مهزیار، عده الشيخ في رجاله : 436 من أصحاب العسكري عليه السلام ، و ذكره السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 14/ 222، وذكر الرواية
6- «مهران» ط،م،ه . والصحيح محمد بن ابراهيم بن مهزیار، عده الشيخ في رجاله : 436 من أصحاب العسكري عليه السلام ، و ذكره السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 14/ 222، وذكر الرواية
7- «وفاة» البحار
8- وعك الرجل : أصابه ألم من شدة التعب أو المرض

فقال: ردّني فهو الموت، واتّق اللّه في هذا المال. وأوصى إليّ، ومات .

وقلت : لايوصي أبي بشيء غير صحيح، أحمل هذا المال إلى العراق ولا أخبر أحداً ، فان وضح لي شيء أنفذته وإلاّ أنفقته، فاكتریت دارا على الشطّ وبقيت أيّاماً فاذا أنا بر سول معه رقعة فيها :يامحمّد معك كذا و كذا، حتّی قصّ عليّ جميع مامعي، وما لم أحط به علماً ممّا كان معي، فسلّمت المال إلى الرسول ، و بقيت أيّاماً لايرفع لي(1) رأس فاغتممت فخرج إليّ : [قد] أقمناك مقام أبيك، فاحمد الله [تعالی].(2).

8- ومنها :ما قال أبو عقیل عیسی بن نصر: إنّ عليّ بن زياد الصيمري(3) كتب

ص: 461


1- «بی»م ، البحار. قوله «لايرفع لى رأس» كناية عن عدم التوجه والاستخبار فان من يتوجه الى أحد يرفع اليه رأسه (قاله المجلسی)
2- عنه البحار : 364/51 ح 12 ورواه في الهداية الكبرى : 367 عن محمد بن جمهور ، عن محمد بن ابراهيم ورواه في الكافي : 518/ 1 ح5، عن علي بن محمد، عن محمد بن حمويه ، عن محمد بن ابراهيم عنه اثبات الهداة : 273/ 7 ح 4، ومدينة المعاجز : 600ح 25 و رواه المفيد في الارشاد: 396 عن ابن قولويه عن الكليني، عن علي بن محمد، عنه کشف الغمة : 2/ 450 ، والبحار : 311/5132 ورواه الطوسي في الغيبة : 170 عنه جماعة ، عن ابن قولویه ، عنه البحار : 310/ 51 ح 31، وأخرجه في اثبات الهداة : 360/ 7 ح 142 عن صاحب کتاب مناقب فاطمة وولدهاعليهم السلام
3- هو على بن محمد بن زياد الصيمري ، صاحب كتاب الأوصياء ، وصهر الوزير جعفر بن محمود ، قال عنه ابن طاووس : «كان رضي الله عنه قد لحق مولانا علی بن محمد الهادی و مولانا الحسن بن على العسكري عليهما السلام ، وخدمهما، و کا تباه، ودفعا اليه توقيعات كثيرة» وقال المسعودي في اثبات الوصية : «كان رجلا من وجوه الشيعة و ثقا تهم ، ومقدماً في الكتابة والعلم والأدب». راجع الذريعة : 2/ 478، معجم رجال الحديث : 154/12بهجة الامال : 516 / 5 ، قاموس الرجال: 49/ 7 ، وغيرها

يلتمس كفناً ، فكتب : إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانین .

فمات في سنة ثمانین ، و بعث إليه بالكفن قبل موته .(1).

9- ومنها : ماروي عن بدر غلام أحمد بن الحسن [عنه](2): وردت الجبل وأنا لا أقول بالامامة إلى أن مات یزید بن عبدالملك (3) فأوصى في علّته أن يدفع الشهري السمند(4) و سيفه و منطقته إلى مولاه علیه السلام، فخفت إن لم أدفع الشهري إلى إذکوتكين(5) نالني منه استخفاف ، فقومتها كلّها بسبعمائة دينار، في نفسي ، و لم اطلع عليه أحداً فاذا الكتاب قد ورد علي من العراق أن وجّه سبعمائة الدينار التي لنا قبلك من ثمن

ص: 462


1- عنه اثبات الهداة : 344/ 7 ح 116.ورواه في الكافي: 524/ 1 ح27 باسناده عن علي بن محمد، عن أبی عقیل عیسی بن نصر وفيه: قبل موته بثلاثة أيام، عنه غيبة الطوسی : 172 ، واعلام الوری : 449 ، واثبات الهداة : 285 / 7 ح 26، ومدينة المعاجز : 602ح 47. وفی ارشاد المفيد: 402 باسناده عن ابن قولویه ؛ عن الكليني ، عنه کشف الغمة: 456 /2 والصراط المستقيم : 247/2 ح 12. وفي دلائل الامامة : 285 باسناده عن الكليني . وفي عيون المعجزات : 146 مرسلا، عنه مدينة المعاجز : 611 ح 81 وأورده في ثاقب المناقب : 513 عن أبی عقیل عیسی بن نصر وأخرجه في كتاب النجوم : 247 عن دلائل الحميري ، عنه البحار: 306/51 ح20.وفي البحار : 312/51 ح 35 عن غيبة الطوسی
2- من باقي المصادر
3- أضاف في الهداية: و كان من موالی أبی محمد عليه السلام
4- في لسان العرب : 4 / 433 : الشهرية : ضرب من البراذين ، وهو بين البرذون والمقرف من الخيل . انتهى ، والبرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال .والسمند : الفرس . القاموس المحيط : 303/1 ، ومجمع البحرين : 70 /3 .والشهري السمند : اسم فرس . مجمع البحرين : 357 / 3
5- الظاهر أنه اذکو تكين بن أساتكين، من أكابر قواد الترك في زمن المعتمد العباسي.راجع الكامل في التاريخ : 269/7

الشهريّ السمند والسيف والمنطقة.(1).

10- ومنها : ماروي عن محمّد بن یعقوب عن علي بن محمّد قال : خرج نهي عن زيارة مقابر قریش وقبر الحسين علیه السلام فلمّا كان بعد أشهر [زارها رجلان من الشيعة فدعاهما] الوزير الباقطاني وزجرهما، فقال [لخادمه:] الق بني الفرات و البرسيّین(2)

وقل لهم : لاتزوروا مقابر قريش، فقد أمر الخليفة أنيقبض على كلّ من زار .(3).

11- و منها : ماروي عن نسیم خادم أبي محمّد علیه السلام: دخلت على صاحب الزمان علیه السلام بعد مولده بعشر ليال ، فعطست عنده فقال لي : يرحمك الله . قال : ففرحت بذلك

ص: 463


1- رواه في الكافي : 1/ 522 ح16 باسناده عن علي ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن الحسن و العلاء بن رزق الله، عن بدر غلام أحمد بن الحسن ، عنه اعلام الوری : 448 ، واثبات الهداة : 280/7 ح15 ، ومدينة المعاجز : 602ح36. وفی ارشاد المفيد :400، وغيبة الطوسی : 171 باسنادهما عن ابن قولويه ، عن الكلینی.وفي الهداية الكبرى : 369 باسناده عن بدر غلام أحمد بن الحسن وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 454 عن الارشاد، وفي البحار : 311/51 ح34 عنغيبة الطوسی
2- «بنو الفرات رهط الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن فرات، كان من وزراء بني العباس وهو الذي صحح طريق الخطبة الشقشقية ، ويحتمل أن يكون المراد النازلين بشط الفرات و برس قرية بين الحلة والكوفة ، والمراد بزيارة مقابر قریش زيارة الكاظمين عليهما السلام» قاله المجلسی
3- عنه اثبات الهداة :287/7 ح30 وعن الكافی 525/ 1 ح 31 باسناده عن علي بن محمد ورواه في ارشاد المفيد : 402 ، وغيبة الطوسی : 172 باسنادهما عن الكليني . وأخرجه في اعلام الوری : 449، و مدينة المعاجز : 603 ح 51 عن الكافي .وأخرجه في كشف الغمة : 456/ 2 عن الارشاد ، وفي البحار : 312/51 ح 36 عنغيبة الطوسی

فقال: ألا أبشّرك في العطاس. قلت: بلى يا سيّدي، قال:هو أمان من الموت ثلاثة أيام.(1).

12- و منها : ماروي عن حكيمة قالت : دخلت على أبي محمّد علیه السلام بعد أربعين يوماً من ولادة نرجس، فاذا مولانا صاحب الزمان علیه السلام يمشي في الدار فلم أرلغة أفصح من لغته فتبسّم أبو محمّد علیه السلام فقال: إنّا معاشر الأئمة ننشأ في يوم كما ينشأغيرنا في السنة قالت: ثم كنت بعدذلك أسأل أبا محمّد علیه السلام عنه.

فقال : استودعناه الذي استودعت أم موسى ولدها.(2).

13 - ومنها : ما روي عن يوسف بن أحمد الجعفري : حججت سنة ستّ وثلاثمائة ثمّ حاورت بمكّة ثلاث سنين ، ثمّ خرجت عنها منصرفاً إلى الشام ، فبينا [ أنا ] في بعض الطريق ، وقد فاتتني صلاة الفجر ، فنزلت من المحمل و تهيّأت للصلاة فرأيت أربعة نفر في محمل ، فوقفت أعجب منهم ، فقال لي أحدهم : ممّ تعجب ؟ تركت صلاتك. فقلت : وما علمك بذلك منّي؟

فقال : تحبّ أن ترى صاحب زمانك ؟

ص: 464


1- عنه کشف الغمة : 2/ 500 ، ومنتخب الانوار المضيئة : 160. ورواه الصدوق في كمال الدين : 430/2 ح 5 و ص 441 ح 11 باسناده من طريقين الى نسیم ، عنه الصراط المستقيم : 235/ 2 ، والبحار : 30/ 52 ح 24 ، و الوسائل461/ 8 ح1 ، وحلية الابرار : 544/2 .وفي الهداية الكبرى : 358 باسناده عن نسیم .وفي غيبة الطوسی : 139 باسناده عن الكليني ، عنه اعلام الوری : 420. وأورده في اثبات الوصية : 252، ومكارم الأخلاق : 380 عن نسیم . وأخرجه في البحار : 5/ 51 ح 7و 8 عن الكمال والغيبة ، وفي اثبات الهداة : 293/7 ح25 عن الكمال والخرائج والغيبة ، وفي مستدرك الوسائل : 383/8 ب49ح1 عنالهداية واثبات الوصية
2- عنه کشف الغمة : 2/ 500، والبحار : 293/ 51 ح3 ، واثبات الهداة : 344/ 7 ح 117 ،و حلية الأبرار : 536/2

قلت : نعم ، فأومأ إليّ أحد الأربعة ، فقلت: إنّ له دلائل وعلامات ؟ فقال : أيّما أحبّ إليك : أن ترى الجمل صاعداً إلى السماء ، أو ترى المحمل صاعداً ؟

فقلت : أيّهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء، و كان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة ، و كان لونه الذهب ، بين عينيه سجّادة .(1).

14- و منها : ماروى الشيخ المفيد، عن أبي عبدالله الصفراني قال : رأيت القاسم ابن العلاء و قد عمّر مائة سنة ، و سبعة عشر سنة ، منها ثمانون سنة صحيح العينين لقي العسكريّين علیه السلام و حجب بعد الثمانين ، وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام وذلك أنّي كنت بمدينة «أران»(2) من أرض آذربيجان ، و كان لاتنقطع توقيعات صاحب الأمر علیه السلام عنه على يد أبي جعفر العمري ، وبعده على يد أبي القاسم بن روح فانقطعت عنه المكاتبة نحواً من شهرين ، وقلق لذلك .

فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البواب مستبشراً ، فقال له : فيج(3) العراق ورد - ولايسمّی بغيره -. فسجد القاسم ، ثم دخل کھل قصير يرى أثر الفيوج عليه ، وعليه

جبّة مضربة(4) و في رجله نعل محاملي(5) ، و على كتفه مخلاة(6) فقام إليه القاسم

ص: 465


1- عنه مدينة المعاجز : 611ح83. و رواه الطوسي في الغيبة: 155 باسناده عن يوسف بن أحمد الجعفري ، عنه البحار :5/ 52 ح3 واثبات الهداة : 326/ 7 ح93 ، وغاية المرام : 780 ح 49. وأورده في ثاقب المناقب : 540 (مخطوط) عن يوسف بن أحمد الجعفری
2- أران - بتشديد الرام : اسم أعجمی لولاية واسعة و بلاد كثيرة ، بينها و بين آذربیجان نهر يقال له الرس . معجم البلدن : 1/ 136
3- الفيج : هو المسرع في مشيه ، الذي يحمل الاخبار من بلد إلى بلد. وقيل : هو الذي يسعى با اكتب . فارسی معرب . لسان العرب: 2/ 350
4- الضريبة : الصوف أو الشعر بنفش ثم يدرج و يشد بخيط ليغزل، فهي ضرائب، و قيل : الضريبة الصوف بضرب بالمطرق : لسان العرب : 548/ 1
5- أي ذو سيور كسيورعلاقة السيف . راجع لسان العرب : 178 / 11
6- المخلاة : كيس يوضع فيه علف الدابة - أو غيره - و يعلق في عنقها وفي م «عنقه» بدل «كتفه»

فعانقه ، ووضع المخلاة، ودعا بطشت وماء ، وغسل يده ، وأجلسه إلى جانبه ، فأكلنا وغسلنا أيدينا ، فقام الرجل وأخرج كتاباً أفضل من نصف الدرج(1) فناوله القاسم فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له « أبو عبد اللّه بن أبي سلمة » ففضّه و قرأه [وبکی](2) حتى أحس القاسم ببكائه(3) فقال : يا أبا عبد الله خير خرج في شيء ممّا يكره ؟

قال: لا . قال: فما هو؟ قال : ينعى الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوماً ، وأنّه يمرض اليوم السابع بعد وصول الكتاب ، وأنّ اللّه يردّ عليه عينيه بعد ذلك ، وقد حمل إليه سبعة أثواب .

فقال القاسم : على سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك.

فضحك، وقال : ما اؤمّل بعد هذا العمر ؟! فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة ازر ، وحبرة يمانيّة حمراء ، وعمامة ، وثو بين ومنديلا، فأخذه القاسم، و [کان] عنده قميص خلعه عليه عليّ النقي علیه السلام(4).

وكان للقاسم صديق في أمور الدنيا ، شديد النصب يقال له « عبدالرحمان بن محمّد الشيزي(5)» وافي إلى الدار ، فقال القاسم : إقرؤا الكتاب عليه ، فانّي أحب هدایته قالوا: هذا لا يحتمله خلق من الشيعة ، فكيف عبدالرحمن؟! فأخرج إليه القاسم

ص: 466


1- الدرج : ما يكتب فيه . و سفیط صغير تدخر فيه المرأة طيبها وأدواتها . فالظاهر أن مراده وصف ذلك الكتاب بأنه أكبر من السفيط
2- من فرج المهموم
3- «بنكاية» م، وغيبة الطوسي
4- «مولانا الرضا أبو الحسن» غيبة الطوسی وخرج المهموم
5- «البدري» غيبة الطوسی. «السري» فرج المهموم. وما في المتن من النسخ و تاریخ بغداد: 320/ 12 حيث ذكره في ترجمة القاضی عتبة قائلا : و كان صديقه

الكتاب وقال : إقرأه. فقر أو عبدالرحمان إلى موضع النعي ، فقال للقاسم : يا أبا عبد اللّه(1) اتّق اللّه ، فانّك رجل فاضل في دينك ، واللّه يقول:

«وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت»(2)وقال: «عالم الغيب فلايظهر على غيبه أحداً»(3) قال القاسم: فأتمّ الآية «إلا من ارتضی من رسول»(4) مولاي هو المرضيّ من الرسول ثمّ قال : أعلم أنّك تقول هذا ، ولكن أرّخ اليوم فان أنا متّ بعد هذا اليوم ، أومتّ قبله ، فاعلم أنّي لست على شيء ، وإن أنا متّ في ذلك اليوم فانظر لنفسك .

فورّخ عبدالرحمن اليوم وافترقوا ، وحمّ القاسم يوم السابع ، واشتدّت العلّة به إلى مدة، ونحن مجتمعون يوماً عنده ، إذ مسح بكمّه عينه ، و خرج من عينه شبه ماء اللحم ، ثمّ مدّ بطرفه إلى ابنه ، فقال :یا حسن إليّ ، ويا فلان إليّ . فنظرنا إلى الحدقتين صحيحتين .

وشاع الخبر في النّاس فانتابه(5) الناس، من العامّة ينظرون إليه وركب القاضي إليه - وهو: أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي(6) وهو قاضي

ص: 467


1- كذا في م، وفي سائر النسخ والمصادر «أبا محمد» فلعله كان يكنى بهما ، وان لم يصرح بكنيته في كتب الرجال، ولكن في المورد الاتي «أبا محمد» با تفاق النسخ والمصادر .راجع معجم رجال الحدیث : 35 /14
2- سورة لقمان : 34
3- سورة الجن :26
4- سورة الجن : 27
5- انتا به الناس : قصدوه
6- هو قاضي القضاة أبو السائب عتبة بن عبيد الله بن موسی بن عبيد الله الهمداني الشافعی ، تولى مهام القضاء في مراغة ، ثم في ممالك آذر بیجان ، ثم ولي قضاء همدان ، ثم بغداد توفي سنة احدى وخمسين وثلاثمائة تجد ترجمته في تاريخ بغداد : 320 / 12 ، سير أعلام النبلاء : 47/ 16 ، والعبر : 2/ 53وص 85 و تقدم: في أول الرواية أن أحداثها جرت في مدينة أران، و ذكرنا أنها من توابع آذربیجان

القضاة ببغداد - فدخل عليه وقال له : يا أبا محمّد ما هذا الّذي بيدي ؟ و أراه خاتماً فصّه فيروزج فقرّ به منه ، فقال : عليه ثلاثة أسطر لا يمكنني قراءتها وقد قال لمّا رأى ابنه الحسن في وسط الدار قاعداً : «اللّهم ألهم الحسن طاعتك ، وجنّبه معصيتك» قاله ثلاثاً ، ثمّ كتب وصيّته بيده .

و كانت الضياع التي بيده لصاحب الامرعلیه السلام كان أبوه وقفها عليه .

وكان فيما أوصى ابنه : « إن أهّلت إلى الوكالة فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة ب « فرجيده»(1) وسائرها ملك لمولانا علیه السلام.

فلمّا كان يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم ، فوافاه عبد الرحمان يعدو في الأسواق حافياً حاسراً ، وهو يصيح: « يا سيّداه » فاستعظم الناس ذلك منه فقال لهم : اسكتوا ، فقد رأيت مالم تروا . وتشيّع ، ورجع عمّا كان [عليه] .

فلمّا كان بعده مدّة يسيرة ورد کتاب على الحسن ابنه من صاحب الزمان [يقول فيه:] « ألهمك اللّه طاعته، وجنّبك معصيته» وهو الدعاء الذي دعا لك به أبوك(2) .(3).

15- ومنها : ماروي عن ابن أبي سورة، عن أبيه - و كان أبوه من مشايخ الزيدية بالكوفة - قال : كنت خرجت إلى قبر الحسين علیه السلام أعرّف عنده ، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة صلّيت ، وقمت فابتدأت أقرأ الحمد ، وإذا شابّ حسن الوجه عليه

ص: 468


1- هكذا في غط ، البحار ، فرجیده : م، ه، فرجند: فرج المهموم
2- «دعا به أبوه» ه ، طوالمصادر
3- عنه کتاب فرج المهموم: 249، وفي أوله «ما رويناه عن الشيخ المفيد و نقلناه عن نسخة عتيقة جداً من اصول أصحابنا قد كتبت في زمان الوكلاء ، فقال فيها ما هذا لفظه» و منتخب الأنوار المضيئة : 130. و رواه الطوسي في الغيبة : 188 باسناده عن المفيد والغضائری ، عن محمد بن أحمد الصفوانی ، عنه البحار : 313/51 ح37 ، واثبات الهداة : 337/7 ح 106. وأورده في ثاقب المناقب : 513 (مخطوط) عن أبي عبدالله الصفوانی . وأخرجه في مدينة المعاجز : 612 ح 89عن المفيد

جبّة سيفيّة(1) فابتدأ أيضاً قبلي ، و ختم قبلي .

فلمّا كان الغداة خرجنا جميعاً من باب الحائر ، فلمّا صرنا إلى شاطىء الفرات قال لي الشاب : أنت تريد الكوفة، فامض .

فمضيت في طريق الفرات ، وأخذ الشابّ طريق البرّ .

قال أبو سورة : ثمّ أسفت على فراقه ، فاتّبعته، فقال لي : تعال . فجئنا جميعاً إلى أصل حصن المسناة ، فنمنا جميعاً ، وانتبهنا ، وإذا نحن على الغري على جبل الخندق فقال لي: أنت مضيق، ولك(2) عيال، فامض إلى أبي طاهر الزراري، فسيخرج إليك من داره ، و في يده الدم من الأضحية ، فقل له : شابّ من صفته كذا و كذا يقول لك : أعط هذا الرجل صرّة الدنانير الّتي عند رجل السرير مدفونة .

قال : فلمّا دخلت الكوفة مضيت إليه ، وقلت ما ذكر لي الشابّ.

فقال : سمعاً وطاعة. وعلى يده دم الأضحية .

وعن جماعة، عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة ، وهو محمّد بن الحسن بن عبيد اللّه التميمي ( نحو ذلك ) وزادوا : قال: ومشينا ليلتنا فاذا نحن على مقابر مسجد السهلة فقال : هو ذا منزلي .

ثمّ قال لي : تمرّ أنت إلى ابن الزراري عليّ بن يحيى فتقول له يعطيك المال بعلامة أنّه كذا وكذا، وفي موضع كذا ومغطّي بكذا.

فقلت: من أنت؟ قال: أنا محمّد بن الحسن .

ثمّ مشينا حتى انتهينا إلى النواويس في السحر ، فجلس وحفر بيده ، فاذا الماء قد خرج، وتوضّأ ثم صلّی ثلاث عشرة ركعة، فمضيت(3) إلى الزراري، فدققت الباب.

فقال : من أنت ؟ فقلت : أبو سورة . فسمعته يقول: مالي ولأبي سورة ؟!

ص: 469


1- لعلها المصنوعة من الثياب المسيفة ، وهي التي نقش عليها صور كهيئة السيوف ، أو نسبة الى بعض القبائل والبلدان کا لحله السيفية
2- «و عليك» م
3- «خرجت»م

فلمّا خرج وقصصت عليه [ القصّة ] صافحني وقبّل وجهي ، ووضع [ یده ] بيدي ، ومسح بها وجهه ، ثمّ أدخلني الدار و أخرج الصرّة من عند رجل السرير فدفعها إليّ ، فاستبصر أبو سورة و بريء من الزيديّة.(1).

16 - ومنها : ما روي عن محمّد بن هارون الهمداني قال : كان للناحية عليّ خمسمائة دينار، فضقت بها ذرعاً ، ثم قلت في نفسي : لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دینار وثلاثين ديناراً قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار ، ولا والله ما نطقت بذلك .

فكتب علیه السلام إلى محمّد بن جعفر : « اقبض الحوانيت من محمّد بن هارون بخمسمائة دينار الّتي لنا عليه » .(2).

17- ومنها : ما روي عن أبي الحسن المسترقّ الضرير : كنت يوماً في مجلس

ص: 470


1- عنه مدينة المعاجز : 613 ذح 90 و91.وفي البحار : 14/ 52 ح 12، و اثبات الهداة : 327 / 7 ح 94 و 95 عنه و عن غيبة الطوسی: 163 باسناده عن أحمد بن على الرازي ، عن أبي ذر بن أبی سورة، باختلاف. وأخرجه في تبصرة الولی : 781 ح 52 عن الغيبة
2- عنه البحار : 294/51 ح 4.ورواه في الکافی : 524/ 1 ح28 باسناده عن علي بن محمد ، عن محمد بن هارون بن عمران الهمداني ، عنه اعلام الوری : 449 ، ومدينة المعاجز : 602ح48. وفي ارشاد المفيد : 402 باسناده عن علي بن محمد ، عنه کشف الغمة : 456/ 2 ، والصراط المستقیم : 248/2 ح13 .وروی نحوه الصدوق في كمال الدين : 492/2 ح17 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن هارون ، عنه منتخب الانوار المضيئة : 126، والبحار :331/ 51 ح 55 . و أورد نحوه في ثاقب المناقب : 521 (مخطوط) عن محمد بن هارون .وأخرجه في اثبات الهداة : 285/7ح27 عن الكافي و كمال الدين

الحسن بن عبداللّه(1) بن حمدان ، ناصر الدولة ، فتذاكرنا أمر الناحية ، قال : كنت ازري(2) عليها ، إلى أن حضرت مجلس عمّي الحسين(3) يوماً ، فأخذت أتكلّم

في ذلك. فقال: يا بنيّ قد كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان(4) ، و كان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها ، فسلّم إليّ جيش وخرجت نحوها .

فلمّا بلغت إلى ناحية طزر(5) خرجت إلى الصيد ففاتني طريدة، فاتّبعتها، وأوغلت

ص: 471


1- «الحسن بن محمد بن عبدالله» ه.وهو الحسن بن أبي الهيجاء عبدالله بن حمدان التغلبي العدوى الحمداني الملقب بناصر الدولة ، كان في خدمة الشيخ الاجل محمد بن محمد بن النعمان المفيد يستفيد اصول الدين وفروعه و یزید فی اعزاز الشيخ و اکرامه، توفي سنة 358 ودفن بتل تو به شرقي الموصل تجد ترجمته في أعيان الشيعة: 5/ 136، سير أعلام النبلاء: 186/16 ، وفیات الاعیان:114/2 و غيرها
2- أي أعيب
3- هو الحسين بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي عم سيف الدولة و ناصر الدولة ، كان أميراً شجاعاً مهيباً فارساً فاتكاً وكان خلفاء بني العباس يعدونه لكل مهم ، ولاه المقتدر الحرب بقم و کاشان في سنة ست و تسعين ومائتين ، ثم أنه ذبح صبر آفی حبس المقتدر أمره في سنة ست وثلاثمائة . تجد ترجمته وشرح أحواله في أعيان الشيعة : 491/5 ، والعبر: 431/1 و ص 435 وص444 وص451
4- السلطان هناهو المقتدر العباسي حيث هو الذي ولاه حرب أهل قم و کاشان . راجع التعاينة السابقة
5- كذا في م. قال الحموي في معجم البلدان : 4/ 34 : طزر : مدينة في مرج القلعة بينها و بین سابلة خراسان مرحلة . وهي في صحراء واسعة و قال في ج 101/5 : مرج القلعة : بينه و بين حلوان منزل ، و هو من حلوان الى جهة همذان وفي ه و البحار:طرز: - بالزای المعجمة في آخرها - قال الفيروزآبادي في القاموس : 2/ 180 : طرز: الموضع الذي تنسب فيه الثياب الجيدة ، ومحلة بمرو، و باصفهان و بلد قرب اسبيجاب ولكن الحموی ضبطها في معجم البلدان : 27/4 طراز واختلف في موقع اسبيجاب أين هي، حيت ذكر الحموي أنها من ثغور الترك. ولم يحدد موقعها الجغرافي ، وقال ابن خلكان في وفیات الاعیان : 308/4 : هي مدينة من أقصى بلاد الشرق، وأظنها من اقليم الصين أو قريبة منه

في أثرها ، حتّى بلغت إلى نهر ، فسرت فيه ، وكلّما أسير يتّسع النهر ، فبينما أنا كذلك إذ طلع عليّ فارس تحته شهباء ، وهو متهمّم بعمامة خز خضراء ، لا أرى منه إلاّ عينيه ، وفي رجليه خفّان أحمران ، فقال لي : يا حسين . فلا هو أمّرني ولا

کنّاني، فقلت : ماذا تريد ؟ قال : لم تزري على الناحية ؟ ولم تمنع أصحابي خمس مالك ؟ و كنت الرّجل الوقور الّذي لا يخاف شيئاً فأرعدت [ منه ] و تهیّبته ، وقلت له : أفعل يا سيّدي ما تأمر به .

فقال : إذا مضيت إلى الموضع الّذي أنت متوجّه إليه ، فدخلته عفواً و کسبت ماكسبته ، تحمل خمسه إلى مستحقّه . فقلت : السمع والطاعة .

فقال: إمض راشداً ، ولوی عنان دابّته وانصرف فلم أدر أيّ طريق سلك، وطلبته يميناً وشمالا فخفي عليّ أمره، و ازددت رعباً وانكفأت(1) راجعاً إلى عسكري و تناسيت الحديث .

فلمّا بلغت قم وعندي أنّي أريد محاربة القوم، خرج إليّ أهلها و قالوا :كنّا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا فأمّا إذا(2) وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك ادخل البلدة فد بّرها كما ترى .

فأقمت فيهاز ماناً ، و كسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدّر، ثمّ وشي القوّاد بيّ

ص: 472


1- «انكففت» البحار . وكلاهما بمعنی انصرف ، ورجع
2- «لخلافم، فأما وقد»م

إلى السلطان ، و حسدت على طول مقامي ، و كثرة ما اكتسبت ، فعزلت ورجعت إلى بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلّمت عليه، وأتيت(1) إلى منزلي ، و جاني فيمن جاءني محمّد بن عثمان العمري(2) فتخطّى الناس حتّى اتّكأ على تكاني، فاغتظت من ذلك ، ولم يزل قاعداً مايبرح ، والناس داخلون وخارجون ، و أنا أزداد غيظاً .

فلمّا تصرّم(3) [الناس، وخلا] المجلس ، دنا إليّ وقال: بيني وبينك سرّ فاسمعه فقلت : قل . فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا .

فذكرت الحديث و ارتعت(4) من ذلك ، وقلت : السمع والطاعة. فقمت فأخذت بيده، ففتحت الخزائن ، فلم يزل يخمسّها ، إلى أن خمسّ شيئاً كنت قد أنسيته ممّا كنت قد جمعته ، وانصرف ، ولم أشكّ بعد ذلك ، و تحقّقت الأمر .

فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد اللّه زال ما كان اعترضني من شكّ .(5).

18- ومنها: ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّدبن قولویه(6) قال: لمّا وصلت

ص: 473


1- «واقبلت»م بدل «علیه و اتیت»
2- وهو رضوان الله عليه كان وكيلا الامام صاحب الزمان في زمن الغيبة الصغرى ، وله منزلة جليلة عند الطائفته
3- أي ذهب
4- أي فزعت
5- عنه کشف الغمة : 2/ 500 ، ومنتخب الانوار المضيئة :161 ، والبحار : 56/52 ح 40، والوسائل : 377/7 ح8، و اثبات الهداة : 345/7 ح 118، ومدينة المعاجز :613 ح92
6- هو الشيخ المنفق على جلالته و وثاقته ، كان من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه ، و كل ما يوصف به الناس من جميل و ثقة وفقه فهو فوقه. ذكر الشيخ الطوسي ، و ابن داود ، و آغا بزرك الطهرانی ، وابن حجر العسقلاني بأنه توفي في سنة 368. وأرخها العلامة الحلى بأنها في سنة : 369، و بمراجعة التعليقات الاتية يتبين أنها الاصح . تجد ترجمته في رجال النجاشی: 123، رجال الشيخ الطوسی: 458، الفهرست : 42 ، أمل الأمل : 55/2 ، ریاض العلماء : 112/1 ، روضات الجنات : 2/ 171،رجال ابن داود : 65 ، طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع : 76، أعيان الشيعة : 4 154 ، لسان المیزان : 125/1 ، وغيرها

بغداد في سنة تسع(1) وثلاثين [وثلاثمائة] للحجّ ، وهي السنة الّتي ردّ القرامطة(2) فيها الحجر إلى مكانه من البيت، كان أكبر همّي الظفر بمن بنصب الحجر ، لأنه يمضي في أثاء الكتب قصّة أخذه و أنّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان ، كما في زمان الحجّاج وضعه زین العابدین علیه السلام في مكانه فاستقرّ فاعتلت علّة صعبة خفت منها على نفسي ، ولم يتهيّألي ما قصدت له ، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة ، أسأل فيها عن مدّة عمري، وهل تكون المنيّة(3) في هذه العلّة ؟ أم لا ؟ وقلت : همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه ، وأخذ جوابه ، و إنّما أندبك لهذا .

ص: 474


1- في سائر النسخ والبحار : «سبع» ولكن اتفقت كتب التاريخ أن القرامطة ردوا الحجر الاسود في سنة تسع وثلاثين ، بعد أن اغتصبوه في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، و كان مكثه عندهم اثنتين وعشرين سنة راجع الكامل لابن الأثير ، 486/8 ، النجوم الزاهرة : 301/3 ، العبر : 56/2 ،البداية والنهاية : 223/11 ، وغيرها .ونشأ هذا التصحيف لتقارب کلمتی «سبع» و «تسع» في الرسم
2- القرامطة : هم فرقة من الشيعة الاسماعيلية المباركية ، و قالوا بأن الامام بعد جعفر الصادق عليه السلام هو محمد بن اسماعیل بن جعفر وهو الامام القائم المهدي، وهو رسول وهو حي لم يمت وأنه في بلاد الروم و أنه من اولي العزم أنشأوا دولتهم في البحرين ثم توسعوا غرباً حتى وصلوا بلاد الشام سنة 288. راجع معجم الفرق الاسلامية : 192
3- «المينة» م. «الموتة» ه، والبحار

قال: فقال المعروف بابن هشام :لمّاحصلت بمكّة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أری واضع الحجر في مكانه ، وأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم ، فأقبل غلام أسمر اللون ، حسن الوجه ، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنّه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات ، وانصرف خارجاً من الباب ، فنهضت من مكاني أتبعه، و أدفع الناس عنّي يميناً وشمالا ، حتّى ظن بي الاختلاط في العقل ،والناس يفرحون لي ، و عيني لاتفارقه ، حتّى انقطع عن الناس ، فكنت أسرع السير خلفه، وهو يمشي على تؤدة(1) ولا أدرکه فلمّاحصل بحيث لا أحد يراه غيري ، وقف و التفت إليّ فقال : هات ما معك فناولته الرقعة. فقال من غير أن ينظر فيها :قال له : لا خوف عليك في هذه العلّة ، ويكون ما لابدّ منه بعد ثلاثين سنة(2).

قال : فوقع عليّ الزمع(3) حتّى لم اطق حراكاً ، وتركني وانصرف.

قال أبو القاسم : فأعلمني بهذه الجملة . فلمّا كان سنة تسع(4) و ستّین اعتلّ أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره ، وتحصيل جهازه إلى قبره ، و كتب وصيّته ، واستعمل الجدّ في ذلك .

فقيل له: ماهذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضّل اللّه تعالى بالسلامة ، فما عليك مخوفة .

ص: 475


1- أي ترزن و تأنی و تمهل
2- أي في سنة «369» كما أرخها العلامة الحلي ، حيث تقدم اثبات تاریخ رد الحجر الاسود الى مكانه سنة «339»، راجع التعليقات السابقة
3- زمع : دهش ، وخاف ، وارتعد .وقيل : الزمع : من اذا خاف أوغضب سبقه دمعه . وفي البحار : الدمع
4- «سبع» النسخ ، وکشف الغمة ، و البحار راجع التعليقات السابقة

فقال : هذه السنة الّتي خوّفت فيها. فمات في علّته .(1).

19 - ومنها: ماروي عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عیسی بن صبيح(2) قال : دخل الحسن العسكري علیه السلام علينا الحبس ، و کنت به عارفاً ، فقال لي : لك

خمس وستّون سنة ، و شهر ، وبومان.

و كان معي كتاب دعاء عليه تاریخ مولدي ، وإنّي نظرت فيه فكان كما قال .

وقال: هل رزقت ولداً ؟ قلت: لا.

فقال : اللّهم ارزقه ولداً يكون له عضداً ، فنعم العضد الولد. ثمّ تمثّل علیه السلام:

من كان ذا عضد يدرك ظلامته *** إنّ الذّليل الّذي ليست له عضد(3)

قلت: ألك ولد ؟

قال : إي واللّه سيكونلي ولديملا الأرض قسطاً [و عدلا] فأمّا الآن فلا. ثم تمثّل :

لعلّك يوماً أن تراني كأنّما *** بنيّ حواليّ الاسود الّوابد(4)

ص: 476


1- عنه کشف الغمة : 502/2 ، والبحار : 58/52 ح41 وج 226/99 ح 26، واثبات الهداة : 346/7 ح 119 ، ومدينة المعاجز : 614ح93
2- «سیح» و «شج» کشف ااغمة «الفتح» نورالابصار والفصول المهمة
3- نسب ابن قتيبة هذا البيت في عيون الاخبار : 5/ 3 الى عمرو بن حبيب الثقفي وأضاف اليه : تنبو یداه اذا ما قل ناصره و يأنف الضيم ان أثرى له عدد (تنبو أي تضعف) وأوردهما ابن عبد ربه في العقد الفريد : 246/2
4- اللابد ، الأسد : جمعها : اللوابد . القاموس المحيط : 1/ 335 (لبد)

فان تميماً(1) قبل أن يلد الحصى(2) *** أقام زماناً وهو في الناس واحد(3).

20 - ومنها : ماروي عن أبي غالب الزراري : تزوّجت بالكوفة امرأة من قوم يقال لهم: «بنو هلال»(4) خزّازون(5) و حصلت لها منزلة من قلبي فجری بيننا کلام اقتضی خروجها عن بيتي غضباً، ورمت ردّها، فامتنعت عليّ لانّها كانت في(6) أهلها في(7) عزّ وعشيرة ، فضاق لذلك صدري ، و تجهّزت(8) إلى السفر ، فخرجت إلى بغداد أنا وشيخ من أهلها ، فقدمناها وقضينا الحقّ في واجب(9) الزيارة وتوجّهنا إلى دار الشيخ أبي القاسم بن روح و كان مستتراً من السلطان ، فدخلنا و سلّمنا . فقال : إن كان(10)

ص: 477


1- المراد بتميم هنا هو تمیم بن مر بن أد ، و حيث تنسب اليه واحدة من أكبر القبائل العربية ، قال ابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب: 207 : بنو تمیم بن مر بن أد هم قاعدة من أكبر قواعد العرب
2- الحصى : العدد الكثير ، تشبيهاً بالحصى من الحجارة في الكثر ، قال الأعشى : ولست بالاكثر منهم حصى وانما العزة للكاثرويقال : نحن أكثر منهم حصى. أي عدداً . لسان العرب : 183/ 14 (حصی)
3- عنه البحار : 275/50 ح 48 ، وج 162/51 ح15 ، و الوسائل : 99/15 ح2 واثبات الهداة : 324/ 6 ح 78، ومدينة المعاجز : 575 ح92.وأورده في الفصول المهمة : 270 ، ونور الابصار : 184 عن علی بن ابراهيم ، عنهما احقاق الحق : 468/12 وأخرجه في احقاق الحق : 399/ 13 عن الفصول المهمة
4- «هلاهی» م
5- خزّازون : جمع خزاز ، وهو بائع الخز وصانعه . والخز . من الثياب : ما ينسج من صوف وابريسم ، وما ينسج من ابريسم خالص
6- «من» ه ، ط
7- «من موضع» ه، ط
8- «و تروحت» ه، م. تروح: سار في العشي ، أو عمل فيه
9- «واجب الحق من» ه ، ط
10- «يك» ه

لك حاجة فاذكر اسمك هاهنا . وطرح إليّ مدرجة (1) كانت بين يديه ، فكتبت فيها اسمي و اسم أبي ، وجلسنا قليلا ، ثمّ ودّعناه ، و خرجت إلى سرّ من رأي للزيارة و زرنا وعدنا ، و أتينا دار الشيخ ، فأخرج المدرجة التي كنت كتبت فيها اسمې

وجعل يطويها على أشياء كانت مكتوبة فيها [إلى] أن انتهى إلى موضع اسمي، فناولنيه، فاذا تحته مكتوب - بقلم دقيق - :

«أمّا الزراري في حال الزوج أو الزوجة فسيصلح اللّه - أر : فأصلح اللّه - بينهما» و كنت عندما كتبت اسمي أردت [أن أسأله] الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة ، ولم أذكره ، بل كتبت اسمي وحده، [فجاء الجواب كما كان في خاطري، من غير أن أذكره ثمّ ودّعنا الشيخ(2)] وخرجنا من بغداد حتى قدمنا الكوفة ، فيوم قدومي أو من غده ، أتاني إخوة المرأة ، فسلّموا عليّ و اعتذروا إليّ ممّا كان بيني و بينهم من الخلاف والكلام ، و عادت الزوجة على أحسن الوجوه إلى بيتي ، و لم يجر بيني و بينها خلاف ولا كلام مدّة صحبتي [لها] ولم تخرج من منزلي بعد ذلك إلا باذني حتّى ماتت.(3)

21- ومنها : أنّ أبا محمد الدعلجي(4) كان له ولدان ، و كان من خيار أصحابنا وكان قدسمع الأحاديث ، و كان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة ، وهو أبو الحسن كان يغسّل الأموات، وولد آخريسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام ، ودفع إلى أبي محمّد حجّة يحج بها عن صاحب الزمان علیه السلام، و كان ذلك عادة الشيعة وقتئذ .

ص: 478


1- المدرجة : الورقة التي تكتب فيها الرسالة ، أو يدرج فيها الكتاب
2- «فودعناه» م
3- عنه مدينة المعاجز : 614ح94
4- «الدعجلی» م ، والظاهر - بحسب الطبقة - أنه هود «عبدالله بن محمد بن عبدالله ، أبو محمد الحذاء الدعلجی ، منسوب الى موضع خلف باب الكوفة ببغداد ، يقال له الدعالجة ، كان فقيهاً عارفاً ، و عليه تعلمت المواريث، له كتاب الحج» قاله النجاشي في رجاله :230

فدفع شيئاً منها إلى ابنه المذكور بالفساد ، وخرج إلى الحجّ.

فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفاً بالموقف ، فرأى إلى جانبه شابّاً حسن الوجه ،أسمر اللون ، بذؤابتين ، مقبلا على شأنه في الدعاء والابتهال والتضرّع ، وحسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال :یا شیخ ما تستحي؟ ! قلت : من أيّ شيء يا سيّدي ؟! قال : يدفع إليك حجّة عمّن تلم، فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر ، يوشك أن تذهب عينك هذه .

وأومأ إلى عيني ، وأنا من ذلك إلى الان على وجل و مخافة .

وسمع(1) أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان(2) ذلك ، قال : فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّى خرج في عينه الّتي أومأ إليها قرحة ، فذهبت .(3).

22- ومنها : ماروي عن سعد بن عبداللّه الأشعري قال : ناظرني مخالف فقال: أسلم أبو بكر وعمر طوعاً أو كرهاً ؟ ففكّرت في ذلك وقلت : إن قلت كرهاً ، فقد كذبت ، إذ لم يكن حينئذ سيف مسلول، وإن قلت طوعاً . فالمؤمن لا يكفر [بعد إيمانه] فدفعته عنّی يدفعاً بالراح لطيفاً و خرجت من ساعتي إلى دار أحمد بن إسحاق(4) أسأله عن ذلك ، فقيل لي : إنّه خرج إلى سر من رأي اليوم . فانصرفت إلى بيتي وركبت دابّتي ، وخرجت خلفه حتّى وصلت إليه في المنزل ، فسألني عن حالي ،

ص: 479


1- «سمع منه» ه
2- هو الشيخ المفيد رضوان الله عليه
3- عنه الوسائل :8 / 147 ح 2، واثبات الهداة : 346/ 7 ح120 ، و البحار : 59/52ح42 ، ومدينة المعاجز: 614 ح 95، ومستدرك الوسائل 70/80 ب 11ح4
4- هو أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك الأشعري ، كبير القدر، و كان من خواص أبی محمد عليه السلام ، و رأی صاحب الزمان علیه السلام ، وهو شيخ القميين ووافدهم. تجد ترجمته في رجال النجاشی: 91، فهرست الطوسی : 26 ، معجم رجال الحديث:44/2 وغيرها

فقلت : أجيء إلى حضرة أبي محمّد فعندي أربعون مسألة قد أشكلت عليّ، فقال : خير صاحب و رفیق .

فمضينا حتّى دخلنا سرّ من رأى ، وأخذنا بيتين في خان ، وسكن كلّ واحد [منّا] في واحد(1) وخرجنا إلى الحمّام ، واغتسلنا غسل الزيارة و التوبة .

فلمّا رجعنا أخذ أحمد بن إسحاق جراباً ولفّه بكساء طبري ، وجعله على كتفه ومشينا ، و كنّا نسبّح اللّه ونهلّله و نکبّره و نستغفره ونصلّي على محمّد و آله إلى أن وصلنا إلى باب الدار فاستأذن أحمد بن إسحاق ، فأذن بالدخول.

فلمّا دخلنا وإذا أبو محمّد علیه السلام على طرف الصفّة(2) قاعد ، و كان على يمينه

غلام قائم كفلقة قمر، فسلّمنا ، فأحسن الجواب ، وأكرمنا ، وأقعدنا ، فوضع أحمد الجراب بين يديه ، وكان أبو محمّد علیه السلام ينظر في درج طويل في الاستفتاء ، ورد عليه من ولاية ، فجعل يقرأ ويكتب تحت كلّ مسألة التوقيع ، فالتفت إلى الغلام وقال: هذه هدايا موالينا . وأشار إلى الجراب .

فقال الغلام : هذا لا يصلح لنا ، لأنّ الحلال مختلط بالحرام فيه .

فقال أبو محمّد علیه السلام: أنت صاحب الالهام ، أفرق بين الحلال والحرام .

ففتح أحمد الجراب فأخرج صرّة فنظر إليها الغلام وقال:هذا بعثه فلان بن فلان من محلة كذا، و كان باع حنطة خاف على الزرّاع في مقاسمتها، وهي كذا دیناراً، وفي وسطها خطّ مكتوب عليه کمّيّته، وفيها صحاح ثلاث: إحداها آملي، والأخرى ليس عليها سكّة ، والأخرى فلاني أخذها(3) من نسّاج غرامة من غزل سرق من عنده .

ثمّ أخرج صرّة فصرّة فجعل يتكلّم على كل واحدة بقريب من ذلك .

ثمّ قال : أشدد الجراب على الصرر حتّى توصلها عند وصولك إلى أصحابها(4)

ص: 480


1- «مسكن» خل
2- الصفة: البهو الواسع المالي السقف
3- «من فلان اخذت» ه والبحار
4- «توصی با لوصول الى أربابها» م

هات الثوب الذي بعثت العجوز الصالحة . و كانت امرأة بقم غزلته بيدها و نسجته فخرج أحمد ليجيء بالثوب، فقال لي أبو محمّد علیه السلام: ما فعلت مسائلك(1) الأربعون؟ سل الغلام [ عنها] يجبك .

فقال لي الغلام - إبتداءاً : هلا قلت للسائل : ما أسلما طوعاً ، ولا كرهاً ، وإنّما أسلما طمعاً، فقد كانايسمعان من أهل الكتاب منهم من يقول : هو نبيّ يملك المشرق والمغرب ، وتبقى نبوّته إلى يوم القيامة .

ومنهم من يقول : يملك الدنيا كلّها ملكاً عظيماً ، وينقاد له أهل الأرض .

فدخلا كلاهما في الاسلام طمعاً في أن يجعل محمّد صلی الله علیه و آله و سلم كل واحد منهما والي ولاية ، فلمّا أيسا من ذلك دبّرا مع جماعة في قتل محمّد صلی الله علیه و آله و سلم ليلة العقبة فكمنوا له ، وجاء جبرئيل علیه السلام وأخبر محمّداً صلی الله علیه و آله و سلم بذلك ، فوقف على العقبة وقال :یا فلان، یا فلان ، یا فلان ، اخرجوا ، فانّي لا أمرّ حتّى أراكم كلّكم قد خرجتم وقد سمع ذلك حذيفة .

ومثلهما طلحة والزبير فهما بایعا عليّاً علیه السلام بعد قتل عثمان طمعاً في أن يجعلهما كليهما عليّ بن أبي طالب علیه السلام والياً على ولاية ، لا طوعاً ، ولا رغبة ، ولا إكراهاً ولا إجباراً، فلمّا أيسا من ذلك من علي علیه السلام نكنا العهد، و خرجا [عليه] وفعلا مافعلا وأجاب عن مسائلي الأربعين ، قال :

ولمّا أردنا الانصراف قال أبو محمّد علیه السلام لأحمد بن إسحاق : إنّك تموت السنة. فطلب منه الكفن . قال : يصل إليك عند الحاجة .

قال سعد بن عبداللّه : فخرجنا حتّى وصلنا حلوان (2) حمّ أحمد بن إسحاق، ومات في الليل بحلوان ، فجاء رجلان من عند أبي محمّد(3) علیه السلام و معهما أكفانه

ص: 481


1- «أین مسائلك» ه والبحار
2- حلوان - بالضم ثم السكون - في عدة مواضع: منها حلوان العراق ، وهي في آخر حدود السواد ممايلي الجبال من بغداد . معجم البلدان : 2/ 290
3- روی الكشي في رجاله : 556 و 557 ما يفيد أن أحمد بن اسحاق عاش بعد وفاة أبی محمدعلیه السلام

فغسّلاه و کفّناه ، وصلّيا عليه .

قال : وقد كنّا عنده من أول الليل ، فلمّا مضى وهن(1) منه قال لي : انصرف إلى البيت فانّي ساكن. فمضيت ، ونمت ، فلمّا كان قرب(2) السحر أتى الرجلان إلى باب بيتي وقالا : آجرك الله في أحمد بن إسحاق فقد غسّلناه و کفّناه وصلّينا عليه، فقمت ورأيته مفروغاً منه في الأكفان ، فدفنّاه من الغد بحلوان رحمة الله عليه .(3).

* * *

الى هنا تم الجزء الاول حسب تجزئتنا، ویلية الجزء الثاني ، وأرله :

«الباب الرابع عشر في أعلام النبي صلی الله علیه و آله و سلم و الأئمّة علیهم السلام»

نرجو من اللّه العزيز أن يوفّقنا لاتمام ذلك بفضله و تأییده .

مؤسسة الامام المهدي عليه السلام

قم المقدسة

ص: 482


1- الوهن : نحو من منتصف الليل أو بعد ساعة منه . القاموس المحيط : 276/ 4 (وهن)
2- «وقت» ه والبحار
3- عنه اثبات الهداة :1 / 380 ح 106، وج 347/7 ح 121، ومدينة المعاجز: 615 ح 96.وعنه البحار 78/ 52 ح1، وعن كمال الدين : 454 ح21 باسناده عن محمد بن على ابن محمد بن حاتم النوفني المعروف بالكرماني ، عن أبي العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، عن أحمد بن طاهر القمي، عن محمد بن بحر بن سهل الشيباني، عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبدالله القمي ، مفصلا، وعن دلائل الامامة : 274 باسناده عن أبی القاسم عبدالباقی بن يزداد بن عبدالله البزاز، عن أبي محمد بن عبدالله بن محمد الثعالبی عن أبي على أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن سعد بن عبدالله بن خلف القمی، مفصلا. وأورده الطبرسي في الاحتجاج : 268/ 2 ، و ثاقب المناقب : 508 (مخطوط) عن سعد ابن عبدالله القمي الأشعري . وأخرجه في البحار : 8/ 212 (ط. حجر ) ، و تأويلا لابات : 299/ 1 ح عن الاحتجاج . وفي منتخب الانوار المضيئة : 145 ، والوسائل : 276/ 13 ح 21 ، واثبات الهداة :223/1 ح 166 ، وج 299/ 7 ح 41، رحلية الأبرار ، 557/ 2 ، وتبصرة الولی : 770 ح37، و ينابيع المودة : 459 عن كمال الدين وفي حلية الأبرار: 568 /2 عن دلائل الامامة، وفي مدينة المعاجز : 593ح15 عن كمال الدين و دلائل الامامة

فهرس الجزء الأول من كتاب الخرائج والجرائح

3- مقدمّة التحقيق .

17- مقدمة المؤلّف .

19- فهرس الأبواب .

21- الباب الأوّل في معجزات نبينا محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

22- فصل في أقسام معجزات النبي محمد صلی الله علیه و آله و سلم .

23- فصل من روايات العامّة في معجزاته صلی الله علیه و آله و سلم .

73- فصل فيما ذكر فيه نبيّنا محمد صلی الله علیه و آله و سلم في الكتب المتقدمة.

83- فصل من روايات الخاصّة في معجزاته صلی الله علیه و آله و سلم .

171- الباب الثاني في معجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام.

236- الباب الثالث في معجزات الامام الحسن بن علي علیهما السلام.

245- الباب الرابع في معجزات الامام الحسين بن علي علیهما السلام.

255- الباب الخامس في معجزات الامام علي بن الحسين علیهما السلام.

272- الباب السادس في معجزات الامام محمد بن علي الباقر علیهما السلام.

294 - الباب السابع في معجزات الامام جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام.

307- الباب الثامن في معجزات الامام موسی بن جعفر علیهما السلام.

337- الباب التاسع في معجرات الامام علی بن موسی الرضا علیهما السلام.

372- الباب العاشر في معجزات الامام محمد بن علي الجواد علیهما السلام.

392- الباب الحادي عشر في معجزات الامام علي بن محمد علیهما السلام.

420- الباب الثاني عشر في معجزات الامام الحسن بن علي العسكري علیهما السلام.

455- الباب الثالث عشر في معجزات الامام الحجة بن الحسن العسكري علیهما السلام.

ص: 483

جدول الخطأ والصواب

ص س الخطأ الصواب

18 7 خمسائه خمسمائة

24 4 محمّد محمّداً

46 2 حس حش

57 3 العتبة لعتبة

110 1 فتمضض فتمضمض

121 3 علميني علمني

173 20 الامم الام

202 1 سیف سیفاً

213 9 ناقتة ناقة

214 الاخیر عین عن

265 22 یقتله یقتل

283 21 البیت البت

298 1 صدی صدق

309 13 فقائها فقهائها

314 21 تفوق النوی تفوق القوی

322 21 عل عن

330 17 الثبات الثیاب

332 11 زراة زرارة

344 الاخير الهامش 4 و5 احدهما مکان الاخر

358 12 لعمه لحمه

369 13 اثبات اثبات

426 22 الانسان الانساب

430 11 خلح خلع

462 16 اورده ... 5) اورده ... وتلاحظ بقیة الارقام

477 7 یفرحون یفرحون

ص: 484

کتب صدرت محققة من مؤسسة الامام المهدی

من مصادر «بحار الانوار» و «عوالم العلوم» :

1- صحيفة الامام الرضا علیه السلام بأسانيدها وطرقها الكثيرة المرتبة مجلد

2- التفسير المنسوب للامام الحسن العسكري علیه السلام المجلد

3- النوادر أحمد بن محمّد بن عیسی

4- المؤمن الحسين بن سعيد الأهوازي

5- التمحیص محمد بن همام الاسكافي

في مجلد واحد

6- الامامة والتبصرة علي بن بابویه (والد الشيخ الصدوق) مجلد

7- الأربعون حديثاً منتجب الدين بن بابويه الرازي

8- المزار الشيخ المفيد

9-المائة منقبة محمّد بن أحمد بن شاذان القمي

10- نزهة الناظر الحسين بن محمد الحلواني

11- قبس من غياث سلطان الورى السّيدعلي بن موسی بن طاووس / في مجلد واحد

12- الدعوات قطب الدين الراوندی مجلد

13- الخرائج والجرائح قطب الدين الراوندي مجلدان

14- مستطرفات السرائر الفقيه محمد بن أحمد بن إدريس الحلي

15- مثير الأحزان جعفر بن محمد بن نما الحلي

16- التحصين في صفات العارفين جمال الدين بن فهد الحلى

في مجلد واحد

17- الأربعون حديثاً الشهيد الأول محمّد بن مكي

18- تأويل الآيات الظاهرة السيّد شرف الدين النجفي

مجلدان

صدر من موسوعة عوالم العلوم :

19 - العقل والعلم (ج 2 و 3) مجلد

20 - فاطمة الزهراء علیها السلام (ج 11) مجلد

21 - الامام الحسن علیه السلام (ج 16) مجلد

22 - الامام الحسين علیه السلام (ج 17) مجلد

23 - الامام علي بن الحسن علیه السلام بضميمة «رسالة الحقوق» (ج 18) مجلد

24 - الامام موسی بن جعفر علیه السلام (ج 21)

25 - النصوص على الأئمة الاثني عشر علیهم السلام (ج 3

/15) مجلد

ص: 485

26 - مکیال المکارم في فوائد الدعاء للقائم علیه السلام فقيه أحمد ابادي مجلدان

27 - آئین جمعه (فارسي) « « « مجلد

28 - وظيفة الأنام « « «

29 - الصحيفة المهديّة مؤيد الدين إبراهيم بن المحسن الكاشاني

30 - المدخل إلى التفسير الموضوعي السيّد محمّد باقر الأبطحي مجلدان

31 - عبقات الأنوار : أحاديث: الولاية - مدينة العلم - النور - التشبيه - الطير

میر سید حامد الموسوي في ستة مجلدات

32 - مصباح الأنظار ، وخبر العالم مع الامام علي بن أبي طالب علیه السلام .

33 - رسالة حول وهب بن وهب ، أبو البختري في سند حدیث « نحن معاشر الانبياء لانورث ».

من الكتب التي قيد التحقيق والطبع :

- عوالم «فاطمة الزهراء علیها السلام » بضميمة «حديث الكساء الشريف» على نسخة المؤلف الأصلية التي عثرنا عليها ( بحمد اللّه ) أيام قصف المدن الآمنة ، مع المستدركات

والملحقات من طرق الفريقين .

وفي مقدمتها « الأربعون حديثاً » في فضائل فاطمة الزهراء علیها السلام، برواية عائشة .

- و بقيّة مجلدات «موسوعة الامام الكاظم علیه السلام».

- ومن « موسوعة الامام الرضا علیه السلام» سيصدر : العوالم ، التفسير ، الفقه والمعارف و الآداب و و .

- الصحيفة السجّاديّة الجامعة لكل أدعية الامام السجّاد علیه السلام.

- كتاب كبير في فضائل القرآن ، والسور، وهو مقدمة لتفسير نا الروائي الكبير .

- فهرس جامع للايات المؤولة في أهل البيت علیهم السلام باسلوب بديع مبتكر .

و و و ... إن شاء اللّه تعالی .

ص: 486

المجلد 2

هوية الكتاب :

الخرائج و الجرائح

للفَقيهُ المَحدِث والمفَسِّرالكبِير

قطب الدین الراوندی

قدس سره

المتوفی

سِنَة 573 هجرية

مزاره بصحن الحضرة الفاطمیة قم المقدسة

الجزء الثانی

في أعلام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الائمة عليهم السلام

تحقیق و نشر

موسسة الامام المهدی (علیه السلام)

قم المقدسة 39

ص: 487

بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً علی یوم الله الأكبر ، عيد الغدير الأغر ، يوم تبلیغ رسالة الله :

«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»

يوم اكمال الدین و اتمام النعمة و رضا الرب :

«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»

بتتویج سیدالمتقین علی علیه السلام مولى وأميراً للمؤمنين بنصّ خاتم النبيين :

«من کنت مولاه فهذا على مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه».

استفصينا مصادر و طرق حديث الغدير

في صحيفة الامام الرضا: 172 - 225 ،

ولنا اضافات عليها .

هوية الكتاب :

الكتاب: «الخرائج والجرائح».

الجزء الثاني في أعلام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمة (علیهم السلام).

المؤلف: الشيخ الأقدم أبو الحسين سعيد بن هبة الله المشهور به «قطب الدین الراوندي»

المتوفى سنة 573ه.

التحقيق والنشر في مؤسّسة الامام المهدي - قم المقدسة .

باشراف.. الحاج السّيد محمدباقر نجل المرتضی الموحّد الأبطحي الاصفهانی دامت برکاته

الطبعة الاولى، الكاملة، المحقّقة .

المطبعة العلميّة - قم.

التاريخ : ذوالحجة - سنة 1409 ه. ق.

العدد: (2000) نسخة . سعر الدورة الواحدة : (7000) ریال

حقوق الطبع كلّها محفوظة لمؤسّسة الامام المهدي - قم المقدسة .

تلفون : 33060.

ص: 488

بسم الله الرحمن الرحيم

الباب الرابع عشر-في أعلام النبی صلی الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام

اشارة

ص: 489

فصل- فی أعلام رسول الله صلّی الله علیه وآله

في أعلام(1) رسول الله صلى الله عليه و آله

1- روي عن أبي ذرّ أنّه قال: كنت وعثمان نمشي في المسجد ، ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) متکیء فيه(2)، فجلسنا إليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ثمّ قام عثمان و جلست .

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بأيّ شيء كنت تناجي عثمان؟ قال: كنت أقرأ سورة من القرآن. قال : أما إنّه سيبغضك وتبغضه ، والظالم منكما في النار . قلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، الظالم منّي ومنه في النار . فأيّنا الظالم يا رسول الله ؟

فقال : يا أباذر قل الحق وإن وجدته مراً، تلقني(3) على العهد .(4).

2 - و منها : أنّ قوماً أتوه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و شکوا بعيراً لهم جنّ ، وقد خرب بستاناً لهم ، فمشی رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى بستانهم ، فلمّا فتحوا الباب صدم(5) البعير ، فلمّا رآه وقع في التراب [وجعل] يصيح بحنين .

ص: 490


1- الاعلام هي الدلائل أو الادلة ، فأعلام النبوة هي الدلائل على صحة النبوة . و لشيخنا الصدوق کتاب خاص في ذلك هو «أعلام النبوة» (الذريعة : 2 /240). وللماوردی الشافعی «أعلام النبوة» أيضاً
2- «في المسجد» ط،ه
3- « لتبقى» ط
4- عنه إثبات الهداة 2/ 119 ح 522، والبحار: 22/ 434 ح47
5- صدم الشيء صدماً : صكه ودفعه

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّه يشكو كم [ويقول:] عملت لكم سنين وأتعبتموني في حوائجكم فلمّا [أن] كبرت أردتم أن تنحروني لعرس .

قالوا : [قد] كان كذلك، وقد وهبناه لك يا رسول الله. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بل تبيعوننيه فابتاعه وأعتقه . فكان يطوف في المدينة ويعلفه أهلها ويقولون له : عتيق رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). (1)

3- و منها : أنّ أعرابيّاً جاء إليه فشكا نضوب(2) ماء بئرهم، فأخذ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حصاة أو حصاتين ، وفركها بأنامله ، ثمّ أعطاها الأعرابي ، وقال : ارمها بالبئر(3).

فلمّا رماها فيها فار الماء إلى رأسها.(4)

4- و منها : أنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يوماً جالساً وحوله علي وفاطمة والحسن والحسين فقال [لهم](5): كيف بكم إذا كنتم صرعى، وقبور کم شتّی؟

فقال الحسن(6): أنموت موتاً أو نقتل قتلا؟ فقال: يابنيّ بل تقتل [بالسم] ظلماً ويقتل أخوك ظلماً ، و يقتل أبوك ظلماً، وتشرّد ذراريكم في الأرض .

فقال الحسين (علیه السلام): ومن يقتلنا ؟ قال: شرار الناس . قال: فهل يزورنا أحد؟

قال: نعم، طائفة من أمّتي يريدون بزيارتكم بري وصلتي، فإذا كان يوم القيامة جئتهم وأخلّصهم من أهواله(7).(8)

5- ومنها : أنّ يهوديّاً جاء إليه يقال له «سنجت» (9) الفارسي فقال: أسألك عن ربّك يا محمّد إن أجبتني اتّبعتك - و كان رجلا من ملوك فارس و کان ذربا۔ (10).

ص: 491


1- عنه البحار: 17 /411 ح 41 و کل ما بین المعقوقین من البحار.
2- نضب الماء : غار في الارض
3- «ارم البئربها» م
4- عنه البحار 18/ 34 ح 26
5- من البحار
6- «الحسین» م،ه، البحار
7- الاهوال: جمع هول. وهو الخوف و الامر الشديد
8- عنه البحار : 18 /120 ح34.
9- «سخت» ط،ه . «سحبت» ط، خ ل البحار . «سجت» البحار، و كذاما بعدها . وهو كما سمّاه الرسول في هذا الحديث «عبد الله»
10- لسان ذرب: فصيح

فقال : أين الله ؟

قال: هوفي كل مكان وربّنا لايوصف بمكان ولايزول، بل لم يزل بلامكان ولا يزال.

فقال : يا محمّد إنّك لتصف ربّاً عظيماً بلا كيف، فكيف لي أن أعلم أنّه أرسلك ؟

قال علي بن أبي طالب (علیه السلام): فلم يبق بحضرتنا ذلك اليوم حجر ، ولامدر إلّا قال :أشهد أن لا إله إلا الله [وحده لاشريك له] وأن محمّداً عبده ورسوله ، وقلت أيضاً : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله(1).

فأسلم «سنجت» و سمّاه [رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] عبدالله .

فقال: يارسول الله(2) من هذا ؟

قال: هذا خير أهلي ، وأقرب الخلق منّي، وهو الوزير معي في حياتي ، و الخليفة بعد وفاتي ، كما كان هارون من موسى ، إلّا أنّه لانبيّ بعدي ، فاسمع له و أطعه ، فإنّه على الحق .(3)

6- ومنها : أنّ عليّاً (علیه السلام) قال: دعاني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فوجّهني إلى اليمن لاصلح بينهم فقلت: يارسول الله إنّهم قوم كثير ، ولهم سن وأنا شابّ حدث.

فقال: يا علي إذاصرت بأعلى عقبة(4) فناد بأعلى صوتك : يا شجر، یا حجر، یامدریاثری، محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقرؤكم السلام.

قال : ذهبت فلمّا صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن فاذاهم بأسرهم مقبلون

ص: 492


1- «رسول الله» ه ، البحار
2- «یا محمد» م
3- عنه إثبات الهداة: 3 /529 ح558 مختصراً ، والبحار : 37 /257 ح15.
4- هكذافی ط، ه، وفي م والبحار «عقبة أفيق» وفيق: مدينة بالشام بين دمشق وطبریه، و يقال :أفيق، بالالف و لها عقبة مذكورة ينحدرمنها الى غور الأردن، و يشرف الى طبرية و بحيرتها «مراصد الاطلاع : 3 /1052، وج: 1 /103» والعقبة: المرفي الصعب من الجبال ، الطريق في أعلى الجبال

نحوي ، شاهرون سلاحهم مشرعون(1) أسنّتهم ، متنكّبون قسيّهم(2) فناديت بأعلى صوتي : يا شجر ، یا مدر ، یا ثری ، محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقرؤكم السلام [قال:] فلم تبق شجرة ولا مدرة ولاثرى إلّا ارتجّ بصوت واحد : «وعلى محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعليك السلام» فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم، وأقبلوا إليّ بالصلح مسرعين ، فأصلحت بينهم وانصرفت .(3)

ص: 493


1- مشرعون : مسددون ، ومصوبون ، وفي م «مسنون» . والسنان : نصل الرمح ، جمعها : أسنة
2- تنكب قوسه : ألقاه على منكبه ، وجمع القوس : قسى وأقواس
3- عنه البحار : 17 /372 ذح 24 ، وعن أمالي الصدوق : 185 باسناده عن أبيه ، عن سعدعن علي بن حماد البغدادي ، عن بشر بن غياث المريسي ، عن أبي يوسف يعقوب بن ابراهيم ، عن أبي حنيفة ، عن عبدالرحمان السلماني ، عن جيش بن المعتمر ، عن علی بن أبی طالب عليه السلام . وعن بصائر الدرجات : 501 قال : حدّثنا أحمد بن موسى ، عن أحمد بن محمّد المعروف بغزال ، عن محمّد بن عمر الجرجاني يرفعه الى عبدالرحمان بن أحمد السلماني ، عن أمير المؤمنین علیه السلام . و عن بصائر الدرجات ایضاً ص : 503 قال : حدّثنا أحمد بن موسى ، عن محمّد بن أحمد مولی حریز بن زیات ، عن محمّد بن عمير الجرجاني ، عن رجل من أصحاب بشير المريسي، عن أبی یوسف، عن أبي حنيفة، عن عبدالرحمان، عن أمير المؤمنین علیه السلام وأورده في روضة الواعظين : 140 عن أمير المؤمنین علیه السلام مثله و المصنف في قصص الانبياء : 272 (مخطوط) بالاسناد عن سعد بن عبدالله ... مثله . وفي مختصر بصائر الدرجات: 13 بالاسناد عن أبی یعقوب بن ابراهيم .،. مثله . وفي ثاقب المناقب : 36 (مخطوط) عن حبش بن المغيره ، عن علي عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 68ح 64 . وأخرجه في اثباث الهداة : 1 /530 ح155عن أمالي الصدوق. وفي اثباث الهداة : 1 /530 ح155، والبحار . 21 /362 ح 6عن بصائر الدرجات

7-ومنها ما روي عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: لمّا انتهى رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم) إلى الركن الغربي فجازه، قال له الركن : یارسول الله قعيد(1) من قواعد بيت الله ؟ فما بالي لاأستلم؟

فدنا منه ، فقال: اسكن ، عليك السلام غير مهجور .(2)

8- ومنها : أنّ النبي (صلّی الله علیه و آله وسلّم) دخل حائطاً(3) فنادته العراجين(4) من كل جانب : السلام عليك يارسول الله ، و كل واحد منها يقول: خذ منّي فكل. فدنا من العجوة(5) فسجدت فقال : «اللّهمّ بارك عليها وانفع بها» فمن ثمّ روي أنّ العجوة من الجنّة .

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّي لأعرف حجراً بمكّة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث .

ولم يكن (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يمرّ في طريق فتبعد أحد إلّا عرف أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سلكه من طيب عرفه(6).

ولم يكن يمر بحجر ولاشجر إلّا سجد له .(7)

ص: 494


1- هكذا في قصص الانبياء ، وفي م «قید»
2- رواه في بصائر الدرجات : 503 ح4 باسناده عن محمّد بن الجاورد ، عن جعفر بن محمّد بن يونس الكوفي ، عن رجل من أصحابنا عن أبی عبدالله عليه السلام مثله . عنه إثبات الهداة 1/ 604 ح 276. والبحار : 99 /225 ح23، وعنه البحار : 17 /367 ح 16 وعن قصص الانبياء للمصنف : 272 (مخطوط) بالاسناد عن الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن محمّد بن عبدالجبار ، عن جعفر بن محمّد الكوفي مثله . وأخرجه في مستدرك الوسائل: 9 /390 ح 3 عن المحاسن، والصحيح عن بصائر الدرجات
3- الحائط : البستان
4- العرجون : ما يحمل التمر ، جمعها : عراجين
5- العجوة : ضرب من التمر ، يقال : هو ممّا غرسه النبی صلی الله علیه و آله بيده.
6- العرف : الريح
7- رواه المصنف في قصص الانبياء : 274 (مخطوط) باسناده عن ابن بابویه ، عن سعد ابن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالجبار ، عن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن رجل من أصحابنا عن أبی عبدالله عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلی الله عليه و آله ، عنه البحار : 17 /368 ذح 16.

9- ومنها : ما روي عن الصادق (علیه السلام) أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يوماً قاعداً إذمرّ به بعيرفبرك بين يديه و رغا(1).

فقال عمر: يارسول الله سجدلك هذا الجمل ، و نحن أحقّ أن نسجد لك.

فقال: بل اسجدوا لله،إنّ هذا الجمل يشكو أربابه ، و يزعم أنّهم انتجوه صغيراً واعتملوه ، فلمّا صار أعور(2) كبيراً ضعيفاً أرادوا نحره .

ولو أمرت أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.(3)

ص: 495


1- رغا البعير : صوت . ضج
2- هكذا في م، بمعنى ذهب حس احدى عينيه . . وفي بقية المصادر : أعون : وعانت البقرتعون عؤونأ اذاصارت عواناً . و العوان : النصف التي بين الفارض، و هي المسنة ، وبين البكر، وهي الصغيرة
3- رواه في بصائر الدرجات : 351 ح 13 عن أحمد بن موسی الخشاب ، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلی الله عليه و آله ، عنه الوسائل : 4 /984 ب27 ح 1، واثبات الهداة : 1/ 594 ح258.وفی مختصر البصائر : 16 باسناده عن الحسن بن موسی الخشاب . وفي قصص الأنبياء: 274 (مخطوط) عن ابن بابویه ، عن سعد، عن الحسن بن محمّد الخشاب عنه البحار : 103/ 247 ذیله . وروى ذيله : الكليني في الكافي : 5 /507 ح6 باسناده عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن خالد ، عن أبی عبدالله ، عن آبائه علیهم السلام ، عن رسول الله صلی الله عليه و آله . وفي الفقيه :3 /438 ح4515 باسناده عن الحسن بن محبوب، عنهما الوسائل :14 /115 ب 81 ضمن ح1 . والمفيد في الاختصاص: 289 بعدة طرق . وأورده الطبرسي في مکارم الاخلاق : 222 عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، عند رسول الله صلى الله عليه و آله ، وابن شهر اشوب في المناقب : 1/ 85 مرسلاً ، وفي ثاقب المناقب : 44 (مخطوط) ، عن علىّ علیه السلام ، عن رسول الله صلی الله عليه و آله. وأخرجه في البحار : 17 /398 صدر ح11، وفي مستدرك الوسائل : 4 /79ح5 عن القصص و الاختصاص ، وفي البحار : 27 /265 ح 14 عن البصائر والاختصاص

10- ومنها : ماقال أبو عبدالله (علیه السلام): إنّ ثلاثة من البهائم أنطقها الله على عهد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): الجمل و کلامه شكوى أربابه وغير ذلك .

والذئب فقد جاء إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فشكا إليه الجوع ، فدعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أرباب الغنم، فقال : افرضوا للذئب شيئاً فشحّوا . فذهب .

ثمّ عاد إليه الثانية فشكا إليه، فدعاهم فشحّوا.

ثم جاء الثالثة فشك[إليه] الجوع فشحّوا.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : اختلس ، ولو أنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فرض للذئب شيئاً مازاد الذئب شیئاً حتّى(1) تقوم الساعة .

وأمّا البقرة فإنّها آذنت بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ودلّت عليه و كانت في نخل لبني سالم من الأنصار ، وقالت :

یا ذریح(2) عمل نجيح صائح يصيح بلسان(3) عربي فصيح ، بأن لا إله إلا الله ربّ العالمين ، ومحمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سيّدالنبيّين ، وعليّ وصيّه سيّد الوصيّين.(4)

11. ومنها: ما قال الصادق (علیه السلام): إنّ الذئاب جاءت إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تطلب أرزاقها .فقال لأصحاب الغنم : إن شئتم صالحتها على شيء تخرجونه إليها ، ولاترزا(5) من

ص: 496


1- «الی یوم» ط،ه
2- بنوذريح : قوم، وفي التهذيب : بنوذريح : من أحياء العرب
3- «قالت بلسان» ط،ه
4- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 351 ح 4 باسناده عن أحمد بن موسی الخشاب ، عن علی بن حسان، عن عبدالرحمن بن کثیر، عن أبي عبد الله عليه السلام،عنه البحار : 27 /266 ذح14. وفي مختصر البصائر :16 عن الحسن بن موسی الخشاب . والمفيد في الاختصاص: 290 باسناده عن الحسن بن موسی الخشاب، والمصنف أيضاً فی قصص الأنبياء : 275 (مخطوط) عن ابن بابویه، عن سعد ، عن الحسن بن محمّد الخشاب عنهما البحار : 17 /398 ذح 11
5- رزأ الرجل ما له: أصاب منه شيئاً مهما كان، أي نقص

أموالكم شيئاً، وإن شئتم تركتموها تعدوا (1) ، وعليكم حفظ أموالكم.

قالوا: بل نتركها كما هي تصيب منّا ما أصابت ، ونمنعها ما استطعنا .(2)

12- ومنها: ماروي عن سلمان قال: كنت قاعداً عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذ أقبل أعرابيّ فقال : يا محمّد أخبرني بما في بطن ناقتي حتّى أعلم أنّ الذي جئت به حق ، و أؤمن بالهك و أتبّعك . فالتفت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى عليّ (علیه السلام) فقال: حبيبي علي يدلّك .

فأخذ (علیه السلام) بخطام(3) الناقة ثمّ مسح يده على نحرها، ثمّ رفع طرفه إلی السماء وقال :

«اللّهمّ إنّي أسألك بحق محمّد و أهل بيت محمّد ، و بأسمائك الحسنى وبكلماتك التامّات لمّا أنطقت هذه الناقة حتّى تخبرنا بما في بطنها». فإذا الناقة قد التفتت إلى عليّ (علیه السلام) وهي تقول : يا أمير المؤمنين إنّه ركبني یوماً و هو يريد زيارة ابن عمّ له فلمّا انتهى بي إلى واد يقال له: وادي الحسك(4) نزل عنّي ، و أبرکني في الوادي و واقعنې .

ص: 497


1- قال ابن الأثير في النهاية : 3 /193: وفيه «ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم». العادي: الظالم . وقد عدا يعدو عليه عدواناً . وأصله من تجاوز الحدفي الشيء
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 348 ح3 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ،والمفيد في الاختصاص: 288 باسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن علی بن فضال ، عنهما البحار : 17 /399ح 12. والمصنف أيضاً في قصص الانبياء : 275 (مخطوط) مرسلاً . وأخرجه في البحار : 64 /37ح 15 عن الاختصاص
3- الخطام بالكسر: زمام البعير ، لأنّه يقع على الخطم وهو الانف ومايليه و جمعه خطم
4- لم نعثر على «وادي الحسك» في معجم البلدان، ولافي مراصد الاطلاع . والحسك : نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم، نبات شائك . ويحتمل أن يراد به «الحسيكة» تصغير حسكة - و هو واحد الحسك -: موضع بالمدينة في طرف ذباب - جبل - وقيل: بين ذباب و مسجد الفتح (مراصد الاطلاع : 1/ 404).1)

فقال الأعرابيّ : ويحكم أيكّم النبي هذا أو هذا ؟

قيل: هذا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وهذا أخوه و وصيّه .

فقال الأعرابي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله . وسأل النبي(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن يسأل الله ليكفيه مافي بطن ناقته ، فكفاه [و أسلم] وحسن إسلامه .(1)

13 - ومنها: ماروي عن أسماء بنت عمیس : كنّا مع النبیّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في غزوة حنين فبعث عليّاً (علیه السلام) في حاجة ، وقدصلّی رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) العصر ولم يصلّها علي ، فلمّا رجع وضع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رأسه في حجره حتّى غربت الشمس ، فلمّا رفع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رأسه ، قال عليّ : لم أكن صلّيت العصر .

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : اللّهمّ إنّ عليّاً حبس بنفسه على نبيّك، فردّ له الشمس ، فطلعت حتّی ارتفعت [الشمس] على الحيطان والأرض حتى صلّي علي العصر ، ثمّ غربت .

قالت أسماء : وذلك بالصهباء(2) ، في غزوة حنين ، وانّ عليّاً (علیه السلام) صلّى إيماء، ثمّ قال

ص: 498


1- عنه البحار : 17 /414 ح43 ، ومدينة المعاجز: 95ح 241. ورواه المصنف أيضاً في قصص الانبياء : 285 (مخطوط ) باسناده عن ابن بابویه ، عن الحسن بن محمّد بن سعيد، عن فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي ، عن جعفر بن محمّد بن سعيد الاحمسي ، عن نصر بن مزاحم ، عن قطرب بن عليف ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدالرحمن بن سابط ، عن سلمان الفارسی رضی الله عنه، وفي آخره : «و قال : ليس في العادة أن تحمل الناقة من الانسان و لكنّ الله جلّ ثناؤه قلب العادة في ذلك دلالة لنبيه صلى الله علیه و آله على أنّه يجوز أن يكون نطفة الرجل على هيئتها في بطن الناقة حينئذ و لم تصر علقة بعدو انما أنطقها الله تعالی عزّ وعلا ليعلم به صدق رسول الله صلى الله عليه و آله . عنه البحار: 41 /230 ح1 و ج94/ 5 ح 5. أقول: هذا ليس بممتنع ولاعجب من الله تعالى شأنه الذي خلق الانسان من تراب بلاأب وأم، و جعل نسله من ماء، وخلق عیسی بلاأب ، و أذن له أن يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً باذن ربّه فإنّه تعالى شأنه اذا قضی أمراً أن يقول له كن فيكون
2- الصهباء : سميت بذلك لصهوبة لونها ، وهو حمرتها أو شقرتها : وهو اسم موضع بينه و بین خیبر روحة ، معجم البلدان : 3 /435

له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ياعلي أمّا إنّها سترد عليك بعدي حجّة على أهل خلافك .

فقال حسّان بن ثابت في ذلك :

إنّ علي بن أبي طالب *** ردّت له الشمس من المغرب

ردّت عليه الشمس في ضوئها ***عصر أكأن الشمس لم تغرب (1)

ص: 499


1- هذا الحدیث من الآحادیث المتواترة و المشهورة ، و قد ورد بأسانید و متون مختلفة نذکر منها: رواه فی الکافی 4 /561 ح7 باسناده عن عمار بن موسی ، عنه الوسائل : 10 /277 ح 4 ، وإثبات الهداة 1 /436 ح 43 : والبحار : 41 /182 ح19 ، و ج 100 /216 ح 15 ، وغایة المرام : 629 ح3. و فی علل الشرائع 2 /351 ح 3 باسناده عن أسماء بنت عمیس ، عنه إثبات الهداة 1 /556 ح 195 و مدینة المعاجز 112 ح 302. و فی ارشاد المفید :200 باسناده عن أسماء و ام سلمة و جابر وأبی سعید وجماعة من الصحابة ، عنه البحار 41 /171 ح8. و فی أمالی المفید :55 باسناده عن أسماء ، عنه البحار 41 /176 ح 11. و فی قصص الانبیاء للمصنف :278 و 279 (مخطوط) باسناده عن الصدوق من طریقین و فی بشارة المصطفی :267 باسناده عن أسماء. وفی تاویل الآیات: 2 /655 ح 2 باسناده عن جعفر علیه السلام ، عنه البحار: 41 /182 ح 18 ، و مدینة المعاجز : 33 ذح 45. و اورده فی اثبات الوصیّة : 150مرسلاً ، و روضة الواعظین : 157 عن علیّ بن ابراهیم ابن هاشم ، عن ابیه ، و اعلام الوری : 178 عن اسماء و امّ سلمة و جابر و أبی سعید ، و ارشاد القلوب :227 عن امّ سلمة وجابر و أبی بن کعب الانصاری و أبی سعید الخدری و جماعة من الصحابة ، و ثاقب المناقب : 220 (مخطوط) مرسلاً. و أخرجه ابن شهر آشوب فی المناقب : 2/ 143 عن مناقب ابن مردویه ، و تفسیر الثعالبی و خصائص النطنزی ، و أربعین الخطیب ، و تاریخ جرجان ، و کتاب طرق من روی ردّ الشمس لابی بکر الوراق و کتاب مصنف فی جواز ردّ الشمس لابی عبدالله الجعل، و مسألة فی تصحیح ردّ الشمس و ترغیم النواصب الشمس للحسکانی ، و بیان ردّ الشمس علی امیر المؤمنین لأبی الحسن الشاذان ، و کتاب أبی بکر الشیرازی ، والکافی للکلینی، والطحاوی ، و أبی بکر مهرویه. عنه البحار :41 /173 ح 10، و مدینة المعاجز: 31 ح 43، و غایة المرام : 630 ح6 و 7 و8. و فی الطرائف : 84 ح 117 عن المناقب ابن المغازلی ، عنه البحار:41 /184 ح 22. و فی فرائد السمطین : 1 /183 ح 146 من طریق ابن عساکر باسناده عن اسماء. و فی البحار 41 /167 ح 2 عن العلل و القصص. و فی اثبات الهداة: 4 /540 ح179 ، وغایة المرام : 630 ح9 عن اعلام الوری. و فی مدینة المعاجز 32 ح 44عن اعلام الوری وارشاد المفید و الکافی و مناقب ابن مغازلی من طریقین ومناقب الخوارزمی من ثلاثة طرق. و رواه الطحاوی فی مشکل الآثار : 2/ 8 و9 و ج 4 /388، و ابن عساکر فی ترجمة الامام علیّ (علیه السلام) :2/ 283 من طریقین ، والسید ابوالهدی ابن الحسن الوادی فی ضوء الشمس:166 ، و ابن المغازلی فی مناقب امیرالمومنین (علیه السلام) : 96 ح 140، و أخطب خوارزم فی المناقب 217، و ابن الجوزی فی التذکرة :53 و55، والگنجی الشافعی فی کفایة الطالب :385 -387، و البدخشی فی مفتاح النجا: 2 /244 ، وابن حجر العسقلانی فی لسان المیزان :4 /276 ، والقسطلانی فی المواهب الدنیة: 5 /113 وابن حجر الهیثمی فی الصواعق المحرقة :76، والحوت البیروتی فی اسنی المطالب 112 والحلبی الشافعی فی انسان العیون : 1 /386 ، و الدهلوی فی مدارج النبوّة : 336 و السیوطی فی التعقیبات ، و فی الحاوی للفتاوی : 369، والکازرونی فی مشارق الأنوارفی سیر النبیّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، عنه مناقب الکاشی : 110(مخطوط) ، والشافعی القزوینی فی التدوین :95 ، والسهالوی فی وسیلة النجاة :169 ، والعباسی فی معاهد التنصیص فی شرح شواهد التلخیص :2 /190 ، والثعلبی فی قصص الانبیاء : 340 بأسانیدهم عن أسماء بنت عمیس. و ابن حجر العسقلانی فی لسان المیزان : 1 /47 باسناده عن الحسن بن علیّ علیه السلام و ابن المغازلی فی مناقب امیرالمؤمنین :98 ، والشافعی فی المناقب: 196( مخطوط) باسنادهما إلی أبی رافع. و الامر تسری فی أرجح المطالب :686 باسناده عن أسماء بنت عمیس ، و امّ سلمة ، وجابر ابن عبدالله الانصاری ، و أبی سعید الخدری ، والحسین بن علیّ علیه السلام. و الفخر الرازی فی تفسیره الکبیر فی ذیل تفسیر سورة الکوثر ، والاسدآبادی فی المغنی فی آداب التوحید والعدل : 16 /420 ، والصفوری فی نزهة المجالس : 2 /93 ، والعباسی فی عمدة الاخبارفی مدینة المختار : 145، وابن الصبان المصری فی اسعاف الراغبین : 177 مرسلاً. و أورده محب الدین الطبری فی الریاض النضرة : 2 /179 عن أسماء بنت عمیس. و أخرجه الدیارالبکری فی تاریخ الخمیس فی أحوال نفس النفیس : 2/ 58 ، والکازرونی فی المنتقی: 149 ، وددة الحنفی فی تاریخ الاسلام والرجال: 15 ، والقاضی عیاض فی الشفاء بتعریف حقوق المصطفی :240 ، والقندوزی فی ینابیع المودّة :287 ، والنوبری المصری فی نهایة الارب :18 /310 ، وابن کثیر فی البدایة والنهایة :6 /282 ، وفی تفسیره :5 /75 ، والمیبدی الیزدی فی شرح دیوان امیر المؤمنین : 186 (مخطوط) و الشوکانی فی القوائد المجموعة: 118 ، والبدخشی فی مفتاح النجا:36( مخطوط) من طریق الطحاوی باسناده عن أسماء بنت عمیس. والقوشجی فی شرح التجرید : 4/ 330. و السمهودی فی وفاء الووفاء : 2/ 33 ، والعباسی فی مدینة المختار :145( مخطوط) من والشافعی فی المناقب : 196( مخطوط) من طریق ابن المغازلی باسناده عن اسماء . طریق القاضی عیاض باسناده عن اسماء. و محب الدین الطبری فی الریاض النضرة : 2 /179 ، والقاوقجی المشیشی فی اللؤلؤ المرصوع :39 من طریق الدولابی باسناده عن الحسن بن علیّ علیهما السلام. و السیوطی فی الخصائص الکبری :2 /82 من طریق ابن مرویه باسناده عن أبی هریرة والسخاوی فی المقاصد الحسنة :226 ، والسهمودی فی خلاصة الوفاء : 313(مخطوط) والعجلونی فی الدرر المنتشرة :234 من طریق ابن مندة و ابن شاهین باسنادهما عن أسماء ، ومن طریق ابن مردویه باسناده عن ابی هریرة. والسیوطی فی الخصائص الکبری :2 /82 من طریق ابن مندة و ابن شاهین و الطبرانی باسانیدهم عن أسماء. و أحمد زینی دحلان الشافعی فی السیرة النبویة :3 /126 من طریق الطحاوی والقاضی عیاض و ابن مندة وابن شاهین باسانیدهم عن أسماء ، ومن طریق ابن مردویه باسناده عن ابی هریرة ، والأمر تسری فی أرجح المطالب : 687 من طریق الطحاوی وابن شاهین وابن مندة باسانیدهم عن أسماء ومن طرق ابن مردویه باسناده عن أسماء و أبی هریرة. والعینی الحنفی فی مناقب علیّ (علیه السلام) :18 من طریق الطحاوی و الطبرانی ، والنقشبندی فی مناقب العشرة :19( مخطوط) من طریق الدولابی و الحاکمی باسانیدهم عن اسماء. والهندی فی وسیلة النجاة : 167 من طریق ابن شاهین و ابن منذر باسنادهما ، ومن طریق ابن مردویه باسناده عن أسماء و أبی هریرة. والنبهانی فی الأنوار المحمدیّة : 272من طریق القاضی عیاض ، عن الطحاوی والطبرانی و ابن مندة و ابن شاهین بأسانیدهم عن أسماء ، ومن طریق مردویه باسناده عن أبی هریرة و العینی الحیدرآبادی فی مناقب علی :34 من طریق الطحاوی و ابن شاهین وابن منذر وابن مردویه والطبرانی و ابن شیبة بأسانیدهم عن أسماء ، و من طریق ابن سمان و ابن مردویه و ابن شاذان بأسانیدهم عن أبی هریرة. و من طریق ابن شاذان و ابن مردویه باسنادهما عن علیّ علیه السلام. و من طریق الدولابی و الطبرانی و ابن مردویه بأسانیدهم عن جابر و غیرهم. والقاری الهروی فی الموضوعات (الکبیر): 40 من طریق الطحاوی و القاضی عیاض و ابن مندة وابن شاهین وغیرهم کالطبرانی فی الکبیر و الاوسط . و محب الدین الطبری فی الریاض النضرة : 2 /179 -180 من طریق الحاکمی باسناده عن أسماء ومن طریق الدولابی باسناده عن الحسن بن علیّ علیه السلام. والهندی فی کنز العمال : 6 /277 عن أبی الحسن شاذان الفضلی العراقی فی کتاب ردّ الشمس والقندوزی فی ینابیع المودّة : 1 /38 عن کتاب الارشاد ، عن امّ سلمة و أسماء و جابر و أبی سعید الخدری و غیرهم من جماعة الصحابة رضی الله عنهم ، و فی ص 137 و 138 و ج2/ 8 عن جمع الفوائد و مشکل الآثار و الصواعق المحرقة و شارح الکبریت الاحمر و الشفاء. و أخرجه فی احقاق الحقّ : 5/ 522 -536 ، و ج 16/ 315- 331 و فضائل الخمسة من الصحاح السنة :2 /119 -122 عن معظم المصادر أعلاه. و للحدیث تخریجات أخر ترکناها خشیة الاطناب. و تقدّم نحوه فی ص 52 ح 81، و فیه تخریجات آخر فراجع.

ص: 500

ص: 501

ص: 502

14-ومنها: أنّ أعرابيّاً قال للنبي: بما أعرف أنّك رسول الله ؟ فقال : أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة و أتاني ، أتشهد أنّي رسول الله ؟ قال : نعم .

فدعا العذق فنزل من النخلة حتّى سقط في الأرض، فجعل ينقز(1) حتّى أتى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فقال الأعرابي : أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّك رسول الله .

ثم قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للعذق : ارجع . فرجع إلى مكانه . وكان عامریّاً فخرج إلى قومه وقال: یا آل عامر بن صعصعة والله لا اكذّبه بشيء أبداً.(2)

15- ومنها: ما روي عن أبي ذر قال: دخلت على النبیّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) [يوماً] (3) فقال : ما فعلت غنيماتك ؟ قلت: إنّ لها قصّة عجيبة، بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي، فقلت

ص: 503


1- قال ابن الأثير في النهاية : 5/ 105 في حديث ابن مسعود «كان يصلي الظهر والجنادب تنقز من الرمضاء» أي تقفز و تثب
2- رواه المصنف في قصص الأنباء: 287 (مخطوط)، باسناد عن ابن بابویه ، عن ابن حامد، عن أبی علی حامد بن محمّد بن عبدالله عن علي بن عبدالعزيز، عن محمّد سعيد الأصفهانی عن شريك ، عن سماك ، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ، عنه البحار : 17 /368 صدرح17 ، واثبات الهداة : 2/ 130 ح546 مختصراً . وفي صحيح الترمذی: 5/ 594 ح 3628 باسناده عن محمّد بن اسماعيل ، عن محمّد بن سعيد عنه فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 1 74. وتقدم نحوه في ج 1 /26 ح 10
3- من البحار.

في نفسي : لا أقطع الصلاة ، فأخذ حملا (1) ذهب به وأنا أحسّ به، إذ أقبل على الذئب أسد فاستنقذ الحمل [منه](2) وردّه في القطيع، ثمّ ناداني : يا أباذر أقبل على صلاتك فانّ الله قد و كّلني بغنمك، فلمّا فرغت، قال لي الأسد: امض إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأخبره أنّ الله أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ، و وکّل أسداً بغنمه(3).

فعجب من [كان] حول رسول الله [من ذلك] .(4)

16- ومنها: أنّ أعرابيّاً من بني سليم جاء إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقد اصطاد ضبّاً(5) وهو في كمّه ، فقال [يا محمّد] : لاأؤمن بك حتّي ينطق هذا الضبّ . فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : یا ضبّ من أنا ؟ فقال : أنت محمّد بن عبد الله، اصطفاك الله حبيباً. بأسلم السلمي .(6)

17- ومنها: أنّ أبا عبد الله ( علیه السلام) سئل : هل علّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حذيفة أسماءالمنافقين؟ فقال: لا، ولكن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمّا كان في غزوة تبوك كان يسير على ناقته والناس أمامه، فلمّا انتهى إلى العقبة(7) وقد جلس عليها أربعة عشر رجلا: ستة من قريش، وثمانية من أفناء الناس ، أو على عكس ذلك - والشك من الراوي-.

فأتاه جبرئيل فقال: إنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً قد قعدوا لك على العقبة لينفروا ناقتك.

ص: 504


1- الحمل: الخروج إذا بلغ ستّة أشهر.
2- «من بدیه» ط
3- «يحفظ غنمه» ه
4- عنه إثبات الهداة : 2 /120 ح524 . والبحار :17 /414 ح 44 وعن مناقب ابن شهر اشوب : 1 /87 مرسلاً . ورواه المصنف في قصص الانبياء : 301(مخطوط) باسناده عن ابن بابویه
5- الضبّ: بفتح الضاد حيوان بری معروف يشبه الورل (حياة الحيوان : 1 /636 وأورد الحديث مفصلا فراجع)
6- أورده المصنف في قصص الانبياء : 305 (مخطوط) عن ابن عباس مثله ، عنه البحار :17/ 401 ح17
7- العقبة : منزل في طريق مكة بعد واقصة، وقبل الفاع لمن يريد مكّة، وهو ماء لبنی عكرمة من بكر بن وائل (مراصد الاطلاع: 2 /948

فناداهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : يافلان ويافلان بن فلان أنتم القعود لتنفروا ناقتي ؟

وكان حذيفة خلفه، فلحق . فقال : يا حذيفة سمعت ؟ قال: نعم. قال: اكتم.(1)

18 ومنها : ماروي عن موسی بن جعفر ، عن أبيه ( علیهم السلام): إنّ أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كانوا جلوساً يتذاكرون وفيهم عليّ ، إذ أتاهم يهوديّ ، فقال: يا أمّة محمّد ما تركتم درجة للانبياء إلا نحلتموها(2) لنبيّكم.

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): إن کنتم تقولون أنّ موسی كلّم ربّه على طور سينا(3) فإنّ الله كلّم محمّداً في السماء السابعة . و لئن قالت النصارى : إنّ عيسى أبرأ العميان و أحيي الموتى ، فإنّ محمداً لمّا سألته قريش إحياء میّت ، دعاني وبعثني معهم إلى المقابر، ودعوت الله ، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم باذن الله .

وإنّ أبا قتادة بن ربعي الأنصاري شهد وقعة أحد فأصابته طعنة في عينه ، فبدرت حدقته(4) فأخذها بيده، وأتی بها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال: إنّ امرأتي الآن تبغضني، فأخذها

ص: 505


1- أورده المصنف في قصص الانبياء : 304(مخطوط) بالاسناد عن الصدوق ، عن أبيه، عن سعد ، عن ابراهيم بن مهزیار ، عن أخيه على، عن نصر ، عن موسى بن بكر قال : قال بعض أصحابنا لابی عبدالله علیه السلام . مثله، عنه البحار : 21 /233 ح 10.
2- الانتحال : ادعاء قول أو شعر يكون قائله غيره
3- قال الصدوق في معانی الاخبار : معنى طور سيناء أنّه كان عليه شجرة الزيتون وكل جبل لا يكون عليه شجرة الزيتون أو ما ينتفع به الناس من النبات أو الأشجار من الجبال فإنّه يسم جبلا وطوراً ولا يقال طور سيناء ولا طور سنیی (قاله الطريحي في مادة طور وقيل جبل البركة ، وقيل الجبل المشجر ، وقيل غير ذلك. راجع كتب التفاسير في سورة المؤمنون : 20 «وشجرة تخرج من طور سيناء ...»
4- حدقة العين : سوادها الأعظم

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فوضعها مكانها، فلاتعرف إلّا بفضل حسنها وضوئها على العين الأخرى.

ولقد بارز عبد الله بن عتيك فأبين(1) يده، فجاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ليلاً ومعه يده المقطوعة فمسح عليها ، فاستوت بده .(2)

19- و منها : أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان إذا أراد حاجة أبعد في المشي ، فأتی یوماً وادياً لحاجة فنزع خفّه(3) و قضى حاجته ، ثمّ توضّی وأراد لبس خفّه فجاء طيرأخضر ، فحمل الخف وارتفع به ، ثمّ طرحه فخرج منه أسود(4) .

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هذه كرامة أكرمني الله بها .

«اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شر من يمشي على بطنه ، ومن شر جسد يمشي على رجلين ، ومن شرّ من يمشي على أربع ، ومن شر كل ذي شر ، ومن شر كل دابّة أنت آخذ بناصيتها ، إنّ ربّي على صراط مستقیم» . (5)

ص: 506


1- أبان الشيء : قطعه و فصله
2- أورده المصنف في قصص الانبياء : 305 ( مخطوط) . بالاسناد عن الصدوق ، عن الحسن بن حمزة العلوي عن محمّد بن داود ، عن عبد الله بن أحمد الكوفي، عن سهل بن صالح ، عن ابراهيم بن عبدالرحمان ، عن موسی بن جعفر ، عن آبائه صلوات الله عليهم عنه البحار 17 /249ح3، وج : 20 /113 ح 42
3- الخف : ما يلبس في الرجل . قال بعض الشارحین : ظهر عندي من اطلاقات أهل الحرمين ومن تتبع الاحادیث اطلاق الخف على ما يستر ظهر القدمين سواء كان له ساق أو لم يكن (مجمع البحرین مادة خفف) ومنه الحديث «سبق الكتاب الخفين» يريد أنّ الكتاب أمر بالمسح على الرجل لا الخف فالمسح على الخفين حادث بعده
4- الأسود : الحية العظيمة
5- أورده المصنف في قصص الانبياء :311 بالاسناد الى الصدوق ، عن أحمد بن الحسين ، عن جعفر بن شاذان ، عن جعفر بن علی بن نجيح ، عن ابراهيم بن محمّد بن میمون ، عن مصعب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، عنه البحار : 2 /57 ح5،و ج17/ 405 ح24 و ج 95/ 141 ح 4و ، و مستدرك الوسائل : 8/ 298 ح5.

20- و منها : أنّه كان لكل عضو من أعضاء النبي معجزة :

فمعجزة الرأس:هو(1) أنّ الغمامة أظلت على رأسه .

ومعجزة عينيه : أنّه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه .

ومعجزة أذنيه : هي أنّه كان يسمع الأصوات في النوم كما يسمع في اليقظة .

و معجزة لسانه : أنّه قال للضب(2): من أنا ؟ فقال : أنت رسول الله .

و معجزة يديه:أنّه خرج من بين أصابعه الماء .

و معجزة رجليه : أنّه كان لجابر بئر ، ماؤها زعاق (3) ، فعطش فشكا إلى النبيّ (صلّی الله علیه و آله وسلّم) فدعا بطشت وغسل رجليه فيه وأمر باهراق(4) ذلك الماء فيها ، فصار ماؤها عذباً .

ومعجزة عورته : أنّه ولد مختوناً.

و معجزة بدنه : هي أنّه لم يقع ظلّه على الأرض ، لأنّه كان نوراً ، لا يكون من النور الظلّ كالسراج.

ومعجزة ظهره : ختم النبوة ، كان على كتفيه مكتوباً(5) « لا إله الا الله محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) » .(6)

21- ومنها : أن أنسأ قال : أرسلتني أمّي - أم سليم - إلى النبي (صلّی الله علیه و آله وسلّم)بشيء

ص: 507


1- «رأسه الشريف» ط، إثبات الهداة . «رأسه» البحار
2- «للظبي» إثبات الهداة ، البحار
3- الزعاق : الماء المر، الغليظ الذي لايطاق شربه
4- هرق الماء : صبه
5- «ختم النبوة بين كتفه مکتوباً» ط. «خاتم النبوة بين كتفيه مكتوباً فيه» ط ه . وفي البحار «كتفه» بدل «کتفیه»
6- عنه إثبات الهداة : 2/ 120 ح 525 ، والبحار : 7 /299 ح10. وفي البحار: 16 /176-179 جمع من معجزات كل عضو من أعضائه صلی الله علیه و آله

صنعته وهو مدّ من شعير طحنته ، و عصرت عليه عكّة(1) كان فيها سمن ، فقام النبي (صلّی الله علیه و آله وسلّم) ومن معه فدخل عليها ، ودخلوا وأكلوا وشبعوا حتّى أتي عليهم.

فقيل لأنس : كم كانوا ؟ قال : أربعين .(2)

22- ومنها : ما روي عن الرضا ، عن أبيه (علیهما السلام): كنت عند أبي يوماً وأنا طفل خماسي ، إذ دخل عليه نفر من اليهود فسألوه عن دلائل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) . فقال لهم :سلوا هذا ؟ فقال أحدهم : ما أعطي نبيّكم من الآيات الّتي نفت الشك ؟.

قلت: آيات كثيرة ، إسمعوا وعوا أنتم تدرون أنّ الجن كانت تسترق السمع قبل مبعث نبي الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم) فمنعت في أول رسالته بالرجوم (3) .

ص: 508


1- العكة : زقيق للسمن أصغر من القربة ، جمعهاعكك
2- أورده المصنف في قصص الانبياء : 310 بالاسناد الى الصدوق ، عن محمّد بنهارون ، عن موسى بن هارون ، عن حماد بن زيد ، عن هشام ، عن محمد، عن أنس ، قال : أرسلتني ام سلیم مثله . عنه إثبات الهداة : 2 /132 ح 552 ، والبحار :18 /26 ح14. وروى مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري في كتابه «صحیح مسلم» : 3 /1612 ح 142 عن يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك بن أنس ، عن اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة ، أنه سمع أنس بن مالك بقول : قال أبو طلحة لأمّ سلیم (مثله)، والبيهقي في السنن الکبری : 7 /273 باسناده الى اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة أنّه سمعأنس بن مالك ... مثله
3- أشار عليه السلام الى قوله تعالى في سورة الحجر : 18 «إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ». قال الفيض في تفسير الصافي عن أمالي الصدوق : 235 عن الصادق عليه السلام : كان ابليس يخترق السماوات السبع فلما ولد عيسى عليه السلام ... فلما و لد رسول الله صلی الله علیه و آله حجب عن السبع كلها ورميت الشياطين بالنجوم وقالت قریش: هذا قيام الساعة ... والی قوله تعالى في سورة الجن : 8 و 9 «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا *وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا »راجع كتب التفاسير

و بطلان الكهنة والسحرة.

وأنّ أبا جهل أتاه وهو نائم خلف جدار ومعه حجر يريد أن يرميه ، فالتصق بكفّه(1).

ومن ذلك كلام الذئب ، و کلام البعير .

وأنّ امرأة عبدالله بن مشکم(2) أتته بشاة مسمومة ومع النبيّ بشر بن [البراء بن] عازب ، فتناول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الذراع وتناول بشر الكراع، فأمّا النبي فلاكها ولفظها ، وقال :إنّها لتخبرني أنّها مسمومة ، وأمّا بشرفلاکها و ابتلعها فمات ، فأرسل إليها فأقرّت.

قال : ما حملك على ما فعلت؟ قالت : قتلت زوجي و أشراف قومي .

فقلت : إن كان ملكاً قتلته ، وإن كان نبيّاً فسيطلعه الله على ذلك .

و أشياء كثيرة ، فعدّها عليهم فأسلم اليهود و کساهم أبو عبدالله و وهب لهم.(3)

23-و منها: ماروي عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق ، عن آبائه، عن عليّ ( علیهم السلام) قال : خرجنا مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في غزاة فعطش الناس ، ولم يكن في المنزل(4) ماء

و كان في إناء قليل ماء، فوضع أصابعه فيه فتحلّب منها الماء ، حتّی روی الناس والابل والخيل وتزود الناس ، و كان في العسكر إثنا عشر ألف بعير، والخيل إثنا عشر ألف فرس، والناس ثلاثين ألفاً.(5)

ص: 509


1- تقدم ص 24 ح3
2- «مشكوم» ه . و تقدم الخبر في ص27ح13
3- عنه البحار: 17/ 408 ح37 ذيله، رواه في قرب الاسناد : 132 عن الحسن بن ظریف،عن معمر ، عن الرضا ، عن أبيه عليهما السلام ، عنه إثبات الهداة : 1 /457 ح 70،والبحار : 17/ 225 ح 1 ، وحلية الابرار : 1 /27 ومدينة المعاجز : 404ح 172،وأورده المصنف في قصص الأنبياء : 309 (مخطوط) بالاسناد عن ابن بابويه ، عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن الحسن بن ظریف
4- المنزل : مكان النزول
5- عنه البحار : 18/ 25 ح3، وعن قصص الانبياء(للمصنف) : 310(مخطوط). بالاسناد الى الصدوق، عن أبيه، عن حبيب بن الحسن، عن محمّد بن عبدالحمید العطار ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضل بن عمر مثله ، وعنه إثبات الهداة : 2 /132 ح 551

24- و منها : ما روي عن مخزوم بن هانىء المخزومي، عن أبيه. وقد أتى عليه مائة وخمسون سنة - قال : لمّا كانت الليلة الّتي ولد فيها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ارتجس إيوان كسرى(1) وسقطت منه أربعة عشر شرفة (2) و خمدت نار فارس ، وما كانت(3)تخمد قبل ذلك بألف سنة ، وغاضت بحيرة ساوة (4) ..

ورأى الموبذان(5) في النوم أيضاً إبلاصعاباً تقود (6) خيلاعراباً ، قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادنا(7) .

فلمّا أصبح کسری راعه ذلك وأفزعه، وتصبّر عليه تشجّعاً ، ثمّ رأى أن لایدّخر ذلك عن وزرائه و مرازبته(8) فجمعهم و أخبرهم بما هاله(9) فبينا هم كذلك إذ أتاه کتاب بخمود نار فارس. فقال له الموبذان: وأنا رأيت رؤيا، ثمّ قصّها [عليهم].

فقال : أي شيء يكون یا موبذان ؟ قال: حدث يكون من ناحية العرب .

ص: 510


1- ارتجس البناء: تحرك واهتز فسمع له صوت . والایوان: المكان المتسع من البيت يحيط به ثلاثة حيطان، ومنه أيوان کسری بمعنی قصره .و کسری :هو أنوشیروان . و معناه مجدد الملك، لاند جمع ملك فارس الكبير بعد شتات . (السيرة النبوية لابن هشام : 1 /64)
2- الشرفة من القصر : ما أشرف من بنائه
3- «لم» ه
4- ساوة : مدينة حسنة بين الري وهمذان (مراصد الاطلاع: 2/ 685) .وغاض الماء : نقص أو غار . وفي ط ، م خ ل ، ه «فاض وادی سماوة
5- الموبذان للمجوس: كقاضي القضاة الممسلين ( لسان العرب: 3/ 511 ) و قيل: أعلمهم أو فقيههم
6- «تقودها» ط. وكذا ما يأتي
7- «بلادها» ه
8- قال ابن الأثير في النهاية :4 /318: فيه «أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم» هو بضم الزاي: أحد مرازبة الفرس، و هو الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك وهو معرب انتهى ، وقيل : الرئيس. وفي ط ، ه «وأقربائه»
9- هاله : أفزعه . وفي ه «ناله»

فكتب كسرى إلى النعمان بن المندر(1):وجّه إليّ برجل عالم(2) [ بما ] أريد أن أسأله عنه ، فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمر بن نفيلة الغسّاني ، فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام(3) يقال له : سطيح(4)

قال : اذهب إليه، فاسأله و آتني بتأويل ما عنده .

فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشرف على الموت ، فسلّم عليه فلم يحر جواباً(5).

ص: 511


1- هو عامل کسري على الحيرة وما يليها من أرض العراق
2- «رجلا عارفاً» ط ، ه
3- قال ابن منظور في لسان العرب : 9/ 174 : وفي حديث سطيح : يسكن مشارف الشام هي كل قرية بين بلاد الريف و بين جزيرة العرب، قيل لها ذلك لأنّها أشرفت على السواد. ويقال لها أيضاً المزارع والبراغيل ، وقيل : هي القرى التي تقرب من المدن
4- قال ابن منظور في لسان العرب : 2/ 483 : وسطیح : هذا الكاهن الذئبی، من بنی ذئب ، كان يتكهن في الجاهلية، وسمي بذلك لأنّه كان اذا غضب قعد منبسطأ فيما زعموا. وقيل: سمي بذلك لأنّه لم يكن له بین مفاصله قصب تعمده ، فكان أبداً منبسطاً منسطحاً على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود . ويقال : كان لاعظم فيه سوی رأسه
5- قال ابن الأثير في النهاية : 1 /458 : ومنه حديث سطيح «فلم يحر جواباً» أي لم يرجع ولم يرد «انتهی». وزاد في كمال الدين فأنشأ عبد المسيح يقول : أصم أم يسمع غطريف اليمن ***أم فاز فازلم به شأو العنن یا فاصل الخطة أعيت من ومن ***و کاشف الكربة في الوجه الغضن أتاك شیخ الحي من آل سنن ***و امه من آل ذئب بن حجن أزرق ضخم الناب صرار الأذن ***أبيض فضفاض الرداء و البدن رسول قيل العجم کسری للوسن ***لا يرهب الرعد ولاريب الزمن تجوب في الارض علنداة شجن ***ترفعني طوراً و تهوی بی دجن حتی أتی عاری الجاجي والقطن ***تلفه في الريح بوغاء الدمن فلمّا سمع سطيح شعره فتح عينيه ، فقال : عبدالمسیح ...

ثم قال عبد المسيح : على جمل مشیح(1) أتى إلى سطيح ، وقد أوفي على الضريح(2) : بعثك ملك ساسان(3) لارتجاس الايوان ، و خمود النيران ، و رؤيا الموبذان : «رأي إبلاصعاباً تقود خيلا عراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلاده (4)»

[فقال:] يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، و ظهر صاحب الهراوة(5) وفاض وادي سماوة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطیح شاماً(6) يملك منهم ملوك و ملكات على عدد الشرفات ، و كل ما هو آت آت.

ثم قضى سطيح مكانه .

فنهض عبد المسيح(7) و قدم علی کسری و أخبره بما قال سطيح ، فقال لي : إلى

ص: 512


1- قال ابن منظور في لسان العرب : 2/ 500 : وفي حديث سطيح «على جمل مشيح» أي جاد مسرع . وفي كمال الدين : يسيح
2- الضريح : الشق في وسط القبر واللحد في الجانب
3- هذا في ه ، و في غيرها «بنی ساسان» و ساسان : اسم كسرى، وأبو ساسان : من کناهم وقال بعضهم : انّما هو أنو ساسان. وقال الليث : أبوساسان كنية كسرى وهو أعجمی(لسان العرب: 6/ 109)
4- «بلادها» المصادر
5- قال ابن الأثير في النهاية : 5/ 261: ومنه حديث سطيح «و خرج صاحب الهراوة» أراد به النبی صلی الله عليه و آله، لأنّه كان يمسك القضيب بيده كثيراً، وکان یمشی بالعصا بين يديه ، و تغرز له فيصلي اليها
6- «مقاماً» ه
7- وزاد في كمال الدين : فنهض عبدالمسیح الى رحله وهو يقول : شمر فإنّك ماضي العزم شمیر ***لايفز عنك تفریق و تغییر أن يمس ملك بني ساسان أفرطهم ***فان ذا الدهر أطوار دهاریر و ربما كان قد أضحوا بمنزلة ***تهاب صولهم الأسد المهاصير فيهم أخوالصرح بهرام و أخوته ***والهرمزان و سابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا ***أن قد أقل فمحقور ومهجور و هم بنو الأم أما أن رأو نشباً ***فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشر مقرونان في قرن ***فالخير متبع والشر محذور

أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً ، كانت امور .

فملك منهم عشرة في أربع سنين، والباقون إلى إمارة عثمان .(1)

25- ومنها : ما روي عن زياد بن الحارث الصدائي(2) - صاحب النبي(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) -أنّه بعث جيشاً إلى قومي ، قلت : يا رسول الله أردد الجيش وأنا(3) لك باسلام قومي ، فردّهم .

فكتب إليهم [كتاباً](4)، فقدم وفدهم باسلامهم .

فقال : إنّك لمطاع في قومك. قلت : بل الله هداهم إلى الاسلام .

فكتب لي كتاباً يؤمّرني [عليهم] .

قلت : [ یارسول الله ] مر لي بشيء من صدقاتهم . فكتب [لي بذلك] .

و كان في سفر له فنزل منزلاً ، فأتاه أمل ذلك المنزل يشكون عاملهم . فقال : لا خير في الامارة لرجل(5) مؤمن . ثمّ أتاه آخر ، فقال: [یا رسول الله] أعطني .

ص: 513


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 191 ح 38 عن أحمد بن محمّد بن رزمة ، عن الحسن بن علی بن نصر، عن علي بن حرب الموصلي ، عن يعلى بن عمران من ولد جریر بن عبدالله ، عن مخزوم بن هانیء ، عن أبيه ، عنه إثبات الهداة: 1 347 ح53 وص511ح123 ، والبحار : 15/ 263 ح 14 . وأورده الطبرسي في أعلام الوری : 11، قال : ما رواه الاستاد أبو سعيد الواعظ الزاهد الخرکوشی باسناده عن مخزوم بن هانىء ، عنه إثبات الهداة المذكور . وأورده المصنف في قصص الانبياء : 267 (مخطوط) بالاسناد الصحيح عن المخزوم ابن هلال المخزومي عنه إثبات الهداة: 1 /511 ذح123. وأورده اليعقوبي في تاريخه : 2 /8 مرسلا
2- قال ابن الأثير في اسد الغابة : 2 /213 : زیاد بن الحارث الصدائی . وصداء حي من اليمن نزل مصر ، وهو حليف بني الحارث بن کعب بن منجح بايع النبي صلى الله علیه و آله و أسلم وأذن بني يديه . وذكر الخبر . و في م «الصدای»
3- «أنا أضمن» ه
4- من البحار
5- «الا لرحل» ط

فقال : من سأل الناس عن ظهر غنى(1) ، فصداع في الرأس ، وداء في البطن .

فقال : اعطني من الصدقة .

فقال : إنّ الله لم يرض فيها بحكم نبيّ ولا غيره ، حتّى حكم هو فيها، فجزّأها ثمانية أجزاء(2) ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيناك حقّك .

قال الصدائي : فدخل في نفسي من ذلك شيء، فأتيته بالكتابين.

قال : فدلّني على رجل أؤمّره عليكم ؟ فدللته على رجل من الوفد .

ثمّ قلنا : إنّ لنا بئراً ، إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها ، وإذا كان الصيف قلّ ماؤها وتفرقنا على مياه حولنا(3)، وقد أسلمنا ، و كلّ من حولنا لنا أعداء فادع الله لنا في بئرنا أن لا تمنعنا ماءها [في الصيف]، فنجتمع عليها و لا نفترق .

فدعا بسبع حصيات ففرّکهنّ في يده و دعا فيهنّ . ثمّ قال: اذهبوا بهذه الحصيات فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة ، واذكروا اسم الله .

قال زیاد : ففعلنا ما قال لنا ، فما استطعنا بعد [ذلك] أن ننظر إلى قعر البئر ببركة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). (4)

26 - ومنها : ما روي عن الباقر (علیه السلام) أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صلّى يوماً بأصحابه الفجر ثمّ جلس معهم يحدثهم حتّى طلعت الشمس ، فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتّی

ص: 514


1- قال ابن الأثير : 3 /165 : وفيه «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى . وقيل : أراد ما فضل عن العيال . والظهر قد يزاد في مثل هذا اشباعاً للكلام وتمكيناً ، كأنّ صدقته مستندة الى ظهر قوی من المال
2- وقد قال تعالى في سورة التوبة: 60 «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»
3- «حولها» م
4- عنه إثبات الهداة: 2 /121 ح 526 ، والبحار : 18 /34

لم يبق معه إلّا رجلان : أنصاريّ وثقفيّ .

فقال لهما رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قد علمت أنّ لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها ، فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني ، و إن شئتما فسلاني ، قالا : بل تخبرنا یارسول الله ، فإنّ ذلك أجلى للعمي ، وأبعد من الارتياب ، وأثبت للايمان .

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أّما أنت يا أخا الأنصار : فإنّك من قوم يؤثرون على أنفسهم و أنت قروي، وهذا الثقفيّ بدوي، أفتؤثره بالمسألة؟ قال: نعم. قال: أمّا أنت يا أخا ثقيف:

فإنّك جئت تسألني عن وضوئك وصلاتك ومالك فيهما . قال : نعم .

قال : فاعلم أنّك إذا ضربت يدك في الماء ، و قلت : بسم الله ، تناثرت الذنوب الّتي اكتسبتها يداك .

وإذا غسلت وجهك ويديك ، تناثرت الذنوب عن يمينك و شمالك .

و إذا مسحت رأسك و قدميك ، تناثرت الذنوب الّتي مشيت إليها على قدميك.

فهذا لك في وضوئك .

و إذا قمت إلى الصلاة و توجّهت و قرأت أم الكتاب وما تيسّر لك من السور ثمّ رکعت فأتممت ركوعها وسجودها و تشهّدت و سلّمت ، غفر لك کلّ ذنب فيما بينك وبين الصلاة الّتي قدمتها إلى الصلاة المؤخّرة، فهذا لك في صلاتك .

وأما أنت يا أخا الأنصار : فإنّك جئت تسألني عن حجّک و عمرتك ومالك فيهما من الثواب . قال : نعم . قال : فاعلم أنّك إذا توجّهت إلى سبيل(1) الحجّ ثمّ ركبت راحلتك ، وقلت بسم الله و مضت بك راحلتك، لم تضع راحلك خفّاً ولم ترفع خفّاً ، إلّا كتب الله لك حسنة، ومحا عنك سيّئة .

فاذا أحرمت ، و لبّيت : كتب الله لك بكل تلبية عشر حسنات ، ومحا عنك عشر سيّئات .

ص: 515


1- «سبيل ربك» م ، ه

فاذا طفت بالبيت اسبوعاً : كان لك بذلك عند الله عهد وذكر ، يستحي منك ربّك أن يعذّبك بعده .

فاذا صلّيت عند المقام رکعتین : كتب الله لك بهما ألفي ركعة مقبولة .

وإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط : كان لك بذلك عند الله مثل أجر من حجّ ماشياً من بلاده ، و مثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة .

فاذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس : فلو كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج(1) و زبد(2) البحر ، لغفر الله لك .

فاذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك(3) : كتب الله لك بكل قطرة من دمها حسنة يكتب لك لما يستقبل من عمرك .

وإذا طغت بالبيت اسبوعاً للزيارة ، وصلّيت عند المقام رکعتین ، ضرب ملك کریم على كتفيك ، فقال : أمّا ما مضى فقد غفر لك، فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم .

فقالا : جئنا لذلك، .(4)

ص: 516


1- عالج : باللام المكسورة، ثمّ الجيم: رمال بين فيد والقريات ينزلها بعض طییء ، متصلة بالثعلبية (مراصد الاطلاع: 2/ 911 )
2- الزبد ، بالتحريك : من البحر وغيره کالرغوة
3- البدن بالضم : سميت بذلك لعظم بدنها و سمنها ، وتقع على الجمل والناقة والبقرة عند جمهور أهل اللغة و بعض الفقهاء، وخصّها جماعة بالابل، وعن بعض الافاضل قال: اطلاقها على البقرة مناف لما ذكره أئمة اللغة من أنّها من الابل خاصة . ( قاله الطريحي في مجمع البيان : 6 /212 )
4- رواه ابن عيسى في النوادر : 139ح360عن عبدالله بن معاوية ، عن أبي عبدالله عليه السلام نحوه ، عنه البحار : 99/ 13 ح 42. وفي الكافي : 371 ح7 باسناده عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عنه البحار : 18 /128 ح37، وحلية الابرار : 1 /105 . وفي الكافي : 4 /261 ح 37 باسناده عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن اسماعیل عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام نحوه ، عنه الوسائل : 4 /677 ح7 و ج 8 /159 ح16. وفي الفقيه: 2/ 202 ح2138 باسناده عن الحسن بن محبوب، عنه التهذيب: 5/ 20 ح57.وفي أمالي الصدوق : 441 ح22 باسناده عن الحسين بن علي بن أحمد الصائغ ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، عن جعفر بن عبیدالله ، عن الحسن بن محبوب ، عنه البحار : 80 /230 ح 2 و ج 82 /205 ح6 قطعة وج 99/ 3 ح3، و مستدرك الوسائل 3/ 81 ح 9 قطعة . وفي الاربعين حديثة للشهيد الأول : 44 ح15باسناده عن الصدوق ، عن والده ، عن الشيخ أبي القاسم سعد بن عبدالله القمي، عن أبي جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القدمی عن الحسين بن سعيد الاهوازي ، عن فضالة بن أيوب الازدی ، عن العلاء عن محمّد بن مسلم ، عن الإمام أبي جعفر عليه السلام ، ثمّ قال : خرجه ابن أبي عمير ، عن معاوية ورفاعة ، و لم يذكر الوضوء ، عنه الوسائل : 4 /684 ب 1 ح 18، و البحار : 84 /220 ح4. وأورده في روضة الواعظين : 358 عن الباقر عليه السلام . وأخرجه في الوسائل : 1/ 276 ج12، و إثبات الهداة : 1 /481 ح 79 عن الفقيه والامالی . وفي الوسائل :8/ 154 ح7 عن التهذيب والفقيه و الامالی . وفی إثبات الهداة : 1 /424 ح 26 عن الكافي : 4 والفقيه ، وفي ص 486 ح 88عن التهذيب . وللحديث تخريجات اخر، فراجع

27 - ومنها : ما روي عن جرير بن عبدالله البجلي (1) [قال:] بعثني النبیّ

ص: 517


1- هو جرير بن عبدالله : أبو عمرو ويقال : أبو عبدالله البجلي. أسلم قبل وفاة الرسول (ص) بأربعين يوماً . وتوفي سنة احدى وخمسين . وقيل سنة أربع وخمسين . له ترجمه فی اسدالغابه: 1/ 280 ورجال الشيخ : 13 ، و معجم رجال الخوئی: 4/ 41 وغيرها

(صلی الله علیه و آله و سلم) بكتابه إلى ذي الكلاع وقومه(1) فدخلت عليه فعظّم كتابه ، و تجهّز و خرج في جيش عظيم . وخرجت معه ، فبينا نسير إذ رفع لنا دير(2) راهب ، فقال : أريد هذا الراهب ، فلمّا دخلنا عليه سأله(3) أين تريد ؟

قال : هذا النبي الّذي خرج في قريش ، وهذا رسوله .

قال الراهب : لقدمات هذا الرسول. فقلت: من أين علمت بوفاته ؟ قال : إنّكم قبل أن تصلوا إليّ كنت أنظر في كتاب دانیال فمررت بصفة محمّد ونعته وأيّامه(4) وأجله، فوجدت أنّه في هذه الساعة يتوفّی(5)، فقال ذو الكلاع: أنا أنصرف. قال جرير : فرجعت فإذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) توفّي ذلك اليوم .(6)

ص: 518


1- «ذى الكلاع و فوضه» م. »ذو الكلاع»: بالفتح ملك حمیری من ملوك اليمن من الأذواد. وسمی ذی الکلاع لأنّهم تكلموا على يديه أي تجمعوا «لسان العرب مادة كلع». وذكر في جمهرة أنساب العرب: 434 :... احاظه هؤلاء هم رهط ذي الكلام وهو سمیفع بن ناکور بن عمرو بن يعفر بن یزید وهو ذو الكلاع الأكبر بن نعمان ، قتل ذو الكلاع یوم صفين مع معاوية ... أقول:و لجرير خبر آخر رواه البيهقي باسناده عن جرير قال : قال لي رسول صلی الله علیه و آله: ألا تريحني من ذي الخلصة - اسم البيت الذي فيه الصنم - ... قال : فسرت اليها في مائة وخمسين فارساً من حمس، فأتيناها فحرقناها ناراً، قال وكان يقال لها كعبة اليمانية قدسيرت فيها نصب لهم ... (دلائل النبوة : 5 /348، السيرة النبوية لابن هشام :1 /89 ...)
2- رفع له الشيء : أبصره عن بعد . والدیر : مقام الرهبان والراهبات
3- «سأل» م
4- نعته : وصفه . وفي خ ل «بعثه وأيامه» . وفي ه «نعته و آیاته»
5- «توفي في هذه الساعة» ه ، البحار
6- عنه البحار : 15 /220 ح 40 و ج 20 /380 ح5 ، واثبات الهداة : 1 /380 ح107

28- ومنها: ما روي عن الحسن(1) بن علي في قوله تعالى : «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً » (2) قال : يقول الله(3) يبست قلوبكم معاشر اليهود كالحجارة اليابسة ، لا ترشح برطوبة ، أي أنّكم لا حقّ الله تؤدّون، ولا أموالكم(4) تتصدقون ولا بالمعروف تتكرمون،ولا للضيف تقرؤن(5)ولا مکروباً تغيثون ، ولا بشيء من الانسانيّة تعاشرون وتواصلون.

«أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً » أبهم على السامعين ولم يبن لهم، كمايقول القائل : أكلت لحماً أو خبزاً ، وهو لا يريد [ به ] أنّي لا أدري ما أكلت بل يريد [ به ] أن يبهم على السامع حتّى لا يعلم ماذا أكل ، و إن كان يعلم أنّه قد أكل أيّهما .

«وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ »(6) أي قلوبكم في القساوة بحيث لا يجيء منها خير یايهود، وفي الحجارة ما يتفجّر منه الأنهار فتجيء بالخير والنبات لبني آدم .

«وَإِنَّ مِنْهَا» أي وإنّ من الحجارة «للَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ (7) مِنْهُ الْمَاءُ» دون الأنهار ، و قلوبكم لا يجيء منها لاكثير من الخير ولا قليل.

«وَإِنَّ مِنْهَا» أي من الحجارة إن أقسم عليها باسم الله تهبط ، وليس في قلوبكم شيء منه .

فقالوا: زعمت یا محمّد أنّ الحجارة ألين من قلوبنا ، وهذه الجبال بحضرتنا فاستشهدها على تصديقك، فإن نطقت بتصديقك فأنت المحق، فخرجوا إلى أو عرجبل فقالوا : استشهده . فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):

ص: 519


1- «الحسین» ط ، نور الثقلين ، وهو تصحيف ، والمراد به الحسن العسکری علیه السلام
2- سورة البقرة : 74
3- «انّه يقول» ط
4- «ولا لاموالكم» نورالثقلین
5- فری و قراءاً الضيف: أضافه
6- سورة البقرة : 74. وكذلك کلّ ما بين قوسين منها
7- «فيقطر» م

«أسألك يا جبل بجاه محمّد و آله الطيّبين ، الّذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش علی کو اهل ثمانية من الملائكة(1) بعد أن لم يقدروا على تحريکه» .

فتحرك الجبل وفاض الماء ، فنادى : أشهد أنّك رسول رب العالمين، وأنّ قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت(2) أقسى من الحجارة .

فقال اليهود : أعلينا تلبّس(3) ؟ أجلست أصحابك خلف هذا الجبل(4) ينطقون بمثل هذا ، فإن كنت صادقاً فتنح من موضعك إلى ذي القرار(5) و مرهذا الجبل يسير(6) إليك ، ومره أن ينقطع نصفين ، ترتفع السفلي، وتنخفض العليا.

فأشار إلى حجر تدحرج ، فتدحرج ، ثمّ قال لمخاطبه : خذه و قرّ به فسيعيد عليك بما سمعت ، فإنّ هذا جزء من هذا(7) الجبل .

فأخذه الرجل فأدناه من أذنه ، فنطق الحجر بمثل مانطق به الجبل .

قال: فأتني بما اقترحت. فتباعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى فضاء واسع هناك ثمّ نادى: أيّها

الجبل بحق محمّد و آله الطيّبين لما اقتلعت من مكانك بأذن الله و جئت إلى حضرتي فتزلزل الجبل وسار مثل الفرس الهملاج(8) ونادى : ها أناسامع لك ومطيع ، مرني .

فقال: هؤلاء اقترحوا علي أن آمرك أن تنقطع من أصلك فتصير نصفين ، فينخفض أعلاك ويرتفع أسفلك. فتقطّع نصفين، فارتفع أسفله و انخفض(9) أعلاه، فصار فرعه

ص: 520


1- قال تعالى في سورة الحاقة : 17 : «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ »
2- «ذكرت» ه
3- لبس عليه الأمر: خلطه ، و لبس الشي : دلسه
4- «الجبال» م
5- القرار : المستقر والثابت المطئن من الأرض . ماقر ّفيه أي حصل فيه السكن أو السكون
6- «أن يسير من موضعه» ط ، ه
7- «حجز من ذلك» ه
8- الفرس الهملاج: الحسن السير في سرعة و بخترة
9- «انحط» م

أصله. ثمّ نادى الجبل : أهذا الّذي ترون، دون معجزات موسي الّذي تزعمون أنّكم به مؤمنون(1)؟

فقال رجل منهم : هذارجل تتأتّى له العجائب .

فنادى الجبل : يا أعداء الله أبطلتم بما تقولون نبوة موسى ، حيث كان وقوف الجبل فوقهم كالظلّة ، فيقال: هورجل يأتي بالعجائب .

فلزمتهم الحجّة وما أسلموا .(2)

29- و منها : ماروي عن(3) الوليد بن عبادة بن الصامت [قال:] بینا جابر بن عبدالله يصلّي في المسجد إذ قام إليه أعرابي فقال: أخبرني هل تكلّمت(4) بهيمة على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ قال: نعم .

دعا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على عتبة بن أبي لهب، فقال : قتلك (5) كلب الله .

فخرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوماً في صحب له حتّى إذا نزلنا(6) على مبقلة(7) مكّة خرج عتبة مستخفياً، فنزل في أقاصي أصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الناس لا يعلمون ليقتل محمّداً ، فلمّا هجم الليل، إذا أسد قبض على عتبة، ثمّ أخرجه خارج الركب ، ثمّ زار زئيراً لم يبق أحد من الركب إلّا نصت(8) له ، ثمّ نطق بلسان طلق، وهو يقول :

ص: 521


1- «تؤمنون» م
2- رواه في التفسير المنسوب للامام العسکری علیه السلام: 284ح141، عنه تأويل الايات : 1 /70 ح 45، والبحار : 9 /312 ح 11 و ج 17 /335 ح 16 و ج 70/ 161 ح18، والبرهان : 1 /112 ح1. وأورده المصنف في قصص الانبياء : 276 باختصار
3- «روی أن» البحار
4- «تلكلم» ه، البحار ، إثبات الهداة
5- «أكلك» ط ، البحار
6- «نزلوا» م
7- أرض بقلة ومبقلة : ذات بقل . وفي البحار «بمكة» بدل «مكة»
8- نصت ، وأنصت : سكت مستمعاً

هذا عتبة بن أبي لهب ، خرج من مكّة مستخفياً ، يزعم أنّه يقتل محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ثمّ مزقه قطعاً قطعاً ، و لم يأكل منه .

ثم قال جابر: وقد ثمل(1) قوم من آل ذريح و قينات(2) لهم ليلة ، فبينا هم في لهوهم(3) و لعبهم إذ صعد عجل على رابية(4) ، و قال لهم بلسان ذلق(5) : یا آل ذریح «أمر نجيح [صائح يصيح]، بلسان فصيح ، ببطن مكّة(6) ، يدعوكم إلى قول لا إله إلا الله ، فأجيبوه» فترك القوم [لهوهم و] لعبهم ، وأقبلوا إلى مكّة فدخلوا في الاسلام مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ثم قال جابر : لقد تكلّم ذئب أتی غنماً ليصيب منها ، فجعل الراعي يصدّه ويمنعه فلم ينته . فقال : عجباً لهذا الذئب .

فقال [ الذئب ]: ياهذا [ أنتم ] أعجب منّي، محمّدبن عبدالله القرشي يدعوکم ببطن مكّة إلى قول « لا إله إلا الله » يضمن لكم عليه الجنّة ، و تأبون عليه !

فقال الراعي: يا لك من طامّة(7) من يرعى الغنم حتّی آتیه فاؤمن به ؟

قال الذئب: أنا أرعى الغنم ، فخرج ودخل مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الاسلام .

ص: 522


1- ثمل : أخذ فيه الشراب فهو ثمل . و في ه «تمثل» وفي البحار «تثمل»
2- بنو ذریح : قوم ، في التهذيب : بنوذریح: من أحياء العرب «لسان العرب مادة : ذرح»والقينة : الامة غنت أو لم تغن والماشطة ، و كثيراً ما يطلق على المغنية في الاماء وجمعها قينات «لسان العرب مادة : قين». وفي ه، و البحار «فتيات» ، وفي م «له» بدل «لهم»
3- «أمرهم» م
4- الرابية : ما ارتفع من الارض
5- ذلق ذلاقة اللسان : كان ذليقاً أي فصيحاً . وفي ط «لسان عربی»
6- «ينطق بمكة» م . ط
7- يا لك من طامة : النداء للتعجب ، نحو «يا للماء» و«من» للبيان . و «الطامة» الأمر العظيم الداهية الكبرى «قاله المجلسی»

ثم قال جابر : ولقد تكلّم بعير كان لآل النجّار ، شرد عليهم ومنعهم ظهره ، فاحتالوا له بكل حيلة فلم يجدوا إلى أخذه سبيلا (1)، فأخبروا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فخرج إليه، فلمّا بصر به البعير برك خاضعاً باكياً.

فالتفت النبي إلى بني النجّار فقال : ألا إنّه يشكو كم أنّكم أقللتم علفه ، وأثقلتم ظهره . فقالوا : إنّه ذو منعة لايتمكّن(2) منه . فقال : انطلق مع أهلك . فانطلق ذليلا.

ثمّ قال جابر : تكلّمت(3) ظبيّة اصطادها قوم من الصحابة ، فشدّوها إلى جانب رحلهم ، فمرّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فنادته الظبيّة : يا نبي الله ، یا رسول الله . فقال : أيّتها النجداء(4) ماشأنك؟ قالت: إنّي حافل(5)، ولي خشفان(6) فخلّني حتّى أرضعهما(7) وأعود. فأطلقها، ثمّ مضى. فلمّا رجع إذا الظبيّة قائمة ، فجعل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوثقها ، فحسّ أمل الرحل به ، فحدثهم بحديثها، فقالوا: هي لك. فأطلقها،فتكلّمت بالشهادتين .(8)

ص: 523


1- «من سبیل» ط ، ه، البحار
2- «نتمكن» ط
3- «تکلم»م ، البحار
4- النجداء : التي تطلب النجدة ، والنجدة هي المعاونة والمساعدة
5- ضرع حافل : ممتلىء لبناً ، يقال «ناقة ، أو شاة حافل : كثير لبنها»
6- الخشف : ولد الظبي أول ما يولد
7- حتى أمضى وارضعهما
8- عنه إثبات الهداة : 2 /122 ح527 مختصراً ، والبحار : 17 /412 ح 42. وروى البيهقي في دلائل النبوة : 2 /338 باسناده إلى أبي نوفل بن أبی عقرب عن أبيه قال «كان لهب بن أبي لهب یسب النبي صلى الله علیه و آله و ساق نحو الحديث ... وأهل المغازي يقولون : عتبة بن أبي لهب، وقال بعضهم : عتيبة» . وتقدم نحو هذه الأحاديث في باب معجزاته صلى الله علیه و آله.

فصل-في ذكر أعلام فاطمة البتول عليها السلام

1- عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قلت له : كيف كانت ولادة فاطمة (علییها سلام)؟

قال: إنّ خديجة لمّا تزوّج بها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هجرها نسوة قريش ، فكنّ لايدخلن

عليها(1) ولايسلّمن عليها ، ولایترکن امرأة تدخل عليها ، فاستوحشت خديجة لذلك و كان جزعها وغمّها حذراً عليه .

فلمّاحملت بفاطمة (علیها سلام)كانت فاطمة تحدثها من بطنها ، و تصبّرها ، و كانت تكتم ذلك من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فدخل عليها يوماً، فسمع خديجة تحدث فاطمة (علیها سلام).

فقال لها : يا خديجة من تحدّثين ؟

قالت: الجنين الذي في بطني يحدّثني ويؤنسني .

قال: ياخديجة هذا جبرئيل يبشّرني بأنّها أنثى ، وأنّها النسل الطاهرة الميمونة وأنّ الله سيجعل نسلي منها ، وسيجعل من نسلها أئمّة ، و يجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه .

فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجّهت إلى نساء قريش: أن تعالين لتلين منّي ماتلي النساء من النساء . فأرسلن إليها : عصيتينا ، و لم تقبلي قولنا وتزوجت محمّداً، يتيم أبي طالب، فقيراً لامال له، فلسنا نجيء ولانني من أمرك شيئاً .

ص: 524


1- «منزلها» خ

فاغتمّت خديجة لذلك .

فبيناهي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنّهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهنّ لمّا رأتهنّ ، فقالت إحداهنّ : لاتحزني يا خديجة ، فإنّا رسل ربّك إليك ونحن أخواتك: أناسارة، وهذه آسية بنت مزاحم - وهي رفيقتك في الجنّة - وهذه مریم بنت عمران ، (وهذه كلثم بنت عمران - أخت موسی بن عمران - )(1) بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء ، فجلست واحدة عن يمينها ، و الاخرى عن يسارها(2) ، والثالثة بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة طاهرة مطهّرة.

فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتّى دخل بيوتات مكّة ، و لم يبق في شرق الأرض ، ولا غربها موضع إلّا أشرق من ذلك النور ، ودخل عشر من الحور العين بيد کلّ واحدة طشت من الجنّة ، وإبريق من الجنّة ، و في الابريق ماء من الكوثر ، فتناولتها المرأة الّتي كانت بين يديها ، فغسّلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضاً من اللبن ، وأطيب ريحاً من المسك والعنبر ، فلفّتها بواحدة وقنّعتها بالثانية ، ثمّ استنطقتها فنطقت فاطمة (علیها سلام)بالشهادتين(3) فقالت :

أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ أبي محمّد رسول الله ، سيد الأنبياء ، وأنّ بعلي علي سيّد الأوصياء ، وولدي سادة الأسباط، ثمّ سلّمت عليهنّ وسمّت کلّ واحدة باسمها ، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين(4)، وبشّر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة (علیها سلام) وحدث(5) في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك . وقالت النسوة : خذيها یا خديجة طاهرة مباركة(6) زكيّة ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها فتناولتها فرحة مستبشرة ، وألقمتها ثديها ، و كانت فاطمة (علیها سلام)تنمو في اليوم كما ينمو

ص: 525


1- «وهذه امّ البشر امنا حواء» ط ، ه
2- «شمالها» ه
3- «بالشهادة» ه
4- أضاف في ه :«بولادتها»
5- «وجد» خ
6- «مزکاة» م

الصبي في الشهر ، و تنمو في الشهر كما ينمو في السنة .

وقال أبو عبد الله (علیه السلام): [ فاطمة ] مكثت بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خمسة و سبعين يوماً و كان دخلها حزن شديد على أبيها ، و كان جبرئيل يأتيها ، ويطيّب نفسها(1) ويخبرها عن أبيها بمكانه(2) و يخبرها بما يكون بعده في ذريّتها ، وكان عليّ (علیه السلام) يكتب ذلك .(3)

ص: 526


1- في ط، ه: «تسمع صوته، ولاترى شخصه» بدل «يطيب نفسها»
2- «مکانه» م ، ط
3- عنه الايقاظ من الهجمة : 148 ح47 وص149 ح48، و عن أمالي الصدوق : 475ح1 باسناده عن أبي عبدالله أحمد بن محمّد الخليلي ، عن محمّد من أبي بكر الفقيه ، عن أحمد بن محمّد النوفلي ، عن اسحاق بن يزيد، عن حماد بن عيسى ، عن زرعة بن محمد عن المفضل بن عمر . ورواه الطبري في دلائل الإمامة : 8 باسناده عن أبي المفضل محمّد عبدالله بن المطلب الشيباني، عن موسی بن محمّد بن موسى الأشعري القمي ابن اخت سعد بن عبد الله، عن الحسن بن محمّد بن أبي اسماعيل المعروف بابن أبي الشورى ، عن عبدالله بن علي بن أشيم ، عن يعقوب بن زید الانباري ، عن همام بن عیسی بن زرعة بن عبدالله ، عن المفضل بن عمر ، عنه مدينة المعاجز : 135 ح 376 وعن الامالی (قطعة) . وفي مصباح الانوار (مخطوط) باسناده عن أبي المفضل الشيباني ، عنه البحار : 43 /2 ح1 وعن الأمالی . وأورده في روضة الواعظين : 173 ، ومناقب ابن شهر اشوب : 3 /118 عن المفضل بن عمر ، وفي ثاقب المناقب : 250 (مخطوط) عن مجاهد ، عن ابن عباس، باختلاف . وأخرجه في مقصد الراغب : 107 (مخطوط) عن كتاب أبي الحسن الفارسي باسناده عن أبي زرعة ، عن المفضل بن عمر . وفي العدد القوية : 222 ح 15 عن كتاب الدر، عنه البحار : 16 /80 ذح 20. وفي البحار : 6 /246 ح 79، واثبات الهداة : 2 /431 ، ح 305 قطعة ، وغاية المرام: 177 ح53 عن أمالي الصدوق . وفي عوالم العلوم : 11/ 17 ب 3 ح 1 عن الأمالی و مصباح الانوار والعدد ، وص111 ب1ح1 عن الأمالی و مصباح الانوار و کتاب الانوار . و أورده توفيق أبو علم في أهل البيت : 115، عنه احقاق الحق : 19 /4. وأورده الصفوری الشافعي في نزهة المجالس: 2 /227 نحوه . وأخرجه القندوزي في ينابيع المودة : 198 من طريق الملا، عن خديجة ، والدهلوی العظیم آبادی فی تجهيز الجيوش: 99(مخطوط) عن رسالة مدح الخلفاء الراشدين للشافعی. وأخرجه في احقاق الحق: 10 /12 عن النزهة والينابيع والتجهير

2- ومنها : أنّ أبا عبد الله (علیه السلام) قال(1) : إنّ بنات الأنبياء لا يحضن .

وقال : بعث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سلمان إلى دار فاطمة (علیها سلام) في حاجة ، فأصابها نائمة ، و الرحی تدور ، فأتاه فأخبره .

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له : الله علم ضعف فاطمة فرحمها (2) .(3).

ص: 527


1- «ما قال أبو عبدالله عليه السلام» ط
2- «انّ الله رحم فاطمة لعلمه بضعفها» ط، ھ
3- روی نحوه صدره الصدوق في علل الشرائع: 1 /290 ب 215 ح 1 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم ، عن أبي جميلة عن أبي جعفر عليه السلام ، عنه البحار: 12 /107 ح 22 و ج 43 /25 ح 21 و ج 81 /81 ح 2، وعوالم العلوم : 11 /73 ح2 ، ومستدرك الوسائل : 2 /38 ح7. وروی نحو ذيله الطبري في دلائل الإمامة : 48 باسناده عن أبي الحسن أحمد بن الفرج بن منصور بن محمّد ، عن أبي الحسن علی بن الحسين بن موسی بن بابويه القمي، عن أبي اسحاق ابراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي ، عن عثمان بن سعيد ، عن أحمد بن حماد ابن احمد الهمداني ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه، عن محمّد بن علی بن الحسين بن علی. وفي مقصد الراغب: 115 ( مخطوط ) باسناده عن أبي عبدالله محمّد بن على بن سويد عن محمّد بن ناصر ، عن أحمد بن عبدالملك المؤذن ، عن الشيخ أبي القاسم عبدالملك ابن محمّد بن بشران ، عن أحمد بن الفضل بن العباس، عن جعفر بن محمّد الازهري، عن سويد الحديثي، عن محمّد بن عمر الكلاعي، عن الشعبي ، عن ميمونة بنت الحارث . وأورد نحو ذیله ابن شهر اشوب في مناقبه : 3 /116 عن الحسن البصري وابن اسحاق عن عمار وميمونة ، عنه البحار : 45 /43 - 46 ح44 ، وعوالم العلوم : 11 /75ضمن ح4، وص98 ح23. وروی نحو ذيله العسقلاني في لسان المیزان : 5 /65 ، والخوارزمي في مقتل الحسين(علیه السلام) : 68 بإسنادهما عن ميموية بنت الحارث ، عنهما احقاق الحق : 10 /316. ویاتی نحوه ح7

3- ومنها : أنّ جابر بن عبد الله قال : إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أقام أيّاماً ولم يطعم طعاماً حتّی شقّ ذلك عليه ، فطاف في ديار أزواجه فلم يصب عند أحدهنّ(1) شيئاً ، فأتي فاطمة (علیها سلام)، فقال : يا بنيّة هل عندك شيء آكله ، فإنّي جائع؟

قالت : لاوالله بنفسي وامّي(2).

فلمّا خرج عنها بعثت جارة(3) لها رغيفين و بضعة لحم ، فأخذته ، ووضعته في(4)

جفنة، وغطّت عليها، وقالت: والله لاوثرنّ بهذا(5) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على نفسي ومن(6) غيري - و كانوا محتاجين إلى شبعة طعام - فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فرجع إليها ، فقالت : قد أتانا الله بشيء، فخبّأته لك.

فقال: هلمّي(7) يا بنيّة، فكشفت الجفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرت

إليه بهتت ، وعرفت أنّه من عند الله، فحمدت الله ، وصلّت على نبيّه - أبيها - وقدّمته إليه ، فلمّا رآه حمد الله ، و قال : من أين لك هذا ؟ قالت : «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ »(8).

ص: 528


1- «أحد منهنّ» من
2- «وأخي» البحار ، وفي ه: «لك الفداء» بدل « بنفسي وامی»
3- «جارية» البحار
4- «تحت» البحار
5- «بها» ه و البحار
6- «وعن» ه
7- أضاف في البحار : «علی»
8- سورة آل عمران : 37

فبعث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى عليّ ( علیه السلام) فدعاه ، وأحضره(1)، وأكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وجميع أزواج النبي حتّى شبعوا .

قالت فاطمة : وبقيت الجفنة كما هي ، فأرسلت منها على [جميع] جيراني ،وجعل الله فيها بركة ، وخيراً كثيراً .(2)

4- ومنها: أنّ أبا عبد الله (علیه السلام)قال : إنّ خديجة لمّا توفّیت، جعلت فاطمة تلوذ ب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، و تدور حوله(3) ، و تسأله : يا أبتاه (4) أين أمّي ؟ فجعل النبي(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لايجيبها ، فجعلت تدور و تسأله : يا أبتاه أین أمّي (5) ؟ و رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا يدري ما يقول. فنزل جبرئيل ( علیه السلام)فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام، و تقول لها :إنّ أمّك في بيت من قصب، كعابه(6). من ذهب ، و عمده یاقوت أحمر ، بين آسية

ص: 529


1- أضاف في : خ ل : «ثمّ أكل»
2- عنه البحار : 43 /27 ح30، وعوالم العلوم : 11 /116ح1 . ورواه في مقصد الراغب : 117 (مخطوط) باسناده عن جابر بن عبدالله الانصاری . و في فرائد السمطين : 52/ 51 باسناده عن جابر بن عبدالله . وأورده في ثاقب المناقب : 260 (مخطوط) عن جابر بن عبدالله . و أخرجه في المناقب : 3 /117 عن الثعلبي في تفسيره ، وابن المؤذن في الاربعين بإسنادهما عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله ، عنه البحار : 43 /68 ذح 60 وعن بعض كتب المناقب . ورواه ابن كثير في البداية والنهاية : 6 /111، وابن كثير أيضاً في تفسير القرآن: 2 /222، والخوارزمي في مقتل الحسين ( علیه السلام) : 57 ، والخثعمي في التكملة : 87 (مخطوط) بأسانيدهم عن جابر بن عبدالله ، عنهم احقاق الحق : 10 /314
3- «خلفه» خ ل
4- «یا رسول الله» البحار
5- «تدور على من تسأله» البحار
6- الكعب : عقدة ما بين الأنبوبين من القصب والقنا ، وقيل : هو انبوب ما بين کلّ عقدتين وقيل : الكعب هو طرف الأنبوب الناشز. وجمعه كعوب و کعاب

- امرأة فرعون - ومريم بنت عمران.

فقالت فاطمة (علیها سلام): إنّ الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام.(1)

5- ومنها : أنّ أمّ أيمن لمّا توفّيت فاطمة (علیها السلام)، حلفت أن لا تكون بالمدينة إذ لا تطيق النظر(2) إلى مواضع كانت ( علیها السلام) فيها(3) ، فخرجت إلى مكّة ، فلمّا كانت في بعض الطريق عطشت عطشاً شديداً ، فرفعت يديها وقالت : يا ربّ أنا خادمة فاطمة (علیها السلام)، تقتلني عطشاً!

فأنزل الله عليها دلواً من السماء ، فشربت ، فلم تحتج إلى الطعام والشراب سبع سنین . و كان النّاس يبعثونها(4) في اليوم الشديد الحر فما يصيبها عطش .(5)

6 - ومنها: أنّ سلمان قال : كانت فاطمة (علیها السلام)جالسة ، قد امّها رحى تطحن بها الشعير ، وعلى عمود الرحی دم سائل ، والحسين في ناحية الدار يبكي(6) فقلت :يا بنت رسول الله دبرت(7) کفّاك وهذه فضّة !

فقالت : أوصاني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن تكون الخدمة لها يوماً ولي يوماً ، فكان أمس يوم خدمتها .

قال سلمان(8): إنّي مولی عتاقة مّا أن أطحن الشعير ، أو أسكّت لك الحسين ؟ .

ص: 530


1- عنه البحار : 43 /27ح 1، وعوالم العلوم : 11 /114ح1
2- «أن تری» خ ل، «أن تنظر» البحار
3- «بها» خ ل
4- «يتبعونها» ط
5- عنه البحار 43 /28 ح32 ، وعوالم العلوم : 11 /120 ح 1. وأورد نحوه ابن شهر اشوب في المناقب 3 /117 عن علی بن معمر ، عنه البحار : 43 /46 ح45 ، وعوالم العلوم : 11 / 76ح5
6- «يتضور من الجوع» خ، ح م والبحار
7- الدبر - بالتحريك - : کالجراحة ، تحدث من الرحل و نحوه
8- أضاف في البحار : «قلت»

فقالت : أنا بتسكينه(1) أرفق ، وأنت تطحن الشعير ، فطحنت شيئاً من الشعير فإذا أنا بالاقامة ، فمضيت وصلّيت مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فلمّا فرغت قلت لعليّ( علیه السلام) مارأيت؟ فبكى و (2) خرج، ثمّ عاد يتبسّم ، فسأله عن ذلك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

قال : دخلت على فاطمة (علیها السلام)وهي مستلقية لقفاها ، والحسين نائم على صدرها ، و قدّامها الرحی ندور من غير يد ! فتبسّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقال : يا علي أما علمت أنّ لله ملائكة سيّارة في الأرض يخدمون محمّداً و آل محمّد إلى أن تقوم الساعة ؟!(3)

7 - ومنها : أنّ أباذر قال : بعثني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أدعو علياً (علیه السلام)، فأتيت بيته فناديته ، فلم يجبني(4) ، والرحى تطحن وليس معها أحد، فناديته ، فخرج معي و أصغى إليه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شيئاً لم أفهمه ، فقلت : عجباً(5) من رحی في بيت عليّ (علیه السلام) تدور ما عندها(6) أحد.

فقال : إنّ ابنتي فاطمة (علیها السلام)ملا الله قلبها و جوارحها إيماناً ويقيناً ، وإنّ الله علم ضعفها فأعانها على دهرها، و كفاها ، أما علمت أنّ لله ملائكةمو كّلين بمعونة آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؟!(7).

ص: 531


1- «بتسكينه» البحار
2- «ثم» م ، ط
3- عنه البحار : 43 /28ح 34، وعوالم العلوم : 11 /115ح1
4- أضاف في البحار : «أحد»
5- «عجبت» ط
6- «و ليس معها» البحار
7- عنه البحار : 43 /29ح 34 ، وعوالم العلوم : 11 /116 ح 2. وأخرجه في مناقب ابن شهر اشوب: 3 /116عن أبي على الصولي في أخبار فاطمة( علیها السلام)، أبی السعادات في فضائل العشرة ، باختلاف يسير . و أورده الحمزاوي في مشارق الأنوار : 91، و الحضرمي في وسيلة المآل : 136واللكهنوي في مرآة المؤمنین فی مناقب أهل بیت سیدالمرسلین : 78 عن أبي ذر . وأبو الهدى الرفاعي الحلبي في ضوء الشمس : 104 ، وابن الزيات في التشوف الىرجال التصوف: 52 ، والهندي في وسيلة النجاة : 73 مرسلاً . وأخرجه الطبري في ذخائر العقبی: 98، والطبرى أيضاً في الرياض النضرة : 2 /222 و الامر تسرى في أرجح المطالب : 686، والسمهودي في الاشراف على فضل الأشراف: 97، وابن حجر في الصواعق المحرقة: 105 من طريق الملا في سيرته باسناده عن أبي ذر . والقندوزي في ينابيع المودة : 216 و 278 ، والصبان في اسعاف الراغبين : 173 ملخصاً، من طريق الملا أيضاً . والنقشبندى في مناقب العشرة : 25 من طريق الملا وأحمد. وأحمد الشيرازي الشافعي في توضيح الدلائل (مخطوط) من طريق الطبری . و أخرجه عن معظم المصادر أعلاه في احقاق الحق : 8 /706- 707 وج 18/ 197 ۔198 و 211 و484 وج 19 /151 ، و فضائل الخمسة : 2 /124. وتقدم نحوه في ح2

8- ومنها : أنّ علياً (علیه السلام) أصبح يوماً فقال لفاطمة: عندك شيء تغدّينيه(1)؟ قالت : لا . فخرج و استقرض دیناراً ليبتاع ما يصلحهم، فإذا المقداد في جهد، وعياله جیاع، فأعطاه الدينار، ودخل المسجد ، وصلّي الظهر والعصر مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثمّ أخذ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيد علي و انطلقا ، و دخلا على(2) فاطمة (علیها السلام)وهي في مصلّاها و خلفهاجفنة تفور .

فلمّا سمعت كلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، خرجت فسلّمت عليه - و كانت أعزّ الناس عليه(3) فردّ السلام ، و مسح بيده [ على ] رأسها ، ثمّ قال : عشّينا غفر الله لك، وقد فعل». فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

قال : يا فاطمة أنّي لك هذا الطعام الّذي لم أنظر إلى مثل لونه قطّ ، ولم أشمّ مثل رائحته قطّ، ولم آكل أطيب منه؟ ووضع كفّه بين كتفي عليّ (علیه السلام) وقال : هذا بدل(4)

ص: 532


1- «تغذينيه» البحار
2- في ط والبحار : «الی» بدل «و دخلا علی»
3- «لديه» خ ل
4- أضاف في البحار : «عن»

دینارك «ِإنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ » .(1)

9 - و منها : أنّ سلمان قال : خرجت إلى فاطمة (علیها السلام)، فقالت: جفوتمونی بعد وفاة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ثم قالت : اجلس ، فجلست ، فحدثتني أنّها كانت جالسة أمس، وباب الدار مغلق، قالت : وأنا أتفكّر في انقطاع الوحي عنّا ، وانصراف الملائكة عن منزلنا بوفاة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذ انفتح الباب من غير أن يفتحه [ منّا ] أحد ، فدخلت عليَّ ثلاث جوار من الحور العين، من دار السلام ، وقلن : نحن من الحور العين من دار السلام ، أرسلنا إليك ربّ العالمين ، يا ابنة محمّد كنّا مشتاقات إليك .

ص: 533


1- عنه البحار : 43 /29ح 35، وعوالم العلوم : 11 /117 ح3. و رواه مفصّلاً فرات بن ابراهيم في تفسيره : 21 باسناده عن أبي سعيد الخدري ، عنه البحار : 43 /59ح 51 ، وعوالم العلوم : 11 /78 ح 8 و عن کشف الغمة : 1 /469 ، و أمالي الطوسی : 2 /228 بالاسناد عن أبی سعید. وأورده مفصلا في مصباح الانوار :105 و 394 (مخطوط) عن أبي سعيد، عنه تأويل الآيات: 1 /110 ح 15 ، والبحار : 96 /147 ح25 ، ومدينة المعاجز : 54 ح107. وأخرجه في البحار : 37 /103 ح7 عن كشف الغمة . وفي حلية الأبرار : 1 /372، وغاية المرام: 187 ح95 عن الامالی . ورواه ابن شاهين في فضائل سیدة النساء : 36 ح14 باسناده عن أبي سعيد . وأورده توفيق أبوعلم في أهل البيت : 122 عن أبي سعيد. وأخرجه الطبري في ذخائر العقبی: 45 ، والقندوزي في ينابيع المودة : 199، و الحضرمی في وسيلة المآل : 89 (مخطوط) من طريق الحافظ الدمشقي في الاربعين الطوال . والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : 367 عن أبي القاسم بن عساكر في الاربعين ، وابن شاهين في مناقبها . و أخرجه عن معظم المصادر المذكورة في احقاق الحق : 10 /323 – 325 وج 19 /120 ، و فضائل الخمسة : 2 /124 . والآية المباركة من سورة آل عمران : 37

فقلت لواحدة منهنّ - أظنّ أنّها أكبرهن سنّاً: ما اسمك؟

قالت: أنا مقدودة ، خلقت للمقداد بن الأسود .

وقلت للثانية : ما اسمك ؟ قالت : (ذرّة ، خلقت لأبي ذر .

وقلت للثالثة : ما اسمك ؟ قالت : سلمی ، خلقت لسلمان الفارسي)(1).

ثم قالت فاطمة (علیها السلام): أخرجن لنا طبقاً عليه رطب أمثال الخشکنانك(2) الكبار ، أشدّ بياضاً من الثلج ، وأذكى ريحاً من المسك الأذفر(3) ، وقد أحرزت نصيبك [لأنّك منّا أهل البيت] أفطر عليه ، وإذا كان غداً فأتني بنواه .

قال سلمان: فأخذت الرطب فما مررت بجماعة إلّا قالوا : معك مسك ؟! فأفطرت عليه ، فلم أجد له نواة ، فغدوت إليها وقلت : يا ابنة رسول الله لم أجد له عجماً.

قالت : يا سلمان إنّما هو نخل غرسه الله لي في دار(4) السلام بكلام علّمنيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، قال لي : إن سرّك أن لا تمسّك الحمّى في دار الدنيا فواظبي عليه وقولي : «بسم الله نور النور(5) ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبّر الامور ، بسم الله الذي خلق النور ، الحمد لله الذي أنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد لله الّذي هو بالعز ّمذكور ، و بالفخر مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور».

قال سلمان : فتعلّمته ، وعلّمته أكثر من ألف إنسان ممّن به الحمّى ، فكلّهم

ص: 534


1- «سلمی ، خلفت لسلمان الفارسی . وقلت للثالثة : ما اسمك ؟ قالت : ذرة ، خلقت لابی ذر الغفاری» ط، ه
2- خشکنانك : معرب خشکنانه ، وهو الخبز السكري الذي يختبز مع الفستق واللوز
3- الذفر : شدّة ذكاء الريح من طيب أو نتن
4- «بدار» ه
5- كررها مرتين في ه

برؤا باذن الله .(1)

10 – ومنها : أنّه لمّا كان وقت زفافها اتّخذ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) طعاماً وخبيصاً (2) وقال لعليّ (علیه السلام) : ادع الناس .

[قال عليّ (علیه السلام) : جئت إلى الناس](3) فقلت : أجيبوا الوليمة . فأقبلوا ، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أدخل عشرة ، عشرة . فدخلوا وقدم إليهم الطعام و الثريد و العراق(4) فأكلوا ، ثمّ أطعمهم السمن والتمر ، ولا يزداد الطعام إلّا بركة ، فلمّا أطعم الرجال

عمد إلي فاضل(5) منها ، فتفل فيها ، وبارك عليها ، وبعث منها إلى نسائه ، وقال : قل لهنّ: كلن و أطعمن من غشيكنّ .

ثم إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دعا بصحفة ، فجعل فيها نصيباً ، فقال : هذا لك ولأهلك.

و هبط جبرئيل (علیه السلام)في زمرة من الملائكة بهديّة ، فقال لأمّ سلمة : املئي القعب ماء فقال لي : يا عليّ اشرب نصفه . ثمّ قال لفاطمة (علیها السلام): اشربي و أبقي. ثمّ أخذ الباقي فصبّه

ص: 535


1- أورد المصنف الدعاء فقط في الدعوات : 208ح564 مرسلاً . وأورد الدعاء أيضاً الكفعمي في البلد الامین: 51 مرسلاً ، فيما يدعی به بعد صلاة الفجر و قال في آخره : يقال بكرة و عشية ، وفي ص527 مرسلاً ، للحمى وغيرها . وفي الجنة الواقية: 84 مرسلا، في أدعية الصباح والمساء ، وفي ص 161 مرسلاً ، للحمى . وروی نحوه الطبري في دلائل الإمامة : 28 باسناده عن سلمان الفارسي ، عنه البحار:226/94 ح 2. وابن طاووس في مهج الدعوات : 5 باسناده عن سلمان ، عنه البحار : 43 /66ح 59 وج 86 /322 ح 68 وج 95 /36 ح 22، وعوالم العلوم : 11 /81 ح 9. وأورد نحوه في ثاقب المناقب : 261 (مخطوط) عن سلمان
2- الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن
3- من البحار
4- العراق - بضم العين -: العظم بغير لحم
5- «ما فضل» البحار

على وجهها و نحرها ، ثمّ فتح السلّة، فإذا فيها كعك و موز و زبيب، فقال : هذا هديّة جبرئيل (علیه السلام). ثمّ أغلت من يده سفرجلة، فشقّها نصفين، فأعطى عليّاً (علیه السلام)نصفاً ، وأعطى فاطمة (علیها السلام)نصفاً، وقال: هذه هديّة من الجنّة إليكما . (1)

12- ومنها : أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: (بشارة أتتني من ربّي لأخي و ابن عمّي ، وابنتي) (2)بأنّ الله زوّج عليّاً (علیه السلام)بفاطمة (علیها السلام)، و أمر رضوان خازن الجنّة - فهزّ شجرة طوبی فحملت رقاعاً بعدد محبّي أهل بيتي ، وأنشأ ملائكة من تحتها من نور ، ودفع إلى كلّ ملك خطّأ، فإذا استقرت القيامة بأهلها فلا تلقى تلك الملائكة محبّاً لنا إلّا دفعت إليه صكّاً فيه براءة من النار . (3)

13- ومنها : [أنّ سلمان قال:] إنّ فاطمة (علیها السلام)قالت: یارسول الله إنّ الحسن والحسين

ص: 536


1- عنه البحار : 43 /106ح 21، وعوالم العلوم 11 /196 ح 38. وروی نحوه الطبري في دلائل الإمامة : 20 باسناده عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 147. وأخرجه في مستدرك الوسائل : 14 /199 ح5 عن مدينة المعاجز .
2- «يا فاطمة لدى بشارة، ابنتي من ربي لاخي وابن عمی» ه.
3- عنه البحار : 43 /123 ذح 31 ، وعوالم العلوم : 11 /162 ح 12 و 13 ، وعن کشف الغمة : 1 /352 ، ومناقب ابن شهر اشوب: 3 /123 . ورواه ابن شاذان في مائة منقبة : 166 ح92 باسناده عن بلال بن حمامة ، عنه البحار: 27 /117 ح96 ، وغاية المرام : 586 ح 85. وأورده في المختبر : 138 عن بلال بن حمامة . وأخرجه ابن شهر اشوب في المناقب: 3 /123 عن تاريخ بغداد : 4 /210ح1897. وفی کشف الغمة : 1 /92 عن كتاب الال. ورواه الخوازمي في المناقب: 246 باسناده عن بلال بن حمامة، عنه کشف الغمة: 1 /352 والأمر نسري في أرجح المطالب : 254، و با كثير الحضرمي في وسيلة المال : 85 وابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة : 103 ، والسها لوي في وسيلة النجاة : 230 ، و ينابيع المودة : 177 و 263 وعن سنان الاوسی .والخوارزمي أيضاً في مقتل الحسين : 60 وأورده الحضرمي في رشفة الصادی : 23، و الهمداني الحسيني في مودة القربی : 120عن بلال بن حمامة . وأخرجه ابن حجر العسقلاني في لسان المیزان : 6 /125 من طريق موسی بن علی القرشی وفي الاصابة : 81/2 من طريق أبی موسی باسناده عن سنان بن شفعلة الاوسي . وابن الأثير في اسد الغابة: 1 206من طريق أبي موسى باسناده عن بلال . وأخرجه عن معظم المصادر المذكورة في احقاق الحق : 4 /390 و ج 6 /617 و ج 10 /388 ، وج 17 /88 ، و فضائل الخمسة : 2 /147 .

جائعان. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)قل لهما: مالكما(1) يا حبيبي ؟ قالا: نشتهي طعاما .

فقال: اللّهمّ أطعمهما طعاما .

قال سلمان: فنظرت فإذا بيد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سفرجلة مشبهة بالجرة الكبيرة، أشدّ بياضة من اللبن ، ففرکها بابهامه فصیترها نصفين، ودفع نصفها للحسن و نصفها للحسين ،فجعلت أنظر إليها وإنّي أشتهي ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : هذا طعام من الجنة لايأكلهأحد(2) حتى ينجو من الحساب. غيرنا، وإنّك على خير .(3)

13 - ومنها : ماروي أنّ عليّاً (علیه السلام) استقرض شعيرة من يهودي ، فاسترهنه شيئاًفدفع إليه ملاءة(4) فاطمة ( هلیها السلام)رهناً - و كانت من الصوف - فأدخلها اليهودي إلى داره(5) ووضعها في بيت .

فلمّا كانت الليلة(6) دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة لشغل(7) فرأت نور ساطعا(8)

ص: 537


1- «قال: مالكما» البحار
2- «رجل» البحار
3- عنه البحار : 37 /101 ح 5
4- الملاءة - بالضم والمدّ - : الازار والريطة - الملحفة - ، والجمع: ملاء
5- «دار» البحار
6- «كان الليل» ه
7- «و هی تشتغل» ط، «ملاءة فاطمة (علیها السلام)وهي تشتغل» ه
8- أضاف في ه ، و البحار : «في البيت»

أضاء به البيت(1)، فإنصرفت إلى زوجها وأخبرته بأنّها رأت في ذلك البيت ضوءاً(2) عظيماً، فتعجّب زوجها اليهودي من ذلك(3) - وقد نسي أنّ في بيتهم(4) ملاءة فاطمة( علیها السلام) فنهض مسرعاً ودخل البيت فإذا ضياء الملاءة ينتشر شعاعها كأنّه يشتعل من بدر منیر يلمع من قريب ، فتعجّب من ذلك ، فأنعم(5) النظر في موضع الملاءة فعلم أنّ ذلك النورمن ملاءة فاطمة، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه، وزوجته تعدو إلى أقربائها(6) (و استحضر هم دارهما ، فاستجمع نيّف و)(7) ثمانون نفراً من اليهود ، فرأوا ذلك ، وأسلموا كلّهم .(8)

14- ومنها : أنّ اليهود كان لهم عرس فجاؤوا إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و قالوا : لنا حقّ الجوار فنسألك أن تبعث فاطمة (علیها سلام)بنتك إلى دارنا حتّى يزدان(9) عرسنا بها(10) وألحّوا عليه.

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّها زوجة علي بن أبي طالب (علیه السلام)، وهي بحكمه ، وسألوه أن يشفع إلى عليّ (علیه السلام) في ذلك، وقد جمع اليهود الطمّ والرمّ(11) من الحلي والحلل، وظنّ اليهود أنّ

ص: 538


1- «منه البيت» ه ، «به كله» البحار
2- «نوراً» م
3- «اليهودي زوجها» ط ، والبحار
4- «بیته» خ، والبحار
5- «فأمعن» خ . و كلاهما بمعنى واحد
6- «قراباتها» م،ط
7- «فاجتمع» خ،ه، والبحار
8- عنه وعن مناقب ابن شهر اشوب في البحار : 43 /30ح 36، و عوالم العلوم : 11 /118 ح1 . وأورده في ثاقب المناقب : 265 (مخطوط) عن أمير المؤمنین علیه السلام
9- یزدان: يتزين . وفي البحار : «یز داد»
10- «بمكانها» ،«بها حسناً» ، ط
11- يقال: جاء بالطمّ والرمّ، أي بكل ما عنده مستقصی ، فما كان من البحر فهو الطمّ ، وما كان من البر فهو الرمّ

فاطمة (علیها السلام)تدخل عليهم في بذلتها(1) وأرادوا استهانة بها ، فجاء جبرئیل (علیه السلام) بثياب من الجنّة و حليّ وحلل لم ير الراؤون(2) مثلها ، فلبستها فاطمة (علیها السلام)وتحلّت بها ، فتعجبب الناس من زينتها وألوانها(3) وطيبها ، فلمّا دخلت فاطمة (علیها السلام) دار هؤلاء اليهود سجد لها(4) نساؤهم(5) يقبّلن الأرض بين يديها، و أسلم (بسبب مارأوا خلق كثير)(6) من اليهود(7).

15 – ومنها : ما روي أنّ الحسن والحسين (علیهما السلام)مرضا فنذر علي و فاطمة والحسن والحسين (علیهم السلام) صيام ثلاثة أيّام، فلمّا عافاهما الله - و كان الزمان قحطاً - أخذ علي بن أبي طالب (علیه السلام) من يهودي ثلاث جزات صوفاً لتغزلها فاطمة (علیها السلام) بثلاثة (8) أصواع شعیراً، فصاموا ، وغزلت [فاطمة] جزة، ثمّ طحنت صاعاً من شعير وخبزته .

فلمّا كان عند الافطار أتی مسكين فأعطوه طعامهم ولم يذوقوا إلّا الماء .

ثم غزلت جزّة أخرى من الغد ، ثمّ طحنت صاعاً وخبزته، (فلمّا كان عند الافطار أتی يتيم) (9) فأعطوه طعامهم ولم يذوقوا إلّا الماء .

(وغزلت اليوم الثالت)(10) الجزة الباقية ثمّ طحنت الصاع وخبزته ، وأتی أسير عند الافطار(11) فأعطوه طعامهم، و كان مضی(12) على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أربعة أيّام والحجر على

ص: 539


1- البذلة من الثياب : ما يلبس في المهنة والعمل ولايصان و في ه ، والبحار: «بدلتها»
2- في ط، والبحار : «یروا» بدل «یرالراؤون»
3- «فتعجب من زينتها الناس ومن ألوانها» خ ط،م
4- «سجدت» م،ط
5- أضاف في م ، ه: «لفاطمة (علیهاالسلام) وخررن»
6- «ثمانون أو أكثر» خ ط، ه
7- عنه البحار: 43 /30ح 37، وعوالم العلوم: 11 /119 ح 2
8- «و اجرتها ثلاثة» خ ط، و«ثلاثة» البحار
9- «وأتی یتیم عند الافطار» م، وفي البحار : «المساء» بدل «الافطار»، و كذا في الموضع التالي
10- «فلمّا كان من الغد غزلت» ط،ه، والبحار
11- أضاف في ه: «ولم يذوقوا الّا الماء»
12- «و كانت مضت» م،ط

بطنه، وقدعلم بحالهم، فخرج ودخل حديقة المقداد - و لم يبق على نخلاتها ثمرة(1) - ومعه عليّ (علیه السلام) ، فقال: يا أبا الحسن خذ السلّة وانطلق إلى تلك النخلة - وأشار إلى واحدة - فقل لها : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : سألتك بحقّ الله لما أطعمتينا(2) من ثمرك(3).

قال عليّ ( علیه السلام): فلقد تطأطأت بحمل مانظر الناظرون إلى مثلها، والتقطت من أطائبها وحملت بها إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأكل وأكلت، وأطعم المقداد و جمیع عياله ، و حمل إلى فاطمة والحسن والحسين (علیهم السلام)[ما كفاهم]. فلمّا بلغ المنزل إذا فاطمة (علیها السلام)يأخذها الصداع ، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أبشري واصبري، فلن تنالي ماعند الله إلّا بالصبر .

فنزل جبرئیل (علیه السلام) بسورة «هل أتی».(4)

ص: 540


1- «تمرة» ط،ه
2- «بالله أطعمينا» خ،ه، «عن الله أطعمينا» البحار
3- «تمرك» خ
4- عنه البحار :35 /243 ح 4، واثبات الهداة: 2 /122ح 528 (قطعة)

فصل-في أعلام أمير المؤمنین علیه السلام

1- وروي عن علي بن أبي طالب (علیه السلام) أنّه قال : كنت مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فسار مليّاً وهو راكب و سایرته(1) ماشياً ، فالتفت إليّ وقال : يا علي(2) اركب كما ركبت ، وأمشي(3) كما مشيت.

فقلت : بل تركب وأنا أمشي . فسار ثمّ التفت إليّ وقال: يا عليّ اركب كما ركبت حتى أمشي(4) كما مشيت ، فأنت أخي ، وابن عمِّي ، وزوج ابنتي ، وأبو سبطي . فقلت: بل تركب وأمشي .

فسار مليّاً حتّى بلغنا(5) إلى غدير ماء ، فثنى رجله من الركاب ونزل ، وأسبغ الوضوء، وأسبغت الوضوء معه، ثمّ صف قدميه وصلّی ، وصففت قدمي وصلّيت حذاءه ، فبينا أنا ساجد ، إذ قال : يا عليّ ارفع رأسك، فانظر إلى هديّة الله إليك . فرفعت رأسي فإذا أنا بنشز(6) من الأرض، وإذا عليه فرس بسرجه و لجامه ، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ):

ص: 541


1- « وسایرت» م
2- «يا أبا الحسن» ط، ه ، البحار
3- «أو أمشی» ط ، ه ، البحار
4- «أو أمشی» ط ، ه ، البحار
5- «فسار ملياً ثمّ التفت الىّ فقال : يا على بلغنا» البحار
6- النشز : المرتفع من الأرض . ومنه الحديث «أنّه كان إذا أوفي على نشز کبر» أي ارتفع على رابية في سفره ، وقد تسكن الشين ( النهاية : 5 /56). وفي ط«بنبش» وفي البحار «بنشر»

هذا هديّة الله إليك ارکبه . فركبته وسرت مع النبي . (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)(1)

2- ومنها: قوله (علیه السلام): واعلم أنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمریه(2)، يسدّ(3)فورة جوعه بقرصية(4) لا يطعم الفلذة(5) في حوليه إلّا في سنة أضحيّة ، ولن تقدروا على ذلك ، فأعينوني بورع و اجتهاد .

وكأنّي بقائلكم يقول : إذا كان قوت بن أبي طالب (علیه السلام) هذا ، قعد به الضعف عن مبارزة الأقران، و منازلة الشجعان! والله ماقلعت باب خیبر بقوة جسدانيّة، ولا بحركة غذائيّة ، لكنّي أيّدت بقوّة ملكيّة ، ونفس بنور ربّها (6) مضیّة.(7).

3- ومنها: أنّ كلامه الوارد في الزهد ، و المواعظ ، والتذكير ، والزواجر إذا فكّر فيه المفكّر ولم يدر أنّه كلام عليّ (علیه السلام) لا يشك أنّه كلام من لا شغل له بغير العبادة ، ولا حظّ له في غير الزهادة ، و لا يكاد يوقن بأنّه كلام من يقطّ(8)

ص: 542


1- عنه إثبات الهداة : 2 /123 ح 529 باختصار ، والبحار : 39 /125 ح12 ، ومدينة المعاجز : 200 ح 553 . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 2 /69 عن الحسن بن زکردان الفارسي، عنه البحار : 39 /126، و مدينة المعاجز : 16ح15
2- الطمر، بالكسر هوالثوب الخلق العتيق و الكساء البالی من غير الصوف ، والجمع أطمار
3- «و سد» خ ل
4- قرصیه : تثنية قرص ، وهو الرغيف
5- الفلذة : القطعة من الكبد، وفي ه « القلدة »
6- « بارئها » البحار
7- عنه البحار : 40 /318 ح 2، ومستدرك الوسائل : 16 /300 ح 15 . و اورده الشريف الرضي في نهج البلاغة للامام على علیه السلام : 417 ضمن كتاب له عليه السلام الى عثمان بن حنيف الانصاری ، و أورده ورام بن فراس في تنبيه الخواطر: 154، وفي مناقب آل أبی طالب :1 /269 مثله ، عنه المستدرك المذكور و في مختصر البصائر : 154 مرسلا
8- يقطّ : يقطع . قال ابن الأثير في النهاية : 4 /81: وفي حديث علي رضي الله عنه «كان اذا علا قد ، واذا توسط قطّ، أي قطعه عرضاً نصفين

الرقاب ويجدل(1) الأبطال ، و هو مع ذلك أزهد الزهّاد ، وهذا من مناقبه العجبية الّتي جمع بها بين الأضداد .(2)

4- و منها: أنّه لمّا طال المقام بصفّين ، شكوا إليه نفاد الزاد والعلف بحيث لم يجد أحد من أصحابه شيئاً يؤكل . فقال (علیه السلام): طيبوا نفساً فإنّ غداً يصل إليكم ما يكفيكم . فلمّا أصبحوا و تقاضوه(3) ، صعد على تلّ كان هناك ، ودعا بدعاء ،وسأل الله أن يطعمهم ، ويعلف دوابّهم ، ثمّ نزل ورجع إلى مكانه فما استقرّ إلّا وقد أقبلت العير بعد العير قطاراً قطاراً(4)، عليها اللجمان(5) ، والتمور ، والدقيق ،والمير(6) ، والخبز ، والشعير ، وعلف الدوابّ ، بحيث امتلات(7) به البراري ، وفرّغ أصحاب الجمال جميع الأحمال من الأطعمة ، وجميع ما معهم من علف الدوابّ و غيرها من الثياب و جلال الدوابّ، و غيرها من جميع ما يحتاجون إليه حتّی الخيط والمخيط ، ثمّ انصرفوا ، ولم يدر أحد منهم أنّ هؤلاء من أيّ البقاع وردوا و من الانس كانوا ، أو من الجنّ !و تعجّب الناس من ذلك .(8).

5- ومنها: ما روي عن عبد الواحد بن زيد قال : كنت حاجّاً إلى بيت الله فبينا أنا في الطواف إذ رأيت جاريتين عند الركن اليماني ، تقول إحداهما [للاخري]: لا وحق المنتجب للوصيّة ، والحاكم بالسويّة ، والعادل في القضيّة ، بعل فاطمة [ الزكيّة ] الرضيّة المرضيّة ، ما كان كذا .

ص: 543


1- قال ابن الأثير في النهاية : 1 /248 : و منه حديث معاوية «أنّه قال لصعصعة ما مرّ عليك جدلته» أي رميته وصرعته
2- عنه البحار : 40 /318
3- تقاضوه : طلبوه. يقال : تقاضاه الدين : طلبه منه
4- القطار من الابل : قطعة منها يلي بعضها بعضاً على نسق واحد
5- اللجمان : جمع اللجم . وفي خ ل «اللحوم»
6- الميرة : الطعام الذي يذخره الانسان ، جمعها میر.
7- «ما امتلات» م
8- عنه إثبات الهداة : 4 /548 ح 197 ، والبحار 8 /530 (طبع حجر)

فقلت : من هذا المنعوت ؟

قالت : [هذا] أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) علم الأعلام ، وباب الأحكام،قسيم الجنّة والنار ، ربّاني الأمّة . قلت : من أين تعرفينه ؟

قالت : و كيف لا أعرفه ، وقد قتل أبي بين يديه بصفّين ، ولقد دخل على أمّي لمّا رجع ، فقال : يا أمّ الأيتام كيف أصبحت ؟ قالت : بخير .

ثم أخرجتني وأختي هذه إليه (علیه السلام) وكان قد ركبني من الجدري ما ذهب به بصري فلمّا نظر عليّ (علیه السلام) إليّ ، تأوّه و قال :

ما إن تأوّهت من شيء رزیت به ***کما تأوّهت للأطفال في الصغر

قد مات والدهم من كان يكفلهم ***في النائبات وفي الأسفار والحضر

ثمّ أمر يده المباركة على وجهي، فانفتحت(1) عيني لوقتي و ساعتي، فوالله إنّي لأنظر إلى الجمل الشارد في الليلة الظلماء ، ببركته صلوات الله عليه و على أبنائه المعصومین .(2)

6- ومنها: ما روي عن زاذان(3) عن ابن عبّاس قال: لمّا فتح النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مكّة ورفع

ص: 544


1- « ففتحت » ه
2- عنه البحار : 8 /532 ( طبع حجر ) وعنه البحار : 41 /220- 221ح 32، وعن بشارة المصطفی : 86عن محمّد بن أحمد بن شهریار ، عن الحسين بن أحمد بن خیران عن أحمد بن عيسى السدي ، عن أحمد بن محمّد البصري، عن عبدالله بن الفضل المالكي، عنعبدالرحمان الازدی ، عن عبدالواحدبن زیدمثله ، وعن مناقب آل أبی طالب :2 /159 عن عبدالواحد بن زید . وأخرجه في مدينة المعاجز : 105ح 282 عن السيد الرضى في المناقب الفاخرة
3- زاذان : يكنى أبا عمر ( عمروة ) ( عمرو ) فارسی . عدّه الشيخ الطوسي في رجاله : 42 ، من أصحاب علىّ عليه السلام . وعدّه البرقي من خواصّ أصحاب علیّ علیه السلام من مضر راجع رجال السيد الخوئی: 7 /212

الهجرة وقال: «لا هجرة بعد الفتح» قال لعليّ (علیه السلام): إذا كان غداً، كلّم الشمس حتّی تعرف کرامتك على الله .

فلمّا أصبحنا قمنا ، فجاء عليّ إلى الشمس حين طلعت ، فقال: السلام عليك أيّتها المطيعة لربّها(1). فقالت الشمس: وعليک السلام يا أخا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ووصيّه، أبشر فإنّ ربّ العزة يقرؤك السلام ويقول لك : أبشر فإنّ لك ولمحبّيك و لشيعتك ، مالا عين رأتولااذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر . فخرّ (علیه السلام) لله ساجداً .

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إرفع رأسك حبيبي، فقد باهي الله بك الملائكة.(2)

7- ومنها : ماروي عن ابن مسعود قال: كنت قاعداً عند أمير المؤمنين (علیه السلام) في مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذ نادى رجل: من يدلّني على من آخذ منه علم ؟ ومرّ . فقلت له: يا هذا هل سمعت قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أنا مدينة العلم وعليّ (علیه السلام) بابها ؟

فقال: نعم. قلت: وأين تذهب وهذا علي بن أبي طالب (علیه السلام)؟ فانصرف الرجل و جثی(3) بين يديه . فقال له : من أيّ بلاد الله أنت ؟ قال: من اصفهان .

قال له : اكتب: أملى علي بن أبي طالب (علیه السلام): إنّ أهل إصفهان لايكون فيهم خمس خصال: السخاوة ، والشجاعة ، والأمانة ، والغيرة، وحبّنا أهل البيت(4).

ص: 545


1- هكذا في البحار ، وفي م ، ه «أيها المطيع لربّه»
2- عنه البحار : 41 /170 ح 7، وأورده الحلي في المختصر: 104 عن ابن عباس . وأخرجه في إثبات الهداة : 5 /62 ح 433 ؛ قال : وأسند النیشابوری إلی ابن عباس
3- «وجئنا» البحار.
4- أقول : فبما أنّ الحديث مرسل و طريق المصنف الى ابن مسعود مجهول وأنّ جواب الامام عليه السلام ابتداءاً لمن و فد علیه طالباً علمه بهذا الطعن غريب. فإن صحّ الحديث فإنّ الامام أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل « لن يكون » بل قال «لا يكون ... » و « لن » تفيد تأييد النفى على العكس من «لا» . و بالتالي فإنّما هي مرحلة زمنية ظهرت فيهم تلك الصفات لما كان مذهب الخلاف شائعاً بينهم ، الى قيام الدولة الصفوية ، والناس على دين ملوكهم و بعد أن انتشر مذهب التشيع و الولاء لأهل البيت عليهم السلام ، اعتنقه أهل ایران عامة وأهل اصفهان خاصة ، فعملوا بقوله تعالی «و لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ » و تأسّوابالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وتولّوا أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين و تمسكوا بخصالهم الحميدة ، وعملوا بها ، واصطبروا عليها ولاء لهم ومرضاة الله تعالى ، حيث «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» فتغيرت طباعهم بفضل اهتدائهم بنهج أهل البيت عليهم السلام ، فأنعم الله عليهم بأن أخرجهم من الظلمات الى النور. ومن شواهد ولأنّهم لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، تأسيسهم الحوزات العلمية منها الحوزة العلمية الجامعة المركزية والمدارس الدينية الفريدة من حيث الدرسوالعمران والنفاسة، والمساجد العظيمة المزينة بالايات القرآنية والزخرفة الاسلامية ذات الطابع الخاص بأهل هذا البلد ، والزائر لاصفهان يشاهد آثارها الجلية . ومن آثار تجسيد ولأنّئهم لله ولرسوله وللأئمة عليهم السلام في أنفس امكانياتهم الماديةوالمعنوية ما يشاهد في شعرهم، و كتاباتهم ومهارة صناعاتهم للاضرحة المرصعة بالجواهر والابواب الذهبية المهداة الى المراقد المقدسة ، وتفانيهم في احياء الشعائر الدينيةفي أيام عاشوراء وغيرها . ومما يزيد هذه البلدة شرفاً هو نبوغ جمهرة من العلماء الاعلام الذين أفنوا حياتهم فياحياء ونشر تراث أهل البيت عليهم السلام، فملأت مؤلفاتهم القيمة المكتبات في جميع أرجاء العالم الاسلامي الكبير ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : العلامة المجلسي الأول : صاحب روضة المتقين ... العلامة المجلسي الثاني : صاحب بحارالانوار ومرآة العقول ... وصاحب عوالم العلوم ، والشيخ البهائی و آثاره حيّة باقية الى يومنا هذا. والسيد أبو الحسن الأصفهاني الذي تصدى لزعامة الطائفة والحوزة العلمية في النجف الاشرف فكان بحق زعيم الشيعة في العالم أجمع. ألا وانّ مقبرة لسان الأرض «تخت فولاد» - التي تأتي بعد مقبرة وادی السلام في النجف الاشرف - شاهد ناطق على ما تضمه من مجموعة لقباب علماء الشيعة الاعلام الذين أنجبتهم هذه المدينة . و للمجلسی-رحمه الله - بيان حول هذا الحديث قال فيه : ... والحمدلله الذي جعلهم من أشدّ الناس حباً لاهل البيت عليهم السلام وأطوعهم لأمرهم، وأوعاهم لعلمهم، وأشدّهم انتظاراً لفرجهم، حتّى أنه لا يكاد يوجد من يتهمّ بالخلاف في البلد، ولا في شيء من قرائهالقريبة أو البعيدة ... رزقنا الله وسائر أهل هذه البلاد نصرة قائم آل محمّد صلی الله علیه و آله و الشهادة تحت لوائه، وحشرنا معهم في الدنيا والاخرة

ص: 546

قال: زدني يا أمير المؤمنين . قال - باللسان(1) الأصفهاني-: (أروت ، إبن، وس) يعني اليوم حسبك هذا.(2)

8- ومنها: أنّ عليّا ( علیه السلام) رأي الحسن البصري(3) يتوضّأ في سقية ، فقال : أسبغ

طهورك یا کفتي(4). قال : لقد قتلت بالأمس رجالاً كانوا يسبغون الوضوء.

قال: وإنك لحزين عليهم؟ قال: نعم . قال: فأطال الله حزنك .

قال أيّوب السجستاني(5) : فما رأينا الحسن قط إلّاحزيناً ، كأنّه يرجع عن دفن حميم أو كأنّه - خربندج(6) - ضلّ حماره .

ص: 547


1- «بلسان» البحار
2- عنه البحار: 41 /301 ح 32
3- هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعید ، مولی زید بن حارثة الأنصاري ، و يقال : مولی أبی الیسر کعب بن عمرو السلمي . سير أعلام النبلاء : 4 /564 ، و ترجم له في حلية الاولياء : 2 /131 ، وأخبار اصبهان: 1 /254، وغيرها
4- «یالفتی» البحار
5- هو أيوب بن أبي تميمة : كيسان السجستانی ( السختياني) العنبری (العنزی) (الغنوی) البصری: کنيته أبوبكر، مولی عمار بن یاسر... مات بالطاعون سنة 131 من أصحاب الباقر عليه السلام رجال الشيخ (34) وقال - عندعدّه من أصحاب الصادق عليه السلام (160) -: البصري، تابعی . (راجع معجم رجال الحديث : 3 /252 ، وحلية الاولياء : 3/3)
6- خربندج : لعلّه معرب خر بنده . آی مکاری الحمارة «قاله المجلسی»

فقلنا له في ذلك، فقال: عمل في دعوة الرجل الصالح.

و کفتي: بالنبطيّة شيطان ، و كانت أمّه سمّته بذلك ودعته في صغره، فلم يعرف ذلك أحد حتّى دعاه به أمير المؤمنين (علیه السلام) .(1)

9- ومنها: ما روي عن سليمان الأعمش ، عن سمرة بن عطيّة ، عن سلمان الفارسي قال : إنّ امرأة من الأنصار يقال لها أم فروة تحضّ على نكث(2) بيعة أبي بكر، وتحثّ على بيعة علي (علیه السلام).

فبلغ أبا بكر ذلك، فأحضرها و استتابها فأبت عليه ، فقال : يا عدوة الله أتحضّين على فرقة جماعة(3) اجتمع عليها المسلمون ، فما قولك في إمامتي ؟

قالت : ما أنت بإمام . قال : فمن أنا ؟ قالت أمير قومك اختارك قومك وولّوك ، فإذا كرهوك(4) عزلوك ، فالإمام المخصوص من الله و رسوله(5) يعلم ما في الظاهر و الباطن ، وما يحدث في المشرق و المغرب من الخير والشرّ ، و إذا قام في شمس أو قمر فلا فيء(6) له ، و لا تجوز الإمامة لعابد وثن ، و لا لمن كفر ثمّ أسلم ، فمن

أيّهما أنت يا ابن أبي قحافة ؟

قال : أنا من الأئمّة الّذين اختارهم الله لعباده !

فقالت : كذبت على الله ، ولو كنت ممّن اختارك الله لذكرك في كتابه كماذكر غيرك ، فقال عزّ وجلّ: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ »(7) ويلك إن كنت إماماً حقّاً فما اسم السماء الدنيا [الأولى] والثانية ،

ص: 548


1- عنه البحار : 41 /302 ح 33، و ج 42 /143ح5
2- تحض: تحث. ونكث العهد أو البيع : نقضه و نبذه
3- «اجتمعوا» ط، ھ
4- «فاذا أكرموك» البحار
5- وزاد في البحار «لا يجوز عليه الجور ، وعلى الأمير والامام المخصوص أن»
6- الفيء : الظل
7- السجدة : 24

والثالثة ، والرابعة ، والخامسة والسادسة ، والسابعة ؟ فبقي أبوبكر لا يحير جواباً .

ثمّ قال : اسمها عند الله الّذي خلقها .

قالت : لو جاز للنساء أن يعلّمن [الرجال] لعلّمنك (1).

فقال : يا عدوّة الله لتذكرنّ اسم سماء سماء(2) وإلا قتلتك .

قالت: أ بالقتل تهدّدني ؟ والله ما أبالي أن يجري قتلي على يدي مثلك ولكنّي اخبرك ، أمّا السماء الدنيا الاولى فأيلول، والثانية زينول(3) ، والثالثة سحقوم ، والرابعة ذيلول(4) ، والخامسة ماين ، والسادسة ماحيز(5) والسابعة أيوث .

فبقي أبوبكر ومن معه متحيّرين ، وقالوا لها : ما تقولين في عليّ (علیه السلام) ؟

قالت : و ما عسى أن أقول في إمام الأئمّة ، و وصي الأوصياء ، من أشرق بنوره الأرض و السماء ، و من لا يتمّ التوحيد إلّا بحقيقة معرفته ، و لکنّك ممّن نكث واستبدل ، و بعت دینك بدنياك .

قال أبوبكر : اقتلوها فقد ارتدت . فقتلت .

و كان عليّ (علیه السلام) في ضيعة له بوادي القرى(6) فلمّا قدم وبلغه قتل أم فروة فخرج إلى قبرها، وإذا عند قبرها أربعة طيور بيض، مناقيرها حمر، في منقار کلّ واحد حبّة رمّان كأحمر مايكون وهي تدخل في فرجة(7) في القبر ، فلمّا نظر الطيور إلى عليّ (علیه السلام) رفرفن و قرقرن ، فأجابها بكلام يشبه كلامها(8) وقال : أفعل إن شاء الله .

و وقف على قبرها و مدّ يده إلى السماء وقال :

ص: 549


1- «علمتك» البحار
2- «سماء وسماء» البحار
3- «ريعول» ط،ه، خ ل البحار. «رعلول» ط.«ربعول» البحار
4- «دیلول» ط، خ ل البحار
5- «ماحير» ط، خ ل البحار ».ماجیر» البحار
6- وادی القرى : واد بين المدينة والشام، من أعمال المدينة كثير القرى «مراصد الاطلاع:3 /1417»
7- «خرجة» م
8- «فأجابهن بكلام يشبه كلامهنّ» ط، البحار

«یامحيي النفوس بعد الموت، و یا منشیء العظام الدارسات ، أحي لنا أمّ فروة واجعلها عبرة لمن عصاك» فإذا بهاتف [يقول]: امض لأمرك يا أمير المؤمنين . وخرجت أم فروة متلحفّة بريطة(1) خضراء من السندس ، وقالت : يامولاي أراد ابن أبي قحافة أن يطفيء نورك ، فأبي الله لنورك إلّا ضياء . وبلغ أبابكر وعمر ذلك فبقيا(2) متعجّبين

فقال لهما سلمان: لو أقسم أبو الحسن علی الله أن يحيي الأولين والآخرين لأحياهم .

وردّها أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى زوجها، وولدت غلامين له. وعاشت بعد عليّ (علیه السلام) ستّة أشهر .(3)

10- ومنها: ما روي عن عبد الله بن بقطر(4) بن أبي عقب الليئي من بني ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة ، رضيع الحسين(علیه السلام):

إذا كملت إحدى وستّون(5) حجّة***إلى خمسة من بعدهنّ ضرائح

و قام بنو ليث بنصر ابن أحمد ،***يهزون أطراف القنا و الصفائح

تعرّفتهم شعث النواصي يقودها***من المنزل الأقصى شعیب بن صالح

و حدّثني إدا أعلم الناس كلّهم***أبو حسن أهل التقى والمدائح (6)

11- ومنها: عن ابن بابویه باسناده عن الحسين( علیه السلام) قال: دخلت على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)

ص: 550


1- الريطة: الملاة اذا كانت قطعة واحدة و نسجاً واحداً کلّ ثوب يشبه الملحفة . الكفن جمعها : ریط ، وریاط
2- «فصارا» ط،ه
3- عنه البحار : 41 /199ح13
4- «يسار» م . وما أثبتناه كما في كتب الرجال ، وعده الشيخ الطوسي في رجاله : 76رقم 11 من أصحاب الحسين: عبدالله بن يقطر رضيعه عليه السلام قتل في الكوفة و كان رسوله رمی به من فوق القصر فتكسر ، فقام اليه عمرو الازدی فذبحه ، ويقال: بل فعل ذلك عبدالملك بن عمر النخعی . الخلاصة : 104 رقم 9، ورجال المامقانی : 2 /224
5- «سبعون، تسعون» خ ل
6- ....

و عنده أبي بن كعب، فقال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مرحباً بك يا أبا عبد الله يازين السماوات والأرض .

قال أبي : كيف يكون غيرك يا رسول الله زين السماوات والأرض ؟!

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إنّ الحسن في السماء أكبر منه في الأرض، وإنّه لمكتوب على يمين عرش الله .

ثم ذكر المهدي من ولده یرضى به کلّ مؤمن، يحكم بالعدل ويأمر به، يخرج من تهامة(1) حتّى تظهر الدلائل والعلامات، يجمع الله له من أقاصي البلاد، على عدد أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، معه صحيفة فيها عدد أسماء أصحابه و آبائهم وبلدانهم و حلاهم و کناهم .

قال أبي : وما علامته و دلائله ؟

قال: له علم ، إذاحان(2) وقت خروجه انتشر ذلك العلم بنفسه، فناداه العلم: أخرج یاوليّ الله ، واقتل أعداء الله ، فلايحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله .

وله سيف إذا حان وقت خروجه اقتلع من غمده ، فناداه السيف: أخرج یا وليّ الله [فلايحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله] . يخرج و جبرئيل ( علیه السلام) عن يمينه ، وميكائيل عن يساره و شعیب بن صالح على مقدّمته.

إنّ الله أنزل علي اثنتي عشر صحيفة، باثنتي عشر خاتماً، إسم(3) کلّ إمام على خاتمه وصفته في صحيفته .(4).

ص: 551


1- تهامة، بالكسر . تهامة تسایر البحر ، منها مكّة ، والحجاز ما حجز بین تهامة و العروض . (مراصد الاطلاع: 1 /284)
2- «كان» خ ل
3- هكذا في البحار والمصادر وفي م «يعمل»
4- رواه في كمال الدين: 1 /264 ح 1 باسناده عن أحمد بن ثابت الدواليبي ، عن محمّد بن الفضل النحوي ، عن محمّد بن علی بن عبدالصمد الكوفي، عن علي بن عاصم ، عن محمّد بن علی بن موسى ، عن آبائه عليهم السلام ، عن الحسين بن علیّ علیهما السلام عنه البحار : 36/ 204 ح 68، و عنه إثبات الهداة: 2 /328 ح 128، وعن عيون أخبار الرضا: 1 /59 ح 29 عنه البحار : 94 /184 ح 1 ، ومستدرك الوسائل : 5 /86ح 28 . وأورده عن الصدوق المصنف في قصص الانبياء: 371 (مخطوط). والطبرسي في اعلام الوری: 400، والحمويني في فرائد السمطين : 2 /155 ح 447 عنه احقاق الحق: 13/ 62

12 - وأما شعيب بن صالح : فقد ذكر ابن بابویه في كتاب النبوة باسناده عن سهيل بن سعيد أنّه قال : بعثني هشام بن عبدالملك أستخرج له بئراً في رصافة عبدالملك(1) فحفرنا فيها مائتي قامة ، ثمّ بدت جمجمة رجل ويل (2) ، فحفرنا ما حولها ، فإذا رجل قائم على صخرة عليه ثياب بيض، و إذا كفّه اليمنى على رأسه

على موضع ضربة برأسه ، فكنّا إذا نحّينا يده عن رأسه سالت الدماء، و إذا تركناها عادت فسدّت الجرح، وإذا في ثوبه مكتوب «أنا شعیب بن صالح(3)، رسول رسول الله شعيب النبي إلى قومه، فضربوني واضرّوا بي ، وطرحوني في هذا الجبّ(4) وهالوا علىّ التراب» فكتبناها إلى هشام بما رأينا، فكتب إلينا: أعيدوا عليه التراب.(5)

13 - ومنها : ما روي عن الباقر أنّه لمّا رجع أمير المؤمنين من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، فقال للناس:

سيروا وجنّبوا عنها ، فإنّ الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة .

فلمّا أني أرضاً قال : ما هذه ؟

ص: 552


1- الظاهر أنها رصافة الشام ، وتعرف برصافة هشام بن عبدالملك : في غربی الرقة بناها هشام لمّا وقع الطاعون بالشام، و كان يسكنها في الصيف ، وشربهم من صهاريج لبعدها عن الفرات (مراصد الاطلاع: 2 /618)
2- «طويلة» م
3- في رواية : حسان بن سنان الاوزاعی . وفي أخرى : الحارث بن شعيب الغسانی .راجع البحار : 12 /384
4- الجبّ: البئر العميقة
5- عنه البحار: 12 /383 ح7، وعن قصص الانبياء للمصنف :96 (مخطوط) قال: أخبرنا السيد ذوالفقار بن معبد الحسنی ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسى ، عن الشيخ المفيد، عن أبی جعفر بن بابویه ، عن محمّد بن موسى المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادی ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن يحيى بن زكريا، عن سهل بن سعيد

قالوا : أرض نجرا(1) ، قال : أرض سباخ جنّبوا و یمّنوا.

فلمّا أتي يمنة السواد(2) إذا هو براهب في صومعة (3) له ، فقال : يا راهب انزل ههنا ؟ قال : لا تنزل هذه الأرض بجيشك ، لأنّه لا ينزلها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ بجيشه ، يقاتل في سبيل الله عزّوجلّ ، هكذا نجد في كتبنا .

فقال له عليّ (علیه السلام) : وأنا وصيّ سيّد الأنبياء .

فقال له الراهب : فأنت إذاً أصلع قريش ، ووصيّ محمّد . قال : أنا ذاك .

فنزل الراهب إليه فقال: خذ عليّ شرایع الاسلام ، إنّي وجدت في الانجيل نعتك وإنّك تنزل أرض براثا(4) بيت مريم ، وأرض عیسی .

فقال له أمير المؤمنين ( علیه السلام): قف ولاتخبرنا بشيء . ثمّ أتي موضعاً فقال : الكزوا(5)فلكزه برجله فانبجست(6) عين خرارة ، فقال : هذه العين الّتي انبعت لها(7) .

ثمّ قال: اكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعاً. فكشفت، فإذا صخرة بيضاء ، فقال عليّ (علیه السلام): على هذه وضعت مریم عیسی من عاتقها، وصلّت هاهنا ، فنصب أمير المؤمنین (علیه السلام) الصخرة ، وصلّي عليها و أقام هناك أربعة أيّام، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة .

ثمّ قال : أرض براثا هذا بيت مريم هذا الموضع المقدس صلّي فيه الأنبياء .

ص: 553


1- نجر- نجراً : أصابه النجر أي العطش الشديد. وأرض نجرا: أي يابة لا ماء فيها
2- سواد البلدة: ما حولها من الريف والقرى.
3- الصومعة من البناء سمیت صومعة لتلطيف أعلاه . والصومعة : منار الراهب
4- براثا، بالثاء المثلثة والقصر :محلة كانت في طرف بغداد في قبلي الكرخ (مراصد الاطلاع: 1 /174و «مسجد برائی» معروف هناك وهو مسجد صلّى فيه أمير المؤمنین علیه السلام لمّا رجع من قتال أهل النهروان
5- لكزه - لكزاً: ضربه بجمع کفّه
6- انبجس الماء . و تبجس : تفجر
7- أي لمريم عليها السلام

قال الباقر (علیه السلام): ولقد وجدنا أنّه صلّى فيه إبراهيم قبل عیسی .(1)

14- و منها : ماروي عن سلمان [الفارسي] لمّا قبض النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قدم جاثلیق(2) - له سمت(3) ومعرفة و حفظ للتوراة والإنجيل - ومعه جماعة من النصارى، فقصدوا أبابكر .

فقال: إنّا وجدنا في الانجيل رسولاً يخرج بعد عيسى ، وقد بلغنا خروج محمدبن عبدالله، ففزعنا إلى ملكنا، فأنفذنا في التماس الحقّ وقد فاتنا نبيّكم ، وفيما قرأنا من كتبنا أنّ الأنبياء لايخرجون من الدنيا إلّا بعد إقامة أوصيائهم، يخلّفونهم في أممهم ، فأنت وصيّه لنسألك ؟

فقيل : هو خليفة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) . فسأله الجاثليق عن مسائل فلم يجبه بالصواب .

قال سلمان : فنهضت إلى عليّ (علیه السلام) فأخبرته الخبر ، و كان مقبلا إلى المسجد لذلك ،فدخل حتّى جلس، والنصراني يقول: دلّوني على من أسأله عمّا أحتاج إليه.

فقال له عليّ (علیه السلام) : سل ، فوالّذي فلق الحبّة و برأ النسمة ، لاتسألني عمّا مضى ولاعمّا يكون، إلّا أخبرتك به عن نبيّ الهدى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).

قال الجاثليق : أسألك عمّاسألت هذا الشيخ، خبّرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟

قال أمير المؤمنين (علیه السلام): أنا مؤمن عند الله، كما أنا مؤمن في عقيدتي(4).

ص: 554


1- رواه الشيخ في أماليه : 1 /202 ، عن المفيد ، عن عليّ بن بلال ، عن اسماعيل بن علیّ ابن عبدالرحمان، عن أبيه عن عيسى بن حميد الطائي ، عن أبيه حمید بن قیس، عن عليّ بن الحسين بن علی بن الحسين يقول سمعت أبي يقول ... عنه إثبات الهداة : 3/ 465 ح391، والبحار: 8/ 622 وج 14/ 210 ح7 و ج 102 /27 ح 2 ، ومدينة المعاجز: 81 ح 204، ومستدرك الوسائل : 3 /429 ح 1. وأورده في كشف الغمة : 1 /393 عن علي بن الحسين عن آبائه عليهم السلام
2- الجاثليق: متقدم الأساقفة . جمعها جثالقة
3- السمت: عبارة عن الحالة التي يكون عليها الانسان من السكينة والوقار وحسن الطريقة واستقامة المنظر والهيئة. ويقال: سمت لهم: هيأ لهم وجه الكلام والرأي
4- «عند نفسی»خ ل

قال الجاثليق : هذا كلام واثق بدينه ، فخبّرني عن منزلتك في الجنّة ماهي؟

قال (علیه السلام): منزلتي(1) مع النبيّ الأمّي في الفردوس الأعلى، لا أرتاب بذلك .

قال: فبما عرفت الوعد لك بالمنزلة الّتي ذكرتها ؟

قال عليّ (علیه السلام): بالكتاب المنزل وصدق النبيّ المرسل .

قال : فبما علمت صدق نبيّك ؟ قال: بالآيات الباهرات .

قال الجاثليق: هذا طريق الحجّة لمن أراد الاحتجاج، فخبّرني عن الله أين هو اليوم ؟

قال (علیه السلام): إنّ الله يجلّ عن الأين ، ويتعالی عن المكان ، كان فيما لم یزل و لا مكان وهو اليوم على ذلك لم يتغيّر من حال إلى حال.

قال: أجل أحسنت أيّها العالم، وأوجزت في الجواب ، فخبّرني عنه أنّه مدرك بالحواس عندك أم كيف طريق المعرفة به؟

قال (علیه السلام): تعالى الملك الجبّار أن يوصف بمقدار، أو تدرکه الحواس، أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته، صنائعه الباهرة للعقول الدالّة ذوي الاعتبار بماهو منها(2) مشهور و معقول.

قال الجاثليق: هذا هو الحقّ، خبّرني ماقاله نبيّكم في المسيح و أنّه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، و نفی عنه الالهيّة، و أوجب فيه النقص ؟

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه ، والتصوير والتغيير من حال إلى حال ، والزيادة التّي لم ينفكّ منها والنقصان ، و لم أنف عنه النبوّة ، ولا أخرجته عن العصمة والكمال والتأييد ، وقد جاءنا عن الله بأنّه مثل آدم خلقه الله من تراب ثمّ قال له: كن فيكون.

فقال الجاثليق: هذا مالا مطعن فيه الآن، غير أنّ الحجّاج بماتشترك فيه الحجّة على الخلق والمحجوج منهم، فيما بنت(3) أيّها العالم من الرعيّة الناقصة عنك؟

ص: 555


1- هكذا في الأمالی و فی م «منزلی»
2- «بماهو عنده» الامالی
3- «ثبت» ه

قال (علیه السلام): بما أخبرته من علمي بما كان و بمايكون .

قال الجاثليق : فهلمّ شيئاً من ذلك أتحقّق به دعواك ؟

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): خرجت أيّها النصراني من مستقرّك متعنّتاً(1) لمن قصدت بسؤالك له، مضمراً خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد، فأريت في منامك مقامي وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي ، وأمرت فيه باتّباعي .

قال: صدقت والله الّذي بعث المسيح ، وما اطّلع على ما أخبرتني إلّا الله ، و أنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، و أنّ محمداً رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، و أنّك وصيّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وأحقّ الناس بمقامه .

وأسلم الّذين كانوا معه وقالوا: نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا.(2)

15 - ومنها : ماذكر الرضي في كتاب خصائص الأئمّة (علیهم السلام)باسناده عن ابن عبّاس قال : كان رجل على عهد عمر ، وله إبل(3) بناحية آذربایجان(4) قد استصعبت عليه فمنعت جانبها فشكا إليه ما قد ناله ، وأنّه كان معاشه منها(5) فقال له : اذهب فاستغث بالله.

فقال الرجل: ما أزال أدعو الله و أبتهل(6) إليه ، فكلّما قربت منها حملت عليّ

ص: 556


1- تعنته: طلب زلته ومشقته، و تعنت الرجل عليه في السؤال : سأله على وجه التلبيس عليه
2- رواه الطوسي في أماليه: 222 عن المفيد، عن عليّ بن خالد، عن العباس بن الوليد، عن محمّد بن عمرو الكندي ، عن عبد الكريم بن اسحاق الرازي ، عن محمّد بن داود ، عن سعید بن خالد ، عن اسماعیل بن أبی اویس ، عن عبد الرحمان بن قیس البصري ، عن زاذان ، عن سلمان الفارسي، عنه إثبات الهداة: 494/4 ح91، والبحار: 10 /54ح2 و مدينة المعاجز : 129 ح 363، و الصراط المستقيم : 2/15وعن ابن جبير في كتاب الاعتبار في ابطال الاختيار
3- «ابلا فلاء» م . و في الخائص «مواشن»
4- آذربیجان : صقع حده من برذعة مشرقاً الى زنجان مغرباً ، و يتّصل حده من جهة الشمال ببلاد الديلم والجبل والطرم . ومن أشهر مدنه تبریز (مراصد الاطلاع: 47/1)
5- «كان منها» البحار
6- «أتوسل» خ ل، والبحار

فكتب له عمر رقعة فيها «من عمر أمير المؤمنين إلى مردة الجنّ والشياطين أن تذلّلوا هذه المواشی له». فأخذ الرجل الرقعة و مضى.

فقال عبد الله بن عبّاس: فاغتممت لذلك غمّاً شدیداً، فلقيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فأخبرته بما كان . فقال : والّذي(1) فلق الحبّة ، وبرأ النّسمة ليعودنّ بالخيبة . فهدأ ما بي وطالت علي سنتي(2)، وجعلت أرقب کلّ من جاء من أهل الجبال ، فإذا أنا بالرجل قد وافي و في جبهته شجّة(3) تكاد اليد تدخل فيها .

فلمّا رأیته بادرت إليه، فقلت له: ما وراك؟ قال: إنّي صرت إلى الموضع، ورميت بالرقعة فحمل علي عداد منها فهالني أمرها، ولم يكن لي قوّة، فجلست فرمحتني(4) أحدها في وجهي ، فقلت : اللّهمّ اكفنيها ، و کلّها یشدّ عليّ و يريد قتلي .

فانصرفت عنّي فسقطت ، فجاء أخي فحملني ولست أعقل ، فلم أزل أتعالج حتّی صلحت ، وهذا الأثر في وجهي .

فقلت له : صر إلى عمر وأعلمه، فصار إليه وعنده نفر ، فأخبره بما كان ، فزبره فقال له : كذبت لم تذهب بكتابي. فحلف الرجل لقد فعل ، فأخرجه من عنده(5) .

قال ابن عبّاس: فمضيت به إلى أمير المؤمنين فتبسّم، ثمّ قال : ألم أقل لك ؟

ثم أقبل على الرجل فقال له : إذا انصرفت إلى الموضع الّذي هي فيه فقل :

«اللّهمّ إنّي أتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة، وأهل بيته الّذين اخترتهم على علم على العالمين

اللّهمّ فذلّل لي صعوبتها وحزونتها(6) واكفني شرّ ها ، فإنّك الكافي المعافی والغالب القاهر» .

ص: 557


1- «و بحق الذي» ط «وحق الذي»
2- «شقتی» ط، ه ، البحار
3- الشجّة : الجراحة وهي في الرأس خاصّة ، جمعها شجاج
4- رمحته الدابة : رفسته
5- «فأخرجه عنه» البحار
6- الحزونة : الخشونة

قال : فانصرف الرجل راجعاً ، فلمّا كان من قابل(1) قدم الرجل و معه جملة من المال قد حملها من أثمانها إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فصار إليه و أنا معه .

فقال: تخبرني أو أخبرك ؟ فقال الرجل : يا أمير المؤمنين بل تخبرني .

قال : كأنّي بك قد صرت إليها فجاءتك ولاذت بك خاضعة ذليلة ، فأخذت بنواصيها (واحدة بعد واحدة ، و واحداً بعد آخر)(2).

فقال الرجل: صدقت يا أمير المؤمنين ، كأنّك كنت معي ، هكذا كان ، ففضّل بقبول ما جئتك به. فقال: امض راشداً بارك الله لك فيه وبلغ الخبر عمر فغمّه ذلك وانصرف الرجل ، و كان يحجّ في کلّ سنة ، وقد أنمي الله ماله .

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): کلّ من استصعب عليه شيء من مال ، أو أهل ، أو ولد ، أو أمر فرعون [من الفراعنة](3) فليبتهل إلى الله بهذا الدعاء ، فإنّه يكفي ممّا يخاف إن شاء الله .(4)

16- ومنها : ما روی الرضي(5) أيضاً بإسناد له إلى عليّ أنّه كان في

مجلسه والناس حوله إذ وافی رجل من العرب ، فسلّم عليه، وقال : أنا رجل ولي على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعد ، وقد سألت عن منجز وعده ، فارشدت إليك ، أفهو حاصل لي ؟

ص: 558


1- القابل : اسم للعام الذي بعد العام الحاضر
2- «واحدة واحدة» البحار
3- من الخصائص
4- عنه البحار : 239/41 ح10 وج 191/95 ح20، وعن مناقب آل أبی طالب :2 /139 بالاسناد إلی أبی العزیز کادش العکبری . وأخرجه في البرهان : 164/4 ح 2، ومدينة المعاجز: 49ح96 ، عن خصائص أمير المؤمنين (علیه السلام): 14 عن الحميري باسناده عن الاصبغ بن نباته ، عن عبدالله ابن عباس . وعنه مستدرك الوسائل : 266/8 ج2 ، وعن المناقب ، وعن الشيخ الطوسي في کتاب کنوز النجاة
5- «الرضا عليه السلام» البحار ، وهو تصحيف

قال نعم(1) . قال: مائة ناقة حمراء، وقال لي : إن أنا قبضت، فأنت قاضي ديني، و خليفتي

من بعدي، فإنّه يدفعها إليك، وماكذبني، فإن يكن ما ادّعيته حقّاً ، فعجّل عليّ بها.

فقال علي (علیه السلام) لابنه الحسن : قم يا حسن ، فنهض إليه ، فقال : اذهب فخذ قضيب رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) الفلانيّ ، وصر إلى البقيع ، فاقرع به الصخرة الفلانيّة ثلاث قرعات وانظر ما يخرج منها ، فادفع إلى هذا الرجل ، وقل له : يكتم ما یری .

فصار الحسن (علیه السلام) إلى الموضع والقضيب معه ، ففعل ما أمر به ، فطلع من الصخرة رأس ناقة بزمامها، فجذبه [حتى تمّت خروج](2) مائة [ناقة] .

ثم انضمّت الصخرة فدفع النوق إلى الرجل و أمره بالكتمان لمّا رأى .

فقال الأعرابي : صدق رسول الله وصدق أبوك .(3)

17 - ومنها : ما روي عن أبي جعفر الطوسي ، عن أبي محمّد الفحّام، [عن المنصوري](4)، عن عمّ أبيه ، عن أبي محمّد العسكري، عن آبائه ، عن الحسين ( علیه السلام) عن قنبر (رضی الله عنه) قال : كنت مع مولاي عليّ ( علىه السلام) علی شاطيء الفرات ، فنزع قميصه ونزل إلى الماء ، فجاءت موجة، فأخذت القميص ، فإذا هاتف يهتف :

«يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ماتری» فإذا منديل عن يمينه وفيه قميص مطويّ فأخذه ولبسه ، وإذا في جيبه رقعة فيها مكتوب :

«هديّة من الله العزيز الحكيم إلى عليّ بن أبي طالب هذا قمیص هارون بن عمران»

ص: 559


1- «ماهو» البحار
2- «فظهرت ناقة ثمّ مازال يتبعها ناقة ثمّ ناقة حتى انقطع القطار» خصائص أمير المومنین علیه السلام . وفي البحار «فجذب» بدل «فجذبه»
3- عنه البحار : 41 /201 ح14. ورواه في خصائص أمير المومنین علیه السلام :16 عن الحميري باسناده الى أمير المومنین عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 89ح25
4- من أمالي الطوسي كما في رواياته عن أبي محمّد الفحام من ص 280 - 307، فراجع وفي البحار «عن أبي محمّد الفحام ، عن أبيه»

«كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ »(1) .(2)

18- ومنها : ما روي عن الحسين (علیه السلام) أنّ عليّاً (علیه السلام)كان ذات يوم بأرض قفر(3) فرأی درّاجاً(4) فقال : [یا درّاج] منذكم(5) أنت في هذه البرية ؟ و من

أين مطعمك و مشربك ؟

فقال : يا أمير المؤمنين أنا في هذه البرية منذ مائة سنة إذا جعت أصلّي عليكم فأشبع ، وإذا عطشت فأدعو على ظالميكم ، فأروي .

فقال جابر بن عبد الله : ما أعطی منطق الطير إلّا سلیمان بن داود ؟

فقال عليّ (علیه السلام): لولا محمّد و آله لما خلق سليمان ولا أبوه آدم .

ص: 560


1- سورة الدخان : 28
2- عنه إثبات الهداة : 4 /551 ح201 ، والبحار : 39 /126ح13 . ورواه ابن شاذان في مائة منقبة : 70، المنقبة : 40 عن القطيعي ، عن المنصوري ، عن عیسی بن أحمد ، عن علي بن محمّد ، عن أبيه ، عن علی بن موسی الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه ، عن علي بن الحسين، عن أبيه عليهم السلام . ورواه الشريف الرضي في خصائص أمير المومنین: 25، عن التلعکبری ، عن المنصوری عن عیسی بن أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علی بن محمّد ، عن أبيه ... ، عنه مدينة المعاجز : 96ح 248. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 69/2 عن قنبر ، عنه مدينة المعاجز : 16 ح 14. وأورده في ثاقب المناقب : 239 (مخطوط) عن أحمد بن عمارة، عن عبدالله بن الجبار، عن الحسن بن علی بن موسی بن جعفر عليهم السلام عن أبيه ، عن آبائه، عن الحسن بن على عليهم السلام قال: كنت مع أبي... مثله
3- القفر : الخلاء من الارض لا ماء فيه ولاناس ولا كلاء
4- الدراج : طائر شبيه بالحجل وأكبر منه أرقط بسواد و بیاض ، قصير المنقار ، يطلق على الذكر والانثى
5- «مذكم» خ ل

ثم قال: ياطاووس اهبط، یا صقر، یا باري، باغراب. فهبطت، فأمر بذبحها .

ثم قال : طيري بقدرة الله . فطارت الطيور كلّها. (1)

19 - ومنها : ما روي أنّ أسوداً دخل على علي بن أبي طالب (علیه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين إنّي سرقت فطهّرني .

فقال: لعلّك سرقت من غير حرز(2) - ونحّی رأسه عنه - (3).

فقال: يا أمير المؤمنین سرقت من الحرز ، فطهّرني .

فقال : لعلّك سرقت غیر نصاب(4) - [ونحّي رأسه عنه] -.

فقال. يا أمير المؤمنین سرقت نصاباً. فلمّا أقرّ ثلاث مرات قطعه أمير المؤمنين (علیه السلام) فأخذ المقطوع و ذهب، وجعل يقول في الطريق : قطعني أمير المؤمنين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ويعسوب الدين (5) وسيّد الوصيّين . وجعل يمدحه.

فسمع ذلك منه الحسن والحسين ( علیهما السلام) وقد استقبلاه، فدخلا على أبيهما (علیهم السلام) وقالا:

رأينا أسوداً يمدحك في الطريق .

فبعث أمير المؤمنين ( علیه السلام)من أعاده إلى حضرته(6) ، فقال (علیه السلام) له : قطعت يمينك(7) وأنت تمدحني ؟! فقال : يا أمير المؤمنين إنّك طهّرتني ، وإنّ حبّك قد خالط

لحمي ودمي وعظمي، فلو قطّعتني إرباً إرباً لما ذهب حبّك من قلبي.

ص: 561


1- عنه البحار : 268/27 ح 18 و ج 43/65 ح3. روی نحو هذه الرواية عن الصادق والرضا عليهما السلام ، راجع تفسيرنا الروائي في سورة البقرة : 260
2- الحرز : الموضع الحصين : راجع وسائل الشيعة : 508/18 ب 18 أنّه لا يقطع إلّا من سرق من حرز
3- «و یجاوز الله عنه» ط
4- نصاب السرقة : القدر الذي يجب فيه القطع . راجع وسائل الشيعة : 481/18 باب حد السرقة
5- «المؤمنین» م
6- «عنده» ط ، ه ، البحار
7- «قطعتك» ه، البحار

فدعا ( علیه السلام) له، و وضع المقطوع إلى موضعه، فصحّ [ وصلح] كما كان.(1)

20- ومنها : ما روي أنّ عليّاً (علیه السلام) دخل المسجد بالمدينة غداة يوم ، وقال : رأيت في النوم رسول الله البارحة ، وقال لي : إنّ سلمان توفّي ، و وصّاني بغسله وتكفينه و الصلاة عليه ودفنه ، وها أنا خارج(2) إلى المدائن(3) لذلك .

فقال عمر : خذ الكفن من بيت المال .

فقال عليّ (علیه السلام) : ذاك مكفي مفروغ منه .

فخرج والناس معه إلى ظاهر المدينة ، ثمّ خرج وانصرف الناس ، فلمّا كان قبل الظهيرة رجع وقال: دفنته . و كان أكثر الناس لم يصدقوه ، حتّى كان بعد مدّة ووصل من المدائن مكتوب: « إنّ سلمان توفي [ في ] ليلة(4) كذا ، ودخل علينا أعرابي، فغسّله وكفّنه وصلّى عليه ودفنه ثمّ انصرف» فتعجّبوا كلّهم(5).(6)

ص: 562


1- عنه البحار : 41 /202 ح 15 وج 79 /188 ح 24، و مستدرك الوسائل : 18 /151 ح 11 مثله عن الاصبغ بن نباتة . وأخرج مثله في البحار : 40 /281 ح 44 عن الروضة : 233 ، والفضائل لابن شاذان ص 172 بالاسناد یرفعه الى الاصبغ . وأخرجه في مدينة المعاجز : 104ح278 عن البرسی ، بالاسناد و غیره یرفعه الى الاصبغ وأخرجه في إثبات الهداة : 5 /70ح 454 عن الفخر الرازی من علماء السنة في تفسيره الكبير الموسوم بمفاتح الغيب
2- «أخرج» م
3- المدائن : جمع مدينة ، و انّما سميت بذلك لأنّها كانت مدناً ، کلّ واحدة منها الى جنب الاخرى ... والمدائن في وقتنا هذا: بلیدة صغيرة في الجانب الغربي من دجلة (مراصد الاطلاع : 1243 /3)
4- «يوم» ط ، البحار
5- «فتعحب الناس كلهم» ط، ه ، البحار
6- عنه البحار : 22 /368ح7 و ج 39 /142 ح 7، وعنه مدينة المعاجز : 94 ح237وعن البرسی نحوه

21- ومنها : أنّه لمّا قعد أبوبكر بالأمر بعث خالد بن الوليد إلى بني حنيفة ليأخذ زكاة أموالهم ، فقالوا لخالد : إنّ رسول الله كان يبعث کلّ سنة من يأخذ صدقات الاموال(1) من الأغنياء من جملتنا، و يفرقها في فقرائنا ، فافعل أنت كذلك.

فانصرف خالد إلى المدينة و قال لأبي بكر: إنّهم منعوا [من] الزكاة. فأعطاه(2).

عسكراً [ فرجع خالد ] رأتي بني حنيفة وقتل رئيسهم، وأخذ زوجته ووطئها في الحال وسبي نسوانهم ورجع بهنّ إلى المدينة، و كان ذلك الرئيس صديقاً لعمر [في الجاهليّه].

فقال عمر لأبي بكر : اقتل خالداً به ، بعد أن تجلده الحدّ بما قبل بامرأته .

فقال له أبوبكر : إنّ خالداً ناصرنا ، تغافل . وأدخل السبايا في المسجد وفيهنّ خولة ، فجاءت إلى قبر الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والتجأت به و بکت و قالت:

یا رسول الله نشكو إليك أفعال هؤلاء القوم ، سبونا من غير ذنب و نحن مسلمون.

ص: 563


1- «كل سنة رجلا يأخذ صدقاتنا» ه ، البحار
2- «فبعث معه» ه ، البحار و رواه ابن شاذان فی قصائص :86عن الإمام شیخ الإسلامأبی الحسن بن علی بم محمّد المهدی فی حدیث طویل نحوه، عنه البحار:22 /374 ح13. وللمصنف فی حاشیة نسخة«م» تعلیقة قال فیها: یحکی أنّ بعض الخلفاء حضر زیارة سلمان الفارسی وتذکروا مجیء علیّ (علیه السلام)من المدینة إلی المدائن إلیه وتغسیله إیّاه ورجوعه ، والصبح ما قرب. فقال بعض من حضر: هذا من قول الغلاة .فقام بعض ندمائه و قال للخلیفة :إن أجزتنی قلت شیئاً فأجازه فقال: أنکرت لیلة إذ سارالوصی بها***إلی المدائن لما أنّ لها طلباً وغسل الطهرسلمان وعاد إلی***عراس یثرب والأصباح ما قربا و قلت ذلک من قول الغلاة و ما***ذنب الغلاة إذا لم یوردوا کذبا فأنت فی آصف ثقیل فیه بلا***فی حیدر أنا غال ان ذا عجبا إن کان أحمد خیر المرسلین فذا***خیر الوصیین و إلّا فالحدیث هبا

ثمّ قالت : أيّها النّاس لم سبیتمونا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ؟ .(1)

فقال أبوبكر : منعتم الزكاة .

قالت : ليس الأمر على ما زعمت، إنّما كان كذا و كذا ، وهب الرجال منعوکم الزكاة بزعمكم، فما بال النسوان المسلمات سبين ؟

واختار کل رجل [ منهم ] واحدة من السبايا ، وجاء خالد وطلحة(2) ورميا بثوبین إلى خولة، وأراد کلّ واحد منهما أن يأخذها من السبي.

قالت : لا يكون هذا أبداً ، و لا يملكني إلّا من يخبرني بالكلام الّذي قلته ساعة ولدت .

قال أبوبكر : هي قد فزعت من القوم ، و كانت لم تر مثل ذلك [قبله] ، وتتكلّم بما لا تحصيل له . فقالت: والله إنّي صادقة .

إذ جاء علي بن أبي طالب (علیه السلام) فوقف ونظر إليهم وإليها ، وقال (علیه السلام): اصبروا حتّى أسألها عن حالها . ثمّ ناداها ، فقال : يا خولة اسمعي الكلام . (فلمّا أصغت

قال لها: إنّ أمّك [لمّا] كانت بك حاملا)(3) وضربها الطلق واشتدّ بها الأمر نادت :

«اللّهمّ سلّمني من هذا المولود» فسبقت تلك الدعوة بالنجاة ، فلمّا وضعتك ناديت من تحتها «لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يا أمّاه عمّا قليل سيملكني سيّد يكون لي منه ولد» فكتبت أمّك ذلك الكلام في لوح نحاس ، فدفنته في الموضع الّذي سقطت فيه ، فلمّا كان في الليلة الّتي قبضت أمّك فيها ، وصّت إليك بذلك

ص: 564


1- يأتي الحديث مفصلا في أعلام الامام محمّد بن على الباقر عليهما السلام ح1 ، فانظر
2- «و جاء رجلان» . وفي خ ل «الزبیر» بدل «طلحة»
3- «و هو أنّ امّك لما كانت بك حاملا» ه . «ثم قال: لما كانت أمّك حاملا» البحار

[اللّوح] فلمّا كان وقت سبيك(1) ، لم يكن لك همّة إلّا أخذ ذلك اللوح فأخذتيه وشددتيه على عضدك الأيمن ، هاتي اللوح فأنا صاحب ذلك اللّوح، وأنا أمير المؤمنين ، وأنا أبو ذلك الغلام الميمون ، واسمه محمّد.

قال: فرأيناها وقد استقبلت القبلة ثمّ قالت: اللّهمّ أنت المنّان المتفضّل، أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت بها عليّ، ولم تعطها لأحد إلّا وأتممتها عليه، اللّهمّ بصاحب هذه التربة و الناطق المنبيء(2) بما هو كائن ، إلّا أتممت فضلك عليّ .ثم أخرجت اللوح و دفعته إليهم(3) فأخذه أبوبكر، وقرأه عثمان، فإنّه كان أجود القوم(4)قراءة . فبكت طائفة وحزنت أخرى، فإنّه ما زاد ما في اللوح على كلامه(5) علي حرفاً ولانقص. فقالوا: صدق الله، وصدق رسوله: «أنا مدينة العلم وعلي بابها».

فقال أبوبكر: خذها يا أبا الحسن بارك الله لك فيها. فبعثها عليّ (علیه السلام) إلى بيت أسماء بنت عمیس - و هي يومئذ كانت زوجة أبي بكر - .

فلمّا دخل أخوها أمهرها أمير المؤمنين وتزوّج بها وعلقت بمحمّد وولدته .(6)

ص: 565


1- «سبيكم» البحار
2- «بصاحب النبوة المنبی» ط، ه
3- «ورمت به عليه» ه، «و رمت به اليه» البحار
4- «أجودهم» ط، ه
5- «ما قال» ط، ه، البحار
6- عنه البحار : 41 /302 ح35 وج 42 /84 ح14 عن دعبل الخزاعي، عن الرضا ، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام نحوه . ورواه ابن شاذان في الفضائل : 99 عن أبی عبدالله الحسين بن أحمد المداینی ، عن عبدالله ابن هاشم ، عن الكلبي ، عن ميمون بن صعب المكي ، عن أبي العباس بن سابور نحوه عنه البحار :8 /153 (طبع حجر) ، ورواه في الروضة : 121 . وأورده في المناقب : 2 /111 مرسلاً عن الباقر عليه السلام نحوه، عنه البحار: 41 /326 ح47. وأخرجه في مدينة المعاجز : 128ح 361 عن کتاب سیر الصحابة بطریقین : أحدهما الى عبد العباس بن سابور المكي، والاخر الى أبي سعيد الخدری

22- ومنها : ماروي عن سليمان الأعمش(1) - في خبر طويل - أنّ المنصور بعث إليه في ليلة ، قال : فقلت في نفسي : إنّه يدعوني و يسألني عن مناقب عليّ ، وأنا أذكرها فيقتلني ، فكتبت وصيّتي، و لبست أكفاني، فدخلت عليه .

فقال : ادن منّي، فدنوت ، فشمّ رائحة الحنوط، وقال : لتصدقني أو لأقتلنّك .

قلت : كان كذا وكذا، فاستوى، وقال :

لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، اسمع منّي ، كنت هارباً من بني مروان أدور البلاد و أتقرّب إلى الناس بفضائل(2) عليّ (علیه السلام) حتّى وردت بلاد الشام ، وأتيت مسجداً وعليّ أطمار(3).

فلمّا سلّم الامام، دخل صبيّان عليه ، فقال : مرحباً بكما وبمن اسمكما على اسمهما .

فسألت عنه فقيل : ليس في هذه المدينة من يحبّ عليّا (علیه السلام)غيره ، وقال : سمّاهما الحسن والحسين (علیهما السلام). فقمت فرحاً و رویت له فضيلة من فضائل علي (علیه السلام)، فخلع عليّ (علیه السلام)(4) وأعطاني مالا جزيلاً ، و أرشدني إلى فتی، وذكرت عنده أيضاً عليّاً ومناقبه ، فحملني على بغلة و أعطاني مالا جزيلاً .

ثمّ قال : قم حتّى أريك أخي المبغض لعليّ، فأتينا المسجد وجلست في الصفّ وإلى جانبي ذلك المبغض معتمّاً ، فلمّا ركع وسجد سقطت العمامة عنه، فإذا رأسه کرأس الخنزير ، فلمّا سلّمنا قلت له : ما هذا ؟

قال : أنت صاحب أخي ؟ قلت : نعم . قال: فبکی ، وقال : كنت مؤذناً، فكلّما

ص: 566


1- هو سليمان بن مهران الاعمش، أبو محمّد الاسدی ، مولاهم الأعمش الكوفي: من أصحاب الصادق عليه السلام. رجال الشيخ : 206 رقم 72. و ترجم له السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 8 /280
2- «بمناقب» ط
3- الاطمار، جمع الطمر بالكسر : هو الثوب الخلق العتيق، والكساء البالي من غير الصوف
4- خلع عليه ثوباً : ألبسه اياه منحة

أصبحت لعنت عليّاً ألف مرّة ، فلمّا كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرّة، فانصرفت من المسجد ونمت ، فرأيت كأنّ القيامة قد قامت ، ورأيت محمّداً و عليّاً والحسن والحسين يسقون الناس، فقال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مالك - عليك لعنة الله - تلعن عليّاً، ثمّ بصق في وجهي، وقال : قم غيّر الله ما بك من نعمة . فانتبهت فإذا رأسي ووجهي كما ترى.(1)

ص: 567


1- رواه الخوارزمي في المناقب، 200 قال: أخبرنا علی بن الحسين الغزنوي، عن السمرقندی عن سعد الاسماعيلى ، عن حمزة بن يوسف السهمي، عن عبدالله بن عدي، عن الحسين بن عقر، عن يوسف بن عدى ، عن جرير بن عبدالحميد الضبي، عن سليمان بن مهران الأعمش ، عنه احقاق الحق: 15 /12 ، وعن ابن حسنویه في درّ بحرالمناقب : 54 (مخطوط) . عنهما احقاق الحق : 10 /722 . ورواه الحمويني في فرائد السمطين : 2 /90 باسناده الى إسحاق بن سليمان الهاشمي قال: سمعت أبي يحدّث أنهم كانوا عندالرشید ...، عنه وسيلة المتعبدین ج 1 وذخائر العقبی 130، والفضائل الخمس: 3/ 187 . و رواه أبو اليقظان الشيخ أبوالحسن الكازروني في «شرف النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) » على ما في مناقب الكاشی (مخطوط) قال: قال الرشيد عن المهدي، عن المنصور. وأبو المؤبد الموفق بن أحمد في «مقتل الحسين (علیه السلام)» : 111 عن الغزنوی . ومحب الدين الطبراني في «ذخائر العقبى»: 130 روى الحديث عن ابن عباس . والصفورى البغدادی الشافعي في «نزهة المجالس» 2 /233 . والطبراني في المعجم الكبير، : 137 عن ابن عباس. والحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» : 9 /184 روى الحديث عن طريق الطبرانی. و المولى على المتقي الهندي في «منتخب کنز العمال» : 5 /106 . وجمال الدین محمّد بن يوسف الزرندی الحنفي في «نظم درر السمطین» 213. والبدخشى في «مفتاح النجا»: 113، روى الحديث من طريق ابن الاخضر . وابن حسنوية في كتابه «در بحر المناقب». والقندوزي في «ينابيع المودة»: 121 روى الحديث عن ابن عباس . عنهم احقاق الحق: 9 /181 . وأخرجه في ارشاد المفيد: 427 عن كتاب الأربعين للشيخ القدوة أخطب الخطباء موفق الدين بن أحمد المکّی بالاسناد عن سليمان بن مهران الاعمش. وأورده في غاية المرام :497 عن الموفق بن أحمد باسناده الى الاعمش . جميعاً نحوه

23 - ومنها : ماروي عن سعد بن(1) الباهلي أنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اشتکی، و كان محموماً، فدخلنا مع عليّ عليه ، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ألمّت بي أمّ ملدم(2) فحسرعلي يده اليمني، وحسر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يده اليمنی، فوضعها عليّ (علیه السلام) على صدر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و قال : يا أمّ ملدم اخرجي فإنّه عبد الله و رسوله .

قال : فرأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) استوى جالساً ، ثمّ طرح عنه الازار (3) ، وقال : ياعليّ إنّ الله فضّلك بخصال، وممّا فضّلك به أن جعل الأوجاع مطيعة لك، فليس من شيء تزجره إلّا انزجر باذن الله .(4)

24 - ومنها: أنّ خارجيّاً اختصّه مع رجل(5) إلى عليّ (علیه السلام) ، فحكم بينهما [بحكم الله و رسوله] . فقال الخارجي : لا عدلت في القضيّة.

فقال عليّ (علیه السلام) : إخساً یا عدوّ الله . فاستحال(6) كلباً ، وطارت ثيابه في الهواء، فجعل يبصبص(7) و قد دمعت(8) عيناه ، فرق له علي و دعا [ الله ] ، وأعاده الله إلى حال الانسانيّة ، وتراجعت من الهواء ثيابه إليه .

فقال عليّ (علیه السلام) : إنّ آصف وصيّ سليمان قد صنع نحوه فقصّ الله عنه بقوله :

ص: 568


1- «سعد بن أبي» ط ، م ، مدينة المعاجز
2- أمّ ملدم - بكسر الميم - : كنية الحمى
3- «عنه ذلك الدثار»ط .م
4- عنه البحار : 41/ 202 ح 16 ، ومدينة المعاجز : 95ح 242
5- «آخر»ط ، ه، البحار
6- استحال استحالة : تحوّل من حال الى آخر
7- بصبص و تبصبص الكلب : حرك ذنبه
8- «وتدمع» م

«قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ »(1)

أيّما أكرم على الله؟ نبيّكم أم سليمان ؟ قالوا: نبيّنا.

فقيل له: ما حاجتك في قتال معاوية إلى الأنصار؟ قال : إنّما أدعو هؤلاء لثبوت(2)الحجّة ، و كمال المحنة ، ولو أذن لي في الدّعاء بھلاکه لما تأخّر .(3)

25 - ومنها : ما روي عن محمّد بن سنان قال : دخلت على الصادق (علیه السلام) فقال لي: من بالباب؟ قلت : رجل من الصين . قال : فأدخله .

فلمّا دخل قال له [أبو عبد الله] : هل تعرفوننا بالصين ؟

قال : نعم يا سيّدي . قال : وبماذا تعرفوننا ؟

قال : يا ابن رسول الله إنّ عندنا شجرة تحمل کلّ سنة ورداً يتلون في کلّ يوم مرّتين ، فإذا كان أول النهار نجد مكتوباً عليه(4) «لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله» وإذا كان آخر النهار ، فإنّا نجد مكتوباً عليه «لا إله إلا الله ، عليّ خليفة رسول الله».(5)

26 - وعنه ، عن الباقر(علیه السلام) إنّ للامام عشر دلائل :

أولها : أنّه يولد مختوناً .

وثانيها : أوّل ما يقع على الأرض ينظر إلى السماء، ويشهد الشهادتين .

وثالثها : [أنّه] على عضده الأيمن مكتوب « وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً

ص: 569


1- سورة النمل: 40
2- «إنّما أدعو لى هؤلاء «بثبوت» البحار
3- عنه البحار : 41/ 203 ح17 . وأخرجه في مدينة المعاجز: 50 /97، خصائص أمير المؤمنین (علیه السلام)نحوه . وأورده في المناقب: 2 /114 في حديث الطرماح بن عدی وصعصعة بن صوحان نحوه. عند إثبات الهداة: 5 /78 ح 481، والبحار : 41 /208.
4- «علیها»م ، وكذا ما بعدها
5- عنه البحار : 42/18 ح4، ومدينة المعاجز : 167 ح 466

لامبدّل لكلماته وهو السّميع العليم»(1).

ورابعها : أنّه لا يتمطّی(2) .

وخامسها : أنّه لا يتثائب .

وسادسها : أنّه لايحتلم أبداً، والشيطان لا يقربه .

و سابعها : أنّ رائحة نجوه(3) مثل المسك ، والأرض تستره بابتلاعه كلّه .

وثامنها: أنّه لا يكون له ظلّ إذا قام في الشمس، [لأنّه نور من النور ليس له ظلّ]

و تاسعها : أنّه يختم على الحجر مثل ما كان يفعل آباؤه(4).

وعاشرها : أنّه يكون مستجاب الدعوة.(5)

ص: 570


1- سورة الأنعام: 115
2- قوله تعالى في سورة القيامة : 33 «ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى » قيل: هو من التمطى ، و هوالتبختر ومد اليدين في المشي ... (مجمع البحرین مادة «مطا»)
3- النجو: ما خرج من البطن من الريح والغائط
4- نظير قصة حبابة الوالبية ، الاتية في الباب «15» الحديث «1» . وفي ط «و تاسعها :أنّ الشيطان لا يضرّ به». « تاسعها: أنّ الشيطان لا يضر به»
5- روى الصدوق في الخصال : 2/ 428 ح 70 عن العجلي ، عن ابن زکریا القطان ، عن حبیب ، عن ابن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن سليمان بن مهران ، عن أبي عبدالله نحوه ، عنه إثبات الهداة : 7/ 403 ح 41، والبحار : 25/ 140 ح12.

فصل-في أعلام الامام الحسن بن أمير المؤمنين عليهما السلام

1- عن عبد الله الكناسي (1) عن الصادق (علیه السلام) قال : خرج الحسن بن علي (علیهما السلام) في بعض عمره ، ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته ، فنزلوا في منهل(2) من تلك المناهل تحت نخل یابس ، قد يبس من العطش ، ففرش للحسن تحت نخلة وللزبيري بحذائه تحت نخلة أخرى .

فقال الزبيري - و قد رفع رأسه - : لو كان في هذه النخلة رطب لأكلنا منه . فقال له الحسن : و إنّك لتشتهي الرطب ؟ قال : نعم . فرفع الحسن [رأسه و] يده إلى السماء فدعا بكلام، فاخضرّت النخلة ، وأورقت ، وحملت رطباً.

فقال الجمّال - الّذي اكتروا منه - : سحر والله .

فقال الحسن (علیه السلام): ويلك إنّ هذا ليس بسحر ، ولكنّها دعوة ابن نبيّ مجابة .فصعدوا إلى النخلة حتّى صرمو ا(3) ما فيها ، و أكلوا، فوجدوا أحسن رطب، و كفاهم .(4)

ص: 571


1- کذا فی البصائر و فی النسخ«عندر» وفی ثاقب المناقب واثبات الهداة «منذر» و فی عیون المعجزات «الکنانی » و فی سند حدیث آخر فی دلائل الإمامة :140«عبدالله الکنانی» ولم نعثر لهم علی أیّ منها فی ما عندنا من کتب التراجم.
2- المنهل : المنزل في المفازة على طريق المسافرين
3- أي قطعوا
4- عنه البحار : 43 /323 ح 1 ، والعوالم : 16/ 87 ح 1، وعن البصائر : 256 ح 10 باسناده عن الهيثم النهدي . عن اسماعیل بن مهران ، عن عبدالله الكناسی ، وأخرجه في المناقب : 3/ 173 ، وعيون المعجزات : 62 عن البصائر . ورواه في الكافي: 1 /462 ح 4 باسناده الى الصفّار . وأورده مرسلاً في ثاقب المناقب : 269، والصراط المستقیم : 2 /177 ح 6. وأخرجه في إثبات الهداة : 5/ 144 ح 4 عن البصائر والكافي والمناقب .. وفي مدينة المعاجز : 206 ح 30 عن البصائر والكافي

2- و منها : روي أن عليّاً (علیه السلام) كان في الرحبة ، فقام إليه رجل فقال : أنا من رعيّتك وأهل بلادك. قال : لست من رعيّتي ، ولا من أهل بلادي ، و لكن(1) ابن الأصفر(2) بعث بمسائل إلى معاوية أقلقته وأرسلك إليّ بها .

قال: صدقت يا أمير المؤمنين إنّ معاوية أرسلني إليك في خفية ، وأنت قد اطّلعت على ذلك ولا يعلمه غير الله .

فقال (علیه السلام): سل أحد إبنيّ هذين. قال : أسأل ذا الوفرة(3) - يعني الحسن (علیه السلام) فأتاه ، فقال له الحسن (علیه السلام): جئت تسأل كم بين الحقّ والباطل ؟ وكم بين الأرض والسماء ؟ و كم بين المشرق والمغرب ؟ و ما قوس قزح ؟ وما المؤنّث ؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض ؟ قال : نعم .

قال الحسن : بين الحقّ والباطل أربعة أصابع ، ما رأيته بعينك فهو الحقّ وقد تسمع باذنيك باطلا كثيراً ، وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ، ومدّ البصر و بين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس، و قزح اسم للشيطان ، لاتقل: قوس قزح، هو قوس الله، وعلامة الخصب، و أمان لأهل الأرض من الغرق.

وأمّا المؤنّث(4) فهو الذي لايدري أذكر هو أو انثي ، فإنّه ينتظر به ، فإن كان

ص: 572


1- «ان» م
2- كناية عن ملك الروم، و بنو الأصفر هم ملوك الروم، قيل سمّوا بذلك لأنّ أباهم الأول روم ابن عيصو بن اسحاق بن ابراهيم كان أصفر اللون . (لسان العرب : 4/ 465 ، ووفيات الاعيان : 6 /126
3- الوفرة : الشعر المجتمع على الرأس ، أو ما جاوز شحمة الأذن
4- «الخنثی» ه

ذكراً احتلم ، وإن كان أنثى حاضت وبدا ثديها ، وإلّا قيل له : بل . فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير ، فهو أنثی(1) .

وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض : فأشدّ شيء خلق الله : الحجر، و أشدّ منه الحديد ، يقطع به الحجر ، و أشدّ من الحديد: النار تذيب الحديد ، و أشدّ من النار: الماء يطفيء النار، وأشدّ من الماء: السحاب يحمل الماء، وأشدّ من السحاب :الريح تحمل السحاب ، و أشدّ من الريح: الملك الّذي يردّها ، وأشدّ من الملك: ملك الموت [الّذي يميت الملك] ، و أشدّ من ملك الموت: الموت [الذي] يميت ملك الموت، وأشدّ من الموت: أمر الله [ الّذي ] يدفع الموت.(2)

3- ومنها: ما روي عن عبد الغفار الجازي(3)، عن أبي عبد الله (علیه السلام)قال : إنّ الحسن بن على كان عنده رجلان ، فقال لأحدهما: إنّك حدّثت البارحة فلاناً بحديث كذا و كذا . فقال الرجل الآخر : إنّه ليعلم ما كان ! وعجب من ذلك .

ص: 573


1- « امرأة » م ، ط
2- عنه البحار: 43 /325 ح5، والعوالم : 16 /110 ح 7، و إثبات الهداة: 4/ 552 ح 204 ورواه في الخصال : 440 ح 33 باسناده الى الباقر ، عن أمير المؤمنين عليهما السلام عنه الوسائل : 8 /448 ح 5 ، و البحار : 60/ 199 ح 2 و ج 75/ 196 ح 10 104/ 358 ح 18 . وأورده في الاحتجاج : 1 /398 عن الباقر عليه السلام ، عنه حلية الأبرار : 1 /503 و مدينة المعاجز : 222 ح 78، و عنه البحار : 6 /284 ح 1 وج 59/ 377 ح 12وعن الخصال . وأورده في روضة الواعظين:57، عنه البحار: 10/ 129 ح 1 وعن الخصال والاحتجاج. وأورده في تحف العقول : 228 مرسلاً . في الصراط المستقيم : 2 /178 ح7 مختصراً ، عنه إثبات الهداة : 5/ 162 ح 41
3- « الحارثي » ه، م، وهو عبدالغفار بن حبيب الطائي الجازی ، من أهل الجازية ، قرية بالنهرین ، روي عن أبي عبدالله عليه السلام ، ثقة . قاله النجاشي في رجاله : 247

فقال(علیه السلام): إنّا لنعلم مايجري بالليل والنهار .

ثمّ قال : إن الله تبارك و تعالی علّم رسوله الحلال والحرام ، و التنزيل و التأويل ، فعلّم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليّاً (علیه السلام)علمه كلّه .(1)

4- ومنها: ما روي [عن] الحارث الهمداني قال : لمّا مات عليّ (علیه السلام) ، جاء الناس إلى الحسن بن علي فقالوا له : أنت خليفة أبيك ، ووصيّه، ونحن السامعون المطيعون لك ، فمرنا بأمرك . قال : كذبتم ، والله ما وفيتم لمن كان خيراً منّي فكيف تفون لي؟! أو كيف أطمئنّ إليكم ولا أثق بكم؟

إن كنتم صادقين؟ فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن، فوافوني هناك .

فركب ، وركب معه من أراد الخروج ، و تخلّف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوه ، و بما وعدوه، وغرّوہ کما غرّوا أميرالمؤمنين (علیه السلام) من قبله .

فقام خطيباً وقال : قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي ، مع أيّ إمام تقاتلون بعدي ؟! مع الكافر الظالم، الّذي لم يؤمن بالله ، ولا برسوله قطّ ، ولا أظهر الاسلام هو ولابنو أميّة إلّا فرقاً(2) من السيف !! ولو لم يبق لبني أميّة إلّا عجوز درداء(3) لبغت دین الله عوجاً ، وهكذا قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ثم وجّه إليه قائداً في أربعة آلاف، وكان من كندة ، وأمره أن يعسكر بالأنبار(4) ولا يحدث شيئاً حتّى يأتيه أمره . فلمّا توجّه إلى الأنبار ، و نزل بها ، وعلم معاوية بذلك بعث إليه رسلاً، وكتب إليه معهم :

ص: 574


1- عنه البحار : 43 /330 ح 10، والعوالم : 16/ 91 ح 6 وعن بصائر الدرجات : 290ح 2 باسناده إلی عبدالغفار . وأورده في مدينة المعاجز : 222 ح 79 مرسلاً عن عبدالغفار
2- فرق : جزع واشتدّ خوفه
3- الدرداء : التي سقطت أسنانها كلها
4- مدينة على نهر الفرات ، غربی بغداد . ( مراصد الاطلاع: 1/ 120)

إنّك إن أقبلت إليّ ولّيتك بعض کور الشام، أو الجزيرة، غیر منفس عليك .

و أرسل إليه بخمسمائة ألف درهم، فقبض الكندي - عدوّ الله - المال، وقلب على الحسن (علیه السلام) وصار إلى معاوية ، في مائتي رجل من خاصّته وأهل بيته .

وبلغ الحسن (علیه السلام) [ذلك] فقام خطيباً وقال: هذا الكندي توجّه إلى معاوية وغدر بي وبكم، وقد أخبرتكم مرة بعد أخرى أنّه لاوفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا، وأنا موجّه رجلاً آخر مكانه، و أنا أعلم أنّه سيفعل بي وبكم مافعل صاحبه، لا يراقب الله فيّ ولا فيكم.

فبعث إليه رجلاً من مراد في أربعة آلاف، وتقدّم إليه بمشهد من الناس، وتوکّد عليه، وأخبره أنّه سيغدر كما غدر الكندي، فحلف له بالأيمان الّتي لا تقوم لها الجبال أنّه لا يفعل . فقال الحسن (علیه السلام): إنّه سيغدر .

فلمّا توجّه إلى الأنبار، أرسل معاوية إليه رسلاً، و كتب إليه بمثل ما كتب إلى صاحبه وبعث إليه بخمسمائة ألف درهم ، ومنّاه أيّ ولاية أحبّ من کور الشام، أو الجزيرة ، فقلب على الحسن (علیه السلام)، و أخذ طريقه إلى معاوية ، ولم يحفظ ماأخذ عليه من العهود، وبلغ الحسن (علیه السلام) ما فعل المراديّ .

فقام خطيباً وقال: قد أخبرتكم مرّة بعد مرة أنّكم لاتفوزلله بعهود، وهذا صاحبكم المراديّ غدر بي وبكم ، وصار إلى معاوية .

ثمّ كتب معاوية إلى الحسن (علیه السلام): يا ابن عمّ ، لا تقطع الرحم الّذي بيني و بينك ، فإنّ الناس قد غدروا بك و بأبيك من قبلك .

فقالوا : إن خانك الرجلان وغدرا، فإنّا مناصحون لك .

فقال لهم الحسن (علیه السلام): لأعودنّ هذه المرة فيما بيني وبينكم ، وإنّي لأعلم أنّكم غادرون ، والموعد ما بيني و بينكم ، إنّ معسكري بالنخيلة ، فوافوني هناك ، و الله لاتفون لي بعهد، ولتنقضنّ الميثاق بيني و بينكم.

ص: 575

ثمّ إن الحسن (علیه السلام) أخذ طريق النخيلة ، فعسكر(1) عشرة أيّام ، فلم يحضره إلّا أربعة آلاف، فانصرف إلى الكوفة فصعد المنبر وقال : يا عجباً من قوم لاحياء لهم ولا دين مرة بعد مرة، ولو سلّمت إلى معاوية (2) الأمر فأيم الله لاترون فرجاً أبداً مع بني أميّة ، و الله ليسومنّكم سوء العذاب ، حتّى تتمنّون أن يلي عليكم حبشيّاً ولو وجدت أعواناً ما سلّمت له الأمر ، لأنّه محرّم على بني أميّة ، فافّ وترحاً یاعبيد الدنيا.

وكتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية بأنّا معك، و إن شئت أخذنا الحسن (علیه السلام) وبعثناه إليك.

ثمّ أغاروا على فسطاطه ، وضربوه بحربة ، فاخذ مجروحاً .

ثم كتب جواباً لمعاوية : « إنّ هذا الأمر لي والخلافة لي ولأهل بيتي ، و إنّها لمحرّمة عليك و على أهل بيتك ، سمعته من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، لو وجدت صابرین عارفين بحقّي غير منکرین ، ما سلّمت لك و لا أعطيتك ما تريد».

و انصرف إلى الكوفة .(3)

ص: 576


1- «فصبر» م ، ه
2- «له» م والعوالم بدل «الى معاوية»
3- عنه البحار : 44/ 43 ح 4 ، والعوالم : 16/ 141 ح 1، واثبات الهداة : 5/ 135 ح 27 و ص 150 ح13 . و رواه مفصلا الخصيبي في الهداية الكبرى : 189 باسناده الى الحارث الهمدانی عنه إثبات الهداة : 5/ 156 ح23. وأورده مختصراً في الصراط المستقیم : 2/ 178 ح 8

فصل-في أعلام الامام الشهيد الحسين بن علی بن ابی طالب عليهما السلام

1- عن المنهال بن عمرو قال: أنا والله رأيت رأس الحسين (علیه السلام)حين حمل و أنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف، حتّى بلغ قوله: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا »(1)، فأنطق الله الرأس بلسان ذرب ذلق ، فقال:

أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي .(2)

2- و منها : ما أخبرني به الشيخ أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الأصفهاني(3) الشيخ أبو سعيد محمّد بن عبد الله بن عمر الخاني البزاز .

أبو القاسم بكران بن الطيّب بن شمعون القاضي المعروف ب « ابن أطروش »

ص: 577


1- سورة الكهف : 9
2- عنه البحار : 45/ 188 ح32، والعوالم : 17/ 412 ، ح 7، واثبات الهداة : 5/ 193 ح 32. وأورده في ثاقب المناقب : 288 (مخطوط) عن المنهال ،عنه مدينة المعاجز :274 ح 72 وأورده في الصراط المستقیم 2/ 179 ح7 مرسلاً
3- هوالشيخ الثقة أبوالفرج سعيد بن أبي الرجاء محمّد بن أبي منصور الأصفهاني الصيرفي السمسار في العقار . ولد سنة 444 ه ، وتوفي في التاسع عشر من صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسائة . تجد ترجمته في سير أعلام النبلاء : 19 /622

بجر جرایا(1).

حدثنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن يعقوب .

حدثنا أحمد بن عبدالرحمان بن سعيد ، أبي، أبي الحسن بن عمرو، عن سليمان بن مهران الأعمش قال: بينا أنا في الطواف بالموسم إذ رأيت رجلا يدعو وهو يقول: اللّهمّ اغفر لي وأنا أعلم أنّك لا تفعل .

قال: فارتعت لذلك ، فدنوت منه وقلت: يا هذا أنت في حرم الله و حرم رسوله، و هذه أيّام حرم في شهر عظيم، فلم تيأس من المغفرة ؟

قال: يا هذا ذنبي عظيم . قلت: أعظم من جبل تهامة ؟! قال: نعم .

قلت: يوازن الجبال الرواسي ؟! قال: نعم ، فإن شئت أخبرتك .

قلت: أخبرني. قل: اخرج بنا عن الحرم . فخرجنا منه .

فقال لي : أنا أحد من كان في العسكر المشؤوم، عسکر عمر بن سعد عليه اللعنة، حين قتل الحسين بن علي (علیهما السلام)، و كنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة، فلمّا حملناه على طريق الشام نزلنا على دير للنصارى ، و كان الرأس معنا مرکوزاً على رمح ، و معه الأحراس، فوضعنا الطعام و جلسنا لنأكل، فإذا بكفّ في حائط الدير تكتب :

أترجوا أمّة قتلت حسيناً ***شفاعة جده يوم الحساب

قال : فجزعنا من ذلك جزعاً شديداً ، و أهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها، فغابت ثمّ عاد أصحابي إلى الطعام ، فإذا الكفّ قد عادت تكتب مثل الأول :

فلا والله ليس لهم شفيع ***وهم يوم القيامة في العذاب

ص: 578


1- جرجرایا : بفتح الجيم وسكون الراء الأولى ، بلد من أعمال النهروان الاسفل بین واسط و بغداد من الجانب الشرقي. معجم البلدان: 2/ 123

فقام أصحابنا إليها، فغابت [ثم عادوا إلى الطعام] فعادت تكتب :

وقد قتلوا الحسين بحكم جور*** و خالف حكمهم حكم الكتاب

فامتنعت عن الطعام، و ماهنأني أكله، ثمّ أشرف علينا راهب من الدير، فرأى نوراً ساطعاً من فوق الرأس، فأشرف فرأى عسكراً.

فقال الراهب للحرّاس: من أين جئتم؟ قالوا: من العراق ، حاربنا الحسين .

فقال الراهب : إبن فاطمة (علیها السلام)، وابن بنت نبيّكم ، و ابن ابن عمّ نبيّكم ؟! قالوا: نعم .

قال: تبّاً لكم، والله لو كان لعيسى بن مريم إبن لحملناه على أحداقنا، ولكن لي إليكم حاجة. قالوا: وماهي ؟ قال: قولوا لرئيسكم : عندي عشرة آلاف دينار(1) ورثتها من آبائي، ليأخذها منّي و يعطيني الرأس ، يكون عندي إلى وقت الرحيل ، فإذا رحل رددته إليه .

فأخبروا عمر بن سعد(2) بذلك، فقال: خذوا منه الدنانير وأعطوه إلى وقت الرحيل فجاؤوا إلى الراهب ، فقالوا : هات المال حتّی نعطيك الرأس. فأدلى إليهم جرابین في کلّ جراب خمسة آلاف دينار، فدعا عمر بالناقد (3) و الوزّان ، فانتقدها و وزنها ودفعها إلى جارية له ، وأمر أن يعطى الرأس .

فأخذ الراهب الرأس ، فغسّله ونظّفه ، وحشاه بمسك و كافور [كان] عنده ، ثمّ جعله في حريرة(4)، ووضعه في حجره ، ولم يزل ينوح ويبكي حتّى نادوه وطلبوا منه الرأس ، فقال : يارأس والله ما أملك إلّا نفسي، فإذا كان غداً فاشهدلي عند جدّك محمّد أنّي أشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عبده ورسوله ، أسلمت على يديك و أنا

ص: 579


1- «درهماً» ه، والبحار
2- قال الشيخ المفيد: إنّ الذي سار بالرؤوس وا لنساء سبايا الى الشام هو زحر بن قيس . و قال السيد ابن طاووس : إنّه مخفر بن ثعلبة العايذی . راجع البحار: 45/ 124 ، والعوالم : 17/ 425
3- الناقد هنا: هو الذي يميز الصحيح من المزيف
4- هي القطعة من الحرير

مولاك. ثمّ قال لهم : إنّي أحتاج أن أكلّم رئيسكم بكلمة، وأعطيه الرأس .

فدنا عمر بن سعد منه فقال: سألتك بالله ، و بحق محمّد ألّا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس، ولاتخرج هذا الرأس من هذا الصندوق . فقال له : أفعل .

فأعطاهم الرأس و نزل من الدير ، فلحق ببعض الجمال يعبد الله .

و مضى عمر بن سعد، ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الأول.

فلمّا دنا من دمشق، قال لأصحابه: انزلوا. وطلب من الجارية(1) الجرابين، فاحضرا بين يديه، فنظر إلى خاتمه، ثمّ أمر أن يفتحا، فإذا الدنانير قد تحولت خزفيّة، فنظروا في سكّتها فاذاعلى جانب مكتوب: « وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ »(2).

وعلى الوجه الآخر : « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ »(3).

فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، خسرت الدنيا والآخرة.

ثم قال لغلمانه : اطرحوها في النهر . فطرحت، فدخل دمشق من الغد ، و أدخل الرأس إلى يزيد، عليه اللعنة، فابتدر قاتل الحسين إلى يزيد ، فقال :

إملا رکابي فضّة أو ذهبا ***إنّي قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس أمّاً وأباً *** ضربته بالسيف حتى انقلبا

فأمر يزيد بقتله ، وقال : حين علمت أنّه خير الناس أمّاً وأبأ ، لم قتلته ؟!

وجعل الرأس في طشت ، و هو ينظر إلى أسنانه وهو يقول :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

فأهلّوا واستهلّوا فرحاً ***ثمّ قالوا(4) یا یزید لا تشل

فجزيناهم ببدر مثلها *** و باحد يوم أحد فاعتدل

ص: 580


1- «خازنه» العوالم
2- سورة ابراهيم : 42
3- سورة الشعراء : 227
4- «ولقالوا» م

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

فدخل عليه زيد بن أرقم ورأى الرأس في الطشت وهو يضرب بالقضيب على أسنانه ، فقال : كفّ عن ثناياه ، فطالما رأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقبّلها .

فقال يزيد: لولا أنّك شیخ خرفت لقتلتك . ودخل عليه رأس اليهود

فقال : ما هذا الرأس ؟ فقال : رأس خارجي . قال : ومن هو ؟ قال : الحسين (علیه السلام) .

قال: ابن من؟ قال : ابن عليّ (علیه السلام). قال : ومن أمّه ؟ قال : فاطمة (علیها السلام). قال : ومن فاطمة؟

قال : بنت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) . قال : نبيّكم ؟! قال : نعم .

قال : لاجزاكم الله خيراً ، بالأمس كان نبيّكم واليوم قتلتم ابن بنته ؟!

ويحك إنّ بيني و بين داود النبي نيّفاً و سبعين (1) أباً ، فإذا رأتني اليهود کفّرت(2) لي.

ثمّ مال إلى الطشت وقبّل الرأس ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ جدّك محمّداً رسول الله، وخرج. فأمر يزيد بقتله .

و أمر بالرأس فادخل القبّة التي بازاء المجلس الّذي يشرب فيه ، و و کّلنا بالرأس و کلّ ذلك كان في قلبي ، فلم يحملني النوم في تلك القبّة ، فلمّا دخل الليل وكّلنا أيضاً بالرأس.

فلمّا مضى وهن من الليل ، سمعت دويّاً من السماء، وإذا منادياً ينادي : يا آدم اهبط . فهبط أبو البشر، ومعه خلق كثير من الملائكة .

ثم سمعت دويّاً كالأول فإذا مناد ينادي: يا إبراهيم اهبط .

فهبط ومعه كثير من الملائكة .

ص: 581


1- «و ثلاثين» البحار والعوالم
2- یقال کفر - بتشديد .الفاء - لسيده : إذا انحنی و وضع يده على صدره ، و طأطأ رأسه کالرکوع تعظيماً له

ثم سمعت منادياً (1) ينادي : اهبط ياموسى . فهبط مع ملائكة .

وسمعت منادياً ينادي : یا عیسی اهبط . فهبط و معه ملائكة .

ثم سمعت دويّاً عظيماً ومناد ينادي : يا محمّد أهبط .

فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة ، فأحدقت الملائكة بالقبّة .

ثم إنّ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دخل القبّة فأخذ الرأس منها .

وفي رواية : قعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تحت الرأس، فانحنى الرمح ، ووقع الرأس في حجره، فأخذه و جاء به إلى آدم (علیه السلام) فقال: يا أبي يا آدم، ما ترى ما فعلت أمّتي بولدي [من] بعدي ؟! فاقشعرّ لذلك جلدي.

ثم قام جبرئيل (علیه السلام) فقال : يا محمّد ، أناصاحب الزلازل ، فأمرني لأزلزل بهم الأرض وأصيح بهم صيحة يهلكون فيها . فقال : لا . قال : يا محمّد دعني وهؤلاء الأربعين الموكّلين بالرأس . قال : فدونك، فجعل ينفخ بواحد واحد فيهك ، فدنا منّي وقال: أتسمع و تری؟ فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : دعوه، دعوه لا يغفر الله له فتركني، وأخذوا الرأس و ولّوا. فافتقد الرأس من تلك الليلة ، فما عرف له خبر .

ولحق عمر بن سعد بالري ، فما لحق بسلطانه ، ومحق الله عمره، واهلك في الطريق.

فقال الأعمش : قلت للرجل : تنحّ عنّي ، لا تحرقني بنارك .

فولّيت ولا أدري ما كان من خبره .(2)

ص: 582


1- «دوياً عظيماً» ه
2- عنه البحار: 45 /184 ح 31، والعوالم : 17/ 398 ح 2، و إثبات الهداة: 5 /193 ح 33 وأخرجه ابن نما في مثیر الاحزان : 96 عن النطنزي، عن جماعة، عن الأعمش ، عنه البحار: 44 /224 ح 4، والعوالم : 17 /111 ح3 . وأورده مختصراً في الصراط المستقیم : 2 /179 ح 8. وأورده مرسلاً في مدينة المعاجز :270ح 162.

فصل-في أعلام الامام علي بن الحسين عليهما السلام

1- عن أبي حمزة الثمالي : قلت لعليّ بن الحسين (علیهما السلام): أسألك عن شيء أنفي عنّي به ما قد خامر نفسي .قال : ذلك لك.

قلت : أسألك عن الاوّل و الثاني .

فقال : عليهما لعائن الله كليهما ، مضيا - والله - کافرین مشرکین بالله العظيم .

قلت : فالأئمّة منكم يحيون الموتى، و يبرؤون الأكمه والأبرص، ويمشون على الماء؟

فقال : ما أعطى الله نبيّأ شيئاً إلّا وقد أعطى محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، و أعطاه ما لم يعطهم ولم يكن عندهم، و كلمّا كان عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد أعطاه أمير المؤمنين ثمّ الحسن ثم الحسين (علیهم السلام) ثمّ إماماً بعد إمام إلى يوم القيامة مع الزيادة الّتي تحدث في كل سنة ، وفي کلّ شهر ، و في کلّ يوم .

وإنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان قاعداً، فذكر اللحم ، فقام رجل من الأنصار إلى امرأته و كان لها عناق(1) - فقال لها : هل لك في غنيمة ؟ قالت : وماذاك ؟

قال: إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يشتهي اللحم، فنذبح له عنزنا هذه. قالت:خذها شأنك و إيّاها ولم يملكا(2) غيرها. و كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يعرفهما . فذبحها و سمطها و شواها، وحملها إلى

ص: 583


1- العناق: الانثى من أولاد المعيز و الغنم من حين الولادة الى تمام الحول
2- «تملك» ط، ھ

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فوضعها بين يديه .

قال : فجمع أهل بيته ومن أحبّ من أصحابه ، فقال : كلوا ولا تكسروا لها عظماً وأكل معه الأنصاري ، فلمّا شبعوا وتفرّقوا، رجع الأنصاري إلى بيته وإذا العناق تلعب على باب داره .

وروى أنّه (علیه السلام) دعا غزالاً ، فأتاه ، فأمر بذبحه ، ففعلوا ، و شووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظماً ، ثمّ أمر أن يوضع بجلده و تطرح عظامه وسط الجلد ، فقام الغزال حياً يرعی.(1)

2- و منها : أنّ علي بن الحسين (علیهما السلام) قال : رأيت في النوم كأنّي أتيت بقعب(2)من لبن ، فشربته ، فأصبحت من الغد فجاشت نفسي فتقيّات لبناً قليلاً ، ومالي به عهد منذحين ومنذ أيّام .(3)

3- ومنها : أنّ أبا بصير قال : حدّثني الباقر (علیه السلام) أنّ علي بن الحسين (علیهما السلام) قال: رأيت الشيطان في النوم فواثبني فرفعت يدي فكسرت أنفه ، فأصبحت و إنّ على ثوبي لرشّ دم .(4)

4- ومنها : أنّ عبد الله بن عطاء قال : كنت قاعداً مع علي بن الحسين (علیهما السلام) إذ مرّ بنا عمر بن عبدالعزير بن مروان ، وفي رجله نعل شراکھا فضّة ، و كان إذ ذاك

ص: 584


1- عنه البحار : 18 /7 ح7، واثبات الهداة : 2 /124 ح 530 . وروى صدره في بصائر الدرجات : 269 ح 2 باسناده الى الثمالی ، عنه البحار :17 /136 ح 18 وج 27 /29 ح 1 ، ومدينة المعاجز : 247 ح 69 . وأورده في تأويل الأبات : 2 /632 ح 4 عن الثمالی ، عنه البحار : 8 /225. حجر. وروى ذيله في بصائر الدرجات : 273 ح 4 باسناده الى الرسول صلى الله علیه و آله عنه البحار : 18/ 6 ح5، واثبات الهداة : 1/ 599 ح 266.
2- القعب : هو القدح الضخم الغليظ
3- عنه البحار :46/ 28 ح16، 17 ، والعوالم: 18/ 42 ح 1 ، 2
4- عنه البحار :46 28 ح16، 17 ، والعوالم: 18 42 ح 1 ، 2

هو شاب من أجمل(1) الناس ، فنظر إليه زين العابدین (علیه السلام)فقال : يا ابن عطاء، أترى هذا المترف؟ إنّه لا يموت حتّى يلي أمر الناس ، ولا يلبث في ملكه كثيراً ، فإذا مات لعنه أهل السماوات لأنّه يظلمنا حقّنا ، ولتستغفر له أهل الأرض .(2)

5- ومنها : أنّ يدي رجل وامرأة التزقتا على الحجر وهما في الطواف، وجهد كل واحد أن ينتزعها فلم يقدر ، فقال الناس: اقطعوهما. فبينا هم كذلك إذ دخل زین العابدین وقد ازدحم الناس ، وأفرجوا له ، فتقدّم فوضع يده عليهما فانحلّتا و تفرقوا(3).(4)

6- ومنها : أنّه (علیه السلام) تلكّأت عليه ناقة بين جبال رضوی (5) فأتاها ، ثمّ أراها السوط والقضيب ، ثمّ قال : لتنطلقنّ أو لأفعلنّ . فانطلقت .(6)

ص: 585


1- «أحسن» ه، ط ، والبصائر
2- رواه في بصائر الدرجات : 170ح 1 باسناده الى عبدالله بن عطاء ، عنه البحار :46 /23 ح 2 و ص 327 ح5 ، والعوالم 18 /69 ح 1 ، و إثبات الهداة :5 /229 ح 8 وأورده في دلائل الإمامة : 88 با لاسناد الى عبدالله ، عنه مدينة المعاجز : 294 ح13وعن البصائر . وأورده مرسلاً في ثاقب المناقب: 307
3- «افترقتا» ه، ط ، و البحار
4- عنه البحار : 46 /28 ح18 ، والعوالم : 18 /79 ح1. وعنه في البحار: 46 /44 ح43 ، والعوالم : 18 /60 ح1، وعن كشف الغمة: 2 /111 .عن أبی عبدالله عليه السلام. وأخرجه فی إثبات الهداة : 5 /245 ح 42 عن كشف الغمّة . ورواه في التهذيب : 5/ 470 ح293 باسناده إلی أيوب بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه السلام عنه المناقب : 3/ 210 ، والوسائل : 9 /338 ح7 ، واثبات الهداة : 5 /177 ح4، والبحار : 44/ 183 ح10
5- تقع قرب المدينة المنورة . راجع معجم البلدان : 3 /51
6- روی نحوه المفيد في الارشاد: 288 باسناده الى ابراهيم بن علي ، عن أبيه ، عنه الوسائل : 8 /354 ح 15 ، والبحار : 46 /76 ح 69 وج 64 /215 ح 29 ، والعوالم : 18 /133 ح1

7- ومنها : أنّه (علیه السلام) لمّا توفّي، جاءت راحلته - التي حجّ عليها عشرین حجّة ، ما قرعها بسوط - إلى قبره . وضربت بجرانها(1) وذرفت عيناها ، وجعلت تفحص عند قبره .(2)

8- و منها : أنّ علي بن الحسين (علیهما السلام) قال يوماً : موت الفجأة تخفيف على المؤمن ، و أسف(3) على الكافر ،(4) وإنّ المؤمن ليعرف غاسله و حامله ، فإن كان له عند ربّه خير ، ناشد حملته أن يعجّلوا به ، و إن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصّروا به .

فقال ضمرة بن سمرة(5): إن كان كما تقول فاقفز من السرير . وضحك، و أضحك. فقال : اللّهمّ إنّ ضمرة ضحك و أضحك لحديث رسول الله ، فخذه أخذة أسف. فمات فجأة .

ص: 586


1- الجران : باطن العنق من البعير وغيره
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات: 353 ح 15 باسناده الى زرارة عن الباقر عليه السلام عنه البحار : 46 /147 ح 2 ، والعوالم : 18/ 304 ح 1. ورواه في الكافي: 1/ 467 ح 2 بالاسناد الى زرارة ، عنه إثبات الهداة: 5/ 27 ح 1 و حلية الأبرار : 2/45 ، ومدينة المعاجز : 295 ح20. و أورده في الاختصاص : 294 بالاسناد الى زرارة . عنه البحار : 27 /270 ح 22، ومستدرك الوسائل : 8 /262 ح 4. وأورده مرسلاً في إثبات الوصية : 171
3- «أخذة أسف» الكافي
4- الى هنا رواه في الكافي : 3 /112 ح5 باسناده الي جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن رسول الله صلی الله علیه و آله
5- «معبد» الكافي ، وفي بعض نسخه : «سعید»

فأتی بعد ذلك مولی لضمرة زین العابدين (علیه السلام)، فقال : أصلحك الله إنّ ضمرة مات فجأة، وإنّي لاقسم لك بالله إنّي لسمعت صوته (1) وأنا أعرفه كما كنت أعرف صوته في حياته في الدنيا، وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة، خلا منّي کلّ حميم، و حللت بدار الجحيم ، وبها مبيتي والمقيل .

فقال علي بن الحسين (علیهما السلام): الله أكبر، هذا جزاء (2) من ضحك وأضحك بحديث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .(3)

9- ومنها: أن زین العابدين (علیه السلام) كان يخرج إلى ضياعه (4) ، فإذا بذئب أمعط أعبس(5) قد قطع على الصادر و الوارد ، فدنا منه و وعوع(6) فقال له : إنصرف فإنّي أفعل إن شاء الله .

فانصرف الذئب ، فقيل: ما شأن الذئب ؟

فقال: أتاني وقال : زوجتي عسر عليها ولادتها، فأغثني و أغثها، بأن تدعو بتخليصها ولك الله [علي] أن لا أتعرض أنا ، ولاشيء من نسلي لأحد من شيعتك . ففعلت.(7)

10 - ومنها : أنّه (علیه السلام) نزل بعسفان ومعه أناس كثير من مواليه - وهو منزل بين

ص: 587


1- «حديثه» م
2- «أجر» ط، ه
3- عنه البحار : 46/ 27 ح14 ، والعوالم : 18 /85 ح 1. ورواه في الكافي : 3 /234 ح 4 باسناده الي جابر ، عنه عليه السلام ، عنه البحار : 6 /259 ح 96، والبحار : 46 /142 25 ، والعوالم : 18 /290 ح 1. و فی إثبات الهداة: 5 /221 ح 8عنه وعن الخرائج. ورواه فی مختصر البصائر :91 بالاسناد الى جابر بن يزيد، عن الباقر عليه السلام، عنه مدينة المعاجز : 310 ح 50 وعن الكافي. و أوردناه في الصحيفة السجادية الجامعة دعاء .(معدة للطبع)
4- «ضيعة له» ه ، ط
5- الامعط: الذي ليس على جسده شعر. وأعبس: يبس عليه الوسخ. والعبس : ما تتعلق بأذناب الابل من أبوالها و أبعارها و جفّ عليها
6- الوعوعة : صوت الذئب والكلاب وبنات آوی
7- عنه البحار : 46 /27 ح 15 ، والعوالم:18 /47 ح1

مكّة والمدينة - فإذا غلمانه قد ضربوا فسطاطه(1) في موضع.

فلمّا دنا من ذلك الموضع قال لغلمانه : كيف ضربتم في هذا الموضع وفيه قوم من الجنّ ، وهم لنا أولياء ، وهم لنا شيعة، وقد أضررنا بهم، وضیّقنا عليهم(2)؟!

فقالوا: ما علمنا أنّ هذا يكون هاهنا، فإذا هاتف به من جانب الفسطاط – نسمع كلامه ، و لانرى شخصه - يقول : يابن رسول الله، لاتحوّل فسطاطك من موضعك فإنّا نحتمل لك ، وهذا الطبق(3) قد بعثنا به إليك ، نحبّ أن تأكل منه .

فنظروا فإذا في جانب الفسطاط طبق عظيم ، وطبق آخر فيه عنب ورطب و رمّان وفاكهة من الموز ، وفواكه كثيرة .

فدعا علي بن الحسين(4) (علیهما السلام) رجالاً كانوا معه ، فأكل، و أكلوا من ذلك الطعام، وارتحلوا.(5)

ص: 588


1- الفسطاط : بيت يتخذ من الشعر
2- «وطئنا غلمتهم» ه ، خ ل
3- «اللطف» ه
4- «أبو محمد» ه ، ط
5- عنه البحار: 46 /45 ح45 ، والعوالم :18 /38 ح 1، واثبات الهداة: 5 /239 ح 34 وعن أمان الأخطار . ورواه في دلائل الإمامة : 93 باسناده الي جابر بن يزيد ، عن الباقر عليه السلام ، عنه أمان الأخطار : 124 ، ومدينة المعاجز : 300ح27

فصل-في أعلام الامام محمّد بن على بن الحسين الباقر عليهم السلام

1- عن دعبل الخزاعي قال : حدّثني الرضا ، عن أبيه ، عن جدّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : كنت عند أبي، الباقر (علیه السلام) إذ دخل عليه جماعة من الشيعة و فيهم جابر بن یزید ، فقالوا: هل رضي أبوك علي [بن أبي طالب] (علیه السلام) بإمامة الأول و الثاني ؟

فقال : اللّهمّ لا. قالوا : فلم نكح من سبيهم خولة الحنفيّة إذا لم يرض بإمامتهم ؟

فقال الباقر(علیه السلام) : امض يا جابر بن يزيد إلى [منزل] جابر بن عبد الله الأنصاري فقل له : إنّ محمّد بن علي يدعوك .

قال جابر بن يزيد : فأتيت منزله و طرقت عليه الباب ، فناداني جابر بن عبد الله الأنصاري من داخل الدار : اصبر يا جابر بن یزید .

قال جابر بن یزید : فقلت في نفسي : من أين علم جابر الأنصاري أنّي جابر بن یزید و لم(1) يعرف الدلائل إلّا الأئمّة من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ والله لأسألنّه إذا خرج إليّ ، فلمّا خرج قلت له: من أين علمت أنّي جابر ، و أنا على الباب و أنت داخل الدار(2)؟ قال: [ قد ] خبرني(3) مولاي الباقر (علیه السلام) البارحة أنّك تسأله(4) عن الحنفيّة(5)

ص: 589


1- «لا» ه ، و البحار
2- «الباب» خ ط ، م
3- «أخبرنی» خ ط
4- «تسأل» ط، ه
5- «ابن الحنفية» م ، والظاهر أنّه تصحيف

في هذا اليوم ، وأنا أبعثه إليك(1) یا جابر بكرة غد(2) أدعوك . فقلت : صدقت .

قال: سر بنا . فسرنا جميعاً حتّى أتينا المسجد .

فلمّا بصر مولاي الباقر(3)(علیه السلام) بنا ونظر إلينا ، قال للجماعة : قوموا إلى الشيخ فاسألوه(4) حتّى ينبئكم بما سمع و رأی وحدث . فقالوا: يا جابر هل رضي (5) إمامک علي بن أبي طالب (علیه السلام) بإمامة من تقدّم ؟ قال : اللّهمّ لا ، قالوا : فلم نكح من سبيهم [خولة الحنفية] إذ لم يرض بإمامهتم ؟

قال جابر : آه آه آه لقد ظننت أنّي أموت و لا أسأل عن هذا [و الآن] إذ(6)سألتموني فاسمعوا ، وعوا : حضرت السبي وقد أدخلت الحنفيّة فيمن أدخل(7) فلمّا نظرت إلى جميع الناس عدلت إلى تربة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فرنّت رنّة وزفرت زفرة، و أعانت بالبكاء والنحيب ، ثمّ نادت :

السلام عليك يا رسول الله صلّى الله عليك ، وعلى أهل بيتك من بعدك ، هؤلاء أمّتك سبتنا(8) سبي النوب والديلم، و[ الله ] ما كان لنا إليهم من ذنب إلّا الميل إلى أهل بيتك ، فجعلت(9) الحسنة سيّئة ، والسيّئة حسنة فسبننا(10).

ثمّ انعطفت (11) إلى الناس ، وقالت: لم سبيتمونا وقد أقررنا بشهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً رسول الله؟ قالوا(12) : منعتمونا الزكاة .

قالت : هبوا(13) الرجال منعوكم ، فما بال النسوان(14) ؟

ص: 590


1- «لك» خ ل
2- أضاف في ه : «إن شاء الله»
3- «الامام» ه
4- «فسلوا» خ ط، م
5- «كان راض» ه. «راض» البحار
6- «اذ قد» خ ط، م
7- «جلب» خ
8- «سبينا» البحار
9- «فحولت» ط، ھ
10- «فسبينا» ط،ه، والبحار
11- «التفتت» خ ط ، ه
12- «قال أبوبكر» خ ط ، ه
13- «هب» خ ط ، ه، والبحار
14- أضاف في خ ط : «المسلمات سبين - واختار کلّ واحد منهم واحدة من السبایا۔»

فسكت المتكلّم كأنّما ألفم حجراً .

ثم ذهب إليها طلحة وخالد بن عنان في التزوج بها وطرحا إليها ثوبين(1)فقالت : لست بعريانة فتكسوني . قيل لها : إنّهما يريدان أن يتزايدا عليك ، فأيّهما زاد على صاحبه أخذك من السبي .

قالت : هیهات و الله لا يكون ذلك أبداً ، ولا يملكني و لا يكون لي بعل إلّا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن أمّي.

فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، وورد عليهم من ذلك الكلام ما أبهر عقولهم و أخرس ألسنتهم ، وبقي القوم في دهشة من أمرها(2).

[فقال أبوبكر: مالكم ينظر بعضكم إلى بعض ؟ قال الزبير : لقولها الذي سمعت].

فقال أبوبكر : ما هذا الأمر(3) الذي أحصر أفهامكم، إنّها جارية من سادات قومها ولم يكن لها عادة بما لقيت ورأت، فلاشكّ أنّها داخلها الفزع ، و تقول ما لاتحصیل له.

فقالت : لقد رميت بكلامك (4) غير مرميّ - والله - ما داخلني فزع و لاجزع و - والله - ما قلت إلّا حقّاً ، و لا نطقت إلّا فصلا (5) ، ولا بدّ أن يكون كذلك وحقّ صاحب هذه البنيّة(6) ما كذبت ولا كذبت .

ثمّ سكتت وأخذ طلحة و خالد ثوبيهما ، وهي قد جلست ناحية من القوم .

فدخل علي بن أبي طالب (علیه السلام) فذكروا له حالها ، فقال : هي صادقة فيما قالت ، و كان من حالها وقصّتها كيت و کيت في حال ولادتها ، وقال :

ص: 591


1- «في التزویج و رميا عليها ثوبيهما» ط، ه . «یرمیان - في التزويج - اليها ثوبين» البحار
2- «أمرهم» خ ل
3- «الكلام» خ ط، ه
4- «بكلام» ه
5- «صدقاً» ط ، ه
6- البنية : الكعبة لشرفها اذ هي أشرف مبنی ، و كانت تدعي بنية ابراهيم عليه السلام ، لأنّه بناها، و قد كثر قسمهم بربّ هذه البنية

إنّ کلّ ما تكلّمت به في حال خروجها من بطن أمّها هو كذا و كذا ، و كلّ ذلك مكتوب على لوح [نحاس] معها ، فرمت باللوح إليهم لمّا سمعت كلامه (علیه السلام) فقرؤوه فكان(1) على ما حكي علي بن أبي طالب (علیه السلام) ، لايزيد حرفاً ولا ينقص .

فقال أبوبكر : خذها يا أبا الحسن بارك الله لك فيها .

فوثب سلمان فقال: - والله - ما لأحد هاهنا منّة على أمير المؤمنين (علیه السلام)، بل لله المنّة ولرسوله ولأمير المؤمنين، - والله - ما أخذها إلّا لمعجزه الباهر، و علمه القاهر، وفضله الذي يعجز عنه کلّ ذي فضل(2).

ثمّ قام المقداد فقال: ما بال أقوام قد أوضح الله لهم طريق الهداية فترکوه، و أخذوا طريق العمى ؟ و ما من يوم إلّا وتبيّن لهم فيه دلائل أمير المؤمنين .

وقال أبوذرّ : واعجبا لمن يعاند(3) الحقّ ، وما من وقت إلّا وينظر إلى بيانه ، أيّها الناس إنّ الله قدبیّن لكم فضل أهل الفضل . ثمّ قال : يا فلان أتمن على أهل الحقّ بحقّهم وهم بما في يديك أحقّ وأولی ؟

وقال عمّار : أناشدكم الله أما سلّمنا على أمير المؤمنين هذا علي بن أبي طالب (علیه السلام) في حياة رسول الله بإمرة المؤمنين ؟ فوثب عمر و زجره(4) عن الكلام ، وقام أبوبكر، فبعث على خولة إلى دار(5) أسماء بنت عمیس ، وقال لها : خذي هذه المرأة، أكرمي مثواها . فلم تزل خولة عند(6) أسماء إلى أن قدم أخوها وزوّجها من(7) علي بن أبي طالب(علیه السلام).

ص: 592


1- «فقرؤوا ذلك» ط، ه
2- «فضل کلّ ذي فضل» ط. «كل فضل» م
3- «عاند» خ ط، «يعاين» م ، ه
4- في ط، والبحار : «فزجره عمر» بدل «فوثب عمر وزجره»
5- «بیت» البحار
6- «بدار» خ ط
7- في ط، ه، والبحار : «فتزوّجها» بدل «وزوّجها من»

فكان الدليل على علم أمير المؤمنين (علیه السلام)، و فساد ما يورده القوم من سبيهم(1)وأنّه تزوّج بها نکاحاً، فقالت الجماعة :

یا جابر بن عبد الله أنقذك الله من حرّ النار كما أنقذتنا من حرارة الشكّ. (2)

2- ومنها : ماروي عن عبد الرحمن بن كثير(3) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: نزل أبو جعفر الباقر (علیه السلام) بواد ، فضرب خباءه (4) فيه ، ثمّ خرج يمشي حتّى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله ثمّ تكلّم بكلام لم أسمع بمثله، ثمّ قال: أيّتها النخلة أطعمينا ممّا جعل الله فيك. فتساقط منها رطب أحمر و أصفر، فأکل و معه أبواميّة الأنصاري فقال: يا أبا أميّة هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزّت إليها النخلة فتساقط عليها رطباً جنيّاً (5) .(6).

ص: 593


1- « شبههم » خ ط
2- عنه البحار: 42 /84 ح 14 ، و إثبات الهداة: 5/ 296 ح 45 ملخصاً ، ومدينة المعاجز:350 ح 98. وتقدم نحوه في ص563-565ح 21
3- « بشير » ه ، خ ل. وعدّ كلاهما من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . راجع رجال السيد الخوئی : 9 /326 وص 356 - 357
4- الخباء : بيت من وبر أو شعر أو صوف ، يكون على عمودين أو ثلاثة
5- اشارة الى الاية المباركة من سورة مريم : 25
6- رواه في بصائر الدرجات : 253 ح 2 باسناده عن عبدالرحمن بن كثير ، عنه إثبات الهداة : 5 /288 ح 29. وفي دلائل الإمامة : 97 باسناده عن عبدالرحمن بن كثير ، عنه مدينة المعاجز : 323 ح 11 و عن مناقب ابن شهر اشوب :3 /321 وفيه : عن عبدالله بن کثیر . وأورده في ثاقب المناقب : 317 ( مخطوط ) عن عبدالرحمن بن كثير وفي الصراط المستقيم : 2 /183ح 14 مرسلاً وملخصاً . وأخرجه في البحار :46 /236 ح 10و11 عن البصائر والمناقب

3- ومنها : ماروي عن عبد الله بن عطاء المكّي أنّه قال : اشتقت إلى أبي جعفر الباقر (علیه السلام) وأنا بمكّة، فقدمت المدينة ، وما قدمتها إلّا شوقاً إليه ، فأصابني تلك الليلة مطر وبرد شديد، فانتهيت إلى بابه نصف الليل، فقلت: أطرقه في هذه الساعة ، أو أنتظر حتى أصبح ، فإنّي لأفكّر في ذلك إذ سمعته يقول: يا جارية افتحي الباب لابن عطاء، فقد أصابه برد في هذه الليلة! ففتحت [الباب] ودخلت .(1)

4- ومنها : أنّ عبد الله بن عطاء قال : فرغت ليلة من طوافي وسعيي، وقد بقي علي من الليل . وكان الباقر (علیه السلام) بمكّة ، فقلت: أمضي إليه فأتحدّث عنده بقيّة ليلي، فجئت إلى الباب فدققته(2) فسمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول: إن كان عبد الله بن عطاء فادخل . فدخلت.(3)

5- ومنها: ما روي عن أبي بصير قال: كنت أقرىء امرأة القرآن بالكوفة فمازحتها بشيء ، فلمّا دخلت على أبي جعفر (علیه السلام) عاتبني وقال: من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعبأ الله به ، أي شيء قلت للمرأة؟ فغطّيت وجهي حياءاً، و تبت .

فقال أبو جعفر (علیه السلام): لاتعد.(4)

ص: 594


1- رواه في بصائر الدرجات : 252 ح7 وص257ح 1 باسناده عن عبدالله بن عطاء المكّي عنه البحار : 46 /235 ح7 ، واثبات الهداة : 5 /283 ح23. وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3 /321 عن عبدالله بن عطاء المکّی. وأخرجه في كشف الغمة : 2 /139 عن دلائل الحميري ، عنه البحار المذكور : ص236 ح 8و9، وعن المناقب . و يأتي نحوه في الحديث التالي
2- «فوقفت» خ ل
3- رواه في بصائر الدرجات : 258 ح3 باسناده عن عبدالله بن عطاء ، عنه البحار :46 /236 ح 12 ، واثبات الهداة : 5 /288 ح 30
4- عنه البحار : 247 ح 35. و تقدم نحوه في الحديث السابق . ورواه في دلائل الإمامة : 103 باسناده عن أبي بصير ، عنه مدينة المعاجز : 340 ح60 وأورده في مناقب ابن شهر اشوب:3 /316عن الحسن بن المختار، عن أبي بصير ، عنه البحار : 46 /258 ضمن ح 59، ومدينة المعاجز : 343 ح70. و في الصراط المستقيم : 2 /183 ح 14 عن أبي بصير ، ملخصاً

6 - ومنها: ماروی أبو بصير ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال لرجل : كيف أبوك ؟

قال : صالح . قال : قد(1) مات أبوك [بعدما خرجت] حيث صرت(2) إلى جرجان .

[ثمّ] قال: كيف أخوك ؟ قال : قد تركته صالحاً. قال: قد قتله جار له يقال له «صالح» يوم كذا ، في ساعة كذا. فبكى الرجل وقال: إنّا لله وإنا إليه راجعون ممّا(3) أصبت.

فقال أبو جعفر (علیه السلام): اسکن فقد صاروا إلى الجنة، و الجنّة خير لهم ممّا كانوا فيه.

فقال الرجل : إنّي خلّفت ابني وجعاً شديد الوجع ، ولم تسألني عنه .

قال: قد برأ، وزوّجه عمّه ابنته [وأنت تقدم عليه]، وقد ولد له غلام و اسمه عليّ وهو لنا شيعة ، وأمّا ابنك فليس لنا شيعة ، بل هو لنا عدوّ .

فقال له الرجل: فهل من حيلة؟ قال: إنّه لنا عدوّ . فقام الرجل [من عنده] وهو وقيذ(4)

قلت: من هذا ؟ قال : هو رجل من أهل خراسان ، وهو لنا شيعة، وهو مؤمن .(5)

7- ومنها : ماروي عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر (علیه السلام) والناس يدخلون ويخرجون، فقال لي: سل الناس هل يرونني؟ فكل من لقيته قلت [له]: أرأيت(6)

ص: 595


1- «فإنّه» ه
2- «سرت» ط ؛ والبحار
3- «بما» ط ، والبحار
4- الوقيذ من الرجال : البطيء الثقیل . (لسان العرب :3 /519)
5- عنه البحار : 46 /247ح 36 وعن المناقب لابن شهر اشوب : 3 /325 . وعنه مدينة المعاجز : 347 ح 86 وعن المناقب ، والهداية للخصیبی : 101 باسناده عن أبي بصير ، و ثاقب المناقب : 325 (مخطوط) . وأورده مرسلاً في الصراط المستقيم : 2 /183 ح 15 ملخصاً
6- في خ ط ، ه: «سألته عنه : هل رأیت»

أبا جعفر(علیه السلام)؟ فيقول: لا-وهو واقف - حتى دخل أبوهارون المكفوف(1)، فقال: سل هذا.

فقلت : هل رأيت أباجعفر (علیه السلام)؟ فقال : أليس هو واقفاً(2)؟

قلت : وماعلمك(3)؟ قال: و كيف لا أعلم وهو نور ساطع .

قال : وسمعته يقول لرجل من أهل إفريقيا: ماحال راشد ؟

قال: خلّفته حيّاً صالحاً يقرؤك السلام. قال: رحمه الله. قال: مات؟ قال: نعم.

قال: ومتى؟ قال: بعد خروجك بيومين. قال: والله مامرض، ولا كان به علّة !

قال: وإنّما يموت من يموت من مرض أو علّة . قلت: من الرجل ؟

قال: رجل كان لنا موالياً ولنا محبّاً . ثمّ قال : لئن ترون أنّه ليس لنا معكم أعين ناظرة أو أسماع سامية ، لبئس مارأيتم - والله - لا يخفى علينا شيء من أعمالكم ، فاحضرونا جميلا(4)، وعودوا أنفسكم الخير ، و كونوا من أهله تعرفون به(5) فإنّي بهذا آمر ولدي وشيعتي .(6)

8- ومنها : ما روي عن الحلبي ، عن الصادق (علیه السلام)[قال] :

دخل ناس على أبي فقالوا: ماحدّ الإمام ؟

قال: حدّ عظيم ، إذا دخلتم عليه فوقّروه و عظّموه ، و آمنوا بما جاء به من شيء

ص: 596


1- هو موسی بن أبی عمیر ، أو موسی بن عمیر ، مولى آل جعدة بن هبيرة ، كوفی ، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر (علیه السلام)، وعدّه البرقي من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ، وقال : روى عنه سيف . تجد ترجمته في رجال السيد الخوئی: 19 /20 ، و ج 22 /72
2- «قائماً» ط ، ه
3- «و كيف علمت» ه
4- «جميعاً» ط ، والبحار
5- في البحار : «تعرفوا»
6- عنه البحار 46 /243 ح 31، واثبات الهداة : 5 /297 ح 46 و47، ومدينة المعاجز :350 ح97. وأورده في الصراط المستقیم:2 /183 ح 16 و ص 184 ح17 عن أبي بصير ، ملخصاً

وعليه أن يهديكم، وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملأ عينه منه إجلالا(1) وهيبة، لأنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كذلك كان ، و كذلك يكون الإمام.

قال(2) : فيعرف شيعته؟ قال: نعم ساعة يراهم .

قالوا: فنحن لك شيعة؟ قال: نعم، کلّکم.

قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك. قال: أخبركم بأسمائكم و أسماء آبائكم وقبائلكم(3)؟

قالوا : أخبرنا. فأخبرهم ، قالوا : صدقت .

قال: وأخبرکم عمّا أردتم أن تسألوا عنه، هي قوله تعالی « أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ »(4). قالوا: صدقت. قال: نحن الشجرة التي قال الله تعالی :

« أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ » نحن نعطي شيعتنا مانشاء من علمنا .

ثم قال : يقنعكم . قالوا (5): ما(6) دون هذا مقنع(7).(8)

9- و منها : ما روى أبو عيينة(9) قال : كنت عند أبي جعفر فدخل رجل فقال: أنا من أهل الشام أتولاكم و أبرأ من عدوّكم ، و أبي كان يتولّى بني أميّة ، و كان

ص: 597


1- «اجلالا له» ط ، ه
2- «قالوا» ط
3- في ه: «امّهاتكم» بدل «آبائكم وقبائلكم»
4- سورة ابراهيم : 24
5- «قلنا» م
6- «في»خ ل
7- «نقنع» ط ، و البحار
8- عنه البحار : 46 /244 ح 32، واثبات الهداة : 5 /297 ح 48 ، ومدينة المعاجز : 350 ح 96 ، و نور الثقلين : 2/ 535 ح56. ورواه الخصيبي في الهداية باسناده عن الحلبی . وأورده في الصراط المستقيم : 2 /184 ح18 مرسلاً ، ملخصاً
9- «عتيبة» البحار ، والظاهر أنّ ما في المتن هو الصحيح . راجع رجال السيد الخوئی :21 /286 و 324 - 325

له مال كثير ، ولم يكن له ولد غيري ، و كان مسكنه بالرملة ، و كانت له جنينة(1) يتخلّي فيها بنفسه ، فلمّا مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشكّ أنّه دفنه وأخفاه منّي

قال أبو جعفر(علیه السلام) : أفتحبّ أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟ قال : إي والله إنّي فقیر محتاج . فكتب أبو جعفر كتاباً وختمه بخاتمه ، ثمّ قال : انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسّطه ، ثمّ تنادي : یادر جان یا درجان، فإنّه يأتيك رجل معتم(2) فادفع إليه كتابي ، وقل : أنا رسول محمّد بن علي بن الحسين (علیهم السلام)، فإنّه يأتيك به ، فاسأله عمّا بدا لك. فأخذ الرجل الكتاب و انطلق .

قال أبو عبيدة : فلمّا كان من الغد أتيت أبا جعفر لأنظر ما حال الرجل ، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له ، فاذن [له] فدخلنا جميعاً ، فقال الرجل : الله يعلم عند من يضع العلم ، قد انطلقت البارحة ، وفعلت ما أمرت ، فأتاني الرجل فقال : لاتبرح(3) من موضعك حتّى آتيك به . فأتاني برجل أسود، فقال : هذا أبوك .

قلت: ما هو أبي. قال : [بل] غيّره اللهب ودخان الجحيم و العذاب الأليم.

فقلت له : أنت أبي ؟ قال : نعم . قلت : فما غيّرك عن صورتك وهيئتك ؟

قال : يا بنيّ كنت أتولّى بني أميّة وأفضّلهم على أهل بيت النبي بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فعذبني الله بذلك ، و كنت أنت تتولّاهم ، فكنت أبغضك(4) على ذلك ، و حرمتك مالي فزويته عنك ، وأنا اليوم على ذلك من النادمين ، فانطلق يا بنيّ إلى جنينتي فاحتفر تحت الزيتونة ، و خذ المال ( و هومائة ألف و خمسون ألفاً ) (5) فادفع إلى محمّد بن علي خمسين ألفاً ، و الباقي لك.

ص: 598


1- «جنة» ط. الجنينة : مصغر الجنة ، وهي البستان ، أو الحديقة ذات الشجر والنخل
2- رجل معتم : أي بطيء ممس
3- «لاتمر» م
4- «وكنت أبغضتك» ط ، ه ، والبحار
5- «مائة ألف» ط. «مائة ألف درهم» البحار

ثم قال : فأنا(1) منطلق حتى آخذ المال و آتيك بمالك .

قال أبو عيينة : فلمّا كان من قابل(2) دخلت على أبي جعفر (علیه السلام)(3) فقلت : ما فعل الرجل صاحب المال ؟ قال : [ قد ](4) أتاني بخمسين ألف درهم ، فقضيت منها دیناً كان عليّ ، و ابتعت منها(5) أرضاً بناحية خيبر ، و وصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي .(6)

10- ومنها : [ما روي] عن عبدالله بن معاوية الجعفري قال : ساحدّثكم بما سمعته أذناي ، ورأته عيناي من أبي جعفر(علیه السلام) أنّه كان [على المدينة] رجل من آل مروان ، وأنّه أرسل إليّ يوماً فأتيته وما عنده أحد من الناس .

فقال لي : يا بن معاوية إنّما دعوتك لثقتي بك، وإنّي قد علمت أنّه لا يبلّغ عنّي غيرك، فأحببت(7) أن تلقى عمّيك محمّد بن علي (علیهما السلام)، وزيد بن الحسن، وتقول لهما : يقول لكما الأمير : لتكفّان عمّا يبلغني عنكما ، أو لتنكران(8).

فخرجت من عنده متوجّهأ إلى أبي جعفر (علیه السلام) فاستقبلته متوجّهاً إلى المسجد، فلمّا

ص: 599


1- «فهو ذا أنا» خ ط ، ه
2- القابل : أي العام القادم
3- «رأيت محمّد بن علی» ط ، ه. «سألت أبا جعفر» البحار
4- من البحار
5- «بها» م
6- عنه البحار : 46 /245 ح33. وعنه إثبات الهداة : 5/ 298 ح 49 ، وعن روضة الواعظين : 246. وعنه مدينة المعاجز : 344 ح 75 ، وعن ثاقب المناقب : 314 (مخطوط) ، وروضة الواعظین ، و مناقب ابن شهر اشوب : 3 /326 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /184 ح 19 مرسلاً باختصار. وأخرجه في البحار :46 /267 ضمن ح65 عن المناقب
7- «قد أحببت» م
8- «لتشکران» خ ل

دنوت منه تبسّم ضاحكاً وقال: بعث إليك هذا الطاغية ودعاك و قال لك: الق عمّيك الأحمقين و قل لهما: كذا.

قال : فأخبرني أبو جعفر (علیه السلام) بمقالته كأنّه كان حاضراً ، ثمّ قال : يا ابن عمّ قد كفينا أمره بعد غد ، فإنّه معزول ومنفي إلى بلاد مصر - والله - ما أنا بساحر ولا كاهن ولكنّي أتيت وحدّثت .

قال : فوالله ما أتى عليه اليوم الثاني حتى ورد عليه عزله و نفيه إلى مصر، وولّي المدينة غيره.(1)

11 - ومنها : ماروی أبو بصير(2) عن أبي عبدالله قال : كان زيد بن الحسن يخاصم أبي(3) في ميراث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و يقول : أنا من ولد الحسن ، وأولى بذلك منك ، لأنّي من ولد(4) الأكبر، فقاسمني میراث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وادفعه إليّ. فأبي(5)أبي ، فخاصمه إلى القاضي ، فكان يختلف(6) معه إلى القاضي ، فبينا هم كذلك ذات يوم في خصومتهم ، إذ قال زيد بن الحسن لزيد بن علي : اسكت يا ابن السندیّة.

فقال زيد بن عليّ أف لخصومة تذكر فيها الأمّهات

- والله - لا كلّمتك بالفصيح من رأسي(7) أبداً حتى أموت، وانصرف إلى أبي فقال (8): يا أخي حلفت بیمین ثقة بك ، وعلمت أنّك لا تكرهني ولا تخيّبني

ص: 600


1- عنه البحار : 46 /246 ح 34، واثبات الهداة : 5 /300 ح50 ، و مدينة المعاجز :350 ح 95. وأورده في الصراط المستقيم : 2 /184 ح 2 مرسلاً و ملخصاً
2- «ما قال أبو بصير يرويه» ه
3- «عمی» ه
4- «الولد» م
5- «فأتی» م
6- «زيد» البحار
7- «با لنصح من رأیی» خ ط ، ه
8- في خ ط ، ه: «عمى فقال لابی» بدل «الى أبي فقال»

حلفت أن لا أكلّم زید بن الحسن ولا أخاصمه . وذكر ما كان بينهما، فأعفاه أبي و اغتنمها(1) زید بن الحسن فقال(2): یلي خصومتي محمّد بن علي فاعنّته(3) و أوذيه فيعتدي عليّ(4). فعدا على أبي فقال : بيني و بينك القاضي. فقال: انطلق بنا .

فلمّا أخرجه قال أبي : یا زید إنّ معك سكّينة قد أخفيتها أرأيتك إن نطقت هذه السكّينة التي سترتها(5) منّي فشهدت أنّي أولى بالحقّ منك ، أفتكفّ عنّي ؟

قال: نعم . و حلف له بذلك .

فقال أبي : أيّتها السكّينة انطقي باذن الله .

فوثبت السكّينة من يد(6) زید بن الحسن على الأرض ، ثمّ قالت : یا زید بن الحسن أنت ظالم ، ومحمد أحقّ منك وأولى ، ولئن لم تكف لألين قتلك(7).

فخرّ زيد مغشيّاً عليه، فأخذ أبي بيده فأقامه .

ثمّ قال : يا زيد إن نطقت هذه الصخرة التي نحن عليها أتقبل؟ قال : نعم. وحلف له على ذلك، فرجفت الصخرة(8) ممّایلي زيد، حتّى كادت أن تفلق ، ولم ترجف ممّا يلي أبي ، ثمّ قالت :

یا زيد أنت ظالم ، ومحمد أولى بالأمر منك ، فكفّ عنه ، وإلّا ولّیت قتلك .فخر زید مغشيّاً عليه ، فأخذ أبي بيده وأقامه، ثمّ قال : يا زيد أرأيت إن نطقت

ص: 601


1- «و اغتنمه» خ ل. «واغتمها» البحار
2- «زید بن علی بن الحسين ، فقال زيد بن الحسن» خ ط
3- «فاعتبه» ط ، والبحار . أعنته و تعنته تعنتاً : سأله عن شيء أراد به اللبس عليه والمشقة
4- «منی» م
5- «تسترها» خ ط ، والبحار
6- «بین یدی» م
7- في ط ، ه: «الا قتلنك» بدل «لالین قتلك»
8- «الصخرة التي نحن عليها» ه

هذه الشجرة (1) أتكفّ ؟ قال: نعم.

فدعا أبي (علیه السلام) الشجرة ، فأقبلت تخدّ (2) الأرض حتّى أظلّتهم، ثمّ قالت :

یا زید أنت ظالم ، ومحمد أحقّ بالأمر منك ، فكفّ عنه وإلّا قتلتك .

فغشي على زيد (3) ، فأخذ أبي بيده ، وانصرفت الشجرة إلى موضعها .

فحلف زيد أن لا يعرض لأبي (4) ولا يخاصمه ، فانصرف و خرج زید من يومه إلى(5) عبدالملك بن مروان (6) فدخل عليه ، و قال له : أتيتك من عند (7) ساحركذاب لايحلّ(8) لك تركه، وقصّ عليه ما رأي، فكتب عبد الملك إلى عامل المدينة :أن ابعث إليّ بمحمد بن علي مقيّداً.

وقال لزيد : أرأيتك إن ولّيتك قتله تقتله(9)؟ قال : نعم.

[قال:] فلمّا انتهى الكتاب إلى العامل أجاب [العامل] عبدالملك : ليس كتابي هذا خلافاً عليك يا أمير المؤمنين، ولا أردّ أمرك، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة لك، وشفقة عليك ، وإنّ الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعفّ منه، ولا أزهد ، و[لا] أورع منه ، وإنّه ليقرأ في محرابه ، فيجتمع الطير و السباع تعجبّاً

ص: 602


1- «ان رأيت تسير هذه الشجرة» ه . «الشجرة تسير الى» ط ، والبحار
2- خد الأرض خداً : حفرها
3- «علیه» خ ل
4- «له» خ ل
5- «و قصد» ط ، ه
6- كذا في النسخ المعتمدة - و كذلك يأتي ذكره - والظاهر أنّ الصحيح هو «هشام بن عبدالملك» الذي كان طاغية زمان الباقر عليه السلام. أمّا عبدالملك فقد توفي في زمن امام زین العابدین علیه السلام و لعلّ لفظ «هشام بن» سقط من الرواة والنساخ. راجع تاريخ بغداد : 10 /388- 391، سير أعلام النبلاء : 4/ 246 ، العبر فی خبرمن غبر: 1 /52 و75، و أعيان الشيعة :1 /629 و ص650
7- «عند عبد» ه
8- «لا يجب» ، «لا يجوز» ط
9- «قتلته» خ ط ، والبحار

لصوته، وإنّ قراءته لتشبه مزامير داود، و إنّه من أعلم الناس، وأرقّ الناس ، وأشدّ الناس(1) اجتهاداً وعبادة، و كرهت لأمير المؤمنين التعرض له، فان الله لايغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم(2).

فلمّا ورد الكتاب علی عبدالملك سر بما أنهى إليه الوالي ، و علم أنّه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن وأقرأه الكتاب، فقال زيد : أعطاه وأرضاه .

فقال عبد الملك : هل تعرف أمراً غير هذا؟ قال: نعم، عنده سلاح رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و سيفه، ودرعه ، وخاتمه، وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فإن هو لم يبعث [به] فقد وجدت إلى قتله سبيلا(3) .

فكتب عبد الملك إلى العامل أن أحمل إلى أبي جعفر محمّد بن علي ألف ألف درهم وليعطك ماعنده من میراث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فأتى العامل منزل أبي جعفر بالمال وأقرأه الكتاب ، فقال: أجّلني أيّاماً. قال: نعم . فهيّأ أبي متاعاً مكان کلّ شيء ، ثمّ حمله و دفعه إلى العامل ، فبعث به إلى عبد الملك ، فسرّ به سروراً شديداً، فأرسل إلى زيد فعرض(4) عليه، فقال زيد :

والله ما بعث إليك من متاع رسول الله بقليل ولا كثير .

فكتب عبدالملك إلى أبي: إنّك أخذت مالنا، ولم ترسل إلينا بما طلبنا .

فكتب إليه [أبي] : إنّي قد بعثت إليك بما قد رأيت، وإنّه(5) ماطلبت ، وإن شئت لم يكن . فصدّقه عبدالملك ، وجمع أهل الشام ، وقال: هذا متاع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد أتيت به ، ثمّ أخذ زيداً وقيّده و بعث به إلى أبي، وقال له :

ص: 603


1- «وأرقهم وأشدّهم» ط
2- اشارة الى قوله تعالى في سورة الرعد : 11
3- «وجب السبيل الى قتله» م
4- «فأعرض» م
5- «فإن شئت كان» ط، ھ ، والبحار

لولا أنّي لا أريد أن أبتلي بدم أحد منكم لقتلتك .

وكتب إلى أبي [جعفر]: إنّي بعثت إليك بابن عمّك فأحسن أدبه.

فلمّا أتي به أطلق عنه و کساه .

ثمّ إنّ زيداً ذهب إلى سرج فسمّه، ثمّ أتي به إلى أبي فناشده إلّا ركبت هذا السرج .

فقال أبي : ويحك يازيد، ما أعظم ما تأتي به ، ومايجري على يديك ، إنّي لأعرف الشجرة التي تحت منها ، ولكن هكذا(1) قدّر ، فویل لمن أجرى الله على يديه الشرّ.

فأسرج له، فركب أبي و نزل متورماً، فأمر بأكفان له [و كان] فيها ثوب أبيض أحرم فيه، و قال : «اجعلوه في أكفاني» وعاش ثلاثاً، ثمّ مضى لسبيله ، وذلك السرج عند آل محمّد معلّق .

ثمّ إنّ زید بن الحسن بقي بعده أيّاماً، فعرض له داء، فلم يزل يتخبّط ويهوي(2)وترك الصلاة حتّى مات .(3)

12- ومنها : ماروی جابر الجعفي ، قال : خرجت مع أبي جعفر (علیه السلام) إلى الحجّ وأنا زميله ، إذ أقبل ورشان(4) فوقع على عضادتي محمله فترنّم(5) ، فذهبت لآخذه فصاح بي : «مه ياجابر فإنّه استجار بنا أهل البيت» قلت: وما الذي شكا إليك؟

فقال: شكا إلي أنّه يفرّخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين، وأنّ حيّة تأتيه فتأكل فراخه ، فسألني «أن أدعو الله عليها ليقتلها» ففعلت، وقد قتلها الله .

ص: 604


1- «هذا» م
2- «يخبط به و یهوی» م. «يتخبط ویهذی» ط . يتخبطه الداء : أي يفسده ويذهب عقله
3- عنه البحار : 46 /329 ح 12 ، ومستدرك الوسائل : 2 /211 ب 4 ح1 . وعنه مدينة المعاجز : 349 ح93، وعن ثاقب المناقب : 331 (مخطوط). وأورده في الصراط المستقیم : 2 /184 ح 21 مرسلاً ومختصراً.
4- الورشان: نوع من الحمام البرى أكدر اللون، فيه بياض فوق ذنبه ، وقيل : ذكر القماری. والجمع : ورشان و وراشين
5- يقال : ترنّم الحمام : اذا طرب بصوته و تغني

ثمّ سرنا حتّى إذا كان وقت(1) السحر قال لي : « انزل يا جابر » فنزلت فأخذت بخطام الجمل، و نزل فتنحّي يمنة عن الطريق، ثمّ عمد إلى روضة(2) من الأرض ذات رمل فأقبل فكشف(3) الرمل يمنة ويسرة وهو يقول: «اللّهمّ اسقنا وطهّرنا» إذ بدا حجر مرتفع(4) أبيض بين الرمل فاقتلعه ، فنبع(5) له عين ماء [ أبيض ] صاف ، فتوضّأ وشربنا منه.

ثمّ ارتحلنا فأصبحنا دون قرية ونخل، فعمد أبوجعفر إلى نخلة يابسة فيها، فدنا منها وقال: «أيّتها النخلة أطعمينا ممّا خلق الله فيك» فلقد رأيت النخلة تنحني حتّى جعلنا نتناول من ثمرها و نأكل ، وإذا أعرابي يقول : ما رأيت ساحراً(6)كاليوم .

فقال أبوجعفر : يا أعرابيّ لا تكذبنّ علينا أهل البيت، فإنّه ليس منّا ساحر ولا کاهن، ولكنّا(7) علّمنا أسماء من أسماء الله تعالی نسأل بها فنعطي، وندعو فنجاب.(8)

ص: 605


1- «وجه» البحار
2- الروضة : الأرض ذات الخضرة
3- «یکشف» ما
4- «مربع» ط
5- «فنبع من تحته» ط ، ه
6- «سحراً» خط
7- «ولكن» ط ، ه، والبحار
8- عنه البحار : 46 /248 ح 38 ، واثبات الهداة : 5/ 305 ح53 . وعنه مدينة المعاجز : 349 ح 94، وعن ثاقب المناقب: 333 (مخطوط).

فصل-في أعلام الامام أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام

1- عن سعد الاسكاف [قال] : كنت عند أبي عبدالله (علیه السلام) ذات يوم، إذ دخل(1)عليه رجل من [أهل] الجبل بهدايا و ألطاف، فكان فيما أهدى إليه جراب من قديد(2)وحش ، فنشره أبوعبد الله (علیه السلام) ثمّ قال : خذها فأطعمها الكلاب .

قال الرجل : لِمَ ؟ قال : ليس بذكي(3) . فقال الرجل : اشتريته من رجل مسلم ذكر أنّه ذكي ، فردّه أبو عبد الله (علیه السلام) في الجراب ، و تكلّم عليه بكلام لم أدر ماهو. ثم قال للرجل : قم فأدخله ذلك البيت، وضعه في زاوية البيت. ففعل .

فسمع القديد يقول : «یا عبدالله ليس مثلي يأكله الإمام ، ولا أولاد الأنبياء ، لست بذكي» فحمل الرجل الجراب وخرج .

فقال أبو عبدالله (علیه السلام): ما قال ؟ قال : أخبرني بما أخبرتني به أنّه غير ذكي .

فقال أبو عبدالله (علیه السلام): أما علمت(4) يا أباهارون ؟ أنّا نعلم ما لا تعلمه(5) الناس ؟

ص: 606


1- «ودخل» م
2- القديد : اللحم المملوح المجفّف في الشمس.
3- التذكيه : الذبح والنحر . قوله تعالی «إلّا ما ذكيتم»... معنی «ذكيتم» ذبحتم، أي قطعتم الأوداج و ذکرتم اسم الله عليه اذا ذبحتموه (مجمع البحرین: «ذكا»).
4- «ما علمت» البحار
5- «يعلم» ه ، البحار

قال : بلى . فخرج وألقاه على كلب لقيه .(1)

2- ومنها : ما روي عن عبدالله(2) بن يحيى الكاهلي قال [:قال] أبو عبدالله (علیه السلام): إذا لقيت السبع ماذا(3) تقول له ؟ قلت : لاأدري .

قال : إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية الكرسي ، وقل : عزمت عليك بعزيمة الله ، وعزيمة(4) رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وعزيمة سليمان بن داود ، و [عزيمة] عليّ أمير المؤمنين (علیه السلام) والأئمّة من بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) [إلا تنحّيت عن طريقنا ، ولم تؤذنا ، فإنّا لانؤذيك] ، فإنّه ينصرف عنك .

قال عبد الله : (فقدمت الكوفة ، فخرجت مع ابن عمّ لي إلى قرية ، فإذا سبع قد اعترض لنا في الطريق ، فقرأت في وجهه آية الكرسي ، فقلت : عزمت عليك بعزيمة الله ، و عزيمة محمّد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، و عزيمة سليمان بن داود ، و [عزيمة] عليّ

ص: 607


1- عنه البحار : 47 /95ح 107 ، ومناقب آل أبی طالب :3 /350 عن الإسكافي مثله ورواه الخميس في الهداية الكبرى : 250 عن أحمد بن صالح ، عن جرير بن یزید الشاری ، عن محمّد بن علي ، عن الحسن بن علي ، عن محمّد غلام سعد الإسكاف مثله. وأورده في دلائل الإمامة : 130 عن محمّد بن سعد ، عن الاسكافي . وأخرجه في مدينة المعاجز : 395 ح 132 عنهم جميعاً . وأورده في الصراط المستقیم 2/ 187 ح 9 مرسلاً، وفي ثاقب المناقب : 356(مخطوط) عن سعد بن ظریف
2- «عن أبي عبدالله» ه . قال النجاشي في رجاله: 221 رقم 580 : عبدالله بن يحيى أبو محمّد الكاهلی عربی أخو اسحاق ، روي عن أبي عبدالله و أبي الحسن عليهما السلام . عدّه الشيخ الطوسي في رجاله : 357 رقم 51 ، من أصحاب الكاظم عليه السلام . وعدّه البرقي من أصحاب الصادق عليه السلام وله ترجمة في معجم رجال الحديث : 10 /379 فراجع
3- «ما» البحار
4- «و بعزيمة» م

أميرالمؤمنين والأئمّة من بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا تنحّيت عن طريقها ، و لم تؤذنا ، فإنّا لانؤذيك)(1) .

قال : فنظرت إليه و قد طأطأ رأسه و أدخل ذنبه بين رجليه ، وركب الطريق راجعاً من حيث جاء .

فقال ابن عمّي : ما سمعت كلاماً أحسن من كلامك [هذا] الّذي سمعته منك.

فقلت : أيّ شيء سمعت ؟ هذا كلام جعفر بن محمّد.

فقال : [أنا] أشهد أنّه إمام فرض الله طاعته ، وما كان ابن عمّي يعرف قليلاً ولا كثيراً.

قال : فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) من قابل ، فأخبرته الخبر .

فقال : ترى أنّي لم أشهدكم ؟! بئسما رأيت .

ثمّ قال : إنّ لي مع کلّ وليّ اُذناً سامعة ، وعيناً ناظرة ، ولساناً ناطقاً .

ثمّ قال : يا عبد الله أنا - والله - صرفته عنكما، وعلامة ذلك أنّكما كنتما في البريّة على شاطىء النهر، واسم ابن عمّك لمثبت(2) عندنا، وما كان الله ليميته حتّى يعرف هذا الأمر .

قال : فرجعت إلى الكوفة ، فأخبرت ابن عمّي بمقالة أبي عبدالله ففرح فرحاً شديداً و سرّ به ، وما زال مستبصراً [بذلك إلى أن مات](3).(4)

ص: 608


1- «فقدمت الكوفة، فلمّا خرجت وتوجّهت راجعاً و أبن عمّی صحبني رأيت أسداً في الطريق فقلت ما قال لي» ط ، ه
2- «مثبت» ط ، البحار . «حبیب» ط خ
3- «حتى مات» ه
4- عنه البحار :47 /95 ح108 ، وعن مناقب آل أبي طااب : 3 /350 عن عبدالله الكاهلي ، وعن كشف الغمّة : 2 /188 من كتاب دلائل الحميري ، عن الكاهلي ، عنه إثبات الهداة : 5 /428 ح 174 . وعنه البحار : 95/ 142 ح5 ، ومستدرك الوسائل 8 /225 ح 1، وعن أمان الأخطار: 119 من كتاب الدلائل النعماني ، عنه عليه السلام . ورواه الخصيبي في الهداية الكبرى: 251 عن أحمد بن محمّد الحجالي الصيرفي عن محمّد بن علي ، عن علي بن الحسن ، عن أبيه، عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله، عنه مستدرك الوسائل . ورواه الكليني في الكافي: 2 /572 ح11 عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن محمد، عن عبدالله بن يحيى الكاهلی مثله ، وأورده في الاداب الدينية : 10 (مخطوط) عن عبد الله بن يحيى الكاهلی . وفي عدة الداعی : 263 عن عبدالله الكاهلي، وفي الجنة الواقية : 202 عن الكاهلی ، وفي البلد الامین : 531 من كاب «نزهة الأدباء» عن الصادق عليه السلام ، وفي الصراط المستقيم : 2 /187 ح10 باختصار عن الكاهلی

3- ومنها : ما روى أبو بصير قال : دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) وابنه إسماعيل موعوك ، فقال : قم ، ندخل على إسماعيل نعوده.

فدخلنا عليه، فإذا جانب داره قفص فيه فاختة وهي تصيح.

فقال : لاتمسك هذه يا بنيّ ، أما علمت أنّ هذه مشومة(1) قليلة الذكر لله ، وهي

تدعو على أربابها . قلت : وما دعاؤها ؟ قال : تقول «فقدتكم، فقدتكم».

فإن كنت لابدّ متّخذاً، فاتّخذ ورشاناً(2) ، فإنّه طير كثير الذكر لله ، وهو يحبِّنا أهل البيت .

وسأله رجل عن الخطّاف(3) وقال : لاتؤذوه فإنّه لايؤذي شيئاً، وهو طير يحبّنا أهل البيت.(4)

ص: 609


1- «میشومة» م
2- الورشان : تقدّم بيانه ص603 هامش 4
3- الخطّاف : طائر يشبه السنونو ، طويل الجناحين ، قصير الرجلين ، أسود اللون
4- عنه الوسائل : 8 /386 ح 2، والبحار : 65 /22 ح33 ، وعن الكافي : 6/ 551 ح3 عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن الجامورانی ، عن أبي حمزة، عن سيف بن عمير ، عن اسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، (صدر الحديث). وروى الكليني في الكافي:6 /550 ح1 (قطعة منه) باسناده إلی أبی عبدالله عليه السلام نحوه، عنه الوسائل : 8 /385 ح 1 ، والبحار: 65 /21 ح 30. وروى الكليني أيضاً في الكافي : 6/ 224 ح3 باسناده إلی أبی عبدالله عليه السلام (نحو ذيل الحديث)

4- ومنها : أنّ الحسين بن أبي العلاء ، قال: دخل على أبي عبدالله (علیه السلام) رجل من أهل خراسان فقال : إنّ فلان بن فلان بعث معي بجارية و أمرني أن أدفعها إليك . و قال : لا حاجة لي فيها ، إنّا أهل بيت لايدخل الدنس بيوتنا .

قال : لقد أخبرني أنّها ربيبة حجره . قال : [ لا خير فيها ف ] إنّها قد أفسدت [عليه] . قال : لاعلم لي بهذا ؟ قال : لكنّي أعلم أنّ هذا(1) كذا.(2)

5- ومنها : ماروي أنّ رجلاً خراسانيّاً أقبل إلى أبي عبد الله (علیه السلام) فقال له(3): مافعل فلان ؟ قال : لاعلم لي به. قال: ولكنّي(4) أخبرك به، [إنّه] بعث بجارية معك ولاحاجة [لي] فيها . قال : و لِمَ ؟ قال : لأنّك لم تراقب الله فيها ، حيث عملت ما عملت ليلة نهر بلخ(5) ، حيث صنعت ماصنعت .

فسكت الرجل و علم أنّه قد أخبره بأمر قد فعله (6).(7)

6- ومنها: ما روي عن [الحسين] بن أبي العلا أيضاً، قال: كنت عند أبي عبدالله (علیه السلام)

ص: 610


1- «انه» ه ، الوسائل
2- عنه الوسائل : 14 /573 ح 1، والبحار : 6 /224 ح 189 . وأخرجه فی مناقب آل أبی طالب: 3 /3683 من کتاب الدلالات بثلاثة طرق عن الحسين بن أبی العلاء و علی بن أبی حمزة، وأبي بصير، عنه البحار: 47 /140 ذح 188، ومستدرك الوسائل: 15 /35 ح 1، ومدينة المعاجز : 389 ح97
3- «وعن أبی عبدالله عليه السلام أنّه دخل عليه رجل من خراسان فقال عليه السلام له» ط، الوسائل
4- «أنا» ط ، الوسائل
5- بلخ : مدينة مشهورة بخراسان من أجلها وأشهرها ذكراً وأكثرها خيراً وبينها و بين ترمذ اثنا عشر فرسخاً ، ويقال : لجيحون نهر بلخ . (مراصد الاطلاع: 1/ 27)
6- «أعلمه (أخبره) بأمر عرفه» ط
7- عنه الوسائل : 14/ 573 ح 2

إذ جاءه رجل، أو مولی له ، يشكو زوجته وسوء خلقها . قال: فأتني بها ، فأتاه بها.

فقال [لها]: ما لزوجك يشكوك ؟ قالت: فعل الله به وفعل .

فقال لها : إن ثبت على هذا لم تعيشي إلّا يسيراً(1) . قالت : لاابالي أن لا أراه أبداً .

فقال له: خذ بيد زوجتك، فليس بينك وبينها إلّا ثلاثة أيّام .

فلمّا كان اليوم الثالث ، دخل عليه الرجل . فقال: ما فعلت زوجتك ؟

قال: قد - والله - دفنتها الساعة .

قلت : ما كان حالها ؟ قال : كانت معتدية(2) ، فبتر الله عمرها، وأراحه منها .(3)

7- ومنها: أنّ داود بن علي قتل المعلّی بن خنیس ، فقال له أبو عبد الله (علیه السلام): قتلت قیّمي في مالي وعيالي، ثمّ قال: لأدعونّ الله عليك. قال داود : اصنع ما شئت.

فلمّا جنّ الليل قال : اللّهمّ ارمه بسهم من سهامك ، فافلق(4) به قلبه .

فأصبح وقد مات داود والناس يهنّئونه بموته .

فقال (علیه السلام): لقد مات على دين أبي لهب ، وقد(5) دعوت الله فأجاب فيه الدعوة، وبعث إليه ملكاً معه مرزبة(6) من حديد، فضربه ضربة فما كانت(7) إلّا صيحة .

ص: 611


1- «إلّا ثلاثة أيام» البحار
2- «متعدية» البحار
3- عنه البحار : 47/ 97 ح 112 ، و عن مناقب آل أبی طالب 3/ 351 عن الحسین بن أبي العلا. وأورده في دلائل الإمامة:129عن الحسين بن أبي العلاء ، عنه مدينة المعاجز:395ح 131. وفي الصراط المستقيم : 2/ 187 ح 11 مرسلاً . وأخرجه في إثبات الهداة : 5/ 456 ح 243 عن صاحب کتاب مناقب فاطمة وولدها عليهم السلام باسناده الى الحسين بن أبي العلا
4- «تنفلق» البحار
5- هكذا في البحار ، وفي م ، ه «قلت : ولقد»
6- المرزبة : بالتخفيف : المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد ، وقيل: عصاة كبيرة من حديد تتخذ لتكسير المدر
7- هكذا في البحار، وفي م ، ه «كان»

قال : فسألنا(1) الخدم، فقالوا : صاح في فراشه صيحة ، فدنونا منه فإذا هو میّت .(2)

8- ومنها: أنّ داود الرقّيّ قال : حججت بأبي عبد الله (علیه السلام) سنة ستّ و أربعين ومائة ، فمررنا بواد من أودية تهامة ، فلمّا أنخنا صاح : يا داود ارحل ، ارحل !

فما انتقلنا إلّا وقد(3) جاء سيل ، [فذهب] بكل شيء فيه .

وقال [له] : تؤتي بين الصّلاتین حتّی تؤخذ من منزلك

وقال : يا داود إنّ أعمالك(4) عرضت عليّ يوم الخميس، فرأيت فيها صلتك

لابن عمّك، فسرّني ذلك.

قال داود : و كان لي ابن عمّ ناصبي(5) كثير العيال محتاج ، فلمّا خرجت إلى مكّة أمرت له بصلة ، فأخبرني به(6) أبو عبدالله (علیه السلام).(7)

ص: 612


1- «فبعث لنا» م
2- عنه البحار : 47/ 97 ح113 . وأورده الصراط المستقيم : 2/ 187 ح 12 مرسلاً . وأورده في ارشاد المفيد : 307 ، وفي اعلام الوری : 276 ، وفي روضة الواعظين: 251، و في كشف الغمة : 2/ 169 ، وفي الجنة الواقية : 205 جميعاً عن داود بن على نحوه . وأخرجه في إثبات الهداة :5/ 439 ، والبحار : 95/ 221 ح 20 عن الارشاد
3- هكذا في البحار، وفي م . ه «حتى»
4- «أعمالكم» البحار
5- هكذا في البحار ، وفي م. ه«ناصب»
6- «بها» البحار
7- عنه البحار : 47/ 98 ح114. و روی الصفار في البصائر : 429 ح 3 عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الله بن أيوب ، عن داود الرقّيّ « قطعة نحوه». عنه البحار : 23/ 347 ح 48 و ج 47/ 92 ح 100 و ح 101 عن مناقب آل أبی طالب : 3/ 354 عن المفيد باسناده الى داود الرقّيّ . ورواه الطوسي في أماليه: 227 عن المفيد ، عن عليّ بن بلال، عن عليّ بن سليمان عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمدالسياری ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن سعيد بن مسلم ، عن داود بن كثير الرقّیّ (قطعة نحوه) ، عنه إثبات الهداة : 5/ 371 ح66 والوسائل : 11/ 390 ح 15 ، و البحار : 23/ 339 ح 12 وج 74/ 93 ح 20، والبرهان : 2/ 159 ح 26

9- ومنها : ما قال الميثمي(1) : إنّ رجلا حدّثه ، قال : كنّا نتغدّى مع أبي عبدالله (علیه السلام) فقال لغلامه: انطلق و آتنا بماء زمزم (2). فانطلق الغلام ، فما لبث أن جاء و ليس معه ماء ، فقال : إنّ غلاماً من غلمان زمزم ، منعني الماء، فقال: تريد لأنّه العراق! فتغيّر لون أبي عبد الله (علیه السلام)، ورفع يده عن الطعام، وتحرّكت شفتاه ، ثمّ قال للغلام:

ارجع فجئنا بالماء. ثمّ أكل فلم يلبث أن جاء الغلام بالماء، وهو متغيّر اللون .

فقال : ما وراك ؟

قال: سقط ذلك الغلام في بئر زمزم فتقطّع ، وهم يخرجونه. فحمد الله عليه.(3)

10- ومنها : أنّه كان لأبي عبد الله (علیه السلام)مولی(4) يقال له «مسلم» و كان لا يحسن القرآن ، فعلّمه في ليلة ( فلمّا أصبح ، أصبح) (5) وقد أحكم القرآن .(6)

11- ومنها : أنّ شهاب بن عبد ربّه قال: أصابتني جنابة وأنا بالمدينة ، فدخلني

ص: 613


1- هو على بن اسماعيل بن شعیب بن میثم بن يحيى التمار ، أبوالحسن ، مولی بنی أسد کوفی ، سكن البصرة، وكان من وجوه المتكلمين من أصحابنا ( قاله النجاشي : 251 رقم 661 ، وترجم له الطوسي في رجاله : 383 رقم 52، والشيخ عباس القمي في الكنى والالقاب : 3/ 180، والسيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 11/ 275 . وغيرهم)
2- زمزم : اسم بئر بمكّة سمّيت به لكثرة مائها ، وقيل : لزم - بتشديد الميم - هاجر ماعها حین انفجرت ، وقيل : لزمزمة جبرئيل و كلامه (مجمع البحرين : مادة «زمم»)
3- عنه البحار : 47/ 98 ح 115
4- «متولی» م
5- «فأصبح» البحار
6- عنه البحار : 47 /101 ح 121.

غم شديد أن أعرف بالكوز من الحبّ(1)، ثمّ إنّي لم أجد بدّاً من أن أفعله، فلمّا أصبحت أتيت أبا عبد الله (علیه السلام)، وأنا أريد أن أسأله .

فقال – ابتداءاً منه- : غمّك البارحة أن تغرف من الحبّ بالكوز، ليس بالّذي صنعت بأس یا شهاب .(2)

12 - ومنها : ما قال بعض أصحابه(3) قال : حملت مالاً إلى أبي (4) عبدالله (علیه السلام) فاستكثرته في نفسي ، فلمّا دخلت عليه دعا بغلام ، وإذا طشت في آخر الدار ، فأمره أن يأتي(5) به ، ثمّ تکلّم بكلام لمّا أتي بالطشت، فانحدرت الدنانير من الطشت حتّی حالت بيني و بين الغلام ، ثمّ التفت(6) إليّ وقال : أترى نحتاج إلى ما في أيديكم ؟ إنّما نأخذ منكم ما نأخذ لنطهّركم به (7).(8)

13 - ومنها : أنّ صفوان قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) فأتاه غلام ، فقال :ماتت أمّي . فقال [ له ] : لم تمت . قال : تركتها مسجّي عليها !

فقام أبو عبد الله (علیه السلام) و دخل عليها ، فإذا هي قاعدة ، فقال لإبنها : ادخل إلى أمّك فشهّها من الطعام [ ماشاءت ] فأطعمها .

ص: 614


1- الحب : الجرة الكبيرة
2- عنه البحار 47 /68 ح 14. ورواه الصفار في البصائر : 226 ح3 عن ابراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن ابراهیم بن محمد، عن شهاب بن عبد ربّه نحوه، عنه وسائل الشيعة: 1 /528 ح 1 ، و اثبات الهداة: 5/ 387 ح98، والبحار : 47/ 68 ح 13 وج 80 /15 ح 3، ج 81 /66 ح 48
3- «أصحابنا» ه ، البحار
4- « لأبی» ه، البحار
5- «یأتیه» ط ، م
6- «قال : فالتفت» ط، م
7- «ما آخذ لاطهركم بذلك» ط ، م
8- عنه إثبات الهداة : 5/ 409 ح 141، و البحار : 47 /101 ح 122، ومدينة المعاجز : 405 ح177 . وأورده في ثاقب المناقب: 122 (مخطوط)

فقال الغلام : يا أمّاه ما تشتهين ؟ قالت : أشتهي زبيباً مطبوخاً. فقال له : ائتها(1) بغضارة(2) مملوة زبيباً . فأكلت منها حاجتها ، وقال له : قل لها :

إنّ ابن رسول الله بالباب يأمرك أن توصين . فأوصت، ثمّ توفّيت .

قال : فما برحنا حتّى صلّي عليها أبوعبد الله (علیه السلام) ودفنت .(3)

14-ومنها: أنّ أبان بن تغلب قال: غدوت من منزلي بالمدينة وأنا أريد أبا عبد الله (علیه السلام) فلمّاصرت بالباب، خرج عليّ قوم من عنده لم أر قوماً أحسن زيّاً منهم، ولاأحسن سیماء منهم، كأنّ الطير على رؤوسهم(4)، ثمّ دخلناعلی أبي عبد الله (علیه السلام)، فجعل يحدّثنا بحديث ، فخرجنا من عنده ، و قد فهمه خمسة نفر منّا متفرق الألسن :

منها اللسان العربيّ ، و الفارسي ، و النبطي (5)، وا لحبشي، و السقلبي(6).

فقال بعضنا لبعض : ماهذا الحديث الّذي حدّثنا به ؟

ص: 615


1- «واتها» ط ، م
2- الغضارة : القصعة الكبيرة (فارسية) جمعها غضائر
3- عنه البحار :47 /98 ح 116 وعن مناقب آل أبی طالب . وأورده في الصراط المستقيم : 2 /187 ح13 ، عنه إثبات الهداة : 5 /460 ح 253
4- قال ابن الأثير في النهاية : 3 /150 : وفي صفة الصحابة «كأنّما على روؤسهم الطير» وصفهم بالسكون والوقار ، و انّهم لم يكن فيهم طيش و لاخفة ، لِأنّ الطير لاتكاد تقع الّاعلى شیء ساكن . وذكر أبی عكرمة في الأمثال : 92 ، قال : ...هم في غضّهم أبصارهم ، و هدوئهم ، و اعظامهم له، بمنزلة من على رأسه طير ، فهو يخاف أن رفع رأسه أن يطير. وذكر المثل الميداني في مجمع الامثال : 146، وغيرهم
5- النبط : قوم من العجم کانوا ینزلون بين العراقين ، سمّوا نبطاً لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين ثمّ استعمل في أخلاط الناس وعوامهم ومنه يقال : «كلمة نبطية» أي عامية
6- السقلب : جيل من الناس كانوا يتاخمون الخزر ، ثمّ انتشروا من هناك الى أقطار متعددة من اوربا . الواحد: سقلبی، وجمعها: سقالبة

فقال من لسانه عربي : حدّثنا كذا بالعربيّة. وقال الفارسي : مافهمت إنّما حدّث بكذا و كذا بالفارسيّة. وقال الحبشي : ما حدّثني إلا بالحبشيّة . و قال السقلبي : ما حدّثنا إلا بالسقلبيّة . فرجعوا إليه فأخبروه .

فقال(علیه السلام): الحديث واحد، ولكنّه فسّر لكم بألسنتكم .(1)

15- ومنها: أنّ صفوان بن یحیی روی عن جابر قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) فبرزنا معه فإذا نحن برجل قد أضجع جدياً(2) ليذبحه، فصاح الجدي .

فقال أبو عبدالله (علیه السلام): كم ثمن هذا الجدي ؟

فقال: أربعة دراهم. فحلّها من كمّه ودفعها إليه، وقال: خلّ سبيله .

قال: فسرنا، فإذا بصقر(3) قد انقضّ على درّاجة، فصاحت الدرّاجة(4) .

فأومأ أبو عبدالله إلى الصقر بكمّه ، فرجع عن الدرّاجة .

فقلت : لقد رأينا عجباً من أمرك .

قال : نعم ، إنّ الجدي لمّا أضجعه الرجل [ليذبحه] و بصر بي، قال : أستجير بالله و بكم أهل البيت، ممّا يراد بي(5). و كذلك قالت الدرّاجة .

ولو أنّ شيعتنا استقامت لأسمعتهم(6) منطق الطیر.(7)

ص: 616


1- عنه البحار : 47 /99 ح17 مثله . وأورده في الصراط المستقيم : 2 /187 ح14 مرسلاً باختصار
2- الجدی : ولد المعز في السنة الاولی
3- «الصقر» ط ، البحار
4- وزاد في م «فأومأ أبو عبدالله عليه السلام الى الصقر بكمّه فرجع الى الدرّاجة»
5- «منی» البحار
6- «لأسمعتكم» البحار
7- عنه البحار : 47 /99 ح 118 ، ومدينة المعاجز : 405 ح178 . وأورده في ثاقب المناقب : 143 (مخطوط) عن صفوان ، وفي الصراط المستقیم: 2 /187 ح 15 مرسلاً باختصار

16- و منها : أنّ داود بن كثير الرقّيّ قال : دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام)، فدخل عليه إبنه موسي وهو ينتفض [من البرد] ، فقال له أبو عبدالله : كيف أصبحت ؟

قال : أصبحت في كنف(1) الله ، متقلّباً في رحمة(2) الله، أشتهي عنقود عنب جرشي(3) و رمّانة خضراء. قال داود : قلت: سبحان الله هذا الشتاء !!

فقال: ياداود إنّ الله قادر على کلّ شيء، أدخل البستان. [فدخلته] فإذا شجرة عليها عنقود من عنب جرشي و رمّانة خضراء ، فقلت: آمنت بسرّ كم و علانيتكم .

فقطعهما و أخرجهما(4) إلى موسى، فقعد يأكل ، فقال:

یاداود و الله لهذا فضل(5) من رزق قديم، خصّ الله به مریم بنت عمران من الأفق الأعلى(6).

17- و منها : أنّ هارون بن رئاب(7) قال : كان لي أخ جارودي(8) ، فدخلت على أبي

ص: 617


1- الكنف ، بالتحريك : الحرز
2- «نعم» البحار
3- هكذا في إثبات الهداة، و الظاهر أنّه ينسب - بالفتح - الى موضع . - و بالتحريك - : بلدة بالاردن. و با لضمّ ، ثمّ الفتح ، والشين معجمعة : من مخاليف اليمن من جهة مكّة . (مراصد الاطلاع: 1 /326) وفي نسخ الاصل والبحار «حرشی»
4- «فقطعتهما فأخرجتهما» البحار
5- «لهوأفضل» م ، مدينة المعاجز
6- عنه إثبات الهداة : 5 /409 ح 142 ، والبحار : 47 /100 ح 119، ومدينة المعاجز :406 ح 182 . وأورده في ثاقب المناقب : 362 (مخطوط) عن داود الرقی
7- «زیات» ه . وما أثبتناه كما في بقية النسخ والبحار ، وذكره المامقانی فی تنقیح المقال: 3284 وأورد الحديث
8- أي من أتباع أبي الجاورد المكنّى بأبي النجم زیاد بن المنذر الهمداني الأعمی سرحوب الخراساني العبدي ، ونقل ابن النديم في الفهرست ص 226 عن الامام الصادق عليه السلام أنّه لعنه وقال : انّه أعمى القلب وأعمى البصر . وروى الكشی : 229 فيه روایات تدل على ذمّه، وذكره المقريزى في ج2 /352 ، والذهبي في ميزان الاعتدال: 2 /93، وغيرهم . توفي بعد سنة : 150 على ما ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب: 1 /270 . وقالوا - أي الجارودية - بتفضيل علىّ عليه السلام ، ولم يروا مقامه يجوز لأحد سواه وزعموا أنّ من دفع علياً عن هذا المكان فهو كافر ، وأنّ الأمّة كفرت وضلّت في تركها بيعته ، وجعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علی علیهما السلام ثمّ الحسين عليه السلام ثمّ هی شوری بین أولادهما، فمن خرج منهم مستحقاً للإمامة فهو الإمام . وهم و البترية الفرقتان اللتان ينتحلان أمر زید بن علی بن الحسين ، و أمر زید بن الحسن بن على بن أبي طالب ، ومنها تشعبت صنوف الزيدية. (راجع فرق الشيعة: 39)

عبدالله (علیه السلام)، فقال لي : مافعل أخوك الجاروديّ؟ قلت: صالح،هو مرضيّ عند القاضي وعند الجيران في الحالات كلّها ، غير أنّه لايقرّ بولايتكم .

فقال: مايمنعه من ذاك ؟ قلت: يزعم أنّه يتورّع (1).

قال : فأين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟

فقلت لأخي حين قدمت عليه(2) : ثكلتك أمّك، دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) فسألني عنك، فأخبرته أنّك مرضيّ عند الجيران وعند القاضي في الحالات كلّها ، غير أنّه لايقرّ بولايتكم. فقال: ما يمنعه من ذلك؟

قلت: يزعم أنّه يتورّع. فقال: أين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟

قال: أخبرك أبو عبد الله (علیه السلام) بهذا؟ قلت : نعم . قال : أشهد أنّه حجّة ربّ العالمين .

قلت: أخبرني [عن] قصّتك؟ قال: نعم، أقبلت من [وراء] نهر بلخ، فصحبني رجل معه وصيفة فارهة(3) [الجمال، فلمّاكنّا على النهر] قال لي: إمّا أن تقتبس لنا ناراً فأحفظ عليك، وإمّا أن أقتبس ناراً فتحفظ عليّ . فقلت: إذهب و اقتبس، وأحفظ عليك.

ص: 618


1- «متورّع» م . و الورع : الكفّ عن المحارم والتحرج منها
2- «فقدمت على أخي فقلت له» ه ، البحار
3- الوصيفة : الجارية . وجارية فرهاء : حسناء

فلمّا ذهب قمت إلى الوصيفة، و كان منّي إليها ما كان، والله ما أفشت ولا أفشيت لأحد ولم يعلم بذلك(1) إلّا الله . [فدخله رعب].

فخرجت من السنة الثانية وهو معي، فأدخلته على أبي عبد الله (علیه السلام) فذكرت الحديث فما خرج من عنده حتّی(2) قال بإمامته .(3)

18- ومنها: أنّ أبا الدوانیق(4) قال لحاجبه : إذا دخل علي(5) جعفر فاقتله قبل أن يصل إليّ. قال: فدخل أبو عبد الله (علیه السلام) وجلس فأرسل إلى الحاجب فدعاه، فنظر إليه وإلى جعفر و هو قاعد ، ثمّ قال : عد إلى مكانك ، و أقبل يضرب بيده على الأخرى فلمّا خرج أبو عبدالله (علیه السلام)، دعا حاجبه فقال: بأيّ شيء أمرتك ؟

قال : لا والله ما رأيته حيث دخل، ولا حيث خرج ، ولارأيته إلّا وهو قاعد معك.(6)

19 - ومنها : أنّ الوليد بن صبيح قال : كنّا عند أبي عبدالله (علیه السلام) في ليلة إذ طرق الباب طارق ، فقال للجارية : انظري من هذا ؟ فخرجت ثمّ دخلت ، فقالت :

ص: 619


1- «وما أفشيت به أحداً فمن يعلم هذا!» ط، م
2- «إلّا» ط ، ه
3- عنه البحار : 47 /156 ح220 . وأورده في الصراط المستقیم: 2 /187 ح 16 مرسلاً و باختصار
4- أبا الدوانيق (الدوانیقی) : لقب لأبی جعفر المنصور ، و هو الثاني من خلفاء بني العباس ، و يقال له أبوالدوانیق : لأنّه لمّا أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على کلّ منهم دانق فضة - الدانق: سدس الدينار و الدرهم، والدانق الاسلامی: ستة عشر حبة خرنوب -وأخذه وصرفه الى الحفر، واسمه عبدالله بن محمّد (قاله الطريحي في مادة «دنق»)
5- «أبو» ط ، م. وهو تصحیف
6- أخرجه في كشف الغمة : 2 /191 عن رزام بن مسلم مولی خالد بن عبدالله القسرى نقلاً عن كتاب الدلائل للحمیری، عنه إثبات الهداة : 5 /431 ح 180، والبحار : 47/ 183 ح 29

هذا(1) عمّك عبدالله بن عليّ ، فقال: أدخليه . وقال لنا: ادخلوا البيت . فدخلنا بيتاً [آخر] فسمعنا منه حسّا، ظننّا أنّ الداخل بعض نسائه، فلصق بعضنا ببعض ، فلمّا دخل أقبل(2) على أبي عبدالله (علیه السلام) ، فلم يدع شيئاً من القبيح إلّا قاله في أبي عبد الله (علیه السلام) .

ثمّ خرج و خرجنا ، فأقبل يحدّثنا(3) من الموضع الّذي قطع كلامه (4) [عند دخول الرجل] فقال بعضنا : لقد استقبلك هذا بشيء ماظننّا أنّ أحداً يستقبل به أحداً (5)حتّى لقد همّ بعضنا أن يخرج إليه فيوقع(6) به . فقال : مه ، لا تدخلوا فيما بيننا .

فلمّا مضى من الليل ما مضى طرق الباب طارق ، فقال للجارية : انظري من هذا؟ فخرجت ، ثمّ عادت فقالت : هذا عمّك عبد الله بن عليّ . قال لنا : عودوا إلى موضعكم (7). ثمّ أذن له ، فدخل بشهيق و نحيب وبكاء ، وهو يقول :

يا ابن أخ اغفر لي، غفر الله لك، اصفح عنّي، صفح الله عنك .

فقال(8) : غفر الله لك ما الّذي أحوجك إلى هذا يا عمّ ؟

قال : إنّي لمّا أويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان غليظان فشدّا وثاقي، ثمّ قال أحدهما [ للآخر ]: انطلق به إلى النار . فانطلق بي ، فمررت برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقلت : يا رسول الله أما ترى ما يفعل بي ، قال: أولست الذي أسمعت إبني ما أسمعت؟ فقلت : يا رسول الله لا أعود . فأمره ، فخلّي (9) عنّي ، وإنّي لأجد ألم الوثاق .

فقال أبو عبد الله (علیه السلام) : أوص. قال(10) : بم أوصي ؟ فمالي من مال (11)، وإنّ لي

ص: 620


1- «هو» ه. و كذا ما بعد
2- «فأقبل الداخل» ط ، ه
3- زاد في ط «تمام حديثه»
4- «كلامنا» م
5- «يستقبل أحداً بمثله» م
6- «فيقع» م
7- «مواضعكم» ط ، البحار
8- «وهو يقول» م
9- «فأمرهما فخلیانی» ه
10- «فقال : ثمّ أوصى . قال» ه
11- «مالی مال» البحار

عيالا(1) كثيراً ، وعليّ دین .

فقال أبو عبد الله (علیه السلام): دينك عليّ ، و عيالك إلىّ [ عيالي]. فأوصى . فما خرجنا من المدينة حتّى مات، وضمّ أبو عبدالله (علیه السلام) عياله إليه ، وقضى دينه، وزوّج إبنه إبنته.(2)

20- ومنها : أنّ عبد الرحمان بن الحجّاج(3) قال : كنت مع أبي عبدالله (علیه السلام) بين مكّة والمدينة ، وهو على بغلة وأنا على حمار ، وليس معنا أحد،

فقلت : يا سيّدي ما علامة الإمام ؟

قال : يا عبد الرحمان(4) لو قال لهذا الجبل :«سر» لسار .

قال: فنظرت - والله - إلى الجبل يسير ، فنظر إليه ، فقال : إنّي لم أعنك.(5)

21- ومنها : أنّ إبراهيم بن مهزم الأسدي قال : قدمت المدينة فأتيت باب أبي عبد الله (علیه السلام) أستفتحه، فدنت جارية لتفتح الباب، ففرصت(6) ثديها ودخلت

ص: 621


1- «و إنّ عيالي عيالا» م
2- عنه إثبات الهداة : 5 /410 ح143 ، البحار : 46/ 184 ح50 ، و مدينة المعاجز : 405ح 179، وعنه البحار: 47 /96 ح110 وعن المناقب
3- «عبدالله بن الحجاج» م . وعبدالرحمن بن الحجاج البجلی مولاهم كوفي بياع السابری عدّه الشيخ في رجاله : 230 رقم 126 من أصحاب الصادق عليه السلام، و في ص 353 رقم 2، عدّه من أصحاب الكاظم عليه السلام . ترجم له السيد الخوئي في معجم رجال الحدیث: 9 /315 ، وغيره
4- «ما يجب من عظم حقّ الإمام قال : يا أبا عبدالرحمن» م. وفي ه «ما علامة الامام؟ قال: انّه»
5- عنه إثبات الهداة : 5 /140 ؛ ح 144، والبحار : 47 /101 ح 123. و أورده في الصراط المستقيم :2 /188 ح17 مرسلاً و باختصار ، عنه إثبات الهداة المذكورص 460 ح 254.
6- «ففرکت» ه، م

فقال لي : يا مهزم أما علمت أنّ ولايتنا لا تنال إلا بالورع.

فأعطيت الله عهداً إنّي لا أعود إلى مثلها أبداً .(1)

22- ومنها: أنّ الحسين بن زيد قال: قلت لأبي عبدالله (علیه السلام): أخبرني عن قوله تعالی لإبراهيم « أَوَلَمْ تُؤْمِنْ »(2) قال : أتحبّ أن أريك مثل ذلك . قلت : نعم .

فأخذ السكّين وقام، فذبح حمامة وغراباً وطاووساً وبازاً، ثمّ قطعهنّ وخلطهنّ ثم ناداهنّ ، فرأيت بعضها تصير إلى [بعض] حتّى عادت کهیئتها.(3)

23- ومنها : أنّ داود الرقّيّ قال : كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) فقال لي : مالي أرى لونك متغيّراً ؟ قلت : غيّره دين فادح(4) عظيم ، وقد هممت بركوب البحر إلى السند(5) لإتيان أخي فلان.

قال: إذا شئت [فافعل] . قلت: تروّعني عنه أهوال(6) البحر وزلازله .

فقال : [ياداود] إنّ الّذي يحفظك في البرّ هو حافظك(7) في البحر ، يا داود (لولا اسمي و روحي لما)(8) اطّردت الأنهار، ولا أينعت الثمار، ولا اخضرّت الأشجار.

ص: 622


1- عنه البحار : 47/101 ح 124
2- البقرة : 260
3- تقدم ص 297 ح 4 مع تخریجاته عن يونس بن ظبيان
4- «فاضح» ط ، ه ، البحار .والفادح : الصعب المثقل ، يقال : نزل به أمر فادح ، وركبه دين فادح
5- السند - بالكسر ثمّ السكون ، وآخره دال مهملة - : بلاد بين الهند و کرمان وسبحستان قصبتها المنصورة . و بالفتح ، ثمّ السكون : من اقلیم باجة بالالندلس . والسند أيضاً : من أعمال طلبيرة، ومدينة في اقليم فريش ، وهما بالأندلس . (مراصد الاطلاع: 2 /746)
6- الهول: المخافة من الأمر، جمعها أهوال
7- «یحفظ في البرّ هو حافظ لك» البحار
8- «لولانا ما» ط

قال داود : فركبت البحر حتّى [إذا] كنت بحيث ماشاء الله من ساحل البحر، بعد مسيرة مائة وعشرين يوماً، خرجت قبل الزوال يوم الجمعة، فإذا السماء متغيّمة، وإذا نور ساطع من قرن(1) السماء إلى جدد الأرض(2) وإذا صوت خفي : يا داود هذا أوان قضاء دينك، فارفع رأسك قد سلمت. [قال:] فرفعت رأسي [أنظر النور] ، و نودیت: «عليك بماوراء الأكمة(3) الحمراء» فأتيتها ، فإذا بصفائح(4) ذهب أحمر ، ممسوح أحد جانبيه(5) و في الجانب الآخر [مكتوب] « «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ »(6). قال: فقبضتها ، و لها قيمة لاتحصى .

فقلت: لا أحدّث فيها حتّى آتي المدينة، فقدمتها. فدخلت (على أبي عبد الله (علیه السلام))(7) فقال لي : يا داود إنّما عطاؤنا لك النور الّذي سطع لك، لا ما ذهبت إليه من الذهب والفضّة ، ولكن هو لك هنيئاً مريئاً عطاء من ربّ کریم ، فاحمد الله .

قال داود : فسألت معتّباً خادمه ، فقال : كان في ذلك الوقت الذي تصفه يحدّث أصحابه، منهم: خيثمة، وحمران، وعبد الأعلى، مقبلا عليهم بوجهه، يحدّثهم بمثل ما ذكرت ، فلمّا حضرت الصلاة قام فصلّی بهم.

[قال داود:] فسألت هؤلاء جميعاً، فحكوا لي حكاية معتّب(8).(9)

ص: 623


1- «فرق» م ، ه
2- الجدد - بالتحريك- : المستوى من الارض، ومنه «أسألك باسمك الذي يمشی به على جدد الأرض» (قاله الطريحي في «جدد»)
3- الاكمة : التلّ
4- «صفائح من» ه، البحار
5- «منقوش» خ ل
6- سورة ص : 39
7- «عليه»م
8- «الحكاية» ه، البحار
9- عنه إثبات الهداة : 5/ 410 ح 145 ، والبحار : 47 /100 ح 120 و مدينة المعاجز : 405 ح 180

24 - ومنها : أنّ يونس بن عبد الرحمان ، والمغيرة بن ثور، قالا : سمعنا داود الرقّي يقول : كنت بأرمينية(1) وعلي دين فادح، فبينا أنا كذلك في بعض طرق أرمينية فإذا بهاتف بي ، فنظرت يمنة و يسرة فلم أرشيئاً ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأبي عبد الله (علیه السلام)على الريح، تخفضه مرّة و ترفعه أخرى(2)، فهبته .

فقال لي: يا داود لن تقضي دينك حتّى تحفظ القرآن. قلت : ما أتى بك هاهنا؟

قال : كانت لي حاجة بناحية الخزر(3) و الصين ، فسألت ربّي أن يحملني على الريح فحملتني ، فرأیتك على حزنك ، فأردت أن أطيّب قلبك .

قال : فاكتتبت القرآن حتّى حفظته ، فقضى الله دیني .(4)

25 - ومنها : أنّ محمّد بن مسلم قال : كنت عند أبي عبدالله (علیه السلام) إذ دخل عليه المعلّی بن خنیس باكياً، فقال: وما يبكيك ؟ قال: بالباب قوم يزعمون أن ليس لكم عليهم(5) فضل، و أنّكم و هم شيء واحد . فسكت ثمّ دعا بطبق من تمر ، فأخذ(6) منه تمرة فشقّها نصفين(7) و أكل التمر، و غرس النوي في الأرض ، فنبت و حمل بسراً(8) ، وأخذ منها واحدة فشقّها [نصفين] وأكل ، و أخرج منها(9) رقاً ودفعه إلى

ص: 624


1- أرمينية : اسم لصقع واسع عظيم في جهة الشمال ، وحدّها من برذعة الى الأبواب، ومن الجهة الاخرى الى بلاد الروم وجيل القبق ... (مراصد الاطلاع: 1 /60)
2- «تارة» ط، م
3- الخزر - بالتحريك وآخره راء -: بلاد الترك ، خلف باب الأبواب ، وهم صنف من الترك. وهو اقلیم من قصبة تسمى «اتل» ، واتل : اسم نهر يجري اليهم بين الروس و بلغار . والخزر: اسم المملكة ، ومدينتها اتل ... (مراصد الاطلاع: 1 /465)
4- أورده في الصراط المستقیم : 2/ 188 ح 18 مختصراً عن داود الرقي . عنه إثبات الهداة: 5 /460 ح 255
5- «علینا» البحار
6- «فحمل» م، البحار
7- «بنصفین» ط ، م
8- «فنبته الله فحمل بسراً» ط ، ه ، إثبات الهداة . والبسر - بالضمّ فا لسكون-: ثمر النخل قبل أن يرطب
9- هكذا في ه، و في غيرها «منه»

المعلّي ، وقال [له] : إقرأ ! فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم

لا إله إلا الله، محمّد رسول الله ، عليّ المرتضی ، [و] الحسن و الحسين ، وعليّ ابن الحسين [ وعدّهم ] واحداً واحداً إلى الحسن بن علي(1) و ابنه .(2)

26- و منها : أنّ أبا مريم المدني قال : خرجت إلى الحجّ، فلمّا صرت قريباً من الشجرة(3) ، خرجت على حمار لي، قلت : «أدرك الجماعة، وأصلّي معهم» فنظرت إلى الجماعة(4) يصلّون ، فأتيتهم فوجدتهم قد صلّوا ، وإذا أبو عبد الله (علیه السلام) محتب(5) بردائه يسبّح ، فقال : صلّيت يا أبا مریم ؟ قلت: لا. قال : صلّ: فصلّيت ثم ارتحلنا. فسرت تحت محمله، فقلت في نفسي: «قد خلوت به اليوم فأسأله عمّا بدا لي».

فقال : يا أبا مریم تسير تحت محملي ؟ فقلت : نعم . و كان زميله غلام له يقال له «سالم » فرآني كثير الاختلاف(6) . قال : أراك كثير الاختلاف أبك بطن(7) ؟ قلت: نعم. قال: أكلت البارحة حيتاناً(8)؟ قلت: نعم . قال : فأتبعتها بتمرات؟ قلت: لا.

ص: 625


1- «العسکری» ط ، ه، إثبات الهداة . «الحسن العسکری»ط ، خ ل
2- عنه إثبات الهداة : 5/ 411، ح 146 ، والبحار : 47/ 102 ح 125 ، ومدينة المعاجز : 167 ح 468. وأورده في الصراط المستقیم :2/ 188 ح 19 باختصار ، عنه إثبات الهداة : 5/ 460 ح 256.
3- الشجرة - واحدة الشجر - : بذي حليفة على ستّة أميال من المدينة (مراصد الاطلاع : 2 /784)
4- «جماعة» م،ه
5- الاحتباء : ضمّ الساقين الى البطن بالثوب أو اليدين ، و منه «الاحتباء حيطان العرب» أي ليس في البراري حيطان ، فإذا أرادوا أن يستندوا احتبوا
6- اختلف من موضع الى موضع : تردد
7- البطن - محركة -: داء البطن ، يقال : بطن بطناً : اصيب بوجع في بطنه
8- الحوت : السمك وقد غلب في الكبير منه ، جمعها: حيتان و أحوات

قال: أما إنّك لو أتبعتها بتمرات و سمّیت ما ضرّك .

فسرنا حتّى إذا كان وقت الزوال، نزل فقال: ياغلام [هات](1) ماء أتوضّأ به. فناوله، فدخل إلى موضع يتوضّأ، فلمّا خرج إذا هو بجذع، فدنا منه وقال: يا جذع أطعمنا ممّا خلق الله فيك .

قال: رأيت الجذع اهتزّ(2) ثمّ اخضرّ ، ثمّ أطلع، ثمّ احمرّ، ثمّ اصفرّ ، ثمّ ذنّب(3)

فأكل منه وأطعمني ، کلّ ذلك أسرع من طرفة عين .(4)

27- ومنها: أنّ أباخديجة(5) روی عن رجل من كندة، و كان سيّاف بني العبّاس قال: لمّا جاء أبو الدوانیق بأبي عبد الله (علیه السلام)و إسماعيل، أمر بقتلهما، وهما محبوسان في بيت فأتی [ - عليه اللعنة - إلى أبي عبد الله (علیه السلام)] ليلاً، وأخرجه وضربه(6) بسيفه حتّى قتله ثمّ أخذ إسماعيل ليقتله، فقاتله ساعة، ثمّ قتله ، ثمّ جاء إليه ، فقال : ما صنعت ؟

قال : لقد قتلتهما وأرحتك منهما .

فلمّا أصبح إذا أبو عبد الله و إسماعيل جالسان. فاستأذنا. فقال أبو الدوانيق للرجل: ألست(7) زعمت أنّك قتلتهما؟ قال : بلى، لقد عرفتهما كما أعرفك. قال: فاذهب إلى الموضع الذي قتلتهما فيه فانظر . فجاء، فإذا بجزورين(8) منحورین. قال: فبهت، ورجع

ص: 626


1- من البحار
2- «یهتزّ» البحار
3- المذنب - بكسر النون - : الذي بدا فيه الارطاب من قبل ذنبه أي طرفه. ويقال له أيضاً : التذنوب . وفي البحار «ثم ذهب».
4- عنه البحار : 47/ 102 ح 126
5- هو سالم بن سلمة أبو خديجة الرواجني الكوفي ، مولی ، من أصحاب الصادق عليه السلام راجع رجال الشيخ : 209 رقم 117. وترجم له السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : 8 /19 ،وغيره
6- «وضرب» م
7- «أليس» م
8- الجزور - بالفتح - : وهي من الإبل خاصة ما كمل خمس سنين ودخل السادسة، يقع على الذكر والانثى

فأخبره، فنكس رأسه [ و عرفه ما رأي ] فقال : لا يسمعن هذا منك أحد .

فكان كقوله تعالى في عیسی [بن مریم] « وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ » (1).(2)

28 - ومنها : أنّ عيسى بن مهران قال : كان رجل من أهل خراسان من ما وراء النهر(3) ، و كان موسراً، و كان محبّاً لأهل البيت (علیهم السلام)، و كان يحجّ في کلّ سنة ، وقد وظّف على نفسه لأبي عبدالله (علیه السلام)في کلّ سنة ألف دينار من ماله ، و كانت تحته ابنة عمّ له ، تساويه في اليسار والديانة(4) ، فقالت في بعض السنين : يابن عمّ حجّ بي في هذه السنة . فأجابها إلى ذلك ، فتجهّزت للحجّ ، و حملت لعيال أبي عبد الله (علیه السلام) وبناته من فواخر ثیاب خراسان ، و من الجوهر(5) وغيره(6) أشياء كثيرة خطيرة،وصیّر(7) زوجها ألف دينار - التّي أعدها لأبي عبدالله في كيس، وصیّر(8) الكيس في ربعة(9) فيها حليّ [بنت عمّه] وطيب، وشخص یريد المدينة، فلمّا وردها صار(10) إلى أبي عبدالله (علیه السلام) فسلّم عليه، و أعلمه أنّه حجّ بأهله، و سأله الأدن لها

ص: 627


1- سورة النساء : 157
2- عنه إثبات الهداة : 5/ 411 ح 147، و البحار : 47/ 102 ح127 ، و عنه مدينة المعاجز : 362 ح 24، وعن ثاقب المناقب : 185 (مخطوط) عن ابن خديج. وأورده في الصراط المستقیم: 2/ 188 ح20 مرسلاً و باختصار
3- ما وراء النهر : یراد به جیحون بخراسان ، فما كان شرقيه يقال : بلاد الهیاطلة ، وفي الاسلام سمّوه: ماوراء النهر (مراصد الاطلاع: 3/ 1223)
4- «و كانت في اليسار والرفاهية مثله» ه، إثبات الهداة
5- «الجواهر» ط ، البحار
6- «البز» م ، البحار . و هي ثياب من الكتان أو القطن
7- «و أعد» ه، إثبات الهداة ، والبحار
8- «و جعل» ه، إثبات الهداة ، والبحار . وفيها من «وصير زوجها ...» تقدیم و تأخیر
9- الربعة : جونة العطار ، و هي سليلة مغشاة بالادم
10- «وصار» م

في(1) المصير إلى منزله للتسليم على أهله وبناته، فأذن لها أبو عبد الله (علیه السلام) في ذلك(2)، فصارت إليهم، وفرقت ماحملت عليهم(3) و أقامت يوماً عندهم وانصرفت. فلمّا كان من الغد قال لها زوجها : أخرجي تلك الربعة لتسليم الألف دينار إلى أبي عبد الله (علیه السلام)(4).

فقالت: [هي] في موضع كذا .

فأخذها و فتح القفل ، فلم يجد الدنانير ، و كان فيها حليّها وثيابها ، فاستقرض ألف دينار من أهل بلده ورهن الحليّ عندهم على ذلك(5) وصار إلى أبي عبدالله (علیه السلام).

فقال : قد وصلت إلينا الألف. قال: [يا مولاي] و كيف ذلك وما علم بمكانها(6) غيري وغير بنت عمّي؟ قال: مسّتنا ضيقة فوجّهنا من أتى بها من شيعتي من الجنّ ، فإنّي كلمّا أريد أمراً بعجلة أبعث واحداً منهم.

فزاد ذلك في بصيرة الرجل، وسرّ به(7) و استرجع الحليّ ممن أرهنه(8) . ثمّ انصرف إلى منزله، فوجد امرأته تجود بنفسها، فسأل عن خبرها. فقالت خادمتها (9): أصابها وجع في فؤادها فهي على هذه الحالة (10) فغمّضها وسجّاها ، وشدّ حنكها وتقدّم في إصلاح ما تحتاج إليه من الكفن و الكافور وحفر قبرها ، وصار إلى أبي عبد الله (علیه السلام) فأخبره ، وسأله أن يتفضّل بالصلاة عليها.

فقام (علیه السلام)وصلّی(11) ركعتين و دعا، ثمّ قال للرجل: انصرف إلى رجلك، فانّ أهلك لم تمت، و ستجدها في رحلك تأمر و تنهی، وهي(12) في حال سلامة .

ص: 628


1- «لابنة عمه» ط ، إثبات الهداة
2- «فأذن لها بذاك» ط ، إثبات الهداة
3- وزاد في البحار «و أجملت»
4- «ابن رسول الله عليه السلام» م
5- «أرهنه الحلىّ بها» م
6- «بها» ط ، إثبات الهداة ، والبحار
7- «و أعاد الذهب الى أصحابه» ط ، ه ، إثبات الهداة
8- «منهم » ط. من رهنه البحار
9- «حفدتها» م ،«خدمتها» البحار
10- «وهي في الحال، إثبات الهداة، ه ،«وهي في هذه الحال» البحار
11- «فصلّي أبو عبدالله عليه السلام» م
12- «قال : فمضيت وهی» ه ، إثبات الهداة

فرجع الرجل ، فأصابها كما وصف أبو عبد الله ، ثمّ خرج (1) يريد مكّة و خرج أبو عبد الله (علیه السلام) للحجّ أيضاً ، فبينا المرأة تطوف بالبيت إذ رأت أبا عبد الله (علیه السلام) يطوف، والناس قد حفّوا به .

فقالت لزوجها : من هذا الرجل ؟ قال: هذا أبو عبد الله (علیه السلام). قالت : والله هذا الرجل الّذي رأيته يشفع إلى الله حتّى ردّ روحي في جسدي. [و لم تكن رأته قبل] .(2)

29 - ومنها: أنّ داود الرقّيّ قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) إذ دخل شاب يبكي قال: نذرت على أن أحجّ بأهلي، فلمّا أن دخلت المدينة ماتت زوجتي .

قال: اذهب فإنّها لم تمت . قال: ماتت و سجّيتها !! قال: فهي حيّة.

فخرج ثمّ رجع ضاحكاً . قال : دخلت عليها وهي جالسة .

قال: ياداود أو لم تؤمن ؟ قال: بلى، ولكن ليطمئنّ قلبي .

فلمّا كان يوم التروية (3) قال لي أبو عبد الله (علیه السلام): يا داود قد اشتقت إلى بيت ربّي (4) . قلت : يا سيدي غداً عرفات. قال : إذا صلّيت العشاء الآخرة فارحل (5) ناقتي وشدّ زمامها ، ففعلت، فخرج، و قرأ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، ويس» ثمّ استوى عليها

ص: 629


1- «خرجنا» ه ، إثبات الهداة
2- عنه إثبات الهداة : 5/ 412 ح148، والبحار : 47/ 103 ح128، و مدينة المعاجز 386 ح 91. وأورده في ثاقب المناقب : 144 (مخطوط) عن عیسی بن مهران، وفي الصراط المستقيم : 2 /188 ح 21 مرسلاً و باختصار
3- يوم التروية : هو الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنّهم كانوا یرتوون من الماء لما بعد وفي الحديث «لمّا كان يوم التروية قال جبرئیل لابراهيم عليه السلام : ترو من الماء» فسميت التروية.
4- «الله» خ ل
5- هكذا في البحار ، أي شد على ظهرها الرجل، وفي م «فادخل»

وأردفني خلفه ، فسرنا هوياً(1) من الليل، وفعل في مواضع ما كان ينبغي ، ثمّ قال : هذا بيت الله . ففعل ما كان ينبغي .

فلمّا طلع الفجر ، قام فأذن و أقام ، و أقامني عن يمينه ، و قرأ في أول الركعة «الحمد والضحی»(2) وفي الثانية ب «الحمد و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ثمّ قنت، ثمّ سلّم وجلس.

فلمّا طلعت الشمس ، مرّ الشابّ ومعه المرأة ، فقالت لزوجها:

هذا الذي شفع إلى الله في إحيائي .(3)

30 - ومنها : أنّ عبد الحميد الجرجاني قال : أتاني غلام بيض الأجمة فرأيته مختلفاً ، فقلت الغلام : ما هذا البيض ؟ قال : هذا بيض دُیُوكِ الماء.

فأبيت أن آكل منه شيئاً ، وقلت : حتّى أسأل أبا عبد الله (علیه السلام) .

فدخلت المدينة فأتيته فسألته عن مسائلي ، ونسيت تلك المسألة ، فلمّا ارتحلنا ذكرت المسألة ورأس القطار(4) بيدي ، فرميت إلى بعض أصحابي ، ومضيت إلى أبي عبد الله (علیه السلام) فوجدت عنده خلقاً كثيراً، فدخلت، فقمت تجاه وجهه ، فرفع رأسه إليّ وقال : يا عبد الحميد لنا تأتي دیوك هبر (5).

فقلت: أعطيتني الّذي أريد ، فانصرفت ولحقت بأصحابي .(6)

31- ومنها : أنّ شعيب العقرقوني قال : بعث معي رجل بألف درهم ، فقال لي: أريد أن أعرف فضل أبي عبد الله (علیه السلام)على أهل بيته . ثمّ قال : خذ خمسة دراهم

ص: 630


1- «هوناً» البحار . قال ابن الأثير في النهاية : 5 /285: و فيه «كنت أسمعه الهوی من الليل» الهوى بالفتح : الحين الطويل من الزمان . وقيل : هو مختص بالليل، انتهى . وقيل : «مضى هوى أو هوى من الليل» أي هزيع أو قسم منه
2- لم تذكر سورة الانشراح مع الضحى باعتباره أنّه أمر مفروغ منه أو أنّه ساقط
3- عنه البحار : 47 /104 ح 129 ، وفي م «احیای» بدل «احیائی»
4- القطار من الابل : قطعة منها یلي بعضها بعضاً على نسق واحد
5- هكذا في البحار ، وفي م ، ه «بدیوك همو»
6- عنه البحار : 47 /105 ح 130

مستوقة (1) فاجعلها في الدراهم ، و خذ من الدراهم خمسة دراهم فصيّرها في لبنة قميصك (2) فانّك ستعرف ذلك. ففعلت .

فأتيت بها أبا عبد الله (علیه السلام) فنثرها فأخذ الخمسة، فقال : هاك خمستك، وهات خمستنا (3). (4)

32 - ومنها : أنّ أبا جعفر (علیه السلام) كان في الحجر(5) ومعه ابنه جعفر ، فأتاه رجل فسلّم عليه، وجلس بين يديه ، ثمّ قال : إنّي [ أريد أن ](6) أسألك . قال :

سل ابني جعفراً . [قال:] (7) فتحوّل الرّجل، فجلس إليه، ثمّ قال : أسأل (8)؟

قال: سل عمّا بدا لك.

قال : أسألك عن رجل أذنب ذنباً عظيماً عظيماً عظيماً .

قال : أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً ؟ قال : أعظم من ذلك .

قال : فزني في شهر رمضان ؟ قال: أعظم من ذلك .

ص: 631


1- الستوق : درهم زيف ملبس بالفضة
2- لبن القميص : بنیقته . وهي رقعة تزاد في نحر القميص لتوسيعه
3- «هاك خمسك ، وهات خمسنا» ه
4- عنه البحار : 47 /74 ح 37 وعن مناقب آل أبی طالب : 3 /354 عن شعيب العقرقوفی. ورواه في بصائر الدرجات : 247 ح9 ، عن على بن اسماعيل ، عن ابن بزیع ، عن سعدان بن مسلم ، عن شعيب العقرقوفي . عنه البحار : 47 /73 ح 36 ،واثبات الهداة :5 /383 ح 91. ورواه في دلائل الإمامة : 124 عن أبي الحسن علیّ بن هبة الله ، عن محمّد بن علیّ بن الحسين ، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن شعيب ، عن أبيه شعيب العرقونی ، عنه مدينة المعاجز : 376 ح 51، وعن المصادر أعلاه. وأورده في ثاقب المناقب : 354 (مخطوط) عن شعيب العقرقوفی . . والصراط المستقيم : 2 /188 ح 22 عن شعیب باختصار . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /193عن شعیب من کتاب الدلائل
5- «الحج» البحار
6- من البحار
7- من البحار
8- «أسالك» البحار

قال : قتل النفس ؟ قال : أعظم من ذلك .

قال : إن كان من شيعة علي بن أبي طالب مشى إلى بيت الله الحرام ( من منزله ، ثمّ ليحلف عند الحجر)(1) أن لا يعود ، وإن لم يكن من شيعة علي(2) فلا بأس.

فقال [له] الرجل: رحمكم الله يا ولد فاطمة - ثلاثاً - هكذا سمعته من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)

ثم قام الرجل فذهب(3) فالتفت أبو جعفر إلى جعفر، فقال : عرفت الرجل؟

قال : لا ، قال : ذلك الخضر ، إنّما أردت أن أعرّفكه .(4)

33 - ومنها : أنّ شعيب العقرقوفي قال : دخلت أنا و عليّ بن أبي حمزة وأبوبصير على أبي عبدالله (علیه السلام) ومعي ثلاثمائة دينار، فصببتها (5) قدّامه ، فأخذ أبو عبد الله (علیه السلام) قبضة منها لنفسه، وردّ الباقي عليّ وقال(6): ردّ هذه المائة إلى موضعها الّذي أخذتها منه.

فقال أبو بصير : یا شعیب ماحال هذه الدنانير الّتي ردّها عليك ؟

قلت : أخذتها من عروة أخي سرّاً منه وهو لا يعلم.

فقال أبو بصير : أعطاك أبوعبد الله (علیه السلام) علامة الإمامة .

فعدّ الدنانير ، فإذا هي مائة دينار لا تزيد ولا تنقص .(7)

ص: 632


1- «و حلف» البحار
2- «من شیعته» البحار قال المجلسي : قوله : «لا بأس» لعلّ المراد أنه ليس كفارة ولاتنفعه ، لاشتراط قبولها بالايمان ، وما فيه من الكفر أعظم من کلّ اثم
3- «ثمّ إنّ الرجل ذهب» البحار
4- عنه البحار : 47 /21 ح 20
5- «صببتها» ه . «قبضتها» البحار
6- «عليه قال» م
7- عنه البحار : 47 /105 ح 131 . وأورده في الهداية الكبرى : 252 عن محمّد بن عليّ ، عن شعيب ، عنه مدينة المعاجز : 421 ح 251. وأورده في الصراط المستقيم : 2 /188 ضمن ح 22 باختصار . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /189 عن شعيب ، من كتاب الدلائل ، عنه إثبات الهداة : 5/ 429 ح 175، و البحار : 47 /105 ح 132

34 - ومنها : ما قال شعيب أيضاً : دخلت عليه (علیه السلام) فقال لي : من كان زميلك ؟

قلت: الخيّر(1) الفاضل أبو موسى النبّال(2).

قال : استوص به خيراً ، فإنّ له عليك حقوقاً كثيرة :

فأمّا أوّلهنّ فما أنت عليه من دين الله، وحقّ الصحبة.

قلت: لو استطاعت ما مشي على الأرض (3). قال : استوص به خيراً.

قلت : دون هذا أكتفي به منك .

قال : فخرجنا حتّى نزلنا منزلاً في الطريق يقال له «ونقر»(4) فنزلناه ، و أمرت الغلمان أن تلقي للإبل العلف، وتصنع طعاماً(5)، ففعلوا. ونظرت إلى أبي موسى ومعه كوز من ماء وأخذ طريقه للوضوء وأنا أنظر إليه حتّى هبط في وهدة من الأرض وأدرك الطعام. فقال لي الغلمان: قد أدرك الطّعام، تتغدون؟ قلت لهم: اطلبوا أباموسی فإنّه أخذ في هذا الوجه يتوضّأ . فطلبه(6) الغلمان ، فلم يصيبوه. فقلت لهم: اطلبوا أبا موسى ، وأعطيت الله عهداً [أن] لا أبرح من موضعي(7) الّذي أنا فيه ثلاثة أيّام

ص: 633


1- «الحر» خ ل
2- هكذا في الأصل . وفي البحار «البقال». والظاهر «البناء» حيث ذكر الشيخ الطوسی في اختيار معرفة الرجال:310 ح 561 ورواية قريبة المضمون من الرواية أعلاه، عن حمدویه و إبراهیم ابنا نصير، عن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم ، قال : دخل أبوموسى البناء على أبی عبدالله عليه السلام مع نفر من أصحابه ، فقال لهم أبو عبد الله عليه السلام:احتفظوا بهذا الشيخ! قال : فذهب على وجهه في طريق مكة، فذهب من نزح فلم یر بعد ذلك
3- قوله «مامشي على الارض» أي أحمله على مرکوبی ، أوعلى كتفي مبالغة في اكرامه (قاله المجلسی)
4- «وتقر» البحار
5- «أن يكفوا الأبل و یصنعوا طعاماً» البحار
6- «فطلبوه» البحار
7- «الموضع» البحار

أطلبه ، حتّى ابلي(1) إلى الله عذراً . فاکتريت الأعراب في طلبه ، وجعلت لمن جاء به عشرة آلاف درهم - وهي ديته - فانطلق الأعراب في طلبه ثلاثة أيّام، فلمّا كان اليوم الرابع أتاني القوم ، آیسون(2) منه.

فقالوا لي : يا عبدالله ما نری صاحبك إلّا وقد اختطف(3) ، إنّ هذه بلاد محضورة(4) فقد فيها غير واحد ، ونحن نرى لك أن ترتحل منها .

فلمّا قالوا لي هذه المقالة ارتحلت ، حتّى قدمنا الكوفة ، وأخبرت أهله بقصّته وخرجت من قابل(5)، حتّى دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام).

فقال لي : يا شعيب ألم آمرك أن تستوصي بأبي موسى النبّال خيراً ؟ قلت : بلی ولكن لم أذهب حيث ذهبت(6).

فقال: رحم الله أبا موسى ، لو رأيت منازل أبي موسى في الجنّة لأقرّ الله عينك .

ثمّ قال : كانت لأبي موسى درجة عند الله، لم يكن ينالها إلّا بالّذي ابتلي به .(7)

35 - ومنها : أنّ أبا بصير قال : أصابتني جنابة و أنا أريد أن يعطيني أبو عبدالله(علیه السلام) شيئاً من دلالة، فدخلت عليه ، فقال : ما كان لك فيما كنت فيه شغل ، تدخل على

ص: 634


1- أبلى فلاناً عذره : قدمه له ، فقبله . بين له وجه العذر ليزيل عنه اللوم
2- «وأيسوا» البحار
3- أي اختطفه الجنّ و الشياطين (قاله المجلسی)
4- أي تحضرها الجنّ و الشياطين ، يقال : مكان محتضر ومحضور أي تحضره الشياطين . ويحتمل - على بعد - أن يكون المراد اختطاف السبع، وفي بعض النسخ [-م-] محصورة - بالصاد المهملة - أي بلاد معلومة قليلة ، سرنا فيها فلم نجده ، والأوّل أظهر
5- القابل : اسم للعام الذي بعد العام الحاضر
6- «ولكن ذهب حيث ذهب» ه ، البحار
7- عنه البحار : 47 /105ح 133

إمامك وأنت جنب؟! قلت : فعلته عمداً . قال : أولم تؤمن ؟ قم ، فاغتسل .(1)

36 - ومنها : ما روي أنّ أبا عبدالله (علیه السلام) قال : دعاني أبو جعفر الخليفة ، ومعي عبدالله بن الحسن ، وهو يومئذ نازل بالحيرة (2) قبل أن تبنى بغداد ، يريد قتلنا ، لا يشكّ الناس فيه .

فلمّا دخلت عليه دعوت الله بكلام ، وقد قال لإبن نَهِيك وهو القائم على رأسه :

ص: 635


1- عنه وسائل الشيعة : 1 /490 ح3 ، و عن كشف الغمة : 2 /188 عن أبي بصير ، عنه إثبات الهداة : 5/ 428 ح 173 . - ورواه في قرب الاسناد : 21 عن ابن سعد، عن الازدی، قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبی عبدالله عليه السلام، فلحقنا أبو بصير ... مثله، عنه البحار: 27 /255 ح3، ج 47 /336 ح8 وج 100 /126 ح2. وفي بصائر الدرجات : 241 ح 23 عن أبی طالب ، عن بكر بن محمد، قال: خرجنا ... (مثله)، عنه البحار : 47 /336 ح 9. وفي دلائل الإمامة : 123 عن الشيباني ، عن الزيات ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير . وأورده في ثاقب المناقب : 351 (مخطوط) عن الازدی . وفي روضة الواعظين : 251 عن أبی بصیر . وأخرجه في البحار : 27 /255 ح عن الارشاد للمفيد : 307، وعن اعلام الوری : 275 عن أبی بصیر . وأخرجه في مناقب آل أبی طالب :3 /353 (من كتاب الدلالات) عن الحسن بن علی ابن حمزة البطائني، عن أبي بصير مثله، عنه إثبات الهداة : 5 /462 ح 262، و البحار: 47 /129ذح 176 . وأخرجه في البحار: 81 /62 ح 38 و 39 عن البصائر و قرب الاسناد والارشاد و کشف الغمّة وأخرجه في مدينة المعاجز: 280ح 72عن البصائر ، و دلائل الإمامة بطريقين ، و اعلام الوری وعن ابن بابویه في دلائل الائمة ، والارشاد ، والمناقب
2- الحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. (مراصد الاطلاع: 1 /441)

إذا ضربت باحدى يديّ على الأخرى ، فلا تناظره حتّى تضرب عنقه .

فلمّا تكلّمت بما اريد ، نزع الله من قلب أبي جعفر الخليفة الغيظ .

فلمّا دخلت، أجلسني مجلسه، وأمر لي بجائزة ، وخرجنا من عنده .

فقال له أبو بصير - و كان حضر ذلك المجلس - : ما كان الكلام ؟

قال : دعوت [ الله ] بدعاء يوسف، فاستجاب الله لي ولأهل بيتي . (1)

37 - ومنها : ما قال أبو بصير : أنّه قال لي : هل تعرف إمامك ؟

قلت : إي والله ، وأنت هو . قال : صدقت. قلت: أريد أن تعطيني علامة الإمامة .

قال : ليس بعد المعرفة علامة . قلت : نزداد بصيرة .

قال : ترجع إلى الكوفة ، وقد ولد لك عيسى ، ومن بعد عیسی محمّد، ومن بعدهما ابنتان(2) و ابناك عندنا مثبّتان مع أسماء الشيعة ، وما يلدون إلى يوم القيامة وأسماء آبائهم وأجدادهم. وإذا هي صحيفة صفراء مدرجة(3).(4)

38 - ومنها : ما قال الحسن بن سعيد ، عن عبد العزيز القزاز [قال] : كنت أقول بالربوبيّة فيهم، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام)، فقال لي: يا عبد العزيز ضع ماءاً أتوضّأ.

ص: 636


1- عنه البحار : 47 / 170 ح13
2- «انثیان» م ، ه
3- المدرجة : الكتاب الملفوف والرقعة الملفوفة
4- عنه البحار : 47 /143 ح196 وح195 ، وعن كشف الغمة: 2 /190 عن أبی بصیر من کتاب الدلائل . و رواه الخصيبي في الهداية الكبرى : 252 عن محمّد بن غالب ، عن زيد بن ریاح عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن محمّد ، عن الحسين بن عليّ ، عن أبي حمزة ، عن أبيه علىّ ، عن أبي بصير . عنه إثبات الهداة: 5/ 451 ح222، ومدينة المعاجز : 421ح 252. و رواه في دلائل الإمامة : 121 عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن محمّد ، عن الحسن، عن أبيه ، عن أبي بصير، عنه مدينة المعاجز : 393ح122

ففعلت ، فلمّا دخل يتوضّأ ، قلت في نفسي : هذا الّذي قلت فيه ما قلت يتوضّأ !

فلمّا خرج قال لي : يا عبد العزيز لاتحمل على البناء فوق ما يطيق(1) فيهدم ، إنّا عبید مخلوقون [لعبادة الله عزوجل] .(2)

39 - ومنها : أنّ مفضل بن مزيد(3) قال : قلت لأبي عبدالله (علیه السلام): إسماعيل ابنك جعل الله له علينا من الطاعة ما جعل لآبائه ؟ - و إسماعيل يومئذ حيّ -.

فقال : يكفي ذلك . فظننت أنّه اتّقاني ، فما لبث أن مات إسماعيل .(4)

40 - و[منها :] عن الوليد بن صبيح: جاءني رجل فقال: تعال حتّى اريك ابن إلهك فذهبت معه إلى قوم يشربون فيهم إسماعيل ، فخرجت مغموماً، فجئت إلى الحجر فإذا إسماعيل متعلّق بالبيت يبكي قد بلّ أستار الكعبة ، فذكرت لأبي عبد الله (علیه السلام)، فقال :

قد ابتلي إسماعيل بشيطان يتمثّل في صورته.(5)

41- ومنها : أنّ عثمان بن عيسى قال: قال رجل لأبي عبدالله (علیه السلام): ضيّق إخوتي

ص: 637


1- «ما لا يطيق» ط
2- عنه وسائل الشيعة : 1 /283 ح 2، والبحار : 47 /107 ح 131، ج 80 /331ح10 ومدينة المعاجز : 406 ح 184
3- «مرشد» البحار . قال المامقانی فی تنقیح المقال : 3 /243 : المفضل بن مزيد أخو شعيب الكاتب... ،وعدّه الشيخ في رجاله: 137 من أصحاب الباقر(علیه السلام) وترجم له السيد الخوئي في معجم رجال الحدیث: 18 /307 . وغيره
4- عنه البحار :47 /250 ح 21
5- عنه البحار: 47 /247 ح7 وح6، وعن كمال الدين: 1 /70 باسناده عن ابن الوليد، عن سعد، عن محمّد بن عبدالجبار ، عن ابن أبي نجران ، عن الحسين بن المختار ، عن الوليد بن صبيح مثله . ورواه في الإمامة والتبصرة : 81 ح59 عن أحمد بن ادریس ، ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن عبدالجبار مثله

وبنو عمّي عليّ الدار ، فلو تكلّمت . قال: اصبر.

فانصرفت سنتي، ثمّ عدت من قابل فشكوتهم إليه. فقال: اصبر.

ثم عدت في السنة(1) الثالثة . فقال: اصبر سيجعل الله لك فرجاً .

فماتوا كلّهم، فخرجت إليه، فقال لي: مافعل أهل بيتك؟

قلت: ماتوا . قال : هو ماصنعوا بك لعقوقهم إيّاك، وقطعهم رحمك .(2)

42- ومنها : أنّ الطيالسي قال : جئت من مكّة إلى المدينة ، فلمّا كنت على ليلتين من المدينة ، ذهبت راحلتي وعليها نفقتي و متاعي و أشياء كانت للناس معي .

فأتيت أباعبدالله (علیه السلام) فشكوت إليه، فقال: ادخل المسجد فقل :

«اللّهمّ إنّي أتيتك زائراً لبيتك الحرام، و إنّ راحلتي قد ذهبت، فردّها علي».

فجعلت أدعو ، فإذا مناد ينادي على باب المسجد : یا صاحب الراحلة أخرج فخذ راحلتك ، فقد آذيتنا منذ الليلة . فأخذتها ومافقدت منها خيطاً واحداً.(3)

43- ومنها : أنّ أبا عمارة المعروف بالطيّار(4) قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام):رأيت في النوم كان معي قناة(5). قال : كان فيها (6) زجّ؟ قلت: لا. قال: لو رأيت فيها زجّاً لولد لك غلام، ولكن(7) تولد جارية . ثمّ مكث ساعة يتحدّث ، ثمّ قال :

ص: 638


1- «السفرة» البحار
2- عنه البحار : 47 /107 ح134.
3- عنه البحار : 47 /107 ح 135
4- «أبا عمارة الطيان» البحار . وفي معجم رجال الحديث :21 /256 . قال : روى الشيخ باسناده رواية أخرى - عن أبی عمارة بن الطيّار...، التهذيب: 7 /4 ح13. ورواها الكليني عن ابن فضال ، عنه ، عن أبي عبدالله عليه السلام في الكافي : 5/ 304 ح3 إلّا أنّ فيه أبا عمارة الطيار ، وهو الموافق للوافي ، وفي الوسائل : 12/ 34 ح3 عنكل مثله
5- القناة : الرمح أو عوده
6- الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح، ويقابلها السنان
7- «و لكنّه» البحار

كم في القناة من كعب (1)؟ قلت : اثناعشر كعباً . قال: تلد الجارية اثنتي عشرة بنتاً .

قال محمّد بن يحيى : فحدّثت بهذا [الحديث] (2) العبّاس بن الوليد .

فقال: أنا من واحدة منهنّ ، ولي إحدى عشرة خالة، وأبو عمارة جد أمّي .(3)

44- ومنها : أنّ سليمان بن خالد قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام)وهو يكتب كتباً (4)إلى بغداد، وأنا أريد أن أودعه . فقال: تجيء إلى بغداد؟ قلت: بلى. قال : تعين مولاي هذا بدفع كتبه. ففكّرت وأنا في صحن الدار أمشي، فقلت: هذا حجّة الله على خلقه

يكتب إلى أبي أيّوب الخوري(5) وفلان وفلان، يسألهم حوائجه !

فلمّا صرنا إلى باب الدار صاح بي: يا سلیمان ارجع أنت وحدك . فرجعت.

فقال : كتبت إليهم لأخبرهم أنّي عبد وبي(6) إليهم حاجة .(7)

45- ومنها : أنّ إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله (علیه السلام) : إنّ لنا أموالا تعامل بها الناس ، وأخاف حدثاً يفرّق أموالنا . .

فقال : اجمع مالك إلى شهر ربيع. فمات إسحاق في شهر ربيع . (8)

46- ومنها : أنّ سماعة بن مهران قال: كنّا عنده فقال: يا غلام ائتنا بماء زمزم ثم سمعته يقول : اللّهمّ اعم بصره، اللّهمّ اخرس (9) لسانه ، اللّهمّ أصمّ سمعه.

[قال:] فرجع الغلام يبكي .

فقال : مالك؟ قال: ضربني فلان القرشي(10) [ومنعني من السقاء](11) .

ص: 639


1- الكعب : العقدة من عقد الرمح
2- من البحار
3- عنه البحار : 47/ 22 ح 21، و ج 61/ 159 ح 6
4- «کتاباً» م ، ه
5- «الجزری» البحار
6- «ولی» البحار
7- عنه البحار : 47 /107 ح137 و 138
8- عنه البحار : 47 /107 ح137 و 138
9- «وأخرس» م ، ه
10- «إنّ فلان القرشی ضربنی» البحار
11- من البحار

فقال: ارجع فقد كفيته . فرجع وقد صمّ وعمي و خرس، وقد اجتمع عليه الناس.(1)

47- ومنها : أنّ صفوان الجمّال قال : كنت بالحيرة(2) مع أبي عبدالله (علیه السلام) إذ أقبل الربيع(3) وقال: أجب أمير المؤمنين . فلم يلبث أن عاد .

قلت: [يا مولاي] أسرعت الانصراف. قال: إنّه سألني عن شيء، فسل الربيع عنه.

قال صفوان : وكان بيني و بين الربيع لطف، فخرجت إلى الربيع و سألته . فقال : اُخبرك بالعجب ، أنّ الأعراب خرجوا يجتنون الكمأة(4) وأصابوا في البرّ خلفاً ملقى فأتوني به، فأدخلته على الخليفة، فلمّا رآه قال: نحّه وادع جعفراً. فدعوته.

فقال : يا أبا عبد الله أخبرني عن الهواء مافيه؟ قال: في الهواء موج مكفوف .

قال : ففيه سكّان؟ قال: نعم. قال: وما سكّانه؟

قال: خلق أبدانهم أبدان الحيتان ، و رؤوسهم رؤوس الطير ، ولهم أعرفة كأعرفة الديكة ، ونغانغ(5) کنغانغ الديكة ، و أجنحة كأجنحة الطير، من ألوان أشدّ بياضاً من الفضّة المجلوّة.

فقال الخليفة : هلمّ الطشت . فجئت بها، وفيها ذلك الخلق، وإذا هو كما وصف-والله-(6)- جعفر ،[فلمّا نظر إليه جعفر قال: هذا هو الخلق الّذي يسكن الموج المكفوف فأذن له بالانصراف](7) فلمّا خرج، قال الخليفة :

ص: 640


1- عنه البحار : 47 /108 ح 139
2- «الجزيرة» م، ه
3- هو الربيع بن يونس حاجب المنصور (راجع تاريخ ابن الأثير ج 5 و 6)
4- «يجنون الكما» م. والكمء : نبات يقال له أيضاً «شحم الارض» يوجد في الربيع تحت الأرض ، و هو أصل مستدير ، لاساق له و لا عرق، لونه يميل الى الغبرة ، جمعها : أكموه وكمأة
5- قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط :3/ 114 :النغنغ : موضع بين اللهاة و شوارب الحنجور، واللحمة في الحلق عند اللهازم والذي يكون فوق عنق البعير اذا اجتر تحرّك
6- «و الله كما وصفه» البحار
7- من البحار

[ويلك] يا ربيع هذا الشجا(1) المعترض في حلقي من أعلم الناس .(2)

48 - ومنها : أنّ عبد الله بن أبي ليلى(3) قال : كنت بالربذة(4) مع أبي الدوانیق و كان قد وجّه إلى أبي عبد الله (علیه السلام)، و كان يقول : عليّ به ، سقى الله الأرض دمي إن لم أسقها دمه ، عجّلوا عجّلوا.

قال : فلمّا دخل عليه جعفر ، قال له : مرحباً يا ابن عمّ(5) یا ابن رسول الله .فما زال يرفعه حتّى أجلسه علی وسادته ، ثمّ دعا بالطعام، و جعل يلقمه جيداً بارداً وقضى حوائجه ، وأمره بالانصراف .

فلمّا خرج ، قلت له : أرأيت أن تعلّمني، فقد رأيتك تحرّك شفتيك إذ دخلت ؟

قال : إذا دخلت إليهم أقول : « ما شاء الله لا يأتي بالخير إلّا الله ، ما شاء الله لایصرف السوء إلّا الله ، ما شاء الله کلّ نعمة من الله ، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلّا بالله » .(6)

ص: 641


1- الشجا : ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه . الهم والحزن
2- عنه إثبات الهداة: 5 /414 ح149، والبحار : 47/ 170 ح14، و ج 59 /338 ح5. وأورده في إثبات الوصية: 183 مرسلاً مثله . وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 196 (من دلائل الحميري) عن صفوان ، عنه إثبات الهداة المذكور، والبحار: 47 /171 ح 15
3- هكذا في كشف الغمة والبحار. وفي م ،ه «عبدالله بن بنت أبی لیلی»
4- الربذة - بفتح أوله ، و ثانیه ، و ذال معجمة مفتوحة - : من قرى المدينة ، على ثلاثة أميال منها، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكّة، بها قبر أبي ذرّ خربت في سنة تسع عشرة وثلاثمائة با لقرامطة. (مراصد الاطلاع: 2 /601)
5- «مرحباً مرحباً» البحار
6- عنه البحار : 95/ 218 ح 12 و ح13 وعن کشف الغمة : 2/ 195 من كتاب الدلائل عن عبد الله بن أبی لیلی مثله ، عند إثبات الهداة : 5/ 434 ح188 ، والبحار : 47/ 183 ضمن ح 29.

49 - ومنها : أنّ هارون بن خارجة قال : كان رجل من أصحابنا طلّق امرأته ثلاثاً ، فسأل أصحابنا ، فقالوا : ليس بشيء. فقالت امرأته : لا أرضى حتّى تسأل أبا عبد الله (علیه السلام) . و كان بالحيرة إذ ذاك أيّام أبي العبّاس .

قال: فذهبت إلى الحيرة، ولم أقدر على كلامه، إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبدالله (علیه السلام)، و أنا أنظر كيف ألتمس لقاءه، فإذا سواديّ(1) عليه جبّة صوف يبيع خياراً ، فقلت له : بكم خيارك هذا كلّه؟

قال : بدرهم . فأعطيته درهماً ، وقلت له: أعطني جبّتك هذه ، فأخذتها و لبستها وناديت: من يشتري خياراً؟ ودنوت منه، فإذا غلام من ناحية ینادي : ياصاحب الخيار .

فقال (علیه السلام) لي - لمّا دنوت منه - : ما أجود ما احتلت ! أي شيء حاجتك ؟.

قلت: إنّي ابتليت فطلّقت أهلي ثلاثاً في دفعة، فسألت أصحابنا فقالوا :

ليس بشيء . وإنّ المرأة قالت: لا أرضى حتّى تسأل أبا عبد الله (علیه السلام).

فقال : ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء .(2)

50 - ومنها : أنّ بحر الخيّاط(3) قال : كنت قاعداً مع(4) فطر بن خليفة، فجاء ابن الملاح، فجلس ينظر إليّ. فقال لي فطر : تحدّث إن أردت، فليس عليك بأس .

فقال: ابن الملاح(5)، أخبرك باعجوبة رأيتها من ابن البكريّة(6) - يعني الصادق -.

ص: 642


1- سواديّ : الظاهر نسبة الى «السواد» ... و يراد به رستاق من رساتیق العراق وضياعها ... سمی سواداً لخضرته بالنخل والزرع. أو إلى «السوادية» بالفتح : قرية بالكوفة . (مراصد الاطلاع: 2 /750- 751)
2- عنه الوسائل : 15 /319 ح 19 ، والبحار : 47 /171 ح 6، ج 104/ 154 ح 62
3- هكذا في البحار ، وفي م ، ه «بختريا الخياط»
4- «عند» البحار
5- تقديره: يا ابن الملاح
6- نسبة الى أمّه فاطمة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر

قال : ما هو ؟ قال : كنت قاعداً وحدي أحدّثه ويحدّثني ، إذ ضرب بيده إلى ناحية المسجد شبه المتفکّر ، ثمّ استرجع فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون .

قلت : مالك ؟ قال : قتل عمّي زيد الساعة. ثمّ نهض فذهب .

فكتبت قوله في تلك الساعة، و في ذلك الشهر ، ثمّ أقبلت إلى العراق(1) فلمّا كنت في الطريق استقبلني راكب ، فقال : قتل زید بن علي في يوم كذا، في شهر كذا في ساعة كذا. على ما قال أبو عبدالله (علیه السلام).

فقال فطر بن خليفة : إنّ عند الرجل علماً جمّاً .(2)

51 - ومنها : أنّ العلاء بن سبابة قال : جاء رجل إلى أبي عبدالله (علیه السلام) وهو یصلّي، فجاء هدهد ، فوقع عند رأسه حین (3) سلّم ، و التفت إليه(4) .

فقال : قلت له(5) : جئت لأسألك ، فرأيت ما هو أعجب ! قال : ما هو ؟

قال : ماصنع الهدهد !

قال: نعم، جاءني فشكا إلي حيّة تأكل فراخه ، فدعوت الله عليها، فأماتها.

فقلت : [يا مولاي إنّي](6) لا يعيش لي ولد ، وكلّما(7) ولدت امرأتي مات ولدها. قال: ليس هذا من ذلك الجنس، ولكن إذا رجعت إلى أهلك(8)، فإنّه ستدخل كَلبَة إليك ، فتريد امرأتك أن تطعمها، فمرها ألّا تطعمها ، وقل للكلبة : إن أبا عبدالله (علیه السلام) أمرني أن أقول : أميطي(9) عنّا لعنك الله . فإنّه يعيش ولدك إن شآء الله .

ص: 643


1- «الفرات» البحار
2- عنه البحار : 47 /108 ح 140 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /188 ح23 مرسلاً و باختصار، عنه إثبات الهداة :5 /461 ح 257
3- «حتى» البحار
4- «اليها» م ، و البحار
5- «والتفت اليها فقلت» البحار
6- من البحار
7- «اذا» م
8- «منزلك» البحار
9- أميطي : تنحي وابتعدی

فماش أولادي، وخلّفت(1) غلماناً ثلاثة نظافاً (2).(3)

52 - ومنها : أنّ إبراهيم بن عبد الحميد قال: اشتريت من مكّة بردة(4) فآلیت على نفسي أن لا تخرج من ملكي ، حتّى تكون كفني . فخرجت إلى عرفة، فوقفت فيها للموقف، ثمّ انصرفت إلى جمع(5) فقمت فيها في وقت الصلاة ، فطویتها شفقة منّي عليها، فقمت لأتوضّأ. لمّا عدت لم أرها، فاغتممت غمّاً شديداً، فلمّا أصبحت أفضت(6) مع الناس إلى منّى . أتاني رسول من عند أبي عبد الله (علیه السلام) فقال :

يقول لك أبو عبد الله (علیه السلام): أقبل ! فقمت مسرعاً ، فسلّمت عليه ، فقال :

تحبّ أن نعطيك بردة تكون كفنك . و أمر غلامه فأتی(7) ببردة ، فقال : خذها .(8)

53 - ومنها : أنّ شهاب بن عبد ربّه قال : أتيت أبا عبد الله (علیه السلام) فقال: إن شئت فسل، وإن شئت أخبرتك بما جئت له. قلت : أخبرني .

ص: 644


1- «و خلف» م
2- كذا استظهرناها ، و في غير منقوطة . وفي ه «بطاقة»
3- عنه البحار : 47/ 108 ح 141. و آورد قطعة منه في الصراط المستقيم : 2/ 189 ح 24 مرسلاً : باختصار ، عنه اإثبات الهداة : 5 / 461 ح 258
4- البرد - بالضم فالسكون : ثوب مخطط ، و قد يقال: لغير المخطط أيضاً وجمعه: برود وأبراد . ومنه الحديث «الكفن يكون برداً ، فإن لم يكن برداً ...» الكافي:3/ 149 ح9
5- جمع ، ضد التفرق : و هو المزدلفة (مراصد الاطلاع: 1/ 346) . وقيل : لازدلاف آدم الى حواء واجتماعه معها، ولذا تسمی - المزدلفة - جمعاً
6- قال ابن الأثير في النهاية : 3 /484 . وفي حديث الحج «فأفاض من عرفة» الافاضة: الزحف والدفع في السير بكثرة ، ولا يكون إلّاعن تفرق وجمع ، وأصل الأفاضة: الصب فاستعيرت للدفع في السير
7- «فأتاني» البحار
8- عنه البحار : 47/ 109 ح 142

قال : جئت تسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة، أتوضّأ منه أم لا: قلت: نعم.

قال : فتوضّأ من الجانب الآخر إلّا أن تغلب على الماء الربح المنتنة فينتن.

و جنت تسأل عن الماء الراكد من البئر ممّا لم يكن فيه تغيير أو ريح غالية عليه فتوضأ منه، و كلمّا غلبت عليه كثرة الماء فهو طاهر .

قلت : فما التغيير ؟ قال : الصفرة .(1)

54 - ومنها : أنّ بشیر النبّال قال: كنت عند أبي عبد الله (علیه السلام) إذ استأذن عليه رجل فأذن له ثمّ دخل فجلس(2). فقال له أبو عبدالله (علیه السلام): ما أنقى ثيابك هذه وألينها !!

قال : هي لباس بلادنا ، ثمّ قال : جئتك بهديّة .

فدخل غلام، ومعه جراب فيه ثياب، فوضعه ، ثمّ تحدّث ساعة ، ثمّ قام .

قال أبوعبد الله (علیه السلام): إن بلغ الوقت ، وصدق الوصف ، فهو صاحب الرايات السود من خراسان يتقعقع(3).

ثم قال الغلام قائم على رأسه : الحقه ، فاسأله ما اسمك ؟

فقال : عبد الرحمان(4) .

ص: 645


1- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 238 عن محمّد بن اسماعيل ، عن عليّ بن الحكم عن شهاب بن عبد ربّه ، عنه الوسائل : 1 /119 ح11، و ص 529 ح2، وإثبات الهداة: 5/ 377 ج76، والبحار : 47/ 69 ح 18، وج 80 /16 ح4 ، و ص 24 ح 2 قطعة منه ومدينة المعاجز : 378ح 62. وأورده ابن شهر اشوب في مناقب آل أبی طالب : 3/ 347 عن شهاب بن عبد ربّه عنه البحار: 47/ 69 ح19
2- «المجلس» ط ، ه، إثبات الهداة . «المسجد» البحار
3- القعقعة : حكاية صوت السلاح و نحوه
4- أبو مسلم الخراساني اسمه عبدالرحمان بن مسلم، ويقال : عبدالرحمان بن عثمان بن يسار الخراساني ، الامير ، صاحب الدعوة ، وهازم جيوش الدولة الاموية ، و القائم بإنشاء الدولة العباسية ... (سير أعلام النبلاء : 6/ 48)

فقال أبو عبد الله (علیه السلام): عبد الرحمان والله ثلاث مرّات - هو ورب الكعبة . قال بشير : فلمّا قدم أبو مسلم، جئت حتّى دخلت عليه، فإذا هو الرجل الذي دخل علينا.(1)

55 - ومنها : أنّ مهاجربن عمّار الخزاعي قال: بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة وبعث معي بمال كثير ، وأمرني أن أتضرّع لأهل هذا البيت ، وأتحفّظ مقالتهم . قال: فلزمت الزاوية الّتي ممّا يلي القبلة(2) ، فلم أكن أتنحّى منها في وقت الصّلاة لا في(3) ليل و لا نهار .

قال: و أقبلت أطرح إلى السؤال - الّذين حول القبر - الدراهم(4) - ومن هو فوقهم الشيء بعد الشيء حتّی ناولت شباباً(5) من بني الحسن و مشیخة منهم ، حتّى ألفوني وألفتهم في السرّ.

قال : وكنت كلمّا دنوت من أبي عبد الله (علیه السلام) يلاطفني ويكرمني ، حتّى إذا كان يوماً

من الأيام بعد ما نلت حاجتي ممّن كنت أريد من بني الحسن و غيرهم ، دنوت من

ص: 646


1- عنه إثبات الهداة : 5 /415 ح150 ، والبحار : 47/ 109 ح143. ورواه الطبري في دلائل الإمامة : 140 باسناده عن الحسن بن علی بن فضال ، عن عبدالله الكناني ، عن موسی بن بکر ، عن بشیر النبال ، عنه مدينة المعاجز: 396 ح 141. وأورده في إثبات الوصية : 181 مرسلاً مثله. وفي اعلام الوری : 279 قال : ومن ذلك ما رواه صاحب نوادر الحكمة ، عن أحمد ابن أبي عبد الله، عن أبي محمّد الحميري، عن الوليد بن العلاء بن سیابة ، عن زکار بن أبي زكار الواسطى ، عن أبي عبدالله عليه السلام .عنه إثبات الهداة :5 /400 ح131 والبحار : 47 /274 ح15 ، ومدينة المعاجز : 371 ح37 . وفي مناقب آل أبی طالب : 3 /356 عن زکار بن أبی زکار الواسطى ، عنه البحار : 47 /132 ضمن ح 181
2- «القبر» ه ، البحار
3- «صلاة في» م
4- «الدنانير» ط
5- «شابّاً» ه

أبي عبدالله (علیه السلام) و هو يصلّي ، فلمّا قضى صلاته التفت إليّ و قال :

تعال يامهاجر - ولم أكن أتسمّی باسمي ولا أكنّی(1) بكنيتي - فقال :

قل لصاحبك : يقول لك جعفر : كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا ، تجيء إلى قوم شباب محتاجين فتدسّ إليهم ، فلعلّ أحدهم يتكلّم بكلمة تستحلّ بها سفك دمه، فلو بررتهم و وصلتهم و أنلتهم وأغنيتهم، كانوا إلى هذا أحوج مما تريد(2) منهم .

قال: فلمّا أتيت أبا الدوانيق قلت له : جئتك من عند ساحر(3) كان من أمره كذا و كذا . فقال : صدق والله لقد كانوا إلى غير هذا أحوج ، [ و ] إيّاك أن يسمع هذاالكلام منك إنسان .(4)

56 - ومنها : أنّ محزمة(5) الكندي قال : إنّ أبا الدوانیق نزل بالربذة، وجعفر الصّادق (علیه السلام) بها . قال : من يعذرني من جعفر، والله لأقتلنّه.

فدعاه، فلمّا دخل عليه جعفر (علیه السلام) قال: يا أمير المؤمنين ارفق بي، فوالله لقلّما أصحبك.

فقال أبو الدوانیق : انصرف ، ثمّ قال لعيسى بن عليّ : الحقه فسله أبي ؟ أم به؟ فخرج يشتدّ حتّى لحقه فقال : يا أبا عبد الله إنّ أمير المؤمنين يقول : أبك ؟ أم به ؟ قال : لا بل بي .(6)

57- و منها : أنّ أبا بصير قال : قال [لي] الصادق (علیه السلام): اكتم على ما أقول لك في المعلّی بن خنیس . قلت : أفعل .

قال : أما إنّه ما كان [ينال] درجته إلّا بما ينال منه داود بن عليّ .

ص: 647


1- «أتسمي ولا أتكنّي» البحار
2- «أحوج ما تريد» البحار
3- زاد في ط والبحار «کذاب کاهن»
4- عنه البحار : 47 /172 ح18.
5- «مخزمة» ط. «محرمة» البحار
6- عنه البحار : 47 /171 ح17

قلت : وما الّذي يصيبه من داود بن عليّ ؟

قال : يدعو به، فيضرب عنقه ويصلبه . قلت : متى ذلك ؟ قال : من قابل .

فلمّا كان من قابل ، ولّي داود المدينة فقصد قتل المعلّی، فدعاه و سأله عن أصحاب أبي عبد الله (علیه السلام)، وسأله أن يكتبهم له .

فقال :ما أعرف من أصحابه أحداً، وإنّما أنا رجل أختلف في حوائجه.

قال : تكتمني ، أمّا إنّك إن كتمتني قلتك .

فقال له المعلّي: أبالقتل(1) تهدّدني؟! [والله] لو كانوا تحت قدمي مارفعت قدمي عنهم لك . فقتله وصلبه، كما قال أبو عبد الله (علیه السلام).(2)

ص: 648


1- «بالقتل» م
2- عنه إثبات الهداة : 5 /416 ، ح 152 ، والبحار : 47 /109 ح144. وروی الخصيبي في الهداية الكبرى : 253 مثله عن محمّد بن خالد ، عن جعفر بن أحمد الصفار ، عن محمّد بن عليّ ، عن علىّ بن الحسين ، عن الحسن والحسين ابنا أبی العلاء عن أبي العلاء، عن أبي المغيرة، عن أبي بصير مثله ، عنه مدينة المعاجز : 422 ح 54 . والطبري في دلائل الإمامة : 118 مثله، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ ، عن علىّ بن محمّد ، عن الحسن بن العلاء وابن المغرا جميعاً ، عن أبي بصير . والطوسي في اختيار معرفة الرجال : 380 ح713 مثله، قال وجدت بخط جبرئیل بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن محمّد بن علىّ الصيرفي ، عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي العلاء ، عن أبي المغراء، عن أبي بصير ، عنه البحار :47 /110 ح146. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /352 عن أبي بصير ، عنه البحار : 47 /109 ح 144 ص 129 ح 171 . وفي فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم :229 باسناده الى الشيخين : أبي االعباس عبدالله بن جعفر ، وأبي جعفر محمّد بن جرير الطبری ، بروایتهما عن أبي بصير ، عنه البحار : 49 /110 ح 245. وأخرجه في مدينة المعاجز :359 ح 15 عن الكشی و دلائل الإمامة و مناقب آل أبی طالب

فصل-في اعلام الامام موسی بن جعفر عليهما السلام

1- عن علي بن أبي حمزة البطائني ، قال : خرج موسی بن جعفر (علیهما السلام) في بعض الأيّام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها، فصحبته أنا(1) و كان راكباً بغلة، وأنا على حمارفلمّا صرنا في بعض الطريق ، اعترضنا أسد فأحجمت(2) خوفاً ، وأقدم أبو الحسن (علیه السلام) غير مكترث به، فرأيت الأسد يتذلّل لأبي الحسن (علیه السلام) و يهمهم ، فوقف له أبو الحسن (علیه السلام) کالمصغي إلى همهمته، ووضع الأسد يده على كفل(3) بغلته، وخفت من ذلك خوفاً شديداً .

ثم تنحّى الأسد إلى جانب الطريق، وحوّل أبو الحسن (علیه السلام) وجهه إلى القبلة، وجعل يدعو ، ثمّ حرّك شفتيه بمالم أفهمه، ثمّ أومأ إلى الأسد بيده أن امض، فهمهم الأسد همهمة طويلة، وأبو الحسن (علیه السلام) يقول: « آمین، آمین» وانصرف الأسد حتّى غاب عن أعيننا ومضى أبو الحسن (علیه السلام) لوجهه واتّبعته .

فلمّا بعدنا عن الموضع لحقته، فقلت: جعلت فداك ماشأن هذا الأسد؟ فلقد خفته - والله - عليك، وعجبت من شأنه معك.

قال: إنّه خرج إليّ يشكو عسر الولادة على لبوته، وسألني أن أسأل(4) الله ليفرج

ص: 649


1- «وأنا صحبته» ه
2- أحجم عنه : كف أو نکص
3- الكفل من الدابة - جمعها أكفال - : العجز أو الردف
4- «أدعو» ه

عنها، ففعلت ذلك، والقي في روعي أنّها ولدت له ذكراً، فخبّرته بذلك .

فقال لي : امض في حفظ الله ، فلا سلّط الله عليك ولا على ذريتك ، ولا على أحد من شيعتك شيئاً من السباع. فقلت: آمين. (1)

2- و منها : ماروي عن الرافعي ، قال : كان لي ابن عمّ يقال له «الحسن(2) بن عبدالله» و كان زاهداً من أعبد أهل زمانه ، يتّقيه السلطان لجدّه في الدين و اجتهاده و ربّما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما يغضبه ، و كان يحتمل لصلاحه.

فدخل يوماً المسجد ، وفيه موسی بن جعفر(علیهما السلام) فأتاه . فقال (علیه السلام): يا أباعليّ ، ما أحبّ إليّ ما أنت عليه، إلّا أنّه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة .

قال: وما المعرفة؟ قال: اذهب وتفقّه. قال: عمّن؟ قال: عن فقهاء المدينة .

فذهب و كتب الحديث ، ثمّ جاءه وقرأه عليه .

قال: اذهب و تفقّه واطلب العلم . فذهب و كتب الخلاف .

فجاءه ، فعرض عليه فأسقطه كلّه .

وقال : اذهب و اطلب المعرفة(3). و كان الرجل معنيّاً(4) بدينه ، فلم يزل يترصّد أبا الحسن (علیه السلام) حتى خرج إلى ضيعة له ، فلقيه في الطريق .

ص: 650


1- عنه إثبات الهداة: 5/ 546 ح 86 وعن الارشاد للمفيد: 331، وعن كشف الغمة : 2 /227 (نقلا عن الارشاد) . وعنه البحار : 48 /57ح 67 ، والعوالم : 21/ 141 ح 1 ، و مدينة المعاجز : 446 ح66 وعن المناقب : 3/ 416 ، والارشاد . وأورده مرسلاً في روضة الواعظين : 256 ، والصراط المستقيم : 2/ 192 ح 22 ، و ثاقب المناقب : 399. وأخرجه في كشف الغمة : 2/ 227 عن الارشاد
2- «الحسين» ه
3- «فاعرف» م، بدل «و اطلب المعرفة»
4- «متعنیاً» م. ومعنيّا : أي ذا عناية واهتمام بدينه

فقال له : يابن رسول الله إنّي أحتجّ عليك بين يدي الله ، فدلّني على ما يجب علي معرفته .

فأخبره أبو الحسن بأمر أمير المؤمنين (علیه السلام) وحقّه ومايجب له بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأمر الحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن علي، و جعفر بن محمّد(علیهم السلام)، ثمّ سكت.

فقال: جعلت فداك من الإمام اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: نعم. قال: أنا. قال: فشيء أستدلّ به ؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة - و أشار إلى شجرة هناك - وقل لها :يقول لك موسی بن جعفر (علیهما السلام): أقبلي . قال: فرأيتها تخدّ الأرض(1) خداً حتى وقفت بين يديه ، ثمّ أشار إليها، فرجعت .

فأقرّ به ، ثمّ لزم الصمت و العبادة ، و كان من قبل يرى الرؤيا الصالحة الحسنة و تری له، ثمّ انقطعت عنه الرؤيا، فرأى أبا عبد الله (علیه السلام) في النوم فشكا إليه انقطاع الرؤيا.

فقال له : لاتغتمّ فإنّ المؤمن إذا رسخ في الأيمان رفعت عنه الرؤيا .(2)

3- ومنها : ماروي عن أحمد بن عمر الحلال قال: سمعت الأخرس یذکر موسی ابن جعفر (علیهما السلام) بسوء ، فاشتريت سكّيناً ، وقلت في نفسي: والله لأقتلنّه إذا خرج من المسجد (3) فأقمت على ذلك وجلست، فما شعرت إلّا برقعة أبي الحسن (علیه السلام) قد طلعت

ص: 651


1- خد الأرض خداً : یعنی حفرها
2- عنه البحار : 48/ 52 و 53 ح48 - 50 ، و العوالم : 21 /142 ح1، وعن بصائرالدرجات: 254 ح6 باسناده الى محمّد بن فلان الرافعي ، و عن ارشاد المفيد: 328 باسناده عن ابن قولويه ، عن الكليني باسناده الى الرافعي ، وعن اعلام الوری: 301 عن الكلینی (وفي الكافي: 1/ 352 ح 8). وأورده في ثاقب المناقب : 398 عن الرافعي مثله . و أخرجه في البحار : 61/ 188 ح 54 عن البصائر
3- «للمسجد» ه

عليَّ فيها : بحقّي عليك لما كففت عن الأخرس ، فإنّ الله ثقتي(1) وهو حسبي .

[فما بقي أيّاماً إلّا ومات] .(2)

4- ومنها : ما روي عن عليّ بن يقطين ، قال : أردت أن أكتب إلى أبي الحسن الأول (علیه السلام) أسأله: أيتنوّر الرجل و هو جنب؟

فكتب إليّ ابتداءاً : النورة تزيد الجنب نظافة، ولكن لا يجامع الرجل وهومختضب ولا تجامع امرأة مختضبة .(3)

ص: 652


1- «یغنی» ط ، البحار ، والعوالم
2- عنه البحار : 48/ 59 ح69 ، والعوالم : 21 /93 ح8 و ص 124 ح3 ،وعن المناقب:3/ 408. ورواه في بصائر الدرجات : 252 ح6 عن موسى بن عمر ، عن الحلال ، عنه البحار: 49 /47 ح 44 وص 274 ح 22 ، واثبان الهداة : 6 /121 ح 25 ، ومدينة المعاجز: 478 ح29. وأورده في ثاقب المناقب : 377 عن الحلال ، عنه مدينة المعاجز : 461 ح 102 وعن الخرائج والمناقب. وفي البصائر و ثاقب المناقب «الإمام الرضا» بدل «موسی بن جعفر» عليهم السلام
3- عنه الوسائل : 1 /499 ح3، وعن التهذيب : 1 /377 ح 22 باسناده إلى ابن أبی عمیر عن سالم مولی علیّ بن یقطین ، عنه . وعنه البحار : 49 /51 ح 45 و46 ، والعوالم : 21 /91 ح5 ، وعن بصائر الدرجات: 251 ح 3 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الاهوازي عن ابن أبی عمیر . وأخرجه في البحار : 76 /90 ح 10، وج 103 /289 ح27 عن البصائر . وفي إثبات الهداة : 5 /507 ح23 عن البصائر والتهذيب . ورواه فی دلائل الإمامة :160 باسناده إلى ابن أبی عمیر ، عنه مدينة المعاجز : 430ح15. وأورده في ثاقب المناقب : 377 عن عليّ بن يقطين ، عنه مدينة المعاجز :467 ح120. وأورده في الصراط المستقیم : 2 /193 ح 24 مختصراً ومرسلاً . وأورد نحوه في وسيلة النجاة : 369 ، عنه احقاق الحق : 12 /322.

5- ومنها: أنّ عيسى شلقان(1) قال : دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن أبي الخطّاب ، فقال لي - مبتدئاً من قبل أن أجلس- :

یا عیسی مامنعك أن تلقي ابني موسى فتسأله عن جميع ما تريد ؟!

قال عيسى : فذهبت إلى العبد الصالح وهو قاعد في الكتّاب، وعلى شفتيه أثر المداد ، فقال لي - مبتدئاً - : يا عيسى إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين على النبوة فلم يتحوّلوا عنها ، وأخذ ميثاق الوصيّين على الوصيّة ، فلم يتحوّلوا عنها أبداً وإنّ قوماً إيمانهم عارية ، وإنّ أبا الخطّاب ممّن أعير الايمان ثمّ سلب .

فضممته إليّ وقبّلت ما بين عينيه فقلت: «ذرية بعضها من بعض».

ثم رجعت إلى الصادق (علیه السلام) فقال لي : ما صنعت ؟

قلت : أتيته فأخبرني مبتدئاً من غير أن أسأله عن جميع ما أردت أن أسأله .

فعلمت عند ذلك : أنّه صاحب [هذا] الأمر. فقال : يا عيسى إنّ ابني - هذا الّذي رأيت - لوسألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم .

ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتّاب .(2)

6- ومنها : أنّ هشام بن أحمر قال : قال لي أبو الحسن الأول (علیه السلام): هل علمت

ص: 653


1- «بن شلقان» ه . «بن سليمان» ط. وهو عیسی بن أبی منصور الكوفي القرشي، المعروف بشلقان ، واسم أبی منصور: صبيح روي عن الصادق عليه السلام أحاديث في مدحه . تجد ترجمته في معجم رجال الحديث : 13/ 194 ، توضیح الاشتباه : 242 وغيرها
2- عنه البحار :58ح 68، والعوالم : 21 /74ح 1، وص92 ح7، وعن المناقب 3 /411 . ورواه في قرب الاسناد : 143، عنه البحار: 38 /24 ح 40 ، والعوالم : 21 /38 ح10. ورواه في الكافي : 2 /418 ح3 ، باسناده إلی عیسی شلقان . عنه البحار : 48 /116 ح 30، وج 69 /219 ح3، والعوالم : 21 /316 ح 1 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /193 ح 25 مرسلاً

أحداً من أهل المغرب قد قدم ؟ قلت : لا . فقال: بلى قدم رجل . فركب وركبت معه حتّى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق ، فقلت له : أعرض علينا . فعرض علينا تسع جوار کلّ ذلك يقول أبو الحسن (علیه السلام): لا حاجة لي فيها(1)ثمّ قال له : أعرض علينا . فقال : ما عندي شيء.

قال : بلى أعرض علينا . قال : لا والله ما عندي إلّا جارية مريضة .

فقال: ماعليك أن تعرضها . فأبى عليه ، ثمّ انصرف ، ثمّ إنّه أرسلني من الغد إليه ، فقال : قل له : كم غايتك فيها ؟ فإذا قال : كذا وكذا، فقل : قد أخذتها(2).

فأتيته فقال: ما أريد أن أنقصها من كذا [و كذا] . فقلت: قد أخذتها(3) وهو لك .

فقال : هي لك ، ولكن من الرجل الّذي كان معك بالأمس ؟

فقلت: رجل من بني هاشم .

قال: من أيّ بني هاشم؟ قلت: ماعندي أكثر من هذا .

قال: أخبرك عن هذه الوصيفة(4)، إنّي اشتريتها من أقصى المغرب ، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب ، فقالت : هذه الوصيفة معك لمن هي؟ قلت: اشتريتها لنفسي . فقالت: ماينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض ولا تلبث عنده إلّا قليلا حتّى تلد [له] غلاماً يَدينُ له شرق الأرض وغربها.

قال فأتيته بها، فلم تلبث إلّا قليلا حتّى ولدت الرضا (علیه السلام).(5)

ص: 654


1- «فيهنّ» ه
2- «رضيت» ط ، ه
3- «رضيت» ط ، ه
4- «الجارية» ه
5- عنه البحار : 59 /7 ح 11 ، وعن عيون أخبار الرضا : 1 /17 ح 4،و ارشاد المفيد :345 وعنه مدينة المعاجز : 461 ، وعن دلائل الإمامة : 175 . ورواه الشيخ الطوسي في أماليه : 2 /331 باسناده الى هشام ، عنه اعلام الوری : 309، واثبات الهداة : 5/ 371. ورواه في الكافي : 1 /486 ، ح 1 ،عنه مدينة المعاجز : 472 وعن العيون . وأورده مرسلاً في الاختصاص: 192، واثبات الوصية: 195 ، وعيون المعجزات: 106 ، والمناقب : 3 /471، و کشف الغمة : 2/ 372 ، عنه البحار : 48 /33 ، والعوالم : 21 /67 ح 3 وص 97 ح 3 وص 323 ح 1. وأخرجه في حلية الأبرار : 2/ 296 عن العيون . وأخرجه في البحار : 48 /8 و9 ح 11 و 12 ، والعوالم : 21 /13 ح 2 عن الأمالی و الإرشاد و اعلام الوری

7- و منها : ماروی إسماعيل بن موسی ، قال: كنّا مع أبي الحسن (علیه السلام) في عمرة فنزلنا بعض قصور الامراء ، فامر بالرحلة، فشدّت المحامل ، وركب بعض العيال . وكان أبو الحسن (علیه السلام) في بيت ، فخرج فقام على بابه ، فقال : حطّوا ، حطّوا.

فقال إسماعيل : وهل ترى شيئاً ؟

قال: إنّه ستأتيكم ربح سوداء مظلمة فتطرح بعض الأبل.

قال: فحطّوا. وجاءت ريح سوداء ، فأشهد لقد رأيت جملنا عليه كنيسة(1) حتّى أركب أنا فيها وأحمد أخي، ولقد قام ثمّ سقط على جنبه بالكنيسة.(2)

8- ومنها : أنّ المهدي أمر بحفر بئر بقرب «قبر العبادي»(3) لعطش الحاجّ هناك فحفرت أكثر من مائة قامة ، فبيناهم كذلك يحفرون إذ خرقوا خرقاً ، فإذا تحته هواء لا يدري ما قعره ، فإذا هو مظلم ، وللربح فيه دويّ .

فأدلوا رجلين إلى مستقرّه، فلمّا خرجا تغيّرت ألوانهما، وقالا:

رأينا دويّ هواء واسعاً، و رأينا بيوتاً قائمة ، و رجالا ونساء ، وإبلا و بقراً وغنماً كلّما مسسنا شيئاً منها رأيناه هباءاً. فسئل الفقهاء عن ذلك، فلم يدر أحد ماهو.

فقدم أبو الحسن موسى (علیه السلام) على المهديّ فسأله عنه ، فقال : أولئك (4) أصحاب

ص: 655


1- هي شيء يغرز في المحمل أو الرحل ويلقي عليه ثوب يستظلّ به الراكب ويستتربه ، والجمع كنائس . مجمع البحرين : 4 /100.
2- عنه البحار : 48/ 59 ح70، والعوالم: 21/ 105 ،ح15، وعن کشف الغمة : 2/ 243 وأخرجه في إثبات الهداة : 5/ 566 ح 101 عن كشف الغمة . وأورده مرسلاً في الصراط المستقيم : 2/ 193 ح27 ، عنه إثبات الهداة : 5/ 574 ح 142
3- هو منزل في طريق مكّة من القادسية الى العذيب (معجم البلدان : 4 /304 )
4- «هؤلاء» ه

الأحقاف،هم بقيّة من [قوم] عاد، ساخت بهم منازلهم. وذكر على مثل ما قال الرجلان.(1)

9- و منها : ماروی إبراهيم بن الحسن بن راشد ، عن علي بن يقطين قال : كنت عند هارون الرشید یوماً إذ جاءت هدايا ملك الروم، و كانت فيها درّاعة ديباج سوداء لم أر أحسن منها ، فرآني أنظر إليها ، فوهبها لي ، و بعثتها إلى أبي إبراهيم ومضت عليها تسعة(2) أشهر .

فانصرفت يوماً من عند هارون بعد أن تغدّيت بين يديه، فلمّا دخلت داري، قام إلي خادمي الّذي يأخذ ثيابي، بمنديل على يده، و کتاب لطيف، خاتمه رطب، فقال: أتاني رجل بهذا الساعة، فقال: أوصله إلى مولاك ساعة يدخل .

فقال عليّ بن يقطين : ففضضت الكتاب فإذا فيه: «يا عليّ هذا وقت حاجتك إلى الدرّاعة» فكشفت طرف المنديل عنها، ورأيتها وعرفتها ، و دخل علي خادم لهارون بغير إذن فقال : أجب أمير المؤمنين . قلت: أيّ [شيء] حدث؟ قال: لا أدري .

فركبت ودخلت عليه، و عنده عمر بن بزيع واقفاً بين يديه فقال: مافعلت بالدرّاعة الّتي وهبتها لك ؟

قلت: خلع أمير المؤمنين عليَّ كثيرة ، من دراريع وغيرها ، فعن أيّها تسألني ؟

قال : درّاعة الديباج السوداء الروميّة المذهبّة .

قلت : ما عسى أن أصنع بها، ألبسها في أوقات، وأصلّي فيها ركعات ، وقد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين الساعة لألبسها .

ص: 656


1- عنه البحار :48 /120 ح 39، والعوالم: 21 /226 ح 1 ، ومدينة المعاجز:461ح101. وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 426 ، عنه البحار : 48/ 104 ، والعوالم : 21/ 180 ح3 وص227 ح 2. وأورده في الاحتجاج : 2/ 159 عن علي بن يقطين بشيء من التفصيل ، عنه البحار : 11 /356 ح13 . وأورده مرسلاً في الصراط المستقیم : 2/ 193 ح28
2- «سبعة» خ ل

فنظر إلىّ عمر بن بزيغ فقال: قال له ليرسل حتّى يحضرنّها .

قال: فأرسلت خادمي حتّي جاء بها. فلمّا رآها قال:

یا عمر ماينبغي أن نقبل(1) على عليّ بعدها (2) شيئاً .

قال: فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدرّاعة إلى داري .

قال عليّ بن يقطين : و كان الساعي بي ابن عمّ لي ، فسوّد الله وجهه و كذّبه والحمد لله.(3)

ص: 657


1- «تنقل» البحار والعوالم
2- «بعد هذا» خ ل
3- عنه البحار : 48 /59 ح 72، والعوالم : 21/ 106 ح 16 ، وعن عيون المعجزات : 99 الذي أخرجه عن البصائر . ورواه في دلائل الإمامة : 158 باسناده إلی ابن يقطين ، عنه مدينة المعاجز : 428ح 12 وأورده في ارشاد المفيد : 329، و اعلام الوری : 302 عن عبدالله بن ادريس ، عن ابن سنان ، عن علیّ بن یقطین، عنهما البحار : 48 /137 ح 12، والعوالم : 21 /379 ح3 وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 408 عن ابن سنان ، وفي الفصول المهمة: 218، و نور الابصار: 165 ، وفي وسيلة النجاة : 368 ، عنها احقاق الحق : 12 /319 وص320.

فصل- في أعلام الإمام علی بن موسی الرضا عليهما السلام

1- روي أنّ المطر احتبس بخراسان في عهد المأمون ، فلمّا دخل الرضا (علیه السلام) وأمر قال: لو دعوت، الله يا أبا الحسن أن يمطر النّاس؟ - وكان ذلك يوم الجمعة - قال: نعم. الناس أن يصوموا ثلاثة أيّام : السبت والأحد و الاثنين. و خرج إلى الصحراء يوم الاثنين وخرج الخلائق ينظرون ، فصعد المنبر، وحمد الله و أثنى عليه، ثمّ قال :

«اللّهمّ أنت ياربّ عظّمت حقّنا أهل البيت، فتوسّلوا بنا كما أمرت، وأمّلوا فضلك ورحمتك، وتوقّعوا إحسانك و نعمتك ، فاسقهم سقياً نافعاً عامّاً غير ضارّ(1) وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم إلى منازلهم ومقارّهم».

قال الرواة : فو الّذي بعث محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نبيّاً، لقد نسجت الرياح الغيوم، وأرعدت وأبرقت ، وتحرك الناس، فقال الرضا (علیه السلام): على رسلكم، فليس هذا الغيم لكم، إنّما هولأهل بلد(2) كذا. فمضت السحابة و عبرت.

ثمّ جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد و برق، فتحرّكوا، فقال: على رسلكم فما هذه لكم ، إنّما هي لبلد كذا. فمازال حتّى جاءت عشر سحائب .

ثمّ جاءت سحابة حادية عشر ، فقال : يا أيّها الناس هذه بعثها الله لكم، فاشكروه على تفضّله عليكم ، و قوموا إلى مقارّكم و منازلكم ، فإنّها مسامتة(3) لرؤوسكم

ص: 658


1- كذا في المصادر ، وفي م،ه «نافعة ، عامة ، غير ضارّة».
2- «موضع» ط ، ه
3- أي مقابلة وموازية

ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا منازلكم.

فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم ، ثمّ جاءت بوابل المطر فملأت الأودية، وجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كرامات الله لهم .

وقد قال لهم الرضا (علیه السلام) حين قد برز لهم وهم حضور: إتّقوا الله أيّها الناس في نعم الله عليكم ، فلاتنفّروها عنكم بمعاصيه ، بل استدیموها بطاعته و شكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنّكم لم تشكروا الله بشيء - بعد الايمان بالله ورسوله، وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمّد - أحبّ إليكم في الله من معاونتكم لإخوانكم المؤمنین على دنياهم التّي هي معبرلهم إلى جنان ربّهم، فإنّ من فعل ذلك كان من خاصّة الله .

ثمّ إنّ المأمون سمع بذلك، وقال له [بعض] خواصّه : جئت بهذا الساحر قد ملأ الدنيا مخرقة بهذا المطر. فقعد من الغد للناس، فقال حاجبه: يا ابن موسى لقد عدوت طورك أن بعث الله بمطر مقدور في وقته ، فإن كنت صادقاً فأحي [ لنا ] هذين. وأشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون .

فصاح الرضا (علیه السلام) بالصورتين:دونکما الفاجر، فافترساه، ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً.

فوثبت الصورتان، وقد عادتا أسدين ، فتناولا الحاجب ورضّضاه و هشّماه و أكلاه والقوم ينظرون متحيّرين. فلمّا فرغا، أقبلا على الرضا (علیه السلام) فقالا: يا وليّ الله في أرضه ماذا تأمرنا أن نفعل به؟ يشيران إلى المأمون ، فغشي على المأمون ممّا سمع.

فقال الرضا : قفا. فوقفا، ثمّ قال الرضا (علیه السلام): صبّوا عليه ماء ورد. ففعل به، فأفاق وعاد الأسدان يقولان: أنأذن لنا أن نلحقه بصاحبه؟ فقال: لا، فإنّ لله أمراً(1) هو ممضيه .

وقال : عوداً إلى مقرّ كما كما کنتما. فعادا إلى المسند، وصارا صورتين كما كانتا.

فقال المأمون:الحمدلله الّذي كفاني شر حمید بن مهران - يعني الرجل المفترس -(2)

ص: 659


1- «تدبیراً» ه
2- رواه الشيخ الصدوق في عيون الاخبار: 2 /167 ح 1 باسناده عن المفسر الاسترابادی عنه الوسائل : 5 /164 ح 2، والبحار : 5 /155 ح7، و ج 49 /180 ح 16، وج91 /311 ح 2 ، ومدينة المعاجز : 494 ح 107. ورواه الطبري في دلائل الإمامة :195 باسناده الى الشيخ الصدوق. ورواه الحمر بنی فی فرائد السمطين : 2/ 212 ح490 باسناده الى الحاكم أبی عبدالله محمد ابن عبدالله البيع الحاكم قال: رأيت في كتب أهل البيت عليهم السلام.... وأورده ابن شهر اشوب في المناقب :3 /478 عن علي بن محمّد بن سيار . وفي ثاقب المناقب : 409 عن محمّد بن علی النقی علیهما السلام .. وفي الصراط المستقيم : 2 /197 ح17 مرسلاً باختصار

2- ومنها: أنّ المأمون قال له يوماً : إنّ آباءك كان عندهم علم بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة ، وأنت وصيّهم، وهذه الزاهريّة حظيّتي لا أقدم عليها أحداً من جوارييّ. حملت غير مرّة ، کلّ ذلك تسقط وهي حبلى .

فأطرق ساعة، ثمّ قال : لاتخف من إسقاطها، فإنّها ستسلم، وتلد غلاماً أشبه الناس بأمّه ، وقد زاد الله في خلقه مزيّتين : في يده اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة وفي رجله اليمني خنصر زائدة ليست بالمدلاة.

فولدت، وقد عاش الولد، و كان كذلك.(1)

3- ومنها : ماروي عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت في مجلس الرضا (علیه السلام) فعطشت [عطشاً] شديداً، وتهيبّته أن أستسقي في مجلسه. فدعا بماء، فشرب منه جرعة

ص: 660


1- رواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا : 2 /223 ح 44 باسناده الى عبدالله بن محمّد الهاشمي ، عنه البحار : 49 /29 ح 2 ، واثبات الهداة : 6 /85 ح 81. وأورده الشيخ الطوسي في الغيبة : 48 عن محمّد بن عبدالله الأفطس . وأخرجه ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 446 عن كتاب الجلاء و الشفاء باسناده إلی محمد بن عبد الله عنهما البحار : 49 /306ح 16. وأورده فی ثاقب المناقب: 425 (مخطوط)، و الصراط المستقیم: 2 /198 ح18 مرسلاً

ثم قال: يا أباهاشم اشرب، فإنّه بارد طيّب. فشربت.

ثم عطشت عطشة أخرى، فنظر إلى الخادم وقال: شربة من ماء و سویق(1) وسكّر .

ثم قال له: بلّ السويق، وانثر عليه السكّر بعد بلّه.

وقال: اشرب يا أبا هاشم، فإنّه يقطع العطش. (2)

4- و منها: ما قال أبوهاشم: أنّه لّما بعث المأمون رجاء بن أبي الضحّاك(3) لحمل أبي الحسن علي بن موسى (علیهما السلام) على طريق الأهواز، ولم يمرّ به على طريق الكوفة فيفتتن به أهلها .

وكنت بالشرق من إيذج(4) فلمّا سمعت به سرت إليه بالأهواز، و انتسبت له وكان أول لقائي له، و كان مريضاً ، و كان زمن القيظ(5)، فقال لي: ابغ لي طبيباً .

فأتيته بطبيب ، فنعت له بقلة ، فقال الطبيب : لا أعرف على وجه الأرض أحداً يعرف اسمها غيرك، فمن أين عرفتها؟ إلّا أنّها ليست في هذا الأوان ، ولاهذا الزمان.

قال له : فابغ لي قصب السكّر. قال الطبيب: وهذه أدهى من الأولى ، ماهذا بزمان قصب السكّر، ولا يكون إلّا في الشتاء .

فقال الرضا (علیه السلام): بل هما في أرضكم هذه، و زمانكم هذا، وهذا معك فامضيا إلى شاذروان(6) الماء فاعبراه، فسيرفع لكم جوخان - أي بيدر(7) - فاقصداه. فستجدان رجلاً

ص: 661


1- السويق : طعام يتّخذ من مدقوق الحنطة والشعير ، سمي بذلك لانسياقه في الحلق
2- عنه البحار : 49 /48 ح47
3- «بن الضحاك» م . وفي م ه «جابر» بدل «رجاء». وما في المتن هو الصحيح ، راجع الكامل لابن الأثير : 6 /319
4- «آبيدج» ،ط، والبحار وهو تصحيف. وایذج هی كورة و بلد بين خوزستان و اصفهان . راجع معجم البلدان : 1 /288
5- القيظ : صميم الصيف
6- «شروان» م ، وهو تصحيف
7- الجوخان : فارسي معرب مركب معناه « بيت الشعير» .و البيدر : الموضع الذي يداس فيه القمح و نحوه ( لسان العرب:3/ 13 و ج 4 /50)

هناك أسود في جوخانه ، فقولا له: أين منابت قصب(1) السكّر ؟ وأين منابت الحشيشة الفلانيّة ؟ - ذهب على أبي هاشم اسمها - فقال: يا أبا هاشم دونك القوم .

فقمت معهما، فإذا الجوخان ، والرجل الأسود .

قال: فسألناه. فأومأ إلى ظهره ، فإذا قصب السكّر والحشيشة، فأخذنا منه حاجتنا ورجعنا إلى الجوخان، فلم نر صاحبه فيه ، ورجعنا إلى الرضا (علیه السلام) فحمد الله .

فقال لي المتطبّب : ابن من هذا ؟ قلت: ابن سيّد الأنبياء .

قال : فعنده من أقاليد النبوة شيء ؟ قلت : نعم ، وقد شهدت بعضها ، وليس بنبيّ .

قال : فهذا وصيّ نبي ؟ قلت : أمّا هذا فنعم .

فبلغ ذلك رجاء بن أبي الضحّاك فقال لأصحابه : لئن أقام بعد هذا لتمدّنّ إليه الرقاب. فارتحل به .(2)

5- ومنها: أنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: إنّي كنت من الواقفة علی موسی بن جعفر (علیهما السلام)، و أشكّ في الرضا ، فكتبت إليه أسأله عن مسائل ونسيت ، كان أهم [ المسائل ] إليّ ؟

فجاء الجواب عن جميعها ، ثمّ قال : و قد نسيت ما كان أهمّ المسائل عندك .

فاستبصرت، ثمّ قلت له : يا ابن رسول الله أشتهي أن تدعوني إلى دارك في أوقات تعلم أنّه لا مفسدة لنا من الدخول عليكم من أيدي الأعداء.

قال : ثمّ بعث إليّ مرکوباً في آخر يوم ، فخرجت إليه(3) ، وصلّيت معه العشائين، وقعد يملي(4) عليّ من العلوم إبتداءاً ، وأسأله فيجيبني ، إلى أن مضى كثير

ص: 662


1- «منبت القصب» ط، ھ
2- عنه البحار : 49 /117 ح 4. وأورد مثله في ثاقب المناقب: 427 عن أبی هاشم الجعفري وفي آخره: وقد ذكر الهاشمى المنصوري ذلك في دلائله عن عمّه أبي موسى ، وليس فيه ذكر أبي هاشم
3- «فأتيته» ط، ھ بدل «فخرجت اليه»
4- «يورد» ط ، ه

من الليل . ثمّ قال للغلام : هات الثياب الّتي أنام فيها ، لينام أحمد البزنطي فيها .

قال: فخطر ببالي أن ليس في الدنيا من هو أحسن حالاً منّي، بعث الامام بمرکوبه إليّ، وقعد إليّ ، ثمّ أمر لي بهذا الاکرام !

وكان قد اتّكأ على يديه لينهض(1) ، فجلس وقال: يا أحمد لا تفخر على أصحابك بذلك، فإنّ صعصعة بن صوحان مرض فعاده أمير المؤمنين (علیه السلام) وأكرمه، ووضع يده على جبهته ، وجعل يلاطفه ، فلمّا أراد النهوض ، قال : يا صعصعة لا تفخر على إخوانك بما فعلت ، فإنّي إنّما فعلت جميع ذلك لأنّه كان تكليفاً لي.(2)

6- ومنها: ما روي عن محمّد بن الفضيل(3) الصيرفي قال : دخلت على الرضا (علیه السلام) فسألته عن أشياء ، وأردت أن أسأله عن سلاح رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأغفلته ، فخرجت فدخلت إلى منزل الحسين بن بشّار، فإذا رسول للرضا (علیه السلام)أتى، و كان معه رقعة فيها:

«بسم الله الرحمن الرحيم، أنا بمنزلة أبي، و وارثه کلّ ما كان عنده، وسلاح رسول الله عندي».(4)

ص: 663


1- «الامام قد همّ بالنهوض» ط، ھ بدل «قد اتكأ على يديه لينهض»
2- عنه البحار : 49 /48 ح48 . ورواه الشيخ الصدوق في العيون : 2 /212 ح 19 باسناده الى البزنطي ، عنه البحار : 49 /36 ح 18 ، ومدينة المعاجز : 482 ح 51. وروی نحوه في الهداية الكبرى :287 باسناده الى محمّد بن مهران ، عن علي بن أسباط عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر . و رواه في قرب الاسناد : 167 عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عنه البحار : 49/ 269 ح 10. وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3 /448 عن أحمد البزنطی . وفي الصراط المستقیم : 2 /198 ح 19 مرسلاً مختصراً
3- «الفضل» م. وهو تصحيف . راجع معجم رجال الحديث : 17 /161 و ص 165
4- عنه البحار : 49 /47 ح43 ، وعن بصائر الدرجات : 252 ح5 حيث رواه عن الهيثم النهدي، عن الصيرفي ، عنه إثبات الهداة: 6 /121 ح 124، ومدينة المعاجز :441 ح 56. ورواه في دلائل الإمامة :191 عن الهيثم النهدي ، عنه مدينة المعاجز : 479ح37. وأورده مختصراً في الصراط المستقیم : 2 /198 ح 21

فصل-في أعلام الامام محمّد بن على التقى عليهما السلام

1- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت على أبي جعفر الثاني (علیه السلام) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة، واشتبهت عليّ ، واغتممت [لذلك] .

فتناول إحداهنّ فقال : هذه رقعة ريان بن شبيب(1)

ثم تناول الثانية وقال : هذه رقعة محمّد بن حمزة .

وتناول الثالثة وقال : هذه رقعة فلان. فبهتّ ! فنظر إليّ وتبسّم .(2)

ص: 664


1- «زياد بن شبیب» ط، ه، والكافي . «زياد بن شبث» البحار . والظاهر أنّه ریان بن شبیب خال المعتصم ، وقيل خال المأمون ، دعا له الامام الجواد عليه السلام. راجع معجم رجال الحديث : 7 /210
2- عنه البحار : 50 /41 ح 4-8، و عن ارشاد المفيد : 367 باسناده عن ابن قولویه عن الكلینی، و عن المناقب: 3 /496 حيث أخرجه عن ابن عياش في كتاب أخبار أبي هاشم . وعنه إثبات الهداة : 6 /43 ح 8 و 9، وعن الکافی : 1 /495 ح5 باسناده عن عليّ بن محمد عن سهل بن زیاد ، عن أبي هاشم . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /361 عن الإرشاد . وفي حيلة الابرار : 2 /408 عن الكافي

2- ومنها: ما قال الحميري : إنّ أباهاشم قال لي : إنّ أبا جعفر (علیه السلام)أعطاني ثلاثمائة دينار في صرّة، وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمّه ، وقال :

أمّا إنّه سيقول لك : دلّني على حريف(1) أشتري بها منه متاعاً. فدلّه عليه .

قال : فأتيته بالدنانير ، فقال : يا أباهاشم ، دلّني على حريف يشتري لي بها متاعاً . ففعلت .(2)

3- ومنها: ما قال أبو هاشم: كلّفني جمّال أن أكلّم أبا جعفر (علیه السلام) له ، ليدخله في بعض أموره .

قال : فدخلت عليه لأكلّمه ، فوجدته مع جماعة، فلم يمكنّي كلامه .

فقال: يا أبا هاشم کل - وقد وضع الطعام بين يديه - ثمّ قال إبتداءاً من غير مسألة منّي : يا غلام انظر الجمّال الّذي آتانا به أبو هاشم ؟.(3)

4- ومنها: ما قال أبوهاشم : ودخلت معه ذات يوم بستاناً ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّي مولع بأكل الطين ، فادع الله لي ؟

فسكت ، ثمّ قال لي بعد أيّام : يا أباهاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين .

قلت : فما شيء أبغض إليّ منه .

5- و منها: ماقال أبو هاشم الجعفري: جاء رجل إلى محمّد بن علي بن موسی (علیهم السلام) فقال: يا ابن رسول الله، إنّ أبي مات و كان له مال، ففاجأه الموت، ولست أقف على ماله، ولي عيال كثير ، وأنا من مواليكم ، فأغثني .

فقال له أبو جعفر (علیه السلام): إذا صلّيت العشاء الآخرة ، فصلّ على محمّد و آل محمد فإنّ أباك يأتيك في النوم ، ويخبرك بأمر المال.

ففعل الرجل ذلك، فرأى أباه في النوم. فقال: يا بنيّ ، مالي في موضع كذا، فخذه

ص: 665


1- حريف الرجل : معامله في حرفته . (لسان العرب : 9 /44)
2- المصدر السابق
3- المصدر السابق

واذهب به(1) إلى ابن رسول الله فاخبره إنّي دللتك على المال .

فذهب الرجل، فأخذ المال ، و أخبر(2) الإمام بخبر(3) المال، وقال:

الحمد لله الذي أكرمك واصطفاك .(4)

6- ومنها : ما روى أحمد بن محمّد ، عن أبي الحسن بن معمّر بن خلاد(5)عن أبي جعفر (علیه السلام)، قال لي بالمدينة : يامعمّر اركب .

قلت: إلى أين ؟ قال : اركب كما يقال لك.

فركبت معه ، فانتهينا إلى واد، وإلى وهدة، و إلى تلّ(6).

فقال: قف هاهنا ! فوقفت، وخرج. ثمّ أتاني، فقلت: جعلت فداك أين كنت؟

قال: دفنت أبي الساعة، و كان بخراسان.(7)

7- و منها: ما روی یوسف بن السخت ، عن صالح بن(8) عطيّة الأضخم قال: حججت ، فشكوت إلى أبي جعفر (علیه السلام) الوحدة .

ص: 666


1- «أمضی» ط بدل «اذهب به»
2- «أخبره» ه
3- «بأمر» ط ،ه
4- عنه البحار : 50 /42 ح8، و عن المناقب : 3 /496 عن الحسن بن علی العسکری(ع). وأورده المصنف في دعواته : 57 ح145 عن الحسن العسکری علیه السلام ، عنه البحار: 76 /220 ح 31
5- كذا في النسخ ، وفی کشف الغمة والبحار «عن معمر بن خلاد»
6- «به أكمه» ط، ه بدل «والي وهدة ، والی تلّ» والوهدة : الأرض المنخفضة
7- عنه البحار : 49 /310 ح20و21 ، وعن كشف الغمة : 2 /363 نقلاً عن دلائل الحمیری باسناده الي معمر . وأخرجه في إثبات الهداة : 6 /191 ح37 عن كشف الغمة
8- «عن» م، وفي ه «الاصحب» بدل «الأضخم». وهو صالح بن علىّ بن عطية الأضخم ، المكنّى أبو محمّد البصری . راجع معجم رجال الحديث : 9 /83.

فقال: أمّا إنّك لاتخرج من الحرم حتّى تشتري جارية ترزق منها إبناً .

فقلت : تشير إليّ ؟فقال: نعم. وركب إلى النخّاس، و نظر إلى جارية ، فقال : اشترها.

فاشتريتها، فولدت محمّداً إبني.(1)

8- ومنها : ماروی أحمد بن هلال، عن أميّة بن عليّ القيسي، قال: دخلت أنا وحمّاد بن عيسى على أبي جعفر (علیه السلام) بالمدينة لنودعه، فقال لنا : لاتخرجا ، أقيما إلى غد. قال : فلمّا خرجنا من عنده . قال حمّاد : أنا أخرج فقد خرج ثقلي .

قلت : أمّا أنا فاقیم .

قال: فخرج حمّاد، فجرى الوادي تلك الليلة، فغرق فيه، وقبره بسيّالة .(2)

9- ومنها : ماروی داود بن محمّد النهدي ، عن عمران بن محمّد الأشعري، قال: دخلت على أبي جعفر الثاني (علیه السلام) فقضيت حوائجي ، وقلت له: إنّ أمّ الحسن تقرؤك السلام، وتسألك ثوباً من ثيابك تجعله كفناً لها .

قال: قد استغنت عن ذلك . فخرجت و لست (3) أدري ما معنى ذلك، فأتاني الخبر بأنّها [قد] ماتت قبل ذلك بثلاثة عشر يوماً، أو أربعة عشر.(4)

ص: 667


1- عنه البحار : 50 /43 ح9. وأورده في إثبات الوصية : 218، و ثاقب المناقب : 457 (مخطوط) عن صالح، عنه مدينة المعاجز : 534 ح 72 . وأخرجه في فرج المهموم : 232 عن دلائل الحميري باسناده إلی صالح ، عنه البحار: 50 /58 ح33
2- عنه البحار : 48 /48 ح 38 ، والعوالم : 21 /167 ح 2. وعنه في البحار : 50 /43، ح10، وعن كشف الغمة : 2 /365 نقلاً عن دلائل الحميري. وأورده مرسلاً ومختصراً في الصراط المستقيم: 2 /201 ح13 . راجع العوالم ففيها بیان مفيد حول الرواية
3- «ولا» ه
4- عنه إثبات الهداة : 6 /186 ح 30 وعنه البحار : 50 /43 ح 11، وعن كشف الغمة : 2 /363 نقلاً عن دلائل الحمیری باسناده إلی عمران بن محمّد الاشعری . وعنه مدينة المعاجز :532 ح 54، وعن عيون المعجزات : 124 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /201 ح 14 مرسلاً ومختصراً ، عنه إثبات الهداة : 6 /203 ح 75. وأورده في إثبات الوصية : 219، وثاقب المنائب : 457 عن الأشعري.

10- و منها : ما روی أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سهل بن اليسع قال: كنت مجاوراً بمكّة، فصرت إلى المدينة، فدخلت على أبي جعفر الثاني (علیه السلام) و أردت أن أسأله كسوة يكسونيها، فلم يقض لي (1) أن أسأله ، حتّى ودعته و أردت الخروج فقلت: أكتب إليه وأسأله .

قال: فكتبت إليه الكتاب، فصرت إلى مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على أن اصلّي ركعتين وأستخير الله مائة مرّة، فإن وقع في قلبي أن أبعث إليه بالكتاب، بعثت به، وإلّا خرّقته ففعلت، فوقع في قلبي أن لا أفعل.

فخرّقت الكتاب ، و خرجت من المدينة ، فبينما أنا كذلك(2) إذ رأيت رسولاً ومعه ثياب في منديل يتخلّل القطار ، ويسأل عن محمّد بن سهل القمّي حتّى انتهى إليّ، فقال: مولاك بعث إليك بهذا . وإذا ملاءتان(3) .

قال أحمد بن محمّد : فقضى [الله] أنّي غسّلته حين مات، و کفّنته فيهما .(4)

11- ومنها : ماروی أبو سعيد سهل بن زیاد ، عن ابن حديد قال: خرجنا جماعة حجّاجاً، فقطع علينا الطريق، فلمّا دخلنا المدينة، لقيت أبا جعفر (علیه السلام) في بعض الطريق فأتيته إلى المنزل، فأخبرته بالّذي أصابنا ، فأمر لي بكسوة ، وأعطاني دنانير، وقال:

ص: 668


1- «یتفق» ط ، ه بدل «يقض لی»
2- «سائر» ه
3- الملاءة: الثوب اللين الرقيق
4- عنه البحار : 50 /44 ح 12 ، ومدينة المعاجز : 532ح55 .

فرقّها على أصحابك ، على قدر ما ذهب لهم .

[فقسّمتها بينهم] فإذا هي على قدر ما ذهب منهم لاأقلّ منه ولا أكثر .(1)

12- و منها: ماروی یحیی بن أبي عمران قال: دخل من أهل الري جماعة من أصحابنا على أبي جعفر (علیه السلام) وفيهم رجل من الزيديّة . قالوا: فسألنا عن مسائل .

فقال أبو جعفر(علیه السلام) لغلامه: خذ بيد هذا الرجل، فأخرجه .

فقال الزيدي: أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنّ محمداً رسول الله ، وأنّك حجّة الله .(2)

13- ومنها : ما روى أبوسلیمان ، عن صالح بن محمّد بن صالح(3) بن داود اليعقوبي قال : لمّا توجّه [أبو جعفر(علیه السلام)] في استقبال المأمون إلى ناحية الشام أمر أن يعقد ذنب دابّته ، و ذلك في يوم صائف شديد الحرّ لا يوجد الماء .

فقال بعض من كان معه :

لا عهد له بركوب الدوّاب! أي موضع عقد ذنب البرذون(4) هذا .

قال: فما مررنا إلّا يسيراً حتّی ضللنا الطريق بمكان كذا ، و وقعنا في وحل كثير،

ففسد ثيابنا ومامعنا، ولم يصبه(5) شيء من ذلك.(6)

ص: 669


1- عنه البحار : 50 /44 ح13 . وأورده في الصراط المستقيم : 2 /201 ح 15 عن ابن حديد ، عنه إثبات الهداة : 6 /204 ح 76
2- عنه البحار : 50 /44 ح14 ورواه في دلائل الإمامة : 213 باسناده الى الحسن بن أبي عثمان الهمداني. عنه مدينة المعاجز : 527ح42. وأورده في الصراط المستقیم: 2 /201 ح16 مرسلاً ، عنه إثبات الهداة: 6 /204 ح77 وأورده في ثاقب المنائب : 453 عن الحسن بن علي الهمدانی
3- «صباح» خ ل
4- البرذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال
5- «ولم يصب الإمام»ط،ه
6- عنه البحار : 50 /45 ح 15 . وأورده في ثاقب المناقب : 452 عن أحمّد بن القسم ، عن أبيه ، عن غير واحد من أصحابنا ، عنه مدينة المعاجز : 532ح56.

14- ومنها : أنّ أبا جعفر (علیه السلام)قال لنا ذات يوم ونحن في ذلك الوجه: أمّا إنّكم ستضلّون الطريق بمكان كذا ، وتجدونه في مكان كذا ، بعدما يذهب من الليل كذا . فقلنا: ماعلم بهذا، ولابصر له بطريق الشام! فكان كما قال.(1)

15- ومنها: ما روي عن عمران بن محمّد قال:دفع إليّ أخي درعاً لأحملها إلى أبي جعفر (علیه السلام) مع أشياء ، فقدمت بها ونسيت الدرع.

فلمّا أردت أن أودعه، قال لي: أحمل الدرع .

و سألتني والدتي أن أسأله قميصاً من ثيابه ، فسألته ، فقال : ليست تحتاج إليه .

فجاءني الخبر أنّها توفّيت قبل عشرين يوماً . (2)

16 - ومنها: أنّ رجلا سأله أن يدعو الله ، ويسأل له ولداً، فقال : رزقك الله ولداً زكيّاً . فخرج الرجل ، ولم يعرف معنى الزكي، فسأل ابن أبي عمير ، وابن فضّال وغيرهما، فلم يعرفاه إلّا ابن سنان، فإنّه ما لبث أن جاءه البشير يهنّئه، ثمّ جاءه نعيه .(3)

17- ومنها: أنّهم قالوا: كتبنا إليه رقاعاً في حوائج لنا ، و كتب رجل من الواقفة رقعة جعلها بين الرقاع .

فوقّع الجواب بخطّه في الرقاع إلّا في رقعة الواقفي لم يجب فيها بشيء .(4)

18 - ومنها : ما روي عن ابن أرومة(5) أنّه قال: إنّ المعتصم دعا بجماعة من

ص: 670


1- عنه البحار : 50 /45 ح16. وأورده في الصراط المستقیم : 2 /202 ح17 ، عنه إثبات الهداة : 6 /204 ح78.
2- عنه البحار : 50/ 45 ح17.
3- رواه في رجال الكشی : 581 ح1090 باسناده عن شاذویه بن الحسن بن داود القمی مفصلاً ، عنه البحار : 50 /65 ح 42.
4- عنه البحار : 50 /46 ح19.
5- «اروبة» البحار . والصحيح ما في المتن . وهو محمّد بن اورمة (ارومة) أبو جعفر القمی راجع معجم رجال السيد الخوئی : 15 /128 وج 22/ 158.

وزرائه، فقال : اشهدوا لي على محمّد بن عليّ بن موسی (علیهم السلام) زوراً، واكتبوا أنّه أراد أن يخرج . ثمّ دعاه ، فقال : إنّك أردت أن تخرج عليّ ؟

فقال : - والله - مافعلت شيئاً من ذلك. قال: إنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً شهدوا عليك.

و أحضروا ، فقالوا: نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك .

قال: و كان جالساً في بهو(1) فرفع أبو جعفر(علیه السلام) يده فقال : اللّهمّ إن كانوا كذبوا علىّ فخذهم .

قال : فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يزحف(2) و يذهب و يجيء ، و كلّما قام واحد وقع .

فقال المعتصم : يا ابن رسول الله إنّي تائب ممّا فعلت(3) فادع ربّك أن يسكّنه .

فقال: اللّهمّ سکّنه ، وإنّك تعلم أنّهم أعداؤك و أعدائي . فسكن .(4)

ص: 671


1- البهو : البيت المقدم أمام البيوت ، أو المكان المخصص لاستقبال الضيوف
2- «یرجف» البحار
3- «قلت» ط ، والبحار
4- عنه البحار : 50 /45 ، ح18 ، واثبات الهداة : 6 /187 ح33. وعنه مدينة المعاجز : 533 ح 57، وعن ثاقب المناقب : 457 (مخطوط) عن ابن اورمة

فصل-في اعلام الامام علی بن محمّد النقی علیهما السلام

1- روي أنّ أبا هاشم الجعفري كان منقطعاً إلى أبي الحسن بعد أبيه أبي جعفر و جده الرضا (علیهم السلام) ، فشکی إلى أبي الحسن (علیه السلام)ما يلقي من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ، ثمّ قال له : يا سيّدي ادع الله لي فربّما لم أستطع ركوب الماء خوف الاصعاد(1) و البطء عنك ، فسرت إليك على الظهر ، و مالي مر كوب سوی برذوني هذه على ضعفها فادع الله لي أن يقويني على زيارتك.

فقال: قوّاك الله يا أباهاشم، وقوى برذونك .

قال الراوي : و كان أبوهاشم يصلّي الفجر ببغداد ، و يسير على ذاك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر «سرّ من رأي» ويعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على تلك البرذون بعينه . فكان هذا من أعجب(2) الدلائل التي شوهدت.(3)

ص: 672


1- الاصعاد : اذا صار مستقبل حدور ، أو نهر ، أو واد
2- «ذلك من أعظم» خ ل
3- عنه البحار : 50 /137 ح 21، وعن اعلام الوری :261، ومناقب ابن شهر اشوب: 3 /512 .وعنه إثبات الهداة: 6 /233 ح33، وعن اعلام الوری . وأورده في إثبات الوصية : 230، و ثاقب المناقب : 473 ( مخطوط ) عن أبي هاشم الجعفری ، نحوه . وأخرجه في مدينة المعاجز : 544 ح 35 عن اعلام الوری.

2-ومنها: ماروی جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري ، عن أبي هاشم قال(1) : دخلت على أبي الحسن (علیه السلام)، فكلّمني بالهنديّة، فلم أحسن أن أردّ عليه، و كان بين يديه ركوة(2) ملای حصى ، فتناول حصاة واحدة ، ووضعها في فيه و مصّها مليّاً ، ثمّ رمى بها إليّ فوضعتها في فمي(3) فوالله ما برحت مكاني(4) حتّى تكلّمت بثلاث وسبعين لساناً، أولها الهنديّة .(5)

3- ومنها : ماروی یحیی بن زکريّا الخزاعي قال : حدّثني أبو هاشم الجعفري قال: خرجت مع أبي الحسن إلى ظاهر «سرّ من رأي» نتلقّى بعض القادمين ، فأبطأوا ، فطرح لأبي الحسن (علیه السلام) غاشية السرج، فجلس عليها ، [و نزلت عن دابّتي و جلست بين يديه، وهو يحدثني](6) .

فشكوت إليه قصور یدي(7)، وضيق حالي. فأهوى بيده(8) إلى رمل(9) فناولني منه أكفّاً(10) وقال: اتّسع بها(11) يا أبا هاشم ، واكتم ما رأيت .

فخبّأته معي و رجعنا ، فأبصرته، فإذا هو يتّقد النيران ذهباً أحمر.

ص: 673


1- «قال لی» م
2- الركوة : اناء صغير من جلد
3- «في» خ ل ، ط
4- «من عنده» خ ل ، والبحار
5- عنه البحار : 50 /136 ح17 ، وعن مناقب ابن شهر اشوب : 3 /512 و أعلام الوری :360. وأورده في ثاقب المناقب: 462 (مخطوط) عن أبي هاشم الجعفري ، والصراط المستقيم : 2 /205 ح18 مرسلاً ومختصراً. وأخرجه في إثبات الهداة : 6 /232 ح30 ، ومدينة المعاجز : 544 ح 32 عن اعلام الوری.
6- من البحار
7- «قصر» ط ، ه، والبحار
8- «یده» م ، ط
9- «رمل كان عليه جالساً» البحار
10- «كفاً» ط ، ه ، والبحار
11- «بهذا» ط ، ه، والبحار

فدعوت صائغاً إلى منزلي ، وقلت له : اسبك لي هذا . فسبكه و قال(1) : ما رأيت ذهباً أجود منه(2) وهو كهيئة الرمل، فمن أين لك هذا؟ قلت: هذا شيء عندنا(3) قدیماً.(4)

4 - ومنها : ماقال أبو هاشم: کنت بالمدينة حين مرّ «بغا»(5) أيّام الواثق في طلب الأعراب . فقال أبو الحسن (علیه السلام): اخرجوا بنا حتّى ننظر إلى تعبئة هذا التركي.

فخرجنا، فرقفنا، فمرّت بنا تعبئته، فمّربنا تركيّ ، فكلّمه أبو الحسن (علیه السلام) بالتركي(6) فنزل عن فرسه ، فقبّل حافر فرس الامام(7).

فحلّفت التركي، فقلت له : ماقال [لك] الرجل ؟ .

قال : هذا نبيّ ؟ قلت: ليس هو بنبيّ(8).

ص: 674


1- «هذه السبيكة فسبكها ، و قال لي» البحار
2- «من هذا» البحار
3- في البحار : «فما رأيت أعجب منه. قلت : كان عندی» بدل «قلت : هذا شيء عندنا»
4- عنه البحار : 50 /138 ح 22 ، و عن اعلام الوری : 360، و زاد في آخره: تدخره لنا عجائزنا على طول الايام . وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3 /512 عن أبي هاشم الجعفري مختصراً، وثاقب المناقب : 461 (مخطوط) عن أبي هاشم ، و الصراط المستقیم : 2 /205 ح 19 مرسلاً ومختصراً. وأخرجه في إثبات الهداة : 6 /232 ح 31 ، ومدينة المعاجز: 544 ح 33 عن اعلام الوری.
5- هو بغا الكبير ، أبو موسى الترکی ، مقدم قواد المتوكل . له عدة فتوحات و وقائع، باشر الكثير من الحروب فما جرح قطّ، وخلف أموالاً عظيمة وتوفّي في سنة 248 ه عن سن عالية . راجع العبر للحافظ الذهبي : 1 /355 ، والكامل في التاريخ : 6 /449 . وفي ط ، ه: «بنا في أيام الواثق ترکی» بدل «بغا أيام الواثق»
6- «الإمام عليه السلام بلسان الترك» ط ، ه
7- « فرسه» م
8- في ط ، ه: «لا» بدل «ليس هو بنبی»

قال: دعاني باسم سمّيت به في صغري في بلاد الترك، ما علمه أحد إلى الساعة.(1)

5- ومنها: ما قال أبوهاشم : كنت عند أبي الحسن (علیه السلام) و هو مجدّر ، فقلت للمتطبّب(2) :«آب گرفت»؟ ثمّ التفت إليّ وتبسّم فقال: تظنّ ألايحسن الفارسيّة(3)غيرك ؟! فقال له المتطبّب : جعلت فداك تحسنها ؟!

فقال : أمّا فارسيّة هذا فنعم ، قال لك : احتمل الجدري ماء !(4)

6- ومنها: ما قال أبوهاشم : قال(5) لي أبو الحسن (علیه السلام)و على رأسه غلام:

كلّم هذا الغلام بالفارسيّة، وأعرب له فيها.

فقلت للغلام : «ناف(6) تو چیست»؟ فسكت الغلام.

فقال له أبو الحسن(علیه السلام) : يسألك عن سرّتك(7). (8)

7- ومنها : ما روي عن محمّد بن الحسن بن الأشتر العلوي قال : كنت مع أبي علىّ باب المتوکّل، وأنا صبيّ في جمع من الناس، ما بين طالبي، إلى عبّاسيّ إلى جندي ، إلى غير ذلك ، و كان إذا جاء أبو الحسن (علیه السلام)، ترجّل الناس كلّهم حتّى يدخل .

ص: 675


1- أورده في مناقب ابن شهر اشوب 3/ 512 عن أبي هاشم الجعفری مختصراً، و ثاقب المناقب : 467 (مخطوط) عن أبي هاشم . وأخرجه في اعلام الوری: 359 عن كتاب أخبار أبی هاشم الجعفري لابن عياش الجوهری عنه إثبات الهداة : 6 /231 ح 29، ومدينة المعاجز : 544 ح 31. وفي البحار : 50 /124 ح1 عن اعلام الوری و مناقب ابن شهر اشوب.
2- «للطبيب» م
3- «الفارسی» م
4- عنه البحار : 50 /136 ح 18.
5- «قال : قال» البحار
6- «نام» البحار
7- «ما اسمك» البحار
8- عنه البحار : 50 /137 ح19 . ويأتي نحوه في الباب الخامس عشر ، الحديث 79.

فقال بعضهم لبعض : لم نترجّل لهذا الغلام ؟ وما هو بأشرفنا ، ولا بأكبر منّا سنّاً ، ولا أعلمنا(1) ؟ فقالوا : - والله - لا ترجّلنا [له] .

فقال لهم أبوهاشم : والله لترجّلنّ له صغاراً وذلّة إذا رأيتموه. فما هو إلّا أن أقبل ، وبصروا به. فترجّل له الناس كلّهم .

فقال لهم أبوهاشم : أليس زعمتم أنّكم لا تترجّلون له ؟

فقالوا : والله ما ملكنا أنفسنا حتّی ترجّلنا. (2)

8- ومنها : ماروي عن عليّ بن [محمد، عن] (3) إبراهيم بن محمّد الطاهري(4) قال: مرض المتوكّل من خراج(5) خرج به، فلم يجسر أحد أن يمسّه بحديدة، وهو قد أشرف به على الموت ، فنذرت أمّه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن (علیه السلام) مالاً جليلا(6) من مالها .

وقال له الفتح بن خاقان(7): قد عجز الأطباء ، لو بعثت إلى هذا الرجل - يعني

ص: 676


1- «ولابأكبرنا ، ولابأسننا، ولا بأعلمنا» البحار
2- عنه البحار : 50 /137 ح20، وعن اعلام الوری : 360 عن كتاب أخبار أبی هاشم الجعفري لابن عياش الجوهری . وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3/ 511 ، و ثاقب المناقب : 470 (مخطوط) عن محمد بن الحسن بن الأشتر العلوی. وأخرجه في إثبات الهداة :6 /233 ح 32 ، ومدينة المعاجز : 544 ح 34 عن اعلام الوری.
3- من المصادر ، وهو الصحيح ، اذ سيأتي ما يدلّ عليه في سياق الحديث و هو قوله «قال ابراهيم بن محمد»
4- كذا في المصادر و معجم رجال الحديث : 1 /152 ، و في النسخ المعتمدة: «الطائفي».
5- الخراج : ما يخرج بالبدن من القروح
6- «جزيلا» ط ، ه
7- هو الوزير أبو محمّد الترکی ، شاعر ، عاش في زمن المتوكّل ، فوّض اليه امرة الشام قتل مع المتوكّل سنة سبع وأربعين . راجع سهر أعلام النبلاء : 12 /82

أبا الحسن (علیه السلام)- فسألته ، فربّما كان عنده صفة شيء(1) يفرّج الله به عنك .

قال: ابعثوا إليه . فمضى الرسول ورجع، فقال: خذوا كسب(2) الغنم فديفوه بماء الورد، وضعوه على الخراج، فإنّه نافع باذن الله .

فهزيء الأطبّاء به . فقال الفتح : وهل يضر ذلك ؟ قالوا: لا، و لكن لا ينفع(3)

فقلت : والله لأرجونّ الصلاح به. فاحضر الكسب ، وديّف بماء الورد و وضع على الخراج ، فانفتح وخرج ما كان فيه ، وبشّرت امّ المتوکّل بعافيته .

فحملت إلى أبي الحسن (علیه السلام) عشرة آلاف دينار تحت ختمها .

ولمّا كان بعد أيّام كثيرة ، سعي البطحائي (4) بأبي الحسن (علیه السلام) إلى المتوکّل وقال: عنده أموال وسلاح . فتقدّم المتوكّل إلى سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلاً ويأخذ مايجده عنده من الأموال والسلاح ، ويحمله إليه .

قال إبراهيم بن محمّد: قال لي سعيد الحاجب : صرت إلى دار أبي الحسن (علیه السلام) ليلاً ومعي سلّم، فصعدت منه إلى السطح [ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة]

ص: 677


1- في ط ، ه : «حيلة» بدل «صفة شيء»
2- الكسب - بالضمّ - : معرب الكشب، ويسميه بعض السواد (الكسبج) وقيل : «الكنجارق» وهو ثقل السرقين المائع الذي يتعقد بصوف الية الشاة ، بل يقال لكل ما عصر ماؤه أو دهنه و بقی ثفله : الكسب . وقال بعض السادة الأطباء : إنّه مجرب عندنا ، مضافاً الى أنّه مأثور عن إمامنا عليه السلام. داف الدواء ونحوه : خلطه أذا به في الماء وضربه فيه ليخثر
3- أضاف في حواشی نسخة «م» بخط آخر : وربما كان الشفاء في كلامه عليه السلام
4- هو أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن الحسن بن زید بن الحسن بن أمير المؤمنين عليهما السلام. قال في عمدة الطالب : إنّه يلقب بالبطحائی منسوباً الى بطحاء ، أو الى البطحان واد بالمدينة . قال العمری : و أحسب أنّهم نسبوه إلى أحد هذين الموضعين لادمانه الجلوس فيه . راجع عمدة الطالب : 72، والمحدی في أنساب الطالبيين للعمری : 22 (مخطوط)

ولم أدر كيف أصل إلى الدار ؟

فناداني(1) أبو الحسن (علیه السلام): (ياسعيد توقّف حتى تؤتي بالمصباح .

فأنتوني بالشمع)(2) ، فنزلت، فوجدت عليه جبّة صوف، وقلنسوة صوف، وسجّادة على حصير بين يديه ، وهو مقبل إلى القبلة . فقال لي : دونك البيوت.

فدخلتها وفتّشتها، فلم أجد فيها شيئاً، ووجدت بدرة(3) مختومة بخاتم امّ المتوکّل و کیساً مختوماً معها(4) .

فقال لي أبو الحسن (علیه السلام): دونك المصلّی . فرفعته، فوجدت سيفاً في جفن(5)ملبوس، فأخذت ذلك أيضاً وصرت إلى المتوکّل .

فلمّا نظر إلى خاتم أمّه على البدرة، بعث إليها، فخرجت إليه، فسألها عن البدرة فقالت : نذرت(6) في علّتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار

فحملتها إليه لمّا عوفيت. فأمر أن يضمّ إلى البدرة بدرة أخرى، وقال لي: أحمل ذلك

إلى أبي الحسن(علیه السلام) ، [اردد عليه السيف و الكيس بمافيه.] فحملت جميع ذلك إليه و استحييت منه، فقلت :

يا سيّدي عزّ عليّ بدخولي عليك دارك بغير إذنك ، و لكنّي مأمور .

فقال : «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»(7). (8)

ص: 678


1- «كيف أنزل ؟ فصاح» م
2- «من الدار : مكانك حتى يأتوك بشمعة وانزل بها» خ ل
3- البدرة : كيس فيه مقدار من المال يتعامل به ، و يقدم في العطايا . وقيل : البدرة : عشرة آلاف درهم
4- في م: «فيها دراهم فأخذتها» بدل «مختوماً معها»
5- الجفن : غمد السيف
6- «نذرت بها» ط ، ه
7- سورة الشعراء : 227
8- عنه کشف الغمة : 2 /378 ملخصاً ، واثبات الهداة : 6 /253 ح49 . وعنه البحار : 50 /198 ح10 ، وعن اعلام الوری : 361، وارشاد المفيد : 371 نقلاً عن الكليني، ودعوات الراوندی: 202ح555 عن علي بن ابراهيم بن محمدالطالقانی ورواه في الكافي : 1 /499 ح 4 باسناده عن ابراهيم بن محمّد الطاهری . وأورده فی مناقب ابن شهر اشوب : 3 /157 عن ابراهيم الطاهری . وأخرجه في البحار : 62 /191 ح 2 عن الدعوات ، صدره . وفي مستدرك الوسائل : 13 /179 ح 13 عن الارشاد . وفي مدينة المعاجز : 539 ح5 ، وحلية الابرار : 2 /456 عن الكافي

9- ومنها : ما روي عن محمّد بن الفرج الرخجي [أنّه قال](1) :

إنّ أبا الحسن (علیه السلام) كتب إليّ : اجمع أمرك ، وخذ حذرك . قال : فأنا في جمع أمري لست أدري ما الّذي أراد بما كتب(2) إليّ حتّى ورد عليّ رسول حملني من مصر مصفّداً(3) بالحديد ، وضرب(4) على کلّ ما أملك .

فمكثت في السجن ثماني سنين ، ثمّ ورد علي [ كتاب ] من أبي الحسن (علیه السلام) وأنا في السجن(5) «لا تنزل في ناحية الجانب الغربي». فقرأت الكتاب، وقلت في نفسي : يكتب إليّ أبو الحسن (علیه السلام) بهذا و أنا في السجن، إنّ هذا لعجيب(6) !فما مكثت إلّا أيّاماً يسيرة حتّى أفرج عنّي ، وحلّت قيودي ، وخلّي سبيلي .

ولمّا رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبو الحسن (علیه السلام)، وخرج إلى «سر من رأى».

قال: فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليردّ عليّ ضياعي(7).

ص: 679


1- من البحار
2- «فيما كتب به» البحار
3- «مقيداً مصفداً» البحار . مصفداً : مقيداً
4- ضرب: أي أمسك وقبض
5- «الحبس» البحار ، و كذا في الموضع التالي
6- «لعجب» ه، م
7- الضيعة : الحرفة والصناعة والمعاش والكسب . وقيل : الأرض المغلة . وقيل : العقار. وقيل : الضيعة والضياع عند الحاضرة مال الرجل من النخل والكرم والارض . والجمع:ضيع وضياع

فكتب إليّ: سوف يردّ عليك ، و ما يضرّك ألّا يردّ(1) عليك (، و لمّا ردّ

ضياعه، مات سريعاً بسرّ من رأى )(2) .(3)

10- ومنها : ماروي عن صالح بن سعيد : أنّ المتوكّل بعث إلى أبي الحسن (علیه السلام) يدعوه إلى الحضور بالعسكر. فلمّا وصل، تقدّم بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان الصعاليك(4) . فدخلت عليه ، فقلت :

في کلّ الأمور أرادوا إطفاء نورك ، والتقصير بك حتّى أنزلوك هذا الخان .

فقال : هاهنا أنت يا ابن سعید؟ ثمّ أومأ بيده، فإذا بروضات، و أنهار وجنان ، ففيها خیرات(5) و ولدان، فحار بصري، و کثر تعجّبي . فقال لي: حيث كنّا فهذا لنا(6)

ص: 680


1- «تردّ» البحار
2- «قال عليّ بن محمّد النوفلی: فلمّا شخص محمّد بن الفرج الى العسكر كتب له برضياعه فلم يصل الكتاب اليه حتىّ مات» البحار
3- عنه البحار : 50 /140 ح 25، و عن اعلام الوری : 358 ، و ارشاد المفيد :372 نقلاً عن الكليني . ورواه في الكافي : 1 /500 ح 5 باسناده عن محمّد بن الفرج مفصلاً ، عنه إثبات الهداة : 6 /215 ح7 مختصراً، ومدينة المعاجز : 539ح6، ومعجم رجال الحديث : 17 /147 وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3 /516 ، و ثاقب المناقب : 463 (مخطوط) عن محمد بن الفرج. وأخرجه في إثبات الوصية: 244 عن دلائل الحميري ، وكشف الغمة :2 /380 عن الارشاد
4- خان الصعاليك : المكان الذي ينزله الفقراء
5- «وجنات فيها حور» ط ، ه
6- عنها ثبات الهداة: 6 /214 ح5 ، وعن الکافی : 1 /498 ح 2 باسناده عن صالح بن سعید ورواه في بصائر الدرجات : 406 ح7 و ص 407 ح11 من طريقين بالاسناد الى صالح بن سعيد ، عنه البحار : 50 /132 ح15 (وفيه بیان مفید، فراجع) ، وعن اعلام الوری: 365 نقلاً عن الكافي . وفی ارشاد المفيد : 376 باسناده عن الكليني ، عنه البحار : 50 /202 ضمن ح 11 ، وفي اختصاص المفيد : 319 ح 2 باسناده عن صالح بن سعيد . وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3 /514 ، و ثاقب المناقب : 470 (مخطوط) عن صالح بن سعيد ، والصراط المستقيم : 2 /205 ح20 مرسلاً و مختصراً . وأخرجه في مدينة المعاجز : 539 ح3 عن الكافي والبصائر والاختصاص ، وفي حلية الابرار : 2 /463 عن الكافي

11- ومنها : ماروي عن أبي يعقوب، قال: رأيت أبا الحسن (علیه السلام) مع أحمد بن الخصيب(1) يتسايران ، وقد قصر عنه أبو الحسن (علیه السلام) فقال له ابن الخصيب : سر !

فقال أبو الحسن (علیه السلام): أنت المقدم.

فما لبثنا [إلّا](2) أربعة أيّام حتّى وضع الدهق(3) على ساق ابن الخصيب، وقتل .

وقد ألحّ قبل هذا ابن الخصيب على أبي الحسن (علیه السلام) في الدار الّتي قد نزلها و طالبه بالانتقال منها ، وتسليمها إليه .

فقال له أبو الحسن (علیه السلام): لأقعدنّ لك من الله مقعداً لايبقى لك معه باقية .

فأخذه الله في تلك الأيّام وقتل.(4)

ص: 681


1- هو أبو العباس أحمد بن الخصيب بن عبدالحميد الجرجرائی، وزر للمنتصر و المستعين ثمّ نفاه المستعين إلى المغرب سنة 248، و كان أبوه أمير مصر في دولة الرشید ، توفی سنة خمس وستين ومائتين . راجع سير أعلام النبلاء : 12 /553 ، والعبر : 1 /379
2- من البحار
3- «الوهق» خ ط ، والبحار . الدهق : خشبتان يعصر بهما الساق للتعذيب
4- عنه البحار : 50 /139 ح23 ، وعن اعلام الوری : 359 عن أبي يعقوب ، و ارشادالمفيد : 373 باسناده عن أبي يعقوب . و رواه في الكافي : 1 /501 ذح 6 باسناده عن أبي يعقوب، عنه إثبات الهداة : 6 /217 ح11 ، ومدينة المعاجز : 540 ح 9. وأورده في مناقب ابن شهر آشوب : 3 /511 ، و ثاقب المناقب : 464 (مخطوط) عن أبي يعقوب . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /380 عن الارشاد

فصل-في أعلام الحسن بن على العسكري عليهما السلام

1- عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت في الحبس(1) مع جماعة، فحبس أبو محمّد (علیه السلام) وأخوه جعفر، فخففنا(2) له، وقبّلت وجه الحسن، وأجلسته على مضربة(3) كانت تحتي(4) ، و جلس جعفر قريباً منه . فقال جعفر : واشيطناه. بأعلى صوته – یعني جارية له - فزجره أبو محمّد (علیه السلام) وقال له: اسكت.

وكان المتولّي لحبسه صالح بن وصيف، و كان معنا في الحبس رجل جمحيّ يدعي(5) أنّه علوي، فالتفت أبو محمّد (علیه السلام) وقال: لولا أنّ فيكم من لیس منکم، لأعلمتكم متى يفرّج الله عنكم . وأومأ إلى الجمحيّ، فخرج، فقال أبو محمّد (علیه السلام): هذا الرجل ليس منکم، فاحذروه ، وإنّ في ثيابه قصّة قد كتبها إلى السّلطان يخبره بما تقولون فيه . فقام بعضهم ففتّش ثيابه، فوجد فيها القصّة يذكرنا [فيها] بكل عظيمة، ويعلمه على أنّا نريد أن نثقب الحبس(6) ونهرب .(7)

ص: 682


1- «المجلس» م
2- أي أنسنا به، وارتحنا له
3- المضربة : كساء أو غطاء كاللحاف ذو طاقين مخيطين خياطة كثيرة، بينهما قطن و نحوه
4- «عندی» ط ، والبحار
5- «يقول» م
6- «أنّا ننقب» م
7- عنه مدينة : المعاجز: 576 ح96. وعنه إثبات الهداة: 6 /313 ح 59، وعن اعلام الوری: 373 حيث أخرجه عن کتاب ابن عياش باسناده عن الهمداني ، عن علىّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفری. وعنه البحار : 50/254 ح10 ، وعن المناقب : 3 /536 . وأورده في ثاقب المناقب : 502 ، و الصراط المستقيم : 2 /209 ح 25، والفصول المهمّة : 286 ، ونور الابصار : 183عن أبي هاشم الجعفری . وأخرجه في احقاق الحق: 12 /471 عن الفصول المهمة، ونور الابصار

2- ومنها: ما قال أبو هاشم: إنّ الحسن (علیه السلام) كان يصوم ، فإذا أفطر أكلنا معه مما كان يحمله إليه غلامه ، في جونة(1) مختومة ، و كنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفت، فأفطرت في بيت آخر على كعكة، وما شعر بي أحد، ثمّ [جئت و] جلست معه. فقال لغلامه: اطعم أبا هاشم [شيئاً] فإنّه مفطر. فتبسمت، فقال: ما يضحكک يا أبا هاشم؟ إذا أردت القوّة، فكل اللّحم، فإنّ الكعك لاقوّة فيه. فقلت: صدق الله ورسوله وأنتم عليكم السلام. فأكلت: فقال : افطر ثلاثاً فإنّ المنّة(2) لا ترجع لمن أنهكه(3)الصوم في أقل من ثلاث .

فلمّا كان في اليوم الّذي أراد الله أن يفرّج عنّا، جاءه الغلام، فقال: ياسيدي احمل فطورك؟ فقال : احمل وما أحسبنا نأكل منه . فحمل طعام الظهر، وأطلق عند العصر عنه ، وهو صائم . فقال : كلوا هداكم(4) الله .(5)

3- ومنها : روي عن یوسف بن محمّد بن زیاد ، وعلي بن سيّار قالا : حضرنا ليلة على غرفة لأبي محمّد الحسن بن عليّ الزكيّ (علیه السلام) - وقد كان الوالي في ذلك

ص: 683


1- الجونة : سلة مستديرة
2- المنة : - بضم الميم و تشديد النون - : القوة
3- «اذانهکه» م
4- «هناكم» ط ، ه
5- اضافة الى تخريجات الحديث السابق ، أخرجه في مستدرك الوسائل : 16 /340 ح 6 عنه وعن المناقب

الوقت معظّماً له – إذ جاء والي البلد ومعه رجل مكتوف، فقال: یابن رسول الله أخذت هذا على باب حانوت صيرفي، فلمّا هممت بضربه ، قال: إنّي من شيعة علي وشيعتك فكففت، فهل هو كذلك ؟

فقال : معاذ الله ما هذا من شيعة عليّ. فنحّاه و قال : ابطحوه. فبطحوه ، و أقام عليه جلادين ، وقال : أوجعاه. فأهویا إليه بعصيّهما، فكانا لا يصيبانه و إنّما يصيبان الأرض.

قال: فردّه الوالي إلى الإمام أبي محمّد (علیه السلام) فقال: عجباً لقد رأيت له من المعجزات ما لا يكون إلّا للانبياء .

فقال الحسن بن علي (علیه السلام): أو للاوصياء. ثمّ قال: إنّما هي لنا، وهو لنا محب(1) .

فقال الوالي : ما الفرق بين الشيعة و المحبّين ؟

فقال : شیعتنا هم الّذين يتبعون آثارنا ، و يطيعوننا في جميع أوامرنا و نواهينا و من خالفنا في كثير ممّا فرضه الله فليس من شیعتنا .(2)

4- ومنها: ما قال أبو هاشم: ما دخلت قطّ على أبي الحسن وأبي محمّد (علیهما السلام) إلّاورأيت منهما دلالة و برهاناً، فدخلت على أبي محمّد (علیه السلام)ذوأنا أريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبرك به ، فجلست وأنسيت ما جئت له ، فلمّا أردت النهوض رمي إليّ بخاتم ، وقال: أردت فضّة فأعطيناك خاتماً، وربحت الفصّ والكراء ، هنّاك الله.(3)

ص: 684


1- «لنا من المحبين» خ ل
2- رواه مفصلاً في التفسير المنسوب للإمام العسکری (علیه السلام) : 316 ح 161، عنه الوسائل: 11/ 83 ح 1 ، والبحار : 68 /160 ، ومدينة المعاجز : 569 ح58 . وأورده في الصراط المستقیم: 2 /209 ح 26 مختصراً
3- عنه مدينة المعاجز : 576 ح 97 . وعنه البحار: 50 /254 ح 8 ، وعن المناقب : 3 /536 ، وعن اعلام الوری : 375 نقلاً من كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري لابن عياش . وعنه إثبات الهداة: 6 /293 ح 25، و عن الكافي :1 /512 ، ح 21 باسناده إلی أبی هاشم الجعفري ، وعن كشف الغمة : 2 /421 نقلاً من دلائل الحميري باسناده الى الجعفري ، وعن اعلام الوری . وأورده مرسلاً في الصراط المستقيم : 2 /209 ح27. وأخرجه في حلية الأبرار : 2 /492 ، ومدينة المعاجز : 563 ح 24 عن الكافی و کتاب أخبار أبي هاشم

5- ومنها : ما قال أبو هاشم : سأله الفهفكي : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ، ويأخذ الرجل القوي سهمين ؟

قال : لأنّ المرأة ليس عليها جهاد، ولا نفقة، ولا عليها معقلة(1) ، إنّما ذلك على الرجال.

فقلت في نفسي : قد كان قيل لي: أنّ ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله (علیه السلام)عن هذه المسألة، فأجابه بمثل هذا الجواب(2).

فأقبل (علیه السلام) عليّ ، فقال: نعم هذه مسألة ابن أبي العوجاء ، و الجواب منّا واحد إذا كان معنى المسألة واحداً، جرى لآخرنا ما جرى لأولنا، و أولنا و آخرنا في العلم والأمر سواء ، و لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولأمير المؤمنين (علیه السلام) فضلهما .(3)

ص: 685


1- المعقلة : الدية . لسان العرب : 11 /462 . وفي م : معلقة . وهو تصحيف
2- روی مسألة ابن أبي العوجاء لابی عبدالله عليه السلام البرقي في المحاسن : 329 ح 89 وفي الكافي : 7 /85 ح1، وفي الفقيه : 4 /350 ح 5757 ، وفي التهذيب : 9 /275 ح 3، وفي علل الشرائع :570 ح 3، وفي مصادر اخرى كثيرة
3- عنه البحار : 104 /328 ح 8. وعنه الوسائل : 17 /437 ح3، وعن الكافي : 7 /85 ح 2 باسناده إلى أبي هاشم وعن التهذيب : 9 /274 ح 2 باسناده عن محمّد بن يعقوب الكليني ، وعن كشف الغمة: 2 /420 نقلاً من دلائل الحميري . وعنه البحار : 50 /255 ح 11، وعن المناقب : 3 /536 مرسلاً ، عن اعلام الوری: 374 نقلاً من كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري ، وعن کشف الغمّة . وعنه إثبات الهداة: 6 /296 ح 32 وعن الكافي واعلام الوری و کشف الغمّة

6- ومنها : ماقال أبوهاشم: إنّي قلت في نفسي: أشتهي أن أعلم مايقول أبو محمّد (علیه السلام) في القرآن، أهو مخلوق أو إنّه غير مخلوق؟ والقرآن سوی الله .

فأقبل عليّ فقال : أما بلغك ما روي عن أبي عبد الله (علیه السلام) لمّا نزلت «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » خلق الله لها أربعة آلاف جناح، فما كانت تمرّ بملأ من الملائكة إلّا خشعوا لها، وقالوا (1) : هذه نسبة الرب تبارك وتعالى .(2)

7- ومنها: ما قال أبوهاشم : سمعت أبا محمّد (علیه السلام)يقول : إنّ الله ليعفو يوم القيامة عفواً لا يخطر على بال العباد، حتّى يقول أهل الشرك : «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ »(3) فذكرت في نفسي حديثاً حدّثني به رجل من أصحابنا من أهل مكّة أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قرأ «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاً»(4) فقال رجل: من أشرك .

فأنكرت ذلك ، و تنمّرت للرجل ، فأنا أقوله في نفسي إذ أقبل عليّ فقال :

«إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»(5) بئسما قال هذا(6) و بئسما روی .(7)

8- ومنها : ما قال أبوهاشم: سأل محمّد بن صالح الأرمني أبا محمّد (علیه السلام) عن قوله تعالى : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ» (8) فقال : له الأمر من قبل أن يأمر

ص: 686


1- « قال» م
2- عنه البحار : 50 /254 ح 9 وج 92/ 350 ح 19، ومدينة المعاجز : 576 ح93. وروی نحوه عباد العصفري في أصله : 15 باسناده عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه، عن أبی جعفر عليه السلام ، عنه مستدرك الوسائل : 4 /284 ح 2
3- سورة الأنعام : 23
4- سورة الزمر : 53
5- سورة النساء : 48
6- «ذلك الرجل» ط ، ه
7- عنه البحار : 6 /6 ح12 وج 50 /256 ح 12 ، و إثبات الهداة : 6 /325 ح 81، ومدينة المعاجز : 576ح 94. وأورده في الصراط المستقيم : 2 /209 ح28 مرسلا
8- سورة الروم :4

به ، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء ، فقلت في نفسي : هذا قول الله: «أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ »(1) ، فأقبل عليّ وقال : هو كما أسررت في نفسك «أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ».

قلت : أشهد أنّك حجّة الله و ابن حججه على عباده(2).

9 - ومنها: ماقال أبوهاشم: أنّه سأله عن قوله تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ »(3)

قال : كلّهم من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، الظالم لنفسه: الّذي لايقرّ بالأمام، والمقتصد: العارف بالاإمام، والسابق بالخيرات باذن الله : الإمام .

فجعلت أفكّرفي نفسي عظم ما أعطى الله آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و بكيت ، فنظر إليّ وقال : الأمر أعظم ممّا حدثت به نفسك من عظم شأن آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فاحمد الله أن(4) جعلك مستمسكاً بحبلهم، تدعى يوم القيامة بهم، إذا دعي کلّ أناس بإمامهم إنّك على خير .(5)

10- ومنها : ما قال أبوهاشم : سأله محمّد بن صالح الأرمني عن قوله تعالى: «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»(6)

ص: 687


1- سورة الأعراف : 54
2- عنه مدينة المعاجز : 576 ح 95. وعنه البحار : 4 /115 ح 41 وج. 50 /257 ح 3 ، وعن كشف الغمة : 2 /420 نقلاً من دلائل الحميري باسناده الى أبي هاشم . وأورده في المناقب : 3 /535 ، و ثاقب المناقب: 493 عن أبي هاشم
3- سورة فاطر: 32
4- «فقد» م . «اذ» ه
5- عنه مدينة المعاجز : 576 ح 98. وعنه البحار : 50 /258 ح18 ، وعن كشف الغمة : 2 /419 نقلاً من دلائل الحمیری باسناده إلی أبی هاشم. وأخرجه في البحار : 23 /218 ح18عن كشف الغمة
6- سورة الرعد : 39

فقال : هل يمحو إلّا ما كان ؟ و هل يثبت إلّا ما لم يكن ؟.

فقلت في نفسي: هذا خلاف قول هشام بن الحكم: أنّه لا يعلم بالشيء حتّى يكون.

فنظر إليّ ، فقال : تعالي الجبّار العالم بالأشياء قبل كونها .

قلت: أشهد أنّك حجّة الله .(1)

11. ومنها: ما قال أبوهاشم : سمعته يقول : [من] الذنوب الّتي لاتغفر : قول الرجل : «ليتني لا أؤاخذ إلّا بهذا»، فقلت في نفسي : إنّ هذا لهو الدقيق(2)، وينبغي للرجل أن يتفقّد من نفسه کلّ شيء .

فقال: صدقت يا أباهاشم، الزم ماحدّثتك به نفسك فإنّ الشرك في الناس أخفى من دبيب [النمل على الصفا - أو قال:] الذرّ (3) على الصفا - في اللّيله الظلماء.(4)

ص: 688


1- عنه البحار : 50 /257 ح 14، ومدينة المعاجز : 577ح 103. و عنه البحار : 4 /90 ح33 ، و عن كشف الغمة : 2 /419 ، نقلاً من دلائل الحمیری باسناده إلی أبی هاشم . و عنه إثبات الهداة : 6 /312 ح57 و عن كشف الغمة ، و عن غيبة الطوسی : 264 باسناده إلى سعد بن عبدالله ، عن أبي هاشم . وأورده في ثاقب المناقب : 495 عن أبي هاشم ، عنه مدينة المعاجز : 577ح 103. وأورده مرسلاً في إثبات الوصية : 241.
2- الدقيق هنا: الامر الغامض
3- دب دبيباً : مشي مشياً رويداً ، على هينة . والذرّ : صغار النمل . والصفا : العريض من الحجارة ، الاملس
4- عنه البحار: 50 /250 ح 4 ، وعن غيبة الطوسی : 123 باسناده عن سعد ، عن أبي هاشم وعن اعلام الوری : 374 نقلاً من كتاب ابن عياش باسناده إلی أبی هاشم ، وعن کشف الغمة : 2 /420 نقلاً من دلائل الحمیری . وعنه إثبات الهداة : 6 /306 ح 49 و عن المصادر المذكورة آنفاً ، وعن تنبیه الخواطر:2 /7. وأورده في المناقب : 3 /538 ، و ثاقب المناقب : 496 مرسلاً . وأخرجه في إثبات الوصية : 242 عن دلائل الحمیری . وفي البحار : 73 /359 ح 78، ومستدرك الوسائل : 11 /351 ح3 عن الغيبة

12- ومنها: ماقال أبوهاشم:سمعته (علیه السلام) يقول: إنّ في الجنّة لباباً يقال له «المعروف» لايدخله إلّا أهل المعروف. فحمدت الله في نفسي ، و فرحت بما أتكلّف من حوائج الناس ، فنظر إليّ، وقال: نعم، فدُم على ما أنت عليه، فإنّ أهل المعروف في دنياهم هم أهل المعروف في اخراهم(1) جعلك الله منهم .(2)

13- ومنها: ما قال أبوهاشم : دخل الحجّاج بن سفيان(3) العبدي على أبي محمد (علیه السلام) فسأله عن المبايعة ، قال: ربّما بايعنا الناس فتواضعهم المعاملة(4) إلى الأصل .

قال : لا بأس ، الدينار بالدينارين، بينهما خرزة(5).

فقلت في نفسي : هذا شبه مايفعله المربيون(6). فالتفت إليّ ، فقال : إنّما الربا الحرام ماقصد به الحرام(7)، فإذا جاوزت حدود الربا و زويت عنه فلابأس ، الديناربالدينارين يداً بيد ، ويكره ألاّ يكون بينهما شيء يوقع عليه البيع.(8)

ص: 689


1- «الدنيا : أهل المعروف في الاخرة» ط ، ه
2- عنه البحار : 50 /258 ح 16 و عن المناقب : 3 /532 ، و عن اعلام الوری : 375 نقلاً من كتاب ابن عياش ، وعن كشف الغمة: 2 /420 نقلاً من دلائل الحمیری، جميعاً عن أبی هاشم الجعفری . وعنه إثبات الهداة : 6 /315 ح 61 وعن اعلام الوری و کشف الغمّة . وعنه مستدرك الوسائل : 12 /343 ح 19 وعن المناقب . وأورده في ثاقب المناقب: 492 عن أبي هاشم
3- «يوسف» م ، ه ، راجع ص448 ح 34
4- «بايعت الناس فتوضعتهم المواضعة» البحار
5- الخرز : فصوص من حجارة ، واحدتها خرزة
6- «المغربيون» م
7- «إلى الحرام» م . «ماقصدته» البحار: 50 بدل «ما قصد به الحرام»
8- عنه البحار: 50 /258 ح17 و ج 103 /121 ح 32، واثبات الهداة : 6 /327 ح 84.

فصل- في أعلام الإمام وارث الانبياء والاوصیاء، حجة الله على خلقه، صاحب المرئي والمسمع «م ح م د» بن الحسن المهدي عليه من الصلوات أفضلها ومن التحيات أكملها صاحب الزمان عليه السلام

1- عن أبي سعيد الخراساني، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (علیهما السلام): [ قال ]: إذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة ، نادى مناد(1) :

« ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً».

ويحمل معه حجر موسی بن عمران (علیه السلام) الّذي انبجست(2) منه اثنتا عشرة عيناً فلا ينزل منزلاً إلا نصبه ، فانبعثت(3) منه العيون ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآناً روي(4) ، فيكون زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة ، فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائماً، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان عطشاناً روي.(5)

ص: 690


1- «مناديه» البحار
2- أي انفجرت ، ومنه قوله تعالى : «فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا» الأعراف: 160
3- «فانبجست» ط ، ه والبحار
4- «عطشاناً فاروی» ط ، ه
5- عنه البحار : 52/ 325 . ورواه في بصائر الدرجات : 188 ح53 ، وفي الكافي : 1 /231 ح3 باسنادهما إلى أبي سعيد الخراسانی . ورواه الشيخ الصدوق في كمال الدين : 670 ح17 باسناده إلی أبی الجارود . ورواه في منتخب الانوار المضيئة : 199 باسناده إلى الشيخ الصدوق

2- ومنها: ماروی أبو بصير ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) : قلت له: إنّي أريد أن أمسّ صدرك . قال : افعل . فدنوت منه و مسست صدره ومنكبيه ، فقال : ما تريد بهذا ؟

قلت : إنّي سمعت أباك يقول :

إنّ القائم منّا واسع الصدر، مشرف المنكبين (1) عريض ما بينهما .

قال : إنّ أبي لبس درع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فكان يرفع ذيلها، و لبستها، فكان كذاك و هي على صاحب هذا الأمر مشمّرة(2) كما كانت على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .(3).

3- ومنها : ماروي عن أبي القاسم بن أبي حليس(4) قال: كتبت في إنفاذ خمسين دیناراً لقوم مؤمنين ، منها عشرة دنانير لابنة (5) عمّ لي، لم تكن من الايمان على شيء فجعلت اسمها آخر الرقعة و الفصول ، ألتمس بذاك الدلالة في ترك الدعاء لها .

فخرج في فصول المؤمنين : «تقبّل [ الله ] منهم و أحسن إليهم وأنابك».و لم يدع لابنة عمّي بشيء .(6)

4- ومنها : ما قال ابن أبي حليس أيضاً : وأنفذت أيضاً دنانير لقوم مؤمنين و أعطاني رجل يقال له : «محمّد بن سعيد» دنانير. فأنفذتها باسم أبيه متعمّداً ، و لم يكن من دين الله على شيء، فخرج الوصول باسم من غيّرت اسمه «محمّد» .(7)

5- ومنها :ما قال أيضاً : وحملت في هذه السنة - الّتي ظهرت لي فيها الدلالة -

ص: 691


1- أي عالي المنكبين
2- أي مرفوعة
3- عنه البحار : 52/ 319 ح20 وعن بصائر الدرجات : 188 ح55 باسناده إلی أبی بصیر وأخرجه في إثبات الهداة : 7/ 42 ح393، وحلية الابرار : 2/ 577 عن البصائر
4- «حبيس» م و كذا في الحديث التالي . تقدمت ترجمته في ص443 ح 24.
5- «لابن» البحار ، و كذا في الموضع التالي ، و الضمائر مذكرة
6- عنه البحار : 51/ 332 وعن كمال الدين : 494 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبي القاسم . وأخرجه في إثبات الهداة : 7 /307 ح 61 و 62 عن كمال الدين.
7- عنه البحار : 51 /332 وعن كمال الدين : 494 باسناده عن أبيه ، عن سعد بنعبدالله ، عن أبي القاسم . وأخرجه في إثبات الهداة : 7/ 307 ح 61 و 62 عن كمال الدين.

ألف دينار، بعث بها أبوجعفر ومعي أبوالحسين محمّد بن محمّد بن خلف ، وإسحاق ابن الجنيد ، فحمل أبوالحسين الخرج إلى الدور ، واكترينا ثلاثة أحمرة ، فلمّا بلغنا القاطول(1) ، لم نجد حميراً، فقلت لأبي الحسين: احمل الخرج الّذي فيه المال واخرج مع القافلة حتّى أتخلّف في طلب حمار لاسحاق بن جنید یرکبه فإنّه شيخ.

فاکتريت له حماراً و لحقت بأبي الحسين في الحير(2) بسرّ من رأي و أنا أسايره

وأقول: احمد الله على ما أنت [ عليه ].

فقال : وددت أنّ هذا العمل دام لي . فوافيت سرّ من رأى وأوصلت ما معنا فأخذه الوكيل بحضرتي و وضعه في منديل و بعث به مع غلام أسود .

فلمّا كان العصر جاءني برزمة خفيفة ، ولمّا أصبحنا خلا بي أبوالقاسم ، وتقدّم أبو الحسين وإسحاق. فقال لي أبوالقاسم : الغلام الّذي حمل الرزمة ، جاءني بهذه الدراهم فقال : ادفعها إلى الرسول ( الّذي حمل الرزيمة ، فأخذتها منه .

فلمّا خرجت من باب الدار قال لي أبو الحسين - من قبل أن أنطق)(3) أو يعلم أنّ معي شيئاً - : لمّا كنت معك(4) تمنّيت أن تجيئني منه دراهم أتبرّك بها وكذلك عام أول حيث كنت معك بالعسكر . فقلت له : خذها قد أتاك بها .(5)

ص: 692


1- القاطول : نهر كان في موضع سامراء قبل أن تعمر . معجم البلدان : 4 /297
2- كذا في كمال الدين ، والظاهر أنّه الأنسب ، في معجم البلدان : 2 /328 : الحير : اسم قصر كان بسامراء بناه المتوكّل . وفي م ، ه «الخرجة» قال عنها الحموي في معجم البلدان : 2 /358 نقلاً عن العمراني: اسم ماء .ولم يحدد موقعه
3- كذا في كمال الدين والبحار ، وفي م «قبل أن ينطلق»
4- «لم أكتب معك و کنت» م ، ه
5- عنه البحار : 51 /332 وعن كمال الدين : 495 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله عن أبي القاسم. وأخرجه في إثبات الهداة : 7 /308 ح63 عن كمال الدين.

6 - منها : ما روی مفضّل عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال : أتدري ما كان قميص يوسف ؟ قلت له : لا.

قال : إنّ إبراهيم (علیه السلام) لمّا أوقدت له النار ، أتاه جبرئيل (علیه السلام) بثوب من الجنّة فألبسه(1) إيّاه، فلم يضرّه معه حرّ ولابرد، فلمّا حضر إبراهيم (علیه السلام) الموت، جعله في تميمة وعلّقها على إسحاق ، وعلّقه إسحاق علی یعقوب ، فلمّا ولد يوسف، علّقه عليه ، فكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان .

فلمّا أخرجه من التميمة يوسف بمصر ، وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله تعالی حاكياً عنه : «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ»(2)

فهو ذلك القميص الّذي أنزل من الجنّة .

قلت : جعلت فداك فإلی من صار ذلك القميص ؟

قال: إلى أهله، وهو [مع ] قائمنا إذا خرج ، يجد المؤمنون ريحه شرقاً وغرباً.

ثم قال : کلّ نبيّ ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .(3)

7- ومنها : ماروي عن إبراهيم الكرخي : حدّثنا نسيم خادم أبي محمّد(علیه السلام):

ص: 693


1- «فكساه» خ ل
2- سورة يوسف: 94
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 200. وعنه البحار : 52/ 327 ح 45 وعن كمال الدين . ورواه في بصائر الدرجات : 189 ح57 ، وفي تفسير القمی: 331 ، وفي الكافي: 1/ 232 ح5 ، و في تفسير العياشي : 2 /193 ح 71، وفي كمال الدين : 142 ح10، وص 674 ح2 8، وفي علل الشرائع : 531 ح2. وأورده في الصراط المستقيم : 2 /253 مرسلاً . وأخرجه في البحار : 12/ 248 ح14 عن تفسیری القمي والعياشي و كمال الدين والملل وفي ج 17/ 135 ح13 عن الكافي، و فيه في ص 143ح 30 وفي ج 26/ 214 ح 28 عن البصائر والعلل . وفي حلية الأبرار: 2/ 580 عن ابن بابویه.

قال لي صاحب الزمان (علیه السلام) وقد دخلت عليه بعد عشرة أيّام من مولده ، فعطست عنده.

فقال : يرحمك الله . ففزعت، فقال لي : ألا أبشّرك في العطاس؟ فقلت : بلى.

قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيّام .(1)

8- ومنها : ماروي عن أبي أحمد [بن](2) راشد ، عن بعض إخوانه من أهل المدائن، قال: كنت مع رفيق لي حاجّاً قبل الأيّام، فإذا شاب قاعد و عليه إزار ورداء فقوّمناهما مائة وخمسين ديناراً ، و في رجله نعل صفراء ما عليها غبار ولا أثر السفر فدنا منه سائل، فتناول من الأرض شيئاً فأعطاه ، فأكثر له السائل الدعاء، وقام الشابّ و ذهب و غاب .

فدنونا من السائل فقلنا : ما أعطاك ؟ فأرانا حصاة من ذهب ، قدّرناها عشرین دیناراً ، فقلت لصاحبي : مولانا معنا ولانعرفه ؟! إذهب بنا في طلبه .

فطلبنا الموقف كلّه فلم نقدر عليه، ثمّ رجعنا فسألنا عنه من كان حوله .

ص: 694


1- عنه کشف الغمة : 2 /500. وعنه إثبات الهداة : 7 /293 ح 35 وعن غيبة الطوسی و کمال الدین . ورواه في كمال الدين : 430 ذح5 وص441 ح11 باسناده من طريقين إلى نسیم ،عنه الوسائل: 8 /461 ح 1، و البحار : 51 /5 ح 7 وج 52 /30 ح 24 و ج 76 /54 ح 12 . ورواه في غيبة الطوسی : 139 باسناده الى محمّد بن يعقوب يرفعه إلى نسیم ، عنه أعلام الوری : 420، والبحار : 61 /5 ح8، وعنه حلية الأبرار : 2 /544 وعن كمال الدين ورواه في الهداية الكبرى : 358، وفي إثبات الوصية : 252 بالاسناد الى نسیم ، عنهما مستدرك الوسائل : 8 /383 ح 1. وأورده في الصراط المستقیم : 2 /235 عن ابراهيم
2- كذا في موردین من الكافي ، ومعجم رجال الحديث : 21 /12

فقالوا : شاب علوي من المدينة يحجّ في کلّ سنة ماشياً .(1)

9- ومنها: ماروی نصر بن صباح(2) البلخيّ ، عن محمّد بن يوسف الشاشي(3)

قال: خرج باسور(4) على مقعدي، فأريته الأطبّاء، وأنفقت عليه مالاً، فقالوا: لا نعرف له دواء ، فكتبت رقعة على يدي امرأة تختلف إلى الدار ، أسأله الدعاء .

فوقّع : «ألبسك الله العافية ، وجعلك معنا في الدنيا والآخرة».

فما أنت علي جمعة حتّى عوفيت وصارت مثل راحتي.(5)

10 - ومنها : ماقال محمّد بن يوسف الشاشي: إنّني لمّا انصرفت من العراق كان عندنا رجل بمرو يقال له «محمّد بن الحصين الكاتب» وقد جمع مالاً للغريم(6)

ص: 695


1- عنه البحار : 52/ 59 ح43 ، ومدينة المعاجز : 616ح 99 . ورواه في الكافي : 1 /332 ح15 عن عليّ بن محمّد ، عن أبي أحمد، عنه مدينة المعاجز : 598 ح 22 ، ومستدرك الوسائل : 3/ 241 ح6 و ج 8 /49 ح2
2- «أبی، ه، مبدل «نصر بن صباح» و ما في المتن هو الصحيح كما في الكافي والارشاد ومعجم رجال الحدیث: 19/ 194
3- «الشاسی» م «الشامي» خ ل «الساشی» : خ ل ، وكذا في الحديث الآتی ، وأشار لهذه الاختلافات في معجم رجال الحديث : 18/ 78 . والظاهر أنّ ما في المتن هو الصحيح نسبة الى الشاش : وهي مدينة وراء نهر سيحون خرج منها جماعة من العلماء. راجع وفيات الأعيان : 4/ 201
4- «ناسور» الكافي والارشاد . و كلاهما علة تحدث في المقعدة . لسان العرب : 4/ 59 وج 5/ 205
5- عنه البحار : 51/ 297 ح 14 وعن الكافي وعن الارشاد . ورواه في الكافي : 1/ 519 ح 11 عن علي بن محمد، عن نصر بن صباح، عنه إثبات الهداة: 7/ 276 ح 10 ، ومدينة المعاجز : 600ح 31. ورواه المفيد في الارشاد :398 عن ابن قولويه، عن الكلینی، عنه کشف الغمة :2/ 451.
6- قال الشيخ المفيد في الارشاد : 400 : هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديماً بينها ويكون خطابها عليه السلام للتقية

فسألني عن أمر الغريم، فأخبرته بما رأيته من الدلائل ، فقال : عندي مال للغريم فأيش تأمرني ؟ فقلت: وجّهه إلى حاجز(1). فقال لي: فوق حاجز أحد؟ فقلت: نعم، الشيخ(2) .

فقال: إذا سألني الله عن ذلك أقول إنّك أمرتني؟ قلت: نعم.

قال: فخرجت من عنده، فلقيته بعد سنين فقال: هو ذا أخرج إلى العراق ومعي مال الغريم، وأعلمك أنّي وجّهت بمائتي دينار على يد العامر بن يعلى الفارسي، و أحمد ابن علي الكلثومي، وكتبت إلى الغريم بذلك، و سألته الدعاء ، فخرج الجواب بما وجّهت، و ذكر أنّه كان له قبلي ألف دينار، و أنّي وجّهت إليه بمائتي دينار لأنّي شککت ، إنّ الباقي له عندي ، فكان كما وصف، و قال : إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الأسدي بالريّ. فقلت: أ فكان كما كتب إليك؟

قال: نعم وجّهت بمائتي دينار لأنّي شككت، فأزال الله عنّي ذلك، فورد موت حاجز بعد يومين أو ثلاثة ، فصرت إليه ، فأخبرته بموت حاجز ، فاغتمّ.

فقلت: لاتغتمّ ، فإنّ ذلك دلالة لك، في توقيعه إليك، وإعلامه أنّ المال ألف دينار .

و الثانية : أمره بمعاملة الأسدي لعلمه بموت حاجز .(3)

11- و منها : ماقال محمّد بن الحسين : إنّ التميمي حدّثني عن رجل من أهل أسد آباد (4) قل: صرت إلى العسكر ومعي ثلاثون ديناراً في خرقة ، منها دينار شاميّ

ص: 696


1- هو حاجز بن يزيد، عده في ربيع الشيعة من وكلاء الحجة ، راجع معجم رجال الحدیث: 4/ 189 ، ومجمع الرجال : 2/ 67
2- «العابد» البحار
3- عنه البحار : 51/ 294 ح 5 ، و إثبات الهداة : 7 /344 ، ومدينة : 616 ح 100 . ورواه الشيخ الطوسي في الغيبة : 257 بالاسناد الى الكليني، باسناده الى الشاشی ، عنه البحار : 51 /363 ح 10، واثبات الهداة : 7 /343 ح 114
4- « استراباد» ط والبحار و إثبات الهداة

فوافيت الباب و إنّي لقاعد، إذ خرج إليّ جارية أو غلام [الشكّ منّي] قال: هات ما معك. قلت: ما معي شي.

فدخل ثمّ خرج فقال: معك ثلاثون دیناراً في خرقة لونها أخضر(1) ، منها دینار شامي ومعه خاتم کنت تمنّيته(2)، فأوصلته ما كان معي، وأخذت الخاتم. (3)

12- ومنها : ما قاله : إنّ مسروراً الطبّاخ قال: كتبت إلى الحسن بن راشد لضيقة أصابتني، فلم أجده في البيت ، فانصرفت، فدخلت مدينة أبي جعفر ، فلمّا صرت في الرحبة، حاذاني رجل لم أر وجهه، وقبض على یدي و دسّ فيها صرّة بيضاء، فنظرت فإذا عليها كتابة فيها اثناعشرة دیناراً وعلى الصرّة مكتوب : «مسرور الطبّاخ».(4)

13 - ومنها : ماروي عن جعفر بن حمدان، عن حسن بن حسين الاسترابادي(5) قال: كنت في الطواف ، فشككت فيما بيني وبين نفسي في الطواف ، فإذا شابّ قد استقبلني ، حسن الوجه ، قال: طف أسبوعاً آخر .(6)

14 - ومنها : ماقال : وحدّثنا محمّد بن شاذان بالتنعيم(7) قال: اجتمعت عندي خمسمائة درهم تنقص عشرون درهماً، فأتممتها من عندي، وبعثت بها إلى محمّد بن

ص: 697


1- «خضراء» البحار، بدل «لونها أخضر»
2- «و خاتم کنت نسيته» البحار
3- عنه البحار : 51 /294 ح 6، واثبات الهداة : 7 /347 ح 122 ، ومدينة المعاجز : 616 ح101
4- عنه البحار : 51 /295 ح 7، واثبات الهداة : 7 /348 ح 123 ، و مدينة المعاجز :616 ح 102.
5- كذا في ه والوسائل و إثبات الهداة . وفي م «الاستادمی» وفي خ ل «الاستانی».
6- عنه الوسائل : 9 /436 ح 13 : و إثبات الهداة : 7 /348 ح 124، و البحار :52 /60 ح44 ، ومدينة المعاجز : 616 ح103
7- موضع على فرسخين من مكّة ، وقيل : أربعة ، وسمّي بذلك لإنّ جبلاً عن يمينه يقال له: «نعیم» منه يحرم المكيون بالعمرة . معجم البلدان : 2 /49.

أحمد(1) القمّي ، ولم أكتب كم لي فيها، فأنفذ إليّ كتابه: «وصلت خمسمائة درهم لك فيها عشرون درهماً» .(2)

15- ومنها : ماروي عن أبي سليمان ، عن المحمودي ، قال : ولّينا الدينور(3) مع جعفر بن عبد الغفّار، فجائني الشيخ قبل خروجنا فقال: إذا وردت الريّ فافعل كذا و كذا . فلمّا وافينا الدينور ، وردت عليه ولاية الري بعد شهر ، فخرجت إلى الريّ فعلمت ما قال لي .(4)

16 - ومنها : ماقال : وحدّثنا علان الكليني(5) : حدّثنا الأعلم المصري ، عن

ص: 698


1- «أحمد بن محمد» م ، و فيه تقديم و تأخير ، وهو محمّد بن أحمد بن جعفر القمی وکیل الإمام الحجة عليه السلام . مجمع الرجال : 5 /127 . وفي بعض المصادر «الاسدیّ» بدل «محمد بن أحمد القمي». وهو محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي الكوفی عده الشيخ الطوسي في الغيبة: 257 من وكلاء الحجة عليه السلام ، وراجع مجمع الرجال :5 /177.
2- عنه البحار : 51 /295 ح8 و في ص 325 عنه و عن كمال الدين و الارشاد . وفي إثبات الهداة: 7 /284 ح 22 عنه وعن كمال الدين والكافي . ورواه الكليني في الكافی : 1 /523 ح23 باسناده الى محمّد بن شاذان ، عنه ارشاد المفيد : 401 ، وغيبة الطوسی : 258 ، واعلام الوری : 448، و مدينة المعاجز : 602 ح43. ورواه في كمال الدين : 485 ح 5، وص509ح38، وفي دلائل الإمامة : 286 بإسنادهما الى محمّد بن شاذان . وأورده في الصراط المستقيم : 2 /247 مرسلاً . وأخرجه في منتخب الانوار المضينة : 116 عن الشيخ المفيد.
3- مدينة من أعمال الجبل ، بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخاً. معجم البلدان:2 /545.
4- عنه البحار : 51 /295 ح 9
5- كذا في كمال الدين وكتب الرجال ، وفي م «علان بن حمك (حمیدخ ل)»، و في البحار: «غلال بن أحمد»، وفی إثبات الهداة «هلال بن أحمد» . وهو على بن محمّد بن ابراهيم بن أبان الرازي الكليني ، المعروف بعلان ، یكنّى أباالحسن ، ثقة عين ، له كتاب أخبار القائم علیه السلام . راجع رجال النجاشی : 260، ومعجم رجال الحديث : 12 /139 ، وغيرها

أبي الرجاء المصري - وكان أحد الصالحين - قال: خرجت في الطلب(1) بعد مضي أبي محمّد (علیه السلام)، فقلت في نفسي : لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين .

فسمعت صوتاً ولم أرشخصاً : « یا نصر بن عبد ربّه ، قل لأهل مصر: هل رأيتم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فآمنتم به ؟!».

قال أبوالرجاء : ولم أعلم أنّ اسم أبي «عبد ربّه» وذلك أنّي ولدت بالمدائن فحملني أبوعبد الله النوفلي إلى مصر ، فنشأت بها ، فلمّا سمعت الصوت لم أعرج على شيء وخرجت .(2)

17- ومنها: ماروي عن أحمد بن أبي روح قال : وجّهت إلى امرأة من أهل دینور، فأتيتها فقالت: يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا ديناً و ورعاً، وإنّي أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤدّيها وتقوم بها. فقلت: أفعل إن شاء الله تعالی

فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم ، لا تحلّه و لاتنظر فيه حتى تؤدّيه إلى من يخبرك بما فيه، وهذا قرطي(3) يساوي عشرة دنانير، وفيه ثلاث حبّات لؤلؤ تساوي عشرة دنانير ، ولي إلى(4) صاحب الزمان (علیه السلام) حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها .

ص: 699


1- أي طلب الإمام
2- عنه البحار : 51 /295 ح10، واثبات الهداة : 7 /348 ح 125 ، ومدينة المعاجز:616 و رواه في كمال الدين : 491 ح15 عن أبيه ، عن سعد ، عن علان ، عنه البحار :51 /330 ح 54
3- القرط: ما يعلق فی شحمة الأذن من در أو ذهب أو فضة أو نحوها
4- «عند» ط ، ه

فقلت : وما الحاجة ؟ قالت : عشرة دنانير استقرضتها أمّي في عرسي(1) لاأدري ممّن استقرضتها، ولا أدري إلى من أدفعها، فإن أخبرك بها، فادفعها إلى من يأمرك بها .

قال: و كنت أقول بجعفر(2) بن عليّ ، فقلّت هذه المحبّة(3) بيني و بين جعفر فحملت المال وخرجت حتّى دخلت بغداد، فأتيت حاجزبن يزيد الوشّاء، فسلّمت عليه وجلست، فقال : ألك حاجة؟ قلت : هذا مال دفع إليّ، لا أدفعه(4) إليك [حتّی] تخبرني كم هو ، و من دفعه إليّ ؟ فإن أخبرتني دفعته إليك .

قال: (لم أؤمر بأخذه، وهذه رقعة جاءتني بأمرك. فإذا فيها:

«لا تقبل من)(5) أحمد بن أبي روح ، توجّه به إلينا إلى سامراء»(6).

فقلت : لاإله إلا الله هذا أجلّ شيء أردته (7).

فخرجت و وافیت سامراء ، فقلت : أبدأ بجعفر ، ثمّ تفكّرت فقلت : أبدأ بهم فإن كانت المحبّة(8) من عندهم و إلّا مضيت إلى جعفر . فدنوت من دار(9) أبي محمّد (علیه السلام) فخرج إلي خادم فقال : أنت أحمد بن أبي روح ؟ قلت: نعم.

قال: هذه الرقعة اقرأها . فقرأتها فإذا فيها :

«بسم الله الرحمن الرحيم يا بن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديرانيّ کيساً فيه ألف درهم بزعمك ، وهو خلاف ما تظنّ ، وقد أدّيت فيه الأمانة ، ولم تفتح الكيس ولم تدر مافيه، وفيه ألف درهم وخمسون ديناراً صحاح، ومعك قرط(10) زعمت المرأة

ص: 700


1- «عرسها» م
2- في ط، والبحار : «فقلت في نفسي : وكيف أقول لجعفر» بدل «وكنت أقول بجعفر»
3- «فقلت : هذه المحنة» البحار
4- «لادفعه» م
5- «يا» البحار
6- «سرّ من رأی» ط ، ه ، والبحار ، و كذا في الموضع الاتی
7- «هذا الذي أردت» ط، ه
8- «المحنة» البحار
9- «باب» ط ، ه
10- «قرطان» م

أنّه يساوي عشرة دنانير ، صدقت ، مع الفصّين اللّذين فيه، وفيه(1) ثلاث حبّات لؤؤ شراؤها بعشرة دنانير، وهي تساوي أكثر ، فادفع ذلك(2) إلى جاريتنا(3) فلانة فإنّا قد وهبناه لها ، وصر إلى بغداد و ادفع المال إلى حاجز ، وخذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك .

وأمّا العشرة دنانير الّتي زعمت أنّ أمّها استقرضتها في عرسها ، وهي لاتدري من صاحبها، بل هي تعلم لمن، هي(4) لكلثوم بنت أحمد، وهي ناصبيّة ، فتحيّرت (5)أن تعطيها إيّاها، و أوجبت(6) أن تقسّمها في إخوانها(7)، فاستأذنتنا في ذلك ، فلتفرّقها في ضعفاء إخوانها .

ولاتعودنّ یا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحبّة(8) له، و ارجع إلى منزلك فإنّ عدوّك(9) قد مات، وقد ورثك(10) الله أهله وماله».

فرجعت إلى بغداد ، و ناولت الكيس حاجزاً فوزنه(11) فإذا فيه ألف درهم وخمسون ديناراً ، فناولني ثلاثين ديناراً، وقال: أمرت(12) بدفعها إليك لنفقتك.

فأخذتها وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه (فاذا أنا بفيج(13) وقد جاءني من منزلي يخبرني بأنّ حموي)(14) قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم .

ص: 701


1- «فيهما ، وفيهما» م
2- «فادفعها»م
3- «خادمتنا» ه ، «خادمتنا الى» ط ، والبحار
4- «هی هی» خ ط ، م
5- « فتحرجت» ط ، والبحار
6- «وأحبت» ط ، ه ، والبحار
7- «أخواتها» البحار ، و كذا في الموضع الاتی
8- «و المحنة» البحار
9- «عمّك» البحار
10- «رزقك» ط ، ه ، والبحار
11- في النسخ المعتمدة : «فوزنته»
12- «امرنا» م
13- الفيج : هو الذي يسعى على رجليه، أو المسرع في مشيه الذي يحمل الاخبار من بلد الى بلد
14- «وقد جاءنی من يخبرني أنّ عمّی» ط ، ه، والبحار . وحمو الرجل: أبو امرأته أو أخوها أو عمّها . (لسان العرب: 14 /197 «حما»)

فرجعت فإذا هوقد مات ، و ورثت منه ثلاثة آلاف دينار، و مائة ألف درهم.(1)

18 - ومنها : ماروي عن أحمد بن أبي روح ، قال : خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمّد لاوصله، وأمرني أن أدفعه(2) إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان(3) العمري، و أمرني أن [لا] أدفعه إلى غيره(4)، وأمرني أن أسأله الدعاء للعلّة التي هو فيها ، وأسأله عن الوبر، يحلّ لبسه ؟

فدخلت بغداد ، وصرت(5) إلى العمري ، فأبى أن يأخذ المال، وقال : صر إلى أبي جعفر محمّد بن أحمد وادفع إليه، فإنّه أمره بأخذه(6) ، وقد خرج الذي طلبت فجئت إلى أبي جعفر، فأوصلته إليه، فأخرج إلي رقعة، فإذا فيها :

«بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء من العلّة التي تجدها ، وهب الله لك العافية ، ودفع عنك الآفات ، وصرف عنك بعض ماتجده من الحرارة، و عافاك وصحّ لك جسمك . وسألت مايحلّ(7) أن يصلّي فيه من الوبر والسمّور والسنجاب

ص: 702


1- عنه البحار : 51 /295 ح 11 ، واثبات الهداة : 7 /349 ح 126 . وعنه مدينة المعاجز : 616 ح 105 ، وعن ثاقب المناقب : 517 (مخطوط) عن أحمد بن أبی روح
2- «اوصله» ه
3- «عبدالله» ط ، ه. وهو أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري ، وأبوه يكنّى أبا عمرو ، وهما وکیلان من جهة صاحب الزمان علیه السلام ، و لهما منزلة جليلة عند الطائفة . تجد ترجمته في معجم رجال الحديث : 16 /309 - 313، وغيره
4- «غيره ، قلت:» ه، م
5- «وخرجت» م
6- «بأن یأخذه» البحار
7- «ما یصحّ» خ ل

والفنك والدلق و الحواصل(1) ؟

فأمّا السمّور و الثعالب فحرام عليك و على غيرك الصلاة فيه ، ويحلّ لك(2) جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن [لك](3) غيره ، فإن لم يكن لك بدّ فصلّ فيه و الحواصل جائز لك أن تصلّي فيه، والفراء متاع الغنم، مالم تذبح بأرمينية ، تذبحه النصارى على الصليب، فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك، أو مخالف تثق به(4).(5)

19 - ومنها : ماروی سعد بن عبدالله ، نا عليّ [بن] محمّد الرازي المعروف بعلان الكليني قال : سمعت الشيخ العمري يقول : صحبت رجلاً من أهل السواد ومعه مال للغريم (علیه السلام) فأنفذه ، فردّ عليه وقال : « أخرج حقّ ولد عمّك منه ، وهي أربعمائة» ! فبقي الرجل باهتاً متعجّباً ، فنظر في حساب المال فإذا الّذي نصّ عليه

ص: 703


1- الوبر: حيوان من ذوات الحوافر في حجم الأرنب، أطحل اللون - أي بين الغبرة والسواد -قصير الذنب ، يحرك فكه السفلى كأنه يجتر ، و يكثر في لبنان ، والانثي : و برة . السمور : حيوان ثدیی لیلی من الفصيلة السمورية من آكلات اللحوم ، يتّخذ من جلده فرو ثمين ، و يقطن شمالی آسیا . السنجاب : حيوان أكبر من الجرذ ، له ذنب طويل كثيف الشعر ، یرفعه صعداً . الفنك : ضرب من الثعالب فروته أجود أنواع الفراء ، وتسمى فراؤه : فنكاً أيضاً . الدلق : دويبة نحو الهرة طويلة الظهر ، يعمل منها الفرو . الحوصل: طير كبير ، له حوصلة عظيمة ، يتخد منه الفرو ، و يكثر في مصر والجمع : الحواصل
2- «عليك» خ ل
3- «فيه» البحار
4- «مخالفة بتوبة» م ، وهو تصحيف
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 136، و البحار : 53/ 197 ح 23 وج 66/ 26 ح 26 وج 83/ 227 ح 16 وفيه بيان مفید، و إثبات الهداة : 7/ 350 ح127 ، ومستدرك الوسائل: 2/ 587 ح1 و ج 3/ 197 ب3 ح 1.

من ذلك المال كما قال (علیه السلام) .(1)

20- و منها : ماقال الكليني هذا: حدّثنا جماعة من أصحابنا أنّه بعث إلى أبي عبد الله بن الجنيد - و هو بواسط - غلاماً و أمر ببيعه، فباعه وقبض ثمنه، فلمّا عيّرالدنانير نقصت ثمانية عشر قیراطاً وحبّة ، فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطاً وحبّة ،وأنفذ المال ، فردّ عليه ديناراً وزنه ثمانية عشر قيراطاً وحبّة .(2)

21- ومنها : ماقالوا: حدّثنا أبو جعفر : ولد لي مولود كتبت أستأذن في تطهير(3)يوم السابع. فورد : «لا». فمات الولد يوم السابع.

ثمّ قال : كتبت بموته ، فكتب(4) : « سيخلف عليك غيره ، فسمّه : أحمد ، ومن بعده جعفراً». فجاء كماقال.

وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في معنى ثالث فقلت في نفسي: لعلّه يكره ذلك.

ص: 704


1- عنه إثبات الهداة : 7 /247 ح7 و عن الکافی : 1 /519 ح8. ورواه في الإمامة والتبصرة:140 ح 162 ، و كمال الدين : 486 ح6 ، والهداية الكبرى: 370 ، وارشاد المفيد : 397 ، وغيبة الطوسی : 171 ، ومنتخب الانوار المضيئة : 120 ، ودلائل الإمامة : 286 جميعاً بإسنادهم الى الشيخ العمري. وأخرجه في اعلام الوری : 446 عن الكافي . وفی کشف الغمة : 2 /451 عن الإرشاد . وفي البحار : 51 /326 ح 45 عن الارشاد و کمال الدين . وفي مدينة المعاجز : 605ح58 عن الدلائل
2- عنه إثبات الهداة : 7 /30 ح 128. وعنه البحار : 51 /326 ح46 وعن كمال الدين : 486 ح 7. ورواه في الإمامة والتبصرة :141 ح 163 باسناده الى جماعة من أصحابنا . وأخرجه في اعلام الوری : 450 ، واثبات الهداة : 7 /302 ح45 ، ومدينة المعاجز: 612 ح 85 عن كمال الدین.
3- «تسميته» خ ل
4- «فخرج» خ ل

فخرج الجواب في المعنيين والمعنى الثالث الذي طويته ولم أكتبه .(1)

ص: 705


1- عنه إثبات الهداة : 7 /279 وعن الكافي و كمال الدين . ورواه في الكافي : 1 /522 ح17 ، و كمال الدين : 490 ح13 ، و ارشاد المفيد : 399، وغيبة الطوسی : 171 ، وعيون المعجزات : 146 جميعاً بإسنادهم الى الحسن بن الفضل بن یزید الیمانی . وأخرجه في اعلام الوری : 447 عن الكافي . وفی کشف الغمة : 2 /452 عن الارشاد . وفي البحار : 51 /308 عن الارشاد و الغيبة ، و في ص 311ح 33 عن الغيبة ، و في ص328 عن كمال الدين . وفي مدينة المعاجز : 611 عن عيون المعجزات.

الباب الخامس عشر- في الدلالات والبراهين على صحة أمامة الاثني عشر اماماً عليهم الصلاة والسلام

إشارة

في الدلالات والبراهين على صحة أمامة الاثني عشر[اماماً](1)عليهم الصلاة والسلام

1- [منها : ماروی] عن عمر بن علي بن عمر بن یزید(2)، عن الثمالي (3)[عن بعض من حدّثه](4)، عن علي أنّه كان قاعداً في مسجد الكوفة وحوله أصحابه فقال له رجل : إنّي لأعجب(5) من هذه الدنيا الّتي في أيدي هؤلاء القوم وليست عندكم ! فقال: أترى(6) أنّا نريد الدنيا ولانعطاها؟

ثمّ قبض قبضة من حصى المسجد [فضمّها في كفّه] ثم(7) فتح كفّه عنها ، فإذا هي جواهر تلمع و تزهر . فقال : ما هذه؟ فنظرنا (فقلنا: من)(8) أجود الجواهر(9).

فقال: لو أردنا الدنيا لكانت لنا، ولكن لانريدها.

ص: 706


1- «امام» ه
2- «عمر بن یزید» ط ، ه «عمرو بن يزيد» م ، وما أثبتناه على ما في نسخة البصائر المصححة والاختصاص ،راجع رجال السيدالخوئی : 13 /54 ، و تخریجاتنا على الحديث
3- «على اليمانی» م، والثمالی هو علي بن أبي حمزة
4- من بصائرالدرجات ، وفي ط، ه قال: أن علياً عليه السلام كان قاعداً
5- «فقالوا : انّا لنعجب» ط ، ه
6- «أترون» ط
7- «وفتح» م
8- «فوجدنا» ط ، ه
9- زاد في ه-«فی کفه»

ثم رمى بالجواهر من كفّه ، فعادت كما كانت حصي .(1)

2- ومنها: ما روی سعد بن طريف(2) عن الأصبغ بن نباتة قال :

كان أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا وقف الرجل بين يديه قال له: يا فلان استعدّ وأعد لنفسك ماترید فإنّك تمرض في يوم كذا ، في شهر كذا ، في ساعة كذا . فيكون كما قال .

قال سعد : فقلت هذا الكلام لأبي جعفر(علیه السلام) . فقال: قد كان ذلك(3) .

فقلت : لم لم تخبرنا(4) أنت أيضاً فنستعدّ له ؟

قال: هذا باب أغلق فيه الجواب عليّ بن الحسين (علیهما السلام) حتى يقوم قائمنا.(5)

ص: 707


1- عنه البحار : 41 /254 ح 15 ، ومدينة المعاجز: 71 ح178 ، وعن بصائر الدرجات: 375 ح 3، عن عمر بن علیّ بن عمر بن يزيد ، عن علىّ الثمالی، والاختصاص: 264 عن عمرابن علیّ بن عمر بن یزید ، عن عليّ بن ميثم التمار ، عمّن حدّثه . وأخرجه في إثبات الهداة : 4 /503 ح 106 ومدينة المعاجز : 85 ح 214 عن بصائر الدرجات.
2- «سعید» ه . و سعد بن طريف الحنظلی مولاهم ، الاسكاف ، كوفي ، يعرف و ینکر، روی عن الاصبغ بن نباتة ... رجال النجاشی : 178 رقم 468، وترجم له الطوسي في رجاله : 202 رقم 3 وعدّه من أصحاب الصادق ، والسيد الخوئي في معجم رجال الحديث: 8 /67 ، وترجم أيضاً لسعیدبن طريف في ص120 فراجع.
3- «كذلك» البحار
4- «لا تخبرنا» البحار.
5- عنه البحار : 41 /302 ح34. ورواه في بصائر الدرجات : 262 عن أبي القاسم ، عن محمّد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن علي ، عن ربيع بن محمّد المكّي ، عن سعد بن طريف ، عنه إثبات الهداة : 4 /500 ح101، والبحار : 26 /145 ح20 ، ومدينة المعاجز :122 ح 325. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 2/ 105 عن الاصبغ بن نباتة ، عنه البحار : 41/ 313 ضمن ح 39.

3- ومنها : ماروي أنّ رجلاً دخل على علي بن الحسين (علیهما السلام) و شكا إليه الفقر فبكي. فلمّا خرج القوم و كان فيهم مخالف . فقال : أنتم تدعون أنّ إمامكم مستجاب الدعاء(1) و قد بکی لعجزه. فانصرف الرجل إليه و قال یابن رسول الله : أزعجني كلام المخالف أشدّ من فقري .

فقال له : الله يسهّل [ عليك ] ، ثمّ نادى إلى جاريته [فقال] : هات فطوري فأتت بقرصين من الشعير عليهما النخالة، وقال: خذهما . قال: [فأخذتهما] وخرجت وقلت: أشتري بهما شيئاً ، ثمّ كنت أنظر في الطريق يميناً و شمالا ولا أرى(2) شيئاً يشترى(3) بهما، حتى وصلت إلى محلّتي و كان بها حانوتان متصلان(4) وقد نهض من بابهما الرجلان اللذان يبيعان فيهما إلى الظلّ ، فنظرت فإذا كان على باب حانوت أحدهما سمك قد انتن .

فقلت : معي قرص أريد به السمك (5)، فقال : ضع القرص(6) وخذ السمك(7) .

وقلت للآخر : أريد الملح بقرص آخر .

فقال : ضع قرصك وخذ ما تشتهي(8) من الملح .

فأخذتهما ومضيت (9) إلى البيت و اغلقت الباب و اشتغلت بإصلاح السمك، فإذا في جوفه لؤلؤة - أو جوهرة(10) - كأكبر ما يكون، فإذا أنا بمن يقرع الباب، ففتحته فإذا الرجلان(11) دخلا معهما القرصان ، وقالا: أنت أخونا وقد صار حالك هكذا حتّى

ص: 708


1- «الدعوة» ط ، ه
2- «ولاأدرى» م
3- «أشتری» ه
4- «منفصلان» ه
5- «سمكاً» خ ط
6- «الرغيف» خ ل
7- «ما تشتهی» ط، ه
8- «ضع القرص (الاخر . ه) وخذ ما تريد» ط ،ه
9- «وخرجت» م
10- «في جوفه جوهرة» ه
11- «بالرجلين» ط ه

نأكل منك هذا(1) ثمّ خرجا، فإذا أنا بقارع للباب(2) فقال لي: إنّ علي بن الحسين (علیهما السلام) يقول لك: إنّ الله قد يسّر لك الامر(3) [وإنّ قرصنا لايصله سوانا] فاحمد الله. (4)

4- ومنها : ما روي أنّ رجلاً دخل على الصادق (علیه السلام) وشكا إليه فاقته .

فقال له : طب نفساً فإنّ الله يسهّل الأمر . فخرج الرجل ، فرأى(5) في طريقه همياناً(6) فيه سبعمائة دينار(7) فأخذها وانصرف إلى أبي عبد الله (علیه السلام) وحدّثه بما وجد. فقال له : أخرج و ناد عليه سنة ، لعلّك تظفر بصاحبه ، فخرج الرجل و قال :لا أنادي في الأسواق، وفي مجمع الناس، وخرج إلى سكّة(8) في آخر البلد، وقال: من ضاع له شيء؟ فإذا رجل كأنّه ميّت في جانب، قال له : ذهب منّي سبعمائة دينار في شيء كذا و كذا. قال : معي ذلك. فلمّا رآه ، و كان معه میزان، فقال :

لاتخرج، فوزنها فكان كما كان لم تنقص، فأخذ منها سبعين ديناراً وأعطاها الرجل.

فأخذها وخرج إلى أبي عبد الله (علیه السلام)، فلمّا رآه تبسّم وقال : يا هذه هاتي الصرّة فأتت بها (9) ، فقال : هذه ثلاثون ، و قد أخذت سبعين من الرجل ، و سبعون حلالاً

ص: 709


1- «حالك الى أن نأكل مثل هذا» م،ه
2- «يقرع الباب» خ ط ، «يقرع بابی» خ ط ، ه
3- «أمرك» ط ، ه
4- عنه إثبات الهداة : 5/ 225 ح13 و عن أمالي الصدوق : 367 عن محمّد بن القاسم الاسترآبادی ، عن جعفر بن أحمد ، عن يحيى بن محمّد بن عبدالله القمي، عن سفیان بن عيينة ، عن الزهري مثله. وأورده في روضة الواعظين : 235 و مناقب آل أبی طالب : 3/ 287 عن الزهري مثله. وأخرجه في الوسائل : 17/ 360 ح 4، والبحار : 46/ 20ح1 ، وعوالم العلوم :18/ 29 ح 1، ومدينة المعاجز : 309 ح 47 ، وحلية الابرار : 2/ 24 عن الامالی.
5- «فلقي» البحار
6- الهميان :كيس تجعل فيه النفقة و يشدّ على الوسط
7- زاد في البحار «فأخذ منه ثلاثين ديناراً»
8- السكة : الزقاق
9- «ماهذه ؟ هات الصرّة، فأتي بها» ط، ه، والبحار: 104. وفي البحار :47 «فاتی بها» بدل «فاتيت بها»

خير من سبعمائة حرام. (1)

5- ومنها : أنّ ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهريّة(2) اتّفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن، و كانوا بمكّة وعاهدوا على أن يجيؤا بمعارضته في العام القابل، فلمّا حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم [ايضاً] ، قال أحدهم: إنّي لمّا رأيت قوله : « وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ »(3) كففت عن المعارضة .

وقال الآخر : و كذلك أنا لمّاوجدت(4) قوله: « فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا » (5) أيست من المعارضة .

و كانوا يسرّون بذلك، إذ مرّت عليهم الصادق (علیه السلام) فالتفت إليهم وقرأ [عليهم]:« قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا »(6) فبهتوا.(7)

6- ومنها : ما روي عن سدير أنّ كثير النوا دخل على أبي جعفر(علیه السلام) وقال: زعم المغيرة بن سعيد أنّ معك ملكأ يعرفك الكافر من المؤمن - في كلام طويل قد مضى(8)

ص: 710


1- عنه البحار : 47/ 117 ح 155 وج 104/ 250 ح 11
2- الدهرية : قوم يقولون :لاربّ ولاجنّة ولانار ، ويقولون :ما يهلكنا الّا الدهر، و هودین وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبیت . قاله الطريحي في مجمع البحرین «دهر»
3- سورة هود : 44
4- «قرأت» ه
5- سورة يوسف : 80.
6- سورة الاسراء : 88
7- عنه البحار : 17 /213 ح 19 و ج 47 /117 ح 156 و ج 92 /16 ح 15، ومدينة المعاجز : 409 ح198 . وعنه إثبات الهداة : 5 /395 ح 117 وعن الاحتجاج : 2 /142 عن هشام بن الحكم قال : اجتمع ابن أبی العوجاء ، وأبوشاكر الديصاني الزنديق ، وعبدالملك البصري ، وابن المقفع عند بیت الله ... في حديث طويل مثله.
8- تقدّم في معجزات الامام محمّد الباقر عليه السلام ص 285 ح 6.

فلمّا خرج، قال (علیه السلام): ماهو إلّا خبيث الولادة . وسمع هذا الكلام جماعة من [أهل] الكوفة، قالوا: لو ذهبنا حتّى نسأل عن كثير فله خبر سوء.

قالوا: فمضينا إلى الحيّ الذي هو فيه، فدللنا على(1) عجوز صالحة ، فقلنا [لها] :نسألك عن أبي إسماعيل . قالت: كثير ؟ قلنا: نعم. قالت : تريدون أن تزوّجوه ؟ قلنا: نعم . قالت : لا(2) تفعلوا فإنّ امّه(3) قد وضعته في ذلك البيت رابع أربعة من الزنا وأشارت إلى بيت من بيوت الدار . (4)

7- ومنها : ما روي عن هشام بن سالم قال : لمّا كانت الليلة الّتي قبض فيها أبو جعفر قال : يابني هذه الليلة التي وعدتها، وقد كان وضوءه قريباً .

فقال : أريقوه أریقوه . فظننّا أنّه يقول من الحمّى ، فقال : يابنيّ أرقه. فأرقناه فاذا فيه فأرة .(5)

8- و منها : ماروي عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر(علیه السلام) .

فقلت له : أنتم ورثة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ قال: نعم .

قلت : رسول الله وارث الأنبياء علم كلّما علموا ؟ فقال : نعم.

قلت: وأنتم تقدرون أن تحیوا الموتی ؟ وتبرؤا الأكمه والأبرص(6) ؟

ص: 711


1- «هو فيهم فدللنا الي» البحار
2- «فلا» م
3- «فإنّي والله» البحار : 47 وهو تصحيف
4- عنه البحار : 46 /253 ح 49 وج 47 /118 ح 157. وروا نحوه في مستطرفات السرائر : 42 ح13 عن أبی عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 47 /345 ح39.
5- عنه البحار : 46 /214 ح7
6- الأكمه : الذي يولد أعمى . والبرص : مرض يحدث في الجسم كلّه قشراً أبيض و يسبب للمريض حكاً مؤلماً ، وقيل: البرصر : لون مختلط حمرة و بياضاً أو غيرهما ولا يحصل الّا من فساد في المزاج وخلل في الطبيعة

فقال : نعم ، باذن الله .

ثمّ قال : ادن منّي يا أبا محمّد ، فمسح يده على وجهي وعيني، فأبصرت الشمس و السماء والأرض والبيوت و کلّ شيء في الدار . قال لي : فتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للناس ، وعليك ما عليهم يوم القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصاً ؟

قلت: أعود كما كنت . فمسح يده على وجهي و على عيني فعدت كما كنت .(1)

9- ومنها : ماقال إسحاق بن عمّار : كنت عند موسی بن جعفر(علیهما السلام) و دخل(2) عليه رجل فقال له : يافلان إنّك تموت إلى شهر ، فأضمرت في نفسي كأنّه يعرف آجال(3) شيعته !

ص: 712


1- عنه الفصول المهمة لابن الصباغ : 199 ، والبحار : 46 /237 ح 14. ورواه في بصائر الدرجات : 269 ح 1 عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير . وفي الكافي: 1 /470 ح3 عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد، عنه إثبات الهداة : 5 /270 ح6. وفي رجال الكشی : 174 ح298 عن محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد القمي ، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن ، عن علی بن الحكم . وأورده في دلائل الإمامة : 100 عن علي بن الحكم ، وفي إثبات الوصية : 175 ، ومناقب آل أبی طالب : 3 /318 ، و اعلام الوری :267 عن أبي بصير ، و ثاقب المناقب : 317 (مخطوط) عن المثنى ، عن أبي بصير . وأخرجه في البحار المذكور ح13 و 14 و 15 عن البصائر ، واعلام الوری ، والمناقب ورجال الكشی. وأخرجه في مدينة المعاجز : 329 ح 35 عن الكافي، و البصائر ، ودلائل الإمامة، و ثائب المناقب ، والمناقب.
2- هكذا في المصادر وفي م ،ه «ادخل»
3- «أحوال» م خ ، ه

فقال لي : يا إسحاق و ما تنكرون من ذلك ؟ ! قد كان رشيد الهجري مستضعفاً و كان يعرف علم المنايا ، والإمام أولى بذلك منه .

ثمّ قال : يا إسحاق تموت إلى سنتين ، و يتشتّت أهلك و عيالك و أهل بيتك و يفلسون (1) إفلاساً شديداً . (2)

ص: 713


1- «يفلسون» خ ل
2- عنه البحار : 48/ 54 ح 57 ، وعوالم العلوم : 21 /123 . و رواه في بصائر الدرجات : 265 ح13 عن الحسن بن على بن فضال ، عن معاوية ، عن اسحاق ، عنه البحار : 42 /123 ح 5 و ج 48 /54 ح 56. وفي الكافي : 1 /484 ح7 عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي ، عن سيف بن عمیر عن اسحاق ، عنه إثبات الهداة : 5 /504 ح 16 ، والبحار : 48 /54 ح58 . وفي دلائل الإمامة: 160 باسناده عن سيف بن عمير ، عن اسحاق . وفي اختيار معرفة الرجال : 409 ح 768 عن نصر بن الصباح ، عن سجادة ، عن محمّد ابن وضاح ، عن اسحاق ، عنه إثبات الهداة: 5/ 560ح 108. وأورده في إثبات الوصية :191. وفي عيون المعجزات : 98 ، و ثاقب المناقب : 373 (مخطوط) عن اسحاق . وفي أعلام الوری : 305 عن الحسن بن علي ، عن اسحاق ، عنه إثبات الهداة : 5/ 539 ح 75، والبحار : 48 /55 ح 59. وفي مناقب آل أبی طالب : 3 /406 عن اسحاق . وفي الصراط المستقیم 2 /190 ح 3 ، عنه إثبات الهداة : 5 /573 ح137 مرسلاً باختصار . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /242 ، من کتاب الدلائل ، عن اسحاق ، عنه إثبات الهداة: 5 /539 ح 75 ، والبحار : 42 /139 ح20. جميعاً مثله . وفي مدينة المعاجز : 430 ح15 ، عن الكافي ، وثاقب المناقب ، و بصائر الدرجات و دلائل الإمامة ، و اعلام الوری و مناقب آل أبی طالب . وللحديث تخريجات أخرى. تقدم مثله في معجزاته عليه السلام ص 310 ح3.

10 - ومنها : ماروي عن زيد الشحّام قال : قال لي أبو عبدالله (علیه السلام): كم أتي عليك من سنة ؟ قلت كذا و كذا . قال : جدّد عبادة ربّك ، وأحدث توبة . فبكيت.

قال : ما يبكيك؟ قلت : نعيت إليّ نفسي .

قال: ابشر فانّك من شيعتنا، و معنا في الجنّة ، إلينا الصراط والميزان ، وحساب شیعتنا ، و الله إنّا أرحم بكم منكم بأنفسكم ، و إنّي أنظر إليك ، و إلى رفيقك الحارث بن المغيرة النضري في درجتك في الجنّة .(1)

11- و منها : ما روي عن ميسّر : قال لي الصادق جعفر بن محمّد (علیهما السلام): لقد زيد في عمرك ، فأيّ شيء كنت تعمل ؟

قال : كنت أجيراً وأنا غلام بخمسة دراهم ، فكنت أجريها على خالتي . (2)

12 - ومنها : ما روي عن خالد بن نجيح قال : دخلت على أبي إبراهيم (علیه السلام) سنة الموت(3) بمكّة وهي سنة أربع وسبعين ومائة ، فقال : من ههنا من أصحابك مریض ؟ قلت : عثمان بن عيسى من أوجع الناس . فقال : قل له يخرج.

ثمّ قال لي : من ههنا؟ فعددت عليه ثمانية . فأمر باخراج أربعة ، وكفّ عن أربعة فما أمسينا من الغد حتّی دفنّا الأربعة الّذين كفّ عن إخراجهم .

ص: 714


1- عنه البحار : 47 /343 ح 33 . و رواه الطوسي في اختيار معرفة الرجال : 337 ح 619 عن نصر بن الصباح ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن سجادة ، عن محمّد بن الوضاح ، عن زيد الشحام . وأورده المصنف في كتاب الدعوات : 247 ح 696، عن زيد الشحام.
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 265 ح 14 عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبی عمیر عن هشام بن الحكم، عن ميسّر ، عنه البحار : 47/ 78 ح55 ، ومستدرك الوسائل: 15 /248 ح 42. وفي البصائر «خالی» بدل «خالتی»
3- ذكر الطبري في تاريخه: 6 /448:وحجّ بالناس فيها - أي سنة 174 - هارون الرشید ... ووقع الوباء في هذه السنة بمكّة

قال عثمال بن عيسى : وخرجت أنا فصرت إلى بطن مرّ(1) معافی . (2)

13 - ومنها : ما قال خالد بن نجيح: قلت لموسى (علیه السلام) : إنّ أصحابنا قد قدموا من الكوفة فذكروا أنّ المفضّل شديد الوجع فادع الله له .

قال: قد استراح . و كان هذا الكلام بعد(3) موته بثلاثة أيّام.(4)

14 - ومنها : ما قال خالد بن نجيح : قال لي موسى (علیه السلام): افرغ فيما بينك و بین من كان معك له عمل ، حتّى يجيئك كتابي ، و ابعث ما عندك إليّ ، ولا تقبل من أحد شيئاً .

وخرج (علیه السلام) إلى المدينة ، فلبث خالد بعده بمكّة خمسة عشر يوماً ثمّ مات.(5)

ص: 715


1- بطن مرّ - بفتح الميم و تشديد الراء - : من نواحي مكّة ، عنده يجتمع وادي النخلتين فيصيران وادياً واحداً (معجم البلدان : 1 /449).
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات :265 ح16 عن أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن برة عن عثمان بن عيسى ، عنه إثبات الهداة : 5 /524 ح45 ، والبحار : 48/ 55 ح 61 ، وعنه مدينة المعاجز : 439 ح 39، وعن دلائل الإمامة : 171 عن أحمد بن الحسن ... وروى الصفار في بصائر الدرجات : 264 ح 11 عن جعفر بن اسحاق ، عن عثمان بن عيسى، عن خالد مثله ، عنه إثبات الهداة : 5/ 572 ح54 ، و البحار : 48 /54 ح 54. وأورده فی ثاقب المناقب : 374 (مخطوط) عن خالد بن نجيح.
3- «قبل» م، ه
4- عنه البحار : 48 /72 ح98 ، وعوالم العلوم: 21 /68 ح 18 ورواه الصفار في بصائر الدرجات: 264 ح10 عن جعفر بن اسحاق ، عن عثمان بن علیّ ، عن خالد بن نجيح، عنه البحار : 47 /77 ح 51، والطوسي في اختيار معرفة الرجال :329 ح597 عن نصر بن الصباح ، عن اسحاق بن محمّد البصري عن الحسن بن علیّ بن یقطین عن عیسی بن سلیمان ،عنهما إثبات الهداة: 5 /527 ح53 و ص 561 ح 110. وأورده في ثاقب المناقب : 374 (مخطوط) عن خالدبن نجيح ، عنه مدينة المعاجز : 466 ج 116.
5- رواه الصفار في بصائر الدرجات: 265 ح 2 عن جعفر بن اسحاق، عن سعد ، عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح ، عنه إثبات الهداة : 5 /528 ح 55 ، والبحار: 48 /54 ح 55، وعوالم العلوم : 21 /104 ح13. وأورده فی ثاقب المناقب : 374 (مخطوط) عن خالدبن نحيح مثله ، عند مدينة المعاجز : 466 ح 115.

15 - ومنها: ماروي عن عبد الرحمان بن الحجّاج قال : استقرض أبو الحسن الأول (علیه السلام) من شهاب بن عبد ربّه مالاً ، و كتب كتاباً و وضعه على يدي، وقال : إن حدث حدث فخرّقه .

قال عبد الرحمان : فخرجت إلى مكّة فلقيني أبو الحسن (علیه السلام) و لم يقل لي شيئاً ثمّ أرسل إليّ بمنى فقال : خرّق الكتاب. ففعلت، وقدمت الكوفة فسألت عن شهاب فإذا هو قد مات في الوقت الّذي أرسل إليّ أن خرّق الكتاب.(1)

16 - ومنها : ماقال هشام(2) : أردت شراء جارية بمني، فاستشرت أبا الحسن الأول (علیه السلام) في ذلك ، فلم يجبني ، فرآها جالسة عند جوار ، فنظر إليها ، ثمّ قال : لا بأس إن لم يكن في عمرها قلّة.

فأمسكت عن شرائها ، فلم أخرج من مكّة حتى ماتت .(3)

ص: 716


1- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 263 ح5 عن معاوية بن حكيم ، عن جعفر بن محمّد بن يونس ، عن عبدالرحمان بن الحجاج ، عنه إثبات الهداة : 5 /526 ح50، والبحار: 48 /53 ح 52. و أورده عماد الدين في ثاقب المناقب: 375 عن عبد الرحمان ، عنه مدينة المعاجز : 466 ح17.
2- «هاشم»خ ل، وما أثبتناه كما في م ،هو البصائر . والظاهر أنّه هشام بن الحكم كما في كشف الغمة
3- رواه في بصائر الدرجات : 263 ح 4 باسناده عن محمّد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن هشام مثله، عنه البحار : 48 /53 ح 51 ، وعوالم العلوم : 21 /104 ح11، و أورده في كشف الغمة : 2 /243 عن هشام بن الحكم مثله، عنه البحار المذكور ص 31 والعوالم المذكور ص97 ح 2،و فی ثاقب المناقب : 375 (مخطوط)، عنه مدينة المعاجز : 466 ح118. و أخرجه في إثبات الهداة : 5 /525 ح49 عن البصائر و کشف الغمة

17 - ومنها: ما روي عن الحسن بن موسى قال: اشتكي عمّي محمّد بن جعفر حتى أشرف على الموت ، فكنّا عنده مجتمعين، فدخل أبو الحسن (علیه السلام)، فقعد في ناحية ، وإسحاق عمّي عند رأسه يبكي. فلبث أبو الحسن (علیه السلام) قليلا ثمّ قام، فتبعته وقلت: يلومك أهل بيتك يقولون : خرجت و هو في الموت !

فقال : أرأيت هذا الباكي ؟ سيموت ويبكي ذلك عليه !

فبرأ محمّد بن جعفر ، واشتكي إسحاق فمات، و بكى عليه محمّد بن جعفر .(1)

18- ومنها: ماقال إبراهيم بن محمّد بن يحيى الهمداني : كتب أبو جعفر الثاني (علیه السلام) إليّ كتاباً ، و أمرني أن لا أفكّه حتى يموت يحيى بن أبي عمران .

فمكث الكتاب عندي سنتين، فلمّا كان اليوم الّذي مات فيه يحيى [بن أبي عمران] فككته فإذا فيه : قم بما كان يقوم به ، ونحو هذا من الأمر .

فقال إبراهيم : كنت لاأخاف الموت مادام يحيی حيّاً .(2)

19 - ومنها : ما روي عن أبي بصير [قال]: قال لي أبو عبدالله (علیه السلام): ما فعل أبو حمزة ؟ قلت : خلّفته صالحاً.

قال : إذا رجعت إليه فاقرأه السلام ، واعلمه أنّه يموت يوم كذا ، من شهر كذا .

فقلت : كان فيه أنس ، و كان من شيعتكم !

ص: 717


1- رواه في بصائر الدرجات : 264 ح 7 باسناده عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الله بن سعيد ، عن الحسين بن موسی مثله، عنه إثبات الهداة : 5 /526 ح 51 وفي دلائل الإمامة: 171 عن محمّد بن الحسن، عن عبدالله بن سعيد ، عن الحسن بن موسی مثله ، عنه مدينة المعاجز : 439 ح40 ، وعوالم العلوم : 21 /116 ح 6 (مستدرکات). و أورده في فرج المهموم : 231 بالاسناد الى الطبری.
2- عنه إثبات الهداة : 6 /182 ملحق ح20 ، وعن بصائر الدرجات : 262 ح 2 باسناده عن محمّد بن عيسى ، عن ابراهيم بن محمّد . و أخرجه في البحار : 5 /37 ح 2 عن البصائر ، وعن مناقب آل أبی طالب : 3 /502 عن ابراهيم مثله.

فقال : نعم إنّ الرجل من شيعتنا إذا خاف الله وراقبه ، وتوقّى الذنوب ، فإذا فعل ذلك كان معنا في درجتنا . قال أبو بصير :

فرجعت ، فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة ، في ذلك اليوم.(1)

20 - ومنها : ما روي عن سليمان بن خالد [ قال]: خرجنا مع الصادق (علیه السلام) وكان أبو عبدالله البلخي معنا ، فانتهينا إلى نخلة خاوية(2) .

فقال (علیه السلام): أيّتها النخلة السّامعة المطیعة لربّها أطعمينا . فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه ، فأكلنا حتّى تضلّعنا (3) .

فقال البلخي : سنّة فيكم كسنّة مريم ؟ قال : نعم .(4)

21- ومنها : ما قال الحارث الأعور : خرجنا مع أمير المؤمنين (علیه السلام) حتى انتهينا إلى العاقول، فإذا هو بأصل شجرة قد وقع عنها لحاؤها ، فضر بها بيده ثمّ قال:

ص: 718


1- عنه إثبات الهداة : 5 /417 ح 153. ورواه في بصائر الدرجات : 263 ح6 باسناده عن الحسين بن محمد، عن معلی بن محمّد عن أحمد بن عبدالله، عن عبدالله بن اسحاق ، عن علىّ ، عن أبي بصير مثله ، عنه إثبات الهداة المذكور ص 389 ح 102، والبحار : 47/ 77 ح52. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /349 عن أبي بصير مثله، عنه البحار المذكورح53. وأخرجه فی کشف الغمة: 2/ 190 نقلاً عن دلائل الحميري مثله، عنه البحار المتقدم ح 54
2- يقال : نخلة خاوية : التي انقطعت من أصلها ، فخوی مکانها . أي خلا
3- تضلّع : امتلا شبعاً أورياً . ومنه حديث ماء زمزم «شرب حتى تضلع» أي أكثر من الشرب حتی تمدد جنبه و أضلاعه
4- رواه في بصائر الدرجات : 254 ح5 وص 257 ح 11 باسناده إلی سلیمان بن خالد من طريقين مثله، عنه إثبات الهداة : 5/ 384 ح 92، والبحار : 47/ 76 ح 45. وأورده في دلائل الإمامة: 124 عن سليمان بن خالد مثله، عنه مدينة المعاجز : 381 وفي مناقب آل أبی طالب : 3/ 366 عن سليمان بن خالد مثله ، عنه البحار المذكور ص77 ح 46 . وتقدم مثله ص299 ضمن ح5 ، ونحوه ص 296 ح3 عن أبي حمزة عنه عليه السلام.

ارجعي بإذن الله خضراء مثمرة .

فإذا هي تهتزّ بأغصانها عليها الثمر ، فأكلنا ، و حملنا معنا .(1)

22 - ومنها : ما قال أبو بصير : قدم علينا رجل من أهل الشام ، فعرضت عليه هذا الأمر فقبله ، ثمّ دخلت عليه يوماً ، وهو في سكرات الموت ، فقال :

يا أبا بصير قد قبلت ما قلت لي ، فكيف(2) لي بالجنة ؟

فقلت : أنا ضامن لك على أبي عبد الله (علیه السلام). فمات ، فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) فابتدأني فقال لي : يا أبا محمد(3) قد وفي لصاحبك بالجنّة . (4)

23 - ومنها : ما روي عن البزنطي قال: استقبلت الرضا إلى القادسيّة(5) فسلّمت عليه، فقال لي : يا أحمد اکثر لي حجرة لها بابان ، فإنّه أستر لك وعليك .

وبعث إليّ بزنفيلجة(6) فيها دنانير صالحة، ومصحف ، فكان يأتيني رسوله في حوائجه فأشتريها له ، و كنت يوماً وحدي ، ففتحت المصحف لأقرأ فيه .

ص: 719


1- عنه مدينة المعاجز : 60 ح ، 125 ، وعن ثاقب المناقب: 213 (مخطوط). وتقدّم الحديث بكامل تخريجاته ص218ح 62 فراجع.
2- «فلتقبل» خ ل
3- «بصير» خ ل . وكلاهما كنية له
4- رواه في بصائر الدرجات : 251 ح 2 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبدالعزيز عن غير واحد ، عن أبي بصير مثله ، عنه إثبات الهداة : 5 /389 ح 101، والبحار : 47 /76 ح44 . وفي دلائل الإمامة : 124 عن محمّد بن عبدالله ، عن الزيات، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير مثله ، عنه مدينة المعاجز : 394 ح 124.
5- القادسية : قرية قرب الكوفة ، من جهة البرّ ، بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخاً (مراصد الاطلاع: 3/ 1054.)
6- الزنفيلجة - بكسر الزای والفاء و فتح اللام - : شبيه بالكنف ، و هو معرب، و أصله با لفارسية: زين بيلة . (لسان العرب : 2 /291)

فلمّا نشرته ، نظرت في «لم يكن»(1) فإذا هي أكثر(2) ممّا في أيدينا أضعافاً .

فرمت قراءتها فلم أعرف منها شيئاً ، فأخذت الدواة والقرطاس فأردت أن أكتبها لكي أسأل عنها . فأتاني مسافر قبل أن أكتب منها شيئاً معه منديل وخيط وخاتمه، فقال: مولای يأمرك أن تضع المصحف في المنديل و تختمه و تبعث إليه بالخاتم. ففعلت ذلك. (3)

24 - ومنها : ماقال أبو علي بن راشد: قدمت على أحمال فأتانی رسول [الرضا(علیه السلام) ](4)قبل أن أنظر في الأحمال و أوجّه بها إليه، يقول [الرضا (علیه السلام)]: سرّح إليّ بدفتر(5) .

ولم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا ، فقمت أطلب مالاً أعرف بالتصديق له ، فلم أجد شيئاً ، فلمّا ولّى الرسول ، قلت : مكانك . فحللت بعض الأحمال فتلقّاني دفترلم أكن علمت به إلّا أنّي علمت أنّه لايطلب إلّا الحق ، فوجّهت به إليه .(6)

25- ومنها : ماروي عن صفوان بن يحيي [ قال:] قال لي جعفر بن محمّد بن الأشعث : أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ، و معرفتنا به ، وما كان عندنا منه ذكر، ولا معرفة بشيء ممّا عند الناس؟!! قلت : و كيف كان ذلك ؟

ص: 720


1- سورة البينة
2- «أكبر» ه
3- رواه في بصائر الدرجات : 246 ح 8 باسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر عنه إثبات الهداة : 6 /120 ح123 ، والبحار : 49 /46 ح41 وج 92 /50 ح 16 وعنه مدينة المعاجز : 479 ح35 ، و عن دلائل الإمامة : 190 باسناده عن أبي جعفر محمد بن الحسن ، عن أحمد بن محمّد الأشعري ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر مثله . ورواه الطوسي في اختيار معرفة الرجال : 588 ح1101 باسناده عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يزداد ، عن يحيى بن محمّد الرازي ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن نصر مثله ، عنه إثبات الهداة : 6 /144 ح 167، والبحار : 92 /54 ح22
4- من عيون أخبار الرضا
5- الدفتر : مجموع الصحف المضمومة
6- رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام : 2 /221 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي علىّ الحسن بن راشد، عنه إثبات الهداة: 6 /83 ح77 والبحار : 49 /42 ح32 ومدينة المعاجز : 485 ح 71.

فقال: إنّ أبا جعفر - يعني أبا الدّوانیق - قال لوالدي محمّد بن الأشعث : ابغني رجلاً له عقل(1) يؤدي عنّي .

فقال: قد أصبته لك، هذا خالي. قال : فآتني به . فأتاه بخاله .

فقال له أبوالدوانيق: خذ هذا المال وائت المدينة وائت عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم(2) جعفر بن محمّد ، فقل: إنّي رجل غريب من أهل خراسان ، و بها شيعة من شيعتكم و قد وجّهوا إليكم بهذا المال ، فادفع إلى کلّ واحد منهم على هذا الشرط ، كذا وكذا، فإذا قبضوا المال، فقل: إنّي رسول و أحبّ أن تكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم منّي.

فأخذ المال و أتى المدينة ، ثمّ رجع إلى أبي الدوانيق .

فقال : أتيت القوم و هذه خطوطهم بقبضهم ، خلا جعفر بن محمّد ، فإنّي أتيته و هو يصلّي في مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (3) ، فجلست خلفه و قلت ينصرف فأذكر له ماذكرت لأصحابه، فعجّل و انصرف ، فالتفت إليّ فقال :

ياهذا اتّق الله ولا تغرّنّ أهل بيت محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (4) وقل لصاحبك : إنّهم قريبوا العهد بدولة بني مروان ، فكلّهم محتاج . فقلت : وماذاك أصلحك الله ؟ فقال : ادن منّي . فدنوت فأخبرني بجميع ما جرى بيني و بينك ، حتّى كأنّه كان ثالثنا.

فقال أبو الدوانيق : إعلم إنّه ليس من أهل بيت نبوة(5) إلّا وفيهم محدث، وإنّ جعفر بن محمّد محدّثنا اليوم ، فكانت هذه الدلالة .(6)

ص: 721


1- «عاقلا» ط
2- «منهم» ط
3- «المسجد» ط
4- «آل محمد» ط
5- «محمد» ه
6- عنه إثبات الهداة : 5/ 239 ح 1 ، والبحار : 47/ 75 ح40. ورواه الصفار في بصائر الدرجات : 245 ح 7 باسناده عن عمر بن علي ، عن عمه عمیر ، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمّد بن الأشعث . والكليني في الكافي: 1 /475 ح6 باسناده عن أبي علىّ الأشعري ، عن محمّد بن عبدالجبار عن صفوان بن یحیی . والطبري في دلائل الإمامة : 123 باسناده عن ماجيلويه ، عن محمّد بن خالد البرقی، عن صفوان بن یحیی . و أورده في مناقب آل أبي طالب : 3/ 348 ، و ثاقب المناقب :347 (مخطوط) عن صفوان. وأخرجه في إثبات الهداة المذكور عن الكافي و البصائر . وفي البحار المذكورح 39 عن البصائر ، وح41 عن الكافي ، وح42 عن المناقب . وأخرجه أيضاً في مدينة المعاجز :365 ح 30 عن المصادر أعلاه

26- ومنها : ماقال عمّار السجستاني : إنّ عبد الله بن النجاشي(1) كان منقطعاً إلى [عبدالله بن](2) [الحسن بن] الحسن يقول بالزيديّة ، فقضي إنّا خرجنا معه (3) إلى مكّة، فذهب هو إلى [عبد الله بن] الحسن و جئت أنا إلى الصادق (علیه السلام)، فلقيني بعد [ذلك] فقال لي: أستأذن لي على صاحبك .

فقلت لأبي عبدالله (علیه السلام): إنّه سألني الأذن عليك . فقال : ائذن له . فدخل فسأله فقال له أبوعبد الله (علیه السلام): ما دعاك إلى ماصنعت ؟ أتذكر يوم مررت على باب قوم فسال [عليك] میزاب من الدار ، فقلت: إنّه قذر، فطرحت(4) نفسك في النهر بثيابك(و عليك الصدرة من فراء)(5) ، واجتمعت عليك الصبيان يضحكون منك !

قال عمّار : فالتفت إليّ ، وقال : ما دعاك إلى أن تخبره بهذا ؟

فقلت: لا والله ما أخبرته، وهاهو ذا قدّامي يسمع كلامي .

ص: 722


1- هو عبد الله بن النجاشی بن غنيم بن سمعان أبوالبختري الاسدي النصری (البصری) یروی عن أبی عبدالله عليه السلام رسالة منه اليه وقد ولی الاهواز من قبل المنصور. معجم رجال الحدیث: 10 /358.
2- من المصادر
3- «وهو» م
4- «فطهرت» ط
5- «مستفه یعنی فراه» م . وما أثبتناه من رجال الكشی . والصدرة - بالضم -: ثوب يغطى الصدر

فلمّا خرجنا قال : يا عمّار هذا صاحبي دون غيره .(1)

27- ومنها : ما قال الحارث بن حصيرة الأزدي : إنّ رجلاً من أهل الكوفة قدم إلى خراسان فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمّد ، ففرقة أطاعت و أجابت ، وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة تورّعت و وقفت .

فخرج من کلّ فرقة رجل فدخلوا على أبي عبدالله (علیه السلام)، فكان المتكلّم الّذي ذكر أنّه تورّع و وقف ، وقد كان مع بعض القوم جارية فخلا بها الرجل و وقع عليها فلمّا دخلوا على أبي عبد الله (علیه السلام) كان هو المتكلّم ، فقال له :

أصلحك الله ، قدم علينا رجل من أهل الكوفة و قد دعا الناس إلى ولايتك و طاعتك ، فأجاب قوم ، و أنكر قوم ، و ورع قوم

فقال : فمن أي الثلاثة أنت ؟ قال : من الفرقة التي تورّعت .

قال : أين ورعك يوم كذا مع الجارية .(2)

ص: 723


1- عنه البحار : 47/ 73 ح35، وعن مناقب آل أبی طالب : 3/ 348 مرسلاً . ورواه في بصائر الدرجات : 245 ح6 باسناده عن محمّد بن الحسين ، عن ابراهیم بن أبي البلاد ، عن عمار السجستانی ، عنه البحارالمذكور ح34. وفي رجال الكشی : 342 ذح 634 باسناده عن محمّد بن الحسن ، عن الحسن بن خرزاذ عن موسى بن القاسم البجلي ، عن ابراهيم بن أبي البلاد . عنه البحار : 47/ 153 ح 214 و ج 79/ 223 ح 11. وأورده في ثاقب المناقب : 352 (مخطوط) عن عمار السجستاني ، عنه مدينة المعاجز: 375 ح50 وعن البصائر و مناقب آل أبی طالب ... جميعاً مثله.
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 244 ح5 باسناده عن محمّد بن الحسين ، عن حارث الطحان عن أحمد - وكان من أصحاب أبي الجارود - عن الحارث بن حصيرة ، عنه إثبات الهداة : 5/ 382 ح89، والبحار : 47/ 72 ح83. والطبري في دلائل الإمامة : 130 باسناده عن أحمد بن عبدالله ، عنه مدينة المعاجز :375 ح 49 ، وعن البصائر.

28 - ومنها :ما روي عن عليّ بن النعمان ومحمد بن سنان، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إن عائشة قالت: التمسوا لي رجلاً شديد العداوة لهذا الرجل - يعني عليّاً(علیه السلام) -.

فاتیت بر جل، فمثل بين يديها ، فرفعت رأسها فقالت: مابلغ من عداوتك لهذا الرجل؟

فقال كثيراً ما أتمنّى على ربّي أنّه وأصحابه [ في] وسطي ، فضربت(1) ضربة [بالسيف] فسبق السيف الدم (2) .

قالت : فأنت لها ، فذهب بكتابي هذا إليه ، فادفعه إليه ظاعناً رأيته أو مقيماً ، أمّا أنّك إن رأيته راكباً (3) ، رأيته على بغلة رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) متنكّباً قوسه ، معلّقاً كنانته بقربوس(4) سرجه، و أصحابه خلفه كأنّهم طير(5) صوافّ [وإن عرض عليك طعامه وشرابه فلا تنالنّ منه ، فإنّ فيه السحر].

فمضى و استقبله راكباً ، فناوله الكتاب ، ففضّ خاتمه (6)

ثمّ قال (علیه السلام): تبلغ إلى منزلنا، فتصيب من طعامنا وشرابنا، ونكتب جواب كتابك .

فقال : هذا - والله - ما لا يكون . فثنّي رجله ، فنزل ، وأحدق به أصحابه .

ص: 724


1- «وإنّی ضربته» ط . و قوله «ضربت» على بناء المجهول ، وحاصله أنّه تمنى أن يكونوا مشدودين على وسطه ، فيضرب ضربة يكون فيها هلاكهم وهلاکه . قاله المجلسي. وفي خ ل « بطنی» و كذا ما يأتي
2- وسبق السيف الدم : كناية عن سرعة نفوذها وقوتها «قاله المجسلی» . وفي خ ل ومدينة المعاجز «فصبغ السيف الدم». وفي المناقب «یشق السيف الدم»
3- «ظاعناً» خ ل. وظعن: سار و رحل
4- الكنانة : جعبة من جلد أو خشب تجعل فيها السهام . والقربوس : حنو السرج: أي قسمه المقوس المرتفع من قدام المقعد ومن موخره . وهما قربوسان
5- «طيور» م . قال ابن الأثير في النهاية : 3 /38 : وفي حديث البقرة وآل عمران «كأنّهما حزقان من طير صواف» أي باسطات أجنحتها في الطيران . الصواف : جمع صافة
6- «ختمه» ط.

ثمّ قال له : أسألك؟ قال : نعم. قال: وتجيبني(1) ؟ قال: نعم .

قال : أنشدك الله أقالت التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل(2) .

فاوتيت بك ، فقالت لك: ما مبلغ(3) عداوتك لذلك الرجل ؟

فقلت: كثيراً ما أتمنّی علی ربّي أنّه هو وأصحابه في وسطي ، وأنّي ضربت ضربة بالسيف ، سبق السيف الدم؟ قال : اللّهمّ نعم .

قال : فانشدك الله ، أقالت [لك]: اذهب بكتابي هذا، فادفعه إليه ظاعناً كان أو مقيماً ، أما أنّك إن رأيته ظاعناً ، رأيته راكباً [ على] بغلة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، متنكّباً قوسه معلّقاً كنانته بقربوس سرجه، وأصحابه خلفه كأنّهم طير صوافّ ؟ قال: اللّهم نعم .

قال : فانشدك بالله، هل قالت لك : إن عرض عليك طعامه وشرابه ، فلا تنالنّ منه فإنّ فيه السحر ؟ قال : اللّهمّ نعم .

قال : فمبلّغ أنت عنّي ؟

قال: اللّهمّ نعم، فإنّي(4) أتيتك وما في الأرض خلق أبغض إلي منك.

وأمّا الساعة(5) ما في الأرض خلق أحبّ إليّ منك ، فمرني بما شئت .

فقال : ادفع(6) إليها كتابي هذا ، وقل لها : ما أطعت الله ولا رسوله حيث أمرك الله بلزوم بيتك، فخرجت ترددين في العساكر. وقل لهما - يعني طلحة و الزبير - :

ما أنصفتما الله ورسوله حيث خلّفتما حلائلكما في بيوتكما ، وأخرجتما حليلة رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فجاء بكتابه إليها حتى طرحه لديها ، و أبلغها مقالته ، وإليهما كلامه ، ثمّ رجع إلى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فاصيب بصفّين .

ص: 725


1- «فتصدقنی» ط
2- «لعلی» ه، ط
3- «بلغ من» ه، خ ل
4- «ثم قال الرجل:» ه
5- «وأنا الآن» ه
6- «احمل» ه

فقالت : ما نبعث إليه [ والله ] بأحد إلّا أفسده علينا.(1)

29 - ومنها : ما قال أبو بصير : إنّ بعض أصحاب أبي جعفر (علیه السلام) قدم علينا ، فقال: والله لاترى أبا جعفر أبداً ! قال : فكتبت صكّاً ، و أشهدت شهوداً في الكتاب في غير إبّان(2) الحجّ.

ثم إنّي خرجت إلى المدينة، فاستأذنت على أبي جعفر(علیه السلام) ، فلمّا نظر اليّ قال: ما فعل الصكّ ؟ فقلت : إنّ فلاناً قال كذا .(3)

30 - ومنها : ما روي عن بكار بن کردم [قال:] قال أبو عبد الله (علیه السلام): إنّ جويريّة بن مسهر(4) العبدي خاصمه رجل في فرس أنثی، فادّعيا جميعاً الفرس(5).

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام):لواحد منكما البيّنة ؟ فقالا : لا.

فقال الجويريّة : أعطه الفرس. فقال: يا أمير المؤمنين بلا بيّنة ؟

فقال له: والله لأنا أعلم بك منك بنفسك، أتنسى صنيعك في الجاهليّة الجهلاء ؟

ص: 726


1- عنه إثبات الهداة : 4/ 498 ح 100 ، و البحار : 8 /415 ط. حجر ، و عن بصائر الدرجات : 243 ح4 باسناده عن أحمد بن محمّد والحسن بن علی بن النعمان ، عن أبيه عن محمّد بن سنان يرفعه عن عائشة مثله . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 2 /96 عن علي بن النعمان ، ومحمد بن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . وأخرجه في مدينة المعاجز : 116 ح 312 عن البصائر
2- ابّان - بالكسر وتشديد الباء - الشيء : أوله ، حينه . وفي البصائر : أوان
3- رواه في بصائر الدرجات : 248 ح 13 باسناده عن محمّد بن عيسى ، عن حماد بن عیسی عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير مثله ، عنه إثبات الهداة : 5 /287 ح27،و البحار:46/ 235 ح6.
4- «عمر» البصائر ، والبحار .تصحیف ظ. انظر رجال السيد الخوئی : 4 /177 رقم 2412.
5- «في الفرس» م

فأخبره بذلك فأقرّ به .(1)

31 - ومنها : ماروي عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : كنت عند الرضا (علیه السلام) بالحمراء(2) في مشرفة(3) على البرّ ، و المائدة بين أيدينا إذ رفع رأسه، فرأي رجلا مسرعاً ، فرفع يده عن الطعام ، فما لبث أن جاء ، فصعد إليه فقال :

البشری مات الزبيري.

فأطرق إلى الأرض ، وتغيّر لونه فقال : إنّي أحسبه قد ارتكب في ليلته هذه ذنباً ليس بأكبر ذنوبه(4) ، قال [ الله ] تعالى : « مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا »(5) .

ثمّ مدّ يده فأكل ، فلم يلبث أن جاء مولی له ، فقال : مات (6) الزبيري .

قال : فما سبب موته ؟ قال : شرب الخمر البارحة ، فغرق فيها(7) فمات .(8)

ص: 727


1- عنه مدينة المعاجز : 199ح46، وفيها : فأقرّ بما قال عليه السلام . ورواه في بصائر الدرجات :247 ح 11 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبدالعزیز عن بكار بن کردم ، عن أبي عبدالله مثله ، عنه إثبات الهداة : 4 /504 ح 107، والبحار : 41 /288 ح 11.
2- كذا في الأصل و لعلّها تصحيف الحميراء. والحميراء: تصغير حمراء، موضع من نواحی المدينة به نخل . (مراصد الاطلاع: 1/ 428)
3- المشرف من الأماكن : العالي والمطل على غيره.
4- «من ذنوبه» ه
5- سورة نوح:25
6- «قال : فمات» م، ه
7- قال ابن الأثير في النهاية : 3 /361 : و منه حديث وحشي «أنه مات غرقاً في الخمر» أي متناهياً في شربها ، والاكثار منه ، مستعار من الغرق
8- رواه في بصائر الدرجات : 247 ح12 باسناده عن معاوية بن حكم ، عن سليمان بن جعفر الجعفری مثله ، عنه إثبات الهداة : 5 /515 ح48 ، والبحار : 49/ 46 ح 42

32 - ومنها : ما قال أبو كهمس(1) : كنت بالمدينة نازلاً في دار كان فيها وصيفة كانت تعجبني، فانصرفت ليلة ممسياً، فاستفتحت الباب، ففتحت لي ، فمددت يدي فقبضت على يدها ، فلمّا كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام)، فقال:

تب إلى الله ممّا صنعت البارحة .(2)

33 - ومنها : ما روي عن مهزم الأسدي قال : كنّا نزولا بالمدينة ، و كانت جارية لصاحب الدار تعجبني ، و إنّي أتيت الباب فاستفتحت ، ففتحت الجارية ، فغمزت ثديها ، فلمّا كان من الغد دخلت على أبي عبدالله (علیه السلام)، قال : أين أقصى أثرك؟

قلت : ما برحت المسجد ، فقال : أما تعلم أنّ أمرنا هذا لا ينال إلّا بالورع.(3)

ص: 728


1- «کهمش» بالشين المعجمة ، والصحيح بالسين المهملة كما في توضيح الاشتباه : 314، ومعجم رجال الحديث : 22 /28 ، وجامع الرواة : 2 /412.
2- عنه الوسائل : 14 /142 ح 2، وعن بصائر الدرجات : 243 ح1 باسناده عن أبی کهمس ورواه في دلائل الإمامة : 115 باسناده عن أبی کهمس ، عنه مدينة المعاجز : 374 ح 46 ، وعن البصائر . وأورده في ثاقب المناقب : 356(مخطوط) عن أبی کهمس . وأخرجه في عيون المعجزات : 86، والبحار : 47 /71 ح 28، واثبات الهداة : 5 / 381 ح 86، و مستدرك الوسائل : 14 /272 ب 82 ح1 عن البصائر.
3- عنه الوسائل : 14 /142 ح3، وعن بصائر الدرجات: 243 ح 2 باسناده عن مهزم. ورواه في دلائل الإمامة :116 باسناده عن مهزم . و أورده في مناقب ابن شهر آشوب : 3 /353 عن مهزم ، و ثاقب المناقب : 355 عن ابراهيم بن أبي البلاد. وأخرجه في اعلام الوری : 275 عن کتاب نوادر الحكمة ، عنه البحار : 47 /71 ح 29 و 30 و 31، و عن البصائر و المناقب . وفي إثبات الهداة : 5 /381 ح87، ومستدرك الوسائل : 14 /272 ب 82 ح 2 عن البصائر واعلام الوری . وفي مدينة المعاجز : 375 ح47 عن البصائر و دلائل الإمامة و نوادر الحكمة.

34 - ومنها : ماروی إبراهيم بن مهزم، عن أبيه أنّه قال : خرجت من عند أبي عبدالله (علیه السلام) ممسياً ، فأتيت منزلي بالمدينة ، و كانت أمّي معي ، فوقع بيني و بينها کلام، فأغلظت لها (1).

فلمّا كان من الغد صلّيت الغداة وأتيت أبا عبدالله (علیه السلام) فدخلت عليه ، فقال لي مبتدئاً : يامهزم مالك ولخالدة أغلظت لها البارحة ؟! أفما علمت أنّ بطنها لك منزل قد سكنته ، وأنّ حجرها مهد قد عمرته ، وأنّ ثديها سقاء قد شربته ؟!

قلت : بلى. قال : فلا تغلظ لها .(2)

35 - ومنها : ما روي عن مرازم قال : دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها ، فأعجبتني، فأردت أن أتمتّع بها، فأبت أن تزوّجني نفسها، فجئت بعد العتمة فدققت الباب ، و كانت هي التي فتحت الباب لي ، فوضعت يدي على صدرها فبادرتني حتّى دخلت ، فلمّا أصبحت دخلت على أبي الحسن (علیه السلام) فقال :

یا مرازم ليس من شيعتنا من خلا فلم يرع قلبه .(3)

36 - ومنها: ما روي عن أبي بصير [قال]: حدّثني علي بن درّاج عند الموت

ص: 729


1- «لها في الكلام» ط ، ه
2- رواه في بصائر الدرجات : 243 ح 3 باسناده عن ابراهيم بن مهزم ، عنه البحار:47/ 72 ح 32 وج 74 / 76 ح69، واثبات الهداة :5 /382 ح 88، ومستدرك الوسائل: 15/ 190 ب 75 ح 11. وفي دلائل الإمامة: 116 باسناده عن ابراهیم بن مهزم . وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3/ 348 ، و ثاقب المناقب : 351 (مخطوط) عن مهزم . وأخرجه في مدينة المعاجز : 375 ح48 عن البصائر والدلائل والمناقب.
3- رواه في بصائر الدرجات : 347 ح10 باسناده عن مرازم ، عنه البحار : 48/ 45 ح 26 وج 68/ 43 ح9، واثبات الهداة : 5/ 524 ح47.

أنّه دخل على أبي جعفر(علیه السلام) وقال : إنّ المختار استعملني على بعض أعماله(1)وأصبت مالاً فذهب بعضه، وأكلت وأعطيت بعضاً، فأنا أحبّ أن تجعلني في حلّ من ذلك. قال : أنت منه في حلّ .

فقلت : إنّ فلاناً حدّثني إنّه سأل الحسن بن علي (علیهما السلام) أن يقطعنا(2) أرضاً في الرجعة .

فقال له الحسن (علیه السلام): أنا أصنع بك ما هو خير لك من ذلك : أضمن لك الجنّة عليّ وعلى آبائي ، فهل كان هذا ؟ قال : نعم . فقلت لأبي جعفر (علیه السلام) عند ذلك :إضمن لي الجنّة عليك وعلى آبائك كما ضمن الحسن (علیه السلام) لفلان . قال: نعم.

قال أبو بصير : حدّثني هو بهذا ثمّ مات وما حدّثت بهذا أحداً ، ثمّ خرجت ودخلت (3) المدينة فدخلت على أبي جعفر (علیه السلام)، فلمّا نظر إليّ قال : مات عليّ ؟

قلت : نعم ورحمه الله .

قال : حدّثك بكذا و كذا ، فلم يدع شيئاً ممّا حدّثني به علياً إلّا حدّثني به .

فقلت: و الله ما كان عندي حين حدّثني هو بهذا أحد ، ولا خرج منّي إلى أحد فمن أين علمت هذا ؟! فغمز فخذي بيده، فقال : هيه هيه ، أسكت الآن .(4)

37 - ومنها : ماروي عن هشام بن سالم قال: دخلت على عبدالله بن الصادق (علیه السلام) فجرى ذكر الزكاة فقال : من كان عنده أربعون درهماً ففيها درهم .

ص: 730


1- « عمله » م
2- «يقطعه» ط ، ه
3- «رحلت الی» ه
4- عنه مدينة المعاجز : 352ح 102. وعنه إثبات الهداة : 5/ 287 ح 28 ، وعن بصائر الدرجات : 248 ح 14 باسناده عن على بن درّاج ، مفصلا . وأورد نحو ذيله في ثاقب المناقب : 326 (مخطوط) عن أبي بصير ، عنه مدينة المعاجز : 348 ح 91. وأخرجه في البحار : 45/ 338 ح3 عن البصائر.

فتعجّبت واستصغرته، فقمت مستغيثاً برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فأتيت القبر فقلت: إلى من ؟ فإنّي لكذلك إذ أتی غلام صغير فجذب ثوبي ، فقال : أجب .

قلت : من ؟ قال : سيدي موسى بن جعفر(علیهما السلام).

فدخلت عليه ، فلمّا صرت إلى صحن الدار ، إذا هو في بيت وعليه كلّة(1) فصاح : يا هشام. قلت: لبيك . قال: إليّ إليّ ، لا إلى الحروريّة ، ولا إلى القدريّة ولكن إلينا . فدخلت عليه فسألته ، فأجابني عن کلّ ما أردت .(2)

38- ومنها : ماروي عن الحسين بن موسى الخيّاط قال : خرجت أنا وجميل ابن درّاج و عائذ بن الأحمسي حاجّين ، و كان عائذ يقول لنا : إنّ لي حاجة إلى أبي عبدالله (علیه السلام) أريد أن أسأله عنها . فدخلنا عليه ، فلمّا جلسنا قال مبتدئاً :

«من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عمّا (3) سوى ذلك» فغمزنا عائذ.

ص: 731


1- الكلة : الستر الرقيق يخاط کالبيت يتوقى فيه من البق والبعوض . لسان العرب : 11/ 595 ، العين : 5/ 579.
2- رواه في بصائر الدرجات : 250 ح 1 ص 251 ح 4 باسناده من طريقين إلی هشام بن سالم عنه البحار : 47/ 250 ح 20 وج 48/ 50 ح 44 وص 51 ح47 ، واثبات الهداة: 5/ 523 ، وحلية الابرار : 2/ 234 ، ومدينة المعاجز : 429. ورواه الكليني في الكافي: 1/ 351 ح7 باسناده إلی هشام بن سالم ، عنه اعلام الوری: 300، و إثبات الهداة : 5/ 498 ح9، وحلية الابرار : 2/ 231 . ورواه المفيد في الارشاد : 326 عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عنه البحار : 47/ 343 ح35 ، وعن مناقب ابن شهراشوب : 3/ 409 . ورواه والد الصدوق في الإمامة والتبصرة :72 ح 61. وأورده مرسلاً عن هشام بن سالم في إثبات الوصية :191 ، والصراط المستقیم: 2/ 192ح18، و کشف الغمة : 2/ 222 ، و ثانب المناقب : 376، عنه مدينة المعاجز : 430 ، وحلية الابرار : 2/ 234. ورواه الطبري في دلائل الإمامة : 159 باسناده الى الشيخ الصدوق ، عنه حلية الأبرار: 2/ 233
3- «عن شيء ما» م

فلمّا قمنا قلنا : ما كانت حاجتك؟ قال: الذي سمعتم منه، أنا رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأثوماً مأخوذاً به، فأهلك .(1)

39 - ومنها : ما روي عن محمّد بن عبيد الله الأشعري قال : كنت عند الرضا (علیه السلام) فعطشت ، فكرهت أن أستسقى ، فدعا بماء ، فذاقه ، ثمّ قال : يا محمّد اشرب فإنّه بارد . فشربت .(2)

40- ومنها : ما روي عن عمر بن يزيد قال : كنت ليلة عند الصادق (علیه السلام) ولم يكن عنده أحد غيري، فمدّ رجله في حجري فقال : اغمزها، فغمزت رجله ، ونظرت إلى اضطراب في عضلة ساقه ، وأردت أن أسأله : إلى من الأمر بعده. فابتدأني فقال: لا تسألني عن شيء فإنّي لست أجيبك . (3)

ص: 732


1- عنه إثبات الهداة : 5 /358 ح4 وعن البصائر والفقيه والامالی . ورواه في بصائر الدرجات : 239 ح 15 ، وفي الكافي : 3 /487 ح3 ، وفي الفقيه : 1 /25 ح 615 وص568 ح 1571 ، وأمالي الطوسی : 1 /232 ، و دلائل الإمامة : 136 ، والتهذيب : 2 /10 ح20، و کشف الغمة : 2 /192 ، ومناقب ابن شهر اشوب: 3 /353 ، واعلام الوری : 274 جميعاً باسنادهم الى عائذ الأحمسی . وأخرجه في الوسائل : 3 /6 ح 2 و ص49 ح 2 و ص50 ح7 و 10، وفي إثبات الهداة : 5 /359 ح 41 و ص 397 ح 120 و ص 432 ح 184 و 462ح 261 والبحار: 47/ 150 ح 207 ج 82 /288 ح 9 وج 87 /33 ح17 و ج 96 /243 ح10، ومستدرك الوسائل : 3 /53 ح1 عن جملة من المصادر أعلاه.
2- رواه في بصائر الدرجات : 239 ح 16 ، باسناده إلى الأشعري ، عنه إثبات الهداة : 6 /60 ح 41. ورواه في عيون أخبار الرضا (علیه السلام): 2 / 204 ح3 ، عنه البحار : 49 /31 ح5 وعن البصائر . ورواه في دلائل الإمامة: 190، عنه مدينة المعاجز : 479 و عن البصائر . وأورده ابن شهر اشوب في المناقب : 3 /447 عن الاشعری.
3- رواه في بصائر الدرجات : 235ح 1 و ص 236 ح 4 باسناده من طريقين الى عمر بن يزيد ، عنه البحار: 74 /146 ح 1، و إثبات الهداة : 5 /377 ح 74 وعنه مدينة المعاجز :378 ح 61 وعن الدلائل . وأورده في كشف الغمة : 2 /194 عن عمر بن يزيد ، عنه البحار :47/ 67 ح11. ورواه في دلائل الإمامة : 133 باسناده الى محمّد بن عليّ ، عن عمّه محمّد بن خالد عن جدّه ، عن أبي عبدالله عليه السلام . ويأتي مثله في الحديث الاتی.

41 - ومنها : ما روي عن محمّد بن مسلم ، عنه(1) قال : دخلت على أبي عبدالله (علیه السلام) وهو مضطجح ، و وجهه إلى الحائط [ وهو موعوك ] فغمزت رجله، وقلت في نفسي : أسأله الساعة(2) عن عبد الله وموسى أيّهما الامام ؟

فحوّل(3) وجهه إليّ وقال: إذاً والله لا أجيبك .

قلت : وما ندري ما يصيبه في مرضه ! فأنا أفكر، إذ قال: إنّ الأمر ليس كما تظنّ ليس علي من وجعي هذا بأس .(4)

42 - ومنها : ما روي عن زياد بن أبي الحلال [قال] : إنّ الناس اختلفوا في جابر بن یزید و أحاديثه وأعاجيبه. فدخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) وأنا أريد أن أسأله عنه ، فابتدأني من غير أن أسأله فقال : رحم الله جابر بن یزید الجعفي فإنّه كان يصدّق علينا ، و لعن الله المغيرة بن سعيد (5) فإنّه يكذب علينا .(6)

ص: 733


1- أي عن عمر بن يزيد كما في المصادر
2- «الآن» ه
3- «فحرّك» ه
4- رواه في بصائر الدرجات : 235 ح 2 باسناده الى عمر بن يزيد ، عنه البحار : 26/ 139 ح10 وج47 ح 21. وأورده في المناقب : 3 /347 ، وفي ثاقب المناقب : 344 وص 355 عن عمر بن یزید.
5- «شعبة» ه والبصائر . والمغيرة بن شعبة هو رجل من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله ثمّ خالف عليّاً عليه السلام و لحق بمعاوية حتّى توفي بالكوفة أميراً عليها لمعاوية سنة خمسين - أو احدی و خمسين - . معجم رجال الحديث : 32018 /32018 . وما في المتن هو الصحيح حيث وردت في ذمّه وخبثه أحاديث كثيرة عن الأئمة عليهم السلام معجم رجال الحديث : 18 /315.
6- رواه في بصائر الدرجات : 238 ح12 ، وفي رجال الكشی : 191 ح 336. وفي دلائل الإمامة : 133 ، وفي الاختصاص : 200 ، وفي المناقب : 3 /347 ، وفي ثاقب المناقب : 344 بالاسناد إلی زیاد. وأخرجه في البحار : 46 /327 ح6 و ج 47 /69 ح 2 ، و إثبات الهداة : 5 /377 ح 75 عن البصائر. وفي البحار : 46 /341 ح 31 عن الاختصاص . وفي مدينة المعاجز : 379 عن البصائر والدلائل

43 - ومنها : ما روي عن زرارة قال أبو جعفر (علیه السلام): حدّث عن بني إسرائيل ولا حرج . قلت : إنّ في حديت الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم .

قال: وأيّ شيء هو؟! فكأنّه اختلس(1) قلبي، فكنت افكر ساعة لا ادرك (2) ما اريد فقال : لعلّك تريد التقيّة (3) ؟ ! قلت : نعم . قال : صدّق بها فإنّها حقّ .(4)

44 - ومنها : ما روي عن جعفر بن هارون الزيّات قال : كنت أطوف بالبيت فرأيت أبا عبد الله (علیه السلام) فقلت في نفسي: هذا هو الذي يتّبع ! هذا هو الإمام ! والّذي هو كذا وكذا، فما علمت به إلّا على منكبي و أقبل عليّ فقال : « أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ »(5). (6)

ص: 734


1- يقال : خالس فلاناً : انتهزمنه فرصة فاعجله
2- «أذكر» خ ل
3- «الهفتية» م وهو تصحیف
4- رواه في بصائر الدرجات : 240 ح9 باسناده الى زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام عنه البحار : 2 /237 ح 28 ، والعوالم : 3 /546 ح 12، و مدينة المعاجز : 338 ، والايقاظ من الهجمة : 373
5- سورة القمر : 24
6- رواه في بصائر الدرجات : 240 ح 21 باسناده عن جعفر بن هارون الزيات ، عنه البحار: 47 /70 ح 25 ، واثبات الهداة : 5 /379 ح 80. وفي دلائل الإمامة : 139 باسناده عن جعفر بن هارون الزيات ، عنه مدينة المعاجز : 396 ح137. وأخرجه في مدينة المعاجز: 380ح 70 عن البصائر والدلائل.

45 - ومنها : [ ما روي ] عن إسماعيل بن عبدالعزيز قال : قال لي أبو عبدالله (علیه السلام) : ضع لي ماءاً في المتوضّأ ، فقمت فوضعت له ، فقلت في نفسي: أنا أقول فيه كذا وكذا ، وهو يدخل المتوضّأ !

فلمّا(1) خرج قال : يا إسماعيل لاترفعوا البناء فوق طاقته فيهدم، إجعلونا عبيداً مخلوقين، وقولوا فينا ما شئتم إلّا النبوة .(2)

46 - ومنها : ما قال خالد بن نجيح : دخلت على أبي عبدالله (علیه السلام) وعنده خلق فقنّعت رأسي و جلست في ناحية، وقلت في نفسي:ويحهم ما أغفلهم عند من يتكلّمون؟!

فناداني : أنا والله عبد مخلوق، لي ربّ أعبده ، إن لم أعبده عذّبني بالنار.

فقلت : لا أقول فيك إلّا قولك في نفسك . (3)

47 - ومنها : ما روي عن عبد الله بن النجاشي [قال]: أصاب جبّة لي - فرواً -

ص: 735


1- «ويتوضأ فلم يلبث أن» خ ل
2- رواه في بصائر الدرجات : 236 ح5 و ص 241 ح 22 من طريقين باسناده عن اسماعیل ابن عبدالعزيز ، عنه البحار : 25 /279 ح 22 وج 74 /146 ح 2 ، واثبات الهداة :7 /464 ح48 ، ومدينة المعاجز : 380 ح 71. وأورده في ثاقب المناقب: 343 (مخطوط) عن اسماعيل بن عبد العزيز . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /191 عن دلائل الحميري ، عنه إثبات الهداة : 7 /479 ح74. وفي البحار : 47 /68 ح 15 و 16، واثبات الهداة: 5 /379 ح 81 عن البصائر والكشف.
3- عنه إثبات الهداة : 5 /417 ح 154 و ج 7 /477ح 68. ورواه في بصائر الدرجات :241 ح 24 و 25 من طریقین باسناده عن خالد بن نجيح عنه البحار : 47 /71 ح 26 وص 341 ح 25، واثبات الهداة : 5 /380 ح 83 و 84 وج 7 /464 ح49 و50 ، ومدينة المعاجز : 381 ح 73. وأورده في ثاقب المناقب : 343(مخطوط) عن خالد بن نجيح.

ماء ميزاب(1) ، فغمستها في الماء في وقت بارد ، فلمّا دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) ، ابتدأني فقال : إنّ الفراء إذا غسلته بالماء فسد .(2)

48- ومنها : ما قال هشام بن أحمر : دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضّل بن عمر ، فابتدأني وقال : نعم - والله - الرجل : المفضّل بن عمر ، إنّما هو والد بعد الوالد .(3)

49 - ومنها : ما قال عمر بن یزید : كنت عند الرضا (علیه السلام)، فذكر محمداً(4) فقلت في نفسي: «هو يأمرنا بالبرّ والصلة ويقول [ هذا ] في عمّه» فنظر إليّ فقال : هذا من البرّ و الصلة ، إنّه متى ما يأتني و يدخل عليّ، يصدّق الناس فيّ قوله و إذا لم يدخل عليّ ، و لم أدخل عليه، لم يقبل قوله فيّ إذا قال .

وفي رواية : إن لم أقل هذا صدّقوا قوله فيّ . (5)

ص: 736


1- «فراء من الميزاب » ه، م
2- عنه البحار : 47 /118 ح158. ورواه في بصائر الدرجات : 242 ح 26 باسناده عن عبدالله النجاشي ، عنه البحار : 47 /71 ح27 ، واثبات الهداة : 5 /381 ح 85. و في دلائل الإمامة : 142 باسناده عن عبدالله النجاشي ، عنه مدينة المعاجز : 481 ح 74 وعن البصائر . وأورده في مناقب ابن شهر اشوب : 3 /348 عن عبدالله النجاشی.
3- رواه في بصائر الدرجات : 237 ح 8 باسناده عن هشام بن أحمر ، عنه البحار : 47 /68ح17 . والحديث ليس في «ه».
4- أي محمّد بن جعفر الصادق عليه السلام كما في العيون.
5- رواه في عيون الاخبار : 2 /204 ح 1 باسناده عن عمر بن یزید ، عنه البحار : 47 /246 ح4 وج 49 /30 ح 3 وص219 ح6 ، واثبات الهداة : 6 /59 ح 39، ومدينة المعاجز : 479ح38.

50 - ومنها :ما قال أبوهاشم الجعفري : كنت مع أبي محمّد العسكري (علیه السلام) إذ أتی رجل ، فقال أبو محمّد (علیه السلام): هذا الواقف ليس من إخوانك.

قلت : كيف عرفته؟قال: إنّ المؤمن نعرفه بسيماه ، ونعرف المنافق بمیسمه(1). (2)

51 - ومنها: ماقال زرارة: كنت أنا ، وعبد الواحد بن المختار، وسعيد بن لقمان وعمر بن شجرة الكندي عند أبي عبد الله (علیه السلام)، فقام عمر فخرج ، فأثنوا عليه خيراً وذكروا ورعه ، و بذل ماله على الناس ، فقال (علیه السلام) :

ما أرى لكم علماً بالناس، إنّي لأكتفي من الرجل بلحظه، إنّ هذا من أخبث الناس.

قال: فكان عمر بن شجرة بعد ذلك من أحرص الناس على ارتكاب محارم الله .(3)

52 - ومنها : ما قال جماعة: كنّا عند أبي عبد الله (علیه السلام)، منهم يونس بن ظبيان و المفضّل بن عمر ، وأبو سلمة السراج ، والحسين بن أبي فاختة .

فقال لنا فيما جرى: عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها ، و لو أشاء أن أقول باحدى رجليّ « أخرجي ما فيك من الذهب والفضّة » لكان .

ثمّ خطّ باحدى رجليه في الأرض خطّأ، فانفجرت الأرض عن كنز فيه سبائك فقال بيده هكذا ، فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها ، ثمّ قال :

انظروا فيها حسناً حتّى لا تشكّوا . فنظرنا [ فإذا هي ذهب يتلألأ].

ثمّ قال : انظروا في الأرض . فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض تتلألأ .

فقال بعضنا : جعلت فداك أعطيتم ما نری(4) وشيعتكم محتاجون ؟!

فقال : إنّ الله سيجمع لنا و لشيعتنا الدنيا و الآخرة ، و ندخلهم جنّات النعيم

ص: 737


1- «بسمته» خ ل . والميسم : هو السمة
2- أخرج مضمونة في البحار : 69 /268.
3- عنه البحار : 47 /118 ح 159.
4- «كذا» ط ، ه ، «كل هذا» البحار.

وندخل عدوّنا نار الجحيم .(1)

53 - ومنها : ما روی سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون(2)

عن داود بن القاسم الجعفري قال : سأل أبا محمّد (علیه السلام) عن قوله تعالى: « إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ»(3) رجل(4) من أهل قم، و أنا عنده حاضر .

فقال أبو محمّد العسكري (علیه السلام): ما سرق يوسف، إنّما كان ليعقوب (علیه السلام) منطقة ورثها من إبراهيم ، و كانت تلك المنطقة لا يسرقها أحد إلّا استعبد، و كانت إذا سرقها إنسان نزل جبرئيل (علیه السلام) وأخبره بذلك، فاخذت منه ، وأخذ(5) عبداً.

ص: 738


1- عنه إثبات الهداة : 5 /417 ح 155 . ورواه في بصائر الدرجات : 374 ب 2 ح 1 ، و الكافي : 1 /474 ح4، ودلائل الإمامة : 137 و 145 ، و الاختصاص: 263 بأسانيدهم جميعاً عن يونس بن ظبيان والمفضل بن عمر ، وأبی سلمة السراج ، والحسين بن ثوير بن أبي فاختة . وأورده في إثبات الوصية : 180 ، وعيون المعجزات : 85، و مناقب ابن شهر اشوب: 3 /369 ، وثاقب المناقب : 369 (مخطوط) عن يونس ، و المفضل ، وأبي سلمة ، والحسين بن أبی فاختة . وفي الصراط المستقیم: 2 /189 ح 26 مرسلاً مختصراً. وأخرجه في البحار : 47 /87 ح 88 و 89 و 90 عن الاختصاص و البصائر والكافي والمناقب وفي إثبات الهداة : 5 /338 ح9 عن الكافي والبصائر . وفي مدينة المعاجز : 372 ح 41 عن الكافي والبصائر والدلائل والاختصاص و ثاقب المناقب وعيون المعجزات.
2- «میمون» ه، «الحسين الميمون» ط ، و كلاهما تصحيف ، راجع مجمع الرجال:5 /186 ومعجم رجال الحدیث : 15 /246.
3- سورة يوسف: 77
4- «و السائل رجل» ط ، ه
5- «وصار» ل ، ه

وإن المنطقة كانت عند سارة بنت إسحاق بن إبراهيم ، وكانت سميّة ام إسحاق وإنّ سارة هذه أحبّت یوسف و أرادت أن تتّخذه ولداً لنفسها، وإنّها أخذت المنطقة فربطتها على وسطه، ثمّ سدلت عليه سرباله(1) ثمّ قالت ليعقوب (علیه السلام): إنّ المنطقة قد سرقت.

فأتاه جبرئيل (علیه السلام) فقال : يا يعقوب إنّ المنطقة مع يوسف ، ولم يخبره بخبر ما صنعت سارة لما أراد الله ، فقام يعقوب إلى یوسف ففتّشه - وهو يومئذ غلام یافع - واستخرج المنطقة ، فقالت سارة ابنة إسحاق: منّي سرقها يوسف فأنا أحقّ به .

فقال لها يعقوب : فإنّه عبدك على أن لا تبيعيه ولا تهبيه .

قالت: فأنا أقبله على ألّا تأخذه منّي وأعتقه الساعة. فأعطاها إيّاه فأعتقته .

فلذلك قال إخوة يوسف: « إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ».

قال أبو هاشم : فجعلت اجيل(2) هذا في نفسي، وافكّر فيه ، وأتعجّب من هذا الأمر مع قرب يعقوب من يوسف، و حزن يعقوب عليه حتّى ابيضّت عيناه من الحزن والمسافة قريبة! فأقبل علي أبو محمّد (علیه السلام) فقال :

يا أبا هاشم تعوذ بالله ممّا جرى في نفسك من ذلك، فإنّ الله تعالی لو شاء أن يرفع الستائر بين يعقوب ويوسف حتّى كانا يتراءیان فعل، ولكن له أجل هو بالغه ومعلوم ينتهي إليه کلّ ما (3) كان من ذلك ، فالخيار من الله لأوليائه .(4)

54 - ومنها : ما روى سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون(5) قال : كتبت إليه (علیه السلام) أشكو الفقر ، ثمّ قلت في نفسي : أ ليس قال أبو عبد الله (علیه السلام):

«الفقر معنا خير من الغني مع غيرنا، والقتل معنا خير من الحياة مع غيرنا !».

ص: 739


1- السربال : القميص ، والدرع
2- أي اردد
3- في ه: «من» بدل «كل ما»
4- عنه البحار : 12 /298 ح86، واثبات الهداة : 6 /327 ح 85 ، و مدينة المعاجز : 581ح 131.
5- «میمون» ه، راجع تعليقتنا رقم (2) على سند الحديث السابق:378.

فرجع الجواب : « إنّ الله يمحّص(1) أولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر ، وقد يعفو عن كثير ، وهو ممّا حدثتك(2) نفسك : الفقر معنا خير من الغني مع غيرنا(3) ونحن كهف لمن التجأ إلينا ، ونور لمن استضاء بنا ، وعصمة لمن اعتصم بنا من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى ، و من انحرف عنّا فإلى النار .

وقال أبو عبد الله (علیه السلام): «تشهدون على عدوّكم بالنار، ولاتشهدون لوليّكم بالجنّة ما يمنعكم من ذلك إلّا الضعف» .(4)

55- و منها: ماروي أنّ رجلاً من موالي أبي محمّد العسكري (علیه السلام) دخل [يوماً] عليه - و كان حكّاك الفصوص - فقال: يا ابن رسول الله إنّ الخليفة دفع إليّ فيروزجاً كأكبر ما يكون ، و أحسن مايكون ، وقال : انقش عليه كذا وكذا.

فلمّا وضعت عليه الحديد صار نصفين، وفيه هلاكي، فادع الله لي.

فقال: لا خوف عليك إن شاء الله.

فخرجت إلى بيتي ، فلمّا كان الغد دعاني الخليفة ، وقال لي : [إنّ] لي حظيّتين اختصمتا في ذلك الفصّ ، ولم ترضيا إلّا بأن يجعل نصفين بينهما ، فاجعله اثنين فانصرفت وأخذت ذلك وقد صار قطعتين(5) فأخذتهما ورجعت بهما إلى دار الخلافة فرضيتا بذلك ، وأحسن الخليفة إليّ بسبب ذلك ، فحمدت الله تعالی .(6)

56 - ومنها:أنّ الصحابة اجتمعوا يوماً وقالوا: ليس من حروف المعجم حرف أكثر دوراناً من الألف، فنهض عليّ (علیه السلام) وخطب على البديهة خطبة طويلة تشتمل على

ص: 740


1- «محص» م، وفي ه : «أوليائه» بدل «أولياءنا»
2- «كما حدثت» ط ، ه
3- «عدونا» م.
4- رواه في رجال الكشی : 533ح 1018 باسناده عن محمّد بن الحسن ، عنه البحار : 50 /299 ذح 72 و 73 وعن کشف الغمة : 2 /421. وأورده في مناقب ابن شهر اشوب :3 /534 عن محمّد بن الحسن.
5- «قطعتين فأصلحتهما فصين» ه
6- عنه البحار : 50 /276 ح 49.

الثناء على الله تعالى و الصلاة على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و فيها الوعد و الوعيد ، و المواعظ والزواجر ، وذكر الجنّة والنار، والنصيحة للخلق وغير ذلك، و ليس فيها ألف واحدة وهي معروفة .(1)

57 - ومنها : أنّ أبا طالب قال لفاطمة بنت أسد - و كان عليّ صبيّاً -: رأيته يکسّر الأصنام فخفت أن تعلم كفّار قريش ذلك . فقالت: يا عجباً أخبرك بأعجب من هذا وهو أنّي اجتزت بموضع كانت أصنامهم فيه منصوبة، وعليّ في بطني، فوضع رجليه في جوفي شديداً لايتركني أقرب منها ، وأن أمرّ في غير ذلك الموضع وإن(2) کنت لم أعبدها قطّ، وإنّما كنت أطوف بالبيت لعبادة الله ، لا الأصنام.(3)

58- ومنها: ماروي عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (علیه السلام) في المسجد و حوله أصحابه ، فأتاه رجل من شیعته .

فقال : يا أمير المؤمنين قد علم الله أنّي أدين بحبّك . فقال : صدقت .

فقام رجل من الخوارج - بعد مواطاة أصحابه على أن يمتحنوا ماعند عليّ (علیه السلام) ليردّ(4) عليه كما ردّ على الأول الّذي من شيعته - فقال: إنّي أحبّك في السرّ والعلانية.

ص: 741


1- عنه البحار : 41 /304 ح36 ، واثبات الهداة : 5 /32 ح 372. وروى الخطبة الخالية من الألف في كفاية الطالب : 393 باسناده عن أبي صالح. وأوردها في مناقب ابن شهر اشوب : 1 /326 عن الكلبي والصدوق ، عنه البحار:40/ 163 ضمن ح 54 ، واثبات الهداة : 5 /72 ح457. وفي مصباح الكفعمی: 741 مرسلة . وأخرجها في الصراط المستقیم : 1 /222 عن النخب، عنه إثبات الهداة : 5/ 61 ح 432. وفي البحار : 77 /340 عن مطالب السؤول . وفی فضائل الخمسة : 2 /256 عن كنز العمال : 8 /221.
2- «وإنّی» خ ل
3- عنه البحار : 42 /18 ح5 ، ومدينة المعاجز : 190 ح 523.
4- «ذلك ليمتحن ماعنده في أمره وأن يرد» خ ل

فنظر إليه وقال: كذبت، لاوالله ماتحبّني ولا أحببتني قطّ .

فبكى الرجل فقال : تستقبلني بهذا وقد علم الله خلافه. ابسط يدك أبايعك .

فقال له (علیه السلام): على ماذا ؟ قال : على ماعمل عليه أبوبكر و عمر . ومدّ يده نحوه.

فقال (علیه السلام): اقبض يدك و الله لكأنّي بك قد قتلت على ضلالك ، و وطی وجهك

دوابّ أهل العراق، فلا يعرفك قومك .

فكان الرجل ممّن خرج بالنهروان فقتل .(1)

59- ومنها: ما روي عن معتّب مولى أبي عبدالله (علیه السلام) قال : إنّ موسی بن جعفر (علیهما السلام)لم يكن يرى له ولد، فأتاه يوماً أخواه إسحاق الزاهد، ومحمد الديباج - ابنا جعفر(علیه السلام) - وسمعاه يتكلّم بلسان ليس بعربيّ، فجاءه غلام صقلبي فكلّمه بلسانه، فمضى الغلام وجاءه بعليّ ابنه، فقال موسى لاخوته : هذا عليّ ابني. فضمّاه إلى صدورهما واحد بعد واحد (2) وقبّلاه ، و كلّم الغلام بلسانه ، فحمله وردّه .

ثم تكلّم مع غلام أسود بالحبشيّة ، فجاء بغلام آخر ، ثمّ ردّه ، ثمّ تكلّم مع غلام آخر بلسان آخر غيره ، فجاء بغلام(3) حتّى أحضر خمسة أولاد مع خمسة غلمان مختلفين .(4)

60- ومنها : ما قال محمّد بن راشد ، عن جدّه ، قال : قصدت إلى جعفر بن محمد (علیهما السلام)أسأله عن مسألة فقالوا : مات السيّد الحميريّ الشاعر ، وهوفي جنازته.

ص: 742


1- عنه إثبات الهداة : 4 /553 ح 206.
2- «فضمه کلّ واحد منهما الى صدره» ه
3- «بلسان غير ذلك» ه بدل «آخر بلسان آخر غيره ، فجاء بغلام»
4- عنه إثبات الهداة : 5/ 547 ح 88. ورواه في بصائر الدرجات : 333 ح 2 باسناده إلی معتب ، عنه البحار : 48 /56 ح 64 ، والعوالم : 21 /154 ح1.

فمضيت إلى المقابر فاستفتيته ، فأفتاني، فلمّا أن قمت أخذ بثوبي فجذبه إليه ثمّ قال: إنّكم معاشر الأحداث تركتم العلم .

فقلت : أنت إمام هذا الزمان ؟ قال : نعم .

قلت : فدليل أو علامة ؟ قال : سلني عمّا شئت اخبرك به إن شاء الله .

قلت: إنّي أصبت بأخ لي ودفنته في هذه المقابر ، فأحيه لي بإذن الله .

قال: ما أنت بأهل لذلك، ولكن أخاك كان مؤمناً واسمه عندنا « أحمد ».

ودنا من القبر ودعا ، قال : فانشقّ عنه قبره، وخرج إليّ - و الله - وهو يقول :يا أخي اتّبعه ولا تفارقه ، ثمّ عاد إلى قبره ، واستحلفني على أن لا أخبر به أحداً(1) .

61 - ومنها : ما قال أبو بصير : قلت لأبي عبدالله (علیه السلام): من لنا أن يحدّثنا كما كان عليّ (علیه السلام) يحدّث أصحابه بتلك المعضلات؟! فقال (علیه السلام): أما إنّ فيكم لمثله ولكن أولئك كانت على أفواههم أوكية(2) هات حديثاً واحداً حدّثتك به فكتمته.(3)

62 - ومنها: ما روي عن عليّ بن حسّان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال: خرج عليّ (علیه السلام)(4)يريد صفّين، فلمّا عبر الفرات و قرب من الجبل، و حضر وقت صلاة العصر ، أمعن بعيداً ، ثمّ توضّأ وأذّن، فلمّا فرغ من الأذان انفلق الجبل

ص: 743


1- عنه البحار : 47 /118 ح 160 ، واثبات الهداة : 5 /418 ح156، ومدينة المعاجز : 409 ح99. وأورده في ثاقب المناقب : 337 عن محمّد بن راشد ، عن أبيه ، عنه مدينة المعاجز : 390 ح 108
2- الأوكية: جمع وكاء، وهو کلّ سير أو خيط يشد به فم السقاء أو الوعاء . لسان العرب: 15 /405 «وکی»
3- رواه في بصائر الدرجات : 261 ح3 باسناده الى أبي بصير ، عنه البحار : 26/ 145 ح 18.
4- «أمير المؤمنین» ه

عن هامة بيضاء ، و لحية بيضاء ، ووجه أبيض. فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحباً بوصي خاتم النبيّين، وقائد الغرّ المحجّلين، وسيّد الوصيّين.

فقال عليّ (علیه السلام) : وعليك السّلام يا أخي شمعون بن حنّون الصفا وصي روح القدس عیسی بن مریم ، كيف حالك ؟

قال : «بخير يرحمك الله ، أنا منتظر نزول روح القدس ، فاصبر يا أخي على ما أنت عليه من الأذى حتى تلقى الحبيب غداً ، فلم أعلم أحداً أحسن بلاء في الله منكم ولا أعظم ثواباً ، ولا أرفع مكاناً ، وقد رأيت(1) ما لقي أصحابك بالأمس من بني إسرائيل ، وأنّهم نشروا بالمناشير ، وصلبوا على الخشب .

فلو تعلم تلك الوجوه المارقة ، المفارقة لك ، ما أعدّ الله لها من عذاب النّار و السخط و النكال لأقصرت(2) ولو تعلم هذه الوجوه الملتئمة بك مالها من الثواب في طاعتك لتمنّت أن تفرض بالمقاريض .

وعليك السلام يا أمير المؤمنين و رحمة الله وبركاته».

قال : والتأم عليه الجبل ، وخرج أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى القتال ، فسأله عمّار بن یاسر، ومالك الأشتر ، و هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ، و أبو أيّوب الأنصاري ، و قیس بن سعد الأنصاري، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وعبادة بن الصامت، عن الرجل فأخبرهم أنّه شمعون بن حنّون الصفا وصيّ عيسى (علیه السلام)، و كانوا سمعوا كلامهما ، فازدادوا بصيرة في المجاهدة معه .

وقال له عبادة بن الصامت ، و أبو أيّوب الأنصاري : بامّهاتنا و آبائنا نفديك يا أمير المؤمنين، فوالله لننصرنّك كما نصرنا أخاك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، والله ما تأخرعنك

ص: 744


1- «عرفت» ه
2- «لابصرت» ه. أقصر عن الشيء : كفّ ونزع عنه وهو يقدر عليه.

من المهاجرين والأنصار إلّا شقي، فدعا لهما بخير .(1)

63 - ومنها : ماروي عن سويد(2) بن غفلة قال: كنت عند عليّ (علیه السلام) فأتاه رجل ، فقال له : جئتك من وادي القرى وقد مات خالد بن عرفطة .

فقال عليّ (علیه السلام) : لم يمت . فأعاد عليه الرجل القول. فقال: لم يمت. فقال الثالثة : مات ! فقال له : لم يمت ، وأعرض بوجهه عنه . فقال الرجل : أخبرك بموته صحيحاً .

فقال (علیه السلام) : والّذي نفسي بيده إنّه لم يمت ، ولايموت حتّى يقود جيش ضلالة(3) يحمل رايته حبيب بن جمّاز(4) .

فقام إليه حبيب فقال: أنشدك الله فيّ يا أمير المؤمنين ، فإنّي بن شيعة . فقال عليّ (علیه السلام) : ومن أنت ؟ فقال : أنا حبیب بن جمّاز . فقال (علیه السلام): إن كنت ابن جمّاز لتحملنّها.

فقال أبو حمزة الثمالي (5): ما مات خالدبن عرفطة حتّى بعث - عمر بن سعد بن أبي

ص: 745


1- عنه الايقاظ من الهجعة : 182ح 34. وعنه البحار : 6/ 238 ح 58 و ج 8 /531 (الطبعة الحجرية)، وعن أمالي المفيد : 104 ح5 باسناده عن قيس . ورواه في بصائر الدرجات: 280ح16 باسناده الى علیّ بن حسان ، عن عمّه وعبدالرحمن ابن کثیر ، عنه إثبات الهداة : 4/ 508 ح 117. و أورده في مناقب آل أبی طالب : 2/ 84 ، و ثاقب المناقب :191 (مخطوط) عن عبدالرحمن بن كثير ، عنهما مدينة المعاجز : 36 ح56 وعن الامالی . وأخرجه في البحار : 39 /135 ح7 عن البصائر والمناقب . وفي إثبات الهداة : 3/ 566 ح 644 عن الامالی. و تأتي قطعة منه في باب 16 ح33.
2- «سعید» ه. وهو سويد بن غفلة الجعفي ، من أصحاب أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام . راجع معجم رجال الحديث : 8/ 326.
3- « الضلالة» ه.
4- «حماد» خ ل
5- «الثمالي قال : والله» ه

وقّاص ومعه خالد بن عرفطة. فجعل خالد على مقدّمته و حبیب بن جمّاز(1) صاحبرايته .(2)

64- ومنها: ما روي عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال: أمرنا أمير المؤمنين (علیه السلام) بالمسير إلى المدائن من الكوفة ، فسرنا يوم الأحد ، وتخلّف عنّا عمرو بن حريث في سبعة نفر ، فخرجوا إلى مكان بالحيرة يدعي الخورنق ، و قالوا : إذا كان يوم الأربعاء خرجنا و لحقنا العسكر ، فخرج عليهم فيماهم فيه من حديثهم ضبّ فاصطادوه، فأخذه عمرو بن حریث فنصب کفّه و قال لأصحابه : بايعوه ، هذا أمير المؤمنین .

فبايعوه مستهزئين ، ثمّ خرجوا و قدموا المدائن يوم الجمعة و أمير المؤمنين (علیه السلام) على المنبر يخطب ، فنزلوا بأجمعهم على باب المسجد ، ثمّ دخلوا مستخفين، فرآهم عليّ (علیه السلام) فقال : يا أيّها الناس إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أسرّ فيما أسرّ إليّ من العلم حديثاً ، فيه ألف باب، و کلّ باب يفتح منه ألف باب، وإنّي سمعت الله يقول: « یَوْمَ نَدْعُو

ص: 746


1- «حبیب بن جماز على مقدّمته» م ، ط
2- رواه في بصائر الدرجات : 298 ح 11، والهداية الكبرى : 161، وارشاد المفيد : 190 وزاد في آخره: وسار بها حتّى دخل المسجد من باب الفيل ، و الاختصاص :274 بأسانيدهم إلی سوید بن غفلة . وفي خصائص أمير المومنین (علیه السلام) :20 باسناده الى امّ حکیم بنت عمرو، عنه مدينة المعاجز :119ح 319 ، وعن الاختصاص ، و ثاقب المناقب : 233 (مخطوط) عن سويد بن علقمة و مناقب آل أبی طالب : 2/ 106 نقلاً عن أبي الفرج الأصفهاني في أخبار الحسن (علیه السلام) وأورده في اعلام الوری : 175 عن سويد بن غفلة، و ارشاد القلوب : 225 مرسلاً مختصراً. وأخرجه في البحار : 41/ 313 ضمن ح 39 عن المناقب، وفي ج42 / 161 ح33 عن الاختصاص، وفي ج 44/ 259 ح 11 عن البصائر والارشاد . وفي إثبات الهداة : 4/ 509 ح 118 وص539 ذح 176 (اشارة) عن البصائر . وفي شرح نهج البلاغة : 2/ 286 عن كتاب الغارات ، عنه البحار : 8/ 730 (الطبعة الحجرية) ، و ج 41/ 288 ح 12 و عن الاختصاص و البصائر ، واثبات الهداة : 5/ 40.

كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»(1) وإنّي أقسم بالله قسماً حقاً ليبعثنّ يوم القيامة ثمانية نفر من عسكري [ هذا ] يدعون أنّهم أصحابي لحقوا بنا آنفاً ، إمامهم ضبّ اصطادوا في طريقهم وبايعوه ، ولو شئت أن اسمّيهم لفعلت .

قال : فرأينا عمرو بن حريث ينتفض مثل السعفة جبناً(2) ونفاقاً .(3)

65 - ومنها :ما روي عن جابر [بن عبد الله] ، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال : بينا عليّ (علیه السلام) في مسجد الكوفة إذ جاءت امرأة تستعدي إليه على زوجها .

فقضي لزوجها عليها ، فقالت : و الله ما حكمت بالعدل .

فقال: كذبت یا جريّة، یابذيّة، یا سلفع - وهي الّتي لاتحبل من حيث تحبل النساء، ولا تحيض من حيث تحيض النساء - فولّت المرأة تولول وتقول:

ياويلها و أعولها ، لقد هتكت منّي ما كان مستوراً.

فقال لها عمرو بن حریث : استقبلتي عليّاً بكلام سررتیني فيه ، ثمّ إنّه أصابك بكلمة فولّيت هاربة عنه !

ص: 747


1- سورة الاسراء : 71
2- «خبثاً» ه
3- عنه البحار : 41 /286 ح 7و 8، وعن الخصال : 2 /644 ح 26، و بصائر الدرجات: 306 ح 15 بإسنادهما عن الاصبغ بن نباتة ، و مناقب ابن شهر اشوب : 2 /97 نقلاً عن اسحاق بن حسان . وعنه مدينة المعاجز : 124 ح 340، وعن الاختصاص :277 باسناده عن الاصبغ بن نبانة. ورواه في الهداية الكبرى : 42 باسناده عن أبي حمزة الثمالی ، عنه مدينة المعاجز : 193 ح533 . وأورده في ارشاد القلوب :275 عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام. وفي المحتضر : 119 مرسلاً (قطعة) . وأخرجه في البحار : 8 /615 (الطبعة الحجرية) عن الاختصاص والمهذب وغيره . وفي البحار : 40 /127 ح 1 عن الخصال . وفي إثبات الهداة : 4 /482 ح 78 عن الخصال والبصائر.

فقالت : أخبرني بما لم يعلمه زوجي ولا أبواي ، و كنت أكتمهم إيّاه . فرجع عمرو إلى عليّ (علیه السلام) فأخبره بما قالت ، ثمّ قال : ما علمناك ولا عرفناك بالكهانة !

فقال عليّ (علیه السلام) : ويلك ياعمرو إنه ليس بكهانة ، ولكنّ الله كتب بين أعينهم : مؤمن أو كافر ، وماهم به مبتلون ، و ما هم عليه من شر(1) أعمالهم و حسناتهم ، أنزل بذلك قرآنا عربياً على نبيّه فقال : « إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ »(2)

فكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) المتوسّم، و أنا من بعده ، والأئمة من ذريتي المتوسّمون(3) من بعدي ، وإنّ هذه المرأة كما حكمت عليها بالحقّ.(4)

66- ومنها ما روي عن الصادق (علیه السلام) أنّه قال : جاءت امرأة متنقّبة(5) إلى

ص: 748


1- «سوء» ه
2- سورة الحجر : 75.
3- «للمتوسمين» ه.
4- رواه في بصائر الدرجات : 354 ب 17 ح 2 باسناده عن جابر و ص 356 ح7 باسناده عن محمّد بن مسلم ، عنه إثبات الهداة : 4 /510 ح120 قطعة . و فی تفسیر فرات بن ابراهيم : 81 و 98 من طريقين بالاسناد عن أبي جعفر عليه السلام، عنه البحار : 61 /132 ضمن ح5 وعن البصائر . وفي تفسير العياشي : 2 /248 ح 32 باسناده عن جابر بن یزید الجعفي ، عنه البحار : 24 /129 و 130 ح 14 و 15 وعن البصائر ، واثبات الهداة : 3 /51 ضمن ح 714 قطعة . وفي الكافي : 1 /218 ضمن ح5 باسناده عن جابر ، وفي نسخة اخرى عن ابراهیم بن أيوب ، عنه تأويل الايات : 1 /251 ح 9 ، والبحار : 17 /130 ضمن ح 2. وفي الاختصاص : 295 باسناده عن جابر بن یزید ، عنه البحار: 24 /126 ح6، وعنه البحار: 41 /290 ح 14 وج 61 /136 ح13 وعن البصائر. وأخرجه في إثبات الهداة : 2 /498 ح445 و 446 عن البصائر ، وعن بعض أصحابنا.
5- النقاب : القناع على أول الأنف

علي (علیه السلام)وهو يخطب ، وقد كان قتل أخاها و أباها بالنهروان ، فقالت :

یا قاتل الأحبّة ومؤتّم الصبية. فقال لها : یاسلفع ، یا جريّة ، يا مذكرة، یا سلقلق - وهي

التي تحيض من دبرها - ياصاحبة الشيء المدلّی.

فمضت صارخة، وتبعها عمرو بن حریث - و كان مروانیّا(1) - و قالت :

لقد اطّلع على ما لم يعرفه(2) أحد من خلق الله إلّا أمّي .

فنظرت نساؤه إليها فإذا شيء مدلّى على ركبها(3) فرأو عظيماً.

وفي رواية أنّ امرأة جاءته فقالت: أعطيت العطاء جميع الأحياء و ترکت هذا الحيّ من مراد ؟! فقال : اسكتي ياسلقع، باسلقلقيّة(4) یا مهیع ، یاقردع(5).

وترفّق بها عمر و حتّی أقرّت له وقالت: أمّا قوله «یا سلقع» فانّي صاحبة نساء ،

وأما قوله «يا قردع» فانّي أخرّب بيت زوجي فما أبقى له شيئاً .

و أما قوله «یا مهيع» فانّي عقيم .

وأما قوله «يا سلقلقيّة» فإنّي لاتحرم عليّ الصلاة من حيث تحرم على النساء .

قال: ماعلّمه بهذا أتراه ساحراً ؟! قالت : ما أدري إلّا أنّه قال ما أعرفه من نفسي.(6)

ص: 749


1- «عثمانياً» البصائر والاختصاص والبحار
2- «على شيء لم يطّلع عليه» ه
3- الركب - بالتحريك - :ما انحدر عن البطن . قيل : ظاهر الفرج . وقيل : هو الفرج نفسه . راجع لسان العرب : 1 /434 (ركب)
4- «سلقلقة» ه «قوذع» ه، وكذا في الموضع التالي
5- «سلقلقة» ه «قوذع» ه، وكذا في الموضع التالي
6- عنه البحار : 41/ 293 ح 16 ، و عن الاختصاص : 297، و البصائر : 358 ح 16 بإسنادهما الى بكار بن کردم وعيسى بن سليمان ، و شرح نهج البلاغة : 2/ 288 نقلاً عن کتاب الغارات . و روی ذيله في بصائر الدرجات : 357 ح 14 ، والاختصاص : 298 بإسنادهما إلى الأصبغ بن نباتة، عنهما مدينة المعاجز : 126 ح 354، ومستدرك الوسائل: 2/ 40 ح 12. و أخرجه فی البحار 8 /722 (الطبعة الحجریة) ، و مدینة المعاجز : 127 ح 356، و غایة المرام :520 ح28 عن الإختصاص. وفی البحار 40 /141 ح 42 ، و إثبات الهداة 4/ 501 ح 104 و ص 511 ح 120 و ص 512 ح121 عن البصائر. و رواه ابن حسنویه فی درّ بحر المناقب : 113 (مخطوط) باسناده إلی زید بن علی ، عنه الأربعین للحافظ محمّد بن أبی الفوارس : 21 ح 15 (مخطوط) ، عنهما إحقاق الحقّ 8 /97 و 98 و عن شرح النهج .

67- ومنها: ماروي عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : لمّا قدموا ببنت يزدجرد بنت شهریار - آخر ملوك الفرس و خاتمهم (1) - على عمر و أدخلت المدينة ،استشرفت لها عذارى المدينة ، وأشرق المجلس بضوء وجهها ، ورأت عمر فقالت: أفيروزان(2) فغضب عمر فقال: شتمتني هذه العلجة(3) . وهمّ بها .

فقال له عليّ (علیه السلام) : ليس لك إنكار ما لا تعلمه . فأمر أن ينادى عليها .

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): لا يجوز بيع بنات الملوك وإن كانوا كافرين، ولكن أعرض عليها أن تختار رجلاً من المسلمين حتّى تزوّج منه، ويحسب صداقها عليه من عطائه من بيت المال ، يقوم مقام الثمن .

فقال عمر : أفعل . وعرض عليها أن تختار .

فجاءت فوضعت يدها على منكب الحسين (علیه السلام) فقال لها : چه نامی [داری] إي كنيزك ؟ أي: أيش اسمك يا صبيّة ؟ قالت : جهان شاه بار خذاه .

فقال (علیه السلام): شهربانویه؟ قالت: خواهرم شهر بانویه. أي: تلك أختي .

قال (علیه السلام): راست کفتي . أي: صدقت .

ص: 750


1- «و جاؤوا بهم» خ ل.
2- «امروزان» العوالم « آبیروز باد هرمز» البحار. ولم تحفظ لنا النسخ ضبطها، ولا ترجمتها . و على کلّ يظهر أنّ رؤيتها ايّاه أزعجتها حتّى قالت مقوليها تلك تأسفاً على حالها ، أو تعجباً من سیرته
3- العلج : الرجل من كفار العجم ، والانثى : علجة . لسان العرب : 2 /326 (علج).

ثمّ التفت إلى الحسين (علیه السلام) فقال له : احتفظ بها ، وأحسن إليها ، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك ، وهي امّ الاوصياء ، الذريّة الطيّبة .

فولدت علي بن الحسین زین العابدين (علیهما السلام).

ويروى أنّها ماتت في نفاسها به، وإنّما اختارت الحسین (علیه السلام) لأنّها رأت فاطمة بنت محمّد (علیه السلام) في النوم ، وأسلمت قبل أن يأخذها عسكر المسلمين .

و لها قصة عجيبة و هي أنّها قالت: رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين (1)علينا ، كأن محمّداً رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دخل دارنا، وقعد، ومعه الحسين (علیه السلام)، وخطبني له و زوّجني أبي منه .

فلمّا أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطب غير هذا .

فلمّا كان في الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وعليها ، وقد أتتني وعرضت عليّ الاسلام وأسلمت، ثمّ قالت : إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلّين عن قريب إلى ابني الحسين (علیه السلام) سالمة، لايصيبك بسوء أحد.

قالت : و كان من الحال أن أخرجت إلى المدينة(2). (3)

ص: 751


1- «الاسلام» ه
2- «أنّي خرجت الى المدينة ما مس یدي انسان» البحار
3- عنه البحار : 46 /10 ح 21، وعوالم العلوم : 18 /7 ح2، ومستدرك الوسائل : 13 /377 ب 16 ح1 (قطعة) . ورواه في بصائر الدرجات :335 ح 8 باسناده الى جابر ، عنه البحار : 46 /9 ح20 وعوالم العلوم : 18 /6 ح1. وفي الكافي : 1 /466 ح1 باسناده الى جابر ، عنه إثبات الهداة : 4/ 441 ح 14 وج 5/ 214 ضمن ح3 (قطعة) ، ومدينة المعاجز :129 ح 362، وحلية الابرار: 2 /7 وأورده في إثبات الوصية : 167، ومقصد الراغب :148 (مخطوط) ، ومحاضرات الادباء للراغب الأصبهاني : 1 /347 مرسلاً نحوه . وأخرجه في احقاق الحقّ : 12 /6 عن محاضرات الادباء.

68 - ومنها : ما روي عن إسماعيل بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله (علیه السلام) أودّعه ، و كنت حاجاً في تلك السنة، فخرجت، ثمّ ذكرت شيئاً أردت أن أسأله عنه فرجعت إليه ، ومجلسه غاص بالناس، و كان ما أسأله عنه بيض طيور الماء.

فقال لي: من غير سؤالي : الأصلح أن لاتأكل (1) .(2)

69 - ومنها : ماقال البزنطي : حدّثني رجل من أهل جسر بابل ، قال : كان في القرية رجل جزّیر(3) يؤذيني ، ويقول لي : يارافضي ؟ ! و يسمعني و يشنّع عليّ ، و كان يلقّب بقرد القرية، بالنبطيّة.

قال: حججت في بعض السنين، فلقيت أبا عبد الله (علیه السلام) وسلّمت عليه، وسألني عن حالي ؟ ثمّ قال لي بالنبطيّة إبتداءاً منه : قرية ما نامت(4) ؟ قلت : متى؟ قال: الساعة.

فخرجت و أثبت اليوم و الساعة ، فلمّا قدمت الكوفة ، تلقّاني أخي فسألته عمّن مات من قريتنا ؟ فكان ما قال لي : قرية ما نامت وهو قرد القرية . فقلت : متی ؟

فقال : يوم كذا ، وساعة كذا، الّذي أخبرني به مولاي أبو عبد الله (علیه السلام). (5)

ص: 752


1- «سؤال : الأصحّ أن لا تأكل بيض طير الماء» البحار
2- عنه البحار: 47 /119 ح 161 وج 66 /47 ح 19، مستدرك الوسائل: 16 /185 /7 ب 16 ح7 ورواه في بصائر الدرجات : 334 ح6 باسناده الى اسماعيل بن مهران، عنه الوسائل: 16 /350 ح 9 ، والبحار : 47/ 81 ح69، ومدينة المعاجز : 389ح100. وفي دلائل الإمامة : 137 باسناده الي اسماعيل بن مهران ، عنه المستدرك : 16/ 184 ب 16 ح 5. وأورده في مناقب آل أبي طالب: 3/ 347 عن رجل من أهل دوین . وأخرجه في البحار : 66/ 45 ح7عن البصائر والدلائل.
3- الجزار والجزیر : الذي یجزر الجزور ، وحرفته الجزارة.
4- «قرد القرية مات» ه، «قوفة ما نامت» البحار ، و كذا في الموضع التالي.
5- عنه إثبات الهداة : 5 /418 ح 157. ورواه في بصائر الدرجات: 334 ح7 باسناده الى أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عنه البحار: 47 /81 ح 71. وفي دلائل الإمامة : 137 باسناده إلی أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عنه مدينة المعاجز : 389 ح 101 وعن البصائر و ثاقب المناقب : 355.

70- ومنها : ماروی أحمد بن قابوس(1) ، عن أبيه، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال: دخل عليه قوم من أهل خراسان ، فقال - إبتداءاً قبل أن يسأل - : من جمع مالا يحرسه عذّبه الله على مقداره . فقالوا له - . بالفارسية - : لا نفهم بالعربية .

فقال لهم : «هر که درم اندوزد جزایش دوزخ باشد»(2).

وقال : إنّ لله مدينتين إحداهما بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، على کلّ مدينة سور من حديد ، فيها ألف ألف باب من ذهب ، کلّ باب بمصراعين ، وفي كلّ مدينة سبعون ألف لسان مختلفات اللغات .

و أنا أعرف جميع تلك اللغات ، وما فيهما وما بينهما حجة غيري وغير آبائي ، و [ غير ] (3) أبنائي بعدي(4) .(5)

71 - و منها : ما روي عن عمران بن عليّ الحلبي [قال] : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول : لمّا أتي بعليّ بن الحسين (علیهما السلام) ومن معه إلى يزيد بن معاوية – عليهما لعائن الله - جعلوهم في بيت خراب واهي (6) الحيطان .

فقال بعضهم : إنّما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا .

فقال الموكّلون بهم من الحرس بالقبطيّة(7) : انظروا إلى هؤلاء يخافون أن

ص: 753


1- «فارس» ط ، البحار ، ومدينة المعاجز
2- «خدای تعالی او را بأندازه آن عذاب کند» خ ل
3- من البحار
4- «و بينهما و كذلك كان آبائی و كذلك يكون أبنائی» ط ، ه، ومدينة المعاجز
5- عنه البحار : 47 /119 ح 162 ، ومدينة المعاجز : 409 ح 201.
6- وهي الحائط وهياً : ضعف واسترخی. کاد یسقط.
7- «بالنبطية» خ ل . وكذا ما يأتي.

يقع عليهم هذا البيت، وهو أصلح لهم من أن يخرجوا غداً ، فتضرب أعناقهم واحداً بعد واحد صبراً .

فقال علي بن الحسين (علیهما السلام) بالقبطيّة : لايكونان جميعاً بإذن الله . فقال : و كان كذلك(1) (2)

72- منها : ما روي عن داود بن فرقد قال: ذكر عند أبي عبد الله (علیه السلام) قتل الحسین (علیه السلام) وأمر علي ابنه في حمله(3) إلى الشام .

فقال : إنّه لمّا ردّ إلى السجن ، قال بعض أصحابه لبعض : ما أحسن بنيان هذا الجدار ! وعليه كتابة بالروميّة .

فقرأها علي بن الحسين (علیهما السلام) فتراطن(4) الروم بينهم، وقالوا: ما في هؤلاء من هو أولى بدم المقتول - ابن(5) نبيّهم - من هذا . يعنون علي بن الحسين (علیهما السلام).(6)

73 - ومنها : ما روی جابر الجعفي ، عن الباقر(علیه السلام) قال : خرج عليّ(علیه السلام) بأصحابه إلى ظهر الكوفة ، فقال :

أرأيتم إن قلت لكم: لا تذهب الأيّام حتى يحفرهاهنا نهر يجري فيه الماء والسفن ما قلتم؟ أكنتم مصدّقي فيما قلت ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ويكون هذا ؟

قال : إي والله، لكأنّي أنظر إلى نهر في هذا الموضع ، وقد جرى فيه الماء

ص: 754


1- «كف لك» م
2- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 337 ح 1 باسناده عن أحمد بن محمّد عن الحسين ابن سعيد و البرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمران بن علیّ ، عن محمّد بن عليّ الحلبی مثله ، عنه البحار : 46 /70 ح 47 وج 45 /177 ح 25 وعوالم العلوم : 17 /413 ح 12.
3- «و أمر أن يحمل ابنه» ه
4- تراطن القوم وتراطنوا فيما بينهم : تكلّموا بالاعجمية
5- «أين» م
6- عنه البحار : 46 /72 ح57 ، وعوالم العلوم : 18 /96 ح 2.

وجرت فيه السفن ، تكون عذاباً على أهل هذه القرية أوّلا، ورحمة عليهم آخراً .

قال: فلم تذهب الأيّام حتى حفر نهر الكوفة، فكان عذاباً على أهل الكوفة أوّلاً ورحمة عليهم آخراً، فكان فيه الماء ، وانتفع به ، و كان كما قال (علیه السلام).(1)

74- ومنها: ما روي عن جندب بن زهير الأزدي قال : لمّا فارقت الخوارج عليّاً (علیه السلام)، خرج إليهم وخرجنا معه، فانتهيت إلى عسكرهم(2) فإذا لهم دويّ كدويّ النحل في قراءة القرآن ، و فيهم أصحاب البرانس ، وذووا الثفنات .

فلمّا رأيت ذلك دخلني شكّ ، فتنحّیت و نزلت عن فرسي ، و ركزت رمحي و وضعت ترسي ، ونثرت عليه درعي ، وقمت أصلّي وأنا أقول في دعائي :

«اللّهمّ إن كان قتال هؤلاء [القوم] رضاً لك ، فأرني من ذلك ما أعرف به أنّه الحقّ، وإن كان لك سخطاً (3) فاصرف عنّي».

إذ أقبل عليّ (علیه السلام) فنزل عن بغلة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وقام یصلّي، إذ جاء رجل وقال : قطعوا النهر. ثمّ [ جاء ] آخر تشتدّ به دابته ، وقال : قطعوه وذهبوا.

فقال أمير المؤمنين (علیه السلام): ما قطعوه ولايقطعونه ، وليقتلنّ دونه ، عهد من الله و رسوله.

وقال: يا جندب ، تری التلّ ؟ قلت : نعم . قال : فإنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حدّثني أنّهم يقتلون عنده . ثمّ قال : أما إنّا نبعث إليهم رسولاً، يدعوهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، فيرشقون وجهه بالنبل ، وهو مقتول .

قال : فانتهينا إليهم(4) فإذا هم في معسكرهم لم يبرحوا ، ولم يرتحلوا .

فنادى في الناس فضمّهم، ثمّ أتى الصفّ ، وهو يقول :

ص: 755


1- عنه إثبات الهداة : 4 /544 ح 207، والبحار : 41 /283 ح 1 ، ومدينة المعاجز :190ح 524.
2- «فانتهينا الي عندهم» ه
3- «شحطاً» م
4- «الى القوم» ه

من يأخذ هذا المصحف فيمشي(1) إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، وهو مقتول وله الجنّة . فما أجابه أحد إلّا شابّ من [ بني ] عامر بن صعصعة . فلمّا رأى حداثة سنّه ، قال : ارجع إلى موقفك(2).

ثمّ عاد القول فما أجابه أحد، إلّا ذلك الشابّ.

فقال : خذه أما إنّك مقتول . فمشی(3) به حتّى إذا دنا من القوم حيث يسمعهم ناداهم فرموا وجهه بالنبل ، فأقبل علينا و وجهه كالقنفذ.

(فقال عليّ (علیه السلام) : دونكم القوم . فحملنا عليهم .

قال جندب: ذهب الشكّ عنّي ، وقتلت بكفّي ثمانية .

ولمّا قتل الحروريّة)(4) قال : إلتمسوا في قتلاهم رجلاً مخدجاً(5) - إحدى ثدييه عضده مثل ثدي المرأة -.

فطلبوه فلم يجدوه، فقام فأمر بهم ، فقلب بعضهم على بعض، فإذا حبشي إحدى عضدیه (6)مثل ثدي المرأة ، عليه شعرات مثل سبلات السنّور(7) و كبّر ، وكبّر الناس معه

ص: 756


1- «و يمضي» ه
2- «موضعك» ه
3- «فمضی» ه.
4- «ووقع مقتولاً، فقال للإمام : الان حل لنا قتالهم . ثمّ قال : احملوا عليهم . فحمل القوم و علیّ علیه السلام في أوائلهم ، فما كان الّا ساعة ، الّا وهم صرعى الى النهر ولم يسلم منهم سوى نفر تحتهم خيولهم» ط. والحرورية : جماعة من الخوارج النواصب ، والنسبة لبلد قرب الكوفة - على ميلين منها - تسمی حروراء ، نزل بها هولاء بعد خروجهم على أمیر المومنین علیّ علیه السلام . (معجم الفرق الاسلامية : 94).
5- قال الطريحي في مجمع البحرين : 2 /291 : وفي حديث علىّ علیه السلام في ذي الثدية «مخدج اليد» أي ناقص اليد - بضم الميم وفتح الدال - راجع ص 227 هامش 2.
6- «ثدييه» ه.
7- سبلة الرجل: الدائرة التي في وسط الشفة العليا ، وقيل : ما على الشارب من الشعر ، وقيل : مقدم اللحية ، وقيل غير ذلك . وحكى اللحياني : إنّه لذو سبلات. وهو من الواحد الذي فرق فجعل کلّ جزء منه سبلة ثمّ جمع على هذا ... وقال ابن الأثير في النهاية : 2 /339 ، وابن منظور في لسان العرب: 11 /322 : وفي حديث ذي الثدية : «عليه شعيرات مثل سبالة النور»

وقال : هذا شيطان(1).

لولا أن تتكلّموا، لحدّثتكم بما أعدّ الله على لسان نبيّكم لمن قتل(2) هؤلاء.(3)

75- ومنها : أنّ عليّاً (علیه السلام) (لمّا امتنع من البيعة على)(4) أبي بكر ، أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليّاً (علیه السلام) إذا ماسلّم من صلاة الفجر (5) بالناس، فأتي خالد ، و جاس إلى جنب عليّ (علیه السلام) ومعه السيف .

فكان أبوبكر يتفكّر(6) في صلاته في عاقبة ذلك ، فخطر بباله أنّ عليّاً (علیه السلام) إن قتله خالد ثارت الفتنة، وإنّ بني هاشم یقتلونني(7).

فلما فرغ من التشهّد، التفت إلى خالد قبل أن يسلّم وقال : لا تفعل ما أمرتك به.

ثمّ قال السلام عليكم. فقال عليّ (علیه السلام) لخالد: أكنت تريد أن تفعل ذلك؟! قال: نعم.

فمدّ يده إلى عنقه وخنقه باصبعين كادت عيناه تسقطان [من رأسه] و ناشده بالله أن يتركه ، وشفع إليه الناس في تخليته ، فخلاه .

ص: 757


1- ذكر في هامش م بخط آخر : يعني ذا الثدية
2- «نبيّه لمن قاتل» ه ، مدينة المعاجز
3- عنه إثبات الهداة : 4 /554 ح208 باختصار ، والبحار : 8 /610 ح ط. حجر ، ومدينة المعاجز : 191ح527 و تقدم مثله ص 226 ح 71 فراجع.
4- «جرى بينه و بين أبی بکر کلام قد تقدّم ذكره في حديث فدك و باب فاطمة عليها السلام وذلك أن» ه
5- «الجماعة» م
6- كذا في النسخ ، وفي البحار والمدينة : فتفكّر أبوبكر
7- أضاف في ه ، ط «ان قتل علىّ»

فكان خالد(1) يرصد الفرصة والفجأة ، لعلّه يقتل عليّاً (علیه السلام) غرة(2).

وقد بعث أبوبكر ذات يوم عسكراً مع خالد إلى موضع

فلمّا خرجوا من المدينة ، و كان على خالد السلاح التام(3) وحواليه شجعان قد امرو أن يفعلوا كلّما يأمرهم خالد، وأنّه رأى عليّاً يجيء من ضيعة له منفرداً بلا سلاح فقال خالد في نفسه : الآن وقت ذلك.

فلمّا دنا من عليّ (علیه السلام) و كان في يد خالد عمود حديد ، رفعه ليضربه على رأس عليّ (علیه السلام) ، فوثب إليه ، فانتزعه من يده، وجعله في عنقه كالقلادة وقتله .

فرجع خالد إلى أبي بكر، واحتال القوم في كسره، فلم يتهيّأ لهم شيء، فاستحضروا جماعة من الحدّادين فقالوا :

هذا لا يمكن انتزاعه إلّا بالنار(4)، و إنّ ذلك يؤدّي إلى هلاکه .

ولمّا علم القوم بكيفيّة الحال قال بعضهم: إنّ عليّاً (علیه السلام) هو الذي يخلّصه من ذلك كما جعله في رقبته(5)، وقد ألان الله له الحديد كما ألانه لداود .

فشفع أبوبكر إلى علي ، فأخذ العمود(6) ،وفكّ بعضه من بعض باصبعين (7). (8)

76- ومنها: أن قصّاباً باع لحماً من جارية إنسان ، و كان حاف(9) عليها، فبكت

ص: 758


1- «ثمّ كان خالد بعد ذلك» ه
2- غرة : غفلة
3- «و کان (خالد) مدججاً» ه ، البحار ، والمدينة
4- «الّا بعد جعله (حله) بالنار» ه، ط، البحار ، و المدينة
5- «جیده» ه
6- «القلادة» ه.
7- «باصبعيه فبهتوا» ه.
8- عنه إثبات الهداة : 4 /554 ح 209، والبحار : 8 /99 ط . حجر ، ومدينة المعاجز: 190 ح 525.
9- في ه، إثبات الهداة ، البحار ، والمدينة بلفظ : إنّ قصاباً كان يبيع ... و كان يحيف . حاف عليها : جار عليها وظلمها.

وخرجت ، ورأت عليّاً، فشكته إليه، فمشى معها إليه(1) ودعاه إلى الانصاف في حقها، و كان يعضه ويقول له: ينبغي أن يكون الضعيف عندك بمنزلة القوي فلاتظلم الجارية (2).

ولم يكن القصّاب يعرف عليّاً (علیه السلام)، فرفع يده فقال: أخرج أيهّا الرجل .

فخرج (علیه السلام)(3) ولم يتكلّم بشيء ، فقيل له(4) : هذا علي بن أبي طالب (علیه السلام). فقطع يده(5) وأخذها، وخرج بها إلى أمير المؤمنین (علیه السلام) معتذراً ، فدعا له ، فصاحت يده (6)

77- ومنها: ما قال ابن فرقد : كنت عند أبي عبدالله (علیه السلام) وجاءه غلام أعجمي برسالة ، فلم يزل يهذي(7) ولا يعبّر (8) حتّى ظننت أنّه يضجره .

فقال له تكلّم بأيّ لسان شئت تحسنه سوى العربيّة، فإنّك لاتحسنها، فإنّي أفهم.

فكلّمه بالتركية ، فردّ عليه الجواب بمثل لغته ، ومضى الغلام متعجّباً .(9)

78 - ومنها: ماروی إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال : اختلف أبي وعمومتي في الأربعة الأيام التي تصام في السنة ، فركبوا إلى أبي الحسن علي بن محمد (علیهما السلام) وهو مقيم ب-«صريا»(10) قبل مسيره إلى «سر من رأى».

فقال لهم : جئتم تسألونني عن الأيام التي تصام في السنة ؟

ص: 759


1- «فمضي معها نحوه» ه، والاثبات
2- «الناس» ه
3- «فانصرف» ه. إثبات الهداة ، والبحار
4- « للقصاب» ه، إثبات الهداة ، والبحار
5- «ید نفسه» م
6- عنه إثبات الهداة : 4/ 555 ح210، والبحار : 41 /203 ح 18، ومدينة المعاجز : 191 ح 526.
7- هذي یهذي هذياً : تكلم بغير معقول لمرض أو لغيره
8- «يفتر» م . «يعبره» البحار
9- عنه البحار : 47 /119 ح 163.
10- تقدم بيانها ص 365 هامش 5. و في ه تقديم و تأخير في العبارة ، وفيها « بقرية» بدل به «صبريا»

فقالوا: ما جئناك إلّا لهذا . فقال :

اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول، وهو اليوم الذي ولد فيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .و اليوم السابع و العشرون من رجب، [و] هو اليوم الذي بعث(1) فيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) واليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة، وهو اليوم الذي دحيت(2) فيه الأرض [من تحت الكعبة]، واليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو يوم الغدير.(3)

79 - ومنها : ما روي عن داود بن القاسم(4) [قال] : دخلت على أبي الحسن صاحب العسكر(علیه السلام) فقال لي : كلّم هذا الخادم بالفارسيّة ، فإنّه زعم أنّه يحسنها

فقلت لخادم : « زانوي تو چیست ؟ » فلم يجبني الخادمه(5).

فقال له : إنّه يسألك ويقول : ركبتك ما هي ؟ (6)

80- ومنها : ماروي عن أبي سیّار مسمع بن عبد الملك کردین ، عن أبي عبدالله (علیه السلام)

ص: 760


1- «نبیّ» م
2- الدحو : البسط . والمدحوات : الأرضون.
3- عنه الوسائل : 7 /335 ح3، وعن مصباح المتهجد: 571 عن اسحاق مرسلاً مثله . وعنه إثبات الهداة : 6 /219 ح 15 ، وعن التهذيب : 4 /305 ح4 باسناده عن ابن عیاش ، عن أحمد بن زیاد و علی بن محمّد ، عن محمّد بن الليث المکی ، عن اسحاق مثله ، وعن مصباح المتهجد . و عنه البحار : 50 /157 ح47 ، وعن مصباح المتهجد، ومناقب آل أبی طالب : 3 /519 نقلاً عن أبي جعفر الطوسي في المصباح والأمالي (التهذيب ظ). وعنه البحار : 96 /266 ح13. وأخرجه في الوسائل المذكور ص 324 ح 3، واثبات الهداة : 3 /331 ح 101 عن التهذيب وفي مدينة المعاجز :554 ح77 عن التهذيب و المناقب.
4- «أبي القاسم» ه، والبحار . وهو تصحيف ، تقدمت ترجمته ص 404 هامش 1.
5- «فلم يجب» ه ، البحار
6- عنه البحار : 50 /157 ح 46. و رواه الصفار في بصائر الدرجات : 338 ح 2 باسناده عن عبدالله بن جعفر ، عن أبي الهاشم الجعفری مثله ، عنه البحار : 49 /88 ح 7.

قال : سمعته يذكر رجلاً أو رجلين بخير من أهل الكوفة ، فأخبرتهما بما قال ، و كانا يتواليانه . فقال أحدهما: سمعت وصدّقت ، و أطعت، وأحمد الله .

وقال الآخر - وأهوى بيده إلى جيبه فشقّه - وقال : والله. لارضيت حتّى أسمعه منه . وخرج متوجّها نحوه وتبعته، فلمّا صرنا بالباب استأذنّا، [ فأذن لنا ] فدخلنا .

فلمّا رآه قال: يا فلان أيريد کلّ امريء منكم أن يؤتى صحفاً منشّرة(1) ؟

إنّ الّذي أخبرك مسمع به لحق. فقال: جعلت فداك إنّي أحببت أن يزول الشكّ منّي(2) ولا أتصوره بصورة من يقول ما لم يسمعه .

قال : فالتفت إليّ رجل عنده - من سواد الكوفة صاحب قبالات(3) - فقال لي: درفه(4) . ثمّ قال (علیه السلام): إنّ درفه - بالنبطيّة - (خذها، أجل، فخذها . فخرجنا )(5)من عنده .(6)

81- ومنها :ما روي عن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي عبدالله (علیه السلام) مع أبي بصير ، فبينا نحن قعود إذ تكلّم أبو عبدالله (علیه السلام) بحرف ، فقلت في نفسي :

ص: 761


1- اقتباس من قوله تعالى في سورة المدثر : 52.
2- «عنّي» خ ل
3- «مقالات» ه . والقبالة : اسم لما يلتزمه الانسان من عمل ودین وغير ذلك . الكفالة
4- هكذا في البصائر ، وفي الأصل «يقال له :زرفة» وفي الاختصاص «درقة» بدل «درفة» وكذا ما بعدها
5- هكذا في البصائر و الاختصاص، وفي الاصل «أجل ، قال : وخرجنا».
6- عنه مدينة المعاجز : 410 ح202. ورواه في بصائر الدرجات : 339 ح7 باسناده عن محمّد بن عبد الجبار ، عن البرقی ، عن فضالة ، عن مسمع کردین مثله ، عنه إثبات الهداة : 5 /484 ح40، والبحار : 48 /24 ح 41. وفي الاختصاص : 284 بالاسناد عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عبدالجبار... مثله ، عنه البحار : 47 /82 ح 72 ، وعن البصائر . وأخرجه في مدينة المعاجز : 401 ح 161 عن الاختصاص.

هذا والله ممّا أحمله إلى الشيعة ، هذا حديث(1) لم أسمع - والله - بمثله قطّ .

قال : فنظر في وجهي، ثمّ قال لي: إنّي أتكلّم بالحرف الواحد لي فيه سبعون وجهاً ، إن شئت أحدّث كذا ، وإن شئت أحدّث كذا .(2)

82 - ومنها : ما روي عن أبي أراكة(3) [قال] : كنّا مع علي (علیه السلام) بمسكن فتحدّثنا أن عليّاً (علیه السلام) ورث من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) السيف ، و قال بعضنا : البغلة ، والصحيفة في حمايل السيف ، إذ خرج علينا ، ونحن في حديثنا

فقال ابتداءاً : و أيم الله(4) لو نشطت(5) لحديثكم حتى يحول الحول ، لا أعيد حرفاً بما ورثت وحويت من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وأيم الله إنّ عندي صحفاً كثيرة، وإنّ فيها لصحيفة يقال لها «القبيط»(6) ما على العرب أشدّ منها ، و إنّ فيها لتميّز(7) القبائل المبهرجة من العرب ، ما لهم في دين الله من نصيب . (8)

83 - ومنها : ماروي عن منصور الصيقل [قال] : حججت فمررت بالمدينة ، فأتيت [قبر] رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فسلّمت عليه، ثمّ التفتّ، فإذا أنا بأبي عبد الله (علیه السلام) ساجداً فجلست حتى مللت ، ثمّ قلت : لاسبّحنّ مادام (9) ساجداً . فقلت :

ص: 762


1- «حدیثکم» ه.
2- عنه البحار : 47 /119 ح 164.
3- هو أبو أراكة البجلی ، کوفی من أصحاب أمير المومنین علیه السلام . كذا عده الشيخ في رجاله: 10. انظر معجم رجال الحديث : 21 /11 رقم 13879.
4- أيمن الله : اسم وضع للقسم ، و التقدير : أيمن الله قسمی . وفيه لغات، وأيضاً بمعناها :أيم الله ، وأم الله - بتثليث الميم - ....
5- نشط : طابت نفسه للعمل و غیره.
6- «القسط» ه. «العبيط» البحار.
7- «لتمييز» م. «لتلین» ه . وفي البحار «هنا» بدل «فيها».
8- عنه إثبات الهداة : 4 /555 ح211، والبحار :. 40 /145 ح 52.
9- «قدامه» البحار

سبحان ربّي و بحمده، أستغفر ربّي وأتوب إليه، ثلاثمائة مرة ونيّفاً وستين مرّة.

فرفع رأسه ، ثمّ نهض، فاتّبعته وأنا أقول في نفسي : إن أذن لي ، فدخلت عليه ثمّ قلت له : جعلت فداك أنتم تصنعون هكذا !! فكيف ينبغي لنا أن نصنع ؟

فلمّا وقفت على الباب خرج إليّ مصادف(1) ، فقال لي: أدخل يا منصور .

فدخلت فقال [ لي ] مبتدئاً :

یا منصور إنّكم إن أكثرتم أو أقللتم ، فوالله لا يقبل إلّا منكم .(2)

84 - ومنها : ما روي عن الرضا (علیه السلام)، عن أبيه قال: جاء رجل إلى جعفر بن محمّد (علیهما السلام) فقال : انج بنفسك ، فهذا فلان بن فلان قد وشي (3) بك إلى المنصور وذكر (4) أنّك تأخذ البيعة لنفسك على الناس ، لتخرج عليهم .

فتبسّم وقال : يا عبد الله لاترع، فإنّ الله إذا أراد إظهار فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها حاسداً باغياً يحركها حتّى يبينها (5) ، اقعد معي حتّى يأتي(6) الطلب فتمضي معي إلى هناك(7)، حتّى تشاهد ما يجري من قدرة الله التي لا معدل(8)لها عن مؤمن .

فجاء الرسول و قال (9) : أجب أمير المؤمنين . فخرج الصادق (علیه السلام) ودخل ، وقد امتلا المنصور غیظاً وغضباً ، فقال له : أنت الّذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين تريد أن تفرق جماعتهم ، وتسعى في هلكتهم ، وتفسد ذات بينهم ؟

ص: 763


1- صادفه : قابله على قصد أو بدونه.
2- عنه البحار : 47 /120 ح 165 و ج 85 /165 ح 15، ومستدرك الوسائل : 4 /473 ب 18 ح9.
3- «وشی به الى الملك» نمّ عليه و سعی به.
4- «وسمع» ه.
5- «يثبتها» خ ط.
6- «یأتینی» البحار.
7- «منازل المنصور» خ ط.
8- «معزل» ه ، البحار . يقال : «ما له معدل أو معدول عن كذا» أي مصرف .
9- «فجاءوا وقالوا» البحار.

فقال الصادق : ما فعلت شيئاً من هذا(1) قال المنصور: فهذا فلان يذكر أنّك فعلت كذا(2)، وأنّه أحد من دعوته إليك . فقال : إنّه لكاذب .

قال المنصور : إنّي أحلّفه ، فإن حلف کفیت نفسي مؤنتك .

فقال الصادق (علیه السلام): إنّه إذا حلف کاذباً باء باثم .

فقال المنصور [لحاجبه] : حلّف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا – يعني الصادق (علیه السلام)- . فقال له الحاجب: قل: والله الذي لا إله إلّا هو، وجعل يغلّظ عليه اليمين.

فقال الصادق (علیه السلام) : لا تحلّفه هكذا ، فإنّي سمعت أبي يذكر عن جدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال: إنّ من الناس من يحلف کاذباً فيعظّم الله في يمينه، ويصفه بصفاته الحسني، فيأتي تعظيمه لله على إثم كذبه و يمينه [فيؤخّر عنه البلاء]، ولكن دعني(3).احلّفه باليمين الّتي حدّثني بها أبي ، عن جدي ، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه لا يحلف بها حالف إلّا باء باثمه .

فقال المنصور : فحلّفه إذاً یا جعفر (4) .

فقال الصادق (علیه السلام) للرجل: قل إن كنت كاذباً عليك فقد برئت من حول الله وقوّته ولجأت إلى حولي وقوّتي . فقالها الرجل .

فقال الصادق (علیه السلام): اللّهمّ إن كان كاذباً فأمته .

فما استتمّ كلامه حتّى سقط الرجل ميّتاً ، واحتمل ، ومضي به ، وسري (5) عن المنصور، وسأله(6) عن حوائجه.

فقال (علیه السلام): ليس لي(7) حاجة إلّا [ إلى الله ، و ] الاسراع إلى أهلي ، فإنّ قلوبهم

ص: 764


1- «ذلك» م.
2- «ذلك» خ ل.
3- «ولكني» البحار
4- «فحلفه أنت ، بما قلت» ط
5- زال عنه ما كان يجد من الغضب أو الهمّ
6- «ومضى وأقبل المنصور على الصادق عليه السلام فسأله» ط ، ه ، والبحار.
7- «مالی» ط ، ه، والبحار.

بي متعلّقة . فقال [ المنصور ]: ذلك إليك، فافعل منه ما بدالك .

فخرج من عنده مكرّماً ، قد تحيّر فيه المنصور ومن يليه .

فقال قوم: ماذا؟ رجل فاجأه الموت، ما أكثر ما يكون هذا! وجعل الناس يصيرون إلى(1) ذلك الميّت ينظرون إليه، فلمّا استوى على سريره ، جعل الناس يخوضونفي أمره(2) فمن ذامّ له و حامد(3) إذ قعد على سريره ، و كشف عن وجهه وقال :

يا أيّها الناس إنّي لقيت ربّي بعدكم ، فلقّاني السخط واللعنة ، واشتدّ غضب زبانيته عليّ للّذي(4) كان منّي إلى جعفر بن محمّد الصادق (علیهما السلام)، فاتّقوا الله ، ولا تهلكوا فيه كما هلكت .

ثمّ أعاد كفنه على وجهه، وعاد في موته، فرأوه لاحراك به(5) وهو ميّت، فدفنوه [وبقوا حائرين في ذلك] .(6)

85- ومنها: ماروي أنّ جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء(7) منهم : إبراهيم ابن محمّد بن عليّ بن عبدالله بن عبّاس ، وأبو جعفر المنصور ، وعبد الله بن الحسن، وابناه محمّد وإبراهيم ، وأرادوا أن يعقدوا لرجل منهم ، فقال عبد الله:

هذا [ابني] وهو المهديّ . و أرسلوا إلى جعفر (علیه السلام)، فجاء فقال :

ص: 765


1- «يخوضون في أمر» البحار.
2- «في أمر ذلك الميت» ه
3- «وحاسد» خ ل.
4- «على الذي» ه ، البحار.
5- «فيه» البحار.
6- عنه الوسائل : 16 /167 ح3 ، والبحار : 47 /172 ح 19. وأورده المفيد في الارشاد : 305 مرسلاً نحوه.
7- الابواء - بالفتح ، ثمّ السكون ، وفتح الواو وألف ممدودة - : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً . وقيل : جبل عن یمین آره و يمين المصعد الى مكّة من المدينة . . و بالابواء قبر آمنة امّ النبي صلى الله علیه و آله . (مراصد الاطلاع: 191).

تنبيه حول الأبواب الثلاثة التالية : 18، 19، 20

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ »

نتيجة سقوط و ضياع بعض أوراق البابين الثامن عشر و التاسع عشر من أصل نسخة

«م» فقد بحثنا عن السقط في نسخ أخرى ، منها ثلاث نسخ محفوظة في مكتبة آية الله العظمی المرعشي النجفي-و التي أحدها« ه- » - و نسخة المدرسة الفيضية ،و نسختي جامعة طهران ، و ثلاث نسخ محفوظة في المكتبة المركزية العامّة في مشهد المقدسة ، فلم نعثر على هذا السقط إلا في نسخنين من مجموع الثلاث نسخ المحفوظة في المكتبة الأخيرة وهما :

1 - النسخة رقم « 1677 »كتبت بخط النسخ ، في شهر ذي القعدة سنة خمس وثمانين

وتسعمائة ( 985 ه- ) و رمزنا لها ب- « د » .

2 - النسخة رقم « 1678 » و کتبت بخط النسخ ، وهي بدون إسم الناسخ و تاریخ

الاستنساخ ، ورمز نا لها ب- « ق » .

و هاتان النسختان متّفقتان في أغلب مواضع الاختلاف ، بل حتى في البياضات الموجودة فيهما ، ممّا لايدع مجالا للشك أنّهما استنسختا عن نسخة واحدة بعينها أو أنّ إحداهما نسخت عن الأخرى .

علما أن العلامة المجلسي قد أورد هذين البابين في البحار : 92 / 121 - 174نقلا من نسخة سقيمة سيّئة ، قال عنها مصحّح البحار في مقدّمته :

ص: 766

« وممّا کددنا كثيراً في إصلاحه ، وتحقيق ألفاظه ، و تصحيح أغلاطه باب وجوه إعجاز القرآن ، وهو ممّا نقله المؤلف العلامة بطوله من كتاب الخرائج والجرائح للقطب الراوندي رحمة الله عليه ، من نسخة كاملة كانت عنده ، ولكن النسخة كانت سقيمة صحيفة جدّاً ، واستنسخ كاتب المؤلف بأمره رضوان الله عليه النسخة من حيث يتعلّق ببحث إعجاز القرآن ووجوهه إلى آخره ، بما فيها من السقم والأود وصحّح المؤلف العلامة بقلمه الشريف بعض ما تنبّه له من الأغلاط والتصحيفات- عجالة - وضرب على بعض جملاته الّتي لم يكن يخل حذفها بالمعنى المرادكما ضرب على بعضها الآخر ، إذا لم يكن لها معنى ظاهر مراد ، أو كانت فيها كلمةمصحّفة غير مقروة ولا سبيل إلى تصحيحها .

ثم إنه رضوان الله عليه ضرب على بعض الفصول تماماً ، وغيّر صورة الأبواب وحذف عناوين الفصول بحيث صار البحث متّصلا متعاضداً ... » إلى آخر كلامه .

فعلى ذلك لانشير إلى مواضع الحذف والتحريف الموجود في البحار .

وأخيراً أقول :

ليس بعجيب - بل كان لطفاً خفيّاً منه تعالی - إن قلت : أنّه قبل أن نقف على هذه

النقيصة بأيّام جاءني أحد الروحانيين وقال : رأيت في منامي الشيخ قطب الدین الراوندي يقول : « إنّي لست راضياً عن الطبعات السابقة لكتاب الخرائج والجرائح فاذهب إلى السيّد الأبطحي في مدرسة الامام المهدي و قل له : أن يسعى في إخراج الكتاب كاملا».

فالحمد لله تعالى أولا على أن أشار لي القطب قدس سره .

وثانياً على أن وفّقني ربّي جلّ وعلا لتكميله بما رزقني .

و آخر دعواي : أن الحمد لله رب العالمين أولا و آخراً .

ص: 767

على الرضا (علیه السلام) وأحببت أن أختبره .

فحملت الكتاب في كمّي ، وصرت إلى منزله، وأنا متفكّر في طلب الإذن [عليه] إذا أنا بغلام خرج من الدار(1) ينادي : أيّكم الحسن بن علي الوشّاء؟ فقلت : أنا .

فقال : هذا الكتاب أمرني الرضا (علیه السلام) بدفعه إليك.

فأخذته ، فإذا - و الله - جواب مسألة مسألة ، فتركت الوقف ، وقطعت عليه .(2)

88- ومنها: ما روي عن الريّان بن الصلت(3) قال : دخلت على الرضا (علیه السلام) بخراسان ، وقلت(4) في نفسي أسأله عن هذه الدراهم(5) المضروبة باسمه .

فلمّا دخلت عليه قال لغلامه: إنّ أبا محمّد يشتهي من هذه الدنانير الّتي عليها اسمي فهلمّ بثلاثين درهماً منها. فجاء بها الغلام فأخذتها .

ص: 768


1- «الدهلیز» ه ، ط.
2- روی مثله الصدوق في عيون أخبار الرضا (علیه السلام): 2 /131 ح 1 باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن صالح بن أبی حماد ، عن الوشاء مفصلاً ، عنه إثبات الهداة : 6 /90 ح 92 ، والبحار : 49 /44 ح37 . و الطبرسي في أعلام الوری :32 باسناده عن الحاكم الموفق النوقانی ، عن الحسن بن أحمد السمرقندي ، عن محمّد بن علىّ الصفار ، عن أبي سعيد الزاهد ، عن عبدالعزيز ابن عبد ربّه الشيرازي، عن عمر بن محمّد بن عراك ، عن عليّ بن محمّد الشيروانی ، عن الوشاء نحوه . وأورد مثله في دلائل الإمامة : 194 عن الوشاء مرسلاً ، وفي مناقب آل أبی طالب :3/ 453 عن الحسن بن محمّد السمرقندی بالاسناد عن الحسن بن على الوشاء الكوفي وفي ثاقب المناقب : 420 (مخطوط) ، وعيون المعجزات : 108 مرسلاً عن الوشاء. وأخرجه في مدينة المعاجز: 490 ح92 عن دلائل الإمامة ، اعلام الوری، المناقب ، عيون المعجزات، و ثاقب المناقب بألفاظه المختلفة.
3- «زیاد بن الصامت» ه، ط، واثبات الهداة.
4- «و أردت ما قلت» م ، ط.
5- «الدنانير» ه ط، إثبات ، والبحار.

ثمّ قلت في نفسي: ليته كساني من بعض ما عليه . فالتفت إلى غلامه فقال: وقل لهم لايغسلون ثيابي، وتأتي بها كماهي . فأتیت (1) بقميص وسروال (2) و نعل . (3).

89-و[منها:] لمّا أنشد دعبل الخزاعي قصيدته في(4) الرضا (علیه السلام) بعث إليه بدراهم رضويّة ، وردّها ، فقال : خذها فإنّك تحتاج إليها .

قال: فلمّا رجعت إلى بيتي سرق جميع ما كان لي (5).

ص: 769


1- «و تأتون ... فأتوا» البحار.
2- «سراويل » م.
3- عنه إثبات الهداة: 6 /137 ح150، والبحار: 49 /56 ح68 . ورواه في قرب الاسناد : 148 باسناده عن الريان بن الصلت مثله ، وفي عيون أخبار الرضا (علیه السلام): 2 /208 ح 10 باسناده عن محمّد بن أحمد ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين عن معمر بن خلاد ، عن الريان مثله . و في رجال الكشی : 546 ح 1053 وص547 ح 1036 من طريقين عن الريان مثله . وفي دلائل الإمامة :191 باسناده عن أبي الحسن محمّد بن هارون ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن معمر بن خلاد ، عن الربان ، مفصلاً مثله . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /451 و ثاقب المناقب : 416 (مخطوط) عن معمر بن خلاد ، عن الريان مثله . وفي اعلام الوری : 322 عن ابن بابویه . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /299 نقلاً من كتاب الدلائل . وفي إثبات الهداة : 6/ 64 ح48 عن العيون و ص 145 ح 169 عن الكشی . وفي البحار المتقدم ص29ح1 عن قرب الاسناد و الکشی و کشف الغمة، وص33 ح 9 عن العيون والمناقب ، وح10 عن الكشی . وفي مدينة المعاجز : 480 ح45 عن بعض المصادر المتقدمة
4- «علی» م.
5- «فانصرفت إلى البيت وقد سرق جميع مالی» ه ، ط، والبحار

فكان الناس يأخذون منّي درهماً عليه اسم الرضا، وبيعطوني(1) دنانير، فغنيت بها. (2)

90 - ومنها : ماروي عن ظریف بن ناصح قال: لمّا كانت الليلة التي خرج فيها محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن(3) دعا أبو عبد الله (علیه السلام) بسفط، وأخذ منه صرة وقال : هذه مائتا دینار عزلها علي بن الحسين من ثمن شيء باعه لهذا(4) الحدث الذي حدث(5) الليلة في المدينة. فأخذها ومضى من وقته إلى طيبة(6).

وقال : هذه حادثة ينجو منها من كان منها على مسيرة ثلاث ليال، و كانت تلك الدنانير نفقته بطيبة إلى أن قتل محمّد بن عبدالله .(7)

91 - ومنها : ما روي عن عبدالرحمن بن كثير: أنّ رجلاً منّا دخل يسأل عن الامام بالمدينة ، فاستقبله رجل من ولد الحسن ، فدلّه على محمّد بن عبد الله ، فصار إليه وساءله هنيهة (8) فلم يجد عنده طائلاً .

فاستقبله فتى من [ولد](9) الحسين فقال له : يا هذا إنّي أراك تسأل عن الامام ؟ قال : نعم . قال : فأصبته ؟ قال : لا .

ص: 770


1- كذا استظهرناها ، وفي م ، ه «وأعطونی» . وفي ط ، والبحار بلفظ «يأخذون منّی درهماً و یأتوننی و یعطونی».
2- عنه البحار : 49 /56 ح 69.
3- المتقدم ذكره في الحديث 85.
4- في رواية البصائر : «عن ثمن عمودان اعدت لهذا».
5- «يحدث» البحار.
6- طيبة : اسم ضيعة كانت للإمام الصادق عليه السلام . ذكرها معتب مولاه في حديث له مذكور في بصائر الدرجات : 234 ح3
7- عنه البحار : 46/ 33 ح27 . و روی الصفار مثله في بصائر الدرجات : 175 ح3 ، عنه البحار : 26/ 204 ح5.
8- أي قليلاً من الزمان . ساعة يسيرة.
9- اضفناناها للزومها ، و بقرينة ما سيأتي من قوله عليه السلام «فتی من ولد الحسين».

قال : فإن أحببت أن تلقى جعفر بن محمّد (علیهما السلام) فافعل . فاستدلّه ، فأرشده إليه .

فلمّا دخل عليه ، قال له : هذا(1) إنّك دخلت مدينتنا هذه تسأل عن الإمام فاستقبلك فتى من ولد الحسن ، فأرشدك إلى محمّد بن عبدالله ، فسألته وخرجت فإن شئت أخبرتك بما سألته عنه ، وما ردّه عليك وذكر ، ثمّ استقبلك فتى من ولد الحسين وقال لك : إن أحببت أن تلقى جعفر بن محمّد فافعل .

قال : صدقت ، قد كان کلّ ما ذكرت ووصفت . (2)

92- ومنها : ما روي عن أبي بصير [قال] : سمعت الصادق (علیه السلام) يقول : إنّ أبي مرض مرضاً شديداً حتى خفنا عليه ، فبكى بعض أصحابه عند رأسه .

فنظر إليه وقال : إنّي لست بميّت من وجعي هذا .

قال : فبرأ ومكث ما شاء الله من السنين . فبينا هو صحيح ليس به بأس ، فقال : يا بنيّ إنّي ميّت يوم كذا . فمات في ذلك اليوم .(3)

93 - ومنها: ما روى أنّ عليّاً (علیه السلام) دخل الحمّام، فسمع صوت الحسن والحسين (علیهما السلام) فخرج إليهما فقال : ما لكما ؟

قالا : اتّبعك هذا الفاجر - ابن ملجم - فظننّا أنّه يغتالك(4).

فقال لهما : دعاه لا بأس .

وأنّ الحسين (علیه السلام) لمّا توجّه إلى الكوفة ، دعا بقرطاس، فكتب فيه :

من الحسين بن علي إلى بني هاشم ، أمّا بعد : فإنّه من لحق بي استشهد ، ومن

ص: 771


1- أي : يا هذا. حذف حرف النداء ، كما أجازه بعض النحويين ، مع اسم الإشارة . انظر شرح ابن عقيل : 2/ 257.
2- عنه البحار : 47/ 120 ح 167.
3- عنه البحار : 46/ 256 ح 56.
4- غاله يغوله واغتاله : أهلكه وأخذه من حيث لا يدري

تأخّر عنّي لم يبلغ الفتح(1) والسلام .(2)

ص: 772


1- قال المجلسی (رحمه الله ) : قوله عيله السلام «لم يبلغ الفتح» أي لم يبلغ ما يتمنّاه من فتوح الدنيا والتمتع بها ، وظاهر هذا الجواب ذمه، ويحتمل أن يكون المعنى أنّه عليه السلام خيرهم في ذلك، فلا إثم على من تخلف، انتهى . وفي بعض المصادر «لم يدرك الفتح»
2- عنه البحار : 42 /234 ح 43 صدره . و روی صدره في نوادر على بن أسباط : 124 عن بعض أصحابه مثله ، و في بصائر الدرجات : 480 ح1 باسناده عن أحمد بن فضال ، عن علي بن أسباط یرفعه الى أمير المومنین علیه السلام مثله ، عنه البحار المذكور ص197 ح 15. وفی مختصر بصائر الدرجات: 6 بالاسناد عن ابن فضال ومحمد بن الحسين ، عن علىّ ابن أسباط ، عن بعض رجاله رفعه الى أمير المومنین علیه السلام مثله . وروى ذيله في بصائر الدرجات : 481 ح5 باسناده عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ابن يحيى ، عن مروان بن اسماعيل ، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . وفي كامل الزيارات : 75 ح 15 باسناده عن أبيه وجماعة مشائخه ، عن سعد بن عبدالله عن عليّ بن اسماعیل بن عیسی و محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيات ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام مثله . وأورده في مختصر بصائر الدرجات : 6 بالاسناد عن أيوب بن نوح ، عن محمّد بن اسماعیل عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . وفي دلائل الإمامة : 77 بالاسناد إلى أبي جعفر عليه السلام . وفي مناقب آل أبی طالب : 230 مرسلاً عن أبی حمزة بن عمران ، و في كتاب الملهوف على قتلی الطفوف : 27. وأخرجه في إثبات الهداة :5 /186 ح18 عن البصائر و کامل الزیارات و الملهوف و کتاب الرسائل للكليني ، وسعد بن عبدالله في بصائر الدرجات ، وفي البحار : 42/ 81ح 12 عن البصائر والمناقب ، وج 45/ 84 ح13 عن البصائر . وفي مدينة المعاجز : 239 ح23 عن دلائل الامامة.

94 - ومنها : ما روي عن ابن(1) مسافر ، عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام) أنّه قال - في العشيّة الّتي توفّي في ليلتها -:

إنّي ميّت الليلة. ثمّ قال: نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقلنا إليه.(2)

95 - ومنها : ما روي عن الباقر(علیه السلام): أنّ أباه عليّ بن الحسين (علیهما السلام) أتي – في الليلة التي توفّي فيها - بشراب، فقيل له: اشرب .

فقال : هذه الليلة الّتي وعدت أن أقبض فيها . فقبض فيها .(3)

96 - ومنها : ما روي عن علي بن ميسرة قال : لمّا استقدم عبدالله بن محمّد الدوانیقي ، أبا عبدالله (علیه السلام) أقام مولى له بسيف مسلول قد أسبل عليه كمّه، وقال :

إذا دخل(4) جعفر ، وصرت خلفه [وأشرت إليك] فاضرب عنقه .

فلمّا دخل ، ونظر إلى الدوانیقي (أسرّ شيئاً فيما)(5) بينه وبين نفسه(6) لم ندر ماهو إلّا قوله(7) : «یا من يكفي خلقه كلّه ولايكفيه أحد ، اكفني شرّ عبدالله بن محمّد».

ص: 773


1- «أبی» البحار . والموجود في كتب الرجال «مسافر» من أصحاب الرضا عليه السلام ، انظر رجال الشيخ 62، ومعجم رجال الحديث : 18 /130 رقم 12252.
2- عنه البحار : 50/ 2 ح4.
3- عنه البحار : 46 /149 ح7. ورواه في بصائر الدرجات : 482 ضمن ح7 باسناده عن ابراهیم بن هاشم ، عن ابن فضال ، عن علىّ بن عقبة ، عن جدّه ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، عنه البحار المذكور ص213 ضمن ح7. وفي الكافي : 1 /259 ح3 باسناده عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن عبدالله بن أبي جعفر ، عن أخيه ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام مثله . عنه إثبات الهداة : 5 /217 ح 2 ، ومدينة المعاجز : 298ح 22.
4- «أتیت» ه
5- «قال» ط.
6- زاد في ط «کلاماً».
7- «فهمنا منه يقول» ه ، ط.

فصار أبو جعفر الدوانیقي لايبصر مولاه فيومىء إليه ، وصار مولاه لايبصره ولا يرى أبا عبد الله (علیه السلام)، فقال له : لقد عنّيتك(1) یا جعفر في هذا الحرّ (2) فانصرف.

فانصرف أبو عبد الله (علیه السلام)، فقال الدوانيقي لمولاه: ويلك، ما منعك من أن تمتثل أمري ؟! قال: لا والله ما أبصرته ولا أبصرتك حتّى خرج ، ولقد دهمني (3) حجاب حال بيني وبينه و بينك.

فقال الدوانیقي : لئن تحدّثت بهذا لأقتلنّك بدلا منه .(4)

97 - ومنها : ما روي عن معاوية بن وهب(5) [قال]: كنت مع أبي عبد الله (علیه السلام) بالمدينة، و هو راكب على حمار له ، فنزل - وقد كنّا صرنا إلى السوق(6)فسجد سجدة طويلة ، وأنا أنتظره(7) ثمّ رفع رأسه ، فسألته عن ذلك فقال :

ص: 774


1- أي أتعبتك
2- «الأمر» ه.
3- دهمه الأمر : غشيه . وفي م «همنی».
4- عنه البحار : 47 /170 ح 12. ورواه في بصائر الدرجات : 494 ح1 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن علىّ ، عن علیّ بن میسرة مثله ، عنه إثبات الهداة : 5 /344 ح 20، ومن الکافی : 2 /559 ح12 باسناده عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ...، وعن سعد بن عبدالله فی بصائر الدرجات مثله . وأورده في دلائل الإمامة : 119 بالاسناد الى محمّد بن سنان ، عن بعض أصحابه نحوه . وفی مختصر بصائر الدرجات : 8 بالاسناد الى ميسرة ، عنه البحار المذكور ص 169 ح 11 وعن البصائر . و فی ثاقب المناقب : 365 (مخطوط) مثله مرسلاً. وأخرجه في مدينة المعاجز :360 ح 18 عن الكافي والمختصر وثاقب المناقب والدلائل.
5- «وهيب» م ، ه . تصحيف . قال عنه النجاشي في رجاله : 412 رقم 1097 : ثقة ، حسن الطريقة.
6- «و نحن بالسوق» ه ، ط.
7- «أنظر اليه» ط ، و البحار.

إنّي ذكرت نعمة الله عليّ . فقلت : ففي السوق ، والناس يجيئون ويذهبون ؟!

فقال: [إنّه] لم يرني أحد منهم غيرك(1). (2)

98- ومنها: ما روي عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) [قال]: صلّى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بعض الليالي ، فقرأ « تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ».

فقيل لأمّ جميل - اخت أبي سفيان - امرأة أبي لهب : إنّ محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يزل البارحة يهتف بك وبزوجك في صلاته ، ويقنت عليكما .

فخرجت تطلبه ، وهي تقول : لئن رأيته لأسمعنّه (3) وجعلت تنشد (4) : من أحسّ لي(5) محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ حتى انتهت إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وأبوبكر جالس معه .

فقال أبوبكر : یا رسول الله لو تنحّيت ، فإنّ امّ جميل قد أقبلت ، و أنا خائف أن تسمعك سباباً(6) فقال: إنّها لن ترني . فجاءت حتى قامت عليه، فقالت :

يا أبا بكر رأيت محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟

قال: لا . فمضت راجعة إلى بيتها .

ص: 775


1- أقول : واضح أنّ أهل السوق لو رأوه ساجداً لاجتمعوا اليه ، و أنكروا عليه ، و تعجبوا من ذلك
2- عنه البحار : 47 /121 ح 168. وعنه الوسائل : 4 /1083 ح9، والبحار : 86/ 201 ح13 ، وعن بصائر الدرجات: 495 ح 2 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الهيثم النهدي ، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب مثله . وأورده في مختصر بصائر الدرجات : 9 بالاسناد الى معاوية بن وهب مثله . وأخرجه في إثبات الهداة : 5 /393 ح 111 عن البصائر للصفار ، و بصائر سعد بن عبدالله عن محمّد بن الحسين عن الهيثم.
3- أي لأشتمه. وفي البحار «لأسمعته».
4- نشد الضالة : نادي وسأل عنها وطلبها.
5- «من أخبرنی» ه ، ط.
6- «شيئاً» ه، ط ، والبحار.

فقال أبو جعفر : ضرب الله بينهما حجاباً أصفر . و كانت تقول له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مذمّم . وكذا قریش کلّهم ، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ الله أنساهم [ذكر] اسمي وهم يسبّون(1) مذمّماً ، وأنا محمّد .(2)

99- ومنها: ما روي عن محمّد بن مسلم قال: دخلت مع أبي جعفر (علیه السلام) مسجد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فإذا طاووس اليماني يقول: من كان (3) نصف الناس ؟ فسمعه أبو جعفر (علیه السلام) فقال: إنّما هو ربع الناس، آدم وحواء وهابيل وقابيل (4). قال: صدقت يابن رسول الله.

قال محمّد بن مسلم : فقلت في نفسي : هذه - والله - مسألة، فغدوت إلى منزل أبي جعفر(علیه السلام) وقد لبس ثيابه، وأسرج له ، فلمّا رآني ناداني - قبل أن أسأله. فقال :

بالهند و وراء الهند بمسافة بعيدة رجل عليه مسوح(5) يده مغلولة إلى عنقه، موكّل

ص: 776


1- «یسمونی» ط . وفي البحار بلفظ «وهم يعملون ، يسمون». قال ابن اسحاق : وكانت قريش إنما تسمى رسول الله صلى الله عليه و آله مذمماً ، ثمّ يسبّونه ، فكان رسول الله صلی الله علیه و آله يقول : ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قریش ، يسبّون ويهجون مذمماً ، وأنا محمّد . (السيرة النبوية لابن هشام : 1 /382).
2- عنه البحار : 18 /59 ح18. وأورده في مختصر بصائر الدرجات 9 بالاسناد إلی علیّ بن اسماعیل بن عیسی و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أحمد بن أبي نصر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) مثله. وأخرجه في إثبات الهداة : 1 /605 ح 280 عن سعد بن عبدالله في بصائر الدرجات و بالسند المتقدم في المختصر . وأورد نحوه ابن هشام في السيرة النبوية : 1 /381.
3- «كان قتل» ط.
4- زاد في ط «فقتل ربع الناس لا نصف الناس».
5- المسح : الكساء من شعر . ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً و قهراً للجسد . جمعها : أمساح ومسوح

به عشرة رهط(1)، يعذّب إلى أن تقوم الساعة .

قلت: ومن ذاك؟ قال : قابيل .(2)

100- ومنها: ما روي عن سليمان(3) بن خالد : كان أبو عبدالله البلخي في سفر مع أبي عبد الله (علیه السلام) فعطش القوم ، فقال للبلخي : انظر هل ترى جبّاً(4) ؟ فإذا جبّ ليس فيه ماء . فقام على شفيره(5) و قال :

أيّها الجبّ اسقنا ممّا جعل الله فيك. فنبع منه ماء عذب، فشربوا.

فقال البلخي: سنّة فيكم كسنّة موسى (علیه السلام)؟ قال : نعم، والحمدلله .(6)

101-ومنها: ما روي عن المفضّل بن عمر قال: حمل إلى أبي عبدالله (علیه السلام) مال من خراسان مع رجلين من أصحابه ، فلم يزالا يتفقّدان المال حتى صارا إلى الري ، ولقيهما رجل من إخوانهما، فدفع إليهما كیساً فيه ألفا درهم .

فجعلا يتفقّدان المال في کلّ يوم، والكيس في جملته ، حتی قربا من المدينة، فقال

ص: 777


1- الرهط : عدد یجمع من الثلاثة الى العشرة ، وليس فيهم امرأة . ولا واحد له من لفظه.
2- عنه البحار : 46 /256 ح57.
3- «مسلم» خ ل . قال النجاشی : 183 رقم 484: سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة مولی عفيف بن معدی کرب... كان قارئاً فقيهاً وجهاً، روی عن أبی عبدالله وأبی جعفر(علیهما السلام) وعده الشيخ في رجاله : 76 من أصحاب الصادق عليه السلام . انظر معجم رجال الحديث : 8/ 245 رقم 5430.
4- الجبّ : البئر العميقة ، الحفرة.
5- الشفير : ناحية کلّ شيء.
6- عنه إثبات الهداة : 5 /393 ح13 ، و عن بصائر الدرجات : 512 ح28 باسناده عن موسی بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن ، عن أحمد بن ابراهيم ، عن عبدالله بن بكير ، عن عمر بن توبة ، عن سليمان بن خالد مثله . وأخرجه في البحار : 47 /92 ح103عن البصائر . وتقدم مثله ص298 ضمن ح5.

أحدهما لصاحبه : تفقّد المال. فنظرا ، فإذا كيس الرازيّ(1) مفقود .

فوجما(2) من ذلك ، واغتمّا ، وقالا : مانقول لمولانا أبي عبد الله (علیه السلام)؟

فقال أحدهما : أبو عبد الله - والله - کریم، ونرجو أن يكون علم ذلك عنده .

فلمّا دخلا المدينة، و وصلا إليه، وسلّما عليه، حملا المال و سلّماه ، فقال لهما: أين كيس الرازيّ ؟ فأخبراه بالخبر .

فقال لهما : إن رأيتما الكيس تعرفانه ؟ قالا : نعم. قال : ياجارية عليّ بالكيس . فأخرجته فدفعه إليهما، فقالا : هو، هو!

قال : فإنّي احتجت في جوف الليل إلى مال ، فوجّهت من شيعتنا من الجنّ إلى ما معكما ، فأتاني بهذا الكيس من متاعكما . (3)

102- ومنها: ما روي عن عبد الرحمن بن كثير قال : قال أبو الحسن(علیه السلام) :

لمّا قبض(4) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هبط جبرئیل (علیه السلام) و(5) الملائكة و الروح ، الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر .

ففتح أمير المؤمنين (علیه السلام) بصره ، فرآهم من منتهى السماوات إلى الأرض ، ثمّ

ص: 778


1- نسبة الى الرىّ ، وهي مدينة جنوب طهران عاصمة ایران.
2- وجم : عبس وجهه، وأطرق لشدة الحزن
3- عنه البحار : 47 /65 ح6. ورواه في بصائر الدرجات: 99ح9 باسناده عن عبدالله بن محمّد ، عن محمّد بن ابراهیم عن بشر ، عن فضالة ، عن محمّد بن مسلم ، عن المفضل بن عمر مثله، عنه عيون المعجزات: 87، واثبات الهداة : 5 /374 ح 70، والبحار : 27 /20 ح10 وج 47/ 65 ح5 وج 63 /101 ح 63. وأخرجه في مدينة المعاجز : 376 ح 52 عن البصائر وعيون المعجزات.
4- «توفّی» ه، ط.
5- «مع» ه

كانوا يغسّلون النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مع عليّ (علیه السلام) ويصلّون عليه، ويحفرون له - و الله - ما حفر له غيرهم .

ولمّا وضع في قبره تکلّم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - و فتح لعليّ (علیه السلام) سمعه - فسمعه يوصيهم [بعليّ (علیه السلام)] فبكي أمير المؤمنين (علیه السلام) وسمعهم يقولون: لن نألوه(1) جهداً، وهو صاحبنا بعدك .

حتّى إذا مات(2) أمير المؤمنين (علیه السلام) رأي (3) الحسن (علیه السلام) مثل الذي (4) رأی أمير المؤمنين (علیه السلام) .

حتى إذا مات الحسن (علیه السلام) رأي منهم الحسين مثل ذلك. (5).

حتى إذا مات(6) الحسين (علیه السلام) رأى علي بن الحسين (علیهما السلام) منهم مثل ذلك .(7) .

حتّى إذا مات علي بن الحسين (علیهما السلام) رأي منهم محمّد بن علي (علیهما السلام) مثل ذلك (8).

حتى إذا مات محمّد بن علي (علیهما السلام) رأي جعفر بن محمّد (علیهما السلام)منهم [مثل] ذلك .

حتى إذا مات جعفر بن محمّد (علیهما السلام) رأى منهم موسی بن جعفر (علیهما السلام) مثل ذلك وسمع الأوصياء يقولون : أبشري أيّتها الشيعة [بنا]. وهكذا يخرج(9) إلى آخرنا. (10).

ص: 779


1- «ینالونه» الأصل . ومافي المتن كما في رواية البصائر . ألا ألواً و ألي تألية وائتلی ائتلاءاً في الأمر: قصر و أبطأ . ومنها يقال : لم يأل جهداً أي لم يقصر
2- «توفی» ه.
3- «أتی» ه. و كذا بعدها.
4- «مثل ذلك من الملائكة كما» ه ، ط.
5- زاد في ط «من الملائكة»
6- «توفی» ه ، وكذا بعدها.
7- زاد في ه «من الملائكة»
8- زاد في ط «من الملائكة»
9- في بصائر الدجات بلفظ : «حتى اذا مات جعفر(علیه السلام) رأی موسی (علیه السلام) منه مثل ذلك، هكذا يجری»
10- رواه فی بصائرالدرجات:225 باسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام ، مثله عنه البحار : 22 /513 ح13 ، وج 27 /289 ح3، ومدينة المعاجز : 174 ح 486 و ص 226 ح 88 وص287 ضمن ح 186 وص321ح 99. أقول : وسند البصائر المذكور كما في نسخته المصححة ومدينة المعاجز، فلاحظ.

103 - ومنها : ماروي عن ضريس قال : كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) فقال له أبو بصير : ما يعلم عالمكم ؟ قال : لايعلم الغيب إلّا الله ، ولو وکّل عالمنا إلى نفسه لكان مثل بعضكم ، ولكن يحدّث إليه(1) ساعة بعد ساعة .

وقال: لا والله لايكون عالم جاهلاً أبداً ، الله أجلّ وأعظم من أن يفرض طاعة عبد، ثمّ يحجب عنه علم سمائه وأرضه .

ثمّ قال : لايحجب عنه علم ذلك .(2)

104 - ومنها : ما روي عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال : إنّ رجلاً منّا صلّي العتمة(3) بالمدينة ، وأتی قوم موسي(4) في أمر تشاجروا فيه فيما بينهم ، وأصلح بينهم، ثمّ عاد ليلته ، ثمّ صلّى الغداة بالمدينة . (5)

ص: 780


1- روی في الكافي : 1 /270 ح 1 باسناده إلی عبید بن زرارة قال : أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن یعلم الحكم بن عتيبة أنّ أوصياء محمّد عليه وعليهم السلام محدثون . انتهى أي: تحدثهم الملائكة ، وفيهم جبرئیل علیه السلام من غير معاينة . (انظر مجمع البحرین «حدث»).
2- رواه في بصائر الدرجات : 325 ح 2 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن علىّ بن نعمان ومحمّد بن عبدالجبار ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسکان عن ضريس مثله إلى قوله «ساعة بعد ساعة» ، عنه البحار : 26 /60 ح 136.
3- العتمة : صلاة العشاء أو وقت صلاة العشاء الاخرة . قيل : والوجه في تسمية صلاة العشاء بالعتمة لأنّ الاعراب یعتمون بالإبل في المرعي فلا يأتون بها إلّا بعد العشاء الآخرة ، ويسمّون ذلك الوقت عتمة.
4- الظاهر أنهم المشار اليهم في قوله تعالى « وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» الاعراف : 159 كما يستفاد من بعض الأحاديث المروية في الأصول.
5- رواه في بصائر الدرجات : 397 ح 1 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم عن يوسف بن عميرة ، عن داود بن فرقد مثله، عنه البحار : 25 /369 ح15 وعن الاختصاص: 309 بسند البصائر . اقول : تجد في المصدرين نحو هذا الحديث بأسانيد وألفاظ مختلفة ضمن باب طی الأرض لهم.

فكان الصادق (علیه السلام) هذا الرجل ، طويت له الأرض ، أو ركب على الريح .

105- ومنها : ما روي أنّه دخل عليه(1) رجل من أهل اليمن ، قال : عندكم علماء (2) ؟ قال : نعم .

قال : فما بلغ من علم عالمكم ؟ قال : يسير في ساعة من النهار مسيرة الشمس سنة حتّى يقطع اثني عشر عالماً مثل عالمكم هذا، فيها خلائق ما يعلمون أنّ الله خلق آدم (علیه السلام). قال : يعرفونكم (3) ؟

قال : نعم، ما افترض الله عليهم إلّا ولايتنا ، والبراءة من أعدائنا .(4)

106- ومنها : ما روي عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال :

إذا أراد الله أن يخلق إماماً أخذ الله بيده شربة من تحت عرشه ، فدفعها إلى ملك من ملائكته ، فأوصلها إلى الإمام، فكان الامام من بعده منها(5).

فإذا مضت له أربعون يوماً ، سمع الصوت وهو في بطن أمّه .

فاذا ولد غذّي(6) بالحكمة ، وكتب على عضده الأيمن « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »(7) .

ص: 781


1- أي على أبي عبدالله عليه السلام
2- «علم» ه. «عالم» ط.
3- «... آدم أم لا . قال : يعلمونكم ؟» ه ، ط.
4- رواه في بصائر الدرجات : 401 ح 15 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبان بن تغلب ، قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام ... مثله . عنه البحار : 25 /369 ح14 ، وعن الاختصاص : 313 بسند البصائر . وأخرجه في البحار : 58 /228 ح10 ، ومدينة المعاجز : 410 ح203 عن البصائر.
5- «فكان الامام یتغدى بها» ه . «والامام یتعذي منها» ط
6- «ربی» م
7- سورة الأنعام : 115

فإذا وصل الأمر إليه(1) أعانه الله بثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكاً عدّة أهل بدر، فكان معهم سبعون رجلاً وإثناعشر نقيباً، وأمّا السبعون ، فيبعثهم إلى الآفاق، يدعون الناس [الى](2) مادعوا إليه أوّلا ، ويجعل الله له في کلّ موضع سراجاً يبصر به أعمالهم. (3)

107- ومنها : أنّ أبا محمّد العسكري (علیه السلام) کان یرکب إلى دار الخلافة كلّ إثنين وخميس، وكان يحضر يوم النوبة من الناس شيء عظيم (4) ويغصّ (5) الشارع بالدوابّ والبغال ، فلا يكون لأحد موضع .

فإذا جاء أبو محمّد (علیه السلام)هدأ (6) صهيل الخيل ، و سكنت الضجّة (7) وتفرّقت البهائم حتّى يصير الطريق واسعاً ، فلا يحتاج أن يتوقّى ، ثمّ يدخل . فإذا أراد الخروج ، صاح البوّابون: هاتوا دابّة أبي محمد، سكن الصياح و الصهيل حتّی يمضي. (8)

ص: 782


1- «فإن كان الأمر يصل اليه» م.
2- من البصائر.
3- عنه البحار : 25/ 139 ح 11 ، وعن بصائر الدرجات : 440 ح3 باسناده عن عمران بن موسى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عیسی بن هاشم.
4- «خلق كثير» ط.
5- غصّ المكان بهم : امتلا وضاق عليهم
6- «سکن» ه.
7- «الصيحة» ط.
8- رواه الطبري في دلائل الإمامة :226 باسناده عن أبي الحسين محمّد بن هارون التلعکبری عن أبيه ، عن شاکرى - أي أجير و مستخدم - لابی محمّد عليه السلام ضمن حديث عنه مدينة المعاجز : 576ضمن ح 51. والطوسي في الغيبة : 129 باسناده عن جماعة ، عن أبي محمّد التلعکبری ، عن شاکری لأبی محمّد عليه السلام ، عنه مناقب آل أبی طالب : 3 /533 ، و إثبات الهداة : 6 /307 ضمن ح 51 ، والبحار: 50 /251 ضمن ح6.

108 - ومنها : أن أبا محمّد (علیه السلام) جلس يوماً إلى نخّاس(1) فأتی بفرس کبوس(2)

لايقدر أحد أن يدنو منه ، فباعوه إيّاه بوکس (3) . فأمر غلامه أن يطرح عليه السرج فهدأ ولم يتحرّك . فقال النخّاس : ليس يباع . فقال أبو محمّد (علیه السلام) : يا غلام قم .

فخرج ، ثمّ جاء النخّاس ليأخذه، فكاد یهلکه ، فلحق النخّاس أبا محمّد (علیه السلام) فقال: صاحبه يقول: أشفقت (4) أن يردّ . فقال الغلام : فاشترينا الفرس، وما آذاني قطّ . (5)

109- ومنها: ماروي عن محمّد بن الحسن بن رزین(6) : حدّثنا أبو الحسن الموسوي: حدّثنا أبي أنّه كان يغشي(7) أبا محمّد العسكري (علیه السلام) بسرّ من رأى كثيراً.

وأنّه أتاه يوماً ، فوجده وقد قدّمت إليه دابّته ليركب إلى دار السلطان ، وهو متغيّر اللّون من الغضب . و كان بجنبه (8) رجل من العامّة ، فإذا ركب دعا له ، وجاء بأشياء يشنّع (9) بها عليه ، فكان يكره ذلك . فلمّا كان في ذلك اليوم زاد الرجل في الكلام و ألحّ ، فسار حتّى انتهى إلى مفرق الطريقين ، وضاق على الرجل أخذهما من كثرة الدوابّ ، فعدل إلى طريق يخرج منه ، و يلقاه فيه .

ص: 783


1- النخاس : بياع الرقيق ، بياع الدواب.
2- قال المجلسی (رحمه الله ) : والكبوس لعلّه معرب چموش و لم أظفر له في اللغة على معنی یناسب المقام ، ويحتمل أن يكون كیوس - بالياء المثناة - من الكيس خلاف الحمق ، فإنّ الصعوبة وقلّة الانقياد يكون غالباً في الانسان مع الكياسة ، انتهى . اقول : کابساً : شاداً - من شد اذا حمل -، و کیس :هجم فجأة. وجبال كبس - بضمّ الكاف و تشديد الباء - الصلاب الشداد ، فلعلّه استفاد من صيغة «فعول» للإشارة على أنّه فرس صعب . أو لعلها تصحيف «شموس» - وهو الموجود في إثبات الهداة - فالشموس من الخيل : الذي يمنع ظهره ولا يكاد يستقر.
3- الوکس : النقص.
4- أشفق منه وعليه: حاذر و خاف وحرص.
5- نفس التخريجة السابقة
6- «ذوير» البحار.
7- يغشى : يأتي.
8- «يجيئه» الغيبة.
9- «يشيع» الغيبة.

فدعا (علیه السلام) بعض خدمه وقال له : امض فکفّن هذا . فتبعه الخادم .

فلمّا انتهى (علیه السلام) إلى السوق ، ونحن معه، خرج الرجل من الدرب ليعارضه(1) فكان في الموضع بغل واقف ، فضربه البغل فقتله . ووقف الغلام، فكفّنه كما أمره وسار (علیه السلام) ، وسرنا معه.(2)

110 - ومنها : ماروي عن عليّ بن إبراهيم (3) الفدكي قال : قال الأزدي (4). :

بينا أنا في الطواف قد طفت ستّة ، وأريد أن أطوف السابعة ، فإذا أنا بحلقة (5)عن يمين الكعبة، وشابّ حسن الوجه، طيّب الرائحة ، هيوب ، ومع هيبته متقرب إلى الناس ، فتكلّم، فلم أر أحسن من كلامه، ولا أعذب من منطقة في حسن جلوسه.

فذهبت اكلّمه فزبرني(6) الناس ، وقالوا : هو ابن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يظهر للناس في كل سنة يوماً لخواصّه ، فيحدّثهم ! فقلت : مسترشد أتاك فأرشدني ، هداك الله .

قال : فناولني حصاة ، فحوّلت وجهي ، فقال لي بعض خدّامه : ما الّذي دفع إليك ابن رسول الله ؟ فقلت : حصاة(7) .

ص: 784


1- عارضه في المسير : سار حياله.
2- عنه البحار : 50/ 276 ح50 ، وعن مناقب آل أبی طالب : 3/ 530 عن أبي الحسن الموسوي ، عن أبيه مثله . ورواه الطوسي في الغيبة : 123 باسناده عن جماعة ، عن التلعکبری ، عن أحمد بن علىّ الرازي ، عن الحسين بن علي ، عن محمّد بن الحسن بن رزین ، عن أبي الحسن الموسوی الخيبري ، عن أبيه مثله، عنه إثبات الهداة : 6/ 305 ح47 . وأخرجه في مدينة المعاجز: 578 ح 116 عن المناقب.
3- «أبی ابراهیم» ط.
4- «الاودی» ط
5- الحلقة : هي الجماعة من الناس مستديرة ، كحلقة الباب.
6- زبره عن الامر : منعه و نهاه عنه.
7- زاد في ط «فلما خرجت من الحلقة»

فكشفت عن يدي ، فإذا أنا بسبيكة من ذهب ، وإذا هو قد لحقني ، فقال :

قد ثبتت عليك الحجّة، وظهر لك الحق، وذهب عنك العمي، فتعرفني؟

قلت: اللّهمّ لا. قال: أبا المهدي ، أنا قائم الزمان ، أنا الّذي أملاها عدلا كما ملئت جوراً ، إنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، و لا يبقى الناس في فترة [أكثر من تیه بني إسرائيل ، وقد قرب(1) أيّام خروجي](2) .

فهذه أمانة في رقبتك ( تحدّث بها ) إخوانك من أهل الحقّ .(3)

111 - و منها : ما روي عن عليّ بن إبراهيم بن مهزیار(4) قال : حججت عشرين حجّة أطلب بها عيان(5) الامام ، فلم أجد إليه سبيلاً.

ص: 785


1- «ظهر» م، والغيبة . قال المجلسی (رحمه الله ) : لعلّ هذا ممّا فيه البداء، و أخبر علیه السلام بأمر غیر حتمی معلق بشرط أو المراد بالخروج ظهور أمره لاكثر الشيعة بالسفراء ، و الأظهر ما في رواية الصدوق –التي لم يروها ولم يحدد الظهور بوقت خاص -
2- من غيبة الطوسی
3- عنه البحار : 52 /1 ح 1 ، وعن كمال الدين : 2 /444 ح18 باسناده عن الطالقانی ، عن عليّ بن أحمد الخليجي الكوفي ، عن الازدی مثله . وعن غيبة الطوسی :152 باسناده عن جماعة ، عن التلعکبری ، عن أحمد بن على الرازي، عن شیخ ورد الرى على أبي الحسين محمّد بن جعفر الاسدي ، عن على بن ابراهيم الفدکی ، عن الأودى مثنه . وأخرجه في اعلام الوری : 450 ، واثبات الهداة : 1 /222 ح 164 عن كمال الدين . وفي إثبات الهداة : 7 /297 ح 39 عن كمال الدين و الغيبة . وأورده في ينابيع المودة : 464 عن عليّ بن أحمد الكوفي ، عن الازدی مثله ، عنه احقاق الحق : 19 /705.
4- راجع معجم رجال الحديث : 11 /192 رقم 7815 وج 1 /303 رقم 318 فله رأی حول الحديث
5- يقال : لقيه أو رآه عياناً : أي مشاهدة لم يشكّ في رؤيته اياه

إذ رأيت ليلة في النوم(1) قائلاً يقول : يا عليّ بن إبراهيم قد أذن الله لك . فخرجت حاجّاً نحو المدينة ، ثمّ إلى مكّة ، وحججت .

فبينا أنا ليلة في الطواف إذ أنا بفتی حسن الوجه ، طيّب الرائحة طائف(2) فحسّ قلبي به [ فابتدأني ] فقال لي : من أين ؟ قلت : من الأهواز .

قال : أتعرف الخصيبي(3)؟

قلت : رحمه الله ، دعي فأجاب . فقال : رحمه الله ، فما أطول ليله .

أفتعرف عليّ بن إبراهيم ؟ قلت : أنا عليّ(4) .

قال : آذن لك ، صر إلى رحلك ، وصر إلى شعب بني عامر تلقاني هناك .

فأقبلت مجدّاً حتى وردت(5) الشعب [فإذا هوينتظرني] وسرنا حتّى تخرّقنا (6) جبال عرفات ، وسرنا إلى جبال مني ، و انفجر الفجر الأوّل ، وقد توسطنا جبال الطائف . فقال : انزل. فنزلنا و صلّينا صلاة الليل ، ثمّ الفرض(7) ثمّ سرنا حتّى علا ذروة الطائف ، فقال : هل ترى شيئاً ؟

قلت: أرى كثيب رمل عليه بيت شعر ، يتوقّد البيت نوراً .

فقال : هنالك الأمل والرجاء ، ثمّ صرنا إلى أسفله ، فقال : انزل فههنا يذلّ كلّ صعب، خلّ عن(8) زمام الناقة، فهذا حرم القائم لايدخله إلّا مؤمن يدلّ(9) .

ص: 786


1- «نومی» خ ل.
2- أي طائف حول البيت.
3- «الحضينی» م . راجع معجم رجال الحديث : 12 /184 . والمزار للمفيد : 164.
4- «هو» ه، ط . أقول : بعد هذا المقطع کلام آخر يتضمن ما كان من علاقة بين الامام العسكري عليه السلام و بین علیّ بن ابراهيم . تجد تفصيله في روايتي الطبري والطوسی، فراجع
5- «وصلت» ه، ط.
6- تخرقنا - بالخاء المعجمة والراء المشددة - : قطعنا
7- «الفجر» ط.
8- «خذ» م
9- «موحد» ط . يقال : هو یدلّ به : يثق به

و دخلت عليه، فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة، وتأزّر(1) باخرى ، وقد كسر بردته على عاتقه ، وإذا هو كغصن بان(2) ليس بالطويل الشامخ ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع مدوّر الهامة ، صلت الجبين (3) أزجّ الحاجبين (4) أقني الأنف (5) سهل الخدّين (6) على خدّه الأيمن خال، كأنّه فتات مسك على رضراضة (7) عنبر .

فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه. وسألني عن المؤمنين (علیه السلام)(8).

قلت : قد البسوا جلباب الذلّة وهم بين القوم أذلاء.

قال: لتملكونهم كما ملكوكم ، و هم يومئذ أذلاء . قلت : لقد بعد الموطن (9).

قال: إنّ أبي عهد إليّ ألا أجاور قوماً غضب الله عليهم ، و أمرني ألّا أسكن من الجبال إلّا وعرها، ولا من البلاد إلا قفرها(10) والله مولاكم أظهر (11) التقيّة، فأنا في

ص: 787


1- اتشح بثوبه : لبسه أو أدخله تحت ابطه فألقاه على منكبه . و تأزّر: لبس الإزار .والإزار: کلّ ما سترك ، والملحفة.
2- البان : شجر معتدل القوام لين
3- قال ابن الأثير في النهاية : 3 /45 : في صفته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «كان صلت الجبين» أي واسعه . وقيل : الصلت : الاملس . وقيل : البارز.
4- وقال أيضاً في ج 2 /296 : في صفته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «أزجّ الحواجب» الزجّ :تقوس في الحاجب مع طول في طرفه و امتداد.
5- وقال أيضاً في ج 4 /116 : في صفته صلى الله عليه و آله : «كان أقني العرنين» القنا في الأنف: طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه
6- وقال أيضاً في ج 2 /428: وفي صفته عليه الصلاة و السلام : «أنه سهل الخدّين صلتهما» أي سائل الخدين ، غير مرتفع الوجنتين.
7- و قال أيضاً في ج 2/ 229 : في صفة الكوثر: «طينه المسك ، ورضراضه التوم» . الرضراض : الحصى الصغار . والتوم : الدر . وفي خ ل«رضاضة».
8- في رواية الطوسي : عن أهل العراق
9- «الوطن» ط
10- أقفر المكان : خلا من الناس والماء والكلا.
11- أظهر الشيء: بّینه - بالياء المثناة المشددة

التقيّة إلى يوم يؤذن لي فأخرج.

قلت: متى يكون هذا الأمر؟ قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة .

فأقمت أيّاماً، ثمّ(1) أذن لي بالخروج، فخرجت نحو منزلي، ومعي غلام يخدمني فلم أر إلّا خيراً. (2)

112- و منها : ماروی جماعة : إنّا وجدنا بهمدان أهل بيت (3) كلّهم مؤمنون فسألناهم عن ذلك ، قالوا: كان جدّنا قد حجّ ذات سنة، و رجع قبل دخول الحاجّ بكثير (4) . فقلنا: كأنّك انصرفت من العراق ؟

ص: 788


1- «حتی» ط.
2- عنه مدينة المعاجز : 622 ملحق ح120 . ورواه الطبری فی دلائل الإمامة : 296 باسناده عن محمّد بن سهل الجلودی ، عن أبي الخير أحمد بن محمّد بن جعفر الطائي في مسجد أبي ابراهيم موسی بن جعفر ، عن محمّد بن الحسن الحارثي ، عن علىّ بن ابراهيم بن مهزيار الاهوازی نحوه ،عنه مدينة المعاجز : 606 ح67. والصدوق في كمال الدين : 2 /465 ح23 باسناده عن علیّ بن موسی بن أحمد بن ابراهيم بن محمّد بن عبدالله بن جعفر بن محمّد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : وجدت في كتاب أبی (رض) ، عن محمّد بن أحمد الطوال ، عن أبيه عن الحسن بن علىّ الطبری ، عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علیّ بن ابراهيم بن مهزیار ، عن أبيه ، عن جدّه علیّ بن ابراهيم بن مهزیار نحوه ، عنه البحار : 52 /42 ح32. والطوسي في الغيبة : 159 باسناده عن جماعة ، عن التلعکبری ، عن أحمد بن على الرازی عن عليّ بن الحسين ، عن رجل ، عن حبیب بن محمّد بن يونس بن شاذان الصنعاني ، عن علىّ بن ابراهيم بن مهزيار الاهوازی ، مثله . وأخرجه في البحار المذكور ص9 ح6 عن الغيبة والدلائل.
3- «جماعة» ه، ط.
4- «قبل القافلة بمدة كثيرة» ه ، ط.

قال: لا، إنّما أنا قد (1) حججت مع أهل بلدتنا وخرجنا .

فلمّا كان (2) في بعض الليالي في البادية ، غلبتني عيناي ، فنمت فما انتبهت (3) إلّا بعد أن طلعت الشمس (4) [فانتبهت ، فلم أر للقافلة أثراً] و خرجت القافلة ، وأیست من الحياة، و كنت أمشي وأقعد يومين وثلاثة، فأصبحت يوماً و إذا أنا بقصر، فأسرعت إليه، ووجدت ببابه أسود، فأدخلني داراً، وإذا أنا برجل حسن الوجه و الهيئة، فأمر أن يطعموني ويسقوني .

فقلت له : من أنت [جعلت فداك] ؟ قال: أنا الذي ينكرني قومك و أهل بلدك (5).

فقلت : ومتى تخرج ؟ قال : ترى هذا السيف المعلّق ههنا ، وهذه الراية ، فمتی انسل(6) من غمده (وانتشرت الراية بنفسها) (7) خرجت .

فلمّا كان بعد وهن من الليل (8) قال: تريد أن تخرج إلى بيتك. قلت: نعم.

قال لبعض غلمانه: خذ بیده [و أوصله إلى منزله. فأخذ بيدي]، فخرجت معه و كأنّ الأرض تطوى تحت أرجلنا، فلمّا انفجر الفجر [وإذا نحن بموضع أعرفه بالقرب من بلدتنا] ، قال لي غلامه : هل تعرف الموضع؟ قلت : نعم، أسد آباد(9) . فانصرف (10) .

قال: ودخلت همدان(11) ثمّ دخل (12) بعد مدّة أهل بلدتنا ممّن حجّ معي، وحدّث الناس بانقطاعي منهم، وتعجّبوا من ذلك ، فاستبصرنا من ذلك جميعاً .(13)

ص: 789


1- «لاوالله» ط.
2- «كنّا» خ ل.
3- «وعيت» ه، ط.
4- «طلع الفجر» ه، ط.
5- «بلدتك» خ ل.
6- «سل السيف نفسه» ه، ط.
7- «عفواً» م.
8- الوهن من الليل : نحو منتصفه أو بعد ساعة منه.
9- أسد آباد - بفتح أوله و ثانیه ، و بعد الألف باء موحدة و آخره ذال معجمة - : مدينة بينها و بین همذان مرحلة نحو العراق (مراصد الاطلاع: 1 /72)
10- «فانصرفت» ه.
11- زاد في م «واستبصرنا جميعاً».
12- «وصل» ط.
13- عنه إثبات الهداة : 7/ 351 ح 129.

113- ومنها: أنّ علي بن الحسين بن موسی بن بابویه كانت تحته بنت عمّه لم يرزق منها ولداً . فكتب إلى الشيخ أبي القاسم بن روح أن يسأل الحضرة ليدعو الله أن يرزقه أولاداً فقهاء . فجاء الجواب :

«إنّك لاترزق من هذه، وستملك جارية ديلميّة ترزق منها ولدین فقیهین»

فرزقت محمداً و الحسين فقيهين ماهرين ، و كان لهما أخ أوسط مشتغل بالزهدلافقه له .(1)

ص: 790


1- عنه فرج المهموم : 258 ، واثبات الهداة : 7 /351 ح 130 . ورواه الصدوق في كمال الدين : 2 /502 باسناده عن أبي جعفر محمّد بن على الأسود ، قال: سألني على بن الحسين بن موسی بن بابویه بعد موت محمّد بن عثمان العمری رضی الله عنه ... مثله، عنها ثبات الهداة : 7 /313 ح 76، والبحار: 51 /335 ح 61، و مدينة المعاجز : 612 ح 87. ورواه الطوسي في الغيبة: 187 بلفظ: قال ابن نوح: وحدثني أبو عبدالله الحسين بن محمّد بن سورة القمي ، عن علي بن الحسن ومحمّد بن أحمد بن محمّد الصيرفي وغيرهما من مشايخ قم أنّ على بن الحسين بن موسی بن بابويه ... مثله، عنه البحار: 51 /324 ضمن ح 43 ورواه أيضاً ص 194 باسناده عن جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن علی بن الحسين بن بابویه وأبي عبدالله الحسین بن علی - أخيه - ، عن أبي جعفر محمّد بن على الاسود ، عنه البحار: 51 /336 ح 61. وأورده في اعلام الوری : 450 ، و ثاقب المناقب: 539 (مخطوط) عن أبي جعفر محمد ابن علىّ الاسود.

فصل

واعلم أنّ معجزاتهم و دلائلهم وعلاماتهم أكثر من أن تحصى ، وقد أضربنا عن تعداد أخواتها (1) فهي كالرمل و الثرى و الحصى ، لئلّا يملّ الناظر في الكتاب إذا كان مطوّلا (2) مستقصی ، وبدون ذلك مقنع للادنى والأقصى .

وقد كنت جمعت خمس مختصرات ، تتعلّق بهذا الفنّ من العلوم ، فأضفتها إلى هذا الكتاب أيضاً بالخطبة الّتي في أول کلّ واحد منها، وهي :

کتاب نوادر المعجزات .

و کتاب امّ المعجزات .

و کتاب الفرق بين الحيل والمعجزات .

و کتاب الموازاة (3) بين المعجزات .

و کتاب العلامات للنبيّ والأئمّة عليهم أفضل الصلوات .

ص: 791


1- «أكثرها» ط ، ه.
2- «إلّا ما كان منها» خ ط.
3- «الموازرة» م. «الموازنة» خ ل.

الباب السادس عشر-في نوادر المعجزات

إشارة

أمّا بعد حمد الله [ الّذي ] جعل لنا في الدارين أعضاداً (1).

و الصلاة على نبيّه محمّد و آله الّذين يكونون في القيامة روّاداً وذوّاداً .

فإنّ هذه أحاديث هائلة مهوّلة ، فإنّها من المشكلات التي تتهافت فيها العقول لكونها من المعضلات، وقد كان الشيخ الصدوق سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ذكرها في كتاب البصائر .

وأوردها الشيخ الثقة (2) محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب بصائر الدرجات و کلاهما لم يكن غالياً ولا قالياً، و قد كان الراوي لنا عنهم عالياً .

1- فإنّ الشيخ علي بن محمّد بن عبد الصمد التميمي أخبرنا عن أبيه، عن السيّد أبي البركات علي بن الحسين الجوزي (3) الحسيني :

ص: 792


1- «اعتضاداً» ه . وعضد الرجل : أنصاره وأعوانه ، جمعها : أعضاد . والاعتضاد : التقوى والاستعانة . لسان العرب : 3 /293 (عضد)
2- «الفقيه» ه.
3- اختلف في لقبه على أقوال منها: الحوزي، الخوزی ، النجوری ، الجوري ، الحویزی. راجع أمل الامل: 2 /179 ، ریاض العلماء : 3 /423، النابس : 119 ، معجم رجال الحديث : 11 /399.

حدّثنا الشيخ أبو جعفر بن بابویه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، قال :

حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار ابن مروان(1)، عن المنخل بن جميل ، عن جابر بن یزید [قال:] قال أبو جعفر(علیه السلام):

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ حديث آل محمّد عظیم ، صعب ، مستصعب ، لا يؤمن به إلّا ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد أمتحن الله قلبه للايمان .

فما ورد عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزت منه قلوبكم وانكرتموه فردّوه إلى الله ، وإلى الرسول، وإلى العالم من آل محمّد، فإنّما الهالك من يحدّث بحديث (2) لايحتمله فيقول : «والله ما كان هذا والله ما كان هذا» والانكار هو الكفر .(3)

2- وأخبرنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمّد ابن الحسن الصفّار ، عن (4) يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن منصور

ص: 793


1- « عثمان بن مروان» ط ، ه. «عمار بن عثمان» أحد نسخ البصائر. وهو عمار بن مروان مولى بني ثوبان بن سالم ، ثقة ، روی عن المنخل ، وروى عنه محمد بن سنان . راجع معجم رجال الحديث : 12/ 278 و 279 . أمّا عثمان بن مروان فقد ذكر في معجم رجال الحديث : 11/ 135 : أنّ الصحيح عمّار ابن مروان
2- «أن يحدّث أحدكم بالحديث أو بشیء» ط ، ه بدل «من يحدّث بحديث».
3- عنه مختصر البصائر : 106 . وفي ص : 123 عن البصائر : 20ح 1 باسناده إلی جابر . وعنه البحار : 2 /189 ح 21، وعوالم العلوم : 3 /498 ح7 وعن البصائر . ورواه في الكافي : 1 /401 ح 1 باسناده الي جابر . وأورده في البحار : 67 /249 مرسلاً.
4- «حدّثنا» م، وأخبرناه المختصر.

ابن يونس ، عن مخلّد بن حمزة بن نصر(1) ، عن أبي الربيع الشامي قال :

كنت عند أبي جعفر (علیه السلام) جالساً فرأیت أنّه قد نام (2) فرفع رأسه و هو يقول :

يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة بألسنتها لا تدري ما كنهه . قلت : ما هو ؟

قال : قول علي بن أبي طالب (علیه السلام): «إنّ أمرنا صعب مستصعب لايحتمله إلّا ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان» .

يا أبا الربيع ألا ترى أنّه يكون ملك ولا يكون مقرّباً، ولا يحتمله إلّا مقرّب .

وقد يكون نبيّ وليس بمرسل ، فلا يحتمله إلّا مرسل . وقد يكون مؤمن وليس بممتحن ، فلا يحتمله إلّا مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان . (3)

3- وروى جماعة عن (4) القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن (5) بن راشد، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (علیه السلام)قال: خالطوا الناس بما يعرفون ، و دعوهم (6) ممّا ينكرون ، و لا تحملوهم على أنفسكم وعلينا ، إنّ أمرنا صعب مستصعب ... إلى آخره (7). (8)

ص: 794


1- كذا في البصائر ، وفي م «بيص» ولا يستبعد أنّه تصحيف «نصر» ، وفي خ ل «معن». و لم نعثر له في هذه العجالة على ذكر فيما عندنا من كتب الرجال.
2- «قام» ه.
3- عنه مختصر البصائر : 107 ، وفي ص 126 عن بصائر الدرجات : 26 ح1 باسناده الى أبي الربيع الشامی . وعنه البحار : 2 /97 ح49 ، وعوالم العلوم : 3 /502 ح 19 وعن البصائر.
4- «عن جماعة منهم» ه.
5- في خ ل «محمد» بدل «یحیی» ، وفي م «عن جدّه ، عن الحسن» و کلاهما خطأ . راجع مجمع الرجال : 5 /53 ، جامع الرواة : 2 /22 ومعجم رجال الحديث : 14 /68.
6- «وذروا» ه.
7- وتتمة الحديث في البصائر : «لا يحتمله الّا ملك مقرّب أو نبیّ مرسل أوعبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان»
8- عنه مختصر البصائر : 107 و رواه في بصائر الدرجات : 26 ح 2 ، و الخصال : 2 /624 ضمن ح 10 بإسنادهما الى القاسم بن يحيى ، عنهما البحار : 2 /83 ح 2 ، وعوالم العلوم : 3/ 503ح 21. وأورده في مختصر البصائر : 126 عن القاسم بن يحيى ، والمحتضر : 38 مرسلاً . وأخرجه في البحار : 2 /71 ح 30 عن البصائر.

4- و أخبرنا جماعة منهم : الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن النيسابوري ،والشيخ محمّد بن عليّ بن عبد الصمد ، عن الشيخ أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي: حدّثنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن محمّد العمري :

حدثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبدالرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: أتى الحسين (علیه السلام) أناس فقالوا له:

يا أبا عبد الله حدّثنا بفضلكم الذي جعل الله لكم.

فقال : إنّكم لاتحتملونه ولاتطيقونه . قالوا : بلی نحتمل.

قال : إن كنتم صادقين فليتنح إثنان واحدّث واحداً ، فإن احتمله حدّثتكم .

فتنحّى إثنان و حدّث واحداً، فقام طائر العقل ، ومرّ على وجهه وذهب، فكلّمه صاحباه فلم يرد عليهما شيئاً (1) وانصرفوا .(2)

5- و بهذا الاسناد قال: أتى رجل الحسين بن علي (علیهما السلام) فقال :

حدّثني بفضلكم الّذي جعل الله لكم . قال : إنّك لن تطيق حمله .

قال : بلى [ حدّثني ] يا ابن رسول الله إنّي أحتمله. فحدّثه بحديث ، فما فرغ الحسين (علیه السلام) من حديثه حتّى ابيضّ رأس الرجل ولحيته ، و أنسي الحديث .

فقال الحسين (علیه السلام): أدركته رحمة الله حيث أنسي الحديث. (3)

ص: 795


1- «جواباً» ه.
2- عنه مختصر البصائر : 107، واثبات الهداة : 5/ 194 ح34.
3- عنه مختصر البصائر : 108، واثبات الهداة : 5/ 195 ح35

6- و أخبرنا جماعة منهم: السيّدان المرتضى والمجتبى إبنا الداعي الحسني(1)والاستاذان أبو جعفر و أبو القاسم إبنا كميح ، عن الشيخ أبي عبدالله جعفر بن محمّد ابن العبّاس ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى، عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن عليّ بن محمّد بن (2) سعد ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن عبد الله بن محمّد اليماني ، عن منيع(3) بن الحجّاج(4) ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال :

إنّ الله فضّل أولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء.

وورثنا علمهم وفضّلنا عليهم في فضلهم .

وعلم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما لا يعلمون ، وعلمنا علم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فروينا لشيعتنا ، فمن قبله منهم فهو أفضلهم ، أينما نكون فشيعتنا معنا .

وقال: تمصّون الرواضع(5) وتدعون النهر العظيم ؟ ! فقيل : ماتعني بذلك؟!

ص: 796


1- «الحسینی» م، وهو تصحيف صوابه ما في المتن ، راجع فهرس منتجب الدين: 163 أمل الامل : 2/ 227 وص319 ، ریاض العلماء : 5/ 8 و 207 وغيرها.
2- «عن» ه، وهو خطأ ، ذكره النجاشي في رجاله : 138 في طريقه إلی کتاب حمدان بن سليمان النيسابوري ، ولقبه بالقزوینی.
3- «مسلم» البصائر ، و لكن صحح في كتب الرجال كما في المتن . راجع معجم رجال الحديث : 10/ 334 ، وفيه وفي جامع الرواة : 1/ 505 تأکید على رواية اليماني عنه
4- أضاف في البصائر «عن يونس» ، وأشار في معجم رجال الحديث : 19/ 13 إلى رواية منيع عن يونس ، وعن يونس بن عبدالرحمان ، و عن يونس بن أبي وهب القصري ، ولم نعثر لای منهم على رواية عن الحسين بن علوان ، فلعلّه كان شيخاً لمنيع أيضاً.
5- الراضعة : ثنية الصبي التي يستعين بها في الرضع ، جمعها : رواضع. وفي البصائر : «الثماد» وهو الماء القليل الذي لا مادة له.

قال : إنّ الله أوحي إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) علم النبيّين بأسره(1) وأسرّه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) .

فقيل : عليّ (علیه السلام) أعلم أو بعض الأنبياء ؟ فقال : إنّ الله يفتح مسامع من يشاء ، أقول : «إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حوی علم جميع النبيّين ، و علّمه الله ما لم يعلّمهم وأنّه جعل ذلك كلّه عند عليّ (علیه السلام)» فتقول : « عليّ أعلم أو بعض الأنبياء»؟!

و تلا: « قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ »(2) ثمّ فرّق بين أصابعه فوضعها على صدره و [قال:] عندنا والله علم الكتاب كلّه .(3)

7- و أخبرنا السيّد أبوالبرکات محمّد بن إسماعيل المشهدي ، عن جعفر الدوريستي (4) ، عن الشيخ المفيد أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي، عن

ص: 797


1- «بأسرهم» خ ل
2- سورة النمل : 40
3- عنه مختصر البصائر :108، والبحار : 2 /205 ح 92 وج 26 /199 ح 11 ، وعوالم العلوم : 3 /524 ح50. وعنه البحار : 26 /195 ح3 وعن البصائر . ورواه في بصائر الدرجات: 117ح 12 باسناده إلی علیّ بن النعمان ،عن بعض الصادقين (قطعة) ، وص227 ح 2 وص229 ح5 باسناده الى الحسين بن علوان (قطعة) ، وص 228 ح 4 باسناده الي علىّ بن اسماعيل ، عن بعض رجاله (قطعة) ، عنه البحار : 17/ 145 ح33 وج 26 /166 ح 21 وص 194 ح1. وفي الكافي : 1 /222 ح6 باسناده إلى علیّ بن النعمان ، عنه البحار : 17 /131 ح6 وعن البصائر . وأخرجه في البحار : 40 /211 ح 11 عن منتخب البصائر.
4- « القزوینی» خ ل ، والذي في كتب الرجال والتراجم «الدوريستی» نسبة الى «دوریست»وهي بلدة على بعد فرسخين من غربی الری، قرأ على شيخنا المفيد أبی عبدالله محمّد بن محمّد ابن النعمان . راجع في ترجمته : فهرست منتجب الدين : 37 رقم 67 ، ریاض العلماء : 1 /110 ، النابس : 43 وغيرها

الشيخ أبي جعفر محمد(1) بن عليّ بن الحسين بن موسی بن بابویه، حدّثنا أبي، حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي بشر (2)، عن كثير بن أبي عمران ، عن الباقر (علیه السلام) قال : لقد سأل موسی (علیه السلام) العالم مسألة لم يكن عنده جوابها (3) [ولقد سأل العالم موسی مسألة لم يكن عنده جوابها] (4) و لو كنت شاهدهما لأخبرت کلّ واحد منهما (5) بجوابه ، و سألتهما مسألة لم يكن عندهما فيها جواب .(6)

8- قال سعد : وحدثنا محمّد بن عيسى(7) بن عبيد، عن محمّد بن عمرو(8) ، عن

ص: 798


1- «جعفر بن محمد» م. وفي ه «عن محمّد بن علىّ بن الحسين ، عن سعد» و کلاهما خطأ وهو شيخنا الصدوق رضوان الله عليه
2- «أحمد بن أبي بشر» ه ، والبصائر ، «أحمد بن بشير» البحار و نسخة من البصائر . و لعلّه أحمد بن أبي بشر السراج الكوفي المعدود في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام راجع معجم رجال الحديث : 2 /22 و 23 و ص52 – 54.
3- « جواب » م والمختصر.
4- من البصائر.
5- «لاخبرتهما» هم بدل «لاخبرت کلّ واحد منهما».
6- عنه مختصر البصائر : 108. وعنه البحار : 26 /195 ح 4، وعن بصائر الدرجات : 229 ح 1 باسناده إلی کثیر بن أبي عمران . وأخرجه في المحتضر : 159 عن كتاب الحسن بن كبش رفعه الى كثير بن أبي عمران ،عن الباقر عليه السلام ، عنه البحار : 26 /200 ح13.
7- «یحیی»ه ، وهو خطأ ، صوابه ما في المتن . تجد ترجمته في رجال النجاشی :333، و مجمع الرجال : 6/ 16 ،و معجم رجال الحدیث: 17/ 123 وغيرها.
8- «معمر بن عمرو» م، «معمر» ه . وما في المتن من البصائر حيث روى هذا الحديث بثلاثة طرق جميعها بالاسناد إلی محمّد بن عمرو ، وصرح في أحدها أنّه الزيات. وهو محمّد بن عمرو بن سعید الزيات المدائني ، ثقة ، عين . راجع في ترجمته رجال النجاشی : 369، ومجمع الرجال : 6 /14 ، ومعجم رجال الحديث : 17 /86 و غيرها.

عبد الله بن الوليد السمّان(1) [قال:] قال الباقر (علیه السلام) : يا عبد الله ما تقول في علي و موسی وعيسی؟

قلت : ما عسى أن أقول فيهم ؟! قال : هو (2) - والله - أعلم منهما .

ثمّ قال : ألستم تقولون أنّ لعليّ (علیه السلام) ما لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من العلم ؟

قلت : نعم، والناس ينكرون .

قال : فخاصمهم فيه بقوله تعالى لموسى (علیه السلام): « وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » (3) فعلمنا أنّه لم يكتب له الشيء كلّه .

وقال لعيسى (علیه السلام): « وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ »(4) .

فعلمنا أنّه لم يبيّن الأمر كلّه.

وقال لمحمّد : « وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ » (5) .

قال : فسئل عن قوله « قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ »(6).

قال : [ والله ] إيّانا عني ، وعلي أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ص: 799


1- «السمسار» ه ، وهو تصحيف ،صوابه ما في المتن . راجع رجال النجاشي :221،ومجمع الرجال : 4/ 60 ، ومعجم رجال الحديث : 10/ 384.
2- «علی» ه والمختصر.
3- سورة الأعراف : 145.
4- سورة الزخرف : 63
5- سورة النحل : 89
6- سورة الرعد : 43

وقال: إنّ العلم الّذي نزل به آدم على حاله [ عندنا] وليس يمضي منّا عالم إلّا خلفه من يعلم علمه ، و العلم يتوارث(1). (2)

و إذا كان [ذلك] (3)، كذلك فكلّ حديث رواه أصحابنا ودونه مشايخنا في معجزاتهم ودلائلهم لا يستحيل في مقدورات الله أن يفعله تأييداً لهم ولطفاً للخلق فإنّه لا يطرح بل يتلقّی بالقبول .

وأنا أوصي الناظر في هذا الكتاب أن ينظر بعين الانصاف ، ولا يتجاذب أهداب الخلاف ، لئلّا يخرج السيف (4) من الغلاف .

فصل

فصل (5)

9- روی سعد بن عبدالله : عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي الاصفهاني ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب الأسدي ، نا الحسين بن زید بن علي ، نا

ص: 800


1- «نتوراث به» المختصر.
2- عنه مختصر البصائر : 109 ، والبحار : 26/ 198 ح 10. وعنه البحار : 26 /194 ح 2 وعن البصائر . ورواه في بصائر الدرجات: 227 ح 1 و ص228ح3 وص229ح6 من ثلاثة طرق باسناده الي عبدالله بن الوليد السمان ، نحوه ، عنه البحار : 13 /242 ح 49 و ج 14 /245 ح 23 و ج 17 /145 ح34 و ج 35 /432 ح 13 وص 433 ح14 . وفي الاحتجاج : 2 /139 باسناده الي عبدالله بن الوليد ، نحوه، عنه تأويل الايات : 1 /239 ح 23 ، والبحار : 35 /429 ح 3 ، وغاية المرام : 358 ح 18 . وأخرجه في البحار : 40 /212 ح 12 عن المختصر.
3- من المختصر.
4- «السر» م، «الشر» خ ل.
5- الاحادیث الستة في هذا الفصل متشابهة في مضمونها . و يأتي مثلها في الأحاديث «41 ، 42 ، 43».

إسماعيل (1) بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن أبيه ، قال : قال عليّ بن أبي طالب (علیه السلام): أمرني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذا توفّي أن أستقي سبع قرب من بئر غرس(2) فاغسّله بها ، فإذا غسّلته و فرغت من غسله أخرجت من في البيت ، فإذا أخرجتهم قال : فضع فاك على فيّ ثمّ سلني أخبرك عمّا هو كائن إلى يوم الساعة (3) من أمر الفتن.

قال علىّ (علیه السلام) : ففعلت ذلك ، فأنبأني بما يكون إلى أن تقوم الساعة ، وما من فتنة (4) تكون إلّا وأنا أعرف أهل ضلالتها من أهل حقّها .(5)

ص: 801


1- «الحسين بن علی بن زید بن اسماعيل» ه ، «الحسن بن الحسن بن على بن زيد ، عن اسماعيل» البحار . والحسين هو ابن زید بن علی بن الحسين عليه السلام أبو عبد الله یلقب ذا الدمعة كان أبو عبدالله عليه السلام تبناه ورباه و زوجه بنت الارقط . تجد ترجمته في رجال النجاشي : 52 رقم 115 ، ومجمع الرجال : 2 /175 ، ومعجم رجال الحدیث : 5 /244 وغيرها . و اسماعيل هو ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، تابعی سمع أباه، روی عن السجاد والباقر والصادق عليهم السلام. راجع مجمع الرجال: 1/ 214 ، و معجم رجال الحديث :3 /147.
2- قال الحموي في معجم البلدان : 4 /193 : بئر غرس بالمدينة جاء ذكرها في غير حديث وهي بقباء ، و كان النبي صلى الله علیه و آله يستطيب ماءها ويبارك فيه، و قال لعليّ عليه السلام حين حضرته الوفاة : إذا أنا مت فغسلني من ماء بئر غرس بسبع قرب . وقد ورد عنه صلى الله علیه و آله أنّه بصق فيها وقال : إنّ فيها عيناً من عيون الجنة.
3- «القيامة» ه.
4- «فئة» م.
5- عنه البحار : 22 /517 ح25 ، والايقاظ من الهجعة : 210ح3، ومستدرك الوسائل :2/ 189 ح3. وفي مناقب آل أبی طالب : 1/ 316 عن أبان بن تغلب والحسين بن معاوية و سليمان الجعفري واسماعيل بن عبدالله بن جعفر ، عنه البحار : 40/ 152 ضمن ح 54 . وفي الطرف : 42 باسناده إلی أبی عبدالله عليه السلام نحوه ، عنه مستدرك الوسائل : 2 /191 ح8. وأورده في إثبات الوصية : 122 مرسلاً نحوه . ورواه الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال : 1 /251 باسناده إلی عبدالله بن جعفر . وأورده النويري في نهاية الأرب : 18 /190 عن عبدالله بن جعفر الزهري، عن عبد الواحد ابن أبي عون . وفي معجم البلدان: 4 /193 مرسلاً . وأخرجه السيد نور الدين على في وفاء الوفاء : 2 /145 من طريق يحيي باسناده إلی علىّ علیه السلام . والسيوطي في الخصائص : 2 /276 من طريق ابن سعد باسناده الى عبدالله بن الحارث وفي کنز العمال : 7 /243 ح 18771 عن الطبقات الكبرى لابن سعد: 2 /243 باسناده الى عمر بن الخطاب ، وفي ص 249 ح 18781 عن الشيخ في الوصايا وابن النجار بالاسناد إلی علیّ علیه السلام. وأخرجه في احقاق الحق : 7 /34 - 35 عن بعض المصادر أعلاه.

10- قال سعد بن عبدالله : وحدّثني إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي ، نا إبراهيم بن صالح الأنماطي ، قال : نا الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ، عمّن حدّثه ، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) قال :

قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :

«إذا أنا متّ فغسّلني بسبع قرب من بئر غرس ، غسّلني بثلاث قرب غسلا وسنّ (1) علي أربعاً سنّاً ، فإذا غسّلتني وحنّطتني فأقعدني وضع يدك على فؤادي ثمّ سلني أخبرك بما هو كائن إلى يوم القيامة» . قال : ففعلت .

ص: 802


1- «شن» البحار ، و كذا في الموضع التالي بالمعجمة . قال الجوهري : سننت الماء على وجهی أي : أرسلته ارسالاً من غير تفريق ، فإذا فرقته بالصب قلب بالشين المعجمة . انتهى . فالسن : الصب المتصل . والشن : الصب المتقطع . (لسان العرب : 13 /227 و ص 242 ، سن ، شن).

و كان عليّ (علیه السلام) إذا أخبرنا بشيء يكون. قال : هذا ممّا أخبرني به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعد موته .(1)

11 - وروی سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن فضيل بن سكرة (2) ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) [قال:] قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لعليّ (علیه السلام) إذا أنا متّ فاستق لي سبع قرب من ماء بئر غرس ، فغسّلني ، ثمّ خذ بمجامع کفني وأجلسني ، ثمّ سلني عمّا شئت فوالله لا تسألني عن شيء إلّا أخبرتك (3) فيه .(4)

ص: 803


1- عنه البحار : 40 /215 ح8 ، والايقاظ من الهجمة : 210 ح 4، ومستدرك الوسائل : 2 /190 ح 4.
2- «شکر» م، «بن بکر» خ ل، وفي مستدرك الوسائل «فضل» ، وفي بعض المصادر و نسخة من رجال البرقی «فضيل سكرة» من دون لفظة «ابن». وقال في معجم رجال الحدیث: 13 /355 : و لعلّ كلمة «سكرة» كانت لقباً له ولأبيه فيصحّ كلا التعبيرين . وعدّه الشيخ الطوسي والبرقي في رجالهما من أصحاب الصادق عليه السلام
3- «أجبتك» خ ل.
4- عنه مستدرك الوسائل : 2 /190 ح5 . وعنه البحار : 22 /514 ح 15 وعن البصائر : 284 ح 8و9 ، والکافی : 1 /296 ح7 وج 3 /150 ح 1 بأسانيدهم الى فضيل سكرة . وعنه البحار : 40 /214 ح7 وعن البصائر . وعنه الايقاظ من الهجمة : 209ح1 وعن الكافي . ورواه في التهذيب : 1 /435 ح42 ، والاستبصار: 1 /196 ح3 بإسنادهما الى فضيل سكرة ، عنهما الوسائل : 2 /719 ح 2 و عن الكافي . وأخرجه في إثبات الهداة : 1 /418 ح19 عن الكافي والتهذيب والبصائر . وفي مستدرك الوسائل : 2 /189 ح1 عن البصائر . وفي المناقب : 1 /316 عن التهذيب.

12- وروي عن جعفر بن إسماعيل الهاشمي ، عن أيّوب بن نوح ، عن زيد النوفلي ، عن إسماعيل بن عبدالله بن جعفر ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال :أوصاني النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : إذا أنا متّ فغسّلني بسبع قرب من بئر غرس ، فإذا فرغت من غسلي فأدخلني أكفاني ، ثمّ ضع أذنك على فمي.

ففعلت ذلك ، فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة .(1)

13 - وروي عن الحسن بن علي الزيتوني ، عن أحمد بن هلال ، عن محمّد ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله(2) [قال:] قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأمير المؤمنين (علیه السلام): إذا أنا متّ فغسّلني و كفّنّي و حنّطني، و ما أملي عليك فاكتب.

قلت : ففعل ؟ قال : نعم .(3)

ص: 804


1- عنه الايقاظ من الهجعة : 211 ح5 ، ومستدرك الوسائل : 2 /191 ح 6. وعنه البحار : 40 /213 ح 1 وعن بصائر الدرجات : 284 ح 10 باسناده الى عبدالله ابن جعفر . و أخرجه في مناقب آل أبی طالب : 1 /205 عن الاحن و المحن للصفوانی ، عنه البحار : 22 /524 ضمن ح 29 ، ومستدرك الوسائل : 2 /191 ح7. وفي إثبات الهداة : 1 /600 ح 269، ومستدرك الوسائل : 2 /189 ح 7.
2- يأتي في هذا الباب ح41 رواية الصفار عن الحسن بن علیّ بن فضال ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبی عمیر ، عن حفص بن البختري ، عن الباقر عليه السلام . وقد وردت رواية الحسن بن عليّ الزيتوني وابن فضال عن أحمد بن هلال في مصادر مختلفة ، راجع معجم رجال الحديث : 2 /367.
3- عنه البحار : 22 /518 ح 26، ومستدرك الوسائل : 2 /165ح 1 . ورواه في بصائر الدرجات : 283ح4 و6 و باسناده الى حفص بن البختری ، عنه البحار: 40 / 214 ح 4و5 ، واثبات الهداة : 1 /600 ح 268. وفي الكافي : 3 /150 ح 2، والتهذيب : 1 /435 ح43 ، والاستبصار: 1 /196 ح 2 بأسانيدهم الى حفص بن البختري ، عنهم الوسائل : 2 /719 ح 1.

14 - وعنه ، عن أحمد بن هلال ، عن إسماعيل بن عباد القصري(1) ، عن محمّد(2) بن أبي حمزة، عن سليمان الجعفي، عن أبي عبد الله (علیه السلام) [قال:] قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأمير المؤمنين (علیه السلام): إذا أنا متّ فغسّلني و كفّنّي وحنّطني وأقعدني ، وما أملي عليك فاكتب . قلت: ففعل ؟ قال : نعم . (3)

وأتى أيضاً بخمس روايات أخر بمثله عن الصادق (علیه السلام) (4) .

فصل

فصل (5)

15 - و عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحجّال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي(6) ، عن ابن سنان ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن عمران بن أبي شعبة (7)

ص: 805


1- «المصري» خ ل. و هو اسماعيل بن عباد القصري من قصر بنی هبيرة عده الشيخ الطوسي و البرقي من أصحاب الرضا (علیه السلام). تجد ترجمته في مجمع الرجال : 1 /214 ، ومعجم رجال الحديث :3 /141. و قصر بني هبيرة مدينة بناها يزيد بن عمر بن هبيرة على فرات الكوفة ثمّ ترکه وبنی قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا . معجم البلدان : 4 /365.
2- «أحمد» خ ل . راجع معجم رجال الحديث : 14 /252.
3- عنه البحار : 40 /214 ح6 وعن البصائر: 284 ح7 باسناده الى عمر بن سليمان الجعفی . وأخرجه في إثبات الهداة : 1 /600 ذح 268 عن البصائر.
4- يأتي في هذا الباب ح41 - 43 ثلاثة أحاديث مثلها مروية عن الباقر والصادق (علیهما السلام)
5- الأحاديث الثلاثة في هذا الفصل متشابهة في مضمونها
6- « العلوی» ه .وما في المتن هو الصحيح وقد روي عن ابن سنان في موارد اخر كثيرة راجع معجم رجال الحديث : 4 /318.
7- «سعید» م ، «سعد» ه . وما في المتن هو الصحيح كما في البصائر وكتب الرجال . وهو عمران بن عليّ بن أبي شعبة الحلبي الكوفي . عدّه الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء والاعلام المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا و الأحكام الذين لا يطمن عليهم ولا طريق لذم واحد منهم . راجع معجم رجال الحديث : 13/ 160.

الحلبي ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال :

إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) لقي أبابكر ، فقال له : أما تعلم أنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أمرك أن تسلّم عليّ بامرة المؤمنين، وأن تتّبعني ؟

قال : فجعل يتشكّك(1) عليه ، وقال : لأجعل بيني و بينك حكماً .

فقال له : أترضی برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ قال : ومن لي به .

قال : فأخذ بيده فمضى به حتّى أدخله مسجد قبا ، فإذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قاعد في المحراب .

فقال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ألم آمرك أن تسلّم لعليّ وتتّبعه ؟

قال : بلى. قال : فاعتزل و سلّم إليه ، واتّبعه تسلم . قال: نعم .

فلقی(2) عمر صاحبه فعرّفه الخبر ، فقال له : أنسيت سحر بني هاشم ؟! و ذکّره بأشياء ، فأمسك وأقام على أمره إلى أن مات .(3)

ص: 806


1- «یشكك» ه.
2- «فلمّا رجع لقی» ط ، ه.
3- عنه الايقاظ من الهجعة : 215 ح14. ورواه في بصائر الدرجات : 276 ح 7 باسناده إلی زیاد بن المنذر ، عن أبي جعفر عليه السلام نحوه ، وص 277ح10 و11 باسناده الى أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، وعبدالله بن سنان، عن أبي جعفر عليه السلام نحوه ، وص 278 ح12 باسناده إلى هارون ، عن أبي عبدالله عليه السلام نحوه ، عنه البحار :8 /18 (الطبعة الحجریة) وإثبات الهداة : 4 /505 ح 111 وص507 ح113 و 114 وص 508ح115. وفي الاختصاص :268 باسناده إلی زیاد بن المنذر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 169 ذح 472 وعن مناقب آل أبی طالب : 2 /85 عن عبدالله بن سليمان وزياد بن المنذر والعباس بن الحريش الراوي عن أبي جعفر، وأبان بن تغلب ومعاوية ابن عمار وأبی سعید المکاری ، عن أبي عبدالله عليه السلام، والهداية الكبرى : 102، و ارشاد القلوب : 264 وأورده في عيون المعجزات : 42 مرسلاً نحوه ، عنه مدينة المعاجز : 168 ذح 472 وعن درر المناقب . وأخرجه في البحار : 8 /82 (الطبعة الحجرية) عن المناقب ص83 عن ارشاد القلوب.

16 - وروي عن عبّاد(1) بن سلیمان ، عن أبيه ، عن عيثم بن أسلم عن معاوية ابن عمّار الدهني قال : دخل أبوبكر علىّ علي أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال له :

إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يحدث إلينا في أمرك شيئاً بعد أيّام الولاية بالغدير ، وأنا أشهد أنّك مولاي مقرّ لك بذلك، وقد سلّمت عليك على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بإمرة المؤمنين ، وأخبرنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّک وصيّه ، و وارثه ، وخليفته في أهله و نسائه وأنّك وارثه ، و میراثه صار إليك، و لم يخبرنا أنّك خليفته في أمته من بعده ، و لاجرم لي فيما بيني و بينك ، ولا ذنب لنا فيما بيننا وبين الله .

فقال له عليّ (علیه السلام) : إن أريتك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حتّى يخبرك بأنّي أولى بالأمرالذي أنت فيه منك ، وأنّك إن لم تعتزل عنه (2) فقد خالفت ؟

قال: إن رأيته حتى يخبرني بعض هذا اكتفيت به . قال: فنلتقي إذا صلّيت المغرب حتّى اریکاه . قال : فرجع إليه بعد المغرب فأخذ بيده فأخرجه إلى مسجد قبا ، فإذا هو برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جالس في القبلة .

فقال له : يا فلان ! وثبت علی مولاك علي وجلست مجلسه ، وهو مجلس النبوّة لايستحقّه غيره، لأنّه وصيّي ، ونبذت أمري و خالفت ماقلت لك، وتعرّضت لسخط الله وسخطي ، فانزع هذا السربال الذي تسربلته بغير حق ، ولا أنت من أهله ، و إلّا فموعدك النار .

ص: 807


1- «عمار» م، «عبادة» ه . وما في المتن هو الصحيح كما في البصائر ، ورجال النجاشی :293، ومجمع الرجال : 3 /243، ومعجم رجال الحديث : 9 /220 . وهو من مشايخ الصفار، روى عنه في البصائر في حدود «25» مورداً.
2- «تعزل نفسك» ط ، ه.

قال : فخرج مذعوراً ليسلّم الأمر إليه ، وانطلق أمير المؤمنين فحدث سلمان بما كان و خرج (1) فقال له سلمان : ليبدين هذا الحديث لصاحبه وليخبرنّه بالخبر .

فضحك أمير المؤمنين (علیه السلام) وقال : أما إنّه سيخبره ، ويمنعه إن هم بأن يفعل .

ثمّ قال : لا والله لايذكران ذلك أبداً حتّى يموتا .

قال : فلقى صاحبه فحدّثه بالحديث كلّه وقال له : ما أضعف رأيك و أخور(2) قلبك أما تعلم أنّ ما أنت فيه الساعة من بعض سحر ابن أبي كبشة (3)؟ ! أنسيت سحر

بني هاشم ؟! فأقم على ما أنت عليه.(4)

17 - وروي عن محمّد بن عيسى ، [عن](5) ابن أبي عمير و علي بن الحكم

ص: 808


1- «جری» ط ، ه.
2- الخور - بالتحريك - :الضعف . لسان العرب : 4 /262.
3- یعنی رسول الله صلی الله عليه و آله ، سماه المشركون بذلك لخلافه ايّاهم إلى عبادة الله تشبيهاً له بأبي كبشة ، رجل من خزاعة خالف قريشاً في عبادة الأوثان، وقيل غير ذلك . راجع التفصيل في لسان العرب : 6 /338 ، ومجمع البحرين : 4 /151.
4- عنه مختصر البصائر : 109، والايقاظ من الهجعة : 219ح15 . وعنه البحار : 8 /81 (الطبعة الحجرية) وعن الاختصاص :266، و بصائر الدرجات: 278 ح14 باسنادهما الى معاوية بن عمار الدهنی . وعنه مدينة المعاجز : 168 ح 472 وعن الاختصاص . وأورده في المحتضر : 14 عن عباد بن سلیمان . وأخرجه في البحار : 41 /228 ح 38 عن الاختصاص والمختصر . وفي إثبات الهداة : 3 /489 ح459 وج 5084 ح116 عن البصائر
5- من البصائر وهو الصحيح.

عن الحكم (1) بن مسكين ، عن أبي عمارة(2) وأحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال : إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) احتجّ على أبي بكر وقال: هل ترضی برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيني و بينك ؟ قال : وكيف لي به ؟

فأخذ بيده وأخرجه حتى أتی به مسجد قبا، فإذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فقضى لعليّ (علیه السلام) عليه وأمره أن يعتزل، وقال له : سلّم إليه تسلم .

فجاء (3) مذعوراً إلى صاحبه ، فأخبره بالخبر، فتضاحك منه وقال: أنسیت سحربني هاشم ؟!. (4)

ص: 809


1- «الحسن» م، وفي البصائر المطبوع على بن الحكم بن مسكين . وما في المتن من بعض نسخ البصائر ، و كتب الرجال . راجع معجم رجال الحديث: 6 /179 وج 11 /405.
2- «ابن عمارة البصائر ، وفي بعض نسخه «أبي عميرة» . راجع معجم رجال الحدیث :21 /323.
3- اختصر الحديث في ط ، و بهذه العبارة : «و روی الثقات عن أبي عبدالله عليه السلام مثل ذلك الى أن جاء...».
4- عنه البحار : 8 /81 (الطبعة الحجرية) وعن بصائر الدرجات : 274 ح 2 بهذا الاسناد وص 276 ح 9 باسناده إلی أبی سعید المکاری نحوه . ورواه في الاختصاص : 267 باسناده إلی أبی سعید المکاری ، عنه مدينة المعاجز : 168 ذح 472، وعن البصائر . وأخرجه في البحار: 6 /247 ح 81وج 22/ 551 ح5 وج 27 /304 ح6، واثبات الهداة: 4 /506 ح112.

فصل

فصل (1)

18 - وعن سعد بن عبد الله : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عیسی: نا علي بن محمد،عن علي بن معمّر ، عن أبيه ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر (علیه السلام)قال: جاء ناس إلى الحسن بن علي فقالوا : أرنا بعض ماعندك من عجائب أبيك الّذي كان یریناها . فقال : أتؤمنون بذلك ؟ قالوا : نعم نؤمن به والله .

قال : أليس تعرفون أمير المؤمنين (علیه السلام)؟ قالوا : بلى كلّنا (2) نعرفه .

قال : فرفع لهم جانب الستر وقال : أتعرفون [ هذا الجالس]؟ قالوا بأجمعهم : هذا - والله - أمير المؤمنين (علیه السلام)، ونشهد أنّك ابنه ، وأنّه [كان] يرينا مثل ذلك كثيراً. (3)

- 19 وعن فرات بن أحنف، عن يحيى بن أم الطويل، عن رشيد الهجري قال :دخلنا على أبي محمّد (علیه السلام) بعد مضي أبيه أمير المؤمنين (علیه السلام) فتذاكرنا له شوقنا إليه

فقال الحسن: أتريدون أن تروه ؟ قلنا: نعم ، وأنّي لنا بذلك ، وقد مضى لسبیله !

فضرب بيده إلى ستر كان معلّقاً على باب في صدر المجلس ، فرفعه فقال: انظروا

ص: 810


1- الأحاديث الثلاثة الأولى في هذا الفصل متشابهة في مضمونها ، و یأتی مثلها في الحديث «29».
2- «کنا» م.
3- عنه إثبات الهداة : 5 /151 ح 14 ، والايقاظ من الهجمة : 218ح18، ومدينة المعاجز: 178ح498 وص207 ح 34. ورواه فی دلائل الإمامة : 68 باسناده الى جابر ، عنه مدينة المعاجز : 205ح26 وأورده في ثاقب المناقب : 266 (مخطوط) عن جابر الجعفی . وأخرجه في فرج المهموم : 224 نقلاً عن كتاب مولد النبي ومواليد الأوصياء عليهم الصلاة والسلام للشيخ المفيد مع زيادة ، عنه البحار : 43 /328 ح 8، وعوالم العلوم: 16 /85 ب 2ح1 . وفي إثبات الهداة : 5 /161 ح39 عن کتاب مناقب فاطمة و ولدها.

من في هذا البيت. فإذا أمير المؤمنین جالس كأحسن ما رأيناه في حياته .

فقال : هوهو .ثم خلّي الستر من يده، فقال بعضنا :

هذا [الّذي رأيناه] من الحسن كالّذي نشاهد من دلائل أمير المؤمنين (علیه السلام) و معجزاته(1)

20- وعن الباقر(علیه السلام) ، عن أبيه أنّه قال : صار جماعة من الناس بعد الحسن إلى الحسين (علیهما السلام) فقالوا: يا ابن رسول الله ما عندك من عجائب أبيك الّتي كان يريناها؟

فقال : هل تعرفون أبي ؟ قالوا : كلّنا نعرفه .

فرفع له ستراً كان على باب بيت ثمّ قال : انظروا في البيت .

فنظروا، فقالوا : هذا أمير المؤمنين، ونشهد أنّك(2) خليفة الله حقاً (3). (4)

21 - وقد روى الرواة من أصحابنا أنّ الله خلق ملائكة على صورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعلي وجميع الأئمة (علیهم السلام). (5)

و كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حدّث أصحابه بأنّه رأى ليلة المعراج في کلّ سماء ملكاً على صورة عليّ بن أبي طالب (علیه السلام) فقال جبرئیل (علیه السلام): يا محمّد إنّ ملائكة السماء كانوا

ص: 811


1- عنه إثبات الهداة : 5 /152 ح 15، والايقاظ من الهجمة: 218 ح 19، ومدينة المعاجز: 178 ح499 وص207 ح 35.
2- «أنّه» ه، والمختصر.
3- زاد في ه، والمختصر: وأنك ولده.
4- عنه مختصر البصائر : 110، واثبات الهداة : 5 /195 ح 36، والايقاظ من الهجمة : 219ح20، ومدينة المعاجز : 179 ح 502 . وأورده في المحتضر : 14 مرسلاً
5- رواه في دلائل الإمامة :126 باسناده الى یونس بن ظبيان في تصور الملائكة على صورة الصادق عليه السلام ، عنه البحار : 59 /196 ح 62 . وأخرجه في المحتضر : 125 عن كتاب محمّد بن العباس بن مروان باسناده الى حمران عن الباقر عليه السلام.

يشتاقون إلى عليّ (علیه السلام) فخلق الله لهم ملكاً في کلّ سماء على صورته ليستأنسوا به .(1)

ولا يخفى أنّ يوم بدر كانت الملائكة المنزلون لنصرة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كلّهم كانوا على صورة عليّ(علیه السلام) ليكونوا في قلوب الكفار أهيب .(2)

على أنّه روي أنّ علياً (علیه السلام) قال للحارث الهمداني :

یا حار همدان من يمت یرني ***من مؤمن أو منافق قبلا(3)

وهذا الكلام منه عام يتناول حال حياته ، و الحال الّتي بعد وفاته .

ص: 812


1- رواه في عيون الاخبار : 2 /130 ح15 باسناده الى العسكرى ، عن آبائه ، عن الحسين عن رسول الله صلی الله عليه و آله ، عنه البحار : 39 /109 ح14. وفي بشارة المصطفی : 196 باسناده إلی أنس ، عن النبي صلى الله علیه و آله ، عنه البحار : 39 /110 ح18. وفي المحتضر : 146 عن الصدوق باسناده الى الاعمش ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن النبي صلى الله علیه و آله ، عنه البحار : 45 /228 ح 24، وعوالم العلوم: 17 /475 ح7. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 2 /73 عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عنه البحار : 39/ 98 ح10. وأخرجه في كشف الغمة : 1 /139 عن كفاية الطالب باسناده الى أنس ، عنه البحار : 39 /109 ح 15.
2- أورده في الفصول المختارة من العيون و المحاسن : 2 /80 عن زيد بن وهب ، عنه البحار : 41 /99. وفي مناقب آل أبی طالب : 2 /79 ، عنه البحار : 19 /285 ح27.
3- لا يخفى أنّ هذا البيت للسيد الحمیری نظم فيه قول أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الهمداني : «أما إنّه لا يموت عبد يحبنى فتخرج نفسه حتی یرانی حيث يحب، ولايموت عبد يبغضنی فتخرج نفسه حتى يراني حيث يكره» رجال الكشی: 89. ورواه في تفسير على بن ابراهيم القمي : 593 باسناده عن ابن سنان ، عنه البحار : 6 /180 ح8، ومدينة المعاجز : 187 ضمن ح 512. و روى القصيدة في أمالي المفيد: 7 ضمن ح3، و أمالي الطوسی: 2 /240 بأسانيدهما إلى الاصبغ بن نباتة ، عنهما البحار : 6 /180 ذح7. وفي بشارة المصطفی : 5 باسناده الى الاصبغ بن نباتة . وأخرجها في مدينة المعاجز : 185 عن أمالي الطوسی . والقصيدة هي كما أوردها في أعيان الشيعة : 3 /426 : قول على الحارث عجب*** کم ثم اعجوبة له جملا يا حارهمدان من يمت یرنی *** من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه و أعرفه*** بعينه و اسمه وما فعلا وأنت عند الصراط تعرفني *** فلا تخف عثرة و لازللا أسقيك من بارد على ظمأ*** تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف للعر ***ض على جسرها ذرى الرجلا ذريه لا تقربيه ان له*** حبلا بحبل الوصی متصلا هذا لنا شيعة وشيعتنا ***أعطاني الله فيهم الاملا

فصل

فصل(1)

22 - وعن محمّد بن الحسن الصفّار : حدّثنا الحسن بن علي : حدّثنا العبّاس بن عامر ، عن أبان، عن (2) بشير النبّال، عن أبي جعفر الباقر(علیه السلام) قال : كنت خلف أبي وهو على بغلته ، فنفرت ، فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه ، فقال لأبي :

يا علي بن الحسين اسقني .

فقال الرجل الذي خلفه كأنّه موكّل به: لاتسقه ، لاسقاه الله . فإذا هو معاوية.(3)

ص: 813


1- الاحاديث الثلاثة الاولى في هذا الفصل متشابهة في مضمونها.
2- «بن» م ، تصحيف ، صوابه من البصائر ومعجم رجال الحديث : 3 /327.
3- عنه مختصر البصائر : 111، و الايقاظ من الهجعة : 203 ح 19. ورواه في بصائر الدر جات: 284 ح 1 بهذا الإسناد، وفي ص 285 ح4 باسناده إلی بشير النبال نحوه ، وص 286 ح 6 و 7 باسناده إلی یحیی بن ام الطويل وأبي حمزة الثمالی نحوه ، عنه المحتضر : 13 . وفي الاختصاص : 269 باسناده إلی بشير النبال ، وص 270 باسناده أيضاً الى بشیر النبال ومالك بن عطية نحوه، عنه البحار : 6 /247 ح 83 و ج 46 /280 ح 81 ومدينة المعاجز : 325 ذح 19. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /286 عن بشیر النبال و یحیی بن ام الطويل وادريس بن عبدالله وعلىّ بن المغيرة ومالك بن عطية وأبي حمزة الثمالی ، كلّهم عن أبی عبدالله عليه السلام ، عنه مدينة المعاجز : 313 ح 72 . وأخرجه في البحار : 8 /561 ( الطبعة الحجرية ) ، ومدينة المعاجز : 310 ح 52 عن البصائر والاختصاص.

23- وعن الصفّار ، عن الحجّال ، عن الحسن بن الحسين ، عن ابن سنان عن عبد الملك القمي ، عن أخيه إدريس ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) سمعته يقول (1) : بينا أنا وأبي (علیه السلام) متوجّهين إلى مكّة ، فتقدّمني أبي في موضع يقال له « ضجنان » (2)

إذ جاءني(3) رجل في عنقه سلسلة يجرها ، فأقبل عليّ فقال: اسقني ، اسقني، اسقني.

فسمعه أبي وصاح (4): لا تسقه ، لاسقاه الله . وإذا رجل تبعه حتی جذب سلسلته وطرحه على وجهه ، فغاب في أسفل درك من النار .

قال لي أبي : هذا الشامي لعنه الله .(5)

ص: 814


1- «قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول» ه، والبصائر.
2- ضجنان : جبل بينه و بين مكة خمسة عشرون ميلاً . معجم البلدان : 3 /453.
3- «جاء» البصائر.
4- «بی وقال» ه ، «بی أبی» البصائر.
5- عنه الايقاظ من الهجعة : 203 ح 20. ورواه في بصائر الدرجات : 285 ح 2 بهذا الاسناد ، وح 5 باسناده الى مالك بن عطية نحوه، والاختصاص : 269 باسناده الى ادریس ،عنهما مدينة المعاجز : 325 صدر ح 19 . وأخرجه في البحار : 6/ 247 ح 82 عن الاختصاص.

24 - وعن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن علي بن المغيرة ، قال : نزل أبو جعفر(علیه السلام) [ بوادي ] ضجنان ، فسمعناه يقول - ثلاث مرات -:لاغفر الله لك.

فقال له أبي: لمن تقول جعلت فداك ؟! قال: مرّ بي الشامي لعنه الله يجرّ سلسلته الّتي في عنقه، و قد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له، فقلت : لاغفر الله له (1)..

ووادي ضجنان من أودية جهنّم .(2)

25 - وعن الصفّار ، عن أحمد [بن محمد] بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد، عن أبي الصخر (3) .

قال (4) : وحدّثني الحسن بن عليّ بن فضّال، قال : دخلت أنا ورجل من أصحابنا على عيسی(5) بن عبدالله أبي طاهر العلوي .

قال أبو الصخر : أظنّه من ولد عمر بن عليّ(6).

ص: 815


1- «لك» ه
2- عنه الايقاظ من الهجمة : 204 ح 21. ورواه في بصائر الدرجات : 285 ح 3 بهذا الاسناد ، عنه الوسائل : 3 /452 ح11، والبحار : 83 /323 ح 21. وفي الاختصاص : 270 باسناده إلي علىّ بن المغيرة ، عنه مدينة المعاجز :325 ضمن ح19 وعن البصائر.
3- هو أحمد بن عبدالرحیم ، راجع معجم رجال الحديث : 2 /131
4- القائل إمّا الصفار أو ابن عیسی ، فكلاهما ممّن روی عن ابن فضال.
5- «و رجل منا على ابن عبدالله» ه، م.
6- إن صحّ ظنّه فهو عیسی بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام . تجد ترجمته في رجال النجاشی : 295، فهرست الطوسی : 116 ، معجم رجال الحدیث: 13 /216

قال : و كان نازلاً في دار الصيديّين(1) فدخلنا إليه عند العصر ، وبين يديه ركوة فيها ماء ، و هو يتمسّح منها ، فسلّمنا عليه، فردّ علينا السلام ، ثمّ ابتدأنا فقال :

معكما أحد ؟

قلنا : لا.

فالتفت يميناً و شمالاً فلم ير أحداً فقال : أخبرني أبي ، عن جدّي أنّه كان مع الباقر (علیه السلام) بمنى، وهو يرمي الجمار ، فرمی ، و بقي في يده خمس حصيات، فرمی باثنتين في ناحية من الجمرة و بثلاث في ناحية منها .

فقال له جدّي : جعلني الله فداك ، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعه أحد، إنّك رميت بحصياتك في العقبات ثمّ رميت بخمس بعد ذلك يمنة ويسرة .

قال: نعم يا ابن عمّ إذا كان في کلّ موسم يخرج الله القاسطين الناكثين غضّين طريّين فيصلبان هاهنا ، لايراهما إلّا الامام، فرميت الأول بثنتين، و الثاني بثلاث لأنّه أكفر وأظهر لعداوتنا ، والأول أدهى وأمر .(2)

ص: 816


1- «الصدتین» م، «صدسين» ه، «السنديين»خ ط ، وما في المتن من البصائر والاختصاص والبحار.
2- عنه مختصر البصائر : 111. ورواه في بصائر الدرجات : 286 ح 8 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 27 /305 ح10. وفي الاختصاص : 270 باسناده الى أبي الصخر ، عنه مدينة المعاجز : 325 ح20. وأخرجه في البحار : 8 /214 (الطبعة الحجرية) ، ومستدرك الوسائل : 10 /78 ب 18 ح1 عن البصائر والاختصاص.

فصل

26 - وعن الصفّار ، عن معاوية بن حكيم ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال: قال لي بخراسان : رأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هاهنا والتزمته.(1)

27 - وعن الصفّار ، عن [أحمد بن](2) محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد .

وعن (3) محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد [ قال ] :(4) قلت للرضا(علیه السلام): حدّثني عبدالکریم بن حسّان ، عن عبيد بن عبد الله بن بشير الخثعمي (5) عن أبيك أنّه قال : كنت رديف (6) أبي وهو يريد العريض ، قال : فلقيه شيخ أبيض الرأس واللحية ، يمشي ، فنزل أبي إليه ، فقبّل ما بين عينيه .

ص: 817


1- عنه الايقاظ من الهجعة : 217ح16. ورواه في قرب الاسناد : 152 باسناده الى الحسن بن على بن بنت الياس ، عنه البحار: 49 /87 ح5 وج 61 /239 ح 2. وفي بصائر الدرجات : 274 ح 1 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 6 /247 ح 80. وأخرجه في البحار : 22 /550 ح4 وج 27 /303 ح 2 ، ومدينة المعاجز: 487 ح 76 عن القرب والبصائر.
2- من البصائر.
3- «عن» ه،م . وما في المتن من البصائر وهو الصحيح حيث رواه الصفار بطريقين: الأول: عن ابن عیسی. والثاني : عن محمّد بن الحسین . والحسين بن سعيد ومحمد بن الحسین یرویان الحديث عن ابن أبي البلاد.
4- من البصائر.
5- «بكير الجعفی» م، وهو تصحيف، وفي البصائر «عبيدة» بدل «عبید» و کلاهما وارد . يأتي عين هذا الحديث تحت الرقم «30» برواية ابراهيم بن أبي البلاد ، عن عبيد بن عبدالرحمان الخثعمي، وفيه أنّ الباقر (علیه السلام) خرج مع أبيه زین العابدين (علیه السلام) ورأوا الحسين عليه السلام راجع معجم رجال الحديث : 11 /61 وص 100.
6- الرديف : الراكب خلف الراكب.

قال إبراهيم : ولا أعلمه إلّا قد قال : وقبّل يده . ثمّ جعل يقول له: جعلت فداك والشيخ يوصيه ، فكان آخر ما وصّاه به : « أنظر لا تدع الأربع ركعات».

قال : ثمّ غاب الشيخ ، وقام جعفر - أبي - و ركب فقلت له : يا أبت من هذا الذي صنعت به ما لم أرك صنعت بأحد من الناس قبله ؟ فقال : يا بنيّ هذا أبي .(1)

28- وعن الصفّار، عن محمّد بن عیسی(2)، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار ابن مروان ، عن سماعة قال: دخلت على أبي عبد الله (علیه السلام) وأنا أحدّث نفسي، فرآني فقال : مالك تحدّث نفسك ؟ تشتهي(3) أن ترى أبا جعفر ؟! فقلت : نعم .

قال : قم فادخل هذا البيت فانظر. : [قال: فدخلت] فإذا أبو جعفر (علیه السلام) ومعه قوم من الشيعة ممّن مات قبله وبعده(4) .(5)

29- وعن الصفّار ، عن الحسن بن عليّ باسناده (6) [قال:] سئل الحسن (7). ابن علي بعد مضي أمير المؤمنين (علیه السلام) عن أشياء ، فقال لهم (8): أتعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه ؟ قالوا : نعم .

قال : فارفعوا هذا الستر . فرفعوه فإذا هم به لا ينكرونه ، فقال لهم [عليّ (علیه السلام)]: إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت، ويبقی من بقي حجّة عليكم .(9)

ص: 818


1- رواه في بصائر الدرجات : 274 ح3 بهذا الاسناد ، عنه المحتضر : 13 ، والبحار :6/ 248 ح 84 و ج 27 /303 ح3 وص 304 ح 8. ويأتي مثله في الحديث «30».
2- «أحمد بن محمّد بن عیسی» ط ، ه ، وكلاهما من مشايخ الصفّار.
3- « تريد » ه.
4- قوله «ومعه قوم .. الخ» ليس في البصائر.
5- عنه الايقاظ من الهجمة : 219 ح 21. ورواه في بصائر الدرجات : 275 ح 4 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 27 /304 ح 4.
6- المتقدم في الحديث 28.
7- «الحسین» ط ، ه
8- «لاصحابه» ه.
9- تقدم مثله في الأحاديث 18 – 20.

30- وعن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عبيد بن عبدالرحمن الخثعمي ، عن أبي جعفر قال : خرجت مع أبي (علیه السلام) إلى بعض أمواله ، فلمّا صرنا في الصحراء استقبله شیخ ، فنزل إليه أبي وسلّم عليه فجعلت أسمعه وهو يقول : جعلت فداك . ثمّ تساءلا طويلاً ، ثمّ ودّعه أبي ، وقام الشيخ فانصرف ، وأبي ينظر خلفه (1) حتّى غاب شخصه عنه .

فقلت لأبي : من هذا الشيخ الذي سمعتك تعظّمه في مساءلتك ؟

قال : يا بنيّ هذا جدّك الحسين (علیه السلام). (2)

31- وعن الصفّار ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن العلاء (3) ابن يحيى المكفوف ، عن عمر (4) بن أبي زياد ، عن عطيّة الأبزاري أنّه قال :

طاف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالكعبة فإذا آدم بحذاء الركن اليماني فسلّم عليه ، ثمّ انتهى إلى الحجر فإذا نوح بحذائه رجل طوال ، فسلّم عليه .(5)

ص: 819


1- «الیه» ط ، ه، «في قفاه» البصائر.
2- عنه مختصر البصائر : 111 ، والايقاظ من الهجمة : 220ح 23 . ورواه في بصائر الدرجات : 282 ح 18 بهذا الاسناد ، عنه المحتضر : 12، والبحار 6 /231 ح 42، ومدينة المعاجز: 322ح 104 و ص 385 ح 88. تقدم مثله في الحديث «27» و فيه أنّ الكاظم خرج مع أبيه الصادق ورأوا الباقر.
3- «علی» ط،ه ، وهو تصحیف، صوابه ما في المتن. راجع رجال النجاشی : 299، ومجمع الرجال : 4 /148 ، ومعجم رجال الحديث : 11 /190 و191.
4- «محمد» ط،ه ،م والمختصر ، وما في المتن من البصائر ومعجم رجال الحدیث : 13 /15.
5- عنه مختصر البصائر: 111 ، والايقاظ من الهجعة : 183 ح 35. ورواه في بصائر الدرجات : 278 ح13 بهذا الاسناد ، عنه المحتضر : 13، والبحار : 6 /231 ح 40 و ج 27 /304 ح 7.

فصل

32 - وعن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، [عن عثمان بن عیسی] (1) عن رجل من أصحابه - سمّاه - عن عباية الأسدي قال: دخلت على عليّ (علیه السلام) وعنده رجل حسن الهيئة وهو مقبل عليه يكلّمه .

قال: فلمّا قام الرجل قلت : يا أمير المؤمنين من هذا الذي شغلك عنّا لا أعرفه (2)؟

قال : هذا يوشع بن نون وصيّ موسی بن عمران (علیه السلام). (3).

33 - وعن الصفّار ، عن الحسن بن علي بن عبد الله (4)، عن علي بن حسّان، عن عمّه (5) عبد الرحمن بن کثیر ، عن أبي عبد الله (علیه السلام)[قال]: إنّ عليّاً (علیه السلام) لمّا عبر الفرات یرید صفّين انفلق الجبل عن هامة بيضاء ... و هو يوشع .

وهذا الخبر قد مضى في معجزات عليّ (علیه السلام) .(6)

ص: 820


1- من البصائر.
2- قوله «لا أعرفه » ليس في ه و البصائر.
3- رواه في بصائر الدرجات : 282 ح 19 بهذا الاسناد، عنه المحتضر : 5 ، والبحار : 6/ 231ح 43 وج 27 /305 ح 9 ، واثبات الهداة: 4 /501 ح103 ، ومدينة المعاجز : 36 ح 55. وأورده في مناقب آل أبی طالب : 2 /83 عن عباية بن ربعي الاسدی، عنه البحار : 39/ 134 ح 6 وعن البصائر . وأخرجه في الايقاظ من الهجعة: 178 ح27 عن البصائر والمحتضر ومشارق أنوار اليقين
4- «الحسين بن علی بن عبیدالله» م، «الحسين ، عن عليّ بن عبدالله» ه ، و ما في المتن من البصائر، وهو الحسن بن علی بن عبد الله بن المغيرة البجلي، قال عنه النجاشي : ثقة ثقة . راجع رجال النجاشي : 62 ، مجمع الرجال : 2 /130 ، معجم رجال الحديث : 5 /42 و 43.
5- كذا في خ ل والبصائر ، وهو الصحيح، وفي م «عمير» ، وفي ه «عن عمّه، عن عبد الرحمان» راجع معجم رجال الحديث : 9 /357 وج 11 /331
6- تقدم بتمامه و تمام تخريجاته في ص 743 ح62 وفيه «شمعون بن حنون الصفا وصی عیسی» بدل «یوشع» ، و في ط، وه «یوشع بن نون».

فصل

34 - وعن الصفّار، من أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن برّة(1) ، عن إسماعيل بن عبد العزيز ، عن أبان ، عن أبي بصير :

قلت لأبي عبد الله (علیه السلام): ما فضلنا على من خالفنا ؟ ! فوالله إنّي أرى الرجل منهم أرخی بالا ، وأنعم عيشاً ، وأحسن حالا ، وأطمع في الجنّة .

قال: فسكت عنّي حتّى كنّا بالأبطح من مكّة ورأينا الناس يضجّون إلى الله قال:

يا أبا محمّد هل تسمع ما أسمع؟ قلت : أسمع ضجيج الناس إلى الله

قال : ما أكثر الضجيج والعجيج وأقلّ الحجيج !! والذي بعث بالنبوّة محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعجّل بروحه إلى الجنّة مايتقبّل الله إلّا منك و من أصحابك خاصّة.

قال: ثمّ مسح يده على وجهي، فنظرت فإذا أكثر الناس خنازير وحمير و قردة، إلّا رجل بعد رجل. (2)

35 - وعن أبي سليمان داود بن عبدالله، عن سهل (3) بن زیاد، نا عثمان بن عیسی، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير [قال:] قلت لأبي جعفر(علیه السلام) : أنا مولاك و [ من ] شيعتك ، ضعیف ضرير ، اضمن لي الجنّة .

ص: 821


1- «قال الحسين أو من رواه عن أحمد، قال: حدّثني الحسين بن برة» البصائر، والظاهر أنّ أحمد هنا هو أحمد بن الحسين ، لأنّه ورد في ثلاثة مواضع من البصائر : أحمد بن الحسين، عن الحسن (الحسين) بن برّة . وفي ه «أحمد بن الحسين بن بريدة، عن اسماعیل» ، و لم نعثر لابن برة على ترجمة فيما عندنا من كتب الرجال، راجع عوالم الكاظم عليه السلام: 21 /105 سند حدیث 14.
2- عنه البحار : 27 /29 ح 2. ورواه في بصائر الدرجات: 271 ذح6 بهذا الإسناد، عنه إثبات الهداة: 5/ 390 ح 104.
3- «سهیل» م.

قال : أولا أعطيك علامة الأئمّة (1)؟ قلت : وما عليك أن تجمعها (2) لي ؟

قال : و تحبّ ذلك ؟ قلت : كيف لا أحبّ.

فما زاد أن مسح على بصري، فأبصرت جميع ما في السقيفة التي كان فيها جالساً (3)

قال : يا أبا محمّد مدّ بصرك ، فانظر ماذا ترى بعينيك؟

قال : فوالله ما أبصرت إلّا كلباً وخنزيراً وقرداً ! قلت : ما هذا الخلق الممسوخ؟

قال : هذا الذي تري ، هذا السواد الأعظم، لو كشف الغطاء للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلّا في هذه الصور .

ثمّ قال: يا أبا محمّد إن أحببت تركتك على حالك هكذا(4) [وحسابك على الله] وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنّة، و رددتك إلى حالتك الاولی(5) ؟

قلت : لا حاجة لي [ إلى ] النظر إلى هذا الخلق المنكوس . ردّني، ردّني (6)فما للجنّة عوض . فمسح يده على عيني ، فرجعت كما كنت .(7)

ص: 822


1- زاد في ط: أو غيرهم.
2- «تجمعهما» م.
3- «جميع الأئمة عنده» ه ، ط . وفي رواية مختصر البصائر بلفظ «فابصرت جميع الأئمة عنده ثمّ ما في السقيفة» . والسقيفة : الصفة - بتشدید الفاء – کالساباط.
4- «هذا» م ، والبحار : 27.
5- «حالك الأول» ه، والبحار : 27.
6- «إلی حالتی» ط.
7- عنه البحار : 27/ 30 ح3، ومدينة المعاجز : 352 ح103 . وأورده في مختصر بصائر الدرجات : 112 بالاسناد الى أبي بصير مثله ، عنه البحار : 46 /284 ح 88.

فصل

36 - وعن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن عليّ ، عن کرام (1) ، عن عبد الله بن طلحة [قال:] سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن (2) الوزغ ، فقال : هو رجس مسخ ، فإذا قتلته فاغتسل .

ثمّ قال : إنّ أبي كان قاعداً يوماً في الحجر إذا بوزغ يولول (3)، قال :

إنّه يقول : لئن شتمتم عثمان (4) لأشتمن عليّاً.

ثم قال : إنّ الوزغ من مسوخ بني مروان لعنهم الله . (5)

37 - وعن أبي بصير (6) جدعان بن نصر : نا البرقي محمّد بن خالد : نا محمّد ابن سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (علیه السلام)[قال:] بينا عليّ بالكوفة [ إذ ] أحاطت به اليهود ، فقالوا : أنت الذي تزعم أنّ الجري منّا معشر اليهود، ثمّ مسخ ؟ فقال لهم : نعم . ثمّ ضرب يده إلى الأرض ، فتناول منها عوداً ، فشقّه باثنين (7) و تكلّم عليه بكلام ، و تفل عليه ، ثمّ رمي [ به ] في الفرات .

فاذا الجرّي يتراكب بعضه على بعض [و] يقول بصوت عال: يا (8) أمير المؤمنین

ص: 823


1- «الحسن بن علیّ بن کرام» م. «الحسين بن علىّ بن کرام كوا» ه، ط. وكلها تصحيف . انظر معجم رجال الحديث : 14 /111 رقم 9715.
2- «من» م.
3- أي یصوت - بتشديد الواو.
4- «قزمان» م . «قومنا» ه ، و البحار : 27/ 268 ح 19.
5- تقدم بكامل تخريجانه : 283 ح17 ، فراجع.
6- «نصر» ط ، خ ل . «...بن نصر البرقی ، عن محمّد بن خالد» ه . وفي البحار : بلفظه «الصفار، عن أبي بصير ، عن جذعان بن أبي نصر البرقی، عن محمّد بن خالد».
7- «بنصفين أو باثنين» ه، ط.
8- «إلی» البحار.

نحن طائفة من بني إسرائيل ، عرضت علينا ولايتكم فأبينا أن نقبلها ، فمسخنا الله جرّياً . (1)

38 - وقد روى الشيخ المفيد في الارشاد: إنّ الماء طغى في الفرات، وزاد حتی أشفق أهل الكوفة من الغرق ، ففزعوا إلى أمير المؤمنين (علیه السلام)، فركب بغلة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وخرج - والناس معه - إلى (2) شاطىء الفرات .

فنزل (علیه السلام) (3) وأسبغ الوضوء ، وصلّی منفرداً بنفسه، والناس يرونه ، و دعا الله بدعوات سمعها أكثرهم ، ثمّ تقدم إلى الفرات متوکّئاً على قضيب بيده (4) حتّى ضرب [ به ] صفحة (5) الماء وقال :

انقص بإذن الله ومشيئته. فغاض الماء (6) حتى بدت الحيتان في قعر الفرات (7) .

فنطق كثير منها بالسلام على أمير المؤمنين (علیه السلام) بامرة المؤمنين، ولم ينطق منها أصناف من السمك (8) و هي : الجرّي والزمّار ، و المارماهي (9).

ص: 824


1- عنه البحار: 41 /241 ح 11 . وروی الخصيبي - في حديث طويل - في الهداية الكبرى : 157 باسناده عن جعفر ابن یزید القزوینی ، عن زيد الشحام ، عن أبي هارون المكفوف ، عن ميثم التمار ، عن سعد العلاف، عن الاصبغ بن نباتة عنه عليه السلام نحوه، عنه إثبات الهداة: 5 /24 ح 345 وروی نحوهذا الحديث في اصول اخرى أعرضنا عن ذكرها خشية الاطالة.
2- «حتی أتی» الارشاد.
3- «علیه» نسخ الاصل.
4- زاد في ه، ط «قضيب رسول الله».
5- الصفحة من الشيء : جانبه و وجهه.
6- غاض الماء : نقص أوغار أو نضب
7- «قعر البحر»م . «قعره» الارشاد
8- «السموك» م، ه ، و كذا بعدها.
9- قال الطريحي في مجمع البحرین (زمر): وفي الحديث «لا تأكلو الزمير» ... وفي بعض ماروی «الزمار من المسوخ». وقال أيضاً في (مور): المارماهی: هو - بفتح الراء - معرب، وأصله حية السمك ، وفي بعض النسخ - بسكون الراء - . وفي الحديث «المارماهی و الجرّي و الرماخ مسوخ من طائفة بنی اسرائیل»

فتعجّب الناس لذلك، وسألوه عن علّة نطق [ما نطق ، وصمت ما صمت .

فقال (علیه السلام): أنطق الله لي من السمك] ماطهر ، و أصمت عنّي ماحرّمه ونجّسه و أبعده .

إنّ الجرّيث (1) مسخ ، وإنّ من اليهود من مسخه الله جرّياً . (2)

فصل

39 - عن أبي بصير(3) جدعان بن نصر، حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن مسعدة(4). : حدّثنا محمّد بن حمویه بن إسماعيل الأربنوئي ، عن أبي عبدالله الزبيني(5)، عن عمر بن اذينة [قال:] قيل لأبي عبدالله (علیه السلام): إنّ الناس يحتجّون علينا و يقولون : إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) زوّج فلاناً(6) ابنته أمّ كلثوم .

ص: 825


1- الجریث : ضرب من السمك يشبه الحيات . وقال ابن الأثير : يقال له بالفارسية : المارماهی . وفي الحديث «الجريث والضب فرقة من بني اسرائيل حيث نزلت المائدة على عیسی بن مریم و لم يؤمنوا، فتاهوا، فوقعت فرقة في البر، وفرقة في البحر» (قاله الطريحي في مجمع البحرين: «جرث»).
2- أورده المفيد في الارشاد : 201 قال: ومن ذلك ما رواه نقلة الآثار ... وأورده الفتال النيسابوري في روضة الواعظين: 144 مرسلاً . والطبرسی في اعلام الوری: 179 على ما رواه نقلة الاخبار ، عنه إثبات الهداة: 4 /541 ح181 ، و ابن شهر آشوب في مناقب آل أبی طالب : 2 /155 مرسلاً عن الخاص والعام ، عنه البحار: 41 /268 ضمن ح 22. والديلمي في ارشاد القلوب : 228، وعماد الدين الطوسي في ثاقب المناقب : 120 مرسلاً ، و أورده الرضى في خصائص أمير المؤمنين (علیه السلام): 26 عن الأصبغ بن نباتة . وأخرجه في مدينة المعاجز: 111 - 112 ح 299 عن بعض المصادر المتقدمة و بألفاظها المختلفة.
3- «نصر» م . وفي البحار بلفظ «الصفار، عن أبي بصير، عن جذعان بن نصر»
4- «أبي مسعدة» ه ، ومدينة المعاجز
5- « الربیبی» البحار
6- المراد به الخليفة الثانی.

وكان متّكئاً فجلس وقال: (و تقبلون أنّ عليّاً (علیه السلام) أنكح فلاناً بنته!؟)(1) إنّ قوماً يزعمون ذلك لا (2) يهتدون إلى سواء السبيل ، ولا الرشاد . فصفّق بيده وقال :

سبحان الله أما كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يقدر أن يحول بينه و بينها فينقذها !؟ كذبوا لم يكن ما قالوا.

إنّ فلاناً خطب إلى عليّ (علیه السلام) بنته امّ كلثوم فأبي عليّ (علیه السلام) فقال للعبّاس :

والله لئن لم يزوّجني (3) لأنتزعنّ منك السقاية و زمزم .

فأتى العبّاس علياً (علیه السلام) فكلّمه ، فأبى عليه ، فألحّ العبّاس (4) .

فلمّا رأى أمير المؤمنين (علیه السلام) مشقّة كلام الرجل على العباس ، وأنّه سيفعل بالسقاية ما قال ، أرسل أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى جنّية من أهل نجران يهودية ، يقال لها «سحيقة بنت جريرية»(5) فأمرها، فتمثّلت في مثال أمّ كلثوم، وحجبت الأبصار عن امّ كلثوم ، وبعث بها إلى الرجل .

فلم تزل عنده حتّى أنّه استراب (6) بها يوماً ، فقال : ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم . ثمّ أراد أن يظهر ذلك للناس، فقتل (7) و حوت (8) الميراث وانصرفت إلى نجران ، وأظهر أمير المؤمنين (علیه السلام) أمّ كلثوم .(9)

ص: 826


1- «أيقولون ذلك؟» ه ، ط ، والبحار.
2- «ما» م ، ه.
3- «تزوّجني» البحار.
4- زاد في ه «علیه»
5- «جویریة» خ ل.
6- استراب : وقع في الريبة.
7- على بناء المجهول
8- «وحوت جنیته» ط.
9- عنه البحار : 42 /88 ح 16، ومدينة المعاجز :199ح 545.

فصل

40- وعن الصفار ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبدالله بن جبلة ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال: حججت مع أبي عبدالله (علیه السلام)، فلمّا كنّا في الطواف، قلت: يابن رسول الله يغفر الله لهذا الخلق ؟

قال: إنّ أكثر من ترى قردة وخنازير . قلت : أرنيهم ؟! فتكلّم بكلمات ، ثمّ أمر يده على بصري ، فرأيتهم قردة وخنازير كما قال .

قلت: فردّ بصري. فدعا، فرأيتهم كما رأيتهم في المرة الأولى [خلفاً سويّاً]

ثمّ قال : أنتم في الجنّة تحبرون (1) و بين أطباق النار تطلبون ، فلا توجدون (2)

والله لايجتمع في النار منكم إثنان ، لا - والله- ولا واحد .(3)

41- وعن الصفار ، عن الحسن بن عليّ بن فضال ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص (4) بن البختري ، قال أبو جعفر (علیه السلام): إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال لعليّ (علیه السلام):

إذا أنا متّ فاستق سبع قرب من بئر غرس، ثمّ غسّلني و كفّنّي، وخذ بمجامعي

ص: 827


1- أي تنعمون و تكرمون وتسرون ، من الحبور وهو السرور.
2- اشارة الى قوله تعالى في سورة ص: 62.
3- عنه مختصر البصائر : 112. ورواه في بصائر الدرجات : 270 ح 4 ، عنه البحار : 47 /79 ح 58 وج 68 /118 ح 44، و إثبات الهداة : 5 /384 ح 93. ورواه فی دلائل الإمامة : 134 باسناده الى محمّد بن الحسين، عنه مدينة المعاجز :382 ح12 وعن البصائر.
4- «جعفر» م، و هو تصحيف صوابه ما في المتن ، راجع مجمع الرجال : 2 /210، ومعجم رجال الحدیث : 6 /132 وغيرها . وتقدّم في ح13 من هذا الباب رواية نحوهذا الحديث عن أبي عبدالله عليه سلام

واجلسني، وسائلني عمّا شئت، واحفظ عنّي واكتب، فإنّك لا تسألني عن شيء إلّا أخبرتك به . قال عليّ (علیه السلام) : فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة . (1)

42- وعن الصفار ، عن أحمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن عمر بن أبي شعبة (2) ، عن أبان بن تغلب(3)، عن أبي عبدالله (علیه السلام)، قال: لمّا حضر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الوفاة ، دخل عليّ (علیه السلام) عليه، فأدخلرأسه معه، فقال له :

ياعليّ إذا أنا متّ فغسّلني، و كفّنّي، ثمّ أقعدني و سائلني ، و احفظ عنّي(4).(5)

43 - وعن الصفار ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشیر .

والحسن بن علي بن فضّال [ جميعاً ] عن مثنّی الحنّاط (6).

[ و أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي الخزّار وعليّ بن الحكم جميعاً عن

ص: 828


1- روی نحوه في بصائر الدرجات : 283 ح 6 بهذا الإسناد.
2- «عن ابن أبي سعيد» الكافي ، واستظهر في معجم رجال الحديث : 22 /97 أنّه ابن أبي سعید المکاری ، واسمه الحسين بن أبی سعیدهاشم بن حیان . تجد ترجمته في معجم رجال الحديث: 5 /181 وج 6 /113 . وما في المتن موافق لموضعين من البصائر ، وهو الحلبي التيملی ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (علیه السلام)، راجع معجم رجال الحديث : 13 /17.
3- في أحد سندی البصائر لم يذكر أبان، وقد عد الثلاثة - أعنی علیّ بن أبی حمزة ، وعمر بن أبي شعبة ، وأبان - من أصحاب الصادق(علیه السلام).
4- «واكتب» البصائر بدل «و احفظ عني» وفي الكافي «و سلنی واكتب».
5- رواه في بصائر الدرجات : 282 ح 1وح 5 بهذا الاسناد عنه البحار : 22 /513 ح 14 وج 40 /213 ح 2 و3. ورواه في الكافي : 1 /297 ح 8 باسناده الى الحسين بن سعيد ، عنه الايقاظ من الهجعة : 210ح 2.
6- «الخیاط» م وهو تصحيف ، والضبط من المصادر ومعجم رجال الحدیث: 14 /195 ، وتوضيح الاشتباه : 258، وقال: الحناط - بالحاء المهملة وتشديد النون - بياع الحنطة

مثنّى الحنّاط] عن الحسين الخزاز ، عن الحسن بن معاوية قال : [قال] لی جعفر الصادق (علیه السلام): إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دعا في مرضه عليّاً (علیه السلام) فقال له : إذا أنا متّ فغسّلني بسبع قرب ماء تسقيها من بئر غرس ونقّ غسلي ، وحنّطني و كفنّي ، ثمّ اجلسني و ضع يدك على صدري، واسألني عمّا بدا لك و احفظ عنّي(1).(2)

وقد مضى أمثالها برواية سعد بن عبدالله(3) .

فصل

44 - وعن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن (4) عليّ بن الحكم ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي الصباح [قال:] حدّثنا العلاء بن سبابة ، عن أبي عبدالله (علیه السلام)

قال : إنّا لنعلم ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء ، ینکت في قلوبنا ، وينقر في آذاننا (5) فنعرفه.(6).

ص: 829


1- في ط ، ه جاءت هذه العبارة بدل الأحاديث 41 - 43: «وروى جماعة من أصحابنا ثلاث روايات عن أبي جعفر وأبی عبدالله عليهما السلام قالوا: لما حضرت رسول الله صلی الله علیه و آله الوفاة دخل علیّ علیه السلام فقال: یاعلىّ اذا أنا متّ فغسلنی و کفنی و أقعدنی واسألني و احفظ عني . وقد مضى أمثال ذلك برواية سعد بن عبدالله»
2- رواه في بصائر الدرجات :283ح 2 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 22 /513 ح 14.
3- في الأحاديث : 9-14
4- «بن» م. وهو تصحيف.
5- وفي حديث وصف أهل البيت عليهم السلام من جملة علومهم «نكت في القلوب ، ونقر في الاسماع» أما النكت في القلوب فالهام، وأما النقر في الاسماع فأمر الملك . (قاله الطريحي في مجمع البحرین : 2 /227).
6- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 326 ح 7 با اسند المذكور (إلی قوله : بالليل والنهار) عنه البحار: 26 /61 ح 140. وراجع أيضاً ص 326 باب 8«... وأنّ الحكم يقذف في صدورهم و ينكت في آذانهم»من البصائر

45 - وعن [ حمران ] ابن أعين، قال لي أبو جعفر (علیه السلام): إنّ (علیه السلام) علياً كان محدّثاً وأخبرت أصحابي بذلك ، قالوا لي : ماصنعت شيئاً ! هلا سألته من كان يحدّثه ؟

فرجعت إليه ، وقلت ماقالوا ، فقال لي : يحدّثه ملك . قلت : إنّه نبيّ ؟ قال: لا. ثم قال : أو(1) کصاحب سليمان - يعني آصف بن برخيا - أو كصاحب موسي، أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم أنّه قال : فيكم مثله (2) بل هو أفضلهم وخيرهم. (3)

46- وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السلام)قال : كان عليّ (علیه السلام) محدّثاً . قلت :وما آية المحدث ؟ قال : يأتيه الملك ، فينكت في قلبه كيت و کیت(4) .(5)

فقال ابن أبي يعفور لأبي عبد الله (علیه السلام): إنّا نقول : إنّ عليّاً (علیه السلام) [ كان ] ينكت في أذنه ، أو يقذف في قلبه ، وإنّه كان محدّثاً .

قال: فلمّا أكثرت عليه (6) قال لي : إنّ عليّاً (علیه السلام) كان يوم [ بني ] (7) قريظة

ص: 830


1- قال المجلسی (رحمه الله ) : «أو» هنا بمعنی «بل» كما قيل في قوله تعالى في سورة الصافات: 147 «مائة ألف أو يزيدون» . أو المعنى : لاتقل انّه نبي ، بل قل محدّث، أو كصاحب سلیمان أو المعنى أنّ تحديث الملك قد يكون لنبيّ، وقد يكون لغيره كصاحب سلیمان.
2- فقد روى أنّه صلى الله عليه و آله قال: إنّ علياً (علیه السلام) ذو قرني هذه الامة.
3- رواه في بصائر الدرجات : 321 ح 3 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيدعن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن الحارث بن المغيرة ، عن حمران مثله إلی قوله «و فيكم مثله». وفي الكافي: 1 /269 ح4 قطعة وص271 ح5 باسناده من طريقين إلى حمران مثله، عنه إثبات الهداة : 7 /439 ، ح 8 بالطريق الأول . وفي الاختصاص: 281 بالاسناد إلى حمران مثله . وأخرجه في البحار : 26 /70 ح 11 عن البصائر والاختصاص.
4- کیت و کیت - بفتح آخرهما وقديكسر - : كناية عن الحديث والخبر.
5- رواه في بصائر الدرجات : 322ح 4، وفي أمالي الطوسی : 260 بإسناديهما إلى أبي بصیر مثله ، عنهما البحار : 26 /67 ح 4.
6- في رواية الاختصاص بلفظ «فلمّا رآني قد كبر على قوله».
7- من البصائر والاختصاص.

والنضير (1)جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره يحدّثانه .(2)

و قال أبو عبدالله (علیه السلام): إنّ الله لم يخل الأرض من عالم يعلم الزيادة و النقصان في الأرض ، فإذا زاد المؤمنون شيئاً ردّهم ، وإذا نقصوا كمّله لهم ، فقال : خذوه كاملاً، ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين أمرهم ، ولم يفرّقوا بين الحقّ والباطل.(3)

47 - وعن عليّ بن الحكم [ قال: ] حدّثنا عليّ بن النعمان ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن محمّد بن النعمان ، عن ابن مسکان ، عن ضريس قال : كنت أنا وأبو بصير عند أبي جعفر(علیه السلام) فقال له أبو بصير : بما يعلم عالمكم ؟

قال : إنّ عالمنا لا يعلم الغيب ، و لو وکّله الله إلى نفسه لكان كبعضكم ، ولكن يحدّث في ساعة بما يحدث في الليل (4) و في ساعة بما يحدث في النهار ،

ص: 831


1- راجع البحار : 20 /157 و 173 و 186 – 280 .
2- رواه في بصائر الدرجات : 321 ح 2 ص 322ح 7 باسناده من طريقين إلى ابن أبی یعفورمثله ، عنه البحار: 26 /71 ح 14 بالطريق الثاني، وج 40 /140 ح41 بالطريق الاول. وأورده في الاختصاص: 280 بالاسناد الى ابن أبی یعفور مثله، عنه البحار: 39 /152 ح6.
3- عنه مختصر بصائر الدرجات : 113. ورواه في بصائر الدرجات: 331 باب 10 بأسانید شتی وألفاظ مختلفة . وفي الكافي : 1 /178 ح 2 باسناده إلی اسحاق بن عمار، وح5 باسناده الى أبي بصير مثله وفي الإمامة والتبصرة : 29 ح 11 باسناده إلى أبي بصير مثله. وفي علل الشرائع : 199 - 201ح 22- 32 بأسانيد وألفاظ متعددة . وفی کمال الدين : 1 /203 ح11 باسناده عن أبي الصباح مثله . وفي دلائل الإمامة : 232 بالاسناد الى أبي بصير مثله . وفي غيبة النعمانی: 138 ح3 باسناده الى اسحاق بن عمار، وح6 باسناده الى أبي بصير مثله . وفي الاختصاص : 283 بالاسناد إلی أبی بصير مثله . وأخرجه في إثبات الهداة :4 /149 ح10 و13 عن الكافي والكمال، و ص 204 ح 116 و117 عن الكمال والعلل . وفي البحار : 23 /21 ح 19 رص 24 - 25ح 31 - 37 عن بعض المصادر المتقدمة.
4- «بالليل» خ ل.

الأمر (1) بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء بما يكون إلى يوم القيامة .(2)

وقال أبو جعفر (علیه السلام): ماترك الله الأرض بغير عالم ، ينقص مازاد ، ويزيد ما نقص ولولا ذلك لاختلط على الناس أمرهم (3). (4)

وسأله بريد العجلي : عن الفرق بين [ الرسول و ] النبيّ والمحدّث .

فقال : الرسول تأتيه الملائكة ظاهرین ، وتبلّغه (5) الأمر والنهي عن الله تعالی .

والنبي الّذي يوحى إليه في منامه ليلا ونهاراً ، فما رأي كما هو رأي .

و المحدّث يسمع كلام الملائكة و لايرى الشخص(6) فينقر في أذنه ، و ينكت

في قلبه وصدره .(7)

ص: 832


1- «وان الأمر» خ ل.
2- رواه في بصائر الدرجات : 325 ح 2 ،3 بطريقين الى أبي بصير ، عنه البحار : 26 /60 ح 136، 137.
3- زاد فی م، ه «من أمرهم».
4- رواه في بصائر الدرجات : 332 ح 8، و في كمال الدين : 204 ح 16 ، و في علل الشرائع: 201ح 32 بأسانيدهم عن عبد الأعلى عن أبي جعفر عليه السلام، عنها البحار :23 /27 ح 38. ورواه في الإمامة والتبصرة : 35 باسناده عن عبد الأعلى. وأخرجه في إثبات الهداة: 1 /206 ح 121 عن كمال الدين ، وص 236 ح 191 عن علل الشرائع.
5- «و يبلغه» ه.
6- «شخصهم» ط.
7- عنه مختصر بصائر الدرجات : 113. ورواه في بصائر الدرجات : 368 ح 1 ، وفي الاختصاص : 322 بإسنادهما الى بريد العجلی، عنهما البحار : 26 /74 ح25. ورواه في تأويل الايات : 1 /346 ح 32 باسناده الى بريد العجلي مثله، عنه البحار:26/ 82ح 45، والبرهان: 3 /99 ح4 . وأورده في جنة الأمان : 474 مثله (الحاشية).

فصل

48 - وعن الصفّار، عن محمّد بن أحمد ، عن العبّاس بن معروف ، عن أبي القاسم الكوفي (1) [ عن محمّد بن الحسن ] (2) عن (3) الحسن بن محمّد بن عمران، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن عبد العزيز قال :

خرجت مع علي بن الحسين (علیهما السلام) إلى مكّة، فلمّا وافينا الابواء (4) و کان (علیه السلام)على راحلته ، و كنت أمشي ، فإذا قطيع غنم ، ونعجة قد تخلّفت وهي تصيح لسخلة لها خلفها ، و كلّما قامت السخلة صاحت النعجة حتّى تتبّعها .

فقال (علیه السلام): يا عبد العزيز أتدري ما تقول هذه النعجة لسخلتها ؟

قلت : لا والله. قال : إنّها تقول لها: الحقي بالقطيع، فإنّ أختك في العام الأول تخلّفت عن القطيع في هذا الموضع ، فأكلها الذئب .(5)

49 - و عن الصفّار ، عن عبد الله بن محمّد ، عن محمّد بن إبراهيم :

حدثنا بشير النبّال ، عن عليّ بن أبي حمزة قال : دخل رجل من موالي أبي الحسن

ص: 833


1- «أبي الحسن الکرخی /الکرکی» نسخ الاصل ، الدلائل، والمختصر . وما في المتن كمافی بصائر الدرجات.
2- من خ ل ، والبحار.
3- «أبي الحسن» نسخ الاصل . وهو تصحيف.
4- الابواء - بالفتح ثمّ السكون و واو وألف ممدودة - : قرية من أعمال الفرع من المدينة وفيها قبر آمنة بنت وهب أم النبی صلی الله علیه و آله . (معجم البلدان : 1 /79).
5- عنه مختصر بصائر الدرجات : 114. ورواه في بصائر الدرجات:347 ح 2، و دلائل الإمامة:88 بالاسناد إلی بی بصیر ، عن رجل مثله. وفي الاختصاص : 288 بالاسناد الى محمّد بن الحسن بن أبی خالد مثله . وأخرجه في البحار : 46 /24 ح6 عن البصائر و الاختصاص ، وج 64 /36 ح 14 ، ومدينة المعاجز : 295 ح17 عن البصائر.

(علیه السلام) فقال له : رأيت أن تتغدّى عندي .

فقام فمضى معه ، فلمّا دخل بيته ، وضع له سريراً ، فقعد عليه ، و كان تحته زوج حمام ، فذهب الرجل ليحمل طعامه ، و عاد إليه ، فوجده يضحك .

فقال : أضحك الله سنّك ، ممّ تضحك ؟

فقال : إنّ حمامك هذا هدر الذكر على الانثي ، فقال : يا سكني و عرسي - والله - ما على وجه الأرض أحد أحبّ إليّ منك ما خلا هذا القاعد على السرير.

فقلت : و تفهم ذلك (1)؟

فقال : نعم . علّمنا منطق الطير ، و أوتینا من کلّ شيء. (2)

50 - وعن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين، عن داود بن فرقد، عن عبد الله بن فرقد(3) قال : كان أبوعبدالله (علیه السلام) يسير ، ونحن معه ، قال : فمرّ غراب ، فنعق .

فقال أبو عبد الله (علیه السلام): متّ جوعاً ، فوالله ماتعلم شيئاً إلّا وأنا أعلمه، وإنّي لأعلم بالله منك . (4) وصاحت العصافير فقال (علیه السلام): تدرون ماتقول؟ قلنا : لاوالله . قال: إنّها

ص: 834


1- «هكذا» م.
2- عنه مختصر بصائر الدرجات : 114. ورواه في بصائر الدرجات : 346 ح 25 باسناده إلى عليّ بن أبي حمزة مثله ، عنه البحار : 48 /56 ، ح65 ، والعوالم : 21 /138 ح1 ومدينة المعاجز : 44 ح43.
3- «يزيد» م. تصحيف . وعبدالله بن فرقد کوفي من أصحاب الصادق عليه السلام . انظر رجال الشيخ : رقم 697.
4- رواه في بصائر الدرجات : 343 ح10 وص 345ح 21 باسناده من طريقين إلی عبدالله ابن فرقد مثله. وفي دلائل الإمامة : 135 باسناده إلی ابن مسكان مثله . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /346 مرسلاً عن عبدالله بن فرقد . وأخرجه في البحار : 47 /85 ح 81 - 83 عن البصائر والمناقب ، وج 64 /261 ح 13 من البصائر والدلائل ، وفي مدينة المعاجز : 411 ملحق ح 220606 عن الدلائل.

تقول : اللّهمّ إنّا خلق من خلقك ، لابدّ لنا من رزق ، فارزقنا واسقنا . (1)

و قال أبوعبد الله (علیه السلام) : إنّ سلیمان قال «وأوتينا من کلّ شيء» .(2).

و علم کلّ شيء عندنا . (3)

و قال أبو جعفر(علیه السلام) : يا أيّها الناس علّمنا منطق الطير، و أوتینا کلّ (4) شيء .(5)

فصل

51 - وعن جماعة ، حدّثنا أبو الحسن بن عتيق، حدّثنا أبي ، حدّثنا الفضل(6) ابن يعقوب البغدادي ، حدّثنا الهيثم بن جميل ، حدّثنا عمرو بن عبيد ، عن عيسى ابن سلام ، عن عليّ بن نصر بن سیار (7) ، عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (علیهما السلام)

ص: 835


1- رواه في بصائر الدرجات : 345 ح20 باسناده إلی سالم مولى أبان بياع الزطی عن أبی عبدالله عليه السلام مثله . عنه البحار : 47 /86 ح 85 وج 64 /303 ح 5.
2- اشارة إلی قوله تعالى في سورة النمل : 16
3- رواه في بصائر الدرجات : 344 ح17 باسناده عن علیّ بن اسماعيل ، عن محمّد بن عمرو الزيات ، عن أبيه ، عن الفيض بن المختار ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . وأورده في الاختصاص :287 بالاسناد إلی الفيض مثله. عنهما البحار : 27 /264 ح 11.
4- «من كلّ» البصائر والاختصاص.
5- رواه في بصائر الدرجات :342 ح 6 و ص 343 ح 11 وص344 ح 14 و 18 باسناده من عدة طرق عن أبي جعفر عليه السلام مثله . وأورده في الاختصاص : 293 بالاسناد إلی محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله . وأخرجه في البحار : 27 /263 - 264 ح 9 عن البصائر بالطرق الثلاث الأول ، وح12 عن البصائر - الطريق الرابع – والاختصاص.
6- «أبو الحسين بن غسق ، عن أبي الفضل» البحار.
7- «سنان» البحار.

وعن حذيفة بن اليمان قالا (1):

بينما النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جالس مع أصحابه ، إذ أقبلت الريح الدبور (2).

فقال لها النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أيّتها الريح إنّي أستودعك إخواننا فردّيهم إلينا .

قالت: قد أمرت بالسمع والطاعة لك . فدعا ببساط كان أهدي إليه ، فبسطه .

ثمّ دعا بعلي بن أبي طالب (علیه السلام) فأجلسه عليه ، ثمّ دعا بأبي ذر ، و المقداد بن الأسود ، وعمّار بن یاسر [ وسلمان ] ، وطلحة ، و الزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبدالرحمن بن عوف ، وأبي بكر ، وعمر، وعثمان ، فأجلسهم عليه ، ثمّ قال :

أما إنّكم سائرون إلی موضع فيه عين من ماء (3) فانزلوا و توضّأوا، و صلّوا ركعتين ، وأدّوا إلیّ الرسالة كما تؤدّي إليكم.

ثمّ قال : أيّتها الربح استعلي بإذن الله. فحملتهم الريح حتّی رمتهم إلی بلاد الروم عند أصحاب الكهف ، فنزلوا ، و توضّأوا وصلّوا ، فأوّل من تقدّم إلی باب الكهف : أبوبكر ، فسلّم فلم يردّوا ، ثمّ عمر ، [ فسلّم ] (4) فلم يردّوا ، ثمّ تقدّم واحد بعد واحد، يسلّم(5) فلم یردّوا .

ثمّ قام علي بن أبي طالب (علیه السلام) فأفاض عليه الماء ، وصلّى ركعتين ، ثمّ مشى إلى باب الغار ، فسلّم بأحسن ما يكون من السلام ، فانصدع (6) الكهف ، ثمّ قاموا إليه فصافحوه ، وسلّموا عليه بامرة المؤمنين وقالوا : يا بقيّة الله في أرضه (7) بعد رسوله .

فعلّمهم ما أمره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، ثمّ ردّ الكهف كما كان، فحملتهم الريح ، فرمتهم في(8)

ص: 836


1- «عن حذيفة بن اليمان قال» البحار
2- الدبور : الربح الغربية ، تقابل الصبا وهي الريح الشرقية
3- «فيه ماء» البحار.
4- من البحار.
5- «فسلّم» م.
6- انصدع : انشقّ.
7- «خلقه» البحار.
8- «وجاءت بهم إلى» البحار.

مسجد رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وقد خرج [النبيّ] (1) لصلاة الفجر، فصلّوا معه.(2)

فصل

52- و عن جماعة، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن أحمد البرمكي، حدّثنا عبد الله بن داهر بن يحيى الأحمري ، حدّثنا أبي(3)، عن الأعمش ، حدّثنا أبو سفيان عن أنس [قال] : كنت عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأبوبكر وعمر في ليلة مكفهرّة (4) فقال لهما النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : قوما فائتيا باب حجرة عليّ (علیه السلام).

فذهبا، فنقرا الباب نقراً خفيّاً، فخرج عليّ (علیه السلام) متأزّراً بإزار من صوف، متردّياً بمثله ، في كفّه سیف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال لهما: أحدث حدث ؟

فقالا:خير، أمرنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن نقصد بابك وهو بالأثر. إذ أقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)

فقال: يا أبا الحسن ، أخبر أصحابي ما أصابك البارحة .

قال (علیه السلام): إنّي لأستحيي . قال [رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ]: إنّ الله لايستحيي من الحقّ .

قال عليّ (علیه السلام) : أصابتني جنابة من فاطمة ، فطلبت في منزلي ماءاً ، فلم أصب ، فوجّهت الحسين (علیه السلام) كذا ، والحسن (علیه السلام) كذا، فأبطأ عليّ ، فإذا أنا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن خذ السطل واغتسل .

فاذا بين يديّ سطل من ماء ، و عليه منديل من سندس (5) فأخذت السطل ،

ص: 837


1- من البحار.
2- عنه البحار : 39 /142 ح8. وتقدّم نحوه في ص 189 ح24 وص210 ح53. وقد روی نحوهذا الحديث بألفاظ مختلفة وأسانيد شتي في البحار المذكور ص 136 باب 80.
3- ترجم له في ميزان الاعتدال : 2 /3.
4- كناية عن شدة ظلامها.
5- السندس : ضرب من نسيج الديباج أو الحرير.

فاغتسلت منه، وأخذت المنديل فمسحت به ، ثمّ رددت المنديل فوق السطل ، فقام السطل في الهواء ، فسقط من السطل جرعة ، و أصابت منّي هامتي ، فوجدت بردها على الفؤاد .

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بخ بخ (1) من كان خادمه جبرئیل (علیه السلام). (2)

53 - قالوا (3) : و حدّثنا البرمكي (4) ، حدّثنا عبد الله بن داهر (5) ، حدّثنا الحماني (6) ، حدّثنا محمّد بن الفضيل ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ،عن سلمان (7) [قال:] قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كنت أنا و عليّ نوراً بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربع عشرة ألف سنة، فلمّا خلق آدم (علیه السلام) قسّم ذلك النور جزءین، فركّبه في صلب آدم، وأهبطه إلی الأرض ، ثمّ حمله في السفينة في صلب نوح، ثمّ قذفه (8) في صلب إبراهيم، فجزء أنا ، وجزء عليّ ، والنور: الحقّ ، يزول(9) معنا حيث زلنا. (10)

ص: 838


1- بخ: اسم فعل للمدح، و اظهارالرضی بالشيء. ويكرر للمبالغة فيقال: بخ بخ بالكسر والتنوين.
2- عنه البحار : 39 /115 ملحق ح 1 ، وعن أمالي الصدوق : 136 باسناده عن صالح بن عيسى العجلي ، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن منده ، عن محمّد بن حميد ، عن جرير ، عن الأعمش مثله. وحديث نزول الماء لغسله عليه السلام من السماء حدیث متواتر ، روته الخاصة والعامة بألفاظ مختلفة وأسانید شتی . راجع البحار المذكور ص114 باب 77، واحقاق الحق: 6 /129 - 132 ، وغيرهما.
3- «قال» خ ل.
4- «البزنطی» خ ل.
5- «طاهر» خ ل. تصحيف.
6- «الجمانی»م. «الحمامی» البحار . والظاهر أنّه یحیی ابن عبدالحميد الحماني الاتي ذكره في ح 60.
7- «خالد بن سعد ، عن سعدان» البحار. تصحيف . و خالد : هو ابن معدان بن أبی کرب شيخ أهل الشام عد الذهبي ثور بن یزید ممّن روى عنه. انظر سير أعلام النبلاء: 4 /536 ، وطبقات ابن سعد : 7 /455.
8- زاد في البحار : في النار.
9- زال زوالا: تحرك.
10- عنه البحار: 35/ 27 ح23،وعن كنز الفوائد: 88 عن سلمان مثله إلی قوله «و جزء علیّ» وهذا حديث متواتر رواه الخاص والعام بألفاظ شتي و أسانید متعددة ، أخرج في احقاق الحقّ: 5 /242 - 255 بعضاً منها ، فراجع.

فصل

54 - وعن محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال :

من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة برأ ، ومن ذي ضعف قوي (1) .(2)

55 - وعن أبي بكر الحضرمي، عن عبد الملك بن أعين ، قال : قمت من عند أبي جعفر (علیه السلام) فاعتمدت على يدي [فبكيت] وقلت: كنت أرجوا أن أدرك هذا الأمر وبي قوّة.

فقال: أما ترضون أنّ أعداءكم يقتل بعضهم بعضاً ، و أنتم آمنون في بيوتكم ؟! إنّه لو كان ذلك أعطي الرجل منكم قوّة أربعين رجلا، وجعلت قلوبکم کزبر (3) الحديد لو قذفت بها الجبال لفلقوها (4) و کنتم قوّام الأرض و خزّانها (5).(6)

ص: 839


1- «صعب نوی» م.
2- عنه مختصر بصائر الدرجات: 116 ، والبحار: 52 /335 ح 68. وروی نحوه النعمانی في الغيبة : 317ح 2 باسناده إلی المفضل بن محمّد الأشعري ، عن حریز ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام.
3- الزبرة : القطعة الضخمة من الحديد ، جمعها : زبر.
4- «لفلعتها» الروضة . وفي البحار بلفظ « لوقذفتم بها الجبال فلقتها». قال المجلسی (رحمه الله ) :قوله عليه السلام «لوقذفتم ...» اما ترشيح للتشبيه السابق ، أو المراد أنّها تكون في قوة العزم بحيث لو عزمت على فلق الجبال لتهيأ لكم
5- وقال المجلس (رحمه الله ) : «قوّام الأرض» أي القائمين بامور الخلق في الأرض وحكامهم فيها . وقوله عليه السلام «وخزّانها» أي يجعل الإمام عليه السلام ضبط أموال المسلمين اليهم. وفي بعض النسخ «وجيرانها» أي يجيرون الناس من الظلم وينصرونهم
6- عنه مختصر بصائر الدرجات : 116، وعنه البحار : 52 /335 ح69 ، وعن الكافي : 8 /294 ح 449 باسناده عن محمّد بن يحيى، عن ابن عمسی: عن الاهوازي ، عن فضالة ، عن ابن عميرة ، عن الحضرمی مثله. وأخرجه في بشارة الاسلام : 240 عن الكافي.

56 - وعن محمّد بن عيسى ، عن (1) صفوان [عن مثنّى الحنّاط] (2)، عن عمرو ابن شمر (3) ، عن جابر ، [قال:] قال أبو عبد الله(علیه السلام) :

إنّ الله نزع الخوف من قلوب أعدائنا ، و أسكنه قلوب شيعتنا ، فإذا جاء أمرنا نزع الخوف من قلوب شيعتنا ، وأسكنه قلوب عدوّنا، فأحدهم(4) أمضى من سنان وأجرأ من ليث ، يطعن عدوّه برمحه ، ويضربه بسيفه، ويدوسه بقدمه . (5)

57 - و عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان ، عن مثنّی الحنّاط (6) ، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال : إذا قام قائمنا ، وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها (7) عقولهم وأكمل (8) بها أخلاقهم (9) .(10)

58 - وعن أيوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن ربيع بن محمد، عن أبي الربيع الشامي ، قال : سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول :

إنّ قائمنا إذا قام مدّ الله لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم حتى [لا](11) يكون بينهم

ص: 840


1- «بن» م. تصحيف.
2- من المختصر والبحار.
3- كذا في ه، خ ل، وهو الصحيح . و في م«عمرو سمرة».
4- «فواحدهم» البحار.
5- عنه مختصر البصائر: 116، والبحار : 52 /336 ح 70.
6- «الخياط» م.
7- «به» م ، ه، والمختصر . و كذا ما بعدها.
8- «و كملت به» الكافي والكمال.
9- «أحلامهم» خ ل.
10- عنه مختصر بصائر الدرجات : 117 ، والبحار: 52 /336 ح 71. ورواه في الكافي : 1 /25 ح 21، و کمال الدين : 2 /675 ح30 بإسنادهما إلی ابن أبی یعفور ، عن مولی لبنی شیبان ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، عنهما البحار المذكور ص328 ح47 . وأخرجه في إثبات الهداة:6 /367 ح 8 عن الكافي.
11- من الروضة والبحار.

وبين القائم برید (1) يكلّمهم ويسمعون وينظرون إليه ، وهو في مكانه . (2)

59 - وعن موسی بن عمر بن يزيد الصيقل ، عن الحسن بن محبوب، عن صالح ابن حمزة ، عن أبان ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال:

العلم سبعة و عشرون جزءاً(3) فجميع ما جاءت به الرسل جزءان ، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الجزءين ، فإذا قام القائم أخرج الخمسة والعشرين جزءاً فبثّها في الناس، وضمّ إليها الجزءين ، حتي يبثّها سبعة وعشرين جزءاً .(4)

فصل

60 - وعن جماعة ، عن أبي جعفر البرمكي ، عن الحسين بن الحسن : حدّثنا یحیی بن عبدالحميد الحماني(5) : حدّثنا شريك بن حمّاد ، عن أبي ثوبان الأسدي - و كان من أصحاب أبي جعفر(علیه السلام) - عن الصلت بن المنذر ، عن المقداد بن الأسود: إنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خرج في طلب الحسن و الحسين (علیهما السلام)- و قد خرجا من البيت -

وأنا معه ، فرأيت أفعى على الأرض .

ص: 841


1- البريد: الرسول . مسافة یقطعها الرسول . قال المجلسی (رحمه الله ) : أربعة فراسخ ، وفي بعض النسخ «لا يكون»، فالمراد بالبريد: الرسول أي يكلمهم في المسافات البعيدة بلارسول و برید. أقول: الظاهر إنّ المراد بلفظ «البريد» و هو واسطة الاتصال المسموعة والمرئية بينه عليه السلام و بین شیعته.
2- عنه مختصر بصائر الدرجات : 117، و عنه البحار : 52 /236 ح 72 ، وعن الكافي : 8 /240 ح 229 باسناده عن أبي علىّ الأشعري، عن الحسن بن علىّ الكوفي ، عن العباس ابن عامر . وأورده في الصراط المستقیم 2 /262 مرسلاً باختصار.
3- «حرفاً» خ ل ، المختصر ، والبحار . وكذا في المواضع التالية.
4- عنه مختصر البصائر :117، والبحار : 52 /336 ح 73.
5- «الجمانی» م.

فلمّا أحسّت وطأ(1) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قامت فنظرت - و كانت أعلى من النخلة، وأضخم من البكر (2) - متبصبصة (3) تخرج من أفواهها (4) النار ، فهالني ذلك .

فلمّا رأت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صارت كأنّها خيط (5) فالتفت إلي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال : لا تدري ما تقول يا أخا كندة ؟ قلت : الله ورسوله أعلم .

قال: تقول: الحمدلله الذي لم يمتني حتى جعلني حارساً لابنيّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فجرت في الرمل رمل الشعاب (6) فنظرت إلی شجرة ، وأنا أعرف ذلك الموضع مارأيت فيه شجرة قطّ قبل يومي ، ولا رأيتها ، و لقد أتيتها (7) بعد ذلك اليوم أطلب الشجرة فلم أجدها .

وكانت الشجرة أظلّتهما بورق ، و جلس النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بينهما فبدأ بالحسن (علیه السلام) (8) فوضع رأسه على فخذه الأيمن ، ثمّ بالحسين (علیه السلام)، فوضع رأسه على فخذه الأيسر ، ثمّ جعل یرخي لسانه في فم الحسين (علیه السلام)، فانتبه الحسين (علیه السلام) فقال : يا أبه (9).

ثمّ عاد في نومه، وانتبه الحسن (علیه السلام) فقال : يا أبه. و عاد في نومه .

فقلت : كأنّ الحسين (علیه السلام) أكبر ؟ فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة ، سل أمّه عنه .

ص: 842


1- وطأ الشيء برجله : داسه.
2- البكر - بفتح الباء وسكون الكاف - : الفتى من الابل.
3- بصبص : فتح عينه . والبصيص : البريق. وقال الجوزي في غريب الحديث: 1/ 73 : في ذكر جهنم : انها تبص أي تبرق.
4- «فيها» البحار.
5- «خيطة»م.
6- الشعب : ما انفرج بين الجبلين ، جمعها: شعاب.
7- في البحار بلفظ «فنظرت إلی شجرة لاأعرفها بذلك الموضع لاني ما رأيت فيه شجرة قطّ قبل يومي ذلك و لقد أتيت».
8- في البحار ذكر الحسين عليه السلام قبل الحسن عليه السلام.
9- «یا امه» م

فلمّا انتبها حملهما على منكبيه، ثمّ أتيت أنا فاطمة (علیها السلام)، فوقفت بالباب ، فأتت حمامة وقالت : يا أخا كندة ! فقلت : من أعلمك أنّي بالباب ؟

قالت : أخبرتني سيّدتي أنّ رجلا بالباب من كندة ، من أطيبها أخباراً ، يسألني عن موضع قرّة عيني .

فكبر ذلك عندي ، فولّيتها ظهري كما كنت أفعل حين أدخل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في منزل أمّ سلمة ، فقلت لفاطمة (علیها السلام): [ ما ] منزلة الحسين (علیه السلام) ؟

قالت: إنّه لمّا ولدت(1) الحسن (علیه السلام) أمرني أبي أن لا ألبس ثوباً أجد فيه اللذة حتى أفطمه، فأتاني أبي زائراً ، فنظر إلی الحسن (علیه السلام) [وهو] يمص النوى(2) قال : فطمتيه ؟

قلت : نعم . قال : إذا أحبّ عليّ الاشتمال ، فلا تمنعيه ، فإنّي أرى في مقدّم وجهك ضوءاً و نوراً ، و ذلك أنّك ستلدين حجّة لهذا الخلق، وحجّة على ذا الخلق.

فلمّا أن تمّ الشهر من حملي ، وجدت في بطني سخنة(3) فقلت لأبي ذلك .

فدعا بتور (4) من ماء ، فتكلّم عليه ، وتفل فيه ، وقال : اشربي.

فشربت، فطرد الله عنّي ما كنت أجد، وصرت في الأربعين من الأيّام ، فوجدت دبيباً في ظهري كدبيب النمل بين الجلدة والثوب .

فلم أزل على ذلك حتّى تمّ الشهر [الثاني] (5) فوجدت الاضطراب و الحركة فوالله لقد تحرّك في بطني و أنا بعيدة عن المطعم و المشرب (6) فعصمني الله عنهما

ص: 843


1- «نبت» م. يقال : نبت الانسان : بلغ مبلغ الرجال.
2- «الثدي» البحار.
3- يقال : إنّي لأجد في نفسی سخنة - بالتحريك - و سخناء - ممدود - وسخونة : أي حراً أوحمی. وقيل: هي فضل حرارة يجدها مع وجع. (لسان العرب سخن).
4- التور - بفتح التاء وسكون الواو : اناء صغير. و في البحار «کوز».
5- من البحار.
6- قال المجلسی (رحمه الله ) :أي لا أجدهما ، أولا أشتهيهما

كأنّي شربت منّاً لبناً(1) حتّى تمّ الثلاثة ، و [أنا] (2) أجد الخير والزيادة في منزلي .

فلمّا صرت في الأربعة آنس الله به وحشتي ، ولزمت المسجد لا أبرح منه إلّا لحاجة تظهر لي، فكنت في الزيادة والخفّة في ظاهري و باطني (3) حتّى أكملت الخمسة .

فلمّا أن دخلت الستّة كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلی مصباح ، و جعلت أسمع - إذا خلوت بنفسي في مصلّاي - التسبيح و التقديس [في بطني (4)] .

فلمّا مضى من الستّة (5) تسع ازددت قوّة، و كنت ضعيفة اللذّات ، فذكرت ذلك لأمّ سلمة فشدّ الله بها أزري(6).

فلمّا زادت العشر من الستّة ، وغلبتني عيني أتاني آت في منامي، فمسح جناحه على ظهري ، فزعت ، وقمت وأسبغت الوضوء فصلّيت ركعتين .

ثمّ غلبتني عيني ، فأتاني آت في منامي ، وعليه ثياب بيض ، فجلس عند رأسي فنفخ في وجهي ، وفي قفاي، فقمت وأنا خائفة، فأسبغت الوضوء، وأدّيت (7) أربعاً .

ثمّ غلبتني عيني ، فأتاني آت في منامي ، فأقعدني ، ورقّاني وعوّذني . فأصبحت و كان يوم أمّ سلمة المباركة ، فدخلت في ثوب حمامة ، ثمّ أتيت أمّ سلمة ، فنظر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلی وجهي ، و رأيت أثر السرور في وجهه ، فذهب عنّي ما كنت أجد وحكيت ذلك للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فقال: ابشري، أمّا الأوّل : فخليلي عزرائيل ، الموكّل بأرحام النساء يفتحها .

وأمّا الثاني: فخليلي میکائیل، الموكّل بأرحام أهل بيتي ، نفخ فيك؟ فقلت: نعم.

ص: 844


1- «منالینا»م . «هنالبناً» العوالم. وفي البحار بلفظ «شربت لبناً».
2- من البحار.
3- «الظاهر والباطن» البحار.
4- «باطنی» البحار.
5- «فوق ذلك» البحار.
6- الازر : القوّة ، الظهر
7- «وصلیت» خ ل.

قالت (1) : ثمّ ضمّني إلی نفسه ، فقال :

أمّا الثالث فأخي (2) جبرئیل ، يقيمه (3) الله بولدك .

فرجعت، فأنزلته في تمام الستّة. (4)

فصل

61 - و بالاسناد المذكور عن الحسين (5) بن الحسن ، نا أبوسمينة محمّد بن عليّ ، عن جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي إبراهيم (علیه السلام) قال :

خرج الحسن والحسين حتّى أنیا نخل العجوة للخلاء ، فهويا إلی مكان، و ولّى کلّ واحد منهما بظهره إلی صاحبه ، فرمی (6) الله بينهما بجدار يستتر به أحدهما عن صاحبه (7) .

فلمّا قضيا حاجتهما ، ذهب الجدار ، و ارتفع من موضعه ، وصار في الموضع عين ماء ، و إجّانتان (8) فتوضّيا ، وقضيا ما أرادا .

ثم انطلقا حتّى صارا في بعض الطريق ، عرض لهما رجل فظّ غليظ فقال لهما : [ما خفتما عدوّكما؟!] من أين جئتما ؟ فقالا : إنّنا جئنا (9) من الخلاء .

ص: 845


1- «فبکی» خ ل والبحار.
2- «فحبیبی» خ ل . و في البحار بلفظ «فذاك حبیبی».
3- أي يجعله وکیلاً به ، وفي البحار «يخدمه».
4- عنه البحار : 43/ 271 ح 39 ، والعوالم : 17/ 10 ح 1. قال المجلسی (رحمه الله ) : ولا يخفى تنافي الأخبار الواردة في مدة الحمل، و أخبار الستة وأكثر وأقوى.
5- «الحسن» ط، واثبات.
6- «فحيل» ط.
7- «الاخر» ط
8- الاجانة - بالكسر والتشديد - : اناء تغسل فيه الثياب.
9- «إنّهما جاءا» م ، ه.

فهمّ بهما فسمعوا صوتاً يقول :

یا شیطان أتريد أن تناوي (1) ابنيّ محمّد وقد علمت (2) بالأمس [ ما فعلت ] و ناویت (3) أمّهما ، وأحدثت في دين الله ، وسلكت غير الطريق.

وأغلظ له الحسين (علیه السلام) أيضاً ، فهوی بيده ليضرب بها وجه الحسين (علیه السلام) فأيبسها الله من عند منكبه ، فأهوى باليسرى ، ففعل الله به مثل ذلك .

ثمّ قال : أسألكما بحقّ جدّ كما و أبيكما لمّا دعوتما الله أن يطلقني.

فقال الحسين (علیه السلام): اللّهمّ أطلقه ، و اجعل له في هذا عبرة ، واجعل ذلك عليه حجّة.[فأطلق الله یده] فانطلق قدّامهما حتى أتي عليّاً (علیه السلام) وأقبل عليه بالخصومة ، فقال : أين دسستهما (4)؟ - وكأنّ هذا كان بعد يوم السقيفة بقليل -

فقال علىّ (علیه السلام) : ما خرجا إلّا للخلاء.

و جذب رجل منهم (5) عليّاً حتّى شق رداءه ، فقال الحسين (علیه السلام) للرجل : «لاأخرجك الله من الدنيا حتّى تبتلي بالدياثة في أهلك و ولدك».

وقد كان الرجل يقود ابنته إلی رجل من العراق .

فلمّا خرجا إلی منزلهما ، قال الحسين للحسن (علیهما السلام): سمعت جدّي يقول :

إنّما مثلكما مثل يونس إذ أخرجه الله من بطن الحوت ، وألقاه بظهر الأرض ، وأنبت عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عيناً من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين، ويشرب من ماء العين .

وسمعت جدّي يقول: أمّا العين فلكم ، وأمّا اليقطين فأنتم عنه أغنياء ، وقد قال

ص: 846


1- «تناول» م، ه . و ناواه : عاداه.
2- «عملت» م، ه.
3- «نازلت» خ ل.
4- «رأيتهما» ط . قال المجلسی (رحمه الله ) : الدس : الاخفاء . والدسيس : من تدسه ليأتيك بالأخبار. أي: أين أرسلتهما خفية ليأتياك بالخبر.
5- «وحدث رجل فيهم» خ ل.

الله في يونس: « وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ *فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ »(1)

ولسنا نحتاج إلی اليقطين ، و لكن علم الله حاجتنا إلی العين ، فأخرجها (2) لنا ، وسنرسل إلی أكثر من ذلك ، فيكفرون ويمتّعون (3) إلی حين .

فقال الحسن (علیه السلام) : قد سمعت هذا. (4)

فصل

62 - وعن سعد بن عبد الله : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى : حدّثنا الحسين ابن سعيد : حدّثنا النضر بن (5) سوید ، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي

قال : [ قال ] علي بن الحسين (علیهما السلام): كنت مع أبي اللّيلة الّتي قتل صبيحتها.

فقال لأصحابه: هذا الّيل فاتّخذوہ جملا(6) فإنّ القوم إنّما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم ، وأنتم في حلّ وسعة .

فقالوا : لا والله ، لا يكون هذا أبداً .

قال : إنّكم تقتلون غدأ كذلك (7) لا يفلت منكم رجل. قالوا : الحمد لله الذي شرّفنا بالقتل معك . ثمّ دعا ، وقال لهم : ارفعوا رؤوسكم و انظروا .

ص: 847


1- سورة الصافات : 147 و 148.
2- «فأخرجه» م.
3- «یتمتعون» البحار.
4- عنه إثبات الهداة : 5/ 152 ج16، و ص 196 ح 38. و البحار : 43 /273 ح 40 ومدينة المعاجز : 246 ح66. وأورده في ثاقب المناقب : 285 مرسلاً عن أبی ابراهیم علیه السلام باختصار.
5- «البصري ، عن» م ، ه ، ط. وما في المتن كما في البحار و العوالم . انظر معجم رجال الحديث : 19/ 151.
6- «جنة» البحار . يقال: اتخذ الليل جملا: أى سرى الليل كلّه. وفي م، ه بلفظ «هذه الليلة فاتّخذوها جملا».
7- «كلكم» البحار.

فجعلوا ينظرون إلی مواضعهم ومنازلهم من الجنّة ، وهو يقول لهم :

هذا منزلك يافلان ، وهذا قصرك يافلان ، و هذه درجتك يافلان . فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره و وجهه ليصل إلی منزله من (1) الجنة . (2)

فصل في الرجعة

63 - وعن أبي سعيد سهل بن زياد : حدّثنا الحسن بن محبوب : حدّثنا ابن فضيل: حدّثنا سعد الجلاب ، عن جابر ، عن أبي جعفر (علیه السلام) قال :

قال الحسين بن علي (علیهما السلام) لأصحابه قبل أن يقتل: إنّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : يابنيّ إنّك ستساق إلی العراق ، وهي أرض قد التقى بها النبيّون، وأوصياء النبيّين ، وهي أرض تدعى «عمورا» وإنك تستشهد بها (3) ويستشهد معك جماعة من أصحابك لايجدون (4) ألم مسّ الحديد، وتلا: « قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (5)تكون الحرب عليك وعليهم [برداً و] سلاماً .

فأبشروا : فوالله لئن قتلونا، فانّا نرد على نبيّنا .

ثم أمكث ما شاء الله ، فأكون أول من تنشق عنه الأرض ، فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة (6) أمير المؤمنين (علیه السلام) و قیام قائمنا ، وحياة رسول الله(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ثم لينزلن عليّ وفد من السماء من عند الله ، لم ينزلوا إلی الأرض قطّ .

ولينزلنّ إليّ(7) جبرئیل و میکائیل و إسرافيل (علیهم السلام)، وجنود من الملائكة .

و لينزلنّ محمّد ، وعليّ ، وأنا ، و أخي ، وجميع من منّ الله عليه في حمولات

ص: 848


1- «منزلته في» البحار.
2- عنه البحار : 44 /298 ح3، والعوالم : 17 /350 ح 1.
3- «فيها» خ ل.
4- «لا يذوقون» ط.
5- سورة الانبياء : 69
6- «خروج» خ ل.
7- «لی» م.

من حمولات الربّ ، خيل بلق (1) من نور ، لم يركبها مخلوق .

ثم ليهزن محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لواءه، و ليدفعنّه إلی قائمنا مع سيفه .

ثم إنّا نمكث(2) من بعد ذلك ماشاء الله ، ثمّ إنّ الله يخرج من مسجد الكوفة عيناً من دهن(3) وعيناً من لبن ، وعيناً من ماء .

ثمّ إنّ أمير المؤمنين (علیه السلام) يدفع إلي سيف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيبعثني إلی الشرق والغرب (4) ولا آتي على عدوّ إلّا أهرقت دمه ، ولاأدع صنماً إلّا أحرقته حتّی أقع إلی الهند فأفتحها .

وإنّ دانيال و يونس (5) يخرجان إلی أمير المؤمنين (علیه السلام) يقولان : صدق الله ورسوله. و يبعث (6) معهما [إلى البصرة] سبعين رجلاً ، فيقتلون مقاتلتهم (7) و يبعث بعثاً إلى الروم فيفتح الله لهم (8).

ثم لأقتلنّ کلّ دابّة حرم الله لحمها حتى لا يكون على وجه الأرض إلّا الطيّب (9) وأعرض على اليهود والنصاری وسائر المال ، ولأخيّرنّهم بين الاسلام والسيف ، فمن أسلم مننت عليه ، ومن كره الاسلام أهرق الله دمه .

ولا يبقى رجل من شيعتنا إلّا أنزل [ الله إليه ] ملكاً يمسح عن وجهه التراب و يعرّفه أزواجه و منازله في الجنّة ، و لا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد و لامبتلى إلّا كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت .

ولتنزّلنّ البركة من السماء إلی الأرض حتى أنّ الشجرة لتقصف (10) بما يريد

ص: 849


1- بلق : كان في لونه سواد و بیاض.
2- «نمکن» م.
3- «ذهب» ط.
4- «المشرق والمغرب» ه،ط.
5- «ویوشع» البحار، والمختصر.
6- و«يبعث الله» ه.
7- «مقاتليهم» البحار.
8- «له» ه، ط
9- «الطيبة» ه.
10- أي تنكسر أغصانها لكثرة ماحملت من الثمر.

الله فيها من الثمر ، وليأكلنّ ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء .

وذلك قول الله تعالى: « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا » (1) .

ثمّ إنّ الله ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفى عليهم شيء في (2) الأرض ، وما كان فيها حتّى أنّ الرجل منهم يريد أن يعلم علم أهل بيته ، فيخبرهم بعلم ما يعملون . (3)

فصل

64 - وعن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، نا محمّد بن أسلم ، عن عليّ ابن أبي حمزة ، عن أبي أبراهيم (علیه السلام) قال :

ما من ملك يهبطه الله في أمر إلّا بدأ بالامام ، فعرض ذلك عليه ، وإنّ مختلف الملائكة من عند الله إلی صاحب هذا الأمر . (4)

65 - و عن عبدالله بن عامر بن سعد (5) : نا الربيع بن الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان (6) بن عثمان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (علیه السلام) في قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا

ص: 850


1- سورة الأعراف :96
2- «من» م.
3- عنه مختصر بصائر الدرجات : 36، و البحار : 45 /80 ح6 ، وعنه البحار : 53 /61 ح52 ، وعن مختصر بصائر الدرجات: 50 برواية السيد عليّ بن عبدالکریم بن عبد الحميد الحسني باسناده عن سهل مثله.
4- عنه البحار : 26 /357 ح 21 ، وعن بصائر الدرجات : 95ح 22 باسناده إلی علیّ بن أبي حمزة مثله . ورواه في الكافي : 1 /394 ح 4 باسناده إلی ابن أبي حمزة مثله.
5- «سعید» خ ل. والظاهر أنّه أحد أجداد الأشاعرة ، اذهو عبدالله بن عامر بن عمران بن أبي عمر الاشعری.
6- «جعفر بن يسير، عن أبان بن بشیر ، عن أبان» م، تصحيف.

وَلَا تَحْزَنُوا » (1) .

فقال : أما والله لربّما وسّدناهم الوسائد في منازلنا .

فقيل [ له ] : الملائكة يظهرون(2) لكم ؟

فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم . وضرب بيده إلی مساور (3) في البيت فقال: والله طالما انكب (4) عليها الملائكة، و ربّما التقطنا من زغبها (5).(6)

66 - وعن عبدالله بن عامر، عن العباس بن معروف، عن عبد الله بن عبدالرحمن (7)البصري ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن خيثمة ، عن أبي جعفر(علیه السلام) ، قال : نحن الذين إلينا تختلف الملائكة .(8)

ص: 851


1- سورة فصلت : 30
2- «تظهر» ط.
3- المسور . متكأ من جلد، جمعها : مساور
4- «اتكأت» البحار.
5- الزغب : صغار الريش
6- عنه البحار : 59 /186 ح 30. وروی (صدره) في بصائر الدرجات : 91 ح 4 باسناده عن عبدالله بن عامر ، عن الربيع ابن الخطاب ، عن جعفر بن بشیر، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 26 /353 ح6 ، (وذيله) ص90 ح 2 باسناده عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن القاسم ، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبدالله عليه السلام مثله، عنه البحار : 26 /352 ح4. وروى (ذيله) أيضاً في الكافي : 1 /393 ح 2 باسناده إلی الحسين بن أبي العلاء ، عن أبی عبدالله عليه السلام مثله . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /187 نقلاً من كتاب الدلائل عن سليمان بن خالد(صدره)، وعن الحسين بن أبي العلاء القلانسي (ذيله) ، عنه البحار : 47 /33 ضمن ح 30.
7- « عبدالرحمن بن عبدالله» م «عبدالله بن عوف» ه . وكلاهما تصحيف لما في المتن.
8- رواه في بصائر الدرجات : 92ح7 باسناده إلی خيثمة ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله عنه البحار : 26/ 354 ح 9.

وقال : منّا من يسمع الصوت و لايرى الصورة ، وإنّ الملائكة لتزاحمنا على تكأتنا (1) وإنّا لنأخذ من زغبهم ، فنجمله سخباً (2) لأولادنا. (3)

67 - عن أحمد بن الحسين: نا الحسن بن برّة (4) الأصمّ ، عن عبد الله بن بکیر عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال :

إنّ الملائكة لتنزل علينا في رحالنا ، وتنقلب على فرشنا، وتحضر موائدنا و تأتينا من کلّ نبات في زمانه ، برطب ويابس ، وتقلّب علينا أجنحتها ، وتقلّب على أجنحتها (5) صبياننا ، وتمنع الدوابّ أن تصل إلينا ، وتأتينا في وقت کلّ صلاة فتصليها (6) معنا .

وما من يوم يأتي علينا ولا ليل (7) إلّا وأخبار أهل الأرض عندنا ، وما يحدث فيها.

و ما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلّا و تأتينا بخبره ، و كيف كانت سيرته في الدنيا .(8)

ص: 852


1- « مکاننا» ه، ط . والتكأة - كهمزة - : ما يتكأ عليه.
2- السخاب : قلادة تتخذ من قرنفل و سك ومحلب، ليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شیء . والجمع : سخب. والسخاب عند العرب : کلّ قلادة كانت ذات جوهر أو لم تكن . وفي البحار: سخاباً
3- عنه البحار : 59 /185 ح 29. ورواه في بصائر الدرجات : 92ح 8 باسناده عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن عليّ بن الحكم، عن مالك ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام (ذيله ) مثله، عنه البحار :26 /354 ح10.
4- «بشرة» م. تصحيف
5- «و تقلب أجنحتها على»ط البصائر.
6- «فتصلی» خ ل.
7- «ليلة» ط.
8- عنه البحار : 26 /356 ح 18، و عن بصائر الدرجات : 93ح 17 و ص 94 ح21 باسناده من طريقين إلی أبی عبدالله عليه السلام مثله . وأخرجه في مدينة المعاجز : 409 ملحق ح 193 عن البصائر.

فصل

68 - وعن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب : نا إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر(علیه السلام) قال :

إنّ لنا خدّاماً من الجنّ ، فإذا أردنا السرعة بعثناهم (1) .

قال سدير : أوصاني أبو جعفر(علیه السلام) بحوائج له بالمدينة (2) فخرجت ، فبينا أنا في فجّ الروحاء (3) على راحلتي إذا شخص يلوح بثوبه ، فملت إليه ، وظننت أنّه عطشان ، فناولته الاداوة (4) فقال : لا حاجة لي فيها (5).

فناولني كتاباً طينه(6) رطب، فلمّا نظرت إلی الختم (7) إذا هو ختم(8) أبي جعفر(علیه السلام) فقلت : متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ فقال : الساعة .

ص: 853


1- عنه البحار : 27 /23 ح 14. ورواه في بصائر الدرجات : 96 ملحق ح 2 بالاسناد إلی سدير مثله، عنه البحار : 46 /284 ملحق ح 86
2- قال المجلسی (رحمه الله ) : قوله بالمدينة : إمّا متعلق بأوصاني فيكون الراوی خرج قبله عليه السلام إلى مكة ، فأوصاه عليه السلام بأشياء يعملها في مكة ، فالمراد بالقدوم: القدوم إلی مكة أو بالحوائج فالامر بالعکس
3- فجّ الروحاء : بين مكة والمدينة ، كان طريق رسول الله صلی الله عليه و آله إلی بدر وإلی مكة . والروحاء : من الفرع - بضمّ الفاء - على نحو أربعین میلاً من المدينة ... وهو الموضع الذي نزل به تبع حين رجع من قتال أهل المدينة یريد مكة ، فأقام بها وأراح فسماها الروحاء ، ( معجم البلدان : 4 /236 ، ومراصد الاطلاع: 2 /637). والفجّ : الطريق الواسع.
4- الاداوة : اناء صغير من جلد.
5- «بها» ه
6- «ختمه» ه،ط . وكذا التي بعدها.
7- « الخاتم» م.
8- «الخاتم» م.

فقرأته ، فإذا فيه أشياء يأمرني بها ، فالتفت (1) فإذا ليس عندي أحد.

فقدم أبو جعفر (علیه السلام) فلقيته ، فقلت له : رجل أتاني بكتابك وطينه رطب!

فقال : نعم إذا عجّل بنا أمر ، أرسلنا بعضهم - يعني(2) الجنّ - .(3)

69 - وقال أبو جعفر (علیه السلام): بينا أمير المؤمنین (علیه السلام) قاعد إذ أقبل ثعبان ، وقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجنّ ، و إنّ أبي مات ، وأوصاني أن آتيك ، وأستطلع رأيك ، فقد أتيتك ، فما تأمرني به يا أمير المؤمنين ، وما ترى ؟

فقال له : أوصيك بتقوى الله ، وأن تنصرف وتقوم مقام أبيك في الجنّ، فإنّك خليفتي عليهم . فانصرف ، ثمّ قيل : يا أمير المؤمنين يأتيك عمرو ؟

قال : نعم ، و ذاك واجب عليه.(4)

ص: 854


1- «فإذا التفت» م.
2- «أرسلنا بعض» ه، ط.
3- عنه البحار : 27 /27 - 18ح5 ، وعن بصائر الدرجات : 96ح 2 باسناده عن محمّد بن الحسين، عن ابراهیم بن أبي البلاد، عن سدير مثله. و روی مثله في الكافي : 1 /395 ح4 باسناده إلی سدير الصيرفي مع تقديم و تأخير. وفي دلائل الامامية : 100، بالاسناد إلی شديد القرظی. وأورده في ثاقب المناقب : 147 (مخطوط) عن الصیرفي مثله مع تقديم و تأخیر . وأخرجه في إثبات الهداة : 5/ 267 ح عن البصائر والكافي. وفي البحار : 46 /283 ح86 عن البصائر ، وج 63 /102 ح66 عن البصائر والدلائل ، وفي مدينة المعاجز : 327 ح25 عن الكافي والبصائروالدلائل.
4- عنه البحار : 39 /163 – 164 ح 3 ، وعن الكافي : 1 /396 ح6 باسناده عن محمد ابن يحيى وأحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن عمرو ابن عثمان ، عن ابراهيم بن أيوب ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، مثله، وفي آخره: فيأتيك عمرو ، و ذاك الواجب عليه ؟ قال : نعم . ورواه في بصائر الدرجات : 97ح7 باسناده الی جابر مثله . وأخرجه في مناقب آل أبی طالب : 2 /88 والبحار : 63 /66 ح 4 عن الكافي . وفي إثبات الهداة : 4 /439 ح10 ومدينة المعاجز : 19ح 19 عن البصائر والكافي.

70 - وعن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم ، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال : جئت أستأذن على أبي جعفر (علیه السلام) فقيل لي : إنّ عنده قوماً اثبت (1) قليلاً حتى يخرجوا.

فخرج عليّ قوم أنكرتهم، ولم أعرفهم ، ثمّ أذن لي فدخلت و قلت : هذا زمان بني اميّة، و سيفهم يقطر [دماً] ورأيت قوماً عندك أنكرتهم !؟

فقال : هؤلاء وفد شيعتنا من الجنّ ،سألونا عن معالم ديننا (2). (3)

71- قال أبو حمزة : كنت مع أبي عبدالله (علیه السلام) فيما بين مكة والمدينة إذ إلتفت عن يساره ، وإذا كلب أسود ، فقال : مالك ، ما أشدّ مسارعتك ؟

و إذا هو شبه (4) الطائر ، فقلت : ماهذا ؟ قال: هذا عثيم(5) بريد الجنّ(6) مات هشام الساعة ، فهو ينعاه في کلّ بلدة ، ويطير .(7)

ص: 855


1- أي الزم مكانك
2- في رواية الصفار «دینهم».
3- عنه البحار : 27 /18 ح6، وعن بصائر الدرجات: 96ح 3 باسناده إلی أبی حمزة الثمالی مثله وأورده في ثاقب المناقب: 147 (مخطوط) مرسلاً عن الثمالی . وأخرجه في مدينة المعاجز : 327 ح 28 عن البصائر.
4- «في سرعة» ه، ط.
5- «عثم» خ ل، و بعض الأصول . «أعثم» ه. وفي رواية الكلینی: غثيم . والبريد: الرسول.
6- زاد في أحد نسخ المطبوع : أخبرني أنّه قد.
7- عنه البحار : 27 /18 ح7، وعن بصائر الدرجات : 96 ح 4 باسناده عن محمّد بن اسماعيل ، عن علىّ بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالی مثله ، عنه في مدينة المعاجز : 377 ح 54 ، و عن بصائر الدرجات ، و دلائل الإمامة : 132 بالاسناد عن الثمالی مثله . ورواه في الكافي: 6 /553 ح8 باسناده إلی الثمالی مثله، عنه البحار : 65 /68 ح 28. وأورده في كشف الغمة: 2 /192 نقلاً من كتاب الدلائل عن أبي حمزة الثمالی مثله . وأخرجه في البحار : 47 /146 ح201 عن كشف الغمة ، وح202 عن الكافي ، وفي ج 63 /84 ح 40 عن البصائر والكافي والدلائل.

72 - وقال أبو عبدالله (علیه السلام): بينا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بين جبال تهامة إذا رجل متّکیء على عكازة ، طويل (1) كأنّه نخلة ، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : نغمة (2) جنّيّ .

قال : أنا الهام بن الهيثم بن لاقیس(3) بن إبليس .

قال : ما بينك و بين إبليس إلّا أبوان ؟ قال : نعم (4) . قال : وكم أتي عليك ؟

قال: أكلت عمر الدنيا إلّا أقلّه ، أنا [ كنت ] یوم قتل قابيل هابيل ، غلام أفهم الكلام ، و أنهي عن الاستعصام(5) و أطوف الآجام (6) و أعلو الآكام (7) و آمر بقطيعة الأرحام ، وأفسد الطعام .

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : بئس سيرة الشيخ المتأمّل و الشابّ المؤمّل (8)

قال : إنّي تائب ، وقد جرت توبتي على يد نوح (علیه السلام) وكنت معه في السفينة،

ص: 856


1- «طويلة» م.
2- «لعله» ه، ط . وفي رواية الصفار بلفظ «لغة جنى و وطؤهم من جبال تهامة !؟». قال المجلسي (رحمه الله ) : لعلّه إنّما قال ذلك على سبيل التعجب، أي لغته لغة جني فكیف وطیء جبال تهامة
3- «هامة بن هيم بن لاقيس السليم» البصائر.
4- كذا في أحد نسخ المطبوع. وفي نسخة اخرى : ما بينك وبين ابلیس ؟ قال : الأبوان .وفي م ،ه «ما بينك و بين ابليس الا أبوان؟ قال: لا». وفي رواية الصفار «ليس بينك و بين ابلیس غیر أبوين ؟ قال : لا»
5- «الاعتصام» البصائر ، والبحار . قال المجلسی (رحمه الله ) : أي بحبل الله ودينه . انتهى . يقال: استعصم به: استمسك به ولزمه . التجأ وامتنع.
6- أي الحصون
7- أي التلال
8- قال المجلسی (رحمه الله ) : قوله «و الشابّ المؤمّل» على بناء الفاعل : أي الراجي للأمور العظيمة، أو لطول البقاء ، أو لاضلال الخلق . أو على بناء المفعول: أي تجعل الناس بحيث يأملون منك الخير . و فی کتاب «السماء و العالم» برواية على بن ابراهیم «بئس – لعمری - الشاب المؤمل والكهل المؤمر...

وعاتبته على دعائه على قومه .

ثمّ كنت مع هود (علیه السلام) في مسجده مع الّذين آمنوا معه ، فعاتبته على دعائه على قومه ، و لقد كنت مع إلياس (علیه السلام) بالرمل .

و كنت مع إبراهيم (علیه السلام) حين کاده قومه، وألقوه في النار، فكنت بين المنجنيق والنار ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً .

ثمّ كنت مع يوسف (علیه السلام) حين حسده إخوته ، و ألقوه في الجبّ ، فبادرته إلى قعر الجبّ ، وتناولته، و وضعته وضعاً رفيقاً .

ثمّ كنت معه في السجن، أؤنسه حتى أخرجه الله .

ثمّ كنت مع موسى (علیه السلام) وعلّمني سفر(1) من التوراة ، و قال [لي]: إن (2) أدركت عیسی (علیه السلام) فاقرأه منّي السلام . فلقيته و أقرأته السلام من موسی (علیه السلام) .

وكنت معه ، وعلّمني سفراً من الإنجيل ، وقال لي :

إن أدركت محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فاقرأه منّي السلام . فعیسی یا رسول الله يقرأ عليك السلام .

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : على عيسی روح الله وكلمته ما دامت السماوات و الأرض السلام وعليك یا هام لما (3) بلّغت السلام ، فارفع إلينا حوائجك .

فقال: حاجتي أن يبقيك الله لأمّتك ، ويصلحهم لك ، ويرزقهم الاستقامة لوصيّك من بعدك ، فإنّ الأمم السالفة إنّما هلكت بعصيان الأوصياء ، وحاجتي أن تعلّمني [ یارسول الله ] سورة من القرآن أصلّي بها .

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لعليّ (علیه السلام) : علّم ،الهام، وارفق.

فقال هام : يارسول الله ومن هذا الذي ضممتني [ إليه ] (4) ؟ فإنّا معشّر الجنّ

ص: 857


1- السفر : الكتاب ، وجمعه أسفار.
2- «اذا» خ ل.
3- «کما» ه،ط.
4- أضفناها للزومها . يقال: ضم فلاناً اليه أي استصحبه و الضميم : الصاحب.

أمرنا ألا نتّبع إلا نبيّاً أو وصيّ نبيّ.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : یاهام من وجدتم في الكتب وصيّ آدم (علیه السلام)؟ قال : شیت .

قال : فمن كان وصيّ نوح (علیه السلام)؟ قال : سام .

قال فمن كان وصيّ هود (علیه السلام) ؟ قال : يوحنا بن حمان ابن عمّ هود .

قال : فمن كان وصيّ إبراهيم (علیه السلام) ؟ قال: إسماعيل ، و وصيّ إسماعيل إسحاق .

قال : فمن كان وصيّ موسى (علیه السلام)؟ قال : يوشع بن نون .

قال : فمن كان وصيّ عيسى (علیه السلام) ؟ قال شمعون بن حمون الصفاء ابن عمّ مریم .

قال : فلم كانوا هؤلاء أوصياء الأنبياء ؟

قال : لأنّهم كانوا أزهد الناس في الدنيا ، و أرغب الناس في الآخرة (1) .

قال : فمن وجدتم في الكتب وصيّ محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟ قال : هو في التوراة إليّا .

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ هذا إليّا، هذا عليّ وصيّي و أخي، و هو أزهد الناس (2) في الدنيا ، وأرغب الناس إلی الله في الآخرة . فسلّم هام على عليّ (علیه السلام) ثمّ قال :

یا رسول الله فله اسم غير هذا ؟ قال : نعم . هو حيدرة .

فعلّمه عليّ (علیه السلام) سوراً [من القرآن] . فقال هام : ياعليّ ، یا وصيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أكتفي بما علّمتني من القرآن في صلاتي ؟ قال : نعم ، قليل القرآن كثير .

وجاء هام بعد ، فسلّم على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ووّدعه، و انصرف ، فلم يلقه حتى قبض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، فلمّا كان يوم الهرير تراءى لأمير المؤمنين (علیه السلام)، فقال :

یا وصيّ محمّد إنّا وجدنا في كتب الأنبياء ، أنّ الأصلع وصيّ محمّد خير الناس.

وكشف (علیه السلام) عن رأسه مغفره (3) وقال : أنا والله ذاك یاهام .(4)

ص: 858


1- «و أرغب في الله إلی الاخرة» ط،ه
2- «هذا أزهد امتی» ط.
3- المغفر والمغفرة : «زرد» يلبسه المحارب تحت القلنسوة ، جمعها مغافر.
4- عنه، لبحار: 39 /164 -165 ح4، وعن بصائر الدرجات : 101ح 13 باسناده عن ابراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . وروی نحوه أيضاً في بصائر الدرجات: ح 12 باسناده عن ابراهيم، عن عمرو بن عثمان عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 35 /54 ح 10 . وأخرجه في إثبات الهداة : 3 /488 ح456 عن البصائر بالطريقين.

فصل

73 - وعن محمّد بن عيسى بن عبيد (1) ، عن الحسن بن عليّ، عن جعفر بن بشير ، عن عمر بن أبان ، عن معتّب غلام الصادق (علیه السلام)، قال : كنت مع أبي عبد الله (علیه السلام) بالعريض (2) فجاء يمشي حتّى دخل مسجداً كان يتعبّد فيه أبوه ، وهو يصلّي في موضع من المسجد ، فلمّا انصرف قال: يامعتّب ترى هذا الموضع ؟! قلت : نعم .

قال : بينا أبي (علیه السلام) قائم يصلّي في هذا المكان إذ دخل شيخ يمشي ، حسن السمت (3) فجلس ، فبينما هو جالس إذ جاء رجل آدم (4)، حسن الوجه ، والتمسه فقال للشيخ : ما يجلسك؟! ليس بهذا أمرت. فقاما وانصرفا ، فتواريا عنّي فلم أر شيئاً .

فقال أبي: يا بنيّ هل رأيت الشيخ وصاحبه ؟ قلت: نعم، فمن الشيخ ومن صاحبه ؟

قال : الشيخ : ملك الموت ، والذي جاء فأخرجه : جبرئیل (علیه السلام).(5)

ص: 859


1- زاد في ه،م «عن الحسن بن عبید» خلافاً للبصائر والبحار وكتب الرجال حيث ذكر فيها رواية محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علىّ، والحسن بن علیّ بن فضال، والحسن بن علیّ بن يقطين، والحسن بن علىّ الوشاء . راجع معجم رجال الحديث : 17 /98.
2- العريض - كزبير : واد بالمدينة . معجم البلدان : 4/ 114.
3- السمت : الهيئة.
4- آدم: شديد السمرة.
5- عنه مختصر البصائر : 117ح 346، والبحار : 59 /252 ح13 . ورواه في بصائر الدرجات : 233 ح 1 بهذا الاسناد ، وفي ص 234 ح3 باسناده الی معتب نحوه ، عنه البحار : 26 /358 ح24 و ص 359 ح 26 . وأورده في مناقب آل أبی طالب : 3 /321 عن معتب ، عنه مدينة المعاجز : 346 ح 81 وعن البصائر.

74 - وعن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة قال : [ قال] أبو عبد الله (علیه السلام): بينا أنا في الدار مع جارية لي إذ أقبل رجل قاطب بوجهه ، فلمّا رأيته علمت أنّه ملك الموت.

فاستقبله رجل آخر أطلق منه وجهاً ، وأطلق بشراً ، فقال له : ليس بذا أمرت .

فبينا أنا أحدّث الجارية، وأعجب ممّا رأيت، إذ قبضت. (1)

75 - وعن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي عليّ الخراساني ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال :

كأنّي بطائر أبيض فوق الحجر ، فيخرج من تحته رجل يحكم بين الناس بحكم آل داود و سليمان، ولايبتغي بيّنة.(2)

76 - وقال حمران بن أعين لأبي عبد الله (علیه السلام): أنبياء أنتم ؟ قال : لا.

قلت : حدّثني من لا أتّهمه أنّكم أنبياء ؟ قال : من هو ؟ أبو الخطّاب ؟ !

قلت : نعم . قال : هجر(3) .

قلت: بما تحكمون؟ قال: لاتذهب الدنيا حتى يخرج واحد منّي يحكم بحكومة آل داود ، و لا يسأل عن بيّنة ، يعطي کلّ نفس حكمها (4) .(5)

ص: 860


1- عنه البحار : 59 /253 ح 14 . ورواه في بصائر الدرجات : 233 ح 2 بهذا الإسناد، عنه البحار: 26 /359 ح 25، و مدينة المعاجز : 346 ح 81.
2- عنه البحار : 52 /236 ح 74.
3- كذا فی ه، و في م «أهجر» ، وفي البصائر «کنت اذاً أهجر»
4- جواب الامام عليه السلام في رواية البصائر «نحكم بحكم داود و آل داود». والمصنف أخذ الجواب الموجود في متن الحديث من رواية أخرى في البصائر سبقت هذه حيث روى الصفار عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن أبان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لاتذهب الدنيا ... الخ، فلاحظ.
5- روى صدره في بصائر الدرجات: 258ح 2 باسناده إلی حمران بن أعين عنه البحار: 52 /320 ح23 ، واثبات الهداة 7 /465 ح 51. وروى ذيله في بصائر الدرجات : 258 ح 1 باسناده إلی أبان ، عنه مستدرك الوسائل : 18 /364 ح 4. وراجع بصائر الدرجات : 258 باب 15 في ان الائمة من آل محمّد صلی الله علیه و آله إذا ظهروا حكموا بحكومة داود، و آل داود لايسألون الناس بينة.

77 - وعن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن منصور بن يونس، عن فضيل الأعور ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنّا زمان أبي جعفر(علیه السلام) حين قبض نتردّد، كالغنم لاراعي لها ، فلقيت سالم بن أبي حفصة .(1).

فقال : يا أبا عبيدة من إمامك ؟ قلت : أئمّتي آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

قال : هلكت وأهلكت، أما سمعت أنت وأنا أبا جعفر (علیه السلام) وهو يقول: «من مات و ليس عليه إمام مات ميتة جاهليّة. (2)؟

فقلت : بلى لعمري ، فرزقنا الله المعرفة .

فقلت لأبي عبد الله (علیه السلام): إنّ سالماً قال لي كذا وكذا !

فقال لي : إنّه ما مات منّا ميّت حتّى يخلف (3) الله من بعده من يعلم علمه ، ويعمل عمله ، و ليس تميل به شهوته ، و يدعو إلی مثل الذي دعا إليه من كان قبله ، إنّه إذا قام قائمنا حكم بحكم داود وسليمان ، لايسأل الناس بيّنة. (4)

ص: 861


1- قال النجاشي في رجاله: 188 «سالم بن أبي حفصة مولی بنی عجل ، کوفی روی عن علىّ ابن الحسين وأبی جعفر وأبی عبدالله عليهم السلام يكنى أبا الحسين وأبا يونس، و اسم أبي حفصة زیاد، مات سنة سبع وثلاثين ومائة في حياة أبي عبد الله عليه السلام
2- الروايات في هذا المعنى كثيرة أخرج قسطاً منها في البحار : 23 /76 - 95 فراجع.
3- «خلفه» ه،م.
4- رواه في بصائر الدرجات : 259 ح5 بهذا الإسناد، وص510ح15 بهذا الاسناد أيضاً نحوه ، عنه البحار : 23 /85 ح 28 و ج 26 /176 ح 55 و ج 52 /320 ح 24 ذيله واثبات الهداة: 1 /246 ح 217 ص 251 ح235 ، و ج 7 /45 ح 404 ذيله . و في الكافي :1/ 397 ح 1 باسناده إلی أبي عبيدة الحذاء ، عنه الوسائل : 18 /168 ح4، واثبات الهداة 1 /171 ح63 ، وج 6 /364 ح 41. وفی مختصر البصائر :60 باسناده عن سعد بن عبد الله نحوه، وص 61 بهذا الإسناد.

78 - وعن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن جابر بن یزید قلت لأبي جعفر (علیه السلام) :لأيّ شيء سمّي المهدي ؟ قال :

لأنّه يهدي لأمر خفي، يبعث إلی الرجل من(1) أصحابه لا يعرف له ذنب فيقتله .(2)

فصل

79- وروى لنا جماعة ، عن جماعة ، عن أبي جعفربن بابويه : حدّثنا (3) أبي : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسّان ، عن أبي جعفر (علیه السلام): إنّ جماعة قالوا لعليّ (علیه السلام) :

يا أمير المؤمنين لو أريتنا ما نطمئنّ إليه ممّا أنهى إليك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ؟

قال : لو رأيتم عجيبة من عجائبي لكفرتم وقلتم ساحر كذاب و کاهن ، وهو من أحسن قولكم .

قالوا : ما منّا أحد إلّا وهو يعلم أنّك ورثت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وصار إليك علمه .

قال : علم العالم شديد ، و لايحتمله إلّا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، وأيّده بروح منه، ثمّ قال: أمّا إذا أبيتم إلّا أن أريكم بعض عجائبي و ما آتاني الله من العلم

ص: 862


1- «أحد» ط،ه.
2- رواه في غيبة الطوسی : 282 باسناده إلی أبی سعيد الخراسانی نحوه ، عنه البحار : 51 /30 ح 6، واثبات الهداة :7 /34 ح 365.
3- «أخبرنا» المختصر ، وكذا في الموضع التالي.

فاتّبعوا أثري إذا صلّيت العشاء الآخرة .

فلمّا صلّاها أخذ طريقه إلی ظهر الكوفة ، فاتّبعه سبعون رجلاً كانوا في أنفسهم خيار الناس من شيعته .

فقال لهم علیّ (علیه السلام): إنّي لست أريكم شيئاً حتّى آخذ عليكم عند الله و میثاقه أن لاتكفّروني(1) ولاترموني بمعضلة، فوالله ما أريكم إلّا ما علّمني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

فأخذ عليهم العهد و الميثاق أشدّ ما أحذ الله على رسله [من عهد و میثاق] .

ثم قال : حولوا وجوهكم عنّي حتّى أدعو بما أريد.

فسمعوه جميعاً يدعو بدعوات [لا] (2) يعرفونها. ثمّ قال : حوّلوها (3) .

فحوّلوها ، فإذا جنّات (4) وأنهار و قصورمن جانب ، والسعير تتلظّی من جانب ،حتّى أنّهم ما شكّوا أنّهما الجنّة والنار .

فقال أحسنهم قولاً : إنّ هذا لسحر عظيم ! ورجعوا كفّار إلّا رجلين .

فلمّا رجع مع الرجلين قال لهما: قد سمعتما مقالتهم، وأخذي العهود والمواثيق عليهم، و رجوعهم يكفّرونني، أما والله إنّها لحجّتي عليهم (5) غداً عند الله ، فإنّ الله ليعلم أنّي لست بساحر ولا كاهن ، ولايعرف هذا لي ، ولا لآبائي ، ولكنّه علم الله ، وعلم رسوله أنهاه إلی رسوله و أنهاه إلي رسوله، و أنهيته إليكم ، فإذا رددتم عليّ ، رددتم على الله . حتّى إذا صار إلی مسجد الكوفة دعا بدعوات يسمعان ، فإذا حصى المسجد درّ وياقوت .

فقال لهما : ما الذي تريان ؟ فقالا : هذا درّ وياقوت.

فقال : صدقتما ، لو أقسمت على ربّي فيما هو أعظم من هذا لأبرّ قسمي .

ص: 863


1- «تکفروا بي» المختصر.
2- من المختصر ، وفي ط ، ه «لم يسمعوا بمثلها» بدل «لا يعرفونها».
3- «حوّلوا وجوهكم» ط، ه، والمختصر
4- «بجنات» خ ل، والمختصر.
5- «عليكم» م.

فرجع أحدهما كافراً، وأمّا الآخر فثبت .

فقال (علیه السلام): إن أخذت شيئاً ندمت، وإن تركت ندمت .

فلم يدعه حرصه حتّى أخذ درّة فصرّها (1) في كمّه ، حتّى إذا أصبح نظر إليها فاذا هي درة بيضاء لم ينظر الناس إلی مثلها قطّ.

فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أخذت من ذلك الدرّ واحدة ، وهي معي .

قال : وما دعاك إلی ذلك ؟

قال : أحببت أن أعلم أحقّ هو أم باطل .

قال : إنّك إن رددتها إلی موضعها الذي أخذتها منه، عوّضك الله منها الجنّة .

وإن أنت لم تردّها عوّضك الله منها النار .

فقام الرجل فردّها إلی موضعها الذي أخذها منه ، فحوّلها الله حصاة كما كانت.

فبعضهم قال : كان هذا ميثم التمّار .

وبعضهم قال : كان عمرو بن الحمق الخزاعيّ . (2)

فصل

80 - وعن قتيبة (3) بن الجهم قال : لمّا دخل عليّ (علیه السلام) إلی بلاد صفّين مر بقرية يقال لها «صندوداء» (4) فعبر عنها ، وعرس بنا في أرض بلقع . (5)

ص: 864


1- صرّالشيء : و ضعه في صرّة وشدّ عليه.
2- عنه مختصر البصائر : 117ح 347، والبحار : 41/ 259 ح 20، واثبات الهداة :4/ 556 ح ح212، ومدينة المعاجز : 84 ح 211. وأورد نحوه في مشارق أنوار الیقین: عن ابن عباس ، عنه مدينة المعاجز :100 ح 269.
3- «حبيب» الأمالي والمناقب.
4- «صدود» ه، م. وصندوداء : بلدة في الطريق ما بين الشام والعراق . راجع معجم البلدان :3/ 425 ، ووقعة صفين : 528.
5- البلقع : الارض القفر التي لا ماء فيها.

فقال مالک بن الحارث الأشتر : نزلت على غير ماء !

فقال : إنّ الله يسقينا في هذا المكان ماءاً أصفى من الياقوت ، و أبرد من الثلج .

فتعجّبنا ولاعجب من قول أمير المؤمنين (علیه السلام)، فوقف على أرض .

فقال : يا مالك احتفر أنت وأصحابك . فاحتفرنا ، فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة ، فيها حلقة تبرق كاللجين (1) فلم نستطع أن نزيلها. (2).

فقال عليّ (علیه السلام) : «اللّهمّ إنّي أسألك أن تمدّني بحسن المعونة» و تكلّم بكلام حسبناه سريانيّاً.

ثم أخذها فرمى بها ، فظهر لنا ماء عذب طيّب ، فشربنا وسقينا [دوابّنا]

ثمّ ردّ الصخرة عليه، وأمرنا أن نحثوا التراب عليها ، فلمّا سرنا غير بعيد .

قال (علیه السلام): من يعرف منكم موضع العين ؟ قلنا : كلّنا .

فرجعنا ، فخفي علينا أشدّ خفاء. فإذا نحن بصومعة راهب ، فدنونا منها و منه ، فقلنا : هل عندك ماء ؟ فسقانا ماءاً مراً خشناً (3) ..

فقلنا له : لوشربت من الماء الّذي سقانا منه صاحبنا من عين هاهنا (4) !

فقال : صاحبكم نبيّ ؟ قلنا : وصيّ نبيّ .

فانطلق معنا إلی عليّ (علیه السلام) فلمّا بصربه أمير المؤمنين (علیه السلام) .

قال: شمعون ! قال : نعم ، هذا اسم سمّتني به أمّي ما اطّلع عليه أحد إلّا الله .

ثمّ قال : ما اسم هذه العين ؟

قال : اسمها «عين راحوما»(5) من الجنّة شرب منها ثلاثمائة نبي، وثلاثمائة وصيّ ، وأنا آخر (6) الوصيّين شربت منها .

ص: 865


1- اللجين - بالضم : الفضة.
2- «يستطع أحد منا أن يزيلها» ه
3- «جشباً» المختصر، وكلاهما بمعنى واحد
4- زاد في ط «لعجبت من عذوبة».
5- «راجوماء» ه.
6- «أحد» م. «خیر» المختصر.

فقال الراهب: هكذا وجدت في جميع الكتب ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأنّك وصيّ محمّد.

ثمّ قال عليّ (علیه السلام) : والله لو أنّ رجلاً منّا قام على جسر، ثمّ عرضت عليه هذه الامّة لحدّثهم بأسمائهم وأنسابهم (1). (2)

فصل

81- وعن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبدالله بن مسكان ، قال : قال أبو عبد الله (علیه السلام) في قوله تعالی :

«وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» (3).

قال : كشط الله لابراهيم (علیه السلام) السماوات حتّى نظر إلی ما فوق العرش ، وكشطت له الأرض حتّى رأى ما تحت تخومها و ما فوق (4) الهواء ، وفعل بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مثل

ص: 866


1- كذا في المختصر ، وفي ه ، م «و آبائهم».
2- عنه مختصر البصائر : 119. ورواه في الهداية الكبرى : 148 باسناده إلی الاصبغ بن نباتة نحوه . والصدوق في الامالی : 155 ح14 باسناده إلی حبيب بن الجهم، عنه البحار :8/ 530 (الطبعة الحجرية) ، و ج 41 /278 واثبات الهداة : 3/ 391 ح 253. وفي خصائص أمير المؤمنین: 17 باسناده عن الحميري ، عنه مدينة المعاجز :82 ح 206. وأورده في روضة الواعظین : 139 عن حبيب بن الجهم ، وفي ثاقب المناقب : 223 (مخطوط) عن الجهم . وأخرجه في مناقب آل أبی طالب : 2/ 291 نقلاًعن أهل السير عن حبيب بن الجهم و أبی سعید التميمي والنطنزي في الخصائص والاعثم في الفتوح و الطبري في كتاب الولاية باسناد له عن محمّد بن القاسم الهمداني و أبو عبدالله البرقي عن شيوخه عن جماعة من أصحاب علیّ علیه السلام، ، عنه مدينة المعاجز : 82ح 205 وعن الأمالی و ثقب المناقب.
3- سورة الأنعام :75
4- «رأی ما هو في» م.

ذلك ، وإنّي لأرى ضاحيكم و الأئمّة من بعده قد فعل بهم [مثل] ذلك . (1)

82 - وسأله (2) أبو بصير : هل رأی محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ملكوت السماوات والأرض كما رأى ذلك إبراهيم (علیه السلام)؟ قال : نعم ، وصاحبكم [ والأئمّة من بعده] . (3)

83 - وقال أبو جعفر (علیه السلام) :في قوله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ...» (4) كشطت له السماوات السبع حتّى نظر إلی السماء السابعة وما فيها ، والأرضين السبع حتّی نظر إليهنّ وما فيهنّ ، وفعل بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كما فعل بابراهیم (علیه السلام) وإنّي لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك [والأئمّة من بعده مثل ذلك] . (5)

84- وعن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم (6) ، عن سيف بن عميرة ، عن حسّان بن مهران الجمّال، عن أبي داود السبيعي ، عن بريدة الأسلمي قال : كنت جالساً عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و عليّ (علیه السلام) جالس معه ، إذ قال : «يا عليّ ألم أشهدك معي سبعة مواطن ... - حتّى ذكر المواطن الثلاثة -

ص: 867


1- عنه مختصر البصائر: 120. ورواه فی بصائر الدرجات:107ح 2 بهذا الإسناد، وص108ح10باسناده إلی أبی عبدالله عليه السلام ، عنه البحار: 12/ 72 ح18، و ج 17/ 146 ح38، وج 26/ 114 ح 15، وص116 ذح 21.
2- كذا في ط ،ه ، وهو في البصائر حديث مستقل ، وفي م والمختصر «فقال له».
3- عنه مختصر البصائر : 120 ورواه في بصائر الدرجات : 107 ح4 باسناده إلی أبي بصير ، عنه البحار : 17/ 146 ح39، و ج 26/ 115 ح18.
4- سورة الأنعام : 75.
5- عنه مختصر البصائر : 120 . ورواه في بصائر الدرجات : 108 ح 6 و 7 باسناده إلی عبدالرحيم القصير ، عن أبی جعفر عليه السلام ، عنه البحار : 26/ 116 ح20. وفي تفسير العياشي : 1/ 363 ح 34 ، عنه البحار : 12/ 73 ذح18 ، و إثبات الهداة : 2/ 137 ح 562.
6- زاد في البصائر «أو غيره».

و الموطن الرابع ليلة الجمعة، أريت ملكوت السماوات والأرض، ورفعت إلي(1)حتّى نظرت إلی ما فيها . واشتقت إليك ، فدعوت الله تعالى، فإذا أنت معي، فلم أر من ذلك شيئاً إلّا وقد رأيته» . (2)

85- وعن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أبي عبدالله زكريّا بن محمّد المؤمن عن حسّان أبي عليّ (3) الجمّال ، عن أبي داود السبيعي ، عن بريدة الأسلمي ، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : يا عليّ إنّ الله أشهدك معي سبعة مواطن .

فذكرها حتّى ذكر الموطن الثاني ، قال :

أتاني جبرئيل (علیه السلام) فأسرى بي إلی السماء فقال : أين أخوك ؟ قلت : ودّعته خلفي .

قال: ادع الله يأتك به ، فدعوت الله فإذا أنت معي، وكشط لي عن السماوات السبع والأرضين السبع حتّى رأيت سكّانها وعمّارها ، وموضع کلّ ملك منها ، فلم أر

ص: 868


1- زاد في ه، م «ما هناك» ، وما في المتن كما في البصائر . والظاهر أنّها كانت في نسخة بدل قوله «ما فيها» ثمّ أدخلها النساخ في المتن فيما بعد.
2- عنه البحار : 39/ 158 ح 1، وعن بصائر الدرجات: 108 ح 11 بهذا الاسناد . وروی نحوه علىّ بن ابراهيم في تفسيره : 652 باسناده إلی أبي بردة ، عنه البحار : 18/ 405 ح 112. والطوسي في أماليه : 2/ 255 باسناده إلی أبي بصير ، عنه البحار : 18/ 388 ح 97 وج 40/ 35 ح 70. وأخرجه في البحار : 18/ 405 ح 111، وج 26/ 115 ح17 عن البصائر . وفي مدينة المعاجز : 11ح 4 عن أمالي الطوسی و البصائر . و يأتي مثله في الحديث التالي «85».
3- كذا في م ، وفي ه «بن أبی علیّ» ، وفي البصائر «بن علیّ» ، و تقدم في الحديث «84»: «حسان بن مهران» والظاهر أنّه هو، لاتحاد الرواية والمروي عنه، فلعلّ أبو علیّ کانت كنية حسان ، أو أبيه ، وإن لم يتعرض لها أحد في كتب الرجال . تجد ترجمته في معجم رجال الحديث : 4/ 273 ، لسان المیزان: 2/ 189.

من ذلك شيئاً إلّا و قد رأيته كما رأيته .(1)

فصل

86- وعن المعلّی بن محمّد البصري، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن محمّد ابن عليّ ، عن (2) خالد بن نجيح قال : دخلت على أبي إبراهيم (علیه السلام) بالرميلة (3) .فلمّا نظرت إليه قلت في نفسي : مظلوم مغصوب مضطهد (4) ثمّ قبّلت بين عينيه .

فالتفت إليّ فقال: نحن أعلم بهذا الأمر من غيرنا ، لو أردناه ردّ إلينا، وإنّ لهؤلاء القوم مدّة وغاية لابدّ من الانتهاء إليها .(5)

ص: 869


1- عنه البحار : 57 /335 ح 23 . وعنه البحار: 39 /158 ح 2، وعن بصائر الدرجات : 107 ح3 بهذا الاسناد . ورواه في مختصر البصائر : 69 باسناده عن سعد بن عبد الله . وأخرجه في البحار : 18 /406 ح 113، وج 26 /115 ح 16 عن البصائر . و تقدم مثله في الحديث السابق «84».
2- «بن» ه،م ، تصحيف ، صوابه ما في المتن كما في البصائر وكتب الرجال.
3- منزل في طريق البصرة إلی مكة . معجم البلدان : 3 /73
4- زاد فی ه،م «في نفسه» وكأنّها تصحيف قوله «في نفسی» حيث ذكره في البصائرهنا بدل موضعه المتقدم.
5- عنه البحار : 48 /49 - 50 ح 40 و41 ، وعوالم العلوم : 21 /89 ح 2 ، وعن بصائر الدرجات : 126 ح7 باسناده عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلی بن محمد، عن الحسن بن علىّ الوشاء ، عن محمّد بن علىّ، عن خالد الجوان. ورواه في دلائل الإمامة : 159 باسناده عن الحسين بن محمّد بن عامر، عنه مدينة المعاجز : 429 ح 13 . وأورده في ثاقب المناقب : 276 (مخطوط) عن خالد بن نجيح، عنه مدينة المعاجز :467 ح 119. وأخرجه في البحار : 26 /139 ح9.

87 - وعن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب و أحمد و عبد الله ابني محمّد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب (1) عن ضريس الكناسي(2) قال : سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول - و عنده أناس من أصحابه وهم حوله-:

إنّي لأعجب من قوم يتولّونا ، و يجعلونا أئمّة ، ويصفون بأنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة الله ، ثمّ يكسرون (3) حجّتهم ، ويخصمون أنفسهم لضعف قلوبهم ، فينقصونا حقّنا ، و يعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا، و التسليم لأمرنا .

أيرون أنّ الله افترض طاعة أوليائه على عباده، ثمّ يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض، ويقطع عنهم موادّ العلم فيما يرد عليهم ممّا فيه قوام دينهم ؟!

فقال له حمران : يا بن رسول الله أرأيت ما كان من قيام أمير المؤمنين والحسن والحسين (علیهم السلام) خروجهم وقيامهم بدين الله وما أصيبوا به من قبل الطواغيت ، و الظفر بهم حتّى قتلوا وغلبوا ؟

فقال أبو جعفر (علیه السلام): ولو أنّهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من ذلك سألوا الله أن يرفع ذلك عنهم ، وألحّوا عليه في إزالة ملك الطواغيت عنهم ، إذاً لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثمّ كان (4) انقضاء مدة الطواغيت و ذهاب ملكهم أسرع من سلك (5)منظوم انقطع فتبدّد، وما كان الذي أصابهم لذنب اقترفوه، ولا لعقوبة معصية خالفوه

ص: 870


1- «زیاد» ه . تصحيف ، راجع معجم رجال الحديث : 12 /20.
2- «الكنانی» ه. ذكر السيد الخوئي في رجاله : 9 /157 أنّ الصحيح الکناسی. وهو ضريس بن عبد الملك بن أعين الشيباني ، وانّما سمى الكناسي لأنّ تجارته بالكناسة.
3- «یکنزون» ه. «ينكرون» خ ط.
4- زاد فی م «یکون»، وكأنها نسخة بدل «كان».
5- زاد في ط ، ه «فيه خرز».

فيها ، ولكن لمنازل و كرامة من الله أراد أن يبلغوها (1) فلا تذهبنّ بكم المذاهب .(2)

88 - وعن أحمد بن محمّد السيّاري ، عن محمّد بن إسماعيل الأنصاري ، عن صالح بن عقبة الأسدي ، عن أبيه ، قال : قال لي أبو عبد الله (علیه السلام): يقولون بأمر ثمّ يكسرونه ويضعّفونه ، يزعمون أنّ الله احتجّ على خلقه بوجل، ثمّ يحجب عنه علم السماوات والأرض ، لا والله ، لا والله ، لا والله .

قلت : فما كان من أمر هؤلاء الطواغيت، وأمر الحسين بن علي (علیهما السلام) ؟

فقال : لو أنّهم ألحّوا فيه على الله لأجابهم الله ، و كان أهون من سلك يكون فيه خرز (3) انقطع فذهب ، ولكن كيف إذاً نريد غير ما أراد الله .(4)

يعني أنّ الله تعالى لم يرد ذلك إلجاءاً واضطراراً ، وإنّما أراد أن يكون ذلك اختیاراً ، والالجاء ينافي التكليف ، و كذلك نحن نريد مثل ذلك ، ولانخالف الله .

ص: 871


1- «يبلغهم اياها» ط، ه. «يبلغها» البصائر.
2- عنه مختصر البصائر : 120 ، والبحار : 26 /149 ح 35. ورواه في بصائر الدرجات : 124 ح3 باسناده إلی ضريس ، عنه البحار : 44 /276 ح5 وفي الكافي: 1 /261 ح 4، و ص 281 ح 3 قطعة باسناده إلی ضريس الكناسی. ويأتي مثله في الحديث التالي «88».
3- «خرز منظوم» ط، ھ.
4- عنه البحار : 26 /152 ح 39 ، وعن بصائر الدرجات: 125 :ح 4 بهذا الإسناد. و قد جعل في«ه» هذا الحديث في فصل خاص ، والحال أنّه من صنف سابقیه.

فصل

89-وأخبرنا السيّد ذوالفقار بن محمّد بن معبد الحسني (1) ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي: نا محمّد بن علي بن خشیش(2) : نا أبو المفضّل : حدّثنا أحمد بن محمّد ابن سعيد الهمداني : حدّثنا عليّ بن الحسن بن فضّال : حدّثنا جعفر بن إبراهيم ابن ناجية : حدّثنا سعد بن سعد الأشعري قال : سألت الرضا (علیه السلام) عن الطين ، فقال : كل طين حرام - کالميتة والدم [ولحم الخنزير] وما أهلّ به لغير الله - ما خلا طين قبر الحسين (علیه السلام) فإنّه شفاء من کلّ داء .(3)

ص: 872


1- «سعید الحسینی» ط،ه . تصحيف ، صوابه ما في المتن . وهو السيد عماد الدين أبو الصمصام و أبو الوضاح ذو الفقار بن محمّد بن معبد الحسنی المروزی المرندی نزیل بغداد . ومنهم من ذكر نسبه إلی أحد أجداده و هوابراهيم بن موسی، فجعل فيما بعد موسى الكاظم عليه السلام ، لذا اشتبه على البعض أنّه حسینی . والصحيح أنّه ابراهیم بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (علیهما السلام) . تجد ترجمته في فهرست منتجب الدين: 73، أمل الآمل : 2/ 115 ص 116، و ریاض العلماء : 2 /278 ، و أعيان الشيعة :6 /432 و فيه ترجمته بالتفصيل.
2- «خنيس» م، والأمالي ، وفي مواضع اخرى كما في المتن . وهو محمّد بن على بن خشیش بن نضر بن جعفر بن ابراهيم التميمي . تجد ترجمته في مستدرك الوسائل : 3 /509 (الطبعة الحجرية) ، والنابس : 174.
3- عنه الوسائل : 16 /396 ح 2 ، وعن الكافي : 6 /266 ح9 وص 378 ح 2 من طریقین، والتهذيب : 9 /89 ح 112 بأسانيدهما إلی سعد بن سعد. ورواه في كامل الزيارات : 285 باسناده إلی الصفار ، عنه البحار : 60 /154 ح 11 ، وج 101 /130 ح 45. والطوسي في أماليه : 1 /326 باسناده عن المفيد برفعه إلی سعد بن سعد ، عنه الوسائل : 10 /415 ج3، والبحار : 60 /151 ح5 ، وج 101 /120 ح7.

90 - وقال أبو المفضّل الشيباني: حدّثنا عمر بن الحسين بن (1) عليّ بن مالك الشيباني ببغداد : حدّثنا المنذر بن محمّد القابوسي : حدّثنا الحسين بن محمّد أبو عبدالله الأزدي : حدّثنا أبي قال :

صلّيت في جامع المدينة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر ، يقول أحدهما لصاحبه : يا فلان أما علمت أنّ طين قبر الحسين (علیه السلام) شفاء من کلّ داء !!

وذلك أنّه كان بي وجع الجوف ، فتعالجت بكلّ دواء فلم أجد منه عافية ، و آیست ، و كانت عندنا عجوز من الكوفة ، فقالت لي : يا سالم ما أری علّتك كل يوم إلّا تزيد ، فهل لك أن أعالجك فتبرأ باذن الله ؟

قلت : نعم . فسقتني ماءاً في قدح فبرأت ، و كان اسمها « سلمة » فقلت لها بعد أشهر : بماذا داويتيني؟

قالت : بواحدة ممّا في هذه السبحة . و كان في يدها سبحة من تربة الحسين (علیه السلام) فقلت : يا رافضيّة داويتيني بطين قبر الحسين (علیه السلام) ؟!

فخرجت (2) مغضبة ، فوالله لقد رجعت علّتي أشدّ ما كانت ، وأنا أقاسي الجهد والبلاء. (3)

91- وروى أنّ رجلاً ممّن يخدم الخليفة قد مرض مرضة شديدة ، و لم ينفع فيه الدواء، فقالت أمّه (4) : تناول من تربة الحسين (علیه السلام) فلعلّ الله تعالى يشفيك ببركته (علیه السلام) فقد روينا أنّه شفاء من کلّ داء ، وأنت تؤمن بهم و بما قالوا .

فتناولت من تربته (علیه السلام) فعوفيت .

ص: 873


1- كذا في الأمالي . وفي م «عن».
2- «فرجعت» م.
3- رواه الشيخ الطوسي في أماليه : 1 /327 باسناده عن ابن خشیش ، عن أبي المفضل ، عنه البحار : 45 /399 ح 9 ، و مستدرك الوسائل : 10 /406 ح7.
4- «فقيل له» ه.

قال الراوي : فلمّا برأو رجع إلی دار الخلافة ، قال له خادم من خدم الخليفة (1): كنّا قد آیسنا منك ، فبأيّ شيء تداویت ؟

قال : إنّ لنا عجوزاً و لها سبحة من تربة الحسين (علیه السلام) فأعطتني واحدة منها، فجعلها الله سبحانه لي شفاء .

قال الخادم : فهل بقي منها شيء ؟

قال : نعم، قال : فائتني منها بشيء.

قال : فخرجت و أتيت بحبّات منها ، فأخذها وأدخلها في دبره (2) تهاوناً بها ،فبينما هو [كذلك] إذ صاح : النار ، النار ، الطشت ، الطشت .

ووقع على الأرض يستغيث ، ثمّ خرجت أمعاؤه كلّها ، ووقعت في الطشت ، وبعث الخليفة إلی طبيبه النصراني (3) فاستحضره .

فلمّا رأى ذلك قال : هذا إنّما يداويه المسيح . وسأل عن حاله فأخبروه بما فعل الخادم، فأسلم النصراني في الحال وحسن إسلامه .(4)

ص: 874


1- صرح باسمه في الأمالى بأنّه عیسی بن موسی الهاشمي من أحفاد عبد الله بن عباس المتوفى سنة ثمان وستين ومائة. تجد ترجمته في سير أعلام النبلاء : 7 /434 ، والعبر: 1 /195
2- «استه» خ ل.
3- وهو كما في الأمالی: یوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب
4- رواه مفصلاً الشيخ الطوسي في أماليه : 1 /327 باسناده إلی أبی موسی بن عبدالعزيز ، عن يوحنا ، عنه البحار : 45 /399 ح10. وفي بشارة المصطفی : 275 باسناده إلی أبی موسی بن عبدالعزيز.

الباب السابع -عشر فی الموازاة بین معجزات نبیّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و معجزات أوصیائه (علیهم السلام) و معجزات الأنبیاء (علیهم السلام)

إشارة

الباب السابع عشر(1) في الموازاة (2) بين معجزات نبینا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ومعجزات أوصيائه (علیهم السلام) ومعجزات الانبياء (علیهم السلام)

أمّا بعد حمد الله الّذي جعل الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق .

والصلاة على سيّدنا محمّد و آله الّذين هم حجج الله على الخلق بالحقّ.

فإنّ ذکر موازاة نبيّنا سائر الأنبياء المتقدّمين في المعجزات وغيرها تكفي الاشارة إليها ، وكذلك الزيادة من المعجزات التي كانت له عليهم فهي (3) أظهر من أن تحتاج إلی الاستدلال عليها، فقد صحّ أنّه أفضل من کلّ نبيّ سبق، إذ أجمع عليه جميع المحقّقين واتّفق .

ص: 875


1- علق أحدهم رامزاً لاسمه ب «ح م» مایلی : «هذا واقع في الباب التاسع عشر، بعد الفرق بين الحيل والمعجزات . وهذا الباب - السابع عشر - إنّما هو لام المعجزات، فقد سها قلم الناسخ وقدم هذا علی محله ببابین على ما في بعض النسخ ، ويؤيدها فهرسها في الباب السادس عشر». أقول : والصحيح : آخر الباب الخامس عشر . و الحال كما قال بخصوص التسلسل المذكور في آخر الباب الخامس عشر ص 791 ، ولكن المصنف لم يقصد بیان تسلسلها في الخرائج، وإنّما قصد ذكر المختصرات الخمسة التي سيضيفها، ذكراً اجمالياً لاترتيبياً والدليل على ذلك أنّه عین عنوان کلّ باب في خطبة الكتاب ، فراجع ص20.
2- «المؤازرة» م، وفي ه بدل هذا العنوان «في الموازاة من المعجزات».
3- «لهم» م ،«له» خ ل بدل «له عليهم فهی».

ولذلك قال: «أنا سيّد ولد آدم ، ولافخر».(1).

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «آدم و من دونه تحت لوائي يوم القيامة» .(2)

وقد ذكرنا من معجزاته ومعجزات أوصيائه الّتي رواها الرواة المعروفون بالأمانة ما يربى على أعلام الرسل الماضين عند الموازاة والموازنة .

ونذكر هاهنا شيئاً يفتقر إليه في هذا المعنى إن شاء الله .

ص: 876


1- رواه في صحيفة الرضا عليه السلام: 106 ذح 55 باسناده إلی رسول الله صلى الله عليه و آله ورواه في قرب الاسناد : 51 باسناده إلی الصادق عليه السلام . وفي المحاسن : 2 /570 ح 2 باسناده إلی علیّ علیه السلام ، عنه البحار :66 /454 ح 31 وفي الكافي : 6 /380 ح 1 و5 بثلاثة طرق إلی علیّ علیه السلام ، عنه الوسائل : 17/ 186 ح3 و5. و في عيون الاخبار : 2 /35 ح 78 باسناده إلی رسول الله صلى الله عليه و آله ، عنه الوسائل : 17 /12 ح3 و 4، والبحار : 16 /325 ح 21، وج 66 /58 ح4. وفي دعائم الاسلام : 2 /109 ح 354 باسناده إلی النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، عنه البحار : 66 /76 ح73 . وأخرجه الزمخشري في ربيع الابرار : 1 /220 . وأخرجه الطبراني في الأوسط ، وأبو نعيم في الحلية عن بريدة . وفي ينابيع المودة : 243 عن کتاب میر سید على الهمدانی
2- أورده مرسلاً في مناقب آل أبی طالب : 1 /183 عنه البحار : 16 /402 ح1.

باب –الکلام علی الخرمیة القائلین بتواتر الرسل بعد نبیّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)

إشارة

الكلام على الخرمية (1) القائلين بتواتر الرسل بعد نبینا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

إعلم أنّهم زعموا أنّ الأنبياء بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تتری ، و أنّ الرسالة لاتنقطع إلى الأخرى ، وتمسّكوا بقوله تعالى : « يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ » (2) .

قالوا : وهذا في المستقبل يدلّ على أنّ الرسل تتری .

واستدلّوا أيضاً بقوله تعالى : « وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ » (3) .

وقالوا : الخاتم في المعتاد يكون مستعملاً في وسط الكتاب ، فدلّ هذا على أنّه ليس بآخر الرسل .

وربّما كانوا يقولون : قد علمنا ذلك بالعقل والخبر.

فصل -في ابطال قولهم

إعلم - أوّلاً - أنّا إنّما قطعنا على القول بأن لانبيّ بعد نبيّنا ، ولارسول بعد رسولنا من جهة الخبر على ما يذكر من بعد .

فأمّا من جهة العقل فقد كان جائزاً أن يكون بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نبيّ أو رسول .

ص: 877


1- بتشديد الراء ، وهم أتباع بابك الخرمي الذي ظهر في جبل بناحية آذربیجان . وقيل : اصفهان - وكثر أتباعه ، واستباحوا المحرمات ، وقتلوا الكثير من المسلمين ، وجهز اليه خلفاء بني العباس جيوشاً كثيرة ، ودامت الحرب بينهم عشرين عاماً إلی أن اخذ هو وأخوه اسحاق . و صلبا . ويقال لهم أيضاً : البابكية و المحمرة. راجع معجم الفرق الاسلامية : 47 و ص 108 و ص 217.
2- سورة الأعراف : 35
3- سورة الأحزاب : 40

ثمّ يقول لهم في الآية الأولى : إنّها لاتدلّ على ما ذكرتم ، لأنّ معناها : «إن يأتكم نبأ رسل كانوا من قبلكم و كانوا يقصّون دلالاتي و آیاتي لأممهم ، و قد أنزلت عليكم فمن عمل بأوامره وانتهى عن زواجره ، فلا خوف عليه ولاحزن له».

فحذف المضاف واقيم المضاف إليه مقامه كقوله تعالى: « وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ » (1).

والايجاز في الكلام من أعجب البراعة ، وفصاحة القرآن من أغرب البلاغة ، ومن نظر في هذا الخطاب يعلم منه ما ذكرنا ، و لايتذكّر إلّا أولو الألباب .

ويؤيّد صحّة ما ذكرناه الآية التّي بعدها ، وهي قوله تعالى : « وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (2).

وهذا وعيد لامّة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا خلاف أنّه للماضي دون الاستقبال .

ومعناه : «فكلّ أمّة من أهمّ هؤلاء الرسل كذّبوهم بسبب تلك الآيات، واستكبروا عن قبول تلك المعجزات ، فقد صاروا أصحاب النار ، فإن کنتم مثلهم ولا تقبلونها فتكونوا أيضاً من أهل النار».

على أنّ هذا الخطاب ، و إن كان على الاستقبال - و المراد به الماضي على ما ذكرنا - لما خصّه نبيّنا بقوله «لانبيّ بعدي» و تخصيص القرآن بالسنّة جائز شائع.

وفيه جواب آخر وهو أنّ هذا يقال لهم يوم القيامة : «يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسل منكم» كما قال تعالى في موضع آخر : « يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا » (3) .

ص: 878


1- سورة يوسف : 82. وعلق بعضهم في حاشية «م» رامزاً لاسمه «ح» قائلاً :«جاز أن يقال : إنّ هذا على حقيقته، لأنّ المأمور نبی قادر على المعجز ، فيمكن له سؤال القرية . لكن ماذكره العلماء أنّه على حذف المضاف مجازاً ، أو استعمال لفظ المضاف اليه في المضاف مجازاً»
2- سورة الأعراف : 36
3- سورة الأنعام : 130

وقيل : إنّ معنى الآية «إن يأتكم رسل من الملائكة من أجل مصالحكم» فلا تكون من النبيّين ، فلا تتعلّق إلّا بقوله «یأتکم» دون قوله «رسل» وهذا أيضاً حسن . (1)

فصل

وأمّا قوله تعالى: « وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ »(2) بكسر التاء ، والمعنى : الذي ختم النبوّات بنبوّته .

ومثله : خاتمه مسك ، وختامه مسك ، أي آخر طعمه المسك .

وكقوله : هذا خاتم هذا الأمر : أي هو آخره .

وقد قرأ عاصم : « خَاتَمَ النَّبِيِّينَ » بفتح التاء ، ومعناه يؤوّل إلی كسر التاء، لأنّه من خاتم الكتاب الذي جمع الجميع فرغ من أمره .

كذلك : رسولنا خاتم المرسلين ، لأنّه بعث آخراً و ليس بعده رسول.

فمن فتح التاء أجراه مجرى المصدر ، والمصدر يوضع موضع الفاعل مرّة، وموضع المفعول أخرى، وبكسر التاء إسم الفاعل من «ختم» أي : آخرهم و واضع الختم على النبوّة فلا يكون بعده نبيّ . فعلى القراءتين لاحجّة لهم فيه .

وأما قولهم : «عرفنا ذلك» فلا يخلو إمّا أن قالوا : بالعقل .

قلنا : وما في العقل ما يوجب أن تكون الرسل تترى (3) وأنّها لاتنقطع ، وإنّما يجب في العقل أن يكون في المكلّفين معصوم إذ لم يكونوا معصومین، وهذا المعصوم يحفظ الشرع الذي أدّاه الرسول إليهم .

ويكون وصيّاً لذلك النبيّ ، كما كان منذ عهد آدم (علیه السلام) إلی وقتنا هذا .

ص: 879


1- علق بعضهم بين سطور نسخة «م» قائلاً: وقولهم مردود بالمتواتر «إلّا أنّه لانبیّ بعدی» و « خَاتَمَ النَّبِيِّينَ » والختم آخر أمر . انتهى.
2- سورة الأحزاب : 40
3- زاد في خ ل «بعد محمد».

وإن قالوا : بالخبر علمنا ذلك، وفي العقل تحريره .

قلنا : وأي خبر جاء به؟ فلابدّ يجدون شيئاً من ذلك .

فصل

ويقال لهم : ألستم تثبّتون نقل المسامين لأعلام نبيّهم ، و تقولون : إنّها صحيحة؟

فإذا قالوا : نعم .

قلنا لهم : فإذا أثبتّم نبوّته بالأعلام الّتي نقلها أهل الإسلام ، فقد نقلوا بعدها أيضاً أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «لا نبيّ بعدي و لا رسول» و كانوا قد عرفوا معناه معرفة لايشكّون فيها .

فإن قالوا: الكذب يجوز عليهم في نقلهم .

قلنا : فما أنكرتم من جواز الكذب عليهم في نقلهم أعلام کلّ نبيّ أقررتم به وتؤمنون بنبوّته ؟

فإن قالوا : لا يجوز ذلك. قلنا : فإذا لم تجوّزوا عليهم في ذلك الكذب لزمكم أن لا تجوّزوا مجيء رسول بعده من قبل الله تعالى ، و ذلك أنّ الذين نقلوا أعلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حتّى علم (1) بها نبوّته هم الذين نقلوا أنّه قال : «لا نبيّ بعدي» و إذا جاز صدق أحد النقلين جاز الاخر .

والناقلون الذين نقلوا إلينا أنّه وقّفهم على أنّه لانبيّ بعده قد بلغوا في الكثرة إلی حدّ لا يجوز عليهم التواطؤ - ونحوه - فيه .

وقد أجمعت الطائفة المحقّة عليه ، وإجماعهم حجّة ، وذلك توقيف يعلم منه مراده و قصده في أنّه أراد التعميم الّذي لا تخصیص فيه بوجه من الوجوه .

فعلمنا عند سماع أخبارهم على هذا الوجه أنّه (2) لانبيّ بعده قطعاً .

فإن قالوا : فما بالنا لانعلم ذلك ؟ قلنا : لأنّكم لا تنظرون في هذا الخبر ، كما

ص: 880


1- «علموا» خ ل.
2- «ان العلم بأنّه» خ ل «انّه».

لا تنظر اليهود والنصارى في أعلام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) التي يرونها و يصدّقونها ، فلو نظرتم في الخبر ، ونظروا فيها ، لحصل لكم ولهم العلم بالأمرين كما حصل لنا .

فصل

فإن قالوا : فبم تنفصلون من أهل الكتابين إذا قالوا : إنّ موسى وعيسى (علیهما السلام) قد أمرانا بالتمسك بشريعتهما أبداً وأنّ ذلك يقتضي التأبيد الذي لا تخصیص فيه ؟

قلنا : الفرق بيننا و بينهم فيه وجوه كثيرة : أحدها أنّ موسی و عیسی (علیهما السلام) من قولهم وقولنا قد أمرا بتصديق الأنبياء بعدهما، وأخبرا عن نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و بشّرا به .

وهم جميعاً - أعني اليهود والنصاری - معترفون بأنبياء قد كانوا بعدهما، ونبيّنا قد قال : «لا نبيّ بعدي» قولاً قطعاً ونصّاً وحزماً.

فعلم السامعون قصده في التعميم الذي لا تخصیص فيه من الوجوه .

وإنّما قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : سيكون بعدي أوصياء بعدد نقباء بني إسرائيل . (1)

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : سيكون بعدي كذّابون .(2)

وفي رواية أخرى: سيكون بعدي ثلاثون دجّالا يظهرون عند اقتراب الساعة .(3)ولم يقل أنّه يكون بعدي (4) نبي صادق .

ص: 881


1- لمعرفة مصادر هذا الحديث الكثيرة راجع عوالم العلوم في النصوص على الائمة الاثنى عشر ص 93 ح 3 - 5 وص 101 ح9 و ص 102 ح10 وغيرها.
2- روی نحوه في مسند أحمد : 5 /41 باسناده عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن طلحة بن عبدالله بن عوف ، عن أبي بكرة ، عن رسول الله صلى الله علیه و آله.
3- روی نحوه في مسند أحمد : 2 /118 باسناده عن عبدالصمد ، عن حماد ، عن عليّ بن زید ، عن يوسف بن مهران ، عن عبدالله بن عمر، وفي ص 313 باسناده عن عبد الله ، عن أبيه، عن عبدالرزاق بن همام ، عن معمر ، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله ضمن حديث طويل.
4- «بعده» خ ل.

وأيضاً فإنّ القوم إنّما ينقلون عن موسى وعيسى - علی نبیّنا وعليهما السلام – ترجمة كلامهما ، لأنّ لغتهم غير لغتنا هذه ، والمترجم يجوز عليه الخطأ والغلط والسهو .

ولأنّ المسلمين قد أجمعوا على أنّه لا نبيّ بعده ، و الحجّة قد قامت على أنّه على التعميم لا خاصّ فيه بوجه من الوجوه ، لأنّ فيهم معصوماً في کلّ زمان ، ولا معصوم في أهل الكتاب اليوم .

ويمكن أن يستدلّ من القرآن الكريم في مواضع منه كقوله تعالى: « هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ » إلی قوله: « وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ » (1)

و كقوله تعالى : « لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ » (2).

ولا خلاف أنّ ذلك اللفظ يجب حمله على التعميم (3) في الشرع أيضاً ، فالكتاب والسنّة والإجماع الّتي تلائمها دلائل الشريعة يدلّ على قولنا .

فإن قيل : فالخرميّة تخالف في هذا الباب ، فكيف تقولون: الاجماع منعقد فيه؟

قلنا: خلاف الخرّميّة خلاف حادث، سبقه الاجماع وتأخّر عنه من أهل الأعصار .(4)

ص: 882


1- سورة الجمعة : 2 و 3.
2- سورة الأنعام : 19
3- «العموم» خ ل.
4- زاد بعضهم في حواشی نسخة «م» رامزاً لاسمه «ح.س» : «و أيضاً فقد انقرضوا، وانقراضهم يدلّ على بطلان مذهبهم ، و إلّا لخرج الحقّ عن الأمّة».

باب في معجزات محمد و أوصيائه عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام من جهة الاخلاق

إشارة

إعلم أنّ هذه آية عظيمة ، ودلالة قويّة، ومعجزة (1) كبيرة ، لا يعرفها على التفصيل إلّا الخاصّة ، وإنّما العامّة يعرفونها على الاجمال ، تبعاً للخاصّة فيه.

وذلك أنّه لم يتيسّر لأحد قطّ ، ولا سمع، صبر كصبر محمّد والأئمّة من عترته وأهل بيته ، ولا حلم كحلمهم ، ولا وفاء کوفائهم .

ولم (2) يوجد کرأفتهم ورحمتهم (3) ولا كزهدهم ونجدتهم ، ولا كجودهم وصدق لهجتهم ، ولا كتواضعهم و کرم عشرتهم (4)، ولا کعلمهم وحكمتهم ، ولا كحفظهم لمّا سمعوا، ولا كصمتهم (5) إذا صمتوا ، ولا كقولهم إذا قالوا، ولا کعجیب مولدهم ومنشئهم، ولا كقلّة تلوّنهم، ولا ككثرة علومهم في کلّ فن ، ولا كدوام طريقتهم ، ولا كحسن سيرتهم ، ولا كعفوهم وقلّة امتنانهم ، ولا كحسن خلقهم ، ولا كطهارة مولدهم وطیب محتدهم (6).

[إذ] لم يكن أحد منهم بفظ ّ، ولا غليظ ، ولا صخّاب ، ولا فحّاش ، ولا كذّاب ولا مهذار .

و لا يرى أحد منهم قطّ فارغاً، إذا لم يكن في عبادة و اجتهاد ، كان في هداية وجهاد ، إمّا يخصف نعلاً لرجل مسكين ، أو يخيط ثوباً لأرملة ، أو إصلاح ذات البين للمسلمين .

ص: 883


1- «قويمة ومعجزات» ه.
2- «لا» ه.
3- «کرامة ككرامتهم» ط. وفي خ ل «كرأفتهم وحميتهم».
4- «عشیرتهم» خ ل.
5- «کعفتهم» ط.
6- المحتد : الأصل، يقال «فلان كريم المحتد»

فجميع هذه الخلال (1) الحميدة ، و غيرها من مكارم الأخلاق [ ما لم نذكره ] قد بلغت فيهم غاية ، وأدركت منزلة خرقت العادات ، وصارت من المعجزات فما يستطيع منافق [ و لا كافر ] أن يقول فيهم غميزة و لاشتاراً(2) ، ولا عيباً و لا عاراً بل يثني عليهم - إضطراراً - کلّ عدو و حاسد ، و يمدحهم کلّ زندیق و جاحد كما حمدهم (3) الله تعالى إلی أنبيائه المتقدّمين ، و باهی بهم الملائكة المقرّبين إذ لم يقع منهم قطّ عثرة ، ولاغدرة ، ولا فجرة (4) .

و كانت من جميع الناس سواهم سقطات وهفوات ، ولم يقعد إليهم شرّ الناس على [الأكثر و] الأغلب ، إلّا صار خير الناس ، وقد أطبق الثقلان، وأهل السماوات والأرضين ، أنّهم كانوا أزهد النّاس ، وأعلمهم [وأحلمهم] و أشجعهم ، و أفضلهم، وصارت کلّ خصلة خير ، وخلّة برّ من سيرهم وأخلاقهم إلی درجة خارقة للعادة. وليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد.

فصل

أمّا سيّدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فإنّه كان يعلم جميع ما علّمه الله تعالی آدم ، وجميع الأنبياء والملائكة ، وقد علّمه الله تعالى مالم يعلموا ، وأوصله إلی مالم يصلوا، كان في طول الأيام يلقى السفه (5) بالحلم ، والأذى بالإحتمال ، و التضييق بالصبر .

والعجب من قريش ! فهم كانوا أحلم (6) جيل في الأرض ، إلّا فيما بينهم وبينه

ص: 884


1- «الخصال» خ ط ، ه، «الحالات» خ ط ، «والخلال» : الخصال جمع خلة مثل الخصلة.
2- ضعف في العقل أو العمل ، يقال: «ما فيه غميزة أو مغمز» أي نقيصة یشار بها اليه . وشتربه : تنقصه. سبه وعابه وأسمعه القبيح.
3- «مدحهم» خ ط.
4- «مخرقة» خ ط
5- «المشقة» خ ل.
6- «أحكم» ه.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فهم كانوا إذا صاروا إليه أفحشوا في القول ، و أفرطوا في السفه ، ورموه بالفروث و الدماء(1) ، وألقوا في طريقه الشوك ، وحثوا في وجهه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) التراب .

فلمّا دخل مكّة عليهم عنوة ، قام خطيباً ، فقال : أقول كما قال أخي يوسف : « لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ».(2) فکرمه و(3) عفوه عنهم معروف(4) إذ قابل منكرهم بالمعروف.

و كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أحفظ الناس للتوراة ، والانجيل ، والزبور ، و كتب جميع الأنبياء (علیهم السلام)، و أقاصيص الرسل(5) والامم ، من غير دراسة ولا قراءة كتب.

و كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يعرف أخبار الملوك والجبابرة ، و كون العبر والمثلاث في جميع الدور السالفة والآنفة ، من لدن آدم وما بعده إلی قيام الساعة. (6) .

وكان الصدق شعاره ودثاره (7)، و كان أوفاهم عقداً [وعهداً].

وغدر قریش والعرب به مرّة بعد أخری مشهور في قصّة الحديبيّة وغيرها .

ثمّ لا يستطيع أحد أن يذكر له غدرة ولا كذبة ، لا في حداثته ولا كھوليّته، و كانوا يسمّونه قبل نبوّته (8) : [الصادق] الأمين .

و أما زهده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقد ملك من أقصى اليمن إلی شجرعمان ، إلی أقصى الحجاز إلى نواحي العراق ، ثمّ توفّي (9) و عليه دين ، و درعه مرهونة بطعام أهله ، ما ترك درهماً ولا ديناراً ، ولا شيّد قصراً ، ولاغرس نخلاً لنفسه ، ولاشقّ نهراً.

ص: 885


1- «بالقاذوره» خ ط.
2- سورة يوسف : 92 . انظر تفصيل ذلك في الكافي : 4 /225 ح3، عنه البحار : 21 /135 ح 26.
3- «فکرمه و» ه.
4- «ظاهر» خ ل.
5- «السلف» خ ط.
6- «يوم القيامة» ه
7- قال ابن الأثير في النهاية : 2 /480 ومنه حديث الانصار «أنتم الشعار والناس الدثار» أي أنتم الخاصة والبطانة والدثار: الثوب الذي فوق الشعار، انتهى . والمراد أنّه صلى الله عليه و آله كان صادق الجوهر والمخبر ، وفي الفعل والقول.
8- «مبعثه» خ ل.
9- «مات» خ ل.

وأمّا شجاعته ففرسان الجاهليّة كعامر بن الطفيل (1) و عتبة (2) بن الحارث بن شهاب صيّاد الفوارس ، وبسطام بن قيس ، كان لكلّ منهم فرّ (3) ، وما انحاز قطّ من شجعان وإن أحاطوا به ، و كان ضربه للاعداء ولو برأس سوطه ناراً محرقة .

و كان أشدّ الناس زهداً ، يلبس العباءة ، و يجالس المساكين ، و يتوسّد يده ويلطع أصابعه ، ولا يأكل متّكئاً ، بل يجلس جلسة العبد ، ولم ير ضاحكاً ملء فمه .

و كان أرحم الناس بالصبیان ، و أشدّ حياء من عذراء في خدرها ، و لا يأنف ولا يستكبر ، وما سئل شيء قطّ ، فقال : «لا».

وكان يقضي حوائج الأرملة ، و اليتيم ، و المسكين، يحسّن الحسن و يصوّبه ويقبّح القبيح ويوهنه ، لا يأكل وحده ، و لا يضرب عبده ، يأكل العبد معه ، ويطحن عنه إذا أعيا ، يحلب الشاة بيده ، و يعلف الناضج (4) ، ويقم (5) البيت ، و يخصف النعل ، ويرقع ، الثوب .

وهذه قصيرة من طويلة من أخلاقه الخارقة للعادة ، فإنّها كانت أبداً على وتيرة واحدة لا تتغيّر .

ص: 886


1- «الطقبل» م . «الصيقل» ط. تصحيف. ذكره المسعودي في مروج الذهب: 2 /328 ضمن حديث عمر وعمر بن معدی کرب.
2- «عقبة» م . تصحيف . وهو أبو عتيبة بن الحارث اليربوعي . ذكره ابن الأثير في الكامل وفي مواضع متعددة من الجزء الأول منه.
3- «کرّ و فرّ» ط.
4- كذا في النسخ. والظاهر أنّه الناضح ، وهو البعير يستقي عليه . ويقال : نضجت الناقة بولدها إذا جازت السنة و لم تنتج ، أي زادت على وقت الولادة.
5- قم البيت : کنسه.
فصل

وأما على بن أبي طالب (علیه السلام) فمن براهينه ما ساوی به نبيّين - عیسی و یحیی (علیهما السلام)-

فقال تعالى في عیسی (علیه السلام): « وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ» (1) و خرق العادة ، باکمال عقله .

وقال في يحيى (علیه السلام): « وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (2)..

و كان من آيات الله الخارقة للعادة في عليّ (علیه السلام) كمال عقله، و وفور علمه، ومعرفته بالله تعالى و برسوله مع عداده في (3) الأطفال حتى دعاه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلی التصديق به ، والاقرار بنبوّته ، و كلّفه العلم بحقّه ، وعهد إليه في الاستتار (4) بما أودعه من دينه، وأداء الأمانة فيه، و کلّفه العلم و العمل الشرعيّين، و كان إذ ذاك من أبناء عشر (5)فما دونها .

فكان كمال عقله (6) وحصول معرفته بالله و برسوله آية الله فيه باهرة ، خرق بها العادة ، و دلّ بها على مكانته منه ، و اختصاصه به و تأهيله لما رشّحه (7) له من الإمامة، و الحجّة على الخلق، فجری (8) في خرق العادة مجری عیسی ويحيى (علیهما السلام) .

و لولا أنّه كان كاملا في تلك (9) الحال لما كلّفه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الإقرار بنبوّته ، ولا دعاه إلی الإقرار (10) بحقّه ، ولا افتتح به الدعوة قبل جميع الرجال .

وأمّا زهده وعلمه وحلمه وشجاعته، فقد أقرّ أعداؤه بذلك، وقد علّمه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جميع ماعلّمه الله تعالى ممّا كان وممّا يكون.

ص: 887


1- سورة آل عمران:46.
2- سورة مريم : 12
3- «من» خ ل.
4- «الاستقرار»خ ل . «الاسراء» ه، ط.
5- «اثنی عشر» خ ل.
6- «فضله» ه، ط.
7- «رسخه» ط.
8- «تجری» م.
9- «ذلك» خ ل.
10- «الاعتراف» خ ل.

وما ولّى قطّ عن أحد مع طول ملاقاته الحروب و كثرة من مني به فيها (1) من صناديد الأعداء ، ولم يفلت منه قرن (2) في الحروب .

و كان من أعجوبة أفرده الله تعالى بها ، أنّه لم يعهد (3) لأحد من مبارزة الأبطال مثل ماعرف له من كثرة ذلك (فإنّهم ما عرّوه بشرّ) (4) ولا شين ، ولا وصل إليه أحد منهم بسوء حتّى كان من (5) أمره مع ابن ملجم - عليه اللعنة - في المحراب على اغتياله إيّاه ما كان ، وهذه آیات خارقة للعادات .

ولما قبض (علیه السلام) خطب ابنه الحسن (علیه السلام) فقال :

«لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون بعمل (6) ولایدر که الآخرون بعمل ، لقد كان يجاهد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقيه بنفسه .

وكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوجّهه برایته، فيكتنفه جبرئيل (علیه السلام) عن يمينه ، وميكائيل (علیه السلام) عن یساره ، فلا يرجع حتّى يفتح الله على يديه» . (7)

ولقد ولد في بيت الله الحرام ، ولم يولد فيه أحد [ غيره ]قطّ.

ولقد توفّي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم (علیه السلام)، و فيها قبض يوشع ابن نون وصي موسى (علیه السلام)، وما خلّف صفراء ولا بيضاء ، و لم يزل ينشر معالم الدين من السنّة والقرآن ، ويحكم بالعدل ، ويأمر بالاحسان .

ص: 888


1- «من لاقاه» ه،ط . يقال: منی - على بناء المجهول - بكذا: امتحن واختبربه.
2- قرنك: كفؤك ، نظیرك في الشجاعة أو العلم و غيرهما.
3- «يعرف» ط.
4- «أنه ماعرفه أحد منهم ( بسوء) بشرّ» ه،ط.
5- «ماکان» ط.
6- «بعلم» خ ل. وكذا التي بعدها.
7- أورد هذه الخطبة جمع كثير من الفريقين . حيث أوردها المفيد في الارشاد : 206، عنه البحار : 43 /362 ح4. والار بلي في كشف الغمة : 1 /531 . ومن طريق العامة راجع احقاق الحق: 4 /411 – 425.

و كان قبل الهجرة مشاركاً للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في محنه کلّها، متحمّلا عنه أكثر أثقالها.

وبعد الهجرة [ كان ] يكافح عنه المشركين ، ويجاهد دونه الكافرين .

وقد قاسي [ من ] بعده في حفظ الدين مالا يحيط به کتاب .

وكلّ ذلك خارق للعادة .

فصل

وأمّا الحسن و الحسين (علیهما السلام) فسيرتهما المرضيّة ، و أخلاقهما الرضيّة، وعلومهما (1)و کمالهما في حال الصغر ، أشهر من أن يتكلّم عليه ها هنا .

و کفي لهما فضيلة ، أنّ فاطمة (علیها السلام) أتت بهما إلی النبيّ في شكواه التي توفّي فيها ، فقالت : هذان ابناك ، ورّثهما شيئاً . فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :

«أمّا الحسن (علیه السلام) فله هيبتي (2) وسؤددي ، وأمّا الحسين (علیه السلام) فله جودي و شجاعتي» .(3)

ولا يخفى أنّ أكثر شمائل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) تندرج تحت قوله هذا (4).

وكان الحسن (علیه السلام) يشبّه بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من صدره إلی رأسه، والحسين (علیه السلام) يشبّه به من صدره إلی رجليه ، وروي هذا على عكسه أيضاً .

ص: 889


1- «وعلوهما» خ ل.
2- «هدیی» م ، ه.
3- رواه في الخصال : 77 ح 122 باسناده إلی ابراهيم بن علىّ الرافعي ، عن أبيه ، عن جدّته زینب بنت أبي رافع ، عن فاطمة عليها السلام مثله. والمفيد في الارشاد : 206 باسناده إلی ابراهيم بن على، عن أبيه ، عن جدّته وشبيب بن أبي رافع ، عمّن حدّثه مثله . وأورده في اعلام الوری : 211 بالاسناد إلی ابراهيم بن علی... مثله،عنهم جميعاً البحار: 43 /263 ح10 ، والعوالم : 16 /43 ح1. وأخرجه في احقاق الحق : 10 /708 - 713 عن مصادر عديدة برواية هؤلاء.
4- زاد في ه «للحسن»

وكان من برهان كمالهما، وحجّة اختصاص الله سبحانه لهما مباهلة (1) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بهما (علیهما السلام) و بيعته لهما ، ولم يبايع صبيّاً في ظاهر الحال غيرهما .

وقد نزل القرآن الكريم في سورة «هل أتی» بایجاب ثواب الجنّة لهما على عملهما (2) مع ظاهر الطفوليّة فيهما ، و لم ينزل في مثلهما بذلك (3) فعمّهما قوله تعالى : « إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا » (4) مع أبيهما وامّهما ، وتضمّن نطقهما وضميرهما الدالّين على الآية الباهرة(5) و الحجّة العظمی على الخلق بهما، كما تضمّن عن نطق المسیح علی نبیّنا و آله و عليه السلام في المهد.

فصل

وأمّا علي بن الحسين (علیهما السلام) فإنّه كان أفضل خلق الله تعالی بعد أبيه علماً وعملاً وكان اجتهاده ، وعبادته ، وزهده ، وسيرته مع الخلق كلّها خارقة للعادة .

عن الباقر (علیه السلام) : كان أبي يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و كانت الريح تميله بمنزلة السنبلة .(6)

وقد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، و قد اصفر لونه من السهر ، ورمضت (7)عيناه من البكاء ، و دبرت (8) جبهته ، وانخرم (9) أنفه من السجود ، و ورمت

ص: 890


1- «بعد مباهلة» ط.
2- «علمها» ط.
3- «بذا» خ ل.
4- سورة الانسان :9
5- «القاهرة» ط.
6- أورده المفيد في الارشاد : 287، و الطبرسی في اعلام الوری : 260 بالاسناد الى جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عنهما البحار : 46 /74 ح62 ، و العوالم : 18 /127 ح2.
7- رمضت عينه: حمیت حتى كادت أن تحترق.
8- في نسخة من ط «دبغت» ، وفی اخری «دیفت»
9- خرمه : شق وترة أنفه.

ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، فبكيت حين رأيته بتلك الحال ، فالتفت إليّ وقال :

يا بني أعطني بعض الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب(علیه السلام).

فأعطيته، فقرأ فيها يسيراً(1) ثمّ تركها ، وقال: من يقوى على عبادة أمير المؤمنين(علیه السلام).(2)

وكل هذا خرق للعادة ملحق بالاعلام الباهرة.

و كان في صباه عالماً حكيماً، و أطری (3) الصادق(علیه السلام)، عليّاً (علیه السلام) ، فقال :

ما عرض له أمران قطّ هما لله رضاً ، إلّا أخذ بأشدّهما عليه في دينه .

وما نزلت برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نازلة إلّا دعاه ثقة به .

وما أطاق علم (4) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من هذه الأمّة غير عليّ وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنّة والنار ، یرجو ثواب هذه ، ويخاف عقاب هذه .

ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله تعالی ، ممّا کدّ بيده ، ورشح منه (5) جبينه ، وإن كان ليقوت أهله بالزيت و الخلّ والعجوة.

وما كان لباسه إلّا الكرابیس (6) إذا فضل شيء عن یده (7) من كمّه دعا بالجلم (8) فقصّه .

ص: 891


1- «شيئاً كثيراً» ه ، ط.
2- رواه المفيد في الارشاد : 286 باسناده عن الحسن بن محمّد بن يحيى ، عن جدّه، عن الانصاری ، عن البزاز، عن الحسين بن علوان ، عن أبی علیّ زیاد بن رستم ، عن سعيد بن کلثوم ، عن الصادق عليه السلام ضمن حديث ثمّ قال : ولقد دخل أبو جعفر ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ... مثله . . عنه البحار : 46 /75 ح 65 ، والعوالم : 18 /91 ح 2. وأورده في اعلام الوری : 260 كما في ارشاد المفيد.
3- «ووصف» ط. يقال: أطري فلاناً : أحسن الثناء عليه.
4- «عمل» ه.
5- «العرق من» ط.
6- الكرباس : الثوب الخشن . جمعها: کرابیس . والكلمة من الدخيل.
7- «زنده» ه.
8- الجلم - با لفتح - : آلة كالمقص لجلم الصوف.

وما أشبه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من عليّ بن الحسين (علیهما السلام).

فصل

و أمّا محمّد بن علي (علیهما السلام)، فلم يظهر من أحد - بعد آبائه - من علم الدين، والآثار، و السنّة ، وعلم القرآن ، والسيرة، وفنون العلم ، ما ظهر منه .

وروي عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء الفقهاء ، وصار في الفضل علماً يضرب به الأمثال .

ودخل عليه(1) جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - فقبّل رجليه و قال قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذات يوم: لعلّك تبقى حتّى تلقى رجلاً من ولدي يقال له «محمّد بن عليّ ابن الحسين (علیهم السلام)» يهب الله له النور والحكمة فاقرأه منّي السلام .

فقال (علیه السلام): وعلی رسول الله السلام ورحمة الله و بركاته . (2)

و سمّاه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و عرّفه ب- «باقر العلوم».

وقد روى الناس من أخلاقه و مناقبه الخارقة للعادة ما إن أثبتناه لكثر به الخطب (3).

وقال (علیه السلام): ما ينقم الناس منّا (4) !؟ نحن أهل بيت الرحمة ، و شجرة النبوة و معدن الحكمة ، وموضع الملائكة ، ومهبط الوحي . (5)

ص: 892


1- «علی» م.
2- روى الحديث بهذا اللفظ وغیره و بأسانید مختلفة ، في اصول عديدة . راجع البحار : 46 /223 – 228.
3- «لكثرت الخطبة» ه
4- أي ما يكرهون و يعيبون منا
5- رواه الصفار في بصائر الدرجات : 57ح5 باسناده إلی الفضيل بن يسار، عنه البحار: 26 /246 ح 10 وروی نحوه أيضاً بألفاظ مختلفة ، و أسانید شتى في باب أنّهم معدن العلم وشجرة النبوة ص 56 -58. وأورده المفيد في الارشاد : 299 مرسلاً، عنه البحار : 46 /288 ضمن ح 11.

وقال (علیه السلام): بليّة الناس علينا عظيمة ، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، و إن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا . (1)

وقال (علیه السلام): إذا حدّثت الحديث ولم أسنده، فسندي فيه : أبي، عن جدّي، عن أبيه ، عن جدّه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن جبرئيل (علیه السلام) عن الله عزّوجلّ .(2)

وهذا كلام من هو معصوم من الغلط والهذيان ، وطريقته خارقة للعادة .

فصل

و أمّا جعفر بن محمّد (علیهما السلام)، فإنّه كان أنبه أهل زمانه ذكراً ، و أعظمهم قدراً وأجلّهم في الخاصّة والعامّة، وانتشر ذكره في البلدان، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، و كان له ولآبائه و أبنائه الأئمة من الدلائل الواضحة ما بهرت القلوب ، وأخرست المخالف عن الطعون فيها بالشبهات .

ولمّا حضرت أباه (علیه السلام) الوفاة قال له : أوصيك بأصحابي خيراً.

قال : لأدعنّهم والرجل يكون منهم في المصر (3) لايسأل أحداً .(4)

ص: 893


1- أورده المفيد في الارشاد : 299 مرسلاً، عنه البحار : 46 /288 ضمن ح 11.
2- نفس التخريجة السابقة . ورواه المفيد أيضاً في أماليه : 42ح10 باسناده إلی جابر مثله، عنه البحار : 2 /148 ح 21 وص178 ح27.
3- «المصرف» نسخ الاصل . وما في المتن كما في المصادر . قال المجلسي (رحمه الله ) : لادعنهم أي لا تركتهم، والواو في «والرجل» للحال ، فلا يسأل أحداً أي من المخالفين ، أو الاعم شيئاً من العلم، أو الأعم منه ومن المال . والحاصل أنّي لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلی السؤال أو أخرج من بينهم ، وقد صاروا كذلك
4- رواه في الكافي : 1 /306 ح 2 باسناده إلی هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله، عنه اعلام الوری : 273، واثبات الهداة: 5 /322 ح 1. وأورده المفيد في الارشاد: 304 بالاسناد إلی هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله، عنه کشف الغمة: 2 /166 ، والبحار : 47 /12 ح2. والمسعودي في إثبات الوصية : 177 مرسلاً نحوه . وأخرجه في البحار المذكور ح3 عن اعلام الوری.

وكان (علیه السلام) يقول : علمنا غابر و مزبور (1) ونكت في القلوب ، ونقر في الأسماع وإنّ عندنا (2) الجفر الأحمر ، والجفر الأبيض ، ومصحف فاطمة (علیها السلام) .

وإنّ عندنا الجامعة التي فيها جميع ما يحتاج الناس إليه .

فسئل عن تفسيرها ، فقال (3) :

أما الغابر : فالعلم بما يكون .

وأما المزبور : فالعلم بها كان.

وأما النكت في القلوب : فالالهام.

والنقر في الأسماع : حديث الملائكة، نسمع كلامهم ولانرى أشخاصهم .

واما الجفر الأحمر: فوعاء فيه سلاح رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولن يخرج حتى يقوم قائمنا أهل البيت .

وأما الجفر الأبيض : فوعاء فيه توراة موسى (علیه السلام)، و إنجيل عيسى (علیه السلام)، و زبور داود (علیه السلام)، وفيه كتب الله الأولى .

وأمامصحف فاطمة (علیها السلام): ففيه ما يكون من حادث ، و أسماء کلّ من يملك (4) إلی أن تقوم الساعة .

واما الجامعة : فهي كتاب طوله سبعون ذراعاً إملاء رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من فلق (5) فيه ، و خطّ علي بن أبي طالب (علیه السلام) بيده ، فيه - والله - جميع ما يحتاج الناس إليه إلى

ص: 894


1- «مرموز» خ ل. وكذا ما یأتی.
2- زاد في م «الجامعة و».
3- «قال: فقال» ط.
4- «ملك» ط.
5- الفلق: الشق. يقال: كلمني من فلق فيه:أي من شقه.

يوم القيامة حتى أرش (1) الخدش ، والجلدة ، و نصف الجلدة .(2)

وقال : ألواح موسى (علیه السلام)عندنا ، و عصا موسی (علیه السلام)(3) عندنا ، ونحن ورثة النبيّين. (4)

حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث عليّ ابن أبي طالب ، و حديث عليّ حديث رسول الله ، و حديث رسول الله قول الله عزوجل . (5)

فصل

وأمّا موسی بن جعفر (علیهما السلام) فقد كان خلال (6) الفضل والكمال فيه مجتمعة خارقة للعادة .

ص: 895


1- الارش : الدية
2- أورده في المفيد في الارشاد : 307، والطبرسي في الاحتجاج : 2 /134 مرسلاً عن الصادق عليه السلام ، عنهما البحار : 26 /18 ح1. ورواه في الكافي : 1 /264 ح3 باسناده إلی المفضل بن عمر ، عن أبي الحسن عليه السلام عن أبی عبدالله عليه السلام مثله . و الأخبار في هذا المعنى كثيرة فروي في بصائر الدرجات : 150 - 161 باب أنّهم عليهم السلام اعطوا الجفر والجامعة ... بأسانید شتی وألفاظ مختلفة، فراجع.
3- «وعصاه» ط.
4- رواه في بصائر الدرجات : 183ح 32 باسناده الى الثمالي ، عنه البحار : 26 /218 ح 36. وفي الكافي : 1 /231 ح 2 باسناده إلی الثمالی . وأورده المفيد في الارشاد : 308 مرسلاً عن الثمالی.
5- رواه في الكافي : 1 /53 ح14 باسناده إلی هشام بن سالم وحماد بن عثمان و غيرهما مثله عنه الوسائل : 18 /58 ح26. وأورده في منية المرید : 233 بالاسناد إلی هشام و حماد و غيرهما مثله ، عن البحار : 2 /178 ح 28.
6- الخلة - بالخاء المفتوحة - : الخصلة . جمعها خلال.

وسئل الصادق (علیه السلام)عن صاحب هذا الأمر بعده .

فقال : صاحب هذا الأمر لا يلهو و لايلعب .

فأقبل موسى (علیه السلام) ومعه بهمة (1) وهو يقول لها «اسجدي لربّك».

فأخذه ، و ضمّه إليه (2) وقال : بأبي وأمّي من لايلهو و لا يلعب ، إنّه أفضل ولدي، وأفضل من أخلّف من بعدي، وهو القائم مقامي، والحجّة لله على كافة (3) خلقه من بعدي . (4)

وكان أعبد أهل زمانه [ وأفضلهم ] وأفقههم وأسخاهم وأكرمهم نسباً (5)..

كان يصلّي نوافل الليل ويصلها (6) بصلاة الصبح ، ويعقّب حتى تطلع الشمس ويخرّ لله ساجداً، ولا يرفع رأسه من السجود حتى يقرب زوال الشمس .

وكان يتفقّد فقراء المدينة بالليل، فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين و الورق والأدقة (7). والتمور . (8)

وكان أبوه (علیه السلام) يلوم عبدالله ابنه ويعظه ، ويقول :

ما يمنعك أن تكون مثل أخيك موسی؟ فوالله إنّي لأعرف النور في وجهه .

فقال عبد الله : و كيف ! أليس أبي و أبوه واحداً ، وأصلي و أصله واحداً !؟

ص: 896


1- «بهيمة» ه ، ط . والبهم : أولاد البقر والمعز والضأن ، و الواحد: البهمة. والبهيمة : كلّ ذوات أربع قوائم من دوابّ البرّ والماء ما عدا السباع والطيور.
2- «فأخذ الصادق (علیه السلام) وضمّه إلی صدره» ط.
3- «باقی» ط.
4- عنه إثبات الهداة: 5 /487 ح 48 . واستقصينا أغلب مصادر وموارد - صدر الحديث - في العوالم : 21 /37 ح8 و 9 وص 184 ح 1 ، فراجع.
5- «و أسخاهم نفساً» ط
6- «كان يصل نوافل الليل» ط.
7- «الدقيق» ه . الدقيق : الطحين . جمعها : أدقة
8- راجع تخريجاته في العوالم : 21 /178 ح 1.

فقال أبو عبدالله (علیه السلام): إنّه من نفسي ، وأنت ابني . (1)

وكان أحفظهم لكتاب الله ، وأحسنهم صوتاً به .

و كان إذا قرأ ، تخدّر ويبكي السامعون لتلاوته . (2)

وسمي بالكاظم : لما كظمه من الغيظ ، و صبر عليه من فعل الظالمين به، حتى مضى قتيلا في حبسهم و وثاقهم . (3)

فصل

فأمّا علي بن موسی (علیهما السلام) ففضله، وظهور علمه ، وحلمه، و ورعه ، وفقهه ، وسيرته الخارقة للعادة أظهر من أن يستدلّ عليه، لاجماع الخاصّة والعامّة على ذلك فيه .

قال الكاظم (علیه السلام): ابني علي أكبر ولدي ، و أبرّهم (4) عندي ، وأحبّهم إليّ، وهو ينظر معي في الجفر ، ولم ينظر فيه إلّا نبي أو وصيّ نبيّ .(5)

وكان الرضا (علیه السلام) يعجبه العنب، فأمر المأمون أن يؤخذ له منه شيء ، ويجعل في

ص: 897


1- راجع تخریجاته في العوالم : 21 /50 ح2.
2- راجع تخريجاته في العوالم : 21 /184 ح 2 وص 196 ح1 وص 198ح 2.
3- راجع تخريجاته في العوالم : 21 /23 ح 4.
4- «و آثرهم» ه، ط.
5- رواه في الكافي : 1 /311 ح 2، والارشاد للمفيد : 343، وغيبة الطوسی : 26 بأسانيدهم إلی نعيم القابوسی . وأخرجه في اعلام الوری : 315 عن الكافي ، و في البحار : 49 /24 ح 36 ، عن الارشاد، والغيبة واعلام الوری . وروی مثله في بصائر الدرجات : 158 ح 24 ، وعيون أخبار الرضا : 1 /26 ح 27 باسنادیهما إلی القابوسى ، عنهما البحار المذكور ص 25 . وله تخريجات اخرى، أعرضنا عن ذكرها خشية الاطالة.

موضع أقماعه (1) الابر (2) أيّاماً ، ثمّ نزعت (3) منه ، وجيء به إليه .

فقال (علیه السلام) للمأمون : اعفني عنه . فجرّد(4) فأكله(5) - و كان هذا بعد أن أكل هو والمأمون طعاماً - فاعتلّ الرضا (علیه السلام) وأظهر المأمون تمارضاً .

ثمّ دخل على الرضا (علیه السلام) و معه عبدالله بن بشیر ، و قد (6) أمره منذ زمان أن يطوّل (7) أظفاره ، ففعل . ثمّ أخرج المأمون شيئاً شبه التمر الهندي ، وقال له : اعجن هذا بيدك ، ففعل .

فلمّا (8) قال لأبي الحسن (علیه السلام): هل جاءك من الأطبّاء أحد ؟ قال : لا .

قال : خذ ماء الرمّان الساعة .

وقال : ائتونا بالرمّان، و أمر عبد الله بن بشير أن يعصره بيديه - وقد عصر بهما شبه التمر الهندي - ففعل وسقاه المأمون [ بيده ] وانصرف.

فقال الرضا (علیه السلام) لأبي الصلت : قد فعلوها .

وجعل يوحّد الله سبحانه و يمجّده (9) إلی أن توفّي (علیه السلام) .(10)

ص: 898


1- القمع - بكسر القاف وفتح الميم - : ما على التمرة ونحوها ، وهو الذي تتعلق به ... جمعها : أقماع.
2- قال المجلسی (رحمه الله ) : في المناقب «الابر المسمومة» ولعله المراد هنا ، ويحتمل أن يكون هذا خاصية ترك الابر في العنب أياماً.
3- «ثمّ يرغب» ه.
4- أي رفع ما كان على العنب من غطاء ظاهراً.
5- «وقال : أتأكله» ط.
6- «و کان» ط.
7- «لايقص» ط.
8- «ثمّ دخلا عليه ، فلما قعد المأمون» ط.
9- «و یحمده» ط.
10- قول المصنف : «و كان الرضا عليه السلام يعجبه ...» أورده الشيخ المفيد في الارشاد: 354 - 355، والطبرسی في اعلام الوری : 339 -340. و الاربلي في كشف الغمة : 2 /281 ، على شكل روایات متفرقة : عن محمّد ابن علیّ بن حمزة ، عن المنصور بن بشير ، عن أخيه عبدالله (رواية) وعن جماعة، عن أبي الصلت الهروي (رواية) ، وعن محمّد بن الجهم (رواية)، وواحدة مرسلة ، فراجع. وأخرجه في البحار : 49/ 308 ضمن ح18 عن الارشاد.
فصل

و أمّا محمّد بن علي التقي (علیهما السلام) فقد قال الرضا (علیه السلام)- قبل ولادته - : و الله

ليجعلنّ الله منّي ما يثبت به الحقّ وأهله ، ويمحق به الباطل و أهله .

فولد التقي (علیه السلام) بعد سنة . (1)

فقال : هذا أبو جعفر، قد أجلسته مجلسي ، وصیّرته مكاني ، إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا، القذّة بالقّذة (2) .(3)

قيل : هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال: ما يضرّ من ذلك وقد قام عيسي بالحجّة وهو

ص: 899


1- رواه في الكافي : 1 /321 ح7 و ص 354 ح 11 باسناده إلی ابن قياما الواسطی مثله ، عنه البحار : 49 /68 ح89. و في الارشاد للمفيد : 358 باسناده إلی ابن قياما الواسطى مثله ، عنه کشف الغمة : 2 /352 ، والبحار : 50 /22 ح 12 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /167 ؛ مرسلاً عن الواسطی.
2- القذّة - بالضمّ و التشديد - : ريش السهم . و «حذو القذّة بالقذّة» أي كما يقدر كلّ واحدة منها على قدر صاحبتها ، و تقطع ، ضرب مثلا للشيئين يتساویان ولايتفاوتان
3- رواه في الكافي : 1 /320 ح 2 باسناده إلی معمر بن خلاد مثله، عنه اعلام الوری: 346 . وفي الارشاد للمفيد : 357 باسناده إلی ابن خلاد مثله . عنه کشف الغمة : 2 /351 . وأورده في الصراط المستقیم : 2 /166 مرسلاً عن معمر بن خلاد . وأخرجه في البحار : 50 /21 ح 9 عن الارشاد والاعلام.

ابن أقلّ من ثلاث سنين . (1)

و كان في إحدى كتفيّ (2) التقيّ (علیه السلام) شبه الخاتم داخل [ في ] اللحم .

فقال الرضا (علیه السلام): مثله في هذا الموضع كان من أبي . (3)

و قال : هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم علی شیعتنا بركة منه . (4)

و قال فيه المأمون : هذا من أهل بيت علمهم من الله تعالی، و موادّه و إلهامه ،

ص: 900


1- رواه في الكافي: 1 /321 ذح10 باسناده إلی صفوان بن یحیی، عنه اعلام الوری:346. وفي الارشاد للمفيد : 357 باسناده إلی صفوان ، عنه کشف الغمة : 2 /351 . وأورده في الصراط المستقیم: 2 /166 عن صفوان مرسلاً ، و نحوه في إثبات الوصية: 212 عن صفوان . وأخرجه في البحار : 50 /21 ح 8 عن الارشاد والاعلام.
2- «کفی» ه، ط.
3- رواه في الكافي : 1 /321 ح 8 باسناده إلی الحسن بن الجهم مثله ، عنه اعلام الوری: 347. وفي الارشاد للمفيد : 358 باسناده إلی ابن الجهم ، عنه کشف الغمة : 2 /352 . وأورده في إثبات الوصية : 211 ، عن محمّد بن على بن جعفر ، والصراط المستقیم : 2 /167 عن ابن الجهم مرسلاً مثله . و أخرجه في البحار : 25 /120 ح 3 عن الارشاد ، و في ج 50 /23 ح 13 عن الارشاد والاعلام. وقال المجلسي (رحمه الله ) : ظاهره أنّ للامام عليه السلام أيضاً علامة في جسده تدلّ على امامته کخاتم النبوة ، ويحتمل اختصاصها بالامامین علیهما السلام
4- رواه في الكافي : 1 /321 ح9 باسناده إلی أبي يحيى الصنعاني ، عنه اعلام الوری :347. وفي الارشاد للمفيد : 358 باسناده إلی أبي يحيى الصنعاني ، عنه کشف الغمة : 352. وأورده في الصراط المستقيم : 2 /167 مرسلاً عن الصنعاني . وأخرجه في البحار: 50 /23 ح 14 عن الارشاد و اعلام الوری.

لم يزل آباؤه أغنياء عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال .(1)

فصل

و أمّا علي بن محمّد النقي (علیهما السلام) فقد اجتمعت الإمامة فيه ، و تكاملت علومه وفضله، وظهرت هيبته على الحيوانات كلّها (2).

و كانت أخلاقه وأخلاق آبائه وأبنائه (علیهم السلام) خارقة العادة .

وكان بالليل مقبلا على القبلة لايفترساعة، عليه جبّة صوف، و سجّادته على حصير.

ولو ذكرنا محاسن شمائله لطال بها الكتاب .

فصل

و أمّا الحسن بن علي العسكري (علیهما السلام) فقد كانت خلائقه (3) كأخلاق رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و كان رجلاً أسمر ، حسن القامة ، جميل الوجه ، جيّد البدن ، حديث السنّ له بسالة (4) تذلّ لها الملوك، وله هيبة تسخّر له الحيوانات كما سخّرت لآبائه (علیهم السلام) بتسخير الله لهم إيّاها ، دلالة وعلامة على حجج الله تعالی .

وله(5) هيئة حسنة ، تعظّمه الخاصّة والعامّة اضطراراً ، و يبجّلونه و يقدّرونه

ص: 901


1- أورده المفيد في الارشاد: 360، والفضل الطبرسی فی اعلام الوری : 351 ، وأبی منصور أحمد الطبرسي في الاحتجاج : 2 /241 ضمن حديث عن الريان بن شبیب . وأخرجه في كشف الغمة : 2 /353 عن الارشاد ، وفي البحار : 50 /75 ضمن ح3 عن الاحتجاج.
2- «و فضله . خصاله الخير» ه . «و فضله وجميع خصال الخير فيه» ط
3- كذا ، والظاهر «أخلاقه».
4- البسالة: الشجاعة.
5- «حديث السن و له جلالة وهيبة و» ه، ط.

الفضله وعفافه(1) وهديه وصيانته ، وزهده و عبادته ، وصلاحه وإصلاحه.

و كان جليلاً نبيلاً ، فاضلاً كريماً، يحتمل الأثقال ، ولا يتضعضع للنوائب، أخلاقه على طريقة واحدة ، خارقة للعادة.

فصل

وأمّا صاحب (2) المرأى والمسمع (علیه السلام) فإنّه لمّا ولد خرّ ساجداً لله كما كان آباؤه إلی أمير المؤمنين (علیه السلام)و كما كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند ولادته، كما روي عنهم جميعاً.

وقد كان يسبّح الله تعالى ، ويهلّله ، ويكبّره، ويمجّده لمّا وقع إلی الأرض.

و آیاته منذ صغره إلی كبره أكثر من أن تحصى من حسن الخليقة ، و العلم والزهادة ، و نوره في کلّ بقعة يحضرها ، و إعانته في بقاع الأرض للمكروبين ولمن يستغيث به في برّ وبحر.

وقد كتب إلی الشيخ المفيد: «نحن (3) وإن كنّا ثاوین(4) بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الّذي أراناه (5) الله لنا من الصلاح ، و لشيعتنا المؤمنين في ذلك مادامت دولة الدنيا للفاسقين ، فانّا نحيط علماً (6) بأنبائكم ولا يعزب (7) عنّا شيء من أخبار کم [و معرفتنا بالذلّ الّذي أصابكم من جنح كثير منكم إلی ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، و نبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون] (8) .

ص: 902


1- «اضطراراً ، يعظمونه لفضله، و يقدرونه لعفافه» ه ، ط.
2- «صاحب الزمان و» ه.
3- «و قال : نحن» ط.
4- أي مقيمين . وفي بعض النسخ والاحتجاج : ناوین.
5- «حسب ما أرانا» ط. وفي نسخة منه «حسب ما رأی».
6- «يحيط علمنا» التهذيب.
7- یعزب: يغيب و یخفی.
8- من الاحتجاج

وإنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسین لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء(1) و اصطلمكم (2) الأعداء ...(3)

و لو أنّ أشياعنا (4) [وفّقهم الله لطاعته] (5) على اجتماع (6) القلوب لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا ، فما يحبس عنهم مشاهدتنا إلّا لما يتّصل بنا مما نكرهه».(7)

وهو (علیه السلام)المسمّى باسم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، المكنّى بكنية رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

سنّه عند وفاة أبيه (علیه السلام) خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب، وجعله آية للعالمين ، و آتاه الحكمة، كما آتاها يحيى (علیه السلام) صبيّاً.

وجعله إماماً في حال طفوليّته ، كما جعل عيسى (علیه السلام) في المهد نبيّاً.(8)

هو المعصوم من الزلات ، المقوّم للعصاة ، سيرته وسيرة آبائه خارقة للعادات.

ص: 903


1- اللاواء : الشدة و المحنة.
2- أي استأصلكم.
3- ذكر المصنف هذا المقطع من الكتاب الذي ورد من الناحية المقدسة - حرسها الله ورعاها - في أيام بقيت من صفر سنة عشر و أربعمائة على الشيخ المفيد (رحمه الله ) ذکر موصله أنّه يحمله من ناحية متصلة بالحجاز . أورده بتمامه في الاحتجاج : 2 /318 - 324 ، عنه البحار: 53 /174 ح7.
4- «أشياعنا انقوا» ط.
5- من الاحتجاج.
6- «اصلاح» خ ل.
7- ذكر المصنف هذه القطعة - و بلفظ مختصر - من الكتاب الذي ورد من الناحية المقدسة حرسها الله و رعاها - على الشيخ المفید(ره) يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة اثنی عشر و أربعمائة . أورده بتمامه في الاحتجاج : 2 /324 - 325 ، عنه البحار: 53 /176 ح 8.
8- أورد المفيد في الارشاد : 390 مثله ، عنه البحار : 51 /23 ح36.

باب-في موازاة النبیّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الأئمة من أهل بيته (علیهم السلام) للانبياء في المعجزات وغيرها

إشارة

وقد مضى من أعلام نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أوصيائه ما يوازي معجزات الأنبياء، على نبيّنا و عليهم السلام .

إعلم أنّ الله تعالى كما أمر آدم - علی نبیّنا و عليه السلام - أن يخرج من الجنّة إلى الأرض ، و يهاجر إليها ، أمر محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أن يخرج من مكّة إلی المدينة .

و كما ابتلي آدم علی نبیّنا و علیه السلام بقتل ابنه هابيل ، ابتلی محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بقتل ابنيه الحسن و الحسين (علیهما السلام) و كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يعلمه لاعلام الله إيّاه (1) ذلك .

و كما أكرم الله سبحانه آدم (علیه السلام) لمّا أمره بوضع النوى في الأرض ، فصار في الحال نخلاً باسقاً عليه الرطب ، أكرم محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بمثله عند إسلام سلمان كما قدّمنا (2) ذكره .

و كما قال تعالى في صفة (3) إدريس (علیه السلام) : « وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا » (4) قال في وصف (5) محمّد : « وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ »(6) يذكر مع ذكر الله سبحانه في الأذان والصلاة ، وقد رفع إلی سدرة المنتهى، فشاهد مالم يشاهده بشر .

وإن [كان] اطعم إدريس - علی نبیّنا و عليه السلام - من الجنّة، فقد أطعم محمّد و آله مراراً كثيرة في الدنيا [ من الجنّة ] كما ذكرناه فيما مضى .(7).

ص: 904


1- «له» ه، ط.
2- ص 150 ح 240.
3- «وصف» ه ، والبحار.
4- سورة مريم : 57
5- «ذکر» ه.
6- سورة الانشراح : 4
7- تقدّم ص528 ح3 و ص 532 ح8 وص 534 ح9 وما بعده

وقيل لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (1) : إنّك لتواصل (2) - أي تصوم يومين من غير إفطار بينهما - ؟ فقال : إنّي لست كأحدكم ، إنّي يطعمني ربّي ويسقيني .

وإن كان نوح - علی نبیّنا وعليه السلام - أوتي إجابة الدعوة لمّا (3) قال: « لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا » (4) فلم يبق منهم باقية إلّا المؤمنين ، فقد أوتي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مثله حين أنزل الله ملك الجبال ، وأمره بطاعته فيما يأمره به من إهلاك قومه، فاختار الصبر على أذاهم ، و الابتهال في الدعاء لهم بالهداية .

ثم رقّ نوح - علی نبیّنا وعلیه السلام - على ولده فقال :

« رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي »(5) رقّة القرابة .

والمصطفى لمّا أمره الله سبحانه بالقتال ، شهر على قرابته (6) سيف النقمة ، ولم تحرّکه شفقة القرابة (7) وأخذ بالفضل معهم لمّا شكوا إليه احتباس المطر [ فدعا ] فمطروا من الجمعة إلی الجمعة، حتّی سألوه أن يقلّ ، كما قدّمنا (8) ذكره.

ولئن قال الله تعالى في نوح (علیه السلام): « إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا » (9) فقد قال في محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : « بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ » (10) « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ » (11) ..

وإن خصّ الله سبحانه إبراهيم - علی نبیّنا وعليه السلام - بالخلّة وفضّل (12) بها، فقال تعالى : « وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا » (13) فقد جمع الله سبحانه و تعالى الخلّة

ص: 905


1- «لمحمد» البحار.
2- «تواصل » البحار.
3- «بما» البحار.
4- سورة نوح : 26.
5- سورة هود : 45
6- «بالقتال مع القرابة شهر عليهم» م.
7- زاد في م ، ه «اذ قال تعالى « وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ »ثم».
8- ص58 ح 99.
9- سورة الاسراء : 3.
10- سورة التوبة : 128.
11- سورة الانبياء : 107
12- «وفضله» ه.
13- سورة النساء : 125

والمحبّة لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ولكن (1) صاحبكم خلیل الرحمن ، وحبيب الله وفي القرآن : « فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ » (2).

وعن عبد الله بن أبي الحمساء (3) قال : كان بيني و بين محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيع قبل أن يبعث فبقيت لي بقيّة ، فوعدته أن آتيه في مكانه ، ونسيت يومي والغد.

فأتيته في اليوم الثالث ، و كان هو (4) في مكانه [ ينتظرني ] فقلت له [ في ] ذلك فقال : أنا ههنا (5) منذ ثلاث أنتظرك .

ضاهي جدّه إسماعيل (6) فإنّه وعد رجلاً، فبقي في مكانه سنة، فشكر الله سبحانه له ذلك فقال : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا » (7) و کان النبيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)في صباه يخرج بغنم له (8) إلی الصحراء .

ص: 906


1- «وأنا» ط.
2- سورة آل عمران : 31
3- ترجم له في اسد الغابة : 3 /146 ، فراجع.
4- «محمد» ه، ط، والبحار.
5- «هنا»م.
6- «اسماعیل بن ابراهيم» ه ، البحار . أقول: لقد اختلف في اسماعيل الوارد اسمه في قوله تعالى - والذي سيذكره المصنف بعد قلیل « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ... إلی آخر الايتين» مریم : 54- 55 فقال البعض : هو اسماعیل بن ابراهیم خلیل الرحمن ، وإنما لم يذكر مع اسحاق و یعقوب اعتناءاً بشأنه و يضعف ذلك أنّه لو كان كذلك لكان الأنسب ذكره بعد ابراهيم و قبل موسی ،لا بعد موسی والموجود في روايات عديدة أنه: اسماعیل بن حزقيل من أنبياء بنی اسرائیل : فذكر علی بن ابراهيم (رحمه الله ) في تفسيره :411، قال: وعد وعداً فانتظر صاحبه سنة ، وهواسماعيل بن حزقیل . وروى الصدوق (رحمه الله ) في علل الشرائع : 77ح 2 باسناده إلی محمّد بن أبي عمير ومحمد بن سنان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنّ اسماعيل الذي قال الله عزّوجلّ في كتابه « وَاذْكُرْ ...» لم يكن اسماعیل بن ابراهيم ، بل كان نبياً من الأنبياء بعثه الله ...والقصة مروية في تفسير القمي وفي العلل المذكورين، وفي العيون: 2 /77 ح 9 . فراجع.
7- سورة مريم : 54.
8- «لهم» ه ، البحار.

فقال له بعض الرعاة : يا محمّد إنّي وجدت في موضع كذا مرعی خصيباً .

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : نخرج غداً إليه ، فبكّر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من بيته إلی ذلك الموضع ، وأبطأ الرجل في الوصول ، فرأى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وقد منع غنمه أن ترعى من ذلك المرعی(1)حتّى يصل ذلك الرجل فيرعيا معاً .

ولا شكّ أنّ الأنبياء كلّهم - علی نبیّنا و علیهم السلام - وأممهم يوم القيامة تحت راية نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على ما روي .

وإن كلّم الله تعالی موسی (علیه السلام)على طور سيناء ، فقد كلام الله تعالی محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فوق سبع سماوات .

وجعل الله سبحانه بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الإمامة في قومه(2) عند انقطاع النبوّة حتّى يأتي أمر (3) الله ، وينزل عيسى (علیه السلام) فيصلّي خلف رجل من ذرية محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (4) يقال له «المهدي (علیه السلام)» يملأ الأرض عدلاً، ويمحو کلّ جور، كما وصفه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).(5)

فصل

وإنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمّا وصف عليّاً وشبّهه بعیسی - على نبيّنا وعليه السلام -[وقال:] (6) قال الله تعالى : « وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ » (7)

قالت (8) قریش : لم ينزل خصلة من خصال الخير إلّا وقد وصف عليّاً (علیه السلام) بها ثم شبّهه بنبيّ من الأنبياء، فلامهم الله تعالى على ذلك .

وإنّ الله تعالى كما أخرج لصالح النبيّ - علی نبیّنا و عليه السلام - ناقة من الجبل ، فكان

ص: 907


1- «في ذلك الموضع» ه ، ط ، و البحار.
2- «ذريته» ط.
3- «حتى يأمر» ط.
4- «رجل منهم» ه ، البحار.
5- عنه البحار : 17 /250 ح 4.
6- أثبتناها للزومها.
7- سورة الزخرف : 57.
8- «فقالت» نسخ الاصل.

لها شرب ولقومه شرب ، فقد أخرج الله تعالى لصالح المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) وصي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خمسين ناقة ، أو أربعین(1) ناقة مرة، ومائة ناقة مرة أخرى من الجبل ، فقضي بها دين محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و وعده .

وقد قال تعالى : « وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ .(2)وهو علي بن أبي طالب (علیه السلام) على ما روى الرواة في تفاسيرهم .

وأنطق الله تعالی لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) البعير والظبي ، والذئب والأسد ، ولأوصيائه (علیهم السلام)- على ما قدمنا معجزة لهم - (3) كما أنطقها للانبياء قبله .

وإنّ بئر زمزم (4) كان في صدر الاسلام بمكّة يوماً للمسلمين، ويوماً للكافرين فكان يستقي للمسلمين منها ما يكون ليومين في يومهم (5) و كان للمشركين على ما كان عليه قبله يوم بيوم (6)..

وإنّ الله تعالى كما (7) أعطى يعقوب (علیه السلام) الأسباط (8) من سلالة صلبه ، ومريم

ص: 908


1- «ثمانين» ه، ط. وفي الاثبات بلفظ «خمسين ناقة مرة، وثمانين مرة ومائة ...».
2- سورة التحریم: 4.
3- راجع باب معجزات کلّ وصيّ عليهم السلام في ذلك
4- كذا في البحار . وفي نسخ الاصل «رومة» . وهو تصحيف ، لأنّ رومة أرض بالمدينة بين الجرف ورعانة ، و فيها بئر رومة . وزمزم : البئر المباركة المشهورة بالمسجد الحرام بمكة ، زادها الله شرفاً ... انظر مراصد الاطلاع : 2 /642 و ص 670.
5- «يوم» البحار.
6- «عليه يوماً فيوماً» البحار
7- «وان» خ ل.
8- الاسباط في بني يعقوب عليه السلام کالقبائل في ولد اسماعیل و هم اثنا عشر ولداً ليعقوب ، وإنّما سمّوا هؤلاء بالاسباط ، وهؤلاء بالقبائل، ليفصل بين ولداسماعیل وولد اسحاق ، وقد بعث منهم عدّة رسل کیوسف وداود و سلیمان و عیسی . وعن ابن الأعرابي : الاسباط : خاصة الأولاد . (قاله الطريحي في مجمع البحرین /سبط).

ابنة عمران التي(1) من بناته ، فقال تعالى : « وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ » (2) فقد أعطى محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فاطمة (علیها السلام) من صلبه ، وهي سيّدة نساء العالمين .

وجعل الوصيّة و الإمامة في أخيه وابن عمّه علي بن أبي طالب (علیه السلام)، ثمّ في الحسن و الحسين (علیهما السلام) ، و في أولاد الحسين إلی ابن الحسن ، إلی قيام الساعة ، كلّهم ولد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من فاطمة صلوات الله عليهم أجمعين، كما جعلها في ولد هارون أخي موسی (علیه السلام). و كما كان عيسی (علیه السلام) من ولد الأنبياء :

قال الله تعالى: « وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى » (3) .

وأعطى محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الكتاب المجيد ، والقرآن العظيم ، وفتح علیه وعلى أهل بيته باب الحكمة، وأوجب الطاعة لهم على الاطلاق بقوله تعالى: « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » (4) ..

وإن كان يعقوب - علی نبیّنا و عليه السلام - صبر على فراق ولده ، حتّى كاد أن يكون حرضاً (5) من الحزن ، فقد فجع محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بابن كان له وجده(6) فصبر و وجد يعقوب وجد فراق ، و حزن محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على قرة عينيه بوفاته (7) .

و كان يعقوب فقد إبناً واحداً من بنيه ، و لم يتيقّن وفاته .

ص: 909


1- «هی» خ ل.
2- سورة العنكبوت : 27.
3- سورة الأنعام : 84 - 85
4- سورة النساء : 59
5- الحرض - بالتحريك - : العشق والحزن . وعن قتادة : حتى تهرم أو تموت . ويقال : الحرض : الشرف على الهلاك . (قاله الطريحي في مجمع البحرين /حرض).
6- وجد بفلان : أحبّه حبّاً شديداً . وفي البحار «وحده».
7- «کان بوفاته» البحار

وان كان يوسف قد أوتي شطر الحسن ، فقد وصف جمال رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقيل : إذا رأيته، رأيته كالشمس الطالعة.

وان كان يوسف - علی نبیّنا وعليه السلام - ابتلي بالغربة و امتحن بالفرقة ، فمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فارق وطنه من أذى المشركين ، ووقف على الثنية (1) وحوّل وجهه إلی مكّة فقال:

إنّي لأعلم أنّك أحبّ البقاع إلی الله ، و لولا أنّ أهلك أخرجوني ماخرجت.

فلمّا بلغ الجحفة (2) أنزل الله تعالى: « إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ » (3) ..

ثمّ إنّ آل محمّد - عليه و علیهم السلام - شرّدوا في الآفاق، وامتحنوا بمالم يمتحن به أحد غيرهم (4) وقد أعلم محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جمیع ذلك، و كان يخبر به .

وإن كان يوسف - على نبيّنا وعليه السلام - بشّره الله تعالی برؤیا رآها ، فقد بشّر محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) برؤيا في قوله تعالى: « لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ » (5)..

وإن كان يوسف (علیه السلام)اختار الحبس توقّياً من المعصية ، فقد حبس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الشعب ثلاث سنين و نيفاً حين ألجأه أقاربه إلی أضيق الضيق، حتی کادهم الله ببعثه أضعف خلقه في أكله عهدهم الذي كتبوه في قطيعة رحمه .(6)

ولئن كان يوسف (علیه السلام) في الجبّ ، فقد كان محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الغار .

ولئن غاب يوسف (علیه السلام) فقدغاب مهدي آل محمّد - عليه وعليهم السلام - وسيظهر

ص: 910


1- كذا في البحار، و في الأصل «البنية» وفي خ ل «العقبة». والثنية : طريق جبلی و عر.
2- الجحفة : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكّة ... وكان اسمها «المهيعة». وسميت الجحفة لأنّ السيل جحفها: أي أخذها . (مراصد الاطلاع: 1 /315.)
3- سورة القصص : 85
4- «من غيرهم» م.
5- سورة الفتح : 27
6- وذلك أنّ الله قد بعث على صحيفتهم الارضة فأكلت کلّ ما فيها الّا اسم الله. راجع تفصيل ذلك في البحار : 19 /1 - 27 باب دخوله الشعب . وتقدم ص 142 ح230.

أمره كما ظهر أمره (1)..

وأكثر ما ذكرناه يجري مجرى المعجزات ، ومنه ما هو معجز .

فصل

وإن كان موسی - علی نبیّنا و عليه السلام - قلب الله تعالى له العصا حيّة، فمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دفع إلی عكاشة بن محصن يوم بدر ، لما انقطع سيفه ، قطعة جريدة (2) ملقاة هناك فتحولت سيفاً في يده .

ولمّا دعا محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أبا جهل ليؤدّي ثمن بعير الغريب ، إذ لم يعطه شيئاً، أتی إليه ثعبان و قال : إن لم تخرج إلی محمّد ، و تقضي الغريب ، لابتلعنك . حتی خرج هائماً . (3)

و كذلك قد أظهر الله سبحانه ثعباناً، لأجل آل محمّد - عليه و عليهم السلام – حين همّوا بقتل واحد منهم عليهم السلام .

وإنّ محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دعا الشجرة ، فأقبلت نحوه تخدّ الأرض ، و كذلك أوصياؤه على ماقدّمناه(4)..

وإن كان موسى - على نبيّنا وعليه لسلام - ضرب الحجر بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، فمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يتفجّر الماء من بين أصابعه.(5)

ص: 911


1- أي أمر يوسف
2- «قطعة حطب» ه ، ط، والبحار . والجريدة ، واحدة الجريد : وهو قضبان النخل المجردة من خوصها . والقصة مروية في أكثر كتب السيرة و التاريخ . انظر سيرة ابن هشام: 2 /290.
3- تقدم مثله ص 24 ح 2.
4- تقدّم ص 25 ح 8، و ص 43 ح52، وص44 ح53
5- تقدّم ص 28ح17، وص509 ح23.

و انفجار الماء من بين اللّحم والدم أعجب من خروجه من الحجر ، لأنّ ذلك معتاد على وجه .

و قد أخرج أوصياؤه - علیه و علیهم السلام - الماء من الجبّ الذي لا ماء فيه إلى رأسه حتى شرب الناس منه.

وإنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: إنّ المهدي من ولدي يفعل مثل ما فعل موسی(1) عند خروجه من مكّة إلی الكوفة .

وإنّ موسی (علیه السلام) ضرب البحر بعصاه فانفلق ، فكان آية ، فمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمّا خرج إلى خیبر إذا هو بواد يشخب (2) فقدّروه أكثر من أربع عشرة قامة ، و العدوّ من ورائهم فقال الناس (3): إنّا لمدرکون . قال : كلّا .

فدعا، وعبرت الخيل و الإبل على الماء لاتندی (4) حوافرها و أخفافها .

ولمّا عبر عمرو بن معدي كرب بعسكر الاسلام بالبحر بالمدائن كان كذلك.

و إن كان موسي (علیه السلام) قد أتی فرعون بألوان العذاب من الجراد والقمّل والضفادع والدم ، فرسولنا قد أتى بالدخان على المشركين، وهو الذي ذكره الله تعالی في قوله: « يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ »(5) وما أنزل الله سبحانه وتعالى على الفراعنة يوم بدر، وما أنزل على المستهزئين بعقوبات شتّى(6) في يوم واحد(7) و قد مضي تفصيل ذلك.(8).

ص: 912


1- «مثل ذلك» ه ، ط ، والبحار.
2- «يسحب» نسخ الاصل . وما في المتن من البحار . ویشخب : يسيل ، ويجری . یرید أنّ الوادي مليء بالماء.
3- «فقالوا أيضاً» م. يريد أنّ الناس قالوا أيضاً كما قال أصحاب موسى عليه السلام « إِنَّا لَمُدْرَكُونَ » اشارة إلی قوله تعالى في سورة الشعراء : 61.
4- ندى الشيء : ابتل . وتقدم الحديث ص 54 ح 84.
5- سورة الدخان : 10
6- «بعذاب مستأصل» خ ل. «بعقوبات تستأصل» البحار.
7- «احد» ه ، والبحار - تصحيف ظ.
8- راجع ص63 ح 309

فأمّا تكليم الله تعالی لموسى (علیه السلام) فإنّه كان على الطور و رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد «دنا فتدلّی فکان قاب قوسين أو أدنی» (1) وقد كلّمه الله تعالى هناك فوق السماوات .

وأمّا المنّ والسلوى و الغمام و استضاءة الناس من موسى (علیه السلام) بنور سطع من يده فقد أوتي رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ماهو أفضل منه ، وقد أحلّت له الغنائم ، ولم تحلّ لأحد قبله.

وأصاب أصحابه مجاعة في سريّة بناحية البحر ، فقذف لهم البحر حوتاً، فأكلوا منه نصف شهر ، وقدّموا بودکه (2) و کانوا (3) خلقاً كثيراً .

و كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يطعم الأنفس الكثيرة من طعام يسير ، و يسقي الجماعة الجمّة من الشربة من اللبن حتى يرووا .

روی حمزة بن عمرو (4) الأسلمي قال: إنّا نفرنا مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في ليلة ظلماء فأضاءت أصابعه لنا ، فانكشفت الظلمة. وهذا أعجب ممّا كان لموسی (علیه السلام) .

و أمّا اليد البيضاء لموسى ، فقد أعطي رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أفضل منه ، وذلك أنّ نوراً كان يضيء أبداً عن يمينه ، وعن يساره ، حيثما جلس وقام(5) تراه الناس، وقد بقي ذلك النور إلی يوم القيامة(6) يسطع من قبره ، و كذا كان مع وصيّه وأولاده المعصومين في حياتهم، والآن يكون(7) يسطع من قبورهم، و كذا في کلّ بقعة مرّبها المهدي (علیه السلام)

ص: 913


1- اقتباس من قوله تعالى في سورة النجم : 8- 9.
2- قال ابن الأثير في النهاية : 5 /169 : في حديث الاضاحي «و يحملون منها الودك» هو دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه.
3- «و كان الجيش» ه، ط ، والبحار.
4- «عمران» نسخ الاصل . «عمر» البحار . كلاهما تصحيف ، وما في المتن كما في اسد الغابة : 2 /50.
5- «وکان» ه.
6- «قيام الساعة» ه ، ط، والبحار.
7- كذا في نسخ الاصل والبحار . والظاهر «کائن».

یری(1) نوراً ساطعاً .

وإن كان موسی علی نبیّنا و عليه السلام أرسل إلی فرعون، فأراه الآية الكبرى، فنبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أرسل إلی فراعنة شتّی كأبي لهب، وأبي جهل، وشيبة، و عتبة ابني ربيعة ، وأبيّ ابن خلف ، والوليد بن المغيرة ، و العاص بن وائل السهمي (2) والنضر بن الحارث وغيرهم ، وأراهم سبحانه الآيات في الآفاق ، وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنّه الحقّ و لم يؤمنوا.

وإن كان الله تعالی انتقم لموسى (علیه السلام) من فرعون، فقد انتقم لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوم بدر منهم، فقتلوا جميعاً ، وألقوا في القليب (3) وانتقم له من المستهزئين، فأخذهم بأنواع البلاء ، على ما مضى ذكره . (4)

وإن كان موسي (علیه السلام) صارت عصاه ثعباناً، و استغاث فرعون منه رهبة، فقد أعطي محمداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مثله لمّا جاء إلی أبي جهل شفيعاً لصاحب الدين، خاف أبوجهل ، وقضی دین الغريب .

ثم إنّه عوتب ، فقال : رأيت عن يمين محمّد ويساره ثعبانين تصطك أسنانهما و تلمع النيران من أبصارهما ، لو امتنعت لم آمن أن يبتلعني الثعبان . (5)

و إن كان الله سبحانه قال لموسى (علیه السلام): « وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي » (6) فقال سبحانه في وصيّ محمّد وأولاده: «وَ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا » . (7)

ص: 914


1- «نري» م.
2- «التمیمی» ه . تصحيف.
3- القليب : البئر ، وقيل : البئر القديمة.
4- ص63 ح 109.
5- تقدم ص 24 ح 2 مثله.
6- سورة طه : 39.
7- سورة مريم :96.
فصل

وإن كان داود - علی نبیّنا و عليه السلام - سخّر له الجبال والطير ، يسبّحن معه وسارت بأمره ، فالجبل نطق لنبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إذ جادله (1) اليهود ، وشهد له بالنبوّة ، ثمّ سألوه أن يسیّر الجبل (2) فدعا، فسار الجبل إلی فضاء كما تقدّم (3)، وسبّحت الحصا في يد رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وسخّرت له الحيوانات كما ذكرنا . (4)

وإن ليّن الحديد لداود (علیه السلام) فقد ليّن لرسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الحجارة التي لا تلين بالنار! والحديد يلين بالنار .

وقد ليّن الله تعالى العمود [من الحديد] الذي جعله وصيّه علي بن أبي طالب (علیه السلام) في عنق خالد بن الوليد ، فلمّا استشفع إليه أخذه من عنقه . (5)

وإنّ نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمّا استتر من المشركين يوم أحد مال برأسه نحو الجبل حتی خرقه بمقدار رأسه ، وهو موضع معروف مقصود في شعب ، وأثّر ساعداه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في جبل أصمّ من جبال مكّة لمّا استروح في صلاته ، فلان له الحجر حتى ظهر أثر ذراعيه(6) فيه ، كما أثّر قدما إبراهيم - علی نبیّنا وعليه السلام - في المقام .

ولانت الصخرة تحت يد نبيّنا في بيت المقدس حتى صارت كالعجين ،و رؤي ذلك من مقام دابّته ، و الناس يلمسونه (7) بأيديهم إلی اليوم .

وإنّ الرضا (علیه السلام) من ولده دعا في خراسان ، فليّن الله سبحانه له جبلاً يؤخذ منه

ص: 915


1- «جاءه» ه ، ط.
2- «يسير الجبل من مكانه» ه ، ط.
3- ص 519 ح 28.
4- ص47 ح 61 وص 159 ح248. و راجع باب معجزات نبينا صلى الله علیه و آله ففيه ما يفي.
5- تقدم ص 757 ح 75.
6- «حتى أثر ذراعاه» م.
7- «يلتمسونه» خ ل.

القدور وغيرها (1) واحتاج الرضا (علیه السلام) أيضاً إلی الطهور [بخراسان] (2) فمسّ بيده الأرض ، فنبع له عين ، و كلاهما معروف باق ينتفع الناس بهما .

و آثار وصي نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الأرض أكثر من أن تحصى. (3)

منها : بئر عبادان (4)، و إنّ المخالف و الموالف كلاهما يروي أنّ من قال عندها «بحق عليّ (علیه السلام)» يفور الماء من قعرها إلی رأسها ، ولا يفور بذكر غيره ، و بحقّ غيره .

و إنّ سور حلب من أصلب الحجارة ، ضربه علي بن أبي طالب (علیه السلام) بسيفه (5) فأثره من فوقه إلی الأرض ظاهر .

وإنّه (علیه السلام) لمّا خرج إلی صفّین - و كان بينه و بين دمشق مائة فرسخ وأكثر - وقد (6) نزل ببريّة ، و كان يصلّي فيها ، فلمّا فرغ، و رفع رأسه من سجدة الشكر قال : أسمع [صوت] بوق التبزيز (7) لمعاوية من دمشق .

وكتبوا التاريخ فكان كما قال ، وقد بني هناك مشهد يقال له «مشهد البوق».(8).

و بکی داود (علیه السلام) على خطيئته حتى سارت الجبال لخوفه معه ، و نبیّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قام إلى الصلاة فسمع لخوفه أزيز، كأزيز المرجل (9) على الأثافي (10) من شدّة البكاء

ص: 916


1- وهو معروف في خراسان ب-«کوه سنگی».
2- «هناك» البحار.
3- «كثيرة لاتحصی» ه.
4- ذكر الحموي في معجم البلداه : 4 /74 أنّ في عبادان مشهد لعلیّ علیه السلام يقصده المجاورون في المواسم للزيارة و يروى في فضائلها أحاديث.
5- «فشققه» خ ل.
6- «ولما» م.
7- أي البوق الذي ينفخ فيه لخروج العسكر إلی الغزو (قاله المجلسي).
8- مشهد البوق قرب رحية مالك بن طوق، وهذه نفع على الفرات بين الرقة وعانة . (راجع مراصد الاطلاع: 1/ 231 و ج 2/ 608)
9- أزت القدر : غلت وصوتت . والمرجل : القدر.
10- قال الجوزي في غريب الحديث: 1 /11 : في حديث جابر «والبرمة بين الاثافي» وهي الحجارة التي توضع تحت القدر . و يقال لها : الافاقي أيضاً.

وقد آمنه الله تعالى من عقابه، فأراد أن يتخشّع ، وقام على أطراف أصابعه عشر سنين حتی تورّمت قدماه ، واصفر وجهه من قيام الليل ، فأنزل الله تعالى : « طه *مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى » (1).

و كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حتى يغشى عليه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟(2) قال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟

و كذلك كانت عبادة وصيّه (علیه السلام) في مقاماته .

فصل

وإن كان سليمان - علی نبیّنا و عليه السلام - سأل الله أن يعطيه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده (3) فمحمّد(4) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عرضت عليه(5) مفاتيح خزائن كنوز الأرض، فأبی استحقاراً لها ، فاختار الفقر والقوت .

فأعطاه (6) الله سبحانه الكوثر والشفاعة ، و هي أعظم من ملك الدنيا جميعاً من أوّلها إلی آخرها سبعين مرّة، و وعده الله المقام المحمود الذي يغبطه به الأوّلون والآخرون .

و سار في ليلة إلی بيت المقدس ، و منها إلی سدرة المنتهى ، وسخّر له الريح حتّى حملت بساطه بأصحابه إلی غار أصحاب الكهف .

ص: 917


1- سورة طه: 1- 2
2- اشارة إلی قوله تعالى في سورة الفتح : 2. وروى الحديث الطوسي في أماليه : 2 /18 والطبرسي في الاحتجاج : 1 /315.
3- اشارة إلی قوله تعالى في سورة ص: 35.
4- «فنبيّنا» خ ل.
5- «اعطي» م.
6- «فاختار التقلل و القربي فآتاه» ط، والبحار . وفي احدى النسخ «التقلل» بدل «الفقر».

وإن كان لسليمان الريح غدوّها شهر و رواحها شهر (1) فكذلك كانت لأوصياء محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، وسخّرت لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أوصيائه (علیهم السلام)الجنّ حتى آمنت منقادة طائعة ، قال الله تعالی (2): « وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ » (3). « قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ » (4) وقبض على جنّي (5) فخنقه (6).

ومحاربة (7) وصيّه (علیه السلام) مع الجنّ ، وقتله إيّاهم معروفة ، و كذلك إتيانهم إليه وإلى أولاده المعصومین لأخذ العلم منهم مشهور(8) ..

وإن كان سليمان - علی نبیّنا و عليه السلام - سخّرهم للابنية و المصانع، و استنباط القني(9) ما عجز عنه جميع الناس، فنبیّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يحتج إلی هذه الأشياء، ولو أراد منهم ذلك لفعلوا، على أنّ مؤمني الجنّ يخدمون الأئمّة، و أنّهم (علیهم السلام) كانوا يبعثونهم في كلّ أمر يريدونه على العجلة .

وإنّ الله سبحانه سخّر الملائكة المقرّبين لمحمّد وعترته عليه وعليهم السلام (10) فقد كانوا ينصرون محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و يقاتلون بين يديه كفاحاً (11) يمنعون منه، ويدفعون عنه.

ص: 918


1- اشارة إلی قوله تعالى في سورة سبأ: 12.
2- «في قوله» البحار
3- سورة الأحقاف : 29
4- سورة الجن : 1
5- «حلق جنی» ه، ط، والبحار.
6- خنقه : شدّ علی حلقه حتى يموت
7- «وأما محاربة» ه.
8- «مشهود» ه
9- « العين» ط. واستنبط البئر : استخرج مائها . والقني ، واحدتها القناة : و هي الابار التي تحفر في أرض متتابعة ليستخرج ماؤها و يسيح على الارض.
10- «لمحمّد صلی الله علیه و آله وأهل بيته وذريته الطاهرين عليهم السلام» ط ، ه ، البحار.
11- کافح القوم أعداءهم: استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس و لاغيره . ويقال : لقيته كفاحاً أي مواجهة.

و كذلك كانوا مع عليّ (علیه السلام) ويكونون مع بقيّة آل محمّد (عليه وعليهم السلام) على ماروي وإن كان سلیمان - علی نبیّنا وعليه السلام - يفهم كلام الطير ومنطقها، فكذلك نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كان يفهم منطق الطير، فقد كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في بريّة ، فرأى طيراً أعمى على شجرة .

وروى من كان معه أنّهم سمعوا ذلك الطبريصيح، فقال لأصحابه: أتعلمون مايقول هذا الطير؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال : يقول: ربّ (1) إنّي جائع ، ولا يمكنني أن أطلب الرزق . فوقعت جرادة على منقاره ، فأكلها .

و كذا فهم منطقها عترته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (2) على ما مضى (3) ..

فصل

وإنّ عیسی - علی نبیّنا وعليه السلام - مرّ بكربلاء، فرأى ظباء، فدعاها ، فقال لها: ههنا لا ماء ولامرعی ، فلم مقامك فيها !؟

قالت: ياروح الله إنّ الله ألهمنا أنّ هذه البقعة حرم الحسين (علیه السلام) فآوينا إليها .

فدعا الله عيسى (علیه السلام) أن يبقي أثراً ، يعلم آل محمّد أنّ عيسى كان مساعداً لهم في مصيبتهم .

فلمّا مرّ علي بن أبي طالب (علیه السلام) بها ، وجعل يقول : ههنا مناخ ركابهم، و ههنا مهراق دمائهم . فسأله ابن عبّاس عن ذلك ، فأخبره بقتل الحسين (علیه السلام) بها .(4)

ص: 919


1- «على شجرة فقال للناس: أنّه قال (ياربی) رب» م، والبحار . «على صخرة، فروی من كان معه أنّه قال ربّ» ه.
2- «أهل بيته عليهم السلام» ه ، ط، والبحار.
3- راجع أبواب معجزاتهم عليهم السلام ، ففيها ما يفي
4- «فيها» البحار.

وإنّ عیسی - علی نبیّنا و عليه السلام - مرّههنا ، ودعا - و من قصّته کیت و کیت - (1)فاطلب بعرات تلك الظباء، فإنّها باقية. فوجدوا كثيراً من البعر قد صار مثل الزعفران . و إنّ الظباء قد نطقت مع محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعترته (علیهم السلام) في مواضع شتّی كما تقدم. (2)

وإنّ يحیی بن زکریا - علی نبینّا وعليهما السلام - أوتي الحكم صبيّا (3) و كان يبكي من غیرذنب ، ويواصل الصوم، ولم يتزوّج، وأهدي برأسه إلی بغيّة، فإنّما اختار نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) التزوّج لأنّه كان قدوة في قوله وفعله ، والنكاح ممّا أمر الله تعالی آدم (علیه السلام) به للتناسل .

و كان لسليمان (علیه السلام) من النساء و الجواري ما لا يحصى .

وقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : تناكحوا تناسلوا (4) فإنّي أباهي بكم الأمم. (5)

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : مباضعتك (6) أهلك حسنة . فقيل: يارسول الله تأتي شهوتنا (7) ونفرح أفنؤجر؟ فقال : أرأيت لو وضعتها في باطل أكنت تأثم ؟ قال : نعم.

قال : أفتحاسبون بالشرّ، ولا تحاسبون بالخير ؟! (8)..

ص: 920


1- روى القصة مفصلة الصدوق في أماليه : 478 ح5، وفي كمال الدين : 2 /532 ح 1 باسناده من طريقين إلی ابن عباس ، عنهما البحار : 44 /252 ح 2 و 3، والعوالم : 17 /143 ح 2.
2- في أبواب معجزاتهم عليهم السلام.
3- اشارة إلی قوله تعالى في سورة مريم : 12.
4- «تكثروا» م.
5- أورده في عوالی اللئالی : 2 /261 ح 1 مرسلاً مثله ، عنه مستدرك الوسائل : 14 /153 باب 1ح17.
6- البضع : النكاح . والمباضعة : المجامعة.
7- كذا في خ ل والبحار . وفي م ، ه ، ط «شهواتها».
8- أورده في عوالی اللئالی : 1 /64 ح 106 عن أبی ذر (رضی الله عنه) ، عنه مستدرك الوسائل: 14 /153 باب 1 ح20

و أراد الله(1) سبحانه أن يكون للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذرية طيّبة باقية إلی يوم القيامة .

و قد وصف الله سبحانه عیسی (علیه السلام) بما لم يصف به أحداً من أنبيائه [المتقدمين] فقال تعالى: « وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ*وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ » (2) و رسولنا وعترته (3) - عليه وعليهم السلام - وسيلة آدم، ودعوة إبراهيم ، و بشری عیسی.

فان قدّر عيسي من الطين كهيئة الطير ، فيجعلها الله سبحانه طيراً ، فإنّ الله سبحانه أحيي الموتى لنبيّنا وعترته .

وإن كان يبرىء الأكمه (4) و الأبرص باذن الله، فكذا كان من نبيّنا و من آله عليه وعليهم السلام، والآن ربّما يدخل العميان(5) و من به برص مشاهدهم، فيهب الله تعالی لهم نورالعين ، ويذهب البرص عنهم ببركة تربتهم .

وهذا معروف ما بین خراسان إلی بغداد ، إلی الكوفة ، إلی الحجاز (6). (7)

ص: 921


1- «و قد علم» البحار.
2- سورة آل عمران : 45
3- «وأهل بيته وعترته» ه ، والبحار.
4- الاكمه : هو الذي يولد أعمى.
5- «العميان والزمنی» ه، ط.
6- «فيهب الله تعالى لهم العافية مما ابتلاهم و ذلك ببركتهم، وهذا معروف لا يشك به» ه،ط.
7- عنه البحار : 17 /250 - 259 الكلام بتمامه . وعنه قطع في إثبات الهداة : 2 /126 ح 537 و 538.

باب-في أنّ معجزات النبیّ صلی الله عليه و آله و الائمة من آله عليهم السلام ليست ببدع ، فقد كان قبلهم للانبياء عليهم السلام والاوصياء معجزات

إشارة

إعلم أنّ الله تعالى لمّا أعلم الملائكة: « إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » (1) « عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا » (2) فكان علم آدم (علیه السلام) بها في الحال التي نفخ فيه الروح معجزة له.

فكذلك محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لمّا ادّعى النبوّة وذكر أقاصيص الأنبياء (علیهم السلام) واممهم على ما في كتب الله المتقدمة من غير تعلّم ومدارسة كان ذلك معجزاً له .

ولمّا مرض آدم - علی نبیّنا و عليه السلام - قال لشيث : إنّ ربّي عهد إليّ أن أجعلك وصيّي، وخازن ما استودعني، وهذا كتاب الوصيّة تحت رأسي، فإذا متّ فخذه من تحت رأسي، وفيها إثرة العلم و اسم الله الأكبر، وفيها جميع ما تحتاج إليه من أمر دينك وتلك الصحيفة نزل بها آدم (علیه السلام) من الجنّة، فلمّا توفّي آدم - على نبيّنا وعليه السلام - شدّها شيث - ابنه - في وسطه .

وقال له حينئذ جبرئيل (علیه السلام): من مثلك يا شيث لقد خصّك الله تعالى بأمر جليل وأعطاك سرور کرامته، وألبسك لباس عافيته .

و كان شيث - علی نبیّنا وعليه السلام - بعد وفاة أبيه يعلم الأسماء كلّها، وجميع لغات الملائكة ، فكان ذلك معجزة له .

فكذلك علم علي بن أبي طالب - عليه السلام ورضي عن والده - جميع اللغات (3) كلّها بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

ص: 922


1- سورة البقرة : 30
2- سورة البقرة :31
3- «بجميع الأشياء» ه.

وكذا الحسن (علیه السلام) كان بعد أبيه يعلمها كلّها.

ويعلم الحسين (علیه السلام) جميع لغات الثقلين، والملائكة أيضاً، ومنطق الطير، وصوت جميع الحيوانات بعد الحسن (علیه السلام) أيضاً.

فكذلك علي بن الحسين عليهم جميعهم صلوات الله ورحمته وبركاته .

[و كذا الأئمّة(علیهم السلام)] ما كانوا يجهلون شيئاً منها و كان ذلك معجزة لهم باهرة .

وغسّل شيث أباه و جبرئيل معه (1) و كذلك غسّل علي محمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و جبرئيل يعاونه (2) ..

ولمّا دفن آدم - علی نبیّنا و عليه السلام - هبط قابيل من الجبل الّذي كان هارباً خلفه من أبيه .

وقال الشيث: لئن تكلّمت بشيء ممّا عهد إليك أبوك لأقتلنّك كما قتلت أخاك . فكان الأمر والنهي في الظاهر إلی قابيل .(3)

و كان شيث يثبّت المعالم(4) ويحفظ الدين إلی أن أهلك الله تعالی قابيل و وکّل الأمر إلی ابنه ، و كان شيث (علیه السلام) يداريه .

فلمّا هلك قام أيضاً ابنه مقامه ، و قد كان آدم (علیه السلام)أوصى إلی شيث جميع ذلك .

و بشّره آدم أيضاً بنوح النبيّ (علیه السلام) وأنّهم يغرقون في طوفانه .

و كذلك كان الأمر بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) استولي الأوّل على عليّ (علیه السلام) وقام بالأمر ظاهراً ثمّ سلّم الأمر إلی صاحبه ، ثمّ أخذ ثالث القوم الأمر ، و كان هتّاتاً (5) ..

ثمّ عاد الأمر إلی عليّ (علیه السلام) وبعده ظلمات بعضها فوق بعض إلی مهديّ آل محمّد

ص: 923


1- «یعينه» ط، ه.
2- «یعينه» ط، ه
3- کلام المصنف قدس سره مقتبس من رواية طويلة مفصلة رواها في قصص الانبياء:57 ذح 32 باسناده إلی الشيخ الصدوق باسناده إلی زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه البحار :11/ 262 ح 11.
4- «بیت العلم» م.
5- يقال: رجل مهت وهنات اذا كان مهذاراً كثير الكلام. لسان العرب : 2/ 103 (هتت)

- علیه و عليهم السلام - فيطهّر الأرض من الأعداء.

و عن الباقر (علیه السلام): إنّ الله سبحانه أوحي إلی آدم (علیه السلام): «إنّي متوفّيك فأوص إلى شیث (1) وهو هبتي ، فإنّي أحبّ أن لاتخلو الأرض من عالم يقضي بحكمي ، أجعله في الأرض (2) حجّة لي».

فجمع آدم ولده وقال : أمرني ربّي أن اوصي إلی هبة الله ، وإنّ الله اختاره لي ولكم بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا . فقالوا : نسمع له ونطيعه . (3)

و كذلك فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعليّ (علیه السلام) يوم الغدير (4).

فصل

وأمّا إدريس النبيّ - علی نبیّنا وعليه السلام - فإنّه تنحّى عن القرية التي كان فيها

و كان أهلها يعبثون، وأخبرهم بأنّ الله سبحانه يحبس عنهم المطر بدعائه، و آوی إلى كهف ، ووكّل الله سبحانه به ملكاً يأتيه بطعامه کلّ مساء ، فمكثوا بعده عشرين سنة لم يمطروا (5) قطرة .

ص: 924


1- «خير ولدك» ط، ھ بدل «شیث».
2- «على خلقی» ط، ه بدل «في الارض».
3- عنه إثبات الهداة: 1/ 259 ح 249. ورواه المصنف في قصص الانبياء : 62 ح 43 باسناده إلی الصدوق باسناده إلى حبیب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام (ضمن حديث طويل)، عنه البحار: 11/ 265 ضمن ح 14. وأورده مرسلاً في إثبات الوصية : 16.
4- «يوم الغدير عند عوده من حجّة الوداع و لم يقبلوا» ط، ه بدل «بعليّ (علیه السلام) يوم الغدير».
5- «لم تمطر السماء عليهم» ط، ھ.

فلمّا جهدوا وتابوا إلی الله تعالى أمره الله أن يرجع(1) إليهم .(2)

فكذلك مهديّ آل محمّد لمّا عاب أهل الأرض ، خرج من بينهم، وغاب عنهم ، فإذا ما اشتدّ عليهم الزمان، وغلب شرار الناس وملاوا الأرض ظلماً رجع إليهم

و إنّ إدريس - علی نبیّنا و عليه السلام - لمّا رجع إلی قريته نظر إلی دخان في بعض المنازل ، وهجم على عجوز كبيرة و هي ترقّق قرصين لها على مقلاة، فقال:

بیعي منّي هذا الطعام. فحلفت أنّها ما تملك شيئاً غيرهما، واحد لي و واحد لابني.

فقال : ابنك صغير يجزيه نصف قرص. فأكلت قرصها ، و كسرت القرص الآخر بين ابنها وبين إدريس، وباعته منه. فلمّا رأى ابنها ذلك اضطرب يبكي حتّى مات.

فقالت : يا عبد الله قتلت ابني جزعاً على قوته .

فقال : أنا أحييه باذن الله تعالى. ثمّ أخذ بعضد (3) الصبي ، وقال : أيّتها الروح الخارجة عن بدن هذا الغلام ارجعي إلی بدنه باذن الله ، أنا إدريس .

فلمّا أحيا الله تعالى الغلام خرجت فقالت : يا أهل القرية هذا إدريس .

فخرج إلی تلّ، وقعد هناك ، واجتمع إليه أصحابه الّذين تفرّقوا بعده .

فبلغ ملك القرية خبره ، فبعث إلی إدريس - على نبيّنا و عليه السلام – أربعين رجلاً ليأتوه بادریس (علیه السلام)، فعنّفوه ، فدعا عليهم، فماتوا، فبعث الملك خمسمائة رجل .

فقال لهم إدريس (علیه السلام) : انظروا إلی مصارع أصحابكم .

فقالوا له : ارحم وادع أن تمطر فقد متنا بالجوع.

فقال: حتّى يأتي الجبّار متواضعاً لله ، حافياً إليّ .

فاتاه أهل القرية خاضعين تائبين ، فسأل الله تعالى، فأظلّتهم سحابة وهطلت .(4)

ص: 925


1- «يخرج» خ ط ،ه.
2- رواه مفصلا في كمال الدين : 1/ 127 ح1 باسناده إلی الباقر عليه السلام ، عنه قصص الانبياء للمصنف : 73 ح58 ، و البحار : 11/ 271 ح 2.
3- «بید» ط، ه.
4- المصدر السابق.

و كذلك إذا ظهر المهدي بمكّة ما بين الحجر الأسود و باب الكعبة ،فنادی جبرائيل (علیه السلام) واجتمع إليه أصحابه من الآفاق بعث السفياني أكثر من عشرين ألف رجل يقولون: «لاحاجة لنا في بني علي» فإذا بلغوا إلی البيداء خسف الله بهم الأرض فلا يبقى (1) إلّا رجلان منهم (2) ينصرف أحدهما إلی السفياني ، والآخر يخرج إلى مكّة وقد صار قفاهما إلی موضع وجهيهما يخبران الناس بحال عسكر السفياني .(3)

و كذلك كان لمّا هاجر سيّدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) [من مكّة] لتأذّيه من أهلها دعا عليهم فعمّهم الجدب سنين ، فخضعوا و سألوه أن يدعو ، فدعا الله سبحانه واستسقى فمطروا . (4)

و كان لبعض الأنصار عناق (5) فذبحها وقال لأهله: اطبخوا بعضاً و اشووا بعضاً فلعلّ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يشرفنا ويحضر بيتنا الليلة ويفطر عندنا وخرج [إلى المسجد] وكان له ابنان صغيران ، و كانا يريان أباهما يذبح العناق .

فقال أحدهما للاخر : تعال حتّی أذبحك . فأخذ السكّين وذبحه ، فلمّا رأتهما الوالدة صاحت فهرب الذابح خوفاً ، فوقع من الغرفة فمات ، فسترتهما ، وطبخت و هیّئت(6) الطعام ، فلمّا جاء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلی دار الأنصاري نزل جبرئيل (علیه السلام)و قال :

یا رسول الله استحضر ولديه . فطلبهما ( فخرج أبوهما ، فقالت والدتهما : ليسا بحاضرين . فرجع إلی النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأخبره بغيبتهما .

ص: 926


1- «يبقى منهم أحد» ط ، ه.
2- «منذر ومبشر» ط، ھ بدل «منهم».
3- روی نحوه مفصلا في غيبة النعمانی : 149 باسناده إلی الباقر عليه السلام، عنه البحار : 52/ 238.
4- أورده في مجمع البيان: 9/ 62 ، عنه البحار : 17/ 201 ، و ج 53/ 57.
5- العناق : الانثى من ولد المعز.
6- «وحصلت» م.

فقال : لابدّ من إحضارهما. فانصرف ، و أطلعت) (1) المرأة زوجها بحالهما فأخذهما إلی مجلس النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فدعا الله ، فأحياهما ، وعاشا سنین . (2)

فصل

و كان في بعض الأزمان نبيّ بين قوم کثيرين يدعوهم إلی الله ولا يجيبونه، و كان لهم يوم عيد ، فأتاهم ذلك النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

وقال : لا تفعلوا مثل ذاك و توبوا إلی الله، فقالوا له : إن سألت الله أن يخرج من خشب یابس ثماراً على لون ثيابنا - و كانت ثيابهم صفراء - فإنّا نؤمن بك .

و كانت هناك خشبة يابسة ، فدعا الله تعالى ، فصارت شجرة ، ثمّ أورقت ، ثمّ أثمرت المشمش ، فمنهم من آمن به ، ومنهم من أظهر الایمان نفاقاً ، فكلّ مشمشة أكلها مؤمن كان نواها حلواً، و کلّ مشمشة أكلها منافق كان نواها مراً، فعرّفهم الله ذلك النبيّ به .(3)

كذلك فعل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ليهودي كان له حقّ على مسلم ، و قد عقد أن يغرس له عدة من النخيل ويربّيها إلی أن ترطّب (4) ألواناً كثيرة ، فإنّه أمر عليّاً (علیه السلام)أن يأخذ نوي على عدد النخل (5) الّذي ضمنه المسلم لليهوديّ .

فكان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يضع النوى في فيه ثمّ يعطيه عليّا (علیه السلام) فيدفنه في الأرض ، فإذا

ص: 927


1- كذا في ط ، ه، خ ل ، وفيم «فأخبرت».
2- عنها إثبات الهداة: 2/ 126 ح 539 قطعة.
3- رواه في علل الشرائع : 573ح 1 باسناده إلی أمير المؤمنين (علیه السلام)، عن رسول الله صلى الله علیه و آله ، عنه قصص الانبياء للمصنف : 279 ح 372، و البحار : 14/ 456 ح8 و ج 66/ 190 ح3.
4- أرطب النخل و ترطب : صار ما عليه رطباً، أو حان أوان رطبه.
5- «تلك الأشجار» خ ل والبحار.

اشتغل بالثاني نبت الأول حتّى تمّت عدّة النخل على الألوان المختلفة من الصفرة والحمرة و البياض والسواد وغيرها .

و كان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يمشي بين نخلات و معه علىّ (علیه السلام) فنادت نخلة إلی نخلة : هذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وهذا وصيّه . فسمّيت الصيحانيّة . (1)

و كذلك أكثر حجج الله تعالى من أولادهما (علیهما السلام) مرّوا مع قوم على شجر یابس فدعوا فأورق و أثمر وأكلوا، وقد مضى ذكره .

فصل

وكان إبراهيم - علی نبیّنا و عليه السلام - مضيافاً، فنزل عليه يوماً قوم أضياف، ولم يكن

عنده شيء يطعمهم .

فقال : إن أخذت خشب الدار وبعته من النجّار فإنّه لابدّ أن ينحته وثنأ أو صنماً فلم يفعل ، فخرج في الطلب ومعه إزار إلی موضع - بعد أن أنزلهم في دار الضيافة -وصلّى ركعتين .

فلمّا فرغ ولم يجد الإزار علم أنّ الله سبحانه قد هيّأ أسبابه .

فلمّا دخل داره رأى سارة تطبخ شيئاً ، فقال لها : أنّي لك هذا؟ قالت: هذا الّذي بعثته على يدي رجل .

و كان الله سبحانه أمر جبرئيل (علیه السلام) أن يأخذ الرمل الّذي كان في الموضع الّذي صلّى فيه إبراهيم و يجعله في إزاره ، و الحجرات الملقاة هناك أيضاً ، ففعل جبرئیل (علیه السلام) ذلك فجعل الله سبحانه الرمل جاورساً (2) مقشّراً ، و الحجارة المدوّرة سلجماً (3)

ص: 928


1- عنه البحار : 17/ 365 ح 7. وقد استقصينا مصادر حديث النخل الصيحاني في المائة منقبة : 140 ح 73.
2- قال ابن البيطار : الجاورس عند الاطباء صنفان من الدخن ، صغير الحب ، شديد القبض ، أغير اللون ، وهو عند جميع الرواة الدخن نفسه، و قال : الجاورس فارسی ، والدخن عربی . راجع البحار : 66/ 257.
3- السلجم يقال له بالفارسية : شلغم.

والمستطيلة(1) جزراً.(2)

وقد كان للنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأهل بيته (علیهم السلام) أمثال ذلك مراراً، وقد تقدّم في معجزاتهم.

و إنّ إبراهيم على نبيّنا و عليه السلام لمّا القي في النار، فصارت علیه برداً وسلاماً

و كذا كان موسی بن جعفر (علیهما السلام) قعد في النار بثيابه فلم تحرقه . (3)

وإنّ إبراهيم (علیه السلام) لمّا قال: « إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي » (4) قاصداً إلی بيت المقدس من سلطان نمرود جعل سارة في تابوت لئلّا يراها أحد لغيرته، فمرّ بعشّار (5) في سلطان رجل من القبط، فقال: لاأخلّيك حتّى تفتح التابوت. ففتحه عنها، و كانت موصوفة بالجمال فرفع العشّار الخبر إلی الملك، فقال: احملوه والتابوت معه إليّ.

فلمّا دخل على الملك قال لابراهيم (علیه السلام): افتحه. فقال: فيه حرمتي، وأنا أعطيك مامعي (6)ولا أفتحه . فأبى إلّا فتحه .

فلمّا رآها مدّ يده إليها، فقال إبراهيم (علیه السلام): اللّهمّ احبس يده. فشلّتا .

فقال الملك : ادع الله أن يردّ يدي، فدعا، فصلحتا، ثمّ أراد أن يمدّ يده إليها فشلّتا فسأل إبراهيم (علیه السلام) في ردّ يده (7)..

فقال : بشرط أن لا تمد يدك إليها مرّة أخرى. فقال : لا أفعل. فدعا فصلحت يده .

فقال الملك : عندي جارية صالحة بكر تليق بكم: فأتي بهاجر فوهبها لها (8). (9)

ص: 929


1- «المطولة» م.
2- عنه البحار : 12/ 11 ح 28 وج 66/ 219 ح 4.
3- تجد الحديث في عوالم الامام الكاظم : 21/ 148 . وتقدم في ص 308 ح 2 ص 325 ح17.
4- سورة الصافات : 99.
5- العشار: قابض العشر من المال.
6- «جميع ما معی» ط، ه.
7- «أن يدعو له» ه بدل «في رد يده»
8- «لسارة» ه، خ ل.
9- رواه مفصلاً الكليني في الكافي : 8/ 370 ح :56 باسناده إلی ابراهیم بن أبي زياد الكرخي ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 12/ 45 ح 38. ورواه المصنف في قصص الانبياء : 106 ح 100 باسناده عن الصدوق باسناده الى ابراهیم الکرخی ، عنه البحار : 12/ 110 ح 34. وأشار اليه في إثبات الوصية : 37.

ومثل ذلك كان للحسين (علیه السلام) مع فرعون هذه الامّة، فإنّه (1) مدّ يده ليضرب على وجه الحسين (علیه السلام) فيبست يده، فتضرّع إليه ليدعو ربّه فتردّ إليه يده، فدعا(2) فصلحت ولم يعتذر كاعتذار (3) الملك القبطي. (4)

ولمّا خلّف إبراهيم - علی نبیّنا و عليه السلام - إسماعيل وأمّه هاجر بمكّة باذن الله تعالی، عطش إسماعيل و لم يكن بمكّة ماء ظاهر على وجه الأرض. فطلبت أمّه الماء فلم تجده ، ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم .(5)

وكذلك لمّا ولد عیسی بن مریم (علیه السلام) جعل الله تعالى لهما شرباً - أي عيناً - ينبع. (6)

و قد أنبط (7) الله تعالى الماء لسيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ، و لعترته (علیهم السلام) (8) الأئمّه في زمان بعد زمان على ما أشرنا إليه من قبل (9) ..

وعن الباقر(علیه السلام) : إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً ، ناصح الله سبحانه ، فناصحه ،فسخّر له السحاب، وطویت له الأرض، و بسط له في النور، و كان يبصر بالليل كما

ص: 930


1- «فإنّ المشار اليه» ط.
2- «فدعا الله» ط.
3- «يعتبر کاعتبار» ط.
4- عنه مدينة المعاجز : 288ح 191.
5- روی نحوه على بن ابراهيم في تفسيره: 51 - 52 باسناده إلی هشام ، عن أبي عبدالله عليه السلام (ضمن حديث طويل) ، عنه البحار : 12/ 98 ح 6 وج 99/ 36 ح 15.
6- أورد نحوه الطبرسی في مجمع البیان : 6/ 511 عن أبي جعفر عليه السلام، عنه البحار : 14/ 226.
7- «أنبع» ه . وأنبط الماء : أخرجه من الأرض.
8- «لمحمّد ولاكثر» ه بدل «لسيدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و لعترته».
9- «في مواضع مختلفة» ط، بدل «على ما أشرنا اليه من قبل»

يبصر بالنهار، وإنّ أئمّة الحقّ (1) کلّهم قد سخّر الله تعالى لهم السحاب، و كان يحملهم إلى المشرق والمغرب لمصالح المسلمين ولاصلاح ذات البين . (2)

وعلى هذا حال المهدي (علیه السلام) ولذلك يسمى «صاحب المرأى والمسمع» فله نور یری به الأشياء من بعيد كما يرى من قريب ، و يسمع من بعيد كما يسمع من قريب، وإنّه مسیح (3) في الدنيا كلّها على السحاب مرّة، وعلى الريح أخرى ، وتطوي له الأرض مرّة، فيدفع (4) البلايا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً .

فصل

وعن الصادق (علیه السلام): إنّ أعرابياً اشتری من یوسف - علی نبیّنا وعليه السلام. طعاماً ، فقال له : إذا مررت بوادي كذا و كذا فناد: «یا یعقوب یا یعقوب» فإنّه يخرج إليك رجل(5)وسیم، فقل له: إنّي رأيت بمصر رجلاً يقرئك السلام و يقول(6): إنّ وديعتك عند الله محفوظة لن تضيع .

فلمّا بلّغه الأعرابي ذلك خر(7) مشياً عليه ، فلمّا أفاق قال: هل لك من حاجة ؟

قال: لي ابنة عمّ ، وهي زوجتي لم تلد. فدعا له، فرزق منها أربعة أبطن، فی کل بطن إثنان. (8)

ص: 931


1- «الهدی» ط ، ه.
2- رواه العياشي في تفسيره: 2/ 340 صدرح 72، والصدوق في كمال الدين: 2/ 393 ح 1، والمصنف في قصص الانبياء:120 ح121 بأسانيدهم إلی أبي بصير ، عنها البحار : 12/ 194 ح17.
3- السائح : المتنقل في البلاد للتنزه أو للاستطلاع والبحث والكشف وغير ذلك.
4- «فيأتي على دفع البلايا والرزایا» ط،ه بدل «فيدفع».
5- «شيخ» ط،ه.
6- «و يقول لك» ه.
7- «خرّ يعقوب» ط، ھ.
8- رواه في كمال الدين: 1/ 141 ح 9 باسناده إلی هشام بن سالم، عن أبي عبد الله علیه السلام مع زيادة في آخره ، عنه البحار : 12/ 285 ح 69. ورواه المصنف في قصص الانبياء: 133 ح 136. باسناده عن الصدوق باسناده إلی هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام.

ومثل ذلك مرويّ عن أئمّة الهدى لكثير من الناس لمّا سألوا منهم ذلك، وقد تقدّم کثیر (1) منه .

وقال أبو عبدالله (علیه السلام): إنّ رجلا من بقيّة عاد أدرك فرعون يوسف ، فأجاره ومنعه، والعادي يحدّثه بالصدق، و كان يوسف - على نبيّنا و عليه السلام - صدّيقأ، فلمّا قدم يعقوب (علیه السلام) أكرمه الجار ليوسف فقال (2) : یا يعقوب كم أتى عليك ؟ فقال يعقوب (علیه السلام) : مائة وعشرون سنة. فقال العادي: كذب (3). فسكت (4) وشقّ ذلك على فرعون

فقال مرّة أخرى : كم أتى عليك يا يعقوب؟ فقال يعقوب : عشرون ومائة سنة.

فقال العادي : كذب. فقال يعقوب (علیه السلام): اللّهمّ إن كان كذب فاطرح لحيته .

فسقطت لحيته على صدره ، فبقي واجماً (5)..

فقال فرعون : دعوت على من أجرته ، فادع ربّك أن يردّها عليه.

فدعا (6) فردّها عليه، و كان العادي رأي إبراهيم - علی نبیّنا وعليه السلام - فلمّا رأى يعقوب ظنّه إبراهيم . (7)

وقد جرى من خارجي مع علي بن أبي طالب (علیه السلام) مثل ذلك فإنّه (علیه السلام) قسّم المال ،

فقال له الخارجي : ما قسّمت بالعدل .

فدعا عليه، فسقطت لحيته (8) ، فبكا وتضرّع، و سأله أن يدعوله .

ص: 932


1- «ذكره» ط،ه.
2- «فقال يوماً» ه.
3- «كذبت» خ ل ،ه ، وكذا في الموضع التالي.
4- «فسكت يعقوب» ه.
5- وجم : سكت على غيظ ، فهو واجم
6- «فدعا له يعقوب» خ ط.
7- رواه المصنف في قصص الانبياء : 137 باسناده عن الصدوق باسناده إلی يحيى الازد، عن رجل ، عن الصادق عليه السلام مفصلاً، عنه البحار : 12/ 297 ح 84.
8- «فذهبت محاسن الخارجي» خ ل بذل «فسقطت لحية».

فدعا الله سبحانه فردّها عليه (1). (2)

فصل

وقال الله تعالی : « وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا » (3) في قصّة أيّوب – على نبيّنا وعليه السلام - وقد أصابه الله تعالى بمحن توالت عليه(4) شدائدها ليرفع الله سبحانه بها درجاته ، ثمّ كشفها عنه و أعاد عليه النعم ليعتبر المؤمنون ويصطبروا (5) ويشكروا.

وقال الصادق (علیه السلام): إنّ الله سبحانه ردّ عليه(6) أهله و ولده الذين هلكوا بأعيانهم و أعطاه مثلهم معهم ، و كذلك ردّ عليه مواشيه و أمواله بأعيانها وأعطاه مثلها معها ، وأمطر الله سبحانه من السماء على أيّوب فراشاً من الذهب ، فجعل أيّوب يأخذ ما كان خارجاً من داره فيدخله داره .

فقال له جبرئيل (علیه السلام): أما تشبع يا أيّوب؟ قال: ومن يشبع من فضل الله. (7)

و كذلك عزير لمّا أماته الله تعالی مائة عام ثمّ بعثه، و كان معه التين فكان على حاله لم يتغيّر، و كان أيضاً معه اللبن لم يتغيّر ، ورأى حماره حيّاً بعد موته.(8)

ص: 933


1- «يدعو الله حتى يردها عليه فصار كما كان» ط،ه.
2- عنه مدينة المعاجز :1/ 19 ح 528.
3- سورة ص : 43.
4- «الدنیا» ط، ھ ، خ ل بدل «توالت عليه».
5- «ويصبروا» ه.
6- «على أيّوب» ه.
7- عنه الايقاظ من الهجعة : 149 ح 49 . ورواه علیّ بن ابراهيم في تفسيره : 570 باسناده إلی أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام عنه البحار : 12/ 344 ضمن ح3 . و أورده في مجمع البيان : 7/ 59 عن ابن عباس وابن مسعود ، عنه البحار : 12/ 346 ذح6 الايقاظ من الهجعة : 136 ح29.
8- عنه الايقاظ من الهجعة : 149 ح 50.

وكذلك مرّ نبيّ(1) على قرية وهي خاوية على عروشها، و رأي أهلها كلّهم موتی فعلم أنّهم أهلكوا بسخط الله تعالی .

فدعا الله ، فقال تعالى : رشّ عليهم الماء . ففعل، فأحياهم الله تعالى ، وهم الوف و بعثه الله تعالى إليهم رسولاً و عاشوا سنين .(2)

فمن أقرّ بصحّة ذلك جميعه كيف ينكر الرجعة في الدنيا (3) على ما ذكرناه .

«وقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : ما جرى في أمم الأنبياء قبلي شيء إلّا ويجري في أمّتي مثله وذكر خروج الصفراء بنت شعیب على يوشع وصيّ موسى .

ثمّ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأزواجه : و إنّ منكنّ من تخرج على وصيّ وهي ظالمة ثمّ قال : يا حميراء لا تكونيها . فأخبر بذلك قبل كونه» وكان معجزاً له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) . (4)

فصل

وعن الصادق (علیه السلام): إنّ موسى بن عمران - علی نبیّنا وعليه السلام - لم يخرج حتى خرج ثمانون كذّاباً .

وفي القائم منّا سنّة من موسی بن عمران، وهو خفاء مولده وغيبته عن قومه وفيه سنّة من يوسف .

قيل : كأنّك تذكر خبره وغيبته .

قال : وما ینكر - هؤلاء (5) أشباه الخنازير - من ذلك ، إنّ اخوته وهم أسباط لم يعرفوه ، حتّى قال لهم : أنا يوسف ، فما تنكرون أن يسير القائم في أسواقهم

ص: 934


1- «عیسی» ط، ه «عزير» الايقاظ.
2- عنه الايقاظ من الهجعة : 183 ح 37، من أول الفصل.
3- «الدين» م.
4- عنه إثبات الهداة: 2 /127 ح540.
5- «هذا الّا الذين هم» ه، «الذين هم» خ ل.

ويطأ بسطهم ، وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله أن يعرفهم نفسه .(1)

وإنّ الخضر (علیه السلام) يراه كثير من الناس في الطواف بمكّة حول الكعبة ، أو في البراري يرشد ضالّاً ، أو في البحار عند غرق السفن ، فيحفظها والناس لا يعرفونه في الحال ، فإذا خرج وغاب علموا بأمارات أنّه كان (2) الخضر .(3)

وكذلك صاحب الأمر ، قد رآه الكثير من الناس في زمان بعد زمان ، وفي بقاع مختلفة عند وقوع هلاك على جماعة من المسلمين ، فرأوه على صفاته وهيئته وهم لا يعرفونه ، فإذا دفع القوم الذين استولوا على هؤلاء المؤمنين و أرادوا هلاكهم إمّا بالقتل ، أو بالتشريد والهزيمة، أو على وجه من الوجوه ، لهؤلاء الظلمة ، وذلك أكثر من أن ينطوي عليه كتاب كبير ، مرويّ عن المعتمدين ، علموا أنّه لم يكن إلّا مهدي آل محمّد - علیه و علیهم السلام - وأنّ صفاته وهيئته معلومة، فيقطع(4) بها على أنّه هو، وهذا نوع من المعجزات الباهرة وله من الأنبياء المتقدّمين نظائر على ما أشرنا إليه .

ص: 935


1- رواه في الكافي : 1 /236 ح 4، و كمال الدين : 144 ح 11 ص 341 ح 21، و علل الشرائع: 1 /244 ح 3، و غيبة النعمانی : 163 ح4، و دلائل الإمامة : 290 باسنادهم جميعاً إلی سدير الصيرفي، عن أبي عبدالله عليه السلام . وأخرجه في البحار : 12 /283 ح 61 و ج 51 /142 ح1 عن كمال الدين والعلل . وفيج 52 /154 ح9 عن غيبة النعمانی . وفي إثبات الهداة : 6 /356 ح17 و ص408 ح148 عن الكافي و كمال الدين.
2- «الحال أنّه» ط«الحالة أنّه» ه بدل «أنّه كان».
3- رواه في كمال الدين : 2 /390 ح 4 باسناده إلی الحسن بن علیّ بن فضال ، عن الرضا عليه السلام ، عنه الوسائل: 8 /458 ح 1، والبحار : 13 /299 ح 17 و 52 /152 ح3.
4- «قطع» خ ل.
فصل

وإنّ فرعون لمّا كان يسمع أنّ هلاکه وهلاك قومه يكون على يدي رجل من بني إسرائيل قتل في طلبه نيّفاً وعشرين ألف مولود، و لم يصل إلی قتل من يهلكه ويهلك قومه.

فلمّا ولد موسى - على نبيّنا وعليه السلام - و كان ما كان ترك القتل .

وكذلك بنو أميّة وبنو مروان وبنو العبّاس لمّا سمعوا أنّ زوال ملكهم على يد القائم من آل محمّد - علیه و علیهم السلام - وضعوا سيوفهم في قتل أولاد أهل البيت يهلكونهم بالقتل(1).

فلمّا ولد صاحب الزمان (علیه السلام) تركوا ذلك القتل .

ویأبی الله سبحانه أن يكشف إمامة (2) لواحد من الظلمة فإنّه (علیه السلام) يعين الشيعة شرقاً وغرباً، و يحفظهم، سيّما في طريق سرّ من رأى (3) فإنّ المخالفين حواليها يتعصّبون فيؤذون المؤمنين (4) و لم يزل(5)(علیه السلام) يدفع شرّهم بالهينة (6) مرّة، و بالسوط والسيف اخرى وهذه السمعة من المعتمدین .

وهذا كما كان موسى - على نبيّنا و عليه السلام - يدفع القبط عن بني إسرائيل سراً و علانية .

و قد قال أبو عبدالله (علیه السلام): إنّ في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء - على نبيّنا وعليهم السلام - : سنّة من نوح ، وهو طول عمره، وظهور (7) دولته وبسط يده في(8) هلاك أعدائه .

ص: 936


1- «بالوان العذاب» خ ل
2- «أمره» خ ل ، ه.
3- زاد في ه ، خ ل ، «من الجوانب».
4- «الزوار» خ ل.
5- «و يقصدون أذية الزوار وهو» ط،ه.
6- «بالهيبة» ه.
7- «قیام» م بدل «عمره و ظهور».
8- «و يطو» م بدل «وبسط يده فی».

وسنّة من موسى (علیه السلام) لمّا كان خائفاً يترقّب .

وسنّة من عیسی (علیه السلام)، فإنّه يقال فيه ماقيل في عیسی .

و سنّة من يوسف (علیه السلام) بالستر ، يجعل الله سبحانه بينه و بين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه وسنّة من محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يهتدي بهداه، و يسير بسيرته ، يخرج بالسيف [كماخرجرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ].

و سنّة من داود (علیه السلام)، وهو حكمه بالالهام .(1)

فصل

و عن الباقر (علیه السلام): إنّ موسى بن عمران (علیه السلام) لمّا انتهي ببني إسرائيل إلى الأرض المقدسة قال لهم : ادخلوا. فأبوا أن يدخلوها ، فتاهوا في أربعة فراسخ أربعين سنة ، و كانوا إذا أمسوا نادى مناديهم : أمسيتم ! الرحيل. حتّى إذا انتهوا إلى مقدار ما أرادوا من السير أمر الله تعالى الأرض فدارت بهم إلی منازلهم الأولى فيصبحون في منزلهم الّذي ارتحلوا منه .(2)

وإنّ الله تعالی طوى الأرض لأئمّة الهدى في أوقات مختلفة ، فكم من رجال من الحاجّ كانوا يضلّون في البادية في هذه الغيبة ، فانقذهم الله من الهلاك بمهديّ الزمان (علیه السلام) لرشدهم(3)..

ص: 937


1- روی نحوه في الإمامة والتبصرة : 93ح 84، و كمال الدين : 152ح 16 وص 350 ح 46، و في غيبة الطوسی: 261 باسنادهم من عدة طرق إلی أبي بصير، عن الباقر (علیه السلام) ، عنها البحار: 51/ 216 ح 2 و3.
2- رواه المصنف في قصص الانبياء : 171 ح 199 باسناده إلی الصدوق ، باسناده الى أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، عنه البحار : 13/ 177 ح 6. رواه المفيد في الاختصاص : 259 باسناده إلی أبي حمزة ، عن الباقر عليه السلام، عنه البحار : 13 /176 ح5.
3- «فارشدهم» ه

فإنّ كتبنا مشحونة بأنّ كثير منهم انقطعوا من القافلة أيّاماً ، و يئسوا من الحياة وإذا بصاحب الامر(علیه السلام) أخذ بأيديهم ، و أطعمهم ، وسقاهم ، و بعث معهم من يطوي لهم الأرض فيوصلهم إلی العمران في أسرع زمان .

كما روي أنّ رجلاً من همدان قد حجّ ، فلمّا صدر من مكّة مع القافلة تأخّر ليلة عنهم ، ونام لغلبة النعاس عليه في البادية ، فلمّا أصبح لم ير أحياءاً ، ولا أثراً ولا يدري أيّ صوب خرج ، فتاه ، و أيس ، وبقي بلا زاد منذ أيام .

فرأى صاحب الزمان (علیه السلام)، وطيّب قلبه، و أطعمه و سقاه ، ثمّ بعث معه بعد وهن من الليل من أخذ بيده، و أوصله إلی أسد آباد في أوقات معدودة من الليل قليلة وقد رجع إلى بيته قبل وصول الحاجّ بشهرين.

وكان يقول : كان الأرض كانت تجري من تحت قدمي .

وقال لأهله : قلت له : من أنت ؟ فقال: أنا المهديّ الّذي شكّوا فيّ أهل بلدك .

ولهذا الرجل بهمدان قبیل کثیر، يقال لهم : بنور اشدّ متشيّعون ، منهم من يروي كذلك عن جدّهم، وهو يقول: إنّ المهديّ (علیه السلام) قال لي: أنت فلان! من مدينة في الجبل يقال لها: «همدان» وناولني صرّة فيها خمسون ديناراً ولم نزل بخير ما بقي معنا شيء .

وأكثرهم يسأله : من أنت؟ فيقول: أنا المهديّ الّذي ينكرني أهل بلدتكم. ثمّ يستبصرون، ويستبصر غيرهم بسبب ذلك .(1)

وقد كان لجماعة كثيرة مثل ذلك من طيّ الأرض لهم مع زین العابدين، والصادق والكاظم ، والتقي ، و آبائهم وأبنائهم (علیهم السلام) .

ص: 938


1- تقدّم نحوه في ص788 ح 112 . والحديث في «ط ،ه» ورد هكذا : «ان رجلا من همدان تقدم ذكره و له بهمدان نسل کثیر یقال لهم: بنو راشد متشيعون، منهم من يروي ذلك عن جدّهم أنّه قال: انّ المهديّ عليه السلام ناوله صرّة فيها خمسون ديناراً».
فصل

و إنّ موسی بن عمران - على نبيّنا وعليه السلام - كان مبتلى بابن عمّه «قارون».

كما أنّ القائم المهديّ (علیه السلام) كان مبتلی بعمّه «جعفر الكذّاب» وإنّ الله تعالی دفع معرّته (1) عن المهديّ (علیه السلام) ، وجعل كلمته العليا ، وأخافه من المهديّ (علیه السلام) .

فإنّه لمّا توفّي الحسن العسكري (علیه السلام) اجتمع أصحابه للصلاة عليه في داره فجاء جعفر الكذاب ليصلّي عليه والشيعة حضور إذا هم بفتى جاء و أخذ بذيله وأبعده من عند أبيه ، وصلّي عليه ، وائتمّ الناس به ، وبقي جعفر الكذّاب مبهوتاً متحيّراً لا يتكلّم ، فلمّا فرغ من الصلاة على أبيه خرج من بين القوم وغاب، فلا يدري من أيّ وجه خرج. (2)

وإنّ قارون أعطى إمرأة لها جمال مالاً أكثر من مائة ألف درهم على أن تقوم هي على رؤوس بني إسرائيل فتقول : «إنّ موسی دعاني إلی نفسه» فوقفت (3) عليهم و فيهم موسی و قارون في زينته ، فقامت وقالت : يا موسى إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقوم في بني إسرائيل فأقول لهم إنّك دعوتني إلی نفسك و معاذ الله .

فكذلك أناس كانوا يتسلّطون على أئمّة الهدى من آل محمّد عليه و عليهم السلام (4) و يؤذونهم و يلّطخونهم بالعيوب و الأكاذيب .

فإذا و کّل بهم أحد من جهة بني العبّاس واطّلع على أحوالهم، شهد بطهارتهم

ص: 939


1- المعرة : الأذى، المساءة ، المكروه.
2- رواه مفصلاً في كمال الدين : 2 /475 بالاسناد إلی أبی الادیان، عنه البحار: 50 /332 ح4 و ج 52 /67 ح53.
3- «فقامت» ه.
4- «فكذلك بنوالعباس كانوا يسلمون أئمة الهدی من آل محمّد إلی شرّ الخليفة من خدمهم ليهلكوهم» ه ، خ ل.

و آمن بهم ، وتبرّأ من بني العبّاس إلّا أن يكون خبيث الأصل دعيّاً .

وإنّ موسى - على نبيّنا و عليه السلام - لمّا تأذّي من قارون ، و كان قد خرج في زينته قال للارض : «خذيه». فأخذته و أبتلعته، وإنّه ليتخلخل (1) كما قال تعالى : « فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ » (2) ..

و كذلك قصد سراقة بن مالك إهلاك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أسره على غرّة، و كان مقبلاً إلی المدينة [ فدعا عليه ] فأخذت الأرض قوائم فرسه و ساخت فيها .

فقال: يا محمّد الأمان . فقال : يا أرض خلّيها. فطفر فرسه منها . (3)

وإنّ المتوكّل قال لندمائه : أعياني أمر علي النقي ، فإنّي جهدت أن يشرب معي وينادمني فامتنع .

فقالوا : هذا أخوه موسی قصّاف عزّاف (4) يشرب ويتخالع فاحضره واشهره فإنّ الخبر يشيع في الدنيا عن ابن الرضا بذلك ، ولا تفرّق الناس بينه و بين أخيه و من عرفه بشرب الخمر والزنى والقمار اتّهم أخاه بمثل فعاله .

فقال : اكتبوا باشخاصة مكرّماً .

فجاء موسى وتلقّاه أبو الحسن (علیه السلام) فقال : إنّ المتوكّل أحضرك ليهتكك فلا تقرّ له بأنّك شربت نبيذاً قطّ ، اتّق الله يا أخي أن ترتكب محظوراً .

فأبي موسى عليه ، فكرّر عليه أبو الحسن الوعظ، وأقام موسي على خلافه فدعا (علیه السلام) أن لا تجتمع أنت والمتوکّل أبداً .

فجاء موسى إلی باب المتوکّل وأقام ثلاث سنين يتكرّر کلّ يوم ، فيقال له :

ص: 940


1- «يتلجج» ه.
2- سورة القصص : 81
3- تقدّم في ص 23 ح 1.
4- من القصف وهو: اللهو واللعب والافتتان في الطعام والشراب والجلبة و الاعلان باللهو والعزّاف : من حرفته اللعب بآلة الطرب والعزف بها.

هو مشغول ، ومرة يقال له : قد شرب الدواء ، إلی أن قتل المتوکّل .(1)

فصل

وعن الصادق (علیه السلام): إنّ دانیال كان في زمن ملك جبّار فطرحه (2) في البئر وطرح معه السباع (3) لتأكله ، فلم تدن منه ، فأوحى الله تعالى إلی نبيّ من أنبيائه أن ائت دانیال بطعام . قال : يا ربّ وأين دانيال ؟ قال : تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فيدلّك عليه . فخرج فانتهي به الضبع إلی ذلك الجبّ فأدلى إليه الطعام .

فقال دانيال : الحمد لله الّذي لا ينسى من ذكره .(4)

وإنّ موسی بن جعفر(علیهما السلام) كان محبوساً ببغداد عند شرّ النّاس من موالي بني العبّاس ، فطرحه في الموضع الّذي فيه السباع الجياع ، فلمّا أصبحوا لم یشکّوا أن لم يبق من موسی بن جعفر(علیهما السلام) إلّا العظام ، فوجدوه قائماً يصلّي في ذلك الموضع ، والأسود حواليه كالسنانير .(5)

ولا يخفى أنّ السباع كلّها تذلّ لآل محمّد المعصومین و تنتهي إلی أوامرهم .

فإنّ الباقر(علیه السلام) دعا للكميت لمّا أراد أعداء آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أخذه وإهلاكه، و كان متوارياً ، فخرج في ظلمة الليل هارباً ، وقد أقعدوا على کلّ طريق جماعة ليأخذوه

ص: 941


1- رواه في الكافي : 1 /502 ح 8 عن الحسين بن الحسن، عن يعقوب بن یاسر، عنه البحار: 50/ 158 ح 49. وأورده في الارشاد : 37 عن يعقوب بن یاسر، عنه کشف الغمة : 2 /381 ، والبحار : 50 /3 ح 6.
2- «وأخذه وطرحه» ط،ه . وفي خ ل ، ه-«الجب» بدل «البئر».
3- «اللبوة» خ ل و تفسیر القمی.
4- رواه مفصلاً في تفسير القمی: 79، عنه البحار : 14 /358 ح 1.
5- تجد الحديث في عوالم الكاظم: 21 /294 - 296 عن مهج الدعوات ودلائل الامامة.

إن خرج في خفية ، فلمّا وصل الكميت إلی الفضاء و أراد أن يسلك طريقاً ، فجاء أسد فمنعه من أن يسري فيها ، فسلك أخرى، فمنعه منها أيضاً ، و كأنّه أشار إلى الكميت أن يسلك خلفه ، ومضى الأسد في جانب والكميت خلفه إلی أن أمن و تخلّص من الأعداء.

و كذلك كان حال السيّد الحميري ، دعا له الصادق (علیه السلام) لمّا هرب من أبويه وقد حرّشا عليه السلطان فدلّه سبع على طريق، و نجا منهما .(1)

فصل

و إنّ أصحاب الكهف لمّا فرّوا إلی الله تعالى ، و خرجوا من عند «دقیانوس» و آووا إلی الغار، ركب الملك مع جماعة خلفهم . فلمّا وصلوا إلی باب الغار ، ورآهم نیاماً فيه ، تحيّر و لم يتعرّض لهم بسوء ، و انصرفوا مدهوشين.(2)

فكذلك كان صاحب الأمر(علیه السلام) بعد وفاة أبيه (علیه السلام) و دفنه خرج جعفر الكذّاب إلى بني العباس وأنهی خبره (3) إليهم، فبعثوا عسكرأ إلی سرّ من رأى ليهجموا داره ويقتلوا من يجدونه فيها، ويأتونه برأسه، فلمّا دخلوها وجدوه في آخر السرداب قائماً يصلّي (4) على حصير على الماء ، و قدّامهم أيضاً كأنّه بحر لكثرة الماء في السرداب ، فلمّا رأوا ذلك يئسوا من الوصول إليه، وانصرفوا مدهوشين إلی الخليفة فأمرهم بكتمان ذلك .

ثم بعث بعد ذلك عسكراً أكثر من الأول، فلمّا دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن ، فاجتمعوا على بابه حتّى لا يصعد ، فخرج من حيث الآن عليه شبكة

ص: 942


1- عنه البحار: 47 /319 ح10.
2- رواه مفصلاً الثعلبي في تفسيره ، عنه البحار: 14/ 430 – 437.
3- «حاله» خ ل.
4- «قاعداً» م بدل «قائماً يصلى».

وخرج وأميرهم قائم .

فلمّا غاب قال : انزلوا وخذوه .

فقالوا : إنّه مرّ عليك وما أمرت بأخذه . فقال : ما رأيته . فانصرفوا خائبين (1).

وخرج إليه العسكر مرّة أخرى ، فوجدوه في آخر السرداب ، فوضع يده (علیه السلام) على الجدار وشقّه ، وخرج منه، وأثر الشقّ بعد ظاهر فيه .(2)

فصل

و إنّ المخالفين ربّما ينكرون إجابة دعواتهم ، و يقولون : إنّ خرق العادة لاتجوز لغير الأنبياء(علیهم السلام) .

ثم يروون عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ ثلاثة نفر كانوا يعبدون الله في كهف في جبل ، ولم يكونوا أنبياء ولا أوصياء، فوقعت صخرة من أعلاه على باب الكهف . فقال بعضهم :

والله لا ينجينا إلّا أن نصدّق الله تعالى، فهلمّوا (3) ما عملتم خالصاً لله تعالی .

فقال أحدهم : اللّهمّ إن كنت(4) تعلم أنّي طلبت امرأة حسناء ، و أعطيت فيها مالاً جزيلاً ، حتى إذا قدرت عليها ، ذکرت نار جهنم ، فقمت فرقاً(5) منها .

قال: فانصدعت [الصخرة] حتى نظروا إلی الضوء

ثمّ قال الآخر : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي استأجرت قوماً [فلمّا فرغوا من عملهم أعطيت كلاً منهم] ، فقال أحدهم : إنّي عملت عمل رجلين ! فترك ماله عندي

ص: 943


1- «خائفين» م
2- تقدم نحوه في ص 460 ح5.
3- هلمّ : كلمة بمعنى الدعاء إلی الشيء ... و تستعمل لازمة نحو «هلمّ الينا» أي أقبل، ومتعدية نحو«هلمّ شهداء كم ، أي أحضروهم».
4- «إنّك» ط.
5- «خائفاً» ط. بمعناها.

فبذرت بنصف دراهمه في الأرض(1) - إذ غضب ولم يأخذه - حتى صار عشرة آلاف درهم فلمّا جاء صاحبه رفعتها إليه ، و فعلت ذلك مخافة منك (2) ..

فانفرجت حتى نظر بعضهم إلی بعض .

ثمّ قال الاخر : اللّهمّ إن كنت تعلم أنّ أبويّ كانا نائمين، فأتيتهما بقصعة من لبن فكرهت أن أنبّههما، فلم أزل [واقفاً] حتى استيقظا، فشربا، وفعلت ذلك ابتغاء وجهك.

فانفرجت حتّی سهّل [الله] لهم المخرج كما كان .(3)

وقد مضى كثير من استجابة(4) دعوات أئمّة الهدى ، فمن ذلك ، ما لم نذكره: إنّ موسی بن جعفر (علیهما السلام) دعا عليّ بن إسماعيل ابن أخيه ، فقال له : إنّ الرشید هارون يدعوك فلا تخرج إليه .

فقال : أنا مملق(5) ، و عليّ ديون .

فقال موسى (علیه السلام) : أنا أقضيها ، و أفعل بك و أصنع . فلم يلتفت إليه ، وخرج من عنده .

ص: 944


1- «ماله عندی و ذهب فلم أره ، فاشتريت له باجرته دار و بذرت له» ط.
2- أي من الله
3- أورده المصنف هنا باختصار ، ورواه مفصلاً في قصص الانبياء : 244 باسناده إلی ابن أبي أوفى ، عنه البحار: 14/ 426 ح 8، وأورده أيضاً في دعواته : 43 ح 104 مرسلاً، عنه البحار: 69/ 287 ضمن ح 22. ورواه البرقي في المحاسن: 1/ 253 ح277 باسناده الي جابر الجعفی یرفعه عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، عنه البحار : 70/ 244 ح 17 . و الصدوق في الخصال : 1/ 184 ح 255 باسناده إلی عبد الله بن عمر، عنه البحار : 70/ 379 ح 29 و 93/ 309 ح 9. والطوسي في أماليه : 2/ 10 باسناده إلی ابن عمر ، عنه البحار : 14/ 221 ح 3. وأورد نحوه في التفسير المنسوب إلی الامام العسكري عليه السلام : 398 ضمن ح 271، عنه البحار : 14/ 13 ضمن ح 11.
4- «استحبابه» م.
5- المملق: الفقير ، وقيل: الذي لا شيء له.

فدعاه موسی (علیه السلام) وقال له : اتّق الله ولاتؤتم أولادي . و أمر له بثلاثمائة دينارو أربعة آلاف درهم . فلمّا خرج قال: و الله ليسعينّ (1) في دمي .

فقيل له : و أنت تعلم هذا و تصله ؟!

فقال : حدّثني أبي ، عن آبائه، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : إنّ الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت (2) قطعها الله، وإنّي أردت أن أصله بعد قطعه ، حتّى إذا قطعني قطعه الله .

و كان كذلك ، فإنّه خرج إلی بغداد و رفع إلی الخليفة أنّ الأموال تحمل إلى موسی بن جعفر (علیهما السلام) من المشرق [والمغرب] فإنّه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار وأحضرها (3). فقال صاحبها (4): لا آخذ(5) إلّا نقد كذا و كذا . فأعطاه ذلك.

فأمر له الرشيد بمائتي ألف درهم، وسبّبوها(6) على النواحي .

فدعا موسی بن جعفر(علیهما السلام) أن لا ينتفع منها بشيء ، فزحر (7) عليّ بن إسماعيل زحرة خرجت الأمعاء معها (8) فسقطت، فلم يقدروا على ردّها (9) فجاءه المال وهو في النزع ، فقال : ما أصنع به ، و أنا في الموت . فلم ينتفع [به وهلك]. (10)

ص: 945


1- يقال: سعی به عند الامير : نم عليه و وشی به.
2- «ثم قطعت مرّة اخرى» ط.
3- أي الثلاثين ألف دينار.
4- أي صاحب الضيعة.
5- «لا آخذ شيئاً» ط.
6- «سيبوها» م . وفي رواية الشيخ الطوسي بلفظ «يسبب له على بعض النواحي» قال المجلسی (رحمه الله ) : يسبب له أي يكتب له، فإنّ الكتاب سبب لتحصيل المال.
7- زحر: أصابه الزحار أو الزحير ، وهو استطلاق البطن أو تقطيع فيه يمشی دماً و يسبب ألماً
8- «خرجت معهاحشوته» ط.
9- «فسقطت ، وجهدوا على ردّها» خ ل.
10- تجد الرواية مفصلة مع تخريجاتها في عوالم العلوم: 21/ 429 ح 1.
فصل

و إنّ عيسى - على نبيّنا وعليه السلام - لمّا ولد ، فكان ابن يوم كأنّه ابن شهرين و كذلك كان کلّ واحد من أئمّة الهدي (علیهم السلام) إذا كان له يوم كان كمن له شهر وإذا كان له شهر كان كمن له سنة ، و كذلك رسولنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) .

و إنّ عيسی علي نبيّنا و عليه السلام - لمّا صار له سبعة أشهر أقعدته والدته عند المعلّم فقال له : قل بسم الله .

فقال عيسى (علیه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم .

فقال قل: أبجد. فقال عيسى (علیه السلام): وما أبجد؟ وإن كنت لا تدري فسلني حتّی افسّره لك.

قال : ففسّره لي.

فقال عيسى (علیه السلام): الألف آلاء الله، والباء بهجة الله، والجيم جلال(1) الله، والدال دین الله .

«هوّز» : الهاء هول (2) جهنم ، و الواو ويل لأهل النار ، و الزاء زفير جهنّم .

«حطّي» : حطّت الذنوب عن المذنبين (3) المستغفرین .

«کلمن» : كلام الله ، لا مبدل لكماته .

«سعفص»: صاع بصاع ، والجزء بالجزء.

«قرشت» : قرشهم (4) فحشرهم .

فقال المعلّم : أيّتها المرأة ، لاحاجة له (5) إلی التعلّم . (6)

ص: 946


1- «جمال» خ ل.
2- «هاوية» ه.
3- «المؤمنین» ه، ط . وفي نسخة من المطبوع بلفظ «المؤمنين المذنبین».
4- قرش الشيء : جمعه من هنا ومن هنا ، وضم بعضه إلی بعض.
5- «لابنك» خ ل.
6- أورده المصنف في قصص الانبياء: 250 ورواه الصدوق في معانی الاخبار : 45 ح1 ، والتوحيد : 236 ح 1 ، والامالی: 260 ح1 باسناده إلی أبی جعفر الباقر عليه السلام، عنهم البحار: 2/ 316 ح 1 وج 14/ 286 ح8.

و كذلك كان محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أوصياؤه (علیهم السلام)(1) حجج الله، علمهم من الله .

ألا ترى أنّ المأمون لمّا أراد أن يزوّج ابنته [ام الفضل] بمحمّد التقي الجواد و كان ابن عشر سنين ، و كان بنو العباس يمنعون المأمون من تزويجه ، ويقولون : إنّه صبيّ ، أقعده عند المعلّم ! فقال المأمون :

إنّ علم هؤلاء من عند الله ، و إنّهم لا يحتاجون إلی التعلّم (2) من الناس .

فأتوا بيحيى بن أكثم قاضي القضاة(3) ليسأله عمّا لا يعلم، فجرى بينهما مناظرات بهت القوم كلّهم لها ، وذلك معروف لا يدفعه أحد (4). (5)

فصل

وإنّ عیسی - علی نبیّنا و علیه السلام - مكث حتى بلغ سبع سنين أو ثمان ، فجعل يخبرهم بما يأكلون ، وما يدّخرون في بيوتهم .

وإنّ أئمّة آل محمّد - صلوات الله علیه و علیهم - كانوا يخبرون الناس بما في قلوبهم من الحاجات والارادات، وبما كانوا يفعلونه في بيوتهم، وما يتعاطونه بظهر الغيب ، وبجميع أحوالهم الباطنة ، وتقدّم ذكره .(6)

و إنّ عيسی (علیه السلام) بعث رجلاً إلی الروم فكان (7) لا يداوي أحداً (8) إلّا برأ (9)

فادخل عليه غلام منخسف الحدقة (10) لم ير شيئاً قطّ ، فأخذ بندقتين من طين ، فجعلهما في عينيه ، ودعا ، فإذا هو یبصر کلّ شيء ، فأنزله ملك الروم بأفضل المنازل ، فصار

ص: 947


1- «و كذلك کلّ واحد من» ه، ط.
2- «التعليم» ه.
3- «فأتوا بالقاضي يحيى بن أكثم» ه، ط.
4- «لا ينكره مخالف» خ ل . «لايدفعه مخالف أيضاً لثبوته» ه.
5- أورد الرواية مفصلة المفيد في الارشاد: 359، والطبرسي في اعلام الوری:351.
6- في أبواب معجزاتهم عليهم السلام.
7- «فبقی» ط.
8- « رجلاً» ه ، ط.
9- «أبراه» إثبات الهداة.
10- انخسفت عينه : عمیت . والحدقة : سواد العين الاعظم.

طبيب الملك و آمنوا كلّهم بسببه . (1)

وقد وضع أئمّة الهدى [من آل محمد] (علیهم السلام) أيديهم على وجوه العمي و الكمه و مسحوها على أعينهم ، فصاروا بصراء .

بل يدخل اليوم العميان (2) مشاهدهم الشريفة ، و يسألون الله سبحانه بحقوقهم فيصيرون بصراء.

فصل

وإنّ المسيح بعث رجلاً آخر ، وعلّمه الدعاء الذي يحيي به الموتی ، فدخل الروم ، و قال : أنا أعلم من طبيب الملك . فسمع مقالته الملك فقال : اقتلوه.

فقال له الطبيب: لا تفعل ، ولكن أدخله ، فإن عرفت خطأه قتلته ، ولك الحجّة .

فادخل عليه (3) فقال : أنا أحيي الموتى . و كان الملك قد توفّي له ابن، فركب الملك ، و الناس معه إلی قبر ابنه ، فدعا رسول المسيح ، وأمّن (4) طبيب الملك -الذي هو رسول المسيح أيضا - أوّلاً فانشقّ القبر عن (5) ابن الملك ، ثمّ جاء يمشي حتى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بنيّ من أحياك ؟

فنظر إلی رسولي المسیح (6) وقال : هذا وهذا . فقاما ، وقالا : إنّا كلانا رسولا المسيح. فآمن الملك وأهل بلدته (7) الحاضرون في الحال ، و أعظم أهل مملكته (8) أمر المسيح - علی نبیّنا و عليه السلام - .(9)

ص: 948


1- عنه الايقاظ من الهجعة: 150 صدر حديث 51( قطعة).
2- «يدخل العمى» ط.
3- «رسول عیسی الثانی» ه، ط.
4- أمن - بالميم المشددة - : قال آمین.
5- «وخرج» ه ، ط.
6- «الي الرسولين» خ ل.
7- «بيته» ط.
8- «بلدته» ه ، ط، والايقاظ.
9- عنه الايقاظ من الهجعة : 150ح51.

وقريب من ذلك حال رجل أعجمي كبير المنزلة ، قد أتى حاجّاً بأهله ، و كانا صالحين ، ودخلا أوّلا المدينة، فزار الرجل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثمّ أتی جعفر بن محمّد (علیهما السلام) وقد مرضت زوجته ، و أشرفت على الموت ، ويئس منها ، فماتت وسجّاها .

و خرج إلی الصادق (علیه السلام) وأخبره بأنّ زوجته قد ماتت ، ورآه حزيناً قد غلبت عليه الكآبة ، فدعا بدعاء ، ثمّ قال : اخرج فهي حيّة .

فلمّا انصرف الرجل إلی منزله ، رآها قاعدة ، ثمّ رحلوا إلی مكّة ، وخرج الصادق (علیه السلام) أيضاً حاجّاً ، فبينما زوجة الأعجمي تطوف معه بالبيت ، رأت الصادق (علیه السلام) فقالت لزوجها : هذا الرجل هو الذي شفع إلی الله تعالى حتى أحياني و كنت ميّتة .

فقال زوجها : هو إمام الهدی جعفر الصادق (علیه السلام).(1)

فصل

وإنّ عیسی - علی نبیّنا و عليه السلام - له معجزات كثيرة، لم تكن اليهود ينظرون فيها ، فيؤمنوا به، فسألوه بأن يحيي سام بن نوح - علی نبیّنا و عليهما السلام - .

فأتى قبره ، فقال : يا سام قم باذن الله . فانشقّ القبر، ثمّ أعاد الكلام، فتحرّك (2)فخرج سام . فقال له المسيح (علیه السلام): أيّهما أحبّ إليك تبقى أم تعود ؟ فقال :

یا روح الله بل أعود ، إنّي لأجد لدغة الموت في جوفي إلی يومي هذا . (3)

و كان في عهد سيّدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رجل ، كان أهلك ابنة له [ صغيرة ] في الجاهلية ، و كان قد رماها في واد ، فلمّا أسلم ندم على ما فعل .

ص: 949


1- تقدّم ص627ح28. والرواية في ه ، ط بهذا اللفظ «ثمّ أتی جعفر بن محمد (علیهما السلام)، وقد مرّ حديث زوجته أنّها مرضت و أشرفت على الموت ، فدعا لها، و عوفيت ، وقد تقدّم شرحه».
2- زاد في ط «فأعاد الكلام ثالثاً».
3- عنه الايقاظ من الهجعة : 184 ح38.

فقال يا نبي الله إنّي فعلت كذا بابنة لي صغيرة (1).

فخرج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) معه إلی شفير الوادي (2) فدعا ابنته ، فقالت : لبيّك یارسول الله ! فقال لها : تریدین (3) أن ترجعي إلی أبويك فهما الان قد أسلما ؟

فقالت : يا رسول الله أنا عند ربّي لا أختار أبي و أمّي على الله تعالى (4). (5)

وكان عيسی (علیه السلام) يبشّر النّاس بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أهل بيته (علیهم السلام) ، فقال نبيّنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :

أوحى الله تعالى إلی عيسی جدّ (6) في أمري ، ولا تترك (7) إنّي خلقتك من غير فحل آية للعالمين ، أخبرهم : آمنوا بي ، وبرسولي النبيّ الأمّيّ ، نسله من مباركة (8) هي مع أمّك في الجنّة ، طوبی لمن سمع كلامه، وأدرك زمانه ، و شهد(9)أيّامه . (10)

فصل

وعن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه قال: بينا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جالساً إذا بامرأة تمشي ، حتی انتهت إليه (11) فقال لها : مرحباً وأهلاً بابنة نبيّ ضيّعه قومه ، إنّه أخي خالد

ص: 950


1- زاد في نسخة من ط «وأنا تائب مما فعلته بالجاهلية»
2- أي ناحيته من أعلاه.
3- «ان أردتی» ط.
4- «ربّی» ه ، و الايقاظ.
5- عنه الايقاظ من الهجعة : 204 ح 22.
6- «جل» م.
7- في رواية الصدوق بلفظ: «جدّ في أمرك ولاتهزل».
8- أي الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وسلامه.
9- « شاهد» م، ط.
10- رواه الصدوق في أماليه : 163 باسناده إلی عبدالله بن سليمان قال: قرأت في الانجيل و ذكر مثله مفصلاً، عنه الجواهر السنية : 112، و البحار : 14/ 284 ح 6.
11- «اذ أتت امرأة» ه ، ط.

ابن سنان العبسي . (1)

ثمّ قال : إنّ خالداً دعا قومه ، فأبوا أن يجيبوه ، و كانت نار (2) تخرج عليهم كل يوم ، فتأكل ما يليها من مواشيهم ، و ما أدركت (3) لهم من غلاتهم ، فقال لقومه : يا قوم (4) إن رددتها عنكم، تؤمنون بي، و تجيبونني، وتصدقونني ؟

قالوا : نعم .

فاستقبلها عند خروجها بيده(5) حتّى أدخلها غاراً - و هم ينظرون - فدخل معها ثمّ مكث حتّی طال مكثه و أبطأ (6) عليهم ، فقالوا : إنّا لنراها قد أكلته .

فخرج من الغار ، وقال : أتجيبونني وتؤمنون بي ؟

قالوا : نار خرجت، ثمّ دخلت لوقت. فأبوا أن يجيبوه .

فقال لهم : إنّي ميّت يوم كذا ، فإذا أنا متّ ، فادفنوني ، ثمّ دعوني ثلاثة أيّام ثم انبشوا عنّي، ثمّ سلوني ، أخبركم بما كان ، وما يكون إلی يوم القيامة .

فلمّا جاء ذلك الوقت توفّي ، فقال بعضهم : لم نصدّقه حيّاً ، أنصدّقه میّتاً !

ص: 951


1- قال ابن عباس : وكان خالد بن سنان نبیّ بنی عبس ، بشر برسول الله صلی الله عليه و آله (مروج الذهب . 2 /213). راجع البحار: 14 /448 - 451 باب 30 (قصة خالد بن سنان علیه السلام).
2- في رواية الكافي بلفظ: نار، يقال لها: نار الحدثان . والظاهر أنّها تصحيف «الحرتین» قال زكريا القزويني في عجائب المخلوقات : 68: ومنها نار الحرتین کانت ببلاد عبس، فإذا كان الليل، تسطع من السماء ، و كانت بنوطیء تنفش- أي ترعى ليلاً. بها ابلها من مسيرة ثلاثة أيام ... فبعث الله تعالی خالد بن سنان العبسي، وهو أول نبيّ من بنی اسماعیل، فاحتفر لها بئراً وأدخلها والناس ينظرون ، حتى غيبها . وقصتها مشهورة . و للمجلسى (رحمه الله ) بيان حول ذلك ، فراجع البحار : 14 /448.
3- أدرك الثمر : نضج.
4- «أرأيتم» ه، ط.
5- «فردّها بیدیه» خ ل.
6- «طال ذلك» ه.

فترکوه . (1)

وإنّه كان بين النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و عیسی (علیه السلام) ولم يكن بينهما نبيّ غيره (2) .

وقد ذكرنا من قبل روایات كثيرة أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال لعليّ (علیه السلام) : إذا متّ فغسّلني و کفّنّي وسلني [ عمّا بدالك ] . فسأله ، فأخبره بما يكون إلی يوم القيامة. (3). (4)

فصل

إعلم أنّ غيبات الأنبياء صلوات الله عليهم ، والأوصياء (علیهم السلام) نوع من المعجزات لأنّ أعداءهم إذا ما أرادوا هلاكهم في خفية أو إيذاءهم ، و كان في هلاكهم في تلك الحال هلاك الدین ، فإنّهم يغيبون.

فإذا علموا بأمارات (5) أنّ خوفهم قد زال حضروا ، وأنّ سبب غيبتهم خوفهم على أنفسهم ، فإن قصر الخوف، وقصرت مدّته ، قصرت مدة الغيبة، وإن طالت (6)مدة الخوف طالت الغيبة .

وقد كان ليونس (علیه السلام) غيبة ، و لهود (علیه السلام)غيبة ، ولصالح (علیه السلام)غيبة ، ولابراهيم (علیه السلام) غیبتان ، وليوسف (علیه السلام) غيبة ، و لموسى (علیه السلام) غيبة ، ولعيسى (علیه السلام) غيبة ، ولأوصيائهم

ص: 952


1- عنه الايقاظ من الهجعة : 160- 161، وعن قصص الانبياء للمصنف: 276، وعن الكافي: 8/ 342 ح540 باسناده إلی بشير النبال ، عن أبي عبدالله عليه السلام مفصلاً . وأخرجه في البحار : 14/ 448 ح1 عن الكافي . وأورد نحو الرواية المسعودي في مروج الذهب : 2/ 213 ، وابن الأثير في الكامل : 1/ 376.
2- وفي قصص الانبياء (وعنه البحار) : و لم تكن بينهما فترة . وهذا لا ينافي أن تكون بين خالد و نبينا فترة ، كما قال تعالى في سورة المائدة : 19 « يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ...»
3- زاد فی ه «من الجواب». وفي ط «من الحوادث».
4- تقدّم ص 800- 805 ح9-14 ، وص828 ح 43.
5- أي بعلامات.
6- «طال» م.

غيبة فغيبة (1) .

ولسيّدنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) غيبتان ، و كذلك لمهدي آل محمّد - علیه و علیهم السلام - غيبة، فإذا علم زوال (2) خوفه على نفسه ظهر .

وقد أخبر بغيبته رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثمّ أمير المؤمنين ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثم عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسی بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن ابنّ علي صلوات الله عليهم أجمعين .(3)

وقد روي عن کلّ واحد منهم جماعة من الثقات (4) فإذا زال خوفه على نفسه انتشرت رايته ، وأنطقها الله تعالى ، تنادي : اخرج یا وليّ الله ، و اقتل أعداء الله .

و له (علیه السلام) سيف مغمود ، فإذا حان أجله اقتلع ذلك السيف من غمده ، وناداه : لايحلّ لك يا وليّ الله أن تقعد ، قم و اقتل أعداء الله .

كما كان بعد وفاة موسى (علیه السلام) ووفاة وصيّه يوشع استتر جماعة من الحجج عن الناس ، و كانوا بشّروهم بداود أنّه يطهّر الأرض من جالوت وجنوده ، و كان المؤمنون يعلمون أنّه قد ولد ، ولا يعرفونه بسيماه .

وكان داود - علی نبیّنا و عليه السلام - خامل الذكر(5) فيما بينهم ، كانوا يرونه ويشاهدونه ، ويسمعون اسمه ، ولا يعلمون أنّه هو .

فلمّا فصل طالوت بالجنود (6) تخلّف داود في غنم أبيه ، وخرج إخوته مع

ص: 953


1- «غیبتان» ه ، ط
2- «فإذا زال» ط.
3- انظر كمال الدين: 1 /286 - 384، و كتاب العوالم ج 15 /3 في النصوص على الائمة الاثني عشر عليهم السلام (أبواب نصوص الرسول و الأئمة عليهم السلام) ففيهما ما يفيد.
4- «الثقات بغيبته» ه ، ط.
5- خمل ذكره أو صوته : خفی و ضعف.
6- اقتباس من قوله تعالى في سورة البقرة : 249. وفي م، ل «خرج » بدل «فصل».

أبيهم ، فاشتدّت الحرب ، وأصاب الناس جهد ، فرجع أبوه ، وقال لداود (علیه السلام):

إحمل إلی إخوتك طعاماً، يتقوّون به على العدوّ .

فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض ، قد رجع کلّ واحد منهم إلی مرکزه فمرّ داود (علیه السلام) على حجر ، فقال له الحجر - بنداء رفيع -:

یا داود خذني فاقتل بې جالوت ، فإنّي إنّما خلقت لقتله .

فأخذه ، ووضعه في مخلاته(1) التي [ تكون ] فيها حجارته التي يرمي بها غنمه .

فلمّا دخل داود (علیه السلام) العسكر ، سمعهم يعظّمون أمر جالوت ، فقال لهم : ما تعظّمون من أمره ؟ فوالله لئن عاينته لاقتلنّه. فتحدّث النّاس بخبره، حتى أدخل على طالوت فقال له : يا فتي ما عندك من القوة ؟

فقال : قد كان الأسد يأخذ (2) الشاة من غنمي ، فأدركه ، و آخذ برأسه ، وأفكّ لحييه (3) وأنتزع شاتي (4) من فيه .

وقد كان الله تعالى أوحي إلی طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلّا من لبس درعك فملاها . فدعا بدرعه فلبسها داود (علیه السلام) فاستوت عليه، فقال داود (علیه السلام): أروني جالوت .

فلمّا رآه ، أخذ الحجر ، فرماه به ، فصكّ (5) بين عينيه ، فدمغه(6) و تنكّس عن دابّته ، فتفرقت العساكر الكافرة، كتفرق الأحزاب بعد قتل علي بن أبي طالب (علیه السلام) عمرو بن عبدود العامري .

ص: 954


1- المخلاة : ما يجعل فيه الخلی ، و هو العشب . ومنه المخلاة لما يجعل فيه العلف ويعلق في عنق الدابة.
2- «يعدو علی» ه ، ط.
3- اللحى : عظم الحنك الذي عليه الاسنان.
4- «و آخذها» ه ، ط.
5- صکه : ضربه شديداً.
6- دمغه : شجه حتى بلغت الشجة دماغه.

فأقام داود (علیه السلام) في بني إسرائيل نبيّاً يحكم بالالهام (1). (2)

كذلك درع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) [ما استوت على أحد بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا على عليّ (علیه السلام)، و] ما استوت بعد عليّ (علیه السلام) على أحد من الأئمة و لا على غيرهم ، فكلّهم (علیهم السلام) قالوا:

إنّها تستوي على المهدي (علیه السلام) و إنّه يقتل الجوالیت (3) و الطواغيت .

ثمّ إنّه يحكم بالالهام كحكم داود (علیه السلام).

فصل

وعن أبی عبدالله (علیه السلام): إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها . قيل : ولم ذلك؟

قال : لأنّ الله تعالى أبي إلّا أن تجري فيه سنن من الأنبياء في غيباتهم ، فإنّه لابدّ له من استيفاء مدة الغيبات .

قال الله تعالى: « لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ » (4) أي سنن من كان قبلكم . (5)

وقال : لابدّ للغلام(6) من غيبة .

ص: 955


1- الالهام : ما يلقى في الروع.
2- روى الصدوق في كمال الدين : 1 /153 ح17 باسناده إلی الصادق عليه السلام ، عن آبائه علیهم السلام مثله ، عنه البحار : 13 /445 ح 10.
3- «الجواليت والحوامیت» ه، ط.
4- سورة الانشقاق : 19.
5- عنه إثبات الهداة : 7 /60 ح 449 . ورواه الصدوق في علل الشرائع: 1 /233 ح 7 وص 245 ح 7 ، و كمال الدين : 2/ 480 ح6 باسناده إلی حنان بن سدير ، عن أبيه، عن الصادق عليه السلام ، عنهما البحار: 52 /90 ح3. وأخرجه في منتخب الأنوار المضيئة : 80 عن كمال الدين . وفي البحار : 51 /142 ح 2 عن علل الشرائع.
6- «للقائم» ط ، ه.

قيل : ولم ؟ قال : يخاف على نفسه - وأومأ إلی بطنه - (1). (2)

وقال (علیه السلام) : صاحب هذا الأمر تغيب ولادته عن هذا الخلق ، لئلّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ، فيصلح الله أمره في ليلة .

قيل له : ما وجه الحكمة في غيبته ؟

قال : وجه الحكمة في غيبته : وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (علیه السلام) من خرق السفينة ، و قتل الغلام ، و إقامة الجدار لموسى (علیه السلام)

ص: 956


1- أضاف في بعض المصادر : «یعنی القتل».
2- رواه الكليني في الكافي : 1 /337 ح 5 و ص 342 29 من طريقين باسناده إلی زرارة عن أبی عبدالله عليه السلام ، عند جمال الأسبوع: 520. ورواه الصدوق في علل الشرائع: 1 /243 ح 1 باسناده إلی أبی عبدالله ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، وص 246 ح 9 باسناده إلی زرارة، عن الباقر عليه السلام، عنه البحار: 52 /90 ح1 ، واثبات الهداة : 6 /458 ح 270 . وفي كمال الدين: 2 /342 ح 24 باسناده إلی زرارة بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه السلام وص 481 ح8و9 باسناده إلی زرارة، عن الباقر عليه السلام، عنه اعلام الوری: 431 والبحار : 52 /97 ح16 و 17 و 18 ، واثبات الهداة : 6 /409 ح150. وفي غيبة النعمانی :176 - 177 ح18 -21 باسناده إلی زرارة ، عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله عليهما السلام ، عنه البحار : 52 /98 ح22 ، و حلية الأبرار : 2 /592 . وفي غيبة الطوسی : 202 باسناده إلی زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام . وأخرجه في البحار : 52 /91 ح5 عن الكمال والعلل و غيبة النعمانی . وفي ص 146 ح 70 عن الكمال وغيبة الطوسي وغيبة النعمانی . وفي إثبات الهداة : 6 /437 ح 214 و 215 عن الكمال والعلل و غيبة الطوسی. وفي حلية الأبرار : 2 /588 – 591 عن ابن بابویه.

إلى وقت افتراقهما .(1)

فصل

وعن ابن بابویه : نا علي بن الحسن بن الفرج المؤذن : نا محمّد بن الحسن الكرخي: سمعت أبا هارون - رجلاً من أصحابنا - يقول : رأيت صاحب الزمان (علیه السلام) و وجهه يضيء كأنّه القمر ليلة البدر ، ورأيت على سرّته شعراً يجري کالخطّ و کشف الثوب عنه ، فوجدته مختوناً .

فسألت أبا محمّد (علیه السلام)عن ذلك فقال : هكذا ولد موسى (علیه السلام)، و كذلك ولدنا و لكنّا سنمرّ الموسى عليه لاصابة السنّة .(2)

وعن ضوء بن علي العجلي ، عن رجل من أهل فارس قال : أتيت سرّ من رأى فلزمت باب أبي محمّد (علیه السلام) فدعي بي من غير أن أستأذن ، فلمّا دخلت وسلّمت قال لي : يا أبا فلان كيف حالك ؟ فدعاني بكنيتي .

ثمّ قال لي : يا فلان . فسمّاني باسمي.

ص: 957


1- رواه الصدوق في علل الشرائع : 245 ح 8، و كمال الدين : 2 /481 ح 11 بالاسناد الى عبدالله بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق عليه السلام ، مع زيادة في آخرهما، عنهما البحار : 52 /91 ح4. وأورده الطبرسي في الاحتجاج : 2 /140 عن عبدالله بن الفضل الهاشمي ، مع زيادة في آخره ، عنه إثبات الهداة : 6 /438 ح217 وعن الكمال والعلل . وأخرجه في منتخب الأنوار المضيئة :81 عن ابن بابویه
2- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 /434 ح 1 بهذا الاسناد ، عنه الوسائل : 15 /164 ح 2، والبحار : 52 /25 ح18 ، وحلية الابرار : 2 /581 . والطوسي في الغیبة : 150 باسناده إلی الصدوق بهذا الاسناد ، عنه إثبات الهداة : 7 /20 ح 322.

ثم سألني عن رجل رجل من رجال ونساء من أهلي ، فتعجّبت من ذلك .

ثمّ قال لي : ما الذي أقدمك ؟ قلت : رغبة في خدمتك . فقال : الزم الدار .

فكنت في الدار مع الخدم أفضي(1) لهم الحوائج في(2) السوق ، و كنت أدخل من غير إذن إذا كان في دار الرجال .

فدخلت عليه يوماً، وهو في دار الرجال، فسمعت حركة في البيت، وناداني وقال: مكانك لا تبرح . فلم أجسر [ أن ] أخرج ، ولا أدخل ، فخرجت علي جارية معها شيء مغطّي، ثمّ ناداني : ادخل . فدخلت ، و نادي الجارية فرجعت ، فقال لها : اكشفي عنه . فكشفت عن غلام أبيض، حسن الوجه ، و كشفت عن بطنه ، فإذا الشعر نابت من لبّته (3) إلی سرّته ، أخضر ليس بأسود ، فقال : هذا صاحبكم.

ثمّ أمرها فحملته ، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد (علیه السلام) .(4)

وعن يعقوب بن منقوش (5) قال : دخلت على أبي محمّد (علیه السلام) وهو جالس على دكّان في الدار ، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل قلت له :

سيّدي من صاحب هذا الأمر ؟ فقال : ارفع الستر .

ص: 958


1- «اشتری» خ ل ، والكمال.
2- «من» خ ل ، والكمال.
3- اللبة : موضع القلادة من العنق.
4- رواه الكليني في الكافي : 1 /329 ح 6 ص 332 ح 14 و ص 514 ح 2 باسناده الى ضوء بن على العجلي ، عن رجل من أهل فارس ، عنه مدينة المهاجز : 598 ح 21، وحلية الابرار : 2 /550 . ورواه الصدوق في كمال الدين: 2 /435 ح4، والطوسي في الغيبة : 140 بأسانيدهما الى ضوء العجلي ، عنهما البحار : 52 /26 ح 21. وأخرجه في إثبات الهداة: 6 /254 ح 12 عن الكافي و الكمال والغيبة.
5- «منقوس» وهو تصحيف، راجع رجال الشيخ الطوسي : 436 وص 437، ومعجم رجال الحديث : 20 /173.

فرفعته ، فخرج إلينا غلام خماسي(1) له عشر ، أوثمان، أو نحو ذلك، واضح (2) الجبين ، أبيض الوجه ، درّي المقلتين (3) شثن الكفّين (4) في خدّه الأيمن خال وفي رأسه ذؤابة (5) فجلس على فخذ أبي محمّد(علیه السلام) .

ثمّ قال لي : هذا صاحبكم . ثمّ وثب فقال له :

يا بنيّ ادخل إلی الوقت المعلوم، فدخل البيت، وأنا أنظر إليه .

ثمّ قال لي : يا يعقوب انظر من في البيت . فدخلت فما رأيت أحداً . (6)

فصل

وعن ابن بابویه : نا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي : نا (7)جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه : حدّثنا جعفر بن معروف قال : كتب إليّ

ص: 959


1- غلام خماسی : طوله خمسة أشبار . النهاية : 2/ 79 ، و لسان العرب : 6/ 69.
2- أي ظاهر . النهاية : 5/ 196
3- تشبهاً لهما بالدر لتلالئه و اشراقه وصفائه و بياضه. النهاية : 2/ 113 ، و لسان العرب : 4/ 282.
4- في صفته صلى الله عليه و آله : «شثن الكفين و القدمين ، أي انهما تميلان إلی الغلظ والقصر ، وقيل : هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ، و يحمد ذلك في الرجال. النهاية : 2/ 444 ، لسان العرب : 13/ 232.
5- الذؤابة : شعر مقدم الرأس.
6- رواه الصدوق في كمال الدين : 2/ 407 ح 2 و ص 436 ح5 بهذا الاسناد ، عنه اعلام الوری : 440 ، ومنتخب الانوار المضيئة : 145، والبحار : 52/ 25 ح17 ، ومدينة المعاجز : 572 ح 75 وص596 ح16، وحلية الابرار : 2/ 545 و ص 550. وأخرجه في إثبات الهداة: 6/ 425 ح183 عن كمال الدين و اعلام الوری.
7- «ثنا» خ ل.

أبو عبدالله البلخي (1): حدّثني عبدالله السوري (2) قال :

صرت إلی بستان بني عامر فرأيت غلماناً يلعبون في غدير الماء ، وفتی جالس على مصلّی (3) واضعاً كمّه على فيه، فقلت: من هذا ؟

قالوا : م ح م د بن الحسن ، و كان في صورة أبيه . (4)

و باسناده عن أبي عبدالله البلخي ، عن محمّد بن صالح بن علي بن محمّد ابن قنبر الكبير مولی الرضا (علیه السلام) قال : خرج صاحب الزمان (علیه السلام)على جعفر الكذاب من موضع لم يعلم به عندما نازع في الميراث بعد مضي أبي محمّد (علیه السلام) .

فقال : يا جعفر مالك تعرض (5) في حقوقي؟!

فتحيّر جعفر ، و بهت، ثمّ غاب عنه ، فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره فلمّا ماتت الجدة امّ الحسن ، أمرت أن تدفن في الدار ، فنازع جعفر و قال : هي داري ، لا تدفن فيها . فخرج (علیه السلام) فقال له :

با جعفر أدارك هي ؟ ثمّ غاب عنه ، فلم يره بعد ذلك . (6)

وعن ابن بابویه : نا أبو الحسن عليّ بن الحسن بن علي بن محمّد (7) بن عليّ ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام) : نا (8) أبو الحسين بن و جناء : حدّثني

ص: 960


1- «السلمي» م . وما في المتن من خ ل و کمال الدين ومعجم رجال الحدیث: 21/ 266.
2- «الثوری» ط، ه.
3- «حصير» ط ، ه.
4- رواه الصدوق في كمال الدين : 2/ 441 ح13 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 52/ 40 ح29، وحلية الابرار : 2/ 582.
5- «تتعرض» ط ، ه بدل «مالك تعرض».
6- رواه الصدوق في كمال الدين : 2/ 442 ح15 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 52/ 42 ح31 ، وحلية الابرار : 2/ 545.
7- كذا في كمال الدين ، وفي م «الحسن».
8- «قال سمعت» ط ، ه.

أبي ، عن جدّه، أنّه كان في دار الحسن بن علي الأخير ، فكبستنا (1) الخيل و فيهم جعفر الكذاب ، واشتغلوا بالنهب والغارة ، و كان همّي في مولاي القائم (علیه السلام) .

قال : فإذا أنا به قد أقبل ، و خرج عليهم بالباب ، وأنا أنظر إليه ، وهو ابن ستّ سنين، فلم يره أحد حتّى غاب (علیه السلام). (2)

فصل

وعن ابن بابویه : نا محمّد بن إبراهيم الطالقاني : نا عليّ بن أحمد الكوفي المعروف بأبي (3) القاسم الخديجي: نا سليمان بن إبراهيم الرقّي : نا أبو محمّد الحسن بن وجناء النصيبي قال : كنت ساجداً تحت الميزاب في رابع (4) أربع وخمسين حجّة بعد العتمة، و أنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّکني محرّك فقال :

قم يا حسن بن وجناء. فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن، أقول : إنّها من بنات الأربعين فما فوقها ، فمشت بين يديّ وأنا لا أسألها عن شيء حتّى أتت في دار خديجة ، فرأيت بيتاً بابه في وسط الحائط ، وله درجة ساج يرتقي إليه ، فصعدت الجارية و جاءني النداء: اصعد ياحسن.

فصعدت، فوقفت بالباب .

فقال لي صاحب الزمان (علیه السلام): یا حسن أتظنّ أنّك (5) خفيت عليّ؟ والله ما من وقت في حجّك إلّا و أنا معك فيه . ثمّ جعل يعد عليّ أوقاتي ، فوقعت على وجهي

ص: 961


1- «مع ولده م ح م د القائم اذ اكتفينا» ه بدل «فكبستنا».
2- رواه الصدوق في كمال الدين : 473 ح 25 بهذا الاسناد ، عنه البحار: 52/ 47، ح 33 و حلية الابرار : 2/ 546.
3- «بن أبی» م بدل «المعروف بأبی» . وهو من مشايخ الصدوق . راجع معجم رجال الحديث : 11/ 262.
4- كذا في كمال الدين ، وفي م،ه «واقع».
5- «أتراك» ط، ھ بدل «أتظن أنك».

ثمّ قمت ، فقال : يا حسن الزم بالمدينة دار جعفر بن محمّد (علیهما السلام) ولا يهمّنّك طعامك ولا شرابك ، ولا ما يستر عورتك . ثمّ دفع إليّ دفتراً فيه دعاء الفرج والصلاة عليه ، فقال : بهذا فادع ، وهكذا صلّ عليّ ، ولا تعطيه إلّا محقّي أوليائي وإنّ الله جلّ و اعزّ (1) يوفّقك .

فقلت : مولاي لا أراك بعدها ؟ فقال : يا حسن إذا شاء الله .

قال: فانصرفت من حجّتي، ولزمت دار جعفر بن محمّد (علیهما السلام) بالمدينة، فأنا لاأخرج منها ، ولا أعود إليها إلّا لثلاث خصال: لتجديد وضوء، أو النوم ، أو لوقت الافطار فأدخل بيتي وقت الافطار فاصيب كوزي مملوءاً ماءاً ، ورغيفاً على رأسه ، عليه ما تشتهي نفسي بالنهار ، فأكمل (2) ذلك كفاية لي ، و كسوة الشتاء في وقت الشتاء و كسوة الصيف في وقت الصيف، فإنّي لآخذ الماء بالنهار فارشّ به البيت ، وأدع الكوز فارغاً، وأؤتي بالطعام ولاحاجة لي إليه فأصّدّق به لئلّا يعلم به من معي .(3)

فصل

وعن محمّد بن شاذان ، عن الكابلي ، وقد كنت رأيته عند أبي سعيد غانم بن سعيد الهندي، فذكر أنّه خرج من کابل مرتاداً طالباً ، و أنّه وجد صحّة هذا الدين في الانجيل و به اهتدی.

ص: 962


1- «جلاله» ه.
2- «فاكل» ط ، ه.
3- رواه في كمال الدين : 2/ 443 ح17 باسناده إلی أبي محمّد بن وجناء النصيبي، عنه البحار : 52/ 31 ح 27، واثبات الهداة : 7 /296 ح 38 ، و ينابيع المودة : 463. وأورده في ثا قب المناقب : 537 (مخطوط) عن النصیبی ، عنه مدينة المعاجز : 620 ح119 وعن كمال الدين . وأخرجه في احقاق الحق : 19/ 705 عن ينابيع المودة.

قال ابن بابويه : فحدثني محمّد بن شاذان بنیشابور قال : بلغني أنّه قد وصل فترصّدت له حتى لقيته ، فسألته عن خبره ، فذكر أنّه لم يزل في الطلب، وأنّه أقام بالمدينة ، فكان لا يذكره لأحد إلّا زجره و أشهره ، فلقي شيخاً من بني هاشم - وهویحیی بن محمّد العريضي - فقال له : إنّ الذي تطلبه ب- «صريا» (1).

فقصدت صريا ، وجئت إلی دهليز مرشوش ، فطرحت نفسي على الدكّان ، فخرج ّ غلام أسود فزجرني وانتهرني وقال: قم من هذا المكان.

فاستويت وقلت: لا أفعل. فدخل الدار ، ثمّ خرج وقال : ادخل .

فدخلت ، فسلّمت ، فإذا مولاي قاعداً وسط الدار ، فلمّا نظر إليّ سمّاني باسم لم يعرفه أحد إلّا أهلي بكابل، وأخبرني بأشياء (2) ..

فقلت : إن نفقتي ضاعت (3) . و كانت باقية .

فقال : أما إنّها ستذهب منك بكذبك. و أعطاني نفقة ، فضاع ما كان معي ، و سلم ما أعطانی .

ثم انصرفت في السنة الثانية ، فلم أجد في الدار أحداً .(4)

ص: 963


1- قال ابن شهر اشوب في المناقب : 3/ 489 : صريا : قرية أسسها موسی بن جعفر عليهما السلام على بعد ثلاثة أميال من المدينة
2- «و أجرى لي أشياء» م
3- «ذهبت» ه.
4- رواه في كمال الدين : 2 /439 ذح 6 بهذا الاسناد ، عنه البحار : 52/ 29 ذح22 واثبات الهداف: 7/ 271 ذح 2 ، ومدينة المعاجز: 623ح 122، وحلية الابرار: 2/ 572 و ينابيع المودة : 463. وأخرجه في احقاق الحق : 19/ 703 عن ينابيع المودة.
فصل

و عن ابن بابویه : نا محمّد بن علي بن بشّار القزويني : نا أبو الفرج المظفّرابن أحمد: نا محمّد بن جعفر الكوفي: نا محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن الحسن ابن محمّد بن صالح البزاز : سمعت الحسن بن علي العسكري (علیهما السلام)(1) يقول :

إنّ ابني هو القائم من بعدي، وهو الذي تجري فيه سنن الأنبياء بالتعمير والغيبة حتى تقسوا قلوب لطول الأمد ، فلا يثبت على القول به (2) إلّا من كتب الله في قلبه الايمان ، و أيّده بروح منه . (3)

و بالاسناد عن جعفر ، عن أبيه، عن جدّه قال : قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) :

عاش آدم (علیه السلام)أبو البشر سبعمائة وثلاثين (4) سنة .

وعاش نوح (علیه السلام) ألفي سنة وأربعمائة (5) وخمسين سنة .

وعاش إبراهيم (علیه السلام) مائة وخمساً وسبعين سنة .

وعاش إسماعیل (علیه السلام) مائة وعشرين سنة .

وعاش إسحاق (علیه السلام) مائة وثمانين سنة .

وعاش يعقوب (علیه السلام) مائة و ستّاً وأربعين (6) سنة .

وعاش يوسف (علیه السلام) مائة وعشرين سنة .

وعاش موسی (علیه السلام) مائة وعشرین (7) سنة .

ص: 964


1- «النقي» ط ، ه.
2- «بامامته» خ ط.
3- رواه الصدوق في كمال الدين : 2/ 524 ح4 بهذا الاسناد ، عنه الصراط المستقيم :2/ 238 ، والبحار : 51/ 224 ح 11، واثبات الهداة : 6/ 440 ح220.
4- «و خمس وسبعين» ه. وفي كمال الدين «تسعمائة» بدل «سبعمائة».
5- «ألفاً ومائة» م.
6- «مائة وعشرين» كمال الدين.
7- «وستاً وعشرين» كمال الدين.

وعاش هارون (علیه السلام) مائة وثلاث وثلاثين سنة .

وعاش داود (علیه السلام) مائة و أربعين سنة (1) .

وعاش سلیمان (علیه السلام) سبعمائة (2) سنة .(3)

وعن ابن بابویه : نا محمّد بن أحمد الشيباني : نا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسی بن عمران النخعي، عن عبّه الحسين بن يزيد (4) النوفلي ، عن حمزة بن حمران ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير : سمعت سيّد العابدين علي بن الحسین (علیهما السلام) يقول : في القائم سنّة من نوح وهي طول العمر .(5)

ص: 965


1- «منها أربعون سنة ملكه» كمال الدين بدل «وأربعين سنة»
2- «سبعمائة واثنتي عشرة» كمال الدين.
3- رواه الصدوق في كمال الدين : 2/ 523 ح 3 بهذا الاسناد ، عنه منتخب الانوارالمضيئة : 85 ، والبحار : 11/ 65 ح10 وص268 ح 19 وص289ح13، و ج 12/ 10 ح27 و ص298 ح 85، و ج 13/ 370 ح 17 وج 14/ 8 ح17 وص140 ح8، واثبات الهداة : 1/ 190 ح 92.
4- «زید» م. وهو خطأ، راجع رجال النجاشی: 38 ، ومعجم رجال الحدیث : 6/ 115.
5- رواه الصدوق في كمال الدين: 1 /322. ح 5 و ج 2 /524 ح5 بهذا الاسناد، عنه البحار: 51 /217 ح 5 ، واثبات الهداة : 6 /399 ح 125.

الى هنا تمّ الجزء الثاني حسب تجزئتنا

ويليه الجزء الثالث ، وأوله :

الباب الثامن عشر

في أمّ المعجزات ، وهو القرآن المجيد

نرجو من الله العزيز أن يوفّقنا لاتمامه بفضله و تأييده .

مؤسسة الامام المهدي عليه السلام

قم المقدسة

ص: 966

فهرس الجزء الثاني من كتاب الخرائج والجرائح

العنوان...الصفحة

الباب الرابع عشر في أعلام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والائمة(علیهم السلام) ...489

فصل في أعلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ...490

فصل في ذكر أعلام فاطمة البتول(علیها السلام) ...524

فصل في أعلام أمير المؤمنين (علیه السلام) ...541

فصل في أعلام الامام الحسن بن أمير المؤمنين (علیهما السلام)...571

فصل في أعلام الامام الحسين بن علي (علیهما السلام) ...577

فصل في أعلام الامام علي بن الحسين (علیهما السلام) ...583

فصل في أعلام الامام محمّد بن علي الباقر (علیهما السلام) ...589

فصل في أعلام الامام جعفر بن محمّد الصادق (علیهما السلام)...606

فصل في أعلام الامام موسی بن جعفر الكاظم (علیهما السلام)...649

فصل في أعلام الامام علي بن موسی الرضا (علیهما السلام)...658

فصل في أعلام الامام محمّد بن علي التقي (علیهما السلام)...664

فصل في أعلام الامام علي بن محمّد النقي (علیهما السلام)...672

فصل في أعلام الامام الحسن بن علي العسكري (علیهما السلام)...682

فصل في أعلام الامام الحجة بن الحسن المهدي (عج) (علیهما السلام) ...692

الباب الخامس عشر في الدلالات والبراهين على صحة إمامة الاثني عشر إماماً (علیهم السلام) ...706

فصل ...791

الباب السادس عشر في نوادر المعجزات...792

وفيه سبعة وعشرون فصلا :800 ، 805 ،810 ،813، 817، 820، 821، 823، 825، 827، 829

ص: 967

833، 835، 837، 839، 841، 845، 847، 848، 850، 853، 859، 862، 864، 866، 869، 872

الباب السابع عشر في الموازاة بين معجزات نبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و معجزات أوصيائه (علیهم السلام)، و معجزات الأنبياء ...875

باب في الكلام على الخرمية القائلين بتواتر الرسل بعد نبيّنا ...877

فصل في إبطال قولهم... 877

وفيه ثلاثة فصول : ...879 ، 880 ، 881

باب في معجزات محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأوصيائه (علیهم السلام) من جهة الأخلاق وفيه اثنا عشر فصلا:

883 ، 884 ، 887 ، 889 ، 890 ، 892 ، 893 ، 895 ، 897 ، 899 ، 901 ، 901 ، 902

باب في موازاة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والأئمة (علیهم السلام) للانبياء (علیهم السلام) في المعجزات و غيرها ...904

وفيه خمسة فصول :... 907 ، 911 ، 915 ، 917 ، 919

باب في أنّ معجزات النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و الأئمة (علیهم السلام) ليست ببدع فقد كان للانبياء والأوصياء معجزات... 922

وفيه أربعة وعشرون فصلا :

924 ، 927 ، 928 ، 931 ، 933 ، 934 ، 936 ، 937 ، 939 ، 941 ، 942 ، 943 ، 946 ، 947 ، 948 ، 949 ، 950 ، 952 ، 955 ، 957 ، 959 ، 961 ، 962 ، 964

ص: 968

جدول الخطأ والصواب

ص -س -الخطأ -الصواب

501 -13- وددة -و أورده

501 -23 و 24- - -أحدهما مکان الآخر

505- 19 –سنیی- سینین

510- 18 –للمسلین-للمسلمین

515- 5-قرم –قوم

516- 20- البیان – البحرین

517 -12-القدمی –القمی

518- 12- ذوالکلام- ذوالکلاع

536-22-الخوازمی –الخوارزمی

551-4- الحسن –أباالحسن

552 -21 -13 -14

554 -14 -2 -4

587 -1 –الحسین بن علی- علیّ بن الحسین

613- 20 –ماعها – ماءها

622-18- و سبحستان – و سجستان

622 -19-بالالندلس – بالاندلس

643- 22 و 23- 5)6)7)8)- 6)7)8)9)

650 -21- و أخرجه فی کشف الغمّة –یحذف

658 -3 –وأمر – أول سطر الرابع

664-الآخیر- حیلة- حلیة

667-1-السلام- علیها السلام

692 -11- الرزیمة –الرزمة

733- 2- مضطجح –مضطجع

745- 8-بن –لک

750-9 هامش- مقولیه –مقولتها

758 -7-و قتله – وفتله

759- 2- یعضه –یعظه

767 -16- 86 -87

767- 20 –بدل -«یجالس»بدل

852- 13- وسک – و مسک

932 -15 –فبکا –فبکی

974 –الأخیر –آذر –آزر

987 –الهامش2 و 3-هامش 3 – یحذف

1009- 17 –غلمه – قلمه

1011-21- هامش 5 و 6- أحدهما بدل الآخر

1210- 8- نور- ثور

1212- 24- جحاز- جماز

1231- 16- الصمیری -الصیمری

ص: 969

المجلد 3

هویۀ الکتاب

الخرائج والجرائج

للفَقيهُ المَجدِّث وَالمفَسِّرالكبِير

قطب الدین الراوندی قدس سره

المتوفّی: سِنَة 573 هجريّة

مزاره: بِصَحْن الحضْرَةِ الفاطِمَّيةِ(قدس سره)

الجُزْءُ الثالِثُ

في اُمّ المُعجِزاتِ ، والفَرق بینَها وَ بین الحَيل ، وَنَوادِرها

تحقیق و نشر: مُؤسَّسَةِ الْاِمامِ المَهْدِی

قم القدسة

39

ص: 970

الباب الثامن عشر

باب في أم المعجزات ، وهو القرآن المجید

اشارة

الحمدلله الذي جعل القرآن لنبيّنا(صلی الله علیه وآله وسلم) ام المعجزات و معظّمها ، وصلّى الله على خيرته من خلقه محمد و آله أشرف الصلوات وأعظمها .

وبعد :

فان كتاب الله المجيد ليس هو مصدقاً لنبي الرحمة خاتم النبيّين فقط ، بل هو مصدق لسائر (1) الأنبياء والأوصياء قبله ، وسائر الأوصياء بعده جملة و تفیصلا ، و ليست جملة الكتاب معجزة واحدة ، بل هو معجزات لاتحصى ، و فيه أعلام عدد الرمل والحصى ، لأن أقصر سورة [ منه ] إنّما هي « الكوثر » وفيها الاعجاز من وجهين :

أحدهما : إنّه قد تضمّن خبراً عن الغيب قطعاً قبل وقوعه ، فوقع كما أخبر عنه من غير خلف فيه ، وهو قوله تعالى : « إن شانئك هو الأبتر » (2) لمّا قال قائلهم : إن محمداً رجل صنبور(3) و إذا مات انقطع ذكره ، و لأخلف له يبقى به ذکره .

ص: 971


1- « لجمبع » ه- ، ط
2- سورة الكوثر: 3
3- قال ابن الجوزی فی غریب الحدیث : 1 / 605 : كانت قريش تقول « محمدصنبور» . قال الأصمعي : الصنبور : - بفتح الصاد - النخلة تبقی منفردة ، و يدق أسفلها ، فأرادوا أنه لاعقب له. وقال أبو عبيدة : الصنبور - بضم الصاد - : النخلة تخرج من أصل النخلة الاخرى لم تغرس ، و أرادوا أنه ناشی ، حدث ، فكيف يتبعه المشايخ والكبراء . و في ه- ، ط « مبتور»

نعكس ذلك على قائله ، و كان كذلك .

والثاني : من طريق نظمه ، لأنّه على قلة عدد حروفه ، وقصر آیه ، يجمع نظماً بديعاً ، وأمراً عجيباً ، وبشارة للرسول، وتعبّداً للعبادات (1) بأقرب لفظ ، و أو جز (2)

بیان ، وقد نبّهنا على ذلك في كتاب مفرد لذلك .

ثم إن السور الطوال متضمّنة للاعجاز من وجوه كثيرة ، نظماً وجزالة وخبراً عن الغيوب ، فلذلك لا[ يجوز أن ] يقال : إن القرآن معجز واحد ، ولا ألف معجز ولا أضعافه .

فلذلك خطّأنا قول من قال : إن لمصطفى(صلی الله علیه وآله وسلم) ألف معجزة ، أو ألفي معجزة .

بل يزيد ذلك عند الاحصاء على الألوف . (3)

فصل في أن القرآن المجید معجز

إعلم أن الكلام في كيفيّة الاستدلال بالقر آن فرع على الكلام في الاستدلال بالقرآن ، والاستدلال به لا يتم إلا بعد بيان خمسة أشياء :

أحدها : ظهور محمد (صلی الله علیه وآله وسلم) بمكّة ، وادعاؤه أنّه مبعوث إلى الخلق ورسول إليهم .

وثانيها : تحديه العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يده ، و ادعاؤه أن الله سبحانه أنزله عليه و خصّه به .

و ثالثها : إن العرب معْ طول المدة لم يعارضوه .

ورابعها : إنّهم لم يعارضوه للتعذر والعجز .

وخامسها : إن هذا التعذر خارق العادة .

ص: 972


1- « بعبادات» م . وفي نسخة من ط « للعباد »
2- « و أو جز معنی و » ط
3- عنه البحار : 92 / 121

فإذا ثبت ذلك ، فأمّا أن يكون القرآن نفسه معجزاً خارقاً للعادة بفصاحته ، فلذلك لم يعارضوه ، أو لأن الله سبحانه و تعالی صرفهم عن معارضته ، ولولا الصرف لعارضوه.

و أي الأمرين ثبت[ ثبتت ]صحّة نبو ته لأنّه تعالى لا يصدق كذّاباً (1)

ولا يخرق العادة لمبطل . (2)

فصل

وأما ظهوره (صلی الله علیه وآله وسلم) بمكّة ، و دعاؤه إلى نفسه ، فلا شبهة فيه .

بل هو معلوم ضرورة ، لا ينكره عاقل ، فظهور هذا القرآن على يده أيضاً معلوم ضرورة ، والشك في أحدهما كالشك في الآخر .

وأما الذي يدل على أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم) تحدي بالقر آن ، فهو أن معنی قولنا : إنّه تحدي بالقرآن : إنّه كان يدعي أن الله سبحانه خصّه بهذا القرآن ، و إنبائه (3) به

وأن جبرئيل(علیه السلام) أتاه(4) به ، و ذلك معلوم [ ضرورة ] لايمكن لأحد (5) دفعه ، وهذا غاية التحدي في المعنى - والمبعث (6) على إظهار معارضتهم له إن كان معذوراً (7) .

وأما الكلام في أنّه لم يعارض ، فهو أنّه (8) لو عورض ، لوجب أن ينقل (9)

ولو نقل لعلم ، كما علم نفس القرآن ، فلمّا لم يعلم ، دل على أنّه لم يعارض ، كما يعلم (10) أنّه ليس بين بغداد والبصرة بلد أكبر منهما ، لأنّه لو كان كذلك لنقل و علم .

وإنّما قلنا : إن المعارضة لو كانت ، لوجب نقلها لأن الدواعي تتوفّر (11) إلى

ص: 973


1- « کافراً » خ ل
2- عنه البحار : 92 / 122
3- « و آیاته » خ ل
4- « أنباه » ط ، ه-
5- « أحداً » م
6- « البحث » خ ل
7- « مفدورا » ه- ، ط
8- « فلانه » خ ل
9- « النقل » م
10- « لم يكن » وهذا يعلم أنه لم يكن ، وهذا يعلم » ه- . « لم يكن ، و بهذا يعلم » البحار
11- « متوفرة » البحار

نقلها ، ولأنّها لو كانت ، لكانت هي (1) الحجّة ، و القرآن شبهة ، ونقل الحجّة أولى من نقل الشبهة .

وأما الذي به يعلم أن جهة انتفاء المعارضة التعذر لا غير . فهو أن كل فعل ارتفع عن فاعله مع توفّر دو اعيه إليه ، علم إنّما(2) ارتفع للتعذر، ولهذا قلنا : إن[ هذه ] الجواهر والألوان (3) ليست في مقدورنا ، وخاصّة إذا علمنا أن الموانع المعقولة مرتفعة كلّها ، فيجب أن (4) نقطع على ذلك في جهة التعذر لا غير .

وإذا علمنا أن العرب تحدوا بالقرآن ، فلم يعارضوه مع شدة حاجتهم إلى المعارضة ، علمنا أنّهم لم يعارضوه للتعذر لاغير .

وإذا ثبت كون القرآن معجزاً ، وأن معارضته تعذرت لكونه خارقاً للعادة ، ثبت بذلك نبو ته المطلوبة (5) .(6)

فصل

والطريق إلى معرفة صدق النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) والوصي(علیه السلام) ليس إلا ظهور المعجز عليه

أو خبر نبي ثابت نبوته بالمعجز .

والمعجز في اللغة : ما يجعل غيره عاجزاً ، ثم تعورف في الفعل الذي يعجز القادر عن [ الاتيان ب- ] مثله . وفي الشرع : هو كل حادث من فعل الله أو بأمره أو تمكينه ناقض لعادة الناس في زمان تكليف مطابق (7) لدعوته أو ما يجري مجراه .

ص: 974


1- « ولانها تكون » البحار
2- « انه » البحار
3- « الاكوان » البحار
4- «لنا أن » البحار
5- « ثبوت المطلب » ط
6- عمه البحار : 92 / 122
7- كأنه أراد بالمطا بق : المعادي للدعوى في الزمان ، ولهذا عطف عليه قوله : أو ما يجري مجراه . والحق أن يكون بمعناه أي موافقاً الدعوى لتخرج الاهانة وهي المخارق الذي يظهر على يدالمبطل مخالفاً لدعواه ، مثل ما وقع من أذر ، و فرعون و مسيلمة . ( من هامش م )

واعلم أن شروط مفهوم المعجزات امور :

منها : أن يعجز عن مثله ، أو عمّا يقاربه المبعوث إليه وجنسه ، لأنّه لو قدرعليه ، أو واحد من جنسه في الحال لما دل على صدقه ، ووصي النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) حكمه حكمه .

ومنها : أن يكون من فعل الله تعالى، أو بأمره وتمكينه، لأن المصدّق للنبي بالمعجزهو الله تعالى، فلابد أن يكون من جهته تعالى ، مايصدق به النبي أو الوصي .

ومنها : أن يكون ناقضاً للعادة لأنّه لو فعل(1) معتاداً لم يدل على صدقه، كطلوع الشمس من مشرقها .

ومنها : أن يحدث عقیب دعوى المدعي(2) أو جارياً مجراه(3)و الذي يجري مجرى ذلك (4) هو أن يدعي النبوة ، و يظهر عليه معجزاً ، ثم تشیع دعواه في الناس ، ثم يظهر معجز من دون (5) تجديد دعوى لذلك(6) لأنّه إذا لم يظهر كذلك لم يعلم تعلّقه بالدعوى ، فلا يعلم أنّه تصدیق له في دعواه .

ومنها : أن يظهر ذلك في زمان التكليف ، لأن أشراط الساعة تنتقض بها عادته تعالى ، ولا يدل على صدق مدع .(7)

ص: 975


1- « متی کان»ه- ، ط
2- كذا في البحار. وفی م« کالمدعي ». و فی ه- ، ط« المدعي النبوة ». وفي نسخة من ط« النبي»
3- « مجرى ذلك » البحار
4- «يجري مجراه » البحار
5- « غير » البحار
6- « ذلك » م
7- عنه البحار : 92 / 123
فصل في وجه اعجاز القرآن

فصل

والقرآن معجز ، لأنّه(صلی الله علیه وآله وسلم) تحدى العرب [ الاتيان ] بمثله ، و هم النهاية في البلاغه ، وقویت (1) دواعيهم إلى الإتيان بما تحداهم به (2) ولم يكن لهم صارف عنه ولا مانع منه ، ولم يأتوا به ، فعلمنا أنّهم عجزوا عن الإتيان بمثله .

وإنّما قلنا : إنّه(صلی الله علیه وآله وسلم) تحداهم لأن القرآن الكريم نفسه نطق بذلك كقوله تعالى :« فأتوا بسورة من مثله » (3) .

و معلوم أن العرب في زمانه ، و بعده ، كانوا يتباهون بالبلاغة (4) و يفخرون با لفصاحة ، و كانت لهم مجامع يعرضون فيها شعرهم (5)و حضر زمانه (6) من يعدّ في الطبقة الاولى كالأعشى ولبيد وطرفة (7) .

و في زمانه كانت العرب قد مالت إلى (8) استعمال المستأنس من الكلام دون الغريب الوحشي الثقيل [على اللسان ] فصح أنّهم كانوا الغاية في الفصاحة .

وإنّما قلنا : إن دواعيهم اشتدت إلى الاتيان بمثله ، لأنّه (صلی الله علیه وآله وسلم) تحد اهم ، ثم

قرعهم (9) بالعجز عنه ، كقوله تعالى : «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا »(10).

ص: 976


1- « توفرت » البحار
2- « يتضمن التحدي » ه- ، و البحار
3- سورة البقرة : 23
4- كذا في خ ل ، ه- . وفي م « کانوا بلغاء أهل فصاحة ». و في البحار « كانوا يتبارون بالبلاغة »
5- مثل سوق عكاظ
6- « و فيهم » م
7- وهم أعشى فيس ، ولبيد بن ربيعة العامري ، و طرفة بن العبد ، و شعرهم عرف بالمعلقات لجزالته وبلاغته وبیانه وفصاحته...
8- « وزمانه أوسط الازمنة في » خ ل ، والبحار
9- أي عنفهم
10- سورة الاسراء : 88

وقوله تعالی : « فان لم تفعلوا و ان تفعلوا » (1) .

فان قيل : لعل صارفهم ، هو قلة احتفالهم (2)به ، أو بالقرآن لانحطاطه في البلاغة .

قلنا : لا شبهة أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم)كان من الشط (3) في التثبيت (4) حتى سمّوه الأمين والصدوق ، فكيف لا يحتفلون به ، وهم كانوا يستعظمون القرآن حتى شبّهوه بالسحر و منعوا الناس من استماعه ، لئلا يأخذ بمجامع قلوب السامعين .

فكيف يرغبون عن معارضته ؟! (5)

فصل

فان قيل : ألستم تقولون : إن ما أتی به محمّد من القرآن هو كلام الله وفعله ؟

وقلتم : إن مقدورات العباد لا تنتقض بها العادة ؟

وقلتم : إن القرآن هو أول كلام تکلّم به تعالى ، وليس بحادث في وقت نزوله والناقض للعادة لابد أن يكون هو متجدد الحدوث ، ولأن الكلام مقدور للعباد فما يكون من جنسه لا يكون ناقضاً للعادة ، فلا يكون معجزأ للعباد ؟

والجواب : إن الناقض للعادة هو ظهور القرآن عليه في مثل بلاغته المعجزة وذلك يتجدد ، وليس يظهر مثله في العادة ، نواء جوز أن يكون من قبله أو من قبل

ص: 977


1- سورة البقرة : 24
2- احتفل بالامر : أحسن القيام به . يقال : ما احتفل به أي ما بالی به
3- شط : بعد-بالباء المفتوحة و العين المضمومة - .قال ابن زکریا في معجم مقاييس اللغة : الشين والطاء أصلان صحيحان : أحدهما البعد ...
4- تثبت في الأمر والرأي : تأني فيه ، شاور فيه و فحص عنه . وزاد عليها في ه- « والخصال المحمودة » . وفي البحار بلفظ « كان من أوسطهم في النسب والخصال المحموده » تصحيف ظ
5- عنه البحار : 92 / 124

ملك أظهر (1) عليه بأمره تعالى ، وأوحى الله تعالی به إليه ، فاذا علم صدقه في دعواه

بظهور مثل هذا الكلام البليغ الذي يعجز عنه المبعوث إليه ، و حبسه عن مثله ، وعمّا

يقاربه فكان ناقضاً للعادة ، كان (2) معجزاً دالا على صدقه ، ولم يضرنا في ذلك أن يكون تعالی تکلّم به من قبل ، إذا لم تجر عادته تعالى في إظهاره على أحد غيره . (3)

فصل

وقولهم : « إنّه مر کتب من جنس مقدور العباد » لا يقدح (4) في كونه ناقضاً للعادة ولا في كونه معجزاً ، لأن الاعجاز فيه هو من جهة البلاغة ، وفيها يقع التفاوت بين البالغاء . ألا ترى أن الشعراء والخطباء يتفاضلون في بلاغتهم ، فيشعرهم وخطبهم ؟

فصح أن يكون في الكلام ما يبلغ حدأ في البلاغة ينتقض به العادة في بلاغة البلغاء من العباد .

يبيّن ذلك أن البلاغة في الكلام البليغ لا تحصل بقدرة القادر على إحداث الحروف المر كّبة ، و إنّما تظهر بعلوم المتكلّم بالكلام البليغ ، و تلك العلوم لاتحصل للعبد با کتسابه ، وإنّما تحصل له من قبل الله تعالی ابتداءاً ، وعند اجتهاد العبد في استعمال ما يحصل عنده ، و تلك العلوم من قبله تعالی .

وقد أجرى الله سبحانه عادته فيما (5) يمنحه العباد من العلوم بالبلاغة ، فلا يمنح من ذلك إلا مقداراً يتقارب (6) فيه بلاغة البلغاء (7) فيتفاوتون في ذلك بعد تقارب بلاغاتهم (8) .

ص: 978


1- « يظهر» خ ل ، والبحار
2- « فكان » م ، و البحار
3- عنه البحار : 92 / 125
4- ة ح في عرضه : طعن فيه وعابه و تنقصه
5- « فيها » خ ل . و في البحار بلفظ « بمنح العبد من العلوم للبلاغة »
6- « تفاوت » البحار
7- « بعضهم عن بعض » البحار
8- « بقدر تفاوت بلاغتهم » البحار

فاذا تجاوز بلاغة البليغ(1) المقدار الذي جرت به العادة في بلاغة العبيد ، و تجاوز ذلك(2) بلاغة أبلغهم ظهر گونه ناقضاً للعادة .

وإنّما نتبيّن ذلك بما ذكرنا وبيّنّا (3) أنّه تحداهم بمثل القرآن ، فعجزوا عنه ، وعمّا يقاربه .(4)

فصل

فان قيل: بماذا علمتم أن القرآن ظهر معجزة له دون غيره ؟ و ما أكرتم أن الله سبحانه بعث نبيّاً غیر محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) ، و آمن محمّد (صلی الله علیه وآله وسلم) به ، فتلقّاه منه محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم) ثم قتل ذلك النبي فادعاه معجزة لنفسه ؟

والجواب : أنّا نعلم باضطرار أنّه مختص به (صلی الله علیه وآله وسلم)كما نعلم في كثير من الأشعار و التصانيف أنّها مختصّة بمن تضاف إليه كشعر امریء القيس (5) و کتاب العين الخليل .

ثم إن القرآن المجيد ظهر عنه ، وسمع منه ولم يجر في الناس ذكر أنّه ظهرلغيره ، ولا جو زوه ، وكيف يجوز في حكمة الحكيم سبحانه أن يمكّن أحداً من مثل (6) ذلك ، و قد علم حال محمد في عزوف (7) نفسه عن ملاذ الدنيا و طلّق النفس من أوّل أمره و آخره ، فكيف يتّهم بما قالوا ؟! (8)

ص: 979


1- « القرآن » البحار
2- « و بلغ حداً لا يبلغه » خ ل ، والبحار
3- « نتبين ( يبين ) كونه كذلك و ( اذا ) بینا » خ ل ، والبحار
4- عنه البحار : 92 / 125
5- هو ابن حجر الكندي ، الشاعر الجاهلي المعروف ، وصاحب المعلقة
6- « قبيل » خ ل
7- عزف نفسه عن كذا : منعها عنه
8- عنه البحار : 92 / 126

فصل

فان قيل : لعل من تقدم محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)كامرىء القيس وأضرابه لو عاصره الأمكنه معارضته .

قلنا : إن التحدي لم يقع بالشعر فيصح ما قلته ، ومن كان في زمانه(صلی الله علیه وآله وسلم)وقريباً منه لم تقصر بلاغتهم في البدلة عن بدلهم ، کامرىء القيس ، بل كانت في زمانه قريباً منه من قدم في البلاغة على من تقدم .

ولأنّه (صلی الله علیه وآله وسلم)ما كلفهم أن يأتوا بالمهارضة من عند أنفسهم ، وإنّما تحد أهم أن

يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم من كلامهم ، أو كلام غيرهم ممّن تقدمهم .

فلو علموا أنّ في كلامهم ما يوازي بلاغة القرآن لأتوا به ، وقالوا (1) : إن هذا كلام من ليس بنبي (2) وهو مساو للقرآن في بلاغته .

ومعلوم أن محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)ما قرأ الكتب ، ولا تتلمذ لأحد من أهل الكتاب ، و كان ذلك معلوماً لأعدائه ، ثم قص عليهم قصّة (3) نوح ،وموسى ، ويوسف ، وهود وصالح ، وشعيب ، و لوط ، وعيسى ، وقصّة مريم على طولها.

فما رد عليه أحد من أهل الكتاب شيئاً منها ، ولاخطّأوه في شيء من ذلك .

ومثل هذه الأخبار لا يتمكّن منها با لبحث (4)والاتّفاق ، وقد نبّه الله تعالى بقوله :

«ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ»(5) ونحوها (6)من قصص الأنبياء و أمم الماضين . (7)

ص: 980


1- «و لقالوا » البحار
2- « بمعنی ء » البحار
3- « قصص » البحار
4- « الا بالتبخت » البحار . تصحیف
5- سورة يوسف : 102
6- « و نحو ذلك » البحار
7- عنه البحار : عنه البحار : 2 / 126

إعلم أن المسلمين اتفّقوا على ثبوت دلالة القرآن على النبوة . وصدق الدعوة واختلف المتكلّمون في جهة إعجاز القرآن على سبعة أوجه ، وقد ذهب قوم إلى أنّه معجز من حيث كان قديماً ، أو لأنّه حكاية للكلام القديم ، وعبارة عنه .

فقولهم هذا أظهر فساداً من أن يخلط (1) بالمذاهب المذكورة في إعجاز القرآن .

فأول ماذكر من [ تلك ] الوجوه : ما اختاره السيد المرتضی( رضوان الله تعالی ) [ وهو ] أن وجه الاعجاز في القرآن (2) أن الله سبحانه صرف الخلق (3) عن معارضته ، وسلبهم العلم بكيفيّة نظمه وفصاحته ، وقد كانوا لولا هذا الصرف قادرين على معارضته ومتمكّنين منها .

والثاني : ما ذهب إليه الشيخ المفيد ( رحمه الله ) أنّهم (4) لم يعارضوا من حيث اختص برتبة في الفصاحة خارقة للعادة ، لأن مراتب (5) البلاغة(6) محصورة متناهية فيكون ما زاد على المعتاد ، معجزاً (7) و خارقاً للعادة .

و الثالث : ماقال قوم ، وهو : أن إعجازه من حيث كانت معانيه صحيحة مستمرة

على النظر ، موافقة للعقل .

ص: 981


1- « يختلط » خ ل ، والبحار
2- أورد الشريف المرتضی (رحمه الله) في رسائله في المجموعة الثانية : 323 تفصيل لذلك
3- « العرب » ه ، ق ، د والبحار
4- « وهو أنه انما كان معجزاً أنهم » خ ل ، والبحار
5- « للعادة بقدر من العلوم فيقع التمكين بها من مراتب في » د ، ق
6- « المصاحة » ه- ، و البحار
7- « قال : لان مراتب البلاغة ( الفصاحة ) انما تتفاوت بحسب العلوم التي يفعلها الله في العباد ، فلا يمتنع أن يجري الله العادة بقدر من العلوم ، فيقع التمكين بها من مراتب الفصاحة محصورة متناهية ، ويكون مازاد على ذلك زيادة غير معتادة معجزاً »خ ل ، والبحار .« ذلك زيادة غير معتادة معجزاً » د ، ق

والرابع : إن جماعة جعلوه معجزاً من حيث زال عنه الاختلال و التناقض على وجه لم تجر العادة بمثله .

والخامس : ما ذهب إليه أقوام وهو : أن وجه إعجازه أنّه يتضمّن الاخبار عن الغيوب .

والسادس : ما قاله آخرون، وهو : أن القرآن إنّما كان معجزاً لاختصاصه بنظم مخصوص ، مخالف للمعهود .

والسابع : ما ذكره أكثر المعتزلة ، وهو : أن تأليف القرآن ونظمه معجزان لا لأن الله أعجز عنهما بمنع خلقه في العباد ، وقد كان يجوز أن يرتفع فيقدروا (1) عليه لكن محال وقوعه منهم کاستحالة إحداث الأجسام و الألوان ، وإبراء (2) الأكمه و الأبرص من غير دواء .

ولو قلنا : إن هذه الوجوه السبعة كلّها هو وجه (3) إعجاز القرآن على وجه دون وجه لكان حسناً . (4)

فصل في أن التعجيز هو الاعجاز

استدل السيّد المرتضی رضی الله عنه - على أنّه تعالی صرفهم عن المعارضة (5) وأن العدول عنها كان لهذا ، لا لأن فصاحة القرآن خرقت عادتهم ، لأن الفصل(6) بين الشيئين أو أكثر (7) لم تقف المعرفة(8) بحالهما على ذوي القرائح الذكيّه -

ص: 982


1- « فيقدر » البحار
2- « و احداث » د ، ق
3- « كلها وجوه » البحار
4- عنه البحار : 92 / 127
5- راجع رسائله المتقدم ذكرها / المجموعة الثانية
6- « الفضل » ط ، ه- ، والبحار
7- « اذا كثر» خ ل ، ه- ، والبحار
8- زاد في ط « بينهما »

دون من لم يساوهم - بل يغني ظهور أمرهما عن الرويّة (1) بينهما ، و لهذا (2) لا يحتاج في الفرق بين الخز (3) والصوف إلى أحذق(4) البز ازین .

و إنّما يحتاج إلى التأمّل الشديد المتقارب (5) الذي يشكل مثله .

و نحن نعلم أنّا على مبلغ علمنا بالفصاحة ، نفرق بين شعر امریء القيس و شعر غيره من المحدثين ، ولا يحتاج في هذا الفرق إلى الرجوع إلى من هو الغاية في علم الفصاحة ، بل يستغني معه عن الفكرة .

وليس بين الفاضل والمفضول من أشعارهؤلاء ، و کلام هؤلاء قدر ما بين الممكن

والمعجز ، والمعتاد والخارج عن العادة ، لأن جميع الشعراء لو كانوا بفصاحة الطائيّين

(6) و في منزلتهما ثم أتی آت بمثل شعر امریء القيس ، لم يكن معجزاً وكذلك لو كان البلغاء في الكتابة في طبقة أهل عصرنا ، لم يكن كلام عبدالحميد(7) و إبراهيم بن العباس (8) ونحوهما خارقاً لعادتهم و معجزاً لهم . وإذا استقر هذا

ص: 983


1- الروية : النظر والتفكر في الأمور . وفي البحار « الرؤية »
2- « وهذا كما » البحار . و في د ، ق « و لهذا لانحتاج »
3- الخز : الحرير
4- أحذق : أمهر
5- « التقارب » ه- ، د ، ق ، والبحار
6- أي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي ، و البحتري أبو عيادة الوليد بن عبيد الطائي . قال المبرد : و با لبحتری یختم الشعر . و سئل المبرد عنهما فقال : لابی تمام استخراجات لطيفة ، ومعان ظريفة ، و جيدة أجود من شعر البحتري ، ومن شعر من تقدمه من المحدثين ، و شعر البحتري أحسن استواء من شعر أبي تمام لان البحتري يقول القصيدة كلها فتكون سليمة من طعن طاعن أو عيب عائب ، وأبو تمام يقول البيت النادر و يتبعه البيت السخيف
7- هو عبد الحميد بن يحيى بن سعد الكاتب البليغ المشهور ، و به يضرب المثل في البلاغة حتى قيل : فتحت الرسائل بعبدالحميد ، وختمت با بن العميد. تجد ترجمته في وفیات الاعیان : 3 / 228
8- هو ابراهيم بن العباس بن محمد بن صول تكين المولى الشاعر المشهور ، و له نشر بدیع ، قال عنه الجراح في كتاب الورقة أنه اُشعر نظرائه الكتاب ، و أرقهم لساناً . تجد ترجمته في وفيات الأعيان : 1 / 44

و كان الفرق بين قصار سور المفصّل (1) وبين أفصح قصائد العرب غير ظاهر لنا

الظهور الذي ذكرناه - ولعلّه إن كان ثم فرق ، فهو ممّا يقف عليه غيرنا ، ولايبلغه

علمنا - فقد دل على أن القوم صرفوا عن المعارضة ، و أخذوا عن (2)طريقها . (3)

فصل في أن الإعجاز هو الفصاحة

والأشبه بالحق ، و الأقرب إلى الحجّة ، بعد ذلك القول : قول من قال : إن (4)وجه معجزه (5) القرآن المجيد (6) خروجه عن العادة في الفصاحة ، فيكون ما زاد على المعتاد هو المعجز كما أنّه لمّا أجر الله تعالى العادة في القدر (7) التي يتمكّن بها من ضروب أفعال الجوارح كالظفر للنخر ، و حمل الخيل (8) بقدر كثيرة خارجة عن العادة (9) كانت لا حقة بالمعجزات ، فكذلك القرآن الكريم (10) .(11)

ص: 984


1- في الحديث « فصلت بالمفصل » قيل : سمي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور ، وقيل : لقصر سوره . واختلف في أوله فقيل : من سورة « محمد » (ص) ، وقيل : من سورة « الفتح » . وعن النووی : مفصل القرآن من « محمد » (ص) و قصاره من « الضحی» الى آخره ، ومطولاته الى « عم »، ومتوسطاته الى « الضحى » . وفي الخبر : المفصل ثمان و ستون سورة. ( قاله الطريحي في مجمع البحرین / مادة فصل )
2- « على غير » ط
3- عنه البحار : 92 / 128
4- « من جعل » البحار
5- « اعجاز » د ، ق
6- « وجه الاعجاز في القرآن » ط
7- « القدرة » البحار
8- كذا في م . وفي ه- « کالظفر للنمر ، و حمل الخيل » وفي ط « کالظفر ، وحمل الخيل » . وفي د ، ق ، والبحار « کا لطفو ( کالطفر ، کالطفر ) با لبحر ، وحمل الجبل »
9- « خارجة عن المعناد ، فانها اذا زادت على ما ( في العادة ) تأتی » د ، ق ، خ ل . و في البحار أسقط « خارجة عن المعتاد »
10- « كذاك القول ( هناك ) هاهنا » د ، ق ، و البحار
11- عنه البحار : 92 / 128
فصل ان الفصاحة مع النظم معجز

واعلم أن هؤلاء الذين قالوا : إن جهة إعجاز القرآن : الفصاحة المفرطة التي خرقت العادة ، صاروا صنفين :

منهم من اقتصر على ذلك ، ولم يعتبر النظم .

ومنهم من اعتبر الفصاحة و النظم والأسلوب(1) المخصوص.

وقال الفريقان : إذا ثبت أنّه خارق للعادة بفصاحته ، دل على نبوته ، لأنّه إن

كان من فعل(2) الله تعالى ، فهو دال علی نبوته ومعجز له.

و إن كان من فعل النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)، فانّه لم يتمكّن (3) من ذلك مع خرقه العادة الفصاحته إلا لأن الله تعالى خلق فيه علوماً خرق بها العادة ، فاذا علمنا بقوله : إن القرآن من فعل الله دون فعله ، قطعنا على ذلك دون غيره . (4)

فصل في أن معناه أو لفظه هو المعجز

وأمّا القول الثالث و الرابع ، فكلاهما مأخوذ من قول الله تعالى : «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا »(5) .

فحمل الأو لون ذلك على المعنى ، و الآخرون على اللفظ ، والآية الكريمة مشتملة

عليهما ، عامّة فيهما .

ويجوز أن يكون كلا القولين معجزاً على بعض الوجوه، لارتفاع التناقض منه ، والاختلاف [ فيه ] على وجه مخالف للعادة .(6)

ص: 985


1- « الفصاحة النظم » البحار
2- « لو كان من قبل » البحار
3- « و لم نتمكن » البحار
4- التخريجة السابقة
5- سورة النساء : 82
6- عنه البحار : 92 / 129
فصل في أن المعجز هو اخباره بالغيب

وأمّامن جعل جهة إعجازه ماتضمّنه من الاخبار عن الغيوب ، فذلك لاشك في أنّه

معجز ، لكن ليس هو الدي قصد به التحدي ، و جعل العلم المعجز ، لأن كثيراً من

القرآن خال من الأخبار بالغيب ، و التحدي وقع بسورة غير معيّنة [ والله أعلم ] .(1)

فصل في أن النظم هو المعجز

وأمّا الذين قالوا : إنّما كان معجزاً لاختصاصه باسلوب مخصوص ليس بمعهود ، فان النظم دون الفصاحة لا يجوز أن يكون جهة إعجاز القرآن على الاطلاق ، لان ذلك

لايقع فيه التفاضل .

وفي ذلك كفاية ، لأن السابق الى ذلك لابد أن يقع فيه مشاركة بمجری (2) العادة على ما تبيّن . (3)

فصل في أن تأليفه المستحيل من العباد هو المعجز

و أمّا من قال : إن القرآن نظمه و تأليفه مستحيلان من العباد ، كخلق الجواهر والألوان ، فقوله (4) على الاطلاق باطل ، لأن الحروف كلّها من مقدورنا ، والكلام كلّه يتركّب من الحروف التي يقدر عليها كل متكلّم .

فأمّا التأليف فاطلاقه مجاز في القرآن لأن حقيقته في الأحكام (5) وإنمّا يراد في (6) القرآن حدوث بعضه في أثر بعض .

ص: 986


1- التخريجة السابقة
2- « لمجری » البحار
3- التخريجة السابقة
4- « فقولهم به » البحار
5- « الاجسام » البحار
6- « من » البحار

فان أريد ذلك ، فهو إنّما يتعذر لفقد العلم بالفصاحة ، و كيفيّة إيقاع الحروف لاأن ذلك مستحيل ، كما أن الشعر يتعذر على العجز (1) لعدم علمه بذلك ، لا إنّه مستحيل منه من حيث القدرة .

ومتی ارید باستحالة ذلك ، مايرجع إلى فقد العلم ، فذلك خطأ في العبارة دون المعنى . (2)

باب في الصرفة

(3) والاعتراض عليها والجواب عنه .

و تقریر ذلك في (4) الصرفة هو أنه لو كانت فصاحة القرآن خارقة فقط ، لوجب أن يكون بينه و بين [ أفصح ] كلام العرب التفاوت الشديد الذي يكون بين الممكن و المعجز و كان لا يشتبه فصل بينه و بين مایضاف إليه من أفصح كلام العرب ، كما لا يشتبه الحال بین کلامین فصيحين ، وإن لم يكن بينهما ما بين الممكن والمعجز .

ألا ترى أن الفرق (5) بين شعر الطبقة العليا من الشعراء ، و بین شعر المحدثين يدرك (6) بأول نظر؟ ولانحتاج في معرفة ذلك الفصل إلى الرجوع (7) إلى من تناهي في العلم بالفصاحة.

ص: 987


1- بفتح [ لعين و الجيم ] المكسورة العاجز و فی د ، ق « المفحم » . وفيه ه- «المنجم » . و في البحار « العجم »
2- معنى الصرف : أن الاتيان بمثل القرآن أو سور أو سورة واحدة منه محال على البشر لمكان
3- التخريجة السابقة . آیات التحدي و ظهور العجز من أعداء القرآن منذ قرون ، و لكن لالكون التأليفات الكلامية التي فيها في نفسها خارجة عن طاقة الإنسان ، و فائقة على القوة البشرية مع كون التأليفات جميماً أمثالا لنوع النظم الممكن للإنسان ، بل لان الله سبحانه يصرف الانسان عن معارضتها والاتيان بمثلها ، بالارادة الالهية الحاكمة على ارادة الانسان حفظة لاية النبوة ووقاية لحمي الرسالة . راجع في ذلك رسائل علم الهدى الشريف المرتضي : المجموعة الثانية : 324 و تفسير المیزان : 10 / 68
4- « الدليل على صحة » د ، ق
5- أحدنا يفصل د ، ق
6- « یدرکنا » م ، ه- . وليس في د ، ق
7- كذا فی خ ل ، ه- وفی م « و انظر ممن عرف ذلك الفضل ، و يرجع في ذلك »

وقد علمنا أنّه ليس بين هذين الشعرين ما بين المعتاد والخارق للعادة ، فاذا ثبت ذلك

و كنّا (1) لانفرق بين بعض قصارسور المفصل ، وبين أفصح شعر العرب ، ولايظهر لنا التفاوت بين الكلامين الظهور الذي قدمناه

فلم حصل الفرق القليل ، ولم يحصل الكثير؟

ولم ارتفع (2) اللبس مع التقارب ولم يرتفع مع التفاوت ؟

فصل

والاعتراضات على ذلك كثيرة منها :

قولهم : إن الفرق بين أفصح كلام العرب ، و بين القرآن موقوف على متقدمي الفصحاء الذين تحدوا به .

والجواب : أن ذلك لو وقف عليهم مع التفاوت العظيم ، لوقف مادونه أيضاً عليهم ، وقد علمنا خلافه .

فأمّا من ينكر الفرق بين أشعار الجاهليّة والمحدثين ، فان أشار بذلك إلى عوام الناس والأعاجم فلا ينكر ذلك ، وإن أشار إلى الذين عرفوا الفصاحة فانّه لا يخفى عليهم .

فان قالوا : الصرف عن ماذا وقع ؟ قلنا : الصرف وقع عن أن يأتوا بكلام يساوي أو

يقارب القرآن في فصاحته ، وطريقة نظمه ، بأن سلب كل من رام المعارضة التي بتأتّی

بها ذلك .

فان العلوم التي يتمكّن بها من ذلك ضروريّة من فعل الله تعالی بمجرى العادة ، وعلى هذا لو عارضوه بشعر منظوم ، لم يكونوا معارضين .

يدل عليه أنّه (صلی الله علیه وآله وسلم) أطلق التحدي و أرسله ، فوجب أن يكون إنّما أطلق تعویلا على ما تعارفوه في تحدي بعضهم بعضاً ، فانّهم اعتادوا ذلك بالفصاحة ، وطريقة النظم

ص: 988


1- ممكنا ، م ، ه-
2- « یرتفع » ه-

ولهذا لم يتحد الخطيب الشاعر [ ولا الشاعر الخطيب ] ولو شكّوا في مراده لاستفهموه

فلمّا لم يستفهمو مدل على أنّهم فهموا غرضه (1) ، ولو لم يفهموه لعارضوه بالشعر الذي له فصاحة كثير من القرآن ، و اختصاص القرآن بنظم مخالف لسائر النظم يعلم ضرورة .

فصل

والذي يدل على أنّه أولا الصرف لعارضوه ، هو أنّه إذ اثبت في فصيح كلامهم مايقارب كثيراً من القرآن ، والنظم لايصح فيه التزاید و النفاضل بدلالة أنّه يشترك الشاعر ان في نظم واحد ، لايزيد أحدهما على صاحبه وإن تباينت فصاحتهما .

وإذا لم يدخل النظم تفاضل ، لم يبق إلا أن يقال : الفضل (2) في السبق إليه . وذلك يقتضي أن يكون من سبق إلي ابتداء الشعر و وزن من أوزانه أتي بمعجز ، وذلك باطل ولا يتعذر (3) نظم مخصوص بمجرى العادة على من يتمكّن من نظوم غيره ، ولا يحتاج في ذلك إلى زيادة علم كما يقول في الفصاحة .

فمن قدر على البسيط يقدر على الطويل (4) وغيره ، ولو كان على سبيل الاحتذاء (5) وإن خلا كلامه من فصاحة ، فعلم بذلك أن النظم ((6)) لا يقع فيه تفاضل .

فصل

والاعتراض على ذلك من وجوه :

أحدها : أنّهم قالوا : يخرج قولكم هذا القرآن من كونه معجزاً على ذلك لأن على هذا المذهب : المعجز هو الصرف (7) وذلك خلاف إجماع المسلمين .

ص: 989


1- « عرضه » م ،ه-
2- « الفصل » د ، ق
3- « يقتضی » د ، ق
4- البسيط والطويل : من أوزان الشعر العربي
5- احتذی مثال فلان وعلى مثاله : اقتدی و تشبه به
6- « الكلام » م ،ه-
7- « الصور» . م « الصوت » ه-

الجواب : أن هذه مسألة خلاف ، لا يجوز أن يدعى فيها الإجماع ، على أن معنی قولنا معجز : في العرف بخلاف ما في اللغة ، والمراد به في العرف : ما له حظ في الدلالة على صدق من ظهر على يده .

والقر آن بهذه الصفة عند من قال بالصرفة ، فجاز أن يوصف بأنّه معجز ، وإنّما ينكر العوام أن يقال : القرآن ليس بمعجز ، متى أربد به أنّه غير دال على النبوة وأن العباد يقدرون عليه . وأمّا أنّه معجز بمعنى أنّه خارق للعادة بنفسه ، وبما يسند (1) إليه فموقوف على العلماء المبر زین .

على أنّه يلزم - من جعل جهة إعجاز القرآن : الفصاحة - الشناعة (2) لأنّهم يقولون : إن من قدر على الكلام من العرب والعجم يقدرون على مثل القرآن ، وإنّما ليست له علوم بمثل فصاحته .

فصل

واعترضوا فقالوا : إذا كان الصرف هو المعجز ، فلم [ لم ] (3) يجعل القرآن

من أرك الكلام و أقلّه فصاحة ، ليكون أبهر (4) في باب الاعجاز ؟

الجواب : لو فعل ذلك لجاز ، لكن المصلحة معتبرة في ذلك ، فلا تمتنع أنّها اقتضت أن يكون القرآن على ما هو عليه من الفصاحة ، فلاجل ذلك لم ينقص منه شيء .

ولا يلزم في باب المعجزات أن يفعل ما هو أبهر وأظهر، وإنّما يفعل ما تقتضيه المصلحة بعد أن تكون دلالة الاعجاز قائمة فيه .

ثم يقال (5) : هلا جعل الله القرآن أفصح ممّا هو عليه ؟ فما قالوا ، فهو جوابنا عنه ، وليس لأحد أن يقول : ليس وراء هذه الفصاحة زیادة ، لأن الغايات التي ينتهي إليها الكلام الفصيح غير متناهية . (6)

ص: 990


1- « يستند » د ، ق
2- الشناعة : القبح.
3- من البحار
4- أبهر : جاء بالعجب
5- « قال » د ، ق
6- عنه البحار : 92 / 130

فصل

ومن اعتراضاتهم قولهم : لو كان المعجز الصرف لما خفي ذلك على فصحاء العرب ، لأنّهم إذا كانوا يتأتّى منهم فعل (1) التحدي ما تعذر بعده ، وعند روم

المعارضة فالحال (2) في أنّهم صرفوا عنها ظاهرة ، فكيف لم ينقادوا ؟

والجواب : لابد أن يعلموا تعذر ما كان منأتّياً منهم : لكنّهم يجوز أن ينسبوه الى الاتفاقات ، أو إلي السحر ، أو العناد .

ويجوز أن يدخل عليهم الشبيهة على أنّهم (3) يلزمهم مثل ما ألزمونا بأن يقال :

إن العرب إذا علموا أن القرآن خرق العادة بفصاحته ، فأي شبهة بقيت عليهم ؟ ولم لا (4) ينقادوا ؟ فجوابهم ، جوابنا .(5)

فصل

واعترضوا ، فقالوا : إذا لم يخرق القرآن العادة بفصاحته ، فلم شهد له بالفصاحة متقدمو العرب ؟ كالوليد بن المغيرة ، و كعب بن زهير ، والأعشى الكبير لأنّه ورد ليسلم ، فمنعه أبو جهل ، وخدعه ، وقال : إنّه يحرم عليك الأطيبين(6) ! فلولا أنّه بهر هم بفصاحته ، لم ينقادوا له .

والجواب : جميع ما شهد به الفصحاء من بلاغة القرآن فواقعه موقعه ، لأن من قال بالصرفة لا ينكر مزيّة القرآن على غيره بفصاحته ، وإنّما يقول : تلك المزيّة ليست ممّا يخرق العادة ، وتبلغ حد الاعجاز .

فليس في قول الفصحاء وشهادتهم بفصاحة القرآن مایو جب القول ببطلان الصرفة

ص: 991


1- « قبل » البحار
2- « با لحال » د ق ، م
3- « أنه » البحار
4- « فلم لم » د ، ق . « لم »البحار
5- التخريجة السابقة
6- پرید -لعنه الله - الخمرو الزنا

وأمّا دخولهم في الاسلام ، فالامر بهرهم و أعجزهم ، وأي شيء أبلغ من الصرفة

في ذلك ؟ (1)

باب في أن اعجازه الفصاحة

قالوا : إن الله تعالى جعل معجزة كل نبي من جنس ما يتعاطاه قومه ، ألاتری أن في زمان موسی - علی نبیّنا و عليه السلام - لمّا كان الغالب على قومه السحر جعل الله سبحانه معجزته من ذلك القبيل .

فأظهر على يده قلب العصا [ حيّة ](2) واليد البيضاء وغير ذلك ، فعلم أولئك

الأقوام(3) أن ذلك ممّا لا يتعلق بالسحر ، فآمنوا به .

و كذلك زمان عيسى- على نبيّنا وعليه السلام - لمّا كان الغالب على قومه (4) الطب ، جعل الله سبحانه معجزته من ذلك القبيل ، فأظهر الله سبحانه على يده إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، فعلم أولئك الأقوام أن ذلك ممّا لايوصل إليه بالطب ، فآمنوابه .

وكذلك لمّا كان زمن محمد(صلی الله علیه وآله وسلم) الغالب على قومه الفصاحة و البلاغة ، حتى كانوا لا يتفاخرون بشيء كتفاخرهم بها ، جعل الله سبحانه معجزته من ذلك القبيل ،فأظهر على يده هذا القرآن ، فعلم الفصحاء منهم أن ذلك ليس من كلام البشر ، فآمنوا به ولهذا جاء المحضرمون (5) و آمنوا برسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)منهم : قيس بن زهير (6) و كعب

ص: 992


1- التخريجة السابقة
2- من البحار
3- كذا فی خ ل ، ه- . وفی م « فعلموا »
4- « علیهم فیه » م
5- « المخضرمون » خ ل ، ق . بمعناها ، وهو من مضی شیء من عمره في الجاهلية ، وشيء في الاسلام .وفي البحار « مخصوصون »
6- هو قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن الحارث ذكره اليعقوبي في تاريخه :1 / 267 فی شعراء العرب ، وابن هشام فی سیرته : 1 / 206

بن زهير(1) وجاء الأعشى (2) ومدح رسول الله بقصيدة معروفة ، فأراد أن يؤمن فدافعته قريش ، وجعلوا يحدثونه بأسوأ مايقدرون عليه ، وقالوا : إنّه يحرم عليك الخمر والزنا .

فقال : لقد كبرت ، ومالي في الزنا من حاجة .

فقالوا: أنشدنا ما مدحته (3) به ، فأنشدهم :

اُلم تغتمض عيناك ليلة اُرمدا ***وبت كما بات السليم مسهّدا(4)

نبيّاً (5) یری مالا ترون وذكره ***أغار لعمري في البلاد واُنجدا (6)

قالوا : لو أنشدته هذا لم يقبله [ منك ] . فلم يزالوا بالسعي حتى صدوه .

ص: 993


1- هو كعب بن زهير بن أبی سلمی ، واسم أبی سلمى ربيعة بن رباح بن قرط بن الحارث ، كان رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قد أهدر دمه الابيات قالها ، ثم أقبل على رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وقال قصيدته المشهورة التي مطلعها : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول*** متيم اثرها لم يفد مكبول . انظر السيرة النبوية لابن هشام : 4 / 144 ، اسدالغایة : 4 / 240
2- هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف . قال ابن هشام في السيرة النبوية : 2 / 25 : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسی و غیره من مشايخ بكر بن وائل من أهل العلم : أن أعشى بن قيس ... خرج الى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) يريد الاسلام فقال يمدح رسول الله ... ألم تغتمض عيناك ... وذكر القصيدة و نحو القصة ، فراجع
3- فی م هكذا « أنشده با ما مدحته »
4- السليم : الملدوغ . والمسهد : الذي منع من النوم
5- هكذا في السيرة والبحار . وفي الأصل « و فيها بنی »
6- أغار : بلغ الغور ، وهو ما انخفض من الأرض . وأنجد : بلغ النجد ، وهو ما ارتفع من الارض

فقال : أخرج إلى اليمامة ، ألزمه (1) عامي هذا .

فمكث زماناً يسيراً ، و مات باليمامة .

نعوذ بالله من الشقاء في الدنيا والآخرة ، ومن سوء القضاء ، وصلّى الله على سيدنا محمد و على آله و سلم .

و جاء لبيد (2) و آمن برسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) و ترك قيل الشعر ، تعظيماً لأمر القرآن فقيل له : ما فعلت قصيدتاك :

إن تقوى ربّنا خير نفل ***(3) و باذن الله ريثي و العجل(4)

و قولك : عفت الديار محلها فمقامها ... (5) ؟

قال : أبدلني الله بهما سورتي البقرة ، و آل عمران . (6)

ص: 994


1- الزم الشيء : أدامه . و مرجع الضمير الى الخمر ، اذ الرواية هنا محتصره ، ففی سيرة ابن هشام أن الاعشی قال : أما هذه ۔ یعنی الخمرة - فوالله ان في النفس منها لعلالات ، ولکنی منصرف فأتروى منها عامی هذا ، ثم آتيه فأسلم
2- هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر العامري ثم الجعفري ، كان شاعراً من فحول الشعراء ، و فدعلی رسول الله و أسلم . انظر أسد الغابة : 4 / 260 ، وغیره
3- النفل - بالتحريك - : الغنيمة والهبة . ( لسان العرب : 11 / 670 ، وذکر البیت )
4- قال الشريف المرتضى في أماليه : 1 / 21 : وممن قيل انه كان على مذاهب أهل الجبر ومن المشهورين أيضاً لبيد بن ربيعة العامری ، واستدل بقوله : ان تقوی ربنا .... من هداه سبل الخير اهتدى ***ناعم البال ومن شاء أضل . وان كان لا طريق الى نسب الجبرالی مذهب لبيدالا هذان البينان ، فليس فيهما دلالة على ذاك ، أما قوله « وباذن الله ریثی و عجل » فيحتمل أن يريد : بعلمه .... و فيه : ریثی وعجل . وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد : 2 / 192 ، وفيه « ريث وعجل »
5- وهذا صدر معلقته المشهورة ، وعجزه : بمنى تأبد غولها فرجامها
6- عنه البحار : 92 / 131

فصل

قالوا : ومن خالفنا في[ هذا ] الباب يقول : إن الطريق إلى النبوة ليس إلا المعجز وزعموا أن المعجز يلتبس بالحيلة ، والشعوذة ، وخفّة اليد ، فلا يكون طريقاً إلى النبوة ، فقوله باطل ، لأن هذا إنّما كان يجب لو لم يكن هنا طريق إلى الفصل بين المعجز و الحيلة ، وههنا وجوه من الفصل بينه و بينها :

منها : أن المعجز لايدخل جنسه تحت مقدور العباد ، كقلب العصاحيّة ، وإحياء الموتی ، وغير ذلك .

ومنها : أن المعجز لا يحتاج إلى التعليم ، بخلاف الحيلة ، فانّها تحتاج إلى الآلات .

ومنها : أن المعجز يكون ناقضاً للعادة ، بخلاف الحيلة ، فانّها لاتكون ناقضة العادة (1) .

ومنها : أن المعجز لايحتاج إلى الآلات بخلاف الحيلة فانّها تحتاج إلى الآلات .

ومنها : أن المعجز إنّما يظهر عند من يكون من أهل ذلك الباب ، ويروج عليهم ، والحيلة إنّما تظهر عند العوام ، والذين لا يكونون من أهل ذلك الباب ، ويروج على الجهّال (2) . (3)

ص: 995


1- « فانه يحتاج فيها الى التعليم » خ ل ، والبحار
2- زاد في خ ل « كل هذه الوجوه من الفرق معنوية ليست أمرية »
3- عنه البحار : 92 / 133

فصل

و من قال من مخالفينا : إن محمدا(صلی الله علیه وآله وسلم)لم يكن نبيّا لأنه لم يكن معه معجز ،فالكلام عليه أن نقول : إنا نعلم ضرورة أنّه ادعى النبوة ، كما نعلم أنّه ظهر بمكّة وهاجر إلى المدينة ، و تحدى العرب بالقرآن ، وادعي مزيّة القرآن على كلامهم

- وهذا يكون تحدياً من جهة المعني - وعلموا أن شأنه يبطل بمعارضته .

فلم يأتوا بها لضعفهم ، و عجزهم (1) لانتقاض العادة بالقرآن ، فأوجب انتقاض العادة كونه معجزاً دالا على نبوته .فان قيل : إنّما لم يعارضوه لكونهم أعناماً (2) جهّالا ، لا لعجزهم(3) .

قلنا : المعارضة (4) كانت مسلوكة فيما بينهم ، فامرىء القيس عارض علقمة بن عبدة الطبيب (5) ونافضه ، وطريقة المعارضة لا تخفى على الصبيان ، فكيف على دهاة

ص: 996


1- « وعجزهم كان » البحار
2- قال ابن زكريا في معجم مقاييس للغة : 4 / 224 : العين ، والتاء ، و الميم أصل صحيح يدل على ابطاء في الشيء أو كف عنه .وفي البحار « غبايا »
3- « لا يعجزهم » م . واستظهر ما في المتن
4- « المعارضات » خ ل ، والبحار
5- كذا فی م ، ه- ، والبحار وفيه « عبدة بن الطبيب » .والظاهر أنها هكذا : فامرىء القيس عارضه علقمة بن عبدة ، وعبدة بن الطبيب . فكلا الشاعرين علقمة ، وعبدة من فحول الشعراء ، كما عدهم اليعقوبي في تاريخه : 1 / 263 و 264 ، و لكن هذا لا يعني أن امریء القيس عارض قصائدهم ، بل ان العكس هو الوارد و الصحيح ، فقد أورد المبرد في الكامل : 2 / 146 « باب سؤال عبدالملك بن مروان : أي المناديل أفضل ؟ » أبيات لعبدة بن الطبيب هی : لما نزلنا نصبنا ظل أخبية*** وفار للقوم باللحم المراجيل ورد و أشقر مایؤنيه طابخه*** ما غير الغلی و منه فهو مأكول تمت قمنا الى جرد مسومة*** أعرافهُن لايدينا مناديل وقال بعد ذلك : وانما أخذ ما فی هذه الابیات من بیت امریء القیس ، فانه جمع ما فی هذه الابیات فی بیت واحد ، مع فضل التقدم : تمش بأعراف الجیاد أکفنا*** اذا نحن قمنا عن شواء مضهب و أورد الشریف المرتضی فی أمالیه : 1 / 114 أبیات لعبدة بن الطبیب ، منها : فما کان قیس هلکه هلك واحد*** و لکنه بقیان قوم تهدما قال التبریزی فی « المعلقات بشرح التبریزی » بعد شرحه لهذا البیت ، و هذا یشبه قول امریء القیس : فلو أنها نفس تموت سویة*** و لکنها نفس تساقط أنفسا . ومما تجدر الاشارة الیه أن ابن عبد ربه قال فی العقد الفرید : 7 / 96 : قال أبو عمرو بن العلاء : أعلم الناس بالنساء عبدة بن الطیب ، وأورد أبیاتاً من الشعر ثم قال بعدها : وهذه الابیات لعلقمة بن عبدة المعروف بالفحل

العرب مع ذكائها ! .

فان قيل : أخطأوا طريق المعارضة - كما أخطأوا في عبادة الأصنام - أو لأن القرآن يشتمل على الأخبار بالماضيات (1) و [ هم ] لم يكونوا من أهلها .

قلنا : في الأول فيرق بينهما ، لأن عبادة الأصنام طريقها الدلالة و النظر وما كان طريقه الدلالة والنظر ، يجوز فيه الخطأ ، بخلاف المعارضة ، لأن التحدي وقع بها ، وهي ضرورية (2) لا يجوز فيها الخطأ ، إذ ليست من النظريات .

وأما الثاني : فقد سألهم ذلك(3) فوجب أن يأتوا بمثله ، ويعارضوه ، على أنّهم طلبوا ذلك(4) و جاءوا بأشياء وحاولوا أن يجعلوها معارضة للقرآن.

ص: 997


1- « على الأقاصيص » خ ل ، والبحار
2- « بخلاف مسألتنا لان طريقة التحدي هي الضرورة » د ، ق ،والبحار
3- « وأما الثاني : ففي القرآن ما ليس من الأقاصيص » خ ل ، والبحار
4- « طلبوا أخبار رستم و اسفندیار » خ ل ، والبحار

واليهود والنصارى كانوا أهل الأقاصيص ، و كان من الواجب أن يعرفوها منهم

وفعلوها (1) معارضة ، وحاولوا ذلك ، فعجزوا عنه . (2)

فصل

فان قيل : لا يجوز أن يكون القرآن معجزاً دالا على نبوته من حيث أنّه ناقض العادة ، فلا يمتنع أن يكون العرب أفصح الناس ، وفيهم (3) جماعة أفصح العرب وفي تلك الجماعة واحد هو أفصح منهم ، فاذا أتي بكلام لا يمكنهم أن يأتوا بمثله لا يدل على نبوته !

قلنا : هذا لا يصح ، لأنّه لا يجوز أن يبلغ کلام ذلك الواحد في الفصاحة إلى حد لا يمكنهم أن يأتوا بمثله ، ولا بما يقاربه .

فاذا أتى بكلام مختص بالفصاحة لايمكنهم أن يأتوا بمثله ، ولا بما يقاربه ، يوجب أن يكون معجزاً .

فمثالهم : لا يصح ، ولو اتّفق ، لكان دليلا على صدقه .

فان قيل : لو كان القرآن معجزاً لكان نبيّاً مبعوثاً إلى العرب والعجم ، و كان يجب أن يعلم سائر الناس إعجازً القرآن من حيث الفصاحة ، والعجم لا يمكنهم ذلك ؟

قلنا : هذا لا يصح لأن الفصاحة ليست مقصورة على بعض اللغات ، والعجم يمكنهم أن يعرفوا ذلك على سبيل الجملة ، إذ أمكن أن يعرفوا (4) بالأخبار المتواترة أن محمداً (صلی الله علیه وآله وسلم)كان ظهر عليه القرآن ، و تحدي به العرب ، وعجزوا أن يأتوا بمثله فيجب أن يكون القرآن معجزاً دالاً على نبوته .

ص: 998


1- « جعلوها » د ، ق
2- عنه البحار : 92 / 134
3- « ومنهم » البحار
4- « یعلموا » د ، ق ، والبحار . قال أبو هلال في الفروق اللغوية : 62 : المعرفة أخص من العلم لانها علم بعين الشيء مفصلا عما سواه ...

والعرب يعرفون ذلك على التفصيل لأن القرآن الكريم نزل بلغتهم ، والعلم به على سبيل الجملة في هذا الباب كاف (1) .

وإنّما قلنا : إنّه معجز من حيث أنّه ناقض العادة ، لأن العادة لم تجر أن يتعلّم واحد الفصاحة ، ثم يبرز عليهم بحيث لم يمكنهم أن يأتوا بما يقاربه ، فإذا أتى به كذلك ، كان معجزة . (2)

باب في أن اعجازه بالفصاحة والنظم معاً

قالوا : [ إن ] الذي يدل على أن التحدي كان بالفصاحة والنظم معاً : إنّا رأينا النبي أرسل التحدي إرسالا ، و أطلقه إطلاقاً ، من غير تخصيص يحصره أو استثناء يقصره ، فقال مخبراً عن ربّه تعالی : «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا » (3)

وقال تعالى : «وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ»(4) .

فترك القوم استفهامه عن مراده بالتحدي : هل أراد مثله في الفصاحة دون النظم أو في النظم وحده ، أو فيهما معاً (5) أو في غيرهما ؟ فعل من سبق الفهم إلى قلبه و زال الريب عنه .

لأنّهم لو ارتابوا و شکّوا لاستفهموا(6) و لم يجر ذلك على هذا إلا و التحدي

ص: 999


1- « خلاصة الجواب : أنه لا يلزم في المعجز ظهور اعجازه لكل أحد ، با لعلم بطريقه ، بل للبعض بذلك ، و للاخرين بالنقل » خ ل
2- عنه البحار : 92 / 1346
3- سورة الاسراء : 88
4- سورة البقرة : 23
5- « جميعاً » م ، د ، ق
6- « لسألوه و لوشكوا لاستفهموه»ه ، د ، ق ،والبحار

واقع عندهم ، و معروف بينهم (1).

و قد علمنا أن عادتهم جارية في التحدي باعتبار الفن الذي يقع فيه التحدي وتفاوته في الفصاحة (2) ولهذا لا يتحدى الشاعر الخطيب الذي لا يتمكّن من الشعر بالشعر ، ولا الخطيب الشاعر (3) .

و إنّما يتحدى كل بنضيره و لا يقنع (4) المعارض حتى يأتي بمثل عروض صاحبه ، كمناقضة جرير للفرزدق ، وجرير للاخطل (5) .

و إذا كانت هذه عادتهم جرى الحكم (6) في التحدي عليها .

فصل

فإن قيل : عادة العرب وإن جرت في التحدي بما ذكرتموه ، فلا يمتنع (7) صحّة التحدي بالفصاحة دون طريقة النظم ، لاسيّما والفصاحة هي التي يصح فيها التفاضل وإذا لم يمتنع ذلك فما (8) أنكرتم أن يكون تحد اهم بالفصاحة دون النظم ، و أفهمهم قصده ، فلهذا لم يستعملوه (9) .

قلنا : ليس بممتنع أن يقع التحدي بالفصاحة دون النظم (...) (10) وإنّما

ص: 1000


1- « و اقع بحسب عهدهم وعادتهم » ه- ، ط ،والبحار
2- « باعتبار طريقة النظم مع الفصاحة » ه- ، د ، ق والبحار. « واقع بحسب عادتهم و عندهم » د ، ق
3- زاد فی ط « الذي لا يتمكن من الخطبة »
4- « كل نضيره » ه- . انسان صاحبه با لفن ، م
5- ولكل واحد من هؤلاء باع طويل في الشعر ، وقد جرت بينهما - كل مع صاحبه - وقائع وأحداث طريفة وممتعة تناولتها أكثر كتب الأدب و التاريخ
6- « فانما اختلفوا » د ، ق ، والبحار
7- « يمنع » البحار
8- « مما » د ، ق . « فبما » البحار
9- « يستفهموه » د ، ق والبحار
10- فيم عبارة غير مقروءة ، وفي البحار « فمن أين عرفته » . لاحظ التعليقة الاتية

منعناه بالقرآن من حيث أطلق التحدي به (1) ، وعري عمّا(2) يخصّه بودجه دون وجه فحملناه على ما عهده القوم ، وألفوه في التحدي .

ولو كان (صلی الله علیه وآلبه وسلم)أفهمهم تخصيص التحدّي بقول مسموع ، لوجب أن ينقل إلينا الفظه ، ولانجد له نقلا ، ولو كان أخطرهم (3) إلى قصده (4)به خارج الكلام ، أو باشارة وغيرها لوجب اتّصاله بنا أيضاً ، لأن مايدعو إلى النقل للالفاظ ، يدعو إلى نقل مايتصل بها من مقاصد و مخارج ، سيّما فيما تمس الحاجة إليه .

ألا ترى أنّه لمّا نفي النبوة بعد نبوته بقوله (صلی الله علیه وآلبه وسلم) : « لا نبي بعدي » (5) أفهم مراده السامعين من هذا القول أنّه عنى به لانبي من بعدي ، لانبي من البشر كلهم ، وأراد(صلی الله علیه وآله وسلم) بالبعد عموم سائر الأوقات ، اتصل ذلك بها على حد اتصال اللفظ حتی شر کنا سامعيه في معرفة الغرض ، و كنا في العلم به كأحدهم ، وفي ارتفاع كل ذلك من النقل دليل على صحة قولنا .

فصل

على أن التحدي لو كان مقصوراً على الفصاحة دون النظم ، لوقعت المعارضة من القوم ببعض فصيح شعرهم ، أو بليغ كلامهم ، لأنّا نعلم حقّاً الفرق بين قصار السور، وفصيح كلام العرب .

وهذا يدل على التقارب (6) المزيل للاعجاز ، و العرب بهذا أعلم ، فكان يجب

ص: 1001


1- « قلنا : ليس بممتنع بان يقع التحذر من التحدي من التحدي الى التحدي به » د ، ق. وفي البحار « سمعناه » بدل « معناه »
2- «مما»د،ق
3- « اضطرهم » م ، و البحار
4- « كان أفهمهم » البحار
5- وهو حديث متواتر مشهور ، قاله صلی الله عليه وآله في حديث معروف بحديث« المنزلة » .وقد استفصينا معظم تخريجاته عند تحقيقنا كتاب « مائة منقبة » فراجع المنقبة 57
6- « التفاوت » خ ل

أن يعارضوه ، فاذ لم يفعلوا ، فلانّهم (1) فهموا من التحدي الفصاحة و طريقة النظم ولم يجتمعا لهم .

و اختصاص القرآن الكريم بنظم مخالف لسائر ضروب الكلام ، أوضح من أن نتكلّف الدلالة عليه ، فالدليل ينصب حيث نتطرق الشبهة ، فأمّا في مثل هذا فلا .

فصل

وقد قال السيّد : عندي (2) أن التحدي وقع بالاتيان بمثله في فصاحته وطريقته في النظم (3) ، ولم يكن بأحد الأمرين .

فلو وقعت المعارضة بشعر منظوم ، أو بر جز موزون ، أو بمنثور من الكلام ، ليس له طريقة القرآن في النظم والفصاحة ، لكانت (4) واقعة وقعها (5) .

فالصرفة على هذا إنّما كانت بأن سلب الله تعالى من البشر جميع العلوم (6) التي يتأتّى معها مثل فصاحة القرآن الكريم ، و طريقته في النظم .

ولهذا لا ينصب(7)في كلام العرب مايقارب القرآن في فصاحته ونظمه . (8)

ص: 1002


1- « علم أنهم » م
2- « عندنا »ه-
3- « بكلمه و فصاحته وطريقه في نظم النظم » د ، ق
4- « في النظم لم تكن » خ ل ، د ، ق ، والبحار
5- « موقعها » د ، ق
6- « يصيب » د ، ق . « بصاب » ط ، والبحار
7- «یصیب»د،ق.«یصاب»ط،والبحار.
8- عنه البحار : 92 / 137 . وقد أورد السيد الشريف المرتضی نحواً من هذا في المجموعة الثانية من رسائله كما أشرنا اليه ، و يبدو أن النص الذي أورده المصنف هنا هو من كتاب « الموضح عن وجه اعجاز القرآن » الذي ذكره أبو جعفر الطوسي ، والنجاشی ، و سمياه « کتاب الصرفة » وذكره أيضاً ابن شهر آشوب

باب في أن أعجاز القرآن : المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة

اشارة

قالوا : لمّا وجدنا الكلام منظوماً موزوناً ، و منثوراً [ غير موزون ] و المنظوم (1)هو الشعر ، وأكثر الناس لا يقدرون عليه ، فجعل الله تعالی معجز نبيّه النمط الذي يقدر عليه كل أحد ، ولا يتعذر نوعه على کلّهم ، و هو الذي ليس بموزون ، فتلزم حجّته للجميع .

و الذي يجب أن يعلم في العلم باعجاز النظم ، هو أن يعلم مباني (2) الكلام وأسباب الفصاحة في ألفاظها ، و كيفيّة ترتيبها ، وتباين ألفاظها ، و كيفيّة الفرق بين الفصيح والأفصح ، و البليغ و الأبلغ ، و يعلم (3) مقادير النظم و الأوزان ، ومابه يتبيّن المنظوم من المنثور ، و فواصل الكلام ، و مقاطعه ، ومباديه ، و أنواع مؤلّفه ومنظومه .

ثم ينظر فيما أتي به حتّى يعلم أنّه من أي نوع هو ؟ و كيف فضّل على ما فضّل عليه من أنواع الكلام ، حتى يعلم أنّه نظم (4) مباین لسائر المنظوم ، و نمط خارج عن جملة ما كانوا اعتادوه فيما بينهم من أنواع الخطب ، و الرسائل ، و الشعر و المنظوم ، و المنثور (5) و الرجز ، و المخمّس ، و المزدوج ، و العريض (6) والقصير .

ص: 1003


1- « الموزون » م
2- « بیان » خ ل
3- « يعرفه » خ ل ، ه-
4- « من نظم » البحا -
5- من البحار ، و في النسخ « من »
6- « و القر يض » م

فاذا تأمّلت ذلك ، وتدبّرت مقاطعه و فاتحه ، وسهولة ألفاظه ، و استجماع معانيه وأن كل لفظة منها لو غيّرت لم يمكن أن يؤتي بدلها بلفظة هي أوفق (1) من تلك اللفظة وأدل على المعنى منها ، وأجمع الفوائد و الزوائد منها .

وإذا كان كذلك فعند تأمّل جميع ذلك يتحقّق ما فيه من النظم اللائق (2) و المعاني الصحيحة التي لا يكاد يوجد مثلها على نظم تلك العبارة ، وإن اجتهد البليغ والخطيب .

فصل في خواص نظم القرآن

(3)

أولها : خروج نظمه عن صور جميع (4) أسباب المنظومات ، ولولا نزول القرآن لم يقع في خلد (5) فصيح سواه (6) ولذلك قال عتبة بن ربيعة لمّا اختاره (7) [ قریش للمصير إلى النبي قرأ (صلی الله علیه وآله وسلم)عليه حم السجدة فلمّا انصرف قال :

سمعت أنواع كلام العرب ، فما أشبهه شيء منها ، إنّه أورد علي ما أراعني ! (8)

و نحوه ما حكي الله عن الجن « إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا یهدی الی الرشد»(9)من قل أوحي .

فلمّا عدم وجود شبه القرآن من أنواع المنظوم ، انقطعت أطماعهم عن معارضته

ص: 1004


1- « أو في » د ،ق
2- « الاليق » خ ل . « المباین » ه- . « الباین » د ، ق
3- « خروج » خ ل
4- « عن سائر» ه- ، ط
5- الخلد - با لفتح : البال والقلب
6- « سواها » خ ل ، د ، ق
7- من هنا الى ص 1013 ليس في « م » راجع بياننا في ص 966
8- أورد الرواية ابن هشام في السيرة النبوية : 1 / 313 - 314 بالتفصيل
9- سورة الجن : 1

و الخاصة الثانية : هي (1) الروعة التي له في قلوب السامعين ، فمن كان مؤمناً يجد هشاشة (2) إليه ، وانجذاباً نحوه .

وحكي أن نصرانیّاً مر برجل يقرأ القرآن ، فبكى ، فقيل له(3) : ما أبكاك؟

قال : النظم .

والثالثة : إنّه لم يزل نظماً (4) طريّا ، لا يمل ، ولا يمل (5) والكتب المتقدمة عارية عن رتبة(6) النظم ، و أهل الكتاب لا یدعون ذلك لها .

والرابعة : إنّه في صورة كلام هو خطاب لرسوله تارة ، ولخلقه أخرى .

والخامسة : ما يوجد من جمعه (7))فان له صفتي الجزالة و العذوبة ، و هما کالمتضادین .

والسادسة : ماوقع في أجزائه من امتزاج بعض أنواع الكلام ببعض ، و عادة ناظمي (8) البشر تقسیم معاني الكلام .

والسابعة : إن كل فضيلة تنعش في (9) تأسيس اللغة في اللسان العربي هي موجودة في القرآن .

والثامنة : وجود (10) التفاضل بين بعض أجزائه من السور وبين بعض والصورة (11) الحسنة تظهر بين المختلفات كما (12) في التوراة كلمات عشر تشتمل على

ص: 1005


1- « في » البحار
2- الهشاشة : الاقبال على الشيء بنشاط . وفي البحار « شوقاً »
3- « فقال » ط
4- « رضاً » ط . «غضاً » د ، ق ، والبحار
5- « لا يخلق ، ولا يمل تاليه » البحار
6- « من زينة » د ، ق
7- زاد في البحار بين [ ] : بين الأضداد
8- « ناطقی » البحار
9- « تنفس » من ه- . « بنفس من » خ ط ، د ، ق
10- « عدم وجود » البحار
11- « و السورة » ه-
12- « من السور کما » البحار

الوصايا يستحلفون بها لجلالة قدرها ، و كذا في الانجيل أربع صحف ، و كذا في الزبور تحاميد و تسابيح (1) يقرأونها في صلواتهم .

والتاسعة : وجود ما يحتاج العباد إلى علمه (2) من أصول دينهم وفروعه ، من التنبيه على طرق العقليّات ، وإقامة الحجج (3) على الملاحدة ، والبراهمة (4)والثنوية (5)والمنكرة للبعث ، والقائلين بالطبائع ، بأوجز كلام و أبلغه ، ففيه من أنواع الاعراب والعربية والحقيقة و المجاز حتّى الطب في قوله : « كلوا واشربوا ولا تسرفوا » (6) فهذا أصل الطب ، والمحكم و المتشابه و الناسخ والمنسوخ ، وهو مهيمن على جميع الكتب المتقدمة .

والعاشرة : وجود قوة النظم في أجزائه كلّها حتّى لا يظهر في شيء من ذلك تفاوت ولا اختلاف ، و له خواص سواها كثيرة .

ص: 1006


1- « في الانجيل محاميد ومسابيح » البحار
2- « عمله » ه-
3- « الحجة » ط
4- البراهمة : تقدم بيانها في ص 17
5- « الحشوية » ه- . والتنوية : من يثبت مع القديم قديماً غيره . وقيل : هم طائفة يقولون : ان كل مخلوق مخلوق للخلق الأول . وقيل : هم فرق المجوس يثبتون مبدأين : مبدأ الخير ، ومبدأ للشر ، وهما النور والظلمة ، و يقولون بنبوة ابراهيم عليه السلام . ( مجمع البحرين / ثوا ) واما الحشوية : فانهم سموا بذلك لانهم يحشون الاحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله صلی الله علیه و آله ، أي يدخلونها فيها وليست منها ، و جميع الحشوية يقولون بالجبر والتشبيه ، وأن الله تعالی موصوف عندهم با لنفس واليد والسمع والبصر ...( راجع كتاب المقالات و الفرق لمسعد بن عبد الله الاشعری : 136)
6- سورة الأعراف : 31

فصل

فان قيل : فهلا كانت ألفاظ القرآن بكليّتها مؤلّفة من مثل الألفاظ الوجيزة (1)الّتي إذا وقعت في الكلام زادته حسناً ، ليكون كلام الله على النظم الأحسن الأفضل إذ كان لا يعجزه شيء عن بلوغ الغاية ، كما يعجز الخلق عن ذلك ؟

الجواب : قلنا : إن هذا يعود إلى أنّه كيف لم ترتفع أسباب التفاضل بين الأشياء حتّى تكون كلّها كشيء واحد متشابه الأجزاء و الأبعاض ؟ و كيف فضّل بعض الملائكة على بعض ؟ ومتى كان كذلك ، لم يوجد اختلاف بين الأشياء ، يعرف به الشيء وضده .

على أنّه لو كان كلام الله كما ذكر ، لخرج في صورة المعمّی (2) الّذي لايوجد له لذة البسط والشرح ، و لو كان مبسوطاً لم تبق (3) فضيلة الراسخين في العلم على من سواهم .

ثم أنّه تعالی حکم علم أن (4) إلطاف المبعوث إليهم إنّما هو في النمط الّذي أنزله فلو كان على تركيب آخر ، لم يكن لطفأ لهم .

فصل

ثم لنذكر وجهاً آخر للصرفة ، وهو (5)أن الأمر لو كان بخلافه ، و كان تعذر المعارضة المبتغاة و العدول عنها لعلمهم بفضله على سائر كلامهم في الفصاحة ، وتجاوزه له في الجزالة ، لوجب أن يقع منهم معارضة على كل حال .

ص: 1007


1- « قبل الالفاط الموجزة » البحار
2- المعمي من الكلام : ماعمى معناه و خفی
3- « تبين » البحار
4- « عليم بأن » البحار
5- « باب في ان التعجيز الاقوى أن التعجيز هو وجه اعجاز اللسان يدل على أن الله صرف فصحاء العرب عن معارضة القرآن وحان بينهم وبين تعاطی مقا بلته » د ، ق

لأن العرب الذين خوطبوا بالتحدي والتقريع ، ووجّهوا بالتعنيف والتبكيت (1) كانوا متی (2) أضافوا فصاحة القرآن إلى فصاحتهم ، وقاسوا بكلامهم كلامه ، علموا أن المزيّة بينهما إنّما تظهر لهم دون غيرهم .

فمن نقص عن طريقتهم (3) ، ونزل عن درجتهم ، دون الناس أجمعين ، ممّن لایعرف الفصاحة ، ولايانس بالعربيّة ، و كان ما عليه دون المعرفة لفصيح الكلام من أهل زماننا ممّن (4)خفي الفرق عليهم بین مواضع من القرآن وبين فقرات العرب البديعة ، و كلمهم الغريبة (5).

فأي شيء أقعد بهم عن أن يعتمدوا إلى بعض أشعارهم الفصيحة ، و ألفاظهم المنثورة ، فيقابلوه ، و يدعوا أنّه مماثل لفصاحته أو أزيد عليها ؟ لاسيّما و خصمنا في (6) هذه الطريقة يدعي أن التحدي وقع بالفصاحة دون النظم و غيره من المعاني المدعاة في هذا الموضع .

فسواء حصلت المعارضة بمنظوم الكلام أو بمنثوره ، فمن هذا الّذي كان يكون الحكم في هذه الدعوى ؟ وفي جماعة الفصحاء أو جمهورهم كانوا أعداء (7) رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) و من أهل الخلاف عليه ، و الرد لدعوته ،والصدود عن محجّته (8) لاسيّما في بدو الأمر وأوله ، وقبل استقرار الحجة ، وظهور الدعوة ، و كثرة عدد الموافقين و تظافر الأنصار والمهاجرين .

و لا يعمل إلا على أن هذه الدعوى لو حصلت لردها بالتكذيب من كان في حرب النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)من الفصحاء . لكن كان اللبس يحصل والشبهة تقع لكل من لم يساو هؤلاء في المعرفة من المستجيبين للدعوة والمنحرفين عنها من العرب .

ثم الطوائف النّاس جميعاً - كالفرس والروم والترك وممّن ماثلهم ممّن لاحظ له في العربيّة - عند تقابل الدعاوي في وقوع المعارضة موقعها ، و تعارض الأقوال في

ص: 1008


1- بكته : عنفه و قرعه
2- « اذا » البحار
3- « ممن نقص عن طبقتهم » البحار
4- « من » د ، ق
5- العربية سابقاً عندهم ومنقرراً في نفوسهم » د، ق
6- « أكثر من يذهب الی » البحار
7- « حرب » البحار
8- المحجة : جادة الطريق ، أي وسطه

الاصابة بها مكانها ، ماتتأكّد الشبهة ، وتعظم المحنة ، و يرتفع الطريق إلى إصابة الحق

لأن الناظر إذا رأى جل" أصحاب الفصاحة و أكثرهم يدعي وقوع المعارضة والمكافاة والمماثلة ، وقوما منهم كلّهم ينكر ذلك و يدفعه ، كان أحسن حاله أن يشك في القولين ، ويجوز في كل واحد منهما الصدق و الكذب .

فأي شيء يبقى من المعجز بعد هذا ؟ والاعجاز لا يتم إلا بالقطع على تعذر المعارضة على القوم ، وقصورهم عن المعارضة والمقاربة ، والتعذر لايحصل (1) إلا بعد حصول العلم بأن المعارضة لم تقع ، مع توفّر الدواعی و قوة الأسباب ، فكانت

حينئذ لاتقع الاستجابة من عاقل ، ولا المؤازرة من متديّن .

فصل

و ليس يحجز العرب عمّا ذكرناه ورع و لاحياء ، لأنّا وجدناهم لم يراعوهما و لم يرعووا عن السب والهجاء ، ولم يستحيوا من القذف والافتراء ، وليس في ذلك ما يكون حجّة ولا شبهة ، بل هو كاشف عن شدة عداوتهم ، وأن الحيرة قد بلغت بهم إلى استحسان القبيح الذي كانت نفوسهم تأباه ، وأخرجهم ضيق الخناق إلى أن أحضر أحدهم أخبار رستم و اسفندیار ، وجعل يقص بها ويوهم الناس أنّه قد عارض، وأن المطلوب بالتحدي هو القصص والأخبار و ليس يبلغ بهم الأمر إلى هذا ، وهم متمكنون ممّا يرفع الشبهة ، فيعدلوا عنه مختارين .

وأخلاقهم وإن وقرت ، فان الحال التي دفعوا إليها ، حال تصغّر الكبير، ومن أشرف على الهوان بعد العزة جف علمه ، وغرب غلوه ، وأقدم على ما لم يكن يقدم عليه .

وليس يمكن لأحد أن يدعي أن ذلك ممّا لم يهتد إليه العرب ، وأنّه لو اتّفق خطوره ببالهم لفعلوه ، غير أنّه لم يتّفق، لأنّهم كانوا من الفطنة واللبابة على ما لا يخفى عليهم معه أنفذ الكيدين فضلا عن أن يدفعوا عن الحيلة و هي بادئة هذا مع صدق الحاجة وفوتها ، والحاجة تفتق الحيل (2) .

وهب لم يفطنوا لذلك بالبديهة ، كيف لم يقموا عليه مع التغلغل (3) ؟ و كيف لم يتّفق

ص: 1009


1- « لا يعلم » د ،ق
2- « الجبل » البحار
3- « التفكر » البحار

لهم [ ذلك ](1) مع فرط الذكاء وجودة الذهن ؟

وهذا من قبيح الغفلة الّتي ينزه القوم عنها ، ووصفهم الله بخلافها .

وليس يورد مثل هذا الاعتراض من موافق في إعجاز القرآن ، وإنّما يصير إليه من خالفنا في الملّة ، أو أبهرته (2) الحجّة ، فيرمي العرب بالبله والغفلة ، فيقول : لعلّهم لم يعلموا أن المعارضة أنجع (3) وأنفع ، وطريق الحجّة أصوب وأقرب ، لأنّهم لم يكونوا أصحاب نظر وفكر ، وإنّما كانت الفصاحة صنعتهم ، فعدلوا إلى الحرب .

وهذا الاعتراض إذا ورد علينا كانت كلمة جماعتنا واحدة في رده ، وقلنا في جوابه :

إن العرب إن لم يكونوا نظّارین ، فلم يكونوا غفلة مجانين ، وته العقول (4) أن مساواة (5) التحدي في فعله ومعارضته بمثله ، أبلغ في الاحتجاج عليه من كل فعل ، ولا يجوز أن يذهب العرب الألبّاء عمّا لايذهب عنه العامّة والاغبياء .

والحرب غير مانعة عن المعارضة ، وقد كانوا يستعملون في حروبهم من الارتجاز مالو جعلوا مكانه معارضة القرآن كان أنفع لهم . وهذا كان في جواب من جعل ذلك کفهم عن المعارضة .

باب في مطاعن المخالفين في القرآن

قالوا : إن في القرآن تفاوتاً كقوله : «لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ » (6) ففي هذا تكرير بغیر فائدة فيه لأن قوله « قوم من قوم » يغني عن قوله « نساء من نساء » فالنساء يدخلن في قوم ، يقال : « هؤلاء قوم فلان » الرجال وللنساء من عشيرته ؟

الجواب : إن « قوم » لا يقع في حقيقة اللغة إلا على الرجال ، ولا يقال

ص: 1010


1- من البحار
2- « وأبهر ته » البحار
3- أنجع : أفلح
4- و تها ، تهوا أي غفل
5- « مسالة » البحار
6- سورة الحجرات : 11

للنساء التي ليس فيهن رجل : هؤلاء قوم فلان . وإنّما سمّي الرجال قوماً ، لأنّهم هم القائمون بالامور عند الشدائد - الواحد قائم - كتاجر و تجره ، ومسافر و سفره ،و نائم و نومه و زائر و زوره ، و يدل عليه قول زهير :

وما أدري وسوف إخال (1) أدري*** أقوم آل حصن أم نساء

وقالوا في قوله تعالى :«الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي»(2) تفاوت كيف تكون العيون في غطاء عن ذكر ؟ وإنّما تكون الأسماع في غطاء عنه .

الجواب : إن الله أراد بذلك عيون (3) القلوب ، يدل عليه قول النّاس : عمي قلب فلان . وفلان أعمى القلب ، إذا لم يفهم .

وقال تعالى : «وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» (4) وبصر القلوب أو (5)عماها هو المؤثّر في باب الدین المانع من الاهتداء ، فجاز أن يقال للقلب أعمى وإن كان العمى في العين .

ومثله قوله : «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ » (6) والأكنّة : الأغطية .

فصل

ويسألوا عن قوله: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا» (7) قالوا : لا يقال : فلان يجعل لفلان حبّاً ، إذا أحبّه ؟

الجواب : إن الله إنّما أراد سيجعل لهم الرحمن ودا في قلوب المؤمنين ، والمعنى إنّي : حبّبتهم إلى القلوب .

و قالوا في قوله : «أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ » (8) ما الكتاب من علم الغيب ،و كانت قريش أمّيّين ، فكيف جعلهم يكتبون ؟

ص: 1011


1- خال الشيء : ظنه ، ومضارعه للمتكلم المفرد : اخال
2- سورة الكهف:101
3- « عميان » البحار
4- سورة الحج : 46
5- سورة الأنعام : 25
6- « و قصدا لقلوب لان »البحار
7- سورة مريم : 96
8- سورة الطور : 41 ، وسورة القلم : 47

الجواب : إن معنى الكتابة هنا : الحكم . يريد : أعندهم علم الغيب ، فهم يحكمون

فيقولون : سنقهرك ونطردك ، وتكون العاقبة لنا ، لا لك . ومثله قول الجعدي (1) :

ومال الولاء بالبلاء فملتم*** وما ذاك حكم الله إذ هو يكتب (2)

أي يحكم (3) . ومثله « و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس » (4) .

ومثله قوله(صلی الله علیه وآله وسلم) للمحاكمين إليه : « والّذي نفسي بيده لأقضين فيكما بكتاب الله » أي بحكم الله لأنّه أراد الرجم والتعذيب ، وليس ذلك في [ ظاهر ] (5) كتاب الله .

فصل

وقالوا : في قوله :«وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ***كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ***الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ » (6) كيف يليق أحد الكلامين ولفظ « کما » يأتي لتشبيه شيء بشيء تقدم ذكر هو لم يتقدم في أول الكلام ما يشبّه به ما تأخّر عنه .

كذلك قالوا في قوله : « لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ***كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ »(7) ما الّذي يشبه (8) بالكلام الأول من إخراج الله إيّاه .

وقالوا في قوله : «وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ***«كَمَا أَرْسَلْنَا». (9)

الجواب : إن القرآن نزل على لسان العرب ، وفيه حذف و إيماء ، و وحی وإشارة فقوله : « أنا النذير المبين » فيه حذف كأنّه قال : أنا النذير المبين عذاباً ، مثلما أنزل على المقتسمين ، فحذف العذاب إذ كان الانذار يدل عليه كقوله في موضع :

ص: 1012


1- هو أبو ليلى نابغة بني جمدة
2- ومثله قوله الآخر على ما استشهد به الجوهري في الصحاح : 208 : يا ابنة عمي كتاب الله أخرجني*** عنكم وهل أمنعن الله ما فعلا
3- زاد في البحار « بیده »
4- سورة المائدة : 45
5- من البحار
6- سورة الحجر : 89 - 91
7- سورة الانفال : 4 - 5
8- « ما ألقى » د ، ق
9- سورة البقرة : 150 - 151

«أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ »(1) .

ولو أراد مرید أن يمثل هذا بذاك ، لقال : أبا النذير المبين كما أنزل على عاد و ثمود .

ومثله من المحذوف کثیراً أمن أشعار العرب و كلامهم .

وأما قوله : « كما أخرجك ربّك من بيتك بالحق » فان المسلمين يوم بدر اختلفوا في الأنفال ، وجادل كثير منهم رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) فيما فعله في الأنفال ، فأنزل الله سبحانه : «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ-یجعلها لمن یشاء- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ -أی فرقوها بینکم علی السواء-وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ -فیما بعد- إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » (2) ووصف المؤمنین . ثم قال :

«كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ »(3) يريد أن كراهتهم في الغنائم ككراهتهم للخروج معك .

وأما قوله : « ولعلّكم تهتدون *** كما أرسلنا » فانّه أراد : ولاتم نعمتي کارسالي فيكم رسولا أنعمت به عليكم يبيّن لكم .

فصل

سألوا عن قوله :«وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ »(4) ولايقول أحد منهما ذلك .

الجواب : إنّه لمّا أحرق بخت نصّر بیت المقدس ، نفي(5) بني إسرائيل و سبی ذراريهم ، وخرق (6) التوراة حتّى لم يبق لهم رسم ، و كان في سبایاه « دانیال » فعبّر روباه (7) فنزل منه بأحسن المنازل .

فأقام عزير لهم التوراة بعينها ، حين عاد إلى الشام بعد فوتها .

ص: 1013


1- سورة فصلت : 13
2- سورة الأنفال : 1 ، 5
3- سورة الأنفال : 1 ، 5
4- سورة براءة : 30
5- « بغي على » البحار
6- « حرق » البحار . وخرق أي مزق
7- أورد المصنف خبر تعبير الرؤيا في قصص الانبياء : 225 ح 296 فراجع

فقالت طائفة من اليهود : هو ابن الله ، ولم يقل ذلك كل اليهود ، و هذا خصوص خرج مخرج العموم .

وسألوا عن قوله :«فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ » (1) قالوا : كيف جمع الله بينه و بین قوله :«لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ »(2) وهذا خلاف الأول ، لأنّه قال أهلا : نبذنا مطلقاً ، ثم قال : لولا أن تدار که لنبذ ، فجعله شرطاً ؟

الجواب : معنى ذلك : لولا أنّا رحمناه باجابة دعائه ، لنبذناه حين نبذناه بالعراء مذموماً ، وقد كان نبذه في حالته الأولى سقيماً يدل عليه قوله :«فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ »(3) لكن تدار که الله بنعمة من عنده ، فطرح بالفضاء وهو غير مذموم فاختاره الله ، و بعثه نبيّاً ،[ ولا تناقض بين الآيتين ، وإن كان في موضع نبذناه مطلقاً وهو سقيم ](4) ولم يكن في هذه الحالة بمليم .

[ وفي موضع آخر نبذ مشروطاً ، ومعناه : لولا أن رحمنا يونس (علیه السلام) لنبذناه ملوماً ] .(5) وإن كان لوم عتاب ، لا لوم عقاب ، لأنّه ترك الأولى . (6)

ص: 1014


1- سورة الصافات : 145
2- سورة القلم : 49
3- سورة القلم : 50
4- من البحار
5- من البحار
6- من البحار

[ فصل ]

وسألوا عن قوله : « وإذ قال إبراهيم لأبيه آرز »(1) واسمه في التوراة تارخ فيقال : لا ينكر أن يكون له اسمان ، فقد يكون للرجل اسمان و کنیتان ، هذا إدريس في التوراة أخنوخ ويعقوب إسرائيل ، وعيسى يدعى المسيح ، وقد قال نبيّنا : لي خمسة أسماء : أنا محمّد ، وأنا أحمد ، والماحي ، و العاقب ، و الحاشر . (2)

وقد يكون للرجل كنيتان كما كان له اسمان ، فان" حمزة يكنّي : أبا يعلى وأباعتبة (3) و صخر بن حرب - والد معاوية - يکنّی (4) باسفيان ، وأبا حنظلة .

وقيل : معنى آزر: یا ضعيف ، أو یا جاهل . ويقال : یا معاوني (5) و یا مصاحبي أويا شيخي . فعلى هذا يكون ذلك وصفاً له . وقال الأكثرون : إن آزر كان عم إبراهيم والعرب تجعل العم أباً .

و الصحيح أن آزرما كان أبا إبراهيم (6) .

[ فصل ]

و سألوا عن قوله :«وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا »-ثم قال : - «قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا »((7)) وهذا كلام متفاوت ، لأنّه أخبرنا بمدة لبثهم .

ثم قال : « الله أعلم بما لبثوا » وقد علمنا ذلك بما أعلمنا .

الجواب : إنّهم اختلفوا في مدة لبثهم ، كما اختلفوا في عدتهم ، فأعلمنا الله

ص: 1015


1- سورة الأنعام : 74
2- أخرجه في البحار : 16 / 115 ، عن کشف الغمة : 1 / 7 مفصلا
3- كذا فی د ، ق ، و البحار . وفي كتب التراجم والسيرة « أبا عمارة »
4- « أبا معاوية ، و » البحار
5- « أو قال : ياموازری » د ، ق
6- « والصحيح أن آزر كان أبا لام ابراهیم » البحار
7- سورة الكهف : 25 - 26

أنّهم لبثوا ثلاثمائة ، فقالوا : سنین وشهوراً وأيّاماً ؟ فأنزل الله سنين ] (1) .ثم قال : « ازدادوا تسعاً » وأنا أعلم بما لبثوا من المختلفين.

فصل

وسألوا عن قوله « يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء » (2) ولم يكن لمريم أخ يقال له هارون ! الجواب : [ إلم ] إنّه لم يرد بهذا أخوة النسب ، بل أراد

یا شبيهة هارون ، ومثل هارون (3) في الصلاح .

و كان في بني إسرائيل رجل صالح اسمه هارون ، وقد يقول الرجل لغيره : يا أخي ، و لايريد أخوة (4) النسب ، و يقال : هذا الشيء أخو هذا الشيء ، إذا كان

متشا کلا [ له ] (5) . وقال تعالى : «وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا»(6) .

فصل

وقالوا : كيف [ يكون ] هذا النظم بالوصف الذي ذكرتم في البلاغة والنهاية (7) و قد وجد التكرار من ألفاظه كقوله : «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ » ونحوه من تكرير القصص ؟

الجواب : إن التكرير على وجوه :

ص: 1016


1- من ص 1001 الى هنا ليس في « م »
2- سورة مريم : 28
3- « ما شبیه » م ، ه- . ما يشبه البحار . وفی نسخة من ط « أو یا مثل » بدل « ومثل »
4- « به أخوه » د
5- « له مشاکلا » ه- ، د . و تشاکلا : تماثلا و توافقا . وشا كله مشاكلة : ماثله و وافقه
6- سورة الزخرف : 48
7- « البلاغ عن النهاية » د

منها : ما يوجد في اللفظ دون المعنى (1) كقولهم : أطعني و لا تعصني .

ومنها : ما يوجد فيهما (2) معا كقولهم : عجّل عجّل ، أي سر آو علانية ، والله و الله ، أي في الماضي والمستقبل . وقد يقع كل ذلك لتأكيد المعنى والمبالغة فيه ويقع مرة لتزيين النظم وحسنه ، والحاجة إلى استعمال كليهما .

فالمستعمل للايجاز و الحذف ربّما عمي على السامع ، وإنّما ذم أهل البلاغة التكرار الواقع في الألفاظ إذا وجد فضلا من القول غير مفید فائدة في التأكيد لمعنى أو لتزيين لفظ و نظم . و إذا وجد كذلك كان هذراً و لغواً (3) .

و أمّا إذا أفاد فائدة في كل من النوعين كان من أفضل اللواحق للكلام المنظوم ولم يسم تكريراً على الدم ، وتكرير اللفظ لتزيين النظم أمر لا يدفعه عارف بالبلاغة وهو موجود في أشعارهم . (4)

ص: 1017


1- كذا في الأصل والبحار والعكس هو الصحيح
2- « منهما » م
3- كذا في البحار . « عناه » م . « عنادا » ه- . « عياء » ط
4- من أول الباب الى هنا عنه البحار : 92 / 121 -- 146

الباب التاسع عشر: في الفرق بين الحيل والمعجزات

اشارة

أمّا بعد حمد الله تعالى ، الّذي فرق لجميع المكلّفين بين الحق والباطل .

والصلاة على محمّد و آله الّذين أعادوا الدين کعود الحلي إلى العاطل (1) .فانّي أذكر ماین کشف به الفصل بين الحيل و المعجزات ، و يظهر به الشعوذة

و المخاريق ، و حقيقة الدلالات و العلامات لكل ذي رأي صائب ، و نظر ثاقب و الله الموفّق والمعين .

باب في ذكر الحيل وأسبابها وآلاتها و كيفية التوصل الى استعمالها ، وذكر وجه اعجاز المعجزات

إعلم أن الحيل هي أن يري صاحب الحيلة الأمر في الظاهر على وجه لا يكون عليه

ويخفي (2) وجه الحيلة فيه .

نحو عجل السامري الّذي جعل فيه خروقاً تدخل فيها الريح ، فيسمع منه صوت .

ومنها: مخرقة المشعبذ نحو أن يري الناظر ذلك في خفّة حركاته كأنّه ذبح حيواناً

ولايذبحه في الحقيقة ، ثم يري من بعد أنّه أحياه [ بعد الذبح ] .

ص: 1018


1- العاطل : المرأة التي ليس عليها حلى ، ولم تلبس الزينة ، وخلاجيدها من القلائد . لسان العرب : 11 / 453
2- « لا يلتبس على محصل » م

ويشبه هذا الجنس من الحيل (1) : السحر .

وليست معجزات الأنبياء والأوصياء من هذا الجنس ، لأن الّذي (2) يأتون به من المعجزات يكون على مايأتون به .والعقلاء يعلمون (3) أنّها كذلك ، لا يشكّون فيه وأنّه ليس فيها وجه حيلة نحو قلب العصاحيّة ، و إحياء الميّت ، و کلام الجماد و الحيوانات من البهائم و السباع والطيور على الاستمرار في أشياء مختلفة ، والاخبار عن الغيب ، والاتيان بخرق العادة ، ونحو القرآن في مثل بلاغته و الصرفة (4) و إن كان يعلم كونه معجزاً أكثر الناس

بالاستدلال .

و لهذا قال تعالى في قوم فرعون و ما رأوه من معجزات موسی - على نبيّنا و علیه السلام - :«وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا »(5) .

ص: 1019


1- « وهذا الجنس من الحيل هو » د ، ق
2- « القبيل ، بل ما ، د ، ط ، ھ ، ق ، والبحار
3- زاد فی ه- ، والبحار : « أكثرها باضطرار»
4- الصرفة : مذهب يقول : ان الاتيان بمثل القرآن أو بعضاً منه ممکن ، ولكن الله سبحانه يصرف الانسان عن معارضته والاتيان بمثله بالارادة الالهية الحاكمة على ارادة الانسان .فهم يقولون : «ان جهة اعجاز القرآن هي الصرفة لافرط فصاحته » وهو ما ذهب اليه السيد المرتضى حتى أنه ألف كتاباً في نصرة القول بالصرفة . وقال: « و اعتمادي في نصرتها على أن أحداً لا يفرق بالضرورة - من غير استدلال - بین مواضع من القرآن و بین افصح كلام العرب في الفصاحة » راجع رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية ص 323 - 327
5- سورة النمل : 14

فصل

فان قيل : ما أنكرتم أن يكون في الأدوية ماإذا مس به ميّت حيّي و عاش ، وإذا جعل في عصا و نحوها صارت حيّة ، وإذا سقي حيواناً تكلم ، وإذا شر به الانسان صار بليغاً ، بحيت يتمكّن من مثل بلاغة القرآن .

قلنا : ليس يخلو إمّا أن يكون للناس طريق إلى معرفة ذلك الدواء ، أو لا يكون لهم طريق إلى معرفته . فان كان لهم إليه طريق لزم أن يكون الظفر به ممكناً ، و كانوا

يعارضونه به فلا يكون معجزاً . وإن لم يمكن الظفر به ، لزم أن يكون الظفر به معجزاً،

لأنّه يعلم أنّه ماظفر به إلا بأن أطلعه الله تعالی علیه - وإن كان تعالى لا يطلع عليه أحداً ليس برسول - فعلم بذلك صدقه ، ثم يعلم من بعد - بخبره - أن ذلك (1) ليس من قبله- نحو القرآن - بل هو منه تعالى أنزله عليه .

و كذلك هذا في الدواء الذي جو زبه (2) السائل إحياء الموتى ، لا يخلو إمّا أن لا يمكن الظفر به أو يمكن . فعلى الأول ازم أن يكون الظفر به معجزاً للنبي أو الوصي ، لأنه يعلم أنّه ماظفر به إلا بأن أطلعه الله تعالى عليه ، فيعلم بذلك صدقة . وإن أمكن الظفر به- وهو الوجه الثاني - فالواجب أن يسهل الأحياء لكّل أحد ، والمعلوم خلافه .

و فصل

واعلم أن الحيل والسحر وخفّة اليد لها وجوه متی فتّش عنها المعني بذلك فانه يقف على تلك الوجوه ، و لهذا يصح فيها التتلمذ و التعلّم ، ولا يختص به واحد دون آخر

ص: 1020


1- « لا يطلع عليه أحداً ، وان اطلع سيكون عندذلك » خ ل
2- « يجوز فيه » ه-

مثاله أن المحتالين يأخذون البيض ، و يضعونه في الخل ونحوه ، و يتركونه يومين وثلاثة ، حتى يصير قشره الفوقاني ليّناً بحيث يمكن أن يطول ، فاذا صار طويلا بمده كذلك ، يطرح في قارورة ضيقة الرأس ، فاذا صار فيها يصب فيها الماء البارد وتحرك القارورة حتّى يصير البيض مدوراً كما كان ، و يذهب ذلك اللين من قشره الفوقاني بذلك بعد ساعات ، ويشتد بحيث ينكسر انكساره أو لا ، فيظن الغفلة أن المعجز مثله ، وهو حيلة .

و نحو ذلك ما ألقى سحرة فرعون من حبالهم وعصيّهم حتّی خیّل إلى الناظر إليها من سحرهم أنّها تسعى ، احتالوا في تحريك العصا والحبال لأنّهم جعلوا فيها من الزئبق ، فلمّا طلعت الشمس عليها ، تحركت بحرارة الشمس .

وغير ذلك من أنواع [ الحيل ، وأنواع ]التمويه والتلبيس ، وخيّل إلى الناس أنّها تتحرك كما تتحرك الحيّة ، وإنّما سحروا أعين الناس لأنّهم أروهم شيئاً لم يعرفوه (1)و دخل عليهم الشيعة في ذلك لبعده منهم ، فانّهم لم يتركوا الناس يدخلون بينهم .

وفي هذه دلالة على أن السحرلا حقيقة له ، لأنّها لوصارت حيّات حقيقة لم يقل الله تعالی : « سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ» (2) بل كان يقول سبحانه : « فلما ألقوا صارت حيّات » .

ثم قال تعالى : «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ » (3)

أي ألقاها فصارت ثعباناً فاذا هي تبتلع مايأفكون(4) فيه من الحبال والعصي ، وإنّما ظهر ذلك للسحرة على الفور ، لأنّهم لما رأوا تلك الايات والمعجزات في العصا علموا أنّه أمر سماوي لا يقدر عليه غير الله تعالی .

فمن تلك الأيات : قلب العصا حيّة .

ومنها أكلها حبالهم وعصيّهم مع كثرتها .

ص: 1021


1- « يعرفوا حقيقته و خفی ذلك علیهم » د ، ق ، ه ، والبحار
2- سورة الأعراف : 119-117
3- سورة الأعراف : 119-170
4- « يكذبون » د ، ق

ومنها فناء حيالهم وعصيّهم في بطنها إمّا بالتفرق أو الخسف، وإمّا بالفناء عند من جوزه.

ومنها عودها عصا كما كانت من غير زيادة ولانقصان .

و كل عاقل يعلم أن مثل هذه الأمور لاتدخل تحت مقدور البشر ، فاعترفوا كلّهم ، واعترف كثير من الناس معهم بالتوحيد ، و النبوة ، وصار إسلامهم محجة على فرعون و قومه .

فصل

وأمّا معجزات الأنبياء و الأوصياء(صلی الله علیه وآله وسلم) فان أعداء الدين يعتنون بالتفتيش عنها ، فلم يعثروا على وجه حيلة فيها .

و كذلك كل من سعى في كشف عوراتهم وتكذيبهم يفتّش عن دلالاتهم أهي شبهات أم لا ؟ فلم يوقف فيها على مكر وخديعة منهم (صلی الله علیه وآله وسلم)، ولا في شيء من ذلك .

ألا ترى أن سحرة فرعون كانت همّتهم أشد في تفتیش معجزة موسى - على نبيّنا وعليه السلام - فصاروا هم أعلم الناس بأن ما جاء به موسي اللا ليس بسحر، وهم

كانوا أحذق أهل الأرض بالسحر ، و آمنوا ، وقالوا لفرعون : «وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ » (1) .

فقتلهم فرعون ، وهم يقولون :« لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ» (2) .

وقيل : إن فرعون لم يصل إليهم وعصمهم الله تعالى منه .

ص: 1022


1- سورة الأعراف : 126
2- سورة الشعراء :50

فصل

وأمّا القمر المعروف ب- « المقنعي » (1) فانّه ليس بأمر خارق العادة ، وإنّما هو إخراج عين من العيون التي تنبع في الجبال في ذلك الموضع ، متى كانت الشمس في برج الثور أو الجوزاء سامنت (2) تلك العين و انعکس منها الشعاع إلى الجو ،

وهناك تكثر الأبخرة في الجو ، وتراكم وتتكاثف ، فير كد الشعاع الذي انعكس [من العين ] فيها ، فتراءی إلى الناس صورة قمر .ولهذا لمّا طمّت تلك العين فسد ما فعله المقنّع ، وقد عثر على ذلك ، واطلع عليه ، و كل من اطّلع على ذلك ، وراقب الوقت و أنفق المال وأتعب الفكر [ فيه أمكنه أن يطلع مثل ما أطلعه المقنّع ، إلا أن الناس يرغبون عن إنفاق المال وإتيان الفكر ] (3) فيما يجري هذا المجری ، سیّما و إن تم لهم ذلك نسبوه إلى الشعوذة .

وأمّا الطلسمات فان من الناس من يسمّي الحيل الباقية بها ، وذلك، مجاز و استعارة .

و إلا فالطلسمات التي ظاهرها و باطنها سواء ، و لايظهر منها وجه حيلة [ خافية ]

كما كان على منارة الاسكندريّة .(4)

ص: 1023


1- « المقفعی » م . « المقمعی » ه- . و كلاهما تصحيف . والمقنعي نسبة الى المقنع ، واسمه عطاء وقيل هاشم بن الحكم المروزي ، كان رجلا أعوراً قصيراً من أهل مرو ، عمل وجها من ذهب وركبه على وجهه لئلا يرى وجهه فسمى « المقنع » . ادعي الربوبية وأرى الناس فمرة ثانياً فی السماء ، قيل كان بریالی مسيرة شهرين . وقد تبعه خلق کثیر سموا « المقنعية » . ظهر سنة 161 وقتل سنة 163. راجع عبر الذهبی : 1 / 180 و ص 184 ، الکنی و الالقاب : 3 / 170 ، و معجم الفرق الاسلامية : 236وغيرها
2- بقال : سامته اذا قابله وو از اه وو اجهه
3- من البحار
4- راجع خبرها في معجم البلدان : 1 / 186

[ و کما روي أن الله تعالی بفضله أمر نبیّاً من الأنبیاء المتقدمین أن یأخذ طیراً من نحاس أو شبه (1) و يجعله على رأس منارة كانت في تلك الولاية، و لم يكن فيها شجر الزيتون ، و كان أهلها محتاجين إلى دهن الزيت للمأدوم وغيره ، فاذا كان عند إدراك الزيتون بالشامات خلق الله صوتاً في ذلك الطير فيذهب ذلك الصوت في الهواء فيجتمع إلى ذلك ألوف ألوف من أجناسه في منقار كل واحد زيتونة ، فيطرحها على ذلك الطير ، فيمتليء حوالي المنارة من الزيتون إلى رأسها ، و كان ذلك الطير غیر مجوف .

فلايدعي أنّها من الحيل التي يأخذها الناس لصندوق الساعة ونحوها .

ولايسمع لذلك الطير صوت إلا عند إدراك الزيتون في السنة ، و كان أهلوها ينتفعون به طول السنة بذلك ] (2).

ص: 1024


1- وهي ضرب من النحاس يلقي عليه دواء فيصفر . لسان العرب : 13 / 505
2- قال الفخر الرازي في تفسيره : 3 / 212 : « ومن هذا الباب ترکیب صندوق الساعات ، و يندرج في هذا الباب علم جر الاثقال وهو أن يجر ثقلا عظيماً بألة خفيفة سهلة ، وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر ، لان لها أسباباً معلومة نفيسة من اطلع عليها قدر عليها ، الا أن الاطلاع عليها لما كان عسير أشديداً لايصل اليه الاالفرد بعدا لفرد لاجرم عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر . ومن هذا الباب عمل « أرجعیانوس » الموسيقار في هيكل أورشليم العتيق عند تجديده اياه وذلك أنه اتفق له أنه كان مجتازاً بفلاة من الارض فوجد فيها فرخاً من فراخ البر اصل - :والبر اصل هو طائر عطوف- و كان يصفر صفيراً أحزيناً بخلاف سائر البر اصل و كانت البراصل تجيئه بلطائف الزيتون فتطرحها عنده فيأكل بعضها عند حاجته ، ويفضل بعضها عن حاجته ، فوقف هذا الموسيقار هناك و تأمل حال ذلك الفرخ ، وعلم أن في صفيره المخالف لصفير البراصل ضرباً من التوجعوالاستعطاف حتی رقت له الطيور و جاءته بما يأكله . فتلطف بعمل آلة تشبه الصفارة ، اذا استقبل الريح بها أدت ذلك الصفير ، ولم يزل يجرب ذلك حتى وثق بها ، وجاءته البر اصل بالزيتون كما كانت تجيء الى ذلك الفرخ ، لانها تظن أن هناك فرخاً من جنسها ، فلما صح له ما أراد أظهر النسك ، وعمد الى هيكل أورشلیم وسأل عن الليلة التي دفن فيها « أسطرخس » الناسك القيم بعمارة ذلك الهيكل ، فأخبرانه دفن في أول ليلة من آب ، فاتخذ صورة من زجاج مجوف على هيئة البرصلة و نصبها فوق ذلك الهيكل ، وجعل فوق تلك الصورة قبة ، وأمرهم بفتحها في أول آب ، و كان يظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الريح في تلك الصورة ، و كانت البر اصل تجيء بالزيتون حتی کانت تمتلى تلك القبة كل يوم من ذلك الزيتون ،والناس اعتقدوا أنه من کرامات ذلك المدفون »وما بين المعقوفين أثبتناه من البحار

فعندنا هي معجزات [ باقية ] للانبياء الماضين ، والأوصياء المتقدمين صلّی الله عليهم

أجمعين ، ولهذا لم تظهر طلسمات (1) بعد النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)وفي حال قصورأيدي لأئمّة(علیهم السلام) .

فصل

وأمّا الزراقون (2) الذين يتحدثون (3) على غير أصل ، كالشغراني (4) فانّه ، كان ذكيّاً حاضر الجواب [ فطناًة بالزرق ] ، معروفاً بكثرة (5) الاصابة فيما يخرجه ،حتى ظنّوا أن هذا كلّه هو ما اقتضاه مولده وتولاه كوكبه (6) من غير علم .

ص: 1025


1- « يظهر طلسم » د ، ق
2- واحدها زراق . ورجل زراق : مخادع . لسان العرب : 10 / 140
3- « تتفق لهم من الاصابة » د ، ق
4- رجل من الزراقين فطن كان في عصر السيد المر تضی ، و قد شاهد منه بعض اصاباته ، ورواها في أجوبة المسائل السلارية . راجع الكنى والألقاب : 2 / 329
5- « معروفاً به ، کثیر » د ، ق
6- « حتى قال المنجمون : ان مولده وما يتولاه کوکبه اقتضى له ذلك ، وان كل مصيب في شيء إنما سبب اصابته مولده وما تقتضيه كواكبه » ط ، ه-

وهذا كلّه باطل ، لأنّه لو كانت الاصابة بالمواليد ، لكان النظر في علم النجوم عبثاً لا يحتاج إليه ، لأن المولد إذا اقتضى الأصابة أو الخطأ ، فالتعلّم لا ينفع وتر که لا يضر ، وهذه علّة تسري إلى كل صنعة ، حتّى يلزم أن يكون كل شاعر مفلق وصانع حاذق و ناسج الديباج موفّق لا علم له بذلك ، وإنّما اتّفقت له الصنعة بغير علم لما يقتضي كواكب مولده ، وما يلزم من الجهالة على هذا لا يحصى .

فصل

و كان النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)ما يذكر أخبار الأولين والآخرين ، من ابتداء خلق الدنيا إلى انتهائها ، وأمر الجنّة والنار ، و ذكر ما فيها على الوجه الذي صدقه عليها أهل الكتاب و كان(صلی الله علیه وآله وسلم) لم يتعلّم ، ولم يقعد عند حبر ، ولم يقرأ الكتب .

واذا كان كذلك ، فقد بان اختصاصه بمعجزة [ الأن ] ما أتى به من هذه الأخبار - لا على الوجه المعتاد في معرفتها ، من تلقّفها من ألسنة الناطقين - لا يكون إلا بدلالة

تكون علماً على صدقه .

وما أخبر به عن الغيوب التي تكون على التفصيل لا على الاجمال كقوله تعالى :

« لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ » (1) فكان كما أخبربه (2) .

ولم يكن - عليه و آله السلام - صاحب تقویم و حساب و اسطرلاب (3) ومعرفة مطلع نجم وریح ، و كان من ينكر على المنجّمين ، فيقول :

ص: 1026


1- سورة الفتح : 27
2- « فعلم وكان كما قال » ه-
3- الاسطرلاب : جهاز استعمله المتقدمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السماوية و معرفة الوقت والجهات الاصلية

من أتى عرافاً أو كاهناً فآمن بما قال ، فقد كفر بما أنزل على محمد . (1) وقد علمنا أن الأخبار عن الغيوب على التفصيل - من حيث لا يقع فيه خلاف بقليل ولابكثير ، من غير استعانة على ذلك بآلة وحساب و تقویم کو کب وطالع ، أو على التنجيم (2) الذي يخطىء مرة ويصيب مرة - لا يمكن إلا من ذي معجزة مخصوصة قد خصّه الله تعالى بها بالهام من عنده أو أمر يكون ناقضاً للعادة الجارية في معرفة مثلها ، إظهاراً لصدق من يظهرها عليه و علامة له .

فصل

و اعلم أن ما تضمّنه القرآن أو الأحاديث الصحيحة من الأخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة : فأمّا الماضية فكالاخبار عن أقاصيص الأولين والآخرين من غير تعلّم من الكتب المتقدمة ، على ما ذكرنا .

وأما المستقبلة فكالاخبار عمّا يكون من الكائنات ، فكان كما أخبر عنها على

الوجه الّذي أخبر عنها على التفصيل ، من غير تعلّق (3) بما يستعان به علي ذلك ، من تلقين ملقّن أو إرشاد مرشد ، أو حكم بتقويم ، أو رجوع إلى حساب کالكسوف والخسوف ، ومن غير اعتماد على اسطرلاب وطالع .

وذلك كقوله تعالى: « لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » (4) .

و كقوله تعالى : «مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ» (5) .

ص: 1027


1- أخرجه في مستطرفات السرائر : 83 ح 22 عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب ، باسناده عن الهيثم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، عنه الوسائل : 12 / 109 ح 3 ، و البحار : 2 / 308 ح 66 و ج 79 / 212 ح 11
2- « التخمين » د ، ق
3- « نطق » د ، ق
4- سورة التوبة : 33 . وزاد فی ط ، ه- « فوقع ذلك كما أخبربه »
5- سورة الروم : 3

وکقوله تعالى :«سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ »(1) .

وكقوله تعالى :« لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا » (2).

وکقوله تعالي : «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا » (3) .

و كقوله تعالى :«وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا -الی قوله-قد احاط الله بها»(4) .

ونحو ذلك من الايات و كانت كلّها كما قال تعالى .

والأحاديث في مثل ذلك (5) كثيرة لايتّفق أمثالها - على كثرتها مع ما فيها من تفصيل الأحكام المفصّلة - عن المنجّمين فتقع كلّها (6)صدقاً ، فيعلم أن ذلك بالهام ملهم ، علام الغيوب ، معر وأ له حقائق الأمور (7) .

ووجه آخر وهو ما (8) في القرآن والأحاديث من الاخبار عن الضمائر مثل قوله تعالى : « إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا » (9) من غير أن يظهر منهم قول أو فعل بخلاف ذلك .

وكذلك قوله تعالى :« وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ...» (10) من غير أن يسمعه أحد منهم [ فلا ينكرونه ] .

و كذلك قوله تعالى :«وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ

ص: 1028


1- سورة القمر : 45
2- سورة الاسراء : 88
3- سورة البقرة : 24
4- سورة الفتح : 20 و 21
5- « المعجزة أيضاً » د ، ق بدل « في مثل ذلك »
6- « فيجد ذاك » م بدل « عن المنجمين فتقع كلها » ، وفی د ، ق « على التخمين » . بدل« عن المنجمين»
7- « الأشياء » ه- ، م
8- « و قد ورد » م
9- سورة آل عمران : 122
10- سورة المجادلة : 8

غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ »(1) فأخبره تعالی بما يريدون (2) في أنفسهم وما يهمّون [ به ] .

وكعرضه تعالی تمنّي الموت على اليهود في قوله تعالى : « فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» (3) .

وقوله تعالى : «وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ » (4) .

فعرفوا صدقه ، فلم يجسر أحد منهم أن يتمنّى الموت ، لانّه(صلی الله علیه وآله وسلم) قال لهم : «إن تمنّيتم الموت متّم » فدل جميع (5) ذلك على صدقه باخباره عن الضمائر .

وكذلك ما ذكرناه من معجزات الأوصياء ،يدل على صدقهم و كونهم حججاً الله تعالی .

فصل

فان قيل : فما الدليل على أن أسباب الحيل مفقودة في أخبار کم حتّی حكمتم بصحّة كونها معجزة ؟

قلنا : كثير من تلك المعجزات لا يمكن فيها الحيل ، مثل انشقاق القمر وحديث الاستسقاء ، و إطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير ، وخروج الماء من بين

الأصابع ، و الأخبار بالغائبات قبل كونها ، ومجيء الشجرة ثم رجوعها إلى مكانها

لاتتم الحيلة فيها .

وإنّما تتم الحيلة في الأجسام الخفيفة (6) التي تحدث بالتفكك والقسر (7) و غير

ص: 1029


1- سورة الأنفال : 7
2- « يخبرهم بما يكون » النسخ عدا « م »
3- سورة الجمعة : 6 و 7
4- سورة الجمعة : 6 و 7
5- « قد أجمع » م
6- « الطفيفة » البحار
7- « تجدب با لفلك والقسي » ه- ، « تحدث با لتطفل والقسر » البحار

ذلك ، ولا يتم مثله في الشجر والجبل ، لأنّه لو كان لوجب أن يشاهد .

فإن قيل : جو زوا أن يكون هاهنا جسم يجذب الشجرة كما أن ها هنا حجراً يجذب الحديد يسمّی « المغناطيس » .

قلنا : لو كان الأمر على هذا العثر عليه ، ولظفر به مع تطاول الزمان ، كما عثر على حجر المغناطيس ، حتى علمه كل أحد .

ولو جاز ما قالوه للزم أن يقال : هاهنا حجر يجذب الكواكب ويقلع الجبال من أماكنها ، وإذا قرب من میّت عاش ، فيؤدي إلى أن لا يثق بشيء أصلا ، ويؤدي ذلك إلى الجهالات ، و كان ينبغي أن يطعن بذلك أعداء الدين و مخالفو الاسلام لانّهم إلى ذلك أحوج و به أشغف .

و كذلك القول في خروج الماء من بين أصابعه (صلی الله علیه وآله وسلم)إن ادعي طبيعة فيه أو حيلة لزم تجویز ذلك في قلع الجبال ، وجذب الكواكب ، وإحياء الموتى ، و كل ذلك فاسد .

و حنين الجذع لا يمكن أن يدعي أنّه كان لتجويف فيه ، لأنّه لو كان كذلك العثر عليه مع المشاهدة ، ولكان لا يسكن مع الالتزام .

و تسبيح الحصى و تكليم الذراع لا يمكن فيه حيلة البتّة .

وقيل : في سماع الكلام من الذراع وجهان :

أحدهما : أن الله تعالى بني الذراع بنية حي صغير ، وجعل له آلة النطق والتمييز فيتكلّم بما سمع .

والآخر : أن الله تعالى خلق فيه كلاماً سمع من جهته وأضافه إلى الذراع مجازاً .

وقول من قال : لو انشق القمر لرآه جميع الناس ، لا يلزم ، لأنّه لا يمتنع أن تكون للناس في تلك الحال مشاغيل ، فانّه كان بالليل ، فلم يتّفق لهم مراعاة ذلك فانّه بقي ساعة ثم التأم .

ص: 1030

و أيضاً فانّه لا يمتنع أن يكون حال بينه وبين من لم يشاهده الغيم ، فلاجل ذلك لم يره الكل، وأكثر معجزات الأئمّة (علیهم السلام)تجري مجرى ذلك ، فالكلام فيها كالكلام في هذه ، والله أعلم .

باب في الفرق بين المعجزة و الشعبذة

(1)

قد فرق قوم من المسلمين بين المعجزات والمخاريق ، بأن قالوا (2) : إن المعجزة لا تكون إلا على يد رسول أو وصي رسول (3) عند الأفاضل من أهل عصره والأماثل من قومه ، فيعرفونها (4) عند التأمّل لها والنظر فيها على كل حال .

والشعبذة تظهر على يد أطراف الناس وسقطهم (5) عند الضعفة من العوام والعجائز ، فاذا بحث عن أسبابها [ المبرزون ] وجدوها مخرقة ، والمعجزة على [ مر ] الأيّام لا تزداد إلا ظهور صحّة لها ، ولا تنكشف إلا عن حقيقة فيها .

وإن المعجزة ربّما لم يعلم - من تظهر عليه - مخرجها وطريقها ، و كيف تتأتي وتظهر . و الشعبذة إنّما يهتدي صاحبها إلى أسبابها ، و يعلم أن من شار که فيها أتي بمثل ما أنتي هو به .

وإن المعجزة يجري أمرها مجری ماظهر في عصا موسی - علی نبیّنا وعليه السلام -

من انقلابها حيّة تسعى حتّى انقادت له السحرة .

ص: 1031


1- « فصول في الفصل » ه- . وفی د ، ق : « الشعوذة ونحوها » بدل « الشعبذة » ، وفی سائر موارد هذا الباب فی د ، ق « الشعوذة »
2- « قال » م ، ه
3- « يظهرها الله لرسوله أووصی رسوله » ط ، ه- ، د ، ق
4- « والأماثل منهم فيتعذر عليهم مثلها ، د ، ق
5- « الشعبذة يظهرها صاحبها » ط ، ه- ، د ، ق، والبحار

وخاف موسی - علی نبیّنا وعليه السلام - أن تلتبس الشعبذة على أكثر الحاضرين .

وإن المعجزة تظهر عند دعاء الرسول أو الوصي ابتداءاً من غير تكلّف آلة وأداة منه أكثر من دعائه لله تعالى أن يفعل ذلك .

والشعبذة (1) مخرقة وخفّة يد تظهر على أيدي بعض المحتالين بأسباب مقدرة

لها ، وحيل متعلّمة أو موضوعة ، ويمكن المساواة فيها ، ولا يتهيّأ ذلك إلا لمن عرف

مبادئها ، ولا بد له من آلات يستعين بها في إتمام ذلك ويتوصّل بها إليه .

فصل

و اعلم أن المعجزة أمر يتعذر على كل من في العصر مثله عند التكلّف والاجتهاد على المشعوذين ، فضلا عن غيرهم ، كعصا موسى الّذي أعجز السحر أمره مع حذقهم في السحر وصنعته .

والشعوذة مخرقة وخفّة تظهر على أيدي المحتالين بأسباب مقدرة تخفى على قوم دون قوم .

والمعجزة تظهر على أيدي من عرف بالصدق والصيانة والصلاح [ والسداد ] .

والشعوذة تظهر على أيدي المحتالين والخبثاء والأرذال .

والمعجزة يظهرها صاحبها متحدياً ، ودلائل العقل توافقها على سبيل الجملة و يباهي بها جميع الخلائق ، و لا تزيده الأيّام إلا وضوحاً ، ولا تكشف الأوقات إلا عن صحّته .

وللمعجزات شرائط ذكرناها [ (2) على أنّها من باب الممكن للمتوهم ، الّذي لا يمتنع مثله في المقدور الله ، و نفسه (3) قول المنكرين لكونها - من حيث الاحالة

ص: 1032


1- « الشعوذة » م خلافاً لبقية موارد هذا الفصل ، وسيأتي الكلام عليها في الفصل القادم
2- من هنا الي ص 1056 ليس فی م
3- « و يفسد » د ، ق

لوقوعها - والله سبحانه وتعالى هو المظهر لها تصديقاً للنبي أو الوصي .

ولأن أكثر الشعوذة والمخرقة تتعلّق بزمان مخصوص و مکان معلوم ، ويستعان في فعلها بالأدوات والمعاونات والمعالجة .

والمعجزة لا تتعلّق بزمان مخصوص ، ولا ببقعة مخصوصة ، ولا يستعين فيها صاحبها با لة ولا أداة ، وإنّما يظهرها الله على يديه عند دعائه و دعواه ، وهو لم يتكلّف في ذلك سبياً ، ولا استعان فيها بعلاقة ولا معالجة ، ولا أداة ولا آلة .

وأنتها على الوجه الناقض للعادات، والباهر للعقول، القاهر للنفوس، حتی تذعن لها الرقاب و الأعناق ، و تخضع لها النفوس ، و تسمو إليها القلوب ممن أراد أن يعلم صدق من أظهرها عليه .

فصل

والمعجزة علامة الصدق حيث وجدت ، سواء كان نبيّاً مرسلا ، أو وصيّاً معظمّاً ، وإنّما تظهر للتصديق لمن تظهر عليه ، إمّا في دعواه النبوة ، أو في تحقيق حاله ، والذي يدل على أنّها علامة التصديق أنّه قد ثبت أن خبر المخبر لابد من أن يكون صدقاً أو كذباً .

والباري تعالی موصوف بالقدرة على التمييز بين الصادق والكاذب بامارات بنصبها ، وعلامات يضعها دلالات على صدق الصادق ، كما أنّه القادر على إعلامنا صدق الصادق و کذب الكاذب بأن يضطرنا إلى صدق الصادق و کذب الكاذب ولكنّه تعالى لا يفعل الاضطرار فيه مع بقاء التكليف .

ولو لم يكن تعالی موصوفاً بالقدرة على نصب دلالة على صدق الصادق لم يمكن

المستدل أن يستدل بها على صدقه فيما يقوله كان في ذلك تعجيزه ، ووصفه بالعجز

عمّا يصح أن يقدر عليه ، و ذلك باطل لأنّه تعالى قادر لذاته ، فعلم أنّه لابد

ص: 1033

أن يكون قادراً على نصب دلالة يستدل بها على صدق الصادق .

ثم تلك الدلالة لا تخلو إمّا أن تكون أمراً معتاداً حدوثه ، أو أمراً يخص الصادق و ينقض العادة بذلك المعنى الذي أشرنا إليه ، ولا يكون أمراً معتاداً بل يكون خارقاً للعادات ، وإذا كان هذا هكذا صح أن الذي ذكرناه من المعجزة علامة الصدق وأنّها تخصّه كما تخص الأفعال المحكمة إذ أظهرت علم من يظهر ذلك منه ويترتّب على حسب علمه بترتيبه لها ، ولم يجز أن توجد مع الكاذب ، لأن حكم الامارة مثل حكم الدلالة ، ولا يصح أن تكون الدلالة موجودة مع فقد المدلول ، لأن ذلك يخرجه من أن تكون دلالة ، كما أن العلّة توجب الحكم ، فاذا وجدت وهي غير موجبة للحكم خرجت من أن تكون علّة للحكم .

والمعجزة : علامة الصدق ، وعلامة الشيء كدلالته يلزمه حكمه فلا يجوز ظهورها على كذاب .

باب في مطاعن المعجزات و جواباتها و ابطالها

ذكر ابن زکریّا المتطبّب(1) في مقابل المعجزات أموراً يسيرة لا يتمكّن منها إلابالمواطاة والحيل ، وأعجب منها ما يفعله المشعبذون في كل زمان .

فذكر ما نقل عن زرادشت منصب الصفر المذاب على صدره ، ومن بعض سدنة

ص: 1034


1- هو محمد بن زکریا الرازي ، الطبيب الماهر، صاحب التصانيف ، قال ابن سينا في حقه : « هوالمتكلم الفضولي الذي من شأنه أن ينظر في الا بوال والبرازات » . وقال القاضي ابن صاعد : « ان الرازي لم يتوغل في العلم الالهى ، ولا فهم غرضه الاقصی فلذلك اضطرب رأيه و تقلد آراءاً سخيفة » . تجد ترجمته في روضات الجنات : 7 / 300 ، سیر أعلام النبلاء : 14 / 354 ، و فیات الاعیان : 5 / 157 ، أبجد العلوم : 3 / 114 وغیرها

بيت الأوثان أنّه كان منحنياً على سيف وقد خرج من ظهره لايسيل منهدم ، بل ماء أصفر وكان يخبرهم بامور .

قال : ورأيت رجلا كان يتكلّم من إبطه ، و آخر لم يأكل خمسة و عشرين يوماً ، وهو مع ذلك حصيف (1) البدن .

وأين ما ذكره من فلق البحر[ حتّى صار كل فرق منه كالطود (2) العظيم ، ومن إحياء میّت متقادم العهد ، ويبقى حياً حتّى يولد ] ((3)) و انفجار الماء الكثير من حجر صغير ،أو من بين الأصابع حتّى يشرب الخلق الكثير .

و فصل

و الّذي ذكره ابن زكريّا عن زرادشت إنّما يمكن منه بطلاء الطلق (4) وهو دواء يمنع من الاحتراق ، وفي زماننا نسمع أن أناساً يدخلون التمور المسجور بالغضي (5) . و أمّا إراءة السيف نافذاً في البطن فهو شعبذة معروفة ، فانّه يكون مجوفأً يدخل بعضه في البعض ، فيري المشعبذ أنّه يدخل في جوفه .

وأمّا الامساك عن أكل الطعام ، فهو عادة يعتادها كثير من الناس ، والمتصوفة يعودون أنفسهم التجويع أربعين يوماً .

وقيل : إن بعض الصحابة من يصوم صوم الوصال (6) خمسة عشر يوماً .

ص: 1035


1- كل محكم لاخلل فيه : حصيف
2- الطود : الجبل
3- من البحار
4- هو ضرب من الأدوية ، وقيل : هو نبت تستخرج عصارته فيتطلى به الذين يدخلون في النار. لسان العرب : 10 / 231
5- الغضی : شجر من الاثل ، خشبه من أصلب الخشب ، وجمره یبقی زمان طويلا لاينطفيء
6- الوصلة : ما اتصل بالشيء ، ومنه المواصلة بالصوم وغيره ، و واصلت الصيام وصالا اذالم تفطرأ أياماً تباعاً . لسان العرب : 11 / 727 . وراجع البحار : 16 / 390 ففیه بیان مفيد

وأما المتكلم من الابط فيجوز أن يكون ذلك أصواتاً مقطّعة قريبة من الحروف ،[ وأن يكون حروفاً متميّزة كأصوات كثير من الطيور ، وقد يسمع من صریر الباب ما يقرب من الحروف ] (1) وهو مبهم في هذه الحكاية .

فيجوز أن يخبر أن ذلك كان كلاماً خالصاً .

ويجوز أن يتعمّد ذلك الانسان له ، ويصل إلى ذلك بالتجربة والاستعمال .

وقد رأينا في زماننا من كان يحكي عنه مثل ذلك ، والذي يحكي عن الحلاج أغرب وأعجب .

وقد وقع العلماء على وجوه الحيل فيها ، و كل من تفكّر في حيلهم أيّاماً وقف عليها ، وما من حيلة إلا وتحصل عقيب سبب ، وليس فيها ما تنقض به العادة .

فصل

وطعن ابن زكريّا في المعجزات من وجه آخر فقال : « وقد يوجد في طبائع الأشياء أعاجيب » وذكر حجر المغناطيس وجذبه للحديد ، و باغض الخل ، وهو حجر إذا ألقي في إناء خل فانّه يهرب منه ، ولا ينزل إلى الخل ، والزمرد يسيّل عين الأفعي، والسمكة الرعّادة يرتعد صاحبها مادامت في شبكته و كان آخذاً بخيط الشبكة .(2)

قال : « فلا يمتنع أيضاً - فيما يأتي به الدعاة - أنّها ليست منها ، بل ببعض (3)

ص: 1036


1- من البحار
2- و ينتشر هذا النوع من السمك في كثير من الأنهار الافريقية ، و بخاصة في نهر النيل والصيادون اذا أحسوا بها في شبكتهم شدوا حبل الشبكة في و تد أو شجرة حتى تموت ، فاذا ماتت بطلت خاصيتها . راجع حياة الحيوان : 1 / 567
3- أي أنو ببعض

الطبائع ، إلا أن يدعي مدع أنّه أحاط علماً بجميع طبائع جواهر العالم ، و امتناع ذلك بيّن » .

وذكر أبو اسحاق ابن عياش (1)أنّه أخذ هذا على ابن الراوندي (2) فانّه قال في کتاب له سمّاه : « الزمرد (3) على من يحتج بصحّة النبوة بالمعجزات » فقال :

من أين لكم أن الخلق يعجزون عنه ، هل شاهدتم الخلق ؟ أو أحطتم علماً بمنتهی قواهم وحيلهم ؟ فان قالوا : نعم ، فقد كذبوا ، لأنهم لم يجوبوا الشرق والغرب ، ولا امتحنوا الناس جميعاً . ثم ذكر أفعال الأحجار كحجر المغناطيس وغيره .

قال أبو اسحاق : فأجابه أبو علي (4) في نقضه عليه أنّه يجوز أن يكون في الطبائع ماتجذب به النجوم ، وتسير به الجبال في الهواء ، ويحيي به الموتى بعدما صاروا رميماً فاذاً لايمكن أن يفصل بين الممكن المعتاد ، وماليس بمعتاد ، ولا بين ما [ ينفذ فيه حيلة و بين ما ] (5) لا ينفذ فيه حيلة ، إلا أن يجوب البلاد شرقاً وغرباً و يعرف جميع قوى الخلق فأمّا إذا سلّم أن يعلم باضطر ار المعتاد و غيره ومالاتنفذ فيه حيلة ، لزمه النظر في

ص: 1037


1- « عباس » البحار ، والظاهر أنه : أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن عیاش ، أحد متکلمی المعتزلة . تجد ترجمته في فهرست ابن النديم :221
2- وهو أحمد بن يحيى بن اسحاق الراوندي من المتكلمين ، وله مصنفات كثيرة ، مات سنة ثمان و تسعين ومائتين تجد ترجمته في روضات الجنات: 1 / 193 ، الفهرست : 216 ، وفیات الاعیان : 1 / 94 ، و سير أعلام النبلاء : 14 / 59 وفيه « الریوندی »
3- « الرد » البحار ، وما في المتن هو الصحيح ، وهو أحد الكتب التي ألفها ، وهو يحتج فيه على الرسل و ابطال الرسالة ، وفي بعض المصادر « الزمردة »
4- هو أبو علی محمد بن عبدالوهاب البصري الجبائي ، شيخ المعتزلة ، له مصنفات كثيرة ، منها كتابه المشار اليه في المتن « النقض علی ابن الراوندی » مات بالبصرة سنة ثلاث وثلاثمائة تجد ترجمته في روضات الجنات : 7 / 268 ، الفهرست: 217 ، وفیات الاعیان : 4 / 267 وسير أعلام النبلاء : 14 / 183
5- من البحار

المعجزات قبل أن يجوب البلاد ، فليس يحتاج في معرفة كون الجاذب معجزاً إلى ما

ذكر من معرفة قوى الخلق وطبائع الجواهر .

ولهذا لوادعي واحد النبوة ، وجذب بالتراب الجبل ، علمنا أنّه ليس فيه وجه حيلة و إنّا نعلم بذلك صدقه ، قبل أن نجوب البلاد ونعرف جميع الطبائع .

وقال أبو اسحاق : إن جميع ما يذكر في خصائص الأحجار أكثره کذب ، وذكر أن واحداً أمر أن يجيء بالأفاعي في سبد (1) وجعل الزمرد الفائق في رأس قصية ، ووجّه به عين الأفاعي ، فلم تسل .

ثم إن جميع ماذكره يسقط بما شرطناه في المعجزات ، و نقش عند أهل البصر .

و من تقوی دواعيه إلى كشف عوارة الزمان الطويل ، فلا يوقف منه على وجه حيلة - فيما ذكروه ما هو معناه ظاهر لأكثر الناس ،كحجر المغناطيس- أو يوقف فيه على وجهه .

فصل

وربّما يقول المنكرون لمعجزات النبي والأئمّة ، عليهم أفضل الصلوات و التحيّة : إن الأخبار التي يذكرون و الأحاديث التي يعولون عليها في معجزاتهم ويصولون بها ، إنّما رواها الواحد والاثنان ، ومثل ذلك لا يمكن القطع عليه بعينه والحكم بصحّته ، و أمر المعجزات أمر خارج عن العادات يجب أن يكون معلوماً متيقّناً غير مظنون منوهّم .

والجواب عن ذلك : أن أخبارنا في معجزات النبي والأئمّة صلوات الله عليهم جاءت من طرق مختلفة ، ومواضع متفرقة ، ومظان متباعدة ، وفرق مخالفة وموافقة في زمان بعد زمان ، وقرن بعد قرن ، و لذلك كررنا المعجزات من جنس واحد من

ص: 1038


1- كلمة فارسية تعني « سلة »

كل واحد منهم (علیهم السلام)ولا يمكن أن يتواطاً الناس على مثل هذا فلا يكون مخبرهم على ما أخبروا به جميعاً ، لأن ذلك ينقض عادتهم ، كما ينقض العادة الاجتماع على الكذب في الجماعات الكثيرة .

وممّا يدل على ذلك أنّا رأينا من تواطیء الخبر عنه رجال منفردون بخبر الکذب .

فأمّا إن أخبر جمهور من الناس ، فقال بعضهم : إن رجلا له مال من ذهب وورق .

وآخرون يخبرون عنه أنّهم رأوا له أثاثةاً و جهازاً وأواني و آلات و أسباباً .

وفرق يخبرون أنّهم رأوا له غلات و ارتفاعات وضياعاً وعقارات .

وآخرون يخبرون عنه أنّهم رأوا له خيلا و بغالا وحميراً .

إن الخبر إذا ورد عن الانسان بما ذكرنا اضطر إلى العلم بأن المخبر عنه غني موسر ، لا يقدر أحد على دفع علم ذلك عن نفسه ، إذا نظر بعين الانصاف في تلك الأخبار ، وإن كان يجوز على كل واحد من المخبرين الغلط والكذب في خبره إذ لو انفرد من مضامة غيره .

ثم إن إجماع الفرقة المحقّة منعقد على صحّة أخبار معجزات الرسول و الأئمّة من أهل بيته (علیهم السلام)وإجماعهم حجّة لأن فيهم معصوماً .

فصل

ومن أخبار المعجزات : أخبار تقارب أخبار الجماعات الكثيرة ، نحو خبر الحصاة وإشباع الخلق الكثير بالطعام اليسير ، وذلك أن المخبرين بهذه الأخبار إنّما أخبروا عن حضرة جماعة فادعوا حضورهم كذلك ، فقد كانوا خلائق كثيرين مجتمعين شاهدي الحال ، و كانوا فيمن شرب الماء ، وأكل من الطعام ، فلم ينكروا عليهم .

ولو كان الخبر كذباً لمنعت الجماعة الّتي ادعى المخبرون حضورهم بذلك وأنكروا عليهم ، و لقالوا : لم يكن هذا ، ولا شاهدناه . فلمّا سكتوا عن ذلك دل

ص: 1039

على تصديقهم لهم ، وأن ذلك يجري مجرى المتواتر نقلا في الصحّة و القطع به .

وممّا يدل على ذلك أن رجلا لو عمد إلى الجامع ، والناس مجتمعون و قال لهم : إنّكم كنتم في موضع كذا ، في دار كذا ، لأملاك فلان ، فأطعمكم كذا من الطعام ، و كذا من الشراب ، لم يمتنعوا أن ينكروا عليه ، ولا يسكتوا على تكذيبه في الأمر الّذي لا يمتنع في العادة ، فكيف في الأمر الّذي خرج عن العادة و النفوس إلى إنكار المنكر فيها أشد إنذاراً ؟!

ومن هذه الأخبار أخبار انتشرت في الامّة ، ولم يوجد لها منكر ولا مكذب ، بل تلقّوها بالقبول ، فيجب المصير إليها ، لاجتماع عليها من الامّة أو من الطائفة المحقّة وهم لا يجتمعون على خطأ ، ففيهم معصوم في كل زمان .

و مارووا أن زوجين من الطير جادلا إلى أحدهم (علیهم السلام) فصالح بينهما ، أوشکا

طير من حيّة في موضع تأكل فراخه ، فأمر بقتل الحيّة ، فلا خفاء في كونه معجزاً .

فأمّا ما سئل الحسين(علیه السلام) وهو صبي عن أصوات الطيور والحيوانات فاعجازه من وجه آخر ، ونحوه قول عيسي في المهد : « إنّي عبدالله » (1)

: و كلاهما نقض العادة إذ ليس في مقدور الأطفال النكلّم بما تكلّم به .

وقيل : إن نفس الدعوى في بعض المواضع معجز .

فصل

والأخبار المتواترة توجب العلم على الاطلاق ، و كذلك إذا كانت غير متواترة وقد اقترن بها قرينة من أحد خمسة أشياء من أدلّة العقل ، والكتاب ، والسنّة المقطوع بها ، أو إجماع المسلمين أو إجماع الطائفة ، فهذه القرائن تدخل الأخبار - وإن كانت آحاداً - في باب المعلوم ، فتكون ملحقة بالمتواتر .

والعلوم الّتي تحصل عند الأخبار المتواترة - لكل عاقل - مكتسبة عند

ص: 1040


1- اقتباس من قوله تعالى في سورة مريم : 30

الشيخ المفيد ، وذهب المرتضى إلى تقسيم ذلك ، فقال : « العلوم باخبار البلدان والوقائع ونحوها يجوز أن تكون ضرورية ، ويجوز أن تكون مكتسية .

وما عداها كالعلم بمعجزات النبي والأئمّة (علیهم السلام)و كثير من أحكام الشريعة

فيقطع على أنّه مستدل عليه . وهذا أصح ، لأن الأدلّة في أن الأول فعل لله أو فعل

للعباد کالمتكافئة .

وإذا كان كذلك وجب التوقف ، و تجويز كل واحد منهما .

والخبر إذا لم يكن من باب ما يجب وقوع العلم عنده ، واشتراك العقلاء فيه وجاز وقوع الشبهة عليه ، فهو أيضاً صحيح على وجه ، وهو أن يرويه جماعة قد بلغت من الكثرة إلى حد لا يصح معه أن يتفق فيها ، وأن يعلم - مضافاً إلى ذلك -أنّه لم يجمعها على الكذب جامع ، كالتواطىء أو ما يقوم مقامه ، و يعلم أيضاً أن اللبس و الشبهة زائلان عمّا خبروا عنه .

هذا إذا كانت الجماعة تخبر بلا واسطة عن المخبر، فان كان بينها و بينه واسطة وجب اعتبار هذه الشروط في جميع من خبّرت عنه من الجماعات حتّى يقع الانتهاء إلى نفس المخبر .

وإذا صحّت هذه الجملة في صحة الخبر- الّذي لابد أن يكون المخبر صادقاً من طريق الاستدلال - بنينا عليها صحّة المعجزات و غيرها من أحكام الشرع .

فصل

وقد ذكرنا من قبل أنّهم كثيرا ما يوردون السؤال علينا ، ويقولون :

قد وجدنا في العالم حجر يجذب الحديد إلى نفسه ، فلم يجب اتّباع من يجذب الشجر إلى نفسه كذلك ، إذ لا تأمن أن يكون معه شيء ممّا يفعل به ذلك .

ويؤكّدون قولهم بأن المقرين لمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوى الخلق ، ولم

ص: 1041

يعرفوا نهايتها ، ولم يقفوا على طبائع العالم ، و كيف يستعان بها على الأفعال ، ولم

يحيطوا علماً بأكثرهم ، ولم يأتوهم (1) في مظانّهم ، ولا امتحنوا قواهم ، ومبالغ حيلهم ، ومخرقة أصحاب الخفّة ، و أشكالهم .

الجواب عنه أن يقال : قد لزم النفس العلم لزوماً لا يقدر على دفعه ، بأن ما ذكروا ليس في العالم ، كما لزمها العلم بأن ليس في العالم حجر إذا أمسكه الانسان عاش أبداً ، وإذا وضعه على الموات عاد حيواناً ، وإذا وضعه على العين العمياء عادت صحيحة ، و لا فيه ما يرد الرجل المقطوعة ، ولا ما به يزال الزمّانة (2)

الحالّة ، ولا فيه شيء يجذب به الشمس و القمر من أماكنهما .

فلمّا لزم النفس علم ما ذكرناه كذلك لزم العلم للنفس بأن ليس في العالم حجريجذب الشجر من اماكنها ، و يشق به البحور ، ويحيي به الأموات .

وأيضاً فان حجر المغناطيس لمّا كان موجوداً في العالم ، طلبه ذوو الحاجة إليه حتّی قدروا عليه ، لما فيه من الاعجوبة وخاصّة أمره ، ولارادة التكسّب به و استخراج نصل السهم من البدن .

فلو كان فيه حجر أو شيء مثله يجذب الشجر ، فانّه كان أعز من حجر المغناطيس

و كان سبيله سبيل الجواهر في عزها ، لا يخفى على من في العالم .

وهيئتها كالجوهر الّذي يقال له : « الكبريت الأحمر » و لعزته ضرب به المثل فقيل : « أعز من الكبريت الأحمر » (3) و كانت الملوك أقدر على هذا الحجر ، كماهم أقدر على ما عز من الأدوية والسموم وغيرها من الأشياء العزيزة .

ص: 1042


1- كذا استظهر ناها ، والضمير في « هم » عائد الى الخلق . و فی النسخ والبحار : يأتهم
2- الزمانة - بتشديد الميم . العاهة ، وهو مرض يدوم زماناً طويلا . مجمع البحرین : 6 / 260
3- ذكر هذا المثل الميداني في مجمع الامثال : 2 / 44 رقم 2604 وقال : هوالذهب الاحمر .وراجع لسان العرب : 2 / 76 ( کبرت )

فلمّا لم يكن لهذا أثر عندهم ولا خبر لكونه ، بطل أن يكون له کون و وجود ولو كان فكيف قدر الرسل و أوصياؤهم عليه ، مع فقرهم وعجزهم في الدنيا وما فيها ويكون معروف المنشأ ، ولم يغب عنهم طويلا .

فصل

ثم إن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) لمّا دعا الشجرة - و كذا وصي من أوصيائه - ثم ردها إلى مكانها ، فان جذبها بشيء وردها بلا شيء ، كان ردها آية عظيمة .

وإن كان شيء كان معه فذلك محال ، من قبل أن ذلك الشيء يضاد ما جذبها .

فاذا كان الجذب به فامساکها وردها لم يجب أن يكون به ، أومعه ما يرد به لأنّه يوجب أن تكون مقبلة مدبرة ، وذلك محال .

ولأن الحجر لو كان معه كما قالوا ، لكان فيه آية ، لأنّه ليس في العالم مثله فهو خارج عن العرف كخروج مجيء الشجرة بدعائه .

وقد أنبع الله لموسى من الحجر الماء فانبجست من الحجر اثنتا عشرة عيناً لكل سبط عين ، والحجارة ينفجّر منها الأنهار ، فلما كان حجر موسی خارجاً عن العادة التي في العالم كان آية ، فكذلك لو كان جذب حجر الشجرة لكان خارجاً عن عادات الناس ، فكان دليلا على نبوته .

و ليس في الحيل ما يمكن به نقل الجمال والمدن .

وأما قولهم : إن المقرين بمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوی الخلق . إلى آخره .فانّه يقال لهم : ولم يمتحن أحد من الجاحدين للرسل طبائع العالم ، ولاعرفوا ما فيه ، فيعلموا أن جميع حيوانه يموت بحقله ، ولا أن حيواناً لا يموت ، يبقى على الدهر أبداً لا يتغيّر ، ولعل في العالم ناراً لا تحرق ، إذ لو كان لم يمتحن قوى العالم ، ولا أحاط علمه بخواصّه و سرائره لزمه قلب أكثر الحقائق وبطلانها .

ص: 1043

باب في مقالات المنکرین للنبوات أو الأمامة من قبل الله و جواباتها وابطالها

إعلم أن المنکرین للنبوات فرقتان : ملحدة ودهريّة ، وموحّدة البراهمة والفلاسفة عندنا من جملة الدهريّة والملحدة أيضاً ، وقد اجتمعوا على إبطال النبوات وإنكار المعجزات ، وإحالتها تصريحاً و تلویحاً ، وزعمت أن تصحيح أمرها يؤدي إلى نقض وجوب الطبائع ، وقد استقر أمرها على وجه لا يصح انتقاضها .

و کلّهم يطعنون في معجزات الأنبياء و أوصيائهم ، حتّى قالوا في القر آن تناقض و اختلاف ، و أخبار زعموا : « وجدنا مخبراتها علی خلافها » .

منها قوله :«وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا » (1) .

ثم وجدنا كم تقولون أن يحیی بن زکریّا قتله ملك من الملوك ، و نشر رأس والده زكريّا بالمنشار ، مع مالا يحصى من الخلق من المؤمنين الّذين قتلهم الكفّار .

وفي القرآن أيضاً : « إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ » (2) وقد ينكح كثير فيبقى فقيراً أو يزداد فقره . وقد قال لنبيّه : « وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» (3) ثم وجدناه كسرت رباعيّته و شج رأسه .

وفيه أيضاً : « ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ » (4) وإن الخلق يدعونه دائماً ولا يجيبهم .وفي القرآن : « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ »(5) .

وهذا دليل على أن محمداً لم يكن واثقاً بما عنده ، لأنّه رد هم إلى قوم شهد عليهم

بكتمان الحق وقول الباطل ، وهم عنده غير ثقات في الدعوى و الخبر .

ص: 1044


1- سورة النساء : 141
2- سورة النور : 32
3- سورة المائدة : 67
4- سورة غافر : 60
5- سورة النحل : 43 ، الأنبياء : 7

فصل

الجواب عمّا ذكروه أولا : أن تأويل ما حكيتم على خلاف ما توهّمتم ، لأن الّذي نفاه من كون سبيل الكفّار على المؤمنين إنّما هو من طريق قيام الحجّة منهم على المسلمين في دينهم ، في إقامة دليل على فساد دينهم ، ولم يرد بذلك المسالبة والمغالبة ، وهو معنى قوله :«ِ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » (1)

أي بالدلالة والحجّة ، لا بالمغالبة و المعازة .

ويحيى بن زكريّا لمّا قتل کانت حجّته ثابتة على من قتله ، و كان هو الظاهر عليه بحقته وإن كان في ظاهر أمر الدنيا مغلوبا ، فاذا قهر بحق لم يدل ذلك على بطلان أمره ، وفساد طريقه .

وأمّا قوله:« إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ »ففیه جوابان:

والثاني: أنّه خرج على الأغلب من أحوالهم ، و قد قال تعالى بعد ما تزوج محمّد خديجة : «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى » (2) أي أغناك بمالها .

وأمّا قوله : « والله يعصمك من الناس » فالمعنى أنّه يعصمك من قتلهم إيّاك .

وقوله : « ادعوني أستجب لكم » فيه أجوبة :

أحدها: أن فيه إضماراً ، أي : إن رأيت لكم مصلحة في الدين ، وقد صرح به في قوله : « فيكشف ما تدعون إليه إن شاء » (3) .

والثاني: أن الدعاء هو العبادة ،أي : اعبدوني بالتوحيد أجزكم عليه ، يدل على ذلك قوله: « إن الذين يستكبرون عن عبادتي » (4) .

ص: 1045


1- سورة التوبة : 33
2- سورة الضحى : 7
3- سورة الأنعام : 41
4- سورة غافر : 40

والثالث : أن يكون اللفظ عموماً والمراد به الخصوص ، وهذا في العرف كثیر .

و أمّا قوله : « فسئلوا أهل الذكر » (1) فان الله لمّا احتج لنبيّه بالبراهين المعجزة ، ورأى قومه ومن حسده على نعمة الله عنده من عشيرته يميلون إلى أهل الكتاب ، و يعدلونهم عليه وعلى أنفسهم ، ويعتمدون في الاحتجاج الباطلهم على جحدهم إيّاه ، أراد أن يدلّهم على صدقه باقرار عدوه ، ومن أعظم استدلالا من الّذي استشهد عدوه ، ويحتج باقراره له ، وانقياده إيّاه .

ثم إن في التوراة و الانجيل صفات محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم) ، و كل من أنصف منهم شهد له بذلك .

فصل

وقالوا : كيف تدعون أن جميع أخبار محمّد عن الغيب وقع صدقاً وعدلا وحقّاً وقد وجدنا بعضها بخلافه ، لأن محمّداً قال : « إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده » (2) وقد وجدنا بعده قیاصر كثيرة ، وأملاكهم ثابتة .

وقال أيضاً : « شهرا عيد لا ينقصان » وقد وجدنا الأمر بخلاف ذلك كثيراً .

وقد قال : « ما ينقص مال من صدقة » (3) وقد وجدناه ينقص من حسابها .

وقال : « إن يوسف أعطي نصف الحسن (4) » ثم قال الله في قصّة إخوانه لمّا دخلوا عليه : « فعرفهم وهم له منکرون » (5) ومن كان في حسنه بايناً بهذه البينونة العظمى ، كيف يخفى أمره ؟!

ص: 1046


1- سورة النحل : 43 ، الانبياء : 7
2- تقدم بتمامه في ص 132 ح 218
3- رواه في الفقيه : 4 / 381 ح 5827 ، عنه الوسائل : 6 / 264 ضمن ح 2
4- « نصف شطر » د ، ق و كان احداهما بدلا عن الأخرى ، وفي البحار : نصف حسن آدم
5- سورة يوسف : 58

و في كتابكم أن عيسى ما قتل وما صلب(1) وقد اجتمعت اليهود و النصاری على أنّه قتل وصلب .

وفي كتابكم «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ »(2) وقال نبيّكم :« إن في نسائكم أربع نبيّات » .

وفي كتابكم «وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا » (3) و کان هامان قبل فرعون بزمان طويل .

وفي كتابكم « وما علّمناه الشعر » (4) والشعر کلام موزون ، ونحن نجد في القرآن كلاماً موزوناً ، وهو الشعر في غير موضع ، فمنه « وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ » (5) ووزنه عند العروضيين :

فاعلاتن فاعلاتن *** فاعلاتن فاعلاتن

ومنه قوله :

«وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» (6) .

وزنه قول الشاعر :

ألا حيّيت عنّا یا ردينا *** نحيّيها وإن كرمت علينا

[ ومنه قوله :

« مسلمات مؤمنات قانتات *** تائبات عابدات سائحات » (7) ]

ص: 1047


1- اشارة الى قوله تعالى :«وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ » سورة النساء : 157
2- سورة النحل : 43
3- سورة غافر : 36
4- سورة يس : 69
5- سورة سبأ : 13
6- سورة براءة : 14
7- سورة التحريم : ه . وما بين المعقوفين من البحار

وزنه :

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن*** فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

قالوا : ومثله موجود في كلام نبيّكم مع ماروي أنّه قال : « ما أبالي ما أتيت إن أتيت ترياقاً ، أو علّقت تميمة ، أو قلت الشعر من قبل نفسي » . (1)

ثم قال يوم حنين :

أنا النبي لا كذب*** أنا ابن عبد المطّلب (2)

وقال يوم الخندق - لمّا قال الأنصار :

نحن الّذين بايعوا محمداً ***على الجهاد ما بقينا أبداً

-- لا عيش إلا عيش الآخرة*** فاكرم الأنصار والمهاجرة (3)

وقال أيضاً :

غير الاله قط ماندينا*** ولو عبدنا غيره شقينا

فحبّذا ربّاً وحبّذا ديناً (4)

ص: 1048


1- رواه في عوالی اللئالی : 1 / 75 ح 150
2- أورده في مغازی الواقدي : 3 / 902 ، والبحار 21 / 157 و ص 179
3- رواه الواقدي في المغازی : 2 / 453 ، و سیرة ابن کثیر : 3 / 184 و ص 185 ، و هو جوابه صلی الله علیه و آله للانصار ، وزاد الواقدی فی روایة : اللهم العن عضلا و القارة***فهم کلفونی أنقل الحجارة
4- أخرجه ابن كثير في السيرة النبوية : 3 / 186 عن دلائل البيهقي باسناده الی سلمان : أن رسول الله صلی الله عليه و آله ضرب في الخندق وقال : باسم الله و به هدينا*** ولو عبدنا غیره شقينا يا حبذا رباً وحب دینا

وقال لمّا دمیت إصبعه :

هل أنت إلا إصبع دميت***وفي سبيل الله ما لقيت

(1)

فصل

أمّا الجواب عمّا قالوه أو لا فهو من أدل الأعلام على صدقه ، فيما أخبر به من

الغيوب ، وذلك أنّه لمّا أرسل إلى كسرى وهو مزق كتابه (صلی الله عليه و آله وسلم )قال(صلی الله عليه و آله وسلم ) :

« مزق الله مملكته كما مزق كتابي » (2) فوقع ذلك كما دعا و أخبر به .

ولمّا كتب إلى قيصر لم يمزق كتابه قال : « ثبّت الله مملكنه » و كان تغلّب على الشام ، و كان النبي يخبر بفتحها له .

فمعنى قوله : « ولا قيصر بعده » یعني في كل أرض الشام .

وأما قوله : « شهرا عيد لا ينقصان » ففيه ثلاثة أجوبة : أحدها : أنّه خرج على سنة بعينها أشار إليها ، و كان كذلك .

وهذا كما قال : « يوم صومكم : يوم فطر كم » لسنة بعينها .

و كما قال : « الجالس في وسط القوم ملعون » (3) أشار إلى واحد كان يتسمتّع الأخبار من وسط الحلقة .

والثاني : أنّهما لا ينقصان على الاجتماع غالباً ، بل يكون أحدهما ناقصاً والآخر تامّاً .

ص: 1049


1- أورده الواقدي في المغازی : 2 / 629 و نسبه الى الولید بن الوليد بن المغيرة أنه لما دخل الحرة عثر فانقطعت اصبعه فر بطها وهو ينشد هذا البيت . وأخرجه العسقلاني في الاصابة : 3 / 640 عن الطبراني باسناده الى الوليد . فالظاهر أنه صلى الله علیه و آله تمثل به
2- أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب : 1 / 70 عن ابن مهدي المامطيري في مجالسه ، عنه البحار : 20 / 381 ح 7
3- روی نحوه أبو داود في سننه : 4 / 258 ح 4826 باسناده الی حذیقة

و الثالث : أن يكون معناه : لاينقص أجر من صامهما ، وإن كان في العدد نقصان لأن الشهر الهلالي ربّما كمل و ربّما نقص .

وعلى أي هذه الوجوه حملته لم يكن في خبره خلف ولا كذب .

وأما خبر الزكاة فلان من تصرف فيه بالتجارة استفاد من ثوابه أكثر ممّا تصدق به ، فكأنّه لم ينتقص من المال شيء ، ثم إن المال الّذي زکّی منه يكون له بركة .

وأما تأویل خبر یوسف ، فقد قيل : « إن الله أعطى يوسف نصف حسن آدم » أفلم يقع فيه التفاوت الشديد ، وقد كانوا فارقوه طفلا ورأوه کهلا ، ودفعوه أسيراً ذليلا ، ورأوه ملكاً عزیزاً ؟! و بأقل هذه المدة ، و اختلاف هذه الأحوال ، تتغير فيها الخلق ، وتختلف المناظر ، فما فيه تناقض .

على أن الله ربّما يرى المصالح أن يشتبه شيء على إنسان ، فيعرفه جملة ولا يعرفه

تفصيلا ، ويحتمل أن يكون معنى قوله : « وهم له منکرون » (1) أي مظهرون الانكاره ، عارفون به .

وأما ما قالوا من قتل عیسی وصلبه ، فقد قال نبيّنا(صلی الله عليه و آله وسلم ) حين أخبر : أنّه شبّه عليهم وروى القوم أنّه قتل وصلب ، فقد جمعنا بين خبرين لأن إسقاط أحدهما لا يصح و استعمالهما ممكن ، وهو أن نقلهم عن مشاهدة صلب مصلوب يشبه عیسی صحیح الاخلف فيه ، و لكن لمّا كان الصادق أخبرنا أن الّذي رأوه كان جسماً التي عليه شبه عیسی ، فقلنا :نجمع بين تواترهم و خبر نبيّنا ، قد قامت دلالة صحّتهما.

فنقول : إن ما تقولوا من مشاهدة الجسم الّذي كان في صورة المسيح مصلوباً صحيح ، وأمّا أنّهم ظنّوا أنّه المسيح - و كان رجلا القي عليه شبه المسيح -فلاجل خبر الصادق به ، على أن خبر النصارى يرجع إلى أربعة نفر لاعصمة لهم .

ص: 1050


1- سورة يوسف : 58

وأما قوله : « إن في نسائكم أربع نبيّات » فانّه لا يناقض قوله : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ » (1) فان معنى النبي غير الرسول ، فيجوز أن يكون نبينّات غير مرسلات . وقيل : المراد به سارة و أخت موسی و مریم و آسية ، بعثهن الله لولادة البتول فاطمة إلى خديجة ليلين أمرها .

و أما هامان فلا ينكر من أن يكون من اسمه هامان قبل فرعون، وفي وقته من يسمى بذلك .

والجواب عمّا ذكره أخيراً أن النبي قد كان يعاف (2) قول الشعر ، وقد أمره الله تعالی بذلك لئلا يتوهّم الكفّار أن القرآن من قبله ، وليخلص قلبه و لسانه للقرآن ، ويصون الوحي عن صنعة الشعر ، لأن المشركين كانوا يقولون في القرآن أنّه شعر ، وهم يعلمون أنّه ليس بشعر ، ولو كان معروفاً بصنعة الشعر لنقموا عليه

بذلك ، وعابوه به .

و قد سئل أبو عبيدة عن ذلك فقال : هو كلام وافق وزنه وزن الشعر إلا أنّه لم يقصد به الشعر ، ولاقاربه بأمثاله ، والقليل من الكلام ممّا يتّزن بوزن الشعر . وروي : « أنا النبي الاكذب » « وهل أنت إلا إصبع دميت » .

فقد أخرج عن وزن الشعر .

فصل

وربّما قالوا : إذا كان إخبار المنجّمين والكهنة قد تتّفق مخبراتها كما أخبروا كذلك إخبار الأنبياء و الأوصياء ، فبماذا يعرف الفرق بينهما ؟

قلنا في الجواب: إن إخبار الأنبياء و أوصيائهم إنّما كانت متعلّقة بمخبراتها على التفصيل دون الجملة ، من غير أن يكون قد اطّلع عليها بتكلّف معالجة واستعانة

ص: 1051


1- سورة يوسف : 109، سورة النحل : 43
2- عاف الشيء يعافه : كرهه فترکه

عليها بآلة وأداة ، لا حدس ولا تخمين ، فيتّفق في جميع ذلك أن تكون مخبراتها كما أخبر بها على حسب ما تعلّق به الخبر ، من غير أن يقع به خلف أو كذب في شيء منها .

فأمّا إخبار المنجّمين فانّه يقع بحساب ، وبالنظر في كل طالع بحدس و تخمین .

ثم قد يتّفق في بعضها الاصابة دون بعض ، كما يتّفق إصابة أصحاب الفأل و الزوج والفرد ، من غير أن يكون ذلك على أصل معتمد ، و أمر يوثق به ، فإذا وقعت الأخبار منهم على هذا الحد لم نوجب العلم ، ولم يكن معتمداً ، ولا علماً معجزاً ولا [ دالّة على صدقهم .

ومتى كان على هذا الوجه الّذي أصاب في الكل ، كان علماً معجزاً و ] (1)

دلالة قاطعة لأن العادات لم تجر بأن يخبر المخبر عن الغائبات فيتّفق ويكون جميعها

على ما أخبر به على التفصيل ، من غير أن يقع في شيء منها خلف أو كذب .

فمتى وقعت المخبرات كذلك كان دليل الصدق ناقضاً للعادات ، فدلّنا ذلك على أنّه من عند الله خصّه بعلمه ، ليجعله علماً على نبوته .

و كذلك ما يظهر علمه على يد وصي النبي(صلی الله عليه و آله وسلم ) يكون شاهداً لصدقه .

فعلى هذا يكون إخبار النبي والأئمّة عن الغائبات أعلاماً لصدقهم .

فصل

و معنی الغيب ماغاب عن الحس ، أو ماغاب علمه عن النفس ، ولا يمكن الوصول إليه إلا بخبر الصادق الّذي يعلم الغيوب ، وليس كل ما غاب عن الحس لا يمكن الوصول إلى علمه إلا بجبرئیل ، لأن منه ما يعلم بالاستدلال عليه بما شوهد وما هو مبني على ما شوهد ، والنوع الذي كان الخبر عنه حجّة - مما لا دليل عليه من

ص: 1052


1- من البحار

الشاهد - كذلك ، كان معجزاً .

فان قيل : ما أنكرتم أن لا يدل خبره عن الغائبات على صدقه ؟! لأن قوله :«تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ » (1)حكم عليه بالخسران ، ولو آمن لكان له أن يقول : إنّما أردت أن يكون ذلك حكمه إن لم يؤمن . كقوله : « مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (2) فان المراد به إذا مات عليه ولمّا لم يقل إن أبا لهب يموت على كفره كان ذلك و عيداً له كما لسائر الكفّار .

الجواب : إن قوله : «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ » مفارق لما ذكرتم ، لأنّه خبر عن وقوع العذاب به لامحالة [ -وليس هذا من الوعيد الّذي يفرق بالشريطة - يدل عليه«سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ » (3) من حيث قطع على دخوله النار لا محالة ] (4) فلمّامات على كفره ، كان ذلك دليلا على نبوته .

فان قيل : إخباره عن خسران أبي لهب كان على حسب ما رأی من جده في الشرك ، فعمل على ما جرت به العادة في أمثاله .

قلنا : كون جده فيه لا يدل على أنّه ينتقل عنه إلى غيره .

ثم إن المنجّم يخبر بمائة خبر ، حتى يقع واحد على ما قال صدقاً .

وقد أخبر النبي(صلی الله عليه و آله وسلم ) نيّفاً و عشرين سنة ، و كان جميع ما أخبر به صدقاً .

وأخبر عن ضمائر قوم ، و كان كما قال(صلی الله عليه و آله وسلم ) .

ص: 1053


1- سورة المسد : 1
2- سورة المائدة : 72
3- سورة المسد : 3
4- من البحار

باب في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم على الظاهر ، ومن لا يقول و الكلام عليهما

من الفلاسفة من يقول - لمجاملة أهل الاسلام -: إن الطريق إلى معرفة صدق المدعي النبوة (صلی الله عليه و آله وسلم ) أن يعلم أن ما أتی به مطابق لما يصلحون به في دنياهم ، ولأغراضهم الّتي بسببها يحتاجون إلى النبي و لم يشترطوا ظهور معجزة عليه ، وذكر بعضهم ظهور المعجز عليه .

ثم قال : إن ظهور المعجز عليه ، وقلب العصا حیّة ، لا يوصل إلى العلم اليقيني أنّه صادق لأنّه يمكن أن يظن في المعجز أنّه سحر ، وأنّه حيلة نحو انشقاق القمر .

فأمّا إذا علم مطابقة ما أتی به لمصالحهم الدنياويّة فهو طريق لا يدخله الشبهة ، ومن

قال بهذا قال في العلم بصدقه للمعجز فهو طريق العوام والمتكلّمين .

و أمّا العلم بمطابقة شرعه للمصالح الدنياویّة فهو طريقة المحقّقين .

وقد حكي عنهم أنّهم قالوا : إن صدق المدعي لصنعة من الصنائع إنّما يظهر إذا أتي بتلك الصنعة الّتي ادعى العلم بها .

ومثّله على الناقل بمن ادعى حفظ القرآن [ ثم قرأ ، وادعى آخر حفظ القرآن فاذا قيل له : ما دليلك على أنّك تحفظ القرآن ؟ قال: دليلي أنّي اقلّب العصا حيّة وأشق القمر نصفين . ثم فعلهما ، ومن ادعى حفظ القرآن ] (1) .

فاذا قيل له : مادليلك على حفظك له ؟ قرأه كلّه ، فان علمنا بحفظ هذا القاري يكون أقوى من علمنا بحفظ الثاني للقرآن ، لأنّه يشتبه الحال في معجزاته ، فيظن أنّه من باب السحر أو أنّه طلسم ، ولا تدخل الشبهة في حفظ القاري للقرآن .

ص: 1054


1- من البحار

فصل

يقال لهؤلاء : وبماذا علمتم مطابقة ما أتي به النبي (صلی الله عليه و آله وسلم )من الشرائع للمصالح- و نفرض الكلام في شريعة نبيّنا (صلی الله عليه و آله وسلم )لانّكم و نحن نصدقه في النبوة و صحّةشرعه- أبطريقة عقليّة علمتم المطابقة ؟ أم بطريقة سمعيّة ؟

فان قالوا : بطريقة عقليّة . قيل لهم إن من جملة ما أتی به من الشرائع وجوب الصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، و وجوب أفعال الحج ، فما تلك الطريقة الّتي علمتم بها مطابقتها للمصلحة ؟ أظفرتم بجهة وجوب لها في العقل فحكمتم لذلك بوجوبها ؟ أم ظفرتم بحكم في العقل يدل على وجوبها ؟ نحو أن يقول : علمنا من جهة العقل أن من لم يصل هذه الصلوات بشروطها في أوقاتها فانّه يستحق الذم من العقلاء كما يستحق الذم من لم يرد الوديعة على صاحبها ، بعد ما طولب بردها ولا عذر له في الامتناع عن ذلك .

والقول به باطل ، لانّا لا نجد في عقول العقلاء العلم بجهة وجوب شهر رمضان دون العيدين و أيّام التشريق على وجه ، ولانجد لصلاة الظهر على شروطها بعد الزوال جهة

تقتضي وجوبها في ذلك الوقت دون ما قبله .

و قالوا : إن في أفعال الحج مثل أفعال المجانين .

وقالوا في وجوب غسل الجنابة : إنّه سفه ، وشبّهوه بمن نجس طرف من أطراف ثوبه فأوجب غسله کلاه فانّه بعد سفيهاً .

وقالوا في المحرمات الشرعية - كشرب الخمر أو الزنا - : إنّه ظلم ، إلى غير ذلك ممّا يقوله القائلون بالا باحة وغيرها ، فكيف يمكن أن يدعي أنّه يمكن الوصول إلى معرفة و جو بها أو قبحها بطريقة عقليّة ، ولا يمكن أن يعرف تلك المصالح بقول النبي إلا بعد العلم بصدقه من جهة المعجز ؟!

فصح أنّه لا طريق إلى العلم بذلك إلا من جهة المعجز .

ص: 1055

فصل

وأمّا تشبيههم ذلك بمن ادعى حفظ القرآن أو صنعة من الصنائع الدنيویّة إذا أتى بها على الوجه الذي حفظه غيره ، أو علم تلك الصناعة .

فليس نظير مسألتنا ، لأن ذلك من جملة ] (1) المعرفة بالمشاهدات ، لأن بالمشاهدة تعلم الصنعة بعد وقوعها على ترتيب وأحكام ومطابقة لما سبق من العلم بتلك الصنعة وبالحفظ لذلك المقرو .

و ليس كذلك ما أتي به النبي (صلی الله عليه و آله وسلم )لأنّه لا طريق إلى المعرفة بكونه مصلحة في أوقاتها دون ما قبلها وما بعدها ،وفي مكان دون مكان ، و على شرائطها من دون تلك الشرائط لا بمشاهدة ، ولا بطريقة (2) عقليّة .

ألا ترى أن المخالفين القائلين بالعقليّات ، المنکرین للنبوات و الشرائع لمّا لم ينظروا (3) في الطريقة التي سلكها المسلمون في تصديق الرسل(صلی الله عليه و آله وسلم)[من النظر في المعجزات دفعوا النبوة و القول بالشرائع ] لمّا لم يجدوا طريقة عقليّة إلى معرفة شرائعهم ومطابقتها للمصالح(4) الدنياويّة .

فصل

و قولهم : المعرفة بصدق النبي بالمعجزات (5) معرفة غير يقينيّة ، لأنّه يجوز أن يكون فيها من باب السحر .

ص: 1056


1- من ص 1032 الى هنا ليس فی م . راجع بياننا في ص 969
2- « الا بمشاهدة ولا بدلائل » م
3- « للنبوات قد را کوا »م . أي ضعفوا
4- « معرفة ارشادهم الى المصالح » م
5- « معرفة ارشادهم الى المصالح » م

فيقال لهم(1) : إذا جوزتم في المعجزات أن تكون من باب السحرولايحصل بظهورها لكم العلم اليقيني بصدق (2)النبي ،فجوزوا فيمن قرأ القرآن أنّه ساحر وفي من عمل (3) صنعة من الصنائع أن صانعها ساحر لا يحكمها ، لكنّه يرى بسحره أنّه أحكمها ، و في ذلك سد الطريق عليكم إلى معرفة ما يسهو (4) على أصولكم لأنّكم تقولون بصحّة السحر ، وأن الساحر بفضل علومه يتمكّن من إحداث ما لا يقدر عليه بشر مثله .

وقلتم : إن هذا السحر هو علم قد كان ثم انقطع باحراق المسلمين كتب الأكاسرة التي صنّفها الفلاسفة في علم السحر .

فمن يقول منكم بصحّة النبوة هو أولى بأن يقول : الساحر نبي من الأنبياء .

لأن على قوله : « من بلغ في علومه إلى أن يتمكّن ممّا لا يتمكّن منه بشر مثله »

فانّه يتمكّن بفضل علومه أن يضع شرائع وسنناً مطابقة لمصالح الناس ، يصلح بها

دنياهم إذا قبلوا منه .

فعلى هذا إذا أتى النبي بمعجز وجب القول بصدقه و حصول اليقين بنبوته .

فصل

قالوا : علمنا هذه الشرعيّات ، فاستعملنا هذه العبادات ، فوجدناها رائعة في (5) رياضة النفس ، والتنزه عن رذائل الأخلاق ، وداعية إلى محاسنها .

وإلى هذا أشار بعضهم فقال : إذا فهمت معنى النبوة، فأكثر النظر في القرآن والأخبار يحصل لك العلم الضروري ، بكون محمّد (صلی الله عليه و آله وسلم )على أعلى درجات النبوة

ص: 1057


1- « قلنا » م
2- « و لا يحصل بظهورها صدق » م
3- « كل » د ،ق بدل « من عمل »
4- « معرفة صدق نبی ، وهذا لا يستقيم » د ، ق
5- « راجعة الی » م

وأعضد ذلك بتجربة (1) ما قاله في العبادات ، وتأثيرها في تصفية القلوب .

و کیف صدق فيما قال : « من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم » (2)

وفي قوله : « من أعان ظالماً سلّطه الله عليه » (3).

و في قوله : « من أصبح وهمّه(4) واحد كفاه الله هم (5) الدنيا و الاخرة » (6)

قالوا : فاذا جربت هذا في ألف و آلاف حصل لك علم ضروري لايتماری فيه فمن هذا الطريق يطلب اليقين بالنبوة ، لا من قلب العصاحيّة ، و شق القمر .

فهذا هو الايمان العلمي ، ويصير به الدین کالمشاهدة ، والأخذ باليد ، ولا يوجد إلا في طريق التصوف .

فصل

فيقال لهم : إنّه من اعتقد في طريقة أنّها حق ، ودين ، وزهد في الدنيا ، ورغبة

في الآخرة ، وراض نفسه بتلك الطريقة ، واستعمل نفسه بما يعتقده عبادات في ذلك

التديّن [ فانّه يجد لنفسه تميّزاً ممّن ليس في حالة من الاجتهاد في ذلك التديّن ]

ص: 1058


1- « بتجرید » د ، ق
2- روی نحوه الصدوق في ثواب الاعمال : 161 ح 1 ، و التوحيد : 416 ح 17 بالاسناد الى حفص بن غیاث النخعي القاضي ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنهما الوسائل : 18 / 120 ح 30 ، والبحار : 2 / 30 ح 14 و ص 280 ح 49 .وأورده فی مشکاه الانوار:139 عن حفض بن غیاث ،وفی أعلام الدین 389مرسلا.
3- روی نحوه الكليني في الكافي : 2 / 332 ح 13 باسناده الى عبدالاعلی مولى آل سام ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عنه البحار : 75 / 325 ح 56
4- « وهمومه هم » د ، ق
5- «هموم » د ، ق
6- أورد نحوه في التمحيص : 56 ح 112 عن فضيل . وروی نحوه الكليني في الكافي : 2 / 246 ذ ح ه باسناده الى فضيل بن يسار ، عن أبی عبد الله عليه السلام ، عنه البحار : 67 / 150 ح 11 ، وحلية الابرار : 2 / 171

وعباداته ، واعتقاده في حقّيّة ذلك الدين ، حقّاً كان ذلك أم باطلا .

فرهبان النصارى ، وأحبار اليهود يجتهدون في كفرهم الّذي يعتقدونه حقّاً فيجدون لأنفسهم تميّزاً على عوامّهم ، ومتّبعيهم ، و بدعون لأنفسهم من صفاء القلوب والنسك ، والزهد في الدنيا ..

وكذا عبّاد الأوثان إذا اجتهدوا في عبادتها ، فانتّهم يجدون أنفسهم خائفة مستحيية من أوثانهم ، أن يقدموا على ما يعتقدونه معصية لها .

ولهذا حكي عن الصابئيّين المعتقدین عبادة النجوم لاعتقادهم أنّها المدبّرة للعالم ، أنّهم نحتوا على صورها أصناماً ليعبدونها بالنهار إذا خفيت تلك النجوم ويستحيون (1) أن يقدموا على رذائل الأفعال لما يجدون (2) من أنفسهم - على ما ذهبوا إليه في تديّنهم - أنّه حق .

وكذلك أهل (3) العمل بشرائع نبيّنا (صلی الله عليه و آله وسلم )و اعتقادهم (4) صدقه من دون نظر في معجزاته (5) .

فصل

قالوا : حقيقة المعجز : هو أن يؤثّر نفس النبي في هيولي العالم (6) فيغيّر صورة بعض أجزائه إلى صورة أخرى بخلاف تأثيرات سائر (7) النفوس .

فاذا كان هذا هو المعجز عندهم لزم أن يكون العلم به يقيناً ، وأن (8) يعلم أن صاحب تلك النفس هو نبي ، فبطل قولهم : إن العلم بالمعجز غير يقيني ، و أمّا على قول المسلمين فهذا ساقط لأن للمعجزة شروطاً عندهم ، متى عرفت كانت معجزة صحيحة دالّة على صدق المدعي ، منها أنّها ليست من جنس السحر ، لأن السحر عندهم

ص: 1059


1- « ويستقبحون » البحار
2- « و لم يزل مايجدونه » د ، ق
3- « و كذا ما ذكر هؤلاء من » د ، ق
4- « لاعتقادهم » د ، ق
5- « شی » ه- ، م
6- « یؤثر في العالم » ه- ، م . والهيولى : كلمة يونانية معناها : المادة الأولى
7- « تغییر » هم بدل « تأثيرات سائر»
8- « یکون من يرى ذلك » ه- ، م

تمويه و تلبيس ، يري الساحر أنّه حقيقة ، و يخفي وجه الحيلة فيه ، فهو يري أنّه يذبح الحيوان ثم يحييه بعد الذبح ، وهو لايذبحه بل لخفّة حركات اليد يري ولا يفعل .

فمن لم يعلم أن المعجزة جنس ، وأن المخرقة والشعوذة من غير (1) ذلك الجنس لم يعلمها معجزة .

فصل

ثم اعلم أن بين المعجزة ، والمخرقة ، والشعوذة ، والحيل الّتي تبقي فروقاً توصل إلى العلم بها ، بالنظر والاستدلال في ذلك ، بأن يعرف أولا (2) مايصح أن يكون مقدوراً للبشر ، وما لايصح ، وأن يعلم بمقتضى (3) العادة كيف جرت في مقدورات البشر ، وعلى أي وجه تقع أفعاله ، وأن ما يصح أن يقدر عليه من أي نوع يجب أن يكون ، و كيف يكون حالهم إذا خرجوا من المقدرة عليه . وهل يصح أن يعجز البشر عمّا لا يصح أن يقدروا عليه ، وينظر فيما يمكن أن يتوصّل إليه بحيلة وخفّة ويعلم السبب المؤدي إليه ، وما لا يمكن ذلك فيه .

فاذا أحاط علمه بهذه المقدورات عرف حينئذ ما يظهر من المعجزة عليهم ، ففصل بين حالها وبين ما يجري مجرى الشعوذة والمخرقة ، كالعجل الّذي صاغه السامري من ذهب لبس به على الناس ، و كان له صوت وخوار ، إذ احتال إلى إدخال الريح فيه من مداخله و مجاریه ، كما تعمل هذه الالات التي تصوت بالحيل ، أو صندوق الساعات ، أو طاس المفصد (4) الّذي تعلم به مقادير الدم .

و إنّما أضاف الله تعالى الصوت إليه لأنّه كان محلّه عند دخول الريح فيه (5) .

ص: 1060


1- « المعجزة ليست من » د ، ق
2- « بوقف أولا علی » د ، ق
3- « أن » د ، ق بدل « بمقتضى »
4- « الفصد » د ، ق
5- « في جوفه » د ، ق

فصل

واعلم أن الفلاسفة أخذوا أصول الاسلام ثم أخرجوها على رأيهم (1) فقالوا في الشرع والنبي : إنّما أریدا كلاهما لاصلاح الدنيا .

فالأنبياء يرشدون العوام لاصلاح (2) دنياهم ، و الشرعيّات [ تهذب أخلاقهم الا أن الشرع والدين كما يقول المسلمون من أن النبي يراد لتعريف مصالح الدین تفصیلا (3) ] ، وإن الشرعيّات ألطاف في التكليف العقلي .

فهم يوافقون المسلمين في الظاهر ، وإلا فكل ما يذهبون إليه هدم للاسلام ، وإطفاء

لنور شرعه« وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(4) . (5)

ص: 1061


1- « الی آرائهم » د ، ق
2- « يديرون للعوام في مصالح » د ، ق
3- « تحصیلا » د ، ق
4- سورة التوبة : 32
5- من أول هذا الباب ، عنه البحار : 92 / 121 - 174

الباب العشرون : في علامات و مراتب نبينا وأوصيائه

اشارة

عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم السلام (1)

الحمد لله الذي خصّنا بفضله بالمعارف ، والصلاة على محمد و آله الذين بهم عمّنا باللطائف ، فان علامات النبي (صلی الله عليه و آله وسلم )والأئمة من أهل بيته (صلی الله عليه و آله وسلم )في الكتب المتقدمة كثيرة .

وأنا أشير في هذا المختصر إلى جمل منها خطيرة ، وأضيف إليها من الرؤيا الدالّة على (2) مراتبهم ما يليق بها إن شاء الله تعالی .

فصل في علامات نبيّنا محمد (صلی الله عليه و آله وسلم )و وصيّه وسبطيه الحسن و الحسين (علیهم السلام) تفصيلا وفي جميع الأئمّة(علیهم السلام) من ذريّة الحسين جملة

1 - روي عن جماعة منهم محمد وعلي ابنا علي بن عبد الصمد التميمي ، عن أبيهما ، عن السيد أبي البركات ، عن علي بن الحسين الجوزي ، عن أبي جعفر بن

ص: 1062


1- « النبوة للنبي(صلی الله عليه و آله وسلم )و الولاية للائمة عليهم السلام ، و مزایاهم و آیاتهم الخارقة للعادة ومراتبهم الكريمة ، أما بعد » ط بدل « و مراتب نبینا ... وأتم السلام »
2- « علاماتهم في الرموز الالهية من المروي على علو » ط بدل « الرؤيا الدالة على »

با بویه ، عن ... (1) عبد الله بن سليمان (2) - وكان قارئاً للكتب - قال :

قرأت في الانجيل : صدقوا النبي الأمّي صاحب الجمل والمدرعة والناج (3)و النعلين و الهراوة - وهي القضيب - الأنجل (4) العينين ، الصلت (5) الجبين ، السهل الخدین (6) ألأقني الأنف (7) مفلّج الثنايا (8) كان عنقه إبريق فضّة ، كأن الذهب نحت (9) في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرته ، ليس على بطنه ولا على صدره شعر (10) أسمر اللون ، دقيق المسربة (11) شثن الكف و القدم ، إذا التفت

التفت جميعاً ، وإذا مشى كأنّما ينقلع من الصخر ، و ينحدر في صبب (12) وإذا جامع القوم بذهم (13) عرقه في وجهه (14) كاللؤلؤ ، و ريح المسك ينفح منه ، لم ير

ص: 1063


1- « و با لسند الی » م ، ه- بدل « فصول في ... »
2- « حماد بن عبدالله بن سليمان » كمال الدين . « حماد ، عن عبد الله بن سليمان » الامالی
3- أضاف فی ط : « وهي العمامة »
4- العين النجلاء : الواسعة الحسنة
5- الصلت : الواسع المستوى الجميل
6- سهل الخدين : سائل الخدين ، أي فيهما استرسال و انبساط ولين . وفي الكمال :« الواضح » بدل « السهل »
7- القنا في الانف : طوله و دقة أرنبته مع حدب في وسطه
8- الفلج في الأسنان : تباعد ما بين الثنايا والرباعيات خلفة
9- « یجری » د ، ق الكمال والامالی
10- « شیء » م
11- المسربة - بضم الراء - : الشعر المستدق ، النابت وسط الصدر الى البطن
12- قال ابن الأثير في النهاية : 3 / 3 : في صفته صلى الله عليه و آله « اذا مشی كأنما ينحط في صبب » أي في موضع منحدر
13- في صفته صلى الله عليه و آله « يمشي الهوينا يبذ القوم » اذا سارع الى خير أو مشي اليه. لسان العرب : 3 / 477
14- « عرفه في فيه » م ، ه-

قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نکّاح للنساء ، ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة ، لها بيت في الجنّة لاصخب فيه و لا نصب (1) تكفّلها في آخر الزمان كما کفل زکریّا امّك يا عيسى ، لهافرخان يستشهدان .

كلامه القرآن ، ودينه الاسلام ، أهبطك وقت الصلاة لتصلّي معهم ، إنّهم أمّة مرحومة ، لتعينهم على اللعين الدجّال . (2)

فصل

2 - و بالاسناد إلى الشيخ أبي جعفر بن بابویه : نا علي بن أحمد : نا أحمد بن یحیی : نا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن محمّد ، قال : حدثنا أبي عن خالد بن الياس ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم (3) : نا أبي ، عن جدي قال : سمعت أبا طالب يحدث عن عبدالمطّلب ، أنّه قال :

ص: 1064


1- الصخب : الضجة واختلاط الأصوات للخصام . والنصب : الاعياء من العناء
2- عنه اثبات الهداة : 1 / 335 ح - 4 ، و عن كمال الدين : 1 / 159 ح 8 باسناده الی حماد بن عبدالله بن سلیمان ، واعلام الوری : 12 ، و قصص الانبیاء للمصنف : 288 نقلا عن کمال الدین . ورواه الصدوق في الأمالی : 224 ح 8 باسناده الى عبدالله بن سليمان ، عنه البحار : 14 / 284 ح 6 و ج 43 / 32 ح 14 و ج 52 / 181 ح 1 ، وحیلة الابرار : 1 / 99 . وأورده الحافظ البرسی في مشارق أنوار الیقین : 72 مرسلا . وأخرجه في الجواهر السنية : 113 عن الامالي والمشارق . و في البحار : 16 / 144 ح 1 عن الكمال والامالی .وفي الايقاظ من الهجمة : 323 ح 32 عن الكمال
3- كذا في الأمالی والكمال ، وفيم « نا محمد بن اسماعیل : نا عبد الوهاب : نامحمد »

بينا أنا نائم في الحجر (1) إذ رأيت رؤياً هالني أمرها ، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف (2) خز ، وجمّني(3) تضرب منكبي ، فلمّا نظرت إلي عرفت في وجهي التغيّر ، فاستوت ، وأنا يومئذ سيّد قومي .

فقالت : ما شأن سيّد العرب متغيّر اللون ؟ هل را به من حدثان الدهر ريب ؟

فقلت : بلى ، إنّي رأيت (4) وأنا نائم في الحجر ، كأن شجرة نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء ، وضربت بأغصانها إلى الشرق والغرب .

ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً (5) .

ورأيت العرب والعجم ساجدة لها ، وهي(6) كل يوم تزداد نوراً وعظماً .

ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها ، فاذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن الناس وجهاً ، وأنظفهم ثوباً فيكسر (7) ظهورهم ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لآخذ (8) غصناً من أغصانها فصاح بي الشاب . وقال : مهلا ، ليس لك فيها نصيب .

فقلت : لم ذلك والشجرة لي (9) ؟! فقال : النصيب لهؤلاء الذين تعلّقوا بها

وستعود إليها . فانتبهت مرعوباً (10) فزعاً متغيّر اللون ، فرأيت لون الكاهنة قد تغيّر ثم قالت : لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك ولد يملك المشرق والمغرب

ص: 1065


1- أي حجر اسماعيل عليه السلام وفی د ، ق د « حجرة »
2- المطرف : رداء أو ثوب من خز مربع ذو أعلام
3- الجمة من شعر الرأس : ما سقط على المنكبين
4- « رأیت الليلة » الكمال والامالی
5- « مرة » ه-
6- « و فی » ه-
7- « ثياباً فيأخذهم و یکسر » ق ، الكمال والأمالی بدل « ثوباً فيكسر »
8- « لا تناول » د . الكمال والامالی
9- « لمن النصيب والشجرة ( لی ) منی » د ، ق ، الكمال و الأمالی بدل « لم ذلك والشجرة لی »
10- « مذعوراً » د ، الكمال والامالی

ويتنبّاً (1) في الناس ، فسري عنّي غمّي .

فلمّا ولد محمّد كان يقول : كان (2) الشجرة والله أبو القاسم الأمين (صلی الله عليه و آله وسلم ).(3)

فصل

3 - ولمّا تزوج عبد الله آمنة رضي الله عنهما حملت بسيّدنا رسول الله(صلی الله عليه و آله وسلم ) فروي أنّها قالت :

لمّا حملت به لم [ أشك بالحمل ولم ] يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل و رأيت كأن آتياً أتاني فقال لي : قد حملت بخير [ الأنام ، فلمّا حان وقت الولادة خف علي ذلك حتّى وضعته ، وهو يتّقي الأرض بيديه و ركبتيه ، وسمعت قائلا يقول :وضعت خير البشر ، فهو ذیه بالواحد الصمد من شر كل باغ وحاسد .

فقالت آمنة : لمّا سقط إلى الأرض اتّقى الأرض بيديه و ركبتيه ] (4) . ثم رفع رأسه إلى السماء ، و خرج منّي نور أضاء له ما بين المشرق و المغرب (5) و رمیت الشياطين بالنجوم ، وحجبوا عن السماء ، ورأت قريش الشهب و النجوم (6) تسير في السماء ، ففزعوا لذلك وقالوا : هذا قيام الساعة .

فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك ، و كان شيخاً كبيراً مجرباً

ص: 1066


1- « و نبياً » ه- ، و في الكمال و الامالی : « و ينبأ »
2- « کانت » الكمال و الامالی
3- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 173 ح 30 ، والامالی : 216 بهذا الاسناد ، عنهما البحار : 15 / 254 ح 7 و فیه بیان مفید .وأورده في روضة الواعظين : 80 عن أبی طالب ، عن عبد المطلب .وأخرجه في اثبات الهداة : 1 / 342 ح 47 عن الکمال
4- من ق و الكمال ، واللفظ للكمال
5- « أضاء ما بين السماء والارض » ق ، والكمال
6- « و حجبت عن السماوات بالرجوم » م. « وحجبوا عن السماوات بالرجوم » ق

فقال : انظروا إلى هذه النجوم التي يهتدی (1) بها في البر والبحر ، فان كانت قد زالت فهو قيام الساعة ، وإن كانت هذه ثابتة فهو لأمر حدث .

و كان بمكّة يهودي يقال له: « یوسف » فلمّا رأى النجوم يقذف بها وتتحرك

قال : هذا نبي ولد في هذه الليلة ، وهو الذي نجده في كتبنا ، أنّه إذا ولد (2) -آخر الأنبياء - رجمت الشياطين ، وحجبوا عن السماء ، فلمّا رأى محمداً وقد ولد و نظر إليه ، وإلى خاتم النبوة على كتفه ، خر مغشيّاً عليه ، فلمّا أفاق قال : ذهبت النبوة من بني إسرائيل ، هذا نبي السيف ! وتفرق الناس يتحدثون بخبر اليهودي.

ونشأ محمّد في اليوم كما ينشأ غيره في الجمعة .

ونشأ (3) في الجمعة كما ينشأ غيره في الشهر . (4)

فصل

4 - و بالاسناد المتقدم ، عن عبدالله بن محمّد : نا أبي : نا سعید بن مسلم بن مراد (5) مولی لبني مخزوم ، عن سعيد (6) بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس قال : قال والدي العبّاس : لمّا ولد لوالدي عبد المطّلب ، عبد الله رأينا في وجهه نوراً يزهر کنور الشمس ، فقال أبي : إن لهذا الغلام شأناً (7) عظيماً .

ص: 1067


1- « تهتدوا د ، ق ، والكمال
2- « ولد وهو » الكمال
3- كذا فی ق ، و في بقية الموارد « وينشاء »
4- رواه مفصلا الصدوق في كمال الدين : 1 / 196 ح 39 باسناده الى أبان بن عثمان ، عنه اثبات الهداة : 1 / 512 ، وحلية الابرار : 1 / 20 وأورده علی بن ابراهيم القمي في تفسيره : 349 عن آمنة ، عند البحار: 15 / 269 ح 15 ، واثبات الهداة : 1 / 349 ح 55 وعن كمال الدين
5- «عن قمار » کمال الدين . وفی م ، ه- « سعد » بدل « سعید»
6- « سعد » م ، ه-
7- « لشأن » م . « لاناً » ق

قال : فرأيت في منامي أنّه خرج من منخره طير أبيض ، فطار فبلغ المشرق والمغرب ، ثم رجع حتى سقط على بناء (1) الكعبة ، فسجدت له قریش کلّها ، فبينما الناس يتأمّلونه إذ صار نوراً بين السماء والأرض ، وامتد حتى بلغ المشرق والمغرب، فلمّا انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم ، فقالت : يا عبّاس ائن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعاً له .

قال أبي : فهمّني أمر عبدالله إلى أن تزوج بآمنة و كانت من أجمل نسا قريش وأتمّها خلقاً .

فلمّا مات عبدالله رضي الله عنه وولدت آمنة رضي الله عنها رسول الله(صلی الله عليه و آله وسلم (2) أتيته فرأيت النور بين عينيه يزهر ، فحملته وتفرست في وجهه ، فوجدت منه ريح المسك ، وصرت كأنّي قطعة مسك من شدة ریحه (3) .

فحدثتني آمنة : إنّه لمّا أخذني الطلق ، واشتد بي الأمر ، سمعت جلبة (4) و کلاماً لا يشبه کلام (5) الآدميّين ، ورأيت علماً من سندس على قضيب من یاقوت قدضرب بين السماء والأرض . ورأيت نوراً يسطع من رأسه (6) حتى بلغ السماء .

ورأيت قصور الشامات كلّها كأنّها شعلة نار (7) .

و رأيت من القطا شيئاً(8) عظيماً ، قد نشرت أجنحتها حولي ، فرأيت شعيرة (9) الأسدية قد مرت ، وهي تقول : آمنة ما لقيت الكهّان و الأصنام من ولدك ؟!

ص: 1068


1- « بیت » د ،ق ، والكمال والامالی
2- « وولدت برسول الله » ق
3- « ریحی ، الكمال والامالی
4- الجلبة : الصياح والصخب
5- فی م : « لامر »
6- في د ،ق ، م : « رأسی »
7- « نور » الكمال ، « نار نوراً » الامالی
8- « القطاة أمراً » الكمال و الأمالی
9- في م ، ه- « شفيرة » وفید ، ق ، ه- « سفيرة »

ورأيت شابّاً من أتم الناس طولا، [ وأشدهم بياضاً ، وأحسنهم ثياباً ] (1)ماظنته إلا عبدالمطّلب قد دنا منه (2) وتفل في فيه ، واستنطقه ، فنطق ، فلم أفهم ما قال إلا أنّه قال : في أمان الله وحفظه [ وکلاءته ] ، أنت خير البشر !

ثم أخرج صرة فاذا فيها خاتم ، فضرب به بين (3) كتفيه ، و ألبسه قميصاً ، وقال :هذا أمانك من آفات الدنيا ، فهذا ما رأيت يا عبّاس .

ثم جاءت به ، و إذا (4) خاتم النبوة بين كتفيه ، ونسيت الحديث [ فلم أذكره ] إلى وقت إسلامي حتى ذكرني به رسول الله(صلی الله عليه و آله وسلم ) .(5)

فصل

5 - و بالاسناد عن ابن عبّاس قال : كان يوضع لعبدالمطّلب رضي الله عنه فراش في ظل الكعبة لايجلس عليه أحد إجلالا له ، و كان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج عبدالمطّلب .

وكان رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم )يخرج وهو غلام فيمشي حتى يجلس على الفراش فيعظّم ذلك أعمامه ، ويأخذونه ليؤخّروه ، فيقول لهم عبد المطلّب إذا رأى ذلك منهم :

ص: 1069


1- من الكمال والامالی
2- « منی فأخذ المولود » الكمال والامالی « دنا يأخذ المولود » د ، ق
3- « علی » د ،ق بدل « به بین »
4- « قال : فكشفت عن ثو به فاذا » د ، ق
5- رواه مفصلا الصدوق في كمال الدين : 1 / 175 ح 33 ، و الامالی : 217 ح 2 بهذا الاسناد ، عنهما البحار : 15 / 256 ح 8 . وأورده ابن الفتال في روضة الواعظين : 81 عن ابن عباس . وابن شهر آشوب في مناقب آل ابی طالب : 1 / 24 عن العباس بن عبدالمطلب مختصراً . وأخرجه في اثبات الهداة : 1/ 532 ح 157 عن الامالی

دعوا إبني ؟! فوالله إن له لشأناً عظيماً ، إنّي أرى أنّه ، سيأتي عليكم يوم وهو سیّد کم ، ثم يحمله فيجلسه معه ، ثم يلتفت إلى أبي طالب - وذلك أن أبا طالب وعبد الله رضي الله عنهما من ام واحدة - فيقول: إن لهذا الغلام شأناً عظیماً فاحفظه واستمسك به فانّه فرد وحيد ، و كن له کالام ، لايصل إليه شيء يكرهه .

ثم يحمله على عاتقه (1) فيطوف به أسبوعاً ، ثم قدمت به أمّه على أخواله من بني النجّار (2) فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ودفنت بها . فازداد عبدالمطّلب له رقّة وحفظاً ، أن لا أب له ، ولا أم .

فلمّا أدرك عبدالمطّلب - رضي الله عنه - الوفاة (3) و محمّد على صدره وهو في غمرات الموت ، و هو يبكي ، و يلتفت إلى أبي طالب ( رضي الله عنه ) و يقول : أبصر (4) أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ، ولا ذاق شفقة أمّه .

یا أبا طالب إذا أدركت أيّامه فاعلم أنّي كنت من أبصر الناس له ، وأعلم الناس به ، فإن استطعت أن تتّبعه فافعل ، و انصره بلسانك ، ويدك ، ومالك فانّه - والله - سیسود کم ، ويملك ما لم يملك أحد من آبائي ، هل قبلت وصيّتي ؟

ص: 1070


1- « عنقه » الكمال
2- « عدی » ق ، والكمال . وفي دلائل النبوة للبيهقي : 1 / 188 : قدمت آمنة بنت وهب ام رسول الله صلى الله علیه و آله على أخواله من بنی عدی بن النجار المدينة ، ثم رجعت به حتی اذا كانت بالابواء هلكت بها ورسول الله صلى الله علیه و آله ابن ست سنين .وقال : وهذا لان هاشم بن عبدمناف كان قد تزوج بالمدينة سلمى بنت عمرو من بني النجار فولدت له عبدالمطلب . أقول : وهی سلمى بنت عمرو بن زید بن لبید بن خداش بن عامر بن غنم بن علی بن النجار . راجع جمهرة أنساب العرب : 1 / 14
3- أضاف في الكمال : « فبعث الی أبی طالب »
4- « يا أبا طالب انظر » الكمال . « انظر » ق

فقال : نعم ، قد قبلت ، والله على بذلك شاهد .

فقال عبد المطّلب : فمد يدك إلي . فمد يده إليه ، فضرب بيده على يده .

ثم قال عبد المطّلب : الآن خف (1) علي الموت . ثم لم يزل يقبّله ، ويتمنّی أن يكون قد بقي حتى يدرك زمانه .

فمات رضی الله عنه ، فضمّه أبو طالب رضی الله عنه إلى نفسه . (2)

فصل

6 - وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : لمّا ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبي(صلی الله عليه و آله وسلم ) بسنتين (3) أتاه وفد العرب ، ومعهم عبد المطّلب بن هاشم ، فقال : نحن وفد التهنئة ، لا وفد المرزئة (4) . فقال :

أيّهم أنت ؟ قال : أنا عبدالمطّلب بن هاشم . قال : ابن أختنا (5) ؟ قال : نعم .

فأدناه ، ثم أقبل على القوم وقال : قد عرف الملك قرابتكم ، لكم الكرامة

ص: 1071


1- « خفف » ق
2- رواه مفصلا الصدوق في كمال الدين : 1 / 171 ح 28 باسناده الى ابن عباس ، وفی ص 172 ح 29 باسناده الى العباس بن عبدالله بن سعيد ، عن بعض أهله ، مختصراً ، عنه البحار : 15 / 142 - 144 ح 74 و 75 وأورده مختصراً ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب : 1 / 33 عن عكرمة ، عنه البحار : 15 / 146 ح 79 وأخرجه الطبرسي في اعلام الوری : 14 عن كمال الدين ، عند اثبات الهداة 1 / 341 ح 46 وعن كمال الدين
3- كذا فيط والكمال، وفيم :« بسنين »
4- قال ابن الأثير في النهاية : 2 / 219 : منه حديث ابن ذي يزن : « فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة » أي المصيبة
5- كذا في الكمال ، وفی م : « أخينا »

ما أقمتم ، والحباء (1) إذا ظعنتم (2) انهضوا إلى دار الضيافة .

وقال العبد المطّلب سراً : إنّي مفوض إليك من سر علمي ، فليكن عندك مطویّاً حتى بأذن الله فيه ، إنّي أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون خبراً عظيماً ، فيه شرف الناس عامّة ، و لرهطك خاصّة .

فقال عبد المطّلب : أيّها الملك مثلك من سر و بر ، فما هو ؟

قال : إذا ولد بتهامة (3) غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، وكذلك ولولدك به الرعاية (4) إلى يوم القيامة ، وهذا حينه الذي يولد فيه أو [ قد ] ولد واسمه « محمد » يموت أبوه وأمّه ، و يكفله جده وعمّه ، وقد ولد سراراً ، والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منّا أنصاراً ، يعز به أولياءه ، ويذل به (5) أعداءه ، یکسّر الأوثان ، ويخمد النيران ، ويعبد الرحمن ، ويدحر الشيطان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، یأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله .

وإنّك يا عبد المطلب جده غير كذب . فخر عبدالمطّلب ساجدأ لله .

فقال له : ارفع رأسك ، فهل أحسست شيئاً ممّا ذكرته ؟

قال :كان لي ابن ، و کنت به معجباً ، فزوجته كريمة من قومي ، فجاءت بغلام فسمّيته محمّداً ، مات أبوه وأمّه ، و كفلته (6) أنا وعمّه .

فقال الملك : فاحذر عليه اليهود ، و اطو (7) ما ذكرت دون هؤلاء الذين معك

ص: 1072


1- الحیاء : العطاء بلا من ولاجزاء
2- أي ذهبتم وسرتم
3- تهامة بالكسر : تهامة تساير البحر منها مكة . والحجاز : ما حجز بین تهامة و العروض .( مراصد الاطلاع : 1 / 283 )
4- « و لكم به الزعامة » ط ، د ،ق . « ولكم بها لدعامة » الكمال بدل « و كذلك و لولدك به الرعاية »
5- « ليعزبهم أولياءه ، ويذل بهم ، الكمال
6- كذا في الكمال ، وفی م : « و أكفله »
7- « و اضمر » ط ، ه-

فلست آمن أن تدخلهم النفاسة (1) فيطلبون له الغوائل (2) و ينصبون له الحبائل (3) وهم فاعلون أو أبناؤهم ، ولولا أنّي أعلم أن الموت مجتاحي (4) - لصرت بيثرب -دار ملکه (5) - نصرة له ، واستحكام أمره (6) بها - وهي موضع قبره !الخبر إلى آخره (7) قد مضى (8) شيء منه.

فصل

7 - و كان تبّع الملك ممّن قد عرف (9) النبي (صلی الله عليه و آله وسلم )و انتظر خروجه ، وقال :سيخرج من هذه - يعني مكّة - نبي يكون مهاجره یثرب ، فأخذ قوماً من اليمن فأنزلهم مع اليهود لينصروه إذا خرج . (10)

ص: 1073


1- نفست عليه الشيء : أنفسه نفاسة ، اذا ضننت به ولم تحب أن يصل اليه
2- الغوائل : المها لك
3- الحبائل : المصائد
4- « يعاجلنی » ه- ، ط
5- كذا في الكمال ، وفی د ،ق ، م « ملکی » . و فی ق بلفظ « لصيرت يثرب دار ملکی »
6- رواه مفصلا الصدوق في كمال الدين : 1 / 176 ح 32 ، و في كنز الكراجکی : 82 بأسانيدهما الى ابن عباس ، عنهما البحار : 15 / 186 - 191 ح 11 و 12 و 13 و عن اعلام الوری : 15 نقلا عن كمال الدين و دلائل النبوة للبيهقي : 2 / 9 - 14 من طریقین .وأورده المسعودي في مروج الذهب : 2 / 58 مرسلا . وأخرجه ابن شهر آشوب فی مناقب آل ابی طالب : 1 / 20 عن الكمال و نزهة القلوب للثعلبی . و فی اثبات الهداة : 1 / 342 ح 48 عن الكمال
7- « أمر محمد » ه- ، ط
8- في ج 1 / 114 ح 190 وص 129 ح 215
9- « عرف بحال » ه-
10- رواه الصدوق فی کمال الدین : 1 / 170 ضمن ح 25 با لاسناد الى أبي عبدالله عليه السلام عنه اعلام الوری : 13، والبحار : 15 / 182 ضمن ح 5 ، واثبات الهداة : 1 / 340 ح 43

8 - وقال ابن عباس : لا يشتبهن عليكم أمر تبع فانّه كان مسلماً . (1)

9 - وروى لنا جماعة ، عن جعفر الدوريستي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر بن بابویه عن أبيه : ثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبدالله (علیه السلام)قال :

إن تبّعاً قال للأوس والخزرج : كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي ، أمّا أنا لو أدركته لخدمته ، و لخرجت معه . (2)

وقد مضى شيء من دلائله ومعجزاته (علیه السلام)في حديث تبّع .

فصل

وكان أبو طالب ، و أبوه عبد المطّلب من أعرف العلماء (3) وأعلمهم بشأن النبي(صلی الله عليه و آله وسلم ) و كانا يكتمان الايمان به عن الجهّال ، وأهل الكفر والضلال .

10 - قال ابن بابویه : حدثنا أحمد بن محمد الصائغ : ثنا محمد بن أيّوب ، عن صالح بن أسباط ، عن إسماعيل بن محمد و علي بن عبدالله ، عن الربيع بن محمد المسلّي (4) عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت عليّاً (علیه السلام) يقول :

ص: 1074


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 171 باسناده إلى ابن عباس ، عنه البحار :15/ 183 ح 7 ، واثبات الهداة : 1 / 340 ح 45
2- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 170 ح 26 باسناده الى أبي عبدالله عليه السلام عنه البحار: 15 / 182 ح 6 ، واثبات الهداة : 1 / 340 ح44
3- « الناس » ط .
4- « بن المسلمی » ق ، د . « السلمی » ه- ، ط ، والبحار : 35. تصحيف . و مسلية - كمحسنة - قبيلة من مذحج ، وهي مسلية بن عامر بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد .راجع توضيح الاشتباه 156 رقم 681 ، جمهرة أنساب العرب :412 - 414 ، رجال المامقانی : 1 / 427 ، رجال السيد الخوئی : 7 / 173 رقم 4532 .وفي الاخير من هكذا « مسيلة ... بن علة بن خالد ... » تصحيف

والله ما عبد أبي ، ولا جدي عبد المطّلب ، ولا هاشم ، ولا عبد مناف صنماً قط .قيل : وما كانوا يعبدون ؟

قال : كانوا يصلّون إلى البيت ، على دين إبراهيم ، متمسّكين به . (1)

11 - وقال ابن بابویه : ثنا أبو الفرج محمد بن المظفر (2) بن نفیس المصري الفقيه:

ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي ، عن أبيه قال :

كنت عند أبي القاسم بن روح ، فسأله رجل ما معنى قول العبّاس للنبي (صلی الله عليه و آله وسلم ):« إن عمّك أبا طالب قد أسام بحساب الجمل - و عقد بيده ثلاثاً وستّین - » . (3)

ص: 1075


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 174 ح 32 بهذا الإسناد ، عنه البحار : 15 / 144 ح 76 و ج 35 / 81 ح 22
2- « أحمد بن المطهر » ط . تصحيف . وهو من مشايخ الصدوق ، وذكره مترحماً عليه ، وكناه بأبي الفرج ، ووصفه بالفقيه .راجع رجال السيد الخوئی : 17 / 265 رقم 11802
3- تفسير قاعدة الجمل : نقلا عن هامش معانی الاخبار - تحقیق علی اکبر غفاری - نقله عن هامش نسخة خطية ما لفظه : لا يخفى أن مبنى هذا على قاعدة وضعها العلماء المتقدمون في مفاصل اصابع اليدين لبيان عقود العدد وضبطها من الواحد الى عشرة آلاف ، فصورة الثلاثة و الستين على القاعدة الممهدة أن يثني الخنصر والبنصر والوسطى والآحاد وهي الثلاثة جارياً على منهج المتعارف من الناس في عد الواحد الى الثلاثة و لكن يوضع الانامل في هذه العقود قريبة من اصولها وأن يوضع لستین با بهام اليمني على باطن العقدة الثانية من السبابة كما يفعله الرماة . وملخص هذه القاعدة التي ذكرها القدماء هوان الخنصر والبنصر والوسطى العقد الأحاد فقط والمسبحة والابهام الاعشار فقط . قالواحد أن تضم الخنصر مع نشر الباقی ، و الاربعة نشر الخنصر وترك البنصر والوسطى مضمومتين ، والخمسة : نشر البنصر مع الخنصر وترك الوسطى مضمومة ، والستة : نشر جميع الاصابع وضم البنصر ، والسبعة : أن يجعل الخنصر فوق البنصر منشورة مع نشرالباقي أيضاً ، والثمانية : ضم الخنصر والبنصر فوقها ، والتسعة : ضم الوسطى اليهما وهذه تسع صور جمعتها ثلاث أصابع : الخنصر والبنصر والوسطى ، هذه با لنسبة الى الاحاد وأما الأعشار : فالمسبحة والابهام فالعشرة ان يجعل ظفر المسبحة في مفصل الابهام من جنبها والعشرون : وضع رأس الإبهام بين المسبحة والوسطى ، والثلاثون : ضم رأس المسبحة مع رأس الابهام ، والاربعون : أن نضع الابهام معكوفة الرأم الی ظاهر الكف ، والخمسون : أن نضع الإبهام على باطن الكف معكوفة الانملة ملصقة بالكف ، والستون : أن تنشر الابهام ، وتضم الى جانب الكف اصل المسبحة، والسبعون : عكف باطن المسبحة على باطن رأس الابهام ، والثمانون : ضم الابهام و عكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الابهام المضمومة . والتسعون : ضم المسبحة الى اصل الابهام ووضع الابهام عليها . واذا أردت آحاداً وأعشاراً عقدت من الاحاد ما شئت مع ما شئت من الاعشار المذكورة . واذا أردت آحاداً بغير أعشار عقدت في أصابع الاحاد من يد اليسرى مع نشر أصابع الاعشار . وأما المئات : فهي عقد أصابع الاحاد من يد اليسرى فالمائة كالواحد ، والمائتان کالاثنين وهكذا الى التسعمائة . واما الالوف : وهي عقد اصابع عشرات منها ، فالالف کا لعشرة، والالفان کالعشرين الی التسعة آلاف . هذا خلاصة القاعدة المذكورة فتدبر في هذه القاعدة فان لها نفعاً عظيماً والحمد لله رب العالمين . قال المجلسی (ره) : لعل المعنى أن أبا طالب أظهر اسلامه للنبي صلى الله عليه و آله أو الغيره بحساب العقود بأن أظهر الالف أولا بما يدل على الواحد ثم اللام بما يدل على الثلاثين وهكذا . وذلك لانه كان يتقی من قريش كما عرفت . وقيل : يحتمل أن يكون العاقد هو العباس حين أخبر النبي صلى الله عليه و آله بذلك . فظهر على التقديرين أن اظهار اسلامه كان بحساب الجمل ، اذ بيان ذلك بالعقود لايتم الا يكون كل عدد مما يدل عليه العقود دالا على حرف من الحروف بذلك الحساب . وقد قيل في حل أصل الخبر وجوه اخر : منها أنه أشار باصبعه المسبحة : « لا اله الا الله ، محمد رسول الله » فانعقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على الوسطي يدل على الثلاث والستين على اصطلاح أهل العقود ، و كأن المراد بحساب الجمل هذا . والدليل على ما ذكرته ماورد في رواية شعبة ، عن قتادة ، عن الحسن - في خبر طويل ننقل منه موضع الحاجة ، وهو - أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله صلی الله عليه و آله و بکی و قال : يا محمد اني أخرج من الدنيا ومالی غم الا غمك - الی أن قال صلى الله علیه و آله و سلم - : يا عم انك تخاف على أذى أعادی و لاتخاف على نفسك عذاب ربي ؟! فضحك أبو طالب وقال : يا محمد دعوتنی و کنت قدماً أميناً ، وعقد بيده على ثلاث وستین : عقدا لخنصر والبنصر وعقد الابهام على اصبعه الوسطى ، وأشار باصبعه المسبحة ، يقول : « لااله الاالله محمد رسول الله » . ففام علی علیه السلام وقال : الله أكبر والذي بعثك بالحق نبيا لقد شفعك في عمك و هداه بك فقام جعفر وقال : لقد سدتنا في الجنة باشیخی کما سدتنا في الدنيا . فلما مات أبو طالب أنزل الله تعالى : « یاعبادی الذین آمنوا ان ارضي واسعة فایای فاعبدون » سورة العنكبوت : 56 رواه ابن شهر آشوب في المناقب . و هذا حبل متين لكنه لم يعهد اطلاق الجمل على حساب العقود . ومنها : أنه أشار الی کلمتی « لا » و« الا » والمراد كلمة التوحيد ، فان العمدة فيها والاصل النفي و الاثبات . ومنها : أن أبا طالب وأباعبدالله عليه السلام أمرا بالاحفاء اتقاءاً ، فاشار بحساب العقود الى كلمة سبح من التسبيحة ، وهي التغطية أي غط واستر فانه من الأسرار . و هذا هو المروي عن شيخنا البهائي طاب رمسه . ومنها : أنه اشارة الى أنه أسلم بثلاث و ستین لغة ، وعلى هذا كان الظرف في مرفوعة محمد بن عبدالله متعلقاً بالقول . ومنها : أن المراد أن أبا طالب علم نبوة نبينا صلى الله عليه و آله قبل بعثته با لجفر ، والمراد بسبب حساب مفردات الحروف بحساب الجمل . ومنها : أنه اشارة الى سن أبی طالب حين أظهر الاسلام . ولا يخفى ما في تلك الوجوه من التعسف و التكلف سوى الوجهين الأولين المؤيدين بالخبرین ، و الأول منهما أوثق وأظهر لان المظنون أن الحسین بن روح لم يقل ذلك الا بعد سماعه من الامام عليه السلام . انتهى .وراجع کتاب ایمان ابی طالب لفخار بن معد : 107

ص: 1076

ص: 1077

فقال : عني بذاك : إله أحد جواد (1) .

و تفسير ذلك أن الألف واجد ، واللام ثلاثون ، والهاء خمسة ، والألف واحد والحاء ثمانية ، والد ال أربعة ، و الجيم ثلاثة ، والواو ستّة ، والألف واحد ، والدال أربعة ، فذلك ثلاثة و ستّون . (2)

12 - و باسناده عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن أيوب بن نوح ، عن العبّاس ابن عامر ، عن علي بن أبي سارة ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله(علیه السلام) قال: إن أباطالب أسر (3) الايمان ، فلمّا حضرته الوفاة ، أوحى الله إلى رسوله : اخرج منها [ يعني مكّة ] فليس لك بها ناصر - فهاجر إلى المدينة . (4)

فصل

13 - وبالاسناد عن موسی بن جعفر ، عن آبائه(صلی الله عليه و آله وسلم ) [ قال : ] إن عليّاً(علیه السلام) قال لسلمان : ألا تخبرنا ببدء (5) أمرك ؟

قال : أنا كنت من أهل شیر از ، و كنت عزيزاً على والدي ، بينا أنا سائر معه في عيد لهم ، إذا أنا بصومعة (6) فاذا رجل منها ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن عیسی روح الله ، وأن محمداً (7) حبيب الله ، فوقع حب محمد في (8) لحمي ودمي .

ص: 1078


1- « واحد » ه- ، ط
2- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 519 ح 48 ، ومعانی الاخبار : 286 ح 2 بهذا الإسناد ، عنهما البحار : 35 / 78 ح 19. وأخرجه في البحار: 53 / 191 ح 20 عن کمال
3- « اُستر » م
4- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 174 ح 31 بهذا الإسناد عنه البحار : 35 / 81 ح 21
5- « بمبدأ » ق
6- الصومعة : بيت للنصارى ، ويقال : هي نحو المناصرة ينقطع فيها رهبان النصاری
7- زاد فی ه- ، ط « رسول الله ، أو قال »
8- « فوصف حب محمد من » م ، ه- . « فوصف محمد فی » ق ، د

فقال لي أبي : ما لك لا تسجد لمطلع الشمس ؟فکابرته (1) حتى سکت.

فلمّا انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلّق في (2) السقف ، فقلت لامّي (3):

ما هذا الكتاب ؟

فقالت: یا روزبه (4)ان هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقاً ، فلاتقرب ذلك المكان (5) فانّك إن قر بته قتلك [ أبوك ] .

قال : فجاهدتها حتى جن الليل ، و نام أبي وامّي ، فقمت و أخذت الكتاب ، فاذا فيه مكتوب : « بسم الله الرحمن الرحيم : هذا عهد من الله إلى آدم أنّه خالق من صلبه

نبیّاً يقال له « محمد » يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن عبادة الأوثان .

باروز به إئت (6) وصي وصي عيسى [ فاخدمه فهو (7) يرشدك إلى مرادك ] » .

ص: 1079


1- کابره : عانده
2- « من » م ، د
3- « لابی » ط ، وما بعده بصيغة المذكر
4- قال الصدوق (رحمه الله علیه) كان اسم سلمان روز به بن خشبوذان ، وما سجد قط لمطلع الشمس وانما كان يسجد لله عزوجل ، و كانت القبلة التي أمر بالصلاة اليها شرقية ، وكان أبواه يظنان أنه انما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم ، وكان سلمان وصی وصی عیسی علیه السلام في أداء ما حمل الى من انتهت اليه الوصية من المعصومين ، وهو آبی علیه السلام ... أقول : الاب - با لمد - عند المسيحيين :الأقنون الاول من الاقانيم الالهية . ولما هاجر الی الله ، ودخل مدينة علم رسوله صلى الله عليه و آله التي با بها أمير المؤمنین عليه السلام صار سلمان المحمدي بقول خاتم الانبياء ، وعد منهم أهل البيت عليهم السلام وفضائله وماثره في الاسلام أشهر من أن تذكر ، راجع تفصيل حياته و سيرته في البحار : 22 / 315 - 392 ، و نفس الرحمان في فضائل سلمان ( رضوان الله تعالی علیه) تأليف صاحب کتاب مستدرك الوسائل ...
5- « فلا تقرأه » ه-
6- « أنت » م ، ه- ، د ، ق
7- كذا في نسخة من ط ، و في المصادر : فآمن واترك المجوسية

فصعقت صعقه فعلم (1) أبواي بذلك ، فجعلوني في بئر ، وقالوا : إن رجعت وإلا قتلناك . فقلت : افعلوا بي ماشئتم ، حب محمد لايذهب من صدري .

قال : و كنت لا أعرف العربيّة (2)ولقد فهّمني الله العربيّة في ذلك اليوم ، و كانوا ينزلون علي قرصاً (3) صغاراً (4) .

فلمّا طال أمري في البئر ، رفعت يدي إلى السماء ، وقلت : « يارب إنّك حببت محمداً ووصيّه إلي ، فبحق وسيلته عجّل فرجي » .

فأتاني آت عليه ثياب بيض (5) فقال : قم باروزبه . فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة وصعدتها . فقال الديراني : أنت روزبه ؟ قلت : نعم . وأقمت عنده وخدمته (6) حولين فلمّا حضرته الوفاة [ دلّني على (7) راهب بأنطاكية ، وناولني لوحاً فيه صفات محمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) . فلمّا أتيت راهب أنطاكية ، وصعدت صومعته ، قال : أنت روزبه ؟

قلت : نعم . فرحّب بي ، وخدمته حولين أيضاً ، و عرفني بصفات محمد ووصيّه .

فلمّا حضرته الوفاة ، قال لي : ياروزبه إن محمد بن عبد الله قد ] (8) حان خروجه (9)فخرجت بعد موته مع (10) قوم يخرجون إلى الحجاز [ فصرت ] أخدمهم فقتلوا شاة

ص: 1080


1- « فانتبه » ط
2- « قال سلمان : كنت أفهم العبرية / العبرانية » م ، ه- ، و نسخة من ط . « قال سلمان : كنت أعرف العلماء » د ، ق
3- الفرصة : قطعة من الخبز مبسوطة مستديرة ، جمعها : قرص - بضم القاف وفتح الراء -
4- زاد في نسخة من المطبوع : فلبثت فيها ما شاء الله
5- « بياض » م ، د ، ق
6- « نعم و خدمته أيضاً » م
7- « فلما مات خلفني الى » ق ، د . وفی ه- ، ط « دنته » بدل « حضرته »
8- في نسخة من ط « دلنی علی راهب بأنطاكية وناولني لوحاً ، فلما أتيت صومعنه ، قال: روزبه ؟ قلت : نعم وخدمته حولين أيضاً ، فلما حضرته الوفاة ... » . وأنطاكية : مدينة ، هي قصبة العواصم من الثغور الشامية ، من أعيان البلاد وامهاتها .... ( مراصد الاطلاع : 1 / 124 )
9- « ولادته » ط د ، ق
10- « فوصلت الى » ه- ، ط .

بالضرب و شووا ، وأحضروا الخمر ، وقالوا لي : كل واشرب .

فامتنعت فأرادوا قتلي فقلت : لاتقتلوني ، أقر لكم بالعبوديّة . فباعوني من يهودي

فسألني عن قصّتي فأخبرته [ بخبري من أوله إلى آخره ] .

فقال : إنّي أبغضك و أبغض محمداً .

فأخرجني إلى خارج داره ، وإذا رمل كثير على بابه (1) ، فقال : إن (2) اُصبحت ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع [ إلى هذا الموضع ] لأقتلنّك .

فجعلت أحمل طول ليلتي .

فلمّا تعبت [ ولم أنقل منه إلا القليل ] فقلت: « یا رب إنّك حبّبت محّمداً ووصيّه إلي ، فبحق وسيلته ارحني ممّا (3) أنا فيه » .

فبعث الله ريحاً قلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي .

فلما أصبح (4)قال لي : إنّك(5) ساحر ، لأخرجنّك من هذه القرية ، لئلا تهلكنا (6) .

فأخرجني فباعني من امرأة سليمة (7) فأحبّتني ، وكان لها حائط (8) [ فجعلتني فيه ] فقالت : كل منه ، وهب و تصدق .

فبينا أنا في الحائط يوماً إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا ، تظلّهم غمامة تسير معهم قلت: إن فيهم نبيّاً ... الخبر بتمامه قد مضى . (9)

ص: 1081


1- « باب داره » ه- ، ط
2- « لان » د ، ق
3- « بما » م
4- « أصبح رآه » ه- ، ط
5- « أنت » د ، ق
6- « تهلكها » د ، ق
7- « سلمية » كمال ، مناقب
8- أي بستان
9- أورده المصنف في قصص الانبياء : 295 باختلاف ، ورواه الصدوق في كمال الدین : 1 / 161 ح 21 باسناده عن العطار وابن ادريس جميعاً ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن علی بن مهزیار ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن موسی بن جعفر عليهما السلام باختلاف بسير ، وأورده الفتال في روضة الواعظين : 3205 مرسلا عنه عليه السلام باختلاف يسير ، عنهما مناقب آل ابیطالب : 1 / 18 وأخرجه في اثبات الهداة: 1 / 506 ح 120 ، والبحار : 22 / 355 ح 2 عن کمال الدین

فصل

14 - وإن قس بن ساعدة الأيادي (1)أول من آمن بالبعث من أهل الجاهليّة ، عاش ستمائة سنة ، و كان يعرف النبي باسمه ونسبه ، ويبشّر الناس بخروجه ، و كان يستعمل التقيّة (2) .

و من شجون الحديث أنّه كان النبي (صلی الله عليه و آله وسلم )يوم افتح مكّة [ قاعداً ] بفناء الكعبة إذ أقبل إليه وفد ، قال من القوم ؟ قالوا : وفد بكر بن وائل .

قال: فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الأيادي ؟

قالوا : مات . فقال : رحم الله قسّاً ، يحشر يوم القيامة أمّة وحده (3). (4)

15 - وعن ابن عبّاس أنّه لمّا دعا رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم )(5) بكعب بن أسد (6) ليضرب عنقه : وذلك في غزوة بني قريظة ، نظر إليه رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم )[ وقال له : ]

ص: 1082


1- وهو من اياد بن أد بن معد ، وكان حكيم العرب ، و كان مقراً با لبعث ، وهو الذي يقول : من عاش مات ، ومن مات فات ، و كل ماهو آت آت ، وقد ضرب العرب بحكمته وعقله الأمثال ... راجع مروج الذهب للمسعودی : 1 / 82 - 84
2- رواه في كمال الدين : 1 / 168 ذ ح 23 مفصلا ، عنه البحار 15 / 186 ذ ح 10
3- « واحدة » د ، ق
4- روی مثله في كمال الدين : 1 / 166 ح 22 باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام ، وفي سعد السعود: 232 باسناد له من طريق الصدوق ، مفصلا .وأورده في الاختصاص : 17 مثله . وأخرجه في البحار: 15 / 183 ح 8 عن كمال الدين
5- « لما دخل رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم ) أمر » ه- ، ط
6- انظر بشأنه الكامل في التاريخ : 2 / 180 ، 186

أما نفعك وصيّة أبي حواس (1) الحبر الذي أقبل من الشام ؟

قال : تركت الخمر و الخمير (2) والحمد ، و جئت إلى البؤس و التمور (3)

لنبي يبعث ، هذا أوان خروجه، يكون مخرجه بمكّة ، و يثرب دار هجرته ،وهو الضحوك القتّال ، يجتزي (4) بالتمرات ، ویرکب الحمار العاري ، في عينيه حمرة ، و بين كتفيه خاتم النبوة ، يضع سيفه على عاتقه ، لا يبالي من لاقی ، يبلغ سلطانه ، منقطع الخف والحافر .

قال كعب : قد كان ذلك يا محمد ، ولولا أن اليهود تعيّرني ، إنّي خفت (5) عند التقتيل (6) لآمنت بك وصدقتك ، ولكنّي على (7) دين اليهودية . فأمر بضرب (8) عنقه . (9)

16 - وأتى النبي يهودي ، فقال : يا محمد لم يبعث نبي إلا وكان له (10) هامان ، فمن ها مانك ؟ قال : إذا أريتكه (11) تسلم ؟ قال : نعم .

ص: 1083


1- « أبی حواش » ه- ، د ، ق . « ابن حواش » كمال . وروى على بن ابراهيم فی تفسيره : 520 ما لفظه : ... قال الزبيربن باطا - و كان شيخاً كبيراً مجر بأقد ذهب بصره - قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبیاً في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ، ومهاجره في هذه البحيرة ، یرکب الحمار العاری...
2- « اللحم والخمير » د ، ق . وفی رواية القمي « الخنزير » والخمير : الخبز
3- « التهور » د ، ق
4- جزاه الشيء : كفاه
5- « جبنت » د ، ق
6- « القتل » د ، ق
7- « لا أترك » د ، ق
8- « فأمر صلى الله عليه و آله به فضر بت » ط
9- رواه علی بن ابراهيم في تفسيره : 529 ضمن حديث طويل . ورواه في كمال الدين : 1 / 198 ح 40 باسناده عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير والبزنطى جميعاً ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مثله ، عنه اثبات الهداة : 1 / 350 ح 56 ، و البحار : 15 / 206 ح 24 و ج 20 / 247 ح 15 ، وحلية الابرار : 1 / 31 ، ومستدرك الوسائل : 8 / 269 ح 5
10- « كان في زمانه » د ، ق
11- « أرينكاه » م . « أريتکاه » د ، ق

قال : إن فيه عشر علامات : أدلم (1) أكشف (2) أجلح (3) أحول (4) أقبل (5)أعسر (6) أيسر(7) أفحج ، أقصى (8) .

فدخل عليه رجلان كل ذلك (9) يقول : هو ذا (10) ؟ قال : لا .

فدخل (11) رجل ، فقال : هو ذا ؟ فقال : نعم . قال : (12) أشهد أنّك رسول الله .

فصل

17 - وبالاسناد المذكور عن ابن عباس ، عن أبيه ، عن أبي طالب قال :

خرجت إلى الشام تاجراً سنة ثمان من مولد رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم )، و كان في أشد ما يكون من الحر ، و كنت أقول (13) أن لا أخلّف محمداً ، فقيل لي : غلام صغير في

ص: 1084


1- الأدلم من الرجال : الطويل الاسود
2- الاكشف : الذي انحسر مقدم رأسه
3- الأجلح : الذي انحسر شعره عن جانبي رأسه
4- الحول - با لفتح - : أن تميل احدى الحدقتين الى الأنف ، والأخرى الى الصدغ
5- الاقبل - من القبل - : الذى كأنه ينظر الى طرف أنفه . وقيل : هو الأفحج : وهو الذي تتدانی صدور قدميه ، ويتباعد عقباهما . وفيم «أقيل»
6- الأعسر : الذي يعمل بیساره
7- قال ابن الأثير في النهاية : 5 /297 : وفيه « ... أعسراً يسر » هكذا يروى ، و الصواب « أعسر أیسر » وهو الذي يعمل بيديه جميعاً ، ويسمى الأضبط
8- المذكور في النسخ تسع علامات
9- « و كلما دخل رجل » ه- ، ط
10- « هذا » ه-
11- « حتى دخل » د ، ق
12- « حتی دخل رجل قال : هو هذا . قال : أشهد أن لا اله الا الله و » ه- ، ط
13- كذا في نسخة من ط ، و نسخة اخرى « و كنت عزمت ، ثم خفت عليه الاعداء بعد سفری فعزمت على أخذه علی » . وفی م ، ه- د ، ق « و كنت على » .أقول : وفي رواية الصدوق بلفظه « فلما أجمعت على السير ، قال لي رجال من قومی : ما تريد أن تفعل بمحمد ، وعلى من تخلفه ؟ فقلت : لا أريد أن اخلفه على أحد من الناس ، اريد أن يكون معي

حر مثل هذا !؟ [ فقلت : يكون معي أروح لخاطري ] فحشوت له حشيّة (1) . [ واستأجرت له ناقة ، وأركبته ] .

و كنّا ركباناً كثيراً ، فكان البعير الذي عليه محمد (صلی الله عليه و آله وسلم )أمامي لا يفارقني ، و كان يسبق الركب كلّهم ، و كان إذا اشتد الحر أنته سحابة (2) بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلّم عليه ، وتقف على رأسه لا تفارقه .

و كانت ربّما أمطرت علينا السحابة أنواع الفواكه ، وهي تسير معنا .

وقد ضاق الماء أبداً في طريقنا من قبل حتى كنّا لا نجد قربة إلا بدينارين فحيثما نزلنا في هذا السفر تمتليء الحياض ، و يكثر الماء ، وتخضر الأرض ، فكنّا في تلك السنة في خصب وطيب من الخير .

و كان معنا قوم قد وقفت جمالهم ، فمشى إليها محمّد (صلی الله عليه و آله وسلم )ومسح عليها فسارت فلمّا قربنا من بصری (3) إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابة السريعة (4) حتى إذا قربت منّا ، وقفت فاذا فيها راهب (5) . و كانت السحابة لا تفارق محمداً ساعة واحدة .

و كان الراهب لايكلّم الناس ، ولا يدري ما الركب ، فلمّا نظر إلى محمّد(صلی الله عليه و آله وسلم )

ص: 1085


1- « فحشوت له حنقة » م . « فحشیت له حشية » خ ل . والحشية - بتشديد الياء - : الفراش المحشو
2- « أتاه بسحابة » ط
3- بصری - بالضم والقصر - : احداهما بالشام ، وهي التي وصل اليها النبي (صلی الله عليه و آله وسلم ) للتجارة ، وهي المشهورة عند العرب ، قال : هي قصبة كورة حوران ، و الاخرى .... ( مراصد الاطلاع : 1 / 201 )
4- « المسرعة » ط
5- هو بحیری - و قيل بالمد - الراهب الذی عرف النبي صلى الله علیه و آله بصفته و نعته و نسبه و اسمه قبل ظهوره با لنبوة ، و كان منتظراً لخروجه كما ذكر الصدوق . و اسمه في النصاری : سرجس ، وقيل : جرجس أو جرجيس ، و كان من عبد القيس

عرفه ، فسمعته يقول : إن كان أحد فأنت أنت ! ، فنزلنا (1) تحت شجرة عظيمة ، قريبة من الراهب [ و کانت یا بسة ] قليلة الأغصان ، ليس لها حمل .

فلمّا نزل تحتها محمد اهتزت الشجرة ، وألقت أغصانها على محمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) وحملت من [ حينها ] ثلاثة ألوان [ من ] الفواكه ، فاكهتان للصيف ، وفاكهة للشتاء .

فتعجّب جميع من معنا من ذلك .

فلمّا رأى الراهب ذلك ، ذهب فأعد (2) طعاماً لمحمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) بقدر ما يكفيه ، ثم جاء وقال : من يتولّي أمر هذا الغلام ؟ قلت : أنا . قال : أي شيء تكون منه ؟ .

قلت : عمّه . قال : يا هذا له أعمام ، فأي الأعمام أنت ؟ .

قلت : أنا أخو أبيه ، من أب وأم واحدة .

فقال : أشهد أنّه هو ، وإلا فلست بحیری .

ثم قال لي : أتأذن لي أن أقرب (3) هذا الطعام منه ؟ قلت : قربه إليه .

فالتفت إلى محمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) فقلت (4) : رجل أحب أن يكرمك ، فكل (5) .

قال : هو لي دون أصحابي ؟ فقال بحيري : نعم هو لك خاصة .

فقال محمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) : إنّي لا آكل دون هؤلاء .

فقال بحيري : لم يكن عندي أكثر من هذا .

فقال : أفتأذن یا بحيرى أن يأكلوا معي ؟ فقال : بلى .

فقال : كلوا على اسم الله . فأكل كل واحد [ منها ] حتى شبع (6) و بحیری قائم

ص: 1086


1- « فنزل الی » م
2- « فاتخذ » ه- ، ط ، د
3- « تقرب » م ، ه-
4- « فقال » م ، ه- . تصحيف . فالحديث لابی طالب ، وقد قاله بعد أن رأى النبي صلى الله عليه وآله کارهاً لذلك كما في الروايات
5- « و کل » م
6- « شبع وتجشی » د ، ق

على رأسه ، وفي كل ساعة يقبّل رأسه ويافوخه (1) ويقول : هو ، هو ورب المسيح - والناس لا يفهمون - .

فقال له رجل (2) من الركب : كنّا نمر بك (3) ولا تفعل بنا هذا البر ؟

فقال بحيري : إني أرى ما لا ترون ، وأعلم ما لا تعلمون ، وهذا الغلام ، لو تعلمون منه ما أعلم ، لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه (4) إلى وطنه .

و لقد رأيت له (5) - وقد أقبل - نوراً أمامه ما بين السماء و الأرض .

ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه ، و آخرین ينثرون عليه أنواع الفواکه .

ثم هذه السحابة لاتفارقه ، ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابّة على رجلها وهذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان ، وقد كثرت أغصانها واهتزت (6) او حملت .

ثم هذه الحياض (7) التي غارت وذهب ماؤها أيّاماً ، منذ الحواریین [ حین ] وردوا على بني إسرائيل فحصوا .

فوجدنا في كتاب شمعون الصفا أنّه دعا عليهم فغارت وذهب ماؤها .

ثم قال : إذا ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء ، فاعلموا أنّه من أجل (8) نبي يخرج في أرض تهامة ، مهاجرة إلى المدينة ، إسمه في قومه « الأمين » وفي السماء « أحمد » و هو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه ، فوالله إنّته لهو . (9)

ص: 1087


1- اليافوخ : حيث التقى عظم مقدم الرأس وعظم مؤخره ، و هو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل
2- « شخص » ط
3- فی م غير مقروءة و لعلها « نعرفك »
4- « تو دوه » م ، د ، ق
5- « رأيته » د ، ق
6- « كبرت واهتزت » ط
7- الحوض : مجتمع الماء، جمعها : أحواض و حیاض و حیضان
8- « لأجل » ه- ، ط ، د ، ق
9- روی مثله في كمال الدين : 1 / 182 ح 33 باسناده عن القطان وابن موسی و محمد بن أحمد الشيباني ، عن ابن زکریا القطان ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عبدالله بن محمد ، عن أبیه، عن الهیثم عن محمد بن السائب ،عن أبی صالح ، عن ابن عباس مفصلا ، عنه اثبات الهداة : 1 / 343 ح 49 ، و ص 508 ح 121 ، والبحار : 15 / 193 ح 14 . راجع فی ذلك أیضاً السیرة النبویة لابن هشام : 1 / 191 ، و مروج الذهب : 1 / 89

فصل

18 - وبالاسناد المذكور عن أبي طالب أنّه قال : لمّا أراد بحيرى أن يفارق محمداً بکی بكاء شديداً فأخذ يقول : يا بن آمنة كأنّي بك وقد رماك العرب [ عن قوس واحد ]

بوترها (1) وقد قطعك الأقارب .

ثم التفت إلّي وقال : أما أنت ياعّم [ محمد ] فارع (2) فيه قرابتك الموصولة ، واحفظ فيه وصيّة أبيك ، وإن قريشاً ستهجر بك (3) فيه ، فلاتبالي ، ولا يمكنك أن تؤمن به ظاهراً .

ولكن يؤمن به ظاهراً ولد (4) تلده وسينصره نصراً عزیزاً ، اسمه في السماوات البطل الماضي ، و الشجاع الأنزع (5) أبوالفرخين المستشهدين ، وهو سيّد العرب وربّانها ، وذو قرنيها ، وهو في الكتب أعرف من أصحاب عیسی (6) . (7)

ص: 1088


1- الوتر : شرعة القوس ومعلقها . وفی م « بوتدها »
2- أي فاحفظ . يقال : رعى عليه حرمته : حفظها
3- « سيهجونك » د . « ستهجرك » ط . يقال : هجرته هجراً - بالفتح والكسر - : تركته ورفضته . وهجر یهجر هجراً : هذي وخلط في كلامه
4- « و لكن تؤمن به باطناً ، و سيولد لك و لد » ه- ، ط
5- الأنزع : الذي ينحسر شعر مقدم رأسه مما فوق الجبين
6- في نسخة من ط « أعرف من أصحاب موسی بتوراتهم ، ومن أصحاب عیسی با نجيلهم »
7- الى هنا رواه الصدوق بالاسناد المتقدم ، عن عبد الله بن محمد ، عن أبيه ، وعبد الرحمن بن محمد ، عن ( محمد بن ) عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده مثله ، عنه البحار : 15 / 198 ح 15

ثم قال بحيري : يا نبي الله (1)) ما أطيبك و أطيب ريحك ؟! يا أكثر النبييّن أتباعاً ، يامن بهاء نور الدنيا من نوره ، يا من بذكره (2) تعمر المساجد ، كأني بك قد قدت (3) الأجناب(4) والخيل ، وقد تبعك العرب والعجم طوعاً و کرهاً .

كأنّي باللات والعزى قد كسرتهما ، و قد صار (5) البيت العتيق تضع مفاتيحه

حيث تريد ، كم من بطل من قريش والعرب تصرعه ، معك مفاتیح الجنان و النيران ،

معك الذبح (6) الأكبر ، وهلاك الأصنام .

أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل الملوك كلّها في دينك صاغرة قمئة (7) .

فلم يزل يقبّل وجهه(8)مرة ويديه مّرة ، ويقول لئن أدر کت زمانك لأضربن بین يديك ، أنت - والله - سیّد المرسلين ، وخاتم النبيّين .

والله ، لقد ضحكت الأرض يوم ولدت ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة فرحاً بك .

والله ، لقد بكت البيع (9) والأصنام والشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة .

أنت دعوة إبراهيم ، وبشرى عيسى ، أنت المقّدس المطهّر من أنجاس الجاهلية .

ثم التفت إلي وقال : وإنّي أرى أن ترده إلى بلده ، فانّه مابقي يهودي ، ولا نصراني ، وصاحب كتاب إلا وقد علم بمولد هذا الغلام ، ولور أو(10) لابتغوه بشر (11)

ص: 1089


1- « یا بنی » م
2- « بدرکه » خ ل
3- من قاد الدابة اذا مشي أمامها آخذاً بقيادها .وقاد الجيش والجند : كان رئيساً عليهم
4- كذا ، والاجناب : الغرباء . والظاهر أنها « الاجناد » جمع جند أي العسكر ، وهو الموجود في رواية الصدوق . وفي نسخة من ط بلفظ « و قد قرب الاجناب »
5- « سار» م
6- « الريح » ه-
7- قمأ : ذل وصغر ، فهوقمی ء
8- « رجليه » د ، ق ، ه ،ط ، وكذلك في رواية الصدوق
9- البيع - بكسر الموحدة و تحريك المثناة - : جمع بيعة ، وهي معبد النصارى واليهود
10- « و لو رأوه وعرفوا منه ماعرفت » ط . وهو الموجود في رواية الصدوق
11- « لا تبعوه سرأ » د ، ق . « لا تبعوه » ط

وأكثر أعدائه هؤلاء اليهود .

قلت : ولم ؟ قال : لأنّه كائن (1) لابن أخيك هذه النبوة والرسالة ، ويأتيه الناموس الأكبر (2) الذي كان يأتي موسی و عیسی(علیه السلام) .

قال أبو طالب : فخرجنا إلى الشام ، فلمّا قربنا منها [ رأيت ] والله قصور الشامات (3) كلّها قد اهتزت وعلا منها (4) نور أعظم من نور الشمس ، وذهب الخبر

في جميع الشامات ، حتى ما بقي فيها حبر ولا راهب إلا اجتمع عليه .

فجاء حبر عظيم كان اسمه « نسطورا » فجلس بحذائه ينظر إليه لا يكلّمه بشيء حتى فعل ذلك ثلاثة أيّام متوالية .

فلمّا كانت الليلة الثالثة ، لم يصبر حتى قام إليه ، فدار خلفه [ كأنه ] يلتمس منه شيئاً ، فقال لي : ما اسمه ؟ فقلت : « محمد بن عبد الله » . فتغيّر - والله - لونه (5) ثم قال : فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه ؟ فكشف عن ظهره (6) .

فلمّا رأى الخاتم انكب عليه يقبّله ويبكي ، ثم قال : يا هذا اسرع من رد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه ، فانّك لو تدري كم عدو له في أرضنا ، لم تكن بالذي تقدمه معك ، فلم يزل يتعاهده في كل يوم ، ويحمل إليه الطعام .

فلمّا خرجنا منها ، أتاه بقميص من عنده ، فقال : ترى أن يلبس هذا القميص ويذكرني به ؟ فلم يقبله ، ورأيته كارهاً لذلك ، فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتم

ص: 1090


1- « ثم قال : أن » ه- ، ط
2- الناموس الأكبر : جبريل . قال الجوهري : وأهل الكتاب يسمون جبريل عليه السلام : الناموس
3- « الشام » ه- ، ط . وكذا بعدها . قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط : 4 / 134 : الشام : بلادعن مشأمة القبلة وسميت لذلك ، أو لان قوماً من بنی کنعان تشاءموا اليها أي تیاسروا ... أو لان أرضها شامات بيض وحمر وسود ، وعلى هذا لا تهمز
4- « و علاها » ه- ، ط
5- « لوقته » ه- . ؟
6- في نسخة من ط : « فقلت لمحمد اکشف له »

و قلت (1) : أنا ألبسه ، وعجّلت به حتى رددته إلى مكّة .

فوالله ما بقي بمكّة إمرأة ، ولا كهل ، ولا شاب ، ولا صغير ، ولا كبير ، إلا استقبلوه شوقاً إليه ، ما خلا أبا جهل - لعنه الله - فانّه قد ثمل (2) من السكر . (3)

وقد مضى من (4) هذا الحديث شيء لم نعده هنا .

فصل

19 - وعن يعلى (5) النسّابة قال : خرج خالد بن أسيد بن أبي العيص (6) ،وطليق (7) بن أبي سفيان بن أميّة تجّاراً - سنة خرج محمد إلى الشام - و كانا يحكيان أنّهما رأيا في مسيره ، و رکوبه ما يصنع الوحش والطير [ معه ] .

قالا : ولمّا توسّطنا سوق بصری إذا نحن بقوم من الرهبان قد جاءوا متغيّري الألوان ، نرى منهم الرعدة (8) كان على وجوههم الزعفران(9) .

فقالوا : نحب أن تأتوا كبيرنا ، فانّه ها هنا قريب في الكنيسة العظمی .

ص: 1091


1- في نسخة من ط : « و قلت لمحمد »
2- « کان ثملا » ط . و ثمل : أخذ فيه الشراب ، فهو ثمل
3- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 185 بالسند المتقدم في الحديث 15 ، عنه البحار :15 / 196 . والخبر مروى بألفاظ مختلفة في كتب منها : تاریخ الطبری : 2 / 32 و اعلام الوری : 17، وغيرها
4- في الحديث 15 المتقدم
5- « العجلی » ه- . تصحيف
6- « خالد بن اسید بن ... - غير مقروءة - » م . « خالد بن أسد بن ( أبي ) العاص »د ، ق ، ه- . « خالدبن أبي العاص » . والصحيح ما في المتن ، وهو الموجود في كتب الرجال . وهو خالد بن أسيد ابن أبي العيص بن أمية بن بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموی ، أخو عتاب بن اسید ... أسلم عام الفتح ومات بمكة . راجع اسدالغابة : 2 / 76
7- « ظریف » ه-
8- الرعدة : الاضطراب ، يكون من الفزع وغيره
9- كناية عن صفرة وجوههم لما اعتراهم من اضطراب وفزع .وفی م«الزعفرلك » تصحيف

فقلنا : ما لنا ولكم ؟ فقالوا : ليس یضركم من هذا شيء ، ولعلّنا نكرمكم . فظنّوا

أن واحداً منا(1) « محمد » ، فذهبنا معهم حتى دخلنا معهم الكنيسة العظيمة البنيان ، فاذا كبيرهم قد توسّطهم ، وحوله تلامذته ، وقد نشر کتاباً في يديه ، فأخذ ينظر (2) إلينا مرة ، وفي الكتاب اخرى (3) ، ثم قال لأصحابه :

ما صنعتم شيئاً لم تأتوني بالذي أريد ، وهو الآن ها هنا .

ثم قال لنا : من أنتم ؟ قلنا : رهط من قريش . قال : من أي قريش ؟ قلنا : من[ بني ] عبد شمس . قال : أغير كم معكم ؟ قلنا : بلى ، شخص (4) من بني هاشم نسمّيه يتيم أبي طالب [ ابن عبد المطلب ] فوالله لقد نخر (5) نخرة كاد أن يغشی عليه [ ثم وثب قائماً ] فقال : أروه لي ، أروه لي (6) ، هلكت النصرانيّة و المسيح .

ثم قام واتّكأ على صليب من صلبانه ، وهو يفكّر ، وحوله ثمانون رجلا من البطارقة (7) و التلامذة ، فقال لنا : فبحقّه عليكم أن ترونيه (8) .

فقلنا : نعم . فجاء معنا ، فاذا نحن بمحمد قائم في سوق بصري ، والله لكأنّا لم نروجهه إلا يومئذ ، كأن هلالا يتلالأمن وجهه وقد اشترى الكثير (9) ، و ربح الكثير فأردنا أن نقول للقس : هو هذا ، فاذا هو قد سبقنا ! فقال :

ص: 1092


1- « اسمه » ط
2- « نظره » م ، ه-
3- في نسخة من ط : مرة
4- « فشاب معنا » د ، ق . « شاب » ه- ، ط
5- نخر الانسان : مدالصوت
6- « أورده لي ، أورده ، أورده في نسخة من ط « ثم وثب وثبة فقال : أرونیه »
7- البطريق - بكسر الباء - : خواص الدولة ، وقيل : الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم وهو ذو منصب و يقدم عندهم ( مجمع البحرین / بطرق ) .أقول : و لعلها تصحيف « بطريك » وهو رئيس رؤساء الأساقفة على أقطار معينة أو في طائفة من الطوائف المسيحية
8- « فبحقه عليكم أرو نیه » ه- ، ط
9- في نسخة من ط « القليل »

« هو ، هو قد عرفته - والمسيح - » .

فدنا منه - والله - (1) وقال [ له ] : أنت المقدس . ثم أخذ يسائله عن أشياء من علاماته ، ثم كان يقول : لو أدركت زمانك لأعطيت السيف حقّه .

ثم قال لنا : أتعلمون ما معه ؟ [ قلنا : اللهم لا .

فقال : ] معه الحياة والموت ، ومن تعلّق به حيي حياة طويلة (2) ومن زاغ (3) عنه مات موتاً لا يحيى بعده أبداً ، معه (4) الذبح (5) الأعظم .

ثم قبّل وجهه ، ورجع (6) راجعة . (7)

فصل

20 - وعن بكر بن عبد الله الأشجعي ، عن آبائه قال : [ خرج - سنة ] خرج رسول الله (صلی الله عليه و آله وسلم)إلى الشام- عبد مناة بن(8) كنانة ، ونوفل بن معاوية أيضاً ، فلقيهما أبو المويهب (9)) الراهب ، فقال لهما : من أنتما ؟

ص: 1093


1- « و قبل رأسه » د ، ق ه- ، ط
2- « یحي طويلا » ط
3- زاغ : مال
4- « هذا الذبح الذي معه » د ، ق ، م . وفی رواية الصدوق بلفظ : هو هذا الذي معه
5- « الريح » ه- ، ط . وفي نسخة أخرى من ط : الربح
6- « و انصرف » د ، ق
7- رواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 188 ح 36 باسناده عن القطان و ابن موسی والشيباني جميعاً عن ابن زكريا القطان ، عن محمد بن اسماعيل ،عن عبدالله بن محمد ، عن أبيه ، عن الهيثم بن عمر والمزنی ، عن عمه ، عن يعلى مثله ، عنه اثبات الهداة : 1 / 346 ح 51 ، والبحار : 15 / 201 ح 18 ، وحلیة الابرار : 1 / 29
8- « عبد مناف من » م .«عبدمناف بن » د ، ق ، ط . كلاهما تصحيف ، راجع تاريخ اليعقوبي : 1 / 232 السيرة النبوية لابن هشام : 1 / 95
9- كذا في رواية الصدوق وما يأتي فيم . وفی م ، ه- « أبوالموهب » وفي ط « أبو المواهب » . قال الصدوق(رحمه الله علیه): و کان أبو المويهب الراهب من العارفين بأمر النبي( صلی الله عليه و آله وسلم )و بصفته ، و بوصیه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه

قالا : نحن تجّار من أهل الحرم ، من قريش .

قال: من أي قريش ؟ فأخبراه ، فقال لهما : هل قدم معكما من قريش أحد غير كما ؟ .

قالا : نعم شاب من بني هاشم اسمه « محمد » .

فقال أبو المويهب (1) : إيّاه - والله - أردت .

فقالا : والله ما في قريش أخمل (2) ذكر منه ، إنّما يسمّونه بيتيم فريش (3) وهو أجير لامرأة يقال لها « خديجة » ما حاجتك إليه ؟

فأخذ يحرّك رأسه ، و يقول : هو ، هو . فقال لهما : تدلاني (4) عليه ؟ .

فقالا : ترکناه في سوق بصری . فبينا هم في الكلام (5) إذ طلع عليهم محمّد(صلی الله عليه و آله وسلم ) .

فقال : هو ، هو . فخلا به ساعة يناجيه ، ویکلّمه ، ثم أخذ يقبّل بين عينيه وأخرج شيئاً من كمّه لا ندري ما هو ، ومحمد(صلی الله عليه و آله وسلم ) يأبى أن يقبله .

فلمّا فارقه قال لنا : تسمعا منّي (6) ؟ هذا - والله - نبي هذا الزمان ، فسيخرج إلى قريب يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، فاذا رأيتم ذلك فاتّبعوه .

ثم قال [ لنا ] : هل ولد لعمّه أبي طالب [ ولد اسمه ] علّي ؟ فقلنا : لا .

قال: إمّا أن يكون قد ولد ، أو يولد في سنته ، هو أول من يؤمن به - نعرفه - .

إنّا لنجد صفته عندنا بالوصيّة ، كمانجد صفة محمد بالنبّوة .

وإنه سيّد العرب و ربّانها (7) يعطي السيف حقّه ، اسمه في الملا الأعلى « علي » هو أعلى الخلائق يوم القيامة بعد « محمد » ذکراً ، وتسمية الملائكة « البطل الأزهر (8)

ص: 1094


1- « الراهب » ه- ، ط
2- « أجمل » د ، ق . « أحمد » ه-
3- « أبی طالب » ه- ، ط
4- « دلانی » ط
5- « كذلك » ه- ، ط
6- « تسمعنا » م . « ستسمعان » ه- ، و نسخة من ط
7- « وربانیها » د ، ق
8- « والازهر » م

المفلح » لايتوجّه إلى وجه إلا أفلح و ظفر - و الله - لهو أعرف بين أصحابه في السماوات من الشمس الطالعة . (1)

باب فی العلامات السارة الدالة على صاحب الزمان حجة الرحمن صلوات الله عليه ما دار فلك ، وما سبح ملك

21 - و بالاسناد عن أبي جعفر بن بابویه قال : ثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي : (2) ثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن جعفر القصباني (3) البغدادي : ثنا محمد بن جعفر الفارسي (4) الملفّب بابن أفريسون (5): ثنا محمد بن إسماعيل بن بلال ابن میمون : ثنا الأزهر بن مسروربن (العباس : ثنا محمد )(6)بن مسلم بن الفضل ، قال : أتيت أبا سعيد غانم بن سعيد الهندي بالكوفة ، فجلست [ عنده ] فلمّا طالت مجالستي إيّاه ، سألته عن حاله ، وقد كان وقع إلّي شيء من خبره .

ص: 1095


1- رواه في كمال الدين : 1 / 190 ح 37 باسناده عن القطان ، وابن موسی ، والشيبانی جميعاً عن ابن زکریا القطان ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عبد الله بن محمد ، عن أبيه و قیس بن سعد ، عن عبد الله بن بحير ، عن بكر بن عبدالله الاشجعی مثله ، عنه اثبات الهداة : 1 / 346 ح 52 و ج 3 / 9 د 3 ح 164 ، والبحار : 15 / 202 ح 19 ، و حیلة الابرار : 1 / 30
2- « البرمکی » م ، ط ،ه- . « البونکی » د ، ق وهو تصحیف - راجع رجال السيد الخوئی : 17 / 24
3- « الشيبانی » م
4- « القاشی » ه- ، و نسخة من ط
5- « فرسون » نسخة من ط .« جرموز » كمال الدين
6- « العباس بن حامد » ه- ،ط . وفي نسخة من ط « حامد » . وفی كمال الدين هكذا « الازهری مسرور بن العاص ، قال : حدثنی مسلم بن الفضل »

قال : كنت ببلد (1) الهند ، بمدينة يقال لها قشمير (2) الداخلة ، ونحن أربعون رجلا نقول حول كرسي الملك ، نقرأ التوراة و الانجيل و الزبور ، و يفزع إلينا في العلم فتذاكرنا « محمداً » يوماً ، وقلنا نجده في كتبنا .فاتّفقنا على الخروج في طلبه و البحث عنه ، فخرجت (3) و معي مال ، فقطع علّي الترك وسلخوني (4) فوقعت إلى کابل (5) .

و خرجت من كابل إلى بلخ (6) ، والأمير بها : ابن أبي شمّون (7) فأتيته و عرفته ما خرجت له ، فجمع الفقهاء والعلماء لمناظرتي .

فسألتهم عن محمّد(صلی الله عليه و آله وسلم ) . فقالوا : هو نبيّنا محمّد بن عبدالله وقد مات .

فقلت : من كان خليفته ؟ فقالوا : أبوبكر . فقلت : انسبوه لي . فنسبوه إلى قريش .

فقلت : ليس هذا بنبي ، إن النبي الذي نجده في كتبنا ، خليفته ابن عمّه ، وزوج

ص: 1096


1- « بمدينة » م ، ه-
2- « تعرف بقشمیر » ه- ، ط . وقشمیر - با لكسر ثم السكون و كسر الميم - : مدينة متوسطة لبلاد الهند ، قيل : انها مجاورة لقوم من الترك اختلط نسلهم بهم ، فهم أحسن خلق الله خلفة ، يضرب بنسائهم المثل في حسن القامة ، و حسن الصور والشعور . ( مراصد الاطلاع : 3 / 1094 )
3- زاد فی ط «فخرجت فيمن خرج في طلبه » . وفی رواية الصدوق بلفظ « فاتفقنا على أن أخرج في طلبه ، وأبحث عنه » والذي يستفاد من رواية الكليني والصدوق (رحمه الله علیه) أيضاً أن الاختيار وقع على الراوی لاغير
4- انسلخ من ثيابه : تجرد . وفی د ، ق ، و كمال الدين « شلحونی » . بمعناها
5- کابل : وهي من ثغور طخارستان ، اقلیم متاخم للهند ... ( مراصد الاطلاع : 3 / 1141 )
6- بلخ : مدينة مشهورة بخراسان من أجلها وأشهرها ذکراً ، و أكثرها خيراً ، و بينها و بين ترمذ اثناعشر فرسخاً ، ويقال لجيحون : نهر بلخ . ( مراصد الاطلاع : 1 / 217 )
7- كذا فی خ ل ، ه- ، ط ، وفی م « ابن أبي مسعون » . وفی نسخة من ط « شمعون » . وفي رواية الكليني : « داود بن العباس بن أبی [ أ ] سود » . وفي رواية الصدوق « ابن أبي شور »

ابنته ، وأبو ولده . فقالوا للامير :

إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر ، ومن يكون كذلك يضرب عنقه !

فقلت لهم : إنّي متمسّك بدين لا أدعه إلایبیان . فدعا الأمير الحسين بن إشكيب (1) وقال له : ياحسين ناظر الرجل : فقال : حولك العلماء و الفقهاء ، فأمرهم لمناظرته .

فقال له : ناظره كما أقول لك ، واخل به ، والطف له .

قال : فخلا بي الحسين بن إشكيب ، فسألته عن محمد ، فقال : هو كما قالوه إلا (2)

أنّه قال : خليفته ابن عمّه علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب ، وهو محمّد بن عبدالله

ابن عبدالمطّلب ، وهو زوج ابنته فاطمة ، وأبو و لديه الحسن والحسين .

فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّه رسول الله .

فصرت إلى الأمير ، فأسلمت (3) فمضى بي إلى الحسين ، ففقّهني (4) .

فقلت له : إنّا نجد في كتبنا أنّه لايمضي خليفة إلا عن خليفة ، فمن كان خليفة علّي ؟

فقال : [ ولده ] الحسن ، والحسين ، وسمّى الأئمة حتى بلغ إلى الحسن [ العسكري ](علیه السلام) ثم قال لي : نحتاج أن تطلب خليفة الحسن ، وتسأل عنه . فخرجت في الطلب (5) .

قال : محمد بن محمد (6) ووافی معنا « بغداد » و ذكر لنا أنّه كان معه رفیق قدصحبه على هذا الأمر ، فكره بعض أخلاقه ، ففارقه .

ص: 1097


1- تجد ترجمته في رجال النجاشی : 44 رقم 88 ، ورجال السيد الخوئی : 5 / 199 ، وغیرهما
2- « غیر » ه- ، ط
3- زاد في نسخة من ط « فقال للحسين : امض به وعلمه شرائط الاسلام »
4- « و فهمنی » ه- ، ط
5- في رواية الكليني بهذا اللفظ : « ثم ساق الامر في الوصية حتى انتهى الى صاحب الزمان عليه السلام ، ثم أعلمني ما حدث ، فلم يكن لي همة الا طلب الناحية »
6- هو محمد بن محمد الأشعري راوي الحديث عن غانم بطریق علان الكليني كما سترى في تخريجة الحديث

قال: فبينا أنا یوماً وقد تمسّحت (1) في الصراة (2) وأنام مفکّر(3) فيماخرجت له ، إذ أتاني آت ، فقال: أجب مولاك . فلم يزل يخترق في المجال حتى أدخلني داراً – أو بستاناً - فاذا مولاي قاعد ، فلمّا نظر إلي كلّمني بالهنديّة وسلّم علّي وأخبرني باسمي ، وسألني عن الأربعين رجلا بأسمائهم عن اسم رجل رجل .

ثم قال لي : تريد الحج مع أهل قم ، في هذه السنة ، فلاتحج في هذه السنة ،وانصرف إلى خراسان ، وحج من قابل (4) . [ قال : ورمي إلي بصرة ، وقال : اجعل هذه في نفقتك ، و لاتدخل في بغداد دار أحد ، ولاتخبر بشيء ممّا رأيت .

قال محمد : فانصرفنا (5) من العقبة (6) ولم يقض لنا الحج (7) وخرج غانم إلى خراسان و انصرف من قابل وحج فبعث إلينا بألطاف (8) ولم يدخل قم ، وانصرف إلى خراسان ، فمات بها ، رحمه الله . (9)

ص: 1098


1- أي توضأت . وهذا ينسجم مع رواية الكليني حيث أنها بلفظ « حتی سرت الى العباسية أتهيأ للصلاة »
2- « تفسحت في الصحراء » ه- ، خ ل . والصراة - بالفتح - :تهران ببغداد ، الصراة الصغرى والصراة الكبرى ، قال : ولاأعرف الا واحدة تأخذ من نهر عیسی عند بلد يقال له : المحول ، بينها و بين بغداد فرسخ ، و بسفی ضیاع با دروبا ، ويتفرع منه أنهار الى أن يصل الى بغداد فيمر بقنطرة العباس ثم قنطرة الصبيان ...( مراصد الاطلاع : 2 / 836 )
3- « متفکر » ط
4- القابل : اسم للعام الذي بعد العام الحاضر
5- زاد في نسخة من ط « الی الحج »
6- العقبة :منزل في طريق مكة بعد واقصة ، وقبل القاع لمن يريد مكة ، وهو ماء لبني عكرمة .( مراصد الاطلاع : 2 / 948 )
7- « ولم نفض الى الحج » ه-
8- زاد في نسخة من ط« ورجع معنا »
9- عنه منتخب الانوار المضيّة : 163 .ورواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 437 ح 6 من طرق ثلاث : الأول بهذا الإسناد .والثاني : عن أبيه ، عن سعد ، عن علان الكليني ، عن على بن قیس ، عن غانم . والثالث : عن علان ، عن جماعة ، عن محمد بن محمد الأشعری ، عن غانم مثله مع زيادة فی آخره ، عنه اثبات الهداة : 1 / 299 ح 10 ، و ج 7 / 270 - 271 ح 2 ، و مدینة المعاجز : 598 ح 23 ، وعن الکافی : 1 / 515 ح 3 باسناده عن علي بن محمد ، وعن غير واحد من أصحابه القميين ، عن محمد بن محمد العامری ، عن أبي سعيد غانم الهندي بلفظ آخر . وأخرجه في البحار : 52 / 27 ح 22 عن كمال الدين . وأورده في ينابيع المودة : 463 مرسلا مثله عن غانم الهندی ، عنه احقاق الحق : 19 / 703

فصل

22 - وبالاسناد عن ابن بابویه : ثنا محمد بن موسی بن اامتوکّل : ثنا عبد الله بن جعفرالحميري ، عن إبراهيم بن مهزیار قال : قدمت المدينة - مدينة الرسول(صلی الله عليه و آله وسلم ) - فبحثت عن أخبار آل أبي محمد الحسن بن علي الأخير(صلی الله عليه و آله وسلم ) ، فلم أقع على شيء منها .

فدخلت منها إلى مكّة مستبحثاً عن ذلك ، فبينا أنا في الطواف إذتراءى لي فتی أسمر

اللون ، رائع (1) الحسن ، جميل المخيلة ، (2) يطيل التوسّم (3) في ، فعدلت إليه مؤمّلا عرفان ما قصدت له ، فلمّا قربت منه ، سلّمت ، فأحسن الاجابة .

فقال : من أي البلاد ؟ فقلت : (4) من أهل العراق . فقال : من أي العراق ؟ قلت :من الأهواز . قال : مرحباً بلقائك ، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الخصيبي ؟ قلت : دعي فأجاب . قال : رحمه الله ، هل (5) تعرف إبراهيم بن مهزیار؟ قلت : أنا إبراهيم (6) .

ص: 1099


1- « زاهی » ق ، د
2- قال المجلسى ( رحمه الله علیه ) : قال الفيروز آبادی : [ في القاموس المحيط: 3 / 372 ]: الرجل الحسن المخيلة بما يتخيل فيه . انتهى
3- التوسم : التفرس
4- زاد فيط « رجل »
5- « فهل » ق ، د
6- « ذلك » ه-

فعانقني [ مليّاً ] ثم قال لي : مرحباً يا أبا إسحاق ، مافعلت بالعلامة (1) التي وشجت (2) بينك وبين أبي محمّد(علیه السلام) (3) ؟

فقلت: لعلّك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمد الحسن بن علي(علیه السلام) ؟ فقال : ما أردت سواه .

فأخرجة إليه ، فلمّا نظر إليه استعبر ، وقبّه ، ثم قرأ كتابته ، فكانت « یا الله يا محمّد ياعلي » ثم قال : بأبي بنان (4) طالما جلت (5) فيها .

فقلت له : ما توخّیت (6) بعد الحّج ، فقال لي : إني لرسوله إليك ، فارتحل إلى الطائف ، وليكن ذلك في خفية من رجالك . فشخصت معه إلى الطائف ، أتخلّل (7)

رملة فرملة ، حتى أخذ في بعض مخارج الفلاة ، فبدت لنا خيمة شعر تتلالاتلك البقاع (8)منها . فلمّا مثل لي [ مولاي ] أكببت عليه ألثم كل جارحة ، [ منه ] فمكثت عنده

ص: 1100


1- « العلامة » م ، د
2- قال المجلسى (رحمه الله علیه) : وشجت : من باب التفعيل على بناء المعلوم أو المجهول ، أو المعلوم من المجرد ، أي صارت وسيلة للارتباط بينك و بينه عليه السلام :قال الفيروز آبادی : [ في القاموس المحيط : 1 / 211 ] الوشيج : اشتباك القرابة ، والواشجة : الرحم المشتبكة ، وقد وشجت بك قرابته تشج ، ووشجها الله تعالی توشیجاً ، ووشج ، حمله : شبکه بقد و نحوه لئلا يسقط منه شيء . و في ه- ، ط « رسخت »
3- « أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام » ه- ، ط
4- البنان : الأصابع أو أطرافها ( القاموس المحیط ) . وفي رواية الصدوق « بدأ »
5- « جلت » مخاطب من جول « جال في الشيء » اذا ادبر فيها . القائل يصف خاتم أبي محمد عليه السلام بانك كنت طويلا ما تجول وتدور في بنا نه عليه السلام
6- توخي الامر: تعمده و تطلبه دون سواه . اقول : يريد أنه أخبره بما يبغيه ، وأنه يبحث عن أخبار آل أبي محمد عليه السلام كما تقدم في أول الحديث
7- « فمررنا على » د ، ق
8- « يتلالا نور الشعاع » د ، ق

حينأ ، ثم انصرفت . (1)

وهذا مثل حكاية أخيه على بن مهزیار[ فانّه ] قال : حججت عشرين حجّة لذلك ، فلمّا كان بعد هذا كلّه أتاني آت في منامي قال :

[ قد ] أذن الله لك في مشاهدته . تمام الخبر قد مضى .(2)

فصل

23 - و بالاسناد عن أبي الأديان قال : كنت أخدم الحسن بن علي العسكري(علیه السلام) وأحمل كتبه إلى الأمصار ، فدخلت عليه في علّته التي توفّي فيها و کتب معي

[ كتباً ] فقال :

امض بها إلى المدائن ، فانّك ستغيب خمسة عشر يوماً ، وتدخل إلى « سر من رأی » يوم الخامس عشر، و تسمع(3) الواعية في داري ، وتجدني على المغتسل.

قال أبو الأديان : فقلت يا سيّدي فاذا كان ذلك (4) فمن ؟

قال : من طالبك بجوابات (5) كتبي فهو القائم بعدي .

فقلت : زدني ؟ قال : من یصلّي علي فهو القائم بعدي .

فقلت : زدني ؟ قال فمن خبّر بما في الهميان (6) فهو القائم بعدي .

فمنعتني هيبته أن (7) أسأله ما في الهميان ، وخرجت بالكتب إلى المدائن

ص: 1101


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 445 ح 19 بهذا الإسناد بلفظ آخر ، عنه البحار : 52 / 32 ح 28
2- ص 785 ح 111 ، مع كامل اتحاداته فراجع
3- « تستمع »م
4- زاد في نسخة من ط « من بعدك »
5- « بجواب » ه- ، ط
6- « من خبر با لهميان » م ، ه- ، ط . الهميان : کیس تجعل فيه النفقة ، و يشد على الوسط
7- « ثم منعتنى هيبته عن أن » د ، ق

وأخذت جواباتها ، ودخلت « سر من رأي » يوم الخامس عشر كما قال(علیه السلام) .

فاذا أنا بالواعية في داره ، وإذا به على المغتسل ، و إذا أنا بجعفر الكذاب أخيه بباب الدار والشيعة من حوله (1) ، يعزونه و یهنّونه ، فقلت في نفسي : إن يكن هذا

الامام فقد بطلت الامامة ، لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ (2) و يقامر في الجوسق (3)و يلعب بالطنبور (4) ، فتقدمت بغتة (5) ، فعزيت وهنّيت ، فلم يسألني عن شيء .

ثم خرج « عقیل » غلام (6) العسكري فقال : يا سيّدي قد كفّن أخوك ، فقم فصل (7) عليه .

فدخل جعفر والشيعة من حوله ، فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي(علیه السلام) على نعشه مكفّنا ، فتقدم جعفر ليصلّي عليه (8) .

فلمّا هم بالتكبير، خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط (9) وبأسنانه تفلّج (10)جذب رداء جعفر ، وقال : تأخّر یا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي ، فتأخّر جعفر وقد اربد (11) و جهه ، فتقدم الصبي ، وصلّي عليه ، ودفن إلى جانب قبر أبيه .

ص: 1102


1- « خلفه » ط
2- « الخمر والنبيذ المسكر » ه- ، ط
3- قال المجلسی (رحمه الله علیه) : الجوسق : القصر . أقول : والجوسق في عدة مواضع ، منها : قرية كبيرة من دجيل من أعمال بغداد فوق أوانا ... ( مراصد الاطلاع : 1 / 358 )
4- الطنبور والطنبار : آلة طرب ذات عنق طويل لها أو تار من نحاس
5- « تقية وعز بت » د ، ق
6- « خرج غلام الحسن » ه- . و فی کمال الدین « عقید » بدل « عقيل »
7- « تصلی » م
8- « على اخيه » د ، ق
9- قط الشعر و قطط : كان قصيراً جعداً
10- قال ابن الأثير في النهاية : 3 / 468 في صفته عليه السلام : « أنه كان مفلج الأسنان » و في رواية « أفلج الأسنان » الفلج - بالتحريك - : فرجة ما بين الثنايا والرباعيات . والفرق -بالفتح - : فرجة بين الشنيتين . وفي ه- « فلج »
11- قال ابن الأثير في النهاية :2 / 183 : وفيه « انه کان اذا نزل عليه الوحي اربد وجهه» أي تغيرالى الغبرة ، وقيل : الربدة : لون بين السواد والغبرة

ثم قال لي يا بصري هات جوابات الكتب التي معك .

فدفعتها إليه ، وقلت في نفسي : هذه علامتان انتان ، بقي الهميان .

ثم خرجنا إلى جعفر وهو يزفر ، فقال له حاجز الوشا : يا سيّدي من الصبي النقيم الحجّة عليه (1) ؟ فقال : والله ما رأيته قط ولا أعرفه .

فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي(عليه السلام ) فعرفوا موته فقالوا : فمن [ بعده ] ؟ فأشار بعض الناس إلى جعفر بن علي .

فسلّموا عليه و عزوه ، وقالوا : معنا کتب و مال ، فقل لنا (2) : ممّن الكتب ، و کم المال ؟ فقام جعفر ينفض أثوابه ، ويقول : يريدون منّا أن نعلم (3) الغيب !وخرج جعفر .

قال : فجاء الخادم وقال : معكم(4)کتب فلان ، وفلان ، وفلان ، وهميان فيه ألف دینار ، وعشرة دنانير فيها (5) مطليّة . فدفعوا الكتب والمال وقالوا : الذي وجّه بك لأخذ المال ، هو الامام ، فان جميع ذلك كذلك .

[ قال أبو الأديان : فعلمت صحة ما قال الحسن (علیه السلام)من أمر الهميان ] .

فدخل جعفر الكذاب على المعتمد (6) و کشف له وجود خلف (7) الحسن ، فوجّه

ص: 1103


1- « ليقيم الحجة علی جعفر » م ، ه- ، ط . « ليقيم عليه الحجة » البحار. وفي د ، ق هكذا : « ... الوشاء : فقال لم يتقدم على ابنه ليفهم الحجة (عليه السلام ) علی جعفر » وما في المتن كما في كمال الدين
2- « و قالوا : كنا نجي إلى أبي محمد فنقول » د ، ق
3- « مقام جعفر وقال : ما أحد منا يعلم » د ، ق
4- « فجاء الحاجب ، ودخل الدار ، و قعد وكتب أسماءهم و » د ، ق . وفي نسخة من ط« الغلام » بدل « الخادم »
5- « منها » د ، ق
6- في نسخة من ط « المعتضد » . وهو اشتباه لأن شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) كانت سنة 260 ه- فی خلافة المعتمد الذي استمرت خلافته من سنة 256 الی 279 هو بويع بعده المعتضد يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب
7- « ولد » ه- ، ط

المعتمد بخدمه ، فقبضوا على صيقل (1) الجارية ، وطالبوها بالصبي ، فأنكرته وادعت حبلا بها لتغطّي حال الصبي .

فسلّمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي ، وبلغهم (2) موت عبد الله (3) بن يحيی ابن خاقان فجأة وخروج صاحب الزنسج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن الجارية فخر جت من أيديهم والحمد لله [ رب العالمين ] . (4)

فصل

24 -وعن ابن بابویه ، ثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبدالله بن محمد بن مهران الأبي العروضي بمرو : ثنا أبو الحسين زيد (5) بن عبد الله البغدادي : ثنا أبو الحسن علي بن سنان (6) الموصلي [ قال : ] حدثني أبي أنّه لمّا قبض ابو محمد [ الحسن ]

(عليه السلام ) وفد (7) من الجبال [ ومن قم ] وفود بالأموال التي كانت تحمل على الرسم (8) ولم يكن عندهم خبر وفاة الحسن(عليه السلام ) .

ص: 1104


1- « صقیل » د ، ق ، و الكمال و البحار . راجع کناب أمهات الأئمة عليهم السلام باب أم الامام الحجة عليه السلام ( مخطوط )
2- « و بغتهم » د ، ق ، ط ، والكمال
3- « عبیدالله » الكمال . و عبدالله هو ابو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المعتمد المتوفی سنة 263 كما ذكره الطبری و ابن الأثير فی أحداث السنة المذكورة ، فلاحظ
4- رواه في كمال الدين : 2 / 475 ضمن ح 25 عن أبي الأديان مثله ،عنه منتخب الانوار المضيئة :157 ، و اثبات الهداة : 7 / 300 ح 42 ، و البحار : 50 / 332 ح 4 ، و ج 52 / 67 ح 53
5- « یزید » « بن زيد » كمال . وفي البحار : « الحسين بن زید »
6- « سیار » ه- . « بشار» ط
7- « جاء وفد » ه- ، ط
8- في رواية الصدوق « على الرسم والعادة » . يقال: رسمت له كذا فارتسمه اذا امتثله

فلمّا أن وصلوا إلى « سر من رأي » سألوا عن أبي محمد (عليه السلام ) .

فقيل لهم : قد فقد (1) . قالوا : فمن و ارئه ؟ قالوا : أخوه جعفر .

فسألوا عنه ، فقيل (2) : خرج متنزهاً ، وقد ركب زورقاً في دجلة ليشرب و معه المغنّون ! قال : فتشاور (3) القوم ، وقالوا : ليست هذه صفة الامام.

وقال بعضهم لبعض : امض بنا حتى نرد هذه الأموال إلى أصحابها .

فقال أبو العبّاس محمد بن جعفر القمّي : قفوا بنا حتى ينصرف هذا الرجل ونختبر أمره على صحّة .

قال : فلمّا انصرف دخلوا إليه ، وسلّموا عليه فقالوا : يا سيّدنا نحن جماعة من الشيعة كنّا نحمل إلى سيّدنا أبي محمد(عليه السلام ) الأموال . قال : وأين هي ؟ قالوا :

معنا . قال : احملوها إلي . قالوا : لا ، إن لهذه الأموال خبراً طريفاً . قال : وما هو ؟

قالوا : إن هذه الأموال تجمع ، ويكون لها من عامّة الشيعة الدينار والدیناران والثلاثة ، ثم يجعلونها في كيس ، ويختمون عليه، و کنّا إذا وردنا بالمال إلى سيّدنا أبي محمد (عليه السلام ) قال لنا : جملة المال كذا و كذا من عند فلان ، وكذا من عند فلان حتى يأتي على أسماء الناس كلّهم ، ويقول ما على نقش الخاتم .

فقال [ جعفر ] : كذبتم ، تقولون على أخي ما لم يفعله ، هذا علم الغيب ! قال : فلمّا سمع القوم كلام جعفر ، نظر بعضهم إلى بعض ، فقال لهم : احملوا المال إلي .

قالوا : إنّا قوم مستأجرون و کلاء (4) وإنّا لا نسلّم المال إلا بالعلامات التي كنّا نعرفها من سيّدنا أبي محمد(عليه السلام ) ، فان كنت الامام فبرهن (5) لنا ، و إلا رددناه

ص: 1105


1- « قعد » م
2- « قالوا » م ، والبحار
3- « فساروا » ه- . « فتسار» ط . تسار - بتشديد الراء -- القوم : تناجوا ، واطلع بعضهم بعضاً علی سر ما .وفی « م » هكذا رسمها« قالوا : قيتور »والظاهر أنها تصحيف « قال : فتثور»
4- أي وكلاء لارباب المال
5- « فسر هن » م

إلى أصحابه ، يرون فيه ما يرونه .

قال : فدخل جعفر (1) على الخليفة ، و كان ب- « سر من رأي » فاستعدى عليهم (2) فلمّا أحضروا ، قال الخليفة : احملوا هذا المال إلى جعفر .

قالوا : أصلح الله أمير المؤمنين (3)، إنّا قوم مستأجرون ، و کلاء لأرباب هذه الأموال ، وهي لجماعة ، وقد أمرونا (4) أن لا نسلّمها إلا بعلامة ودلالة ، وقد جرت هذه العادة مع أبي محمد (عليه السلام ) .

فقال الخليفة : وما العلامة و الدلالة التي كانت مع أبي محمد (عليه السلام )قال القوم :

كان أبو محمد(عليه السلام ) (5) يصف الدنانير و أصحابها والأموال ، و كم هي ، فاذا فعل[ ذلك ] سلّمناها إليه ، وقد وفدنا عليه مراراً ، فكانت هذه علامتنا هه ودلالتنا ، وقد مات ، فان يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر ، فليقم بما كان يقوم (6) أخوه ، وإلا رددناها إلى أصحابها .

فقال جعفر : يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم كذابون يكذبون على أخي ، وهذا علم الغيب . فقال الخليفة : القوم رسل وما على الرسول إلا البلاغ المبين .

قال : فبهت جعفر ، ولم يحر جواباً(7) فقال القوم : يتطول (8) أمير المؤمنين

ص: 1106


1- فی د « و خرجوا من عنده فقام من وقته » بدل « قال فدخل جعفر »
2- أي استعان بالخليفة واستنصره عليهم
3- « الأمير » ط
4- « فأمرونا » م
5- « قال القوم بأن » م ، ه-
6- « فليقم الى ما كان يقيم » ه- . م . وفي رواية الصدوق بلفظ « فليقم لنا ما كان يقيمه لنا »
7- قال ابن الأثير في النهاية : 1 / 458 : ومنه حديث سطيح « فلم يحر جواباً »أي لم يرجع و لم یرد
8- تطول عليه : امتن عليه وأنعم

باخراج أمره الى من يبدرق (1) بها حتى نخرج من هذه البلدة .

قال : فأمر لهم بنقيب (2) فأخرجهم منها ، فلمّا أن خرجوا من البلد (3) وانصرف النقيب ، خرج إليهم غلام أحسن الناس و جهاً ، كأنه خادم ، فنادى : يافلان ، یا فلان ،ويا فلان بن فلان ، أجيبوا مولاكم .

قالوا : أنت مولانا ؟ قال : معاذ الله أنا عبد مولا كم ، فسيروا إليه .

قالوا : فسرنا معه حتى دخلنا دارأبي محمد(عليه السلام ) فاذا والله القائم(عليه السلام )قاعد على سرير ، كأنّه فلقة قمر ، عليه ثياب خضر ، فسلّمنا عليه ، فرد علينا السلام .

ثم قال جملة المال كذا وكذا دیناراً ، حمل فلان [ كذا ] و كذا لفلان ، و كذا الفلان (4) ، ولم يزل يصف حتى وصف الجميع ، ثم وصف ثيابنا ورحالنا ، وما كان معنا من الدواب [ وغيرها ] فخررنا سجّداً لله ، وقبّلنا الأرض بين يديه .

ثم سألناه عمّا أردنا ، فأجاب ، فحملنا إليه الأموال ، فأمرنا القائم (عليه السلام ) أن لا نحمل بعدها إلى « سر من رأی » شيئاً من المال ، فانّه ينصب لنا ببغداد رجلا نحمل (5)إليه الأموال ، وتخرج من عنده التوقيعات .

قالوا : فانصرفنا من عنده ، ودفع إلى أبي العبّاس محمد بن جعفر الحميري القمي[شيئاً ] من الحنوط والكفن ، وقال له : عظّم الله أجرك في نفسك .

ص: 1107


1- البذر قة : فارسي معرب ، قال ابن بری : البذرقة : الخفارة . وقال الهروی : ان البذرقة يقال لها عصمة أي يعتصم بها - وفي المغرب : البدرقة - بالدال المهملة - هي الجماعة التي تتقدم القافلة ، و تكون معها تحرسها وتمنعها العدو . وهي مولدة . ( لسان العرب / بذرق ، مجمع البحرين / بدرق ) . وفي رواية الصدوق : « يبدرقنا حتى نخرج »
2- النقيب : شاهد القوم وضمينهم وعريفهم وسیدهم
3- « الدار » ط
4- « حمل فلان كذا » ه- . وذكرها فيد ، ط مرتین
5- « نسلم » ه- ، ط

[ قالوا : فلمّا بلغ أبو العبّاس عقبة همدان (1) توفّي [ رحمه الله ] . (2)

فصل

25 - وكان بعد ذلك تحمل الأموال إلى بغداد ، إلى النواب (3) المنصوبين بها وتخرج من عندهم التوقيعات (4) أولهم :

[ وكيل أبي محمد(عليه السلام ) ] الشيخ عثمان بن سعيد العمري .

ثم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان .

ثم أبو القاسم الحسين بن روح ، ثم الشيخ أبو الحسن علی بن محمد السمري .

ثم كانت (5) الغيبة الطولی ، و كانوا - كل واحد منهم - (6) يعرفون (7) کميّة المال جملة وتفصيلا ، ويسمّون أربابها باعلامهم ذلك من (8) القائم .

والخبر الذي ذكرناه آنفاً(9) يدل على - أن خلفاء بني العباس - خلفاً عن سلف منذ عهد الصادق إلى ذلك الوقت - كانوا يعرفون هذا الأمر ، ويطلعون على .

ص: 1108


1- « مهران » م
2- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 476 ح 26 بهذا الاسناد ، عنه اثبات الهداة : 7 / 301 ح 43 ، والبحار : 52 / 47 ح 34 ، و ج 76 / 63 ح 4 . وأخرجه في مدينة المعاجز : 619 ح 117، عن كمال الدين ، و ثاقب المناقب : 53 ( مخطوط ) مرسلا عن علي بن سنان الموصلی ، عن أبيه مثله .وأورده في ينابيع المودة : 462 مرسلا عن علي بن سنان ، عن أبيه مثله ، عنه احقاق الحق : 19 / 643
3- كذا في رواية الصدوق . وفي الاصل « الأبواب »
4- زاد فی ه- ، ط : « و كانت توجد العلامات والدلالات على أيديهم »
5- « ثم كان فی » م ، ه- ، ط
6- « و كل واحد منهم كانوا » نسخ الاصل
7- « يذكرون » د ، ه- ، ط
8- « با علام » ه- ، ط
9- « أيضاً » م

أحوال أئمّتنا . فقد كانوا يرون معجزاتهم على ما تقدم كثير منها .

[ فلهذا كف الخليفة جعفر عن القوم ، وعمّا معهم ، وعمّا يصل إليهم من الأموال ،ودفع جعفر الكذاب عن مطالبتهم ] ولم يأمرهم بتسليمها إليه وأنّه (1) كان يحب أن يخفي هذا الأمر ولايشتهر لئلا يهتدي الناس إليهم .

وقد كان جعفر حمل عشرين ألف دينار إلى الخليفة لمّا توفي الحسن العسكري(عليه السلام )

فقال : يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي ومنزلته ؟

فقال الخليفة : إن منزلة أخيك ليست منا إنّما كانت من الله (2) و نحن كنّا نجتهد (3) في حط منزلته و الوضع منه ، و كان الله يأبى إلا أن يزيده كل يوم بما كان معه من الصيانة ، وحسن السمت (4) و العلم و [ كثرة ] العبادة .

و إن کنت (5) عند شيعة أخيك بمنزلته ، فلا حاجه بك إلينا ، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ، و لم يكن فيك ما في أخيك ، لم تغن عنك - في ذلك - شيئاً . (6)

فصل

26 - وقد خرج إلى عثمان بن سعيد العمري وابنه من صاحب الزمان(عليه السلام ) :

وفّقكما الله لطاعته ، انتهى إلينا ما ذكرتما أن الميثمي أخبر كما عن المختار

ص: 1109


1- « و يجوز أنه » ه- ، ط
2- « بالله » م ، ط . وفي رواية الصدوق بلفظ « لم تكن بنا انما كانت بالله »
3- « نجهد » ه-
4- السمت : هيئة أهل الخير . وفی ه- « الصمت »
5- « فان تكن » ه-
6- عند مدينة المعاجز : 623 ذ ح 123 . وقال مثله الصدوق في كمال الدين : 2 / 479 ، عنه البحار : 52 / 49 .وقول المصنف « و كان بعدذلك ... التوقيعات » رواه الصدوق في آخر الحديث المتقدم .و تجد نحوا منه فی الكافي : 1 / 505 ضمن ح 1

ومناظرته من لقي (1) واحتجاجه بأنّه لا خلف غير جعفر بن علي ، و تصديقه إيّاه و أنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء ، فكيف يتساقطون في الفتنة ؟

أما يعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة [ الله ] أو لم يروا انتظام أثمتهم بعد نبيّهم إلى أن أفضي الأمر إلى الماضي - يعني الحسن بن علي(عليه السلام ) - [ ثم ] أوصى بها إلى وصي ستره الله بأمره إلى غاية .

فليدعوا عنهم اتّباع الهوى ، ولا يبحثوا عمّا ستر عنهم فيأثموا ، فليقتصروا منّا على هذه الجملة دون التفسير .(2)

ص: 1110


1- « من نفي القائم بعدأبی محمد » ه- ، ط
2- أورده الصدوق في كمال الدين: 2 / 510 ح 42 قال : كان خرج الى العمري وابنه (رضوان الله ) رواه سعد بن عبدالله ، قال الشيخ أبو عبد الله جعفر ( رضوان الله ) : وجدته مثبتاً عنه رحمه الله ، عنه منتخب الانوار المضيئة : 128 ، و البحار : 53 / 190 ح 19 .ولان المصنف (رحمه الل ) ذکرها باختصار ، نوردها بتمامها اتماماً للفائدة .« وفقكما الله لطاعته ، و ثبتكما على دينه ، وأسعد كما بمرضاته ، انتهى الينا ماذکر تما أن الميئمي أخبر كما عن المختار ومناظراته من لقي واحتجاجه بأنه لا خلف غیر جعفر بن على وتصديقه اياه و فهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه و أنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء ، ومن الضلالة بعد الهدى ، ومن موبقات الاعمال و مرديات الفتن ، فانه عزوجل يقول : « ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون » ( العنكبوت 1 و 2 ) کیف يتساقطون في الفتنة ، و يترددون في الحيرة ، و يأخذون يميناً وشمالا ، فارقوا دينهم ، أم ارتابوا ، أم عاندوا الحق ، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والاخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة اما ظاهراً و اما مغموراً . أو لم يعلموا انتظام أثمتهم بعد نبيهم صلى الله علیه و آله واحداً بعدو احد الى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل الى الماضی - يعني الحسن بن علی علیهما السلام - فقام مقام آبائه عليهم الاسلام يهدى الى الحق والی طریق مستقیم ، كانوا نوراً ساطعاً ، وشهاباً لامعاً ، و قمراً زاهراً ، ثم اختار الله عز وجل له ما عنده فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهد عهده ، و وصيّة أوصى بها الى وصی ستره الله عزوجل بأمره الى غاية ، وأخفى مكانه بمشیئة للقضاء السابق و القدر النافذ ، و فينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قدأذن الله عزوجل فيما قد منعه عنه و أزال عندما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهراً بأحسن حلية ، و أبين دلالة ، وأوضح علامة ، ولابان عن نفسه وقام بحجته ولكن أقدار الله عزوجل لا تغالب ، وارادته لا ترد ، و توفيقه لا يسبق ، فليدعوا عنهم اتباع الهوى وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عما سترعنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عزوجل فيندموا ، وليعلموا أن الحق معنا و فينا ، لايقول ذلك سوانا الاكذاب مفتر ، ولا يدعيه غيرنا الأضال غوی ، فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح ان شاء الله

27 - وعن عبد الله بن جعفر الحميري (1) [ قال ] : اجتمعت أنا والشيخ أبوعمرو عثمان بن سعيد فقلت : أسألك عن شيء ، وما أنا شاك باعتقادي أن الأرض لا تخلو من حجّة ، رأيت الخلف ؟

فقال : إي والله ، وافيته (2) مثل ذلك ، وأومأ بيده . قلت : الاسم ؟ (3)

قال : الأمر عند السلطان ، إن أبا محمد مضى ولم يخلّف ولدا ، وقسّم میراثه وأخذه من لا حق له [ فيه ] فصبر على ذلك ، وهو ذا عياله (4) يجولون ليس أحد

يجسر أن يتقرب إليهم أو بنيلهم شيئاً ، فاذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتّقوا الله وامسكوا

ص: 1111


1- قال العلامة الحلى في الخلاصة : 106 : عبدالله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميری أبو العباس القمی ، شيخ القميين ووجههم ، قدم الكوفة سنة نيف و تسعين ومائتين ، ثقة من أصحاب أبي محمد العسکری علیه السلام . تجد ترجمته في رجال النجاشی : 219 رقم 573 ، ورجال السيد الخوئی : 10 / 139
2- وافي الرجل : اُناه . وفی روايتي الكليني والشيخ الطوسي « رقبته مثل ذا ، وأوماً ( بيده ) بيديه »
3- « الأمر » ه-
4- « أهله » م

عن ذلك . (1)

28 - و بالاسناد عن عبد الله بن جعفر الحميري [ قال ] : خرج التوقيع إلى أبي جعفر العمري في التعزية لابيه :

« عاش أبوك سعيداً ، ومات حميداً ، أجزل الله لك الثواب ، رزئت ورزئنا وأوحشك و أوحشنا ، و من كمال سعادته أن رزقه الله ولداً مثلك ، يقوم مقامه. و أقول : إن الأنفس طيبة لمكانك » .

و كان عثمان بن سعيد وكيل العسكري (عليه السلام ) ثم نائب القائم(عليه السلام ) . (2)

ص: 1112


1- رواه في الكافي: 1 / 329 ح 1 باسناده عن محمد بن عبدالله ومحمد بن يحيى جميعاً عن عبدالله بن جعفر الحمیری مفصلا ، عنه اعلام الوری : 421 ،والايقاظ من الهجعة : 392 وقال الكليني : حدثنی شیخ من أصحابنا - ذهب عني اسمه - أن أبا عمرو سئل عند أحمد بن اسحاق عن مثل هذا . فأجاب بمثل هذا . عنه الغيبة للطوسي : 146 ، و ص 219. ورواه في الغيبة : 218 باسناده عن ابن قولويه و الرازي والتلعکبری کلهم عن الكليني ، عن محمد بن عبدالله و محمد بن یحیی مثله مفصلا ، عنه البحار : 51 / 346 ضمن ح 1 وأخرجه في اثبات الهداة : 6 / 354 ح 12 عن الكافي بالطريقين مختصراً
2- رواه في كمال الدين : 2 / 510 ح 41 ، و في غيبة الطوسی : 219 با سنادیهما الى عبدالله الحميری ، وأورده في الاحتجاج : 2 / 301 مرسلا عن الحمیری ، عنهم البحار : 51 / 348 - 349 . جميعاً بهذا اللفظ :« في فصل من الكتاب : انا لله و انا الیه راجعون تسلیماً لامره و رضاء بقضائه ، عاش أبوك سعیداً ومات حمیداً فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام ، فلم يزل مجتهداً في أمرهم ، ساعياً فيما يقر به الى الله عز وجل واليهم ، نصر الله وجهه وأقا له عثرته » .وفی فصل آخر : «أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء ، رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا ، فسره الله في منقلبه ، و كان من كمال سعادته أن رزقه الله عزوجل ولداً مثلك يخلفه من بعده ، و يقوم مقامه بأمره ، ويترحم عليه .وأقول : الحمد لله ، فان الأنفس طيبة بمكانك وما جعله الله عزوجل فيك وعندك أعانك الله و قواك وعضدك ووفقك ، وكان الله لك ولياً وحافظاً وراعياً و كافياً ومعيناً »

فصل

29 - وعن ام کلثوم بنت أبي جعفر العمري أنّه حمل إلى أبيها من قم مال ينفذه

إلى صاحب الامر (عليه السلام ) فأوصل الرسول ما دفع إليه وجاء لينصرف فقال له أبو جعفر :قد بقي شيء و أين هو ؟ قال : لم يبق شيء إلا وقد سلّمته .

قال أبو جعفر : امض إلى فلان القطّان الذي حملت إليه العدلين من القطن ، فافتق

أحدهما الذي عليه مكتوب « كذا و كذا » فانّه في جانبه .

فتحيّر الرجل ، فوجد كما قال . (1)

فصل

30 - وعن ابن بابویه ، عن [ محمد بن ] محمد بن عصام الكليني [ عن محمد بن

يعقوب الكليني ] عن إسحاق بن يعقوب أنه قال : سألت الشيخ الكبير أبا جعفر محمد

ابن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه مسائل أشكلت علي ، فورد التوقيع

بخط مولانا صاحب الزمان(عليه السلام ) (2) :أمّا ما سألت عنه - أرشدك الله وثبتّك - من أمر المنکرین لي من أهل بيتي (3) وبني عمّنا ، فانّه (4) ليس بين الله و بين أحد قرابة ، فمن أنكرني فليس منّي وسیله سبیل ابن نوح .

وأمّا سبيل عمّي جعفر وولده ، فسبيل إخوة يوسف .

ص: 1113


1- الفصل بتمامه ليس في « م »
2- « الدار » د ، م . وهو من ألقابه أيضاً عجل الله فرجه الشريف
3- « بيتنا » خ ل
4- « فاعلم أنه » د ، ق

وأمّا الفقاع فشر به حرام ، ولا بأس بالشلماب (1) .

و أمّا أموالكم فما نقبلها إلا لتطهّروا ، فمن شاء فليصل ، ومن شاء فليقطع ما آتانا (2) الله خير مما آتاكم :

وأمّا ظهور الفرج فانّه إلى الله ، [ تعالى ذكره ] و کذب الوقّاتون .

وأمّا قول من زعم أن الحسين بن علي لم يقتل فكفر و تکذیب وضلال .

وأمّا الحوادث الواقعة ، فارجعوا[ فيها ] إلى رواة حديثنا ، فانّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله .

و أمّا محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه و عن أبيه من قبل . فانّه ثقتي ، و كتابه كتابي .

وأمّا محمد بن علي بن مهزیار (3) الأهوازي فسيصلح الله قلبه ، و يزيل عنه شکّه .

و أمّا ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، و ثمن المغنيّة حرام .

[ و كان لاسحاق جارية مغنيّة ، فباعها ، و بعث ثمنها إليه ، فرد ] .

وأمّا محمد بن شاذان بن نعيم فهو رجل من شيعتنا أهل البيت .

وأمّا أبو الخطّاب محمد بن أبي زينب الأجدع فملعون ، وأصحابه ملعونون

فلا تجالس أهل مقالتهم ، فانّي منهم بريء ، وآبائي(عليه السلام ) منهم براء .

وأمّا المتلبّسون بأموالنا ، فمن استحل منها شيئاً فأكله ، فانّما يأكل النيران .

وأمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا ، وجعلوا منه في حل" إلى وقت ظهور أمرنا ، لتطهر

ص: 1114


1- الشلماب - فارسية - : يعني ماء الشيلم ، والشيلم والشولم والشالم : الزؤان يكون بين الحنطة . والزؤان : ما ينبت غالباً بين الحنطة ، وحبه يشبه حبها الا أنه أصغر ، واذا اكل يجلب النوم ، والواحدة : زوانة . وفي بعض النسخ غير مقروءة
2- « فما آتانی » د ، ق
3- « محمد بن ابراهیم » ه- ،ط . راجع رجال السيد الخوئی : 17 / 30 ، وقد ذكر هذه القطعة من الرواية عن الكمال

ولادتهم ، ولاتخبث .

وأما ندامة قوم شكّوا في دين الله على ما وصلونا به ، فقد أقلنا من استقال ولاحاجة

لنا في صلة الشاكّين .

و أمّا علّة وقوع (1) الغيبة ، فان الله يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» (2) إنّه لم يكن أحد من آبائي ، إلا [ وقد ] وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، و إنّي أخرج حين (3) أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي .

وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس (4) إذا غيّبها عن الأبصار السحاب ، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، فاغلقوا باب السؤال عمّا لا يعنيكم ، ولاتتكلّفوا علم ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ،فان [ في ] ذلك فرجكم .

والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلی من اتّبع الهدى . (5)

ص: 1115


1- « ما وقع من » م ، ه- ، ط
2- سورة المائدة : 101
3- « منی » م ، ه- ، ط
4- « في غیبتی کالشمس » ه- ، ط
5- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 483 ح 4 بهذا الاسناد ، والطوسي في الغيبة : 176 باسناده عن جماعة ، عن ابن قولو به و الرازي وغيرهما ، عن محمد بن يعقوب الكلینی مثله ، وأورده في الاحتجاج : 2 / 281 عن محمد بن يعقوب مثله ، عنهم الوسائل : 18 / 101 ح 9 ، و البحار : 53 / 180 ح 10 .وأورده في اعلام الوری : 452 عن محمد بر ، يعقوب الكليني مثله ، و في كشف الغمة :2 / 531 عن اسحاق بن يعقوب مثله .وأخرح قطعة منه في الوسائل : 6 / 383 عن الكمال والاحتجاج ، و ج 12 / 86 ح 3 ، عن الكمال ، و ج 17 / 291 ح 15 عن الكمال والغيبة ، وفي البحار : 50 / 227 ح 1 عن الاحتجاج ، و ج 79 / 166 ح 2 عن الغيبة والاحتجاج

فصل

31 - و بالاسناد عن أبي جعفر بن بابويه : ثنا محمد بن الحسن : ثنا سعد بن عبدالله ،

عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني : ثنا محمد بن جبرائيل الأهوازي ،

عن إبراهيم و محمد ابني الفرج ، عن محمد بن إبراهيم بن مهزیار (1) أنّه ورد العراق شاکّاً مرتاباً ، فخرج إليه :

« قل المهزیاري قد فهمنا ما قد حكيته عن مو الينا بناحيتكم ، فقل لهم : أما سمعتم قول الله جل جلاله يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »(2) هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة ؟

أو لم تروا أن الله جعل لكم معاقل تأوون إليها ، وأعلاما تهتدون بها ، من لدن آدم

إلى أن ظهر الماضي صلوات الله عليه ، كلّما غاب علم بدا علم ، و إذا أفل نجم بدا نجم .فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه و بين خلقه !؟

کلا ، ما كان ذاك ، ولا يكون حتى تقوم الساعة ، ويظهر أمر الله وهم كارهون .

یا محمد بن إبراهيم لايدخلك الشك ، فان الله لايخلي الأرض من حجته ، أليس قال

لك أبوك قبل وفاته : أحضر الساعة من يعيّر (3) هذه الدنانير التي عندنا (4) ؟

فلمّا أبطأ ذلك عليه ، وخاف الشيخ على نفسه من الوفاة (5) قال لك : عيّرها على

ص: 1116


1- « ابراهيم بن محمد أبي الفرج » م
2- سورة النساء : 59
3- عيرت الدنانير تعییراً : امتحنتها لمعرفة أوزانها . وفيه « يعتبر »
4- « عندی » د ، ق
5- « نفسه الوحا » الكمال . بر يد خاف على نفسه سرعة الموت ، لان الوحا : السرعة

نفسك . و أخرج إليك كيساً [ لونه ] كذا (1) و عندك بالحضرة ثلاثة أكياس و صرة فيها دنانير مختلفة النقد ، فعيّرتها ، وختم الشيخ عليها بخاتمه ، وقال لك : اختم مع خاتمي فان أعش ، فأنا أحق بها ، وإن أمت ، فاتّق الله في نفسك أو لا ، ثم في ، وخلّصني ،وكن عند ظنّي بك .

أخرج - رحمك الله -الدنانير التي استفضلتها (2) من بين النقدين من حسابنا ،وهي بضعة عشر ديناراً ، و استرد من قبلك (3) فان الزمان أصعب مما كان ، وحسبنا الله و نعم الوكيل . (4)

فصل

32 - و بالاسناد عن محمد بن إبراهيم قال : قدمت العسكر زائراً ، فقصدت الناحية

فلقيتني امرأة ، فقالت : أنت محمد بن إبراهيم ؟ قلت : نعم .

قالت : انصرف ، فانّك لا تصل في هذا الوقت ، وارجع الليلة ، فان الباب مفتوح لك ، فادخل الدار ، واقصد البيت الذي فيه السراج .

ففعلت ، وقصدت الباب ، فإذا هو مفتوح ، فدخلت الدار ، وقصدت البيت الذي وصفته ، فاذا أنا بين القبرين أنحب وأبكي ، إذ سمعت صوتاً وهو يقول :

ص: 1117


1- « کیساً كبيراً » كمال الدين
2- « الی استفصلها »د ، م « الی استفصلنا » ق « التی استفضلها » ط . و ما في المتن كما في الكمال
3- كذا في الكمال . وفی م ، د ، ق بلفظ « من حسابها ومن نصفه ( و بين بضعه ) عشراً ، و استرد من ذلك »
4- رواه في كمال الدين : 2 / 486 ح 8 بهذا الاسناد ، عنه اثبات الهداة : 1 / 224 ح 167 ، وعن الاحتجاج : 2 / 277 عن أبی عمر والعمری نحوه .ورواه فی دلائل الامامة : 287 باسناده عن علي بن السويقانی و ابراهيم بن الفرج الرجعی ، عن محمد بن ابراهيم بن مهزيار مثله . وأخرجه في البحار : 53 / 185 ح 16 عن الكمال ، وفي مدينة المعاجز : 605 ح 59 عن دلائل الامامة

« یا محمد اتّق الله و تب من كل ما أنت عليه ، فقد قلّدت أمراً عظيماً » . (1)

فصل

33 - وعن ابن بابويه : ثنا أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي : ثنا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي ، عن أبيه (2) ( رض ) قال : ورد على توقيع من الشيخ أبي جعفر

محمد بن عثمان العمري - ابتداءاً لم يتقدمه سؤال - :

« [ بسم الله الرحمن الرحيم ] لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من مالنا درهماً » .

قال الاسدي : فوقع في نفسي أن ذلك فيمن استحل محرماً ، فأي فضل في ذلك

للحجّة على غيره ؟

قال : فوالذي بعث محمّداً بالحق بشيراً ، لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما كان (3) في نفسي : « [ بسم الله الرحمن الرحيم ] لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهماً حراماً » .

قال الخزاعي : أخرج إلينا الاسدي هذا التوقيع حتى نظرنا إليه وقرأناه . (4)

34 - وعن أبي الحسين الاسدي فيما ورد على أبي جعفر العمري في جواب مسائله :

أمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي نبتت قلفته (5) بعد ما يختن مرة أخرى

ص: 1118


1- رواه في كمال الدين : 2 / 478 بهذا الإسناد عنه منتخب الانوار المضيئة: 125 ، والبحار : 51 / 326 ح 47
2- أبو الحسين الاسدی : هو محمد بن ( أبي عبد الله ) جعفر الاسدی . تجد ترجمته و ترجمة ابنه فی معجم رجال الحديث : 15 / 153 و ص 165 ، و ج 21 / 123 و ص 244
3- « ما وقع » د ، ق ، ط
4- رواه في كمال الدين : 2 / 522 بهذا الاسناد ، عنه اثبات الهداة : 7 / 321 ح 88 ، والبحار : 53 /183 ح 12 ، و ج 96 / 185 ح 3 ، وعن الاحتجاج : 2 / 300
5- « غلفته » الكمال ، و كذا بعدها ، والغلفة : القلفة ، وهي الجليدة التي يقطعها الخاتن

فانّه يجب أن تقطع قلغته ، فان الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأقلف أربعين صباحاً .

وأمّا من لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنار ، فانّه جائز له أن يصلّي والنار والصورة والسراج بين يديه ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبد النار و الأصنام . (1)

فصل

35 - وعن ابن بابویه : ثنا علي بن محمّد بن متیل : حدثني عمّي جعفر بن أحمد (2) ابن متيل ، قال : دعاني أبو جعفر العمري ، فأخرج إلي ثويبات معلمة وصرة (3) فيها دراهم .

فقال : يحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت ، وتدفع ما دفعته إليك إلى أول رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى الشط بواسط .

قال : فداخلني من ذلك غم شديد ، فقلت : مثلي يرسل في مثل هذا الأمر ، ويحمل

هذا الشيء الوتح (4) ؟ قال : فخرجت إلى واسط ، وصعدت من المركب ، فأول رجل تلقّاني ، سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط .

ص: 1119


1- رواه في كمال الدين : 2 / 520 ضمن ح 49 باسناده عن الشيباني والدقاق وابن المؤدب والوراق جميعاً عن أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدی ، عنه الوسائل : 3 / 460 ح 5 ( قطعة ) ، و ج 15 / 167 ح 1 ( قطعة ) ، و البحار : 104 / 107 و 108 ح 1 و 2 ، وعنالاحتجاج : 2 / 299 مرسلا عن الاسدی مثله
2- «محمد بن على بن متیل حدثنی عمی جعفر بن محمد » الكمال ، و كذا في الأحاديث التالية . راجع معجم رجال الحديث : 4 / 52 ، وقاموس الرجال : 7 / 62 ، في ترجمة عمه جعفر بن أحمد بن متیل
3- « صریرات » د ، ق ، م ، ه-
4- الوتح : القليل التافه

فقال : أنا هو ، من أنت ؟ قلت : جعفر بن محمد بن متیل .

قال : فعرفني باسمي ،وسلّم علي ، وسلّمت عليه ، وتعانقنا ، فقلت له : أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ، ودفع إلي الثويبات ، وهذه الصرة لاسلّمها إليك .

فقال : الحمد لله ، فان محمّد بن عبدالله الحائري (1) قد مات ، وخرجت لاصلح كفنه ، فحل الثياب ، فاذا هي ما يحتاج إليه من حبر (2) و ثياب وكافور ، وفي الصرة کری الحمّالين والحفّار .

قال: فشيّعنا جنازته ، وانصرفت . (3)

31 - وعن أبي جعفر الاسود : إن أبا جعفر العمري قد حفر لنفسه قبراً ، وسواه بالساج ، فسألته عن ذلك (4)فقال : أمرت أن أجمع أمري . فمات بعد شهرين . (5)

فصل

37 - وعن ابن بابويه : ثنا علي بن محمّد بن متیل[ عن عمه جعفر بن أحمد ابن متیل ] (6) : لمّا حضرت أبا جعفر العمري الوفاة كنت جالساً عند رأسه ، اسائله

ص: 1120


1- في البحار « العامري » . راجع معجم رجال الحدیث : 16 / 252
2- الحبرة : ثوب یمانی من قطن أو كتان مخطط
3- رواه في كمال الدين : 2 / 504 ح 35 ، بهذا الإسناد ، عنها ثبات الهداة : 7 / 314 ح 79 ، والبحار: 51 / 326 ح 63 ، وعنه في مدينة المعاجز : 617 ح 108، وعن ثاقب المناقب : مرسلا عن جعفر بن أحمد مثله
4- « عنه » م ، ه-
5- رواه في كمال الدين : 2 / 502 ح 29 باسناده عن أبی جعفر محمد بن على الاسود ، و في الغيبة للطوسی : 222 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابوبه مثله ، عنهما اثبات الهداة : 7 / 312 ح 74 ، و البحار : 51 / 351 ضمن ح 3 . وأخرجه في اعلام الوری : 450 ، ومدينة المعاجز : 612 ح 86 عن الكمال
6- من الكمال

وأحدثه ، و أبو القاسم بن روح عند رجليه .

فالتفت إلي وقال : قد أمرت أن أودي إلى أبي القاسم الحسين بن روح .

فقمت من عند رأسه ، وأخذت بيد أبي القاسم بن روح ، فأجلسته في مكاني وقعدت عند رجليه . (1)

38 - قال : وقال علي [ بن محمد ] بن مقيل : كانت امرأة يقال لها « زينب »و كانت من أهل « آبه » (2) و كانت امرأة محمد بن عبدل الآبي ، معها ثلاثمائة (3) دینار ، وصارت إلى عمّي جعفر بن أحمد بن متيل ، فقالت : أحب أن اسلّم هذا المال من يدي إلى يد الشيخ أبي القاسم بن روح ، فأنفذني معها أترجم عنها .فلمّا دخلت على أبي القاسم قال - بلسان آوي (4) فصيح - لها : « زینب ! چونا خويذا ، کو ابذا ، چون استه » (5) و معناه : كيف أنت ، و كيف كنت ، وما حال صبيانك .فاستغنت عن الترجمان ، وسلّمت المال إليه . (6)

ص: 1121


1- رواه في كمال الدين : 2 / 503 ح 34 بهذا الاسناد ، وفي الغيبة للطوسی : 226 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابویه ، عنهما البحار : 51 / 354 ح 5
2- آبه - بالباء الموحدة -: من قرى اصبهان ، وقيل : من ساوة .والعامة تقول : آوه ... ( مراصد الاطلاع : 1 / 2 )
3- « ثمانمائة » ه-
4- « آبی » الكمال . وكلاهما وارد ، نسبة الى بلدة المرأة المذكورة
5- كذا في الكمال . واللفظ في نسخ الاصل و بقية الموارد يختلف بعضه عن بعض باعتباره لهجة محلية قديمة
6- رواه في كمال الدين : 2 / 503 بهذا الاسناد ، وفي الغيبة للطوسی : 195 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابویه مثله ، عنها البحار : 51 / 336 ح 62 . وأخرجه في اثبات الهداة : 7 / 340 ح 108 عن الغیبة

فصل

39 - وعن أبي علي بن همام ، قال : أنفذ محمد بن علي الشلمغاني العزاقري (1)إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح يسأله أن يباهله ، وقال : إنّما أنا صاحب الرجل [ وقد أمرت باظهار العلم ، وقد أظهرته باطناً وظاهراً ، فباهلني ] (2) .

فأنفذ إليه ابن روح : أيّنا تقدم صاحبه ، فهو المخصوم . فتقدم العزاقري ، فقتل وصلب ، وأخذ معه ابن أبي عون ، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة (3) . (4)

40 - وقال أبو عبد الله بن سورة (5) القمي ، عن رجل متهجّد في الأهواز یسمّی« سرور » أنّه قال : كنت أخرس لا أتكلّم ، فحملني أبي وعمّي - و سنّي إذ ذاك ثلاث عشرة أو أربع عشرة - إلى الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه ، فسألاه أن يسأل الحضرة ، أن يفتح الله لساني .

ص: 1122


1- قال النجاشي : 378 : محمد بن على الشلمغانی ، أبو جعفر المعروف بابن أبي العزاقر ، كان متقدماً في أصحابنا ، فحمله الحسد لابی القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب ، والدخول في المذاهب الردية حتى خرجت فيه توقيعات ، فأخذه السلطان و قتله وصلبه . ذكره الطوسي في الفهرست : 673 تحت رقم 627 ، و عده في رجاله ( في من لم يرو عن الأئمة ) : 512 . تجد ترجمته في معجم رجال الحديث : 17 / 47
2- من الغيبة
3- كذا في الغيبة . وفی ه- : فهو المخصوص . فقتل العزاقری ، ووجد التوقيع في لعنه .وذكر الطبرسي في الاحتجاج : 2 / 290 نص التوقيع بلعنه مع جماعة آخرين ، الذي خرج على يد الحسين بن روح رضی الله عنه وأرضاه ، فراجع
4- رواه الطوسي في الغيبة : 186 باسناده عن الحسين بن عبيد الله ، عن محمد بن أحمد القمي ، عن أبی علی بن همام ، عنه اثبات الهداة : 7 / 334 ح 101 ، والبحار : 51 / 323 ح 43
5- وفی ه- ، ط ، المدينة : سروة . راجع قاموس الرجال : 10 / 123

فذكر الشيخ أبو القاسم : إنّكم أمرتم بالخروج إلى الحائر . (1)

قال سرور : فخرجنا إلى الحائر ، فاغتسلنا ، و زرنا . فصاح أبي أو (2) عمّي :یا سرور . فقلت - بلسان فصيح - : لبّيك، فقال : تكلّمت !؟ فقلت : نعم .

قال ابن سورة : و نسبت نسبه ، و كان سرور هذا رجلا لیس جهوري الصوت . (3)

فصل

41 - وعن ابن بابويه : ثنا الحسين بن علي بن محمد القمّي المعروف بأبي (4)علي البغدادي ، قال : كنت ببخاری (5) فدفع إلي المعروف ب- « ابن جا بشير »(6)عشر سبائك ذهب ، وأمر أن اسلّمها ب- « مدينة السلام » إلى أبي القاسم بن روح .

فحملتها معي ، فلمّا بلغت مفازة « أمّویه » (7) ضاعت منّي سبيكة ، و لم أعلم بذلك ، حتى دخلت مدينة السلام .

ص: 1123


1- الحائر : موضع قبر الحسين عليه السلام ، وانما سمي بذلك لانه كلما أجروا عليه الماء غار وحار واستدار بقدرة العزيز الجبار ، وذلك في زمن المتوكل عليه اللعنة
2- « و » ه- ، والغيبة
3- عنه مدينة المعاجز : 624 ح 127 . ورواه الطوسي في الغيبة : 188 عن أبي عبد الله بن سورة ، عنه اثبات الهداة : 7 / 337 ح 105 ، و البحار : 51 / 325 ذ ح 23 . والحديث ليس فی « م »
4- « با بن أبی » م . تصحيف
5- بخاری - با لضم - : من أعظم مدن ماوراء النهر وأجلها ، يعبر اليها من آمل الشط ، و بينهاو بین جیحون يومان ، وهي مدينة قديمة ، نزهة البساتين .... ( مراصد الاطلاع : 1 / 169)
6- «حامیس»ه- ،ط.«جاوشیر»الکمال
7- أمويه - بفتح الهمزة و تشديدا لميم وسكون الواو ویاء مفتوحة وهاء - : وهي آمل الشط .و آمل - بضم الميم واللام - اسم أكبر مدينة بطبر ستان في السهل ... ( معجم البلدان : 1 / 255 و ص 57 )

فأخرجت السبائك لاسلّمها ، فوجدتها قد نقصت واحدة منها ، فاشتريت (1) سبيكة مكانها بوزنها من مالي ، وأضفتنا إلى التسع سبائك ، ثم دخلت على الشيخ أبي القاسم بن روح ، فوضعت السبائك عنده .

فقال لي : خذ تلك السبيكة التي اشتريتها- وأشار إليها بيده - فان السبيكة التي ضيّعتها قد وصلت إلينا ، وهي ذا هي .

ثم أخرج تلك السبيكة التي كانت ضاعت منّي ، فنظرت إليها و عرفتها . (2)

فصل

42 - وعن ابن بابويه : ثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود [ قال ] ، سألني أبوك أن أسأل أباالقاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان (عليه السلام ) ليدعو الله أن يرزقه ولداً ذكراً .

فسألته ، فأخبرني بعد ثلاثة أيّام ، أنّه قد دعا لعلي بن الحسين ، وأنّه سيولد له ولد مبارك ، ينفع الله به ، و بعده أولاد .

قال : وسألته في أمري أن يدعو لي أن أرزق ولدا ذكراً .

فقال : ليس إلى هذا سبيل . فولد لعلي بن الحسين ، ولم يولد لي . (3)

ص: 1124


1- « فجعلت » م
2- رواه في كمال الدين : 2 / 518 ح 47 بهذا الاسناد ، عنه اثبات الهداة : 7 / 319 ح 86 ، والبحار : 51 / 341 ح 69 . وعنه مدينة المعاجز : 618 ح 113 ، و عن ثاقب المناقب : 525 ( مخطوط ) عن الحسين بن على بن محمد المعروف بابی علی البغدادی مثله
3- رواه في كمال الدين : 2 / 502 ح 31 بهذا الاسناد ، وفي الغيبة للطوسی : 194 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابويه ، عنهما اثبات الهداة : 7 / 313 ح 76 و 77 ، والبحار : 51 / 335 ح 61 وأورده في ثاقب المناقب : 529 ( مخطوط ) مرسلا عن الاسود مثله ، عنه مدينة المعاجز : 612 ح 87 ، وعن الكمال وأخرجه في اعلام الوری : 450 ، ومنتخب الانوار المضيئة : 113 عن الكمال .وقال الصدوق (رحمه الله علیه) : كان أبو جعفر محمد بن على الاسود - رضی الله عنه - کثیراًما يقول لی - اذا رآنی أختلف الی مجاس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنه - وأرغب في كتب العلم وحفظه - :« ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم ، وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام »

43 - قال ابن بابویه : ثنا الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي (1) علي البغدادي

قال : رأيت في تلك السنة (2) بمدينة السلام امرأة ، تسأل (3) عن وکیل مولانا (عليه السلام ) من هو ؟ فأخبرها بعض القميين (4) أنّه أبوالقاسم الحسين بن روح و أشار لها إليه (5) و أنا عنده .

فقالت له : أيّها الشيخ أي شيء معي ؟

فقال : ما معك إذهبي فألقيه في دجلة ، ثم اثنيني حتى أخبرك .

قال : فذهبت المرأة ، وحملت ما كان معها ، فألقته في دجلة ، ثم رجعت ، ودخلت إلى أبي القاسم الروحي ، و أذا عنده .

فقال أبو القاسم لمملو کته : أخرجي إلي الحقّة (6) وأخرجت إليه الحقنة ، فقال

للمرأة : هذه الحقّة التي كانت معك ، ورميت بها في دجلة ، أخبرك بما فيها أم تخبريني ؟

قالت : بل تخبرني أنت . قال : في هذه الحقّة زوج سوار ذهب ، و حلقة كبيرة فيها جواهر (7) وخاتمان أحدهما فيروزج ، والآخر عقيق .

و كان الأمر كما ذكر لم يغادر منه شيئاً . ثم فتح الحقّة ، فعرض علي ما فيها ، و نظرت

المرأة إليه فقالت : هذه التي حملتها بعينها ، ورميت بها في دجلة .

ص: 1125


1- « با بن أبی » م . تصحيف . و تقدم فی الحديث « 39 »
2- أي السنة التي دخل فيها مدينة السلام « بغداد » ومعها لسبائك الذهبية كما نقدم في الحديث 39
3- كذا في منتخب الانوار ، وفي نسخ الاصل والكمال « فسألتنی »
4- « القائمين » ه-
5- « و أشار اليها » الكمال
6- الحفة : الوعاء الصغير
7- « كبيرة فيها جوهرة ، و حلقتان صغيرتان فيهما جوهر » الكمال

فغشي علي وعلى المرأة لما شاهدناه من صدق الدلالة و العلامة .

ثم قال الحسين بن علي : أشهد عند الله يوم القيامة بماحدثت به كما ذكرته لم أزد

فيه و لم أنقص منه . (1)

فصل

44 - وعن ابن بابويه : ثنا أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد بن بزرج بن عبد الله بن

منصور بن يونس بزرج (2) صاحب الصادق (عليه السلام ) قال : سمعت محمد بن الحسن الصيرفي (3) المقيم بأرض بلخ يقول : أردت الخروج إلى الحج ، و كان معي مال ، بعضه ذهب ، و بعضه فضّة ، فجعات ما كان معي من ذهب سبائك ، وما كان معي من فضّة نقراً (4) و كان قد دفع ذلك

ص: 1126


1- رواه في كمال الدين : 2 / 519 ضمن ح 47 بهذا الاسناد ، عنه منتخب الانوار المضيئة : 112 ، واثبات الهداة : 7 / 320 ح 87 ، والبحار : 51 / 342 ضمن ح 69 .وأورده في ثاقب المناقب : 525 ( مخطوط ) مرسلا عن الحسين بن على مثله ، عنه مدينة المعاجز : 618 ح 114 ، وعن الكمال
2- « بن روح » ه- . « بن بزرج » الكمال .قال النجاشي في رجاله : 413 : منصور بن يونس بزرج أبو يحيى ، وقيل : أبو سعيد :کوفی ، ثقة روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام .ومثله في رجال الشيخ : 313 رقم 534 ، وص360 رقم 21 ، وفي الفهرست : 730 . و تجد في معجم رجال الحديث : 18 / 388 و ص 390 و ص 403 و ص 404 ما يفيد .وكان قد ذكر فی ج 16 / 343 نقلا عن كمال الدين « محمد بن علی بن أحمد بن بزرج بن عبدالله بن منصور بن یونس ( بن ) بزرج أبو جعفر صاحب الصادق عليه السلام » ، و في البحار تصحيف آخر أعرضنا عن ذكره خشية الاطالة ، فراجع . فالصحيح أن محمد بن علی ... : أبو جعفر ومنصور بن يونس ، بزرج ، أبو يحبی فتدبر جيداً
3- « الصير في الدور في الدوری » خ ل الكمال
4- « نقرة » م . والنقرة - بضم النون - : القطعة المذابة من الذهب والفضة

[ المال ] إليه ليسلّمه إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح .

قال : فلمّا نزلت « سرخس » (1) ضربت خيمتي على موضع فيه رمل ، وجعلت امیّز تلك السبائك و النقر ، فسقطت سبيكة من تلك السبائك ، وغاصت في الرمل ، وأنا لا أعلم .

قال : فلمّا دخلت همدان ميّزت تلك السبائك و النقر مرة أخرى، إهتمامة منّي بحفظها ، ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال و ثلاثة مثاقيل - أو قال : ثلاث و سبعون (2) مثقالا - .

قال : فسبكت من مالي مكانها بوزنها وجعلتها بين السبائك ، ولمّا وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح ، وسلّمت إليه ما كان معي من السبائك

والنقر ، فمد يده من بين السبائك إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي - بدلا ممّا ضاع منّي (3) - فرمی بها إلي ، وقال لي :ليست هذه السبيكة لنا، سبيكتنا ضيّعتها ب- « سرخس »حيث ضربت الخيمة في الرمل ،فارجع إلى مكانك ، وانزل حيث نزلت ، واطلب السبيكة هناك تحت الرمل ، فانّك ستجدها وستعود إلى ههنا ولا تراني .

قال : فرجعت إلى « سرخس » ونزلت حيث كنت نزلت ، ووجدت السبيكة تحت الرمل ، وقد نبت عليها الحشيش ، فأخذت السبيكة وانصرفت إلى بلدي .

فلمّا كان بعد ذلك ، حججت ومعي السبيكة ، فدخلت مدينة السلام ، وقد كان الشيخ أبو القاسم توفي ( رضي الله عنه ) .

ولقيت الشيخ أبا الحسن علي بن محمد السمّري وطلب منّي السبيكة ، فسلّمتها إليه . (4)

ص: 1127


1- سرخس - با افتح ثم السكون ، وفتح الخاء المعجمة ، و آخره سین مهملة . ويقال : بالتحريك - : مدينة قديمة من نواحی خراسان ، كبيرة ، بين نيسابور و مرو .... ( مراصد الاطلاع : 2 / 705 )
2- « تسعون » د ، ق
3- « وأخرجها من بين السبائك» ه- ، ط
4- رواه في كمال الدين : 2 / 516 ح 45 بهذا الاسناد ، عند منتخب الانوار المضيئة : 111 ، وإثبات الهداة : 7 / 317 ح 84 ، والبحار : 51 / 340 ح 68 .وأورده في ثاقب المناقب : 524 ( مخطوط ) مرسلاً عن الصبر في مثله ، عنه مدينة المعاجز : 618 ح 112 ، وعن الكمال

فصل

45 - وعن ابن بابویه : ثنا أبو الحسن (1) صالح بن شعيب الطالقاني : ثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلّد قال :

حضرت بغداد عند المشايخ فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمّري ابتداء منه : « رحم الله علي بن الحسين بن موسی بن بابويه القمّي » .

قال : وكتب المشايخ تأریخ (2)ذلك اليوم ، فوردالخبر أنّه توفي في ذلك اليوم .و مضى أبو الحسن السمّري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (3) . (4)

46 - وقال ابن بابویه : أنبأنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتّب قال : كنت بمدينة

السلام في السنة التي توفّي بها أبو الحسن السمري ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج

إلى الناس توقيعاً نسخته :

ص: 1128


1- « الحسین » م ، والكمال . راجع معجم رجال الحدیث : 9 / 74
2- « المشايخ في » ه- ، ط . وفي نسخة من ط « و كتب التاريخ »
3- كذا في الأصل والكمال . وفي رواية الطوسي وأغلب الموارد « 329» .ومن المسلم أن وفاة ابن بابویه ( رضوان الله ) کانت سنة تناثر النجوم ، وهي سنة 329 ، و كانت وفاة السمری (رضوان الله) بعده كما يستفاد من الرواية
4- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 503 بهذا الاسناد ، وفي الغيبة للطوسی : 242 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابویه ، عنهما البحار : 51 / 360 ذ ح 6 .وأورده فی ثاقب المناقب : 540 ( مخطوط ) مرسلا عن أحمد بن مخلد .وأخرجه في اعلام الوری : 451 ، ومدينة المعاجز : 612 ح 88 عن الكمال

[ بسم الله الرحمن الرحيم ] (1) « يا علي بن محمد أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فأنك ميّت مابينك و بين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ولاتوص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك نقد وقعت الغيبة التامّة ، ولا (2) ظهور إلا بعد إذن الله ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جوراً .

وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني

والصيحة ، فهو كاذب مفتر (3) [ ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ] (4) » .

قال : فسخنا هذا التوقيع ، وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس ، عدنا إليه

وهو يجود بنفسه . (5)

فصل

47 - وعن ابن بابویه : ثنا أبي : ثنا سعد بن عبدالله ، عن أبي حامد المراغي ، عن

محمد بن شاذان بن نعيم ، قال :

بعث رجل من أهل « بلخ » بمال ورقعة ليس فيها كتابة ، قدخط فيها باصبعه كماتدور (6)

من غير كتابة ، وقال للرسول :

ص: 1129


1- من الكمال
2- « فلا » د ، ق
3- « کافر » ه- ، ط
4- من الكمال
5- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 516 بهذا الاسناد ، والطوسي في الغيبة : 242 باسناده عن جماعة ، عن ابن بابويه ، عن أبي محمد أحمد بن الحسن المكتب مثله ، وفي آخرهما « فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه . ومضی رضی الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه » . عنهما البحار: 51 / 360 ح 7 . وأورده في اعلام الوری : 445 مرسلا عن أبي محمد الحسن بن أحمد . وأخرجه في منتخب الانوار المضيئة : 130 عن كمال الدين ، وفي اثبات الهداة : 7 / 342 ح 112 عن الغیبة . وفي البحار : 52 / 151 ح 1 عن الكمال و الاحتجاج : 2 / 297 مرسلا
6- « فيما ( یرون ) ترون » نسخ الاصل . و ما في المتن من الكمال

احمل هذا المال فمن أخبرك بقصّته و أجاب عن الرقعة فأوصل إليه المال (1) .

فصار الرجل إلى العسكر وقصد جعفراً ، وأخبره الخبر .

فقال له جعفر : أتقر بالبداء ؟ فقال الرجل : نعم. قال : إن صاحبك قد بدا له ،وقد أمرك أن تعطيني المال . فقال له الرسول : لا يقنعني هذا الجواب .

فخرج من عنده ، وجعل يدور على أصحابنا . فخرجت إليه رقعة [ قال ](2):

« هذا مال قد كان غرر به (3) [ و كان فوق صندوق ] (4) فدخل اللصوص البيت و أخذوا ما في الصندوق ، وسلم المال » .وردت عليه الرقعة وقد كتب فيها (5) : « كما تدور ، سألت الدعاء فعل الله بك و فعل » . (6)

48 - عن سعد بن عبدالله [ قال ] : قال لي علي بن محمد الشمشاطي (7): خرجت زائراً

إلى العسكر وأنا في المسجد إذ دخل علي غلام ، فقال : قم .

ص: 1130


1- كذا في الكمال . و في النسخ « احمل هذا المال اليه »
2- من الكمال
3- كذا في الكمال . وفيم « غزو به » . وفي ط « غدر به ». ويظهر من سياق الحديث أن اللصوص استهدفوا المال ، وقصدوا الصندوق ، فزاغ المال عن أبصارهم اذ لم يكن بداخله فأخذوا مافيه بدل المال المستهدف الذي كان فوق الصندوق ، فيجوز أن يقال : هذا المال « غزو ، أو غرر بسببه » . وكان هذا اخباراً بالغيب
4- من الكمال
5- قال المجلسى (رحمه الله) : قوله : « وقد كتب فيها ، أي الرقعة التي كانت قد كتب السؤال فيها بالاصبع كما تدور
6- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 488 ح 11بهذا الاسناد ، عنه اثبات الهداة : 7 / 303 ح 48 ، والبحار : 51 / 327 ح 50. ورواه الطبری في دلائل الامامة : 287 ،عنه مدينة المعاجز : 605 ح 61. وأورده في ثاقب المناقب : 522 ( مخطوط ) مرسلا عن محمد بن شاذان بن نعيم
7- كذا في الكمال ، وفي « م » غیر منقوطة . وفی ه- ، ط « السميساطی »

فقلت : من أنا ، وإلى أين أقوم !؟ قال : أنت علي بن محمد رسول جعفر بن إبراهيم

اليماني ، قم إلى المنزل . وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي .

فقمت ، [ إلى منزله ] فاستأذنت في أن أزور من داخل ، فأذن لي . (1)

49 - وقال سعد : حدثنا أبو القاسم بن أبي حليس (2) : اعتلات ب- « سر من رأی » علّة شديدة أشرفت بها على الموت ، (3) فأطليت مستعداً للموت .

فبعث إلي بيستوقة فيها بنفسجين (4) أمرت بأخذه ، فما فرغت حتى أفقت .(5)

50 - وعن جعفر بن عمرو : خرجت إلى العسكر - وام أبي محمد(عليه السلام ) في الحياة - و معي جماعة [ فوافينا العسكر ] .

ص: 1131


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 491 ذ ح 14بهذا الاسناد لمثلها .ورواه الكليني في الكافی : 1 / 519 ذ ح 12 باسناده عن علی بن محمد ، عن علی بن الحسين اليمانی، والمفيد فی الارشاد : 398 عن ابن قولویه ، عن الكليني .وأورده في كشف الغمة : 2 / 452 مرسلا عن علی بن الحسین .وأخرجه في اثبات الهداة : 7 / 276 ذ ح 11 عن الكافی والكمال ، وفی البحار : 51 / 329 ذ ح 53 عن الكافي والارشاد
2- كذا في كمال الدين ، و فی م « بن حليس » ، وفی ط « بن أبی حلس » . تقدم فی ص 443 ح 24
3- « أشفقت منها ، الكمال . يقال : أشفق منه : حاذر و خاف. وأطلی : مالت عنقه لضعف أو سواه ، أو أطلی با لنورة ، استسلاماً للموت
4- يعمل من البنفسج والانجبین
5- رواه في كمال الدين : 2 / 493 ضمن ح 17 بهذا الاسناد مثله ، وفی آخره « أفقت من علتی والحمد لله رب العالمین » ، عنه اثبات الهداة : 7 / 306 ، و البحار : 51 / 331 ضمن ح 56 .وأورده في عيون المعجزات : 144 عن أبي القاسم الحليسي بلفظ آخر ، عنه اثبات الهداة المذكور ص 360 ح 134، ومدينة المعاجز : 611 ح 72 .

فكتب أصحابي يستأذنون في الزيارة من داخل باسم رجل رجل ، فقلت لهم :لا تكتبوا اسمي ، فانّي لا أستأذن . فتركوا اسمي ، فخرج التوقيع :

« أدخلوا ومن أبى أن يستأذن » . (1)

51 - وعن أبي جعفر المروزي : بعثنا مع رجل إلى العسكر شيئاً ، فعمد ودس فيما معه رقعة من غير علمنا . فردت عليه الرقعة بلا جواب . (2)

52 - قال : وكان [ بقم ] رجل بزاز مؤمن ، و له شريك مرجیء (3) فوقع بينهما ثوب نفيس ، فقال المؤمن : يصلح هذا الثوب لمولاي .

فقال شريکه : لست أعرف مولاك ، ولكن افعل بالثوب ما تحب .

فلمّا وصل الثوب شقّه(عليه السلام ) بنصفين طولا فأخذ نصفه ، و رد النصف ، وقال : لا حاجة لنا في مال المرجیء . (4)

ص: 1132


1- رواه الصدوق في كمال الدين : 2 / 498 ح 21 باسناده الى جعفر بن عمرو ، عنه اثبات الهداة : 7 / 310 ح 67 ، و البحار : 51 / 334 ح 58 .وأخرجه الطوسي في الغيبة : 208 عن كتاب الأوصياء للشلمغاني عن أبي جعفر المروزی ، عن جعفر بن محمد بن عمر ، عنها ثبات الهداة المذكور ، والبحار : 51 / 293 ح 2
2- رواه في كمال الدين : 2 / 499 ح 24 باسناده الی أبی جعفر ، عنه اثبات الهداة : 7 / 311 ح 72 ، والبحار : 51 / 334 ضمن ح 58
3- أي من المرجئة وهم : فرقة من الاسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الایمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، وقالوا : أن الله أرجی تعذيبهم عن المعاصی ، أى أخره عنهم ، وهم الذين قالوا : الايمان قول بلاعمل ، لانهم يقدمون القول ويؤخرون العمل ( المقالات و الفرق : 131 )
4- رواه في كمال الدين : 2 / 510 ح 40 باسناده الى حامد بن اسحاق الكاتب ، عنه اثبات الهداة : 7 / 317 ح 83 ، والبحار : 51 / 340 ح 66 .وأورده في ثاقب المناقب : 524 ( مخطوط ) مرسلا عن اسحاق بن حامد ، عنه مدينة المعاجز : 618 ح 111

باب في العلامات الحزينة الدالة على صاحب الزمان و آبائه عليهم السلام

53 - أخبرنا جماعة ، عن جعفر الدوريستي ، عن أبيه : ثنا أبو جعفر بن بابویه : ثنا

محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن (1) عبدالعزیز بن يحيى الجلودي ، عن الحسين بن معاذ ، عن قيس بن حفص (2) عن يونس بن أرقم ، عن أبي ديار الشيباني ، عن الضحّاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة (3) قال :

خطبنا علي بن أبي طالب فقال : « سلوني قبل أن تفقدوني » ثلاثاً .

فقام صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنین متى يخرج الدجّال ؟

فقال : ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات (4) يتبع بعضها بعضاً .

وإن علامات ذلك : إذا مات (5) الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، و استحلّوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء .

وكان الحلم ضعفاً ، والظلم فخراً ، و كانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة والعرفاء (6) خونة ، والقراء فسقة ، وظهرت شهادة الزور ، واستعلن الفجور ، وقول (7) البهتان والاثم والطغيان .

ص: 1133


1- « اسحاق بن » م . تصحيف
2- « جعفر » م . و فی د ، ق « محمد بن حفص»
3- قال عنه العسقلاني في تقريب التهذيب : 2 / 298 رقم 51 : كوفي ثقة
4- الهيئة: حال الشيء و کیفیته و شكله وصورته . و فی د ، ق : « بینات »
5- كذا في بقية الموارد ، وفی د ، ق بلفظ « اذا أحلوا الناس الخيانة »
6- « العلماء » ه- ، ط . والعرفاء : جمع عريف ، وهو العالم بالشيء ، أو القيم بأمر القوم رسیدهم
7- « و قبل » ه- ، ط . والبهتان : الكذب والافتراء

وحلّیت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطولت المنارة (1) وأكرم الأشرار

وازدحمت الصفوف ، واختلفت القلوب ، ونقضت العهود ، واقترب الموعود وشارك (2) النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا .

وعلت أصوات الفسّاق ، واستمع منهم ، و كان رئيس (3) القوم أرذلهم ، وانّقي الفاجر مخافة شره ، وصدق الكاذب ، واؤتمن الخائن ، واتّخذت القينات [ والمعازفئولعن آخر هذه الأمة أولها ، ور کب ذوات الفروج السروج ] (4) وتشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال .

وشهد شاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاء لذمام من غير (5) حق عرفه وتفقّه لغير الدين ، و آثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة.

و لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمر من الصبر ، فعند ذلك الوحا (6) الوحا ، العجل العجل [ خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتين على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنه من سكّانه ] . (7)

ص: 1134


1- كذا في الأصل . وفي الكمال « منارات » .والظاهر أنها « منائر» - جمع منارة - كما في المختصر
2- « شارکت » ط
3- « زعيم » د ، ق ، ه- ، ط
4- من بقية الموارد
5- « بغير » ق ، الكمال والمختصر
6- الوحا : العجل ، السرعة
7- رواه الصدوق - في حديث طويل - فی كمال الدين : 2 / 525 - 528 ح 1 باسناده من طريقين الأول مثل هذا الاسناد ، والثانی الى ابن عمر ، عن رسول الله صلی الله علیه و آله مثله ، عنه البحار : 52 / 192 ح 26 .ورواه الحسن بن سليمان الحلى في مختصر بصائر الدرجات : 30 فی حديث طويل باسناده الى النزال بن سبرة ، عنه اثبات الهداة : 7 / 46 ح 407 ، و مستدرك الوسائل : 2 / 390 باب 39 ح 1

فصل

ثم قام الأصبغ بن نباتة بعد ذلك إلى علي (عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال ؟فقال : [ الدجّال ] صائد بن الصائد (1) ، فالشقي من صدقه ، و السعيد من كذبه ، يخرج من بلدة يقال لها « إصفهان » من قرية تعرف ب- « اليهوديّة » .

عينه اليمني ممسوحة ، والعين الأخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب الصبح ،فيها علقة كأنّها (2) ممزوجة بالدم .

بين عينيه مكتوب « کافر » يقرأه كل كاتب وأمّي ، يخوض البحار ، و تسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنّه طعام ،يخرج - حين يخرج - في قحط شدید .

تحته حمار أقمر (3) خطوة حماره میل ، تطوى له الأرض منهلا منهلا (4) لايمر بماء إلا غار إلى يوم القيامة ، ينادي بأعلى صوته- يسمع مابين الخافقين (5) من الجن والانس والشياطين - يقول :

ص: 1135


1- « صائد بن الصيد » الكمال و المختصر . وفي سنن الترمذی : 4 / 516 باب 63 « ابن الصائد » . و فی سنن ابن داوود : 4 / 120 « ابن صائد »
2- « کلها » م
3- قال ابن الأثير في النهاية : 4 / 107 : فی صفة الدجال « دجان أقمر » هو الشديد البياض والانثی : قمراء ، وقال الفيروزآبادي فی القاموس المحيط : 2 / 121 : القمرة - با لضم - : لون الى الخضرة ، أو بياض فيه كدرة . حمار أقمر وأتان قمراء
4- « میلا میلا » ه- . وقال في النهاية : 5 / 138 : وفي حديث الدجال « أنه يرد كل منهل » المنهل من المياه :كل ما يطؤه الطريق ، وما كان على غير الطريق لايدعی منهلا، ولكن يضاف الى موضعه ، أو الى من هو مختص به ، فيقال : منهل بنی فلان : أي مشر بهم وموضع نهلهم
5- أي المشرق والمغرب

إلي أوليائي ، أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى !

و کذب عدو الله ، إنّه أعور بطعم الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وإن ربّكم جل وعز ليس بأعور ، ولايطعم [ الطعام ] ، ولا يمشي في الأسواق ، ولا يزول .

ألا وإن أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا ، وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق(1) لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يد من يصلّي المسيح [ عیسی ] بن مریم خلفه . ألا وأن بعدذلك الطامّة الكبرى .

فصل

قالوا : قلنا يا أمير المؤمنين وما ذلك ؟

قال(عليه السلام ) : خروج دابّة الأرض (2) من عند الصفا (3) معها خاتم سليمان وعصا موسی يضع الخاتم على وجه كل مؤمن ، فينطبع (4) فيه « هذا مؤمن حقّاً » .

ويضعه على وجه كل كافر ، فينطبع فيه « هذا كافر حقّاً » حتى أن المؤمن لینادي

« الويل لك يا كافر » ، وأن الكافر لینادي « طوبی لك يا مؤمن ، وددت أنّي اليوم (5) مثلك فأفوز فوزاً عظيماً .

ص: 1136


1- أفيق : قرية من حوران في طريق الغور في أول العقبة المعروفة بعقبة أفيق ، و العامة تقول فيق ، تنزل من هذه العقبة الى الفور ، وهو الأردن ، وهي عقبة طويلة نحومیلین .( معجم البلدان : 1 / 233 )
2- اشارة الى قوله تعالى في سورة النمل : 82 . فانظر الى التفاسير ومنها تفسير الصافي : 4 / 74
3- الصفا - بالفتح ، و القصر المذكور في القرآن الكريم - : مكان مرتفع من جبل أبی قبیس ، بينه و بين المسجد الحرام ، عرض الوادي الذي هو طريق وسوق ، واذا وقف الواقف عليه كان حذاء الحجر الأسود ، ومنه يبتدىء السعي بينه و بين المروة
4- « فيطبع » م
5- « با لقوم » م

ثم ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين - باذن الله - بعد طلوع الشمس من

مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة ، فلاتربة تقبل ، ولاعمل يرفع « ولاينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيراً » (1) .

ثم قال (عليه السلام ) : لاتسألوني عمّا يكون بعد هذا ، فانّه عهد إلي حبيبي (صلی الله علیه وآله وسلم)ألا أخبر به غير عترتي .

فصل

[ قال النزال بن سبرة : فقلت لصعصعة بن صوحان : ماعني أمير المؤمنين بهذا القول؟

فقال : إن الذي يصلّي عیسی بن مریم خلفه [ هو ] الثاني عشر من العترة ، التاسع من

ولد الحسين بن علي(عليه السلام ) ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر عند الركن والمقام فيطهّر الأرض ، ويضع ميزان العدل ، فلا يظلم أحد أحداً .

فأخبر أمير المؤمنين أن حبيبه رسول الله عهد(صلی الله علیه وآله وسلم) [ إليه ] أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته [ الأئمة ] (عليه السلام ) . (2)

ص: 1137


1- اقتباس من قوله تعالى في سورة الأنعام : 158
2- رواه الصدوق بتمامه في كمال الدين : 2 / 525 - 528 ح 1باسناده من طريقين ، الاول مثل هذا الاسناد ، والثاني عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه و آله ، عنه البحار: 52 / 192 ح 26 . ورواه الحسن بن سليمان الحلي في مختصر بصائر الدرجات : 30 باسناده الى النزال بن سبرة ، عنه اثبات الهداة : 7 / 46 ح 407 ، ومستدرك الوسائل : 2 / 390 باب 39 ح 1

فصل

و المخالفون من أصحاب الحديث يروون عن نافع ، عن ابن عمر (1) الخبر في الدجّال ، وغيبته ، وبقائه المدة الطويلة ، وخروجه في آخر الزمان على ما نذكره من بعد هذا الفصل ، وهم لا يصدقون بأمر القائم (عليه السلام ) ، وأنّه يغيّب مدة طويلة ثم يظهر فيملا الأرض قسطاً [ كما ملئت جوراً ] مع نص النبي والأئمة عليه و عليهم السلام باسمه وكنيته ، ونسبه ، وإخبارهم بطول غيبته ، إرادة لاطفاء نور الله [ وإبطالا الأمر وليّه ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشر کون ] .

وأكثر ما يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة(عليه السلام ) ، أنّهم يقولون : لم نرو هذه الأخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها [-و كذا يقول من يجحد بنبيّنا (صلی الله علیه وآله وسلم)والبراهمة واليهود والنصارى ، أنّه ما صح عندنا ممّا تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها -] فنعتقد (2) بطلان أمره لهذه الجهة .

ومتى لزمنا مايقولون ، لزمهم (3) ما تقوله هذه الطوائف ، وهم أكثر عدداً منهم .

ونقول لهم : لو نظرتم في أخبارنا في المهدي(عليه السلام ) ونظر مخالفو الاسلام في أخبار المسلمين في النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) لعلمتم و علموا الحق من النبوة والشريعة والامامة وما يتعلّق بها . (4)

فصل

54 - وقد أخبرنا جماعة من أصحاب الحديث باصبهان ، وجماعة منهم من همدان

و خراسان سماعاً وإجازة ، عن مشايخهم الثقاة بأسانيد مختلفة ، عن أبي بكر محمد

ص: 1138


1- « نافع بن عمر » م ، ط . وفی نسخة من ط « نافع وابن عمر »
2- « فيعتقدون » د ، ق
3- « ناز مهم » م
4- قال مثله الصدوق في كمال الدين : 2 / 529

ابن عمرو (1) بن عثمان بن الفضل العقيلي الفقيه ، عن أبي عمرو محمد بن جعفر بن المظفر (2) ، وعبد الله بن محمد بن موسی بن کعب الصيداني (3) أبو سعيد ، وعبدالله[ بن ] محمد بن عبد الرحمان الرازي ، و أبو الحسن محمد بن عبد الله بن صبيح (4)

الجوهري : ثنا أبو يعلى (5) أحمد بن المثنّى(6) الموصلي ، عن عبد الأعلى بن حماد النرسي (7) عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :

إن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) صلّى ذات يوم الفجر بأصحابه ، ثم قام مع أصحابه حتى أتی باب دار بالمدينة ، وطرق الباب فخرجت [ إليه ] امرأة ، فقالت : ما تريد يا أبا القاسم ؟

فقال(صلی الله علیه وآله وسلم) : يا ام عبد الله استأذني لي عليه . قالت : يا أبا القاسم ماتصنع بعبد الله ،فوالله إنّه لمجهود في عقله (8) يحدث في ثوبه (9) وانّه ليراودني (10) [ على ] الأمرالعظيم .

فقال : استأذني لي عليه . قالت : أعلى (11) ذمّنك ؟ قال : نعم وقالت : ادخل ، فدخل

ص: 1139


1- « عمر » ه-
2- كذا في بقية الموارد . وفي نسخ الاصل « مطر » . راجع نوابغ الرواة في رابعة المئات : 297
3- كذا في بقية الموارد . وفی نسخ الاصل « الصيدلانی » . راجع المصدر السابق ، و سير أعلام النبلاء : 15 / 530
4- « فصيح » م . وفی د ، ق « ابوالحسین » بدل « ابوالحسن »
5- « أبو علی » نسخ الاصل . تصحيف ، راجع سير أعلام النبلاء : 14 / 174
6- « الليثی » د ، ق
7- « البرسی » م . تصحيف راجع سير أعلام النبلاء : 11 / 28
8- « مخمور فی عقله » د ، ق . « عقله خفة » ه- ، ط . قال المجلسى (رحمه الله علیه) : قولها « انه لمجهود فی عقله » أي أصاب عقله جهد البلاء ، فهو مخبط . يقال : جهد المرض فلاناً : هزله
9- « نومه » ط
10- « لیوردنی » ط . قال المجلسی (رحمه الله علیه) : كأن مراودته اياها كان لاظهار دعوى الالوهية أو النبوة ، ولذا كانت تأبی عن أن يراه النبی صلی الله علیه و آله
11- « الی » د ، ق

فاذا هو في قطيفة بهينم (1) [ فيها ] فقالت امّة (2) : اسكت و اجلس ، هذا محمد [ قد أتاك ] .

فسكت وجلس ، فقال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) (3) : مالها- لعنه الله - لو تركتني لأخبرتكم ،أهو هو (4) ؟

فقال [ له ] النبي : ماترى ؟ قال: أرى حقّاً وباطلا ، و أری عرشاً على الماء (5) .

فقال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله .

فقال : بل أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّي رسول الله ، فماجعلك الله في ذلك أحق منّي.

فلمّا كان في اليوم الثاني صلّى بأصحابه الفجر ، ثم نهض ، ونهضوا معه حتى

طرق الباب ، فقالت امّه : ادخل . فدخل فاذا هو في نخلة يغرد (6) فيها ، فقالت له امّه :

اسكت وانزل ، هذا (7) محمد قد أتاك .

فسكت فقال للنبي(صلی الله علیه وآله وسلم): ما لها - قاتلها الله - لو تركتني لأخبرتكم ، أهو هو ؟

ص: 1140


1- قال ابن الأثير في النهاية : 5 / 290 : في حديث اسلام عمر « ماهذه الهينمة ؟ » هی الكلام الخفي لايفهم ، والياء زائدة . ومنه حديث طفيل « هینم في المقام » أي قرأ فيه قراءة خفية .قال المجلسی (رحمه الله علیه) : الهينمة : الصوت الخفى . وفي أخبار العامة : يهمهم .والقطيفة : دثار مخمل يلقيه الرجل على نفسه .وفی د ، ق « فاذاهو قطعة بهینم »
2- « له » ، ط
3- كذا في البحار . وفي نسخ الاصل والكمال « النبی » . و كذا ما بعدها
4- « يقوم » د ،ق ، م . قال المجلسى (رحمه الله علیه ) : قوله « أهو هو ؟ » أی اما تقولون بالوهية اله أم لا ؟
5- قال المجلسی : روى الحسين بن مسعود الفراء في شرح السنة باسناده ، عن أبي سعيد الخدري أن في هذه القصة قال له رسول الله صلى الله علیه و آله : ما ترى ؟ قال: أری عرشاً على الماء ، فقال رسول الله صلی الله عليه و آله : ترى عرش ابليس على البحر فقال : ما ترى؟ قال: أرى صادقين و كاذباً أو كاذبين وصادقاً فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : لبس عليه دعوه . انتهى . وفی د ، ق « عرشها » بدل « عرشاً »
6- كذا فی الكمال . وفی د ،ق ، م « يغرر » ، و فی ط « يغرو » . قال المجلسی : غرد الطائر - كفرح - وغرد تغريداً ، وأغرد وتغرد : رفع صوته ، وطرب به
7- « علی » د ، ق

فلمّا كان اليوم الثالث صلّى بأصحابه الفجر ، ثم نهض ونهضوا معه حتى أتوا ذلك المكان، فإذا هو في غنم ينعق بها ، فقالت له أمّه : اسكت واجلس هذا محمد قدأتاك .

فسكت ، وقد كانت آيات نزلت في ذلك اليوم من سورة الدخان ، فقرأها بهم (1) النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) في صلاة الغداة .

ثم قال : إشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّي رسول الله . فقال : بل أشهد أن لا إله إلا الله ،

وأنّي رسول الله ، فما جعلك الله بذلك أحق منّي !

فقال النبي (صلی الله علیه وآله وسلم): إنّي خبأت لك خبيئاً (2) [ فما هو ] ؟ قال : الدخ ، الدخ (3) .

فقال النبي (صلی الله علیه وآله وسلم): اخسأ ، اخسأ ، إنّك لن تعدو أجلك (4) ولن تبلغ أملك ، ولن تنال إلا ماقدر لك .

ص: 1141


1- « قرأ عليهم » د ، ق . « قرأها لهم » ط
2- قال المجلسي: « قد خبأت لك خباء »أي أضمرت لك شيئاً أخبرني به
3- قال ابن الأثير في النهاية : 3 / 107، والزمخشري في الفائق : 1 / 410 فيه « أنه قال لابن صیاد : خبأت لك خبيثا ( فما هو ) ؟ قال : هوالدخ » . الدخ - بضم الدال وفتحها - : الدخان ، قال : « عند رواق البيت يغشى الدخا » و فسر الحديث أنه أراد بذلك « يوم تأتي السماء بدخان مبین » . وقيل : ان الدجال يقتله عیسی بجبل الدخان ، فيحتمل أن يكون المراد تعريضاً بقتله لان ابن الصياد كان يظن أنه الدجال
4- قال المجلسی (رحمه الله علیه) : قوله صلى الله عليه و آله « اخساً » يقال : خسأت الكلب أي طردته وأبعدته . قوله « فانك لن تعدو أجلك » قال في شرح السنة - : قال الخطابي : يحتمل وجهين أحدهما أنه لا يبلغ قدرة أن يطالع الغيب من قبل الوحي الذي یوحی به الی الانبياء ، ولا من قبل الالهام الذي يلقى فی روع الاولیاء وانما كان الذي جرى على لسانه شيئاً ألقاه الشيطان حين سمع النبي صلى الله عليه و آله يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل والآخر أنك لن تسبق قدر الله فيك وفي أمرك . وقال أبو سليمان : والذي عندي أن هذه القصة انما جرت أيام مهادنة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) اليهود وحلفاءهم و كان ابن الصياد منهم أو دخيلا في جملتهم و كان يبلغ رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) خبره وما يدعيه من الكهانة ، فامتحنه بذلك ، فلما كلمه علم أنه مبطل ، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتي رئی الجن أو يتعاهده شیطان فيلقى على لسانه بعض ما يتكلم به ، فلما سمع منه قوله « الدخ » زبره وقال : اخسأ فلن تعدو قدرك . يريد أن ذلك شيء ألقاه اليه الشيطان ، وليس ذلك من قبل الوحی وانما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطىء في بعضها ، وذلك معنى قوله : يأتيني صادق و کاذب فقال له عند ذلك : خلط عليك . والجملة من أمره أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده « ليهلك من هلك عن بينة ، و یحیی من حي عن بينة » وقد افتتن قوم موسى في زمانه با لعجل فافتتن به قوم واهلكوا ، و نجا من هداه الله وعصمه انتهى كلامه

ثم قال النبي لأصحابه: ما بعث الله نبيّاً إلا وقد أنذر قومه الدجّال ، وإن الله أخّره [ إلى] يومكم (1) هذا ، فمهما تشابه عليكم من أمره فان (2) ربّكم ليس بأعور ، وإنّه يخرج على حمار عرض مابين أذنيه ميل يخرج ومعه جنّة ونار ، وجبل من خبز ، ونهر من ماء ، أكثر أتباعه اليهود والنساء و الأعراب ، يدخل آفاق الأرض كلّها إلا مكّة ولا بتيها (3) و المدينة ولابتيها . (4)

ص: 1142


1- من رواية الصدوق . وفی ط بلفظ « وان الله أوحی خبره الي فی يومكم » . وفی د ، ق بلفظ « وان الله مؤخر على بومكم »
2- « فما تشابه انه عليكم من أمره وان » م
3- اللابتان : تثنية اللابة ، وهي الحرة . وفی الحديث أن النبي حرم ما بين لابنيها يعني المدينة لانها بين الحرنین . قال الأصمعي : اللابة: الأرض التي ألبستها الحجارة السود . ( معجم البلدان : 1 / 3 )
4- رواه في كمال الدين : 2 / 528 باسناده عن العقيلى ، عنه البحار : 52 / 195 ح 27 . وحديث الدجال روته العامة - فی كتبها نحواً من هذا - بأسانید مختلفة ، راجع : سنن أبي داود : 2 / 434 ، صحيح البخاری : 9 / 75 ، صحیح مسلم : 4 / 2240 - 2267 ، وفيه : أن اسم ابن الصياد : صاف

فصل

55 - ومن العجب أن المخالفين يروون عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) فی أمر عمّار أنّه « تقتله الفئة الباغية » . (1)

وفي علي (علیه السلام)أنّه « تخضّب لحيته من دم رأسه » . (2)

وفي الحسين(علیه السلام) أنّه « مقتول بالسيف » . (3)

وفي الحسن(علیه السلام) أنّه « مقتول بالسّم » ولايصدقون فيما أخبر به من أمرالقائم

و وقوع الغيبة والتعيين عليه باسمه ونسبه ، وهو (صلی الله علیه وآله وسلم)صادق في جميع ذلك !

وأعجب من هذا رواية مخالفينا أن عيسى مر بأرض كربلاء فرأى عدة من الظباءهناك مجتمعة ، فأقبلت إليه وهي تبكي ، وأنّه جلس وجلس الحواريّون ، ثم بکی ،وهم لا يدرون لمجلس ولم يبكي .

فقالوا : يا روح الله ما يبكيك ؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه ؟ قالوا : لا .

قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ رسول الله أحمد ، وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمّي ، ويلحد فيها ، وهي أطيب من المسك ، لأنّها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا

تكون طينة الأنبياء و أولاد الأنبياء .

فهذه الظباء تكلّمني وتقول : إنّها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك ، ثم ضرب بيده على بعر تلك الظباء ، فشمّها و قال : اللّهم . ايقها أبداً حتى يشمّها أبوه ، فتكون له عزاء و سلوة ، وبکی .

ص: 1143


1- روته العامة بأسانید شتي ، تجد معظمها في احقاق الحق : 8 / 422 - 469 و ج 18 / 114 - 118
2- روته العامة بأسانید عديدة و ألفاظ مختلفة ، راجع احقاق الحق : 5 / 49 و ج 8 / 114 - 118 و ص 589 و ص 779 - 786 و ص 791 - 794 و ج 15 / 425 و ج 17 / 550 - 566
3- روت العامة خبر شهادته عليه السلام في العديد من مصنفاتها ، بشتى الالفاظ و مختلف الاسانید . راجع احقاق الحق : 11 / 339 - 414

وأخبر بقصّتها علي بن أبي طالب لمّامر بكربلاء ، فتصدقون أن بعر تلكالظباء (1) بقي زيادة على ستمائة (2) عام لم تغيّره الأمطار والرياح ولاتصدقون بأن القائم من آل محمد يبقى حتى يظهر ، فيملا الأرض قسطاً [ وعدلا ] ، وتروون أنّه يكون المهدي !؟ (3)

فصل

56 - وسياق ذلك الخبر على لفظه يروي عن مشيخة (4) المخالفين ، عن شيخ لأصحاب الحديث بالري يعرف (5) بأبي علي بن عبد ربّه (6) قال : ثنا أحمد بن يحيى بن (7) زكريا القطّان : ثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن بن علي بن عاصم ، عن الحصين (8) بن عبدالرحمان ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .

[ وتروی عن شيخ لهم باصفهان يعرف بأبي بكر بن مردويه باسناده عن ابن عباس ] ، قال :

كنت مع علي بن أبي طالب في خرجته (9) [ إلى صفین ] .

فلمّا نزل ب- « نینوی » (10) وهو شط الفرات ، قال بأعلى صوته : يا بن عباس

ص: 1144


1- زاد فی م« فشمها وقال : ابقها ..» و كرر العبارة السابقة
2- «خمسمائة » م ، والكمال
3- قال مثله الصدوق في كمال الدين : 2 / 531 ، عنه البحار : 52 / 201
4- «على قوله بنسخةه د،ق
5- « عن شيخ أصحاب الحديث بالری معروف » م . « عن مشايخ أصحاب الحديث بالری منهم شيخ يعرف » ه- ، ط
6- هو أحمد بن الحسن القطان المعروف بابی علی بن عبد ربه ( عبدویه ) : من مشايخ الصدوق ... ولا يبعد أن يكون من العامة ، كما استظهر بعضهم . راجع معجم رجال الحديث : 2 / 86
7- « عن » م ، ه- . تصحيف . راجع معجم رجال الحديث : 2 / 363
8- « الحسین » م
9- « خروجه » خ ل . و فی د ، ق بلفظ « فی حرب صفين »
10- نینوی : ناحية بسواد الكوفة ، منها كربلاء ( انظر مراصد الاطلاع : 3 / 1414

أتعرف هذا الموضع ؟ قلت : نعم (1) .

قال : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه (2) حتى تبكي كبكائي . قال : فیکی طويلا حتى اخضلّت (3) لحيته ، وسالت الدموع [ على صدره ] و بكينا معه وهو يقول : أوه أوه مالي ولآل أبي سفيان ، مالي ولآل حرب حزب الشیطان ، وأولياء الكفر ؟

صبراً أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم . ثم دعا بماء ، فتوضّأ وضوء الصلاة ، فصلّی ما شاء الله أن يصلّي .

ثم (4) ذكر نحو كلامه الأول إلا أنّه نعس عند انقضاء صلاته ساعة ، ثم انتبه فقال : يابن عباس ، فقلت : ها أنا ذا .

قال : ألا أحدثك بما رأيت في منامي ، آنفاً عند رقدتي ؟

قلت : نامت عيناك ورأيت خيراً (5) .

قال : رأيت كأنّي برجال [ بيض ] (6) قد نزلوا من السماء ، معهم أعلام بیض قد تقلّدوا سيوفهم ، وهي بيض تلميع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة .

ثم رأيت كأن هذه النخيل وقد ضربت بأغصانها الأرض ، و هي (7) تضطرب بدم عبيط ، و كأنّي بالحسين (8) سخلي (9) و فرخي وبضعتي (10) قد غرق فيه ، يستغيث فلا يغاث .

ص: 1145


1- « ما اعرفه » م ، ه- ، ط ، وروایتی الصدوق
2- « بحوضها » م
3- خضل : تدی و ابتل
4- « فقال : يا بن عباس و » ط . و فی د ، ق بلفظ « ثم عاود كلامه »
5- « يا أمير المؤمنین » د ، ق
6- من الكمال
7- كذا فی ه- ، ط و فی د ، ق ، م : « فرأيتهن »
8- « كان الحسین » م
9- قال ابن الأثير في النهاية : 2 / 350 : و فيه « كأني بجبار يعمد الى سخلی فيقتله » .السخل : المولود المحبب الي أبویه
10- و فی د ، ق « ودمی وعظمى ومخی »

وكأن الرجال البيض الذين نزلوا من السماء ينادونه ، و يقولون : صبرا آل الرسول فانّكم تقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنّة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة .

ثم يعزونني ،و يقولون : يا أبا الحسن أبشر ، فقد أقر الله به عينك يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين .

ثم انتبهت هكذا ، والذي نفسي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم(صلی الله علیه وآله وسلم) أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا .

وهذه أرض کرب و بلاء يدفن فيها الحسين و سبعة عشر رجلا كلتّهم من ولدي وولد فاطمة ، وأنّها لفي السماوات معروفة ، تذكر أرض (1) کرب و بلاء كما تذكر بقعة الحرمین و بقعة (2) بیت المقدس .

ثم قال : يا بن عبّاس اطلب لي حولنا (3) بعر الظباء ، فوالله ما كذبت ولا كذبت ولا كذبني قط ، وهي مصفرة ، لونها لون الزعفران .

قال ابن عباس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فناديته : يا أمير المؤمنين قد أصبتهاعلى الصفة التي وصفتها . فقال علي : صدق الله [ وصدق ] ورسوله .

ثم قام يهرول إلينا (4) فحملها وشمّها ، فقال : هي هي بعينها ، أتعلم يا بن عبّاس ما هذه الأباعر ؟ [ هذه ] قد شمّها عیسی بن مریم وقال : هذا الطيب لمكان حشیشها -وتكلّم بكل ما قدمناه إلى أن قال :

اللّهم فابقها أبداً حتى يشمّها أبوه فتكون له عزاء .

قال : فبقيت إلى يوم الناس (5) هذا ، ثم قال علي : [ اللهم ] یا رب عیسی بن مريم ، لا تبارك في قتلته ، والحامل عليه ، والمعين عليه ، والخاذل له .

ص: 1146


1- « معروفة بأرض » ه- ، ط ، ق
2- « و أرض » ه- ، ط
3- « حولها » الكمال و الأمالی . وفی د ، ق « ما » بدل « لی »
4- « اليها » د ، ق
5- « يومنا » ه- ، ط

ثم بكى طويلا ، فبكينا معه حتى سقط لوجهه مغشيّاً عليه .

ثم أفاق وأخذ البعر وصره في ردائه ، وأمرني أن أصرها كذلك .

ثم قال : إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها [ ودفن ] .

قال ابن عبّاس : لقد كنت أحفظها ، ولا أحلّها من طرف كمّي ، فيينا أنا في البيت نائم وقد خلا عشر المحرم إذ انتبهت فاذا تسيل دماً ، فجلست وأنا باك ، فقلت : قتل الحسين ، وذلك عند الفجر ، فرأيت المدينة كأنّها ضباب (1) ثم طلعت الشمس و كأنّها منكسفة ، و كأن على الجدران دماً ، فسمعت صوتاً يقول و أنا باك :

اصبروا آل الرسول*** قتل الفرخ البجول(2)

نزل الروح الأمين*** ببكاء و عویل

ثم بکی وبكيت ، ثم حدثت الذين كانوا مع الحسين ، فقالوا :

لقد سمعنا ماسمعت ونحن في المعركة - فكنّا (3) نرى أنّه الخضر (علیه السلام). (4)

ص: 1147


1- « خراب » د ، ق
2- كذا في الأصل . وفي الكمال والأمالی«النحول » .يقال : بجل بجالة و بجولا كان معظماً ومكرماً ، فهو بجيل
3- « قلنا » م
4- رواه الصدوق في أماليه : 478 ح ه ، وفي كمال الدين : 2 / 532 ح 1باسناده من طريقين الى ابن عباس ، عنهما اثبات الهداة : 1 / 352 ح 58 و ص 516 ح 132 ، والبحار : 44 / 352 ح 3 . وأخرجه في اثبات الهداة : 4 / 454 ح 34 عن الكمال ،وفي البحار : 61 / 170 ح 26 و مدينة المعاجز : 120 ح 23 و 283 ح 181 عن الامالی.

باب العلامات الكائنة قبل خروج المهدی ومعه عليه السلام

57 - قال النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) : عشر علامات قبل الساعة لا بد منها :

السفياني ، والدجّال ، و الدخان ، [ والدابّة ] ، وخروج القائم ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عیسی بن مریم ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب (1)ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر . (2)

وقال(صلی الله علیه وآله وسلم) : يخرج بقزوین (3) رجل اسمه اسم نبي ، فيسرع الناس إلى طاعته المشرك والمؤمن ، يملا الجبال خوفاً . (4)

وقال(صلی الله علیه وآله وسلم) : طوبى لمن أدرك زمان قائم أهل بيتي و هو معتقد به قبل قيامه ويتولّي وليّه ويتبرأ من عدوه ، ويتولّى الأئمّة الهادية من قبله ، اولئك أكرم خلق

ص: 1148


1- « بالمغرب » ط . وفي نسخة اخرى « بجزيرة بالمغرب » . وفي رواية الصدوق بلفظ « خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب »
2- عند منتخب الانوار المضيئة : 24 . ورواه الصدوق في الخصال : 2 / 431 ح 13 باسناده الى حذيفة بن اسید عنه صلى الله عليه و آله ، عنه البحار : 6 / 303 ح 2 .ورواه الطوسي في الغية : 267 باسناده الى أمير المؤمنین علیه السلام ، عنه صلى الله عليه و آله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 405 ح 45 ، و البحار : 52 / 209 ح 48 .وأخرجه في الصراط المستقيم : 2 / 259 . عنه کتاب الشفا ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، عنه صلى الله علیه و آله . ورواه مسلم في صحيحه : 4 / 2226 ح 40 ، وأبو داود في سننه : 2 / 429 با سنادیهما الى حذيفة بن أسيد ، عنه صلى الله علیه و آله
3- قزوین : مدينة مشهورة بينها وبين الرى سبعة وعشرون فرسخاً والي أبهراثنا عشر فرسخاً بينها وبين الديلم جبل . ( مراصد الاطلاع : 3 / 1089 )
4- عنه منتخب الانوار المضيئة : 25 . و أورده الطوسي في الغيبة : 270 مرسلا عن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)، عنه اثبات الهداة : 7 / 408 ح 53 ، والبحار : 52 / 213 ح 66

الله علی . (1)

وقال (صلی الله علیه وآله وسلم) : سيأتي قوم من بعد كم الرجل منهم له أجر خمسين منكم .

قالوا : يا رسول الله نحن كنّا معك ببدر و احد وحنين ونزل فينا القرآن .

قال : إنّكم إن تحملوا ما حملوا ، لم تصبروا صبرهم . (2)

وعن حذيفة [ قال ] : سمعت النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) وقد ذكر المهدي ، فقال :

إنّه يبايع بين الركن والمقام .

اسمه محمد وعبدالله والمهدي ، فهذه أسماؤه ثلاثتها . (3)

وقال(صلی الله علیه وآله وسلم) : لا تقوم الساعة حتى يخرج نحو من ستّين كذاباً . (4)

فصل

58 - وقال أمير المؤمنین(علیه السلام)وهو على المنبر : يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان

ص: 1149


1- عنه منتخب الانوار المضيئة : 25 . ورواه في الغيبة : 275 باسناده عن الفضل بن شاذان عن اسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن رفاعة بن موسی و معاوية بن وهب ، عن أبی عبدالله عليه السلام ، عنه اثبات الهداة : 2 / 466 ح 378 ، والبحار : 52 / 129 ح 25
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 25 . ورواه في الغيبة : 275 باسناده الی أبی عبدالله ، عنه (صلی الله علیه وآله وسلم) ، عنه البحار : 52 / 130 ح 26
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 25 . ورواه في الغيبة : 274 و ص 281 باسناده الی حذيفة ، عنه اثبات الهداة : 7 / 32 ح 356 ، والبحار : 52 / 290 ح 33
4- عنه منتخب الانوار المضيئة : 25 . ورواه في الغيبة : 266 باسناده الى عبدالله بن عمر عنه (صلی الله علیه وآله وسلم) ، عنه اثبات الهداة : 7 / 405 ح 44 ، و عن اعلام الوری : 455 . وأورده المفيد فی الارشاد : 404 بالاسناد الى عبدالله بن عمر .وأخرجه في البحار : 52 / 208 ح 46 عن الغيبة والارشاد

أبيض مشرب حمرة ، مندح (1) البطن ، عريض الفخذين ، عظیم مشاش (2) المنكبين .

بظهره شامتان : شامة على لون جلده ، وشامة على شبه شامة النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ، له اسمان :اسم يخفى ، واسم يعلن ، فأمّا الذي يخفي فأحمد ، وأمّا الذي يعلن فمحمّد .

فاذا هز رايته أضاء [ لها ] ما بين المشرق والمغرب ، و يضع يده على رؤوس العباد ، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر (3) الحديد ، وأعطاه الله قوة أربعين رجلا .

ولا يبقى ميّت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وهم يتزاورون في قبورهم

ويتباشرون بقيام القائم . (4)

وقال(صلی الله علیه وآله وسلم) : يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس ، وهو رجل ربعة ، وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر جدري .

إذا رأيته حسبته أعور ، واسمه « عثمان » و أبوه « عنبسة » (5) و هو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين (6) فيستوي على منبرها . (7)

ص: 1150


1- « مبدح » ه- ، ط . وفي نسخة من ط « مدح » . وكلها بمعنى واسع البطن و عريضها
2- قال ابن الأثير في النهاية : 4 / 333 : فی صفته عليه السلام « جلیل المشاش » أي عظيم رؤوس العظام کالمرفقين والكتفين ، و الركبتين
3- الزبر - بفتح الباء وضمها - : قطع الحديد ، واحدتها : زبرة
4- عنه منتخب الانوار المضيئة : 27 . ورواه في كمال الدين: 2 / 653 ح 17 باسناده الی أبي الجارود ، عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنین عليهم السلام ، عنه الوسائل : 11 / 490 ح 19 ، واثبات الهداة : 7 / 400 ح 32 ، و البحار : 51 / 35 ح 5 ( وفيه رقم الحديث 4 وأخرجه عن غيبة الطوسی ، و الصواب ما أثبتناه ) . وأورده في اعلام الوری : 465 بالاسناد الى أمير المؤمنين عليه السلام
5- « عتبة » نسخة من ط
6- قال المجلسی (رحمه الله علیه) : الأرض ذات القرار الكوفة أو النجف كما فسرت به فی الأخبار
7- عنه منتخب الانوار المضيئة : 28.ورواه في كمال الدين : 2 / 651 ح 9 باسناده إلى عمر بن أذينة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، عنه اثبات الهداة : 7 / 397 ح 26 ، والبحار : 52 / 205 ح 36 و أورده في إعلام الوری : 457 بالاسناد الى أمير المؤمنين عليه السلام

وقال(علیه السلام) : إذا اختلف رمحان (1) في الشام فهو آية من آيات الله . قيل : ثم مه (2) ؟

قال : ثم رجفة تكون بالشام ، يهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين ، وعذاباً

على الكافرين .

فاذا كان كذلك ، فانظروا إلى أصحاب البراذین (3) الشهب ، و الرايات الصفر ،تقبل من المغرب حتى تحل بالشام.

فاذا كان كذلك ، فانتظروا خسفاً (4) بقرية من قرى الشام يقال لها (5) : « حرستا » (6) .

فاذا كان كذلك ، فانتظروا ابن آكلة الأكباد بالوادي اليابس . (7)

ص: 1151


1- كذا في بقية الموارد ، و في الأصل « ريحان »
2- أي ماذا ، للاستفهام ، أبدل الالف « هاء » للوقف والسكت
3- البرذون - بكسر الباء الموحدة والذال المعجمة - : هو من الخيل الذي أبواه أعجمیان والانثى برذونة ، والجمع : براذین . ( مجمع البحرين / برذ )
4- « رجفاً » م
5- « فقال لنا » م
6- فی نسخ الاصل « خرشنة » . واختلف فی ضبطها فی بقية الموارد ، وما في المتن كما فی کتاب« لوائح الانوار البهية » .و حرستا –بالتحريك و سكون السين - : قرية كبيرة عامرة فی وسط بساتين دمشق على طریق حمص ، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ . ( مراصد الاطلاع : 1 / 392 )
7- عنه منتخب الانوار المضيئة : 29 . و رواه النعماني في الغيبة : 305 ح 16 ، والطوسی فی الغيبة : 277 باسنادیهما الى أبي جعفر محمد بن علی الباقر ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام . وأخرجه في اثبات الهداة : 7 / 413 ح 69 ، و البحار : 52 / 216 ح 73 للطوسی . وفی ص 203 ح 144 من البحار المذكور عن غيبة النعمانی

وقال : أظلّتكم فتنة (1) مظلمة عمياء منكسفة لاينجو منها إلا النومة .

قيل: وما النومة ؟ قال : الذي لا يعرف الناس ما في نفسه . (2)

وسأله عمر عن صفة المهدي فقال :

هو شاب مربوع ، حسن الوجه ، حسن الشعر ، يسيل شعره على منكبيه (3) ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه ، بأبي ابن خير الاماء . (4)

وقال : بين يدي القائم موت أحمر ، وموت أبيض ، وجراد في حينه ، وجراد في غير حينه ، أحمر كالوان (5) الدم .

فأمّا الموت الأحمر فالسيف ، وأما الموت الأبيض فالطاعون .(6)

ص: 1152


1- « فئة » نسخة من ط
2- عنه منتخب الأنوار المضيئة : 29 .ورواه الصدوق فی معانی الاخبار : 116 ح 1 ، والطوسي في الغيبة : 279 باسناديهما الى أبی الطفيل عن أمير المؤمنین علیه السلام . وأخرجه في البحار : 7 / 73 ح 39 ، والعوالم : 3 / 303 ح 1 عن الغیبة .و فی ج 75 / 70 ح 9 و ص 396 ح 20 عن معانی الاخبار
3- « منكبه » م
4- عنه منتخب الأنوار المضيئة : 29 . وأورده المفيد فی الارشاد : 410 ، والطوسی فی الغيبة : 281 ، وابن القتال فی روضة الواعظین 2 / 315 والطبرسی في اعلام الوری : 465 بالاسناد الى أمير المؤمنین علی علیه السلام .وأخرجه في كشف الغمة : 2 / 464 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 414 ح 71 عن الغيبة و الاعلام . وفی البحار : 51 / 36 ح 6 عن ( غط ، نی ) رمزاً لغيبتی الطوسی و النعمانی ولم نجده في مطبوع الاخير . وفی احقاق الحق : 13 / 326 عنغالية المواعظ : 1 / 83
5- « کلون » ط
6- عنه منتخب الانوار المضيئة : 30. ورواه النعماني في الغيبة : 277 ح 61 ، عنه اثبات الهداة : 7 / 428 ح 114، والمفيد فی الارشاد : 405 ، والطوسی فی الغيبة : 267 بالاسناد الى أميرالمؤمنین علیه السلام ،عنهم البحار: 52 / 211 ح 59 ، وأورده فی اعلام الوری : 456 بالاسناد الى أمير المؤمنین . و أخرجه فی كشف الغمة : 2 / 459 ، و الصراط المستقيم : 249 عن الارشاد ، و فی احقاق الحق : 13 / 305 و 324 عن الفصول المهمة : 283

59 - الحسن بن علي(علیه السلام) : لايكون هذا الأمر الذي تنتظرون ، حتى يتبرأ بعضكم من بعض ، ويلعن بعضكم بعضاً ، ويتفل بعضكم في وجه بعض ، وحتي يشهد بعضكم بالكفر على بعض . قيل : ما في ذلك خير ؟

قال : الخير كلّه في ذلك ، عند ذلك يقوم قائمنا ، فيرفع ذلك كلّه . (1)

فصل

60 - وعن الحسين بن علي(علیه السلام) أنّه قال لأصحابه : ألا وإنّي لأعلم يوماً لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعاً في حل . فقالوا : معاذ الله . (2)

قال : إن قدام القائم العلامات تكون (3) من الله للمؤمنين ، وهي قول الله :

« ولنبلونّكم » يعني المؤمنين قبل خروج القائم .

« بشيء من الخوف » من ملوك بني العباس في آخر سلطانهم .

« والجوع » لغلاء أسعارهم « ونقص من [ الأموال » فساد التجارات ، وقلّة الفضل .

« و - نقص من - الأنفس » موت ذريع .

« و - نقص من - ] الثمرات » قلّة زكاء (4) ما يزرع .

« و بشّر الصابرين » عند ذلك بتعجيل خروج القائم . (5)

ص: 1153


1- عنه منتخب الانوار المضيئة : 30 .وأورده الطوسي فی الغيبة : 267 بالاسناد الى عميرة بنت نفیل ، عن الحسن بن على (عليهما السلام) ، عنه اثبات الهداة : 7 . 406 ح 48 ، والبحار : 52 / 211 ح 58
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 30. وأورده المفيد فی الارشاد : 258 ، عنه البحار : 44 / 392 ، والعوالم : 17 / 243
3- « تتكون » م
4- زکا الزرع زکاء : نما . وفي نسخة من ط « زكاة »
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 31 باختلاف يسير في بعض الألفاظ .والحديث مروی في بعض الاصول من طرق متعددة عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام ، فقد رواه ابن بابویه في الامامة و التبصرة : 129 ح 132 والصدوق فی كمال الدين 2 / 649 ح 3 ، والنعماني في الغيبة : 250 ح 5 ، والطبری في دلائل الامامة : 259 ، و المفيد فی الارشاد : 408 بأسانيدهم عن الصادق عليه السلام . والآية من سورة البقرة : 155

و روی جعفر (1) : إن دولة أهل بيت نبيّكم لها إمارات ، فالزموا الأرض ، و كفّوا حتى تجيء(2) أمارتها ، فاذا استثارت عليكم الروم والترك (3) وجهزت الجيوش ،ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، و استخلف بعده رجل صحيح ، فيخلع بعد سنتين (4) من بيعته ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ (5) . (6)

وقال (7) : إن النفس الزكيّة هو غلام من آل محمد اسمه : محمد بن الحسن ، يقتل بلا جرم ، فاذا قتل ، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد( علیه السلام) . (8)

وقال (9) : لايخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية . (10)

ص: 1154


1- كذا في بض نسخ الاصل . و ليس فی ط . والرواية مروية في بقية الموارد عن عمار بن یاسر ، فلاحظ
2- « تروا » ط
3- « عليكم الترك » د . ق . « علیکم لزوم الترك » ط
4- « سنين » الغيبة
5- قال المجلسى (رحمه الله علیه) : قوله « من حيث بدأ » أي من جهة خراسان ، فان هولاكو توجه من تلك الجهة ، كما أن بدء ملكهم كان من تلك الجهة ، حيث توجه أبو مسلم منها اليهم ، انتهی
6- رواه الطوسي في الغيبة : 278 بالاسناد الی عمار بن یاسر ، عنه البحار : 52 / 207 ح 45 . وأورده المقدسی الشافعی فی عقد الدرر فی أخبار المنتظر : 52 مرسلا عن عمار
7- « وروی » ط
8- رواه الطوسی فی الغيبة : 279 بالاسناد الی سفیان بن ابراهيم الحریری ، عن أبيه . عنه البحار : 52 / 217 ح 78
9- « وروى أنه » ط
10- رواه الطوسي فی الغيبة : 280 بالاسناد الى علی بن عبدالله بن عباس مثله ، عنه البحار : 52 / 217 ح 79 . ورواه فی المصنف : 11 / 373 باسناده الى علي بن عبدالله بن عباس ، عنه احقاق الحق : 19 / 684 . و نقل فی الحاوی للفتاوی : 82مثله ، عنه احقاق الحق : 13 / 381

فصل

61 - وقيل لعلي بن الحسین(علیه السلام) : صف لنا خروج المهدي(علیه السلام) ، و عرفنا (1) دلائله وعلاماته ؟

فقال : يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له : عوف السلمي ، بأرض الجزيرة[ ويكون مأواه تکریت (2) وقتله بمسجد دمشق ] ثم يكون خروج شعيب بن صالح بسمرقند ، ثم يخرج السفياني الملعون بالواد اليابس ، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان فاذا ظهر السفياني (3) أخذ في المهدي (4) ثم يخرج بعد ذلك . (5)

وقال (6) : ماتستعجلون بخروج القائم ، فوالله ما لباسه إلا الغليظ ، وماطعامه إلا الشعير الجشيب (7) و ما هو إلا السيف و الموت تحت ظل السيف . (8)

فماتمدون أعينكم ، ألستم آمنين ؟ لقد كان من قبلكم من هو على ما أنتم عليه يؤخذ

ص: 1155


1- « وصف لنا » ط
2- تکریت - بفتح التاء ، والعامة تكسرها - : بلد مشهور بين بغداد والموصل : ( مراصد الاطلاع : 1 / 268 ) .وفی الغيبة : « بكربت » . کریت : اسم لعدة مواضع . راجع مراصد الاطلاع : 3 / 1163
3- « الملعون » ط
4- « المهد » الانوار . و فی الغيبة بلفظ « اختفى المهدی »
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 31 .وأورده الطوسي فی الغيبة : 270 عن حذلم بن بشیر ، عن علی بن الحسين عليهما السلام ، عنها ثبات الهداة : 7 / 408 ح 52 ، و البحار : 52 / 213 ح 65
6- « ثم قال » م
7- جشب الطعام : غلظ ، فهو جشب وجشیب
8- رواه النعماني فی الغيبة : 233 ح 20 و ص 234 ح 21 باسناده من طريقين الى الصادق عليه السلام ، عنه اثبات الهداة : 7 / 79 ح 503 و 504 ، و البحار : 52 / 354 ح 115 و ص 355 ح 116 .والطوسی فی الغيبة : 277 بالاسناد الى أبی عبدالله عليه السلام مثله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 33 ح 360 ، والبحار المذكور ح 115

فيقطع يده ورجله ويصلب ، ثم تلا «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا» (1) . (2)

وقال زين العابدين : المفقودون (3) عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر ، فيصبحون بمكّة ، وهو قول الله تعالى :

« أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً » (4) وهم أصحاب القائم . (5)

وقال(علیه السلام) : إذا بنی بنو العباس مدينة على شاطىء الفرات ، كان بقاؤهم بعدها سنة . (6)

فصل

92 - [ قال : ] محمد بن على الباقر(علیه السلام) الجابر الجعفي : إلزم الأرض ، ولا تحرك بداً ولا رجلا حتّی تری علامات أذكرها لك و ما أراك تدرك :

إختلاف بني العباس (7) و (8) منادياً ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق ، وتخسف قرية من قرى الشام تسمّى الجابية (9) .

ص: 1156


1- سورة البقرة : 214
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 32 ، و تفسیر الصافی : 1 / 246 ، و نور الثقلين : 1 / 174 ح 786
3- « المفتقدون » ط . وفی نسخة أخرى منه « المقعدون »
4- سورة البقرة : 148
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 32 .ورواه فی کمال الدین : 2 / 654 ح 21 باسناده عن العطار ، عن أبيه ، عن ابن أبی الخطاب عن محمد بن سنان ، عن أبی خالد القماط ، عن ضريس ، عن أبي خالد الكابلی ، عن سید العابدین علیه السلام ، عنه البحار : 52 / 323 ح 34
6- رواه في كمال الدين : 2 / 655 ح 26 باسناده عن ابن الوليد ، عن ابن أبان عن الاهوازی ، عن النضر ، عن يحيى الحلبی ، عن معمر بن يحيى ، عن أبي خالد الكابلی ، عن علی بن الحسين عليهما السلام ، عنه البحار: 46 / 71 ح 50 ، والعوالم : 18 / 95 ح 7
7- فی بعض الأصول « بنی فلان »
8- « اذ » م
9- الجارية - بكسر الباء - : قرية من أعمال دمشق ... و بالقرب منها تل يسمونه تل الجابية ، کثیر الحيات ، و يقال لها : جابية الجولان . ( مراصد الاطلاع : 1 / 304 )

وستقبل اخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، وستقبل مارقة الروم حتی ینزلوا الرملة (1)فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب .

فأول أرض تخرب الشام ،ثم يختلفون على ثلاث رايات : راية الأصهب ، ورايةالأشهب ، وراية السفياني . (2)

وعن سيف بن عميرة : قال أبو جعفر المنصور : لابد من مناد ينادي باسم رجل من

ولد أبي طالب ، إنّي سمعت أبا جعفر الباقر(علیه السلام) (3) . (4)

ص: 1157


1- « الدجلة » خ ل . و الرملة : واحدة الرمل ، مدينة بفلسطين ، كانت قصبتها ، و كانت رباطاً للمسلمين ، وبينها و بين بيت المقدس اثنا عشر ميلا ، وهی کودة منها . ( مراصد الاطلاع : 2 / 633 )
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 34 ، ورواه النعماني في الغيبة : 279 عن عبدالواحد بن عبدالله الموصلی ، عن أبي على أحمد بن محمد بن أبی ناشر ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبی المقدام ، عن جابرالجعفی .وأورده المفيد في الارشاد : 405 عن الحسن بن محبوب ...، عنه کشف الغمة : 2/409 . وفی الاختصاص : 249 عن عمرو بن أبی المقدام .والطوسی فی الغيبة : 269 عن الفضل ، عن الحسن بن محبوب ... ، عنه الوسائل : 11 / 41 ح 16 واثبات الهداة : 7 / 406 ح 51 ، والبحار : 52 / 212 ح 62 وعن الارشاد . والطبرسی فی اعلام الوری : 457 عن الحسن بن محبوب مثله .وأخرجه فی احقاق : 13 / 355 عن الفصول المهمة لابن الصباغ المالکی : 283 عن جابر جميعاً مثله
3- أی سمعت هذا الحديث ، يحدثنی به الباقر عليه السلام
4- رواه المفيد فی الارشاد : 404 باسناده عن علی بن بلال ، عن محمد بن جعفر ، عن أحمد ابن ادریس ، عن ابن قتيبة ، عن ابن شاذان ، عن اسماعیل بن الصباح قال : سمعت شيخاً من أصحابنا ، عن سيف بن عميرة مفصلا. والطوسی فی الغيبة : 265 باسناده عن الغضائری ، عن البزوفری ، عن ابن ادریس ... مفصلا .عنهما البحار : 52 / 288 ح 25 . وأخرجه فی اثبات الهداة : 7 / 404 ح 43 عن الغيبة

وقال (علیه السلام): آيتان تكونان قبل قيام القائم لم تكونا منذ هبط آدم إلى الأرض :

تنکسف الشمس في النصف من شهر رمضان ، والقمر في آخره ، وعند ذلك يسقط

حساب المنجّمين . (1)

وقال(علیه السلام) : تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة ، فاذا ظهر (2)المهدي ، بعث (3) إليه بالبيعة . (4)

ص: 1158


1- رواه الكليني فی الكافی : 8 / 212 ح 258 باسناده عن العدة ، عن سهل ، عن البزنطی ، عن ثعلبة ، عن بدر بن خليل الأزدی ، عن أبی جعفر عليه السلام مثله .والنعمانی فی الغيبة : 271 ح 45 باسناده عن ابن عقدة ، عن علی بن الحسن ، عن محمد وأحمد ابن الحسن ، عن أبيهما ، عن ثعلبة ... مثله . وأورده المفيد فی الارشاد : 406 ، والطوسی فی الغيبة : 270 عن الفضل بن شاذان ، عن أحمد بن محمد ، عن ثعلبة ... مثله . عنهما البحار : 52 / 213 ح 67 . ورواه النعمانی أيضاً فی الغيبة : 271 ح 46 باسناده الى ورد عن أبي جعفر عليه السلام نحوه ، عنه اثبات الهداة : 7 / 427 ح 110 .ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 655 ح 25 باسناده عن محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبی ، عن الحكم الحناط ، عن محمد بن همام ، عن ورد ، عن أبی جعفر عليه السلام مثله . عنها ثبات : 7 / 401 ح 35 . وأورده فی اعلام الوری : 459، عن الفضل بن شاذان ، وفی الصراط المستقیم : 2 / 49 مرسلا عن الباقر عليه السلام .وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 460 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 409 ح 54 عن غيبة الطوسی ، وفی البحار : 58 / 153 عن الكافی والارشاد .وأخرجه فی احقاق الحق : 13 / 318 عن التذكرة للقرطبی : 619
2- « بعث » ط
3- « بعثت » م
4- أورده الطوسی فی الغيبة : 274 بالاسناد الی جابر ، عن أبی جعفر عليه السلام ، عنه اثبات الهداة : 7 / 412 ح 65 ، والبحار : 52 / 217 ح 77 .والمقدسی الشافعی فی عقد الدرر : 129 مرسلا عنه عليه السلام ، وقال : أخرجه الحافظ أبو نعیم بن حماد

وقال (علیه السلام): كأنّي بالقائم (علیه السلام)يوم عاشوراء يوم السبت ، قائماً بين الركن والمقام بد جبرئیل على يده ، ينادي بالبيعة لله ، فيملاها(1) عدلا . (2)

وقال (علیه السلام): إذا دخل القائم(علیه السلام) الكوفة ، لم يبق مؤمن إلا وهو بها أويجيء إليها . (3)

وقال(علیه السلام) لعمّار الدهني (4) : كم تعدون بقاء السفياني فيكم ؟ قلت : حمل امرأة تسعة أشهر .

قال : ما أعلمكم يا أهل الكوفة . (5) وقد روي حمل جمل . (6)

ص: 1159


1- « فیملا الارض » نسخة من ط
2- أورده الطوسی فی الغيبة : 274 بالاسناد الی على بن مهزیار ، عن أبی جعفر عليه السلام مثله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 31 ح 353 ، والبحار : 52 / 290 ح 30
3- أورده الطوسي فی الغيبة : 275 بالاسناد الى أبی خالد الكابلی ، عن أبی جعفر عليه السلام مثله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 32 ح 357 ، والبحار : 52 / 330 ح 51
4- تجد ترجمته فی معجم رجال الحديث : 12 / 252 . وراجع ماذكرناه في ترجمته أيضاً فی التفسير المنسوب الى الامام العسکری علیه السلام : 310
5- أورده الطوسی فی الغيبة : 278 بالاسناد الى عمار الدهنی مثله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 414 ح 70 ، والبحار : 52 / 216 ح 74
6- أورد الطوسی فی الغيبة : 273 بالاسناد الى محمد بن مسلم [ عن أبي عبد الله عليه السلام ] أنه قال : أن السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس حمل امرأة ، ثم قال : أستغفر الله حمل جمل ، وهو من الأمر المحتوم الذی لا بد منه . عنه اثبات الهداة : 7 / 411 ح 63 ، والبحار : 52 / 215 ح 71 . قال المجلسی : يحتمل أن يكون بعض أخبار مدة السفياني محمولا على التقية لكونه مذكوراً فی رواياتهم ، أو على أنه مما يحتمل أن يقع فيه البداء ، فيحتمل هذه المقادير ، أو يكون المراد مدة استقرار دولته ، وذلك مما يختلف بحسب الاعتبار . و بومی ، الیه خبر عیسی بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : السفيانی من المحتوم ، و خروجه من أول خروجه الى آخره خمسة عشر شهراً : ستة أشهر يقاتل فيها ، فاذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر و لم يزد عليها بوماً [ رواه النعمانی فی الغيبة : 299 ح 1، عنه اثبات الهداة : 7 / 430 ح 120 و البحار : 52 / 248 ح 130 ] و خبر محمد بن مسلم الذي سبق

وقال(علیه السلام) : يموت سفيه من آل عباس بالسر ، يكون سبب موته أنّه ينكح خصيّاً ،فيقوم ويذبحه ، و يكتم موته أربعين يوماً (1) اذا سارت الركبان فی ( بيعة الصبي ) (2) لم يرجع أول من يخرج إلى آخر من يخرج ، حتی یذهب (3) ملكهم . (4)

وقال(علیه السلام) : إن أمرنا لوقد كان ، لكان (5) أبين من هذه الشمس ، [ ثم قال : ] ينادي

مناد من السماء : فلان بن فلان هو الامام باسمه ، و ينادي إبليس - لعنه الله - من الأرض كما نادى برسول الله (6) ليلة العقبة (7) . (8)

ص: 1160


1- « صباحاً » ط
2- « طلب الخصی » الكمال
3- « يخرج » م
4- رواه في كمال الدين : 2 / 655 ح 24 باسناده عن علی بن أحمد البرقی ، عن أبيه ، عن جده ، عن أحمد بن أبی عبدالله البرقی ، عن أبيه ، عن ابراهیم بن عقبة ، عن زكريا عن أبيه ، عن عمرو بن أبی المقدام ، عن أبی جعفر عليه السلام ، عنه بشارة الاسلام : 90
5- « و قال : ان أمرنا لقد كان » م ، ه- . « وعن ميمون اليمانی ، قال الباقر عليه السلام : عند خروح القائم علیه السلام أضاء نور قد كان » ط . وما فی المتن من الاثبات و البحار عن الكمال . وفی نسخة الكمال التي عندنا هكذا « ان أمرنا قد کان »
6- « نادى فی زمان رسول الله » ط
7- راجع السيرة النبوية لابن هشام : 2 / 90 ، و فيه : ... صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط : يا أهل الجباجب - والجباجب : المنازل - هل لكم فی مذمم ( أی المذموم جداً ) والصباة ( أی جمع صابی ، و هو الصبابی - بالهمز - وكان يقال للرجل اذا أسلم فی زمن النبی صلى الله عليه و آله : صابی ) معه قد اجتمعوا على حربكم . قال : فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : هذا أزب العقبة ( اسم شیطان )
8- عنه منتخب الانوار المضيئة : 34 . ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 650 ح 4 باسناده عن ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الاهوازی ، عن النضر ، عن يحيى الحلبی ، عن الحارث بن المغيرة ، عن ميمون البان ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله ، عنه اثبات الهداة : 7 / 396 ح 21 ، و البحار : 52 / 204 ح 31

وقال أنّی يكون هذا الأمر ولمّا (1) تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة !؟ (2)

فصل

63 - وقال جعفر بن محمّد الصادق(علیه السلام) : لا يخرج القائم (علیه السلام)إلا في وتر من السنين : تسع أو سبع أو ثلاث أو خمس أو احدی . (3)

وقال(علیه السلام) : اختلاف بني العبّاس من المحتوم [ وخروج السفياني في شهر رجب

من المحتوم(4) ، و قتل النفس الزكيّة من المحتوم ].

و النداء من المحتوم ، ينادي مناد من السماء[ في أول النهار ، يسمعه كل قوم بألسنتهم ] (5) : ألا إن الحق في علي وشیعته .

ص: 1161


1- « قال لما » م . « حتى » المنتخب
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 35. وأورده المفيد فی الارشاد : 406 ، و الطوسی فی الغيبة : 271 عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبی جعفر عليه السلام ، عنهما البحار : 52 / 209 ح 50 . وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 460 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 409 ح 55 عن الغيبة
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 35.وأورده المفيد فی الارشاد : 408 ، وابن القتال فی روضة الواعظین : 312 ، والطبرسی فی اعلام الوری : 459 ، وابن الصباغ فی الفصول المهمة : 284 عن الصادق عليه السلام . و أخرجه فی كشف الغمة : 2 / 462 ، و اثبات الهداة : 7 / 108 ح 586 ، والبحار : 52 / 291 ح 36 عن الارشاد . وفی الصراط المستقيم : 2 / 260 عن كتاب البصائر ، عنه اثبات الهداة المذكور ص 231 خ 164 . وفيی احقاق الحق : 13 / 351 و ص 362 عن الفصول المهمة ، وعن الابياری فی العرائس الواضحة : 209 ، وفی جالية الكدر : 208 . ورواه النعماني فی الغيبة : 262 ح 22 باسناده الى أبی جعفر عليه السلام . عنه البحار المذكور ص 235 ح 103
4- « من المحتوم فی رجب » د ، ق
5- « بأسماعهم » نسخة من ط

ثم ينادي إبليس الملعون في آخر النهار من الأرض : ألا أن الحق في عثمان و شیعته . فعند ذلك يرتاب المبطلون . (1)

وقال(علیه السلام) : لا يخرج القائم حتى يخرج اثنا عشر رجلا من بني هاشم كلّهم يدعو إلى نفسه . (2)

و قال(علیه السلام) : ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكيّة إلا خمس عشرة ليلة . (3)

ص: 1162


1- رواه الكلينی فی الكافی : 8 / 310 ح 484 ، و الصدوق فی كمال الدين : 2 / 652 ح 14، والطوسی فی الغيبة : 266 باسانیدهم الى أبی حمزة الثمالی ، عن أبی عبدالله عليه السلام . و أورده المفيد فی الارشاد : 405 ، و الطبرسی فی اعلام الوری : 455 بالاسناد إلى أبی حمزة الثمالی ، عن أبی جعفر عليه السلام .و فی الصراط المستقیم : 2 / 248 مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام .وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 659 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 6 / 371 ح61 عن الكافی و ج 7 / 399 ح 31 عن الكمال و ص 415 ح 73 عن اعلام الوری ، و فی البحار : 52 / 288 ح 27 عن الغيبة و الارشاد و ص 305 ح 75 عن الكافی
2- أورده المفيد فی الارشاد : 405 بالاسناد الى أبی خديجة ، عن أبی عبدالله عليه السلام عنه کشف الغمة : 2 / 459 ، وعنه البحار : 52 / 209 ح 47 ، وعن الغيبة للطوسی: 267 بالاسناد الى أبي خديجة .وأورده الطبرسی فی اعلام الوری : 455 بالاسناد الى أبي عبد الله (علیه السلام).والنباطي فی الصراط المستقیم : 2 / 249 مرسلا عن أبی عبدالله عليه السلام .وأخرجه فی اثبات الهداة : 7 / 406 ح 47 عن الغيبة
3- رواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 649 ح 2 ، والطوسي في الغيبة : 271 با سنادیهما الى صالح ، عن أبی عبدالله عليه السلام ، وأورده المفيد فی الارشاد : 406 ، والطبرسی فی اعلام الوری : 456 بالاسناد الى أبی عبدالله علیها السلام ، وفی الصراط المستقیم : 2 / 249 مرسلا عن أبی جعفر عليه السلام .وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 460 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 395 ح 19 عن الكمال و الغيبة و ص 416 ح 77 عن اعلام الوری . والبحار : 52 / 302 ح 30 عن الكمال والغيبة والارشاد

وقال(علیه السلام) : إذا هدم حائط مسجد الكوفة ، مؤخّره ممّا يلي دار عبد الله بن مسعود

فعند ذلك زوال ملك بني فلان أما إن هادمه لا يبنيه . (1)

و قال(علیه السلام) : خروج الثلاثة : الخراساني والسفياني و اليماني في سنة واحدة ، في

شهر واحد ، في يوم واحد ، وليس فيها (2) راية [ بأهدی من راية ] اليماني ، تهدي

إلى الحق . (3)

و قال (علیه السلام): من يضمن لي موت عبد الله . أضمن له القائم(علیه السلام)

[ ثم قال : إذا مات عبد الله ] (4) لم يجتمع الناس بعده على أحد . (5)

ص: 1163


1- رواه النعمانی فی الغيبة : 276 ح 57 باسناده عن عبد الواحد بن عبدالله ، عن محمدابن جعفر ، عن ابن أبی الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن الحسين بن المختار ، عن خالد القلانسی عنه عليه السلام . والطوسی فی الغيبة : 271 بالاسناد الى الحسين بن المختار ، عنه عليه السلام .وأورده المفيد فی الارشاد : 406 عن محمد بن سنان ، عن الحسين بن المختار ، عنه عليه السلام . و النباطی فی الصراط المستقيم : 2 / 249 مرسلا عن الصادق عليه السلام مثله . وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 460 ، و اثبات الهداة : 7 / 108 ح 584 عن الارشاد وفی ص 409 ح 56 من الاثبات المذكور عن الغيبة . وفی البحار : 52 / 210 ح 51 عن غيبتی النعمانی والطوسی و عن الارشاد
2- « منها » د ، ق ، م
3- أورده الطوسی فی الغيبة : 271 بالاسناد الى بكر بن محمد الازدی ، عن أبي عبد الله عليه السلام وأورده المفيد فی الارشاد : 407 ، والطبرسی فی اعلام الوری : 458 بالاسناد عن سيف بن عميرة ، عن بكر بن محمد ، عنه عليه السلام .وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 460 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 410 ح 57 عن الغيبة ، وفی البحار : 52 / 210 ح 52 عن الارشاد والغيبة
4- من غيبة الطوسی
5- أورده الطوسی فی الغيبة : 271 بالاسناد إلى أبی بصير ، عن أبی عبدالله عليه السلام عنه اثبات الهداة : 7 / 410 ح 59 ، و البحار : 52 / 210 ح 54

و [ قال(علیه السلام) : ] لا يكون فساد ملك [ بني ] فلان حتى يختلف سیفاهم (1) فاذا

اختلفوا كان عند (2) ذلك فساد ملكهم . (3)

وقال(علیه السلام) : إن قد ام القائم لسنة غيداقة (4) يفسد التمر في النخل فلا تشكّوا في ذلك . (5)

وقال (علیه السلام): عام الفتح ينبثق (6) الفرات حتى يدخل أزقّة الكوفة . (7)

ص: 1164


1- كذا فی نسخ الأصل ، وفی غيبة الطوسی « سيفا بنی فلان »
2- « فعند » د ، ق
3- أورده الطوسی فی الغيبة : 271 بالاسناد الى بكر بن حرب ، عن أبی عبدالله عليه السلام عنه البحار : 52 / 210 ح 55
4- قال ابن الأثير فی النهاية : 3 / 345 : فی حديث الاستسقاء « اسقنا غيثاً غدقاً مغدقاً » الغدق - بفتح الدال - : المطر الكبار القطر ... انتهى » وسنة غيداقة اُی كثيرة المطر .و فی نسختی د ، ق « غيدانية » ، وفی ط « غيدافة »
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 35 . وأورده المفيد فی الارشاد : 407 ، عنه کشف الغمة : 2 / 461 . والطوسی فی الغيبة : 272 ، عنه اثبات الهداة : 7 / 411 ح 62 ، والبحار : 52 / 214 ح 69 ، والطبرسی فی اعلام الوری : 458 ، جميعاً بالاسناد الى أبی بصير ، عن أبی عبدالله عليه السلام
6- قال ابن الأثير فی النهاية : 1 / 95 ، فی حديث هاجر ام اسماعيل عليه السلام « فغمز بعقبه على الأرض فانبثق الماء » أی انفجر وجری .وفی م ، ط . و بعض الموارد : « ینشق »
7- رواه الطوسی فی الغيبة : 273 بالاسناد الى جعفر الاسدی ، عن أبی عبدالله عليه السلام عنه البحار : 52 / 217 ح 76 .وأورده المفيد فی الارشاد : 408 ، و الطبرسی فی اعلام الوری : 458 بالاسناد الى أبی عبدالله عليه السلام وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 461 ، واثبات الهداة : 7 / 435 ح 135 عن الارشاد .وفي ص 419 ح 86 من الاثبات المذكور عن اعلام الوری

فصل

64 - وقال موسی بن جعفر(علیه السلام) في قوله :«وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً» (1)

الظاهرة الامام الظاهر ، و الباطنة الامام الغائب ، يغيب عن أبصار الناس شخصه تظهر له كنوز الأرض ، ويقرب عليه (2) کل بعيد . (3)

وعن الحسن بن جهم : سأل رجل أبا الحسن (علیه السلام)عن الفرج ، فقال : تريد الاكثار أو أجمل لك ؟ قال : بل تجمله لي .

قال : إذا تحركت رايات قیس بمصر ، ورايات كندة بخراسان . أوذكر غير كندة . (4)

وقال(علیه السلام) : إن القائم بينادی باسمه ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ويقوم (5)

ص: 1165


1- سورة لقمان : 20
2- « له » د ، ق
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 20 .ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 368 ح 6 ، والخزاز القمی فی كفاية الأثر : 266 باسنادیهما الى أبی أحمد محمد بن زياد الازدی ، عن موسی بن جعفر عليهما السلام مفصلا وأخرجه فی اثبات الهداة : 7 / 163 ح 763 وفی البحار : 24 / 53 ح 8 و ج 51 / 64
4- عنه منتخب الانوار المضيئة : 36 .ورواه الطوسی فی الغيبة : 272 بالاسناد الى علي بن أسباط ، عن الحسن بن الجهم .وأورده المفيد فی الارشاد : 407 با لاسناد الى ابن الجهم ، وفيه اذا ركزت رایات قیس بمصر ورايات كندة بخراسان .عنهما البحار : 52 / 214 ح 68 . وأخرجه عن الارشاد فی کشف الغمة : 2 / 461 وفی اثبات الهداة : 7 / 410 ح 61 عن الغيبة
5- « من شهر رمضان والقمر آخره ، فعند ذلك يسقط حساب المنجمين ، وقال : تنزل الرايات السود التی تخرج من خراسان الى الكوفة ، فاذا بعث المهدی بعث اليه بالبيعة ، وقال :كأنی بالقائم » ط . أورد فی « ط » هذا الحديث والذی يليه فی الفصل الخاص بأحاديث الصادق عليه السلام

یوم عاشوراء فلا يبقی راقد إلا قام ، و لا قائم إلا قعد ، و لا قاعد إلا قام على رجليه

من ذلك الصوت ، و هو صوت جبرئیل .(1)

وقال : إذا قام القائم(علیه السلام) أتي المؤمن في قبره ، فيقال له : يا هذا إنّه قد ظهر

صاحبك ، فان تشاء أن تلحق به الحق ، وإن تشاء أن تقم في كرامة ربّك فقم .(2)

[ وقال موسی بن جعفر ، عن آبائه (علیهم السلام)، عن الحسين(علیه السلام) قال : دخلت على رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) ، و عنده أبي بن كعب ، فقال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) :

مرحبا بك يا أبا عبد الله ، يا زين السماوات والأرض .

فقال أبي : كيف يكون غيرك زين السماوات و الأرض یا رسول الله ؟

فقال (صلی الله علیه وآله وسلم): الحسين في السماء أكبر منه في الأرض ، فانّه مكتوب على يمين عرش الله عزوجل - ثم انتهى إلى ذكر المهدي(علیه السلام) من ولده - يرضى به كل مؤمن ، يحكم بالعدل ، ويأمر به ، ويخرج من نهامة حتى تظهر الدلائل والعلامات يجمع الله له من أقصى البلاد عدد أهل بدر ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة فيها عدد أسماء أصحابه و آبائهم وبلدانهم وحلاهم و کناهم .

ص: 1166


1- عنه منتخب الأنوار المضيئة : 36.و روی مثله بالتفصيل النعمانی فی غيبته : 253 ح 13 باسناده عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائنی ، عن أبيه ، و وهيب بن حفص ، عن أبی بصير ،عن أبی جعفر عليه السلام ، عنها ثبات الهداة : 7 / 423 ح 100 ، والبحار : 52 / 230 ح 96
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 36 .ورواه الطوسی فی الغيبة : 276 بالاسناد الى المفضل بن عمر ، عن أبی عبدالله عليه السلام عنه اثبات الهداة : 7 / 32 ح 358 ، والايقاظ من الهجمة : 271 ح 71 ، والبحار : 53 / 91 ح 98 .أقول : لم ترد أحاديث هذا الفصل الخاص بالامام الكاظم عليه السلام فی « ط » ، وذكر بدلها ما سنو رده بین [ ]

قال ایی : وما علاماته ودلالاته ؟

قال(صلی الله علیه وآله وسلم) : له علم ، إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم بنفسه ، فناداه العلم : اخرج یا ولي الله ، و اقتل أعداء الله .

وله سيف ، إذا حان وقت خروجه اقتلع من غمده ، فناداه السيف : اخرج یا ولي الله ، فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله . فيخرج و جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، وشعيب بن صالح على مقدمته ، إن شاء الله تعالی .

إن الله تعالى أنزل علي اثنتي عشرة صحيفة باثني عشر خاتماً ، فعمل كل إمام على خاتم ، و صفته في صحيفته . (1)

وروي عن عبد الله بن بشّار رضيع الحسين شعراً :

إذا كملت إحدى وستين حجّة*** إلى التسع من بعدهن ضرایح

و قام بنوليث بنصر ابن أحمد*** بهزون أطراف القناة والصفايح

تعرفهم شعث النواصي يقودها ***من المنزل الأقصى شعیب بن صالح

وحدثني ذا (2) أعلم الناس كلّهم*** أبو حسن أهل التقى والمدایح (3)

ذكر ابن بابویه في كتاب النبوة ، عن سهل بن سعيد قال : بعثي هشام بن عبدالملك

أستخرج له بئراً في أرضنا (4) فحفرنا فيها مائتي قامة ، ثم بدت لنا جمجمة ، فحفرنا حولها ، فاذا رجل قائم على صخرة ، عليه ثياب بيض ، وإذا كفّه اليمنى على رأسه على موضع ضربته ، فكنّا إذا نحّينا يده عن رأسه سالت الدماء ، و إذا أعدناها سترت الجرح ، وإذا في ثوبه مكتوب : أنا شعیب بن صالح رسول رسول الله شعيب النبي(علیه السلام) إلى قومه ، فضربوني وطرحوني في هذا الجب ، وهالوا علي التراب . (5) ] .

ص: 1167


1- تجد الحديث بطوله مع تخريجاته فی عوالم النصوص على الائمة الاثنی عشر ص 58 ح 7 ، فراجع
2- « و جدى هذا » خ ل
3- تقدم ص 550 ح 10
4- « رصافة عبدالملك » خ ل
5- تقدم ص 552 ح 12

فصل

65 - وقال الرضا (علیه السلام): لابد من فتنة صمّاء صيلم (1) سقط فيها كل بطانة و وليجة (2)وذلك عند فقدان الشيعة الثالث (3) من ولدی ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وكم من مؤمن متأسّف حران (4) حيران حزين عند فقدان الماء المعين (5) كأنّي بهم شر (6) ما يكونون وقد نودوا نداءاً يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، يكون رحمة للمؤمنين ، وعذابة على الكافرين .

فقال له الحسن بن محبوب (7) : وأي نداء هو ؟

قال : ينادون في [ شهر ] رجب ثلاثة أصوات من السماء :

صوتاً : ألا لعنة الله على الظالمين .

ص: 1168


1- قال ابن الأثير فی النهاية : 3 / 54 : ومنه الحديث « الفتنة الصماء العمياء » هی التی لاسبيل الى تسکينها لتناهيها فی دهائها ، لان الاصم لايسمع الاستغاثة ، فلا يقلع عما يفعله .و قيل : هی کالحية الصماء التی لا تقبل الرقی . والصيام : الداهية
2- قال الطريحي فی مجمع البحرین : 6 / 214 : وفی حديث غيبة القائم عليه السلام « لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة » البطانة : السريرة والصاحب .والوليجة : دخيلتك وخاصتك من الناس
3- « الرابع » د ، ق ، م ، ه-
4- حرن بالمكان حرونة : اذا لزمه فلم يفارقه . والمعنى هنا ظاهراً للدلالة على دواهی الفتن و شدتها ، وكلب الزمان ، فيبقى المؤمن مشدوهاً فزعاً لا يطيق حراكاً
5- أي الجاري ., المين، لعة أو العانه ، میراس امر که در باء : زين
6- « أسر » الغيبة . وفی الاثبات - عن الغيبة - : أشر
7- هو راوی الحديث ، وقد عده الشيخ فی رجاله : 347 رقم 9 من أصحاب الكاظم عليه السلام وفی ص 372 رقم 11 من أصحاب الرضا عليه السلام . تجد ترجمته فی معجم رجال الحديث : 5 / 90

والصوت الثاني : أزفة الآزفة (1) یا معشر المؤمنین .

والصوت الثالث- يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس- : هذا أمير المؤمنين قد کر في هلاك الظالمين .

وفی رواية الحميری : والصوت الثالث : بدن يرى فی قرن الشمس يقول :

« إن الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا » . (2)

و قالا (3) جميعاً : فعند ذلك يأتي للناس الفرج ، ويود الأموات أن لو كانوا أحياء ، ويشفي الله صدور قوم مؤمنين (4) . (5)

وقال البزنطى : قال الامام الرضا : إن من علامات الفرج حدثاً يكون بين الحرمین . قلت : وأي شيء الحدث ؟ فقال : عصبيّة (6) [ تكون ] بین المسجدين

ص: 1169


1- قوله تعالى « أزفت الازفة » النجم : 57 : أی قربت القيامة ودنت ، سميت بذلك لقربها ، لان كل ما هو آت قريب . يقال : أزف شخوص فلان أزفاً و أزوفاً أی قرب ( مجمع البحرین / أزف )
2- وفی رواية النعمانی - الی ابن محبوب - هكذا : والثالث : یرون یداً بارزاً مع قرن الشمس ينادی : ألا أن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين
3- أی ابن محبوب و الحميری . وفی ه- ، ط « وأقبلوا »
4- اقتباس من قوله تعالى فی سورة التوبة : 14
5- عنه منتخب الانوار المضيئة : 36 . ورواه الطوسی فی الغيبة : 268 بالاسناد الى الحسن بن محبوب ، عنه اثبات الهداة : 7 / 406 ح 50 ، وروى مثله المسعودی فی اثبات الوصية : 257 ، والطبری فی دلائل الامامة : 245 ، والنعمانی فی الغيبة : 180 ح 28 والصدوق فی عيون أخبار الرضا : 2 / 6 ح 14 ، و فی كمال الدين : 2 / 370 ح 3 بأسانيدهم الى ابن محبوب . وأخرجه فی البحار : 52 / 289 ح 28 عن غيبتی النعمانی والطوسی ، وفی البحار : 51 / 152 ح 2 عن العيون ، و ح 3 عن الكمال
6- « عصيبة » م ، والمنتخب . « قضية » ط . وفی نسخة من ط و قرب الاسناد « عصبة » . والعصبة من الرجال : الجماعة ، و يوم عصيب : صعب شديد

ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب . (1)

وقال (علیه السلام): لايكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميّزوا ، و تمحصوا ، فلایبقی

منكم إلا الأندر (2) . (3)

وعن أبي الصلت الهروي ، قلت للرضا : ما علامة القائم منكم (4) إذا خرج ؟

فقال : علامته (5)أن يكون شيخ السن ، شاب المنظر حتّى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أودونها ، وأن من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيام

ص: 1170


1- عنه منتخب الانوار المضيئة : 38 .ورواه فی قرب الاسناد : 164 ، و غيبة الطوسی : 272 عن أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی عن الرضا عليه السلام - وأورده المفيد فی الارشاد : 407 عن الرضا عليه السلام ، عنه کشف الغمة : 2 / 461 .وأخرجه فی اثبات الهداة : 7 / 410 عن الغيبة . وفی البحار : 52 / 184 ذ ح 8 عن قرب الاسناد ، و ص 210 ح 56 عن الارشاد والغيبة. اقول : زاد بعده فی « ط » حديث الحسن بن الجهم المتقدم فی الفصل الخاص بأحاديث الامام الكاظم عليه السلام
2- أی الاقل . وفی د ، ق « الانزر » . وفی نسخة من ط « فئة »
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 38 . ورواه الحميری فی قرب الاسناد : 162 ، و المفيد فی الارشاد : 407 ، والطوسی فی الغيبة : 204 بالاسناد الى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطی ، عن الرضا عليه السلام .ورواه النعمانی فی الغيبة : 208 ح 15 باسناده الى صفوان بن يحيى عن الرضا عليه السلام عنه البحار : 52 / 114 ح 30 .وأخرجه فی كشف الغمة : 2 / 461 عن الارشاد ، وفی اثبات الهداة : 7 / 23 ح 330 ، و البحار المذكور ص 113 ح 24 عن الغيبة ، و ح 25 من البحار المذكور أيضاً عن قرب الاسناد
4- « فيكم » د ، ق
5- « علاماته » د ،ق

والليالي حتى يأتيه أجله . (1)

[ وأمثال هذه العلامات لا تعد كثرة .

وإذا خرج القائم ، يقال له في التسليم عليه :

« السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه » . (2)

و فصل

66 - وقال محمد بن علي التقي(علیه السلام) لعبد العظيم [ الحسني ] : المهدي الذي

يجب أن ينتظر في غيبته ، ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي ، وأن الله ليصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسی (علیه السلام)حيث ذهب ليقتبس لأهله ناراً . (3)

هو سمي رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم) و كنيّه ، تطوى له الأرض . (4)

ص: 1171


1- عنه منتخب الانوار المضيئة : 38 .ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 652 ح 12 باسناده الى أبی الصلت الهروی ، عن الرضا عليه السلام ، عنه اثبات الهداة : 7 / 398 ح ( 29 ) والبحار : 52 / 285 ح 16 .وأورده فی اعلام الوری : 465 عن أبی الصلت
2- رواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 653 ذ ح 18 باسناده الى جابر ، عن أبي جعفر عليه - السلام ، عنه البحار : 51 / 36 ذ ح 5 . وأورد نحوه فی العدد القوية : 65 عن أبی جعفر عليه السلام ، عنه البحار : 52 / 317 ح 16
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 39 . و رواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 377 ح 1 باسناده الى عبدالعظیم الحسنی ، عن محمد بن علی عليهما السلام مفصلا ، عنه اثبات الهداة : 6 / 420 ح 174 ، والبحار : 51 / 156 ح 1 .والخزاز القمی فی كفاية الاثر : 276 باسناده الى عبدالعظیم الحسنی ، عنه اثبات الهداة المذكور ص 181 ح 19 وعن الكمال
4- عنه منتخب الانوار المضيئة : 39 . ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 378 ضمن ح 2 ، والخزاز القمی فی كفاية الاثر : 278 باسنادیهما الى عبدالعظیم الحسنی ، عن محمد بن علی علیهما السلام ، عنهما البحار :51 / 32 ح 6 . وأخرجه فی وسائل الشيعة : 11 / 489 ح 14 عن الكمال .وفی البحار المذكور ص 157 ح 4 عن الكفاية

قبل : ولم سمّي القائم ؟ قال : لأنّه يقوم بعد موت (1) ذكره ، و ارتداد أكثر

القائلين بأمامته .

و سمّي المنتظر لان له غيبة يطول أمدها ، فينتظر خروجه المخلصون ، وينكره المرتابون ، ويهلك المستعجلون . (2)

فصل

67 -وعن علي بن محمّد النقي قال : إذا غاب صاحبکم عن دار الظالمین فتوقّعوا[ الفرج]. (3)

ص: 1172


1- « فوت » م
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 .ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 378 ضمن ح 3 ، والخزاز القمی فی كفاية الأثر: 279 باسنادیهما الى الصقربن أبی دلف ، عن محمد بن علی عليهما السلام . و أورده الطبرسی فی اعلام الوری : 436 عن الصقر بن أبی داف . وأخرجه فی اثبات الهداة : 2 / 407 ح 360 ، والبحار : 51 / 30 ح 4 عن الكمال ، وص 157 ح 5 عن الكفاية
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 .ورواه ابن بابوبیه فی الامامة والتبصرۃ : 93 ح 83 ، والصدوق فی كمال الدين : 2 / 380 ح 2 و 3 ( من طر یقین ) با سنادیهما الى علی بن مهزیار ، عن أبی الحسن صاحب العسكرعنهما البحار : 52 / 150 ح 77 . وأورده المسعودی فی اثبات الوصية : 259 عن ابن مهزیار .وأخرجه فی اثبات الهداة : 6 / 421 ح 177 ، والبحار : 51 / 159 ح 2 عن الكمال

وقال(علیه السلام) : صاحب هذا الأمر من يقول الناس أنّه لم يولد بعد . (1)

وقال (علیه السلام): الجمعة (2) ابن ابني ، إليه تجتمع عصابة الحق . (3)

ص: 1173


1- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 .ورواه الصدوق فی كمال الدين : 1 / 381 ح 6 و ص 382 ح 7 باسناده من طريقين ، عنه البحار : 51 / 159 ح 3
2- « الحجة » الانوار . والجمعة هو اسم الحجة ( عج ) على ما فی هذا الحديث الطويل والذی اختار منه المصنف ( رض ) هذه القطعة ، وفيه : ... « لا تعادوا الايام فتعاديكم » ... فالسبت اسم رسول الله صلى الله علیه و آله ، والاحد : أمير المؤمنین علیه السلام .... أقول : و اختصاص يوم الجمعة به عليه السلام أشار له جدنا المغفور له الحاج میرزا محمد تقى الموسوی فی كتابيه : مکیال المکارم : 2 / 30 - 34 ، و كتاب أبواب الجنات فی آداب الجمعات : 341
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 .ورواه الصدوق من طريقين فی كمال الدين : 2 / 382 ضمن ح 9 ، و فی معانی الاخبار : 123 ح 1، وفی الخصال : 2 / 394 ح 102 . والخزاز القمی فی كفاية الأثر : 285 باسنادیهما الى الصقر بن أبي دلف .وأورده فی اعلام الوری : 437 عن ابن أبی دلف مثله .وأخرجه فی اثبات الهداة : 2 / 357 ح 177 عن الكمال والخصال والمعانی والكفاية ، وفی البحار : 24 / 238 ح 1 ، و ج 59 / 20 ح 3 عن الخصال ، و ج 36 / 413 ح 3 عن كفاية الأاثر ، و ج 50 / 194 ح 6 عن الخصال والكمال والعلل .( والظاهر أن الأخير تصحيف لمعانی الاخبار )

فصل

68 -وقال الحسن بن علي العسكري لأحمد بن إسحاق(1) ، و قد أتاه ليسأله عن الخلف بعده ، فقال مبتدئاً : مثله مثل الخضر ، ومثله مثل ذي القرنين . (2)

إن الخضر شرب من ماء الحياة ، فهو حي لايموت حتى ينفخ في الصور ، وإنّه ليحضر الموسم كل سنة ، ويقف بعرفة ، فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته . (3)

فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الأبصار .

وسئل علي (علیه السلام)عن ذي القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب ؟

فقال : سخّر له السحاب ، ومد له الأسباب ، وبسط له النور ، و كان الليل والنهار

ص: 1174


1- هو أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعری ، أبو على القمی ، و كان وافد القميين ، وروی عن أبی جعفر الثاني وأبی الحسن عليهما السلام ، وكان خاصة أبی محمد عليه السلام . قاله النجاشی فی رجاله : 91 رقم 225
2- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 . ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 384 ضمن ح 1 باسناده عن علی بن عبدالله الوراق ، عن سعد ، عن أحمد بن اسحاق ، و قال (رحمه الله تعالی) فی آخره : لم أسمع هذا الحديث الا من علی بن عبدالله الوراق ، ووجدته مثبتاً بخطه ، فسألته عنه فرواه لی [ قراءة ] عن سعد ابن عبدالله ، عن أحمد بن اسحاق (رضوان الله ) كما ذكرته ، عنه الصراط المستقيم : 2 / 231 واثبات الهداة : 1 / 218 ح 53 باختصار ، والبحار : 52 / 23 ح 16
3- عنه منتخب الانوار المضيئة : 40 . ورواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 390 ح 4 باسناده الى الحسن بن على بن فضال عن أبی الحسن علی بن موسی الرضا عليهما السلام ، عنه الوسائل: 8 / 458 ح 1 ، والبحار : 13 / 299 ح 17 و ج 52 / 152 ح 3

عليه سواء . (1)

وأنّه رأى في المنام كأنّه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنها (2) في شرقها وغربها فلمّا قص رؤياه على قومه عزفيهم ، وسمّوه ذا القرنین ، فدعاهم إلى الله فأسلموا ثم أمرهم أن يبنوا له مسجداً ، فأجابوه إليه فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع و عرضه مائتي ذراع ، وعرض حائطه اثنين وعشرين ذراعاً ، وعلوه إلى (3) السماء مائة ذراع .

فقالوا : كيف اك بخشب يبلغ ما بين الحائطين ؟

فقال : إذا فرغتم من بنيان الحائطين ، فا كبسوا (4) بالتراب حتى يستوي مع حيطان المسجد ، وإذا فرغتم من ذلك ، أخذتم من الذهب والفضة على قدره ، ثم قطعتموه مثل قلامة الأظفار ، ثم خلطتموه مع ذلك الكبس ، وعملتم له خشباً من نحاس وصفائح من نحاس ، تذوبون ذلك و أنتم متمكّنون (5) من العمل كيف شئتم على أرض مستوية .

فاذا فرغتم من ذلك ، دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب ، فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب والفضة .

فبنوا المسجد، وأخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف بما فيه و استغنى المساكين ، فجنّدهم أربعة أجناد ، في كل جند عشرة الآف ونشر هم

ص: 1175


1- رواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 393 ح 2 باسناده الى رجل من بني أسد ، عن على عليه السلام ، عنه البحار : 12 / 193 ح 16 . وأورده نحوه المصنف فی قصص الانبياء : 121 ح 122 عن سماك بن حرب بن حبیب عن علي عليه السلام ، عنه البحار المذكور ص 194 ح 18
2- « بقرنیها » الكمال . و قرن الشمس : أعلاها و أول ما يبدو منها فی الطلوع . قال ابن الأثير فی النهاية : 4 / 52 : و ذو القرنين هو الاسكندر ، سمی بذلك لانه ملك الشرق والغرب . وقيل : لانه كان فیي رأسه شبه قرنين . وقيل : رأى فی النوم أنه أخذ بقرنی الشمس
3- « و طوله فی » د ، ق ، م
4- « فاکوا » ق . كبس البئر : طمها بالتراب
5- « تتمكنون » م

في البلاد . (1)

وقال الصادق(علیه السلام) : إذا قام قائم آل محمد (علیهم السلام)يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب . (2)

تم الكتاب المسمّى ب- « الخرائج والجرائح » بحمد الله وحسن توفيقه في معجزات النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)والأئمة (علیهم السلام)تأليف الشيخ الفقيه العالم « أبي الحسين سعيد بن عبد الله ابن الحسين الراوندي » قدس الله روحه ، بحضرة مولانا الامام أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين « علي بن أبي طالب »عليه من الصلوات أفضلها ، ومن التحيّات أكملها على يدي العبد الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة الله الملك الغني الهادي « كمال الدین حسین بن محمّد بن عماد الحسيني الاسترابادي » .

« اللّهم اغفر لصاحبه و لكاتبه و لقارئه و لمستمعه ، ولمن نظر و تأمّل فيه ، بحق محمّد و آله الطاهرين في خامس عشر شهر جمادي الثاني سنة 958 ه- » .

أقول : وبعد الحمد قد تم أخراج الكتاب بهذه الحلة الجديدة في مؤسسة الامام المهدي (علیه السلام)26 / شوال 1409 ه- ، ق . وأنا السيد محمد باقر بن المرتضی الموحد الابطحی

ص: 1176


1- رواه الصدوق فی كمال الدين : 2 / 394 ح 5 باسناده عن الطالقانی ، عن الجلودی ، عن محمد بن عطية ، عن عبد الله بن عمر بن سعيد ، عن هشام بن جعفر بن حماد ، عن عبدالله ابن سليمان مفصلا ، عنه البحار : 12 / 183 ح 15 .وأورد المصنف نحوه فی قصص الانبياء : 133 ح 126 عن عبدالله بن سليمان
2- رواه الطوسی فی الغيبة : 280 باسناده عن جماعة ، عن التلعکبری ، عن علي بن حبشی عن جعفر بن مالك ، عن أحمد بن أبی نعیم، عن ابراهیم بن صالح ، عن محمد بن غزال عن المفضل بن عمر ، عن ابی عبدالله عليه السلام مفصلا ، عنه اثبات الهداة : 7 / 33 ح 363 و البحار : 52 / 330 ح 52 . وأخرجه فی البحار : 100 / 385 ح 3 عن السيد علي بن عبدالحميد من كتاب الفضل بن شاذان

الفهارس العامة :

اشارة

1 - فهرس الآيات القرآنية .

2 - فهرس أسماء الأنبياء والملائكة عليهم السلام .

3 - فهرس أسماء المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام .

4 - فهرس الرواة والاعلام .

5 - فهرس الكتب الواردة فی المتن .

6 - فهرس الفرق والقبائل والطوائف .

7 - فهرس الاماكن والبقاع .

8 - فهرس الايام والوقائع .

9 - فهرس مصادر التحقيق .

10 - فهرس الجزء الثالث من كتاب الخرائج والجرائح .

ص: 1177

ص: 1178

1 - فهرس الآيات القرانية

الایة رقمها الصفحة

سورة البقرة / 2

وإن كنتم في ریب مما نزلنا علی عبدنا...23...999،976

فان لم تفعلوا ولن تفعلوا ...24...1028،977

إنّي جاعل في الأرض خليفة...30 ... 922

علّم آدم الأسماء كلّها ...31... 922

ثم قست قلوبكم .. وإن من الحجارة ... لما يشّة ق ...74...28:519

أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً...148... 1156

ولاتم نعمتي عليكم و لعلكم تهتدون . كما أرسلنا ...150-151...1012

ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال ...155...60:1153

أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا...214... 1156

أو لم تؤمن ... فخذ أربعة من الطير...260...22:62204:297

سورة آل عمران / 3

فاتّبعوني يحببكم الله ...31 ...906

هو من عند الله إن الله يرزق ...37... 8:533،3:528

وجيهاً في الدنيا و الاخرة ومن المقربين ... 45...921

ص: 1179

الاية رقمها الصفحة

ويكلّم الناس في المهد ...46... 887

إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا...122... 1028

قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل ...154...235:148

أو لمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا ...165...235:147

يحرفون الكلم عن مواضعه ...46...77

إن الله لا يغفر أن يشرك به ... 48...7:686

أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله ... 54...5:299

يا أيها الذين آمنو أطیعوا الله وأطيعوا الرسول ...59...31:116،909

ولو كان من عند غير الله لوجدوا ...82 ...985

ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا...141 ...1044

وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم ...157...27:627

سورة المائدة / 5

يحرفون الكلم عن مواضعه...13...77

و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس...45...1012

والله يعصمك من الناس...67...1045،1044

و من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة...72...1053

يا أيّها الذين آمنوا لاتسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ...101...30:1115

إنّي منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم ...115...64:220

ص: 1180

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الأنعام / 6

لانذرکم به ومن بلغ...19...882

والله ربنا ما كنّا مشرکین...23...7:686

وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه ...25...1011،142:87

فيكشف ما تدعون إليه إن شاء...41...1045

وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر...74...1015

و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات ...75...83:867،81:866

ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف و موسی ...85،84...909

ولقد جئتمونا فرادی کما خلقناكم أول مرة...94...150:91

وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلا ...115...106:781،26:569

يا معشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منکم ...130...878

سورة الاعراف / 7

كلوا واشربوا ولاتسرفوا...31...1006

يا بني آدم إمّا يأتينّكم رسل منكم ......35...877،83:867

والذين كذبوا بآياتنا و استكبروا عنها ...36...878

وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم...46...10:177

ألا له الخلق والأمر تبارك الله ...54...8:687

ولو أن أهل القرى آمنوا واتّقوا ...96...63:850

سحروا أعين الناس ...116...1021

وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك ...117...1021

ص: 1181

الاية...رقمها...الصفحة

وماتنقم منّا إلا أن آمنّا بآيات ربّنا ...126...1022

و كتبنا له في الألواح من كل شيء ...145...8:799

ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحق ...159...14:282

سورة الأنفال / 8

یسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ...1...1013

لهم درجات عند ربّهم ومغفرة ورزق کریم ....4و5...1012

وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنّها لكم ....7...1029

ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض ...67...235:147

سورة التوبة / 9

ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين...14...1047

وقالت اليهود عزير ابن الله ...30...1013

ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون...32...1061

ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون...33...1045،1027

ثاني اثنين إذ هما في الغار...40...58:215

بالمؤمنين رؤوف رحيم...128...905

سورة يونس / 10

لقد جاءك الحق من ربّك فلا تكونن من الممترین...94...138:84

سورة هود / 11

وقيل يا أرض ابلعي ماءك ...44...5/710

رب إن بني من أهلي ...45...905

ص: 1182

الاية...رقمها...الصفحة

تمتّعوا في دار كم ثلاثة أيام...65...8:402

وإلى مدين أخاهم شعيباً ...83-85...25:293

سورة يوسف / 12

ولمّا بلغ أشده...22...14:384

أجعلني على خزائن الأرض ...55...86:767

فعرفهم وهم له منکرون ...58...1050،1047

إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل...77...793،53:738

فلمّا استيئسوا منه خلصوا نجيّاً ...80...5:710

واسأل القرية...82...878

لا تثريب عليكم اليوم...92...885

إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون...94...6:693

ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت ...102...980

وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم 109...1051،1047

سورة الرعد / 13

يمحو الله مايشاء و یثبت و عنده أم الكتاب...39...11:178

قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ...43...8:799

سورة ابراهيم / 14

كشجرة طيّبة أصلها ثابت ...24...8:799

ولا تحسبن الله غافلا عمّا يعمل الظالمون...42...2:580

ص: 1183

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الحجر / 15

إن في ذلك لآيات للمتوسّمين...75...65:748

وقل إنّي أنا النذير المبين ...89-91...1012

فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشرکین ...94و95...109:63

سورة النحل / 16

وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم...43...1051،1044

فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون...43...1046،1044

وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ...89...8:799

أولئك الذين طبع الله على قلوبهم 108...142:87

سورة الاسراء / 17

إنّه كان عبداً شكوراً...3...905

وإن من شيء إلا يسبّح بحمده ...44...5:252

وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك و بين الذين لا يؤمنون ...45...142:87

وجعلنا على قلوبهم أكنّه أن يفقهوه ...46...142:87

يوم ندعوا كل أناس بامامهم...71...64:747

جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً...81...1:456،158:97

قل لئن اجتمعت الانس والجن ... ظهيراً ...88...1028،999،976،5:710

سورة الكهف / 18

أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم ...9...1:577

ص: 1184

الاية...رقمها...الصفحة

ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ...25-26...1015

الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري...101...1011

سورة مريم / 19

کهیعص1...219:134

لم نجعل له من قبل سميّاً...7...80

و آتيناه الحكم صبيّاً...12...887.14:384

يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء...28...1016

إنّي عبد الله...30...1040

واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ...54..906

و رفعناه مكاناً عليّاً ...57...904

إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودأ...96...1011،914

سورة طه / 20

طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى...2،1...917

وألقيت عليك محبّة منّی...39...914

سورة الأنبياء / 21

فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون...7...1046،1044

بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول ...26و27...3:172

قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم...69...62:848،10:432

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين...107...905

ص: 1185

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الحج / 22

ولكن تعمى القلوب التي في الصدور...46...1011

سورة النور / 24

إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله...32...1045

سورة الشعراء / 26

لا ضير إنّا إلى ربنا لمنقلبون...50...1022

وأنذر عشيرتك الأقربين...214...153:92

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...227...8:678،2:580

سورة النمل / 27

وجهدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً و علواً...14...1019

قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به...40...6:797،24:569،18

سورة القصص / 28

ولمّا بلغ أشده ...14...14:384

ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ... يحذرون ...5و6...1:456

فخسفنا به وبداره الارض...81...940

إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد...85...910

سورة العنكبوت / 29

ووهبنا له إسحاق ويعقوب ...27...909

ص: 1186

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الروم/30

من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين...3و4...1027

الله الأمر من قبل ومن بعد...4...8:686

سورة لقمان /31

وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة...20...65:1156

وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ...34...14:469

سورة السجدة / 32

وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا...24...9:548

سورة الأحزاب/33

يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ... إذ جاؤ کم ...9و10...245:156

وخاتم النبيّين...40...879،877

يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ...53...8:243

سورة سبأ / 34

وجفان کالجواب وقدور راسیات...13...1047

سورة فاطر / 35

ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا ...32...9:687،13:281

سورة يس / 36

وجعلنا من بين أيديهم سداً و من خلفهم سداً ...9...231:144

وما علّمناه الشعر...69...1047

ص: 1187

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الصافات / 37

إنّي ذاهب إلى ربّي...99...929

ونبذناه بالعراء وهو سقيم...145...1014

وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا ...147و148...61:847

سورة ص / 38

هذا عطاؤنا نامنن أو أمسك ...39...23:623

و وهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا43...933

لتعلمن نبأه بعد حين ...88...6:300

سورة الزمر / 39

إن الله يغفر الذنوب جميعاً...53...7:686

سورة غافر / 40

قال فرعون یا هامان ابن لي صرحاً...36...1047

إن الذين يستكبرون عن عبادتي...40...1045

أدعوني أستجب لكم...60...1045،1044

سورة فصلت / 41

أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود...13...65:850

إن الذين قالوا ربّنا الله ثم استقاموا ...30...65::850

سورة الزخرف / 43

وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها...48...1016

ولمّا ضرب ابن مریم مثلا إذا قومك منه يصدون....57...907

ولابيّن لكم بعض الذي تختلفون فيه...63...8:799

ص: 1188

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الدخان / 44

يوم تأتي السماء بدخان مبین...10...912

كذلك و أورثناها قوماً آخرین...28...17:560،54:1141

سورة الجاثية / 45

أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه وأضلّه الله ...23...142:87

سورة الأحقاف / 46

وبلغ أربعين سنة...15...14:384

وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن...29...918

سورة الفتح / 48

وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ...20و21...1028

لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن ...27...1026،910

سورة الحجرات / 49

لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا ...11...1010

سورة الطور / 52

أم عندهم الغيب فهم يكتبون...41...1011

سورة النجم / 53

والنجم إذا هوى ماضل صاحبكم وما غوى...1و2...193:117

دنا فتدلّی فکان قاب قوسين أو أدنى ...8 و 9 ...913

ص: 1189

الاية...رقمها...الصفحة

سورة القمر / 54

اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية ...1و2...229:142

أبشراً منّا واحداً نتّبعه ...34...44:734

سيهزم الجمع ویولّون الدبر...45...1028

سورة الواقعة / 56

فسبّح باسم ربك العظيم...74...69:224

سورة المجادلة / 58

وإذا جاؤك حيّوك بما لم يحيّك به الله...8...1028

يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له ...18...105:61

سورة الحشر / 59

فما أو جفتم عليه من خيل و لا ركاب ...6...187:112

ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ...7...187:112

سورة الجمعة / 62

هو الذي بعث في الاميّين ... و آخرين منهم ...2و3...882

فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين و لايتمنّونه أبداً ...6و7...1029

سورة التحريم / 66

وإن تظاهرا عليه فان الله هو مولاه ...4...908

مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات ...5...1047

ناراً وقودها الناس و الحجارة...66....259:169

ص: 1190

الاية...رقمها...الصفحة

سورة القدم / 68

لولا أن تدار که نعمة من ربه ...49...1014

واجتباه ربه فجعله من الصالحين...501014

سورة نوح / 71

ممّا خطيئاتهم أغ قوا فادخلوا ناراً...25...31:727

لاتذر على الأرض من الكافرين ديّاراً...26...905

سورة الجن / 72

قل أوحی إلی أنّه استمع نفر من الجن...1...918

إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدی إلى الرشد...1و2...1004

عالم الغيب فلايظهر على غيبه أحداً ...26...14:469،6:343

إلا من ارتضی من رسول...27...14:469

سورة الدهر / 76

هل أتی ...1...890،15:540

إنّما نطعمکم لوجه الله لانريد منكم جزاءاً ولاشكورا...9...890

وما تشاءون إلا أن يشاء الله...30...4:459

سورة التكوير / 81

وما تشاءون إلا أن يشاء الله...29...4:459

سورة الانشقاق / 84

لتركبن طبقاً عن طبق...19...955

سورة الضحی / 93

ووجدك عائلا فأغنی...7...1045

ص: 1191

الاية...رقمها...الصفحة

سورة الانشراح / 94

ورفعنا لك ذكرك...4...904

سورة القدر / 97

إنّا أنزلناه ...1...1:455

سورة البينة / 98

لم يكن...1...23:720

سورة الزلزلة / 99

إذا زلزلت الأرض زلزالها ... و قال الانسان مالها ...1-4...10:177

سورة العاديات / 100

إن الإنسان لربّه لكنود...6...257:168

سورة الكوثر / 108

إن شانئك هو الأبتر...3...971

سورة النصر / 110

إذا جاء نصر الله والفتح...1...164:102

سورة لمسد / 111

تبّت يدا أبي لهب...1...1053

سيصلي ناراً ذات لهب...3...1053

سورة الإخلاص / 112

قل هو الله أحد...1...6:686،1:455

ص: 1192

2 - فهرس أسماء الأنبياء والملائكة عليهم السلام

الأنبياء:

آدم:...18/560،14/555،211/126.80

/804،8/800،99/776،2/581

879،876،53/838،14/805،13

923،922،921،904،855،884

31/1116،13/1079،964،924،1158

ابراهیم .../135،191/115،80،74،73،18

4/297،60/216،18/184،221

5/710،6/693،2/581،13/554

867،72/857،53/838،53/738

928،921،915،905،83،82

1015،964،952،932،930،929

18/1089،10/1075

ادریس = اخنوخ :...1015،925،924،904

اسحاق:..964،72/858،6/693،80،73

اسماعيل:72/858،133/81،75،74،73

964،930،906

ص: 1193

72/857

933

74

حیقوق:75

خالد بن سنان العبسی :950

الخضر:69/1174،1147،956،935،632

دانيال:941،63/849،216/131،78،75

1013

داود:14/409،6/346،24/291،76

860،11/603،2/581،10/432

916،915،894،77/861،76،75

965،955،954،953،937

سليمان:24/569،18/560،21/288،18

/861،75/860،45/830،2/607

965،920،919،918،917،77

شعیا:78،76،75

شعیب بن صالح:/1155،980،12/552،11/551

1167،61

شیث:924،923،922،72/858

صالح:980،952،907،56/214،80،18

عزیر:1014،1013،933،25/292

عیسی بن مریم ( المسيح ):169/104،77،76،74،21،19

240/150،219/133،217/131

222،18/184،2/172،259/169

553،3/424،7/349،6/344،67/

2/582،2/579،14/554،13/

881،72/857،62/744،27/627

ص: 1194

899،894،890،888،887،882

921،920،919،909،907،903

949،948،947،946،937،930

1040،1015،992،980،952،950

1587،13/1078،1050،1047

1143،19/1093،18/1089،17

57/1148،56/1146،55/

لوط :980

موسی بن عمران:191/115،75،74،84/54،18

/505،6/345،18/184،2/172

777،1/690،2/582،28/521،18

/820،8/799،104/780،100/

.882،881،72/857،45/830،32

911،909،907،895،894،888

937،936،934،914،913،912

957،956،953،952،940.939

1031،1022،1019،980،964

67/1171،18/1090،1043،1032

نوح :72/856،53/838،78/234،18

98،965،964،936،923،905

هارون :965،909

هود :980،952،72/857

يحيى بن زكريا:1044،920،887،1/236،80،77

1045

يعقوب :767،53/738،6/693،17/183،80

964،932،931،909،908،86/

1015

ص: 1195

يوسف:344،17/183،191/116،100/59

53/738،6/693،18/505،6/

874،72/857،8/799،86/767

934،932،931،910،885،91

1050،1046،964،952،937

يونس:1014،980،952،63/894،61/846

« الملائكة »

اسرافيل :63/848

اسماعیل ( ملك المطر ):108/62

اسماعیل ( ملك السحاب ):148/90

رضوان ( خازن الجنة ):11/536،36/35

جبرئیل:125/68،109/63،65/68،51/43

138/84،137،136/83،129/70

203،12/180،187/112،162/100

/504،1/456،6/252،5/240،47/

539،10/535،4/529،1/524،17

53/738،6/693،11/551،14/

845،46/831،21/811،102/778

85/868،73/859،63/848،60

928،926،923،922،893،888،

1166،1159،1052،976،933

1167

عزرائیل = ملك الموت:74/860،73/859،60/844

فطرس :252

منکر:150/91

میکائیل:844،46/831،11/551،12/180

1167،888،63/848،60/

نکیر:150/91

ص: 1196

3 - فهرس أسماء المعصومين الأربعة عشر

عليهم السلام

محمد رسول الله صلى الله علیه و آله

وأمير المؤمنین علی بن ابی طالب ( علیه السلام )

ورد ذكرهما فی أغلب صفحات الكتاب

و لذا صرفنا النظر عن اثبات موارد

ذكرهما في هذا الفهرس .

فاطمة الزهراء عليها السلام:155/94،14/65،80/52،65/48

187/113،179/108،156/96

52/237،59/215،220/132

25/292،13/281،8/244،5/240

4/491،1/456،6/346،6/345

67/751،52/737،2/581،540،524

21/1097،1051،909،894،889

الحسن بن علی علیه السلام:8/176،4/173،220/132،65/48

41/201،19/186،17/183،13/181

78/234،68/223،59/215،56/214

6/345،3/257،244،236

28/519،4/491،1/456،17/413،

576،571،22/567،19/561،16/559

36/730،2/651،25/625،1/583

ص: 1197

093771 10/779، 18/810 و 19 ،

،٥٢/٨٣٧،٥١/٨٣٥٠٢٩/٨١٨٠٢٠ /811

0888 ،87/870 ، 11/8١٠/٨٤١، ٤٥

، 923 ، 91069.969.

،٢ ، ٥٥/١١٤٣1/1097 ، 10٦2 ، ٩٥٣

٠٥٩/١١٥٣

الحسين بن علی علیه السلام:

٦٥/٤٨ ، ١٧٣،٢٢٤/١٤٧،١٢٥/٦٨،٤1/2010 17/183 ، 11/1790/ ٢٢٥،٦٨/٢٢٣،٦٧/٢٢٢،٦٤/٢١٩،3/238 ،78/23٤،٧٠/٢٢٦٠٧٠/ ٢٤٥،٨/٢٤٢٠٠٥/٢٤٠ - ٢٥٤، ٢٥٧ ٢٥/٢٩ ، ٣٨١٠٦/٣٤٦٠٦/٣٤٥3 ،3/ ،٢٤/٤٤، ١/٤٥٦3 ، 17/413 ،10/ /٥٢٨٠٤/٤٩١ ، 15/170 ، 1٠/٤٦٥ ٥٥٠١٥/٥٣٩ ، 12/536 ، ٦/٥٣٠،٣١٨/٥٦٠٠ ، ١٩/٥٦١17/٥٥9 ،11/١/٥٨٣ ، ٥٧٧ - ٥٨٢٢٢/٥٦٧٢/٦٥١،٢٥/٦٢٥ ، ٧٢/٧٥٤٠٦٧/٧٥٠93/771 ، ١02/779، ٤/٧٩٥ و ٥ ٦٠/٨٤١٤٥٢/٨٣٧،٣٠/٨١٩،٢٠/811 /٢١/٨٤٥ ، ٦٢/٨٤٧ ، ٨٧٠٠٦٣/٨٤٨ ،90/873089/872088/871 ،87 ، 930،923 ، 19 ، 909 ،90٤،٨٨٩ ، 21 / 1097 ، 1062 ، 1040 ، 953 ،1147، 1146 ، ٥٥/11٤3 ،30/1١١٤. ٦٠/١١٥٣، ١١٦٦1198

ص: 1198

علی بن الحسین ( زین العابدین ) ( علیه السلام ):8/254،2/246،70/225،8/175

413،12/280،4/273،271،255

25/625،588،583،1/456،17/

72/754،3/708،2/707،2/651

813،20/811،102/779،95/773

62/847،48/833،30/819،22/

965،953،938،923،892،890

61/1155،42/1124

أبو جعفر محمد بن علی الباقر ( علیه السلام ):97،152/91،148/90،138/84/

177،8/175،6/174،4/173،157

192،17،16/183،11/178،10/

259،1/225،64/219،30/195،28

268،8/264،7/262،5/260،4

17/413،293،272،14/270،12/

569،13/552،26/514،1/456

/631،605،589،3/584،26/

6/710،1/690،2/651،32

734،36/730،29/726،8/711

750،65/747،58/741،43/

98/775،95/773،73/754،67/

103/780،102/779،99/776

8/799،7/798،2/794،1/793

23/814،22/813،20/811،18/810

28/818،27/817،25/816،24/815

45/830،41/827،35/821،30/819

55،54/838،50/835،47/831

ص: 1199

861،70/855،69/854،67/853

870،83/867،79،78/863،67/

937،930،924،892،890،87/

62/1156،964،962،953،941

1157

أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق(علیه السلام)136،135/83،130/71،129/69،21

155/94،154/93،149/90،145/88

162/10،161/99،158/97،156/94

187/112،186/111،165/102

11/179،4/173،1/171،191/115

19/185،18//184،16/183،12،

59/215،34/196،26/191

3/238،78/234،76،75/231

12/279،11،9/278،12/268

20/286،17/283،13/281

306،294،25/291،23/289

22/328،17/325،2/308،1/307

17/413،17/390،7/350،23/331

10/496،9/495،7/494،1/456

23/509،18/505،17/504،11

25/569،4/529،2/527،1/524

2/593،1/589،3/573،1/571

2/691،1/690،6/686،5/653

10/714،5/710،4/709،6/693

22/719،20/718،19/717،11/

ص: 1200

27/723،26/722،25/721

32/728،30/726،28/724

38/731،37/730،34/729،33/728

44/734،42،41/733،40/732

51/737،48،47/736،46،45/735

61/743،60،59/742،54/739،52،

69،68/752،،66/748،62،

77/759،72/754،71،70/573

84/763،83/762،81/761،80/760

92،91/771،90/770،85/765

101،100/777،97/774،96/773

106/781،104/780،102/779

11/803،6/796،4/795،3/794

15/806،14/805،13/804

28/818،27/817،23/814،17/809

37،36/823،34/821،33/820

43/829،42/828،40/827،39/825

58،56/840،50/834،46/830،44

71/855،67/852،65/85،59/841

88/871،81/866،73/859،72/856

932،931،897،896،893،891

942،941،938،936،934،933

9/1074،955،953،950،949،945

64/1161،44/1126،12/1078

1166

أحدهما عليهما السلام:25/190

ص: 1201

أبو الحسن موسی بن جعفر عليهما السلام :20/287،191/115،186/111،17

7/350،6/341،336-307،6/299

38/452،17/413،29/371،7/351

1/589،22/508،18/505،1/456

5/662،657-649،16/617

14،13/715،12/714،9/712

35/729،17/717،16،15/716

102/778،59/742،41/733،37/731

86/869،64/85،61/845،7/798

941،938،929،897،896،895

1166،65/1165،953،945،944

13/1078

ابوالحسن علی بن موسی الرضا(علیه السلام):6/299،29/192،191/115

1/372،371-337،4/310،1/307

6/461،1/456،17/413،14/385

6/654،5/589،22/508،22/508

24/720،23/719،1/672،663-658

59/742،49/736،39/732،31/727

88،87/768،86/766،84/763

89/872،27،26/817،89/769

916،915،900،899،898،897

1169،66/1168،65/1165،953

1170

أبو جعفر الثاني محمد بن علي الجواد ( علیه السلام ):17/413،391-372،8/353/7/350

18/717،1/672،671-664،1/456

940،938،899،94/773،84/763

67/1171،953،947

ص: 1202

أبو الحسن الثالث علی بن محمد الهادی ( علیه السلام ):14/436،1/420،419،392

4/684،681،،672،14/467،1/456

953،940،901،79/760،78/795

68/1172

ابومحمد الحسن بن علی العسکری(علیه السلام):1/456،454،420،17/413

14/467،12/466،7/559،22/481

689-682،25/625،17/559،22/481

107/782،54/739،53/738،50/737

901،111/786،109،108/783

960،958،957،953،942،939

22/1100،21/1097،964،961

25/1108،24/1104،23/1101

28/1112،27/1111،26/1110

31/1116

الامام المهدی صاحب الزمان ( عجل الله ):484-455،10431،17/413،186/112

110/785،705-690،11/551

58/841،58،57/840،111/786

78/862،77/861،63/849،59/841

913،912،910،907،903،92

939-934،931،926،925،923

960،957،955،953،943،942

1107،21/1095،965،964،961/

28/1112،26/1109،25/1108،24/

42/1124،33/1118،30،29/1113

55/1144،55/1143،43/1125

1150،1149،1148

61/1155،1154،60/1153،1152

64/1161،1159،1158،1156

65/1165،1164،1163،1162

1179،1172،1171،1170،1166

ص: 1203

4-فهرس الرواة والاعلام

« حرف الالف »

آزر...1015

آسيا بنت مزاحم:...1051،4/530،1/525

آصف بن برخيا ( وصی سلیمان ):...45/830،24/568،18

آمنة بنت وهب:...18/1088،4/1068،3/1066،214/129

أبان:...59/841،34/821،22/813

أبان بن تغلب:...75/860،42/825،17/809،15/806،54/615

ابان بن عثمان:...74/860،65/850

ابراهيم:... 23/366

ابراهيم بن أبی البلاد :...68/853،30/819،27/817،24/815

ابراهيم بن اسماعيل الجرجانی ، أبو اسحاق:...4/425

ابراهيم بن الحسن بن راشد:...9/656

ابراهيم بن صالح الانماطی:...10/802

ابراهيم بن العباس:...983

ابراهيم بن عبدالحميد:...9/1074،52/644

ابراهيم بن عبدالله بن الحسن:...85/765

ابراهيم بن الفرج:...31/1116

ابراهيم بن محمد بن سعيد الثففی الأصفهانی ، أبو اسحاق:...10802،9/800

ابراهيم بن محمد بن علی بن عبدالله بن عباس:...85/765

ص: 1204

ابراهيم بن محمد بن يحيى الهمدانی :...18/717

ابراهيم بن محمد الطاهری:8/679

ابراهيم بن مهزم الاسدی:21/621

ابراهيم بن مهزم ، عن أبيه:34/729

ابراهيم بن مهزیار ، أبو اسحاق:22/1099

ابراهیم بن موسی القزاز:2/337

ابراهيم بن موسى الكاظم:4/311

ابراهيم بن هاشم:19/478

ابراهيم الكرخی:7/693

أبرهة بن يكسوم:189/114

أبو طالب بن عبدالمطلب:19/1092

ابی بن خلف:914،108/62

ابی بن کعب :1166،11/551

أبيض بن حمال:89/56

أحمد البزنطی:22/365

أحمد بن ابراهيم بن اسماعيل:4/425

أحمد بن ابراهیم بن مخلد ، أبو عبدالله:45/1128

أحمد بن أبي جعفر:21/704

أحمد بن أبی روح:18/702،17/699

أحمد بن أبی سورة ، أبوذر = ابن أبی سورة:15/471،15/470

أحمد بن أبی عبدالله البرقی:36/198

أحمد بن ادریس:10/380

أحمد بن اسحاق:69/117،22/481

أحمد بن الحارث القزوینی:11/432

أحمد بن الحسين:67/852،34/821

أحمد بن الحسين بن عبدالله بن محمد بن مهران الابی العروضی ، أبو العباس:24/1104

ص: 1205

أحمد بن الحسين بن عبدالملك الازدی:...17

أحمد بن الخضيب:...11/681،28/445

أحمد بن راشد:...60/743

أحمد بن عبدالرحمان بن سعيد:...2/578

أحمد بن عبدالله:...5/460

أحمد بن عبدون:...17

أحمد بن على بن زيد:...17/438

أحمد بن علی الكلثومی:...10/696

أحمد بن عمر:...16/361

أحمد بن عمر الحلال:3/651،27/369

أحمد بن عیسی:42/825

أحمد بن عيسى الكاتب:16/411

أحمد بن قابوس ، عن أبيه:70/753

أحمد بن محمد:44/829،43/828،17/809،6/666،4/424

أحمد بن محمد بن أبی بشر:8/798

أحمد بن محمد بن أبی نصر البزنطی:...78/862،11/803،5/662

أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه:2/793

أحمد بن محمد بن سعيد الهمدانی:...89/872

أحمد بن محمد بن عیسی:...34/821،27/817،25،24/815،18/810،10/668،

867،79/862،74/860،70/855،62/847،36/823

87/870،84/

أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه:...81/866

أحمد بن محمد بن محمد العمری ، أبومحمد:...4/795

أحمد بن محمد بن مطهر:...38/452

أحمد بن محمد السجزی:...68/223

أحمد بن محمد السياری :88/871

أحمد بن محمدا اصائغ:10/1074

أحمد بن المثنى ، أبو یعلی الموصلی:...54/1139

ص: 1206

أحمد بن النظر أبو العباس:...1/392

أحمد بن هارون:...14/408

أن أحمد بن هلال:...41/827،14/805،13/704،8/667

أحمد بن يحيى:...2/1064

أحمد بن یحیی بن زکریا القطان:...56/1144

ادریس:...23/814،131/72

اذکو تكين:...9/464

أردشير :...79

أزهر بن مسرور بن العباس:...21/1095

اسامة بن زيد:57/45

اسحاق:17/717

اسحاق بن الجنيد:5/692

اسحاق بن عبد الله العلوی العريضی:78/759

اسحاق بن عمار:09/712،45/639،16/324،14/322،6/313

اسحاق بن منصور ، عن أبيه:3/310

اسحاق بن يعقوب:...30/1113،25/443

اسحاق الزاهد ( ابن جعفر الصادق عليه السلام ):...59/742

اسفندیار:...1009

أسماء بنت عمیس:1/592،21/565،13/498،256/167،81/52

اسماعيل بن أبي الحسن:4/340

اسماعيل بن أحمد:...20/327

اسماعیل بن جعفر الصادق ( علیه السلام ):...40،39/637،27/626،3/609

اسماعيل بن سالم:...20/327

اسماعيل بن عباد القصری:...14/805

اسماعيل بن عباس الهاشمی:...12/383

اسماعيل بن عبدالعزيز:34/821،45/735

ص: 1207

اسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبی طالب ، عن أبيه:...12/804،9/801

اسماعيل بن محمد:10/1074

اسماعيل بن محمد بن علی بن اسماعيل بن علی بن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب:

6/427

اسماعيل بن مهران:68/752،22364

اسماعيل بن موسی:7/655

أسود بن سعيد:...21/287

الاسود بن عبد يغوث:109/63

الأسود بن المطلب:109/63

الاشعث بن قیس:...70/225،38/199

الاصبغ بن موسی:...21/328

الاصبغ بن نباتة:...53/1135،10/1074،64/746،2/707،63/219

أصحمة:...110/64

اکیدر دومة الجندل:...163/101

الهام بن الهيثم بن لا قيس بن ابليس:...72/856

امرؤ القيس:...996،983،980،979

امية بن خلف:97/58،76/51

امية بن علی القیسی:8/667

أنس:...247/1590،167/103،73/50،61/46،56/45،44/39،52/837،

21/507،53/211،49/208

أوس بن خولی:...203/123

اويس القرنی:...39/200

أياس بن سلمة:98/58

أيوب :...54/1139

أيوب بن نوح:...12/1078،12/804،4/398

أيوب السجستانی:...8/547

ص: 1208

ب

باذان:...218/132

بحر الخياط:...50/642

بحیری:...18/1088،17/1086

بحيری الراهب:224/138

بخت نصر :...1013،78

بختیشوع ( طبيب المتوکل ):...3/422

بدر ( مولى الرضا عليه السلام ):...6/313

بدر ( غلام أحمد بن الحسن ):...9/464

بدل ( مولاة أبی محمد العسکری علیه السلام ):25/443

بريد العجلی:...47/832

بريدة :...70/50

بريدة الاسلمی:85/868،84/867

بسر بن أرطاة:...42/201

بسطام بن قیس:...886

بشر بن البراء بن عازب:...22/509

بشر بن البراء بن معرور:180/108

بشير النبال:49/833،22/813،54/645

بكار بن کردم:30/726

بكار القمی:...13/319

بکران بن الطيب بن شمعون القاضی المعروف ب- ابن أطروش ، أبو القاسم:..2/577

بكر بن صالح:16/387،17/362

بكر بن عبدالله بن حبيب:...56/1144

بكر بن عبدالله الأشجعی ، عن آبائه:...20/1093

بكر بن محمد:...5/260

بكر بن وائل:14/1082

بلال:252/163،158/97

بوران بنت کسری:...79

ص: 1209

ت

تارخ = آزر:...1015

تبع ( الملك ):...9،8/1074،7/1073،25/190

تبع بن حسان :...133/81

تمام:...131/72

تمیم بن بهلول:...56/1144

تميم بن يعقوب السراج:...21/364

ث

ثقيف:...195/119

نور بن يزيد:...53/838

ج

جابر:...154،241/152،237/148،227/141،226/139،6046

270،258/168،250/161،248/159،247/158،242/

56/840،98/775،67/750،15/616،20/507،14/

63/848

جابر بن عبدالله انصاری:...18/560،3/528،29/521،12/279،892،65/749،1/589

جابر بن النضر بن جابر:...4/426

جابر بن یزید الجعفی:...1/589،6/275،4/259،2/246،157/97،

1/793،73/754،42/733،12/604

62/1156،78/862،18/81

جالوت:954،953

صد جبیر بن مطعم:...216/130

جبير الخابور:...19/185

جدعان بن نصر ، أبو بصير:...39/865،37/823

جرهد:....86/54

جرير:...1006

ص: 1210

جریر بن عبدالله البجلی:...27/517،70/226

جعدة بنت الاشعث بن قیس:7/241

جعفر:...47/1130،1154،24/1105،198/121

جعفر ( الخليفة ):21/1109

جعفر بن ابراهيم بن ناجية:89/872

جعفر بن ابراهيم اليمانی:48/1131

ادا جعفر بن أبي جعفر:21/704

جعفر بن أبی طالب:...256/166،219/33

جعفر بن أحمد بن منیل :...38/1121،37/1120،35/1119

جعفر بن اسماعيل الهاشمی:12/804

جعفر بن بشیر:...73/859،65/85،43/828

جعفر بن حمدان:13/697

جعفر بن حمدان الخصیبی:...22/1097

جعفر بن الشريف الجرجانی:...4/424

جعفر بن عبدالحميد:...22/188

جعفر بن عبدالغفار:...15/698

جعفر بن عبدالواحد القاضی:...4/399

جعفر بن عمرو:...50/1131

جعفر بن محمد:...61/845

جعفر بن محمد بن الاشعث:25/720

جعفر بن محمد بن العباس ، أبو عبدالله عن أبيه:...6/796

جعفر بن محمد بن قولو به ، أبوالقاسم:...18/475

جعفر بن محمد بن ملك الغزاری:...2/673

جعفر بن محمد بن مسعود:...959

جعفر بن محمود:...37/452

جعفر بن معروف:...959

جعفر بن هارون الزيات:...44/734

جعفر الدوريستی:...7/797

جعفر الدوريستی ، عن أبيه:...53/1133،9/1074

ص: 1211

جعفر الكذاب:...961،960،942،939،17/700،1/682،12/269،

30/1113،26/1110،25/1109،23/1102

جعفر المتوكل = المتوکل:13/407

جميل الاشجعی:...85/54

جميع بن عمير:...48/207

جميل بن دراج:...38/731

جندب:...10/317،71/226

جندب بن زهير الازدی:74/755

جهان شاه بار خذاه :...67/750

جويرية بن مسهر :...69/224،44/202

جويرية بن مسهر العبدی:...30/726

« الحاء »

حاجب بن زرارة:...100/59

حاجز بن يزيد الوشاء:17/700

حاجز الوشاء:...23/1103

الحارث:...109/63

الحارث بن حصيرة الیزدی:...27/723

الحارث بن الصمة :...108/63

الحارث بن عبد العزی بن رفاعة السعدی:21

الحارث الاعور:21/812،4/574

الحارث الهمدانی:...21/812،4/574

حاطب بن أبی بلتعة:...251/161،101/60

حبابة بنت جعفر الوالبية ، ام الندى:...7/428،3/273،26/191

حبیب بن جحاز:...63/745

الحجاج :...45/203،38/199

الحجاج بن يوسف الثقفی:...11/268،34/448

الحجاج بن سفيان العبدی

ص: 1212

حذيفة:...1149،22/483،162/100،26/31

حذيفة بن اليمان:...245/157

حسان بن ثابت:...13/499

حسان بن مهران الجمال:...85/868

حسان ، أبی على الجمال:...85/868

الحسن:22/566

الحسن بن أحمد المكتب ، أبو محمد:...46/1128

الحسن بن برة الاصم:...67/852،34/821

الحسن بن الجهم :...65/1165

الحسن بن الحسين:...23/814

الحسن بن الحسين الاستر بادی:...13/697

الحسن بن الحسین اللؤلؤی:...15/805

الحسن بن راشد:...61/845،3/794،12/697،3/281

الحسن بن سعيد:...38/636،26/368

الحسن بن ظریف:...10/431

الحسن بن عباد :...25/367

الحسن بن عبدالعزيز الهاشمی ، أبو علی:...65/220

الحسن بن عبدالله:...2/650

الحسن بن عبدالله بن حمدان ، ناصر الدولة:17/473

الحسن بن على:...73/859،36/823،29/818،22/813

الحسن بن على بن أبی حمزة ، عن أبيه:...35/821

الحسن بن علی بن عبدالله:...33/820

الحسن بن علی بن فضال:...43/828،41/827،15/360

الحسن بن علی بن یحیی:...11/357

الحسن بن على الخزاز:...43/828

الحسن بن على الزيتونی:...13/804

ص: 1213

الحسن بن على الوشاء = الوشاء:...87/767،13/383،23/366

86/869،26/817

الحسن بن القاسم بن العلاء:...14/470

الحسن بن محبوب:...66/1168،87/870،63/848،59/841،17

الحسن بن محمد:...6/341

الحسن بن محمد بن صالح البزاز:...964

الحسن بن محمد بن عمران:...48/833

الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلانی:...35/1119

الحسن بن محمد المعروف بابن الوفام ، أبوالقاسم:...60/216

محمد الحسن بن مسلم ، عن أبيه:...24/290

الحسن بن معاوية:...43/829

الحسن بن موسی :...17/717

الحسن بن موسی بن جعفر:...10/357

الحسن بن وجناه النصيبی ، أبو محمد:...961

الحسن البصری:...8/547

الحسین:...22/566

الحسين بن اشکیب:...21/1097

الحسين بن أبی العلاء:...6و4/610،4/310

الحسين بن أبی فاختة:...52/737

الحسين بن بشار:...6/663

الحسين بن الحسن:...61/845،60/841

الحسين بن حمدان:17/473

الحسين بن روح ، أبو القاسم:...25/1108،43/1125،40و39/1122،38و37/1121

الحسين بن زيد:...22/622،26/368

الحسين بن زید بن علی بن الحسین:...10/802،9/800

ص: 1214

الحسين بن سعيد:...27/817،25و24/815

الحسين بن علوان:...6/796

الحسين بن علی بن الحسين بن موسی بن بابویه:...113/790

الحسين بن علی بن محمد القمی المعروف بأبی علی البغدادی:...43/1125،41/1123

الحسين بن محمد ، أبو عبدالله الازدی:...90/873

الحسين بن محمد بن عماد الحسينی الاستر بادی:..1176

الحسين بن معاد:...53/1133

الحسين بن موسى الخياط:...38/829

الحسين بن يزيد النوفلی:...965

الحسين الخزاز :...43/829

الحسين المكاری:...11/383

الحصين بن عبدالرحمان:...56/1144

حفص بن البختری:...41/827،13/804

حفص بن عمیر الیشکری:...7/349

حفصة:...8/244

الحكم بن أبی العاص:...258/168

الحكم بن مسكين :...17/809

ان حکیم بن جبير:...51/209

حكيمة:...12/466،1/455

حكيمة بنت الرضا ( علیه السلام ):...2/372

حليمة بنت أبی ذؤيب الشاعر:...134/81،21

حماد بن حبيب الكوفی القطان :...9/265

حماد بن عیسی:...8/667،8/304

حمدویه:...20/440

حمران:...965،87/870

حمران بن أعين:...76/860،45/830

ص: 1215

حمران بن سليمان النيسابوری:...6/796

حمزة:...1015،235/148،156/94

حمزة بن الحسن:...2/375

حمزة بن حمران:...965

حمزة بن عمر والاسلمی:...913

حمید بن مهران:...1/659

حميدة:...20/287

حنان بن سدير:...14/187

حواء:...99/776

حيا بنت تبع:...25/190

« الخاء »

خالد:...160/99

خالد بن أسيد:...158/98

خالد بن أسيد بن أبی العيص:...19/1091

خالد بن الياس:...2/1064

خالد بن عرفطة:...63/745

خالد بن عنان :...1/591

خالد بن معدان:...53/838

خالد بن نجيح:...86/769،46/735،14و13/715،12/714

خالد بن الوليد:...915،75/757،21/563،245/157

خديجة:...1045،4/529،1/524،226/139،141/85،138/84،1051

الخضر بن محمد ، أبو الحسن:...18/702

خلاد:...176/107

« الخليل والفراهيدی »:...979

خویلد بن الحارث الكلبی:...168/103

ص: 1216

خولة الحنفية:...1/589،21/563

خیر ان الاسباطی:...13/407

« الدال »

داود بن سليمان:...4/273

داود بن عبدالله ، أبو سليمان:...16/438،35/821

داود بن علی:...57/647،7/611

داود بن فرقد:..50/834،104/780،82/754

داود بن القاسم:...79/760

داود بن القاسم الجعفری ، أبوهاشم:...53/738،1/664

داود به كثير الرقی:...23/622،16/617،8/612،22/328،5/297،29/629،24/624

داود بن محمد النهدی:...9/667

داود العطار:...32/195

دحية الكلبی:...217/131

درجان:...9/598

دعبل الخزاعی:...89/769،1/589

دقیانوس:...942

« الذال »

ذرة:...9/534

ذوالفقار بن محمد بن عبدالحسنی:...89/872

« الراء »

راشد:...7/596

الربيع:...47/640

الربيع بن الخطاب:...65/850

ربیع بن محمد:...58/840

الربيع بن محمد المسلی:...10/1074

ص: 1217

رجاء بن أبي الضحاك:...4/661

رجاء بن زیاد:...14/182

رستم:...1009

رشید الهجری:...19/810،9/173،72/228

رشيق حاجب المادرانی:...5/460

رضوی بنت تبع:...25/190

رفاعة بن زيد:...165/102

رميلة :...7/174،2/172

روزبه:...13/1079

ریان بن شبيب:...1/664

الريان بن الصلت:...78/768

« الزای »

زائدة:...36/35

زاذان:...6/544،9/176

زاذان أبی عمرو:...30/195

الزبير:...21/187،251/161،157/97،156/95،131/72،101/60

51/836،28/725،22/483،39/199

زرادشت:..1035،1034

زرارة :...74/860،51/737،43/734،23/332

زرافة ( صاحب المتوکل ):..8/401،6/400

زرعة :...48/833

زکریا بن محمد المؤمن ، أبو عبد الله:...85/868

زهير :...1010

زیاد :...44/202

زیاد بن أبی الحلال:...42/733

زیاد بن الحارث الصدائی:...25/513

ص: 1218

زيد:...156/95

زيد بن أرقم :...2/581،50/208

زید بن حارثة:...256/166،198/121

زید بن الحسن:...11/600،10/599

زید بن سلام:...210/126

زيد بن صوحان:...116/66

زید بن عبدالله البغدادی ، أبو الحسين:...24/1104

زید بن علی:...11/600،13/281،9/278

زید بن علی بن الحسين بن زيد:...12/406

زید بن عمرو بن نفيل :...221/135

زيد الشحام:10/714

زيد النوفلی:...12/804

زینب:...38/1121،41/201

زینب بنت جحش:...115/65

زينب بنت فاطمة:...11/405

« السين »

السائب بن یزید:...82/53

سارة :..1051،929،928،1/525،131/73

سارة بنت اسحاق بن ابراهيم:53/739

سالم بن أبي حفصة:...77/861

سام بن نوح :...949،72/858

سدير :...6/710

سدير الصيرفی:..68/853،14/282

سراقة بن مالك بن جعشم:...940،233/145،132/80،1/23

سرور:...40/1122

سطيح :...24/511

ص: 1219

سطیح الغسانی:...212/127

سعاد ، من بنی سعد بن بكر بن عبد مناف:...7/428

سعد :...49/1131

سعد الاسكاف:...1/606،16/283

سعد بن أبي عبدالله:...1/793

سعد بن أبي وقاص :...51/836

سعد بن الباهلی:...23/568

سعد بن سعد الاشعری:...89/872

سعد بن طريف :...10/1074،2/707

سعد بن عبادة :...8و7/798،6/796،54/739،53/738،19/703

سعد بن عبدالله62/847،18/810،11/803،10/802،9/800

48/1130،47/1129،31/1116،79/862

سعد بن عبدالله الأشعری:...22/481

سعد الجلاب:...63/848

سعد الخفاف:...58/741،30/195

سعید:...36/451

سعيد بن أبي الرجاء الصير فی الأصفهانی ، أبو الفرج:...2/577

سعید بن ابی صالح ، عن أبيه :...4/1067

سعید بن جبیر:...965

سعید بن عبدالله بن الحسين الراوندی:...1176

سعید بن لقمان :...51/737

سعید بن مسلم بن مراد ، مولی بنی مخزوم:4/1067

سعید الحاجب :8/677،17/312

سفينة:...47/40

سفينة ، مولی رسول الله ( صلی الله علیه وآله وسلم ):...223/136

سلام ، خادم الرضا : ( علیه السلام ):...7/349

ص: 1220

سلمی:...9/534

سلمان:...8/175،241/152،240/150،166/102،28/31

1/592،20/562،9/533،6/530،2/527،12/497،56/213،13/1078

سلمان الفارسی:...14/554،9/548،12/536،9/534،77/232

904،53/838،51/836،16/808

سلمة:...90/873،98/58

سلمة بن الاکوع:...50/42

سليمان الاعمش:...22/566،9/548

سليمان بن ابراهيم الرقی:...961

سليمان بن جعفر الجعفری:...11/727،13/359

سليمان بن خالد :...65/850،100/777،10/718،44/639،8/276

سليمان بن مهران الاعمش:...2/578

سليمان الجعفی:...14/805

سماعه:..48/833،28/818

سماعة بن مهران:..46/639

سمرة بن عطية:...9/548

سمیع المسمعی:...33/447

سمية ، ام اسحاق:...53/739

سنان :...56/840

سنجت:....5/491

سهل بن زیاد ، أبو سعيد:...63/848،35/821،11/668،21/417

سهل بن سعيد:...1167

سهيل بن سعد :...12/552

سهيل بن عمرو :...192/116

سويد بن غفلة :...63/745

سیف بن ذی یزن:...6/1071،215/129،190،189/114،111/64

سیف بن عمیرة:...1157،84/867،44/829

ص: 1221

« الشين »

شبث بن ربعی:...70/225

شريك بن حماد:...60/841

شريك بن عبدالله :...24/189

شطيطة:...22/329

شعیب :...34/633

شعيب العقرقوفی:...33/632،31/630

شعيرة الأسدية:...4/1068

شمعون :...80/865

شمعون بن حمون الصفا ، ابن عم مریم:...72/858

شمعون بن حنون :...62/744

شهاب:...16/716

شهاب بن عبدربه:...53/6440،11/613

شهر بانویه:...67/750

شهردار بن شیر و به بن شهردار الديلمی ، أبو منصور:...60/216

شيبة:...97/58،76/51

شيبة بن ربيعة:...914

شبية بن عثمان بن أبی طلحة:...194/117

شیرویه :...111/64

شیرویه بن أبرویز:...79

شیرویه بن شهردار الديلمی:...60/216

« الصاد »

صالح:...6/595

صالح بن أسباط:...10/1074

صالح بن حمزة :...59/841

ص: 1222

صالح بن سعيد:...10/680

صالح بن شعيب الطالقانی ، أبو الحسن:...45/1128

صالح بن عطية الأضخم:...7/666

صالح بن عقبة الاسدی ، عن أبيه:...88/871

صالح بن محمد بن صالح بن داود اليعقوبی:...13/669

صالح بن واقد الطبری:...19/326

صالح بن وصيف :...1/862

صخر بن حرب = أبو سفیان:...1015

صعصعة بن صوحان :...53/1133،5/663

الصفراء بنت شعیب :...934

صفوان:57و56/840،13/614

صفوان بن امية بن خالد الجمحی ،:...196/119

صفوان بن يحيى:...75/860،25/720،15/616،28/370،2/294،17

صفوان الجمال :...47/640

الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف:...4/425

الصلت بن المنذر :...60/841

صندل :...4/239

صیقل الجارية:..23/1104

« الضاد »

الضحاك بن مزاحم:..53/1133

ضريس:...47/831،103/780

ضريس الكناسی:...87/870

ضمرة بن سمرة :...8/586

ضوء بن على العجلی ،:...957

ص: 1223

« الطاء »

طالوت:...954،953

طاووس الیمانی:...99/776

طلحة:...28/725،1/591،21/564،22/483،39/199،21/187،51/836

طلحة بن عميرة:...49/207

طليق بن أبی سفيان بن امية:...19/1091

« الظاء »

ظريف أبي نصر الخادم:...3/458

ظريف بن ناصح:...90/770

« العين »

عائذ بن الأحمسی:...38/731

عائشة:...724،8/243،254/165،179/108،124/67،115/65 ،28

عاتكة بنت الديرانی:...17/700

العاص بن وائل السهمی:...914،109/63

عاصم:...879،170/104

عاصم بن أبی حمزة:...8/276

عاصم بن حميد:...79/862،62/847،156/94

عامر:...176/107

عامربن صعصعة:...14/503

عامر بن الطفيل:...886

العامر بن يعلى الفارسی:...10/696

ص: 1224

عباد ، أبو اسماعيل:...14/385

عباد بن سليمان ، عن أبيه:...16/807

عباد بن کثیر البصری:...1/272

عباد بن يعقوب الاسدی:...9/800

عبادة بن الصامت:...62/744

العباس :...405،4/273،252/162،173/106،106/61،64/47

11/1077،4/1068،4/1067،39/825،11

العباس بن عامر:...12/1078،58/840،22/813

العباس بن عبدالمطلب:...1/171

العباس بن معروف :...66/851،48/833

العباس بن الوليد:...43/639

عباية الاسدی :...32/820

عبدالاعلى بن حماد النرسی:...54/1139

عبدالحميد:...983

عبدالحميد بن أبی العلاء الازدی:...19/185

عبدالحمیدی الجرجانی:...30/630

عبدربه:...16/699

عبدالرحمن:...54/645،2/392

عبدالرحمن بن أبی نجران:...79/862

عبدالرحمن بن الحجاج:...15/716،20/621

عبدالرحمن بن سعيد:...2/578

عبدالرحمن بن عوف:...51/836

عبدالرحمن بن كثير:...33/820،4/795،102/778،91/770،62/743،2/593

عبدالرحمن بن محمد الشيزی:...14/468

عبد العزيز:...48/833

ص: 1225

عبدالعزيز بن على:85/765

عبدالعزیز بن يحيى الجلودی:...53/1133

عبدالعزيز القزاز:...38/636

عبدالعظیم الحسنی:...67/1171

عبدالغفار الجازی:...3/573

عبدالکریم بن حسان:...27/817

عبدالله :...4/1067،3/1066،12/358،173/106،106/62،62/47،1163،5/1070

عبدالله بن أبی أو فی:...46/39

عبدالله بن أبی الحمساء:...906

عبد الله بن أبی رافع:...21/186

عبدالله بن أبی سلول :...203/123

عبدالله بن أبی لیلی:...48/641

عبدالله بن امية:...154/93

عبدالله بن بريدة :...70/50

عبدالله بن بشار ، رضيع الحسين:...1167

عبدالله بن بشير:...898

عبدالله بن بكير :...67/852

عبدالله بن جبلة:40/827

عبدالله بن جعفر:22/328،17/325،3/238،41/201،256/166،23/331

عبدالله بن جعفر الابطح:2/309

عبدالله بن جعفر بن أبی طالب:10/802

عبدالله بن جعفر الحمیری:28/1112،27/1111،22/1099

عبدالله بن جعفر الصادق :896،41/733

عبدالله بن الحسن :85/765،25/721،36/635،2/375

ص: 1226

عبدالله بن الحسن بن الحسن:...26/722

عبد الله بن داهر:...53/838

عبدالله بن داهر بن يحيى الأحمری ، عن أبيه:...52/837

عبدالله بن رواحة الانصاری:...256/166،198/121،183/110،112/64

عبدالله بن الزبير:...11/268،122/67

عبد الله بن سليمان:...1/1063،3/347

عبدالله بن سوقة:...21/364

عبدالله بن طلحة:...36/823،17/283

عبدالله بن عامر بن سعد:...66/851،65/850

عبدالله بن عباس:...6/241،91/56

عبدالله بن عبدالرحمن البصری:...66/851

عبدالله بن عبدالمطلب:...214/129،129/70

عبدالله بن عتيك:...18/506

عبدالله بن عطاء:...4/584

عبدالله بن عطاء المكی:...4و3/594

عبدالله بن على:...19/620

عبدالله بن علي بن أبی طالب:...17/183

عبد الله بن على بن الحسين:...8/264

عبدالله بن عمر:...21/187

عبد الله بن فرقد:...50/834

عبدالله بن محمد:...49/833

عبدالله بن محمد بن جعفر القصبانی البغدادی ، أبو الحسين:...21/1095

عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن الرازی:...54/1139

عبدالله بن محمد بن عیسی:...87/870

عبدالله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه:...81/866

عبدالله بن محمد بن موسی بن کعب الصيدانی ، أبوسعيد:...54/1139

عبدالله بن محمد الدوانیقی ، أبو جعفر:...96/773

ص: 1227

عبدالله بن محمد ، عن أبيه:4/106،2/1064

11100 ... عبدالله بن محمد اليمانی:6/796

عبدالله بن مسعود:208/124،76/510

عبدالله بن مسکان:81/766

عبدالله بن مشکم:22/509

عبدالله بن معاوية الجعفری:10/599

عبد الله بن المغيرة :81/866،15/360

عبدالله بن النجاشی:47/735،26/722

عبد الله بن الوليد السمان:8/799

عبدالله بن يحيى الكاهلی:2/607

عبدالله بن يقطره عن أبی عقب الليثيی:10/550

عبدالله السوری:960

عبدالله الكناسی:1/571

عبدالمسیح بن عمر بن نفيلة الغسانی:25/511

عبدالمطلب بن هاشم:138/215/129،213/128،190،189/114،21،

4/1067،2/1064،231/143،230/142،225

10/1075،1074،6/1071،5/1069

عبدالملك:12/552،17/284

عبدالملك بن أعين:55/839

عبدالملك بن مروان:11/602،25/291،2/256،1/255

عبدالملك القمی:23/814

عبد مناف :10/1075

عبد مناة بن كنانة:20/1093

عبدالواحد بن زيد:5/543

عبدالواحد بن المختار:51/737

عبيد :76/231

عبيد بن عبدالرحمن الخثعمی:30/819

ص: 1228

عبيد بن عبدالله بن بشیر الخثعمی:27/817

عبیدالله:21/418،106/62

عبيدالله بن زياد:72/228

عبيدالله بن عمر:54/212

عتاب:158/98

عتبة :97/58،76/51

عتبة بن أبی لهب:29/521،93/56

عتبة بن الحارث بن شهاب ، صياد الفوارس:886

عتبة بن ربيعة:886

عتبة بن عبيدالله المسعودی ، أبو السائب ، قاضی القضاة ببغداد:14/469

عثمان:54/212،53/211.21/187،156/96،95،94،21/565،24/513،1/490،22/483،8/242،1162،1150

عثمان بن حنیف :88/55

عثمان بن سعيد ، أبو عمرو:27/1111

عثمان بن سعيد العمری ، أبو جعفر:28/1112،26/1109،25/1108

عثمان بن عفان:51/836،36/823،258/168

عثمان بن عفان السجزی:68/223

عثمان بن عیسی:35/821،32/820،17/809،12/714،41،637

عثيم :71/855

عزرة ، أخو عزبر النبی:25/297

عطا:83/53

عطية الابزاری:31/819

عقبة بن أبي معيط:188/114،76/51

عقیصا ، أبو سعيد:67/222

عقیل :106/61

عقيل ، غلام العسکری علیه السلام:23/1102

ص: 1229

عقیل بن ابی طالب:13/181

عكاشة بن محصن:911

عكرمة:158/97

عكرمة بن أبی جهل:252/162

العلاء بن سیابة:44/829،51/643

العلاء بن يحيى المكفوف:31/819

علان الكلینی = على بن محمد الرازی:16/698،3/458

علقمة بن عبدة الطيب:996

علی:6/595،17/362

على بن ابراهيم بن مهزیار:111/785

على بن ابراهيم بن هاشم:19/478

على بن ابراهيم ، عن أبيه:9/1074

على بن ابراهيم الفد کی:110/784

علی بن أبي حمزة البطائنی:5/312،1/307،9/305،3/296،8/175

12/319،11/318،10/317،7/314،1/649

33/632،16/324،13/321

40/827،42/825،15/805،81/761

64/850،49/833

على بن أبی سارة:12/1078

علی بن أحمد :2/1064

علی بن أحمد الكوفی المعروف بأبی القاسم الخديجی:961

على بن أحمد الميدانی ، أبو الحسن:60/216

على بن أسباط :14/384

على بن اسماعیل:47/831

على بن اسماعيل ، ابن أخ موسی بن جعفر:945،944

على بن جریر :4/376

علی بن جعفر :15/411

ص: 1230

على بن جعفر الحلبی:20/439

علی بن حسان:33/820،62/743

على بن الحسن بن سابور:23/441

على بن الحسن بن على بن محمد بن علی بن الحسين بن على بن أبی طالب:960

على بن الحسن بن الفرج الموذن:957

على بن الحسن بن فضال:89/872

على بن الحسن بن فضال ، عن أبيه:31/819

علی بن الحکم :47/831،44/829،43/828،17/808،4/795،84/867،70/855

على بن الحسين بن موسی بن بابویه:113/790

على بن الحسين بن يحيی:12/358

على بن الحسين الجوزی الحسینی ، أبو البرکات:1/1062،1/792

على بن خالد :10/381

على بن دراج:36/729

على بن رئاب:87/870

على بن زیادالصميری:8/463

على بن زید بن علی بن الحسين بن زید بن على:27/444،12/434،5/426

على بن زيد المعروف بابن رمش:17/438

علی بن سنان الموصلی ، أبو الحسن ، عن أبيه:24/1104

على بن سوید:18/325

على بن سیار:3/683

على بن عاصم:56/1144

على بن عبدالله:10/1064

علی بن علیّ بن عبدالصمد التميمی ، عن أبيه:1/1062

على بن محمد :18/810،8/676،10/465

علی بن محمد بن الحسن:26/444

علی بن محمد بن الزبير القرشی:17

ص: 1231

علی محمد بن زياد الصيمری:37/452،8/429

علی محمد بن سعد:6/796

على بن محمد بن عبدالصمد التميمی ، عن أبيه:1/792

على بن محمد بن متیل :38/1121،37/112،35/1119

على بن محمد الرازی = علان الكلينی:31/1116،20/704،19/703

علی بن محمد السمری ، أبو الحسن :46و45/1128،44/1127،25/1108

على بن محمد الشمشاطی:48/1130

على بن معمر ، عن ابیه :18/810

علی بن المغيرة :24/815

على بن مهزیار:22/1101

علی بن میثم ، عن أبيه:1/337

على بن ميسرة :96/773

على بن نصر بن سيار:51/835

على بن النعمان :47/831،28/724

على بن هارون المنجم ، أبو الحسن:66/221

علی بن يقطين :26/335،25/334،20/327،9/656،4/652

عمار:54/1143،1/592،207/124،126/68،102/60

عمار بن مروان:28/818،1/793

عمار بن یاسر:62/744،2/373،21/186،247/158،243/155

عمار الدهنی:1159

عمار الساباطی:23/332

عمار السجستانی:26/722

عمارة بن حزم :197/121،165/102

عمارة بن الوليد :219/133

عمران بن أبی شعبة الحلبی:15/805

ص: 1232

عمران بن حصين:80/52

عمران بن علی الحلبي :71/753

عمران بن محمد:15/670

عمران بن محمد الاشعری:9/667

عمر:29/193،24/189،21/187،8/175،257/167،249/159

22/481،5/297،8/243،77/232،54/212،53/211

1152،58/742،1/592،21/563،20/562،15/556،9/495

عمر بن أبی زیاد:31/819

عمر بن أبی شعبة:43/825

عمر بن أبی مسلم:33/447

عمر بن أحمد بن عمر:16/362

عمر بن أحمد بن محمّد بن عمر ، أبو حفص:60/216

عمر بن أذينة:39/825

عمر بن بزيع:9/656

عمر بن الحسين بن علی بن مالك الشيبانی:90/873

عمر بن الخطاب:52/837،51/836،15/806،67/750

عمر بن سعد :2/578

عمر بن سعد بن أبی وقاص:63/745

عمر بن شجرة الكندی :51/737

عمر بن عبدالعزيز :7/276

عمر بن عبدالعزيز بن مروان:4/584

عمر بن علی:25/815

عمر بن علی بن عمر بن يزيد:1/706

عمر بن يزيد:49/736،40/732

عمرو بن تميم:92/56

عمرو بن حریث:73/229،79/52،74/746،66/749،65/747،

عمرو بن الحمى الخزاعی:79/846،62/744،11/178،79/52

ص: 1233

عمرو بن شمر:56/840

عمرو بن العاص:2/236،257/167،219/133،192/116

عمرو بن عبدود العامری:954،59/215

عمرو بن عبید:51/835

عمرو بن عثمان:69/854

عمرو بن معاذ:70/50

عمرو بن معد يكرب:912،84/54

عمرو بن هذاب:6/341

عمیر بن وهب الجمحی:196/119

عمير الطائی:38/36

عنبسة :1150

عوف بن مروان:37/198

عوف السلمی:61/1155

عيثم بن أسلم:16/807

عیسی ( ابن أبي بصير ):37/636

عیسی بن سلام:51/835

عیسی بن صبيح:19/478

عیسی بن عبدالرحمن ، عن أبيه:20/286

عیسی بن عبدالله الهاشمی ، عن أبيه ، عن جده21/186،192/116

عیسی بن علی :56/647

عیسی بن مهران:28/657

عیسی بن نصر ، أبو عقيل:8/463

عیسی شلقان :5/653

عيسى المدائنی:9/316

عيسى النهر بری:18/184

عيينة بن حصين:195/118

ص: 1234

« الغين »

غانم بن سعيد الهندی ، أبو سعيد:21/1095،962

« الفاء »

فاطمة بنت أسد:57/741،8/242،1/171،225/138،150/91

فاطمة بنت علی بن ابی طالب :14/270

الفتح بن خاقان:8/676،21/417

فرات بن أحنف:18/810

فرعون :1050،1047،1022،1021،1019،936،914،912

فرعون يوسف:932

فضال بن الحسن بن فضال الكوفی:8/243

فضالة بن أيوب:74/860

الفضل :106/62

فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب ، أبو العباس:21/417

أعربية - الفضل بن العباس:90/56

الفضل بن يعقوب البغدادی:51/835

الفضل بن يونس:26/368

فضيل الاعور:77/861

فضیل بن سكرة:11/803

فضیل الرسان:79/862

فطر بن خليفة:50/642

فیروز الديلمی :111/64

« القاف »

قابيل:923،72/856،99/776

قارون:940،939

القاسم بن العلاء:14/467

القاسم بن المحسن:6/377

ص: 1235

القاسم بن محمد:42/825

القاسم بن يحيی:3/794

قتادة :235/148

قتادة بن النعمان:50/43،35/34

قنيبة بن الجهم :80/864

فثم :106/62

قس بن ساعدة الأيادی:12/1082

قنبر:17/559

قنواء بنت رشید الهجری:72/228

قیدار ( جد العرب ابن اسماعیل ):74

قیس بن حفص:53/1133

قیس بن زهير :992

قیس بن سعد الانصاری:62/744

قیس بن عرنة البجلی:168/103

فیصر:1049،1046،218/133،217/131،117/66

« الكاف »

کامل بن ابراهيم المدنی:4/458

کثیر بن أبی عمران :7/798

کثير النواء:6/710،5/297،6/275

کرام :36/823

کسری:1049،24/510،218/132،117/66،111/64،100/59

کسری بن قباد:79

کعب بن أسد :15/1082

کعب بن زهير:992،991

کعب بن مانع:222/136

کلثم بنت عمران ( أخت موسی بن عمران ):1/525

کلثوم بنت أحمد :17/701

ص: 1236

« اللام »

لیید:994

ليث:56/840

« الميم »

مارية:2/457

مالك بن الحارث الاشتر:،9/177،80/865،62/744

ماك بن عطية:70/855

مثنی الحناط :57و56/840،43/828

مجاهد :56/1144

المجتبى بن الداعی الحسنی:6/796

محمّد:17/362

محمّد الازدی:90/873

محمّد بن ابراهيم:32/1117،49/833

محمّد بن ابراهيم بن اسحاق:53/1133

محمّد بن ابراهيم بن الحارث التیمی:5/248

محمّد بن ابراهيم بن طباطبا:18/363

محمّد بن ابراهيم بن مهزیار:31/1116،7/462

محمّد بن ابراهيم الجعفری:2/372

محمّد بن ابراهيم الطالقانی :961

محمّد بن أبی بصير:37/736

محمّد بن أبی حازم:9/278

محمّد بن أبی حمزة:14/805

محمّد بن أبی زینب الاجدع ، أبو الخطاب:30/1114

محمّد بن أبی عبدالله الكوفی:965

محمّد بن أبی عمير:77/861،13/804

محمّد بن أحمد :48/833

ص: 1237

محمّد بن أحمد ، أبو جعفر:18/702

محمّد بن أحمد الانصاری ، أبو نعيم:4/458

محمّد بن أحمد بن الأقرع:31/446

محمّد بن أحمد بن يعقوب، أبو بكر:2/578

محمّد بن أحمد الداودی ، عن أبيه:11/1077

محمّد بن أحمد الشيبانی:965

محمّد بن أحمد القمی:14/697

محمّد بن اسحاق:1/236

محمّد بن أسلم:64/850

محمّد بن اسماعيل:2/1064

محمّد بن اسماعيل الانصاری:88/871

محمّد بن اسماعيل بن أحمد البرمکی ، أبو جعفر:52/837

محمّد بن اسماعیل بن بلال بن میمون :21/1095

محمّد بن اسماعيل البرمکی :964

محمّد بن اسماعيل المشهدی ، أبو البرکات:7/797

محمّد بن الاشعث:25/721

محمّد بن اورمة = ابن اورمة:15/386،11/383

محمّد بن أيوب:10/1074

محمّد بن جبرئيل الاهوازی:31/1116

محمّد بن جعفر:17/717،16/472

محمّد بن جعفر بن المظفر ، أبو عمرو:54/1139

محمّد بن جعفر الصادق :49/736

محمّد بن جعفر الفارسی الملقب بابن أفريسون:21/1095

محمّد بن جعفر القمی ، أبو العباس :24/1105

محمّد بن جعفر الكوفی:964

محمّد بن حسان :10/380

محمّد بن الحسن:1154،31/1116،48/833

ص: 1238

محمد بن الحسن ، صاحب أبی حنيفة:14/322

محمد بن الحسن بن الأشتر العلوی :7/675

محمد بن الحسن بن رزین :109/783

محمد بن الحسن بن شمون:54/739،53/738

محمد بن الحسن بن عبیدالله التميمی = أبوسوره:15/471،15/470

محمد بن الحسن بن الوليد:4/795،68/223

محمد بن الحسن الصفار = محمد بن الصفار:12/1078،2/793،792

محمد بن الحسن الصيرفی:44/1126

محمد بن الحسن الکرخی:957

محمد بن الحسن النيسابوری ، أبو جعفر:4/795

محمد بن الحسين :43/828،40/827،27/817،7/798،11/696،50/834

محمد بن الحسين بن أبی الخطاب:68/853 ،64/850،11/803،1/73،87/870،78/862

محمد بن حصين الكاتب :10/695

محمد بن حمزة :1/664،9/380

محمد بن حمويه بن اسماعيل الار بنوئی:39/825

محمد بن الحنفية :21/565،6/261،3/257،17/183،120/66

محمد بن خالد البرقی:37/823

محمد بن راشد ، عن جده:60/742

محمد بن ربيع الشیبانی:28/445

محمد بن زید الرزامی:86/766

محمد بن سعيد:4/691

محمد بن سعيد النيشابوری ، أبو عبدالله:8/352

محمد بن سليمان :6/300

محمد بن سنان :37/823،28/818،1/793،28/724،25/569،17/362

محمد بن سهل بن اليسع :10/668

ص: 1239

محمّد بن سهل القمی:10/668

محمّد بن شاذان:963،962،14/697

محمّد بن شاذان بن نعيم :47/1129،30/1114

محمّد بن صالح الارمنی :10/687،8/686

محمّد بن صالح بن علی بن محمد بن قنبر الكبير ، مولی الرضا ( علیه السلام ):960

محمّد بن عباد ، صاحب عبادان:68/223

محمّد بن الحميد :54/839،156/94

محمّد بن عبداارحمان:8/277

محمّد بن عبدالرحمان الهمدانی:3/339

محمّد بن عبدالعزيز البلخی :32/447

محمّد بن عبدالله:91/770،36/451،19/326

محمّد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن:90/770،36/451،19/326

محمّد بن عبدالله بن صبیح الجوهری ، أبو الحسن:54/1139

محمّد بن عبدالله بن عمر الخانی البزاز ، أبو سعيد:2/577

محمّد بن عبدالله الحائری:35/1120

محمّد بن عبيد الله الاشعری:39/732

محمّد بن عبدالملك الزيات:10/381

محمّد بن عثمان العمری:17/475

محمّد بن عثمان العمری ، أبو جعفر:34و33/1118،30/1113،25/1108،18/702

محمّد بن على:86/869،12/406

محمّد بن علی ، أبو سمينة :61845

محمّد بن على الاسود ، أبو جعفر:42/1124

محمّد بن على بن ابراهيم الهمدانی:19/438

محمّد بن على بن أحمد بن بزرج بن عبد الله بن منصور بن يونس بزرج ، أبو جعفر:

44/1126

محمّد بن على بن بشار القزوينی:964

محمّد بن على بن الحسين ، أبو جعفر:4/795

ص: 1240

محمّد بن علی بن الحسين بن موسی بن بابویه:113/790

محمّد بن على بن الحسين بن موسی بن بابویه ، أبو جعفر ، عن أبيه:7/798،6/796

محمّد بن على بن خشیش :89/872

المحمّد بن علی بن عبدالصمد:4/795

محمّد بن عبدالصمد التميمی ، عن أبيه:1/1062

محمّد على بن المحسن الحلبی ، أبو جعفر:2/793،17

محمّد بن علی بن محمد بن حاتم النوفلی ، أبو بكر:21/1095

محمّدبن على بن مهزيار الاهوازی:30/1114

محمّد بن علی الشلمغانی العزاقری:39/1122

محمّد بن على الهاشمی :9/379

محمّد بن علوية ، أبو جعفر:1/392

محمّد بن عمرو :8/798

محمّد بن عمرو بن عثمان بن الفضل العقيلی الفقيه ، أبو بكر:54/1138

محمّد بن عمير:2/793

محمّد بن عمیر بن واقد الرازی:5/377

محمّد بن عیسی:28/818،17/808،11/357،9/356

57و56/840،32/820،30/819

محمّد بن عيسى بن عبيد:85/868،75/860،73/859،8/798

محمّد بن الفرج:31/1116،21/419

محمّد بن الفرج الرخجی:9/679

محمّد بن الفضل الهاشمی:7/349،6/341

محمّد بن الفضيل :53/838

محمّد بن الفضيل الصيرفی:،16/387،6/663

محمّد بن القاسم الهاشمی ، أبو العيناء:29/445

محمّد بن محمد :21/1097

محمّد بن محمد بن خلف ، أبو الحسين:5/692

محمّد بن محمد بن عصام الكلينی:30/1113

ص: 1241

محمد بن محمد بن النعمان الحارثی ، أبو عبدالله = الشيخ المفيد :7/797،21/481

محمد بن محمد الخزاعی ، أبو جعفر:33/1118

محمد بن مروان :12/1078

محمد بن مسعدة ، أبو عبدالله:39/825

محمد بن مسعود :959

محمد بن مسلم :25/624،22/288،14/282،152/91،3/794،99/776،41/733

محمد بن مسلم بن الفضل:21/1095

محمد بن مسلمة:112/64

محمد بن المظفر بن نفیس المصری الفقيه ، أبو الفرج:11/1075

محمد بن موسی بن المتوكل :22/1099

محمد بن میمون :372

محمد بن النعمان :47/831

محمد بن النعمان صاحب الطاق:23/331

محمد بن هارون الهمدانی:16/472

محمد بن الوليد الكرمانی :17/338

محمد بن يحيى:43/639

محمد بن يحيى ، أبو عمرو:60/216

محمد بن يعقوب:10/465،10/380

محمد بن يعقوب الکلینی:30/1113

محمد بن يوسف الشاشی:10،9/695

محمد الديباج ( ابن جعفر الصادق ) ( علیه السلام ):59/742

مخرمة الكندی:56/647

مخزوم بن هانىء المخزومی:24/510

مخلد بن حمزة بن نصر:2/794

مرازم :35/729

المرتضی بن الداعی الحسنی:6/796

مرحب :61/217،249/160

ص: 1242

مرعبدا ( نصرانی متطبب ):3/422

مروان:25/.721،25/293

مروان بن الحكم:8/242

مریم:13/553،6/348،1051،1016،980،72/858

مریم بنت عمران:908،20/718،4/530،1/525

مسافر :17/388،29/371،24/366،18/363

مسرور الطباخ:12/697

مسمع بن عبدالملك کردین ، أبو سیار:80/760

المسيب :8/378

مسیلمة :121/66،19/،18/29

مصعب بن الزبير :17/184

المظفربن أحمد ، أبو الفرج:964

المظفر بن جعفر بن المظفر العلوی السمرقندی:959

معاذ :47/40

معاذ بن جبل:164/102

معاذ بن عفراء:71/50

معاوية :31/195،19/185،10/178،9/176،3/172،87/55

66/221،63/219،54/212،48/207،44/202،37/198

916،22/813،4/574،2/572،7/241،3/238،2/236

معاوية بن أبی سفيان:192/116

معاوية بن جرير الحضرمی:33/196

معاوية بن حكيم:26/817

معاوية بن عمار الدهنی:16/807

معاوية بن وهب :97/774

معتب ، مولى أبی عبدالله:73/859،59/742،12/319

ص: 1243

معروف:7/401

المعلی بن خنیس:57/647،25/624،7/611

المعلی بن محمد :13/319

المعلی بن محمد البصری:86/869

معمر بن خلاد :191/115

المغيرة بن أبی العاص:156/94

المغيرة بن ثور:24/624

المغيرة بن سعيد:42/733،6/710

المغيرة بن عمران:6/275

المفضل:13/715،6/693

المفضل بن صالح ، أبو جميلة:78/862

المفضل بن عمر:48/736،1/524،23/509،2/308،1/294،101/777،52/737

مفضل بن مزيد :39/637

المقداد :1/592،8/532،101/60

المقداد بن الاسود:60/841،51/836،15/540،9/534

مقدودة :9/534

مقرن:12/179

مكحول:61/217

المنخل بن جميل:1/793

مندل :3/246

المنذر بن محمد القابوسی:90/873

منصور بن يونس:77/861،2/793

منصور الصيقل:83/762

المنهال بن عمرو:1/577

منیع بن الحجاج:6/796

مهاجر بن عمار الخزاعی:55/646

ص: 1244

المهتدی بن الواثق:9/431

مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن ام غانم:7/428

مهزم الاسدی :33/728

مهین :156/96

موسی ، أخ الامام علی الهادی ( علیه السلام ):940

موسی بن عمر بن يزيد الصيقل:59/841

موسی بن عمران النخعی :965

موفق ، مولی الحسن:11/318

مؤنسة:4/311

ميثم التمار:79/864،73/229،46/203

میسر :11/714

میسرة ، غلام خديجة:32/196،226/140

مینا:37/198

« النون »

نافع:54/1138

نافع بن الازرق:23/289

نجمة ، ام الرضا:1/337

تحریر:15/437

نرجس:12/466،1/455

النزال بن سبرة:53/1133

نسطورا:18/1090

نسیم :1/456

نسیم ( خادم أبی محمد العسکری علیه السلام ):7/693،11/465

نصر بن صباح البلخی :9/695

سر نصر بن مزاحم :7/350

ص: 1245

نصر الخادم ، أبو حمزة:14/436،18/413

النضر بن جابر:4/426

النضر بن الحارث:914

النضر بن الحرث:188/114

النضر بن سويد:62/847

النضر بن فراوش:10/278

النعمان بن المنذر:24/511

نمرود :929

نوفل بن الحارث:106/61

نوفل بن قعنب:1/171

نوفل بن معاوية:20/1093

« الهاء »

هابیل :904،72/856،99/776

هاجر:930،929،131/73

هارون:1016

هارون بن خارجة:49/642،3/246

هارون بن رئاب :17/617

هارون بن عمران:76/232

هارون الرشید :25/334،19/326،15/323،13/322،78/234،945

944،9/656،26/368،25/367،8/352،26/336

هاشم بن عتبة بن أبی وقاص:62/744

هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة:213/128

هامان :16/1083،1051،1047

هانی المخزومی:24/510

هبة الله بن أبی الموصلی:3/396

ص: 1246

هرقل:169/104

هشام :71/855،16/716

هشام بن أحمر:48/736،6/653

هشام بن الحكم:10/688،17/325،23/331

هشام بن سالم :37/730،7/711،23/331

هشام بن عبدالملك:1167،12/552،25/291،10/267

هشام بن عمرو العامری:141/86

هشام العباسی:9/356

الهيثم بن جمیل:51/835

هیئمه:66/851

« الواو »

وائل بن حجر:103/60

وابصة بن معبد الاسدی:174/106

واضح :4/310

ورقة بن نوفل:221/135

الوليد بن صبيح:9/1074،40/637،19/619

الوليد بن عبادة بن الصامت:29/521

الولید بن عتبة :76/51

الوليد بن المغيرة:3/1066،991،914،109/63

وهب بن عبد مناف بن زهرة:214/129

« الياء »

ياسر الخادم:2/373

یحیی بن أبی عمران :18/717،12/669

يحيى بن أكثم:947

يحيى بن ام الطويل:19/810،1/245

ص: 1247

یحیی بن زکریا:4/398

یحیی بن زکریا الخزاعی:3/673

یحیی بن عبدالحميد الحمامی:60/841

سید یحیی بن محمد العريضی:963

یحیی بن المرزبان :21/440

یحیی بن هرثمة:2/393

یزدجرد :79

یزید:2/578،4/259

يزيد بن الاصيب:165/102

يزيد بن خليفة:156/94

یزید بن سليمان:6/300

يزيد بن شهاب:49/42

یزید بن عبدالملك:9/464

یزید بن معاوية :71/753

يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفری:61/845

يعقوب بن منقوش :958

يعقوب بن يزيد :77/861،4/795،2/793،1/307

يعقوب بن يوسف الضراب الغسانی:6/461

یعلی بن سیابة :55/44

يعلى النسابة :19/1091

يوحنا :77

يوحنا بن حنان ابن عم هود:72/858

يوسف بن أحمد الجعفری :13/466

يوسف بن السخت :7/666

يوسف بن عمران:73/229

يوسف بن محمد بن زياد:3/683

يوسف بن يعقوب:3/396

ص: 1248

یوشع بن نون ( وصی موسی علیه السلام ) :953،939،888،72/885،33،32/82

یو نس بن أرقم :53/1133

یونس بن ظبيان :106/781،52/737،4/297

یونس بن عبدالرحمن:24/624

« الکنی »

ابن آكلة الأكباد:1151

ابن أبی شمون :21/1096

ابن أبی الشوارب القاضی:23/1104

ابن أبی عمیر:9/1074،41/827،17/808،4/795،16/670

ابن أبی عون :39/1122

ابن ابی العوجاء:5/710،5/680

ابن أبی یعفور:46/830

ابن الأريقط :232/136

ابن الاصفر :2/572

ابن الاعرج :223/136

ابن اورمة ( ارومة ) - محمد بن اورمة:18/670،17/412،10/386

ابن بابويه ، أبو جعفر :963،961،960،95912/552.11/55

1099،21/1095،11/1075،10/1074،965،964،33/1118

31/1116،30/1113،24/1104،22/

1125،42/1124،41/1123،37/112،35/1119

1167،46،45/1128،44/1126،43/

ابن بابویه ، عن أبيه:47/1129

ابن جا بشیر:41/1123

ابن جبير :26/31

ابن الحجاج الشاعر البغدادی:8/243

ابن حديد :11/668

ابن الحكم:35/197

ص: 1249

ابن راعية الكلاب = ابن ملجم:14/181

ابن الراوندی:1037

ابن الزبير:13/269

ابن الزراری = أبو طاهر الزراری:15/471

ابن زكريا المتطبب :1036،1035،1034

ابن الزبات :13/407

ابن سمية:13/181

ابن سنان:23/814،15/805،16/670

ابن عباس:47/204،39/199،35/197،105/61،96/57،69/49،26/31

1082،6/1072،5/1069،4/1067،919،15/556،6/544

1147،1146،56/1144،15/

ابن عباس ، عن أبيه :17/1084

ابن عثمان بن سعيد العمری:26/1109

ابن عكاشة بن محصن الاسدی:20/286

ابن عمر:55/1138

ابن عوف:18/184

ابن الفرات:22/441،16/438

ابن فرقد :77/759

ابن فضال:16/670

ابن فضیل:63/848

ابن الكواء :58/215،10/177،153/92

ابن مسافر :94/773

ابن مسعود:7/545،219/133،76/51،26/31

ابن مسکان:47/831

ابن مطعم ، عن أبيه:26/31

ابن الملاح :50/642

ص: 1250

ابن ملاعب الاسنة:32/33

ابن ملجم = ابن راعية الكلاب:14/181،33/196،93/771،60/217

ابن نوح ( ع ) :30/1113

ابن هشام:18/476

أبو أحمد بن راشد:8/694

أبو أحمد بن عبدالله بن طاهر:8/430

أبو الأديان:1101

أبو أراكة :82/762

أبو اسامة :4/239

أبو اسحاق بن عياش:1038،1037

أبو اسحاق السبیعی :11/178

أبو اسماعيل :6/711

أبو اسماعيل السندی:5/340

أبو اسل:64/47

أبو امية الانصاری:2/593

أبو أيوب الانصاری:62/744

أبو أيوب الخوری:44/639

أبو البرکات :1/1062

أبو بصیر:276،5/274،4/273،8/264،28/192،25/190،158/97

9/305،23/289،15/283،7/

584،24/333،23/332،16/324/

11/600،7،6/695،5/594،3

636،35/634،33/632،3/609/

8/711،2/691،57/647،37

29/726،22/719،19/717

81/761،61/743،36/729

ص: 1251

921،3/794،103/780،92/771

830،40/827،37/823،35،34/

66/851،48/833،47/831،46/

82/867

أبوبکر:257/167،249/159،232/145،231/144،45/39

190،24/189،21/187،8/175/

56/213،53/211،29/192،25

22/481،5/297،8/243،58/215

591،21/563،14/554،9/548/

98/775،75/757،58/742،1

836،17/809،16/807،7،15/806/

21/1096،52/837،51

أبوبكر بن اسماعيل:3/376

أبو بكر بن عبدالله بن أبی الجهم ، عن أبيه ، عن جده:2/1064

أبو بكر بن مردویه :56/1144

أبو بكر الحضرمی :55،54/839

أبو بكر الفهنکی:30/444

أبو ثروان :92/56

أبو ثوبان الاسدی:60/841

أبو الجارود :17/183

أبو جعفر:21/704

أبو جعفر الاسود:36/1120

أبو جعفر البرمکی:60/840

أبو جعفر بن بابویه:53/1133،2/1064،1/1062،68/223

أبو جعفر بن بابويه ، عن أبيه:9/1074،79/862،1/793

أبو جعفر بن كميح :6/796

ص: 1252

أبو جعفر الخراسانی:22/328

أبو جعفر الطوسی:89/872،2/793،17/559،17

أبو جعفر العمری:38،36/1120،35/1119،14/467

أبو جعفر المروزی:51/1132

أبو جعفر المنصور:1157،85/765،36/635

أبو جميلة :54/839

أبو جهل :22/509،154/94،97/58،76/51،71/50،3،2/24

أبو حامد المراغی:47/1129

أبو الحسن بن أبي محمد الدعلیجی:21/480

أبو الحسن بن عبدالصمد التميمی:4/795

أبو الحسن بن عتيق ، عن أبيه:51/835

أبو الحسن بن عمرو :2/578

أبو الحسن بن معمرین خلاد:6/666

أبو الحسن المسترق الضرير:17/472

أبو الحسن الموسوی ، عن أبيه:109/783

أبو الحسين الاسدی :34/1118،10/696

أبو الحسين بن وجناء ، عن أبيه ، عن جده:960

أبو حمزة:71/855،19/717،18/285،70/225،

أبو حمزة الثمالی = ثابت :22/328،13/269،22/188،11/178،10/177،70/855

62/847،63/745،1/583

أبو حنيفة:8/243

أبو حواس:15/1083

أبو خالد الزبالی:8/315

أبو خالد الكابلی ، کنکر:12/268،7/262،6/261،3/257،1/245

57/840

ص: 1253

أبو خديجة:27/626

أبو الخطاب:76/860،5/653،5/297

أبو خيثمة التحیمی:22/188

أبو داود السبيعی:85/868،84/867

ابو الدرداء :112/64

أبو الدوانيق:56/647،48/641،27/626،18/619،55/446

25/721

أبو ذر الغفاری:9/316،172/106،171/105،161/99،113/65،9/534

7/531،15/503،1/490،20/440

51/836،1/592

أبو الربيع الشامی:58/840،2/794

أبو الرجاء المصری:16/699

أبو سعيد الخدری:127/68،104/61،38/36

أبو سعيد الخراسانی:1/690

أبو سفيان = صخر بن حرب:157،217/131،158/98،52/837،1/236،252/1622،45

210/126

أبو سلام:210/126

أبو سلمة السراج:52/737

أبو سليمان :24/443،18/439،17/438،17/412،14/384

15/698،13/669

أبو سیار الشيبانی:53/1133

أبوالصامت الحلاونی:10/306

أبو الصباح:44/829

أبو الصباح الكنانی:2/272،7،262

أبو الصخر :25/815

أبو الصلت الهروی:1170،898،8/352،1/307،6/299

أبو الصيرفی :35/197

ص: 1254

أبو طالب: 136،135/83،131/72،130/71،99/59،67/49،21

405،230/142،224/138،189/114،141،140/85/

1074،5/1070،2/1064،57/741،1/524،33/448،11

20/1094،18/1088،17/1084،12/1078،11/1077

أبو طاهر الزراری = ابن الزراری:15/471

أبو الطفيل :14/182

أبوظبية :20/186

أبو العباس:85/766

أبو العباس ، خال شبل ، کاتب ابراهيم بن محمد:20/415

أبو عبدالله :54/1139

أبوعبدالله البرقی:10/357

أبو عبدالله البلخی:960،100/777،20/718،5/297

أبو عبدالله بن أبي سلمة:14/468

أبو عبدالله بن الجنيد :20/704

أبو عبدالله بن سورة القمی:40/1122

أبوعبدالله الز بینی:39/825

أبو عبدالله الصفوانی:14/467

أبو عبدالله الغنوی :57/214

أبو عبيدة :1051

أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود:208/124

أبو عبيدة الحذاء :77/861

أبو عتاب :158/98

أبو عزة الشاعر:239/149

أبو علي بن أبی الحسين الاسدی ، عن أبيه:33/1118

أبو على بن راشد:24/720

أبو على بن عبد ربه:56/1144

أبو على بن همام :39/1122

ص: 1255

أبو على الجبائی :1037

أبو على الخراسانی:75/860

أبو علي الفهری:5/399

أبو عمارة :17/809

أبو عمارة المعروف بالطيار:43/638

أبو عيينة :9/597

أبو غالب الزراری:20/479

أبو القاسم بن أبی حلیس:،5،4،3/691،24/443،49/1131

ابو القاسم بن أبی القاسم البغدادی:9/403،8/401،6/400

أبو القاسم بن روح = أبو القاسم الروحی:113/790،20/479،14/467،41/1123

11/1077

أبو القاسم بن قولویه:10/380

أبو القاسم بن كميح:6/796

أبو القاسم الروحى - أبو القاسم بن روح:42/1124

أبو القاسم الکوفی:48/833

أبو القاسم الهروی:35/449

أبو قتادة :161/100

أبو قتادة بن ربعی الانصاری:18/505

أبو قطيعة بن داود :30/446

أبو كريز الخزاعی:232/144

أبو کهمس:32/728

أبو لهب :1053،914،7/611،231/143،153/92،93/57

أبو لؤلؤة :54/212

أبو محجن:195/118

أبو محمد البرقی:14/360

أبو محمد البصری:20/415

أبو محمد بن أبي محمد الدعلجی:21/48

ص: 1256

أبو محمد الصالحی:66/221

أبو محمد الطبری :18/314

أبو محمد الفحام :17/559

أبو محمد المصری:14/360

أبو مريم المدنی:26/625

أبو معبد :234/147

أبو المغر:66/851

أبو المفضل:90/272

أبو المفضل الشيبانی:90/873

أبو موسى النبال :34/633

أبو المويهب الراهب:20/1094

أبو نهيك الازدی:75/50

أبو هارون :957

أبو هارون المكفوف:7/596

أبو هاشم الجعفری :431،7/428،2/421،1/420،11،10/404،5/399

5-2/665،4/661،3/660،39/453،13/453،9/

683،1/682،6،5/674،3،2/673،1/672،688

10،9/687،8،6/686،5/685،4/684،2/

50/737،13،12/689،11

أبوهاشم الجعفری ، عن أبيه:75/231

أبو هريرة:95/57،87/55

أبو الهيثم :36/451

أبو الهيثم بن التيهان:21/186،49/42

أبو يعقوب :11/681

أبو يوسف ،: صاحب أبی حنفية:14/322

ام أبی جهل:141/86

ام أبی محمد عليه السلام:50/1131

ص: 1257

ام أحمد:29/371

ام أيمن :5/530،187/113

ام جمیل ، أخت أبی سفيان ، امرأة أبی لهب:98/775

ام الحسن :960،9/667

ام سلمة :12/179،179/108،150/90،126/68،65/48،41/37

60/843،10/535،7/253

ام سلیم:،7/429،73/50،21/507

ام الشريك :7/25

ام عمر :17/362

ام غانم :7/428

ام فرورة:9/548

ام الفضل:9/379،8/378،2/373،106/62

ام الفضل ، ابنة المأمون:947

ام كلثوم :11/178

ام کلثوم بنت أبی جعفر العمری:29/1113

ام کلثوم بنت أمير المؤمنین :39/825،

ام المتوكل :8/678

ام معبد :234/146،1/455

ام موسی:12/466،1/455

ام هانیء بنت أبی طالب:140/85

ام ورقة الانصارية :119/66

ص: 1258

« الالقاب »

الاخرس :3/651

الأخطل :1000

الازدی :110/784

الاسقف :217/131

الاشتر :34/196

الاشهب:62/1157

الاصهب:62/1157

الاعشی الكببر:993،991

الاعلم المصری:16/698

الأعمش :52/837

الباقطانی ، الوزير:10/465

البرمکی :53/838

البزنطی :66/1169،69/752،23/719

البطحائی :8/677

التميمی :11/696

الثمالی:1/706،2/172

الجاثليق:14/554،23/441،7/350

جاثليق النصاری :6/342

الجعدي ، نابغة بنی جعدة:1012

الحاجب :23/441

الجحال :23/814،15/805

الحلاج :1036

الحلبي :8/596

الحمانی:53/838

الحميراء = عائشة:934

ص: 1259

الحميری / الشاعر:66/1169،942،60/742،2/665

الخراسانی :1163

الخصیبی :111/786

الدجال :57/1148،1142،1138،53/1135،53/1133،1/1064

الدوانیقی:4/273

ذوالثدية :71/227

ذوالقرنین:1175،69/1174،930،45/830،216/131

ذو الكلاع:27/518

الرازی:101/778

رأس الجالوت:6/342

الراضى الخليفة:66/221

الرافعی :2/650

الرضي :16/558،15/556

الز بیری:31/727

السامری :1018

السفيانی:62/1157،61/1155،57/1148،46/1129،926،13/281

64/1161،1159

السکسکی:76/231

السياری :1/456

السيد:1002

الشعرانی:1025

صاحب الزنج:23/1104

صاحب اليمن:45/203

الصفار :26/817،25،24/815،23/814،22/813،15/805،4/795

35،34/821،33،32/820،31،30/819،29،28/818،27

49،48/833،44/829،43،42/828،41،40/827،37،36/823

50/834

ص: 1260

الطيالسی:42/638

الطيب :220/134

العاقب:220/134

العبدی:2/294

عزیز مصر:86/767

العمری:19/703

العنسی ( کذاب صنعاء ):121/66

العيزار :48/207

الفرزدق:1000،11/268،10/267

الفهفکی:5/685

الكابلی :962

الكميت :942،941

الكندی :4/575

المالكی:16/438

المأمون:660،1/658،9/379،8/378،2/373،25/367،8/353،947

900،898،897،86/766،13/669،4/661،2/

المبارك :4/425

المتوكل :404،9/403،8/401،6/400،3/397،2/393،1/392،675

21/418،20/415،17/412،15/411،11/،10/

941،940،10/680،8/676،7

المحمودی:15/698،18/439

المختار:26/1109،36/730

المرتضی:1041،982،981

المستعین:11/432

المطرفی:7/378

المعتز :36،451،21/417

ص: 1261

المعتصم:17/670

المعتضد :5/460

المعتمد بن المتوكل:23/1103،23/441،9/431

المفيد - محمد بن محمد بن النعمان:1041،981،902،38/824،14/467

ملك الروم :9/656،260/169

ملك الموت:74/860،73/859

المنصور:84/763،73/859

المنصور الخليفة:22/328

المنصوری ، عن عم أبيه:17/559

المهدی:8/655

المهدی الخليفة:8/315

الموبذان :24/510

المیثمی :26/1109،9/613

النابغة الجعدی:77/51

النجاشی :219/133

النفس الزكية:1162،64/1161

الهرمزان ( مولی علی بن ابی طالب ( علیه السلام ) ):54/212

الواثق :4/674،13/497

الوشاء = الحسن بن علی:27/369،24/366،20/364،19/363،18/363

اليمانی :1163

ص: 1262

« المبهمات »

اخت عبد الله بن رواحة الانصاری :183/110

اخت محمد بن سنان :17/362

اخت موسی :1051

أخو عمران بن محمد:15/670

امرأة عبدالله بن مسلم:180/108

امرأة عبد الله بن مشکم:22/509

امرأة سليمة :13/319

امرأة محمد بن عبدل الابی:38/1121

بعض أصحابنا:13/319

بعض الكوفيين:36/198

بعض من حدثه:1/706

بنت يزدجرد بن شهریار:67/750

جماعة :79/862،60/840،52/837،51/835،15/471

53/1133 ،9/1074

جماعة من أهل اصفهان:1/392

راهب دير العاقول:3/423

رجل جمحی :1/682

رجل متهجد :40/1122

رجل من أصحابه:32/820

رجل من آل مروان:10/599

رجل من أهل أسداباد:11/696

رجل من أهل افریقیا:7/596

رجل من أهل جسر بابل:69/752

رجل من أهل خراسان :28/627،5/610

رجل من أهل فارس :957

رجل من أهل اليمن :105/781

ص: 1263

رجل من بقية عاد:932

رجل من بني هاشم:6/654

رجل من الزيدية :12/669

رجل من كندة :27/626

رجل من مراد :35/197

رجل من مزينة:14/181

رجل من موالی أبی الحسن عليه السلام:49/833

رجل من موالی أبی محمد العسكری عليها السلام:55/740

رجل من همدان :938

رجل من ولد الحسن:91/770

رجل من ولد الزبير :1/571

سیاف بنی العباس:27/626

شاب من بنی عامر بن صعصعة:74/756

صاحب البريد :17/412

عمن حدثه :10/802

فتی من ولد الحسين:91/770

کاهنة قريش :2/1065

مولى أبی أيوب الانصاری:11/318

مولی لرسول الله:187/113

ص: 1264

5- فهرس الکتب الواردۀ فی المتن

القرآن الكريم : 18 ، 23/30، ١٦2/100، ١٩٦/١٢٠، ٧/١٧٤ ٣٠/١٩٥٠،، ٢٥ ، ٥/٥٩٤،٧/٣٥٠/22 ، 17/20٤٠/٢٠١، ٤

،١٠/٦١٣، ٢٤/٦٢٤ ، ٦/٦٨٦ ، ٥/٧١٠، ٧٤/٧٥٥،٩٤2 ، 909 ، 906 ،892،890 ،888 ،882 ،878 ،107،1028 ، 1027 ، 1020 ، 1019 ، 1017 – 972 ٠١/١٠٦٤،١٠٥7 ، 10٥٦ ،1054 ، 1051٣٨/٨٢٤٨٩٥0791

الارشاد للشيخ المفيد :38/824.

ألواح موسى :895.

ام المعجزات : 791.

الانجيل :،١٣/٥٣ ، 7/5350 ، 7/3٢٥، ٢٦/٣٤٤، ٤٩/292 ،77 ،6 .0792.792

بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله الاشعرى : 792.

بصائر الدرجات الصفار :792.

التوراة :

/125 ، 191/115 ، 188/11٤ ، 79 ،77 ، 75 ، ٧٤،٧٣ ٧/٣٥٠،٦/٣٤٤٠٢٢٥/٢٢٩٢٠٦/٢٢٢٤ ، 29/2193 ، 208

،1046 ، 1015 ، 1013 ، 1005،89٤ ،885 ، 1٤/٥٥٤

الجامعة :894.

الجعفر : الجعفر الأبيض :897.

الجعفر الاحمر :894.

الخرائج والجرائح :1176.

ص: 1265

خصائص الائمة للرضی:15/556

الزبور:21/1096،1006،894،885،7/350،6/345،25/292،76

الزمرد على من يحتج بصحة النبوات:1037

الصحف التی فيها عبادة علی بن أبی طالب:891

صحيفة آدم :922

العلامات النبی والأئمة:791

العين للخليل :979

الفرق بين الحيل والمعجزات:791

القبيط :82/762

الكتاب :1040،6/301

كتاب الله:1012،74/755،9/548،2/237،21/187،222/136

کتاب حزقیل:074

کتاب حقوق :074

کتاب دانیال :27/518

کتاب شعیا النبی:78،76،75

کتاب شمعون الصفا:17/1087

الكتاب المكنون :6/1072،215/129

کتاب موسی :75

کتاب الاكاسرة:1057

كتب الله المتقدمة:211/126

مزامير داود :11/603

المصاحف:23/719

المصحف :23/719

مصحف فاطمة:894

الموازاة بين المعجزات:791

النبوة لابن بابویه :1167،12/552

النقض على ابن الراوندی:1037

نوادر المعجزات:791

ص: 1266

6 - فهرس الفرق والقبائل والطوائف

آل الرسول:1147،1146

آل محمد:1/659،11/604،1/589،7،6/531،28/520،17

919،910،77/861،1/793،9/687

941،939،936،935،925،923،55/1144

1018،953،948،947

1176،1154

آل أبی طالب:33/448

آل أبی محمد الحسن بن على الاخير ( علیه السلام ) :22/1099

آل أبی سفيان :1145/2/256

آل حرب:1145

آل داود:76،75/860،14/409،24/291

آل ذريح:29/522

آل عامر بن صعصعة:14/503

آل عباس:1160

آل مروان 10/599

آل النجار :29/523

الاتراك :14/436،9/431،19/414

أحبار اليهود:1059

ص: 1267

اخوان الترك:62/1157

اخوة يوسف :30/1113

أرباب الغنم :10/496

الاشرار :53/1134

أصحاب الأحقاف:8/655

أصحاب الأعراف :10/177

أصحاب البراذين الشهب:1151

أصحاب الحديث باصبهان:54/1138

أصحاب الحسين :8،7/254

أصحاب الرايات الصفر:1151

أصحاب رسول الله ( ص ):18/505،12/279

أصحاب سيف بن ذی يزن:111/64

أصحاب الطيالسة الخضر:53/1136

أصحاب عیسی :18/1088،240/150

أصحاب الفصاحة:1009

أصحاب الكهف :942،51/836،53/211،23/189

أصحاب الماضی:22/330

أصحاب المهدی :8/315

الاعاجم:988

الاعراب:1142،8/175

الأمامية :2/309

الأمراء:53/1133

امة محمد ( ص ):878،18/505

الانباط :7/351

الانبياء :1022،1019،8/711،7/351،6/302،3/1067،1061

1057،1051،1025

ص: 1268

الانصار:29/193،8/175،249/160،241/152،56/45

24/569،9/548،26/515،10/496،49/208

1048،1008،1/583

أهل آبة:38/1121

أهل الأرض:4/585،2/572،20/287،7/276،245/157

66/1168،30/1115،1022

أهل أسد آباد:11/696

أهل الاسلام :1054،880

أهل اصفهان :7/545،1/392

أهل أفريقيا :7/596

أهل الانجيل:7/350

أهل بدر :1166،1156،106/782

أهل برقة:21/364

أهل البصرة:7/349

أهل البغی :1146

أهل بلخ :47/1129

أهل البيت:4/240،3/239،19/186،10/178،114/65،65/48

6/343،6/301،13/281،12/279،2/256،7/241

3/609،12/604،9/598،15/557،7/545،17/413

892،63/849،1/658،28/627،15/616،4/610

1154،30/1114،936،900،899

أهل بيت الحسن عليه السلام:7/241

أهل بيت الرحمة :4/260

اهل بیت اللعنة :11/318،4/260

أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله:25/721

أهل بيت النبوة :25/721،23/290

أهل التوراة :7/350

ص: 1269

أهل الجاهلية:14/1082

أهل الجبال :15/557

أهل الجبل:1/606،38/452

أهل جسر بابل:69/752

أهل الجنة:25/292،2/237،51/209،187/113

أهل الحرم:20/1094،209/125

أهل خراسان:28/627،4/610،6/595،7/351،22/328

70/753،25/721

أهل الخلاص:1008

أهل دينور:17/699

أهل الروم :7/351

أهل الرى :12/669،10/317

أهل الزبور :231/128

أهل سجستان:68/223

أهل سر من رأى:5/399

أهل السماء :30/1115،7/276،12/268،245/157،66/1168

أهل السماوات:4/585

أهل السواد :19/703

أهل السيب :21/440

أهل الشام :11/603،9/597،7/262،2/238،40/200،192/1160

أهل الشرك:7/686

أهل شیراز :13/1078

أهل العين :6/313

أهل الطائف:195/118

أهل العراق :22/1099،58/742،15/361

أهل العمل بشرائع النبی ( صلی الله علیه وآله ):1059

ص: 1270

أهل فارس:79،957

أهل فداء :187/112

اهل القرآن:7/350،40/201

أهل قلعة خيبر:253/165

أهل قم :21/1098،53/738

أهل الكتاب:6/654،22/483،19/286،76،131،130/72

1046،1026،1005،980

أهل الكتابين:881

أهل كفرتوثا :3/396

أهل الكفر والضلال:1084

أهل الكوفة :4/576،13/320،70/225،17/184،4/173،761

73/755،27/723،6/711،1159،38/824،80

أهل المدائن:8/694

هل المدينة :12/279،241/153،234/147،202/123،21/29

23/289،14/282

أهل المشرق:4/1068

أهل مصر:16/699

أهل المعروف:12/689

أهل المغرب :4/1068،6/654،1/307

أهل مكة :7/686،1/171،252/162،189/114،130/71

أهل النار 946،5/298،29/194،5/173

أهل نجران:39/826

أهل اليمامة:19/29

أهل اليمن:105/781،6/492

الأوس:9/1074

الأوصياء:1051،1029،1025،1022،1019،102/779،7/351

ص: 1271

أولاد الانبياء:6/302

أولاد الزنا:53/1136

أولاد عبدة الأصنام والنار:34/1119

اولوالعزم:6/796

البدريون :50/208

البراهمة :1006،1138،17

البرسيون :10/465

بقية ثمود :74/230

بنو أحمد :2/581

بنو أسباط :35/449

بنو أسد :78/235

بنو اسرائیل :26/823،6/304،64/220،256/166،75،74،129/70

17،1087،1016،1012،955،939،937،936،881

بنو اسماعيل75

بنوامية:237،78/234،73/230،73/229،72/228،255/166،284،4/274،4/260

8/242،2/،9/597،4/574،11/318،17/

936،70/855

بنو خفاجة:65/221

بنو راشد :938

بنوزهرة :213/128

بنو سالم :10/496

بنو سعد بن بكر:82،81

بنو سلیم :16/504،156/95،43/38

أهل الشام:22/719

بنو عامر :23/189،124/67

بنو عامر بن صعصعة:74/756

ص: 1272

بنو العباس:60/1153،947،942،941،940،939،936،85/766،64/1161،1156

بنو عبدشمس:19/1092

بنو عبدالمطلب:221/136،153/92

بنو عنزة :23/189

بنوالفرات :10/465

بنو فلان:1164،1163

بنو فزارة :171/105

بنو قريظة:245/156

بنو قنطورا:128/69

بنو قیدار :75،74

بنو ليث :1167،10/550

بنو مخزوم:4/1068،5/173

بنو مروان :936،36/823،25/721،22/566

بنو النجار :5/1070،29/523

بنو هاشم 256،8/242،1/171،231/143،230/142،141،140/85/

15/806،93/771،75/757،6/654،1/525،23/289،2

20/1094،19/1092،963،39/826،17/809،16/808،1162

بنو هلال:20/479

التابعون :892

الترك :1154/21/1096،1008،79

تميم :19/479،127/68

ثقيف:26/515

ثمود:1013

التنوية:1006،28/445

جماعة الفصحاء:1008

ص: 1273

جمهور الفصحاء :1008

الجن:1004

جهينة:37/36

حبشان المدينة:3/247

الحبشيون :5/312

حزب الله:39/200

الحرورية :74/756،37/731

الحشوية :2/394

الحقية :4/459

حماة اليهود:249/160

حواری عیسی:67/222

الحواريون :1143،17/1087

الخرمية :882،877

الخزرج :9/1074،2/580

خلفاء بنی العباس:25/1108

خندف :2/581،80

الخوارج:86/766،74/755،58/741

الدهرية :1044،5/710

الديلم:1/590

ذريح :10/496

ذرية الحسين عليه السلام:1062

ذرية رسول الله صلی الله علیه و آله:5/274

الراسخون في العلم:1007

الرافضة :2/395،1/392،28/371

ربيعة :39/200

الرهبان:23/441

رهبان النصاری:1059

ص: 1274

الروم:1008،947،9/656،14/436،22/188

62/1157،1154

الزط:47/204،23/189

الزيدية:26/722،12/669،15/472،15/470،21/364

السحرة:22/509

سحرة فرعون:1022،1021

الشراة :2/394

الشيعة :21/480،34/448،9/403،7/349،3/310،77/232

81/762،43/734،3/684،37/636،1/589،6/545

24/1105،23/1102.939،936،35/822،28/818،2/794

66/1168

شيعة على علیه السلام:68/223

الصابئيون:1059

الصالحون :16/699

الصحابة :1035،892،56/740،29/523،195/119

صحابة أمير المؤمنین علیه السلام:53/210،47/205،23،195

الصقالبة :14/436

الطالبيون:2/337،65/221

الطواغیت:30/1115

عاد :1013،932

عباد الأوثان:1059

العباسيون :65/221

عبد القيس:174/107،20/29

عبدمناف:112/128

عبس :51/209

عنترة اسماعیل بن ابراهيم:17/1087

العجم :18/1089،2/1065،998،990،7/351،241/152

ص: 1275

7 - فهرس الأماكن والبقاع

آذربیجان:15/556

الابطح :34/821

الابواء:5/1070،48/833،85/765

أبيات الهجريين:2/172

أحد :2/580

أران:14/467

أرض بلخ:44/1126

أرض تهامة:17/1087

أرض الروم :22/188

أرض الشام :1049

أرض العرب :218/132

أرض عیسی :13/553

أرض کرب و بلاء:1146

الأرض المقدسة :937

أرض النجاشی :219/133

أرمينيا:24/624

أزقة الكوفة:6/174

أسدآباد :938

اصبهان :1138

ص: 1276

ص: 1277

قوم فرعون:1019

قوم مسيلمة:18/29

قوم موسی:104/780

فیس:65/1165

الكافرون:1151،889

الكفار:1053،1051،1045

كفار الجن:47/204

کفار قریش:57/741

كندة :65/1165،60/842،27/626،4/574

الكهنة:22/509

المارقون:201/123

متبعو النصارى واليهود:1059

المتصوفة:1035

المجانين :1055،1010

المجوس:20/186

المحققون:1054

مخالفو الاسلام:1138

المخالفون :1143،1056

المخا لفون فی القرآن:1010

المخالفون من أصحاب الحديث:1138

مراد :66/749،14/181

المسلمون:241/152،235/147،187/113،186/112،79

165،252/162،249/160،246/158،245/156

55،54/212،47/202،259/169،257/168،253

931،883،882،880،67/750،9/548،74/231

1056،1045،1040،1031،989،981،930،1138،1061،1059،1057

ص: 1278

مشايخ آل أبی طالب :11/450

المشرکون :235/148،203،202/123،196،119،192/116

889،257/167،256/166،245/156،238/149،1051،915،912،910

مشيخة المخالفين:56/1144

مضر :39/200،191/116،80،130/71،100/59

المعتزلة:982

المغيرية:6/275

المفوضة:4/458

الملائكة :1007،2/581

الملاحدة :1006

الملحدة :1044

المنافقون:187/113،162/100،148/90

17/504،70/226،56/213

المنجمون:1158

المنكرة للبعث:1006

المهاجرون :249/160،8/175،241/152،235/147،1008،29/193

موالي المدينة:3/247

موحدة البراهمة:1044

المؤمنون :1013،1011،6/693،5/250،1/246،47/202،1151،1045

النا كثون :201/123

النصاب :33/448

النصاری :18/505،23/441،7/351،56/213،217/132،76،1138

1047،998،881،18/703،2/578،14/554

النوب:1/590

ص: 1279

همدان:21/812

هوازن:194/117

الواقفة :17/670،5/662

الواقفية :186/111

الوزراء :53/1133

الوقاتون:30/1114،11/179

ولد آدم :6/345

قولد أبی سفيان:1150

ولد أبی طالب:1157

ولد اسماعيل:221/136،81

ولد الحسن عليه السلام:91/770

ولد الحسين عليه السلام:1146

ولد رسول الله صلى الله عليه و آله:86/767

ولد الزبير :1/571

ولد العباس:11/405،4/273

ولد عتبة بن أبی سفيان:61/1155

ولد فاطمة عليها السلام :1146،13/281

ولد هارون:909

اليهود :186/111،165/102،81،80،130/72،33/34

214/129،208/125،191/115،188/114

249/159،240/150،224/138،215/130

7/351،6/347،61/217،20/186،256/166

6/1072،1047،1029،1014،998،949،881

1142،1138،18/1090،15/1083،7/1073

1142،1138،18/1090،15/1083،7/1073

يهود خيبر:253/164

يهود النضير:31/33

ص: 1280

ص: 1281

اصفهان:1144

أطراف الشام:224/138

الانبار :4/574

أنطاكية:13/1080

الاهواز :40/1122،22/1099،111/786،4/661،28/445،26/444

ایذج :4/661

ایوان کسری:24/510

بئر زمزم :908،7/314

بئر عبادان:916

بئر غرس :43/829،41/827،12/804،11/803،10/802،9/801

بئر الملك :21/187

باب أبی جعفر عليه السلام:2/272

باب أبی الحسن الرضا عليه السلام:2/394

باب أحمد بن الخضيب :28/445

باب بختيشوع :3/424

باب الحائر :15/471

باب الحصن:249/159

باب الفيل :23/189

باب الكعبة :926

باب الكهف:24/190

باب المتوكل:3/397،1/392

باب مروان :25/293

باب المسجد:51/209

باب مكة :228/141

باب موسی علیه السلام:23/332

بابل:69/224،78،76

بحيرة ساوة:24/510

ص: 1282

بخاری :41/1123

بدر :2/580

براثا :13/553

بستان بنی عامر:960

بصری :17/1085،209/125،130/71

البصرة :6/348،6/341،8/304،68/223،39/199،128/69

23/1104،973،34/448،26/444،7/349

البطحاء:10/267،214/129،210/126،27/31

بطن مر:12/715،16/388

بطن مكة:29/522

بغداد :14/470،35/451،11/383،25/367،65/221،128/69

635،20/479،18/476،17/475

9/679،1/672،44/639،36/

945،921،18/702،17/700

1108،24/1107،21/1097،973

45/1128،25

البقیع:9/598،16/559،8/243،8/242

بقعة بيت المقدس:1146

بقعة الحرمين:1146

بلاد الترك :5/675

بلاد الروم:51/836

بلاد الشام:22/566

بلد الخوارج:68/223

بلخ:21/1096،27/369

بناء الكعبة:14/1082،4/1068

البيت:741،44/734،18/476،18/475،10/381،18/285/

10/1075،949،57

ص: 1283

بیت ابراهیم:221/135

بيت أسماء بنت عمیس:21/565

بيت الاوثان:1035

بيت جعفر :198/121

البيت الحرام:26/516،10/267،3/258،1/255،145/88،81،2/24

البيت العتيق:18/1089

بیت الله الحرام:888،32/632،5/543،1/171،189/114

بيت مريم:13/553

بیت المقدس:917،915،228/141،142/87،140/85،138/84

53/1134،1013،929

التبت :27/369

تبوك:260/169،197/121

تکریت:61/1155

تهامة :8/612،159/98

الجابية:62/1156

جامع المدينة:90/873

الجانب الغربی:9/679

جانب الغربين:78/234

جبال تهامة :72/856

جبال رضوی:6/585

جبال الطائف :111/786

جبال عر فات :111/786

جبال مكة :915

جبال منی :111/786

الجبانة :56/213،9/464

الجبل :62/743،9/464

جبل أبي قبيس:229/142

ص: 1284

جبل احد:915

جبل الاهواز:19/186

جبل تهامة:2/578

جبل حراء :34/34

جبل الخندق:15/471

جبل فاران:75،74

الجحفة :910،8/304،66/49

جرجان:6/595،4/425

جزيرة:62/1157،61/1155،4/575،6/252

جزيرة العرب:57/1148

الجعرانة:159/98

الجنة:208/125،145/88،136/83،116/66،77/51،35/36

177،2/172،1/171،256/167/

72/228،67/223،64/220،10

277،5/275،74/231،73/229/

536،1/525،8/494،4/458،8

5/544،14/539،12/537،10/

693،12/689،34/634،14/555

22/719،10/714،8/712،6

821،74/756،54/740،36/730،849،62/848،40/827،35،34

891،890،80/865،79/864،63/

1146،1026،950،922،904

الحائر:40/1123

حائط بنو النجار:5/240

حبس المهتدی بن الواثق:9/431

ص: 1285

الحبشة:6/1071،5/312،215/129،190/114،110/64

الحجاز :13/1080،921،885

الحجر :31/819،5/585،18/475،17/284،27/191،229/141

2/1065،36/823

الحجر الأسود:926،18/285،11/268،3/258،3/257،142/87

الحديبية:885،204،203/123،182/109،98/58

حرستا :1151

الحرم :7/667،10/267،3/258،3/257،142/87

حرم الحسين:919

الحرمین :66/1169

الحرة :38/36

حروراء:71/227

حصن خيبر الاعلى:253/164

حصن الطائف:195/118

حصن المسناة:15/471

حضرموت:39/193

حلوان:22/483

الحمراء:31/727

حنين :194/117

الحوانیت:16/472

حوض النبی صلى الله علیه و آله:68/223

الحير :5/692

الحيرة :1161،64/746،49/642،47/640،36/635

حی سراقة بن مالك بن جعشم:232/145

خراسان:627،17/390،1/372،19/363،6/348،2/337،22/328،88/768،

27/723،6/666،1/658،54/645،28

ص: 1286

1158،1138،21/1098،921،916،915،26/817،101/777،65/1165

الخزائن:17/475

خزانة آدم:216/131

الخزر:24/624

الخندق:245/157،241/152،183/110

الخورنق:64/746،70/225

خیبر :29/194،253/164،250/161،249/159،84/540،49/42

2/599،2/542

خيمة أبو سفيان:245/157

خيمة ام معبد:234/146

دار أبی ذر :9/316

دار أبی محمد عليه السلام:17/700

دار أحمد بن اسحاق :24/481

دار أسماء بنت عمیس:1/592

دار جعفر بن محمد عليهما السلام:962

دار حفص بن عمير :7/349

دار رسول الله صلى الله عليه و آله:7/303

دار الرضا عليه السلام :6/461

دار السلام :9/533

دار السلطان:17/475

دار الشيخ أبی القاسم بن روح:20/479

دار الصیدبین:25/816

دار الضيافة :6/1072،928

دار الظالمين:68/1172

دار العامة :32/447،30/446،28/445،5/426

دار عبدالله بن مسعود:1163

ص: 1287

دار المتوكل:9،8/403،5/399

دار المسيب :8/378

دار میمون :20286

دار الهجرة ، الكوفة:27/192

دجلة :43/1125،24/1105،24/510،128/69

دجيل :128/69

دمشق :62/1156،916،2/580،1/577

الدنيا:8/175

دومة الجندل:163/101

ديار ربيعة :3/396

الدير :25/292

دير العاقول:3/424

الدينور :15/698

ذي قار :39/200

الربذة :56/647،48/641،22/288،113/65

الرحبة :12/697،2/572

رصافة عبد الملك:12/552

الرقة:27/363

الركن:1159،2/237

الركن الغربی:7/494

الركن اليمانی:31/819،5/543

الرملة :62/1157،9/598

الرمة :20/327

الرميلة:86/869

الروحاء:57/45

روضة خاخ:101/60

الری :1144،101/777،15/698،2/582،3/422

ص: 1288

زبالة:16/324،8/315،9/265

زمزم:930،39/826،46/639،9/613

الزوراء:13/552

ساحل عدن:24/190

ساعير :74

سامرة :40/453،21/417

سامراء:17/700،5/460

سجستان:79

سدرة المنتهی:917،4/24

سرخس :44/1127

السرداب :943،942

سر من رأى:3/424،19/414،17/412،3/397

26/444،23/441،11/432،4

20/480،30/446،28/445

9/679،3/673،1/672،22/481،

936،109/783،78/759،5/692

24/1105،23/1101،957،942

49/1131

سمرقند:61/1155

السند :23/622،5/340،6/300

سوق بصری:20/1094،19/1091

سور حلب :916

سوق الليل :6/461

سيالة :8/667

سيناء :74

شارع أبی قطيعة بن داود:30/446

شارع الغنم :32/447

ص: 1289

الصورة

ص: 1290

الصورة

ص: 1291

العقبة:21/1098،17/504،6/492،22/483،252/162

عقبة ذی فيق:162/100

عقبة همدان :24/1108

عمان:885

عمورا:63/848

عین التمر:19/186

عين راحوما:80/865

الغابة :171/105

غار أصحاب الكهف:942،917

الغدير:16/807

الغری :15/471،78/234،23/189

فارس:24/510،5/491،35/451،33/448،241/152،79

فج الروحاء:68/853

فدك :187/113،112

الفرات:75/231،74/230،4/173

62/743،15/471،14/282،76/232

1164،38/824،36/823،33/820

الفردوس الاعلى:14/555،7/303

فلسطین :129/70

فناء الكعبة:14/1082

القادسية :23/719،73/229،79

قبا:240/150

قبر الحسين عليه السلام:90/873،89/872،15/470،10/468

قبر الرسول صلى الله عليه و آله:21/563،25/293،8/242

قبر العبادی :83/762

قبر فاطمة بنت أسد:8/242

ص: 1292

قبر النبی صلى الله عليه و آله:37/731

القبلة :24/190

قبة العسكریين:40/454

قبور الخلفاء من بنی العباس:40/453

قرية ابراهيم :216/130

قزوین :57/1148

قشمیر :2/1096

قصور بصری:129/70

قصورالشامات:18/1090،4/1068

قصور العراق :241/152

قصور اليمن :241/152

قطر بل :128/69

قعرا لفرات:38/824

قلعة خيبر :253/164

قم:24/1104،23/1103،21/1098

52/1132.29/1113

قنطرة النهروان:71/226

کابل :21/1096،963،962

کربلاء:1144،1143،919،67/222،16/183

الكعبة :27،26/191،230/142،158/97،142/87،141/86

76/51،788،55/646،1/294،11/267

کناسة:27/191

الكنيسة العظمی:19/1091

الكوثر :1/525

ص: 1293

الصورة

ص: 1294

الصورة

ص: 1295

المسجد:212،50/208،41/201،29/193،27/191،24/190،56/313،54

المسجد الاقصی:1167،4/24

المسجد الحرام :60/216،158/97،113/65

مسجد دمشق :61/1155

مسجد رسول الله ( صلی الله علیه وآله وسلم):410،12/279

،4/273،255/164،126/68

99/776،25/721،7/545،14

مسجد الرضا عليه السلام:2/337

مسجد الفتح :245/156

مسجد قبا :17/809،16/807

مسجد الكوفة:1163،79/863،63/849،65/747،1/706،10/381

مسجد النبی صلی الله علیه و آله:248/159

المسجدين :66/1169

المشعر:2/237

مشهدالبون:916

مشهد المقدسة:969

مصر:86/767،16/699،6/693،10/600،35/451،14/384

65/1165

المعروف:12/689

معسكر المدائن:4/574

المغرب :6/654

مفازة أمويه:41/1123

مقابر قریش:10/465

مقا بر مسجد السهلة:15/471

المقام :1159،18/285،2/237،231/144

مقام ابراهيم عليه السلام:5/710،60/216

المقذفان:16/183

ص: 1296

الصورة

ص: 1297

الملتزم:15/361

منی :25/816،16،15/716،2/237

منارة الاسكندرية:1023

منزل أبی جعفر عليه السلام:99/776

منزل ام سلمة :60/843

منزل الحسين بن بشار:6/663

منزل عثمان:156/94

منزل عمارة بن حزم:165/102

المؤتفكات :69/224

مؤتة :256/166

الموصل:221/135

میا فارقين:22/188

الميزاب :961

الناحية :32/1117،17/473،15/472

ناحية طرز:17/473

النار :2/172،170/105،104/61،71/227،70/226،47/204،10/177

54/740،19/620،5/544،13/281،40/828،23/814،16/807،62/744

1053،1026،891،79/864

نجران:39/826

النجف :1/690

نجف الكوفة:78/234

نخل :209/125

النخيلة:4/575

نهر بلخ:17/618

نهر الكوفة73/755

ص: 1298

النهروان:71/226،70/225،69/224،127/68

النواويس فی السحر:15/471

نیشابور:963

نينوى :1144

النية :1/591

هرات:8/356

همدان:1138،44/1127،938،112/788

الهند :21/1096،63/849،99/776،6/400،6/300

وادي برهوت:29/193

وادی الجن :47/203

وادی الحسك:12/497

وادی سماوة :23/512

وادی ضجنان = ضجنان:24/815

وادی القری:63/745،9/549

الوادی المقدس طوی:4/311

وادی مكة :135/83

واسط :35/1119،20/704

و نفر :34/633

يثرب:7،6/10/73،232/145،215/130،190/115،188/114،81،15/1083

اليمامة:994،121/66

اليمن:146،213/128،164/102،75،93/56،83/53،47/40،18،6/492،

41/201،29/193،233،1073،855

اليهودية:53/1135

ص: 1299

8 - فهرس الايام والوقائع

احد = حرب احد = موقعة احد = یوم احد:154،239/149،236،235/148

1149،915،2/580،18/505،242

الاحزاب = حرب الخندق = يوم الخندق = عام الخندق:75،118/66،14/27

156،241/152،202/123،156/94

1048،245

أيام التشريق:1055

أيام الدولة العباسية:78/234

أيام المتوكل:17/412،11/404

بدر = رقعة بدر = يوم بدر:235/147،196/119،75،76/51،23/30

911،21/812،252/162،239/149

1149،1013،914،912

حنین = غزوة حنين:1149،13/498،81/52

ذات السلاسل:257/167

زمان عیسی علیه السلام:992

زمان موسى عليه السلام:992

زمان المختار:17/184

زمن محمد صلى الله عليه و آله:992

سنة الحديبية :246/158

ص: 1300

صفین - وقعة صفين - يوم صفين - أيام صفين: 10/178،207/124،77/108

62/743،28/725،74/231

الصيباء:13/498

فتنة ابن الزبير:13/269

عام الفتح :1164،158/97

عام الفيل :21

عهد الامام الصادق عليه السلام:25/1108

عهد عمر :15/556

عهد المأمون:1/658

العیدین:1055

غزاة بنی المصطلق - غزوة المصطلق:47/204،165/102

غزوة بنی قريظة :15/1082

غزوة تبوك - رقعة تبوك:259/169،205/124،161/99،160/98،15/28

غزوة ذات الرقاع :170/104

غزوة الطائف :9/26

ليلة العقبة :1160،22/483

ليلة قتل الحسين عليه السلام:8/254

ليلة القدر:102/778

ليلة المعراج:21/811،228/141

ليلة الهریر :67/222

النهروان - يوم النهروان - رقعة الخوارج:749،58/742،13/252،10/177

66/

اليوم الاخر:5/249

يوم البصرة :35/197

يوم بنی فريضة:46/830

يوم التروية :29/629

يوم الجمل:57/214

ص: 1301

يوم الحساب:2/578

يوم خيبر :75،94/57،50/42

اليوم الذی بعث فيه رسول الله صلى الله عليه و آله:78/760

اليوم الذی دحيت فيه الارض :78/760

اليوم الذی ولد فيه رسول الله صلى الله علیه و آله:78/760

يوم الساعة :9/801

یوم عاشوراء:1166،1159،7/254

يوم الغدير:924،78/760

يوم قتل الحسين عليه السلام:25/293

يوم القضية :192/116

يوم القيامة :1/583،2/578،22/483،70/226،175/107،139/85

9/687،7/686،2/660،37/636

828،12/804،10/802،64/747

907،895،878،47/832،41/

6/1072،952،951،921،913،

20/1094،18/1089،14/1082

53/1135،43/1126،31/1116

يوم الموكب:30/446

يوم النضير :46/830

يوم نهاوند:116/66

يوم النوبة:107/782

ص: 1302

9 - مصادر التحقيق

اسم الكتاب...المؤلف...محل الطبع والسنة

نتبرك ابتداءاً ب- القرآن الكريم

2-الاداب الدينية... الفضل بن الحسن الطبرسی.... مخطوط

3-آية التطهير...السيد على الموحد الابطحی... قم 1404 ه-

4-أبجد العلوم...صديق بن الحسن القنوجی... دمشق 1978م

5-أبواب الجنات...میرزا محمد تقی الموسوی... قم 1404 ه-

6-اثبات الهداة...محمد بن الحسن الحر العاملی... قم

7-اثبات الوصية ...على بن الحسين بن علی المسعودی ...قم

8-الاحتجاج...أحمد بن علی بن ابی طالب الطبرسی... النجف 1966 م

9-احقاق الحق...نور الله الحسینی المرعشی التستری ...قم

10-أخبارالدول و آثار الاول... العلامة القرمانی...بغداد

11-اختيار معرفة الرجال... محمد بن الحسن بن على الطوسی... مشهد 1348 ه-

12-الاختصاص...محمد بن محمد بن النعمان ، المفيد... النجف 1390ه-

13-الاربعون حديثاً ...محمد بن أبی الفوارس...مخطوط

14-الاربعون حديثاً... محمد بن مکی العاملی ( الشهيدالاول )... قم 1407 ه-

15-الاربعون حديثاً ...منتجب الدين بن بابويه الرازی... قم 1408 ه-

16-أرجح المطالب... عبيد الله الحنفی الامر تسری...لاهور

17-الارشاد...محمد بن محمد بن النعمان ، المفيد... النجف 1392 ه-

18-ارشاد القلوب ...الحسن بن محمد الدیلمی...بیروت 1398 ه-

19-الاستيعاب...يوسف بن عبدالله بن محمد القرطبی... مصر 1328 ه-

20-اسدالغابة...عزالدين الشيبانی ، ابن الأثير... طهران

21-اسعاف الراغبين... ابن الصبان المصرى...بیروت 1398 ه-

22-أسنى المطالب... محمد بن السيد درويش ، الحوت البیرونی... مصر

23-الاشراف على فضل الاشراف... ابراهيم الحسینی السمهودی...دمشق

24-الاصابة فی تمييز الصحابة... أحمد بن علی بن حجر العسقلاني. مصر 1328 ه-

25-الأصول الستة عشر.. تحقیق حسن مصطفوی...طهران 1371ه-

26-أعلام الدين....الحسن بن أبی الحسن الديلمی... قم 1408ه-

ص: 1303

27-أعلام النبوة... علی بن محمد الماوردی... بیروت 1987م

28-اعلام الوری... الفضل بن الحسن الطبرسی... النجف 1390 ه-

29-أعیان الشیعة... السید محسن الامین... بیروت 1983 م

30-الاغانی ...أبو الفرج الاصفهانی...بیروت

31-الامالی.. محمد بن علی بن بابویه القمی ، الصدوق... بیروت 1980 م

32-الامالی... محمد بن محمد بن النعمان ، المفید... قم 1404 ه-

33-الامالی... السید المرتضی... بیروت 1954م

34-الامالی... محمد بن الحسن طوسی... بغداد 1964 م

35-الامامة و التبصرة... علی بن الحسین بن بابویه القمی... قم 1404 ه-

36-الامان من أخطار الاسفار... علی بن موسی بن جعفر بن طاووس ...قم

37-امتاع الأسماع... أحمد علی بن عبد القادر المقریزی ...القاهرة

38-الامثال... أبو عکرمة الضبی ...دمشق

39-أمل الامل ...محمد بن جعفر بن الموسوی... مخلوط

40-امهات الائمة...حسین بن جعفر الموسوی...مخلوط

41-أنساب الاشراف ...أحمد بن یحیی بن جابر ابلاذری... بیروت 1977 م

42-انسان العيون... علی بن برهان الدین الحلبی الشافعی... مصر

43-الانوار المحمدية...العلامه النبهاتی...بیروت

44-الانوار النعمانية...نعمه الله الموسوی الجزایری

45-أهل البيت... توفیق أبو علم... القاهرة

46-الايقاظ من الهجعة ...محمد بن الحسن العاملی... قم

47-بحار الانوار... محمد باقر المجلسی... طهران 1391 ه-

48-البداية والنهاية... ابو الفداء الحافظ بن کثیر ...بیروت 1402 ه-

49-البرهان فی تفسير القرآن... السید هاشم البحرانی... قم 1393 ه-

50-بشارة المصطفی... محمد بن علی الطبری... النجف 1383 ه-

51-بصائر الدرجات... محمد بن الحسن الصفار... 1380 ه-

52-البلد الامین... الشیخ ابراهیم الکفعمی ...طهران 1383 ه-

53-بهجة الامال.... الملا علی العلیاری التبریزی... طهران 1395 ه-

54-تاريخ الاسلام و الرجال... الشیخ عثمان ددة الحنفی ...مخطوط

55-تاریخ بغداد... أحمد بن علی الخطیب البغدادی ...بیروت

56-تاريخ الخمیس... حسین بن محمد المالکی... مصر

ص: 1304

57-تاریخ الطبری... محمد بن جریر الطبری...بیروت 1983م

58-تاريخ اليعقوبی ...أحمد بن أبی يعقوب بن واضح الكاتب... بیروت 1379 ه-

59-تأويل الايات الظاهرة... شرف الدين على الحسینی النجفی... قم 1407ه-

60-تبصرة الولی ...السيد هاشم البحرانی...بیروت

61-تجهيز الجيش... حسن بن المولوى أمان الله الدهلوی... مخطوط

62-التحصين فی صفات العارفين... جمال الدين بن فهدالحلی... 1406 ه-

63-تحف العقول ...الحسن بن على الحرانی...طهران 1376 ه-

64-التدوين....عبدالكريم بن محمد ابرافعی الشافعی... مصر

65-تذكرة الخواص... یوسف فره علی سبط الجوزی... النجف

66-ترجمة الامام علی ( ع )... علی بن الحسن الشافعی ، ابن عساکر... بیروت

67-التشوف الى رجال التصوف ..يحيى بن عیسی المالکی ، ابن الزيات... الرباط

68-التعقيبات ...جلال الدین عباد الرحمان السيوطی ...لكنهو

69-التفسير...المنسوب للامام الحسن العسکری ( ع ).... قم 1409ه-

70-التفسير...محمد بن مسعود بن عياش السلمی ، العياشی... طهران

71-التفسير...محمد بن محمد العمادی... بیروت

72-التفسير...فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفی... النجف

73-التفسير...على بن ابراهيم بن هاشم القمی... طبعة حجرية 1313 ه-

74-التفسير المسمى معالم التنزيل... الحسين بن مسعود الفراء البغوی... بیروت 1986 م

75-التفسير المسمى أنوارالتنزيل ...عبدالله بن عمر بن محمد البيضاوی...مصر

76-تفسير التبيان...محمد بن الحسن بن على الطوسی... النجف

77-تفسیر روح الجنان... أبو الفتوح الرازی...طهران 1352 ه- ش

78-تفسير الصافی...الفيض الكاشانی...بیروت

79-تفسير القرآن العظيم... اسماعيل بن كثير القرشی الدمشقی.. بيروت 1400 ه-

80-التفسير الكبير...الفخر الرازی...مصر 1938م

81-تفسير النيسابوری.. محمد بن الحسن الشافعی النيسابوری... طبعة حجرية

82-تقريب التهذيب ...أحمد بن علی بن حجر العسقلانی... بیروت 1975م

83-التكملة...عبدالرحمان بن عبدالله الخثعمی... مخطوط

84-التمحيص...محمد بن همام الاسكافی...قم 1404 ه-

ص: 1305

85-تنبيه الخواطر... ورام بن أبی فراس المالکی...بیروت

86-تنقیح المقال... الشيخ عبدالله المامقانی...النجف 1352 ه-

87-تهذیب الاحکام... محمد بن الحسن الطوسی... النجف 1382 ه-

88-تهذيب الاسماء واللغات ...محيی الدين بن شرف النوری... بیروت

89-تهذيب التهذيب... أحمد بن علی بن حجر العسقلانی ...حیدر آباد

90-التوحيد...محمد بن علی بن الحسين بن بابويه ، الصدوق... طهران 1387 ه-

91-توضيح الاشتباه... محمد بن على الساروی...طهران 1344ه- ش

92-توضيح الدلائل... أحمد الشيرازی الشافعی...مخطوط

93-ثاقب المناقب... محمد بن على الطوسی...مخطوط

94-جالية الكدر... عبدالهادی نجا الابياری الشافعی... مصر

95-جامع أحاديث الشيعة... السيد حسين الطباطبائی البروجردی ...قم 1399 ه-

96-جامع البيان... محمد بن جریر الطبری...مصر 1954م

97-جامع الرواة... محمد بن علی الاردبیلی الغروی الحائری... ایران 1334 ه-

98-الجامع الصحيح ، سنن الترمذی ...محمد بن عيسى بن سورة... القاهرة

99-جامع کرامات الاولياء... يوسف بن اسماعيل النبهانی... القاهرة

100-الجامع لاحکام القرآن.. محمد بن أحمد الانصاری القرطبی.. بیروت 1387 ه-

101-الجديد فی تفسير القرآن... محمد بن حبيب الله السبزواری..بیروت 1982 م

102-الجرح والتعديل ..عبدالرحمان بن محمد بن ادريس الرازی.. بیروت 1952 م

103-الجعفريات أو الاشعثيات... محمد بن علی بن محمد...طهران 1370 ه-

104-جمال الاسبوع... علی بن موسی بن طاووس... ایران 1330 ه-

105-جمهرة أنساب العرب...أحمدز کی صفوت... بیروت

106-الجنة الواقية... ابراهيم بن عای الكفعمى...طهران 13469ه- ش

107-جواهر البحار...العلامة النبهانی... مصر

108-الجواهر السنية... محمد بن الحسن بن الحر العاملی... النجف 1384 ه-

109-جواهر العقدین... نور الدين على السمهودی...اسلامبول

110-الحاوی للفتاوی... جلال الدین عبدالرحمان السیوطی... القاهرة

111-حديقة الافراح... احمد بن محمد اليمانی الشیروانی... القاهرة

112-حلية الابرار...هاشم الحسينی البحرانی...قم 1397 ه-

ص: 1306

113-حلية الاولياء... أحمد بن عبدالله الاصبهانی... بیروت 1967 م

114-حياة الحيوان الكبرى... كمال الدين محمد بن موسی الدمیری... مصر

115-الخرائج والجرائح... قطب الدین الراوندی... قم 1409 ه-

116-خصائص أمير المؤمنين... السيد الرضی... النجف 1368 ه-

117-الخصائص الکبری.. عبدالرحمان بن أبی بكر السيوطی... مصر

118-الخصال...محمد بن علی بن الحسين بن با بويه ، الصدوق.. طهران 1389 ه-

119-خلاصة الوفاء ..على بن الحسين الشافعی السمهودی... مصر

120-در بحر المناقب... محمد بن أحمد الحنفی الموصلی... مخلوط

121-الدر المنثور... عبدالرحمان بن أبی بكر السيوطی...طهران

122-الدرر المنتثرة... العلامة العجلونی.... مصر

123-دعائم الاسلام... النعمان بن محمد بن منصور التمیمی... مصر 1963 م

124-الدعوات ...قطب الدين الراوندی ...قم 1407 ه-

125-دلائل الامامة... محمد بن جریر الطبری... النجف 1963 م

126-دلائل النبوة... أبو نعيم الاصفهانی... حیدر آباد

127-دلائل النبوة... أحمد بن الحسين البيهقی... بیروت 1985 م

128-ذخائر العقبی... أحمد بن عبدالله الطبری... مصر 1356 ه-

129-الذريعة... الشيخ آقا بزرك الطهرانی... بیروت 1403 ه-

130-ذكر أخبار اصبهان ...أحمد بن عبدالله الاصبهانی... لیدن 1934 م

131-ربيع الابرار... محمود بن عمر الخوارزمی الزمخشری... مخطوط

132-الرجال...أحمد بن أبی عبدالله البرقی ...طهران 1383 ه-

133-الرجال...أحمد بن على النجاشی... طهران 1407 ه-

134-الرجال...محمد بن الحسن الطوسی ...النجف 1381 ه-

135-الرجال...الحسن بن يوسف الحلی ....نجف

136-الرجال... الحسن بن علی بن داود الحلى... النجف 1972 م

137-رسائل الشريف المرتضی ...دارالقرآن الكريم...قم1405ه-

138-رشفة الصادی... شهاب الدين العلوی الشافعی... القاهرة

139-روضات الجنات.... محمد باقر الموسوی الخوانساری... قم 1390 ه-

140-الروضة فی الفضائل ...شاذان بن جبرئیل القمی ...مخلوط

ص: 1307

141-الروضة من الكافی... محمد بن يعقوب الكلینی...طهران 1377 ه-

142-روضة الواعظین... محمد ، بنا فتال النيسابوری ...قم

143-ریاض العلماء... عبدالله أفندى الاصبهانی...قم 1401 ه-

144-الرياض النضرة... محب الدين الطبری...مصر

145-السبعة من السلف... مرتضی محمد الحسینی الفيروز آبادی... قم

146-سعد السعود... علی بن موسی بن طاووس... نجف

147-سنن ابن ماجه... محمد بن يزيل القزوینی... بیروت

148-سنن البيهقی... أحمد بن الحسين بن على البيهقی... بيروت

149-سنن الدارمی... عبد الله بن عبدالرحمان بن الفضل بن بهرام

150-سير أعلام النبلاء... محمد بن أحمد بن عثمان الذهی... بیروت 1985 م

151-السيرة النبوية... اسماعيل بن کثیر...بیروت 1983 م

152-السيرة النبوية... ابن هشام....مصر 1355 ه-

153-شرح التجريد... علی بن محمد القوشجی...اسلامبول

154-شرح دیوان أمير المؤمنین... میر حسین بن معین الدین الميبدی... مخطوط

155-شرح نهج البلاغة... ابن أبی الحديد المدائنی...مصر 1378ه-

156-الشفاء...القاضی عياض اليحصبی ...استانبول

157-شواهد التنزيل ...عبيدالله بن عبدالله ، الحاكم الحسكانی... بیروت 1974م

158-صحيح البخاری... محمد بن اسماعيل البخاری...القاهرة

159-صحيح مسلم ...مسلم بن الحجاج النيسابوری...بیروت

160-صحيفة الامام الرضا ( ع ).. نشر مدرسة الامام المهدی ( عج ).. قم 1408 ه-

161-الصراط المستقيم... على بن يونس العاملی...طهران 1384 ه-

162-الصواعق المحرقة... أحمد بن حجر الهيتمی المکی...النجف

163-ضوء الشمس... محمد أبو الهدى الرفاعی الحلبی... اسلامبول

164-طبقات أعلام الشيعة ...الشيخ آقا بزرك الطهرانی...بیروت 1390 ه-

165-الطبقات الکبری... ابن سعد...ببروت

166-الطرف...على بن طاووس...النجف

167-العبر فی خبر من غبر... الحافظ الذهبی...بیروت

168-عدة الداعی... أحمد بن فهد الحلى... قم

ص: 1308

169-العدد القوية... علی بن يوسف بن المطهر الحلى... قم 1408 ه-

170-العقد الفريد... أحمد بن محمد بن عبد ربه...بیروت

171-علل الشرائع..محمد بن علی بن الحسين بن بابویه، الصدوق.. النجف 1385 ه-

172-عمدة الاخبار... أحمد بن عبدالحميد العباسی...

173-عمدة الطالب.... أحمد بن علی الحسنی ، ابن عتبة... النجف 1380 ه-

174-عمدة القاری... محمود بن أحمد العينی الحنفی... مصر

175-عوالم العلوم... عبدالله البحرانی الاصفهانی...قم 1409 ه-

176-عوالی اللئالی... محمد بن على الاحسائی ، ابن أبی جمهور... 1983 م

177-عيون الاخبار.. عبدالله بن مسلم الدينوری...بیروت 1986 م

178-عيون أخبار الرضا ع ...محمد بن علی بن الحسين بن بابویه ، الصدوق... النجف 1390 ه-

179-عيون المعجزات... الشيخ حسين بن عبدالوهاب... قم

180-الغارات...ابراهيم بن محمد الثقفی الكوفی... ایران

181-غابة المرام...السيد هاشم البحرانی...بیروت

182-الغدير فی الكتاب والسنة... عبدالحسين أحمدالامینی...طهران 1396 ه-

183-غريب الحديث... عبدالرحمان بن على الجوزی... بیروت 1985 م

184-الغيبة...محمد بن ابراهيم النعمانی...طهران

185-الغيبة...محمد بن الحسن الطوسی...النجف

186-الفائق فی غریب الحديث... محمود بن عمر الزمخشری... مصر

187-فتح الابواب... علی بن موسی بن طاووس...قم 1409ه-

188-فرائد السمطين... ابراهيم بن محمد الجوینی...بیروت

189-فرج المهموم... علی بن موسی بن طاووس...النجف 1368 ه-

190-فرق الشيعة ...الحسن بن موسی النوبختی...النجف 1388 ه-

191-الفروق اللغوية... أبو هلال العسكری...القاهرة 1353ه-

192-الفصول المختارة ...محمد بن محمد بن النعمان ، المفيد.. النجف

193-الفصول المهمة... على بن محمد المالكی ، ابن الصباغ ...النجف

194-الفضائل...سدید الدین شاذان بن جبرئیل... النجف 1381 ه-

195-فضائل الخمسة... مرتضى الحسینی الفيروز آبادی... طهران 1392 ه-

196-فضائل سیدة النساء... عمر بن أحمد بن شاهين... قم

ص: 1309

197-فضائل علی بن ابی طالب... أحمد بن محمد بن حنبل... قم

198-الفهرست ...محمد بن الحسن الطوسی...النجف

199-الفهرست لابن الندیم... محمد بن أبی يعقوب اسحاق...ایران 1350ه- ش

200-فهرست أسماء علماء الشيعة...على بن عبیدالله بن بابويه الرازی... طهران 1404ه-

201-الفوائد المجموعة... محمد بن علی الشوکانی...مصر

202-قاموس الرجال... الشيخ محمد تقی التستری...طهران 1384 ه-

203-القاموس المحيط... محمد بن يعقوب الفيروز آبادی... بیروت

204-قبس من غياث سلطان الوری... علی بن محمد بن طاووس... قم 1408ه-

205-قرب الاسناد... عبد الله بن جعفر الحمیری...طهران 1370 ه-

206-قصص الانبياء... الثعلبی...مخطوط

207-قصص الانبياء... قطب الدين الراوندی...مشهد 1409 ه-

208-الكافی...محمد بن يعقوب الكلینی...طهران 1377 ه-

209-الكامل...محمد بن يزيد المبرد...مصر

210-کامل الزیارات... جعفر بن محمد بن قولو به... النجف 1356 ه-

211-الكامل فی التاريخ ...علی بن أبی الکرم ، ابن الأثير... بیروت 1965 م

212-کتاب العین... الخليل بن أحمد الفراهيدی... قم 1405 ه-

213-الكشاف...محمود بن عمر الزمخشری..القاهرة 1373ه-

214-کشف الغمة... علی بن عیسی الاربلی....تبریز 1381 ه-

215-كفاية الاث...ر علی بن محمد الخزاز القمی الرازی... قم 1401 ه-

216-كفاية الطالب ...محمد بن يوسف القرشی الكنجی...النجف

217-کمال الدین ...محمد بن علی نبرد با بو به القمی ، الصدوق ..طهران 1390 ه-

218-الكنى والالفاب... الشيخ عباس القمی...قم 1357 ه-

219-کنز العمال... على المتقی بن حسام الدين الهندی... بيروت 1405 ه-

220-کنز الفوائد... محمد بن عثمان الكراجکی... حجرية 1322 ه-

221-الكواكب الدرية... الشيخ عبدالرؤوف المناوی...مصر

222-لسان العرب ...محمد بن مكرم الأفريقی المصری... بیروت 1968 م

223-لسان الميزان... شهاب الدین بن حجر العسقلانی... بیروت 1971م

224-اللهوف فی قتلی الطفون ...على بن موسی بن طاووس... قم

ص: 1310

225-مائة منقبة... محمد بن أحمد القمی ، ابن شاذان... قم 1407 ه-

226-مثیر الاحزان... جعفر بن محمد بن نما الحلى... قم 1406 ه-

227-المجدی...علی بن محمد العلوی العمری... قم 1409 ه-

228-مجمع الامثال... أحمد بن محمدالنيسابوری الميدانی... بیروت 1972 م

229-مجمع البحرین... فخر الدين الطریحی... ایران 1362 ه- ش

230-مجمع البیان... الفضل بن الحسن الطبرسی... طهران 1380 ه-

231-مجمع الزوائد... على بن أبی بكر الهیثمی... بیروت 1967 م

232-المحاسن... أحمد بن محمد البرقی... طهران 1370 ه-

233-محاضرات الادباء... العلامة الراغب الأصبهانی... بیروت

234-المحتضر... حسن بن سليمان الحلى... النجف 1370 ه-

235-مختصر بصائر الدرجات... حسن بن سليمان الحلى... النجف 1389 ه-

236-مدارج النبوة... عبد الحق سيف الدين الدهلوی... لکنهو

237-المدخل الى التفسير الموضوعی ...السيد محمد باقر الابطحی.. النجف 1389 ه-

238-مدينة المختار... أحمد بن عبدالحميد العباسی... طهران

239- مدينة المعاجز... السيد هاشم البحرانی... طهران

240-مرآة العقول... محمد باقر المجلسی ....طهران

241-مرآة المؤمنین... ولی الله اللكهنوئی... لاهند

242-مراصد الاطلاع.... عبد المؤمن بن ا لحق البغدادی...مصر 1954 م

243-مرقاة المفاتيح ...علی بن سلطان الحنفی المکی

244-مروج الذهب... علی بن الحسين المسعودی... قم 1404 ه-

245-المزار... محمد بن محمد بن النعمان ، المفيد... قم 1409 ه-

246-المستدرك على الصحيحين... أبو عبدالله الحاكم النيسابوری... بیروت

247-مستدرك الوسائل... حسين النوری الطبرسی... قم 1407 ه-

248-مستطرفات السرائر.... محمد بن أحمد بن ادريس الحلى... قم 1408

249-مسند..الامام أحمد بن حنبل... بیروت

250-مشارق الانوار... حسن الحمزاوی العدوی المالکی... مصر

251-مشارق أنوار اليقين... رجب البرسی... بیروت

252-مشكاة الانوار... أبوالفضل على الطبرسی... النجف 1385 ه-

ص: 1311

253-مشكاة المصابيح... محمد بن عبد الله الخطيب التبریزی... دمشق

254-مشکل الآثار...العلامة الطحاوی...حیدر آباد

255-مصباح الانوار... هاشم بن محمد...مخطوط

256-المصباح المنير... أحمد بن محمد المقری الفيومی... قم 1405ه-

257-معانی الاخبار... محمد بن علی بن بابویه القمی ، الصدوق... طهران 1379 ه-

258-معاهد التنصیص ،... عبدالرحيم بن عبدالرحمان العباسی... القاهرة

259-معجم البلدان... یا قوت بن عبدالله الحموی...بیروت

260-معجم رجال الحديث... أبو القاسم الخوئی...النجف 1370 ه-

261-معجم الفرق الاسلامية... شريف يحيى الأمين...بیروت 1986 م

262-المعجم الكبير... الطبرانی...طهران

263-معجم مقاييس اللغة... أحمد بن فارس بن زکریا...ایران 1404 ه-

264- المغازی... محمد بن عمر الواقدي...طهران

265-المغنی فی آداب التوحيد و العدل... عبد الجبار الاسد آبادی... مصر

266-مفتاح النجا... محمد خان بن رستم خان البدخشی... مخطوط

267-المقاصد الحسنة... محمد بن عبدالرحمان السخاوی... مصر

268-مقتل الحسين... موفق بن أحمد المكی أخطب خوارزم... قم

269-منصد الراغب... حسین بن محمد بن الحسن... مخطوط

270-مکارم الاخلاق... الحسن بن فضل الطبرسی...النجف 1391 ه-

271-مکیال المكارم... محمد تقی الموسوی الاصفهانی... قم 1404 ه-

272-الملل والنحل... محمد بن عبدالكريم الشهرستانی... مصر 1967م

273-من لا يحضره الفقيه... محمد بن علی بن بابويه القمی ، الصدوق ...طهران 1392 ه-

274-المناقب... الموفق بن أحمد الخوارزمی... النجف 1385 ه-

275-مناقب آل ابی طالب... محمد بن على بن شهر آشوب... النجف 1965 م

276-مناقب العشرة... العلامة النقشبند...یدمشق

277-مناقب علی بن أبی طالب... علی بن محمد الواسطی ، ابن المغازلی... طهران 1394 ه-

278-مناقب علی ( ع )... العلامة العينی الحنفی...چهارمینار

279-المناقب المرتضوية... محمد صالح الحسینی الترمذی... بومبای

280-منتخب الانوار المضيئة... علی بن عبدالكريم النبلی النجفی... قم 1401ه-

ص: 1312

281-منتخب کنز العمال... علی بن حسام ، الشهير بالمتقی... بیروت

282-المنتقى فی سيرة المصطفى ...سعيد بن محمدالشافعي الكازرونی... مخطوط

283-منية المريد... زين الدين بن على العاملی... ایران 1402 ه-

284-مهج الدعوات... علی بن موسی بن طاووس... ایران

285-المواهب اللدنية... العلامة القسطلانی... مصر

286-مودة القربی... على بن شهاب الدين الهمدانی... لاهور

287-الموضوعات... على القارى الهروی... دهلی

288-المؤمن...الحسين بن سعيد الكوفی... قم 1404 ه-

289-میزان الاعتدال... محمد بن أحمد الذهبی... بیروت

290-النجوم الزاهرة... يوسف بن تغری بردی الاتابکی... مصر 1383 ه-

291-نزهة المجالس... عبدالرحمان بن عبدالسلام الشافعی... القاهرة

292-نزهة الناظر... حسین بن محمد الحلوانی... قم 1407

293-نظم درر السمطين... محمد بن يوسف الحنفی المدنی... طهران

294-نفد عين الميزان... محمد بهجت بن بهاء الدين الدمشقی

295-نهاية الارب... أحمد بن عبدالوهاب النویری... قاهرة

296-النهاية...المبارك بن محمد الجرزی ، ابن الأثير... بیروت

297-نهج البلاغة... صبحی الصالحی... بیروت 1967 م

298-النوادر... أحمد بن محمد بن عيسى الاشعری... قم 1408 ه-

299-نور الابصار... مؤمن بن حسن الشبلنجی... بیروت 1978 م

300-الهداية الكبرى... الحسين بن حمدان الخصیبی... بیروت 1986 م

301-وسائل الشيعة... محمد بن الحسن الحر العاملی ...طهران 1386 ه-

302-وسيلة المال... با كثير الحضرمی... مخطوط

303-وسيلة النجاة... محمد مبين الهندی الفرنکی... لکنهو

304-وظيفة الانام... فقيه أحمد آبادی... قم 1407 ه-

305-وفاء الوفاء... علی بن الحسين الشافعی السمهودی ...بیروت 1981 م

306-وفيات الاعيان... أحمد بن محمد ، ابن خلکان... قم 1364 ه-

307-وقعة صفين... نصر بن مزاحم المنقری.... قم 1382 ه-

308-الیقین فی امرة أمير المؤمنین... علی بن موسی بن طاووس.. النجف 1369 ه-

309-ينابيع المودة... سليمان بن ابراهيم القندوزی... الکاظمیة 1385 ه-

ص: 1313

10 - فهرس الجزء الثالث من كتاب الخرائج والجرائح

العنوان ...الصفحة

الباب الثامن عشر فی أم المعجزات ، وهو القرآن المجيد...971

فصل فی أن القرآن المجيد معجز

ويليه سبعة فصول...976،974،973،972،980،979،978،977

فصل في وجه إعجاز القرآن...981

فصل في أن التعجيز هو الاعجاز...982

فصل في أن الاعجاز هوالفصاحة...984

فصل في أن الفصاحة مع النظم معجز....985

فصل في أن معناه أو لفظه هو المعجز...985

فصل في أن المعجز هو إخباره بالغيب...986

فصل في أن النظم هو المعجز...986

فصل في أن تأليفه المستحيل من العباد هو المعجز...986

باب في الصرفة والاعتراض عليها والجواب عنه

وفيه ستة فصول ...988،987،991،990،989

باب في أن إعجازه الفصاحة ، وفيه ثلاثة فصول...995،992،998،996

باب في أن إعجازه بالفصاحة والنظم معاً

و فيه ثلاثة فصول ...1002،1001،1000،999

باب في أن إعجاز القرآن : المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة....1003

فصل في خواص نظم القرآن ، ويليه ثلاثة فصول ...1007،1004،1009

ص: 1314

باب في مطاعن المخالفين في القرآن ،:1012،1011،1010

وفيه سبعة فصول1016،1015،1013

الباب التاسع عشر في الفرق بين الحيل والمعجزات:1018

باب في ذكر الحيل و أسبابها و آلاتها ، وكيفية

التوصل إلى استعمالها ، و ذكر وجه إعجاز

المعجزات ، وفيه ثمانية فصول :1022،1020،1018

1026،1025،1023

1029،1027

باب في الفرق بين المعجزة والشعبذة

وفيه فصلان:1033،1032،1031

باب في مطاعن المعجزات و جواباتها و إبطالها

وفيه سبعة فصول:1038،1036،1035،1034

1043،1041،1040،1039

باب في مقالات المنکرین للنبوات أو الأمامة من قبل الله

و جواباتها و إبطالها ، و فيه خمسة فصول:1046،1045،1044

1052،1051،1049

باب فی مقالات من يقول بصحة النبوة

منهم على الظاهر ، ومن لا يقول ، والكلام

عليهما ، و فيه ثمانية فصول:1058،1057،1056،1055،1054

1061،1060،1059

الباب العشرون في علامات و مراتب نبيّنا وأوصيائه

عليه وعليهم أفضل الصلاة و أتم السلام:1062

فصل في علامات نبيّنا محمد وصيّه

وسبطيه الحسن والحسين لا تفصيلا ،

و في جميع الأئمّة من ذريّة

الحسین جملة ، وفيه ثلاثة عشر فصلا:1067،1066،1064،1062

ص: 1315

1078،1074،1073،1071،1069

1093،1091،1088،1084،1082

باب العلامات السارة الدالّة على صاحب

الزمان حجّة الرحمن صلوات الله عليه ما دار

فلك وما سبّح ملك

وفيه ثمانية عشر فصلا:1101،1099،1095،

1109،1108،1104

1117،1116،1113

1120،1119،1118

1124،1123،1122

1129،1128،1126

باب في العلامات الحزينة الدالّة على صاحب

الزمان و آبائهعلیهم السلام

وفيه ستّة فصول:1136،1135،1133

1143،1138،1137

1144

باب العلامات الكائنة قبل خروج المهدي ومعهعلیه السلام

وفيه عشرة فصول :1153،1149،1148

1161،1156،1155

1171،1168،1165

1174،1172

ص: 1316

جدول الخطأ والصواب

الصورة

ص: 1317

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.