وقعه صفين

اشارة

سرشناسه : نصربن مزاحم ، - ق 212

عنوان و نام پديدآور : وقعه صفين / لنصربن مزاحم المنقري ؛ تحقيق و شرح عبدالسلام محمد هارون

مشخصات نشر : قم : مكتبه آيه العظمي المرعشي النجفي ، 1418ق . = 1376.

مشخصات ظاهري : ص 691

شابك : 964-6121-110-Xبها:15000ريال ؛ 964-6121-110-Xبها:15000ريال

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : اين كتاب در سالهاي مختلف توسط ناشرين مختلف منتشر شده است

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس

موضوع : جنگ صفين ، ق 36

موضوع : علي بن ابي طالب (ع )، امام اول ، 23 قبل از هجرت - 40ق . -- جنگها

شناسه افزوده : هارون ، عبدالسلام محمد .Harun, Abdol - Salam Muhammadمصحح

شناسه افزوده : كتابخانه عمومي حضرت آيت الله العظمي مرعشي نجفي

رده بندي كنگره : BP37/95/ص 7ن 6 1376

رده بندي ديويي : 297/951

شماره كتابشناسي ملي : م 76-6056

ص: 1

مراجع التحقيق

* مراجع التحقيق(1)

إتحاف فضلاء البشر للدمياطى طبع،مصر 1359

الاستيعاب لابن عبد البر،طبع حيدرآباد 1318

الاشتقاق لابن دريد،طبع جوتنجن 1853

الإصابة لابن حجر العسقلانى،طبع السعادة 1323

الأصمعيات،اختيار الأصمعى،طبع ليبسك 1902 م

الأغانى لأبى الفرج الأصبهانى،طبع الساسى 1323

الأمالى للقالى،طبع دار الكتب المصرية 1344

الإمامة و السياسة لابن قتيبة،طبع مطبعة الفتوح 1331

الأنساب للسمعانيّ،طبع ليدن 1612 م

أيمان العرب للنجيرمى،طبع السلفية 1343

تاريخ الأمم و الملوك لابن جرير الطبريّ،طبع الحسينية 1323

تاريخ بغداد للخطيب البغداديّ،طبع السعادة 1349

تاريخ دمشق لابن عساكر(مخطوطة المكتبة التمورية بدار الكتب المصرية)

تذكرة الحفاظ للذهبى،طبع حيدرآباد 1333

تقريب التهذيب لابن حجر.طبع الهند 1230

التنبيه و الإشراف للمسعوديّ،طبع الصاوى 1357

تهذيب التهذيب لابن حجر،طبع حيدرآباد 1325

الجامع الصغير للسيوطي،طبع مصر 1352

جمرة الأمثال للعسكرى،طبع بمباى 1306

جنى الجنتين للمولى المحبى،طبع دمشق 1348

حماسة البحترى،طبع الرحمانية 1929 م

حماسة أبى تمام،طبع السعادة 1331

حماسة ابن الشجرى،طبع حيدرآباد 1345

الحيوان للجاحظ،طبع الحلبيّ من سنة 1357

خزانة الأدب لعبد القادر البغداديّ،طبع بولاق 1299

الخيل لأبى عبيدة،طبع حيدرآباد 1358

ديوان الأخطل،طبع بيروت 1891 م

ديوان امرئ القيس،طبع أمين هندية 1324

ص: 1


1- اقتصر فيها على ما ورد له ذكر في حواشى الكتاب.

ديوان حاتم(من خمسة دواوين العرب)،طبع الوهبية 1293

ديوان حسان،طبع الرحمانية 1347

ديوان طرفة،طبع قازان 1909 م

ديوان المعاني لأبى هلال العسكريّ،طبع 1352

الروض الأنف للسهيلى،طبع مصر 1332

سفر التكوين،طبع جامعة كمبردج

السيرة لابن هشام،طبع جوتنجن 1859 م

شذرات الذهب لابن العماد الحنبلى،طبع مصر 1350

شرح الألفية للأشمونى،طبع بولاق 1287

شرح الشافية للرضى،طبع مطبعة حجازى 1358

شرح شواهد المغني للسيوطي،طبع البهية 1322

شرح الكافية للرضى،طبع الآستانة 1275

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،طبع الحلبيّ 1329

الشعر و الشعراء لابن قتيبة،طبع الخانجى 1322

شفاء الغليل للخفاجى،طبع السعادة 1325

صفة الصفوة لابن الجوزى،طبع حيدرآباد 1355

صحيح مسلم،طبع بولاق 1290

الطبقات الكبير لابن سعد،طبع ليدن 1323

العقد لابن عبد ربّه،طبع الجمالية 1331

العمدة لابن رشيق،طبع هندية 1344

عيون الأخبار لابن قتيبة،طبع دار الكتب 1343

الفرق بين الفرق للبغداديّ،طبع مطبعة المعارف 1328

الفهرست لابن النديم،طبع الرحمانية

الكامل للمبرد،طبع ليبسك 1864 م

كتاب سيبويه،طبع بولاق 1316

لباب الآداب لأسامة بن منقذ،طبع الرحمانية 1354

لسان الميزان لابن حجر،طبع حيدرآباد 1330

مجمع الأمثال للميدانى،طبع البهية 1342

مختلف القبائل و مؤتلفها لابن حبيب،طبع جوتنجن 1850 م

مروج الذهب للمسعوديّ،طبع البهية 1346

مشارق الأنوار للقاضي عياض،طبع السعادة 1332

المشتبه للذهبى،طبع ليدن 1881 م

المعارف لابن قتيبة،طبع مصر 1353

معجم الأدباء لياقوت،طبع مصر 1355

معجم البلدان لياقوت،طبع السعادة 1323

ص: 2

معجم الشعراء للمرزبانى،طبع القدسي 1354

المعجم الفارسيّ الإنجليزى لاستينجاس،طبع لندن

المفضليات للمفضل الضبى،طبع دار المعارف 1362

المنتظم لابن الجوزى،طبع حيدرآباد 1359

منتهى المقال لأبى على محمّد بن إسماعيل،طبع إيران 1320

المؤتلف و المختلف للآمدى،طبع القدسي 1354

نهاية الأرب للنويرى،طبع دار الكتب 1342

نهج البلاغة مع شرح ابن أبي الحديد طبع الحلبيّ 1329

وفيات الأعيان لابن خلّكان،طبع الميمنية 1310

ص: 3

مصور لأهم البلدان و المواضع الواردة في الكتاب

ص: 4

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

مقدّمة الطبعة الأولى

صفّين:

ما بين أعالي العراق و بلاد الشام تقع صفّين،تلك البلدة التي خلدها التاريخ، و خلدت هي تاريخا ظاهرا في حياة الأمة العربية و الخلافة الإسلامية،و ألوان المذاهب الدينية و السياسية التي ولّدتها حرب صفّين،و نشرت أطيافها في ربوع الدولة الإسلامية،تلك الحرب التي استنفدت من تاريخ الدم المهراق مائة يوم و عشرة أيام،بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة فيما يذكر المؤرخون(1).

كانت حربا ضروسا أوشكت أن تفنى المسلمين و تذهب بمجدهم و تمحو آثارهم؛فما كاد المسلمون ينزلون عن خيلهم بعد وقعة الجمل سنة 36 من الهجرة، حتى اعتلوها مرة أخرى في حرب صفّين،لخمس مضين من شوال من تلك السنة(2).و لو لا أن تداركتهم عناية اللّه بصلح حقن من دماء الفريقين،و حفظ عليهم بقيّة من أبطالهم و أنجادهم لتغيّر وجه التاريخ الإسلامى.

و قد عنى علماء التاريخ بتسجيل هذه الوقعة.و من أقدم من ألّف في ذلك أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزديّ المتوفى قبل سنة 170.

ثمّ أبو الفضل نصر بن مزاحم المتوفّى سنة 212.قال ابن النديم(3):«أبو الفضل

ص: 5


1- (1) معجم البلدان(صفين).
2- (2) انظر ص 131 من الكتاب.
3- (3) الفهرست ص 137.

من طبقة أبى مخنف».و قد عاصر ابن مزاحم مؤرخ آخر ألّف في وقعة صفّين، و هو عبد اللّه محمّد بن عمر الواقدى المولود سنة 130 و المتوفّى سنة 207 (1).و من أقدم من كتب في تاريخ صفّين أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ المتوفّى سنة 310،و هو لم يفرد لها تأليفا خاصا،و إنّما ذكر الوقعة في أثناء تاريخه لحوادث سنة 33 و سنة 37 (2).

و أقدم نص معروف لدينا في هذه الوقعة هو(كتاب صفّين)لنصر بن مزاحم،الذي نستطيع أن نعده في طبقة شيوخ شيوخ الطبريّ،إذ أن الطبريّ يروى عمن يروى عن أبي مخنف(3) الذي يعد نصر بن مزاحم في طبقته كما سلف القول.

نصر بن مزاحم:

هو أبو الفضل نصر بن مزاحم بن سيّار المنقريّ.و نسبته إلى بنى منقر بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم(4).و هو مؤرخ عربى،شيعى يغلو في مذهبه،كما يذكر المؤرخون،و هو كوفيّ النشأة و لكنه سكن بغداد و حدّث بها عن سفيان الثوري،و شعبة بن الحجاج،و حبيب ابن حسان،و عبد العزيز بن سياه،و يزيد بن إبراهيم التستريّ،و أبى الجارود زياد بن المنذر.و روى عنه ابنه(الحسين بن نصر)،و نوح بن حبيب القومسى، و أبو الصلت الهروى،و أبو سعيد الأشج،و عليّ بن المنذر الطريقى،و جماعة من الكوفيين.و لسكناه بغداد أورد له الخطيب البغداديّ ترجمة في تاريخه(5).

ص: 6


1- (1) انظر فهرست ابن النديم 144.و قد اجتمع مع نصر في الرواية عن الثوري. انظر ابن خلّكان(1:506).
2- (2) انظر تاريخ الطبريّ(5:235-6/244:2-40).
3- (3) يروي الطبريّ عن أبي الحسن عليّ بن محمّد المدائنى،عن أبي مخنف.انظر(5:233). و يروى أيضا عن عمر بن شبة،عن أبي الحسن المدائنى،عن أبي مخنف.انظر(5:184).
4- (4) انظر المعارف 36 و الاشتقاق 152.
5- (5) انظر تاريخ بغداد(13:282-283).

و لم تذكر لنا التواريخ مولده،و لكنّ عدّه في طبقة أبى مخنف يحملنا على القول بأنّه كان من المعمرين؛إذ أن أبا مخنف لوط بن يحيى توفى قبل سنة 170 كما ذكر ابن حجر في لسان الميزان.و ذلك يرجح أن ولادة نصر كانت قريبة من سنة 120.

و يذكر المترجمون له أنّه كان عطارا يبيع العطور،و لعلّ ذلك ممّا أسبغ على تأليفه ذلك الذوق الحسن الذي يلمع في أثناء كتابه.و لعلّ ذلك أيضا ممّا أكسبه هذه الروح البارعة في التأليف؛إذ أنّه يسوق مقدمات حرب صفّين في حذق، ثمّ هو يصور لنا الحرب و هي دائرة الرحى في دقة تصوير و حسن استيعاب، و يروى لنا أحاديث القوم و خطبهم و أشعارهم،على ما في ذلك الشعر من صناعة الرواة أو تلفيق أصحاب الأخبار،و لكنه في ذلك كله يكاد لا يخطئه التوفيق في مراعاة الانسجام،و استواء التصوير،و اتّساق العرض.

و المؤرخون يختلفون في توثيق نصر،شأنهم في كل راو من الشيعة؛ فبينا يذكره ابن حبّان في الثقات(1)،و يقول ابن أبي الحديد الشيعى في شأنه(2):

«و نحن نذكر ما أورده نصر بن مزاحم في كتاب صفّين في هذا المعنى،فهو ثقة ثبت صحيح النقل غير منسوب إلى هوى و لا إدغال.و هو من رجال أصحاب الحديث»،إذ يقول فيه العقيلى:«شيعى في حديثه اضطراب».و يقول أبو حاتم:«زائغ الحديث متروك(3)».

و مهما يكن فإن الناظر في كتابه هذا يلمس هدوء المؤرخ الذي لا تستفزه العصبيّة إلى هواه،إلاّ في القليل لا يستطيع منه إفلاتا،فهو حين يذكر مثالب معاوية لا يخفى مطاعن الأعداء في عليّ.

ص: 7


1- (1) انظر لسان الميزان(6:157).
2- (2) شرح نهج البلاغة(1:183).
3- (3) لسان الميزان(6:157).

مصنّفاته:

قال ياقوت(1):«كان عارفا بالتاريخ و الأخبار».و سرد له ابن النديم(2) من المصنّفات.كتاب الغارات(3).كتاب الجمل.كتاب صفّين.كتاب مقتل حجر بن عدى.كتاب مقتل الحسين بن على.

و زاد صاحب منتهى المقال(4):كتاب عين الوردة(5).كتاب أخبار المختار(6).كتاب المناقب.

فأنت ترى أن جهد هذا الرجل كان موجّها إلى التأليف الشيعى.و لم تحفظ لنا الأيّام من آثاره إلاّ هذا الكتاب،«كتاب صفّين».

نسخ كتاب صفّين:

1-طبع هذا الكتاب لأول مرة على الحجر في إيران سنة 1301.

و هذه الطبعة نادرة الوجود،عزيزة المنال،حتى إنها لم تدخل خزائن دار الكتب المصرية إلاّ منذ عهد قريب.و هي نسخة مرويّة تقع في ثمانية أجزاء،في صدر كل منها سند الرواية التي تنتهى إلى نصر بن مزاحم.و هذه الأجزاء الثمانية في 305 صفحة،كل صفحة منها تشتمل على نحو 20 سطرا في كل سطر نحو 12

ص: 8


1- (1) معجم الأدباء(19:225).
2- (2) الفهرست 137.و قد نقل أسماء هذه المصنّفات ياقوت في معجمه و لم يصرح بالنقل.
3- (3) ممن ألف كتابا بهذا الاسم أيضا إبراهيم بن هلال الثقفى،يروى عنه ابن أبي الحديد كثيرا.انظر(1:369)و ما بعدها.
4- (4) منتهى المقال لأبى على محمّد بن إسماعيل س 317.
5- (5) عين الوردة،هى رأس عين،المدينة المشهورة بالجزيرة،كانت فيها وقعة للعرب و يوم من أيامهم.معجم البلدان.
6- (6) هو المختار بن أبي عبيد الثقفى،صاحب«المختارية»و يسمون«الكيسانية»، فرقة من الشيعة.انظر الفرق بين الفرق 27-38.

كلمة.و قد طمست بعض كلمات هذه النسخة و وقع فيها كثير من التحريف و التصحيف،و الزيادة و النقص.و هذه النسخة هي التي قد اتخذتها أصلا في نشر هذا الكتاب و تحقيقه،و هي التي أعبّر عنها بلفظ(الأصل).

2-و طبع مرة أخرى في المطبعة العباسية ببيروت سنة 1340.و هذه الطبعة عمد فيها الناشر إلى حذف جميع أسانيد الكتاب،و كذلك بعض النصوص و الشعر،و ليس لهذه الطبعة قيمة في التحقيق؛إذ أن ناشرها لم يزد على أن قدّم مختصر النسخة الأولى إلى المطبعة،و لم يشأ أن يمسّ ما شاع فيها من التحريف و التصحيف،و مهما يكن فإن له كبير الفضل في إذاعة كتاب صفين بطبعته هذه التي اعتمد عليها كثير من الباحثين.

3-و هناك نسخة ثالثة كانت في ضمير الغيب،و أمكننى أن أكشفها شيئا فشيئا،بمطالعتى في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،الذي جرت عادته على أن يضمن تأليفه جملة من الكتب ينثرها في تضاعيف كتابه،كما جرى على ذلك من بعد صاحب خزانة الأدب عبد القادر بن عمر البغداديّ.

و قد اقتضانى استخراج هذه النسخة و تكشيفها أن أنفق نحو الشهر في صناعتها، و أمكننى عون اللّه-و الحمد له-أن أعثر على جميع نصوص هذا الكتاب في شرح ابن أبي الحديد،من مواضع متباينة لم يلتزم فيها ترتيب الكتاب، و إنّما وردت في الشرح وفقا لما تقتضيه المناسبات المختلفة.و لم يخطئنى من ذلك إلاّ نحو نيّف و عشرين صفحة.و هذه النسخة هي التي رمزت إليها بالرمز(ح) اقتباسا من اسم ابن أبي الحديد.

و إلى القارئ صفحات نسخة الأصل معارضة بصفحات النسخة المصنوعة من شرح ابن أبي الحديد،المرموز إليها بالرمز(ح)،ليتضح له كيف أمكن استخراجها و تعقّبها:

ص: 9

الصورة

ص: 10

الصورة

ص: 11

فعلى هذه النسخة المستخرجة من شرح ابن أبي الحديد،و على النسخة الأولى،كان اعتمادى في نشر هذا الكتاب.

تحقيق الكتاب:

لم يكن لي بدّ من أن ألتزم معارضة نسخة إيران بتلك النسخة المستخرجة من شرح ابن أبي الحديد.و قد وجدت في نسخة إيران أسقاطا كثيرة أكملتها من النسخة المصنوعة،و لم أنبه عليها إلاّ بوضعها بين معقفى الإكمال:[].

فما وجده القارئ بين هاتين العلامتين خاليا من التنبيه فهو من هذه النسخة، و ما لم يكن منها فقد نبّهت على موضع اقتباسه.

و لم يكن لي بدّ أيضا أن أرجع إلى مختلف مصادر التاريخ و كتب الرجال و الشعر و العربية و البلدان،في تحقيق النصوص المختلفة لهذا الكتاب الزاخر بالحوادث و الأعلام و الشعر و الرجز و الآثار الأدبية.و قد عيّنت بعض هذه المراجع في صدر هذا الكتاب.

فهارس الكتاب:

وضعت لهذا الكتاب فهارس تحليلية ستة:أولها للأعلام،و قد عنيت فيه بتبيين الصور المختلفة التي يرد عليها العلم في مختلف مواضعه من الكتاب.

و لم أجعل الإحالة على موضع واحد كما يفعل كثير من الناشرين،فيجهد الباحث نفسه في العثور على صورة خاصّة من صور العلم الذي يبغيه.و ألفيت ثمّة أعلاما -هى سبعة في العدّ-يكثر دورانها في الكتاب،فلا يجد القارئ في تتبّع أرقامها إلاّ الجهد و العنت،فهذه أسقطت أرقامها و اكتفيت بتسجيل العلم فقط، و نبهت على ذلك في ص 647 (1).كما وضعت أرقام الصفحات التي ترجم فيها كلّ علم بين قوسين،تنبيها على موضع الترجمة.

ص: 12


1- (1) من أرقام الطبعة الأولى،كما هو المفهوم.

و يلي فهرس الأعلام فهرس القبائل و الطوائف،ثمّ فهرس البلدان و المواضع.و قد صنعت في هذين الفهرسين ما صنعت بسابقهما.

و بعد هذين فهرس الأشعار،ثمّ فهرس الأرجاز،و قد فصلت بينهما لكثرة هذا الأخير بحيث يكاد يكون قسيما للأول.و قد عيّنت بحور الشعر و قائليه في الفهرس الأول،و جعلت الأرجاز كلها بابا واحدا مهما اختلفت بحورها،و أثبتّ أسماء قائليها.

ثمّ فهرس مواضيع الكتاب،صنعته مختصرا من العنوانات التي أثبتّها في أعلى صفحات الكتاب.

و أرجو أن أكون قد وفّقت في جلاء الرّيب عن كثير من مشتبهات هذا الكتاب،و أن أكون قد أسديت إلى المكتبة التاريخية و العربية جهدا متواضعا؟

الإسكندرية في منتصف المحرم سنة 1365

عبد السلام محمّد هارون

ص: 13

مقدمة الطبعة الثانية

و هذه هي الطبعة الثانية من وقعة صفين،و قد أتاحت لي الفترة التي بين الطبعتين أن أعيد النظر في بعض النصوص و التفسيرات،و أن أضيف إلى الفهارس الفنية فهارس أخرى،تيسيرا للانتفاع بنصوص الكتاب.

و في هذه الطبعة روجعت الفهارس مراجعة دقيقة و أدخل عليها بعض الاستدراكات و التكملات،فكانت بذلك أدق من سابقتها،و أوسع إحاطة و شمولا.

و اللّه المسئول أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه،و أن يمنحنا من العون و القوة ما نستطيع به أن نحقق بعض ما نأمل من خدمة هذا التراث الخالد، و تجلية وجهه و تيسير الانتفاع به،إنه نعم المولى و نعم المعين.

مصر الجديدة في أول ربيع الثاني سنة 1382 آخر أغسطس سنة 1962

عبد السلام محمد هارون

ص: 14

الجزء الأول

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُدُومُ عَلِيٍّ إِلَى الْكُوفَةِ

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ (1)قَالَ أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ (2)بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ ثَمَانِينَ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَكِيلُ (3)قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَ ثَلاَثِين

ص: 1


1- كان أبو البركات محدث بغداد،و هو أحد حفاظ الحنابلة،ولد سنة 462 و قرأ على ابن الطيورى جميع ما عنده.و قال ابن الجوزى:«كنت أقرأ عليه الحديث و هو يبكى، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتى بروايته».و توفّي سنة 538.انظر المنتظم(10: 108-109)و صفة الصفوة(2:281)و تذكرة الحفاظ(4:75-76) و شذرات الذهب(4:116-117).
2- هو أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد الصيرفى الطيورى، و يعرف أيضا بابن الحمامى،و المحدث البغداديّ،سمع أبا عليّ بن شاذان،و أبا الفرج الطناجيرى و أبا الحسن العتيقى،و أبا محمّد الخلال.و كان عنده ألف جزء بخط الدارقطنى.و أكثر عنه السّلفي،و انتقى عليه مائة جزء تعرف بالطيوريات.و ابن الحمامى بتخفيف الميم،كما في لسان الميزان(5:11).ولد سنة 411 و توفّي سنة 500.انظر المنتظم(9:154) و لسان الميزان(5:9-11)و شذرات الذهب(3:412).
3- هو أحمد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر بن أحمد بن جعفر بن الحسن بن وهب، أبو يعلى،المعروف بابن زوج الحرة.سمع موسى بن جعفر،و أبا الحسن الدارقطنى.قال الخطيب البغداديّ:«كتبت عنه،و كان صدوقا يسكن درب المجوس من نهر طابق. و سألته عن مولده فقال:ولدت بعد أن استخلف القادر باللّه بأربعين يوما،و كان.

وَ أَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ (1)قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ مُحَمَّدِ] (2)بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحِمَارِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ سُمَيْرِ (3)بْنِ أَسْعَدَ بْنِ هَمَّامِ (4)بْنِ مُرَّةَ بْنِ ذُهَلَ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ (5)قَالَ).

ص: 2


1- ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد(2:111)و قال:سمع إسماعيل بن محمّد الصفار،و أبا عمرو بن السماك،و عبد الصمد بن على الطستى.و ذكر أن وفاته في سنة 393.و هي السنة التي توفى فيها أبو الفتح عثمان بن جنى،و القاضي عليّ بن عبد العزيز الجرجانى.
2- هذه التكملة ثابتة في سائر أسانيد أجزاء الكتاب،و كذلك في ترجمته من منتهى المقال ص 225،قال:«سمع منه التلعكبرى بالكوفة و ببغداد،و له منه إجازة». و التلعكبرى الذي يشير إليه هو أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد الشيباني، ترجم له صاحب منتهى المقال في ص 320-321.
3- استخلاف القادر بالله في يوم السبت الحادي عشر من شهر رمضان سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة.و مات أبو يعلى في يوم الخميس الرابع و العشرين من شهر شوال سنة ثمان و ثلاثين و أربعمائة،و دفن من يومه بباب الدير قريبا من قبر معروف الكرخى».انظر تاريخ بغداد(4:270).
4- ذكر في نهاية الأرب(2:333):«الأسعد بن همام».و انظر لإدخال أل على الأعلام التي هي في الأصل صفات ما كتبت في حواشى الحيوان(3:382)و مجلة الثقافة 2152.
5- هو أبو محمّد سليمان بن الربيع بن هشام بن عزور بن مهلهل،النهدى الكوفيّ. قدم بغداد و حدث بها عن حصين بن مخارق،و همام بن مسلم الزاهد،و أبى نعيم الفضل بن دكين،و روى عنه محمّد بن جرير الطبريّ،و يحيى بن صاعد،و محمّد بن مخلد العطار. توفى بالكوفة سنة 274.انظر تاريخ بغداد(9:54-55)و لسان الميزان (3:91).

أَنْبَأَنَا نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي الصَّيْدِ الْأَسَدِيُّ (1)عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ (2)عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْكَنُودِ وَ غَيْرِهِ قَالُوا:

لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اَلْبَصْرَةِ إِلَى اَلْكُوفَةِ - يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلاَثِينَ وَ قَدْ أَعَزَّ اللَّهُ نَصْرَهُ وَ أَظْهَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَ مَعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ وَ أَهْلُ اَلْبَصْرَةِ اسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ اَلْكُوفَةِ وَ فِيهِمْ قُرَّاؤُهُمْ وَ أَشْرَافُهُمْ فَدَعَوْا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ تَنْزِلُ أَ تَنْزِلُ الْقَصْرَ؟ فَقَالَ 1لاَ وَ لَكِنِّي أَنْزِلُ اَلرَّحَبَةَ فَنَزَلَهَا وَ أَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِهِ وَ قَالَ 1«أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ اَلْكُوفَةِ فَإِنَّ لَكُمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ فَضْلاً مَا لَمْ تُبَدِّلُوا وَ تُغَيِّرُوا دَعَوْتُكُمْ إِلَى الْحَقِّ فَأَجْبُتْم وَ بَدَأْتُمْ بِالْمُنْكَرِ فَغَيَّرْتُمْ أَلاَ إِنَّ فَضْلَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ فِي الْأَحْكَامِ وَ الْقَسْمِ فَأَنْتُمْ أُسْوَةُ مَنْ أَجَابَكُمْ وَ دَخَلَ فِيمَا دَخَلْتُمْ فِيهِ أَلاَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَ طُولُ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ الْآخِرَةُ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لاَ حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لاَ عَمَلَ -7.

ص: 3


1- في ميزان الاعتدال(2:258):«عمر بن سعد.عن الأعمش.شيعى بغيض. قال أبو حاتم:متروك الحديث».
2- هو الحارث بن حصيرة الأزديّ،أبو النعمان الكوفيّ.روى عن زيد بن وهب و أبى صادق الأزديّ،و جابر الجعفى.و عنه:عبد الواحد بن زياد،و الثوري،و مالك بن مغول.و عبد السلام بن حرب.قال ابن عدى:عامة روايات الكوفيين عنه في فضائل أهل البيت.و هو يعد من المحترفين بالكوفة في التشيع.و حصيرة،بفتح المهملة و كسر المهملة بعدها.و في الأصل:«حضيرة»بالضاد المعجمة،تحريف.انظر تهذيب التهذيب (2:140)و تقريب التهذيب 87.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَصَرَ وَلِيَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ وَ أَذَلَّ النَّاكِثَ الْمُبْطِلَ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ الَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِطَاعَتِكُمْ فِيمَا أَطَاعُوا اللَّهَ فِيهِ مِنَ الْمُنْتَحِلِينَ الْمُدَّعِينَ الْمُقَابِلِينَ إِلَيْنَا (1)يَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنَا وَ يُجَاحِدُونَّا أَمْرَنَا وَ يُنَازِعُونَّا حَقَّنَا وَ يُدَافِعُونَّا عَنْهُ (2)فَقَدْ ذَاقُوا وَبَالَ مَا اجْتَرَحُوا« فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا »أَلاَ إِنَّهُ قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِي مِنْكُمْ رِجَالٌ فَأَنَا عَلَيْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ فَاهْجُرُوهُمْ وَ أَسْمِعُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ حَتَّى يُعْتَبُوا (3)لِيُعْرَفَ بِذَلِكَ حِزْبُ اللَّهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ الْيَرْبُوعِيُّ وَ كَانَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَى الْهُجْرَ وَ إِسْمَاعَ الْمَكْرُوهِ لَهُمْ قَلِيلاً وَ اللَّهِ لَئِنْ أَمَرْتَنَا لَنَقْتُلَنَّهُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ 1«سُبْحَانَ اللَّهِ يَا مَالِ جُزْتَ الْمَدَى وَ عَدَوْتَ الْحَدَّ وَ أَغْرَقْتَ فِي النَّزْعِ» فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَبَعْضُ الْغَشْمِ أَبْلَغُ فِي أُمُورٍ تَنُوبُكَ مِنْ مُهَادَنَةِ الْأَعَادِي فَقَالَ عَلِيٌّ 1«لَيْسَ هَكَذَا قَضَى اللَّهُ يَا مَالِ قَتْلَ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ فَمَا بَالُ الْغَشْمِ (4)وَ قَالَ« وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً »وَ الْإِسْرَافُ فِي الْقَتْلِ أَنْ تَقْتُلَ غَيْرَ قَاتِلِكَ فَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَ ذَلِكَ هُوَ الْغَشْمُ» فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَوْفٍ الْأَزْدِيُّ وَ كَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَقَالَ».

ص: 4


1- في ح(1:256):«القائلين إلينا».
2- كذا وردت الأفعال الثلاثة هنا و في ح بحذف نون الرفع لغير ناصب أو جازم، و هي لغة صحيحة.انظر خزانة الأدب(3:525-526).
3- الإعتاب:إعطاء العتبى،و هي الرضا.و أعتبنى فلان:ترك ما كنت أجد عليه من أجله.
4- في ح(1:257)«قال سبحانه النفس بالنفس فما بال ذكر النفس».

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ رَأَيْتَ الْقَتْلَى حَوْلَ عَائِشَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ وَ طَلْحَةَ بِمَ قُتِلُوا (1)قَالَ 1«قَتَلُوا شِيعَتِي وَ عُمَّالِي وَ قَتَلُوا أَخَا رَبِيعَةَ اَلْعَبْدِيَّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي عِصَابَةٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ قَالُوا لاَ نَنْكُثُ كَمَا نَكَثْتُمْ وَ لاَ نَغْدِرُ كَمَا غَدَرْتُمْ فَوَثَبُوا عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ فَسَأَلْتُهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيَّ قَتَلَةَ إِخْوَانِي أَقْتُلُهُمْ بِهِمْ ثُمَّ كِتَابُ اللَّهِ حَكَمٌ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيَّ فَقَاتَلُونِي وَ فِي أَعْنَاقِهِمْ بَيْعَتِي وَ دِمَاءُ قَرِيبٍ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ شِيعَتِي فَقَتَلْتُهُمْ بِهِمْ أَ فِي شَكٍّ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ؟» قَالَ قَدْ كُنْتُ فِي شَكٍّ فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَرَفْتُ وَ اسْتَبَانَ لِي خَطَأُ الْقَوْمِ وَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمَهْدِيُّ الْمُصِيبُ وَ كَانَ أَشْيَاخُ الْحَيِّ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ كَانَ عُثْمَانِيّاً وَ قَدْ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ عَلَى ذَلِكَ صِفِّينَ وَ لَكِنَّهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ كَانَ يُكَاتِبُ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ أَقْطَعَهُ قَطِيعَةً بِالْفَلُّوجَةِ (2)وَ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيماً.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً تَهَيَّأَ لِيَنْزِلَ وَ قَامَ رِجَالٌ لِيَتَكَلَّمُوا فَلَمَّا رَأَوْهُ نَزَلَ جَلَسُوا وَ سَكَتُوا .

اِخْتِيَارُ عَلِيٍّ لِمَنْزِلِهِ بِالْكُوفَةِ

نَصْرٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ : أَنَّ عَلِيّاً لَمَّا دَخَلَ اَلْكُوفَةَ قِيلَ لَهُ أَيَّ الْقَصْرَيْنِ نُنْزِلُكَ قَالَ 1«قَصْرَ الْخَبَالِ لاَ تُنْزِلُونِيهِ» فَنَزَلَ عَلَى جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيِّ (3) .

نَصْرٌ عَنِ اَلْفَيْضِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ

ص: 5


1- في ح:«علام قتلوا.أو قال:بم قتلوا؟».
2- الفلوجتان:قريتان كبيرتان من سواد بغداد و الكوفة قرب عين التمر:و يقال الفلوجة الكبرى و الفلوجة الصغرى و الفلوجة العليا و الفلوجة السفلى أيضا.
3- قال ابن أبي الحديد:«قلت:جعدة ابن أخت هانئ بنت أبى طالب،كانت تحت هبيرة بن أبي وهب المخزومى،فأولدها جعدة».

عَلِيٌّ اَلْكُوفَةَ نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ وَ صَلَّى ثُمَّ تَحَوَّلَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ يَنْزِلُ اَلْكُوفَةَ فَقَالَ قَائِلٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ 1«إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَأْثِرْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ» وَ قَرَأَ« وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ »قَالَ فَلَمَّا لَحِقَ الثَّقَلُ قَالُوا أَيَّ الْقَصْرَيْنِ تَنْزِلُ فَقَالَ 1«قَصْرَ الْخَبَالِ لاَ تُنْزِلُونِيهِ» (1) .

مُتَابَعَتُهُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ

- نَصْرٌ عَنْ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْكَنُودِ : أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيَّ (2)دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ رَجْعَتِهِ مِنَ اَلْبَصْرَةِ فَعَاتَبَهُ وَ عَذَلَهُ وَ قَالَ لَهُ 1«اِرْتَبْتَ وَ تَرَبَّصْتَ وَ رَاوَغْتَ وَ قَدْ كُنْتَ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَ أَسْرَعِهِمْ فِيمَا أَظُنُّ إِلَى نُصْرَتِي فَمَا قَعَدَ بِكَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَ مَا زَهَدَكَ فِي نَصْرِهِمْ» فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَرُدَّنَّ الْأُمُورَ عَلَى أَعْقَابِهَا وَ لاَ تُؤَنِّبْنِي بِمَا مَضَى مِنْهَا وَ اسْتَبْقِ مَوَدَّتِي يَخْلُصْ (3)لَكَ نَصِيحَتِي وَ قَدْ بَقِيَتْ أُمُورٌ تَعْرِفُ فِيهَا وَلِيَّكَ مِنْ عَدُوِّكَ.فَسَكَتَ عَنْهُ وَ جَلَسَ سُلَيْمَانُ قَلِيلاً ثُمَّ نَهَضَ فَخَرَجَ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ هُوَ قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَ لاَ أُعْجِبُكَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا لَقِيتُ

ص: 6


1- ح:«قالوا انزل القصر.فقال:قصر الجبال لا تنزلوا فيه».و لم أجد ذكرا لهذا القصر برسميه اللذين وردا في الأصل و ح.لكن وجدت السيّد فرج اللّه الحسيني قد كتب «أراد منه عليه السلام قصر دار الامارة؛فكأنّه سماها به لما وقع فيها قبله من أمراء الجور و عمال أهل النفاق و الشقاق،من الهلكة و النقصان».
2- هو سليمان بن صرد،بضم المهملة و فتح الراء،بن الجون الخزاعيّ،أبو مطرف الكوفيّ.صحابى جليل.قال ابن حجر:و كان خيرا فاضلا شهد صفّين مع على و قتل حوبشا مبارزة،ثمّ كان ممن كاتب الحسين ثمّ تخلف عنه،ثمّ قدم هو و المسيب بن نجبة في آخرين فخرجوا في الطلب بدمه و هم أربعة آلاف،فالتقاهم عبيد اللّه بن زياد بعين الوردة بعسكر مروان،فقتل سليمان و من معه،و ذلك في سنة خمس و ستين.انظر الإصابة و تهذيب. التهذيب.
3- ح:«تخلص».

مِنْهُ مِنَ التَّبْكِيتِ وَ التَّوْبِيخِ؟ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ 2«إِنَّمَا يُعَاتَبُ مَنْ تُرْجَى مَوَدَّتُهُ وَ نَصِيحَتُهُ» فَقَالَ إِنَّهُ بَقِيَتْ أُمُورٌ سَيُسْتَوْسَقُ فِيهَا الْقَنَا (1)وَ يُنْتَضَى فِيهَا السُّيُوفُ وَ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى أَشْبَاهِي فَلاَ تَسْتَغِشُّوا عَتْبي (2)وَ لاَ تَتَّهِمُوا نَصِيحَتِي فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : 2«رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَنْتَ عِنْدَنَا بِالظَّنِينِ» .

دُخُولُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ عَلَى عَلِيٍّ

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ يَعْنِي اِبْنَ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ (3)عَنِ اَلشَّعْبِيِّ (4)(4):

إِنَّ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ 1«وَ عَلَيْكَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ» فَقَالَ حَاشَ لِلَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ مِنْ أُولَئِكَ قَالَ: 1«فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ» .

مُعَاَتَبَةُ عَلِيٍّ أَشْرَافَ الْكُوفَةِ

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ قَالَ:

دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ قَدِمَ مِنَ اَلْبَصْرَةِ وَ هُوَ عَامَ بَلَغْتُ الْحُلُمَ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ رِجَالٌ يُؤَنِّبُهُمْ وَ يَقُولُ لَهُمْ 1«مَا بَطَّأَ بِكُمْ عَنِّي وَ أَنْتُمْ أَشْرَافُ قَوْمِكُمْ وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ مِنْ ضَعْفِ النِّيَّةِ وَ تَقْصِيرِ الْبَصِيرَةِ إِنَّكُمْ لَبُورٌ (5)وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ مِنْ شَكٍّ فِي فَضْلِي وَ مُظَاهَرَةٍ عَلَيَّ إِنَّكُمْ لَعَدُوٌّ» قَالُوا حَاشَ لِلَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ سِلْمُكَ وَ حَرْبُ عَدُوِّكَ ثُمَّ اعْتَذَرَ الْقَوْمُ فَمِنْهُمْ مَنْ

ص: 7


1- القنا:الرماح.و الاستيساق:الاجتماع،و فعله لازم.و في حديث أحد:«استوسقوا كما يستوسق جرب الغنم»،أي استجمعوا و انضموا.و بدلها في ح:«سيسرع فيها القتال.».
2- استغشه و اغتشه:ظن به الغش،و هو خلافه استنصحه.و في الأصل:«لا تستبشعوا غيبتى»صوابها في ح.
3- ذكره في لسان الميزان مصحفا برسم نمير بن دعلمة.
4- هو عامر بن شراحيل الحميري أبو عمرو الكوفيّ،ثقة مشهور.روى عن أبي هريرة،و عائشة،و ابن عبّاس و غيرهم.و عنه ابن سيرين،و الأعمش،و شعبة،و جابر الجعفى.لسان الميزان(6:840).
5- البور بالضم:الهالك؛يقال رجل بور،و رجلان بور،و قوم بور؛و كذلك الأنثى. اللسان.

ذَكَرَ عُذْرَهُ وَ مِنْهُمْ مَنِ اعْتَلَّ بِمَرَضٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ غَيْبَةً فَنَظَرْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ الْعَبْسِيُّ (1)وَ إِذَا حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ التَّمِيمِيُّ وَ كِلاَهُمَا كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَ إِذَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَوْفٍ الْأَزْدِيُّ وَ إِذَا غَرِيبُ بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ وَ نَظَرَ عَلِيٌّ إِلَى أَبِي فَقَالَ: 1«لَكِنْ مِخْنَفُ بْنُ سُلَيْمٍ وَ قَوْمُهُ لَمْ يَتَخَلَّفُوا وَ لَمْ يَكُنْ مَثَلُهُمْ مَثَلَ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:« وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً » (2)» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً مَكَثَ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ اَلشَّنِّيُّ فِي ذَلِكَ (3)شَنُّ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ -

قُلْ لِهَذَا الْإِمَامِ قَدْ خَبَتِ الْحَرْبُ وَ تَمَّتْ بِذَلِكَ النَّعْمَاءُ

وَ فَرَغْنَا مِنْ حَرْبِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَ بِالشَّامِ حَيَّةٌ صَمَّاءُ

تَنْفُثُ السُّمَّ مَا لِمَنْ نَهَشَتْهُ فَارْمِهَا قَبْلَ أَنْ تَعَضَّ شِفَاءً

إِنَّهُ وَ الَّذِي يَحُجُّ لَهُ النَّاسُ وَ مِنْ دُونِ بَيْتِهِ الْبَيْدَاءُ0.

ص: 8


1- هو عبد اللّه بن المعتم،بضم الميم و سكون المهملة و فتح المثناة و تشديد الميم،قال ابن حجر:«له صحبة،و هو ممن تخلف عن على يوم الجمل...و قال أبو زكريا الموصلى في تاريخ الموصل:هو الذي فتح الموصل».و في ح:«عبيد اللّه»بالتصغير،محرف. انظر الإصابة 4957.
2- الآيتان 72،73 من سورة النساء.
3- هو الأعور الشى.بشر بن منقذ.أحد بنى شن بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.قال الآمدى:«شاعر خبيث،و كان مع على رضي اللّه عنه يوم الجمل».انظر المؤتلف 38،60.

لَضَعِيفُ النُّخَاعِ إِنْ رُمِيَ الْيَوْمَ بِخَيْلٍ كَأَنَّهَا الْأَشْلاَءُ (1)

جَانِحَاتٍ تَحْتَ الْعَجَاجِ سِخَالاً مُجْهِضَاتٍ تَخَالُهَا الْأَسْلاَءَ (2)

تَتَبَارَى بِكُلِّ أَصْيَدَ كَالْفَحْلِ بِكَفَّيْهِ صَعْدَةٌ سَمْرَاءُ

ثُمَّ لاَ يَنْثَنِي الْحَدِيدُ وَ لَمَّا يَخْضِبِ الْعَامِلِينَ مِنْهَا الدِّمَاءُ

إِنْ تَذَرْهُ (3)فَمَا مُعَاوِيَةُ الدَّهْرَ بِمُعْطِيكَ مَا أَرَاكَ تَشَاءُ

وَ لَنَيْلُ السِّمَاكِ أَقْرَبُ مِنْ ذَاكَ وَ نَجْمُ اَلْعَيُّوقِ وَ اَلْعَوَّاءُ (4)

فَاضْرِبِ الْحَدَّ وَ الْحَدِيدَ (5)إِلَيْهِمْ لَيْسَ وَ اللَّهِ غَيْرُ ذَاكَ دَوَاءً

.

خطبة علي في الجمعة بالكوفة و المدينة

حَدَّثَنَا نَصْرٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ عَنِ اَلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي طَيْبَةَ (6)عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَمَّ عَلِيٌّ الصَّلاَةَ يَوْمَ دَخَلَ اَلْكُوفَةَ فَلَمَّا كَانَتِ اَلْجُمُعَةُ وَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ صَلَّى بِهِمْ وَ خَطَبَ خُطْبَةً .

ص: 9


1- أشلاء الإنسان:أعضاؤه بعد البلى و التفرق.و قد مثل الخيل في تفرقها للغارة بالأعضاء المتناثرة.
2- جانحات:أراد أنّها تكسر جوانح هذه السخال.و الجوانح:الضلوع القصار التي في مقدم الصدر.و الواحدة جانحة،يقال جنح البعير:انكسرت جوانحه من الحمل الثقيل. و السخال:جمع سخلة.و هي ولد الشاة من المعز و الضأن ذكرا كان أو أنثى.و يقال أيضا في الخيل.كما هنا و كما في قول عبد اللّه بن عنمة: يطرحن سخل الخيل في كل منزل تبين منه شقرها و ورادها انظر المفضلية(114:9 طبع المعارف).و في الأصل و ح:«سحال»محرفة. و المجهضات:التي ألقيت لغير تمام و لما يستبن خلقها.و الأسلاء:جمع سلى،و هو الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد.و في البيت إقواء.
3- في الأصل:«أو تذره»،صوابه من ح.
4- السماك و العيوق و العواء:نجوم في السماء.ح:«و لنيل السماء».
5- ح:«فأعد بالجد و الحديد»،صواب هذه:«فاغد بالجد و الحديد».
6- أبو طيبة،بفتح المهملة بعدها مثناة تحتية ساكنة ثمّ باء موحدة،و اسمه عبد اللّه بن مسلم السلمى المروزى،كان قاضيا بمرو.

نَصْرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خُطْبَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي اَلْجُمُعَةِ بِالْكُوفَةِ وَ اَلْمَدِينَةِ :

1«إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ (1)وَ أَسْتَعِينُهُ وَ أَسْتَهْدِيهِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ مَنْ يَهْدِ اللَّهَ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَ مَنْ يُضْلِلْ« فَلا هادِيَ لَهُ »وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ انْتَجَبَهُ (2)لِأَمْرِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِالنُّبُوَّةِ أَكْرَمُ خَلْقِهِ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ فَبَلَغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ وَ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ وَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرُ مَا تَوَاصَى بِهِ عِبَادُ اللَّهِ وَ أَقْرَبُهُ لِرِضْوَانِ اللَّهِ وَ خَيْرُهُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِتَقْوَى اللَّهِ أُمِرْتُمْ وَ لِلْإِحْسَانِ وَ الطَّاعَةِ خُلِقْتُمْ فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَذَّرَ بَأْساً شَدِيداً وَ اخْشَوُا اللَّهَ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ (3)وَ اعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ وَ لاَ سُمْعَةٍ فَإِنَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَا عَمِلَ لَهُ وَ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ مُخْلِصاً تَوَلَّى اللَّهُ أَجْرَهُ وَ أَشْفِقُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً مِنْ أَمْرِكُمْ سُدًى قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ وَ عَلِمَ أَعْمَالَكُمْ وَ كَتَبَ آجَالَكُمْ فَلاَ تَغُرُّوا بِالدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ بِأَهْلِهَا مَغْرُورٌ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا وَ إِلَى فَنَاءٍ مَا هِيَ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْحَيَوَانِ« لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ »أَسْأَلُ اللَّهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَ مُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَ مَعِيشَةَ السُّعَدَاءِ فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ وَ بِهِ» .ن.

ص: 10


1- ح:«الحمد الذي أحمده».
2- في اللسان:«انتجب فلان فلانا،إذا استخلصه و اصطفاه اختيارا على غيره».ح: «انتخبه».و الانتخاب بالخاء:الاختيار.
3- التعذير:التقصير مع إظهار الاجتهاد.و في الحديث:«جاء بطعام جشيب فكنا نعذر»،أي نقصر و نظهر أننا مجتهدون.

[تَوْلِيَتُهُ الْوُلاَةَ عَلَى الْأَمْصَارِ]

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَقَامَ بِالْكُوفَةِ وَ اسْتَعْمَلَ الْعُمَّالَ

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَ اَلصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ يُوسُفَ وَ أَبِي رَوْقٍ : أَنَّ عَلِيّاً حِينَ قَدِمَ مِنَ اَلْبَصْرَةِ إِلَى اَلْكُوفَةِ بَعَثَ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيَّ عَلَى الْمَدَائِنِ وَ جَوْخَا كُلِّهَا.

وَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَ بَعَثَ مِخْنَفَ بْنَ سُلَيْمٍ عَلَى أَصْبَهَانَ وَ هَمَذَانَ .

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا هَرَبَ مِخْنَفٌ بِالْمَالِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ 1«عَذَرْتُ الْقِرْدَانَ فَمَا بَالُ الْحَلَمِ» (1).

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: وَ بَعَثَ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ عَلَى اَلْبِهْقُبَاذَاتِ (2)وَ بَعَثَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ الْأَزْدِيَّ عَلَى كَسْكَرٍ وَ عَدِيَّ بْنَ الْحَارِثِ عَلَى مَدِينَةِ بَهُرَسِيرَ وَ أُسْتَانِهَا (3)وَ بَعَثَ أَبَا حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ عَلَى أُسْتَانِ الْعَالِي (4)وَ بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ عَلَى أُسْتَانِ الزَّوَابِي (5)».

ص: 11


1- القردان:جمع قراد،بالضم.و الحلم جنس منه صغار.قال الميداني:«و هذا قريب من قولهم:«استنّت الفصال حتّى القرعى».و في الأصل:«غددت القردان فما بال الحكم» محرف،و صواب النصّ من مجمع الأمثال(1:443)،و لم يذكر نسبته إلى على.
2- هن ثلاث بهقباذات ذكرها ياقوت في معجمه.و بهقباذ،بالكسر ثمّ السكون و ضم القاف و باء موحدة و ألف و ذال معجمة.ثلاث كور ببغداد منسوبة إلى قباذ بن فيروز والد أنوشروان.و في الأصل:«البهقياذات»محرفة.
3- بهرسير،بالفتح ثمّ الضم و فتح الراء و كسر السين المهملة:من نواحي سواد بغداد.و الأستان،قال العسكريّ:مثل الرستاق بالضم:السواد و القرى.انظر معجم البلدان(1:223 س 12)و القاموس(رزدق و رستق).و الأستان،بالضم،كما في القاموس.
4- في معجم البلدان:«الأستان العالى»و قال:كورة في غربى بغداد من السواد تشتمل على أربعة طساسيج:و هي الأنبار،و بادرويا،و قطربل،و مسكن.
5- الزوابى،بالزاى المعجمة،قال ياقوت:«فى العراق أربعة أنهر،نهران فوق بغداد و نهران تحتها،يقال لكل واحد منها الزاب».و قال في مادة(الزاب):«و ربما قيل لكل واحد زابى و التثنية زابيان...و إذا جمعت قيل لها الزوابى».و قد تكون: الروابى»،ففي المعجم:«روابى بنى تميم من نواحي الرقة.عن نصر».

وَ اسْتَعْمَلَ رِبْعِيَّ بْنَ كَاسَ عَلَى سِجِسْتَانَ وَ كَاسُ أُمُّهُ يُعْرَفُ بِهَا وَ هُوَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَ بَعَثَ خُلَيداً إِلَى خُرَاسَانَ فَسَارَ خُلَيْدٌ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ نَيْسَابُورَ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ قَدْ كَفَرُوا وَ نَزَعُوا يَدَهُمْ مِنَ الطَّاعَةِ وَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَّالُ كِسْرَى مِنْ كَابُلَ فَقَاتَلَ أَهْلَ نَيْسَابُورَ فَهَزَمَهُمْ وَ حَصَرَ أَهْلَهَا وَ بَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ بِالْفَتْحِ وَ السَّبْيِ ثُمَّ صَمَدَ لِبَنَاتِ كِسْرَى فَنَزَلْنَ عَلَى أَمَانٍ فَبَعَثَ بِهِنَّ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا قَدِمْنَ عَلَيْهِ قَالَ: 1«أُزَوِّجُكُمْ ؟» قُلْنَ لاَ إِلاَّ أَنْ تُزَوِّجَنَا ابْنَيْكَ فَإِنَّا لاَ نَرَى لَنَا كُفْواً غَيْرَهُمَا فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اذْهَبَا حَيْثُ شِئْتُمَا فَقَامَ نَرْسَا فَقَالَ:مُرْ لِي بِهِنَّ فَإِنَّهَا مِنْكَ كَرَامَةٌ فَبَيْنِي وَ بَيْنَهُنَّ قَرَابَةٌ (1)فَفَعَلَ فَأَنْزَلَهُنَّ نَرْسَا مَعَهُ وَ جَعَلَ يُطْعِمُهُنَّ وَ يَسْقِيهِنَّ فِي الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ يَكْسُوهُنَّ كِسْوَةَ الْمُلُوكِ وَ يَبْسُطُ لَهُنَّ الدِّيبَاجَ.

وَ بَعَثَ عَلِيٌّ اَلْأَشْتَرَ عَلَى اَلْمَوْصِلِ وَ نَصِيبِينَ وَ دَارَا وَ سِنْجَارَ وَ آمُدَ وَ هِيتَ وَ عَانَاتِ وَ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَرَضِينَ مِنْ أَرْضِ اَلْجَزِيرَةِ .

وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَلَى مَا فِي سُلْطَانِهِ مِنْ أَرْضِ اَلْجَزِيرَةِ وَ كَانَ فِي يَدَيْهِ حَرَّانُ وَ اَلرَّقَّةُ وَ اَلرُّهَا وَ قَرْقِيسِيَا وَ كَانَ مَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَ اَلْبَصْرَةِ مِنَ اَلْعُثْمَانِيَّةِ قَدْ هَرَبُوا فَنَزَلُوا اَلْجَزِيرَةَ فِي سُلْطَانِ مُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يُرِيدُ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ بِحَرَّانَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ اَلضَّحَّاكَ بَعَثَ إِلَى أَهْلِ اَلرَّقَّةِ فَأَمَدُّوهُ وَ كَانَ جُلُّ أَهْلِهَا يَوْمَئِذٍ عُثْمَانِيَّةً فَجَاءُوا وَ عَلَيْهِمْ سَمَّاكُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَ أَقْبَلَ اَلضَّحَّاكُ يَسْتَقْبِلُ اَلْأَشْتَرَ فَالْتَقَى اَلضَّحَّاكَ وَ سَمَّاكَ بْنَ مَخْرَمَةَ بِمَرْجِ مَرِّينَا بَيْنَ حَرَّانَ وَ اَلرَّقَّةِ فَرَحَلَ اَلْأَشْتَرُ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِمْ فَاقْتَتَلُوا اقْتِتَالاً شَدِيداً حَتَّى كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ فَرَجَعَ اَلضَّحَّاكُ بِمَنْ مَعَهُ فَسَارَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى».

ص: 12


1- أشار ناسخ الأصل إلى أن في بعض النسخ:«لأن بينى و بينهن قرابة».

صَبَّحَ بِحَرَّانَ فَدَخَلَهَا وَ أَصْبَحَ اَلْأَشْتَرُ فَرَأَى مَا صَنَعُوا فَتَبِعَهُمْ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِمْ بِحَرَّانَ فَحَصَرَهُمْ وَ أَتَى الْخَبَرُ مُعَاوِيَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ فِي خَيْلٍ يُغِيثُهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ اَلْأَشْتَرَ كَتَّبَ كَتَائِبَهُ وَ عَبَّى جُنُودَهُ وَ خَيْلَهُ ثُمَّ نَادَاهُمُ اَلْأَشْتَرُ أَلاَ إِنَّ الْحَيَّ عَزِيزٌ أَلاَ إِنَّ الذِّمَارَ مَنِيعٌ أَ لاَ تَنْزِلُونَ أَيُّهَا الثَّعَالِبُ الرَّوَّاغَةُ احْتَجَرْتُمْ احْتِجَارَ الضِّبَابِ فَنَادَوْا يَا عِبَادَ اللَّهِ أَقِيمُوا قَلِيلاً عَلِمْتُمْ وَ اللَّهِ أَنْ قَدْ أُتِيْتُمْ فَمَضَى اَلْأَشْتَرُ حَتَّى مَرَّ عَلَى أَهْلِ اَلرَّقَّةِ فَتَحَرَّزُوا مِنْهُ ثُمَّ مَضَى حَتَّى مَرَّ عَلَى أَهْلِ قَرْقِيسِيَا فَتَحَرَّزُوا مِنْهُ وَ بَلَغَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ انْصِرَافُ اَلْأَشْتَرِ فَانْصَرَفَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ عَاتَبَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيُّ مُعَاوِيَةَ وَ ذَكَرَ بَلاَءَ قَوْمِهِ بَنِي أَسَدٍ فِي مَرْجِ (1)مَرِّينَا وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ

أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسَالَةً مِنْ عَاتِبِينَ مَسَاعِرٍ أَنْجَادٍ

مَنَّيْتَهُمْ أَنْ آثَرُوكَ مَثُوبَةً فَرَشَدْتَ إِذْ لَمْ تُوفِ بِالْمِيعَادِ

أَ نَسِيتَ إِذْ فِي كُلِّ عَامٍ غَارَةٌ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ كَرِجْلِ جَرَادٍ (2)

غَارَاتُ أَشْتَرَ فِي الْخُيُولِ يُرِيدُكُمْ بِمَعَرَّةٍ وَ مَضَرَّةٍ وَ فَسَادٍ

وَضَعَ الْمَسَالِحَ مَرْصَداً لِهَلاَكِكُمْ مَا بَيْنَ عَانَاتٍ إِلَى زيداد (3)

وَ حَوَى رَسَاتِيقَ اَلْجَزِيرَةِ كُلَّهَا غَصْباً بِكُلِّ طِمِرَّةٍ وَ جَوَادٍ

لَمَّا رَأَى نِيرَانَ قَوْمِي أُوقِدَتْ وَ أَبُو أَنِيسٍ فَاتِرُ الْإِيقَادِ

أَمْضَى إِلَيْنَا خَيْلَهُ وَ رِجَالَهُ وَ أَغَذَّ لاَ يَجْرِي لِأَمْرِ رَشَادٍ».

ص: 13


1- الكلمتان ساقطتان من الأصل.
2- الرجل،بالكسر:الجراد الكثير،و جمعه أرجال.
3- زيداد.لم أجد لها ذكرا في كتب البلدان.و لعلها«سنداد».

ثُرْنَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْقَنَا وَ بِكُلِّ أَبْيَضَ كَالْعَقِيقَةِ صَادٍ (1)

فِي مَرْجِ مَرِّينَا (2)أَ لَمْ تَسْمَعْ بِنَا نَبْغِي الْإِمَامَ بِهِ وَ فِيهِ نُعَادِي

لَوْ لاَ مَقَامُ عَشِيرَتِي وَ طِعَانُهُمْ وَ جِلاَدُهُمْ بِالْمَرْجِ أَيَّ جِلاَدٍ

لَأَتَاكَ أَشْتَرُ مَذْحِجٍ لاَ يَنْثَنِي بِالْجَيْشِ ذَا حَنَقٍ عَلَيْكَ وَ آدٍ (3)

.

حَدِيثُ عَلِيٍّ مَعَ نَرْسَا

نَصْرٌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَرْدَمِ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حُشِرَ أَهْلُ اَلسَّوَادِ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَذِنَ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَى كَثْرَتَهُمْ قَالَ 1إِنِّي لاَ أُطِيقُ كَلاَمَكُمْ وَ لاَ أَفْقَهُ عَنْكُمْ فَأَسْنِدُوا أَمْرَكُمْ إِلَى أَرْضَاكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ وَ أَعَمِّهِ نَصِيحَةً لَكُمْ قَالُوا نَرْسَا مَا رَضِيَ فَقَدْ رَضِينَاهُ وَ مَا سَخِطَ فَقَدْ سَخِطْنَاهُ فَتَقَدَّمَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ 1أَخْبِرْنِي عَنْ مُلُوكِ فَارِسَ كَمْ كَانُوا قَالَ كَانَتْ مُلُوكُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ الْآخِرَةِ اثْنَيْنِ وَ ثَلاَثِينَ مَلِكاً (4)قَالَ 1فَكَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُمْ قَالَ مَا زَالَتِ سِيرَتُهُمْ فِي عِظَمِ أَمْرِهِمْ وَاحِدَةً (5)حَتَّى مَلَكَنَا كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ فَاسْتَأْثَرَ بِالْمَالِ وَ الْأَعْمَالِ وَ خَالَفَ أُولَينَا وَ أَخْرَبَ الَّذِي لِلنَّاسِ وَ عَمَرَ الَّذِي لَهُ وَ اسْتَخَفَّ بِالنَّاسِ فَأَوْغَرَ نُفُوسَ فَارِسَ حَتَّى ثَارُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ فَأَرْمَلَتْ نِسَاؤُهُ وَ يُتِمَ أَوْلاَدُهُ فَقَالَ 1يَا نَرْسَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ بِالْحَقِّ وَ لاَ يَرْضَى مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ فِي سُلْطَانِ اللَّهِ

ص: 14


1- العقيقة:البرق إذا رأيته في وسط السحاب كأنّه سيف مسلول.
2- شدد راء«مرينا»للشعر،و أصلها التخفيف كما في القاموس.و بنو مرينا:قوم من أهل الحيرة من العباد.قال الجواليقيّ:«و ليس مرينا بكلمة عربية».و أنشد لامرئ القيس: فلو في يوم معركة أصيبوا و لكن في ديار بنى مرينا.
3- الآد و الأيد:القوّة.
4- جعلهم المسعوديّ في التنبيه و الإشراف 87-90 ثلاثين ملكا.و هم الساسانيون.
5- عظم الأمر بالضم و الفتح:معظمه.

تَذْكِرَةٌ مِمَّا خَوَّلَ اللَّهُ وَ إِنَّهَا لاَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ إِلاَّ بِتَدْبِيرٍ وَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمَارَةٍ وَ لاَ يَزَالُ أَمْرُنَا مُتَمَاسِكاً مَا لَمْ يَشْتِمْ آخِرُنَا أَوَّلَنَا فَإِذَا خَالَفَ آخِرُنَا أَوَّلَنَا وَ أَفْسَدُوا هَلَكُوا وَ أَهْلَكُوا ثُمَّ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُمَرَاءَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ إِلَى الْعُمَّالِ فِي الْآفَاقِ وَ كَانَ أَهُمُّ الْوُجُوهِ إِلَيْهِ اَلشَّامَ .

كتابه إلى جرير بن عبد الله البجلي و ما جرى بعد تلك المكاتبة

1,2- نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌّ وَ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ فِي الْآفَاقِ كَتَبَ إِلَى جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَ كَانَ جَرِيرٌ عَامِلاً لِعُثْمَانَ عَلَى ثَغْرِ هَمْدَانَ (1)فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ الْجُعْفِيِّ (2)1«أَمَّا بَعْدُ فَ« إِنَّ اللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ » وَ إِنِّي أُخْبِرُكَ عَنْ نَبَإِ (3)مَنْ سِرْنَا إِلَيْهِ مِنْ جُمُوعِ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ عِنْدَ نَكْثِهِمْ بَيْعَتَهُمْ (4)وَ مَا صَنَعُوا بِعَامِلِي عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ (5)إِنِّي هَبَطْتُ مِنَ اَلْمَدِينَةِ بِالْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالْعُذَيْبِ بَعَثْتُ إِلَى أَهْلِ اَلْكُوفَةِ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَاسْتَنْفَرُوهُمْ

ص: 15


1- همدان،كذا وردت في الأصل و في ح(1:246).و هما لغتان في همدان. و لغة الإعمال هي الفارسية،و بالإعجام معربة.انظر معجم استينجاس 1509.
2- زحر،بفتح الزاى و سكون الحاء المهملة.و هو زحر بن قيس الكوفيّ الجعفى، أحد أصحاب عليّ بن أبي طالب،أنزله المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة،روى عنه عامر الشعبى،و حصين بن عبد الرحمن.انظر تاريخ بغداد 4605.ح:«زجر»محرف.
3- ح:«عن أنباء».
4- ح:«بيعتى».
5- حنيف،بهيئة التصغير.و عثمان بن حنيف صحابى أنصارى،شهد أحدا،و كان على استعمله على البصرة قبل أن يقدم عليها فغلبه عليها طلحة و الزبير.و مات في خلافة معاوية.الإصابة 5427.

فَأَجَابُوا فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّى نَزَلْتُ بِظَهْرِ اَلْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ فِي الدُّعَاءِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ نَاشَدْتُهُمْ عَقْدَ بَيْعَتِهِمْ (1)فَأَبَوْا إِلاَّ قِتَالِي فَاسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَى مِصْرِكُمْ فَسَأَلُونِي مَا كُنْتُ دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ قَبْلَ اللِّقَاءِ فَقَبِلْتُ الْعَافِيَةَ وَ رَفَعْتُ السَّيْفَ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ سِرْتُ إِلَى اَلْكُوفَةِ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ زَحْرَ (2)بْنَ قَيْسٍ فَاسْأَلْ (3)عَمَّا بَدَا لَكَ .

قَالَ:فَلَمَّا قَرَأَ جَرِيرٌ الْكِتَابَ قَامَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ الْمَأْمُونُ عَلَى الدِينِ وَ الدُّنْيَا وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَمْرِ عَدُوِّهِ مَا نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ وَ قَدْ بَايَعَهُ« اَلسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ(4) مِنَ اَلْمُهاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصارِ »وَ اَلتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ وَ لَوْ جُعِلَ هَذَا الْأَمْرُ شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِهَا أَلاَ وَ إِنَّ الْبَقَاءَ فِي الْجَمَاعَةِ وَ الْفَنَاءَ فِي الْفُرْقَةِ وَ عَلِيٌّ (5)حَامِلُكُمْ عَلَى الْحَقِّ مَا اسْتَقَمْتُمْ فَإِنْ مِلْتُمْ أَقَامَ مَيْلَكُمْ.

فَقَالَ النَّاسُ سَمْعاً وَ طَاعَةً رَضِينَا رَضِينَا فَأَجَابَ جَرِيرٌ وَ كَتَبَ جَوَابَ كِتَابِهِ بِالطَّاعَةِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ رَجُلٌ مِنْ طَيْئٍ ابْنُ أُخْتٍ لِجَرِيرٍ فَحَمَّلَ زَحْرَ بْنَ قَيْسٍ شِعْراً لَهُ إِلَى خَالِهِ جَرِيرٍ وَ هُوَ

جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لاَ تَرْدُدِ الْهُدَى وَ بَايِعْ عَلِيّاً إِنَّنِي لَكَ نَاصِحٌ

فَإِنَّ عَلِيّاً خَيْرُ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى سِوَى أَحْمَدَ وَ الْمَوْتُ غَادٍ وَ رَائِحٌ».

ص: 16


1- ح:«عهد بيعتهم».
2- في الأصل و ح:«زجر»بالجيم،محرفة.
3- في ح:«فلسأله»،و في الإمامة و السياسة(1:78):«فاسأله عنا و عنهم».
4- (4) ح:«الناس الأولون».
5- ح:«و إن عليا».

وَ دَعْ عَنْكَ قَوْلَ اَلنَّاكِثِينَ فَإِنَّمَا أُولاَكَ أَبَا عَمْرٍو كِلاَبٌ نَوَابِحُ

وَ بَايِعْهُ إِنْ بَايَعْتَهُ بِنَصِيحَةٍ وَ لاَ يَكُ مَعْهَا فِي ضَمِيرِكَ قَادِحٌ (1)

فَإِنَّكَ إِنْ تَطْلُبْ بِهِ الدِّينَ تُعْطَهُ وَ إِنْ تَطْلُبِ الدُّنْيَا فَبَيْعُكَ رَابِحٌ

وَ إِنْ قُلْتَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَقُّهُ عَلَيَّ عَظِيمٌ وَ الشَّكُورُ مُنَاصِحٌ

فَحَقُّ عَلِيٍّ إِذْ وَلِيكَ كَحَقِّهِ وَ شُكْرُكَ مَا أُولِيتَ فِي النَّاسِ صَالِحٌ (2)

وَ إِنْ قُلْتَ لاَ نَرْضَى عَلِيّاً إِمَامَنَا فَدَعْ عَنْكَ بَحْراً ضَلَّ فِيهِ السَّوَابِحُ

أَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنَّهُ خَيْرُ دَهْرِهِ وَ أَفْضَلُ مَنْ ضَمَّتْ عَلَيْهِ الْأَبَاطِحُ.

ثُمَّ قَامَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ خَطِيباً (3)فَكَانَ مِمَّا حُفِظَ مِنْ كَلاَمِهِ أَنْ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اخْتَارَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ وَ تَوَلاَّهُ دُونَ خَلْقِهِ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي الْحَمْدِ وَ لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَجْدِ وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ إِلَهُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالنُّورِ الْوَاضِحِ (4)وَ الْحَقِّ النَّاطِقِ دَاعِياً إِلَى الْخَيْرِ وَ قَائِداً إِلَى الْهُدَى ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً قَدْ كَتَبَ إِلَيْكُمْ كِتَاباً لاَ يُقَالُ بَعْدَهُ إِلاَّ رَجِيعٌ مِنَ الْقَوْلِ وَ لَكِنْ لاَ بُدَّ مِنْ رَدِّ الْكَلاَمِ إِنَّ النَّاسَ بَايَعُوا عَلِيّاً بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ لَهُ بَيْعَتَهُم،

ص: 17


1- القادح،بالقاف:أصله الاكل يقع في الشجر و الأسنان،و المراد به الغش و الدخل. و في اللسان:«قدح في ساق أخيه:غشه و عمل في شيء يكرهه».و في الأصل:«فادح» بالفاء،و هو الحمل الثقيل و النازلة تنزل بالمرء.و الوجه ما أنبت من ح.
2- وليه،كرضيه:صار وليا له.و سكن الياء للشعر.
3- كذا في الأصل.و في ح:«قال نصر:ثم إن جريرا قام في أهل همدان خطيبا». و عقب ابن أبي الحديد على هذه الخطبة و الشعر الذي بعدها بقوله:«قال نصر:فسر الناس بخطبة جرير و شعره».انظر ح(1:247).و قد مضت خطبة لجرير في الصفحة السابقة فيصح ما هنا إن كان قد أشار إلى تلك الخطبة.
4- في الأصل:«بالحق الواضح»و أثبت ما في ح.

لِعِلْمِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَنِ الْحَقِّ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرَ نَقَضَا بَيْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ وَ أَلَّبَا عَلَيْهِ النَّاسَ ثُمَّ لَمْ يَرْضَيَا حَتَّى نَصَبَا لَهُ الْحَرْبَ وَ أَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَلَقِيَهُمَا فَأَعْذَرَ فِي الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنَ فِي الْبَقِيَّةِ وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ هَذَا عِيَانُ مَا غَابَ عَنْكُمْ وَ لَئِنْ سَأَلْتُمُ الزِّيَادَةَ زِدْنَاكُمْ وَ« لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ » وَ قَالَ جَرِيرٌ فِي ذَلِكَ:

أَتَانَا كِتَابُ عَلِيٍّ فَلَمْ نَرُدَّ الْكِتَابَ بِأَرْضِ اَلْعَجَمِ

وَ لَمْ نَعْصِ مَا فِيهِ لَمَّا أَتَى وَ لَمَّا نَذُمَّ (1)وَ لَمَّا نَلُمْ

وَ نَحْنُ وُلاَةٌ عَلَى ثَغْرِهَا نَضِيمُ الْعَزِيزِ وَ نَحْمِي الذِّمَمَ

نُسَاقِيهِمُ الْمَوْتَ عِنْدَ اللِّقَاءِ بِكَأْسِ الْمَنَايَا وَ نَشْفِي الْقَرَمِ

طَحَنَّاهُمُ طَحْنَةً بِالْقَنَا وَ ضَرْبِ سُيُوفٍ تُطِيرُ اللِّمَمَ

مَضَيْنَا يَقِيناً عَلَى دِينِنَا وَ دِيْنِ النَّبِيِّ مُجَلِّي الظُّلَمِ

أَمِينِ الْإِلَهِ وَ بُرْهَانِهِ وَ عَدْلِ الْبَرِيَّةِ وَ الْمُعْتَصَمِ

رَسُولِ الْمَلِيكِ وَ مِنْ بَعْدِهِ خَلِيفَتِنَا الْقَائِمِ الْمُدَّعَمِ

عَلِيّاً عَنَيْتُ وَصِيَّ النَّبِيِّ نُجَالِدُ عَنْهُ غُوَاةَ الْأُمَمِ

لَهُ الْفَضْلُ وَ السَّبْقُ وَ الْمَكْرُمَاتُ وَ بَيْتُ النُّبُوَّةِ لاَ يُهْتَضَمُ (2).

وَ قَالَ رَجُلٌ (3)

لَعَمْرُ أَبِيكَ وَ الْأَنْبَاءُ تَنْمِي لَقَدْ جَلَّى بِخُطْبَتِهِ جَرِيرٌ».

ص: 18


1- في الأصل:«و لما نضام»،صوابه من ح.
2- بعد هذا في ح،كما سبق:«قال نصر:فسر الناس بخطبة جرير و شعره».
3- ح:«و قال ابن الازور القسرى في جرير يمدحه بذلك».

وَ قَالَ مَقَالَةً جَدَعَتْ رِجَالاً مِنَ الْحَيَّيْنِ خَطْبُهُمُ كَبِيرٌ

بَدَا بِكَ قَبْلَ أُمَّتِهِ عَلِيٌّ وَ مُخُّك إِنْ رَدَدْتَ الْحَقَّ رِيرُ (1)

أَتَاكَ بِأَمْرِهِ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ وَ زَحْرٌ بِالَّتِي حَدَثَتْ خَبِيرُ

فَكُنْتَ بِمَا أَتَاكَ بِهِ سَمِيعاً وَ كِدْتَ إِلَيْهِ مِنْ فَرَحٍ تَطِيرُ

فَأَنْتَ بِمَا سَعِدْتَ بِهِ وَلِيٌّ وَ أَنْتَ لِمَا تُعَدُّ لَهُ نَصِيرٌ (2)

وَ نِعْمَ الْمَرْءُ أَنْتَ لَهُ وَزِيرٌ وَ نِعْمَ الْمَرْءُ أَنْتَ لَهُ أَمِيرُ

فَأَحْرَزْتَ الثَّوَابَ وَ رُبَّ حَادٍ حَدَا بِالرَّكْبِ لَيْسَ لَهُ بَعِيرُ

لِيَهْنِكَ مَا سَبَقْتَ بِهِ رِجَالاً مِنَ الْعَلْيَاءِ وَ الْفَضْلِ الْكَبِيرِ (3).

وَ قَالَ اَلنَّهْدِيُّ فِي ذَلِكَ:

أَتَانَا بِالنَّبَا زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ عَظِيمَ الْخَطْبِ مِنْ جُعْفِ بْنِ سَعْدٍ (4)

تَخَيَّرَهُ أَبُو حَسَنٍ عَلِيٌّ وَ لَمْ يَكُ زَنْدُهُ فِيهَا بِصَلْدِ

رَمَى أَعْرَاضَ حَاجَتِهِ بِقَوْلٍ أَخُوذٍ لِلْقُلُوبِ بِلاَ تَعَدِّ

فَسَرَّ الْحَيَّ مِنْ يَمَنٍ وَ أَرْضَى ذَوِي الْعَلْيَاءِ مِنْ سَلَفَيْ مَعَدٍّ (5)ن.

ص: 19


1- مخ رير:ذائب فاسد من الهزال.يقال مخ رار،و رير بالكسر،و رير بالفتح. و في الأصل:«يزير»و في ح:«و تفخر إن رددت الحق زير»كلاهما محرف، و الصواب ما أثبت.
2- في الأصل:«بصير»بالباء،صوابه من ح.
3- تقرأ بالرفع عطفا على:«ما سبقت»،و بالجر عطفا على«العلياء»،و في القراءة الأخيرة إقواء.
4- جعف،أراد«جعفى»و حقها أن تنتهى في الرسم بالياء،لكن كذا وردت في الأصل و ح.و جعفى،بتشديد الياء،هم بنو سعد العشيرة بن مذحج،حى من اليمن.
5- يعني ربيعة و مضر ابني نزار بن عدنان.

وَ لَمْ يَكُ قَبْلَهُ فِينَا خَطِيبٌ مَضَى قَبْلِي وَ لاَ أَرْجُوهُ بَعْدِي

مَتَى يَشْهَدْ فَنَحْنُ بِهِ كَثِيرٌ وَ إِنْ غَابَ ابْنُ قَيْسٍ غَابَ جَدِّي (1)

وَ لَيْسَ بِمُوحِشِي أَمْرٌ إِذَا مَا دَنَا مِنِّي وَ إِنْ أُفْرِدْتُ وَحْدِي

لَهُ دُنْيَا يُعَاشُ بِهَا وَ دِينُ وَ فِي الْهَيْجَا كَذِي شِبْلَيْنِ وَرْدِ.

قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ جَرِيرٌ سَائِراً مِنْ ثَغْرِ هَمَدَانَ (2)حَتَّى وَرَدَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالْكُوفَةِ فَبَايَعَهُ وَ دَخَلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ طَاعَةِ عَلِيٍّ وَ اللُّزُومِ لِأَمْرِهِ .

مكاتبة الأشعث بن قيس و وفود القوم على علي عليه السلام

ثم بعث إلى الأشعث بن قيس الكندي .

1- نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌّ وَ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ كَتَبَ إِلَى اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مَعَ زِيَادِ بْنِ مَرْحَبٍ الْهَمْدَانِيِّ وَ اَلْأَشْعَثُ عَلَى آذَرْبِيجَانَ عَامِلٌ لِعُثْمَانَ وَ قَدْ كَانَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ تَزَوَّجَ ابْنَةَ اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ 1«أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ لاَ هَنَاتٌ كُنَّ فِيكَ كُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَبْلَ النَّاسِ وَ لَعَلَّ أَمْرَكَ يَحْمِلُ بَعْضُهُ بَعْضاً إِنِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مِنْ بَيْعَةِ النَّاسِ إِيَّايَ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ مِمَّنْ بَايَعَانِي ثُمَّ نَقَضَا بَيْعَتِي عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ وَ أَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَارَا إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَسِرْتُ إِلَيْهِمَا فَالْتَقَيْنَا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى أَنْ يَرْجِعُوا فِيمَا خَرَجُوا مِنْهُ فَأَبَوْا فَأَبْلَغْتُ فِي الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنْتُ فِي الْبَقِيَّةِ وَ إِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَ لَكِنَّهُ أَمَانَةٌ وَ فِي يَدَيْكَ

ص: 20


1- الجد،هاهنا:الحظ.
2- كذا وردت بإهمال الدال،كما هو أصلها الفارسيّ.انظر التنبيه 1 س 15.

مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَ أَنْتَ مِنْ خُزَّانِ اللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى تُسَلِّمَهُ إِلَيَّ وَ لَعَلِّي أَلاَّ أَكُونَ شَرَّ وُلاَتِكَ لَكَ إِنِ اسْتَقَمْتَ وَ« لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ » فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَامَ زِيَادُ بْنُ مَرْحَبٍ (1)فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مَنْ لَمْ يَكْفِهِ الْقَلِيلُ لَمْ يَكْفِهِ الْكَثِيرُ إِنَّ أَمْرَ عُثْمَانَ لاَ يَنْفَعُ فِيهِ الْعِيَانُ وَ لاَ يَشْفِي مِنْهُ الْخَبَرُ غَيْرَ أَنَّ مَنْ سَمِعَ بِهِ لَيْسَ كَمَنْ عَايَنَهُ إِنَّ النَّاسَ بَايَعُوا عَلِيّاً رَاضِينَ بِهِ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرَ نَقَضَا بَيْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ ثُمَّ آذَنَا بِحَرْبٍ فَأَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَارَ إِلَيْهِمَا فَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ وَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُمْ حَاجَةٌ فَأَوْرَثَهُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ لَهُ عَاقِبَةَ الْمُتَّقِينَ.

ثُمَّ قَامَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَلاَّنِي آذَرْبِيجَانَ فَهَلَكَ وَ هِيَ فِي يَدِي وَ قَدْ بَايَعَ النَّاسُ عَلِيّاً وَ طَاعَتُنَا لَهُ كَطَاعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَمْرِ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ عَلِيٌّ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا غَابَ عَنَّا وَ عَنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرُ.

فَلَمَّا أَتَى مَنْزِلَهُ دَعَا أَصْحَابَهُ فَقَالَ إِنَّ كِتَابَ عَلِيٍّ قَدْ أَوْحَشَنِي وَ هُوَ آخِذٌ بِمَالِ آذَرْبِيجَانَ (2)وَ أَنَا لاَحِقٌ بِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ الْقَوْمُ:اَلْمَوْتُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ أَ تَدَعُ مِصْرَكَ وَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ وَ تَكُونُ ذَنَباً لِأَهْلِ اَلشَّامِ فَاسْتَحْيَا فَسَارَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ اَلسَّكُونِيُّ وَ قَدْ خَافَ أَنْ يَلْحَقَ بِمُعَاوِيَةَ :

إِنِّي أُعِيذُكَ بِالَّذِي هُوَ مَالِكٌ بِمُعَاذَةِ الْآبَاءِ وَ الْأَجْدَادِ».

ص: 21


1- في الإمامة و السياسة 1:79:«زياد بن كعب».
2- في الإمامة و السياسة:«و هو آخذى بمال أذربيجان».

مِمَّا يَظُنُّ بِكَ الرِّجَالُ وَ إِنَّمَا سَامُوكَ خُطَّةَ مَعْشَرٍ أَوْغَادٍ

إِنَّ آذَرْبِيجَانَ الَّتِي مُزِّقْتَهَا لَيْسَتْ لِجَدِّكَ فَاشْنَهَا بِبِلاَدٍ (1)

كَانَتْ بِلاَدَ خَلِيفَةٍ وَلاَّكَهَا وَ قَضَاءُ رَبِّكَ رَائِحٌ أَوْ غَادٍ

فَدَعِ الْبِلاَدَ فَلَيْسَ فِيهَا مَطْمَعٌ ضُرِبَتْ عَلَيْكَ الْأَرْضُ بِالْأَسْدَادِ (2)

فَادْفَعْ بِمَالِكَ دُونَ نَفْسِكَ إِنَّنَا فَادُوكَ بِالْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلاَدِ

أَنْتَ الَّذِي تُثْنَى الْخَنَاصِرُ دُونَهُ وَ بِكَبْشِ كِنْدَةَ يَسْتَهِلُّ الْوَادِي

وَ مُعَصَّبٍ بِالتَّاجِ مَفْرِقُ رَأْسِهِ مُلْكٌ لِعَمْرِكَ رَاسِخُ الْأَوْتَادِ

وَ أَطِعْ زِيَاداً إِنَّهُ لَكَ نَاصِحٌ لاَ شَكَّ فِي قَوْلِ النَّصِيحِ زِيَادِ

وَ انْظُرْ عَلِيّاً إِنَّهُ لَكَ جُنَّةٌ تَرْشُدْ وَ يَهْدِكَ لِلسَّعَادَةِ هَادٍ (3).

وَ مِمَّا كُتِبَ بِهِ إِلَى اَلْأَشْعَثِ :

أَبْلِغِ اَلْأَشْعَثَ الْمُعَصَّبَ بِالتَّاجِ غُلاَماً حَتَّى عَلاَهُ الْقَتِيرُ (4)

يَا ابْنَ آلِ الْمُرَارِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَ قَيْسٌ أَبُوهُ غَيْثٌ مَطِيرٌ (5)

قَدْ يُصِيبُ الضَّعِيفُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ يُخْطِي الْمُدَرَّبُ النِّحْرِيرُ

قَدْ أَتَى قَبْلَكَ الرَّسُولُ جَرِيراً فَتَلَقَّاهُ بِالسُّرُورِ جَرِيرٌ

وَ لَهُ الْفَضْلُ فِي الْجِهَادِ وَ فِي الْهِجْرَةِ وَ الدِّينِ كُلُّ ذَاكَ كَثِيرٌ

إِنْ يَكُنْ حَظُّكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ فَحَقِيرٌ مِنَ الْحُظُوظِ صَغِيرٌ».

ص: 22


1- اشنها،أراد اشنأها ثمّ حذف الهمزة و عامله معاملة المعتل.و الشناءة و الشنآن:البغض.
2- أي سد عليه الطريق فعميت مذاهبه،و واحد الأسداد سد.
3- في الأصل:«يرشد و يهديك للسعادة»محرف.
4- القتير:الشيب،أو أول ما يظهر منه.بقول:كان ملكا من صباه إلى مشيبه.
5- أبوه،على الالتفات.و لو لم يلتفت لقال:«أبوك».

يَا ابْنَ ذِي التَّاجِ وَ الْمُبَجَّلِ مِنْ كِنْدَةَ تَرْضَى بِأَنْ يُقَالَ أَمِيرُ

آذَرْبِيجَانَ حَسْرَةٌ فَذَرَنْهَا وَ ابْغِيَنَّ الَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ

وَ اقْبَلِ الْيَوْمَ مَا يَقُولُ عَلِيٌّ لَيْسَ فِيمَا يَقُولُهُ تَخْيِيرٌ

وَ اقْبَلِ الْبَيْعَةَ الَّتِي لَيْسَ لِلنَّاسِ سِوَاهَا مِنْ أَمْرِهِمْ قِطْمِيرٌ

عَمْرَكَ الْيَوْمَ قَدْ تَرَكْتَ عَلِيّاً هَلْ لَهُ فِي الَّذِي كَرِهْتَ نَظِيرُ؟

وَ مِمَّا قِيلَ عَلَى لِسَانِ اَلْأَشْعَثِ :

أَتَانَا الرَّسُولُ رَسُولُ عَلِيٍّ فَسُرَّ بِمَقْدَمِهِ اَلْمُسْلِمُونَا

رَسُولُ الْوَصِيِّ وَصِيُّ النَّبِيِّ لَهُ الْفَضْلُ وَ السَّبْقُ فِي الْمُؤْمِنِينَا

بِمَا نَصَحَ اللَّهَ وَ الْمُصْطَفَى رَسُولَ الْإِلَهِ النَّبِيَّ الْأَمِينَا

يُجَاهِدُ فِي اللَّهِ لاَ يَنْثَنِي جَمِيعَ الطُّغَاةِ مَعَ الْجَاحِدِينَا (1)

وَزِيرُ النَّبِيِّ وَ ذُو صِهْرِهِ وَ سَيْفُ الْمَنِيَّةِ فِي الظَّالِمِينَا

وَ كَمْ بَطَلٍ مَاجِدٍ قَدْ أَذَاقَ مَنِيَّةَ حَتْفٍ مِنَ اَلْكَافِرِينَا

وَ كَمْ فَارِسٍ كَانَ سَالَ النِّزَالَ فَآبَ إِلَى اَلنَّارِ فِي الْآئِبِينَا (2)

فَذَاكَ عَلِيٌّ إِمَامُ الْهُدَى وَ غَيْثُ الْبَرِيَّةِ وَ الْمُقْحَمِينَا (3)

وَ كَانَ إِذَا مَا دَعَا لِلنِّزَالِ كَلَيْثِ عَرِينٍ يُزَيِّنُ الْمَرِّينَا (4)ف.

ص: 23


1- جاهد العدو:قاتله.و في الكتاب:(جاهد الكفّار و المنافقين).
2- سال:مخفف سأل.قال حسان(انظر ديوانه 67 و الكامل 288 ليبسك): سالت هذيل رسول اللّه فاحشة ضلت هذيل بما سالت و لم تصب.
3- المقحمون:الذين أصابتهم السنة و الجدب،فأخرجتهم من البادية و أقحمتهم الحضر. و في الأصل:«المفخمينا»محرفة.
4- في الأصل:«بن ليث العرينا»و هو تحريف.

أَجَابَ السُّؤَالَ بِنُصْحٍ وَ نَصْرٍ وَ خَالِصِ وُدٍّ عَلَى الْعَالَمِينَا

فَمَا زَالَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ فَفَازَ وَ رَبِّي مَعَ الْفَائِزِينَا.

وَ مِمَّا قِيلَ عَلَى لِسَانِ اَلْأَشْعَثِ أَيْضاً:

أَتَانَا الرَّسُولُ رَسُولُ الْوَصِيِّ عَلِيٌّ الْمُهَذَّبُ مِنْ هَاشِمٍ

رَسُولُ الْوَصِيِّ وَصِيُّ النَّبِيِّ وَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ مِنْ قَائِمٍ

وَزِيرُ النَّبِيِّ وَ ذُو صِهْرِهِ وَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فِي الْعَالَمِ

لَهُ الْفَضْلُ وَ السَّبْقُ بِالصَّالِحَاتِ لِهَدْيِ النَّبِيِّ بِهِ يَأْتَمِي (1)

مُحَمَّداً أَعْنِي رَسُولَ الْإِلَهِ وَ غَيْثَ الْبَرِيَّةِ وَ الْخَاتَمِ

أَجَبْنَا عَلِيّاً بِفَضْلٍ لَهُ وَ طَاعَةِ نُصْحٍ لَهُ دَائِمٍ

فَقِيهٌ حَلِيمٌ لَهُ صَوْلَةٌ كَلَيْثِ عَرِينٍ بِهَا سَائِمِ

حَلِيمٌ عَفِيفٌ وَ ذُو نَجْدَةٍ بَعِيدٌ مِنَ الْغَدْرِ وَ الْمَأْثَمِ.

وَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ قُدُومِهِ اَلْكُوفَةَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ وَ زَيْدُ بْنُ جَبَلَةَ وَ أَعْيَنُ بْنُ ضُبَيْعَةَ وَ عَظِيمُ النَّاسِ بَنُو تَمِيمٍ وَ كَانَ فِيهِمْ أَشْرَافٌ وَ لَمْ يُقَدِّمْ هَؤُلاَءِ عَلَى عَشِيرَةٍ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَقَامَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ فَتَكَلَّمَ اَلْأَحْنَفُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ إِنْ تَكُ سَعْدٌ لَمْ تَنْصُرْكَ يَوْمَ الْجَمَلِ فَإِنَّهَا لَمْ تَنْصُرْ عَلَيْكَ وَ قَدْ عَجِبُوا أَمْسِ مِمَّنْ نَصَرَكَ وَ عَجِبُوا الْيَوْمَ مِمَّنْ خَذَلَكَ لِأَنَّهُمْ شَكُّوا فِي طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ وَ لَمْ يَشُكُّوا فِي مُعَاوِيَةَ وَ عَشِيرَتُنَا بِالْبَصْرَةِ فَلَوْ بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ فَقَدِمُوا إِلَيْنَا فَقَاتَلْنَا بِهِمُ الْعَدُوَّة.

ص: 24


1- يأتمى،أراد يأتمم أي يأتم،فقلب إحدى الميمين ياء،و كذلك يفعلون،كما قالوا في التظنن التظنى،و في التنصص التنصّي.و في الأصل:«يأتم»محرفة.

وَ انْتَصَفْنَا بِهِمْ وَ أَدْرَكُوا الْيَوْمَ مَا فَاتَهُمْ أَمْسِ.قَالَ عَلِيٌّ لِجَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ وَ كَانَ رَجُلَ تَمِيمٍ بَعْدَ اَلْأَحْنَفِ 1«مَا تَقُولُ يَا جَارِيَةُ ؟» قَالَ أَقُولُ هَذَا جَمْعٌ حَشَرَهُ اللَّهُ لَكَ بِالتَّقْوَى وَ لَمْ تَسْتَكْرِهْ فِيهِ شَاخِصاً وَ لَمْ تُشْخِصْ فِيهِ مُقِيماً وَ اللَّهِ لَوْ لاَ مَا حَضَرَكَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ لَغَبَّكَ سِيَاسَتُهُ وَ لَيْسَ (1)كُلُّ مَنْ كَانَ مَعَكَ نَافِعَكَ وَ رُبَّ مُقِيمٍ خَيْرٌ مِنْ شَاخِصٍ وَ مِصْرَاكَ خَيْرٌ لَكَ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ.

فَكَأَنَّهُ بِقَوْلِهِ كَانَ مَعَكَ رُبَّمَا كَرِهَ إِشْخَاصَ قَوْمِهِ عَنِ اَلْبَصْرَةِ (2).

وَ كَانَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ أَسَدَّ النَّاسِ رَأْياً عِنْدَ اَلْأَحْنَفِ (3)وَ كَانَ شَاعِرَ بَنِي تَمِيمٍ وَ فَارِسَهُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«مَا تَقُولُ يَا حَارِثَةُ ؟» فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا نَشُوبُ الرَّجَاءَ بِالْمَخَافَةِ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ أَمْوَاتَنَا (4)رَجَعُوا إِلَيْنَا فَاسْتَعَنَّا بِهِمْ عَلَى عَدُوِّنَا وَ لَسْنَا نَلْقَى الْقَوْمَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَ لَيْسَ لَكَ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ وَ إِنَّ لَنَا فِي قَوْمِنَا عَدَداً لاَ نَلْقَى بِهِمْ عَدُوّاً أَعْدَى مِنْ مُعَاوِيَةَ وَ لاَ نَسُدُّ بِهِمْ ثَغْراً أَشَدَّ مِنَ اَلشَّامِ وَ لَيْسَ بِالْبَصْرَةِ بِطَانَةٌ نُرْصِدُهُمْ لَهَا وَ لاَ عَدُوٌّ نُعِدُّهُمْ لَهُ.

وَ وَافَقَ اَلْأَحْنَفَ فِي رَأْيِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْأَحْنَفِ 1اكْتُبْ إِلَى قَوْمِكَ فَكَتَبَ اَلْأَحْنَفُ إِلَى بَنِي سَعْدٍ ،ة.

ص: 25


1- في الأصل:«و ليس كل من كان معك»و التكملة من الإمامة و السياسة لابن قتيبة 1:75،و قد سقطت منها كلمة«ليس».
2- في الأصل:فكأنّه كان معك و ربما كره...الخ»،و الوجه فيما أنبت.
3- أسد،من سداد الرأى،و هو استتامته و صحته.و في الأصل:«أشد» بالمعجمة،تحريف.
4- في الأصل:«أمراءنا»و صوابه من الإمامة و السياسة.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلاَّ وَ قَدْ شَقُوا بِرَأْيِ سَيِّدِهِمْ غَيْرَكُمْ شَقِيَتْ سَعْدُ بْنُ خَرَشَةَ بِرَأْيِ اِبْنِ يَثْرِبِيٍّ وَ شَقِيَتْ حَنْظَلَةُ بِرَأْيِ لَحْيَانَ (1)وَ شَقِيَتْ عَدِيٌّ بِرَأْيِ زُفَرَ وَ مَطَرٍ وَ شَقِيَتْ بَنُو عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ بِرَأْيِ عَاصِمِ بْنِ الدُّلَفِ وَ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِرَأْيِي لَكُمْ حَتَّى نِلْتُمْ مَا رَجَوْتُمْ وَ أَمِنْتُمْ مَا خِفْتُمْ وَ أَصْبَحْتُمْ مُنْقَطِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَلاَءِ لاَحِقِينَ بِأَهْلِ الْعَافِيَةِ وَ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنَّا قَدِمْنَا عَلَى تَمِيمٍ اَلْكُوفَةَ فَأَخَذُوا عَلَيْنَا بِفَضْلِهِمْ مَرَّتَيْنِ بِمَسِيرِهِمْ إِلَيْنَا مَعَ عَلِيٍّ وَ مَيْلِهِمْ إِلَى الْمَسِيرِ إِلَى اَلشَّامِ ثُمَّ أَخْمَرُوا (2)حَتَّى صِرْنَا كَأَنَّا لاَ نُعْرَفُ إِلاَّ بِهِمْ فَأَقْبِلُوا إِلَيْنَا وَ لاَ تَتَّكِلُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَهُمْ أَعْدَادَنَا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَ حَنَاناً أَنْ تَلْحَقَ (3)فَلاَ تُبَطِّئُوا فَإِنَّ مِنَ الْعَطَاءِ حِرْمَاناً وَ مِنَ النَّصْرِ خِذْلاَناً فَحِرْمَانُ الْعَطَاءِ الْقِلَّةُ وَ خِذْلاَنُ النَّصْرِ الْإِبْطَاءُ وَ لاَ تُقْضَى الْحُقُوقُ إِلاَّ بِالرِّضَا وَ قَدْ يَرْضَى الْمُضْطَرُّ بِدُونِ الْأَمَلِ.

وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَعْصَعَةَ وَ هُوَ ابْنُ أَخِي اَلْأَحْنَفِ

تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ إِنَّ أَحْنَفَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا دُونَكُمْ سَعْداً

وَ عَمَّ بِهَا مِنْ بَعْدِكُمْ أَهْلَ مِصْرِكُمْ لَيَالِيَ ذَمَّ النَّاسَ كُلَّهُمُ الْوَفْدَا

سِوَاهُ لِقَطْعِ الْحَبْلِ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ فَأَمْسَوْا جَمِيعاً آكِلِينَ بِهِ رَغَداً

وَ إِعْظَامُهُ الصَّاعَ الصَّغِيرَ وَ حَذْفُهُ مِنَ الدِّرْهَمِ الْوَافِي يَجُوزُ لَهُ النَّقْدَا

وَ كَانَ لِسَعْدٍ رَأْيُهُ أَمْسِ عِصْمَةً فَلَمْ يُخْطِ لاَ الْإِصْدَارَ فِيهِمْ وَ لاَ الْوِرْدَان.

ص: 26


1- في الأصل:«الحيان».
2- أخمروا،من الإخمار،و هو الستر.أى غلبوا عليهم.و في الأصل:«ثم أحمسوا»، و في الإمامة و السياسة:«ثم انحشرنا معهم».
3- كذا.و لعلها:«و جنانا لن نلحق».جعلهم كالجن.و الجنان:جمع جان.

وَ فِي هَذِهِ الْأُخْرَى لَهُ مَخْضُ زُبْدَةٍ سَيُخْرِجُهَا عَفْواً فَلاَ تَعْجَلُوا الزُّبْدَا

وَ لاَ تُبْطِئُوا عَنْهُ وَ عِيشُوا بِرَأْيِهِ وَ لاَ تَجْعَلُوا مِمَّا يَقُولُ لَكُمْ بُدّاً

أَ لَيْسَ خَطِيبَ الْقَوْمِ فِي كُلِّ وَفْدَةٍ وَ أَقْرَبَهُمْ قُرْباً وَ أَبْعَدَهُمْ بُعْداً

وَ إِنَّ عَلِيّاً خَيْرُ حَافٍ وَ نَاعِلٍ فَلاَ تَمْنَعُوهُ الْيَوْمَ جَهْداً وَ لاَ جِدّاً

يُحَارِبُ مَنْ لاَ يَحْرَجُونَ بِحَرْبَةٍ وَ مَنْ لاَ يُسَاوَى دِينُهُ كُلُّهُ رَدّاً (1)

وَ مَنْ نَزَلَتْ فِيهِ ثَلاَثُونَ آيَةً تُسَمِّيهِ فِيهَا مُؤْمِناً مُخْلِصاً فَرْداً

سِوَى مُوجِبَاتٍ جِئْنَ فِيهِ وَ غَيْرِهَا بِهَا أَوْجَبَ اللَّهُ الْوَلاَيَةَ وَ الْوُدّا.

فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ اَلْأَحْنَفِ وَ شِعْرُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ إِلَى بَنِي سَعْدٍ سَارُوا بِجَمَاعَتِهِمْ حَتَّى نَزَلُوا اَلْكُوفَةَ فَعَزَّتْ بِالْكُوفَةِ وَ كَثُرَتْ ثُمَّ قَدِمَتْ عَلَيْهِمْ رَبِيعَةُ وَ لَهُمْ حَدِيثٌ وَ ابْتَدَأَ خُرُوجُ جَرِيرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ .

.

مكاتبة علي عليه السلام مع معاوية و إرسال جرير اليه

1,14- نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ قَدِمَ مِنَ اَلْبَصْرَةِ نَزَعَ جَرِيراً هَمْدَانَ فَجَاءَ حَتَّى نَزَلَ اَلْكُوفَةَ فَأَرَادَ عَلِيٌّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَسُولاً فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ ابْعَثْنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ لِي مُسْتَنْصِحاً وَ وُدّاً (2)فَآتِيَهُ (3)فَأَدْعُوَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَكَ هَذَا الْأَمْرَ وَ يُجَامِعَكَ عَلَى الْحَقِّ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَمِيراً مِنْ أُمَرَائِكَ وَ عَامِلاً مِنْ عُمَّالِكَ مَا عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ اتَّبَعَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ أَدْعُو أَهْلَ اَلشَّامِ إِلَى طَاعَتِكَ

ص: 27


1- الرد:الزائف من الدراهم.و في الأصل:«ريدا»،و لا وجه له.
2- الود،بكسر الواو:الصديق،كالحب بمعنى المحبوب.و الود،بضم الواو: الصديق،على حذف المضاف.و جاء في المسان:«و في حديث ابن عمر:إن أبا هذا كان ودا لعمر.هو على حذف المضاف،تقديره كان ذا ود لعمر،أي صديقا».
3- في الأصل:«نأتيه»،تحريف.و في ح(1:247):«آتيه».

وَ وَلاَيَتِكَ وَ جُلُّهُمْ (1)قَوْمِي وَ أَهْلُ بِلاَدِي وَ قَدْ رَجَوْتُ أَلاَّ يَعْصُونِي.فَقَالَ لَهُ اَلْأَشْتَرُ لاَ تَبْعَثْهُ وَ دَعْهُ وَ لاَ تُصَدِّقْهُ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ هَوَاهُ هَوَاهُمْ وَ نِيَّتَهُ نِيَّتَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«دَعْهُ حَتَّى نَنْظُرَ مَا يَرْجِعُ بِهِ إِلَيْنَا» فَبَعَثَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ لَهُ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَهُ: 1«إِنَّ حَوْلِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَ الرَّأْيِ مَنْ قَدْ رَأَيْتَ وَ قَدِ اخْتَرْتُكَ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيكَ: 14إِنَّكَ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ (2)ائْتِ مُعَاوِيَةَ بِكِتَابِي فَإِنْ دَخَلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ اَلْمُسْلِمُونَ وَ إِلاَّ فَانْبِذْ إِلَيْهِ (3)وَ أَعْلِمْهُ أَنِّي لاَ أَرْضَى بِهِ أَمِيراً وَ أَنَّ الْعَامَّةَ لاَ تَرْضَى بِهِ خَلِيفَةً.» فَانْطَلَقَ جَرِيرٌ حَتَّى أَتَى اَلشَّامَ وَ نَزَلَ بِمُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا مُعَاوِيَةُ فَإِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لاِبْنِ عَمِّكَ أَهْلُ اَلْحَرَمَيْنِ وَ أَهْلُ اَلْمِصْرَيْنِ (4)وَ أَهْلُ اَلْحِجَازِ وَ أَهْلُ اَلْيَمَنِ وَ أَهْلُ مِصْرَ وَ أَهْلُ اَلْعَرُوضِ وَ عُمَانَ وَ أَهْلُ اَلْبَحْرَيْنِ وَ اَلْيَمَامَةِ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَهْلُ هَذِهِ الْحُصُونِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا لَوْ سَالَ عَلَيْهَا سَيْلٌ مِنْ أَوْدِيَتِهِ غَرَقَهَا وَ قَدْ أَتَيْتُكَ أَدْعُوكَ إِلَى مَا يُرْشِدُكَ وَ يَهْدِيكَ إِلَى مُبَايَعَةِ هَذَا الرَّجُلِ.

وَ دَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ فِيهِة.

ص: 28


1- ح:«فجلهم»بالفاء.
2- من خير ذى يمن:أى من خير اليمن.و في اللسان(20:349):«و يقال أتينا ذا يمن،أي أتينا اليمن».
3- النبذ:أن يكون بينه و بين قوم هدنة فيخاف منهم نقض العهد،فيلق إليهم أنّه قد نقض ما بينه و بينهم قبل أن يفجأهم بالقتال.و منه قول اللّه:(و إمّا تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء).
4- الحرمان:مكّة و المدينة.و المصران:البصرة و الكوفة.

1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ بَيْعَتِي بِالْمَدِينَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ (1)لِأَنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَى مَا بُويِعُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ وَ لاَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَسَمَّوْهُ إِمَاماً (2)كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ رَغْبَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ « غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ »وَ وَلاَّهُ (3)اللَّهُ مَا تَوَلَّى وَ يُصْلِيهِ« جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً » وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرَ بَايَعَانِي ثُمَّ نَقَضَا بَيْعَتِي وَ كَانَ نَقْضُهُمَا كَرَدِّهِمَا فَجَاهَدْتُهُمَا عَلَى ذَلِكَ« حَتّى جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ »فَادْخُلْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ اَلْمُسْلِمُونَ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيَّ فِيكَ الْعَافِيَةُ إِلاَّ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْبَلاَءِ فَإِنْ تَعَرَّضْتَ لَهُ قَاتَلْتُكَ وَ اسْتَعَنْتُ اللَّهَ (4)عَلَيْكَ وَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِي قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ اَلْمُسْلِمُونَ ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَيَّ أَحْمِلْكَ وَ إِيَّاهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَأَمَّا تِلْكَ الَّتِي تُرِيدُهَا فَخُدْعَةُ الصَّبِيِّ عَنِ اللَّبَنِ وَ لَعَمْرِي لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدُنِي أَبْرَأَ قُرَيْشٍ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ مِنَ الطُّلَقَاءِ (5)الَّذِينَ لاَ تَحِلُّ لَهُمُ الْخِلاَفَةُ وَ لاَ تَعْرِضُ فِيهِمُ الشُّورَى وَ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَم.

ص: 29


1- في الأصل:«..بيعتي لزمتك بالمدينة و أنت بالشام»،و الوجه ما أتيت من ح (1:248).
2- ح:«إذا اجتمعوا على رجل و سموه إماما».
3- في الأصل:«و وليه»،و أنبت الصواب من ح.
4- ح:«باللّه».
5- الطلقاء:جمع طليق،و هو الأسير الذي أطلق عنه إساره و خلى سبيله.و يراد بهم الذين خلى عنهم رسول اللّه يوم فتح مكّة و أطلقهم و لم يسترقهم.

وَ إِلَى مَنْ قِبَلَكَ (1)جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ فَبَايِعْ وَ« لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ » فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَامَ جَرِيرٌ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ بِالْعَوَائِدِ (2)الْمَأْمُولِ مِنْهُ الزَّوَائِدُ الْمُرْتَجَى مِنْهُ الثَّوَابُ الْمُسْتَعَانِ عَلَى النَّوَائِبِ أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِينُهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَحَيَّرَ دُونَهَا الْأَلْبَابُ وَ تَضْمَحِلُّ عِنْدَهَا الْأَسْبَابُ (3)وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ:

« كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ »وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بَعْدَ الْفَتْرَةِ وَ بَعْدَ الرُّسُلِ الْمَاضِيَةِ (4)وَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ (5)وَ الْأَبْدَانِ الْبَالِيَةِ وَ الْجِبِلَّةِ الطَّاغِيَةِ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَ نَصَحَ الْأُمَّةَ وَ أَدَّى الْحَقَّ الَّذِي اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ وَ أَمَرَهُ بِأَدَائِهِ إِلَى أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مِنْ مُبْتَعِثٍ وَ مُنْتَجَبٍ. (6)

ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمْرَ عُثْمَانَ قَدْ أَعْيَا مَنْ شَهِدَهُ فَمَا ظَنُّكُمْ بِمَنْ غَابَ عَنْهُ وَ إِنَّ النَّاسَ بَايَعُوا عَلِيّاً غَيْرَ وَاتِرٍ وَ لاَ مَوْتُورٍ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ مِمَّنْ بَايَعَهُ ثُمَّ نَكَثَا بَيْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ أَلاَ وَ إِنَّ هَذَا الدِّينَ لاَ يَحْتَمِلُ الْفِتَنَ،».

ص: 30


1- كلمة:«و إلى من قبلك»ساقطة من ح.
2- العوائد:جمع عائدة،و هي المعروف،و الصلة،و الفضل.
3- الأسباب:جمع سبب،و هو كل ما يتوصل به إلى غيره.و في الأصل:«الأرباب» و لا وجه له.و هذه الجملة ساقطة من ح.
4- ح:«بعد فترة من الرسل الماضية».
5- الكلام بعد هذه الكلمة إلى:«الطاغية»ليس في ح.
6- منتجب،بالجيم:مختار.و انظر ما سبق في ص 10.ح:«من رسول و مبتعث و منتخب».

أَلاَ وَ إِنَّ اَلْعَرَبَ لاَ تَحْتَمِلُ السَّيْفَ (1)وَ قَدْ كَانَتْ بِالْبَصْرَةِ أَمْسِ مَلْحَمَةٌ إِنْ يَشْفَعِ الْبَلاَءُ بِمِثْلِهَا فَلاَ بَقَاءَ لِلنَّاسِ وَ قَدْ بَايَعَتِ الْعَامَّةُ (2)عَلِيّاً وَ لَوْ مَلَّكَنَا اللَّهُ أُمُورَنَا (3)لَمْ نَخْتَرْ لَهَا غَيْرَهُ وَ مَنْ خَالَفَ هَذَا اسْتَعْتَبَ (4)فَادْخُلْ يَا مُعَاوِيَةُ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَإِنْ قُلْتَ اسْتَعْمَلَنِي عُثْمَانُ ثُمَّ لَمْ يَعْزِلْنِي فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَوْ جَازَ لَمْ يَقُمْ لِلَّهِ دِينٌ وَ كَانَ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا فِي يَدَيْهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلِ لِلْآخَرِ مِنَ الْوُلاَةِ حَقَّ الْأَوَّلِ وَ جَعَلَ تِلْكَ أُمُوراً مُوَطَّأَةً وَ حُقُوقاً يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضاً.

ثُمَّ قَعَدَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ انْظُرْ وَ نَنْظُرُ وَ اسْتَطْلَعَ رَأْيَ أَهْلِ اَلشَّامِ .

فَلَمَّا فَرَغَ جَرِيرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ (5)مُنَادِياً فَنَادَى الصَّلاَةَ جَامِعَةً فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدَّعَائِمَ لِلْإِسْلاَمِ أَرْكَاناً وَ الشَّرَائِعَ لِلْإِيمَانِ بُرْهَاناً يُتَوَقَّدُ قَبَسُهُ (6)فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ مَحَلَّ الْأَنْبِيَاءِ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ فَأَحَلَّهَا أَهْلَ اَلشَّامِ (7)وَ رَضِيَهُمْ لَهَا وَ رَضِيَهَا لَهُمْ لِمَا سَبَقَ مِنْ مَكْنُونِ عِلْمِهِ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَ مُنَاصَحَتِهِمْ خُلَفَاءَهُ وَ الْقُوَّامَ بِأَمْرِهِ وَ الذَّابِّينَ عَنْ دِينِهِى.

ص: 31


1- ما بعد:«الفتن»إلى هنا ليس في ح.
2- ح:«الأمة».
3- ح:«و لو ملكنا اللّه الأمور».
4- استعتب:استقال ممّا فرط منه.
5- بدلها في ح:«فمضت أيّام و أمر معاوية».
6- القبس:النار،أو الشعلة منها.و في الأصل:«قابسه»صوابه من ح.
7- أي أحل الأرض المقدّسة أهل الشام.و في ح:«فأحلهم أرض الشام».و ما في الأصل أولى و أقوى.

وَ حُرُمَاتِهِ ثُمَّ جَعَلَهُمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نِظَاماً وَ فِي سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ أَعْلاَماً يَرْدَعُ اللَّهُ بِهِمُ النَّاكِثِينَ وَ يَجْمَعُ بِهِمْ أُلْفَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهَ نَسْتَعِينُ عَلَى مَا تَشَعَّبَ مِنْ أَمْرِ اَلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الاِلْتِئَامِ وَ تَبَاعُدِ بُعْدِ الْقُرْبِ اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى أَقْوَامٍ يُوقِظُونَ نَائِمَنَا وَ يُخِيفُونَ آمِنَنَا وَ يُرِيدُونَ هِرَاقَةَ دِمَائِنَا (1)وَ إِخَافَةَ سَبِيلِنَا وَ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّا لَمْ نُرِدْ بِهِمْ عِقَاباً (2)وَ لاَ نَهْتِكُ لَهُمْ حِجَاباً وَ لاَ نُوْطِئُهُمْ زَلَقاً غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ الْحَمِيدَ كَسَانَا مِنَ الْكَرَامَةِ ثَوْباً لَنْ نَنْزِعَهُ طَوْعاً مَا جَاوَبَ الصَّدَى وَ سَقَطَ النَّدَى وَ عُرِفَ الْهُدَى حَمَلَهُمْ عَلَى خِلاَفِنَا الْبَغْيُ وَ الْحَسَدُ فَاللَّهَ نَسْتَعِينُ عَلَيْهِمْ (3)أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي خَلِيفَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ أَنِّي خَلِيفَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَيْكُمْ (4)وَ أَنِّي لَمْ أُقِمْ رَجُلاً مِنْكُمْ عَلَى خِزَايَةٍ قَطُّ (5)وَ أَنِّي وَلِيُّ عُثْمَانَ وَ قَدْ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ اللَّهُ يَقُولُ« وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تُعْلِمُونِي ذَاتَ أَنْفُسِكُمْ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَامَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِأَجْمَعِهِمْ فَأَجَابُوا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ (6)وَ بَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَ أَوْثَقُوا لَهُ عَلَى أَنْ يَبْذُلُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ أَوْ يُدْرِكُوا بِثَأْرِهِ أَوْ يُفْنِيَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ (7). . فلما أمسى معاوية و كان قد اغتم بما هو فيه

قَالَ نَصْرٌ».

ص: 32


1- الهراتة،بكسر الهاء:الإراقة،كما في نص القاموس.و ضبطت في اللسان ضبط قلم مرة بالكسر و مرة بالفتح،و الأخيرة ليست من الصواب.
2- ح:«لا نريد لهم عتابا».
3- ح:«حملهم على ذلك البغى و الحسد فتستعين اللّه عليهم».
4- ح:«و أمير المؤمنين عثمان بن عفان عليكم».
5- الخزاية،بالفتح:الاستحياء.أراد عمل ما يستحيا منه.
6- في الأصل:«إلى دم عثمان»و أنبت ما في ح.
7- في الأصل:«يغنى»،بالغين المعجمة،تحريف.و في ح:«أو تلحق أرواحهم باللّه».

فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا جَنَّ مُعَاوِيَةَ اللَّيْلُ وَ اغْتَمَّ وَ عِنْدَهُ أَهْلُ بَيْتِهِ قَالَ

تَطَاوَلَ لَيْلِي وَ اعْتَرَتْنِي وَسَاوِسِي لِآتٍ أَتَى بِالتُّرَّهَاتِ الْبَسَابِسِ (1)

أَتَانَا جَرِيرٌ وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ بِتِلْكَ الَّتِي فِيهَا اجْتِدَاعُ الْمَعَاطِسِ (2)

أُكَابِدُهُ وَ السَّيْفُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ لَسْتُ لِأَثْوَابِ الدَّنِيِّ بِلاَبِسٍ (3)

إِنِ اَلشَّامُ أَعْطَتْ طَاعَةً يَمَنِيَّةً تُوَاصِفُهَا أَشْيَاخُهَا فِي الْمَجَالِسِ

فَإِنْ يُجْمِعُوا أَصْدِمْ عَلِيّاً بِجَبْهَةٍ (4)تَفُتُّ عَلَيْهِ كُلَّ رَطْبٍ وَ يَابِسٍ

وَ إِنِّي لَأَرْجُو خَيْرَ مَا نَالَ نَائِلٌ وَ مَا أَنَا مِنْ مُلْكِ اَلْعِرَاقِ بِآيِسٍ

وَ إِلاَّ يَكُونُوا عِنْدَ ظَنِّي بِنَصْرِهِمْ وَ إِنْ يُخْلِفُوا ظَنِّي كف عابس (5)..

حديث معاويه مع جرير و عتبة

نَصْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: وَ اسْتَحَثَّهُ جَرِيرٌ بِالْبَيْعَةِ فَقَالَ يَا جَرِيرُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِخَلْسَةٍ وَ إِنَّهُ أَمْرٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ فَأَبْلِعْنِي رِيقِي حَتَّى أَنْظُرَ وَ دَعَا ثِقَاتَهُ فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ كَانَ نَظِيرَهُ اجْتَمِعَنَّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ أَثْمِنْ لَهُ بِدِينِهِ فَإِنَّهُ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ وَ قَدِ اعْتَزَلَ أَمْرَ عُثْمَانَ فِي حَيَاتِهِ وَ هُوَ لِأَمْرِكَ أَشَدُّ اعْتِزَالاً إِنْ يَرَ فُرْصَةً (6).

ص: 33


1- الترهات البسابس:الباطل.و ربما قالوا ترهات البسابس،بالإضافة.
2- اجتداع المعاطس:أى قطع الأنوف،و ذاك علامة الإذلال.
3- أكابده:من قولهم كابد الأمر مكابدة و كبادا:قاساه.ح:«أكايده»بالمثناة التحتية.و في اللسان:«و كل شيء تعالجه فأنت تكيده».
4- قال ابن أبي الحديد:«الجبهة هاهنا الخيل».و قال ابن منظور:«الجبهة الخيل لا يفرد لها واحد».
5- كذا ورد البيت في الأصل.و هو ساقط من ح.
6- ح:«أشدّ اعتزالا إلاّ أن يثمن له دينه».

مبتدأ حديث عمرو بن العاص

و كيفية مسيره إلى معاوية

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالاَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرٍو وَ هُوَ بِالْبيع (1)مِنْ فِلَسْطِينَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ وَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ قَدْ سَقَطَ إِلَيْنَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فِي رَافِضَةِ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ (2)وَ قَدِمَ عَلَيْنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَيْعَةِ عَلِيٍّ وَ قَدْ حَبَسْتُ نَفْسِي عَلَيْكَ حَتَّى تَأْتِيَنِي أَقْبِلْ أُذَاكِرْكَ أَمْراً (3).

قَالَ فَلَمَّا قُرِئَ الْكِتَابُ عَلَى عَمْرٍو اسْتَشَارَ ابْنَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ وَ مُحَمَّداً فَقَالَ ابْنَيَّ مَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَرَى أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُبِضَ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ وَ الْخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِهِ وَ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ أَنْتَ عَنْهُ غَائِبٌ فَقِرَّ فِي مَنْزِلِكَ فَلَسْتَ مَجْعُولاً خَلِيفَةً وَ لاَ تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ (4)حَاشِيَةً لِمُعَاوِيَةَ عَلَى دُنْيَا قَلِيلَةٍ أَوْشَكَ أَنْ تَهْلِكَ فَتَشْقَى فِيهَا (5)وَ قَالَ مُحَمَّدٌ أَرَى أَنَّكَ شَيْخُ قُرَيْشٍ وَ صَاحِبُ أَمْرِهَا وَ إِنْ تَصَرَّمَ هَذَا الْأَمْرُ وَ أَنْتَ فِيهِ خَامِلٌ (6)تَصَاغَرَ أَمْرُكَ فَالْحَقْ بِجَمَاعَةِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَكُنْ يَداً مِنْ أَيَادِيهَا وَ اطْلُبْ بِدَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّكَ قَدْ اسْتَنَمْتَ فِيهِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ (7)فَقَالَ عَمْرٌو أَمَّا أَنْتَ

ص: 34


1- كذا في الأصل.
2- ح(1:136):«فى نفر من أهل البصرة».
3- ح:«أذاكرك أمورا لا تعدم صلاح مغبتها إن شاء اللّه».
4- ح:«و لا تزيد على أن تكون حاشية».
5- ح:«أوشكتما أن تهلكا فتساويا في عقابها».
6- ح:«غافل».
7- استنام:سكن.و في الأصل:«استلمت»،و في ح:«فإنه سيقوم بذلك بنو أميّة».

يَا عَبْدَ اللَّهِ فَأَمَرْتَنِي بِمَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَ أَمَّا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَمَرْتَنِي بِمَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي دُنْيَايَ وَ أَنَا نَاظِرٌ فِيهِ فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّيْلُ رَفَعَ صَوْتَهُ وَ أَهْلُهُ يَنْظُرُونَ (1)إِلَيْهِ فَقَالَ

تَطَاوَلَ لَيْلِي لِلْهُمُومِ الطَّوَارِقِ وَ خَوْلَ الَّتِي تَجْلُو وُجُوهَ الْعَوَاتِقِ (2)

وَ إِنَّ اِبْنَ هِنْدٍ سَائِلِي أَنْ أَزُورَهُ وَ تِلْكَ الَّتِي فِيهَا بَنَاتُ الْبَوَائِقِ (3)

أَتَاهُ جَرِيرٌ مِنْ عَلِيٍّ بِخُطَّةٍ أَمَرَّتْ عَلَيْهِ الْعَيْشَ ذَاتَ مَضَايِقِ

فَإِنْ نَالَ مِنِّي مَا يُؤَمِّلُ رَدَّهُ وَ إِنْ لَمْ يَنَلْهُ ذَلَّ ذُلَّ الْمُطَابِقِ (4)

فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِي وَ مَا كُنْتُ هَكَذَا أَكُونُ وَ مَهْمَا قَادَنِي فَهُوَ سَابِقِي (5)

أُخَادِعُهُ إِنَّ الْخِدَاعَ دَنِيَّةٌ أَمْ أُعْطِيهِ مِنْ نَفْسِي نَصِيحَةَ وَامِقٍ

أَوْ أَقْعُدُ فِي بَيْتِي وَ فِي ذَاكَ رَاحَةٌ لِشَيْخٍ يَخَافُ الْمَوْتَ فِي كُلِّ شَارِقٍ

وَ قَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَوْلاً تَعَلَّقَتْ بِهِ النَّفْسُ إِنْ لَمْ يَعْتَلِقْنِي عَوَائِقِي (6)

وَ خَالَفَهُ فِيهِ أَخُوهُ مُحَمَّداً وَ إِنِّي لَصُلْبُ الْعُودِ عِنْدَ الْحَقَائِقِ (7).

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ تَرَحَّلَ الشَّيْخُ (8)قَالَ وَ دَعَا عَمْرٌو غُلاَماً لَهُ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ وَ كَانَ دَاهِياً مَارِداً فَقَالَ ارْحَلْ يَا وَرْدَانُ ثُمَّ قَالَ حُطَّ يَا وَرْدَانُ ،».

ص: 35


1- ح:«و أهله يسمعون».
2- خول:ترخيم خولة لغير نداء،و هي من أعلامهن.و العانق:الشابة أول ما قدرك.
3- البوائق:الدوامى،جمع بائقة.ح:«سألنى أن أزوره».
4- المطابق من المطابقة،و هي المشى في القيد.
5- ح:«فهو سابقى».
6- ح:«تقتطعنى عوائقى».
7- الحقيقة:ما يحق على المرء أن يحميه.
8- ترحل:ارتحل.أراد أنّه استعد للرحيل إلى الدار الآخرة.ح:«رحل الشيخ».

ثُمَّ قَالَ ارْحَلْ يَا وَرْدَانُ احْطُطْ يَا وَرْدَانُ (1)فَقَالَ لَهُ وَرْدَانُ خَلَطْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا نَفْسِكَ قَالَ هَاتِ وَيْحَكَ قَالَ اعْتَرَكَتِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ عَلَى قَلْبِكَ فَقُلْتَ عَلِيٌّ مَعَهُ الْآخِرَةُ فِي غَيْرِ دُنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ عِوَضُ الدُّنْيَا وَ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الدُّنْيَا بِغَيْرِ آخِرَةٍ وَ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا عِوَضٌ مِنَ الْآخِرَةِ فَأَنْتَ وَاقِفٌ بَيْنَهُمَا قَالَ فَإِنَّكَ وَ اللَّهِ (2)مَا أَخْطَأْتَ فَمَا تَرَى يَا وَرْدَانُ ؟ قَالَ أَرَى أَنْ تُقِيمَ فِي بَيْتِكَ فَإِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الدِّينِ عِشْتَ فِي عَفْوِ دِينِهِمْ (3)وَ إِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الدُّنْيَا لَمْ يَسْتَغْنُوا عَنْكَ قَالَ آلْآنَ لَمَّا شَهِدَتِ اَلْعَرَبُ مَسِيرِي إِلَى مُعَاوِيَةَ (4)فَارْتَحَلَ وَ هُوَ يَقُولُ

يَا قَاتَلَ اللَّهُ وَرْدَاناً وَ قِدْحَتَهُ أَبْدَى لَعَمْرُكَ مَا فِي النَّفْسِ وَرْدَانٌ (5)

لَمَّا تَعَرَّضَتِ الدُّنْيَا عَرَضْتُ لَهَا بِحِرْصِ نَفْسِي وَ فِي الْأَطْبَاعِ إِدْهَانٌ (6)

نَفْسٌ تَعِفَّ وَ أُخْرَى الْحِرْصُ يَغْلِبُهَا (7)وَ الْمَرْءُ يَأْكُلُ تِبْناً وَ هُوَ غَرْثَانٌ

أَمَّا عَلِيٌّ فَدِينٌ لَيْسَ يَشْرَكُهُ دُنْيَا وَ ذَاكَ لَهُ دُنْيَا وَ سُلْطَانٌ

فَاخْتَرْتُ مِنْ طَمَعِي دُنْيَا عَلَى بَصَرٍ وَ مَا مَعِي بِالَّذِي أَخْتَارُ بُرْهَانٌ

إِنِّي لَأَعْرِفُ مَا فِيهَا وَ أَبْصُرُهُ وَ فِيَّ أَيْضاً لِمَا أَهْوَاهُ أَلْوَانٌ

لَكِنَّ نَفْسِي تُحِبُّ الْعَيْشَ فِي شَرَفٍ وَ لَيْسَ يَرْضَى بِذُلِّ الْعَيْشِ إِنْسَانٌ

أَمْرٌ لِعَمْرِ أَبِيكُمْ غَيْرُ مُشْتَبِهٍ وَ الْمَرْءُ يَعْطِسُ وَ الْوَسْنَانُ وَسْنَانٌ.ح.

ص: 36


1- التكملة من ح و الإمامة و السياسة(1:83).
2- ح:«قاتلك اللّه».
3- العفو:الفضل.و كلمة:«فى»ليست في الأصل،و هي ثابتة في ح.
4- في الإمامة و السياسة:«الآن حين شهرتنى العرب بمسيرى إلى معاوية».
5- في الأصل:«و مزحته»،صوابه من ح و اللسان(قدح).و القدحة،بالكسر: من قولهم اقتدح الأمر:دبره و نظر فيه.
6- الإدهان:المصانعة و الغش و اللين.
7- في الأصل:«يقلبها»،و الصواب من ح.

فَسَارَ حَتَّى قَدِمَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ عَرَفَ حَاجَةَ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهِ فَبَاعَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ كَايَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ طَرَقَتْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ ثَلاَثَةُ أَخْبَارِ لَيْسَ مِنْهَا وِرْدٌ وَ لاَ صَدْرٌ قَالَ وَ مَا ذَاكَ؟ قَالَ ذَاكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَدْ كَسَرَ سِجْنَ مِصْرَ فَخَرَجَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ هُوَ مِنْ آفَاتِ هَذَا الدِّينِ وَ مِنْهَا أَنَّ قَيْصَرَ زَحَفَ بِجَمَاعَةِ اَلرُّومِ إِلَيَّ لِيَتَغَلَّبَ عَلَى اَلشَّامِ وَ مِنْهَا أَنَّ عَلِيّاً نَزَلَ اَلْكُوفَةَ مُتَهَيِّئاً لِلْمَسِيرِ إِلَيْنَا قَالَ لَيْسَ كُلُّ مَا ذَكَرْتَ عَظِيماً أَمَّا اِبْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمَا يَتَعَاظَمُكَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ فِي أَشْبَاهِهِ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِ خَيْلاً تَقْتُلُهُ أَوْ تَأْتِيَكَ بِهِ وَ إِنْ فَاتَكَ لاَ يَضُرُّكَ وَ أَمَّا قَيْصَرُ فَأَهْدِ لَهُ مِنْ وُصَفَاءِ اَلرُّومِ وَ وَصَائِفِهَا وَ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ سَلْهُ الْمُوَادَعَةَ فَإِنَّهُ إِلَيْهَا سَرِيعٌ وَ أَمَّا عَلِيٌّ فَلاَ وَ اللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ مَا تُسَوِّي (1)اَلْعَرَبُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَ إِنَّ لَهُ فِي الْحَرْبِ لَحَظّاً (2)مَا هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَ إِنَّهُ لَصَاحِبُ مَا هُوَ فِيهِ إِلاَّ أَنْ تَظْلِمَهُ .

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى جِهَادِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي عَصَى رَبَّهُ وَ قَتَلَ الْخَلِيفَةَ (3)وَ أَظْهَرَ الْفِتْنَةَ وَ فَرَّقَ الْجَمَاعَةَ وَ قَطَعَ الرَّحِمَ قَالَ عَمْرٌو إِلَى مَنْ؟ قَالَ إِلَى جِهَادِ عَلِيٍّ قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ مَا أَنْتَ وَ عَلِيٌّ بِعِكْمَيْ بَعِيرٍ (4)مَا لَكَ هِجْرَتُهُ».

ص: 37


1- في الأصل:«تستوى»و الوجه ما أنبت.
2- و قد تقرأ:«لحظا»باللام الداخلة على:«حظا»،و انظر ما سيأتي في كلام عمرو لمعاوية ص 38 س 2.
3- يعني عثمان بن عفان.
4- يقال:هما كعكمى البعير،للرجلين يتساويان في الشرف.و العكمان:عدلان يشدان على جنبى الهودج بثوب.و في اللسان(15:309)و أمثال الميداني(2:289) و الحيوان(3:10):«كعكمى عير».

وَ لاَ سَابِقُتُهُ وَ لاَ صُحْبَتُهُ وَ لاَ جِهَادُهُ وَ لاَ فِقْهُهُ وَ عِلْمُهُ.وَ اللَّهِ إِنَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ حَدّاً وَ جَدّاً (1)وَ حَظّاً وَ حُظْوَةَ وَ بَلاَءً مِنَ اللَّهِ حَسَناً فَمَا تَجْعَلُ لِي إِنْ شَايَعْتُكَ عَلَى حَرْبِهِ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ وَ الْخَطَرِ قَالَ حُكْمَكَ قَالَ مِصْرَ طُعْمَةً قَالَ فَتَلَكَّأَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ .

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ غَيْرِ عُمَرَ قَالَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ اَلْعَرَبُ عَنْكَ أَنَّكَ إِنَّمَا دَخَلْتَ فِي هَذَا الْأَمْرِ لِغَرَضِ الدُّنْيَا قَالَ دَعْنِي عَنْكَ قَالَ مُعَاوِيَةُ إِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ أُمَنِّيَكَ وَ أَخْدَعَكَ لَفَعَلْتُ قَالَ عَمْرٌو لاَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا مِثْلِي يُخْدَعُ لَأَنَا أَكْيَسُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ ادْنُ مِنِّي بِرَأْسِكَ أُسَارُّكَ قَالَ فَدَنَا مِنْهُ عَمْرٌو يُسَارُّهُ فَعَضَّ مُعَاوِيَةُ أُذُنَهُ وَ قَالَ هَذِهِ خُدْعَةٌ هَلْ تَرَى فِي بَيْتِكَ أَحَداً غَيْرِي وَ غَيْرَكَ (2).

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ (3)قَالَ فَأَنْشَأَ عَمْرٌو يَقُولُ (4)ح.

ص: 38


1- الحد:الحدة و النشاط و السرعة في الأمور و المضاء فيها.و الجد،بفتح الجيم:الحظ. و بالكسر:الاجتهاد.و في الأصل:«و حدودا»و لا وجه له.و في ح:«و و اللّه إن له مع ذلك لحظا في الحرب ليس لأحد من غيره،و لكنى قد تعودت من اللّه تعالى إحسانا و بلاء جميلا».
2- قال ابن أبي الحديد بعد هذا:«قلت:قال شيخنا أبو القاسم البلخيّ رحمه اللّه تعالى: قول عمرو له:دعنا عنك،كناية عن الإلحاد بل تصريح به.أى دع هذا الكلام الذي لا أصل له فإن اعتقاد الآخرة و أنّها لا تباع بعرض الدنيا من الخرافات.قال رحمه اللّه:و ما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط في الإلحاد و الزندقة،و كان معاوية مثله.و يكفى من تلاعبهما بالإسلام حديث السرار المروى،و أن معاوية عض أذن عمرو.أين هذا من أخلاق عليّ عليه السلام و شدته في ذات اللّه،و هما مع ذلك يعيبانه بالدعابة».
3- يعني عمر بن سعد الراوي.
4- في الأصل:«فأنشأ و هو يقول»،صوابه في ح.

مُعَاوِيَّ لاَ أُعْطِيكَ دِينِي وَ لَمْ أَنَلْ بِذَلِكَ دُنْيَا (1)فَانْظُرَنْ كَيْفَ تَصْنَعُ

فَإِنْ تُعْطِنِي مِصْراً فَأَرْبَحْ بِصَفْقَةٍ أَخَذْتَ بِهَا شَيْخاً يَضُرُّ وَ يَنْفَعُ

وَ مَا الدِّينُ وَ الدُّنْيَا سَوَاءً وَ إِنَّنِي لَآخُذُ مَا تُعْطِي وَ رَأْسِي مُقَنَّعُ

وَ لَكِنَّنِي أُغْضِي الْجُفُونَ وَ إِنَّنِي لَأَخْدَعُ نَفْسِي وَ الْمُخَادِعُ يُخْدَعُ

وَ أُعْطِيكَ أَمْراً فِيهِ لِلْمُلْكِ قُوَّةٌ وَ إِنِّي بِهِ إِنْ زَلَّتِ النَّعْلُ أَضْرَعُ (2)

وَ تَمْنَعُنِي مِصْراً وَ لَيْسَتْ بِرَغْبَةٍ (3) وَ إِنِّي بِذَا الْمَمْنُوعِ قِدْماً لَمُولَعٌ.

قَالَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مِصْراً مِثْلُ اَلْعِرَاقِ قَالَ بَلَى وَ لَكِنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ لِي إِذَا كَانَتْ لَكَ وَ إِنَّمَا تَكُونُ لَكَ إِذَا غَلَبْتَ عَلِيّاً عَلَى اَلْعِرَاقِ وَ قَدْ كَانَ أَهْلُهَا بَعَثُوا بِطَاعَتِهِمْ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ فَدَخَلَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَ مَا تَرْضَى أَنْ نَشْتَرِيَ عَمْراً بِمِصْرَ إِنْ هِيَ صَفَتْ لَكَ فَلَيْتَكَ لاَ تَغْلِبُ عَلَى اَلشَّامِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا عُتْبَةُ بِتْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ قَالَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَى عُتْبَةَ اللَّيْلُ رَفَعَ صَوْتَهُ لِيُسْمِعَ مُعَاوِيَةَ وَ قَالَ:

أَيُّهَا الْمَانِعُ سَيْفاً لَمْ يَهُزَّ إِنَّمَا مِلْتَ عَلَى خَزٍّ وَ قَزٍّ (4)ح.

ص: 39


1- ح(1:137):«و لم أنل به منك دنيا».
2- ح:«و ألفى به أن زلت النعل أصرع».
3- في الأصل:«و لست نزعته»و الصواب من ح.قال ابن أبي الحديد تعليقا على هذا البيت:«قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ:كانت مصر في نفس عمرو بن العاص لأنّه هو الذي فتحها في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة عمر،فكان لعظمها في نفسه و جلالتها في صدره و ما قد عرفه من أموالها وسعة الدنيا لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه».
4- القز من الثياب أعجمى معرب،و هو الذي يسوى منه الإبريسم.و في الأصل: «بز»،و البز:الثياب،أو ضرب منها.و أثبت ما في ح.

إِنَّمَا أَنْتَ خَرُوفٌ مَاثِلٌ (1) بَيْنَ ضَرْعَيْنِ وَ صُوفٍ لَمْ يُجَزَّ

أَعْطِ عَمْراً إِنَّ عَمْراً تَارِكٌ دِينَهُ الْيَوْمَ لِدُنْيَا لَمْ تَحُزْ (2)

يَا لَكَ الْخَيْرُ فَخُذْ مِنْ دَرِّهِ شُخْبَهُ الْأُولَى وَ أَبْعِدْ مَا غَرَزَ

وَ اسْحَبِ الذَّيْلَ وَ بَادِرْ فُوقَهَا (3) وَ انْتَهِزْهَا إِنَّ عَمْراً يُنْتَهَزُ

أَعْطِهِ مِصْراً وَ زِدْهُ مِثْلَهَا إِنَّمَا مِصْرٌ لِمَنْ عَزَّ وَ بَزَّ

وَ اتْرُكِ الْحِرْصَ عَلَيْهَا ضَلَّةً وَ اشْبُبِ النَّارَ لِمَقْرُورً يُكَزُّ (4)

إِنَّ مِصْراً لِعَلِيٍّ أَوْ لَنَا يُغْلَبُ الْيَوْمَ عَلَيْهَا مَنْ عَجَزَ (5).

فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِيَةُ قَوْلَ عُتْبَةَ أَرْسَلَ إِلَى عَمْرٍو وَ أَعْطَاهَا إِيَّاهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو وَ لِي اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ؟ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ نَعَمْ لَكَ اللَّهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ لَئِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا اَلْكُوفَةَ قَالَ عَمْرٌو « وَ اللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ »قَالَ فَخَرَجَ عَمْرٌو وَ مَنْ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ ابْنَاهُ مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ أَعْطَانَا مِصْرَ طُعْمَةً.

قَالاَ وَ مَا مِصْرٌ فِي مُلْكِ اَلْعَرَبِ قَالَ لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بُطُونَكُمَا إِنْ لَمْ يُشْبِعْكُمَا مِصْرٌ قَالَ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ وَ كَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَنْ لاَ يَنْقُضَ شَرْطَ طَاعَةٍ وَ كَتَبَ عَمْرٌو عَلَى أَلاَّ تَنْقُضَ طَاعَةٌ شَرْطاً (6)وَ كَايَدَ كُلُّك.

ص: 40


1- مائل:قائم.و في الأصل و ح:«مائل».
2- في الأصل:«لم تجز»و الصواب من ح.
3- الفوق،بالضم،هنا:الطريق الأول.
4- الكزاز:داء يأخذ من شدة البرد و تعترى منه رعدة.و في الأصل:«يكن» محرفة.
5- في الأصل:«و لما»و أنبت ما في ح.و في الأصل:«من عجن»تحريف.
6- في الأصل:«و لا ينقض طاعة شرطا»و أنبت ما في ح.و انظر الكامل للمبرد 184 ليبسك.

وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (1).

وَ كَانَ مَعَ عَمْرٍو ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَتًى شَابٌّ وَ كَانَ دَاهِياً حَلِيماً (2)فَلَمَّا جَاءَ عَمْرٌو بِالْكِتَابِ مَسْرُوراً عَجِبَ الْفَتَى وَ قَالَ أَ لاَ تُخْبِرُنِي يَا عَمْرُو بِأَيِّ رَأْيٍ تَعِيشُ فِي قُرَيْشٍ أَعْطَيْتَ دِينَكَ وَ مُنِّيتَ دُنْيَا غَيْرِكَ أَ تَرَى أَهْلَ مِصْرٍ وَ هُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ يَدْفَعُونَهَا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ عَلِيٌّ حَيٌّ وَ تَرَاهَا إِنْ صَارَتْ إِلَى مُعَاوِيَةَ لاَ يَأْخُذُهَا بِالْحَرْفِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ عَمْرٌو يَا ابْنَ الْأَخِ إِنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ دُونَ عَلِيٍّ وَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ الْفَتَى فِي ذَلِكَ شِعْراً

أَلاَ يَا هِنْدُ أُخْتَ بَنِي زِيَادٍ دُهِي عَمْرٌو بِدَاهِيَةِ الْبِلاَدِ (3)

رُمِي عَمْرٌو بِأَعْوَرَ عَبْشَمِيٍّ بَعِيدِ الْقَعْرِ مَخْشِيِّ الْكِيَادِ (4)

لَهُ خُدَعٌ يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهَا مُزَخْرَفَةٌ صَوَائِدُ لِلْفُؤَادِه.

ص: 41


1- قال ابن أبي الحديد(1:138):«تفسيره أن معاوية قال للكاتب اكتب على ألا ينقض شرط طاعة،يريد أخذ إقرار عمرو له أنّه قد بايعه على الطاعة بيعة مطلقة غير مشروطة بشيء.و هذه مكايدة له؛لأنّه لو كتب ذلك لكان لمعاوية أن يرجع في إعطائه مصرا و لم يكن لعمرو أن يرجع عن طاعته و يحتج عليه برجوعه عن إعطائه مصرا؛لأن مقتضى المشارطة المذكورة أن طاعة معاوية واجبة عليه مطلقا سواء كانت مصر مسلمة إليه أولا.فلما انتبه عمرو على هذه المكيدة منع الكاتب من أن يكتب ذلك و قال:بل اكتب:على أن لا تنقض طاعة شرطا يريد أخذ إقرار معاوية له بأنّه إذا كان أطاعه لا تنقض طاعته إياه ما شارطه عليه من تسليم مصر إليه.و هذا أيضا مكايدة من عمرو لمعاوية،و منع له من أن يقدر بما أعطاه من مصر».
2- الحليم:ذو الأناة و العقل.و في ح:«و كان لعمرو بن العاص ابن عم من بنى سهم أريب».و في الإمامة و السياسة:«و كان مع عمرو بن العاص ابن أخ له جاءه من مصر».و انظر ما سيأتي في س 5 هذه الصفحة من قوله:«يا ابن الأخ»و ما سيأتي بعد القصيدة في الصفحة التالية.
3- أراد:دمى،فسكن آخره للشعر.و في ح:«رمى»و كلاهما بالبناء للمفعول.
4- في الأصل و ح:«محشى الكباد»،و إنّما يريد أنّه يخشى كيده.

فَشَرَّطَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ حَرْفاً يُنَادِيهِ بِخُدْعَتِهِ الْمُنَادِي

وَ أَثْبَتَ مِثْلَهُ عَمْرٌو عَلَيْهِ كِلاَ الْمَرْأَيْنِ حَيَّةُ بَطْنِ وَادٍ

أَلاَ يَا عَمْرُو مَا أَحْرَزْتَ مِصْراً وَ مَا مِلْتَ الْغَدَاةَ إِلَى الرَّشَادِ

وَ بِعْتَ الدِّينِ بِالدُّنْيَا خَسَاراً فَأَنْتَ بِذَاكَ مِنْ شَرِّ الْعِبَادِ

فَلَوْ كُنْتَ الْغَدَاةَ أَخَذْتَ مِصْراً وَ لَكِنْ دُونَهَا خَرْطُ الْقَتَادِ

وَفَدْتَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْبٍ فَكُنْتَ بِهَا كَوَافِدِ قَوْمِ عَادٍ

وَ أُعْطِيتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ مِنْهُ بِطِرْسٍ فِيهِ نَضْحٌ مِنْ مِدَادٍ

أَ لَمْ تَعْرِفْ أَبَا حَسَنٍ عَلِيّاً وَ مَا نَالَتْ يَدَاهُ مِنَ الْأَعَادِيَ

عَدَلْتَ بِهِ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ فَيَا بُعْدَ الْبَيَاضِ مِنَ السَّوَادِ

وَ يَا بُعْدَ الْأَصَابِعِ مِنْ سُهَيْلٍ وَ يَا بُعْدَ الصَّلاَحِ مِنَ الْفَسَادِ

أَ تَأْمَنُ أَنْ تَرَاهُ عَلَى خِدَبٍّ يَحُثُّ الْخَيْلَ بِالْأَسَلِ الْحِدَادِ (1)

يُنَادِي بِالنِّزَالِ وَ أَنْتَ مِنْهُ بَعِيدٌ فَانْظُرَنْ مَنْ ذَا تُعَادِي

فَقَالَ عَمْرٌو يَا ابْنَ أَخِي لَوْ كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ وَسِعَنِي بَيْتِي وَ لَكِنِّي الْآنَ مَعَ مُعَاوِيَةَ (2)فَقَالَ لَهُ الْفَتَى إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُرِدْ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُرِدْكَ وَ لَكِنَّكَ تُرِيدُ دُنْيَاهُ وَ هُوَ يُرِيدُ دِينَكَ وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ قَوْلُ الْفَتَى فَطَلَبَهُ فَهَرَبَ فَلَحِقَ بِعَلِيٍّ فَحَدَّثَهُ بِأَمْرِ عَمْرٍو وَ مُعَاوِيَةَ قَالَ فَسَّرَ ذَلِكَ عَلِيّاً وَ قَرَّ بِهِ قَالَ وَ غَضِبَ مَرْوَانُ وَ قَالَ مَا بَالِي لاَ أُشْتَرَى كَمَا اشْتُرِيَ عَمْرٌو قَالَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا تُبْتَاعُ الرِّجَالُ لَكَ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيّاً مَا صَنَعَهُ مُعَاوِيَةُ وَ عَمْرٌو قَالَه.

ص: 42


1- الحدب:الضخم من كل شيء.
2- ح:«لو كنت عند على لوسعني.و لكنى الآن عنده.

1

يَا عَجَباً لَقَدْ سَمِعْتُ مُنْكَراً كِذْباً عَلَى اللَّهِ يُشِيبُ الشَّعَرَا

يَسْتَرِقُ السَّمْعَ وَ يُغْشِي الْبَصَرَا مَا كَانَ يَرْضَى أَحْمَدُ لَوْ خُبِّرَا

أَنْ يُقْرِنُوا وَصِيَّهُ وَ اَلْأَبْتَرَا شَانِي الرَّسُولِ وَ اللَّعِينَ الْأَخْزَرَا (1)

كِلاَهُمَا فِي جُنْدِهِ قَدْ عَسْكَرَا قَدْ بَاعَ هَذَا دِينَهُ فَأَفْجَرَا (2)

مِنْ ذَا بِدُنْيَا بَيْعَهُ قَدْ خَسِرَا بِمُلْكِ مِصْرَ إِنْ أَصَابَ الظَّفَرَا (3)

إِنِّي إِذَا الْمَوْتُ دَنَا وَ حَضَرَا شَمَّرْتُ ثَوْبِي وَ دَعَوْتُ قَنْبَراً (4)

قَدِّمْ لِوَائِي لاَ تُؤَخِّرْ حَذَراً لَنْ يَدْفَعَ الْحِذَارُ مَا قَدْ قُدِّرَا (5)

لَمَّا رَأَيْتُ الْمَوْتَ مَوْتاً أَحْمَرَا عَبَّأْتُ هَمْدَانَ وَ عَبَّوْا حِمْيَرَا

حَيُّ يَمَانٍ يُعْظِمُونَ الْخَطَراَ قِرْنٌ إِذَا نَاطَحَ قِرْناً كَسَرَا

قُلْ لاِبْنِ حَرْبٍ لاَ تَدِبَّ الْخَمَرَا (6)أَرْوِدْ قَلِيلاً أُبْدِ مِنْكَ الضَّجَرَا

لاَ تَحْسَبَنِّي يَا اِبْنَ حَرْبٍ غَمَرَا (7)وَ سَلْ بِنَا بَدْراً مَعاً وَ خَيْبَرَاف.

ص: 43


1- يعني بالأبتر العاص بن وائل،والد عمرو بن العاص،و فيه نزل قول اللّه:« إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ »و بالأخزر عمرو بن العاص،و كأنّه كان أخزر ينظر بمؤخر عينيه.
2- أفجر:كذب،أو عصى،أو كفر.و مثله فجر.
3- ح:«بيعة قد خسرا».
4- قنبر بفتح القاف و الباء:مولى على.و إليه ينسب المحدثان العباس بن الحسن و أحمد ابن بشر القنبريان.
5- الحذار:الحذر.و في الأصل:«لن ينفع»صوابه في ح.
6- الخمر،بفتح الخاء المعجمة و الميم:ما و اراك من الشجر و الجبال و نحوها.و الدبيب: المشى على هينة.يقال للرجل إذا ختل صاحبه:هو يدب له الضراء،و يمشى له الخمر.و في الأصل:«لا ندب الحمرا»و الكلمتان محرفتان،و الصواب في ح.و الإرواد:الإمهال.
7- الغمر،بتثليث أوله و بفتح أوله و ثانيه:من لم يجرب الأمور.و في الأصل: «عمرا»محرف.

كَانَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ جَزَرَا (1) إِذْ وَرَدُوا الْأَمْرَ فَذَمُّوا الصَّدَرَا

لَوْ أَنَّ عِنْدِي يَا اِبْنَ حَرْبٍ جَعْفَراً أَوْ حَمْزَةَ الْقَرْمَ الْهُمَامَ الْأَزْهَرَا

رَأَتْ قُرَيْشٌ نَجْمَ لَيْلٍ ظُهُرَا

.

مكاتبة معاويه مع شرحبيل و دخوله في أمره

نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا بَاتَ عَمْرٌو عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَ أَصْبَحَ أَعْطَاهُ مِصْرَ طُعْمَةً لَهُ وَ كَتَبَ لَهُ بِهَا كِتَاباً وَ قَالَ مَا تَرَى قَالَ أَمْضِ الرَّأْيَ الْأَوَّلَ فَبَعَثَ مَالِكَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْكِنْدِيَّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَأَدْرَكَهُ فَقَتَلَهُ وَ بَعَثَ إِلَى قَيْصَرَ بِالْهَدَايَا فَوَادَعَهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَرَى فِي عَلِيٍّ ؟ قَالَ أَرَى فِيهِ خَيْراً أَتَاكَ فِي هَذِهِ الْبَيْعَةِ خَيْرُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ وَ دَعْوَاكَ أَهْلَ اَلشَّامِ إِلَى رَدِّ هَذِهِ الْبَيْعَةِ خَطَرٌ شَدِيدٌ وَ رَأْسُ أَهْلِ اَلشَّامِ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ الْكِنْدِيُّ وَ هُوَ عَدُوٌّ لِجَرِيرٍ الْمُرْسَلِ إِلَيْكَ فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ وَ وَطِّنْ لَهُ ثِقَاتَكَ فَلْيَفْشُوا فِي النَّاسِ أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ وَ لْيَكُونُوا أَهْلَ الرِّضَا عِنْدَ شُرَحْبِيلَ فَإِنَّهَا كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لَكَ أَهْلَ اَلشَّامِ عَلَى مَا تُحِبُّ وَ إِنْ تَعَلَّقَتْ بِقَلْبِ شُرَحْبِيلَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَداً (2).

فَكَتَبَ إِلَى شُرَحْبِيلَ إِنَّ جَرِيرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ عِنْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَمْرٍ فَظِيعٍ فَاقْدَمْ وَ دَعَا مُعَاوِيَةُ يَزِيدَ بْنَ أَسَدٍ وَ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَ عَمْرَو بْنَ سُفْيَانَ وَ مُخَارِقَ بْنَ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيَّ وَ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ وَ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَّ وَ هَؤُلاَءِ رُءُوسُ قَحْطَانَ وَ اَلْيَمَنِ وَ كَانُوا ثِقَاتَ مُعَاوِيَةَ وَ خَاصَّتَهُ وَ بَنِي عَمِّ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْقَوْهُ وَ يُخْبِرُوهُ أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ فَلَمَّا قُدِّمَ كِتَابُ مُعَاوِيَةَ عَلَى شُرَحْبِيلَ وَ هُوَ بِحِمْصٍ اسْتَشَارَ أَهْلَ

ص: 44


1- الجزر بفتحتين:اللحم الذي تأكله السباع،يقال تركوهم جزرا إذا قتلوهم.
2- في الأصل:«و إن تعلق بقلبه لم يخرجه شيء أبدا»،و أنبت الصواب من ح.

اَلْيَمَنِ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَزْدِيُّ وَ هُوَ صَاحِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَ خَتَنُهُ (1)وَ كَانَ أَفْقَهَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ يَا شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ يَزِيدُكَ خَيْراً مُذْ هَاجَرْتَ إِلَى الْيَوْمِ وَ إِنَّهُ لاَ يَنْقَطِعُ الْمَزِيدُ مِنَ اللَّهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الشُّكْرُ مِنَ النَّاسِ وَ« لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ »إِنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ إِلَيْنَا قَتْلُ عُثْمَانَ وَ أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ (2)فَإِنْ يَكُ قَتَلَهُ فَقَدْ بَايَعَهُ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ هُمُ الْحُكَّامُ عَلَى النَّاسِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ فَعَلاَمَ تُصَدِّقُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِ؟ لاَ تُهْلِكْ نَفْسَكَ وَ قَوْمَكَ فَإِنْ كَرِهْتَ أَنْ يَذْهَبَ بِحَظِّهَا جَرِيرٌ فَسِرْ إِلَى عَلِيٍّ فَبَايِعْهُ عَلَى شَامِكَ وَ قَوْمِكَ (3)فَأَبَى شُرَحْبِيلُ إِلاَّ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عِيَاضٌ الثُّمَالِيُّ (4)وَ كَانَ نَاسِكاً،

يَا شُرْحُ يَا ابْنَ اَلسِّمْطِ إِنَّكَ بَالِغٌ بِوُدِّ عَلِيٍّ مَا تُرِيدُ مِنَ الْأَمْرِ (5)

وَ يَا شُرْحُ إِنَّ اَلشَّامَ شَامُكَ مَا بِهَا سِوَاكَ فَدَعْ قَوْلَ الْمُضَلِّلِ مِنْ فِهْرٍ

فَإِنَّ اِبْنَ حَرْبٍ نَاصِبٌ لَكَ خُدْعَةً تَكُونُ عَلَيْنَا مِثْلَ رَاغِيَةِ الْبَكْرِ (6)).

ص: 45


1- عبد الرحمن بن غنم،أحد الرجال المختلف في صحبتهم للرسول.و مات سنة 78.انظر الإصابة 5173 و 6371.فى الأصل:«و حنثه»و إنّما هى«و ختنه»كما جاء في ح.
2- بدلها في ح:«إنّه قد ألقى إلى معاوية أن عليا قتل عثمان،و لهذا يريدك».
3- ح:«عن شامك و قومك».
4- الثمالى:نسبة إلى ثمالة،بطن من بطونهم.و في الأصل:«اليمانيّ»صوابه في ح و معجم المرزبانى 269.قال المرزبانى:«شامى.يقول لشرحبيل بن السمط لما بويع معاوية...»و أنشد بعض أبيات القصيدة التالية.
5- شرح:مرخم شرحبيل،و هذا بضم الشين و فتح الراء و سكون الحاء،و لكنه سكن الراء للشعر.و في الأصل:«شرخ»بالخاء صوابه في ح.
6- الراغية:الرغاء.و البكر،بالفتح:ولد الناقة.انظر أمثال الميداني(2:78). و هذا مثل يضرب في التشاؤم،يشار به إلى ما كان من رغاء بكر ثمود حين عقر قدار ناقة صالح فأصاب ثمود ما أصاب.انظر ثمار القلوب 282 و المفضليات(2:195 طبع المعارف).

فَإِنْ نَالَ مَا يَرْجُو بِنَا كَانَ مُلْكُنَا هَنِيئاً لَهُ وَ الْحَرْبُ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ

فَلاَ تَبْغِيَنْ حَرْبَ اَلْعِرَاقِ فَإِنَّهَا تُحَرِّمُ أَطْهَارَ النِّسَاءِ مِنَ الذُّعْرِ

وَ إِنَّ عَلِيّاً خَيْرُ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى مِنَ اَلْهَاشِمِيِّينَ الْمُدَارِيكَ لِلْوَتْرِ (1)

لَهُ فِي رِقَابِ النَّاسِ عَهْدٌ وَ ذِمَّةٌ كَعَهْدِ أَبِي حَفْصٍ وَ عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ

فَبَايِعْ وَ لاَ تَرْجِعْ عَلَى الْعَقْبِ كَافِراً أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ مِنَ الْكُفْرِ (2)

وَ لاَ تَسْمَعَنْ قَوْلَ الطَّغَامِ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُلْقُوكَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ

وَ مَا ذَا عَلَيْهِمْ أَنْ تُطَاعِنَ دُونَهُمْ عَلِيّاً بِأَطْرَافِ الْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

فَإِنْ غَلَبُوا كَانُوا عَلَيْنَا أَئِمَّةً وَ كُنَّا بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ (3)

وَ إِنْ غُلِبُوا لَمْ يَصْلَ بِالْحَرْبِ غَيْرُنَا وَ كَانَ عَلِيٌّ حَرْبَنَا آخِرَ الدَّهْرِ

يَهُونُ عَلَى عُليَا لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ دِمَاءُ بَنِي قَحْطَانَ فِي مُلْكِهِمْ تَجْرِي

فَدَعْ عَنْكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِنَّنَا لَكَ الْخَيْرُ لاَ نَدْرِي وَ إِنَّكَ لاَ تَدْرِي

عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ مَصْرَعُ جَنْبِهِ فَلاَ تَسْمَعَنْ قَوْلَ الْأُعَيْوِرِ أَوْ عَمْرٍو .

نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ شُرَحْبِيلُ عَلَى مُعَاوِيَةَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ فَأَعْظَمُوهُ وَ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَتَكَلَّمَ مُعَاوِيَةُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا شُرَحْبِيلُ إِنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَدْعُونَا إِلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ وَ عَلِيٌّ خَيْرٌ النَّاسِ لَوْ لاَ أَنَّهُ قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَ قَدْ حَبَسْتُ نَفْسِير.

ص: 46


1- المداريك:المدركون،جمع مدراك.و الوتر،بالكسر:الثأر و الذحل.
2- على العقب،فيه إشارة إلى قول اللّه:« يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. »و في الأصل:«العقد» بالدال،صوابه في ح.
3- يقال فلان من ولد الظهر،بالفتح:أى ليس منها.و قيل معناه أنّه لا يلتفت إليه، قال أرطاة بن سهية: فمن مبلغ أبناء مرة أننا وجدنا بنى البرصاء من ولد الظهر.

عَلَيْكَ وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ أَرْضَى مَا رَضُوا وَ أَكْرَهُ مَا كَرِهُوا فَقَالَ شُرَحْبِيلُ أَخْرُجُ فَأَنْظُرُ فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ هَؤُلاَءِ النَّفَرُ الْمُوَطِّئُونَ لَهُ فَكُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ بِأَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَخَرَجَ مُغْضَباً إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ أَبَى النَّاسُ إِلاَّ أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ وَ وَ اللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتَ لَهُ لَنُخْرِجَنَّكَ مِنَ اَلشَّامِ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ قَالَ مُعَاوِيَةُ مَا كُنْتُ لِأُخَالِفَ عَلَيْكُمْ وَ مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ قَالَ فَرُدَّ هَذَا الرَّجُلَ إِلَى صَاحِبِهِ إِذاً قَالَ فَعَرَفَ مُعَاوِيَةُ أَنَّ شُرَحْبِيلَ قَدْ نَفَذَتْ بَصِيرَتُهُ فِي حَرْبِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ أَنَّ اَلشَّامَ كُلَّهُ مَعَ شُرَحْبِيلَ (1)فَخَرَجَ شُرَحْبِيلُ فَأَتَى حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فَقَالَ ابْعَثْ إِلَى جَرِيرٍ فَلْيَأْتِنَا فَبَعَثَ إِلَيْهِ حُصَيْنٌ أَنْ زُرْنَا فَإِنَّ عِنْدَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ فَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ فَتَكَلَّمَ شُرَحْبِيلُ فَقَالَ يَا جَرِيرُ أَتَيْتَنَا بِأَمْرٍ مُلَفَّفٍ (2)لِتُلْقِيَنَا فِي لَهَوَاتِ الْأَسَدِ وَ أَرَدْتَ أَنْ تَخْلُطَ اَلشَّامَ بِالْعِرَاقِ وَ أَطْرَأْتَ عَلِيّاً (3)وَ هُوَ قَاتِلُ عُثْمَانَ وَ اللَّهُ سَائِلُكَ عَمَّا قُلْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ فَقَالَ يَا شُرَحْبِيلُ أَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي جِئْتُ بِأَمْرٍ مُلَفَّفٍ فَكَيْفَ يَكُونُ أَمْراً مُلَفَّفاً (4)وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ قُوتِلَ عَلَى رَدِّهِ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي أَلْقَيْتُكَ فِي لَهَوَاتِ الْأَسَدِ فَفِي لَهَوَاتِهَا أَلْقَيْتَ نَفْسَكَ وَ أَمَّا خَلْطُ اَلْعِرَاقِ بِالشَّامِ فَخَلْطُهُمَا عَلَى حَقٍّ خَيْرٌ مِنْ فُرْقَتِهِمَا عَلَى بَاطِلٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ فَوَ اللَّهِ مَا فِي يَدَيْكَ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الْقَذْفُة.

ص: 47


1- إلى هنا ينتهى اقتباس ح في(1:140)و ينتقل إلى(1:249).
2- في اللسان:«اللفف:ما لففوا من هاهنا و هاهنا،كما يلفف الرجل شهادة الزور». و في اللسان أيضا:«أحاديث ملففة:أى أكاذيب مزخرفة».ح:«ملفق»بالقاف في آخره،و هما وجهان صالحان كما رأيت.
3- قال ابن منظور:«أطرأ القوم:مدحهم،نادرة،و الأعرف بالياء»،ح: «أطريت»بالياء.
4- ح:«ملفتا»بقاف بعد الفاء،و انظر الحاشية الثانية من هذه الصفحة.

« بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ » (1)وَ لَكِنَّكَ مِلْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَ شَيْءٍ كَانَ فِي نَفْسِكَ عَلَى زَمَنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ .

فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ قَوْلُ الرَّجُلَيْنِ فَبَعَثَ إِلَى جَرِيرٍ فَزَجَرَهُ (2)وَ لَمْ يَدْرِ مَا أَجَابَهُ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ كَتَبَ جَرِيرٌ إِلَى شُرَحْبِيلَ (3)

شُرَحْبِيلُ يَا اِبْنَ السِّمْطِ لاَ تَتْبَعِ الْهَوَى

فَمَا لَكَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدِّينِ مِنْ بَدَلْ

وَ قُلْ لاِبْنِ حَرْبٍ مَا لَكَ الْيَوْمَ حُرْمَةٌ

تَرُومُ بِهَا مَا رُمْتَ فَاقْطَعْ لَهُ الْأَمَلَ (4)

شُرَحْبِيلُ إِنَّ الْحَقَّ قَدْ جَدَّ جَدَّهُ

وَ إِنَّكَ مَأْمُونُ الْأَدِيمِ مِنَ النَّغَلِ

فَأَرْوِدْ وَ لاَ تُفْرِطْ بِشَيْءٍ نَخَافُهُ

عَلَيْكَ وَ لاَ تَعْجَلْ فَلاَ خَيْرَ فِي الْعَجَلِ (5)

وَ لاَ تَكُ كَالْمُجْرَى إِلَى شَرِّ غَايَةٍ

فَقَدْ خُرِقَ السِّرْبَالُ وَ اسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ

وَ قَالَ اِبْنُ هِنْدٍ فِي عَلِيٍّ عَضِيهَةً

وَ لَلَّهُ فِي صَدْرِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ أَجَلُّ

وَ مَا لِعَلِيٍّ فِي اِبْنِ عَفَّانَ سَقْطَةٌ

بِأَمْرٍ وَ لاَ جَلْبٍ عَلَيْهِ وَ لاَ قَتْلِ (6)ة.

ص: 48


1- انظر الآية 53 من سورة سبأ و أقوال أصحاب التفسير فيها.
2- في الأصل:«فزجوه»صوابه في ح.
3- ح:«و كتب كتاب لا يعرف كاتبه إلى شرحبيل يقول».
4- ح:«ما لك اليوم...فاقلع».
5- الإرواد:الإمهال.و الفرط:السبق.
6- ح:«و لا مالا عليه و لا قتل».و الممالأة:المساعدة و المعاونة.

وَ مَا كَانَ إِلاَّ لاَزِماً قَعْرَ بَيْتِهِ

إِلَى أَنْ أَتَى عُثْمَانَ فِي بَيْتِهِ الْأَجَلْ

فَمَنْ قَالَ قَوْلاً غَيْرَ هَذَا فَحَسْبُهُ

مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ قَوْلُ الَّذِي احْتَمَلَ (1)

وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ دُونِ أَهْلِهِ

وَ فَارِسُهُ الْأُولَى بِهِ يَضْرِبُ الْمَثَلْ (2).

فَلَمَّا قَرَأَ شُرَحْبِيلُ الْكِتَابَ ذُعِرَ وَ فَكَّرَ وَ قَالَ هَذِهِ نَصِيحَةٌ لِي فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ لاَ وَ اللَّهِ لاَ أَعْجَلُ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِشَيْءٍ وَ فِي نَفْسِي مِنْهُ حَاجَةٌ فَاسْتَتَرَ لَهُ الْقَوْمُ وَ لَفَّفَ لَهُ مُعَاوِيَةُ الرِّجَالَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ وَ يَخْرُجُونَ وَ يُعْظِمُونَ عِنْدَهُ قَتْلَ عُثْمَانَ وَ يَرْمُونَ بِهِ عَلِيّاً وَ يُقِيمُونَ الشَّهَادَةَ الْبَاطِلَةَ وَ الْكُتُبَ الْمُخْتَلِفَةَ حَتَّى أَعَادُوا رَأْيَهُ وَ شَحَذُوا عَزْمَهُ وَ بَلَغَ ذَلِكَ قَوْمَهُ فَبَعَثَ ابْنُ أُخْتٍ لَهُ مِنْ بَارِقٍ وَ كَانَ يَرَى رَأْيَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَبَايَعَهُ بَعْدُ وَ كَانَ مِمَّنْ لَحِقَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ كَانَ نَاسِكاً فَقَالَ

لَعَمْرُ أَبِي الْأَشْقَى اِبْنُ هِنْدٍ لَقَدْ رَمَى شُرَحْبِيلَ بِالسَّهْمِ الَّذِي هُوَ قَاتِلُهُ

وَ لَفَّفَ قَوْماً يَسْحَبُونَ ذُيُولَهُمْ جَمِيعاً وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّنْبِ فَاعِلُهُ

فَأَلْفَى يَمَانِيّاً ضَعِيفاً نُخَاعُهُ إِلَى كُلِّ مَا يَهْوَوْنَ تُحْدَى رَوَاحِلُهُ

فَطَاطَا لَهَا لَمَّا رَمَوْهُ بِثِقْلِهَا وَ لاَ يُرْزَقُ التَّقْوَى مِنَ اللَّهِ خَاذِلُهُ

لِيَأْكُلَ دُنْيَا لاِبْنِ هِنْدٍ بِدِينِهِ (3)أَلاَ وَ اِبْنُ هِنْدٍ قَبْلَ ذَلِكَ آكِلُهُ».

ص: 49


1- أي الذي احتمله.ح:«بعض الذي احتمل».
2- ح:«و من باسمه في فضله يضرب المثل».
3- في الأصل:«ليأكل به دنيا ابن هند».

وَ قَالُوا عَلِيٌّ فِي اِبْنِ عَفَّانَ خُدْعَةٌ وَ دَبَّتْ إِلَيْهِ بِالشَّنَانِ غَوَائِلُهُ (1)

وَ لاَ وَ الَّذِي أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ لَقَدْ كُفَّ عَنْهُ كَفُّهُ وَ وَسَائِلُهُ

وَ مَا كَانَ إِلاَّ مِنْ صِحَابِ مُحَمَّدٍ وَ كُلُّهُمُ تَغْلِي عَلَيْهِ مَرَاجِلُهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ شُرَحْبِيلَ هَذَا الْقَوْلُ قَالَ هَذَا بَعِيثُ اَلشَّيْطَانِ الْآنَ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبِي وَ اللَّهِ لَأُسَيِّرَنَّ صَاحِبَ هَذَا الشِّعْرِ أَوْ لَيَفُوتَنَّنِي فَهَرَبَ الْفَتَى إِلَى اَلْكُوفَةِ وَ كَانَ أَصْلُهُ مِنْهَا وَ كَادَ أَهْلُ اَلشَّامِ أَنْ يَرْتَابُوا .

نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ إِجَابَتِكَ الْحَقَّ وَ مَا وَقَعَ فِيهِ أَجْرُكَ عَلَى اللَّهِ وَ قَبِلَهُ عَنْكَ صُلَحَاءُ النَّاسِ مَا عَلِمْتَ وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي قَدْ عَرَفْتَهُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِرِضَا الْعَامَّةِ فَسِرْ فِي مَدَائِنِ اَلشَّامِ وَ نَادِ فِيهِمْ بِأَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ وَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ فَسَارَ فَبَدَأَ بِأَهْلِ حِمْصٍ فَقَامَ خَطِيباً وَ كَانَ مَأْمُوناً فِي أَهْلِ اَلشَّامِ نَاسِكاً مُتَأَلِّهاً فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَ قَدْ غَضِبَ لَهُ قَوْمٌ فَقَتَلَهُمْ وَ هَزَمَ الْجَمِيعَ وَ غَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ اَلشَّامُ وَ هُوَ وَاضِعٌ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ خَائِضٌ بِهِ غُمَارَ الْمَوْتِ (2)حَتَّى يَأْتِيَكُمْ (3)أَوْ يُحْدِثَ اللَّهُ أَمْراً وَ لاَ نَجِدُ أَحَداً أَقْوَى عَلَى قِتَالِهِ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَجِدُّوا وَ انْهَضُوا فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلاَّ نُسَّاكَ أَهْلِ حِمْصٍ (4)فَإِنَّهُمْ قَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا بُيُوتُنَا قُبُورُنَا وَ مَسَاجِدُنَا وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا تَرَى وَ جَعَلَ».

ص: 50


1- الشنان،كسحاب:لغة في الشنآن،و هو البغض.و أنشد للأحوص: و ما العيش إلاّ ما تلذ و تشتهى و إن لام فيه ذو الشنان و فندا.
2- ح:«غمرات الموت».
3- في الأصل:«بيكم»و إعجامه و إكماله من ح.
4- ح:«إلا نساكا من أهل حمص».

شُرَحْبِيلُ يَسْتَنْهِضُ مَدَائِنَ اَلشَّامِ حَتَّى اسْتَفْرَغَهَا لاَ يَأْتِي عَلَى قَوْمٍ إِلاَّ قَبِلُوا مَا أَتَاهُمْ بِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ اَلنَّجَاشِيُّ بْنُ الْحَارِثِ (1)وَ كَانَ صَدِيقاً لَهُ:

شُرَحْبِيلُ مَا لِلدِّينِ فَارَقْتَ أَمْرَنَا وَ لَكِنْ لِبُغْضِ الْمَالِكِيِّ جَرِيرٍ

وَ شَحْنَاءَ دَبَّتْ بَيْنَ سَعْدٍ وَ بَيْنَهُ فَأَصْبَحْتَ كَالْحَادِي بِغَيْرِ بَعِيرٍ

وَ مَا أَنْتَ إِذْ كَانَتْ بَجِيلَةُ عَاتَبَتْ قُرَيْشاً فَيَا لَلَّهِ بُعْدَ نَصِيرٍ

أَ تَفْصِلُ أَمْراً غِبْتَ عَنْهُ بِشُبْهَةٍ وَ قَدْ حَارَ فِيهَا عَقْلُ كُلِّ بَصِيرٍ

بِقَوْلِ رِجَالٍ لَمْ يَكُونُوا أَئِمَّةً وَ لاَ لِلَّتِي لَقَّوْكَهَا بِحُضُورِ (2)

وَ مَا قَوْلُ قَوْمٍ غَائِبِينَ تَقَاذَفُوا مِنَ الْغَيْبِ مَا دَلاَّهُمُ بِغُرُورٍ

وَ تَتْرُكُ أَنَّ النَّاسَ أَعْطَوْا عُهُودَهُمْ عَلِيّاً عَلَى أُنْسٍ بِهِ وَ سُرُورِ

إِذَا قِيلَ هَاتُوا وَاحِداً تَقْتَدُونَهُ نَظِيراً لَهُ لَمْ يَفْصَحُوا بِنَظِيرِ (3)

لَعَلَّكَ أَنْ تَشْقَى الْغَدَاةَ بِحَرْبِهِ شُرَحْبِيلُ مَا مَا جِئْتَهُ بِصَغِيرِ (4)

.

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ بْنِ جَبَلَةَ الْكِنْدِيَّ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَنْتَ عَامِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَإِنْ كُنْتَ رَجُلاً تُجَاهِدُ عَلِيّاً وَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ حَتَّى نُدْرِكَ بِثَأْرِنَا أَوْ تَفْنَى أَرْوَاحُنَا اسْتَعْمَلْنَاكَ عَلَيْنَا وَ إِلاَّ عَزَلْنَاكَ وَ اسْتَعْمَلْنَا غَيْرَكَ».

ص: 51


1- و كذا ورد في ح.و المعروف في شعرائهم النجاشيّ الحارثى،و اسمه قيس بن عمرو ابن مالك،من بنى الحارث بن كعب.و هو ممن حده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب لشربه الخمر.انظر الشعراء 68 و الخزانة(4:368).
2- في الأصل:«و لا بالتي لقوكها»،و الصواب من ح(1:250).
3- تقتدونه،المعروف تعديته بالباء،فقد عداه بتضمينه معنى تتبعونه،و في ح: «يقتدى به».
4- أي ليس الذي جئته بصغير.و في ح:«فليس الذي قد جئته بصغير».

مِمَّنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَاهَدْنَا مَعَهُ حَتَّى نُدْرِكَ بِدَمِ عُثْمَانَ أَوْ نَهْلِكَ فَقَالَ جَرِيرٌ يَا شُرَحْبِيلُ مَهْلاً فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَقَنَ الدِّمَاءَ وَ لَمَّ الشَّعَثَ وَ جَمَعَ أَمْرَ الْأُمَّةِ وَ دَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سُكُونٌ فَإِيَّاكَ أَنْ تُفْسِدَ بَيْنَ النَّاسِ وَ أَمْسِكْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ قَوْلٌ لاَ تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ قَالَ:لاَ وَ اللَّهِ لاَ أُسِرُّهُ أَبَداً ثُمَّ قَامَ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ النَّاسُ:صَدَقَ صَدَقَ الْقَوْلُ مَا قَالَ وَ الرَّأْيُ مَا رَأَى فَأَيِسَ جَرِيرٌ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَ عَنْ عَوَامِّ أَهْلِ اَلشَّامِ .

إبطاء جرير عند معاويه و كتاب على عليه السّلام إليهما

1- نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ أَتَى جَرِيراً فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ يَا جَرِيرُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْياً قَالَ هَاتِهِ قَالَ اكْتُبْ إِلَى صَاحِبِكَ يَجْعَلْ لِيَ اَلشَّامَ وَ مِصْرَ جِبَايَةً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ بَيْعَةً فِي عُنُقِي وَ أُسَلِّمُ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ أَكْتُبُ إِلَيْهِ بِالْخِلاَفَةِ فَقَالَ جَرِيرٌ اكْتُبْ بِمَا أَرَدْتَ وَ أَكْتُبُ مَعَكَ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ فَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى جَرِيرٍ 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَلاَّ يَكُونَ لِي فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ وَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا أَحَبَّ وَ أَرَادَ أَنْ يَرْيِثَكَ حَتَّى يَذُوقَ أَهْلَ اَلشَّامِ وَ إِنَّ اَلْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ أَشَارَ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَعْمِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى اَلشَّامِ وَ أَنَا بِالْمَدِينَةِ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَرَانِي أَتَّخِذُ« اَلْمُضِلِّينَ عَضُداً »فَإِنْ بَايَعَكَ الرَّجُلُ وَ إِلاَّ فَأَقْبِلْ» .

وَ فَشَا كِتَابُ مُعَاوِيَةَ فِي اَلْعَرَبِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ

مُعَاوِيَّ إِنَّ اَلشَّامَ شَامُكَ فَاعْتَصِمْ بِشَامِكَ لاَ تَدْخُلْ عَلَيْكَ الْأَفَاعِيَا

وَ حَامِ عَلَيْهَا بِالْقَنَابِلِ وَ الْقَنَا وَ لاَ تَكُ مَحْشُوشَ الذِّرَاعَيْنِ وَانِياً (1)

ص: 52


1- حام:أمر من المحاماة.و القنابل:الجماعة من الناس،الواحدة قنبلة و قنبل بفتح-

وَ إِنَّ عَلِيّاً نَاظِرٌ مَا تُجِيبُهُ فَأَهْدِ لَهُ حَرْباً تُشِيبُ النَّوَاصِيَا

وَ إِلاَّ فَسَلِّمْ إِنَّ فِي السِّلْمِ رَاحَةً لِمَنْ لاَ يُرِيدُ الْحَرْبَ فَاخْتَرْ مُعَاوِيَا

وَ إِنَّ كِتَاباً يَا اِبْنَ حَرْبٍ كَتَبْتَهُ عَلَى طَمَعٍ يُزْجِي إِلَيْكَ الدَّوَاهِيَا

سَأَلْتَ عَلِيّاً فِيهِ مَا لَنْ تَنَالَهُ وَ لَوْ نِلْتَهُ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ لَيَالِيَا

وَ سَوْفَ تَرَى مِنْهُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ بَقَاءٌ فَلاَ تُكْثِرْ عَلَيْكَ الْأَمَانِيَا

أَ مِثْلَ عَلِيٍّ تَعْتَرِيهِ بِخُدْعَةٍ وَ قَدْ كَانَ مَا جَرَّبْتَ مِنْ قَبْلُ كَافِياً

وَ لَوْ نَشِبَتْ أَظْفَارُهُ فِيكَ مَرَّةً حَذَاكَ اِبْنَ هِنْدٍ مِنْهُ مَا كُنْتَ حَاذِياً (1).

قَالَ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَيْضاً

مُعَاوِيَّ إِنَّ الْمُلْكَ قَدْ جُبَّ غَارِبُهُ وَ أَنْتَ بِمَا فِي كَفِّكَ الْيَوْمَ صَاحِبُهُ

أَتَاكَ كِتَابٌ مِنْ عَلِيٍّ بِخَطِّهِ هِيَ الْفَصْلُ فَاخْتَرْ سِلْمَهُ أَوْ تُحَارِبَهُ

وَ لاَ تَرْجُ عِنْدَ الْوَاتِرِينَ مَوَدَّةً وَ لاَ تَأْمَنِ الْيَوْمَ الَّذِي أَنْتَ رَاهِبُهُ

فَحَارِبْهُ إِنْ حَارَبْتَ حَرْبَ ابْنِ حُرَّةٍ وَ إِلاَّ فَسَلِّمْ لاَ تَدِبَّ عَقَارِبُهُ (2)

فَإِنَّ عَلِيّاً غَيْرُ سَاحِبِ ذَيْلِهِ عَلَى خُدْعَةٍ مَا سَوَّغَ الْمَاءُ شَارِبَهُ (3)

وَ لاَ قَابِلٍ مَا لاَ يُرِيدُ وَ هَذِهِ يَقُومُ بِهَا يَوْماً عَلَيْكَ نَوَادِبُهُم.

ص: 53


1- -القاف و الباء فيهما.ح:«بالصوارم».محشوش،في اللسان:«حشت اليد و أحشت و هي محش:يبست؛و أكثر ذلك في الشلل.و حكى عن يونس حشت على صيغة ما لم يسم فاعله».و في ح:«موهون الذراعين».
2- في الأصل و ح:«حر بن حرة».
3- يقال ساغ الطعام و الشراب و أساغه:إذا ألفاه سائغا سهل المدخل في الحلق.و لم أجد هذه الصيغة من التضعيف في المعاجم.

وَ لاَ تَدَعَنَّ الْمُلْكَ وَ الْأَمْرُ مُقْبِلٌ وَ تَطْلُبُ مَا أَعْيَتْ عَلَيْكَ مَذَاهِبُهُ

فَإِنْ كُنْتَ تَنْوِي أَنْ تُجِيبَ كِتَابَهُ فَقُبِّحَ مُمْلِيهِ وَ قُبِّحَ كَاتِبُهُ

فَأَلْقِ إِلَى الْحَيِّ اَلْيَمَانِينَ كَلْمَةً تَنَالُ بِهَا الْأَمْرَ الَّذِي أَنْتَ طَالِبُهُ

تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصَابَهُ عَدُوٌّ وَ مَالاَهُمْ عَلَيْهِ أَقَارِبُهُ (1)

أَفَانِينُ مِنْهُمْ قَاتِلٌ وَ مُحَضِّضٌ بِلاَ تِرَةٍ كَانَتْ وَ آخَرُ سَالِبُهُ

وَ كُنْتُ أَمِيراً قَبْلُ بِالشَّامِ فِيكُمْ فَحَسْبِي وَ إِيَّاكُمْ مِنَ الْحَقِّ وَاجِبُهُ (2)

فَجِيئُوا وَ مَنْ أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ نُدَافِعُ بَحْراً لاَ تُرَدُّ غَوَارِبُهُ (3)

فَأَقْلِلْ وَ أَكْثِرْ مَا لَهَا الْيَوْمَ صَاحِبُ سِوَاكَ فَصَرِّحَ لَسْتَ مِمَّنْ تُوَارِبُهُ.

قَالَ فَخَرَجَ جَرِيرٌ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارِ فَإِذَا هُوَ بِغُلاَمٍ يَتَغَنَّى عَلَى قُعُودٍ لَهُ وَ هُوَ يَقُولُ

حُكَيمٌ وَ عَمَّارُ الشَّجَا وَ مُحَمَّدٌ وَ أَشْتَرُ وَ اَلْمَكْشُوحُ جَرُّوا الدَّوَاهِيَا (4)

وَ قَدْ كَانَ فِيهَا لِلزُّبَيْرِ عَجَاجَةٌ وَ صَاحِبُهُ الْأَدْنَى أَشَابَ النَّوَاصِيَا (5)ل.

ص: 54


1- الممالاة:المعاونة و المساعدة.و يعنى بأمير المؤمنين عثمان.
2- في الأصل:«فحبلى»صوابه في ح.
3- في الأصل و ح:«تجيبوا»تحريف.و الغوارب:أعالي الموج.يستحلفهم بمن أرسى جبل ثبير في مكانه أن ينهضوا لمعاونته على عدوه لكثير العدد.
4- حكيم،بهيئة التصغير،هو ابن جبلة بن حصن العبدى،و كان من عمال عثمان على السند ثمّ البصرة.انظر مروج الذهب(1:440)و الإصابة 1991.و عمار،هو عمار ابن ياسر الصحابيّ.و محمد،هو ان أبى بكر الصديق.انظر مروج الذهب(1: 440-442).و الأشتر:لقب ملك بن الحارث الشاعر التابعي،و كان قد قدم في نفر من أهل الكوفة.انظر المعارف 84.و المكشوح،هو المرادى.و قد اختلف في اسمه. انظر الإصابة 7307.
5- يعني بصاحبه الأدنى«الزبير بن العوام».و قد قتل طلحة و الزبير يوم الجمل.

فَأَمَّا عَلِيٌّ فَاسْتَغَاثَ بِبَيْتِهِ فَلاَ آمِرٌ فِيهَا وَ لَمْ يَكُ نَاهِياً

وَ قُلْ فِي جَمِيعِ النَّاسِ مَا شِئْتَ بَعْدَهُ وَ إِنْ قُلْتَ أَخْطَا النَّاسُ لَمْ تَكُ خَاطِيَا

وَ إِنْ قُلْتَ عُمَّ الْقَوْمُ فِيهِ بِفِتْنَةٍ فَحَسْبُكَ مِنْ ذَاكَ الَّذِي كَانَ كَافِياً

فَقُوَلا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَ خُصَّا الرِّجَالَ الْأَقْرَبِينَ الْمَوَالِيَا

أَ يُقْتَلُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسْطَكُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ لَيْسَ إِلاَّ تَمَادِياً (1)

فَلاَ نَوْمَ حَتَّى نَسْتَبِيحَ حَرِيمَكُمْ وَ نَخْضِبَ مِنْ أَهْلِ الشَّنَانِ الْعَوَالِيَا (2).

قَالَ جَرِيرٌ يَا ابْنَ أَخِي مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ أَنَا غُلاَمٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَ أَصْلِي مِنْ ثَقِيفٍ أَنَا ابْنُ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ قُتِلَ أَبِي مَعَ عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ فَعَجِبَ جَرِيرٌ مِنْ قَوْلِهِ وَ كَتَبَ بِشَعْرِهِ إِلَى عَلِيٍّ (3)،فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَ اللَّهِ مَا أَخْطَأَ الْغُلاَمُ شَيْئاً» . .

وَ فِي حَدِيثٍ صَالِحٍ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: أَبْطَأَ جَرِيرٌ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى اتَّهَمَهُ النَّاسُ وَ قَالَ عَلِيٌّ وَقَّتٌّ لِرَسُولِي وَقْتاً لاَ يُقِيمُ بَعْدَهُ إِلاَّ مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً وَ أَبْطَأَ عَلَى عَلِيٍّ حَتَّى أَيِسَ مِنْهُ .

1- وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ قَالاَ وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى جَرِيرٍ بَعْدَ ذَلِكَ:

1«أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاحْمِلْ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْفَصْلِ وَ خُذْهُ بِالْأَمْرِ الْجَزْمِ ثُمَّ خَيِّرْهُ بَيْنَ حَرْبٍ مُجْلِيَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُحْظِيَةٍ (4)فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ لَهُ (5)وَ إِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَيْعَتَهُ.8.

ص: 55


1- ح:«إلا تعاميا».
2- الشنان لغة في الشنآن و هو البغض.انظر ما سبق في ص 50.و العوالى:عوالى الرماح.
3- ح:«من شعره و قوله و كتب بذلك إلى عليّ عليه السلام».
4- ح:«مخزبة».
5- انظر التنبيه الثالث من ص 28.

فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَابُ إِلَى جَرِيرٍ أَتَى مُعَاوِيَةَ فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ فَقَالَ لَهُ:

يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّهُ لاَ يُطْبَعُ عَلَى قَلْبِ إِلاَّ بِذَنْبٍ وَ لاَ يُشْرَحُ صَدْرٌ إِلاَّ بِتَوْبَةٍ (1)وَ لاَ أَظُنُّ قَلْبَكَ إِلاَّ مَطْبُوعاً أَرَاكَ قَدْ وَقَفْتَ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَأَنَّكَ تَنْتَظِرُ شَيْئاً فِي يَدَيْ غَيْرِكَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :أَلْقَاكَ بِالْفَيْصَلِ أَوَّلَ مَجْلِسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمَّا بَايَعَ مُعَاوِيَةَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ ذَاقَهُمْ قَالَ:يَا جَرِيرُ الْحَقْ بِصَاحِبِكَ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِالْحَرْبِ (2)وَ كَتَبَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِهِ بِقَوْلِ كَعْبِ بْنِ جُعَيْلٍ

أَرَى اَلشَّامَ تَكْرَهُ مُلْكَ اَلْعِرَاقِ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ لَهَا كَارِهُونَا (3)

وَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ مُبْغِضٌ يَرَى كُلَّ مَا كَانَ مِنْ ذَاكَ دِيناً».

ص: 56


1- في الأصل:«و لا ينشرح إلاّ بتوبة»و أثبت ما في ح.
2- لم يذكر لنا نصر نص رسالة معاوية،و هي كما جاءت في كامل المبرد 184: «بسم اللّه الرحمن الرحيم من معاوية بن صخر إلى عليّ بن أبي طالب.أما بعد فلعمرى لو بايعك القوم الذين بايعوك و أنت برىء من دم عثمان كنت كأبى بكر و عمر و عثمان رضى اللّه عنهم أجمعين،و لكن أغريت بعثمان المهاجرين،و خذلت عنه الأنصار،فأطاعك الجاهل و قوى بك الضعيف.و قد أبى أهل الشام إلاّ قتلك حتّى تدفع إليهم قتلة عثمان،فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين.و لعمرى ما حجتك على كحجتك على طلحة و الزبير؛لأنهما بايعك و لم أبايعك. و ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة؛لأن أهل البصرة أطاعوك و لم يطعك أهل الشام.و أمّا شرفك في الإسلام و قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و موضعك من قريش فلست أدفعه».و قد روى هذه الرسالة صاحب الإمامة و السياسة(1:87) و زاد بعد قوله:«كانت شورى بين المسلمين»هذا الكلام:«و قد كان أهل الحجاز أعلى الناس و في أيديهم الحق،فلما تركوه صار الحق في أيدي أهل الشام».و هذه العبارة الأخيرة توضح لنا السر في ارتياب ابن أبي الحديد في آخر الصفحة 252 من الجزء الأول، في تمام الرواية التي رواها المبرد.و قال في أول 253:«و ما وجدنا هذا الكلام في كتابه». و ها هو ذا الكلام بتمامه بين يدي القارئ.
3- ح(1:158):«تكره أهل العراق*و أهل العراق لهم».و في كامل المبرد 184:«تكره ملك العراق*و أهل العراق لهم».

إِذَا مَا رَمَوْنَا رَمَيَنْاَهُمُ وَ دِنَّاهُمُ مِثْلَ مَا يُقْرِضُونَا (1)

وَ قَالُوا عَلِيٌّ إِمَامٌ لَنَا فَقُلْنَا رَضِينَا اِبْنَ هِنْدٍ رَضِينَا

وَ قُلْنَا نَرَى أَنْ تَدِينُوا لَنَا فَقَالُوا لَنَا لاَ نَرَى (2)أَنْ نَدِينَا

وَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ خَرْطُ الْقَتَادِ وَ ضَرْبٌ وَ طَعْنٌ يُقِرُّ الْعُيُونَا (3)

وَ كُلٌّ يُسَرُّ بِمَا عِنْدَهُ يَرَى غَثَّ مَا فِي يَدَيْهِ سَمِيناً

وَ مَا فِي عَلِيٍّ لِمُسْتَعْتِبٍ مَقَالٌ سِوَى ضَمِّهِ الْمُحْدِثِينَا

وَ إِيثَارِهِ الْيَوْمَ أَهْلَ الذُّنُوبِ وَ رَفْعِ الْقِصَاصِ عَنِ الْقَاتِلِينَا

إِذَا سِيلَ عَنْهُ حَدَا شُبْهَةً وَ عَمَّى الْجَوَابَ عَلَى السَّاَئِلِينَا (4)

فَلَيْسَ بِرَاضٍ وَ لاَ سَاخِطٍ وَ لاَ فِي النُّهَاةِ وَ لاَ الْآمِرِينَا

وَ لاَ هُوَ سَاءَ وَ لاَ سَرَّهُ وَ لاَ بُدَّ مِنْ بَعْضِ ذَا أَنْ يَكُونَا.

قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ 1مِنْ عَلِيٍّ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ صَخْرٍ «أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُ امْرِئٍ لَيْسَ لَهُ نَظَرٌ يَهْدِيهِ وَ لاَ قَائِدٍ يَرْشُدُهُ دَعَاهُ الْهَوَى فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ فَاتَّبَعَهُ زَعَمْتَ أَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَيْكَ بَيْعَتِي خَطِيئَتِي فِي عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِي مَا كُنْتُ إِلاَّ رَجُلاً مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَهُمْح.

ص: 57


1- دناهم،من الدين،و هو القرض،و في قول الحماسى:«دناهم كما دانوا». يقرضونا،من الإقراض.و قد حذف نون الرفع،و هو وجه جائز في العربية.انظر التنبيه رقم 2 ص 4.و في الأصل:«يعرضونا»صوابه في ح و الكامل.
2- ح:«ألا لا نرى».
3- قال المبرد:«و أحسن الروايتين:يفض الشئونا.و في آخر هذا الشعر ذمّ لعلى بن أبى طالب رضي اللّه عنه،أمسكنا عن ذكره».
4- سيل:سئل.حدا شبهة:ساقها في الأصل:«عن السائلينا»صوابه في ح.

عَلَى ضَلاَلَةٍ وَ لاَ لِيَضْرِبَهُمْ بِالْعَمَى وَ مَا أَمَرْتُ (1)فَيَلْزَمَنِي خَطِيئَةُ الْأَمْرِ وَ لاَ قَتَلْتُ فَيَجِبَ عَلَيَّ الْقِصَاصُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ:إِنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلَى أَهْلِ اَلْحِجَازِ فَهَاتِ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشِ اَلشَّامِ يُقْبَلُ فِي الشُّورَى أَوْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلاَفَةُ.فَإِنْ زَعَمْتَ ذَلِكَ كَذَّبَكَ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ إِلاَّ أَتَيْتُكَ بِهِ مِنْ قُرَيْشِ اَلْحِجَازِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ:اِدْفَعْ إِلَيْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَمَا أَنْتَ وَ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ بَنُو عُثْمَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْكَ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوَى عَلَى دَمِ أَبِيهِمْ مِنْهُمْ فَادْخُلْ فِي طَاعَتِي ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَيَّ أَحْمِلْكَ وَ إِيَّاهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ.وَ أَمَّا تَمْيِيزُكَ بَيْنَ اَلشَّامِ وَ اَلْبَصْرَةِ وَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ فَلَعَمْرِي مَا الْأَمْرُ فِيمَا هُنَاكَ إِلاَّ وَاحِدٌ (2)لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ عَامَّةٌ لاَ يُثْنَى فِيهَا النَّظَرُ وَ لاَ يَسْتَأْنِفُ فِيهَا الْخِيَارُ (3)وَ أَمَّا وُلُوعُكَ بِي فِي أَمْرِ عُثْمَانَ فَمَا قُلْتَ ذَلِكَ عَنْ حَقِّ الْعِيَانِ وَ لاَ يَقِينِ الْخَبَرَ (4)وَ أَمَّا فَضْلِي فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ قَرَابَتِي مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ شَرَفِي فِي قُرَيْشٍ فَلَعَمْرِي لَوْ اسْتَطَعْتَ دَفْعَ ذَلِكَ لَدَفَعْتَهُ.

وَ أَمَرَ اَلنَّجَاشِيَّ فَأَجَابَهُ فِي الشِّعْرِ فَقَالَ (5)

دَعَنْ يَا مُعَاوِيَّ مَا لَنْ يَكُونَا فَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ مَا تَحْذَرُونَا

أَتَاكُمْ عَلِيٌّ بِأَهْلِ اَلْحِجَازِ وَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَمَا تَصْنَعُونَا (6)».

ص: 58


1- ح:«و ما ألبت».و التأليب:التحريض.
2- ح و الكامل:«إلا سواء».و ما في ح هنا نقل عن الكامل لا عن كتاب نصر.
3- ح و الكامل:«لأنّها بيعة شاملة لا يستثنى فيها الخيار و لا يستأنف فيها النظر».
4- الخبر:العلم،و الاختبار.و في الأصل:«و لا بعين الخير»و الصواب من ح.
5- ح و الكامل:«ثم دعا النجاشيّ أحد بنى الحارث بن كعب فقال له:إن ابن جعيل شاعر أهل الشام،و أنت شاعر أهل العراق،فأجب الرجل.فقال:يا أمير المؤمنين، أسمعنى قوله.قل:إذا أسمعك شعر شاعر.فقال النجاشيّ يجيبه».
6- روى المبرد هذين البيتين،و قال في إثرهما:«و بعد هذا ما نمسك عنه».

عَلَى كُلِّ جَرْدَاءَ خَيْفَانَةٍ وَ أَشْعَثَ نَهْدٍ يَسُرُّ الْعُيُونَا (1)

عَلَيْهَا فَوَارِسُ مَخْشِيَّةٌ (2) كَأُسْدِ الْعَرِينِ حَمَيْنَ الْعَرِينَا

يَرَوْنَ الطِّعَانَ خِلاَلَ الْعَجَاجِ وَ ضَرْبَ الْفَوَارِسِ فِي النَّقْعِ دِيناً

هُمُ هَزَمُوا الْجَمْعَ جَمْعَ اَلزُّبَيْرِ وَ طَلْحَةَ وَ الْمَعْشَرِ اَلنَّاكِثِينَا

وَ قَالُوا يَمِيناً عَلَى حَلْفِةِ لَنَهْدِي إِلَى اَلشَّامِ حَرْباً زَبُوناً (3)

تُشِيبُ النَّوَاصِيَ قَبْلَ الْمَشِيبِ وَ تُلْقِي الْحَوَامِلُ مِنْهَا الْجَنِينَا (4)

فَإِنْ تَكْرَهُوا الْمُلْكَ مُلْكَ اَلْعِرَاقِ فَقَدْ رَضِيَ الْقَوْمُ مَا تَكْرَهُونَا

فَقُلْ لِلْمُضَلِّلِ مِنْ وَائِلٍ وَ مَنْ جَعَلَ الْغَثَّ يَوْماً سَمِيناً

جَعَلْتُمْ عَلِيّاً وَ أَشْيَاعَهُ نَظِيرَ اِبْنِ هِنْدٍ أَ لاَ تَسْتَحُونَا

إِلَى أَوَّلِ النَّاسِ بَعْدَ الرَّسُولِ وَ صِنْوِ الرَّسُولِ مِنَ الْعَالَمِينَا

وَ صِهْرِ الرَّسُولِ وَ مَنْ مِثْلُهُ إِذَا كَانَ يَوْمٌ يُشِيبُ الْقُرُونَا (5)

.

نَصْرٌ صَالِحُ بْنُ صَدَقَةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ جَرِيرٌ إِلَى عَلِيٍّ كَثُرَ قَوْلُ النَّاسِ فِي التُّهَمَةِ لِجَرِيرِ فِي أَمْرِ مُعَاوِيَةَ فَاجْتَمَعَ جَرِيرٌ وَ اَلْأَشْتَرُ عِنْدَ عَلِيٍّ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ أَمَا وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ كُنْتَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ لَكُنْتُ خَيْراً لَكَ مِنْ هَذَا الَّذِي أَرْخَى مِنْ خِنَاقِهِ وَ أَقَامَ عِنْدَهُ حَتَّى لَمْ يَدَعْ بَاباً يَرْجُو».

ص: 59


1- الجرداء:الفرس القصيرة الشعر.و الخيفانة:الخفيفة الوثابة.و النهد،من الخيل: الجسيم المشرف.
2- مخشية:مخوفة.و في الأصل:«تحسبهم»،صوابه في ح(1:252).
3- ح:«آلوا»،أي حلفوا.
4- ح:«تشيب النواهد».
5- قال ابن أبي الحديد:«أبيات كعب بن جعيل خير من هذه الأبيات،و أخبث مقصدا و أدمى و أحسن».

رَوْحَهُ إِلاَّ فَتَحَهُ (1)أَوْ يَخَافُ غَمَّهُ إِلاَّ سَدَّهُ فَقَالَ جَرِيرٌ وَ اللَّهِ لَوْ أَتَيْتَهُمْ لَقَتَلُوكَ وَ خَوَّفَهُ بِعَمْرٍو وَ ذِي الْكَلاَعِ وَ حَوْشَبٍ ذِي ظُلَيْمٍ (2)وَ قَدْ زَعَمُوا أَنَّكَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ .

فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ لَوْ أَتَيْتُهُ وَ اللَّهِ يَا جَرِيرُ لَمْ يُعْيِنِي جَوَابُهَا وَ لَمْ يَثْقُلْ عَلَيَّ مَحْمِلُهَا وَ لَحَمَلْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى خُطَّةٍ أُعَجِّلُهُ فِيهَا عَنِ الْفِكْرِ قَالَ فَأْتِهِمْ إِذاً قَالَ الْآنَ وَ قَدْ أَفْسَدْتَهُمْ وَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ الشَّرُّ .

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ جَرِيرٌ وَ اَلْأَشْتَرُ عِنْدَ عَلِيٍّ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ أَ لَيْسَ قَدْ نَهَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَبْعَثَ جَرِيراً وَ أَخْبَرْتُكَ بِعَدَاوَتِهِ وَ غَشِّهِ وَ أَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ بِشَتْمِهِ وَ يَقُولُ يَا أَخاَ بَجِيلَةَ إِنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَى مِنْكَ دِينَكَ بِهَمَدَانَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَهْلٍ أَنْ تَمْشِيَ فَوْقَ الْأَرْضِ حَيّاً (3)إِنَّمَا أَتَيْتَهُمْ لِتَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَداً بِمَسِيرِكَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ رَجَعْتَ إِلَيْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ تُهَدِّدُنَا بِهِمْ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ مِنْهُمْ وَ لاَ أَرَى سَعْيَكَ إِلاَّ لَهُمْ وَ لَئِنْ أَطَاعَنِي فِيكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيَحْبِسَنَّكَ وَ أَشْبَاهَكَ فِي مَحْبَسٍ لاَ تَخْرُجُونَ مِنْهُ حَتَّى تَسْتَبِينَ هَذِهِ الْأُمُورُ وَ يُهْلِكَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ.

قَالَ جَرِيرٌ وَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنَّكَ كُنْتَ مَكَانِي بُعِثْتَ إِذاً وَ اللَّهِ لَمْ تَرْجِعْ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ جَرِيرٌ ذَلِكَ لَحِقَ بِقَرْقِيسِيَا وَ لَحِقَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَسْرٍ مِنْ قَوْمِهِ (4)وَ لَمْ يَشْهَدْ صِفِّينَ مِنْ قَسْرٍ (5)غَيْرُ تِسْعَةَ عَشَرَ وَ لَكِنَّح.

ص: 60


1- روحه،أي ما فيه من روح.و الروح،بالفتح:الراحة.و في ح(1:260): «يرجو فتحه».
2- ظليم،بهيئة التصغير،كما في القاموس.و هو حوشب بن طخمة.
3- ح:«بأهل أن تترك تمشى فوق الأرض».
4- قسر،بفتح القاف،هم بنو بجيلة رهط جرير بن عبد اللّه البجليّ.و في الأصل: «و لحق به أناس من قيس فسر من قومه»،صوابه في ح.
5- في الأصل:«قيس»و الكلام يقتضى ما أثبت من ح.

أَحْمَسَ(1) شَهِدَهَا مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى دَارِ جَرِيرٍ فَشَعَّثَ مِنْهَا وَ حَرَّقَ مَجْلِسَهُ وَ خَرَجَ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَرِيرٍ فَقَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ فِيهَا أَرْضاً لِغَيْرِ جَرِيرٍ فَخَرَجَ عَلِيٌّ مِنْهَا إِلَى دَارِ ثُوَيْرِ بْنِ عَامِرٍ فَحَرَّقَهَا وَ هَدَمَ مِنْهَا وَ كَانَ ثُوَيْرٌ رَجُلاً شَرِيفاً وَ كَانَ قَدْ لَحِقَ بِجَرِيرٍ .

وَ قَالَ اَلْأَشْتَرُ فِيمَا كَانَ مِنْ تَخْوِيفٍ جَرِيرٍ إِيَّاهُ بِعَمْرٍو وَ حَوْشَبٍ ذِي ظُلَيْمٍ وَ ذِي الْكَلاَعِ (2)

لَعَمْرُكَ يَا جَرِيرُ لَقَوْلُ عَمْرٍو وَ صَاحِبِهِ مُعَاوِيَةَ الشَّآمِيِّ

وَ ذِي كَلَعٍ وَ حَوْشَبٍ ذِي ظُلَيْمٍ أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ زَفِّ النَّعَامِ (3)

إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيَّ فَخَلِّ عَنْهُمْ وَ عَنْ بَازٍ مَخَالِبُهُ دَوَامِ (4)

فَلَسْتُ بِخَائِفٍ مَا خَوَّفُونِي وَ كَيْفَ أَخَافُ أَحْلاَمَ النِّيَامِ

وَ هَمُّهُمُ الَّذِينَ حَامُوا عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَ هَمِّي مَا أَمَامِي (5)

فَإِنْ أَسْلَمْ أَعُمُّهُمُ بِحَرْبٍ يَشِيبُ لِهَوْلِهَا رَأْسُ الْغُلاَمِ

وَ إِنْ أَهْلِكْ فَقَدْ قَدَّمْتُ أَمْراً أَفُوزُ بِفَلْجِهِ يَوْمَ الْخِصَامِ (6)

وَ قَدْ زَأَرُوا إِلَيَّ وَ أَوْعَدُونِي وَ مَنْ ذَا مَاتَ مِنْ خَوْفِ الْكَلاَمِر.

ص: 61


1- بنو أحمس،هم من بطون بجيلة بن أنمار بن نزار.و كانت بجيلة في اليمن.انظر المعارف 46 - 29
2- انظر ما سبق في ص 60.
3- أي قول هؤلاء أخفّ من زف النعام.و الزف،بالكسر:صغار ريش النعام.
4- دوام:داميات.و قد عنى بالبازى نفسه.
5- حاموا،من الحوم،و هو الدوران؛يقال لكل من رام أمرا:حام عليه حوما و حياما و حئوما و حومانا.و حاموا،بفتح الميم،من المحاماة و المدافعة.
6- الفلج:الظفر و النصر.و عنى بيوم الخصام اليوم الآخر.

وَ قَالَ اَلسَّكُونِيُّ

تَطَاوَلَ لَيْلِي يَا لِحُبِّ اَلسَّكَاسِكِ

لِقَوْلٍ أَتَانَا عَنْ جَرِيرٍ وَ مَالِكٍ (1)

أَجَرَّ عَلَيْهِ ذَيْلُ عَمْرٍو عَدَاوَةً

وَ مَا هَكَذَا فِعْلُ الرِّجَالِ الْحَوَانِكِ (2)

فَأَعْظِمْ بِهَا حَرَّى عَلَيْكَ مُصِيبَةً

وَ هَلْ يُهْلِكُ الْأَقْوَامَ غَيْرُ التَّمَاحُكِ (3)

فَإِنْ تَبْقَيَا تَبْقَ اَلْعِرَاقُ بِغِبْطَةٍ

وَ فِي النَّاسِ مَأْوًى لِلرِّجَالِ الصَّعَالِكِ

وَ إِلاَّ فَلَيْتَ الْأَرْضَ يَوْماً بِأَهْلِهَا

تَمِيلُ إِذَا مَا أَصْبَحَا فِي الْهَوَالِكِ

فَإِنَّ جَرِيراً نَاصِحٌ لِإِمَامِهِ

حَرِيصٌ عَلَى غَسْلِ الْوُجُوهِ الْحَوَالِكِ

وَ لَكِنَّ أَمْرَ اللَّهِ فِي النَّاسِ بَالِغٌ

يُحِلُّ مَنَايَا بِالنُّفُوسِ الشَّوَارِكِ.

مكاتبة معاوية و عمرو مع أهل مكة و المدينة

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ السَّيْرَ إِلَى صِفِّينَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ :إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ نُلْقِيَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَ أَهْلِ

ص: 62


1- السكاسك:حى من اليمن،أبوهم سكسك بن أشرس بن ثور بن كندى.انظر اللسان(12:327)و الاشتقاق 221.
2- الحوانك:جمع حانك على غير قياس،فهو من إخوان الفوارس.و اشتقاق الحانك من قولهم:«حنكت الشيء فهمته».انظر اللسان(12:299 س 19-20).
3- أراد:أعظم بها مصيبة حرى.و الحرى:الحارة.و التماحك:اللجاج و المشارة.

اَلْمَدِينَةِ كِتَاباً نَذْكُرُ لَهُمْ فِيهِ أَمْرَ عُثْمَانَ فَإِمَّا أَنْ نُدْرِكَ حَاجَتَنَا وَ إِمَّا أَنْ يَكُفَّ الْقَوْمُ عَنَّا قَالَ عَمْرٌو :إِنَّمَا نَكْتُبُ إِلَى ثَلاَثَةِ نَفَرٍ رَاضٍ بِعَلِيٍّ فَلاَ يَزِيدُهُ ذَلِكَ إِلاَّ بَصِيرَةً أَوْ رَجُلٍ يَهْوَى عُثْمَانَ فَلَنْ نَزِيدَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ رَجُلٍ مُعْتَزِلٍ فَلَسْتَ بِأَوْثَقَ فِي نَفْسِهِ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ:عَلِيَّ ذَلِكَ فَكَتَبَا:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَهْمَا غَابَتْ عَنَّا مِنَ الْأُمُورِ فَلَنْ يَغِيبَ عَنَّا أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثْمَانَ وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَكَانُ قَتَلَتِهِ مِنْهُ وَ إِنَّمَا نَطْلُبُ بِدَمِهِ حَتَّى يَدْفَعُوا إِلَيْنَا قَتَلَتَهُ فَنَقْتُلَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ دَفَعَهُمْ عَلِيٌّ إِلَيْنَا كَفَفْنَا عَنْهُ وَ جَعَلْنَاهَا شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ أَمَّا الْخِلاَفَةُ فَلَسْنَا نَطْلُبُهَا فَأَعِينُونَا عَلَى أَمْرِنَا هَذَا وَ انْهَضُوا مِنْ نَاحِيَتِكُمْ فَإِنَّ أَيْدِيَنَا وَ أَيْدِيَكُمْ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ هَابَ عَلِيٌّ مَا هُوَ فِيهِ.

قَالَ:فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : (1)

أَمَّا بَعْدُ فَلَعَمْرِي لَقَدْ أَخْطَأْتُمَا مَوْضِعَ الْبَصِيرَةِ وَ تَنَاوَلْتُمَاهَا مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَ مَا زَادَ اللَّهُ مِنْ شَاكٍّ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِكِتَابِكُمَا إِلاَّ شَكّاً وَ مَا أَنْتُمَا وَ الْخِلاَفَةَ وَ أَمَّا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَطَلِيقٌ (2)وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو فَظَنُونٌ (3)أَلاَ فَكُفَّا عَنِّي أَنْفُسَكُما فَلَيْسَ لَكُمَا وَ لاَ لِي نَصِيرٌ.

وَ كَتَبَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ مَعَ كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ :

مُعَاوِيَّ إِنَّ الْحَقَّ أَبْلَجُ وَاضِحٌ وَ لَيْسَ بِمَا رَبَّصْتَ أَنْتَ وَ لاَ عَمْرٌو».

ص: 63


1- في الإمامة و السياسة(1:85)أن صاحب الكتاب هو المسور بن مخرمة.
2- الطليق:واحد الطلقاء،و هم اللين أطلقهم الرسول يوم الفتح.انظر ص 29. و زاد في الإمامة و السياسة:«و أبوك من الأحزاب».
3- الظنون،بالفتح:المتهم و من لا يوثق به.و مثله الظنين.ح:«فظنين».

نَصَبْتَ اِبْنَ عَفَّانَ لَنَا الْيَوْمَ خُدْعَةً كَمَا نَصَبَ الشَّيْخَانِ إِذْ زُخْرِفَ الْأَمْرُ (1)

فَهَذَا كَهَذَاكَ الْبَلاَ حَذْوَ نَعْلِهِ سَوَاءً كَرَقْرَاقٍ يُغَرُّ بِهِ السَّفْرُ (2)

رَمَيْتُمْ عَلِيّاً بِالَّذِي لاَ يَضُرُّهُ (3) وَ إِنْ عَظُمَتْ فِيهِ الْمَكِيدَةُ وَ الْمَكْرُ

وَ مَا ذَنْبُهُ أَنْ نَالَ عُثْمَانَ مَعْشَرٌ أَتَوْهُ مِنَ الْأَحْيَاءِ يَجْمَعُهُمْ مِصْرٌ

فَصَارَ إِلَيْهِ اَلْمُسْلِمُونَ بِبَيْتِهِ عَلاَنِيَةً مَا كَانَ فِيهَا لَهُمْ قَسْرٌ

فَبَايَعَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ تَحَمَّلاَ إِلَى الْعُمْرَةِ الْعُظْمَى وَ بَاطِنُهَا الْغَدْرُ

فَكَانَ الَّذِي قَدْ كَانَ مِمَّا اقْتِصَاصُهُ رَجِيعٌ فَيَا لَلَّهِ مَا أَحْدَثَ الدَّهْرُ (4)

فَمَا أَنْتُمَا وَ النَّصْرَ مِنَّا وَ أَنْتُمَا بَعِيثَا حُرُوبٍ مَا يَبُوخُ لَهَا الْجَمْرُ (5)

وَ مَا أَنْتُمَا لِلَّهِ دَرُّ أَبِيكُمَا وَ ذِكْرُكُمَا اَلشُّورَى وَ قَدْ فُلِجَ الْفَجْرُ.

إرسال رجل من أقوام عدي بن حاتم إلى معاوية

قَالَ وَ قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَامَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عِنْدِي رَجُلاً مِنْ قَوْمِي لاَ يُجَارَى بِهِ (6)وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزُورَ ابْنَ عَمٍّ لَهُ، حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ (7)الطَّائِيَّ بِالشَّامِ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يَلْقَى مُعَاوِيَةَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكْسِرَهُ وَ يَكْسِرَ أَهْلَ

ص: 64


1- يعني بالشيخين طلحة و الزبير.انظر ح(1:258).
2- يعني بالرقراق السراب؛ترقرق:تلألأ،و جاء و ذهب.
3- ح:«لا يضيره».
4- اقتصاصه:روايته و حكايته.و الرجيع:المكرر المعاد من القول.ح:«مما اقتصاصه يطول».
5- فما أنتما و النصر،يجوز في نحو هذا التركيب الرفع على العطف،و النصب على أنه مفعول معه.انظر همع الهوامع(1:221).
6- ح:«لا يوازى به رجل».
7- حابس بن سعد،قيل كانت له صحبة،و قتل بصفين.انظر تهذيب التهذيب(2:127). و قال ابن دريد في الاشتقاق 235:«كان على طيئ الشام مع معاوية،و قتل.و كان عمر رضي اللّه عنه ولاه قضاء مصر ثمّ عزله».ح:«حابس بن سعيد»محرف.

اَلشَّامِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ 1نَعَمْ فَمُرْهُ بِذَلِكَ وَ كَانَ اسْمُ الرَّجُلِ خُفَافَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَدِمَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ حَابِسِ بْنِ سَعْدٍ بِالشَّامِ وَ كَانَ حَابِسٌ سَيِّدَ طَيْئٍ فَحَدَّثَ خُفَافٌ حَابِساً أَنَّهُ شَهِدَ عُثْمَانَ بِالْمَدِينَةِ وَ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ إِلَى اَلْكُوفَةِ .

وَ كَانَ لِخُفَافٍ لِسَانٌ وَ هَيْئَةٌ وَ شِعرٌ فَغَدَا حَابِسٌ وَ خُفَافٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ حَابِسٌ هَذَا ابْنُ عَمِّي قَدِمَ اَلْكُوفَةَ مَعَ عَلِيٍّ وَ شَهِدَ عُثْمَانَ بِالْمَدِينَةِ وَ هُوَ ثِقَةٌ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ هَاتِ يَا أَخاَ طَيْئٍ حَدِّثْنَا عَنْ عُثْمَانَ قَالَ حَصَرَهُ اَلْمَكْشُوحُ وَ حَكَمَ فِيهِ حُكَيْمٌ وَ وَلِيَهُ مُحَمَّدٌ وَ عَمَّارٌ (1)وَ تَجَرَّدَ فِي أَمْرِهِ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ اَلْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ وَ جَدَّ فِي أَمْرِهِ رَجُلاَنِ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ (2)وَ أَبْرَأُ النَّاسِ مِنْهُ عَلِيٌّ قَالَ ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ:

ثُمَّ تَهَافَتَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ بِالْبَيْعَةِ تَهَافُتَ الْفَرَاشِ حَتَّى ضَلَّتِ النَّعْلُ (3)وَ سَقَطَ الرِّدَاءُ وَ وُطِئَ الشَّيْخُ وَ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانَ وَ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ ثُمَّ تَهَيَّأَ لِلْمَسِيرِ وَ خَفَّ مَعَهُ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ كَرِهَ الْقِتَالَ مَعَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَلَمْ يَسْتَكْرِهْ أَحَداً وَ اسْتَغْنَى بِمَنْ خَفَّ مَعَهُ عَمَّنْ ثَقُلَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى جَبَلَ طَيْئٍ فَأَتَاهُ مِنَّا جَمَاعَةٌ كَانَ ضَارِباً بِهِمُ النَّاسَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَتَاهُ مَسِيرَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ وَ عَائِشَةَ إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَسَرَّحَ رِجَالاً إِلَى اَلْكُوفَةِ فَأَجَابُوا دَعْوَتَهُ فَسَارَ إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَهِيَ فِي كَفِّهِ (4)ثُمَّ قَدِمَ إِلَى اَلْكُوفَةِ فَحَمَلَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ وَ دَبَّتْ (5)ة.

ص: 65


1- انظر التنبيه الرابع من ص 54.
2- ح:«حصره المكشوح و الأشتر النخعيّ و عمرو بن الحمق،وجد في أمره طلحة و الزبير».و فيه سقط كما ترى.
3- ح:«ضاعت النعل».
4- ح:«فإذا هي في كفه».
5- في الأصل:«دنت»و الوجه ما أثبت من ح.و الدبيب:المشى على هينة.

إِلَيْهِ الْعَجُوزُ وَ خَرَجَتْ إِلَيْهِ الْعَرُوسُ فَرَحاً بِهِ وَ شَوْقاً إِلَيْهِ فَتَرَكْتُهُ وَ لَيْسَ هَمُّهُ إِلاَّ اَلشَّامَ .

فَذُعِرَ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَ قَالَ حَابِسٌ أَيُّهَا الْأَمِيرُ لَقَدْ أَسْمَعَنِي شِعْراً غَيَّرَ بِهِ حَالِي فِي عُثْمَانَ وَ عَظَّمَ بِهِ عَلِيّاً عِنْدِي قَالَ مُعَاوِيَةُ أَسْمِعْنِيهِ يَا خُفَافُ فَأَسْمَعَهُ قَوْلَهُ شِعْراً

قُلْتُ وَ اللَّيْلُ سَاقِطُ الْأَكْنَافِ وَ لَجَنْبِي عَنِ الْفِرَاشِ تُجَافُ

أَرْقُبُ النَّجْمَ مَائِلاً وَ مَتَى الْغَمْضُ بِعَيْنٍ طَوِيلَةِ التِّذْرَافِ (1)

لَيْتَ شَعْرِي وَ إِنَّنِي لَسَئُولٌ هَلْ لِيَ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ شَافٍ

مِنْ صِحَابِ النَّبِيِّ إِذْ عَظُمَ الْخَطْبُ وَ فِيهِمْ مِنَ الْبَرِيَّةِ كَافٍ

أَ حَلاَلٌ دَمُ الْإِمَامِ بِذَنْبٍ أَمْ حَرَامٌ بِسُنَّةِ الْوَقَّافِ (2)

قَالَ لِي الْقَوْمُ لاَ سَبِيلَ إِلَى مَا تَطْلُبُ الْيَوْمَ قُلْتُ حَسْبَ خُفَافٍ

عِنْدَ قَوْمٍ لَيْسُوا بِأَوْعِيَةِ الْعِلْمِ وَ لاَ أَهْلِ صِحَّةٍ وَ عَفَافٍ

قُلْتُ لَمَّا سَمِعْتُ قَوْلاً دَعُونِي إِنَّ قَلْبِي مِنَ الْقُلُوبِ الضِّعَافِ

قَدْ مَضَى مَا مَضَى وَ مَرَّ بِهِ الدَّهْرُ كَمَا مَرَّ ذَاهِبُ الْأَسْلاَفِ

إِنَّنِي وَ الَّذِي يَحُجُّ لَهُ النَّاسُ عَلَى لُحَّقِ الْبُطُونِ الْعِجَافِ (3)».

ص: 66


1- مائلا،أي إلى المغيب.و الغمض،بالضم:النوم.فى الأصل:«راقب الليل»تحريف. هذا و البيت و الستة الأبيات التي بعده لم ترو في ح.
2- الوقاف:المتأنى الذي لا يعجل.و في حديث الحسن:«إن المؤمن وقاف متأن، و ليس كحاطب الليل».و الوقاف أيضا:المحجم عن القتال.
3- لحق البطون،عنى بها الإبل.و لحق:جمع لاحق و لاحقة،و اللاحق:الضامر. و في ح:«لحق البطون عجاف».

تَتَبَاَرَى مِثْلَ الْقَسِّيِّ مِنَ النَّبْعِ بِشُعْثٍ مِثْلَ الرُّصَافُ نِحَافٍ (1)

أَرْهَبُ الْيَوْمَ إِنْ أَتَاكَ عَلِيٌّ صَيْحَةً مِثْلَ صَيْحَةِ اَلْأَحْقَافِ (2)

إِنَّهُ اللَّيْثُ عَادِياً وَ شُجَاعٌ مُطْرِقٌ نَافِثٌ بِسُمِّ زُعَافٍ (3)

فَارِسُ الْخَيْلِ كُلَّ يَوْمِ نِزَالٍ وَ نِزَالُ الْفَتَى مِنَ الْإِنْصَافِ

وَاضِعُ السَّيْفِ فَوْقَ عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ يُذْرَى بِهِ شُئُونُ الْقِحَافِ (4)

لاَ يَرَى الْقَتْلَ فِي الْخِلاَفِ عَلَيْهِ أَلْفَ أَلْفٍ كَانُوا مِنَ الْإِسْرَافِ

سَوَّمَ الْخَيْلَ ثُمَّ قَالَ لِقَوْمٍ تَابَعُوهُ إِلَى الطِّعَانِ خِفَافٍ

اسْتَعِدُّوا لِحَرْبِ طَاغِيَةِ اَلشَّامِ فَلَبَّوْهُ كَالْبَنِينِ اللِّطَافِ

ثُمَّ قَالُوا أَنْتَ الْجَنَاحُ لَكَ الرِّيشُ اَلْقُدَامَى وَ نَحْنُ مِنْهُ الْخَوَافِي

أَنْتَ وَالٍ وَ أَنْتَ وَالِدُنَا الْبِرُّ وَ نَحْنُ الْغَدَاةُ كَالْأَضْيَافِ

وَ قِرَى الضَّيْفِ فِي الدِّيَارِ قَلِيلٌ قَدْ تَرَكْنَا اَلْعِرَاقَ لِلْإِتْحَافِ (5)ح.

ص: 67


1- شبه الإبل بالقسى في تقوسها.و الشعث،عنى بهم الحجاج الذين قد شعثت رءوسهم أى تلبد شعرها و اغبر.و الرصاف:العقبة التي تلوى فوق رعظ السهم إذا انكسر.و رعظ السهم:مدخل سنخ النصل.و في ح:«مثل السهام».
2- الصيحة:العذاب و الهلكة.و قوم الأحقاف هم عاد قوم هود.انظر الآيات 21-26 من سورة الأحقاف.و الأحقاف:رمل فيما بين عمان إلى حضرموت.ح: «إن أتاكم على*صبحة مثل صبحة».و الصبحة:المرة من صبح القوم شرا:جاءهم به صباحا.
3- عاديا،ينظر فيه إلى قول عبد يغوث بن وقاص في المفضليات(1:156): «أنا الليث معدوا عليه و عاديا».وعدا الليث:وثب.و في الأصل:«غازيا»و في ح: «غاديا».و الشجاع،بالضم و الكسر:الحية الذكر.
4- يذرى:يطيح و يلقى و يطير.و الشئون:مواصل قبائل الرأس.ح: «يفرى به».
5- الإتحاف:أن يتحفه بتحفة،و هي ما تتحف به الرجل من البر و اللطف.فى الأصل: «للانحاف»،تحريف.و البيت لم يرو في ح.

وَ هُمُ مَا هُمُ إِذَا نَشِبَ الْبَأْسُ ذَوُو الْفَضْلِ وَ الْأُمُورِ الْكَوَافِي

وَ انْظُرِ الْيَوْمَ قَبْلَ نَادِيَةِ الْقَوْمِ بِسِلْمٍ أَرَدْتَ أَمْ بِخِلاَفِ (1)

إِنَّ هَذَا رَأْيُ الشَّفِيقِ عَلَى اَلشَّامِ وَ لَوْلاَهُ مَا خَشِيتُ مَشَافِ.

فَانْكَسَرَ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ يَا حَابِسُ إِنِّي لاَ أَظُنُّ هَذَا إِلاَّ عَيْناً لِعَلِيٍّ أَخْرِجْهُ عَنْكَ لاَ يُفْسِدْ أَهْلَ اَلشَّامِ وَ كَنَّى مُعَاوِيَةَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ بَعْدُ فَقَالَ يَا خُفَافُ أَخْبِرْنِي عَنْ أُمُورِ النَّاسِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَعَجِبَ مُعَاوِيَةُ مِنْ عَقْلِهِ وَ حُسْنِ وَصْفِهِ لِلْأُمُورِ .

آخر الجزء الأول من الأصل و الحمد لله و صلواته على رسوله سيدنا محمد النبي و آله و سلم و يتلوه الجزء الثاني».

ص: 68


1- نادية القوم:دعوتهم.و في الحديث:«فبينما هم كذلك إذ نودوا نادية».فى الأصل: «نادبة»بالباء الموحدة،تحريف.و في ح:«قبل بادرة القوم».و البادرة:ما يبدر حين الغضب من قول أو فعل.ح:«بسلم تهم».

الجزء الثاني

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 69

ص: 70

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

كتاب معاوية إلى ابن عمر و سعد بن أبى وقاص و محمد بن مسلمة

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُبَارَكُ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيِّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ ثَمَانِينَ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ غُنَيٍّ (1)عَنْ زِيَادِ بْنِ رُسْتُمَ قَالَ:

كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً وَ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ دُونَ كِتَابِهِ إِلَى أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فَكَانَ فِي كِتَابِهِ إِلَى اِبْنِ عُمَرَ :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ (2)بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ مِنْكَ ثُمَّ ذَكَرْتُ خَذْلَكَ إِيَّاهُ وَ طَعْنَكَ عَلَى أَنْصَارِهِ فَتَغَيَّرْتُ لَكَ وَ قَدْ هَوَّنَ ذَلِكَ عَلَيَّ خِلاَفُكَ عَلَى عَلِيٍّ وَ مَحَا عَنْكَ بَعْضَ مَا كَانَ مِنْكَ (3)فَأَعِنَّا رَحِمَكَ اللَّهُ عَلَى حَقِّ هَذَا الْخَلِيفَةِ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ

ص: 71


1- ح(1:259):«عطية بن غناء».
2- ح:«الناس».
3- في الأصل:«و جزنى إليك بعض ما كانت منك»،و أثبت ما في ح.

الْإِمَارَةَ عَلَيْكَ وَ لَكِنِّي أُرِيدُهَا لَكَ فَإِنْ أَبَيْتَ كَانَتْ شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ كَتَبَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِهِ

أَلاَ قُلْ لِعَبْدِ اللَّهِ وَ اخْصُصْ مُحَمَّداً وَ فَارِسَنَا الْمَأْمُونَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ (1)

ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِنْ صِحَابِ مُحَمَّدٍ نُجُومٌ وَ مَأْوًى لِلرِّجَالِ الصَّعَالِكِ (2)

أَ لاَ تُخْبِرُونَّا وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ وَ مَا النَّاسُ إِلاَّ بَيْنَ نَاجٍ وَ هَالِكٍ

أَ حَلَّ لَكُمْ قَتْلُ الْإِمَامِ بِذَنْبِهِ فَلَسْتُمْ لِأَهْلِ الْجَوْرِ أَوَّلَ تَارِكٍ

وَ إِلاَّ يَكُنْ ذَنْباً أَحَاطَ بِقَتْلِهِ فَفِي تَرْكِهِ وَ اللَّهِ إِحْدَى الْمَهَالِكِ

وَ إِمَّا وَقَفْتُمْ بَيْنَ حَقٍّ وَ بَاطِلٍ تَوَقُّفَ نِسْوَانٍ إِمَاءٍ عَوَارِكِ (3)

وَ مَا الْقَوْلُ إِلاَّ نَصْرُهُ أَوْ قِتَالُهُ أَمَانَةَ قَوْمٍ بُدِّلَتْ غَيْرَ ذَلِكَ

فَإِنْ تَنْصُرُونَا تَنْصُرُوا أَهْلَ حُرْمَةٍ وَ فِي خَذْلِنَا يَا قَوْمِ جَبُّ الْحَوَارِكِ (4).

قَالَ فَأَجَابَهُ اِبْنُ عُمَرَ :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الرَّأْيَ الَّذِي أَطْمَعَكَ فِيَّ هُوَ الَّذِي صَيَّرَكَ إِلَى مَا صَيَّرَكَ إِلَيْهِ أَنَّى تَرَكْتُ عَلِيّاً فِي اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرَ وَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ اتَّبَعْتُكَ (5)أَمَّا زَعْمُكَ أَنِّي طَعَنْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَلَعَمْرِي مَا أَنَا».

ص: 72


1- هو الصحابيّ الجليل سعد بن أبي وقاص،و اسمه سعد بن مالك بن أهيب-و قيل وهيب-بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشيّ الزهرى.و هو أحد الستة أهل الشورى،و ولى الكوفة لعمر،و هو الذي بناها،ثمّ عزل و وليها لعثمان.توفّي سنة 55. الإصابة 3187.
2- الصعالك:جمع صعلوك.و حذف الياء في مثله جائز.و الصعلوك:الفقير الذي لا مال له.
3- العوارك:الحوائض من النساء،جمع عارك.
4- الحوارك:جمع حارك،و هو أعلى الكاهل.
5- ح:«أترك»مع إسقاط كلمة:«أنى»قبلها.و في ح أيضا«و أتبعك»بدل: «و اتبعتك».

كَعَلِيٍّ فِي الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ وَ مَكَانِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ نِكَايَتِهِ فِي اَلْمُشْرِكِينَ وَ لَكِنْ حَدَثَ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَيَّ فِيهِ عَهْدٌ فَفَزِعْتُ فِيهِ إِلَى الْوُقُوفِ (1)وَ قُلْتُ إِنْ كَانَ هُدًى فَفَضْلٌ تَرَكْتُهُ وَ إِنْ كَانَ ضَلاَلَةً فَشَرٌّ نَجَوْتُ مِنْهُ فَأَغْنِ عَنَّا نَفْسَكَ (2).

ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ أَبِي غُزَيَّةَ أَجِبِ الرَّجُلَ وَ كَانَ أَبُوهُ نَاسِكاً وَ كَانَ أَشْعَرَ قُرَيْشٍ فَقَالَ

مُعَاوِيَّ لاَ تَرْجُ الَّذِي لَسْتَ نَائِلاً وَ حَاوِلْ نَصِيراً غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ

وَ لاَ تَرْجُ عَبْدَ اللَّهِ وَ اتْرُكْ مُحَمَّداً فَفِي مَا تُرِيدُ الْيَوْمَ جَبُّ الْحَوَارِكِ

تَرَكْنَا عَلِيّاً فِي صِحَابِ مُحَمَّدٍ وَ كَانَ لِمَا يُرْجَى لَهُ غَيْرَ تَارِكِ (3)

نَصِيرَ رَسُولِ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَ فَارِسَهُ الْمَأْمُونَ عِنْدَ الْمَعَارِكِ

وَ قَدْ خَفَّتِ اَلْأَنْصَارُ مَعَهُ وَ عُصْبَةٌ مُهَاجِرَةٌ مِثْلُ اللُّيُوثِ الشَّوَابِكِ (4)ف.

ص: 73


1- ح:«و لكن عهد إلى في هذا الأمر عهد ففرغت فيه الوقوف»،تحريف و نقص.
2- أغن نفسك:اصرفها و كفها.و منه قول اللّه:« لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. » و في الأصل:«فاعزل عنا نفسك»،صوابه من ح.
3- انظر ما مضى في الصفحة السابقة.
4- أسد شابك:مشتبك الأنياب مختلفها.و الشابك أيضا من أسماء الأسد.و في الأصل:«الشوائك»تحريف.

وَ طَلْحَةُ يَدْعُو وَ اَلزُّبَيْرُ وَ أُمُّنَاً فَقُلْنَا لَهَا قُولِي لَنَا مَا بَدَا لَكِ

حِذَارَ أُمُورٍ شُبِّهَتْ وَ لَعَلَّهَا مَوَانِعُ فِي الْأَخْطَارِ إِحْدَى الْمَهَالِكِ

وَ تَطْمَعُ فِينَا يَا اِبْنَ هِنْدٍ سَفَاهَةً عَلَيْكَ بِعُلْيَا حِمْيَرٍ وَ اَلسَّكَاسِكِ (1)

وَ قَوْمٌ يَمَانِيُّونَ يُعْطُوكَ نَصْرَهُمْ بِصُمِّ الْعَوَالِي وَ السُّيُوفِ الْبَوَاتِكِ.

قَالَ وَ كَانَ مِنْ كِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعْدٍ :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِنَصْرِ عُثْمَانَ أَهْلُ اَلشُّورَى مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ أَثْبَتُوا حَقَّهُ وَ اخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ وَ قَدْ نَصَرَهُ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ وَ هُمَا شَرِيكَاكَ فِي الْأَمْرِ وَ نَظِيرَاكَ فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ خِفْتَ لِذَلِكَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَلاَ تَكْرَهَنَّ مَا رَضُوا وَ لاَ تَرُدَّنَّ مَا قَبِلُوا فَإِنَّا نَرُدُّهَا شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ .

وَ قَالَ شِعْراً

أَلاَ يَا سَعْدُ قَدْ أَظْهَرْتَ شَكّاً وَ شَكُّ الْمَرْءِ فِي الْأَحْدَاثِ دَاءٌ

عَلَى أَيِّ الْأُمُورِ وَقَفْتَ حَقّاً يُرَى أَوْ بَاطِلاً فَلَهُ دَوَاءٌ

وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ وَ حَدَّ حَدّاً يَحِلُّ بِهِ مِنَ النَّاسِ الدِّمَاءُ

ثَلاَثٌ قَاتِلٌ نَفْساً وَ زَانٍ وَ مُرْتَدٌّ مَضَى فِيهِ الْقَضَاءُ

فَإِنْ يَكُنِ الْإِمَامُ يُلِمُّ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَلَيْسَ لَهُ وَلاَءٌ2.

ص: 74


1- انظر ما سبق في ص 62.

وَ إِلاَّ فَالَّتِي جِئْتُمْ حَرَامٌ (1) وَ قَاتِلُهُ وَ خَاذِلُهُ سَوَاءٌ

وَ هَذَا حُكْمُهُ لاَ شَكَّ فِيهِ كَمَا أَنَّ السَّمَاءَ هِيَ السَّمَاءُ

وَ خَيْرُ الْقَوْلِ مَا أَوْجَزْتَ فِيهِ وَ فِي إِكْثَارِكَ الدَّاءُ الْعَيَاءُ

أَبَا عَمْرٍو دَعَوْتُكَ فِي رِجَالٍ فَجَازَ عِرَاقَيِ الدَّلْوِ الرَّشَاءُ (2)

فَأَمَّا إِذْ أَبَيْتُ فَلَيْسَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ حُرْمَةٌ ذَهَبَ الرَّجَاءُ

سِوَى قَوْلِي إِذَا اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ عَلَى سَعْدٍ مِنَ اللَّهِ الْعَفَاءُ

فَأَجَابَهُ سَعْدٌ :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يُدْخِلْ فِي اَلشُّورَى إِلاَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ الْخِلاَفَةُ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَحَقَّ بِهَا (3)مِنْ صَاحِبِهِ [إِلاَّ]باجْتِمَاعِنَا عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ عَلِيّاً قَدْ كَانَ فِيهِ مَا فِينَا وَ لَمْ يَكُ فِينَا مَا فِيهِ وَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَرِهْنَا أَوَّلَهُ وَ كَرِهْنَا آخِرَهُ (4)فَأَمَّا طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ فَلَوْ لَزِمَا بُيُوتَهُمَا كَانَ خَيْراً لَهُمَا وَ اللَّهُ يَغْفِرُ لِأُمٍّ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَتَتْ.

ثُمَّ أَجَابَهُ فِي الشِّعْرِ

مُعَاوِيَّ دَاؤُكَ الدَّاءُ الْعَيَاءُ فَلَيْسَ لِمَا تَجِيءُ بِهِ دَوَاءٌ

طَمِعْتَ الْيَوْمَ فِيَّ يَا اِبْنَ هِنْدٍ فَلاَ تَطْمَعْ فَقَدْ ذَهَبَ الرَّجَاءُ

عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَا أَصْبَحْتَ فِيهِ فَمَا يَكْفِيكَ مِنْ مِثْلِي الْإِبَاءُ (5)ء.

ص: 75


1- في الأصل:«حراما».
2- أراد انقطع الأمل.و عراقى الدلو:جمع عرقوة،قال الأصمعى:يقال للخشبتين اللتين تعترضان على الدلو كالصليب:العرقوتان،و هي العراقى.و في الأصل:«عوالى الدلو» و لا وجه له.و هذه القصيدة و سابقتها لم أجدهما في كتاب ابن أبي الحديد.
3- في الأصل:«به»صوابه في ح(1:260).
4- ح:«قد كرهت أوله و كرهت آخره».
5- أي الذي يكفيك منى الإباء.

فَمَا الدُّنْيَا بِبَاقِيَةٍ لِحَيٍّ وَ لاَ حَيٌّ لَهُ فِيهَا بَقَاءٌ

وَ كُلُّ سُرُورِهَا فِيهَا غُرُورٌ وَ كُلُّ مَتَاعِهَا فِيهَا هَبَاءٌ

أَ يَدْعُونِي أَبُو حَسَنٍ عَلِيٌّ فَلَمْ أَرْدُدْ عَلَيْهِ بِمَا يَشَاءُ

وَ قُلْتُ لَهُ أَعْطِنِي سَيْفاً بَصِيراً تَمُرُّ بِهِ الْعَدَاوَةُ وَ الْوَلاَءُ

فَإِنَّ الشَّرَّ أَصْغَرُهُ كَبِيرٌ وَ إِنَّ الظَّهْرَ تَثْقُلُهُ الدِّمَاءُ

أَ تَطْمَعُ فِي الَّذِي أَعْيَا عَلِيّاً عَلَى مَا قَدْ طَمِعْتَ بِهِ الْعَفَاءُ

لَيَوْمٌ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْكَ حَيّاً وَ مَيْتاً أَنْتَ لِلْمَرْءِ الْفِدَاءُ

فَأَمَّا أَمْرُ عُثْمَانَ فَدَعْهُ فَإِنَّ الرَّأْيَ أَذْهَبَهُ الْبَلاَءُ.

وَ كَانَ كِتَابُ مُعَاوِيَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَرْجُو مُتَابَعَتَكَ (1)وَ لَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُذَكِّرَكَ النِّعْمَةَ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا وَ الشَّكَّ الَّذِي صِرْتَ إِلَيْهِ إِنَّكَ فَارِسُ اَلْأَنْصَارِ وَ عُدَّةُ اَلْمُهَاجِرِينَ ادَّعَيْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمْراً لَمْ تَسْتَطِعْ إِلاَّ أَنْ تَمْضِيَ عَلَيْهِ فَهَذَا نَهَاكَ عَنْ قِتَالِ أَهْلِ الصَّلاَةِ فَهَلاَّ نَهَيْتَ أَهْلَ الصَّلاَةِ عَنْ قِتَالِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً وَ قَدْ كَانَ عَلَيْكَ أَنْ تَكْرَهَ لَهُمْ مَا كَرِهَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَ وَ لَمْ تَرَ عُثْمَانَ وَ أَهْلَ اَلدَّارِ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ (2)فَأَمَّا قَوْمُكَ فَقَدْ عَصَوُا اللَّهَ وَ خَذَلُوا عُثْمَانَ وَ اللَّهُ سَائِلُكَ وَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنِ مُسْلِمَةً أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِة.

ص: 76


1- ح:«مبايعتك».
2- ح:«أهل القبلة»فى المواضع الثلاثة.

مِثْلُ الَّذِي فِي يَدَيَّ فَقَدْ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَلَمَّا كَانَ كَسَرْتُ سَيْفِي وَ جَلَسْتُ فِي بَيْتِي (1)وَ اتَّهَمْتُ الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ إِذْ لَمْ يَصِحَّ لِي مَعْرُوفٌ آمُرُ بِهِ وَ لاَ مُنْكَرٌ أَنْهَى عَنْهُ وَ أَمَّا أَنْتَ فَلَعَمْرِي مَا طَلَبْتَ إِلاَّ الدُّنْيَا وَ لاَ اتَّبَعْتَ إِلاَّ الْهَوَى فَإِنْ تَنْصُرْ عُثْمَانَ مَيِّتاً فَقَدْ خَذَلْتَهُ حَيّاً (2)فَمَا أَخْرَجَنِي اللَّهُ مِنْ نِعْمَةٍ وَ لاَ صَيَّرَنِي إِلَى شَكٍّ إِنْ كُنْتُ أَبْصَرْتُ خِلاَفَ مَا تُحِبُّنِي بِهِ وَ مَنْ قِبَلَنَا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ فَنَحْنُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْكَ.

ثُمَّ دَعَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رَجُلاً مِنَ اَلْأَنْصَارِ وَ كَانَ فِيمَنْ يَرَى رَأْيَ مُحَمَّدٍ فِي الْوُقُوفِ فَقَالَ أَجِبْ يَا مَرْوَانُ بِجَوَابِهِ فَقَدْ تَرَكْتُ الشِّعْرَ فَقَالَ مَرْوَانُ .لَمْ يَكُنْ عِنْدَ اِبْنِ عُقْبَةَ الشِّعْرُ (3) .

نعي عثمان عند معاوية

وَ فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: ضَرَبَتِ الرُّكْبَانُ إِلَى اَلشَّامِ بِقَتْلِ عُثْمَانَ فَبَيْنَمَا مُعَاوِيَةُ يَوْماً إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مُتَلَفِّفٌ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ تَعْرِفُنِي قَالَ:نَعَمْ أَنْتَ اَلْحَجَّاجُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ الصَّمَةِ فَأَيْنَ تُرِيدُ قَالَ إِلَيْكَ الْقُرْبَانَ (4)أَنْعَى إِلَيْكَ اِبْنَ عَفَّانَ ثُمَّ قَالَ

إِنَّ بَنِي عَمِّكَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هُمْ قَتَلُوا شَيْخَكُمْ غَيْرَ الْكَذِبِ

وَ أَنْتَ أَوْلَى النَّاسِ بِاْلَوْثِب فَثِبْ وَ اغْضَبْ مُعَاوِيَّ لِلْإِلَهِ وَ احْتَسِبْ

ص: 77


1- يروى عن محمّد بن مسلمة أنّه قال:«أعطانى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سيفا فقال:قاتل به المشركين ما قوتلوا،فإذا رأيت أمتى يضرب بعضهم بعضا فائت به أحدا فاضرب به حتّى ينكسر،ثمّ اجلس في بيتك حتّى تأتيك يد خاطئة أو منية خاطئة.انظر الإصابة 7800.
2- ح:«فقد خذلته حيا.و السلام»و بذلك تنتهى هذه الرسالة في ح.
3- يفهم من هذا أن اسم هذا الأنصارى مروان بن عقبة.
4- القربان،بالضم و الكسر:الدنو.

وَ سِرْ بِنَا سَيْرَ الْجَرِيءِ الْمُتْلَئِبِّ (1) وَ انْهَضْ بِأَهْلِ اَلشَّامِ تَرْشُدْ وَ تَصُبُّ (2)

ثُمَّ اهْزُزِ الصَّعْدَةَ لِلشَّأْسِ الْكَلِبِ (3).

يَعْنِي عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ عِنْدَكَ مهز (4) قَالَ نَعَمْ ثُمَّ أَقْبَلَ اَلْحَجَّاجُ بْنُ الصَّمَةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (5)إِنِّي كُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ مُغِيثاً لِعُثْمَانَ فَقَدِمْنَا أَنَا وَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ فَلَقِينَا رَجُلاً زَعَمَ أَنَّهُ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَانَ فَقَتَلْنَاهُ وَ إِنِّي أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ تَقْوَى عَلَى عَلِيٍّ بِدُونِ مَا يَقْوَى بِهِ عَلَيْكَ لِأَنَّ مَعَكَ قَوْماً لاَ يَقُولُونَ إِذَا قُلْتَ وَ لاَ يَسْأَلُونَ إِذَا أَمَرْتَ.

وَ إِنَّ مَعَ عَلِيِّ قَوْماً يَقُولُونَ إِذَا قَالَ وَ يَسْأَلُونَ إِذَا أَمَرَ فَقَلِيلٌ مِمَّنْ مَعَكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ مَعَهُ.وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ يَرْضَى عَلِيٌّ إِلاَّ بِالرِّضَا وَ أَنَّ رِضَاهُ سَخَطُكَ وَ لَسْتَ وَ عَلِيٌّ سَوَاءً (6)لاَ يَرْضَى عَلِيٌّ بِالْعِرَاقِ دُونَ اَلشَّامِ وَ رِضَاكَ اَلشَّامُ دُونَ اَلْعِرَاقِ .ع.

ص: 78


1- قال ابن أبي الحديد في(1:253):«المتلئب:المستقيم المطرد».و في اللسان أيضا:اتلأب:أقام صدره و رأسه.و في الأصل:«الملتبب»و لا وجه له.
2- في الأصل:«و جمع أهل الشام»،صوابه من ح.
3- الصعدة،بالفتح:القناة المستوية.و الشأس،أصل معناه المكان الغليظ الخشن. قال ابن أبي الحديد:«و من رواه:للشاسى،بالياء فأصله الشاصى بالصاد،و هو المرتفع، يقال شصا السحاب إذا ارتفع،فأبدل الصاد سينا.و مراده هنا نسبة عليّ عليه السلام إلى التيه و الرفع عن الناس».قلت:قد أبعد ابن أبي الحديد في التخريج،إنّما يكون:«الشاسى» مخفف«الشاسئ»و هو من المقلوب.و في اللسان(مادة شأس):«و يقال مقلوبا:مكان شاسئ و جاسئ:غليظ».
4- مهز:مصدر ميمى من الهز.يقال هززت فلانا لخير فاهتز.ح:«أ فيك مهز».
5- زاد ابن أبي الحديد:«و لم يخاطب معاوية بأمير المؤمنين قبلها»أي قبل هذه الزيارة. و هذه العبارة تعليق من ابن أبي الحديد.و تقرأ بفتح الطاء من«يخاطب»و إلاّ فإن الحجاج خاطبه قبلها بأمير المؤمنين في أول الحديث.و انظر ص 80 س 6.
6- كذا وردت العبارة في الأصل،و ح.و هو وجه ضعيف في العربية؛إذ لا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل إلاّ بعد توكيده بالضمير المنفصل،أو وجود فاصل بين المتبوع و التابع.

فَضَاقَ مُعَاوِيَةُ صَدْراً بِمَا أَتَاهُ وَ نَدِمَ عَلَى خِذْلاَنِهِ عُثْمَانَ (1).

وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ حِينَ أَتَاهُ قَتْلُ عُثْمَانَ :

أَتَانِي أَمْرٌ فِيهِ لِلنَّفْسِ غُمَّةٌ وَ فِيهِ بُكَاءٌ لِلْعُيُونِ طَوِيلٌ

وَ فِيهِ فَنَاءٌ شَامِلٌ وَ خِزَايَةٌ وَ فِيهِ اجْتِدَاعٌ لِلْأُنُوفِ أَصِيلٌ

مُصَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ هَدَّةٌ تَكَادُ لَهَا صُمٌ الْجِبَالِ تَزُولُ (2)

فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَ هَالِكٍ أُصِيبَ بِلاَ ذَنْبٍ وَ ذَاكَ جَلِيلٌ

تَدَاعَتْ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ عُصْبَةٌ فَرِيقَانِ مِنْهَا قَاتَلٌ وَ خَذُولٌ (3)

دَعَاهُمْ فَصَمُّوا عَنْهُ عِنْدَ جَوَابِهِ وَ ذَاكُمْ عَلَى مَا فِي النُّفُوسِ دَلِيلٌ (4)

نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ تَبَعِي الْهَوَى وَ قَصْرِيَ فِيهِ حَسْرَةٌ وَ عَوِيلٌ (5)

سَأَنْعَى أَبَا عَمْرٍو بِكُلِّ مُثَقَّفٍ وَ بَيْضَ لَهَا فِي الدَّارِعِينَ صَلِيلٌ (6)

تَرَكْتُكَ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ هُمُ هُمُ شَجَاكَ فَمَا ذَا بَعْدَ ذَاكَ أَقُولُ

فَلَسْتُ مُقِيماً مَا حَيِيتُ بِبَلْدَةٍ أَجُرُّ بِهَا ذَيْلِي وَ أَنْتَ قَتِيلٌع.

ص: 79


1- في الأصل:«و هذه»،صوابها من ح.
2- ح:«على خذلان عثمان».
3- ح:«منهم قاتل».
4- أي عند طلبه الجواب.و في ح:«عند دعائه».
5- يقال:قصرك أن تفعل كذا،أي حسبك و كفايتك و غايتك،كما تقول:قصارك و قصاراك.الأولى بفتح القاف و الأخريان بضمها.
6- أبو عمرو:كنية عثمان بن عفان.و في رثائه تقول زوجه نائلة بنت الفرافصة: و ما لي لا أبكى و تبكى قرابتى و قد غيبوا عنا فضول أبى عمرو ح:«سأبغى»أي سأطلب ثاره.و البيض،بالكسر:السيوف،جمع أبيض. و الدارع:لابس الدرع.

فَلاَ نَوْمَ حَتَّى تُشْجَرَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا وَ يُشْفَى مِنَ الْقَوْمِ الْغُوَاةِ غَلِيلٌ (1)

وَ نَطْحَنُهُمْ طَحْنَ الرَّحَى بِثِفَالِهَا وَ ذَاكَ بِمَا أَسْدَوْا إِلَيْكَ قَلِيلٌ (2)

فَأَمَّا الَّتِي فِيهَا مَوَدَّةُ بَيْنِنَا فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتُ سَبِيلٌ

سَأُلْقِحُهَا حَرْباً عَوَاناً مُلِحَّةً وَ إِنِّي بِهَا مِنْ عَامِنَا لَكَفِيلٌ (3).

نَصْرٌ وَ افْتَخَرَ اَلْحَجَّاجُ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ بِمَا كَانَ مِنْ تَسْلِيمِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ .

مدة المكاتبة بين علي و معاوية و عمرو

نَصْرٌ صَالِحُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زِيَادٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ : أَنَّ عَلِيّاً قَدِمَ مِنَ اَلْبَصْرَةِ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ اَلْكُوفَةَ وَ أَقَامَ بِهَا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً يُجْرِي الْكُتُبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ .

مبايعة مالك بن هبيرة لمعاوية و قصيدة الزبرقان

قَالَ وَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ: بُويِعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْخِلاَفِ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ فَأَقْبَلَ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَامَ خَطِيباً وَ كَانَ غَائِباً مِنْ الْبَيْعَةِ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْدَجْتَ هَذَا الْمُلْكَ (4)وَ أَفْسَدْتَ النَّاسَ وَ جَعَلْتَ لِلسُّفَهَاءِ مَقَالاً وَ قَدْ عَلِمَتِ اَلْعَرَبُ أَنَّا حَيُّ فَعَالٍ وَ لَسْنَا بِحَيِّ مَقَالٍ وَ أَنَّا نَأْتِي بِعَظِيمِ فَعَالِنَا عَلَى قَلِيلِ مَقَالِنَا فَابْسُطْ

ص: 80


1- الشجر:الطعن بالرمح.و في حديث الشراة:«فشجرناهم بالرماح،أي طعناهم بها حتّى اشتبكت فيهم».و عنى بالخيل الفرسان.
2- الثفال،بالكسر:جلد يبسط تحت الرجى ليقى الطحين من التراب،و لا تثفل الرحى إلاّ عند الطحن.فى الأصل:«و أطحنهم»و أنبت ما في ح،و في الأصل أيضا:«بما أسدى إلى»،و الوجه ما أثبت من ح.
3- في الأصل:«من عامها».
4- الإخداج:النقص،و في الأصل:«أخرجت»بالراء،تحريف.

يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى مَا أَحْبَبْنَا وَ كَرِهْنَا فَكَانَ أَوَّلُ اَلْعَرَبِ بَايَعَ عَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ .

وَ قَالَ اَلزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّكُونِيُّ

مُعَاوِيَّ أَخْدَجْتَ الْخِلاَفَةَ بِالَّتِي شَرَطْتَ فَقَدْ بَوَّا لَكَ الْمُلْكَ مَالِكٌ

بِبَيْعَةِ فَصْلٍ لَيْسَ فِيهَا غَمِيزَةٌ أَلاَ كُلِّ مُلْكٍ ضَمَّهُ الشَّرْطُ هَالِكٌ

وَ كَانَ كَبَيْتٍ الْعَنْكَبُوتِ مُذَبْذَباً فَأَصْبَحَ مَحْجُوباً عَلَيْهِ الْأَرَائِكُ

وَ أَصْبَحَ لاَ يَرْجُوهُ رَاجٍ لِعِلَّةِ وَ لاَ تَنْتَحِي فِيهِ الرِّجَالُ الصَّعَالِكِ

وَ مَا خَيْرُ مُلْكٍ يَا مُعَاوِيَّ مُخْدَجٌ تُجُرُّعَ فِيهِ الْغَيْظُ وَ الْوَجْهُ حَالِكٌ

إِذَا شَاءَ رَدَّتْهُ اَلسَّكُونُ وَ حِمْيَرٌ وَ هَمْدَانُ وَ الْحَيُّ الْخِفَافُ السَّكَاسِكُ ..

خطبة معاوية بعد مقتل عثمان

نَصْرٌ صَالِحُ بْنُ صَدَقَةَ عَنِ اِبْنِ إِسْحَاقَ عَنْ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ وَ غَيْرِهِ عَمَّنْ لاَ يُتَّهَمُ :(1) أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا قُتِلَ وَ أَتَى مُعَاوِيَةَ كِتَابُ عَلِيٍّ بِعَزْلِهِ عَنِ اَلشَّامِ خَرَجَ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ أَنْ يَحْضُرُوا فَحَضَرُوا الْمَسْجِدَ فَخَطَبَ النَّاسَ مُعَاوِيَةُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي خَلِيفَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ خَلِيفَةُ عُثْمَانَ وَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي وَلِيُّهُ (2)وَ اللَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :

« وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً »وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تُعْلِمُونِي مَا فِي أَنْفُسِكُمْ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ .

قَالَ فَقَامَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ السُّلَمِيُّ وَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ

ص: 81


1- ح(1:253):«ممن لا يتهم».
2- ح:«و خليفة عثمان و قد قتل و أنا ابن عمه و وليه».

أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُمْتُ مَقَامِي هَذَا وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ فِيكُمْ مَنْ هُوَ أَقْدَمُ صُحْبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنِّي وَ لَكِنِّي قَدْ شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مَشْهَداً لَعَلَّ كَثِيراً مِنْكُمْ لَمْ يَشْهَدْهُ وَ إِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نِصْفَ النَّهَارِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَقَالَ:« 14لَتَكُونَنَّ فِتْنَةٌ حَاضِرَةً فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ 14هَذَا الْمُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى قَالَ فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ بِمَنْكِبَيْهِ (1)وَ حَسَرْتُ عَنْ رَأْسِهِ فَإِذَا عُثْمَانُ فَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: 14«نَعَمْ» .

فَأَصْفَقَ أَهْلُ اَلشَّامِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ بَايَعُوهُ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ أَمِيراً لاَ يَطْمَعُ فِي الْخِلاَفَةِ ثُمَّ الْأَمْرُ شُورَى .

معاوية و عبيد الله بن عمر

وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ يَا عَمْرُو إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْيَا لَكَ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ بِالشَّامِ بِقُدُومِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَهُ خَطِيباً فَيَشْهَدَ عَلَى عَلِيٍّ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ يَنَالَ مِنْهُ.

فَقَالَ الرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَأَتَى فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ لَكَ اسْمَ أَبِيكَ فَانْظُرْ بِمِلْءِ عَيْنَيْكَ وَ تَكَلَّمْ بِكُلِّ فِيكَ (2)فَأَنْتَ الْمَأْمُونُ الْمُصَدَّقُ فَاصْعَدِ الْمِنْبَرَ وَ اشْتُمْ عَلِيّاً وَ اشْهَدْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (3)أَمَّا شَتْمُهُ فَإِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ

ص: 82


1- ح:«بمنكبه».
2- ح(1:256):«و انطق بملء فيك».
3- ح:«أيها الأمير».

هَاشِمٍ فَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ فِي حَسَبِهِ وَ أَمَّا بَأْسُهُ فَهُوَ الشُّجَاعَ الْمُطْرِقُ وَ أَمَّا أَيَّامُهُ فَمَا قَدْ عَرَفْتَ وَ لَكِنِّي مُلْزِمُهُ دَمَ عُثْمَانَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِذاً وَ اللَّهِ قَدْ نَكَأْتَ الْقُرْحَةَ (1)فَلَمَّا خَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لاَ قَتْلُهُ اَلْهُرْمُزَانَ وَ مَخَافَةُ عَلِيٍّ عَلَى نَفْسِهِ (2)مَا أَتَانَا أَبَداً أَ لَمْ تَرَ إِلَى تَقْرِيظِهِ عَلِيّاً فَقَالَ عَمْرٌو يَا مُعَاوِيَةُ إِنْ لَمْ تُغْلَبْ فَاخْلُبْ فَخَرَجَ حَدِيثُهُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمَّا قَامَ خَطِيباً تَكَلَّمَ بِحَاجَتِهِ حَتَّى إِذَا أَتَى إِلَى أَمْرِ عَلِيٍّ أَمْسَكَ وَ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ (3)ابْنَ أَخِي (4)إِنَّكَ بَيْنَ عِيٍّ أَوْ خِيَانَةٍ! فَبَعَثَ إِلَيْهِ كَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ الشَّهَادَةَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَقْتُلْ عُثْمَانَ وَ عَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُحْتَمِلُوهَا عَنِّي فَتَرَكْتُهَا فَهَجَرَهُ مُعَاوِيَةُ وَ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ وَ فَسَّقَهُ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ

مُعَاوِيَّ لَمْ أَخْرُصْ بِخُطْبَةِ خَاطِبٍ

وَ لَمْ أَكُ عِيّاً فِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ (5)

وَ لَكِنَّنِي زَاوَلْتُ نَفْساً أَبِيَّةً

عَلَى قَذْفِ شَيْخٍ بِالْعِرَاقَيْنِ غَائِبٍف.

ص: 83


1- ح:«قد و أبيك إذن نكأت القرحة».
2- ح:«و مخافته عليا على نفسه».
3- ح:«فلما نزل بعث إليه معاوية».
4- في الأصل:«ابن أخ»تحريف،و المنادى إذا كان مضافا إلى مضاف إلى الياء فلياء ثابتة لا غير كقولك:«يا ابن أخى»و«يا ابن خالى»إلا إن كان«ابن أم» أو«ابن عم»ففيهما مذاهب.
5- لم أخرص:لم أكذب.و في الأصل و ح:«لم أحرص»تحريف.

وَ قَذْفِي عَلِيّاً بِابْنِ عَفَّانَ جَهْرَةً

يُجَدِّعُ بِالشَّحْنَا أُنُوفَ الْأَقَارِبِ (1)

فَأَمَّا انْتِقَافِي أَشْهَدُ الْيَوْمَ وَثْبَةٌ

فَلَسْتُ لَكُمْ فِيهَا اِبْنَ حَرْبٍ بِصَاحِبِ (2)

وَ لَكِنَّهُ قَدْ قَرَّبَ الْقَوْمَ جُهْدَهُ

وَ دَبُّوا حَوَالَيْهِ دَبِيبَ الْعَقَارِبِ (3)

فَمَا قَالَ أَحْسَنْتُمْ وَ لاَ قَدْ أَسَأْتُمُ

وَ أَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ الْمُوَاثِبِ

فَأَمَّا اِبْنُ عَفَّانَ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ

أُصِيبَ بَرِيئاً لاَبِساً ثَوْبَ تَائِبٍ

حَرَامٌ عَلَى آهَالِهِ نَتْفُ شَعْرِهِ

فَكَيْفَ وَ قَدْ جَازُوهُ ضَرْبَةَ لاَزِبٍ (4)

وَ قَدْ كَانَ فِيهَا لِلزُّبَيْرِ عَجَاجَةٌ

وَ طَلْحَةُ فِيهَا جَاهِدٌ غَيْرُ لاَعِبِ

وَ قَدْ أَظْهَرَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ تَوْبَةً

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا هُمَا فِي الْعَوَاقِبِ.*.

ص: 84


1- الشحناء:البغض و العداوة،و في الأصل:«أجدع بالشحناء»:و في ح:«كذاب و ما طبعى سجايا المكاذب»،وجه هذه«و ما طبى».
2- البيت لم يرو في ح،و في صدره تحريف.
3- ح:«و لكنه قد حزب القوم حوله».
4- الآهال:جمع أهل،و أنشد الجوهريّ:*و بلدة ما الجن من آهالها*.

فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ شِعْرُهُ بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَرْضَاهُ وَ قَرَّبَهُ وَ قَالَ حَسْبِي هَذَا مِنْكَ.

قدوم أبو مسلم الخولاني إلى معاوية و كتاب معاوية معه إلى علي عليه السلام

1- نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي وَرَقِ أَنَّ اِبْنَ عُمَرَ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَرْحَبِيَّ أَعْطَاهُ كِتَاباً فِي إِمَارَةِ اَلْحَجَّاجِ بِكِتَابٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ: وَ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيَّ (1)قَدِمَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي أُنَاسٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ اَلشَّامِ [قَبْلَ مَسِيرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى صِفِّينَ ]فَقَالُوا [لَهُ] يَا مُعَاوِيَةُ عَلاَمَ تُقَاتِلُ عَلِيّاً وَ لَيْسَ لَكَ مِثْلُ صُحْبَتِهِ وَ لاَ هِجْرَتِهِ وَ لاَ قَرَابَتِهِ وَ لاَ سَابِقَتِهِ قَالَ لَهُمْ مَا أُقَاتِلُ عَلِيّاً وَ أَنَا أَدَّعِي أَنَّ لِي فِي اَلْإِسْلاَمِ مِثْلَ صُحْبَتِهِ وَ لاَ هِجْرَتِهِ وَ لاَ قَرَابَتِهِ وَ لاَ سَابِقَتِهِ وَ لَكِنْ خَبِّرُونِي عَنْكُمْ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالُوا بَلَى قَالَ فَلْيَدَعْ إِلَيْنَا (2)قَتَلَتَهُ فَنَقْتُلَهُمْ بِهِ وَ لاَ قِتَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ قَالُوا فَاكْتُبْ [إِلَيْهِ] كِتَاباً يَأْتِيهِ [بِهِ]بَعْضُنَا فَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ هَذَا الْكِتَابَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ فَقَدِمَ بِهِ عَلَى عَلِيٍّ ثُمَّ قَامَ أَبُو مُسْلِمٍ خَطِيباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ قُمْتَ بِأَمْرٍ وَ تَوَلَّيْتَهُ (3)وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ لِغَيْرِكَ إِنْ أَعْطَيْتَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مُسْلِماً مُحْرِماً (4)مَظْلُوماً فَادْفَعْ

ص: 85


1- أبو مسلم الخولانى الزاهد الشاميّ هو عبد اللّه بن ثوب،بضم المثلثة و فتح الواو، و قيل بإشباع الواو،و قيل ابن أثوب بوزن أحمر،و يقال ابن عوف و ابن مشكم،و يقال اسمه يعقوب بن عوف،و كان ممن رحل إلى النبيّ فلم يدركه،و عاش إلى زمن يزيد بن معاوية. انظر تقريب التهذيب 612 و المعارف 194.و في الأصل:«الحولانى»بالمهملة،صوابه بالخاء المعجمة،كما في ح(3:407)نسبة إلى خولان،بالفتح،إحدى قبائل اليمن.
2- ح(3:407):«فليدفع إلينا».
3- ح:(3:408):«وليته».
4- محرما:أى له حرمة و ذمّة،أو أراد أنهم قتلوه في آخر ذى الحجة،و قال أبو عمرو: -أى صائما،و يقال أراد لم يحل بنفسه شيئا يوقع به.فهو محرم.و بكل هذه التأويلات فسر بيت الراعي،الذي أنشده صاحب اللسان(15:13): قتلوا ابن عفان الخليفة محرما و دعا فلم أر مثله مقتولا و انظر خزانة الأدب(1:503-504).

إِلَيْنَا قَتَلَتَهُ وَ أَنْتَ أَمِيرُنَا فَإِنْ خَالَفَكَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ كَانَتْ أَيْدِينَا لَكَ نَاصِرَةً وَ أَلْسِنَتُنَا لَكَ شَاهِدَةً وَ كُنْتَ ذَا عُذْرٍ وَ حُجَّةٍ.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ 1«اُغْدُ عَلَيَّ غَداً فَخُذْ جَوَابَ كِتَابِكَ» فَانْصَرَفَ ثُمَّ رَجَعَ مِنَ الْغَدِ لِيَأْخُذَ جَوَابَ كِتَابِهِ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ بَلَغَهُمُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فَلَبِسَتِ اَلشِّيعَةُ أَسْلِحَتَهَا ثُمَّ غَدَوْا فَمَلَئُوا الْمَسْجِدَ وَ أَخَذُوا يُنَادُونَ كُلُّنَا قَتَلَ اِبْنَ عَفَّانَ وَ أَكْثَرُوا مِنَ النِّدَاءَ بِذَلِكَ وَ أُذِنَ لِأَبِي مُسْلِمٍ فَدَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ جَوَابَ كِتَابِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ رَأَيْتُ قَوْماً مَا لَكَ مَعَهُمْ أَمْرٌ قَالَ 1«وَ مَا ذَاكَ؟» قَالَ بَلَغَ الْقَوْمَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَضَجُّوا وَ اجْتَمَعُوا وَ لَبِسُوا السِّلاَحَ وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَيْكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَقَدْ ضَرَبْتُ هَذَا الْأَمْرَ أَنْفَهُ وَ عَيْنَيْهِ مَا رَأَيْتُهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَيْكَ وَ لاَ إِلَى غَيْرِكَ.» فَخَرَجَ بِالْكِتَابِ وَ هُوَ يَقُولُ الْآنَ طَابَ الضِّرَابُ.

وَ كَانَ كِتَابُ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام (1): « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَلاَمٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهِ اصْطَفَى مُحَمَّداً بِعِلْمِهِ وَ جَعَلَهُ الْأَمِينَ عَلَى وَحْيِهِ وَ الرَّسُولَ إِلَى خَلْقِهِ وَ اجْتَبَى لَهُ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَعْوَاناً أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ،).

ص: 86


1- انظر هذا الكتاب أيضا في العقد(3:107).

فَكَانُوا فِي مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ فَكَانَ أَفْضَلَهُمْ فِي إِسْلاَمِهِ وَ أَنْصَحَهُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ خَلِيفَةُ خَلِيفَتِهِ وَ الثَّالِثَ الْخَلِيفَةَ الْمَظْلُومَ عُثْمَانَ فَكُلَّهُمْ حَسَدْتَ وَ عَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتَ عَرَفْنَا ذَلِكَ فِي نَظَرِكَ الشَّزْرِ وَ فِي قَوْلِكَ الْهُجْرِ وَ فِي تَنَفُّسِكَ الصُّعَدَاءَ وَ فِي إِبْطَائِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ تُقَادُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا يُقَادُ الْفَحْلُ الْمَخْشُوشُ (1)حَتَّى تُبَايِعَ وَ أَنْتَ كَارِهٌ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِأَعْظَمَ حَسَداً مِنْكَ لاِبْنِ عَمِّكَ عُثْمَانَ وَ كَانَ أَحَقَّهُمْ أَلاَّ تَفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ فِي قَرَابَتِهِ وَ صِهْرِهِ فَقَطَعْتَ رَحِمَهُ وَ قَبَّحْتَ مَحَاسِنَهُ وَ أَلَّبْتَ النَّاسَ عَلَيْهِ وَ بَطَنْتَ وَ ظَهَرْتَ حَتَّى ضُرِبَتْ إِلَيْهِ آبَاطُ الْإِبِلِ وَ قُيِّدَتْ إِلَيْهِ الْخَيْلُ الْعِرَابُ وَ حُمِلَ عَلَيْهِ السِّلاَحُ فِي حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ فَقُتِلَ مَعَكَ فِي الْمَحَلَّةِ وَ أَنْتَ تَسْمَعُ فِي دَارِهِ الْهَائِعَةَ (2)لاَ تَرْدَعُ الظَّنَّ وَ التُّهَمَةَ عَنْ نَفْسِكَ فِيهِ بِقَوْلٍ وَ لاَ فِعْلٍ.

فَأُقْسِمُ صَادِقاً أَنْ لَوْ قُمْتَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَقَاماً وَاحِداً تُنَهْنِهُ النَّاسَ عَنْهُ مَا عَدَلَ بِكَ مَنْ قِبَلَنَا مِنَ النَّاسِ أَحَداً وَ لَمَحَا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا كَانُوا يَعْرِفُونَكَ بِهِ مِنَ الْمُجَانَبَةِ لِعُثْمَانَ وَ الْبَغْيِ عَلَيْهِ وَ أُخْرَى أَنْتَ بِهَا عِنْدَ أَنْصَارِ عُثْمَانَ ظَنِينٌ إِيْوَاؤُكَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَهُمْ عَضُدُكَ وَ أَنْصَارُكَ وَ يَدُكَ وَ بِطَانَتُكَ (3)وَ قَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّكَ تَنْصِلُ مِنْ دَمِهِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَأَمْكِنَّا مِنْ قَتَلَتِهِ نَقْتُلُهُمْ بِهِ وَ نَحْنُ أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَيْكَ وَ إِلاَّ فَإِنَّهُ فَلَيْسَ لَكَ وَ لاَ لِأَصْحَابِكَ إِلاَّ السَّيْفُ وَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَنَطْلُبَنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فِي الْجِبَالِ وَ الرِّمَالِ وَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّى يَقْتُلَهُمُ اللَّهُ أَوْ لَتَلْحَقَنَّ أَرْوَاحُنَا بِاللَّهِ وَ السَّلاَمُ.ح.

ص: 87


1- المخشوش:الذي جعل في عظم أنفه الخشاش،و هو بالكسر،عويد يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع في انقياده.
2- الهائعة:الصوت الشديد.
3- بطانة الرجل:خاصته و صاحب سره.و في الأصل:«بطاشك»صوابه في ح.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ « « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَخَا خَوْلاَنَ قَدِمَ عَلَيَّ بِكِتَابٍ مِنْكَ تَذْكُرُ فِيهِ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَ الْوَحْيِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ الَّذِي صَدَّقَهُ الْوَعْدَ وَ تَمَّمَ لَهُ النَّصْرَ (1)وَ مَكَّنَ لَهُ فِي الْبِلاَدِ وَ أَظْهَرَهُ عَلَى أَهْلِ الْعِدَاءِ (2)وَ الشَّنَئَانِ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ وَثَبُوا بِهِ وَ شَنَّفُوا لَهُ (3)وَ أَظْهَرُوا لَهُ التَّكْذِيبَ وَ بَارَزُوهُ بِالْعَدَاوَةِ وَ ظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ وَ عَلَى إِخْرَاجِ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِهِ وَ أَلَّبُوا عَلَيْهِ اَلْعَرَبَ وَ جَامَعُوهُمْ عَلَى حَرْبِهِ وَ جَهَدُوا فِي أَمْرِهِ كُلَّ الْجَهْدِ وَ قَلَّبُوا لَهُ الْأُمُورَ حَتَّى« ظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ »وَ كَانَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْهِ أَلْبَةً (4)أُسْرَتَهُ وَ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى مِنْ قَوْمِهِ إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ (5)يَا اِبْنَ هِنْدٍ فَلَقَدْ خَبَأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً وَ لَقَدْ قَدَّمْتَ فَأَفْحَشْتَ إِذْ طَفَّقْتَ تُخْبِرُنَا عَنْ بَلاَءِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ فِينَا فَكُنْتَ فِي ذَلِكَ كَجَالِبِ التَّمْرِ إِلَى هَجَرَ أَوْ كَدَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالَ (6)وَ ذَكَرْتَ أَنَّ اللَّهَ اجْتَبَى لَهُ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَعْوَاناً أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَكَانُوا فِي مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ ،ل.

ص: 88


1- ح:«و أيده بالنصر».
2- في الأصل:«العدى»تحريف.و في ح:«العداوة».
3- شنف له يشنف شنفا،من باب تعب:أبغضه.و في الحديث في إسلام أبى ذر: «فإنهم قد شنفوا له»،أي أبغضوه.
4- الألبة:المرة من الألب،و هو التحريض.و الذي في ح:«تأليبا و تحريضا».
5- الكلام بعد هذه إلى كلمة:«النضال»لم يرد في ح.
6- التسديد:التعليم.أى كمن يدعو من علمه النضال إلى النضال.

فَكَانَ أَفْضَلَهُمْ زَعَمْتَ فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ أَنْصَحَهُمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْخَلِيفَةُ وَ خَلِيفَةُ الْخَلِيفَةِ وَ لَعَمْرِي إِنَّ مَكَانَهُمَا مِنْ اَلْإِسْلاَمِ لَعَظِيمٌ وَ إِنَّ الْمُصَابَ بِهِمَا لَجَرِحٌ فِي اَلْإِسْلاَمِ شَدِيدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَ جَزَاهُمَا بِأَحْسَنِ الْجَزَاءِ (1)وَ ذَكَرْتَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ فِي الْفَضْلِ ثَالِثاً (2)فَإِنْ يَكُنْ عُثْمَانُ مُحْسِناً فَسَيَجْزِيهِ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ وَ إِنْ يَكُ مُسِيئاً فَسَيَلْقَى رَبّاً غَفُوراً لاَ يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو إِذَا أَعْطَى اللَّهُ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ نَصِيحَتِهِمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُنَا فِي ذَلِكَ الْأَوْفَرَ إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا دَعَا إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّوْحِيدِ كُنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَ بِمَا جَاءَ بِهِ فَلَبِثْنَا أَحْوَالاً مُجَرَّمَةً (3)وَ مَا يَعْبُدُ اللَّهَ فِي رَبْعٍ سَاكِنٍ مِنَ اَلْعَرَبِ غَيْرُنَا فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِيِّنَا وَ اجْتِيَاحَ أَصْلِنَا وَ هَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الْأَفَاعِيلَ فَمَنَعُونَا الْمِيرَةَ وَ أَمْسَكُوا عَنَّا الْعَذْبَ (4)وَ أَحْلَسُونَا الْخَوْفَ (5)وَ جَعَلُوا عَلَيْنَا الْأَرْصَادَ وَ الْعُيُونَ وَ اضْطَرُّونَا إِلَى جَبَلٍ وَعِرٍ وَ أَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ وَ كَتَبُوا عَلَيْنَا بَيْنَهُمْ كِتَاباً لاَ يُؤَاكِلُونَّا وَ لاَ يُشَارِبُونَّا وَ لاَ يُنَاكِحُونَّا وَ لاَ يُبَايِعُونَّا وَ لاَ نَأْمَنُ فِيهِمْ حَتَّى نَدْفَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَيَقْتُلُوهُ وَ يُمَثِّلُوا بِهِ فَلَمْ نَكُنْ نَأْمَنُ فِيهِمْ إِلاَّ مِنْ مَوْسِمٍ إِلَى مَوْسِمٍ فَعَزَمَ اللَّهُ لَنَا عَلَى مَنْعِهِ وَ الذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ وَ الرَّمْيِ مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِهِ وَ الْقِيَامِ).

ص: 89


1- ح:«و جزاهما أحسن ما عملا».
2- ح:«تاليا».
3- أي سنين كاملة.و المجرمة،بتشديد الراء المفتوحة.
4- الميرة،بالكسر:ما يجلب من الطعام.و العذب،عنى به الماء العذب.
5- أي ألزموناه.انظر ح(3:304).و في الأصل:«و أحلسوا»صوابه في ح (3:303،408).

بِأَسْيَافِنَا دُونَهُ فِي سَاعَاتِ الْخَوْفِ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ (1)فَمُؤْمِنُنَا يَرْجُو بِذَلِكَ الثَّوَابَ وَ كَافِرُنَا يُحَامِى بِهِ عَنِ الْأَصْلِ فَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيْشٍ بَعْدُ فَإِنَّهُمْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَخْلِيَاءُ فَمِنْهُمْ حَلِيفٌ مَمْنُوعٌ أَوْ ذُو عَشِيرَةٍ تُدَافِعُ عَنْهُ فَلاَ يَبْغِيهِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا بَغَانَا بِهِ قَوْمُنَا مِنَ التَّلَفِ فَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ نَجْوَةٍ وَ أَمْنٍ فَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِالْهِجْرَةِ وَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِتَالِ اَلْمُشْرِكِينَ فَكَانَ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَ دُعِيَتْ نَزَالِ أَقَامَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَاسْتَقْدَمُوا فَوَقَى بِهِمْ أَصْحَابَهُ حَرَّ الْأَسِنَّةِ وَ السُّيُوفِ فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ (2)يَوْمَ بَدْرٍ وَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ وَ جَعْفَرٌ وَ زَيْدٌ يَوْمَ مُؤْتَةَ وَ أَرَادَ لِلَّهِ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ إِلاَّ أَنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ وَ مَنِيَّتَهُ أُخِّرَتْ وَ اللَّهُ مَوْلَى الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ الْمَنَّانُ عَلَيْهِمْ بِمَا قَدْ أَسْلَفُوا مِنَ الصَّالِحَاتِ فَمَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ وَ لاَ رَأَيْتُ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَنْصَحُ لِلَّهِ فِي طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ لاَ أَطْوَعَ لِرَسُولِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَ لاَ أَصْبَرَ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ وَ مَوَاطِنِ الْمَكْرُوهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ الَّذِينَ سَمَّيْتُ لَكَ وَ فِي اَلْمُهَاجِرِينَ خَيْرٌ كَثِيرٌ نَعْرِفُهُ (3)جَزَاهُمُ اللَّهُ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَ ذَكَرْتَ (4)حَسَدِي الْخُلَفَاءَ وَ إِبْطَائِي عَنْهُمْ وَ بَغْيِي عَلَيْهِمْ فَأَمَّا الْبَغْيُ فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ وَ أَمَّا الْإِبْطَاءُ عَنْهُمْ وَ الْكَرَاهَةُ لِأَمْرِهِمْ فَلَسْتُ أَعْتَذِرُ مِنْهُ إِلَى النَّاسِ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذَكَرَهُ لَمَّا قَبَضَ نَبِيَّهُح.

ص: 90


1- في الأصل:«و الليل و النهار»،و أثبت ما في ح.
2- هو عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف.و هو أول من عقدت له راية في الإسلام.انظر الإصابة 5367.و قد تزوح الرسول الكريم زوجته زينب بنت خزيمة بعده.انظر المعارف 59.
3- ح(3:409):«خير كثير يعرف».
4- في الأصل:«فذكرت»صوابه بالواو،كما في ح.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَتْ قُرَيْشٌ مِنَّا أَمِيرٌ وَ قَالَتِ اَلْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ مِنَّا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الْأَمْرِ فَعَرَفَتْ ذَلِكَ اَلْأَنْصَارُ فَسَلَّمَتْ لَهُمُ الْوَلاَيَةَ وَ السُّلْطَانَ فَإِذَا اسْتَحَقُّوهَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ دُونَ اَلْأَنْصَارِ فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ وَ إِلاَّ فَإِنَّ اَلْأَنْصَارَ أَعْظَمُ اَلْعَرَبِ فِيهَا نَصِيباً فَلاَ أَدْرِي أَصْحَابِي سَلِمُوا مِنْ أَنْ يَكُونُوا حَقِّي أَخَذُوا أَوِ اَلْأَنْصَارُ ظَلَمُوا بَلْ عَرَفْتَ أَنَّ حَقِّي هُوَ الْمَأْخُوذُ وَ قَدْ تَرَكْتُهُ لَهُمْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ وَ قَطِيعَتِي رَحِمَهُ وَ تَأْلِيبِي عَلَيْهِ فَإِنَّ عُثْمَانَ عَمِلَ مَا قَدْ بَلَغَكَ فَصَنَعَ النَّاسُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ أَرَ دَفْعَهُمْ إِلَيْكَ وَ لاَ إِلَى غَيْرِكَ وَ لَعَمْرِي لَئِنْ لَمْ تَنْزِعِ عَنْ غَيِّكَ وَ شِقَاقِكَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِيلٍ يَطْلُبُونَكَ وَ لاَ يُكَلِّفُونَكَ أَنْ تَطْلُبَهُمْ فِي بَرٍّ وَ لاَ بَحْرٍ وَ لاَ جَبَلٍ وَ لاَ سَهْلٍ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ أَتَانِي حِينَ وَلَّى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَنَا زَعِيمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ خَالَفَ عَلَيْكَ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَلَمْ أَفْعَلْ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَبَيْتُ لِقُرْبِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْكُفْرِ مَخَافَةَ الْفُرْقَةِ بَيْنَ أَهْلِ اَلْإِسْلاَمِ فَأَبُوكَ كَانَ أَعْرَفَ بِحَقِّي مِنْكَ فَإِنْ تَعْرِفْ مِنْ حَقِّي مَا كَانَ يَعْرِفُ أَبُوكَ تُصِبْ رُشْدَكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكَ وَ السَّلاَمُ».

. آخر الجزء الثاني من أصل عبد الوهاب

ص: 91

استشارة علي المهاجرين و الأنصار قبل المسير إلى الشام

نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَزِيدَ وَ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْكَنُودِ قَالَ:

لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ الْمَسِيرَ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ دَعَا إِلَيْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ: 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ مَيَامِينُ الرَّأْيِ مَرَاجِيحُ الْحِلْمِ مَقَاوِيلُ بِالْحَقِّ مُبَارَكُو الْفِعْلِ وَ الْأَمْرِ وَ قَدْ أَرَدْنَا الْمَسِيرَ إِلَى عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكُمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْنَا بِرَأْيِكُمْ» فَقَامَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا بِالْقَوْمِ جِدٌّ خَبِيرٌ هُمْ لَكَ وَ لِأَشْيَاعِكَ أَعْدَاءٌ وَ هُمْ لِمَنْ يَطْلُبُ حَرْثَ الدُّنْيَا أَوْلِيَاءُ وَ هُمْ مُقَاتِلُوكَ وَ مُجَاهِدُوكَ (1)لاَ يُبْقُوْنَ (2)جَهْداً مُشَاحَّةً عَلَى الدُّنْيَا وَ ضَنّاً بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْهَا وَ لَيْسَ لَهُمْ إِرْبَةٌ غَيْرُهَا إِلاَّ مَا يَخْدَعُونَ بِهِ الْجُهَّالَ مِنَ الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (3)كَذَبُوا لَيْسُوا بِدَمِهِ يَثْأَرُونَ (4)وَ لَكِنِ الدُّنْيَا يَطْلُبُونَ فَسِرْ بِنَا إِلَيْهِمْ (5)فَإِنْ أَجَابُوا إِلَى الْحَقِّ فَلَيْسَ بَعْدَ الْحَقِّ« إِلاَّ الضَّلالُ » وَ إِنْ أَبَوْا إِلاَّ الشِّقَاقَ فَذَلِكَ الظَّنُّ بِهِمْ (6)وَ اللَّهِ مَا أَرَاهُمْ يُبَايِعُونَ وَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِمَّنْ يُطَاعُ إِذَا نَهَى وَ [لاَ] يَسْمَعُ إِذَا أَمَرَ .

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْكَنُودِ : أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَامَ فَذَكَرَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ حَمِدَهُ وَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلاَّ تُقِيمَ يَوْماً وَاحِداً فَا[فْعَلْ] اشْخَصْ بِنَا

ص: 92


1- ح(1:278):«و مجادلوك»لعل هذه:«و مجالدوك».
2- ح:«لا يبغون»تحريف.
3- ح:«من طلب دم ابن عفان».
4- ح:«ليسوا لدمه ينفرون».
5- ح:«انهض بنا إليهم».
6- ح:«فذاك ظنى بهم».

قَبْلَ اسْتِعَارِ نَارِ الْفَجَرَةِ وَ اجْتِمَاعِ رَأْيِهِمْ عَلَى الصُّدُودِ وَ الْفُرْقَةِ وَ ادْعُهُمْ إِلَى رُشْدِهِمْ وَ حَظِّهِمْ فَإِنْ قَبِلُوا سُعِدُوا وَ إِنْ أَبَوْا إِلاَّ حَرْبَنَا فَوَ اللَّهِ إِنَّ سَفْكَ دِمَائِهِمْ وَ الْجِدَّ فِي جِهَادِهِمْ لَقُرْبَةٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ هُوَ كَرَامَةٌ مِنْهُ.

وَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَامَ قَيْسُ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْكَمِشْ بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا وَ لاَ تُعَرِّدْ (1)فَوَ اللَّهِ لَجِهَادُهُمْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ جِهَادِ اَلتُّرْكِ وَ اَلرُّومِ لاِدِّهَانِهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ (2)وَ اسْتِذْلاَلِهِمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ اَلتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِذَا غَضِبُوا عَلَى رَجُلٍ حَبَسُوهُ أَوْ ضَرَبُوهُ أَوْ حَرَمُوهُ أَوْ سَيَّرُوهُ (3)وَ فَيْئُنَا لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَلاَلٌ وَ نَحْنُ لَهُمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ قَطِينٌ (4)قَالَ يَعْنِي رَقِيقٌ.

فَقَالَ أَشْيَاخُ اَلْأَنْصَارِ مِنْهُمْ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَ غَيْرُهُمَا لِمَ تَقَدَّمْتَ أَشْيَاخَ قَوْمِكَ وَ بَدَأْتَهُمْ يَا قَيْسُ بِالْكَلاَمِ فَقَالَ أَمَا إِنِّي عَارِفٌ بِفَضْلِكُمْ مُعَظِّمٌ لِشَأْنِكُمْ وَ لَكِنِّي وَجَدْتُ فِي نَفْسِي الضِّغْنَ الَّذِي جَاشَ فِي صُدُورِكُمْ حِينَ ذَكَرْتُ اَلْأَحْزَابَ .

فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَيَقُمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ فَلْيُجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ جَمَاعَتِكُمْ فَقَالُوا قُمْ يَا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ فَقَامَ سَهْلٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ وَ رَأْيُنَا رَأْيُكَ وَ نَحْنُ كَفُّ يَمِينِكَ وَ قَدْ رَأَيْنَا أَنْ تَقُومَ بِهَذَا الْأَمْرِ فِي أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَتَأْمُرَهُمْ بِالشُّخُوصِ وَ تُخْبِرَهُمْ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ فَإِنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ الْبَلَدِك.

ص: 93


1- الانكماش:الإسراع و الجسد.و التعريد:الفرار و الإحجام و الانهزام.ح: «و لا تعرج».
2- الإدهان:الغش و المصانعة.و في التنزيل العزيز:« وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ »
3- في اللسان:«سيره من بلده:أخرجه و أجلاه».
4- القطين:الخدم و الأتباع و الحشم و المماليك.

وَ هُمُ النَّاسُ فَإِنِ اسْتَقَامُوا لَكَ اسْتَقَامَ لَكَ الَّذِي تُرِيدُ وَ تَطْلُبُ وَ أَمَّا نَحْنُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ مِنَّا خِلاَفٌ مَتَى دَعَوْتَنَا أَجَبْنَاكَ وَ مَتَى أَمَرْتَنَا أَطَعْنَاكَ .

خطبة علي عليه السلام في الخروج إلى صفين و رأى اصحابه

نَصْرٌ عُمَرُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي حُشَيْشٍ (1)عَنْ مَعْبَدٍ قَالَ: قَامَ عَلِيٌّ خَطِيباً عَلَى مِنْبَرِهِ فَكُنْتُ تَحْتَ الْمِنْبَرِ حِينَ حَرَّضَ النَّاسَ وَ أَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى صِفِّينَ لِقِتَالِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَبَدَأَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ 1«سِيرُوا إِلَى أَعْدَاءِ [اللَّهِ سِيرُوا إِلَى أَعْدَاءِ] السُّنَنِ وَ اَلْقُرْآنِ سِيرُوا إِلَى بَقِيَّةِ اَلْأَحْزَابِ قَتَلَةِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ » فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ يُقَالُ لَهُ أَرْبَدُ فَقَالَ أَ تُرِيدُ أَنْ تُسَيِّرَنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَنَقْتُلَهُمْ لَكَ كَمَا سِرْتَ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ فَقَتَلْنَاهُمْ كَلاَّ هَا اللَّهِ إِذاً لاَ نَفْعَلُ ذَلِكَ (2)فَقَامَ اَلْأَشْتَرُ فَقَالَ مَنْ لِهَذَا أَيُّهَا النَّاسُ (3)وَ هَرَبَ اَلْفَزَارِيُّ وَ اشْتَدَّ النَّاسُ عَلَى أَثَرِهِ فَلُحِقَ بِمَكَانٍ مِنَ السُّوقِ تُبَاعُ فِيهِ الْبَرَاذِينُ فَوَطِئُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ وَ ضَرَبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وَ نِعَالِ سُيُوفِهِمْ (4)حَتَّى قُتِلَ، فَأَتَى عَلِيٌّ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ الرَّجُلُ قَالَ: 1«وَ مَنْ قَتَلَهُ؟» قَالُوا قَتَلَتْهُ هَمْدَانُ وَ فِيهِمْ شَوْبَةٌ مِنَ النَّاسِ (5)فَقَالَ: 1«قَتِيلُ عِمِّيَّةٍ لاَ يُدْرَى

ص: 94


1- ح(1:279):«أبى خشيش».
2- ها التنبيه،قد يقسم بها،كما هنا.قال ابن منظور:«إن شئت حذفت الألف التي بعد الهاء،و إن شئت أثبت».
3- ح:«من هذا المأزق».
4- نعل السيف:ما يكون في أسفل جفنه من حديدة أو فضة.
5- ح:«و معهم شوب من الناس».

مَنْ قَتَلَهُ (1)دِيَتُهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ .» وَ قَالَ عِلاَقَةُ التَّيْمِيُّ (2)

أَعُوذُ بِرَبِّي أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي كَمَا مَاتَ فِي سُوقِ الْبَرَاذِينِ أَرْبَدُ

تَعَاوَرَهُ هَمْدَانُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا رُفِعَتْ عَنْهُ يَدٌ وُضِعَتْ يَدٌ.

قَالَ وَ قَامَ اَلْأَشْتَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يَهُدَّنَّكَ مَا رَأَيْتَ وَ لاَ يُؤْيِسَنَّكَ مِنْ نَصْرِنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ مَقَالَةِ هَذَا الشَّقِيِّ الْخَائِنِ جَمِيعُ مَنْ تَرَى مِنَ النَّاسِ شِيعَتُكَ وَ لَيْسُوا يَرْغَبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِكَ وَ لاَ يُحِبُّونَ بَقَاءَّ بَعْدَكَ فَإِنْ شِئْتَ فَسِرْ بِنَا إِلَى عَدُوِّكَ وَ اللَّهِ مَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لاَ يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ وَ مَا يَعِيشُ بِالْآمَالِ إِلاَّ شَقِيٌّ وَ إِنَّا لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّنَا أَنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ أَجَلُهَا فَكَيْفَ لاَ نُقَاتِلُ قَوْماً هُمْ كَمَا وَصَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَدْ وَثَبَتْ عِصَابَةٌ مِنْهُمْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ بِالْأَمْسِ فَأَسْخَطُوا اللَّهَ وَ أَظْلَمَتْ بِأَعْمَالِهِمْ الْأَرْضُ وَ بَاعُوا خَلاَقَهُمْ (3)بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَسِيرٍ.

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :اَلطَّرِيقُ مُشْتَرَكٌ وَ النَّاسُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ وَ مَنِ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي نَصِيحَةِ الْعَامَّةِ فَلَهُ مَا نَوَى وَ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ.

.

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زُهَيْرٍ الْعَبْسِيُّ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ صَالِحٍ :

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُعْتَمِّ الْعَبْسِيَّ وَ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّبِيعِ التَّمِيمِيُّ لَمَّا أَمَرَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ النَّاسَ بِالْمَسِيرِ إِلَى اَلشَّامِ دَخَلاَ فِي رِجَالٍ كَثِيرٍ مِنْ غَطَفَانَ وَ بَنِي تَمِيمٍ عَلَىر.

ص: 95


1- العمية،بكسر العين و تشديد الميم المكسورة و الياء المفتوحة المشددة،و يقال أيضا «عميا»بوزنه مع القصر،أي ميتة فتنة و جهالة.
2- بدلها في ح:«فقال بعض بنى تيم اللات بن ثعلبة».
3- الخلاق،بالفتح:الحظ و النصيب من الخير.

أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ اَلتَّمِيمِيُّ :يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا قَدْ مَشَيْنَا إِلَيْكَ بِنَصِيحَةٍ فَاقْبَلْهَا مِنَّا وَ رَأَيْنَا لَكَ رَأْياً فَلاَ تَرُدَّهُ عَلَيْنَا فَإِنَّا نَظَرْنَا لَكَ وَ لِمَنْ مَعَكَ أَقِمْ وَ كَاتِبْ هَذَا الرَّجُلَ وَ لاَ تُعَجِّلْ إِلَى قِتَالِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَإِنِّي وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي وَ لاَ تُدْرَى لِمَنْ تَكُونُ إِذَا الْتَقَيْتُمْ الْغَلَبَةُ وَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ.

وَ قَامَ اِبْنُ الْمُعْتَمِّ فَتَكَلَّمَ وَ تَكَلَّمَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دَخَلُوا مَعَهُمَا بِمِثْلِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، فَحَمِدَ عَلِيٌّ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ وَارِثُ الْعِبَادِ وَ الْبِلاَدِ وَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ« وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ »يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَ يَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَ يُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ أَمَّا الدَّبْرَةُ فَإِنَّهَا عَلَى الضَّالِّينَ الْعَاصِينَ ظَفِرُوا أَوْ ظُفِرَ بِهِمْ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلاَمَ قَوْمٍ مَا أَرَاهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْرِفُوا مَعْرُوفاً وَ لاَ يُنْكِرُوا مُنْكَراً.

فَقَامَ إِلَيْهِ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ الْيَرْبُوعِيُّ ثُمَّ اَلرِّيَاحِيُّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَؤُلاَءِ وَ اللَّهِ مَا أَتَوْكَ بِنُصْحٍ وَ لاَ دَخَلُوا عَلَيْكَ إِلاَّ بِغِشٍّ فَاحْذَرْهُمْ فَإِنَّهُمْ أَدْنَى الْعَدُوِّ.

فَقَالَ لَهُ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ حَنْظَلَةَ هَذَا يُكَاتِبُ مُعَاوِيَةَ فَادْفَعْهُ إِلَيْنَا نَحْبِسُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ غَزَاتُكَ ثُمَّ تَنْصَرِفُ.

وَ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ عَيَّاشُ بْنُ رَبِيعَةَ وَ قَائِدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْعَبْسِيَّانِ فَقَالاَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ صَاحِبَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُعْتَمِّ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يُكَاتِبُ مُعَاوِيَةَ فَاحْبِسْهُ أَوْ أَمْكِنَّا مِنْهُ نَحْبِسُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ غَزَاتُكَ وَ تَنْصَرِفَ فَأَخَذَا يَقُولاَنِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ نَظَرَ لَكُمْ (1)وَ أَشَارَ عَلَيْكُمْ بِالرَّأْيِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ فَقَالَ).

ص: 96


1- في الأصل:«من نصركم»صوابه من خ(1:280).

لَهُمَا عَلِيٌّ 1«اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ إِلَيْهِ أَكِلُكُمْ وَ بِهِ أَسْتَظْهِرُ عَلَيْكُمْ اذْهَبُوا حَيْثُ شِئْتُمْ» .ثُمَّ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّبِيعِ الْمَعْرُوفِ بِحَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ (1)وَ هُوَ مِنَ اَلصَّحَابَةِ فَقَالَ: 1«يَا حَنْظَلَةُ أَ عَلَيَّ أَمْ لِي؟» قَالَ لاَ عَلَيْكَ وَ لاَ لَكَ قَالَ: 1«فَمَا تُرِيدُ؟» قَالَ أَشْخَصُ إِلَى اَلرُّهَا (2)فَإِنَّهُ فَرْجٌ مِنَ الْفُرُوجِ أَصْمُدُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ هَذَا الْأَمْرُ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ خِيَارُ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ وَ هُمْ رَهْطُهُ فَقَالَ إِنَّكُمْ وَ اللَّهِ لاَ تَغُرُّونِّي مِنْ دِينِي.دَعُونِي فَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكُمْ.

فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَخْرُجْ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ لاَ نَدَعُ فُلاَنَةَ تَخْرُجُ مَعَكَ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَ لاَ وَلَدِهَا وَ لَئِنْ أَرَدْتَ ذَلِكَ لَنَقْتُلَنَّكَ فَأَعَانَهُ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاخْتَرَطُوا سُيُوفَهُمْ فَقَالَ:أَجِّلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ أَغْلَقَ بَابَهُ حَتَّى إِذَا أَمْسَى هَرَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ خَرَجَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَيْهِ مِنْ قَوْمِهِ رِجَالٌ كَثِيرٌ وَ لَحِقَ اِبْنُ الْمُعْتَمِّ أَيْضاً حَتَّى أَتَى مُعَاوِيَةَ وَ خَرَجَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِهِ.

وَ أَمَّا حَنْظَلَةُ فَخَرَجَ بِثَلاَثَةٍ وَ عِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِهِ وَ لَكِنَّهُمَا لَمْ يُقَاتِلاَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ اعْتَزَلاَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعاً فَقَالَ حَنْظَلَةُ حِينَ خَرَجَ إِلَى مُعَاوِيَةَ

يَسُلُّ غُوَاةٌ عِنْدَ بَابِي سُيُوفَهَا وَ نَادَى مُنَادٍ فِي الْهَجِيمِ لِأَقْبَلاَ

سَأَتْرُكُكُمْ عُوداً لِأَصْعَبِ فُرْقَةٍ إِذَا قُلْتُمُ كَلاَّ يَقُولُ لَكُمْ بَلَى.

قَالَ فَلَمَّا هَرَبَ حَنْظَلَةُ أَمَرَ عَلِيٌّ بِدَارِهِ فَهُدِمَتْ هَدَمَهَا عَرِيفُهُمْ بَكْرُ بْنُ تَمِيمٍ وَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ فَقَالَ فِي ذَلِكَم.

ص: 97


1- هو حنظلة بن الربيع-و يقال ابن ربيعة-بن صيفى،ابن أخى أكثم بن صيفى حكيم العرب.و كتب للنبى صلّى اللّه عليه و سلم مرة كتابا فسمى بذلك«الكاتب». و كانت الكتابة قليلة في العرب.و كان ممن تخف عن عليّ عليه السلام يوم الجمل.و هو الذي قال للنبى صلّى اللّه عليه و سلم:«لليهود يوم و للنصارى يوم،فلو كان لنا يوم» فنزلت سورة الجمعة.انظر الإصابة 1855 و المعارف 130.
2- الرها،بضم أوله و المد و القصر:مدينة بالجزيرة بين الموصل و الشام.

أَيَا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ مُغْلَغَلةً عَنِّي سُرَاةَ بَنِي عَمْرٍو

فَأُوصِيكُمُ بِاللَّهِ وَ الْبِرِّ وَ التُّقَى وَ لاَ تَنْظُرُوا فِي النَّائِبَاتِ إِلَى بَكْرٍ

وَ لاَ شَبَثٍ ذِي الْمَنْخِرَيْنِ كَأَنَّهُ أَزَبُّ جَمَالٍ فِي مُلاَحِيَةٍ صُفْرِ (1).

وَ قَالَ أَيْضاً يُحَرِّضُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ

أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ خُطَّةً وَ لِكُلِّ سَائِلَةٍ تَسِيلُ قَرَارُ

لاَ نَقْبَلَنَّ دَنِيَّةً تُعْطُونَهَا فِي الْأَمْرِ حَتَّى تُقْتَلَ اَلْأَنْصَارُ

وَ كَمَا تَبُوءُ دِمَاؤُهُمْ بِدِمَائِكُمْ وَ كَمَا تُهَدَّمُ بِالدِّيَارِ دِيَارُ (2)

وَ تُرَى نِسَاؤُهُمْ يَجُلْنَ حَوَاسِراَ وَ لَهُنَّ مِنْ عَلَقِ الدِّمَاءِ خُوَارٌ (3).

نَصْرٌ عُمَرُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي الْمُجَاهِدِ عَنِ اَلْمُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: قَامَ عَدِيُّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ بَيْنَ يَدَيِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا قُلْتَ إِلاَّ بِعِلْمٍ وَ لاَ دَعَوْتَ إِلاَّ إِلَى حَقٍّ وَ لاَ أَمَرْتَ إِلاَّ بِرُشْدٍ.فَإِنْ رَأَيْتَ (4)أَنْ تَسْتَأْنِيَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ وَ تَسْتَدِيمَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ كُتُبُكَ وَ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ رُسُلُكَ فَعَلْتَ،».

ص: 98


1- الأزب من الإبل:الكثير شعر الوجه و العثنون.و الملاحى،بضم الميم و تخفيف اللام،هو من الأراك ما فيه بياض و شهبة و حمرة.و في ح:«قد غار ليلة النفر»،و في هامش الأصل:«قد دعا ليلة النفر»إشارة إلى أنّه كذلك في نسخة أخرى.صواب هذين:«قد رغا».
2- في الأصل: و تجر قتلاهم بقتلى حروب و كما يقدم بالديار ديار و أنبت ما في ح(1:280).و كتب في حاشية الأصل:«و كما تبوء دماؤهم بدمائكم» إشارة إلى أن صدره كذلك في نسخة أخرى.
3- أصل الخوار صوت البقر و الغنم و الظباء.و في ح:«من ثكل الرجال خوار».
4- ح:(1:280):«و لكن إذا رأيت».

فَإِنْ يَقْبَلُوا يُصِيبُوا وَ يَرْشُدُوا (1)وَ الْعَافِيَةُ أَوْسَعُ لَنَا وَ لَهُمْ وَ إِنْ يَتَمَادَوْا فِي الشِّقَاقِ وَ لاَ يَنْزِعُوا عَنِ الْغَيِّ فَسِرْ إِلَيْهِمْ وَ قَدْ قَدَّمْنَا إِلَيْهِمْ الْعُذْرَ (2)وَ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى مَا فِي أَيْدِينَا مِنَ الْحَقِّ فَوَ اللَّهِ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ أَبْعَدُ وَ عَلَى اللَّهِ أَهْوَنُ مِنْ قَوْمٍ قَاتَلْنَاهُمْ بِنَاحِيَةِ اَلْبَصْرَةِ أَمْسِ لِمَا أَجْهَدَ لَهُمُ الْحَقُّ (3)فَتَرَكُوهُ نَاوَخْنَاهُمْ بَرَاكَاءَ (4)الْقِتَالِ حَتَّى بَلَغْنَا مِنْهُمْ مَا نُحِبُّ وَ بَلَغَ اللَّهُ مِنْهُمْ رِضَاهُ فِيمَا يَرَى.

فَقَامَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ الطَّائِيُّ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَرَانِسِ (5)الْمُجْتَهِدِينَ فَقَالَ:اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّى يَرْضَى وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّنَا وَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ نَبِيُّنَا.

أَمَّا بَعْدَ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ كُنَّا فِي شَكٍّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَنَا لاَ يَصْلُحُ لَنَا النِّيَّةُ فِي قِتَالِهِمْ حَتَّى نَسْتَدِيمَهُمْ وَ نَسْتَأْنِيَهُمْ مَا الْأَعْمَالُ إِلاَّ فِي تَبَابٍ وَ لاَ السَّعْيُ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ وَ اللَّهُ يَقُولُ« وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ »إِنَّا وَ اللَّهِ مَا ارْتَبْنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ فِيمَنْ يَبْتَغُونَ دَمَهُ (6)فَكَيْفَ بِاتِّبَاعِهِ الْقَاسِيَةَ قُلُوبُهُمْ الْقَلِيلَ فِي اَلْإِسْلاَمِ حَظُّهُمْ أَعْوَانُ الظُّلْمِ وَ مُسَدِّدِي أَسَاسِ الْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ (7)لَيْسُوا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ لاَ اَلْأَنْصَارِ وَ لاَ اَلتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ.».

ص: 99


1- ح:«يصيبوا رشدهم».
2- ح:«بالعذر».
3- في اللسان:«أجهد لك الطريق و أجهد لك الحق:برز و ظهر و وضح».و في الأصل«أجهدنا»و الفعل لازم كما رأيت.كما رأيت.و في ح:«لما دعوناهم إلى الحق».
4- البراكاء،بضم الراء و فتحها:«الابتراك في الحرب،و هو أن يجثو القوم على ركبهم. و المناوخة:مفاعلة من النوخ،و هو البروك.و في الأصل:«ناوحناهم»بالمهملة،صوابه في ح.
5- البرنس،بالضم:قلنسوة طويلة،أو كل ثوب رأسه منه.
6- ح:«فيمن يتبعونه».
7- ح:«و أصحاب الجور و العدوان».

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ طَيْئٍ فَقَالَ يَا زَيْدَ بْنَ حُصَيْنٍ أَ كَلاَمَ سَيِّدِنَا عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ تُهَجِّنُ قَالَ فَقَالَ زَيْدٌ مَا أَنْتُمْ بِأَعْرَفَ بِحَقِّ عَدِيٍّ مِنِّي وَ لَكِنِّي لاَ أَدَعُ الْقَوْلَ بِالْحَقِّ وَ إِنْ سَخِطَ النَّاسُ قَالَ فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكٌ وَ النَّاسُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ فَمَنِ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي نَصِيحَةِ الْعَامَّةِ فَقَدْ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ (1) .

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ (2)قَالَ: دَخَلَ أَبُو زَبِيبٍ (3)بْنُ عَوْفٍ عَلَى عَلِيِّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَئِنْ كُنَّا عَلَى الْحَقِّ لَأَنْتَ أَهْدَانَا سَبِيلاً وَ أَعْظَمُنَا فِي الْخَيْرِ نَصِيباً وَ لَئِنْ كُنَّا فِي ضَلاَلَةٍ إِنَّكَ لَأَثْقَلُنَا ظَهْراً وَ أَعْظَمُنَا وِزْراً أَمَرْتَنَا بِالْمَسِيرِ إِلَى هَذَا الْعَدُوِّ وَ قَدْ قَطَعْنَا مَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْوَلاَيَةِ وَ أَظْهَرْنَا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ نُرِيدُ بِذَلِكَ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ طَاعَتِكَ وَ فِي أَنْفُسِنَا مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهَا أَ لَيْسَ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ الْحَقَّ الْمُبِينَ وَ الَّذِي عَلَيْهِ عَدُوُّنَا الْغَيَّ وَ الْحُوبَ الْكَبِيرَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ 1«بَلَى شَهِدْتُ أَنَّكَ إِنْ مَضَيْتَ مَعَنَا نَاصِراً لِدَعْوَتِنَا صَحِيحَ النِّيَّةِ فِي نُصْرَتِنَا قَدْ قَطَعْتَ مِنْهُمُ الْوَلاَيَةَ وَ أَظْهَرْتَ لَهُمْ الْعَدَاوَةَ كَمَا زَعَمْتَ فَإِنَّكَ وَلِيُّ اللَّهِ تَسِيحُ (4)فِي رِضْوَانِهِ وَ تَرْكُضُ فِي طَاعَتِهِ فَأَبْشِرْ أَبَا زَبِيبٍ.» .ة.

ص: 100


1- ما بعد:«سخط الناس»ساقط من ح،فهو إمّا دخيل على النسخة،أو تمثل من عدى يقول عليّ عليه السلام،الذي سبق في ص 95.
2- سبقت ترجمته في ص 3.و في الأصل:«حضيرة»بالضاد المعجمة،تحريف.و في هامش الأصل«خ:حصين»إشارة إلى أنه«حصين»فى نسخه أخرى.و هذه الأخيرة توافق ما ورد في ح(1:280).و ليس بشيء.
3- ح:«أبو زينب»فى جميع المواضع.
4- ح:«تسبح»من السباحة.

فَقَالَ لَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ اثْبُتْ أَبَا زَبِيبٍ وَ لاَ تَشُكَّ فِي اَلْأَحْزَابِ عَدُوِّ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ (1).

قَالَ فَقَالَ أَبُو زَبِيبٍ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي شَاهِدَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَيَشْهَدَا لِي عَلَى مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي أَهَمَّنِي مَكَانُكُمَا قَالَ وَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

سِيرُوا إِلَى اَلْأَحْزَابِ أَعْدَاءِ النَّبِيِّ سِيرُوا فَخَيْرُ النَّاسِ أَتْبَاعُ عَلِيٍّ

هَذَا أَوَانٌ طَابَ سَلُّ الْمَشْرَفِيِّ وَ قَوْدُنَا الْخَيْلَ وَ هَزُّ السَّمْهَرِيِّ

.

عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي رَوْقٍ قَالَ: دَخَلَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ عَلَى جِهَازٍ وَ عُدَّةٍ (2)وَ أَكْثَرُ النَّاسِ أَهْلُ قُوَّةٍ (3)وَ مَنْ لَيْسَ بِمُضْعَّفٍ وَ لَيْسَ بِهِ عِلَّةٌ فَمُرْ مُنَادِيَكَ فَلْيُنَادِ النَّاسَ يَخْرُجُوا إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ بِالنُّخَيْلَةِ فَإِنَّ أَخَا الْحَرْبِ لَيْسَ بِالسَّئُومِ وَ لاَ النَّئُومِ وَ لاَ مَنْ إِذَا أَمْكَنَهُ الْفُرَصُ أَجَّلَهَا وَ اسْتَشَارَ فِيهَا وَ لاَ مَنْ يُؤَخِّرُ الْحَرْبَ فِي الْيَوْمِ إِلَى غَدٍ وَ بَعْدَ غَدٍ.

فَقَالَ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ لَقَدْ نَصَحَ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ وَ قَالَ مَا يَعْرِفُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ ثِقْ بِهِ وَ اشْخَصْ بِنَا إِلَى هَذَا الْعَدُوِّ رَاشِداً مُعَاناً فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِمْ خَيْراً لاَ يَدَعُوكَ رَغْبَةً عَنْكَ إِلَى مَنْ لَيْسَ مِثْلَكَ فِي السَّابِقَةِ).

ص: 101


1- عدو،يقال للمفرد و المثنى و الجمع و المذكر و المؤنث بلفظ واحد،و يقال أيضا عدوة و عدوان و أعداء.
2- الجهاز:ما يحتاج إليه المسافر و الغازى.ح:«أولو جهاز و عدة».
3- أي أصحاب قوة.و في الأصل:«القوّة»و أنبت ما في ح(1:281).

مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الْقِدَمِ (1)فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ الْقَرَابَةِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ إِلاَّ يُنِيبُوا وَ يُقْبِلُوا وَ يَأْبَوْا إِلاَّ حَرْبَنَا نَجِدُ حَرْبَهُمْ عَلَيْنَا هَيِّناً وَ رَجَوْنَا أَنْ يَصْرِعَهُمُ اللَّهُ مَصَارِعَ إِخْوَانِهِمْ بِالْأَمْسِ.

ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْقَوْمَ لَوْ كَانُوا اللَّهَ يُرِيدُونَ أَوْ لِلَّهِ يَعْمَلُونَ مَا خَالَفُونَا وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُقَاتِلُونَ فِرَاراً مِنْ الْأُسْوَةِ (2)وَ حُبّاً لِلْأَثَرَةِ وَ ضَنّاً بِسُلْطَانِهِمْ وَ كُرْهاً لِفِرَاقِ دُنْيَاهُمُ الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ وَ عَلَى إِحَنٍ فِي أَنْفُسِهِمْ وَ عَدَاوَةً يَجِدُونَهَا فِي صُدُورِهِمْ لِوَقَائِعَ أَوْقَعْتَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ قَدِيمَةً قَتَلْتَ فِيهَا آبَاءَهُمْ وَ إِخْوَانَهُمْ (3).

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ فَكَيْفَ يُبَايِعُ مُعَاوِيَةُ عَلِيّاً وَ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ حَنْظَلَةَ وَ خَالَهُ اَلْوَلِيدَ وَ جَدَّهُ عُتْبَةَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ أَنْ يَفْعَلُوا (4)وَ لَنْ يَسْتَقِيمُوا لَكُمْ دُونَ أَنْ تَقْصِدَ فِيهِمْ الْمُرَّانَ (5)وَ تَقْطَعَ عَلَى هَامِهِمُ السُّيُوفَ وَ تَنْثُرَ حَوَاجِبَهُمْ بِعُمُدِ الْحَدِيدِ وَ تَكُونَ أُمُورٌ جَمَّةٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ .

نهي علي عليه السلام اصحابه من لعن أهل الشام

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ (6)

ص: 102


1- القدم،بفتحتين:السبق و التقدّم في الإسلام.
2- الأسوة،هاهنا:التسوية بين المسلمين في قسمة المال.انظر ح(3:4).
3- ح:«و أعوانهم».
4- ح:«ما أظنهم يفعلون».
5- تقصد:تكسر.و المران:الرماح الصلة اللينة.و المران أيضا:نبات الرماح.ح: «دون أن تقصف فيهم قنا المران».
6- ح:«حصين»و انظر ما سبق في ص 3.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ وَ اللَّعْنَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ 1«أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَا» فَأَتَيَاهُ فَقَالاَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَسْنَا مُحِقِّينَ؟ قَالَ: 1«بَلَى» قَالاَ أَ وَ لَيْسُوا مُبْطِلِينَ؟ قَالَ: 1«بَلَى» قَالاَ:فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ؟ قَالَ: 1«كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا لَعَّانِينَ شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ وَ تَتَبَرَّءُونَ وَ لَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِيَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَ كَذَا وَ مِنْ عَمَلِهِمْ كَذَا وَ كَذَا كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ وَ [لَوْ] (1)قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ وَ بَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُمْ وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَ بَيْنِهِمْ وَ اهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ وَ يَرْعَوِىَ عَنْ الْغَيِّ وَ الْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ كَانَ هَذَا أَحَبَّ إِلَيَّ وَ خَيْراً لَكُمْ» فَقَالاَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَ نَتَأَدَّبُ بِأَدَبِكَ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحُمْقِ إِنِّي وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَجَبْتُكَ وَ لاَ بَايَعْتُكَ عَلَى قَرَابَةٍ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ لاَ إِرَادَةِ مَالٍ تُؤْتِينِيهِ وَ لاَ الْتِمَاسِ سُلْطَانٍ يُرْفَعُ ذِكْرِي بِهِ وَ لَكِنْ أَحْبَبْتُكَ لِخِصَالٍ خَمْسٍ إِنَّكَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ زَوْجُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْأُمَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَبُو الذُّرِّيَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِينَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَعْظَمُ رَجُلٍ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ سَهْماً فِي الْجِهَادِ فَلَوْ أَنِّي كُلِّفْتُ نَقْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي وَ نَزْحَ (2)الْبُحُورِ الطَّوَامِي حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي فِي أَمْرٍ أُقَوِّي بِهِ وَلِيَّكَ وَ أُوهِنُ بِهِ عَدُوَّكَ مَا رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ أَدَّيْتُ فِيهِ كُلَّ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيَّ مِنْ حَقِّكَ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ 1اللَّهُمَّ نَوِّرْ قَلْبَهُ بِالتُّقَى وَ اهْدِهِ إِلَى صِرَاطٍ).

ص: 103


1- ليست في الأصل و لا في ح،و بها يلتئم الكلام.
2- في الأصل:«و أنزح»صوابه في ح(1:281).

مُسْتَقِيمٍ (1)لَيْتَ أَنَّ فِي جُنْدِي مِائَةً مِثْلَكَ فَقَالَ حُجْرٌ إِذاً وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَحَّ جُنْدُكَ وَ قَلَّ فِيهِمْ مَنْ يَغُشُّكَ.

ثُمَّ قَامَ حُجْرٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ بَنُو الْحَرْبِ وَ أَهْلُهَا الَّذِينَ نُلْقِحُهَا وَ نُنْتِجُهَا قَدْ ضَارَسَتْنَا وَ ضَارَسْنَاهَا (2)وَ لَنَا أَعْوَانٌ ذَوُو صَلاَحٍ وَ عَشِيرَةٍ ذَاتِ عَدَدٍ وَ رَأْيٍ مُجَرَّبٍ وَ بَأْسٍ مَحْمُودٍ وَ أَزِمَّتُنَا مُنْقَادَةٌ لَكَ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ فَإِنْ شَرَّقْتَ شَرَّقْنَا وَ إِنْ غَرَبْتَ غَرَّبْنَا وَ مَا أَمَرْتَنَا بِهِ مِنْ أَمْرٍ فَعَلْنَاهُ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أَ كُلَّ قَوْمِكَ يَرَى مِثْلَ رَأْيِكَ؟» قَالَ:مَا رَأَيْتُ مِنْهُمْ إِلاَّ حَسَناً وَ هَذِهِ يَدِي عَنْهُمْ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ بِحُسْنِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ خَيْراً .

كتاب علي عليه السلام إلى العمال و أمراء الجنود و الخراج و معاوية و عمرو

1- قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى عُمَّالِهِ فَكَتَبَ إِلَى مِخْنَفِ بْنَ سُلَيْمٍ 1«سَلاَمٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدَ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ جِهَادَ مَنْ صَدَفَ عَنِ الْحَقِّ رَغْبَةً عَنْهُ وَ هَبَّ فِي نُعَاسِ الْعَمَى وَ الضَّلاَلِ اخْتِيَاراً لَهُ فَرِيضَةٌ عَلَى الْعَارِفِينَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَمَّنْ أَرْضَاهُ وَ يُسْخِطُ عَلَى مَنْ عَصَاهُ وَ إِنَّا قَدْ هَمَمْنَا بِالْمَسِيرِ إِلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَمِلُوا فِي عِبَادِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ اسْتَأْثَرُوا بِالْفَيْءِ وَ عَطَّلُوا الْحُدُودَ وَ أَمَاتُوا الْحَقَّ وَ أَظْهَرُوا فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ وَ اتَّخَذُوا الْفَاسِقِينَ وَلِيجَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا وَلِيٌّ لِلَّهِ أَعْظَمُ أَحْدَاثُهُمْ أَبْغَضُوهُ وَ أَقْصَوْهُ وَ حَرَمُوهُ وَ إِذَا ظَالِمٌ سَاعَدَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ أَحَبُّوهُ وَ أَدْنَوْهُ وَ بَرُّوهُ فَقَدْ أَصَرُّوا عَلَى الظُّلْمِ وَ أَجْمَعُوا عَلَى الْخِلاَفِ.وَ قَدِيماً مَا صَدُّوا عَنْ الْحَقِّ وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ« وَ كانُوا ظالِمِينَ »فَإِذَا أُتِيتَ بِكِتَابِي هَذَا فَاسْتَخْلِفْ عَلَى عَمَلِكَ

ص: 104


1- ح:«صراطك المستقيم».
2- في اللسان(8:424):«و ضارست الأمور:جربتها و عرفتها».

أَوْثَقَ أَصْحَابِكَ فِي نَفْسِكَ وَ أَقْبِلْ إِلَيْنَا لَعَلَّكَ تَلْقَى هَذَا الْعَدُوَّ الْمُحِلِّ فَتَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُجَامِعَ الْحَقَّ وَ تُبَايِنَ الْبَاطِلَ فَإِنَّهُ لاَ غَنَاءَ بِنَا وَ لاَ بِكَ عَنْ أَجْرِ الْجِهَادِ وَ« حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ »وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ » فَاسْتَعْمَلَ مِخْنَفٌ عَلَى أَصْبَهَانَ اَلْحَارِثَ بْنَ أَبِي الْحَارِثِ بْنِ الرَّبِيعِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَى هَمْدَانَ سَعِيدَ بْنَ وَهْبٍ وَ كِلاَهُمَا مِنْ قَوْمِهِ وَ أَقْبَلَ حَتَّى شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ وَ كَانَ عَلِيٌّ قَدِ اسْتَخْلَفَ اِبْنَ عَبَّاسٍ عَلَى اَلْبَصْرَةِ فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَلِيٍّ يَذْكُرُ لَهُ اخْتِلاَفَ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ 1«مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ أَمَّا بَعْدُ (1)فَقَدْ قَدِمَ عَلَيَّ رَسُولُكَ وَ ذَكَرْتَ مَا رَأَيْتَ وَ بَلَغَكَ عَنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ بَعْدَ انْصِرَافِي (2)وَ سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْقَوْمِ هُمْ بَيْنَ مُقِيمٍ لِرَغْبَةٍ يَرْجُوهَا أَوْ عُقُوبَةٍ يَخْشَاهَا (3)فَأَرْغِبْ رَاغِبَهُمْ بِالْعَدْلِ عَلَيْهِ وَ الْإِنْصَافِ لَهُ وَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ حُلَّ عُقْدَةَ الْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأُمَرَاءِ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ فِي قُلُوبِهِمْ عَظْمٌ (4)إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ انْتَهِ إِلَى أَمْرِي وَ لاَ تَعِدْهُ وَ أَحْسِنْ إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ وَ كُلِّ مَنْ قِبَلَكَ فَأَحْسِنْ إِلَيْهِمْ مَا اسْتَطَعْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلاَمُ وَ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ »ه.

ص: 105


1- كذا جاءت«أما بعد»مكررة..و أول الرسالة في ح:«أما بعد فقد قدم على رسولك»بإعمال ما قبلها من الكلام.
2- ح:«و قرأت كتابك تذكر فيه حال أهل البصرة و اختلافهم بعد انصرافى عنهم».
3- ح:«أو خائف من عقوبة يخشاها».
4- كذا في الأصل و ح.و لعلها:«عصم»جمع عصام،و هو الحبل يشد به.

وَ كَتَبَ 1«مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اَلْأَسْوَدِ بْنِ قُطْنَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا وُعِظَ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ غَابِرٌ (1)وَ مَنْ أَعْجَبَتْهُ الدُّنْيَا رَضِيَ بِهَا وَ لَيْسَتْ بِثِقَةٍ فَاعْتَبِرْ بِمَا مَضَى تَحْذَرْ مَا بَقِيَ وَ اطْبُخْ لِلْمُسْلِمِينَ قِبَلَكَ مِنَ الطِّلاَءِ مَا يَذْهَبُ ثُلُثَاهُ (2)وَ أَكْثِرْ لَنَا مِنْ لَطَفِ الْجُنْدِ وَ اجْعَلْهُ مَكَانَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ أَرْزَاقِ الْجُنْدِ فَإِنَّ لِلْوِلْدَانِ عَلَيْنَا حَقّاً وَ فِي الذُّرِّيَّةِ مَنْ يُخَافُ دُعَاؤُهُ وَ هُوَ لَهُمْ صَالِحٌ وَ السَّلاَمُ» وَ كَتَبَ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَقْوَمُهُمْ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ فِيمَا لَهُ وَ عَلَيْهِ وَ أَقْوَلُهُمْ بِالْحَقِّ وَ لَوْ كَانَ مُرّاً فَإِنَّ الْحَقَّ بِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ لْتَكُنْ سَرِيرَتُكَ كَعَلاَنِيَتِكَ وَ لْيَكُنْ حُكْمُكَ وَاحِداً وَ طَرِيقَتُكَ مُسْتَقِيمَةً فَإِنَّ اَلْبَصْرَةَ مَهْبِطُ اَلشَّيْطَانِ فَلاَ تَفْتَحَنَّ عَلَى يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَاباً لاَ نُطِيقُ سَدَّه نَحْنُ وَ لاَ أَنْتَ وَ السَّلاَمُ» وَ كَتَبَ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَانْظُرْ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ غَلاَّتِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ فَيْئِهِمْ فَاقْسِمْهُ مَنْ قِبَلَكَ حَتَّى تُغْنِيَهُمْ وَ ابْعَثْ إِلَيْنَا بِمَا فَضَلَ نَقْسِمْهُ فِيمَنْ قِبَلَنَا وَ السَّلاَمُ»ب.

ص: 106


1- في اللسان:الغابر:الباقي.قال:و قد يقال للماضى غابر.
2- الطلاء،بالكسر:ما طبخ من عصير العنب.

وَ كَتَبَ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَسُرُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَ يَسُوءُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ وَ إِنْ جَهَدَ فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ فِيمَا قَدَّمْتَ مِنْ حُكْمٍ أَوْ مَنْطِقٍ أَوْ سِيرَةٍ وَ لْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَى مَا فَرَّطْتَ لِلَّهِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَ دَعْ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا فَلاَ تُكْثِرْ بِهِ حُزْناً وَ مَا أَصَابَكَ فِيهَا فَلاَ تَبْغِ بِهِ سُرُوراً وَ لْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ السَّلاَمُ» (1)وَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْجُنُودِ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنْ حَقَّ الْوَالِي أَلاَّ يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ أَمْرٌ نَالَهُ وَ لاَ أَمْرٌ خُصَّ بِهِ وَ أَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَيْهِمْ أَلاَ وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلاَّ أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلاَّ فِي حَرْبٍ وَ لاَ أَطْوِيَ عَنْكُمْ أَمْراً إِلاَّ فِي حُكْمٍ وَ لاَ أُؤَخِّرَ حَقّاً لَكُمْ عَنْ مَحَلِّهِ وَ لاَ أَرْزَأَكُمْ شَيْئاً وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي الْحَقِّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ النَّصِيحَةُ وَ الطَّاعَةُ فَلاَ تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَتِي وَ لاَ تُفْرِطُوا فِي صَلاَحِ دِينِكُمْ مِنْ دُنْيَاكُمْ وَ أَنْ تَنْفُذُوا لِمَا هُوَ لِلَّهِ طَاعَةٌ وَ لِمَعِيشَتِكُمْ صَلاَحٌ وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ وَ لاَ يَأْخُذَكُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ فَإِنْ أَبَيْتُمْ أَنْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعَاقِبُهُ عُقُوبَةً لاَ يَجِدُ عِنْدِي فِيهَا هَوَادَةً فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يُصْلِحِ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَ السَّلاَمُ»6.

ص: 107


1- انظر مجالس ثعلب 186.

وَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْخَرَاجِ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أُمَرَاءِ الْخَرَاجِ (1)أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ وَ لَمْ يُحْرِزْهَا وَ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَ انْقَادَ لَهُ عَلَى مَا يَعْرِفُ نَفْعَ عَاقِبَتِهِ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحَنَّ مِنَ النَّادِمِينَ أَلاَ وَ إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا مَنْ عَدَلَ عَمَّا يَعْرِفُ ضَرَّهُ وَ إِنَّ أَشْقَاهُمْ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ فَاعْتَبِرُوا وَ اعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ مَا قَدَّمْتُمْ مِنْ خَيْرٍ وَ مَا سِوَى ذَلِكَ وَدِدْتُمْ لَوْ أَنَّ بَيْنَكُمْ« وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ اللّهُ رَؤُفٌ »وَ رَحِيمٌ« بِالْعِبادِ »وَ أَنَّ عَلَيْكُمْ مَا فَرَّطْتُمْ فِيهِ وَ أَنَّ الَّذِي طَلَبْتُمْ لَيَسِيرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ لَكَبِيرٌ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا نُهِي عَنْهُ مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ كَانَ فِي ثَوَابِهِ مَا لاَ عُذْرَ لِأَحَدٍ بِتَرْكِ طَلِبَتِهِ (2)فَارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَ لاَ تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ وَ لاَ تُكَلِّفُوهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ وَ أَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ لاَ تَتَّخِذُنَّ حِجَاباً وَ لاَ تَحْجُبُنَّ أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ حَتَّى يُنْهِيَهَا إِلَيْكُمْ وَ لاَ تَأْخُذُوا أَحَداً بِأَحَدٍ إِلاَّ كَفِيلاً عَمَّنْ كَفَلَ عَنْهُ وَ اصْبِرُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى مَا فِيهِ الاِغْتِبَاطُ وَ إِيَّاكُمْ وَ تَأْخِيرَ الْعَمَلِ وَ دَفْعَ الْخَيْرِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ النَّدَمَ وَ السَّلاَمُ» وَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَلاَمٌ« عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى »فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ رَأَيْتُ مِنَ الدُّنْيَا وَ تَصَرُّفِهَا بِأَهْلِهَا وَ إِلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَ خَيْرِ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَصَابَب.

ص: 108


1- في نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد(4:115):«أصحاب الخراج».
2- الطلبة،بالكسر:الطلب.

الْعِبَادُ الصَّادِقُونَ فِيمَا مَضَى وَ مَنْ نَسِيَ الدُّنْيَا نِسْيَانَ الْآخِرَةِ يَجِدْ بَيْنَهُمَا بَوْناً بَعِيداً وَ اعْلَمْ يَا مُعَاوِيَةُ أَنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ لاَ فِي الْقِدَمِ وَ لاَ فِي الْوَلاَيَةِ (1)وَ لَسْتَ تَقُولُ فِيهِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ تَعْرِفُ لَكَ بِهِ أَثَرَهُ وَ لاَ لَكَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ لاَ عَهْدٌ تَدَّعِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا انْقَشَعَتْ عَنْكَ جَلاَبِيْبُ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ دُنْيَا أَبْهَجَتْ بِزِينَتِهَا (2)وَ رَكَنْتَ إِلَى لَذَّتِهَا وَ خُلِّيَ فِيهَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوٍّ جَاهِدٍ مُلِحٍّ مَعَ مَا عَرَضَ فِي نَفْسِكَ مِنْ دُنْيَا قَدْ دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا وَ أَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ (3)وَ خُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَى مَا لاَ يَجُنُّكَ مِنْهُ مِجَنٌّ (4)وَ مَتَى كُنْتُمْ يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةً لِلرَّعِيَّةِ أَوْ وُلاَةً لِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِغَيْرِ قَدَمٍ حَسَنٍ وَ لاَ شَرَفٍ سَابِقٍ عَلَى قَوْمِكُمْ فَشَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ وَ لاَ تُمَكِّنِ اَلشَّيْطَانَ مِنْ بُغْيَتِهِ فِيكَ مَعَ أَنِّي أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صَادِقَانِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لُزُومِ سَابِقِ الشَّقَاءِ وَ إِلاَّ تَفْعَلْ أُعْلِمْكَ مَا أَغْفَلَكَ مِنْ نَفْسِكَ (5)فَإِنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ مِنْكَ اَلشَّيْطَانُ مَأْخَذَهُ فَجَرَى مِنْكَ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَوْ كَانَ إِلَى النَّاسِ أَوْ بِأَيْدِيهِمْ لَحَسَدُونَا وَ امْتَنُّوا بِهِ عَلَيْنَا وَ لَكِنَّهُ».

ص: 109


1- انظر ما سبق في التنبيه الأول ص 102.
2- في اللسان:«أبهجت الأرض:بهج نباتها».و في الأصل:«انتهت»تحريف. و في ح(3:410):«تبهجت»قال ابن أبي الحديد:«و تبهجت بزينتها:صارت ذات بهجة».و لم أجد هذه الصيغة في المعاجم.
3- القعس:التأخر و الرجوع إلى الخلف،كما في اللسان.و في الأصل:«فايس من هذا الأمر«صوابه في ح(3:409).
4- رواه ح:«ما لا ينجيك منه منج»،و قال:«و يروى:و لا ينجيك مجن.و هو الترس:و الرواية الأولى أصح».
5- ح:«ما أغفلت».

قَضَاءٌ مِمَّنِ امْتَنَّ بِهِ عَلَيْنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الصَّادِقِ الْمُصَدِّقِ لاَ أَفْلَحَ مَنْ شَكَّ بَعْدَ الْعِرْفَانِ وَ الْبَيِّنَةِ اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عَدُوِّنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.» فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَدَعِ الْحَسَدَ فَإِنَّكَ طَالَمَا لَمْ تَنْتَفِعْ بِهِ وَ لاَ تُفْسِدْ سَابِقَةَ قَدَمِكَ بِشِرَّةِ نَخْوَتِكَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِخَوَاتِيمِهَا وَ لاَ تَمْحَقْ سَابِقَتَكَ فِي حَقِّ مَنْ لاَ حَقَّ لَكَ فِي حَقِّهِ (1)فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ لاَ تُضِرُّ بِذَلِكَ إِلاَّ نَفْسَكَ وَ لاَ تَمْحَقُ إِلاَّ عَمَلَكَ وَ لاَ تُبْطِلُ إِلاَّ حُجَّتَكَ وَ لَعَمْرِي مَا مَضَى لَكَ مِنْ السَّابِقَاتِ لَشَبِيهٌ أَنْ يَكُونَ مَمْحُوقاً لِمَا اجْتَرَأْتَ عَلَيْهِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ خِلاَفِ أَهْلِ الْحَقِّ فَاقْرَأْ سُورَةَ اَلْفَلَقِ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ نَفْسِكَ فَإِنَّكَ الْحَاسِدُ« إِذا حَسَدَ » وَ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَ صَاحِبُهَا مَقْهُورٌ فِيهَا (2)لَمْ يُصِبْ مِنْهَا شَيْئاً قَطُّ إِلاَّ فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً وَ أَدْخَلَتْ عَلَيْهِ مَئُونَةً تَزِيدُهُ رَغْبَةً فِيهَا وَ لَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَلاَ تُحْبِطْ أَجْرَكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ لاَ تُجَارِيَنَّ مُعَاوِيَةَ فِي بَاطِلِهِ (3)فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ غَمَصَ النَّاسَ».

ص: 110


1- حق الرجل و أحقه:إذا غلبه على الحق.
2- ح(4:114):«و صاحبها منهوم عليها».
3- ح:«و لا تشرك معاوية في باطله».

وَ سَفِهَ الْحَقَّ (1)وَ السَّلاَمُ»(2) وَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ صَلاَحُنَا وَ أُلْفَةُ ذَاتِ بَيْنِنَا أَنْ تُنِيبَ إِلَى الْحَقِّ (3)وَ أَنْ تُجِيبَ إِلَى مَا تُدْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنْ شُورًى (4)فَصَبَّرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَى الْحَقِّ وَ عَذَرَهُ النَّاسُ بِالْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلاَمُ فَجَاءَ الْكِتَابُ إِلَى عَلِيٍّ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ مِنَ اَلنُّخَيْلَةِ . .

خطبة علي و الحسنين عليهم السّلام في الدعوة إلى الجهاد و اختلاف الناس في السير

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي رَوْقٍ قَالَ: قَالَ زِيَادُ بْنُ النَّصْرِ الْحَارِثِيُّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ إِنَّ يَوْمَنَا وَ يَوْمَهُمْ لَيَوْمٌ عَصِيبٌ مَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُشَيَّعِ الْقَلْبِ (5)صَادِقُ النِّيَّةِ رَابِطُ الْجَأْشِ وَ ايْمُ اللَّهِ مَا أَظُنُّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يُبْقِي مِنَّا وَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرُّذَالَ (6)قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ وَ اللَّهِ أَظُنُّ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ 1«لِيَكُنْ هَذَا الْكَلاَمُ مَخْزُوناً فِي صُدُورِكُمَا لاَ تُظْهِرَاهُ وَ لاَ يَسْمَعْهُ مِنْكُمَا سَامِعٌ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْقَتْلَ عَلَى قَوْمٍ وَ الْمَوْتَ عَلَى آخَرِينَ وَ كُلٌّ آتِيهِ مَنِيَّتُهُ كَمَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ فَطُوبَى لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمَقْتُولِينَ فِي طَاعَتِهِ»

ص: 111


1- غمص الناس:احتقرهم و لم يرهم شيئا.و سفه الحق،مختلف في تأويله،قيل معناه سفه الحق تسفيها.و قال الزجاج:سفه في معنى جهل.و هو اقتباس من حديث لرسول اللّه رواه ابن منظور في اللسان(غمص).
2- (2) زاد ابن أبي الحديد بعد هذه الكلمة:«قال نصر:و هذا أول كتاب كتبه على عليه السلام إلى عمرو بن العاص».
3- أناب:رجع.
4- ح:«إلى ما ندعوكم إليه من الشورى».
5- المشيع القلب:الشجاع.
6- الرذل،و الرذال،و الرذيل،و الأرذل:الدون الخسيس.

فَلَمَّا سَمِعَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ (1)مَقَالَتَهُمْ [قَامَ] (2)فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ سِرْ بِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ الَّذِينَ نَبَذُوا« كِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ »وَ عَمِلُوا فِي عِبَادِ اللَّهِ بِغَيْرِ رِضَا اللَّهِ فَأَحَلُّوا حَرَامَهُ وَ حَرَّمُوا حَلاَلَهُ وَ اسْتَوْلاَهُمُ اَلشَّيْطَانُ (3)وَ وَعَدَهُمُ الْأَبَاطِيلَ وَ مَنَّاهُمُ الْأَمَانِيَّ حَتَّى أَزَاغَهُمْ عَنِ الْهُدَى وَ قَصَدَ بِهِمْ قَصْدَ الرَّدَى وَ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الدُّنْيَا فَهُمْ يُقَاتِلُونَ عَلَى دُنْيَاهُمْ رَغْبَةً فِيهَا كَرَغْبَتِنَا فِي الْآخِرَةِ إِنْجَازَ مَوْعُودُ رَبِّنَا وَ أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَحِماً وَ أَفْضَلُ النَّاسِ سَابِقَةً وَ قَدَماً وَ هُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكَ مِثْلُ الَّذِي عَلِمْنَا وَ لَكِنْ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءُ وَ مَالَتْ بِهِمُ الْأَهْوَاءُ وَ كَانُوا ظَالِمِينَ فَأَيْدِينَا مَبْسُوطَةٌ لَكَ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ قُلُوبُنَا مُنْشَرِحَةٌ لَكَ بِبَذْلِ النَّصِيحَةِ وَ أَنْفُسُنَا تَنْصُرُكَ (4)جَذِلَةً عَلَى مَنْ خَالَفَكَ وَ تَوَلَّى الْأَمْرَ دُونَكَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ مِمَّا أَقَلَّتْ وَ مَا تَحْتَ السَّمَاءِ مِمَّا أَظَلَّتْ وَ أَنِّي وَالَيْتُ عَدُوّاً لَكَ أَوْ عَادَيْتُ وَلِيّاً لَكَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ 1«اَللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِكَ وَ الْمُرَافَقَةَ لِنَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَ دَعَاهُمْ إِلَى الْجِهَادِ فَبَدَأَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ 1«إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَكُمْ بِدِينِهِ وَ خَلَقَكُمُ لِعِبَادَتِهِ فَانْصِبُوا أَنْفُسَكُمْ فِي أَدَاءِح.

ص: 112


1- هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.و كان معه لواء على رضي اللّه عنه يوم صفّين، و قتل في آخر أيامها.انظر الإصابة 8913 و الاشتقاق 96.
2- ليست في الأصل.و في ح:«..ما قالاه أتى عليّا عليه السلام فقال:سر بنا».
3- كذا في الأصل.و في ح(1:282):«و استهوى بهم الشيطان»و ظنى بها «استهواهم».
4- في الأصل:«بنورك»،صوابها في ح.

حَقِّهِ وَ تَنَجَّزُوا مَوْعُودَهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ أَمْرَاسَ اَلْإِسْلاَمِ مَتِينَةً وَ عُرَاهُ وَثِيقَةً ثُمَّ جَعَلَ الطَّاعَةَ حَظَّ الْأَنْفُسِ بِرِضَا الرَّبِّ وَ غَنِيمَةَ الْأَكْيَاسِ عِنْدَ تَفْرِيطِ الْفَجَرَةِ وَ قَدْ حُمِّلْتُ أَمْرَ أَسْوَدِهَا وَ أَحْمَرِهَا (1)وَ« لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ » وَ نَحْنُ سَائِرُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى« مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ »وَ تَنَاوُلِ مَا لَيْسَ لَهُ وَ مَا لاَ يُدْرِكُهُ - مُعَاوِيَةَ وَ جُنْدِهِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ الطَّاغِيَةِ يَقُودُهُمْ إِبْلِيسُ وَ يَبْرُقُ لَهُمْ بِبَارِقِ تَسْوِيفِهِ وَ يُدَلِّيهِمْ بِغُرُورِهِ (2)وَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ فَاسْتَغْنُوا بِمَا عَلِمْتُمْ وَ احْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنَ اَلشَّيْطَانِ وَ ارْغَبُوا فِيمَا أَنَالَكُمْ مِنَ الْأَجْرِ وَ الْكَرَامَةِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْلُوبَ مَنْ سُلِبَ دِينَهُ وَ أَمَانَتَهُ وَ الْمَغْرُورَ مَنْ آثَرَ الضَّلاَلَةَ عَلَى الْهُدَى فَلاَ أَعْرِفُ أَحَداً مِنْكُمْ تَقَاعَسَ عَنِّي وَ قَالَ فِي غَيْرِي كِفَايَةً فَإِنَّ الذَّوْدَ إِلَى الذَّوْدِ إِبِلٌ وَ مَنْ لاَ يُذْدَ عَنْ حَوْضِهِ يَتَهَّدْم ثُمَّ إِنِّي آمُرُكُمْ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْرِ وَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أَلاَّ تَغْتَابُوا مُسْلِماً وَ انْتَظِرُوا النَّصْرَ الْعَاجِلَ مِنَ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» .

ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَطِيباً فَقَالَ:

2«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ» ثُمَّ قَالَ:

2«إِنَّ مِمَّا عَظَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِهِ مَا لاَ يُحْصَى ذِكْرُهُ وَ لاَ يُؤَدَّى شُكْرُهُ وَ لاَ يَبْلُغُهُ (3)صِفَةٌ وَ لاَ قَوْلٌ وَ نَحْنُ إِنَّمَا غَضِبْنَاح.

ص: 113


1- يعني العرب و العجم،و لغالب على ألوان العرب السمرة و الأدمة،و على ألوان العجم البياض و الحمرة.فى الأصل:«أمركم أسودها و أحمرها»،صوابه في ح.
2- أي يوقعهم فيما أراد من تغريره.و في الكتاب:(فدلاهما بغرور).
3- في الأصل:«تبلغها»،و الوجه ما أثبت من ح.

لِلَّهِ وَ لَكُمْ فَإِنَّهُ مَنَّ عَلَيْنَا بِمَا هُوَ أَهْلُهُ أَنْ نَشْكُرَ فِيهِ آلاَءَهُ وَ بَلاَءَهُ وَ نَعْمَاءَهُ قَوْلاً (1)يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ فِيهِ الرِّضَا وَ تَنْتَشِرُ فِيهِ عَارِفَةُ الصِّدْقِ يُصَدِّقُ اللَّهُ فِيهِ قَوْلَنَا وَ نَسْتَوْجِبُ فِيهِ الْمَزِيدَ مِنْ رَبِّنَا قَوْلاً يَزِيدُ وَ لاَ يَبِيدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ قَوْمٌ قَطُّ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ إِلاَّ اشْتَدَّ أَمْرُهُمْ وَ اسْتَحْكَمَتْ عُقْدَتُهُمْ فَاحْتَشِدُوا فِي قِتَالِ عَدُوِّكُمْ مُعَاوِيَةَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَضَرَ وَ لاَ تَخَاذَلُوا فَإِنَّ الْخِذْلاَنَ يَقْطَعُ نِيَاطَ الْقُلُوبِ وَ إِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْأَسِنَّةِ نَجْدَةٌ وَ عِصْمَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ (2)قَوْمٌ قَطُّ إِلاَّ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعِلَّةَ وَ كَفَاهُمْ جَوَائِحَ الذِّلَّةِ (3)وَ هَدَاهُمْ إِلَى مَعَالِمِ الْمِلَّةِ -

وَ الصُّلْحُ تَأْخُذُ مِنْهُ مَا رَضِيتَ بِهِ

وَ الْحَرْبُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ» (4)

.

ثُمَّ قَامَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ خَطِيباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:

3«يَا أَهْلَ اَلْكُوفَةِ أَنْتُمُ الْأَحِبَّةُ الْكُرَمَاءُ وَ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ جِدُّوا فِي إِحْيَاءِ مَا دَثَرَ بَيْنَكُمْ وَ إِسْهَالِ مَا تَوَعَّرَ عَلَيْكُمْ وَ أُلْفَةِ مَا ذَاعَ مِنْكُمْ (5)-».

ص: 114


1- في الأصل:«قوك».و الكلام بعد:«إنّما غضبنا للّه و لكم»إلى:«و لا يبيد» لم يرد في ح.
2- الامتناع:العزة و القوّة.و في القاموس:«و الممتنع الأسد القوى العزيز في نفسه». ح:«يتمنع».و في اللسان:«منع الشيء مناعة:اعتر و تعسر..و قد تمنع».
3- الجوائح:الدواهى و الشدائد،واحدتها جائحة.و في الأصل:«حوائج»،و الوجه ما أثبت من ح.
4- البيت للعباس بن مرداس السلمى،كما في الخزانة(2:82)و الرواية.المعروفة: «السلم تأخذ منها».و يستشهد بهذه الرواية اللغويون على أن«السلم»تؤنث.قال التبريزى:«الجرع:جمع جرعة،و هي ملء الفم.يخبره أن السلم هو فيها و ادع ينال من مطالبه ما يريد فإذا جاءت الحرب قطعته عن لذاته و شغلته بنفسه».و هو تحريض على الصلح. و أنفاس الحرب،أراد بها أوائلها.
5- ليست في ح.و ذاع:انتشر و تفرق.و في الأصل:«أذاع».

أَلاَ إِنَّ الْحَرْبَ شَرُّهَا ذَرِيعٌ وَ طَعْمَهَا فَظِيعٌ وَ هِيَ جُرَعٌ مُتَحَسَّاةٌ فَمَنْ أَخَذَ لَهَا أُهْبَتَهَا وَ اسْتَعَدَّ لَهَا عُدَّتَهَا وَ لَمْ يَأْلَمْ كُلُومَهَا عِنْدَ حُلُولِهَا فَذَاكَ صَاحِبُهَا وَ مَنْ عَاجَلَهَا قَبْلَ أَوَانِ فُرْصَتِهَا وَ اسْتِبْصَارِ سَعْيِهِ فِيهَا فَذَاكَ قَمِنٌ أَلاَّ يَنْفَعَ قَوْمَهُ وَ أَنْ يُهْلِكَ نَفْسَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ بِعَوْنِهِ أَنْ يَدْعَمَكُمْ بِأُلْفَتِهِ» (1).

ثُمَّ نَزَلَ فَأَجَابَ عَلِيّاً إِلَى السَّيْرِ (2)وَ الْجِهَادِ جُلُّ النَّاسِ إِلاَّ أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَتَوْهُ وَ فِيهِمْ عَبِيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ (3)وَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَهُ:إِنَّا نَخْرُجُ مَعَكُمْ وَ لاَ نَنْزِلُ عَسْكَرَكُمْ وَ نُعَسْكِرُ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ وَ أَمْرِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَمَنْ رَأَيْنَاهُ أَرَادَ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ أَوْ بَدَا مِنْهُ بَغْيٌ كُنَّا عَلَيْهِ فَقَالَ عَلِيٌّ :

1«مَرْحَباً وَ أَهْلاً هَذَا هُوَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ وَ الْعِلْمُ بِالسُّنَّةِ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا فَهُوَ جَائِرٌ خَائِنٌ» .وَ أَتَاهُ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِيهِمْ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ (4)وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ فَقَالُوا:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا شَكَكْنَا فِي هَذَا الْقِتَالِ عَلَى مَعْرِفَتِنَا بِفَضْلِكَ وَ لاَ غَنَاءَ بِنَا وَ لاَ بِكَ وَ لاَ اَلْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فَوَلِّنَا بَعْضَ الثُّغُورِ نَكُونُ بِهِ (5)ثُمَّ نُقَاتِلُ عَنْ أَهْلِهِ فَوَجَّهَهُ عَلِيٌّ (6)عَلَى ثَغْرِ اَلرَّيِّ فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ بِالْكُوفَةِ لِوَاءَ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ .».

ص: 115


1- ح:«بالفيئة».
2- في الأصل:«فأجابه إلى السير».و الوجه ما أثبت من ح.
3- عبيدة،بفتح أوله.و هو عبيدة بن عمرو-و يقال ابن قيس-بن عمرو السلمانى، بفتح السين المهملة و سكون اللام،نسبة إلى سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد.أسلم قبل وفاة النبيّ بسنتين و لم يلقه.روى عن ابن مسعود و على،و روى عنه محمّد بن سيرين، و أبو إسحاق السبيعى،و إبراهيم النخعيّ و غيرهم.و قال ابن نمير:كان شريح إذا أشكل عليه شيء كتب إلى عبيدة.توفّي سنة 72 و قبل ثلاث،و قيل أربع.الإصابة 6401 و المعارف 188 و تقريب التهذيب،و مختلف القبائل و مؤتلفها لمحمّد بن حبيب ص 30.
4- خثيم.بهيئة التصغير.انظر الاشتقاق 112 و شرح الحيوان(4:292).
5- ح(1.283):«نكمن به».
6- ح:«فوجه عليّ عليه السلام بالربيع بن خثيم».

[ارسال باهلة إلى الديلم]

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: دَعَا عَلِيٌّ بَاهِلَةَ فَقَالَ: 1«يَا مَعْشَرَ بَاهِلَةَ أُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّكُمْ تُبْغِضُونِّي وَ أُبْغِضُكُمْ فَخُذُوا عَطَاءَكُمْ وَ اخْرُجُوا إِلَى اَلدَّيْلَمِ » وَ كَانُوا قَدْ كَرِهُوا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى صِفِّينَ .

قدوم اهل البصرة على علي عليه السلام و مكاتبة محمد بن أبي بكر مع معاوية

1- نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ : أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يَبْرَحِ اَلنُّخَيْلَةَ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ اِبْنُ عَبَّاسٍ بِأَهْلِ اَلْبَصْرَةِ وَ كَانَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ وَ إِلَى أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ 1«أَمَّا بَعْدُ فَأَشْخِصْ إِلَيَّ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ ذَكِّرْهُمْ بَلاَئِي عِنْدَهُمْ وَ عَفْوِي عَنْهُمْ وَ اسْتِبْقَائِي لَهُمْ وَ رَغِّبْهُمْ فِي الْجِهَادِ وَ أَعْلِمْهُمُ الَّذِي لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ» .

فَقَامَ فِيهِمْ اِبْنُ عَبَّاسٍ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ عَلِيٍّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى إِمَامِكُمْ وَ« اِنْفِرُوا »فِي سَبِيلِ اللَّهِ« خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ »فَإِنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ الْمُحِلِّينَ اَلْقَاسِطِينَ الَّذِينَ لاَ يَقْرَءُونَ اَلْقُرْآنَ وَ لاَ يَعْرِفُونَ حُكْمَ اَلْكِتَابِ :« وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ »مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الصَّادِعِ بِالْحَقِّ وَ الْقَيِّمِ بِالْهُدَى وَ الْحَاكِمِ بِحُكْمِ اَلْكِتَابِ الَّذِي لاَ يَرْتَشِي فِي الْحُكْمِ وَ لاَ يُدَاهِنُ الْفُجَّارَ وَ لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ.

فَقَامَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ:نَعَمْ وَ اللَّهِ لَنُجِيبَنَّكَ وَ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكَ عَلَى الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ وَ الرِّضَا وَ الْكُرْهِ نَحْتَسِبُ فِي ذَلِكَ الْخَيْرَ وَ نَأْمُلُ مِنَ اللَّهِ الْعَظِيمَ مِنَ الْأَجْرِ (1).

ص: 116


1- ح:«نحتسب في ذلك الأجر،و نأمل به من اللّه العظيم حسن الثواب».

وَ قَامَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيُّ (1)فَقَالَ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا فَمَتَى اسْتَنْفَرْتَنَا نَفَرْنَا وَ مَتَى دَعْوَتَنَا أَجَبْنَا.

وَ قَامَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ مَرْجُومٍ الْعَبْدِيُّ (2)فَقَالَ:وَفَّقَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ لَعَنَ الْمُحِلِّينَ اَلْقَاسِطِينَ الَّذِينَ لاَ يَقْرَءُونَ اَلْقُرْآنَ نَحْنُ وَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حَنِقُونَ وَ لَهُمْ فِي اللَّهِ مُفَارِقُونَ فَمَتَى أَرَدْتَنَا صَحِبَكَ خَيْلُنَا وَ رَجِلُنَا.

وَ أَجَابَ النَّاسُ إِلَى الْمَسِيرِ وَ نَشِطُوا وَ خَفُّوا فَاسْتَعْمَلَ اِبْنُ عَبَّاسٍ عَلَى اَلْبَصْرَةِ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ وَ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ وَ مَعَهُ رُءُوسُ الْأَخْمَاسِ - خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيُّ عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَ عَمْرُو بْنُ مَرْجُومٍ الْعَبْدِيُّ عَلَى عَبْدِ الْقَيْسِ وَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ (3)عَلَى اَلْأَزْدِ وَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى تَمِيمٍ وَ ضَبَّةَ وَ اَلرَّبَابِ وَ شَرِيكُ بْنُ الْأَعْوَرِ الْحَارِثِيُّ عَلَى أَهْلِ اَلْعَالِيَةِ فَقَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالنُّخَيْلَةِ وَ أَمَّرَ الْأَسْبَاعَ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ - سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ عَلَى قَيْسٍ وَ عَبْدَ الْقَيْسِ وَ مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الْيَرْبُوعِيَّ عَلَى تَمِيمٍ وَ ضَبَّةَ وَ اَلرَّبَابِ وَ قُرَيْشٍ وَ كِنَانَةَ وَ أَسَدٍ وَ مِخْنَفَ بْنَ سُلَيْمٍ عَلَى اَلْأَزْدِ وَ بَجِيلَةَ وَ خَثْعَمٍ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ خُزَاعَةَ وَ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ الْكِنْدِيَّ عَلَى كِنْدَةَ وَ حَضْرَمَوْتَ وَ قُضَاعَةَ وَ مَهْرَةَ وَ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ عَلَى مَذْحِجَ وَ اَلْأَشْعَرِيَّيْنِ وَ سَعِيدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ عَلَى هَمْدَانَ وَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ حِمْيَرٍ وَ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ عَلَى طَيْئٍ وَ يَجْمَعُهُمُ9.

ص: 117


1- ترجم له في الإصابة 2317 فيمن له إدراك.
2- مرجوم،بالجيم،كان من أشراف عبد القيس و رؤسائها في الجاهلية،و قد مدحه المسيب بن عبّاس.و كان ابنه عمرو سيدا شريفا في الإسلام.ذكره ابن حجر في الصحابة. انظر الإصابة 5954.
3- في الأصل:«سيمان»صوابه بالشين كما في الاشتقاق 299.

الدَّعْوَةُ مَعَ مَذْحِجَ وَ تَخْتَلِفُ الرَّايَتَانِ رَايَةُ مَذْحِجَ مَعَ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ وَ رَايَةُ طَيْئٍ مَعَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ .

وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى اَلْغَاوِي بْنِ صَخْرٍ سَلاَمٌ عَلَى أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ مِمَّنْ هُوَ مُسْلِمٌ لِأَهْلِ وَلاَيَةِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بِجَلاَلِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ قُدْرَتِهِ خَلَقَ خَلْقاً بِلاَ عَنَتٍ (1)وَ لاَ ضَعْفٍ فِي قُوَّتِهِ وَ لاَ حَاجَةٍ بِهِ إِلَى خَلْقِهِمْ وَ لَكِنَّهُ خَلَقَهُمْ عَبِيداً وَ جَعَلَ مِنْهُمْ شَقِيّاً وَ سَعِيداً وَ غَوِيّاً وَ رَشِيداً ثُمَّ اخْتَارَهُمْ عَلَى عِلْمِهِ فَاصْطَفَى وَ انْتَخَبَ مِنْهُمْ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَاخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ اخْتَارَهُ لِوَحْيِهِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَ بَعَثَهُ رَسُولاً مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكُتُبِ وَ دَلِيلاً عَلَى الشَّرَائِعِ فَدَعَا إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ« بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ »فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ وَ أَنَابَ وَ صَدَّقَ وَ وَافَقَ وَ أَسْلَمَ وَ سَلَّمَ أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَصَدَّقَهُ بِالْغَيْبِ الْمَكْتُومِ وَ آثَرَهُ عَلَى كُلِّ حَمِيمٍ فَوَقَاهُ كُلَّ هَوْلٍ وَ وَاسَاهُ بِنَفْسِهِ فِي كُلِّ خَوْفٍ فَحَارَبَ حَرْبَهُ وَ سَالَمَ سِلْمَهُ (2)فَلَمْ يَبْرَحْ مُبْتَذِلاً لِنَفْسِهِ فِي سَاعَاتِ الْأَزْلِ (3)وَ مَقَامَاتِ الرَّوْعِ حَتَّى بُرِّزَ سَابِقاً لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي جِهَادِهِ وَ لاَ مُقَارِبَ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَ قَدْ رَأَيْتُكَ تُسَامِيهِ وَ أَنْتَ أَنْتَ وَ هُوَ هُوَ الْمُبَرَّزُ السَّابِقُ فِي كُلِّ خَيْرٍ أَوَّلُ النَّاسِ إِسْلاَماً وَ أَصْدَقُ النَّاسِ نِيَّةً وَ أَطْيَبُ النَّاسِ ذُرِّيَّةً وَ أَفْضَلُ النَّاسِ زَوْجَةً وَ خَيْرُ النَّاسِ ابْنَ عَمٍّ وَ أَنْتَ اللَّعِينُ ابْنُة.

ص: 118


1- العنت:المشقة.
2- الحرب:العدو المحارب.و السلم:المسلم.
3- الأزل:الضيق و الشدة.

اللَّعِينِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ أَنْتَ وَ أَبُوكَ تَبْغِيَانِ الْغَوَائِلَ لِدِينِ اللَّهِ وَ تَجْهَدَانِ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ تَجْمَعَانِ عَلَى ذَلِكَ الْجُمُوعَ وَ تَبْذُلاَنِ فِيهِ الْمَالَ وَ تُخَالِفَانِ فِيهِ القَبَائِلَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ أَبُوكَ وَ عَلَى ذَلِكَ خَلَفْتَهُ وَ الشَّاهِدُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ مَنْ يَأْوِي وَ يَلْجَأُ إِلَيْكَ مِنْ بَقِيَّةِ اَلْأَحْزَابِ وَ رُءُوسِ النِّفَاقِ وَ الشِّقَاقِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الشَّاهِدُ لِعَلِيٍّ مَعَ فَضْلِهِ الْمُبِينِ وَ سَبْقِهِ الْقَدِيمِ أَنْصَارُهُ الَّذِينَ ذُكِرُوا بِفَضْلِهِمْ فِي اَلْقُرْآنِ فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ فَهُمْ مَعَهُ عَصَائِبُ وَ كَتَائِبُ حَوْلَهُ يُجَالِدُونَ بِأَسْيَافِهِمْ وَ يُهَرِيقُونَ دِمَاءَهُمْ دُونَهُ يَرَوْنَ الْفَضْلَ فِي اتِّبَاعِهِ وَ الشَّقَاءَ فِي خِلاَفِهِ فَكَيْفَ يَا لَكَ الْوَيْلُ تَعْدِلُ نَفْسَكَ بِعَلِيٍّ وَ هُوَ وَارِثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ وَصِيُّهُ وَ أَبُو وُلْدِهِ وَ أَوَّلُ النَّاسِ لَهُ اتِّبَاعاً وَ آخِرُهُمْ بِهِ عَهْداً يُخْبِرُهُ بِسِرِّهِ وَ يُشْرِكُهُ فِي أَمْرِهِ وَ أَنْتَ عَدُوُّهُ وَ ابْنُ عَدُوِّهِ فَتَمَتَّعْ مَا اسْتَطَعْتَ بِبَاطِلِكَ وَ لْيَمْدُدْ لَكَ اِبْنُ الْعَاصِ فِي غَوَايَتِكَ فَكَأَنَّ أَجَلَكَ قَدِ انْقَضَى وَ كَيْدَكَ قَدْ وَهَى وَ سَوْفَ يَسْتَبِينُ لِمَنْ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ الْعُلْيَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تُكَايِدُ رَبَّكَ الَّذِي قَدْ أَمِنْتَ كَيْدَهُ وَ أَيِسْتَ مِنْ رَوْحِهِ وَ هُوَ لَكَ بِالْمِرْصَادِ وَ أَنْتَ مِنْهُ فِي غُرُورٍ وَ بِاللَّهِ وَ أَهْلِ رَسُولِهِ عَنْكَ الْغِنَاءُ وَ السَّلاَمُ« عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى » فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الزَّارِي عَلَى أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ سَلاَمٌ عَلَى أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ مَا اللَّهُ أَهْلُهُ فِي قُدْرَتِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ مَا أَصْفَى بِهِ نَبِيَّهُ (1)مَعَ كَلاَمٍ أَلَّفْتَهُ وَ وَضَعْتَهُ لِرَأْيِكَ فِيهِ تَضْعِيفٌ).

ص: 119


1- أصفاه بالشيء:آثره به.و في الكتاب؛(أ فأصفها كم ربكم بالبنان)و في الأصل: «و ما اصطفاه به نبيه».صوابه في ح(1:284).

وَ لِأَبِيكَ فِيهِ تَعْنِيفٌ ذَكَرْتَ حَقَّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ قَدِيمَ سَوَابِقِهِ وَ قَرَابَتَهُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ نُصْرَتَهُ لَهُ وَ مُوَاسَاتَهُ إِيَّاهُ فِي كُلِّ خَوْفٍ وَ هَوْلٍ وَ احْتِجَاجَكَ عَلَيَّ بِفَضْلِ غَيْرِكَ لاَ بِفَضْلِكَ فَاحْمَدْ إِلَهاً صَرَفَ الْفَضْلَ عَنْكَ وَ جَعَلَهُ لِغَيْرِكَ وَ قَدْ كُنَّا وَ أَبُوكَ مَعَنَا فِي حَيَاةٍ مِنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَرَى حَقَّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ لاَزِماً لَنَا وَ فَضْلَهُ مُبَرَّزاً عَلَيْنَا فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا عِنْدَهُ وَ أَتَمَّ لَهُ مَا وَعَدَهُ وَ أَظْهَرَ دَعْوَتَهُ وَ أَفْلَجَ حُجَّتَهُ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فَكَانَ أَبُوكَ وَ فَارُوقُهُ أَوَّلَ مَنِ ابْتَزَّهُ وَ خَالَفَهُ عَلَى ذَلِكَ اتَّفَقَا وَ اتَّسَقَا (1)ثُمَّ دَعَوَاهُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَأَبْطَأَ عَنْهُمَا وَ تَلَكَّأَ عَلَيْهِمَا فَهَمَّا بِهِ الْهُمُومَ وَ أَرَادَا بِهِ الْعَظِيمَ فَبَايَعَ وَ سَلَّمَ لَهُمَا لاَ يُشْرِكَانِهِ فِي أَمِّرِهِمَا وَ لاَ يُطْلِعَانِهِ عَلَى سِرِّهِمَا حَتَّى قُبِضَا وَ انْقَضَى أَمْرُهُمَا ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُمَا ثَالِثُهُمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَهْتَدِي بِهُدَاهُمَا وَ يَسِيرُ بِسِيرَتِهِمَا فَعِبْتَهُ أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ حَتَّى طَمِعَ فِيهِ الْأَقَاصِي مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَ بَطَنْتُمَا لَهُ وَ أَظْهَرْتُمَا (2)وَ كَشَفْتُمَا عَدَاوَتَكُمَا وَ غِلَّكُمَا حَتَّى بَلَغْتُمَا مِنْهُ مُنَاكُمَا فَخُذْ حِذْرَكَ يَا اِبْنَ أَبِي بَكْرٍ فَسَتَرَى وَبَالَ أَمْرِكَ وَ قِسْ شِبْرَكَ بِفِتْرِكَ (3)تَقْصُرُ عَنْ أَنْ تُسَاوِيَ أَوْ تُوَازِيَ مَنْ يَزِنُ الْجِبَالَ حِلْمُهُ وَ لاَ تَلِينُ عَلَى قَسْرِ قَنَاتِهِ (4)وَ لاَ يُدْرِكُ ذُو مَدًى أَنَاتَهُ أَبُوكَ مَهَّدَ مِهَادَهُ وَ بَنَى مُلْكَهُ وَ شَادَهُ فَإِنْ يَكُنْ مَا نَحْنُ فِيهِ صَوَاباً فَأَبُوكَ أَوَّلُهُ وَ إِنْ يَكُ جَوْراً فَأَبُوكَ أَسَّسَهُ (5)وَ نَحْنُ شُرَكَاؤُهُ وَ بِهُدَاهُ أَخَذْنَا وَ بِفِعْلِهِ اقْتَدَيْنَا -».

ص: 120


1- في الأصل:«و انشقا»و أثبت ما في ح.
2- ح(1:284):«و ظهرتما».
3- الشبر،بالكسر:ما بين أعلى الإبهام و أعلى الخنصر.و الفتر،بالكسر أيضا:ما بين طرف السبابة و الإبهام إذا فتحتهما.
4- القسر:القهر و الإكراه.و في الأصل:«قصر»،صوابه في ح.
5- الأسس،بالتحريك:الأساس؛و مثلها الأس،بالضم.ح:«أسه».

وَ لَوْ لاَ مَا سَبَقَنَا إِلَيْهِ أَبُوكَ مَا خَالَفْنَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَسْلَمْنَا لَهُ وَ لَكِنَّا رَأَيْنَا أَبَاكَ فَعَلَ ذَلِكَ فَاحْتَذَيْنَا بِمِثَالِهِ (1)وَ اقْتَدَيْنَا بِفِعَالِهِ فَعِبْ أَبَاكَ مَا بَدَا لَكَ أَوْ دَعْ وَ السَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَنَابَ وَ رَجَعَ عَنْ غَوَايَتِهِ وَ تَابَ.

قَالَ وَ أَمَرَ عَلِيٌّ اَلْحَارِثَ الْأَعْوَرَ يُنَادِي فِي النَّاسِ أَنِ 1«اُخْرُجُوا إِلَى مُعَسْكَرِكُمْ بِالنُّخَيْلَةِ » فَنَادَى أَيُّهَا النَّاسِ اخْرُجُوا إِلَى مُعَسْكَرِكُمْ بِالنُّخَيْلَةِ وَ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى مَالِكِ بْنِ حَبِيبٍ الْيَرْبُوعِيِّ صَاحِبِ شُرْطَتِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْشُرَ النَّاسَ إِلَى الْمُعَسْكَرِ (2)وَ دَعَا عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ فَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى اَلْكُوفَةِ وَ كَانَ أَصْغَرَ أَصْحَابِ اَلْعَقَبَةِ السَّبْعِينَ ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ وَ خَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ.

.

نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكَ : أَنَّ النَّاسَ لَمَّا تَوَافَوْا بِالنُّخَيْلَةِ قَامَ رِجَالٌ مِمَّنْ كَانَ سَيَّرَ عُثْمَانُ (3)فَتَكَلَّمُوا فَقَامَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَ اَلْحَارِثُ الْأَعْوَرِ وَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ فَقَالَ جُنْدَبٌ قَدْ آنَ لِلَّذِينَ« أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ » (4).

نصيحة علي لزياد بن النضر و شريح بن هانئ

1- نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ قُطْنٍ : أَنَّ عَلِيّاً حِينَ أَرَادَ الْمَسِيرَ إِلَى اَلنُّخَيْلَةِ دَعَا زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ وَ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ وَ كَانَا عَلَى مَذْحِجَ وَ اَلْأَشْعَرِيَّيْنِ قَالَ: 1«يَا زِيَادُ اتَّقِ اللَّهَ فِي كُلِّ مَمْسَى وَ مُصْبَحٍ وَ خَفْ (5)عَلَى نَفْسِكَ الدُّنْيَا الْغَرُورَ وَ لاَ تَأْمَنْهَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْبَلاَءِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَزَعْ

ص: 121


1- ح:«رأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله».
2- في الأصل:«العسكر»،و أثبت ما في ح.
3- أي سيرهم عثمان.و التسيير:الإجلاء و الإخراج من البلد.
4- كذا وردت العبارة.أى آن لهم أن يقاتلوا.و في الكتاب:« أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ. »
5- في الأصل:«خفف»،صوابه في ح.

نَفْسَكَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يُحَبُّ (1)مَخَافَةَ مَكْرُوهَةٍ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الضُّرِّ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً وَازِعاً (2)مِنَ الْبَغْيِ وَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ فَلاَ تَسْتَطِيلَنَّ عَلَيْهِمْ وَ إِنَّ خَيْرَكُمْ« عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ »وَ تَعَلَّمْ مِنْ عَالِمِهِمْ وَ عَلِّمْ جَاهِلَهُمْ وَ احْلُمْ عَنْ سَفِيهِهِمْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُدْرِكُ الْخَيْرَ بِالْحِلْمِ وَ كَفِّ الْأَذَى وَ الْجَهْلِ.»(3) فَقَالَ زِيَادٌ أَوْصَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَافِظاً لِوَصِيَّتِكَ مُؤَدَّباً بِأَدَبِكَ يَرَى الرُّشْدَ فِي نَفَاذِ أَمْرِكَ وَ الْغَيَّ فِي تَضْيِيعِ عَهْدِكَ.

فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ وَ لاَ يَخْتَلِفَا وَ بَعَثَهُمَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً عَلَى مُقَدِّمَتِهِ (4)شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْجُنْدِ وَ زِيَادٌ عَلَى جَمَاعَةٍ فَأَخَذَ شُرَيْحٌ يَعْتَزِلُ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى حِدَةٍ وَ لاَ يَقْرُبُ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ (5)فَكَتَبَ زِيَادٌ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَعَ غُلاَمٍ لَهُ أَوْ مَوْلًى يُقَالُ لَهُ شَوْذَبٌ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ سَلاَمٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ وَلَّيْتَنِي أَمْرَ النَّاسِ وَ إِنَّ شُرَيْحاً لاَ يَرَى لِي عَلَيْهِ طَاعَةً وَ لاَ حَقّاً وَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ بِي اسْتِخْفَافٌ بِأَمْرِكَ وَ تَرْكٌ لِعَهْدِكَ (6)وَ السَّلاَمُ.).

ص: 122


1- في الأصل:«يجب»،صوابه في ح.
2- في الأصل:«و ادعا»صوابه في ح.و جاء في نهج البلاغة(4:161)بشرح ابن أبي الحديد:«رادعا».
3- (3) الجهل:نقيض الحلم.و في الأصل:«الجهد»،و الصواب في ح.
4- مقدّمة الجيش،بكسر الدال المشددة،و عن ثعلب فتح داله.
5- في الأصل:«بزياد»تحريف.و في ح:«زيادا»فقط.
6- في الأصل:«استخفاف»و:«تركا»،صوابه في ح(1:285).

وَ كَتَبَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ سَلاَمٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ حِينَ أَشْرَكْتَهُ فِي أَمْرِكَ وَ وَلَّيْتَهُ جُنْداً مِنْ جُنُودِكَ تَنَكَّرَ وَ اسْتَكْبَرَ وَ مَالَ بِهِ الْعُجْبُ وَ الْخُيَلاَءُ وَ الزَّهْوُ إِلَى مَا لاَ يَرْضَاهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى (1)مِنَ الْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنَّا وَ يَبْعَثَ مَكَانَهُ مَنْ يُحِبُّ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّا لَهُ كَارِهُونَ وَ السَّلاَمُ فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ وَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمَا فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمَا اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ مُقَدِّمَتِي زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ وَ أَمَّرْتُهُ عَلَيْهَا وَ شُرَيْحٌ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْهَا أَمِيرٌ فَإِنْ أَنْتُمَا جَمَعَكُمَا بَأْسٌ فَزِيَادُ بْنُ النَّضْرِ عَلَى النَّاسِ وَ إِنْ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَمِيرُ الطَّائِفَةِ (2)الَّتِي وَلَّيْنَاهُ أَمْرَهَا وَ اعْلَمَا أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُيُونُهُمْ وَ عُيُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلاَئِعُهُمْ فَإِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا مِنْ بِلاَدِكُمَا فَلاَ تَسْأَمَا مِنْ تَوْجِيهِ الطَّلاَئِعِ وَ مِنْ نَفْضِ الشِّعَابِ وَ الشَّجَرِ وَ الْخَمَرِ فِي كُلِّ جَانِبٍ (3)كَيْ لاَ يَغْتَرَّكُمَا عَدُوٌّ أَوْ يَكُونَ لَكُمْ كَمِينٌ وَ لاَ تُسَيِّرَنَّ الْكَتَائِبَ وَ القَبَائِلَ مِنْ لَدُنِء.

ص: 123


1- ح:«إلى ما لا يرضى اللّه تعالى به».
2- في الأصل:«على أمير الطائفة»و كلمة:«على»مقحمة.
3- النفيضة:الجماعة يبعثون في الأرض متجسسين لينظروا هل فيها عدو أو خوف. و الشعاب:جمع شعبة،و هو ما انشعب من التلعة و الوادى،أي عدل عنه و أخذ في طريق غير طريقه.و الخمر،بالتحريك:ما و اراك من الشجر و الجبال و نحوها.فى الأصل و ح: «نقض الشعاب»بالقاف،صوابه بالفاء.

الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ إِلاَّ عَلَى تَعْبِئَةٍ (1)فَإِنْ دَهَمَكُمْ دَاهِمٌ أَوْ غَشِيَكُمْ مَكْرُوهٌ كُنْتُمْ قَدْ تَقَدَّمْتُمْ فِي التَّعْبِئَةِ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِكُمْ فَلْيَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِي قِبَلِ الْأَشْرَافِ أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ (2)أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ كَيْ مَا يَكُونُ ذَلِكَ لَكُمْ رِدْءاً (3)وَ تَكُونَ (4)مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ وَ اجْعَلُوا رُقَبَاءَكُمْ فِي صَيَاصِي الْجِبَالِ وَ بِأَعَالِي الْأَشْرَافِ وَ مَنَاكِبِ الْهِضَابِ (5)يَرَوْنَ لَكُمْ لِئَلاَّ يَأْتِيَكُمْ عَدُوٌّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً وَ إِذَا رَحَلْتُمْ فَارْحَلُوا جَمِيعاً وَ إِذَا غَشِيَكُمُ لَيْلٌ فَنَزَلْتُمْ فَحُفُّوا عَسْكَرَكُمْ بِالرِّمَاحِ وَ الْأَتْرِسَةِ (6)وَ رُمَاتُكُمْ يَلُونَ تِرَسَتَكُمْ وَ رِمَاحَكُمْ وَ مَا أَقَمْتُمْ فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا كَيْ لاَ تُصَابَ لَكُمْ غَفْلَةٌ وَ لاَ تُلْفَى مِنْكُمْ غِرَّةٌ فَمَا قَوْمٌ حَفُّوا عَسْكَرَهُمْ بِرِمَاحِهِمْ وَ تِرَسَتِهِمْ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ كَانُوا كَأَنَّهُمْ فِي حُصُونٍ وَ احْرُسَا عَسْكَرَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا وَ إِيَّاكُمَا أَنْ تَذُوقَا نَوْماً حَتَّى تُصْبِحَا إِلاَّ غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً (7)ثُمَّ لْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكُمَا وَ دَأْبَكُمَا حَتَّى تَنْتَهِيَا إِلَى عَدُوِّكُمَا -».

ص: 124


1- في الأصل:«إلا من لدن»الخ.و كلمة:«إلا»مقحمة.
2- الأشراف:«الأماكن العالية،جمع شرف.و قبلها:ما استقبلك منها.و سفاح الجبال:أسافلها،حيث يسفح منها الماء.و لم أجد هذا الجمع في المعاجم.و المعروف سفوح.
3- قال ابن أبي الحديد في(3:413):«المعنى أنّه أمرهم أن ينزلوا مسندين ظهورهم إلى مكان عال كالهضاب العظيمة أو الجبال أو منعطف الأنهار التي تجرى مجرى الخنادق على العسكر،ليأمنوا بذلك من البيات،و ليأمنوا من إتيان العدو لهم من خلفهم».
4- في نهج البلاغة:«و لتكن».
5- المنكب من الأرض:الموضع المرتفع.فى الأصل:«و مناكب الأنهار»،صوابه من نهج البلاغة بشرح ابن الحديد(3:412).
6- الترس من السلاح تلك التي يتوقى بها،و تجمع على أتراس و تراس و ترسة و تروس. و في اللسان:«قال يعقوب:و لا تقل أترسة».و في ح(1:285): «و الترسة».
7- في اللسان:«لما جعل للنوم ذوقا أمرهم أن لا ينالوا منه إلاّ بألسنتهم و لا يسيغوه. فشبهه بالمضمضة بالماء و إلقائه من الفم من غير ابتلاع».

وَ لْيَكُنْ عِنْدِي كُلَّ يَوْمٍ خَبَرُكُمَا وَ رَسُولٌ مِنْ قِبَلِكُمَا فَإِنِّي وَ لاَ شَيْءَ إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ حَثِيثَ السَّيْرِ فِي آثَارِكُمَا عَلَيْكُمَا فِي حَرْبِكُمَا بِالتُّؤَدَةِ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْعَجَلَةَ إِلاَّ أَنْ تُمْكِنَكُمْ فُرْصَةٌ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَ الْحُجَّةِ وَ إِيَّاكُمَا أَنْ تُقَاتِلاَ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكُمَا إِلاَّ أَنْ تُبْدَءَا أَوْ يَأْتِيَكُمَا أَمْرِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلاَمُ» .

كتاب علي إلى أمراء الأجناد

1- وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَيْضاً بِإِسْنَادِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ 1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ (1)إِلاَّ مِنْ جَوْعَةٍ إِلَى شِبَعَةٍ وَ مِنْ فَقْرٍ إِلَى غِنًى أَوْ عَمًى إِلَى هُدًى فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَاعْزِلُوا النَّاسَ عَنِ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ وَ احْتَرِسُوا أَنْ تَعْمَلُوا أَعْمَالاً لاَ يَرْضَى اللَّهُ بِهَا عَنَّا فَيَرُدَّ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ دُعَاءَنَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:« قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً »فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا مَقَتَ قَوْماً مِنَ السَّمَاءِ هَلَكُوا فِي الْأَرْضِ فَلاَ تَأْلُوا أَنْفُسَكُمْ (2)خَيْراً وَ لاَ الْجُنْدُ حُسْنَ سِيرَةٍ وَ لاَ الرَّعِيَّةُ مَعُونَةً وَ لاَ دِينَ اللَّهِ قُوَّةً وَ أَبْلُوا فِي سَبِيلِهِ (3)مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَكُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا وَ أَنْ نَنْصُرَهُ مَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا وَ« لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ » وَ كَتَبَ أَبُو ثَرْوَانَ .» .

ص: 125


1- معرة الجيش:أن ينزلوا بقوم فيأكلوا من زروعهم شيئا بغير علم.
2- يقال فلان لا يألو خيرا:أى لا يدعه و لا يزال يفعله.و في الأصل:«لا تدخروا أنفسكم»،صوابه في ح.
3- في الأصل:«و أبلوه»،صوابه في ح.

[كتاب علي إلى الجنود]

1- قَالَ وَ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَيْضاً: وَ كَتَبَ إِلَى جُنُودِهِ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي لَهُمْ وَ الَّذِي عَلَيْهِمْ 1«مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمْ فِي الْحَقِّ جَمِيعاً سَوَاءً أَسْوَدُكُمْ وَ أَحْمَرُكُمْ (1)وَ جَعَلَكُمْ مِنَ الْوَالِي وَ جَعَلَ الْوَالِيَ مِنْكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ مِنَ الْوَلَدِ وَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ الَّذِي لاَ يَكْفِيهِمْ مَنْعُهُ إِيَّاهُمْ طَلَبَ عَدُوِّهِ وَ التُّهَمَةَ بِهِ مَا سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ وَ قَضَيْتُمُ الَّذِي عَلَيْكُمْ (2)وَ إِنَّ حَقِّكُمْ عَلَيْهِ إِنْصَافُكُم وَ التَّعْدِيلُ بَيْنَكُمْ وَ الْكَفُّ عَنْ فَيْئِكُمْ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَكُمْ وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ طَاعَتُهُ بِمَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ نُصْرَتُهُ عَلَى سِيرَتِهِ وَ الدَّفْعُ عَنْ سُلْطَانِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ وَزَعَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ قَالَ عُمَرُ الْوَزَعَةُ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ عَنِ الظُّلْمِ فَكُونُوا لَهُ أَعْوَاناً وَ لِدِينِهِ أَنْصَاراً:« وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها »:« إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ » .

تحقيق في قبر يهودا

قال و مرت جنازة على علي و هو بالنخيلة

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ : 1«مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذَا الْقَبْرِ؟ وَ فِي اَلنُّخَيْلَةِ قَبْرٌ عَظِيمٌ يَدْفِنُ اَلْيَهُودُ مَوْتَاهُمْ حَوْلَهُ»فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : 2«يَقُولُونَ هَذَا قَبْرُ هُودٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أَنْ عَصَاهُ قَوْمُهُ جَاءَ فَمَاتَ هَاهُنَا» قَالَ: 1«كَذَبُوا لَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ هَذَا قَبْرُ يَهُودَا (3)بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِكْرِ يَعْقُوبَ » (4)ثُمَّ قَالَ:

ص: 126


1- انظر ما مضى ص 113.
2- الكلام بعد«الولد»إلى هنا ليس في ح.
3- في الأصل:«يهود»و في ح(1:286):«يهوذا»صوابهما ما أثبت كما في القاموس مادة(هود).و في شفاء الغليل للخفاجى:«يهودا معرب يهوذا بذال معجمة. ابن يعقوب عليه السلام».
4- الحق أن بكر يعقوب هو«رأوبين»و أمه ليئة.انظر التكوين(35:23- 27).

«هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ مَهَرَةَ »(1) قَالَ:فَأُتِيَ بِشَيْخٍ كَبِيرٍ فَقَالَ: «أَيْنَ مَنْزِلُكَ؟» قَالَ:

عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ قَالَ: «أَيْنَ مِنَ اَلْجَبَلِ الْأَحْمَرِ ؟» (2)قَالَ:أَنَا قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ: «فَمَا يَقُولُ قَوْمُكَ فِيهِ؟» قَالَ:يَقُولُونَ قَبْرُ سَاحِرٍ قَالَ: «كَذَبُوا ذَاكَ قَبْرُ هُودٍ وَ هَذَا قَبْرُ يَهُودَا (3)بْنِ يَعْقُوبَ بِكْرِهِ» ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: «يُحْشَرُ مِنْ ظَهْرِ اَلْكُوفَةِ سَبْعُونَ أَلْفاً عَلَى غُرَّةِ الشَّمْسِ (4):« يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ »...« بِغَيْرِ حِسابٍ » .

خطبة معاوية في أهل الشام و توليته العمال

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: بَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ مِنَ اَلْكُوفَةِ إِلَى مِصْرَ أَمِيراً عَلَيْهَا.

فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ مَكَانُ عَلِيٍّ بِالنُّخَيْلَةِ وَ مُعَسْكَرُهُ بِهَا وَ مُعَاوِيَةُ بِدِمَشْقَ قَدْ أَلْبَسَ مِنْبَرَ دِمَشْقَ قَمِيصَ عُثْمَانَ وَ هُوَ مُخَضَّبٌ بِالدَّمِ وَ حَوْلَ الْمِنْبَرِ سَبْعُونَ أَلْفَ شَيْخٍ يَبْكُونَ حَوْلَهُ لاَ تَجِفُّ دُمُوعُهُمْ عَلَى عُثْمَانَ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ أَهْلَ اَلشَّامِ فَقَالَ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ قَدْ كُنْتُمْ تُكَذِّبُونِّي فِي عَلِيٍّ وَ قَدِ اسْتَبَانَ لَكُمْ أَمْرُهُ وَ اللَّهِ مَا قَتَلَ خَلِيفَتَكُمْ غَيْرُهُ وَ هُوَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَ أَلَّبَ النَّاسَ عَلَيْهِ وَ آوَى قَتَلَتَهُ وَ هُمْ جُنْدُهُ وَ أَنْصَارُهُ وَ أَعْوَانُهُ وَ قَدْ خَرَجَ بِهِمْ قَاصِداً بِلاَدَكُمْ وَ دِيَارَكُمْ لِإِبَادَتِكُمْ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ اللَّهَ اللَّهَ فِي عُثْمَانَ فَأَنَا وَلِيُّ عُثْمَانَ وَ أَحَقُّ مَنْ طَلَبَ بِدَمِهِ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِوَلِيِّ الْمَظْلُومِ سُلْطَاناً (5)فَانْصُرُوا خَلِيفَتَكُمُ الْمَظْلُومَ فَقَدْ صَنَعَ

ص: 127


1- مهرة،بالفتح،ابن حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.و هم حى من اليمن.
2- ح:«أين أنت من الجبل»فقط.
3- في الأصل:«يهود»و انظر التنبيه رقم 3 من الصفحة السابقة.
4- أي مطلعها.و غرة كل شيء:أوله.و في الأصل:«الشمس و القمر»،و أثبت ما في ح.
5- ح:«لولى المقتول ظلما سلطانا».

بِهِ الْقَوْمُ مَا تَعْلَمُونَ قَتَلُوهُ ظُلْماً وَ بَغْياً وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ:« حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ »ثُمَّ نَزَلَ.

فَأَعْطَوْهُ الطَّاعَةَ وَ انْقَادُوا لَهُ وَ جَمَعَ إِلَيْهِ أَطْرَافَهُ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَى فِلَسْطِينَ ثَلاَثَةَ رَهْطٍ فَجَعَلَهُمْ بِإِزَاءِ أَهْلِ مِصْرَ لِيُغِيرُوا عَلَيْهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ كَتَبَ إِلَى مُعْتَزِلَةِ أَهْلِ مِصْرَ وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ يُكَاتِبُونَ مُعَاوِيَةَ وَ لاَ يُطِيقُونَ مُكَاثَرَةَ أَهْلِ مِصْرَ إِنْ تَحَرَّكَ قَيْسٌ عَامِلُ عَلِيٍّ عَلَى مِصْرَ أَنْ يَثْبُتُوا لَهُ وَ فِيهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ وَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ وَ أُمَرَاءُ فِلَسْطِينَ الَّذِينَ أَمَّرَهُمْ مُعَاوِيَةُ عَلَيْهَا - حُبَابُ بْنُ أَسْمَرَ وَ سَمِيرُ بْنُ كَعْبِ بْنِ أَبِي الْحِمْيَرِيِّ وَ هَيْلَةُ بْنُ سَحْمَةَ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَى أَهْلِ حِمْصٍ مِحْوَلَ بْنَ عَمْرِو بْنِ دَاعِيَةَ وَ اسْتَخْلَفَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ عَمَّارَ بْنَ السِّعْرِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ صَيْفِيَّ بْنَ عُلَيَّةَ بْنِ شَامِلٍ (1) .

آخر الجزء الثاني من الأصل و يتلوه في الجزء الثالث خروج علي رضي الله عنه إلى النخيلة و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله و سلمف.

ص: 128


1- ترجم له ابن عساكر في تاريخه(18:64)النسخة التيمورية،و قيده بالضبط الذي أثبت.و في الأصل:«صيفى بن عيلة بن سائل»،تحريف.

الجزء الثالث

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له(9-صفين)

ص: 129

ص: 130

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » -

خروج علي من النخيلة و خطبته عند الرحيل

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ ثَمَانِينَ وَ أَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامِ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عُمَرُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْكَنُودِ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ الشُّخُوصَ مِنَ اَلنُّخَيْلَةِ قَامَ فِي النَّاسِ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَالَ:

1«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرِ مَفْقُودِ النِّعَمِ (1)وَ لاَ مُكَافَإِ الْإِفْضَالِ وَ أَشْهَدُ أَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ نَحْنُ« عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ »وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ ذَلِكُمْ فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَاتِي وَ أَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا

ص: 131


1- في الأصل:«غير معقود النعم»صوابه في نهج البلاغة(1:287)بشرح ابن أبى الحديد.

الْمِلْطَاطِ (1)حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي فَقَدْ أَرَدْتَ أَقْطَعُ هَذِهِ النُّطْفَةَ (2)إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ مُوَطِّنِينَ بِأَكْنَافِ دِجْلَةَ (3)فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَى اَلْمِصْرِ عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ وَ لَمْ آلُكُمْ (4)وَ لاَ نَفْسِي فَإِيَّاكُمْ وَ التَّخَلُّفَ وَ التَّرَبُّصَ فَإِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ مَالِكَ بْنَ حَبِيبٍ الْيَرْبُوعِيَّ وَ أَمَرْتُهُ أَلاَّ يَتْرُكُ مُتَخَلِّفاً إِلاَّ أَلْحَقَهُ بِكُمْ عَاجِلاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَامَ إِلَيْهِ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ الرِّيَاحِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ لاَ يَتَخَلَّفُ عَنْكَ إِلاَّ ظَنِينٌ وَ لاَ يَتَرَبَّصُ بِكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ فَأَمَرَ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُضْرَبَ أَعْنَاقُ الْمُتَخَلِّفِينَ قَالَ عَلِيٌّ : 1«قَدْ أَمَرْتُهُ بِأَمْرِي وَ لَيْسَ مُقَصِّراً فِي أَمْرِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ» وَ أَرَادَ قَوْمٌ أَنْ يَتَكَلَّمُوا فَدَعَا بِدَابَّتِهِ فَجَاءَتْهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ وَ قَالَ: 1«بِسْمِ اللَّهِ» فَلَمَّا جَلَسَ (5)عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: 1« سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ » ثُمَّ قَالَ: 1 «اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ الْحَيْرَةِ بَعْدَ الْيَقِينِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَ لاَ يَجْمَعُهَا غَيْرُكَ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلِفَف.

ص: 132


1- قال الرضى في تعليقه على نهج البلاغة:«أقول:يعنى عليه السلام بالملطاط هاهنا: السمت الذي أمرهم بلزومه،و هو شاطئ الفرات.و يقال ذلك أيضا لشاطئ البحر.و أصله ما استوى من الأرض».
2- قال الرضى:«يعنى بالنطفة ماء الفرات.و هو من غريب العبارات و عجيبها».
3- يقال وطن بالمكان و أوطن،و الأخيرة أعلى.
4- يقال ما يألو الشيء:أى ما يتركه.فى الأصل:«و لم آلوكم»،صوابه في ح (1:287).
5- في الأصل:«ملس»تحريف.

لاَ يَكُونُ مُسْتَصْحَباً وَ الْمُسْتَصْحَبُ لاَ يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً»(1) ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجَ أَمَامَهُ اَلْحُرُّ بْنُ سَهْمِ بْنِ طَرِيفٍ الرَّبَعِيُّ - رَبِيعَةُ تَمِيمٍ وَ هُوَ يَقُولُ و لا يجمعهما غيرك،إلى آخر الفصل».و وعثاء السفر:مشقته.و المنقلب:الرجوع.

يَا فَرَسِي سِيرِي وَ أُمِّي اَلشَّاَمَا وَ قَطِّعِي الْحُزُونَ وَ الْأَعْلاَماَ (2)

وَ نَابِذِي مَنْ خَالَفَ الْإِمَامَا إِنِّي لَأَرْجُو إِنْ لَقِينَا الْعَامَا

جَمْعَ بَنِي أُمَيَّةَ الطَّغَامَا أَنْ نَقْتُلَ الْعَاصِيَ وَ الْهُمَامَا

وَ أَنْ نُزِيلَ مِنْ رِجَالٍ هَاماَ.

قَالَ:وَ قَالَ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ :وَ هُوَ عَلَى شُرْطَةِ عَلِيٍّ وَ هُوَ آخِذٌ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ تَخْرُجُ بِالْمُسْلِمِينَ فَيُصِيبُوا أَجْرَ الْجِهَادِ وَ الْقِتَالِ وَ تُخَلِّفُنِي فِي حَشْرِ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«إِنَّهُمْ لَنْ يُصِيبُوا مِنَ الْأَجْرِ شَيْئاً إِلاَّ كُنْتَ شَرِيكَهُمْ فِيهِ وَ أَنْتَ هَاهُنَا أَعْظَمُ غَنَاءً مِنْكَ عَنْهُمْ (3)لَوْ كُنْتَ مَعَهُمْ» فَقَالَ:سَمْعًا وَ طَاعَةً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ حَتَّى إِذَا جَازَ حَدَّ اَلْكُوفَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ .

صلاة علي عند الخروج

نَصْرٌ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّ عَلِيّاً صَلَّى بَيْنَ اَلْقَنْطَرَةِ وَ اَلْجِسْرِ رَكْعَتَيْنِ .

ص: 133


1- قال الرضى في نهج البلاغة:«و ابتداء هذا الكلام مرويّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.و قد قفاه أمير المؤمنين عليه السلام بأبلغ كلام،و تممه بأحسن تمام،من قوله:
2- انظر الأغانى(11:130).
3- ح(1:277):«عنهم منك».

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ وَ هُوَ يُرِيدُ صِفِّينَ حَتَّى إِذَا قَطَعَ النَّهَرَ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى بِالصَّلاَةِ قَالَ:فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ:

1«يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ مَنْ كَانَ مُشَيِّعاً أَوْ مُقِيماً فَلْيُتِمَّ الصَّلاَةَ فَإِنَّا قَوْمٌ عَلَى سَفَرٍ (1)وَ مَنْ صَحِبَنَا فَلاَ يَصُمِ الْمَفْرُوضَ (2)وَ الصَّلاَةُ [الْمَفْرُوضَةُ] رَكْعَتَانِ» .

الحوادث الواقعة في طريقه إلى صفين

الخلاف في رياسة كندة و ربيعة

قَالَ:

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى دَيْرَ أَبِي مُوسَى وَ هُوَ مِنَ اَلْكُوفَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ (3)فَصَلَّى بِهَا الْعَصْرَ (4)فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلاَةِ قَالَ: 1 «سُبْحَانَ ذِي الطَّوْلِ وَ النِّعَمِ سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَ الْإِفْضَالِ أَسْأَلُ اللَّهَ الرِّضَا بِقَضَائِهِ وَ الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ وَ الْإِنَابَةَ إِلَى أَمْرِهِ فَإِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى شَاطِئِ نَرْسٍ (5)بَيْنَ مَوْضِعِ حَمَّامِ أَبِي بُرْدَةَ وَ حَمَّامِ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:

1 «اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي« يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ »وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَ غَسَقَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَ خَفَقَ» .

ص: 134


1- ح:«قوم سفر».و سفر،بالفتح:أى مسافرون.
2- ح(1:277):«فلا يصومن المفروض».
3- لم يذكره ياقوت.
4- ح:«به العصر»التذكير للدير،و التأنيث للبقعة.
5- نرس،بفتح النون في أوله:نهر حفره نرسى بن بهرام بنواحي الكوفة،مأخذه من الفرات.و في الأصل:«البرس»بالباء.صوابه ما أثبت من ح و معجم البلدان.

ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ شَخَصَ حَتَّى بَلَغَ قُبَّةَ قُبَّيْنَ (1)وَ فِيهَا نَخْلٌ طِوَالٌ إِلَى جَانِبِ الْبِيعَةِ مِنْ وَرَاءِ النَّهَرِ فَلَمَّا رَآهَا قَالَ: 1« وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ » ثُمَّ أَقْحَمَ دَابَّتَهُ النَّهَرَ فَعَبَرَ إِلَى تِلْكَ الْبِيعَةِ فَنَزَلَهَا فَمَكَثَ بِهَا قَدْرَ الْغَدَاةِ.

.

نَصْرٌ عُمَرُ عَنْ رَجُلٍ يَعْنِي أَبَا مِخْنَفٍ (2)عَنْ عَمِّهِ اِبْنِ مِخْنَفٍ (3)قَالَ: إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى أَبِي مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ (4)وَ هُوَ يُسَايِرُ عَلِيّاً بِبَابِلَ وَ هُوَ يَقُولُ إِنَّ بِبَابِلَ أَرْضاً قَدْ خُسِفَ بِهَا فَحَرِّكْ دَابَّتَكَ لَعَلَّنَا أَنْ نُصَلِّيَ الْعَصْرَ خَارِجاً مِنْهَا قَالَ فَحَرَّكَ دَابَّتَهُ وَ حَرَّكَ النَّاسُ دَوَابَّهُمْ فِي أَثَرِهِ فَلَمَّا جَازَ جِسْرَ الصَّرَاةِ (5)نَزَلَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ.

.

1- نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَبِيهِ».

ص: 135


1- قبين،بضم القاف و تشديد الباء المكسورة بعده.و في ح:«يبين»محرف.
2- أبو مخنف،هو لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزديّ الغامدى؛شيخ من أصحاب الأخبار بالكوفة.روى عن الصعق بن زهير،و جابر الجعفى،و مجالد،و روى عنه المدائنى،و عبد الرحمن بن مغراء.و مات قبل السبعين و مائة.منتهى المقال 248 و لسان الميزان(4:292)و ابن النديم 93 ليبسك.
3- لمخنف أولاد،أحدهم أبو رملة عامر بن مخنف بن سليم الأزديّ.ذكره صاحب منتهى المقال في 299 و قال إنّه روى عن أبيه مخنف.و الآخر حبيب بن مخنف ذكره الحافظ أبو عمرو.و ثالث ذكره صاحب لسان الميزان(5:375)و هو محمّد بن مخنف.
4- مخنف،بكسر الميم.و سليم،بضم السين،كما في الاشتقاق 289 و منتهى المقال 299.و هو صحابى ترجم له في الإصابة 7842.
5- الصراة،بالفتح:نهر يأخذ من نهر عيسى من بلدة يقال لها المحول،بينها و بين بغداد فرسخ.و هو من أنهار الفرات.و في الأصل:«الصراط»تحريف.و في ح: «الفرات».

عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ (1)قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ أَسِيرُ فِي أَرْضِ بَابِلَ قَالَ وَ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ صَلاَةُ الْعَصْرِ قَالَ فَجَعَلْنَا لاَ نَأْتِي مَكَاناً إِلاَّ رَأَيْنَاهُ أَفْيَحَ (2)مِنَ الْآخَرِ قَالَ:حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى مَكَانٍ أَحْسَنَ مَا رَأَيْنَا وَ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ قَالَ:فَنَزَلَ عَلِيٌّ وَ نَزَلْتُ مَعَهُ قَالَ:فَدَعَا اللَّهَ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ كَمِقْدَارِهَا مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالَ:فَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى دَيْرَ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا (3)فَبَاتَ بِسَابَاطَ فَأَتَاهُ دَهَاقِينُهَا يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ النُزُلَ (4)وَ الطَّعَامَ فَقَالَ: 1«لاَ لَيْسَ ذَلِكَ لَنَا عَلَيْكُمْ» فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ هُوَ بِمُظْلِمِ (5)سَابَاطَ قَالَ: 1« أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ » . قَالَ وَ بَلَغَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مَسِيرُهُ فَقَالَ

لاَ تَحْسَبَنِّي يَا عَلِيُّ غَافِلاً لَأُورُدِنَ اَلْكُوفَةَ الْقَنَابِلاَ

(6)

بِجَمْعِيَ الْعَامَ وَ جَمْعِي قَابِلاً

فَقَالَ عَلِيٌّ :

1

«لَأُورِدَنَّ اَلْعَاصِيَ بْنَ الْعَاصِي سَبْعِينَ أَلْفاً عَاقِدِي النَّوَاصِيل.

ص: 136


1- هو عبد خير بن بزيد الهمدانيّ،أبى عمارة الكوفيّ.أدرك الجاهلية و أدرك زمن النبيّ و لم يسمع منه.الإصابة 6360 و تهذيب التهذيب.
2- أفيح من الفيح و هو الخصب و السعة.و في الأصل و ح:«أقبح».
3- ح(1:277):«ثم خرج منه».
4- النزل،بضم و بضمتين:ما يهيأ للضيف.و في الأصل:«النزول»،و أثبت ما في ح.
5- قال ياقوت:مضاف إلى ساباط التي قرب المدائن.
6- القنابل:جمع قنبلة،بالفتح،و هي جماعة الخيل.

مُسْتَحْقِبِينَ حَلَقَ الدِّلاَصِ قَدْ جَنَّبُوا الْخَيْلَ مَعَ الْقِلاَصِ (1)

أَسْوَدَ غِيلٍ حِينَ لاَ مَنَاصَ» (2)

قَالَ وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ :

1

«أَصْبَحْتَ مِنِّي يَا اِبْنَ حَرْبٍ جَاهِلاً إِنْ لَمْ نُرَامِ مِنْكُمُ الْكَوَاهِلاَ

بِالْحَقِّ وَ الْحَقُّ يُزِيلُ الْبَاطِلاَ هَذَا لَكَ الْعَامَ وَ عَامَ قَابِلاً»

.

قَالَ وَ بَلَغَ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ مَسِيرُ مُعَاوِيَةَ إِلَى صِفِّينَ وَ نَشِطُوا وَ جَدُّوا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ شَيْءٌ عِنْدَ عَزْلِ عَلِيٍّ إِيَّاهُ عَنِ الرِّئَاسَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ رِئَاسَةَ كِنْدَةَ وَ رَبِيعَةَ كَانَتْ لِلْأَشْعَثِ فَدَعَا عَلِيٌّ حَسَّانَ بْنَ مَخْدُوجٍ فَجَعَلَ لَهُ تِلْكَ الرِّئَاسَةَ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ مِنْهُمُ اَلْأَشْتَرُ وَ عَدِيٌّ الطَّائِيُّ وَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ (3)وَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَامُوا إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رِئَاسَة اَلْأَشْعَثِ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِمِثْلِهِ وَ مَا حَسَّانُ بْنُ مَخْدُوجٍ مِثْلَ اَلْأَشْعَثِ .

فَغَضِبَ رَبِيعَةُ فَقَالَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ :يَا هَؤُلاَءِ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَ لَيْسَ بِصَاحِبِنَا عَجْزٌ فِي شَرَفِهِ وَ مَوْضِعِهِ وَ نَجْدَتِهِ وَ بَأْسِهِ وَ لَسْنَا نَدْفَعُ فَضْلَ صَاحِبِكُمْ وَ شَرَفَهُ فَقَالَ اَلنَّجَاشِيُّ فِي ذَلِكَ:

رَضِينَا بِمَا يَرْضَى عَلِيٌّ لَنَا بِهِ وَ إِنْ كَانَ فِيمَا يَأْتِ جَدْعُ الْمَنَاخِرِ

وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ دُونَ أَهْلِهِ وَ وَارِثُهُ بَعْدَ الْعُمُومِ الْأَكَابِرِ (4)ة.

ص: 137


1- كانت العرب إذا أرادت حربا فساروا إليها ركبوا الإبل و قرنوا إليها الخيل لإراحة الخيل و صيانتها.انظر المفضليات الخمس 39.
2- انظر لأقوال النحاة في مثل هذه العبارة خزانة البغداديّ(2:90 بولاق).
3- في الأصل:«زجر»بالجيم،صوابه بالحاء كما سبق في ص 15.
4- جمع العم أعمام و عموم و عمومة.

رِضًى بِابْنِ مَخْدُوجٍ فَقُلْنَا الرِّضَا بِهِ رِضَاكَ وَ حَسَّانُ الرِّضَا لِلْعَشَائِرِ

وَ لِلْأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ فِي النَّاسِ فَضْلُهُ تَوَارَثَهُ مِنْ كَابِرٍ بَعْدَ كَابِرٍ

مُتَوَّجُ آبَاءٍ كِرَامٍ أَعِزَّةٍ إِذِ الْمُلْكُ فِي أَوْلاَدِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ

فَلَوْلاَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ حَقُّهُ عَلَيْنَا لَأَشْجَيْنَا حُرَيْثٍ بْنَ جَابِرٍ

فَلاَ تَطْلُبَنَّا يَا حُرَيْثُ فَإِنَّنَا لِقَوْمِكَ رِدْءٌ فِي الْأُمُورِ الْغَوَامِرِ

وَ مَا بِابْنِ مَخْدُوجِ بْنِ ذُهْلٍ نَقِيصَةٌ وَ لاَ قَوْمُنَا فِي وَائِلٍ بِعَوَائِرِ (1)

وَ لَيْسَ لَنَا إِلاَّ الرِّضَا بِابْنِ حُرَّةٍ أَشَمَّ طَوِيلَ السَّاعِدَيْنِ مُهَاجِرِ

عَلَى أَنَّ فِي تِلْكَ النُّفُوسِ حَزَازَةً وَ صَدْعاً يُؤَتِّيهِ أَكُفُّ الْجَوَابِرِ (2).

قَالَ وَ غَضِبَ رِجَالُ الْيَمَنِيَّةِ فَأَتَاهُمْ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ قَوْماً أَبْعَدَ رَأْياً مِنْكُمْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ عَصَيْتُمْ عَلَى عَلِيٍّ هَلْ لَكُمْ إِلَى عَدُوِّهِ وَسِيلَةٌ؟ وَ هَلْ فِي مُعَاوِيَةَ عِوَضٌ مِنْهُ أَوْ هَلْ لَكُمْ بِالشَّامِ مِنْ بَدَلِهِ (3)بِالْعِرَاقِ أَ وَ تَجِدُ رَبِيعَةَ نَاصِراً مِنْ مُضَرَ ؟ الْقَوْلُ مَا قَالَ وَ الرَّأْيُ مَا صَنَعَ.

قَالَ:فَتَكَلَّمَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ فَقَالَ:يَا هَؤُلاَءِ لاَ تَجْزَعُوا فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ اَلْأَشْعَثُ مَلِكاً فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ وَ سَيِّداً فِي اَلْإِسْلاَمِ فَإِنَّ صَاحِبَنَا أَهْلُ هَذِهِ الرِّئَاسَةِ وَ مَا هُوَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَقَالَ حَسَّانُ لِلْأَشْعَثِ لَكَ رَايَةُ كِنْدَةَ وَ لِي رَايَةُ».

ص: 138


1- العوائر:جمع عائر،و هو الذي لا يدرى من أين أتى،و أصل ذلك في السهام.
2- يؤتيه:يهيئه و يصلحه.و في اللسان:«أتيت الماء:أصلحت مجراه».و فيه: «و أتاه اللّه:هيأه».و في الأصل:«يأبيه»مع ضبطها بضم الياء و فتح الهمزة.و الوجه ما أثبت.
3- في الأصل:«أو هل لك بالشام من بدلة بالعراق».

رَبِيعَةَ فَقَالَ:مَعَاذَ اللَّهِ لاَ يَكُونُ هَذَا أَبَداً مَا كَانَ لَكَ (1)فَهُوَ لِي وَ مَا كَانَ لِي فَهُوَ لَكَ.

وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ مَا صُنِعَ بِالْأَشْعَثِ فَدَعَا مَالِكَ بْنَ هُبَيْرَةَ فَقَالَ:اِقْذِفُوا إِلَى اَلْأَشْعَثِ شَيْئاً تُهَيِّجُونَهُ عَلَى عَلِيٍّ فَدَعَوْا شَاعِراً لَهُمْ فَقَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ فَكَتَبَ بِهَا مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى اَلْأَشْعَثِ وَ كَانَ لَهُ صَدِيقاً وَ كَانَ كِنْدِيّاً:

مَنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَثْلُوجاً بِأُسْرَتِهِ فَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي غَيْرُ مَثْلُوجٍ

زَالَتْ عَنِ اَلْأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ رِئَاسَتُهُ وَ اسْتَجْمَعَ الْأَمْرَ حَسَّانُ بْنُ مَخْدُوجٍ

يَا لَلرِّجَالِ لِعَارٍ لَيْسَ يَغْسِلُهُ مَاءُ اَلْفُرَاتِ وَ كَرْبٍ غَيْرِ مَفْرُوجٍ

إِنْ تَرْضَ كِنْدَةُ حَسَّاناً بِصَاحِبِهَا يَرْضَ الدُّنَاةُ وَ مَا قَحْطَانُ بِالْهَوَجِ

هَذَا لَعَمْرُكَ عَارٌ لَيْسَ يُنْكِرُهُ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ عَارٌ غَيْرُ مَمْزُوجِ

كَانَ اِبْنُ قَيْسٍ هُمَاماً فِي أَرُومَتِهِ ضَخْماً يَبُوءُ بِمِلْكٍ غَيْرِ مَفْلُوجِ

ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِعَارٍ فِي ذَوِي يَمَنٍ وَ الْقَوْمُ أَعْدَاءُ يَأْجُوجٍ وَ مَأْجُوجِ

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا بِالْعِرَاقِ لَهُ لاَ يَسْتَطِيعُونَ طُرّاً ذَبْحَ فَرُّوجِ

لَيْسَتْ رَبِيعَةُ أَوْلَى بِالَّذِي حُذِيَتْ مِنْ حَقِّ كِنْدَةَ حَقٌّ غَيْرُ مَحْجُوجِ (2)

قَالَ فَلَمَّا انْتَهَى الشِّعْرُ إِلَى أَهْلِ اَلْيَمَنِ قَالَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ يَا أَهْلَ اَلْيَمَنِ مَا يُرِيدُ صَاحِبُكُمْ إِلاَّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَ إِنَّ حَسَّانَ بْنَ مَخْدُوجٍ مَشَى إِلَى اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ بِرَايَتِهِ حَتَّى رَكَزَهَا فِي دَارِهِ فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ إِنَّة.

ص: 139


1- في الأصل:«ذلك».
2- حذيت:أعطيت.و الحذوة:العطية.

هَذِهِ الرَّايَةَ عَظُمَتْ عَلَى عَلِيٍّ وَ هُوَ وَ اللَّهِ أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ زَفِّ النَّعَامِ (1)وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُغَيِّرَنِي ذَلِكَ لَكُمْ قَالَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَيْهِ فَأَبَى وَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ يَكُنْ أَوَّلُهَا شَرَفاً فَإِنَّهُ لَيْسَ آخِرُهَا بِعَارٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«أَنَا أُشْرِكُكَ فِيهِ» فَقَالَ لَهُ اَلْأَشْعَثُ ذَلِكَ إِلَيْكَ فَوَلاَّهُ عَلَى مَيْمَنَتِهِ وَ هِيَ مَيْمَنَةُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ .

وَ قَالَ وَ أَخَذَ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ رَجُلاً وَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ عَلِيٍّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ قَوْمَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى مَالِكٍ فَنَتَسَقَّطَهُ (2)لَعَلَّهُ أَنْ يُقِرَّ لَنَا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَهْوَجُ فَجَاءُوا فَقَالُوا يَا مَالِكُ قَتَلْتَ الرَّجُلَ قَالَ أُخْبِرُكُمْ أَنَّ النَّاقَةَ تَرْأَمُ وَلَدَهَا اخْرُجُوا عَنِّي قَبَّحَكُمُ اللَّهُ أَخْبَرْتُكُمْ أَنِّي قَتَلْتُهُ. .

قول علي في كربلاء

قَالَ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَلاَمٍ (3)قَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ هَرْثَمَةَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ غَزْوَةَ صِفِّينَ فَلَمَّا نَزَلْنَا بِكَرْبَلاَءَ صَلَّى بِنَا صَلاَةً فَلَمَّا سَلَّمَ رَفَعَ إِلَيْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ: 1«وَاهاً لَكِ أَيَّتُهَا التُّرْبَةُ لَيُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ« يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ »...« بِغَيْرِ حِسابٍ » . فَلَمَّا رَجَعَ هَرْثَمَةُ مِنْ غَزْوَتِهِ (4)إِلَى امْرَأَتِهِ وَ هِيَ جَرْدَاءُ بِنْتُ سَمِيرٍ وَ كَانَتْ شِيعَةً لِعَلِيٍّ فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا هَرْثَمَةُ أَ لاَ أُعْجِبُكِ مِنْ صَدِيقِكِ أَبِي الْحَسَنِ لَمَّا نَزَلْنَا كَرْبَلاَءَ رَفَعَ إِلَيْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا وَ قَالَ: 1«وَاهاً لَكِ يَا تُرْبَةُ لَيُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ

ص: 140


1- زف النعام،بالكسر:ريشه الصغير.
2- في اللسان:«و تسقطه و استسقطه:طلب سقطه و عالجه على أن يسقط فيخطئ أو يكذب،أو يبوح بما عنده».و في الأصل:«فنسقطه»تحريف:.
3- في الأصل:«سلم»تحريف.و ترجمة مصعب في تاريخ بغداد(13:108).
4- ح(1:278):«من غزاته».

« يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ »...« بِغَيْرِ حِسابٍ » وَ مَا عِلْمُهُ بِالْغَيْبِ فَقَالَتْ:دَعْنَا مِنْكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَقُلْ إِلاَّ حَقّاً فَلَمَّا بَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِالْبَعْثِ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَصْحَابِهِ قَالَ:كُنْتُ فِيهِمْ فِي الْخَيْلِ الَّتِي بَعَثَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْقَوْمِ وَ حُسَيْنٍ وَ أَصْحَابِهِ عَرَفْتُ الْمَنْزِلَ الَّذِي نَزَلَ بِنَا عَلِيٌّ فِيهِ وَ الْبُقْعَةَ الَّتِي رَفَعَ إِلَيْهِ مِنْ تُرَابِهَا وَ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ فَكَرِهْتُ مَسِيرِي فَأَقْبَلْتُ عَلَى فَرَسِي حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى اَلْحُسَيْنِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ حَدَّثْتُهُ بِالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ فَقَالَ اَلْحُسَيْنُ : 3«مَعَنَا أَنْتَ أَوْ عَلَيْنَا؟» فَقُلْتُ:يَا اِبْنَ رَسُولِ اللَّهِ :

لاَ مَعَكَ وَ لاَ عَلَيْكَ تَرَكْتُ أَهْلِي وَ وُلْدِي (1)أَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنِ اِبْنِ زِيَادٍ فَقَالَ اَلْحُسَيْنُ 3فَوَلِّ هَرَباً حَتَّى لاَ تَرَى لَنَا مَقْتَلاً فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَرَى مَقْتَلَنَا الْيَوْمَ رَجُلٌ وَ لاَ يُغِيثُنَا (2)إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ اَلنَّارَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فِي الْأَرْضِ هَارِباً حَتَّى خَفِيَ عَلَيَّ مَقْتَلُهُ (3).

.

نَصْرٌ مُصْعَبُ بْنُ سَلاَّمٍ قَالَ حَدَّثَنَا اَلْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ جَاءَ عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ إِلَى سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ فَسَأَلَهُ وَ أَنَا أَسْمَعُ فَقَالَ حَدِيثٌ حَدَّثْتَنِيهِ (4)عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَعَمْ: بَعَثَنِي مِخْنَفُ بْنُ سُلَيْمٍ إِلَى عَلِيٍّ فَأَتَيْتُهُ بِكَرْبَلاَءَ فَوَجَدْتُهُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَ يَقُولُ: 1«هَاهُنَا هَاهُنَا» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ مَا ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ: 1«ثَقَلٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ يَنْزِلُ هَاهُنَا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ وَ وَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ:مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلاَمِ».

ص: 141


1- ح:«ولدى و عيالى».
2- ح:«ثم لا يعيننا».
3- ح:«مقتلهم».
4- في الأصل:«حدثنيه»محرف.و في ح:«حدثتناه».

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ: 1«وَيْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ تَقْتُلُونَهُمْ وَ وَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ يُدْخِلُكُمُ اللَّهُ بِقَتْلِهِمْ إِلَى اَلنَّارِ » وَ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْكَلاَمُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: 1«فَوَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ وَ وَيْلٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ» قَالَ الرَّجُلُ:أَمَّا وَيْلٌ لَنَا مِنْهُمْ فَقَدْ عَرَفْتُ (1)وَ وَيْلٌ لَنَا عَلَيْهِمْ مَا هُوَ؟ قَالَ: 1«تَرَوْنَهُمْ يُقْتَلُونَ وَ لاَ تَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ» .

نَصْرٌ سَعِيدُ بْنُ حَكِيمٍ الْعَبْسِيُّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَلِيّاً أَتَى كَرْبَلاَءَ فَوَقَفَ بِهَا فَقِيلَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ كَرْبَلاَءُ قَالَ: 1«ذَاتُ كَرْبٍ وَ بَلاَءٍ» ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ: 1«هَاهُنَا مَوْضِعُ رِحَالِهِمْ وَ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ» وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ: 1«هَاهُنَا مُهَرَاقُ دِمَائِهِمْ» .

مرور الجيش بآثار كسرى

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثُمَّ مَضَى نَحْوَ سَابَاطَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَدِينَةِ بَهُرَسِيرَ وَ إِذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ حُرُّ (2)بْنُ سَهْمِ بْنِ طَرِيفٍ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ (3)يَنْظُرُ إِلَى آثَارِ كِسْرَى وَ هُوَ يَتَمَثَّلُ قَوْلَ اِبْنِ يَعْفُرَ التَّمِيمِيِّ (4):

جَرَتِ الرِّيَاحُ عَلَى مَكَانِ دِيَارِهِمْ فَكَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ

ص: 142


1- ح:«عرفناه».
2- في الأصل:«حريز»و أثبت ما في ح(1:288).
3- ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.انظر 133 و نهاية الأرب(2:344).
4- هو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن زيد مناة بن تميم.شاعر جاهلى مقدم،كان ينادم النعمان بن المنذر.و البيت من قصيدة له في المفضليات(2:15-20 طبع المعارف).و في الأصل:«ابن يعقوب التميمى» و الصواب ما أثبت.و في ح:«بقول الأسود بن يعفر».

فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أَ فَلاَ قُلْتَ:« كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ »إِنَّ هَؤُلاَءِ كَانُوا وَارِثِينَ فَأَصْبَحُوا مَوْرُوثِينَ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ فَسُلِبُوا دُنْيَاهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ إِيَّاكُمْ وَ كُفْرَ النِّعَمِ لاَ تَحُلَّ بِكُمُ النِّقَمُ» ثُمَّ قَالَ: 1«اِنْزِلُوا بِهَذِهِ النَّجْوَةِ» (1) .

مرور الجيش بالمدائن و الأنبار

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْأَعْوَرُ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ (2)رَجُلٍ مِنْ عُرَيْنَةَ قَالَ: أَمَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ اَلْحَارِثَ الْأَعْوَرَ فَصَاحَ فِي أَهْلِ اَلْمَدَائِنِ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ فَلْيُوَافِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَوَافَوْهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ:

1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ مِنْ تَخَلُّفِكُمْ عَنْ دَعْوَتِكُمْ وَ انْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَهْلِ مِصْرِكُمْ فِي هَذِهِ الْمَسَاكِنِ« اَلظّالِمِ أَهْلُها »وَ الْهَالِكِ أَكْثَرُ سُكَّانِهَا لاَ مَعْرُوفاً تَأْمُرُونَ بِهِ وَ لاَ مُنْكَراً تَنْهَوْنَ عَنْهُ» قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا نَنْتَظِرُ أَمْرَكَ وَ رَأْيَكَ مُرْنَا بِمَا أَحْبَبْتَ فَسَارَ وَ خَلَّفَ عَلَيْهِمْ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثاً ثُمَّ خَرَجَ فِي ثَمَانِمِائَةٍ وَ خَلَّفَ ابْنَهُ يَزِيدَ فَلَحِقَهُ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثُمَّ لَحِقَ عَلِيّاً وَ جَاءَ عَلِيٌّ حَتَّى مَرَّ بِالْأَنْبَارِ فَاسْتَقْبَلَهُ بَنُو خُشْنُوشَكَ دَهَاقِنَتُهَا.

ص: 143


1- النجوة:المكان المرتفع.ح:«الفجوة».و الفجوة:ما اتسع من الأرض، و قيل ما اتسع منها و انخفض.
2- هو حبة،بفتح أوله ثمّ موحدة ثقيلة،بن جوين بجيم مصغر،العرنيّ،أبو قدامة الكوفيّ،كان غاليا في التشيع.قال في تقريب التهذيب:«أخطأ من زعم أن له صحبة».ح: «حية»بالياء،تحريف.

قَالَ سُلَيْمَانُ (1)خُشْ طَيِّبٌ نُوْشَكَ رَاضٍ يَعْنِي بَنِي الطَّيِّبِ الرَّاضِي بِالْفَارِسِيَّةِ.

فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوهُ نَزَلُوا ثُمَّ جَاءُوا يَشْتَدُّونَ مَعَهُ قَالَ: 1«مَا هَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي مَعَكُمْ؟ وَ مَا أَرَدْتُمْ بِهَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ؟» قَالُوا أَمَّا هَذَا الَّذِي صَنَعْنَا فَهُوَ خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ الْأُمَرَاءَ وَ أَمَّا هَذِهِ الْبَرَاذِينُ فَهَدِيَّةٌ لَكَ وَ قَدْ صَنَعْنَا لَكَ وَ لِلْمُسْلِمِينَ طَعَاماً وَ هَيَّأْنَا لِدَوَابِّكُمْ عَلَفاً كَثِيراً قَالَ:(2)«أَمَّا هَذَا الَّذِي زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مِنْكُمْ خُلُقٌ تُعَظِّمُونَ بِهِ الْأُمَرَاءَ فَوَ اللَّهِ مَا يَنْفَعُ هَذَا الْأُمَرَاءَ وَ إِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ أَبْدَانِكُمْ فَلاَ تَعُودُوا لَهُ وَ أَمَّا دَوَابُّكُمْ هَذِهِ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ نَأْخُذَهَا مِنْكُمْ فَنَحْسَبَهَا مِنْ خَرَاجِكُمْ أَخَذْنَاهَا مِنْكُمْ وَ أَمَّا طَعَامُكُمُ الَّذِي صَنَعْتُمْ لَنَا فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئاً إِلاَّ بِثَمَنٍ» قَالُوا:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ نُقَوِّمُهُ ثُمَّ نَقْبَلُ ثَمَنَهُ قَالَ: 1«إِذاً لاَ تُقَوِّمُونَهُ قِيمَتَهُ نَحْنُ نَكْتَفِي بِمَا دُونَهُ» قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ لَنَا مِنَ اَلْعَرَبِ مَوَالِيَ وَ مَعَارِفَ فَتَمْنَعُنَا أَنْ نُهْدِيَ لَهُمْ وَ تَمْنَعُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا مِنَّا؟ قَالَ: 1«كُلُّ اَلْعَرَبِ لَكُمْ مَوَالٍ وَ لَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّتَكُمْ وَ إِنْ غَصَبَكُمْ أَحَدٌ فَأَعْلِمُونَا» قَالُوا:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَنَا وَ كَرَامَتَنَا قَالَ لَهُمْ:« 1وَيْحَكُمْ نَحْنُ أَغْنَى مِنْكُمْ فَتَرَكَهُمْ ثُمَّ سَارَ.» .

خبر ماء الدير

نَصْرٌ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ 2 عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ

ص: 144


1- هو أبو محمّد سليمان بن الربيع بن هشام النهدى،أحد رواة هذا الكتاب.
2- (2) عبد العزيز بن سياه،بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة،الأسدى الكوفيّ صدوق يتشيع من كبار أتباع التابعين.انظر تهذيب التهذيب و التقريب.و في ح(1:288): «بن سباع»تحريف.

التَّيْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِعَقِيصَا (1)قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ فِي مَسِيرِهِ إِلَى اَلشَّامِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ اَلْكُوفَةِ مِنْ جَانِبِ هَذَا السَّوَادِ قَالَ:عَطِشَ النَّاسُ وَ احْتَاجُوا إِلَى الْمَاءِ فَانْطَلَقَ بِنَا عَلِيٌّ حَتَّى أَتَى بِنَا (2)عَلَى صَخْرَةٍ ضِرْسٍ مِنَ الْأَرْضِ (3)كَأَنَّهَا رُبْضَةُ عَنْزٍ (4)فَأَمَرَنَا فَاقْتَلَعْنَاهَا فَخَرَجَ لَنَا مَاءٌ فَشَرِبَ النَّاسُ مِنْهُ وَ ارْتَوَوْا قَالَ:ثُمَّ أَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَاهَا عَلَيْهِ قَالَ وَ سَارَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا مَضَيْنَا قَلِيلاً قَالَ عَلِيٌّ : 1«مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْلَمُ مَكَانَ هَذَا الْمَاءِ الَّذِي شَرِبْتُمْ مِنْهُ؟» قَالُوا نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: 1«فَانْطَلَقُوا إِلَيْهِ» قَالَ:فَانْطَلَقَ مِنَّا رِجَالٌ رُكْبَاناً وَ مُشَاةً فَاقْتَصَصْنَا الطَّرِيقَ إِلَيْهِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نَرَى أَنَّهُ فِيهِ قَالَ:

فَطَلَبْنَاهَا (5)فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى إِذَا عِيلَ عَلَيْنَا انْطَلَقْنَا إِلَى دَيْرٍ قَرِيبٍ مِنَّا فَسَأَلْنَاهُمْ أَيْنَ الْمَاءُ الَّذِي هُوَ عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا:مَا قُرْبَنَا مَاءٌ قَالُوا:بَلَى إِنَّا شَرِبْنَا مِنْهُ قَالُوا:أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ مِنْهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ صَاحِبُ الدَّيْرِ مَا بُنِيَ هَذَا الدَّيْرُ إِلاَّ بِذَلِكَ الْمَاءِ (6)وَ مَا اسْتَخْرَجَهُ إِلاَّ نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ .

نزول الجيش بالجزيرة

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ قَالَ: ثُمَّ مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَزَلَ بِأَرْضِ

ص: 145


1- في القاموس:«و عقيصى مقصورا:لقب أبى سعيد التيمى التابعي».و في منتهى المقال 132:«دينار،يكنى أبا سعيد،و لقبه عقيصا،و إنّما لقب بذلك لشعر قاله»فجعل اسمه«دينارا».فى الأصل:«التميمى»تحريف.و في ح:«حدّثنا سعيد التيمى المعروف بعقيصاء»،نقص و تحريف.
2- في الأصل:«أتانا»و في ح:«أتى»فقط.
3- الضرس،بالكسر:الأرض الخشنة.
4- ربضة العنز،بالضم:أى جثتها إذا بركت.و روى في الحديث:«كربضة العنز» بكسر الراء.اللسان(9:13).
5- أي الصخرة.و في ح:«فطلبناه»،أي الماء.
6- في الأصل:«لذلك الماء»،و أثبت ما في ح.

اَلْجَزِيرَةِ فَاسْتَقْبَلَهُ بَنُو تَغْلِبَ وَ اَلنَّمِرُ بْنُ قَاسِطٍ بِالْجَزِيرَةِ (1)قَالَ قَالَ عَلِيٌّ : لِيَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيِّ 1«يَا يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ » قَالَ:لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ:

1«هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ مِنْ طَعَامِهِمْ فَاطْعَمْ وَ مِنْ شَرَابِهِمْ فَاشْرَبْ.» .

حكاية علي وضوء رسول الله

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْكَلْبِيِّ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ عَلِيّاً بِالْمَدَائِنِ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَدَعَا بِمِخْضَبٍ مِنْ بِرَامٍ (2)قَدْ نَصَفَهُ الْمَاءُ (3)قَالَ عَلِيٌّ : 1«مَنِ السَّائِلُ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ؟» فَقَامَ الرَّجُلُ فَتَوَضَّأَ عَلِيٌّ ثَلاَثاً ثَلاَثاً وَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً وَ قَالَ: 1«هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَتَوَضَّأُ .

الوصول إلى الرقة

وفد بني تغلب

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيِّ ثُمَّ قَالَ:

وَ اللَّهِ إِنِّي لَشَاهِدٌ إِذْ أَتَاهُ وَفْدُ بَنِي تَغْلِبَ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَ لاَ يَضَعُوا أَبْنَاءَهُمْ فِي اَلنَّصْرَانِيَّةِ قَالَ: 1«وَ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا ذَلِكَ وَ ايْمُ اللَّهِ لَئِنْ ظَهَرْتُ عَلَيْهِمْ لَأَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَهُمْ وَ لَأَسَبْيِنَّ ذَرَارِيَّهُمْ» فَلَمَّا دَخَلَ بِلاَدَهُمْ اسْتَقْبَلَتْهُ مُسْلِمَةٌ لَهُمْ كَثِيرَةٌ فَسُرَ بِمَا رَأَى مِنْ ذَلِكَ وَ ثَنَاهُ عَنْ رَأْيِهِ ثُمَّ سَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أَتَى اَلرَّقَّةَ وَ جُلُّ أَهْلِهَا اَلْعُثْمَانِيَّةُ الَّذِينَ فَرُّوا مِنَ اَلْكُوفَةِ بِرَأْيِهِمْ وَ أَهْوَائِهِمْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَغَلَّقُوا أَبْوَابَهَا وَ تَحَصَّنُوا فِيهَا وَ كَانَ أَمِيرُهُمْ سَمَّاكَ بْنَ مَخْرَمَةَ الْأَسَدِيَّ فِي طَاعَةِ مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ كَانَ فَارَقَ عَلِيّاً فِي نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ثُمَّ أَخَذَ يُكَاتِبُ قَوْمَهُ حَتَّى لَحِقَ بِهِ مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ .

ص: 146


1- ح:«ابن قاسط بن محرز»تحريف.و هو النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
2- المخضب،بالكسر:شبه الإجانة يغسل فيها الثياب،و المركن.و البرام:جمع برمة،بالضم،و هي قدر من حجارة.
3- نصفه الماء:بلغ نصفه.و في الأصل:«قدر نصفه الماء».محرف.و هذا الخبر لم يرد في مظنه من ح.

[حديث راهب بليخ]

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْمُلاَئِيُّ (1)عَنْ حَبَّةَ (2)عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:

لَمَّا نَزَلَ عَلِيٌّ اَلرَّقَّةَ نَزَلَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ بَلِيخٌ عَلَى جَانِبِ اَلْفُرَاتِ فَنَزَلَ رَاهِبٌ هُنَاكَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ لِعَلِيٍّ إِنَّ عِنْدَنَا كِتَاباً تَوَارَثْنَاهُ عَنْ آبَائِنَا كَتَبَهُ أَصْحَابُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَعْرِضُهُ عَلَيْكَ قَالَ عَلِيٌّ : 1«نَعَمْ فَمَا هُوَ؟» قَالَ الرَّاهِبُ:

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » الَّذِي قَضَى فِيمَا قَضَى وَ سَطَرَ فِيمَا سَطَرَ أَنَّهُ بَاعِثٌ« فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ »...« يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ »وَ يَدُلُّهُمْ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ فَظٌّ وَ لاَ غَلِيظٌ وَ لاَ صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ وَ لاَ يُجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَ لَكِنْ يَعْفُو وَ يَصْفَحُ (3)أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يُحَمِّدُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ نَشْزٍ وَ فِي كُلِّ صُعُودٍ وَ هُبُوطٍ (4)تُذِلُّ أَلْسِنَتَهُمْ (5)بِالتَّهْلِيلِ وَ التَّكْبِيرِ وَ التَّسْبِيحِ وَ يَنْصُرُهُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَاوَاهُ فَإِذَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ اخْتَلَفَتْ أُمَّتُهُ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ فَلَبِثَتْ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ فَيَمُرُّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ بِشَاطِئِ هَذَا اَلْفُرَاتِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَ لاَ يَرْتَشِي فِي الْحُكْمِ (6)الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّمَادِ فِي يَوْمَ عَصَفَتْ بِهِ الرِّيحُ وَ الْمَوْتُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِا.

ص: 147


1- هو مسلم بن كيسان الضبى الملائي البراد،أبو عبد اللّه الكوفيّ.انظر تهذيب التهذيب و التقريب.
2- سبقت ترجمته في ص 143.
3- ح(1:289):«بل يعفو و يصفح».
4- النشز،بالفتح و التحريك:المتن المرتفع من الأرض.و الصعود و الهبوط،بفتح أولهما:ما ارتفع و ما انخفض من الأرض.
5- يذل،من الذل،بالكسر و الضم،و هو اللين.
6- ح:«و لا يركس الحكم».و الركس:رد الشيء مقلوبا.

عَلَى الظَّمَأِ (1)يَخَافُ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَ يَنْصَحُ لَهُ فِي الْعَلاَنِيَةِ وَ لاَ يَخَافُ اللَّهَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبِلاَدِ فَآمَنَ بِهِ كَانَ ثَوَابُهُ رِضْوَانِي وَ اَلْجَنَّةَ وَ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْعَبْدَ الصَّالِحَ فَلْيَنْصُرْهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ مَعَهُ شَهَادَةٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ:فَأَنَا مُصَاحِبُكَ غَيْرُ مُفَارِقِكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ قَالَ:فَبَكَى عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: «اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ مَنْسِيّاً (2)الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَكَرَنِي فِي كُتُبِ الْأَبْرَارِ» وَ مَضَى الرَّاهِبُ مَعَهُ وَ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوا يَتَغَدَّى مَعَ عَلِيٍّ وَ يَتَعَشَّى حَتَّى أُصِيبَ يَوْمَ صِفِّينَ فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ يَدْفِنُونَ قَتْلاَهُمْ قَالَ عَلِيٌّ اطْلُبُوهُ فَلَمَّا وَجَدُوهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَ دَفَنَهُ وَ قَالَ: هَذَا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُ مِرَاراً .

مسير معقل بن قيس إلى الرقة

نَصْرٌ عُمَرُ عَنْ رَجُلٍ وَ هُوَ أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ -:(3) أَنَّ عَلِيّاً بَعَثَ مِنَ اَلْمَدَائِنِ مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحِيَّ فِي ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ وَ قَالَ لَهُ: «خُذْ عَلَى اَلْمَوْصِلِ ثُمَّ نَصِيبِينَ ثُمَّ الْقَنِى بِالرَّقَّةِ فَإِنِّي مُوَافِيهَا وَ سَكِّنِ النَّاسَ وَ أَمِّنْهُمْ وَ لاَ تُقَاتِلْ إِلاَّ مَنْ قَاتَلَكَ وَ سِرِ الْبَرْدَيْنِ (4)وَ غَوِّرْ بِالنَّاسِ (5)وَ أَقِمِ اللَّيْلَ وَ رَفِّهْ فِي السَّيْرِ وَ لاَ تَسِرْ فِي

ص: 148


1- الظمء،بالفتح،و الظمأ،بالتحريك،و الظماء و الظماءة،كسحاب و سحابة: العطش.ح:«الظمآن».
2- ح:«الذي لم أكن عنده منسيا».
3- (3) هو جبر بن نوف-بفتح النون و آخره فاء-الهمدانيّ-بسكون الميم-البكالى- بكسر الباء الموحدة و تخفيف الكاف-أبو الوداك-بفتح الواو و تشديد الدال.انظر تهذيب التهذيب و التقريب.
4- البردان:الصبح و العصر،كالأبردين.انظر جنى الجنتين 26.
5- التغوير:النزول في القائلة نصف النهار.يقال«غوروا بنا فقد أرمضتمونا»،أي انزلوا بنا وقت الهاجرة حتّى تبرد.

اللَّيْلِ (1)فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَكَناً أَرِحْ فِيكَ بَدَنَكَ وَ جُنْدَكَ وَ ظَهْرَكَ فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ أَوْ حِينَ يَنْبَطِحُ الْفَجْرُ (2)فَسِرْ» فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى اَلْحَدِيثَةَ وَ هِيَ إِذْ ذَاكَ مَنْزِلُ النَّاسِ إِنَّمَا بَنَى مَدِينَةَ اَلْمَوْصِلِ بَعْدَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ فَإِذَا هُمْ بِكَبْشَيْنِ يَنْتَطِحَانِ وَ مَعَ مَعْقِلٍ بْنَ قَيْسٍ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهُ شَدَّادُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ (3)قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ اَلْحَرُورِيَّةِ (4)فَأَخَذَ يَقُولُ:إِيهٍ إِيهٍ فَقَالَ مَعْقِلٌ مَا تَقُولُ:قَالَ فَجَاءَ رَجُلاَنِ نَحْوَ الْكَبْشَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَبْشاً ثُمَّ انْصَرَفَا فَقَالَ اَلْخَثْعَمِيُّ لِمَعْقِلٍ لاَ تَغْلِبُونَ وَ لاَ تُغْلَبُونَ قَالَ لَهُ:

مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ:أَ مَا أَبْصَرْتَ الْكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا مَشْرِقٌ وَ الْآخَرُ مَغْرِبٌ الْتَقَيَا فَاقْتَتَلاَ وَ انْتَطَحَا فَلَمْ يَزَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مُنْتَصِفاً حَتَّى أَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ؟ فَقَالَ لَهُ: مَعْقِلٌ أَ وَ يَكُونُ خَيْراً مِمَّا تَقُولُ يَا أَخَا خَثْعَمٍ ؟ ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوْا عَلِيّاً بِالرَّقَّةِ .

كتاب علي إلى معاوية

1- نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ : أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ قَالُوا لَهُ:اُكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ إِلَى مَنْ قِبَلَهُ مِنْ قَوْمِكَ بِكِتَابٍ تَدْعُوهُمْ فِيهِ إِلَيْكَ وَ تَأْمُرُهُمْ بِتَرْكِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ (5)فَإِنَّ الْحُجَّةَ لَنْ تَزْدَادَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ إِلاَّ عِظَماً فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ

ص: 149


1- ح(1:290):«اول الليل».
2- انبطح الفجر:ذهب هاهنا و هاهنا.و إنّما سمى بطن المسيل أبطح لأن الماء ينبطح فيه أي يذهب يمينا و شمالا.ح:«ينبلج الفجر».
3- ح:«شرار بن شداد بن أبي ربيعة».
4- هذا ضبط ياقوت.و ضبط في اللسان و القاموس و الوفيات(1:224)بفتح أوله و ضم ثانيه.
5- في الأصل:«و تأمرهم بما لهم فيه من الخطأ».

1« « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ إِلَى مَنْ قِبَلَهُ مِنْ قُرَيْشٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكُمْ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً آمَنُوا بِالتَّنْزِيلِ وَ عَرَفُوا التَّأْوِيلَ وَ فَقِهُوا فِي الدِّينِ وَ بَيَّنَ اللَّهُ فَضْلَهُمْ فِي اَلْقُرْآنِ الْحَكِيمِ وَ أَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَعْدَاءٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تُكَذِّبُونَ بِالْكِتَابِ مُجْمِعُونَ عَلَى حَرْبِ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ ثَقِفْتُمْ مِنْهُمْ حَبَسْتُمُوهُ أَوْ عَذَّبْتُمُوهُ أَوْ قَتَلْتُمُوهُ حَتَّى أَرَادَ اللَّهُ إِعْزَازِ دِينِهِ وَ إِظْهَارَ رَسُولِهِ (1)وَ دَخَلَتِ اَلْعَرَبُ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ الْأَمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي هَذَا الدِّينِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ فَازَ اَلْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلاَ يَنْبَغِي لِمَنْ لَيْسَتْ لَهُ مِثْلُ سَوَابِقِهِمْ فِي الدِّينِ وَ لاَ فَضَائِلِهِمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ أَنْ يُنَازِعَهُمُ الْأَمْرَ الَّذِي هُمْ أَهْلُهُ وَ أَوْلَى بِهِ فَيَحُوبَ بِظُلْمٍ (2)وَ لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ أَنْ يَجْهَلَ قَدْرَهُ وَ لاَ أَنْ يَعْدُوَ طَوْرَهُ وَ لاَ أَنْ يُشْقِيَ نَفْسَهُ بِالْتِمَاسِ مَا لَيْسَ لَهُ ثُمَّ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدِيماً وَ حَدِيثاً أَقْرَبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَعْلَمُهَا بِالْكِتَابِ وَ أَفْقَهُهَا فِي الدِّينِ وَ أَوَّلُهَا إِسْلاَماً وَ أَفْضَلُهَا جِهَاداً وَ أَشَدُّهَا بِمَا تَحْمِلُهُ الرَّعِيَّةُ مِنْ أُمُورِهَا اضْطِلاَعاً فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:« وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ »وَ اعْلَمُوا أَنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ (3)وَ أَنَّ شِرَارَهُمْ الْجُهَّالُ الَّذِينَ يُنَازِعُونَ بِالْجَهْلِ أَهْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّ لِلْعَالِمِ بِعِلْمِهِ فَضْلاً وَ إِنَّ الْجَاهِلَ لَنْ يَزْدَادَ بِمُنَازَعَةِ الْعَالِمِ إِلاَّ جَهْلاً أَلاَح.

ص: 150


1- ح:«و إظهار أمره».
2- حاب يحوب حوبا:أثم.
3- في الأصل:«بما يعطون»،صوابه في ح.

وَ إِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ حَقْنِ دِمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قَبِلْتُمْ أَصَبْتُمْ رُشْدَكُمْ وَ اهْتَدَيْتُمْ لِحَظِّكُمْ وَ إِنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْفُرْقَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَمْ (1)تَزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ إِلاَّ بُعْداً وَ لَنْ يَزْدَادَ الرَّبُّ عَلَيْكُمْ إِلاَّ سَخَطاً وَ السَّلاَمُ» .

فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ -

لَيْسَ بَيْنِي وَ بَيْنَ قَيْسٍ عِتَابٌ غَيْرُ طَعْنِ الْكُلَى وَ ضَرْبِ الرِّقَابِ.

فَقَالَ عَلِيٌّ : 1« إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ » . .

الحركة نحو صفين و شروع المعركة

العبور على جسر الرقة

نَصْرٌ عُمَرُ عَنِ اَلْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ :

أَنَّ عَلِيّاً قَالَ لِأَهْلِ اَلرَّقَّةِ : 1«اُجْسُرُوا لِي جِسْراً لِكَيْ أَعْبُرَ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ إِلَى اَلشَّامِ » فَأَبَوْا وَ قَدْ كَانُوا ضَمُّوا السُّفُنَ عِنْدَهُمْ فَنَهَضَ مِنْ عِنْدَهُمْ لِيَعْبُرَ عَلَى جِسْرٍ مَنْبِجَ وَ خَلَّفَ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرَ فَنَادَاهُمْ فَقَالَ:يَا أَهْلَ هَذَا الْحِصْنِ إِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَمْ تَجْسُرُوا لَهُ عِنْدَ مَدِينَتِكُمْ حَتَّى يَعْبُرَ مِنْهَا لَأُجَرِّدَنَّ فِيكُمُ السَّيْفَ وَ لَأَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَكُمْ وَ لَأُخْرِجَنَّ أَرْضَكُمْ وَ لآَخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ فَلَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَقَالُوا:إِنَّ اَلْأَشْتَرَ يَفِي بِمَا يَقُولُ (2)وَ إِنَّ عَلِيّاً خَلَّفَهُ عَلَيْنَا لِيَأْتِيَنَا مِنْهُ الشَّرُّ (3)فَبَعَثُوا إِلَيْهِ:أَنَّا نَاصِبُونَ لَكُمْ جِسْراً

ص: 151


1- في الأصل:«لن»و الصواب دخول الفاء.و في ح:«لم».و هذه لا تطلب الفاء.
2- ح:«بما حلف عليه».
3- ح:«و إنّما خلفه على عندنا ليأتينا بشر».

فَأَقْبِلُوا فَأَرْسَلَ اَلْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ فَجَاءَ وَ نَصَبُوا لَهُ الْجِسْرَ فَعَبَّرَ الْأَثْقَالَ وَ الرِّجَالَ (1)ثُمَّ أَمَرَ اَلْأَشْتَرَ فَوَقَفَ فِي ثَلاَثَةِ آلاَفِ فَارِسٍ حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ عَبَرَ ثُمَّ إِنَّهُ عَبَرَ آخِرُ النَّاسِ رَجُلاً.

وَ ذَكَرَ اَلْحَجَّاجُ أَنَّ الْخَيْلَ ازْدَحَمَتْ حِينَ عَبَرَتْ وَ زَحَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ هِيَ تَعْبُرُ فَسَقَطَتْ قَلَنْسُوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحُصَيْنِ (2)فَنَزَلَ فَأَخَذَهَا وَ رَكِبَ وَ سَقَطَتْ قَلَنْسُوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَنَزَلَ فَأَخَذَهَا ثُمَّ رَكِبَ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ

إِنْ يَكُ ظَنُّ الزَّاجِرِي الطَّيْرِ صَادِقاً كَمَا زَعَمُوا أُقْتَلْ وَشِيكاً وَ تُقْتَلْ (3).

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحُصَيْنِ مَا شَيْءٌ أُؤتَاهُ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا ذَكَرْتَ فَقُتِلاَ جَمِيعاً يَوْمَ صِفِّينَ .

وَ قَالَ خَالِدُ بْنُ قُطْنٍ فَلَمَّا قَطَعَ عَلِيٌّ اَلْفُرَاتَ دَعَا زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ وَ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ فَسَرَّحَهُمَا أَمَامَهُ نَحْوَ مُعَاوِيَةَ عَلَى حَالِهِمَا الَّذِي كَانَا عَلَيْهِ حِينَ خَرَجَا مِنَ اَلْكُوفَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً وَ قَدْ كَانَا حِينَ سَرَّحَهُمَا مِنَ اَلْكُوفَةِ مُقَدِّمَةً لَهُ أَخَذَا عَلَى شَاطِئِ اَلْفُرَاتِ مِنْ قِبَلِ الْبَرِّ مِمَّا يَلِي اَلْكُوفَةَ حَتَّى بَلَغَا عَانَاتِ فَبَلَغَهُمَا أَخْذُ عَلِيٍّ عَلَى طَرِيقِ اَلْجَزِيرَةِ وَ بَلَغَهُمَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَقْبَلَ فِي جُنُودِ اَلشَّامِ مِنْ دِمَشْقَ لاِسْتِقْبَالِ عَلِيٍّ فَقَالاَ:لاَ وَ اللَّهِ مَا هَذَا لَنَا بِرَأْيٍ أَنّْ.

ص: 152


1- في الأصل:«فعبر على الأثقال و الرحال»بالحاء و بزيادة«على»؛و أثبت صوابه من ح(1:290).و في الطبريّ(5:237):«فعبر عليه بالأثقال و الرحال».
2- في الأصل:«عبد الرحمن بن أبي الحصين»فى هذا الموضع و تاليه،و صوابه في ح و الطبريّ.
3- رسم في الأصل بصورة النثر،و بلفظ:«الزاجر»و«يزعمون»،صوابه في الطبريّ.

نَسِيرَ وَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْبَحْرُ مَا لَنَا خَيْرٌ أَنْ نَلْقَى جُمُوعَ أَهْلِ اَلشَّامِ بِقِلَّةٍ مِنْ عَدَدِنَا مُنْقَطِعِينَ مِنَ الْعَدَدِ وَ الْمَدَدِ فَذَهَبُوا لِيَعْبُرُوا مِنْ عَانَاتِ فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ عَانَاتِ وَ حَبَسُوا عِنْدَهُمْ السُّفُنَ (1)فَأَقْبَلُوا رَاجِعِينَ حَتَّى عَبَرُوا مِنْ هِيتَ ثُمَّ لَحِقُوا عَلِيّاً بِقَرْيَةٍ دُونَ قِرْقِيسِيَا وَ قَدْ أَرَادُوا أَهْلَ عَانَاتِ فَتَحَصَّنُوا مِنْهُمْ فَلَمَّا لَحِقَتِ الْمُقَدَّمَةُ عَلِيّاً ،قَالَ: 1«مُقَدِّمَتِي تَأْتِي مِنْ وَرَائِي؟» فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ زِيَادٌ وَ شُرَيْحٌ فَأَخْبَرَاهُ بِالرَّأْيِ الَّذِي رَأَيَا فَقَالَ: 1«قَدْ أَصَبْتُمَا رُشْدَكُمَا» فَلَمَّا عَبَرَ اَلْفُرَاتَ قَدَّمَهُمَا أَمَامَهُ نَحْوَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مُعَاوِيَةَ لَقِيَهُمْ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ فِي جُنْدِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَبَوْا فَبَعَثُوا إِلَى عَلِيٍّ أَنَّا قَدْ لَقِينَا أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ بِسُورِ اَلرُّومِ فِي جُنْدٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَدَعَوْنَاهُ (2)وَ أَصْحَابَهُ إِلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَتِكَ فَأَبَوْا عَلَيْنَا فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ.فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى اَلْأَشْتَرِ فَقَالَ:

1«يَا مَالِ إِنَّ زِيَاداً وَ شُرَيْحاً أَرْسَلاَ إِلَيَّ يُعْلِمَانِي أَنَّهُمَا لَقِيَا أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ فِي جُنْدٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ بِسُورِ اَلرُّومِ فَنَبَّأَنِي الرَّسُولُ أَنَّهُ تَرَكَهُمْ مُتَوَاقِفِينَ (3)فَالنَّجَاءَ إِلَى أَصْحَابِكَ النَّجَاءَ فَإِذَا أَتَيْتَهُمْ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَبْدَأَ الْقَوْمَ بِقِتَالٍ إِلاَّ أَنْ يَبْدَءُوكَ حَتَّى تَلْقَاهُمْ وَ تَسْمَعَ مِنْهُمْ وَ لاَ يَجْرِمَنَّكَ شَنَآنُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ (4)قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ اجْعَلْ عَلَى مَيْمَنِتَك زِيَاداً وَ عَلَى مَيْسَرَتِكَ شُرَيْحاً وَ قِفْ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَسَطاً وَ لاَ تَدْنُم.

ص: 153


1- ح(1:291):«عنهم السفن».
2- في الأصل:«فدعوناهم»صوابه من ح.
3- متواقفين:وقف بعضهم أمام بعض في الحرب.
4- أي لا يحملنك بغضهم على قتالهم.

مِنْهُمْ دُنُوَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُنْشِبَ الْحَرْبَ وَ لاَ تَبَاعَدْ مِنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ يَهَابُ الْبَأْسَ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ (1)فَإِنِّي حَثِيثُ السَّيْرِ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» .

وَ كَانَ الرَّسُولُ اَلْحَارِثَ بْنَ جُمْهَانَ الْجُعْفِيَّ (2)وَ كَتَبَ إِلَيْهِمَا:

1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا مَالِكاً فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِيعَا أَمْرَهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ رَهَقُهُ وَ لاَ سِقَاطُهُ (3)وَ لاَ بُطْؤُهُ عَنْ مَا الْإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ وَ لاَ الْإِسْرَاعُ إِلَى مَا الْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَمَرْتُكَ أَلاَّ يَبْدَأَ الْقَوْمَ بِقِتَالٍ حَتَّى يَلْقَاهُمْ فَيَدْعُوَهُمْ وَ يُعْذِرَ إِلَيْهِمْ (4)[إِنْ شَاءَ اللَّهُ»] فَخَرَجَ اَلْأَشْتَرُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْقَوْمِ فَاتَّبَعَ مَا أَمَرَهُ بِهِ عَلِيٌّ وَ كَفَّ عَنِ الْقِتَالِ فَلَمْ يَزَالُوا مُتَوَاقِفِينَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ حَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ فَثَبَتُوا لَهُ وَ اضْطَرَبُوا سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ انْصَرَفُوا ثُمَّ خَرَجَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ فِي خَيْلٍ وَ رِجَالٍ حَسَنٍ عُدَّتُهَا وَ عَدَدُهَا وَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ تَحْمِلُ الْخَيْلَ عَلَى الْخَيْلِ (5)وَ الرِّجَالَ عَلَى الرِّجَالِ فَصَبَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ بَكَّرَ عَلَيْهِمُ اَلْأَشْتَرُ فَقُتِلَ مِنْهُمْ (6)عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُنْذِرِ».

ص: 154


1- في الأصل:«إليك»و أثبت ما في ح.
2- ذكره في لسان الميزان(2:149)بدون نسبته،و قال:«ذكره الطوسيّ في رجال الشيعة».و قد ضبط في تاريخ الطبريّ(5:238)بضم الجيم.
3- الرهق:الجهل و خفة العقل؛و هو أيضا الكذب،و العربدة.و السقاط، بالكسر:الخطأ و العثرة و الزلة.
4- في الأصل:«ألا تبدءوا القوم بقتال حتّى تلقاهم فتدعوهم و تعذر إليهم»و أثبت في ح.
5- في الأصل:«فحمل الخيل على الخيل»و أثبت ما في ح و الطبريّ(5:239).
6- ح:«فقتل من أهل الشام».

التَّنُّوخِيُّ قَتَلَهُ ظَبْيَانُ بْنُ عُمَارَةَ التَّمِيمِيُّ وَ مَا هُوَ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ فَتًى حَدِيثُ السِّنِّ وَ إِنْ كَانَ الشَّامِيُّ لَفَارِسَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَخَذَ اَلْأَشْتَرُ يَقُولُ وَيْحَكُمْ أَرُونِي أَبَا الْأَعْوَرِ ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْأَعْوَرِ دَعَا النَّاسَ فَرَجَعُوا نَحْوَهُ فَوَقَفَ عَلَى تَلٍّ مِنْ وَرَاءِ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ جَاءَ اَلْأَشْتَرُ حَتَّى صَفَّ أَصْحَابَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَبُو الْأَعْوَرِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ : لِسَنَانِ بْنِ مَالِكٍ النَّخَعِيِّ انْطَلِقْ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ فَادْعُهُ إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَقَالَ:إِلَى مُبَارَزَتِي أَوْ مُبَارَزَتِكَ؟ فَقَالَ:إِلَى مُبَارَزَتِي فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ :أَ وَ لَوْ أَمَرْتُكَ بِمُبَارَزَتِهِ فَعَلْتَ؟ قَالَ:نَعَمْ وَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْتَرِضَ صَفَّهُمْ بِسَيْفِي فَعَلْتُهُ (1)حَتَّى أَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَالَ:يَا ابْنَ أَخِي أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ وَ قَدْ وَ اللَّهِ ازْدَدْتُ فِيكَ رَغْبَةً لاَ مَا أَمَرْتُكَ بِمُبَارَزَتِهِ إِنَّمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعُوَهُ إِلَى مُبَارَزَتِي لِأَنَّهُ لاَ يُبَارِزُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ إِلاَّ ذَوِي الْأَسْنَانِ (2)وَ الْكَفَاءَةِ وَ الشَّرَفِ وَ أَنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْكَفَاءَةِ وَ الشَّرَفِ وَ لَكِنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ وَ لَيْسَ يُبَارِزُ الْأَحْدَاثَ فَاذْهَبْ فَادْعُهُ إِلَى مُبَارَزَتِي فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: (3)أَمِّنُونِي فَإِنِّي رَسُولٌ (4)فَأَمَّنُوهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ .

.

طلب الأشتر مبارزة الأعور

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ رَجُلٌ(5) عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سِنَانِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ:إِنَّ اَلْأَشْتَرَ يَدْعُوكَ إِلَى مُبَارَزَتِهِ فَسَكَتَ عَنِّي طَوِيلاً ثُمَّ قَالَ إِنَّ خِفَّةَ اَلْأَشْتَرِ وَ سُوءَ رَأْيِهِ هُوَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى

ص: 155


1- ح(1:291):«لفعلت».
2- في الأصل:«لذوى الأسنان»و الوجه ما أثبت في ح.و انظر الطبريّ.
3- في الأصل:«فأتاه فقال»،صوابه في ح.
4- ح:«أنا رسول فأمنونى».
5- (5) كذا في الأصل،و ليست في ح.و معناه حدّثني رجل.

إِجْلاَءِ عُمَّالِ عُثْمَانَ مِنَ اَلْعِرَاقِ وَ افْتِرَاؤُهُ عَلَيْهِ يُقَبِّحُ مَحَاسِنَهُ وَ يُجَهِّلُ حَقَّهُ وَ يُظْهِرُ عَدَاوَتُهُ وَ مِنْ خِفَّةِ اَلْأَشْتَرِ وَ سُوءِ رَأْيِهِ أَنَّهُ سَارَ إِلَى عُثْمَانَ فِي دَارِهِ وَ قَرَارِهِ فَقَتَلَهُ فِيمَنْ قَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مُبْتَغًى بِدَمِهِ (1)لاَ حَاجَةَ لِي فِي مُبَارَزَتِهِ.

قَالَ:قُلْتُ لَهُ:قَدْ تَكَلَّمْتَ فَاسْتَمِعْ مِنِّي حَتَّى أُخْبِرَكَ (2)قَالَ:فَقَالَ:

لاَ حَاجَةَ لِي فِي جَوَابِكَ وَ لاَ الاِسْتِمَاعِ مِنْكَ اذْهَبْ عَنِّي وَ صَاحِ بِي أَصْحَابَهُ فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَ لَوْ سَمِعَ مِنِّي لَأَخْبَرْتُهُ بِعُذْرِ صَاحِبِي وَ حُجَّتِهِ فَرَجَعْتُ إِلَى اَلْأَشْتَرِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ أَبَى الْمُبَارَزَةَ فَقَالَ:لِنَفْسِهِ نَظَرَ قَالَ:فَتَوَاقَفْنَا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ وَ بِتْنَا مُتَحارِسِينَ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْنَا نَظَرْنَا فَإِذَا هُمْ قَدِ انْصَرَفُوا (3)قَالَ:وَ صَبَّحَنَا (4)عَلِيٌّ غُدْوَةً فَسَارَ نَحْوَ مُعَاوِيَةَ فَإِذَا أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ قَدْ سَبَقَ إِلَى سُهُولَةِ الْأَرْضِ وَ سَعَةِ الْمَنْزِلِ وَ شَرِيعَةُ الْمَاءِ مَكَانٌ أَفْيَحُ (5)وَ كَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ مُعَاوِيَةَ .

مصفة الجيشين

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ وَ مُحَمَّدٍ يَعْنِي اِبْنَ الْمُطَّلِبِ قَالُوا: 5اِسْتَعْمَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ اَلْأَشْتَرَ بْنَ الْحَارِثِ النَّخَعِيَّ وَ سَارَ عَلِيٌّ فِي خَمْسِينَ وَ مِائَةِ أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ قَدْ خَنَسَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَ سَارَ مُعَاوِيَةُ فِي نَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ اسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ سُفْيَانَ بْنَ عَمْرٍو أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ ، فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ عَلِيّاً يَتَجَهَّزُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّهَيُّؤِ.فَلَمَّا اسْتَتَبَّ لِعَلِيٍّ أَمْرُهُ

ص: 156


1- مبتغى:مطلوبا.و في ح و الطبريّ:«متبعا».
2- ح و الطبريّ:«فاسمع حتّى أجيبك».
3- في الطبريّ:«قد انصرفوا من تحت ليلتهم».
4- في الأصل:«و أصبحنا»تحريف.و في ح و الطبريّ:«و يصبحنا على غدوة».
5- الأفيح:الواسع.ح:«مكانا أفسح»،محرف.

سَارَ بِأَصْحَابِهِ فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ مَسِيرُهُ إِلَيْهِ سَارَ بِقَضِّهِ وَ قَضِيضِهِ نَحْوَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ سُفْيَانَ بْنَ عَمْرٍو وَ عَلَى سَاقَتِهِ اِبْنُ أَرْطَاةَ الْعَامِرِيُّ يَعْنِي بُسْراً (1)فَسَارُوا حَتَّى تَوَافَوْا جَمِيعاً بِقُنَاصِرِينَ (2)إِلَى جَنْبِ صِفِّينَ فَأَتَى اَلْأَشْتَرُ صَاحِبَ مُقَدِّمَةِ مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ سَبَقَهُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ عَلَى الْمَاءِ وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ مِنْ مُتَبَصِّرِي أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَأَزَالُوا أَبَا الْأَعْوَرِ عَنْ مُعَسْكَرِهِ وَ أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ فِي جَمِيعِ الْفَيْلَقِ (3)بِقَضِّهِ وَ قَضِيضِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ اَلْأَشْتَرُ انْحَازَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ غَلَبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَاءِ وَ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ بَيْنَهُ وَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى إِذَا أَرَادَ الْمُعَسْكَرَ إِذاً الْقَوْمُ قَدْ حَالُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَاءِ.

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ طَلَبَ مَوْضِعاً لِعَسْكَرِهِ وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَضَعُوا أَثْقَالَهُمْ وَ هُمْ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَلَمَّا نَزَلُوا تَسَرَّعَ فَوَارِسُ مِنْ فَوَارِسِ عَلِيٍّ عَلَى خَيْلِهِمْ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ كَانُوا فِي ثَلاَثِينَ وَ مِائَةٍ وَ لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ مُعَاوِيَةُ فَنَاوَشُوهُمُ الْقِتَالَ وَ اقْتَتَلُوا هُوِيّاً (4).

.و.

ص: 157


1- بعده في ح(1:291):«و على الخيل عبيد اللّه بن عمر بن الخطّاب،و دفع اللواء إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد،و جعل على الميمنة حبيب بن مسلمة الفهرى،و على الميسرة عبد اللّه بن عمرو بن العاص،و على الرجالة من الميسرة حابس بن سعيد الطائى و على خيل دمشق الضحّاك بن قيس الفهرى،و على رجالة أهل دمشق يزيد بن أسد بن كرز البجليّ،و على أهل حمص ذا الكلاع،و على أهل فلسطين مسلمة بن مخلد».و سيأتي هذا الكلام في نهاية هذا الجزء الثالث من الكتاب.
2- لم يذكره ياقوت.و في القاموس:«و قناصرين بالضم:موضع بالشام».
3- في الأصل:«جمع الفيلق»صوابه في ح(1:325).
4- الهوى،بفتح الهاء و كسر الواو و تشديد الياء:الحين الطويل من الزمان. و بالضم:السرعة،يقال هوت الناقة تهوى هويا،إذا عدت عدوا شديدا أرفع العدو.

[مكاتبة معاوية مع علي]

1- نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ:

كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :

عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ:

مَا أَحْسَنَ الْعَدْلَ وَ الْإِنْصَافَ مِنْ عَمَلٍ

وَ أَقْبَحَ الطَّيْشَ ثُمَّ النَّفْشَ فِي الرَّجُلِ (1).

وَ كَتَبَ بَعْدَهُ (2)

اِرْبِطْ حِمَارَكَ لاَ يُنْزَعْ سَوِيَّتُهُ

إِذَا يَرُدُّ وَ قَيدُ الْعَيْرِ مَكْرُوبٌ (3)

لَيْسَتْ تَرَى السِّيدُ زَيْداً فِي نُفُوسِهِمْ

كَمَا تَرَاهُ بَنُو كُوزٍ وَ مَرْهُوبُ

إِنْ تَسْأَلُوا الْحَقَّ يُعْطَى الْحَقَّ سَائِلُهُ

وَ الدِّرْعُ مُحْقَبَةٌ وَ السَّيْفُ مَقْرُوبٌ

أَوْ تَأْنِفُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ أُنُفٌ

لاَ نَطْعَمُ الضَّيْمَ إِنَّ السُّمَّ مَشْرُوبٌ

قَالَ:وَ أَمَرَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ النَّاسَ فَوُزِعُوا عَنِ الْقِتَالِ (4)حَتَّى تَأْخُذَا.

ص: 158


1- قال ابن أبي الحديد في(1:326):«و النفش كثرة الكلام و الدعاوى. و أصله من نفش الصوف».
2- التكملة من ح(1:325).
3- الأبيات لعبد اللّه بن عنمة الضبى:انظر الشعر و شرحه و ترجمة قائله و جو الأبيات في المفضليات(2:182 طبع المعارف).
4- وزعوا:كفوا.

أَهْلُ الْمَصَافِّ مَصَافَّهُمْ (1)ثُمَّ قَالَ:

1«أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا مَوْقِفُ مَنْ نَطِفَ فِيهِ نَطِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)وَ مَنْ فَلَجَ فِيهِ فَلَجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ لَمَّا نَزَلَ مُعَاوِيَةُ بِصِفِّينَ 1

«لَقَدْ أَتَاكُمْ كَاشِراً عَنْ نَابِهِ يُهَمِّطُ النَّاسَ عَلَى اعْتِزَابِهِ (3)

فَلْيَأْتِنَا الدَّهْرُ بِمَا أَتَى بِهِ»

وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ :

1

«فَإِنَّ لِلْحَرْبِ عُرَاماً شَرَراً إِنَّ عَلَيْهَا قَائِداً عَشَنْزَراً (4)

يُنْصِفُ مَنْ أَجْحَرَ أَوْ تَنَمَّرَا عَلَى نَوَاحِيهَا مِزَجّاً زَمْجَرَا (5)ت.

ص: 159


1- ح(1:326):«حتى أخذ أهل الشام مصافهم».
2- يقال نطف،كعلم،و نطف بالبناء للمجهول:أى اتهم بريبة.
3- يهمط الناس،أي يقهرهم و يخطبهم.و الاعتزاب،قال ابن أبي الحديد في(1: 327):«أى على بعده عن الإمارة و الولاية على الناس».و في الأصل:«اغترابه» تحريف.
4- العشنزر:الشديد.
5- قال ابن أبي الحديد:«أجحر:ظلم الناس حتّى ألجأهم إلى أن دخلوا جحرتهم أو بيوتهم.و تنمر:أى تنكر حتّى صار كالنمر.يقول:هذا القائد الشديد القوى ينصف من يظلم الناس و يتنكر لهم،أي ينصف منه.فحذف حرف الجر كقوله« وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ » أى من قومه.و المزج،بكسر الميم:السريع النفوذ،و أصله الرمح القصير كالمزراق. و رجل زمجر أي مانع حوزته،و الميم زائدة.و من رواها:زمخرا،بالخاء،عنى به المرتفع العالى الشأن».فى الأصل:«أحجم»و في ح:«أحجر»بتقديم الحاء على الجيم في الرجز و في شرحه؛و صوابهما بتقديم الجيم على الحاء و آخره راء كما أثبت.

إِذَا وَنِينُ سَاعَةٍ تَغَشْمَرَا» (1)

وَ قَالَ أَيْضاً (2):

1

«أَ لَمْ تَرَ قَوْمِي إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمْ

أَجَابُوا وَ إِنْ يَغْضَبْ عَلَى الْقَوْمِ يَغْضَبُوا

هُمُ حَفِظُوا غَيْبِي كَمَا كُنْتُ حَافِظاً

لِقَوْمِيَ أُخْرَى مِثْلَهَا إِذْ تَغَيَّبُوا

بَنُو الْحَرْبِ لَمْ يَقْعُدْ بِهِمْ أُمَّهَاتُهُمْ

وَ آبَاؤُهُمْ آبَاءُ صِدْقٍ فَأَنْجَبُوا»

فَتَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ وَ ذَهَبَ شَبَابٌ مِنَ النَّاسِ وَ غِلْمَانُهُمْ يَسْتَقُونَ فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ اَلشَّامِ . .

قتال أهل الشام و العراق على الماء

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ بِصِفِّينَ وَجَدْنَاهُمْ قَدْ نَزَلُوا مَنْزِلاً اخْتَارُوهُ مُسْتَوِياً (3)بِسَاطاً وَاسِعاً وَ أَخَذُوا الشَّرِيعَةَ فَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ قَدْ صَفَّ أَبُو الْأَعْوَرِ عَلَيْهَا الْخَيْلَ وَ الرَّجَّالَةَ وَ قَدَّمَ الْمُرَامِيَةَ وَ مَعَهُمْ أَصْحَابُ الرِّمَاحِ وَ الدَّرَقِ وَ عَلَى رُءُوسِهِمُ الْبَيْضُ وَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنْ يَمْنَعُونَا الْمَاءَ فَفَزِعْنَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ فَدَعَا صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالَ:

ص: 160


1- تغشمر:تنمر و أخذهم بالشدة لا يبالى.
2- الشعر لربيعة بن مشروم الطائى،كما في ح(1:327).
3- في الأصل:«اختار و لا مستويا»،صوابه في ح.

: 1«اِئْتِ مُعَاوِيَةَ فَقُلْ:إِنَّا سِرْنَا مَسِيرَنَا هَذَا وَ أَنَا أَكْرَهُ قِتَالَكُمْ قَبْلَ الْإِعْذَارِ إِلَيْكُمْ وَ إِنَّكَ قَدْ قَدِمْتَ بِخَيْلِكَ (1)فَقَاتَلْتَنَا قَبْلَ أَنْ نُقَاتِلَكَ وَ بَدَأْتَنَا بِالْقِتَالِ وَ نَحْنُ مِنْ رَأْيِنَا (2)الْكَفُّ حَتَّى نَدْعُوَكَ وَ نَحْتَجَّ عَلَيْكَ وَ هَذِهِ أُخْرَى قَدْ فَعَلْتُمُوهَا حَتَّى حُلْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَخَلِّ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ حَتَّى نَنْظُرَ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ وَ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ وَ قَدِمْتُمْ وَ إِنْ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ أَنْ نَدَعَ مَا جِئْنَا لَهُ وَ نَدَعَ النَّاسَ يَقْتَتِلُونَ عَلَى الْمَاءِ حَتَّى يَكُونَ الْغَالِبُ هُوَ الشَّارِبَ فَعَلْنَا» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِأَصْحَابِهِ: (3)مَا تَرَوْنَ؟ قَالَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ امْنَعْهُمُ الْمَاءَ كَمَا مَنَعُوهُ اِبْنَ عَفَّانَ حَصَرُوهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً يَمْنَعُونَهُ بَرْدَ الْمَاءِ وَ لِينَ الطَّعَامِ اقْتُلْهُمْ عَطَشاً قَتَلَهُمُ اللَّهُ قَالَ عَمْرٌو :خَلِّ بَيْنَ الْقَوْمِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَعْطِشُوا وَ أَنْتَ رَيَّانٌ وَ لَكِنْ لِغَيْرِ الْمَاءِ فَانْظُرْ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَأَعَادَ اَلْوَلِيدُ مَقَالَتَهُ وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ (4)وَ هُوَ أَخُو عُثْمَانَ مِنَ الرَّضَاعَةِ:اِمْنَعْهُمُ الْمَاءَ إِلَى اللَّيْلِ فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ رَجَعُوا وَ كَانَ رُجُوعُهُمْ هَزِيمَتَهُمْ امْنَعْهُمُ الْمَاءَ مَنَعَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ :إِنَّمَا يَمْنَعُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْكَفَرَةَ الْفَجَرَةَ شَرَبَةَ الْخَمْرِ ضَرَبَكَ وَ ضَرَبَ هَذَا الْفَاسِقَ (5)يَعْنِي اَلْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَتَوَاثَبُوا إِلَيْهِ يَشْتُمُونَهُ وَ يَتَهَدَّدُونَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كُفُّوا عَنِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ رَسُولٌ.

.

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِه.

ص: 161


1- ح:«قدمت خيلك».
2- ح:«ممن رأينا».
3- ح:«فلما مضى صعصعة برسالته إلى معاوية قال معاوية لأصحابه».
4- هو عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب-بالتصغير-بن حذافة ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى.و هو الذي افتتح إفريقية زمن عثمان و ولى مصر بعد ذلك.و مات سنة تسع و خمسين في آخر عهد معاوية.الإصابة 4702.ح:«بن سعيد» تحريف.
5- الضرب،هاهنا:المثل و الشبيه.

الْأَحْمَرِ : أَنَّ صَعْصَعَةَ رَجَعَ إِلَيْنَا فَحَدَّثَنَا بِمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ وَ مَا كَانَ مِنْهُ وَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ فَقُلْنَا:وَ مَا رَدَّ عَلَيْكَ مُعَاوِيَةُ ؟ قَالَ:لَمَّا أَرَدْتُ الاِنْصِرَافَ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ:

مَا تَرُدُّ عَلَيَّ؟ قَالَ:سَيَأْتِيكُمْ رَأْيِي قَالَ:فَوَ اللَّهِ مَا رَاعَنَا إِلاَّ تَسْوِيَةُ الرِّجَالِ وَ الْخَيْلِ وَ الصُّفُوفِ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ :اِمْنَعْهُمُ الْمَاءَ فَازْدَلَفْنَا وَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَارْتَمَيْنَا وَ أَطَعْنَا بِالرِّمَاحِ وَ اضْطَرَبْنَا بِالسُّيُوفِ فَطَالَ ذَلِكَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ فَضَارَبْنَاهُمْ فَصَارَ الْمَاءُ فِي أَيْدِينَا فَقُلْنَا وَ اللَّهِ لاَ نَسْقِيهِمْ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا عَلِيٌّ :

1«خُذُوا مِنَ الْمَاءِ حَاجَتَكُمْ وَ ارْجِعُوا إِلَى عَسْكَرِكُمْ (1)وَ خَلُّوا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَكُمْ بِبَغْيِهِمْ وَ ظُلْمِهِمْ» .

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي حُرَّةَ أَنَّ عَلِيّاً قَالَ: هَذَا يَوْمُ نُصِرْتُمْ فِيهِ بِالْحَمِيَّةِ.

نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: فَبَقِيَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ يَوْماً وَ لَيْلَةً يَوْمَ اَلْفُرَاتِ بِلاَ مَاءٍ وَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ اَلسَّكُونِ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ يُعْرَفُ بِالسَّلِيْلِ بْنِ عَمْرٍو (2):يَا مُعَاوِيَةُ

اِسْمَعِ الْيَوْمَ مَا يَقُولُ اَلسَّلِيلُ إِنَّ قَوْلِي قَوْلٌ لَهُ تَأْوِيلُ

امْنَعِ الْمَاءَ مِنْ صِحَابِ عَلِيٍّ أَنْ يَذُوقُوهُ وَ الذَّلِيلُ ذَلِيلُ

وَ اقْتُلِ الْقَوْمَ مِثْلَ مَا قُتِلَ الشَّيْخُ ظَمَأً وَ الْقِصَاصُ أَمْرٌ جَمِيلُ (3)

فَوَ حَقِّ الَّذِي يُسَاقُ لَهُ الْبُدْنُ هَدَايَا لِنَحْرِهَا تَأْجِيلُ (4)».

ص: 162


1- ح:«معسكركم»،و هما سيان؛فإن العسكر كما يقال للجيش يقال أيضا لمجتمع الجيش كالمعسكر.
2- ح:«بالشليل بن عمرو»،و كذا جاءت في الشعر.
3- ح:«صدى فالقصاص أمر جميل».
4- التأجيل:تحديد الأجل.و في التنزيل:« كِتاباً مُؤَجَّلاً. »ح:«هدايا كأنهن الفيول».

لَوْ عَلِيٌّ وَ صَحْبُهُ وَرَدُوا الْمَاءَ لَمَا ذُقْتُمُوهُ حَتَّى تَقُولُوا: (1)

قَدْ رَضِينَا بِمَا حَكَمْتُمْ عَلَيْنَا بَعْدَ ذَاكَ الرِّضَا جِلاَدٌ ثَقِيلُ

فَامْنَعِ الْقَوْمَ مَاءَكُمْ لَيْسَ لِلْقَوْمِ بَقَاءٌ وَ إِنْ يَكُنْ فَقَلِيلُ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ الرَّأْيُ مَا تَقُولُ وَ لَكِنْ عَمْرٌو لاَ يَدَعُنِي (2)قَالَ عَمْرٌو خَلِّ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَإِنَّ عَلِيّاً لَمْ يَكُنْ لِيَظْمَأَ وَ أَنْتَ رَيَّانٌ وَ فِي يَدِهِ أَعِنَّةُ الْخَيْلِ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى اَلْفُرَاتِ حَتَّى يَشْرَبَ أَوْ يَمُوتَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ الشُّجَاعُ الْمُطْرِقُ (3)وَ مَعَهُ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ أَهْلُ اَلْحِجَازِ وَ قَدْ سَمِعْتُهُ أَنَا وَ أَنْتَ (4)وَ هُوَ يَقُولُ: 1«لَوْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً» فَذَكَرَ أَمْراً يَعْنِي لَوْ أَنَّ مَعِي أَرْبَعِينَ رَجُلاً يَوْمَ فُتِّشَ الْبَيْتُ يَعْنِي بَيْتَ فَاطِمَةَ وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ أَهْلُ اَلشَّامِ عَلَى اَلْفُرَاتِ فَرِحُوا بِالْغَلَبَةِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ هَذَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ الظَّفَرِ سَقَانِي اللَّهُ وَ لاَ سَقَى أَبَا سُفْيَانَ إِنْ شَرِبُوا مِنْهُ أَبَداً حَتَّى يُقْتَلُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَلَيْهِ وَ تَبَاشَرَ أَهْلُ اَلشَّامِ فَقَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ هَمْدَانِيٌّ نَاسِكٌ يُقَالُ لَهُ اَلْمُعَرِّي بْنُ الْأَقْبَلِ وَ كَانَ نَاسِكاً وَ كَانَ لَهُ فِيمَا تَذْكُرُ هَمْدَانُ لِسَانٌ وَ كَانَ صَدِيقاً وَ مُوَاخِياً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ لِأَنْ سَبَقْتُمُ الْقَوْمَ (5)إِلَى اَلْفُرَاتِ فَغَلَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ تَمْنَعُونَهُمْ عَنْهُ؟ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ سَبَقُوكُمْ إِلَيْهِ لَسَقُوكُمْ مِنْهُ أَ لَيْسَ أَعْظَمُ مَا تَنَالُونَ مِنَ الْقَوْمِ أَنْ تَمْنَعُوهُمُ اَلْفُرَاتَ فَيَنْزِلُوا عَلَى فُرْضَةٍ أُخْرَى فَيُجَازُوكُمْ بِمَا صَنَعْتُمْ؟ أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ فِيهِمُ الْعَبْدَ وَ الْأَمَةَ وَ الْأَجِيرَح.

ص: 163


1- هذا البيت ساقط من ح.
2- ح:«و لكن عمرا يدرى».
3- انظر ما سبق ص 67 س 3.
4- ح(1:328):و قد سمعته أنا مرارا».
5- في الأصل:«إن سبقتم القوم».و أثبت ما في ح.

وَ الضَّعِيفَ وَ مَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ هَذَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ الْجَوْرِ لَقَدْ شَجَّعْتَ الْجَبَانَ وَ بَصَّرْتَ الْمُرْتَابَ وَ حَمَلْتَ مَنْ لاَ يُرِيدُ قِتَالَكَ عَلَى كَتِفَيْكَ فَأَغْلَظَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ لِعَمْرٍو اكْفِنِي صَدِيقَكَ فَأَتَاهُ عَمْرٌو فَأَغْلَظَ فَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي ذَلِكَ:

لَعَمْرُ أَبِي مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ وَ عَمْرٌو مَا لِدَائِهِمَا دَوَاءٌ

سِوَى طَعْنٍ يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهِ وَ ضَرْبٍ حِينَ يَخْتَلِطُ الدِّمَاءُ

فَلَسْتُ بِتَابِعٍ دِينَ اِبْنِ هِنْدٍ طِوَالَ الدَّهْرِ مَا أَرْسَى حِرَاءُ

لَقَدْ ذَهَبَ الْعِتَابُ فَلاَ عِتَابٌ وَ قَدْ ذَهَبَ الْوَلاَءُ فَلاَ وَلاَءُ

وَ قَوْلِي فِي حَوَادِثِ كُلِّ أَمْرِي (1) عَلَى عَمْرٍو وَ صَاحِبِهِ الْعَفَاءُ

أَلاَ لِلَّهِ دَرُّكَ يَا اِبْنَ هِنْدٍ لَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ فَلاَ خَفَاءُ (2)

أَ تَحْمُونَ اَلْفُرَاتَ عَلَى رِجَالٍ وَ فِي أَيْدِيهِمُ الْأَسَلُ الظَّمَاءُ

وَ فِي الْأَعْنَاقِ أَسْيَافٌ حِدَادٌ كَأَنَّ الْقَوْمَ عِنْدَهُمُ نِسَاءٌ (3)

فَتَرْجُو أَنْ يُجَاوِرَكُمْ عَلِيٌّ بِلاَ مَاءٍ وَ لِلْأَحْزَابِ مَاءٌ

دَعَاهُمْ دَعْوَةً فَأَجَابَ قَوْمٌ كَجُرْبِ الْإِبِلِ خَالَطَهَا الْهِنَاءُ.

قَالَ ثُمَّ سَارَ الْهَمْدَانِيُّ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَلَحِقَ بِعَلِيٍّ قَالَ وَ مَكَثَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ يَوْماً وَ لَيْلَةً بِغَيْرِ مَاءٍ وَ اغْتَمَّ عَلِيٌّ بِمَا فِيهِ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ .

.

نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ لَمَّا اغْتَمَّ بِمَا فِيهِ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ مِنَ الْعَطَشِ قِبَلَ رَايَاتِ مَذْحِجَ وَ إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي

أَ يَمْنَعُنَا الْقَوْمُ مَاءَ اَلْفُرَاتِ وَ فِينَا الرِّمَاحُ وَ فِينَا الْحَجَفُ (4)).

ص: 164


1- ح:«كل خطب».
2- يقال برح الخفاء بكسر الراء و فتحها:أى ظهر ما كان خافيا و انكشف.و في الأصل:«ذهب الحياء فلا حياء»،و أثبت ما في ح.
3- في الأصل:«عندكم»،و الصواب ما أثبت من ح.
4- الحجف:جمع حجفة،و هي الترس من جلود الإبل يطارق بعضها ببعض.و انظر مقاييس اللغة(حجف).

وَ فِينَا الشَّوَازِبُ مِثْلُ الْوَشِيجِ وَ فِينَا السُّيُوفُ وَ فِينَا الزَّغَفُ (1)

وَ فِينَا عَلِيٌّ لَهُ سُورَةٌ إِذَا خَوَّفُوهُ الرَّدَى لَمْ يَخَفْ

فَنَحْنُ الَّذِينَ غَدَاةَ اَلزُّبَيْرِ وَ طَلْحَةَ خُضْنَا غُمَارَ التَّلَفِ (2)

فَمَا بَالُنَا أَمْسِ أُسْدَ الْعَرِينِ وَ مَا بَالُنَا الْيَوْمَ شَاءَ النَّجَفُ (3)

فَمَا لِلْعِرَاقِ وَ مَا لِلْحِجَازِ سِوَى الْيَوْمِ يَوْمٌ فَصُكُّوا الْهَدَفْ (4)

فَدِبُّوا إِلَيْهِمْ كَبُزْلِ الْجِمَالِ دُوَيْنَ الذَّمِيلِ وَ فَوْقَ الْقَطَفِ (5)

فَإِمَّا تَحُلُّوْا بِشَطِّ اَلْفُرَاتِ وَ مِنَّا وَ مِنْهُمْ عَلَيْهِ الْجِيَفْ

وَ إِمَّا تَمُوتُوا عَلَى طَاعَةٍ تُحِلُّ الْجِنَانَ وَ تَحْبُو الشَّرَفْ

وَ إِلاَّ فَأَنْتُمْ عَبِيدُ الْعَصَا وَ عَبْدُ الْعَصَا مُسْتَذِلٌّ نَطِفْ (6)

قَالَ فَحَرَّكَ ذَلِكَ عَلِيّاً ثُمَّ مَضَى إِلَى رَايَةِ كِنْدَةَ (7)فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي إِلَى جَنْبِ مَنْزِلِ اَلْأَشْعَثِ (8)وَ هُوَ يَقُولُن.

ص: 165


1- الشوازب:الخيل الضامرة.و في الأصل:«الشوارب»و في ح:«الشواذب» صوابه بالزاى كما أثبت.و الوشيج:أراد به الرماح،و أصل الوشيج شجر الرماح.و شبه الخيل بالرماح في دقتها و ضمرها.انظر المفضليات(2:180).و الزغف:جمع زغفة، و هي الدرع الواسعة الطويلة؛و الغين تسكن و تحرك في المفرد و الجمع.
2- يشير إلى وقعة الجمل.
3- النجف،بفتح النون و الجيم،قال ابن الأعرابى.«هو الحلب الجيد حتّى ينفض الضرع».انظر خزانة البغداديّ(1:529)و مروج الذهب(2:18)حيث أنشد بعض هذه الأبيات.
4- الصك:الضرب.ح:«سوا الشام خصم».
5- الذميل و القطف:ضربان من السير.
6- عبيد العصا،يقال للقوم إذا استذلوا.قال امرؤ القيس: قولا لدودان عبيد العصا ما غركم بالأسد الباسل و في الأصل:«عبيد الرشاء*و عبد الرشا»صوابه في ح(1:328).و النطف: المريب المعيب.
7- ح:«رايات كندة».
8- في مروج الذهب(2:18):«و ألقى في فسطاط الأشعث بن قيس رقعة فيها» و أنشد البيتين الأولين.

لَئِنْ لَمْ يُجَلِّ اَلْأَشْعَثُ الْيَوْمَ كُرْبَةً مِنَ الْمَوْتِ فِيهَا لِلنُّفُوسِ تَعَنُّتُ (1)

فَنَشْرَبَ مِنْ مَاءِ اَلْفُرَاتِ بِسَيْفِهِ فَهَبْنَا أُنَاساً قَبْلُ كَانُوا فَمَوَّتُوا

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَجْمَعْ لَنَا الْيَوْمَ أَمْرَنَا وَ تَلْقَ الَّتِي فِيهَا عَلَيْكَ التَّشَتُّتُ (2)

فَمَنْ ذَا الَّذِي تُثْنِي الْخَنَاصُر بِاسْمِهِ سِوَاكَ وَ مَنْ هَذَا إِلَيْهِ التَّلَفُّتُ

وَ هَلْ مِنْ بَقَاءٍ بَعْدَ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ نَظَلُّ عِطَاشاً وَ الْعَدُوُّ يُصَوِّتُ (3)

هَلُمُّوا إِلَى مَاءِ اَلْفُرَاتِ وَ دُونَهُ صُدُورُ الْعَوَالِي وَ الصَّفِيحُ الْمُشَتَّتُ

وَ أَنْتَ امْرُؤٌ مِنْ عُصْبَةٍ يَمَنِيَّةٍ وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْ غُصْنِهِ حِينَ يَنْبُتُ.

فَلَمَّا سَمِعَ اَلْأَشْعَثُ قَوْلَ الرَّجُلِ أَتَى عَلِيّاً مِنْ لَيْلَتِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَمْنَعُنَا الْقَوْمُ مَاءَ اَلْفُرَاتِ وَ أَنْتَ فِينَا وَ مَعَنَا السُّيُوفُ خَلِّ عَنَّا وَ عَنِ الْقَوْمِ فَوَ اللَّهِ لاَ نَرْجِعُ حَتَّى نَرُدَّهُ أَوْ نَمُوتَ وَ مُرِ اَلْأَشْتَرَ فَلْيَعْلُ بِخَيْلِهِ فَيَقِفْ حَيْثُ تَأْمُرُهُ (4)، فَقَالَ: 1«ذَاكَ إِلَيْكُمْ» (5)فَرَجَعَ اَلْأَشْعَثُ فَنَادَى فِي النَّاسِ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَاءَ أَوِ الْمَوْتَ فَمِيعَادُهُ الصُّبْحُ (6)فَإِنِّي نَاهِضٌ إِلَى الْمَاءِ فَأَتَاهُ مِنْ لَيْلَتِهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ (7)وَ شَدَّ عَلَيْهِ سِلاَحَهُ وَ هُوَ يَقُولُ:

مِيعَادُنَا الْيَوْمَ بَيَاضُ الصُّبْحِ هَلْ يَصْلُحُ الزَّادُ بِغَيْرِ مِلْحٍ

لاَ لاَ وَ لاَ أَمْرٌ بِغَيْرِ نُصْحٍ دِبُّوا إِلَى الْقَوْمِ بِطَعْنٍ سَمْحِ».

ص: 166


1- التعنت،من قولهم تعنت فلان فلانا:إذا أدخل عليه الأذى.و في الأصل «تفتت»،و في مروج الذهب:«تعلت»صوابهما ما أثبت.
2- ح:«المذلة».
3- ح«نظل خفوتا».
4- في الأصل:«و مر الأشتر فليعلو بخيله فيقف حين أمره»،صوابه من ح.
5- في الأصل:«إليك»و أثبت ما في ح.
6- ح:«فميعاده موضع كذا».
7- ح:«فأتاه اثنا عشر ألفا من كندة و أفناء قحطان واضعى سيوفهم على عواتقهم».

مِثْلَ الْعَزَالَى بِطِعَانٍ نَفْحِ (1) لاَ صُلْحَ لِلْقَوْمِ وَ أَيْنَ صُلْحِي

حَسْبِي مِنَ الْإِقْحَامِ قَابُ رُمْحِ.

فَلَمَّا أَصْبَحَ دَبَّ فِي النَّاسِ وَ سُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَ جَعَلَ يُلْقِي رُمْحَهُ وَ يَقُولُ:بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي تَقَدَّمُوا قَابَ رُمْحِي (2)هَذَا فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى خَالَطَ الْقَوْمُ وَ حَسَرَ عَنْ رَأْسِهِ وَ نَادَى أَنَا اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ خَلُّوا عَنِ الْمَاءِ فَنَادَى أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ أَمَا وَ اللَّهِ لاَ حَتَّى تَأْخُذَنَا وَ إِيَّاكُمُ السُّيُوفُ فَقَالَ قَدْ وَ اللَّهِ أَظُنُّهَا دَنَتْ مِنَّا وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ قَدْ تَعَالَى بِخَيْلِهِ حَيْثُ أَمَرَهُ عَلِيٌّ فَبَعَثَ إِلَيْهِ اَلْأَشْعَثَ أَنْ أَقْحِمِ الْخَيْلَ فَأَقْحَمَهَا حَتَّى وَضَعَ سَنَابِكَهَا فِي اَلْفُرَاتِ وَ أَخَذَتِ الْقَوْمَ السُّيُوفُ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.

.

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [وَ]عَنْ زَيْدِ بْنِ حُسَيْنٍ (3)قَالَ: 5نَادَى اَلْأَشْعَثُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ:وَيْحَكَ يَا اِبْنَ الْعَاصِ خَلِّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَيَأْخُذُنَا وَ إِيَّاكُمُ السُّيُوفُ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ لاَ نُخَلِّي عَنْهُ حَتَّى تَأْخُذَنَا السُّيُوفُ وَ إِيَّاكُمْ فَيَعْلَمَ رَبُّنَا أَيُّنَا الْيَوْمَ أَصْبَرُ فَتَرَجَّلَ اَلْأَشْعَثُ وَ اَلْأَشْتَرُ (4)وَ ذَوُو الْبَصَائِرِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَ تَرَجَّلَ مَعَهُمَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً فَحَمَلُوا عَلَى عَمْرٍو وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ (5)فَأَزَالُوهُمْ عَنِ الْمَاءِ حَتَّى غَمَسَتْ خَيْلُ عَلِيٍّ سَنَابِكَهَا فِي الْمَاءِ.

.

نَصْرٌ رَوَى سَعْدٌ أَنَّ عَلِيّاً قَالَ: «ذَلِكَ الْيَوْمَ هَذَا يَوْمُ نُصِرْتُمْ فِيهِ بِالْحَمِيَّةِ»(6) .

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عَسْكَرَ هُنَاكَ وَ قَبْلَ ذَاكَ قَالَ شَاعِرُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ ،0.

ص: 167


1- العزالى:جمع عزلاء،بالفتح،و هي فم المزادة.شبه بها اتساع الطعنة و اندفاق الدماء منها.و النفح:الدفع.و طعنة نفاحة:دفاعة بالدم.
2- في الأصل:«قاب رمح»و أثبت ما في ح.قاب رمحى:أى قدره.
3- ح:«عن أبي جعفر و زيد بن الحسن».
4- ح:«فالأشتر»بالفاء.
5- ح:«على عمرو و أبى الأعور و من معهما من أهل الشام».
6- (7) ح:«فأتاه اثنا عشر ألفا من كندة و أفناء قحطان واضعى سيوفهم على عواتقهم».

أَ لاَ يَتَّقُونَ اللَّهَ أَنْ يَمْنَعُونَنَا اَلْفُرَاتَ وَ قَدْ يُرْوِي اَلْفُرَاتُ الثَّعَالِبَ

وَ قَدْ وَعَدُونَا الْأَحْمَرَيْنِ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمُ أَحْمَراً إِلاَّ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ (1)

إِذَا خَفَقَتْ رَايَاتُنَا طَحَنَتْ لَهَا رَحًى تَطْحَنُ الْأَرْحَاءَ وَ الْمَوْتُ طَالِبُ (2)

فَتُعْطِي إِلَهَ النَّاسِ عَهْداً نَفْيِ بِهِ لِصِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى نُضَارِبَ.

وَ كَانَ بَلَغَ أَهْلَ اَلشَّامِ أَنَّ عَلِيّاً جَعَلَ لِلنَّاسِ إِنْ فُتِحَتِ اَلشَّامُ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ الْبُرَّ وَ الذَّهَبَ وَ هُمَا الْأَحْمَرَانِ (3)وَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ خَمْسَمِائَةٍ كَمَا أَعْطَاهُمْ بِالْبَصْرَةِ (4)فَنَادَى مُنَادِي أَهْلِ اَلشَّامِ (5):يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ لِمَا ذَا نَزَلْتُمْ بِعَجَاجٍ مِنَ الْأَرْضِ؟ (6)نَحْنُ أَزْدُ شَنُوءَةَ لاَ أَزْدُ عُمَانَ يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ ،

لاَ خَمْسَ إِلاَّ جَنْدَلُ الْإِحَرِّينْ (7)وَ الْخَمْسُ قَدْ يُحَمِّلُ الْأَمَرَّينْ (8)س.

ص: 168


1- الأحمران،سيأتي تفسيرهما بعد الشعر.
2- الأرحاء،هاهنا:القبائل المستقلة،واحدتها رحى.
3- فسرا في المعاجم بأنهما اللحم و الخمر،أو الذهب و الزعفران.أما تفسيرهما بالبر و الذهب فلم أجده إلاّ هاهنا.و في ح:«التبر و الذهب»و لا إخال«التبر»إلا تحريفا.
4- لما فرغ على من بيعة أهل البصرة بعد وقعة الجمل نظر في بيت المال فإذا فيه ستمائة ألف و زيادة،فقسمها على من شهد معه،فأصاب كل رجل منهم خمسمائة خمسمائة،و قال:لكم إن أظفركم اللّه عزّ و جلّ بالشام مثلها إلى أعطياتكم.انظر الطبريّ(4:223).
5- في اللسان(حرر):«أنشد ثعلب لزيد بن عتاهية التميمى،و كان زيد المذكور لما عظم البلاء بصفين قد انهزم و لحق بالكوفة...فلما قدم زيد على أهله قالت له ابنته: أين خمس المائة؟فقال: إن أباك فر يوم صفّين لما رأى عكا و الأشعريين و قيس عيلان الهوازنيين و ابن نمير في سراة الكنديين و ذا الكلاع سيد اليمانين و حابسا يستن في الطائيين قال لنفس السوء هل تفرين لا خمس إلاّ جندل الإحرين و الخمس قد جشمك الأمرين جمزا إلى الكوفة من قنسرين».
6- العجاج،أراد به الأرض الخبيثة.و أصل العجاج من الناس الغوغاء و الأراذل و من لا خير فيه.
7- لا خمس،أراد لا خمسمائة.و الجندل:جمع جندلة،و هي الحجارة يقلها الرجل. و الإحرين بكسر أوله و فتح ثانيه:الحرار من الأرض،كأنها جمع إحرة،و لم يتكلموا بهذه. و هي من ملحقات الجمع السالم كالإوزين و الأرضين و السنين.و الحرار:جمع حرة،و هي أرض ذات حجارة سود نخرات.و المعنى:ليس لك اليوم إلاّ الحجارة و الخيبة.
8- الأمرين:الشر و الأمر العظيم،يقال بكسر الراء و فتحها،كما في القاموس.

جَمْزاً إِلَى اَلْكُوفَةِ مِنْ قِنَّسْرِينْ (1).

.

نَصْرٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ :

لاَ خَمْسَ إِلاَّ جَنْدَلُ الْإِحَرِّينْ وَ الْخَمْسُ قَدْ يُجَشِّمُكَ الْأَمَرَّيْنِ (2).

.

حديث الأشتر و الأشعث و عمرو يوم الماء

نَصْرٌ قَالَ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ (3)عَنْ جَابِرٍ قَالَ:سَمِعْتُ تَمِيماً النَّاجِيَ (4)قَالَ: سَمِعْتُ اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ يَوْمَ حَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ اَلْفُرَاتِ وَيْحَكَ يَا عَمْرُو وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَكَ رَأْياً فَإِذَا أَنْتَ لاَ عَقْلَ لَكَ أَ تَرَانَا نُخَلِّيكَ وَ الْمَاءَ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَ فَمُكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا مَعْشَرٌ عُرْبٌ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ هَبَلَتْكَ لَقَدْ رُمْتَ أَمْراً عَظِيماً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :أَمَا وَ اللَّهِ لَتَعْلَمُنَّ الْيَوْمَ أَنَّا سَنَفِي بِالْعَهْدِ وَ نُقِيمُ عَلَى الْعَقْدِ وَ نَلْقَاكَ بِصَبْرٍ وَ جَدٍّ (5)فَنَادَاهُ اَلْأَشْتَرُ وَ اللَّهِ لَقَدْ نَزَلْنَا هَذِهِ الْفُرْضَةَ يَا اِبْنَ الْعَاصِ وَ النَّاسُ تُرِيدُ الْقِتَالَ عَلَى الْبَصَائِرِ وَ الدِّينِ وَ مَا قِتَالُنَا سَائِرَ الْيَوْمِ إِلاَّ حَمِيَّةً.

ثُمَّ كَبَّرَ اَلْأَشْعَثُ وَ كَبَّرَ اَلْأَشْتَرُ ثُمَّ حَمَلاَ فَمَا ثَارَ الْغُبَارُ حَتَّى انْهَزَمَ أَهْلُ اَلشَّامِ .

ص: 169


1- الجمز:ضرب من السير السريع.و في الأصل:«حمزك من الكوفة إلى قنسرين» و كتب بجواره:«خ:يجزيك من كوف إلى قنسرين»إشارة إلى أنّه كذلك في نسخة أخرى.و صواب هذه الأخيرة:«جمزك»و هذا البيت الأخير ساقط من ح(1:329). و انظر الاشتقاق لابن دريد 85 جوتنجن 136 من تحقيقنا.
2- كتب إلى جوارها في الأصل:«خ:قد يحمل الأمرين».
3- هو عمرو بن شمر الجعفي الكوفيّ الشيعى،أبو عبد اللّه.يروى عن جعفر بن محمّد و جابر الجعفى،و الأعمش.انظر لسان الميزان(4:366).ح:«عمر بن شمر» تحريف.
4- هو تميم بن حذلم بالحاء المهملة و الذال المعجمة و زان جعفر-و يقال حذيم-الناجى الضى.الكوفيّ،أبو سلمة،شهد مع على و كان من خواصه.قال ابن حجر:«ثقة، مات سنة مائة».انظر منتهى المقال 70 و القاموس(حذلم)و تهذيب التهذيب و التقريب.
5- ح(1:329):«و نحكم العقد و نلقاهم بصبر وجد».

قَالُوا فَلَقِيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بَعْدَ ذَلِكَ (1)اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ:

أَيْ أَخَا كِنْدَةَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَبْصَرْتُ صَوَابَ قَوْلِكَ يَوْمَ الْمَاءِ وَ لَكِنِّي كُنْتُ مَقْهُوراً عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ فَكَايَدْتُكَ بِالتَّهَدُّدِ وَ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ.

ثُمَّ إِنَّ عَمْراً أَرْسَلَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ خَلِّ بَيْنَ الْقَوْمِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ أَ تَرَى الْقَوْمَ يَمُوتُونَ عَطَشاً وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْمَاءِ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ أَنْ خَلِّ بَيْنَ الْقَوْمِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ يَزِيدُ :وَ كَانَ شَدِيدَ اَلْعُثْمَانِيَّةِ كَلاَّ وَ اللَّهِ (2)لَنَقْتُلَنَّهُمْ عَطَشاً كَمَا قَتَلُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

نَصْرٌ عَمْرُو بْنِ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ تَغْلِبَ السَّدُوسِيَّ يَقُولُ: وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ اَلْأَشْتَرَ وَ هُوَ يَحْمِلُ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَوْمَ اَلْفُرَاتِ وَ هُوَ يَقُولُ

وَيْحَكَ يَا اِبْنَ الْعَاصِي تَنَحَّ فِي الْقَوَاصِي

وَ اهْرُبْ إِلَى الصَّيَاصِي (3)اَلْيَوْمَ فِي عِرَاصِ (4)

نَأْخُذُ بِالنَّوَاصِي لاَ نَحْذَرُ التَّنَاصِي (5)

نَحْنُ ذَوِي الْخِمَاصِ (6)لاَ نَقْرَبُ الْمَعَاصِي

فِي الْأَدْرَعِ الدِّلاَصِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُصَاصِ (7).ء.

ص: 170


1- ح:«بعد انقضاء صفّين».
2- في الأصل:«كلا و اللّه يا أم عبد اللّه».و هي عبارة تحتمل أن تكون من إقحام الناسخ،أو من تهكم يزيد بن أسد بمعاوية،كما أشار إلى ذلك ناشر الأصل.لكن عدم إثباتها في ح يؤيد أنّها مقحمة في الكتاب.
3- الصياصى:الحصون و كل شيء امتنع به.
4- العراص،بالكسر:جمع عرصة،بالفتح،و هي الساحة.
5- التناصى:أن يأخذ كل منهما بناصية الآخر.و في الأصل:«القصاص»تحريف.
6- الخماص:الضوامر،أراد بها الخيل.
7- الدلاص:البراقة الملساء اللينة،تقال للواحد و الجمع.و المصاص،بالضم:أخلص كل شيء.

فَأَجَابَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ

وَيْحَكَ يَا اِبْنَ الْحَارِثْ (1)أَنْتَ الْكَذُوبُ الْحَانِثْ

أَنْتَ الْغَرِيرُ النَّاكِثْ (2)أَعِدَّ مَالَ الْوَارِثْ

وَ فِي الْقُبُورِ مَاكِثْ.

.

عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ(3) عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ تَغْلِبَ (4)قَالَ:

حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ اَلْأَشْتَرَ يَوْمَ الْفُرَاتِ وَ قَدْ كَانَ لَهُ يَوْمَئِذٍ غَنَاءٌ عَظِيمٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ (5)وَ هُوَ يَقُولُ:

اَلْيَوْمُ يَوْمُ الْحِفَاظْ بَيْنَ الْكُمَاةِ الْغِلاَظْ

نَحْفِزُهَا وَ الْمِظَاظْ (6).

قَالَ:ثُمَّ قَالَ:وَ قَدْ قُتِلَ مِنْ آلِ ذِي لَقْوَةَ (7)وَ كَانَ يَوْمَئِذٍ فَارِسَ أَهْلِ اَلْأُرْدُنِّ وَ قُتِلَ رِجَالٌ مِنْ آلِ ذِي يَزَنَ .

نَصْرٌ فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ اَلْأَشْعَثَ يَوْمَ الْفُرَاتِ وَ قَدْ كَانَ لَهُ غَنَاءٌ عَظِيمٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ قَتَلَ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ بِيَدِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَكَارِهاً قِتَالَ أَهْلِ الصَّلاَةِ وَ لَكِنْ مَعِي مَنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنِّي فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ أَعْلَمُ بِالْكِتَابِح.

ص: 171


1- ابن الحارث،هو الأشتر.و اسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة،تنتهى نسبته إلى النخع.انظر الاشتقاق ص 241 و المعارف 84.
2- الغرير:الذي لم يجرب الأمور.و في الأصل:«العزيز»تحريف.
3- (3) في الأصل:«عمر بن شمر»تحريف.و قد تقدمت ترجمة عمرو في ص 169.
4- في الأصل:«بحر بن تغلب»و أثبت ما اتفق عليه الأصل و ح في الموضع التالى.
5- في الأصل:«من أهل العراق»و الوجه ما أثبت من ح(1:329).
6- الحفز:الطعن بالرمح.و المظاظ:المخاصمة و المنازعة.
7- كذا وردت العبارة ناقصة في الأصل،و لم ترد في مظنها من ح.

وَ السُّنَّةِ وَ هُوَ الَّذِي يَسْخَى بِنَفْسِهِ (1) .

قتال ظبيان بن عمارة التميمي

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ : أَنَّ ظَبْيَانَ بْنَ عُمَارَةَ التَّمِيمِيَّ جَعَلَ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلُ وَ هُوَ يَقُولُ (2)

مَا لَكَ يَا ظَبْيَانُ مِنْ بَقَاءٍ فِي سَاكِنِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ مَاءٍ (3)

لاَ وَ إِلَهِ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ فَاضْرِبْ وُجُوهَ الْغُدُرِ الْأَعْدَاءِ

بِالسَّيْفِ عِنْدَ حَمَسِ الْوَغَاءِ (4)حَتَّى يُجِيبُوكَ إِلَى السَّوَاءِ.

قَالَ فَضَرَبْنَاهُمْ وَ اللَّهِ حَتَّى خَلَّوْنَا وَ إِيَّاهُ.

خطبةالأشتر في تحريض أصحابه

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: طَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلشَّامِ الْقِتَالُ فَمَا أَنْسَى قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ [بْنِ] الْأَحْمَرِ (5)يَوْمَ الْفُرَاتِ وَ كَانَ مِنْ فُرْسَانِ عَلِيٍّ وَ هُوَ يَضْرِبُهُمْ بِالسَّيْفِ وَ هُوَ يَقُولُ:

خَلُّوا لَنَا عَنِ اَلْفُرَاتِ الْجَارِي أَوِ اثْبُتُوا لِلْجَحْفَلِ الْجَرَّارِ

لِكُلِّ قَرْمٍ مُسْتَمِيتٍ شَارِ (6) مُطَاعِنٍ بِرُمْحِهِ كَرَّارِ

ضَرَّابِ هَامَاتِ الْعِدَى مِغْوَارِ.

قَالَ ثُمَّ إِنَّ اَلْأَشْتَرَ دَعَا اَلْحَارِثَ بْنَ هَمَّامٍ النَّخَعِيَّ ثُمَّ اَلصُّهْبَانِيَّ (7)فَأَعْطَاهُ

ص: 172


1- السخاء:الجود،يقال سخى كسعى و دعا و رضى.و في الأصل:«بنفسى» و أثبت ما في ح(1:330).
2- الرجز في تاريخ الطبريّ(5:240)مطابق لهذه الرواية.
3- ح(1:33):«و حمل ظبيان بن عمارة التيمى على أهل الشام و هو يقول: هل لك يا ظبيان من بقاء فى ساكنى الأرض بغير ماء».
4- الوغى:الحرب،مقصور،و قد مده هنا للشعر.ح:«الهيجاء».
5- في الطبريّ:«عبد اللّه بن عوف بن الأحمر الأزديّ»،و التكملة هاهنا من الطبريّ و ممّا سبق في 160،161.
6- القرم بالفتح،هو من الرجال السيّد المعظم.و في الأصل:«قوم»صوابه في الطبريّ.و الشارى:البائع،أي الذي يبيع نفسه للّه؛و من ذلك سمى الخوارج شراة لأنّهم زعموا أنهم باعوا أنفسهم للّه بالجنة.
7- الصهبانى،نسبة إلى صهبان بالضم،و هم قبيلة من النخع،منهم كميل بن زياد صاحب على بن أبي طالب.انظر الاشتقاق 242.

لِوَاءَهُ ثُمَّ قَالَ:يَا حَارِثُ لَوْ لاَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ تَصْبِرُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَأَخَذْتُ لِوَائِي مِنْكَ وَ لَمْ أُحِبَّكَ بِكَرَامَتِي (1)قَالَ:وَ اللَّهِ يَا مَالِكُ لَأَسُّرَّنَّكَ الْيَوْمَ أَوْ لَأَمُوتَنَّ فَاتَّبِعْنِي فَتَقَدَّمَ بِاللِّوَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ (2):

يَا أَشْتَرَ الْخَيْرِ وَ يَا خَيْرَ اَلنَّخَعْ

وَ صَاحِبَ النَّصْرِ إِذَا عَمَّ الْفَزَعْ (3)

وَ كَاشِفَ الْأَمْرِ إِذَا الْأَمْرُ وَقَعْ

مَا أَنْتَ فِي الْحَرْبِ الْعَوَانِ بِالْجَذَعْ (4)

قَدْ جَزِعَ الْقَوْمُ وَ عَمُّوا بِالْجَزَعْ

وَ جُرِّعُوا الْغَيْظَ وَ غُصُّوا بِالْجُرَعْ

إِنْ تَسْقِنَا الْمَاءَ فَمَا هِيَ بِالْبِدَعِ (5)

أَوْ نَعْطِشَ الْيَوْمَ فَجُنْدٌ مُقْتَطِعْ (6)

مَا شِئْتَ خُذْ مِنْهَا وَ مَا شِئْتَ فَدَعْ.

فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ :اُدْنُ مِنِّي يَا حَارِثُ فَدَنَا مِنْهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَ قَالَ:لاَ يَتْبَعُ رَأْسَهُ الْيَوْمَ إِلاَّ خَيْرٌ (7)ثُمَّ قَامَ اَلْأَشْتَرُ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ يَوْمَئِذٍ وَ يَقُولُ:ح.

ص: 173


1- الحباء:ما يحبو به الرجل صاحبه و يكرمه به،تقول:حبوته أحبوه حباء.و في الأصل:«لم أجبك».و في ح:«لم أحيك»صوابهما ما أثبت.
2- القائل هو الحارث بن همام النخعيّ.و في مروج الذهب(2:18):«فصار يؤم الأشعث صاحب رايته،و هو رجل من النخع،يرتجز و يقول».
3- في مروج الذهب:«إذا عال الفرع».
4- الحرب العوان:التي حورب فيها مرة بعد مرة.و الجذع:الصغير السن.قال الليث:«الجذع من الدوابّ و الأنعام قبل أن يثنى بسنة».و في الأصل:«بالخدع»، و الخدع بفتح فكسر:الكثير الخداع.و لا وجه له هنا.و أثبت ما في ح.
5- في مروج الذهب:«فما هو بالبدع».
6- في الأصل:«فجد يقنطع»صوابه في ح.
7- الخير،بالفتح و كسيد:الكثير الخير.فى الأصل:«لا يتبع هذا اليوم إلاّ خيرا» و أثبت ما في ح.

فَدَتْكُمُ نَفْسِي شُدُّوا شِدَّةَ الْمُحْرَجِ الرَّاجِي الْفَرَجَ فَإِذَا نَالَتْكُمُ الرِّمَاحُ فَالْتَوُوا فِيهَا وَ إِذَا عَضَّتْكُمُ السُّيُوفُ فَلْيَعَضَّ الرَّجُلُ نَوَاجِذَهُ فَإِنَّهُ أَشَدُّ لِشُئُونِ الرَّأْسِ ثُمَّ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِهَامَاتِكُمْ قَالَ وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ يَوْمَئِذٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ مَحْذُوفٍ أَدْهَمَ كَأَنَّهُ حَلَكُ الْغُرَابِ (1) .

من قتلهم الأشتر و الأشعث في هذا اليوم

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ (2)عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ أَدْهَمَ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: قَتَلَ اَلْأَشْتَرُ فِي تِلْكَ الْمَعْرَكَةِ سَبْعَةً وَ قَتَلَ اَلْأَشْعَثُ فِيهَا خَمْسَةَ وَ لَكِنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ لَمْ يَثْبُتُوا فَكَانَ الَّذِينَ قَتَلَهُمُ اَلْأَشْتَرُ صَالِحَ بْنَ فَيْرُوزَ الْعُكِّيَّ وَ مَالِكَ بْنَ أَدْهَمَ السَّلْمَانِيَّ وَ رِيَاحَ بْنَ عَتِيكٍ الْغَسَّانِيَّ (3)وَ اَلْأَجْلَحَ بْنَ مَنْصُورٍ الْكِنْدِيَّ وَ كَانَ فَارِسَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ وَضَّاحٍ الْجُمَحِيَّ وَ زَامِلَ بْنَ عُبَيْدٍ الْحُزَامِيَّ وَ مُحَمَّدَ بْنَ رَوْضَةَ الْجُمَحِيَّ نَصْرٌ فَأَوَّلُ قَتِيلٍ قَتَلَ اَلْأَشْتَرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِيَدِهِ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صَالِحُ بْنُ فَيْرُوزَ وَ كَانَ مَشْهُوراً بِشِدَّةِ الْبَأْسِ فَقَالَ:وَ ارْتَجَزَ عَلَى اَلْأَشْتَرِ

يَا صَاحِبَ الطِّرْفِ الْحَصَانِ الْأَدْهَمِ أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ عَلَيْنَا أَقْدِمِ

أَنَا ابْنُ ذِي الْعِزِّ وَ ذِي التَّكَرُّمِ سَيِّدُ عُكٍّ كُلِّ عُكٍّ فَاعْلَمِ.

فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ

آلَيْتُ لاَ أَرْجِعُ حَتَّى أَضْرِبَا بِسَيْفِي الْمَصْقُولِ ضَرْباً مُعْجَباً

أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَذْحِجٍ مُرَكَّباً مِنْ خَيْرِهَا نَفْساً وَ أُمّاً وَ أَباً (4).

قَالَ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ بِالرُّمْحِ فَقَتَلَهُ وَ فَلَقَ ظَهْرَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ،

ص: 174


1- المحذوف:المقطوع الذنب.و حلك الغراب:شدة سواده.
2- في الأصل:«عمر بن شمر»تحريف.و انظر ترجمته في ص 169.
3- في الأصل:«رماح بن عتيك الغسانى»و أثبت ما في ح.
4- روى هذا البيتان في ح(1:330)مقدمين على البيتين السابقين.

ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ فَارِسٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ أَدْهَمَ السَّلْمَانِيُّ وَ كَانَ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنِّي مَنَحْتُ مَالِكاً سِنَانِيَا (1) أُجِيبُهُ بِالرُّمْحِ إِذْ دَعَانِيَا

لِفَارِسٍ أَمْنَحُهُ طِعَانِيَا.

ثُمَّ شَدَّ عَلَى اَلْأَشْتَرِ فَلَمَّا رَهَقَهُ (2)الْتَوَى اَلْأَشْتَرُ عَلَى الْفَرَسِ وَ مَارَ السِّنَانُ فَأَخْطَأَهُ (3)ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ وَ شَدَّ عَلَيْهِ بِالرُّمْحِ وَ هُوَ يَقُولُ

خَانَكَ رُمْحٌ لَمْ يَكُنْ خَوَّاناً وَ كَانَ قِدْماً يَقْتُلُ الْفُرْسَانَا

لَوَيْتُهُ لِخَيْرِ ذِي قَحْطَانَا لِفَارِسٍ يَخْتَرِمُ الْأَقْرَانَا

أَشْهَلَ لاَ وَغْلاً وَ لاَ جَبَاناً (4).

فَقَتَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَارِسٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ رِيَاحُ بْنُ عَتِيكٍ (5)وَ هُوَ يَقُولُ

إِنِّي زَعِيمُ مَالِكٍ بِضَرْبٍ بِذِي غِرَارَيْنِ جَمِيعُ الْقَلْبِ (6)

عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ شَدِيدُ الصَّلْبِ.

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ شَدِيدُ الْعُصْبِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

رُوَيْدَ لاَ تَجْزَعْ مِنْ جِلاَدِي جِلاَدِ شَخْصٍ جَامِعِ الْفُؤَادِ (7)

يُجِيبُ فِي الرَّوْعِ دُعَا الْمُنَادِي يَشُدُّ بِالسَّيْفِ عَلَى الْأَعَادِي.ة.

ص: 175


1- في الأصل:«منحت صالحا»تحريف.و مالك،هو مالك بن الحارث،المعروف بالأشتر النخعيّ.الإصابة 8335 و تهذيب التهذيب و معجم المرزبانى 362.
2- رهقه:غشيه أو لحقه أو دنا منه.
3- مار يمور مورا:اضطرب.
4- الأشهل،من الشهلة و هي أقل من الزرق في الحدقة و أحسن منه.و الوغل: الضعيف النذل الساقط.
5- في الأصل:«رياح بن عبيدة»،و في ح:«رياح بن عقيل»و أثبت ما سبق في ص 174.
6- جميع القلب:مجتمعه لم يتفرق عليه.
7- لا تجزع،أراد لا تجزعن،بنون التوكيد الخفيفة.

فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ فَارِسٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَضَّاحِ وَ هُوَ يَقُولُ:

هَلْ لَكَ يَا أَشْتَرُ فِي بِرَازِي بِرَازَ ذِي غَشْمٍ وَ ذِي اعْتِزَازِ

مُقَاوِمٍ لِقِرْنِهِ لَزَّازِ (1).

فَخَرَجَ إِلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

نَعَمْ نَعَمْ أَطْلُبُهُ شَهِيداً مَعِي حُسَامٌ يَقْصِمُ الْحَدِيدَا

يَتْرُكُ هَامَاتِ الْعِدَى حَصِيداً

فَقَتَلَهُ.ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ فَارِسٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ زَامِلُ بْنُ عَتِيكٍ الْحِزَامِيُّ (2)وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَلْوِيَةِ فَشَدَّ عَلَيْهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا صَاحِبَ السَّيْفِ الْخَضِيبِ الْمِرْسَبِ (3)

وَ صَاحِبَ الْجَوْشَنِ ذَاكَ الْمُذْهَبِ (4)

هَلْ لَكَ فِي طَعْنِ غُلاَمٍ مُحْرَبٍ (5)

يَحْمِلُ رُمْحاً مُسْتَقِيمَ الثَّعْلَبِ

لَيْسَ بِحَيَّادٍ وَ لاَ مُغَلَّبٍع.

ص: 176


1- اللزاز:الشديد الخصومة،اللزوم لما يطالب.و يقال أيضا لزه لزا:طعنه.
2- في الأصل:«أزمل»تحريف.و سبق في ص 174:«زامل بن عبيد» و في ح:«زامل بن عقيل».
3- المرسب،من قولهم سيف رسب و رسوب:ماض يغيب في الضريبة.و كان سيف خالد بن الوليد يسمى«مرسبا».و في الأصل:«المرزبى»و لا وجه له.
4- الجوشن:زرد يلبس على الصدر و الحيزوم.
5- المحرب و المحراب:الشديد الحرب الشجاع.

فَطَعَنَ اَلْأَشْتَرَ فِي مَوْضِعِ الْجَوْشَنِ فَصَرَعَهُ عَنْ فَرَسِهِ وَ لَمْ يُصِبْ مَقْتَلاً وَ شَدَّ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ رَاجِلاً فَكَسَفَ قَوَائِمَ الْفَرَسِ بِالسَّيْفِ (1)وَ هُوَ يَقُولُ

لاَ بُدَّ مِنْ قَتْلِي أَوْ مِنْ قَتْلِكَا قَتَلْتُ مِنْكُمْ خَمْسَةً مِنْ قَبْلِكَا

وَ كُلُّهُمْ كَانُوا حُمَاةً مِثْلَكَا.

ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ وَ هُمَا رَجِلاَنِ (2)ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ فَارِسٌ يُقَالُ لَهُ اَلْأَجْلَحُ وَ كَانَ مِنْ أَعْلاَمِ اَلْعَرَبِ وَ فُرْسَانِهَا وَ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ لاَحِقٌ فَلَمَّا اسْتَقْبَلَهُ اَلْأَشْتَرُ كَرِهَ لِقَاءَهُ وَ اسْتَحْيَا أَنْ يَرْجِعَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَقْدِمَ بِاللاَّحِقِ لاَ تُهَلِّلِ (3) عَلَى صُمُلٍّ ظَاهِرِ التَّسَلُّلِ (4)

كَأَنَّمَا يَقْشِمُ مُرَّ الْحَنْظَلِ (5) إِنْ سُمْتَهُ خَسْفاً أَبَى أَنْ يَقْبَلِ

وَ إِنْ دَعَاهُ الْقِرْنُ لَمْ يُعَوِّلِ (6) يَمْشِي إِلَيْهِ بِحُسَامٍ مِفْصَلِ

مَشْياً رُوَيْداً غَيْرَ مَا مُسْتَعْجَلِ يَخْتَرِمُ الْآخَرَ بَعْدَ الْأَوَّلِ.

فَشَدَّ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

بُلِيتُ بِالْأَشْتَرِ ذَاكَ الْمَذْحِجِي بِفَارِسٍ فِي حَلَقٍ مُدَجَّجٍه.

ص: 177


1- الكسف:القطع.و في الحديث«أن صفوان كسف عرقوب راحلته»،أي قطعه بالسيف.و في الأصل:«فكتف»بالتاء،و في ح:«فكشف»بالشين،صوابهما بالسين المهملة كما أثبت.
2- الرجل،بالفتح و كفرح و ندس:الراجل،و هو خلاف الراكب.ح:«و هما راجلان»و كلاهما صحيح.
3- أقدم:أمر من الإقدام،و أصله أقدمن بنون التوكيد الخفيفة حذفت للضرورة و بقيت الفتحة،كما في قول طرفة: اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس انظر شرح شواهد المغني 315.و التهليل:النكوص و الإحجام.
4- الصمل،كعتل:الشديد الخلق العظيم.
5- القشم،بالشين المعجمة:الأكل.و في الأصل:«يقسم»تحريف.و أكل الحنظل مثل في شدة العداوة.انظر البيت 13 من المفضلية 40 طبع المعارف.
6- التعويل:رفع الصوت بالبكاء و الصياح.و في الأصل:«لم يقول»و لا وجه له.

كَاللَّيْثِ لَيْثِ الْغَابَةِ الْمُهَيَّجِ إِذَا دَعَاهُ الْقَرْنُ لَمْ يُعَرِّجِ

فَضَرَبَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَوْضَةَ وَ هُوَ يَضْرِبُ فِي أَهْلِ اَلْعِرَاقِ ضَرْباً مُنْكَراً وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا سَاكِنِي اَلْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْفِتَنْ يَا قَاتِلِي عُثْمَانَ ذَاكَ الْمُؤْتَمَنْ

وَرَّثَ صَدْرِي قَتْلُهُ طُولَ الْحَزَنْ (1) أَضْرِبُكُمْ وَ لاَ أَرَى أَبَا حَسَنْ .

فَشَدَّ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ

لاَ يُبَعِّدُ اللَّهُ سِوَى عُثْمَانَا وَ أَنْزَلَ اللَّهُ بِكُمْ هَوَاناً

وَ لاَ يُسَلِّي عَنْكُمُ الْأَحْزَانَا مُخَالِفٌ قَدْ خَالَفَ الرَّحْمَانَا

نَصَرْتُمُوهُ عَابِداً شَيْطَاناً

ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ.وَ قَالَتْ أُخْتُ اَلْأَجْلَحِ بْنِ مَنْصُورٍ الْكِنْدِيِّ حِينَ أَتَاهَا مُصَابُهُ وَ كَانَ اسْمُهَا حُبْلَةَ بِنْتَ مَنْصُورٍ

أَلاَ فَابْكِي أَخاً ثِقَةً فَقَدْ وَ اللَّهِ أُبْكِينَا (2)

لِقَتْلِ الْمَاجِدِ الْقَمْقَامِ لاَ مِثْلَ لَهُ فِينَا

أَتَانَا الْيَوْمَ مَقْتَلُهُ فَقَدْ جُزَّتْ نَوَاصِينَا

كَرِيمٌ مَاجِدُ الْجَدَّيْنِ يَشْفِي مِنْ أَعَادِينَا

وَ مِمَّنْ قَادَ جَيْشَهُمُ عَلِيٌّ وَ الْمُضِلُّونَا (3)

شَفَانَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَقَدْ أَبَادُونَا (4)

أَ مَا يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ لَمْ يَرْعَوا لَهُ دِيناً.ح.

ص: 178


1- ح(1:330):«أورث قلبى قتله طول الحزن».
2- في الأصل:«أبلينا»صوابه في ح(1:331).
3- البيت لم يرو في ح.و في الأصل:«و المصلونا»و هي إنّما تهجو أصحاب على رضي اللّه عنه.
4- في الأصل:«قد أبادونا»،و أثبت ما في ح.

[قول علي في مرثية حبلة للأجلح أخيها]

نَصْرٌ قَالَ قَالَ عُمَرُ قَالَ جَابِرٌ : بَلَغَنِي أَنَّهَا مَاتَتْ حُزْناً عَلَى أَخِيهَا وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ بَلَغَهُ مَرْثِيَتُهَا أَخَاهَا: 1«أَمَا إِنَّهُنَّ لَيْسَ بِمِلْكِهِنَّ مَا رَأَيْتُمْ مِنَ الْجَزَعِ (1)أَمَا إِنَّهُمْ قَدْ أَضَرُّوا بِنِسَائِهِمْ فَتَرَكُوهُنَّ [أَيَامَى] خَزَايَا (2)[بَائِسَاتٍ] مِنْ قِبَلِ اِبْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ (3)،اَللَّهُمَّ حَمِّلْهُ آثَامَهُمْ وَ أَوْزَارَهُمْ« وَ أَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ(4) » .وَ أُصِيبَ يَوْمَ الَوْقَعْةَ الْعُظْمَى حَبِيبُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخُو اَلْأَجْلَحِ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الرَّايَاتِ وَ جَاءَ بِرَأْسِهِ رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ قَدْ نَازَعَهُ فِي سَلَبِهِ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَأَصْلَحَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمَا وَ قَضَى بِسَلَبِهِ لِلْبَجَلِيِّ وَ أَرْضَى الْهَمْدَانِيَّ .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ أَدْهَمَ عَنْ صَعْصَعَةَ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ جُمْهُورَ النَّاسِ حَتَّى كَشَفَ أَهْلَ اَلشَّامِ عَنِ الْمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ

لاَ تَذْكُرُوا مَا قَدْ مَضَى وَ فَاتَا وَ اللَّهُ رَبِّي بَاعِثٌ أَمْوَاتاً (5)

مِنْ بَعْدِ مَا صَارُوا صَدًى رُفَاتاً (6)لَأُورِدَنَّ خَيْلِيَ اَلْفُرَاتَا

شُعْثَ النَّوَاصِي أَوْ يُقَالَ مَاتَا (7).).

ص: 179


1- ليس بملكهن:أى إن ما بدا عليهن من الجزع خارج عن إرادتهن.و في الأصل: «ليس يملكن»و أثبت ما في ح.
2- الخزايا:جمع خزيا،و هي التي عملت قبيحا فاشتد لذلك حياؤها.ح:«حزانى».
3- آكلة الأكباد يعنى بها هندا بنت عتبة بن ربيعة.و هي أم معاوية.يروى أنّها بقرت عن كبد حمزة فلاكتها،و قالت: شفيت من حمزة نفسى بأحد حتى يقرت بطنه عن الكبد انظر السيرة 581 جوتنجن.
4- (4) ح:«مع أثقاله».
5- في ح:«باعث الأمواتا».
6- الصدى:ما يبقى من الميت في قبره.و في الأصل:«كذا».
7- انظر مروج الذهب(2:18).

وَ كَانَ لِوَاءُ اَلْأَشْعَثِ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ لَهُ اَلْأَشْعَثُ لِلَّهِ أَنْتَ لَيْسَ اَلنَّخَعُ بِخَيْرٍ مِنْ كِنْدَةَ قَدِّمْ لِوَاءَكَ فَإِنَّ الْحَظَّ لِمَنْ سَبَقَ فَتَقَدَّمَ صَاحِبُ اللِّوَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَ نَعْطِشُ الْيَوْمَ وَ فِينَا اَلْأَشْعَثُ وَ اَلْأَشْعَثُ الْخَيْرُ كَلَيْثٍ يَعْبَثُ

فَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تَلْبَثُوا أَنْ تَشْرَبُوا الْمَاءَ فَسُبُّوا وَ ارْفُثُوا

مَنْ لاَ يَرِدْهُ وَ الرِّجَالُ تَلْهَثُ.

وَ قَالَ اَلْأَشْعَثُ إِنَّكَ لَشَاعِرٌ وَ مَا أَنْعَمْتَ لِي بُشْرَى وَ كَرِهَ أَنْ يَخْلُطَ اَلْأَشْتَرَ بِهِ فَنَادَى اَلْأَشْعَثُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْحَظُّ لِمَنْ سَبَقَ.

قَالَ وَ حَمَلَ عَمْرٌو الْعُكِّيُّ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَ هُوَ يَقُولُ

اُبْرُزْ إِلَى ذَا الْكَبْشِ يَا نَجَاشِي اِسْمِيَ عَمْرٌو وَ أَبُو خِرَاشِ

وَ فَارِسُ الْهَيْجَاءِ بِانْكِمَاشِي تُخْبِرُ عَنْ بَأْسِي وَ احْرِنْفَاشِي (1)

فَشَدَّ عَلَيْهِ اَلنَّجَاشِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ

أَرْوِدْ قَلِيلاً فَأَنَا اَلنَّجَاشِي مِنْ سَرْوِ كَعْبٍ لَيْسَ بِالرَّقَاشِي

أَخُو حُرُوبٍ فِي رِبَاطِ الْجَاشِ وَ لاَ أَبِيعُ اللَّهْوَ بِالْمَعَاشِ

أَنْصُرُ خَيْرَ رَاكِبٍ وَ مَاشِ أَعْنِي عَلِيّاً بَيِّنَ الرِّيَاشِ

مِنْ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي نَشْنَاشِ (2)مُبَرَّأً مِنْ نَزَقِ الطُّيَّاشِ

بَيْتُ قُرَيْشٍ لاَ مِنَ الْحَوَاشِي لَيْثُ عَرِينٍ لِلْكِبَاشِ غَاشِ (3)م.

ص: 180


1- الاحرنفاش:التقبض و التهيؤ للشر.و في الأصل:«يخبر بأني من أحرناشى». تحريف.
2- النشناش:مصدر نشنش الرجل الرجل إذا دفعه و حركه؛و نشنش السلب: أخذه.و لم تذكر هذا المصدر المعاجم،و هذا الوزن من المصادر سماعى.انظر شرح الشافية(1:178).
3- كبش القوم:رئيسهم و سيدهم،و قائدهم.

يَقْتُلُ كَبْشَ الْقَوْمِ بِالْهِرَاشِ وَ ذِي حُرُوبٍ بَطَلٍ وَ نَاشِ

خَفَّ لَهُ أَخْطَفَ فِي الْبِطَاشِ (1) مِنْ أُسْدِ خَفَّاَنٍ وَ لَيْثٍ شَاشِ (2).

فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَفَلَقَ هَامَتَهُ بِالسَّيْفِ وَ حَمَلَ أَبُو الْأَعْوَرِ وَ هُوَ يَقُولُ

أَنَا أَبُو الْأَعْوَرِ وَ اسْمِي عَمْرٌو (3)أَضْرِبُ قُدْماً لاَ أُوَلِّي الدُّبُرْ

لَيْسَ بِمِثْلِي يَا فَتَى يُغْتَرُّ وَ لاَ فَتًى يُلاَقِينِي يُسَرُّ (4)

أَحْمِي ذِمَارِي وَ الْمُحَامِي حُرٌّ جَرَى إِلَى الْغَايَاتِ فَاسْتَمَرَّ (5).

فَحَمَلَ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

لَسْتُ وَ إِنْ يُكْرَهْ ذَا الْخِلاَطِ لَيْسَ أَخُو الْحَرْبِ بِذِي اخْتِلاَطِ

لَكِنْ عُبُوسٌ غَيْرُ مُسْتَشَاطِ هَذَا عَلِيٌّ جَاءَ فِي الْأَسْبَاطِ

وَ خَلَّفَ النَّعِيمَ بِالْإِفْرَاطِ بِعَرْصَةٍ فِي وَسَطِ الْبَلاَطِ

مُنَحَّلُ الْجِسْمِ مِنَ الرِّبَاطِ (6) يَحْكُمُ حُكْمَ الْحَقِّ لاَ اعْتِبَاطِ.

وَ حَمَلَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ فَقَالَ:

أَنَا شُرَحْبِيلُ أَنَا اِبْنُ السِّمْطِ مُبَيِّنُ الْفِعْلِ بِهَذَا الشَّطِّ

بِالطَّعْنِ سَمْحاً بِقَنَاةِ الْخَطِّ أَطْلُبُ ثَارَاتِ قَتِيلِ الْقِبْطِ (7)

جَمَعْتُ قَوْمِي بِاشْتِرَاطِ الشَّرْطِ عَلَى اِبْنِ هِنْدٍ وَ أَنَا الْمُوَطِّير.

ص: 181


1- خف له:أسرع.و البطاش:مصدر باطشه،و البطش:التناول بشدة عند الصولة. و في الأصل:«كف له يخطف بالنهاس».
2- خفان،ككتان:مأسدة قرب الكوفة.و شاش:مدينة بما وراء النهر.
3- هذا يؤيد ما قيل من أن اسمه«عمرو بن سفيان السلمى».
4- في الأصل:«و لا فتى بلا فتى يسر».
5- الغايات:غايات السبق ينتهى إليها.و في الأصل:«جرى على الغايات».
6- الرباط و المرابطة:ملازمة ثغر العدو.
7- يعني عثمان،و عنى بالقبط أهل مصر.

حَتَّى أَنَاخُوا بِالْمُحَامِي الْخَطِّ جُنْدٌ يَمَانٍ لَيْسَ هُمْ بِخَلْطٍ.

فَأَجَابَهُ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ

إِنِّي أَنَا اَلْأَشْعَثُ وَ اِبْنُ قَيْسٍ فَارِسُ هَيْجَاءِ قَبِيلِ دَوْسِ

لَسْتُ بِشَكَّاكٍ وَ لاَ مَمْسُوسِ (1)كِنْدَةُ رُمْحِي وَ عَلِيٌّ قَوْسِي.

وَ قَالَ حَوْشَبٌ ذُو ظَلِيمٍ (2)

يَا أَيُّهَا الْفَارِسُ ادْنُ لاَ تُرَعْ أَنَا أَبُو مُرَّ وَ هَذَا ذُو كَلَعَ (3)

مُسَوَّدٌ بِالشَّامِ مَا شَاءَ صَنَعَ أَبْلِغْ عَنِّي أَشْتَرَاً أَخَا اَلنَّخَعِ (4)

وَ اَلْأَشْعَثَ الْغَيْثَ إِذَا الْمَاءُ امْتُنِعَ (5)قَدْ كَثُرَ الْغَدْرُ لَدَيْكُمْ لَوْ نَفَعَ.

فَأَجَابَهُ اَلْأَشْعَثُ

أَبْلِغْ عَنِّي حَوْشَباً وَ ذَا كَلَعَ وَ شُرْحَبِيلَ ذَاكَ أَهْلَكَ الطَّمَعَ (6)

قَوْمٌ جُفَاةٌ لاَ حَياً وَ لاَ وَرَعْ يَقُودُهُمْ ذَاكَ الشَّقِيُّ الْمُبْتَدِعْ

إِنِّي إِذَا الْقِرْنُ لِقِرْنٍ يَخْتَضِعُ وَ أَبْرَقُوهَا فِي عَجَاجٍ قَدْ سَطَعَ (7)

أَحْمِي ذِمَارِي مِنْهُمُ وَ أَمْتَنِعُ.

وَ قَالَ اَلْأَشْتَرُ أَيْضاً فَجَالَ

يَا حَوْشَبُ الْجِلْفُ وَ يَا شَيْخَ كَلَعْ أَيُّكُمَا أَرَادَ أَشْتَرَ اَلنَّخَعْ».

ص: 182


1- الممسوس:الذي به مس من الجنون.و في هذا البيت سناد الحذو،و هو اختلاف حركة ما قبل الردف.و في الأصل:«مملوس»و لا وجه له.
2- سبقت ترجمته في ص 66.
3- ذو كلع،هو ذو الكلاع.انظر ص 60،61.
4- أبلغ:أى أبلغا،بنون التوكيد الخفيفة،حذفها و أبقى الحركة قبلها.انظر ما مضى ص 177.
5- في الأصل:«منع».
6- أي أهلكه الطمع.و قد غير ضبط شرحبيل للشعر.
7- العجاج،كسحاب:الغبار.أبرقوها:أى أبرقوا السيوف.و في اللسان:«و أبرق بسيفه يبرق:إذا لمع به».

هَا أَنَا ذَا وَ قَدْ يَهُولُكَ الْفَزَعُ فِي حَوْمَةٍ وَسْطَ قَرَارٍ قَدْ شَرَعْ

ثُمَّ تُلاَقِي بَطَلاً غَيْرَ جَزِعْ سَائِلْ بِنَا طَلْحَةَ وَ أَصْحَابَ الْبِدَعْ

وَ سَلْ بِنَا ذَاتَ الْبَعِيرِ الْمُضْطَجِعْ (1) كَيْفَ رَأَوْا وَقْعَ اللُّيُوثِ فِي النَّقَعْ (2)

تَلْقَى امْرَأً كَذَاكَ مَا فِيهِ خَلَعْ وَ خَالَفَ الْحَقَّ بِدِينٍ وَ ابْتَدَعْ (3).

خروج محمد بن مخنف إلى القتال و تعسر الحصول على الماء

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ (4)عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ (5)قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي يَوْمَئِذٍ وَ أَنَا ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ لَسْتُ فِي عَطَاءٍ (6)فَلَمَّا مَنَعَ النَّاسُ الْمَاءَ قَالَ لِي لاَ تَبْرَحْ فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ يَذْهَبُونَ نَحْوَ الْمَاءِ لَمْ أَصْبِرْ فَأَخَذْتُ سَيْفِي فَقَاتَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمٍ مَمْلُوكٍ لِبَعْضِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ مَعَهُ قِرْبَةٌ لَهُ فَلَمَّا رَأَى أَهْلَ اَلشَّامِ قَدْ أَفْرَجُوا عَنِ الْمَاءِ شَدَّ (7)فَمَلَأَ قِرْبَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَ شَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ (8)فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ وَ وَقَعَتِ الْقِرْبَةُ مِنْهُ وَ شَدَدْتُ عَلَى الشَّامِيِّ فَضَرَبْتُهُ وَ صَرَعْتُهُ وَ عَدَا أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ قَالَ وَ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ وَ رَجَعْتُ إِلَى الْمَمْلُوكِ فَأَجْلَسْتُهُ (9)فَإِذَا هُوَ يُكَلِّمُنِي وَ بِهِ جُرْحٌ رَحِيبٌ (10)فَلَمْ يَكُنْ أَسْرَعَ مِنْ أَنْ

ص: 183


1- ذات البعير،يعنى بها عائشة رضى اللّه عنها.و قد عرقب بعيرها يوم الجمل و أخذته السيوف حتّى سقط و اضطجع.
2- النقع،بالفتح:الغبار؛و حركه للشعر.
3- أي و ما خالف الحق.
4- هو أبو مخنف.و قد سبق نظير هذا الصنيع في ص 135.
5- ذكره في لسان الميزان(5:375)و قال:«روى يحيى بن سعيد عنه أنّه قال: دخلت مع أبى على على رضي اللّه عنه عام بلغت الحلم».و هذا يضم إلى أولاد مخنف.انظر ص 135.
6- العطاء:اسم لما يعطى.يقول:لم أكن في الجند فيفرض لي عطاء.و في الأصل: «فى غطاء»بالمعجمة،تحريف.
7- شد:أسرع في عدوه،كاشتد.
8- شد عليه،هنا،بمعنى حمل عليه.
9- في الطبريّ(5:241):«فاحتملته»أي حملته.
10- في الطبريّ.«رغيب»و هو الأكثر في كلامهم.انظر المفضليات(2:55).

جَاءَ مَوْلاَهُ فَذَهَبَ بِهِ وَ أَخَذْتُ قِرْبَتَهُ وَ هِيَ مَمْلُوءَةٌ مَاءً فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي فَقَالَ:مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَا؟ فَقُلْتُ:اِشْتَرَيْتُهَا وَ كَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ الْخَبَرَ فَيَجِدَ عَلَيَّ فَقَالَ:اِسْقِ الْقَوْمِ فَسَقَيْتُهُمْ وَ شَرِبْتُ آخِرَهُمْ وَ نَازَعَتْنِي نَفْسِي وَ اللَّهِ الْقِتَالَ فَانْطَلَقْتُ أَتَقَدَّمُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ قَالَ فَقَاتَلْتُهُمْ سَاعَةً ثُمَّ أَشْهَدُ أَنَّهُمْ خَلَّوْا لَنَا عَنِ الْمَاءِ قَالَ فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى رَأَيْتُ سُقَاتَهُمْ وَ سُقَاتَنَا يَزْدَحِمُونَ عَلَى الْمَاءِ فَمَا يُؤْذِي إِنْسَانٌ إِنْسَاناً قَالَ وَ أَقْبَلْتُ رَاجِعاً فَإِذَا أَنَا بِمَوْلَى صَاحِبِ الْقِرْبَةِ فَقُلْتُ هَذِهِ قَرِبْتُكَ فَخُذْهَا أَوِ ابْعَثْ مَعِي مَنْ يَأْخُذُهَا أَوْ أَعْلِمْنِي مَكَانَكَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ عِنْدَنَا مَا يُكْتَفَى بِهِ فَانْصَرَفْتُ وَ ذَهَبَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَرَّ عَلَى أَبِي فَوَقَفَ فَسَلَّمَ وَ رَآنِي إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْفَتَى مِنْكَ قَالَ ابْنِي قَالَ أَرَاكَ اللَّهُ فِيهِ السُّرُورَ اسْتَنْقَذَ وَ اللَّهِ غُلاَمِي أَمْسِ وَ حَدَّثَنِي شَبَابُ الْحَيِّ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَشْجَعِ النَّاسِ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبِي نَظْرَةً عَرَفْتُ [مِنْهَا] (1)الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ سَكَتَ حَتَّى مَضَى الرَّجُلُ ثُمَّ قَالَ هَذَا مَا تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِيهِ (2)قَالَ فَحَلَّفَنِي أَلاَّ أَخْرُجَ إِلَى قِتَالٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمَا شَهِدْتُ لَهُمْ قِتَالاً حَتَّى كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِمْ إِلاَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

نَصْرٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ [أَبِي] (3)إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ مِهْرَانَ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ هَانِئٍ السَّبِيعِيِّ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنَّ مَوْلاَيَ لَيُقَاتِلُ عَلَى الْمَاءِ وَ إِنَّ الْقِرْبَةَ لَفِي يَدِي فَلَمَّا انْكَشَفَ أَهْلُ اَلشَّامِ عَنِ الْمَاءِ شَدَدْتُ حَتَّى أَسْتَقِيَ وَ إِنِّي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَأَرْمِي وَ أُقَاتِلُ.6.

ص: 184


1- التكملة من الطبريّ(5:241)،و حذف العائد على الموصوف قليل في كلامهم. انظر حواشى الحيوان(6:241).
2- تقدم إليه في كذا:أمره و أوصاه به.و في الأصل:«قدمت»صوابه من الطبريّ.
3- التكملة من الطبريّ.و انظر منتهى المقال 336.

[حديث سليمان الحضرمي]

نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ (1)عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيِّ (2)قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ اَلْمَدِينَةِ خَرَجَ مَعَهُ أَبُو عَمْرَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ (3)قَالَ:فَشَهِدْنَا مَعَ عَلِيٍّ اَلْجَمَلَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا إِلَى اَلْكُوفَةِ ثُمَّ سِرْنَا إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ صِفِّينَ لَيْلَةٌ دَخَلَنِي الشَّكُّ فَقُلْتُ:وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي عَلاَمَ أُقَاتِلُ وَ مَا أَدْرِي مَا أَنَا فِيهِ قَالَ:وَ اشْتَكَى رَجُلٌ مِنَّا بَطْنَهُ مِنْ حُوتٍ أَكَلَهُ فَظَنَّ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ طَعِينٌ (4)فَقَالُوا:نَتَخَلَّفُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَقُلْتُ:أَنَا أَتَخَلَّفُ عَلَيْهِ وَ اللَّهِ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلاَّ مِمَّا دَخَلَنِي مِنَ الشَّكِّ فَأَصْبَحَ الرَّجُلُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ أَصْبَحْتُ قَدْ ذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ وَ نَفَذَتْ لِي بَصِيرَتِي حَتَّى إِذَا أَدْرَكْنَا أَصْحَابَنَا وَ مَضَيْنَا مَعَ عَلِيٍّ إِذَا أَهْلُ اَلشَّامِ قَدْ سَبَقُونَا إِلَى الْمَاءِ فَلَمَّا أَرَدْنَاهُ مَنَعُونَا فَصَلَتْنَا لَهُمْ بِالسَّيْفِ فَخَلَّوْنَا وَ إِيَّاهُ وَ أَرْسَلَ أَبُو عَمْرَةَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَدْ وَ اللَّهِ جُزْنَاهُمْ فَهُمْ يُقَاتِلُونَّا وَ هُمْ فِي أَيْدِينَا وَ نَحْنُ دُونَهُ إِلَيْهِمْ كَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ أَنْ نُقَاتِلَهُمْ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ لاَ تُقَاتِلُوهُمْ وَ خَلُّوا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ فَشَرِبُوا فَقُلْنَا لَهُمْ قَدْ كُنَّا عَرَضْنَا عَلَيْكُمْ هَذَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَأَبَيْتُمْ حَتَّى أَعْطَانَا اللَّهُ وَ أَنْتُمْ غَيْرُ مَحْمُودِينَ قَالَ فَانْصَرَفُوا عَنَّا وَ انْصَرَفْنَا عَنْهُمْ وَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَوَايَانَا وَ رَوَايَاهُمْ بَعْدُ وَ خَيْلُنَا وَ خَيْلُهُمْ تَرِدُ ذَلِكَ الْمَاءَ جَمِيعاً حَتَّى ارْتَوَوْا وَ ارْتَوَيْنَا .

الحوادث التي انتهت إلى غلبة علي عليه السلام على الماء

نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ : أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ:

ص: 185


1- في التقريب 603:«أبو عمرة عن أبيه،في سهم الفارس.مجهول من السادسة». و في الأصل:«عن أبيه عمرة»تحريف.
2- في التقريب:«سليمان بن زياد الحضرمى المصرى،ثقة من الخامسة».
3- هو أبو عمرة الأنصارى،قيل اسمه بشر و قيل بشير،و كان زوج بنت عم النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم المقوم بن عبد المطلب.انظر قسم الكنى من الإصابة 805،801. و في الاشتقاق 269:«و أبو عمرة بشير بن عمرو،قتل بصفين».
4- الطعين،هنا:الذي أصابه الطاعون.

يَا مُعَاوِيَةُ مَا ظَنُّكَ بِالْقَوْمِ إِنْ مَنَعُوكَ الْمَاءَ الْيَوْمَ كَمَا مَنَعْتَهُمْ أَمْسِ أَ تَرَاكَ تُضَارِبُهُمْ عَلَيْهِ (1)كَمَا ضَارَبُوكَ عَلَيْهِ وَ مَا أَغْنَى عَنْكَ أَنْ تَكْشِفَ لَهُمُ السَّوْأَةَ؟ قَالَ:دَعْ عَنْكَ مَا مَضَى مِنْهُ مَا ظَنُّكَ بِعَلِيٍّ ؟ قَالَ:ظَنِّي أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِلُّ مِنْكَ مَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْهُ وَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ لَهُ غَيْرُ الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ قَوْلاً أَغْضَبَهُ فَأَنْشَأَ عَمْرٌو يَقُولُ

أَمَرْتُكَ أَمْراً فَسَخَّفْتَهُ وَ خَالَفَنِي اِبْنُ أَبِي سَرْحَهْ (2)

فَأَغْمَضْتُ فِي الرَّأْيِ إِغْمَاضَةً وَ لَمْ تَرَ فِي الْحَرْبِ كَالْفُسْحَهْ

فَكَيْفَ رَأَيْتَ كِبَاشَ اَلْعِرَاقِ أَ لَمْ يَنْطِحُوا جَمْعَنَا نَطْحَهْ

أَظُنُّ لَهَا الْيَوْمَ مَا بَعْدَهَا وَ مِيعَادُ مَا بَيْنَنَا صُبْحَهْ

فَإِنْ يَنْطِحُونَا غَداً مِثْلَهَا نَكُنْ (3)كَالزُّبَيْرِيِّ أَوْ طَلْحَهْ

وَ إِنْ أَخَّرُوهَا لِمَا بَعْدَهَا فَقَدْ قَدَّمُوا الْخَبْطَ وَ النَّفْحَهْ (4)

وَ قَدْ شَرِبَ الْقَوْمُ مَاءَ اَلْفُرَاتِ وَ قَلَّدَكَ اَلْأَشْتَرُ الْفُضْحَهْ.

قَالَ:وَ مَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لاَ يُرْسِلُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لاَ يَأْتِيهِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ أَحَدٌ وَ جَاءَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَدَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ فِي عَسْكَرِهِ فَقَالَ: 1أَنْتَ قَاتِلُ اَلْهُرْمُزَانِ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ فَرَضَ لَهُ فِي الدِّيوَانِ وَ أَدْخَلَهُ فِي اَلْإِسْلاَمِ فَقَالَ لَهُ اِبْنُ عُمَرَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكَ تَطْلُبُنِي بِدَمِ اَلْهُرْمُزَانِ وَ أَطْلُبُكَ بِدَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1لاَ عَلَيْكَ سَيَجْمَعُنِي وَ إِيَّاكَ الْحَرْبُ غَداً ثُمَّ مَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لاَ يُرْسِلُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لاَ يُرْسِلُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ (5)م.

ص: 186


1- في الأصل:«ضاربهم عليه»صوابه من ح(1:331).
2- يريد به عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح.و قد تصرف في الاسم للشعر.انظر ما سبق في ص 161.
3- ح:«فكن».
4- الخبط:الضرب الشديد.و النفحة:الدفعة من العذاب.ح:«الخيط»تحريف.
5- انظر أول هذا الكلام.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً دَعَا بَشِيرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيَّ (1)وَ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ وَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ التَّمِيمِيَّ فَقَالَ: 1«اِئْتُوا هَذَا الرَّجُلَ فَادْعُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ وَ إِلَى اتِّبَاعِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى» فَقَالَ لَهُ شَبَثٌ :

أَ لاَ نُطَمِّعُهُ (2)فِي سُلْطَانٍ تُوَلِّيهِ إِيَّاهُ وَ مَنْزِلَةٍ تَكُونُ بِهِ لَهُ أَثَرَةٌ عِنْدَكَ إِنْ هُوَ بَايَعَكَ؟ قَالَ عَلِيٌّ : 1«اِئْتُوهُ الْآنَ فَالْقَوْهُ وَ احْتَجُّوا عَلَيْهِ وَ انْظُرُوا مَا رَأْيُهُ» وَ هَذَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ فَأَتَوْهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَحَمِدَ أَبُو عَمْرَةَ بْنُ مِحْصَنٍ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ:

يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّ الدُّنْيَا عَنْكَ زَائِلَةٌ وَ إِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَى الْآخِرَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُجَازِيكَ بِعَمَلِكَ وَ مُحَاسِبُكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَ إِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَنْ تُفَرِّقَ جَمَاعَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَهَا بَيْنَهَا فَقَطَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِ الْكَلاَمَ فَقَالَ:هَلاَّ أَوْصَيْتَ صَاحِبَكَ ؟ فَقَالَ:سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبِي لَيْسَ مِثْلَكَ إِنَّ صَاحِبِي أَحَقُّ الْبَرِيَّةِ فِي هَذَا الْأَمْرِ فِي الْفَضْلِ وَ الدِّينِ وَ السَّابِقَةِ وَ اَلْإِسْلاَمِ وَ الْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ :فَتَقُولُ مَا ذَا؟ قَالَ:أَدْعُوكَ إِلَى تَقْوَى رَبِّكَ وَ إِجَابَةِ ابْنِ عَمِّكَ إِلَى مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكَ فِي دِينِكَ وَ خَيْرٌ لَكَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكَ قَالَ:وَ يُطَلُّ دَمُ عُثْمَانَ لاَ وَ الرَّحْمَنِ لاَ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَداً قَالَ:فَذَهَبَ سَعِيدٌ يَتَكَلَّمُ فَبَدَرَهُ شَبَثٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

يَا مُعَاوِيَةُ قَدْ فَهِمْتُ مَا رَدَدْتَ عَلَى اِبْنِ مِحْصَنٍ إِنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْنَا مَا تُقَرِّبُ وَ مَا تَطْلُبُ إِنَّكَ لاَ تَجِدُ شَيْئاً تَسْتَغْوِي بِهِ النَّاسَ وَ تَسْتَمِيلُ بِهِ أَهْوَاءَهُمْ وَ تَسْتَخْلِصُ بِهِ طَاعَتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قُلْتَ لَهُمْ قُتِلَ إِمَامُكُمْ مَظْلُوماً فَهَلُمُّوا نَطْلُبْ بِدَمِهِ فَاسْتَجَابَ لَكَ سُفَهَاءُ طَغَامٌ رُذَالٌ وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ قَدْ أَبْطَأْتَ عَنْهُ بِالنَّصْرِ».

ص: 187


1- هو أبو عمرة بن عمرو بن محصن،و قد سبقت ترجمته في ص 185.
2- في الأصل:«لا نطعمه».

وَ أَحْبَبْتَ لَهُ الْقَتْلَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي تَطْلُبُ وَ رُبَّ مُبْتَغٍ أَمْراً وَ طَالِبِهِ يَحُولُ اللَّهُ دُونَهُ وَ رُبَّمَا أُوتِيَ الْمُتَمَنِّي أُمْنِيَّتَهُ وَ رُبَّمَا لَمْ يُؤْتَهَا وَ وَ اللَّهِ مَا لَكَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَخْطَأَكَ مَا تَرْجُو إِنَّكَ لَشَرُّ اَلْعَرَبِ حَالاً وَ لَئِنْ أَصَبْتَ مَا تَتَمَنَّاهُ لاَ تُصِيبُهُ حَتَّى تَسْتَحِقَّ صَلْيَ اَلنَّارِ فَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَ لاَ تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ.

قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُعَاوِيَةُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَوَّلَ (1)مَا عَرَفْتُ بِهِ سَفَهَكَ وَ خِفَّةَ حِلْمِكَ قَطْعُكَ عَلَى هَذَا الْحَسِيبِ الشَّرِيفِ سَيِّدِ قَوْمِهِ مَنْطِقَهُ ثُمَّ عَتَبْتَ بَعْدُ فِيمَا لاَ عِلْمَ لَكَ بِهِ وَ لَقَدْ كَذَبْتَ وَ لَوَيْتَ (2)أَيُّهَا الْأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ الْجَافِي فِي كُلِّ مَا وَصَفْتَ وَ ذَكَرْتَ انْصَرِفُوا مِنْ عِنْدِي فَلَيْسَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِلاَّ السَّيْفُ قَالَ وَ غَضِبَ فَخَرَجَ الْقَوْمُ وَ شَبَثٌ يَقُولُ:أَ فَعَلَيْنَا تُهَوِّلُ بِالسَّيْفِ؟ أَمَا وَ اللَّهِ لَنُعَجِّلَنَّهُ إِلَيْكَ فَأَتَوْا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِهِ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ قَالَ وَ خَرَجَ قُرَّاءُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ قُرَّاءُ أَهْلِ اَلشَّامِ فَعَسْكَرُوا نَاحِيَةَ صِفِّينَ فِي ثَلاَثِينَ أَلْفاً وَ عَسْكَرَ عَلِيٌّ عَلَى الْمَاءِ وَ عَسْكَرَ مُعَاوِيَةُ فَوْقَ ذَلِكَ وَ مَشَتِ الْقُرَّاءُ فِيمَا بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَ عَلِيٍّ فِيهِمْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ (3)وَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ وَ قَدْ كَانَ فِي بَعْضِ تِلْكَ السَّوَاحِلِ قَالَ:فَانْصَرَفُوا مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ (4)فَدَخَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا:».

ص: 188


1- في الأصل:«فإنى أول»تحريف.
2- وردت هذه الكلمة في الأصل غير واضحة هكذا:«و-و ت».
3- هو عبيدة-بفتح أوله-بن عمرو،و يقال ابن قيس بن عمرو السلمانى،بفتح المهملة و سكون اللام،و فتحها بعضهم.قال ابن الكلبى:أسلم قبل وفاة النبيّ بسنتين و لم يلقه. و كان شريح إذا أشكل عليه شيء كتب إلى عبيدة.و السلمانى نسبة إلى سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد.انظر مختلف القبائل و مؤتلفها لمحمّد بن حبيب ص 30 جوتنجن و الإصابة 6401 و المعارف 188 و تهذيب التهذيب و التقريب.
4- في الأصل:«إلى عسكر على».

يَا مُعَاوِيَةُ مَا الَّذِي تَطْلُبُ؟ قَالَ:أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالُوا:مِمَّنْ تَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ ؟ قَالَ:مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالُوا:وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَتَلَهُ؟ قَالَ:

نَعَمْ هُوَ قَتَلَهُ وَ آوَى قَاتِلِيهِ فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ فَدَخَلُوا عَلَى عَلِيٍّ ،فَقَالُوا:

إِنَّ مُعَاوِيَةَ يَزْعُمُ أَنَّكَ قَتَلْتَ عُثْمَانَ قَالَ: 1«اَللَّهُمَّ لَكَذَبَ فِيمَا قَالَ لَمْ أَقْتُلْهُ» فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ :إِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ بِيَدِهِ فَقَدْ أَمَرَ وَ مَالَأَ فَرَجَعُوا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالُوا:إِنَّ مُعَاوِيَةَ يَزْعُمُ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ قَتَلْتَ بِيَدِكَ فَقَدْ أَمَرْتَ وَ مَالَأْتَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَالَ: 1«اَللَّهُمَّ كَذَبَ فِيمَا قَالَ» فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا:إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :

إِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْيُمْكِنَّا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُمْ فِي عَسْكَرِهِ وَ جُنْدِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ عَضُدِهِ فَرَجَعُوا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالُوا:إِنَّ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ لَكَ:

إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَادْفَعْ إِلَيْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ أَوْ أَمْكِنَّا مِنْهُمْ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«تَأَوَّلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ اَلْقُرْآنَ وَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ قَتَلُوهُ فِي سُلْطَانِهِ وَ لَيْسَ عَلَى ضَرْبِهِمْ قَوَدٌ» فَخَصَمَ عَلِيٌّ مُعَاوِيَةَ (1)فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُونَ فَمَا لَهُ ابْتَزَّ الْأَمْرَ دُونَنَا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا وَ لاَ مِمَّنْ هَاهُنَا مَعَنَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :

1«إِنَّمَا النَّاسُ تَبَعُ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ هُمْ شُهُودُ اَلْمُسْلِمِينَ فِي الْبِلاَدِ عَلَى وَلاَيَتِهِمْ وَ أَمْرِ دِينِهِمْ فَرَضُوا بِي وَ بَايَعُونِي وَ لَسْتُ أَسْتَحِلُّ أَنْ أَدَعَ ضَرْبَ مُعَاوِيَةَ (2)يَحْكُمُ عَلَى الْأُمَّةِ وَ يَرْكَبَهُمْ وَ يَشُقَّ عَصَاهُمْ» فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَقَالَ:لَيْسَ كَمَا يَقُولُ فَمَا بَالُ مَنْ هَاهُنَا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ فَيُؤَامِرُوهُ (3)فَانْصَرَفُوا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ وَ أَخْبَرُوهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : 1«وَيْحَكُمْ هَذَا لِلْبَدْرِيِّينَ دُونَ اَلصَّحَابَةِ لَيْسَ فِي الْأَرْضِة.

ص: 189


1- خصمه:غلبه في الخصومة بالحجة.
2- أي مثل معاوية.و الضرب:المثل و الشبيه.
3- المؤامرة:المشاورة.

بَدْرِيٌّ إِلاَّ قَدْ بَايَعَنِي وَ هُوَ مَعِي أَ وَ قَدْ أَقَامَ وَ رَضِيَ فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ مُعَاوِيَةُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ دِينِكُمْ» فَتَرَاسَلُوا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ رَبِيعاً الْآخَرَ وَ جُمَادَيَيْنِ فَيَفْزَعُونَ الْفَزْعَةَ (1)فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَيَزْحُفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ تَحْجُزُ الْقُرَّاءُ بَيْنَهُمْ فَفَزِعُوا فِي ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ خَمْساً وَ ثَمَانِينَ فَزْعَةً كُلَّ فَزْعَةٍ يَزْحُفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ يَحْجُزُ الْقُرَّاءُ بَيْنَهُمْ وَ لاَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ.

قَالَ وَ خَرَجَ أَبُو أَمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَدَخَلاَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ كَانَا مَعَهُ فَقَالاَ:يَا مُعَاوِيَةُ عَلاَمَ تُقَاتِلُ هَذَا الرَّجُلَ فَوَ اللَّهِ لَهُوَ أَقْدَمُ مِنْكَ سِلْماً (2)وَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَعَلاَمَ تُقَاتِلُهُ؟ فَقَالَ:أُقَاتِلْهُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ وَ أَنَّهُ آوَى قَتَلَتَهُ فَقُولُوا لَهُ فَلْيُقِدْنَا مِنْ قَتَلَتِهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَانْطَلَقُوا إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ ،فَقَالَ: 1«هُمُ الَّذِينَ تَرَوْنَ» فَخَرَجَ عِشْرُونَ أَلْفاً أَوْ أَكْثَرُ مُسَرْبِلِينَ فِي الْحَدِيدِ لاَ يُرَى مِنْهُمْ إِلاَّ الْحَدَقُ فَقَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُ فَإِنْ شَاءُوا فَلْيَرُومُوا ذَلِكَ مِنَّا فَرَجَعَ أَبُو أُمَامَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَشْهَدَا شَيْئاً مِنَ الْقِتَالِ حَتَّى إِذَا كَانَ رَجَبٌ وَ خَشِيَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُبَايِعَ الْقُرَّاءُ عَلِيّاً عَلَى الْقِتَالِ أَخَذَ فِي الْمَكْرِ وَ أَخَذَ يَحْتَالُ لِلْقُرَّاءِ لِكَيْمَا يُحْجِمُوا عَنْهُ (3)وَ يَكُفُّوا حَتَّى يَنْظُرُوا قَالَ:وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ فِي سَهْمٍ:مِنْ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِحِ فَإِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ يُرِيدُ أَنْ يُفَجِّرَ عَلَيْكُمُ اَلْفُرَاتَ فَيُغْرِقَكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ ثُمَّ رَمَى مُعَاوِيَةُ بِالسَّهْمِ فِي عَسْكَرِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَقْرَأَهُ صَاحِبَهُ فَلَمَّا قَرَأَهُ وَ أَقْرَأَهُ النَّاسَ أَقْرَأَهُ مَنْ أَقْبَلَ وَ أَدْبَرَ قَالُوا:

هَذَا أَخٌ نَاصِحٌ كَتَبَ إِلَيْكُمْ يُخْبِرُكُمْ بِمَا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ فَلَمْ يَزَلِ السَّهْمُ يُقْرَأُ وَ يُرْتَفَعُ».

ص: 190


1- في الأصل:«فيقرعون القرعة»و بنى سائر العبارة على ذلك،تحريف.
2- السلم:الإسلام.
3- في الأصل:«عليه».

حَتَّى رُفِعَ (1)إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَدْ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنَ الْفَعَلَةِ إِلَى عَاقُولٍ مِنَ النَّهَرِ (2)بِأَيْدِيهِمْ الْمُرُورُ وَ الزُّبُلُ (3)يَحْفِرُونَ فِيهَا بِحِيَالِ عَسْكَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ 1«وَيْحَكُمْ إِنَّ الَّذِي يُعَالِجُ مُعَاوِيَةُ لاَ يَسْتَقِيمُ لَهُ وَ لاَ يَقُومُ عَلَيْهِ (4)وَ إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُزِيلَكُمْ عَنْ مَكَانِكُمْ فَالْهَوْا عَنْ ذَلِكَ وَ دَعُوهُ» فَقَالُوا لَهُ:لاَ نَدَعُهُمْ (5)وَ اللَّهِ يَحْفِرُون السَّاعَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ :

1«يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ لاَ تَكُونُوا ضَعْفَى (6)وَيْحَكُمْ لاَ تَغْلِبُونِّي عَلَى رَأْيِي» فَقَالُوا:

وَ اللَّهِ لَنَرْتَحِلَنَّ فَإِنْ شِئْتَ فَارْتَحِلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ فَارْتَحَلُوا وَ صَعِدُوا بِعَسْكَرِهِمْ مَلِيّاً (7)وَ ارْتَحَلَ عَلِيٌّ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ وَ هُوَ يَقُولُ:

1

«وَ لَوْ أَنِّي أُطِعْتُ عَصَبْتُ قَوْمِي إِلَى رُكْنِ اَلْيَمَامَةِ أَوْ شَمَامِ (8)

وَ لَكِنِّي إِذَا أَبْرَمْتُ أَمْراً مُنِيتُ بِخُلْفِ آرَاءِ الطَّغَامِ.»

وَ ارْتَحَلَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى مُعَسْكَرِ عَلِيٍّ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَدَعَا عَلِيٌّ اَلْأَشْتَرَ فَقَالَ: 1«أَ لَمْ تَغْلِبْنِي عَلَى رَأْيِي (9)أَنْتَ وَ اَلْأَشْعَثُ فَدُونَكُمَا؟» فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ :أَنَا أَكْفِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَأُدَاوِي مَا أَفْسَدْتُ الْيَوْمَ مِنْ ذَلِكَ فَجَمَعَ بَنِي كِنْدَةَ وَ قَالَ:يَا مَعْشَرَ كِنْدَةَ لاَ تَفْضَحُونِي الْيَوْمَ وَ لاَ تُخْزُونِي،».

ص: 191


1- في الأصل:«دفع»بالدال،و أثبت ما في ح(1:343).
2- عاقول النهر و الوادى و الرمل:ما اعوج منه.
3- المرور:جمع مر،بالفتح،و هو المسحاة.و الزبل،بضمتين:جمع زبيل،و هو الجراب و القفة.فى الأصل:«الزبيل»و الوجه الجمع.و في ح:«المزور و الرمل» تحريف.
4- ح:«و لا يقوى عليه».
5- في الأصل:«هم»بدل:«لا ندعهم»صوابه في ح.
6- كذا في الأصل.و لعلها:«خلفى»و هو بالكسر:المخالف.
7- مليا:طويلا.و منه:« وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا »و في الأصل:«عليا»صوابه في ح.
8- ح:«عصمت قومي».و شمام:جبل لباهلة.و في الأصل:«شآم»وجهه في ح.
9- الراء:الرأى.و في ح:«رأيى».

إِنَّمَا أُقَارِعُ بِكُمْ أَهْلَ اَلشَّامِ فَخَرَجُوا مَعَهُ رَجْلاَ يَمْشُونَ (1)وَ بِيَدِ اَلْأَشْعَثِ رُمْحٌ لَهُ يُلْقِيهِ عَلَى الْأَرْضِ وَ يَقُولُ امْشُوا قِيسَ رُمْحِي هَذَا فَيَمْشُونَ فَلَمْ يَزَلْ يَقِيسُ لَهُمُ الْأَرْضَ بِرُمْحِهِ ذَلِكَ وَ يَمْشُونَ مَعَهُ رَجَّالَةً قَدْ كَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهِمْ حَتَّى لَقُوا مُعَاوِيَةَ وَسْطَ بَنِي سُلَيْمٍ وَاقِفاً عَلَى الْمَاءِ وَ قَدْ جَاءَهُ أَدَانِي عَسْكَرِهِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً عَلَى الْمَاءِ سَاعَةِ وَ انْتَهَى أَوَائِلُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَنَزَلُوا وَ أَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ فِي خَيْلٍ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَحَمَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ حَمْلَةً وَ اَلْأَشْعَثُ يُحَارِبُ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَانْحَازَ مُعَاوِيَةُ فِي بَنِي سُلَيْمٍ فَرَدُّوا وُجُوهَ إِبِلِهِ قَدْرَ ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ ثُمَّ نَزَلَ وَ وَضَعَ أَهْلُ اَلشَّامِ أَثْقَالَهُمْ وَ اَلْأَشْعَثُ يَهْدِرُ وَ يَقُولُ:أَرْضَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ طُرْفَةَ بْنِ الْعَبْدِ

فَفِدَاءٌ لِبَنِي سَعْدٍ عَلَى مَا أَصَابَ النَّاسَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ (2)

مَا أَقَلَّتْ قَدَمَايَ إِنَّهُمْ نِعْمَ السَّاعُونَ فِي الْحَيِّ الشُّطُرْ (3)

وَ لَقَدْ كُنْتُ عَلَيْكُمْ عَاتِباً فَعَقْبُتْم بِذَنُوبِ غَيْرِ مُرٍّ (4)

كُنْتُ فِيكُمْ كَالْمُغَطِّي رَأْسَهُ فَانْجَلَى الْيَوْمَ قِنَاعِي وَ خُمُرْ

سَادِراً أَحْسُبُ غَيِّي رَشَداً فَتَنَاهَيْتُ وَ قَدْ صَاْبَتْ بَقَرْ (5).ن.

ص: 192


1- ح:«رجالة»و الرجالة و الرجل و الراجلون بمعنى.
2- رواية«فداء»بالرفع،أي نفسى فداء أو أنا فداء.و في ديوان طرفة 82 و الخزانة(4:101 بولاق):«لبنى قيس»و في الديوان و الخزانة:«من سر و ضر» و هما بضم أولهما السراء و الضراء.
3- أقلت:حملت؛أى ما أقلتنى قدماى،أي طول الحياة.و نعم،بكسرتين ففتح: لغة في نعم.و الشطر بضمتين:جمع شطير،و هو الغريب البعيد.و يروى:«خالتي و النفس قدما»على أن تكون«خالتي»مبتدأ خبره«فداء»فى البيت السابق.
4- عقبتم:أى وجدتم عقب ذلك.و الذنوب،بالفتح:النصيب و الحظ.و في الكتاب: « فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ »و المر:نقيض الحلو.
5- تناهيت:أى انتهيت من سفهى.و يقال للأمر إذا وقع في مستقره:«صابت بقر»بضم القاف،أي نزل الأمر في مستقره فلا يستطاع له تحويل.و في الأصل:و قد كادت ثفر»،صوابه في ح و الديوان.

قَالَ:وَ قَالَ اَلْأَشْعَثُ :يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ غَلَبَ اللَّهُ لَكَ عَلَى الْمَاءِ قَالَ عَلِيٌّ :(1)«أَنْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

تُلاَقِينَ قَيْساً وَ أَتْبَاعَهُ فَيُشْعِلُ لِلْحَرْبِ نَاراً فَنَاراً

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ لَقِحَتْ بَازِلاً سَمَا لِلْعُلَى وَ أَجَلَّ الْخِطَارَا»

1 .

فَلَمَّا غَلَبَ عَلِيٌّ عَلَى الْمَاءِ فَطَرَدَ عَنْهُ أَهْلَ اَلشَّامِ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ : «إِنَّا لاَ نُكَافِيكَ بِصُنْعِكَ هَلُمَّ إِلَى الْمَاءِ فَنَحْنُ وَ أَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ» فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّرِيعَةِ مِمَّا يَلِيهِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِأَصْحَابِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْخَطْبَ أَعْظَمُ مِنْ مَنْعِ الْمَاءِ» وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِلَّهِ دَرُّ عَمْرٍو مَا عَصَيْتُهُ فِي أَمْرٍ قَطُّ إِلاَّ أَخْطَأْتُ الرَّأْيَ فِيهِ قَالَ:فَمَكَثَ مُعَاوِيَةُ أَيَّاماً لاَ يُكَلِّمُ عَمْراً ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ:يَا عَمْرُو كَانَ فَلْتَةً مِنْ رَأْيٍ أَعْقَبَتْنِي بِخَطَائِهَا (2)وَ أَمَتُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا مِنَ الصَّوَابِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ تُقَايِسُ [صَوَابَكَ] (3)بِخَطَائِكَ لَقَلَّ صَوَابُكَ فَقَالَ عَمْرٌو :قَدْ كَانَ كَذَا فَرَأَيْتُكَ احْتَجْتَ إِلَى رَأْيِكَ وَ مَا خَطَاؤُكَ الْيَوْمَ حِينَ أَعْذَرْتُ إِلَيْكَ أَمْسِ وَ كَذَلِكَ أَنَا لَكَ غَداً إِنْ عَصَيْتَنِي الْيَوْمَ فَعَطَفَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ وَ رَضِيَ عَنْهُ وَ بَاتَ عَلَى مَشْقِ الْحِيَلِ (4)حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ غَادَاهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَ عَلَى رَايَتِهِ يَوْمَئِذٍ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ الْمِرْقَالُ قَالَ:وَ مَعَهُ الْحُدْلُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا اَلْأَشْتَرُ :

إِنَّا إِذَا مَا احْتَسَبْنَا الْوَغَى أَدَرْنَا الرَّحَى بِصُنُوفِ الْحُدْلِ (5)ا.

ص: 193


1- أي إن لقحت الحرب و هي بازل.و البزول:أقصى أسنان البعير إذا طعن في التاسعة. يقول:إذا تجددت الحرب بعد ما طال عهدها و قوتل فيها مرّات دخل في غمارها و لم يتهيب. أجل:أعظم.و الخطار:مصدر كالمخاطرة؛يقال خاطر بنفسه:أشفى بها على خطر هلك أو نيل ملك.و في الأصل:«لحقت بازلا»،صوابه في ح.
2- الخطاء:الخطأ.و في الأصل:«بخطائها»تحريف.
3- تكملة يقتضيها السياق.
4- كذا في الأصل.
5- الحدل:جمع حدلاء،و هي القوس قد حدرت إحدى سيتيها و رفعت الأخرى. و في الأصل:«الجدل»فى هذا الموضع و سابقه،جمع جدلاء للدرع المجدولة،و لا وجه لها هنا.

وَ ضَرْباً لِهَامَاتِهِمْ بِالسُّيُوفِ وَ طَعْناً لَهُمْ بِالْقَنَا وَ الْأَسَلْ

عَرَانِينَ مِنْ مَذْحِجٍ وَسْطَهَا يَخُوضُونَ أَغْمَارَهَا بِالْهَبَلْ (1)

وَ وَائِلُ تُسْعِرُ نِيرَانَهَا يُنَادُونَهُمْ أَمْرُنَا قَدْ كَمَلَ

أَبُو حَسَنٍ صَوْتُ خَيْشُومِهَا بِأَسْيَافِهِ كُلُّ حَامٍ بَطَلْ (2)

عَلَى الْحَقِّ فِينَا لَهُ مَنْهَجٌ عَلَى وَاضِحِ الْقَصْدِ لاَ بِالْمَيَلْ.

قَالَ وَ بَرَزَ يَوْمَئِذٍ عَوْفٌ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنِّي أَنَا عَوْفٌ أَخُو الْحُرُوبِ عِنْدَ هِيَاجِ الْحَرْبِ وَ الْكُرُوبِ

صَاحِبُ لاَ الْوَقَّافِ وَ الْهَيُوبِ (3) عِنْدَ اشْتِعَالِ الْحَرْبِ بِاللَّهِيبِ

وَ لَسْتُ بِالنَّاجِي مِنَ الْخُطُوبِ وَ مِنْ رُدَيْنِي مَارِنِ الْكُعُوبِ

إِذْ جِئْتَ تَبْغِي نُصْرَةَ الْكَذُوبِ وَ لَسْتَ بِالْعَفِّ وَ لاَ النَّجِيبِ.

فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا عَجَباً لِلْعَجَبِ الْعَجِيبِ قَدْ كُنْتَ يَا عَوْفُ أَخاَ الْحُرُوبِ

وَ لَيْسَ فِيهَا لَكَ مِنْ نَصِيبٍ إِنَّكَ فَاعْلَمْ ظَاهِرُ الْعُيُوبِ

فِي طَاعَةٍ كَطَاعَةِ الصَّلِيبِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ عُصْبَةِ الْقَلِيبِ (4)

فَدُونَكَ الطَّعْنَةَ فِي الْمَنْخُوبِ (5) قَلْبُكَ ذُو كُفْرٍ مِنَ الْقُلُوبِ.

فَطَعَنَهُ عَلْقَمَةُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ عَلْقَمَةُ فِي ذَلِكَ:ه.

ص: 194


1- الهبل:الثكل،هبلته أمه ثكلته.
2- في الأصل:«أبا حسن».
3- أي أنا صاحب من ليس بوقاف و لا هيوب.و الوقوف:المحجم عن القتال. و الهيوب:الجبان.و في الأصل:«صاحبها الوقاف لا الهيوب»محرف.
4- القليب:قليب بدر.
5- المنخوب:الجبان،أراد به قلبه.و في الأصل:«النخوب»و لا وجه له.

يَا عَوْفُ لَوْ كُنْتَ امْرَأً حَازِماً لَمْ تَبْرُزِ الدَّهْرَ إِلَى عَلْقَمَهْ

لاَقَيْتَ لَيْثاً أَسَداً بَاسِلاً يَأْخُذُ بِالْأَنْفَاسِ وَ الْغَلْصَمَهْ

لاَقَيْتَهُ قِرْناً لَهُ سَطْوَةٌ يَفْتَرِسُ الْأَقْرَانَ فِي الْمَلْحَمَهْ

مَا كَانَ فِي نَصْرِ امْرِئٍ ظَالِمٍ مَا يُدْرِكُ اَلْجَنَّةَ وَ الْمَرْحَمَهْ

مَا لاِبْنِ صَخْرٍ حُرْمَةٌ تَرْتَجِى لَهَا ثَوَابَ اللَّهِ بَلْ مَنْدَمَهْ

لاَقَيْتَ مَا لاَقَى غَدَاةَ الْوَغَى مَنْ أَدْرَكَ الْأَبْطَالَ يَا ابْنَ الْأَمَهْ

ضَيَّعْتَ حَقَّ اللَّهِ فِي نُصْرَةٍ لِلظَّالِمِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَظْلَمَهْ

إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ مِنْ قَبْلِهِ لَمْ يَكُ مِثْلَ الْعُصَبَةِ الْمُسْلِمَهْ

لَكِنَّهُ نَافَقَ فِي دِينِهِ مِنْ خَشْيَةِ الْقَتْلِ عَلَى الْمَرْغَمَهْ

بُعْداً لِصَخْرٍ مَعَ أَشْيَاعِهِ فِي جَاحِمِ النَّارِ لَدَى الْمَضْرَمَهْ (1).

فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ ذُو الْحِجَّةِ فَجَعَلَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ هَذَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ فَيَخْرُجُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَيُقَاتِلُ وَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ مَعَهُ آخَرُ فَيَقْتَتِلاَنِ فِي خَيْلِهَا وَ رَجِلِهِمَا ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ وَ أَخَذُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَرَاجَعُوا بِجَمِيعِ الْفَيْلَقِ مِنَ اَلْعِرَاقِ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ مَخَافَةَ الاِسْتِئْصَالِ وَ الْهَلاَكِ وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُخْرِجُ اَلْأَشْتَرَ مَرَّةً فِي خَيْلِهِ وَ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ مَرَّةً وَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ التَّمِيمِيَّ مَرَّةً وَ مَرَّةً خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيَّ وَ مَرَّةً زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ وَ مَرَّةً زِيَادَ بْنَ جَعْفَرٍ الْكِنْدِيَّ وَ مَرَّةً سَعْدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ وَ مَرَّةً مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحِيَّ وَ مَرَّةً قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ كَانَ أَكْثَرُ الْقَوْمِ حُرُوباً اَلْأَشْتَرَ .

وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يُخْرِجُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيَّا.

ص: 195


1- جاحم النار:معظمها و موضع الشدة فيها.و المضرمة:مصدر ميمى من الضرم، و هو اشتعال النار و التهابها.

وَ مَرَّةً أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ وَ مَرَّةً حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ وَ مَرَّةً اِبْنَ ذِي الْكَلاَعِ وَ مَرَّةً عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ مَرَّةً شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ وَ مَرَّةً حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيَّ فَاقْتَتَلُوا ذَا الْحِجَّةِ وَ رُبَّمَا اقْتَتَلُوا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ أَوَّلَهُ وَ آخِرَهُ .

مبارزة الأشتر لأحد العماليق و التناهي عن القتال في المحرم

نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي : أَنَّ اَلْأَشْتَرَ خَرَجَ يَوْماً فَقَاتَلَ بِصِفِّينَ فِي رِجَالٍ مِنْ الْقُرَّاءِ وَ رِجَالٍ مِنْ فُرْسَانِ اَلْعَرَبِ فَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَجُلٌ لَقَلَّ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ هُوَ أَطْوَلُ وَ لاَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَدَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ وَ ضَرَبَهُ اَلْأَشْتَرُ فَقَتَلَهُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كُنَّا أَشْفَقْنَا عَلَيْهِ وَ سَأَلْنَاهُ أَلاَّ يَخْرُجَ إِلَيْهِ فَلَمَّا قَتَلَهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَصْحَابِهِ

يَا سَهْمَ سَهْمَ بْنَ أَبِي الْعِيزَارِ يَا خَيْرَ مَنْ نَعْلَمُهُ مِنْ زَارِ (1)

وَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَزْدِ فَقَالَ:أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ قَاتِلَكَ فَحَمَلَ عَلَى اَلْأَشْتَرِ [وَ عَطَفَ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ (2)]فَضَرَبَهُ فَإِذَا هُوَ بَيْنَ يَدَيْ فَرَسِهِ وَ حَمَلَ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ جَرِيحاً فَقَالَ أَبُو رُقَيْقَةَ السَّهْمِيُّ (3)كَانَ هَذَا نَاراً فَصَادَفَتْ إِعْصَاراً.

فَاقْتَتَلَ النَّاسُ ذَا الْحِجَّةِ كُلَّهُ فَلَمَّا مَضَى ذُو الْحِجَّةِ تَدَاعَى النَّاسُ أَنْ يَكُفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ اَلْمُحَرَّمُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُجْرِيَ صُلْحاً وَ اجْتِمَاعاً فَكَفَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.

ص: 196


1- زار:مرخم زارة،و هم بطن من الأزد.انظر الاشتقاق 288.و قد أنشد الطبريّ الرجز في(5:243)و عقب عليه بقوله:«و زارة حى من الأزد».و في الأصل «من نعلم من نزار»،صوابه من الطبريّ.
2- التكملة من الطبريّ(5:243).
3- في الطبريّ:«أبو رفيقة الفهمى».

[اختلاف الرسل للصلح]

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الْمُجَاهِدِ عَنِ اَلْمُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ:

لَمَّا تَوَادَعَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مُعَاوِيَةُ بِصِفِّينَ اخْتَلَفَتِ الرُّسُلُ فِيمَا بَيْنَهُمَا رَجَاءَ الصُّلْحِ فَأَرْسَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ وَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ وَ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ وَ زِيَادَ بْنَ خَصَفَةَ فَدَخَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا أَتَيْنَاكَ لِنَدْعُوَكَ إِلَى أَمْرٍ يَجْمَعُ اللَّهُ بِهِ كَلِمَتَنَا وَ أُمَّتَنَا وَ يَحْقِنُ اللَّهُ بِهِ دِمَاءَ اَلْمُسْلِمِينَ (1)وَ نَدْعُوكَ إِلَى أَفْضَلِهَا سَابِقَةً وَ أَحْسَنِهَا فِي اَلْإِسْلاَمِ آثَاراً (2)وَ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ (3)وَ قَدْ أَرْشَدَهُمُ اللَّهُ بِالَّذِي رَأَوْا فَأَتَوْا فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ غَيْرُكَ وَ غَيْرُ مَنْ مَعَكَ فَانْتَهِ يَا مُعَاوِيَةُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُصِيبَكَ اللَّهُ وَ أَصْحَابَكَ بِمِثْلِ يَوْمِ الْجَمَلِ .

فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :كَأَنَّكَ إِنَّمَا جِئْتَ مُتَهَدِّداً وَ لَمْ تَأْتِ مُصْلِحاً هَيْهَاتَ يَا عَدِيُّ كَلاَّ وَ اللَّهِ إِنِّي لاَبْنُ حَرْبٍ مَا يُقَعْقِعُ لِي بِالشَّنَاَنِ (4)أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُجْلِبِينَ عَلَى اِبْنِ عَفَّانَ وَ أَنْتَ لِمَنْ قَتَلْتَهُ وَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ (5)اللَّهُ هَيْهَاتَ يَا عَدِيُّ قَدْ حَلَبْتُ بِالسَّاعِدِ الْأَشَّدِّ (6).

وَ قَالَ لَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَ زِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ :وَ تَنَازَعَا كَلاَماً وَاحِداً (7)،».

ص: 197


1- زاد الطبريّ في(6:2):«و يأمن به السبل و يصلح به البين».
2- أفضلها:أى أفضل الناس.و في تاريخ الطبريّ:«إن ابن عمك سيد المسلمين أفضلها سابقة و أحسنها في الإسلام آثارا».و في ح(1:344):«ندعوك إلى أفضل الناس سابقة و أحسنهم في الإسلام آثارا».
3- ح:«إليه الناس»،الطبريّ:«استجمع له الناس».
4- الشنان:جمع شن،و هو القربة الخلق.و هم يحركون القربة البالية إذا أرادوا حث الإبل على السير لتفزع فتسرع.انظر الميداني(2:191).
5- الطبريّ:«ممن يقتل اللّه عزّ و جلّ به».
6- في الميداني(1:176):«حلبتها بالساعد الأشد.اى أخذتها بالقوة إذا لم يتأت الرفق».و في الأصل:«قد جئت»،و الصواب من الطبريّ(6:3).و هذه العبارة لم ترد في ح.
7- الطبريّ:«جوابا واحدا».

أَتَيْنَاكَ فِيمَا يُصْلِحُنَا وَ إِيَّاكَ فَأَقْبَلْتَ تَضْرِبُ الْأَمْثَالَ لَنَا دَعْ مَا لاَ يَنْفَعُ مِنَ الْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ وَ أَجِبْنَا فِيمَا يَعُمُّنَا (1)وَ إِيَّاكَ نَفْعُهُ.

وَ تَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ فَقَالَ:إِنَّا لَمْ نَأْتِكَ إِلاَّ لِنُبَلِّغَكَ مَا بُعِثْنَا بِهِ إِلَيْكَ وَ لِنُؤَدِّيَ عَنْكَ مَا سَمِعْنَا مِنْكَ لَنْ نَدَعَ أَنْ نَنْصَحَ لَكَ وَ أَنْ نَذْكُرَ مَا ظَنَنَّا أَنَّ لَنَا بِهِ عَلَيْكَ حُجَّةً أَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ بِكَ إِلَى الْأُلْفَةِ وَ الْجَمَاعَةِ إِنَّ صَاحِبَنَا لَمَنْ قَدْ عَرَفْتَ وَ عَرَفَ اَلْمُسْلِمُونَ فَضْلَهُ وَ لاَ أَظُنُّهُ يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ أَهْلَ الدِّينِ وَ الْفَضْلِ لَنْ يَعْدِلُوكَ بِعَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلاَمُ وَ لَنْ يُمَيِّلُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ (2)فَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ لاَ تُخَالِفْ عَلِيّاً فَإِنَّا وَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلاً قَطُّ أَعْمَلَ بِالتَّقْوَى وَ لاَ أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَ لاَ أَجْمَعَ لِخِصَالِ الْخَيْرِ كُلِّهَا مِنْهُ.

فَحَمِدَ اللَّهَ مُعَاوِيَةُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ:أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ دَعَوْتُمْ إِلَى الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الَّتِي دَعَوْتُمْ إِلَيْهَا فَنِعِمَّا هِيَ وَ أَمَّا الطَّاعَةُ لِصَاحِبِكُمْ فَإِنَّا لاَ نَرَاهَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَتَلَ خَلِيفَتَنَا وَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَ آوَى ثَأْرَنَا وَ قَتَلَتَنَا وَ صَاحِبُكُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ فَنَحْنُ لاَ نَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَ رَأَيْتُمْ قَتَلَةَ صَاحِبِنَا أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ صَاحِبِكُمْ فَلْيَدْفَعْهُمْ إِلَيْنَا فَلْنَقْتُلْهُمْ بِهِ وَ نَحْنُ نُجِيبُكُمْ إِلَى الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ.

فَقَالَ لَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَ يَسُرُّكَ بِاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ إِنْ أُمْكِنْتَ (3)مِنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَتَلْتَهُ؟ قَالَ:وَ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ وَ اللَّهِ لَوْ أَمْكَنَنِي صَاحِبُكُمْ».

ص: 198


1- في الأصل:«يصيبنا»و كتب فوقه:«خ:يعمنا»و هو ما في ح و الطبريّ.
2- التمييل بين الشيئين:الترجيح بينهما.تقول العرب:إنى لأميل بين ذينك الأمرين و أمايل بينهما أيهما آتى.و في الأصل:«يمثلوا»تحريف.و في ح:«و لا يميلون».
3- في الأصل:«أنك إن أمكنت»صوابه في ح.و في الطبريّ:«أنك أمكنت».

مِنِ اِبْنِ سُمَيَّةَ (1)مَا قَتَلْتُهُ بِعُثْمَانَ وَ لَكِنْ كُنْتُ أَقْتُلُهُ بِنَائِلٍ (2)مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ: شَبَثٌ :وَ إِلَهِ السَّمَاءِ مَا عَدَلْتَ مَعْدِلاً لاَ وَ اللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لاَ تَصِلُ إِلَى قَتْلِ اِبْنِ يَاسِرٍ حَتَّى تَنْدَرَ الْهَامُ عَنْ كَوَاهِلِ الرِّجَالِ وَ تَضِيقَ الْأَرْضُ الْفَضَاءُ عَلَيْكَ بِرُحْبِهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَيْكَ أَضْيَقَ (3)وَ رَجَعَ الْقَوْمُ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِهِ بَعَثَ إِلَى زِيَادِ بْنِ خَصَفَةَ التَّيْمِيِّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ مُعَاوِيَةُ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ يَا أَخَا رَبِيعَةَ فَإِنَّ عَلِيّاً قَطَعَ أَرْحَامَنَا وَ قَتَلَ إِمَامَنَا وَ آوَى قَتَلَةَ صَاحِبِنَا وَ إِنِّي أَسْأَلُكَ النُّصْرَةَ عَلَيْهِ (4)بِأُسْرَتِكَ وَ عَشِيرَتِكَ وَ لَكَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ إِذَا ظَهَرْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ أَيَّ اَلْمِصْرَيْنِ أَحْبَبْتَ.

قَالَ أَبُو الْمُجَاهِدِ : (5)سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ خَصَفَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ:

فَلَمَّا قَضَى مُعَاوِيَةُ كَلاَمَهُ حَمِدْتُ اللَّهَ وَ أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ:أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ بِمَا أَنْعَمَ عَلَيَّ « فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ »قَالَ:ثُمَّ قُمْتُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ كَانَ إِلَى جَانِبِهِ جَالِساً:لَيْسَ يُكَلِّمُ رَجُلٌه.

ص: 199


1- سمية،هى سمية بنت خباط،بمعجمة مضمومة و موحدة ثقيلة،و هي أم عمّار بن ياسر،و كانت أمة لأبى حذيفة بن المغيرة المخزومى،ثمّ زوجها ياسرا فولدت له عمارا.و هى أول شهيدة استشهدت في الإسلام،وجأها أبو جهل بحربة فماتت.المعارف 111-112 و الإصابة 582.
2- في الطبريّ:«بناتل».
3- الطبريّ:«إنّه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك أضيق».
4- في الأصل:«عليك»صوابه في ح و الطبريّ.
5- أبو المجاهد،هو سعد الطائى الكوفيّ،و ثقة وكيع و ابن حبان،و قال ابن حجر «لا بأس به.من السادسة».انظر التقريب و حواشيه.

مِنَّا رَجُلاً مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ فَيُجِيبَ بِخَيْرٍ (1)مَا لَهُمْ عَضَبَهُمُ اللَّهُ (2)مَا قُلُوبُهُمْ إِلاَّ قَلْبُ رَجُلٍ وَاحِدٍ.

.

نَصْرٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ (3)عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي الْكَنُودِ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ وَ شُرَحْبِيلِ بْنِ السِّمْطِ وَ مَعْنِ بْنِ يَزِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيِّ فَدَخَلُوا عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا عِنْدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ خَلِيفَةً مَهْدِيّاً يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ يُنِيبُ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَاسْتَثْقَلْتُمْ حَيَاتَهُ وَ اسْتَبْطَأْتُمْ وَفَاتَهُ فَعَدَوْتُمْ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ فَادْفَعْ إِلَيْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ نَقْتُلْهُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ فَاعْتَزِلْ أَمْرَ النَّاسِ فَيَكُونَ أَمْرُهُمْ هَذَا شُورَى بَيْنَهُمْ يُوَلِّيَ النَّاسُ أَمْرَهُمْ مَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : 1وَ مَا أَنْتَ لاَ أُمَّ لَكَ وَ الْوَلاَيَةَ وَ الْعَزْلَ وَ الدُّخُولَ فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ اسْكُتْ فَإِنَّكَ لَسْتَ هُنَاكَ وَ لاَ بِأَهْلٍ لِذَاكَ.

فَقَامَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ:أَمَا وَ اللَّهِ لَتَرَيَنِّي حَيْثُ تَكْرَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ :

1وَ مَا أَنْتَ وَ لَوْ أَجْلَبْتَ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ؟ اذْهَبْ فَصَوِّبْ وَ صَعِّدْ مَا بَدَا لَكَ فَلاَ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ إِنْ كَلَّمْتُكَ فَلَعَمْرِي مَا كَلاَمِي إِيَّاكَ إِلاَّ كَنَحْوٍ مِنْ كَلاَمِ صَاحِبِي قَبْلِي فَهَلْ لِي عِنْدَكَ جَوَابٌ غَيْرُ الْجَوَابِ الَّذِي أَجَبْتَهُ بِهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : 1«عِنْدِي جَوَابٌ غَيْرُ الَّذِي أَجَبْتُهُ بِهِ لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ» (4)فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:».

ص: 200


1- في الأصل:«ليس يتكلم رجل منهم بكلمة»،بهذا التحريف و النقص.و تصحيحه و إكماله من الطبريّ.و هذه العبارة لم ترد في ح.
2- العضب:القطع.و في اللسان:«و تدعو العرب على الرجل فتقول:ما له عضبه اللّه.يدعون عليه بقطع يده و رجله».و في الأصل:«غصبهم»صوابه في ح و الطبريّ.
3- و كذا في ح.و في الطبريّ:«سليمان بن راشد الأزديّ».
4- بدل هذه العبارة في ح:«قال نعم».و في الطبريّ(6:4):«نعم لك و لصاحبك جواب غير الذي أجبته به».

«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأْنَقَذَ بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَ نَعَّشَ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ (1)وَ جَمَعَ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ (2)أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ وَ أَحْسَنَا السِّيرَةَ وَ عَدَلاَ فِي الْأُمَّةِ وَ قَدْ وَجَدْنَا عَلَيْهِمَا أَنْ تَوَلَّيَا الْأَمْرَ دُونَنَا وَ نَحْنُ آلُ الرَّسُولِ وَ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ فَغَفَرْنَا ذَلِكَ لَهُمَا ثُمَّ وَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ عُثْمَانُ فَعَمِلَ بِأَشْيَاءَ عَابَهَا النَّاسُ عَلَيْهِ فَسَارَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَانِي النَّاسُ وَ أَنَا مُعْتَزِلٌ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا لِي:بَايِعْ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لِي:بَايِعْ فَإِنَّ الْأُمَّةَ لاَ تَرْضَى إِلاَّ بِكَ وَ إِنَّا نَخَافُ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَنْ يَفْتَرِقَ النَّاسُ فَبَايَعْتُهُمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ شِقَاقُ رَجُلَيْنِ قَدْ بَايَعَانِي (3)وَ خِلاَفُ مُعَاوِيَةَ إِيَّاكَ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ سَابِقَةً فِي الدِّينِ وَ لاَ سَلَفَ صِدْقٍ فِي اَلْإِسْلاَمِ طَلِيقِ ابْنِ طَلِيقٍ وَ حِزْبٍ مِنَ اَلْأَحْزَابِ لَمْ يَزَلْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُسْلِمِينَ عَدُوّاً هُوَ وَ أَبُوهُ حَتَّى دَخَلاَ فِي اَلْإِسْلاَمِ كَارِهَيْنِ مُكْرَهَيْنِ فَعَجِبْنَا لَكُمْ (4)وَ لِإِجْلاَبِكُمْ مَعَهُ وَ انْقِيَادِكُمْ لَهُ وَ تَدَعُونَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ لاَ يَنْبَغِي لَكُمْ شِقَاقُهُمْ وَ لاَ خِلاَفُهُمْ وَ لاَ أَنْ تَعْدِلُوا بِهِمْ أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ إِمَاتَةِ الْبَاطِلِ وَ إِحْيَاءِ مَعَالِمِ الدِّينِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَنَا وَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ » فَقَالَ لَهُ شُرَحْبِيلُ وَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ :أَ تَشْهَدُ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً؟».

ص: 201


1- في الأصل:«و أنعش»صوابه في ح.و لا يقال أنعشه فهو من كلام العامّة. نعشه:تداركه.و في الطبريّ:«و انتاش به من الهلكة».و الانتياش:الاستدراك و الاستنقاذ.
2- ح(1:345):«فاستخاف الناس».
3- ح فقط:«قد بايعا».
4- ح:«فيا عجبا لكم».الطبريّ:«فلا غرو إلاّ خلافكم معه».

فَقَالَ لَهُمَا: «إِنِّي لاَ أَقُولُ ذَلِكَ» قَالاَ:فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَنَحْنُ بُرَآءُ مِنْهُ ثُمَّ قَامَا فَانْصَرَفَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ « إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ » ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ:

«لاَ يَكُونُ هَؤُلاَءِ بِأَوْلَى فِي الْجِدِّ فِي ضَلاَلَتِهِمْ مِنْكُمْ فِي حَقِّكُمْ وَ طَاعَةِ إِمَامِكُمْ»(1) .

ثُمَّ مَكَثَ النَّاسُ حَتَّى دَنَا انْسِلاَخُ اَلْمُحَرَّمِ .

التأهب للحرب

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ : أَنَّ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَّ (2)كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ طَيْئٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ

أَمَا بَيْنَ الْمَنَايَا غَيْرُ سَبْعٍ بَقِينَ مِنَ اَلْمُحَرَّمِ أَوْ ثَمَانٍ

أَمَا يُعْجِبْكَ أَنَّا قَدْ كَفَفْنَا عَنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ الْمَوْتَ الْعِيَانِي (3)

أَ يَنْهَانَا كِتَابُ اللَّهِ عَنْهُمْ وَ لاَ يَنْهَاهُمُ اَلسَّبْعُ الْمَثَانِي (4).

فَقُتِلَ بَعْدُ وَ كَانَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا انْسَلَخَ اَلْمُحَرَّمُ وَ اسْتَقْبَلَ صَفَرُ وَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ بَعَثَ عَلِيٌّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنْ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ حَيْثُ يُسْمِعُونَهُمُ الصَّوْتَ قَامَ مَرْثَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُشَمِيُّ فَنَادَى عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ - إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُونَ لَكُمْ: 1«إِنَّا وَ اللَّهِ مَا كَفَفْنَا عَنْكُمْ شَكّاً فِي أَمْرِكُمْ وَ لاَ بُقْيَا عَلَيْكُمْ وَ إِنَّمَا كَفَفْنَا عَنْكُمْ لِخُرُوجِ اَلْمُحَرَّمِ ثُمَّ انْسَلَخَ وَ إِنَّا

ص: 202


1- الطبريّ فقط:«و طاعة ربكم».
2- سبقت ترجمته في ص 64.و في الأصل:«بن سعيد»تحريف.
3- العيانى:منسوب إلى العيان.و في الأصل:«العيان».
4- السبع المثانى:السور الطوال من البقرة إلى التوبة،على أن تحسب التوبة و الأنفال. سورة واحدة،و لذلك لم يفصل بينهما في المصحف بالبسملة.

قَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمْ« عَلى سَواءٍ(1) إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ » قَالَ:فَتَحَاجَزَ النَّاسُ (2)وَ ثَارُوا إِلَى أُمَرَائِهِمْ.

.

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَتْ وَقْعَةُ صِفِّينَ فِي صَفَرٍ .

قَالَ نَصْرٌ :فِي حَدِيثِ عُمَرَ يَعْنِي اِبْنَ سَعْدٍ (3) : أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا انْسَلَخَ اَلْمُحَرَّمُ أَمَرَ مَرْثَدَ بْنَ الْحَارِثِ الْجُشَمِيَّ فَنَادَى عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ:يَا أَهْلَ اَلشَّامِ أَلاَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكُمْ: 1«إِنِّي قَدْ اسْتَدَمْتُكُمْ وَ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ (4)لِتُرَاجِعُوا الْحَقَّ وَ تُنِيبُوا إِلَيْهِ وَ احْتَجَجْتُ عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ فَلَمْ تَتَنَاهَوْا عَنْ طُغْيَانٍ وَ لَمْ تجُيِبُوا إِلَى حَقٍّ وَ إِنِّي قَدْ نَبَذْتُ إِلَيْكُمْ« عَلى سَواءٍ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ » .

فَثَارَ النَّاسُ إِلَى أُمَرَائِهِمْ وَ رُؤَسَائِهِمْ قَالَ وَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يُكَتِّبَانِ الْكَتَائِبَ وَ يُعَبِّيَانِ الْعَسَاكِرَ وَ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ وَ جَاءُوا بِالشُّمُوعِ (5)وَ بَاتَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا يُعَبِّئُ النَّاسَ وَ يُكَتِّبُ الْكَتَائِبَ وَ يَدُورُ فِي النَّاسِ يُحَرِّضُهُمْ .

خطبة علي عند كل لقاء للعدو

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْمُرُنَا فِي كُلِّ مَوْطِنٍ لَقِيَنَا مَعَهُ عَدُوَّهُ يَقُولُ:

«لاَ تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ حَتَّى يَبْدَءُوكُمْ فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى حُجَّةٍ وَ تَرْكُكُمْ إِيَّاهُمْ

ص: 203


1- انظر ما سبق في ص 28.
2- تحاجز القوم:أخذ بعضهم بحجز بعض.
3- خلط ابن أبي الحديد بين هذا الإسناد و سابقه فجعلهما لعمرو بن شمر.
4- في الأصل:«قد استنبذتكم و استأناتكم»،صوابه في ح.و في الطبريّ(6:5): «قد استدمتكم»فقط.
5- و جاءوا بالشموع،ليست في الطبريّ.

حَتَّى يَبْدَءُوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَى لَكُمْ عَلَيْهِمْ فَإِذَا قَاتَلْتُمُوهُمْ فَهَزَمْتُمُوهُمْ فَلاَ تَقْتُلُوا مُدْبِراً وَ لاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ وَ لاَ تَكْشِفُوا عَوْرَةً وَ لاَ تُمَثِّلُوا بِقَتِيلٍ فَإِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى رِحَالِ الْقَوْمِ فَلاَ تَهْتِكُوا سِتْراً وَ لاَ تَدْخُلُوا دَاراً إِلاَّ بِإِذْنِي وَ لاَ تَأْخُذُوا شَيْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مَا وَجَدْتُمْ فِي عَسْكَرِهِمْ وَ لاَ تُهَيِّجُوا امْرَأَةً بِأَذًى (1)وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وَ تَنَاوَلْنَ أُمَرَاءَكُمْ وَ صُلَحَاءَكُمْ فَإِنَّهُنَّ ضِعَافُ الْقُوَى وَ الْأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ وَ لَقَدْ كُنَّا وَ إِنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَ إِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ المَرْأَةَ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ بِالْهِرَاوَةِ أَوِ الْحَدِيدِ فَيُعَيَّرُ بِهَا عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ .

خطبة علي في التحريض على القتال

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَزِيدَ [يَعْنِي اِبْنَ أَبِي خَالِدٍ ] (2)عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنِ اَلْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَرَّضَ فِي النَّاسِ (3)فِي ثَلاَثَةِ مَوَاطِنَ فِي يَوْمِ اَلْجَمَلِ وَ يَوْمِ صِفِّينَ وَ يَوْمِ اَلنَّهْرَوَانِ فَقَالَ:

1«عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ اخْفِضُوا الْأَصْوَاتَ وَ أَقِلُّوا الْكَلاَمَ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْمُنَازَلَةِ وَ الْمُجَاوَلَةِ وَ الْمُبَارَزَةِ وَ الْمُعَانَقَةِ وَ الْمُكَادَمَةِ (4)وَ اثْبُتُوا:« وَ اذْكُرُوا اللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » « وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ »، اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ وَ أَنْزِلْ عَلَيْهِمُ النَّصْرَ وَ أَعْظِمْ لَهُمُ الْأَجْرَ » .

عقد الألوية و تأمير الأمراء

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ

ص: 204


1- في الأصل و ح(1:346):«إلا باذنى»صوابه من الطبريّ(6:6).
2- إسماعيل بن أبي خالد،أبو عبد اللّه،أحد التابعين،رأى سعيد من رأى النبيّ، منهم أنس بن مالك.توفى بالكوفة سنة 146.انظر المعارف 211 و تهذيب التهذيب.
3- في الأصل:«عرض في الناس»صوابه في ح.و في الطبريّ:«يحرض الناس».
4- المكادمة:مفاعلة من الكدم،و هو العض،و التأثير بالحديد،و هذا هو الأقرب. و في اللسان:«رجل مكدم:إذا لقى قتالا فأثرت فيه الجراح».و في الأصل:«المكارمة» بالراء،صوابه في الطبريّ(6:6).

وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ (1): أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مُعَاوِيَةَ عَقَدَا الْأَلْوِيَةَ وَ أَمَرَا الْأُمَرَاءَ وَ كَتَّبَا الْكَتَائِبَ وَ اسْتَعْمَلَ عَلِيٌّ عَلَى الْخَيْلِ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ عَلَى الرَّجَّالَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ وَ دَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى هَاشِمٍ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ وَ جَعَلَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ وَ عَلَى الْمَيْسَرَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ جَعَلَ عَلَى رَجَّالَةِ الْمَيْمَنَةِ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ الْخُزَاعِيَّ وَ جَعَلَ عَلَى رَجَّالَةِ الْمَيْسَرَةِ اَلْحَارِثَ بْنَ مُرَّةَ الْعَبْدِيَّ وَ جَعَلَ الْقَلْبَ مُضَرَ اَلْكُوفَةِ وَ اَلْبَصْرَةِ وَ جَعَلَ الْمَيْمَنَةَ اَلْيَمَنَ وَ جَعَلَ الْمَيْسَرَةَ رَبِيعَةَ وَ عَقَدَ أَلْوِيَةَ القَبَائِلِ فَأَعْطَاهَا قَوْماً مِنْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ جَعَلَهُمْ رُؤَسَاءَهُمْ وَ أُمَرَاءَهُمْ وَ جَعَلَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ أَسَدٍ وَ كِنَانَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ عَلَى كِنْدَةَ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ وَ عَلَى بَكْرِ اَلْبَصْرَةِ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ وَ عَلَى تَمِيمِ اَلْبَصْرَةِ اَلْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ وَ عَلَى خُزَاعَةَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ وَ عَلَى بَكْرِ اَلْكُوفَةِ نُعَيْمَ بْنَ هُبَيْرَةَ وَ عَلَى سَعْدِ وَ رَبَابِ اَلْبَصْرَةِ جَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ السَّعْدِيَّ وَ عَلَى بَجِيلَةَ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ وَ عَلَى ذُهْلِ اَلْكُوفَةِ يَزِيدَ بْنَ رُوَيْمٍ الشَّيْبَانِيِّ (2)وَ عَلَى عَمْرٍو وَ حَنْظَلَةِ اَلْبَصْرَةِ (3)أَعْيَنَ بْنَ ضُبَيْعَةَ وَ عَلَى قُضَاعَةَ وَ طَيْئِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ عَلَى لَهَازِمِ اَلْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَجَلٍ الْعِجْلِيَّ وَ عَلَى تَمِيمِ اَلْكُوفَةِ عُمَيْرَ بْنَ عُطَارِدٍ وَ عَلَى اَلْأَزْدِ وَ اَلْيَمَنِ جُنْدَبَ بْنَ زُهَيْرٍ وَ عَلَى ذُهْلِ اَلْبَصْرَةِ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيَّ وَ عَلَى عَمْرِو وَ حَنْظَلَةِ اَلْكُوفَةِ (4)شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ وَ عَلَى هَمْدَانَ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ وَ عَلَى لَهَازِمِ اَلْبَصْرَةِ حُرَيْثَ بْنَ جَابِرٍ الْحَنَفِيَّ (5)وَ عَلَى سَعْدِ وَ رَبَابِ اَلْكُوفَةِ اَلطُّفَيْلَ أَبَا صَرِيمَةَ ،».

ص: 205


1- ذكره في لسان الميزان(5:383)و قال:«روى عن أبان بن بشير،و عنه وهب بن كعب.مجهول».ح:«بن عبد المطلب»تحريف.
2- ح(1:346):«رويما الشيباني أو يزيد بن رويم».
3- ح:«و على عمرو البصرة و حنظلتها».
4- ح:«و على عمرو الكوفة و حنظلتها».
5- ح:«الجعفى».

وَ عَلَى مَذْحِجٍ اَلْأَشْتَرَ بْنَ الْحَارِثِ النَّخَعِيَّ وَ عَلَى عَبْدِ الْقَيْسِ اَلْكُوفَةَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ وَ عَلَى قَيْسِ اَلْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الطُّفَيْلِ الْبُكَائِيَّ (1)وَ عَلَى عَبْدِ الْقَيْسِ اَلْبَصْرَةِ عَمْرَو بْنَ حَنْظَلَةَ وَ عَلَى قُرَيْشِ اَلْبَصْرَةِ اَلْحَارِثَ بْنَ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ وَ عَلَى قَيْسِ اَلْبَصْرَةِ (2)قَبِيصَةَ بْنِ شَدَّادٍ الْهِلاَلِيَّ وَ عَلَى اللَّفِيفِ مِنَ الْقَوَاصِي اَلْقَاسِمَ بْنَ حَنْظَلَةَ الْجُهَنِيَّ .

وَ اسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْخَيْلِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَلَى الرَّجَّالَةِ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ (3)وَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَلَى الْمَيْسَرَةِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ وَ أَعْطَى اللِّوَاءَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ وَ هُمُ الْقَلْبُ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ وَ عَلَى أَهْلِ حِمْصٍ وَ هُمُ الْمَيْمَنَةُ ذَا الْكَلاَعِ الْحِمْيَرِيَّ وَ عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ وَ هُمْ فِي الْمَيْمَنَةِ أَيْضاً زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ وَ عَلَى أَهْلِ اَلْأُرْدُنِّ وَ هُمْ الْمَيْسَرَةُ سُفْيَانَ بْنَ عَمْرٍو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ وَ عَلَى أَهْلِ فِلَسْطِينَ وَ هُمْ فِي الْمَيْسَرَةِ أَيْضاً مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ وَ عَلَى رَجَّالَةِ أَهْلِ حِمْصٍ حَوْشَباً ذَا ظَلِيمٍ (4)وَ عَلَى رَجَّالَةِ قَيْسٍ طَرِيفَ بْنَ حَابِسٍ الْأَلْهَانِيَّ (5)وَ عَلَى رَجَّالَةِ أَهْلِ اَلْأُرْدُنِّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَيْسٍ الْقَيْنِيَّ وَ عَلَى رَجَّالَةِ0.

ص: 206


1- هو عبد اللّه بن الطفيل بن ثور بن معاوية بن عبادة بن البكاء،العامرى ثمّ البكائى، له إدراك،و قد شهد مشاهد على.و العامرى:نسبة إلى عامر بن صعصعة.و البكائى، بفتح الباء و تشديد الكاف:نسبة إلى البكاء،و بنو البكاء من قبائل ربيعة بن عامر بن صعصعة.انظر الاشتقاق 179.و في الأصل:«الكنانيّ»تحريف،صوابه في ح و الإصابة 6328.
2- الكلام بعد:«البكائى»إلى هنا ساقط من ح.
3- المرى:نسبة إلى مرة بن عوف.قال ابن دريد في الاشتقاق 174:«فمن قبائل مرة بن عوف مسلم بن عقبة الّذي اعترض أهل المدينة فقتلهم يوم الحرة في طاعة يزيد بن و معاوية».انظر المعارف 153.ح:«المزنى»تحريف.
4- سبقت ترجمته في ص 60.
5- الألهانى،بالفتح:نسبة إلى ألهان،و هم إخوة همدان بن مالك بن زيد بن كهلان. انظر الاشتقاق 250.

أَهْلِ فِلَسْطِينَ اَلْحَارِثَ بْنَ خَالِدٍ الْأَزْدِيَّ وَ عَلَى رَجَّالَةِ قَيْسٍ دِمَشْقَ هَمَّامَ بْنَ قَبِيصَةَ وَ عَلَى قَيْسِ وَ إِيَادِ حِمْصٍ (1)بِلاَلَ بْنَ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَزْدِيَّ وَ حَاتِمَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ الْبَاهِلِيَّ (2)وَ عَلَى رَجَّالَةِ الْمَيْمَنَةِ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَّ وَ عَلَى قُضَاعَةِ دِمَشْقَ حَسَّانَ بْنَ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّ (3)وَ عَلَى قُضَاءَةِ اَلْأُرْدُنِّ حُبَيْشَ بْنَ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ وَ عَلَى كِنَانَةِ فِلَسْطِينَ شَرِيكاً الْكِنَانِيَّ (4)وَ عَلَى مَذْحِجِ اَلْأُرْدُنِّ اَلْمُخَارِقَ بْنَ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيَّ وَ عَلَى لَخْمِ وَ جُذَامِ فِلَسْطِينَ (5)نَاتِلَ بْنَ قَيْسٍ الْجُذَامِيَّ (6)وَ عَلَى هَمْدَانِ اَلْأُرْدُنِّ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيَّ وَ عَلَى خَثْعَمِ اَلْيَمَنِ حَمَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيَّ (7)وَ عَلَى غَسَّانِ اَلْأُرْدُنِّ يَزِيدَ بْنَ الْحَارِثِ وَ عَلَى جَمِيعِ الْقَوَاصِي اَلْقَعْقَاعَ بْنَ أَبْرَهَةَ الْكَلاَعِيَّ (8)وَ أُصِيبَ فِي الْمُبَارَزَةِ أَوَّلَ يَوْمَ تَرَاءَتْ فِيهِ الْفِئَتَانِ .ف.

ص: 207


1- ح:«و على قيس حمص و إيادها».
2- ما بعد«الأزديّ»ليس في ح.
3- بحدل،بالحاء المهملة و زان جعفر.و في الأصل و ح:«بجدل»بالجيم،تحريف. و هو حسان بن مالك بن مجدل أبو سليمان الكلبى،زعيم بنى كلب و مقدمهم.و يروون أنه سلم عليه بالخلافة أربعين ليلة.انظر تاريخ ابن عساكر(9:342)المخطوطة التيمورية و كذا الأغانى(11:114).
4- في الأصل:«شريك البكائى»،و أثبت ما في ح(1:346).
5- ح:«و على جذام فلسطين و لخمها».
6- ناتل،بمثناة،ابن قيس بن زيد الشاميّ الفلسطينى أحط أمراء معاوية،قتل سنة ست و ستين.و في الأصل:«نائل»و في ح:«نابل»صوابهما ما أثبت من تهذيب التهذيب و الاشتقاق 225 و المشتبه للذهبى 514.
7- ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق،في حرف الحاء المهملة.قال:«حمل بن عبد اللّه الخثعميّ،شهد صفّين مع معاوية،و كان يومئذ أميرا على خثعم».و في ح:«جمل» بالجيم،تحريف،صوابه في ابن عساكر(11.551)مخطوطة التيمورية.
8- ترجم له ابن عساكر في(35:369).و في ح:«الكلابى»تحريف.

نَصْرٌ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمِيرَةَ(1) عَنِ اَلشَّعْبِيِّ : أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءِ الْخُزَاعِيِّ وَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ .

وَ ذَكَرَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ (2)أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ عَلَى خَيْلِ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ اَلْأَشْتَرَ وَ عَلَى خَيْلِ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَ عَلَى رَجَّالَةِ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ عَلَى رَجَّالَةِ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ كَانَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ مِصْرٍ إِلَى صِفِّينَ وَ جَعَلَ مَعَهُ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ ابْنَهُ وَ جَعَلَ مَسْعُودَ بْنَ فَدَكِيٍّ التَّمِيمِيَّ عَلَى قُرَّاءِ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ فَصَارَ قُرَّاءُ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ إِلَى اِبْنِ بُدَيْلٍ وَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ .

آخر الجزء الثالث من أجزاء ابن الطيوري .

و الحمد لله و صلواته على سيدنا محمد النبي و آله و سلم و يتلوه الجزء الرابع [و أوله] (3)نصر عن عمر قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم مولى يزيد بن معاوية : .

وجدت في الجزء الخامس من نسخة عبد الوهاب بخطه سمع جميعه على الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الأجلى.

ص: 208


1- في الأصل:«بن أبي عمرة»،و أثبت ما في ح(1:347)كما سبق ص 22.
2- ذكره الذهبي في المشتبه 151 قال:«و فضيل بن خديج شيخ لأبى مخنف لوط الأخبارى».و ترجم له ابن حجر في لسان الميزان.و في الأصل:«فضل بن خديج»،صوابه في المرجعين المذكورين.
3- تكملة يستقيم بها الكلام.و انظر أول الجزء التالى.

السيد الأوحد قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني و ابناه القاضيان أبو عبد الله محمد (1)و أبو الحسين أحمد و أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي و الشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسني و أبو منصور محمد بن محمد بن قرمي بقراءة عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي في شعبان سنة أربع و تسعين و أربعمائةس.

ص: 209


1- ترجم له السمعانيّ في الورقة 219 و ياقوت في معجم البلدان.ولى القضاء ببغداد مدة.و كانت ولادته بالدامغان سنة 400 و وفاته سنة 498.و الدامغانى:نسبة إلى الدامغان، بفتح الميم،و هي قصبة بلاد قومس.

ص: 210

الجزء الرابع

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن عبد المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 211

ص: 212

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

قواد معاوية و الفدائيون و القتال بعد المحرم

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ :

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ :قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ :

عَنْ عُمَرَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنِ اَلْقَاسِمِ مَوْلَى يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ ذَا الْكَلاَعِ وَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ وَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ مِنْ يَوْمَ أَقْبَلَ مِنْ دِمَشْقَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ وَ كَانَ عَلَى خَيْلِ أَهْلِ دِمَشْقَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى خُيُولِ أَهْلِ اَلشَّامِ كُلِّهَا (1)وَ [جَعَلَ] مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ عَلَى رَجَّالَةِ أَهْلِ دِمَشْقَ وَ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَلَى رَجَّالَةِ النَّاسِ كُلِّهِمْ (2)وَ بَايَعَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلَى الْمَوْتِ فَعَقَّلُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَمَائِمِ (3)فَكَانُوا خَمْسَةَ صُفُوفٍ مُعَقَّلِينَ (4)وَ كَانُوا يَخْرُجُونَ

ص: 213


1- و كذا في الطبريّ(6:6)لكن في ح(1:347):«أبا الأعور السلمى و كان على خيل دمشق كلها عمرو بن العاص و معه خيول الشام بأسرها»،تحريف.
2- و كذا في الطبريّ.لكن في ح:«على سائر الرجالة بعد».
3- أي جعلوا العمائم لهم بمثابة العقل-جمع عقال.و في الأصل:«فعلقوا»تحريف صوابه في ح و الطبريّ.و سيأتي في هذا الكتاب قوله:«و قد قيدت عك أرجلها بالعمائم».
4- في الأصل:«معلقين»،صوابه في ح و الطبريّ.

فَيَصْطَفُّونَ أَحَدَ عَشَرَ صَفّاً (1)وَ يَخْرُجُ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ فَيَصْطَفُّونَ أَحَدَ عَشَرَ صَفّاً.

فَخَرَجُوا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ وَ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَاقْتَتَلُوا وَ عَلَى مَنْ خَرَجَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ اَلْأَشْتَرُ وَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً جُلَّ النَّهَارِ ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَ قَدِ انْتَصَفَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ فِي خَيْلٍ وَ رِجَالٍ حَسَنٍ عَدَدُهَا وَ عُدَّتُهَا وَ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ تَحْمِلُ الْخَيْلُ عَلَى الْخَيْلِ وَ الرِّجَالُ عَلَى الرِّجَالِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ قَدْ صَبَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ خَرَجَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ وَ جَعَلَ عَمَّارٌ يَقُولُ يَا أَهْلَ اَلْإِسْلاَمِ (2)أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ عَادَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ جَاهَدَهُمَا وَ بَغَى عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ وَ ظَاهَرَ اَلْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُظْهِرَ دِينَهُ وَ يَنْصُرَ رَسُولَهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَسْلَمَ وَ هُوَ وَ اللَّهِ فِيمَا يُرَى (3)رَاهِبٌ غَيْرُ رَاغِبٍ وَ قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ إِنَّا وَ اللَّهِ لَنَعْرِفُهُ بِعَدَاوَةِ اَلْمُسْلِمِ وَ مَوَدَّةِ الْمُجْرِمِ أَلاَ وَ إِنَّهُ مُعَاوِيَةُ فَالْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَاتِلُوهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ يُطْفِئُ نُورَ اللَّهِ وَ يُظَاهِرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ.

وَ كَانَ مَعَ عَمَّارٍ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ عَلَى الْخَيْلِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ فِي الْخَيْلِ فَحَمَلَ وَ صَبَرُوا لَهُ وَ شَدَّ عَمَّارٌ فِي الرَّجَّالَةِ فَأَزَالَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مَوْقِفِهِ وَ بَارَزَ يَوْمَئِذٍ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَخاً [لِأُمِّهِ] (4)مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍوّ.

ص: 214


1- الطبريّ:«و كانوا يخرجون و يصفون عشرة صفوف».
2- في ح:«يا أهل الشام»،فقد يكون ذلك إغراء لهم بصاحبهم و حثا لهم على الخلاف عليه.و عند الطبريّ:«يا أهل العراق»يخاطب أصحابه.
3- الطبريّ:«نرى».
4- هذه التكملة من الطبريّ.

الْعُقَيْلِيُّ(1) وَ كَانَتْ أُمَّهُمَا هِنْدٌ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ فَلَمَّا الْتَقَيَا تَسَاءَلاَ (2)وَ تَوَاقَفَا ثُمَّ انْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْ صَاحِبِهِ وَ رَجَعَ النَّاسُ يَوْمَهُمُ ذَاكَ.

حديث لواء عمرو

نَصْرٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ الْأَرْقَمِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ:

كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ فَرَفَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ شُقَّةَ خَمِيصَةٍ سَوْدَاءَ فِي رَأْسِ رُمْحٍ فَقَالَ نَاسٌ:هَذَا لِوَاءٌ عَقَدَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ عَلِيّاً فَقَالَ 1«هَلْ تَدْرُونَ مَا أَمْرُ هَذَا اللِّوَاءِ؟ إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَخْرَجَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ هَذِهِ الشُّقَّةَ فَقَالَ مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا فَقَالَ عَمْرٌو :وَ مَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:فِيهَا أَنْ لاَ تُقَاتِلَ بِهِ مُسْلِماً وَ لاَ تُقَرِّبَهُ مِنْ كَافِرٍ (3)فَأَخَذَهَا فَقَدْ وَ اللَّهِ قَرَّبَهُ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ قَاتَلَ بِهِ الْيَوْمَ اَلْمُسْلِمِينَ (4)وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنْ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَى عَدَوَاتِهِمْ مِنَّا (5)إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا الصَّلاَةَ» .

القول في إيمان أهل الشام

نَصْرٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّينَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارٍ :يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَ لَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ :

14«قَاتِلُوا النَّاسَ حَتَّى يُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ» قَالَ:بَلَى وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنْ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّى وَجَدُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً (6).

ص: 215


1- الطبريّ:«يقال له عمرو بن معاوية بن المنتفق بن عامر بن عقيل».
2- ليست في ح.و في الطبريّ:«تعارفا»و في الأصل:«تسايلا».
3- الضمير للواء.و في ح:«بها»فى الموضعين،أي الشقة.
4- ح:«قربها»و«قاتل بها».
5- ح:«فلما وجدوا عليه أعوانا أظهروه».و لم يرو سائر هذه الفقرة.
6- في الأصل:«أهوانا»صوابه في ح.

نَصْرٌ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ :قَالَ حَدَّثَنِي مُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ (1):

قَالَ:قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ : لَمَّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَعْلَى الْوَادِي وَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَ مَلَأَ الْأَوْدِيَةَ كَتَائِبَ (2)اسْتَسْلَمُوا حَتَّى وَجَدُوا أَعْوَاناً .

نَصْرٌ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ (3)عَنْ مُنْذِرِ الثَّوْرِيِّ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ :

وَ اللَّهِ مَا أَسْلَمَ الْقَوْمُ وَ لَكِنْ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّى وَجَدُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً.

ما ورد من الأحاديث في شأن معاوية

نَصْرٌ عَنِ اَلْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ اَلْحَسَنِ وَ [قَالَ:وَ حَدَّثَنَا] اَلْحَكَمُ أَيْضاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ (4)عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ (5)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالاَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِي فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» .قَالَ اَلْحَسَنُ فَمَا فَعَلُوا وَ لاَ أَفْلَحُوا .

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ اَلْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ» .قَالَ فَحَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ قَالَ:قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ :فَلَمْ نَفْعَلْ وَ لَمْ نُفْلِحْ .

ص: 216


1- هو المنذر بن يعلى الثوري،أبو يعلى الكوفيّ.ترجم له في تهذيب التهذيب. و في الأصل:«منذر العلوى»لعلها«الكوفيّ»و أثبت ما في ح.
2- في الأصل:«و ملئوا».ح:«و ملأ الأودية كتائب-يعنى يوم فتح مكّة».
3- فطر بكسر الفاء،بن خليفة المخزومى مولاهم،أبو بكر الحناط.انظر تهذيب التهذيب و المعارف و مشارق الأنوار(2:168).و في الأصل:«قطرب»تحريف.
4- هو عاصم بن بهدلة الأسدى مولاهم الكوفيّ المقرئ،كان حجة في القراءة،قرأ على عبد الرحمن السلمى،وزر بن حبيش.و يعرف بابن أبي النجود،بفتح النون.و بهدلة أمه كما في القاموس.توفّي سنة 128.انظر تهذيب التهذيب و المعارف 231.
5- زر،بكسر أوله و تشديد الراء،بن حبيش،بالتصغير،بن حباشة،بالضم، الأسدى الكوفيّ،كان أعرب الناس،و كان عبد اللّه بن مسعود يسأله عن العربية.مات سنة إحدى أو ثنتين أو ثلاث و ثمانين و هو ابن مائة و عشرين سنة.انظر تهذيب التهذيب و المعارف 188 و الإصابة 2965.

نَصْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى عَنِ اَلْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ:قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1): إِنَّ مُعَاوِيَةَ فِي تَابُوتٍ« فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ اَلنّارِ »وَ لَوْ لاَ كَلِمَةُ فِرْعَوْنَ « أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى »مَا كَانَ أَحَدٌ أَسْفَلَ مِنْ مُعَاوِيَةَ .

نَصْرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ (2)عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ (3)عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14«شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ خَمْسَةٌ - إِبْلِيسُ وَ ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَدَّهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَ رَجُلٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُبَايَعُ عَلَى كُفْرِهِ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ (4)قَالَ الرَّجُلُ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ بَايَعَ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَحِقْتُ بِعَلِيٍّ فَكُنْتُ مَعَهُ .

نَصْرٌ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«يَمُوتُ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَيْرِ اَلْإِسْلاَمِ » .

عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«يَمُوتُ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي» .

نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ مَعَهُ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِن.

ص: 217


1- في الأصل:«عبد اللّه بن عمرو»،تحريف.
2- هو سالم بن أبي الجعد رافع الغطفانى الأشجعى مولاهم.مات سنة سبع أو ثمان و تسعين،و قيل مائة.تهذيب التهذيب.
3- هو أبو حرب بن أبي الأسود الديلى البصرى،ثقة،قيل اسمه محجن،و قيل عطاء. مات سنة 108.تهذيب التهذيب.
4- لد،بالضم و التشديد:قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.

14«اَللَّهُمَّ الْعَنِ التَّابِعَ وَ الْمَتْبُوعَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْأُقَيْعِسِ» .فَقَالَ ابْنُ اَلْبَرَاءِ لِأَبِيهِ:

مَنِ الْأُقَيْعِسُ؟ قَالَ: مُعَاوِيَةُ .

نَصْرٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ وَ سُلَيْمَانَ بْنِ قَرْمٍ (1)عَنِ اَلْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: 1«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي النَّوْمِ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْأَوَدِ وَ اللَّدَدِ فَقَالَ:

14انْظُرْ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مُعَاوِيَةُ مُعَلَّقَيْنِ مُنَكَّسَيْنِ تُشْدَخُ رُءُوسُهُمَا بِالصَّخْرِ» .

نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ (2)عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا بَيْنَ تَابُوتِ مُعَاوِيَةَ وَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ إِلاَّ دَرَجَةٌ وَ مَا انْخَفَضَتْ تِلْكَ الدَّرَجَةُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ:« أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ».

نَصْرٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي اَلْعَلاَءُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: 6دَخَلَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ زَيْدٌ جَاءَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَ مَا وَجَدْتَ لَكَ مَجْلِساً إِلاَّ أَنْ تَقْطَعَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ زَيْدٌ :إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ غَزَا غَزْوَةً وَ أَنْتُمَا مَعَهُ فَرَآكُمَا مُجْتَمِعَيْنِ فَنَظَرَ إِلَيْكُمَا نَظَراً شَدِيداً ثُمَّ رَآكُمَا الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ كُلَّ ذَلِكَ يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَيْكُمَا فَقَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ 14«إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِب.

ص: 218


1- هو سليمان بن قرم-بفتح القاف و سكون الراء-بن معاذ أبو داود البصرى النحوى.قال ابن حجر:«سيئ الحفظ،يتشيع من السابعة».تقريب التهذيب.و في الأصل:«بن قوم»تحريف.
2- هو عمّار بن معاوية الدهنى،بضم الدال المهملة و سكون الهاء بعدها نون، أبو معاوية البجليّ الكوفيّ،صدوق يتشيع من الخامسة.تقريب التهذيب.

مُجْتَمِعَيْنِ فَفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا لَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى خَيْرٍ» (1) .

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ (2)عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْأَزْدِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو هِلاَلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ يَقُولُ: إِنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَمِعُوا غِنَاءً فَتَشَرَّفُوا لَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَمَعَ لَهُ وَ ذَاكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ فَأَتَاهُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ:هَذَا مُعَاوِيَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يُجِيبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَ هُوَ يَقُولُ

يَزَالُ حَوَارِيٌّ تَلُوحُ عِظَامُهُ زَوَى الْحَرْبُ عَنْهُ أَنْ يُحَسَّ فَيُقْبَرَا (3)

فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَيْهِ فَقَالَ 14«اَللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمْ فِي الْفِتْنَةِ رَكْساً اللَّهُمَّ دُعَّهُمْ إِلَى اَلنَّارِ دَعّاً» (4) .

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ (5)عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ تَابُوتَ مُعَاوِيَةَ فِي اَلنَّارِ فَوْقَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ وَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ« أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ».

نَصْرٌ شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:ب.

ص: 219


1- الكلام التالى إلى كلمة:«فاقتلوه»التي ستأتى في ص 221 محذوف من طبعة بيروت.
2- هو محمّد بن فضيل بن غزوان الضبى مولاهم،أبو عبد الرحمن الكوفيّ صدوق رمى بالتشييع.مات سنة خمس و تسعين و مائة.تهذيب التهذيب.
3- في اللسان:«و حكى بعضهم زلت أفعل،أي ما زلت».و الحس:القتل الشديد.و في الكتاب:« إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ. »
4- الإركاس و الركس:الرد و الإرجاع.و في التنزيل:(و اللّه أركسهم بما كسبوا). و الدعّ:الدفع الشديد.و في الكتاب:(يوم يدعون إلى نار جهنم دعا).و قد ورد الحديث في اللسان(ركس)بلفظ:«اللّهمّ أركسهما في الفتنة ركسا».و جاء في اللسان (دعع):«اللّهمّ دعها إلى النار دعا»صوابه:«دعهما».
5- هو ثابت بن أبي صفية الثمالى،بضم المثلثة،أبو حمزة.و اسم أبيه دينار و قيل سعيد،كوفيّ ضعيف رافضى من الخامسة،مات في خلافة أبى جعفر.تقريب التهذيب.

أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: 14«يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِي» . فَشَقَّ عَلَيَّ ذَلِكَ وَ تَرَكْتُ أَبِي يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَ يَجِيءُ فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ .

نَصْرٌ عَنْ بَلِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ (1)حَدَّثَنِي اَلْأَعْمَشُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ (2)قَالَ: وَفَدْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ قَضَيْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ قُلْنَا:لَوْ مَرَرْنَا بِرَجُلٍ قَدْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَايَنَهُ فَأَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْنَا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَدِّثْنَا مَا شَهِدْتَ وَ رَأَيْتَ قَالَ:إِنَّ هَذَا أَرْسَلَ إِلَيَّ يَعْنِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ:لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ.

فَجَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ:وَدِدْتُ أَنَّ أَحَدَّ سَيْفٍ فِي جُنْدِكَ (3)عَلَى عُنُقِي فَقَالَ:وَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَكَ وَ لاَ أَقْتُلَكَ وَ ايْمُ اللَّهِ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ مَا سَمِعْتُ (4)رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ فِيهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ وَ كَانَ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَقَالَ:هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ: 14لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فَهَلْ تَرَوْنَهُ يَشْبَعُ قَالَ:وَ خَرَجَ مِنْ فَجٍّ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ مُعَاوِيَةُ وَ أَخُوهُ أَحَدُهُمَا قَائِدٌ وَ الْآخَرُ سَائِقٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ 14«اَللَّهُمَّ الْعَنِ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ وَ الرَّاكِبَ» قُلْنَا:

أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ نَعَمْ وَ إِلاَّ فَصَمَّتَا أُذُنَايَ كَمَا عَمِيَتَا عَيْنَايَ» .ة.

ص: 220


1- هو تليد،بفتح التاء المثناة،بن سليمان المحاربى،أبو سليمان أو أبو إدريس الكوفيّ الأعرج،رافضى ضعيف.قال صالح جزرة:كانوا يسمونه«بليدا»يعنى بالموحدة.مات سنة تسعين و مائة.تقريب التهذيب.و قد ورد«بليد»هاهنا بالموحدة فأثبته كما هو.
2- هو عليّ بن الأقمر بن عمرو الهمدانيّ الوادعى،كوفيّ ثقة.تقريب التهذيب.
3- في الأصل:«جسدك».
4- في الأصل:«ما سمعت من»و كلمة«من»مقحمة.

نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ اَلْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي يَخْطُبُ فَاقْتُلُوهُ» .

قتال ابن الحنفية و ابن عمر ثم ابن عباس و الوليد

قَالَ نَصْرٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ:

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَمْعَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَاقْتَتَلُوا كَأَشَدِّ الْقِتَالِ ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ (1)أَنِ اخْرُجْ إِلَيَّ أُبَارِزْكَ قَالَ لَهُ:

نَعَمْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ يَمْشِي فَبَصُرَ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ: 1«مَنْ هَذَانِ الْمُتَبَارِزَانِ» ؟ فَقِيلَ لَهُ:

اِبْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ اِبْنُ عُمَرَ فَحَرَّكَ عَلِيٌّ دَابَّتَهُ ثُمَّ دَعَا مُحَمَّداً فَوَقَفَ لَهُ فَقَالَ: 1«أَمْسِكْ دَابَّتِي» فَأَمْسَكَهَا لَهُ ثُمَّ مَشَى إِلَيْهِ فَقَالَ: 1«أَنَا أُبَارِزُكَ فَهَلُمَّ إِلَيَّ» قَالَ:

لَيْسَ لِي فِي مُبَارَزَتِكَ حَاجَةٌ قَالَ فَرَجَعَ اِبْنُ عُمَرَ وَ أَخَذَ اِبْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ لِأَبِيهِ:مَنَعْتَنِي مِنْ مُبَارَزَتِهِ فَوَ اللَّهِ لَوْ تَرَكْتَنِي لَرَجَوْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ:

1«يَا بُنَيَّ لَوْ بَارَزْتُهُ أَنَا لَقَتَلْتُهُ وَ لَوْ بَارَزْتَهُ أَنْتَ لَرَجَوْتَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَ مَا كُنْتُ آمَنُ أَنْ يَقْتُلَكَ» ثُمَّ قَالَ:يَا أَبَهْ أَ تَبْرُزُ بِنَفْسِكَ إِلَى هَذَا الْفَاسِقِ اللَّئِيمِ عَدُوِّ اللَّهِ؟ وَ اللَّهِ لَوْ أَبُوهُ يَسْأَلُكَ الْمُبَارَزَةَ لَرَغِبْتُ بِكَ عَنْهُ فَقَالَ: 1«يَا بُنَيَّ لاَ تَذْكُرْ أَبَاهُ وَ لاَ تَقُلْ فِيهِ إِلاَّ خَيْراً (2)يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَاهُ» .

ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ تَحَاجَزُوا وَ تَرَاجَعُوا فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الْخَامِسُ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً وَ دَنَا اِبْنُ عَبَّاسٍ

ص: 221


1- هو محمّد بن عليّ بن أبي طالب،و هو أخو الحسن و الحسين ابني على،بيد أن والدة هذين هي فاطمة الزهراء،و أم ذاك هي خولة بنت جعفر الحنفية،فنسب إليها تمييزا له. كان ابن الحنفية أحد أبطال صدر الإسلام،و كان ورعا واسع العلم.توفّي سنة 81.وفيات الأعيان(1:449)و طبقات ابن سعد(5:66).
2- ح(1:480):«لأبيه إلاّ خيرا».

مِنَ اَلْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَأَخَذَ اَلْوَلِيدُ يَسُبُّ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (1)وَ أَخَذَ يَقُولُ يَا اِبْنَ عَبَّاسٍ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ وَ قَتَلْتُمْ إِمَامَكُمْ فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ صُنْعَ اللَّهِ بِكُمْ لَمْ تُعْطَوْا مَا طَلَبْتُمْ وَ لَمْ تُدْرِكُوا مَا أَمَّلْتُمْ وَ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُهْلِكُكُمْ وَ نَاصِرُنَا عَلَيْكُمْ (2)فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ اِبْنُ عَبَّاسٍ أَنِ ابْرُزْ إِلَيَّ فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ وَ قَاتَلَ اِبْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَئِذٍ قِتَالاً شَدِيداً ثُمَّ انْصَرَفُوا عِنْدَ الظُّهْرِ وَ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَ ذَلِكَ يَوْمُ الْأَحَدِ (3) .

لحاق شمر بن أبرهة بعلي و خطبة معاوية و عمرو

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَبُو يَحْيَى عَنِ اَلزُّهْرِيِّ قَالَ:

وَ خَرَجَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شِمْرُ بْنُ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ الْحِمْيَرِيُّ فَلَحِقَ بِعَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلاَمُ فِي نَاسٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَفَتَّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ عَمْرٌو يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ بِأَهْلِ اَلشَّامِ رَجُلاً لَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ وَ رَحِمٌ مَاسَّةٌ وَ قَدَمٌ فِي اَلْإِسْلاَمِ لاَ يَعْتَدُّ أَحَدٌ بِمِثْلِهِ وَ نَجْدَةٌ فِي الْحَرْبِ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله (4)وَ إِنَّهُ قَدْ سَارَ إِلَيْكَ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْمَعْدُودِينَ وَ فُرْسَانِهِمْ وَ قُرَّائِهِمْ وَ أَشْرَافِهِمْ وَ قُدَمَائِهِمْ فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ لَهُمْ فِي النُّفُوسِ مَهَابَةٌ فَبَادِرْ بِأَهْلِ اَلشَّامِ مَخَاشِنَ الْوَعْرِ وَ مَضَايِقَ الْغَيْضِ (5)وَ احْمِلْهَا عَلَى الْجُهْدِ وَ ائْتِهِمْ مِنْ بَابِ الطَّمَعِ

ص: 222


1- ح:«فأكثر من سب بنى عبد المطلب».
2- ح:«و؟؟؟شاء أمهلكم و ناصر عليكم».و ما في الأصل يوافق ما في الطبريّ (6:7).
3- بعد هذه الكلمة في الأصل كلام ناقص لم يرد في ح و هو:«و خرج شمر بن أبرهة ابن الصباح الحميري فلحق بعلى في ناس من قراء أهل الشام،فلما رأى ذلك معاوية و عمرو و ما خرج إلى على من قبائل أهل الشام و أشرافهم».و انظر ما يلي.
4- النجدة:الشجاعة و شدة البأس.
5- الغيض:القليل؛و منه:فلان يعطى غيضا من فيض.ح:(1:481). «مخاشن الأوعار و مضايق الغياض».

قَبْلَ أَنْ تُرَفِّهَهُمْ فَيُحْدِثَ عِنْدَهُمْ طُولُ الْمُقَامِ مَلَلاً فَيَظْهَرَ فِيهِمْ كَآبَةُ الْخِذْلاَنِ.

وَ مَهْمَا نَسِيتَ فَلاَ تَنْسَ أَنَّكَ عَلَى بَاطِلٍ.

فَلَمَّا قَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ ذَلِكَ زَوَّقَ مُعَاوِيَةُ خُطْبَةً وَ أَمَرَ بِالْمِنْبَرِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَمَرَ أَجْنَادَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَحَضَرُوا خُطْبَتَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ أَعِيرُوَنا أَنْفُسَكُمْ وَ جَمَاجِمَكُمْ لاَ تَفْشَلُوا وَ لاَ تَخَاذَلُوا (1)فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ خِطَارٍ وَ يَوْمُ حَقِيقَةٍ وَ حِفَاظٍ فَإِنَّكُمْ عَلَى حَقٍّ وَ بِأَيْدِيكُمْ حُجَّةٌ (2)وَ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ مَنْ نَكَثَ الْبَيْعَةَ وَ سَفَكَ الدَّمَ الْحَرَامَ فَلَيْسَ لَهُ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ.

ثُمَّ صَعِدَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِرْقَاتَيْنِ مِنَ الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ (3)أَيُّهَا النَّاسُ قَدِّمُوا الْمُسْتَلْئِمَةَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ أَعِيرُوا جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةً فَقَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ ظَالِمٌ وَ مَظْلُومٌ (4) .

خطبة علي فيما كان من تحريض معاوية و عمرو

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَ عَلِيٌّ بِخُطْبَةِ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرٍو وَ تَحْرِيضِهِمَا النَّاسَ عَلَيْهِ أَمَرَ النَّاسَ فَجُمِعُوا قَالَ:وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيٍّ مُتَوَكِّئاً عَلَى قَوْسِهِ وَ قَدْ جَمَعَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عِنْدَهُ فَهُمْ يَلُونَهُ وَ كَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ مُتَوَافِرُونَ عَلَيْهِ (5)فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ:

1«أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مَقَالَتِي وَ عُوا كَلاَمِي فَإِنَّ الْخُيَلاَءَ مِنَ التَّجَبُّرِ

ص: 223


1- ح:«لا تقتتلوا و لا تتجادلوا».
2- في الأصل:«و لكم حجة»،و أثبت ما في ح.
3- الكلام من:«ثم صعد»إلى هنا،ليس في ح،فإن ابن أبي الحديد جعل كلام عمرو من بقية خطبة معاوية.و الحق أنهما خطبتان كما سيظهر ممّا يلي.و انظر البيان و التبيين 2:285.
4- في الأصل:«فإنه هو ظالم أو مظلوم»و أثبت ما في ح.
5- ح:«متوافرون معه».

وَ إِنَّ النَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ يَعِدُكُمُ الْبَاطِلُ أَلاَ إِنَّ اَلْمُسْلِمَ أَخُو اَلْمُسْلِمِ فَلاَ تَنَابَذُوا وَ لاَ تَخَاذَلُوا فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ مَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ وَ مَنْ فَارَقَهَا مُحِقَ لَيْسَ اَلْمُسْلِمُ بِالْخَائِنِ إِذَا اؤْتُمِنَ وَ لاَ بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَ لاَ بِالْكَذَّابِ إِذَا نَطَقَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَ قَوْلُنَا الصِّدْقُ وَ مِنْ فِعَالِنَا الْقَصْدُ (1)وَ مِنَّا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَ فِينَا قَادَةُ اَلْإِسْلاَمِ وَ مِنَّا قُرَّاءُ اَلْكِتَابِ (2)نَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّهِ وَ الشِّدَّةِ فِي أَمْرِهِ وَ ابْتِغَاءِ رِضْوَانِهِ وَ إِقَامِ الصَّلاَةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ اَلْبَيْتِ وَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تَوْفِيرِ الْفَيْءِ لِأَهْلِهِ (3)أَلاَ وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ السَّهْمِيَّ أَصْبَحَا يُحَرِّضَانِ النَّاسَ عَلَى طَلَبِ الدِّينِ بِزَعْمِهِمَا وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أُخَالِفْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَطُّ وَ لَمْ أَعْصِهِ فِي أَمْرٍ قَطُّ أَقِيهِ بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي يَنْكُصُ فِيهَا الْأَبْطَالُ وَ تُرْعَدُ فِيهَا الْفَرَائِصُ نَجْدَةٌ (4)أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا فَلَهُ الْحَمْدُ وَ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ إِنَّ رَأْسَهُ لَفِي حَجْرِي وَ لَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَهُ بِيَدِي وَحْدِي تُقَلِّبُهُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مَعِي وَ ايْمُ اللَّهِ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ قَطُّ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلاَّ ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ» .

قَالَ فَقَالَ أَبُو سِنَانٍ الْأَسْلَمِيُّ (5)فَسَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ:

أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ أَعْلَمَكُمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَيْهِ أَوَّلاً وَ أَنَّهَا لَنْ تَسْتَقِيمَ3.

ص: 224


1- ح:«و فعلنا الفضل».
2- ح:«و فينا حملة الكتاب».
3- ح:«على أهله».
4- ح:«بنجدة».
5- في الأصل:«الأسدى»و أثبت ما في(1:481)مطابقا ما مضى في ص 223.

عَلَيْهِ آخِراً ثُمَّ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَدْ نَفَذَتْ بَصَائِرُهُمْ فِي قِتَالِ عَدُوِّهِمْ فَتَأَهَّبُوا وَ اسْتَعِدُّوا .

خطبة علي و التأهب للقتال

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ(1) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ : أَنَّ عَلِيّاً قَالَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى مَتَى لاَ نُنَاهِضُ الْقَوْمَ بِأَجْمَعِنَا قَالَ فَقَامَ فِي النَّاسِ عَشِيَّةَ الثَّلاَثَاءِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ:

«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لاَ يُبْرِمُ مَا نَقَضَ وَ لاَ يَنْقُضُ مَا أَبْرَمَ وَ لَوْ شَاءَ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لاَ مِنْ خَلْقِهِ وَ لاَ تَنَازَعَتِ الْأُمَّةُ (2)فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لاَ جَحَدَ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ قَدْ سَاقَتْنَا وَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ الْأَقْدَارُ حَتَّى لَفَّتْ (3)بَيْنَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ فَنَحْنُ مِنْ رَبِّنَا بِمَرْأًى وَ مِسْمَعٍ فَلَوْ شَاءَ لَعَجَّلَ النَّقِمَةَ وَ لَكَانَ مِنْهُ التَّغْيِيرُ (4)حَتَّى يُكْذِبَ اللَّهُ الظَّالِمَ وَ يُعْلِمَ الْحَقَّ (5)أَيْنَ مَصِيرُهُ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ عِنْدَهُ دَارَ الْجَزَاءِ وَ الْقَرَارِ:« لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى »أَلاَ إِنَّكُمْ لاَقُوا الْعَدُوَّ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَطِيلُوا اللَّيْلَةَ الْقِيَامَ وَ أَكْثِرُوا تِلاَوَةَ اَلْقُرْآنِ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ الصَّبْرَ وَ النَّصْرَ وَ الْقَوْهُمْ بِالْجِدِّ وَ الْحَزْمِ وَ كُونُوا صَادِقِينَ» .

ثُمَّ انْصَرَفَ وَ وَثَبَ النَّاسُ إِلَى سُيُوفِهِمْ وَ رِمَاحِهِمْ وَ نِبَالِهِمْ يُصْلِحُونَهَا فَمَرَّ عَلَيْهِمْ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ التَّغْلِبِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ فِي أَمْرٍ عَجَبْ وَ الْمُلْكُ مَجْمُوعٌ غَداً لِمَنْ غَلَبْ

ص: 225


1- ح:«عمر بن سعد».
2- ح«و لا تنازع البشر».
3- في الأصل:«ألفت»و أثبت ما في ح.الطبريّ(6:8):«فلفت».
4- فيه إشارة إلى قول اللّه:(إن اللّه لا يغير ما بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم)و في ح:«النصر»و أثبت ما في الأصل مطابقا ما في الطبريّ.
5- ح فقط:«المحق».

فَقُلْتُ قَوْلاً صَادِقاً غَيْرَ كَذِبْ أَنَّ غَداً يَهْلِكُ أَعْلاَمُ اَلْعَرَبِ

غَداً نُلاَقِي رَبَّنَا فَنَحْتَسِبْ يَا رَبِّ لاَ تُشْمِتْ بِنَا وَ لاَ تُصِبْ (1)

مَنْ خَلَعَ الْأَنْدَادَ كُلاًّ وَ الصُّلُبْ غَداً يَكُونُونَ رَمَاداً قَدْ كُثِب

بَعْدَ الْجَمَالِ وَ الْحَيَاءِ وَ الْحَسَبْ

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ عَلِيٌّ فَعَبَّأَ النَّاسَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى أَصْبَحَ وَ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَ أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ وَ كَتَّبَ الْكَتَائِبَ وَ بَعَثَ عَلِيٌّ مُنَادِياً فَنَادَى: 1«يَا أَهْلَ اَلشَّامِ اغْدُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ» فَضَجَّ (2)أَهْلُ اَلشَّامِ فِي عَسْكَرِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَعَبَّأَ خَيْلَهُ وَ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَ أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ وَ كَتَّبَ الْكَتَائِبَ ثُمَّ نَادَى مُعَاوِيَةُ :أَيْنَ الْجُنْدُ الْمُقَدَّمُ؟ فَخَرَجَ أَهْلُ حِمْصٍ فِي رَايَتِهِمْ عَلَيْهِمْ ذُو الْكَلاَعِ الْحِمْيَرِيُّ (3)ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ أَهْلُ اَلْأُرْدُنِّ فَخَرَجُوا فِي رَايَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ[ أَبُو الْأَعْوَرِ] سُفْيَانُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ فَجَاءُوا فِي رَايَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ ثُمَّ نُودِيَ أَيْنَ جُنْدُ الْأَمِيرِ فَجَاءَ أَهْلُ دِمَشْقَ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ هُمُ الْقَلْبُ وَ عَلَيْهِمُ اَلضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ فَأَطَافُوا بِمُعَاوِيَةَ وَ سَارَ أَبُو الْأَعْوَرِ وَ سَارَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مَنْ مَعَهُمَا حَتَّى وَقَفُوا قَرِيباً مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو فَاسْتَقَلَّهُمْ وَ طَمِعَ فِيهِمْ وَ كَانَ أَهْلُ اَلشَّامِ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ بِالضِّعْفِ.

ثُمَّ رَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتَ وَ عَلِمْتَ مَا بَيْنَنَا مِنَ الْعَهْدِ وَ الْعَقْدِ فَاعْصِبْ هَذَا الْأَمْرَ بِرَأْسِي وَ أَرْسِلْ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ فَنَحِّهِ عَنِّي وَ دَعْنِي وَ الْقَوْمَ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ أَنَّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَأْياً6.

ص: 226


1- في الأصل:«لا تعب»صوابه في ح(1:482).
2- في الأصل:«فصبح»صوابه في ح(1:481).
3- في الأصل:«أبو الأعور السلمى»،و هو تحريف فإن أبا الأعور السلمى هو سفيان بن عمرو السلمى الذي سيأتي ذكره.و أمّا من كان على أهل حمص فهو ذو الكلاع الحميري كما سبق في ص 206.

وَ تَجْرِبَةً لَيْسَتْ لِي وَ لاَ لَكَ وَ قَدْ وَلَّيْتُهُ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ فَسِرْ حَتَّى تَقِفَ أَنْتَ وَ خَيْلُكَ عَلَى تَلِّ كَذَا وَ دَعْهُ وَ الْقَوْمَ فَسَارَ أَبُو الْأَعْوَرِ فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ثُمَّ نَادَى ابْنَهُ:يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ:لَبَّيْكَ وَ قَالَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ لَبَّيْكَ قَالَ قَدِّمَا لِي هَذِهِ الدُّرَّعَ وَ أَخِّرَا عَنِّي هَذِهِ الْحُسَّرَ وَ أَقِيمَا الصَّفَّ قُصَّ الشَّارِبِ فَإِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُوا بِخُطَّةٍ بَلَغَتِ السَّمَاءَ فَمَشَيَا بِرَايَاتِهِمَا وَ عَدَّلاَ الصُّفُوفَ وَ سَارَ بَيْنَهُمَا عَمْرٌو حَتَّى عَدَّلَ الصُّفُوفَ وَ أَحْسَنَ الصَّفَّ ثَانِيَةً ثُمَّ حَمَلَ قَيْساً وَ كَلْباً وَ كِنَانَةَ عَلَى الْخُيُولِ وَ رَجَّلَ سَائِرَ النَّاسِ وَ قَعَدَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَ أَحَاطَ بِهِ أَهْلُ اَلْيَمَنِ وَ قَالَ لاَ يَقْرَبَنَّ هَذَا الْمِنْبَرَ أَحَدٌ إِلاَّ قَتَلْتُمُوهُ كَائِناً مَنْ كَانَ .

تكتيب الكتائب و تعبية الناس

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ وَ غَيْرِهِ قَالَ: لَمَّا قَامَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ تَوَاقَفُوا وَ أَخَذُوا مَصَافَّهُمْ لِلْقِتَالِ قَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ هَؤُلاَءِ فِي الْمَيْسَرَةِ مَيْسَرَةِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ قَالُوا رَبِيعَةُ فَلَمْ يَجِدْ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ رَبِيعَةَ فَجَاءَ بِحِمْيَرٍ فَجَعَلَهُمْ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ عَلَى قُرْعَةٍ أَقْرَعَهَا مِنْ حِمْيَرٍ وَ عُكٍّ فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ بِاسْتِكَ مِنْ سَهْمٍ لَمْ تَبْغِ الضِّرَابَ (1)كَأَنَّهُ أَنِفَ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَمِيرٌ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ اَلْخِنْدَفَ الْحَنَفِيَّ (2)فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَئِنْ عَايَنَهُ لَيَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَيَمُوتَنَّ دُونَهُ فَجَاءَتْ حَمِيرٌ حَتَّى وَقَفَتْ بِإِزَاءِ رَبِيعَةَ وَ جَعَلَ اَلسَّكُونَ وَ اَلسَّكَاسِكَ بِإِزَاءِ كِنْدَةَ وَ عَلَيْهَا اَلْأَشْعَثُ وَ جَعَلَ بِإِزَاءِ هَمْدَانَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ اَلْأَزْدَ وَ بَجِيلَةَ وَ بِإِزَاءِ مَذْحِجٍ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ عُكّاً فَقَالَ رَاجِزٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ :

وَيْلٌ لِأُمِّ مَذْحِجٍ مِنْ عُكٍّ وَ أُمُّهُمْ قَائِمَةٌ تَبْكِي

نَصُكُّهُمْ بِالسَّيْفِ أَيَّ صَكٍّ فَلاَ رِجَالَ كَرِجَالِ عُكٍّ .

ص: 227


1- ينعى على سهام القرعة التي لم تأت بما أتت به مريدة.
2- ح(1:482):«جحدرا الحنفيّ».

وَ جَعَلَ بِإِزَاءِ اَلتَّيْمِ (1)مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ - هَوَازِنَ وَ غَطَفَانَ وَ سَلِيماً وَ قَدْ قَيَّدَتْ عُكٌّ أَرْجُلَهَا بِالْعَمَائِمِ ثُمَّ طَرَحُوا حَجَراً بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ قَالُوا:لاَ نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَا الْحَكَرُ بِالْكَافِ وَ عُكٌّ تُقَلِّبُ الْجِيمَ كَافاً وَ صَفَّ الْقَلْبَ خَمْسَةَ صُفُوفٍ وَ فَعَلَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ أَيْضاً كَذَلِكَ (2)قَالَ ثُمَّ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ

يَا أَيُّهَا الْجُنْدُ الصَّلِيبُ الْإِيمَانِ قُومُوا قِيَاماً وَ اسْتَعِينُوا الرَّحْمَنَ

إِنِّي أَتَانِي خَبَرٌ فَأَشْجَانِ (3)أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ اِبْنَ عَفَّانَ

رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا كَمَا كَانَ.

فَرَدَّ عَلَيْهِ[ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ قَالُوا (4)]

أَبَتْ سُيُوفُ مَذْحِجٍ وَ هَمْدَانَ بِأَنْ نَرُدَّ نَعْثَلاً كَمَا كَانَ (5)

خَلْقاً جَدِيداً مِثْلَ خَلْقِ الرَّحْمَنِ ذَلِكَ شَأْنٌ قَدْ مَضَى وَ ذَا شَأْنٍ.

وَ صَاحَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ (6)-

رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا ثُمَّ بَجَلْ (7)أَوْ لاَ تَكُونُوا جَزَراً مِنَ الْأَسَلْ (8).

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ -ف.

ص: 228


1- في الأصل:«التميم».
2- في الأصل:«كك»و هو رمز إلى كلمة«كذلك».و في ح:«مثل ذلك».
3- أي فأشجانى.و في ح:«ذو ألوان».
4- التكملة من ح(1:482).
5- نعثل:رجل من أهل مصر كان طويل اللحية.و كان عثمان إذا نيل منه و عيب،شبه بهذا الرجل المصرى لطول لحيته،و لم يكونوا يجدون فيه عيبا غير هذا.انظر اللسان (نعثل).
6- ح:«ثم نادى عمرو بن العاص ثانية يرفع صوته».
7- بجل بمعنى حسب.و قبل البيت كما في اللسان(14:70): نحن بنى ضبة أرباب الجمل الموت أحلى عندنا من العسل.
8- الجزر:قطع اللحم تأكله السباع.و الأصل:الرماح.ح:«حرزا»تحريف.

كَيْفَ نَرُدُّ نَعْثَلاً وَ قَدْ قَحَل (1) نَحْنُ ضَرَبْنَا رَأْسَهُ حَتَّى انْجَفَلْ (2)

لِمَا حَكَى حُكْمَ الطَّوَاغِيتِ الْأُوَلِ وَ جَارَ فِي الْحُكْمِ وَ جَارَ فِي الْعَمَلِ (3)

وَ أَبْدَلَ اللَّهُ بِهِ خَيْرَ الْبَدَلْ أَقْدَمَ لِلْحَرْبِ وَ أَنْكَى لِلْبَطَلِ (4).

وَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عُبَيْدَةَ السُّلَمِيُّ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ -

لِلَّهِ دَرُّ كَتَائِبَ جَاءَتْكُمُ تَبْكِي فَوَارِسُهَا عَلَى عُثْمَانِ

سَبْعُونَ أَلْفاً لَيْسَ فِيهِمْ قَاسِطٌ يَتْلُونَ كُلَّ مُفَصَّلٍ وَ مَثَانٍ

يَسَلُونَ حَقَّ اللَّهِ لاَ يَعْدُونَهُ وَ مَجِيئُكُمْ لِلْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ (5)

فَأَتَوْا بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا جِئْتُمُ أَوْ لاَ فَحَسْبُكُمُ مِنَ الْعُدْوَانِ

وَ أَتَوْا بِمَا يَمْحُو قِصَاصَ خَلِيفَةٍ لِلَّهِ لَيْسَ بِكَاذِبٍ خَوَّانٍ.

قَالَ وَ بَاتَ عَلِيٌّ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا يُعَبِّئُ النَّاسَ حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ زَحَفَ بِالنَّاسِ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ فَأَخَذَ عَلِيٌّ يَقُولُ: 1«مَنْ هَذِهِ الْقَبِيلَةُ؟ وَ مَنْ هَذِهِ الْقَبِيلَةُ؟» يَعْنِي قَبَائِلَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَيُسَمُّونَ لَهُ حَتَّى إِذَا عَرَفَهُمْ وَ عَرَفَ مَرَاكِزَهُمْ قَالَ لِلْأَزْدِ : 1«اِكْفُونِي اَلْأَزْدَ » وَ قَالَ لِخَثْعَمٍ : 1«اِكْفُونِي خَثْعَماً » وَ أَمَرَ كُلَّ قَبِيلَةٍ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ أَنْ تَكْفِيَهُ أُخْتَهَا مِنَ اَلشَّامِ إِلاَّ قَبِيلَةً لَيْسَ مِنْهُمْ بِالشَّامِ أَحَدٌ (6)مِثْلُ بَجِيلَةَ لَمْ يَكُنْ بِالشَّامِ مِنْهُمْ إِلاَّ عَدَدٌ يَسِيرٌ فَصَرَفَهُمْ إِلَى لَخْمٍ (7).ّ.

ص: 229


1- قحل:أى مات و جف جلده.
2- انجفل:انقلب و سقط.
3- هذا البيت و سابقة لم يرويا في ح.و في الأصل:«لما حكم».
4- أنكى:تفضيل من النكاية،و هي الهزيمة و الغلبة.و في الأصل:«و ألظى» و لا وجه له إلاّ أن جعل مقلوبا من ألظ،و مورد هذا السماع.
5- يسلون:يسألون،بإسقاط الهمزة و إلقاء حركتها على السين.
6- ح(1:283):«إلا قبيلة ليس منهم بالعراق إلاّ القليل»صوابه«بالشام».
7- ح:مثل بجيلة فإن لخما كانت بإزائها».و في الطبريّ(6:8):«إلا أن تكون قبيلة ليس منها بالشام أحد فيصرفها إلى قبيلة أخرى تكون بالشام ليس منهم بالعراق واحد،مثل بجيلة لم يكن منهم بالشام إلاّ عدد قليل،فصرفهم إلى لخم».و في الأصل: «ففرقهم إلى لخم»،صوابه من الطبريّ.

ثُمَّ تَنَاهَضَ الْقَوْمُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَاقْتَتَلُوا اقْتِتَالاً شَدِيداً نَهَارَهُمْ كُلَّهُ وَ انْصَرَفُوا عِنْدَ الْمَسَاءِ وَ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَ كَانَ عَلِيٌّ يَرْكَبُ بَغْلاً لَهُ يَسْتَلِذُّهُ (1)فَلَمَّا حَضَرَتِ الْحَرْبُ قَالَ: 1«اِئْتُونِي بِفَرَسٍ» فَأَتَوْهُ بِفَرَسٍ لَهُ ذَنُوبٌ أَدْهَمَ (2)يُقَادُ بِشَطَنَيْنِ (3)يَبْحَثُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً (4)لَهُ حَمْحَمَةٌ وَ صَهِيلٌ فَرَكِبَهُ وَ قَالَ: 1« « سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ »وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. » .

أدعية علي عليه السلام يوم صفين و بعض خطبه

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا سَارَ إِلَى الْقِتَالِ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ حِينَ يَرْكَبُ ثُمَّ يَقُولُ: 1« الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْنَا وَ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ - « سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ » » ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يَقُولُ: 1«اَللَّهُمَّ إِلَيْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أُتْعِبَتِ الْأَبْدَانُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ:« رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ »سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ» ثُمَّ يَقُولُ:

1« اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ يَا اللَّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا رَبَّ مُحَمَّدٍ - « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ:« اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ » اللَّهُمَّ كُفَّ عَنَّا بَأْسَ الظَّالِمِينَ » فَكَانَ هَذَا شِعَارَهُ بِصِفِّينَ .

ص: 230


1- ح(1:479):«بغلة له يستلذها».
2- الذنوب:الوافر الذنب الطويلة.
3- الشطن:الحبل.و في اللسان:«و في حديث البراء:و عنده فرس مربوطة بشطنين. الشطن:الحبل؛و قيل هو الطويل منه.و إنّما شده بشطنين لقوته و شدته».ح: «نفار شطين»محرف.
4- في الأصل:«يبحث بيديه الأرض جميعا»و الوجه ما أثبت من ح.

نَصْرٌ اَلْأَبْيَضُ بْنُ الْأَغَرِّ(1) عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ (2)عَنِ اَلْأَصْبَغِ قَالَ:

مَا كَانَ عَلِيٌّ فِي قِتَالٍ قَطُّ إِلاَّ نَادَى: 1« كهيعص » .

نَصْرٌ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَسَّانَ الْعِجْلِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيٍّ : أَنَّهُ سَمِعَ يَقُولُ يَوْمَ صِفِّينَ 1« اللَّهُمَّ إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَ بُسِطَتِ الْأَيْدِي وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ دَعَتِ الْأَلْسُنُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ تُحُوكِمَ إِلَيْكَ فِي الْأَعْمَالِ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ« وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ » (3)اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ وَ ظُهُورَ الْفِتَنِ أَعِنَّا عَلَيْهِمْ بِفَتْحٍ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ تُعِزُّ بِهِ سُلْطَانَ الْحَقِّ وَ تُظْهِرُهُ » .

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْحَرْبِ قَعَدَ عَلَى دَابَّتِهِ وَ قَالَ: 1« « اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْنَا وَ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ :« سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ » » ثُمَّ يُوَجِّهُ دَابَّتَهُ إِلَى الْقَبِيلَةِ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: 1« اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا - « رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ » سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ» ثُمَّ يَحْمِلُ فيُورِدُ وَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَهُ [وَ مَنْ حَادَّهُ (4)] حِيَاضَ الْمَوْتِ .ة.

ص: 231


1- هو الأبيض بن الأغر بن الصباح الكوفيّ،ذكره ابن حبان في الثقات.روى عن صالح بن حيان،و مجالد،و عبيدة الضبى،و روى عنه مروان بن معاوية،و يحيى بن حسان التميمى.لسان الميزان.
2- سعد بن طريف الإسكاف الحنظلى الكوفيّ،كان رافضيا،و ترجم له في تهذيب التهذيب.و في الأصل:«بن سعد بن ظريف»كأنّه تتمة للرجل قبله.و الصواب ما أثبت.
3- الفاتح:القاضي الحاكم.و في اللسان.«و يقال للقاضي الفتاح لأنّه يفتح مواضع الحق.و قوله تعالى:« رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا »:أى اقض بيننا».
4- المحادة:المعاداة و المخالفة.

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ غَدَاةُ الْخَمِيسِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ صَلَّى عَلِيٌّ فَغَلَّسَ بِالْغَدَاةِ مَا رَأَيْتُ عَلِيّاً غَلَّسَ بِالْغَدَاةِ أَشَدَّ مِنْ تَغْلِيسِهِ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَزَحَفَ إِلَيْهِمْ وَ كَانَ هُوَ يَبْدَؤُهُمْ فَيَسِيرُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا رَأَوْهُ وَ قَدْ زَحَفَ اسْتَقْبَلُوهُ بِزُحُوفِهِمْ .

قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ : أَنَّ عَلِيّاً خَرَجَ إِلَيْهِمْ فَاسْتَقْبَلُوهُ فَقَالَ: 1«اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا السَّقْفِ الْمَحْفُوظِ الْمَكْفُوفِ الَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ وَ النَّهَارِ (1)وَ جَعَلْتَ فِيهِ مَجْرَى الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مَنَازِلَ الْكَوَاكِبِ وَ النُّجُومِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً (2)مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لاَ يَسْأَمُونَ الْعِبَادَةَ وَ رَبَّ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ الْهَوَامِّ وَ الْأَنْعَامِ وَ مَا لاَ يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَ مِمَّا لاَ يُرَى مِنْ خَلْقِكَ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ« اَلْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ »وَ رَبَّ« اَلسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ »وَ رَبَّ « اَلْبَحْرِ الْمَسْجُورِ »اَلْمُحِيطِ بِالْعَالَمِينَ وَ رَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي الَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ مَتَاعاً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا الْبَغْيَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ وَ اعْصِمْ بَقِيَّةَ أَصْحَابِي مِنَ الْفِتْنَةِ» قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهُ وَ قَدْ أَقْبَلَ خَرَجُوا إِلَيْهِ بِزُحُوفِهِمْ (3)وَ كَانَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ وَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ قُرَّاءُ اَلْعِرَاقِ مَعَ ثَلاَثَةِ نَفَرٍ مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ مَعَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ».

ص: 232


1- أي يغيض فيه الليل و النهار.فى الأصل:«مغيضا الليل»،صوابه من الطبريّ (6:8).و في ح:«محيطا بالليل و النهار».
2- السبط:الأمة.و هذه الكلمة ساقطة من ح.
3- ح:«تقدموا إليه بزحوفهم».

بْنِ بُدَيْلٍ وَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ مَرَاكِزِهِمْ وَ عَلِيٌّ فِي الْقَلْبِ فِي أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ وَ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ وَ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ وَ عِظَمِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ اَلْأَنْصَارِ وَ مَعَهُ مِنْ خُزَاعَةَ عَدَدٌ حَسَنٌ وَ مِنْ كِنَانَةَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ [أَهْلِ] (1)اَلْمَدِينَةِ وَ كَانَ عَلِيٌّ رَجُلاً دَحْدَاحاً (2)أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ حَسَناً ضَخْمَ الْبَطْنِ عَرِيضَ الْمَسْرُبَةِ (3)شَثْنَ الْكَفَّيْنِ ضَخْمَ الْكُسُورِ (4)كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ أَصْلَعَ لَيْسَ فِي رَأْسِهِ شَعَرٌ إِلاَّ خِفَافٌ مِنْ خَلْفِهِ (5)لِمَنْكِبَيْهِ مُشَاشٌ كَمُشَاشِ السَّبُعِ الضَّارِي (6)إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ بِهِ وَ مَارَ بِهِ جَسَدُهُ (7)لَهُ سَنَامٌ كَسَنَامِ الثَّوْرِ (8)لاَ تَبِينُ عَضُدُهُ مِنْ سَاعِدِهِ (9)قَدْ أُدْمِجَتْ إِدْمَاجاً لَمْ يُمْسِكْ بِذِرَاعِ رَجُلٍ قَطُّ إِلاَّ أَمْسَكَ بِنَفَسِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَفَّسَ وَ هُوَ إِلَى السُّمْرَةِ أَذْلَفَ الْأَنْفِ (10)إِذَا مَشَى إِلَى الْحَرْبِ هَرْوَلَ وَ قَدْ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِالْعِزِّ وَ النَّصْرِ.

ثُمَّ زَحَفَ عَلِيٌّ بِالنَّاسِ إِلَيْهِمْ وَ رَفَعَ مُعَاوِيَةُ قُبَّةً لَهُ عَظِيمَةً قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَاه.

ص: 233


1- هذه التكملة من الطبريّ.
2- الدحداح:القصير السمين.و في ح:«ربعة».
3- المسربة:الشعر وسط الصدر إلى البطن.
4- شثن:غليظ.و الكسور:الأعضاء.
5- الخفاف،بالضم:الخفيف؛و بالكسر:جمع خفيف.
6- المشاش،بالضم:رءوس العظام،مثل المنكبين و المرفقين و الركبتين.
7- تكفأ جسده:تمايل.و المور:التحرك و المجيء و الذهاب،كما تتكفأ النخلة العيدانة.
8- في الأصل:«البعير»و الوجه ما أثبت من ح(4801).و سنام كل شيء: أعلاه.
9- العضد:ما بين المرفق إلى الكتف،يذكر و يؤنث.و الساعد:الذراع.
10- الذلف:قصر الأنف و صغره.

الْكَرَابِيسَ (1)وَ جَلَسَ تَحْتَهَا وَ زَحَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ فِي الْمَيْمَنَةِ نَحْوَ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَ هُوَ عَلَى مَيْسَرَةِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَلَمْ يَزَلْ يَحُوزُهُ (2)وَ يَكْشِفُ خَيْلَهُ مِنَ الْمَيْسَرَةِ حَتَّى اضْطَرَّهُمْ إِلَى قُبَّةِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الظُّهْرِ .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَيْلٍ قَامَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَ نَازَعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ وَ جَادَلَ بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضَ بِهِ الْحَقَّ وَ صَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَعْرَابِ وَ اَلْأَحْزَابِ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الضَّلاَلَةَ (3)وَ زَرَعَ فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ وَ لَبَّسَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرَ وَ زَادَهُمْ« رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ »وَ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بُرْهَانٍ مُبِينٍ قَاتِلُوا الطَّغَامَ الْجُفَاةَ وَ لاَ تَخْشَوْهُمْ وَ كَيْفَ تَخْشَوْنَهُمْ وَ فِي أَيْدِيكُمْ كِتَابٌ مِنْ رَبِّكُمْ ظَاهِرٌ مَبْرُوزٌ (4):« أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ »وَ قَدْ قَاتَلْتُهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله (5)وَ اللَّهِ مَا هُمْ فِي هَذِهِ بِأَزْكَى وَ لاَ أَتْقَى وَ لاَ أَبَرَّ قُومُوا إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَ عَدُوِّكُمْ (6).».

ص: 234


1- الكرابيس:ضرب من الثياب،فارسى معرب.
2- حازهم يحوزهم:نحاهم فانحازوا،أي تركوا مركزهم و معركه قتالهم؛و الحوزاء: الحرب تحوز القوم.فى الأصل:«يجوره».و في ح(1:483):«يجوزه»،صوابه بالحاء و الزاى.و قد جاءت على هذا الصواب الذي أثبت،في الطبريّ(6:9).
3- في الأصل:«الضلال»و أثبت ما في ح و الطبريّ.
4- المبروز:الظاهر المنشور.انظر اللسان(برز).و في الأصل:«مبرور». و في الطبريّ:«طاهرا مبرورا»ح:«ظاهر مبين».و بعد هذه الكلمة في الأصل و ح لفظة:«قوله»و ليست في الطبريّ.
5- الطبريّ:«و قد قاتلناهم مع النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم مرة،و هذه ثانية».
6- الطبريّ:«قوموا إلى عدوكم بارك اللّه عليكم».

نَصْرٌ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1)عَنْ أَبِيهِ (2):

أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَرَّضَ النَّاسَ فَقَالَ: 1«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ دَلَّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَ تُشْفِي بِكُمْ عَلَى الْخَيْرِ (3)إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ وَ جَعَلَ ثَوَابَهُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ:« وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٍ مِنَ اللّهِ أَكْبَرَ » (4)فَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يُحِبُّ فَقَالَ:« إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ »فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ وَ قَدِّمُوا الدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَى الْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ (5)وَ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِيتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ أَوْلَى بِالْوَقَارِ وَ الْتَوُوا فِي أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ (6)وَ رَايَاتُكُمْ فَلاَ تُمِيلُوهَا وَ لاَ تُزِيلُوهَا وَ لاَ تَجْعَلُوهَا إِلاَّ فِي أَيْدِي شُجْعَانِكُمُ الْمَانِعِي الذِّمَارِ وَ الصُبَّرِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ أَهْلِ الْحِفَاظِ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِكُمْ وَ يَكْتَنِفُونَهَا يَضْرِبُونَ خَلْفَهَا وَ أَمَامَهَا وَ لاَ تُضَيِّعُوهَا (7)أَجْزَأَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ رَحِمَهُ اللَّهُ [وَقْذُ] (8)قِرْنِهِ وَ وَاسَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ يَكِلْ قِرْنَهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَجْتَمِعَ عَلَيْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخِيهِ فَيَكْتَسِبَ بِذَلِكَ لاَئِمَةً وَ يَأْتِيَ بِهِ دَنَاءَةً وَ أَنَّى هَذَا وَ كَيْفَ يَكُونُ هَكَذَا هَذَا يُقَاتِلُ اثْنَيْنَا.

ص: 235


1- هو عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمّد المحاربى أبو زياد الكوفيّ توفّي سنة 111. انظر تهذيب التهذيب.
2- أبوه هو عبد الرحمن بن محمّد بن زياد المحاربى أبو محمّد الكوفيّ،توفّي سنة 95. و في ح:«عن أبي عمرو عن أبيه».
3- أشفى على الشيء:أشرف.و في الحديث:«فأشفوا على المرج».
4- كذا في الأصل و ح.و رفعه على الاستئناف.و هذه الجملة لم ترد في الطبريّ.
5- أنبى:أبعد.و الهام:الرءوس.
6- أمور:تفضيل من المور،و هو الاضطراب و المجيء و الذهاب.فى الطبريّ: «أصون للأسنة».
7- ح:«و لا يضيعوها»تحريف.و في الطبريّ:«و لا يضعونها».
8- هذه التكملة من الطبريّ.و قذه:ضربه شديدا.

وَ هَذَا مُمْسِكٌ يَدَهُ قَدْ خَلَّى قِرْنَهُ عَلَى أَخِيهِ هَارِباً مِنْهُ وَ قَائِماً يَنْظُرُ إِلَيْهِ مَنْ يَفْعَلْ هَذَا يَمْقُتْهُ اللَّهُ فَلاَ تَعَرَّضُوا لِمَقْتِ اللَّهِ فَإِنَّمَا مَرَدُّكُمْ إِلَى اللَّهِ قَالَ اللَّهُ لِقَوْمٍ« قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً »وَ ايْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ الْعَاجِلَةِ لاَ تَسْلَمُونَ مِنْ سَيْفِ الْآخِرَةِ اسْتَعِينُوا بِالصِّدْقِ وَ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الصَّبْرِ يَنْزِلُ النَّصْرُ .

خطبة سعيد بن قيس بقناصرين

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ قُدَامَةَ الْأَرْحَبِيِّ (1)قَالَ: قَامَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ يَخْطُبُ أَصْحَابَهُ بِقُنَاصِرِينَ (2)فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِدِينِهِ وَ أَوْرَثَنَا كِتَابَهُ وَ امْتَنَّ عَلَيْنَا بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَجَعَلَهُ« رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ »وَ سَيِّداً لِلْمُسْلِمِينَ وَ قَائِداً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ حُجَّةَ اللَّهِ الْعَظِيمِ عَلَى الْمَاضِينَ وَ الْغَابِرِينَ وَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمَّ كَانَ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَ قَدَّرَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَحْبَبْنَا وَ كَرِهْنَا إِنْ ضَمَّنَا وَ عَدُوَّنَا بِقُنَاصِرِينَ فَلاَ يُحْمَدُ بِنَا الْيَوْمَ الْحِيَاصُ (3)وَ لَيْسَ هَذَا بِأَوَانِ انْصِرَافٍ« وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ »وَ قَدِ اخْتَصَّنَا اللَّهُ مِنْهُ بِنِعْمَةٍ فَلاَ نَسْتَطِيعُ أَدَاءَ شُكْرِهَا وَ لاَ نَقْدِرُ قَدْرَهَا إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارَ مَعَنَا وَ فِي حَيِّزِنَا فَوَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ بِالْعِبَادِ بَصِيرٌ أَنْ لَوْ كَانَ قَائِدُنَا حَبَشِيّاً مُجَدَّعاً (4)إِلاَّ أَنَّ مَعَنَا مِنَ اَلْبَدْرِيِّينَ (5)سَبْعِينَ رَجُلاً لَكَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ تَحْسُنَ بَصَائِرُنَا

ص: 236


1- ح:«الأزديّ».
2- في القاموس:«قناصرين بالضم:موضع بالشام».
3- الحياص:العدول و الهرب.ح(1:483):«فلا يجمل بنا».
4- ح:«رجلا مخدوعا»محرف.و هو إشارة إلى حديث أبى ذر،قال:«إن خليلى أوصانى أن أسمع و أطيع و إن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف».انظر صحيح مسلم (2:85).
5- البدريون:الذين حضروا وقعة بدر.و في الأصل:«البدوبين»،صوابه في ح.

وَ تَطِيبَ أَنْفُسُنَا فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا رَئِيسُنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّنَا بَدْرِيٌّ صِدْقٌ صَلَّى صَغِيراً وَ جَاهَدَ مَعَ نَبِيِّكُمْ كَبِيراً وَ مُعَاوِيَةُ طَلِيقٌ مِنْ وَثَاقِ الْإِسَارِ وَ ابْنُ طَلِيقٍ أَلاَ إِنَّهُ أَغْوَى جُفَاةً« فَأَوْرَدَهُمُ اَلنّارَ »وَ أَوْرَثَهُمُ الْعَارَ وَ اللَّهُ مُحِلٌّ بِهِمُ الذُّلَّ وَ الصَّغَارَ أَلاَ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَداً فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْجِدِّ وَ الْحَزْمِ وَ الصِّدْقِ وَ الصَّبْرِ فَ« إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ »أَلاَ إِنَّكُمْ تَفُوزُونَ بِقَتْلِهِمْ وَ يَشْقَوْنَ بِقَتْلِكُمْ وَ اللَّهِ لاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْكُمْ رَجُلاً مِنْهُمْ إِلاَّ أَدْخَلَ اللَّهُ الْقَاتِلَ« جَنّاتِ عَدْنٍ »وَ أَدْخَلَ الْمَقْتُولَ« ناراً تَلَظّى »:« لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ » عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِمَا عَصَمَ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ وَ جَعَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ أَطَاعَهُ وَ اتَّقَاهُ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمْ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ.

ثُمَّ قَالَ اَلشَّعْبِيُّ لَعَمْرِي لَقَدْ صَدَّقَ بِفِعْلِهِ وَ بِمَا قَالَهُ فِي خُطْبَتِهِ (1) .

محاورة بين معاوية و عمرو

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ قَالاَ:

5طَلَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْ يُسَوِّيَ صُفُوفَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :

عَلَى أَنَّ لِي حُكْمِي إِنْ قَتَلَ اللَّهُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ اسْتَوْسَقَتْ لَكَ الْبِلاَدُ (2)قَالَ:

أَ لَيْسَ حُكْمُكَ فِي مِصْرَ قَالَ وَ هَلْ مِصْرُ تَكُونُ عِوَضاً عَنِ اَلْجَنَّةِ وَ قَتْلُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ثَمَناً لِعَذَابِ اَلنَّارِ الَّذِي« لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ »فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ لَكَ حُكْمَكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ رُوَيْداً لاَ يَسْمَعِ النَّاسُ كَلاَمَكَ فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو يَا مَعْشَرَ أَهْلِ اَلشَّامِ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَ أَعِيرُوا رَبَّكُمْ جَمَاجِمَكُمْ وَ« اِسْتَعِينُوا بِاللّهِ »إِلَهِكُمْ وَ جَاهِدُوا عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ قَتَلَهُمْ اللَّهُ وَ أَبَادَهُمْ:« وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » .

ص: 237


1- ح:«صدق فعله ما قال في خطبته».
2- استوسقت البلاد:اجتمعت على الطاعة و استقر فيها الملك.ح:«استوثقت» تحريف.

[خطبة الأشتر بقناصرين]

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي :

أَنَّ اَلْأَشْتَرَ قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِقُنَاصِرِينَ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى فَرَسٍ أَدْهَمَ مِثْلَ [حَلَكِ] (1)الْغُرَابِ فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ« اَلسَّماواتِ الْعُلى اَلرَّحْمنِ عَلَى اَلْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى »أَحْمَدُهُ عَلَى حُسْنِ الْبَلاَءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ حَمْداً كَثِيراً بُكْرَةً وَ أَصِيلاً مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَقَدِ اهْتَدَى وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَقَدْ غَوَى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالصَّوَابِ وَ الْهُدَى وَ أَظْهَرَهُ« عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ »صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ كَانَ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَ قَدَّرَ أَنْ سَاقَتْنَا الْمَقَادِيرُ إِلَى هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِنَ الْأَرْضِ (2)وَ لَفَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عَدُوِّنَا فَنَحْنُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ نِعْمَتِهِ وَ مَنِّهِ وَ فَضْلِهِ قَرِيرَةٌ أَعْيُنُنَا طَيِّبَةٌ أَنْفُسُنَا وَ نَرْجُو فِي قِتَالِهِمْ حُسْنَ الثَّوَابِ وَ الْأَمْنَ مِنَ الْعِقَابِ مَعَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّنَا وَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمْ يَسْبِقْهُ بِالصَّلاَةِ ذَكَرٌ حَتَّى كَانَ شَيْخاً لَمْ يَكُنْ لَهُ صَبْوَةٌ وَ لاَ نَبْوَةٌ وَ لاَ هَفْوَةٌ فَقِيهٌ فِي دِينِ اللَّهِ عَالِمٌ بِحُدُودِ اللَّهِ ذُو رَأْيٍ أَصِيلٍ وَ صَبْرٍ جَمِيلِ وَ عَفَافٍ قَدِيمٍ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَيْكُمْ بِالْحَزْمِ وَ الْجَدِّ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَ أَنَّ الْقَوْمَ عَلَى الْبَاطِلِ يُقَاتِلُونَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ أَنْتُمْ مَعَ اَلْبَدْرِيِّينَ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةِ بَدْرِيٍّ وَ مَنْ سِوَى ذَلِكَ (3)مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَكْثَرُ مَا مَعَكُمْ رَايَاتٌ قَدْ كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَ مُعَاوِيَةَ رَايَاتٌ قَدْ كَانَتْ مَعَ اَلْمُشْرِكِينَ».

ص: 238


1- وردت الكلمة محرفة في ح(1:484)بلفظ:«حثل»و الصواب ما أثبت. و حلك الغراب:شدة سواده.انظر ما مضى في ص 174.
2- في هامش الأصل:«خ:البقعة»،أي في نسخة.
3- أي و مع من سوى ذلك.و في ح:«سوى من حولكم».

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَمَا يَشُكُّ فِي قِتَالِ هَؤُلاَءِ إِلاَّ مَيِّتُ الْقَلْبِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ عَلَى إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِمَّا الْفَتْحِ وَ إِمَّا الشَّهَادَةِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِمَا عَصَمَ بِهِ مَنْ أَطَاعَهُ وَ اتَّقَاهُ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمْ طَاعَتَهُ وَ تَقْوَاهُ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ (1) .

خطبة ذي الكلاع بقناصرين

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ الْعَبْدِيِّ قَالَ:سَمِعْتُ زَامِلَ بْنَ عَمْرٍو الْجُذَامِيَّ يَقُولُ: طَلَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ذِي الْكَلاَعِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسُ وَ يُحَرِّضَهُمْ عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَعَقَدَ فَرَسَهُ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ خَطَراً ثُمَّ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً نَامِياً جَزِيلاً وَاضِحاً مُنِيراً بُكْرَةً وَ أَصِيلاً أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِينُهُ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ :« وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً »ثُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْفُرْقَانِ حِينَ ظَهَرَتِ الْمَعَاصِي وَ دَرَسَتِ الطَّاعَةُ وَ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ جَوْراً وَ ضَلاَلَةً وَ اضْطَرَمَتِ الدُّنْيَا كُلُّهَا نِيرَاناً وَ فِتْنَةً وَ وَرَكَ (2)عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَدْ عُبِدَ فِي أَكْنَافِهَا وَ اسْتَوْلَى بِجَمِيعِ أَهْلِهَا فَكَانَ الَّذِي أَطْفَأَ اللَّهُ بِهِ نِيرَانَهَا وَ نَزَعَ بِهِ أَوْتَادَهَا وَ أَوْهَى بِهِ قُوَى إِبْلِيسَ وَ آيَسَهُ مِمَّا كَانَ قَدْ طَمِعَ فِيهِ مَنْ ظَفِرَهُ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَظْهَرَهُ« عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ »ثُمَّ كَانَ مِمَّا قَضَى اللَّهُ أَنْ ضَمَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَهْلِ دِينِنَا بِصِفِّينَ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ قَوْماً كَانَتْ لَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَابِقَةٌ ذَاتُ شَأْنٍ وَ خَطَرٍ وَ لَكِنِّي ضَرَبْتُ الْأَمْرَ ظَهْراً وَ بَطْناً فَلَمْ أَرَ يَسَعُنِي أَنْ يُهْدَرَ

ص: 239


1- في الأصل:«و استغفروا»و الوجه ما أثبت من ح.
2- ورك بالمكان وروكا:أقام.

دَمُ عُثْمَانَ صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَبِيِّنَا الَّذِي جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ (1)وَ أَلْحَقَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ بَيْتاً وَ بَنَى سِقَايَةً وَ بَايَعَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَ اخْتَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ بِكَرِيمَتَيْهِ - أُمِّ كُلْثُومٍ وَ رُقَيَّةَ ابْنَتِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِنْ كَانَ أَذْنَبَ ذَنْباً فَقَدْ أَذْنَبَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ :« لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ »وَ قَتَلَ مُوسَى نَفْساً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ فَغَفَرَ لَهُ وَ لَمْ يَعْرَ أَحَدٌ مِنَ الذُّنُوبِ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ لاِبْنِ أَبِي طَالِبٍ سَابِقَةٌ حَسَنَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالَأَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَدْ خَذَلَهُ وَ إِنَّهُ لَأَخُوُهُ فِي دِينِهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ (2)وَ سِلْفُهُ (3)وَ ابْنُ عَمَّتِهِ (4)ثُمَّ قَدْ أَقْبَلُوا مِنْ عِرَاقِهِمْ حَتَّى نَزَلُوا فِي شَامِكُمْ وَ بِلاَدِكُمْ وَ إِنَّمَا عَامَّتُهُمْ بَيْنَ قَاتِلٍ وَ خَاذِلٍ فَ« اِسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا »فَلَقَدِ ابْتُلِيتُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ وَ اللَّهِ وَ لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي فِي لَيْلَتِي هَذِهِ لَكَأَنَّا وَ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ اعْتَوَرْنَا مُصْحَفاً نَضْرِبُهُ بِسُيُوفِنَا وَ نَحْنُ فِي ذَلِكَ جَمِيعاً نُنَادِي:وَيْحَكُمْ اللَّهَ وَ مَعَ أَنَّا وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ لِنُفَارِقَ الْعَرْصَةَ (5)حَتَّى نَمُوتَ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ لْتَكُنِ النِّيَّاتُ لِلَّهِ (6)- فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14«إِنَّمَا يُبْعَثُ الْمُقْتَتِلُونَ عَلَىف.

ص: 240


1- و ذلك في غزوة تبوك،إذ حدثت عسرة في الظهر،و عسرة في الزاد،و عسرة في الماء،فكان العشرة يعتقبون على بعير،و كانت الجماعة تتعاور التمرة الواحدة،و كان الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه و يشربه.و قد أنفق عثمان في جيش العسرة ألف دينار. انظر تفسير الآية 117 من سورة التوبة و كتب السير.
2- يعني بذلك العمومة البعدى لا الدنيا؛فإن عبد شمس جد عثمان الأعلى،و هاشما جد على الأعلى-هما ولدا عبد مناف بن قصى بن كلاب.
3- السلفان:الرجلان يتزوجان بأختين،كل منهما سلف صاحبه.
4- أم عثمان هي أروى بنت كريز،و أم أمه هي البيضاء بنت عبد المطلب.
5- أي عرصة الحرب،و هي ساحتها.ح(1:485):«و مع أنا و اللّه لا نفارق العرصة».
6- ح(1:485):«و ليكن الثبات للّه».تحريف.

النِّيَّاتِ» (1)أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمُ الصَّبْرَ وَ أَعَزَّ لَنَا وَ لَكُمُ النَّصْرَ وَ كَانَ لَنَا وَ لَكُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ .

خطبة يزيد بن أسد البجلي في أهل الشام

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ (2)عَنْ صَعْصَعَةَ الْعَبْدِيِّ (3)[عَنْ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ ]قَالَ: قَامَ يَزِيدُ بْنُ أَسَدٍ الْبَجَلِيُّ [فِي أَهْلِ اَلشَّامِ ]يَخْطُبُ النَّاسَ بِصِفِّينَ وَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ قَبَاءٌ خَزٌّ وَ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ آخِذاً بِقَائِمِ سَيْفِهِ وَاضِعاً نَعْلَ السَّيْفِ (4)عَلَى الْأَرْضِ مُتَوَكِّئاً عَلَيْهِ قَالَ صَعْصَعَةُ :

فَذَكَرَ لِي أَبْرَهَةُ (5)أَنَّهُ [كَانَ] يَوْمَئِذٍ مِنْ أَجْمَلِ اَلْعَرَبِ وَ أَكْرَمِهِ وَ أَبْلَغِهِ (6)فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ذِي الطَّوْلِ وَ الْجَلاَلِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ الْحَلِيمِ الْغَفَّارِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ ذِي الْعَطَاءِ وَ الْفِعَالِ وَ السَّخَاءِ وَ النَّوَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ الْجَمَالِ وَ الْمَنِّ وَ الْإِفْضَالِ مَالِكِ الْيَوْمِ الَّذِي لاَ يَنْفَعُ فِيهِ بَيْعٌ وَ لاَ خِلاَلٌ (7)أَحْمَدُهُ عَلَى حُسْنِ الْبَلاَءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءٍ أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ التَّؤْاَمِ (8)وَ آلاَئِهِ الْعِظَامِ حَمْداً قَدِ اسْتَنَارَ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ ثُمَّ

ص: 241


1- ح:«على الثبات»تحريف.و انظر لسان الميزان(4:367).و الحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير(1:351)من رواية ابن عساكر عن عمر.و روى السيوطي أيضا نظيرا لهذا الحديث و هو:«إنّما يبعث الناس على نياتهم».رواه ابن ماجه عن أبي هريرة.
2- هو عامر بن شراحيل الشعبى،المترجم في ص 23.
3- هو صعصعة بن صوحان العبدى،تابعي كبير مخضرم فصيح ثقة.مات في خلافه. معاوية.و صوحان،بضم الصاد.تهذيب التهذيب.و في الأصل:«بن عامر بن صعصعة العبدى»،و الصواب:«عن عامر عن صعصعة»كما أثبت.
4- نعل السيف:حديدة في أسفل غمده.ح:«نصل السيف»تحريف.
5- هو أبرهة بن الصباح الحبشى،أو الحميري.ذكره ابن حجر في الإصابة 15.و في الأصل:«ابن أبرهة»صوابه في ح.
6- أي من أحمل من وجد من العرب،فلذا وحّد الضمير ذهابا إلى المعنى.انظر اللسان (18:221 س 21-25).و في ح:«و أكرمها و أبلغها».
7- في الأصل:«يملك يوم لا ينفع فيه بيع و لا خلال»،صوابه من ح.
8- التؤام،كغراب:جمع توأم.ح:«التوام»:جمع تامّة.

إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ كَلِمَةُ النَّجَاةِ فِي الْحَيَاةِ وَ عِنْدَ الْوَفَاةِ وَ فِيهَا الْخَلاَصُ يَوْمَ الْقِصَاصِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَ إِمَامُ الْهُدَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ كَثِيراً ثُمَّ قَدْ كَانَ مِمَّا قَضَى اللَّهُ (1)أَنْ جَمَعَنَا وَ أَهْلَ دِينِنَا فِي هَذِهِ الرُّقْعَةِ مِنَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ لِذَلِكَ كَارِهاً وَ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُبَلِّعُونَا رِيْقَنَا وَ لَمْ يَتْرُكُونَا نَرْتَادُ لِأَنْفُسِنَا وَ نَنْظُرُ لِمَعَادِنَا حَتَّى نَزَلُوا بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَ فِي حَرِيمِنَا وَ بَيْضَتِنَا وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ فِي الْقَوْمِ أَحْلاَماً وَ طَغَاماً فَلَسْنَا نَأْمَنُ طَغَامَهُمْ عَلَى ذَرَارِيِّنَا وَ نِسَائِنَا وَ قَدْ كُنَّا نُحِبُّ أَلاَّ نُقَاتِلَ أَهْلَ دِينِنَا فَأَخْرَجُونَا حَتَّى صَارَتِ الْأُمُورُ إِلَى أَنْ قَاتَلْنَاهُمْ كَرَاهِيَةً (2)فَ« إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »:« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »أَمَا وَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالرِّسَالَةِ لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ مُنْذُ سَنَةٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَمْراً لَمْ يَسْتَطِعِ الْعِبَادُ رَدَّهُ فَنَسْتَعِينُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ ثُمَّ انْكَفَأَ.

تراجز عمرو بن العاص و شاعر من أهل العراق

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ :

أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ يَوْمَئِذٍ:

لاَ تَأْمَنَنَّا بَعْدَهَا أَبَا حَسَنٍ (3) إِنَّا نُمِرُّ الْحَرْبَ إِمْرَارَ الرَّسَنِ (4)

لَتُصْبَحَنَّ مِثْلَهَا أُمُّ لُبُنْ (5) طَاحِنَةً تَدُقُّكُمْ دَقَّ الْحَفَنْ (6).

فَأَجَابَهُ شَاعِرٌ مِنْ شُعَرَاءِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ ،

ص: 242


1- ح:«من قضاء اللّه».
2- في الأصل و ح(1:485):«غدا حمية»و الوجه ما أثبت.
3- في الأصل:«بعده أبا الحسن»و أثبت ما في ح.و كتب ناسخ الأصل: «و يروى:خذها إليك فاعلمن أبا حسن».
4- الرسن:الحبل.و إمراره:إحكام قتله.ح:«تمر الأمر».
5- اللبن:جمع لبون،و هي ذات اللبن من الإبل.عنى كثرة ما بهذه الحرب من الإبل و ركبانها.
6- الحفن:جمع حفنة،بالفتح،و هي ملء الكفين من طعام،و لا يكون إلاّ من شيء يابس كالدقيق و نحوه.

أَلاَ احْذَرُوا فِي حَرْبِكُمْ أَبَا الْحَسَنِ لَيْثاً أَبَا شِبْلَيْنِ مَحْذُوراً فَطِنْ

يَدُقُّكُمْ دَقَّ الْمَهَارِيسِ الطُّحُنْ (1) لَتُغْبَنَنْ يَا جَاهِلاً أَيَّ غَبَنْ (2)

حَتَّى تَعَضَّ الْكَفَّ أَوْ تَقْرَعَ سِنّ نَدَامَةً أَنْ فَاتَكُمْ عَدْلُ السَّنَنْ (3).

حجر الخير و حجر الشر

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ : أَنَّ أَوَّلَ فَارِسَيْنِ الْتَقَيَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ هُوَ اَلْيَوْمُ السَّابِعُ مِنْ صَفَرٍ وَ كَانَ مِنَ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ فِي صِفِّينَ ذَا أَهْوَالٍ شَدِيدَةٍ، حُجْرُ الْخَيْرِ وَ حُجْرُ الشَّرِّ أَمَّا حُجْرُ الْخَيْرِ فَهُوَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ صَاحِبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ حُجْرُ الشَّرِّ ابْنُ عَمِّهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ حُجْرَ الشَّرِّ دَعَا حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ (4)إِلَى الْمُبَارَزَةِ وَ كِلاَهُمَا مِنْ كِنْدَةَ فَأَجَابَهُ فَاطَّعَنَا بِرُمْحَيْهِمَا ثُمَّ حَجَزَ بَيْنَهُمَا امْرُؤٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَ كَانَ مَعَ مُعَاوِيَةَ (5)فَضَرَبَ حُجْراً ضَرْبَةً بِرُمْحِهِ (6)وَ حَمَلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ فَقَتَلُوا الْأَسَدِيَّ وَ أَفْلَتَهُمْ حُجْرُ بْنُ يَزِيدَ (7)[حُجْرُ] (8)الشَّرِّ هَارِباً وَ كَانَ اسْمُ الْأَسَدِيِّ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ .

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ:أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ : أَنَّ حُجْراً يَوْمَ قَتَلَ اَلْحَكَمَ بْنَ أَزْهَرَ جَعَلَ يَرْتَجِزُ وَ يَقُولُ:

ص: 243


1- المهاريس:جمع مهراس،و هو حجر مستطيل منقور يهرس به الحب.
2- في الأصل:«لتغبنن راكبا»صوابه في ح(1.485).
3- عدل السنن،أي الطريق العادل المستقيم.و هذا البيت لم يرو في ح.و في الأصل: «إن فاته».
4- هو حجر بن عدى بن معاوية بن جبلة بن عدى بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي،وفد على النبيّ فأسلم.و قتل سنة 51 أو 53.انظر الإصابة 1624.
5- ح(1:486):«من عسكر معاوية».
6- في الأصل:«رمخه»صوابه في ح.
7- هو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدى بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي.وفد على النبيّ فأسلم،و كان شريفا،و كان مع على يوم الجمل،و اتصل بعد بمعاوية فاستعمله على أرمينية.انظر الإصابة 1626.و قد ورد ذكره في حواشى الاشتقاق ص 219 أنّه حجر بنى زيد،صوابه«بن يزيد».
8- تكملة يقتضيها السياق.

أَنَا الْغُلاَمُ الْيَمَنِيُّ الْكِنْدِيّ قَدْ لَبِسَ الدِّيبَاجَ وَ الْإِفْرَنْدِيّ (1)

أَنَا الشَّرِيفُ الْأَرْيَحِيُّ الْمَهْدِيّ يَا حَكَمَ بْنَ أَزْهَرَ بْنِ فَهْدِ

لَقَدْ أَصَبْتَ غَارَتِي وَ حَدِّي وَ كَرَّتِي وَ شِدَّتِي وَ جَدِّي

اثْبُتْ أُقَاتِلْكَ الْغَدَاةَ وَحْدِي.

فَلَمَّا أَنْ أَصَابَ اَلْحَكَمَ بْنَ أَزْهَرَ حَمَلَ عَلَيْهِ رِفَاعَةُ بْنُ ظَالِمٍ الْحِمْيَرِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ

أَنَا ابْنُ عَمِّ اَلْحَكَمِ بْنِ أَزْهَرَ اَلْمَاجِدُ الْقَمْقَامُ حِينَ يُذْكَرْ

فِي الذِّرْوَتَيْنِ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرْ يَا حُجُرَ الشَّرِّ تَعَالَ فَانْظُرْ

أَنَا الْغُلاَمُ الْمَلِكُ الْمُحَبَّرْ اَلْوَاضِحُ الْوَجْهِ كَرِيمُ الْعُنْصُرْ

أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ وَ لاَ تَأَخَّرْ وَ اللَّهِ لاَ تَرْجِعْ وَ لاَ تَعَثَّرْ

فِي قَاعِ صِفِّينَ بِوَادٍ مُعْفَرْ.

ثُمَّ إِنَّ رِفَاعَةَ حَمَلَ عَلَى حُجْرِ الشَّرِّ فَقَتَلَهُ،فَقَالَ عَلِيٌّ 1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ حُجْراً بِالْحَكَمِ بْنِ أَزْهَرَ .

رسول علي إلى جيش معاوية

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ : أَنَّ عَلِيّاً قَالَ: 1«مَنْ يَذْهَبُ بِهَذَا اَلْمُصْحَفِ إِلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ فَيَدْعُوَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ؟» فَأَقْبَلَ فَتًى اسْمُهُ سَعِيدٌ فَقَالَ:

أَنَا صَاحِبُهُ ثُمَّ أَعَادَهَا فَسَكَتَ النَّاسُ وَ أَقْبَلَ الْفَتَى (2)فَقَالَ:أَنَا صَاحِبُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«دُونَكَ» فَقَبَضَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَتَى مُعَاوِيَةَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ وَ دَعَاهُمْ إِلَى

ص: 244


1- في اللسان و القاموس أن«الفرند»ضرب من الثياب،دخيل معرب.و في المعرب 135،243 أن الفرند الحرير،و أنشد للفرزدق: لبسن الفرند الخسروانى فوقه مشاعر من خز العراق المفوف و لذى الرمة: كأن الفرند الخسروانى لثنه بأعطاف أنقاء العقوق العواتك و أمّا الإفرندى،فلم أجده إلاّ المنسوب إلى الإفرند،لغة في فرند السيف.
2- ح:«و تقدم الفتى».

مَا فِيهِ فَقَتَلُوهُ وَ زَعَمَ تَمِيمٌ (1)أَنَّهُ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ .

حملة عبد الله بن بديل على أهل الشام و مصرعه

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ (2)قَالَ:سَمِعْتُ اَلشَّعْبِيَّ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ الْخُزَاعِيُّ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ وَ عَلَيْهِ سَيْفَانِ وَ دِرْعَانِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ النَّاسَ بِسَيْفِهِ قُدُماً وَ هُوَ يَقُولُ

لَمْ يَبْقَ إِلاَّ الصَّبْرُ وَ التَّوَكُّلُ وَ أَخْذُكَ التُّرْسَ وَ سَيْفاً مِقْصَلٍ (3)

ثُمَّ التَّمَشِّي فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ (4)مَشْيَ الْجِمَالِ فِي حِيَاضِ الْمَنْهَلِ (5)

وَ اللَّهُ يَقْضِي مَا يَشَاءُ وَ يَفْعَلُ.

فَلَمْ يَزَلْ يَحْمِلُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَصْمُدُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ وَ بَعَثَ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ وَ هُوَ فِي الْمَيْسَرَةِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ وَ اخْتَلَطَ النَّاسُ وَ اضْطَرَمَ الْفَيْلَقَانِ مَيْمَنَةُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ مَيْسَرَةُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ يَضْرِبُ النَّاسَ بِسَيْفِهِ قُدُماً حَتَّى أَزَالَ مُعَاوِيَةَ عَنْ مَوْقِفِهِ (6)وَ جَعَلَ يُنَادِي:يَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ يَعْنِي أَخاً كَانَ لَهُ قَدْ قُتِلَ وَ ظَنَّ مُعَاوِيَةُ وَ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي

ص: 245


1- هو تميم بن حذلم-بكسر المهملة و سكون المعجمة و فتح اللام-الضبى،أبو سلمة الكوفيّ،ثقة مات سنة 100.و قد اختلف في اسم أبيه فقيل«خزيم»و«حذيم» و الصواب«حذلم».انظر تقريب التهذيب و منتهى المقال.
2- هو جابر بن يزيد الجعفى،ثقة في نفسه،و لكن جل من روى عنه ضعيف فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفى،و مفضل بن صالح السكونى.و في الميزان أنه روى عن أبي الطفيل الصحابيّ.مات سنة 127 أو 132.تهذيب التهذيب،و ميزان الاعتدال،و منتهى المقال.
3- ح(1:486):«و الترس و الرمح»،و في الأصل و ح:«و سيف مصقل» تحريف،و إنّما هو«مقصل»يقال سيف قاصل و مقصل و قصال:قطاع.و انظر للرجز الإصابة.455 في ترجمة عبد اللّه بن بديل حيث نقل الخبر عن وقعة صفّين.
4- التمشى:المشى.و في الأصل:«التمسنى»صوابه في ح.
5- في الأصل:«فى الحياض»صوابه في ح.
6- في الأصل:«فأزاله عن موقفه»و أثبت ما في ح لتلتئم التكملة السابقة بالكلام.

عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ(1) وَ تَرَاجَعَ مُعَاوِيَةُ عَنْ مَكَانِهِ الْقَهْقَرَى كَثِيراً وَ أَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَ أَرْسَلَ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَ ثَالِثَةً يَسْتَنْجِدُهُ وَ يَسْتَصْرِخُهُ وَ يَحْمِلُ حَبِيبٌ حَمْلَةً شَدِيدَةً بِمَيْسَرَةِ مُعَاوِيَةَ عَلَى مَيْمَنَةِ اَلْعِرَاقِ فَكَشَفَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَ اِبْنِ بُدَيْلٍ إِلاَّ نَحْوُ مِائَةِ إِنْسَانٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَاسْتَنَدَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَحْمُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ لَجَّجَ اِبْنُ بُدَيْلٍ فِي النَّاسِ وَ صَمَّمَ عَلَى قَتْلِ مُعَاوِيَةَ وَ جَعَلَ يَطْلُبُ مَوْقِفَهُ وَ يَصْمُدُ نَحْوَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَاقِفاً فَنَادَى مُعَاوِيَةُ بِالنَّاسِ:وَيْلَكُمْ الصَّخْرَ وَ الْحِجَارَةَ إِذَا عَجَزْتُمْ عَنِ السِّلاَحِ فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلَ يَرْضَخُونَهُ بِالصَّخْرِ (2)حَتَّى أَثْخَنُوهُ وَ قُتِلَ الرَّجُلُ وَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ حَتَّى وَقَفَا عَلَيْهِ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَأَلْقَى عِمَامَتَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ تَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَ كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلُ أَخاً وَ صَدِيقاً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ لاَ وَ اللَّهِ لاَ يُمَثَّلُ بِهِ وَ فِيَّ رُوحٌ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ فَإِنَّا لاَ نُمَثِّلُ بِهِ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ (3)فَكَشَفَ اِبْنُ عَامِرٍ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا كَبْشُ الْقَوْمِ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ اللَّهُمَّ أَظْفِرْنِي بِالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ وَ اَلْأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ وَ اللَّهِ مَا مِثْلُ هَذَا إِلاَّ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ (4):

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا

وَ إِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا).

ص: 246


1- بعد هذا في الأصل:«حتى إذا أزال معاوية عن موقفه»و هي عبارة مقحمة.
2- ح:«فرضخه الناس بالصخر و الحجارة».
3- ح:«قد وهبناه لك».
4- هو حاتم الطائى من قصيدة له في ديوانه(خمسة دواوين العرب 121-122).

وَ يَحْمِي إِذَا مَا الْمَوْتُ كَانَ لِقَاؤُهُ

قِدَى الشِّبْرِ يَحْمِي الْأَنْفَ أَنْ يَتَأَخَّرَا (1)

كَلَيْثِ هِزَبْرٍ كَانَ يَحْمِي ذِمَارَهُ

رَمَتْهُ الْمَنَايَا قَصْدَهَا فَتَقَطَّرَا (2).

مَعَ أَنَّ نِسَاءَ خُزَاعَةَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَى أَنْ تُقَاتِلَنِي فَضْلاً عَنْ رِجَالِهَا فَعَلَتْ .

نَصْرٌ عَمْرٌو عَنْ أَبِي رَوْقٍ الْهَمْدَانِيِّ : أَنَّ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيَّ حَرَّضَ النَّاسَ بِصِفِّينَ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اَلْمُسْلِمَ السَّلِيمَ (3)مَنْ سَلَّمَ دِينَهُ وَ رَأْيَهُ إِنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ وَ اللَّهِ مَا إِنْ يُقَاتِلُونَا (4)عَلَى إِقَامَةِ دِينٍ رَأَوْنَا ضَيَّعْنَاهُ وَ لاَ إِحْيَاءِ عَدْلٍ رَأَوْنَا أَمَتْنَاهُ وَ لاَ يُقَاتِلُونَا (5)إِلاَّ عَلَى إِقَامَةِ الدُّنْيَا لِيَكُونُوا جَبَابِرَةً فِيهَا مُلُوكاً فَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ أَرَاهُمُ اللَّهُ ظُهُوراً وَ لاَ سُرُوراً إِذَا أَلْزَمُوكُمْ (6)مِثْلَ سَعِيدٍ وَ اَلْوَلِيدِ (7)4.

ص: 247


1- قدى الشبر،بكسر القاف و القصر،أي قدره،كأنّه مقلوب من قيد،بالكسر. يقال قدى رمح و قد رمح و قاد رمح.و أنشد: و لكن إقدامى إذا الخيل أحجمت و صبرى إذا ما الموت كان قدى الشبر و قد نسب بيت حاتم هذا في اللسان(20:32)إلى هدبة بن الخشرم.و روايته فيه: و إنّي إذا ما الموت لم يك دونه قدى الشبر أحمى الأنف أن يتأخرا و في اللسان:«أتأخرا».فى الأصل:«لدى الشر»و في ح:«قدى السير» صوابهما ما أثبت.
2- تقطر:سقط صريعا.و هذا البيت لم يرو في الديوان.
3- هذه الكلمة ليست في ح.
4- في الأصل:«يقاتلوا»صوابه في ح(1:485).
5- في الأصل:«و لن يقاتلونا»و أثبت ما في ح.
6- ح(1:485):«إذا لوليكم»و العبارتان متقاربتان.
7- يعني سعيد بن العاص،و الوليد بن عقبة.أما سعيد فكان و اليا لعثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة،و ولاه معاوية المدينة و توفّي سنة 53.و أمّا الوليد بن عقبة بن أبي معيط فكان أخا عثمان لأمه،و ولاه الكوفة ثمّ عزله عنها و جلده لشربه الخمر.و كان ممن يحرض معاوية على قتال على.انظر ما سبق في ص 52-54.

وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ (1)السَّفِيهِ يُحَدِّثُ (2)أَحَدُهُمْ فِي مَجْلِسِهِ بِذَيْتَ وَ ذَيْتَ وَ يَأْخُذُ مَالَ اللَّهِ وَ يَقُولُ هَذَا لِي وَ لاَ إِثْمَ عَلَيَّ فِيهِ كَأَنَّمَا أُعْطِيَ تُرَاثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَ إِنَّمَا هُوَ مَالُ اللَّهِ أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا بِأَسْيَافِنَا وَ رِمَاحِنَا قَاتِلُوا عِبَادَ اللَّهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الْحَاكِمِينَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لاَ تَأْخُذُكُمْ فِي جِهَادِهِمْ لَوْمَةُ لاَئِمٍ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يُفْسِدُوا دِينَكُمْ وَ دُنْيَاكُمْ وَ هُمْ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ وَ جَرَّبْتُمْ وَ اللَّهِ مَا أَرَادُوا إِلَى هَذَا إِلاَّ شَرّاً (3)وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَ لَكُمْ.

فَقَاتَلَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ فِي الْمَيْمَنَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَقْبَلُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَصْمُدُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ فِي الْمَيْمَنَةِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْمَيْسَرَةِ فَحَمَلَ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى مَيْمَنَةِ النَّاسِ فَهَزَمَهُمْ وَ كَشَفَ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ مِيلاً مِنْ قِبَلِ الْمَيْمَنَةِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَ اِبْنِ بُدَيْلٍ إِلاَّ نَحْوُ مِائَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَ اسْتَنَدَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ (4)فَأَمَرَ عَلِيٌّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ فَاسْتَقْدَمَ فِيمَنْ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ مِنْ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ جُمُوعُ أَهْلِ اَلشَّامِ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ وَ أَلْحَقُوهُمْ بِالْمَيْمَنَةِ وَ كَانَتِ الْمَيْمَنَةُ مُتَّصِلَةً إِلَى مَوْقِفِ عَلِيٍّ فِي الْقَلْبِ فِي أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَلَمَّا انْكَشَفُوا انْتَهَتِ الْهَزِيمَةُ إِلَى عَلِيٍّ فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ يَمْشِي نَحْوَم.

ص: 248


1- هو عبد اللّه بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس،ابن خال عثمان ابن عفان،ولاه عثمان البصرة ثمّ وليها لمعاوية.و كان قد فتح خراسان في أيّام عثمان، فأحرم من نيسابور و قدم عليه،فلامه على ما صنع و قال:«غررت بنسكك».الإصابة 6175 و المعارف 139-140.
2- في الأصل:«الذي يحدث»و كلمة:«الذي»مقحمة.
3- ح(1:485):«ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلاّ شرا».
4- انجفلوا عليهم:ذهبوا مسرعين نحوهم.و في الحديث:«لما قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم المدينة انجفل الناس قبله»،أي ذهبوا مسرعين نحوه.و في الأصل: «انحفل»صوابه بالجيم.

الْمَيْسَرَةِ فَانْصَرَفَ عَنْهُ مُضَرُ مِنَ الْمَيْسَرَةِ وَ ثَبَتَ رَبِيعَةُ .

محاماة الحسن بن علي و محمد عن أبيهما

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:

مَرَّ عَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ وَ مَعَهُ بَنُوهُ نَحْوَ الْمَيْسَرَةِ وَ مَعَهُ رَبِيعَةُ وَحْدَهَا وَ إِنِّي لَأَرَى النَّبْلَ بَيْنَ عَاتِقِهِ وَ مَنْكِبَيْهِ وَ مَا مِنْ بَنِيهِ أَحَدٌ إِلاَّ يَقِيهِ بِنَفْسِهِ فَيَكْرَهُ عَلِيٌّ ذَلِكَ فَيَتَقَدَّمُ (1)عَلَيْهِ فَيَحُولُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ يَأْخُذُ بِيَدِهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَيُلْقِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ وَرَائِهِ، فَبَصُرَ بِهِ أَحْمَرُ مَوْلَى أَبِي سُفْيَانَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ أَوْ تَقْتُلَنِي» فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ كَيْسَانُ مَوْلَى عَلِيٍّ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَ خَالَطَ عَلِيّاً لِيَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ فَانْتَهَزَهُ عَلِيٌّ (2)فَتَقَعَ يَدُهُ فِي جَيْبِ دِرْعِهِ (3)فَجَذَبَهُ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رِجْلَيْهِ تَخْتَلِفَانِ عَلَى عُنُقِ عَلِيٍّ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَكَسَرَ مَنْكِبَهُ وَ عَضُدَهُ وَ شَدَّ ابْنَا عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلْحُسَيْنُ وَ مُحَمَّدٌ فَضَرَبَاهُ بِأَسْيَافِهِمَا [حَتَّى بَرَدَ] (4)فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيٍّ قَائِماً وَ شِبْلاَهُ يَضْرِبَانِ الرَّجُلَ حَتَّى إِذَا أَتَيَا عَلَيْهِ (5)أَقْبَلاَ إِلَى أَبِيهِمَا وَ الْحَسَنُ مَعَهُ قَائِمٌ قَالَ: 1«يَا بُنَيَّ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ أَخَوَاكَ؟» قَالَ: 2«كَفَيَانِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ » ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ دَنَوْا مِنْهُ وَ اللَّهِ مَا يَزِيدُهُ قُرْبُهُمْ مِنْهُ وَ دُنُوُّهُمْ إِلَيْهِ سُرْعَةً فِي مَشْيِهِ (6)فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ 2مَا ضَرَّكَ لَوْ سَعَيْتَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى هَؤُلاَءِ،

ص: 249


1- في الأصل:«فيقدم»و أثبت ما في ح(1:486).
2- انتهزه،بالزاى:بادر إليه و أسرع.قال: *و انتهز الحق إذا الحق وضح*.
3- أي يد على.فى الأصل:«فوقع يده»و أثبت ما في ح.
4- برد:مات.
5- في الأصل:«قتلاه»و أثبت ما في ح.
6- في الأصل:«إلا سرعة في مشيه»و الوجه حذف«لا»كما في ح،و هو ما يقتضيه السياق.

الَّذِينَ صَبَرُوا لِعَدُوِّكَ مِنْ أَصْحَابِكَ قَالَ يَعْنِي رَبِيعَةَ الْمَيْسَرَةَ قَالَ 1يَا بُنَيَّ إِنَّ لِأَبِيكَ يَوْماً لَنْ يَعْدُوَهُ وَ لاَ يُبْطِئُ بِهِ عَنْهُ السَّعْيُ وَ لاَ يَعْجَلُ بِهِ إِلَيْهِ الْمَشْيُ إِنَّ أَبَاكَ وَ اللَّهِ مَا يُبَالِي وَقَعَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ .

عدم خوف علي عليه السلام من الإغتيال

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ وَ فِي يَدِهِ عَنَزَةٌ (1)فَمَرَّ عَلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ أَ مَا تَخْشَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغْتَالَكَ أَحَدٌ وَ أَنْتَ قُرْبَ عَدُوِّكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَفَظَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ يَتَرَدَّى فِي قَلِيبٍ أَوْ يَخِرَّ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوْ تُصِيبَهُ آفَةٌ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ .

خطبة الأشتر و تثبيت أصحابه

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ مَوْلَى الْأَشْتَرِ قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَتْ مَيْمَنَةُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ أَقْبَلَ عَلِيٌّ يَرْكُضُ نَحْوَ الْمَيْسَرَةِ يَسْتَثِيبُ النَّاسَ (2)وَ يَسْتَوْقِفُهُمْ وَ يَأْمُرُهُمْ بِالرُّجُوعِ نَحْوَ الْفَزَعِ حَتَّى مَرَّ بِالْأَشْتَرِ فَقَالَ لَهُ: 1«يَا مَالِكُ » قَالَ:لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: 1«اِئْتِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ فَقُلْ لَهُمْ أَيْنَ فِرَارُكُمْ مِنَ الْمَوْتِ الَّذِي لَنْ تُعْجِزُوهُ إِلَى الْحَيَاةِ الَّتِي لاَ تَبْقَى لَكُمْ» فَمَضَى اَلْأَشْتَرُ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ مُنْهَزِمِينَ فَقَالَ لَهُمْ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَمَرَهُ عَلِيٌّ بِهِنَّ (3)وَ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ يُكَرِّرُهَا فَلَمْ يَلْوَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ بِالْأَشْتَرِ أَعْرَفُ فِي النَّاسِ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا اَلْأَشْتَرُ إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ وَ ذَهَبَتْ عَنْهُ طَائِفَةٌ فَقَالَ:عَضَضْتُمْ بِهِنَّ أَبَاكُمْ،

ص: 250


1- العنزة،بالتحريك:رميح بين العصا و الرمح في أسفله زج.
2- يستثيب الناس:يسترجعهم؛ثاب:رجع.و في الأصل:«يستئيب»و في ح: «يستتب»و وجههما ما أثبت.
3- ح:«فقال لهم الكلمات»و في الطبريّ(6:11):«هذه الكلمات التي قالها له على».

مَا أَقْبَحَ وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُمُ الْيَوْمَ (1)يَا أَيُّهَا النَّاسُ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ عَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ وَ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِهَامِكُمْ ثُمَّ شُدُّوا شِدَّةَ قَوْمٍ مَوْتُورِينَ بِآبَائِهِمْ وَ أَبْنَائِهِمْ وَ إِخْوَانِهِمْ حَنَقاً عَلَى عَدُوِّهِمْ وَ قَدْ وَطَّنُوا عَلَى الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ كَيْ لاَ يُسْبَقُوا بِثَأْرٍ إِنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ وَ اللَّهِ لَنْ يُقَارِعُوكُمْ إِلاَّ عَنْ دِينِكُمْ لِيُطْفِئُوا السُّنَّةَ وَ يُحْيُوا الْبِدْعَةَ وَ يُدْخِلُوكُمْ فِي أَمْرٍ قَدْ أَخْرَجَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِحُسْنِ الْبَصِيرَةِ فَطِيبُوا عِبَادَ اللَّهِ نَفْساً بِدِمَائِكُمْ دُونَ دِينِكُمْ فَإِنَّ الْفِرَارَ فِيهِ سَلْبُ الْعِزِّ وَ الْغَلَبَةِ عَلَى الْفَيْءِ وَ ذُلُّ الْمَحْيَا وَ الْمَمَاتِ وَ عَارُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ سَخَطُ اللَّهِ وَ أَلِيمُ عِقَابِهِ.

ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ أَخْلِصُوا إِلَيَّ مَذْحِجاً فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ مَذْحِجٌ فَقَالَ لَهُمْ:عَضَضْتُمْ بِصُمِّ الْجَنْدَلِ وَ اللَّهِ مَا أَرْضَيْتُمُ الْيَوْمَ رَبَّكُمْ وَ لاَ نَصَحْتُمْ لَهُ فِي عَدُوِّهِ فَكَيْفَ بِذَلِكَ وَ أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الْحَرْبِ وَ أَصْحَابُ الْغَارَاتِ وَ فِتْيَانُ الصَّبَاحِ (2)وَ فُرْسَانُ الطِّرَادِ وَ حُتُوفُ الْأَقْرَانِ وَ مَذْحِجُ الطِّعَانِ (3)الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا يُسْبَقُونَ بِثَأْرِهِمْ وَ لاَ تُطَلُّ دِمَاؤُهُمْ وَ لاَ يُعْرَفُونَ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بِخَسْفٍ وَ أَنْتُمْ أَحَدُّ أَهْلِ مِصْرِكُمْ (4)وَ أَعَدُّ حَيٍّ فِي قَوْمِكُمْ (5)وَ مَا تَفْعَلُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّهُ مَأْثُورٌ بَعْدَ الْيَوْمِ فَاتَّقُوا مَأْثُورَ الْحَدِيثِ فِي غَدٍ (6)وَ اصْدُقُواّ.

ص: 251


1- و سيأتي في ص 252 قوله:«و اللّه ما أحسنتم اليوم القراع».فى ح:«ما فعلتم».
2- فتيان الصباح:فتيان الغارة؛و كانوا يسمون يوم الغارة يوم الصباح.
3- في المعارف 49 و العمدة(2:156):«كان يقال:مازن غسان أرباب الملوك،و حمير أرباب العرب،و كندة كندة الملك،و مذحج مذحج الطعان،و همدان أحلاس الخيل».
4- ح:«و أنتم سادة مصركم».
5- أعد:أكثر عددا.و في الحديث:«يخرج جيش من المشرق آدى شيء و أعده» أى أكثره استعدادا و عددا.و في ح:«و أعز حى»من العزة،و ما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبريّ.
6- مأثور الحديث:ما يؤثر و يروى و يخبر الناس به بعضهم بعضا.و في الأصل: «و أبقوا مآثر الحديث في غد»صوابه في ح و الطبريّ.

عَدُوَّكُمْ اللِّقَاءَ فَ« إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ »وَ الَّذِي نَفْسُ مَالِكٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ هَؤُلاَءِ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ رَجُلٌ عَلَى مِثْلِ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا أَحْسَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقِرَاعَ أَجْلُوا سَوَادَ وَجْهِي يَرْجِعْ فِي وَجْهِي دَمِي عَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ قَدْ فَضَّهُ تَبِعَهُ مَنْ بِجَانِبَيْهِ كَمَا يَتْبَعُ [مُؤَخَّرُ] (1)السَّيْلِ مُقَدَّمَهُ.

قَالُوا خُذْ بِنَا حَيْثُ أَحْبَبْتَ فَصَمَدَ بِهِمْ نَحْوَ عُظْمِهِمْ مِمَّا نَحْوَ الْمَيْمَنَةِ وَ أَخَذَ يَزْحُفُ إِلَيْهِمْ اَلْأَشْتَرُ وَ يَرُدُّهُمْ وَ يَسْتَقْبِلُهُ شَبَابٌ مِنْ هَمْدَانَ (2)وَ كَانُوا ثَمَانِيَ مِائَةِ مُقَاتِلٍ يَوْمَئِذٍ وَ قَدِ انْهَزَمُوا آخِرَ النَّاسِ وَ كَانُوا قَدْ صَبَرُوا فِي مَيْمَنَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى أُصِيبَ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ وَ مِائَةُ رَجُلٍ وَ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَئِيساً كُلَّمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَخَذَ الرَّايَةَ آخَرُ فَكَانَ أَوَّلُهُمْ كُرَيْبَ بْنَ شُرَيْحٍ وَ شُرَحْبِيلَ بْنَ شُرَيْحٍ وَ مَرْثَدَ بْنَ شُرَيْحٍ وَ هُبَيْرَةَ بْنَ شُرَيْحٍ ثُمَّ يَرِيمَ بْنَ شُرَيْحٍ (3)ثُمَّ[ شِمْرَ بْنَ شُرَيْحٍ ] (4)قُتِلَ هَؤُلاَءِ الْإِخْوَةُ السِّتَّةُ جَمِيعاً ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سُفْيَانُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ عَبْدُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ كَرِبُ بْنُ زَيْدٍ (5)فَقُتِلَ هَؤُلاَءِ الْإِخْوَةُ الثَّلاَثَةُ جَمِيعاً ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عُمَيْرُ بْنُ بِشْرٍ (6)وَ اَلْحَارِثُ بْنُ بِشْرٍ فَقُتِلاَ ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ وَهْبُ بْنُ كُرَيْبٍ (7)أَبُو الْقَلُوصِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ،ّ.

ص: 252


1- هذه من الطبريّ.
2- في الأصل:«و استقبله سنام من همدان».ح(1:487):«و استقبله أشباههم من همدان».و أثبت ما في الطبريّ.
3- في الأصل:«بريم»صوابه من الطبريّ.و في ح:«هريم».
4- التكملة من ح و الطبريّ.لكن في الطبريّ:«سمير».
5- الطبريّ:«كريب بن زيد»و في ح:«سفيان بن زيد،ثمّ كرب بن زيد، ثمّ عبد اللّه بن زيد».
6- في الأصل:«عميرة بن بشر»و أثبت ما في ح.و في الطبريّ:«عمير بن بشير».
7- في الأصل:«وهب»و أثبت ما في ح و الطبريّ.

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ انْصَرِفْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الرَّايَةِ تَرَحَهَا اللَّهُ (1)مِنْ رَايَةٍ فَقَدْ قُتِلَ أَشْرَافُ قَوْمِكَ حَوْلَهَا فَلاَ تَقْتُلْ نَفْسَكَ وَ لاَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ مَعَكَ فَانْصَرَفُوا وَ هُمْ يَقُولُونَ:لَيْتَ لَنَا عَدِيداً مِنَ اَلْعَرَبِ يُحَالِفُونَنَا ثُمَّ نَسْتَقْدِمُ نَحْنُ وَ هُمْ فَلاَ نَنْصَرِفَ حَتَّى نُقْتَلَ أَوْ نَظْهَرَ (2)فَمَرُّوا بِالْأَشْتَرِ وَ هُمْ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ لَهُمُ اَلْأَشْتَرُ :إِلَيَّ أَنَا أُحَالِفْكُمْ وَ أُعَاقِدْكُمْ عَلَى أَنْ لاَ نَرْجِعَ أَبَداً حَتَّى نَظْهَرَ أَوْ نَهْلِكَ (3)فَوَقَفُوا مَعَهُ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَ الْعَزِيمَةِ فَفِي هَذَا الْقَوْلِ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ (4):

وَ هَمْدَانُ زُرْقٌ تَبْتَغِي مَنْ تَحَالَفَ (5)

وَ زَحَفَ اَلْأَشْتَرُ نَحْوَ الْمَيْمَنَةِ وَ ثَابَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ تَرَاجَعُوا مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ وَ الْحَيَاءِ وَ الْوَفَاءِ (6)فَأَخَذَ لاَ يَصْمُدُ لِكَتِيبَةٍ إِلاَّ كَشَفَهَا وَ لاَ لِجَمْعٍ إِلاَّ حَازَهُ وَ رَدَّهُ (7).

فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِزِيادِ بْنِ النَّضْرِ يَحْمِلُ إِلَى الْعَسْكَرِ فَقَالَ مَنْ هَذَا قِيلَ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ اسْتُلْحِمَ[ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ ] (8)وَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فِي الْمَيْمَنَةِ فَتَقَدَّمَ زِيَادٌ فَرَفَعَ لِأَهْلِ الْمَيْمَنَةِ رَايَتَهُ فَقَاتَلَ حَتَّى صُرِعَ ثُمَّ لَمْر.

ص: 253


1- ترحها اللّه،دعاء عليها بالترح،و هو الحزن و الهم.و في اللسان:«ترحه الأمر تتريحا:أى أحزنه».و هذه الكلمة ليست في الطبريّ و في ح:«نزحها اللّه»تحريف.
2- الظهور:الظفر؛ظهر عليه ظهورا و أظهره اللّه عليه ح:«حتى نظفر أو نقتل» الطبريّ:«حتى نقتل أو نظفر».
3- ح و الطبريّ:«حتى نظفر أو نهلك».
4- في الأصل:«فى هذا القول فقال كعب بن جعيل»و أثبت ما في الطبريّ.و في ح:«فهذا معنى قول كعب بن جعيل».
5- المراد بالزرق زرق العيون،و العرب يتهاجون بذلك،و يعدونه من اللؤم.انظر الحيوان(3:175 و 5:330-331).
6- ح:«أهل الصبر و الوفاء و الحياء».
7- في الأصل و ح:«جازه»صوابه بالحاء كما في الطبريّ.انظر ما سبق ص 234.
8- استلحم،بالبناء للمفعول:احتوشه العدو في القتال.و هذه التكملة من الطبريّ (6:12)و الكلام في ح محرف مبتور.

يَمْكُثُوا إِلاَّ كَلاَ شَيْءٍ حَتَّى مَرُّوا بِيَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ مَحْمُولاً إِلَى الْعَسْكَرِ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ مَنْ هَذَا قَالُوا: يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ لَمَّا صَرَعَ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ رَفَعَ لِأَهْلِ الْمَيْمَنَةِ رَايَتَهُ فَقَاتَلَ حَتَّى صُرِعَ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ هَذَا وَ اللَّهِ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ وَ الْفِعْلُ الْكَرِيمُ أَ لاَ يَسْتَحْيِي الرَّجُلُ أَنْ يَنْصَرِفَ لَمْ يَقْتُلْ وَ لَمْ يُقْتَلْ وَ لَمْ يُشْفَ بِهِ عَلَى الْقَتْلِ .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنِ اَلْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ (1)[النَّخَعِيِّ] (2): أَنَّ اَلْأَشْتَرَ كَانَ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي يَدِهِ صَفِيحَةٌ لَهُ يَمَانِيَّةٌ إِذَا طَأْطَأَهَا خَلَتْ فِيهَا مَاءٌ مُنْصَبّاً فَإِذَا رَفَعَهَا كَادَ يُغْشِي الْبَصَرَ (3)شُعَاعُهَا وَ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ قُدُماً وَ هُوَ يَقُولُ

اَلْغَمَرَاتُ ثَمَّ يَنْجَلِينَا (4)

قَالَ فَبَصُرَ بِهِ اَلْحَارِثُ بْنُ جُمْهَانَ الْجُعْفِيُّ وَ اَلْأَشْتَرُ مُقَنَّعُ فِي الْحَدِيدِ فَلَمْ).

ص: 254


1- الحر،بضم الحاء المهملة و تشديد الراء،بن الصياح،كشداد،النخعيّ الكوفيّ، ثقة من الثالثة،و روى عن ابن عمر و أنس و عبد الرحمن بن الأخنس،و عنه شعبة و الثوري و أبو خيثمة و عمرو بن قيس الملائى.انظر تهذيب التهذيب و المشتبه 310.و في الأصل: «الحر بن الصباح»و أثبت ما في التهذيب و المشتبه مطابقا ما في الطبريّ.و في ح:«الحارث ابن الصباح»و هو رجل شيعى آخر ذكره ابن حجر في لسان الميزان(6:153)و قال إنّه تابعي روى عن على.
2- هذه التكملة من الطبريّ،و هي تعين أنه«الحر بن الصياح النخعيّ».
3- يغشى البصر:يذهب به.و في كتاب اللّه:« فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ. »و قد وردت هكذا بالغين المعجمة في الأصل و ح و الطبريّ.و هم يقولون كثيرا في نحو هذا المقام: «يعشى»بالعين المهملة؛و العشا:ضعف الإبصار.
4- هو للأغلب العجليّ.كما في أمثال الميداني.فى الأصل:«غمرات»و في أمثال ؟؟؟:«غمرات ثمّ ينجلين»و يروى:«الغمرات ثمّ ينجلين».و هذا الأخير هو الوجه في الإنشاد؛ففى جمهرة العسكريّ 15 عند الكلام على المثل:هو من قول الراجز: الغمرات ثمّ ينجلين عنا و ينزلن بآخرين شدائد يتبعهن لين و انظر مقاييس اللغة(غمر).

يَعْرِفْهُ فَدَنَا مِنْهُ وَ قَالَ لَهُ:جَزَاكَ اللَّهُ مُنْذُ الْيَوْمِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ جَمَاعَةِ اَلْمُسْلِمِينَ خَيْراً فَعَرَفَهُ اَلْأَشْتَرُ فَقَالَ:يَا اِبْنَ جُمْهَانَ أَ مِثْلُكَ يَتَخَلَّفُ الْيَوْمَ عَنْ مِثْلِ مَوْطِنِي هَذَا الَّذِي أَنَا فِيهِ فَتَأَمَّلَهُ اِبْنُ جُمْهَانَ فَعَرَفَهُ وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ مِنْ أَعْظَمِ الرِّجَالِ وَ أَطْوَلِهِ (1)إِلاَّ أَنَّ فِي لَحْمِهِ خِفَّةً قَلِيلَةً قَالَ:جُعِلْتُ فِدَاكَ لاَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ مَكَانَكَ حَتَّى السَّاعَةِ وَ لاَ أُفَارِقُكَ حَتَّى أَمُوتَ قَالَ وَ رَآهُ (2)مُنْقِذٌ وَ حِمْيَرٌ ابْنَا قَيْسٍ النَّاعِطِيَّانِ (3)فَقَالَ مُنْقِذٌ لِحِمْيَرٍ مَا فِي اَلْعَرَبِ رَجُلٌ مِثْلُ هَذَا إِنْ كَانَ مَا أَرَى مِنْ قِتَالِهِ عَلَى نِيَّتِهِ فَقَالَ لَهُ حِمْيَرٌ :وَ هَلِ النِّيَّةُ إِلاَّ مَا تَرَى قَالَ:إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ يُحَاوِلُ مُلْكاً .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ (4)عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ مَوْلَى الْأَشْتَرِ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَ إِلَى اَلْأَشْتَرِ عُظْمُ مَنْ كَانَ انْهَزَمَ مِنَ الْمَيْمَنَةِ حَرَّضَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ:عَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ مِنَ الْأَضْرَاسِ وَ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِهَامِكُمْ فَإِنَّ الْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ فِيهِ سَلْبُ الْعِزِّ وَ الْغَلَبَةُ عَلَى الْفَيْءِ وَ ذُلُّ الْمَحْيَا وَ الْمَمَاتِ وَ عَارُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ (5)ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى كَشَفَهُمْ فَأَلْحَقَهُمْ بِصُفُوفِ مُعَاوِيَةَ (6)بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ.

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَمِيَّةَ الْكَلْبِيَّ خَرَجَ يَوْمَ صِفِّينَ وَ هُوَ مَعَ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو لِلْبِرَازِ.».

ص: 255


1- في الأصل و ح:«و أطولهم»و أثبت ما في الطبريّ.و انظر التنبيه السادس من ص 241.
2- في الأصل:«و رأى»و في ح:«رأى الأشتر يومئذ منقذا و حميرا ابنا قيس» تحريف،صوابه من الطبريّ.
3- بنو ناعط:قبيلة في اليمن.انظر الاشتقاق 251.و في الأصل:«البعطبان»ح (1:488):«اليقظيان»و الأشبه ما أثبت من الطبريّ.
4- ح:«عمرو».
5- الخطبة في تاريخ الطبريّ(6:12)مسهبة.
6- ح:«بمضارب معاوية».

[خطبة لعلي في ذم الفرار من الزحف]

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ (1)عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ : أَنَّ عَلِيّاً لَمَّا رَأَى مَيْمَنَتَهُ قَدْ عَادَتْ إِلَى مَوْقِفِهَا وَ مَصَافِّهَا وَ كَشَفَ مَنْ بِإِزَائِهَا حَتَّى ضَارَبُوهُمْ فِي مَوَاقِفِهِمْ وَ مَرَاكِزِهِمْ أَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ: 1«إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ وَ انْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ يَحُوزُكُمْ (2)الْجُفَاةُ الطَّغَامُ وَ أَعْرَابُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَنْتُمْ لَهَامِيمُ اَلْعَرَبِ وَ السَّنَامُ الْأَعْظَمُ وَ عُمَّارُ اللَّيْلِ بِتِلاَوَةِ اَلْقُرْآنِ وَ أَهْلُ دَعْوَةِ الْحَقِّ إِذْ ضَلَّ الْخَاطِئُونَ (3)فَلَوْلاَ إِقْبَالُكُمْ بَعْدَ إِدْبَارِكُمْ وَ كَرُّكُمْ بَعْدَ انْحِيَازِكُمْ وَجَبَ عَلَيْكُمْ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ دُبُرَهُ وَ كُنْتُمْ فِيمَا أَرَى مِنَ الْهَالِكِينَ وَ لَقَدْ هَوَّنَ عَلَيَّ بَعْضَ وَجْدِي وَ شَفَى بَعْضَ أُحَاحِ نَفْسِي (4)أَنِّي رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةَ حُزْتُمُوهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ وَ أَزَلْتُمُوهُمْ عَنْ مَصَافِّهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ تَحُوزُونَهُمْ بِالسُّيُوفِ لِيَرْكَبَ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ كَالْإِبِلِ الْمُطْرَدَةِ الْهِيمِ (5)فَالْآنَ فَاصْبِرُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَ ثَبَّتَكُمُ اللَّهُ بِالْيَقِينِ وَ لْيَعْلَمِ الْمُنْهَزِمُ أَنَّهُ مُسْخِطٌ لِرَبِّهِ وَ مُوبِقٌ نَفْسَهُ وَ فِي الْفِرَارِ مَوْجِدَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ الذُّلُّ اللاَّزِمُ [لَهُ وَ الْعَارُ الْبَاقِي وَ اعْتِصَارُ الْفَيْءِ مِنْ يَدِهِ] (6)وَ فَسَادُ الْعَيْشِ وَ أَنَّ الْفَارَّ لاَ يَزِيدُ الْفِرَارُ فِي عُمُرِهِ وَ لاَ يُرْضِي رَبَّهُ فَمَوْتُ الرَّجُلِ مُحِقّاً قَبْلَ إِتْيَانِ هَذِهِ الْخِصَالِ خَيْرٌ مِنَ الرِّضَا بِالتَّلَبُّسِ بِهَا (7)وَ الْإِقْرَارِ عَلَيْهَا» .».

ص: 256


1- ح(1:488):«عمرو».
2- يحوزكم:ينحيكم عن مراكزكم.فى الأصل:«و تحززكم»صوابه في ح و الطبريّ (6:14).و انظر ما مضى ص 234.
3- في الأصل:«إذا ضل»و أثبت ما في ح و الطبريّ.
4- الأحاح،بالضم:اشتداد الحزن و الغيظ.و في الأصل:«حاج»صوابه في الطبريّ.و في ح:«لاعج».
5- الهيم:العطاش.فى الأصل و ح:«المطرودة»و أثبت ما في الطبريّ.
6- كلمة:«له»من ح.و باقى التكملة من الطبريّ.
7- الطبريّ:«بالتأنيس لها».

[رأس خثعم الشام و رأس خثعم العراق]

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ الْخَثْعَمِيُّ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنَشٍ الْخَثْعَمِيَّ رَأْسُ خَثْعَمٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي كَعْبٍ رَأْسِ خَثْعَمٍ مَعَ عَلِيٍّ :أَنْ لَوْ شِئْتَ لَتَوَاقَفْنَا فَلَمْ نَقْتَتِلْ فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُكَ كُنَّا مَعَكُمْ وَ إِنْ ظَهَرَ صَاحِبُنَا كُنْتُمْ مَعَنَا وَ لَمْ يَقْتُلْ بَعْضُنَا بَعْضاً فَأَبَى أَبُو كَعْبٍ ذَلِكَ فَلَمَّا الْتَقَتْ خَثْعَمٌ وَ خَثْعَمٌ وَ زَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ رَأْسُ خَثْعَمِ اَلشَّامِ لِقَوْمِهِ:يَا مَعْشَرَ خَثْعَمٍ قَدْ عَرَضْنَا (1)عَلَى قَوْمِنَا مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ الْمُوَادَعَةَ صِلَةً لِأَرْحَامِهِمْ وَ حِفْظاً لِحَقِّهِمِّ فَأَبَوْا إِلاَّ قِتَالَنَا فَقَدْ بَدَءُونَا بِالْقَطِيعَةِ فَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ حِفْظاً لِحَقِّهِمْ أَبَداً مَا كَفُّوا عَنْكُمْ فَإِذَا قَاتَلُوكُمْ فَقَاتِلُوهُمْ.

فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ:إِنَّهُمْ قَدْ رَدُّوا عَلَيْكَ رَأْيَكَ وَ أَقْبَلُوا يُقَاتِلُونَكَ.

ثُمَّ بَرَزَ فَنَادَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ فَغَضِبَ رَأْسُ خَثْعَمٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ:اَللَّهُمَّ قَيِّضْ لَهُ وَهْبَ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلاً مِنْ خَثْعَمٍ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ وَ قَدْ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يُبَارِزْهُ رَجُلٌ قَطُّ إِلاَّ قَتَلَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَهْبُ بْنُ مَسْعُودٍ فَحَمَلَ عَلَى الشَّامِيِّ فَقَتَلَهُ ثُمَّ اضْطَرَبُوا سَاعَةً فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ وَ أَخَذَ أَبُو كَعْبٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ:يَا مَعْشَرَ خَثْعَمٍ خَدِّمُوا (2)وَ أَخَذَ صَاحِبُ اَلشَّامِ يَقُولُ:يَا أَبَا كَعْبٍ الْكُلُّ قَوْمُكَ فَأَنْصِفْ! فَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ فَحَمَلَ شِمْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلَى أَبِي كَعْبٍ رَأْسِ خَثْعَمِ اَلْكُوفَةِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ يَبْكِي وَ يَقُولُ:

رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا كَعْبٍ لَقَدْ قَتَلْتُكَ فِي طَاعَةِ قَوْمٍ أَنْتَ أَمْسُّ بِي رَحِماً مِنْهُمْ وَ أَحَبُّ إِلَيَّ نَفْساً مِنْهُمْ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ وَ لاَ أَرَى (3)اَلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَدْ فَتَنَنَا وَ لاَ أَرَى قُرَيْشاً إِلاَّ قَدْ لَعِبَتْ بِنَا وَ وَثَبَ كَعْبُ بْنُ أَبِي كَعْبٍح.

ص: 257


1- في الأصل:«عرضت»،و أثبت ما في ح.
2- فسره ابن أبي الحديد في(1:489)بقوله:«أى اضربوا موضع الخدمة و هي الخلخال.يعنى اضربوهم في سوقهم».
3- في الأصل:«أدرى»،صوابه في ح.

إِلَى رَايَةِ أَبِيهِ فَأَخَذَهَا فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ وَ صُرِعَ ثُمَّ أَخَذَهَا شُرَيْحُ بْنُ مَالِكٍ فَقَاتَلَ الْقَوْمُ تَحْتَهَا حَتَّى صُرِعَ مِنْهُمْ حَوْلَ رَايَتِهِمْ ثَمَانُونَ رَجُلاً وَ أُصِيبَ مِنْ خَثْعَمِ اَلشَّامِ نَحْوٌ مِنْهُمْ ثُمَّ إِنَّ شُرَيْحَ بْنَ مَالِكٍ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كَعْبِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ .

قتال بجيلة

نَصْرٌ عَنْ عَمْرٍو (1)عَنْ عَبْدِ السَّلاَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ :(2) أَنَّ رَايَةَ بَجِيلَةَ فِي صِفِّينَ كَانَتْ فِي أَحْمَسَ مَعَ أَبِي شَدَّادٍ وَ هُوَ قَيْسُ بْنُ مَكْشُوحِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ (3)بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَحْمَسَ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ أَنْمَارٍ فَقَالَتْ لَهُ: بَجِيلَةُ خُذْ رَايَتَنَا فَقَالَ:غَيْرِي خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي قَالُوا:

مَا نُرِيدُ غَيْرَكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتُمُونِيهَا لاَ أَنْتَهِي (4)بِكُمْ دُونَ صَاحِبِ التُّرْسِ الْمُذْهَبِ قَالَ وَ عَلَى رَأْسِ مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ قَائِمٌ مَعَهُ تُرْسٌ مُذْهَبٌ يَسْتُرُهُ مِنَ الشَّمْسِ قَالُوا:اِصْنَعْ مَا شِئْتَ فَأَخَذَهَا ثُمَّ زَحَفَ وَ هُوَ يَقُولُ

إِنَّ عَلِيّاً ذُو أَنَاةٍ صَارِمُ جَلْدٌ إِذَا مَا حَضَرَ الْعَزَائِمُ

لَمَّا رَأَى مَا تَفْعَلُ الْأَشَائِمُ قَامَ لَهُ الذِّرْوَةُ وَ الْأَكَارِمُ

الْأَشْيَبَانِ مَالِكٌ وَ هَاشِمُ .

ثُمَّ زَحَفَ بِالرَّايَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ التُّرْسِ الْمُذْهَبِ وَ كَانَ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ:فَاقْتَتَلَ النَّاسُ هُنَالِكَ قِتَالاً شَدِيداً قَالَ وَ شَدَّ أَبُو شَدَّادٍ بِسَيْفِهِ نَحْوَ

ص: 258


1- في الأصل:«عمر»،و أثبت ما في ح.
2- (2) هو عبد السلام بن عبد اللّه بن جابر الأحمسى،كما في الطبريّ.ذكره في لسان الميزان (4:13)و قال:إنّه روى عن أبيه.و ذكر في ترجمة أبيه أنّه لم يرو عنه إلاّ ابنه. انظر(3:265).و في الأصل:«عبد السلام بن عبد اللّه عن جابر»و كلمة «عن»محرفة.
3- في ح:«بن عمرو بن عوف بن عامر»،و ما أثبت من الأصل يطابق ما في الإصابة 7307.و في تاريخ الطبريّ:«بن عمرو بن جابر».
4- في الأصل:«لانتهى»صوابه في ح.

صَاحِبِ التُّرْسِ فَتَعَرَّضَ لَهُ رُومِيٌّ مِنْ دُونِهِ لِمُعَاوِيَةَ فَضَرَبَ قَدَمَ أَبِي شَدَّادٍ فَقَطَعَهَا وَ ضَرَبَهُ أَبُو شَدَّادٍ فَقَتَلَهُ وَ أَشْرَعَتْ إِلَيْهِ الْأَسِنَّةُ فَقُتِلَ وَ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَلْعٍ الْأَحْمَسِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

لاَ يُبَعِّدُ اللَّهُ أَبَا شَدَّادٍ حَيْثُ أَجَابَ دَعْوَةَ الْمُنَادِي

وَ شَدَّ بِالسَّيْفِ عَلَى الْأَعَادِي نِعْمَ الْفَتَى كَانَ لَدَى الطِّرَادِ

وَ فِي طِعَانِ الْخَيْلِ وَ الْجِلاَدِ.

ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَلْعٍ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا عَفِيفُ بْنُ إِيَاسٍ الْأَحْمَسِيُّ فَلَمْ تَزَلْ بِيَدِهِ حَتَّى تَحَاجَزَ النَّاسُ .

قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ قَالَ: قُتِلَ حَازِمُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَخُو قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ يَوْمَئِذٍ وَ قُتِلَ نُعَيْمُ بْنُ صُهَيْبِ بْنِ الْعُلَيَّةِ [الْبَجَلِيُّ ] (1)فَأَتَى ابْنُ عَمِّهِ وَ سَمِيُّهُ نُعَيْمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْعُلَيَّةِ (2)مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ:إِنَّ هَذَا الْقَتِيلَ ابْنَ عَمِّي فَهَبْهُ لِي أَدْفِنْهُ فَقَالَ:

لاَ تَدْفِنْهُمْ فَلَيْسُوا أَهْلاً لِذَلِكَ فَوَ اللَّهِ مَا قَدَرْنَا (3)عَلَى دَفْنِ عُثْمَانَ مَعَهُمْ إِلاَّ سِرّاً قَالَ:وَ اللَّهِ لَتَأْذَنَنَّ لِي فِي دَفْنِهِ أَوْ لَأَلْحَقَنَّ بِهِمْ وَ لَأَدَعَّنَّكَ فَقَالَ لَهُ:

مُعَاوِيَةُ وَيْحَكَ تَرَى أَشْيَاخَ اَلْعَرَبِ لاَ نُوَارِيهِمْ (4)وَ أَنْتَ تَسْأَلُنِي دَفْنَ ابْنِ عَمِّكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ:اِدْفِنْهُ إِنْ شِئْتَ أَوْ دَعْ (5)فَأَتَاهُ فَدَفَنَهُ.

قتال غطفان العراق

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ (6)عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ صَالِحٍ : أَنَّ رَايَةَ

ص: 259


1- في الأصل:«نعيم بن سهيل بن الثعلبة»و أثبت ما في الطبريّ مع هذه التكملة. و في ح(1:489):«نعيم بن شهد بن التغلبية».
2- في الأصل:«الثعلبة»و في ح:«الثعلبية»و أثبت ما في الطبريّ.
3- في الأصل:«ما قدر»و أثبت ما في ح و الطبريّ.
4- ح:«ترى أشياخ العرب قد أجالتهم أمورهم».
5- في الأصل و ح:«أودعه»و أثبت ما في الطبريّ.
6- ح:«عمرو».

غَطَفَانِ اَلْعِرَاقِ كَانَتْ مَعَ عَيَّاشِ بْنِ شَرِيكِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ جُنْدَبِ (1)بْنِ زَيْدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ رَوَاحَةَ قَالَ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ آلِ ذِي الْكَلاَعِ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَبَرَزَ إِلَيْهِ قَائِدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْعَبْسِيُّ فَبَارَزَهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ الْكَلاَعِيُّ فَأَوْهَطَهُ (2)فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَيَّاشُ بْنُ شَرِيكٍ أَبُو سُلَيْمٍ فَقَالَ لِقَوْمِهِ أَنَا مُبَارِزُ الرَّجُلِ فَإِنْ أُصِيبَ فَرَأْسُكُمْ اَلْأَسْوَدُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ جُمَانَةَ (3)بْنِ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ فَإِنْ قُتِلَ فَرَأْسُكُمْ هَرِمُ بْنُ شُتَيْرِ (4)بْنِ عَمْرِو بْنِ جُنْدَبٍ فَإِنْ قُتِلَ فَرَأْسُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ضِرَارٍ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ بْنِ رَوَاحَةَ ثُمَّ مَشَى نَحْوَ الْكَلاَعِيِّ فَلَحِقَهُ هَرِمُ بْنُ شُتَيْرٍ فَأَخَذَ بِظَهْرِهِ فَقَالَ:لِيَمَسَّكَ رَحِمٌ (5)لاَ تَبْرُزْ لِهَذَا الطِّوَالِ قَالَ هَبَلَتْكَ الْهُبُولُ (6)وَ هَلْ هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ قَالَ:وَ هَلْ يُفَرُّ إِلاَّ مِنْهُ قَالَ:

وَ هَلْ مِنْهُ بُدٌّ قَالَ:وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُ أَوْ لَيُلْحِقَنِّي (7)بِقَائِدِ بْنِ بُكَيْرٍ فَبَرَزَ لَهُ وَ مَعَهُ حَجَفَةٌ لَهُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ فَدَنَا مِنْهُ فَنَظَرَ عَيَّاشُ بْنُ شَرِيكٍ فَإِذَا الْحَدِيدُ عَلَيْهِ مُفْرَغٌ لاَ يُرَى مِنْهُ عَوْرَةٌ (8)إِلاَّ مِثْلُ شَرَائِكِ النَّعْلِ مِنْ عُنُقِهِ بَيْنَ بَيْضَتِهِ وَ دِرْعِهِ فَضَرَبَهُ الْكَلاَعِيُّ فَقَطَعَ حَجَفَتَهُ إِلاَّ نَحْواً مِنْ شِبْرٍ وَ يَضْرِبُهُ عَيَّاشٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (9)فَقَطَعَ نُخَاعَهُ وَ خَرَجَ ابْنُ الْكَلاَعِيِّ ثَائِراً بِأَبِيهِ فَقَتَلَهُ بُكَيْرُ بْنُ وَائِلٍ .».

ص: 260


1- في الأصل:«بن جارية بن جنيدب»و أثبت ما في ح.
2- أوهطه:صرعه صرعة لا يقوم منها.
3- في الأصل:«الأسعد بن حبيب بن حمامة»و أثبت ما في ح.
4- في الأصل:«هرم بن شبير»و أثبت ما في ح.
5- الرحم:القرابة،كأنّه يتوسل إليه بحق القرابة.ح:«لتمسك»بالتاء.
6- في اللسان:«و في حديث على:هبلتهم الهبول.أى ثكلتهم الثكول،و هى بفتح الهاء من النساء التي لا يبقى لها ولد».
7- في الأصل:«ليقتلنى أو ليلحقن»صوابه في ح(1:489).
8- ح:«لا يبين من نحره».
9- أي في الموضع الذي كانا فيه.و في الأصل:«و ضربه عيّاش على ذلك المكان».

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ التَّيْمِيُّ أَنَّ زِيَادَ بْنَ خَصَفَةَ بَارَزَهُ فَقَتَلَهُ.

قتال بني نهد بن زيد

نَصْرٌ عُمَرُ عَنِ اَلصَّلْتِ بْنِ زُهَيْرٍ النَّهْدِيِّ : أَنَّ رَايَةَ بَنِي نَهْدِ بْنِ زَيْدٍ أَخَذَهَا مَسْرُوقُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ سَلَمَةَ فَقُتِلَ وَ أَخَذَ الرَّايَةَ صَخْرُ بْنُ سُمَيٍّ فَارْتُثَّ (1)ثُمَّ أَخَذَهَا عَلِيُّ بْنُ عُمَيْرٍ فَقَاتَلَ حَتَّى ارْتُثَّ ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ سَلَمَةُ بْنُ خُذَيْمِ (2)بْنِ جُرْثُومَةَ وَ كَانَ يُحَرِّضُ النَّاسَ فَوَجَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَدْ قُتِلَ فَأَخَذَ رَايَتَهُ فَارْتُثَّ وَ صُرِعَ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ كَبْشَةَ (3)فَارْتُثَّ ثُمَّ أَخَذَهَا أَبُو مُسَبِّحِ (4)بْنِ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ فَقُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّزَّالِ فَقُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زُهَيْرٍ فَقُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا مَوْلاَهُ مُخَارِقٌ فَقُتِلَ حَتَّى صَارَتْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ الْأَزْدِيِّ (5).

قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنَا عُمَرُ وَ قَالَ حَدَّثَنَا اَلصَّلْتُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِخْنَفٍ قَالَ: صُرِعَ يَزِيدُ بْنُ الْمُغَفَّلِ إِلَى جَنْبِي فَقَتَلْتُ صَاحِبَهُ وَ قُمْتُ عَلَى رَأْسِهِ (6)وَ قُتِلَ أَبُو زَبِيبِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَتَلْتُ صَاحِبَهُ وَ جَاءَنِي سُفْيَانُ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ:أَ قَتَلْتُمْ (7)يَا مَعْشَرَ اَلْأَزْدِ يَزِيدَ بْنَ الْمُغَفَّلِ ؟ فَقُلْتُ لَهُ:إِي وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَهَذَا الَّذِي تَرَانِي قَائِماً عَلَى رَأْسِهِ قَالَ:وَ مَنْ أَنْتَ حَيَّاكَ اللَّهُ قُلْتُ:

أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِخْنَفٍ فَقَالَ الشَّرِيفُ الْكَرِيمُ:حَيَّاكَ اللَّهُ وَ مَرْحَباً بِكَ

ص: 261


1- ارتث،على ما لم يسم فاعله:ضرب في الحرب فأثخن و حمل و به رمق ثمّ مات حن بعد.
2- خذيم،بالذال المعجمة كما في ح.و في الأصل:«خديم»تحريف.
3- ح:«كنيسة»تحريف.
4- في الأصل:«أبو مسيح»صوابه بالباء الموحدة.ح:«أبو سنخ».
5- في الأصل:«ثم أخذها مولاه مخارق فقتل ثمّ أخذها ابن أخيه عبد الرحمن بن مخنف الأزديّ»و رددت الكلام إلى نصابه و تمامه من ح.
6- الكلام بعدها إلى كلمة«صاحبه»ساقط من ح.
7- في الأصل:«أ فيكم»و أثبت ما في ح.

يَا ابْنَ عَمِّ أَ فَلاَ تَدْفَعُهُ إِلَيَّ؟ فَأَنَا عَمُّهُ سُفْيَانُ بْنُ عَوْفِ بْنِ الْمُغَفَّلِ فَقُلْتُ مَرْحَباً بِكَ أَمَّا الْآنَ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ وَ لَسْنَا بِدَافِعِيهِ إِلَيْكَ وَ أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَلَعَمْرِي أَنْتَ عَمُّهُ وَ وَارِثُهُ (1).

أزد العراق و أزد الشام

نَصْرٌ قَالَ:قَالَ عُمَرُ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ :عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ اَلنَّمِرِ مِنَ اَلْأَزْدِ :(2) أَنَّ مِخْنَفَ بْنَ سُلَيْمٍ لَمَّا نَدَبَ أَزْدَ اَلْعِرَاقِ إِلَى أَزْدِ اَلشَّامِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:إِنَّ مِنَ الْخَطْبِ الْجَلِيلِ وَ الْبَلاَءِ الْعَظِيمِ أَنَّا صُرِفْنَا إِلَى قَوْمِنَا وَ صُرِفُوا إِلَيْنَا فَوَ اللَّهِ مَا هِيَ إِلاَّ أَيْدِينَا [نَقْطَعُهَا بِأَيْدِينَا] (3)وَ مَا هِيَ إِلاَّ أَجْنِحَتُنَا نَحْذِفُهَا بِأَسْيَافِنَا فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَفْعَلْ لَمْ نُنَاصِحْ صَاحِبَنَا وَ لَمْ نُوَاسِ جَمَاعَتَنَا وَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا فَعِزَّنَا أَبَحْنَا (4)وَ نَارَنَا أَخْمَدْنَا فَقَالَ: جُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَ اللَّهِ لَوْ كُنَّا آبَاءَهُمْ وَلَدْنَاهُمْ أَوْ كُنَّا أَبْنَاءَهُمْ وَلَدُونَا ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ جَمَاعَتِنَا وَ طَعَنُوا عَلَى إِمَامِنَا وَ آزَرُوا الظَّالِمِينَ وَ الْحَاكِمِينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا وَ دَمَّتْنَا (5)مَا افْتَرَقْنَا بَعْدَ أَنِ اجْتَمَعْنَا (6) حَتَّى يَرْجِعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ وَ يَدْخُلُوا فِيمَا نَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ أَوْ تَكْثُرَ الْقَتْلَى بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ.

فَقَالَ مِخْنَفٌ :أَعْزَبَكَ اللَّهُ فِي التِّيهِ (7)أَمَا وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ صَغِيراً وَ لاَ كَبِيراً إِلاَّ مَشْئُوماً وَ اللَّهِ مَا مَيَّلْنَا الرَّأْيَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ (8)أَيَّهُمَا نَأْتِي

ص: 262


1- في الأصل:«و أمّا بعد ذلك فأنت عمه و أحق به»و أثبت ما في ح(1:490).
2- بن مالك بن الأزد.انظر مختلف القبائل و مؤتلفها ص 19.و في الأصل:«أشياخ النمر» و في ح:«أشياخ الأزد»و أثبته كاملا من الطبريّ(6:15).
3- التكملة من ح و الطبريّ.
4- ح:«آلمنا».
5- ح:«و ديننا».
6- في الأصل:«إذا اجتمعنا»و أثبت ما في ح.
7- هذه الجملة ساقطة من ح.و هي في أصلها:«اغر اللّه بك في النية»و في الطبريّ: «أعز اللّه بك النية».و رأيت صوابهما فيما أثبت.الإعزاب:الإبعاد.و التيه:الضلال.
8- التمييل:الترجيح.فى الأصل:«فى أمرين قط»و أثبت ما في ح.و في اللسان: «تقول العرب:إنى لأميل بين ذينك الأمرين و أمايل بينهما أيهما آتى»و في ح:«و اللّه ما دفعنا في الرأى»تحريف.

وَ أَيَّهُمَا نَدَعُ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ وَ لاَ بَعْدَ مَا أَسْلَمْنَا إِلاَّ اخْتَرْتُ أَعْسَرَهُمَا وَ أَنْكَدَهُمَا اللَّهُمَّ فَإِنْ نُعَافَى أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نُبْتَلَى (1)فَأَعْطِ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا مَا سَأَلَكَ.

فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَوْفٍ اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنَنَا بِمَا هُوَ أَرْضَى لَكَ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ وَ إِنَّ لَنَا الْأُسْوَةَ (2)بِمَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ إِنْ كُنَّا عَلَى حَقٍّ [وَ إِنْ يَكُونُوا] (3)صَادِقِينَ فَإِنَّ أُسْوَةً فِي الشَّرِّ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا ضَرَرٌ فِي الْمَحْيَا وَ الْمَمَاتِ (4)وَ تَقَدَّمَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ فَبَارَزَ رَأْسَ أَزْدِ اَلشَّامِ فَقَتَلَهُ الشَّامِيُّ وَ قَتَلَ مِنْ رَهْطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَاجِدٍ ، عِجْلاً وَ سَعِيداً ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ (5)وَ قُتِلَ مَعَ مِخْنَفٍ مِنْ رَهْطِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاجِدٍ [وَ] خَالِدُ بْنُ نَاجِدٍ (6)وَ عَمْرٌو وَ عَامِرٌ ابْنَا عَرِيفٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ جُنْدَبِ بْنِ زُهَيْرٍ وَ أَبُو زَيْنَبَ بْنُ عَوْفٍ وَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحُصَيْنِ الْأَزْدِيُّ فِي الْقُرَّاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُصِيبَ مَعَهُ وَ قَدْ كَانَ مِخْنَفٌ قَالَ لَهُ نَحْنُ أَحْوَجُ إِلَيْكَ مِنْ عَمَّارٍ فَأَبَى عَلَيْهِ فَأُصِيبَ مَعَ عَمَّارٍ .

خطبة عتبة بن جويرية

نَصْرٌ عُمَرُ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ أَشْيَاخِ اَلنَّمِرِ :(7) أَنَّ عُتْبَةَ

ص: 263


1- ح:«أن تعافينا أحبّ إلى من أن تبتلينا».
2- في الأصل:«و إن كنا الاسوة»صوابه في الطبريّ.و كلام أبى بردة لم يرد في مظنه من ح.
3- التكملة من الطبريّ.
4- في الأصل:«و إن كنا الأسوة»صوابه في الطبريّ.
5- الطبريّ:«و قتل من رهطه عجل و سعد ابنا عبد اللّه من بنى ثعلبة».
6- في الأصل:«من رهط عبد اللّه بن ناجد بن خالد بن ناجد».و صواب العبارة من الطبريّ.و في الطبريّ:«عبد اللّه و خالد ابنا ناجد».
7- (7) انظر ما سبق ص 262.

بْنَ جُوَيْرِيَةَ(1) قَالَ يَوْمَ صِفِّينَ أَلاَ إِنَّ مَرْعَى الدُّنْيَا قَدْ أَصْبَحَ هَشِيماً (2)وَ أَصْبَحَ زَرْعُهَا حَصِيداً وَ جَدِيدُهَا سَمَلاً وَ حُلْوُهَا مُرَّ الْمَذَاقِ أَلاَ وَ إِنِّي أُنَبِّئُكُمْ نَبَأَ امْرِئٍ صَادِقٍ أَنِّي سَئِمْتُ الدُّنْيَا وَ عَزَفْتُ نَفْسِي عَنْهَا وَ قَدْ كُنْتُ أَتَمَنَّي الشَّهَادَةَ وَ أَتَعَرَّضُ لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ (3)فَأَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُبْلِغَنِي هَذَا الْيَوْمَ.

أَلاَ وَ إِنِّي مُتَعَرِّضٌ سَاعَتِي هَذِهِ لَهَا وَ قَدْ طَمِعْتُ أَلاَّ أُحْرَمَهَا فَمَا تَنْتَظِرُونَ عِبَادَ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَ خَوْفَ الْمَوْتِ الْقَادِمِ عَلَيْكُمْ الذَّاهِبِ بِأَنْفُسِكُمْ لاَ مَحَالَةَ أَوْ مِنْ ضَرْبَةِ كَفٍّ أَوْ جَبِينٍ بِالسَّيْفِ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الدُّنْيَا بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ مُرَافَقَةِ« اَلنَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ » فِي دَارِ الْقَرَارِ مَا هَذَا بِالرَّأْيِ السَّدِيدِ ثُمَّ قَالَ يَا إِخْوَتَاهْ إِنِّي قَدْ بِعْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِالدَّارِ الَّتِي أَمَامَهَا وَ هَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ لاَ يَبْرَحُ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ (4)وَ لاَ يَقْطَعُ اللَّهُ أَرْحَامَكُمْ.

فَتَبِعَهُ إِخْوَتُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَ عَوْفٌ وَ مَالِكٌ وَ قَالُوا (5):لاَ نَطْلُبُ رِزْقَ الدُّنْيَا بَعْدَكَ قَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَحْتَسِبُ أَنْفُسَنَا عِنْدَكَ فَاسْتَقْدَمُوا جَمِيعاً فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا.

نداء مالك بن حري النهشلي و رثاء أخيه فيه

نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ اَلصَّلْتِ بْنِ خَارِجَةَ : أَنَّ تَمِيماً لَمَّا ذَهَبَتْ لِتَنْهَزِمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ نَادَاهُمْ مَالِكُ بْنُ حَرِيٍّ النَّهْشَلِيُّ (6)ضَاعَ الضِّرَابُ الْيَوْمَ،

ص: 264


1- ح(1:490):«عقبة بن خوبة»و في الطبريّ:«عقبة بن حديد النمرى».
2- في الأصل:«أصبح شجرها هشيما»و الوجه حذف«شجرها»كما في ح و الطبريّ.
3- و كذا في ح.لكن في الطبريّ:«فى كل جيش و غارة».
4- البرح:الشدة و الأذى.
5- في الأصل:«فتبعه أخواه عبيد اللّه و عوف ابنا مالك و قالا»و الوجه ما أثبت من الطبريّ.
6- في الأصل:«مالك بن مر النهشلى»صوابه في ح(1:490).و قد ذكره ابن حجر في أثناء ترجمته لأخيه نهشل بن حرى 8878.

وَ الَّذِي أَنَالَهُ وَ سَائِرُ الْقَوْمِ عَبْدٌ يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا:أَ لاَ تَرَى النَّاسَ قَدِ انْهَزَمُوا قَالَ لَهُمْ:أَ فِرَاراً وَ اعْتِذَاراً (1)ثُمَّ نَادَى بِالْأَحْسَابِ فَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا فَقَالَتْ:لَهُ بَنُو تَمِيمٍ أَ فَتُنَادِي بِنِدَاءِ اَلْجَاهِلِيَّةِ إِنَّ ذَا لاَ يَحِلُّ قَالَ:فَالْفِرَارُ وَيْلَكُمْ أَقْبَحُ إِنْ لَمْ تُقَاتِلُوا عَلَى الدِّينِ وَ الْيَقِينِ فَقَاتِلُوا عَلَى الْأَحْسَابِ ثُمَّ أَقْبَلَ يُقَاتِلُ وَ يَرْتَجِزُ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنَّ تَمِيماً أَخْلَفَتْ عَنْكَ ابْنَ مُرٍّ (2) وَ قَدْ أَرَاهُمْ وَ هُمُ الْحَيُّ الصُّبُرْ

فَإِنْ تَخِيمُوا أَوْ تَفِرُّوا لاَ نَفِرُّ (3).

وَ قَالَ أَخُوهُ نَهْشَلُ بْنُ حَرِيٍّ (4)التَّمِيمِيُّ يَرْثِيْهِ:

تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ مَا كَادَ يَنْجَلِي كَلَيْلِ التِّمَامِ مَا يُرِيدُ انْصِرَاماً

فَبِتُّ لِذِكْرِى مَالِكٍ بِكَآبَةٍ أُؤَرِّقُ مِنْ بَعْدِ الْعِشَاءِ نِيَاماً

أَبَى جَزَعِي فِي مَالِكٍ غَيْرَ ذِكْرِهِ فَلاَ تَعْذِلِينِي أَنْ جَزِعْتُ أُمَامَا

سَأَبْكِي أَخِي مَا دَامَ صَوْتُ حَمَامَةٍ يُؤَرِّقُ (5)مِنْ وَادِي الْبِطَاحِ حَمَاماً

وَ أَبْعَثُ أَنْوَاحاً عَلَيْهِ بِسُحْرَةٍ (6) وَ تَذْرِفُ عَيْنَايَ الدُّمُوعَ سِجَاماً

وَ أَدْعُو سَرَاةَ الْحَيِّ يَبْكُونَ مَالِكاً وَ أَبْعَثُ نُوحاً يَلْتَدِمْنَ قِيَاماًح.

ص: 265


1- في الأصل:«أفرار و اعتذار»و أثبت ما في ح.
2- يقول:إن تميم بن مر أخلفت عنك.و هم تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر.و الإخلاف:التخلف،قال الأسود بن يعفر(اللسان 10:443): بيض مساميح في الشتاء و إن أخلف نجم عن نوئه وبلوا.
3- خام يخيم خيما و خيمانا و خيوما و خيومة و خيمومة و خياما:نكص و جبن.
4- هو نهشل بن حرى بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم،و هو من الشعراء المخضرمين.انظر الإصابة و الخزانة (1:151).و حرى،بفتح الحاء و تشديد الراء المكسورة كالمنسوب إلى الحرّ أو الحرة. و في الأصل:«نهشل بن مر»صوابه في ح.
5- ح:«تؤرق»أي الحمامة.
6- الأنواح:جمع نوح،بالفتح،للنسوة النائحات.و السحرة،بالضم:السحر،و قيل هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر.و في الأصل:«بشجوة»صوابه في ح.

يَقُلْنَ ثَوَى رَبُّ السَّمَاحَةِ وَ النَّدَى وَ ذُو عِزَّةٍ يَأْبَى بِهَا أَنْ يُضَامَا

وَ فَارِسُ خَيْلٍ لاَ تُسَايَرُ خَيْلُهُ إِذَا اضْطَرَمَتْ نَارُ الْعَدُوِّ ضِرَاماً

وَ أَحْيَا عَنِ الْفَحْشَاءِ مِنْ ذَاتِ كِلَّةٍ يَرَى مَا يَهَابُ الصَّالِحُونَ حَرَاماً

وَ أَجْرَأَ مِنْ لَيْثٍ بِخَفَّانَ مُخْدِرٍ وَ أَمْضَى إِذَا رَامَ الرِّجَالُ صِدَاماً

فَلاَ تَرْجُوَنْ ذَا أُمَّةٍ بَعْدَ مَالِكٍ وَ لاَ جَازِراً لِلْمُنْشِئَاتِ غُلاَماً (1)

وَ قُلْ لَهُمْ لاَ يَرْحَلُوا الْأُدْمَ بَعْدَهُ وَ لاَ يَرْفَعُوا نَحْوَ الْجِيَادِ لِجَاماً (2).

وَ قَالَ أَيْضاً فِيهِ

أَبْكِي الْفَتَى الْأَبْيَضَ الْبُهْلُولَ سُنَّتَهُ عِنْدَ النِّدَاءَ فَلاَ نَكْساً وَ لاَ وَرَعاً (3)

أَبْكِي عَلَى مَالِكِ الْأَضْيَافِ إِذْ نَزَلُوا حِينَ الشِّتَاءِ وَ عَزَّ الرِّسْلِ فَانْجَدَعَا (4)

وَ لَمْ يَجِدْ لِقِرَاهُمْ غَيْرَ مُرْبَعَةٍ مِنَ الْعِشَارِ تُزَجِّي تَحْتَهَا رُبَعاً (5)

أَهْوَى لَهَا السَّيْفَ تَرّاً وَ هِيَ رَاتِعَةٌ فَأَوْهَنَ السَّيْفُ عَظْمَ السَّاقِ فَانْقَطَعَا (6)».

ص: 266


1- الإمّة،بالكسر:النعمة.و في الأصل:«فلا يرجعون».و المنشئات:النوق اللواقح؛أنشأت الناقة فهي منشئ:لقحت.و الغلام:الطار الشارب،و الكهل،أو من حين يولد إلى أن يشب.و هذا البيت و تاليه لم يرويا في ح.و في الأصل:«و لا جار إلا المنشآت علاما».
2- الأدم:جمع آدم و أدماء،و هي الإبل الخالصة البياض.رحل البعير،كمنع:حط عليه الرحل.
3- السنة:الوجه.و في الأصل:«شبيه»صوابه في ح(1:491)،و في ح: «بكى»فى هذا البيت و تاليه على الأمر.
4- نسبه إلى الأضياف.و الرسل،بالكسر:اللبن.
5- المربعة:ذات الربع،بضم ففتح،و هو ما ولد من الإبل في الربيع.و المذكور في المعاجم:«مربع»بدون تاء،و«مرباع».تزجى:تسوق،و في الأصل: «يرجى»صوابه في ح.
6- التر:القطع و الإبانة.ح:«صلتا».

فَجَاءَهُمْ بَعْدَ رَقْدِ الْحَيِّ أَطْيَبُهَا

وَ قَدْ كَفَى مِنْهُمُ مَنْ غَابَ وَ اضْطَجَعَا (1)

يَا فَارِسَ الرَّوْعِ يَوْمَ الرَّوْعِ قَدْ عَلِمُوا وَ صَاحِبُ الْعَزْمِ لاَ نَكْساً وَ لاَ طَبِعاً (2)

وَ مُدْرِكَ التَّبْلِ فِي الْأَعْدَاءِ يَطْلُبُهُ وَ إِنْ طَلَبْتَ بِتَبْلٍ عِنْدَهُ مَنَعَا (3)

قَالُوا أَخُوكَ أَتَى النَّاعِي بِمَصْرَعِهِ فَارْتَاعَ قَلْبِي غَدَاةَ الْبَيْنِ فَانْصَدَعَا

ثُمَّ ارْعَوَى الْقَلْبُ شَيْئاً بَعْدَ طِيَرَتِهِ وَ النَّفْسُ تَعْلَمُ أَنْ قَدْ أُثْبِتَتْ وَجِعاً (4).

وَ قُتِلَ مُحَيَّا بْنُ سَلاَمَةَ بْنِ دَجَاجَةَ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ بِصِفِّينَ وَ قُتِلَ اَلْمُسَيَّبُ بْنُ خِدَاشٍ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ وَ دِينَارُ عَقِيصَا (5)مَوْلاَهُ.

مبارزة أدهم بن محرز و شمر بن ذي الجوشن و عدة من سائر المبارزات

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ لَنَا أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ وَ نَحْنُ مَعَهُ بِأَذْرُحَ (6)هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ شِمْرَ بْنَ

ص: 267


1- الرقد،بالفتح:النوم كالرقاد و الرقود.و في ح:«رفد الناس»بالفاء،و هو بالكسر:الصلة و العطاء؛و بالفتح،المصدر.من غاب:أى من غاب و قعد عن بر الأضياف.و مثله قول متمم بن نويرة في المفضلية 67: إذا جرد القوم القداح و أوقدت لهم نار أيسار كفى من تضجعا و في الأصل:«من غار»صوابه ما أثبت.و في ح:«و أشبعت منهم من نام»و هى رواية مصنوعة فيما أرى.
2- النكس،بالكسر:المقصر عن غاية النجدة و الكرم،و الطبع،بفتح فكسر: الدنىء الخلق الدنس.
3- التبل،بالفتح:الثأر و الذحل.و في الأصل:«و مدرك النيل»و:«بنيل»صوابهما ما أثبت من ح(1:491).
4- الطيرة:المرة من الطيران.ح:«طربته»و الطربة المرة من الطرب؛و الطرب يقال في السرور و الحزن معا.و في الأصل:«قد أثبتت»صوابه في ح.و في اللسان: «أثبته السقم،إذا لم يفارقه».
5- سبقت ترجمته في 145.و عقيصا لقب لدينار.و البصريون يوجبون الإضافة في مثل هذا.و الكوفيون يجيزون الإتباع و القطع إلى النصب و إلى الرفع.الأشمونى (1:143-144).
6- أذرح،بضم الراء و في آخره حاء مهملة:اسم بلد في أطراف الشام.و في الأصل: «باددخ»و في ح:«بأدرج»صوابهما ما أثبت.

ذِي الْجَوْشَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ كِبَارٍ النَّهْدِيُّ وَ سَعِيدُ بْنُ خَازِمٍ السَّلُولِيُّ (1):نَحْنُ رَأَيْنَاهُ قَالَ:فَهَلْ رَأَيْتُمَا ضَرْبَةً بِوَجْهِهِ؟ قَالاَ:نَعَمْ قَالَ:أَنَا وَ اللَّهِ ضَرَبْتُهُ تِلْكَ الضَّرْبَةَ بِصِفِّينَ .

نَصْرٌ عُمَرُ عَنِ اَلصَّلْتِ بْنِ زُهَيْرٍ (2)النَّهْدِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ: خَرَجَ أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ إِلَى شِمْرٍ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَضَرَبَهُ أَدْهَمُ عَلَى جَبِينِهِ فَأَسْرَعَ فِيهِ السَّيْفُ حَتَّى خَالَطَ الْعَظْمَ وَ ضَرَبَهُ شِمْرٌ فَلَمْ يَصْنَعْ سَيْفُهُ شَيْئاً فَرَجَعَ إِلَى عَسْكَرِهِ فَشَرِبَ مِنَ الْمَاءِ وَ أَخَذَ رُمْحاً ثُمَّ أَقْبَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنِّي زَعِيمٌ لِأَخِي بَاهِلَهْ بِطَعْنَةٍ إِنْ لَمْ أَمُتْ عَاجِلَهْ (3)

وَ ضَرْبَةٍ تَحْتَ الْوَغَى فَاصِلَهْ (4) شَبِيهَةٍ بِالْقَتْلِ أَوْ قَاتِلِهْ.

ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَدْهَمَ وَ هُوَ يَعْرِفُ وَجْهَهُ وَ أَدْهَمُ ثَابِتٌ لَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ فَطَعَنَهُ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ وَ حَالَ أَصْحَابُهُ دُونَهُ فَانْصَرَفَ فَقَالَ شِمْرٌ هَذِهِ بِتِلْكَ.

وَ خَرَجَ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ يَزِيدَ الْأَرْحَبِيُّ مِنْ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ عَسْكَرِ اَلْعِرَاقِ ، أَبُو الْعَمَرَّطَةِ قَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ يَزِيدَ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّ سُوَيْدٍ وَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يَعْرِفُ صَاحِبَهُ فَلَمَّا تَقَاَرَبَا تَعَارَفا وَ تَوَاقَفَا وَ تَسَاءَلاَ وَ دَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ (5)فَقَالَ أَبُو الْعَمَرَّطَةِ أَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لَأَضْرِبَنَّ بِسَيْفِي هَذِهِ الْقُبَّةَ الْبَيْضَاءَ يَعْنِي قُبَّةَ مُعَاوِيَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ انْصَرَفَ كُلُّ مِنْهُمَا إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ هَمَّامٌ :».

ص: 268


1- ح:«سعيد بن حازم البلوى».
2- في الأصل:«عمر بن الصلت بن زهير».
3- في الطبريّ(6:16):«إن لم صب».
4- الطبريّ:«أو ضربة تحت القنا و الوغى».
5- ح:«إلى دينه».

أَ لَوْمَ بْنَ لَوْمٍ مَا غَدَا بِكَ حَاسِراً إِلَى بَطَلٍ ذِي جُرْأَةٍ وَ شَكِيمٍ (1)

مُعَاوِدِ ضَرْبِ الدَّارِعِينَ بِسَيْفِهِ عَلَى الْهَامِ عِنْدَ الْهَيْجِ غَيْرَ لَئِيمٍ

إِلَى فَارِسِ الْغَاوِينَ حَيْثُ تَلاَقَيَا بِصِفِّينَ قَرْمٍ نَجْلِ خَيْرِ قُرُومٍ (2).

قَالَ وَ خَرَجَ بِشْرُ بْنُ عِصْمَةَ الْمُزَنِيُّ (3)يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ الْجُلاَحِ (4)وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ اِبْنُ الْعَقَدِيَّةِ (5)وَ كَانَ رَجُلاً نَاسِكاً فَأَقْبَلاَ فِي خَيْلِهِمَا فَتَغَفَّلَهُ بِشْرُ بْنُ عِصْمَةَ فَطَعَنَهُ فَصُرِعَ اِبْنُ الْعَقَدِيَّةِ فَقَالَ بِشْرُ بْنُ عِصْمَةَ

إِنِّي لَأَرْجُو مِنْ مَلِيكِي وَ خَالِقِي

وَ مِنْ فَارِسُ الْمَوْسُومِ فِي الصَّدْرِ هَاجِسِ (6)

دَلَفْتُ لَهُ تَحْتَ الْغُبَارِ بِطَعْنَةٍ عَلَى سَاعَةٍ فِيهَا الطِّعَانُ يُخَالِسُ (7).».

ص: 269


1- هذه الأبيات لم ترو في ح.و في الأصل:«ذى جرة»و الوجه ما أثبت. و الشكيم،في اللسان:«يجوز أن يكون لغة في الشكيمة».و أنشد: *أنا ابن سيار على شكيمه* و الشكيمة:الصرامة و الحزم و الأنفة و الانتصار من الظلم.
2- الغاوين،كذا وردت.و القرم،بالفتح:السيّد المعظم.
3- بشر بن عصمة المزنى،أحد الصحابة،ترجم له في الاستيعاب و الإصابة و لسان الميزان.و في الأصل:«المرى»صوابه في الطبريّ و مراجع ترجمته.و هذا الخبر لم يرد في مظنه من ح.
4- هو مالك بن الجلاح بن صامت بن سدوس بن إنسان بن عتوارة،أحد بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن.ذكره المرزبانى في معجمه 363.و في الأصل:«مالك بن اللجلاج»،صوابه في الطبريّ و معجم المرزبانى.
5- العقدية أمه،غلبت عليه.و عقد،بالتحريك:قبيلة من بجيلة أو اليمن.انظر الطبريّ و القاموس(عقد).
6- في القاموس:«موسوم فرس مالك بن الجلاح».و رواية الطبريّ:«من مليكى تجاوزا».
7- الطبريّ:«الطعان تخالس».

فَرَدَّ عَلَيْهِ اِبْنُ الْعَقَدِيَّةِ

أَلاَ أَبْلِغَا بِشْرَ بْنَ عِصْمَةَ أَنَّنِي شُغِلْتُ وَ أَلْهَانِي الَّذِينَ أُمَارِسُ

وَ صَادَفْتَ مِنِّي غُرَّةً فَأَصَبْتَهَا

كَذَا كَانَتِ الْأَبْطَالُ مَاضٍ وَ حَابِسُ (1).

قَالَ وَ خَرَجَ ذُو نُوَاسٍ بْنُ هِذْيَمِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيُّ وَ كَانَ مِمَّنْ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ اَلْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ فَاضْطَرَبَا بِسَيْفِهِمَا وَ انْتَمَيَا إِلَى عَشَائِرِهِمَا (2)فَعَرَفَ كُلُّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَتَتَارَكَا (3)ثُمَّ خَرَجَ مَالِكُ بْنُ يَسَارٍ الْحَضْرَمِيُّ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ اَلْجَوْنُ بْنُ مَالِكٍ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَتَلَ الشَّامِيُّ الْكُوفِيَّ وَ خَرَجَ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَلَمَّا عَرَفَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَقَتَلَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ فَمَا لَبِثَ أَنْ قَتَلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ هَذَا نَاراً فَصَادَفَتْ إِعْصَاراً فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالاً شَدِيداً يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَ اللَّهِ لَأَحْمِلَنَّ عَلَى مُعَاوِيَةَ حَتَّى أَقْتُلَهُ فَأَخَذَ فَرَساً فَرَكِبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى سَنَابِكِهِ دَفَعَهُ فَلَمْ يُنَهْنِهْهُ شَيْءٌ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِ مُعَاوِيَةَ وَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ خِبَاءً (4)فَنَزَلَ الرَّجُلُ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِنْ جَانِبِ الْخِبَاءِ الْآخَرِ وَ طَلَعَ».

ص: 270


1- الطبريّ:«كذلك و الأبطال ماص و خالس».و في معجم المرزباني:«كذلك و الأبطال ماض و جالس».
2- انتميا:ارتفعا في النسب.و في الأصل:«فانتهيا»تحريف.و الخبر لم يرد في في مظنه من ح و لا في الطبريّ.
3- أي ترك كل منهما صاحبه.و في الأصل:«تشاركا»تحريف.
4- ح:«فهرب معاوية و دخل خباء».

الرَّجُلُ فِي إِثْرِهِ فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَ هُوَ يَقُولُ (1)

أَقُولُ لَهَا وَ قَدْ طَارَتْ شُعَاعاً مِنَ الْأَبْطَالِ إِنَّكِ لَنْ تُرَاعِي

فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ خَلاَءَ يَوْمٍ عَلَى الْأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي.

فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ فَقَالَ وَيْحَكُمْ إِنَّ السُّيُوفَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهَا فِي هَذَا وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْكُمْ عَلَيْكُمْ بِالْحِجَارَةِ فَرَضَخُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى هَمَدَ الرَّجُلُ ثُمَّ عَادَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَجْلِسِهِ وَ هُوَ يَقُولُ هَذَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ (2):

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا

وَ إِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا..

حملة أبي أيوب على أهل الشام

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمٍّ لَهُ يُدْعَى أَبَا أَيُّوبَ قَالَ: حَمَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى صَفِّ أَهْلِ اَلشَّامِ ثُمَّ رَجَعَ فَوَافَقَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ صَادِراً قَدْ حَمَلَ عَلَى صَفِّ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ ثُمَّ رَجَعَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَنَفَحَهُ أَبُو أَيُّوبَ فَأَبَانَ عُنُقَهُ فَثَبَتَ رَأْسُهُ عَلَى جَسَدِهِ كَمَا هُوَ وَ كَذَبَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَهُ وَ أَرَابَهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ (3)وَقَعَ مَيِّتاً وَ نَدَرَ رَأْسُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَ اللَّهِ لَأَنَا مِنْ ثَبَاتِ رَأْسِ الرَّجُلِ أَشَدُّ تَعَجُّباً مِنِّي لِضَرْبَتِهِ وَ إِنْ كَانَ إِلَيْهَا يَنْتَهِيَ وَصْفُ الضَّارِبِ» (4)وَ غَدَا أَبُو أَيُّوبَ إِلَى الْقِتَالِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«أَنْتَ وَ اللَّهِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:

وَ عَلَّمَنَا الضَّرْبَ آبَاؤُنَا فَسَوْفَ نُعَلِّمُ أَيْضاً بَنِينَا.»

.

مبارزة رجل لأخيه

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ : وَ خَرَجَ رَجُلٌ يَسْأَلُ الْمُبَارَزَةَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَنَادَى

ص: 271


1- المعروف أن البيتين التاليين هما من أبيات لقطرى بن الفجاءة المتوفّى سنة 78 أو 79. انظر الحماسة(1:24)و ابن خلّكان(1:430).و قد كانت وفاة معاوية سنة 60.
2- هو حاتم الطائى،كما سبق في حواشى ص 246.
3- ح(1:491):«حتى إذا أدخلته فرسه في صف أهل الشام».
4- كذا.و في ح:(1:491):«وصف الواصفين».

مَنْ يُبَارِزُ؟ وَ هُوَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَاقْتَتَلاَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قِتَالاً شَدِيداً ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِيَّ اعْتَنَقَهُ فَوَقَعَا جَمِيعاً تَحْتَ قَوَائِمِ فَرَسَيْهِمَا فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ وَ كَشَفَ الْمِغْفَرَ عَنْهُ يُرِيدُ ذَبْحَهُ فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ فَإِذَا هُوَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ فَصَاحَ بِهِ أَصْحَابُ عَلِيٍّ :أَجْهِزْ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ:إِنَّهُ أَخِي قَالُوا:فَاتْرُكْهُ قَالَ:لاَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَأُخْبِرَ عَلِيٌّ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: 1«دَعْهُ» فَتَرَكَهُ فَقَامَ فَعَادَ إِلَى صَفِّ مُعَاوِيَةَ .

مبارزة علي عليه السلام مع حريث مولى معاوية

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (1)عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: كَانَ فَارِسَ مُعَاوِيَةَ الَّذِي يُعِدُّهُ لِكُلِّ مُبَارِزٍ وَ لِكُلِّ عَظِيمٍ حُرَيْثٌ مَوْلاَهُ وَ كَانَ يَلْبَسُ سِلاَحَ مُعَاوِيَةَ مُتَشَبِّهاً بِهِ فَإِذَا قَاتَلَ (2)قَالَ النَّاسُ:ذَاكَ مُعَاوِيَةُ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَاهُ فَقَالَ:يَا حُرَيْثُ اتَّقِ عَلِيّاً وَ ضَعْ رُمْحَكَ حَيْثُ شِئْتَ فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ:يَا حُرَيْثُ إِنَّكَ وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ قُرَشِيّاً (3)لَأَحَبَّ مُعَاوِيَةُ أَنْ تَقْتُلَ عَلِيّاً وَ لَكِنْ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ لَكَ حَظُّهَا فَإِنْ رَأَيْتَ فُرْصَةً فَأَقْحِمْ وَ خَرَجَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَمَامَ الْخَيْلِ وَ حَمَلَ عَلَيْهِ حُرَيْثٌ .

قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ قَالَ: نَادَى حُرَيْثٌ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ هَذَا الْيَوْمَ وَ كَانَ شَدِيداً ذَا بَأْسٍ فَقَالَ:يَا عَلِيُّ هَلْ لَكَ فِي الْمُبَارَزَةِ؟ فَأَقْدِمْ أَبَا حَسَنٍ إِذَا شِئْتَ فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ وَ هُوَ يَقُولُ:

1

«أَنَا عَلِيٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ نَحْنُ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْلَى بِالْكُتُبْ

مِنَّا النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى غَيْرُ كَذِبْ أَهْلُ اللِّوَاءِ وَ الْمَقَامِ وَ الْحُجُبْ

ص: 272


1- في الأصل:«عبد اللّه»تحريف.
2- في الأصل:«قابل»صوابه في ح.
3- في الأصل:«قريشا»صوابه في ح.

نَحْنُ نَصَرْنَاهُ عَلَى جُلِّ اَلْعَرَبْ (1) يَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الْغَرِيرُ الْمُنْتَدِبْ (2)

اثْبُتْ لَنَا يَا أَيُّهَا الْكَلْبُ الْكَلِبْ»

.

ثُمَّ خَالَطَهُ فَمَا أَمْهَلَهُ أَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ (3) .

قَالَ نَصْرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ :(4) إِنَّ مُعَاوِيَةَ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ عَاتَبَ عَمْراً قَالَ مُعَاوِيَةُ

حُرَيْثُ أَ لَمْ تَعْلَمْ وَ جَهْلُكَ ضَائِرٌ بِأَنَّ عَلِيّاً لِلْفَوَارِسِ قَاهِرُ

وَ أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يُبَارِزْهُ فَارِسٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ أَقْصَدَتْهُ الْأَظَافِرُ

أَمَرْتُكَ أَمْراً حَازِماً فَعَصَيْتَنِي فَجَدُّكَ إِذْ لَمْ تَقْبَلِ النُّصْحَ عَاثِرُ

وَ دَلاَّكَ عَمْرٌو وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ غُرُوراً وَ مَا جَرَّتْ عَلَيْكَ الْمَقَادِرُ

وَ ظَنَّ حُرَيْثٌ أَنَّ عَمْراً نَصِيحُهُ وَ قَدْ يُهْلِكُ الْإِنْسَانُ مَنْ لاَ يُحَاذِرُ

أَ يَرْكَبُ عَمْرٌو رَأْسَهُ خَوْفَ سَيْفِهِ وَ يُصْلِي حُرَيثاً إِنَّهُ لَفُرَافِرُ (5)

.

مصرع عمرو بن حصين السكسكي

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ قَالَ: فَلَمَّا قَتَلَ عَلِيٌّ حُرَيْثاً بَرَزَ عَمْرُو بْنُ حُصَيْنٍ السَّكْسَكِيُّ فَنَادَى:يَا أَبَا حَسَنٍ هَلُمَّ إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَأَنْشَأَ عَلِيٌّ يَقُولُ:

1

«مَا عِلَّتِي وَ أَنَا جَلْدٌ حَازِمٌ وَ عَنْ يَمِينِي مَذْحِجُ الْقَمَاقِمِ

وَ عَنْ يَسَارِي وَائِلُ الْخَضَارِمِ وَ الْقَلْبُ حَوْلِي مُضَرُ الْجَمَاجِمِ

وَ أَقْبَلَتْ هَمْدَانُ فِي الْخَضَارِمِ مَشْيَ الْجِمَالِ الْبُزَّلِ الْخَلاَجِمِ

ص: 273


1- ح(1:492):«كل العرب».
2- الغرير:المخدوع.و في الأصل:«العزيز»و هذا البيت و تاليه لم يرويا في ح.
3- في الأصل:«ثم ضربه على فقتله»و أثبت بدلها ما ورد في ح.
4- (4) في الأصل:«محمّد بن عبد اللّه الجرجانى»و الوجه ما أثبت.
5- الفرافر،بفاءين أولاهما مضمومة:الأخرق الأحمق.و في الأصل:«قراقر» بقافين،و وجهه ما أثبت.و هذا البيت لم يرد في ح.

أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَالِمِ لاَ أَنْثَنِي إِلاَّ بِرَغْمِ الرَّاغِمِ».

وَ حَمَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ لِيَضْرِبَهُ فَبَادَرَهُ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فَفَلَقَ صُلْبَهُ .

شعر لعلي في مدح همدان

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ:حَدَّثَنِي اَلسُّدِّيُّ عَنْ أَبِي أَرَاكَةَ أَنَّ عَلِيّاً قَالَ يَوْمَئِذٍ: 1

«دَعَوْتُ فَلَبَّانِي مِنَ الْقَوْمِ عُصْبَةٌ فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ غَيْرُ لِئَامِ

فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ لَبِسُوا بِعُزَّلٍ غَدَاةَ الْوَغَى مِنْ شَاكِرٍ وَ شِبَامِ (1)

بِكُلِّ رُدَيْنِيٍّ وَ عَضْبٍ تَخَالُهُ إِذَا اخْتَلَفَ الْأَقْوَامُ شَعْلَ ضِرَامٍ (2)

لِهَمْدَانَ أَخْلاَقٌ وَ دِينٌ يَزِينُهُمْ وَ بَأْسٌ إِذَا لاَقُوا وَ حَدُّ خِصَامٍ (3)»

قَالَ قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ :

1

«وَ جَدٌّ وَ صِدْقٌ فِي الْحُرُوبِ وَ نَجْدَةٌ وَ قَوْلٌ إِذَا قَالُوا بِغَيْرِ أَثَامِ

مَتَى تَأْتِهِمْ فِي دَارِهِمْ تَسْتَضِيفُهُمْ تَبِتْ نَاعِماً فِي خِدْمَةِ وَ طَعَامٍ

جَزَى اللَّهُ هَمْدَانَ اَلْجِنَانَ فَإِنَّهَا سِمَامُ الْعِدَى فِي كُلِّ يَوْمِ زِحَامِ (4)

فَلَوْ كُنْتُ بَوَّاباً عَلَى بَابِ جَنَّةٍ لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلِي بِسَلاَمِ

.

طلب علي عليه السلام من معاوية أن يبارزه

نَصْرٌ قَالَ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ثُمَّ نَادَى:

1«يَا مُعَاوِيَةُ » يُكَرِّرُهَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :اِسْأَلُوهُ مَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: 1«أُحِبُّ أَنْ يَظْهَرَ لِي فَأُكَلِّمَهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً» فَبَرَزَ مُعَاوِيَةُ وَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَلَمَّا قَارَبَاهُ

ص: 274


1- بنو شاكر و شبام:بطنان من همدان.انظر الاشتقاق 257،250.و شبام، بكسر الشين،و أصل معناه الخشبة تعرض في فم الجدى لئلا يرتضع؛و شباما البرقع:الخيطان اللذان يشدان في القفا.
2- في الأصل:«و كل»و الوجه ما أثبت من ح(1:492).
3- الحد،بفتح الحاء:الحدة.و في الأصل:«وجد»و وجهه في ح.
4- السمام.جمع سم:فى الأصل.«يوم سمام»صوابه في ج.

لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى عَمْرٍو وَ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ : 1«وَيْحَكَ عَلاَمَ يَقْتَتِلُ النَّاسُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ابْرُزْ إِلَيَّ فَأَيُّنَا قَتَلَ صَاحِبَهُ فَالْأَمْرُ لَهُ فَالْتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ:مَا تَرَى يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا هَاهُنَا أُبَارِزُهُ؟ فَقَالَ عَمْرٌو :لَقَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ نَكَلْتَ عَنْهُ لَمْ تَزَلْ (1)سُبَّةً عَلَيْكَ وَ عَلَى عَقِبِكَ مَا بَقِيَ عَرَبِيٍّ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :يَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَيْسَ مِثْلِي يُخْدَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اللَّهِ مَا بَارَزَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ رَجُلاً قَطُّ إِلاَّ سَقَى الْأَرْضَ مِنْ دَمِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعاً حَتَّى انْتَهَى إِلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَ عَمْرٌو مَعَهُ فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَلِكَ ضَحِكَ وَ عَادَ إِلَى مَوْقِفِهِ.

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ وَيْحَكَ يَا عَمْرُو مَا أَحْمَقَكَ؟ أَ تَرَانِي أَبْرُزُ إِلَيْهِ وَ دُونِي عُكٌّ وَ اَلْأَشْعَرُونَ وَ جُذَامُ !؟ قَالَ وَ حَقَدَهَا مُعَاوِيَةُ عَلَى عَمْرٍو بَاطِناً وَ قَالَ لَهُ ظَاهِراً مَا أَظُنُّكَ قُلْتَ مَا قُلْتَهُ يَا عَمْرُو (2)إِلاَّ مَازِحاً.

فَلَمَّا جَلَسَ مُعَاوِيَةُ مَجْلِسَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ أَقْبَلَ عَمْرٌو يَمْشِي حَتَّى جَلَسَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :

يَا عَمْرُو إِنَّكَ قَدْ قَشَرْتَ لِي الْعَصَا بِرِضَاكَ فِي وَسَطِ الْعَجَاجِ بِرَازِي

يَا عَمْرُو إِنَّكَ قَدْ أَشَرْتَ بِظِنَّةٍ إِنَّ الْمُبَارِزَ كَالْجُدَيِّ النَّازِي

مَا لِلْمُلُوكِ وَ لِلْبِرَازِ وَ إِنَّمَا حَتْفُ الْمُبَارِزِ خَطْفَةٌ لِلْبَازِي (3)

وَ لَقَدْ أَعَدْتَ فَقُلْتَ مَزْحَةَ مَازِحٍ وَ الْمَزْحُ يَحْمِلُهُ مَقَالُ الْهَازِي

فَإِذَا الَّذِي مَنَّتْكَ نَفْسُكَ خَالِياً قَتْلِي جَزَاكَ بِمَا نَوَيْتَ الْجَازِي

فَلَقَدْ كَشَفْتَ قِنَاعَهَا مَذْمُومَةً وَ لَقَدْ لَبِسْتَ بِهَا ثِيَابَ الْخَازِي (4).).

ص: 275


1- ح:«لم يزل»بالياء.
2- ح:«أبا عبد اللّه».
3- في الأصل:«حسب المبارز حفظه من بازى»و أثبت ما كتب في هامش الأصل مشارا إليه بأنّه كذلك في نسخة أخرى.و قد لفق من عجز هذا البيت و صدر سابقة بيت واحد في ح فأسقط صدر هذا و عجز سابقه.
4- في الأصل:«لبست بنا»صوابه في ح(1:493).

فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :إِيهاً أَيُّهَا الرَّجُلُ أَ تَجْبُنُ عَنْ خَصْمِكَ وَ تَتَّهِمُ نَصِيحَكَ؟! وَ قَالَ مُجِيباً لَهُ:

مُعَاوِيَّ إِنْ نَكَلْتَ عَنِ الْبِرَازِ لَكَ الْوَيْلاَتُ فَانْظُرْ فِي الْمَخَازِي (1)

مُعَاوِيَّ مَا اجْتَرَمْتُ إِلَيْكَ ذَنْباً وَ مَا أَنَا فِي الَّتِي حَدَّثَتْ بِخَازِي (2)

وَ مَا ذَنْبِي بِأَنْ نَادَى عَلِيٌّ وَ كَبْشُ الْقَوْمِ يُدْعَى لِلْبِرَازِ

فَلَوْ بَارَزْتَهُ بَارَزْتَ لَيْثاً حَدِيدَ النَّابِ يَخْطِفُ كُلَّ بَازِي (3)

وَ يَزْعُمُ أَنَّنِي أَضْمَرْتُ غِشّاً جَزَانِي بِالَّذِي أَضْمَرْتُ جَازِي

أَ ضَبْعٌ فِي الْعَجَاجَةِ يَا اِبْنَ هِنْدٍ وَ عِنْدَ الْبَاهِ كَالتَّيْسِ الْحِجَازِي.

طائفة من المبارزات

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ يَدْعُو إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحْرِزٍ (4)الْكِنْدِيُّ ثُمَّ اَلطُّمَحِيُّ (5)فَتَجَاوَلاَ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَمَلَ عَلَى الشَّامِيِّ فَطَعَنَهُ فِي نُقْرَةِ نَحْرِهِ (6)فَصَرَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ فَسَلَبَهُ دِرْعَهُ وَ سِلاَحَهُ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ أَسْوَدُ (7)فَقَالَ:يَا لَلَّهِ لَقَدْ أَخْطَرْتُ نَفْسِي لِعَبْدٍ أَسْوَدَ قَالَ:وَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ عُكٍّ لِيَسْأَلَ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ قَيْسُ بْنُ فَهْدَانَ الْكِنَانِيُّ ثُمَّ

ص: 276


1- ح:«و خفت فإنها أم المخازى».
2- في الأصل:«بخاذى»تحريف،و في ح:«خازى»مع قراءة«حدثت» بتشديد الدال.
3- في الأصل:«ينفد كل بازى»و أثبت ما في ح.
4- في الأصل:«بن نجم»صوابه في ح و الطبريّ(6:16).
5- هذه الكلمة ساقطة من ح،و في الطبريّ:«الطحمى»بتقديم الحاء،تحريف. و الطمحى:نسبة إلى«طمح»،و ضبطت في القاموس ضبط نص بالتحريك،و في اللسان ضبط قلم بفتحتين أيضا.و في الاشتقاق 218،317 بضم الضاء و فتح الميم.و هي بطن من بطون كندة.
6- الطبريّ:«ثغرة نحره»و ما أثبت من الأصل يطابق ما في ح.و الثغرة،بالضم: نقرة النحر.
7- الطبريّ«فإذا هو حبشى».

اَلْبَدني(1) فَمَا لَبِثَ الْعُكِّيُّ أَنْ طَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ قَيْسٌ :

لَقَدْ عَلِمَتْ عُكٌّ بِصِفِّينَ إِنَّنَا إِذَا مَا نُلاَقِي الْخَيْلَ نَطْعَنُهَا شَزْراً

وَ نَحْمِلُ رَايَاتِ الْقِتَالِ بِحَقِّهَا فَنُورِدُهَا بِيضاً وَ نُصْدِرُهَا حُمْراً (2).

وَ حَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْبُكَائِيُّ (3)عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَلَمَّا انْصَرَفَ حَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ نَهْدٍ (4)الْحَنْظَلِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ وَ هُوَ مِمَّنْ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَوَضَعَ الرُّمْحَ بَيْنَ كَتِفَيْ عَبْدِ اللَّهِ فَاعْتَرَضَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْبُكَائِيُّ ابْنُ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَوَضَعَ الرُّمْحَ بَيْنَ كَتِفَيِ التَّمِيمِيِّ وَ قَالَ:وَ اللَّهِ لَئِنْ طَعَنْتَهُ لَأَطْعَنَنَّكَ قَالَ:عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ رَفَعْتَ السِّنَانَ عَنْ ظَهْرِ صَاحِبِكَ لَتَرْفَعَنَّهُ عَنِّي قَالَ:نَعَمْ لَكَ الْعَهْدُ وَ الْمِيثَاقُ بِذَلِكَ فَرَفَعَ السِّنَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طُفَيْلٍ وَ رَفَعَ يَزِيدُ الرُّمْحَ عَنِ التَّمِيمِيِّ فَوَقَفَ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ لِيَزِيدَ :مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ:أَحَدُ بَنِي عَامِرٍ قَالَ:جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكُمْ أَيْنَمَا لَقِينَاكُمْ وَجَدْنَاكُمْ كِرَاماً وَ اللَّهِ إِنِّي لَآخِرُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَتَلْتُمُوهُمْ (5)الْيَوْمَ فَلَمَّا تَرَاجَعَ النَّاسُ عَنْ صِفِّينَ عَتَبَ يَزِيدُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ فِي بَعْضِ مَا يَعْتِبُ الرَّجُلُ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ فَقَالَ:

أَ لَمْ تَرَنِي حَامَيْتُ عَنْكَ مُنَاصِحاً بِصِفِّينَ إِذْ خَلاَّكَ كُلُّ حَمِيمٍ

وَ نَهْنَهْتُ عَنْكَ الْحَنْظَلِيَّ وَ قَدْ أَتَى عَلَى سَابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ وَ هَزِيمٍ.

ثُمَّ خَرَجَ اِبْنُ مُقَيِّدَةِ الْحِمَارِ الْأَسَدِيُّ وَ كَانَ ذَا بَأْسٍ وَ شَجَاعَةٍ وَ هُوَ مَعَّ.

ص: 277


1- في الأصل:«بن فهد بن الكندي»و أثبت ما في الطبريّ.و في ح:«قيس ابن فهران».
2- في الأصل:«و نوردها»و أثبت ما في ح و الطبريّ.
3- سبقت ترجمته في ص 206.ح:«البكالى»تحريف.
4- ح:«بن فهد»بالفاء،و في الطبريّ(6:16):«بن قرة».
5- في الأصل:«قتلتموه»و أثبت ما في ح و الطبريّ.

أَهْلِ اَلشَّامِ وَ كَانَ فِي النَّاسِ رِدْفَ بِشْرِ بْنِ عِصْمَةَ وَ هُوَ الثَّانِي فِي النَّاسِ فَنَادَى:أَ لاَ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ فَقَامَ اَلْمُقَطَّعُ الْعَامِرِيُّ وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«اُقْعُدْ إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ وَ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ رَهْطِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ 1مَا كُنْتُ لِأُقَدِّمَكَ» فَجَلَسَ.ثُمَّ إِنَّهُ نَادَى اِبْنُ مُقَيِّدَةِ الْحِمَارِ :أَ لاَ مِنْ مُبَارِزٍ؟ الثَّانِيَةَ فَقَامَ اَلْمُقَطَّعُ فَأَجْلَسَهُ عَلِيٌّ أَيْضاً ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ:أَ لاَ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَقَامَ اَلْمُقَطَّعُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ لاَ تَرُدَّنِي إِمَّا أَنْ يَقْتُلَنِي فَأَتَعَجَّلَ اَلْجَنَّةَ وَ أَسْتَرِيحَ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْكِبَرِ وَ الْهَرَمِ أَوْ أَقْتُلَهُ فَأُرِيحَكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«مَا اسْمُكَ؟» قَالَ:أَنَا اَلْمُقَطَّعُ قَدْ كُنْتُ أُدْعَى هَشِيماً فَأَصَابَتْنِي جِرَاحَةٌ فَسُمِّيَتُ مُقَطَّعاً مِنْهَا فَقَالَ لَهُ: 1«اُخْرُجْ إِلَيْهِ وَ أَقْدِمْ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ انْصُرْهُ» فَحَمَلَ عَلَيْهِ اَلْمُقَطَّعُ فَأَجْهَشَ اِبْنَ مُقَيِّدَةِ الْحِمَارِ وَ كَانَ زَكِيّاً مُجَرَّباً فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً خَيْراً مِنْ الْهَرَبِ فَهَرَبَ حَتَّى مَرَّ بِمِضْرَبِ مُعَاوِيَةَ (1)وَ اَلْمُقَطَّعُ عَلَى أَثَرِهِ فَجَازَ مُعَاوِيَةَ فَنَادَاهُ مُعَاوِيَةُ :لَقَدْ شَمَصَ بِكَ الْعِرَاقِيُّ (2)قَالَ:لَقَدْ فَعَلَ! ثُمَّ رَجَعَ اَلْمُقَطَّعُ حَتَّى وَقَفَ فِي مَوْقِفِهِ فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْجَمَاعَةِ وَ بَايَعَ النَّاسُ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ عَنِ اَلْمُقَطَّعِ الْعَامِرِيِّ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ:أَوَّهْ لَوْ لاَ (3)أَنَّكَ فِي هَذَا الْحَالِ مَا أَفْلَتَّنِي قَالَ:نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَتَلْتَنِي وَ أَرَحْتَنِي (4)مِنْ بُؤْسِ الْحَيَاةِ وَ أَدْنَيْتَنِي إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ قَالَ:إِنِّي لاَ أَقْتُلُكَ وَ إِنَّ لِي إِلَيْكَ لَحَاجَةً قَالَ:فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ:جِئْتُ لِأُوَاخِيَكَ قَالَ:إِنَّا وَ إِيَّاكُمْ قَدِ افْتَرَقْنَا فِي اللَّهِ أَمَّا أَنَا فَأَكُونُ عَلَى حَالِي حَتَّى يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا فِي الْآخِرَةِ.ح.

ص: 278


1- المضرب،بكسر الميم:الفسطاط العظيم.
2- في الأصل:«شخص»و أثبت ما في ح.الشمص:الإعجال؛و التشميص:السوق و الطرد العنيف.
3- في الأصل:«لو علمت»و الوجه ما أثبت من ح.
4- في الأصل:«إلا قتلت و أرحت»و أثبت ما في ح.

قَالَ:فَزَوِّجْنِي ابْنَتَكَ قَالَ:قَدْ مَنَعْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ:فَاقْبَلْ مِنِّي صِلَةً قَالَ:فَلاَ حَاجَةَ لِي فِي مَا قِبَلَكَ فَتَرَكَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئاً قَالَ:

فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالاً شَدِيداً فَعَبَّتْ لِطَيْئٍ جُمُوعُ أَهْلِ اَلشَّامِ فَجَاءَهُمْ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ [الْهَمْدَانِيُّ] (1)فَقَالَ:مَنْ أَنْتُمْ لِلَّهِ أَبُوكُمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ (2)نَحْنُ طَيُّ السَّهْلِ وَ طَيُّ الْجَبَلِ وَ طَيُّ الْجَبَلِ الْمَمْنُوعِ بِالنَّحْلِ (3)وَ نَحْنُ حُمَاةُ الْجَبَلَيْنِ مَا بَيْنَ اَلْعُذَيْبِ إِلَى اَلْعَيْنِ طَيُّ الرِّمَاحِ وَ طَيُّ الْبِطَاحِ وَ فُرْسَانُ الصَّبَاحِ فَقَالَ لَهُ:بَخْ بَخْ مَا أَحْسَنَ ثَنَاءَكَ عَلَى قَوْمِكَ فَقَالَ

إِنْ كُنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِنَجْدَةِ مَعْشَرٍ فَاقْدَمْ عَلَيْنَا وَيْلَ غَيْرِكَ تَشْعُرُ (4).

ثُمَّ اقْتَتَلُوا وَ أَنْشَأَ يَقُولُ

يَا طَيُّ فِدًى لَكُمْ طَارِفِي وَ تِلاَدِي قَاتِلُوا عَلَى

الدِّينِ وَ الْأَحْسَابِ

ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا طَيِّئَ الْجِبَالِ وَ السَّهْلِ مَعاً إِنَّا إِذَا دَاعٍ دَعَا مُضْطَجِعاً

نَدِبُّ بِالسَّيْفِ دَبِيباً أَرْوَعَا فَنُنْزِلُ الْمُسْتَلْئِمَ الْمُقَنَّعَا (5)

وَ نَقْتُلُ الْمُنَازِلَ السَّمَيْدَعَا.

وَ قَالَ بِشْرُ بْنُ الْعَشُوشِ الطَّائِيُّ [ثُمَّ اَلْمِلْقَطِيُّ ] (6):

يَا طَيِّئَ السُّهُولِ وَ الْجِبَالِ أَلاَ انْهَضُوا بِالْبِيْضِ وَ الْعَوَالِين.

ص: 279


1- هذه من الطبريّ(6:17).
2- في الطبريّ:«البولانى»،و بولان:إحدى قبائل طيئ.
3- كذا.و في الطبريّ:«الممنوع ذى النخل».
4- البيت لم يرو في ح.و في الطبريّ:«و يب غيرك».
5- في الأصل:«فنترك».و قد روى الرجز في الطبريّ على الوجه التالى: أنا الذي كنت إذا الداعي دعا مصمما بالسيف ندبا أروعا فأنزل المستلئم المقنعا و أقتل المبالط السميدعا.
6- التكملة من الطبريّ.و فيه:«بن العسوس»بمهملتين.

وَ بِالْكُمَاةِ مِنْكُمُ الْأَبْطَالِ فَقَارِعُوا أَئِمَّةَ الضَّلاَلِ

السَّالِكِينَ سُبُلَ الْجُهَّالِ.

قَالَ:فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَقَالَ:

أَلاَ يَا لَيْتَ عَيْنِي هَذِهِ مِثْلُ هَذِهِ وَ لَمْ أَمْشِ بَيْنَ النَّاسِ إِلاَّ بِقَائِدٍ

وَ يَا لَيْتَ رِجْلِي ثَمَّ طُنَّتْ بِنِصْفِهَا (1) وَ يَا لَيْتَ كَفِّى ثَمَّ طَاحَتْ بِسَاعِدِي

وَ يَا لَيْتَنِي لَمْ أَبْقَ بَعْدَ مُطَرِّفٍ وَ سَعْدٍ وَ بَعْدَ اَلْمُسْتَنِيرِ بْنِ خَالِدٍ

فَوَارِسُ لَمْ تُغْذِ الْحَوَاضِنُ مِثْلَهُمْ إِذَا هِيَ أَبْدَتْ مِنْ خِدَامِ الْخَرَائِدِ (2)

.

آخر الجزء الرابع من أجزاء ابن الطيوري يتلوه في الخامس نصر بن مزاحم عن عمر عن فضيل بن خديج أن قيس بن فهدان كان يحرض أصحابه و يقول إذا شددتم فشدوا جميعا و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله و سلم تسليما كثيرا.

وجدت في الجزء السادس من أجزاء عبد الوهاب بخطه سمع جميعه على الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الأجل السيد الأوحد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني و ابناه القاضيان أبو عبد الله محمدء.

ص: 280


1- طنت:قطعت و سقطت فكان لذلك صوت.و في الأصل:«طلت»صوابه في الطبريّ.
2- الحواضن:الأمهات.و في الأصل:«لم تعر الحواضر»صوابه من الطبريّ. هى:أى الحرب،و في الطبريّ:«إذا الحرب».و الخدام:السيقان،واحدتها خدمة. و مثله قوله: تذهل الشيخ عن بنيه و تبدى عن خدام العقيلة العذراء.

و أبو الحسين أحمد و أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي و الشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني و أبو منصور محمد بن محمد بن قرمي بقراء عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي في شعبان من سنة أربع و تسعين و أربعمائة

ص: 281

ص: 282

الجزء الخامس

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 283

ص: 284

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

خطبة قيس بن فهدان و مقاتل بعض الرجال

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَرِيرِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هَمَّامٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامِ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ : أَنَّ قَيْسَ بْنَ فَهْدَانَ كَانَ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ وَ يَقُولُ:

إِذَا شَدَدْتُمْ فَشُدُّوا جَمِيعاً وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ أَقِلُّوا الْكَلاَمَ وَ اللَّغَطَ وَ اعْتَوِرُوا الْأَقْرَانَ (1)وَ لاَ تُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكُمْ اَلْعَرَبُ .

وَ قُتِلَ نَهِيكُ بْنُ عَزِيزٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ وَ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ مِنْ بَنِي ذُهْلٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُمَرَ (2)مِنْ بَنِي بَدَا وَ خَرَجَ قَيْسُ بْنُ يَزِيدَ (3)الْكِنْدِيُّ وَ هُوَ مِمَّنْ فَرَّ إِلَى مُعَاوِيَةَ مِنْ عَلِيٍّ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ [قَيْسُ بْنُ

ص: 285


1- في الأصل:«و أغنوا الأقران»صوابه في الطبريّ(6:17).و هذا الكلام لم يرد في مظنه من ح.
2- الطبريّ:«و سعيد بن عمرو»و لم ينسبه إلى قبيلته.
3- في الأصل:«زيد»صوابه من الطبريّ.

عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ] (1)بْنِ يَزِيدَ أَبُو الْعَمَرَّطَةِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عَرَفَهُ فَانْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ التَّيْمِيِّ قَالَ: أَشْيَاخٌ مِنْ مُحَارِبٍ : إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَنْتَرُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ (2)وَ كَانَ مِنْ أَشْجَعِ النَّاسِ يَوْمَ صِفِّينَ فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَهُ مُنْهَزِمِينَ أَخَذَ يُنَادِي يَا مَعْشَرَ قَيْسٍ أَ طَاعَةُ اَلشَّيْطَانِ آثَرُ عِنْدَكُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ الْفِرَارَ فِيهِ مَعْصِيَةُ اللَّهِ وَ سَخَطُهُ وَ الصَّبْرُ فِيهِ طَاعَةُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ أَ فَتَخْتَارُونَ سَخَطَ اللَّهِ عَلَى رِضْوَانِهِ وَ مَعْصِيَتَهُ عَلَى طَاعَتِهِ فَإِنَّمَا الرَّاحَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ مَاتَ مُحْتَسِباً لِنَفْسِهِ وَ قَالَ (3)

لاَ وَأَلَتْ نَفْسُ امْرِئٍ وَلَّتْ دُبُرْ (4)أَنَا الَّذِي لاَ أَنْثَنِي وَ لاَ أَفِرُّ

وَ لاَ يُرَى مَعَ الْمَعَازِيلِ الْغُدُرِ (5).

فَقَاتَلَ حَتَّى ارْتُثَّ ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ فِي الْخَمْسِمِائَةِ (6)الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ فَرْوَةَ (7)بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ فَنَزَلُوا بِالدِّسَكْرَةِ وَ اَلْبَنْدَنِيجِينِ (8)ثُمَّ إِنَّ اَلنَّخَعَ قَاتَلَتْ قِتَالاً شَدِيداً فَأُصِيبَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ بَكْرُ بْنُ هَوْذَةَ وَ حَنَانُد.

ص: 286


1- تكملة يصحّ بها الكلام.انظر ما سبق ص 268.و في الطبريّ.«أبو العمرطة بن يزيد».
2- الطبريّ:«خنثر بن عبيدة بن خالد».
3- وردت هذه الكلمة بعد البيت الأول من الرجز التالى.و موضعها هنا.
4- وألت:نجت.و في الأصل:«و أبت»صوابه في ح و الطبريّ.
5- المعازيل:جمع معزال،و هو الذي لا سلاح معه.
6- في الأصل:«خمسمائة»صوابه في الطبريّ.
7- في الأصل:«فرفة»تحريف،صوابه في الطبريّ.و في تقريب التهذيب: «فروة بن نوفل الأشجعى،مختلف في صحبته،و الصواب أن الصحبة لأبيه».و انظر الإصابة 7033.و لم يرد ذكره في معجم المرزبانى المطبوع،مع نص الإصابة على أن المرزبانى ذكره في المعجم.
8- البندنيجين:بلدة في طرف النهروان من ناحية الجبل من أعمال بغداد.

بْنُ هَوْذَةَ(1) وَ شُعَيْبُ بْنُ نُعَيْمٍ مِنْ بَنِي بَكْرِ النَّخَعِ وَ رَبِيعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ وُهَبْيِلٍ (2)وَ أُبَيُّ بْنُ قَيْسٍ أَخُو عَلْقَمَةَ [بْنِ قَيْسٍ الْفَقِيهِ] (3)وَ قُطِعَتْ رِجْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ فَكَانَ يَقُولُ:مَا أُحِبُّ أَنَّ رِجْلِي أَصَحُّ مَا كَانَتْ لِمَا أَرْجُو بِهَا مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ مِنْ رَبِّي وَ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَبْصُرَ فِي نَوْمِي أَخِي وَ بَعْضَ إِخْوَانِي فَرَأَيْتُ أَخِي فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَخِي مَا ذَا قَدَّمْتُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَ الْقَوْمُ فَاحْتَجَجْنَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَحَجَجْنَاهُمْ فَمَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ مُذْ عَقَلْتُ كَسُرُورِي بِتِلْكَ الرُّؤْيَا.

استبراء خالد بن المعمر

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَبَّةٍ النَّضْرِيِّ (4)عَنِ اَلْحُضَيْنِ (5)بْنِ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: إِنَّ نَاساً كَانُوا أَتَوْا عَلِيّاً قَبْلَ الْوَقْعَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَالُوا:إِنَّا لاَ نَرَى خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ السَّدُوسِيَّ إِلاَّ قَدْ كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ خَشِينَا أَنْ يُتَابِعَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ وَ إِلَى رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَحَمِدَ اللَّهَ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

1«أَمَّا بَعْدُ يَا مَعْشَرَ رَبِيعَةَ فَأَنْتُمْ أَنْصَارِي وَ مُجِيبُو دَعْوَتِي وَ مِنْ أَوْثَقِ حَيٍّ فِي اَلْعَرَبِ فِي نَفْسِي وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَاتَبَ صَاحِبَكُمْ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ وَ قَدْ أُتِيْتُ (6)بِهِ وَ قَدْ جَمَعْتُكُمْ لَهُ لِأُشْهِدَكُمْ عَلَيْهِ وَ تَسْمَعُوا أَيْضاً مِنِّي وَ مِنْهُ» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: 1«يَا خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ إِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً فَإِنِّي

ص: 287


1- الطبريّ:«حيان بن هوذة».
2- في الأصل:«و سعير بن نعيم من بنى بكر بن ربيعة و مالك بن نهشل».و أثبت ما في الطبريّ(6:18).
3- هذه التكملة من الطبريّ.
4- ح(1:45):«بن حبة البصرى»الطبريّ:«بن حبة الأسدى».
5- هو الحضين بن المنذر بن الحارث بن و علة الرقاشى،فارس شاعر من كبار التابعين مات على رأس المائة.انظر المؤتلف 87 و تهذيب التهذيب و الخزانة(2:89-90). و حضين،بالضاد المعجمة و بهيئة التصغير.و في الأصل و ح:«الحصين»صوابه في الطبريّ.
6- في الأصل:«أوتيت به»صوابه في ح و الطبريّ.

أُشْهِدُ اللَّهَ وَ مَنْ حَضَرَنِي مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَنَّكَ آمِنٌ حَتَّى تَلْحَقَ بِالْعِرَاقِ أَوْ بِالْحِجَازِ أَوْ أَرْضٍ لاَ سُلْطَانَ لِمُعَاوِيَةَ فِيهَا وَ إِنْ كُنْتَ مَكْذُوباً عَلَيْكَ فَأَبِرَّ صُدُورَنَا بِأَيْمَانٍ نَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا» .

فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ مَا فَعَلَ وَ قَالَ رِجَالٌ مِنَّا كَثِيرٌ وَ اللَّهِ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّهُ فَعَلَ لَقَتَلْنَاهُ.

وَ قَالَ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ [السَّدُوسِيُّ] (1)مَا وَفَّقَ اللَّهُ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ حِينَ نَصَرَ مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلَ اَلشَّامِ عَلَى عَلِيٍّ وَ رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُ زِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ :يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَوْثِقْ مِنِ اِبْنِ الْمُعَمَّرِ بِالْأَيْمَانِ لاَ يَغْدِرْ فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ انْهَزَمَ النَّاسُ مِنَ الْمَيْمَنَةِ فَجَاءَنَا عَلِيٌّ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا وَ مَعَهُ بَنُوهُ فَنَادَى بِصَوْتٍ عَالٍ جَهِيرٍ كَغَيْرِ الْمُكْتَرِثِ لِمَا فِيهِ النَّاسُ:وَ قَالَ: 1«لِمَنْ هَذِهِ الرَّايَاتُ؟» قُلْنَا:رَايَاتُ رَبِيعَةَ قَالَ: 1«بَلْ هِيَ رَايَاتُ اللَّهِ عَصَمَ اللَّهُ أَهْلَهَا وَ صَبَّرَهُمْ وَ ثَبَّتَ أَقْدَامَهُمْ» ثُمَّ قَالَ لِي:وَ أَنَا حَامِلُ رَايَةِ رَبِيعَةَ يَوْمَئِذٍ 1«يَا فَتَى أَ لاَ تُدْنِي رَايَتَكَ هَذِهِ ذِرَاعاً؟» فَقُلْتُ لَهُ:نَعَمْ وَ اللَّهِ وَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ (2)ثُمَّ مِلْتُ (3)بِهَا هَكَذَا فَأَدْنَيْتُهَا فَقَالَ لِي: 1«حَسْبُكَ مَكَانَكَ» .

نَصْرٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:حَدَّثَنِي اَلْمُثَنَّى بْنُ صَالِحٍ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مِطْرَفٍ أَبِي الْأَشْعَثِ الْعِجْلِيِّ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ قَالَ: لَمَّا نُصِبَتِ الرَّايَاتُ اعْتَرَضَ عَلِيٌّ الرَّايَاتِ ثُمَّ انْتَهَى إِلَى رَايَاتِ رَبِيعَةَ فَقَالَ:

«لِمَنْ هَذِهِ الرَّايَاتُ؟» فَقُلْتُ:رَايَاتُ رَبِيعَةَ قَالَ: «بَلْ هِيَ رَايَاتُ اللَّهِ» .).

ص: 288


1- هذه التكملة من الطبريّ.
2- كذا في الأصل و ح.و هي صحيحة؛فإن الذراع قد يذكر.و في الطبريّ: «عشر أذرع».
3- في الأصل:«فقلبت»و أثبت ما في ح(1:495).

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: أَقْبَلَ اَلْحُضَيْنُ (1)بْنُ الْمُنْذِرِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ يَزْحُفُ بِرَايَتِهِ قَالَ اَلسُّدِّيُّ :وَ كَانَتْ حَمْرَاءَ فَأَعْجَبَ عَلِيّاً زَحْفُهُ وَ ثَبَاتُهُ فَقَالَ:

«لِمَنْ رَايَةٌ حَمْرَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّهَا إِذَا قِيلَ قَدِّمْهَا حُضَيْنُ تَقَدَّمَا (2)

وَ يَدْنُو بِهَا فِي الصَّفِّ حَتَّى يُدِيرَهَا حِمَامُ الْمَنَايَا تَقْطُرُ الْمَوْتِ وَ الدَّمَا (3)

تَرَاهُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمَ عَظِيمَةٍ أَبَى فِيهِ إِلاَّ عِزَّةً وَ تَكَرُّماً

جَزَى اللَّهُ قَوْماً صَابَرُوا فِي لِقَائِهِمْ لَدَى الْبَأْسِ حُرّاً مَا أَعَفَّ وَ أَكْرَمَا (4)

وَ أَحْزَمَ صَبْراً حِينَ تُدْعَى إِلَى الْوَغَى إِذَا كَانَ أَصْوَاتُ الْكُمَاةِ تَغَمْغَمَا

رَبِيعَةَ أَعْنِي أَنَّهُمْ أَهْلُ نَجْدَةٍ وَ بَأْسٍ إِذَا لاَقُوا خَمِيساً عَرَمْرَماَ

وَ قَدْ صَبَرَتْ عُكٌّ وَ لَخْمٌ وَ حِمْيَرٌ لِمَذْحِجَ حَتَّى لَمْ يُفَارِقْ دَمٌ دَماً

وَ نَادَتْ جُذَامٌ يَا لَمَذْحِجَ وَيْلَكُمْ جَزَى اللَّهُ شَرّاً أَيُّنَا كَانَ أَظْلَمَا

أَ مَا تَتَّقُونَ اللَّهَ فِي حُرُمَاتِكُمْ وَ مَا قَرَّبَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا وَ عَظَّمَا

أَذَقْنَا اِبْنَ حَرْبٍ طَعْنَنَا وَ ضِرَابَنَا بِأَسْيَافِنَا حَتَّى تَوَلَّى وَ أَحْجَمَا

وَ فَرَّ يُنَادِي اَلزِّبْرِقَانَ وَ ظَالِماً وَ نَادَى كَلاَعاً وَ اَلْكُرَيْبَ وَ أَنْعَمَا (5)

وَ عَمْراً وَ سُفْيَاناً وَ جَهْماً وَ مَالِكاً وَ حَوْشَبَ وَ الْغَاوِي شُرَيْحاً وَ أَظْلَمَا).

ص: 289


1- في الأصل:«الحصين»صوابه بالضاد المعجمة.انظر ما سبق ص 287.
2- في الأصل و ح:«حصين»صوابه بالضاد المعجمة كما في الطبريّ(6:20).
3- و هي أيضا رواية ح.و في الطبريّ: «حتى يزيرها حياض المنايا».
4- الحر:الفعل الحسن الجميل.و جاء في قول طرفة: لا يكن حبك داء داخلا ليس هذا منك ماوى بحر و رواية الطبريّ:«لدى الموت قوما».
5- في الأصل:«و حتّى ينادى زبرقان بن أظلم»،و أثبت ما في ح(1:496).

وَ كُرْزَ بْنَ نَبْهَانَ وَ عَمْرَو بْنَ جَحْدَرِ وَ صَبَّاحاً الْقَيْنِيَّ يَدْعُو وَ أَسْلَمَا (1)

.

راية ربيعة و كيفية قتالهم

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي اَلصَّلْتُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ التَّيْمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَشْيَاخَ الْحَيِّ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ (2)يَقُولُونَ: كَانَتْ رَايَةُ رَبِيعَةَ كُوفِيَّتُهَا وَ بَصْرِيَّتُهَا (3)مَعَ خَالِدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ مِنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ قَالَ:

وَ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ:إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ (4)وَ سَعِيدَ بْنَ ثَوْرٍ (5)السَّدُوسِيَّ اصْطَلَحَا أَنْ يُوَلِّيَا رَايَةَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ اَلْحُضَيْنَ (6)بْنَ الْمُنْذِرَ قَالُوا:وَ تَنَافَسَا فِي الرَّايَةِ قَالاَ:هَذَا فَتًى لَهُ حَسَبٌ وَ نَجْعَلُهَا لَهُ حَتَّى نَرَى مِنْ رَأْيِنَا ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَعْطَى الرَّايَةَ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ رَايَةَ رَبِيعَةَ كُلِّهَا.

قَالَ وَ ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ لِحِمْيَرٍ بِسَهْمٍ عَلَى ثَلاَثِ قَبَائِلَ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ قَبَائِلُ أَكْثَرُ مِنْهَا عَدَداً يَوْمَئِذٍ عَلَى رَبِيعَةَ وَ هَمْدَانَ وَ مَذْحِجٍ فَوَقَعَ سَهْمُ حِمْيَرٍ عَلَى رَبِيعَةَ فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ قَبَّحَكَ اللَّهُ مِنْ سَهْمٍ كَرِهْتَ الضِّرَابَ.

فَأَقْبَلَ ذُو الْكَلاَعِ فِي حِمْيَرٍ وَ مَنْ لَفَّ لَفَّهَا وَ مَعَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،

ص: 290


1- ح:«بن تيهان»بالتاء،و«صباحا الليثى».و قد عقب ابن أبي الحديد على هذه الأبيات بقوله:«قلت:هكذا روى نصر بن مزاحم.و سائر الرواة رووا له عليه السلام الأبيات الستة الأولى،و رووا باقى الأبيات من قوله:و قد صبرت عك،للحضين بن المنذر صاحب الراية».
2- هم بنو تيم اللّه بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة.انظر المعارف ص 44 و ما قبلها. و في الأصل:«تميم بن ثعلبة»صوابه في الطبريّ.و ممّا هو جدير بالذكر أن في العرب: «تيم بن ثعلبة»و هؤلاء في قحطان من ولد طيئ بن أدد.و ليس في العرب إلاّ تميمان: تميم بن مر القبيلة المعروفة،و تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر.انظر لهذه المعارف ص 30.
3- الطبريّ:«أهل كوفتها و بصرتها».انظر(6:18).
4- هذه التكملة من الطبريّ.
5- الطبريّ:«سفيان بن ثور»،مع إسقاط النسبة بعده.
6- في الأصل:«الحصين»بالمهملة،تحريف.انظر ما سبق في 287.

فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ اَلشَّامِ قَدْ بَايَعُوا عَلَى الْمَوْتِ وَ هِيَ مَيْمَنَةُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ ذُو الْكَلاَعِ فَحَمَلُوا عَلَى رَبِيعَةَ وَ هُمْ مَيْسَرَةُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ هُوَ عَلَى الْمَيْسَرَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ ذُو الْكَلاَعِ وَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَحَمَلُوا عَلَى رَبِيعَةَ حَمْلَةً شَدِيدَةً بِخَيْلِهِمْ وَ رِجَالِهِمْ فَتَضَعْضَعَتْ رَايَاتُ رَبِيعَةَ فَتَثَبَّتُوا إِلاَّ قَلِيلاً مِنَ الْأَحْشَامِ وَ الْأَنْذَالِ (1)ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ انْصَرَفُوا وَ لَمْ يَمْكُثُوا إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى كَرُّوا ثَانِيَةً وَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي أَوَائِلِهِمْ يَقُولُ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ هَذَا الْحَيُّ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ أَنْصَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ إِنْ هَزَمْتُمْ هَذِهِ الْقَبِيلَةَ أَدْرَكْتُمْ ثَأْرَكُمْ فِي عُثْمَانَ وَ هَلَكَ عَلِيٌّ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ .

فَشَدُّوا عَلَى النَّاسِ شِدَّةً شَدِيدَةً فَثَبَتَتْ لَهُمْ رَبِيعَةُ وَ صَبَرُوا صَبْراً حَسَناً إِلاَّ قَلِيلاً مِنَ الضُّعَفَاءِ وَ ثَبَتَ أَهْلُ الرَّايَاتِ وَ أَهْلُ الْبَصَائِرِ مِنْهُمْ وَ الْحُفَّاظُ وَ قَاتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً فَلَمَّا رَأَى خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ أُنَاساً قَدِ انْهَزَمُوا مِنْ قَوْمِهِ انْصَرَفَ فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَ الرَّايَاتِ قَدْ ثَبَتُوا وَ رَأَى قَوْمَهُ قَدْ صَبَرُوا رَجَعَ وَ صَاحَ بِمَنِ انْهَزَمَ بِالرُّجُوعِ فَقَالَ:مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّهِمَهُ مِنْ قَوْمِهِ أَرَادَ الاِنْصِرَافَ فَلَمَّا رَآنَا قَدْ ثَبَتْنَا رَجَعَ إِلَيْنَا وَ قَالَ: (2)هُوَ لِمَا رَأَيْتُ رِجَالاً مِنَّا قَدِ انْهَزَمُوا رَأَيْتُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُمْ ثُمَّ أَرُدَّهُمْ إِلَيْكُمْ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكُمْ بِمَنْ أَطَاعَنِي مِنْهُمْ فَجَاءَ بِأَمْرٍ مُشْتَبِهٍ (3)وَ كَانَ بِصِفِّينَ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مُحَجَّفٍ مِنْ عَنْزَةَ (4) .ة.

ص: 291


1- الأحشام:الأنباع.و عند الطبريّ:«فتضعضعت رايات ربيعة إلاّ قليلا من الأخيار و الأبدال».و مؤدى العبارتين واحد.و هذا الخبر من أوله روى في ح مختصرا، و لم أجد فيه مواضع المقابلة التي أشرت إليها من الطبريّ.
2- في الأصل:«لهم»و أثبت ما في ح(1:496)و الطبريّ.
3- الطبريّ:«بأمر مشبه».
4- ح:«و كان في جملة ربيعة من عنزة وحدها أربعة آلاف مجفف».و المحجف: لابس الحجفة،و هي ترس يتخذ من جلود الإبل يطارق بعضها ببعض.و المجفف في رواية ح صحيحة أيضا،رجل مجفف لبس التجفاف،و هو بالفتح:ما جلل به الفرس من سلاح و آلة.

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ مُحْرِزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [الْعِجْلِيِّ] (1): أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ قَالَ يَا مَعْشَرَ رَبِيعَةَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَتَى بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِنْ مَنْبِتِهِ وَ مَسْقِطِ رَأْسِهِ فَجَمَعَكُمْ فِي هَذَا الْمَكَانِ جَمْعاً لَمْ تَجْتَمِعُوا مِثْلَهُ مُنْذُ نَشَرَكُمْ فِي الْأَرْضِ (2)وَ إِنَّكُمْ إِنْ تُمْسِكُوا أَيْدِيَكُمْ تَنْكُلُوا عَنْ عَدُوِّكُمْ وَ تَحُولُوا عَنْ مَصَافِّكُمْ (3)لاَ يَرْضَى الرَّبُّ فِعْلَكُمُ وَ لاَ تَعْدَمُوا مُعَيِّراً يَقُولُ فَضَحَتْ رَبِيعَةُ الذِّمَارَ وَ خَامَتْ عَنِ الْقِتَالِ (4)وَ أُتِيَتْ (5)مِنْ قِبَلِهَا اَلْعَرَبُ فَإِيَّاكُمْ أَنْ يَتَشَاءَمُ بِكُمُ اَلْمُسْلِمُونَ الْيَوْمَ وَ إِنَّكُمْ إِنْ تَمْضُوا مُقْدِمِينَ وَ تَصْبِرُوا مُحْتَسِبِينَ فَإِنَّ الْإِقْدَامَ مِنْكُمْ عَادَةٌ وَ الصَّبْرَ مِنْكُمْ سَجِيَّةٌ فَاصْبِرُوا وَ نِيَّتُكُمْ صَادِقَةٌ تُؤْجَرُوا فَإِنَّ ثَوَابَ مَنْ نَوَى مَا عِنْدَ اللَّهِ شَرَفُ الدُّنْيَا وَ كَرَامَةُ الْآخِرَةِ وَ لاَ يُضَيِّعُ اللَّهُ« أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً » فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ رَبِيعَةَ فَقَالَ:ضَاعَ وَ اللَّهِ أَمْرُ رَبِيعَةَ حِينَ جَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَيْكَ تَأْمُرُنَا أَلاَّ نَحُولَ وَ لاَ نَزُولَ حَتَّى نَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَ نَسْفِكَ دِمَاءَنَا أَ لاَ تَرَى إِلَى النَّاسِ قَدِ انْصَرَفَ جُلُّهُمْ فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ فَتَنَاوَلُوهُّ.

ص: 292


1- التكملة من الطبريّ.
2- في الأصل:«هذا فرشكم الأرض»صوابه في الطبريّ.
3- الطبريّ:«و نزلوا عن مصافكم».
4- تقيه الجراح.و في اللسان:«و قد يلبسه الإنسان أيضا».قال ابن أبي الحديد:«قلت: لا ريب عند علماء السير أن خالد بن المعمر كان له باطن سوء مع معاوية،و أنّه انهزم ذلك اليوم ليكسر الميسرة على عليّ عليه السلام.ذكر ذلك الكلبى و الواقدى و غيرهما.و يدل على باطنه هذا أنّه لما استظهرت ربيعة على معاوية و على صفوف أهل الشام في اليوم الثاني من هذا أرسل معاوية إلى خالد بن المعمر:أن كف و لك إمارة خراسان ما بقيت.فرجع بربيعة و قد شارفوا أخذه من مضربه».
5- في الأصل:«و أوتيت»صوابه من ح و الطبريّ.

بِقِسِيِّهِمْ (1)وَ لَكَزُوهُ بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ لَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ :أَخْرِجُوا هَذَا مِنْ بَيْنِكُمْ فَإِنَّ هَذَا إِنْ بَقِيَ أَضَرَّ بِكُمْ وَ إِنْ خَرَجَ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْكُمْ هَذَا الَّذِي لاَ يَنْقُصُ الْعَدَدَ وَ لاَ يَمْلَأُ الْبَلَدَ بَرِحَكَ (2)اللَّهُ مِنْ خَطِيبِ قَوْمٍ! كَيْفَ جَنَّبَكَ الْخَيْرَ (3).

وَ اشْتَدَّ قِتَالُ رَبِيعَةَ وَ حَمِيرٍ وَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ حَمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ أَنَا الطَّيِّبُ ابْنُ الطَّيِّبِ قَالُوا أَنْتَ الْخَبِيثُ ابْنُ الطَّيِّبِ فَقَتَلَ شِمْرَ بْنَ الرَّيَّانِ بْنِ الْحَارِثِ (4)وَ هُوَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَأْساً ثُمَّ خَرَجَ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ عَلَى رُءُوسِهِمْ الْبَيْضُ وَ هُمْ غَائِصُونَ فِي الْحَدِيدِ لاَ يُرَى مِنْهُمْ إِلاَّ الْحَدَقُ وَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ نَحْوُهُمْ فِي الْعَدُوِّ فَاقْتَتَلُوا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ النَّاسُ تَحْتَ رَايَاتِهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ هَؤُلاَءِ وَ لاَ مِنْ هَؤُلاَءِ مُخْبِرٌ لاَ عِرَاقِيُّ وَ لاَ شَامِيٌّ قَتَلُوا جَمْعاً بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.

التفاخر بعبيد الله بن عمر و محمد بن أبي بكر

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ قَالَ: نَادَى مُنَادِي أَهْلِ اَلشَّامِ أَلاَ إِنَّ مَعَنَا الطِّيِّبُ ابْنُ الطِّيِّبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بَلْ هُوَ الْخَبِيثُ ابْنُ الطَّيِّبِ وَ نَادَى مُنَادِي أَهْلِ اَلْعِرَاقِ أَلاَ إِنَّ مَعَنَا الطَّيِّبَ ابْنَ الطَّيِّبِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَنَادَى مُنَادِي أَهْلِ اَلشَّامِ بَلْ هُوَ الْخَبِيثُ ابْنُ الطَّيِّبِ.

من أشعار صفين

وَ فِي حَدِيثٍ: فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ سَلَمَةَ أَخُو بَنِي رَقَاشٍ (5)مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ كَانَ بِصِفِّينَ تَلٌّ يُلْقَى عَلَيْهِ جَمَاجِمُ الرِّجَالِ وَ كَانَ يُدْعَى تَلَّ الْجَمَاجِمِ فَقَالَ

ص: 293


1- في الأصل:«بفيهم»صوابه في ح(1:496).و في الطبريّ:«و تناولوه بألسنتهم».
2- برح به:عذبه.و في الأصل:«يرحمك اللّه»،صوابه في الطبريّ.ح: «ترحك اللّه»يقال ترحه الأمر تتريحا:أحزنه.
3- جنبه:بعد عنه.ح:«لقد جنبك الخير».الطبريّ:«كيف جنبك السداد».
4- الطبريّ:«سمير بن الريان بن الحارث العجليّ».
5- ح:«عقبة بن مسلم الرقاشى».

لَمْ أَرَ فُرْسَاناً أَشَدَّ بَدِيهَةً وَ أَمْنَعَ مِنْهُمْ يَوْمَ تَلِّ الْجَمَاجِمِ (1)

غَدَاةَ غَدَا أَهْلُ اَلْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ نَعَامٌ تَلاَقَى فِي فِجَاجِ الْمَخَارِمِ

إِذَا قُلْتُ قَدْ وَلَّوْا أَنَابَتْ كَتِيبَةٌ مُلَمْلَمَة فِي الْبَيْضِ شُمْطَ الْمَقَادِمِ

وَ قَالُوا لَنَا هَذَا عَلِيٌّ فَبَايِعُوا فَقُلْنَا أَلاَ لاَ بِالسُّيُوفِ الصَّوَارِمِ (2)

وَ ثُرْنَا إِلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ وَ بِالْقَنَا تُدَافِعُهُمْ فُرْسَانُنُا بِالتَّزَاحُمِ.

وَ قَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ نَذَرَ فِي سَبْيِ نِسَاءِ رَبِيعَةَ وَ قَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ

تَمَنَّى اِبْنُ حَرْبٍ نَذْرَهُ فِي نِسَائِنَا وَ دُونَ الَّذِي يَنْوِي سُيُوفٌ قَوَاضِبُ

وَ نَمْنَحُ مُلْكاً أَنْتَ حَاوَلْتَ خَلْعَهُ بَنِي هَاشِمٍ قَوْلَ امْرِئٍ غَيْرِ كَاذِبٍ.

وَ قَالَ أَيْضاً

وَ فِتْنَةٍ مِثْلِ ظَهْرِ اللَّيْلِ مُظْلِمَةٍ لاَ يَسْتَبِينُ لَهَا أَنْفٌ وَ لاَ ذَنَبٌ

فَرَّجْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَانْفَرَجَتْ وَ قَدْ تَحَيَّرَ فِيهَا سَادَةٌ عُرْبٌ.

وَ قَالَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ

وَقَفْنَا لَدَيْهِمْ يَوْمَ صِفِّينَ بِالْقَنَا لَدُنْ غَدْوَةٍ حَتَّى هَوَتْ لِغُرُوبِ

وَ وَلَّى اِبْنُ حَرْبٍ وَ الرِّمَاحُ تَنُوشُهُ وَ قَدْ أَرْضَتِ الْأَسْيَافُ كُلَّ غَضُوبِ (3)

نُجَالِدُهُمْ طَوْراً وَ طَوْراً نَصُدُّهُمْ عَلَى كُلِّ مَحْبُوكِ السَّرَاةِ شَبُوبٌ (4)

بِكُلِّ أَسِيلٍ كَالقِرَاطِ إِذَا بَدَتْ لَوَائِحُهُا بَيْنَ الْكُمَاةِ لُعُوبِ (5)ج.

ص: 294


1- ح(1:497):«أشدّ حفيظة».
2- ح:«فقلنا صه بل بالسيوف».
3- في الأصل:«و قد غضب الأحلاس»صوابه في ح.
4- ح:«و طورا نشلهم».و الشل:الطرد.و السراة،بالفتح:الظهر.و المحبوك: المدمج.و في الأصل:«محنوك»صوابه بالباء،كما في ح.
5- القراط،بالكسر:شعلة السراج.

نُجَالِدُ غَسَّاناً وَ تَشْقَى بِحَرْبِنَا جُذَامٌ وَ وِتْرُ الْعَبْدِ غَيْرُ طَلُوبِ (1)

فَلَمْ أَرَ فُرْسَاناً أَشَدَّ حَفِيظَةً إِذَا غَشِيَ الْآفَاقَ نَفْحُ جَنُوبِ

أَكِرُّ وَ أَحْمِى بِالْغَطَارِيفِ وَ الْقَنَا وَ كُلِّ حَدِيدِ الشُّفْرَتَيْنِ قَضُوبِ.

وَ قَالَ اِبْنُ الْكَوَّاءِ

أَلاَ مِنْ مُبْلِغٍ كَلْباً وَ لَخْماً نَصِيحَةَ نَاصِحٍ فَوْقَ الشَّقِيقِ

فَإِنَّكُمُ وَ إِخْوَتَكُمْ جَمِيعاً كَبَازٍ حَادَ عَنْ وَضَحِ الطَّرِيقِ

وَ بِعْتُمْ دِينَكُمْ بِرِضَاءِ عَبْدٍ أَضَلَّ بِهَا مُصَافَحَةُ الرَّقِيقِ (2)

وَ قُمْتُمْ دُونَنَا بِالْبَيْضِ صَلْتاً بِكُلِّ مُصَانِعٍ مِثْلِ الْفَنِيقِ (3)

وَ سَارُوا بِالْكَتَائِبِ حَوْلَ بَدْرٍ يُضِيءُ لَدَى الْغُبَارِ مِنَ الْبَرِيقِ

يَعْنِي بِالْبَدْرِ عَلِيّاً حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ التَّاسِعُ مِنْ صَفَرٍ خَطَبَ النَّاسَ مُعَاوِيَةُ وَ حَرَّضَهُمْ وَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ حَضَرَكُمْ مَا قَدْ حَضَرَكُمْ فَإِذَا نَهَدْتُمْ إِلَيْهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ صُفُّوا الْخَيْلَ مُجَنِّبِينَ وَ كُونُوا كَقُصِّ الشَّارِبِ وَ أَعِيرُونَا جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةً فَإِنَّمَا هُوَ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَ قَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ وَ النَّاسُ عَلَى تَعْبِئَةٍ أُخْرَى.

خطبة أخرى لمعاوية

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: قَامَ مُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ بِصِفِّينَ قَبْلَ اَلْوَقْعَةِ الْعُظْمَى فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلاَ فِي دُنُوِّهِ وَ دَنَا فِي عُلُوِّهِ وَ ظَهَرَ وَ بَطَنَ وَ ارْتَفَعَ فَوْقَ

ص: 295


1- غير طلوب:أى قريب سهل المنال.و أصله من قولهم«بئر طلوب»أي بعيدة الماء.
2- العبد:العبيد،و الأصل فيه ضم الباء،و سكنها للشعر.
3- المصانع:الفرس الذي لا يعطيك جميع ما عنده من السير،له صون يصونه،فهو يصانعك ببذله سيره.و في الأصل:«مضالع»و لا وجه له.و الفنيق:الفحل المكرم.

كُلِّ مَنْظَرٍ أَوَّلاً وَ آخِراً وَ ظَاهِراً وَ بَاطِناً يَقْضِي فَيَفْصِلُ وَ يَقْدِرُ فَيَغْفِرُ وَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا أَرَادَ أَمْراً أَمْضَاهُ وَ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ قَضَاهُ لاَ يُؤَامِرُ أَحَداً فِيمَا يَمْلِكُ وَ« لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ »:« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »عَلَى مَا أَحْبَبْنَا وَ كَرِهْنَا ثُمَّ كَانَ فِيمَا قَضَى اللَّهُ أَنْ سَاقَتْنَا الْمَقَادِيرُ (1)إِلَى هَذِهِ الْبُقْعَةِ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَفَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَنَحْنُ مِنَ اللَّهِ بِمَنْظَرٍ وَ قَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ:« وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ »اُنْظُرُوا يَا مَعَاشِرَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَإِنَّمَا تَلْقَوْنَ غَداً أَهْلَ اَلْعِرَاقِ فَكُونُوا عَلَى إِحْدَى ثَلاَثِ أَحْوَالٍ إِمَّا أَنْ تَكُونُوا قَوْماً طَلَبْتُمْ مَا عِنْدَ اللَّهِ فِي قِتَالِ قَوْمٍ بَغَوْا عَلَيْكُمْ فَأَقْبَلُوا مِنْ بِلاَدِهِمْ حَتَّى نَزَلُوا فِي بَيْضَتِكُمْ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونُوا قَوْماً تَطْلُبُونَ بِدَمِ خَلِيفَتِكُمْ وَ صِهْرِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ إِمَّا أَنْ تَكُونُوا قَوْماً تَذُبُّونَ عَنْ نِسَائِكُمْ وَ أَبْنَائِكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الصَّبْرِ الْجَمِيلِ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمُ النَّصْرَ وَ أَنْ يَفْتَحَ« بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ »وَ هُوَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ.

فَقَامَ ذُو الْكَلاَعِ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ

إِنَّا لَنَحْنُ الصُّبَّرُ الْكِرَامْ (2)لاَ نَنْثَنِي عِنْدَ الْخِصَامْ

بَنُو الْمُلُوكِ الْعِظَامْ ذَوُو النُّهَى وَ الْأَحْلاَمْ

لاَ يَقْرَبُونَ الْآثَامْ.

فَلَمَّا سَكَتَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ صَدَقْتَ.

مقتل عبيد الله بن عمر

نَصْرٌ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي

ص: 296


1- في الأصل:«و ساقتنا المقادير»صوابه في ح(1:497).
2- كذا ورد هذا الشعر على ما به من اضطراب ظاهر في الوزن.و هو أشبه ما يكون بالنثر و التسجيع.و في ح:«نحن الصبر الكرام».

الْقَاسِمِ (1)[الْعَبْدِيِّ](2) عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ بَدْرٍ : أَنَّ زِيَادَ بْنَ خَصَفَةَ أَتَى عَبْدَ الْقَيْسِ يَوْمَ صِفِّينَ وَ قَدْ عُبِّيَتْ قَبَائِلُ حِمْيَرٍ مَعَ ذِي الْكَلاَعِ وَ فِيهِمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَاتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً خَافُوا [فِيهِ] (3)الْهَلاَكَ فَقَالَ زِيَادٌ لِعَبْدِ الْقَيْسِ لاَ بَكْرَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِنَّ ذَا الْكَلاَعِ وَ عُبَيْدَ اللَّهِ أَبَادَا رَبِيعَةَ فَانْهَضُوا لَهُمْ وَ إِلاَّ هَلَكُوا فَرَكِبَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ وَ جَاءَتْ كَأَنَّهَا غَمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَشَدَّتْ إِزَاءَ الْمَيْسَرَةِ فَعَظُمَ الْقِتَالُ فَقُتِلَ ذُو الْكَلاَعِ الْحِمْيَرِيُّ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ اسْمُهُ خِنْدِفٌ وَ تَضَعْضَعَتْ أَرْكَانُ حِمْيَرٍ وَ ثَبَتَتْ بَعْدَ ذِي الْكَلاَعِ تُحَارِبَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ .

وَ بَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ:إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَالْقَنِي.

فَلَقِيَهُ الْحَسَنُ فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ :إِنَّ أَبَاكَ قَدْ وَتَرَ قُرَيْشاً أَوَّلاً وَ آخِراً وَ قَدْ شَنَئُوهُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَخْلُفَهُ وَ نُوَلِّيَكَ (4)هَذَا الْأَمْرَ؟ قَالَ: 2«كَلاَّ وَ اللَّهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ» ثُمَّ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ : 2«لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكَ مَقْتُولاً فِي يَوْمِكَ أَوْ غَدِكَ أَمَا إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ زَيَّنَ لَكَ وَ خَدَعَكَ حَتَّى أَخْرَجَكَ مُخَلَّقاً بِالْخَلُوقِ تَرَى نِسَاءُ أَهْلِ اَلشَّامِ مَوْقِفَكَ وَ سَيُصْرِعُكَ اللَّهُ وَ يُبْطِحُكَ لِوَجْهِكَ قَتِيلاً» قَالَ:«فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلاَّ كَيَوْمِهِ أَوْ كَالْغَدِ وَ كَانَ الْقِتَالُ»فَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي كَتِيبَةٍ رَقْطَاءَ وَ هِيَ الْخُضْرِيَّةُ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ وَ نَظَرَ الْحَسَنُ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُتَوَسِّدٍ رِجْلَ قَتِيلٍ قَدْ رَكَزَ رُمْحَهُ فِي عَيْنِهِ وَ رَبَطَ فَرَسَهُ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ الْحَسَنُ لِمَنْ مَعَهُ: 2«اُنْظُرُوا مَنْ هَذَا؟» فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ فَإِذَا الْقَتِيلُ».

ص: 297


1- في الأصل:«جيفر عن القاسم»و أثبت ما في الطبريّ.
2- (2) هذه التكملة من الطبريّ.و في لسان الميزان و منتهى المقال:«جيفر بن الحكم العبدى»فلعله هو.و العبدى:نسبة إلى عبد القيس.
3- هذه التكملة من الطبريّ.
4- في الأصل:«و نليك».و في ح(1:498):«و أن تتولى أنت».

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ قَتَلَهُ وَ بَاتَ عَلَيْهِ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ سَلَبَهُ فَسَأَلَ الرَّجُلَ: 2مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ (1):رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ وَ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ حُزْنَا الْقَوْمَ حَتَّى اضْطَرَرْنَاهُمْ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ.

وَ اخْتَلَفُوا فِي قَاتِلِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ هَمْدَانُ قَتَلَهُ هَانِئُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ قَالَتْ حَضْرَمَوْتُ قَتَلَهُ مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو السَّبِيعِيُّ وَ قَالَتْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ يُقَالُ لَهُ مُحْرِزُ بْنُ الصَّحْصَحِ مِنْ بَنِي [عَائِشِ بْنِ مَالِكِ بْنِ (2)] تَيْمِ اللاَّتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَ أَخَذَ سَيْفَهُ ذَا الْوِشَاحِ فَأَخَذَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بِالْكُوفَةِ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ حِينَ بُويِعَ فَقَالُوا (3):إِنَّمَا قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ يُقَالُ لَهُ مُحْرِزُ بْنُ الصَّحْصَحِ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ فَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْهُ .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ التَّغْلِبِيُّ فِي قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ :

أَلاَ إِنَّمَا تَبْكِي الْعُيُونُ لِفَارِسٍ بِصِفِّينَ أُجْلَتْ خَيْلُهُ وَ هُوَ وَاقِفٌ

تَبَدَّلَ مِنْ أَسْمَاءِ أَسْيَافِ وَائِلٍ وَ أَيُّ فَتًى لَوْ أَخَطَأَتْهُ الْمَتَالِفُ

تَرْكْنَ عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْقَاعِ مُسْلِماً يَمُجُّ دِمَاهُ وَ الْعُرُوقُ نَوَازِفُ (4)

يَنُوءُ وَ تَغْشَاهُ شَآبِيبُ مِنْ دَمٍ كَمَا لاَحَ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ الْكَفَائِفُ

دَعَاهُنَّ فَاسْتَسْمَعْنَ مِنْ أَيْنَ صَوْتُهُ وَ أَقْبَلْنَ شَتَّى وَ الْعُيُونُ ذَوَارِفُ (5)».

ص: 298


1- في الأصل:«فقالوا».
2- التكملة من الطبريّ.
3- في الأصل:«فقال».
4- مسلما:متروكا.و في الأصل:«مسلبا»صوابه في ح.و في ح:«يمج دماء».
5- قال ابن أبي الحديد في(1:499):«الضمير في قوله:دعاهن فاستسمعن من أين صوته،يرجع إلى نساء عبيد اللّه.و كان تحته أسماء بنت عطارد بن حاجب بن زرارة التميمى،و بحرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني.و كان عبيد اللّه قد أخرجهما معه إلى الحرب في ذلك اليوم لينظرا إلى قتاله».

وَ قَدْ صَبَرَتْ حَوْلَ ابْنِ عَمِّ مُحَمَّدٍ لَدَى الْمَوْتِ شَهْبَاءُ الْمَنَاكِبِ شَارِفُ (1)

فَمَا بَرِحُوا حَتَّى رَأَى اللَّهُ صَبْرَهُمْ وَ حَتَّى أُتِيحَتْ بِالْأَكُفِّ الْمَصَاحِفُ

بِمَرْجٍ تَرَى الرَّايَاتِ فِيهِ كَأَنَّهَا إِذَا اجْتَنَحَتْ لِلْطَعْنِ طَيْرٌ عَوَاكِفُ (2)

جَزَى اللَّهُ قَتْلاَنَا بِصِفِّينَ خَيْرَ مَا جَزَاهُ عِبَاداً غَادَرَتْهَا الْمَوَاقِفُ..

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ : قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ فِي قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ :

يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ لَمَّا بَدَتْ لَهُ سَحَابَةُ مَوْتٍ تَقْطُرُ الْحَتْفَ وَ الدَّمَا

أَلاَ يَا لَقَوْمِي اصْبِرُوا إِنَّ صَبْرَنَا أَعَفُّ وَ أَحْجَى عِفَّةً وَ تَكَرُّماً

فَلَمَّا تَلاَقَى الْقَوْمُ خَرَّ مُجَدَّلاً صَرِيعاً فَلاَقَى التُّرْبُ كَفَّيْهِ وَ الْفَمَا

وَ خَلَّفَ أَطْفَالاً يَتَامَى أَذِلَّةً وَ خَلَّفَ عِرْساً تَسْكُبُ الدَّمْعَ أَيِّماً

حَلاَلاً لَهَا الْخُطَّابُ لاَ تَتَّقِيْهِمُ وَ قَدْ كَانَ يُحْمَى غَيْرَةً أَنْ تُكَلَّمَا.

وَ حَمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ هُوَ يَقُولُ

أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يُنْمِيْنِي عُمَرْ خَيْرُ قُرَيْشٍ مَنْ مَضَى وَ مَنْ غَبَرَ

إِلاَّ نَبِيَّ اللَّهِ وَ الشَّيْخَ الْأَغَرَّ قَدْ أَبْطَأَتْ عَنْ نَصْرِ عُثْمَانَ مُضَرُ

وَ اَلرَّبَعِيُّونَ فَلاَ أُسْقُوا الْمَطَرَ وَ سَارَعَ الْحَيُّ اَلْيَمَانُونَ الْغُرَرُ

وَ الْخَيْرُ فِي النَّاسِ قَدِيماً يَبْتَدِرُ.

فَحَمَلَ عَلَيْهِ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ الْحَنَفِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ

قَدْ سَارَعَتْ فِي نَصْرِهَا رَبِيعَهْ فِي الْحَقِّ وَ الْحَقُّ لَهُمْ شَرِيعَهْ

فَاكْفُفْ فَلَسْتَ تَارِكَ الْوَقِيعَهْ فِي الْعُصْبَةِ السَّامِعَةِ الْمُطِيعَهْ

حَتَّى تَذُوقَ كَأْسَهَا الْفَظِيعَهْ (3).).

ص: 299


1- في الأصل:«شهباء المبارك»صوابه في ح.عنى بها الكتيبة قد صارت مناكبها شهباء لما يعلوها من بياض الحديد.
2- اجتنحت:مالت.و في ح:«جنحت»و هما بمعنى.
3- في الأصل:«القطيعة»صوابه في ح(1:498).

فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ وَ أَخَذَ لِوَاءَهُ اِبْنُ جَوْنٍ السَّكُونِيُّ .

وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ : قَالَ اَلصَّلَتَانُ الْعَبْدِيُّ يَذْكُرُ مَقْتَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ أَنَّ حُرَيْثَ بْنَ جَابِرٍ الْحَنَفِيَّ قَتَلَهُ،

أَلاَ يَا عُبَيْدَ اللَّهِ مَا زِلْتَ مُولَعاً بِبَكْرٍ لَهَا تَهْدِي اللَّغَا وَ التَّهَدُّدَا (1)

كَأَنَّ حُمَاةَ الْحَيِّ مِنْ بَكْرِ وَائِلٍ بِذِي الرِّمْثِ أُسْدٌ قَدْ تَبَوَّأْنَ غَرْقَدَا

وَ كُنْتَ سَفِيهاً قَدْ تَعَوَّدْتَ عَادَةً وَ كُلُّ أَمْرِي جَارٍ عَلَى مَا تَعَوَّدَا

فَأَصْبَحْتَ مَسْلُوباً عَلَى شَرِّ آلَةٍ صَرِيعٍ قِناً وَسْطَ الْعَجَاجَةِ مُفْرَداً (2)

تَشُقُّ عَلَيْكَ الْجَيْبَ اِبْنَةُ هَانِئٍ مُسَلِّبَةٌ تُبْدِي الشَّجَا وَ التَّلَدُّدَا (3)

وَ كَانَتْ تَرَى ذَا الْأَمْرَ قَبْلَ عِيَانِهِ وَ لَكِنَّ أَمْرَ اللَّهِ أَهْدَى لَكَ الرَّدَى

وَ قَالَتْ عُبَيْدُ اللَّهِ لاَ تَأْتِ وَائِلاً فَقُلْتَ لَهَا لاَ تَعْجَلِي وَ انْظُرِي غَداً

فَقَدْ جَاءَ مَا مُنِّيتَهَا فَتَسَلَّبَتْ عَلَيْكَ وَ أَمْسَى الْجَيْبُ مِنْهَا مُقَدَّدَا

حَبَاكَ أَخُو الْهَيْجَا حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ بِجَيَّاشَةٍ تَحْكِي الْهَدِيرَ الْمُنَدَّدَا (4)..

راية حضين بن المنذر

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنِ اَلزُّبَيْرِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ يَقُولُ:

أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ ثُمَّ قَالَ: 1«سِرْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ يَا حُضَيْنُ (5)وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ يَخْفِقُ عَلَى رَأْسِكَ رَايَةٌ أَبَداً مِثْلُهَا إِنَّهَا رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ » .

ص: 300


1- اللغا،بالفتح:الباطل.و في الأصل:«اللقا»تحريف.و في ح:«القرى».
2- الآلة،هنا،بمعنى الحالة.
3- المسلبة:المحد التي تلبس الثياب السود للحداد.و الذي ذكرته المعاجم«المسلب» بدون هاء.و التلدد:التلفت يمينا و يسارا في حيرة و تبلد.
4- الجياشة:الطعنة التي يفور منها الدم.و المندد،من التنديد،و هو رفع الصوت. و في الأصل:«المبددا»تحريف.و في ح: *بحاسمة تحكى بها النهر مزيدا*.
5- في الأصل:«حصين»صوابه بالمعجمة،كما سبق في ص 287.

قَالَ وَ قَدْ كَانَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ نَازِلاً بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ وَ كَانَ إِذَا الْتَقَى النَّاسَ لِلْقِتَالِ أَمَدَّهُمْ بِالشَّرَابِ مِنَ اللَّبَنِ وَ السَّوِيقِ وَ الْمَاءِ وَ يُطْعِمُهُمْ اللَّحْمَ وَ الثَّرِيدَ فَمَنْ شَاءَ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ (1)وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ

لَوْ كَانَ بِالدَّهْنَا حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ لَأَصْبَحَ بَحْراً بِالْمَفَازَةِ جَارِياً (2).

حرب مذحج

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:سَمِعْتُ اَلشَّعْبِيَّ يَذْكُرُ [أَنَّ] (3)صَعْصَعَةَ قَالَ: عَبَّأَ لِمَذْحِجٍ وَ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ذُو الْكَلاَعِ وَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَصَابُوا ذَا الْكَلاَعِ وَ عُبَيْدَ اللَّهِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً قَالَ وَ شَدَّتْ عُكٌّ وَ لَخْمٌ وَ جُذَامٌ وَ اَلْأَشْعَرُونَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلَى مَذْحِجٍ وَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالَ اَلْعُكِّيُّ فِي ذَلِكَ

وَيْلٌ لِأُمِّ مَذْحِجٍ مِنْ عُكِّ لَنَتْرُكَنَّ أُمَّهُمُ تُبَكِّي

نَقْتُلُهُمْ بِالطَّعْنِ ثُمَّ الصَّكِّ فَلاَ رِجَالَ كَرِجَالِ عُكٍّ

لِكُلِّ قِرْنٍ بَاسِلٍ مِصَكِّ.

قَالَ وَ نَادَى مُنَادِي مَذْحِجٍ يَا لَمَذْحِجٍ خَدِّمُوا (4)فَاعْتَرَضَتْ مَذْحِجٌ لِسَوْقِ الْقَوْمِ فَكَانَ بَوَارَ عَامَّةِ الْقَوْمِ وَ ذَلِكَ أَنَّ مَذْحِجَ حَمِيَتْ مِنْ قَوْلِ اَلْعُكِّيِّ وَ قَالَ اَلْعُكِّيُّ حِينَ طَحَنَتْ رَحَى الْقَوْمِ وَ خَاضَتِ الْخَيْلُ وَ الرِّجَالُ فِي الدِّمَاءِ قَالَ:فَنَادَى يَا لَمَذْحِجُ اللَّهَ اللَّهَ فِي عُكٍّ وَ جُذَامٍ ،

ص: 301


1- ح(1:500):«فمن شاء أكل و من شاء شرب».
2- قال ابن أبي الحديد:«قلت:هذا حريث الذي كتب معاوية إلى زياد في أمره بعد عام الجماعة-و حريث عامل لزياد على همدان-:أما بعد فاعزل حريث بن جابر عن عمله فما ذكرت مواقفه بصفين إلاّ كانت حزازة في صدرى.و كتب إليه زياد:خفض عليك يا أمير المؤمنين؛فإن حريثا قد بلغ من الشرف مبلغا لا تزيده الولاية و لا ينقصه العزل».
3- ليست في الأصل.
4- انظر ما سبق ص 257.

أَ لاَ تَذْكُرُونَ الْأَرْحَامَ أَفْنَيْتُمْ لَخْمَ الْكِرَامِ وَ اَلْأَشْعَرِينَ وَ آلَ ذِي حِمَامٍ (1)أَيْنَ النُّهَى وَ الْأَحْلاَمُ هَذِهِ النِّسَاءُ تَبْكِي الْأَعْلاَمَ.

وَ قَالَ اَلْعُكِّيُّ (2)

يَا عُكُّ أَيْنَ الْمَفَرُّ اَلْيَوْمَ تَعْلَمُ مَا الْخَبَرْ

إِنَّكُمْ قَوْمٌ

صُبَرْ كُونُوا كَمُجْتَمَعِ الْمَدَرْ (3)

لاَ تُشْمَتَنَّ بِكُمْ مُضَرْ حَتَّى يُحَوَّلَ الْحَكَرُ (4)

فَيَرَى عَدُوُّكُمُ الْغِيَرْ.

وَ قَالَ اَلْأَشْعَرِيُّ (5)يَا لَمَذْحِجٍ مَنْ لِلنِّسَاءِ غَداً إِذَا أَفْنَاكُمُ الرَّدَى اللَّهَ اللَّهَ فِي الْحُرُمَاتِ أَ مَا تَذْكُرُونَ نِسَاءَكُمْ وَ الْبَنَاتِ أَ مَا تَذْكُرُونَ أَهْلَ فَارِسَ وَ اَلرُّومَ وَ اَلْأَتْرَاكَ لَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ فِيكُمْ بِالْهَلاَكِ وَ الْقَوْمُ يَنْحَرُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يَتَكَادَمُونَ بِالْأَفْوَاهِ وَ قَالَ:نَادَى أَبُو شُجَاعٍ الْحِمْيَرِيُّ وَ كَانَ مِنْ ذَوِي الْبَصَائِرِ مَعَ عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا مَعْشَرَ حِمْيَرٍ تَبَّتْ أَيْدِيكُمْ أَ تَرَوْنَ مُعَاوِيَةَ خَيْراً مِنْ عَلِيٍّ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَكُمْ ثُمَّ أَنْتَ يَا ذَا الْكَلاَعِ فَوَ اللَّهِ إِنْ كُنَّا نَرَى أَنَّ لَكَ نِيَّةً فِي الدِّينِ فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ :إِيهاً يَا أَبَا شُجَاعٍ وَ اللَّهِ فَاعْلَمَنْ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ وَ لَكِنْ إِنَّمَا أُقَاتِلُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ قَالَ وَ أُصِيبَ ذُو الْكَلاَعِ بَعْدَهُ (6)قَتَلَهُ خِنْدِفُ بْنُ بَكْرٍ الْبَكْرِيُّ فِي الْمَعْرَكَةِ.

مطالبة ابن ذي الكلاع بجثة أبيه

نَصْرٌ عُمَرُ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ : أَنَّ اِبْنَ ذِي الْكَلاَعِ أَرْسَلَ إِلَى اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رَسُولاً فَقَالَ لَهُ:إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ ذِي الْكَلاَعِ (7)يُقْرِئُكَ

ص: 302


1- في القاموس:«و ذو الحمام بن مالك حميرى».
2- ح:«و نادى منادى عك».
3- في الأصل:«كمفترق المدر»صوابه في ح(1:500).
4- الحكر في لغة أهل عك هو«الحجر»بقلب الجيم كافا.انظر ما سبق ص 228. ح:«حتى يحول ذا الخبر»تحريف.
5- في الأصل:«الأشعرون»و في ح:«و نادى منادى الأشعريين».
6- ح:«حينئذ».
7- في الأصل:«ذا الكلاع»تحريف.

السَّلاَمَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ إِنْ كَانَ ذُو الْكَلاَعِ قَدْ أُصِيبَ وَ هُوَ فِي الْمَيْسَرَةِ فَتَأْذَنُ لَنَا فِيهِ.فَقَالَ لَهُ اَلْأَشْعَثُ أَقْرِئْ صَاحِبَكَ السَّلاَمَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ قُلْ لَهُ:إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّهِمَنِي عَلِيٌّ فَاطْلُبْهُ (1)إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ فَإِنَّهُ فِي الْمَيْمَنَةِ فَذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ وَ كَانَ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَ كَانُوا فِي الْيَوْمِ وَ الْأَيَّامِ يَتَرَاسَلُونَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :فَمَا عَسَيْتُ أَنْ أَصْنَعَ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَنَعُوا أَهْلَ اَلشَّامِ أَنْ يَدْخُلُوا عَسْكَرَ عَلِيٍّ لِشَيْءٍ خَافُوا أَنْ يُفْسِدُوا أَهْلَ الْعَسْكَرِ (2)وَ قَالَ (3)مُعَاوِيَةُ :لَأَنَا أَشَدُّ فَرَحاً بِقَتْلِ ذِي الْكَلاَعِ مِنِّي بِفَتْحِ مِصْرٍ لَوْ فَتَحْتُهَا لِأَنَّ ذَا الْكَلاَعِ كَانَ يَحْجُرُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي أَشْيَاءَ كَانَ يَأْمُرُ بِهَا فَخَرَجَ اِبْنُ ذِي الْكَلاَعِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ سَعْدٌ الْإِسْكَافُ (4)وَ اَلْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ قَالاَ:قَالَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ لاِبْنِ ذِي الْكَلاَعِ :كَذَبْتَ أَنْ يَمْنَعُوكَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يُبَالِي مَنْ دَخَلَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ لاَ يَمْنَعُ أَحَداً مِنْ ذَلِكَ فَادْخُلْ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ الْمَيْمَنَةِ فَطَافَ فِي الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ أَتَى الْمَيْسَرَةَ فَطَافَ فِي الْعَسْكَرِ فَوَجَدَهُ قَدْ رَبَطَ رِجْلَهُ بِطُنُبٍ مِنْ أَطْنَابِ بَعْضِ فَسَاطِيطِ الْعَسْكَرِ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْفُسْطَاطِ فَقَالَ:اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقِيلَ لَهُ:وَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ وَ كَانَ مَعَهُ عَبْدٌ لَهُ أَسْوَدُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ:

تَأْذَنُونَ لَنَا فِي طُنُبٍ مِنْ أَطْنَابِ فُسْطَاطِكُمْ قَالُوا:قَدْ أَذَنَّا لَكُمْ ثُمَّ قَالُوا:

مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَيْكُمْ أَمَا إِنَّهُ لَوْ لاَ بَغْيُهُ عَلَيْنَا مَا صَنَعْنَا بِهِ مَا تَرَوْنَ فَنَزَلَ ابْنُهُ إِلَيْهِ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ خَلْقاً وَ قَدِ انْتَفَخَ شَيْئاً فَلَمْ يَسْتَطِيعَا4.

ص: 303


1- في الأصل:«فاطلبوا»و أثبت ما في ح.
2- ح:«فقال له إن عليّا عليه السلام قد منع أن يدخل أحد منا إلى معسكره،يخاف أن يفسد عليه جنده».
3- في الأصل:«فقال».
4- هو سعد بن طريف الحنظلى،مولاهم،الإسكاف الكوفيّ،و يقال له أيضا سعد الخفاف.روى عن الأصبغ بن نباتة و أبى جعفر و أبي عبد اللّه.قال ابن حجر:متروك، و رماه ابن حبان بالوضع.انظر تهذيب التهذيب و منتهى المقال 144.

احْتِمَالَهُ فَقَالَ ابْنُهُ:هَلْ مِنْ فَتًى مِعْوَانٍ فَخَرَجَ إِلَيْهِ خِنْدِفٌ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ تَنَحَّوْا عَنْهُ فَقَالَ لَهُ اِبْنُ ذِي الْكَلاَعِ :وَ مَنْ يَحْمِلُهُ إِذَا تَنَحَّيْنَا؟ قَالَ:

يَحْمِلُهُ الَّذِي قَتَلَهُ فَاحْتَمَلَهُ خِنْدِفُ ثُمَّ رَمَى بِهِ عَلَى ظَهْرِ الْبَغْلِ ثُمَّ شَدَّهُ بِالْحِبَالِ فَانْطَلَقُوا بِهِ.

ثُمَّ تَمَادَى النَّاسُ فِي الْقِتَالِ فَاضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ حَتَّى تَعَطَّفَتْ (1)وَ صَارَتْ كَالْمَنَاجِلِ وَ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَ تَنَاثَرَتْ أَسِنَّتُهَا ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبَاتِ فَتَحَاثَوْا بِالتُّرَابِ يَحْثُو بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ التُّرَابَ ثُمَّ تَعَانَقُوا وَ تَكَادَمُوا بِالْأَفْوَاهِ وَ تَرَامَوْا بِالصَّخْرِ وَ الْحِجَارَةِ ثُمَّ تَحَاجَزُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ يَمُرُّ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَيَقُولُ:مِنْ أَيْنَ آخُذُ (2)إِلَى رَايَاتِ بَنِي فُلاَنٍ فَيَقُولُونَ هَاهُنَا لاَ هَدَاكَ اللَّهُ وَ يَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَيَقُولُ كَيْفَ آخُذُ إِلَى رَايَاتِ بَنِي فُلاَنٍ فَيَقُولُونَ هَاهُنَا لاَ حَفِظَكَ اللَّهُ وَ لاَ عَافَاكَ.

وَ كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ اَلنَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فُلاَنُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ .

استعارة أبي عرفاء راية الحضين

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ اَلْبَرَاءِ بْنِ حَيَّانَ الذُّهْلِيِّ : أَنَّ أَبَا عَرْفَاءَ جَبَلَةَ بْنَ عَطِيَّةَ الذُّهْلِيَّ قَالَ لِلْحُضَيْنِ (3)يَوْمَ صِفِّينَ :هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي رَايَتَكَ أَحْمِلْهَا فَيَكُونَ لَكَ ذِكْرُهَا وَ يَكُونَ لِي أَجْرُهَا؟ فَقَالَ لَهُ اَلْحُضَيْنُ (4):وَ مَا غِنَايَ يَا عَمِّ عَنْ أَجْرِهَا مَعَ ذِكْرِهَا؟ قَالَ لَهُ:لاَ غِنَى بِكَ عَنْ ذَلِكَ أَعِرْها عَمَّكَ سَاعَةً (5)

ص: 304


1- تعطفت:تثنت و تلوت.و في الأصل و ح:«تقطعت»و الوجه ما أثبت.
2- ح(1:501):«كيف آخذ».
3- في الأصل:«للحصين»و انظر ما سبق ص 287.
4- في الأصل:«الحصين»بالصاد المهملة،تحريف.
5- في الأصل:«أعيرها عنك ساعة»صوابه في ح(1:500).

فَمَا أَسْرَعَ مَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ فَعَلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَقْتِلَ قَالَ:فَمَا شِئْتَ فَأَخَذَ الرَّايَةَ أَبُو عَرْفَاءَ فَقَالَ:يَا أَهْلَ هَذِهِ الرَّايَةِ إِنَّ عَمَلَ اَلْجَنَّةِ كُرْهٌ كُلُّهُ وَ ثَقِيلٌ وَ إِنَّ عَمَلَ اَلنَّارِ خِفٌّ كُلُّهُ [وَ حَبِيبٌ] (1)وَ إِنَّ اَلْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ الَّذِينَ صَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ وَ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَشَدَّ مِنَ الْجِهَادِ هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ ثَوَاباً فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ شَدَدْتُ فَشُدُّوا وَيْحَكُمْ أَ مَا تَشْتَاقُونَ إِلَى اَلْجَنَّةِ أَ مَا تُحِبُّونَ« أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ »؟ فَشَدَّ وَ شَدُّوا مَعَهُ فَاقْتَتَلُوا اقْتِتَالاً شَدِيداً وَ أَخَذَ اَلْحُضَيْنُ (2)يَقُولُ:

شُدُّوا إِذَا مَا شَدَّ بِاللِّوَاءِ ذَاكَ اَلرَّقَاشِيُّ أَبُو عَرْفَاءَ .

فَقَاتَلَ أَبُو عَرْفَاءَ حَتَّى قُتِلَ وَ شَدَّتْ رَبِيعَةُ بَعْدَهُ شِدَّةً عَظِيمَةً عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَنَقَضَتْهَا وَ فِي ذَلِكَ قَالَ مَجْزَاَةُ بْنُ ثَوْرٍ (2)

أَضْرِبُهُمْ وَ لاَ أَرَى مُعَاوِيَهْ اَلْأَبْرَجَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَ الْحَاوِيَهْ (3)

هَوَتْ بِهِ فِي اَلنَّارِ أُمُّ هَاوِيَهْ جَاوَرَهُ فِيهَا كِلاَبٌ عَاوِيَهْ

أَغْوَى طَغَاماً لاَ هَدَتْهُ هَادِيَهْ..

معاوية و عمرو بن العاص

قَالَ: وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو :أَ مَا تَرَى يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا قَدْ دَفَعْنَا فِيهِ كَيْفَ تَرَى أَهْلَ اَلْعِرَاقِ غَداً صَانِعِينَ إِنَّا لَبِمَعْرَضِ خَطَرٍ عَظِيمٍ؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :إِنْ أَصْبَحَتْ رَبِيعَةُ مُتَعَطِّفِينَ حَوْلَ عَلِيٍّ تَعَطُّفَ الْإِبِلِ حَوْلَ فَحْلِهَا لَقِيتَ مِنْهُمْ جِلاَداً

ص: 305


1- هذه التكملة التي أثبت من ح هي في أصلها:«و خبيث»،و المقابلة تقتضى ما أثبت.
2- هو مجزأة بن ثور بن عفير بن زهير بن عمرو بن كعب بن سدوس السدوسى، أحد الصحابة،و كان رئيسا.انظر الإصابة 7724.و في ح:«محرز بن ثور»تحريف. و الرجز يروى لبديل بن ورقاء كما في مروج الذهب(2:25)و لعلى رضي اللّه عنه كما في اللسان(18:229)و مروج الذهب.و للأخنس،كما في الاشتقاق 148.
3- البرج:سعة العين.و الحاوية:واحدة الحوايا،و هي الأمعاء.

صَادِقاً وَ بَأْساً شَدِيداً وَ كَانَتِ الَّتِي لاَ يَتَعَزَّى لَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :أَ بِخُئُولَتِكَ تُخَوِّفُنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ:إِنَّكَ سَأَلْتَنِي فَأَجَبْتُكَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ أَصْبَحُوا وَ رَبِيعَةُ مُحْدِقَةٌ بِعَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلاَمُ إِحْدَاقَ بَيَاضِ الْعَيْنِ بِسَوَادِهَا وَ قَامَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ فَنَادَى مَنْ يُبَايِعُ نَفْسَهُ عَلَى الْمَوْتِ وَ يَشْرِي نَفْسَهُ لِلَّهِ فَبَايَعَهُ سَبْعَةُ آلاَفٍ عَلَى أَلاَّ يَنْظُرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ خَلْفَهُ حَتَّى يَرِدَ سُرَادِقَ مُعَاوِيَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً وَ قَدْ كَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهِمْ .

بعض وقائع الحرب

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي عَتَّابُ بْنُ لَقِيطٍ الْبَكْرِيُّ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ : أَنَّ عَلِيّاً حَيْثُ انْتَهَى إِلَى رَايَاتِ رَبِيعَةَ قَالَ اِبْنُ لَقِيطٍ :إِنْ أُصِيبَ عَلِيٌّ (1)فِيكُمْ افْتَضَحْتُمْ وَ قَدْ لَجَأَ إِلَى رَايَاتِكُمْ وَ قَالَ لَهُمْ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ :يَا مَعْشَرَ رَبِيعَةَ لَيْسَ لَكُمْ عُذْرٌ فِي اَلْعَرَبِ إِنْ أُصِيبَ عَلِيٌّ فِيكُمْ وَ مِنْكُمْ رَجُلٌ حَيٌّ إِنْ مَنَعْتُمُوهُ فَحَمْدُ الْحَيَاةِ أُلْبِسْتُمُوهُ فَقَاتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً لَمْ يَكُنْ قِبَلَهُ مِثْلُهُ حِينَ جَاءَهُمْ عَلِيٌّ فَفِي ذَلِكَ تَعَاقَدُوا وَ تَوَاصَوْا أَلاَّ يَنْظُرَ رَجُلٌ مِنْهُمْ خَلْفَهُ حَتَّى يَرِدَ سُرَادِقَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ مُعَاوِيَةُ قَدْ أَقْبَلُوا قَالَ:

إِذَا قُلْتُ قَدْ وَلَّتْ رَبِيعَةُ أَقْبَلَتْ كَتَائِبُ مِنْهُمْ كَالْجِبَالِ تُجَالِدُ.

ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو :مَا ذَا تَرَى؟ قَالَ:أَرَى أَلاَّ تَحْنَثَ أَخْوَالِي الْيَوْمَ.

فَخَلَّى مُعَاوِيَةُ عَنْهُمْ وَ عَنْ سُرَادِقِهِ وَ خَرَجَ فَارّاً عَنْهُ لاَئِذاً إِلَى بَعْضِ مَضَارِبِ الْعَسْكَرِ فَدَخَلَ فِيهِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ أَنَّكَ قَدْ ظَفِرْتَ وَ لَكَ إِمْرَةُ خُرَاسَانَ إِنْ لَمْ تُتِمَّ فَطَمِعَ خَالِدٌ فِي ذَلِكَ وَ لَمْ يُتِمَّ (2)فَأَمَّرَهُ مُعَاوِيَةُ حِينَ بَايَعَهُ النَّاسُ عَلَى خُرَاسَانَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا.

ص: 306


1- ح(1:501)«إن وصل إلى على».
2- ح:«فقطع خالد القتال و لم يتمه».

وَ فِي ذَلِكَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ

لَوْ شَهِدَتْ هِنْدٌ لَعَمْرِي مُقَامَنَا بِصِفِّينَ فَدَّتْنَا بِكَعْبِ بْنِ عَامِرٍ

فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْأَرْضَ تَنْشُرُ عَنْهُمُ فَيُخْبِرُهُمْ أَنْبَاءَنَا كُلُّ خَابِرٍ

بِصِفِّينَ إِذْ قُمْنَا كَأَنَّا سَحَابَةٌ سَحَابُ وَلِيٍّ صَوْبُهُ مُتَبَادِرٌ

فَأُقْسِمُ لَوْ لاَقَيْتُ عَمْرَو بْنَ وَائِلٍ بِصِفِّينَ أَلْقَانِي بِعُهْدَةِ غَادِرٍ

فَوَلَّوْا سِرَاعاً مُوجِفِينَ كَأَنَّهُمْ نَعَامٌ تُلاَقِي خَلْفَهُنَّ زَوَاجِرُ

وَ فَرَّ اِبْنُ حَرْبٍ عَفَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَ أَرْدَاهُ خِزْياً إِنَّ رَبِّيَ قَادِرٌ

مُعَاوِيَّ لَوْ لاَ أَنْ فَقَدْنَاكَ فِيهِمْ لَغُودِرْتَ مَطْرُوحاً بِهَا مَعَ مَعَاشِرَ

مَعَاشِرَ قَوْمٍ ضَلَّلَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ وَ أَخْزَاهُمُ رَبِّي كَخِزْيِ السَّوَاحِرِ.

قَالَ وَ قَالَ مُرَّةُ بْنُ جُنَادَةَ الْعُلَيْمِيُّ مِنْ بَنِي عُلَيْمٍ مِنْ كَلْبٍ (1)

أَلاَّ سَأَلْتَ بِنَا غَدَاةَ تَبَعْثَرَتْ بَكْرُ اَلْعِرَاقِ بِكُلِّ عَضْبٍ مِقْصَلٍ (2)

بَرَزُوا إِلَيْنَا بِالرِّمَاحِ تَهُزُّهَا بَيْنَ الْخَنَادِقِ مِثْلَ هَزِّ الصَّيْقَلِ

وَ الْخَيْلُ تَضْبِرُ فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهَا أُسْدٌ أَصَابَتْهَا بَلِيْلٌ شَمْأَلُ (3).

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ زَحَفَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ قَدْ خَرَجَ اسْتَقْبَلُوهُ بِزُحُوفِهِمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً ثُمَّ إِنَّ خَيْلَ أَهْلِ اَلشَّامِ حَمَلَتْ عَلَى خَيْلِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَاقْتَطَعُوا مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ أَلْفُ رَجُلٍ أَوْ أَكْثَرُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ وَ حَالُوا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَصْحَابِهِمْ فَلَمْ يَرَوْهُمْ،فَنَادَى عَلِيٌّء.

ص: 307


1- هم بنو عليم بن جناب بن هبل،إحدى قبائل كلب بن وبرة،من قضاعة.انظر الاشتقاق 316 ثمّ 314.
2- مقصل،بالقاف:قطاع.و في الأصل:«مفصل».
3- تضبر:تثب.و في الأصل:«تصبر»تحريف.و الحديد،هنا:السلاح. و البليل:الريح الندية.و في هذا البيت إقواء.

يَوْمَئِذٍ: 1«أَ لاَ رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ لِلَّهِ وَ يَبِيعُ دُنْيَاهُ بِآخِرَتِهِ؟» فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ جُعْفٍ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَارِثِ عَلَى فَرَسٍ أَدْهَمَ كَأَنَّهُ غُرَابٌ مُقَنَّعاً فِي الْحَدِيدِ لاَ يُرَى مِنْهُ إِلاَّ عَيْنَاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ :مُرْنِي بِأَمْرٍ فَوَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ صَنَعْتُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ :

1

«سَمَحْتَ بِأَمْرٍ لاَ يُطَاقُ حَفِيظَةً وَ صِدْقاً وَ إِخْوَانُ الْحِفَاظِ قَلِيلُ (1)

جَزَاكَ إِلَهُ النَّاسِ خَيْراً فَقَدْ وَفَتْ يَدَاكَ بِفَضْلٍ مَا هُنَاكَ جَزِيلُ (2)

، أَبَا الْحَارِثِ شَدَّ اللَّهُ رُكْنَكَ احْمِلْ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ حَتَّى تَأْتِيَ أَصْحَابَكَ فَتَقُولَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكُمْ هَلِّلُوا وَ كَبِّرُوا مِنْ نَاحِيَتِكُمْ وَ نُهَلِّلُ نَحْنُ وَ نُكَبِّرُ مِنْ هَاهُنَا وَ احْمِلُوا مِنْ جَانِبِكُمْ وَ نَحْمِلُ مِنْ جَانِبِنَا عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَضَرَبَ اَلْجُعْفِيُّ فَرَسَهُ حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى السَّنَابِكِ (3)حَمَلَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ الْمُحِيطِينَ بِأَصْحَابِ عَلِيٍّ فَطَاعَنَهُمْ سَاعَةً وَ قَاتَلَهُمْ فَانْفَرَجُوا لَهُ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ فَلَمَّا رَأَوْهُ اسْتَبْشَرُوا بِهِ وَ فَرِحُوا وَ قَالُوا:مَا فَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ:صَالِحٌ يُقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكُمْ:هَلِّلُوا وَ كَبِّرُوا وَ احْمِلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ وَ حَمَلُوا عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ مِنْ ثَمَّ وَ حَمَلَ عَلِيٌّ مِنْ هَاهُنَا فِي أَصْحَابِهِ فَانْفَرَجَ أَهْلُ اَلشَّامِ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا وَ مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ لَقَدْ قُتِلَ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ اَلشَّامِ يَوْمَئِذٍ زُهَاءُ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ قَالَ:وَ قَالَ عَلِيٌّ : 1«مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ غَنَاءً؟» فَقَالُوا:أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: 1«كَلاَّ وَ لَكِنَّهُ اَلْجُعْفِيُّ .» وَ ذَكَرُوا أَنَّ عَلِيّاً كَانَ لاَ يَعْدِلُ بِرَبِيعَةَ أَحَداً مِنَ النَّاسِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى».

ص: 308


1- ح(1.501):«و إخوان الصفاء».
2- في البيت إقواء.و في ح:«خيرا فإنّه*لعمرك فضل».
3- ح:«على أطراف سنابكه».

مُضَرَ وَ أَظْهَرُوا لَهُمُ الْقَبِيحَ وَ أَبْدَوْا ذَاتَ أَنْفُسِهِمْ فَقَالَ حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ شِعْراً أَغْضَبَهُمْ فِيهِ

رَأَتْ مُضَرُ صَارَتْ رَبِيعَةُ دُونَهُمْ شِعَارَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ذَا الْفَضْلِ

فَأَبْدَوْا إِلَيْنَا مَا تُجِنُّ صُدُورُهُمْ عَلَيْنَا مِنَ الْبَغْضَا وَ ذَاكَ لَهُ أَصْلٌ (1)

فَقُلْتُ لَهُمْ لَمَّا رَأَيْتُ رِجَالَهُمْ: بَدَتْ بِهِمْ قَطْوٌ كَأَنَّ بِهِمْ ثِقْلٌ

إِلَيْكُمْ أَهِيبُوا لاَ أَبَا لِأَبِيكُمُ فَإِنَّ لَكُمْ شِكْلاً وَ إِنَّ لَنَا شِكْلُ

وَ نَحْنُ أُنَاسٌ خَصَّنَا اللَّهُ بِالَّتِي رَآنَا لَهَا أَهْلاً وَ أَنْتُمْ لَهَا أَهْلٌ

فَأُبْلُوا بَلاَنَا أَوْ أَقَرُّوا بِفَضْلِنَا وَ لَنْ تَلْحَقُونَا الدَّهْرَ مَا حَنَّتِ الْإِبِلُ.

فَغَضِبُوا مِنْ شِعْرِ حُضَيْنٍ فَقَامَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيِّ (2)وَ عُمَيْرُ بْنُ عُطَارِدِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيُّ وَ وُجُوهُ بَنِي تَمِيمٍ وَ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْأَسَدِيُّ فِي وُجُوهِ بَنِي أَسَدٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ (3)فِي وُجُوهِ هَوَازِنَ فَأَتَوْا عَلِيّاً فَتَكَلَّمَ أَبُو الطُّفَيْلِ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا نَحْسُدُ قَوْماً خَصَّهُمُ اللَّهُ مِنْكَ بِخَيْرٍ إِنْ أَحْمَدُوهُ وَ شَكَرُوهُ وَ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أَوْلَى بِكَ مِنَّا وَ أَنَّكَ لَهُمْ دُونَنَا فَأَعْفِهِمْ عَنِ الْقِتَالِ أَيَّاماً وَ اجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنَّا يَوْماً يُقَاتِلُ فِيهِ فَإِنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا (4)اشْتَبَهَ عَلَيْكَ بَلاَؤُنَا،فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أُعْطِيْتُمْ مَا طَلَبْتُمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ » (5)وَ أَمَرَح.

ص: 309


1- ح:فأبدوا لنا ممّا تجن صدورهم*هو السوء و البغضاء و الحقد و الغل».
2- هو عامر بن واثلة-بالثاء المثلثة-بن عبد اللّه بن عمرو بن جحش الليثى.ولد عام أحد،و رأى الرسول،و روى عن أبي بكر فمن بعده،و عمر إلى أن مات سنة عشر و مائة.و هو آخر من مات من الصحابة.انظر الإصابة 670 من باب الكنى، و تهذيب التهذيب.ح:«بن وائلة»تحريف.
3- هو عبد اللّه بن الطفيل بن ثور بن معاوية العامرى ثمّ البكائى.انظر ما سبق ص 206 و الإصابة 6328.و في الأصل:«عبيد اللّه بن عامر»صوابه في ح(1:502). و سيأتي على الصواب أيضا ص 311.
4- في الأصل:«إن اجتمعنا»و أثبت ما في ح.
5- يوم الأربعاء،ليست في ح.

رَبِيعَةَ أَنْ تَكُفَّ عَنِ الْقِتَالِ وَ كَانَتْ بِإِزَاءِ اَلْيَمَنِ مِنْ صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ .

فَغَدَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ فِي قَوْمِهِ مِنْ كِنَانَةَ وَ هُمْ جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ فَتَقَدَّمَ أَمَامَ الْخَيْلِ وَ هُوَ يَقُولُ:طَاعِنُوا وَ ضَارِبُوا ثُمَّ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ صَابَرَتْ فِي حَرْبِهَا كِنَانَهْ (1) وَ اللَّهُ يَجْزِيهَا بِهَا جِنَانَهْ

مَنْ أَفْرَغَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ زَانَهُ أَوْ غَلَبَ الْجُبْنَ عَلَيْهِ شَانَهُ

أَوْ كَفَرَ اللَّهَ فَقَدْ أَهَانَهُ غَداً يَعَضُّ مَنْ عَصَى بَنَانَهُ.

فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو الطُّفَيْلِ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ نَبَّأْتَنَا أَنَّ أَشْرَفَ الْقَتْلِ الشَّهَادَةُ وَ أَحْظَى الْأَمْرِ الصَّبْرُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ صَبَرْنَا حَتَّى أَصَبْنَا فَقَتِيلُنَا شَهِيدٌ وَ حَيُّنَا ثَائِرٌ (2)فَاطْلُبْ بِمَنْ بَقِيَ ثَأْرَ مَنْ مَضَى فَإِنَّا وَ إِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ صَفْوُنَا (3)وَ بَقِيَ كَدِرُنَا فَإِنَّ لَنَا دِيناً لاَ يَمِيلُ بِهِ الْهَوَى وَ يَقِيناً لاَ يَزْحَمُهُ الشُّبْهَةُ فَأَثْنَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ خَيْراً ثُمَّ غَدَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُمَيْرُ بْنُ عُطَارِدٍ بِجَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ مُضَرَ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَقَالَ:يَا قَوْمِ إِنِّي أَتْبَعُ آثَارَ أَبِي الطُّفَيْلِ وَ تَتْبَعُونَ آثَارَ كِنَانَةَ فَتَقَدَّمَ بِرَايَتِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ ضَارَبَتْ فِي حَرْبِهَا تَمِيمٌ إِنَّ تَمِيماً خَطَبَهَا عَظِيمٌ

لَهَا حَدِيثٌ وَ لَهَا قَدِيمٌ إِنَّ الْكَرِيمَ نَسْلُهُ كَرِيمٌ

إِنْ لَمْ تَزُرْهُمْ رَايَتِي فَلُومُوا (4) دِينٌ قَوِيمٌ وَ هَوًى سَلِيْمٌ.

فَطَعَنَ بِرَايَتِهِ حَتَّى خَضَبَهَا دَماً وَ قَاتَلَ أَصْحَابُهُ قِتَالاً شَدِيداً حَتَّى أَمْسَوْا،».

ص: 310


1- ح:«ضاربت».
2- ثائر،من الثأر.ح:«سعيد».
3- في الأصل:«عفونا»صوابه في ح.
4- في الأصل:«إن لم تزدهم»تحريف.و في ح:«إن لم تردهم».

وَ انْصَرَفَ عُمَيْرٌ إِلَى عَلِيٍّ وَ عَلَيْهِ سِلاَحُهُ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَانَ ظَنِّي بِالنَّاسِ حَسَناً وَ قَدْ رَأَيْتُ مِنْهُمْ فَوْقَ ظَنِّي بِهِمْ قَاتَلُوا مِنْ كُلِّ جِهَةِ وَ بَلَغُوا مِنْ عَفْوِهِمْ جَهْدَ عَدُوِّهِمْ (1)وَ هُمْ لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ثُمَّ غَدَا يَوْمَ السَّبْتِ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْأَسَدِيُّ فِي بَنِي أَسَدٍ وَ هُمْ حَيُّ اَلْكُوفَةِ بَعْدَ هَمْدَانَ فَقَالَ:يَا مَعْشَرَ بَنِي أَسَدٍ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَقْصُرُ دُونَ صَاحِبِي وَ أَمَّا أَنْتُمْ فَذَاكَ إِلَيْكُمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ بِرَايَتِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ حَافَظَتْ فِي حَرْبِهَا بَنُو أَسَدٍ مَا مِثْلُهَا تَحْتَ الْعَجَاجِ مِنْ أَحَدْ

أَقْرَبَ مِنْ يُمْنٍ وَ أَنْأَى مِنْ نَكَدْ كَأَنَّنَا رُكْنَا ثَبِيرٍ أَوْ أُحُدْ (2)

لَسْنَا بِأَوْبَاشٍ وَ لاَ بَيْضَ الْبَلَدْ (3) لَكِنَّنَا الْمُحَّةُ مِنْ وُلْدِ مَعَدْ (4)

كُنْتَ تَرَانَا فِي الْعَجَاجِ كَالْأَسَدِ يَا لَيْتَ رُوحِي قَدْ نَأَى عَنِ الْجَسَدِ.

فَقَاتَلَ الْقَوْمُ وَ لَمْ يَكُونُوا عَلَى مَا يُرِيدُ (5)فِي الْجَهْدِ فَعَذَلَهُمْ عَلَى مَا يَجِبُ فَظَفِرَ ثُمَّ أَتَى عَلِيّاً فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اسْتِهَانَةَ النُّفُوسِ فِي الْحَرْبِ أَبْقَى لَهَا (6)وَ الْقَتْلُ خَيْرٌ لَهَا فِي الْآخِرَةِ.

ثُمَّ غَدَا يَوْمَ الْأَحَدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ (7)وَ كَانَ سَيِّدَ بَنِي عَامِرٍ فَغَدَا بِجَمَاعَةِ هَوَازِنَ وَ هُوَ يَقُولُ:9.

ص: 311


1- العفو:ما جاء في يسر لا كلفة معه.
2- في الأصل:«ركن ثبير»و أثبت ما في ح.
3- بيضة البلد،مثل في الذلة و القلة،و هي بيضة النعام التي يتركها.
4- الولد،بالضم:جمع ولد،كأسد و أسد.و في الأصل:«من ولد سعد»صوابه في ح(1:502).و كأنّه ينظر إلى قول عبد اللّه بن الزبعرى: كانت قريش بيضة فتفلقت فالملح خالصة لعبد مناف.
5- في الأصل:«يزيد».
6- ينظر إلى قول الخنساء: نهين النفوس و هون النفو س يوم الكريهة أبقى لها.
7- سبقت ترجمته في ص 309.

قَدْ ضَارَبَتْ فِي حَرْبِهَا هَوَازِنُ أَوْلاَكَ قَوْمٌ لَهُمُ مَحَاسِنُ

حُبِّي لَهُمْ حَزْمٌ وَ جَأْشِي سَاكِنُ طَعْنَ مُدَارِيكَ وَ ضَرْبٌ وَاهِنُ (1)

هَذَا وَ هَذَا كُلَّ يَوْمٍ كَائِنُ لَمْ يُخْبِرُوا عَنَّا وَ لَكِنْ عَايَنُوا.

وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ حَتَّى اللَّيْلِ ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَإِنَّ النَّاسَ نَقَمَةٌ لَقِيتُ وَ اللَّهِ بِقَوْمِي أَعْدَادَهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَمَا ثَنَوْا أَعِنَّتَهُمْ حَتَّى طَعَنُوا فِي عَدُوِّهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيَّ فَاسْتَكْرَهُونِي عَلَى الرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ وَ اسْتَكْرَهْتُهُمْ عَلَى الاِنْصِرَافِ إِلَيْكَ فَأَبَوْا ثُمَّ عَادُوا فَاقْتَتَلُوا.

فَأَثْنَى عَلِيٌّ عَلَيْهِمْ خَيْراً وَ فَخَرَتِ اَلْمُضَرِيَّةُ بِمَا كَانَ مِنْهُمْ عَلَى اَلرَّبَعِيَّةِ وَ انْتَصَفُوا مِنَ اَلرَّبَعِيَّةِ وَ قَالَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ

حَامَتْ كِنَانَةُ فِي حَرْبِهَا وَ حَامَتْ تَمِيمٌ وَ حَامَتْ أَسَدٌ

وَ حَامَتْ هَوَازِنُ يَوْمَ اللِّقَا فَمَا خَامَ مِنَّا وَ مِنْهُمْ أَحَدٌ

لَقِينَا قَبَائِلَ أَنْسَابُهُمْ إِلَى حَضْرَمَوْتٍ وَ أَهْلِ اَلْجَنَدْ (2)

لَقِينَا الْفَوَارِسَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ اَلْعِيدِ وَ اَلسَّبْتِ ثُمَّ اَلْأَحَدِ (3)

وَ أَمْدَادُهُمْ خَلْفَ آذَانِهِمْ وَ لَيْسَ لَنَا مِنْ سِوَانَا مَدَدْ (4)

فَلَمَّا تَنَادَوْا بِآبَائِهِمْ دَعَوْنَا مَعَدّاً وَ نِعْمَ الْمَعَدْ

فَظَلْنَا نُفَلِّقُ هَامَاتِهِمْ وَ لَمْ نَكُ فِيهَا بِبَيْضِ الْبَلَدِ

وَ نِعْمَ الْفَوَارِسُ يَوْمَ اللِّقَاءِ فَقُلْ فِي عَدِيدٍ وَ قُلْ فِي عَدَدْ

وَ قُلْ فِي طِعَانٍ كَفَرْغِ الدِّلاَءِ وَ ضَرْبٍ عَظِيمٍ كَنَارِ الْوَقَدْ (5)ر.

ص: 312


1- الضرب الواهن:الموهن.يقال وهنه و أوهنه،أي أضعفه.
2- الجند،بالتحريك:قسم من أقسام اليمن،و هي من أرض السكاسك،بينها و بين صنعاء ثمانية و خمسون فرسخا.و في الأصل:«جند»صوابه في ح(1:503).
3- يعني بيوم العيد يوم الجمعة.
4- خلف آذانهم،أي هم من القرب إليهم بذلك المكان.و في الأصل:«أذنابهم» و الوجه ما أثبت من ح.
5- فرغ بضم الراء:جمع فراغ ككتاب،و هو مصب الدلو.و سكن الراء للشعر.

وَ لَكِنْ عَصَفْنَا بِهِمْ عَصْفَةً وَ فِي الْحَرْبِ يُمْنٌ وَ فِيهَا نَكَدْ

طَحَنَّا الْفَوَارِسَ وَسْطَ الْعَجَاجِ وَ سُقْنَا الزَّعَانِفَ سُوقَ النَّقَدْ

وَ قُلْنَا عَلِيٌّ لَنَا وَالِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ طَاعَةٌ كَالْوَلَدْ.

قَالَ وَ بَلَغَ أَبَا الطُّفَيْلِ أَنَّ مَرْوَانَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَشْتِمُونَ أَبَا الطُّفَيْلِ فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيُّ :

أَ يَشْتِمُنِي عَمْرٌو وَ مَرْوَانُ ضَلَّةً بِحُكْمِ اِبْنِ هِنْدٍ وَ الشَّقِيُّ سَعِيدٌ

وَ حَوْلَ اِبْنِ هِنْدٍ شَائِعُونَ كَأَنَّهُمْ إِذَا مَا اسْتَقَامُوا فِي الْحَدِيثِ قُرُودٌ

يَعَضُّونَ مِنْ غَيْظٍ عَلَيَّ أَكُفَّهُمْ وَ ذَلِكَ غَمٌّ لاَ أَجَبُّ شَدِيدٌ

وَ مَا سَبَّنِي إِلاَّ اِبْنُ هِنْدٍ وَ إِنَّنِي لِتِلْكَ الَّتِي يَشْجَى بِهَا لَرَصُودٌ

وَ مَا بَلَّغَتْ أَيَّامُ صِفِّينَ نَفْسَهُ تَرَاقِيَهُ وَ الشَّامِتُونَ شُهُودٌ

وَ طَارَتْ لِعَمْرٍو فِي الْفِجَاجِ شَظِيَّةٌ وَ مَرْوَانُ مِنْ وَقْعِ الرِّمَاحِ يَحِيدُ

.

كتاب عقبة إلى سليمان بن صرد

نَصْرٌ عَنْ عَمْرٍو عَنِ اَلْأَشْعَثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ كُرْدُوسٍ قَالَ: كَتَبَ عُقْبَةُ وَ هُوَ اِبْنُ مَسْعُودٍ عَامِلُ عَلِيٍّ عَلَى اَلْكُوفَةِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ وَ هُوَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ أَمَّا بَعْدُ فَ« إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً »فَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ وَ الصَّبْرِ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ .

خطبة لعلي بصفين

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: 5قَامَ عَلِيٌّ فَخَطَبَ النَّاسَ بِصِفِّينَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ:

1«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الْفَاضِلَةِ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ مِنَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ عَلَى حُجَجِهِ الْبَالِغَةِ عَلَى خَلْقِهِ مَنْ أَطَاعَهُ فِيهِمْ وَ مَنْ عَصَاهُ إِنْ رَحِمَ فَبِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ إِنْ عَذَّبَ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ« وَ أَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ »أَحْمَدُهُ عَلَى حُسْنِ

ص: 313

الْبَلاَءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَا نَابَنَا مِنْ أَمْرِ دُنْيَا أَوْ آخِرَةٍ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ« وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً »وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ« بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ »اِرْتَضَاهُ لِذَلِكَ وَ كَانَ أَهْلَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً مِنْهُ عَلَى خَلْقِهِ فَكَانَ كَعِلْمِهِ فِيهِ رَءُوفاً رَحِيماً أَكْرَمَ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً (1)وَ أَجْمَلَهُ (2)مَنْظَراً وَ أَسْخَاهُ نَفْساً وَ أَبَرَّهُ بِوَالِدٍ وَ أَوْصَلَهُ لِرَحِمٍ وَ أَفْضَلَهُ عِلْماً وَ أَثْقَلَهُ حِلْماً وَ أَوْفَاهُ بِعَهْدٍ وَ آمَنَهُ عَلَى عَقْدٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَ لاَ كَافِرٌ بِمَظْلِمَةٍ قَطُّ بَلْ كَانَ يُظْلَمُ فَيَغْفِرُ وَ يَقْدِرُ (3)فَيَصْفَحُ وَ يَعْفُو حَتَّى مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مُطِيعاً لِلَّهِ صَابِراً عَلَى مَا أَصَابَهُ مُجَاهِداً« فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ »حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَكَانَ ذَهَابُهُ أَعْظَمَ الْمُصِيبَةِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ ثُمَّ تَرَكَ كِتَابَ اللَّهِ فِيكُمْ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ يَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَهْداً فَلَسْتُ أَحِيدُ عَنْهُ وَ قَدْ حَضَرْتُمْ عَدُوَّكُمْ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ رَئِيسِهِمْ مُنَافِقِ ابْنِ مُنَافِقٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَلنَّارِ وَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ مَعَكُمْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَ يَعْمَلُ بِسَنَةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلاَ سَوَاءٌ مَنْ صَلَّى قَبْلَ كُلِّ ذَكَرٍ لَمْ يَسْبِقْنِي بِصَلاَتِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَحَدٌ وَ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ مُعَاوِيَةَ طَلِيقُ ابْنُ طَلِيقٍ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى حَقٍّ وَ إِنَّهُمْ لَعَلَى بَاطِلٍ فَلاَ يَكُونَنَّ الْقَوْمُ عَلَى بَاطِلِهِمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَ تَفَرَّقُونَ عَنْ حَقِّكُمْ حَتَّى يَغْلِبَ بَاطِلُهُمْ حَقَّكُمْ - « قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ »فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يُعَذِّبْهُمْ بِأَيْدِي غَيْرِكُمْ» .ح.

ص: 314


1- في الأصل:«حسنا»و أثبت ما في ح.
2- في ح:«و أجملهم»و كذا سائر ضمائر العبارة إلى قوله:«و آمنه على عقد» أى بضمير الجمع.
3- في الأصل:«و يغدر»صوابه في ح.

فَأَجَابَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْهَضْ بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكَ إِذَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ مَا نُرِيدُ بِكَ بَدَلاً نَمُوتُ مَعَكَ وَ نَحْيَا مَعَكَ - فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ مُجِيباً لَهُمْ: 1«وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَضْرِبُ قُدَّامَهُ بِسَيْفِي فَقَالَ: 14لاَ سَيْفَ إِلاَّ ذُو الْفَقَارِ (1)وَ لاَ فَتَى إِلاَّ عَلِيٌّ » وَ قَالَ 14يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي وَ مَوْتُكَ وَ حَيَاتُكَ يَا عَلِيُّ مَعِي وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لاَ كُذِبْتُ وَ لاَ ضَلِلْتُ وَ لاَ ضُلَّ بِي وَ مَا نَسِيتَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْفِظُهُ لَفْظاً .

ثُمَّ نَهَضَ إِلَى الْقَوْمِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ وَ مَا كَانَتْ صَلاَةُ الْقَوْمِ إِلاَّ تَكْبِيراً .

مبارزات علي عليه السلام و كريب بن الصباح

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ ذَكَرَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَافَّ أَهْلَ اَلشَّامِ حَتَّى بَرَزَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرٍ مِنْ آلِ ذِي يَزَنَ اسْمُهُ كُرَيْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ لَيْسَ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ أَشْهَرُ شِدَّةً بِالْبَأْسِ مِنْهُ ثُمَّ نَادَى:مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْمُرْتَفِعُ بْنُ الْوَضَّاحِ الزُّبَيْدِيُّ فَقَتَلَ اَلْمُرْتَفِعَ ثُمَّ نَادَى:مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْحَارِثُ بْنُ الْجُلاَحِ (2)فَقَتَلَ ثُمَّ نَادَى:مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَائِذُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْهَمْدَانِيُّ (3)فَقَتَلَ عَائِذاً ثُمَّ رَمَى بِأَجْسَادِهِمْ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهَا بَغْياً وَ اعْتِدَاءً ثُمَّ نَادَى:

هَلْ بَقِيَ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ ثُمَّ نَادَاهُ: 1«وَيْحَكَ يَا كُرَيْبُ إِنِّي أُحَذِّرُكَ اللَّهَ وَ بَأْسَهُ وَ نَقِمَتَهُ وَ أَدْعُوكَ إِلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَيْحَكَ لاَ يُدْخِلَنَّكَ

ص: 315


1- ذو الفقار:اسم سيف النبيّ صلّى اللّه عليه،سمى بذلك لحفر صغار حسان كانت به. و كان للعاص بن منبه،ثمّ صار إلى الرسول،ثمّ صار إلى على.انظر اللسان،و ما يعول عليه.
2- ح:«بن اللجلاج».
3- ح:«عابد»بالباء الموحدة.

اِبْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ اَلنَّارَ » فَكَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ:مَا أَكْثَرَ مَا قَدْ سَمِعْنَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْكَ فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِيهَا أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ.مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَ هَذَا أَثَرُهُ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ 1«لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ» ثُمَّ مَشَى إِلَيْهِ فَلَمْ يُمْهِلْهُ أَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَرَّ مِنْهَا قَتِيلاً يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ.

ثُمَّ نَادَى: 1«مَنْ يُبَارِزُ؟» فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْحَارِثُ بْنُ وَدَاعَةَ الْحِمْيَرِيُّ فَقَتَلَ اَلْحَارِثَ .

ثُمَّ نَادَى: 1«مَنْ يُبَارِزُ؟» فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْمُطَاعُ بْنُ الْمُطَّلِبِ الْقَيْنِيُّ (1)فَقَتَلَ مُطَاعاً ثُمَّ نَادَى: 1«مَنْ يَبْرُزُ؟» فَلَمْ يَبْرُزْ إِلَيْهِ أَحَدٌ.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً نَادَى: 1«يَا مَعْشَرَ اَلْمُسْلِمِينَ :« اَلشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ » (2)وَيْحَكَ يَا مُعَاوِيَةُ هَلُمَّ إِلَيَّ فَبَارِزْنِي وَ لاَ يُقْتَلَنَّ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَنَا» فَقَالَ عَمْرٌو :اِغْتَنِمْهُ مُنْتَهَزاً قَدْ قَتَلَ ثَلاَثَةً مِنْ أَبْطَالِ اَلْعَرَبِ وَ إِنِّي أَطْمَعُ أَنْ يُظْفِرَكَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :وَيْحَكَ يَا عَمْرُو وَ اللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ أُقْتَلَ فَتُصِيبَ الْخِلاَفَةَ بَعْدِي اذْهَبْ إِلَيْكَ فَلَيْسَ مِثْلِي يُخْدَعُ.

وَ قَالَ اَلْمُخَارِقُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحِمْيَرِيُّ فِي ذَلِكَ وَ قَدْ قُتِلَ إِخْوَةٌ لَهُ ثَلاَثَةٌ وَ قُتِلَ أَبُوهُ وَ كَانَ مِنْ أَعْلاَمِ اَلْعَرَبِ فَقَالَ وَ هُوَ يَبْكِي عَلَى اَلْعَرَبِ :

أَعُوذُ بِاللَّهِ الَّذِي قَدْ احْتَجَبْ بِالنُّورِ وَ السَّبْعِ الطِّبَاقِ وَ الْحُجُبْ

أَ مِنْ ذَوَاتِ الدِّينِ مِنَّا وَ الْحَسَبْ لاَ تَبْكِيَنْ عَيْنٌ عَلَى مَنْ قَدْ ذَهَبْ

لَيْسَ كَمَثَلِ اللَّهِ شَيْءٌ يُرْتَهَبْ يَا رَبِّ لاَ تُهْلِكَ أَعْلاَمَ اَلْعَرَبِ (3)ث.

ص: 316


1- ح(1:504):«العبسى».
2- في الأصل:«مع الصابرين»تحريف.و الآية هي ال-194 من البقرة.
3- أراد لا تهلكن،فحذف نون التوكيد الحقيقة،و أبقى الفتحة قبلها تدلّ عليها. انظر ما سبق ص 177 في التنبيه الثالث.

اَلْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ فِي التَّعَبِ وَ الْمُطْعِمِينَ الصَّالِحِينَ فِي السَّغَبْ

أَفْنَاهُمُ يَوْمُ الْخَمِيسِ الْمُعْتَصِبْ (1).

قَالَ:فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ .

خطبة عمرو و ابن عباس

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْجَزَرِيُّ (2)قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَبْلَ اَلْوَقْعَةِ الْعُظْمَى بِصِفِّينَ وَ هُوَ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ بِصِفِّينَ فَقَامَ مُحَنِّياً عَلَى قَوْسٍ فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَظِيمِ فِي شَأْنِهِ الْقَوِيِّ فِي سُلْطَانِهِ الْعَلِيِّ فِي مَكَانِهِ الْوَاضِحِ فِي بُرْهَانِهِ أَحْمَدُهُ عَلَى حُسْنِ الْبَلاَءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ مِنْ بَلاَءٍ (3)أَوْ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءٍ وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ إِنَّا نَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا أَصْبَحَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ اشْتِعَالِ نِيرَانِهَا وَ ظَلاَمِ جَنَبَاتِهَا وَ اضْطِرَابِ حَبْلِهَا وَ وُقُوعِ بَأْسِهَا بَيْنَهَا فَ« إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »:« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »أَ وَ لاَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صَلاَتَنَا وَ صَلاَتَهُمْ وَ صِيَامَنَا وَ صِيَامَهُمْ وَ حَجَّنَا وَ حَجَّهُمْ وَ قِبْلَتَنَا وَ قِبْلَتَهُمْ وَ دِينَنَا وَ دِينَهُمْ وَاحِدٌ وَ لَكِنَّ الْأَهْوَاءَ مُتَشَتِّتَةٌ (4)اللَّهُمَّ أَصْلِحْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِمَا أَصْلَحْتَ بِهِ أَوَّلَهَا وَ احْفَظْ فِيهَا بَنِيهَا (5)مَعَ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ وَطِئُوا بِلاَدَكُمْ وَ بَغَوْا عَلَيْكُمْ فَجِدُّوا فِي قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ وَ حَافِظُوا عَلَى حُرُمَاتِكُمْ.

ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ خَطِيباً فَقَالَ

ص: 317


1- المعتصب،وصف من قولهم يوم عصيب أي شديد.و في الأصل:«المغتصب».
2- ح:«الجريرى».
3- اللزبة:الشدة.ح:«رزية».
4- ح:«مختلفة».
5- ح:«و احفظ فيما بيننا».

:« اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »اَلَّذِي دَحَا تَحْتَنَا سَبْعاً وَ سَمَكَ سَبْعاً وَ سَمَكَ فَوْقَنَا سَبْعاً (1)ثُمَّ خَلَقَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَلْقاً وَ أَنْزَلَ لَنَا مِنْهُنَّ رِزْقاً (2)ثُمَّ جَعَلَ كُلَّ شَيْءٍ يَبْلَى وَ يَفْنَى غَيْرَ وَجْهِهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي يَحْيَا وَ يَبْقَى ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَنْبِيَاءَ وَ رُسُلاً فَجَعَلَهُمْ حُجَجاً عَلَى عِبَادِهِ:« عُذْراً أَوْ نُذْراً » لاَ يُطَاعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَ إِذْنِهِ يَمُنُّ بِالطَّاعَةِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهَا وَ يُعْصَى بِعِلْمٍ مِنْهُ فَيَعْفُو وَ يَغْفِرُ بِحِلْمِهِ لاَ يُقْدَرُ قَدْرَهُ وَ لاَ يَبْلُغُ شَيْءٌ مَكَانَهُ:« أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً »وَ« أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً »ثُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِمَامُ الْهُدَى وَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَ قَدْ سَاقَنَا قَدَرُ اللَّهِ إِلَى مَا قَدْ تَرَوْنَ حَتَّى كَانَ فِيمَا اضْطَرَبَ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ انْتَشَرَ مِنْ أَمْرِهَا أَنَّ اِبْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ قَدْ وَجَدَ مِنْ طَغَامِ أَهْلِ اَلشَّامِ أَعْوَاناً عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -اِبْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ صِهْرِهِ وَ أَوَّلِ ذَكَرٍ صَلَّى مَعَهُ بَدْرِيٍّ قَدْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كُلَّ مَشَاهِدِهِ الَّتِي فِيهَا الْفَضْلُ وَ مُعَاوِيَةَ وَ أَبُو سُفْيَانَ مُشْرِكَانِ يَعْبُدَانِ الْأَصْنَامَ وَ اعْلَمُوا وَ اللَّهِ الَّذِي مَلَكَ الْمُلْكَ وَحْدَهُ فَبَانَ بِهِ وَ كَانَ أَهْلَهُ - لَقَدْ قَاتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٌّ يَقُولُ:

1« صَدَقَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ » وَ مُعَاوِيَةَ وَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولاَنِ:كَذَبَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَمَا مُعَاوِيَةُ فِي هَذِهِ بِأَبَرَّ وَ لاَ أَتْقَى وَ لاَ أَرْشَدَ وَ لاَ أَصْوَبَ مِنْهُ فِي قِتَالِكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْجَدِّ وَ الْحَزْمِ وَ الصَّبْرِ وَ إِنَّكُمْ لَعَلَى الْحَقِّ وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَعَلَى الْبَاطِلِ فَلاَ يَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْجِدِّ فِي بَاطِلِهِمْ مِنْكُمْ فِي حَقِّكُمْ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ سَيُعَذِّبُهُمْ بِأَيْدِيكُمْ أَوْ بِأَيْدِي غَيْرِكُمْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنَّا وَ لاَ تَخْذُلْنَا وَ انْصُرْنَا عَلَى عَدُوِّنَا وَ لاَ تَخَلَّ عَنَّا (3)وَ« اِفْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ »وَ السَّلاَمُل.

ص: 318


1- سمك:رفع.و يقال سمكته فسمك،أي رفعته فارتفع.
2- في الأصل:«و أنزل لهم فيها رزقا»و أثبت ما في ح.
3- ح:«و لا تحل عنا»من حال يحول.

عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَقُولُ قَوْلِي وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ .

خطبة عمار بن ياسر

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُنْدَبٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَامَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ فَقَالَ:اِمْضُوا (1)مَعِي عِبَادَ اللَّهِ إِلَى قَوْمٍ يَطْلُبُونَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِدَمِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ الْحَاكِمِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلَهُ الصَّالِحُونَ الْمُنْكِرُونَ لِلْعُدْوَانِ الْآمِرُونَ بِالْإِحْسَانِ.

فَقَالَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ لاَ يُبَالُونَ إِذَا سَلِمَتْ لَهُمْ دُنْيَاهُمْ وَ لَوْ دَرَسَ هَذَا الدِّينُ لِمَ قَتَلْتُمُوهُ فَقُلْنَا لِإِحْدَاثِهِ فَقَالُوا إِنَّهُ مَا أَحْدَثَ شَيْئاً وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَكَّنَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا فَهُمْ يَأْكُلُونَهَا وَ يَرْعَوْنَهَا وَ لاَ يُبَالُونَ انْهَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْجِبَالُ.وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّهُمْ يَطْلُبُونَ دَمَهُ (2)إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَظَالِمٌ وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ ذَاقُوا الدُّنْيَا فَاسْتَحَبُّوهَا وَ اسْتَمْرَءُوهَا وَ عَلِمُوا لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَزِمَهُمْ لَحَالَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَأْكُلُونَ وَ يَرْعَوْنَ فِيهِ مِنْهَا وَ لَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سَابِقَةٌ فِي اَلْإِسْلاَمِ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الطَّاعَةَ وَ الْوَلاَيَةَ فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ بِأَنْ قَالُوا قُتِلَ إِمَامُنَا مَظْلُوماً.

لِيَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً وَ مُلُوكاً وَ تِلْكَ مَكِيدَةٌ قَدْ بَلَغُوا بِهَا مَا تَرَوْنَ وَ لَوْ لاَ هِيَ (3)مَا بَايَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ رَجُلاَنِ (4)اللَّهُمَّ إِنْ تَنْصُرْنَا فَطَالَمَا نَصَرْتَ وَ إِنْ تَجْعَلْ لَهُمُ الْأَمْرَ فَادَّخِرْ لَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا لِعِبَادِكَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.

ص: 319


1- ح:«انهضوا».
2- ح(1:505):«بدم».
3- هذا هو المعتمد في مثل هذا التعبير،كما جاء في الطبريّ(6:22)بل ذهب المبرد إلى أن«لو لا»لا يليها من المضمرات إلاّ المنفصل المرفوع،و احتج بأنّه لم يأت في القرآن غير ذلك.و في قول اللّه:« لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ »انظر الخزانة(2: 430-433)و شرح الرضى للكافية(2:18-19).و جاء في ح(1:504): «لو لاها»و في جواز هذا الوجه-و هو إيلاؤها الضمير المشترك بين النصب و الجر-خلاف، و ممّا سمع منه قوله: *لولاك في ذا العام لم أحجج*.
4- و كذا في الطبريّ،لكن في ح:«رجل».

ثُمَّ مَضَى وَ مَضَى مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:يَا عَمْرُو بِعْتَ دِينَكَ بِمِصْرَ تَبّاً لَكَ وَ طَالَمَا بَغَيْتَ اَلْإِسْلاَمَ عِوَجاً ثُمَّ حَمَلَ عَمَّارٌ وَ هُوَ يَقُولُ:

صَدَقَ اللَّهُ وَ هُوَ لِلصِّدْقِ أَهْلٌ وَ تَعَالَى رَبِّي وَ كَانَ جَلِيلاً

رَبِّ عَجِّلْ شَهَادَةً لِي بِقَتْلٍ فِي الَّذِي قَدْ أَحَبَّ قَتْلاً جَمِيلاً (1)

مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِنَّ لِلْقَتْلِ عَلَى كُلِّ مَيْتَةٍ تَفْضِيلاً

إِنَّهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي جِنَانِ يَشْرَبُونَ الرَّحِيقَ وَ السَّلْسَبِيلاَ

مِنْ شَرَابِ الْأَبْرَارِ خَالَطَهُ الْمِسْكُ وَ كَأْساً مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً.

ثُمَّ نَادَى عَمَّارٌ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَ ذَلِكَ قَبْلَ مَقْتَلِهِ فَقَالَ:يَا اِبْنَ عُمَرَ صَرَعَكَ اللَّهُ بِعْتَ دِينَكَ بِالدُّنْيَا مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ وَ عَدُوِّ اَلْإِسْلاَمِ قَالَ:كَلاَّ وَ لَكِنْ أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ الشَّهِيدِ الْمَظْلُومِ قَالَ:كَلاَّ أَشْهَدُ عَلَى عِلْمِي فِيكَ أَنَّكَ أَصْبَحْتَ لاَ تَطْلُبُ بِشَيْءٍ مِنْ فِعْلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تُقْتَلِ الْيَوْمَ فَسَتَمُوتُ غَداً فَانْظُرْ إِذَا أَعْطَى اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ مَا نِيَّتُكَ؟ ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ :اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِي أَنْ أَقْذِفَ بِنَفْسِي فِي هَذَا الْبَحْرِ لَفَعَلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ أَنْ أَضَعَ ظُبَةَ سَيْفِي فِي بَطْنِي ثُمَّ أَنْحَنِيَ عَلَيْهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي لَفَعَلْتُ اللَّهُمَّ وَ إِنِّي أَعْلَمُ مِمَّا أَعْلَمْتَنِي أَنِّي لاَ أَعْمَلُ (2)الْيَوْمَ عَمَلاً هُوَ أَرْضَى لَكَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلاَءِ الْفَاسِقِينَ وَ لَوْ أَعْلَمُ الْيَوْمَ عَمَلاً أَرْضَى لَكَ مِنْهُ لَفَعَلْتُهُ.

رجل مستبصر بعمار

نَصْرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ (3)عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ

ص: 320


1- في الذي،أي مع الذين.
2- في الأصل:«لا أعلم»و أثبت ما في ح(1:505).
3- هو صباح بن يحيى أبو محمّد المزنى،يروى عن الحارث بن حصيرة.قال ابن عدى: هو من جملة الشيعة.انظر لسان الميزان و منتهى المقال 164.

عَنْ زَبَدِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ قَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَحْتَ رَايَةِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ارْتِفَاعَ الضُّحَى اسْتَظْلَلْنَا بِبُرْدٍ أَحْمَرَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسْتَقْرِي الصَّفَّ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا فَقَالَ:أَيُّكُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ؟ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ هَذَا عَمَّارٌ قَالَ: أَبُو الْيَقْظَانِ ؟ قَالَ:نَعَمْ قَالَ:إِنَّ لِي حَاجَةً إِلَيْكَ فَأَنْطِقَ بِهَا عَلاَنِيَةً أَوْ سِرّاً قَالَ:اِخْتَرْ لِنَفْسِكَ أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ قَالَ:لاَ بَلْ عَلاَنِيَةً قَالَ:فَانْطِقْ قَالَ:إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي مُسْتَبْصِراً فِي الْحَقِّ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ لاَ أَشُكُّ فِي ضَلاَلَةٍ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ وَ أَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ فَلَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَبْصِراً حَتَّى كَانَ لَيْلَتِي هَذِهِ صَبَاحَ يَوْمِنَا هَذَا فَتَقَدَّمَ مُنَادِينَا فَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ نَادَى بِالصَّلاَةِ فَنَادَى مُنَادِيهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّيْنَا صَلاَةً وَاحِدَةً وَ دَعَوْنَا دَعْوَةً وَاحِدَةً وَ تَلَوْنَا كِتَاباً وَاحِداً وَ رَسُولُنَا وَاحِدٌ فَأَدْرَكَنِي الشَّكُّ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ حَتَّى أَصْبَحْتُ فَأَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: 1«هَلْ لَقِيتَ عَمَّارَ بْنُ يَاسِرٍ ؟» قُلْتُ:لاَ قَالَ:

1«فَالْقَهُ فَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ فَاتَّبِعْهُ» فَجِئْتُكَ لِذَلِكَ قَالَ لَهُ عَمَّارٌ :هَلْ تَعْرِفُ صَاحِبَ الرَّايَةِ السَّوْدَاءِ الْمُقَابِلَتِي؟ (1)فَإِنَّهَا رَايَةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَاتَلْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ مَا هِيَ بِخَيْرِهِنَّ وَ لاَ أَبَرِّهِنَّ بَلْ هِيَ شَرُّهُنَّ وَ أَفْجَرُهُنَّ أَ شَهِدْتَ بَدْراً وَ أُحُداً وَ حُنَيْناً أَوْ شَهِدَهَا لَكَ أَبٌ فَيُخْبِرَكَ عَنْهَا؟ قَالَ:لاَ قَالَ:فَإِنَّ مَرَاكِزَنَا عَلَى مَرَاكِزِ رَايَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَ يَوْمَ أُحُدٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَ إِنَّ هَؤُلاَءِ عَلَى مَرَاكِزِ رَايَاتِ اَلْمُشْرِكِينَ مِنَ اَلْأَحْزَابِ هَلْ تَرَى هَذَا الْعَسْكَرَ وَ مَنْ فِيهِ؟ فَوَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ أَقْبَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ مِمَّنْ يُرِيدُ قِتَالَنَا مُفَارِقاً لِلَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ كَانُوا».

ص: 321


1- في الأصل:«لمقابلتي»تحريف.و في ح(1:506):«المقابلة لي».

خَلْقاً وَاحِداً فَقَطَعْتُهُ وَ ذَبَحْتُهُ وَ اللَّهِ لَدِمَاؤُهُمْ جَمِيعاً أَحَلُّ مِنْ دَمِ عُصْفُورٍ.

أَ فَتَرَى دَمَ عُصْفُورٍ حَرَاماً؟ قَالَ:لاَ بَلْ حَلاَلٌ قَالَ:فَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ حَلاَلٌ دِمَاؤُهُمْ أَ تَرَانِي بَيَّنْتُ لَكَ؟ قَالَ:قَدْ بَيَّنْتَ لِي قَالَ:فَاخْتَرْ أَيَّ ذَلِكَ أَحْبَبْتَ قَالَ:فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ ثُمَّ دَعَاهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ سَيَضْرِبُونَنَا بِأَسْيَافِهِمْ (1)حَتَّى يَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ مِنْكُمْ فَيَقُولُونَ:لَوْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى حَقٍّ مَا ظَهَرُوا عَلَيْنَا وَ اللَّهِ مَا هُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَا يُقْذِي عَيْنَ ذُبَابٍ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى يُبْلِغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ (2)لَعَرَفْتُ أَنَّا عَلَى حَقٍّ وَ هُمْ عَلَى بَاطِلٍ وَ ايْمُ اللَّهِ لاَ يَكُونُ سِلْماً سَالِماً أَبَداً حَتَّى يَبُوءَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ وَ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ بِأَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَ إِنَّ قَتْلاَهُمْ فِي اَلْجَنَّةِ وَ مَوْتَاهُمْ وَ لاَ يَنْصَرِمُ أَيَّامُ الدُّنْيَا حَتَّى يَشْهَدُوا بِأَنَّ مَوْتَاهُمْ وَ قَتْلاَهُمْ فِي اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّ مَوْتَى أَعْدَائِهِمْ وَ قَتْلاَهُمْ فِي اَلنَّارِ وَ كَانَ أَحْيَاؤُهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ .

جواب علي عليه السلام لمن سأله عن أهل الشام

نَصْرٌ عَنْ يَحْيَى (3)عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَزَوَّرٍ (4)عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ نُقَاتِلُهُمُ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةٌ وَ الرَّسُولُ وَاحِدٌ وَ الصَّلاَةُ وَاحِدَةٌ وَ الْحَجُّ وَاحِدٌ فَبِمَ نُسَمِّيهِمْ؟ قَالَ:

1«تُسَمِّيهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ » قَالَ:مَا كُلُّ مَا فِي اَلْكِتَابِ أَعْلَمُهُ قَالَ:

1«أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ قَالَ :« تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ »إِلَى قَوْلِهِ « وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ -

ص: 322


1- ح:«سيضربونكم بأسيافهم».
2- ذكر هذا الحديث في اللسان(11:52):و قال:«و إنّما خص هجر للمباعدة في المسافة،و لأنّها موصوفة بكثرة النخيل».
3- هو يحيي بن يعلى،كما في ح.و انظر ص 217.
4- حزور،بالحاء المهملة و الزاى المفتوحتين و الواو المشددة.و يقال له أيضا على بن أبي فاطمة.متروك شديد التشيع.مات بعد الثلاثين و المائة.منتهى المقال 210.

وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ »فَلَمَّا وَقَعَ الاِخْتِلاَفُ كُنَّا نَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ بِالْكِتَابِ وَ بِالنَّبِيِّ وَ بِالْحَقِّ فَنَحْنُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ شَاءَ اللَّهُ قِتَالَهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ هُدًى بِمَشِيئَةِ اللَّهِ (1)رَبِّنَا وَ إِرَادَتِهِ» .

ما جاء من الحديث في عمار

نَصْرٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ (2)عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ: 14«اِئْذَنُوا لَهُ مَرْحَباً بِالطَّيِّبِ ابْنِ الطَّيِّبِ» .

نَصْرٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ (3)عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَعْنِي أَنَّهُ رَآهُمْ يَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ حِجَارَةَ اَلْمَسْجِدِ فَقَالَ:

14«مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ يَدْعُونَهُ إِلَى اَلنَّارِ وَ ذَاكَ الْأَشْقِيَاءُ الْفُجَّارُ» .

نَصْرٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ اَلْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: «لَقَدْ مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَاناً إِلَى مُشَاشِهِ» (4).

نَصْرٌ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: 14إِنَّ اَلْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلاَثَةٍ عَلِيٍّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانَ (5). .

ص: 323


1- في الأصل:«بسنة اللّه»و أثبت ما في ح(1:506).
2- هو قيس بن الربيع الأسدى،أبو محمّد الكوفيّ.قال ابن حجر:«لا يكاد يعرف، عداده في التابعين».انظر لسان الميزان و منتهى المقال 247.و في الأصل:«بن الربيعى» تحريف.و انظر ما مضى في ص 217،231.
3- هو سفيان بن سعيد بن مسروق أبو عبد اللّه الثوري الكوفيّ،ثقة حافظ فقيه، و كان ربما دلس.مات سنة 161 و له أربع و ستون سنة.و هو أحد أصحاب الرأى.انظر تهذيب التهذيب و المعارف 217.و في الأصل:«سفيان عن سعيد»تحريف.
4- المشاش،بالضم:رءوس العظام اللينة.انظر اللسان(8:239 س 10).
5- هو سلمان الفارسيّ الصحابيّ،كان أول مشاهده الخندق،ثمّ شهد بقية المشاهدة و فتوح العراق،و ولى المدائن.و هو أحد المعمرين،يزعمون أنّه عاش ثلاثمائة و خمسين سنة.انظر الإصابة 335.

نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بُنِيَ اَلْمَسْجِدُ جَعَلَ عَمَّارٌ يَحْمِلُ حَجَرَيْنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14«يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لاَ تَشْقُقْ عَلَى نَفْسِكَ» قَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْمَلَ فِي هَذَا اَلْمَسْجِدِ قَالَ:ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ ثُمَّ قَالَ: 14«إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

نَصْرٌ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَزْرَقِ الْبُرْجُمِيِّ (1)قَالَ:حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ الْجُمَحِيِّ عَنِ اِبْنِ أَبِي مُلَكْيَةَ (2)قَالَ:قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : لَوْ لاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ بِطَوَاعِيَتِكَ مَا سِرْتُ مَعَكَ هَذَا الْمَسِيرَ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لِعَمَّارٍ : 14«يَقْتُلُكَ اَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ » .

أويس القرني

نَصْرٌ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: أُصِيبَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ (3)مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ .

القول في من يشري نفسه

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ اَلْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ :

فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:« وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ اللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ »قَالَ:نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ وَ هُوَ صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ (4)أَخَذَهُ اَلْمُشْرِكُونَ فِي رَهْطٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ خَيْرٌ

ص: 324


1- هو حفص بن عمر أو ابن عمران الأزرق البرجمى الكوفيّ،كان من المستورين. تقريب التهذيب.
2- اسمه عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أبي مليكة-بالتصغير-بن عبد اللّه بن جدعان التيمى المدنيّ،أدرك ثلاثين من الأصحاب و مات سنة 117.تقريب التهذيب.
3- هو أويس بن عامر القرنى،سيد التابعين،روى له مسلم.و القرنى،بفتح القاف و الراء:نسبة إلى قرن،و هم بطن من بطون جعفى بن سعد العشيرة.انظر تقريب التهذيب و الاشتقاق ص 245.
4- جدعان،بضم الجيم بعدها دال مهملة.انظر الاشتقاق 88 و الإصابة 4578. و كان عبد اللّه سيد قريش في الجاهلية.و في الأصل:«بن جذعان»تحريف.

مَوْلَى قُرَيْشٍ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ (1)خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ مَوْلَى ثَابِتٍ ابْنِ أُمِّ أَنْمَارٍ (2)وَ بِلاَلٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عَابِسٌ (3)مَوْلَى حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ أَبُو عَمَّارٍ (4)وَ سُمَيَّةُ أُمُّ عَمَّارٍ فَقُتِلَ أَبُو عَمَّارٍ وَ أُمُّ عَمَّارٍ وَ هُمَا أَوَّلُ قَتِيلَيْنِ قُتِلاَ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ عُذِّبَ الْآخَرُونَ بَعْدَ مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَأَرَادُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَأَمَّا صُهَيْبٌ فَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً ذَا مَتَاعٍ فَقَالَ لِلْمُشْرِكِينَ :هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ؟ فَقَالُوا:مَا هُوَ؟ قَالَ:أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ لاَ يَضُرُّكُمُ مِنْكُمْ كُنْتُ أَوْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ قَدْ تَكَلَّمْتُ بِكَلاَمٍ أَكْرَهُ أَنْ أَنْزِلَ عَنْهُ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مَالِي وَ تَذَرُونِي وَ دِينِي؟ فَفَعَلُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ حِينَ دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ فَقَالَ:رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ وَ قَالَ:وَ بَيْعُكَ لاَ يَخْسَرُ وَ قَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ فَفَرِحَ بِهَا أَمَّا بِلاَلٌ وَ خَبَّابٌ وَ عَابِسٌ وَ عَمَّارٌ وَ أَصْحَابُهُمْ فَعُذِّبُوا حَتَّى قَالُوا:بَعْضَ مَا أَرَادَ اَلْمُشْرِكُونَ ثُمَّ أُرْسِلُوا فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:« وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا(5) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ لَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ » . »

ص: 325


1- خير،و يقال أيضا«جبر»مولى عامر بن الحضرمى،أخى العلاء بن الحضرمى الصحابيّ المشهور.و في خير نزل قول اللّه:« إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » أكرهه عامر على الكفر،ثمّ أسلم عامر بعد و كان في الصحابة.انظر الإصابة و السيرة 260 جوتنجن.
2- كذا.و في الإصابة:«مولى أم أنمار الخزاعية،و قيل غير ذلك».
3- عابس،بالباء الموحدة،كما في القاموس(عبس)و الإصابة 4331.قيل:نزل فيه و في صهيب:« وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ. »و في الأصل:«عائش» في هذا الموضع و تاليه،تحريف.
4- في الأصل:«و أبى عمار»تحريف.
5- (5) في الأصل:«فتنوا»و هو من شنيع التحريف.و هذه الآية هي الآية 41 من سورة النحل.و أما«فتنوا»فهى في الآية 110 من سورة النحل أيضا:« ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

نَصْرٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَوْطٍ (1)عَنِ اَلْحَسَنِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أَخَذَ فِي بِنَاءِ اَلْمَسْجِدِ قَالَ: 14«اِبْنُوا لِي عَرِيشاً كَعَرِيشِ مُوسَى » وَ جَعَلَ يُنَاوِلُ اللَّبِنَ وَ هُوَ يَقُولُ: 14«اَللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرٌ الْآخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَ اَلْمُهَاجِرَةِ » وَ جَعَلَ يَتَنَاوَلُ مِنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ يَقُولُ: 14«وَيْحَكَ يَا اِبْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ اَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ » .

حرب عمار بن ياسر و هاشم بن عتبة

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ :

أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ نَادَى يَوْمَئِذٍ (2):أَيْنَ مَنْ يَبْغِي رِضْوَانَ رَبِّهِ وَ لاَ يَئُوبُ إِلَى مَالٍ وَ لاَ وَلَدٍ؟ قَالَ:فَأَتَتْهُ عِصَابَةٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ اقْصِدُوا بِنَا نَحْوَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَبْغُونَ دَمَ عُثْمَانَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ إِلاَّ ظَالِماً لِنَفْسِهِ الْحَاكِمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

دَفَعَ عَلِيٌّ الرَّايَةَ إِلَى هَاشِمِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَ كَانَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ دِرْعَانِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ كَهَيْئَةِ الْمَازِحِ: 1«أَيَا هَاشِمُ أَ مَا تَخْشَى مِنْ نَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْوَرَ جَبَاناً؟» قَالَ:سَتَعْلَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ لَأَلُفَّنَّ بَيْنَ جَمَاجِمِ الْقَوْمِ لَفَّ رَجُلٍ يَنْوِي الْآخِرَةَ فَأَخَذَ رُمْحاً فَهَزَّهُ فَانْكَسَرَ ثُمَّ آخَرُ فَوَجَدَهُ جَاسِياً فَأَلْقَاهُ ثُمَّ دَعَا بِرُمْحٍ لَيِّنٍ فَشَدَّ بِهِ لِوَاءَهُ وَ لَمَّا دَفَعَ عَلِيٌّ الرَّايَةَ إِلَى هَاشِمٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَصْحَابِ هَاشِمٍ :أَقْدِمْ هَاشِمُ يُكَرِّرُهَا ثُمَّ قَالَ:

مَا لَكَ يَا هَاشِمُ قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُكَ أَ عَوَراً وَ جُبْناً؟ قَالَ:مَنْ هَذَا؟ قَالُوا:فُلاَنٌ قَالَ:أَهْلُهَا وَ خَيْرٌ مِنْهَا إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ صُرِعْتُ فَخُذْهَا ثُمَّ قَالَ:لِأَصْحَابِهِ شُدُّوا شُسُوعَ نِعَالِكُمْ وَ شُدُّوا أُزُرَكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ هَزَزْتُ الرَّايَةَ ثَلاَثاً فَاعْلَمُوا

ص: 326


1- خوط،بفتح الخاء المعجمة بعدها واو ساكنة.و ترجمة أيوب في تقريب التهذيب و لسان الميزان.و في الأصل:«بن حنوط»تحريف.
2- ح(2:269):«نادى في صفّين يوما قبل مقتله بيوم أو يومين».

أَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لاَ يَسْبِقُنِي إِلَيْهَا (1)ثُمَّ نَظَرَ هَاشِمٌ إِلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ فَرَأَى جَمْعاً عَظِيماً فَقَالَ:مَنْ أُولَئِكَ؟ قِيلَ أَصْحَابُ ذِي الْكَلاَعِ ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَى جُنْداً فَقَالَ:مَنْ أُولَئِكَ؟ قَالُوا:جُنْدُ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ وَ قُرَيْشٍ (2)قَالَ:قَوْمِي لاَ حَاجَةَ لِي فِي قِتَالِهِمْ قَالَ:مَنْ عِنْدَ هَذِهِ الْقُبَّةِ الْبَيْضَاءِ؟ قِيلَ: مُعَاوِيَةُ وَ جُنْدُهُ.

قَالَ:فَإِنِّي أَرَى دُونَهُمْ أَسْوِدَةً (3)قَالُوا ذَاكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ ابْنَاهُ وَ مَوَالِيهِ.

وَ أَخَذَ الرَّايَةَ فَهَزَّهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:اُمْكُثْ قَلِيلاً وَ لاَ تَعْجَلْ فَقَالَ هَاشِمٌ

قَدْ أَكْثَرَا لَوْمِي وَ مَا أَقَلاَّ (4)إِنِّي شَرَيْتُ النَّفْسَ لَنْ أَعْتَلاَّ

أَعْوَرُ يَبْغِي نَفْسَهُ مَحَلاَّ لاَ بُدَّ أَنْ يَفُلَّ أَوْ يُفَلاَّ (5)

قَدْ عَالَجَ الْحَيَاةَ حَتَّى مَلاَّ أَشُدُّهُمْ بِذِي الْكُعُوبِ شَلاَّ (6).

قَالَ نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ

أَشُلُّهُمْ بِذِي الْكُعُوبِ شَلاَّ

مَعَ ابْنِ عَمِّ أَحْمَدَ الْمُعَلَّى

فِيهِ الرَّسُولُ بِالْهُدَى اسْتَهَلاَّ

أَوَّلِ مَنْ صَدَّقَهُ وَ صَلَّى

فَجَاهَدَ اَلْكُفَّارَ حَتَّى أَبْلَى.

قَالَ:وَ قَدْ كَانَ عَلِيٌّ قَالَ لَهُ: 1«أَ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ أَعْوَرَ جَبَاناً أَيَا هَاشِمُل.

ص: 327


1- ح:«إلى الحملة».
2- ح:«قيل قريش و قوم من أهل المدينة».
3- الأسودة:جمع سواد،و هو الشخص.
4- ح:«قد أكثرا لومى».مروج الذهب(2:22):«قد أكثر القوم».
5- الفل:الهزيمة.و في الأصل:«يغل أو يغلا»صوابه في ح و مروج الذهب و الطبريّ(6:22).
6- ذو الكعوب:الرمح.و الشل:الطرد.و رواية الطبريّ(6:24): *يتلهم بذى الكعوب تلا* تله يتله تلا:صرعه،فهو متاول و تليل.

الْمِرْقَالُ ؟» قَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا وَ اللَّهِ لَتَعْلَمَنِّي (1)إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلُفُّ الْيَوْمَ بَيْنَ جَمَاجِمِ الْقَوْمِ فَحَمَلَ يَوْمَئِذٍ يُرْقِلُ إِرْقَالاً .

نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّينَ وَ الرَّايَةُ مَعَ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ:جَعَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَتَنَاوَلُهُ بِالرُّمْحِ وَ يَقُولُ:أَقْدِمْ يَا أَعْوَرُ:

لاَ خَيْرَ فِي أَعْوَرٍ لاَ يَأْتِي الْفَزَعَ.

قَالَ:فَجَعَلَ يَسْتَحْيِي مِنْ عَمَّارٍ وَ كَانَ عَالِماً بِالْحَرْبِ فَيَتَقَدَّمُ فَيَرْكُزُ الرَّايَةَ فَإِذَا تَتَامَّتْ (2)إِلَيْهِ الصُّفُوفُ قَالَ عَمَّارٌ :أَقْدِمْ يَا أَعْوَرُ

لاَ خَيْرَ فِي أَعْوَرٍ لاَ يَأْتِي الْفَزَعَ.

فَجَعَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ:إِنِّي لَأَرَى لِصَاحِبِ الرَّايَةِ السَّوْدَاءِ عَمَلاً لَئِنْ دَامَ عَلَى هَذَا لَتُفْنِيَنَّ اَلْعَرَبَ الْيَوْمَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً وَ جَعَلَ عَمَّارٌ يَقُولُ:

صَبْراً عِبَادَ اللَّهِ اَلْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلاَلِ الْبَيْضِ (3)وَ كَانَ لِوَاءُ اَلشَّامِ مَعَ أَبِي الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ .

وَ لَمْ يَزَلْ عَمَّارٌ بِهَاشِمٍ يَنْخَسُهُ حَتَّى اشْتَدَّ الْقِتَالُ (4)وَ زَحَفَ هَاشِمٌ بِالرَّايَةِ يُرْقِلُ بِهَا إِرْقَالاً وَ كَانَ يُسَمَّى اَلْمِرْقَالَ قَالَ وَ زَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ الْتَقَى الزَّحْفَانِ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالاً شَدِيداً لَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا.).

ص: 328


1- في الأصل:«لتعلمن».
2- في الأصل:«شامت».
3- البيض:السيوف.
4- في الأصل:«شبت القتال»صوابه في ح(2:270).

[المعقلون بالعمائم]

قَالَ:وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ (1)قَالَ:

لَمَّا الْتَقَيْنَا بِالْقَوْمِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَدْنَاهُمْ خَمْسَةَ صُفُوفٍ قَدْ قَيَّدُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَمَائِمِ (2)فَقَتَلْنَا صَفّاً صَفّاً حَتَّى قَتَلْنَا ثَلاَثَةَ صُفُوفٍ وَ خَلَصْنَا إِلَى الصَّفِّ الرَّابِعِ مَا عَلَى الْأَرْضِ شَامِيٌّ وَ لاَ عِرَاقِيُّ يُوَلِّي دُبُرَهُ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ يَقُولُ (3)

إِذَا مَا فَرَرْنَا كَانَ أَسْوَا فِرَارُنَا صُدُودَ الْخُدُودِ وَ ازْوِرَارَ الْمَنَاكِبِ (4)

صُدُودَ الْخُدُودِ وَ الْقَنَا مُتَشَاجِرٌ وَ لاَ تَبْرَحِ الْأَقْدَامُ عِنْدَ التَّضَارُبِ.

ثُمَّ إِنَّ اَلْأَزْدَ وَ بَجِيلَةَ كَشَفُوا هَمْدَانَ غَلْوَةً حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى التَّلِّ فَصَعِدُوا فَشَدَّتْ عَلَيْهِمُ اَلْأَزْدُ وَ بَجِيلَةُ حَتَّى أَحْدَروُهُمْ مِنْهُ ثُمَّ عَطَفَتْ عَلَيْهِمْ هَمْدَانُ حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى أَنْ تَرَكُوا مَصَافَّهُمْ وَ قُتِلَ مِنَ اَلْأَزْدِ وَ بَجِيلَةَ يَوْمَئِذٍ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ فِي دَفْعَةٍ.

ثُمَّ إِنَّ هَمْدَانَ عُبِّيَتْ لِعُكٍّ فَقِيلَ

هَمْدَانُ هَمْدَانُ وَ عُكٌّ عُكٌّ سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ مَنِ الْأَرَكُّ (5).

وَ كَانَتْ عَلَى عُكٍّ الدُّرُوعُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ رَانَاتٌ (6)فَقَالَتْ هَمْدَانُ :خَدِّمُوا الْقَوْمَ ،أَيْ اضْرِبُوا سُوقَهُمْ، (7)فَقَالَتْ عُكٌّ :بَرْكٌ كَبَرْكِ الْكَمَلِ (8)فَبَرَكُوا كَمَا بَرَكَ الْجَمَلُ (9)ثُمَّ رَمَوْا بِحَجَرٍ فَقَالُوا:لاَ نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ الْحَكَرُ.».

ص: 329


1- أبو السفر،بالتحريك،كما في تقريب التهذيب و القاموس.و اسمه سعيد بن يحمد، بضم الياء و سكون الحاء و كسر الميم،الهمدانيّ الثوري الكوفيّ،ثقة من الثالثة،مات سنة 112.
2- انظر ما سبق ص 228.
3- الشعر ليس للأعور،بل هو لقيس بن الخطيم من قصيدة له في ديوانه 10-15 ليبسك.
4- في الأصل:«صدود خدود»و أثبت ما في ح و الديوان.
5- الأرك:الأضعف؛و الركة:الضعف.و في الأصل:«الأدك»صوابه في ح.
6- في القاموس:«الران كالخف إلاّ أنّه لا قدم له،و هو أطول من الخف»و الجمع رانات.ح:«رايات».
7- انظر ما سبق في ص 257.
8- الكمل،أي الجمل.وعك تقلب الجيم كافا.انظر ما مضي في ص 228. و في الأصل:«الجمل»صوابه في ح(2:270).
9- ح:«كما يبرك الجمل».

[ عبيد الله بن عمر في كتيبة الرقطاء و اختلاط المقاتلة]

وَ بَلَغَنَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَعَثَهُ مُعَاوِيَةُ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ وَ ثَلاَثِ مِائَةٍ وَ هِيَ كَتِيبَةُ الْخُضْرِيَّةِ الرَّقْطَاءُ وَ كَانُوا قَدْ أَعْلَمُوا بِالْخُضْرَةِ لِيَأْتُوا عَلِيّاً مِنْ وَرَائِهِ قَالَ أَبُو صَادِقٍ :فَبَلَغَ عَلِيّاً أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ تَوَجَّهَ لِيَأْتِيَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ أَعْدَادُهُمْ لَيْسَ مِنْهُمْ إِلاَّ تَمِيمِيٌّ وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ مِنْ لَدُنِ اعْتِدَالِ النَّهَارِ إِلَى صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا كَانَتْ صَلاَةُ الْقَوْمِ إِلاَّ التَّكْبِيرَ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ ثُمَّ إِنَّ مَيْسَرَةَ اَلْعِرَاقِ كَشَفَتْ مَيْمَنَةَ أَهْلِ اَلشَّامِ فَطَارُوا فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَ أَعَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَ الْتَقَى هُوَ وَ كَرِبٌ رَجُلٌ مِنْ عُكْلٍ فَقَتَلَهُ وَ قَتَلَ الَّذِينَ مَعَهُ جَمِيعاً وَ إِنَّمَا انْكَشَفَ النَّاسُ لِوَقْعَةِ كَرِبٍ فَكَشَفَ أَهْلُ اَلشَّامِ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ فَاخْتَلَطُوا فِي سَوَادِ اللَّيْلِ وَ تَبَدَّلَتِ الرَّايَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ وَجَدَ أَهْلُ اَلشَّامِ لِوَاءَهُمْ وَ لَيْسَ حَوْلَهُ إِلاَّ أَلْفُ رَجُلٍ فَاقْتَلَعُوهُ وَ رَكَزُوهُ مِنْ وَرَاءِ مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ وَ أَحَاطُوا بِهِ وَ وَجَدَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ لِوَاءَهُمْ مَرْكُوزاً وَ لَيْسَ حَوْلَهُ إِلاَّ رَبِيعَةُ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَيْنَهَا وَ هُمْ يُحِيطُونَ بِهِ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ مَنْ هُمْ وَ يَظُنُّهُمْ غَيْرَهُمْ فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّنُ عَلِيٍّ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ عَلِيٌّ :

1

«يَا مَرْحَباً بِالْقَائِلِينَ عَدْلاً وَ بِالصَّلاَةِ مَرْحَباً وَ أَهْلاً»

.

فَلَمَّا صَلَّى عَلِيٌّ الْفَجْرَ أَبْصَرَ وُجُوهاً لَيْسَتْ بِوُجُوهِ أَصْحَابِهِ بِالْأَمْسِ وَ إِذَا مَكَانُهُ الَّذِي هُوَ بِهِ مَا بَيْنَ الْمَيْسَرَةِ وَ الْقَلْبِ بِالْأَمْسِ فَقَالَ: 1«مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا:

رَبِيعَةُ وَ قَدْ بِتَّ فِيهِمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ (1)قَالَ: 1«فَخْرٌ طَوِيلٌ لَكَ يَا رَبِيعَةُ » ثُمَّ قَالَ لِهَاشِمٍ : 1«خُذِ اللِّوَاءَ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ» ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ الْقَلْبِ حَتَّى رَكَزَ اللِّوَاءَ بِهِ .

علي و الربعيون و علامات الشاميين و العراقيين

نَصْرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: عَبَّأَ مُعَاوِيَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ وَ ثَلاَثَمِائَةٍ مِنْ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ مُعْلِمِينَ بِالْخُضْرَةِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا عَلِيّاً

ص: 330


1- ح:«و إنك يا أمير المؤمنين لعندنا منذ الليلة».

عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ وَرَائِهِ فَفَطِنَتْ لَهُمْ هَمْدَانُ فَوَاجَهُوهُمْ وَ صَمَدُوا إِلَيْهِمْ فَبَاتُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَتَحَارَسُونَ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ أَفْضَى بِهِ ذَهَابُهُ وَ مَجِيئُهُ إِلَى رَايَاتِ رَبِيعَةَ فَوَقَفَ بَيْنَهَا وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ وَ يَظُنُّ أَنَّهُ فِي عَسْكَرِ اَلْأَشْعَثِ فَلَمَّا أَصْبَحَ لَمْ يَرَ اَلْأَشْعَثَ وَ لاَ أَصْحَابَهُ وَ إِذَا سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى مَرْكَزِهِ فَلَحِقَهُ رَجُلٌ مِنْ رَبِيعَةَ يُقَالُ لَهُ نَفْرٌ (1)فَقَالَ لَهُ:أَ لَسْتَ الزَّاعِمَ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ رَبِيعَةُ لَتَكُونَنَّ رَبِيعَةُ رَبِيعَةَ وَ هَمْدَانُ هَمْدَانَ (2)فَمَا أَغْنَتْ عَنْكَ هَمْدَانُ (3)الْبَارِحَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ نَظَرَ مُنْكِرٍ وَ نَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِ 1«اِتَّعِدُوا لِلْقِتَالِ وَ اغْدُوا عَلَيْهِ وَ انْهَدُوا إِلَى عَدُوِّكُمْ» فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَهَدُوا لِلْقِتَالِ غَيْرَ رَبِيعَةَ لَمْ تَتَحَرَّكْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ أَنِ 1«اِنْهَدُوا إِلَى عَدُوِّكُمْ» فَأَبَوْا فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ أَبَا ثَرْوَانَ فَقَالَ:إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ وَ يَقُولُ: 1«يَا مَعْشَرَ رَبِيعَةَ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَنْهَدُوا وَ قَدْ نَهَدَ النَّاسُ؟» قَالُوا:كَيْفَ نَنْهَدُ وَ هَذِهِ الْخَيْلُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِنَا؟ قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :فَلْيَأْمُرْ هَمْدَانَ أَوْ غَيْرَهَا بِمُنَاجَزَتِهِمْ لِنَنْهَدَ فَرَجَعَ أَبُو ثَرْوَانَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ اَلْأَشْتَرَ فَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ رَبِيعَةَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَنْهَدُوا وَ قَدْ نَهَدَ النَّاسُ وَ كَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ وَ أَنْتُمْ أَصْحَابُ كَذَا وَ أَصْحَابُ كَذَا فَجَعَلَ يُعَدِّدُ أَيَّامَهُمْ فَقَالُوا لَسْنَا نَفْعَلُ حَتَّى نَنْظُرَ مَا تَصْنَعُ هَذِهِ الْخَيْلُ الَّتِي خَلْفَ ظُهُورِنَا وَ هِيَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ :فَلْيَبْعَثْ إِلَيْهِمْ مَنْ يَكْفِيهِ أَمْرَهُمْ وَ رَايَةُ رَبِيعَةَ يَوْمَئِذٍ مَعَ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَقَالَ لَهُمْ اَلْأَشْتَرُ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكُمْ:

1«اِكْفُونِيهَا إِنَّكُمْ لَوْ بَعَثْتُمْ إِلَيْهِمْ طَائِفَةً مِنْكُمْ لَتَرَكُوكُمْ فِي هَذِهِ الْفَلاَةِ وَ فَرُّواح.

ص: 331


1- ح:«زفر».
2- في الأصل:«و مضر مضر»و الصواب ما أثبت من ح.
3- في الأصل:«مضر»و الصواب ما أثبت من ح.

كَالْيَعَافِيرِ»(1) فَوَجَّهَتْ حِينَئِذٍ رَبِيعَةُ إِلَيْهِمْ تَيْمَ اللَّهِ وَ اَلنَّمِرَ بْنَ قَاسِطٍ وَ عَنْزَةَ .

قَالُوا:فَمَشَيْنَا إِلَيْهِمْ مُسْتَلْئِمِينَ مُقَنِّعِينَ فِي الْحَدِيدِ وَ كَانَتْ عَامَّةُ قِتَالِ صِفِّينَ مَشْياً فَلَمَّا أَتَيْنَاهُمْ هَرَبُوا وَ انْتَشَرُوا انْتِشَارَ الْجَرَادِ قَالَ:فَذَكَرَتْ قَوْلَ اَلْأَشْتَرِ وَ فَرُّوا كَالْيَعَافِيرِ (2)فَرَجَعْنَا إِلَى أَصْحَابِنَا وَ قَدْ نَشَبَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ قَدِ اقْتَطَعَ أَهْلُ اَلشَّامِ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ بَعْضُهَا مِنْ رَبِيعَةَ فَأَحَاطُوا بِهَا فَلَمْ نَصِلْ إِلَيْهَا حَتَّى حَمَلْنَا عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَعَلَوْنَاهُمْ بِالْأَسْيَافِ حَتَّى انْفَرَجُوا لَنَا وَ أَفْضَيْنَا إِلَى أَصْحَابِنَا فَاسْتَنْقَذْنَاهُمْ وَ عَرَفْنَاهُمْ تَحْتَ النَّقْعِ بِسِيمَاهُمْ وَ عَلاَمَتِهِمْ (3).

وَ كَانَتْ عَلاَمَةُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ بِصِفِّينَ الصُّوفَ الْأَبْيَضَ قَدْ جَعَلُوهُ فِي رُءُوسِهِمْ وَ عَلَى أَكْتَافِهِمْ وَ شِعَارُهُمْ يَا اللَّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا رَبَّ مُحَمَّدٍ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ وَ كَانَ عَلاَمَةُ أَهْلِ اَلشَّامِ خِرَقاً صُفْراً (4)قَدْ جَعَلُوهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ أَكْتَافِهِمْ وَ كَانَ شِعَارُهُمْ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً يَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ وَ كَانَتْ رَايَاتُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ سُوداً وَ حُمْراً وَ دُكْناً وَ بِيضاً وَ مُعَصْفَرَةً وَ مُوَرَّدَةً وَ الْأَلْوِيَةُ مَضْرُوبَةٌ دُكْنٌ وَ سُودٌ قَالَ:فَاجْتَلَدُوا بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ قَالَ:

فَمَا تَحَاجَزُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَنَا سَوَادُ اللَّيْلِ قَالَ:وَ مَا نَرَى رَجُلاً مِنَّا وَ لاَ مِنْهُمْ مُوَلِّياً .

تسامح الفريقين عند التحاجز و حديث عمار و ذي الكلاع

نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي صَدِيقُ أَبِي عَنِ اَلْإِفْرِيقِيِّ بْنِ أَنْعَمَ قَالَ: كَانُوا عَرَباً يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ وَ إِنَّهُمْ لَحَدِيثُو عَهْدٍ بِهَا فَالْتَقَوْا فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ فِيهِمْ بَقَايَا تِلْكَ الْحَمِيَّةِ وَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بَصِيرَةُ الدِّينِ وَ اَلْإِسْلاَمِ فَتَصَابَرُوا (5)وَ اسْتَحْيَوْا مِنَ الْفِرَارِ حَتَّى كَادَتِ الْحَرْبُ تُبِيدُهُمْ وَ كَانُوا إِذَا تَحَاجَزُوا دَخَلَ هَؤُلاَءِ

ص: 332


1- اليعافير:الظباء،واحدها يعفور.
2- في الأصل:«كأنهم اليعافير»و أثبت ما في ح(2:271).
3- في الأصل:«و عرفنا علامة الصوف».و أثبت ما في ح.
4- في الأصل:«بيضا»و أثبت ما في ح.
5- ح:«فتضاربوا».

عَسْكَرَ هَؤُلاَءِ فَيَسْتَخْرِجُونَ قَتْلاَهُمْ فَيَدْفِنُونَهُمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ ذَلِكَ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ خَرَجَ النَّاسُ إِلَى مَصَافِّهِمْ أَبُو نُوحٍ فَكُنْتُ فِي الْخَيْلِ يَوْمَ صِفِّينَ فِي خَيْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَ حِمْيَرٍ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ قَحْطَانَ (1)وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ يَقُولُ:مَنْ دَلَّ عَلَى اَلْحِمْيَرِيِّ أَبِي نُوحٍ ؟ فَقُلْنَا:هَذَا الْحِمْيَرِيُّ فَأَيَّهُمْ تُرِيدُ قَالَ:أُرِيدُ اَلْكَلاَعِيَّ أَبَا نُوحٍ قَالَ:قُلْتُ:قَدْ وَجَدْتَهُ فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ أَنَا ذُو الْكَلاَعِ سِرْ إِلَيَّ.فَقُلْتُ لَهُ:

مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَسِيرَ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي كَتِيبَةٍ.قَالَ ذُو الْكَلاَعِ :بَلَى فَسِرْ فَلَكَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ وَ ذِمَّةُ ذِي الْكَلاَعِ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى خَيْلِكَ فَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ فِيكُمْ تَمَارَيْنَا فِيهِ فَسِرْ دُونَ خَيْلِكَ حَتَّى أَسِيرَ إِلَيْكَ.فَسَارَ أَبُو نُوحٍ وَ سَارَ ذُو الْكَلاَعِ حَتَّى الْتَقَيَا فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ :إِنَّمَا دَعَوْتُكَ أُحَدِّثُكَ حَدِيثاً حَدَّثَنَاهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِيماً فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .

قَالَ أَبُو نُوحٍ :وَ مَا هُوَ؟ - قَالَ ذُو الْكَلاَعِ :حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ -: 14«يَلْتَقِي أَهْلُ اَلشَّامِ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ فِي إِحْدَى الْكَتِيبَتَيْنِ الْحَقُّ وَ إِمَامُ الْهُدَى وَ مَعَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ » قَالَ أَبُو نُوحٍ :لَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِينَا قَالَ:أَ جَادٌّ هُوَ فِي قِتَالِنَا؟ قَالَ أَبُو نُوحٍ :نَعَمْ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ لَهُوَ أَشَدُّ عَلَى قِتَالِكُمْ مِنِّي وَ لَوَدِدْتُ أَنَّكُمْ خَلْقٌ وَاحِدٌ فَذَبَحْتُهُ وَ بَدَأْتُ بِكَ قَبْلَهُمْ وَ أَنْتَ ابْنُ عَمِّي قَالَ ذُو الْكَلاَعِ :وَيْلَكَ عَلاَمَ تَتَمَنَّى ذَلِكَ مِنَّا؟! -وَ اللَّهِ مَا قَطَعْتُكَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ إِنَّ رَحِمَكَ لَقَرِيبَةٌ وَ مَا يَسُرُّنِي أَنْ أَقْتُلَكَ قَالَ أَبُو نُوحٍ :إِنَّ اللَّهَ قَطَعَ بِالْإِسْلاَمِ أَرْحَاماً قَرِيبَةً وَ وَصَلَ بِهِ أَرْحَاماً مُتَبَاعِدَةً وَ إِنِّي لَقَاتِلُكَ (2)أَنْتَ وَ أَصْحَابَكَ وَ نَحْنُ عَلَى الْحَقِّ وَ أَنْتُمْ عَلَى الْبَاطِلِ مُقِيمُونَ مَعَ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَ رُءُوسِ اَلْأَحْزَابِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْكَلاَعِ :فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَأْتِيَ مَعِي فِي صَفِّ أَهْلِح.

ص: 333


1- الأفناء:الأخلاط النزاع من هاهنا و هاهنا.
2- في الأصل:«و إنّي منا»صوابه في ح.

اَلشَّامِ ؟ فَأَنَا جَارٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ أَلاَّ تُقْتَلَ وَ لاَ تُسْلَبَ وَ لاَ تُكْرَهَ عَلَى بَيْعِةٍ وَ لاَ تُحْبَسَ عَنْ جُنْدِكَ وَ إِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ تُبْلِغُهَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِذَلِكَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجُنْدَيْنِ وَ يَضَعَ الْحَرْبَ وَ السِّلاَحَ (1)فَقَالَ أَبُو نُوحٍ :

إِنِّي أَخَافُ غَدَرَاتِكَ وَ غَدَرَاتِ أَصْحَابِكَ فَقَالَ لَهُ ذُو الْكَلاَعِ : أَنَا لَكَ بِمَا قُلْتُ زَعِيمٌ.فَقَالَ أَبُو نُوحٍ :اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَا أَعْطَانِي ذُو الْكَلاَعِ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي فَاعْصِمْنِي وَ اخْتَرْ لِي وَ انْصُرْنِي وَ ادْفَعْ عَنِّي.

ثُمَّ سَارَ مَعَ ذِي الْكَلاَعِ حَتَّى أَتَى عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ هُوَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَ حَوْلَهُ النَّاسُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الْحَرْبِ فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى الْقَوْمِ قَالَ ذُو الْكَلاَعِ لِعَمْرٍو :يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ نَاصِحٍ لَبِيبٍ شَفِيقٍ يُخْبِرُكَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ لاَ يَكْذِبُكَ؟ قَالَ عَمْرٌو :وَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ:اِبْنُ عَمِّي هَذَا وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَقَالَ عَمْرٌو :إِنِّي لَأَرَى عَلَيْكَ سِيمَا أَبِي تُرَابٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ :عَلَيَّ سِيمَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ عَلَيْكَ سِيمَا أَبِي جَهْلٍ وَ سِيمَا فِرْعَوْنَ فَقَامَ أَبُو الْأَعْوَرِ فَسَلَّ سَيْفَهُ ثُمَّ قَالَ:لاَ أَرَى هَذَا الْكَذَّابَ اللَّئِيمَ يُشَاتِمُنَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَلَيْهِ سِيمَا أَبِي تُرَابٍ فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ :أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَسَطْتَ يَدَكَ إِلَيْهِ لَأَخْطِمَنَّ أَنْفَكَ بِالسَّيْفِ ابْنُ عَمِّي وَ جَارِي عَقَدْتُ لَهُ بِذِمَّتِي وَ جِئْتُ بِهِ إِلَيْكُمَا لِيُخْبِرَكُمَا عَمَّا تَمَارَيْتُمْ فِيهِ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :أُذَكِّرُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا نُوحٍ إِلاَّ مَا صَدَقْتَنَا وَ لَمْ تَكْذِبْنَا (2)أَ فِيكُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ :).

ص: 334


1- قال ابن أبي الحديد:قلت:وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار و لا يعتريهم الشك لمكان عليّ عليه السلام،و يستدلون على أن الحق مع أهل العراق يكون عمار بين أظهرهم و لا يعبئون بمكان عليّ عليه السلام،و يحذرون من قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:تقتلك الفئة الباغية؛و يرتاعون لذلك و لا يرتاعون لقوله صلّى اللّه عليه و آله في على عليه السلام:اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه.و لا لقوله:لا يحبك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق.و هذا يدلك على أن عليّا عليه السلام اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في إخمال ذكره و ستر فضائله».
2- في الأصل:«إلا ما صدقت و لا تكذبنا»و الوجه ما أثبت من ح(2:272).

مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ عَنْهُ حَتَّى تُخْبِرَنِي لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ فَإِنَّا مَعَنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عِدَّةٌ غَيْرُهُ وَ كُلُّهُمْ جَادٌّ عَلَى قِتَالِكُمْ - قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ:«إِنَّ عَمَّاراً تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وَ إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي لِعَمَّارٍ أَنْ يُفَارِقَ الْحَقَّ وَ أَنْ تَأْكُلَ اَلنَّارُ مِنْهُ شَيْئاً»فَقَالَ أَبُو نُوحٍ :لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِينَا جَادٌّ عَلَى قِتَالِكُمْ فَقَالَ عَمْرٌو :وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَجَادٌّ عَلَى قِتَالِنَا؟ قَالَ:نَعَمْ وَ اللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي يَوْمَ الْجَمَلِ أَنَّا سَنَظْهَرُ عَلَيْهِمْ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَمْسِ أَنْ لَوْ ضَرَبْتُمُونَا حَتَّى تَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ (1)لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى حَقٍّ وَ أَنَّهُمْ عَلَى بَاطِلٍ وَ لَكَانَتْ قَتْلاَنَا فِي اَلْجَنَّةِ وَ قَتْلاَكُمْ فِي اَلنَّارِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ؟ قَالَ:نَعَمْ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَلِّغَهُ أَصْحَابَهُ رَكِبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ ابْنَاهُ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ ذُو الْكَلاَعِ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَ حَوْشَبٌ وَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا خُيُولَهُمْ.

وَ سَارَ أَبُو نُوحٍ وَ مَعَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلاَعِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى أَصْحَابِهِ فَذَهَبَ أَبُو نُوحٍ إِلَى عَمَّارٍ فَوَجَدَهُ قَاعِداً مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مِنْهُمْ ابْنَا بُدَيْلٍ وَ هَاشِمٍ وَ اَلْأَشْتَرُ وَ جَارِيَةُ بْنُ الْمُثَنَّى وَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَجَلٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ .

وَ قَالَ أَبُو نُوحٍ :إِنَّهُ دَعَانِي ذُو الْكَلاَعِ وَ هُوَ ذُو رَحِمٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَ فِيكُمْ هُوَ؟ قُلْتُ:لِمَ تَسْأَلُ؟ -قَالَ:أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14«يَلْتَقِي أَهْلُ اَلشَّامِ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ عَمَّارٌ فِي أَهْلِ الْحَقِّ يَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .فَقُلْتُ:إِنَّ عَمَّاراً فِينَا فَسَأَلَنِي: (2)أَ جَادٌّ هُوَ عَلَى قِتَالِنَا؟ فَقُلْتُ:نَعَمْ وَ اللَّهِ أَجَدُّ مِنِّي وَ لَوَدِدْتُ).

ص: 335


1- انظر ما سبق ص 322 ص 7.
2- في الأصل:«قيل لي»صوابه في ح(2:272).

أَنَّكُمْ خَلْقٌ وَاحِدٌ فَذَبَحْتُكُمْ وَ بَدَأْتُ بِكَ يَا ذَا الْكَلاَعِ فَضَحِكَ عَمَّارٌ وَ قَالَ:

هَلْ يَسُرُّكَ ذَلِكَ؟ قَالَ:قُلْتُ:نَعَمْ قَالَ أَبُو نُوحٍ :أَخْبَرَنِي السَّاعَةَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14« عَمَّارٌ يَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

قَالَ عَمَّارٌ :أَقْرَرْتَهُ بِذَلِكَ؟ قَالَ:نَعَمْ أَقْرَرْتُهُ فَأَقَرَّ فَقَالَ عَمَّارٌ :صَدَقَ وَ لَيَضُرَّنَّهُ مَا سَمِعَ وَ لاَ يَنْفَعُهُ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو نُوحٍ لِعَمَّارٍ :وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَلْقَاكَ فَقَالَ عَمَّارٌ لِأَصْحَابِهِ:اِرْكَبُوا فَرَكِبُوا وَ سَارُوا ثُمَّ بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ فَارِساً مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُسَمَّى عَوْفَ بْنَ بِشْرٍ فَذَهَبَ حَتَّى كَانَ قَرِيباً مِنَ الْقَوْمِ ثُمَّ نَادَى:أَيْنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ؟ قَالُوا: (1)هَاهُنَا فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِ عَمَّارٍ وَ خَيْلِهِ قَالَ عَمْرٌو :قُلْ لَهُ فَلْيَسِرْ إِلَيْنَا قَالَ عَوْفٌ :إِنَّهُ يَخَافُ غَدَرَاتِكَ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : مَا أَجْرَأَكَ عَلَيَّ وَ أَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؟ فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ :جَرَّأَنِي عَلَيْكَ بَصِيرَتِي فِيكَ وَ فِي أَصْحَابِكَ فَإِنْ شِئْتَ نَابَذْتُكَ الْآنَ« عَلى سَواءٍ »وَ إِنْ شِئْتَ الْتَقَيْتَ أَنْتَ وَ خُصَمَاؤُكَ وَ أَنْتَ كُنْتَ غَادِراً (2)فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :أَ لاَ أَبْعَثُ إِلَيْكَ بِفَارِسٍ يُوَاقِفُكَ؟ فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ :مَا أَنَا بِالْمُسْتَوْحِشِ فَابْعَثْ بِأَشْقَى أَصْحَابِكَ قَالَ عَمْرٌو :فَأَيُّكُمْ يَسِيرُ إِلَيْهِ فَسَارَ إِلَيْهِ أَبُو الْأَعْوَرِ فَلَمَّا تَوَاقَفَا تَعَارَفَا فَقَالَ عَوْفٌ : لِأَبِي الْأَعْوَرِ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْجَسَدَ وَ أُنْكِرُ الْقَلْبَ -إِنِّي لاَ أَرَاكَ مُؤْمِناً وَ أَنَّكَ لَمِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ فَقَالَ أَبُو الْأَعْوَرِ :لَقَدْ أُعْطِيْتَ لِسَاناً يُكِبُّكَ اللَّهُ بِهِ عَلَى وَجْهِكَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَقَالَ عَوْفٌ :كَلاَّ وَ اللَّهِ إِنِّي أَتَكَلَّمُ أَنَا بِالْحَقِّ وَ تُكَلِّمُ أَنْتَ بِالْبَاطِلِ وَ إِنِّيح.

ص: 336


1- في الأصل:«قال»صوابه في ح.
2- الكلام بعد لفظة«سواء»إلى هنا لم يرد في ح.

أَدْعُوكَ إِلَى الْهُدَى وَ أُقَاتِلُ أَهْلَ الضَّلاَلَةِ (1)وَ أَفِرُّ مِنَ اَلنَّارِ وَ أَنْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ ضَالٌّ تَنْطِقُ بِالْكَذِبِ وَ تُقَاتِلُ عَلَى ضَلاَلَةٍ وَ تَشْتَرِي الْعِقَابَ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى انْظُرُوا إِلَى وُجُوهِنَا وَ وُجُوهِكُمْ وَ سِيمَانَا وَ سِيمَاكُمْ وَ اسْمَعُوا إِلَى دَعْوَتِنَا وَ دَعْوَتِكُمْ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا إِلاَّ وَ هُوَ أَوْلَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ قَرَابَةً مِنْكُمْ قَالَ لَهُ أَبُو الْأَعْوَرِ :لَقَدْ أَكْثَرْتَ الْكَلاَمَ وَ ذَهَبَ النَّهَارُ وَيْحَكَ ادْعُ أَصْحَابَكَ وَ أَدْعُو أَصْحَابِي فَأَنَا جَارٌ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَ مَوْقِفَكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ السَّاعَةَ فَإِنِّي لَسْتُ أَبْدَؤُكَ بِغَدْرٍ وَ لاَ أَجْتَرِئُ عَلَى غَدْرٍ حَتَّى تَأْتِيَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ وَ حَتَّى تَقِفُوا فَإِذَا عَلِمْتُ كَمْ هُمْ جِئْتُ مِنْ أَصْحَابِي بِعَدَدِهِمْ فَإِنْ شَاءَ أَصْحَابُكَ فَلْيَقِلُّوا وَ إِنْ شَاءُوا فَلْيَكْثُرُوا فَسَارَ أَبُو الْأَعْوَرِ فِي مِائَةِ فَارِسٍ حَتَّى إِذَا كَانَ حَيْثُ كُنَّا بِالْمَرَّةِ الْأُولَى (2)وَقَفُوا وَ سَارَ فِي عَشْرَةٍ بِعَمْرٍو وَ سَارَ عَمَّارٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَارِساً حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ الْخَيْلِ خَيْلِ عَمْرٍو وَ خَيْلِ عَمَّارٍ وَ رَجَعَ عَوْفُ بْنُ بِشْرٍ فِي خَيْلِهِ وَ فِيهَا اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَ نَزَلَ عَمَّارٌ وَ الَّذِينَ مَعَهُ فَاحْتَبَوْا بِحَمَائِلِ سُيُوفِهِمْ فَتَشَهَّدَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ :اُسْكُتْ بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ لَيْسَ عِنْدَ اِبْنِ عُقْبَةَ إِلَى مَوْضِعِ الْعَلاَمَةِ (3)فَقَدْ تَرَكْتُهَا فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ فَإِنْ شِئْتَ كَانَتْ خُصُومَةً فَيَدْفَعُ حَقُّنَا بَاطِلَكَ وَ إِنْ (4)شِئْتَ كَانَتْ خُطْبَةً فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِفَصْلِ الْخِطَابِ مِنْكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِكَلِمَةٍ تَفْصِلُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ تُكْفِرُكَ قَبْلَ الْقِيَامِ وَ تَشْهَدُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ -ل.

ص: 337


1- ح:«و أقاتلك على الضلال».
2- ح:«حتى إذا كانوا بالمنصف».
3- ابن عقبة أحد رواة هذا الكتاب.و يريد بموضع العلامة ما أشار إليه بعد قوله: «فيمن قتله»الذي سيأتي في ص 339،و هو قوله:«من هنا عند ابن عقبة».
4- قبل هذه العبارة في الأصل:«و إن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلا».و هذه العبارة المكررة المحرفة لم ترد في ح.و قد طرحتها من الأصل.

وَ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكْذِبَنِي فِيهَا قَالَ عَمْرٌو :يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَيْسَ لِهَذَا جِئْتُ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَنِّي رَأَيْتُكَ أَطْوَعَ أَهْلِ هَذَا الْعَسْكَرِ فِيهِمْ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ إِلاَّ كَفَفْتَ سِلاَحَهُمْ وَ حَقَنْتَ دِمَاءَهُمْ وَ حَرَّضْتَ عَلَى ذَلِكَ (1)فَعَلاَمَ تُقَاتِلُنَا؟ أَ وَ لَسْنَا نَعْبُدُ إِلَهاً وَاحِداً وَ نُصَلِّي إِلَى قِبْلَتِكُمْ وَ نَدْعُو دَعْوَتَكُمْ وَ نَقْرَأُ كِتَابَكُمْ وَ نُؤْمِنُ بِرَسُولِكُمْ؟ قَالَ عَمَّارٌ :اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهَا مِنْ فِيكَ إِنَّهَا لِي وَ لِأَصْحَابِي الْقِبْلَةُ وَ الدِّينُ وَ عِبَادَةُ الرَّحْمَنِ وَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اَلْكِتَابُ مِنْ دُونِكَ وَ دُونِ أَصْحَابِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَرَّرَكَ لَنَا بِذَلِكَ دُونَكَ وَ دُونَ أَصْحَابِكَ وَ جَعَلَكَ ضَالاًّ مُضِلاَّ لاَ تَعْلَمُ هَادٍ أَنْتَ أَمْ ضَالٌّ وَ جَعَلَكَ أَعْمَى وَ سَأُخْبِرُكَ عَلاَمَ قَاتَلْتُكَ عَلَيْهِ أَنْتَ وَ أَصْحَابَكَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ أُقَاتِلَ اَلنَّاكِثِينَ وَ قَدْ فَعَلْتُ وَ أَمَرَنِي أَنْ أُقَاتِلَ اَلْقَاسِطِينَ فَأَنْتُمْ هُمْ وَ أَمَّا اَلْمَارِقُونَ (2)فَمَا أَدْرِي أُدْرِكُهُمْ أَمْ لاَ أَيُّهَا الْأَبْتَرُ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِعَلِيٍّ : 14«مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ» وَ أَنَا مَوْلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ عَلِيٍّ بَعْدَهُ وَ لَيْسَ لَكَ مَوْلًى قَالَ لَهُ عَمْرٌو : لِمَ تَشْتِمُنِي يَا أَبَا الْيَقْظَانِ وَ لَسْتُ أَشْتِمُكَ؟ قَالَ عَمَّارٌ :وَ بِمَ تَشْتِمُنِي أَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ إِنِّي عَصَيْتُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْماً قَطُّ؟ قَالَ لَهُ عَمْرٌو :إِنَّ فِيكَ لَمَسَبَّاتٍ (3)سِوَى ذَلِكَ.فَقَالَ عَمَّارٌ :إِنَّ الْكَرِيمَ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ كُنْتُ وَضِيعاً فَرَفَعَنِيَ اللَّهُ وَ مَمْلُوكاً فَأَعْتَقَنِيَ اللَّهُ وَ ضَعِيفاً فَقَوَّانِيَ اللَّهُ وَ فَقِيراً فَأَغْنَانِيَ اللَّهُ.

وَ قَالَ لَهُ عَمْرٌو :فَمَا تَرَى فِي قَتْلِ عُثْمَانَ ؟ قَالَ:فَتَحَ لَكُمْ بَابَ كُلِّ سُوءٍ.

قَالَ عَمْرٌو : فَعَلِيٌّ قَتَلَهُ؟ قَالَ عَمَّارٌ بَلِ اللَّهُ رَبُّ عَلِيٍّ قَتَلَهُ وَ عَلِيٌّ مَعَهُ قَالَ عَمْرٌو :».

ص: 338


1- ح:«و حرصت على ذلك»و مؤدى العبارتين واحد.
2- في الأصل:«المارقين»صوابه في ح(2:273).
3- ح:«لمساب».

أَ كُنْتَ فِيمَنْ قَتَلَهُ؟ (مِنْ هُنَا عِنْدَ اِبْنِ عُقْبَةَ ) (1)قَالَ:كُنْتُ مَعَ مَنْ قَتَلَهُ وَ أَنَا الْيَوْمَ أُقَاتِلُ مَعَهُمْ قَالَ عَمْرٌو :فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ عَمَّارٌ :أَرَادَ أَنْ يُغَيِّرَ دِينَنَا فَقَتَلْنَاهُ.فَقَالَ عَمْرٌو أَ لاَ تَسْمَعُونَ قَدِ اعْتَرَفَ بِقَتْلِ عُثْمَانَ ؟ قَالَ عَمَّارٌ :وَ قَدْ قَالَهَا فِرْعَوْنُ قَبْلَكَ لِقَوْمِهِ:« أَ لا تَسْتَمِعُونَ » (2)فَقَامَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ لَهُمْ زَجَلٌ فَرَكِبُوا خُيُولَهُمْ فَرَجَعُوا وَ قَامَ عَمَّارٌ وَ أَصْحَابُهُ فَرَكِبُوا خُيُولَهُمْ وَ رَجَعُوا فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ:هَلَكَتِ اَلْعَرَبُ أَنْ أَخَذَتْهُمْ (3)خِفَّةُ الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ يَعْنِي عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ .

قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ:وَ خَرَجَ إِلَى الْقِتَالِ (4)وَ صَفَّتِ الْخُيُولُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَ زَحَفَ النَّاسُ وَ عَلَى عَمَّارٍ دِرْعٌ بَيْضَاءُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَيُّهَا النَّاسُ الرَّوَاحُ إِلَى اَلْجَنَّةِ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالاً شَدِيداً لَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَى حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَشُدُّ طُنُبَ فُسْطَاطِهِ بِيَدِ الرَّجُلِ أَوْ بِرِجْلِهِ فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ :لَقَدْ رَأَيْتُ أَخْبِيَةَ فِلَسْطِينَ وَ أَرْوِقَتَهُمْ وَ مَا مِنْهَا خِبَاءٌ وَ لاَ رِوَاقٌ وَ لاَ بِنَاءٌ وَ لاَ فُسْطَاطٌ إِلاَّ مَرْبُوطاً بِيَدِ رَجُلٍ أَوْ رِجْلِهِ وَ جَعَلَ أَبُو سَمَّاكٍ الْأَسَدِيُّ يَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَ شُفْرَةَ حَدِيدٍ فَإِذَا رَأَى رَجُلاً جَرِيحاً وَ بِهِ رَمَقٌ أَقْعَدَهُ فَيَقُولُ مَنْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَإِنْ قَالَ عَلِيٌّ :غَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ وَ سَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ وَ إِنْ سَكَتَ وَجَأَهُ بِالسِّكِّينِ (5)حَتَّى يَمُوتَ وَ لاَ يَسْقِيهِ.قَالَ:فَكَانَ يُسَمَّى اَلْمُخَضْخِضَ .ح.

ص: 339


1- ابن عقبة،أحد رواة هذا الكتاب.انظر التنبيه 3 من صفحة 337.
2- من الآية 25 في سورة الشعراء.و في الأصل و ح:«ألا تسمعون»و الوجه ما أثبت.
3- ح:«حركتهم».
4- و خرج،أي عمار.و في ح(2:273):«فخرجت الخيول إلى القتال».
5- في الأصل:«بسكين»و أثبت ما في ح.

[ عمار بن ياسر و هاشم بن عتبة]

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:سَمِعْتُ اَلشَّعْبِيَّ يَقُولُ قَالَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : وَ اللَّهِ إِنِّي لَإِلَى جَانِبِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الشُّعَيْرَاءِ (1)فَتَقَدَّمْنَا حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ لَهُ عَمَّارٌ :اِحْمِلْ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي وَ نَظَرَ عَمَّارٌ إِلَى رَقَّةٍ فِي الْمَيْمَنَةِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ :رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عَمَّارُ إِنَّكَ رَجُلٌ تَأْخُذُكَ خِفَّةٌ فِي الْحَرْبِ وَ إِنِّي إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفاً وَ أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِذَلِكَ حَاجَتِي وَ إِنِّي إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ وَ قَدْ كَانَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو :وَيْحَكَ إِنَّ اللِّوَاءَ الْيَوْمَ مَعَ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَ قَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ يُرْقِلُ بِهِ إِرْقَالاً وَ إِنَّهُ إِنْ زَحَفَ بِهِ الْيَوْمَ زَحْفاً إِنَّهُ لَلْيَوْمُ الْأَطْوَلُ لِأَهْلِ اَلشَّامِ وَ إِنْ زَحَفَ فِي عُنُقٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَقْتَطِعَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ عَمَّارٌ حَتَّى حَمَلَ فَبَصُرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ حُمَاةَ أَصْحَابِهِ وَ مَنْ يُزَنُّ بِالْبَأْسِ (2)وَ النَّجْدَةِ مِنْهُمْ فِي نَاحِيَتِهِ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ سَيْفَانِ قَدْ تَقَلَّدَ وَاحِداً وَ هُوَ يَضْرِبُ بِالْآخَرِ وَ أَطَافَتْ بِهِ خَيْلُ عَلِيٍّ فَقَالَ عَمْرٌو :

يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ ابْنِي ابْنِي قَالَ:وَ يَقُولُ مُعَاوِيَةُ :صَبْراً صَبْراً فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ عَلَيْهِ قَالَ عَمْرٌو :وَ لَوْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِذاً لَصَبَرْتَ؟ وَ لَمْ يَزَلْ حُمَاةُ أَهْلِ اَلشَّامِ يَذُبُّونَ عَنْهُ (3)حَتَّى نَجَا هَارِباً عَلَى فَرَسِهِ وَ مَنْ مَعَهُ وَ أُصِيبَ هَاشِمٌ فِي الْمَعْرَكَةِ.

مقتل عمار بن ياسر و هاشم بن عتبة و ذي الكلاع

قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: وَ فِي هَذَا الْيَوْمِ قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُصِيبَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَ قَدْ كَانَ قَالَ عَمَّارٌ حِينَ نَظَرَ إِلَى رَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ قَاتَلْتُهَا ثَلاَثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هَذِهِ بِأَرْشَدِهِنَّ ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ :

ص: 340


1- بنو الشعيراء هم بنو بكر بن أد بن طابخة.و في الأصل:«السفير»و لم أجده في قبائلهم.انظر القاموس و اللسان(شعر)و المعارف 34.
2- يقال زنه بالخير و أزنه:ظنه به.
3- ح:«تذب عن عبد اللّه».

«نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ فَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ (1)

ضَرْباً يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَ يُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

أَوْ يُرْجِعُ الْحَقَّ إِلَى سَبِيلِهِ.»

ثُمَّ اسْتَسْقَى وَ قَدِ اشْتَدَّ ظَمَؤُهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ طَوِيلَةُ الْيَدَيْنِ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي أَ عُسٌّ مَعَهَا أَمْ إِدَاوَةٌ فِيهَا ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ؟ (2)فَقَالَ حِينَ شَرِبَ:

اَلْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَسِنَّةِ

الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةَ

مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ.

وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَ هُمْ عَلَى الْبَاطِلِ ثُمَّ حَمَلَ وَ حَمَلَ عَلَيْهِ اِبْنُ جَوْنٍ السَّكُونِيُّ (3)وَ أَبُو الْعَادِيَةِ الْفَزَارِيُّ فَأَمَّا أَبُو الْعَادِيَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمَّا اِبْنُ جَوْنٍ (4)فَإِنَّهُ احْتَزَّ رَأْسَهُ.

وَ قَدْ كَانَ ذُو الْكَلاَعِ يَسْمَعُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، 14«تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وَ آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ» .

فَقَالَ ذُو الْكَلاَعِ لِعَمْرٍو :وَيْحَكَ مَا هَذَا؟ قَالَ عَمْرٌو :إِنَّهُ سَيَرْجِعُ إِلَيْنَا وَ يُفَارِقُ أَبَا تُرَابٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ عَمَّارٌ فَأُصِيبَ عَمَّارٌ مَعَ عَلِيٍّ وَ أُصِيبَ ذُو الْكَلاَعِ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَمْرٌو :وَ اللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ مَا أَدْرِي بِقَتْلِ أَيِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحاً وَ اللَّهِ لَوْ بَقِيَ ذُو الْكَلاَعِ حَتَّى يُقْتَلَ عَمَّارٌ لَمَالَ بِعَامَّةِ قَوْمِهِ إِلَى عَلِيٍّ وَ لَأَفْسَدَ عَلَيْنَا جُنْدَنَا (5).

قَالَ:فَكَانَ لاَ يَزَالُ رَجُلٌ يَجِيءُ فَيَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ وَ عَمْرٍو أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَيَقُولُ».

ص: 341


1- ح:«كما ضربناكم على تأويله».لكن الرواية هنا تطابق ما في مروج الذهب (2:21).و هذا الرجز يحتمل التقييد و الإطلاق في قافيته.
2- الضياح،بالفتح:اللبن الرقيق الكثير الماء.
3- ح(2:274):«ابن حوى السكسكى»،و في مروج الذهب(2:21). «أبو حواء السكسكى».
4- ح:«ابن حوى».
5- ح:«أمرنا».

لَهُ عَمْرٌو :فَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ فَيَخْلِطُ (1)حَتَّى أَقْبَلَ اِبْنُ جَوْنٍ (2)فَقَالَ:

أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :فَمَا كَانَ آخِرُ مَنْطِقِهِ قَالَ:سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

اَلْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ.

فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :صَدَقْتَ أَنْتَ صَاحِبُهُ (3)أَمَا وَ اللَّهِ مَا ظَفِرَتْ يَدَاكَ وَ لَكِنْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ يَوْماً مِنْ أَيَّامِ صِفِّينَ رَمَى رَمْيَةً فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَ لاَ الْعَصْرَ وَ لاَ الْمَغْرِبَ وَ لاَ الْعِشَاءَ وَ لاَ الْفَجْرَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَضَاهُنَّ جَمِيعاً يَبْدَأُ بِأَوَّلِ شَيْءٍ فَاتَهُ ثُمَّ بِالَّتِي تَلِيهَا (4).

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ اَلسُّدِّيِّ عَنِ اِبْنِ حُرَيْثٍ (5)قَالَ: أَقْبَلَ غُلاَمٌ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ اسْمُهُ رَاشِدٌ يَحْمِلُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَقَالَ عَمَّارٌ إِنِّي سَمِعْتُ خَلِيلِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14«إِنَّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ» .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ اَلسُّدِّيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْأَوْسَطِ قَالَ: احْتَجَّ رَجُلاَنِ بِصِفِّينَ فِي سَلْبِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ فِي قَتْلِهِ فَأَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمَا:وَيْحَكُمَا اخْرُجَا عَنِّي فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ 14«وَ وَلَعَتْ قُرَيْشٌ بِعَمَّارٍ (6)مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ يَدْعُونَهُ إِلَىه.

ص: 342


1- في الأصل:«فما سمعتموه يقول فيخلطون»و أثبت ما في ح.
2- ح:«ابن حوى».
3- أي صاحب قتله،الذي تولى ذلك منه.
4- في الأصل:«ثم التي يليها»صوابه في ح.
5- ح(2:284):«أبى حريث».
6- هذه الجملة لم ترد في ح.و الواو ليست في الأصل.و يقال ولع فلان بفلان يولع به: إذا لج في أمره و حرص على إيذائه.

اَلنَّارِ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِي اَلنَّارِ » قَالَ اَلسُّدِّيُّ :فَبَلَغَنِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ أَخْرَجَهُ يَخْدَعُ بِذَلِكَ طَغَامَ أَهْلِ اَلشَّامِ .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: أَتَى حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَهْطٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالُوا:يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اسْتَجَارَ مِنْ أَنْ تُصْطَلَمَ أُمَّتُهُ (1)فَأُجِيرَ مِنْ ذَلِكَ وَ اسْتَجَارَ مِنْ أَنْ يَذُوقَ بَعْضُهَا بَأْسَ بَعْضٍ فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ حُذَيْفَةُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14« إِنَّ اِبْنَ سُمَيَّةَ لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا (يَعْنِي عَمَّاراً ) فَالْزَمُوا سَمْتَهُ» .

وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: حَمَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ هُوَ يَقُولُ:

كَلاَّ وَ رَبِّ اَلْبَيْتِ لاَ أَبْرَحُ أَجِي حَتَّى أَمُوتَ أَوْ أَرَى مَا أَشْتَهِي

أَنَا مَعَ الْحَقِّ أُحَامِي عَنْ عَلِيِّ (2) صِهْرِ النَّبِيِّ ذِي الْأَمَانَاتِ الْوَفِيِّ

نَقْتُلُ أَعْدَاهُ وَ يَنْصُرْنَا الْعَلِي (3) وَ نَقْطَعُ الْهَامَ بِحَدِّ الْمَشْرَفِي

وَ اللَّهِ يَنْصُرْنَا عَلَى مَنْ يَبْتَغِي (4) ظُلْماً عَلَيْنَا جَاهِداً مَا يَأْتَلِي.

قَالَ:فَضَرَبُوا أَهْلَ اَلشَّامِ حَتَّى اضْطَرُّوهُمْ إِلَى الْفِرَارِ (5).

قَالَ:وَ مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ الْحِمْيَرِيُّ سَيِّدُ جُرَشَ إِلَى ذِي الْكَلاَعِ فَقَالَ لَهُ:لِمَ جَمَعْتَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ قَالَ:لِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو ، وَ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَقُولُ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ : 14«يَقْتُلُكَ الْفِئَةُ).

ص: 343


1- الاصطلام:الاستئصال؛افتعال من الصلم.
2- ح:«لا أفتر الدهر أحامى».
3- ح:«ينصرنا ربّ السموات».
4- ح:«يمنحنا النصر».و هذا الرجز كما ترى ركيك مشيّأ القافية.
5- في الأصل:«الفرات»صوابه في ح(2:274).

الْبَاغِيَةُ» فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعَنْسِيُّ وَ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَيْلاً فَأَصْبَحَ فِي عَسْكَرِ عَلِيٍّ فَحَدَّثَ النَّاسُ بِقَوْلِ عَمْرٍو فِي عَمَّارٍ وَ قَالَ اَلْجُرَشِيُّ :

مَا زِلْتَ يَا عَمْرُو قَبْلَ الْيَوْمِ مُبْتَدِئاً تَبْغِي الْخُصُومَ جِهَاراً غَيْرَ إِسْرَارِ

حَتَّى لَقِيتَ أَبَا الْيَقْظَانِ مُنْتَصِباً لِلَّهِ دَرُّ أَبِي الْيَقْظَانِ عَمَّارٍ

مَا زَالَ يَقْرَعُ مِنْكَ الْعَظْمَ مُنْتَقِياً مُخَّ الْعِظَامِ بِنَزْعٍ غَيْرِ مِكْثَارٍ (1)

حَتَّى رَمَى بِكَ فِي بَحْرٍ لَهُ حَدَبٌ

تَهْوِي بِكَ الْمَوْجُ هَا فَاذْهَبْ إِلَى اَلنَّارِ (2).

وَ قَالَ اَلْعَنْسِيُّ :

وَ الرَّاقِصَاتِ بِرَكْبٍ عَامِدِينَ لَهُ إِنَّ الَّذِي جَاءَ مِنْ عَمْرٍو لَمَأْثُورُ (3)

قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ وَ الْأَنْبَاءُ شَائِعَةٌ

هَذَا الْحَدِيثَ فَقُلْتُ:اَلْكِذْبُ وَ الزُّورُ

حَتَّى تَلَقَّيْتُهُ عَنْ أَهْلِ عَيْبَتِهِ فَالْيَوْمَ أَرْجِعُ وَ الْمَغْرُورُ مَغْرُورُ

وَ الْيَوْمَ أَبْرَأُ مِنْ عَمْرٍو وَ شِيعَتِهِ وَ مِنْ مُعَاوِيَةَ الْمَحْدُو بِهِ الْعِيْرُ

لاَ لاَ أُقَاتِلُ عَمَّاراً عَلَى طَمَعٍ بَعْدَ الرِّوَايَةِ حَتَّى يُنْفَخَ الصُّورُ

تَرَكْتُ عَمْراً وَ أَشْيَاعاً لَهُ نُكُداً إِنِّي بِتَرْكِهِمْ يَا صَاحِ مَعْذُورُ (4)

يَا ذَا الْكَلاَعِ فَدَعْ لِي مَعْشراً كَفَرُوا

أَوْ لاَ فَدِينُكَ عَيْنٌ فِيهِ تَعْزِيرُ (5)ء.

ص: 344


1- انتقاء المخ:استخراجه.
2- حدب الماء:ما ارتفع من أمواجه.
3- يقسم بالإبل التي ترقص،أي تخب بركبانها القاصدين إلى اللّه أو البيت الحرام للحج.
4- النكد:جمع أنكد،و هو المشئوم العسر.
5- عين،لعله يريد:دين عين،كما تقول فلان صديق عين،إذا كان يظهر لك من نفسه ما لا يفى به إذا غاب؛أى إنّه دين رباء.

مَا فِي مَقَالِ رَسُولِ اللَّهِ فِي رَجُلٍ شَكٌّ وَ لاَ فِي مَقَالِ الرُّسْلِ تَحْبِيرُ.

فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِيَةُ بِهَذَا الْقَوْلِ بَعَثَ إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ:أَفْسَدْتَ عَلَيَّ أَهْلَ اَلشَّامِ ، أَ كُلَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ تَقُولُهُ:فَقَالَ عَمْرٌو :قُلْتُهَا وَ لَسْتُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لاَ أَدْرِي أَنَّ صِفِّينَ تَكُونُ.قُلْتُهَا وَ عَمَّارٌ يَوْمَئِذٍ لَكَ وَ لِي وَ قَدْ رَوَيْتَ أَنْتَ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي رَوَيْتُ فِيهِ فَاسْأَلْ أَهْلَ اَلشَّامِ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَ تَنَمَّرَ لِعَمْرٍو ، وَ مَنَعَهُ خَيْرَهُ فَقَالَ عَمْرٌو :لاَ خَيْرَ لِي فِي جِوَارِ مُعَاوِيَةَ إِنْ تَجَلَّتْ هَذِهِ الْحَرْبُ عَنَّا.

وَ كَانَ عَمْرٌو حَمِيَّ الْأَنْفِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

تُعَاتِبُنِي إِنْ قُلْتُ شَيْئاً سَمِعْتُهُ وَ قَدْ قُلْتُ لَوْ أَنْصَفْتَنِي مِثْلَهُ قَبْلِي

أَ نَعْلُكَ فِيمَا قُلْتَ نَعْلٌ ثَبِيتَةٌ وَ تَزْلَقُ بِي فِي مِثْلِ مَا قُلْتُهُ نَعْلِي

وَ مَا كَانَ لِي عِلْمٌ بِصِفِّينَ أَنَّهَا

تَكُونُ وَ عَمَّارٌ يَحُثُّ عَلَى قَتْلِي

فَلَوْ كَانَ لِي بِالْغَيْبِ عِلْمٌ كَتَمْتُهَا

وَ كَابَدْتُ أَقْوَاماً مَرَاجِلُهُمْ تَغْلِي

أَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنَّ صَدْرَكَ وَاغِرٌ

عَلَيَّ بِلاَ ذَنْبٍ جَنَيْتُ وَ لاَ ذَحْلِ

سِوَى أَنَّنِي وَ الرَّاَقِصَاتِ عَشِيَّةً

بِنَصْرِكَ مَدْخُولُ الْهَوَى ذَاهِلُ الْعَقْلِ

فَلاَ وَضَعَتْ عِنْدِي حَصَانٌ قِنَاعَهَا

وَ لاَ حَمَلَتْ وَجْنَاءُ ذِعْلِبَةٌ رَحْلِي

وَ لاَ زِلْتُ أُدْعَى فِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ

قَلِيلاً غَنَائِي لاَ أُمِرُّ وَ لاَ أُحْلِى

ص: 345

إِنَّ اللَّهَ أَرْخَى مِنْ خِنَاقِكَ مَرَّةً

وَ نِلْتَ الَّذِي رَجَّيْتَ إِنْ لَمْ أَزُرْ أَهْلِي

وَ أَتْرُكْ لَكَ اَلشَّامَ الَّذِي ضَاقَ رُحْبُهَا

عَلَيْكَ وَ لَمْ يَهْنِكْ بِهَا الْعَيْشُ مِنْ أَجْلِي

فَأَجَابَ مُعَاوِيَةُ

أَ الْآنَ لَمَّا أَلْقَتِ الْحَرْبُ بَرْكَهَا وَ قَامَ بِنَا الْأَمْرُ الْجَلِيلُ عَلَى رِجْلِ

غَمَزْتَ قَنَاتِي بَعْدَ سِتِّينَ حِجَّةً تِبَاعاً كَأَنِّي لاَ أُمِرُّ وَ لاَ أُحْلِي (1)

أَتَيْتَ بِأَمْرٍ فِيهِ لِلشَّامِ فِتْنَةٌ وَ فِي دُونِ مَا أظَهَرْتَهُ زَلَّةُ النَّعْلِ

فَقُلْتُ لَكَ الْقَوْلَ الَّذِي لَيْسَ ضَائِراً وَ لَوْ ضَرَّ لَمْ يَضْرُرْكَ حَمْلُكَ لِي ثِقْلِي

فَعَاتَبْتَنِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ كَأَنَّ الَّذِي أُبْلِيكَ لَيْسَ كَمَا أُبْلِي (2)

فَيَا قَبَحَ اللَّهُ الْعِتَابَ وَ أَهْلَهُ أَ لَمْ تَرَ مَا أَصْبَحْتُ فِيهِ مِنَ الشُّغْلِ

فَدَعْ ذَا وَ لَكِنْ هَلْ لَكَ الْيَوْمَ حِيلَةٌ

تَرُدُّ بِهَا قَوْماً مَرَاجِلُهُمْ تَغْلِي

دَعَاهُمْ عَلِيٌّ فَاسْتَجَابُوا لِدَعْوَةٍ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ ثَرَى الْمَالِ وَ الْأَهْلِ

إِذَا قُلْتُ هَابُوا حَوْمَةَ الْمَوْتِ أَرْقَلُوا إِلَى الْمَوْتِ إِرْقَالَ الْهَلُوكِ إِلَى الْفَحْلِ.

فَلَمَّا أَتَى عَمْراً شِعْرُ مُعَاوِيَةَ أَتَاهُ فَأَعْتَبَهُ وَ صَارَ أَمْرُهُمَا وَاحِداً.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً دَعَا فِي هَذَا الْيَوْمِ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ مَعَهُ لِوَاؤُهُ وَ كَانَ أَعْوَرَ فَقَالَ لَهُ: 1«يَا هَاشِمُ حَتَّى مَتَى تَأْكُلُ الْخُبُزَ وَ تَشْرَبُ الْمَاءَ فَقَالَ هَاشِمٌ :لَأَجْهَدَنَّ عَلَى أَلاَّ».

ص: 346


1- في الأصل:«بعد سبعين حجة»و الصواب ما أثبت من ح(2:275) و ذلك لأن معاوية حين وقعة صفّين كان عمره نحوا من 57 سنة،فإن صفّين كانت في سنتى 36-37 و كانت وفاة معاوية سنة 60 و له ثمانون سنة.
2- الإبلاء:الإخبار،يقال ابتليته فأبلانى،أي استخبرته فأخبرنى.ح:«تعاتبنى».

أَرْجِعَ إِلَيْكَ أَبَداً قَالَ عَلِيٌّ : 1إِنَّ بِإِزَائِكَ ذَا الْكَلاَعِ وَ عِنْدَهُ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ؟ فَتَقَدَّمَ هَاشِمٌ فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ مُعَاوِيَةُ :مَنْ هَذَا الْمُقْبِلُ؟ فَقِيلَ: هَاشِمٌ الْمِرْقَالُ فَقَالَ:

أَعْوَرُ بَنِي زُهْرَةَ قَاتَلَهُ اللَّهُ وَ قَالَ:إِنَّ حُمَاةَ اللِّوَاءِ رَبِيعَةُ فَأَجِيُلوا الْقِدَاحَ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ عَبَّيْتُهُ لَهُمْ فَخَرَجَ سَهْمُ ذِي الْكَلاَعِ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ (1)فَقَالَ:

تَرَحَكَ اللَّهُ مِنْ سَهْمٍ كَرِهْتَ الضِّرَابَ (2)وَ إِنَّمَا كَانَ جُلُّ أَصْحَابِ عَلِيٍّ أَهْلَ اللِّوَاءِ مِنْ رَبِيعَةَ لِأَنَّهُ أَمَرَ حُمَاةً مِنْهُمْ أَنْ يُحَامُوا عَنِ اللِّوَاءِ فَأَقْبَلَ هَاشِمٌ وَ هُوَ يَقُولُ: -

أَعْوَرُ يَبْغِي نَفْسَهُ خَلاَصاً مِثْلَ الْفَنِيقِ لاَبِساً دِلاَصاً

قَدْ جَرَّبَ الْحَرْبَ وَ لاَ أَنَاصَا (3)لاَ دِيَةً يَخْشَى وَ لاَ قِصَاصَا

كُلُّ امْرِئٍ وَ إِنْ كَبَا وَ حَاصَا (4)لَيْسَ يَرَى مِنْ مَوْتِهِ مَنَاصَا (5).

وَ حَمَلَ صَاحِبُ لِوَاءِ ذِي الْكَلاَعِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ عُذْرَةَ وَ هَاشِمٌ حَاسِرٌ وَ هُوَ يَقُولُ: -

يَا أَعْوَرَ الْعَيْنِ وَ مَا بِي مِنْ عَوَرْ

أَثْبُتْ فَإِنِّي لَسْتُ مِنْ فَرْعَيْ مُضَرَ

نَحْنُ اَلْيَمَانُونَ وَ مَا فِينَا خَوَرْ كَيْفَ تَرَى وَقْعَ غُلاَمٍ مِنْ عُذَرْ (6)ة.

ص: 347


1- هم بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة، فهم ربعيون.و في الأصل:«بكر بن وائل»و الصواب:«لبكر»كما أثبت.
2- انظر ما سبق في ص 227.
3- المعروف ناس ينوص:هرب و فر.
4- كبا:انكب على وجهه.حاص:هرب.ح:«و إن بنى».
5- في الأصل:«ليس له»و أثبت ما في ح(2:275).و في ح أيضا: «من يومه».
6- الغلام يقال للرجل من حين يولد إلى أن يشيب.و عذر:ترخيم عذرة لغير نداء. و عذرة من قبائل قضاعة.

يَنْعَى اِبْنَ عَفَّانٍ وَ يَلْحَى مَنْ غَدَرْ سِيَّانِ عِنْدِي مَنْ سَعَى وَ مَنْ أَمَرْ.

فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَطَعَنَهُ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَى وَ حَمَلَ ذُو الْكَلاَعِ فَاجْتَلَدَ النَّاسُ فَقُتِلاَ جَمِيعاً (1)وَ أَخَذَ اِبْنُ هَاشِمٍ اللِّوَاءَ وَ هُوَ يَقُولُ

أَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَالِكٍ أَعْزِزْ بِشَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ هَالِكٌ

تَخْبِطُهُ الْخَيْلاَتُ بِالسَّنَابِكِ فِي أَسْوَدٍ مِنْ نَقْعِهِنَّ حَالِكْ

أَبْشِرْ بِحُورِ الْعِينِ فِي الْأَرَائِكْ وَ الرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ عِنْدَ ذَلِكْ.

عبد الله بن هاشم في مجلس معاوية

نَصْرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ: لَمَّا انْقَضَى أَمْرُ صِفِّينَ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ وَفَدَتْ عَلَيْهِ الْوُفُودُ أُشْخِصَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ إِلَيْهِ أَسِيراً فَلَمَّا أُدْخِلَ عَلَيْهِ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ عِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْمُخْتَالُ (2)ابْنُ اَلْمِرْقَالِ فَدُونَكَ الضَّبَّ الْمُضِبَّ (3)الْمُغْتَرَّ (4)الْمَفْتُونَ فَإِنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَيَّةِ وَ إِنَّمَا تَلِدُ الْحَيَّةُ حَيَّةً وَ جَزَاءُ السَّيِّئَةِ« سَيِّئَةٌ مِثْلُها »فَقَالَ لَهُ اِبْنُ هَاشِمٍ :مَا أَنَا بِأَوَّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَوْمُهُ وَ أَدْرَكَهُ يَوْمُهُ (5)فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :تِلْكَ ضَغَائِنُ صِفِّينَ وَ مَا جَنَى عَلَيْكَ أَبُوكَ فَقَالَ عَمْرٌو :أَمْكِنِّي مِنْهُ فَأُشْخِبَ أَوْدَاجَهُ عَلَى أَثْبَاجِهِ فَقَالَ لَهُ اِبْنُ هَاشِمٍ :فَهَلاَّ كَانَتْ هَذِهِ الشَّجَاعَةُ مِنْكَ يَا اِبْنَ الْعَاصِ أَيَّامَ صِفِّينَ حِينَ نَدْعُوكَ إِلَى النِّزَالِ وَ قَدِ ابْتَلَّتْ أَقْدَامُ الرِّجَالِ مِنْ نَقِيعِ الْجِرْيَالِ وَ قَدْ تَضَايَقَتْ بِكَ الْمَسَالِكُ وَ أَشْرَفْتَ فِيهَا عَلَى الْمَهَالِكِ وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ لاَ مَكَانُكَ مِنْهُ لَنَشِبَتْ لَكَ مِنِّي خَافِيَةٌ أَرْمِيكَ مِنْ خِلاَلِهَا

ص: 348


1- ح:«فقتل هاشم و ذو الكلاع جميعا».
2- المختال:المتكبر المعجب بنفسه.و في الأصل:«المحتال»،صوابه في ح (2:276).
3- المضب:الذي يلزم الشيء لا يفارقه،و أصل الضب اللصوق بالأرض.
4- في الأصل:«المعن»صوابه في ح.
5- ح:«و أسلمه يومه».

أَحَدَّ مِنْ وَقْعِ الْأَشَافِي (1)فَإِنَّكَ لاَ تَزَالُ تُكْثِرُ فِي هَوَسِكَ وَ تَخْبِطُ فِي دَهَشِكَ وَ تَنْشِبُ فِي مَرَسِكَ تَخَبُّطَ الْعَشْوَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْحِنْدِسِ الظَّلْمَاءِ قَالَ فَأَعْجَبَ مُعَاوِيَةَ مَا سَمِعَ مِنْ كَلاَمِ اِبْنِ هَاشِمٍ فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ وَ كَفَّ عَنْ قَتْلِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرٌو بِأَبْيَاتٍ يَقُولُهَا لَهُ -

أَمَرْتُكَ أَمْراً حَازِماً فَعَصَيْتَنِي وَ كَانَ مِنَ التَّوْفِيقِ قَتْلُ اِبْنِ هَاشِمٍ

وَ كَانَ أَبُوهُ يَا مُعَاوِيَةُ الَّذِي رَمَاكَ عَلَى جِدٍّ بِحَزِّ الْغَلاَصِمِ

فَمَا بَرِحُوا حَتَّى جَرَتْ مِنْ دِمَائِنَا بِصِفِّينَ أَمْثَالُ الْبُحُورِ الْخَضَارِمِ

وَ هَذَا ابْنُهُ وَ الْمَرْءُ يُشْبِهُ أَصْلَهُ سَتَقْرَعُ إِنْ أَبْقَيْتَهُ سِنَّ نَادِمِ.

فَبَلَغَ ذَلِكَ اِبْنَ هَاشِمٍ وَ هُوَ فِي مَحْبِسِهِ فَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ

مُعَاوِيَّ إِنَّ الْمَرْءَ عَمْراً أَبَتْ لَهُ ضَغِينَةُ صَدْرٍ وُدُّهَا غَيْرُ سَالِمِ (2)

يَرَى لَكَ قَتْلِي يَا اِبْنَ حَرْبٍ وَ إِنَّمَا يَرَى مَا يَرَى عَمْرٌو مُلُوكُ اَلْأَعَاجِمِ

عَلَى أَنَّهُمْ لاَ يَقْتُلُونَ أَسِيرَهُمْ إِذَا كَانَ مِنْهُمْ مَنْعَةٌ لِلْمُسَالِمِ

وَ قَدْ كَانَ مِنَّا يَوْمَ صِفِّينَ نَفْرَةٌ عَلَيْكَ جَنَاهَا هَاشِمٌ وَ اِبْنُ هَاشِمِ

قَضَى اللَّهُ فِيهَا مَا قَضَى ثَمَّتَ انْقَضَى وَ مَا مَا مَضَى إِلاَّ كَأَضْغَاثِ حَالِمِ

هِيَ الْوَقْعَةُ الْعُظْمَى الَّتِي تَعْرِفُونَهَا وَ كُلٌّ عَلَى مَا قَدْ مَضَى غَيْرُ نَادِمِ

فَإِنْ تَعْفُ عَنِّي تَعْفُ عَنْ ذِي قَرَابَةٍ وَ إِنْ تَرَ قَتْلِي تَسْتَحِلَّ مَحَارِمِي.ح.

ص: 349


1- الأشافى:جمع إشفى،و هي مخصف الإسكاف.و في الأصل:«الأثافى»بالثاء، صوابه في ح(2:276).
2- في الأصل:«غشها غير سالم»و أثبت ما في ح.

آخر الجزء الخامس يتلوه الجزء السادس - نصر عمرو بن شمر عن السدي عن عبد خير الهمداني و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله :« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »و نعوذ بالله من الزيادة و النقصان.

وجدت في الجزء الثامن من نسخة عبد الوهاب بخطه سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الأجل السيد الأوحد الإمام قاضي القضاة، أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني و ابناه القاضيان أبو عبد الله محمد و أبو الحسين أحمد و أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي و الشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني و أبو منصور محمد بن محمد بن قرمي بقراءة عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي و ذلك في شعبان سنة أربع و تسعين و أربعمائة

ص: 350

الجزء السادس

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي .

رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 351

ص: 352

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

مصرع هاشم بن عتبة و أبي عمرة

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ - أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ:أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ :

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ - عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنِ اَلسُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْخَيْرِ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: قَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ :أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَجُلٌ ضَخْمٌ فَلاَ يَهُولَنَّكُمْ مَسْقَطِي إِنْ أَنَا سَقَطْتُ فَإِنَّهُ لاَ يَفْرُغُ مِنِّي أَقَلُّ مِنْ نَحْرِ جَزُورٍ حَتَّى يَفْرُغَ الْجَزَّارُ مِنْ جَزْرِهَا.ثُمَّ حَمَلَ فَصُرِعَ فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَ هُوَ صَرِيعٌ بَيْنَ الْقَتْلَى فَقَالَ لَهُ:اِقْرَأْ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلاَمَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ قُلْ لَهُ:أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ إِلاَّ أَصْبَحْتَ وَ قَدْ رَبَطْتَ مَقَاوِدَ خَيْلِكَ بِأَرْجُلِ الْقَتْلَى فَإِنَّ الدَّبْرَةَ تُصْبِحُ غَداً (1)لِمَنْ غَلَبَ عَلَى الْقَتْلَى.

فَأَخْبَرَ الرَّجُلُ عَلِيّاً بِذَلِكَ فَسَارَ عَلِيٌّ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ حَتَّى جَعَلَ الْقَتْلَى خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ كَانَتِ الدَّبْرَةُ لَهُ عَلَيْهِمْ .

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ رَجُلٍ (2)عَنْ أَبِي سَلَمَةَ : إِنَّ هَاشِمَ بْنَ

ص: 353


1- الدبرة،بالفتح:العاقبة.فى الأصل:«تصبح عندك»صوابه في ح (2:278).
2- ح:«نصر و حدّثنا عمر بن سعد عن الشعبى».

عُتْبَةَ دَعَا فِي النَّاسِ عِنْدَ الْمَسَاءِ:أَلاَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ اللَّهَ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَلْيُقْبِلْ.

فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَشَدَّ فِي عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ مِرَاراً فَلَيْسَ مِنْ وَجْهٍ يَحْمِلُ عَلَيْهِ (1)إِلاَّ صَبَرُوا لَهُ وَ قُوتِلَ فِيهِ قِتَالاً شَدِيداً فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:

لاَ يَهُولَنَّكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنْ صَبْرِهِمْ فَوَ اللَّهِ مَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ إِلاَّ حَمِيَّةَ اَلْعَرَبِ وَ صَبْرَهَا تَحْتَ رَايَاتِهَا وَ عِنْدَ مَرَاكِزِهَا وَ إِنَّهُمْ لَعَلَى الضَّلاَلِ وَ إِنَّكُمْ لَعَلَى الْحَقِّ يَا قَوْمِ « اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا »وَ اجْتَمِعُوا وَ امْشُوا بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا عَلَى تُؤَدَةٍ رُوَيْداً ثُمَّ تَآسَوْا وَ تَصَابَرُوا« وَ اذْكُرُوا اللّهَ »وَ لاَ يُسْلِمْ رَجُلٌ أَخَاهُ وَ لاَ تُكْثِرُوا الاِلْتِفَاتَ وَ اصْمُدُوا صَمْدَهُمْ وَ جَالِدُوهُمْ مُحْتَسِبِينَ:« حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ » فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَضَى فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَقَاتَلَ قِتَالاً شَدِيداً هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّى رَأَى بَعْضَ مَا يُسِرُّونَ بِهِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَتًى شَابٌّ يَقُولُ: -

أَنَا ابْنُ أَرْبَابِ الْمُلُوكِ غَسَّانَ وَ الدَّائِنُ الْيَوْمَ بِدِينِ غَسَّانَ

أَنْبَأَنَا أَقْوَامُنَا بِمَا كَانَ (2)أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ اِبْنَ عَفَّانَ .

ثُمَّ شَدَّ فَلاَ يَنْثَنِي يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ ثُمَّ جَعَلَ يَلْعَنُ عَلِيّاً وَ يَشْتِمُهُ وَ يُسْهِبُ فِي ذَمِّهِ (3)فَقَالَ لَهُ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ :إِنَّ هَذَا الْكَلاَمَ بَعْدَهُ الْخِصَامُ وَ إِنَّ هَذَا الْقِتَالَ بَعْدَهُ الْحِسَابُ فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الْمَوْقِفِ وَ مَا أَرَدْتَ بِهِ (4)قَالَ:فَإِنِّي أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ لاَ يُصَلِّي كَمَا ذُكِرَ لِي وَ أَنَّكُمْ لاَ تُصَلُّونَ وَ أُقَاتِلُكُمْ أَنَّ صَاحِبَكُمْ قَتَلَ خَلِيفَتَنَا وَ أَنْتُمْ وَازَرْتُمُوهُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ :وَ مَا أَنْتَ وَ اِبْنَ عَفَّانَ ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَ قُرَّاءُ النَّاسِ حِينَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ خَالَفَ حُكْمَ اَلْكِتَابِ -».

ص: 354


1- في الأصل:«عليهم»صوابه في ح.
2- ح(2:278):«أنبأنا قراؤنا».
3- في الأصل:«و يشتم و يكثر الكلام»و أثبت ما في ح.
4- ح:«و عن هذا المقال».

وَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ هُمْ أَصْحَابُ الدِّينِ وَ أَوْلَى بِالنَّظَرِ فِي أُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ مَا أَظُنُّ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لاَ أَمْرَ هَذَا الدِّينِ عَنَاكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ قَالَ الْفَتَى:أَجَلْ أَجَلْ وَ اللَّهِ لاَ أُكْذَبُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَضُرُّ وَ لاَ يَنْفَعُ وَ يَشِينُ وَ لاَ يَزِينُ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ :إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِهِ فَخَلِّهِ وَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ قَالَ:أَظُنُّكَ وَ اللَّهِ قَدْ نَصَحْتَنِي وَ قَالَ لَهُ هَاشِمٌ :وَ أَمَّا قَوْلُكَ:إِنَّ صَاحِبَنَا لاَ يُصَلِّي فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَفْقَهُهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَ أَوْلاَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا مَنْ تَرَى مَعَهُ فَكُلُّهُمْ قَارِئٌ اَلْكِتَابِ لاَ يَنَامُونَ اللَّيْلَ تَهَجُّداً فَلاَ يَغْرُرْكَ عَنْ دِينِكَ الْأَشْقِيَاءُ الْمَغْرُورُونَ قَالَ الْفَتَى:يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ امْرَأً صَالِحاً وَ أَظُنُّنِي مُخْطِئاً آثِماً أَخْبِرْنِي هَلْ تَجِدُ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ:نَعَمْ تُبْ إِلَى اللَّهِ يَتُبْ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ« يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ »وَ« يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » قَالَ فَذَهَبَ الْفَتَى بَيْنَ النَّاسِ رَاجِعاً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ خَدَعَكَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ لاَ وَ لَكِنْ نَصَحَنِي الْعِرَاقِيُّ وَ قَاتَلَ هَاشِمٌ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ قِتَالاً شَدِيداً حَتَّى أَتَتْ كَتِيبَةٌ لِتَنُّوخَ فَشَدُّوا عَلَى النَّاسِ فَقَاتَلَهُمْ وَ هُوَ يَقُولُ

أَعْوَرُ يَبْغِي أَهْلَهُ مَحَلاَّ لاَ بُدَّ أَنْ يَفُلَّ أَوْ يُفَلاَّ (1)

قَدْ عَالَجَ الْحَيَاةَ حَتَّى مَلاَّ.

حَتَّى قَتَلَ تِسْعَةَ نَفَرٍ أَوْ عَشَرَةً وَ حَمَلَ عَلَيْهِ اَلْحَارِثُ بْنُ الْمُنْذِرِ التَّنُّوخِيُّ فَطَعَنَهُ فَسَقَطَ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ :أَنْ 1«قَدِّمْ لِوَاءَكَ» فَقَالَ لِلرَّسُولِ انْظُرْ إِلَى بَطْنِي فَإِذَا هُوَ قَدِ انْشَقَّ فَأَخَذَ الرَّايَةَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَ رَفَعَ هَاشِمٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتِيلاً إِلَى جَانِبِهِ فَحَبَا (2)حَتَّى دَنَا مِنْهُ -ت.

ص: 355


1- في الأصل:«يغل أو يغلا»صوابه ممّا سبق ص 327.
2- في الأصل:«فجثا»و الوجه ما أثبت.

فَعَضَّ عَلَى ثَدْيِهِ حَتَّى نَيَّبَتْ فِيهِ أَنْيَابُهُ (1)ثُمَّ مَاتَ هَاشِمٌ وَ هُوَ عَلَى صَدْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ ضَرَبَ اَلْبَكْرِيَّ فَوَقَعَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَبْصَرَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَرِيباً مِنْهُ فَحَبَا إِلَيْهِ (2)حَتَّى عَضَّ عَلَى ثَدْيِهِ الْآخَرِ حَتَّى نَيَّبَتْ (3)أَنْيَابُهُ فِيهِ وَ مَاتَ أَيْضاً فَوُجِدَا جَمِيعاً عَلَى صَدْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - هَاشِمٌ وَ اَلْبَكْرِيُّ قَدْ مَاتَا جَمِيعاً.

لَمَّا قُتِلَ هَاشِمٌ جَزِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ أُصِيبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنَ الْقُرَّاءِ فَمَرَّ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ وَ هُمْ قَتْلَى حَوْلَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ فَقَالَ:

1

«جَزَى اللَّهُ خَيْراً عُصْبَةً أَسْلَمِيَّةً صِبَاحَ الْوُجُوهِ صُرِّعُوا حَوْلَ هَاشِمٍ

يَزِيدُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بِشْرٌ وَ مَعْبَدٌ وَ سُفْيَانُ وَ ابْنَا هَاشِمٍ ذِي الْمَكَارِمِ (4)

وَ عُرْوَةُ لاَ يَبْعُدْ ثَنَاهُ وَ ذِكْرُهُ إِذَا اخْتُرِطَتْ يَوْماً خِفَافُ الصَّوَارِمِ (5)»

.

ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ :وَ أَخَذَ الرَّايَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَاشِماً كَانَ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ قَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ وَ كَتَبَ آثَارَهُمْ وَ أَحْصَى أَعْمَالَهُمْ وَ قَضَى آجَالَهُمْ فَدَعَاهُ رَبُّهُ الَّذِي لاَ يُعْصَى فَأَجَابَهُ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَ جَاهَدَ فِي طَاعَةِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ أَفْقِهِهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ الْمُخَالِفِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ الْمُسْتَحِلِّينَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ الَّذِينَ عَمِلُوا فِي الْبِلاَدِ بِالْجَوْرِ وَ الْفَسَادِ وَ« اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ اَلشَّيْطانُ »فَزَيَّنَ لَهُمُ الْإِثْمَ وَ الْعُدْوَانَ فَحَقَّ عَلَيْكُمْ جِهَادُ مَنْ خَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَطَّلَ حُدُودَ اللَّهِ وَ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَجُودُواه.

ص: 356


1- نيبت أنيابه:نشبت.و في الأصل:«تبينت»و ليس بشيء.
2- في الأصل:«فجثا إليه»و الصواب ما أثبت.و لم أعثر على هذا الخبر في ح.
3- في الأصل:«تبينت»و الوجه ما أثبت.و انظر ما سبق في التنبيه الأول.
4- ح:«يزيد و سعدان و بشر و معبد*و سفيان و ابنا معبد».
5- ثناه،أجدر بها أن تكون:«نثاه»بتقديم النون،و هو ما أخبرت به عن الرجل من خير أو شر.اخترط السيف:استله.

بِمُهَجِ أَنْفُسِكُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا تُصِيبُوا الْآخِرَةَ وَ الْمَنْزِلَ الْأَعْلَى وَ الْمُلْكَ الَّذِي لاَ يَبْلَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَوَابٌ وَ لاَ عِقَابٌ وَ لاَ جَنَّةٌ وَ لاَ نَارٌ لَكَانَ الْقِتَالُ مَعَ عَلِيٍّ أَفْضَلَ مِنَ الْقِتَالِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَكَّالَةِ الْأَكْبَادِ فَكَيْفَ وَ أَنْتُمْ تَرْجُونَ مَا تَرْجُونَ وَ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ :

لاَ تَعْدَمُوا قَوْماً أَذَاقُوا اِبْنَ يَاسِرٍ شَعُوباً وَ لَمْ يُعْطُوكُمُ بِالْخَزَائِمِ

فَنَحْنُ قَتَلْنَا اَلْيَثْرِبِيَّ بْنَ مِحْصَنٍ خَطِيبَكُمُ وَ ابْنَيْ بُدَيْلٍ وَ هَاشِمٍ .

وَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ :

لَقَدْ رَأَيْتُ أُمُوراً كُلُّهَا عَجَبٌ وَ مَا رَأَيْتُ كَأَيَّامٍ بِصِفِّينَا

لَمَّا غَدَوْا وَ غَدَوْنَا كُلُّنَا حَنِقٌ وَ مَا رَأَيْتُ الْجِمَالَ الْجِلَّةَ الْجُونَا

خَيْلٌ تَجُولُ وَ خَيْلٌ فِي أَعِنَّتِهَا وَ آخَرُونَ عَلَى غَيْظٍ يُرَامُونَا

ثُمَّ ابْتَذَلْنَا سُيُوفاً فِي جَمَاجِمِهِمْ وَ مَا نُسَاقِيهِمُ مِنْ ذَاكَ يَجْزُونَا

كَأَنَّهَا فِي أَكُفِّ الْقَوْمِ لاَمِعَةً سَلاَسِلُ الْبَرْقِ يَجْدَعْنَ الْعَرَانِينَا

ثُمَّ انْصَرَفْنَا كَأَشْلاَءٍ مُقَطَّعَةٍ وَ كُلُّنَا عِنْدَ قَتْلاَهُمْ يُصَلُّونَا.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَعْقِلِ بْنِ نَهِيكِ بْنِ يَسَافَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ يَبْكِي أَبَا عَمْرَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ (1)وَ قُتِلَ بِصِفِّينَ

لَنِعْمَ فَتَى الْحَيَّيْنِ عَمْرُو بْنُ مِحْصَنٍ إِذَا صَائِحُ الْحَيِّ الْمُصَبَّحَ ثَوَّبَا (2)».

ص: 357


1- هو بشير بن عمرو بن محصن الأنصارى.ترجمته في 185.
2- صدر البيت يشهد بأن اسمه«عمرو»و هو أحد الأقوال التي قيلت في اسمه، و في الإصابة:«و قال ابن الكلبي:اسمه عمرو بن محصن».المصبح:الذي صبحته الغارة. و في الأصل:«المصيح»صوابه في ح(2:278).و التثويب:الاستصراخ،و أصله أن يلوح المستصرخ بثوبه ليرى و يشتهر.ح:«إذا ما صارخ الحى».

إِذَا الْخَيْلُ جَالَتْ بَيْنَهَا قِصَدُ الْقَنَا يَثِرْنَ عَجَاجاً سَاطِعاً مُتَنَصِّباً

لَقَدْ فُجِع اَلْأَنْصَارُ طُرّاً بِسَيِّدٍ أَخِي ثِقَةٍ فِي الصَّالِحِينَ مُجَرَّبَا

فَيَا رُبَّ خَيْرٍ قَدْ أَفَدْتَ وَ جَفْنَةٍ مَلَأْتَ وَ قِرْنٍ قَدْ تَرَكْتَ مُخَيَّباً (1)

وَ يَا رُبَّ خَصْمٍ قَدْ رَدَدْتَ بِغَيْظِهِ فَآبَ ذَلِيلاً بَعْدَ مَا كَانَ مُغْضَباً

وَ رَايَةِ مَجْدٍ قَدْ حَمَلْتَ وَ غَزْوَةٍ شَهِدْتَ إِذَا النِّكْسُ الْجَبَانَ تَهَيَّبَا

حَوُوطاً عَلَى جُلِّ الْعَشِيرَةِ مَاجِداً وَ لَمْ يَكُ فِي اَلْأَنْصَارِ نِكْسًا مُؤَنَّباً (2)

طَوِيلَ عَمُودِ الْمَجْدِ رَحْباً فِنَاؤُهُ خَصِيباً إِذَا مَا رَائِدُ الْحَيِّ أَجْدَبَا (3)

عَظِيمَ رَمَادِ النَّارِ لَمْ يَكُ فَاحِشاً وَ لاَ فَشِلاً يَوْمَ الْقِتَالِ مُغَلَّباً

وَ كُنْتَ رَبِيعاً يَنْفَعُ النَّاسَ سَيْبُهُ وَ سَيْفاً جُرَازاً بَاتِكَ الْحَدِّ مِقْضَباً

فَمَنْ يَكُ مَسْرُوراً بِقَتْلِ اِبْنِ مِحْصَنٍ فَعَاشَ شَقِيّاً ثُمَّ مَاتَ مُعَذَّباً

وَ غُودِرَ مُنْكَبّاً لِفِيهِ وَ وَجْهِهِ يُعَالِجُ رُمْحاً ذَا سِنَانٍ وَ ثَعْلَباً

فَإِنْ تَقْتُلُوا الْحُرَّ الْكَرِيمَ اِبْنَ مِحْصَنٍ فَنَحْنُ قَتَلْنَا ذَا الْكَلاَعِ وَ حَوْشَبَا

وَ إِنْ تَقْتُلُوا ابْنَيْ بُدَيْلٍ وَ هَاشِماً فَنَحْنُ تَرَكْنَا مِنْكُمُ الْقِرْنَ أَعْضَبَا

وَ نَحْنُ تَرَكْنَا حِمْيَراً فِي صُفُوفِكُمْ لَدَى الْمَوْتِ صَرْعَى كَالنَّخِيلِ مُشَذَّبَا

وَ أَفْلَتَنَا تَحْتَ الْأَسِنَّةِ مَرْثَدٌ وَ كَانَ قَدِيماً فِي الْفِرَارِ مُجَرَّبَا

وَ نَحْنُ تَرَكْنَا عِنْدَ مُخْتَلَفِ الْقَنَا أَخَاكُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ لَحْماً مُلَحَّبَا

بِصِفِّينَ لَمَّا ارْفَضَّ عَنْهُ صُفُوفُكُمْ وَ وَجْهُ اِبْنِ عَتَّابٍ تَرَكْنَاهُ مُلْغَبَا (4)ه.

ص: 358


1- ح:«مسلبا».
2- ح:«حويطا».فى الأصل:«عضبا مشيبا»و أثبت ما في ح.
3- في الأصل:«حصينا»و صوابه في ح.
4- ح:«عنه رجالكم».و ألغبه:أنصبه.

وَ طَلْحَةَ مِنْ بَعْدِ اَلزُّبَيْرِ وَ لَمْ نَدَعْ لِضَبَّةَ فِي الْهَيْجَا عَرِيفاً وَ مَنْكِبَا (1)

وَ نَحْنُ أَحَطْنَا بِالْبَعِيرِ وَ أَهْلِهِ وَ نَحْنُ سَقَيْنَاكُمْ سِمَاماً مُقَشَّبَا (2).

نَصْرٌ : وَ كَانَ اِبْنُ مِحْصَنٍ مِنْ أَعْلاَمِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَ جَزِعَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِقَتْلِهِ.

قَالَ وَ فِي قَتْلِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ يَقُولُ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ :وَ هُوَ مِنَ اَلصَّحَابَةِ وَ قِيلَ:إِنَّهُ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ صَحْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ صِفِّينَ وَ كَانَ مِنْ مُخْلِصِي اَلشِّيعَةِ (3)

يَا هَاشِمَ الْخَيْرِ جُزِيتَ اَلْجَنَّهْ قَاتَلْتَ فِي اللَّهِ عَدُوَّ السُّنَّهْ

وَ التَّارِكِي الْحَقِّ وَ أَهْلِ الظِّنَّهْ أَعْظِمْ بِمَا فُزْتَ بِهِ مِنْ مِنَّهْ

صَيَّرَنِي الدَّهْرُ كَأَنِّي شَنَّهْ يَا لَيْتَ أَهْلِي قَدْ عَلَوْنِي رَنَّهْ (4)

مِنْ حَوْبَةٍ وَ عَمَّةٍ وَ كَنَّهْ (5).

نَصْرٌ وَ الْحَوْبَةُ الْقَرَابَةُ يُقَالُ لِي فِي بَنِي فُلاَنٍ حَوْبَةٌ أَيْ قُرْبَى .

بعض وقائع صفين

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ كَانَ مِنْ جِلَّةِ (6)أَصْحَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَبَا طَرِيفٍ أَ لَمْ أَسْمَعْكَ

ص: 359


1- العريف:النقيب،و هو دون الرئيس.و المنكب،كمجلس:عون العريف، و قال الليث:رأس العرفاء.
2- البعير،يعنى جمل عائشة الذي نسبت إليه الوقعة.و المقشب:المخلوط.
3- ترجمته سبقت في ص 309.
4- الرنة:صيحة النياحة.و في ح(2:279): *و سوف تعلو حول قيرى رنه*.
5- الحوبة،جاء في تفسيرها عن أبي عبيد:«و بعض أهل العلم يتأوله على الأمّ خاصّة. قال:و هي عندي كل حرمة تضيع إن تركها،من أم أو أخت أو ابنة أو غيرها.و الكنة، بالفتح:امرأة الابن و امرأة الأخ.
6- ح:«جملة».

تَقُولُ يَوْمَ الدَّارِ :وَ اللَّهِ لاَ تَحْبِقُ فِيهَا عَنَاقٌ حَوْلِيَّةٌ (1)وَ قَدْ رَأَيْتَ مَا كَانَ فِيهَا (2)وَ قَدْ كَانَتْ فُقِئَتْ عَيْنُ عَدِيٍّ وَ قُتِلَ بَنُوهُ؟ (3)قَالَ:بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ حَبَقَتْ (4)فِيهِ الْعَنَاقُ وَ التَّيْسُ الْأَعْظَمُ.

وَ بَعَثَ عَلِيٌّ خَيْلاً لِيَحْبِسُوا عَنْ مُعَاوِيَةَ مَادَّةً فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ فِي خَيْلٍ إِلَى تِلْكَ الْخَيْلِ فَأَزَالُوهَا وَ جَاءَتْ عُيُونُ عَلِيٍّ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَدْ كَانَ فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَصْحَابِهِ:فَمَا تَرَوْنَ فِيمَا هَاهُنَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:نَرَى كَذَا وَ قَالَ بَعْضُهُمْ:نَرَى كَذَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الاِخْتِلاَفَ أَمَرَهُمْ بِالْغُدُوِّ إِلَى الْقَوْمِ فَغَادَاهُمْ إِلَى الْقِتَالِ قِتَالِ صِفِّينَ فَانْهَزَمَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ قَدْ غَلَبَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ عَلَى قَتْلَى أَهْلِ حِمْصٍ وَ غَلَبَ أَهْلُ اَلشَّامِ عَلَى قَتْلَى أَهْلِ اَلْعَالِيَةِ وَ انْهَزَمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عِشْرِينَ فَرْسَخاً عَنْ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ حَتَّى أَتَى اَلشَّامَ فَقَالَ اَلنَّجَاشِيُّ مِنْ قَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا

لَقَدْ أَمْعَنْتَ يَا عُتْبَ الْفِرَارَا وَ أَوْرَثَكَ الْوَغَى خِزْياً وَ عَاراً

فَلاَ يُحْمِدْ خُصَاكَ سِوَى طِمِرٍّ إِذَا أَجْرَيْتَهُ انْهَمَرَ انْهِمَارَا.

وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ وَ هُوَ شَاعِرُ أَهْلِ اَلشَّامِ بَعْدَ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ يَذْكُرُ أَيَّامَ صِفِّينَ وَ يُحَرِّضُ مُعَاوِيَةَ :

مُعَاوِيَّ لاَ تَنْهَضْ بِغَيْرِ وَثِيقَةٍ فَإِنَّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ بِالذُّلِّ عَارِفٌي.

ص: 360


1- الحبق:ضراط المعز.و في الأصل:«لا تخنق»صوابه في ح.و العناق، بالفتح:الأنثى من ولد المعز.و الحولية:التي أتى عليها حول.و يروى أيضا:«لا تحبق في هذا الأمر عناق حولية»قال الميداني:«يضرب المثل في أمر لا يعبأ به و لا غير له، أى لا يدرك فيه ثأر».و أول من قال هذا المثل عدى حين قتل عثمان.فيها:أى في هذه الحادثة.
2- أي من وقعتى الجمل و صفّين،إذ طولب فيهما بدم عثمان.
3- عند الميداني:«فلما كان يوم الجمل فقئت عين عدى و قتل ابنه بصفين».
4- في الأصل:«خنقت»صوابه في ح و أمثال الميداني.

تَرَكْتُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْقَاعِ مُسْنَداً يَمُجُّ نَجِيعاً وَ الْعُرُوقُ نَوَازِفُ

أَلاَ إِنَّمَا تَبْكِي الْعُيُونُ لِفَارِسٍ بِصِفِّينَ أُجْلَتْ خَيْلُهُ وَ هُوَ وَاقِفٌ

يَنُوءُ وَ تَعْلُوهُ شَآبِيبُ مِنْ دَمٍ كَمَا لاَحَ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ اللَّفَائِفُ

يُحَلِّلْنَ عَنْهُ زِرَّ دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَ يُبْدِينَ عَنْهُ بَعْدَهُنَّ مَعَارِفُ (1)

تَبَدَّلَ مِنْ أَسْمَاءِ أَسْيَافِ وَائِلٍ وَ كَانَ فَتًى لَوْ أَخْطَأَتْهُ الْمَتَالِفُ (2)

أَلاَ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ بَنُو أَسَدٍ إِنِّي لِمَا قُلْتُ عَارِفٌ

وَ فَرَّتْ تَمِيمٌ سَعْدُهَا وَ رِبَابُهَا وَ خَالَفَتِ اَلْجَعْرَاءُ فِيمَنْ يُخَالِفُ (3).

فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو جَهْمَةَ الْأَسَدِيُّ فَقَالَ:

تَعَرَّفْتَ وَ الْعَرَّافُ تَمُجُّ أُمَّهُ فَإِنْ كُنْتَ عَرَّافاً فَلَسْتَ تُقَائِفُ (4)

أَغَرْتُمْ عَلَيْنَا تَسْرِقُونَ بَنَاتِنَا وَ لَيْسَ لَنَا فِي قَاعِ صِفِّينَ قَائِفُ

يُجَالِدُ مِنْ دُونِ ابْنِ عَمِّ مُحَمَّدٍ مِنَ النَّاسِ شَهْبَاءُ الْمَنَاكِبِ شَارِفٌ

فَمَا بَرِحُوا حَتَّى رَأَى اللَّهُ صَبْرَهُمْ وَ حَتَّى أُتِيحَتْ بِالْأَكُفِّ الْمَصَاحِفُ (5)).

ص: 361


1- ح(1:498):«و أنكر منه بعد ذاك معارف».
2- أسماء هذه هي بنت عطارد بن حاجب بن زرارة،زوج عبيد اللّه بن عمر،كان قد أخرجها مع زوجه الأخرى مجرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني؛لينظرا إلى قتاله،كما في ح (1:499).
3- في الأصل:«و جالت تميم»و أثبت ما في ح(2:279).و الجعراء:لقب بنى العنبر بن عمرو بن تميم.انظر القاموس(جعر).و في الأصل:«الجعداء»صوابه ما أثبت من ح.و قد سبق بعض أبيات هذه القصيدة في ص 298-299.و قال ابن أبي الحديد في(1:498):«قلت:هذا الشعر نظمه كعب بن جعيل بعد رفع المصاحف و تحكيم الحكمين يذكر فيه ما مضى لهم من الحرب على عادة شعراء العرب».
4- تمج أمه،كذا وردت في الأصل.
5- هذا البيت و سابقه يرويان في شعر كعب بن جعيل،كما سبق في 299.و هذا البيت أيضا يروى للحصين بن الحمام المرى،كما في اللسان(6:69).

وَ قَالَ أَبُو جَهْمَةَ الْأَسَدِيُّ :

أَنَا أَبُو جَهْمَةَ فِي جِلْدِ الْأَسَدِ عَلَيَّ مِنْهُ لِبَدٌ فَوْقَ لِبَدٍ

أَهْجُو بَنِي تَغْلِبَ مَا يُنْجِي النَّقَدَ (1) أَقْوَدُ مَنْ شِئْتَ وَ صَعْبٌ لَمْ يُقَدْ.

وَ قَالَ عُتْبَةُ يَهْجُو كَعْبَ بْنَ جُعَيْلٍ مُجِيباً لَهُ (2)

سُمِّيتَ كَعْباً بِشَرِّ الْعِظَامِ وَ كَانَ أَبُوكَ سَمِيَّ الْجُعَلِ (3)

وَ كَانَ مَكَانُكَ (4)مِنْ وَائِلٍ مَكَانَ الْقُرَادِ مِنِ اسْتِ الْجَمَلِ.

وَ قَالَ كَعْبٌ مُجِيباً لَهُ:

سُمِّيتَ عَتَّاباً وَ لَسْتَ بِمُعْتَبٍ.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنِ 1«اُخْرُجُوا إِلَى مَصَافِّكُمْ» فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى مَصَافِّهِمْ وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ وَ أَقْبَلَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ يَقُولُ:

أَضْرِبُهُمْ وَ لاَ أَرَى عَلِيّاً كَفَى بِهَذَا حَزَناً عَلَيّا.

وَ أَقْبَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ ابْنُ خَالِدٍ أَضْرِبُ كُلَّ قَدَمٍ وَ سَاعِدٍ.

وقعة الخميس

نَصْرٌ ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ الْوَاقِعَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِوَقْعَةِ الْخَمِيسِ حَدَّثَنَا

ص: 362


1- النقد،بالتحريك:جنس من الغنم قباح الوجوه صغار الأرجل،يقال فيها: «أذل من نقد».
2- ح(2:280:«و هجا كعب بن جعيل عتبة بن أبي سفيان و عيره بالفرار، و كان كعب من شيعة معاوية لكنه هجا عتبة تحريضا له».على أن البيتين يرويان للأخطل، نظر ديوانه 335،و شرح الحيوان(5:441)حيث تخريج الشعر.
3- ح:«يسمى الجعل».
4- ح:«و إن مكانك».و في الحيوان:«و أنت مكانك»و يروى:«و إن محلك».

بِهَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ (1)قَالَ:حَدَّثَنَا اَلْقَعْقَاعُ بْنُ الْأَبْرَدِ الطُّهَوِيُّ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّي لَوَاقِفٌ قَرِيباً مِنْ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ يَوْمَ وَقْعَةِ الْخَمِيسِ وَ قَدِ الْتَقَتْ مَذْحِجٌ وَ كَانُوا فِي مَيْمَنَةِ عَلِيٍّ وَ عَكٌّ وَ جُذَامٌ وَ لَخْمٌ وَ اَلْأَشْعَرُونَ وَ كَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فِي قِتَالِ عَلِيٍّ وَ لَقَدْ وَ اللَّهِ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ قِتَالِهِمْ وَ سَمِعْتُ مِنْ وَقْعِ السُّيُوفِ عَلَى الرُّءُوسِ وَ خَبْطِ الْخُيُولِ بِحَوَافِرِهَا فِي الْأَرْضِ وَ فِي الْقَتْلَى مَا الْجِبَالُ تَهِدُّ (2)وَ لاَ الصَّوَاعِقُ تَصْعَقُ بِأَعْظَمَ هَوْلاً فِي الصُّدُورِ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ نَظَرْتُ إِلَى عَلِيٍّ وَ هُوَ قَائِمٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: 1« لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (3)وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ » ثُمَّ نَهَضَ حِينَ قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: 1« رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ »،» (4)وَ حَمَلَ عَلَى النَّاسِ بِنَفْسِهِ وَ سَيْفُهُ مُجَرَّدٌ بِيَدِهِ فَلاَ وَ اللَّهِ مَا حَجَزَ بَيْنَنَا إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي قَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَ قُتِلَتْ يَوْمَئِذٍ أَعْلاَمُ اَلْعَرَبِ وَ كَانَ فِي رَأْسِ عَلِيٍّ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ وَ فِي وَجْهِهِ ضَرْبَتَانِ.

نَصْرٌ وَ قَدْ قِيلَ إِنَّ عَلِيّاً لَمْ يُجْرَحْ قَطُّ.

وَ قُتِلَ فِي هَذَا الْيَوْمِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ (5)وَ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ0.

ص: 363


1- هو إبراهيم بن مسلم العبدى،أبو إسحاق الهجرى،قال ابن حجر:«لين الحديث،رفع موقوفات.من الخامسة»تقريب التهذيب.و في ح:«إبراهيم النخفى»تحريف.
2- الهدة:صوت تسمعه من سقوط ركن أو حائط أو ناحية جبل،تقول منه: هد يهد،بالكسر،هديدا.
3- بعده في ح:«اللّهمّ إليك الشكوى و أنت المستعان».
4- من الآية 89 في سورة الأعراف.
5- هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصارى،شهد بدرا و ما بعدها،و سمى ذا الشهادتين لأنّه شهد للنبى على يهودى في دين قضاه عليه السلام فقال:«كيف تشهد و لم تحضره و لم تعلمه»؟قال:يا رسول اللّه نحن نصدقك على الوحى من السماء فكيف لا نصدقك على أنك قضيته؟فأنفذ عليه السلام شهادته و سماه«ذا الشهادتين»؛لأنّه صير شهادته شهادة رجلين. الإصابة 2247 و جنى الجنتين 160.

اَلشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْكَلاَعِ الْحِمْيَرِيُّ فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ نَهِيكِ بْنِ يَسَافَ الْأَنْصَارِيُّ :

يَا لَهْفَ نَفْسِي وَ مَنْ يَشْفِي حَزَازَتَهَا إِذْ أَفْلَتَ الْفَاسِقُ الضِّلِّيلُ مُنْطَلِقاً

وَ أَفْلَتَ الْخَيْلَ عَمْرٌو وَ هِيَ شَاحِبَةٌ

جُنْحَ الظَّلاَمِ يَحُثُّ الرَّكْضَ وَ الْعَنَقَا (1)

وَافَتْ مَنِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ إِذْ لَحِقَتْ قُبُّ الْبُطُونِ بِهِ أَعْجِزْ بِمَنْ لُحِقَا

وَ انْسَابَ مَرْوَانُ فِي الظَّلْمَاءِ مُسْتَتِراً تَحْتَ الدُّجَى كُلَّمَا خَافَ الرَّدَى أَرِقاَ.

قَالَ:وَ قَالَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ :

نَحْنُ قَتَلْنَا حَوْشَباً لِمَا غَدَا قَدْ أَعْلَمَا

وَ ذَا الْكَلاَعِ قَبْلَهُ وَ مَعْبَدَا إِذْ أَقْدَمَا

إِنْ تَقْتُلُوا مِنَّا أَبَا الْيَقْظَانِ شَيْخاً مُسْلِماَ

فَقَدْ قَتَلْنَا مِنْكُمْ سَبْعِينَ رَأْساً مُجْرِماَ

أَضْحَوْا بِصِفِّينَ وَ قَدْ لاَقُوا نَكَالاً مُؤْثِماَ.

وَ قَالَ عَامِرُ بْنُ الْأَمِينِ السُّلَمِيُّ :

كَيْفَ الْحَيَاةُ وَ لاَ أَرَاكَ حَزِيناً وَ غَبَرْتَ فِي فِتَنٍ كَذَاكَ سِنِينَا

وَ نَسِيتَ تَلْذَاذَ الْحَيَاةِ وَ عَيْشَهَا وَ رَكِبْتَ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ فُنُوناَ

وَ رَجَعْتُ قَدْ أَبْصَرْتُ أَمْرِي كُلَّهُ وَ عَرَفْتُ دِينِي إِذْ رَأَيْتُ يَقِيناً

أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ السَّفِيهَ بِأَنَّنِي فِي عُصْبَةٍ لَيْسُوا لَدَيْكَ قَطِيناَ

لاَ يَغْضَبُونَ لِغَيْرِ ابْنِ نَبِيِّهِمْ يَرْجُونَ فَوْزاً إِنْ لَقُوكَ ثَمِيناً.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ يَرْثِي مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ:

يَا عَيْنُ جُودِي عَلَى قَتْلَى بِصِفِّيناَ أَضْحَوْا رُفَاتاً وَ قَدْ كَانُوا عَرَانِيناَ».

ص: 364


1- ح:«تحت العجاج تحث».

أَنَّى لَهُمْ صَرْفُ دَهْرٍ قَدْ أَضَرَّ بِنَا تَبّاً لِقَاتِلِهِمْ فِي الْيَوْمِ مَدْفُوناً (1)

كَانُوا أَعِزَّةَ قَوْمِي قَدْ عَرَفْتُهُمُ مَأْوَى الضِّعَافِ وَ هُمْ يُعْطُونَ مَاعُوناَ

أَعْزِزْ بِمَصْرَعِهِمْ تَبّاً لِقَاتِلِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ وَ طُوبَى لِلْمُصَابِيناَ.

وَ قَالَ اَلنَّضْرُ بْنُ عَجْلاَنَ الْأَنْصَارِيُّ :

قَدْ كُنْتُ عَنْ صِفِّينَ فِيمَا قَدْ خَلاَ وَ جُنُودِ صِفِّينَ لَعَمْرِي غَافِلاً

قَدْ كُنْتُ حَقّاً لاَ أُحَاذِرُ فِتْنَةً وَ لَقَدْ أَكُونُ بِذَاكَ حَقّاً جَاهِلاً

فَرَأَيْتُ فِي جُمْهُورِ ذَلِكَ مُعْظَماً وَ لَقِيتُ مِنْ لَهَوَاتِ ذَاكَ عَيَاطِلاَ (2)

كَيْفَ التَّفَرُّقُ وَ الْوَصِيُّ إِمَامُنَا لاَ كَيْفَ إِلاَّ حَيْرَةً وَ تَخَاذُلاً

لاَ تَعْتِبُنَّ عُقُولُكُمْ لاَ خَيْرَ فِي مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَلاَبِلِ عَاقِلاً

وَ ذَرُوا مُعَاوِيَةَ الْغَوِيَّ وَ تَابِعُوا دِينَ الْوَصِيِّ تُصَادِفُوهُ عَاجِلاً.

وَ قَالَتْ أَمِينَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ تَرْثِي مَالِكاً :

مَنَعَ الْيَوْمَ أَنْ أَذُوقَ رُقَاداَ مَالِكٌ إِذْ مَضَى وَ كَانَ عِمَاداً

يَا أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ تَيْهَانَ إِنِّي صِرْتُ لِلْهَمِّ مَعْدِناً وَ وِسَاداً

إِذْ غَدَا الْفَاسِقُ الْكَفُورُ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ كَانَ مِثْلَهَا مُعْتَاداً

أَصْبَحُوا مِثْلَ مَنْ ثَوَى يَوْمَ أُحْدٍ يَرْحَمُ اللَّهُ تِلْكُمُ الْأَجْسَادَا.

وَ قَالَتْ ضُبَيْعَةُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ تَرْثِي أَبَاهَا (3)صَاحِبَ الشَّهَادَتَيْنِ :

عَيْنُ جُودِي عَلَى خُزَيْمَةَ بِالدَّمْعِ قَتِيلِ اَلْأَحْزَابِ يَوْمَ الْفُرَاتِ

قَتَلُوا ذَا الشَّهَادَتَيْنِ عُتُوّاً أَدْرَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ بِالتُّرَابِ

قَتَلُوهُ فِي فِتْيَةٍ غَيْرِ عُزْلٍ يُسْرِعُونَ الرُّكُوبَ لِلدَّعَوَاتِ).

ص: 365


1- أنى يأنى:حان وقته.و في الأصل:«أنا لهم»تحريف.
2- يقال هضبة عيطل:طويلة.
3- في الأصل:«فى خزيمة أباها»صوابه في ح(2:280).

نَصَرُوا السَّيِّدَ (1)الْمُوَفَّقَ ذَا الْعَدْلِ وَ دَانُوا بِذَاكَ حَتَّى الْمَمَاتِ

لَعَنَ اللَّهُ مَعْشَراً قَتَلُوهُ وَ رَمَاهُمْ بِالْخِزْيِ وَ الْآفَاتِ.

كتاب معاوية إلى أبي أيوب و زياد ابن سمية

نَصْرٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْأَعْمَشِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ (2)صَاحِبِ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ سَيِّداً مُعَظَّماً مِنْ سَادَاتِ اَلْأَنْصَارِ وَ كَانَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كِتَاباً وَ كَتَبَ إِلَى زِيَادِ ابْنِ سُمَيَّةَ وَ كَانَ عَامِلاً لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى بَعْضِ فَارِسَ كِتَاباً فَأَمَّا كِتَابُهُ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ فَكَانَ سَطْراً وَاحِداً لاَ تَنْسَى شَيْبَاءُ أَبَا عُذْرَتِهَا وَ لاَ قَاتِلَ بِكْرِهَا فَلَمْ يَدْرِ أَبُو أَيُّوبَ مَا هُوَ؟ فَأَتَى بِهِ عَلِيّاً وَ قَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ ابْنَ أَكَّالَةِ الْأَكْبَادِ وَ كَهْفَ الْمُنَافِقِينَ كَتَبَ إِلَيَّ بِكِتَابٍ لاَ أَدْرِي مَا هُوَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«وَ أَيْنَ الْكِتَابُ؟» فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ وَ قَالَ: 1«نَعَمْ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ يَقُولُ مَا أَنْسَى الَّذِي لاَ تَنْسَى الشَّيْبَاءُ لاَ تَنْسَى أَبَا عُذْرَتِهَا وَ الشَّيْبَاءُ الْمَرْأَةُ الْبِكْرُ لَيْلَةَ افْتِضَاضِهَا (3)لاَ تَنْسَى بَعْلَهَا الَّذِي افْتَرَعَهَا أَبَداً وَ لاَ تَنْسَى قَاتِلَ بِكْرِهَا وَ هُوَ أَوَّلُ وَلَدِهَا كَذَلِكَ لاَ أَنْسَى أَنَا قَتْلَ عُثْمَانَ .

وَ أَمَّا الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَ إِلَى زِيَادٍ فَإِنَّهُ كَانَ وَعِيداً وَ تَهَدُّداً فَقَالَ زِيَادٌ وَيْلِي عَلَى مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَكَّالَةِ الْأَكْبَادِ وَ كَهْفِ الْمُنَافِقِينَ وَ بَقِيَّةِ اَلْأَحْزَابِ يَتَهَدَّدُنِي وَ يُوعِدُنِي وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ وَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفاً طَوَائِعُ (4)،

ص: 366


1- في الأصل:«نصروا أحمد»و الوجه ما أثبت من ح.
2- هو خالد بن زيد بن كليب الأنصارى،نزل عليه النبيّ صلّى اللّه عليه لما قدم المدينة فأقام عنده حتّى بنى بيوته و مسجده.و توفى في غزاة القسطنطينية سنة 52.الإصابة 2159. و في الأصل:«خالد بن أيوب»صوابه في ح و الإصابة.
3- قيل ياء«شيباء»بدل من واو؛لأن ماء الرجل شاب ماء المرأة،و لم يسمع الأصل،جعلوه بدلا لازما،كعيد و أعياد من العودة.
4- طوائع:جعله جمعا لطائع و القياس طائعون.و في ح(2:281):«سبعون ألفا سيوفهم على عواتقهم،يطيعونه في جميع ما يأمرهم».

سُيُوفُهُمْ عِنْدَ أَذْقَانِهِمْ لاَ يَلْتَفِتُ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَرَاءَهُ حَتَّى يَمُوتَ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ خَلَصَ الْأَمْرُ إِلَيَّ لَيَجِدَنِّي أَحْمَرَ ضِرَاباً بِالسَّيْفِ وَ الْأَحْمَرُ يَعْنِي أَنَّهُ مَوْلًى فَلَمَّا ادَّعَاهُ مُعَاوِيَةُ صَارَ عَرَبِيّاً [مَنَافِيّاً] (1).

.

قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِ أَبِي أَيُّوبَ :

أَبْلِغْ لَدَيْكَ أَبَا أَيُّوبَ مَأْلُكَةً أَنَّا وَ قَوْمَكَ مِثْلُ الذِّئْبِ وَ النَّقَدِ

إِمَّا قَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلاَ تَرْجُوا الْهَوَادَةَ عِنْدِي آخِرَ الْأَبَدِ (2)

إِنَّ الَّذِي نِلْتُمُوهُ ظَالِمِينَ لَهُ أَبْقَتْ حَرَارَتُهُ صَدْعاً عَلَى كَبِدِي

إِنِّي حَلَفْتُ يَمِيناً غَيْرَ كَاذِبَةٍ لَقَدْ قَتَلْتُمْ إِمَاماً غَيْرَ ذِي أَوَدٍ

لاَ تَحْسَبُوا أَنَّنِي أَنْسَى مُصِيبَتَهُ وَ فِي الْبِلاَدِ مِنَ اَلْأَنْصَارِ مِنْ أَحَدٍ (3)

أَعْزِزْ عَلَيَّ بِأَمْرٍ لَسْتَ نَائِلَهُ وَ اجْهَدْ عَلَيْنَا فَلَسْنَا بَيْضَةَ الْبَلَدِ

قَدْ أَبْدَلَ اللَّهُ مِنْكُمْ خَيْرَ ذِي كَلَعٍ وَ اَلْيَحْصُبِيِّينَ أَهْلِ الْحَقِّ فِي اَلْجَنَدِ (4)

إِنَّ اَلْعِرَاقَ لَنَا فَقْعٌ بِقَرْقَرَةٍ أَوْ شَحْمَةٌ بَزَّهَا شَاوٍ وَ لَمْ يَكَدِ (5)

وَ اَلشَّامُ يَنْزِلُهَا الْأَبْرَارُ بَلْدَتُهَا أَمْنٌ وَ حَوْمَتُهَا عِرِّيسَةُ الْأَسَدِ (6).

فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: 1«لَشَدَّ مَا شَحَذَكُمْ مُعَاوِيَةُ (7)

ص: 367


1- منافيا:منسوبا إلى عبد مناف.
2- ح:«منا آخر الأبد».
3- في الأصل:«مصابته»و لم يقولوا في المصيبة إلا«المصاب»بالتذكير.و أثبت ما في ح.
4- بنو يحصب:بطن من حمير؛و حاؤه مثلثة.و الجند بالتحريك:مدينة باليمن بينها و بين صنعاء ثمانية و خمسون فرسخا.ح:«أهل الخوف و الجند».
5- الفقع،بالفتح:ضرب من أردأ الكمأة.و القرقرة:أرض مطمئنة لينة.
6- ح:«و بيضتها عريسة الأسد».
7- في الأصل:«لأشد»صوابه في ح(2:281).

يَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ أَجِيبُوا الرَّجُلَ» فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ :يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ شَيْئاً مِنَ الشِّعْرِ يَعْيَا بِهِ الرِّجَالُ (1)إِلاَّ قُلْتُهُ قَالَ: 1«فَأَنْتَ إِذاً أَنْتَ» فَكَتَبَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ لاَ تَنْسَى الشَّيْبَاءُ (2)وَ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّيْبَاءُ الشَّمْطَاءُ ثُكْلَ وَلَدِهَا وَ لاَ أَبَا عُذْرَتِهَا فَضَرَبْتَهَا مَثَلاً بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ مَا نَحْنُ (3)وَ قَتْلَ عُثْمَانَ إِنَّ الَّذِي تَرَبَّصَ بِعُثْمَانَ وَ ثَبَّطَ يَزِيدَ بْنَ أَسَدٍ (4)وَ أَهْلَ اَلشَّامِ فِي نُصْرَتِهِ لَأَنْتَ وَ إِنَّ الَّذِينَ قَتَلُوهُ لَغَيْرُ اَلْأَنْصَارِ وَ كَتَبَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ:

لاَ تُوعِدَنَّا اِبْنَ حَرْبٍ إِنَّنَا بَشَرٌ لاَ نَبْتَغِيَ وُدَّ ذِي الْبَغْضَاءِ مِنْ أَحَدٍ

فَاسْعَوْا جَمِيعاً بَنِي اَلْأَحْزَابِ كُلُّكُمْ لَسْنَا نُرِيدُ وِلاَكُمْ آخِرَ الْأَبَدِ (5)

نَحْنُ الَّذِينَ ضَرَبْنَا النَّاسَ كُلَّهُمُ حَتَّى اسْتَقَامُوا وَ كَانُوا عُرْضَةَ الْأَوَدِ

وَ الْعَامَ قَصْرُكَ مِنَّا أَنْ أَقَمْتَ لَنَا ضَرْباً يُزِيلُ بَيْنَ الرُّوحِ وَ الْجَسَدِ

أَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّا لَنْ نُفَارِقَهُ مَا رَقْرَقَ الْآلُ فِي الدَّاوِيَّةِ الْجَرَدِ

إِمَّا تَبَدَّلْتَ مِنَّا بَعْدَ نُصْرَتِنَا دِينَ الرَّسُولِ أُنَاساً سَاكِنِي اَلْجَنَدِ

لاَ يَعْرِفُونَ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمُ إِلاَّ اتَّبَاعَكُمُ يَا رَاعِيَ النَّقَدِ

فَقَدْ بَغَى الْحَقَّ هَضْماً شَرُ ذِي كَلَعٍ وَ اَلْيَحْصُبِيُّونَ طُرّاً بَيْضَةُ الْبَلَدِ».

ص: 368


1- يعيا به:يعجز عنه.و في الأصل:«يعبأ به»و في ح:«يعتا به».
2- في الأصل:«أنت لا تنسى الشيباء»و كلمه«أنت»محرفة عن«كتبت» التي في التكملة السابقة.
3- في الأصل:«و ما أنا»و أثبت ما في ح.
4- هو يزيد بن أسد،جد خالد بن عبد اللّه القسرى.و كان مطاعا في أهل اليمن عظيم الشأن،وجهه معاوية لنصر عثمان في أربعة آلاف،فجاء إلى المدينة فوجد عثمان قد قتل،فلم يحدث شيئا.انظر الإصابة 9229.
5- ولاكم:أى ولاءكم.و في ح:«رضاكم».

أَلاَّ نُدَافِعَ كَفّاً دُونَ صَاحِبِهَا حَدُّ الشِّقَاقِ وَ لاَ أُمٍّ وَ لاَ وَلَدِ (1).

فَلَمَّا أُتِيَ مُعَاوِيَةُ بِكِتَابِ أَبِي أَيُّوبَ كَسَرَهُ .

صفة معركة بصفين و بعض أشعاره

نَصْرٌ قَالَ وَ ذَكَرَ عُمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيِّ وَ كَانَ حَضَرَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَعَ عَلِيٍّ : أَنَّ الْفَيْلَقَيْنِ الْتَقَيَا بِصِفِّينَ وَ اضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ لَيْسَ مَعَهُمْ غَيْرُهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ .

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ :وَ حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ وَ كَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ عَلِيٍّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ فَاقْتَتَلْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَتَّى تَكَسَّرَتِ الرِّمَاحُ وَ نَفِدَتِ السِّهَامُ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى الْمُسَايَفَةِ (2)فَاجْتَلَدْنَا بِهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ حَتَّى صِرْنَا نَحْنُ وَ أَهْلُ اَلشَّامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُعَانِقُ بَعْضُنَا بَعْضاً وَ قَدْ قَاتَلْتُ لِيَلْتَئِذَ بِجَمِيعِ السِّلاَحِ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ السِّلاَحِ إِلاَّ قَاتَلْتُ بِهِ حَتَّى تَحَاثَيْنَا بِالتُّرَابِ وَ تَكَادَمْنَا بِالْأَفْوَاهِ حَتَّى صِرْنَا قِيَاماً يَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ (3)مَا يَسْتَطِيعُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ يَنْهَضُ إِلَى صَاحِبِهِ وَ لاَ يُقَاتِلُ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ انْحَازَ مُعَاوِيَةُ وَ خَيْلُهُ مِنَ الصَّفِّ وَ غَلَبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى الْقَتْلَى فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ فَدَفَنَهُمْ وَ قَدْ قُتِلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ أَكْثَرُ وَ قُتِلَ فِيهِمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شِمْرُ بْنُ أَبْرَهَةَ وَ قُتِلَ عَامَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ عُمَارَةُ :

قَالَتْ أُمَامَةُ مَا لِلَوْنِكَ شَاحِباً وَ الْحَرْبُ تَشْحَبُ ذَا الْحَدِيدِ الْبَاسِلِ

أَنَّى يَكُونُ أَبُوكَ أَبْيَضَ صَافِياً بَيْنَ السَّمَائِمِ فَوْقَ مَتْنِ السَّائِلِ

ص: 369


1- كذا ورد هذا البيت.
2- في الأصل:«صارت إلى المسايفة»و أثبت ما في ح(2:281).
3- بعدها في الأصل:«حتى صرنا قياما»و هي عبارة مكررة.

تَغْدُو الْكَتَائِبُ حَوْلَهُ وَ يَسُوقُهُمْ مِثْلُ الْأُسُودِ بِكُلِّ لَدْنٍ ذَابِلٍ

خُزْرِ الْعُيُونِ مِنَ الْوُفُودِ لَدَى الْوَغَى بِالْبَيْضِ تَلْمَعُ كَالشِّرَارِ الطَّاسِلِ (1)

قَالُوا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ بَايِعُوا وَ الْحَرْبُ شَائِلَةٌ كَظَهْرِ الْبَازِلِ

فَخَرَجْتُ مُخْتَرِماً أَجُرُّ فُضُولَهَا حَتَّى خَلَصْتُ إِلَى مَقَامِ الْقَاتِلِ (2).

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :

إِذَا تَخَازَرْتُ وَ مَا بِي مِنْ خَزَرْ (3)ثُمَّ خَبَأْتُ الْعَيْنَ مِنْ غَيْرِ عَوَرْ (4)

أَلْفَيْتَنِي أَلْوَى بَعِيدَ الْمُسْتَمِرِّ (5)ذَا صَوْلَةٍ فِي الْمُصْمَئِلاَّتِ الْكُبَرِ

أَحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرّ كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاءِ فِي أَصْلِ الصَّخَرْ.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ :

لَوْ شَهِدَتْ جُمْلٌ مَقَامِي وَ مَوْقِفِي بِصِفِّينَ يَوْماً شَابَ مِنْهَا الذَّوَائِبُ

غَدَاةَ غَدَا أَهْلُ اَلْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَوْجٌ لُجُّهُ مُتَرَاكِبُ

وَ جِئْنَاهُمُ نَمْشِي صُفُوفاً كَأَنَّنَا سَحَابُ خَرِيفٍ صَفَّقَتْهُ الْجَنَائِبُ

فَطَارَ إِلَيْنَا بِالرِّمَاحِ كُمَاتُهُمْ وَ طِرْنَا إِلَيْهِمْ وَ السُّيُوفُ قَوَاضِبُ

فَدَارَتْ رَحَانَا وَ اسْتَدَارَتْ رَحَاهُمُ سَرَاَةَ النَّهَارِ مَا تُوَلِّي الْمَنَاكِبُة.

ص: 370


1- الطاسل:الجاري المضطرب،من قولهم طسل السراب:اضطرب.
2- مخترما:يخترم الأقران،أي يستأصلهم.و في الأصل:«محترما».فضولها:أى فضول الدرع السابغة.مقام القاتل،يعنى نفسه.و بعده في الأصل:«و يقرقعونه كقرن الحائل»،و لعلها رواية محرفة لعجز أحد الأبيات السابقة.
3- التخازر:إظهار الخزر،و هو ضيق العين و صغرها.
4- ح(2:281):«ثم كسرت العين».
5- الألوى:الشديد الخصومة.

إِذَا قُلْتُ يَوْماً قَدْ وَنَوْا بَرَزَتْ لَنَا

كَتَائِبُ حُمْرٌ وَ ارْجَحَنَّتْ كَتَائِبُ (1)

فَقَالُوا نَرَى مِنْ رَأْيِنَا أَنْ تُبَايِعُوا عَلِيّاً فَقُلْنَا بَلْ نَرَى أَنْ تُضَارِبُوا

فَأُبْنَا وَ قَدْ نَالُوا سَرَاةَ رِجَالِنَا وَ لَيْسَ لِمَا لاَقُوا سِوَى اللَّهِ حَاسِبُ

فَلَمْ أَرَ يَوْماً كَانَ أَكْثَرَ بَاكِياً وَ لاَ عَارِضاً مِنْهُمْ كَمِيّاً يُكَالِبُ

كَأَنَّ تَلاَلِي الْبَيْضِ فِينَا وَ فِيهِمُ تَلَأْلُؤُ بَرْقٍ فِي تِهَامَةَ ثَاقِبُ (2).

فَرَدَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ :

لَوْ شَهِدَتْ جُمْلٌ مَقَامَكَ أَبْصَرَتْ مَقَامَ لَئِيمٍ وَسْطَ تِلْكَ الْكَتَائِبِ

أَ تَذْكُرُ يَوْماً لَمْ يَكُنْ لَكَ فَخْرُهُ وَ قَدْ ظَهَرَتْ فِيهَا عَلَيْكَ الْجَلاَئِبُ (3)

وَ أَعْطَيْتُمُونَا مَا نَقَمْتُمْ أَذِلَّةً عَلَى غَيْرِ تَقْوَى اللَّهِ وَ الدِّينُ وَاصِبٌ (4)

وَ رُوِيَ (خَوْفُ الْعَوَاقِبِ) .

قول علي في نداء عمرو بن العاص

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ تَمِيمٍ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّي مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَتَاهُ عَلْقَمَةُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يُنَادِي ثَمَّ:

أَنَا الْغُلاَمُ الْقُرَشِيُّ الْمُؤْتَمَنُ اَلْمَاجِدُ الْأَبْلَجُ لَيْثٌ كَالشَّطَنِ

يَرْضَى بِهِ اَلشَّامُ إِلَى أَرْضِ عَدَنْ يَا قَادَةَ اَلْكُوفَةِ مِنْ أَهْلِ الْفِتَنِ

يَا أَيُّهَا الْأَشْرَافُ مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ أَضْرِبُكُمْ وَ لاَ أَرَى أَبَا حَسَنْ

ص: 371


1- في الأصل:«إذا قلت قد استهزموا»و أثبت ما في ح.كتائب حمر،لما علاها من صدأ الحديد.ح:«كتائب منهم».
2- تلالى،مصدر من تلالا المسهلة،كما تقول:تراضى تراضيا.
3- الجلائب:العبيد يجلبون من بلد إلى غيره.
4- واصب،أي طاعته دائمة واجبة أبدا.و في الكتاب:« وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً. »

أَعْنِي عَلِيّاً وَ ابْنَ عَمِّ الْمُؤْتَمَنِ كَفَى بِهَذَا حَزَناً مِنَ الْحَزَنْ.

فَضَحِكَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: 1«أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ حَادَ عُدَيُّ اللَّهِ عَنِّي وَ إِنَّهُ بِمَكَانِي لَعَالِمٌ كَمَا قَالَ الْعَرَبِيُّ:غَيْرَ الْوَهَي تَرْقَعِينَ وَ أَنْتِ مُبْصِرَةٌ (1)وَيْحَكُمْ أَرُونِي مَكَانَهُ لِلَّهِ أَبُوكُمْ وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ.

وَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ يَمْدَحُ عَلِيّاً :

إِنِّي إِخَالُ عَلِيّاً غَيْرَ مُرْتَدِعٍ حَتَّى يُؤَدِّي كِتَابَ اللَّهِ وَ الذِّمَمَ (2)

حَتَّى تَرَى النَّقْعَ مَعْصُوباً بِلُمَّتِهِ نَقْعَ القَبَائِلِ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ (3)

غَضْبَانَ يُحْرِقُ نَابَيْهِ بِحَرَّتِهِ كَمَا يَغُطُّ الْفَنِيقُ الْمُصْعَبُ الْقَطِمُ (4)

حَتَّى يُزِيلَ اِبْنَ حَرْبٍ عَنْ إِمَارَتِهِ كَمَا تَنَكَّبَ تَيْسَ الْحُبْلَةِ الْحُلُمُ (5)

أَوْ أَنْ تَرَوْهُ كَمِثْلِ الصَّقْرِ مُرْتَبِئاً يَخْفِقْنَ مِنْ حَوْلِهِ الْعِقْبَانُ وَ الرَّخَمُ.

وَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ أَيْضاً يَمْدَحُ عَلِيّاً وَ يَهْجُو مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّهُ يَتَهَدَّدُهُ (6):

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُبْدِي عَدَاوَتَهُ رَوِّ لِنَفْسِكَ أَيَّ الْأَمْرِ تَأْتَمِرُ».

ص: 372


1- في الأصل:«عين الوهى»صوابه في ح(2:282).و الوهى،بالفتح: الشق في الشيء.
2- في الأصل:«غير منتهى»و هي من ضرورة الشعر،لكن كتب بجوارها «ن:مرتدع»أي إنها كذلك في نسخة أخرى،و هذه الأخيرة رواية ح.
3- في الأصل:«حتى ترى النقع»و في ح:«أ ما ترى النقع».
4- حرق نابيه يحرقهما،بالضم و الكسر:سحقهما حتّى سمع لهما صريف.المصعب: الفحل.و القطم:المشتهى للضراب.و في الأصل:«المغضب القطم»و الوجه ما أثبت من ح.
5- الحبلة،بالضم:ثمر عامة العضاه.و هم ينسبون التيس أيضا فيقولون:«تيس الربل»و هو ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها و أدبر الصيف تفطرت بورق أخضر. انظر الحيوان(4:6/134:123).و في الأصل:«الجلة»و في ح:«الخلة» و لا وجه لهما.
6- ح:«قال نصر:«و حدّثنا عمر بن سعد عن الشعبى قال:بلغ النجاشيّ أن معاوية تهدده فقال».

لاَ تَحْسَبَنِّي كَأَقْوَامٍ مَلَكْتَهُمُ طَوْعَ الْأَعِنَّةِ لَمَّا تَرْشَحُ الْعُذُرُ

وَ مَا عَلِمْتُ بِمَا أَضْمَرْتَ مِنْ حَنَقٍ حَتَّى أَتَتْنِي بِهِ الرُّكْبَانُ وَ النُّذُرُ

فَإِنْ نَفِسْتَ عَلَى الْأَمْجَادِ مَجْدَهُمُ فَابْسُطْ يَدَيْكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ مُبْتَدِرُ

وَ اعْلَمْ بِأَنَّ عَلِيَّ الْخَيْرِ مِنْ نَفَرٍ مِثْلِ الْأَهِلَّةِ لاَ يَعْلُوهُمُ بَشَرٌ

لاَ يَرْتَقِيَ الْحَاسِدُ الْغَضْبَانُ مَجْدَهُمُ (1) مَا دَامَ بِالْحُزْنِ مِنْ صَمَّائِهَا حَجَرُ

بِئْسَ الْفَتَى أَنْتَ إِلاَّ أَنَّ بَيْنَكُمَا كَمَا تَفَاضَلَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ

وَ لاَ إِخَالُكَ إِلاَّ لَسْتَ مُنْتَهِياً حَتَّى يَمَسَّكَ مِنْ أَظْفَارِهِ ظُفُرُ

لاَ تَحْمَدَنَّ امْرَأً حَتَّى تُجَرِّبَهُ وَ لاَ تَذُمَّنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُهُ الْخُبْرُ

إِنِّي امْرُؤٌ قَلَّمَا أُثْنِي عَلَى أَحَدٍ حَتَّى أَرَى بَعْضَ مَا يَأْتِي وَ مَا يَذَرُ

إِنِّي إِذَا مَعْشَرٌ كَانَتْ عَدَاوَتُهُمْ فِي الصَّدْرِ أَوْ كَانَ فِي أَبْصَارِهِمْ خَزَرُ

جَمَّعْتُ صَبْراً جَرَامِيزِي بِقَافِيَةٍ (2) لاَ يَبْرَحُ الدَّهْرُ مِنْهَا فِيهِمُ أَثَرُ.

فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ مُعَاوِيَةَ قَالَ مَا أَرَاهُ إِلاَّ قَدْ قَارَبَ .

موقع عبد الله بن جعفر و بعض المعارك و الأشعار بصفين

1- نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي شَقِيقٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ذِي الْجَنَاحَيْنِ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْخَيْلِ بِصِفِّينَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خُزَيْمَةَ فَقَالَ:هَلْ مِنْ فَرَسٍ؟ قَالَ:نَعَمْ خُذْ أَيَّ الْخَيْلِ شِئْتَ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ اِبْنُ جَعْفَرٍ :إِنْ يُصِبْ أَفْضَلَ الْخَيْلِ يُقْتَلْ قَالَ:

فَمَا عَتَّمَ أَنْ أَخَذَ أَفْضَلَ الْخَيْلِ فَرَكِبَهُ وَ حَمَلَ عَلَى الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْبِرَازِ فَقَتَلَهُ الشَّامِيُّ.

وَ حَمَلَ غُلاَمَانِ مِنْ اَلْأَنْصَارِ جَمِيعاً أَخَوَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى سُرَادِقِ مُعَاوِيَةَ

ص: 373


1- ح:«لا يجحد الحاسد الغضبان فضلهم».
2- جمع جراميزه،إذا تجمع ليثب.فى الأصل:«بعافية»صوابه في ح.و أراد بالقافية الشعر يقوله في الهجو.

فَقُتِلاَ عِنْدَهُ وَ أَقْبَلَتِ الْكَتَائِبُ بَعْضُهَا نَحْوَ بَعْضٍ فَاقْتَتَلَتْ قِيَاماً فِي الرَّكْبِ لاَ يَسْمَعُ السَّامِعُ إِلاَّ وَقْعَ السُّيُوفِ عَلَى الْبَيْضِ وَ الدَّرَقِ.

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :

أَ جِئْتُمْ إِلَيْنَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَنَا وَ مَا رُمْتُمُ وَعْرٌ مِنَ الْأَمْرِ أَعْسَرُ

لَعَمْرِي لَمَا فِيهِ يَكُونُ حِجَاجُنَا (1) إِلَى اللَّهِ أَدْهَى لَوْ عَقَلْتُمْ وَ أَنْكَرُ

تَعَاوَرْتُمُ ضَرْباً بِكُلِّ مُهَنَّدٍ إِذَا شَدَّ وَرْدَانُ تَقَدَّمَ قَنْبَرُ (2)

كَتَائِبُكُمْ طَوْراً تَشُدُّ وَ تَارَةً كَتَائِبُنَا فِيهَا الْقَنَا وَ السَّنَوَّرُ (3)

إِذَا مَا الْتَقَوْا يَوْماً تَدَارَكَ بَيْنَهُمْ طِعَانٌ وَ مَوْتٌ فِي الْمَعَارِكِ أَحْمَرُ (4).

وَ قَالَ مُرَّةُ بْنُ جُنَادَةَ الْعُلَيْمِيُّ :

لِلَّهِ دَرُّ عِصَابَةٍ فِي مَأْقِطٍ شَهِدُوا مَجَالَ الْخَيْلِ تَحْتَ قَتَامِهَا

شَهِدُوا لُيُوثاً لَيْسَ يُدْرَكُ مِثْلُهُمْ عِنْدَ الْهَيَاجِ تَذُبُّ عَنْ آجَامِهَا (5)

خُزْرُ الْعُيُونِ إِذَا أَرَدْتَ قِتَالَهُمْ بَرَزُوا سِمَاحاً كُلَّهُمْ بِحِمَامِهَا (6)

لاَ يَنْكُلُونَ إِذَا تَقَوَّضَ صَفُّهُمْ جَزَعاً عَلَى الْإِخْوَانِ عِنْدَ جِلاَمِهَا

فَوْقَ الْبَرَاحِ مِنَ السَّوَابِحِ بِالْقَنَا يَرْدِينَ مَهْيَعَةَ الطَّرِيقِ بِهَامِهَا (7).ر.

ص: 374


1- في الأصل:«حجامنا»صوابه في ح.
2- وردان:غلام عمرو بن العاص.انظر ص 35،36.و قنبر،بوزن جعفر: مولى على.انظر الحاشية الرابعة من ص 43.
3- السنور:جملة السلاح،و خص به بعضهم الدروع.
4- في الأصل:«إذا ما التقوا حربا»و:«فى المبارك»صوابهما في ح.
5- الأجمة:الشجر الكثير الملتف.فى الأصل:«يذب عند إجامها»و الصواب ما أثبت.و هذه المقطوعة لم ترد في ل.
6- السماح:جمع سمح،و هو الجواد.بحمامها،بحمام النفوس أي موتها المقدر لها.
7- السوابح:الخيل تسبح في جريها.يردين من الرديان،و هو ضرب من السير.

وَ قَالَ اَلْعُلَيْمِيُّ

يَا كَلْبُ ذُبُّوا عَنْ حَرِيمِ نِسَائِكُمْ كَمَا ذَبَّ فَحْلُ الشَّوْلِ بَيْنَ عِشَارِهَا

وَ لاَ تَجْزَعُوا إِنَّ الْحُرُوبَ لَمُرَّةٌ إِذَا ذِيقَ مِنْهَا الطَّعْمُ عِنْدَ زِيَارِهَا

فَإِنَّ عَلِيّاً قَدْ أَتَاكُمْ بِفِتْيَةٍ مُحَدَّدَةً أَنْيَابُهَا مَعَ شِفَارِهَا

إِذَا نَدَبُوا لِلْحَرْبِ سَارَعَ مِنْهُمُ فَوَارِسُ حَرْبٍ كَالْأُسُودِ ابْتِكَارُهَا

يَخِفُّونَ دُونَ الرَّوْعِ فِي جَمْعِ قَوْمِهِمْ بِكُلِّ قَضُوبٍ مِقْصَالٌ فِي حِذَارِهَا (1).

وَ قَالَ سِمَاكُ (2)بْنُ خَرَشَةَ الْجُعْفِيُّ مِنْ خَيْلِ عَلِيٍّ

لَقَدْ عَلِمَتْ غَسَّانُ عِنْدَ اعْتِزَامِهَا بِأَنَّا لَدَى الْهَيْجَاءِ مِثْلُ السَّعَائِرِ

مَقَاوِيلُ أَيْسَارٌ لَهَامِيمُ سَادَةٌ إِذَا سَالَ بِالْجِرْيَالِ شَعْرُ الْبَيَاطِرِ

مَسَاعِيرُ لَمْ يُوجَدْ لَهُمْ يَوْمَ نَبْوَةٍ مَطَاعِينُ أَبْطَالٍ غَدَاةَ التَّنَاحُرِ

تَرَانَا إِذَا مَا الْحَرْبُ دَرَّتْ وَ أَنْشَبَتْ رَوَاسِيَهَا فِي الْحَرْبِ مِثْلَ الْضَّبَاطِرِ (3)

فَلَمْ نَرَ حَيّاً دَافَعُوا مِثْلَ دَفْعِنَا غَدَاةً قَتَلْنَا مُكْنِفاً وَ اِبْنَ عَامِرٍ

أَكِرُّ وَ أَحْمِي عِنْدَ وَقْعِ سُيُوفِهَا إِذَا سَافَتِ الْعِقْبَانُ تَحْتَ الْحَوَافِرِ

هُمُ نَاوَشُونَا عَنْ حَرِيمِ دِيَارِهِمْ غَدَاةَ الْتَقَيْنَا بِالسُّيُوفِ الْبَوَاتِرِ.

وَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ يَهْجُو أَهْلَ اَلْعِرَاقِ وَ يُوَبِّخُهُمْ:

لَقَدْ ضَلَّتْ مَعَاشِرُ مِنْ نِزَارٍ إِذَا انْقَادُوا لِمِثْلِ أَبِي تُرَابٍ

وَ إِنَّهُمُ وَ بَيْعَتَهُمْ عَلِيّاً كَوَاشِمَةِ التَّغَضُّنِ بِالْخِضَابِ (4)ح.

ص: 375


1- القضوب:القاطع،يعنى السيف.و في الأصل:«صعوب».و هذه المقطوعة لم ترد في ح.
2- سماك،بوزن كتاب،كما في القاموس و الإصابة.و خرشة،بالتحريك.و هما صحابيان يقال لكل منهما سماك بن خرشة،و يفرق بينهما بالكنية.أما أحدهما و هو أبو دجانة فلم يشهد صفّين،و شهدها الآخر.انظر الإصابة 3458.
3- الضباطر:جمع ضبطر،و هو الأسد الماضى الشديد.و في الأصل:«الصياخر».
4- التغضن:تكسر الجلد و تثنيه.فى الأصل:«تغضر»صوابه في ح.

تُزَيِّنُ مِنْ سَفَاهَتِهَا 3يَدَيْهَا وَ تَحْسِرُ بِالْيَدَيْنِ عَنِ النِّقَابِ

فَإِيَّاكُمْ وَ دَاهِيةً نَئُوداَ تَسِيرُ إِلَيْكُمُ تَحْتَ الْعُقَابِ (1)

إِذَا هَشُّوا سَمِعْتَ لِحَافَتَيْهِم دَوِيّاً مِثْلَ تَصْفِيقِ السَّحَابِ (2)

يُجِيبُونَ الصَّرِيخَ إِذَا دَعَاهُمْ إِلَى طَعْنِ الْفَوَارِسِ بِالْحِرَابِ

عَلَيْهِمْ كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاَصٍ وَ أَبْيَضَ صَارِمٍ مِثْلِ الشِّهَابِ.

وَ قَالَ اَلْأَحْمَرُ وَ قُتِلَ مَعَ عَلِيِّ ٍّ

قَدْ عَلِمَتْ غَسَّانُ مَعَ جُذَامٍ أَنِّي كَرِيمٌ ثَبَتُ الْمَقَامِ (3)

أَحْمِي إِذَا مَا زِيلَ بِالْأَقْدَامِ وَ الْتَقَتِ الْجِرْيَالُ بِالْأَهْدَامِ

إِنِّي وَ رَبِّ اَلْبَيْتِ وَ الْإِحْرَامِ لَسْتُ أُحَامِي عَوْرَةَ الْقَمْقَامِ.

وَ قَالَ اَلشَّيْخُ بْنُ بِشْرٍ الْجُذَامِيُّ :

يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى جُذَامٍ وَ قَدْ هُزَّتْ صُدُورُ الرِّمَاحِ وَ الْخِرَقُ

كَانُوا لَدَى الْحَرْبِ فِي مَوَاطِنِهِمْ أُسْداً إِذَا انْسَابَ سَائِلُ الْعَلَقِ

فَالْيَوْمَ لاَ يَدْفَعُونَ إِنْ دُهِمُوا وَ لاَ يَرُدُّونَ شَامَةَ الْغَلَقِ (4)

فَالْيَوْمَ لاَ يُنْصِفُونَ إِخْوَتَهُمْ عِنْدَ وُقُوعِ الْحُرُوبِ بِالْحَلَقِ.

وَ قَالَ اَلْأَشْتَرُ :

وَ سَارَ اِبْنُ حَرْبٍ بِالْغَوَايَةِ يَبْتَغِي قِتَالَ عَلِيٍّ وَ الْجُيُوشِ مَعَ الْحَفْلِ».

ص: 376


1- النئود:الداهية.و في الأصل:«تروها»صوابه في ح(2:283). و العقاب:راية معاوية،كما سيأتي في قول النجاشيّ: رأيت اللواء لواء العقاب يقحمه الشانئ الأخزر.
2- في ح:«إذا ساروا».
3- الثبت،بالفتح:الذي لا يبرح.و حرك الباء للشعر.
4- الشامة:الناقة السوداء.و الغلق:الجانى،و الأسير.و في الأصل:«العلق».

فَسِرْنَا إِلَيْهِمْ جَهْرَةً فِي بِلاَدِهِمْ فَصُلْنَا عَلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ وَ بِالنَّبْلِ

فَأَهْلَكَهُمْ رَبِّي وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ وَ كَانَ لَنَا عَوْناً وَ ذَاقُوا رَدَى الْخَبْلِ.

ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ فَلَقِيَهُ حَمْزَةُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَاتَلَهُ حَمْزَةُ وَ جَعَلَ حَمْزَةُ يَطْعَنُ بِالرُّمْحِ وَ يَقُولُ:

مَا ذَا يُرَجَّى مِنْ رَئِيسٍ مَلاَّ لَسْتُ بِفَرَّارٍ وَ لاَ زُمَّيْلاً (1)

فِي قَوْمِهِ مُسْتَبْدَلاً مُدِلاًّ قَدْ سَئِمَ الْحَيَاةَ وَ اسْتَمَلاَّ

وَ كُلَّ أَغْرَاضٍ لَهُ تَمَلاَّ (2).

وَ ذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ قَالَ حَمْزَةُ

دَعَانِيَ عَمْرٌو لِلِّقَاءِ فَلَمْ أُقِلْ وَ أَيُّ جَوَادٍ لاَ يُقَالُ لَهُ هَنِي (3)

وَ وَلَّى عَلَى طَرْفٍ يَجُولُ بِشِكَّةٍ مُقَلَّصَةٍ أَحْشَاؤُهُ لَيْسَ يَنْثَنِي (4)

فَلَوْ أَدْرَكَتْهُ الْبَيْضُ تَحْتَ لِوَائِهِ لَغُودِرَ مَجْدُولاً تُعَاوِرُهُ الْقُنِيِّ (5)

عَلَيْهِ نَجِيعٌ مِنْ دِمَاءٍ تَنُوشُهُ قَشَاعِمُ شُهْبٌ فِي السَّبَاسِبِ تَجْتَنِي.

فَرَجَعَ عَمْرٌو إِلَى مُعَاوِيَةَ فَحَدَّثَهُ فَقَالَ لَقَدْ لَقِيتُ الْيَوْمَ رَجُلاً [هُوَ] (6)خَلِيقٌ أَنْ تَدْرِسَهُ الْخَيْلُ بِسَنَابِكِهَا أَوْ تُذْرِيَهُ فِي مَدَارِكِهَا كَدَوْسِ الْحِصْرِمِ،ح.

ص: 377


1- الزميل:الضعيف الجبان الرذل.و في الأصل:«زملا»تحريف.
2- تملى العيش:استمتع به طويلا.
3- هنى،أي ياهنى.أراد أن كل جواد يستدعى و يطلب.و في الأصل:«و إنّي جواد».و نحوه في الأسلوب قول ليلى الأخيلية: تعيرنا داء بأمك مثله و أي حصان لا يقال لها هلا الحصان،بالفتح:المرأة العفيفة.و هلا بمعنى أسرعى.
4- الطرف:الفرس الكريم الطرفين،أي الأبوين.و يجول،من الجولة في الحرب. و في الأصل:«يجوب».و الشكة:السلاح.
5- مجدولا:صريعا.و في الأصل:«مخذولا».و القنى،على وزن فعول:الرماح، واحدها قناة.
6- ليست في الأصل.و الخبر لم يرو في مظنه من ح.

وَ هُوَ ضَعِيفُ الْكَبِدِ شَدِيدُ الْبَطْشِ يَتَلَمَّظُ تَلَمُّظَ الشَّمْطَاءِ الْمُفْجِعَةِ فَأَتَاهُ غَمْرٌ فَقَالَ إِذْ بِهِ عِنْدَنَا وَ اللَّهِ ضَرَبَ كَضَرْبِ الْقُدَارِ (1)مَرِنَ الشَّرَاسِيفِ بِالشِّفَارِ الْوَاقِعِ تَشْمَصُ لَهُ النُّشُوزُ فِي سَرَاعِيْفِ الْخَيْلِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَدَخَلَ تَحْتَ بَطْنِ فَرَسِهِ فَطَعَنَهُ حَتَّى جَدَّلَهُ عَنْ فَرَسِهِ وَ جَاءَ أَصْحَابُهُ فَحَمَلُوهُ فَعَاشَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ (2).

وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ عَلَى عَطَائِهِ وَ قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ التُّلَيْلِ الْمُنْفَرِدِ وَ قَالَ حَمْزَةُ

بَلِّغَا عَنِّي اَلسَّكُونَ وَ هَلْ لِي مِنْ رَسُولٍ إِلَيْهِمْ غَيْرَ آنِ

لَمْ أَصُدَّ السِّنَانَ عَنْ سُبَّقِ الْخَيْلِ وَ لَمْ أَتَّقِ هُذَامَ السِّنَانِ (3)

حِينَ ضَجَّ الشُّعَاعُ مِنْ نَدَبِ الْخَيْلِ لِحَرْبٍ وَ هَرَّ الْكُمَاةُ وَقْعَ اللِّدَانِ (4)

وَ مَشَى الْقَوْمُ بِالسُّيُوفِ إِلَى الْقَوْمِ كَمَشْيِ الْجِمَالِ بَيْنَ الْإِرَانِ.

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ

أَنْ لَوْ شَهِدْتَ فَوَارِساً فِي قَوْمِنَا يَوْمَ الْقَوَارِعِ مَرَّ مَرَّ الْأَجْهَلِ

لَرَأَيْتَ مَأْسَدَةً شَوَارِعَ بِالْقَنَا جُونَ الْجُلُودِ مِنَ الْحَدِيدِ الْمُرْسَلِ (5)ف.

ص: 378


1- القدار،بالضم:الجزار.و في الأصل:«القداد»تحريف.قال مهلهل: إنا لنضرب بالصوارم هامها ضرب القدار نقيعة القدام.
2- في هذا الكلام تحريف لم أجد مرجعا لتحقيقه.
3- سنان هذام:حديد قاطع.
4- الشعاع،بالفتح:ما تفرق و انتشر من الدم إثر الطعنة.و الندب:آثار الجراحات- و اللدان:جمع لدن،و هو اللين من الرماح.و في الأصل:«الجبان»و لا وجه له. قال المفضل بن المهلب: و من هرب أطراف القنا خشية الردى فليس لمجد صالح بكسوب و قال عنترة: حلفنا لهم و الخيل تردى بنا معا نزايلكم حتّى تهروا العواليا.
5- أي اسودت جلودهم من لبس الحديد و السلاح.و الجون بالضم:جمع جون، بالفتح،و هو الأسود.و في الأصل:«دون»تحريف.

مُتَسَرْبِلِينَ سَوَابِغاً عَادِيَّةً ادفوا الْمُلُوكَ بِكُلِّ عَضْبٍ مِقْصَلٍ (1)

يَمْشُونَ فِي عَنَتِ الطَّرِيقِ كَأَنَّهُمْ أُسْدٌ تَقَلْقَلُ فِي غَرِيفِ الْحِسْكِلْ

يَحْمَوْنَ إِذْ دُهِمُوا وَ ذَاكَ فَعَالُهُمْ عِنْدَ الْبَدِيهَةِ فِي عَجَاجِ الْقَسْطَلِ

النَّازِلُونَ أَمَامَ كُلِّ كَرِيهَةٍ تُخْشَى عَوَاَئِدُهَا غَدَاةَ الْفَيْصَلِ

وَ الْخَيْلُ غَائِرَةُ الْعُيُونِ كَأَنَّمَا كُحِلَتْ مَآقِيهَا بِزُرْقِ الْكَعْطَلِ (2)

يَعْدُونَ إِذْ ضَجَّ الْمُنَادِي فِيهِمْ نَحْوَ الْمُنَادِي بَذْخَةً فِي الْقُنْبُلِ (3)

وَ دَنَا الْكُمَاةُ مِنَ الْكُمَاةِ وَ أَعْمَلَتْ زُرْقاً تَعُمُّ سَرَاتَهُمْ كَالْمَشْعَلِ (4).

وَ قَالَ اَلْأَحْمَرُ

كُلُّ امْرِئٍ لاَ بُدَّ يَوْماً مَيِّتٌ وَ الْمَوْتُ حَقٌّ فَاعْرِفَنَّ وَصِيَّهُ

وَ جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ يَلْتَمِسُ عَلِيّاً مَا يَطَأُ إِلاَّ عَلَى إِنْسَانٍ مَيِّتٍ أَوْ قَدَمٍ أَوْ سَاعِدٍ فَوَجَدَهُ تَحْتَ رَايَاتِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لاَ نَقُومُ حَتَّى نَمُوتُ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«اُدْنُهْ» فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ أُذُنَهُ عِنْدَ أَنْفِهِ فَقَالَ: 1«وَيْحَكَ إِنَّ عَامَّةَ مَنْ مَعِي يَعْصِينِي وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ فِيمَنْ يُطِيعُهُ وَ لاَ يَعْصِيهِ.» وَ قَالَ أَبُو حَبَّةَ بْنُ غُزَيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ وَ اسْمُهُ عَمْرٌو (5)وَ هُوَ الَّذِي عَقَرَ الْجَمَلَ:فَقَالَ بِصِفِّينَ

سَائِلْ حَلِيلَةَ مَعْبَدٍ عَنْ فِعْلِنَا وَ حَلِيلَةَ اَللَّخْمِيِّ وَ اِبْنِ كَلاَعٍ2.

ص: 379


1- ادفوا،كذا وردت.و المقصل:القطاع.
2- كذا ورد هذا اللفظ.
3- البذخة:المرة من البذخ و هو الكبر.و القنبل،بالفتح:الطائفة من الناس و من الخيل.
4- الزرق:الأسنة.فى الأصل:«و أهملت زرقا»و الوجه ما أثبت.
5- هو عمرو بن غزية،بفتح العين و كسر الزاى و تشديد الياء،بن عمرو بن ثعلبة الأنصارى،ترجم له ابن حجر في الإصابة 5922.

وَ اسْأَلْ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنْ أَرْمَاحِنَا لَمَّا ثَوَى مُتَجَدِّلاً بِالْقَاعِ

وَ اسْأَلْ مُعَاوِيَةَ الْمُوَلِّي هَارِباً وَ الْخَيْلُ تَعْدُو وَ هِيَ جِدُّ سِرَاعِ (1)

مَا ذَا يُخَبِّرُكَ الْمُخْبِّرُ مِنْهُمْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ عِنْدَ كُلِّ وِقَاعِ (2)

إِنْ يَصْدُقُوكَ يُخَبِّرُوكَ بِأَنَّنَا أَهْلُ النَّدَى قِدْماً مُجِيبُو الدَّاعِي (3)

نَدْعُو إِلَى التَّقْوَى وَ نَرْعَى أَهْلَهَا بِرِعَايَةِ الْمَأْمُونِ لاَ الْمِضْيَاعِ

إِنْ يَصْدُقُوكَ يُخَبِّرُوكَ بِأَنَّنَا نَحْمِي الْحَقِيقَةَ عِنْدَ كُلِّ مِصَاعٍ

وَ نَسُنُّ لِلْأَعْدَاءِ كُلَّ مُثَقَّفٍ لَدْنٍ وَ كُلَّ مُشَطَّبٍ قَطَّاعٍ.

وَ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ بِصِفِّينَ :

أَقُولُ لَمَّا أَنْ رَأَيْتُ الْمَعْمَعَهْ وَ اجْتَمَعَ الْجُنْدَانِ وَسْطَ الْبَلْقَعَهْ

هَذَا عَلَيٌّ وَ الْهُدَى حَقّاً مَعَهُ يَا رَبِّ فَاحْفَظْهُ وَ لاَ تُضَيِّعَهُ

فَإِنَّهُ يَخْشَاكَ رَبِّي فَارْفَعَهْ وَ مَنْ أَرَادَ عَيْبَهُ فَضَعْضَعَهْ (4).

وَ قَالَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ عَجْلاَنَ الْأَنْصَارِيُّ (5)يَوْمَ صِفِّينَ :

سَائِلْ بِصِفِّينَ عَنَّا عِنْدَ وَقْعَتِنَا وَ كَيْفَ كُنَّا غَدَاةَ الْمَحْكِ نَبْتَدِرُ (6)

وَ اسْأَلْ غَدَاةَ لَقِينَا اَلْأَزْدَ قَاطِبَةً يَوْمَ الْبَصِيرَةِ لَمَّا اسْتَجْمَعَتْ مُضَرُ».

ص: 380


1- ح(2:283):«و الخيل تمعج».
2- الوقاع:المواقعة في الحرب.و في الأصل:«دفاع»و أثبت ما في ح.
3- في الأصل:«مستسمعون الداعي»صوابه في ح.
4- في الأصل:«و من أراد غيه»صوابه في ح.
5- هو النعمان بن عجلان بن النعمان بن عامر بن زريق الأنصارى،كان لسان الأنصار و شاعرهم.و ذكر المبرد أن عليا استعمله على البحرين فجعل يعطى كل من جاءه من بنى زريق، فقال فيه الشاعر،و هو أبو الأسود الدئلى: أرى فتنة قد ألهت الناس عنكم فندلا زريق المال ندل الثعالب فإن ابن عجلان الذي قد علمتم يبدد مال اللّه فعل المناهب انظر الإصابة 8747.ح:«بن جعلان»تحريف.
6- ح:«أم كيف كنا إلى العلياء».

لَوْ لاَ الْإِلَهُ وَ قَوْمٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فِيهِمْ عَفَافٌ وَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ (1)

لَمَّا تَدَاعَتْ لَهُمْ بِالْمِصْرِ دَاعِيَةٌ إِلاَّ الْكِلاَبُ وَ إِلاَّ الشَّاءُ وَ الْحُمُرُ (2)

كَمْ مَقْعَصٍ قَدْ تَرَكْنَاهُ بِمَقْفَرَةٍ تَعْوِي السِّبَاعُ لَدَيْهِ وَ هُوَ مُنْعَفِرُ

مَا إِنْ تَرَاهُ وَ لاَ يَبْكِي عَلاَنِيَةً إِلَى الْقِيَامَةِ حَتَّى تُنْفَخَ الصُّورُ (3).

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ :

تَقُولُ عِرْسِي لَمَّا أَنْ رَأَتْ أَرَقِى مَا ذَا يَهِيجُكَ مِنْ أَصْحَابِ صِفِّينَا

أَ لَسْتَ فِي عُصْبَةٍ يَهْدِي الْإِلَهُ بِهِمْ لاَ يَظْلِمُونَ (4)وَ لاَ بَغْياً يُرِيدُونَا

فَقُلْتُ إِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ سَدَرٍ أَخْشَى عَوَاقِبَ أَمْرٍ سَوْفَ يَأْتِينَا (5)

إِدَالَةُ الْقَوْمِ فِي أَمْرٍ يُرَادُ بِنَا فَاقْنَيْ حَيَاءً وَ كُفِّي مَا تَقُولِينَا.

وَ قَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ :

يَا رَبَّنَا سَلِّمْ لَنَا عَلِيّاً سَلِّمْ لَنَا الْمُهَذَّبَ النَّقِيَّا

الْمُؤْمِنَ الْمُسْتَرْشِدَ الْمَرْضِيَّا وَ اجْعَلْهُ هَادِي أُمَّةٍ مَهْدِيّاً

لاَ أَخْطَلَ الرَّأْيِ وَ لاَ غَبِيّاً (6) وَ احْفَظْهُ رَبِّي حِفْظَكَ النَّبِيَّا

فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ وَلِيّاً ثُمَّ ارْتَضَاهُ بَعْدَهُ وَصِيّاً.

وَ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ».

ص: 381


1- ح: «و عفو من أبى حسن عنهم و ما زال منه العفو ينتظر».
2- ح(2:284):«ما إن يئوب و لا ترجوه أسرته».
3- الصور،بضم ففتح:جمع صورة،و بها قرأ الحسن في كل موضع من الكتاب جاء فيه لفظ«الصور»بالضم.انظر إتحاف فضلاء البشر ص 211.على أن بعض من قرأ «الصور»بالضم جعله أيضا جمعا لصورة كصوف و صوفة،و ثوم و ثومة.انظر اللسان. (6:146).
4- في الأصل:«أهل الكتاب»و أثبت ما في ح.
5- السدر،بالتحريك:الحيرة.و في ح:«رشد».
6- في الأصل:«بغيا»و لا وجه له؛و قال اللحيانى:«لا يقال رجل بغى».

يَا أَيُّهَا السَّائِلُ عَنْ أَصْحَابِي إِنْ كُنْتَ تَبْغِي خَبَرَ الصَّوَابِ

أُخْبِرُ عَنْهُمْ غَيْرَ مَا تَكْذَابِ بِأَنَّهُمْ أَوْعِيَةُ اَلْكِتَابِ

صُبْرٌ لَدَى الْهَيْجَاءِ وَ الضِّرَابِ (1) وَ سَلْ جُمُوعَ اَلْأَزْدِ وَ اَلرِّبَابِ

وَ سَلْ بِذَاكَ مَعْشَرَ اَلْأَحْزَابِ .

وَ قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ :

يَا رَبِّ قَاتِلْ كُلَّ مَنْ يُرِيدُنَا وَ كِدْ إِلَهِي كُلَّ مَنْ يَكِيدُنَا

حَتَّى يُرَى مُعْتَدِلاً عَمُودُنَا إِنَّ عَلِيّاً لِلَّذِي يَقُودُنَا

وَ هُوَ الَّذِي بِفِقْهِهِ يَئُودُنَا (2) عَنْ قُحَمِ الْفِتْنَةِ إِذْ تُرِيدُنَا.

وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ذُؤَيْبٍ الْأَسْلَمِيُّ :

أَ لاَ أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ

أَ مَا لَكَ لاَ تُنِيبُ إِلَى الصَّوَابِ

أَ كُلَّ الدَّهْرِ مَرْجُوسٌ لِغَيْرٍ

تُحَارِبُ مَنْ يَقُومُ لَدَى اَلْكِتَابِ

فَإِنْ تَسْلَمْ وَ تَبْقَى الدَّهْرَ يَوْماً

نَزُرْكَ بِجَحْفَلٍ شِبْهِ الْهِضَابِ

يَقُودُهُمُ الْوَصِيُّ إِلَيْكَ حَتَّى

يَرُدَّكَ عَنْ عَوَائِكَ (3)وَ ارْتِيَابِ

وَ إِلاَّ فَالَّتِي جَرَّبْتَ مِنَّا

لَكُمْ ضَرْبُ الْمُهَنَّدِ بِالذُّؤَابِ.

وَ قَالَ أَبُو وَاقِدٍ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ الْخُشَنِيُّ :

سَائِلْ بِنَا يَوْمَ لَقِينَا اَلْأَزْدَا وَ الْخَيْلُ تَعْدُو شُقُراً وَ وُرْدَا (4)

لَمَّا قَطَعْنَا كَفَّهُمْ وَ الزَّنْدَا وَ اسْتَبْدَلُوا بَغْياً وَ بَاعُوا الرُّشْدَاح.

ص: 382


1- في الأضل:«صبرا»و هذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
2- آده:عطفه و ثناه.
3- من العواء اشتق اسم«معاوية»؛فإن المعاوية الكلبة تعاوى الكلاب.و في الأصل:«غواتك»تحريف.
4- شقرا:جمع أشقر و شقراء،و هو الأحمر،و هن أكرم الخيل.و الورد،بالضم: جمع ورد،بالفتح،و هو ما لونه أحمر يضرب إلى صفرة حسنة.و في الأصل:«تفدو سفرا و وردا»و إنّما هما من العدو و الشقرة.و هذه المقطوعة ترد في مظنها من ح.

وَ ضَيَّعُوا فِيمَا أَرَادُوا الْقَصْدَا سُحْقاً لَهُمْ فِي رَأْيِهِمْ وَ بُعْداً (1).

وَ قَالَ هَمَّامُ بْنُ الْأَغْفَلِ الثَّقَفِيُّ

قَدْ قَرَّتِ الْعَيْنُ مِنَ الْفُسَّاقِ (2)وَ مِنْ رُءُوسِ الْكُفْرِ وَ النِّفَاقِ

إِذْ ظَهَرَتْ كَتَائِبَ اَلْعِرَاقِ نَحْنُ قَتَلْنَا صَاحِبَ الْمَرَاقِّ (3)

وَ قَائِدَ الْبُغَاةِ وَ الشِّقَاقِ عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ وَ الْإِحْرَاقِ (4)

لَمَّا لَفَفْنَا سَاقَهُمْ بِسَاقِ بِالطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ مَعَ الْعَنَاقِ

وَ سَلْ بِصِفِّينَ لَدَى التَّلاَقِي تُنْبَأْ بِتِبْيَانٍ مَعَ الْمِصْدَاقِ (5)

أَنْ قَدْ لَقُوا بِالْمَارِقِ الْمِمْرَاقِ (6)ضَرْباً يُدَمِّي عُقُرَ الْأَعْنَاقِ (7).

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الْقُرَشِيُّ :

نَحْنُ قَتَلْنَا نَعْثَلاً بِالسِّيرَهْ (8) إِذْ صَدَّ عَنْ أَعْلاَمِنَا الْمُنِيرَهْ

يَحْكُمُ بِالْجَوْرِ عَلَى الْعَشِيرَهْ نَحْنُ قَتَلْنَا قَبْلَهُ اَلْمُغِيرَهْ

نَالَتْهُ أَرْمَاحٌ لَنَا مَوْتُورَهْ إِنَّا أُنَاسٌ ثَابِتُو الْبَصِيرَهْ

إِنَّ عَلِيّاً عَالِمٌ بِالسِّيرَهْ.

وَ قَالَ حُوَيْرِثَةُ بْنُ سُمَيٍّ الْعَبْدِيُّ :

سَائِلْ بِنَا يَوْمَ الْتَقَيْنَا الْفَجْرَهْ وَ الْخَيْلُ تَغْدُو فِي قَتَامِ الْغَبْرَهْ9.

ص: 383


1- سحقا،بالضم:بعدا.و في الكتاب:« فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ. »
2- في الأصل:«المساق»و هذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
3- المراق:جمع مارق.و في الأصل:«المراقى»تحريف.
4- يشير إلى ما كان من إحراق باب دار عثمان في أثناء حصاره.انظر الطبريّ(5:131).
5- في الأصل:«ثبنا بتبيان».
6- المارق:السهم يمرق من الرمية،أي ينفذ،و قد عنى به السيف.
7- عقر الأعناق:أصلها،و هو بضم العين،و ضم القاف للشعر.و في الأصل: «عكر»تحريف.
8- نعثل:نبز لعثمان بن عفان.انظر ما سبق في ص 229.

تُنْبَأْ بِأَنَّا أَهْلُ حَقٍّ نَعْمُرُهْ (1) كَمْ مِنْ قَتِيلٍ قَدْ قَتَلْنَا تَخْبُرُهْ

وَ مِنْ أَسِيرٍ قَدْ فَكَكْنَا مَأْسَرَهْ بِالْقَاعِ مِنْ صِفِّينَ يَوْمَ عَسْكَرَهْ.

وَ قَالَ عَمْرٌو :

لَعَمْرِي لَقَدْ لاَقَتْ بِصِفِّينَ خَيْلُنَا سَمِيراً فَلَمْ يَعْدِلْنَ عَنْهُ تَخَوُّفَا

قَصَدْتُ لَهُ فِي وَائِلٍ فَسَقَيْتُهُ سِمَامَ زُعَافٍ يَتْرُكُ اللَّوْنَ أَكْلَفَا

فَمَا جَبُنَتْ بَكْرٌ عَنِ اِبْنِ مُعَمَّرٍ وَ لَكِنْ رَجَا عَوْدَ الْهَوَادَةِ فَانْكَفَا

وَ خَافَ الَّذِي لاَقَى اَلْهُجَيْمِيُّ قَبْلَهُ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعُهُ فَتَخَطَّفَا

وَ نَحْنُ قَتَلْنَا هَاشِماً وَ اِبْنَ يَاسِرٍ وَ نَحْنُ قَتَلْنَا ابْنَيْ بُدَيْلٍ تَعَسُّفاً.

وَ هَذَا سَمِيرُ بْنُ الْحَارِثِ الْعِجْلِيُّ وَ قَالَ عَرْفَجَةُ بْنُ أَبْرَدَ الْخُشَّنِيُّ

أَلاَ سَأَلْتَ بِنَا وَ الْخَيْلُ شَاحِبَةٌ (2)تَحْتَ الْعَجَاجَةِ وَ الْفُرْسَانُ تَطَّرِدُ

وَ خَيْلُ كَلْبٍ وَ لَخْمٍ قَدْ أَضَرَّ بِهَا وِقَاعُنَا (3)إِذْ غَدَوْا لِلْمَوْتِ وَ اجْتَلَدُوا

مَنْ كَانَ أَصْبَرَ فِيهَا عِنْدَ أَزِمَّتِهَا إِذِ الدِّمَاءُ عَلَى أَبْدَنِهَا جُسُدُ (4).

وَ قَالَ أَيْضاً:

سَائِلْ بِنَا عَكّاً وَ سَائِلْ كَلْباً وَ اَلْحِمْيَرِيِّينَ وَ سَائِلْ شَعْباً (5)ة.

ص: 384


1- في الأصل:«ثبنا بأنا»و الوجه ما أثبت.و في هذا البيت و تاليه إقواء.
2- الشحوب:التغير من هزال أو عمل أو جوع أو سفر.و في الأصل:«ساجية». و هذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
3- الوقاع،بالكسر:المقاتلة.و في الأصل:«فى قاعنا».
4- الجسد:جمع جساد،و هو بالكسر:الزعفران.و في الأصل:«جسدوا»تحريف.
5- أي أهل شعب،و هو جبل باليمن نزله حسان بن عمرو و الحميري،فمن كان منهم بالكوفة يقال لهم شعبيون،منهم الشعبى الفقيه،و من كان منهم بالشام يقال لهم الشعبانيون، و من كان باليمن يقال لهم آل ذى شعبين،و من كان بمصر يقال لهم الأشعوب.و قالوا في قوله: *جارية من شعب ذى رعين* :ليس يراد به الموضع،بل القبيلة.

كَيْفَ رَأَوْنَا إِذْ أَرَادُوا الضَّرْبَا أَ لَمْ نَكُنْ عِنْدَ اللِّقَاءِ غُلْباً (1)

لَمَّا ثَوَى مَعْبَدُهُمْ مُنْكَبّا.

وَ قَالَ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ :

يَا شُرْطَةَ الْمَوْتِ صَبْراً لاَ يَهُولَكُمُ دِينُ اِبْنِ حَرْبٍ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدْ ظَهَرَا

وَ قَاتِلُوا كُلَّ مَنْ يَبْغِي غَوَائِلَكُمْ فَإِنَّمَا النَّصْرُ فِي الضَّرَّا لِمَنْ صَبَرَا

سِيفُوا الْجَوَارِحَ حَدَّ السَّيْفِ وَ احْتَسِبُوا (2)

فِي ذَلِكَ الْخَيْرَ وَ ارْجُوا اللَّهَ وَ الظَّفَرَا

وَ أَيْقَنُوا أَنَّ مَنْ أَضْحَى يُخَالِفُكُمْ أَضْحَى شَقِيّاً وَ أَضْحَى نَفْسَهُ خَسِرَا

فِيكُمْ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ قَائِدُكُمْ وَ أَهْلُهُ وَ كِتَابُ اللَّهِ قَدْ نُشِرا

وَ لاَ تَخَافُوا ضَلاَلاً لاَ أَبَا لَكُمُ سَيُحْفَظُ الدِّينُ وَ التَّقْوَى لِمَنْ صَبَرَا

وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ : 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ ذُقْتَ ضَرَّاءَ الْحَرْبِ وَ أَذَقْتَهَا وَ إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ مَا عَرَضَ اَلْمُخَارِقُ عَلَى بَنِي فَالِجٍ (3):

أَيَا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ بَنِي فَالِجٍ حَيْثُ اسْتَقَرَّ قَرَارُهَا (4)

هَلُمُّوا إِلَيْنَا لاَ تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ بَلاَقِعُ أَرْضٍ طَارَ عَنْهَا غُبَارُهَا

سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ أُنَاسٌ بِحَرَّةٍ وَ أَرْضُهُمُ أَرْضٌ كَثِيرٌ وِبَارُهَا (5)»ر.

ص: 385


1- الأغلب:الأسد الغليظ الرقبة.
2- سافه يسيفه:ضربه بالسيف.حد السيف،أي بحد السيف،فنزع الخافض.
3- في الأصل:«فاتح»تحريف.و انظر الحيوان(6:369).
4- في الأصل:«بنى فاتح».و انظر التنبيه السابق.
5- الحرة،بالفتح:أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّما أحرقت بالنار.و في معجم البلدان:«حرة سليم،هو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. قال أبو منصور:حرة النار لبنى سليم،و تسمى أم صبار».و في الأصل:«تجرة» صوابها ما أثبت.و انظر الحيوان(4:71).و الوبار:جمع وبر،بالفتح:دويبة كالسنور.

فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَلِيٍّ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ فَإِنِّي إِنَّمَا قَاتَلْتُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ وَ كَرِهْتُ التَّوْهِينَ (1)فِي أَمْرِهِ وَ إِسْلاَمَ حَقِّهِ فَإِنْ أُدْرِكْ بِهِ فَبِهَا وَ إِلاَّ فَإِنَّ الْمَوْتَ عَلَى الْحَقِّ أَجْمَلُ مِنَ الْحَيَاةِ عَلَى الضَّيْمِ وَ إِنَّمَا مَثَلِي وَ مَثَلُ عُثْمَانَ كَمَا قَالَ اَلْمُخَارِقُ :

مَتَى تَسْلِي عَنْ نُصْرَتِي السِّيدَ لاَ يَجِدْ

لَكَ السِّيدُ بَيْتَ السِّيدِ عِنْدِي مُسَلَّماً (2)

إِذَا حَلَّ بَيْتِي عِنْدَ جَارِيَ لَمْ يَخَفْ

غَوَائِلَ مَا يَسْرِي إِذَا اللَّيْلُ أَظْلَمَا

وَ قُلْتُ لَهُ فِي الرُّحْبِ وَجْهُكَ إِنَّنِي

سَأُمْسِكُ عَنْكَ الدَّارَ أَنْ يَتَهَدَّمَا (3).

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ وَ مَا تَرَى كَمَا قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ :

وَ كَائِنٌ يَرَى مِنْ عَاجِزٍ مُتَضَعِّفٍ جَنَى الْحَرْبَ يَوْماً ثُمَّ لَمْ يُغْنِ مَا يَجْنِي

أَ لَمْ يَعْلَمِ الْمُهْدِي الْوَعِيدِ بِأَنَّنِي سَرِيعٌ إِلَى مَا لاَ يُسَرُّ لَهُ قِرْنِيْ

وَ أَنَّ مَكَانِي لِلْمُرِيدِينَ بَارِزٌ وَ إِنْ بَرَّزُونِي ذُو كَئُودٍ وَ ذُو حِضْنِ (4)

فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ إِنَّا لَمْ نَزَلْ لِلْحَرْبِ قَادَةً وَ أَبْنَاءَ لَمْ تُصِبْ مَثَلَنَا وَ مَثَلَكَ وَ لَكِنْ مَثَلُنَا كَمَا قَالَ أَوْسٌى.

ص: 386


1- التوهين:الإضعاف.و في الأصل:«التدهين».
2- السيّد،بالكسر:قبيلة من قبائلهم،من بنى ضبة.
3- وجهك:أى الجهة التي تنتويها في السفر.و الدار مؤنثة،و قد تذكر.
4- الكئود:العقبة الشاقة المصعد،الصعبة المرتقى.

إِذَا الْحَرْبُ حَلَّتْ سَاحَةَ الْقَوْمِ أَخْرَجَتْ عُيُوبَ رِجَالٍ يُعْجِبُونَكَ فِي الْأَمْرِ

وَ لِلْحَرْبِ يَجْنِيهَا رِجَالٌ وَ مِنْهُمُ إِذَا مَا جَنَاهَا مَنْ يُعِيدُ وَ لاَ يُغْنِي.

وَ قَالَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ بِصِفِّينَ وَ هُوَ مَعَ عَلِيٍّ :هَلَكَتِ اَلْعَرَبُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ:وَ إِنْ غَلَبْنَا أَبَا بَحْرٍ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالُوا:وَ إِنْ غُلِبْنَا؟ قَالَ:

نَعَمْ قَالُوا:وَ اللَّهِ مَا جَعَلْتَ لَنَا مَخْرَجاً قَالَ اَلْأَحْنَفُ :إِنْ غَلَبْنَا لَمْ نَتْرُكْ بِهَا رَئِيساً إِلاَّ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَ إِنْ غُلِبْنَا لَمْ يُعَرِّجْ بَعْدَهَا رَئِيسٌ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَبَداً. .

تذاكر صفين عند معاوية

نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ يَوْماً صِفِّينَ بَعْدَ عَامِ الْجَمَاعَةِ وَ تَسْلِيمِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الْأَمْرَ إِلَيْهِ فَقَالَ لِلْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ :

أَيُّ بَنِي عَمِّكَ كَانَ أَفْضَلَ يَوْمَ صِفِّينَ يَا وَلِيدُ عِنْدَ وَقَدَانِ الْحَرْبِ وَ اسْتِشَاطَةِ لَظَاهَا حِينَ قَاتَلَتِ الرِّجَالُ عَلَى الْأَحْسَابِ؟ قَالَ:كُلُّهُمْ قَدْ وَصَلَ كَنَفَتَهَا (1)عِنْدَ انْتِشَارِ وَقْعَتِهَا حَتَّى ابْتَلَّتْ أَثْبَاجُ الرِّجَالِ مِنَ الْجِرْيَالِ بِكُلِّ لَدْنٍ عَسَّالٍ وَ كُلِّ عَضْبٍ قَصَّالٍ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ :أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا (2)يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ وَ قَدْ غَشِينَا ثُعْبَانٌ مِثْلُ الطَّوْدِ الْأَرْعَنِ قَدْ أَثَارَ قَسْطَلاً حَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْأُفُقِ وَ هُوَ عَلَى أَدْهَمَ شَائِلٍ يَضْرِبُهُمْ بِسَيْفِهِ ضَرْبَ غَرَائِبِ الْإِبِلِ كَاشِراً عَنْ أَنْيَابِهِ كَشْرَ الْمُخْدِرِ الْحَرِبِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :

وَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ يُجَالِدُ وَ يُقَاتِلُ عَنْ تِرَةٍ لَهُ وَ عَلَيْهِ أَرَاهُ يَعْنِي عَلِيّاً (3) .

دعاء عليٍّ معاوية إلى المبارزة و ما جرى بعده

نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: أَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنِ 1ابْرُزْ لِي وَ أَعْفِ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْقِتَالِ فَأَيُّنَا قَتَلَ صَاحِبَهُ كَانَ الْأَمْرُ لَهُ قَالَ

ص: 387


1- الكنف و الكنفة:جانب الشيء.ح(2:284):«كنفيها».
2- في الأصل:«رأيت»و أثبت ما في ح.
3- هذه العبارة ليست في ح.

عَمْرٌو :لَقَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أُبَارِزَ الْأَهْوَجَ الشُّجَاعَ (1)لَعَلَّكَ طَمِعْتَ فِيهَا يَا عَمْرُو ؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِبْ قَالَ عَلِيٌّ : 1«وَا نَفْسَاهْ أَ يُطَاعُ مُعَاوِيَةُ وَ أُعْصَى مَا قَاتَلَتْ أُمَّةٌ قَطُّ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهَا وَ هِيَ مُقِرَّةٌ بِنَبِيِّهَا إِلاَّ هَذِهِ الْأُمَّةُ.» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَحْمِلُوا عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَحَمَلَتْ خَيْلُ عَلِيٍّ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَوَّضَتْ صُفُوفَهُمْ قَالَ عَمْرٌو يَوْمَئِذٍ:عَلَى مَنْ هَذَا الرَّهَجُ السَّاطِعُ؟ فَقِيلَ:عَلَى ابْنَيْكَ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ عَمْرٌو يَا وَرْدَانُ قَدِّمْ لِوَاءَكَ فَتَقَدَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ابْنَيْكَ بَأْسٌ فَلاَ تَنْقُضِ الصَّفَّ وَ الْزَمْ مَوْقِعَكَ فَقَالَ عَمْرٌو :هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ:

اَللَّيْثُ يَحْمِي شِبْلَيْهِ مَا خَيْرُهُ بَعْدَ ابْنَيْهِ

فَتَقَدَّمَ بِاللِّوَاءِ فَلَقِيَ النَّاسَ وَ هُوَ يَحْمِلُ فَأَدْرَكَهُ رَسُولُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ:

إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى ابْنَيْكَ بَأْسٌ فَلاَ تَحْمِلَنَّ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :قُلْ لَهُ:إِنَّكَ لَمْ تَلِدْهُمَا وَ إِنِّي أَنَا وَلَدْتُهُمَا وَ بَلَغَ مُقَدَّمَ الصُّفُوفِ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ:مَكَانَكَ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى ابْنَيْكَ بَأْسٌ إِنَّهُمَا فِي مَكَانٍ حَرِيزٍ فَقَالَ:أَسْمِعُونِي أَصْوَاتَهُمَا حَتَّى أَعْلَمَ أَ حَيَّانَ هُمَا أَمْ قَتِيلاَنِ وَ نَادَى يَا وَرْدَانُ قَدِّمْ لِوَاءَكَ قَدْرَ قِيسِ قَوْسِي (2) وَ لَكَ فُلاَنَةُ (جَارِيَةٌ لَهُ) فَتَقَدَّمَ بِلِوَائِهِ.

فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أَهْلِ اَلْكُوفَةِ : 1«أَنِ احْمِلُوا» وَ إِلَى أَهْلِ اَلْبَصْرَةِ 1«أَنِ احْمِلُوا» فَحَمَلَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيداً فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ:مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ فَاقْتَتَلاَ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِيَّ».

ص: 388


1- ح:«الشجاع الأخرق».
2- القيس،بالكسر،هو القدر.و نحو هذه الإضافة:دار الآخرة،و حقّ اليقين، و حبل الوريد،و حبّ الحصيد.و في ح:«قيد قوس».

ضَرَبَ رِجْلَ الشَّامِيِّ فَقَطَعَهَا فَقَاتَلَ وَ لَمْ يَسْقُطْ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا فَرَمَى الشَّامِيُّ بِسَيْفِهِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ ثُمَّ قَالَ:يَا أَهْلَ اَلشَّامِ دُونَكُمْ سَيْفِي هَذَا فَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ فَأَخَذُوهُ فَاشْتَرَى مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ السَّيْفَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِعَشَرَةِ آلاَفٍ.

وَ قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يَمْدَحُ عَلِيّاً وَ يَذْكُرُ بَأْسَهُ:

إِنَّ عَلِيّاً سَادَ بِالتَّكَرُّمِ وَ الْحِلْمِ عِنْدَ غَايَةِ التَّحَلُّمِ

هَدَاهُ رَبِّي لِلصِّرَاطِ الْأَقْوَمِ بِأَخْذِهِ الْحِلَّ وَ تَرْكِ الْمَحْرِمِ

كَاللَّيْثِ عِنْدَ اللَّبَوَاتِ الضَّيْغَمِ (1) يُرْضِعْنَ أَشْبَالاً وَ لَمَّا تُفْطَمِ

فَهُوَ يَحْمِي غَيْرَةً وَ يَحْتَمِي عَبْلِ الذِّرَاعَيْنِ كَرِيهٍ شَدْقَمٍ (2)

مُجَوَّفِ الْجَوْفِ نَبِيلِ الْمَحْزَمِ نَهْدٍ كَعَادِيِّ الْبِنَاءِ الْمُبْهَمِ

يَزْدَجِرُ الْوَحْيُ بِصَوْتٍ أَعْجَمِ تُسْمَعُ بَعْدَ الزَّبْرِ وَ التَّقَحُّمِ

مِنْهُ إِذَا حَشٌّ لَهُ تَرَمْرَمِ (3) مُنْدَلِقِ الْوَقْعِ جَرِيِّ الْمُقْدَمِ (4)

لَيْثِ اللُّيُوثِ فِي الصِّدَامِ مِصْدَمِ وَ كَهْمَسِ اللَّيْلِ مِصَكٍّ مِلْدَمِ (5)

عُفْرُوسِ آجَامٍ عُقَارِ الْأَقْدَمِ (6) كَرَوَّسِ الذِّفْرى أَغَمِّ مِكْدَمِ (7)».

ص: 389


1- في الأصل:«عنده الليوث».
2- شدقم:واسع الشدق.و في الأصل:«كريه الشدقم»تحريف.
3- كذا ورد هذا البيت.
4- الاندلاق:الهجوم و التقدّم.و في الأصل:«مندلف»تحريف.
5- الكهمس:اسم من أسماء الأسد.
6- العفروس،من أسماء الأسد،و اشتقاقه من العفرسة و هو الصرع و الغلبة،و لم يذكر هذه اللغة-صاحب اللسان.و في القاموس:«العفرس:بالكسر،و العفريس و العفراس و العفروس و المفرنس كسفرجل:الأسد».و العقار،بالضم:القاتل،و هو من قولهم:كلأ عقار،أي قاتل للماشية.و في الأصل:«عفار».و الأقدم،بفتح الدال:الأسد.
7- الكروس:الضخم.و الذفرى،بالكسر:عظم شاخص خلف الأذن.و الأغم: الذي سال شعره فضاق وجهه و قفاه.و المكدم:الغليظ الشديد.و في الأصل:«كروس الذفرين عم المكرم».

ذُو جَبْهَةٍ غَرَّاءَ وَ أَنْفٍ أَخْثَمِ يُكْنَى مِنَ الْبَأْسِ أَبَا مُحَطِّمِ (1)

قَسْوَرَةِ النَّطْرِ صَفِيٍّ شَجْعَمِ (2) صُمِّ صِمَاتٍ صِلْخَدٍ صِلْدَمِ (3)

مُصَمَّتِ الصُّمِّ صَمُوتٍ سِرْطِمِ (4) إِذَا رَأَتْهُ الْأَسَدُ لَمْ تَرَمْرَمِ (5)

مِنْ هَيْبَةِ الْمَوْتِ وَ لَمْ تَجَمْجَمِ رَهْبَةِ مَرْهُوبِ اللِّقَاءِ ضَيْغَمِ

مُجَرْمِزٍ شَانٍ ضِرَارٍ شَيْظَمِ عِنْدَ الْعِرَاكِ كَالْفَنِيقِ الْأَعْلَمِ (6)

يَفْرِي الْكَمِيَّ بِالسِّلاَحِ الْمُعْلَمِ مِنْهُ بِأَنْيَابٍ وَ لَمَّا تَقْضَمِ

رُكْنِ مَمَاضِيغَ بِلَحْيٍ سَلْجَمِ (7) حَامِي الذِّمَارِ وَ هُوَ لَمَّا يُكْدَمِ

تَرَى مِنْ الْفَرْسِ بِهِ نَضْحَ الدَّمِ بِالنَّحْرِ وَ الشَّدْقَيْنِ لَوْنَ الْعَنْدَمِ

أَغْلَبَ مَا رِضَى (8)الْأُنُوفِ الرُّغَّمِ إِذَا الْأُسُوَدُ أَحْجَمَتْ لَمْ يُحْجِمِ

إِذَا تُنَاجِي النَّفْسُ قَالَتْ صَمِّمِ غَمْغَمَةً فِي جَوْفِهَا الْمُغَمْغِمِ

أَغْضَفَ رِئْبَالٍ خِدَبٍّ فَدْغَمِ (9) مُنْتَشِرٍ الْعُرْفِ هَضِيمٍ هَيْصَمِ (10).

قَالَهَا أَبُو زُبَيْدٍ لِعَلِيٍّ وَ قَالَ عَلِيٌّ :

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَةَ رِئْبَالُ آجَامٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ

ص: 390


1- البأس:الشدة.و في الأصل:«من الناس».
2- القسورة:الشجاع.و النطر،كذا وردت.
3- الصم،بالكسر،و الصمة:من أسماء الأسد لشجاعته.و الصلخد:الشديد الماضى.و في الأصل:«مصلخد»،و لا يستقيم به الوزن.
4- السرطم:الواسع الحلق السريع البلع.
5- أي لم تترمرم.أى سكنت و لم تتحرك.و في الأصل:«أم ترترم»تحريف.
6- الأعلم:المشقوق الشفة العليا.و في الأصل:«المعلم»تحريف.
7- ركن،كذا وردت.و المماضيغ:الأضراس:و في الأصل:«مماضع».و لحى سلجم:شديد.انظر اللسان(سلجم).
8- كذا وردت هذه الكلمة.
9- الفدغم:اللحيم الجسيم الطويل في عظم.و في الأصل:«فدعم»تحريف.
10- الهضيم،بالضاد المعجمة:اللطيف الكشحين.و الهيصم،بالمهملة:الغليظ الشديد الصلب.و هذه الأرجوزة لم أجد لها مصدرا أعتمد عليه في تحقيقها.

عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ شَدِيدُ الْقَسْوَرَهْ *** أَكِيلُهُمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ»

[خطبتان لعليّ عليه السلام في حث أصحابه و قتال ابن الحنفية]

نَصْرٌ قَالَ:وَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ : أَنَّ عَلِيّاً مَرَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ بِصِفِّينَ فِيهِمُ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ هُمْ يَشْتِمُونَهُ وَ يَقْصِبُونَهُ (1)فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَوَقَفَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: 1«اِنْهَدُوا إِلَيْهِمْ وَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَ سِيمَاءُ الصَّالِحِينَ وَ وَقَارُ اَلْإِسْلاَمِ وَ اللَّهِ لَأَقْرَبُ قَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْمٌ قَائِدُهُمْ وَ مُؤَدِّبُهُمْ (2)مُعَاوِيَةُ وَ اِبْنُ النَّابِغَةِ (3)وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَ اِبْنُ أَبِي مُعَيْطٍ شَارِبُ الْحَرَامِ وَ الْمَجْلُودُ حَدّاً فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ هُمْ أُولاَءِ يَقُومُونَ فَيَقْصِبُونَنِي وَ يَشْتِمُونَنِي وَ قَبْلَ الْيَوْمَ مَا قَاتَلُونِي وَ شَتَمُونِي وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ أَدْعُوهُمْ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ هُمْ يَدْعُونَنِي إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ قَدِيماً مَا عَادَانِي الْفَاسِقُونَ إِنَّ هَذَا هُوَ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ أَنَّ فُسَّاقاً كَانُوا عِنْدَنَا غَيْرَ مَرْضِيَّيْنِ وَ عَلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ مُتَخَوِّفِينَ أَصْبَحُوا وَ قَدْ خَدَعُوا (4)شَطْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ فَاسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ بِالْإِفْكِ وَ الْبُهْتَانِ وَ قَدْ نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ وَ جَدُّوا فِي إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ« وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ »اَللَّهُمَّ فَإِنَّهُمْ قَدْ رَدُّوا الْحَقَّ فَافْضُضْ جَمْعَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ (5)فَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَ لاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ .

نَصْرٌ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَرَّ بِأَهْلِ رَايَةٍ فَرَآهُمْ لاَ يَزُولُونَ عَنْ مَوْقِفِهِمْ فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَ ذُكِرَ »

ص: 391


1- القصب:العيب و الشتم،و مثله التقصيب.
2- ح(2:285):«أقرب بقوم من الجهل قائدهم و مؤدبهم».
3- يعني عمرو بن العاص.و اسم أمه«النابغة»و هي من بنى عنزة،كما في أول ترجمته من الإصابة 5877.
4- في الأصل:«حتى خدعوا»و أثبت ما في ح(2:285).
5- الإبسال:الإهلاك.و في الكتاب:« أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا» »

أَنَّهُمْ غَسَّانُ فَقَالَ: 1«إِنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوْقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ النَّسِيمُ (1)وَ ضَرْبٍ يَفْلِقُ الْهَامَ وَ يُطِيحُ الْعِظَامَ وَ تَسْقُطُ مِنْهُ الْمَعَاصِمُ وَ الْأَكُفُّ حَتَّى تُصْدِعَ جِبَاهَهُمْ وَ تُنْثَرَ حَوَاجِبُهُمْ عَلَى الصُّدُورِ وَ الْأَذْقَانِ أَيْنَ أَهْلُ الصَّبْرِ وَ طُلاَّبُ الْخَيْرِ أَيْنَ مَنْ يَشْرِي وَجْهَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ» فَثَابَتْ إِلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ فَدَعَا ابْنَهُ مُحَمَّداً فَقَالَ لَهُ: 1«اِمْشِ نَحْوَ هَذِهِ الرَّايَةِ مَشْياً رُوَيْداً عَلَى هِينَتِكَ حَتَّى إِذَا أَشْرَعْتَ فِي صُدُورِهِمُ الرِّمَاحَ فَأَمْسِكْ يَدَكَ حَتَّى يَأْتِيكَ أَمْرِي وَ رَأْيِي» (2)فَفَعَلَ وَ أَعَدَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِثْلَهُمْ مَعَ اَلْأَشْتَرِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ وَ أَشْرَعَ الرِّمَاحَ فِي صُدُورِهِمْ أَمَرَ عَلِيٌّ الَّذِينَ أُعِدُّوا فَشَدُّوا عَلَيْهِمْ وَ نَهَضَ مُحَمَّدٌ فِي وُجُوهِهِمْ فَزَالُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ وَ أَصَابُوا مِنْهُمْ رِجَالاً وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قِتَالاً شَدِيداً فَمَا صَلَّى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ إِيمَاءً.

وَ قَالَ اَلْعَدِيلُ بْنُ نَائِلٍ الْعِجْلِيُّ (3):

لَسْتُ أَنْسَى مُقَامَ غَسَّانَ بِالتَّلِّ وَ لَوْ عِشْتُ مَا أَظَلُّ شَمَامِ

سَادَةٌ قَادَةٌ إِذَا اعْصَوْصَبَ الْقَوْمُ لِيَوْمِ الْقِرَاعِ عِنْدَ الْكِدَامِ (4)

وَ لَهُمْ أَنْدِيَاتُ نَادِ كِرَامٍ فَهُمُ الْغُرُّ فِي ذُرَى الْأَعْلاَمِ

نَاوَشُونَا غَدَاةَ سِرْنَا إِلَيْهِمْ بِالْعَوَالِي وَ بِالسُّيُوفِ الدَّوَامِي

فَتَوَلَّوْا وَ لَمْ يُصِيبُوا حَمِيماً عِنْدَ وَقْعِ السُّيُوفِ يَوْمَ اللَّغَامِي (5)ة.

ص: 392


1- النسيم:الروح،كالنسم.قال الأغلب: ضرب القدار نقيعة القديم يفرق بين النفس و النسيم.
2- في الأصل:«و رايتى».
3- لم أعثر له على ترجمة.و في شعرائهم:«العديل بن الفرخ العجليّ».
4- اعصوصب القوم:اجتمعوا و صاروا عصابة واحدة.و الكدام:شدة القتال، و في اللسان:«و الكدم و المكدم:الشديد القتال».و في الأصل:«الكهام» و لا وجه له.
5- كذا وردت هذه الكلمة.

وَ رَضِينَا بِكُلِّ كَهْلٍ كَرِيمِ ثَابِتٍ أُسُّهُ مِنَ الْقَمْقَامِ (1).

مبارزة هانئ ليعمر بن أسيد

نَصْرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ فَقَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ يُدْعَى بِهَانِيِ بْنِ نَمِرٍ (2)وَ كَانَ هُوَ اللَّيْثَ النَّهْدَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ يَدْعُو إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ:سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَى هَذَا فَلَوْ لاَ أَنِّي مَوْعُوكٌ وَ أَنِّي أَجِدُ لِذَلِكَ ضَعْفاً شَدِيداً لَخَرَجْتُ إِلَيْهِ؟ فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئاً فَوَثَبَ (3)فَقَالَ أَصْحَابُهُ:سُبْحَانَ اللَّهِ تَخْرُجُ وَ أَنْتَ مَوْعُوكٌ قَالَ:وَ اللَّهِ لَأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ وَ لَوْ قَتَلَنِي فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ وَ إِذَا الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ: يَعْمَرُ بْنُ أُسَيْدٍ (4)الْحَضْرَمِيُّ وَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ:يَا هَانِئُ ارْجِعْ فَإِنَّهُ إِنْ يَخْرُجْ إِلَيَّ غَيْرُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ قَتْلَكَ قَالَ لَهُ هَانِئٌ :مَا خَرَجْتُ إِلاَّ وَ أَنَا مُوَطِّنٌ نَفْسِي عَلَى الْقَتْلِ لاَ وَ اللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ الْيَوْمَ حَتَّى أُقْتَلَ مَا أُبَالِي قَتَلْتَنِي أَنْتَ أَوْ غَيْرُكَ ثُمَّ مَشَى نَحْوَهُ فَقَالَ:اَللَّهُمَّ فِي سَبِيلِكَ وَ سَبِيلِ رَسُولِكَ وَ نَصْراً لاِبْنِ عَمٍّ نَبِيِّكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَ هَانِئٌ صَاحِبَهُ وَ شَدَّ أَصْحَابُهُ نَحْوَهُ وَ شَدَّ أَصْحَابُ هَانِئٍ نَحْوَهُ ثُمَّ اقْتَتَلُوا وَ انْفَرَجُوا عَنِ اثْنَيْنِ وَ ثَلاَثِينَ قَتِيلاً ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ 1«أَنِ احْمِلُوا» فَحَمَلَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ كُلُّ قَوْمٍ بِحِيَالِهِمْ (5)فَتَجَالَدُوا بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ لاَ يُسْمَعُ إِلاَّ صَوْتُ ضَرْبِ الْهَامَاتِ كَوَقْعِ الْمَطَارِقِ عَلَى السَّنَادِينِ (6)وَ مَرَّتِ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا وَ لَمْ يُصَلُّوا إِلاَّ تَكْبِيراً

ص: 393


1- القمقام:العدد الكثير.قال ركاض بن أباق: *من نوفل في الحسب القمقام*.
2- ح(2:285):«بن فهد».
3- في ح:«فقام و شد عليه سلاحه ليخرج».
4- ح:«بن أسد».
5- ح(2:286):«كل منهم يحمل على من بإزائه».
6- في الأصل:«لا يسمع إلاّ صوت السنادين»و أثبت ما في ح.

عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَفَانَوْا وَ رَقَّ النَّاسُ فَخَرَجَ رَجُلٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لاَ يُعْلَمُ مَنْ هُوَ فَقَالَ:أَ خَرَجَ فِيكُمْ الْمُحَلِّقُونَ؟ قُلْنَا:لاَ قَالَ:إِنَّهُمْ سَيَخْرُجُونَ أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ قُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ لَهُمْ حُمَةٌ كَحُمَةُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ غَابَ الرَّجُلُ وَ لَمْ يُعْلَمْ مَنْ هُوَ .

رسالة عبد الرحمن بن كلدة إلى علي عليه السلام

نَصْرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ (1)قَالَ: خَرَجْتُ أَلْتَمِسُ أَخِي فِي الْقَتْلَى بِصِفِّينَ سُوَيْداً فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِثَوْبِي صَرِيعٍ فِي الْقَتْلَى فَالْتَفَتُّ فَإِذَا بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَلَدَةَ فَقُلْتُ:

« إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »هَلْ لَكَ فِي الْمَاءِ؟ قَالَ:لاَ حَاجَةَ لِي فِي الْمَاءِ قَدْ أُنْفِذَ فِيَّ السِّلاَحُ وَ خَرَّقَنِي وَ لَسْتُ أَقْدِرُ عَلَى الشُّرْبِ هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسَالَةً فَأُرْسِلَكَ بِهَا؟ قُلْتُ:نَعَمْ قَالَ:فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنِّي السَّلاَمَ وَ قُلْ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ احْمِلْ جَرْحَاكَ إِلَى عَسْكَرِكَ حَتَّى تَجْعَلَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْقَتْلَى فَإِنَّ الْغَلَبَةَ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ أَبْرَحْ حَتَّى مَاتَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عَلِيّاً فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ:إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَلَدَةَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ قَالَ: 1«وَ عَلَيْهِ أَيْنَ هُوَ؟» قُلْتُ:قَدْ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفَذَهُ السِّلاَحُ وَ خَرَّقَهُ فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى تُوُفِّيَ فَاسْتَرْجَعَ قُلْتُ:قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِرِسَالَةٍ قَالَ:

1«وَ مَا هِيَ؟» قُلْتُ:قَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ احْمِلْ جَرْحَاكَ إِلَى عَسْكَرِكَ حَتَّى تَجْعَلَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْقَتْلَى فَإِنَّ الْغَلَبَةَ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ: 1«صَدَقَ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» فَنَادَى مُنَادِي الْعَسْكَرِ 1«أَنِ احْمِلُوا جَرْحَاكُمْ إِلَى عَسْكَرِكُمْ» فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ وَ قَدْ مَلُّوا مِنَ الْحَرَبِ وَ أَصْبَحَ عَلِيٌّ فَرَحَّلَ النَّاسَ وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فِي عَسْكَرِهِمْ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَأَخَذْتُ مَعْرِفَةَ

ص: 394


1- هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمى،و هو ممن ولد زمن الرسول صلّى اللّه عليه،و كان ثقة قليل الحديث،توفّي سنة 68،و قيل قتل يوم الحرة،و هذه كانت سنة 63 في أيّام يزيد بن معاوية.انظر الإصابة 6196 و معجم البلدان(حرة و اقم).

فَرَسِي (1)وَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ (2)حَتَّى ذَكَرْتُ أَبْيَاتَ عَمْرِو بْنِ الْإِطْنَابَةِ :

أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَ أَبَى بَلاَئِي وَ أَخْذِى الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ

وَ إِجْشَامِي عَلَى الْمَكْرُوهِ نَفْسِي وَ ضَرْبِي هَامَّةَ الْبَطَلِ الْمُشِيحِ (3)

وَ قَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَ جَاشَتْ مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي.

فَعُدْتُ إِلَى مَقْعَدِي فَأَصَبْتُ خَيْرَ الدُّنْيَا .

حملات بصفين و أشعار فيه

: وَ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ هَلَّلَ وَ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ:

1

«مِنْ أَيِّ يَوْمَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أَفِرُّ أَ يَوْمَ مَا قُدِّرَ أَمْ يَوْمَ قُدِرْ»

وَ أَقْبَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَ مَعَهُ لِوَاءُ مُعَاوِيَةَ الْأَعْظَمُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا ابْنُ سَيْفِ اللَّهِ ذَاكُمْ خَالِدٌ أَضْرِبُ كُلَّ قَدَمٍ وَ سَاعِدٍ

بِصَارِمٍ مِثْلِ الشِّهَابِ الْوَاقِدِ أَنْصُرُ عَمِّي إِنَّ عَمِّي وَالِدِي

بِالْجُهْدِ لاَ بَلْ فَوْقَ جَهْدِ الْجَاهِدِ مَا أَنَا فِيمَا نَابَنِي بِرَاقِدِ.

فَاسْتَقْبَلَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

اُثْبُتْ لِصَدْرِ الرُّمْحِ يَا اِبْنَ خَالِدٍ اُثْبُتْ لِلَيْثِ ذِي فُلُولِ حَارِدٍ

ص: 395


1- معرفة الفرس:لحمه الذي ينبت عليه العرف،و هي بفتح الميم و الراء.
2- في أمالي القالى(1:258):«فى الركاب يوم صفّين غير مرة».و انظر القصة في الكامل 753 و عيون الأخبار(1:126)و مجالس ثعلب 83 و معجم المرزبانى 204 و ديوان المعاني(1:114).و رواية الأبيات في حماسة البحترى(و هي أول مقطوعة فيها)و لباب الآداب 223-224.
3- في الأصل:«و إعظامى»و أثبت أقرب رواية إليها من المصادر المتقدمة،و هى رواية المبرد.و في عيون الأخبار و لباب الآداب و اللسان(3:331):«و إقدامى» و في معجم المرزبانى:«و إكراهى».و في الأمالى:«و إعطائى على الإعدام مالى» و البحترى:«على المعسور مالى»و ديوان المعاني:«على المكروه مالى».

مِنْ أُسْدِ خَفَّانَ شَدِيدِ السَّاعِدِ يَنْصُرُ خَيْرَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ

مَنْ حَقُّهُ عِنْدِي كَحَقِّ الْوَالِدِ ذَاكُمْ عَلِيٌّ كَاشِفُ الْأَوَابِدِ.

وَ اطَّعَنَا مَلِيّاً وَ مَضَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ انْصَرَفَ جَارِيَةُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَأْتِي عَلَى شَيْءٍ إِلاَّ أَهْمَدَهُ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنِّي إِذَا مَا الْحَرْبُ فُرَّتْ عَنْ كِبَرْ تَخَالُنِي أَخْزَرَ مِنْ غَيْرِ خَزَرْ

أُقْحِمُ وَ الْخَطِّيُّ فِي النَّقْعِ كَشَر كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاءِ فِي رَأْسِ الْحَجَرِ

أَحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرِّ.

فَغَمَّ ذَلِكَ عَلِيّاً وَ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي خَيْلٍ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ:أَقْحِمْ يَا ابْنَ سَيْفِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الظَّفَرُ وَ أَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى اَلْأَشْتَرِ فَقَالُوا:يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكَ الْأُوَلِ وَ قَدْ بَلَغَ لِوَاءُ مُعَاوِيَةَ حَيْثُ تَرَى فَأَخَذَ اَلْأَشْتَرُ لِوَاءَهُ ثُمَّ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:

إِنِّي أَنَا اَلْأَشْتَرُ مَعْرُوفُ الشَّتَرْ (1) إِنِّي أَنَا الْأَفْعَى الْعِرَاقِيُّ الذَّكَرْ

لَسْتُ مِنَ الْحَيِّ رَبِيعٍ أَوْ مُضَرَ (2) لَكِنَّنِي مِنْ مَذْحِجِ الْغُرِّ الْغُرَرِ.

فَضَارَبَ الْقَوْمَ حَتَّى رَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَرَجَعَتْ خَيْلُ عَمْرٍو .

وَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ فِي ذَلِكَ:

رَأَيْتُ اللِّوَاءَ لِوَاءَ الْعُقَابِ (3) يُقَحِّمُهُ الشَّانِئُ الْأَخْزَرُ

كَلَيْثِ الْعَرِينِ خِلاَلَ الْعَجَاجِ وَ أَقْبَلَ فِي خَيْلِهِ الْأَبْتَرُ

دَعَوْنَا لَهَا الْكَبْشَ كَبْشَ اَلْعِرَاقِ وَ قَدْ خَالَطَ الْعَسْكَرَ الْعَسْكَرُ (4)».

ص: 396


1- الشتر:انقلاب جفن العين من أعلى و أسفل و تشنجه.
2- ربيع:مرخم ربيعة لغير نداء.و في الأصل:«ربيعة و مضر»و لا يستقيم به الوزن.و الصواب ما أثبت من مروج الذهب(2:21).
3- ح(2:285):«و لما رأينا اللواء العقاب».
4- ح:«و قد أضمر الفشل العسكر».

فَرَدَّ اللِّوَاءَ عَلَى عَقْبِهِ وَ فَازَ بِحُظْوَتِهَا اَلْأَشْتَرُ

كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِي مِثْلِهَا إِذَا نَابَ مُعْصَوْصِبٌ مُنْكَرُ (1)

فَإِنْ يَدْفَعِ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَحَظُّ اَلْعِرَاقِ بِهَا الْأَوْفَرُ (2)

إِذَا اَلْأَشْتَرُ الْخَيْرُ خَلَّى اَلْعِرَاقَ فَقَدْ ذَهَبَ الْعُرْفُ وَ الْمُنْكَرُ

وَ تِلْكَ اَلْعِرَاقُ وَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ كَفَقْعٍ تَنَبَّتَهُ الْقَرْقَرُ (3).

وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا رَدَّ لِوَاءَ مُعَاوِيَةَ وَ رَجَعَتْ خَيْلُ عَمْرِو اشْرَأَبَّ (4)لِعَلِيٍّ هَمَّامُ بْنُ قَبِيصَةَ وَ كَانَ مِنْ أَشْتَمِ النَّاسِ لِعَلِيٍّ وَ كَانَ مَعَهُ لِوَاءُ هَوَازِنَ فَقَصَدَ لِمَذْحِجٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ حَوْرَاءُ كَالتِّمْثَالِ (5) أَنِّي إِذَا مَا دُعِيتْ نزل [نَزَالِ]

أُقْدِمُ إِقْدَامَ الْهِزَبْرِ الْغَالِي أَهْلِ اَلْعِرَاقِ إِنَّكُمْ مِنْ بَالِي

كُلُّ تِلاَدِي وَ طَرِيفُ مَالِي حَتَّى أَنَالَ فِيكُمُ الْمَعَالِي

أَوْ أَطْعَمَ الْمَوْتَ وَ تِلْكُمْ حَالِي فِي نَصْرِ عُثْمَانَ وَ لاَ أُبَالِي.

فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ لِصَاحِبِ لِوَائِهِ:اُدْنُ مِنِّي فَأَخَذَهُ وَ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا صَاحِبَ الصَّوْتِ الرَّفِيعِ الْعَالِي إِنْ كُنْتَ تَبْغِي فِي الْوَغَى نِزَالِيح.

ص: 397


1- ناب:نزل؛و النوائب:النوازل.و في الأصل:«ناب»صوابه في ح.
2- بها،أي بنفسه،أو بتلك الفعلة.و في ح:«به»أي بشخصه.
3- الفقع:البيضاء الرخوة من الكمأة.و القرقر:الأرض المطمئنة اللينة.يقال: «أذل من فقع بقرقر»؛لأن الدوابّ تنجله بأرجلها.و تنبته:نماه و غذاه،و لم أجد تفسير هذه الكلمة إلاّ في شرح الشنتمرى للبيت الذي أنشده سيبويه في(1:368)،و هو: إلا كناشرة الذي كلفتم كالغصن في غلوائه المتنبت و في ح:«تضمنه القرقر».
4- اشرأب:ارتفع و علا.و في الأصل:«أشدب»تحريف.
5- في الأصل:«قد علمت الخود»و لا يستقيم بها الوزن.و لم ترد المقطوعة في مظنها من ح.

فَادْنُ فَإِنِّي كَاشِفٌ عَنْ حَالِي تَفْدِي عَلِيّاً مُهْجَتِي وَ مَالِي

وَ أُسْرَتِي يَتْبَعُهَا عِيَالِي

فَضَرَبَهُ وَ سَلَبَ لِوَاءَهُ فَقَالَ اِبْنُ حِطَّانَ وَ هُوَ شَامِتٌ بِهِ:

أَ هَمَّامُ لاَ تَذْكُرْ مَدَى الدَّهْرِ فَارِساً وَ عَضَّ عَلَى مَا جِئْتَهُ بِالْأَبَاهِمِ

سَمَا لَكَ يَوْماً فِي الْعَجَاجَةِ فَارِسٌ شَدِيدُ الْقَفِيزِ ذُو شَجاً وَ غَمَاغِمِ (1)

فَوَلَّيْتَهُ لَمَّا سَمِعْتَ نِدَاءَهُ تَقُولُ لَهُ خُذْ يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ

فَأَصْبَحْتَ مَسْلُوبَ اللِّوَاءِ مُذْبَذْباً وَ أَعْظِمْ بِهَذَا مِنْ شَتِيمَةِ شَاتِمِ.

ثُمَّ حَمَلَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ مَرَّ يَوْمَانِ وَ هَذَا الثَّالِثُ هَذَا الَّذِي يَلْهَثُ فِيهِ اللاَّهِثُ

هَذَا الَّذِي يَبْحَثُ فِيهِ الْبَاحِثُ كَمْ ذَا يُرَجِّى أَنْ يَعِيشَ الْمَاكِثُ

النَّاسُ مَوْرُوثٌ وَ مِنْهُمْ وَارِثُ هَذَا عَلِيٌّ مَنْ عَصَاهُ نَاكِثُ.

فَقُتِلَ ثُمَّ خَرَجَ خَالِدُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

هَذَا عَلِيٌّ وَ الْهُدَى أَمَامَهُ هَذَا لِوَا نَبِيِّنَا قُدَّامَهُ

يُقْحِمُهُ فِي بُقْعَةٍ إِقْدَامَهُ لاَ جُبْنَهُ نَخْشَى وَ لاَ أَثَامَهُ

مِنْهُ غَدَاهُ وَ بِهِ إِدَامُهُ.

فَطَعَنَ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ حَمَلَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

هَذَا عَلِيٌّ وَ الْهُدَى حَقّاً مَعَهْ يَا رَبِّ فَاحْفَظْهُ وَ لاَ تُضَيِّعَهْ

فَإِنَّهُ يَخْشَاكَ رَبِّي فَارْفَعَهْ نَحْنُ نَصَرْنَاهُ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ

صِهْرُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى قَدْ طَاوَعَهْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ وَ تَابَعَهُ.د.

ص: 398


1- القفيز،كذا في الأصل،و لعلها:«القصيرى»و هي أسفل الأضلاع.و أنشد في اللسان: لا تعدلينى بظرب جعد كز القصيرى مقرف المعد.

وَ أَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَضْرِبُهُمْ وَ لاَ أَرَى مُعَاوِيَهْ اَلْأَخْزَرَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَ الْحَاوِيَهْ

هَوَتْ بِهِ فِي اَلنَّارِ أُمٌّ هَاوِيَهْ جَاوَرَهُ فِيهَا كِلاَبٌ عَاوِيَهْ

أَغْوَى طَغَامًا لاَ هَدَتْهُ هَادِيَهْ.

قَالَ:وَ ذَكَرُوا أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَمَّا رَأَى الشَّرَّ اسْتَقْبَلَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :

ائْتِ بِبَنِي أَبِيكَ فَقَاتِلْ بِهِمْ فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ عِنْدَ أَحَدٍ خَيْرٌ فَعِنْدَهُمْ فَأَتَى جَمَاعَةَ أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَقَالَ:أَنْتُمُ الْيَوْمَ النَّاسُ وَ غَداً لَكُمُ الشَّأْنُ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَمْرِ احْمِلُوا مَعِي عَلَى هَذَا الْجَمْعِ قَالُوا:نَعَمْ فَحَمَلُوا وَ حَمَلَ عَمْرٌو وَ هُوَ يَقُولُ:

أَكْرِمْ بِجَمْعٍ طَيِّبٍ يَمَانٍ جِدُّوا تَكُونُوا أَوْلِيَاءَ عُثْمَانْ

إِنِّي أَتَانِي خَبَرٌ فَأَشْجَانْ (1) أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَ اِبْنَ عَفَّانْ (2)

خَلِيفَةَ اللَّهِ عَلَيَّ تِبْيَانْ رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا كَمَا كَانْ (3).

فَرُدَّ عَلَى عَمْرٍو

أَبَتْ شُيُوخٌ مَذْحِجٍ وَ هَمْدَانْ بِأَنْ نَرُدَّ نَعْثَلاً كَمَا كَانْ

خَلْقاً جَدِيداً مِثْلَ خَلْقِ الرَّحْمَنْ (4).

فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ دَعُونِي وَ الرَّجُلَ فَإِنَّ الْقَوْمَ قَوْمِي فَقَالَ اِبْنُ بُدَيْلٍ :

دَعِ الْجَمْعَ يَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَأَبَى عَلَيْهِ وَ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:8.

ص: 399


1- في الأصل:«فجان»صوابه ممّا سبق ص 228.
2- في الأصل:«نال من عفان»صوابه ممّا سبق ص 228.
3- في الأصل:«مكانى»صوابه ممّا سبق ص 228.
4- في الأصل:«بعد خلق الرحمن»صوابه ممّا سبق ص 228.

بُؤْساً لِجُنْدٍ ضَائِعٍ يَمَانِ مُسْتَوْسِقِينَ كَاتِّسَاقِ الضَّانِ (1)

تَهْوِي إِلَى رَاعٍ لَهَا وَسْنَانِ أَقْحَمَهَا عَمْرٌو إِلَى الْهَوَانِ

يَا لَيْتَ كَفِّي عَدِمَتْ بَنَانِي وَ إِنَّكُمْ بِالْشِّحْرِ مِنْ عُمَاِن

مِثْلِ الَّذِي أَفْنَاكُمُ أَبْكَانِي.

ثُمَّ طَعَنَ فِي صَدْرِهِ فَقَتَلَهُ وَ وَلَّتِ الْخَيْلُ وَ زَالَ (2)الْقَوْمُ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ ثُمَّ إِنَّ حَوْشَباً ذَا ظُلَيْمٍ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ أَهْلِ اَلْيَمَنِ أَقْبَلَ فِي جَمْعِهِ وَ صَاحِبِ لِوَائِهِ يَقُولُ:

نَحْنُ اَلْيَمَانُونَ وَ مِنَّا حَوْشَبٌ أَ ذَا ظُلَيْمٍ أَيْنَ مِنَّا الْمَهْرَبُ (3)

فِينَا الصَّفِيحُ وَ الْقَنَا الْمُعَلَّبُ (4) وَ الْخَيْلُ أَمْثَالُ الْوَشِيجِ شُزَّبُ (5)

إِنَّ اَلْعِرَاقَ حَبْلُهَا مُذَبْذَبُ إِنَّ عَلِيّاً فِيكُمُ مُحَبَّبٌ

فِي قَتْلِ عُثْمَانَ وَ كُلٌّ مُذْنِبٌ

فَحَمَلَ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ (6)بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا لَكَ يَوْماً كَاسِفاً عَصَبْصَباً (7) يَا لَكَ يَوْماً لاَ يُوَارِي كَوْكَباً (8)

يَا أَيُّهَا الْحَيُّ الَّذِي تَذَبْذَبَا لَسْنَا نَخَافُ ذَا ظُلَيمٍ حَوْشَبَار.

ص: 400


1- الاستيساق و الاتساق:الاجتماع.و في اللسان(12:260):«و اتسقت الإبل و استوسقت:اجتمعت».
2- في الأصل:«و أزال».
3- أي يا ذا ظليم.و في الأصل:«أنا ظليم»تحريف.
4- علب السيف و السكين و الرمح،فهو معلوب،و علبه تعليبا:حزم مقبضه بعلباء البعير،و العلباء،بالكسر:عصب العنق.و في الأصل:«مغلب»بالغين المعجمة،تحريف.
5- الوشيج:الرماح.شزب:ضوامر،جمع شازب.و في الأصل:«شذب» بالذال،تحريف.
6- في الأصل:«سليم»،تحريف.
7- الكاسف:العبوس،و في الأصل:«كاشفا»تحريف.
8- كأن نجومه ظاهرة لشدة ظلامه و احتجاب شمسه،لما ثار من الغبار.

لِأَنَّ فِينَا بَطَلاً مُجَرَّبَا اِبْنَ بُدَيْلٍ كَالْهِزَبْرِ مُغْضَباً

أَمْسَى عَلِيٌّ عِنْدَنَا مُحَبَّباً نَفْدِيهِ بِالْأُمِّ وَ لاَ نُبْقِي أَبَا

فَطَعَنَهُ وَ قَتَلَهُ وَ اسْتَدَارَ الْقَوْمُ وَ قُتِلَ حَوْشَبٌ وَ اِبْنُ بُدَيْلٍ وَ صَبَرَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ فَرِحَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِمَقْتَلِ هَاشِمٍ .

وَ قَالَ جَرِيشٌ السَّكُونِيُّ مَعَ عَلِيٍّ

مُعَاوِيَّ مَا أَفْلَتَّ إِلاَّ بِجُرْعَةٍ

مِنَ الْمَوْتِ رُعْباً تَحْسِبُ الشَّمْسَ كَوْكَباً

نَجَوْتَ وَ قَدْ أَدْمَيْتَ بِالسَّوْطِ بَطْنَهُ

أَزُوماً عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ مُشَذَّبَا (1)

فَلاَ تَكْفُرَنْهُ وَ اعْلَمَنْ أَنَّ مِثْلَهَا

إِلَى جَنْبِهَا مَا دَارَكَ الْجَرْيُ أَوْ كَبَا (2)

فَإِنْ تَفْخَرُوا بِابْنَيْ بُدَيْلٍ وَ هَاشِمٍ

فَنَحْنُ قَتَلْنَا ذَا الْكَلاَعِ وَ حَوْشَبَا

وَ إِنَّهُمَا مِمَّنْ قَتَلْتُمْ عَلَى الْهُدَى

ثَوَاءً فَكُفُّوا الْقَوْلَ نَنَسَى التَّحَوُّبَا (3)

فَلَمَّا رَأَيْنَا الْأَمْرَ قَدْ جَدَّ جَدُّهُ وَ قَدْ كَانَ مِمَّا يَتْرُكُ الطِّفْلَ أَشْيَبَا

صَبَرْنَا لَهُمْ تَحْتَ الْعَجَاجِ سُيُوفَنَا وَ كَانَ خِلاَفُ الصَّبْرِ جَدْعاً مُوَعِّبَا

فَلَمْ نُلْفَ فِيهَا خَاشِعِينَ أَذِلَّةً وَ لَمْ يَكُ فِيهَا حَبْلُنَا مُتَذَبْذِبَاع.

ص: 401


1- الأزوم:الشديد العض.و في اللسان:«و أزم الفرس على فاس اللجام:قبض». و في الأصل:«لزوما»تحريف.و المشذب:الفرس الطويل ليس بكثير اللحم.
2- دارك الجرى:تابعه.و في الأصل:«ما لابك الجرى».
3- الثواء:الإقامة.و التحوب:التغيظ و التوجع.

كَسَرْنَا الْقَنَا حَتَّى إِذَا ذَهَبَ الْقَنَا صَبَرْنَا وَ فَلَّلْنَا الصَّفِيحَ الْمُجَرَّبَا (1)

فَلَمْ نَرَ فِي الْجَمْعَيْنِ صَادِفَ خَدِّهِ وَ لاَ ثَانِياً مِنْ رَهْبَةِ الْمَوْتِ مَنْكِبَا (2)

وَ لَمْ نَرَ إِلاَّ قِحْفَ رَأْسٍ وَ هَامَةٍ وَ سَاقاً طَنُوناً أَوْ ذِرَاعاً مُخَضَّبَا (3)

وَ اخْتَلَطَ أَمْرُهُمْ حَتَّى تَرَكَ أَهْلُ الرَّايَاتِ مَرَاكِزَهُمْ وَ أَقْحَمَ أَهْلُ اَلشَّامِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ عَلِيٍّ فَأَتَى رَبِيعَةَ لَيْلاً فَكَانَ (4)فِيهِمْ وَ أَقْبَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ يَطْلُبُ عَلِيّاً فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي تَرَكَهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَطَافَ يَطْلُبُهُ فَأَصَابَهُ فِي مَصَافِّ رَبِيعَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا إِذْ كُنْتَ حَيّاً فَالْأَمْرُ أَمَمٌ (5)مَا مَشَيْتُ إِلَيْكَ إِلاَّ عَلَى قَتِيلٍ وَ مَا أَبْقَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ لَنَا وَ لَهُمْ عَمِيداً فَقَاتِلْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ فِي الْقَوْمِ بَقِيَّةً بَعْدُ وَ أَقْبَلَ اَلْأَشْعَثُ يَلْهَثُ جَزَعاً فَلَمَّا رَأَى عَلِيّاً هَلَّلَ وَ كَبَّرَ وَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْلٌ كَخَيْلٍ وَ رِجَالٌ كَرِجَالٍ وَ لَنَا الْفَضْلُ عَلَيْهِمْ إِلَى سَاعَتِنَا هَذِهِ فَعُدْ إِلَى مَقَامِكَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ فَإِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَظُنُّونَكَ حَيْثُ تَرَكُوكَ وَ أَرْسَلَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّا مُشْتَغِلُونَ (6)بِأَمْرِنَا مَعَ الْقَوْمِ وَ فِينَا فَضْلٌ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ نُمِدَّ أَحَداً أَمْدَدْنَاهُ.

وَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَى رَبِيعَةَ فَقَالَ: 1«أَنْتُمْ دِرْعِي وَ رُمْحِي» قَالَ: فَرَبِيعَةُ تَفْخَرُ بِهَذَا الْكَلاَمِ إِلَى الْيَوْمِ فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قَوْماً أَنِسْتَ بِهِمْ وَ كُنْتَ فِيهِمْ فِي هَذِهِ الْجَوْلَةِ لَعَظِيمٌ حَقُّهُمْ عَلَيْنَا.ح.

ص: 402


1- الصفيح،عنى به السيوف.و المجرب،لعلها«المحرب»و هو المحدد المذرب.
2- صدف خده:أعرض به.و في الأصل:«صارف حده».
3- الطنون:التي أطنها الضارب،أي أسرع قطعها فطنت.و هذا الوصف لم تذكره المعاجم.و في الأصل:«ظنونا»و وجهه ضعيف.
4- في الأصل:«و كان».
5- أمم،أي قريب.و في ح(2:286):«أهم»تحريف.
6- في الأصل:«مستقبلون»و أثبت ما في ح.

وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَصُبَّرٌ عِنْدَ الْمَوْتِ أَشِدَّاءُ عِنْدَ الْقِتَالِ.

وَ رَكِبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَرَسَهُ الَّذِي كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ:

اَلْمُرْتَجَزُ [فَرَكِبَهُ] ثُمَّ تَقَدَّمَ (1)[أَمَامَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ: 1«بَلِ الْبَغْلَةَ بَلِ الْبَغْلَةَ» .

فَقُدِّمَتْ لَهُ]بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلشَّهْبَاءُ فَرَكِبَهَا ثُمَّ تَعَصَّبَ بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ السَّوْدَاءِ ثُمَّ نَادَى: 1«أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ يَشْرِ نَفْسَهُ لِلَّهِ يَرْبَحْ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ إِنَّ عَدُوَّكُمْ قَدْ مَسَّهُ الْقَرْحُ كَمَا مَسَّكُمْ» (2).

فَانْتَدَبَ لَهُ مَا بَيْنَ عَشْرَةِ آلاَفٍ (3)إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً قَدْ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَ تَقَدَّمَهُمْ عَلِيٌّ مُنْقَطِعاً عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

«دِبُّوا دَبِيبَ النَّمْلِ لاَ تَقُوتُوا وَ أَصْبِحُوا بِحَرْبِكُمْ (4)وَ بِيْتُوا

حَتَّى تَنَالُوا الثَّأْرَ أَوْ تَمُوتُوا أَوْ لاَ فَإِنِّي طَالَمَا عُصِيْتُ

قَدْ قُلْتُمْ لَوْ جِئْتَنَا فَجِيتُ لَيْسَ لَكُمْ مَا شِئْتُمْ وَ شِيْتُ

بَلْ مَا يُرِيدُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ.»

وَ تَبِعَهُ اِبْنُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ بِلِوَائِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَ بَعْدَ عَمَّارٍ وَ بَعْدَ هَاشِمٍ وَ اِبْنِ بُدَيْلٍ فَارِسِ الْمَلاَحِمِ

نَرْجُو الْبَقَاءَ مِثْلَ حُلْمِ الْحَالِمِ وَ قَدْ عَضَضْنَا أَمْسِ بِالْأَبَاهِمِ

فَالْيَوْمَ لاَ نَقْرَعُ سِنَّ نَادِمٍ لَيْسَ امْرُؤٌ مِنْ يَوْمِهِ (5)بِسَالِمِ.».

ص: 403


1- في الأصل:«ثم قدم على»صوابه من ح.
2- القرح،بالضم:ألم الجراح،و بالفتح:الجراح بأعيانها.و بهما قرئ قوله تعالى: « إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ. »انظر اللسان(3:392).
3- في الأصل:«بين العشرة آلاف»صوابه من ح.
4- ح:«حربكم».
5- ح:«من حتفه».

وَ تَقَدَّمَ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

حَرْبٌ بِأَسْبَابِ الرَّدَى تَأَجَّجُ يَهْلِكُ فِيهَا الْبَطَلُ الْمُدَجِّجُ

يَكْفِيكَهَا هَمْدَانُهَا وَ مَذْحِجٌ قَوْمٌ إِذَا مَا أَحْمَشُوهَا أُنْضَجُوا (1)

رُوحُوا إِلَى اللَّهِ وَ لاَ تُعَرِّجُوا دِيْنٌ قَوِيمٌ وَ سَبِيلٌ مُنْهَجُ.

وَ حَمَلَ النَّاسُ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَبْقَ لِأَهْلِ اَلشَّامِ صَفٌّ إِلاَّ انْتَقَضَ وَ أَهْمَدُوا مَا أَتَوْا عَلَيْهِ (2)حَتَّى أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى مِضْرَبِ مُعَاوِيَةَ (3)وَ عَلِيٌّ يَضْرِبُهُمْ بِسَيْفِهِ وَ يَقُولُ:

1

«أَضْرِبُهُمْ وَ لاَ أَرَى مُعَاوِيَهْ اَلْأَخْزَرِ الْعَيْنِ الْعَظِيمِ الْحَاوِيَهْ

هَوَتْ بِهِ فِي اَلنَّارِ أُمُّ هَاوِيَهْ»

فَدَعَا مُعَاوِيَةُ بِفَرَسِهِ لِيَنْجُوَ عَلَيْهِ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ تَمَثَّلَ بِأَبْيَاتِ عَمْرِو بْنِ الْإِطْنَابَةِ (4):

أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَ أَبَى بَلاَئِي وَ أَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ

وَ إِجْشَامِي (5)عَلَى الْمَكْرُوهِ نَفْسِي وَ ضَرْبِي هَامَةَ الْبَطَلِ الْمُشِيحِ

وَ قَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَ جَاشَتْ مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي

لِأَدْفَعَ عَنْ مَآثِرِ صَالِحَاتٍ وَ أَحْمِيَ بَعْدُ عَنْ عِرْضٍ صَحِيحٍ

بِذِي شَطَبٍ كَلَوْنِ الْمِلْحِ صَافٍ وَ نَفْسٍ مَا تَقَرُّ عَلَى الْقَبِيحِ.

وَ قَالَ يَا اِبْنَ الْعَاصِ الْيَوْمَ صَبْرٌ وَ غَداً فَخْرٌ صَدَقْتَ إِنَّا وَ مَا نَحْنُ5.

ص: 404


1- في الأصل:«انقبجوا».و المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
2- ح(2:286):«و أهمد أهل العراق ما أتوا عليه».
3- المضرب،بكسر الميم:فسطاط الملك.
4- سبق إنشاد الأبيات في ص 395.
5- في الأصل:«و إعظامى على المكروه»و انظر ما سبق في ص 395.

فِيهِ كَمَا قَالَ اِبْنُ أَبِي الْأَقْلَحِ (1):

مَا عِلَّتِي وَ أَنَا رَامٍ نَابِلُ (2) وَ الْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنَابِلُ (3)

تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتِهَا الْمَعَابِلُ (4) اَلْمَوْتُ حَقٌّ وَ الْحَيَاةُ بَاطِلٌ.

فَثَنَى مُعَاوِيَةُ رِجْلَهُ مِنَ الرِّكَابِ وَ نَزَلَ وَ اسْتَصْرَخَ بِعَكٍّ وَ اَلْأَشْعَرِيَّيْنِ فَوَقَفُوا دُونَهُ (5)وَ جَالَدُوا عَنْهُ حَتَّى كَرِهَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ وَ تَحَاجَزَ النَّاسُ قَالَ اَلشَّنِّيُّ فِي ذَلِكَ

أَتَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَحَسْبُنَا عَلَى النَّاسِ طُرّاً أَجْمَعِينَ بِهَا فَضْلاً

عَلَى حِينَ إِنْ زَلَّتْ بِنَا النَّعْلُ زَلَّةً وَ لَمْ تَتْرُكِ الْحَرْبُ الْعَوَانُ لَنَا فَحْلاً

وَ قَدْ أَكَلَتْ مِنَّا وَ مِنْهُمْ فَوَارِساً كَمَا تَأْكُلُ النِّيرَانُ ذَا الْحَطَبَ الْجَزْلاَ

وَ كُنَّا لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ جُنَّةً وَ كُنَّا لَهُ مِنْ دُونِ أَنْفُسِنَا نَعْلاً

فَأَثْنَى ثَنَاءً لَمْ يَرَ النَّاسِ مِثْلَهُ عَلَى قَوْمِنَا طُرّاً وَ كُنَّا لَهُ أَهْلاً

وَ رَغَّبَهُ فِينَا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ بِأَمْرٍ جَمِيلِ صَدَّقَ الْقَوْلَ وَ الْفِعْلاَ

فَإِنْ يَكُ أَهْلُ اَلشَّامِ أَوْدَوْا بِهَاشِمٍ وَ أَوْدَوْا بِعَمَّارٍ وَ أَبْقَوْا لَنَا ثُكْلاَ).

ص: 405


1- ح(2:287):«كقول القائل».و في الأصل:«ابن الأفلح»و هو نقص و تحريف.و ابن أبي الأقلح،بالقاف،كما في الإصابة 4340 و القاموس(قلح).و هو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة الأنصارى.و هو صحابى جليل،و كان المشركون قد أرادوه بأذى،فبعث اللّه عليه مثل الظلة من الدبر فحمته منهم،و سمى لذلك:«حمى الدبر».
2- في اللسان(عنبل):«و أنا طب خاتل».
3- الوتر العنابل،بضم العين:الغليظ الصلب المتين.
4- المعابل:جمع معبلة،و هي النصل الطويل العريض.و في اللسان:«صفحته»أي صفحة الوتر.لكن في اللسان(13:448 ص 11):«عن صفحتى»،و إخال هذه محرفة.
5- في الأصل:«فرفعوا دونه»و أثبت ما في ح(2:287).

وَ بِابْنَيْ بُدَيْلٍ فَارِسَيْ كُلِّ بُهْمَةٍ وَ غَيْثٍ خُزَاعِيٍّ بِهِ نَدْفَعُ الْمَحْلاَ (1)

فَهَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَ الْمَرْءُ حَوْشَبٌ وَ ذُو كَلَعٍ أَمْسَوْا بِسَاحَتِهِمْ قَتْلَى.

ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَسْرَعَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ قَالَ:هَذَا يَوْمُ تَمْحِيصٍ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِمْ كَمَا أَسْرَعَ فِيكُمْ اصْبِرُوا يَوْمَكُمْ هَذَا وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ.

وَ حَضَّضَ عَلِيٌّ أَصْحَابَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ اَلْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ جَعَلْتَنِي عَلَى شُرْطَةِ الْخَمِيسِ وَ قَدَّمْتَنِي فِي الثِّقَةِ دُونَ النَّاسِ وَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لاَ تَفْقِدُ لِي صَبْراً وَ لاَ نَصْراً وَ أَمَّا أَهْلُ اَلشَّامِ فَقَدْ هَدَّهُمْ مَا أَصَبْنَا مِنْهُمْ وَ نَحْنُ فَفَيْنَا (2)بَعْضُ الْبَقِيَّةِ فَاطْلُبْ بِنَا أَمْرَكَ وَ أْذَنْ لِي فِي التَّقَدُّمِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ :

1«تَقَدَّمِ بِاسْمِ اللَّهِ» وَ أَقْبَلَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ السَّعْدِيُّ فَقَالَ:يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ وَ اللَّهِ لاَ تُصِيبُونَ هَذَا الْأَمْرَ أَذَلَّ عُنُقاً مِنْهُ الْيَوْمَ قَدْ كَشَفَ الْقَوْمُ عَنْكُمْ قِنَاعَ الْحَيَاءِ وَ مَا يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينٍ وَ مَا يَصْبِرُونَ إِلاَّ حَيَاءً (3)فَتَقَدَّمُوا فَقَالُوا:

إِنَّا إِنْ تَقَدَّمْنَا الْيَوْمَ فَقَدْ تَقَدَّمْنَا أَمْسِ فَمَا تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ: 1«تَقَدَّمُوا فِي مَوْضِعِ التَّقَدُّمِ وَ تَأَخَّرُوا فِي مَوْضِعِ التَّأَخُّرِ تَقَدَّمُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إِلَيْكُمْ.» وَ حَمَلَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ وَ تَلَقَّاهُمْ أَهْلُ اَلشَّامِ فَاجْتَلَدُوا وَ حَمَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُعْلِمَاً وَ هُوَ يَقُولُ:

شُدُّوا عَلَيَّ شُكَّتِي لاَ تَنْكَشِفْ بَعْدَ طُلَيْحٍ وَ اَلزُّبَيْرِ فَأْتَلِفْ

يَوْمٌ لِهَمْدَانَ وَ يَوْمٌ لِلصَّدَفِ (4) وَ فِي تَمِيمٍ نَخْوَةٌ لاَ تَنْحَرِفْك.

ص: 406


1- يقال فلان فارس بهمة،كما يقال ليث غابة؛و البهمة،بالضم:الجيش.
2- في الأصل:«نفينا».
3- لعلها:«إلا حبا في الدنيا».
4- الصدف،بكسر الدال:لقب عمرو بن مالك بن أشرس بن عفير بن عدى بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان،انظر نهاية الأرب (2:304 ثمّ 303).و النسبة إليه«صدفى»بالتحريك.

أَضْرِبُهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى تَنْصَرِفْ إِذَا مَشَيْتُ مَشْيَةَ الْعَوْدِ الصَّلِفْ

وَ مِثْلُهَا لِحِمْيَرَ أَوْ تَنْحَرِفْ وَ اَلرَّبَّعِيُّونَ لَهُمْ يَوْمٌ عَصِفْ (1)

فَاعْتَرَضَهُ عَلِيٌّ وَ هُوَ يَقُولُ:

1

«قَدْ عَلِمَتْ ذَاتُ الْقُرُونِ الْمِيلِ وَ الْخَصْرِ وَ الْأَنَامِلِ الطُّفُولِ (2)

إِنِّي بِنَصْلِ السَّيْفِ خَنْشَلِيلُ (3)أَحْمِي وَ أَرْمِي أَوَّلَّ الرَّعِيلِ

بِصَارِمٍ لَيْسَ بِذِي فُلُولِ»

.

ثُمَّ طَعَنَهُ فَصَرَعَهُ وَ اتَّقَاهُ عَمْرٌو بِرِجْلِهِ فَبَدَتْ عَوْرَتُهُ فَصَرَفَ عَلِيٌّ وَجْهَهُ عَنْهُ وَ ارْتُثَّ فَقَالَ الْقَوْمُ:أَفْلَتَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: 1«وَ هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا:لاَ قَالَ: 1«فَإِنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ تَلَقَّانِي بِعَوْرَتِهِ فَصَرَفْتُ وَجْهِي عَنْهُ.» وَ رَجَعَ عَمْرٌو إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ:مَا صَنَعْتَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ:لَقِيَنِي عَلِيٌّ فَصَرَعَنِي قَالَ:اِحْمَدِ اللَّهَ وَ عَوْرَتَكَ أَمَا وَ اللَّهِ أَنْ لَوْ عَرَفْتَهُ مَا أَقْحَمْتَ عَلَيْهِ.

وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ فِي ذَلِكَ:

أَلاَ لَلَّهِ مِنْ هَفَوَاتِ عَمْرٍو يُعَاتِبُنِي عَلَى تَرْكِي بِرَازِي

فَقَدْ لاَقَى أَبَا حَسَنٍ عَلِيّاً فَآبَ الْوَائِلِيُّ مَآبَ خَازِي

فَلَوْ لَمْ يُبْدِ عَوْرَتَهُ لَلاقَى بِهِ لَيْثاً يُذَلِّلُ كُلَّ نَازِي

لَهُ كَفٌّ كَأَنَّ بِرَاحَتَيْهَا مَنَايَا الْقَوْمِ يَخْطِفُ خَطْفَ بَازِيل.

ص: 407


1- المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
2- الطفول:جمع طفل،بالفتح،و هو الرخص الناعم،قال ابن هرمة: متى ما يغفل الواشون تومئ بأطراف منعمة طفول.
3- في البيت إقواء،و أنشد في اللسان بدون نسبة: قد علمت جارية عطبول أنى بنصل السيف خنشليل و الخنشليل:الجيد الضرب بالسيف،و مثله الخنشل.

فَإِنْ تَكُنِ الْمَنَايَا أَخْطَأَتْهُ فَقَدْ غَنَّى بِهَا أَهْلُ اَلْحِجَازِ .

فَغَضِبَ عَمْرٌو وَ قَالَ:مَا أَشَدَّ تَغْبِيطَكَ عَلِيّاً فِي أَمْرِي هَذَا (1)هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ لَقِيَهُ ابْنُ عَمِّهِ فَصَرَعَهُ أَ فَتُرَى السَّمَاءَ قَاطِرَةً لِذَلِكَ دَماً؟ قَالَ:

وَ لَكِنَّهَا مُعْقِبَةٌ لَكَ خِزْياً (2).

قَالَ:وَ تَقَدَّمَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَيْرٍ بِرَايَتِهِ وَ رَايَةِ قَوْمِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:وَ اللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَخْضِبَهَا فَخَضَبَهَا مِرَاراً إِذْ اعْتَرَضَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَطَعَنَهُ فَمَشَى إِلَى صَاحِبِهِ فِي الرُّمْحِ حَتَّى ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ.

ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا أَخَاهُ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ:اِلْقَ اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ فَإِنَّهُ إِنْ رَضِيَ رَضِيَتِ الْعَامَّةُ وَ كَانَ عُتْبَةُ لاَ يُطَاقُ لِسَانُهُ (3)فَخَرَجَ عُتْبَةُ فَنَادَى اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ النَّاسُ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَذَا الرَّجُلُ يَدْعُوكَ.

فَقَالَ: اَلْأَشْعَثُ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ فَسَلُوهُ مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ:أَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ :غُلاَمٌ مُتْرَفٌ وَ لاَ بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ:

مَا عِنْدَكَ يَا عُتْبَةُ ؟ فَقَالَ:أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَوْ كَانَ لاَقِياً رَجُلاً غَيْرَ عَلِيٍّ لَلَقِيَكَ إِنَّكَ رَأْسُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ سَيِّدُ أَهْلِ اَلْيَمَنِ وَ قَدْ سَلَفَ مِنْ عُثْمَانَ إِلَيْكَ مَا سَلَفَ مِنَ الصِّهْرِ وَ الْعَمَلِ وَ لَسْتَ كَأَصْحَابِكَ أَمَّا اَلْأَشْتَرُ فَقَتَلَ عُثْمَانَ وَ أَمَّا عَدِيٌّ فَحَرَّضَ عَلَيْهِ وَ أَمَّا سَعِيدٌ فَقَلَّدَ عَلِيّاً دِيَتَهُ (4)وَ أَمَّا شُرَيْحٌ وَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ فَلاَ يَعْرِفَانِ غَيْرَ الْهَوَى وَ إِنَّكَ حَامَيْتَ عَنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ تَكَرُّماً ثُمَّ حَارَبْتَ أَهْلَ اَلشَّامِ حَمِيَّةً وَ قَدْ بَلَغَنَا وَ اللَّهِ مِنْكَ وَ بَلَغَتْ مِنَّا مَا أَرَدْتَ،ح.

ص: 408


1- التغبيط،هو كما ورد في الحديث«أنه جاء و هم يصلون في جماعة فجعل يغبطهم». قال ابن الأثير:«هكذا روى بالتشديد،أي يحملهم على الغبط و يجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه».و في الأصل:«تعظيمك عليا في كسرى هذا»و أثبت ما في ح.
2- في الأصل:«تعقبك جبنا»و أثبت ما في ح.
3- ح:«و كان عتبة فصيحا».
4- في الأصل:«دينه»و الوجه ما أثبت من ح.

وَ إِنَّا لاَ نَدْعُوكَ إِلَى تَرْكِ عَلِيٍّ وَ نَصْرِ مُعَاوِيَةَ وَ لَكِنَّا نَدْعُوكَ إِلَى الْبَقِيَّةِ (1)الَّتِي فِيهَا صَلاَحُكَ وَ صَلاَحُنَا.

فَتَكَلَّمَ اَلْأَشْعَثُ فَقَالَ:يَا عُتْبَةُ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لاَ يَلْقَى إِلاَّ عَلِيّاً فَإِنْ لَقِيَنِي وَ اللَّهِ لَمَا عَظُمَ عَنِّي وَ لاَ صَغُرْتُ عَنْهُ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ أَجْمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَلِيٍّ فَعَلْتُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي رَأْسُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ سَيِّدَ أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَإِنَّ الرَّأْسَ الْمُتَّبَعَ وَ السَّيِّدَ الْمُطَاعَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَمَّا مَا سَلَفَ مِنْ عُثْمَانَ إِلَيَّ فَوَ اللَّهِ مَا زَادَنِي صِهْرُهُ شَرَفاً وَ لاَ عَمَلُهُ عِزّاً وَ أَمَّا عَيْبُكَ أَصْحَابِي فَإِنَّ هَذَا لاَ يُقَرِّبُكَ مِنِّي وَ لاَ يُبَاعِدُنِي عَنْهُمْ وَ أَمَّا مُحَامَاتِي عَنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَمَنْ نَزَلَ بَيْتاً حَمَاهُ وَ أَمَّا الْبَقِيَّةُ فَلَسْتُمْ بِأَحْوَجَ إِلَيْهَا مِنَّا وَ سَنَرَى رَأَيْنَا فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلاَمُ اَلْأَشْعَثِ قَالَ:يَا عُتْبَةُ لاَ تَلْقَهُ بَعْدَهَا فَإِنَّ الرَّجُلَ عَظِيمٌ عِنْدَ نَفْسِهِ وَ إِنْ كَانَ قَدْ جَنَحَ لِلسِّلْمِ وَ شَاعَ فِي أَهْلِ اَلْعِرَاقِ مَا قَالَهُ عُتْبَةُ لِلْأَشْعَثِ وَ مَا رَدَّهُ اَلْأَشْعَثُ عَلَيْهِ وَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ يَمْدَحُهُ

يَا ابْنَ قَيْسٍ وَ حَارِثٍ وَ يَزِيدَ أَنْتَ وَ اللَّهِ رَأْسُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ

أَنْتَ وَ اللَّهِ حَيَّةٌ تَنْفُثُ اَلسُّمَّ قَلِيلٌ فِيهَا غَنَاءُ الرَّاقِي

أَنْتَ كَالشَّمْسِ وَ الرِّجَالُ نُجُومُ لاَ يُرَى ضَوْؤُهَا مَعَ الْإِشْرَاقِ

قَدْ حَمِيتَ اَلْعِرَاقَ بِالْأَسَلِ السَّمْرِ وَ بِالْبَيْضِ كَالْبُرُوقِ الرِّقَاقِ

وَ أَجَبْنَاكَ إِذْ دَعَوْتَ إِلَى اَلشَّامِ عَلَى الْقُبِّ كَالسَّحُوقِ الْعَتَاقِ (2)ة.

ص: 409


1- البقية:الإبقاء.و العرب تقول للعدو إذا غلب:«البقية»أي أبقوا علينا و لا تستأصلونا.قال الأعشى: *قالوا البقية و الخطى يأخذهم*.
2- القب:الخيل الضامرة.و السحوق،بالفتح:النخلة الطويلة.

وَ سَعَرْتَ الْقِتَالَ فِي اَلشَّامِ بِالْبَيْضِ اَلْمَوَاضِي وَ بِالرِّمَاحِ الدِّقَاقِ (1)

لاَ نَرَى غَيْرَ أَذْرُعٍ وَ أَكُفٍّ وَ رُءُوسٍ بِهَامِهَا أَفْلاَقُ (2)

كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ تَصَرَّمَتِ الْهَيْجَاءُ سَقَيْتَهُمُ بِكَأْسِ دِهَاقِ (3)

قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وَ سَارَتْ بِهِ الْقِلاَصُ الْمَنَاقِي (4)

وَ بَقِيَ حَقُّكَ الْعَظِيمُ عَلَى النَّاسِ وَ حَقُّ الْمَلِيكِ صَعْبُ الْمَرَاقِي

أَنْتَ حُلْوٌ لِمَنْ تَقَرَّبَ بِالْوُدِّ وَ لِلشَّانِئِينَ مُرُّ الْمَذَاقِ

لاَبِسٌ تَاجَ جَدِّهِ وَ أَبِيهِ لَوْ وَقَاهُ رَدَى الْمَنِيَّةِ وَاقٍ (5)

بِئْسَ مَا ظَنَّهُ اِبْنُ هِنْدٍ وَ مَنْ مِثْلُكَ لِلنَّاسِ عِنْدَ ضِيقِ الْخِنَاقِ

قَالَ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا يَئِسَ مِنْ جِهَةِ اَلْأَشْعَثِ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ :إِنَّ رَأْسَ النَّاسِ بَعْدَ عَلِيٍّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَلَوْ أَلْقَيْتُ إِلَيْكَ كِتَاباً لَعَلَّكَ تُرَقِّقُهُ بِهِ (6)فَإِنَّهُ إِنْ قَالَ شَيْئاً لَمْ يَخْرُجْ عَلِيٌّ مِنْهُ وَ قَدْ أَكَلَتْنَا الْحَرْبُ وَ لاَ أَرَانَا نَصِلُ إِلَى اَلْعِرَاقِ إِلاَّ بِهَلاَكِ أَهْلِ اَلشَّامِ قَالَ لَهُ عَمْرٌو :إِنَّ اِبْنَ عَبَّاسٍ لاَ يُخْدَعُ وَ لَوْ طَمِعْتَ فِيهِ لَطَمِعْتَ فِي عَلِيٍّ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :عَلَيَّ ذَلِكَ فَاكْتُبْ إِلَيْهِ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرٌو :أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي نَحْنُ وَ أَنْتُمْ فِيهِ لَيْسَ بِأَوَّلِ أَمْرٍ (7)ح.

ص: 410


1- في الأصل: و أدرنا كأس المنية في الفت نة بالضرب و الطعان الدقاق و قد أشير في هامش الأصل إلى هذه الرواية التي أثبتها من ح.
2- أفلاق:جمع فلق،بالكسر،و هو المفلوق.
3- كذا في ح و هامش الأصل عن نسخة.و في الأصل: كلما قلت قد تصرمت الحر ب سقانا ردى المنية ساق.
4- المناقى:جمع منقية،كمحسنة،و هي الناقة ذات الشحم.
5- في الأصل:«لدى المنية».
6- في الأصل:«ترفقه به»و أثبت وجهه من ح(2:288).
7- في الأصل:«ليس بأمر»و أثبت ما في ح.

قَادَهُ الْبَلاَءُ وَ سَاقَتْهُ الْعَافِيَةُ (1)وَ أَنْتَ رَأْسُ هَذَا الْجَمْعِ (2)بَعْدَ عَلِيٍّ فَانْظُرْ فِيمَا بَقِيَ وَ دَعْ مَا مَضَى فَوَ اللَّهِ مَا أَبَقَتْ هَذِهِ الْحَرْبُ لَنَا وَ لَكُمْ حَيَاةً (3)وَ لاَ صَبْراً.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اَلشَّامَ لاَ تُمْلَكُ إِلاَّ بِهَلاَكِ اَلْعِرَاقِ وَ أَنَّ اَلْعِرَاقَ لاَ تُمْلَكُ إِلاَّ بِهَلاَكِ اَلشَّامِ وَ مَا خَيْرُنَا بَعْدَ هَلاَكِ أَعْدَادِنَا مِنْكُمْ وَ مَا خَيْرُكُمْ بَعْدَ هَلاَكِ أَعْدَادِكُمْ مِنَّا.

وَ لَسْنَا نَقُولُ:لَيْتَ الْحَرْبَ غَارَتْ (4)وَ لَكِنَّا نَقُولُ:لَيْتَهَا لَمْ تَكُنْ وَ إِنَّ فِينَا مَنْ يَكْرَهُ الْقِتَالَ كَمَا أَنَّ فِيكُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ وَ إِنَّمَا هُوَ أَمِيرٌ مُطَاعٌ أَوْ مَأْمُورٌ مُطِيعٌ أَوْ مُؤْتَمَنٌ مُشَاوِرٌ وَ هُوَ أَنْتَ وَ أَمَّا اَلْأَشْتَرُ الْغَلِيظُ الطَّبْعِ الْقَاسِي الْقَلْبِ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُدْعَى فِي الشُّورَى وَ لاَ فِي خَوَاصِّ أَهْلِ النَّجْوَى.

وَ كَتَبَ فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ:

طَالَ الْبَلاَءُ وَ مَا يُرْجَى لَهُ آسٍ

بَعْدَ الْإِلَهِ سِوَى رِفْقِ اِبْنِ عَبَّاسٍ

قَوْلاً لَهُ قَوْلَ مَنْ يَرْضَى بِحُظْوَتِهِ (5)

لاَ تَنْسَ حَظَّكَ إِنَّ الْخَاسِرَ النَّاسِي

يَا ابْنَ الَّذِي زَمْزَمٌ سُقْيَا الْحَجِيجِ لَهُ

أَعْظِمْ بِذَلِكَ مِنْ فَخْرٍ عَلَى النَّاسِ

كُلٌّ لِصَاحِبِهِ قِرْنٌ يُسَاوِرُهُ

أُسْدُ الْعَرِينِ أُسُودٌ بَيْنَ أَخْيَاسِ (6)ف.

ص: 411


1- هذه الجملة ليست في ح.
2- في الأصل:«أهل الجمع»و أثبت ما في ح.
3- في الأصل:«حياء».
4- في الأصل و ح:«عادت».
5- ح:«قول من يرجو مودته».
6- يساوره:يواثبه.و في الأصل:«يشاوره»تحريف.و البيت لم يرو في ح. و الأخياس:جمع خيس،بالكسر،و هو الشجر الكثير الملتف.

لَوْ قِيْسَ بَيْنَهُمُ فِي اَلْعُرْبِ لاَعْتَدَلُوا

الْعَجْزُ بِالْعَجْزِ ثُمَّ الرَّأْسُ بِالرَّأْسِ

انْظُرْ فِدًى لَكَ نَفْسِي قَبْلَ قَاصِمَةِ

لِلظَّهْرِ لَيْسَ لَهَا رَاقٍ وَ لاَ آسِي

إِنَّ اَلْعِرَاقَ وَ أَهْلَ اَلشَّامِ لَنْ يَجِدُوا

طَعْمَ الْحَيَاةِ مَعَ الْمُسْتَغِلِقِ الْقَاسِي

بُسْرٌ وَ أَصْحَابُ بُسْرٍ وَ الَّذِينَ هُمُ

دَاءُ اَلْعِرَاقِ رِجَالٌ أَهْلُ وَسْوَاسِ

قَوْمٌ عُرَاةٌ مِنَ الْخَيْرَاتِ كُلُّهُمُ

فَمَا يُسَاوَى بِهِ أَصْحَابُهُ كَاسِي

إِنِّي أَرَى الْخَيْرَ فِي سِلْمِ الشَّآمِ لَكُمْ

وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا بِالسِّلْمِ مِنْ بَأْسِ

فِيهَا الْتُّقَى وَ أُمُورٌ لَيْسَ يَجْهَلُهَا

إِلاَّ الْجَهُوُل وَ مَا النَّوْكَى كَأَكْيَاسِ.

قَالَ:فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شِعْرِهِ عَرَضَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :لاَ أَرَى كِتَابَكَ عَلَى رِقَّةِ شِعْرِكَ - فَلَمَّا قَرَأَ اِبْنُ عَبَّاسٍ الْكِتَابَ أَتَى بِهِ عَلِيّاً فَأَقْرَأَهُ شِعْرَهُ فَضَحِكَ وَ قَالَ: 1«قَاتَلَ اللَّهُ اِبْنَ الْعَاصِ مَا أَغْرَاهُ بِكَ يَا اِبْنَ الْعَبَّاسِ أَجِبْهُ وَ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ شِعْرَهُ اَلْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ شَاعِرٌ» فَكَتَبَ اِبْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَمْرٍو أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ رَجُلاً مِنَ اَلْعَرَبِ أَقَلَّ حَيَاءً مِنْكَ إِنَّهُ مَالَ بِكَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْهَوَى وَ بِعْتَهُ دِينَكَ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ ثُمَّ خَطَبْتَ بِالنَّاسِ فِي عَشْوَةٍ

ص: 412

طَمَعاً فِي الْمُلْكِ (1)فَلَمَّا لَمْ تَرَ شَيْئاً أَعْظَمْتَ الدُّنْيَا إِعْظَامَ أَهْلِ الذُّنُوبِ (2)وَ أَظْهَرْتَ فِيهَا نَزَاهَةَ أَهْلِ الْوَرَعِ (3)فَإِنْ كُنْتَ تُرْضِي اللَّهَ بِذَلِكَ فَدَعْ مِصْرَ وَ ارْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ وَ هَذِهِ الْحَرْبُ لَيْسَ فِيهَا مُعَاوِيَةُ كَعَلِيٍّ ابْتَدَأَهَا عَلِيٌّ بِالْحَقِّ وَ انْتَهَى فِيهَا إِلَى الْعُذْرِ وَ بَدَأَهَا مُعَاوِيَةُ بِالْبَغْيِ وَ انْتَهَى فِيهَا إِلَى السَّرَفِ وَ لَيْسَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ فِيهَا كَأَهْلِ اَلشَّامِ بَايَعَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ عَلِيّاً وَ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُ وَ لَسْتُ أَنَا وَ أَنْتَ فِيهَا بِسَوَاءٍ أَرَدْتُ اللَّهَ وَ أَرَدْتَ أَنْتَ مِصْرَ وَ قَدْ عَرَفْتَ الشَّيْءَ الَّذِي بَاعَدَكَ مِنِّي وَ لاَ أَرَى (4)الشَّيْءَ الَّذِي قَرَّبَكَ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَإِنْ تُرِدْ شَرّاً لاَ نَسْبِقُكَ بِهِ وَ إِنْ تُرِدْ خَيْراً لاَ تَسْبِقُنَا إِلَيْهِ وَ السَّلاَمُ.

ثُمَّ دَعَا أَخَاهُ اَلْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ فَقَالَ لَهُ:يَا ابْنَ أُمِّ أَجِبْ عَمْراً فَقَالَ اَلْفَضْلُ :

يَا عَمْرُو حَسْبُكَ مِنْ خَدْعٍ وَ وَسْوَاسِ فَاذْهَبْ فَلَيْسَ لِدَاءِ الْجَهْلِ مِنْ آسِي

إِلاَّ تَوَاتُرُ طَعْنٍ فِي نُحُورِكُمُ يُشْجِي النُّفُوسَ وَ يَشْفِي نَخْوَةَ الرَّأْسِ

هَذَا الدَّوَاءُ الَّذِي يَشْفِي جَمَاعَتَكُمْ حَتَّى تُطِيعُوا عَلِيّاً وَ اِبْنَ عَبَّاسٍ

أَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّ اللَّهَ فَضَّلَهُ بِفَضْلِ ذِي شَرَفٍ عَالٍ عَلَى النَّاسِ

إِنْ تَعْقِلُوا الْحَرْبَ نَعْقِلْهَا مُخَيَّسَةً أَوْ تَبْعَثُوهَا فَإِنَّا غَيْرُ أَنْكَاِس

قَدْ كَانَ مِنَّا وَ مِنْكُمْ فِي عَجَاجَتِهَا مَا لاَ يُرَدُّ وَ كُلٌّ عُرْضَةُ الْبَأْسِ

قَتْلَى اَلْعِرَاقِ بِقَتْلَى اَلشَّامِ ذَاهِبَةٌ هَذَا بِهَذَا وَ مَا بِالْحَقِّ مِنْ بَأْسِ».

ص: 413


1- ح(1:288):«فى الدنيا».
2- بدل هذه العبارة في ح:«فأعظمتها إعظام أهل الدنيا».
3- النزاهة:التباعد عن السوء كالتنزّه.و في الأصل:«النزهة».و في ح: «ثم تزعم أنك تتنزّه عنها تنزّه أهل الورع».
4- ح:«و لا أعرف».

لاَ بَارَكَ اللَّهُ فِي مِصْرٍ لَقَدْ جَلَبَتْ شَرّاً وَ حَظُّكَ مِنْهَا حُسْوَةُ الْكَأْسِ

يَا عَمْرُو إِنَّكَ عَارٍ مِنْ مَغَارِمِهَا وَ الرَّاَقِصَاتِ وَ مِنْ يَوْمِ الْجَزَا كَاسِي.

ثُمَّ عَرَضَ الشِّعْرَ وَ الْكِتَابَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: 1«لاَ أَرَاهُ يُجِيبُكَ بِشَيْءٍ بَعْدَهَا إِنْ كَانَ يَعْقِلُ وَ لَعَلَّهُ يَعُودُ فَتَعُودَ عَلَيْهِ» فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَابُ إِلَى عَمْرٍو أَتَى بِهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ:أَنْتَ دَعَوْتَنِي إِلَى هَذَا مَا كَانَ أَغْنَانِي وَ إِيَّاكَ عَنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ:إِنَّ قَلْبَ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَ قَلْبَ عَلِيٍّ قَلْبٌ وَاحِدٌ كِلاَهُمَا وَلَدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ إِنْ كَانَ قَدْ خَشُنَ فَلَقَدْ لاَنَ وَ إِنْ كَانَ قَدْ تَعَظَّمَ أَوْ عَظَّمَ صَاحِبَهُ فَلَقَدْ قَارَبَ وَ جَنَحَ إِلَى السِّلْمِ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُكَاتِبُ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَ كَانَ يُجِيبُهُ بِقَوْلٍ لَيِّنٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْظُمَ الْحَرْبُ فَلَمَّا قُتِلَ أَهْلُ اَلشَّامِ قَالَ مُعَاوِيَةُ :إِنَّ اِبْنَ عَبَّاسٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَ أَنَا كَاتِبٌ إِلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ بَنِي هَاشِمٍ لَنَا وَ أُخَوِّفُهُ عَوَاقِبَ هَذِهِ الْحَرْبِ لَعَلَّهُ يَكُفُّ عَنَّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ لَسْتُمْ إِلَى أَحَدٍ أَسْرَعَ بِالْمَسَاءَةِ مِنْكُمْ إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى إِنَّكُمْ قَتَلْتُمْ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرَ لِطَلَبِهِمَا دَمَهُ وَ اسْتِعْظَامِهِمَا مَا نِيلَ مِنْهُ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ لِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ وَلِيَهَا عَدِيٌّ وَ تَيْمٌ فَلَمْ تُنَافِسُوهُمْ وَ أَظْهَرْتُمْ لَهُمُ الطَّاعَةَ وَ قَدْ وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ تَرَى وَ أَكَلَتْ هَذِهِ الْحُرُوبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ حَتَّى اسْتَوَيْنَا فِيهَا فَمَا أَطْمَعَكُمْ فِينَا أَطْمَعَنَا فِيكُمْ وَ مَا آيَسَكُمْ مِنَّا آيَسَنَا مِنْكُمْ وَ قَدْ رَجَوْنَا غَيْرَ الَّذِي كَانَ وَ خَشِينَا دُونَ مَا وَقَعَ وَ لَسْتُمْ بِمُلاَقِينَا الْيَوْمَ بِأَحَدَّ مِنْ حَدِّ أَمْسِ وَ لاَ غَداً بِأَحَدَّ مِنْ حَدِّ الْيَوْمِ وَ قَدْ قَنِعْنَا بِمَا كَانَ فِي أَيْدِينَا مِنْ مُلْكِ اَلشَّامِ فَاقْنَعُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ مُلْكِ اَلْعِرَاقِ وَ أَبْقُوا عَلَى قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا سِتَّةٌ رَجُلاَنِ بِالشَّامِ وَ رَجُلاَنِ بِالْعِرَاقِ وَ رَجُلاَنِ بِالْحِجَازِ فَأَمَّا اللَّذَانِ بِالشَّامِ فَأَنَا وَ عَمْرٌو وَ أَمَّا اللَّذَانِ بِالْعِرَاقِ فَأَنْتَ وَ عَلِيٌّ وَ أَمَّا اللَّذَانِ بِالْحِجَازِ فَسَعْدٌ وَ اِبْنُ عُمَرَ وَ اثْنَانِ مِنَ السِّتَّةِ نَاصِبَانِ لَكَ -

ص: 414

وَ اثْنَانِ وَاقِفَانِ فِيكَ وَ أَنْتَ رَأْسُ هَذَا الْجَمْعِ الْيَوْمَ وَ لَوْ بَايَعَ لَكَ النَّاسُ بَعْدَ عُثْمَانَ كُنَّا إِلَيْكَ أَسْرَعَ مِنَّا إِلَى عَلِيٍّ فِي كَلاَمٍ كَثِيرٍ كَتَبَ إِلَيْهِ.

فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَابُ إِلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ أَسْخَطَهُ ثُمَّ قَالَ:حَتَّى مَتَى يَخْطُبُ اِبْنُ هِنْدٍ إِلَى عَقْلِي وَ حَتَّى مَتَى أُجَمْجِمُ عَلَى مَا فِي نَفْسِي فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ وَ قَرَأْتُهُ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ سُرْعَتِنَا إِلَيْكَ بِالْمَسَاءَةِ فِي أَنْصَارِ اِبْنِ عَفَّانَ وَ كَرَاهِيَتِنَا لِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَلَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتَ فِي عُثْمَانَ حَاجَتَكَ حِينَ اسْتَنْصَرَكَ فَلَمْ تَنْصُرْهُ حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ وَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَمِّكَ وَ أَخُو عُثْمَانَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ (1)وَ أَمَّا طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ فَإِنَّهُمَا أَجْلَبَا عَلَيْهِ وَ ضَيَّقَا خِنَاقَهُ ثُمَّ خَرَجَا يَنْقُضَانِ الْبَيْعَةَ وَ يَطْلُبَانِ الْمُلْكَ (2) فَقَاتَلْنَاهُمَا عَلَى النَّكْثِ وَ قَاتَلْنَاكَ عَلَى الْبَغْيِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ قُرَيْشٍ غَيْرُ سِتَّةٍ فَمَا أَكْثَرَ رِجَالَهَا وَ أَحْسَنَ بَقِيَّتَهَا وَ قَدْ قَاتَلَكَ مِنْ خِيَارِهَا مَنْ قَاتَلَكَ لَمْ يَخْذُلْنَا إِلاَّ مَنْ خَذَلَكَ.

وَ أَمَّا إِغْرَاؤُكَ إِيَّانَا بِعَدِيٍّ وَ تَيْمٍ - فَأَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ كَمَا أَنَّ عُثْمَانَ خَيْرٌ مِنْكَ وَ قَدْ بَقِيَ لَكَ مِنَّا يَوْمٌ يُنْسِيكَ (3)مَا قَبْلَهُ وَ يُخَافُ مَا بَعْدَهُ (4)وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ لَوْ بَايَعَ النَّاسُ لِي لاَسْتَقَامَتْ لِي (5)فَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ عَلِيّاً وَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي فَلَمْ يَسْتَقِيمُوا لَهُ وَ إِنَّمَا الْخِلاَفَةُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي الْمَشُورَةِ وَ مَا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ الْخِلاَفَةَ وَ أَنْتَ طَلِيقٌ وَ ابْنُ طَلِيقٍ وَ الْخِلاَفَةُ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَ لَيْسَ الطُّلَقَاءُ مِنْهَا فِي شَيْءٍ وَ السَّلاَمُ.».

ص: 415


1- هو أخوه لأمه كما سبق في حواشى 247.
2- في الأصل:«فنقضا البيعة و طلبا الملك»و أثبت ما في ح.
3- ح(2:289):«ما ينسيك».
4- ح:«و تخاف ما بعده».
5- بدلها في ح:«لاستقاموا».

فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَابُ إِلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ:هَذَا عَمَلِي بِنَفْسِي.لاَ وَ اللَّهِ لاَ أَكْتُبُ إِلَيْهِ كِتَاباً سَنَةً كَامِلَةً وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ فِي ذَلِكَ:

دَعَوْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ إِلَى حَدِّ خُطَّةٍ وَ كَانَ امْرَأً أُهْدِي إِلَيْهِ رَسَائِلِي

فَأَخْلَفَ ظَنِّي وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ وَ لَمْ يَكُ فِيمَا قَالَ مِنِّي بِوَاصِلٍ

وَ مَا كَانَ فِيمَا جَاءَ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَ مَا زَادَ أَنْ أَغْلَى عَلَيْهِ مَرَاجِلِي

فَقُلْ لاِبْنِ عَبَّاسٍ :تَرَاكَ مُفَرِّقاً بِقَوْلِكَ مِنْ حَوْلِي وَ أَنَّكَ آكِلِي

وَ قُلْ لاِبْنِ عَبَّاسٍ :تَرَاكَ مُخَوِّفاً بِجَهْلِكَ حِلْمِي إِنَّنِي غَيْرُ غَافِلٍ

فَأَبْرِقْ وَ أَرْعِدْ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّنِي إِلَيْكَ بِمَا يُشْجِيكَ سَبْطُ الْأَنَامِلِ.

فَلَمَّا قَرَأَ اِبْنُ عَبَّاسٍ الشِّعْرَ قَالَ:لَنْ أَشْتِمَكَ بَعْدَهَا.

وَ قَالَ اَلْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ :

أَلاَ يَا اِبْنَ هِنْدٍ إِنَّنِي غَيْرُ غَافِلٍ وَ إِنَّكَ مَا تَسْعَى لَهُ غَيْرُ نَائِلٍ

لِأَنَّ الَّذِي اجْتَبْتَ إِلَى الْحَرْبِ نَابُهَا عَلَيْكَ وَ أَلْقَتْ بَرْكَهَا بِالْكَلاَكِلِ (1)

فَأَصْبَحَ أَهْلُ اَلشَّامِ ضَرْبَيْنِ خِيْرَةً وَ فَقْعَةُ قَاعٍ أَوْ شَحِيمَةُ آكِلِ (2)

وَ أَيْقَنْتُ أَنَّا أَهْلُ حَقٍّ وَ إِنَّمَا دَعَوْتُ لِأَمْرٍ كَانَ أَبْطَلَ بَاطِلٍ

دَعَوْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ إِلَى السِّلْمِ خُدْعَةً وَ لَيْسَ لَهَا حَتَّى تَدِينَ بِقَابِلِ

فَلاَ سِلْمَ حَتَّى تُشْجَرَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا وَ تُضْرَبَ هَامَاتُ الرِّجَالِ الْأَمَاثِلِ

وَ آلَيْتُ لاَ أُهْدِي إِلَيْهِ رِسَالَةً إِلَى أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ مِنْ رَأْسِ قَابِلِ

أَرَدْتَ بِهِ قَطْعَ الْجَوَابِ وَ إِنَّمَا رَمَاكَ فَلَمْ يُخْطِئْ بَنَاتُ الْمُقَاتِلِ

وَ قُلْتَ لَهُ لَوْ بَايَعُوكَ تَبِعْتَهُمْ فَهَذَا عَلِيٌّ خَيْرُ حَافٍ وَ نَاعِلِ

وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ دُونِ أَهْلِهِ وَ فَارِسُهُ إِنْ قِيلَ:هَلْ مِنْ مُنَازِلِ؟7.

ص: 416


1- كذا ورد صدر هذا البيت.و المقطوعة لم تزد في مظنها من ح.
2- انظر ص 367.

فَدُونَكَهُ إِنْ كُنْتَ تَبْغِي مُهَاجِراً أَشَمَّ كَنَصْلِ السَّيْفِ عَيْرَ حَلاَحِلِ (1).

فَعَرَضَ شِعْرَهُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: 1«أَنْتَ أَشْعَرُ قُرَيْشٍ » فَضَرَبَ بِهَا النَّاسُ إِلَى مُعَاوِيَةَ .

وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ اجْتَمَعَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ - عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَ اِبْنُ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ فَقَالَ عُتْبَةُ :إِنَّ أَمْرَنَا وَ أَمْرَ عَلِيٍّ لَعَجَبٌ لَيْسَ مِنَّا إِلاَّ مَوْتُورٌ مُحَاجٌّ أَمَّا أَنَا فَقَتَلَ جَدِّي وَ اشْتَرَكَ فِي دَمِ عُمُومَتِي يَوْمَ بَدْرٍ وَ أَمَّا أَنْتَ يَا وَلِيدُ فَقَتَلَ أَبَاكَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَ أَيْتَمَ إِخْوَتَكَ وَ أَمَّا أَنْتَ يَا مَرْوَانُ فَكَمَا قَالَ الْأَوَّلُ (2): -

وَ أَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءُ جَرِيضاً وَ لَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الْوِطَابِ (3).

قَالَ مُعَاوِيَةُ :هَذَا الْإِقْرَارُ فَأَيْنَ الْغُيُرُ (4)قَالَ مَرْوَانُ :أَيَّ غُيُرٍ تُرِيدُ؟ قَالَ:أُرِيدُ أَنْ يُشْجَرَ بِالرِّمَاحِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكَ لَهَازِلٌ وَ لَقَدْ ثَقَّلْنَا عَلَيْكَ فَقَالَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فِي ذَلِكَ: -

يَقُولُ لَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ أَ مَا فِيكُمْ لِوَاتِرِكُمْ طَلُوبٌ

يَشُدُّ عَلَى أَبِي حَسَنٍ عَلِيٍّ بِأَسْمَرَ لاَ تُهَجِّنُهُ الْكُعُوبُ

فَيَهْتِكَ مَجْمَعَ اللَّبَّاتِ مِنْهُ وَ نَقْعُ الْقَوْمِ مُطَّرِدٌ يَثُوبُ

فَقُلْتُ لَهُ أَ تَلْعَبُ يَا اِبْنَ هِنْدٍ كَأَنَّكَ وَسْطَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ

أَ تَأْمُرُنَا بِحَيَّةِ بَطْنِ وَادٍ إِذَا نَهَشَتْ فَلَيْسَ لَهَا طَبِيبٌة.

ص: 417


1- عير القوم:سيدهم.و الحلاحل،بفتح أوله:جمع الحلاحل بضمه،و هو السيّد في عشيرته،الشجاع،الركين في مجلسه.و في الأصل:«بنعل السيف غير حلاحل»تحريف.
2- هو امرؤ القيس،من أبيات له في ديوانه ص 160.
3- علباء هذا هو قاتل والد امرئ القيس،و هو علباء بن حارث الكاهليّ. و الجريض:الذي يأخذ بريقه.صفر و طابه:قتل.
4- الغير:جمع غيور؛و الغيرة:الحمية و الأنفة.

وَ مَا ضَبُعٌ يَدِبُّ بِبَطْنِ وَادٍ أُتِيحَ لَهُ بِهِ أَسَدٌ مَهِيبٌ

بِأَضْعَفَ حِيلَةً مِنَّا إِذَا مَا لَقِينَاهُ وَ ذَا مِنَّا عَجِيبٌ

دَعَا لِلِقَاهُ فِي الْهَيْجَاءِ لاَقٍ فَأَخْطَأَ نَفْسَهُ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ

سِوَى عَمْرٍو وَقَتْهُ خُصْيَتَاهُ نَجَا وَ لِقَلْبِهِ مِنْهَا وَجِيبٌ

كَأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا عَايَنُوهُ خِلاَلَ النَّقْعِ لَيْسَ لَهُمُ قُلُوبٌ

لَعَمْرُ أَبِي مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْبٍ وَ مَا ظَنِّي بِمِلْقَحَةِ الْعُيُوبِ (1)

لَقَدْ نَادَاهُ فِي الْهَيْجَا عَلِيٌّ فَأَسْمَعَهُ وَ لَكِنْ لاَ يُجِيبُ.

فَغَضِبَ عَمْرٌو وَ قَالَ:إِنْ كَانَ اَلْوَلِيدُ صَادِقاً فَلْيَلْقَ عَلِيّاً أَوْ لِيَقِفْ حَيْثُ يَسْمَعُ صَوْتَهُ.

وَ قَالَ عَمْرٌو :

يُذَكِّرُنِي اَلْوَلِيدُ دُعَا عَلِيٍّ وَ بَطْنُ الْمَرْءِ يَمْلَؤُهُ الْوَعِيدُ

مَتَى يَذْكُرْ مَشَاهِدَهُ قُرَيْشٌ يَطِرْ مِنْ خَوْفِهِ الْقَلْبُ الشَّدِيدُ

فَأَمَّا فِي اللِّقَاءِ فَأَيْنَ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ وَ اَلْوَلِيدُ

وَ عَيَّرَنِي اَلْوَلِيدُ لِقَاءَ لَيْثٍ إِذَا مَا زَارَ هَابَتْهُ الْأُسُودُ (2)

لَقِيتُ وَ لَسْتُ أَجْهَلُهُ عَلِيّاً وَ قَدْ بُلَّتْ مِنَ الْعَلَقِ الكُبُودُ

فَأَطْعُنُهُ وَ يَطْعُنُنِي خِلاَساً وَ مَا ذَا بَعْدَ طَعْنَتِهِ أُرِيدُ

فَرُمْهَا مِنْهُ يَا اِبْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَ أَنْتَ الْفَارِسُ الْبَطَلُ النَّجِيدُ

فَأُقْسِمُ لَوْ سَمِعْتَ نِدَا عَلِيٍّ لَطَارَ الْقَلْبُ وَ انْتَفَخَ الْوَرِيدُ

وَ لَوْ لاَقَيْتَهُ شُقَّتْ جُيُوبٌ عَلَيْكَ وَ لُطِّمَتْ فِيكَ الْخُدُودُ.

.ح.

ص: 418


1- كذا ورد هذا العجز.
2- زار:زأر و صاح.

آخر الجزء السادس و يتلوه في السابع ثم إنهم التقوا بصفين و اقتتلوا أشد القتال حتى كادوا أن يتفانوا:« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله و سلم تسليما يا إله العالمين آمين رب العالمين.

وجدت في الجزء العاشر من نسخة عبد الوهاب بخطه سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الأجل السيد الأوحد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني و ابناه القاضيان[ أبو عبد الله محمد ] (1)و أبو الحسين أحمد و أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي و الشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني و أبو منصور محمد بن محمد بن [قرمي بقراءة] (2)عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي و ذلك في شعبان سنة أربع و تسعين و أربعمائةا.

ص: 419


1- ليست في الأصل،و إكمالها ممّا سلف في نظائرها.
2- موضعها بياض في الأصل،و تكملتها ممّا مضى في أشباهها.

ص: 420

الجزء السابع

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 421

ص: 422

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

بعض وقائع صفين

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ:أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ :قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامِ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ :قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ :

ثُمَّ إِنَّهُمْ الْتَقَوْا بِصِفِّينَ وَ اقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَتَفَانَوْا ثُمَّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مَرَّ بِالْحَارِثِ بْنِ نَصْرٍ الْجُشَمِيِّ وَ كَانَ عَدُوّاً لِعَمْرٍو وَ كَانَ عَمْرٌو قَلَّمَا يَجْلِسُ مَجْلِساً إِلاَّ ذَكَرَ فِيهِ الْحَرْبَ (1)فَقَالَ اَلْحَارِثُ فِي ذَلِكَ:

لَيْسَ عَمْرٌو بِتَارِكٍ ذِكْرَهُ الْحَرْبَ مَدَى الدَّهْرِ أَوْ يُلاَقِي عَلِيّاً

وَاضِعَ السَّيْفِ فَوْقَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ لاَ يَحْسَبُ الْفَوَارِسَ شِيَّا

لَيْتَ عَمْراً يَلْقَاهُ فِي حَمَسِ النَّقْعِ وَ قَدْ صَارَتِ السُّيُوفُ عِصِيّاً (2)

حَيْثُ يَدْعُو الْبِرَازُ حَامِيَةَ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ بِالْبِرَاز مَلِيّاً

ص: 423


1- في الأصل:«الحرث»أي الحارث.و الشعر يقتضى ما أثبت.
2- في الأصل:«ليس عمرو»و الوجه ما أثبت.و المقطوعة لم ترو في مظنها من ح. و حمس النقع:شدته.و النقع:الغبار.صارت عصيا،جعل المقاتلة يضربون بها ضرب العصى و يأخذونها أخذها.

فَوْقَ شُهْبٍ مِثْلِ السَّحُوقِ مِنَ النَّخْلِ يُنَادِي الْمُبَارِزِينَ إِلَيَّا (1)

ثُمَّ يَا عَمْرُو تَسْتَرِيحُ مِنَ الْفَخْرِ وَ تَلْتَقِيَ بِهِ فَتًى هَاشِمِيّاً

فَالْقَهُ إِنْ أَرَدْتَ مَكْرُمَةَ الدَّهْرِ أَوِ الْمَوْتَ كُلَّ ذَاكَ عَلِيّاً .

فَلَمَّا سَمِعَ عَمْرٌو شِعْرَهُ قَالَ:وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أَمُوتُ أَلْفَ مَوْتَةٍ لَبَارَزْتُ عَلِيّاً فِي أَوَّلِ مَا أَلْقَاهُ فَلَمَّا بَارَزَهُ طَعَنَهُ عَلِيٌّ فَصَرَعَهُ وَ اتَّقَاهُ عَمْرٌو بِعَوْرَتِهِ فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ عَنْهُ.

وَ قَالَ عَلِيٌّ حِينَ بَدَتْ لَهُ عَوْرَةُ عَمْرٍو فَصَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُ:

1

ضَرْبِي ثُبَي الْأَبْطَالِ فِي الْمَشَاغِبِ (2)ضَرْبَ الْغُلاَمِ الْبَطَلِ الْمُلاَعِبِ

أَيْنَ الضِّرَابُ فِي الْعَجَاجِ الثَّائِبِ حِينَ احْمِرَارِ الْحَدَقَ الثَّوَاقِبِ

بِالسَّيْفِ فِي تَهْتَهَةِ الْكَتَائِبِ (3)وَ الصَّبْرُ فِيهِ الْحَمْدُ لِلْعَوَاقِبِ

» ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ عَقَدَ لِرِجَالٍ مِنْ مُضَرَ مِنْهُمْ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ وَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَ مُحَمَّدٌ وَ عُتْبَةُ ابْنَا أَبِي سُفْيَانَ قَصَدَ بِذَلِكَ إِكْرَامَهُمْ وَ رَفْعَ مَنَازِلِهِمْ وَ ذَلِكَ فِي الْوَقَعَاتِ الْأُولَى مِنْ صِفِّينَ فَغَمَّ ذَلِكَ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ وَ أَرَادُوا أَلاَّ يَتَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ مِنْهُمْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ السَّكُونِيُّ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ إِنِّي قُلْتُ شَيْئاً فَاسْمَعْهُ وَ ضَعْهُ مِنِّي عَلَى النَّصِيحَةِ فَقَالَ:هَاتِ قَالَ:ر.

ص: 424


1- السحوق من النخل:الطويلة،شبه بها الخيل.
2- الثبة:الجماعة،و العصبة من الفرسان؛و ثبي،هى ثبين جمع ثبة،مع الجمع الملحق بالسالم،كعزين و عضين،و حذفت النون للإضافة:و في الأصل:«ضرب ثبا»،و الوجه ما أثبت.
3- التهتهة:مصدر قولهم تهته في الشيء-بالبناء للمفعول:أى ردد فيه.و قد تكون:«نهنهة»بنونين،و هو الكف و الزجر.

مُعَاوِيَّ أَحْيَيْتَ فِينَا الْإِحَنْ وَ أَحْدَثْتَ فِي اَلشَّامِ مَا لَمْ يَكُنْ

عَقَدْتَ لِبُسْرٍ وَ أَصْحَابِهِ وَ مَا النَّاسُ حَوْلَكَ إِلاَّ اَلْيَمَنْ

فَلاَ تَخْلِطَنَّ بِنَا غَيْرَنَا كَمَا شِيبَ بِالْمَاءِ مَحْضُ اللَّبَنِ (1)

وَ إِلاَّ فَدَعْنَا عَلَى مَا لَنَا وَ إِنَّا وَ إِنَّا إِذَا لَمْ نُهَنْ

سَتَعْلَمُ إِنْ جَاشَ بَحْرُ اَلْعِرَاقِ وَ أَبْدَى نَوَاجِذَهُ فِي الْفِتَنِ

وَ نَادَى عَلِيٌّ وَ أَصْحَابُهُ (2) وَ نَفْسُكَ إِذْ ذَاكَ عِنْدَ الذَّقَنِ

بِأَنَّا شِعَارُكَ دُونَ الدِّثَارِ وَ أَنَّا الرِّمَاحُ وَ أَنَّا الْجُنَنُ

وَ أَنَّا السُّيُوفُ وَ أَنَّا الْحُتُوفُ وَ أَنَّا الدُّرُوعُ وَ أَنَا الْمِجَنُّ.

فَكَبَا لَهُ مُعَاوِيَةُ وَ نَظَرَ إِلَى وُجُوهِ أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَقَالَ:أَ عَنْ رِضَاكُمْ قَالَ هَذَا مَا قَالَ:فَقَالَ الْقَوْمُ:لاَ مَرْحَباً بِمَا قَالَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَاصْنَعْ مَا أَحْبَبْتَ (3).

قَالَ مُعَاوِيَةُ :إِنَّمَا خَلَطْتُ بِكُمْ ثِقَاتِي وَ ثِقَاتِكُمْ (4)وَ مَنْ كَانَ لِي فَهُوَ لَكُمْ وَ مَنْ كَانَ لَكُمْ فَهُوَ لِي فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَ سَكَتُوا فَلَمَّا بَلَغَ أَهْلَ اَلْكُوفَةِ مَقَالَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ لِمُعَاوِيَةَ فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ مِنْ رُءُوسِ أَهْلِ اَلشَّامِ قَامَ اَلْأَعْوَرُ الشَّنِّيُّ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ أَصْحَابُ أَهْلِ اَلشَّامِ لِمُعَاوِيَةَ وَ لَكِنَّا نَقُولُ زَادَ اللَّهُ فِي هُدَاكَ وَ سُرُورِكَ (5)نَظَرْتَ بِنُورِ اللَّهِ فَقَدَّمْتَ رِجَالاً وَ أَخَّرْتَ رِجَالاً فَعَلَيْكَ أَنْ تَقُولَ وَ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ أَنْتَ الْإِمَامُ فَإِنْ هَلَكْتَ فَهَذَانِ مِنْ بَعْدِكَ يَعْنِي حَسَناً وَ حُسَيْناً وَ قَدْ قُلْتُ شَيْئاً فَاسْمَعْهُ قَالَ:هَاتِ فَقَالَ:».

ص: 425


1- ح(2:290):«صفو اللبن».
2- ح:«و شد على بأصحابه».
3- في الأصل:«بما أحببت»و أثبت ما في ح.
4- في الأصل:«أهل ثقاتى و ثقاتكم»و كلمة:«أهل»مقحمة،و في ح: «أهل ثقتى»فقط.
5- ح:«في سرورك و هداك».

أَبَا حَسَنٍ أَنْتَ شَمْسُ النَّهَارِ وَ هَذَانِ فِي الْحَادِثَاتِ الْقَمَرْ

وَ أَنْتَ وَ هَذَانِ حَتَّى الْمَمَاتِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ بَعْدَ الْبَصَرْ

وَ أَنْتُمْ أُنَاسٌ لَكُمْ سُورَةٌ يُقَصِّرُ عَنْهَا أَكُفُّ الْبَشَرْ (1)

يُخَبِّرُنَا النَّاسُ عَنْ فَضْلِكُمْ وَ فَضْلُكُمُ الْيَوْمَ فَوْقَ الْخَبَرْ (2)

عَقَدْتَ لِقَوْمٍ ذَوِي نَجْدَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَيَاءِ وَ أَهْلِ الْخَطَرْ

مَسَامِيحَ بِالْمَوْتِ عِنْدَ اللِّقَاءِ مِنَّا وَ إِخْوَانِنَا مِنْ مُضَرْ

وَ مِنْ حَيِّ ذِي يَمَنٍ جِلَّةٍ يُقِيمُونَ فِي الْحَادِثَاتِ الصَّعَرِ

فَكُلٌّ يَسُرُّكَ فِي قَوْمِهِ وَ مَنْ قَالَ:لاَ فَبِفِيهِ الْحَجَرْ

وَ نَحْنُ الْفَوَارِسُ يَوْمَ اَلزُّبَيْرِ وَ طَلْحَةَ إِذْ قِيلَ أَوْدَى غُدَرْ

ضَرَبْنَاهُمُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى اللَّيْلِ حَتَّى قَضَيْنَا الْوَطَرْ

وَ لَمْ يَأْخُذِ الضَّرْبُ إِلاَّ الرُّءُوسَ وَ لَمْ يَأْخُذِ الطَّعْنُ إِلاَّ الثُّغَرْ

فَنَحْنُ أُولَئِكَ فِي أَمْسِنَا وَ نَحْنُ كَذَلِكَ فِيمَا غَبَرْ (3).

فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِهِ طِرْقٌ (4)أَوْ لَهُ مَيْسَرَةٌ إِلاَّ أَهْدَى لِلشَّنِّيِّ أَوْ أَتْحَفَهُ .

تآمر معاوية و صحبه على بعض أصحاب علي و بعض الحوادث بصفين

قَالَ نَصْرٌ :وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: وَ لَمَّا تَعَاظَمَتِ الْأُمُورُ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَبْلَ قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقَالَ لَهُمْ:

إِنَّهُ قَدْ غَمَّنِي رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فِي هَمْدَانَ وَ اَلْأَشْتَرُ فِي قَوْمِهِ وَ اَلْمِرْقَالُ وَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي اَلْأَنْصَارِ وَ قَدْ وَقَتْكُمْ

ص: 426


1- السورة،بالضم:المنزلة الرفيعة.
2- في الأصل:«يخبر بالناس»صوابه في ح(2:290).
3- غبر:بقى.و الغابر من الأضداد،يقال للماضى و للباقى.فى الأصل:«فيمن غبر» و أثبت ما في ح.
4- الطرق،بكسر الطاء:القوّة و القدرة.و في الأصل:«ظرف»تحريف.

يَمَانِيَّتُكُمْ بِأَنْفُسِهَا أَيَّاماً كَثِيرَةً حَتَّى لَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ عِدَّتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّكُمْ أَهْلُ غَنَاءٍ وَ قَدْ عَبَّأْتُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ فَاجْعَلُوا ذَلِكَ إِلَيَّ فَقَالُوا:ذَلِكَ إِلَيْكَ قَالَ:فَأَنَا أَكْفِيكُمْ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ وَ قَوْمَهُ غَداً وَ أَنْتَ يَا عَمْرُو لِأَعْوَرِ بَنِي زُهْرَةَ اَلْمِرْقَالِ وَ أَنْتَ يَا بُسْرُ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَ أَنْتَ يَا عُبَيْدَ اللَّهِ لِلْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ وَ أَنْتَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ لِأَعْوَرِ طَيِّئِ يَعْنِي عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ ثُمَّ لِيَرُدَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَنْ حُمَاةِ الْخَيْلِ فَجَعَلَهَا نَوَائِبَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَوْمٌ فَأَصْبَحَ مُعَاوِيَةُ فِي غَدِهِ فَلَمْ يَدَعْ فَارِساً إِلاَّ حَشَدَهُ ثُمَّ قَصَدَ لِهَمْدَانَ بِنَفْسِهِ وَ تَقَدَّمَ الْخَيْلُ وَ هُوَ يَقُولُ:

لاَ عَيْشَ إِلاَّ فَلْقُ قِحْفِ الْهَامِ مِنْ أَرْحَبٍ وَ شَاكِرٍ وَ شِبَامِ

لَنْ تَمْنَعَ الْحُرْمَةُ بَعْدَ الْعَامِ بَيْنَ قَتِيلٍ وَ جَرِيحٍ دَامِ

سَأَمْلِكُ اَلْعِرَاقَ بِالشَّامِ أَنْعَى اِبْنَ عَفَّانَ مَدَى الْأَيَّامِ.

فَطَعَنَ فِي أَعْرَاضِ الْخَيْلِ مَلِيّاً ثُمَّ إِنَّ هَمْدَانَ تَنَادَتْ بِشِعَارِهَا وَ أَقْحَمَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ حَجَزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ فَذَكَرَتْ هَمْدَانُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ فَاتَهَا رَكْضاً وَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فِي ذَلِكَ

يَا لَهْفَ نَفْسِي فَأْتَنِي مُعَاوِيَهْ فَوْقَ طِمِرٍّ كَالْعُقَابِ هَاوِيَهْ

وَ الَرَّاَقِصَاتِ لاَ يَعُودُ ثَانِيَهْ (1)إِلاَّ عَلَى ذَاتِ خَصِيلٍ طَاوِيَهْ

إِنْ يَعُدِ الْيَوْمَ فَكِّفِي عَالِيَهْ.

فَانْصَرَفَ مُعَاوِيَةُ وَ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئاً وَ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ غَدَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي).

ص: 427


1- يقسم بالراقصات،و هي الإبل ترقص في سيرها،و الرقص:ضرب من الخبب. انظر أيمان العرب للنجيرمى ص 20 و أمالي القالى(3:51).

فِي حُمَاةِ الْخَيْلِ فَقَصَدَ اَلْمِرْقَالَ وَ مَعَ اَلْمِرْقَالِ لِوَاءُ عَلِيٍّ الْأَعْظَمُ فِي حُمَاةِ النَّاسِ وَ كَانَ عَمْرٌو مِنْ فُرْسَانِ قُرَيْشٍ فَتَقَدَّمَ وَ هُوَ يَقُولُ:

لاَ عَيْشَ إِنْ لَمْ أَلْقَ يَوْماً هَاشِماً ذَاكَ الَّذِي أَجْشَمَنِي الْمَجَاشِمَا

ذَاكَ الَّذِي أَقَامَ لِي الْمَآتِمَا ذَاكَ الَّذِي يَشْتِمُ عِرْضِي ظَالِماً

ذَاكَ الَّذِي إِنْ يَنْجُ مِنِّي سَالِماً يَكُنْ شَجًا حَتَّى الْمَمَاتِ لاَزِماً.

فَطَعَنَ فِي أَعْرَاضِ الْخَيْلِ مُزْبِدا فَحَمَلَ هَاشِمٌ وَ هُوَ يَقُولُ:

لاَ عَيْشَ إِنْ لَمْ أَلْقَ يَوْمِي عَمْراً ذَاكَ الَّذِي أَحْدَثَ فِينَا الْغَدْرَا

أَوْ يُحْدِثَ اللَّهُ لِأَمْرٍ أَمْراً لاَ تَجْزَعِي يَا نَفْسُ صَبْراً صَبْراً

ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وَ طَعْناً شَزْرَا (1) يَا لَيْتَ مَا تَجْنِي يَكُونُ قَبْراً (2).

فَطَاعَنَ عَمْراً حَتَّى رَجَعَ (3)وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ انْصَرَفَ الْفَرِيقَانِ بَعْدَ شِدَّةِ الْقِتَالِ وَ لَمْ يَسُّرَّ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ.

وَ إِنَّ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ غَدَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي حُمَاةِ الْخَيْلِ فَلَقِيَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فِي كُمَاةِ اَلْأَنْصَارِ فَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا وَ بَرَزَ قَيْسٌ كَأَنَّهُ فَنِيقٌ مُقْرِمٌ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا اِبْنُ سَعْدٍ زَانَهُ عُبَادَهْ وَ اَلْخَزْرَجِيُّونَ رِجَالٌ سَادَهْ

لَيْسَ فِرَارِي فِي الْوَغَى بِعَادَهْ إِنَّ الْفِرَارَ لِلْفَتَى قِلاَدَهْ

يَا رَبِّ أَنْتَ لَقِّنِي الشَّهَادَهْ وَ الْقَتْلُ خَيْرٌ مِنْ عَنَاقِ غَادَهْ

حَتَّى مَتَى تُثْنَى لِيَ الْوِسَادَهْ.ح.

ص: 428


1- هذا ذيك:أى هذا بعد هذ،يعنى قطعا بعد قطع.و في الأصل:«مداريك» صوابه في ح(2:291).
2- في الأصل:«يا ليت ما تحيي»و الوجه ما أثبت من ح.
3- في الأصل:«فطعن عمرا»صوابه في ح.

وَ طَاعَنَ خَيْلَ بُسْرٍ (1)وَ بَرَزَ لَهُ بُسْرٌ بَعْدَ مَلِيٍّ (2)وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا اِبْنُ أَرْطَاةَ عَظِيمُ الْقَدْرِ مُرَدَّدٌ فِي غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ (3)

لَيْسَ الْفِرَارُ مِنْ طِبَاعِ بُسْرٍ أَنْ يَرْجِعَ الْيَوْمَ بِغَيْرِ وِتْرِ

وَ قَدْ قَضَيْتُ فِي عَدُوِّي نَذْرِي يَا لَيْتَ شِعْرِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي (4).

وَ يَطْعُنُ بُسْرٌ قَيْساً فَيَضْرِبُهُ قَيْسٌ بِالسَّيْفِ فَرَدَّهُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَ رَجَعَ الْقَوْمُ جَمِيعاً وَ لِقَيْسٍ الْفَضْلُ.

وَ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَقَدَّمَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَ لَمْ يَتْرُكْ فَارِساً مَذْكُوراً وَ جَمَعَ مَنِ اسْتَطَاعَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ إِنَّكَ تَلْقَى أَفَاعِيَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ (5)فَارْفُقْ وَ اتَّئِدْ.

فَلَقِيَهُ اَلْأَشْتَرُ أَمَامَ الْخَيْلِ مُزْبِداً وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ أَزْبَدَ وَ هُوَ يَقُولُ:

فِي كُلِّ يَوْمٍ هَامَتِي مُقَيَّرَهْ بِالضَّرْبِ أَبْغِي مِنَّةً مُؤَخَّرَهْ

وَ الدِّرْعُ خَيْرٌ مِنْ بُرُودِ حِبَرَهْ (6) يَا رَبِّ جَنِّبْنِي سَبِيلَ الْكَفَرَهْ

وَ اجْعَلْ وَفَاتِي بِأَكُفِّ الْفَجَرَهْ لاَ تَعْدِلُ الدُّنْيَا جَمِيعاً وَبَرَهْ

وَ لاَ بَعُوضاً فِي ثَوَابِ الْبَرَرَهْ.

وَ شَدَّ عَلَى الْخَيْلِ خَيْلِ اَلشَّامِ فَرَدَّهَا (7)فَاسْتَحْيَا عُبَيْدُ اللَّهِ فَبَرَزَ أَمَامَ الْخَيْلِ وَ كَانَ فَارِساً شُجَاعاً وَ هُوَ يَقُولُ:».

ص: 429


1- في الأصل:«فطعن خيل بسر»و الصواب في ح.
2- يقال مضى ملى من النهار،أي ساعة طويلة.
3- في الأصل:«مراود»و وجهه من ح.و في ح:«غالب و فهر»و غالب هو ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
4- بقى،بكسر القاف و إسكان الياء للشعر،و في لغة طيئ بقى يبقى بفتح القاف،كما يقولون فنى يفنى،يفعلون ذلك في كل ياء انكسر ما قبلها،يجعلونها ألفا.انظر اللسان. (بقى).
5- ح(2:291):«أفعى أهل العراق».
6- ح:«فالقتل خير من ثياب الحيرة».
7- هذا ما في ح.و بدل هذه العبارة في الأصل:«فرد الخيل».

أَنْعَى اِبْنَ عَفَّانَ وَ أَرْجُو رَبِّي ذَاكَ الَّذِي يُخْرِجُنِي مِنْ ذَنْبِي

ذَاكَ الَّذِي يَكْشِفُ عَنِّي كَرْبِي إِنَّ اِبْنَ عَفَّانَ عَظِيمُ الْخَطْبِ

يَأْبَى لَهُ حُبِّي بِكُلِّ قَلْبِي (1) إِلاَّ طَعَانِي دُونَهُ وَ ضَرْبِي

حَسْبِيَ الَّذِي أَنْوِيهِ حَسْبِي حَسْبِي.

فَحَمَلَ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ فَطَعَنَهُ وَ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَ انْصَرَفَ الْقَوْمُ وَ لِلْأَشْتَرِ الْفَضْلُ فَغَمَّ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ .

وَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ غَدَا فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ وَ كَانَ أَرْجَاهُمْ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَنَالَ حَاجَتَهُ فَقَوَّاهُ مُعَاوِيَةُ بِالْخَيْلِ وَ السِّلاَحِ وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَعُدُّهُ وَلَداً فَلَقِيَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فِي حُمَاةِ مَذْحِجٍ وَ قُضَاعَةَ فَبَرَزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَمَامَ الْخَيْلِ وَ هُوَ يَقُولُ:

قُلْ لِعَدِيٍّ ذَهَبَ الْوَعِيدُ أَنَا ابْنُ سَيْفِ اللَّهِ لاَ مَزْيَدُ

وَ خَالِدٌ يَزِينُهُ اَلْوَلِيدُ ذَاكَ الَّذِي هُوَ فِيكُمُ الْوَحِيدُ (2)

قَدْ ذُقْتُمُ الْحَرْبَ فَزِيدُوا زِيدُوا فَمَا لَنَا وَ لاَ لَكُمْ مَحِيدُ

عَنْ يَوْمِنَا وَ يَوْمِكُمْ فَعُودُوا.

ثُمَّ حَمَلَ فَطَعَنَ النَّاسَ وَ قَصَدَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ سَدَّدَ إِلَيْهِ الرُّمْحَ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَرْجُو إِلَهِي وَ أَخَافُ ذَنْبِي وَ لَيْسَ شَيْءٌ مِثْلَ عَفْوِ رَبِّي (3)

يَا اِبْنَ الْوَلِيدِ بُغْضُكُمْ فِي قَلْبِي كَاْلَهْضِب بَلْ فَوْقَ قِنَانِ الْهَضْبِ (4).ه.

ص: 430


1- في الأصل:«قلب»صوابه في ح.
2- ح(2:292):«الذي قيل له».
3- ح:«و لست أرجو غير عفو ربى».
4- القنان:جمع قنة؛و قنة كل شيء:أعلاه.

فَلَمَّا كَادَ أَنْ يُخَالِطَهُ بِالرُّمْحِ تَوَارَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْعَجَاجِ وَ اسْتَتَرَ بِأَسِنَّةِ أَصْحَابِهِ وَ اخْتَلَطَ الْقَوْمُ وَ رَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى مُعَاوِيَةَ مَقْهُوراً وَ انْكَسَرَ مُعَاوِيَةُ .

وَ إِنَّ أَيْمَنَ بْنَ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيَّ (1)لَمَّا بَلَغَهُ مَا لَقِيَ مُعَاوِيَةُ وَ أَصْحَابُهُ شَمِتَ وَ كَانَ أَنْسَكَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَشْعَرَهُ وَ كَانَ فِي نَاحِيَةٍ مُعْتَزِلاً (2)فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

مُعَاوِيَّ إِنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ إِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ضَرّاً وَ لاَ نَفْعاً

عَبَأْتَ رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ لِمَعْشَرٍ يَمَانِيَّةٍ لاَ تَسْتَطِيعُ لَهَا دَفْعاً

فَكَيْفَ رَأَيْتَ الْأَمْرَ إِذْ جَدَّ جَدُّهُ لَقَدْ زَادَكَ الرَّأْيُ الَّذِي جِئْتَهُ جَدْعاً (3)

تُعَبِّي لِقَيْسٍ أَوْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ اَلْأَشْتَرِ يَا لَلنَّاسِ أَغْمَارَكَ الْجُدْعَا

تُعَبِّئُ لِلْمِرْقَالِ عَمْراً وَ إِنَّهُ لَلَيْثٌ لَقِي مِنْ دُونِ غَابَتِهِ ضَبْعَا

وَ إِنَّ سَعِيداً إِذْ بَرَزْتَ لِرُمْحِهِ لَفَارِسُ هَمْدَانَ الَّذِي يَشْعَبُ الصَّدْعَا

مَلِيٌّ بِضَرْبِ الدَّارِعِينَ بِسَيْفِهِ إِذَا الْخَيْلُ أَبْدَتْ مِنْ سَنَابِكِهَا نَقْعَا

رَجَعْتَ فَلَمْ تَظْفَرْ بِشَيْءٍ أَرَدْتَهُ سِوَى فَرَسٍ أَعْيَتْ وَ أُبْتَ بِهَا ظَلْعَا

فَدَعْهُمْ فَلاَ وَ اللَّهِ لاَ تَسْتَطِيعُهُمْ مُجَاهَرَةً فَاعْمَلْ لِقَهْرِهِمُ خَدْعاً (4)ح.

ص: 431


1- أيمن بن خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن العليب بن عمرو بن أسد ابن خزيمة بن مدركة الأسدى.قال المبرد في الكامل:له صحبه.و قال ابن عيد البر:أسلم يوم الفتح.و كان يسمى خليل الخلفاء؛لإعجابهم في تحديثه بفصاحته و علمه.و كان به وضح يغيره بزعفران.انظر الإصابة 390.و في الأصل و ح:«بن خزيم»صوابه بالراء المهملة، كما في ترجمة(خريم)من الإصابة 2242.
2- ح:«و كان معتزلا للحرب من ناحية عنها».
3- الأغمار:جمع غمر،و هو من لا تجربة له.و الجدع،جمع أجدع.و في الأصل: «الخدعا»و في ح:«الجذعا»و الوجه ما أثبت.
4- في الأصل:«فانظر تطيقهم خدعا»و أثبت ما في ح.

قَالَ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَظْهَرَ لِعَمْرٍو شَمَاتَةً وَ جَعَلَ يُقَرِّعُهُ وَ يُوَبِّخُهُ وَ قَالَ لَقَدْ أَنْصَفْتُكُمْ إِذْ لَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ فِي هَمْدَانَ وَ قَرَرْتُمْ وَ إِنَّكَ لَجَبَانٌ فَغَضِبَ عَمْرٌو ثُمَّ قَالَ:وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ عَلِيّاً مَا قَحَمْتَ عَلَيْهِ يَا مُعَاوِيَةُ فَهَلاَّ بَرَزْتَ إِلَى عَلِيٍّ إِذْ دَعَاكَ إِنْ كُنْتَ شُجَاعاً كَمَا تَزْعُمُ وَ قَالَ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ

تَسِيرُ إِلَى اِبْنِ ذِي يَزَنَ سَعِيدٍ وَ تَتْرُكُ فِي الْعَجَاجَةِ مَنْ دَعَاكَا

فَهَلْ لَكَ فِي أَبِي حَسَنٍ عَلِيٍّ لَعَلَّ اللَّهَ يُمْكِنُ مِنْ قَفَاكَا

دَعَاكَ إِلَى النِّزَالِ فَلَمْ تُجِبْهُ وَ لَوْ نَازَلْتَهُ تَرِبَتْ يَدَاكَا

وَ كُنْتَ أَصَمَّ إِذْ نَادَاكَ عَنْهَا وَ كَانَ سُكُوتُهُ عَنْهَا (1)مُنَاكَا

فَآبَ الْكَبْشُ قَدْ طَحَنَتْ رَحَاهُ بِنَجْدَتِهِ وَ لَمْ تَطْحَنْ رَحَاكَا

فَمَا أَنْصَفْتَ صَحْبَكَ يَا اِبْنَ هِنْدٍ أَ تَفْرُقُهُ وَ تُغْضِبُ مَنْ كَفَاكَا

فَلاَ وَ اللَّهِ مَا أَضْمَرْتَ خَيْراً وَ لاَ أَظْهَرْتَ لِي إِلاَّ هَوَاكَا.

قَالَ وَ إِنَّ اَلْقُرَشِيِّينَ اسْتَحْيَوْا مِمَّا صَنَعُوا وَ شَمِتَتْ بِهِمُ اَلْيَمَانِيَّةُ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَرَّبَكُمْ لِقَاءُ الْقَوْمِ مِنَ الْفَتْحِ وَ لَكِنْ لاَ مَرَدَّ لِأَمْرِ اللَّهِ (2)وَ مِمَّ تَسْتَحْيُونَ إِنَّمَا لَقِيتُمْ كِبَاشَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ قَتَلْتُمْ وَ قُتِلَ مِنْكُمْ وَ مَا لَكُمْ عَلَيَّ مِنْ حُجَّةٍ لَقَدْ عَبَّأْتُ نَفْسِي (3)لِسَيِّدِهِمْ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ .

فَانْقَطَعُوا عَنْ مُعَاوِيَةَ أَيَّاماً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فِي ذَلِكَ،ي.

ص: 432


1- أي عن الدعوة أو المنازلة.و في الأصل:«عنه»و أثبت ما في ح ليتلاءم الكلام.
2- في الأصل:«الأمر لأمر اللّه»صوابه في ح.
3- في الأصل:«تعبئتى»،و الوجه ما أنبت من ح.انظر السطر الثاني.

لَعَمْرِي لَقَدْ أَنْصَفْتُ وَ النَّصَفُ عَادَةٌ وَ عَايَنَ طَعْناً فِي الْعَجَاجِ الْمُعَايِنُ (1)

وَ لَوْ لاَ رَجَائِي أَنْ تَبُوءُوا (2)بِنُهْزَةٍ وَ أَنْ تَغْسِلُوا عَاراً وَعَتْهُ الْكَنَائِنُ

لَنَادَيْتُ لِلْهَيْجَا رِجَالاً سِوَاكُمْ وَ لَكِنَّمَا تَحْمِي الْمُلُوكَ الْبَطَائِنُ

أَ تَدْرُونَ مَنْ لاَقَيْتُمُ فُلَّ جَيْشُكُمْ لَقِيتُمْ جُيُوشاً أَصْحَرَتْهَا الْعَرَائِنُ (3)

لَقِيتُمْ صَنَادِيدَ اَلْعِرَاقِ وَ مَنْ بِهِمْ إِذَا جَاشَتِ الْهَيْجَاءُ تُحْمَى الظَّعَائِنُ

وَ مَا كَانَ مِنْكُمْ فَارِسٌ دُونَ فَارِسٍ وَ لَكِنَّهُ مَا قَدَّرَ اللَّهُ كَائِنٌ.

قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ مَا قَالَ مُعَاوِيَةُ أَتَوْهُ فَاعْتَذَرُوا لَهُ وَ اسْتَقَامُوا لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّ .

تراسل معاوية و عمرو و قتال عك و همدان

قَالَ نَصْرٌ :وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ: وَ لَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ عَظُمَ الْخَطْبُ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرٍو أَنْ قَدِّمْ عَكّاً وَ اَلْأَشْعَرِيِّينَ إِلَى مَنْ بِإِزَائِهِمْ .فَبَعَثَ عَمْرٌو إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ هَمْدَانَ بِإِزَاءِ عَكٍّ فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنْ قَدِّمْ عَكّاً إِلَى هَمْدَانَ فَأَتَاهُمْ عَمْرٌو فَقَالَ يَا مَعْشَرَ عَكٍّ إِنَّ عَلِيّاً قَدْ عَرَفَ أَنَّكُمْ حَيُّ أَهْلِ اَلشَّامِ فَعَبَّأَ لَكُمْ حَيَّ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ هَمْدَانَ فَاصْبِرُوا وَ هِبُوا لِي جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ وَ قَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ فَقَالَ اِبْنُ مَسْرُوقٍ الْعَكِّيُّ :

أَمْهِلُونِي (4)حَتَّى آتِيَ مُعَاوِيَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ اجْعَلْ لَنَا فَرِيضَةَ أَلْفَيْ رَجُلٍ فِي أَلْفَيْنِ وَ مَنْ هَلَكَ فَابْنُ عَمِّهِ مَكَانَهُ لِنُقِرَّ الْيَوْمَ عَيْنَكَ قَالَ:ذَلِكَ لَكَ فَرَجَعَ اِبْنُ مَسْرُوقٍ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ فَقَالَتْ عَكٌّ :نَحْنُ لِهَمْدَانَ .

ص: 433


1- النصف،بالكسر:الإنصاف.
2- ح:«أن تئوبوا».
3- أصحرتها:أبرزتها.و في الحديث:فلا تصحريها»معناه لا تبرزيها إلى الصحراء. قال ابن الأثير:هكذا جاء في هذا الحديث متعديا،على حذف الجار و إيصال الفعل،فإنه غير متعد.و العرائن:جمع عرينة،و هي مأوى الأسد،كالعرين.
4- ح(2:293):«أمهلنى».

قَالَ:فَتَقَدَّمَتْ عَكٌّ وَ نَادَى سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ يَا لَهَمْدَانُ خَدِّمُوا (1)فَأَخَذَتِ السُّيُوفُ أَرْجُلَ عَكٍّ فَنَادَى أَبُو مَسْرُوقٍ الْعَكِّيُّ يَا لَعَكُّ بَرْكاً كَبَرْكِ الْكَمَلِ (2)فَبَرَكُوا تَحْتَ الْحَجَفَ وَ شَجَرُوهُمْ بِالرِّمَاحِ (3)وَ تَقَدَّمَ شَيْخٌ مِنْ هَمْدَانَ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا لَبَكِيلٍ لَخْمُهَا وَ حَاشِدُ (4) نَفْسِي فِدَاكُمْ طَاعِنُوا وَ جَالِدُوا

حَتَّى تَخِرَّ مِنْكُمُ الْقَمَاحِدُ (5) وَ أَرْجُلٌ تَتْبَعُهَا سَوَاعِدُ

بِذَاكَ أَوْصَى جَدُّكُمْ وَ الْوَالِدُ إِنِّي لَقَاضِي عُصْبَتِي وَ رَائِدُ.

وَ تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ عَكٍّ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَدْعُونَ هَمْدَانَ وَ نَدْعُو عَكّاً نَفْسِي فِدَاكُمْ يَا لَعَكُّ بَكَّا

إِنْ خَدَّمَ الْقَوْمُ فَبَرْكاً بَرْكاَ لاَ تُدْخِلُوا نَفْسِي (6)عَلَيْكُمْ شَكَّا

قَدْ مَحَكَ الْقَوْمُ فَزِيدُوا مَحْكاً.

قَالَ:فَأَلْقَى الْقَوْمُ الرِّمَاحَ وَ صَارُوا إِلَى السُّيُوفِ وَ تَجَالَدُوا حَتَّى أَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ فَقَالَتْ هَمْدَانُ :يَا مَعْشَرَ عَكٍّ إِنَّا وَ اللَّهِ لاَ نَنْصَرِفُ حَتَّى تَنْصَرِفُوا.

وَ قَالَتْ عَكٌّ :مِثْلَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَكٍّ أَبِرُّوا قَسَمَ الْقَوْمِ (7)وَ هَلُمُّوا فَانْصَرَفَتْ عَكٌّ ثُمَّ انْصَرَفَتْ هَمْدَانُ وَ قَالَ عَمْرٌو يَا مُعَاوِيَةُ لَقَدْ لَقِيَتْ أُسْدٌ أُسْداً لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ لَوْ أَنَّ مَعَكَ حَيّاً كَعَكٍّ أَوْ مَعَ عَلِيٍّ».

ص: 434


1- انظر ما سبق ص 257 س 15 و ص 329 س 13.
2- الكمل:الجمل،في لغة عك،و هم يقبلون الجيم كافا.انظر ما مضى ص 228،329. و في الأصل:«الجمل»صوابه في ح.
3- شجروهم:طعنوهم.و في ح:«فشجرتهم همدان بالرماح».
4- في الاشتقاق 250:«بنو حاشد و بنو بكيل منهم تفرقت همدان».
5- القماحد:جمع قمحدوة،و هي ما أشرف على القفا من عظم الرأس.
6- ح:«لا تدخلوا اليوم».
7- ح(2:293):«أن أبروا قسم إخوتكم».

حَيّاً كَهَمْدَانَ لَكَانَ الْفَنَاءُ.

وَ قَالَ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ:

إِنَّ عَكّاً وَ حَاشِداً وَ بَكِيلاً كَأُسُودِ الضِّرَابِ لاَقَتْ أُسُوداً

وَ جَثَا الْقَوْمُ بِالْقَنَا وَ تَسَاقَوْا بِظُبَاتِ السُّيُوفِ مَوْتاً عَتِيداً

لَيْسَ يَدْرُونَ مَا الْفِرَارُ وَ إِنْ كَانَ فِرَاراً لَكَانَ ذَاكَ سَدِيداً (1)

ازْوِرَارُ الْمَنَاكِبِ الْغُلْبِ بِالشُّمِّ وَ ضَرْبِ الْمُسَوِّمِينَ الْخُدُودَا

يَعْلَمُ اللَّهُ مَا رَأَيْتُ مِنَ الْقَوْمِ اِزْوِرَاراً وَ لاَ رَأَيْتُ صُدُوداً

غَيْرَ ضَرْبٍ فَوْقَ الطُّلَى وَ عَلَى الْهَامِ وَ قَرْعِ الْحَدِيدِ يَعْلُو الْحَدِيدَا

وَ لَقَدْ فُضِّلَ الْمُطِيعُ عَلَى الْعَاصِي وَ لَمْ يَبْلُغُوا بِهِ الْمَجْهُودَا

وَ لَقَدْ قَالَ قَائِلٌ:خَدِّمُوا السُّوقَ فَخَرَّتْ هُنَاكَ عَكٌّ قُعُوداً

كَبُرُوكِ الْجِمَالِ أَثْقَلَهَا الْحَمْلُ فَمَا تَسْتَقِلُّ إِلاَّ وَئِيداً (2).

وَ لَمَّا اشْتَرَطَتْ عَكٌّ وَ اَلْأَشْعَرُونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَا اشْتَرَطُوا مِنَ الْفَرِيضَةِ وَ الْعَطَاءِ فَأَعْطَاهُمْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ إِلاَّ طَمِعَ فِي مُعَاوِيَةَ وَ شَخَصَ بَصَرَهُ إِلَيْهِ (3)حَتَّى فَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَ بَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَسَاءَهُ.

وَ جَاءَ اَلْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي حَمِيصَةَ الْوَادِعِيُّ (4)وَ كَانَ فَارِسَ هَمْدَانَ وَ شَاعِرَهُمْ فَقَالَة.

ص: 435


1- في الأصل:«و كان ذلك شديدا»صوابه في ح.
2- في الأصل و ح:«كبراك»و لا وجه لها.
3- ح:«و شخص ببصره إليه».
4- الوادعى:نسبة إلى وادعة،و هم بطن من همدان.الاشتقاق 253.و في الأصل: «الأوزاعى»صوابه في ح و الإصابة 8459.قال ابن حجر:«له إدراك،هو أول من جعل سهم البراذين دون سهم العراب،فبلغ عمر فأعجبه».و في الأصل أيضا:«بن أبي حميضة»و في ح:«بن أبي حمضمة»صوابهما في الإصابة.

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَكّاً وَ اَلْأَشْعَرِيِّينَ طَلَبُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ الْفَرَائِضَ وَ الْعَطَاءَ (1)فَأَعْطَاهُمْ فَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَ إِنَّا رَضِينَا بِالْآخِرَةِ مِنَ الدُّنْيَا وَ بِالْعِرَاقِ مِنَ اَلشَّامِ وَ بِكَ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَ اللَّهِ لَآخِرَتُنَا خَيْرٌ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَ لَعِرَاقُنَا خَيْرٌ مِنْ شَامِهِمْ وَ لَإِمَامُنَا أَهْدَى مِنْ إِمَامِهِمْ فَاْسْتَفْتِحْنَا بِالْحَرْبِ وَ ثِقْ مِنَّا بِالنَّصْرِ (2)وَ احْمِلْنَا عَلَى الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ:

إِنَّ عَكّاً سَأَلُوا الْفَرَائِضَ وَ اَلْأَشْعَرُ سَأَلُوا جَوَائِزاً بَثَنِيَّهْ (3)

تَرَكُوا الدِّينَ لِلْعَطَاءِ وَ لِلْفَرْضِ فَكَانُوا بِذَاكَ شَرَّ الْبَرِيَّهْ

وَ سَأَلْنَا حُسْنَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ وَ صَبْراً عَلَى الْجِهَادِ وَ نِيَّهْ

فَلِكُلٍّ مَا سَأَلَهُ وَ نَوَاهُ كُلُّنَا يَحْسَبُ الْخِلاَفَ خَطِيَّهْ

وَ لَأَهْلُ اَلْعِرَاقِ أَحْسَنُ فِي الْحَرْبِ إِذَا مَا تَدَانَتِ السَّمْهَرِيَّهْ

وَ لَأَهْلُ اَلْعِرَاقِ أَحْمَلُ لِلثِّقْلِ إِذَا عَمَّتِ الْعِبَادَ بَلِيَّهْ (4)

لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ فِي اللَّهِ وَلِيّاً يَا ذَا الْوَلاَءِ وَ الْوَصِيَّهْ.

فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«حَسْبُكَ رَحِمَكَ اللَّهُ» وَ أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْراً وَ عَلَى قَوْمِهِ وَ انْتَهَى شِعْرُهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ اللَّهِ لَأَسْتَمِيلَنَّ بِالْأَمْوَالِ ثِقَاتِ (5)عَلِيٍّ وَ لَأَقْسِمَنَّ فِيهِمُ الْمَالَ حَتَّى تَغْلِبَ دُنْيَايَ آخِرَتَهُ.

وَ إِنَّهُ لَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى مَصَافِّهِمْ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ نَادَى فِي أَحْيَاءِ اَلْيَمَنِ فَقَالَ:عِبُّوا إِلَى (6)كُلِّ فَارِسٍ مَذْكُورٍ فِيكُمْ أَتَقَوَّى بِهِ لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ».

ص: 436


1- في الأصل:«و العقار»صوابه في ح.
2- بدل هاتين الجملتين في ح:«فامنحنا بالصبر»و هو نقص و تحريف.
3- سالوا:مخفف سألوا.و البثنية:المنسوبة إلى قرية بالشام بين دمشق و أذرعات. و إليها تنسب الحنطة البثنية،و هي أجود أنواع الحنطة.ح(2:294):«لبثيه»،تحريف.
4- ح:«إذا عمت البلاد».
5- في الأصل:«أهل ثقات على»و الوجه ما أثبت من ح.
6- ح:«عبوا لي».

هَمْدَانَ(1) فَخَرَجَتْ خَيْلٌ عَظِيمَةٌ فَلَمَّا رَآهَا عَلِيٌّ عَرَفَ أَنَّهَا عُيُونُ الرِّجَالِ فَنَادَى: «يَا لَهَمْدَانُ » فَأَجَابَهُ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : «اِحْمِلْ» فَحَمَلَ حَتَّى خَالَطَ الْخَيْلَ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ حَطَّمَتْهُمْ هَمْدَانُ حَتَّى أَلْحَقُوهُمْ بِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ:مَا لَقِيتُ مِنْ هَمْدَانَ وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ أَسْرَعَ فِي فُرْسَانِ أَهْلِ اَلشَّامِ الْقَتْلُ وَ جَمَعَ عَلِيٌّ هَمْدَانَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ هَمْدَانَ أَنْتُمْ دِرْعِي وَ رُمْحِي يَا هَمْدَانُ مَا نَصَرْتُمْ إِلاَّ اللَّهَ وَ لاَ أَجَبْتُمْ غَيْرَهُ» فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ :أَجَبْنَا اللَّهَ وَ أَجَبْنَاكَ (2)وَ نَصَرْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي قَبْرِهِ وَ قَاتَلْنَا مَعَكَ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكَ فَارْمِ بِنَا حَيْثُ أَحْبَبْتَ .

إعجاب علي بقتال همدان

قَالَ نَصْرٌ : وَ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :

«وَ لَوْ كُنْتُ بَوَّاباً عَلَى بَابِ جَنَّةٍ لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلِي بِسَلاَمِ»

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِصَاحِبِ لِوَاءِ هَمْدَانَ : 1اكْفِنِي أَهْلَ حِمْصٍ فَإِنِّي لَمْ أَلْقَ مِنْ أَحَدٍ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ» .

فَتَقَدَّمَ وَ تَقَدَّمَتْ هَمْدَانُ وَ شَدُّوا شِدَّةً وَاحِدَةً عَلَى أَهْلِ حِمْصٍ فَضَرَبُوهُمْ ضَرْباً شَدِيداً مُتَدَارِكاً بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى قُبَّةِ مُعَاوِيَةَ وَ ارْتَجَزَ مِنْ هَمْدَانَ رَجُلٌ [عِدَادَهُ] (3)فِي أَرْحَبَ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ قَتَلَ اللَّهُ رِجَالَ حِمْصٍ حِرْصاً عَلَى الْمَالِ وَ أَيَّ حِرْصٍ

غُرُّوا بِقَوْلِ كَذِبٍ وَ خَرْصٍ قَدْ نَكَصَ الْقَوْمُ وَ أَيَّ نَكْصٍ (4)

عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ فَحْوَى النَّصِّ.

ص: 437


1- ح:«على هذا الحى من همدان».
2- في الأصل:«أجبنا اللّه و أنت»صوابه في ح.
3- أي عدده و نسبته.و موضع هذه الكلمة بياض في الأصل.
4- الخرص:الكذب؛و الخراص:الكذاب.ح:«و حرص»تحريف.

وَ حَمَلَ أَهْلُ حِمْصٍ وَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يَقْدُمُهُمْ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ قَتَلَ اللَّهُ رِجَالَ اَلْعَالِيَهْ فِي يَوْمِنَا هَذَا وَ غَدَوْا ثَانِيَهْ

حَتَّى يَكُونُوا كَرِجَامٍ بَالِيَهْ (1) مِنْ عَهْدِ عَادٍ وَ ثَمُودِ الثَّاوِيَهْ

بِالْحِجْرِ أَوْ يَمْلِكَهُمْ مُعَاوِيَهْ .

قَالَ وَ لَمَّا عَبَّأَ مُعَاوِيَةُ حُمَاةَ الْخَيْلِ لِهَمْدَانَ فَرُدَّتْ خَيْلُهُ أَسِفَ فَخَرَجَ بِسَيْفِهِ فَحَمَلَتْ عَلَيْهِ فَوَارِسُ هَمْدَانَ فَفَاتَهَا (2)رَكْضاً وَ انْكَسَرَ حُمَاةُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ رَجَعَتْ هَمْدَانُ إِلَى مَكَانِهَا وَ قَالَ حُجْرُ بْنُ قَحْطَانَ الْوَادِعِيُّ (3)[يُخَاطِبُ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ ]:

أَلاَ يَا اِبْنَ قَيْسٍ قَرَّتِ الْعَيْنُ إِذْ رَأَتْ

فَوَارِسَ هَمْدَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ

عَلَى عَارِفَاتٍ لِلِّقَاءِ عَوَابِسِ

طِوَالِ الْهَوَادِي مُشْرِفَاتِ الْحَوَارِكِ

مُوَقَّرَةٍ بِالطَّعْنِ فِي ثُغُرَاتِهَا

يَجُلْنَ وَ يَحْطِمْنَ الْحَصَى بِالسَّنَابِكِ (4)

عَبَّاهَا عَلِيٌّ لاِبْنِ هِنْدٍ وَ خَيْلِهِ

فَلَوْ لَمْ يَفُتْهَا كَانَ أَوَّلَ هَالِكِح.

ص: 438


1- الرجام:الحجارة،و ربما جمعت على القبر ليسنم.و في الأصل:«كرجال».
2- في الأصل:«ففارقها».
3- وادعة:بطن من همدان.انظر 435 و في ح:«الهمدانيّ».
4- الموقرة:المصلبة الممرنة؛يقال وقرتنى الأسفار أي صلبتنى و مرنتنى عليها.ح: «معودة للطعن».و الثغرة،بالضم:نقرة النحر.و في الأصل:«يزلن و يلحقن القنا» صوابه من ح.

وَ كَانَتْ لَهُ فِي يَوْمِهِ عِنْدَ ظَنِّهِ

وَ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَاسِفِ الشَّمْسِ حَالِكِ

وَ كَانَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ فِي كُلِّ كُرْبَةٍ حُصُوناً وَ عِزّاً لِلرِّجَالِ الصَّعَالِكِ

فَقُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ :أَنِ ادْعُنَا إِذَا شِئْتَ (1)إِنَّا عُرْضَةٌ لِلْمَهَالِكِ

وَ نَحْنُ حَطَمْنَا السُّمْرَ فِي حَيِّ حِمْيَرٍ

وَ كِنْدَةَ وَ الْحَيِّ الْخِفَافِ اَلسَّكَاسِكِ (2)

وَ عَكٍّ وَ لَخْمٍ شَائِلِينَ سِيَاطَهُمْ حِذَارَ الْعَوَالِي كَالْإِمَاءِ الْعَوَارِكِ (3).

معاوية و مروان بن الحكم و عمرو بن العاص و الأشتر

قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رِجَالِهِ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَقَالَ:يَا مَرْوَانُ إِنَّ اَلْأَشْتَرَ قَدْ غَمَّنِي وَ أَقْلَقَنِي فَاخْرُجْ بِهَذِهِ الْخَيْلِ فِي كَلاَعٍ وَ يَحْصُبَ فَالْقَهُ فَقَاتِلْ بِهَا فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ :اُدْعُ لَهَا عَمْراً فَإِنَّهُ شِعَارُكَ دُونَ دِثَارِكَ قَالَ:وَ أَنْتَ نَفْسِي دُونَ وَرِيدِي قَالَ:لَوْ كُنْتُ كَذَلِكَ أَلْحَقْتَنِي بِهِ فِي الْعَطَاءِ أَوْ أَلْحَقْتَهُ بِي فِي الْحِرْمَانِ وَ لَكِنَّكَ أَعْطَيْتَهُ مَا فِي يَدَيْكَ وَ مَنَّيْتَهُ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ فَإِنْ غَلَبْتَ طَابَ لَهُ الْمُقَامُ وَ إِنْ غُلِبْتَ خَفَّ عَلَيْهِ الْهَرَبُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :يُغْنِي اللَّهُ عَنْكَ (4)قَالَ:أَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ.وَ دَعَا مُعَاوِيَةُ عَمْراً وَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى اَلْأَشْتَرِ فَقَالَ:وَ اللَّهِ إِنِّي لاَ أَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ لَكَ مَرْوَانُ قَالَ:وَ لِمَ تَقُولُهُ (5)وَ قَدْ قَدَّمْتُكَ وَ أَخَّرْتُهُ وَ أَدْخَلْتُكَ وَ أَخْرَجْتُهُ؟ قَالَ عَمْرٌو :أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ لَقَدْ قَدَّمْتَنِي كَافِياً وَ أَدْخَلْتَنِي نَاصِحاً.وَ قَدْ أَكْثَرَ الْقَوْمُ عَلَيْكَ فِي أَمْرِ مِصْرَ وَ إِنْ كَانَ لاَ يُرْضِيهِمْ إِلاَّ أَخْذُهَا فَخُذْهَا (6).

ص: 439


1- ح:«متى شئت».
2- انظر ص 81 س 9.
3- العوالى:أعالي الرماح.العوارك:الحوائض.
4- ح(1:295):«سيغنى اللّه عنك».
5- ح:«و كيف تقوله».
6- ح:«فإن كان لا يرضيهم إلاّ رجوعك فيما وثقت لي به منها فارجع فيه».

فَخَرَجَ عَمْرٌو فِي تِلْكَ الْخَيْلِ فَلَقِيَهُ اَلْأَشْتَرُ أَمَامَ الْخَيْلِ وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَلْقَاهُ وَ هُوَ يَرْتَجِزُ وَ يَقُولُ:

يَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ لِي بِعَمْرٍو ذَاكَ الَّذِي أَوْجَبْتُ فِيهِ نَذْرِي

ذَاكَ الَّذِي أَطْلُبُهُ بِوِتْرِي ذَاكَ الَّذِي فِيهِ شِفَاءُ صَدْرِي

ذَاكَ الَّذِي إِنْ أَلْقَهُ بِعُمْرِي تَغْلِي بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ قِدْرِي

أَوْ لاَ فَرَبِّي عَاذِرِي بِعُذْرِي.

فَعَرَفَ عَمْرٌو أَنَّهُ اَلْأَشْتَرُ وَ فَشِلَ حِيَلُهُ (1)وَ جَبُنَ وَ اسْتَحْيَا أَنْ يَرْجِعَ فَأَقْبَلَ نَحْوَ الصَّوْتِ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ لِي بِمَالِكٍ كَمْ كَاهِلٍ جَبَبْتُهُ وَ حَارِكِ (2)

وَ فَارِسٍ قَتَلْتُهُ وَ فَاتِكِ وَ نَابِلٍ فَتَكْتُهُ وَ بَاتِكِ (3)

وَ مُقْدِمٍ آبَ بِوَجْهٍ حَالِكِ هَذَا وَ هَذَا عُرْضَةُ الْمَهَالِكِ.

قَالَ:فَلَمَّا غَشِيَهُ اَلْأَشْتَرُ بِالرُّمْحِ زَاغَ عَنْهُ عَمْرٌو فَطَعَنَهُ اَلْأَشْتَرُ فِي وَجْهِهِ فَلَمْ يَصْنَعِ الرُّمْحُ شَيْئاً وَ ثَقُلَ عَمْرٌو فَأَمْسَكَ عَنَانَ فَرَسِهِ وَ جَعَلَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ رَجَعَ رَاكِضاً إِلَى الْعَسْكَرِ وَ نَادَى غُلاَمٌ مِنْ يَحْصُبَ يَا عَمْرُو عَلَيْكَ الْعَفَا مَا هَبَّتِ الصَّبَا يَا لَحِمْيَرُ (4)إِنَّمَا لَكُمْ مَا كَانَ مَعَكُمْ أَبْلِغُونِي اللِّوَاءَ (5)فَأَخَذَهُ ثُمَّ مَضَى وَ كَانَ غُلاَماً شَابّاً (6)وَ هُوَ يَقُولُ:».

ص: 440


1- الفشل:الضعف.و الحيل:القوّة.و في الأصل:«خيله»تحريف،و هذه الكلمة ليست في ح.
2- الكاهل:مقدم أعلى الظهر ممّا يلي العنق.و الحارك:أعلى الكاهل.جببته: قطعته.فى الأصل:«كداجل خيبته»و في ح:«كم جاهل جببته»و الوجه ما أثبت.
3- هذا البيت ليس في ح.و المعروف في اللغة«فتكت به».
4- ح(2:295):«يا آل حمير».
5- ح:«هاتوا اللواء».
6- ح:«غلاما حدثا».

:

إِنْ يَكُ عَمْرٌو قَدْ عَلاَهُ اَلْأَشْتَرُ بِأَسْمَرٍ فِيهِ سِنَانٌ أَزْهَرُ

فَذَاكَ وَ اللَّهِ لَعَمْرِي مَفْخَرُ يَا عَمْرُو هَيْهَاتَ الْجَنَابُ الْأَخْضَرُ (1)

يَا عَمْرُو يَكْفِيكَ الطِّعَانَ حِمْيَرُ وَ الْيَحْصُبِيُّ بِالطِّعَانِ أَمْهَرُ

دُونَ اللِّوَاءِ الْيَوْمَ مَوْتٌ أَحْمَرُ.

فَنَادَى اَلْأَشْتَرُ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ:خُذِ اللِّوَاءَ فَغُلاَمٌ لِغُلاَمٍ فَتَقَدَّمَ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا أَيُّهَا السَّائِلُ عَنِّي لاَ تُرَعْ أَقْدِمْ فَإِنِّي مِنْ عَرَانِينِ اَلنَّخَعِ

كَيْفَ تَرَى طَعْنَ الْعِرَاقِيِّ الْجَذَعْ أَطِيرُ فِي يَوْمِ الْوَغَى وَ لاَ أَقَعْ

مَا سَاءَكُمْ سَرَّ وَ مَا ضَرَّ نَفَعَ (2) أَعْدَدْتُ ذَا الْيَوْمَ لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ.

وَ يُحْمَلُ عَلَى اَلْحِمْيَرِيِّ فَالْتَقَاهُ اَلْحِمْيَرِيُّ بِلِوَائِهِ وَ رُمْحِهِ وَ لَمْ يَبْرَحَا يَطْعُنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى سَقَطَ اَلْحِمْيَرِيُّ قَتِيلاً وَ شَمِتَ مَرْوَانُ بِعَمْرٍو وَ غَضِبَ اَلْقَحْطَانِيُّونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا:تُوَلِّي عَلَيْنَا مَنْ لاَ يُقَاتِلُ مَعَنَا؟ وَلِّ رَجُلاً مِنَّا وَ إِلاَّ فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِيكَ فَقَالَ اَلْمُزْعِفُ الْيَحْصُبِيُّ وَ كَانَ شَاعِراً:

أَيُّهَا الْأَمِيرُ اسْمَعْ

مُعَاوِيَّ إِمَّا تَدْعُنَا لِعَظِيمَةٍ

يُلَبَّسُ مِنْ نَكْرَائِهَا الْغَرْضُ بِالْحَقَبْ (3)

فَوَلِّ عَلَيْنَا مَنْ يَحُوطُ ذِمَارَنَا

مِنَ اَلْحِمْيَرِيِّينَ الْمُلُوكِ عَلَى اَلْعَرَبِر.

ص: 441


1- يشير إلى مصر.
2- أي ما ساءكم سرنا و ما ضركم نفعنا.فى الأصل:«و لا ضر»صوابه في ح.
3- الغرض:حزام الرحل.و في الأصل:«العرض»صوابه في ح.و الحقب، بالتحريك:حبل يشد به الرحل في بطن البعير ممّا يلي ثيله لئلا يؤذيه التصدير.

وَ لاَ تَأْمُرَنَّا بِالَّتِي لاَ نُرِيدُهَا

وَ لاَ تَجْعَلَنَّا لِلْهَوَى مَوْضِعَ الذَّنَبْ

وَ لاَ تُغْضِبَنَّا وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ

عَلَيْكَ فَيَفْشُوا الْيَوْمَ فِي يَحْصُبَ الْغَضَبْ

فَإِنَّ لَنَا حَقّاً عَظِيماً وَ طَاعَةً

وَ حُبّاً دَخِيلاً فِي الْمُشَاشَةِ وَ الْعَصَبْ (1)

فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَ اللَّهِ لاَ أُوَلِّي عَلَيْكُمْ بَعْدَ مَوْقِفِي هَذَا (2)إِلاَّ رَجُلاً مِنْكُمْ.

تحريض علي عليه السلام و معاوية لأصحابهما

قَالَ نَصْرٌ :وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَسْرَعَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ فِي أَهْلِ اَلشَّامِ قَالَ:هَذَا يَوْمُ تَمْحِيصٍ وَ إِنَّ لِهَذَا الْيَوْمِ مَا بَعْدَهُ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِمْ كَمَا أَسْرَعَ فِيكُمْ فَاصْبِرُوا وَ كُونُوا كِرَاماً (3).

قَالَ:وَ حَرَّضَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَصْحَابَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ اَلْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِّمْنِي فِي الْبَقِيَّةِ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّكَ لاَ تَفْقِدُ لِي الْيَوْمَ صَبْراً وَ لاَ نَصْراً أَمَّا أَهْلُ اَلشَّامِ فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ وَ أَمَّا نَحْنُ فَفِينَا بَعْضُ الْبَقِيَّةِ ائْذَنْ لِي فَأَتَقَّدَمَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«تَقَدَّمْ بِاسْمِ اللَّهِ وَ الْبَرَكَةِ» فَتَقَدَّمَ وَ أَخَذَ رَايَتَهُ فَمَضَى وَ هُوَ يَقُولُ: -

حَتَّى مَتَى تَرْجُو الْبَقَا يَا أَصْبَغُ إِنَّ الرَّجَاءَ بِالْقُنُوطِ يَدْمَغُ

أَ مَا تَرَى أَحْدَاثَ دَهْرٍ تَنْبُغُ فَادْبُغْ هَوَاكَ وَ الْأَدِيمُ يُدْبَغُ

ص: 442


1- المشاشة:واحدة المشاش،و هي رءوس العظام.ح:«فى المشاش و في العصب».
2- ح:«بعد هذا اليوم».
3- ح:«و موتوا كراما».

وَ الرِّفْقُ فِيمَا قَدْ تُرِيدُ (1)أَبْلَغُ اَلْيَوْمَ شُغْلٌ وَ غَداً لاَ تَفْرُغُ.

فَرَجَعَ اَلْأَصْبَغُ وَ قَدْ خَضَبَ سَيْفَهُ دَماً وَ رُمْحَهُ وَ كَانَ شَيْخاً نَاسِكاً عَابِداً وَ كَانَ إِذَا لَقِيَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً يَغْمِدُ سَيْفَهُ وَ كَانَ مِنْ ذَخَائِرِ عَلِيٍّ مِمَّنْ قَدْ بَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ وَ كَانَ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَضِنُّ بِهِ عَلَى الْحَرْبِ وَ الْقِتَالِ.

وَ قَالَ:وَ كَانُوا قَدْ ثَقَّلُوا عَنِ الْبِرَازِ حِينَ عَضَّتْهُمُ الْحَرْبُ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ :

يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ أَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَشْرِي نَفْسَهُ لِلَّهِ فَخَرَجَ أُثَالُ بْنُ حَجَلٍ فَنَادَى بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ:هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَدَعَا مُعَاوِيَةُ حَجَلاً فَقَالَ دُونَكَ الرَّجُلَ وَ كَانَا مُسْتَبْصِرَيْنِ فِي رَأْيِهِمَا فَبَرَزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ فَبَدَرَهُ الشَّيْخُ بِطَعْنَةٍ فَطَعَنَهُ الْغُلاَمُ وَ انْتَمَى (2)فَإِذَا هُوَ ابْنُهُ فَنَزَلاَ فَاعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَ بَكَيَا فَقَالَ لَهُ الْأَبُ:أَيْ أُثَالُ هَلُمَّ إِلَى الدُّنْيَا.فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ يَا أَبَتِ هَلُمَّ إِلَى الْآخِرَةِ وَ اللَّهِ يَا أَبَتِ لَوْ كَانَ مِنْ رَأْيِي الاِنْصِرَافُ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ لَوَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَأْيِكَ لِي أَنْ تَنْهَانِي وَا سَوْأَتَاهْ (3)فَمَا ذَا أَقُولُ لِعَلِيٍّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ كُنْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَ أَنَا أَكُونُ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ.

وَ انْصَرَفَ حَجَلٌ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ وَ انْصَرَفَ أُثَالٌ إِلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَخَبَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابَهُ وَ قَالَ فِي ذَلِكَ حَجَلٌ :

إِنَّ حَجَلَ بْنَ عَامِرٍ وَ أُثَالاً أَصْبَحَا يُضْرَبَانِ فِي الْأَمْثَالِ

أَقْبَلَ الْفَارِسُ الْمُدَجَّجُ فِي النَّقْعِ أُثَالٌ يَدْعُو يُرِيدُ نِزَالِي

دُونَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ يَخْطِرُ كَالْفَحْلِ عَلَى ظَهْرِ هَيْكَلٍ ذَيَّالِح.

ص: 443


1- في الأصل:«قديدين»صوابه في ح(2:296).
2- انتمى:انتسب.و في ح:«و انتسبا».
3- في الأصل:«وا سوأتنا»و أثبت ما في ح.

فَدَعَانِي لَهُ اِبْنُ هِنْدٍ وَ مَا زَالَ قَلِيلاً فِي صَحْبِهِ أَمْثَالِي (1)

فَتَنَاوَلْتُهُ بِبَادِرَةِ الرُّمْحِ وَ أَهْوِي بِأَسْمَرٍ عَسَّالٍ

فَاطَّعَنَّا وَ ذَاكَ مِنْ حَدَثِ الدَّهْرِ عَظِيمٌ فَتًى لِشَيْخٍ بَجَالِ (2)

شَاجِراً بِالْقَنَاةِ صَدْرَ أَبِيهِ وَ عَظِيمٌ عَلَيَّ طَعْنُ أُثَالِ

لاَ أُبَالِي حِينَ اعْتَرَضْتُ أُثَالاً وَ أُثَالٌ كَذَاكَ لَيْسَ يُبَالِي

فَافْتَرَقْنَا عَلَى السَّلاَمَةِ وَ النَّفْسُ يَقِيهَا مُؤَخَّرُ الْآجَالِ

لاَ يَرَانِي عَلَى الْهُدَى وَ أَرَاهُ مِنْ هُدَايَ عَلَى سَبِيلِ ضَلاَلِ.

فَلَمَّا انْتَهَى شَعْرُهُ إِلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ قَالَ أُثَالٌ :وَ كَانَ مُجْتَهِداً مُسْتَبْصِراً -

إِنَّ طَعْنِي وَسْطَ الْعَجَاجَةِ حَجْلاً لَمْ يَكُنْ فِي الَّذِي نَوَيْتُ عُقُوقاً

كُنْتُ أَرْجُو بِهِ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ وَ كَوْنِي مَعَ النَّبِيِّ رَفِيقاً

لَمْ أَزَلْ أَنْصُرُ اَلْعِرَاقَ عَلَى اَلشَّامِ (3)أَرَانِي بِفِعْلِ ذَاكَ حَقِيقاً

قَالَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ إِذْ عَظُمَ الْخَطْبُ وَ نَقَّ الْمُبَارِزُونَ نَقِيقاً

مِنْ فَتًى يَأْخُذُ الطَّرِيقَ إِلَى اللَّهِ فَكُنْتُ الَّذِي أَخَذْتُ الطَّرِيقَا (4)

حَاسِرَ الرَّأْسِ لاَ أُرِيدُ سِوَى الْمَوْتِ أَرَى كُلَّ مَا يَرَوْنَ دَقِيقاً (5)

فَإِذَا فَارِسٌ تَقَحَّمَ فِي الَنَّقْعِ خِدَبّاً مِثْلَ السَّحُوقِ عَتِيقاً (6)

فَبَدَانِي حَجْلٌ بِبَادِرَةِ الطَّعْنِ وَ مَا كُنْتُ قَبْلَهَا مَسْبُوقاًة.

ص: 444


1- في الأصل:«و ما ذاك قليلا»صوابه في ح.
2- البجال،بالفتح:الكبير العظيم.ح:«بشيخ بجال».
3- في الأصل:«من الشام»و أثبت ما في ح.
4- ح:«يسلك الطريق»و«سلكت الطريق».
5- ح:«أرى الأعظم الجليل دقيقا».
6- الخدب:الضخم العظيم.و السحوق:النخلة الطويلة.

فَتَلاَفَيْتُهُ بِعَالِيَةِ الرُّمْحِ كِلاَنَا يُطَاوِلُ اَلْعَيُّوقَا (1)

أَحْمَدُ اللَّهَ ذَا الْجَلاَلَةِ وَ الْقُدْرَةِ حَمْداً يَزِيدُنِي تَوْفِيقاً

لَمْ أَنَلْ قَتْلَهُ بِبَادِرَةِ الطَّعْنَةِ مِنِّي وَ لَمْ أَنَلْ ثُفْرُوقَا (2)

قُلْتُ لِلشَّيْخِ لَسْتُ أَكْفُرُكَ الدَّهْرَ لَطِيفَ الْغِذَاءَ وَ التَّفْنِيقَا (3)

غَيْرَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَدْخُلَ اَلنَّارَ فَلاَ تَعْصِنِي وَ كُنْ لِي رَفِيقاً

وَ كَذَا قَالَ لِي فَغَرَّبَ تَغْرِيباً وَ شَرَّقْتُ رَاجِعاً تَشْرِيقاً.

وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا اَلنُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ اَلْأَنْصَارِ غَيْرُهُمَا فَقَالَ:يَا هَذَانِ لَقَدْ غَمَّنِي مَا لَقِيتُ مِنَ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ صَارُوا وَاضِعِي سُيُوفِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَدْعُونَ إِلَى النِّزَالِ حَتَّى وَ اللَّهِ جَبَّنُوا أَصْحَابِي الشُّجَاعَ وَ الْجَبَانَ وَ حَتَّى وَ اللَّهِ مَا أَسْأَلُ عَنْ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ إِلاَّ قَالُوا قَتَلَتْهُ اَلْأَنْصَارُ أَمَا وَ اللَّهِ لَأَلْقَيَنَّهُمْ بِحَدِّي وَ حَدِيدِي وَ لَأُعَبِّيَنَّ لِكُلِّ فَارِسٍ مِنْهُمْ فَارِساً يَنْشَبُ فِي حَلْقِهِ ثُمَّ لَأَرْمِيَنَّهُمْ بِأَعْدَادِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ رِجَالٍ لَمْ يَغْذُهُمُ التَّمْرُ وَ الَّطَفْيَشْلُ (4)وَ يَقُولُونَ:نَحْنُ اَلْأَنْصَارُ قَدْ وَ اللَّهِ آوَوْا وَ نَصَرُوا وَ لَكِنْ أَفْسَدُوا حَقَّهُمْ بِبَاطِلِهِمْ.).

ص: 445


1- التلافى:التدارك.و عالية الرمح:أعلاه.و في الأصل:«ببادرة الرمح»صوابه في ح.و في ح أيضا:«فتلقيته».
2- الثفروق:قمع البسرة و التمرة،يقول:لم أنل منه أقل شيء.و في الأصل: «لم أكن مفروقا»و في ح: إذ كففت السنان عنه و لم أد ن فتيلا أبى و لا ثفروقا و صواب إنشاد هذا:«منه و لا ثفروقا».
3- التفنيق:التنعيم.ح:«لست أكفر نعماك».
4- الطفيشل،بوزن سميدع،كما في القاموس،و يقال له أيضا«طفشيل».و لفظه فارسى معرب،و هو بالفارسية«تفشله»أو«تفشيله»و قد فسره استينجاس في 313 بأنه ضرب من اللحم يعالج بالبيض و الجزر و العسل،و فسر في القاموس بأنّه نوع من المرق. و جعله البغداديّ في كتاب الطبيخ ضربا من التنّوريات،أي الأطعمة التي تنضج في التنّور. و في منهاج الدكان 220:«طفشيل كل طعام يعمل من القطانى،أعتى الحبوب كالعدس و الجلبان و ما أشبه ذلك».انظر حواشى الحيوان(3:5/24:226).

فَغَضِبَ اَلنُّعْمَانُ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ لاَ تَلُومَنَّ اَلْأَنْصَارَ بِسُرْعَتِهِمْ فِي الْحَرْبِ فَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ كَانُوا فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا دُعَاؤُهُمْ اللَّهَ فَقَدْ رَأَيْتُهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَثِيراً وَ أَمَّا لِقَاؤُكَ إِيَّاهُمْ فِي أَعْدَادِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَقِيَتْ قُرَيْشٌ مِنْهُمْ قَدِيماً فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَرَى فِيهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ آنِفاً فَافْعَلْ وَ أَمَّا التَّمْرُ وَ الطَّفَيْشَلُ فَإِنَّ التَّمْرَ كَانَ لَنَا فَلَمَّا أَنْ ذُقْتُمُوهُ شَارَكْتُمُونَا فِيهِ وَ أَمَّا الطَّفَيْشَلُ فَكَانَ لِلْيَهُودِ فَلَمَّا أَكَلْنَاهُ غَلَبْنَاهُمْ عَلَيْهِ كَمَا غَلَبَتْ قُرَيْشٌ عَلَى السَّخِينَةِ (1).

ثُمَّ تَكَلَّمَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّ اَلْأَنْصَارَ لاَ تُعَابُ أَحْسَابُهَا وَ لاَ نَجَدَاتُهَا وَ أَمَّا غَمُّهُمْ إِيَّاكَ فَقَدْ وَ اللَّهِ غَمُّونَا وَ لَوْ رَضِينَا مَا فَارَقُونَا وَ مَا فَارَقْنَا جَمَاعَتَهُمْ وَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَمَا فِيهِ مِنْ مُبَايَنَةِ الْعَشِيرَةِ وَ مُبَاعَدَةِ اَلْحِجَازِ وَ حَرْبِ اَلْعِرَاقِ وَ لَكِنْ حَمَلْنَا ذَلِكَ لَكَ وَ رَجَوْنَا مِنْكَ عِوَضَهُ وَ أَمَّا التَّمْرُ وَ الطَّفَيْشَلُ فَإِنَّهُمَا يَجُرَّانِ (2)عَلَيْكَ نَسَبَ السَّخِينَةِ وَ الْخُرْنُوبِ.

وَ انْتَهَى الْكَلاَمُ إِلَى اَلْأَنْصَارِ فَجَمَعَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ اَلْأَنْصَارَ ثُمَّ قَامَ خَطِيباً فِيهِمْ فَقَالَ:إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ قَالَ مَا بَلَغَكُمْ وَ أَجَابَ عَنْكُمْ صَاحِبَاكُمْ (3)فَلَعَمْرِي لَئِنْ غِظْتُمْ مُعَاوِيَةَ الْيَوْمَ لَقَدْ غِظْتُمُوهُ بِالْأَمْسِ وَ إِنْ وَتَرْتُمُوهُ فِي اَلْإِسْلاَمِ فَقَدْ وَتَرْتُمُوهُ فِي اَلشِّرْكِ وَ مَا لَكُمْ إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنْ نَصْرِ هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَجِدُّوا الْيَوْمَ جِدّاً تَنْسَوْنَهُ بِهِ مَا كَانَ أَمْسِ وَ جِدُّوا غَداً [جِدّاً] تَنْسَوْنَهُ (4)[بِهِ] مَا كَانَ الْيَوْمَ وَ أَنْتُمْ مَعَ هَذَاح.

ص: 446


1- السخينة:طعام يتخذ من دقيق و سمن-و قيل من دقيق و تمر-أغلظ من الحساء و أرق من العصيدة.و كانت قريش تكثر من أكلها فعيرت بها حتّى سموا سخينة.
2- في الأصل:«يجبران»و أثبت ما في ح(4:297).
3- أي النعمان و مسلمة.و في الأصل:«صاحبكم»صوابه في ح.
4- في الأصل:«فتنسونه»و أثبت ما في ح.

اللِّوَاءِ الَّذِي كَانَ يُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَائِيلُ وَ عَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ وَ الْقَوْمُ مَعَ لِوَاءِ أَبِي جَهْلٍ وَ اَلْأَحْزَابِ وَ أَمَّا التَّمْرُ فَإِنَّا لَمْ نَغْرِسْهُ وَ لَكِنْ غَلَبْنَا عَلَيْهِ مَنْ غَرَسَهُ وَ أَمَّا الطَّفَيْشَلُ فَلَوْ كَانَ طَعَامَنَا لَسُمِّينَا بِهِ اسْماً كَمَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ السَّخِينَةَ.

ثُمَّ قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ: -

يَا اِبْنَ هِنْدٍ دَعِ التَّوَثُّبَ فِي الْحَرْبِ إِذَا نَحْنُ فِي الْبِلاَدِ نَأَيْنَا (1)

نَحْنُ مَنْ قَدْ رَأَيْتَ فَادْنُ (2)إِذَا شِئْتَ بِمَنْ شِئْتَ فِي الْعَجَاجِ إِلَيْنَا

إِنْ بَرَزْنَا بِالْجَمْعِ نَلْقَكَ فِي الْجَمْعِ وَ إِنْ شِئْتَ مَحْضَةً أَسْرَيْنَا

فَالْقَنَا فِي اللَّفِيفِ نَلْقَكَ فِي اَلْخَزْرَجِ نَدْعُو فِي حَرْبِنَا أَبَوَيْنَا

أَيَّ هَذَيْنِ مَا أَرَدْتَ فَخُذْهُ لَيْسَ مِنَّا وَ لَيْسَ مِنْكَ الْهُوَيْنَا

ثُمَّ لاَ تَنْزِعُ الْعَجَاجَةُ حَتَّى تَنْجَلِي حَرْبُنَا لَنَا أَوْ عَلَيْنَا (3)

لَيْتَ مَا تَطْلُبُ الْغَدَاةَ أَتَانَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ عَيْناً

إِنَّنَا إِنَّنَا الَّذِينَ إِذَا اَلْفَتْحَ شَهِدْنَا وَ خَيْبَراً وَ حُنَيْناً

بَعْدَ بَدْرٍ وَ تِلْكَ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ وَ أُحُدٍ وَ بِالنَّضِيرِ ثَنَيْنَا

يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ شَفَيْنَا مِنْ قَبْلِكُمْ وَ اشْتَفَيْنَا (4).

فَلَمَّا بَلَغَ شِعْرُهُ مُعَاوِيَةَ دَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ:مَا تَرَى فِي شَتْمِ اَلْأَنْصَارِ ؟ قَالَ:أَرَى أَنْ تُوْعِدَ وَ لاَ تَشْتِمَ مَا عَسَى أَنْ نَقُولَ لَهُمْ إِذَا أَرَدْتَ ذَمَّهُمْ فَذُمَّ أَبْدَانَهُمْ وَ لاَ تَذُمَّ أَحْسَابَهُمْ قَالَ مُعَاوِيَةُ :إِنَّ خَطِيبَ اَلْأَنْصَارِ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ خَطِيباً وَ هُوَ وَ اللَّهِ يُرِيدُ أَنْ يُفْنِيَنَا غَداً إِنْ لَمْ يَحْبِسْهُ عَنَّا حَابِسُ الْفِيلِ فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ:اَلرَّأْيُ التَّوَكُّلُ وَ الصَّبْرُ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى رِجَالٍ».

ص: 447


1- ح:«بالجياد سرينا».
2- في الأصل:«فأذن»صوابه في ح(2:297).
3- العجاجة:واحدة العجاج،و هو ما ثورته الريح.تنزع:تكف.و في الأصل: «ينزع»و في ح:«لا نسلخ».
4- لعلها:«و بيوم الأحزاب».

مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَعَاتَبَهُمْ مِنْهُمْ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَ أَبُو مَسْعُودٍ وَ اَلْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ عَمْرُو بْنُ عُمَيْرٍ (1)وَ اَلْحَجَّاجُ بْنُ غُزَيَّةَ وَ كَانَ هَؤُلاَءِ يَلْقَوْنَ فِي تِلْكَ الْحَرْبِ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِقَوْلِهِ:

لِتَأْتُوا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فَمَشَوْا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَى قَيْسٍ فَقَالُوا:إِنَّ مُعَاوِيَةَ لاَ يُرِيدُ شَتْماً فَكُفَّ عَنْ شَتْمِهِ فَقَالَ:إِنَّ مِثْلِي لاَ يَشْتِمُ وَ لَكِنِّي لاَ أَكُفُّ عَنْ حَرْبِهِ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ وَ تَحَرَّكَتِ الْخَيْلُ غُدْوَةً فَظَنَّ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ فِيهَا مُعَاوِيَةَ فَحَمَلَ عَلَى رَجُلٍ يُشْبِهُهُ فَقَنَّعَهُ بِالسَّيْفِ فَإِذَا غَيْرُ مُعَاوِيَةَ وَ حَمَلَ الثَّانِيَةَ عَلَى آخَرَ يُشْبِهُهُ أَيْضاً فَضَرَبَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ:

قُولُوا لِهَذَا الشَّاتِمِي مُعَاوِيَهْ إِنْ كُلُّ مَا أَوْعَدْتَ رِيحٌ هَاوِيَهْ

خَوَّفْتَنَا أَكْلُبَ قَوْمٍ عَاوِيَهْ إِلَيَّ يَا ابْنَ الْخَاطِئِينَ الْمَاضِيَهْ

تُرْقِلُ إِرْقَالَ الْعَجُوزِ الْجَارِيَهْ (2) فِي أَثَرِ السَّارِي لَيَالِي الشَّاتِيَهْ (3).

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :يَا أَهْلَ اَلشَّامِ إِذَا لَقِيتُمْ هَذَا الرَّجُلَ فَأَخْبِرُوهُ بِمَسَاوِيهِ وَ غَضِبَ اَلنُّعْمَانُ وَ مَسْلَمَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَرْضَاهُمَا بَعْدَ مَا هَمَّا أَنْ يَنْصَرِفَا إِلَى قَوْمِهِمَا وَ لَمْ يَكُنْ مَعَ مُعَاوِيَةَ مِنَ اَلْأَنْصَارِ غَيْرُهُمَا ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ اَلنُّعْمَانَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى قَيْسٍ فَيُعَاتِبَهُ وَ يَسْأَلَهُ السِّلْمَ فَخَرَجَ اَلنُّعْمَانُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ:يَا قَيْسُ أَنَا اَلنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَقَالَ قَيْسٌ :هِيهِ يَا اِبْنَ بَشِيرٍ فَمَا حَاجَتُكَ فَقَالَ اَلنُّعْمَانُ :

يَا قَيْسُ إِنَّهُ قَدْ أَنْصَفَكُمْ مَنْ دَعَاكُمْ إِلَى مَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ أَ لَسْتُمْ مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ -).

ص: 448


1- عمرو بن عمير الأنصارى،أحد الصحابة،و قد اختلف في اسمه فقيل عمرو بن عمرو،و قيل عامر بن عمير أيضا.و في الأصل:«عمير بن عمر»تحريف.الإصابة 4404،5914.
2- العجوز:الكلبة.و في الأصل:«العجوز الحاوية».
3- السارى:السحاب الذي يسرى ليلا.و الكلاب تنبح السحاب.انظر الحيوان (2:73).

تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ أَخْطَأْتُمْ فِي خَذْلِ عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ وَ قَتَلْتُمْ أَنْصَارَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَ أَقْحَمْتُمْ خُيُولَكُمْ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ بِصِفِّينَ فَلَوْ كُنْتُمْ إِذْ خَذَلْتُمْ عُثْمَانَ خَذَلْتُمْ عَلِيّاً لَكَانَتْ وَاحِدَةً بِوَاحِدَةٍ وَ لَكِنَّكُمْ خَذَلْتُمْ حَقّاً وَ نَصَرْتُمْ بَاطِلاً ثُمَّ لَمْ تَرْضَوْا أَنْ تَكُونُوا كَالنَّاسِ حَتَّى أَعْلَمْتُمْ فِي الْحَرْبِ وَ دَعَوْتُمْ إِلَى الْبِرَازِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ بِعَلِيٍّ أَمْرٌ قَطُّ إِلاَّ هَوَّنْتُمْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةَ وَ وَعَدْتُمُوهُ الظَّفَرَ وَ قَدْ أَخَذَتِ الْحَرْبُ مِنَّا وَ مِنْكُمْ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الْبَقِيَّةِ.

فَضَحِكَ قَيْسٌ ثُمَّ قَالَ:مَا كُنْتُ أَرَاكَ يَا نُعْمَانُ تَجْتَرِئُ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ إِنَّهُ لاَ يَنْصَحُ أَخَاهُ مَنْ غَشَّ نَفْسَهُ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ الْغَاشُّ الضَّالُّ الْمُضِلُّ أَمَّا ذِكْرُكَ عُثْمَانَ فَإِنْ كَانَتِ الْأَخْبَارُ تَكْفِيكَ فَخُذْهَا مِنِّي وَاحِدَةً قَتَلَ عُثْمَانَ مَنْ لَسْتَ خَيْراً مِنْهُ وَ خَذَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَ أَمَّا أَصْحَابُ اَلْجَمَلِ فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَى النَّكْثِ وَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَوَ اللَّهِ أَنْ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ اَلْعَرَبُ قَاطِبَةً لَقَاتَلَتْهُ اَلْأَنْصَارُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لَسْنَا كَالنَّاسِ فَنَحْنُ فِي هَذِهِ الْحَرْبِ كَمَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ نَتَّقِي السُّيُوفَ بِوُجُوهِنَا وَ الرَّمَّاحَ بِنُحُورِنَا:« حَتّى جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ »وَ لَكِنِ انْظُرْ يَا نُعْمَانُ هَلْ تَرَى مَعَ مُعَاوِيَةَ إِلاَّ طَلِيقاً أَوْ أَعْرَابِيّاً أَوْ يَمَانِيّاً مُسْتَدْرَجاً بِغُرُورٍ؟ انْظُرْ أَيْنَ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ اَلتَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ الَّذِينَ« رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ »ثُمَّ انْظُرْ هَلْ تَرَى مَعَ مُعَاوِيَةَ غَيْرَكَ وَ صُوَيْحِبَكَ وَ لَسْتُمَا وَ اللَّهِ بِبَدْرِيَّيْنِ وَ لاَ عَقَبِيَّيْنِ وَ لاَ أُحُدِيَّيْنِ وَ لاَ لَكُمَا سَابِقَةٌ فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ لاَ آيَةٌ فِي اَلْقُرْآنِ .

وَ لَعَمْرِي لَئِنْ شَغَبْتَ عَلَيْنَا لَقَدْ شَغَبَ عَلَيْنَا أَبُوكَ.

وَ قَالَ قَيْسٌ فِي ذَلِكَ:

وَ الرَّاقِصَاتِ بِكُلِّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ خُوصِ الْعُيُونِ تَحُثُّهَا الرُّكْبَانُ

مَا اِبْنُ الْمُخَلَّدِ نَاسِياً أَسْيَافَنَا فِي مَنْ نُحَارِبُهُ وَ لاَ اَلنُّعْمَانُ (1)ح.

ص: 449


1- ابن المخلد يعنى به مسلمة بن مخلد الأنصارى.و في الأصل:«عمن تحاربه»و الوجه ما أثبت.و المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.

تَرَكَا الْبَيَانَ وَ فِي الْعِيَانِ كِفَايَةٌ لَوْ كَانَ يَنْفَعُ صَاحِبَيْهِ عِيَانٌ.

العكبر و قيس بن سعد و معاوية بن خديج

قَالَ نَصْرٌ :وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:(1) كَانَ فَارِسُ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ الَّذِي لاَ يُنَازَعُ رَجُلٌ كَانَ يُقَالُ لَهُ اَلْعَكْبَرُ بْنُ جَدِيرٍ الْأَسَدِيُّ وَ كَانَ فَارِسَ أَهْلِ اَلشَّامِ الَّذِي لاَ يُنَازَعُ عَوْفُ بْنُ مَجْزَأَةَ الْكُوفِيُّ الْمُرَادِيُّ الْمَكْنِىُّ أَبَا أَحْمَرَ وَ هُوَ أَبُو الَّذِي اسْتَنْقَذَ اَلْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ - يَوْمَ صُرِعَ فِي اَلْمَسْجِدِ بِمَكَّةَ وَ كَانَ اَلْعَكْبَرُ لَهُ عِبَادَةٌ وَ لِسَانٌ لاَ يُطَاقُ فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي أَيْدِينَا عَهْداً مِنْ اللَّهِ لاَ نَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى النَّاسِ وَ قَدْ ظَنَنَّا بِأَهْلِ اَلشَّامِ الصَّبْرَ وَ ظَنُّوهُ بِنَا فَصَبَرْنَا وَ صَبَرُوا وَ قَدْ عَجِبْتُ مِنْ صَبْرِ أَهْلِ الدُّنْيَا لِأَهْلِ الْآخِرَةِ وَ صَبْرِ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ رَغْبَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَعْجَبُ مَا يُعْجِبُنِي جَهْلِي بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ :« الم أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ »وَ أَثْنَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ خَيْراً وَ قَالَ خَيْراً.

وَ خَرَجَ النَّاسُ إِلَى مَصَافِّهِمْ وَ خَرَجَ عَوْفُ بْنُ مَجْزَاَةَ الْمُرَادِيُّ نَادِراً مِنَ النَّاسِ وَ كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ وَ قَدْ كَانَ قَتَلَ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَراً مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ مُبَارَزَةً فَنَادَى:يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ هَلْ مِنْ رَجُلٍ عَصَاهُ سَيْفُهُ يُبَارِزُنِي وَ لاَ أَغُرُّكُمْ مِنْ نَفْسِي فَأَنَا فَارِسُ زَوْفٍ (2)فَصَاحَ النَّاسُ بِالْعَكْبَرِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُنْقَطِعاً مِنْ أَصْحَابِهِ وَ النَّاسُ وُقُوفٌ وَ وَقَفَ اَلْمُرَادِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

بِالشَّامِ أَمْنٌ لَيْسَ فِيهِ خَوْفْ بِالشَّامِ عَدْلٌ لَيْسَ فِيهِ حَيْفْ

ص: 450


1- قبل هذا الأصل:«و ذكروا أنه»،وضعت مكان السند المتقدم.
2- زوف،بفتح الزاى:أبو قبيلة،و هو زوف بن زاهر-أو أزهر-بن عامر بن عويثان،انظر القاموس(زوف).و في الأصل:«دوف»تحريف.

بِالشَّامِ جُودٌ لَيْسَ فِيهِ سَوْفْ (1) أَنَا اَلْمُرَادِيُّ وَ رَهْطِي زَوْفْ (2)

أَنَا اِبْنُ مَجْزَأَةٍ وَ اسْمِي عَوْفْ هَلْ مِنْ عِرَاقِيٍّ عَصَاهُ سَيْفْ

يَبْرُزُ لِي وَ كَيْفَ لِي وَ كَيْفْ.

فَبَرَزَ إِلَيْهِ اَلْعَكْبَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

اَلشَّامُ مَحْلٌ وَ اَلْعِرَاقُ تُمْطَرُ بِهَا الْإِمَامُ وَ الْإِمَامُ مُعْذَرُ (3)

وَ اَلشَّامُ فِيهَا لِلْإِمَامِ مُعْوِرُ (4) أَنَا الْعِرَاقِيُّ وَ اسْمِي اْلَعْكَبُر

اِبْنُ جَدِيرٍ وَ أَبُوهُ اَلْمُنْذِرُ اُدْنُ فَإِنِّي لِلْكَمِيِّ مُصْحِرُ (5)

فَاطَّعَنَا فَصَرَعَهُ اَلْعَكْبَرُ فَقَتَلَهُ وَ مُعَاوِيَةُ عَلَى التَّلِّ فِي أُنَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ (6)وَ نَفَرٍ مِنَ النَّاسِ قَلِيلٍ (7)، فَوَجَّهَ اَلْعَكْبَرُ فَرَسَهُ فَمَلَأَ فُرُوجَهُ رَكْضاً يَضْرِبُهُ بِالسَّوْطِ مُسْرِعاً نَحْوَ التَّلِّ فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ:إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ أَوْ مُسْتَأْمِنٌ فَاسْأَلُوهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ وَ هُوَ فِي حِمَي فَرَسِهِ (8)فَنَادَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَمَضَى مُبَادِراً حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ جَعَلَ يَطْعُنُ فِي أَعْرَاضِ الْخَيْلِ وَ رَجَا اَلْعَكْبَرُ أَنْ يُفْرِدُوا لَهُ مُعَاوِيَةَ فَقَتَلَ رِجَالاً (9)وَ قَامَ الْقَوْمُ دُونَ مُعَاوِيَةَ بِالسُّيُوفِ وَ الرِّمَاحِ فَلَمَّا لَمْ يَصِلْ إِلَى مُعَاوِيَةَ نَادَى أَوْلَى لَكَ يَا اِبْنَ هِنْدٍ أَنَا الْغُلاَمُ الْأَسَدِيُّ فَرَجَعَ إِلَى عَلِيٍّ (10)فَقَالَ لَهُ: 1«مَا ذَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ».

ص: 451


1- يقال فلان يقتات السوف أي يعيش بالأمانى.
2- في الأصل:«روف»و انظر التحقيق فيما قبل.
3- المعذر:المنصف.ح:«بها إمام طاهر مطهر».
4- المعور:القبيح السريرة.ح:«فيها أعور و معور».
5- مصحر،أي هو من أمره على أمر واضح منكشف.ح:«فإنى في البراز قسور».
6- ح(2:297):«فى وجوه قريش».
7- في الأصل:«و أناس من الناس قليل»و في ح:«و نفر قليل من الناس».
8- الحمى:اشتداد العدو.و في الأصل:«حمو»و الوجه ما أثبت.قال الأعشى: كأن احتدام الجوف من حمى شده و ما بعده من شده غلى قمقم.
9- ح:«فاستقبله رجال قتل منهم قوما».
10- ح:«و رجع إلى صف العراق و لم يكلم».

يَا عَكْبَرُ ؟ لاَ تُلْقِ نَفْسَكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ» قَالَ:أَرَدْتُ غِرَّةَ اِبْنِ هِنْدٍ .

وَ كَانَ شَاعِراً فَقَالَ:

قَتَلْتُ اَلْمُرَادِيَّ الَّذِي جَاءَ بَاغِياً يُنَادِي وَ قَدْ ثَارَ الْعَجَاجُ نَزَالِ

يَقُولُ:أَنَا عَوْفُ بْنُ مَجْزَأَةَ وَ الْمُنَى لِقَاءُ اِبْنِ مَجْزَاَةٍ بِيَوْمِ قِتَالٍ

فَقُلْتُ لَهُ:لَمَّا عَلاَ الْقَوْمَ صَوْتُهُ مُنِيتَ بِمَشْبُوحِ الذِّرَاعِ طُوَالِ

فَأَوْجَرْتُهُ فِي مُعْظَمِ النَّقْعِ صَعْدَةً مَلَأْتُ بِهَا رُعْباً قُلُوبَ رِجَالٍ

فَغَادَرْتُهُ يَكْبُو صَرِيعاً لِوَجْهِهِ يُنَادِي مِرَاراً فِي مَكَرِّ مَجَالِ

فَقَدَّمْتُ مُهْرِي آخِذاً حَدَّ جَرْيِهِ فَأَضْرِبُهُ فِي حَوْمَةٍ بِشِمَالِي (1)

أُرِيدُ بِهِ التَّلَّ الَّذِي فَوْقَ رَأْسِهِ مُعَاوِيَةُ الْجَانِي لِكُلِّ خَبَالِ

يَقُولُ وَ مُهْرِي يَغْرِفُ الْجَرْيَ جَامِحاً بِفَارِسِهِ قَدْ بَانَ كُلُّ ضَلاَلٍ (2)

فَلَمَّا رَأَوْنِي أَصْدُقُ الطَّعْنَ فِيهِمُ جَلاَ عَنْهُمْ رَجْمُ الْغُيُوبِ فَعَالِي

فَقَامَ رِجَالٌ دُونَهُ بِسُيُوفِهِمْ وَ قَامَ رِجَالٌ دُونَهُ بِعَوَالِي

فَلَوْ نِلْتُهُ نِلْتُ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ غَيْرُ قِيلٍ وَ قَالِ (3)

وَ لَوْ مِتُّ فِي نَيْلِ الْمُنَى أَلْفَ مَيْتَةٍ لَقُلْتُ إِذَا مَا مِتُّ لَسْتُ أُبَالِي.

وَ انْكَسَرَ أَهْلُ اَلشَّامِ لِقَتْلِ عَوْفٍ الْمُرَادِيِّ وَ هَدَرَ مُعَاوِيَةُ دَمَ اَلْعَكْبَرِ فَقَالَ اَلْعَكْبَرُ :يَدُ اللَّهِ فَوْقَ يَدِ مُعَاوِيَةَ فَأَيْنَ دِفَاعُ اللَّهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ (4).

وَ قَالَ نَصْرٌ حَيْثُ شَرِكَ النَّاسُ عَلِيّاً فِي الرَّأْيِ.».

ص: 452


1- ح(2:299):«أصرفه في جريه بشمالى».
2- في الأصل:«يعرف الجرى»تحريف.و في القاموس:«و خيل مغارف كأنها تغرف الجرى».
3- ح:«و فزت بذكر صالح و فعال».
4- في الأصل:«من المؤمنين».و في ح:«فأين اللّه جلّ جلاله و دفاعه عن المؤمنين».

فَجَزِعَ اَلنَّجَاشِيُّ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ:

كَفَى حُزْناً أَنَّا عَصَيْنَا إِمَامَنَا عَلِيّاً وَ أَنَّ الْقَوْمَ طَاعُوا مُعَاوِيَهْ (1)

وَ أَنَّ لِأَهْلِ اَلشَّامِ فِي ذَاكَ فَضْلَهُمْ عَلَيْنَا بِمَا قَالُوهُ فَالْعَيْنُ بَاكِيَهْ

فَسُبْحَانَ مَنْ أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ وَ مَنْ أَمْسَكَ السَّبْعَ الطِّبَاقَ كَمَا هِيَهْ

أَ يُعْصَى إِمَامٌ أَوْجَبَ اللَّهُ حَقَّهُ عَلَيْنَا وَ أَهْلُ اَلشَّامِ طَوْعٌ لِطَاغِيَهْ (2).

ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ دَعَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْراً وَ سَوَّدَهُ عَلَى اَلْأَنْصَارِ وَ كَانَتْ طَلاَئِعُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ يَلْتَقُونَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَ يَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ وَ يَفْخَرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَ يُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى أَمَانٍ فَالْتَقَوْا يَوْماً وَ فِيهِمُ اَلنَّجَاشِيُّ فَتَذَاكَرَ الْقَوْمُ رَجْرَاجَةَ عَلِيٍّ وَ خُضْرِيَّةَ مُعَاوِيَةَ فَافْتَخَرَ كُلٌّ بِكَتِيبَتِهِمْ فَقَالَ أَهْلُ اَلشَّامِ :إِنَّ اَلْخُضْرِيَّةَ مِثْلُ اَلرَّجْرَاجَةِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ مُجَفِّفٍ (3)مِنْ هَمْدَانَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ رَجْرَاجَةٌ وَ كَانَ عَلَيْهِمُ الْبَيْضُ وَ السِّلاَحُ وَ الدُّرُوعُ وَ كَانَ اَلْخُضْرِيَّةُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ عَلَيْهِمُ الْخُضْرَةُ فَقَالَ فَتًى مِنْ جُذَامٍ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ مِمَّنْ كَانَ فِي طَلِيعَةِ مُعَاوِيَةَ :

أَلاَ قُلْ لِفُجَّارِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ لِينُ الْكَلاَمِ لَهُمْ سَيَّهٌ (4)ن.

ص: 453


1- اللسان:«الطوع نقيض الكره-أى بفتح الكاف-طاعه يطوعه و طاوعه».
2- في الأصل و ح:«طوعا لطاغيه».
3- المجفف:لابس التجفاف،و أصله ما يوضع على الخيل من حديد و غيره.و في الأصل: «مجفجف»تحريف.
4- السية هي مخفف السيئة،ثمّ سهلت همزتها و قلبت ياء و أدغمت في أختها،كما أن السى مخفف السيئ،و منه قول أفنون التغلبى(انظر اللسان 1:91 و القصيدة 66 من المفضليات): أنى جزوا عامرا سيئا بفعلهم أم كيف يجزوننى السوأى من الحسن.

مَتَى مَا تَجِيئُوا بِرَجْرَاجَةٍ نَجِئْكُمْ بِجَأْوَاءَ (1)خُضْرِيَّهْ

فَوَارِسُهَا كَأُسُودِ الضِّرَابِ طِوَالِ الرِّمَاحِ يَمَانِيَّهْ

قِصَارُ السُّيُوفِ بِأَيْدِيهِمْ يُطَوِّلُهَا الْخَطْوُ وَ النِّيَّهْ (2)

يَقُولُ اِبْنُ هِنْدٍ إِذَا أَقْبَلَتْ جَزَى اللَّهُ خَيْراً جُذَامِيَهْ.

فَقَالَ الْقَوْمُ لِلنَّجَاشِيِّ :أَنْتَ شَاعِرُ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ فَارِسُهُمْ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فَتَنَحَّى سَاعَةً ثُمَّ أَقْبَلَ يَهْدِرُ مُزْبِداً يَقُولُ:

مُعَاوِيَّ إِنْ تَأْتِنَا مُزْبِداً بِخُضْرِيَّةٍ تَلْقَ رَجْرَاجَهْ

أَسِنَّتُهَا مِنْ دِمَاءِ الرِّجَالِ إِذَا جَالَتِ الْخَيْلُ مَجَّاجَهْ

فَوَارِسُهَا كَأُسُودِ الضِّرَابِ إِلَى اللَّهِ فِي الْقَتْلِ مُحْتَاجَهْ

وَ لَيْسَتْ لَدَى الْمَوْتِ وَقَّافَةً وَ لَيْسَتْ لَدَى الْخَوْفِ فَجْفَاجَهْ (3)

وَ لَيْسَ بِهِمْ غَيْرُ جِدِّ اللِّقَاءِ إِلَى طُولِ أَسْيَافِهِمْ حَاجَهْ

خُطَاهُمْ مُقَدَّمُ أَسْيَافِهِمْ وَ أَذْرُعُهُمْ غَيْرُ خَدَّاجَهْ

وَ عِنْدَكَ مِنْ وَقْعِهِمْ مُصْدَقٌ وَ قَدْ أَخْرَجَتْ أَمْسِ إِخْرَاجَهْ

فَشُنَّتْ عَلَيْهِمْ بِبِيضِ السُّيُوفِ بِهَا فَقْعُ لَجَّاجَهْ (4).

فَقَالَ أَهْلُ اَلشَّامِ :يَا أَخَا بَنِي الْحَارِثِ أَرُونَاهَا فَإِنَّهَا جَيِّدَةٌ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى رَوَوْهَا وَ كَانَتِ الطَّلاَئِعُ تَلْتَقِي يَسْتَأْمِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَتَحَدَّثُونَ .

كلام معاوية بن خديج

قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ [ابْنِ] أَبِي

ص: 454


1- الجأواء:الكتيبة التي علاها الصدأ.و في الأصل:«بجا»فقط،و هذه المقطوعة و تاليتها لم تردا في مظنهما من ح.
2- ينظر إلى قول الأخنس بن شهاب في المفضلية 41: و إن قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى القوم الذين نضارب.
3- الفجفاج:الكثير الصياح و الجلبة.و في الأصل:«فجاجة»تحريف.
4- كذا ورد هذا الشطر.

الْكَنُودِ قَالَ: جَزِعَ أَهْلُ اَلشَّامِ (1)عَلَى قَتْلاَهُمْ جَزَعاً شَدِيداً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ :

يَا أَهْلَ اَلشَّامِ قَبَّحَ اللَّهُ مُلْكاً يَمْلِكُهُ الْمَرْءُ بَعْدَ حَوْشَبٍ وَ ذِي الْكَلاَعِ وَ اللَّهِ لَوْ ظَفِرْنَا بِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ بَعْدَ قَتْلِهِمَا بِغَيْرِ مَئُونَةٍ مَا كَانَ ظَفَراً وَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ لِمُعَاوِيَةَ :لاَ خَيْرَ فِي أَمْرٍ لاَ يُشْبِهُ أَوَّلَهُ آخِرُهُ لاَ يُدْمَلُ جَرِيحٌ (2)وَ لاَ يُبْكَى عَلَى قَتِيلٍ حَتَّى تَنْجَلِيَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ لَكَ دَمَلْتَ (3)وَ بَكَيْتَ عَلَى قَرَارٍ وَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِكَ فَمَا أَصَبْتَ فِيهِ أَعْظَمُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَهْلَ اَلشَّامِ مَا جَعَلَكُمْ أَحَقَّ بِالْجَزَعِ عَلَى قَتْلاَكُمْ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ عَلَى قَتْلاَهُمْ فَوَ اللَّهِ مَا ذُو الْكَلاَعِ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِيهِمْ وَ لاَ حَوْشَبٌ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ هَاشِمٍ فِيهِمْ وَ مَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنِ اِبْنِ بُدَيْلٍ فِيهِمْ وَ مَا الرِّجَالُ إِلاَّ أَشْبَاهٌ وَ مَا التَّمْحِيصُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ ثَلاَثَةً قَتَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ هُوَ كَانَ فَتَاهُمْ وَ قَتَلَ هَاشِماً وَ كَانَ جَمْرَتَهُمْ وَ قَتَلَ اِبْنَ بُدَيْلٍ وَ هُوَ فَاعِلُ الْأَفَاعِيلِ وَ بَقِيَ اَلْأَشْعَثُ وَ اَلْأَشْتَرُ وَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَأَمَّا اَلْأَشْعَثُ فَحَمَاهُ مِصْرُهُ وَ أَمَّا اَلْأَشْتَرُ وَ عَدِيٌّ فَغَضِبَا لِلْفِتْنَةِ وَ اللَّهُ قَاتِلُهُمَا غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ اِبْنُ خَدِيجٍ :إِنْ يَكُنِ الرِّجَالُ عِنْدَكَ أَشْبَاهاً فَلَيْسَتْ عِنْدَنَا كَذَلِكَ وَ غَضِبَ مُعَاوِيَةُ مِنْ اِبْنِ خَدِيجٍ وَ قَالَ اَلْحَضْرَمِيِّ فِي ذَلِكَ شِعْراً (4):».

ص: 455


1- بدل ما بعد التكملة في الأصل:«ثم ذكروا أن أهل الشام جزعوا»و أثبت ما في ح.
2- يدمل:يصلح و يعالج.و في الأصل:«لا يدمن على جريح».ح(2:299): «لا يدمى جريح»،و وجههما ما أثبت.
3- في الأصل:«أدمنت»و في ح:«أدميت»و انظر التحقيق السالف.
4- ح:«و قال شاعر اليمن يرثى ذا الكلاع و حوشبا».

مُعَاوِيَّ قَدْ نِلْنَا وَ نِيلَتْ سَرَاتُنَا وَ جُدِّعَ أَحْيَاءُ اَلْكَلاَعِ وَ يَحْصُبِ

بِذِي كَلَعٍ لاَ يُبْعِدُ اللَّهُ دَارَهُ وَ كُلُّ يَمَانٍ قَدْ أُصِيبَ بِحَوْشَبٍ

هُمَا مَا هُمَا كَانَا مُعَاوِيَّ عِصْمَةً مَتَى مَا أَقُلْهُ جَهْرَةً لاَ أُكَذَّبُ

وَ لَوْ قُبِلَتْ فِي هَالِكٍ بَذْلُ فِدْيَةٍ فَدَيْنَاهُمَا بِالنَّفْسِ وَ الْأُمِّ وَ الْأَبِ

وَ قَدْ عَلِقَتْ أَرْمَاحُنَا بِفَوَارِسِ مُنَى قَوْمِهِمْ مِنَّا بِجَدْعٍ مُوَعَّبٍ (1)

وَ لَيْسَ اِبْنُ قَيْسٍ أَوْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ اَلْأَشْتَرُ إِنْ ذَاقُوا فَنًا بِتَحَوُّبِ (2)..

مرور الأسود بعبد الله بن كعب و هو في آخر رمق

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3): أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ (4)قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ فَمَرَّ بِهِ اَلْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ (5)بِآخَرِ رَمَقٍ فَقَالَ:عَزَّ عَلَيَّ وَ اللَّهِ مَصْرَعُكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ شَهِدْتُكَ لَآسَيْتُكَ وَ لَدَافَعْتُ عَنْكَ وَ لَوْ رَأَيْتُ الَّذِي أَشْعَرَكَ (6)لَأَحْبَبْتُ أَلاَّ يُزَايِلَنِي حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يُلْحِقَنِي بِكَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ:رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ جَارُكَ لَيَأْمَنُ بَوَائِقَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَمِنَ« اَلذّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً »أَوْصِنِي رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ:أُوصِيكَ

ص: 456


1- في الأصل:«و قد علقت أرحامنا»و الوجه ما أثبت،و البيت لم يرو في ح. أراد أخذت أرماحنا هؤلاء الفوارس الذين يتمنى قومهم لنا الجدع الموعب.و هذا البيت ترتيبه الثالث في الأصل،كما أن تاليه كان ترتيبه الخامس في الأصل،و لم يرويا في ح،و قد رددتهما إلى هذا الوضع الذي يتساوق به الشعر.
2- فنا:مقصور فناء،قصره للشعر.و في الأصل:«فلا».
3- ح:«عن عبيد الرحمن بن كعب».
4- عبد اللّه بن كعب المرادى قتل يوم صفّين،و كان من أعيان أصحاب على.الإصابة 4909.و في ح:«عبد اللّه بن بديل».و عبد اللّه بن بديل،و أخوه عبد الرحمن بن بديل،قتلا أيضا بصفين.
5- ح:«الأسود بن طهمان الخزاعيّ».
6- في اللسان:«أشعره سنانا:خالطه به».و أنشد قول أبى عازب الكلابى: فأشعرته تحت الظلام و بيننا من الخطر المنضود في العين واقع قال:«يريد أشعرت الذئب بالسهم».و في الأصل:«و لو أعرف»و أثبت ما في ح.

بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَنْ تُنَاصِحَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْ تُقَاتِلَ مَعَهُ الْمُحِلِّينَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَقُّ أَوْ تَلْحَقَ بِاللَّهِ وَ أَبْلِغْهُ عَنِّي السَّلاَمَ وَ قُلْ لَهُ:قَاتِلْ عَلَى الْمَعْرَكَةِ حَتَّى تَجْعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ فَإِنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ وَ الْمَعْرَكَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ كَانَ الْغَالِبَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَأَقْبَلَ اَلْأَسْوَدُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: 1«رَحِمَهُ اللَّهُ جَاهَدَ مَعَنَا عَدُوَّنَا فِي الْحَيَاةِ وَ نَصَحَ لَنَا فِي الْوَفَاةِ» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً غَلَّسَ بِالنَّاسِ بِصَلاَةِ الْفَجْرِ ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ أَعْلاَمِهِمْ وَ زَحَفَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ اَلشَّامِ .

بعض مبارزات علي عليه السلام بصفين و وقائع أخرى

قَالَ:فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ وَ اَلْحَارِثِ بْنِ أَدْهَمَ : أَنَّ أَبْرَهَةَ بْنَ الصَّبَّاحِ بْنِ أَبْرَهَةَ الْحِمْيَرِيَّ قَامَ فَقَالَ:

وَيْلَكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ اَلْيَمَنِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ أَنْ قَدْ أُذِنَ بِفَنَائِكُمْ وَيْحَكُمْ خَلُّوا بَيْنَ هَذَيْنِ الرِّجْلَيْنِ فَلْيَقْتَتِلاَ فَأَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ مِلْنَا مَعَهُ جَمِيعاً وَ كَانَ أَبْرَهَةُ مِنْ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَقَالَ: 1«صَدَقَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِخُطْبَةٍ مُنْذُ وَرَدْتُ اَلشَّامَ أَنَا بِهَا أَشَدُّ سُرُوراً مِنِّي بِهَذِهِ» وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلاَمُ أَبْرَهَةَ فَتَأَخَّرَ آخِرَ الصُّفُوفِ وَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ:إِنِّي لَأَظُنُّ أَبْرَهَةَ مُصَاباً فِي عَقْلِهِ فَأَقْبَلَ أَهْلُ اَلشَّامِ يَقُولُونَ وَ اللَّهِ إِنَّ أَبْرَهَةَ لَأَفْضَلُنَا دِيناً وَ رَأْياً وَ بَأْساً وَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ كَرِهَ مُبَارَزَةَ عَلِيٍّ فَقَالَ أَبْرَهَةُ فِي ذَلِكَ:

لَقَدْ قَالَ اِبْنُ أَبْرَهَةَ مَقَالاً وَ خَالَفَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ

لِأَنَّ الْحَقَّ أَوْضَحُ مِنْ غُرُورٍ مُلَبَّسَةً غَرَائِضُهُ بِحَقْبٍ (1)

رَمَى بِالْفَيْلَقَيْنِ بِهِ جِهَاراً وَ أَنْتُمْ وُلْدُ قَحْطَانٍ بِحَرْبٍ

فَخَلُّوا عَنْهُمَا لَيْثَيْ عِرَاكٍ فَإِنَّ الْحَقَّ يَدْفَعُ كُلَّ كِذْبٍ

وَ مَا إِنْ يَعْتَصِمْ يَوْماً بِقَوْلٍ ذَوُو الْأَرْحَامِ إِنَّهُمْ لَصَحْبِي

ص: 457


1- كذا ورد هذا الشطر.و انظر أواخر ص 441.

وَ كَمْ بَيْنَ الْمُنَادِي مِنْ بَعِيدٍ وَ مَنْ يَغْشَى الْحُرُوبَ بِكُلِّ عَضْبٍ

وَ مَنْ يُرِدِ الْبَقَاءَ وَ مَنْ يُلاَقِي بِإِسْمَاحِ الطِّعَانِ وَ صَفْحِ ضَرْبٍ

أَ يَهْجُرُنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ وَ مَا هِجْرَانُهُ سُخْطاً لِرَبِّي

وَ عَمْرٌو إِنْ يُفَارِقْنِي بِقَوْلٍ فَإِنَّ ذِرَاعَهُ بِالْغَدْرِ رَحْبٌ (1)

وَ إِنِّي إِنْ أُفَارِقْهُمْ بِدِينِي لَفِي سَعَةٍ إِلَى شَرْقٍ وَ غَرْبٍ.

وَ بَرَزَ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ دَاوُدَ الدِّمَشْقِيُّ (2)فَقَالَ:إِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ كَرِهَ مُبَارَزَتَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَهَلُمَّ إِلَيَّ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ:ذَرْ هَذَا الْكَلْبَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِخَطَرٍ (3)فَقَالَ: 1«وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ الْيَوْمَ بِأَغْيَظَ لِي مِنْهُ دَعُونِي وَ إِيَّاهُ» ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ سَقْطَةُ إِحْدَاهُمَا يَمْنَةً وَ الْأُخْرَى يَسْرَةً فَارْتَجَّ الْعَسْكَرَانِ لِهَوْلِ الضَّرْبَةِ ثُمَّ قَالَ: 1«اِذْهَبْ يَا عُرْوَةُ فَأَخْبِرْ قَوْمَكَ.

أَمَا وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَقَدْ عَايَنْتَ اَلنَّارَ وَ أَصْبَحْتَ مِنَ النَّادِمِينَ.» وَ قَالَ ابْنُ عَمٍّ لِعُرْوَةَ وَا سُوءَ صَبَاحَاهْ قَبَّحَ اللَّهُ الْبَقَاءَ بَعْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ:

فَقَدَتْ عُرْوَةَ الْأَرَامِلُ وَ الْأَيْتَامُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ الشَّنْعَاءِ (4)

كَانَ لاَ يَشْتُمُ الْجَلِيسَ وَ لاَ يَنْكُلُ يَوْمَ الْعَظِيمَةِ النَّكْبَاءِ (5)

آمَنَ اللَّهُ مِنْ عَدِيٍّ وَ مِنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ مِنْ عَلْيَاءَ

يَا لَعَيْنِي أَلاَّ بَكَتْ عُرْوَةَ الْأَقْوَامُ يَوْمَ الْعَجَاجِ وَ التَّرْبَاءِ (6)ة.

ص: 458


1- الذراع أنثى،و قد تذكر.و في البيت إقواء.
2- ح(2:300):«أبو داود عروة بن داود العامرى».
3- في اللسان:«و هذا خطير لهذا و خطر له،أي مثل له في القدر».
4- في الأصل:«الشغباء»تحريف.و المقطوعة لم ترد في ح.
5- نكل،كضرب و نصر و علم،نكولا:نكص و جبن.
6- كلمة«الأقوام»بمثلها يتم البيت،و ليست في الأصل.و الترباء،إحدى لغات التراب،و هي إحدى عشرة لغة.

فَلْيُبَكِّيهِ نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ مِنْ يَثْرِبَ وَ أَهْلِ قُبَاءِ

رَحِمَ اللَّهُ عُرْوَةَ الْخَيْرِ ذَا النَّجْدَةِ وَ ابْنَ الْقَمَاقِمِ النُّجَبَاءِ

أَرْهَقَتْهُ الْمَنُونُ فِي قَاعِ صِفِّينَ صَرِيعاً قَدْ غَابَ فِي الْجَرْبَاءِ (1)

غَادَرَتْهُ الْكُمَاةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ مِنَ اَلتَّابِعِينَ وَ النُّقَبَاءِ.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ

عُرْوَ يَا عُرْوَ قَدْ لَقِيتَ حِمَاماً إِذْ تَقَحَّمْتَ فِي حِمَى اللَّهَوَاتِ

أَ عَلِيّاً لَكَ الْهَوَانُ تُنَادِي ضَيْغَماً فِي أَيَاطِلِ الْحَوْمَاتِ

إِنَّ لِلَّهِ فَارِساً كَأَبِي الشِّبْلَيْنِ مَا إِنْ يَهُولُهُ الْمُتْلِفَاتْ (2)

مُؤْمِناً بِالْقَضَاءِ مُحْتَسِباً بِالْخَيْرِ يَرْجُو الثَّوَابَ بِالسَّابِقَاتْ

لَيْسَ يَخْشَى كَرِيهَةً فِي لِقَاءِ لاَ وَ لاَ مَا يَجِي بِهِ الْآفَاتْ

فَلَقَدْ ذُقْتَ فِي اَلْجَحِيمِ نَكَالاً وَ ضِرَابَ الْمَقَامِعِ الْمُحْمَيَاتْ

يَا اِبْنَ دَاوُدَ قَدْ وَقَيْتَ اِبْنَ هِنْدٍ أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلَ بِالْمُقْفِرَاتِ.

قَالَ وَ حَمَلَ ابْنُ عَمِّ أَبِي دَاوُدَ عَلَى عَلِيٍّ فَطَعَنَهُ فَضَرَبَ الرُّمْحَ فَبَرَاهُ ثُمَّ قَنَّعَهُ ضَرْبَةً فَأَلْحَقَهُ بِأَبِي دَاوُدَ وَ مُعَاوِيَةُ وَاقِفٌ عَلَى التَّلِّ يُبْصِرُ وَ يُشَاهِدُ فَقَالَ:تَبّاً لِهَذِهِ الرِّجَالِ وَ قُبْحاً أَ مَا فِيهِمْ مَنْ يَقْتُلُ هَذَا مُبَارَزَةً أَوْ غَيْلَةً أَوْ فِي اخْتِلاَطِ الْفَيْلَقِ وَ ثَوَرَانِ النَّقْعِ فَقَالَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ :اُبْرُزْ إِلَيْهِ أَنْتَ فَإِنَّكَ أَوْلَى النَّاسِ بِمُبَارَزَتِهِ فَقَالَ:وَ اللَّهِ لَقَدْ دَعَانِي إِلَى الْبِرَازِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ قُرَيْشٍ وَ إِنِّي وَ اللَّهِ لاَ أَبْرُزُ إِلَيْهِ مَا جَعَلَ الْعَسْكَرَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّئِيسِ إِلاَّ وِقَايَةً لَهُ فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ :اِلْهَوْا عَنْ هَذَا كَأَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا نِدَاءَهُ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَتَلَ حُرَيْثاً وَ فَضَحَ عَمْراً وَ لاَ أَرَى أَحَداً يَتَحَكَّكُ بِهِ إِلاَّ قَتَلَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِبُسْرِ».

ص: 459


1- الجرباء:الأرض الممحلة المقحوطة.و في الأصل:«قد عاين الحوباء».
2- في الأصل:«ليس للّه فارس».

بْنِ أَرْطَاةَ :أَ تَقُومُ لِمُبَارَزَتِهِ؟ فَقَالَ:مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا مِنْكَ وَ إِذْ أَبَيْتُمُوهُ فَأَنَا لَهُ.

فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ أَمَا إِنَّكَ سَتَلْقَاهُ فِي الْعَجَاجَةِ غَداً فِي أَوَّلِ الْخَيْلِ وَ كَانَ عِنْدَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ قَدْ قَدِمَ مِنْ اَلْحِجَازِ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ فَأَتَى بُسْراً فَقَالَ لَهُ:

إِنِّي سَمِعْتُ أَنَّكَ وَعَدْتَ مِنْ نَفْسِكَ أَنْ تُبَارِزَ عَلِيّاً أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْوَالِيَ مِنْ بَعْدِ مُعَاوِيَةَ عُتْبَةُ ثُمَّ بَعْدَهُ مُحَمَّدٌ أَخُوهُ وَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلاَءِ قِرْنٌ لِعَلِيٍّ (1)فَمَا يَدْعُوكَ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ:اَلْحَيَاءُ خَرَجَ مِنِّي كَلاَمٌ (2)فَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَرْجِعَ عَنْهُ.

فَضَحِكَ الْغُلاَمُ وَ قَالَ فِي ذَلِكَ:

تُنَازِلُهُ يَا بُسْرُ إِنْ كُنْتَ مِثْلَهُ وَ إِلاَّ فَإِنَّ اللَّيْثَ لِلضَّبْعِ آكِلُ (3)

كَأَنَّكَ يَا بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ جَاهِلٌ بِآثَارِهِ فِي الْحَرْبِ أَوْ مُتَجَاهِلُ

مُعَاوِيَةُ الْوَالِي وَ صِنْوَاهُ بَعْدَهُ وَ لَيْسَ سَوَاءً مُسْتَعَارٌ وَ ثَاكِلُ

أُولَئِكَ هُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْكَ إِنَّهُ عَلِيٌّ فَلاَ تَقْرَبْهُ أُمُّكَ هَابِلُ

مَتَى تَلْقَهُ فَالْمَوْتُ فِي رَأْسِ رُمْحِهِ وَ فِي سَيْفِهِ شُغْلٌ لِنَفْسِكَ شَاغِلٌ

وَ مَا بَعْدَهُ فِي آخِرِ الْحَرْبِ عَاطِفٌ وَ لاَ قَبْلَهُ فِي أَوَّلِ الْخَيْلِ حَامِلٌ (4).

فَقَالَ بُسْرٌ :هَلْ هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ؟ لاَ بُدَّ وَ اللَّهِ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَغَدَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُنْقَطِعاً مِنْ خَيْلِهِ وَ مَعَهُ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يُرِيدُ التَّلَّ وَ هُوَ يَقُولُ:

1

«إِنِّي عَلِيٌّ فَاسْأَلُوا لِتُخْبَرُوا ثُمَّ ابْرُزُوا إِلَى الْوَغَى أَوْ أَدْبِرُوا

سَيْفِي حُسَامٌ وَ سِنَاَنِي أَزْهَرُ مِنَّا النَّبِيُّ الطَّيِّبُ الْمُطَهَّرُح.

ص: 460


1- في الأصل:«و كل هؤلاء من قرن لعلى»صوابه في ح.
2- في الأصل:«شيء»و الوجه ما أثبت من ح(2:300).
3- ح:«للشاة آكل».
4- عاطف،أراد به الذي يحمى المنهزمين.و في اللسان:«و رجل عطوف و عطاف» يحمى المنهزمين».و في الأصل:«خاطف»موضع«عاطف»صوابه في ح.

وَ حَمْزَةُ الْخَيْرِ وَ مِنَّا جَعْفَرُ لَهُ جَنَاحٌ فِي اَلْجِنَانِ أَخْضَرُ (1)

ذَا أَسَدُ اللَّهِ وَ فِيهِ مَفْخَرُ هَذَا وَ هَذَا وَ اِبْنُ هِنْدٍ مُجْحَرُ

مُذَبْذَبٌ مُطَّرَدٌ مُؤَخَّرُ»

فَاسْتَقْبَلَهُ بُسْرٌ قَرِيباً مِنَ التَّلِّ وَ هُوَ مُقَنَّعُ فِي الْحَدِيدِ لاَ يُعْرَفُ فَنَادَاهُ:

ابْرُزْ إِلَيَّ أَبَا حَسَنٍ فَانْحَدَرَ إِلَيْهِ عَلَى تُؤَدَةٍ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ حَتَّى إِذَا قَارَبَهُ طَعَنَهُ وَ هُوَ دَارِعٌ فَأَلْقَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَ مَنَعَ الدِّرْعُ السِّنَانَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ فَاتَّقَاهُ بُسْرٌ بِعَوْرَتِهِ وَ قَصَدَ أَنْ يَكْشِفَهَا يَسْتَدْفِعُ بَأْسَهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُسْتَدْبِراً لَهُ فَعَرَفَهُ اَلْأَشْتَرُ حِينَ سَقَطَ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ عَدُوُّ اللَّهِ وَ عَدُوُّكَ فَقَالَ: 1«دَعْهُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ أَ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهَا.» فَحَمَلَ ابْنُ عَمٍّ لِبُسْرٍ شَابٌّ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَرْدَيْتَ بُسْراً وَ الْغُلاَمُ ثَائِرُهْ أَرْدَيْتَ شَيْخاً غَابَ عَنْهُ نَاصِرُهُ

وَ كُلُّنَا حَامٍ لِبُسْرٍ وَاتِرُهْ.

فَحَمَلَ عَلَيْهِ اَلْأَشْتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَ كُلَّ يَوْمٍ رِجْلُ شَيْخٍ شَاغِرَهْ وَ عَوْرَةٌ وَسْطَ الْعَجَاجِ ظَاهِرَهْ

تُبْرِزُهَا طَعْنَةُ كَفٍّ وَاتِرَهْ عَمْرٌو وَ بُسْرٌ رُمِيَا بِالْفَاقِرَهْ (2).

فَطَعَنَهُ اَلْأَشْتَرُ فَكَسَرَ صُلْبَهُ وَ قَامَ بُسْرٌ مِنْ طَعْنَةِ عَلِيٍّ مُوَلِّياً وَ وَلَّتْ خَيْلُهُ وَ نَادَاهُ عَلِيٌّ 1«يَا بُسْرُ مُعَاوِيَةُ كَانَ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْكَ» (3)فَرَجَعَ بُسْرٌ إِلَى».

ص: 461


1- هو جعفر بن أبي طالب،أخو عليّ عليه السلام،و كان جعفر أسن من على بعشر سنين.و كان مصرعه يوم مؤتة في الثامنة من الهجرة،و كان قد حمل لواء المسلمين زيد بن حارثة فقتل،فحمله جعفر بيمينه فقطعت،ثمّ بشماله فقطعت،فاحتضنها بعضديه فقتل و خر شهيدا.و يسمى جعفر«ذا الجناحين»و«ذا الهجرتين».انظر الإصابة،و كتب المغازى،و الحيوان(3:233).
2- الفاقرة:الداهية تكسر فقار الظهر.ح:«منيا بالفاقرة».
3- ح(2:301):«بها منك».

مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ ارْفَعْ طَرْفَكَ قَدْ أَدَالَ اللَّهُ عَمْراً مِنْكَ فَقَالَ فِي ذَلِكَ اَلنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ :

أَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَارِسٌ تَنْدِبُونَهُ لَهُ عَوْرَةٌ وَسْطَ الْعَجَاجَةِ بَادِيَهْ

يَكُفُّ بِهَا عَنْهُ عَلِيٌّ سِنَانَهُ وَ يَضْحَكُ مِنْهَا فِي الْخَلاَءِ مُعَاوِيَهْ

بَدَتْ أَمْسِ مِنْ عَمْرٍو فَقَنَّعَ رَأْسَهُ وَ عَوْرَةُ بُسْرٍ مِثْلُهَا حَذْوَ حَاذِيَهْ

فَقُولاَ لِعَمْرٍو وَ اِبْنِ أَرْطَاةَ أَبْصِرَا سَبِيلَكُمَا لاَ تَلْقَيَا اللَّيْثَ ثَانِيَهُ

وَ لاَ تَحْمَدَا إِلاَّ الْحَيَا وَ خُصَاكُمَا هُمَا كَانَتَا وَ اللَّهِ لِلنَّفْسِ وَاقِيَهْ

فَلَوْلاَهُمَا لَمْ تَنْجُوَا مِنْ سِنَانِهِ وَ تِلْكَ بِمَا فِيهَا عَنِ الْعَوْدِ نَاهِيَهْ

مَتَى تَلْقَيَا الْخَيْلَ الْمُشِيحَةَ صُبْحَةً وَ فِيهَا عَلِيٌّ فَاتْرُكَا الْخَيْلَ نَاحِيَهْ (1)

وَ كُونَا بَعِيداً حَيْثُ لاَ يَبْلُغُ الْقَنَا وَ حَمْيُ الْوَغَى إِنَّ التَّجَارِبَ كَافِيَهْ

وَ إِنْ كَانَ مِنْهُ بَعْدُ فِي النَّفْسِ حَاجَةٌ فَعُودَا إِلَى مَا شِئْتُمَا هِيَ مَا هِيَهْ.

فَكَانَ بُسْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ الَّتِي فِيهَا عَلِيٌّ تَنَحَّى نَاحِيَةً وَ تَحَامَى فُرْسَانُ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلِيّاً .

حض معاوية قريش الشام و اجتماع عتبة و جعدة

قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ اَلْأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ كُلَّ قُرَشِيٍّ بِالشَّامِ فَقَالَ:اَلْعَجَبُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فِي هَذِهِ الْحَرْبِ فَعَالٌ يَطُولُ بِهِ لِسَانُهُ (2)غَداً مَا عَدَا عَمْراً فَمَا بَالُكُمْ وَ أَيْنَ حَمِيَّةُ قُرَيْشٍ فَغَضِبَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ

ص: 462


1- المشبحة:المجدة.صبحة:صبحا.و في الأصل:«صيحة»صوابه في ح، و فيها:«الخيل المغيرة».
2- الفعال،بالفتح:الفعل الحسن.و في ح:«فعال يطول بها لسانه»و هو بالكسر:جمع فعل.

وَ قَالَ:وَ أَيَّ فَعَالٍ تُرِيدُ وَ اللَّهِ مَا نَعْرِفُ فِي أَكْفَائِنَا مِنْ قُرَيْشِ اَلْعِرَاقِ مَنْ يُغْنِي غَنَاءَنَا بِاللِّسَانِ وَ لاَ بِالْيَدِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بَلْ إِنَّ أُولَئِكَ قَدْ وَقَوْا عَلِيّاً بِأَنْفُسِهِمْ.

قَالَ اَلْوَلِيدُ :كَلاَّ بَلْ وَقَاهُمْ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ قَالَ:وَيْحَكُمْ أَ مَا مِنْكُمْ مَنْ يَقُومُ لِقِرْنِهِ مِنْهُمْ مُبَارَزَةً أَوْ مُفَاخَرَةً فَقَالَ مَرْوَانُ :أَمَّا الْبِرَازُ فَإِنَّ عَلِيّاً لاَ يَأْذَنُ لِحَسَنٍ وَ لاَ لِحُسَيْنٍ وَ لاَ لِمُحَمَّدٍ بَنِيهِ فِيهِ وَ لاَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ وَ إِخْوَتِهِ وَ يَصْلَى بِالْحَرْبِ دُونَهُمْ فَلِأَيِّهِمْ نُبَارِزُ وَ أَمَّا الْمُفَاخَرَةُ فَبِمَا ذَا نُفَاخِرُهُمْ أَ بِالْإِسْلاَمِ أَمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ .

فَإِنْ كَانَ بِالْإِسْلاَمِ فَالْفَخْرُ لَهُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَ إِنْ كَانَ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَالْمُلْكُ فِيهِ لِلْيَمَنِ .

فَإِنْ قُلْنَا قُرَيْشٌ قَالَتِ اَلْعَرَبُ فَأَقِرُّوا لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَغَضِبَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ الْهَوْا عَنْ هَذَا فَإِنِّي لاَقٍ بِالْغَدَاةِ جَعْدَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بَخْ بَخْ قَوْمُهُ بَنُو مَخْزُومٍ وَ أُمُّهُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ وَ أَبُوهُ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ كُفْوٌ كَرِيمٌ وَ ظَهَرَ الْعِتَابُ بَيْنَ عُتْبَةَ وَ الْقَوْمِ حَتَّى أَغْلَظَ لَهُمْ وَ أَغْلَظُوا لَهُ.

فَقَالَ مَرْوَانُ :أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ لاَ مَا كَانَ مِنِّي يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ وَ مَشْهَدِي بِالْبَصْرَةِ لَكَانَ مِنِّي فِي عَلِيٍّ رَأْيٌ كَانَ يَكْفِي امْرَأً ذَا حَسَبٍ وَ دِينٍ وَ لَكِنْ وَ لَعَلَّ.

وَ نَابَذَ مُعَاوِيَةَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ دُونَ الْقَوْمِ فَأَغْلَظَ لَهُ اَلْوَلِيدُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :يَا وَلِيدُ إِنَّكَ إِنَّمَا تَجْتَرِئُ عَلَيَّ بِحَقِّ عُثْمَانَ (1)وَ قَدْ ضَرَبَكَ حَدّاً وَ عَزَلَكَ عَنِ اَلْكُوفَةِ .

ثُمَّ إِنَّهُمْ مَا أَمْسَوْا حَتَّى اصْطَلَحُوا وَ أَرْضَاهُمْ مُعَاوِيَةُ مِنْ نَفْسِهِ وَ وَصَلَهُمْ بِأَمْوَالٍ جَلِيلَةٍ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُتْبَةَ فَقَالَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي جَعْدَةَ فَقَالَ:أَلْقَاهُ الْيَوْمَ وَ أُقَاتِلُهُ غَداً وَ كَانَ لِجَعْدَةَ فِي قُرَيْشٍ شَرَفٌ عَظِيمٌ وَ كَانَ لَهُ لِسَانٌ وَ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَى عَلِيٍّ فَغَدَا عَلَيْهِ عُتْبَةُ فَنَادَى أَيَا جَعْدَةُ أَيَا جَعْدَةُ فَاسْتَأْذَنَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِكَلاَمِهِمَا فَقَالَ عُتْبَةُ :يَا جَعْدَةُ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا أَخْرَجَكَ عَلَيْنَا إِلاَّ حُبُّ خَالِكَ وَ عَمِّكَ اِبْنِ».

ص: 463


1- ح(2:301)«بنسبك من عثمان».

أَبِي سَلَمَةَ عَامِلِ اَلْبَحْرَيْنِ (1)وَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا نَزْعُمُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَحَقُّ بِالْخِلاَفَةِ مِنْ عَلِيٍّ لَوْ لاَ أَمْرُهُ فِي عُثْمَانَ وَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ أَحَقُّ بِالشَّامِ لِرِضَا أَهْلِهَا بِهِ فَأَعْفُوا لَنَا عَنْهَا فَوَ اللَّهِ مَا بِالشَّامِ رَجُلٌ بِهِ طِرْقٌ (2)إِلاَّ وَ هُوَ أَجَدُّ مِنْ مُعَاوِيَةَ فِي الْقِتَالِ وَ لاَ بِالْعِرَاقِ مَنْ لَهُ مِثْلُ جِدِّ عَلِيٍّ فِي الْحَرْبِ وَ نَحْنُ أَطْوَعُ لِصَاحِبِنَا مِنْكُمْ لِصَاحِبِكُمْ وَ مَا أَقْبَحَ بِعَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ فِي قُلُوبِ اَلْمُسْلِمِينَ أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا أَصَابَ سُلْطَاناً أَفْنَى اَلْعَرَبَ فَقَالَ جَعْدَةُ :أَمَّا حُبِّي لِخَالِي فَوَ اللَّهِ أَنْ لَوْ كَانَ لَكَ خَالٌ مِثْلُهُ لَنَسِيتَ أَبَاكَ وَ أَمَّا اِبْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَلَمْ يُصِبْ أَعْظَمَ مِنْ قَدْرِهِ وَ الْجِهَادُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْعَمَلِ وَ أَمَّا فَضْلُ عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَهَذَا مَا لاَ يَخْتَلِفُ فِيهِ [اثْنَانِ] وَ أَمَّا رِضَاكُمْ (3)الْيَوْمَ بِالشَّامِ فَقَدْ رَضِيتُمْ بِهَا أَمْسِ فَلَمْ نَقْبَلْ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ لَيْسَ بِالشَّامِ مِنْ رَجُلٍ إِلاَّ وَ هُوَ أَجَدُّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَ لَيْسَ بِالْعِرَاقِ لِرَجُلٍ مِثْلُ جِدِّ عَلِيٍّ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَضَى بِعَلِيٍّ يَقِينُهُ وَ قَصَرَ بِمُعَاوِيَةَ شَكُّهُ وَ قَصْدُ أَهْلِ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ جَهْدِ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ نَحْنُ أَطْوَعُ لِمُعَاوِيَةَ مِنْكُمْ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَوَ اللَّهِ مَا نَسْأَلُهُ إِنْ سَكَتَ وَ لاَ نَرُدُّ عَلَيْهِ إِنْ قَالَ وَ أَمَّا قَتْلُ اَلْعَرَبِ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْقَتْلَ وَ الْقِتَالَ فَمَنْ قَتَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى اللَّهِ فَغَضِبَ عُتْبَةُ وَ فَحَشَ عَلَى جَعْدَةَ فَلَمْ يُجِبْهُ وَ أَعْرَضَ عَنْهُ وَ انْصَرَفَا جَمِيعاً مُغْضَبَيْنِ فَلَمَّا انْصَرَفَ عُتْبَةُ جَمَعَ خَيْلَهُ فَلَمْ يَسْتَبْقِ مِنْهَا شَيْئاً وَ جُلُّ أَصْحَابِهِ اَلسَّكُونُ وَ اَلْأَزْدُ وَ اَلصَّدِفُ وَ تَهَيَّأَ جَعْدَةُ بِمَا اسْتَطَاعَ فَالْتَقَيَا وَ صَبَرَ الْقَوْمُ جَمِيعاً وَ بَاشَرَ جَعْدَةُ يَوْمَئِذٍ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ وَ جَزِعَ عُتْبَةُ فَأَسْلَمَ خَيْلَهُ،ح.

ص: 464


1- في الأصل:«عاملى البحرين»و أثبت ما في ح.
2- الطرق،بالكسر:القوّة.و في الحديث:«لا أرى أحدا به طرق يتخلف». و في الأصل:«طرف»صوابه بالقاف.
3- في الأصل:«رضاكم»و أثبت ما في ح.

وَ أَسْرَعَ هَارِباً إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ:فَضَحِكَ جَعْدَةُ وَ هَزْمَتُكَ (1)لاَ تَغْسِلْ رَأْسَكَ مِنْهَا أَبَداً قَالَ عُتْبَةُ :لاَ وَ اللَّهِ لاَ أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَداً وَ لَقَدْ أَعْذَرْتُ وَ مَا كَانَ عَلَى أَصْحَابِي مِنْ عَتْبٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَبَى أَنْ يُدِيلَنَا مِنْهُمْ فَمَا أَصْنَعُ.

فَحَظِيَ بِهَا جَعْدَةُ عِنْدَ عَلِيٍّ فَقَالَ اَلنَّجَاشِيُّ فِيمَا كَانَ مِنْ شَتْمِ عُتْبَةَ لِجَعْدَةَ شِعْراً:

إِنَّ شَتْمَ الْكَرِيمِ يَا عُتْبَ خَطْبٌ فَاعْلَمَنْهُ مِنَ الْخُطُوبِ عَظِيمُ

أُمُّهُ أُمُّ هَانِئٍ وَ أَبُوهُ مِنْ مَعَدٍّ وَ مِنْ لُؤَيٍّ صَمِيمُ

ذَاكَ مِنْهَا هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ أَقَرَّتْ بِفَضْلِهِ مَخْزُومٌ

كَانَ فِي حَرْبِكُمْ يُعَدُّ بِأَلْفٍ حِينَ تَلْقَى بِهَا الْقُرُومُ الْقُرُومَ

وَ ابْنُهُ جَعْدَةُ الْخَلِيفَةُ مِنْهُ هَكَذَا يَخْلُفُ الْفُرُوعُ الْأَرُومَ

كُلُّ شَيْءٍ تُرِيدُهُ فَهُوَ فِيهِ حَسَبٌ ثَاقِبٌ وَ دِينٌ قَوِيمٌ

وَ خَطِيبٌ إِذَا تَمَعَّرَتِ الْأَوْجُهُ يَشْجَى بِهِ الْأَلَدُّ الْخَصِيمُ

وَ حَلِيمٌ إِذَا الْحُبَى حَلَّهَا الْجَهْلُ وَ خَفَتْ مِنَ الرِّجَالِ الْحُلُومُ (2)

وَ شَكِيمُ الْحُرُوبِ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ إِذَا حَلَّ فِي الْحُرُوبِ الشَّكِيمُ

وَ صَحِيحُ الْأَدِيمِ مِنْ نَغَلِ الْعَيْبِ إِذَا كَانَ لاَ يَصِحُّ الْأَدِيمُ

حَامِلٌ لِلْعَظِيمِ فِي طَلَبِ الْحَمْدِ إِذَا أَعْظَمَ الصَّغِيرَ اللَّئِيمُ

مَا عَسَى أَنْ تَقُولَ لِلذَّهَبِ الْأَحْمَرِ عَيْباً هَيْهَاتَ مِنْكَ النُّجُومُ

كُلُّ هَذَا بِحَمْدِ رَبِّكَ فِيهِ وَ سِوَى ذَاكَ كَانَ وَ هْوَ فَطِيمُ.

وَ قَالَ اَلشَّنِّيُّ فِي ذَلِكَ لِعُتْبَةَ :

مَا زِلْتَ تَنْظُرُ فِي عِطْفَيْكَ أُبَّهَةً

لاَ يَرْفَعُ الطَرْفَ مِنْكَ التِّيهُ وَ الصَّلَفُ (3)).

ص: 465


1- في الأصل:«بهزمك»و الوجه ما أثبت من ح.
2- الحبى،تقال بضم الحاء جمع حبوة بضم الحاء،و بكسر الحاء جمع حبوة بكسرها، و هي أن يجمع ظهره و ساقيه بعمامة.ح:«إذا الجبال جللها الجهل».
3- في الأصل:«و ظلت تنظر»و أثبت ما في ح(1:302).

لاَ تَحْسَبِ الْقَوْمَ إِلاَّ فَقْعَ قَرْقَرَةٍ أَوْ شَحْمَةً بَزَّهَا شَاوٍ لَهَا نُطَفُ (1)

حَتَّى لَقِيتَ ابْنَ مَخْزُومٍ وَ أَيَّ فَتًى أَحْيَا مَآثِرَ آبَاءٍ لَهُ سَلَفُوا

إِنْ كَانَ رَهْطُ أَبِي وَهْبٍ جَحَاجِحَةً فِي الْأَوَّلِينَ فَهَذَا مِنْهُمُ خَلَفُ

أَشْجَاكَ جَعْدَةُ إِذْ نَادَى فَوَارِسَهُ حَامُوا عَنِ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا فَمَا وَقَفُوا

حَتَّى رَمَوْكَ بِخَيْلٍ غَيْرِ رَاجِعَةٍ إِلاَّ وَ سُمْرُ الْعَوَالِي مِنْكُمْ تَكِفُ

قَدْ عَاهَدُوا اللَّهَ لَنْ يَثْنُوا أَعِنَّتَهَا عِنْدَ الطِّعَانِ وَ لاَ فِي قَوْلِهِمْ خُلُفُ

لَمَّا رَأَيْتَهُمُ صُبْحاً حَسِبْتَهُمُ أُسْدَ الْعَرِينِ حَمَى أَشْبَالَهَا الْغُرُفُ (2)

نَادَيْتَ خَيْلَكَ إِذْ عَضَّ الثِّقَافُ بِهِمْ خَيْلِي إِلَيَّ فَمَا عَاجُوا وَ لاَ عَطَفُوا (3)

هَلاَّ عَطَفْتَ عَلَى قَتْلَى مُصَرَّعَةٍ مِنْهَا اَلسَّكُونُ وَ مِنْهَا اَلْأَزْدُ وَ اَلصَّدِفُ

قَدْ كُنْتَ فِي مَنْظَرٍ مِنْ ذَا وَ مُسْتَمَعٍ يَا عُتْبَ لَوْ لاَ سَفَاهُ الرَّأْيِ وَ السَّرَفُ

فَالْيَوْمَ يُقْرَعُ مِنْكَ السِّنُّ عَنْ نَدَمٍ مَا لِلْمُبَارِزِ إِلاَّ الْعَجْزُ وَ النَّصَفُ.

أسر الأشتر للأصبغ و العفو عنه و المراسلات بين علي عليه السلام و معاوية

1- نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ فِي إِسْنَادِهِ قَالَ: وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ بِصِفِّينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ اَلْأَصْبَغُ بْنُ ضِرَارٍ الْأَزْدِيُّ وَ كَانَ يَكُونُ طَلِيعَةً وَ مَسْلَحَةً لِمُعَاوِيَةَ فَنَدَبَ عَلِيٌّ لَهُ اَلْأَشْتَرَ فَأَخَذَهُ أَسِيراً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَاتِلَ وَ كَانَ عَلِيٌّ يَنْهَى عَنْ قَتْلِ الْأَسِيرِ الْكَافِّ فَجَاءَ بِهِ لَيْلاً وَ شَدَّ وَثَاقَهُ وَ أَلْقَاهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ (4)يَنْتَظِرُ بِهِ الصَّبَاحَ وَ كَانَ اَلْأَصْبَغُ شَاعِراً مُفَوَّهاً وَ نَامَ أَصْحَابُهُ فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَأَسْمَعَ اَلْأَشْتَرَ فَقَالَ:

ص: 466


1- في الأصل:«لم يصبح القوم»و أثبت ما في ح.و في الأصل أيضا:«شحمة يشوها»صوابه من ح،و انظر ما سبق في ص 367 س 13.
2- الغرف:جمع غريف،و هو الشجر الملتف.و في الأصل:«العرف»تحريف. و هذا البيت و الثلاثة قبله و البيت الذي بعده ليس في ح.
3- خيلك:أى فوارسك.عض الثقاف بهم:دخلوا في مأزق الحرب.و أصل الثقاف خشبة تسوى بها الرماح و القسى،بها خرق يتسع لهما،ثمّ يغمز منهما حيث ينبغي أن يغمز،و هما مدهونان مملولان أو مضهوبان على النار،حتى يصيرا إلى ما يراد منهما. و في الأصل:«إذا غض النقاف»تحريف.
4- في الأصل:«مع أضيافه»و أثبت ما في ح(2:302).

أَلاَ لَيْتَ هَذَا اللَّيْلَ طَبَّقَ سَرْمَداً عَلَى النَّاسِ لاَ يَأْتِيهِمُ بِنَهَارٍ (1)

يَكُونُ كَذَا حَتَّى الْقِيَامَةِ إِنَّنِي أُحَاذِرُ فِي الْإِصْبَاحِ ضَرْمَةَ نَارِ (2)

فَيَا لَيْلُ طَبِّقْ إِنَّ فِي اللَّيْلِ رَاحَةً وَ فِي الصُّبْحِ قَتْلِي أَوْ فَكَاكُ إِسَارِي

وَ لَوْ كُنْتُ تَحْتَ الْأَرْضِ سِتِّينَ وَادِياً لَمَا رَدَّ عَنِّي مَا أَخَافُ حِذَارِي

فَيَا نَفْسُ مَهْلاً إِنَّ لِلْمَوْتِ غَايَةً فَصَبْراً عَلَى مَا نَابَ يَا اِبْنَ ضِرَارِ

أَ أَخْشَى وَ لِي فِي الْقَوْمِ رِحْمٌ قَرِيبَةٌ أَبَى اللَّهُ أَنْ أَخْشَى وَ اَلْأَشْتَرُ جَارِي (3)

وَ لَوْ أَنَّهُ كَانَ الْأَسِيرَ بِبَلْدَةٍ أُطَاعُ بِهَا شَمَّرْتُ ذَيْلَ إِزَارِي

وَ لَوْ كُنْتُ جَارَ اَلْأَشْعَثِ الْخَيْرِ فَكَّنِي وَ قَلَّ مِنَ الْأَمْرِ الْمَخُوفِ فِرَارِي

وَ جَارَ سَعِيدٍ أَوْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ جَارَ شُرَيْحِ الْخَيْرِ قَرَّ قَرَارِي

وَ جَارَ اَلْمُرَادِيِّ الْعَظِيمِ وَ هَانِئٍ وَ زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ مَا كَرِهْتُ نَهَارِي (4)

وَ لَوْ أَنَّنِي كُنْتُ الْأَسِيرَ لِبَعْضِهِمْ دَعَوْتُ رَئِيسَ الْقَوْمِ عِنْدَ عِثَارِي

أُولَئِكَ قَوْمِي لاَ عَدِمْتُ حَيَاتَهُمْ وَ عَفْوَهُمُ عَنِّي وَ سَتْرَ عُوَارِي (5).

فَغَدَا بِهِ اَلْأَشْتَرُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْمَسْلَحَةِ لَقِيتُهُ بِالْأَمْسِ فَوَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَتْلَهُ الْحَقُّ قَتَلْتُهُ وَ قَدْ بَاتَ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ وَ حَرَّكَنَا بِشِعْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ الْقَتْلُ فَاقْتُلْهُ وَ إِنْ غَضِبْنَا فِيهِ وَ إِنْ سَاغَ لَكَ الْعَفْوُ عَنْهُ (6)فَهَبْهُ لَنَا قَالَ: 1«هُوَ لَكَ يَا مَالِكُ فَإِذَا أَصَبْتَ مِنْهُمْ أَسِيراً فَلاَ تَقْتُلْهُ فَإِنَّ أَسِيرَ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ لاَ يُفَادَى وَ لاَ يُقْتَلُ» فَرَجَعَ بِهِ اَلْأَشْتَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ قَالَ:لَكَ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ لَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا غَيْرُهُ.ح.

ص: 467


1- ح:«أصبح سرمدا».
2- ح:«يوم بوار».و البوار:الهلاك.
3- ح(2:303):«و مالك جارى»،و مالك هو الأشتر.
4- ح:«المرادى الكريم».
5- العوار،مثلثة:العيب.
6- في الأصل:«و إن كنت فيه بالخيار»و أثبت ما في ح.

وَ ذَكَرُوا أَنَّ عَلِيّاً أَظْهَرَ أَنَّهُ مُصَبِّحٌ غَداً مُعَاوِيَةَ وَ مُنَاجِزُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ وَ فَزِعَ أَهْلُ اَلشَّامِ لِذَلِكَ وَ انْكَسَرُوا لِقَوْلِهِ وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ صَاحِبَ رَايَةِ بَنِي سُلَيْمٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ مُبْغِضاً لِمُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ لَهُ هَوًى مَعَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَ يَكْتُبُ بِالْأَخْبَارِ (1)إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ وَ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام (2)فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ أَنِّي قَائِلٌ شِعْراً أَذْعَرُ بِهِ أَهْلَ اَلشَّامِ وَ أُرْغِمُ بِهِ مُعَاوِيَةَ (3)وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ لاَ يَتَّهِمُهُ وَ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَ نَجْدَةٌ وَ لِسَانٌ فَقَالَ لَيْلاً لِيُسْمِعَ أَصْحَابَهُ:

أَلاَ لَيْتَ هَذَا اللَّيْلَ أَطْبَقَ سَرْمَداً عَلَيْنَا وَ إِنَّا لاَ نَرَى بَعْدَهُ غَداً

وَ يَا لَيْتَهُ إِنْ جَاءَنَا بِصَبَاحِهِ وَجَدْنَا إِلَى مَجْرَى الْكَوَاكِبِ مُصْعِداً

حِذَارَ عَلِيٍّ إِنَّهُ غَيْرُ مُخْلِفٍ مَدَى الدَّهْرِ مَا لَبَّى الْمُلِبُّونَ مَوْعِداً

فَأَمَّا قَرَارِي فِي الْبِلاَدِ فَلَيْسَ لِي مَقَامٌ وَ لَوْ جَاوَزْتُ جَابَلْقَ مُصْعِداً

كَأَنِّي بِهِ فِي النَّاسِ كَاشِفَ رَأْسِهِ عَلَى ظَهْرِ خَوَّارِ الرِّحَالَةِ أَجْرَدَا

يَخُوضُ غُمَارَ الْمَوْتِ فِي مَرْجَحِنَّةٍ يُنَادُونَ فِي نَقْعِ الْعَجَاجِ مُحَمَّداً

فَوَارِسُ بَدْرٍ وَ اَلنَّضِيرِ وَ خَيْبَرٍ وَ أُحْدٍ يُرَوُّونَ الصَّفِيحَ الْمُهَنَّدَا

وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ جَالَدُوا عَنْ نَبِيِّهِمْ فَرِيقاً مِنَ اَلْأَحْزَابِ حَتَّى تَبَدَّدَا

هُنَالِكَ لاَ تَلْوِي عَجُوزٌ عَلَى ابْنِهَا وَ إِنْ أَكْثَرَتْ فِي الْقَوْلِ نَفْسِي لَكَ الْفِدَا

فَقُلْ لاِبْنِ حَرْبٍ مَا الَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ أَ تَثْبُتُ أَمْ نَدْعُوكَ فِي الْحَرْبِ قُعْدُدَا (4)

وَ ظَنِّي بِأَنْ لاَ يَصْبِرَ الْقَوْمُ مَوْقِفاً يَقِفْهُ وَ إِنْ لَمْ يُجْرِ فِي الدَّهْرِ لِلْمَدَىم.

ص: 468


1- ح(3:423):«بأخبار معاوية».
2- ح:«فيخبر بها عليّا عليه السلام».
3- في الأصل:«و أذعر به معاوية»و أثبت ما في ح.
4- القعدد،بضم القاف و الدال،و بفتح الدال أيضا:الجبان اللئيم القاعد عن الحرب و المكارم.

فَلاَ رَأْيَ إِلاَّ تَرْكُنَا اَلشَّامَ جَهْرَةً وَ إِنْ أَبْرَقَ الْفَجْفَاجُ فِيهَا وَ أَرْعَدَا (1).

فَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ اَلشَّامِ شِعْرَهُ أَتَوْا بِهِ مُعَاوِيَةَ فَهَمَّ بِقَتْلِهِ ثُمَّ رَاقَبَ فِيهِ قَوْمَهُ وَ طَرَدَهُ عَنِ اَلشَّامِ فَلَحِقَ بِمِصْرَ وَ نَدِمَ مُعَاوِيَةُ عَلَى تَسْيِيرِهِ إِيَّاهُ وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ :

وَ اللَّهِ لَقَوْلُ اَلسُّلَمِيِّ أَشَدُّ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ مِنْ لِقَاءِ عَلِيٍّ مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَوْ أَصَابَ خَلْفَ جَاْبَلْقَ مُصْعِداً نَفَذَهُ (2).

وَ جَابَلْقُ مَدِينَةٌ بِالْمَشْرِقِ وَ جَابَلْصُ مَدِينَةٌ بِالْمَغْرِبِ لَيْسَ بَعْدَهُمَا شَيْءٌ (3).

وَ قَالَ اَلْأَشْتَرُ حِينَ قَالَ عَلِيٌّ 1«إِنَّنِي مُنَاجِزُ الْقَوْمَ إِذَا أَصْبَحْتُ» :

قَدْ دَنَا الْفَصْلُ فِي الصَّبَاحِ وَ لِلسَّلْمِ رِجَالٌ وَ لِلْحُرُوبِ رِجَالٌ

فَرِجَالُ الْحُرُوبِ كُلُّ خِدَبٍّ مُقْحِمٍ لاَ تَهِدُّهُ الْأَهْوَالُ

يَضْرِبُ الْفَارِسُ الْمُدَجُّجُ بِالسَّيْفِ إِذَا فُلَّ فِي الْوَغَى الْأَكْفَالُ (4)

يَا اِبْنَ هِنْدٍ شُدَّ الْحَيَازِيمَ لِلْمَوْتِ وَ لاَ يَذْهَبَنَّ بِكَ الْآمَالُ

إِنَّ فِي الصُّبْحِ إِنْ بَقِيتَ لَأَمْراً تَتَفَادَى مِنْ هَوْلِهِ الْأَبْطَالُ

فِيهِ عِزُّ اَلْعِرَاقِ أَوْ ظَفَرُ اَلشَّامِ بِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ الزِّلْزَالُ

فَاصْبِرُوا لِلطِّعَانِ بِالْأَسَلِ السُّمْرِ وَ ضَرَبَ تَجْرِي بِهِ الْأَمْثَالُ

إِنْ تَكُونُوا قُتِلْتُمْ النَّفَرِ الْبِيضَ وَ غَالَتْ أُولَئِكَ الْآجَالُر.

ص: 469


1- الفجفاج:الكثير الكلام و الفخر بما ليس عنده.
2- نفذه:جازه.ح:«لو صار خلف جابلق مصعدا لم يأمن عليا».
3- ذكر ياقوت أن جابلق بأقصى المغرب،و مدينة أخرى من رستاق أصبهان لها ذكر في التواريخ.و لم يرسم لجابلص.و في ح(3:423):«ألا تعلمون ما جابلق؟ يقول لأهل الشام.قالوا:لا.قال:مدينة في أقصى المشرق ليس بعدها شيء».
4- فل:هزم.ح(3:424):«فر».و الأكفال:جمع كفل، بالكسر،هو من الرجال الذي يكون في مؤخر الحرب،إنّما همته في الفرار و التأخر.

فَلَنَا مِثْلُهُمْ وَ إِنْ عَظٌمَ الْخَطْبُ قَلِيلٌ أَمْثَالُهُمْ أَبْدَالُ (1)

يَخْضِبُونَ الْوَشِيجَ طَعْناً إِذَا جُرَّتْ مِنَ الْمَوْتِ بَيْنَهُمْ أَذْيَالُ (2)

طَلَبَ الْفَوْزِ فِي الْمَعَادِ وَ فِي ذَا تُسْتَهَانُ النُّفُوسُ وَ الْأَمْوَالُ.

(آخِرُ الْجُزْءِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ نُسْخَةِ أَجْزَاءِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ) فَلَمَّا انْتَهَى مُعَاوِيَةَ شِعْرُ اَلْأَشْتَرِ قَالَ شِعْرٌ مُنْكَرٌ مِنْ شَاعِرٍ مُنْكَرٍ رَأْسِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ عَظِيمِهِمْ وَ مُسَعِّرِ حَرْبِهِمْ وَ أَوَّلُ الْفِتْنَةِ وَ آخِرُهِا وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَى عَلِيٍّ كِتَاباً أَسْأَلُهُ اَلشَّامَ وَ هُوَ الشَّيْءُ الْأَوَّلُ الَّذِي رَدَّنِي عَنْهُ وَ أُلْقِيَ فِي نَفْسِهِ الشَّكَّ وَ الرِّيبَةَ فَضَحِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ثُمَّ قَالَ:أَيْنَ أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ مِنْ خُدْعَةِ عَلِيٍّ ؟ فَقَالَ:أَ لَسْنَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ:بَلَى وَ لَكِنْ لَهُمُ النُّبُوَّةُ دُونَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكْتُبَ فَاكْتُبْ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ مَعَ رَجُلٍ مِنَ اَلسَّكَاسِكِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ وَ كَانَ مِنْ نَاقِلَةِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَكَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَظُنُّكَ أَنْ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ وَ عَلِمْنَا لَمْ يَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَى عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِيَ لَنَا مِنْهَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَى مَا مَضَى وَ نُصْلِحُ بِهِ مَا بَقِيَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ اَلشَّامَ عَلَى أَلاَّ يَلْزَمَنِي لَكَ طَاعَةٌ وَ لاَ بَيْعَةٌ فَأَبَيْتَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأَعْطَانِي اللَّهُح.

ص: 470


1- ح:«فلنا مثلهم غداة التلاقى».
2- في الأصل:«جرت للموت»صوابه من ح.

مَا مَنَعْتَ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْيَوْمَ إِلَى مَا دَعَوْتُكَ إِلَيْهِ أَمْسِ فَإِنِّي لاَ أَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلاَّ مَا تَرْجُو وَ لاَ أَخَافُ مِنَ الْمَوْتِ إِلاَّ مَا تَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَجْنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ نَحْنُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَيْسَ لِبَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ فَضْلٌ إِلاَّ فَضْلٌ لاَ يُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِيزٌ وَ لاَ يُسْتَرَقُّ حُرٌّ بِهِ وَ السَّلاَمُ.

فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَلِيٍّ قَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: 1«اَلْعَجَبُ لِمُعَاوِيَةَ وَ كِتَابِهِ» ثُمَّ دَعَا عَلِيٌّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبَهُ فَقَالَ:اُكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ : 1«أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ وَ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ يَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَإِنَّا وَ إِيَّاكَ مِنْهَا فِي غَايَةٍ لَمْ تَبْلُغْهَا وَ إِنِّي لَوْ قُتِلْتُ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ حَيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ حَيِيتُ سَبْعِينَ مَرَّةً لَمْ أَرْجِعْ عَنِ الشِّدَّةِ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ الْجِهَادِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُقُولِنَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَى مَا مَضَى فَإِنِّي مَا نَقَصَتْ عَقْلِي وَ لاَ نَدِمْتُ عَلَى فِعْلِي فَأَمَّا طَلَبُكَ اَلشَّامَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ مِنْهَا أَمْسِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَإِنَّكَ لَسْتَ أَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ وَ لَيْسَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ عَلَى الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَيْسَ لِبَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ فَضْلٌ فَلَعَمْرِي إِنَّا بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ وَ لَكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَ لاَ الْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لاَ الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ وَ أَعْزَزْنَا بِهَا الذَّلِيلَ وَ السَّلاَمُ» .

كتمان معاوية كتاب علي ثم إذاعته و شعر لعمرو في شماتة معاوية

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ: فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ كِتَابُ عَلِيٍّ كَتَمَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَيَّاماً ثُمَّ دَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ فَشَمِتَ بِهِ عَمْرٌو وَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَشَدَّ تَعْظِيماً لِعَلِيٍّ مِنْ عَمْرٍو مُنْذُ يَوْمَ

ص: 471

لَقِيَهُ وَ صَفَحَ عَنْهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِيمَا كَانَ أَشَارَ بِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ :

أَلاَ لِلَّهِ دَرُّكٌ يَا اِبْنِ هِنْدٍ وَ دَرُّ الْآمِرِينَ لَكَ الشُّهُودِ

أَ تَطْمَعُ لاَ أَبَا لَكَ فِي عَلِيٍّ وَ قَدْ قُرِعَ الْحَدِيدِ عَلَى الْحَدِيدِ

وَ تَرْجُو أَنْ تُحَيِّرَهُ بِشَكٍّ وَ تَرْجُو أَنْ يَهَابَكَ بِالْوَعِيدِ (1)

وَ قَدْ كَشَفَ الْقِنَاعَ وَ جَرَّ حَرْباً يَشِيبُ لِهَوْلِهَا رَأْسُ الْوَلِيدِ

لَهُ جَأْوَاءُ مَظْلِمَةٌ طَحُونُ فَوَارِسُهَا تَلَهَّبُ كَالْأُسُودِ (2)

يَقُولُ لَهَا إِذَا دَلَفَتْ إِلَيْهِ وَ قَدْ مَلَّتْ طِعَانُ الْقَوْمِ عُودِيِ (3)

فَإِنْ وَرَدَتْ فَأَوَّلُهَا وُرُوداً وَ إِنْ صَدَّتْ فَلَيْسَ بِذِي صُدُودِ (4)

وَ مَا هِيَ مِنْ أَبِي حَسَنٍ بِنُكْرٍ وَ مَا هِيَ مِنْ مَسَائِكَ بِالْبَعِيدِ

وَ قُلْتَ لَهُ مَقَالَةَ مُسْتَكِينٍ ضَعِيفِ الرُّكْنِ مُنْقَطِعِ الْوَرِيدِ

دَعَنَّ اَلشَّامَ حَسْبُكَ يَا اِبْنِ هِنْدٍ مِنَ السَّوْءَاتِ وَ الرَّأْيِ الزَّهِيدِ

وَ لَوْ أَعْطَاكَهَا مَا ازْدَدْتَ عِزّاً وَ لاَ لَكَ لَوْ أَجَابَكَ مِنْ مَزِيدٍ

وَ لَمْ تَكْسِرْ بِذَاكَ الرَّأْيِ عُوداً لِرِكَّتِهِ وَ لاَ مَا دُونَ عُودٍ.

فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ قَوْلُ عَمْرِو دَعَاهُ فَقَالَ:يَا عَمْرُو إِنَّنِي قَدْ أَعْلَمُ مَا أَرَدْتَ بِهَذَا قَالَ:مَا أَرَدْتُ قَالَ أَرَدْتَ تَفْيِيلَ رَأْيِي وَ إِعْظَامَ عَلِيٍّ وَ قَدْ فَضَحَكَ قَالَ:أَمَّا تَفْيِيلِي رَأْيَكَ فَقَدْ كَانَ وَ أَمَّا إِعْظَامِي عَلِيّاً فَإِنَّكَ بِإِعْظَامِهِ أَشَدُّ مَعْرِفَةً مِنِّي وَ لَكِنَّكَ تَطْوِيهِ وَ أَنَا أَنْشُرُهُ وَ أَمَّا فَضِيحَتِي فَلَمْ يَفْتَضِحْ امْرُؤٌ لَقِيَ أَبَا حَسَنٍ .ح.

ص: 472


1- في الأصل:«أن تخبره»صوابه في ح(3:424).و في ح أيضا:«و تأمل أن يهابك».
2- الجأواء:الكتيبة يعلوها لون السواد لكثرة الدروع.
3- ح:«إذا رجعت إليه».
4- في الأصل:«و إن صدرت»و أثبت ما في ح.

وَ قَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ شَمِتَ بِعَمْرٍو حَيْثُ لَقِيَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا لَقِيَ فَقَالَ عَمْرٌو فِي شَمَاتَةِ مُعَاوِيَةَ

مُعَاوِيَّ لاَ تُشْمِتْ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ لَقِيَ فَارِساً لاَ تَعْتَرِيهِ الْفَوَارِسُ

مُعَاوِيَّ إِنْ أَبْصَرْتَ فِي الْخَيْلِ مُقْبِلاً أَبَا حَسَنٍ يَهْوِي دَهَتْكَ الْوَسَاوِسُ

وَ أَيْقَنْتَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنَّهُ لِنَفْسِكَ إِنْ لَمْ تَمْضِ فِي الرَّكْضِ حَابِسُ

فَإِنَّكَ لَوْ لاَقَيْتَهُ كُنْتَ بُومَةً أُتِيحَ لَهَا صَقْرٌ مِنَ الْجَوِّ آنِسُ

وَ مَا ذَا بَقَاءُ الْقَوْمِ بَعْدَ اخْتِبَاطِهِ وَ إِنَّ امْرَأً يَلْقَى عَلِيّاً لَآيِسٌ

دَعَاكَ فَصَمَّتْ دُونَهُ الْأُذْنُ هَارِباً بِنَفْسِكَ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْكَ الْأَمَالِسُ

وَ أَيْقَنْتَ أَنَّ الْمَوْتَ أَقْرَبُ مَوْعِدٍ وَ أَنَّ الَّتِي نَادَاكَ فِيهَا الدَّهَارِسُ

وَ تُشْمِتُ بِي إِنْ نَالَنِي حَدُّ رُمْحِهِ وَ عَضَّضَنِي نَابٌ مِنَ الْحَرْبِ نَاهِسُ (1)

أَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنَّهُ لَيْثُ غَابَةٍ أَبُو أَشْبُلٍ تُهْدَى إِلَيْهِ الْفَرَائِسُ

وَ إِنِّي امْرُؤٌ بَاقٍ فَلَمْ يُلْفَ شِلْوُهُ بِمُعْتَرَكٍ تَسْفَى عَلَيْهِ الرَّوَامِسُ

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ فَأَرْهِجْ عَجَاجَةً وَ إِلاَّ فَتِلْكَ التُّرَّهَاتُ الْبَسَابِسُ.

زحف عليٍّ

نَصْرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو ضِرَارٍ قَالَ:حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: غَلَّسَ عَلِيٌّ بِالنَّاسِ صَلاَةَ الْغَدَاةِ: يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ عَاشِرَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ وَ قِيلَ عَاشِرَ شَهْرِ صَفَرٍ ثُمَّ زَحَفَ إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ بِعَسْكَرِ اَلْعِرَاقِ وَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ زَحَفَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ قَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ أَكَلَتِ الْفَرِيقَيْنِ وَ لَكِنَّهَا فِي أَهْلِ اَلشَّامِ أَشَدُّ نِكَايَةً وَ أَعْظَمُ وَقْعاً فَقَدْ مَلُّوا الْحَرْبَ وَ كَرِهُوا الْقِتَالَ وَ تَضَعْضَعَتْ أَرْكَانُهُمْ قَالَ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ عَلَى فَرَسٍ كُمَيْتٍ ذَنُوبٍ عَلَيْهِ السِّلاَحُ لاَ يُرَى مِنْهُ إِلاَّ عَيْنَاهُ

ص: 473


1- في الأصل:«عضعضنى»و الوجه ما أثبت.و المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.

وَ بِيَدِهِ الرُّمْحُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ رُءُوسَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ بِالْقَنَاةِ وَ يَقُولُ:سَوُّوا صُفُوفَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ حَتَّى إِذَا عَدَّلَ الصُّفُوفَ وَ الرَّايَاتِ اسْتَقْبَلَهُمْ بِوَجْهِهِ وَ وَلَّى أَهْلَ اَلشَّامِ ظَهْرَهُ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِينَا ابْنَ عَمِّ نَبِيِّهِ (1)أَقْدَمَهُمْ هِجْرَةً وَ أَوَّلَهُمْ إِسْلاَماً سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فَانْظُرُوا (2)إِذَا حَمِيَ الْوَطِيسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ تَكَسَّرَ الْمُرَّانِ وَ جَالَتِ الْخَيْلُ بِالْأَبْطَالِ فَلاَ أَسْمَعُ إِلاَّ غَمْغَمَةً أَوْ هَمْهَمَةً فَاتَّبِعُونِي وَ كُونُوا فِي إِثْرِي قَالَ:ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ وَ كَسَرَ فِيهِمْ رُمْحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا هُوَ اَلْأَشْتَرُ .

قَالَ وَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ يُنَادِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ:يَا أَبَا الْحَسَنِ يَا عَلِيُّ ابْرُزْ إِلَيَّ قَالَ:فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ حَتَّى إِذَا اخْتَلَفَ أَعْنَاقُ دَابَّتَيْهِمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ:يَا عَلِيُّ إِنَّ لَكَ قَدَماً فِي اَلْإِسْلاَمِ وَ هِجْرَةً (3)فَهَلْ لَكَ فِي أَمْرٍ أَعْرِضُهُ عَلَيْكَ يَكُونُ فِيهِ حَقْنُ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْحُرُوبِ حَتَّى تَرَى مِنْ رَأْيِكَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1وَ مَا ذَاكَ ؟ قَالَ:تَرْجِعُ إِلَى عِرَاقِكَ فَنُخِلِّي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلْعِرَاقِ وَ نَرْجِعُ إِلَى شَامِنَا فَتُخَلِّي بَيْنَنَا وَ بَيْنَ شَامِنَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ :

1«لَقَدْ عَرَفْتُ إِنَّمَا عَرَضْتَ هَذَا نَصِيحَةً وَ شَفَقَةً وَ لَقَدْ أَهَمَّنِي هَذَا الْأَمْرُ وَ أَسْهَرَنِي وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ أَجِدْ إِلاَّ الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ أَنْ يُعْصَى فِي الْأَرْضِ وَ هُمْ سُكُوتٌ مُذْعِنُونَ لاَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ لاَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَوَجَدْتُ الْقِتَالَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْأَغْلاَلِ فِي جَهَنَّمَ » ،».

ص: 474


1- في الأصل:«فيكم ابن عم نبيّكم»و أثبت ما في ح(1:183).
2- في الأصل:«فانظروا إلى».و كلمة«إلى»ليست في ح.
3- ح:«و الهجرة».

فَرَجَعَ الشَّامِيُّ وَ هُوَ يَسْتَرْجِعُ.

قَالَ:وَ زَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَارْتَمَوْا بِالنَّبَلِ وَ الْحِجَارَةِ حَتَّى فَنِيَتْ ثُمَّ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَ انْدَقَّتْ ثُمَّ مَشَى الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالسَّيْفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ فَلَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُ إِلاَّ وَقْعَ الْحَدِيدِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لَهُوَ أَشَدُّ هَوْلاً فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ الصَّوَاعِقِ وَ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ يَدُكُّ بَعْضُهَا بَعْضاً قَالَ:وَ انْكَشَفَتِ الشَّمْسُ بِالنَّقْعِ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِيَةُ وَ الرَّايَاتُ قَالَ:وَ أَخَذَ اَلْأَشْتَرُ يَسِيرُ فِيمَا بَيْنَ الْمَيْمَنَةِ وَ الْمَيْسَرَةِ فَيَأْمُرُ كُلَّ قَبِيلَةٍ أَوْ كَتِيبَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الَّتِي تَلِيهَا قَالَ:فَاجْتَلَدُوا بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ لَمْ يُصَلُّوا لِلَّهِ صَلاَةً فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ اَلْأَشْتَرُ بِالنَّاسِ حَتَّى أَصْبَحَ وَ الْمَعْرَكَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ افْتَرَقُوا عَنْ سَبْعِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ وَ كَانَ اَلْأَشْتَرُ فِي مَيْمَنَةِ النَّاسِ وَ اِبْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمَيْسَرَةِ وَ عَلِيٌّ فِي الْقَلْبِ وَ النَّاسُ يَقْتَتِلُونَ.

ثُمَّ اسْتَمَرَّ الْقِتَالُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ الثَّانِي إِلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى وَ اَلْأَشْتَرُ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ:وَ هُوَ يَزْحَفُ بِهِمْ نَحْوَ أَهْلِ اَلشَّامِ ازْحَفُوا قِيدَ رُمْحِي هَذَا وَ إِذَا فَعَلُوا قَالَ:اِزْحَفُوا قَابَ هَذَا الْقَوْسِ (1)فَإِذَا فَعَلُوا سَأَلَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى مَلَّ أَكْثَرُ النَّاسِ الْإِقْدَامَ (2)فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: أُعِيذُكُمْ بِاللَّهِ أَنْ تَرْضَعُوا الْغَنَمَ سَائِرَ الْيَوْمِ ثُمَّ دَعَا بِفَرَسِهِ وَ رَكَزَ رَايَتَهُ وَ كَانَتْ مَعَ حَيَّانَ بْنِ هَوْذَةَ النَّخَعِيِّ وَ خَرَجَ يَسِيرُ فِي الْكَتَائِبِ وَ يَقُولُ:أَلاَ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ لِلَّهِ وَ يُقَاتِلُ مَعَ اَلْأَشْتَرِ حَتَّىح.

ص: 475


1- و كذلك في ح.و القوس يذكر و يؤنث.
2- في الأصل:«حتى بل»صوابه من ح.

يَظْهَرَ أَوْ يَلْحَقَ بِاللَّهِ (1)فَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ مِنَ النَّاسِ يَخْرُجُ إِلَيْهِ وَ يُقَاتِلُ مَعَهُ .

خطبة لعلي

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:حَدَّثَنِي أَبُو ضِرَارٍ عَنْ عَمَّارِ (2)بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: مَرَّ بِي وَ اللَّهِ اَلْأَشْتَرُ وَ أَقْبَلَتْ مَعَهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ بِهِ فَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ:شُدُّوا فِدًى لَكُمْ عَمِّي وَ خَالِي شِدَّةً تُرْضُونَ بِهَا اللَّهَ وَ تُعَزُّونَ بِهَا الدِّينَ فَإِذَا شَدَدْتُ فَشُدُّوا قَالَ:ثُمَّ نَزَلَ وَ ضَرَبَ وَجْهَ دَابَّتِهِ ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِ رَايَتِهِ:أَقْدِمْ فَأَقْدِمْ بِهَا ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْقَوْمِ وَ شَدَّ مَعَهُ أَصْحَابُهُ يَضْرِبُ أَهْلَ اَلشَّامِ حَتَّى انْتَهَى بِهِمْ إِلَى عَسْكَرِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَاتَلُوا عِنْدَ الْعَسْكَرِ قِتَالاً شَدِيداً فَقُتِلَ صَاحِبُ رَايَتِهِ وَ أَخَذَ عَلِيٌّ لَمَّا رَأَى الظَّفَرَ قَدْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ يَمُدُّهُ بِالرِّجَالِ.

قَالَ:وَ إِنَّ عَلِيّاً قَامَ خَطِيباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: 1«أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ بَلَغَ بِكُمُ الْأَمْرُ وَ بِعَدُوِّكُمْ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ آخِرُ نَفَسٍ وَ إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا أَقْبَلَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا وَ قَدْ صَبَرَ لَكُمُ الْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ دِينٍ حَتَّى بَلَغْنَا مِنْهُمْ مَا بَلَغْنَا وَ أَنَا غَادٍ عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ أُحَاكِمُهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ» فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَدَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ:يَا عَمْرُو إِنَّمَا هِيَ اللَّيْلَةُ حَتَّى يَغْدُوَ عَلِيٌّ عَلَيْنَا بِالْفَيْصَلِ (3)فَمَا تَرَى؟ قَالَ إِنَّ رِجَالَكَ لاَ يَقُومُونَ لِرِجَالِهِ وَ لَسْتَ مِثْلَهُ هُوَ يُقَاتِلُكَ عَلَى أَمْرٍ وَ أَنْتَ تُقَاتِلُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْتَ تُرِيدُ الْبَقَاءَ وَ هُوَ يُرِيدُ الْفَنَاءَ وَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ يَخَافُونَ مِنْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِمْ وَ أَهْلُ اَلشَّامِ».

ص: 476


1- في الأصل:«و يلحق باللّه»صوابه في ح.
2- في الأصل:«عمارة»و أثبت ما في ح(1:184)مطابقا ما سلف في ص 473.
3- ح:«بالفصل».

لاَ يَخَافُونَ عَلِيّاً إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ وَ لَكِنْ أَلْقِ إِلَيْهِمْ أَمْراً إِنْ قَبِلُوهُ اخْتَلَفُوا وَ إِنْ رَدُّوهُ اخْتَلَفُوا ادْعُهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ حَكَماً فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّكَ بَالِغٌ بِهِ حَاجَتَكَ فِي الْقَوْمِ فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ أُؤَخِّرُ هَذَا الْأَمْرَ لِوَقْتِ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ (1)فَعَرَفَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ:صَدَقْتَ .

دعاء علي عليه السلام يوم الهرير

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ :(2) قَالَ:وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ عَلِيّاً يَوْمَ الْهَرِيرِ حِينَ سَارَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا طَحَنَتْ رَحَى مَذْحِجٍ فِيمَا بَيْنَهَا (3)وَ بَيْنَ عَكٍّ وَ لَخْمٍ وَ جُذَامٍ وَ اَلْأَشْعَرِيِّينَ بِأَمْرِ عَظِيمٍ تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِي مِنْ حِينَ اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ (4)حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً قَالَ: «حَتَّى مَتَى نُخَلِّي بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ؟ قَدْ فَنِيَا وَ أَنْتُمْ وُقُوفٌ تَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ أَ مَا تَخَافُونَ مَقْتَ اللَّهِ» ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ نَادَى: «يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا اللَّهُ يَا إِلَهَ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ امْتَدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا:« رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ »سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ثُمَّ نَادَى «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَلِمَةُ التَّقْوَى» ثُمَّ قَالَ (5):لاَ وَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا سَمِعْنَا بِرَئِيسِ قَوْمٍ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَصَابَ بِيَدِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَا أَصَابَ - إِنَّهُ قَتَلَ فِيمَا ذَكَرَ الْعَادُّونَ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَعْلاَمِ اَلْعَرَبِ -

ص: 477


1- في الأصل:«لحاجتك إليه»و أثبت ما في ح.
2- (2) في الأصل:«بن نمير»تحريف.انظر الإصابة 1030.
3- في الأصل:«بيننا»و الوجه ما أثبت من ح.
4- استقلت الشمس:ارتفعت في السماء.و في الأصل:«استقبلت»صوابه في ح.
5- القائل هو الراوي،جابر بن عمير الأنصارى.

يَخْرُجُ بِسَيْفِهِ مُنْحَنِياً فَيَقُولُ -:«مَعْذِرَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَيْكُمْ مِنْ هَذَا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُصَقِّلَهُ (1)وَ لَكِنْ حَجَزَنِي عَنْهُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ كَثِيراً:

14لاَ سَيْفَ إِلاَّ ذُو الْفَقَارِ وَ لاَ فَتَى إِلاَّ عَلِيٌّ وَ أَنَا أُقَاتِلُ بِهِ دُونَهُ»قَالَ فَكُنَّا نَأْخُذُهُ فَنُقَوِّمُهُ ثُمَّ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَيْدِينَا فَيَتَقَحَّمُ بِهِ فِي عُرْضِ الصَّفِّ فَلاَ وَ اللَّهِ مَا لَيْثٌ بِأَشَدِّ نِكَايَةً فِي عَدُوِّهِ مِنْهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَاسِعَةً .

رفع المصاحف على أطراف الرماح

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ (2)قَالَ:سَمِعْتُ تَمِيمَ بْنَ حِذْيَمٍ (3)يَقُولُ:

لَمَّا أَصْبَحْنَا مِنْ لَيْلَةِ الْهَرِيرِ نَظَرْنَا فَإِذَا أَشْبَاهُ الرَّايَاتِ أَمَامَ صَفِّ أَهْلِ اَلشَّامِ وَسْطَ الْفَيْلَقِ مِنْ حِيَالِ مَوْقِفِ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا أَسْفَرْنَا إِذَا هِيَ الْمَصَاحِفُ قَدْ رُبِطَتْ عَلَى أَطْرَافِ الرِّمَاحِ وَ هِيَ عِظَامُ مَصَاحِفِ الْعَسْكَرِ وَ قَدْ شَدُّوا ثَلاَثَةَ أَرْمَاحٍ جَمِيعاً وَ قَدْ رَبَطُوا عَلَيْهَا مُصْحَفَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ يُمْسِكُهُ عَشْرَةُ رَهْطٍ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو الطُّفَيْلِ اسْتَقْبَلُوا عَلِيّاً بِمِائَةِ مُصْحَفٍ وَ وَضَعُوا فِي كُلِّ مُجَنِّبَةٍ مِائَتَيْ مُصْحَفٍ (4)وَ كَانَ جَمِيعُهَا خَمْسَمِائَةِ مُصْحَفٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ :

ثُمَّ قَامَ اَلطُّفَيْلُ بْنُ أَدْهَمَ حِيَالَ عَلِيٍّ وَ قَامَ أَبُو شُرَيْحٍ الْجُذَامِيُّ حِيَالَ الْمَيْمَنَةِ وَ قَامَ وَرْقَاءُ بْنُ الْمُعَمَّرِ حِيَالَ الْمَيْسَرَةِ ثُمَّ نَادَوْا:يَا مَعْشَرَ اَلْعَرَبِ اللَّهَ اللَّهَ فِي نِسَائِكُمْ وَ بَنَاتِكُمْ فَمَنْ لِلرُّومِ (5)وَ اَلْأَتْرَاكِ وَ أَهْلِ فَارِسَ غَداً إِذَا فَنِيتُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي دِينِكُمْ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ - فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا اَلْكِتَابَ يُرِيدُونَ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْحَقُّ الْمُبِينُ» فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ فِي الرَّأْيِ فَطَائِفَةٌ قَالَتْ:اَلْقِتَالُ وَ طَائِفَةٌ قَالَتْ:اَلْمُحَاكَمَةُ

ص: 478


1- إنّما يريد أن يصقله ليزيل ما به من الفقار،و هي الحفر الصغار.و في الأصل: «أفلقه».
2- جابر هذا هو جابر بن يزيد الجعفى المترجم في ص 245.
3- سبقت ترجمته في ص 169.
4- المجنبة،بكسر النون المشددة:ميمنة الجيش و ميسرته؛و بفتحها:مقدّمة الجيش.
5- ح:«من الروم».

إِلَى اَلْكِتَابِ وَ لاَ يَحِلُّ لَنَا الْحَرْبُ وَ قَدْ دُعِينَا إِلَى حُكْمِ اَلْكِتَابِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَطَلَتِ الْحَرْبُ وَ وَضَعَتْ أَوْزَارَهَا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَعِنْدَ ذَلِكَ حُكِّمَ الْحَكَمَانِ .

يوم الهرير

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: فَلَمَّا أَنْ كَانَ اَلْيَوْمُ الْأَعْظَمُ قَالَ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ :وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ لَنَبْرَحُ الْيَوْمَ الْعَرْصَةَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَنَا أَوْ نَمُوتَ.

فَبَادِرُوا الْقِتَالَ غُدْوَةً فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّعْرَى طَوِيلٍ شَدِيدِ الْحَرِّ (1)فَتَرَامَوْا حَتَّى فَنِيَتِ النَّبْلُ ثُمَّ تَطَاعَنُوا حَتَّى تَقَصَّفَتْ رِمَاحُهُمْ ثُمَّ نَزَلَ الْقَوْمُ عَنْ خُيُولِهِمْ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ بِالسُّيُوفِ حَتَّى كُسِرَتْ جُفُونُهَا وَ قَامَتِ الْفُرْسَانُ فِي الرَّكْبِ ثُمَّ اضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ وَ بِعُمُدِ الْحَدِيدِ فَلَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُ إِلاَّ تَغَمْغُمَ الْقَوْمِ وَ صَلِيلَ الْحَدِيدِ فِي الْهَامِ وَ تَكَادُمَ الْأَفْوَاهِ وَ كُسِفَتِ الشَّمْسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِيَةُ وَ الرَّايَاتُ (2)وَ مَرَّتْ مَوَاقِيتُ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ لَمْ يُسْجَدْ لِلَّهِ فِيهِنَّ إِلاَّ تَكْبِيراً وَ نَادَتِ الْمَشِيخَةُ فِي تِلْكَ الْغَمَرَاتِ:يَا مَعْشَرَ اَلْعَرَبِ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْحُرُمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْبَنَاتِ.

قَالَ جَابِرٌ :فَبَكَى أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُوَ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ (3).

قَالَ:وَ أَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ عَلَى فَرَسٍ كُمَيْتٍ مَحْذُوفٍ قَدْ وَضَعَ مِغْفَرَهُ عَلَى قَرَبُوسِ السَّرْجِ وَ هُوَ يَقُولُ:اِصْبِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ حَمِيَ الْوَطِيسُ وَ رَجَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْكُسُوفِ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ أَخَذَتِ السِّبَاعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَهُمْ

ص: 479


1- في الأصل:«فباكروا القتال غدا يوما من أيّام الشعرى طويلا شديد الحر». و أثبت ما في ح.
2- في الأصل:«فى الرايات»وجهه من ح(1:185).
3- في الأصل:«و هو يحدّثني»و أثبت ما في ح.

كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ (1)-:

مَضَتْ وَ اسْتَأْخَرَ الْقُرَعَاءُ عَنْهَا وَ خُلِّيَ بَيْنَهُمْ إِلاَّ الْوَرِيعُ (2).

قَالَ:يَقُولُ وَاحِدٌ لِصَاحِبِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ -:أَيُّ رَجُلٍ هَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَقُولُ لَهُ صَاحِبُهُ:وَ أَيُّ نِيَّةِ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ هَبِلَتْكَ.

إِنَّ رَجُلاً فِيمَا قَدْ تَرَى قَدْ سَبَحَ فِي الدِّمَاءِ وَ مَا أَضْجَرَتْهُ الْحَرْبُ وَ قَدْ غَلَتْ هَامُ الْكُمَاةِ مِنَ الْحَرِّ:« وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ »وَ هُوَ كَمَا تَرَاهُ جَذَعاً يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اللَّهُمَّ لاَ تُبْقِنَا بَعْدَ هَذَا (3) .

خطبة الأشعث ليلة الهرير و رفع المصاحف و التحكيم

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ صَعْصَعَةَ قَالَ: قَامَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ فِي أَصْحَابِهِ مِنْ كِنْدَةَ فَقَالَ:اَلْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِينُهُ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ أَسْتَنْصِرُهُ وَ أَسْتَغْفِرُهُ وَ أَسْتَخِيرُهُ وَ أَسْتَهْدِيهِ وَ أَسْتَشِيرُهُ وَ أَسْتَشْهِدُ بِهِ فَإِنَّهُ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَ مَنْ يُضْلِلْ« فَلا هادِيَ لَهُ »وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:قَدْ رَأَيْتُمْ يَا مَعْشَرَ اَلْمُسْلِمِينَ -

ص: 480


1- في الأصل:«فأنتم»و وجهه من ح.و الشاعر هو عمرو بن معد يكرب،من قصيدة في خزانة الأدب(3:462-463)و الأصمعيات 43-45.و قبل البيت: و زحف كتيبة دلفت لأخرى كأن زهاءها رأس صليع.
2- القرعاء:جمع قريع،و هو المغلوب المهزوم.و في الأصل و ح:«الفرعاء»تحريف. و في الخزانة و الأصمعيات:«الأوغال»جمع وغل،و هو النذل من الرجال.و الوريع، الكاف؛و في الخزانة:«و الوريع،بالراء المهملة،و كذلك الورع بفتحتين،و هو الصغير الضعيف الذي لا غناء عنده».و في الأصل و ح:«الوزيع»و لا وجه له.
3- كتب ابن أبي الحديد بعد هذا في(1:185):«قلت:للّه أم قامت عن الأشتر.لو أن إنسانا يقسم أن اللّه تعالى ما خلق في العرب و لا في العجم أشجع منه إلاّ أستاذه عليه السلام لما خشيت عليه الإثم.و للّه در القائل و قد سئل عن الأشتر:ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام،و هزم موته أهل العراق.و بحق ما قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام:كان الأشتر كما كنت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله».

مَا قَدْ كَانَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا الْمَاضِي وَ مَا قَدْ فَنِيَ فِيهِ مِنْ اَلْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَتْ مِنَ السِّنِّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَبْلُغَ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ أَلاَ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ أَنَّا إِنْ نَحْنُ تَوَاقَفْنَا غَداً إِنَّهُ لِفَنَاءِ اَلْعَرَبِ وَ ضَيْعَةِ الْحُرُمَاتِ (1)أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ جَزَعاً مِنَ الْحَتْفِ وَ لَكِنِّي رَجُلٌ مُسِنٌّ أَخَافُ عَلَى النِّسَاءِ وَ الذَّرَارِيِّ غَداً إِذَا فَنِينَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ نَظَرْتُ لِقَوْمِي وَ لِأَهْلِ دِينِي فَلَمْ آلُ - « وَ ما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ »وَ الرَّأْيُ يُخْطِئُ وَ يُصِيبُ وَ إِذَا قَضَى اللَّهُ أَمْراً أَمْضَاهُ عَلَى مَا أَحَبَّ الْعِبَادُ أَوْ كَرِهُوا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَ لَكُمْ.

قَالَ صَعْصَعَةُ :فَانْطَلَقَتْ عُيُونُ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهِ بِخُطْبَةِ اَلْأَشْعَثِ فَقَالَ:أَصَابَ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ لَئِنْ نَحْنُ الْتَقَيْنَا غَداً لَتَمِيلَنَّ اَلرُّومُ عَلَى ذَرَارِيِّنَا وَ نِسَائِنَا وَ لَتَمِيلَنَّ (2)أَهْلُ فَارِسَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ ذَرَارِيِّهِمْ وَ إِنَّمَا يُبْصِرُ هَذَا ذَوُو الْأَحْلاَمِ وَ النُّهَى ارْبِطُوا الْمَصَاحِفَ عَلَى أَطْرَافِ الْقَنَا.

قَالَ صَعْصَعَةُ :فَثَارَ (3)أَهْلُ اَلشَّامِ فَنَادَوْا فِي سَوَادِ اللَّيْلِ يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ مَنْ لِذَرَارِيِّنَا إِنْ قَتَلْتُمُونَا وَ مَنْ لِذَرَارِيِّكُمْ إِنْ قَتَلْنَاكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْبَقِيَّةِ فَأَصْبَحَ أَهْلُ اَلشَّامِ وَ قَدْ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ وَ قَلَّدُوهَا الْخَيْلَ وَ النَّاسُ عَلَى الرَّايَاتِ قَدِ اشْتَهَوْا مَا دُعُوا إِلَيْهِ وَ رُفِعَ مُصْحَفُ دِمَشْقَ الْأَعْظَمُ تَحْمِلُهُ عَشْرَةُ رِجَالٍ عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ وَ نَادَوْا يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ وَ أَقْبَلَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَبْيَضَ وَ قَدْ وَضَعَ اَلْمُصْحَفَ عَلَى رَأْسِهِ يُنَادِي يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ.ح.

ص: 481


1- في الأصل:«لتمكن»فى هذا الموضع و سابقه،و وجههما ما أثبت من ح.
2- في الأصل:«الحرمان»صوابه في ح.
3- في الأصل:«فأمر»و صوابه في ح.

وَ أَقْبَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَاطِلِ لاَ يَقُومُونَ بِأَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُصِبْ عَصَبَةٌ مِنَّا إِلاَّ وَ قَدْ أُصِيبَ مِثْلَهَا مِنْهُمْ وَ كُلٌّ مَقْرُوحٌ وَ لَكِنَّا أَمْثَلُ بَقِيَّةً مِنْهُمْ وَ قَدْ جَزِعَ الْقَوْمُ وَ لَيْسَ بَعْدَ الْجَزَعِ إِلاَّ مَا تُحِبُّ (1)فَنَاجِزِ الْقَوْمَ فَقَامَ اَلْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لاَ خَلَفَ لَهُ مِنْ رِجَالِهِ وَ لَكَ بِحَمْدِ اللَّهِ الْخَلَفُ وَ لَوْ كَانَ لَهُ مِثْلُ رِجَالِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلُ صَبْرِكَ وَ لاَ بَصَرِكَ فَأَقْرِعِ الْحَدِيدَ بِالْحَدِيدِ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ الْحَمِيدِ.

ثُمَّ قَامَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا أَجَبْنَاكَ (2)وَ لاَ نَصَرْنَاكَ عَصَبِيَّةً عَلَى الْبَاطِلِ وَ لاَ أَجَبْنَا إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاَ طَلَبْنَا إِلاَّ الْحَقَّ وَ لَوْ دَعَانَا غَيْرُكَ إِلَى مَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ لاَسْتَشْرَى فِيهِ اللَّجَاجَ (3)وَ طَالَتْ فِيهِ النَّجْوَى وَ قَدْ بَلَغَ الْحَقِّ مقطعه وَ لَيْسَ لَنَا مَعَكَ رَأْيٌ.

فَقَامَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ مُغْضَباً فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا لَكَ الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ وَ لَيْسَ آخِرُ أَمْرِنَا كَأَوَّلِهِ وَ مَا مِنَ الْقَوْمِ أَحَدٌ أَحْنَى عَلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ لاَ أَوْتَرَ لِأَهْلِ اَلشَّامِ مِنِّي فَأَجِبِ الْقَوْمَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ وَ قَدْ أَحَبَّ النَّاسُ الْبَقَاءَ وَ كَرِهُوا الْقِتَالَ .فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : 1إِنَّ هَذَا أَمْرٌ يُنْظَرُ فِيهِ .

وَ ذَكَرُوا أَنَّ أَهْلَ اَلشَّامِ جَزِعُوا فَقَالُوا:يَا مُعَاوِيَةُ مَا نَرَى أَهْلَ اَلْعِرَاقِ أَجَابُوا إِلَى مَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ فَأَعِدْهَا جَذَعَةً (4)فَإِنَّكَ قَدْ غَمَرْتَ بِدُعَائِكَ الْقَوْمَ وَ أَطْمَعْتَهُمْ فِيكَ.ف.

ص: 482


1- ح(1:185):«نحب»بالنون.
2- في الأصل:«ما اخترناك»و الوجه ما أثبت من ح.
3- استشرى:اشتد و قوى.و في الأصل:«لكان فيه اللجاج»و أثبت ما في ح.
4- أي ابدأها مرة أخرى.و في اللسان:«و إذا طفئت حرب بين قوم فقال بعضهم إن شئتم أعدناها جذعة،أي أول ما يبتدأ فيها».ح(1:188):«فأعدوها خدعة»تحريف.

فَدَعَا مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُكَلِّمَ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ نَادَى:يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ أُمُورٌ لِلدِّينِ وَ الدُّنْيَا فَإِنْ تَكُنْ لِلدِّينِ فَقَدْ وَ اللَّهِ أَعْذَرْنَا وَ أَعْذَرْتُمْ وَ إِنْ تَكُنْ لِلدُّنْيَا فَقَدْ وَ اللَّهِ أَسْرَفْنَا وَ أَسْرَفْتُمْ وَ قَدْ دَعَوْنَاكُمْ إِلَى أَمْرٍ لَوْ دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ لَأَجَبْنَاكُمْ فَإِنْ يَجْمَعْنَا وَ إِيَّاكُمُ الرِّضَا فَذَلِكَ مِنَ اللَّهِ فَاغْتَنِمُوا هَذِهِ الْفُرْجَةَ لَعَلَّهُ أَنْ يَعِيشَ فِيهَا الْمُحْتَرِفُ (1)وَ يُنْسَى فِيهَا الْقَتِيلُ فَإِنَّ بَقَاءَ الْمُهْلِكِ بَعْدَ الْهَالِكَ قَلِيلٌ فَخَرَجَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ:

يَا أَهْلَ اَلشَّامِ إِنَّهُ قَدْ كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ أُمُورٌ حَامَيْنَا فِيهَا عَلَى الدِّينِ وَ الدُّنْيَا سَمَّيْتُمُوهَا غَدْراً وَ سَرَفاً وَ قَدْ دَعَوْتُمُونَا الْيَوْمَ إِلَى مَا قَاتَلْنَاكُمْ عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَ لَمْ يَكُنْ لِيَرْجِعَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ إِلَى عِرَاقِهِمْ وَ لاَ أَهْلُ اَلشَّامِ إِلَى شَامِهِمْ بِأَمْرٍ أَجْمَلَ مِنْ أَنْ يُحْكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَالْأَمْرُ فِي أَيْدِينَا دُونَكُمْ وَ إِلاَّ فَنَحْنُ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ أَنْتُمْ.

وَ قَامَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا:أَجِبِ الْقَوْمَ إِلَى مَا دَعَوْكَ إِلَيْهِ فَإِنَّا قَدْ فَنِينَا.

وَ نَادَى إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ بِشِعْرٍ سَمِعَهُ النَّاسُ وَ هُوَ:

رُءُوسَ اَلْعِرَاقِ أَجِيبُوا الدُّعَاءَ فَقَدْ بُلِغَتْ غَايَةُ الشِّدَّهِ

وَ قَدْ أَوْدَتِ الْحَرْبُ بِالْعَالَمِينَ وَ أَهْلِ الْحَفَائِظِ وَ النَّجْدَهْ

فَلَسْنَا وَ لَسْتُمْ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ لاَ الْمُجْمِعِينَ عَلَى الرِّدَّهْ

وَ لَكِنْ أُنَاسٌ لَقُوا مِثْلَهُمْ لَنَا عِدَّةٌ وَ لَهُمْ عُدَّهْ

فَقَاتَلَ كُلُّ عَلَى وَجْهِهِ يُقَحِّمُهُ الْجَدُّ وَ الْحِدَّهْ

فَإِنْ تَقْبَلُوهَا فَفِيهَا الْبَقَاءُ وَ أَمْنُ الْفَرِيقَيْنِ وَ الْبَلْدَهْ

وَ إِنْ تَدْفَعُوهَا فَفِيهَا الْفَنَاءُ وَ كُلُّ بَلاَءٍ إِلَى مُدَّهْ».

ص: 483


1- ح:«المحترق».

وَ حَتَّى مَتَى مَخْضُ هَذَا السِّقَاءِ وَ لاَ بُدَّ أَنْ يُخْرِجَ الزُّبْدَهْ

ثَلاَثَةُ رَهْطٍ هُمُ أَهْلُهَا وَ إِنْ يَسْكُتُوا تُخْمَدِ الْوَاقِدَهْ

سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ وَ كَبْشُ اَلْعِرَاقِ وَ ذَاكَ الْمُسَوَّدُ مِنْ كِنْدَهْ .

نَصْرٌ(1) هَؤُلاَءِ النَّفَرُ الْمُسَمُّونَ فِي الصُّلْحِ قَالَ:فَأَمَّا الْمُسَوَّدُ مِنْ كِنْدَةَ وَ هُوَ اَلْأَشْعَثُ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالسُّكُوتِ بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ قَوْلاً فِي إِطْفَاءِ الْحَرْبِ وَ الرُّكُونِ إِلَى الْمُوَادَعَةِ وَ أَمَّا كَبْشُ اَلْعِرَاقِ وَ هُوَ اَلْأَشْتَرُ فَلَمْ يَكُنْ يَرَى إِلاَّ الْحَرْبَ وَ لَكِنَّهُ سَكَتَ عَلَى مَضَضٍ وَ أَمَّا سَعِيدُ بْنَ قَيْسٍ فَتَارَةً هَكَذَا وَ تَارَةً هَكَذَا.

قَالَ:ذَكَرُوا أَنَّ النَّاسَ مَاجُوا وَ قَالُوا:أَكَلَتْنَا الْحَرْبُ وَ قَتَلَتِ الرِّجَالَ وَ قَالَ قَوْمٌ:نُقَاتِلُ الْقَوْمَ عَلَى مَا قَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ أَمْسِ وَ لَمْ يَقُلْ هَذَا إِلاَّ قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ.

ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَ ثَارَتِ الْجَمَاعَةُ بِالْمُوَادَعَةِ.

فَقَامَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: 1«إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ إِلَى أَنْ أَخَذَتْ مِنْكُمُ الْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ وَ أَخَذَتْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَلَمْ تَتْرُكْ وَ إِنَّهَا فِيهِمْ أَنْكَى وَ أَنْهَكُ أَلاَ إِنِّي كُنْتُ أَمْسِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً وَ كُنْتُ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ مَنْهِيّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمْ الْبَقَاءَ وَ لَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ» .

ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ تَكَلَّمَ رُؤَسَاءُ القَبَائِلِ فَأَمَّا مِنْ رَبِيعَةَ وَ هِيَ الْجَبْهَةُ الْعُظْمَى فَقَامَ كُرْدُوسُ بْنُ هَانِئٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا تَوَلَّيْنَا مُعَاوِيَةَ مُنْذُ تَبَرَّأْنَا مِنْهُ وَ لاَ تَبَرَّأْنَا مِنْ عَلِيٍّ مُنْذُ تَوَلَّيْنَاهُ وَ إِنَّ قَتْلاَنَا لَشُهَدَاءُ وَ إِنَّ أَحْيَاءَنَا لَأَبْرَارٌ وَ إِنَّ عَلِيّاً لَعَلَى بَيِّنَةً مِنْ رَبِّهِ مَا أَحْدَثَ إِلاَّ الْإِنْصَافَ وَ كُلُّ مُحِقٍّ مُنْصِفٌ فَمَنْ سَلَّمَ لَهُ نَجَا وَ مَنْ خَالَفَهُ هَلَكَ.».

ص: 484


1- في الأصل:«فمحمد».

ثُمَّ قَامَ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا دَعَوْنَا أَهْلَ اَلشَّامِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَرَدُّوهُ عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُمْ دَعَوْنَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ رَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ حَلَّ لَهُمْ مِنَّا مَا حَلَّ لَنَا مِنْهُمْ وَ لَسْنَا نَخَافُ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ لاَ رَسُولُهُ وَ إِنَّ عَلِيّاً لَيْسَ بِالرَّاجِعِ النَّاكِصِ وَ لاَ الشَّاكِّ الْوَاقِفِ وَ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمْسِ وَ قَدْ أَكَلَتْنَا هَذِهِ الْحَرْبُ وَ لاَ نَرَى الْبَقَاءَ إِلاَّ فِي الْمُوَادَعَةِ.

ثُمَّ قَامَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِيّاً لَوْ كَانَ خَلَفاً مِنْ هَذَا الْأَمْرِ لَكَانَ الْمَفْزَعُ إِلَيْهِ فَكَيْفَ وَ هُوَ قَائِدُهُ وَ سَائِقُهُ وَ إِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا قَبِلَ مِنَ الْقَوْمِ الْيَوْمَ إِلاَّ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ أَمْسِ وَ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ كُنْتُمْ لَهُ أَعَنْتَ.

وَ لاَ يُلْحِدُ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلاَّ رَاجِعٌ عَلَى عَقِبَيْهِ أَوْ مُسْتَدْرَجٌ بِغُرُورٍ فَمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ طَغَى عَلَيْنَا إِلاَّ السَّيْفُ ثُمَّ قَامَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا اخْتَرْنَا هَذَا الْمَقَامَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنَّا غَيْرَ أَنَّا جَعَلْنَاهُ ذُخْراً وَ قُلْنَا:أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَيْنَا مَا كُفِينَا مَؤُنَتَهُ (1)فَأَمَّا إِذْ سُبِقْنَا فِي الْمَقَامِ فَإِنَّا لاَ نَرَى الْبَقَاءَ إِلاَّ فِيمَا دَعَاكَ إِلَيْهِ الْقَوْمُ إِنْ رَأَيْتَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَرَأْيُكَ أَفْضَلُ.

ثُمَّ إِنَّ اَلْحُضَيْنَ الرَّبَعِيَّ وَ هُوَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ سِنّاً قَامَ فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بُنِيَ هَذَا الدِّينُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلاَ تُوَفِّرُوهُ بِالْقِيَاسِ وَ لاَ تَهْدِمُوهُ بِالشَّفَقَةِ فَإِنَّا وَ اللَّهِ لَوْ لاَ أَنَّا لاَ نَقْبَلُ إِلاَّ مَا نَعْرِفُ لَأَصْبَحَ الْحَقُّ فِي أَيْدِينَا قَلِيلاً وَ لَوْ تَرَكْنَا مَا نَهْوَى لَكَانَ الْبَاطِلُ فِي أَيْدِينَا كَثِيراً وَ إِنَّ لَنَا دَاعِياً قَدْ حَمِدْنَا وِرْدَهُ*.

ص: 485


1- المئونة،بالضم و سكون الهمزة:لغة في المئونة،بفتح الميم و ضم الهمزة.و استشهد صاحب المصباح لها بقوله: *أميرنا مئونته خفيفه*.

وَ صَدْرَهُ وَ هُوَ الْمُصَدَّقُ عَلَى مَا قَالَ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا فَعَلَ فَإِنْ قَالَ:لاَ قُلْنَا:لاَ وَ إِنْ قَالَ:نَعَمْ قُلْنَا:نَعَمْ.فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَبَعَثَ إِلَى مَصْقَلَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ فَقَالَ:يَا مَصْقَلَةُ مَا لَقِيتُ مِنْ أَحَدٍ مَا لَقِيتُ مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ:مَا هُمْ مِنْكَ بِأَبْعَدَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ أَنَا بَاعِثٌ إِلَيْهِمْ فِيمَا صَنَعُوا فَبَعَثَ مَصْقَلَةُ إِلَى اَلرَّبَعِيِّينَ فَقَالَ:

لَنْ يُهْلِكَ الْقَوْمَ أَنْ تُبْدَى نَصِيحَتُهُمْ إِلاَّ شَقِيقٌ أَخُو ذُهْلٍ وَ كُرْدُوسُ

وَ اِبْنُ الْمُعَمَّرِ لاَ تَنْفَكُّ خُطْبَتُهُ فِيهَا الْبَيَانُ وَ أَمْرُ الْقَوْمِ مَلْبُوسُ

أَمَّا حُرَيْثٌ فَإِنَّ اللَّهَ ضَلَّلَهُ إِذْ قَامَ مُعْتَرِضاً وَ الْمَرْءُ كُرْدُوسُ

طَأْطَأَ حُضَيْنٌ هُنَا فِي فِتْنَةٍ جَمَحَتْ إِنَّ اِبْنَ وَعْلَةَ فِيهَا كَانَ مَحْسُوسُ

مَنُّوا عَلَيْنَا وَ مَنَّاهُمْ وَ قَالَ لَهُمْ قَوْلاً يَهِيجُ لَهُ الْبُزْلُ الْقَنَاعِيسُ

كُلُّ القَبَائِلِ قَدْ أَدَّى نَصِيحَتَهُ إِلاَّ رَبِيعَةَ زَعْمَ الْقَوْمِ مَحْبُوسٌ.

وَ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ:

إِنَّ اَلْأَرَاقِمَ لاَ يَغْشَاهُمُ بُوسُ مَا دَافَعَ اللَّهُ عَنْ حَوْبَاءِ كُرْدُوسِ (1)

نَمَتْهُ مِنْ تَغْلِبَ الْغَلْبَا فَوَارِسُهَا تِلْكَ الرُّءُوسُ وَ أَبْنَاءُ الْمَرَائِيسِ (2)

مَا بَالُ كُلِّ أَمِيرٍ يُسْتَرَابُ بِهِ دِينٌ صَحِيحٌ وَ رَأْيٌ غَيْرُ مَلْبُوسٍ

وَالَى عَلِيّاً بِغَدْرٍ بَذَّ مِنْهُ إِذَا مَا صَرَّحَ الْغَدْرُ عَنْ رَدِّ الضَّغَابِيسِ

نِعْمَ النَّصِيرُ لِأَهْلِ الْحَقِّ قَدْ عَلِمَتْ عُلْيَا مَعَدٍّ عَلَى أَنْصَارِ إِبْلِيسِق.

ص: 486


1- الأراقم،هم جشم و مالك و عمرو و ثعلبة و الحت و معاوية،بنو بكر بن حبيب ابن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط.و الحوباء:النفس.و في الأصل: «من حوباء».
2- الغلباء لقب لتغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.انظر القاموس(غلب)ر المعارف 41-42.و في الأصل: «العليا».و المرائيس:جمع مرآس،و هو المتقدم السابق.

قُلْ لِلَّذِينَ تَرَقَّوْا فِي تَعَنُّتِهِ إِنَّ الْبَكَارَةَ لَيْسَتْ كَالْقَنَاعِيسِ (1)

لَنْ تُدْرِكُوا الدَّهْرَ كُرْدُوساً وَ أُسْرَتَهُ أَبْنَاءَ ثَعْلَبَةَ اَلْحَادِي وَ ذُو الْعِيسِ (2).

وَ قَالَ:فِيمَا قَالَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ :

وَفَتْ لِعَلِيٍّ مِنْ رَبِيعَةَ عُصْبَةٌ بِصُمِّ الْعَوَالِي وَ الصَّفِيحِ الْمُذَكَّرِ

شَقِيقٌ وَ كُرْدُوسٌ ابْنُ سَيِّدِ تَغْلِبٍ وَ قَدْ قَامَ فِيهَا خَالِدُ بْنُ الْمُعَمَّرِ

وَ قَارَعَ بِالشُّورَى حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ وَ فَازَ بِهَا لَوْ لاَ حُضَيْنُ بْنُ مُنْذِرِ (3)

لِأَنَّ حُضَيْناً قَامَ فِينَا بِخُطْبَةٍ مِنَ الْحَقِّ فِيهَا مَيْتَةُ الْمُتَجَبِّرِ (4)

أُمِرْنَا بِمُرِّ الْحَقِّ حَتَّى كَأَنَّنَا خِشَاشٌ تَفَادَى مِنْ قَطَامٍ بِقَرْقَرٍ (5)

وَ كَانَ أَبُوهُ خَيْرَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِذَا خِيفَ مِنْ يَوْمٍ أَغَرَّ مُشَهَّرٍ

نَمَاهُ إِلَى عُلْيَا عُكَابَةَ عُصْبَةٌ وَ آبَ أَبِيٌّ لِلدَّنِيَّةِ أَزْهَرُ (6).

وَ قَالَ اَلصَّلَتَانِ :

شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ قَامَ فِينَا بِخُطْبَةٍ يُحَدِّثُهَا الرُّكْبَانُ أَهْلُ الْمَشَاعِرِ

بِمَا لَمْ يَقِفْ فِينَا خَطِيبٌ بِمِثْلِهَا جَزَى اللَّهُ خَيْراً مِنْ خَطِيبٍ وَ نَاصِرٍ

وَ قَدْ قَامَ فِينَا خَالِدُ بْنُ مُعَمَّرِ وَ كُرْدُوسٌ الْحَامِي ذِمَارَ الْعَشَائِرِ

بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَا بِهِ حَذْوَ نَعْلِهِ وَ قَدْ بَيَّنَ الشُّورَى حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍء.

ص: 487


1- البكارة بالكسر:جمع البكر،بالفتح،و هو الفتى من الإبل.و القناعيس:جمع قنعاس،و هو الجمل الضخم العظيم.
2- هم بنو ثعلبة بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم.انظر ما سبق في التنبيه الأول من الصفحة السابقة.و في الأصل:«بنى ثعلبة»و لا يستقيم به الشعر.
3- سبقت ترجمة حضين في ص 287.و في الأصل:«حصين»تحريف.
4- في الأصل:«حصينا»صوابه بالضاد المعجمة.و في الأصل أيضا:«منية المتجبر».
5- في الأصل:«حتى كأنها».و الخشاش:ضعاف الطير.و القطام كالقطامى: الصقر.و القرقر:الأرض المطمئنة اللينة.
6- في هذا البيت إقواء.

فَلاَ يُبْعِدَنْكَ الدَّهْرُ مَا هَبَّتِ الصَّبَا وَ لاَ زِلْتَ مَسْقِيّاً بِأَسْحَمِ مَاطِرٍ

وَ لاَ زِلْتَ تُدْعَى فِي رَبِيعَةَ أَوَّلاً بِاِسْمِكَ فِي أُخْرَى اللَّيَالِي الْغَوَابِرِ (1).

وَ قَالَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ :

أَتَى نَبَأٌ مِنَ الْأَنْبَاءِ يَنْمِي وَ قَدْ يُشْفَى مِنَ الْخَبَرِ الْخَبِيرُ.

قَالَ:فَلَمَّا ظَهَرَ قَوْلُ حُضَيْنٍ رَمَتْهُ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ بِالْعَدَاوَةِ ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ.

وَ قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِيُّ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لاَ يَفُوتُنَا شَيْءٌ مِنْ حَقِّنَا وَ قَدْ دَعَوْنَا فِي آخِرِ أَمْرِنَا إِلَى مَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِهِ وَ قَدْ قَبِلُوهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْقِلُونَ فَإِنْ يُتِمَّ الْأَمْرُ عَلَى مَا نُرِيدُ فَبَعْدَ بَلاَءٍ وَ قَتْلٍ وَ إِلاَّ أَثَرْنَاهَا جَذَعَةً وَ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ جَدُّنَا.

وَ قَالَ فِي ذَلِكَ:

تَطَاوَلَ لَيْلِي لِلْهُمُومِ الْحَوَاضِرِ وَ قَتْلَى أُصِيبَتْ مِنْ رُءُوسِ الْمَعَاشِرِ

بِصِفِّينَ أَمْسَتْ وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ يُهِيلُ عَلَيْهَا التُّرْبَ ذَيْلُ الْأَعَاصِرِ

فَإِنَّهُمُ فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ بُكْرَةً وَ قَدْ جَالَتِ الْأَبْطَالُ دُونَ الْمَسَاعِرِ (2)

فَإِنْ يَكُ أَهْلُ اَلشَّامِ نَالُوا سَرَاتَنَا فَقَدْ نِيلَ مِنْهُمْ مِثْلُ جَزْرَةِ جَازِرٍ

وَ قَامَ سِجَالُ الدَّمْعِ مِنَّا وَ مِنْهُمُ يُبَكِّينَ قَتْلَى غَيْرَ ذَاتِ مَقَابِرِ

فَلَنْ يَسْتَقِيلَ الْقَوْمُ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ أُخْرَى اللَّيَالِي الْغَوَابِرِ (3)ا.

ص: 488


1- الغوابر:الباقيات.و الغابر من الأضداد،يقال للماضى و للباقى.
2- دونهم:أى قريبا منهم.و المساعر:جمع مسعر،بكسر الميم،يقال رجل مسعر حرب إذا كان يؤرثها،أي تحمى به.و في الأصل:«المشاعر»تحريف.و المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
3- أخرى الليالى:آخرها.و في الأصل«إحدى»تحريف،و نحوه قول الشنفرى: هنا لك لا أرجو حياة تسرنى سجيس الليالى مبسلا بالجرائر و سجيس الليالى:آخرها؛أى أبدا.

وَ مَا ذَا عَلَيْنَا أَنْ تَرِيحَ نُفُوسُنَا إِلَى سَنَةٍ مِنْ بَيْضِنَا وَ الْمَغَافِرِ (1)

وَ مِنْ نَصْبِنَا وَسْطَ الْعَجَاجِ جِبَاهَنَا لِوَقْعِ السُّيُوفِ الْمُرْهِفَاتِ الْبَوَاتِرِ

وَ طَعْنٍ إِذَا نَادَى الْمُنَادِي أَنِ ارْكَبُوا صُدُورَ الْمَذَاكِي بِالرِّمَاحِ الشَّوَاجِرِ

أَثَرْنَا الَّتِي كَانَتْ بِصِفِّينَ بُكْرَةً وَ لَمْ نَكُ فِي تَسْعِيرِهَا بِعَوَاثِرِ

فَإِنْ حَكَمَا بِالْحَقِّ كَانَتْ سَلاَمَةٌ وَ رَأْيٌ وَقَانَا مِنْهُ مِنْ شُؤْمِ ثَائِرِ (2)

.

خطبة علي في التحكيم و اعتراض القراء عليه

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ أَهْلُ اَلشَّامِ الْمَصَاحِفَ عَلَى الرِّمَاحِ يَدْعُونَ إِلَى حُكْمِ اَلْقُرْآنِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : 1«عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي أَحَقُّ مَنْ أَجَابَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ اِبْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ اِبْنَ أَبِي سَرْحٍ لَيْسُوا بِأَصْحَابِ دِينٍ وَ لاَ قُرْآنٍ إِنِّي أَعْرَفُ بِهِمْ مِنْكُمْ صَحِبْتُهُمْ أَطْفَالاً وَ صَحِبْتُهُمْ رِجَالاً فَكَانُوا شَرَّ أَطْفَالٍ وَ شَرَّ رِجَالٍ (3)إِنَّهَا كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ.إِنَّهُمْ وَ اللَّهِ مَا رَفَعُوهَا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا وَ يَعْمَلُونَ بِهَا (4) وَ لَكِنَّهَا الْخَدِيعَةُ وَ الْوَهْنُ وَ الْمَكِيدَةُ (5)أَعِيرُونِي سَوَاعِدَكُمْ وَ جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةٍ وَاحِدَةً فَقَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ وَ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يَقْطَعَ دَابِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا» .

فَجَاءَهُ زُهَاءُ عِشْرِينَ أَلْفاً مُقَنِّعِينَ فِي الْحَدِيدِ شَاكِي السِّلاَحِ سُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَ قَدِ اسْوَدَّتْ جِبَاهُهُمْ مِنَ السُّجُودِ يَتَقَدَّمُهُمْ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ وَ عِصَابَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ مِنْ بَعْدُ فَنَادَوْهُ بِاسْمِهِ لاَ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ يَا عَلِيُّ أَجِبِ الْقَوْمَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ إِذْ دُعِيتَ إِلَيْهِ،

ص: 489


1- في الأصل:«من بيننا».
2- الثائر:الذي يطلب الثأر.فى الأصل:«فى شؤم».
3- ح(:186):«صحبتهم صغارا و رجالا فكانوا شر رجال».و ما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبريّ(6:27).
4- في الأصل:«و لا يعلمون بها»و تصح هذه القراءة على الاستئناف.و أثبت ما في ح.
5- في الأصل:«و ما رفعوها لكم إلاّ خديعة و مكيدة»و أثبت ما في ح.

وَ إِلاَّ قَتَلْنَاكَ كَمَا قَتَلْنَا اِبْنَ عَفَّانَ فَوَ اللَّهِ لَنَفْعَلَنَّهَا إِنْ لَمْ تُجِبْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: 1«وَيْحَكُمْ أَنَا أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ يَحِلُّ لِي وَ لاَ يَسَعُنِي فِي دِينِي أَنْ أُدْعَى إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَلاَ أَقْبَلَهُ إِنِّي إِنَّمَا أُقَاتِلُهُمْ لِيَدِينُوا بِحُكْمِ اَلْقُرْآنِ فَإِنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَ نَبَذُوا كِتَابَهُ وَ لَكِنِّي قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَادُوكُمْ وَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا الْعَمَلَ بِالْقُرْآنِ يُرِيدُونَ» قَالُوا فَابْعَثْ إِلَى اَلْأَشْتَرِ لِيَأْتِيَكَ وَ قَدْ كَانَ اَلْأَشْتَرُ صَبِيحَةَ لَيْلِ الْهَرِيرِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ لِيَدْخُلَهُ .

رفع المصاحف و مراسلة علي عليه السلام و معاوية

1- نَصْرٌ فَحَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ خَدِيجٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ اَلنَّخَعِ قَالَ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ دَخَلَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَالِ كَيْفَ كَانَتْ؟ (1)فَقَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَ إِلَى اَلْأَشْتَرِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَ قَدْ كَانَ اَلْأَشْتَرُ أَشْرَفَ عَلَى مُعَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ لِيَدْخُلَهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ يَزِيدَ بْنَ هَانِئٍ : 1«أَنِ ائْتِنِي» فَأَتَاهُ فَبَلَّغَهُ فَقَالَ اَلْأَشْتَرُ :اِئْتِهِ فَقُلْ لَهُ:لَيْسَ هَذِهِ بِالسَّاعَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُزِيلَنِي فِيهَا عَنْ مَوْقِفِي إِنِّي قَدْ رَجَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَ لِي فَلاَ تُعَجِّلْنِي فَرَجَعَ يَزِيدُ بْنُ هَانِئٍ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنِ انْتَهَى إِلَيْنَا حَتَّى ارْتَفَعَ الرَّهَجُ وَ عَلَتِ الْأَصْوَاتُ مِنْ قِبَلِ اَلْأَشْتَرِ وَ ظَهَرَتْ دَلاَئِلُ الْفَتْحِ وَ النَّصْرِ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ دَلاَئِلُ الْخِذْلاَنِ وَ الْإِدْبَارِ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ:وَ اللَّهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ أَمَرْتَهُ بِقِتَالِ الْقَوْمِ قَالَ: 1«أَ رَأَيْتُمُونِي سَارَرْتُ رَسُولِي إِلَيْهِ؟ أَ لَيْسَ إِنَّمَا كَلَّمْتُهُ عَلَى رُءُوسِكُمْ عَلاَنِيَةً وَ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ؟» قَالُوا:فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَلْيَأْتِكَ وَ إِلاَّ فَوَ اللَّهِ اعْتَزَلْنَاكَ قَالَ: 1«وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ قُلْ لَهُ:أَقْبِلْ إِلَيَّ فَإِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ» فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ اَلْأَشْتَرُ :أَ لِرَفْعِ هَذِهِ الْمَصَاحِفِ؟ (2)قَالَ:نَعَمْ قَالَ:

ص: 490


1- السائل،هو مصعب بن الزبير.و في ح:«قال:سألت مصعب بن إبراهيم بن الأشتر عن الحال كيف كانت»،تحريف.
2- ح:«أ برفع هذه المصاحف».و ما في الأصل يوافق الطبريّ(6:27).

أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا حِينَ رُفِعَتْ سَتُوقِعُ اخْتِلاَفاً وَ فُرْقَةً إِنَّهَا مِنْ مَشُورَةِ اِبْنِ النَّابِغَةِ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ:ثُمَّ قَالَ لِيَزِيدَ :وَيْحَكَ أَ لاَ تَرَى إِلَى مَا يَلْقَوْنَ أَ لاَ تَرَى إِلَى الَّذِي يَصْنَعُ اللَّهُ لَنَا أَ يَبْتَغِي أَنْ نَدَعَ هَذَا وَ نَنْصَرِفَ عَنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ :أَ تُحِبُّ أَنَّكَ ظَفِرْتَ هَاهُنَا وَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ يُفَرَّجُ عَنْهُ وَ يُسَلَّمُ إِلَى عَدُوِّهِ؟! قَالَ:سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ:فَإِنَّهُمْ قَالُوا:لَتُرْسِلَنَّ إِلَى اَلْأَشْتَرِ فَلَيَأْتِيَنَّكَ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ بِأَسْيَافِنَا كَمَا قَتَلْنَا عُثْمَانَ أَوْ لَنُسْلِمَنَّكَ إِلَى عَدُوِّكَ قَالَ:فَأَقْبَلَ اَلْأَشْتَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَصَاحَ فَقَالَ:يَا أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْوَهْنِ أَ حِينَ عَلَوْتُمُ الْقَوْمَ فَظَنُّوا أَنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ وَ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ يَدْعُونَكُمْ إِلَى مَا فِيهَا وَ قَدْ وَ اللَّهِ تَرَكُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهَا وَ سُنَّةَ مَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ فَلاَ تُجِيبُوهُمْ أَمْهِلُونِي فُوَاقاً (1)فَإِنِّي قَدْ أَحْسَسْتُ بِالْفَتْحِ قَالُوا:لاَ قَالَ:فَأَمْهِلُونِي عَدْوَةَ الْفَرَسِ (2)فَإِنِّي قَدْ طَمِعْتُ فِي النَّصْرِ قَالُوا:إِذَنْ نَدْخُلُ مَعَكَ فِي خَطِيئَتِكَ قَالَ:فَحَدِّثُونِي عَنْكُمْ وَ قَدْ قُتِلَ أَمَاثِلُكُمْ وَ بَقِيَ أَرَاذِلُكُمْ مَتَى كُنْتُمْ مُحِقِّينَ أَ حِينَ كُنْتُمْ تَقْتُلُونَ أَهْلَ اَلشَّامِ (3)فَأَنْتُمُ الْآنَ حِينَ أَمْسَكْتُمْ عَنِ الْقِتَالِ مُبْطِلُونَ أَمْ أَنْتُمُ الْآنَ فِي إِمْسَاكِكُمْ عَنِ الْقِتَالِ مُحِقُّونَ؟ فَقَتْلاَكُمْ إِذَنْ الَّذِينَ لاَ تُنْكِرُونَ فَضْلَهُمْ وَ كَانُوا خَيْراً مِنْكُمْ فِي اَلنَّارِ قَالُوا:دَعْنَا مِنْكَ يَا أَشْتَرُ قَاتَلْنَاهُمْ فِي اللَّهِ وَ نَدَعُ قِتَالَهُمْ فِي اللَّهِ إِنَّا لَسْنَا نُطِيعُكَ فَاجْتَنِبْنَا قَالَ:خُدِعْتُمْ وَ اللَّهِ فَانْخَدَعْتُمْ وَ دُعِيتُمْ إِلَى وَضْعِ الْحَرْبِ فَأَجْبُتْم يَا أَصْحَابَ الْجِبَاهِ السُّودِ كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ صَلاَتَكُمْ زَهَادَةٌ فِي الدُّنْيَا وَ شَوْقٌ إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ فَلاَ أَرَى فِرَارَكُمْ إِلاَّ إِلَى الدُّنْيَا مِنَ الْمَوْتِ .أَلاَ فَقُبْحاً يَا أَشْبَاهَ النِّيبِ الْجَلاَّلَةِ مَا أَنْتُمْ بِرَاءِينَ بَعْدَهَا عِزّاً أَبَداً فَابْعُدُوا).

ص: 491


1- الفواق،بالضم و بالفتح:ما بين الحلبتين.يقال:أنظرنى فواق ناقة.
2- في الأصل:«عدو الفرس»و أثبت ما في ح.
3- في الأصل:«حيث كنتم»صوابه في ح(1:186).

كَمَا بَعُدَ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ فَسَبَّوْهُ وَ سَبَّهُمْ وَ ضَرَبُوا بِسِيَاطِهِمْ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَ ضَرَبَ بِسَوْطِهِ وُجُوهَ دَوَابِّهِمْ فَصَاحَ بِهِمْ عَلِيٌّ فَكَفُّوا وَ قَالَ اَلْأَشْتَرُ :

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ احْمِلِ الصَّفِّ عَلَى الصَّفِّ يُصْرَعُ الْقَوْمُ.فَتَصَايَحُوا (1)أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ قَبِلَ الْحُكُومَةَ وَ رَضِيَ بِحُكْمِ اَلْقُرْآنِ وَ لَمْ يَسَعْهُ إِلاَّ ذَلِكَ.

قَالَ اَلْأَشْتَرُ :إِنْ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ قَبِلَ وَ رَضِيَ بِحُكْمِ اَلْقُرْآنِ فَقَدْ رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ:قَدْ رَضِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ قَبِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ هُوَ سَاكِتٌ لاَ يَبِضُّ بِكَلِمَةٍ (2)مُطْرِقٌ إِلَى الْأَرْضِ.

وَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ نَافِعُ بْنُ الْأَسْوَدِ التَّمِيمِيُّ (3):

أَلاَ أَبْلِغَا عَنِّي عَلِيّاً تَحِيَّةً فَقَدْ قَبِلَ الصَّمَّاءَ لَمَّا اسْتَقَلَّتِ

بَنَى قُبَّةَ اَلْإِسْلاَمِ بَعْدَ انْهِدَامِهَا وَ قَامَتْ عَلَيْهِ قَصْرَةً فَاسْتَقَرَّتِ (4)

كَأَنَّ نَبِيّاً جَاءَنَا حِينَ هَدْمِهَا بِمَا سَنَّ فِيهَا بَعْدَ مَا قَدْ أَبَرَّتِ (5)

قَالَ:وَ لَمَّا صَدَرَ عَلِيٌّ مِنْ صِفِّينَ أَنْشَأَ يَقُولُ:

1

«وَ كَمْ قَدْ تَرَكْنَا فِي دِمَشْقٍ وَ أَرْضِهَا مِنْ أَشْمَطَ مَوْتُورٍ وَ شَمْطَاءَ ثَاكِلِ

وَ عَانِيَةٍ صَادَ الرِّمَاحُ حَلِيلَهَا فَأَضْحَتْ تُعَدُّ الْيَوْمَ إِحْدَى الْأَرَامِلِح.

ص: 492


1- بدلها في الأصل:«فقالوا له»و أثبت ما في ح(1:187).
2- لا يبض بكلمة،أي ما يتكلم.و في حديث طهفة:«ما تبض ببلال»أي ما يقطر منها لبن.و في الأصل:«لا يفيض»صوابه في ح.
3- هو أبو محمّد نافع بن الأسود بن قطبة بن مالك التميمى ثمّ الأسيدى بتشديد الياء، من بنى أسيد بن عمرو بن تميم.قال المرزبانى:شاعر مخضرم يكنى أبا محمد.و قال الدارقطنى في المؤتلف:أبو محمّد نافع بن الأسود شهد فتوح العراق.انظر الإصابة 8849. و في الأصل:«أبو مجيد»تحريف.
4- قصرة،أي دون الناس.و في اللسان:«أبلغ هذا الكلام بنى فلان قصرة و مقصورة،أي دون الناس».
5- أبرت:غلبت.و المقطوعة لم ترد في ح.

تُبَكِّي عَلَى بَعْلٍ لَهَا رَاحَ غَادِياً فَلَيْسَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ بِقَافِلٍ (1)

وَ إِنَّا أُنَاسٌ مَا تُصِيبُ رِمَاحُنَا إِذَا مَا طَعَنَّا الْقَوْمَ غَيْرَ الْمَقَاتِلِ»

.

قَالَ:وَ قَالَ النَّاسُ:قَدْ قِبَلْنَا أَنْ نَجْعَلَ اَلْقُرْآنَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حَكَماً وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَبْيَضَ فَسَارَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ صَفِّ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ صَفِّ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ اَلْمُصْحَفُ عَلَى رَأْسِهِ وَ هُوَ يَقُولُ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ :أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ طَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَرَى أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ فِيمَا يَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ وَ لَنْ يُعْطِيَ وَاحِدٌ مِنَّا الطَّاعَةَ لِلْآخَرِ وَ قَدْ قُتِلَ فِيمَا بَيْنَنَا بَشَرٌ كَثِيرٌ وَ أَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ أَشَدَّ مِمَّا مَضَى وَ إِنَّا سَوْفَ نَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَ لاَ يُحَاسَبُ بِهِ غَيْرِي وَ غَيْرُكَ فَهَلْ لَكَ فِي أَمْرٍ لَنَا وَ لَكَ فِيهِ حَيَاةٌ وَ عُذْرٌ وَ بَرَاءَةٌ وَ صَلاَحٌ لِلْأُمَّةِ وَ حَقْنٌ لِلدِّمَاءِ وَ أُلْفَةٌ لِلدِّينِ وَ ذَهَابٌ لِلضَّغَائِنِ وَ الْفِتَنِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ حَكَمَانِ رَضِيَّانِ أَحَدُهُمَا مِنْ أَصْحَابِي وَ الْآخَرُ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيَحْكُمَانِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ بَيْنَنَا فَإِنَّهُ خَيْرٌ لِي وَ لَكَ وَ أَقْطَعُ لِهَذِهِ الْفِتَنِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا دُعِيتَ لَهُ وَ ارْضَ بِحُكْمِ اَلْقُرْآنِ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ السَّلاَمُ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : 1«مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَفْضَلَ مَا شَغَلَ بِهِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ اتِّبَاعُ مَا يَحْسُنُ بِهِ فِعْلُهُ وَ يَسْتَوْجِبُ فَضْلَهُ وَ يَسْلَمُ مِنْ عَيْبِهِ وَ إِنَّ الْبَغْيَ وَ الزُّورَ يُزْرِيَانِ بِالْمَرْءِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ وَ يُبْدِيَانِ مِنْ خَلَلِهِ عِنْدَ مَنْ يُغْنِيهِ مَا اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ مَا لاَ يُغْنِي عَنْهُ تَدْبِيرُهُ فَاحْذَرِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لاَ فَرَحَ فِي شَيْءٍ وَصَلْتَ إِلَيْهِ مِنْهَا.

وَ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِيَ فَوَاتُهُ وَ قَدْ رَامَ قَوْمٌ أَمْراً بِغَيْرِ الْحَقِّت.

ص: 493


1- قافل:راجع؛قفل يقفل قفولا.و في الأصل:«بغافل»و الوجه ما أثبت.

فَتَأَوَّلُوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (1)فَأَكْذَبَهُمْ وَ مَتَّعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ اضْطَرَّهُمْ« إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ »فَاحْذَرْ يَوْماً يُغْتَبَطُ فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ يَنْدَمُ فِيهِ مَنْ أَمْكَنَ اَلشَّيْطَانَ مِنْ قِيَادِهِ وَ لَمْ يُحَادَّهُ فَغَرَّتْهُ الدُّنْيَا وَ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا ثُمَّ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِي إِلَى حُكْمِ اَلْقُرْآنِ وَ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ اَلْقُرْآنِ وَ لَسْتَ حُكْمَهُ تُرِيدُ« وَ اللّهُ الْمُسْتَعانُ »وَ قَدْ أَجَبْنَا اَلْقُرْآنَ إِلَى حُكْمِهِ وَ لَسْنَا إِيَّاكَ أَجَبْنَا وَ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمٍ« فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً » .

آخر الجزء يتلوه في الذي يتلوه قصة الحكمين و الحمد لله و صلواته على سيدنا محمد النبي و آله الطاهرين و السلام.

وجدت في الجزء الثاني عشر (2)من أجزاء عبد الوهاب بخطه سمع على الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي الأجل السيد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني و ابناه القاضيان أبو عبد الله محمد و أبو الحسين أحمد و أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي و الشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني و أبو منصور محمد بن محمد بن قرمي بقراءة عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي في شعبان سنة أربع و تسعين و أربعمائةت.

ص: 494


1- ح(1:188):«و تأولوه على اللّه عزّ و جلّ».
2- في الأصل:«الثامن»و صوابه ما أثبت.

الجزء الثامن

اشارة

رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم غفر الله له

ص: 495

ص: 496

« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

1- أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَرِيرِيُّ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [مُحَمَّدِ] (1)بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ :قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ :قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ :

قصة الحكمين

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ قَدْ سَلُّوا سُيُوفَهُمْ وَاضِعِيهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَقَالُوا:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَنْتَظِرُ بِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ أَنْ نَمْشِيَ إِلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«قَدْ جَعَلْنَا حُكْمَ اَلْقُرْآنِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ وَ لاَ يَحِلُّ قِتَالُهُمْ حَتَّى نَنْظُرَ بِمَ يَحْكُمُ اَلْقُرْآنُ » .

قَالَ وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُجِيبَ إِلَى مَا فِيهِ صَلاَحُنَا وَ أُلْفَةٌ بَيْنَنَا وَ قَدْ فَعَلْتُ وَ أَنَا أَعْرِفُ حَقِّي وَ لَكِنْ

ص: 497


1- ساقطة من الأصل.

اشْتَرَيْتُ بِالْعَفْوِ صَلاَحَ الْأُمَّةِ وَ لاَ أُكْثِرُ فَرَحاً بِشَيْءٍ جَاءَ وَ لاَ ذَهَبَ (1)وَ إِنَّمَا أَدْخَلَنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ الْقِيَامُ بِالْحَقِّ فِيمَا بَيْنَ الْبَاغِي وَ الْمَبْغِيِّ عَلَيْهِ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَدَعَوْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ فَإِنَّهُ لاَ يَجْمَعُنَا وَ إِيَّاكَ إِلاَّ هُوَ نُحْيِي مَا أَحْيَا اَلْقُرْآنُ وَ نُمِيتُ مَا أَمَاتَ اَلْقُرْآنُ وَ السَّلاَمُ.

وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَعِظُهُ وَ يُرْشِدُهُ: 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَ لَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً يَزِيدُهُ فِيهَا رَغْبَةً وَ لَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَلاَ تُحْبِطْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَجْرَكَ وَ لاَ تُجَارِ مُعَاوِيَةَ فِي بَاطِلِهِ» فَأَجَابَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا فِيهِ صَلاَحُنَا وَ أُلْفَتُنَا الْإِنَابَةُ إِلَى الْحَقِّ وَ قَدْ جَعَلْنَا اَلْقُرْآنَ حَكَماً بَيْنَنَا فَأَجَبْنَا إِلَيْهِ وَ صَبَّرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَى مَا حَكَمَ عَلَيْهِ اَلْقُرْآنُ وَ عَذَرَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلاَمُ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ : 1«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي أَعْجَبَكَ مِنَ الدُّنْيَا مِمَّا نَازَعَتْكَ إِلَيْهِ نَفْسُكَ وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا لَمُنْقَلِبٌ عَنْكَ وَ مُفَارِقٌ لَكَ فَلاَ تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى لَحَفِظْتَ مَا بَقِيَ وَ انْتَفَعْتَ بِمَا وُعِظْتَ بِهِ وَ السَّلاَمُ» .

فَأَجَابَهُ عَمْرٌو :أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ جَعَلَ اَلْقُرْآنَ إِمَاماً وَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أَحْكَامِهِ فَاصْبِرْ أَبَا حَسَنٍ وَ أَنَا غَيْرُ مُنِيلِكَ (2)إِلاَّ مَا أَنَالَكَ اَلْقُرْآنُ .

وَ جَاءَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى عَلِيِّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَى النَّاسَ إِلاَّ وَ قَدْ رَضُوا وَ سَرَّهُمْ أَنْ يُجِيبُوا الْقَوْمَ إِلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ».

ص: 498


1- كذا ورد في الأصل و ح على الاكتفاء،أي و لا بشيء ذهب.
2- ح(1:189):«فإنا غير منيليك».

اَلْقُرْآنِ فَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتَ مُعَاوِيَةَ فَسَأَلْتَهُ مَا يُرِيدُ وَ نَظَرْتَ مَا الَّذِي يَسْأَلُ.

قَالَ: 1«اِئْتِهِ إِنْ شِئْتَ» فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ:يَا مُعَاوِيَةُ لِأَيِّ شَيْءٍ رَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ؟ قَالَ:لِنَرْجِعَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ (1)فَابْعَثُوا مِنْكُمْ رَجُلاً تَرْضَوْنَ بِهِ وَ نَبْعَثُ مِنَّا رَجُلاً ثُمَّ نَأْخُذُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَعْمَلاَ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ لاَ يَعْدُوَانِهِ ثُمَّ نَتَّبِعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ :هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَانْصَرَفَ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ: وَ قَالَ النَّاسُ قَدْ رَضِينَا وَ قَبِلْنَا فَبَعَثَ عَلِيٌّ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ فَاجْتَمَعُوا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ مَعَهُمُ اَلْمُصْحَفُ فَنَظَرُوا فِيهِ وَ تَدَارَسُوهُ وَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُحْيُوا مَا أَحْيَا اَلْقُرْآنُ وَ أَنْ يُمِيتُوا مَا أَمَاتَ اَلْقُرْآنُ ثُمَّ رَجَعَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ النَّاسُ:قَدْ رَضِينَا بِحُكْمِ اَلْقُرْآنِ فَقَالَ أَهْلُ اَلشَّامِ :فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ اَلْأَشْعَثُ وَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ فِيمَا بَعْدُ:فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ ، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«إِنِّي لاَ أَرْضَى بِأَبِي مُوسَى وَ لاَ أَرَى أَنْ أُوَلِّيَهُ» فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ (2)وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ:إِنَّا لاَ نَرْضَى إِلاَّ بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَذَّرَنَا مَا وَقَعْنَا فِيهِ قَالَ عَلِيٌّ :

1«فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي بِرِضاً وَ قَدْ فَارَقَنِي وَ خَذَّلَ النَّاسَ عَنِّي (3)ثُمَّ هَرَبَ حَتَّى أَمَّنْتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَ لَكِنَّ هَذَا اِبْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ» قَالُوا:وَ اللَّهِ مَا نُبَالِي أَ كُنْتَ أَنْتَ أَوْ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَ لاَ نُرِيدُ إِلاَّ رَجُلاً هُوَ مِنْكَ وَ مِنْ مُعَاوِيَةَ سَوَاءً وَ لَيْسَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِأَدْنَى مِنَ الْآخَرِ قَالَ عَلِيٌّ : 1«فَإِنِّي أَجْعَلُ اَلْأَشْتَرَ .» قَالَ نَصْرٌ قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ قَالَ:قَالَ اَلْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَه.

ص: 499


1- ح:«به فيها».
2- هو زيد بن حصين الطائى،ذكره ابن حجر في الإصابة 2887.و قد سبقت خطبة له في ص 99،و انظر أيضا ص 100.و في الأصل«يزيد بن حصن»و الصواب ما أثبت من ح.
3- التخذيل:حمل الرجل على خذلان صاحبه،و تثبيطه عن نصرته.

الْأَرْضَ عَلَيْنَا غَيْرُ اَلْأَشْتَرِ ؟ وَ هَلْ نَحْنُ إِلاَّ فِي حُكْمِ اَلْأَشْتَرِ ؟ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ 1«وَ مَا حُكْمُهُ؟» قَالَ:حُكْمُهُ أَنْ يَضْرِبَ بَعْضُنَا بَعْضاً بِالسُّيُوفِ حَتَّى يَكُونَ مَا أَرَدْتَ وَ مَا أَرَادَ.

.

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا 5أَرَادَ النَّاسُ عَلِيّاً عَلَى أَنْ يَضَعَ حَكَمَيْنِ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَضَعَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَداً هُوَ أَوْثَقَ بِرَأْيِهِ وَ نَظَرِهِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ إِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لِلْقُرَشِيِّ إِلاَّ مِثْلُهُ فَعَلَيْكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَاْرُموُه بِهِ فَإِنَّ عَمْراً لاَ يَعْقِدُ عُقْدَةَ إِلاَّ حَلَّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ لاَ يَحِلُّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدَهَا وَ لاَ يُبْرِمُ أَمْراً إِلاَّ نَقَضَهُ وَ لاَ يَنْقُضُ أَمْراً إِلاَّ أَبْرَمَهُ» فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ :لاَ وَ اللَّهِ لاَ يُحَكَّمُ فِيهَا مُضَرِيَّان حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَ لَكِنِ اجْعَلْهُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ إِذْ جَعَلُوا رَجُلاً مِنْ مُضَرَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْدَعَ يَمَنِيُّكُمْ فَإِنَّ عَمْراً لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِذَا كَانَ لَهُ فِي أَمْرٍ هَوًى» (1)فَقَالَ اَلْأَشْعَثُ :وَ اللَّهِ لَأَنْ يَحْكُمَا بِبَعْضِ مَا نَكْرَهُ وَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا نُحِبُّ فِي حُكْمِهِمَا وَ هُمَا مُضَرِيَّانِ وَ ذَكَرَ اَلشَّعْبِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ قَالَ:قَالَ عَلِيٌّ : 1«قَدْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَبَا مُوسَى قَالُوا:نَعَمْ قَالَ:

1«فَاصْنَعُوا مَا أَرَدْتُمْ» فَبَعَثُوا إِلَى أَبِي مُوسَى وَ قَدِ اعْتَزَلَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِ اَلشَّامِ يُقَالُ لَهَا عُرْضٌ (2)وَ اعْتَزَلَ الْقِتَالَ فَأَتَاهُ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ:إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا قَالَ:« اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »قَالَ:وَ قَدْ جَعَلُوكَ حَكَماً قَالَ:

« إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ »فَجَاءَ أَبُو مُوسَى حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَ عَلِيٍّ وَ جَاءَ اَلْأَشْتَرُ حَتَّى أَتَى عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلِزَّنِي بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (3)فَوَ اللَّهِ الَّذِيه.

ص: 500


1- في الأصل:«حتى إذا كان له في أمر هواه»صوابه في ح.
2- عرض،بضم أوله و سكون ثانيه:بلد بين تدمر و الرصافة الشامية.
3- ألزه به:ألزمه إياه.

لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَئِنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْهُ لَأَقْتُلَنَّهُ قَالَ:وَ جَاءَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ رُمِيتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ (1)وَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَنْفَ اَلْإِسْلاَمِ (2)وَ إِنِّي قَدْ عَجَمْتُ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي أَبَا مُوسَى وَ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ كَلِيلَ الشُّفْرَةِ قَرِيبَ الْقَعْرِ وَ إِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ إِلاَّ رَجُلٌ يَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي أَكُفِّهِمْ وَ يَتَبَاعَدُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ مِنْهُمْ فَإِنْ تَجْعَلْنِي حَكَماً فَاجْعَلْنِي وَ إِنْ أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي حَكَماً فَاجْعَلْنِي ثَانِياً أَوْ ثَالِثاً (3)فَإِنَّهُ لاَ يَعْقِدُ عُقْدَةَ إِلاَّ حَلَلْتُهَا وَ لَنْ يَحِلَّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدْتُهَا وَ عَقَدْتُ لَكَ أُخْرَى أَشَدَّ مِنْهَا فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَأَبَوْهُ وَ قَالُوا:لاَ يَكُونُ إِلاَّ أَبَا مُوسَى .

نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ قَالَ:قَامَ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي خَيَّرْتُكَ يَوْمَ الْجَمَلِ أَنْ آتِيَكَ فِيمَنْ أَطَاعَنِي وَ أَكُفَّ عَنْكَ بَنِي سَعْدِ فَقُلْتَ: 1«كُفَّ قَوْمِكَ فَكَفِّي بِكَفِّكَ نَصِيراً» (4)فَأَقَمْتُ بِأَمْرِكَ وَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ (5)رَجُلٌ قَدْ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ قَرِيبَ الْقَعْرِ كَلِيلَ الْمُدْيَةِ وَ هُوَ رَجُلٌ يَمَانٍ وَ قَوْمُهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ رُمِيتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ وَ بِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ إِنَّ صَاحِبَ الْقَوْمِ مَنْ يَنْأَى حَتَّى يَكُونَ مَعَ النَّجْمِ وَ يَدْنُوَ حَتَّى يَكُونَ فِي أَكُفِّهِمْ فَابْعَثْنِي وَ وَ اللَّهِ لاَ يَحِلُّ عُقْدَةً إِلاَّ عَقَدْتُ لَكَ أَشَدَّ مِنْهَا،ة.

ص: 501


1- في اللسان:«يقال رمى فلان بحجر الأرض،إذا رمى بداهية من الرجال». و روى صاحب اللسان حديث الأحنف في(3:237).
2- أي في أول الإسلام.
3- في الأصل:«فإن شئت أن تجعلنى ثانيا أو ثالثا»،و صوابه و تكملته من الطبريّ.
4- في الأصل:«نصرا»و أثبت ما في ح.
5- عبد اللّه بن قيس،هو أبو موسى الأشعريّ.توفّي سنة 42 أو 43 و هو ابن نيف و ستين سنة.

فَإِنْ قُلْتَ:إِنِّي لَسْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَابْعَثْ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ (1)وَ ابْعَثْنِي مَعَهُ.

فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«إِنَّ الْقَوْمَ أَتَوْنِي بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ مُبَرْنَساً فَقَالُوا (2):اِبْعَثْ هَذَا فَقَدْ رَضِينَا بِهِ وَ اللَّهُ بَالِغُ أَمْرِهِ.» وَ ذَكَرُوا أَنَّ اِبْنَ الْكَوَّاءِ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَافِدُ أَهْلِ اَلْيَمَنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ صَاحِبُ مَقَاسِمِ أَبِي بَكْرٍ (3)وَ عَامِلُ عُمَرَ وَ قَدْ رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ وَ عَرَضْنَا عَلَى الْقَوْمِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ مِنْكَ ظَنُونٌ فِي أَمْرِكَ (4).

فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ اَلشَّامِ فَبَعَثَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيُّ وَ هُوَ مُعْتَزِلٌ لِمُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ وَ كَانَ هَوَاهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَقَالَ:

لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رَأْيٌ يُعْصَمُونَ بِهِ مِنَ الضَّلاَلِ رَمَوْكُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ (5)

لِلَّهِ دَرُّ أَبِيهِ أَيِّمَا رَجُلٍ مَا مِثْلُهُ لِفِصَالِ الْخَطْبِ فِي النَّاسِ

لَكِنْ رَمَوْكُمْ بِشَيْخٍ مِنْ ذَوِي يَمَنٍ لَمْ يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ

إِنْ يَخْلُ عَمْرٌو بِهِ يَقْذِفْهُ فِي لُجَجِ يَهْوِي بِهِ النَّجْمُ تَيْساً بَيْنَ أَتْيَاسِ

أَبْلِغْ لَدَيْكَ عَلِيّاً غَيْرَ عَاتِبِهِ (6) قَوْلَ امْرِئٍ لاَ يَرَى بِالْحَقِّ مِنْ بَأْسِ

مَا اَلْأَشْعَرِيُّ بِمَأْمُونٍ أَبَا حَسَنِ فَاعْلَمْ هُدِيْتَ وَ لَيْسَ الْعَجْزِ كَالرَّأْسِ

فَاصْدِمْ بِصَاحِبِكَ الْأَدْنَى زَعِيمَهُمُ إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ عَبَّاسٍ هُوَ الْآسِي.).

ص: 502


1- «غير عبد اللّه بن قيس»ليست في ح.
2- في الأصل:«فقال»صوابه في ح.
3- صاحب المقاسم:الذي يتولى أمر قسمة المغانم و نحوها.
4- الظنون كالظنين:المتهم.
5- في الأصل:«يعظمون به*بعد الخطار»صوابه في ح.
6- في الأصل:«غير عائبه»و أثبت ما في ح(1:190).

قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ النَّاسَ قَوْلُ أَيْمَنَ طَارَتْ أَهْوَاءُ قَوْمٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ شِيعَتِهِ (1)إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبَتُ الْقُرَّاءُ إِلاَّ أَبَا مُوسَى .

وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:قَالَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ :لَقَدْ رَضِيَ مُعَاوِيَةُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَ لَئِنْ أَطَاعَنِي لَيَنْقُصَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةُ.

قَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ وَ كَانَ قَدِ اعْتَزَلَ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ قَارَبَ أَهْلَ اَلشَّامِ وَ لَمْ يَبْسُطْ يَداً:

أَمَّا وَ الَّذِي أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ وَ أَنْزَلَ ذَا اَلْفُرْقَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

لَئِنْ عَطَفَتْ خَيْلُ اَلْعِرَاقِ عَلَيْكُمْ وَ لِلَّهِ لاَ لِلنَّاسِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ

تَقَحَّمَهَا قُدْماً عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ اَلْأَشْتَرُ يَهْدِي الْخَيْلَ فِي وَضَحِ الْفَجْرِ

وَ طَاعَنَكُمْ فِيهَا شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

وَ شَمَّرَ فِيهَا اَلْأَشْعَثُ الْيَوْمَ ذَيْلَهُ تُشَبِّهُهُ (2)بِالْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرِ

لَتَعْرِفُهُ يَا بُسْرُ يَوْماً عَصَبْصَباً يُحَرِّمُ أَطْهَارَ النِّسَاءِ مِنَ الذُّعْرِ (3)

يُشِيبُ وَلِيدَ الْحَيِّ قَبْلَ مَشِيبِهِ وَ فِي بَعْضِ مَا أَعْطَوْكَ رَاغِيَةُ الْبِكْرِ (4)

وَ عَهْدُكَ يَا بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَ الْقَنَا رِوَاءٌ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ أَظْمَاؤُهَا تَجْرِي

وَ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ عَلَى شَرِّ آلَةٍ بِمُعْتَرَكٍ حَامٍ أَحَرَّ مِنَ الْجَمْرِ (5).

قَالَ:فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَرِهُوا الْمُدَّةَ قَوْلَ أَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ كَفُّوا عَنِ الْحَرْبِ وَ كَانَ أَيْمَنُ رَجُلاً عَابِداً مُجْتَهِداً قَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ جَعَلَ لَهُ فِلَسْطِينَ عَلَى أَنْ يُتَابِعَهُ وَ يُشَايِعَهُ عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ (6)فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَيْمَنُ :ح.

ص: 503


1- بدلها في الأصل:«طارت أهواؤهم»و ما هنا من ح.
2- في الأصل:«يشبهه»و المقطوعة لم ترد في ح.
3- انظر ص 46 س 2.
4- انظر ص 45 السطر الأخير.
5- الآلة:الحالة.قال:*قد أركب الآلة بعد الآلة*.
6- في الأصل:«على أن يبايعه على قتل على»،و أثبت ما في ح.

وَ لَسْتُ مُقَاتِلاً رَجُلاً يُصَلِّي عَلَى سُلْطَانِ آخَرَ مِنْ قُرَيْشٍ

لَهُ سُلْطَانُهُ وَ عَلَيَّ إِثْمِي مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ سَفَهٍ وَ طَيْشٍ

أَ أَقْتُلُ مُسْلِماً فِي غَيْرِ جُرْمٍ فَلَيْسَ بِنَافِعِي مَا عِشْتُ عَيْشِي.

قَالَ:وَ بَعَثَ[ بُسْرٌ ] (1)إِلَى أَهْلِ اَلشَّامِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ رَأْيِي إِنْ دَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمُوَادَعَةَ أَنْ أَلْحَقَ بِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَأَكُونَ يَداً مِنْ أَيْدِيهَا عَلَيْكُمْ وَ مَا كَفَفْتُ عَنِ الْجَمْعَيْنِ إِلاَّ طَلَباً لِلسَّلاَمَةِ قَالَ مُعَاوِيَةُ :يَا بُسْرُ أَ تُرِيدُ أَنْ تَمُنَّ عَلَيْنَا بِخَيْرٍ؟ قَالَ:فَرَضِيَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ فَلَمَّا رَضِيَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ رَضِيَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ بِأَبِي مُوسَى أَخَذُوا فِي كِتَابِ الْمُوَادَعَةِ وَ رَضُوا بِالْحُكْمِ حُكْمِ اَلْقُرْآنِ .

وثيقة التحكيم

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ قَالَ عَمْرٌو :

قَالَ جَابِرٌ :سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ حَسَنٍ وَ ذَكَرَ كِتَابَ اَلْحَكَمَيْنِ فَزَادَ فِيهِ شَيْئاً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلشَّعْبِيُّ فِي كَثْرَةِ الشُّهُودِ وَ فِي زِيَادَةٍ فِي الْحُرُوفِ وَ نُقْصَانٍ أَمْلاَهَا عَلَيَّ مِنْ كِتَابٍ عِنْدَهُ فَقَالَ: هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ شِيعَتُهُمَا فِيمَا تَرَاضَيَا بِهِ مِنَ الْحُكْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَضِيَّةُ عَلِيٍّ عَلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِهِ مِنْ شَاهِدٍ أَوْ غَائِبٍ وَ قَضِيَّةُ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِهِ مِنْ شَاهِدٍ أَوْ غَائِبٍ إِنَّا رَضِينَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَ حُكْمِ اَلْقُرْآنِ فِيمَا حَكَمَ وَ أَنْ نَقِفَ عِنْدَ أَمْرِهِ فِيمَا أَمَرَ وَ أَنَّهُ لاَ يَجْمَعُ بَيْنَنَا إِلاَّ ذَلِكَ وَ أَنَّا جَعَلْنَا كِتَابَ اللَّهِ فِيمَا بَيْنَنَا حَكَماً فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ نُحْيِي مَا أَحْيَا وَ نُمِيتُ مَا أَمَاتَ (2)عَلَى ذَلِكَ تَقَاضَيَا وَ بِهِ تَرَاضَيَا وَ إِنَّ عَلِيّاً وَ شِيعَتَهُ رَضُوا أَنْ يَبْعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ

ص: 504


1- تكملة يقتضيها السياق.
2- ح(1:191):«نحيى ما أحيا القرآن و نميت ما أماته».

بْنَ قَيْسٍ(1) نَاظِراً وَ مُحَاكِماً وَ رَضِيَ مُعَاوِيَةُ وَ شِيعَتُهُ أَنْ يَبْعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ نَاظِراً وَ مُحَاكِماً عَلَى أَنَّهُمَا (2)أَخَذُوا عَلَيْهِمَا عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ وَ أَعْظَمَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ لَيَتَّخِذَانِّ الْكِتَابَ إِمَاماً فِيمَا بَعَثَا لَهُ لاَ يَعْدُوَانِهِ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ بِمَا وَجَدَاهُ فِيهِ مَسْطُوراً وَ مَا لَمْ يَجِدَاهُ مُسَمًّى فِي اَلْكِتَابِ رَدَّاهُ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْجَامِعَةِ لاَ يَتَعَمَّدَانِ لَهُمَا خِلاَفاً وَ لاَ يَتَّبِعَانِ فِي ذَلِكَ لَهُمَا هَوًى وَ لاَ يَدْخُلاَنِ فِي شُبْهَةٍ وَ أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى عَلِيٍّ وَ مُعَاوِيَةَ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ بِالرِّضَا بِمَا حَكَمَا بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَنْقُضَا ذَلِكَ وَ لاَ يُخَالِفَاهُ إِلَى غَيْرِهِ وَ أَنَّهُمَا آمِنَانِ فِي حُكُومَتِهِمَا عَلَى دِمَائِهِمَا وَ أَمْوَالِهِمَا وَ أَهْلِهِمَا مَا لَمْ يَعْدُوَا الْحَقَّ رَضِيَ بِذَلِكَ رَاضٍ أَوْ أَنْكَرَهُ مُنْكِرٌ وَ أَنَّ الْأُمَّةَ أَنْصَارٌ لَهُمَا عَلَى مَا قَضَيَا بِهِ مِنَ الْعَدْلِ فَإِنْ تُوُفِّيَ أَحَدُ اَلْحَكَمَيْنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحُكُومَةِ فَأَمِيرُ شِيعَتِهِ وَ أَصْحَابِهِ يَخْتَارُونَ مَكَانَهُ رَجُلاً لاَ يَأْلُونَ عَنْ أَهْلِ الْمَعْدَلَةِ وَ الْإِقْسَاطِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ الْحُكْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَهُ مِثْلُ شَرْطِ صَاحِبِهِ وَ إِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَمِيرَيْنِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلِشِيعَتِهِ أَنْ يُوَلُّوا مَكَانَهُ رَجُلاً يَرْضَوْنَ عَدْلَهُ وَ قَدْ وَقَعَتِ الْقَضِيَّةُ وَ مَعَهَا الْأَمْنُ وَ التَّفَاوُضُ وَ وَضْعُ السِّلاَحِ وَ السَّلاَمُ وَ الْمُوَادَعَةُ وَ عَلَى اَلْحَكَمَيْنِ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ أَلاَّ يَأْلُوا اجْتِهَاداً وَ لاَ يَتَعَمَّدَا جَوْراً وَ لاَ يَدْخُلاَ فِي شُبْهَةٍ وَ لاَ يَعْدُوَا حُكْمَ اَلْكِتَابِ وَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلاَ بَرِئَتِ الْأُمَّةُ (سَقَطَ مِنْ كِتَابِ ابْنِ عُقْبَةَ)مِنْ حُكْمِهِمَا وَ لاَ عَهْدَ لَهُمَا وَ لاَ ذِمَّةَ وَ قَدْ وَجَبَتِ الْقَضِيَّةُ عَلَى مَا قَدْ سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ مَوَاقِعِ الشُّرُوطِ عَلَى الْأَمِيرَيْنِ وَ الْحَكَمَيْنِ وَ الْفَرِيقَيْنِ،ح.

ص: 505


1- عبد اللّه بن قيس،هو أبو موسى الأشعريّ.
2- في الأصل:«أنهم»و أثبت ما في ح.

وَ اللَّهُ أَقْرَبُ شَهِيداً وَ أَدْنَى حَفِيظاً وَ النَّاسُ آمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ أَهْلِيهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْأَجَلِ وَ السِّلاَحُ مَوْضُوعٌ وَ السُّبُلُ مُخَلاَّةٌ وَ الْغَائِبُ وَ الشَّاهِدُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ سَوَاءٌ فِي الْأَمْنِ وَ لِلْحَكَمَيْنِ أَنْ يَنْزِلاَ مَنْزِلاً عَدْلاً بَيْنَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ لاَ يَحْضُرَهُمَا فِيهِ إِلاَّ مَنْ أَحَبَّا عَنْ مَلَإٍ مِنْهُمَا وَ تَرَاضٍ.

وَ أَنَّ اَلْمُسْلِمِينَ قَدْ أَجَّلُوا الْقَاضِيَيْنِ إِلَى انْسِلاَخِ رَمَضَانَ فَإِنْ رَأَى اَلْحَكَمَانِ تَعْجِيلَ الْحُكُومَةِ فِيمَا وُجِّهَا لَهُ عَجَّلاَهَا وَ إِنْ أَرَادَا تَأْخِيرَهَا بَعْدَ رَمَضَانَ إِلَى انْقِضَاءِ اَلْمَوْسِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ هُمَا لَمْ يَحْكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى انْقِضَاءِ اَلْمَوْسِمِ فَالْمُسْلِمُونَ عَلَى أَمْرِهِمْ الْأَوَّلِ فِي الْحَرْبِ وَ لاَ شَرْطَ بَيْنَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ وَ عَلَى الْأُمَّةِ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ عَلَى التَّمَامِ وَ الْوَفَاءُ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ فِيهِ إِلْحَاداً وَ ظُلْماً أَوْ حَاوَلَ لَهُ نَقْضاً.

وَ شَهِدَ بِمَا فِي الْكِتَابِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ (1)عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَ اَلْأَشْتَرُ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ وَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ اَلْحُصَيْنُ وَ اَلطُّفَيْلُ ابْنَا اَلْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَ أَبُو أُسَيْدٍ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَنْصَارِيُّ (2)وَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَ أَبُو الْيُسْرِ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ (3)وَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الْقُرَشِيُّ ،ف.

ص: 506


1- ح(1:192):«و شهد فيه من أصحاب على عشرة،و من أصحاب معاوية عشرة».و قد فصل الطبريّ في(6:130)فذكر هؤلاء العشرة و هؤلاء العشرة. لكن ما في الأصل هنا يربى على هذا العدد كثيرا.
2- هو أبو أسيد،بهيئة التصغير،مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصارى الساعدى.و كان معه راية بنى ساعدة يوم الفتح،اختلف في وفاته ما بين سنة ثلاثين إلى ثمانين.انظر الإصابة 7622.و في الأصل:«ربيعة بن مالك»تحريف.
3- هو أبو اليسر،بفتحتين،الأنصارى،و اسمه كعب بن عمرو بن عباد.شهد بدرا و المشاهد،و هو الذي أسر العباس.و مات بالمدينة سنة خمس و خمسين.الإصابة(7:218). و في الأصل:«أبو اليسير»تحريف.

وَ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ (1)وَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ الْأَنْصَارِيُّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ وَ الْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ وَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ عَجْلاَنَ الْأَنْصَارِيُّ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ وَ وَرْقَاءُ بْنُ مَالِكِ بْنِ كَعْبٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ رَبِيعَةُ بْنُ شُرَحْبِيلَ وَ أَبُو صَفْرَةَ بْنُ يَزِيدَ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ حُجْرُ بْنُ يَزِيدَ وَ عُقْبَةُ بْنُ حُجِّيَّةَ (إِلَى هُنَا السِّقْطُ) وَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيُّ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ بْنُ سُفْيَانَ السُّلَمِيُّ (2)وَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ الْقُرَشِيُّ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ الْكِنْدِيُّ وَ اَلْمُخَارِقُ بْنُ الْحَارِثِ الْحِمْيَرِيُّ وَ رَعْبَلُ بْنُ عَمْرٍو السَّكْسَكِيُّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ وَ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ سُبَيْعُ بْنُ يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ وَ يَزِيدُ بْنُ الْحُرِّ الثَّقَفِيُّ وَ مَسْرُوقُ بْنُ حَرْمَلَةَ الْعَكِّيُّ (3)وَ نُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ الْحِمْيَرِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلْبِيُّ وَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَرِّضِ السَّكْسَكِيُّ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْقُرَشِيُّ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ اَلْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ الْقُرَشِيُّ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ الْجُذَامِيُّ وَ عَمَّارُ بْنُ الْأَحْوَصِ الْكَلْبِيُّ وَ مَسْعَدَةُ بْنُ عَمْرٍو التُّجِيبِيُّ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ الْقَيْنِيُّ وَ عَاصِمُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ الْجُذَامِيُّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ذِي الْكَلاَعِ الْحِمْيَرِيُّ وَ اَلْقِبَاحُ بْنُ جُلْهُمَةَ الْحِمْيَرِيُّ (4)وَ ثُمَامَةُ بْنُ حَوْشَبٍ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ حَكِيمٍ وَ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ .

وَ أَنَّ بَيْنَنَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ وَ كَتَبَ عَمْرٌو يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ».

ص: 507


1- هو بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه بن الحارث بن الأعرج الأسلمى،ينتمى إلى أسلم بن أفصى.مات سنة ثلاث و ستين.الإصابة 629.و في الأصل:«السلمى»تحريف.
2- هو أبو الأعور عمرو بن سفيان بن عبد شمس،و هو ممن قدم مصر مع مروان. سنة خمس و ستين.انظر الإصابة 5846.
3- ذكره ابن حجر في الإصابة 7938 و لم يعرف اسم والده.
4- لم أعثر له على ترجمة،و المعروف في أعلامهم ممّا يقاربه«القباع».

لِثَلاَثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ .

الخلاف عند كتابة الوثيقة

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ : هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :بِئْسَ الرَّجُلُ أَنَا إِنْ أَقْرَرْتُ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَاتَلْتُهُ.

وَ قَالَ عَمْرٌو :اُكْتُبْ اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِيهِ إِنَّمَا هُوَ أَمِيرُكُمْ وَ أَمَّا أَمِيرُنَا فَلاَ.

فَلَمَّا أُعِيدَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ أَمَرَ بِمَحْوِهِ فَقَالَ اَلْأَحْنَفُ :لاَ تَمْحُ اسْمَ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ إِنْ مَحَوْتَهَا أَلاَّ تَرْجِعَ إِلَيْكَ أَبَداً لاَ تَمْحُهَا وَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضاً فَأَبَى مَلِيّاً مِنَ النَّهَارِ أَنْ يَمْحُوَهَا ثُمَّ إِنَّ اَلْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ جَاءَ فَقَالَ:اُمْحُ هَذَا الاِسْمَ فَقَالَ عَلِيٌّ 1«لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةٌ بِسُنَّةٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَعَلَى يَدَيَّ دَارَ هَذَا يَوْمَ اَلْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كَتَبْتُ الْكِتَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَذَا مَا تَصَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَيْلٌ :لاَ أُجِيبُكَ إِلَى كِتَابٍ تُسَمَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقَاتِلْكَ إِنِّي إِذاً ظَلَمْتُكَ إِنْ مَنَعْتُكَ أَنْ تَطُوفَ بِبَيْتِ اللَّهِ وَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أُجِبْكَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : 14يَا عَلِيُّ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَ إِنِّي لَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ لَنْ يَمْحُوَ عَنِّي الرِّسَالَةَ كِتَابِي إِلَيْهِمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَاكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَرَاجَعَنِي اَلْمُشْرِكُونَ فِي هَذَا (1)إِلَى مُدَّةٍ فَالْيَوْمَ أَكْتُبُهَا إِلَى أَبْنَائِهِمْ كَمَا كَتَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى آبَائِهِمْ سُنَّةً وَ مِثْلاً» فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ مِثْلَ هَذَا شَبَّهْتَنَا بِالْكُفَّارِ وَ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ :

«يَا اِبْنَ النَّابِغَةِ وَ مَتَى لَمْ تَكُنْ لِلْكَافِرِينَ وَلِيّاً وَ لِلْمُسْلِمِينَ عَدُوّاً وَ هَلْ تُشْبِهُ إِلاَّ أُمَّكَ الَّتِي وَضَعَتْ بِكَ؟(2) فَقَامَ عَمْرٌو فَقَالَ:وَ اللَّهِ لاَ يَجْمَعُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ

ص: 508


1- في الأصل:«فى عهد».
2- (2) هذه العبارة بعينها في الطبريّ(6:29).

مَجْلِسٌ أَبَداً بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَصْحَابِكَ» قَالَ:وَ جَاءَتْ عِصَابَةٌ قَدْ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَقَالُوا:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُمْ اِبْنُ حُنَيْفٍ :أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَ لَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا وَ ذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي صَالَحَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ (1)يَعْنِي اِبْنَ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ قَالَ: لَمَّا كَتَبَ عَلِيٌّ الصُّلْحَ يَوْمَ صَالَحَ مُعَاوِيَةَ فَدَعَا اَلْأَشْتَرَ لِيَكْتُبَ قَالَ قَائِلٌ:

اكْتُبْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: (2)1«إِنِّي وَ اللَّهِ لَأَنَا كَتَبْتُ الْكِتَابَ بِيَدِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَ كَتَبْتُ « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فَقَالَ سُهَيْلٌ :لاَ أَرْضَى اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَكَتَبَ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ:لَوْ شَهِدْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقَاتِلْكَ قَالَ عَلِيٌّ : 1فَغَضِبْتُ فَقُلْتُ:

بَلَى وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ إِنْ رَغِمَ أَنْفُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ :

14اكْتُبْ مَا يَأْمُرُكَ إِنَّ لَكَ مِثْلَهَا سَتُعْطِيهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهَدٌ» .

صورة أخرى من وثيقة التحكيم

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ الصُّلْحِ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فِي صَحِيفَةٍ صَفْرَاءَ عَلَيْهَا خَاتَمَانِ خَاتَمٌ مِنْ أَسْفَلِهَا وَ خَاتَمٌ مِنْ أَعْلاَهَا وَ فِي خَاتَمِ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ فِي خَاتَمِ مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ،فَقِيلَ لِعَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ أَ تُقِرُّ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا أُقِرُّ لِمُعَاوِيَةَ وَ لاَ لِأَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ وَ لاَ مُسْلِمُونَ وَ لَكِنْ يَكْتُبُ

ص: 509


1- هذا غير بريدة الأسلمى،المترجم في ص 507.و قد ترجم لبريدة بن سفيان. في تهذيب التهذيب.
2- أي عليّ عليه السلام.

مُعَاوِيَةُ مَا شَاءَ وَ يُقِرُّ بِمَا شَاءَ لِنَفْسِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ يُسَمِّي نَفْسَهُ وَ أَصْحَابَهُ مَا شَاءَ فَكَتَبُوا « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ قَاضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِيعَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ قَاضَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِيعَتِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُسْلِمِينَ إِنَّا نَنْزِلُ عِنْدَ حُكْمِ اللَّهِ وَ كِتَابِهِ وَ أَلاَّ يَجْمَعُ بَيْنَنَا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ نُحْيِي مَا أَحْيَا اَلْقُرْآنُ وَ نُمِيتُ مَا أَمَاتَ اَلْقُرْآنُ فَمَا وَجَدَ اَلْحَكَمَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ فَإِنَّهُمَا يَتْبَعَانِهِ وَ مَا لَمْ يَجِدَاهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَخَذَا بِالسُّنَّةِ الْعَادِلَةِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ وَ الْحَكَمَانِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ لِيَقْضِيَا بِمَا وَجَدَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَالسَّنَةُ الْجَامِعَةُ غَيْرُ الْمُفَرِّقَةِ وَ أَخَذَ الْحَكَمَانِ مِنْ عَلِيٍّ وَ مُعَاوِيَةَ وَ مِنَ الْجُنْدَيْنِ مِمَّا هُمَا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ بِمَا يَرْضَيَانِ بِهِ مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ الثِّقَةِ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمَا آمِنَانِ عَلَى أَمْوَالِهِمَا وَ أَهْلِيهِمَا وَ الْأُمَّةُ لَهُمَا أَنْصَارٌ عَلَى الَّذِي يَقْضِيَانِ بِهِ عَلَيْهِمَا (1)وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُسْلِمِينَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ كِلْتَيْهِاَ عَهْدُ اللَّهِ أَنَّا عَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ وَ لَنَقُومَنَّ عَلَيْهِ وَ أَنَّا عَلَيْهِ لَأَنْصَارٌ وَ أَنَّهَا قَدْ وَجَبَتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَمْنِ وَ الاِسْتِقَامَةِ وَ وَضْعِ السِّلاَحِ أَيْنَمَا سَارُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ وَ أَهْلِيهِمْ وَ أَرَضِيهِمْ وَ شَاهِدِهِمْ وَ غَائِبِهِمْ وَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ لَيَحْكُمَانِ بَيْنَ الْأُمَّةِ بِالْحَقِّ وَ لاَ يَرُدَّانِهَا فِي فُرْقَةٍ وَ لاَ بِحَرْبٍ حَتَّى يَقْضِيَا وَ أَجَلُ الْقَضِيَّةِ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يُعَجِّلاَ عَجَّلاَ وَ إِنْ تُوُفِّيَ وَاحِدٌ مِنَ اَلْحَكَمَيْنِ فَإِنَّ أَمِيرَ شِيعَتِهِ يَخْتَارُ مَكَانَهُ رَجُلاً لاَ يَأْلُو عَنِ الْمَعْدَلَةِ وَ الْقِسْطِ وَ أَنْ مِيعَادَ قَضَائِهِمَا الَّذِي».

ص: 510


1- في الأصل:«عليه».

يَقْضِيَانِ فِيهِ مَكَانَ عَدْلٍ بَيْنَ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ فَإِنْ رَضِيَا مَكَاناً غَيْرَهُ فَحَيْثُ رَضِيَا لاَ يَحْضُرُهُمَا فِيهِ إِلاَّ مَنْ أَرَادَا وَ أَنْ يَأْخُذَ اَلْحَكَمَانِ مَنْ شَاءَا مِنَ الشُّهُودِ ثُمَّ يَكْتُبُوا شَهَادَتَهُمْ عَلَى مَا فِي الصَّحِيفَةِ وَ نَحْنُ بِرَاءُ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ عَلَى مَنْ تَرَكَ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ وَ أَرَادَ فِيهَا إِلْحَاداً وَ ظُلْماً وَ شَهِدَ عَلَى مَا فِي الصَّحِيفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ وَ وَرْقَاءُ بْنُ سُمِّيٍّ (1)وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ وَ حُجْرُ بْنُ يَزِيدَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَمَلٍ وَ عُقْبَةُ بْنُ جَارِيَةَ وَ يَزِيدُ بْنُ حُجِّيَّةَ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ اَلْمُخَارِقُ بْنُ الْحَارِثِ وَ زِمْلُ بْنُ عَمْرٍو (2)وَ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَ سُبَيْعُ بْنُ يَزِيدَ (3)وَ عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ يَزِيدُ بْنُ الْحُرِّ وَ كَتَبَ عَمِيرَةُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلاَثِينَ .

وَ اتَّعَدَ اَلْحَكَمَانِ أَذْرُحَ (4)وَ أَنْ يَجِيءَ عَلِيٌّ بِأَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ يَجِيءَ مُعَاوِيَةُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَشْهَدُونَ الْحُكُومَةَ .

موقف الأشتر و الأشعث من الصحيفة

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَبُو جَنَابٍ (5)عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: لَمَّا كُتِبَتِ الصَّحِيفَةُ دُعِيَ لَهَا اَلْأَشْتَرُ فَقَالَ لاَ صَحِبَتْنِي يَمِينِي وَ لاَ نَفَعَتْنِي بَعْدَهَا الشِّمَالُ إِنْ كُتِبَ لِي فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ اسْمٌ عَلَى صُلْحٍ وَ لاَ مُوَادَعَةٍ.

أَ وَ لَسْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ يَقِينٍ مِنْ ضَلاَلَةِ عَدُوِّي أَ وَ لَسْتُمْ قَدْ رَأَيْتُمُ

ص: 511


1- الطبريّ(6:30):«و وفاء بن سمى».
2- زمل،بالكسر،بن عمرو بن عنز العذرى،عقد له النبيّ صلّى اللّه عليه لواء،و شهد بهذا اللواء صفّين مع معاوية،و قتل بمرج راهط مع مروان سنة أربع و ستين.انظر الإصابة 2810.و في الأصل:«زامل»تحريف،صوابه في الإصابة و الطبريّ.
3- في الأصل:«سمع بن زبد»و أثبت ما في الطبريّ(6:30).
4- أذرح،بضم الراء:بلد في أطراف الشام مجاور لأرض الحجاز.
5- هو أبو جناب الكلبى،كما في الطبريّ(6:30)و في الأصل«أبو خباب».

الظَّفَرَ إِنْ لَمْ تَجْمَعُوا عَلَى الْخَوَرِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتَ ظَفَراً وَ لاَ خَوَراً هَلُمَّ فَاشْهَدْ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَقْرِرْ بِمَا كُتِبَ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَإِنَّهُ لاَ رَغْبَةَ بِكَ عَنِ النَّاسِ قَالَ بَلَى وَ اللَّهِ إِنَّ بِي لَرَغْبَةً عَنْكَ فِي الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ لِلْآخِرَةِ وَ لَقَدْ سَفَكَ اللَّهُ بِسَيْفِي هَذَا دِمَاءَ رِجَالٍ مَا أَنْتَ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ عِنْدِي وَ لاَ أَحْرَمَ دَماً فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ رَبِيعَةَ فَنَظَرْتُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ كَأَنَّمَا قُصِعَ عَلَى أَنْفِهِ الْحُمَمُ (1)وَ هُوَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ثُمَّ قَالَ وَ لَكِنْ قَدْ رَضِيتُ بِمَا صَنَعَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ دَخَلْتُ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ وَ خَرَجْتُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلاَّ فِي هُدًى وَ صَوَابٍ .

الخلاف في التحكيم بعده و ظهور المحكمة

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ (2)عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ (3)وَ غَيْرِهِ : أَنَّ اَلْأَشْعَثَ خَرَجَ فِي النَّاسِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ وَ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِمْ وَ يَمُرُّ بِهِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ رَايَاتِهِمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ ثُمَّ مَرَّ بِهِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ رَايَاتِهِمْ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَرَّ بِرَايَاتِ عَنَزَةَ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ مِنْ عَنَزَةَ بِصِفِّينَ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مُجَفِّفٍ (4)فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ اَلْأَشْعَثُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ فِتْيَانٌ مِنْهُمْ:لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ ثُمَّ حَمَلاَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ بِسُيُوفِهِمَا فَقَاتَلاَ حَتَّى قُتِلاَ عَلَى بَابِ رِوَاقِ مُعَاوِيَةَ وَ هُمَا أَوَّلُ مَنْ حَكَّمَ (5)وَ اسْمَاهُمَا مَعْدَانُ وَ جَعْدٌ أَخَوَانِ ثُمَّ مَرَّ بِهَا عَلَى مُرَادٍ فَقَالَ صَالِحُ بْنُ شَقِيقٍ وَ كَانَ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ:

ص: 512


1- القصع:الضرب و الدلك.و الحمم:الرماد و الفحم و كل ما احترق من النار، واحدته حممة.و في ح(1:192):«الحميم».و ما أثبت من الأصل يطابق ما في الطبريّ.
2- ح:«شفيع».
3- ح:«سفيان بن سلمة».
4- المجفف:لابس التجفاف،و أصله ما يجلل به الفرس من سلاح و آلة تقية الجراحة.
5- في اللسان:«و الخوارج يسمون المحكمة؛لإنكارهم أمر الحكمين و قولهم لا حكم إلاّ للّه».

مَا لِعَلِيٍّ فِي الدِّمَاءِ قَدْ حَكَّمَ لَوْ قَاتَلَ اَلْأَحْزَابَ يَوْماً مَا ظَلَمَ.

لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ« وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ »ثُمَّ مَرَّ عَلَى رَايَاتِ بَنِي رَاسِبٍ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا:لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ لاَ نَرْضَى وَ لاَ نُحَكِّمُ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ.ثُمَّ مَرَّ عَلَى رَايَاتِ بَنِي تَمِيمٍ (1)فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ:لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ يَقْضِي بِالْحَقِّ« وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ »فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِآخَرَ:أَمَّا هَذَا فَقَدْ طَعَنَ طَعْنَةً نَافِذَةً وَ خَرَجَ عُرْوَةُ بْنُ أُدَيَّةَ أَخُو مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ:أَ تُحَكِّمُونَ الرِّجَالَ فِي أَمْرِ اللَّهِ؟ لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ فَأَيْنَ قَتْلاَنَا يَا أَشْعَثُ ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ لِيَضْرِبَ بِهِ اَلْأَشْعَثَ فَأَخْطَأَهُ وَ ضَرَبَ بِهِ عَجٌزَ دَابَّتِهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً فَانْدَفَعَ بِهِ الدَّابَّةُ وَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ:أَنْ أَمْسِكْ يَدَكَ فَكَفَّ وَ رَجَعَ اَلْأَشْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ فَأَتَاهُ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَمَشَى إِلَيْهِ اَلْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ وَ مِعْسَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ وَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَتَنَصَّلُوا إِلَيْهِ وَ اعْتَذَرُوا فَقَبِلَ مِنْهُمُ اَلْأَشْعَثُ فَتَرَكَهُمُ وَ انْطَلَقَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَرَضْتُ الْحُكُومَةَ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَقَالُوا جَمِيعاً:قَدْ رَضِينَا حَتَّى مَرَرْتُ بِرَايَاتِ بَنِي رَاسِبٍ وَ نَبْذٍ مِنَ النَّاسِ سِوَاهُمْ (2)فَقَالُوا:لاَ نَرْضَى لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ فَلْنَحْمِلْ بِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ أَهْلِ اَلشَّامِ عَلَيْهِمْ فَنَقْتُلَهُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«هَلْ هِيَ غَيْرُ رَايَةٍ أَوْ رَايَتَيْنِ وَ نَبْذٍ مِنَ النَّاسِ؟» قَالَ:بَلَى (3)قَالَ: 1«دَعْهُمْ» قَالَ:فَظَنَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُمْ قَلِيلُونَ لاَ يُعْبَأُ بِهِمْ فَمَا رَاعَهُ إِلاَّ نِدَاءُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ الْحُكْمُ لِلَّهِ يَا عَلِيُّ لاَ لَكَ لاَ نَرْضَى بِأَنْ يُحَكَّمَ الرِّجَالُ فِي دِينِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمْضَى حُكْمَهُ فِي مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابِهِ أَنْ يُقَتَّلُوا».

ص: 513


1- ح(1:192):«رايات تميم».
2- النبذ،بالفتح:الشيء القليل؛و جمعه أنباذ.
3- في الأصل و ح(1:193):«لا».

أَوْ يَدْخُلُوا فِي حُكْمِنَا عَلَيْهِمْ (1)وَ قَدْ كَانَتْ مِنَّا زَلَّةٌ حِينَ رَضِينَا بِالْحَكَمَيْنِ فَرَجَعْنَا وَ تُبْنَا فَارْجِعْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ كَمَا رَجَعْنَا وَ تُبْ إِلَى اللَّهِ كَمَا تُبْنَا وَ إِلاَّ بَرِئْنَا مِنْكَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وَيْحَكُمْ أَ بَعْدَ الرِّضَا وَ الْمِيثَاقِ وَ الْعَهْدِ نَرْجِعُ؟ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ« أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (2)وَ قَالَ« وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ »؟» فَأَبَى عَلَيٌّ أَنْ يَرْجِعَ وَ أَبَتِ اَلْخَوَارِجُ إِلاَّ تَضْلِيلَ التَّحْكِيمِ وَ الطَّعْنَ فِيهِ وَ بَرِئَتْ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَرِئَ مِنْهُمْ وَ قَامَ خَطِيبُ أَهْلِ اَلشَّامِ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ:أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ إِلاَّ أَخْبَرْتُمُونَا لِمَ فَارَقْتُمُونَا؟ قَالُوا:فَارَقْنَاكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَلَّ الْبَرَاءَةَ مِمَّنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَتَوَلَّيْتُمُ الْحَاكِمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ قَدْ أَحَلَّ عَدَاوَتَهُ وَ أَحَلَّ دَمَهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى التَّوْبَةِ وَ يَبُؤْ بِالدِّينِ (3)وَ زَعَمْتُمْ أَنْتُمْ خِلاَفَ حُكْمِ اللَّهِ فَتَوَلَّيْتُمُ الْحَاكِمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِعَدَاوَتِهِ وَ حَرَّمْتُمْ دَمَهُ وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِسَفْكِهِ فَعَادَيْنَاكُمْ لِأَنَّكُمْ حَرَّمْتُمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَ حَلَّلْتُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ عَطَّلْتُمْ أَحْكَامَ اللَّهِ وَ اتَّبَعْتُمُ هَوَاكُمْ« بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللّهِ »قَالَ الشَّامِيُّ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ (4):قَتَلْتُمْ أَخَانَا وَ خَلِيفَتَنَا وَ نَحْنُ غُيَّبٌ عَنْهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَتَبْتُمُوهُ فَتَابَ فَعَجَّلْتُمْ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ فَنُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ لَمَّا أَنْصَفْتُمُ الْغَائِبَ (5)الْمُتَّهَمَ لَكُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُ لَوْ كَانَ عَنْ مَلَإٍ مِنَ النَّاسِ وَ مَشُورَةٍ كَمَا كَانَتْ إِمْرَتُهُ لَمْ يَحِلَّ لَنَا الطَّلَبُ بِدَمِهِ وَ إِنَّ أَطْيَبَ التَّوْبَةِ وَ الْخَيْرِ فِي الْعَاقِبَةِ أَنْ يَعْرِفَ مَنْ لاَ حُجَّةَ لَهُ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ، »

ص: 514


1- ح:«تحت حكمنا عليهم».
2- من الآية الأولى في سورة المائدة.و في الأصل:«بالعهود»تحريف.
3- يبوء:يقر و يعترف.و في الأصل:«و يبوء بالدين».
4- في الأصل:«حمزة بن مالك».
5- لما،هنا،بمعنى إلا،كما في قول اللّه:« إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ »

وَ ذَلِكَ أَقْطَعُ لِلْبَغْيِ وَ أَقْرَبُ لِلْمُنَاصَحَةِ وَ قَدْ رَضِينَا أَنْ تَعْرِضُوا ذُنُوبَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَوَّلِهَا وَ آخِرِهَا فَإِنْ أَحَلَّ اَلْكِتَابُ دَمَهُ بَرِئْنَا مِنْهُ وَ مِمَّنْ تَوَلاَّهُ وَ مَنْ يَطْلُبُ دَمَهُ وَ كُنْتُمْ قَدْ أُجِرْتُمْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَ آخِرِهِ وَ إِنْ كَانَ كِتَابُ اللَّهِ يَمْنَعُ دَمَهُ وَ يُحَرِّمُهُ تُبْتُمْ إِلَى اللَّهِ رَبِّكُمْ وَ أَعْطَيْتُمُ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِي سَفْكِ دَمٍ بِغَيْرِ حِلِّهِ بِعَقْلٍ أَوْ قَوَدٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ هُوَ ظَالِمٌ وَ نَحْنُ قَوْمٌ نَقْرَأُ اَلْقُرْآنَ وَ لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ فَأَفْهِمُونَا الْأَمْرَ الَّذِي اسْتَحْلَلْتُمْ عَلَيْهِ دِمَاءَنَا قَالُوا:نَعَمْ قَدْ بَعَثْنَا مِنَّا رَجُلاً وَ مِنْكُمْ رَجُلاً يَقْرَآنِ اَلْقُرْآنَ كُلَّهُ وَ يَتَدَارَسَانِ مَا فِيهِ وَ يُنْزِلاَنِ عِنْدَ حُكْمِهِ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ وَ إِنَّا قَدْ بَعَثْنَا مِنَّا مَنْ هُوَ عِنْدَنَا مِثْلُ أَنْفُسِنَا وَ جَعَلْنَا لَهُمَا أَنْ يَنْتَهِيَا إِلَيْهِ وَ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُمَا عَلَى تُؤَدَةٍ وَ نَسْأَلُ عَمَّا يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهِ وَ مَا يَتَفَرَّقَانِ عَنْهُ فَإِنَّمَا فَارَقْنَاكُمْ فِي تَفْسِيرِهِ وَ لَمْ نُفَارِقْكُمْ فِي تَنْزِيلِهِ.

وَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ نَشْهَدُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَ عَنْهُ مِمَّا تُفَسِّرُونَ مِمَّا جَهِلْنَا (1)نَحْنُ تَفْسِيرَهُ فَنَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الْعِلْمِ (2)مِنَّا وَ مِنْكُمْ فَأَعْطَيْنَاكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مَا سَأَلْتُمْ مِنْ شَأْنِ اَلْحَكَمَيْنِ وَ إِنَّمَا بُعِثَا لِيَحْكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ يُحْيِيَانِ مَا أَحْيَا اَلْكِتَابُ وَ يُمِيتَانِ مَا أَمَاتَ اَلْكِتَابُ فَأَمَّا مَا لَمْ يَجِدَا فِي اَلْكِتَابِ فَالسُّنَّةُ الْعَادِلَةُ الْجَامِعَةُ غَيْرُ الْمُفَرِّقَةِ وَ لَمْ يُبْعَثَا لِيَحْكُمَا بِغَيْرِ اَلْكِتَابِ .

وَ لَوْ أَرَادَا اللُّبْسَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ لَبَرِئَتْ مِنْهُمَا الذِّمَّةُ (3)وَ لَيْسَ لَهُمَا عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ حُكْمٌ.

فَلَمَّا سَمِعَ اَلْمُسْلِمُونَ قَوْلَهُمْ عَلِمُوا أَنَّ عَلَى كُلِّ مُخَاصِمٍ إِنْصَافَ خَصِيمِهِ وَ قَبُولَ الْحَقِّ مِنْهُ وَ إِنْ كَانَ قَدْ مَنَعَهُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ إِلَى الْحَقِّ دَعَوْا أَوَّلَ يَوْمٍ وَ بِهِ عَمِلُوا يَقِيناً غَيْرَ شَكٍّ وَ مِنَ الْبَاطِلِ اسْتَعْتَبُوا وَ عَلَى عَمَايَةٍ قَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا وَ نَظَرَ الْقَوْمُ فِي أَمْرِهِمْ وَ شَاوَرُوا قَائِدَهُمْ وَ قَالُوا:قَدْ قَبِلْنَا مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حِينَ».

ص: 515


1- في الأصل:«مما جعلنا».
2- في الأصل:«السلم».
3- في الأصل:«فبرئت منهما الذمّة».

دُعِيَ إِلَى اللَّهِ وَ التَّوْبَةِ مِنْ بَغْيِهِ وَ ظُلْمِهِ وَ قَدْ كَانَ مِنَّا عَنْهُ كَفٌّ حِينَ أَعْطَانَا أَنَّهُ تَائِبٌ حَتَّى جَرَى عَلَيْنَا حُكْمُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ ذُنُوبَهُ فَلَمَّا لَمْ يُتِمَّ التَّوْبَةَ وَ خَالَفَ بِفِعْلِهِ عَنْ تَوْبَتِهِ قُلْنَا اعْتَزَلْنَا وَ نُوَلِّي أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلاً يَكْفِيكَ وَ يَكْفِينَا فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُوَلِّيَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلاً نَتَّهِمُهُ فِي دِمَائِنَا وَ أَمْوَالِنَا فَأَبَى ذَلِكَ وَ أَصَرَّ فَلَمَّا أَنْ رَأَيْنَا ذَلِكَ مِنْهُ قَتَلْنَاهُ وَ مَنْ تَوَلاَّهُ بَعْدَ قَتْلِنَا إِيَّاهُ وَ هُمْ يَعْرِضُونَ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ وَ يَسْأَلُونَا حُجَّتَنَا عَلَيْهِمْ وَ إِنَّمَا هُمْ صَادِقُونَ أَوْ كَاذِبُونَ فِي نِيَّتِهِمْ وَ لَيْسَ لَنَا عُذْرٌ فِي إِنْصَافِهِمْ وَ الْمُوَادَعَةِ وَ الْكَفِّ عَنْهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا بِتَوْبَةٍ أَوْ مُنَاصَحَةٍ بَعْدَ أَنْ نُقَرِّرَهُمْ وَ نُعَرِّفَهُمْ ظُلْمَهُمْ وَ بَغْيَهُمْ أَوْ يُصِرُّوا فَيَغْلِبَنَا عَلَيْهِمْ مَا غَلَبْنَا عَلَى قَائِدِهِمْ فَنَقْتُلَهُمْ فَإِنَّمَا نَطْلُبُ الْحُجَّةَ بَعْدَ الْعُذْرِ وَ لاَ عُذْرَ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ وَ لاَ بَيِّنَةَ إِلاَّ بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ (1)وَ هُمْ خُلَطَاءُ فِي الدِّينِ وَ مَقْرُونٌ بِالْكِتَابِ وَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ حَارَبَ اَلْمُسْلِمِينَ أَهْلِ بَغْيٍ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يَفِيئُوا مِنْ بَغْيِهِمْ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَ بَرَءُوا بِبَغْيِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ دَاوُدَ :

« وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ » هَؤُلاَءِ مُنَافِقُونَ لِأَمْرِهِمْ بِالْمُنْكَرِ وَ نَهْيِهِمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ قِتَالِهِمْ عَلَيْهِ وَ لاِتِّبَاعِهِمْ« ما أَسْخَطَ اللّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ »بِذَلِكَ تَفْنَى حَسَنَاتُهُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ لَمْ تَنْفَعْهُمْ حِينَ عَادَاهُمْ فَقَبِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُنَاصَفَتَهُمْ فِي الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ اَلْحَكَمَيْنِ بِالدِّينِ بِأَنْ يَحْكُمَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ يَرُدَّ الْمُحِقَّ وَ الْمُبْطِلَ إِلَى أَمْرِهِ وَ [مَا] (2)يَرْضَى بِهِ وَ فِيمَا نَزَلَ بِهِمْ أَمْرٌ لَيْسَ فِيهِ قُرْآنٌ يَعْرِفُونَهُ فَالسَّنَةُ الْجَامِعَةُ الْعَادِلَةُ غَيْرُ الْمُفَرِّقَةِ،ل.

ص: 516


1- في الأصل:«و سنة».
2- ليست في الأصل.

فَلَمْ يَكُنْ يَسَعُ أَحَداً مِنَ الْفَرِيقَيْنِ تَرْكُ كِتَابِ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صِفَةِ عَدُوِّهِ وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ كِتَابِهِ وَ هُوَ مُقِرٌّ بِتَنْزِيلِهِ حَامِلٌ لِمِيثَاقِهِ « أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ »وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُعَيِّرُهُمْ بِذَلِكَ:

« أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ » وَ مَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ رَضُوا بِكِتَابِي وَ رَسُولِي ثُمَّ أَنْزَلَ« إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »يَعْنِي أَنَّهُمْ أَصَابُوا حَقَائِقَ الْإِيمَانِ وَ الصُّلْحِ فَلَمْ يَسَعْ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ الْكَفُّ بَعْدَ تَوْكِيدِهِمْ الْمِيثَاقَ وَ ضَرْبِهِمُ الْأَجَلَ وَ الرِّضَا بِأَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ رَجُلاَنِ بِكِتَابِ اللَّهِ فِيمَا تَنَازَعَ فِيهِ عِبَادُ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْهُمْ سَبِيلَ الْمُحِقِّ مِنَ الْمُبْطِلِ أَلاَّ يُغِيرَ بِمُؤْمِنٍ غَائِبٍ بِرِضَا غَوِيٍّ (1)أَوْ عَمٍ (2)غَيْرِ مُهْتَدٍ فَيُسَمَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ كُلٍّ بِاسْمِهِ حَتَّى يُقِرَّهُ الْكِتَابُ (3)عَلَى مَنْزِلَتِهِ.

قَالَ:فَنَادَتِ اَلْخَوَارِجُ أَيْضاً فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ:لاَ حَكَمَ إِلاَّ اللَّهُ لاَ نَرْضَى بِأَنْ تُحَكَّمَ الرِّجَالُ فِي دِينِ اللَّهِ قَدْ أَمْضَى اللَّهُ حُكْمَهُ فِي مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابِهِ أَنْ يُقْتَلُوا أَوْ يَدْخُلُوا مَعَنَا فِي حُكْمِنَا عَلَيْهِمْ وَ قَدْ كَانَتْ مِنَّا خَطِيئَةٌ وَ زَلَّةٌ حِينَ رَضِينَا بِالْحَكَمَيْنِ وَ قَدْ تُبْنَا إِلَى رَبِّنَا وَ رَجَعْنَا عَنْ ذَلِكَ فَارْجِعْ كَمَا رَجَعْنَا وَ إِلاَّ فَنَحْنُ مِنْكَ بِرَاءٌ فَقَالَ عَلِيٌّ 1«وَيْحَكُمْ بَعْدَ الرِّضَا وَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ أَرْجِعَ؟ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ« وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها -».

ص: 517


1- كذا وردت هذه العبارة.
2- في الأصل:«عمى».
3- في الأصل:«يفرده الكتاب».

وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ »؟» فَبَرِءُوا مِنْ عَلِيٍّ وَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالشِّرْكِ وَ بَرِئَ عَلِيٌّ مِنْهُمْ .

عمرو بن أوس و معاوية

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَزِيدُ الْأَوْدِيُّ : أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ كَانَ يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ وَ أَسَرَهُ مُعَاوِيَةُ فِي أَسْرَى كَثِيرَةٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :اُقْتُلْهُمْ قَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ لِمُعَاوِيَةَ :إِنَّكَ خَالِي فَلاَ تَقْتُلُنِي فَقَامَتْ إِلَيْهِ بَنُو أَوْدٍ (1)فَقَالُوا:هَبْ لَنَا أَخَانَا فَقَالَ:دَعَوْهُ فَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ صَادِقاً لَيَسْتَغْنِيَنَّ عَنْ شَفَاعَتِكُمْ وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَإِنَّ شَفَاعَتَكُمْ لَمِنْ وَرَاءِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ :مِنْ أَيْنَ أَنَا خَالُكَ فَمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَوْدٍ مِنْ مُصَاهَرَةٍ؟ فَقَالَ:فَإِذَا أَخْبَرْتُكَ فَعَرَفْتَ فَهُوَ أَمَانِي عِنْدَكَ؟ قَالَ:نَعَمْ قَالَ:أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ (2)ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ:بَلَى قَالَ:فَأَنَا ابْنُهَا وَ أَنْتَ أَخُوهَا فَأَنْتَ خَالِي فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :مَا لَهُ لِلَّهِ أَبُوهُ مَا كَانَ (3)فِي هَؤُلاَءِ الْأَسْرَى أَحَدٌ يَفْصُنُ لَهَا غَيْرُهُ وَ قَالَ:خَلُّوا سَبِيلَهُ.

معاملة الأسرى

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ قَالَ: أَسَرَ عَلِيٌّ أَسْرَى يَوْمَ صِفِّينَ فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ فَأَتَوْا مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ لِأَسْرَى أَسَرَهُمْ مُعَاوِيَةُ اقْتُلْهُمْ فَمَا شَعُرُوا إِلاَّ بِأَسْرَاهُمْ قَدْ خَلَّى سَبِيلَهُمْ عَلِيٌّ فَقَالَ

ص: 518


1- أود،بالفتح.و هم من بنى معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان.
2- أم حبيبة كنية لها.و اسمها رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس.و قيل بل اسمها هند.و أمها صفية بنت أبى العاص بن أميّة.و قد تزوجها رسول اللّه و هي في الحبشة،زوجه إياها سعيد بن العاص،و أصدقها النجاشيّ عن رسول اللّه أربعمائة دينار،و عمل النجاشيّ لذلك طعاما.و قد دخل بها الرسول قبل إسلام أبيها.و ماتت بالمدينة سنة 44.انظر الإصابة(قسم النساء)و الروض الأنف(2:368).و في الأصل: «أن حبيبة»صوابه«أن أم حبيبة».
3- ح(1:193):«أ ما كان».

مُعَاوِيَةُ :يَا عَمْرُو لَوْ أَطَعْنَاكَ فِي هَؤُلاَءِ الْأَسْرَى لَوَقَعْنَا فِي قَبِيحٍ مِنَ الْأَمْرِ أَ لاَ تَرَاهُ (1)قَدْ خَلَّى سَبِيلَ أَسْرَانَا فَأَمَرَ بِتَخْلِيَةِ مَنْ فِي يَدَيْهِ مِنْ أَسْرَى عَلِيٍّ وَ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا أَخَذَ أَسِيراً مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ خَلَّى سَبِيلَهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَتَلَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقْتُلُهُ بِهِ فَإِذَا خَلَّى سَبِيلَهُ فَإِنْ عَادَ الثَّانِيَةَ قَتَلَهُ وَ لَمْ يُخَلِّ سَبِيلَهُ وَ كَانَ عَلِيٌّ لاَ يُجَهِّزَ عَلَى الْجَرْحَى (2)وَ لاَ عَلَى مَنْ أَدْبَرَ بِصِفِّينَ لِمَكَانِ مُعَاوِيَةَ .

رأي سليمان بن صرد في الصحيفة

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ اَلصَّقْعَبِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ (3)قَالَ: أَتَى سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الصَّحِيفَةِ وَ وَجْهُهُ مَضْرُوبٌ بِالسَّيْفِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ قَالَ: 1« فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً »فَأَنْتَ مِمَّنْ يَنْتَظِرُ وَ مِمَّنْ لَمْ يُبَدِّلْ» فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا لَوْ وَجَدْتَ أَعْوَاناً مَا كَتَبْتَ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ أَبَداً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ مَشَيْتَ فِي النَّاسِ لِيَعُودُوا إِلَى أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ فَمَا وَجَدْتَ أَحَداً عِنْدَهُ خَيْرٌ إِلاَّ قَلِيلاً .

رأي محرز بن جريش

: وَ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ مُحْرِزُ بْنُ جَرِيشِ (4)بْنِ ضَلِيعٍ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا إِلَى الرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْكِتَابِ سَبِيلٌ؟ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَخَافُ أَنْ يُورِثَ ذُلاًّ فَقَالَ عَلِيٌّ :

1«أَ بَعْدَ أَنْ كَتَبْنَاهُ نَنْقُضُهُ؟ (5)إِنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ» وَ كَانَ مُحْرِزٌ يُدْعَى مُخَضْخِضاً وَ ذَاكَ أَنَّهُ أَخَذَ عَنَزَةً بِصِفِّينَ (6)وَ أَخَذَ مَعَهُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَإِذَا وَجَدَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ جَرِيحاً سَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ وَ إِذَا وَجَدَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ خَضْخَضَهُ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى يَقْتُلَهُ .

ص: 519


1- في الأصل:«ألا ترى».
2- أجهز على الجريح:أسرع قتله.و في اللسان:«و منه حديث على رضوان اللّه عليه: «لا يجهز على جريحهم».و في الأصل:«لا يجبر»تحريف.
3- عون بن أبي جحيفة،بتقديم الجيم و بهيئة التصغير،السوائى،بضم السين،الكوفيّ. ثقة من الرابعة.مات سنة 116.تقريب التهذيب.
4- ح(1:193):«محمّد بن جريش».
5- في الأصل:«أما بعد»بإقحام«ما»،صوابه في ح.
6- العنزة،بالتحريك:رميح صغير.

[جمع سعيد بن قيس قومه للقتال و رفض علي ما عرضه]

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ قَالَ: لَمَّا تَدَاعَى النَّاسُ إِلَى الصُّلْحِ بَعْدَ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ قَالَ:قَالَ عَلِيٌّ : 1«إِنَّمَا فَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ لِمَا بَدَا فِيكُمْ الْخَوَرُ وَ الْفَشَلُ» هُمَا الضَّعْفُ فَجَمَعَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ قَوْمَهُ ثُمَّ جَاءَ فِي رَجْرَاجَةٍ (1)مِنْ هَمْدَانَ كَأَنَّهَا رُكْنُ حَصِيرٍ (2)يَعْنِي جَبَلاً بِالْيَمَنِ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (3)غُلاَمٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ فَقَالَ سَعِيدٌ :هَا أَنَا ذَا وَ قَوْمِي لاَ نُرَادُّكَ وَ لاَ نَرُدُّ عَلَيْكَ (4)فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ قَالَ: 1«أَمَا لَوْ كَانَ هَذَا قَبْلَ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ (5)لَأَزَلْتُهُمْ عَنْ عَسْكَرِهِمْ أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي قَبْلَ ذَلِكَ وَ لَكِنِ انْصَرِفُوا رَاشِدِينَ فَلَعَمْرِي مَا كُنْتُ لِأَعْرِضَ قَبِيلَةً وَاحِدَةً لِلنَّاسِ» .

خطبة لعلي بعد الصلح

نَصْرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ :أَنَّ عَلِيّاً قَالَ يَوْمَ صِفِّينَ حِينَ أَقَرَّ النَّاسُ بِالصُّلْحِ: 1«إِنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ لَمْ يَكُونُوا لِيَفِيئُوا إِلَى الْحَقِّ (6)وَ لاَ لِيُجِيبُوا إِلَى كَلِمَةِ السَّوَاءِ حَتَّى يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا الْعَسَاكِرُ وَ حَتَّى يُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ تَقْفُوهَا الْجَلاَئِبُ وَ حَتَّى يَجُرَّ بِبِلاَدِهِمُ الْخَمِيسُ يَتْلُوهُ الْخَمِيسُ وَ حَتَّى يَدَعُوا الْخَيْلَ فِي نَوَاحِي أَرْضِهِمْ وَ بِأَحْنَاءِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ وَ حَتَّى تُشَنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَاتُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ وَ حَتَّى يَلْقَاهُمْ قَوْمٌ صُدُقٌ صُبُرٌ لاَ يَزِيدُهُمْ هَلاَكُ مَنْ هَلَكَ مِنْ قَتْلاَهُمْ وَ مَوْتَاهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ جِدّاً فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَ حِرْصاً عَلَى لِقَاءِ اللَّهِ وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَقْتُلَ آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ أَعْمَامَنَا مَا يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلاَّ إِيمَاناً وَ تَسْلِيماً وَ مُضِيّاً

ص: 520


1- كلمة:«فى»ليست في الأصل.
2- حصير:حصن باليمن من أبنية ملوكهم القدماء؛عن ياقوت.و في الأصل و ح: «حصين»تحريف.
3- هو عبد الرحمن بن سعيد بن قيس،كما في ح.
4- بدلهما في ح:«لا نرد أمرك».
5- بدلها في ح:«قبل سطر الصحيفة»أي كتابتها.
6- ح:«لينيبوا إلى الحق»و هما بمعنى.

عَلَى أَمَضِّ الْأَلَمِ وَ جِدّاً عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ الاِسْتِقْلاَلِ بِمُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ وَ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا فَلَمَّا رَآنَا اللَّهُ صُبُراً صُدُقاً أَنْزَلَ اللَّهُ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ وَ لَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مِثْلَ الَّذِينَ أَتَيْتُمْ مَا قَامَ الدِّينُ وَ لاَ عَزَّ اَلْإِسْلاَمُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَتَحْلُبُنَّهَا دَماً فَاحْفَظُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ» يَعْنِي اَلْخَوَارِجَ .

قول علي في الأشتر و مقتل حابس و لحاق زيد بن عدي بن حاتم بمعاوية

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ لَمَّا كُتِبَتِ الصَّحِيفَةُ:

إِنَّ اَلْأَشْتَرَ لَمْ يَرْضَ بِمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ وَ لاَ يَرَى إِلاَّ قِتَالَ الْقَوْمِ فَقَالَ عَلِيٌّ :

1بَلَى إِنَّ اَلْأَشْتَرَ لَيَرْضَى إِذَا رَضِيتُ وَ قَدْ رَضِيتُ وَ رَضِيتُمْ وَ لاَ يَصْلُحُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَا وَ لاَ التَّبْدِيلُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إِلاَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ وَ يُتَعَدَّى مَا فِي كِتَابِهِ وَ أَمَّا الَّذِي ذَكَرْتُمْ مِنْ تَرْكِهِ أَمْرِي وَ مَا أَنَا عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ وَ لَيْسَ أَتَخَوَّفُهُ عَلَى ذَلِكَ (1)وَ لَيْتَ فِيكُمْ مِثْلَهُ اثْنَيْنِ بَلْ لَيْتَ فِيكُمْ مِثْلَهُ وَاحِداً يَرَى فِي عَدُوِّهِ مِثْلَ رَأْيِهِ إِذَنْ لَخَفَّتْ عَلَيَّ مَئُونَتُكُمْ وَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَقِيمَ لِي بَعْضُ أَوَدِكُمْ وَ أَمَّا الْقَضِيَّةُ فَقَدِ اسْتَوْثَقْنَا لَكُمْ فِيهَا فَقَدْ طَمِعْتُ أَلاَّ تَضِلُّوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» وَ كَانَ الْكِتَابُ فِي صَفَرٍ وَ الْأَجَلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ يَلْتَقِي اَلْحَكَمَانِ .

ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ أَقْبَلُوا عَلَى قَتْلاَهُمْ يَدْفِنُونَهُمْ قَالَ:وَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعَا حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَّ فَقَالَ لَهُ:إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ قَضَاءَ حِمْصٍ فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ قَالَ:أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَ أَسْتَشِيرُ جُلَسَائِي فَانْطَلَقَ فَلَمْ يَمْضِ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَقُصَّهَا عَلَيْكَ قَالَ:هَاتِهَا قَالَ:رَأَيْتُ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَقْبَلَتْ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ مَعَهَا جَمْعٌ عَظِيمٌ،

ص: 521


1- ح:«و لا أعرفه على ذلك».

وَ كَأَنَّ الْقَمَرَ أَقْبَلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ مَعَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ :مَعَ أَيِّهِمَا كُنْتَ؟ قَالَ:كُنْتُ مَعَ الْقَمَرِ قَالَ عُمَرُ :كُنْتَ مَعَ الْآيَةِ الْمَمْحُوَّةِ اذْهَبْ فَلاَ وَ اللَّهِ لاَ تَعْمَلُ لِي عَمَلاً فَرَدَّهُ فَشَهِدَ مَعَ مُعَاوِيَةَ صِفِّينَ وَ كَانَتْ رَايَةُ طَيْئٍ (1)مَعَهُ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَمَرَّ بِهِ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ مَعَهُ ابْنُهُ زَيْدُ بْنُ عَدِيٍّ فَرَآهُ قَتِيلاً فَقَالَ:يَا أَبَتِ هَذَا وَ اللَّهِ خَالِي قَالَ:نَعَمْ لَعَنَ اللَّهِ خَالَكَ فَبِئْسَ وَ اللَّهِ الْمَصْرَعُ مَصْرَعُهُ فَوَقَفَ زَيْدٌ فَقَالَ:مَنْ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ مِرَاراً فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ طُوَالٌ يَخْضِبُ فَقَالَ:أَنَا وَ اللَّهِ قَتَلْتُهُ قَالَ لَهُ:كَيْفَ صَنَعْتَ بِهِ (2)فَجَعَلَ يُخْبِرُهُ فَطَعَنَهُ زَيْدُ بِالرُّمْحِ فَقَتَلَهُ وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَضَعَتِ« اَلْحَرْبُ أَوْزارَها »فَحَمَلَ عَلَيْهِ عَدِيٌّ يَسُبُّهُ وَ يَسُبُّ أُمَّهُ وَ يَقُولُ يَا ابْنَ الْمَائِقَةِ لَسْتُ عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ أَدْفَعْكَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَ زَيْدٌ فَرَسَهُ فَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ مُعَاوِيَةُ وَ حَمَلَهُ أَدْنَى مَجْلِسِهِ فَرَفَعَ عَدِيٌّ يَدَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ:اَللَّهُمَّ إِنَّ زَيْداً قَدْ فَارَقَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ لَحِقَ بِالْمُحِلِّينَ (3)اللَّهُمَّ فَارْمِهِ بِسَهْمٍ مِنْ سِهَامِكَ لاَ يَشْوِي (4)أَوْ قَالَ:

لاَ يُخْطِئُ فَإِنَّ رَمْيَتَكَ لاَ تُنْمِي (5)لاَ وَ اللَّهِ لاَ أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي (6)كَلِمَةً أَبَداً وَ لاَ يُظِلُّنِي وَ إِيَّاهُ سَقْفُ بَيْتٍ أَبَداً قَالَ: وَ قَالَ زَيْدٌ فِي قَتْلِ اَلْبَكْرِيِّ .

مَنْ مُبْلِغٌ أَبْنَاءَ طَيٍّ بِأَنَّنِي ثَأَرْتُ بِخَالِي ثُمَّ لَمْ أَتَأَثَّمِ).

ص: 522


1- في الأصل:«راية على»صوابه في ح(1:194).
2- في الأصل:«له»و أثبت ما في ح.
3- ح:«بالملحدين».
4- أشوى:رمى فأصاب الشوى-و هي الأطراف-و لم يصب المقتل.
5- الإنماء:أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت.و الإصماء:أن ترميه فتقتله على المكان بعينه قبل أن يغيب عنه.و في حديث ابن عبّاس:«كل ما أصميت ودع ما أنميت» و في قول امرئ القيس: فهو لا تنمى رميته ماله لا عد من نفره و في الأصل:«لا تمنى»تحريف.و هذه العبارة ليست في ح.
6- في الأصل:«رأس»صوابه في ح(1:194).

تَرَكْتُ أَخَا بَكْرٍ يَنُوءُ بِصَدْرِهِ بِصِفِّينَ مَخْضُوبَ (1)الْجُيُوبِ مِنَ الدَّمِ

وَ ذَكَّرَنِي ثَأْرِي غَدَاةَ رَأَيْتُهُ فَأَوْجَرْتُهُ رُمْحِي فَخَرَّ عَلَى الْفَمِ

لَقَدْ غَادَرَتْ أَرْمَاحُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَتِيلاً عَنِ الْأَهْوَالِ لَيْسَ بِمُحْجِمِ

قَتِيلاً يَظَلُّ الْحَيُّ يُثْنُونَ بَعْدَهُ عَلَيْهِ بِأَيْدٍ مِنْ نَدَاهُ وَ أَنْعُمِ

لَقَدْ فُجِعَتْ طَيٌّ بِحِلْمٍ وَ نَائِلٍ وَ صَاحِبِ غَارَاتٍ وَ نَهْبٍ مُقَسَّمٍ

لَقَدْ كَانَ خَالِي لَيْسَ خَالٌ كَمِثْلِهِ دِفَاعاً لِضَيْمٍ وَ احْتِمَالاً لِمَغْرَمٍ (2).

قَالَ:وَ لَمَّا لَحِقَ زَيْدُ بْنُ عَدِيٍّ بِمُعَاوِيَةَ تَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ طَعَنُوا فِي أَمْرِهِ وَ كَانَ عَدِيٌّ سَيِّدَ النَّاسِ مَعَ عَلِيٍّ فِي نَصِيحَتِهِ وَ غَنَائِهِ فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ مَا عَصَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَ الْوَسَاوِسِ وَ أَمَانِيِّ اَلشَّيْطَانِ بِالْوَحْيِ وَ لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ أَنْزَلَ فِي عَائِشَةَ وَ أَهْلِ الْإِفْكِ وَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَيْرٌ مِنْكَ وَ عَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنِّي وَ قَدْ قَرَّبَنِي زَيْدٌ لِلظَّنِّ وَ عَرَّضَنِي لِلتُّهَمَةِ.

غَيْرَ أَنِّي إِذَا ذَكَرْتُ مَكَانَكَ مِنَ اللَّهِ وَ مَكَانِي مِنْكَ ارْتَفَعَ حَنَانِي (3)وَ طَالَ نَفْسِي وَ وَ اللَّهِ أَنْ لَوْ وَجَدْتُ زَيْداً لَقَتَلْتُهُ وَ لَوْ هَلَكَ مَا حَزِنْتُ عَلَيْهِ فَأَثْنَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ خَيْراً وَ قَالَ عَدِيٌّ فِي ذَلِكَ:

يَا زَيْدُ قَدْ عَصَّبْتَنِي بِعِصَابَةٍ وَ مَا كُنْتُ لِلثَّوْبِ الْمُدَنَّسِ لاَبِساً

فَلَيْتَكَ لَمْ تُخْلَقْ وَ كُنْتَ كَمَنْ مَضَى وَ لَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَمْضِ لَمْ تَرَ حَابِساً

أَلاَ زَادَ أَعْدَاءً وَ عَقَّ ابْنُ حَاتِمٍ أَبَاهُ وَ أَمْسَى بِالْفَرِيقَيْنِ نَاكِساً

وَ حَامَتْ عَلَيْهِ مَذْحِجٌ دُونَ مَذْحِجٍ وَ أَصْبَحْتَ لِلْأَعْدَاءِ سَاقاً مُمَارِساً».

ص: 523


1- ح(1:195):«مخضوب الجبين».
2- المغرم:ما يلزم أداؤه من حمالة و غيرها.و في الأصل:«لمعدم»صوابه في ح.
3- أراد ذهب حنانى.و في الأصل:«أرانسع حنانى».

نَكَصْتَ عَلَى الْعَقِبَيْنِ يَا زَيْدُ رِدَّةً وَ أَصْبَحْتَ قَدْ جَدَّعْتَ مِنَّا الْمَعَاطِسَا

قَتَلْتَ امْرَأً مِنْ آلِ بَكْرٍ بِحَابِسٍ فَأَصْبَحْتُ مِمَّا كُنْتُ آمُلُ آيِساً.

شعر النجاشي في فرار معاوية

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ قَالَ:حَدَّثَنِي نُوَيْرَةُ بْنُ خَالِدٍ الْحَارِثِيُّ : أَنَّ ابْنَ عَمِّهِ اَلنَّجَاشِيَّ قَالَ فِي وَقْعَةِ صِفِّينَ رَوَاهُ نَصْرٌ قَالَ:رَوَاهُ أَيْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ:

وَ نَجَّا اِبْنَ حَرْبٍ سَابِحٌ ذُو عُلاَلَةٍ أَجَشُّ هَزِيمٌ وَ الرِّمَاحُ دَوَانِي

سَلِيمُ الشَّظَى عَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسَا أَقَبُّ الْحَشَا مُسْتَطْلَعُ الرَّدَيَانِ

إِذَا قُلْتُ أَطْرَافَ الْعَوَالِي يَنَلْنَهُ (1) مَرَتْهُ بِهِ السَّاقَانِ وَ الْقَدَمَانِ

حَسِبْتُمْ طِعَانَ اَلْأَشْعَرِينَ وَ مَذْحِجٍ وَ هَمْدَانَ أَكْلَ الزُّبْدِ بِالصَّرَفَانِ (2)

فَمَا قُتِلَتْ عَكٌّ وَ لَخْمٌ وَ حِمْيَرٌ وَ عَيْلاَنُ إِلاَّ يَوْمَ حَرْبِ عَوَانٍ

وَ مَا دُفِنَتْ قَتْلَى قُرَيْشٍ وَ عَامِرٍ بِصِفِّينَ حَتَّى حُكِّمَ الْحَكَمَانِ

غَشِينَاهُمُ يَوْمَ الْهَرِيرِ بِعُصْبَةٍ يَمَانِيَّةٍ كَالسَّيْلِ سَيْلِ عِرَانِ (3)

ص: 524


1- في كتاب الخيل لأبى عبيدة ص 162:«تناله».و بعض أبيات هذه القصيدة فيه،و هي على هذا الترتيب:1،3،2،30 ثمّ بيتان آخران،و هما: من الأعوجيات الطوال كأنّه على شرف التقريب شاة إران أجش هزيم مقبل مدبر معا كتيس ظباء الحلب الغذوان و روى ابن الشجرى في حماسته ص 33 قبل الأبيات: أيا راكبا إمّا عرضت فبلغن تميما و هذا الحى من غطفان فما لكم لو لم تكونوا فخرتم بإدراك مسعاة الكرام يدان و كنتم كذى رجلين رجل سوية و رجل بها ريب من الحدثان فأما التي شلت فأزد شنوءة و أمّا التي صحت فأزد عمان.
2- الصرفان،بالتحريك:ضرب من التمر أحمر مثل البرنى إلاّ أنّه صلب الممضغة علك، لواحدة صرفانة.و في الأصل:«حسبت»صوابه من اللسان(صرف).و في حماسة ابن الشجرى:«أخلتم».و نحوه قول عمران الكلبى: أ كنتم حسبتم ضربنا و جلادنا على الحجر أكل الزبد بالصرفان.
3- عران،بالكسر:موضع قرب اليمامة.

فَأَصْبَحَ أَهْلُ اَلشَّامِ قَدْ رَفَعُوا الْقَنَا عَلَيْهَا كِتَابُ اللَّهِ خَيْرُ قُرَانِ

وَ نَادَوْا عَلِيّاً يَا ابْنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ أَ مَا تَتَّقِي أَنْ يَهْلِكَ الثَّقَلاَنِ

فَمَنْ لِلذَّرَارِي بَعْدَهَا وَ نِسَائِنَا وَ مَنْ لِلْحَرِيمِ أَيُّهَا الْفَتَيَانِ

أُبَكِّي عُبَيْداً إِذْ يَنُوءُ بِصَدْرِهِ (1) غَدَاةَ الْوَغَى يَوْمَ الْتَقَى الْجَبَلاَنِ

وَ بِتْنَا نُبَكِّي ذَا الْكَلاَعِ وَ حَوْشَباً إِذَا مَا أَنَى أَنْ يُذْكَرَ الْقَمَرَانِ (2)

وَ مَا لَكَ وَ اللَّجْلاَجَ وَ الصَّخْرَ وَ الْفَتَى مُحَمَّدَ قَدْ ذَلَّتْ لَهُ الصُّدُفَانِ (3)

فَلاَ تَبْعُدُوا لَقَّاكُمُ اللَّهُ حَبْرَةً وَ بَشَّرَكُمْ مِنْ نَصْرِهِ بِجِنَانِ (4)

وَ مَا زَالَ مِنْ هَمْدَانَ خَيْلٌ تَدُوسُهُمْ سِمَانٌ وَ أُخْرَى غَيْرُ جِدِّ سِمَانِ

فَقَامُوا ثَلاَثاً يَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُمُ عَلَى غَيْرِ نِصْفٍ وَ الْأَنُوفُ دَوَانِ

وَ مَا ظَنَّ أَوْلاَدُ الْإِمَاءِ بَنُو اسْتِهَا بِكُلِّ فَتًى رَخْوِ النِّجَادِ يَمَانِ

فَمَنْ يَرَ خَيْلَيْنَا غَدَاةَ تَلاَقَيَا يَقُلْ جَبَلاَ جِيلاَنَ يَنْتَطِحَانِ (5)

كَأَنَّهُمَا نَارَانِ فِي جَوْفِ غَمْرَةٍ بِلاَ حَطَبٍ حَدَّ الضُّحَى تَقِدَانِ

وَ عَارِضَةٍ بَرَّاقَةٍ صَوْبُهَا دَمٌ تَكَشَّفَ عَنْ بَرْقٍ لَهَا الْأُفُقَانِ

تَجُودُ إِذَا جَادَتْ وَ تَجْلُو إِذَا انْجَلَتْ بِلُبْسٍ وَ لاَ يُحْمَى لَهَا كَرَبَانِ (6)

قَتَلْنَا وَ أَبْقَيْنَا وَ مَا كُلُّ مَا تَرَى بِكَفِّ الْمُذَرِّي يَأْكُلُ الرَّحَيَانِ

وَ فَرَّتْ ثَقِيفٌ فَرَّقَ اللَّهُ جَمْعَهَا إِلَى جَبَلِ اَلزَّيْتُونِ وَ اَلْقَطِرَانِ

كَأَنِّي أَرَاهُمْ يَطْرَحُونَ ثِيَابَهُمْ مِنَ الرَّوْعِ وَ الْخَيْلاَنِ يَطَّرِدَانِر.

ص: 525


1- في الأصل:«أبعد عبيد اللّه ينوء».و الوزن و المعنى فاسدان.
2- أنى:حان وقته.و في الأصل:«إذ ما أشا».
3- الصدفان،بضمتين:ناحيتا الشعب أو الوادى؛و يقال لجانى الجبل إذا تحاذيا صدفان و صدفان،بضمتين و بفتحتين.
4- الحبرة،بالفتح:السرور.و في الأصل:«خيره».
5- جيلان:قرى من وراء طبرستان في مروج بين جبال.
6- كذا ورد هذا الشطر.

فَيَا حَزَناً أَلاَّ أَكُونَ شَهِدْتُهُمْ فَأَدْهُنَ مِنْ شَحْمِ الْعَبِيدِ سِنَانِي (1)

وَ أَمَّا بَنُو نَصْرٍ فَفَرَّ شَرِيدُهُمْ إِلَى الصُّلُتَانِ الْخَوْرِ وَ الْعَجَلاَنِ

وَ فَرَّتْ تَمِيمٌ سَعْدُهَا وَ رِبَابُهَا

إِلَى حَيْثُ يَضْفُو الْحَمْضُ وَ الشَّبَهَانِ (2)

فَأَضْحَى ضُحًى مِنْ ذِي صَبَاحٍ كَأَنَّهُ وَ إِيَّاهُ رَامَا حُفْرَةً قَلِقَانِ (3)

إِذَا ابْتَلَّ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ رَأَيْتَهُ كَقَادِمَةِ الشُّؤْبُوبِ ذِي النَّفَيَانِ (4)

كَأَنَّ جَنَابَيْ سَرْجِهِ وَ لِجَامِهِ إِذَا ابْتَلَّ ثَوْباً مَاتِحٌ خَضِلاَنِ (5)

جَزَاهُ بِنُعْمَى كَانَ قَدَّمَهَا لَهُ وَ كَانَ لَدَى الْإِسْطَبْلِ غَيْرَ مُهَانِ.

فَرَدَّ عَلَيْهِ اِبْنُ مُقْبِلٍ الْعَامِرِيُّ :

تَأَمَّلْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ تَحَمَّلْنَ بِالْجَرْعَاءِ فَوْقَ ظِعَانِ

عَلَى كُلِّ حَيَّادِ الْيَدَيْنِ مُشَهِّرٍ يَمُدُّ بِذِفْرَى دِرَّةٍ وَ جِرَانِ

فَصَبَّحْنَ مِنْ مَاءِ الْوَحِيدَيْنِ نَقْرَةً بِمِيزَانِ رَعْمٍ إِذْ بَدَا ضَدَوَانِ (6)).

ص: 526


1- في الأصل:«من شحم الثمار»و أثبت ما في حماسة ابن الشجرى.
2- يضفو:يكثر و يطول.و في الأصل:«يصفو».و الشبهان:ضرب من العضاه. و في البيت إقواء.
3- ذو صباح،بضم الصاد:موضع.و الرام:ضرب من الشجر.
4- الشؤبوب:الدفعة من المطر.و نفيان السيل:ما فاض من مجتمعه.و في الأصل: «كقادمتى الشؤبوب ذى نفيان».
5- الماتح:المستقى من البئر.و في الأصل:«ثوبا أنجد»و لا وجه له،و أثبت ما في كتاب الخيل لأبى عبيدة ص 162.
6- الوحيدان:ماءان في بلاد قيس.و النقرة:الموضع يجتمع فيه الماء.و رعم، بالفتح:اسم جبل في ديار بجيلة.بميزانه،أي بما يوازنه،كما فسر ياقوت في(رعم). و ضدوان:جبلان.و قد ورد البيت محرفا: فأصبح من ماء الوحيدين فقره بميزان زعم قد بدا ضدوان و صوابه من معجم البلدان(رعم،ضدوان،الوحيدان).

وَ أَصْبَحْنَ لَمْ يَبْرُكْنَ فِي لَيْلَةِ السُّرَى مِنَ السُّوقِ إِلاَّ عُقْبَةَ الدَّبَرَانِ (1)

وَ عُرِّسْنَ وَ الشِّعْرَى تَغُورُ (2)كَأَنَّهَا شِهَابُ غَضًا يُرْمَى بِهِ الرَّجَوَانِ

فَهَلْ يَبْلُغَنِّي أَهْلَ دَهْمَاءَ حُرَّةٌ وَ أَعْيَسُ نَضَّاحُ الْقَفَا مَرَجَانِ (3).ء.

ص: 527


1- الدبران:نجم من منازل القمر.و عقبته:نزول القمر به في كل شهر مرة.
2- في الأصل:«فى الشعرى».
3- دهماء:موضع في بلاد مزينة من نواحي المدينة،يقال له دهماء مرضوض.حرة، عنى بها الناقة الكريمة.و الأعيس:ما فيه أدمة من الإبل،و الأنثى عيساء.و في الأصل: «أغبس»تحريف.و في الأصل أيضا:«نضاح القرى»و لا وجه له.أراد أنّه ينضح ذفراه بالعرق؛و الذفرى من القفا هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن.و المرج، بالتحريك:الذي يخلى في المرعى يذهب حيث شاء.

مقدم علي من صفين إلى الكوفة

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ عَلِيٌّ مِنْ صِفِّينَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ فَأَخَذَ طَرِيقاً غَيْرَ طَرِيقِنَا الَّذِي أَقْبَلْنَا فِيهِ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1 «آئِبُونَ عَائِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ،اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْمَالِ وَ الْأَهْلِ » قَالَ:ثُمَّ أَخَذَ بِنَا طَرِيقَ الْبَرِّ عَلَى شَاطِئِ اَلْفُرَاتِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى هِيتَ وَ أَخَذْنَا عَلَى صَنْدُودَا (1)فَخَرَجَ اَلْأَنْمَارِيُّونَ بَنُو سَعِيدِ بْنُ حُزَيْمٍ (2)وَ اسْتَقْبَلُوا عَلِيّاً فَعَرَضُوا عَلَيْهِ النُّزُلَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَبَاتَ بِهَا ثُمَّ غَدَا وَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جُزْنَا اَلنُّخَيْلَةَ وَ رَأَيْنَا بُيُوتَ اَلْكُوفَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِشَيْخٍ جَالِسٍ فِي ظِلِّ بَيْتٍ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْمَرَضِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّى سَلَّمَ عَلَيْهِ وَ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ قَالَ:فَرَدَّ رَدّاً حَسَناً ظَنَنَّا أَنْ قَدْ عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«مَا لِي أَرَى وَجْهَكَ مُنْكَفِتاً (3)أَ مِنْ مَرَضٍ» قَالَ:نَعَمْ قَالَ: 1«فَلَعَلَّكَ كَرِهْتَهُ» فَقَالَ:

مَا أُحِبُّ أَنَّهُ بِغَيْرِي (4)قَالَ: 1«أَ لَيْسَ احْتِسَاباً لِلْخَيْرِ (5)فِيمَا أَصَابَكَ مِنْهُ؟» قَالَ:

بَلَى قَالَ: 1«أَبْشِرْ بِرَحْمَةِ رَبِّكَ وَ غُفْرَانِ ذَنْبِكَ مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟» قَالَ:

أَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: 1مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ:أَمَّا الْأَصْلُ فَمِنْ سَلاَمَانَ بْنِ طَيٍّ وَ أَمَّا الْجِوَارُ وَ الدَّعْوَةُ فَمِنْ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: 1«سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَّ.

ص: 528


1- صندوداء،ضبطت في معجم ياقوت بفتح الصاد و سكون النون و فتح الدل مع المد.و هي بلدة في الطريق ما بين الشام و العراق.
2- كذا.و في الطبريّ(6:33):«الأنصاريون بنو سعد بن حزام».
3- الطبريّ:«منكفئا»و هما بمعنى،أي متغيرا.
4- في الأصل:«يعترى»صوابه من الطبريّ.
5- في الأصل:«احتساب بالخير»صوابه من الطبريّ.

اسْمَكَ وَ اسْمَ أَبِيكَ وَ اسْمَ أَدْعِيَائِكَ (1)وَ اسْمَ مَنِ اعْتَزَيْتَ إِلَيْهِ هَلْ شَهِدْتَ مَعَنَا غَزَاتَنَا هَذِهِ؟» قَالَ:لاَ وَ اللَّهِ مَا شَهِدْتُهَا وَ لَقَدْ أَرَدْتُهَا وَ لَكِنْ مَا تَرَى بِي مِنْ لِحْبِ الْحُمَّى (2)خَذَلَنِي عَنْهَا قَالَ عَلِيٌّ : 1« لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ »أَخْبِرْنِي مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيمَا كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ أَهْلِ اَلشَّامِ ؟» قَالَ:مِنْهُمُ الْمَسْرُورُ فِيمَا كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ وَ أُولَئِكَ أَغِشَّاءُ (3)النَّاسِ وَ مِنْهُمُ الْمَكْبُوتُ الْآسِفُ لِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ أُولَئِكَ نُصَحَاءُ النَّاسِ لَكَ فَذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ فَقَالَ: 1«صَدَقْتَ جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ فَإِنَّ الْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ وَ لَكِنْ لاَ يَدَعُ لِلْعَبْدِ ذَنْباً إِلاَّ حَطَّهُ إِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ الْعَمَلِ بِالْيَدِ وَ الرِّجْلِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَ السَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ [عَالِماً جَمّاً] (4)مِنْ عِبَادِهِ اَلْجَنَّةَ ثُمَّ مَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَدِيعَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَدَنَا مِنْهُ وَ سَأَلَهُ فَقَالَ: 1«مَا سَمِعْتَ النَّاسَ يَقُولُونَ فِي أَمْرِنَا هَذَا؟» قَالَ:مِنْهُمُ الْمُعْجَبُ بِهِ وَ مِنْهُمُ الْكَارِهُ لَهُ وَ النَّاسُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:« وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ »فَقَالَ لَهُ:

1«فَمَا يَقُولُ ذَوُو الرَّأْيِ؟» قَالَ:يَقُولُونَ:إِنَّ عَلِيّاً كَانَ لَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ فَفَرَّقَهُ وَ حِصْنٌ حَصِينٌ فَهَدَمَهُ فَحَتَّى مَتَى يَبْنِي مِثْلَ مَا قَدْ هَدَمَ وَ حَتَّى مَتَى يَجْمَعُ مِثْلَ مَا قَدْ فَرَّقَ فَلَوْ أَنَّهُ كَانَ مَضَى بِمَنْ أَطَاعَهُ إِذْ عَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ فَقَاتَلَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ يُهْلِكَ إِذَنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَزْمَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أَنَا هَدَمْتُ أَمْ هُمْ).

ص: 529


1- أصل الدعى المنسوب إلى غير أبيه؛و أراد بالأدعياء الأحلاف،من الدعوة و هى الحلف.يقال دعوة فلان في بنى فلان.و في الأصل:«أعدادك»صوابه من الطبريّ.
2- لحب الحمى:إنحالها الجسم؛و يقال لحب الرجل،بالكسر،إذا أنحله الكبر.
3- في الأصل:«أغنياء الناس»صوابه من الطبريّ.و هو في مقابل النصحاء.
4- هذه التكملة من الطبريّ(6:34).

هَدَمُوا أَمْ أَنَا فَرَّقْتُ أَمْ هُمْ فَرَّقُوا؟ (1)وَ أَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ أَنَّهُ مَضَى بِمَنْ أَطَاعَهُ إِذْ عَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ فَقَاتَلَ حَتَّى يَظْفَرَ أَوْ يَهْلِكُ إِذَنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَزْمَ فَوَ اللَّهِ مَا غَبِيَ عَنِّي ذَلِكَ الرَّأْيُ (2)وَ إِنْ كُنْتُ لَسَخِيّاً بِنَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا (3)طَيِّبَ النَّفْسِ بِالْمَوْتِ. وَ لَقَدْ هَمَمْتُ بِالْإِقْدَامِ [عَلَى الْقَوْمِ] (1)فَنَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ [قَدْ ابْتَدَرَانِي يَعْنِي الْحَسَنَ وَ اَلْحُسَيْنَ وَ نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ] (4)قَدْ اسْتَقْدَمَانِي [يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ ] (4)فَعَلِمْتُ أَنْ هَذَيْنِ إِنْ هَلَكَا انْقَطَعَ نَسْلِ مُحَمَّدِ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَكَرِهْتُ ذَلِكَ وَ أَشْفَقْتُ عَلَى هَذَيْنِ أَنْ يَهْلِكَا وَ قَدْ عَلِمْتُ (5)أَنْ لَوْ لاَ مَكَانِي لَمْ يَسْتَقْدِمَا يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ (6)وَ ايْمُ اللَّهِ لَئِنْ لَقِيتَهُمْ بَعْدَ يَوْمِي لَأَلْقَيَنَّهُمْ (7)وَ لَيْسَ هُمَا مَعِي فِي عَسْكَرٍ وَ لاَ دَارٍ» قَالَ:ثُمَّ مَضَى حَتَّى جُزْنَا دُورَ بَنِي عَوْفٍ فَإِذَا نَحْنُ عَنْ أَيْمَانِنَا بِقُبُورٍ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : 1«مَا هَذِهِ الْقُبُورُ؟» فَقَالَ لَهُ قُدَامَةُ بْنُ عَجْلاَنَ الْأَزْدِيُّ :يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ تُوُفِّيَ بَعْدَ مَخْرَجِكَ فَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي الظَّهْرِ (8)وَ كَانَ النَّاسُ [إِنَّمَا] (9)يُدْفَنُونَ فِي دُورِهِمْ وَ أَفْنِيَتِهِمْ فَدُفِنَ النَّاسُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«رَحِمَ اللَّهُ خَبَّاباً قَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً وَ هَاجَرَ طَائِعاً وَ عَاشَ مُجَاهِداً وَ ابْتُلِيَ فِي جَسَدِهِ أَحْوَالاً وَ لَنْ يُضِيعَ اللَّهُ« أَجْرَّ.

ص: 530


1- في الأصل:«تفرقوا»و الوجه ما أثبت من الطبريّ.
2- غبى عنه:لم يفطن له.و في الأصل:«ما غنى عن ذلك الرأى»و في الطبريّ: «غبى عن رأيى ذلك»و وجههما ما أثبت.
3- في الأصل:«لسخى النفس بالدنيا»صوابه من الطبريّ.
4- التكملة من الطبريّ.
5- في الأصل:«و لو علمت»صوابه من الطبريّ.
6- في الأصل:«يعنى بذلك ابنيه الحسن و الحسين»صوابه من الطبريّ.
7- في الأصل:«لقيتهم»و أثبت ما في الطبريّ.
8- الظهر من الأرض:ما غلظ و ارتفع.
9- هذه من الطبريّ.

مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً » فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: 1«عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ اَلْمُسْلِمَاتِ وَ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَ فَرَطٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ وَ بِكُمْ عَمَّا قَلِيلٍ لاَحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لَهُمْ وَ تَجَاوَزْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ» ثُمَّ قَالَ: 1«اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ« اَلْأَرْضَ كِفاتا(1)أَحْياءً وَ أَمْواتاً »اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْهَا خَلْقَنَا وَ فِيهَا يُعِيدُنَا وَ عَلَيْهَا يَحْشُرُنَا طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ وَ عَمِلَ لِلْحِسَابِ وَ قَنِعَ بِالْكَفَافِ وَ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ بِذَلِكَ» ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ سِكَّةَ الْثَوْرِيَّينَ فَقَالَ: 1«خُشُّوا بَيْنَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ» (2) .

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ:حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ الْفَائِشِيُّ قَالَ: لَمَّا مَرَّ عَلِيٌّ بِالثَّوْرِيِّينَ يَعْنِي ثَوْرَ هَمْدَانَ سَمِعَ الْبُكَاءَ فَقَالَ: 1«مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟» قِيلَ:هَذَا الْبُكَاءُ عَلَى مَنْ قُتِلَ بِصِفِّينَ فَقَالَ: 1«أَمَا إِنِّي أَشْهَدُ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ صَابِراً مُحْتَسِباً بِالشَّهَادَةِ» ثُمَّ مَرَّ بِالْفَائِشِيِّينَ فَسَمِعَ الْأَصْوَاتَ فَقَالَ:مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَرَّ بِالشِّبَامِيِّينَ فَسَمِعَ رَنَّةً شَدِيدَةً وَ صَوْتاً مُرْتَفِعاً عَالِياً فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِيلَ الشِّبَامِيُّ (3)فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أَ يَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ أَ لاَ تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الصِّيَاحِ وَ الرَّنِينِ؟» قَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ كَانَتْ دَاراً أَوْ دَارَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً قَدَرْنَا عَلَى ذَلِكَ وَ لَكِنْ مِنْ هَذَا الْحَيِّ ثَمَانُونَ وَ مِائَةُ قَتِيلٍ فَلَيْسَ مِنْ دَارٍ إِلاَّف.

ص: 531


1- الكفات،بالكسر:الموضع الذي يضم فيه الشيء و يقبض.و ظهر الأرض كفات للأحياء،و بطنها كفات للأموات.و في الكتاب العزيز:« أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَ أَمْواتاً »
2- خشوا:ادخلوا؛خشن في الشيء:دخل.و في الأصل:«حشوا»تحريف. و كلمة«بين»ليست في الأصل،و صوابه و تكملته من الطبريّ،و عبارته:«خشوا ادخلوا بين هذه الأبيات».
3- الشبامى:نسبة إلى شبام،بالكسر،و هم حى من همدان.و في الأصل:«حارب بن شرحبيل الشاميّ»تحريف.

وَ فِيهَا بُكَاءٌ أَمَّا نَحْنُ مَعْشَرَ الرِّجَالِ فَإِنَّا لاَ نَبْكِي وَ لَكِنْ نَفْرَحُ لَهُمْ أَ لاَ نَفْرَحُ لَهُمْ (1)بِالشَّهَادَةِ؟! فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«رَحِمَ اللَّهُ قَتْلاَكُمْ وَ مَوْتَاكُمْ» وَ أَقْبَلَ يَمْشِي مَعَهُ وَ عَلِيٌّ رَاكِبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : 1«اِرْجِعْ» وَ وَقَفَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: 1«اِرْجِعْ فَإِنَّ مَشْيَ مِثْلِكَ فِتْنَةٌ لِلْوَالِي وَ مَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» ثُمَّ مَضَى حَتَّى مَرَّ بِالنَّاعِطِيِّينَ (2)فَسَمِعَ رَجُلاً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْثَدٍ (3)فَقَالَ:مَا صَنَعَ عَلِيٌّ وَ اللَّهِ شَيْئاً ذَهَبَ ثُمَّ انْصَرَفَ فِي غَيْرِ شَيْءٍ فَلَمَّا نَظَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (4)أُبْلِسَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«وُجُوهُ قَوْمٍ مَا رَأَوْا اَلشَّامَ الْعَامَ» ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:قَوْمٌ فَارَقْتُهُمْ آنِفاً خَيْرٌ مِنْ هَؤُلاَءِ ثُمَّ قَالَ:

1

«أَخُوكَ الَّذِي إِنْ أَحْرَضَتْكَ مُلِمَّةٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَبْرَحْ لَبَثَّكَ وَاجِماً (5)

وَ لَيْسَ أَخُوكَ بِالَّذِي إِنْ تَمَنَّعَتْ عَلَيْكَ أُمُورٌ ظَلَّ يَلْحَاكَ لاَئِماً (6)»

ثُمَّ مَضَى فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى دَخَلَ اَلْكُوفَةَ (7) .

شعر علي حين صدر من صفين

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: لَمَّا صَدَرَ عَلِيٌّ مِنْ صِفِّينَ أَنْشَأَ يَقُولُ (8):

1

«وَ كَمْ قَدْ تَرَكْنَا فِي دِمَشْقٍ وَ أَرْضِهَا مِنْ أَشْمَطِ مَوْتُورٍ وَ شَمْطَاءِ ثَاكِلٍ

ص: 532


1- التكملة من الطبريّ.
2- الناعطيون،بالنون:حى من همدان،نسبة إلى جبل لهم يسمى«ناعط». الاشتقاق 251 و معجم البلدان.و في الأصل:«الباعطيين»تحريف،و هو على الصواب الذي أثبت في الطبريّ.
3- الطبريّ:«عبد الرحمن بن يزيد،من بنى عبيد من الناعطيين».
4- الطبريّ:«فلما نظروا إلى على أبلسوا».و الإبلاس:أن تنقطع به الحجة و يسكت.
5- أحرضه:أفسده و أشفى به على الهلاك.الطبريّ:«أجرضتك»،أي أغصتك.
6- الطبريّ:«إن تشعيت».
7- الطبريّ:«القصر».
8- سبقت هذه الأبيات في ص 492-493.

وَ غَانِيَةٍ صَادَ الرِّمَاحُ حَلِيلَهَا فَأَضْحَتْ تُعَدَّ الْيَوْمَ إِحْدَى الْأَرَامِلِ

تُبَكِّي عَلَى بَعْلٍ لَهَا رَاحَ غَادِياً فَلَيْسَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ بِقَافِلٍ

وَ إِنَّا أُنَاسٌ مَا تُصِيبُ رِمَاحُنَا إِذَا مَا طَعَنَّا الْقَوْمَ غَيْرَ الْمُقَاتِلِ»

.

شعر أبي محمد التميمي

قَالَ وَ فِي حَدِيثِ يُوسُفَ قَالَ: وَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ نَافِعُ بْنُ الْأَسْوَدِ التَّمِيمِيُّ (1):

أَلاَ أَبْلِغَا عَنِّي عَلِيّاً تَحِيَّةً فَقَدْ قَبِلَ الصَّمَّاءَ لَمَّا اسْتَقَلَّتِ

بَنَى قُبَّةَ اَلْإِسْلاَمِ بَعْدَ انْهِدَامِهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ قَصْرَةً فَاسْتَقَرَّهُ

كَأَنَّ نَبِيّاً جَاءَنَا بَعْدَ هَدْمِهَا بِمَا سَنَّ فِيهَا بَعْدَ مَا قَدْ أَبَرَّتِ.

قَالَ لَمَّا (2)بَعَثَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى لَدَى يَوْمِ الْحَكَمَيْنِ .

بعوث علي و معاوية

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ (3)عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ :

أَنَّ عَلِيّاً بَعَثَ أَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ وَ بَعَثَ عَلَيْهِمْ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ الْحَارِثِيَّ وَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَ يَلِي أُمُورَهُمْ وَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مَعَهُمْ.

وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ قَالَ:فَكَانَ إِذَا كَتَبَ عَلِيٌّ بِشَيْءٍ أَتَاهُ أَهْلُ اَلْكُوفَةِ فَقَالُوا:مَا الَّذِي كَتَبَ بِهِ إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَيَكْتُمُهُمْ فَيَقُولُونَ لَهُ:كَتَمْتَنَا مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْكَ إِنَّمَا كَتَبَ فِي كَذَا وَ كَذَا.

ثُمَّ يَجِيءُ رَسُولُ مُعَاوِيَةَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَلاَ يُدْرَى فِي أَيِّ شَيْءٍ جَاءَ وَ لاَ فِي أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبَ وَ لاَ يَسْمَعُونَ حَوْلَ صَاحِبِهِمْ لَغَطاً.فَأَنَّبَ اِبْنُ عَبَّاسٍ أَهْلَ اَلْكُوفَةِ بِذَاكَ وَ قَالَ:إِذَا جَاءَ رَسُولٌ قُلْتُمْ:بِأَيِّ شَيْءٍ جَاءَ؟ فَإِنْ كَتَمَكُمْ قُلْتُمْ لِمَ

ص: 533


1- سبقت ترجمته في 492.و في الأصل:«أبو مجيد»تحريف سلف نظيره. و الأبيات التالية تقدمت روايتها في ص 492.
2- في الأصل:«و لما»و أرى الكلام تعقيبا على الشعر.
3- هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمدانيّ الكوفيّ،توفّي سنة 144.و في الأصل: «عمر بن سعد بن مجالد»تحريف.

تَكْتُمُنَا؟ جَاءَ بِكَذَا وَ كَذَا فَلاَ تَزَالُونَ تُوقَفُونَ وَ تُقَارِبُونَ حَتَّى تُصِيبُوا فَلَيْسَ لَكُمْ سِرٌّ ثُمَّ إِنَّهُمْ خَلَّوْا بَيْنَ اَلْحَكَمَيْنِ فَكَانَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَبُو مُوسَى فِي اِبْنِ عُمَرَ وَ كَانَ يَقُولُ:وَ اللَّهِ أَنْ لَوِ اسْتَطَعْتُ لَأُحْيِيَنَّ سُنَّةَ عُمَرَ .

ما قيل لأبي موسى حين أراد المسير

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ اَلْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَبُو مُوسَى الْمَسِيرَ قَامَ شُرَيْحٌ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ:يَا أَبَا مُوسَى إِنَّكَ قَدْ نُصِبْتَ لِأَمْرِ عَظِيمٍ لاَ يُجْبَرُ صَدْعُهُ وَ لاَ يُسْتَقَالُ فَتْقُهُ (1)وَ مَهْمَا تَقُلْ شَيْئاً لَكَ أَوْ عَلَيْكَ يَثْبُتْ حَقُّهُ وَ يُرَ صِحَّتُهُ وَ إِنْ كَانَ بَاطِلاً (2)وَ إِنَّهُ لاَ بَقَاءَ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ إِنْ مَلَكَهَا مُعَاوِيَةُ وَ لاَ بَأْسَ عَلَى أَهْلِ اَلشَّامِ إِنْ مَلَكَهَا عَلِيٌّ وَ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ تَثْبِيطَةُ أَيَّامٍ قَدِمْتَ اَلْكُوفَةَ فَإِنْ تَشْفَعْهَا بِمِثْلِهَا يَكُنِ الظَّنُّ بِكَ يَقِيناً وَ الرَّجَاءُ مِنْكَ يَأْساً وَ قَالَ شُرَيْحٌ فِي ذَلِكَ:

أَبَا مُوسَى رُمِيتَ بِشَرِّ خَصْمٌ فَلاَ تَضَعِ اَلْعِرَاقَ فَدَتْكَ نَفْسِي

وَ أَعْطِ الْحَقَّ شَامَهُمُ وَ خُذْهُ فَإِنَّ الْيَوْمَ فِي مَهَلٍ كَأَمْسِ

وَ إِنَّ غَداً يَجِيءُ بِمَا عَلَيْهِ يَدُورُ الْأَمْرُ مِنْ سَعْدٍ وَ نَحْسِ

وَ لاَ يَخْدَعْكَ عَمْرٌو إِنَّ عَمْراً عَدُوُّ اللَّهِ مَطْلَعُ كُلِّ شَمْسٍ

لَهُ خُدَعٌ يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهَا مُمَوَّهَةٌ مُزَخْرَفَةٌ بِلَبْسِ

فَلاَ تَجْعَلْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ كَشَيْخٍ فِي الْحَوَادِثِ غَيْرِ نِكْسٍ

هَدَاهُ اللَّهُ لِلْإِسْلاَمِ فَرْداً سِوَى بِنْتِ النَّبِيِّ وَ أَيِّ عُرْسٍ.

فِي غَيْرِ كِتَابِ اِبْنِ عُقْبَةَ

سِوَى عُرْسِ النَّبِيِّ وَ أَيِّ عُرْسٍ.

فَقَالَ أَبُو مُوسَى :مَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ اتَّهَمُونِي أَنْ يُرْسِلُونِي لِأَدْفَعَ عَنْهُمْ بَاطِلاً

ص: 534


1- ح(1:195):«و لا تستقال فتنته».
2- في الأصل:«ثبت حقه و يزول باطله»و الوجه ما أثبت من ح.

أَوْ أَجُرَّ إِلَيْهِمْ حَقّاً وَ كَانَ اَلنَّجَاشِيُّ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ صَدِيقاً لِأَبِي مُوسَى فَبَعَثَ إِلَيْهِ:

يُؤَمِّلُ أَهْلَ اَلشَّامِ عَمْراً وَ إِنَّنِي لَآمُلُ عَبْدَ اللَّهِ عِنْدَ الْحَقَائِقِ

وَ إِنَّ أَبَا مُوسَى سَيُدْرِكُ حَقَّنَا إِذَا مَا رَمَى عَمْراً بِإِحْدَى الصَّوَاعِقِ (1)

وَ حَقَّقَهُ حَتَّى يَدْرِ وَرِيدُهُ وَ نَحْنُ عَلَى ذَاكُمْ كَأَحْنَقِ حَانِقٍ

عَلَى أَنَّ عَمْراً لاَ يُشَقُّ غُبَارَهُ إِذَا مَا جَرَى بِالْجُهْدِ أَهْلُ السَّوَابِقِ

فَلِلَّهِ مَا يُرْمَى اَلْعِرَاقُ وَ أَهْلُهُ بِهِ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَرْمِهِ بِالْبَوَائِقِ (2).

فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَنْجَلِيَ هَذَا الْأَمْرُ وَ أَنَا فِيهِ عَلَى رِضَا اللَّهِ.

قَالَ نَصْرٌ وَ إِنَّ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ جَهَّزَ أَبَا مُوسَى جَهَازاً حَسَناً وَ عَظَّمَ أَمْرَهُ فِي النَّاسِ لِيُشَرِّفَ أَبَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ فَقَالَ اَلشَّنِّيُّ فِي ذَلِكَ لِشُرَيْحٍ :

زَفَفْتَ اِبْنَ قَيْسٍ زِفَافَ الْعَرُوسِ شُرَيْحُ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ

وَ فِي زَفِّكَ اَلْأَشْعَرِيَّ الْبَلاَءَ وَ مَا يُقْضَ مِنْ حَادِثٍ يَنْزِلُ

وَ مَا اَلْأَشْعَرِيُّ بِذِي إِرْبَةٍ وَ لاَ صَاحِبِ الْخُطْبَةِ الْفَيْصَلِ (3)

وَ لاَ آخِذاً حَظَّ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ لَوْ قِيلَ هَا خُذْهُ لَمْ يَفْعَلِ

يُحَاوِلُ عَمْراً وَ عَمْرٌو لَهُ خَدَائِعُ يَأْتِي بِهَا مِنْ عَلِي (4)

فَإِنْ يَحْكُمَا بِالْهُدَى يَتْبَعَا وَ إِنْ يَحْكُمَا بِالْهَوَى الْأَمْيَلِ

يَكُونَا كَتَيْسَيْنِ فِي قَفْرَةٍ أَكِيلَيْ نَقِيفٍ مِنَ الْحَنْظَلِ (5).ه.

ص: 535


1- ح(1:196):«البوائق».
2- ح:«بالصواعق».
3- ح:«صاحب الخطة».
4- من على،بياء ساكنة:من أعلى،و هي إحدى لغات عل.
5- التيس،هنا:الذكر من الظباء.و النقيف:المنقوف،الذي يكسر ليستخرج حبّه.

وَ قَالَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ تَعَجَّلَتْ رِجَالٌ مَسَاءَتَنَا فِي أَبِي مُوسَى وَ طَعَنُوا عَلَيْهِ بِسُوءِ الظَّنِّ (1)وَ مَا اللَّهُ عَاصِمُهُ مِنْهُ (2)إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَ سَارَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ الْكِنْدِيُّ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ حَتَّى إِذَا أَمِنَ عَلَيْهِ خَيْلَ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَدَّعَهُ ثُمَّ قَالَ:يَا عَمْرُو إِنَّكَ رَجُلُ قُرَيْشٍ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَبْعَثْكَ إِلاَّ ثِقَةً بِكَ وَ إِنَّكَ لَنْ تُؤْتَى مِنْ عَجْزٍ وَ لاَ مَكِيدَةٍ وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنْ وَطَّئْتُ (3)هَذَا الْأَمْرَ لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ فَكُنْ عِنْدَ ظَنِّنَا بِكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ حِينَ أَمِنَ أَهْلَ اَلشَّامِ عَلَى أَبِي مُوسَى وَ وَدَّعَهُ هُوَ وَ وُجُوهُ النَّاسِ وَ كَانَ آخِرَ مَنْ وَدَّعَ أَبَا مُوسَى اَلْأَحْنفُ بْنُ قَيْسٍ أَخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ:

يَا أَبَا مُوسَى اعْرِفْ خَطْبَ هَذَا الْأَمْرِ وَ اعْلَمْ أَنَّ لَهُ مَا بَعْدَهُ وَ أَنَّكَ إِنْ أَضَعْتَ اَلْعِرَاقَ فَلاَ عِرَاقَ فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ إِذَا لَقِيتَ عَمْراً غَداً فَلاَ تَبْدَأْهُ بِالسَّلاَمِ فَإِنَّهَا وَ إِنْ كَانَتْ سُنَّةً إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَ لاَ تُعْطِهِ يَدَكَ (4)فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَ إِيَّاكَ أَنْ يُقْعِدَكَ عَلَى صَدْرِ الْفِرَاشِ فَإِنَّهَا خُدْعَةٌ.وَ لاَ تَلْقَهُ وَحْدَهُ وَ احْذَرْ أَنْ يُكَلِّمَكَ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُخْدَعٌ تُخْبَأُ فِيهِ الرِّجَالُ وَ الشُّهُودُ.

ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبُورَ (5)مَا فِي نَفْسِهِ لِعَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ:فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ لَكَ عَمْرٌو عَلَى الرِّضَا بِعَلِيٍّ فَخَيِّرْهُ أَنْ يَخْتَارَ أَهْلَ اَلْعِرَاقِ مِنْ قُرَيْشِ اَلشَّامِ مَنْ شَاءُوا فَإِنَّهُمْ يُوَلُّونَّا الْخِيَارَ فَنَخْتَارُ مَنْ نُرِيدُ وَ إِنْ أَبَوْا فَلْيَخْتَرْ أَهْلَ اَلشَّامِ مِنْ قُرَيْشِ اَلْعِرَاقِى.

ص: 536


1- ح:«بأسوإ الطعن».
2- أي و بما اللّه عاصمه منه.
3- ح(1:196):«أنى وطأت».
4- في الأصل:«بيدك»و أثبت ما في ح.
5- ح:«يبلو»،و هما بمعنى.

مَنْ شَاءُوا فَإِنْ فَعَلُوا كَانَ الْأَمْرُ فِينَا قَالَ أَبُو مُوسَى :قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَ لَمْ يَتَحَاشَ لِقَوْلِ اَلْأَحْنَفِ .

قَالَ:فَرَجَعَ اَلْأَحْنَفُ فَأَتَى عَلِيّاً فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْرَجَ وَ اللَّهِ أَبُو مُوسَى زُبْدَةَ سِقَائِهِ فِي أَوَّلِ مَخْضِهِ لاَ أَرَانَا إِلاَّ بَعَثْنَا رَجُلاً لاَ يُنْكِرُ خَلْعَكَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«يَا أَحْنَفُ إِنَّ اللَّهَ« غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ » قَالَ:فَمِنْ ذَلِكَ نَجْزَعُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَشَا أَمْرُ اَلْأَحْنَفِ وَ أَبِي مُوسَى فِي النَّاسِ،فَجَهَّزَ اَلشَّنِّيُّ رَاكِباً فَتَبِعَ بِهِ أَبَا مُوسَى بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:

أَبَا مُوسَى جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً عِرَاقَكَ إِنَّ حَظَّكَ فِي اَلْعِرَاقِ

وَ إِنَّ اَلشَّامَ قَدْ نَصَبُوا إِمَاماً مِنَ اَلْأَحْزَابِ مَعْرُوفَ النِّفَاقِ

وَ إِنَّا لاَ نَزَالُ لَهُمْ عَدُوّاً أَبَا مُوسَى إِلَى يَوْمِ التَّلاَقِي

فَلاَ تَجْعَلْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ إِمَاماً مَا مَشَتْ قَدَمٌ بِسَاقِ

وَ لاَ يَخْدَعْكَ عَمْرٌو إِنَّ عَمْراً أَبَا مُوسَى تَحَامَاهُ الرَّوَاقِي (1)

فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ وَ أَنْهِجْ طَرِيقَكَ لاَ تَزِلَّ بِكَ الْمَرَاقِي

سَتَلْقَاهُ أَبَا مُوسَى مَلِيّاً بِمُرِّ الْقَوْلِ مِنْ حَقِّ الْخِنَاقِ

وَ لاَ تَحْكُمْ بِأَنَّ سِوَى عَلِيٍّ إِمَاماً إِنَّ هَذَا الشَّرَّ بَاقٍ.

قَالَ وَ بَعَثَ اَلصَّلَتَانُ الْعَبْدِيُّ (2)وَ هُوَ بِالْكُوفَةِ بِأَبْيَاتٍ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ

لَعَمْرُكَ لاَ أَلْفَى مَدَى الدَّهْرِ خَالِعاً عَلِيّاً بِقَوْلِ اَلْأَشْعَرِيِّ وَ لاَ عَمْرٍو

فَإِنْ يَحْكُمَا بِالْحَقِّ نَقْبَلْهُ مِنْهُمَا وَ إِلاَّ أَثَرْنَاهَا كَرَاغِيَةِ الْبَكْرِ (3)5.

ص: 537


1- عنى أنّه حية يعجز الراقون عن استخراجها بالرقى لخبثها.
2- هو قثم بن خبية،أحد بنى محارب بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس.انظر خزانة الأدب(1:308 بولاق).
3- انظر ما سبق في نهاية ص 45.

وَ لَسْنَا نَقُولُ الدَّهْرَ ذَاكَ إِلَيْهِمَا وَ فِي ذَاكَ لَوْ قُلْنَاهُ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ

وَ لَكِنْ نَقُولُ الْأَمْرُ وَ النَّهْيُ كُلُّهُ (1) إِلَيْهِ وَ فِي كَفَّيْهِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ

وَ مَا الْيَوْمُ إِلاَّ مِثْلُ أَمْسِ وَ إِنَّنَا لَفِي وَشَلِ الضَّحْضَاحِ أَوْ لُجَّةِ الْبَحْرِ (2).

فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ قَوْلَ اَلصَّلَتَانِ شَحَذَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَ اسْتَبْطَأَهُ الْقَوْمُ وَ ظَنُّوا بِهِ الظُّنُونَ وَ أَطْبَقَ الرَّجُلاَنِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ لاَ يَقُولاَنِ شَيْئاً.

وَ كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَدِ اعْتَزَلَ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ فَنَزَلَ عَلَى مَاءٍ لِبَنِي سُلَيْمٍ بِأَرْضِ الْبَادِيَةِ يَتَشَوَّفُ الْأَخْبَارَ وَ كَانَ رَجُلاً لَهُ بَأْسٌ وَ رَأْيٌ وَ مَكَانٌ فِي قُرَيْشٍ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي عَلِيٍّ وَ لاَ مُعَاوِيَةَ هَوًى فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ يُوضِعُ مِنْ بَعِيدٍ فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ [فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ:مَهْيَمْ؟] (3)فَقَالَ:يَا أَبِي الْتَقَى النَّاسُ بِصِفِّينَ فَكَانَ بَيْنَهُمْ مَا قَدْ بَلَغَكَ حَتَّى تَفَانَوْا ثُمَّ حَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَدْ حَضَرَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَهُمَا وَ أَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مِنْ أَهْلِ اَلشُّورَى وَ مَنْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ :

14«اِتَّقُوا دَعَوَاتِهِ» وَ لَمْ تَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَكْرَهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ (4)فَاحْضُرْ دُومَةَ الْجَنْدَلِ فَإِنَّكَ صَاحِبُهَا غَداً فَقَالَ:مَهْلاً يَا عُمَرُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: 14«يَكُونُ مِنْ بَعْدِي فِتْنَةٌ خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا الْخَفِيُّ التَّقِيُّ» .

وَ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَشْهَدْ أَوَّلَهُ فَلاَ أَشْهَدُ آخِرَهُ (5)وَ لَوْ كُنْتُ غَامِساً يَدِي فِي هَذَا الْأَمْرِ لَغَمَسْتُهَا مَعَ عَلِيٍّ قَدْ رَأَيْتُ الْقَوْمَ حَمَلُونِي عَلَى حَدِّ السَّيْفِ فَاخْتَرْتُهُ عَلَى اَلنَّارِ فَأَقِمْ عِنْدَ أَبِيكَ لَيْلَتَكَ هَذِهِ فَرَاجَعَهُ حَتَّى طَمِعَ فِي الشَّيْخِ فَلَمَّا جَنَّهُح.

ص: 538


1- في الأصل:«الأمر بالحق كله»و أثبت ما في ح(1:197).
2- الوشل:الماء القليل.و في الأصل:«رهق الضحضاح»صوابه في ح.
3- مهيم:كلمة يمانية،معناه ما أمرك و ما شأنك.
4- في الأصل:«مما تكن هذه الأمة»صوابه في ح.
5- في الأصل:«و لن أشهد آخره»و الوجه ما أثبت من ح.

اللَّيْلُ رَفَعَ صَوْتَهُ لِيُسْمِعَ ابْنَهُ (1)فَقَالَ:

دَعَوْتَ أَبَاكَ الْيَوْمَ وَ اللَّهِ لَلَّذِي دَعَانِي إِلَيْهِ الْقَوْمُ وَ الْأَمْرُ مُقْبِلٌ

فَقُلْتُ لَهُمْ:لَلْمَوْتُ أَهْوَنُ جَرْعَةً مِنَ اَلنَّارِ فَاسْتَبْقُوا أَخَاكُمْ أَوِ اقْتُلُوا

فَكَفُّوا وَ قَالُوا:إِنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ مُزَخْرَفُ جَهْلٍ وَ الْمُجَهَّلُ أَجْهَلُ

فَلَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ قَدْ جَدَّ جِدُّهُ وَ كَاشَفَنَا يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ

هَرَبْتُ بِدِينِي وَ الْحَوَادِثُ جَمَّةٌ وَ فِي الْأَرْضِ أَمْنٌ وَاسِعٌ وَ مُعَوَّلٌ

فَقُلْتُ:مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ شَرِّ فِتْنَةٍ لَهَا آخِرٌ لاَ يُسْتَقَالُ وَ أَوَّلُ

وَ لَوْ كُنْتُ يَوْماً لاَ مَحَالَةَ وَافِداً تَبِعْتُ عَلِيّاً وَ الْهَوَى حَيْثُ يُجْعَلُ

وَ لَكِنَّنِي زَاوَلْتُ نَفْساً شَحِيحَةً عَلَى دِينِهَا تَأْبَى عَلَيَّ وَ تَبْخَلُ

فَأَمَّا اِبْنُ هِنْدٍ فَالتُّرَابُ بِوَجْهِهِ وَ إِنَّ هَوَايَ عَنْ هَوَاهُ لَأَمْيَلُ

فَيَا عُمَرُ ارْجِعْ بِالنَّصِيحَةِ إِنَّنِي سَأَصْبِرُ هَذَا الْعَامَ وَ الصَّبْرُ أَجْمَلُ.

فَارْتَحَلَ عُمَرُ وَ قَدِ اسْتَبَانَ لَهُ أَمْرُ أَبِيهِ.

وَ قَدْ كَانَتِ الْأَخْبَارُ أَبْطَأَتْ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَبَعَثَ إِلَى رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الَّذِينَ كَرِهُوا أَنْ يُعِينُوهُ فِي حَرْبِهِ:إِنَّ الْحَرْبِ قَدْ وَضَعَتْ أَوْزَارَهَا وَ الْتَقَى هَذَانِ الرَّجُلاَنِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ فَاقْدَمُوا عَلَيَّ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ أَبُو الْجَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ وَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَ أَتَاهُ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ كَانَ مُقِيماً بِالطَّائِفِ لَمْ يَشْهَدْ صِفِّينَ فَقَالَ:يَا مُغِيرَةُ مَا تَرَى؟ قَالَ:

يَا مُعَاوِيَةُ لَوْ وَسِعَنِي أَنْ أَنْصُرَكَ لَنَصَرْتُكَ وَ لَكِنْ عَلَيَّ أَنْ آتِيَكَ بِأَمْرِ الرَّجُلَيْنِ.ت.

ص: 539


1- في الأصل:«أبوه»و الصواب ما أثبت.

فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى دُومَةَ الْجَنْدَلِ فَدَخَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى كَأَنَّهُ زَائِرٌ لَهُ فَقَالَ:

يَا أَبَا مُوسَى مَا تَقُولُ فِيمَنِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَ كَرِهَ الدِّمَاءَ؟ قَالَ:أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ خَفَّتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ وَ خَمُصَتْ بُطُونُهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.ثُمَّ أَتَى عَمْراً فَقَالَ:يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِيمَنِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَ كَرِهَ هَذِهِ الدِّمَاءَ؟ قَالَ أُولَئِكَ شِرَارُ النَّاسِ لَمْ يَعْرِفُوا حَقّاً وَ لَمْ يُنْكِرُوا بَاطِلاً فَرَجَعَ اَلْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ:قَدْ ذُقْتُ الرَّجُلَيْنِ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَخَالِعٌ صَاحِبَهُ وَ جَاعِلُهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَشْهَدْ هَذَا الْأَمْرَ وَ هَوَاهُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ أَمَّا عَمْرٌو فَهُوَ صَاحِبُكَ الَّذِي تَعْرِفُ وَ قَدْ ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَرُومُهَا لِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ لاَ يَرَى أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْهُ .

آخر الجزء الثالث عشر من أجزاء شيخنا عبد الوهاب .

شهود الحكمين

نَصْرٌ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو مُوسَى إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ:يَا عَمْرُو هَلْ لَكَ فِي أَمْرٍ هُوَ لِلْأُمَّةِ صَلاَحٌ وَ لِصُلَحَاءِ النَّاسِ رِضًا؟ نُوَلِّي هَذَا الْأَمْرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَ لاَ هَذِهِ الْفُرْقَةِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَرِيبَانِ يَسْمَعَانِ هَذَا الْكَلاَمَ فَقَالَ عَمْرٌو :فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى .

قَالَ وَ شَهِدَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ

ص: 540

عَبْدِ يَغُوثَ(1) وَ أَبُو الْجَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ وَ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ عَمْرٌو :أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً؟ قَالَ:بَلَى قَالَ:اِشْهَدُوا فَمَا يَمْنَعُكَ يَا أَبَا مُوسَى مِنْ مُعَاوِيَةَ وَلِيِّ عُثْمَانَ وَ بَيْتُهُ فِي قُرَيْشٍ مَا قَدْ عَلِمْتَ؟ فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ وَلَّى مُعَاوِيَةَ وَ لَيْسَتْ لَهُ سَابِقَةٌ فَإِنَّ لَكَ بِذَلِكَ حُجَّةً تَقُولُ:إِنِّي وَجَدْتُهُ وَلِيَّ عُثْمَانَ الْخَلِيفَةِ الْمَظْلُومِ وَ الطَّالِبُ بِدَمِهِ الْحَسَنُ السِّيَاسَةِ الْحَسَنُ التَّدْبِيرِ وَ هُوَ أَخُو أُمِّ حَبِيبَةَ (2)أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ صَحِبَهُ وَ هُوَ أَحَدُ اَلصَّحَابَةِ ثُمَّ عُرِضَ لَهُ بِالسُّلْطَانِ فَقَالَ:

إِنْ هُوَ وُلِّيَ الْأَمْرَ أَكْرَمَكَ كَرَامَةَ لَمْ يُكْرِمْكَ أَحَدٌ قَطُّ مِثْلَهَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى :اِتَّقِ اللَّهَ يَا عَمْرُو أَمَّا ذِكْرُكَ شَرَفَ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى الشَّرَفِ يُوَلاَّهُ أَهْلُهُ وَ لَوْ كَانَ عَلَى الشَّرَفِ كَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الدِّينِ وَ الْفَضْلِ مَعَ أَنِّي لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهِ أَفْضَلَ قُرَيْشٍ شَرَفاً أَعْطَيْتُهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ:إِنَّ مُعَاوِيَةَ وَلِيُّ عُثْمَانَ فَوَلِّهِ هَذَا الْأَمْرَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أُوَلِّيهِ مُعَاوِيَةَ وَ أَدَعُ اَلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ .

وَ أَمَّا تَعْرِيضُكَ بِالسُّلْطَانِ فَوَ اللَّهِ لَوْ خَرَجَ لِي مِنْ سُلْطَانِهِ مَا وَلَّيْتُهُ وَ لاَ كُنْتُ لِأَرْتَشِيَ فِي اللَّهِ وَ لَكِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَحْيَيْنَا سُنَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .

تداول أبي موسى و عمرو الرأي

نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَنَابٍ (3)أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ أَنْ لَوِ اسْتَطَعْتُ

ص: 541


1- هو عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرى،ولد على عهد رسول اللّه،و مات أبوه في ذلك الزمان،فلذلك عد في الصحابة. و قال العجليّ:من كبار التابعين.الإصابة 5072 و تهذيب التهذيب.و كلمة«الأسود» ساقطة من الأصل و ح،و قد سبق الاسم كاملا في ص 539.
2- سبقت ترجمتها في ص 518.
3- أبو جناب،أوله جيم مفتوحة فنون خفيفة،هو يحيي بن أبي حية الكلبى،و شهرته بكنيته.ضعفوه لكثرة تدليسه.مات سنة 150.تهذيب التهذيب.و في الأصل: «أبى خباب»و في ح:«أبى حباب»و الوجه ما أثبت.

لَأُحْيِيَنَّ اسْمَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَبَايِعَ اِبْنَ عُمَرَ فَمَا يَمْنَعُكَ مِنِ ابْنِي وَ أَنْتَ تَعْرِفُ فَضْلَهُ وَ صَلاَحَهُ؟ قَالَ:

إِنَّ ابْنَكَ رَجُلٌ صِدْقٌ وَ لَكِنَّكَ قَدْ غَمَسْتَهُ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ.

نَصْرٌ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ:

قَالَ أَبُو مُوسَى لِعَمْرٍو :إِنْ شِئْتَ وَلَّيْنَا هَذَا الْأَمْرَ الطَّيِّبَ ابْنَ الطَّيِّبِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ عَمْرٌو :إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لاَ يَصْلُحُ لَهُ إِلاَّ رَجُلٌ لَهُ ضِرْسٌ (1)يَأْكُلُ وَ يُطْعِمُ وَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَيْسَ هُنَاكَ وَ كَانَ فِي أَبِي مُوسَى غَفَلَةٌ (2).

فَقَالَ اِبْنُ الزُّبَيْرِ لاِبْنِ عُمَرَ :اِذْهَبْ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَارْشُهُ.فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ :لاَ وَ اللَّهِ مَا أَرْشُو عَلَيْهَا أَبَداً مَا عِشْتُ وَ لَكِنَّهُ قَالَ لَهُ:وَيْلَكَ يَا اِبْنَ الْعَاصِ إِنَّ اَلْعَرَبَ قَدْ أَسْنَدَتْ إِلَيْكَ أَمْرَهَا بَعْدَ مَا تَقَارَعَتْ بِالسُّيُوفِ وَ تَشَاجَرَتْ بِالرِّمَاحِ فَلاَ تَرُدَّهُمْ فِي فِتْنَةٍ وَ اتَّقِ اللَّهَ.

نَصْرٌ قَالَ عُمَرُ عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ صَالِحٍ :قَالَ:

كُنْتُ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ فِي غَزْوَةِ سِجِسْتَانَ فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَلِيّاً أَوْصَاهُ بِكَلِمَاتٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لَهُ: 1«قُلْ لِعَمْرٍو إِنْ لَقِيتَهُ إِنَّ عَلِيّاً يَقُولُ لَكَ:

إِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ إِنَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْبَاطِلِ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَ إِنْ زَادَهُ وَ اللَّهِ يَا عَمْرُو إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَيْنَ مَوْضِعُ الْحَقِّ فَلِمَ تَتَجَاهَلُ؟بِأَنْ أُوتِيتَ طَمَعاً (3)يَسِيراً فَكُنْتَ لِلَّهِ وَ لِأَوْلِيَائِهِ عَدُوّاً فَكَانَ وَ اللَّهِ مَا أُوتِيتَ قَدْ زَالَ عَنْكَ فَ« لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً »وَ لاَ لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً.أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ يَوْمَكَ الَّذِي».

ص: 542


1- في الأصل:«إلا كل رجل ضرس»صوابه في ح(1:198)و الطبريّ(6:39).
2- الطبريّ فقط:«فى ابن عمر غفلة».
3- كذا في الأصل و ح و الطبريّ.و أراها:«طعما».

أَنْتَ فِيهِ نَادِمٌ هُوَ يَوْمُ وَفَاتِكَ وَ سَوْفَ تَتَمَنَّى أَنَّكَ لَمْ تُظْهِرْ لِمُسْلِمٍ عَدَاوَةً وَ لَمْ تَأْخُذْ عَلَى حُكْمٍ رِشْوَةً.» قَالَ شُرَيْحٌ :فَأَبْلَغْتُهُ ذَلِكَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ عَمْرٍو وَ قَالَ:مَتَى كُنْتُ أَقْبَلُ مَشُورَةَ عَلِيٍّ أَوْ أُنِيبُ إِلَى أَمْرِهِ وَ أَعْتَدُّ بِرَأْيِهِ؟! فَقُلْتُ:وَ مَا يَمْنَعُكَ يَا اِبْنَ النَّابِغَةِ أَنْ تَقْبَلَ مِنْ مَوْلاَكَ وَ سَيِّدِ اَلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَشُورَتَهُ.

لَقَدْ كَانَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ يَسْتَشِيرَانِهِ وَ يَعْمَلاَنِ بِرَأْيِهِ.

فَقَالَ:إِنَّ مِثْلِي لاَ يُكَلِّمُ مِثْلَكَ (1)فَقُلْتُ:بِأَيِّ أَبَوَيْكَ تَرْغَبُ عَنْ كَلاَمِي؟ بِأَبِيكَ الْوَشِيظِ (2)أَمْ بِأُمِّكَ اَلنَّابِغَةِ ؟ فَقَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَ أَقْبَلَتْ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا:إِنَّ عَمْراً قَدْ أَبْطَأَ بِهَذِهِ الْحُكُومَةِ وَ هُوَ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ

نَفَى النَّوْمَ مَا لاَ تَبْتَغِيهِ الْأَضَالِعُ وَ كُلُّ امْرِئٍ يَوْماً إِلَى الصِّدْقِ رَاجِعُ (3)

فَيَا عَمْرُو قَدْ لاَحَتْ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي عَمْرُو مَا أَنْتَ صَانِعٌ

وَ يَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ حَدِيثٍ ضَمِنْتَهُ أَ تَحْمِلُهُ يَا عَمْرُو ؟ مَا أَنْتَ ضَالِعُ (4)

وَ قَالَ رِجَالٌ:إِنَّ عَمْراً يُرِيدُهَا فَقُلْتُ لَهُمْ عَمْرٌو لِي الْيَوْمَ تَابِعُ

فَإِنْ تَكُ قَدْ أَبْطَأْتَ عَنِّي تَبَادَرَتْ إِلَيْكَ بِتَحْقِيقِ الظُّنُونُ الْأَصَابِعُ

فَإِنِّي وَ رَبِّ الرَّاَقِصَاتِ عَشِيَّةً خَوَاضِعُ بِالرُّكْبَانِ وَ النَّقْعُ سَاطِعٌ

بِكَ الْيَوْمَ فِي عَقْدِ الْخِلاَفَةِ وَاثِقٌ وَ مِنْ دُونِ مَا ظَنُّوا بِهِ السُّمُّ نَاقِعُ».

ص: 543


1- في الأصل:«إلا مثلك»،و كلمة«إلا»مقحمة.
2- الوشيظ:الخسيس،و التابع،و الحليف،و الدخيل في القوم ليس من صميمهم، و في الأصل:«الوسيط»صوابه في ح و الطبريّ.
3- في الأصل:«ما لا يبلغنه».
4- ضالع،أراد به المطيق القوى،من الضلاعة و هي القوّة و شدة الأضلاع.و لم يرد هذا المشتق في المعاجم،و فيها«الضليع».

فَأَسْرِعْ بِهَا أَوْ أَبْطِ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ وَ لاَ تَعْدُ فَالْأَمْرُ الَّذِي حُمَّ وَاقِعُ (1).

مصانعة عمرو لأبي موسى

عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:حَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ :(2) أَنَّ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَى حَيْثُ الْتَقَيَا بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ أَخَذَ عَمْرٌو يُقَدِّمُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فِي الْكَلاَمِ وَ يَقُولُ:إِنَّكَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَبْلِي وَ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي فَتَكَلَّمْ ثُمَّ أَتَكَلَّمُ (3)وَ كَانَ عَمْرٌو قَدْ عَوَّدَ أَبَا مُوسَى أَنْ يُقَدِّمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ (4)وَ إِنَّمَا اغْتَرَّهُ بِذَلِكَ لِيُقَدِّمَهُ (5) فَيَبْدَأَ بِخَلْعِ عَلِيٍّ قَالَ:فَنَظَرَا فِي أَمْرِهِمَا وَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فَأَرَادَهُ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَبَى وَ أَرَادَهُ عَلَى ابْنِهِ فَأَبَى وَ أَرَادَهُ أَبُو مُوسَى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَبَى عَلَيْهِ عَمْرٌو قَالَ:فَأَخْبِرْنِي مَا رَأْيُكَ يَا أَبَا مُوسَى ؟ قَالَ:رَأْيِي أَنْ أَخْلَعَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ نَجْعَلَ هَذَا الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ يَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ شَاءُوا وَ مَنْ أَحَبُّوا فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :اَلرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ وَ قَالَ عَمْرٌو :يَا أَبَا مُوسَى إِنَّهُ لَيْسَ أَهْلُ اَلْعِرَاقِ بِأَوْثَقَ بِكَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ لِغَضَبِكَ لِعُثْمَانَ وَ بُغْضِكَ لِلْفُرْقَةِ وَ قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مُعَاوِيَةَ فِي قُرَيْشٍ وَ شَرَفَهُ فِي عَبْدِ مَنَافٍ وَ هُوَ اِبْنُ هِنْدٍ وَ اِبْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَمَا تَرَى؟ قَالَ:

أَرَى خَيْراً أَمَّا ثِقَةُ أَهْلِ اَلشَّامِ بِي فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَ قَدْ سِرْتُ إِلَيْهِمْ مَعَ عَلِيٍّ وَ أَمَّا غَضَبِي لِعُثْمَانَ فَلَوْ شَهِدْتُهُ لَنَصَرْتُهُ وَ أَمَّا بُغْضِي لِلْفِتَنِ فَقَبَّحَ اللَّهُ الْفِتَنَ وَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَلَيْسَ بِأَشْرَفَ مِنْ عَلِيٍّ

ص: 544


1- في الأصل:«و كم تعدوا الأمر».
2- (2) في الأصل:«أبو خباب»و في ح(1:198):«أبو حباب»صوابهما ما أثبت.و انظر ما سبق في ص 541.
3- ح:«فتكلم أنت و أتكلم أنا».الطبريّ(6:39):«فتكلم و أتكلم».
4- في الأصل:«قد أعد أبا موسى يقدمه في كل شيء»صوابه و تكملته من الطبريّ.
5- الطبريّ:«اغتزى بذلك كله أن يقدمه»و هي صحيحة،ففي اللسان:اغتزاه: قصده.و أنشد ابن الأعرابى(اللسان 19:359): *قد يغتزى الهجران بالتجرم*.

وَ بَاعَدَهُ أَبُو مُوسَى فَرَجَعَ عَمْرٌو مَغْمُوماً فَخَرَجَ عَمْرٌو وَ مَعَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ غُلاَمٌ شَابٌّ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا عَمْرُو إِنَّكَ لِلْأُمُورِ مُجَرِّبُ فَارْفُقْ وَ لاَ تَقْذِفْ بِرَأْيِكَ أَجْمَعَ

وَ اسْتَبْقِ مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي رَأْيٍ إِذَا لَمْ يَنْفَعِ

وَ اخْلَعْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ خُدْعَةً يَخْلَعْ عَلِيّاً سَاعَةً وَ تَصَنَّعِ

وَ اجْعَلْهُ قَبْلَكَ ثُمَّ قُلْ مِنْ بَعْدِهِ اِذْهَبْ فَمَا لَكَ فِي اِبْنِ هِنْدٍ مَطْمَعُ

تِلْكَ الْخَدِيعَةُ إِنْ أَرَدْتَ خِدَاعَهُ وَ الرَّاقِصَاتِ إِلَى مِنًى خُذْ أَوْ دَعْ.

فَافْتَرَصَهَا عَمْرٌو (1)وَ قَالَ:يَا أَبَا مُوسَى مَا رَأْيُكَ؟ قَالَ:رَأْيِي أَنْ أَخْلَعَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ثُمَّ يَخْتَارَ النَّاسُ لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ أَحَبُّوا فَأَقْبَلاَ إِلَى النَّاسِ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فَتَكَلَّمَ أَبُو مُوسَى فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ:إِنَّ رَأْيِي وَ رَأْيَ عَمْرٍو قَدِ اتَّفَقَ عَلَى أَمْرٍ نَرْجُو أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ عَمْرٌو :صَدَقَ ثُمَّ قَالَ:يَا أَبَا مُوسَى فَتَكَلَّمْ.فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى لِيَتَكَلَّمَ فَدَعَاهُ اِبْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ:

وَيْحَكَ إِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ خَدَعَكَ إِنْ كُنْتُمَا قَدِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى أَمْرٍ فَقَدِّمْهُ قَبْلَكَ فَيَتَكَلَّمَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ قَبْلَكَ ثُمَّ تَكَلَّمْ أَنْتَ بَعْدَهُ فَإِنَّ عَمْراً رَجُلٌ غَدَّارٌ وَ لاَ آمَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَعْطَاكَ الرِّضَا فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فَإِذَا قُمْتَ بِهِ فِي النَّاسِ خَالَفَكَ وَ كَانَ أَبُو مُوسَى رَجُلاً مُغَفَّلاً فَقَالَ:إِيهاً عَنْكَ إِنَّا قَدِ اتَّفَقْنَا.فَتَقَدَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَمْ نَرَ شَيْئاً هُوَ أَصْلَحُ لِأَمْرِهَا وَ أَلَمُّ لِشَعَثِهَا مِنْ أَلاَّ تَتَبَايَنَ أُمُورُهَا (2)وَ قَدْ أَجْمَعَ رَأْيِي وَ رَأْيُ صَاحِبِي عَمْرٍو عَلَى خَلْعِ عَلِيٍّ وَ مُعَاوِيَةَ وَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ هَذَا الْأَمْرَ فَيَكُونَ شُورَى بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ فَيُوَلُّونَ أُمُورَهُمْ مَنْ أَحَبُّوا وَ إِنِّي قَدْ خَلَعْتُ عَلِيّاًح.

ص: 545


1- يقال:فرص الفرصة و افترصها و تفرصها،أي أصابها.
2- في الأصل:«لشعثها ألا نبتر أمورها»صوابه في ح.

وَ مُعَاوِيَةَ فَاسْتَقْبِلُوا أَمْرَكُمْ وَ وَلُّوا مَنْ رَأَيْتُمْ لَهَا أَهْلاً.ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ.

وَ قَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مَقَامَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:إِنَّ هَذَا قَالَ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ وَ خَلَعَ صَاحِبَهُ وَ أَنَا أَخْلَعُ صَاحِبَهُ كَمَا خَلَعَهُ وَ أُثْبِتُ صَاحِبِي مُعَاوِيَةَ فِي الْخِلاَفَةِ فَإِنَّهُ وَلِيُّ عُثْمَانَ وَ الطَّالِبُ بِدَمِهِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ.فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى :مَا لَكَ لاَ وَفَّقَكَ اللَّهُ قَدْ غَدَرْتَ وَ فَجَرْتَ.وَ إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْكَلْبِ:« إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ »إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ:فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو :إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ:« اَلْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً »إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَ حَمَلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ عَلَى عَمْرٍو فَقَنَّعَهُ بِالسَّوْطِ وَ حَمَلَ عَلَى شُرَيْحٍ ابْنٌ لِعَمْرٍو فَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ وَ قَامَ النَّاسُ فَحَجَزُوا بَيْنَهُمْ فَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ:مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَامَتِي أَنْ لاَ ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ بَدَلَ السَّوْطِ.وَ الْتَمَسَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ أَبَا مُوسَى فَرَكِبَ نَاقَتَهُ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ فَكَانَ اِبْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ:قَبَّحَ اللَّهُ أَبَا مُوسَى حَذَّرْتُهُ وَ أَمَرْتُهُ بِالرَّأْيِ فَمَا عَقَلَ (1)وَ كَانَ أَبُو مُوسَى يَقُولُ:قَدْ حَذَّرَنِي اِبْنُ عَبَّاسٍ غَدْرَةَ الْفَاسِقِ وَ لَكِنْ اطْمَأْنَنْتُ إِلَيْهِ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَنْ يُؤْثِرَ شَيْئاً عَلَى نَصِيحَةِ الْأُمَّةِ ثُمَّ انْصَرَفَ عَمْرٌو وَ أَهْلُ اَلشَّامِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلاَفَةِ وَ رَجَعَ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ إِلَى عَلِيٍّ .

وَ قَالَ اَلشَّنِّيُّ :

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَقْضِي بِحُكْمِهِ وَ عَمْرٌو وَ عَبْدُ اللَّهِ يَخْتَلِفَانِ

وَ لَيْسَا بِمُهْدَى أُمَّةٍ مِنْ ضَلاَلَةٍ بِدَرْمَاءَ سَخْمَا فِتْنَةً عَمِيَانِ (2)

أَثَارَا لِمَا فِي النَّفْسِ مِنْ كُلِّ حَاجَةٍ شَدِيدَانِ ضَرَّارَانِ مُؤْتَلِفَانِ (3)

أَصَمَّانِ عَنْ صَوْتِ الْمُنَادِي تَرَاهُمَا عَلَى دَارِهِ بَيْضَاءَ يَعْتَلِجَانِا.

ص: 546


1- و كذا في الطبريّ(6:40)و في ح(1:199):«و هديته إلى الرأى فما عقل».
2- كذا ورد هذا العجز.
3- كذا.

فَيَا رَاكِباً بَلِّغْ تَمِيماً وَ عَامِراً وَ عَبْساً وَ بَلِّغْ ذَاكَ أَهْلَ عُمَانِ

فَمَا لَكُمْ إِلاَّ تَكُونُوا فَجَرْتُمُ بِإِدْرَاكِ مَسْعَاةِ الْكِرَامِ يَدَانِ (1)

بَكَتْ عَيْنُ مَنْ يَبْكِي اِبْنَ عَفَّانَ بَعْدَ مَا نَفَى وَرَقَ الْفُرْقَانِ كُلَّ مَكَانِ

كِلاَ فِئَتَيْهِ عَاشَ حَيّاً وَ مَيِّتاً يَكَادَانِ لَوْ لاَ الْحَقُّ يَشْتَبِهَانِ.

وَ لَمَّا فَعَلَ عَمْرٌو مَا فَعَلَ وَ اخْتَلَطَ النَّاسُ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَجَهَّزَ رَاكِباً إِلَى مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِالْأَمْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ عَلَى حِدَةٍ (2):

أَتَتْكَ الْخِلاَفَةُ مَزْفُوفَةً هَنِيئاً مَرِيئاً تُقِرُّ الْعُيُونَا

تُزَفُّ إِلَيْكَ كَزَفِّ الْعَرُوسِ بِأَهْوَنَ مِنْ طَعْنِكَ الدَّارِعِينَا

وَ مَا اَلْأَشْعَرِيُّ بِصَلْدِ الزِّنَادِ وَ لاَ خَامِلَ الذِّكْرِ فِي اَلْأَشْعَرِينَا

وَ لَكِنْ أُتِيحَتْ لَهُ حَيَّةٌ يَظَلُّ الشُّجَاعُ لَهَا مُسْتَكِيناً

فَقَالُوا وَ قُلْتُ وَ كُنْتُ امْرَأً أُجَهْجِهُ بِالْخَصْمِ حَتَّى يَلِينَا

فَخُذْهَا اِبْنَ هِنْدٍ عَلَى بَأْسِهَا فَقَدْ دَافَعَ اللَّهُ مَا تَحْذَرُونَا

وَ قَدْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْ شَامِكُمْ عَدُوّاً شَنِيّاً وَ حَرْباً زَبُونَا (3).

وَ قَامَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ:وَ اللَّهِ لَوِ اجْتَمَعْتُمَا عَلَى الْهُدَى مَا زِدْتُمَانَا عَلَى مَا نَحْنُ الْآنَ عَلَيْهِ وَ مَا ضَلاَلُكُمَا بِلاَزِمِنَا وَ مَا رَجَعْتُمَا إِلاَّ بِمَا بَدَأْتُمَا وَ إِنَّا الْيَوْمَ لَعَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ.

وَ تَكَلَّمَ النَّاسُ غَيْرَ اَلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَ تَكَلَّمَ كُرْدُوسُ بْنُ هَانِئٍ فَقَالَ».

ص: 547


1- في الأصل:«معصات»تحريف.و في اللسان:«و العرب تسمى مآثر أهل الشرف و الفضل مساعى،واحدتها مسعاة؛لسعيهم فيها،كأنها مكاسبهم و أعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم».و قال عبدة بن الطبيب في المفضلية 27: فلئن هلكت لقد بنيت مساعيا تبقى لكم منها مآثر أربع.
2- في الأصل:«على حدة».
3- ح:«عدوا مبينا».

:أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ أَوَّلَ رَاضٍ بِهَذَا الْأَمْرِ يَا أَخَا رَبِيعَةَ فَغَضِبَ كُرْدُوسٌ فَقَالَ:

أَيَا لَيْتَ مَنْ يَرْضَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ بِعَمْرٍو وَ عَبْدِ اللَّهِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ

رَضِينَا بِحُكْمِ اللَّهِ لاَ حُكْمِ غَيْرِهِ وَ بِاللَّهِ رَبّاً وَ النَّبِيِّ وَ بِالذِّكْرِ

وَ بِالْأَصْلَعِ (1)الْهَادِي عَلِيٍّ إِمَامِنَا رَضِينَا بِذَاكَ الشَّيْخِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ

رَضِينَا بِهِ حَيّاً وَ مَيْتاً وَ إِنَّهُ إِمَامُ هُدًى فِي الْحُكْمِ وَ النَّهْيِ وَ الْأَمْرِ

فَمَنْ قَالَ:لاَ قُلْنَا:بَلَى إِنَّ أَمْرَهُ لَأَفْضَلُ مَا تُعْطَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

وَ مَا لاِبْنِ هِنْدٍ بَيْعَةٌ فِي رِقَابِنَا وَ مَا بَيْنَنَا غَيْرُ الْمُثَقَفَةِ السُّمْرِ

وَ بِيضٍ تُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ وَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْوَلاَءُ (2)آخِرَ الدَّهْرِ

أَبَتْ لِيَ أَشْيَاخُ الْأَرَاقِمِ سُبَّةً (3) أُسَبُّ بِهَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي الْقَبْرِ.

وَ تَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ أَسَدٍ الْقَسْرِيُّ وَ هُوَ مِنْ قُوَّادِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ:يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ أَهْوَنَ مَا يَرُدُّنَا وَ إِيَّاكُمْ إِلَيْهِ الْحَرْبُ مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ وَ هُوَ الْفَنَاءُ وَ قَدْ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ إِلَى الصُّلْحِ وَ أَشْرَفَتِ الْأَنْفُسُ عَلَى الْفَنَاءِ (4)وَ أَصْبَحَ كُلُّ امْرِئٍ يَبْكِي عَلَى قَتِيلٍ مَا لَكُمْ رَضِيتُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِ صَاحِبِكُمْ وَ كَرِهْتُمْ آخِرَهُ إِنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ وَ حَدُّكُمُ الرِّضَا.

فَتَشَاتَمَ عَمْرٌو وَ أَبُو مُوسَى مِنْ لَيْلَتِهِ فَإِذَا ابْنُ عَمٍّ لِأَبِي مُوسَى يَقُولُ: -

أَبَا مُوسَى خُدِعْتَ وَ كُنْتَ شَيْخاً (5)قَرِيبَ الْقَعْرِ مَدْهُوشَ الْجَنَانِ

رَمَى عَمْرٌو صَفَاتَكَ يَا اِبْنَ قَيْسٍ بِأَمْرٍ لاَ تَنُوءُ بِهِ الْيَدَانِ

وَ قَدْ كُنَّا نُجَمْجِمُ عَنْ ظُنُونٍ فَصَرَّحَتِ الظُّنُونُ عَنِ الْعِيَانِح.

ص: 548


1- انظر ما سبق في ص 233 س 6-7.
2- ح(1:199):«الرضا».
3- انظر للأراقم ما مضى في ص 486.
4- في الأصل:«البقاء»صوابه من ح.
5- في الأصل:«بليت فكنت شيخا»و أثبت ما في ح.

فَعَضَّ الْكَفَّ مِنْ نَدَمٍ وَ مَا ذَا يَرُدُّ عَلَيْكَ عَضُّكَ بِالْبَنَانِ.

قَالَ:وَ شَمِتَ أَهْلُ اَلشَّامِ بِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ الْتَّغْلِبِيُّ (1)وَ كَانَ شَاعِرَ مُعَاوِيَةَ قَالَ:

كَأَنَّ أَبَا مُوسَى عَشِيَّةَ أَذْرُحٍ يَطُوفُ بِلُقْمَانَ الْحَكِيمِ يَوَارِبُهْ

فَلَمَّا تَلاَقَوْا فِي تُرَاثِ مُحَمَّدٍ نَمَتْ بِابْنِ هِنْدٍ فِي قُرَيْشٍ مَضَارِبُهْ (2)

سَعَى بِابْنِ عَفَّانَ لِيُدْرِكَ ثَأْرَهُ وَ أَوْلَى عِبَادِ اللَّهِ بِالثَّأْرِ طَالِبُهْ

وَ قَدْ غَشِيَتْنَا فِي اَلزُّبَيْرِ غَضَاضَةٌ وَ طَلْحَةَ إِذْ قَامَتْ عَلَيْهِ نَوَادِبُهْ

فَرَدَّ اِبْنُ هِنْدٍ مُلْكَهُ فِي نِصَابِهِ وَ مَنْ غَالَبَ الْأَقْدَارَ فَاللَّهُ غَالِبُهْ

وَ مَا لاِبْنِ هِنْدٍ فِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ نَظِيرٌ وَ إِنْ جَاشَتْ عَلَيْهِ أَقَارِبُهْ

فَهَذَاكَ مُلْكُ اَلشَّامِ وَافٍ سَنَامُهُ وَ هَذَاكَ مُلْكُ الْقَوْمِ قَدْ جُبَّ غَارِبُهُ

يُحَاوِلُ عَبْدُ اللَّهِ عَمْراً وَ إِنَّهُ لَيَضْرِبُ فِي بَحْرٍ عَرِيضٍ مَذَاهِبُهْ

دَحَا دَحْوَةً فِي صَدْرِهِ فَهَوَتْ بِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْمَهْوَى ظَنُونٌ كَوَاذِبُهُ.

فَرَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ فَقَالَ: -

غَدَرْتُمْ وَ كَانَ الْغَدْرُ مِنْكُمْ سَجِيَّةً فَمَا ضَرَّنَا غَدْرُ اللَّئِيمِ وَ صَاحِبِهْ

وَ سَمَّيْتُمُ شَرَّ الْبَرِيَّةِ مُؤْمِناً كَذَبْتُمْ فَشَرُّ النَّاسِ لِلنَّاسِ كَاذِبُهْ

وَ لَكُمْ (3)بِابْنِ حَرْبٍ بَصِيرَةٌ بِلَعْنٍ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ كَانَ كَاتِبَهْ.ح.

ص: 549


1- في الأصل:«و قال أبا موسى إنّما كان غدرا من عمرو»و ما بعد«قال»مقحم. و في الأصل أيضا«كعب بن جعيل الثعلبي».و الصواب ما أثبت،و هو كعب بن جعيل ابن قمير بن عجرة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل. انظر الخزانة(1:458-459).
2- و كذا الرواية في معجم البلدان(أذرح)و في ح:«مناسبه»و هما بمعنى.و في اللسان:«ابن سيده:ما يعرف له مضرب عسلة،أي أصل و لا قوم و لا أب و لا شرف».
3- كذا وردت هذه الكلمة غير واضحة في الأصل.و هذه المقطوعة لم ترد في ح.

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ خَدَعَ أَبَا مُوسَى -

خَدَعْتُ أَبَا مُوسَى خَدِيعَةَ شَيْظَمِ يُخَادِعُ سَقْباً فِي فَلاَةٍ مِنَ الْأَرْضِ (1)

فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا كَرِهْنَا كِلَيْهِمَا فَنَخْلَعْهُمَا قَبْلَ التَّلاَتِلِ وَ الدَّحْضِ (2)

فَإِنَّهَا لاَ يُغْضِيَانِ عَلَى قَذًى مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى يَفْصِلاَنِ عَلَى أَمْضِ (3)

فَطَاوَعَنِي حَتَّى خَلَعْتُ أَخَاهُمُ وَ صَارَ أَخُونَا مُسْتَقِيماً لَدَى الْقَبْضِ

وَ إِنَّ اِبْنَ حَرْبٍ غَيْرُ مُعْطِيهِمُ الْوَلاَ وَ لاَ الْهَاشِمِيِّ الدَّهْرَ أَوْ يَرْبَعَ الْحَمْضُ (4).

فَرَدَّ عَلَيْهِ اِبْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ:

كَذَبْتَ وَ لَكِنْ مِثْلُكَ الْيَوْمَ فَاسِقُ عَلَى أَمْرِكُمْ يَبْغِي لَنَا الشَّرَّ وَ الْعَزْلاَ

وَ تَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْكَ خَدِيعَةٌ إِلَيْهِ وَ كُلُّ الْقَوْلِ فِي شَأْنِكُمْ فَضْلاً

فَأَنْتُمْ وَ رَبِّ اَلْبَيْتِ قَدْ صَارَ دِينُكُمْ خِلاَفاً لِدِينِ الْمُصْطَفَى الطَّيِّبِ الْعَدْلاَ

أَ عَادَيْتُمُ حُبَّ النَّبِيِّ وَ نَفْسَهُ فَمَا لَكُمْ مِنْ سَابِقَاتٍ وَ لاَ فَضْلاً

وَ أَنْتُمْ وَ رَبِّ اَلْبَيْتِ أَخْبَثُ مَنْ مَشَى عَلَى الْأَرْضِ ذَا نَعْلَيْنِ أَوْ حَافِياً رَجُلاً

غَدَرْتُمْ وَ كَانَ الْغَدْرُ مِنْكُمْ سَجِيَّةً كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرْثاً وَ أَنْ لَمْ يَكُنْ نَسْلاً (5).

طواف أبي موسى بالبيت بعد الحكم و شعر الهيثم في الحكم

قال و لحق أبو موسى و هو يطوف بالبيت بمكة .

نَصْرٌ قَالَ:فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ طَاوُسٍ

ص: 550


1- في الأصل:«خداعة شيظم»و إنّما هي الخديعة.و الشيظم:الطويل الجسيم الفتى من الناس و الخيل و الإبل.و السقب:ولد الناقة.
2- التلاتل:الشدائد.و الدحض:الزلق و الزلل.
3- الأمض:الباطل و الشك.و حتّى،في البيت،ابتدائية،كما في قوله: *و لا صلح حتّى تضبعون و نضبعا* انظر الخزانة(3:599).
4- كذا ورد هذا العجز.
5- في الأصل:«فإن لم يكن حرثا».

قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مُوسَى وَ هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ لَهُ:أَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهَا؟ قَالَ:اِبْنَ أَخِي هَذِهِ حَيْصَةٌ مِنْ حَيْصَاتِ الْفِتَنِ فَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا جَاءَتْكُمُ الْمُثْقِلَةُ الرَّدَاحُ تَقْتُلُ مَنْ أَشْرَفَ لَهَا وَ تَمُوجُ بِمَنْ مَاجَ فِيهَا.

وَ قَالَ اَلْهَيْثَمُ بْنُ الْأَسْوَدِ النَّخَعِيُّ :

لَمَّا تَدَارَكَتِ الْوُفُودُ بِأَذْرُحٍ وَ بِأَشْعَرِيٍّ لاَ يَحِلُّ لَهُ الْغَدْرُ (1)

أَدَّى أَمَانَتَهُ وَ أَوْفَى نَذْرَهُ وَ صَبَا فَأَصْبَحَ غَادِراً عَمْرُو (2)

يَا عَمْرُو إِنْ تَدَعِ الْقَضِيَّةَ تَعْتَرِفْ ذُلَّ الْحَيَاةِ وَ يُنْزَعُ النَّصْرُ

تَرَكَ اَلْقُرْآنَ فَمَا تَأَوَّلَ آيَةً (3) وَ ارْتَابَ إِذْ جُعِلَتْ لَهُ مِصْرُ .

دخول جمع من الصحابة على علي عليه السلام و دعاء علي عليه السلام و معاوية

قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ : وَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَعَ أُنَاسٍ مَعَهُمْ وَ كَانُوا قَدْ تَخَلَّفُوا عَنْ عَلِيٍّ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَطَاءَهُمْ وَ قَدْ كَانُوا تَخَلَّفُوا عَنْ عَلِيٍّ حِينَ خَرَجَ إِلَى صِفِّينَ وَ اَلْجَمَلِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«مَا خَلَّفَكُمْ عَنِّي؟» قَالُوا:قَتْلُ عُثْمَانَ وَ لاَ نَدْرِي أَ حَلَّ دَمُهُ أَمْ لاَ وَ قَدْ كَانَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً ثُمَّ اسْتَتَبْتُمُوهُ فَتَابَ ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِي قَتْلِهِ حِينَ قُتِلَ فَلَسْنَا نَدْرِي أَصَبْتُمْ أَمْ أَخْطَأْتُمْ مَعَ أَنَا عَارِفُونَ بِفَضْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَابِقَتِكَ وَ هِجْرَتِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ : 1«أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ« وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ »؟» قَالَ سَعْدٌ :يَا عَلِيُّ أَعْطِنِي

ص: 551


1- كذا ورد هذا العجز.و في معجم البلدان(أذرح):«و في أشعرى لا يحل له غدر»و هذا العجز في هذه الرواية من بحر الطويل،و الأبيات من الكامل.
2- صبا:خرج و مال بالعداوة.و في الأصل:«وسما».و بدلها في معجم البلدان: «عنه و أصبح».
3- في الأصل:«ترك القرآن فأول»و صوابه من معجم البلدان.

سَيْفاً يَعْرِفُ اَلْكَافِرَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِ أَخَافُ أَنْ أَقْتُلَ مُؤْمِناً فَأَدْخُلَ اَلنَّارَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ : 1«أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ إِمَاماً بَايَعْتُمُوهُ عَلَى السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ فَعَلاَمَ خَذَلْتُمُوهُ إِنْ كَانَ مُحْسِناً وَ كَيْفَ لَمْ تُقَاتِلُوهُ إِذْ كَانَ مُسِيئاً فَإِنْ كَانَ عُثْمَانُ أَصَابَ بِمَا صَنَعَ فَقَدْ ظَلَمْتُمْ إِذْ لَمْ تَنْصُرُوا إِمَامَكُمْ وَ إِنْ كَانَ مُسِيئاً فَقَدْ ظَلَمْتُمْ إِذْ لَمْ تُعِينُوا مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ قَدْ ظَلَمْتُمْ إِذْ لَمْ تَقُومُوا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عَدُوِّنَا بِمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ « فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ » (1)فَرَدَّهُمْ وَ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئاً وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَ الْمَغْرِبَ وَ فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ يَقُولُ (2):

1«اَللَّهُمَّ الْعَنْ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَى (3)وَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ اَلضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ وَ اَلْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ » فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَكَانَ إِذَا قَنَتَ (4)لَعَنَ عَلِيّاً وَ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ الْحَسَنَ وَ اَلْحُسَيْنَ .

وَ قَالَ اَلرَّاسِبِيُّ مِنْ أَهْلِ حَرُورَا :

نَدِمْنَا عَلَى مَا كَانَ مِنَّا وَ مَنْ يُرِدْ سِوَى الْحَقِّ لاَ يُدْرِكْ هَوَاهُ وَ يَنْدَمِ

خَرَجْنَا عَلَى أَمْرٍ فَلَمْ يَكُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عَلِيٍّ غَيْرِ غَابٍ مُقَوَّمٍ

وَ ضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ كِفَاحاً كِفَاحاً بِالصَّفِيحِ الْمُصَمِّمِ

فَجَاءَ عَلِيٌّ بِالَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا مَقَالٌ لِذِي حِلْمٍ وَ لاَ مُتَحَلِّمٍ».

ص: 552


1- من الآية 9 في سورة الحجرات.و قد استشهد بالآية مع إسقاط الفاء في أولها، و هو جائز.انظر حواشى الحيوان(4:57).
2- في الطبريّ(6:40):«و كان إذا صلى الغداة يقنت».
3- و كذا في ح(1:200)لكن بدله في الطبريّ:«و أبا الأعور السلمى».
4- و كذا في الطبريّ،لكن في ح:«فكان إذا صلى».

رَمَانَا بِمُرِّ الْحَقِّ إِذْ قَالَ:جِئْتُمُ إِلَيَّ بِشَيْخٍ لِلْأَشَاعِرِ قَشْعَمُ

فَقُلْتُمْ رَضِينَا بِابْنِ قَيْسٍ وَ مَا لَنَا رِضًا غَيْرُ شَيْخٍ نَاصِحِ الْجَيْبِ مُسْلِمِ

وَ قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ يَكُونُ مَكَانَهُ فَقَالُوا لَهُ:لاَ لاَ أَلاَ بِالتَّهَجُّمِ

فَمَا ذَنْبُهُ فِيهِ وَ أَنْتُمْ دَعَوْتُمُ إِلَيْهِ عَلِيّاً بِالْهَوَى وَ التَّقَحُّمِ

فَأَصْبَحَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْبَيْتِ عَائِذاً يُرِيدُ الْمُنَى بَيْنَ اَلْحَطِيمِ وَ زَمْزَمِ .

(مِنْ هُنَا إِلَى مَوْضِعٍ الْعَلاَمَةِ لَيْسَ عِنْدَ اِبْنِ عُقْبَةَ ) وَ قَالَ نَابِغَةُ بَنِي جَعْدَةَ وَ قَالَ:هِيَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ بَيْتٍ فَكَتَبْتُ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ:

سَأَلَتْنِي جَارَتِي عَنْ أُمَّتِي وَ إِذَا مَا عَيَّ ذُو اللُّبِّ سَأَلْ

سَأَلَتْنِي عَنْ أُنَاسٍ هَلَكُوا شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وَ أَكَلْ (1)

بَلَغُوا الْمُلْكَ فَلَمَّا بَلَغُوا بِخَسَارٍ وَ انْتَهَى ذَاكَ الْأَجَلْ

وَضَعَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ بَرْكَهُ فَأَبِيدُوا لَمْ يُغَادِرْ غَيْرُ تَلّ

فَأَرَانِي طَرِباً فِي إِثْرِهِمْ طَرَبَ الْوَالِهِ أَوْ كَالْمُخْتَبَلْ (2)

أَنْشُدُ النَّاسَ وَ لاَ أُنْشِدُهُمْ إِنَّمَا يَنْشُدُ مَنْ كَانَ أَضَلَّ (3)

لَيْتَ شِعْرِي إِذْ مَضَى مَا قَدْ مَضَى وَ تَجَلَّى الْأَمْرُ لِلَّهِ الْأَجَلّ

مَا يُظَنَّنَّ بِنَاسٍ قَتَلُوا أَهْلَ صِفِّينَ وَ أَصْحَابَ اَلْجَمَلِ

أَ يَنَامُونَ إِذَا مَا ظَلَمُوا أَمْ يَبِيتُونَ بِخَوْفٍ وَ وَجَلْ.

وَ قَالَ طُلْبَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ الْمِنْقَرِيُّ ،).

ص: 553


1- انظر للكلام على نسبة هذا البيت و روايته الحيوان(5:28).
2- الطرب،هاهنا:الحزن.و الواله:كل أنثى فارقت ولدها.و في الأصل: «الوالد»تحريف.
3- أنشد:أطلب.و لا أنشدهم:لا أدل عليهم.و في الأصل:«من قال أضل» و صوابه من اللسان(4:433).

إِذَا فَازَ دُونِي بِالْمَوَدَّةِ مَالِكٌ (1) وَ صَاحِبُهُ الْأَدْنَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ

وَ فَازَ بِهَا دُونِي شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ فَفِيمَ نُنَادِي لِلْأُمُورِ الْعَظَائِمِ

وَ لَوْ قِيلَ مَنْ يَفْدِي عَلِيّاً فَدَيْتَهُ (2) بِنَفْسِكَ يَا طُلْبَ بْنَ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ

لَقُلْتُ نَعَمْ تَفْدِيهِ نَفْسٌ شَحِيحَةٌ وَ نَفْدِي بِسَعْدٍ كُلِّهَا حَيِّ هَاشِمٍ .

لقاء معاوية لعامر بن واثلة

نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ:سَمِعْتُ تَمِيمَ بْنَ حِذْيَمٍ (3)النَّاجِي يَقُولُ: لَمَّا اسْتَقَامَ لِمُعَاوِيَةَ أَمْرُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ لِقَاءِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ فَلَمْ يَزَلْ يُكَاتِبُهُ وَ يُلْطِفُ حَتَّى أَتَاهُ فَلَمَّا قَدِمَ سَاءَلَهُ عَنْ عَرَبِ اَلْجَاهِلِيَّةِ قَالَ:

وَ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ نَفَرٌ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ : تَعْرِفُونَ هَذَا هَذَا؟ فَارِسُ صِفِّينَ وَ شَاعِرُهَا هَذَا خَلِيلُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ:ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الطُّفَيْلِ مَا بَلَغَ مِنْ حُبِّكَ عَلِيّاً ؟ قَالَ:حُبُّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى قَالَ:فَمَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِكَ عَلَيْهِ؟ قَالَ:بُكَاءُ الْعَجُوزِ الْمِقْلاَةِ (4)وَ الشَّيْخِ الرَّقُوبِ (5)إِلَى اللَّهِ أَشْكُو تَقْصِيرِي فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :وَ لَكِنَّ أَصْحَابِي هَؤُلاَءِ لَوْ كَانُوا سُئِلُوا عَنِّي مَا قَالُوا فِيَّ مَا قُلْتَ فِي صَاحِبِكَ قال [قَالُوا] :إِنَّا وَ اللَّهِ لاَ نَقُولُ الْبَاطِلَ فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ :لاَ وَ اللَّهِ وَ لاَ الْحَقَّ قَالَ:ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ :هُوَ الَّذِي يَقُولُ:

إِلَى رَجَبِ السَّبْعِينَ تَعْتَرِفُونَنِي مَعَ السَّيْفِ فِي خَيْلٍ وَ أَحْمِي عَدِيدَهَا (6).

وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ :يَا أَبَا الطُّفَيْلِ أَجِزْهَا فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ :

زُحُوفٌ كَرُكْنِ الطَّوْدِ كُلُّ كَتِيبَةٍ إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهَا يُفَلُّ شَدِيدُهَا

ص: 554


1- مالك،هو مالك بن الحارث،المعروف بالأشتر النخعيّ.و في الأصل:«هالك».
2- في الأصل:«و لو قيل بعدى من على»صوابه ما أثبت.
3- الوجه فيه:«بن حذلم»كما سبق في ص 169،245.
4- المقلات:التي لا يبقى لها ولد.و في الأصل:«الملغاة»تحريف.
5- الرقوب:الذي لا يبقى له ولد.
6- الإجازة هنا تقتضى أن يكون«عديدها»بالرفع،فيبدو أن في البيت تحريفا.

كَأَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ تَحْتَ لِوَائِهَا مَقَارِمُهَا حُمْرُ النَّعَامِ وَ سُودُهَا (1)

شِعَارُهُمُ سِيمَا النَّبِيِّ وَ رَايَةٌ بِهَا يَنْصُرُ الرَّحْمَنُ مِمَّنْ يَكِيدُهَا

لَهَا سَرَعَانٌ مِنْ رِجَالٍ كَأَنَّهَا دَوَاهِي السِّبَاعِ نُمْرُهَا وَ أُسُودُهَا (2)

يَمُورُونَ مَوْرَ الْمَوْجِ ثُمَّ ادِّعَاؤُهُمْ إِلَى ذَاتِ أَنْدَادٍ كَثِيرٍ عَدِيدُهَا

إِذَا نَهَضَتْ مَدَّتْ جَنَاحَيْنِ مِنْهُمْ عَلَى الْخَيْلِ فُرْسَانٌ قَلِيلٌ صُدُودُهَا

كُهُولٌ وَ شُبَّانٌ يَرَوْنَ دِمَاءَكُمْ طَهُوراً وَ ثَارَاتٍ لَهَا تَسْتَقِيدُهَا (3)

كَأَنِّي أَرَاكُمْ حِينَ تَخْتَلِفُ الْقَنَا وَ زَالَتْ بِأَكْفَالِ الرِّجَالِ لُبُودُهَا (4)

وَ نَحْنُ نَكُرُّ الْخَيْلَ كَرّاً عَلَيْكُمُ كَخَطْفِ عَتَاقِ الطَّيْرِ طَيْراً تَصِيدُهَا

إِذَا نُعِيَتْ مَوْتَى عَلَيْكُمْ كَثِيرَةٌ وَ عَيَّتْ أُمُورٌ غَابَ عَنْكُمْ رَشِيدُهَا

هُنَالِكَ النَّفْسُ تَابِعَةُ الْهُدَى وَ نَارٌ إِذَا وَلَّتْ وَ أَزَّ شَدِيدُهَا (5)

فَلاَ تَجْزَعُوا إِنْ أَعْقَبَ الدَّهْرُ دَوْلَةً وَ أَصْبَحَ مَنْآكُمْ قَرِيباً بَعِيْدُهَا.

فَقَالُوا:نَعَمْ قَدْ عَرَفْنَاهُ هَذَا أَفْحَشُ شَاعِرٍ وَ أَلْأَمُ جَلِيسٍ (6)فَقَالَ مُعَاوِيَةُ :

يَا أَبَا الطُّفَيْلِ أَ تَعْرِفُ هَؤُلاَءِ؟ قُالَ مَا أَعْرِفُهُمْ بِخَيْرٍ وَ لاَ أُبْعِدُهُمْ مِنْ شَرٍّ فَأَجَابَهُ [أَيْمَنُ بْنُ] (7)خُرَيْمٍ الْأَسَدِيُّ :

إِلَى رَجَبٍ أَوْ غُرَّةِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ يُصَبِّحُكُمْ حُمْرُ الْمَنَايَا وَ سُودُها3.

ص: 555


1- مقارمها،كذا وردت.
2- السرعان،بالتحريك:أوائل القوم المستبقون إلى الأمر.و في الأصل: «لها شرعاء»و الوجه ما أثبت.و في الأصل أيضا:«دواعى السباع»تحريف.
3- تستقيدها:تطلب القود فيها.و القود،بالتحريك:قتل النفس بالنفس. و في الأصل:«يستعيدها»محرفة.
4- الأكفال:جمع كفل،بالكسر،و هو الذي لا يثبت على ظهور الخيل.
5- كذا ورد هذا البيت.
6- في الأصل:«و الم جليس».
7- هاتان الكلمتان ساقطتان من الأصل.و انظر 431،502،503.

ثَمَانِينَ أَلْفاً دِينُ عُثْمَانَ دِينُهُمْ كَتَائِبُ فِيهَا جَبْرَئِيلُ يَقُودُهَا

فَمَنْ عَاشَ عَبْداً عَاشَ فِينَا وَ مَنْ يَمُتْ فَفِي اَلنَّارِ يُسْقَى مُهْلَهَا وَ صَدِيدَهَا.

(مِنْ هُنَا عِنْدَ اِبْنِ عُقْبَةَ ) .

أسماء من قتل من أصحاب علي

نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:سَمِعْتُ تَمِيمَ بْنَ حِذْيَمٍ (1)النَّاجِيَّ يَقُولُ: أُصِيبَ فِي الْمُبَارَزَةِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ (2)، عَامِرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْكِنْدِيُّ يَوْمَ النَّهَرِ وَ بُسْرُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيُّ وَ مَالِكُ بْنُ كَعْبٍ الْعَامِرِيُّ وَ طَالِبُ بْنً كُلْثُومٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ اَلْمُرْتَفِعُ بْنُ الْوَضَّاحِ الزُّبَيْدِيُّ أُصِيبَ بِصِفِّينَ وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ طَارِقٍ الْبَكْرِيُّ وَ أَسْلَمُ بْنُ يَزِيدَ الْحَارِثِيُّ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ حُصَيْنٍ الْحَارِثِيُّ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ الْجُلاَحُ الْحَكَمِيُّ وَ عَائِذُ بْنُ كُرَيْبٍ الْهِلاَلِيُّ وَ وَاصِلُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّيْبَانِيُّ وَ عَائِذُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَاهِلِيُّ وَ قُدَامَةُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْعَبْدِيُّ وَ اَلْمُخَارِقُ بْنُ ضِرَارٍ الْمُرَادِيُّ وَ سَلْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُعْفِيُّ وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ الْأَبْرَدِ الْحَضْرَمِيُّ وَ اَلْحُصَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ الْجُرَشِيُّ وَ أَبُو أَيُّوبَ بْنُ بَاكَرٍ الْحَكَمِيُّ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ سَعْدٍ التَّمِيمِيُّ وَ رُوَيْمُ بْنُ شَاكِرٍ الْأَحْمَرِيُّ وَ كُلْثُومُ بْنُ رَوَاحَةَ النَّمِرِيُّ وَ أَبُو شُرَيْحِ بْنُ الْحَارِثِ الْكَلاَعِيُّ وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَكَمِيُّ وَ يَزِيدُ بْنُ وَاصِلٍ الْمُهْرِيُّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْنِيُّ وَ صَالِحُ بْنُ الْمُغِيرَةِ اللَّخْمِيُّ وَ كُرَيْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحِمْيَرِيُّ مِنْ آلِ ذِي يَزَنَ قَتَلَهُ عَلِيٌّ (3)وَ اَلْحَارِثُ بْنُ وَدَاعَةَ الْحِمْيَرِيُّ وَ رَوْقُ بْنُ الْحَارِثِ الْكَلاَعِيُّ وَ اَلْمُطَاعُ بْنُ الْمُطَّلِبِ الْقَيْنِيُّ وَ اَلْوَضَّاحُ بْنُ أَدْهَمَ السَّكْسَكِيُّ ،

ص: 556


1- انظر ما سبق في ص 555.
2- كذا.و نجد في جملة من سرد من الأعلام أسماء كثير من أصحاب معاوية.و قد تعذر التمييز الدقيق بين هؤلاء و هؤلاء لندرة تراجمهم.كما أن هذه الأسماء تضمنت بعض من قتل في غير صفّين.
3- قتله على يوم صفّين.انظر الإصابة 7483.

وَ جُلْهُمَةُ بْنُ هِلاَلٍ الْكَلْبِيُّ وَ اِبْنُ سَلامَانَ الْغَسَّانِيُّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَرِيشٍ الْعَكِّيُّ وَ اِبْنُ قَيْسٍ وَ اَلْمُهَاجِرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْجُهَنِيُّ وَ اَلضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَ مَالِكُ بْنُ وَدِيعَةَ الْقُرَشِيُّ وَ شُرَيْحُ بْنُ الْعَطَاءِ الْحَنْظَلِيُّ وَ اَلْمُخَارِقُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ وَ أَبُو جَهْلِ بْنُ ظَالِمٍ الرُّعَيْنِيُّ وَ عُبَيْدَةُ بْنُ رِيَاحٍ الرُّعَيْنِيُّ وَ مَالِكُ بْنُ ذَاتٍ (1)الْكَلْبِيُّ وَ أُكَيْلُ بْنُ جُمُعَةَ الْكِنَانِيُّ وَ اَلرَّبِيعُ بْنُ وَاصِلٍ الْكَلاَعِيُّ وَ مُطَرِّفُ بْنُ حُصَيْنٍ الْعَكِّيُّ وَ زُبَيْدُ بْنُ مَالِكٍ الطَّائِيُّ وَ اَلْجَهْمُ بْنُ الْمُعَلَّى وَ اَلْحُصَيْنُ بْنُ تَمِيمٍ الْحِمْيَرِيَّانِ وَ اَلْأَبْرَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْحُرَقِيُّ مِنْ أَصْحَابِ طَلْحَةَ وَ اَلزُّبَيْرِ وَ اَلْهُذَيْلُ بْنُ الْأَشْهَلِ التَّمِيمِيُّ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْأَزْدِيُّ وَ مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ الرَّقَاشِيُّ وَ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيٍّ الضَّبِّيُّ (2)وَ اَلْمُجَاشِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ جُبَيْرٍ الْيَشْكُرِيُّ (3)وَ اَلنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ الضَّبِّيُّ وَ اَلْقَاسِمُ بْنُ مَنْصُورِ الضَّبِّيُّ وَ زَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْأَزْدِيُّ وَ كُرْزُ بْنُ عَطِيَّةَ الضَّبِّيُّ وَ رِفَاعَةُ بْنُ طَالِبٍ الْجُرْهُمِيُّ وَ اَلْأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمِنْهَالِ السَّاعِدِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَازِنِيُّ وَ اَلْحَكَمُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْكِنْدِيُّ وَ أَبْرَهَةُ بْنُ زُهَيْرٍ الْمَذْحِجِيُّ وَ هِنْدٌ الْجَمَلِيُّ (4)وَ رَافِعُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَ زَيْدُف.

ص: 557


1- كذا.و لعلها:«زرارة».
2- عمرو بن يثربى الضبى،كان من رءوس ضبة في الجاهلية ثمّ أسلم.و هو قاتل علباء بن الهيثم السدوسى،و هند بن عمرو الجملى،و زيد بن صوحان العبدى،قتلهم يوم الجمل، فأسره عمّار بن ياسر فجاء به إلى على رضي اللّه عنه فأمر بقتله.و لم يقتل أسيرا غيره. و هو القائل: إن تقتلونى فأنا ابن يثربى قاتل علباء و هند الجملى ثمّ ابن صوحان على دين على انظر الإصابة 6513 و الاشتقاق 246-247.
3- في الأصل:«و المجاشع بن عبد الرحمن النعمانيّ بن حبير اليشكرى».و الوجه ما أثبت.
4- هو هند بن عمرو الجملى،نسبة إلى جمل بن سعد العشيرة،حى من مذحج.انظر المعارف 48 و الاشتقاق 246 و اللسان(مادة جمل)،قتله عمرو بن يثربى،كما سبقت الإشارة إليه في التنبيه الثاني.انظر الإصابة 9056.و في الأصل:«همد الحملى»تحريف.

بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ(1) وَ مَالِكُ بْنُ حِذْيَمٍ الْهَمْدَانِيُّ (2)وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ إِمْرِئِ الْقَيْسِ الْكِنْدِيُّ وَ عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَكْرِيُّ (3)وَ زَيْدُ بْنُ هَاشِمٍ الْمُرِّيُّ وَ صَالِحُ بْنُ شُعَيْبٍ الْقَيْنِيُّ وَ بَكْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْبَجَلِيُّ وَ اَلصَّامِتُ بْنُ قَنْسَلِيُّ الْفُوطِيُّ (4)وَ كُلَيْبُ بْنُ تَمِيمٍ الْهِلاَلِيُّ وَ جَهْمٌ الرَّاسِبِيُّ وَ اَلْمُهَاجِرُ بْنُ عُتْبَةَ الْأَسَدِيُّ وَ اَلْمُسْتَنِيرُ بْنُ مَعْقِلٍ الْحَارِثِيُّ وَ اَلْأَبْرَدُ بْنُ طُهْرَةَ الطُّهَوِيُّ وَ عِلْبَاءُ بْنُ الْمُخَارِقِ الطَّائِيُّ وَ بَوَّابُ بْنُ زَاهِرٍ (5)وَ أَبُو أَيُّوبَ بْنُ أَزْهَرَ السُّلَمِيُّ زُهَاءُ عَشْرَةِ آلاَفٍ.

وَ أُصِيبَ يَوْمَ الْوَقْعَةِ الْعُظْمَى أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَ أُصِيبَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ مَا بَيْنَ السَّبْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ.

وَ أُصِيبَ بِصِفِّينَ مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ خَمْسَةٌ وَ أَرْبَعُونَ أَلْفاً.

وَ أُصِيبَ بِهَا مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً.

وَ أُصِيبَ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ عَلَى قَنْطَرَةِ الْبَرَدَانِ (6)مِنَ اَلْمُحَكِّمَةِ خَمْسَةُ آلاَفٍ.ف.

ص: 558


1- و هذا زبد قتله كذلك عمرو بن يثربى الضبى في وقعة الجمل.اختلف في صحبته. الإصابة 2991.
2- هذا غير مالك بن حريم الهمدانيّ الشاعر الجاهلى الذي ذكره المرزبانى في معجمه ص 357.
3- هو علباء بن الهيثم بن جرير السدوسى البكرى،نسبة إلى سدوس بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل.استشهد في وقعة الجمل،كما سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة عمرو بن يثربى ص 557.
4- كذا ورد هذا الاسم.
5- المعروف في أعلامهم«ثواب».و منه المثل:«أطوع من ثواب».
6- قنطرة البردان،بفتح الباء و الراء.و البردان:محلة ببغداد.انظر معجم البلدان. و في الأصل:«البودان»تحريف.

وَ أُصِيبَ مِنْهُمْ أَلْفٌ بِالنُّخَيْلَةِ بَعْدَ مُصَابِ عَلِيٍّ .

وَ أُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ أَلْفٌ وَ ثَلاَثُمِائَةٍ.

قَالَ وَ ذَكَرَ جَابِرٌ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ وَ أَبِي الطُّفَيْلِ ذَكَرُوا فِي عِدَّةِ قَتْلَى صِفِّينَ وَ اَلنَّهْرَوَانِ وَ اَلنُّخَيْلَةِ نَحْواً مِمَّا ذَكَرَ تَمِيمٌ النَّاجِيُّ .

آخر كتاب صفين :

« وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »و صلى الله على محمد النبي و آله و سلم تسليما كثيرا

ص: 559

ص: 560

ص: 561

الفهارس الفنية

ص: 562

1-فهرس الأعلام (1)

آدم عليه السلام 217،244

آكلة الأكباد(نبز لهند بنت عتبة بن ربيعة)179

إبراهيم بن الأشتر النخعيّ 441،490

إبراهيم بن أوس بن عبيدة السلمى 229

*إبراهيم التيمى 218

*إبراهيم الهجرى(363)

إبراهيم بن الوضاح الجمحى 174،176

الأبرد بن طهرة الطهوى 558

الأبرد بن علقمة الحرقى 557

أبرهة بن زهير المذحجى 557

أبرهة بن الصباح بن أبرهة الحميري 241،457،541

إبليس 113،217،239،486

أبى بن قيس 287.

الأبيض بن الأغر 231.

أثال بن حجل 443،444.ة.

ص: 563


1- تكررت الأعلام التالية تكرارا لا يحتاج معه إلى التنبيه على أرقامها،و هى: على بن أبي طالب،عثمان بن عفان،معاوية بن أبي سفيان،الأشتر النخعيّ،عمرو بن العاص،عمر بن سعد الراوي،و عمرو بن شمر الراوي،فاكتفيت بالإشارة إليها.و ما وضع من الأرقام بين قوسين فهو موضع الترجمة،و ما سبق من الأعلام بنجم فهو من الرواة.

*الأجلح بن عبد اللّه الكندي 141،462

الأجلح بن منصور الكندي 174،177-179

أخت الأجلح بن منصور-حبلة بنت منصور.

*أحمد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر الوكيل الحريرى(1)،71،131، 147،213،285،353،423،497

*أحمد بن عليّ بن محمّد الدامغانى 209،281،350،419،494

أحمر(مولى أبى سفيان أو عثمان)249

أبو أحمر(كنية عوف بن مجزأة)450

الأحمر 376،379

الأحنف بن قيس السعدى التميمى،أبو بحر 24-27،116،117، 205،340،387،406،501،508،513،536،537

ابن أخى الأحنف بن قيس-معاوية بن صعصعة 26

أدهم بن محرز الباهلى 267،268

*أبو أراكة 274

أربد(رجل من بنى فزارة)94،95

ابن أرطاة-بسر 429،462

*أبو إسحاق السبيعى 133،250،323،329

*أبو إسحاق الشيباني 509

ابن إسحاق-محمّد بن إسحاق 81

إسحاق بن يزيد 520

إسرائيل بن يونس 133

أسلم(فى شعر)290

أسلم بن يزيد الحارثى 556

ص: 564

أسماء بن الحكم الفزارى 321

أسماء(بنت عطارد بن حاجب بن زرارة)298،361

*إسماعيل 216،221

*إسماعيل بن أبي خالد-إسماعيل بن يزيد 204

*إسماعيل بن زياد 80

*إسماعيل السدى 170،171،274،289،342،343،353،524

*إسماعيل بن سميع 512

*إسماعيل بن أبي عميرة 6،208

*إسماعيل بن يزيد 92،(204)

الأسود بن حبيب بن جمانة بن قيس بن زهير 260

أبو الأسود الدئلى 117

الأسود بن قطنة 106

الأسود بن قيس 456،457

الأسود بن يعفر(142)

أبو أسيد-مالك بن ربيعة

الأشتر النخعيّ(من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب).و انظر:مالك (بن الحارث)

مولى الأشتر 250

الأشعث بن جابر 557

*الأشعث بن سويد 213

أبو الأشعث العجليّ 288

الأشعث بن قيس الكندي 20-24،137-140،165-167، 169-171،174،180،182،192،193،205،227،

ص: 565

246،302،303،331،337،339،402،408-410، 455،467،480،482،484،498،500،503،506، 508،511-513،547

الأصبغ بن ضرار الأزديّ 466،467

الأصبغ بن نباتة 5،126،146،158،231،322،406،422،423

أظلم(فى شعر)289

الأعمش-سليمان بن مهران

أعور بني زهرة-هاشم بن عتبة 427

أبو الأعور السلمى-سفيان بن عمرو

الأعور الشنى(8)،46 بلفظ الأعيور،405،425،426،465، 535،537،564

أعور طيئ-عدى بن حاتم 427

أعين بن ضبيعة 24،205

الأعيور-الأعور 46

*الإفريقى بن أنعم 332

ابن أبي الأقلح(405)

الأقيعس-معاوية بن أبي سفيان 218

أكيل بن جمعة الكنانيّ 557

أمام(أمامة في شعر)265

أبو أمامة الباهلى 190

أمينة الأنصارية 356

أمية(بن عبد شمس)471

أنعم(فى شعر)289

ص: 566

أبو أنيس 13

أوس بن حجر 386

أويس القرنى(324)

أيمن بن خريم الأسدى 13،431،502،503،555

أبو أيوب بن أزهر السلمى 558

أبو أيوب الأنصارى 93،(366)

أبو أيوب بن باكر الحكمى 556

*أيوب بن خوط(326)

أبو أيوب الهمدانيّ 271

ب

أبو بحر(كنية الأحنف بن قيس)387

*أبو البخترى 324

ابن بديل-عبد اللّه

ابنا بديل 335،357،358،384،401،406

*ابن البراء 218

*البراء بن حيان الذهلى 304

*البراء بن عازب الأنصارى 217،448

أبو بردة بن عوف الأزديّ 4،8،263

أبو برزة(الأسلمى)219

بريدة الأسلمى(507)

*بريدة الأسلمى(آخر)(509)

بسر بن أرطاة العامرى 44،157،412،424-429،459،460 462،305،504،507.

ص: 567

بسر بن زهير الأزديّ 556

بشر 356

بشر بن زهير الأزديّ 556

بشر بن العشوش الطائى ثمّ الملقطى 279

بشر بن عصمة المزنى(269)270،278

ابن بشير-النعمان بن بشير

بشير بن عمرو بن محصن الأنصارى(175)،187،357 بلفظ اليثربى بن محصن(357)بلفظ أبا عمرة بن عمرو بن محصن،358،359

أبو بكر(الخليفة)29،46،91،201،325،415،502،543

ابن أبي بكر-محمّد بن أبي بكر

بكر بن تغلب السدوسى 170،171

بكر بن تميم 97،98

بكر بن علقمة البجليّ 558

بكير بن هوذة النخعيّ 286

بكير بن وائل 260

بلال(بن رباح،مولى أبى بكر)325

بلال بن أبي هبيرة الأزديّ 207

*بليد بن سليمان(220)

بواب بن زاهر(و لعله ثواب)558

ت

أبو تراب(كنية على)334،341،375

تليد بن سليمان-بليد بن سليمان

ص: 568

تميم-تميم بن حذلم الناجى.

*تميم بن حذلم(أو حذيم)الناجى(169)،230،244،(245)، 272،273،293،371،378،554،556

ث

ثابت بن أم أنمار 325

ثمامة بن حوشب 507

أبو ثروان(كاتب على)125،331

ثوير بن عامر 61

ج

*جابر بن عبد اللّه(بن عمرو بن حرام الأنصارى ثمّ السلمى)217

*جابر بن عمير الأنصارى(477)

*جابر بن يزيد الجعفى 156،167،169،174،179،202-204، 230،236،237-239،241،243-245،250،272، 273،293،295،398،301،313،315،340،343، 371،457،479،480،500،504،554،556،559

جارية بن قدامة السعدى 24،25،205،295،296

جارية بن المثنى 335

جبرائيل 447،556

جبلة بن عطية الذهلى،أبو عرفاء 304،305

*أبو جحيفة 141،462

*الجرجانى 15،20،23،34،46،52،80 باسم عثمان عبد اللّه

ص: 569

الجرجانى،82،162،164،185،292،273،300،534

جرداء بنت سمير 140

الجرشى-عبد اللّه بن سويد الحميري

جرير بن عبد اللّه البجليّ 15،16،18-20،22،27-28،30، 31،33-35،44-48،51،52،54-56،59-62

ابن أخت جرير بن عبد اللّه البجليّ 16

جريش السكونى 401

جعد 512

جعدة بن هبيرة المخزومى(5)،463-466

ابن جعفر-عبد اللّه بن جعفر ذى الجناحين

*أبو جعفر-محمّد بن على الشعبى

*جعفر الأحمر 217

جعفر(بن أبي طالب)44،90،(461)

*جعفر بن محمّد 218

الجعفى-عبد العزيز بن الحارث

جلهمة بن هلال الكلبى 557

جمل(بضم الجيم)370،371

ابن جمهان-الحارث بن جمهان

*أبو جناب الكلبى 499،511،512،(541)،544

جندب بن زهير 121،205،262،263،398،408

جندب بن عبد اللّه 319

أبو جهل 234

جهم 289

ص: 570

أبو جهل بن ظالم الرعينى 557

أبو الجهم بن حذيفة العدوى 539،541

جهم الراسبى 558

الجهم بن المعلى الحميري 557

أبو جهمة الأسدى 361،362

ابن جون السكونى 300،340،342

الجون بن مالك الحضرمى 270

جيفر بن أبي القاسم العبدى 296-297

ح

حابس بن سعد الطائى 44،(64)،65،66،68،207،251،522

حاتم بن المعتمر الباهلى 207

الحارث(من آباء الأشعث)409

ابن الحارث-الأشتر 171

أبو الحارث(كنية عبد العزيز بن الحارث)308

الحارث بن أدهم 174،179،457

الحارث الأعور 121

الحارث بن بشر 252

الحارث بن الجلاح(أو اللجلاج)315،556

الحارث بن جمهان الجعفى 154،254،255

الحارث بن أبي الحارث بن الربيع 105

*الحارث بن حصيرة(3)،92،100،102،121،227،262، 263،302،303،320،454

ص: 571

الحارث بن حنظلة الأزديّ 557

الحارث بن خالد الأزديّ 207

الحارث بن زياد القينى 507

*الحارث بن سعيد 218

الحارث بن أبي شمر 503

الحارث بن عمرو بن شرحبيل 304

الحارث بن عوف الخشنى،أبو واقد 382

*الحارث بن كعب الوالبى 131

الحارث بن مالك الهمدانيّ 507

الحارث بن مرة العبدى 205

الحارث بن المنذر التنوخى 355

الحارث بن منصور 270

الحارث بن نصر الجشمى 423

الحارث بن نوفل الهاشمى 206

الحارث بن همام النخعيّ ثمّ الصهبانى 172،173

الحارث بن وداعة الحميري 316،556

حارثة بن بدر 24،25

حازم بن أبي حازم الأحمسى 259

حباب بن أسمر 128

حبلة بنت منصور الكندي 178

*حبة العرنيّ(143)،147

أبو حبة بن غزية-عمرو بن غزية الأنصارى

*حبيب بن أبي ثابت 144،215،216،324،328

ص: 572

حبيب بن مسلمة الفهرى 196،200،206،213،214،234، 245،246،248،489،507،511،552

حبيب بن منصور الكندي 179

أم حبيبة ابنة أبى سفيان(أم المؤمنين)(518)،541

حبيش بن دلجة القينى 207

*الحجاج بن أرطاة 151،152

الحجاج بن خزيمة بن الصمة 77،78

الحجاج بن غزية الأنصارى 448

الحجاج(ابن يوسف)80،85،450

حجر الخير-حجر بن عدى

حجر الشر-حجر بن يزيد بن سلمة

حجر بن عدى الكندي،حجر الخير 103،104،117،195، 205،(243)،381،507

حجر بن قحطان الوادعى 438

حجر بن يزيد 507،511

حجر بن يزيد بن سلمة،حجر الشر(243)،244

حجل بن عامر(والد أثال)443،444

ابن أبي حذيفة-محمد

حذيفة بن اليمان،أبو عبد اللّه 343

الحر بن سهم بن طريف الربعى 133،142

الحر بن الصباح النخعيّ(254)

ابن حرب-معاوية بن أبي سفيان 43-45،48،53،84، 137،468

ص: 573

*أبو حرب بن أبي الأسود(217)

حرب(بن أميّة)471

حرب بن شرحبيل الشبامى 531

*أبو حرة 162

حريث 459

ابن حريث 342

حريث(مولى معاوية)272،273،459

حريث بن جابر الحنفيّ البكرى 137،138،205،299-301، 485-488

حسان بن بحدل الكلبى(207)

أبو حسان البكرى 11

حسان بن مخدوج بن ذهل 137-139

*الحسن(البصرى)216،221،323،326

*الحسن بن صالح 323

الحسن بن عليّ بن أبي طالب 6،7،15،113،249،297،348، 387،425،463،507،530،552

*الحسن بن كثير 142

*الحسين بن عليّ بن أبي طالب 114،141،249،425،463،507 530،552

*أبو حشيش 94

الحصين بن تميم الحميري 557

الحصين بن الحارث بن المطلب 506

الحصين بن سعيد الجرشى 556

ص: 574

الحصين بن نمير 47،128

*الحضرمى 204

الحضرمى الشاعر 455

الحضين بن المنذر الرقاشى 204،205،(287)،289،290،300، 304،305،309،331،485-488

ابن حطان(هو عمران)398

أبو حفص-عمر بن الخطّاب 46

حفص بن عمران الأزرق البرجمى(324)

الحكم بن أزهر بن فهد 243،244

الحكم بن حنظلة الكندي 557

*الحكم بن ظهير 11،216

حكيم(بن جبلة بن حصن العبدى)(54)،65

*أبو حمزة الثمالى(219)

حمزة(بن عبد المطلب)44،90،461

حمزة بن عتبة بن أبي وقاص 377،378

حمزة بن مالك الهمدانيّ 44،196،207،279،507

حمل بن عبد اللّه الخثعميّ(207)

حمل بن مالك 514

حمير بن قيس الناعطى 255

حنان بن هوذة-حيان بن هوذة

حنظلة بن الربيع التميمى 8،95،96(المعروف بحنظلة الكاتب)

حنظلة بن سعد التميمى 556

حنظلة بن أبي سفيان 102

ص: 575

ابن حنيف-سهل بن حنيف 509

ابن الحنفية-محمّد بن الحنفية

حوشب ذو ظليم،أبو مر(60)،61،182،206،289،335، 358،364،400،401،406،455،456،525

حويرثة بن سمى العبدى 383

حويطب بن عبد العزى 325

*أبو حيان التميمى 140

حيان بن هوذة النخعيّ 286-287،475

حيدرة(لقب لعلى)390

خ

خارجة بن الصلت 172

خالد بن خالد الأنصارى 398

*خالد الخزاعيّ 81

خالد بن زيد الأنصارى،أبو أيوب 93،(366)،368

*خالد بن عبد الواحد الجزريّ(أو الجريرى)317

*خالد بن قطن 152

خالد بن المعرض السكسكى 507

خالد بن المعمر السدوسى(117)،195،205،287،288،290- 294،306،334،384،486،487

خالد بن ناجد 263

خالد بن الوليد 430

ص: 576

خباب بن الأرت 325،506،530

ابن خديج-معاوية بن خديج

أبو خراش(كنية عمرو العكى)180

خزيمة بن ثابت الأسدى 243

خزيمة بن ثابت الأنصارى،ذو الشهادتين 93،(363)،365،398، 448

الخضرية(كتيبة معاوية)297،330،453

خفاف بن عبد اللّه 65،66،68

خليد 12

خندف بن بكر البكرى 297،302،304

*الخندف الحنفيّ 227

خول(مرخم خولة)35

أخو خولان-أبو مسلم الخولانى 88

*خيثمة 217

خير(مولى قريش)324-(325)

د

داود(عليه السلام)516

ابن داود-عروة بن داود الدمشقى 459

أبو داود-عروة بن داود الدمشقى 458،459

أبو الدرداء،190

دينار عقيصا 267.و انظر:(عقيصا)

(37-صفين)

ص: 577

ذ

ذات البعير المضطجع-عائشة أم المؤمنين 240

ذو الشهادتين-خزيمة بن ثابت

ذو ظليم-حوشب ذو ظليم

ذو الفقار(سيف الرسول الكريم،ثمّ صار إلى على)(315)،478

ذو الكلاع الحميري 60،161،182 باسم ذو كلع،206،213،226 227،239،290،291،296،297،301،303،327، 333-336،341،343،344،347،348،358،401، 406،455،456 باسم ذى كلع،525

ابن ذى الكلاع 196،302،303،304.و انظر:عبد اللّه بن ذى الكلاع

ذو نواس بن هذيم بن قيس العبدى 270

ذو الوشاح(سيف عبيد اللّه بن عمر)298

ذو يزن 432

ر

الراسبى(شاعر من أهل حرورا)552

راشد(غلام عمّار بن ياسر)342

رافع بن خديج الأنصارى 507

رافع بن زيد الأنصارى 557

ربعى بن كأس 12

ربيع بن خثيم 115

الربيع بن واصل الكلاعى 557

ربيعة بن شرحبيل 507

ص: 578

*أبو ربيعة الإيادى 323

أخو ربيعة العبدى 5

ربيعة بن مالك بن وهبيل 287

الرجراجة(كتيبة على)453

رعبل بن عمرو السكسكى 507

رفاعة بن رافع بن مالك الأنصارى،506

رفاعة بن شداد البجليّ 205،488

رفاعة بن طالب الجرهمي 557

رفاعة بن ظالم الحميري 244

أبو رقيقة السهمى 196

رقية(بنت الرسول)240

رماح بن عتيك(انظر:رياح)

روق بن الحارث الكلاعى 556

*أبو روق الهمدانيّ 11،85،101،111،247،271

رويم بن شاكر الأحمرى 556

رياح بن عتيك الغسانى 174،175

ز

زامل بن طلحة الأزديّ 557

زامل بن عبيد(عتيك)الحزامى 174،176

زامل بن عمرو الجذامى 239

الزبرقان بن عبد اللّه السكونى 81،89

أبو زبيب بن عروة 261

ص: 579

أبو زبيب بن عوف 100،101،263

أبو زبيد الطائى 389،390

زبيد بن مالك الطائى 557

ابن الزبير-عبد اللّه بن الزبير 623

*أبو الزبير 203،443

الزبير(بن العوام)5،15،18،20،21،24،29،30،34، 47،54،58،59،65،72،74،75،83،84،165، 359،406،414،415،426،549،557

الزبير بن مسلم 300

الزبيرى 186

زحر بن قيس الجعفى(15)،16،17،19،20،137،408، 467،503

*زر بن حبيش(216)

أبو زرعة بن عمر بن جرير 61

زفر بن الحارث 78،206،226

زفر(من بنى عدى)26

زكريا بن الحارث 94

زمل بن عمرو(511)

*الزهرى 222

*أبو زهير العبسى 95،55،259،542

ابن زياد-عبد اللّه

زياد بن جعفر الكندي 195

ص: 580

زياد بن خصفة التيمى 197،199،261،288،297

زياد بن رستم 71

زياد بن سمية 366

زياد بن مرحب الهمدانيّ 20،21

زياد بن النضر الحارثى 101،111،117،118،121-123،152 153،195،214،253،254،270،369،533

*زيد بن أرقم الأنصارى 218،448

*زيد بن بدر 297

*زيد بن جبلة 24

زيد(بن حارثة)90

*زيد بن حسن 156،204،237،504

*زيد بن حسين 167

زيد بن حصين الطائى 99،100،489،(499)

زيد بن أبي رجاء 321

زيد بن صوحان العبدى 557-558

زيد بن عدى بن حاتم 522-524

زيد بن عليّ،أبو الحسين 134

زيد بن هاشم المرى 558

*زيد بن وهب الجهنيّ 232،234،242،249،256،326،391،450

أبو زينب بن عوف-أبو زبيب

س

*سالم بن أبي الجعد(217)،219

ص: 581

السائل(فرس)369

سبيع بن يزيد الهمدانيّ 507،511

*السدّىّ-إسماعيل

ابن أبي سرح-عبد اللّه سعد بن أبي سرح 489

ابن أبي سرحة(عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح 186

سعد(فى شعر)280

*سعد الإسكاف-سعد بن طريف(303)

*سعد بن طريف 5،98،126،158،231،(303)

سعد بن عمر 285

سعد بن قيس الهمدانيّ 195

سعد بن مالك-سعد بن أبي وقاص 65،72،73،539

سعد بن مسعود الثقفى 11،117

سعد بن أبي وقاص،أبو عمرو 48،65،71،(72)،73،74، 414،538،539،551

سعيد بن أبي بردة 509

*أبو سعيد التيمى المعروف بعقيصا 144-145

سعيد بن ثور السدوسى 290

*سعيد بن حكيم العبسى 142

سعيد بن خازم السلولى 268

أبو سعيد الخدريّ 216

سعيد بن العاص(247)،408

سعيد بن عبد اللّه بن ناجد 263

سعيد بن قيس بن مرة الهمدانيّ 7،117،138،187،205،236،

ص: 582

244،245،250،274،303،331،402،426،427، 431،432،434،437،438،453،467،483،484، 506،511،520،547

سعيد بن وهب 105،141

*أبو السفر(329)

سفيان(فى شعر)289،356

أبو سفيان 217،220،249،318،471،544

سفيان بن زيد 252

سفيان بن سعيد الثوري(323)

سفيان بن عمرو السلمى،أبو الأعور 153،154،157،160،167، 181،196،206،213،214،226،328،329،334- 337،362،391،481،493،(507)،511

سفيان بن عوف بن المغفل 261،262

السكونى الشاعر 21،62-الزبرقان بن عبد اللّه السكونى 81

*سلام بن سويد 231

ابن سلامان الغسانى 557

سلمان بن الحارث الجعفى 556

سلمان الفارسيّ(323)

*أبو سلمة 353،354

ابن أبي سلمة(عامل البحرين)464

سلمة بن خذيم بن جرثومة 261

سلمة بن كهيل 323

السلمى-معاوية بن الضحّاك بن سفيان

ص: 583

السليل بن عمرو السكونى 162

أبو سليم(كنية عيّاش بن شريك)260

سليم بن صرد الخزاعيّ-سليمان بن صرد

*سليمان الحضرمى 185

*أبو سليمان الحضرمى 369

*سليمان بن أبي راشد 200

*سليمان بن الربيع النهدى الخزاز(2)،71،131،144،213،285، 353،423،497

*سليمان بن صرد الخزاعيّ(6)،205،313،400،519

*سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزديّ 219

*سليمان بن قرم(218)

سليمان بن المغيرة 10

*سليمان(بن مهران)الأعمش 217،218،220،323،363،366

أبو سماك الأسدى 339

سماك بن خرشة الجعفى(375)

سماك بن مخرمة الأسدى 12،146

السمط(والد شرحبيل)181

سمير بن الحارث العجليّ 384

سمير بن كعب بن أبي الحميري 128

سمية(أم عمّار بن ياسر)325،326

ابن سمية-عمار بن ياسر(199)،343

*أبو سنان الأسلمى 223،224

سنان بن مالك النخعيّ 155

ص: 584

سهل بن حنيف 93،208،248،506

سهم بن أبي العيزار 196

سهيل بن عمرو 508،509

سويد بن حاطب 394

*سويد بن حبة النضرى 287

سويد بن قيس بن يزيد الأرحبى 268

سيف بن عمر،أبو عبد اللّه 5،6،9،10

سيف اللّه(لقب خالد بن الوليد)295

ش

شبث بن ربعى التميمى 97،98،187،188،195،197،199، 205،294

أبو الشبلين(كنية على)459

أبو شجاع الحميري 302

أبو شداد-قيس بن مكشوح 258،259

شداد بن أبي ربيعة الخثعميّ 149

شرح(مرخم شرحبيل)45

ابن أخت شرحبيل 49

شرحبيل بن الأبرد الحضرمى 556

شرحبيل بن امرئ القيس الكندي 558

شرحبيل بن ذى الكلاع 335

شرحبيل بن السمط بن جبلة الكندي 44-52،81،182،196، 200،201،536

ص: 585

شرحبيل بن شريح 252

شرحبيل بن طارق البكرى 556

شرحبيل بن منصور الحكمى 556

شريح(لعله مرخم شرحبيل)289

أبو شريح بن الحارث الكلاعى 556

أبو شريح الجذامى 478

أبو شريح الخزاعيّ 382

شريح بن العطاء الحنظلى 557

شريح بن مالك 258

شريح بن هانئ الحارثى 121،122،123،139،152،153، 408،467،503،533،534-536،542،543،546، 554

شريك 219

ابن شريك-عبد اللّه بن شريك

شريك بن الأعور الحارثى 117

شريك الكنانيّ 207

*الشعبى-عامر الشعبى

*الشعبى-محمّد بن على

شعيب بن نعيم 287

*ابن أبي شقيق 373

شقيق بن ثور السدوسى البكرى 288،306،485-487

*شقيق بن سلمة 497،512

شمر بن أبرهة بن الصباح الحميري 222،369

ص: 586

شمر بن ذى الجوشن 267-268

شمر بن الريان بن الحارث 293

شمر بن شريح 252

شمر بن عبد اللّه الخثعميّ 257

الشنى-الأعور

الشهباء(بغلة رسول اللّه ثمّ على)403

شوذب(غلام أو مولى زياد بن النضر)122

الشيخ بن بشر الجذامى 376

الشيخان-طلحة و الزبير 64

ص

(صاحب الترس المذهب)-عبد الرحمن بن خالد بن الوليد 258

(صاحب الراية السوداء)221،328

*أبو صادق 204،330

*أبو صالح 324

*صالح بن أبي الأسود 221

صالح بن سليم 528

*صالح بن سنان بن مالك 155

صالح بن شعيب القينى 558

صالح بن شقيق 512

*صالح بن صدقة 55،59،62،64،77،80،81

صالح بن فيروز العكى 174

صالح بن المغيرة اللخمى 556

ص: 587

الصامت بن قنسلى الفوطى 558

صباح المزنى(320)

صباح القينى 290

صبرة بن شيمان الأزديّ(117)

صخر(اسم أبى سفيان)195

ابن صخر-معاوية 195

الصخر(صخر بن سمى؟)525

صخر بن سمى 261

أبو صريمة الطفيل 205

*صعصعة بن صوحان العبدى 160،162،174،179،206،239، 241،301،315،457،480،481

أبو صفرة بن يزيد 507

*الصقعب بن زهير 11،519

*أبو الصلت التيمى 261،286

الصلت بن خارجة 264

*الصلت بن زهير النهدى 261،268

*الصلت بن يزيد بن أبي الصلت التيمى 290

الصلتان العبدى 300،487،(537)،538

صهيب بن سنان 324،325

صيفى بن علية بن شامل(128)

ض

ضبيعة بن خزيمة بن ثابت 365

ص: 588

الضحّاك بن قيس الفهرى 12،206،213،226،360،552،557

ابن ضرار-الأصبغ 467

*أبو ضرار 473،476

ط

أبو طالب بن عبد المطلب 458،471

طالب بن كلثوم الهمدانيّ 556

*طاوس 219،550

طرفة بن العبد 192

أبو طريف(كنية عدى بن حاتم)359

طريف بن حابس الألهانى 206

الطفيل بن أدهم 478

الطفيل بن الحارث بن المطلب 506

الطفيل أبو صريمة 205

*أبو الطفيل الكنانيّ-عامر بن واثلة

طلبة بن قيس بن عاصم المنقريّ 553،554

طلحة(بن عبيد اللّه)5،15،18،20،21،24،29،30،34، 47،58،59،65،72،74،75،83،84،165،183، 186،359،406 باسم طليح،414،415،426،549،557

ابن طلحة الطلحات 417

*أبو طيبة(9)

*ابن الطيورى-المبارك بن عبد الجبار 208،280

ص: 589

ظالم 289

ظبيان بن عمارة التميمى 155،172

ع

عابس(مولى حويطب)(325)

أبو العادية الفزارى 341

عاصم بن الدلف 26

عاصم بن المنتشر الجذامى 507

*عاصم بن أبي النجود(216)

*عامر 174

ابن عامر-عبد اللّه

ابن عامر 375

عامر بن الأمين السلمى 364

عامر بن حنظلة الكندي 556

*عامر بن شراحيل الشعبى(7)،27،51،60،80،179،208،236، 237،239،241،243،245،295،298،301،315، 330،340،369،387،391،480،518،520،533

عامر بن عبد القيس 188

عامر بن عريف 263

عامر بن واثلة،أبو الطفيل 202(309)،310،312،313،359، 478،554،555

عائذ بن كريب الهلالى 556

ص: 590

عائذ بن مسروق الهمدانيّ 315،556

عائشة أم المؤمنين 5،20،65،72،204 بلفظ ذات البعير المضطجع،523

عبادة(جد قيس بن سعد)428

العباس بن عبد المطلب 502

العبد الأسود(نبز لعمار بن ياسر،نبزه به معاوية)339

عبد بن زيد 252

عبد خير الهمدانيّ(136)،342،353 بلفظ عبد الخير

*أبو عبد الرحمن 218،288

عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهرى 539،(540)

*عبد الرحمن بن جندب 232،319،528

عبد الرحمن بن حاطب(بن أبي بلتعة اللخمى)(394)

عبد الرحمن بن خالد القينى 556

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومى،صاحب الترس المذهب 13،195، 206،258،362،387،395،396،424،426،427، 430،431،507،511،552

عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمى 382

عبد الرحمن بن ذى الكلاع الحميري 507

عبد الرحمن بن زهير 261

عبد الرحمن(هو ابن سعيد بن قيس)520

*عبد الرحمن بن عبد اللّه 456

*عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود 3،6،92،102،121،131، 200،454-455

عبد الرحمن بن غنم الأزديّ(44)

ص: 591

عبد الرحمن بن قلع الأحمسى 259

عبد الرحمن بن قيس القينى 206

عبد الرحمن بن كلدة 394

عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصارى 448

عبد الرحمن بن محرز الكندي ثمّ الطمحى 276

عبد الرحمن بن مخنف الأزديّ 261

عبد الرحمن بن مرثد 532

*أبو عبد الرحمن المسعوديّ 169،215

*عبد الرحمن بن يزيد بن جابر 133،213

عبد الرحيم بن عبد الرحمن 235

*عبد السلام بن عبد اللّه بن جابر الأحمسى(258)،259

عبد العزيز بن الحارث الجعفى،أبو الحارث 308

*عبد العزيز بن الخطّاب 221

*عبد العزيز بن سياه 144،215،216،324،328

*عبد الغفار بن(أبى)القاسم 217

أبو عبد اللّه(كنية حذيفة بن اليمان)342

*أبو عبد اللّه-سيف بن عمر

أبو عبد اللّه-عمرو بن العاص

عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعيّ 102،111،205،208،208، 232،234،245،246،248،253،399،400،403،455

عبد اللّه بن جدعان(324)

عبد اللّه بن جريش العكى 557

ص: 592

عبد اللّه بن جعفر ذى الجناحين(بن أبي طالب)الهاشمى 373،507،530

عبد اللّه بن جمل 334،511

*عبد اللّه بن جندب 203

عبد اللّه بن الحارث السكونى 424،425

عبد اللّه بن الحارث المزنى 557

عبد اللّه بن الحجاج 152،263

عبد اللّه بن حجل العجليّ 205

عبد اللّه بن أبي الحصين الأزديّ 152،263

عبد اللّه بن حنش الخثعميّ 257

عبد اللّه بن خليفة الطائى 279

عبد اللّه بن ذى الكلاع الحميري 196،302-304،364

عبد اللّه بن أبي رافع 105

عبد اللّه بن الزبير 539،540،542

عبد اللّه بن أبي سرح-عبد اللّه بن سعد

عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح(161)،186،489

عبد اللّه بن سويد الحميري 343

عبد اللّه بن شريك 103،121

عبد اللّه بن صفوان الجمحى 539

عبد اللّه بن ضرار(من بنى حنظلة بن رواحة)260

عبد اللّه بن الطفيل العامرى البكائى(206)،277،309،311،312، 468،511

*عبد اللّه بن عاصم 196

عبد اللّه بن عاصم الفائشى 531

(38-صفين)

ص: 593

عبد اللّه بن عامر بن كريز القرشيّ 106،246،(248)،417،507

عبد اللّه بن عبّاس 15،16،105-107،116،117،205،208، 221،222،232،291،317،324،334،410-416، 463،475،499،500،502،503،506،511،533، 533،546،550،552،553

*عبد اللّه بن عبد الرحمن 185،369

عبد اللّه بن عبد الرحمن الأنصارى 459

عبد اللّه بن عتبة 188

عبد اللّه بن عقبة(رجل من السكاسك)470

*عبد اللّه بن عمّار بن عبد يغوث 151

عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب 63،65،71-73،217-221،539، 540،542،544،551

عبد اللّه بن عمرو العنسى 344

عبد اللّه بن عمرو(من بنى تميم)304

عبد اللّه بن عمرو بن العاص 34،35،206،227،324،334، 342،388،483،507،540

عبد اللّه بن عمرو بن كبشة 261

*عبد اللّه بن عوف بن الأحمر 116،160،161،172

عبد اللّه بن قلع الأحمسى 259

عبد اللّه بن قيس-أبو موسى الأشعريّ

عبد اللّه بن كبار النهدى 268

*عبد اللّه بن كردم بن مرثد 14

عبد اللّه بن كعب(المرادى)261،(456)

ص: 594

عبد اللّه بن مسعود 115،216

عبد اللّه بن المعتم العبسى(8)،95-97

عبد اللّه بن أبي معقل بن نهيك بن يساف الأنصارى 357

عبد اللّه بن المنذر التنوخى 154

عبد اللّه بن المنهال الساعدى 557

عبد اللّه بن ناجد 263

عبد اللّه بن الناصح(علم الغازىّ)190

عبد اللّه بن النزال 261

عبد اللّه بن هاشم بن عتبة 348،356

عبد اللّه بن هشام 540

عبد اللّه بن وديعة الأنصارى 529

*عبد اللّه بن أبي يحيى 394

عبد اللّه بن يزيد بن عاصم الأنصارى 364

عبد المطلب(بن هاشم)77،272،414،471

*عبد الملك بن عبد اللّه 373

*عبد الواحد بن حسان العجليّ 231

*عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطى(1)،71،131، 209،213،281،285،350،353،419،494،497

عبيد اللّه بن جويرية 264

عبيد اللّه بن أبي رافع(كاتب على)471

عبيد اللّه بن زياد 141

عبيد اللّه بن عمر بن الخطّاب 82،83،186،196،206،221، 290،291،293،297-301،320،330،355،356،

ص: 595

358،361،380،406،414،424،426،427،429، 453،455،525

*أبو عبيدة 140

عبيدة(بن الحارث بن عبد المطلب)(90)

عبيدة بن رياح الرعينى 557

عبيدة السلمانى 115،(188)-عبيدة(بن عمرو)

عبيدة(بن عمرو،أو قيس)السلمانى(115)،(188)

ابن عتاب 358

عتاب بن لقيط البكرى 306

عتبة(جد معاوية من قبل أمه)102

عتبة بن جويرية 263-264

عتبة بن أبي سفيان 33،39،40،335،360،362،408،409، 417،424،459،460،463،465،507،511

عثمان(بن بديل)245

عثمان بن حنيف(15)

*عثمان بن عبيد اللّه الجرجانى 80

عثمان بن عفان(من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب)

عجل بن عبد اللّه بن ناجد 263

*عدى بن ثابت 217

عدى بن حاتم الطائى،أعور طيئ 64،65،98،100،117،118، 137،143،197،205،359،360،379،380،381، 402،403،405،408،426،427،430،431،455، 467،482،503،522،523،554

ص: 596

ابن عدى بن حاتم 403

عدى بن الحارث 11،397

العديل بن نائل العجليّ 392

أبو عرفاء(كنية جبلة بن عطية الذهلى)304،305

عرفجة بن أبرد الخشنى 384

عروة(فى شعر)356

عروة بن أدية 513

عروة البارقى 141

عروة بن داود الدمشقى 458،459

عريف 263

*عطاء بن السائب 243،324

عطية بن غنى 71

عفيف بن إياس الأحمسى 259

العقاب(راية معاوية)376،396

ابن عقبة-على بن محمّد بن محمّد بن محمّد بن عقبة

عقبة بن جارية 511

عقبة بن حجية 507

عقبة بن سلمة 293

عقبة بن عامر الجهنيّ 507

عقبة بن عمرو الأنصارى 121،132،448

عقبة بن مسعود(عامل على)313

عقبة بن أبي معيط 391،489

ابن العقدية-مالك بن الجلاح(269)،270

ص: 597

عقيصا-أبو سعيد التيمى(145)،267

العكبر بن جدير بن المنذر الأسدى 450-452

*العلاء بن يزيد القرشيّ 218

علاقة التيمى 95

علباء(قاتل والد امرئ القيس)(417)

علباء بن المخارق الطائى 558

علباء بن الهيثم البكرى 558

علقمة بن حصين الحارثى 556

علقمة بن حكيم 507

*أبو علقمة الخثعميّ 257

علقمة بن زهير الأنصارى 371

علقمة بن عمرو 194،195

علقمة بن قيس النخعيّ 188،287،509

علقمة بن مرثد 511

علقمة بن يزيد الجرمى 507

علقمة بن يزيد الكلبى 507

*على بن الأقمر(220)

*على بن حزور(322)

على بن الحسين 10

على بن عمير 261

*على بن محمّد الدامغانى،أبو الحسن 209،280،350،419،494

*على بن محمّد بن محمّد بن عقبة بن الوليد بن همام الشيباني(2)،71،77، 131،213،285،337،339،353،423،497،505،534،556

ص: 598

العليمى-مرة بن جنادة

أبو عمّار 323

أم عمار-سمية 324

عمار بن الأحوص الكلبى 507

*عمار الدهنى(218)

عمار بن ربيعة 473،476،512

عمار بن السعر 128

عمار بن ياسر،أبو اليقظان 15،54،64،101،198،(199)، 205،208،214-216،224،232،263،293،319- 326،328،333-345،364،384،403،405،455

أبو عمّار بن ياسر 365

عمارة 369

*عمارة بن ربيعة الجرمى 511

*عمر-عمر بن سعد

عمر(كاتب على)507

ابن عمر-عبيد اللّه بن عمر

عمر بن الخطّاب أبو حفص 29،32،46،63،75،81،82، 201،240،299،333،415،502،521،522،541-543

*عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدى(من الأعلام الشائعة في الكتاب) و ترجمته في ص(3)

عمر بن سعد بن أبي وقاص 538،539

*عمر بن عبد اللّه بن يعلى بن مرة الثقفى 135

*ابن عمر بن مسلمة الأرحبى 85

ص: 599

*عمران 231

عمران بن حطان-ابن حطان

أبو العمرطة-قيس بن عمرو بن عمير بن زيد

أبو عمرو(كنية جرير بن عبد اللّه البجليّ)17

أبو عمرو(كنية سعد بن أبي وقاص)75

أبو عمرو(كنية عثمان بن عفان)79

عمرو بن الإطنابة 395،404

عمرو بن أوس 518

*عمرو بن ثابت 216

عمرو بن حجدر 290

عمرو بن حصين السكسكى 273،274

عمرو بن الحمق الخزاعيّ 65،103،205،381،399،482،507

عمرو بن حمية الكلبى 255

عمرو بن حنظلة 206

*عمرو بن خالد 134

عمرو بن سفيان السلمى 44،503

*عمرو بن شرحبيل 323

*عمرو بن شمر(من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب)

عمرو بن العاص(من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب)

ابن عم عمرو بن العاص 41

عمرو بن عامر 138

عمرو بن عثمان بن عفان 20

عمرو بن عريف 263

ص: 600

عمرو العكى 180

عمرو بن عمير الأنصارى(448)

عمرو بن غزية الأنصارى،أبو حبة(379)

عمرو بن محصن-بشير بن عمرو بن محصن...

عمرو بن مرجوم العبدى(117)

عمرو بن يثربى الضبى 557

عمرو بن يزيد الذهلى 285

*أبو عمرة(185)

*أبو عمرة بن عمرو بن محصن-بشير بن عمرو بن محصن

عمير بن بشر 252

عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمى 205،309-311

عميرة(كاتب على)511

عنتر بن عبيد بن خالد 286

العنسى-عبد اللّه بن عمر العنسى

عوف(من أصحاب معاوية)194،195

عوف بن بشر 336،337

عوف بن جويرية 264

عوف بن الحارث بن المطلب القرشيّ 506

عوف بن مجزأة الكوفيّ المرادى 450-452

*عون بن أبي جحيفة(519)

*عون بن عبد اللّه بن عتبة 5

عياش بن ربيعة العبسى 96

عياش بن شريك بن حارثة(أبو سليم)260

ص: 601

عياض الثمالى(45)

عيسى بن مريم(عليه السلام)147

غ

غريب بن شرحبيل الهمدانيّ 8

ابن أبي غزية 73

ف

فارس زوف-عوف بن مجزأة 450

فارس الموسوم-مالك بن الجلاح 269

الفاروق(لقب عمر)120

فاطمة بنت أسد بن هاشم 82

فاطمة(بنت الرسول)103،163

فرعون،ذو الأوتاد 217،219،334،339

فروة بنت نوفل الأشجعى(286)

الفزارى-أربد 94

*الفضل بن أدهم 238

الفضل بن العباس 413،416

*فضيل بن خديج(208)،250،255،276،285،490،521

*فطر بن خليفة(216)

فلان بن مرة بن شرحبيل 304

*الفيض بن محمّد 5

ص: 602

ق

القاسم بن حنظلة الجهنيّ 206

القاسم بن منصور الضبى 557

القاسم مولى يزيد بن معاوية 213

قائد بن بكير العبسى 96،260

القباح بن جلهمة الحميري 507

قبيصة بن جابر الأسدى 309،311

قبيصة بن شداد الهلالى 206

قدامة بن عجلان الأزديّ 530

قدامة بن مسروق العبدى 556

قدامة بن مظعون الأزديّ 11

قرظة بن كعب 11

القعقاع بن الأبرد الطهوى 363

القعقاع بن أبرهة الكلاعى(207)

أبو القلوص-وهب بن كريب 252

قنبر(غلام على)43،374

قيس(فى شعر)193

ابن قيس-زحر بن قيس

قيس(والد الأشعث)22،409،456

قيس(عامل عليّ على مصر)-قيس بن سعد بن عبادة 128

ابن قيس 557

ابن قيس-زحر بن قيس 20

ص: 603

ابن قيس-عبد اللّه بن قيس أبو موسى الأشعريّ

قيس بن أبي حازم 259

*قيس بن الربيع 218،231،(323)

قيس بن سعد بن عبادة 15،93،127،195،208،232،426- 428،431،446-449،453،552

قيس بن عمير بن عمرو بن يزيد 268،285-286

قيس بن فهدان الكنانيّ 276،277،285

قيس بن مكشوح،أبو شداد 258،259

قيس بن نهد الحنظلى اليربوعى 277

قيس بن يزيد الكندي 285

قيصر 37،44

ك

كأس أم ربعى 12

كبش العراق-الأشتر 484

كبش كندة-(الأشعث)22

كرب(رجل من عكل)330

كرب بن زيد 252

*كردوس 313

كردوس بن هانئ البكرى 484،486،487،547،548

كرز بن عطية الضبى 557

كرز بن نبهان 290

الكريب(فى شعر)289

ص: 604

كريب بن شريح 253

كريب بن الصباح الحميري 315،556

كسرى 12،144

كسرى بن هرمز 14

كعب بن جعيل التغلبى(شاعر معاوية)56،225،253،298، 299،360،362،549

أبو كعب الخثعميّ 257

كعب بن أبي كعب الخثعميّ 257،258

كعب بن مرة السلمى 81

كلاع(فى شعر)289

ابن كلاع(فى شعر)379

ابن الكلاعى(مجهول)260

*الكلبى 146،324

أم كلثوم(بنت الرسول)240

كلثوم بن رواحة النمرى 556

كليب بن تميم الهلالى 558

*ابن أبي الكنود-عبد الرحمن بن عبيد 454-455

ابن الكواء 295،502

كيسان(مولى على)249

ل

لاحق(فرس الأجلح)177

اللجلاج 525

ص: 605

لحيان 26

اللخمى(فى شعر)379

لقمان الحكيم 549

ابن لقيط-عتاب 306

*ليث بن سليم 116،217،219

م

مالك(بن الحارث)و هو الأشتر النخعيّ 62،154،173،175،250، 258،289،364،440،467،525،506،544

مالك بن أدهم السلمانى 174،175

*مالك بن أعين 225،232،234،242،249،256،326، 450

مالك بن تيهان،أبو الهيثم 365

مالك بن الجلاح،ابن العقدية(269)،270

*مالك الجهنيّ 391

مالك بن جويرية 264

مالك بن حبيب اليربوعى 4،96،121،132،133،140

مالك بن حذيم الهمدانيّ 558

مالك بن حرى النهشلى 264-266

مالك بن ذات الكلبى 557

مالك بن ربيعة الأنصارى(506)

مالك بن زهير الرقاشى 557

مالك بن عمرو السبيعى 298

مالك بن قدامة الأرحبى 236

ص: 606

مالك بن كعب العامرى 556

مالك بن هبيرة الكندي 54،80،81،139

مالك بن وديعة القرشيّ 557

مالك بن يسار الحضرمى 270

*المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفى(1)،71،131،213،285، 353،419،423،494،497

*أبو المثنى 218

*المثنى بن صالح 288

*المجاشع بن عبد الرحمن 557

*مجالد 369،(533)

*مجاهد 217،323

*أبو المجاهد 98،196،(199)

ابن مجزأة-عوف بن مجزأة 451

مجزأة بن ثور 305

*محارب بن زياد 217

محرز بن جريش بن ضليع 519

محرز بن الصحصح 298

محرز بن عبد الرحمن العجليّ 292

ابن محصن-بشير بن عمرو بن محصن

*المحل بن خليفة 98،196

أبو محمد(كنية الأشعث)

*محمّد بن إسحاق 255،369،373،394،509،542،550

أبو محمّد الأسيدى-نافع بن الأسود التميمى

ص: 607

محمّد بن أبي بكر الصديق 54،65،72،118،119،120،293، 525

*محمّد بن ثابت بن عبد اللّه بن محمّد الصيرفى(2)،17،131،213 285،353،423،497

محمّد بن أبي حذيفة 37،44

محمّد بن الحنفية-محمّد بن عليّ بن أبي طالب

محمّد بن روضة الجمحى 174،178

محمّد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشيّ 383

محمّد بن أبي سفيان 424،460،507

*محمّد بن أبي طلحة 223

*محمّد بن أبي عبد اللّه 131

*محمّد بن عبد اللّه القرشيّ 11،15،20،33،34،44،55،82، 162،164،185،272،300،534

*محمّد بن عتبة الكندي 393

محمّد بن على الشعبى،أبو جعفر 156،167،204،237،313، 478،479،500،(504)

محمّد بن عليّ بن أبي طالب،و هو محمّد بن الحنفية 216،221،249، 371،463،530

*محمّد بن عليّ بن محمّد الدامغانى(209)،280،350،419،494

*محمّد بن عليّ بن أبي يعلى الحسيني 209،281،350،419،494

محمّد بن أبي عمرو بن العاص 34،35،227،370،388،507

محمّد بن أبي الفتح بن البيضاوى،أبو عبد اللّه 209،281،350، 419،494

ص: 608

محمّد بن فضيل(219)

محمّد بن كعب القرظى 805

*محمّد بن محمّد بن قرمى 209،281،350،419،494

محمّد بن مخنف 7،(183)

*محمّد بن مروان 324

محمّد بن مروان(بن الحكم)149

محمّد بن مسلمة 65،71،76،77

*محمّد بن المطلب 156،205

محول بن عمرو بن داعية 128

محيا بن سلامة بن دجاجة 267

مخارق بن الحارث الحميري الزبيديّ 44،207،507،511

المخارق(هو المخارق بن شهاب التميمى،كما في الحيوان 6:369) 385،386

المخارق بن الصباح الحميري 316

المخارق بن ضرار المرادى 556

مخارق(مولى عبد اللّه بن النزال أو ابن أخيه)261

المخارق بن علقمة المازنى 557

ابن مخزوم-هبيرة بن أبي وهب 466

المخضخض(لقب أبى سماك الأسدى)339

مخضخض-محرز بن جريش 519

ابن المخلد-مسلمة بن مخلد 449

ابن مخنف(135)

أبو مخنف 94،(135)،148

(39-صفين)

ص: 609

مخنف بن سليم 8،11،104،105،117،(135)،141،262، 263

أبو مر(كنية حوشب ذى ظليم)182

المرتجز(فرس الرسول ثمّ على)403

المرتفع بن الوضاح الزبيديّ 315،556

مرثد 358

مرثد بن الحارث الجشمى 202،203

مرثد بن شريح 252

مرداس بن أدية 315

المرقال-هاشم بن عتبة بن أبي وقاص

مرة بن جنادة العليمى 307،374،375

مروان الأنصارى 77،264

مروان بن الحكم 34،42،243،313،417،439،441،463، 507

المزعف اليحصبى 441

أبو مسبح بن عمرو الجهنيّ 261

المستنير بن خالد 280

المستنير بن معقل الحارثى 558

ابن مسروق العكى 433،434

مسروق بن حرملة العكى(507)

مسروق بن الهيثم بن سلمة 261

مسعدة بن عمرو التجيبى 507

مسعر بن فدكى 489،499

ص: 610

أبو مسعود الأنصارى 448

مسعود بن فدكى التميمى 208

*مسلم الأعور 143،268

أبو مسلم الخولانى(85)،86

مسلم بن سعيد الباهلى 556

مسلم بن عقبة المرى(206)،213

*مسلم الملائى(147)

مسلمة بن مخلد الأنصارى 206،445،446،448،449

المسيب بن خداش 267

مصعب بن الزبير 490

*مصعب بن سلام 140،141

مصقلة بن هبيرة 486

المطاع بن المطلب القينى 316،556

مطر(من بنى عدى)26

مطرف(فى شعر)280

مطرف بن حصين العكى 557

معاذ بن جبل 45

معاوية بن الحارث 180

معاوية بن حرب-معاوية بن أبي سفيان 42

معاوية بن خديج الكندي 128،455،507

معاوية بن أبي سفيان(من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب)

معاوية بن صخر-معاوية بن أبي سفيان 57

معاوية بن صعصعة،ابن أخى الأحنف 26،27

ص: 611

معاوية بن الضحّاك بن سفيان السلمى 468

معاوية بن عمرو العقيلى 214

*معبد 94

معبد(فى شعر)356(و في الإصابة 630 منقذ)،364،379،385

ابن المعتم-عبد اللّه

معدان 512

المعرى بن الأقبل الهمدانيّ 163،164

معقل بن قيس اليربوعى ثمّ الرياحي 96،117،132،148،149، 195،381،513

معقل بن نهيك بن يساف الأنصارى 364

ابن المعمر-خالد 384

معن بن يزيد بن الأخنس السلمى 200،201

ابن أبي معيط-عقبة

المغيرة(هو ابن الأخنس بن شريق الثقفى،قتل مع عثمان يوم الدار، كما في الإصابة 8171)383

ابن المغيرة بن الأخنس بن شريق 55

المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب 385

المغيرة بن شعبة 52،539،540،541،551

ابن مقبل العامرى 526

المقطع العامرى-هشيم 278

ابن مقيدة الحمار الأسدى 277،278

المكشوح(المرادى)(54)،65

مكنف 375

ص: 612

*الملائى-مسلم

*ابن أبي مليكة(324)

*منذر الثوري(216)

المنذر بن أبي حميصة الوادعى(435)

منقذ بن قيس الناعطى 255

المهاجر بن حنظلة الجهنيّ 557

المهاجر بن عتبة الأسدى 558

مهران مولى يزيد بن هانئ السبيعى 184

الموسوم(فرس مالك بن الجلاح)269

موسى(عليه السلام)240،315،326،554

أبو موسى الأشعريّ،عبد اللّه بن قيس 499-505،(501)،502- 505،510،533،534-538،540،541،544-553

ميكائيل 447

ن

النابغة(أم عمرو بن العاص)(391)،491،508،543

النابغة الجعدى 553

ناتل(مولى عثمان بن عفان)199

ناتل بن قيس الجذامى(207)

*نافع(الراجح أنّه مولى ابن عمر)542

نافع بن الأسود التميمى،أبو محمّد الأسيدى(492)،533

*نافع بن الجمحى 324

نائل مولى عثمان بن عفان 199

ص: 613

النجاشيّ بن الحارث بن كعب الحارثى(شاعر على)(51)،58،137، 180،307،357،360،372،396،409،453،454، 465،486،524

نرسا 12،14

النضر بن الحارث الضبى 462،557

*النضر بن صالح 95،259،542

النضر بن عجلان الأنصارى 365

نعثل(نبز لعثمان بن عفان)(228)،229،383،399

النعمان بن بشير بن سعد الأنصارى 445،446،448،449

النعمان بن جبير اليشكرى 557

النعمان بن عجلان الأنصارى(380)،507

نعيم بن الحارث بن العلية 259

نعيم بن صهيب بن العلية البجليّ 259

نعيم بن هبيرة 205

نفر(رجل من ربيعة)331

*نمير بن و علة 7،27،51،60،148،391،471،518،520

نمير بن يزيد الحميري 507

النهدى الشاعر 19

نهشل بن حرّىّ التميمى(265)

نهيك بن عزيز 285

أبو نوح الحميري 333-336

نويرة بن خالد الحارثى 524

ص: 614

هارون(عليه السلام)315

ابنا هاشم 356

هاشم(بن عبد مناف)471

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهرى،الملقب بالمرقال 92،(112)، 154،193،205،208،214،258،326،328،335، 340،346-348،353-359،384،401،403،405، 426-428،431،455

ابن هاشم بن عتبة 348،349،357

هاشم المرقال-هاشم بن عتبة بن أبي وقاص

هانئ 467

ابنة هانئ 300

هانئ بن الخطّاب 298

أم هانئ بنت أبى طالب 463،465

هانئ بن عروة 137

هانئ بن نمر(أو فهد)393

*هانئ بن هانئ 323

هبيرة بن شريح 252

هبيرة بن أبي وهب 463،465،466 بلفظ ابن مخزوم

الهجيمى 436

الهذيل بن الأشهل التميمى 557

*هرثمة بن سليم 140

ص: 615

هرم بن شتير بن عمرو بن جندب 260

الهرمزان 83،186

هشيم العامرى-مقطع 278

*أبو هلال 219

همام 269

همام بن الأغفل الثقفى 383

همام بن قبيصة 207،397

الهمدانيّ-المعرى بن الأقبل 164

هند(فى شعر النجاشيّ)307

هند أم معاوية بن أبي سفيان 48،49،53،57،59،74،75، 88،164،313،410،415-417،438،444،447، 451،452،454،469،472،539،544،545،547، 549

هند(امرأة من بنى زبيد،أم زياد بن النضر)215

هند(أخت بنى زياد)41

هند الجملى 557

هود النبيّ 126،127

الهيثم بن الأسود النخعيّ 551

أبو الهيثم بن تيهان-مالك بن تيهان 365

هيلة بن سحمة 128

و

واصل بن ربيعة الشيباني 556

ص: 616

أبو واقد-الحارث بن عوف الخشنى

*أبو الوداك(148)،149،520

وردان(غلام عمرو بن العاص)35،36،374،388

ورقاء بن سمى 511

ورقاء بن مالك بن كعب الهمدانيّ 507

ورقاء بن المعمر 478

الوضاح بن أدهم السكسكى 556

ابن و علة-الحضين 486

الوليد(جد عبد الرحمن بن خالد بن الوليد)430

الوليد(خال معاوية)102

*الوليد بن عبد اللّه 9

الوليد بن عقبة بن أبي معيط 52،161،221،222،(247)، 335،387،391،415،417،418،462،463،507، 522

وهب بن كريب،أبو القلوص 252

وهب بن مسعود الخثعميّ 257

ى

ابن ياسر-عمار 384

ابن يثربى 26

اليثربى بن محصن-بشير بن عمرو بن محصن 357

*أبو يحيى 222،223

*يحيى بن سعيد 7،11

ص: 617

*يحيى بن سلمة بن كهيل 169،217

يحيى بن مطرف،أبو الأشعث العجليّ 288

يريم بن شريح 252

يزيد(فى شعر)356

يزيد(من آباء الأشعث)409

يزيد بن أسد القسرى البجليّ 44،78،170،241،(368)،548

يزيد بن أنس 455

*يزيد الأودى،أبو عبد اللّه 518

يزيد بن الحارث 207

يزيد بن حجية 511

يزيد بن الحرّ الثقفى 507،511

*يزيد بن خالد بن قطن 121

يزيد بن رويم الشيباني 205

يزيد بن أبي زياد 219

يزيد بن عدى بن حاتم 143

يزيد بن علقمة 297

يزيد بن عمر الجذامى 507

يزيد بن قيس الأرحبى 11،101،121،146،197،198،247،

يزيد بن معاوية 213،340

يزيد بن معاوية البكائى 277

يزيد بن المفضل 261

يزيد بن هانئ السبيعى 184،490،491

يزيد بن واصل المهرى 556

ص: 618

*يزيد بن وهب 225

أبو اليسر بن عمرو الأنصارى(506)

ابن يعفر التميمى-الأسود بن يعفر

يعقوب(عليه السلام)126

يعقوب بن الأوسط 342

يعمر بن أسيد الحضرمى 393

أبو اليقظان(كنية عمّار بن ياسر)215،321،324،338،344، 364

يهودا بن يعقوب بن إسحاق(126)،127

*يوسف بن يزيد 11،116،160،161،533

يونس بن الأرقم بن عوف 215

*يونس بن أبي إسحاق السبيعى 184،267

ص: 619

2-فهرس القبائل و الطوائف

أ

الأتراك 302،478

الأحزاب 101،164،321،365، 447،468،513

أحمس(من بجيلة)(61)،258

الأراقم 486،458

أرحب 427،437

أهل الأردن 171،206،226

الأزد 117،296،205،227، 229،261،329،380، 382،464،446

أزد الشام 262،263

أزد شنوءة 168،270

أزد العراق 262

أزد عمان 168

أسد 13،117،146،205، 243،309،311،312،361

بنو إسرائيل 217

الأشاعرة-الأشعريون 553

الأشعريون 117،121،275، 301،302،363،405، 433،436،477،524، 553

أصحاب البرانس 99

الأعاجم 349

أهل الإفك 523

بنو أميّة 34،58،133،249، 414،415

الأنصار 15،16،29،45،47، 58،63،65،72،73، 76،91-94،98،99، 117،119،147،189، 233،326،358،366، 367،368،373،426، 445-449،453

الأنماريون 528

ص: 620

أود 518

الأوس 455

إياد حمص 207

ب

بارق 49

باهلة 116،268

بجيلة 51،60،217،179، 205،227،229،258، 329

أهل البحرين 28

بنو بدا 285

أهل بدر 314،459

البدريون 189،236

أهل البصرة 34،94،116، 208،233،290

بكر البصرة 205

بكر العراق 307

بكر الكوفة 205

بكر النخع 287

بكر بن وائل 117،215،290، 292،297،298،300، 301،326،347،355، 379،384،487،488، 522،523،524

بكيل 434،435

ت

الترك 93.و انظر:الأتراك

تغلب 146،362،486،487، (486)باسم تغلب الغلباء

تميم البصرة 205

تميم الكوفة 26،205

تميم بن مر 12،24-26،95، 117،264،265،277، 304،309،310،312، 361،406،513،526، 547

تتوخ 355

التيم 228،414،415

تيم الرباب 267

تيم اللّه بن ثعلبة(290)،222

ث

ثعلبة(487)

ثقيف 55،525

ثمود 437

ص: 621

ثور همدان 531

الثوريون 531

ج

جذام 275،295،301،363، 376،453،477

جذام فلسطين 207

أهل جرش 343

الجعراء(بنو العنبر بن تميم)361

جعف 347

جعفى بن سعد 19

أهل الجند 312

جهينة 343

جيش العسرة(240)

ح

بنو الحارث 454

الحارث بن عدى 285

حاشد 434،435

أهل الحجاز 28،58،163

أهل الحرمين 28

أهل حروراء 552

الحرورية 149

حضرموت 117،298،312،393

بنو الحضرمى 345

أهل حمص 50،118،206، 226،360،437،438

حمير 43،75،81،127،227، 244،289،290،293، 297،302،315،333، 358،407،439،440، 441،524

الحميريون 384،441

حنظلة 26

حنظلة البصرة 205

حنظلة بن رواحة 260

حنظلة الكوفة 205

خ

خثعم 117،149،228،257

خثعم الشام 258

خثعم الكوفة 257

خثعم اليمن 207

أهل خراسان 12

خزاعة 117،205،247

الخزرج 445،447

الخزرجيون 428

ص: 622

خزيمة 373

بنو خشنوشك 143

الخوارج 517

خولان 88

د

أهل دمشق 128،206،213، 226

دوس 182

الديلم 116

ذ

ذهل 285،486

ذهل البصرة 205

ذهل الكوفة 205

آل ذى حمام 302

آل ذى الكلاع 260

ذو كلع 367،368

آل ذى لقوة 171

آل ذى يزيد 171،315،556

ذو يمن(28)،426

ذوو يمن 139،502

ر

راسب 513

رافضة البصرة 34

الرباب 118،361،382،526

رباب البصرة 205

رباب الكوفة 205

الربعيون 299،312،407، 486.و انظر ربيعة

ربيعة 27،105،137-139، 199،205،227،249، 250،287،294-299، 305،306،308-310، 330-332،347،396، 402،484،486-488، 548

ربيعة تميم 133،(142)

ربيعة بن مالك-ربيعة تميم

رقاش 293

أهل الرقة 13،151

الروم 37،94،153،302، 478،481

ز

زارة(بطن من الأزد)(196)

بنو زبيد 525

ص: 623

بنو زهرة 347،427

زوف(450)،451

بنو زياد 41

بنو زيد 158

س

سعد 25،27،192،361، 501،536

سعد البصرة 205

سعد بن حرام(528)

سعد بن خرشة 26

سعد الكوفة 205

سعيد بن حزيم-سعد بن حرام

السكاسك(72)،74،81، 227،349،470

السكون 81،162،227،378، 464،466

سلامان بن طى 528

بنو سليم بن منصور 192،228 (385)،468،528،538

أهل السواد 14

السّيد 158،386

ش

شاكر(274)،427

أهل الشام(من الطوائف الشائعة

الذكر في الكتاب)

شبام(274)،427

الشباميون 531

أهل شعب(384)

بنو الشعيراء(340)

شن بن عبد القيس 8

أهل الشورى 358

الشيعة 86،359

ص

الصدف(406)،464،466

ض

ضبة 117؛359

ط

الطلقاء 29

طيئ 16،65،100،117، 118،202،205،279، 427،522،523

ع

عاد 42،438

أهل العالية 117،360،438

بنو عامر 214،277،459، 524،547

ص: 624

أهل عانات 153

عائش بن مالك بن تيم اللّه 298

عبد القيس 117،297،366

عبد القيس البصرة 206

عبد القيس الكوفة 205

بنو عبد المطلب 222،463

عبد مناف 470،471،544

عبس 547

العثمانية 12،146

العجم 18

عدى 414،415

عذرة 347،357

أهل العراق(من الطوائف الشائعة الذكر في الكتاب)

أهل العروض 28

عرينة 143

أصحاب العقبة 121

عقيل 270

عك 174،227،275-277، 289،301،302،329، 384،405،433-436، 439،477،524

عكابة 487

عكل 330

عليم(من كلب)(307)

أهل عمان 28،547

عمرو البصرة 205

عمرو بن تميم 26،97،98

عمرو الكوفة 205

عمرو بن وائل 307

عنزة 291،332،512

عوف 530

عيلان 524

غ

غالب بن فهر(429)

غسان 295،354،376،392

غسان الأردن 207

غطفان 95،228

غطفان العراق 260

ف

فارس 14،302،478،479

بنو فالج 385

الفائشيون 531

فزارة 94

ص: 625

أهل فلسطين 106،207

فهر 45

ق

أهل قباء 459

القبط 181

قحطان 44،46،139،175، 333

القحطانيون 441

القراء 190،196،246،263، 354،475،489،503

قراء البصرة 208

قراء الشام 85،188،222،291، 499

قراء الكتاب 224

قراء الكوفة 208

القرشيون 432

أهل قرقيسيا 13

قريش 29،34،37،44،51، 55،58،73-75،90، 91،117،150،180، 205،257،297،299، 327،342،348،414، 415،417،418،428، 431،445،446،451، 459،462،463،471، 504،524،536،538، 539،541،543،544، 549

قريش البصرة 206

قريش الحجاز 58

قريش الشام 536

قريش العراق 463،536

قسر(من بجبلة)(60)

قضاعة 117،205،430

قضاعة الأردن 207

قضاعة دمشق 207

أهل قنسرين 128،206،226

القواصى 206،207

قيس 117،151،206،227، 286،306

قيس البصرة 206

قيس بن ثعلبة 288

قيس حمص 207

قيس دمشق 207

قيس الكوفة 114،117،206،425

ص: 626

ك

كعب 180

كعب بن عامر 307

الكلاع 439،456

كلب 227،295،375،384

كنانة 117،205،227،310، 312

كنانة فلسطين 207

كندة 22،23،117،137- 139،165،170،180، 191،205،227،243، 424،438،439،480، 484

بنو كوز 158

أهل الكوفة 93،190،202، 208،214،233،257، 310،334،511،533

ل

لخم 228،289،259،301، 302،363،384،434، 439،477،524

لخم فلسطين 207

لهازم البصرة 205

لهازم الكوفة 205

لؤى بن غالب 46،83،345، 465،549

م

مأجوج 139

محارب 287

المحكمة 558

المحلقون 394

مخزوم 463،465

أهل المدائن 143

أهل المدينة 63،71،233،327

مذحج 14،118،121،164، 174،194،206،227، 228،251،289،290، 301،302،363،396، 399،404،430،477، 523،524

مذحج الأردن 207

مراد 512

آل المرار 22

مرهوب 158

ص: 627

أهل مصر 28،41،128

أهل المصريين 28

مضر 138،249،273،299، 309،310،347،380، 396،424،426،500

مضر البصرة 205

مضر الكوفة 205

المضرية 312

معتزلة أهل مصر(اعتزال سياسى) 128

معد 19،311،465،486

أهل مكّة 62

ملوك فارس 30

المهاجرون 15،16،29،45، 47،57،58،65،72، 73،76،77،90،92- 94،99،103،119،189، 326 بلفظ المهاجرة،415،449، 541

مهرة 117،(127)

ن

الناعطيون(432)

ناقلة أهل العراق 470

النخع 173،180،182،287، 441،490

نزار 375

نساك حمص 50

نصر 526

النضير 447،468

النمر من الأزد(262)،263

النمر بن قاسط 146،304،332

نهد بن زيد 261

أهل نيسابور 12

ه

بنو هاشم 24،294،414،454

الهاشميون 46

الهجيم 97

همدان 43،81،94،95،117، 163،179،205،227، 228،252،253،273، 290،297،298،311، 329،331،333،399، 404،406،426،427، 431،432-434،437،

ص: 628

438،453،520،524، 525

همدان الأردن 207

هوازن 228،309،311،312، 397

و

وائل 59،138،273،298، 300،361،362،384

ى

يأجوج 139

يحصب 439،440،442،456

اليحصبيون(367)،368

أهل اليمامة 28

اليمانيون 54،432

اليمن 19،28،44،45،137، 139،205،227،299، 310،347،371،399، 400،408،409،424- 426،457،463-500، 502،513

اليمنية-اليمن

اليهود 126،446

ص: 629

3-فهرس البلدان و المواضع

أ

آمد 12

أحد 90،311،321،365، 447،468

أذربيجان 20-23

أذرح(267)،511،549،551

الأردن 171،206،207،226

أرض العجم 18

أستان بهرسير 11

أستان الزوابى(11)

أستان العالى(11)

أصبهان 11،105

الأنبار 143

ب

بابل 134،136

البحرين 28،464

بدر 43،44،90،194،295، 314،321،417،447، 459،468

البصرة 3،6،7،11،12،16، 20،24،25،27،31، 34،58،65،80،94، 99،105،116،117،205، 206،208،223،290، 298،463

بليخ 147

البندنيجين(286)

بهرسير(11)،142

البهقباذات(11)

بيت فاطمة 163

بيت اللّه 224،343،376،550، 551،553

البيع 34

البيعة 134

ت

التل 492،451،452،459، 461

ص: 630

تل الجماجم 293،294

التليل المنفرد 378

تهامة 371،475

ث

ثبير 54،311،453،503

ج

جابلص(469)

جابلق 468،(469)

الجبل الأحمر 127

جبل الزيتون 525

جبل طيئ 65،279

جبل القطران 525

الجبلان(جبلا طيئ)279

جرس 343

الجرعاء 526

الجزيرة 12،13،146،152

الجسر 133

جسر منبج 151

الجند(312)،(367)،368

جوخا 11

جيلان 525

ح

الحجاز 28،58،163،165،288، 408،446،460

الحجر 438

الحديبية 508،509

الحديثة 149

حراء 164

حران 12،13

الحرم 87

الحرمان(28)

حروراء 552

حصير(جبل)(520)

حضرموت 117،298،312، 393

الحطيم 553

حمام أبى بردة 34

حمام عمر 134

حمص 44،50،128،206، 226،360،438

حنين 321،447،468

خ

خراسان 12،306

ص: 631

الخط 181

خفان(181)،296،396

خيبر 43،447،468

د

دار ثوير بن عامر 61

دار جرير 61

دار حنظلة 97

دار عثمان 55،87،156،360، 383،449،463

دارا 12

دجلة 132

الدسكرة 286

دمشق 127،128،152،206، 207،213،226،481، 492

دهماء(527)

الدهناء 301

دومة الجندل 535،537،537- 540،544

دير كعب 136

دير أبى موسى 134

ذ

ذو الرمث 300

ذو صباح 526

ر

الرحبة(بالكوفة)3

رساتيق الجزيرة 13

رعم(526)

الرقة 12،13،146-147 148،151

الرها 12،97

الروم 302

الرى 115

ز

زمزم 411،553

زيداد 13

س

ساباط 136،142

سجستان 12،542

سجن مصر 37

سكة الثوريين 531

ص: 632

سنجار 12

السواد 14،145

سور الروم 153

سوق البراذين 95

ش

شاش 181

الشام(من المواضع الشائقة الذكر في الكتاب)

الشحر 400

شمام(191)،393

ص

الصراة(135)

صفين(من البلدان الشائعة الذكر في الكتاب)

صندوداء(528)

ض

ضدوان 526

ط

الطائف 539

ع

العالية 117،360،438

عانات 12،13،152،153

عدن 371

العذيب 15،279

العراق(من المواضع الشائعة الذكر في الكتاب)

العراقان 83

عران(524)

عرض(500)

العروض 28

العقبة

عمان 28،168،400،547

العين 279

ف

فارس 302،366

الفرات 139،147،152،162- 168،170-172،179، 186،190،528

فلسطين 34،128،206،207، 339،503

الفلوجة 5

ص: 633

ق

قباء 459

قبر هود 126،127

قبر يهودا 126،127

قبة قبين(135)

قرقيسيا 12،13،60،153

القصر(بالكوفة)5،6

القليب(قليب بدر)(104)

قناصرين(157)،236،238

قنسرين 128،207،226

القنطرة 133

قنطرة البردان(558)

ك

كابل 12

كربلاء 140-142

كسكر 11

الكعبة 246،249،333،481

الكوفة 5-12،15،16،20، 24،27،37،40،50، 65،80،93،114، 115،117،121،127، 134،136،145،846، 52،169،178،185، 202،205،206،208، 214،233،257،269، 298،310،311،313، 334،371،425،450، 463،510،528،532- 534،537

ل

لد 217

م

المدائن 11،143،146،148

المدينة 10،15،17،52،63، 65،66،71،79،185، 233،325،327

المرج-مرج مرينا(14)

مرج مرينا 12،13(14)

المسجد الأعظم بدمشق 81،478

المسجد الأعظم بالكوفة 3،5،86

المسجد الحرام بمكّة 450

ص: 634

مسجد رسول اللّه 240،323، 324،326

مصر 28،37-44،52،64، 127،128،208،237، 320،413،414،439، 469

المصران 28

مظلم ساباط(136)

المغرب 469

المقام(مقام إبراهيم)272

مكّة 62،325،450،550

الملطاط(132)

منبج 151

منبر دمشق 127

منبر رسول اللّه 216،221

منزل الأشعث 165

منزل رسول اللّه(بدار أبى أيوب) 366

منى 545

مؤتة 90

الموصل 12،148،149

ن

النخيلة 101،111،116،117، 121،126،127،131، 528،559

نرس(نهر)(134)

نصيبين 12،148

النهر 556

النهروان 204،558،559

نيسابور 12

ه

هجر 88،322،335،341

همدان 11،(15)،20،105

هيت 12،153،528

و

وادى البطاح 265

الوحيدان(526)

ى

يثرب 459

اليمامة 28،191

اليمن 28،44،138،207، 371،408،409،424، 425،457،513

ص: 635

4-فهرس الأشعار

الهمزة

داء\وافر\معاوية\74

دواء\وافر\سعد بن أبي وقاص\75

دواء\وافر\الهمدانيّ\164

النعماء\خفيف\الشنى\8

الشنعاء\خفيف\-\458

ب

بالحقب\طويل\المزعف\441

الثعالب\طويل\-\168

يغضبوا\طويل\على\160

قواضب\طويل\خالد بن المعمر\294

الذوائب\طويل\محمّد بن عمرو\370

ذنب\بسيط\خالد بن المعمر\294

مكروب\بسيط(عبد اللّه بن عنمة)\158

الوطاب\وافر\(امرؤ القيس)\417

طلوب\وافر\الوليد بن عقبة\417

يواربه\طويل\كعب بن جعيل\549

صاحبه\طويل\الوليد بن عقبة\53

ص: 636

و صاحبه\طويل\-\549

ثوّبا\طويل\النجاشيّ357

كوكبا\طويل\جريش السكونى\401

و يحصب\طويل\الحضرمى\456

غالب\طويل\عبيد اللّه بن عمر\83

المناكب\طويل\(قيس بن الخطيم)\329

الكتائب\طويل\محمّد بن على\371

لغروب\طويل\شبث بن ربعى\294

حرب\وافر\أبرهة\457

تراب\وافر\رجل من كلب\375

الصواب\وافر\عبد الرحمن بن ذؤيب\382

الرقاب\خفيف\-\151

ت

اللهوات\خفيف\عبد اللّه بن عبد الرحمن\459

تعنت\طويل\-\166

استقلت\طويل\أبو محمّد التميمى\492،533

الفرات\خفيف\ضبيعة بنت خزيمة\365

ج

رجراجه\متقارب\النجاشيّ\455

مثلوج\بسيط\مالك بن هبيرة\139

ح

ناصح\طويل\ابن أخت جرير البجليّ\16

ص: 637

سرحه\متقارب\عمرو بن العاص\186

الربيح\وافر\عمرو بن الإطنابة\395،404

د

أسد\متقارب\عامر بن واثلة\312

أربد\طويل\علاقة التيمى\95

تجالد\طويل\معاوية\306

سعيد\طويل\عامر بن واثلة\313

تطرد\بسيط\عرفجة بن أبرد\384

الوعيد\وافر\عمرو بن العاص\418

شديدها\طويل\عامر بن واثلة\554

و سودها\طويل\أيمن بن خريم\555

سعدا\طويل\معاوية بن صعصعة\26

غدا\طويل\معاوية بن الضحّاك\468

و التهددا\طويل\حريث بن جابر\300

أسودا\خفيف\عمرو بن العاص\435

عمادا\خفيف\أمينة الأنصارية\465

الشدّة\متقارب\-\483

عديدها\طويل\عامر بن واثلة\554

و النقد\طويل\معاوية\367

بقائد\طويل\بشر بن العشوش\280

أحد\بسيط\أبو أيوب\368

سعد\وافر\النهدى\19

البلاد\وافر\ابن عم عمرو بن العاص\41

ص: 638

أنجاد\كامل\أيمن بن خريم\13

و\الأجداد\كامل\السكونى\21

ميعاد\كامل\الأسود بن يعفر\142

الشهود\وافر\عمرو بن العاص\472

ر

و عامر\طويل\النجاشيّ\307

و شرّ\رمل\طرفة\192

القمر\متقارب\الشنى\426

عمرو\طويل\-\63

أعسر\طويل\عمرو بن العاص\374

قاهر\طويل\معاوية\273

قرارها\طويل\المخارق\385

نبتدر\بسيط\النعمان بن عجلان\380

تأتمر\بسيط\النجاشيّ\372

لمأثور\وافر\العنسى\344

الخبير\وافر\رفاعة بن شداد\488

جرير\وافر\(ابن الأزور)\18

الغدر\كامل\الهيثم بن الأسود\551

قرار\كامل\حنظلة\الكاتب\98

القتير\خفيف\السكونى\22

الأخزر\متقارب\النجاشيّ\396

ص: 639

قرارها\طويل\المخارق\385

شزرا\طويل\قيس بن فهدان\276

فيقبرا\طويل\-\219

شمرا\طويل\(حاتم الطائى)\246،271

ظهرا\بسيط\المغيرة بن الحارث\385

و عارا\وافر\النجاشيّ\360

فنارا\متقارب\-\193

عمرو\طويل\حنظلة الكاتب\98

البحر\طويل\كردوس\548

الأمر\طويل\عياض الثمالى\45

الأمر\طويل\أوس بن حجر\387

القدر\طويل\أيمن بن خريم\503

عمرو\طويل\الصلتان\537

المذكر\طويل\خالد بن المعمر\487

بنهار\طويل\الأشتر\467

المناخر\طويل\النجاشيّ\138

السعائر\طويل\سماك بن خرشة\375

المعاشر\طويل\رفاعة بن شداد\488

المشاعر\طويل\الصلتان\487

جرير\طويل\النجاشيّ بن الحارث\51

إسرار\بسيط\الجرشى\344

تشعر\كامل\عبد اللّه بن خليفة\279

عشارها\طويل\مرة بن جنادة\375

ص: 640

وقز\رمل\عتبة بن أبي سفيان\39

المخازى\وافر\عمرو بن العاص\276

برازى\وافر\معاوية\407

برازى\كامل\معاوية\275

س

هاجس\طويل\بشر بن عصمة\269

أمارس\طويل\ابن العقدية\270

الفوارس\طويل\عمرو بن العاص\473

و كردوس\بسيط\مصقلة بن هبيرة\486

لابسا\طويل\عدى بن حاتم\523

البسابس\طويل\معاوية\33

عباس\طويل\بسيط\502

عباس\طويل\أيمن بن خريم\411

آس\طويل\الفضل بن العباس\413

كردوس\بسيط\النجاشيّ\486

نفسى\وافر\شريح\534

ش

قريش\وافر\أيمن بن خريم\504

ض

الأرض\طويل\عمرو بن العاص\550

(41-صفين)

ص: 641

ع

تصنع\طويل\عمرو بن العاص\39

راجع\طويل\معاوية\543

جرع\بسيط\(العباس بن مرداس)\114

الوريع\وافر\عمرو بن معديكرب\480

نفعا\طويل\أيمن بن خريم\431

ورعا\بسيط\نهشل بن حرى\266

تراعى\وافر\(قطرى)\271

أجمع\كامل\-\545

كلاع\كامل\أبو حبة\379

ف

الحجف\متقارب\-\164

واقف\طويل\كعب بن جعيل\298

عارف\طويل\كعب بن جعيل\360

تقائف\طويل\أبو جهمة\361

و الصلف\بسيط\الشنى\465

تخوفا\طويل\عمرو بن العاص\384

تجاف\خفيف\خفاف بن ندبة\66

ق

منطلقا\بسيط\معقل بن نهيك\364

عقوقا\خفيف\أثال بن حجل\444

العواتق\طويل\معاوية\35

ص: 642

الحقائق\طويل\النجاشيّ\535

العراق\وافر\الشنى\537

الشفيق\وافر\ابن الكواء\295

و الخرق\منسرح\الشيخ بن بشر\376

العراق\خفيف\النجاشيّ\409

ك

مالك\طويل\الزبرقان بن عبد اللّه\81

دعاكا\وافر\عمرو\432

مالك\طويل\معاوية\72

مالك\طويل\ابن أبي غزية\73

مالك\طويل\حجر بن قحطان\438

و مالك\طويل\السكونى\62

ل

بدل\طويل\جرير البجليّ\48

سأل\رمل\النابغة الجعدى\553

الحدل\متقارب\الأشتر\193

الجعل\متقارب\عتبة بن أبي سفيان\362

الفضل\طويل\حضين بن المنذر\309

مقبل\طويل\سعد بن أبي وقاص\539

آكل\طويل\-\460

طويل\طويل\معاوية\79

قليل\طويل\على\308

ص: 643

رجال\خفيف\الأشتر\469

تأويل\خفيف\السليل بن عمرو\162

قاتله\طويل\ابن أخت شرحبيل\49

و العزلا\طويل\ابن عبّاس\550

فضلا\طويل\الشنى\405

لأقبلا\طويل\حنظلة الكاتب\97

غافلا\كامل\النضر بن عجلان\365

جليلا\خفيف\عمار بن ياسر\320

الحفل\طويل\الأشتر\376

قبلى\طويل\عمرو بن العاص\345

رجل\طويل\معاوية\346

نزال\طويل\العكبر\452

ثاكل\طويل\على\532

ثاكل\طويل\على\492

نائل\طويل\الفضل بن العباس\416

رسائلى\طويل\معاوية\416

الرجل\بسيط\معاوية\158

مقصل\كامل\مرة بن جنادة\307

الأجهل\كامل\عمرو بن العاص\378

الباسل\كامل\عمارة\378

الأمثال\خفيف\حجل\443

الجندل\متقارب\الأعور الشنى\535

ص: 644

م

العجم\متقارب\جرير البجليّ\18

و الذمم\بسيط\النجاشيّ\372

عظيم\خفيف\النجاشيّ\465

تقدما\طويل\على\289

و الدما\طويل\كعب بن جعيل\299

مسلما\طويل\المخارق\386

واجما\طويل\على\532

انصراما\طويل\نهشل بن حرّىّ\265

أعلما\مجزوء الرجز\الأشتر\364

علقمة\سريع\علقمة بن عمرو\195

أتأثّم\طويل\زيد بن عدى\522

و يندم\طويل\الراسبى\552

لئام\طويل\على\275

بسلام\طويل\على\437

هاشم\طويل\عمرو بن العاص\349

هاشم\طويل\على\356

سالم\طويل\ابن هاشم\349

حاتم\طويل\طلبة بن قيس\554

بالأباهم\طويل\ابن حطان\398

الجماجم\طويل\عقبة بن سلمة\294

بالخزائم\طويل\امرأة شامية\357

ص: 645

و شكيم\طويل\همام\269

حميم\طويل\يزيد البكائى\277

شمام\خفيف\العديل العجليّ\392

شمام\وافر\على\191

الشآمى\وافر\الأشتر\61

قتامها\كامل\مرة بن جنادة\374

هاشم\متقارب\الأشعث\24

ن

يكن\متقارب\عبد اللّه بن الحارث\425

المعاين\طويل\معاوية\433

وردان\بسيط\عمرو بن العاص\36

الركبان\كامل\قيس بن سعد\449

بصفينا\بسيط\رجل عذرى\357

عرانينا\بسيط\عبد اللّه الأنصارى\364

صفينا\بسيط\عمرو بن الحمق\381

سنينا\كامل\عامر السلمى\264

نأينا\خفيف\قيس بن سعد\447

أبكينا\هزج\حبلة بنت منصور\178

المسلمونا\متقارب\الأشعث\23

كارهونا\متقارب\كعب بن جعيل\56

تحذرونا\متقارب\النجاشيّ\58

العيونا\متقارب\عمرو بن العاص\547

ص: 646

بنينا\متقارب\-\271

يجنى\طويل\أوس بن حجر\386

هنى\طويل\حمزة بن عتبة\377

يختلفان\طويل\الشنى\546

ظعان\طويل\ابن مقبل\526

دوانى\طويل\النجاشيّ\524

ثمان\وافر\حابس بن سعد\202

الجنان\وافر\-\548

عثمان\كامل\إبراهيم بن أوس\229

آن\خفيف\حمزة بن عتبة\378

ى

الأفاعيا\طويل\الوليد بن عقبة\52

الدواهيا\طويل\ابن المغيرة بن الأخنس\54

جاريا\طويل\-\301

عليّا\خفيف\الحارث بن النضر\423

معاويه\طويل\النجاشيّ\453

باديه\طويل\النضر بن الحارث\462

وصيه\كامل\الأشتر\379

بثنيه\خفيف\المنذر الوادعى\436

سيّة\متقارب\-\453

(نصفا بيتين)

بمعتب\كامل\كعب بن جعيل\362

تحالف\طويل\كعب بن جعيل\253

ص: 647

5-فهرس الأرجاز

الهمزة

باللواء\الحضين بن المنذر\305

بقاء\ظبيان بن عمارة\172

ب

المطلب\الحجاج بن خزيمة\77

المطلب\على\272

عجب\كعب بن جعيل\225

احتجب\المخارق بن الصباح\316

حوشب\-\400

أضربا\الأشتر\174

كلبا\عرفجة بن أبرد\384

عصبصبا\سليم بن صرد\400

الأحبة\عمار بن ياسر\341،342

بضرب\رياح بن عتيك\175

ذنبى\عدى بن حاتم\430

ربّى\عبد اللّه بن عمر\430

المرسب\زامل بن عتيك\176

أصحابى\معقل بن قيس\382

المشاغب\على\424

الحروب\عوف\194

العجيب\علقمة بن عمرو\194

نابه\على\159

ت

لا تقوتوا\على\403

و فاتا\الأشتر\179

ث

الحارث\عمرو بن العاص\171

الأشعث\معاوية بن الحارث\180

الثالث\خزيمة بن ثابت\398

ج

تأجج\الأشتر\404

المذحجى\الأشتر\177

ح

الصبح\الأشعث\166

ص: 648

د

أسد\قبيصة بن جابر\311

الأسد\أبو جهمة\362

خالد\عبد الرحمن بن خالد\462

و حاشد\-\434

الوعيد\عبد الرحمن بن خالد\430

الأزدا\أبو واقد\382

شهيدا\الأشتر\176

عباده\قيس بن سعد\428

الكندي\الحكم بن أزهر\244

جلادى\الأشتر\175

شداد\عبد اللّه بن قلع\259

خالد\جارية بن قدامة\395

خالد\عبد الرحمن بن خالد\362، 395

ر

أفرّ\على\395

عمرو\أبو الأعور\181

أزهر\رفاعة بن ظالم\244

مرّ\مالك بن حرّيّ\265

دبر\عنتر بن عبيد\286

عمر\عبيد اللّه بن عمر\299

عور\-\347

خزر\عمرو بن العاص\370

كبر\عبد الرحمن بن خالد\396

الشتر\الأشتر\396

الأشتر\-\441

تمطر\العكبر\451

لتخبروا\على\460

ثائره\-\461

منكرا\على\43

شررا\على\159

عمرا\هاشم المرقال\428

الفجرة\حويرثة بن سمى\383

حيدره\على\390

مقيّره\الأشتر\429

شاغره\الأشعث\461

بالسيره\حويرثة بن سمى\383

القدر\بسر بن أرطاة\429

بعمرو\الأشتر\400

الجاري\عبد اللّه بن عوف\172

العيزار\-\196

ز

برازى\إبراهيم بن الوضاح\176

ص: 649

س

قيس\الأشعث\182

ش

النجاشيّ\النجاشيّ\180

يا نجاشى\عمرو العكى\180

ص

خلاصا\هاشم المرقال\347

حمص\-\437

العاصى\على\137

العاصى\الأشتر\170

ط

السمط\شرحبيل بن السمط\181

الخلاط\الأشتر\181

ظ

الحفاظ\الأشتر\171

ع

النخع\الحارث بن همام

النخعيّ\173

لا ترع\حوشب ذو ظليم\441

لا ترع\إبراهيم بن الأشتر\182

كلع\الأشعث\182

كلع\الأشتر\182

الفزع\عمار بن ياسر\328

معا\عبد اللّه بن خليفة\279

معه\جندب بن زهير\398

المعمعة\عدى بن حاتم\380

ربيعة\حريث بن جابر\399

غ

يا أصبغ\الأصبغ\442

ف

لا تنكشف\عمرو بن العاص\406

خوف\المرادى\450

ق

الفساق\همام بن الأغفل\383

ك

مالك\ابن هاشم\348

عكّ\-\329

عكا\-\434

قتلكا\الأشتر\177

عكّ\شامى\227

عك\العكى\301

ص: 650

بمالك\عمرو بن العاص\440

ل

بجل\شامى\228

قحل\عراقى\229

و التوكل\عبد اللّه بن بديل\245

نابل\ابن أبي الأقلح\405

أقلاّ\هاشم المرقال\327

عدلا\على\330

محلاّ\هاشم المرقال\355

ملاّ\حمزة بن عتبة\377

غافلا\عمرو بن العاص\136

جاهلا\على\137

باهله\شمر بن ذى الجوشن\168

لا تهلل\الأجلح\177

كالتمثال\همام بن قبيصة\397

العالى\عدى بن حاتم\397

و الجبال\بشر بن العشوش\279

الميل\على\407

تنزيله\عمار بن ياسر\341

م

حكم\صالح بن شقيق\513

الكرام\ذو الكلاع\296

صارم\قيس بن مكشوح\258

حازم\على\273

تميم\عمير بن عطارد\310

الشاما\الحر بن سهم\133

هاشما\عمرو بن العاص\428

أمامه\خالد بن خالد\398

الأدهم\صالح بن فيروز\174

بالتكرم\أبو زبيد\389

الهام\معاوية\427

جذام\الأحمر\376

هاشم\ابن عدى\403

ن

الإحرين\-\168،169

الفتن\محمّد بن روضة\178

حسن\عمرو بن العاص\242

الحسن\عراقى\243

المؤتمن\عمرو بن العاص\371

يمان\عمرو بن العاص\399

الإيمان\عمرو بن العاص\228

و همدان\-\228،399

غسان\-\354

ص: 651

حوارن\عبد اللّه بن الطفيل\312

يريدنا\أبو شريح الخزاعيّ\382

خوّانا\الأشتر\175

عثمانا\الأشتر\178

ينجلينا\الأغلب\254

الجنة\عامر بن واثلة\359

كنانه\عامر بن واثلة\310

يمان\عمرو بن الحمق\400

ه

شبليه\عمرو بن العاص\388

ى

النبيّ\عمار بن ياسر\101

أجى\عمار بن ياسر\343

عليّا\أبو الأعور\362

عليّا\حجر بن عدى\381

سنانيا\مالك بن أدهم\175

العالية\-\438

معاويه\مجزأة بن ثور\305

معاويه\على\404

معاويه\الأشتر\399

معاويه\سعيد بن قيس\427

معاويه\قيس بن سعد\488

ص: 652

6-فهرس الأمثال

إن العصا من العصية 348

باستك من سهم لم تبغ الضراب 227

الذود إلى الذود إبل 113

رب حاد حدا بالركب ليس له بعير 19

رميتك لا تنمى 522

السعيد من وعظ بغيره 110

صابت بقر 192

عذرت القردان فما بال الحلم 11

غير الوهى ترقعين و أنت مبصرة 372

قد بلغ الحق مقطعه 433،489

قد حلبت بالساعد الأشد 197

لا تنسى شيباء أبا عذرتها 366

الليث يحمى شبليه 388

ما يقعقع لي بالشنان 197

من لا يذد عن حوضه يتهدم 113

هما كعكمى البعير 37

ص: 653

7-فهرس الخطب

الأشتر:حين المسير إلى صفّين 95 في تحريض أصحابه 173 في قناصرين 238 في المذحجيين 250 في تحريض أصحابه 255 و هو مقنع متستر 474 يوم الهرير 476

الأشعث بن قيس:21 ليلة الهرير 480

جرير البجليّ:16 خطبته عند معاوية 31

الحسن بن عليّ:113

الحسين بن على:114

خالد بن المعمر:292

ذو الكلاع:فى أهل الشام 269

زحر بن قيس:17

زياد بن مرحب:21

زيد بن حصين:99

سعيد بن قيس:فى قناصرين 236

شبث بن ربعى:187

شرحبيل:50

عبد اللّه بن بديل:خطبته في أصحابه 234

عبد اللّه بن العباس:قبل الوقعة العظمى 317

عبد اللّه بن هاشم:حين أخذ راية أبيه 256

عتبة بن جويرية:263

عدى بن حاتم:98 عند معاوية 197

على بن أبي طالب:فى أهل الكوفة 3 في الجمعة بالكوفة و المدينة 9 عند الشخوص من النخيلة 131 في الدعوة إلى الجهاد 112 قبل القتال 159 في رسل معاوية 201 عند لقاء العدو 203 في التحريض على القتال 204،225 فيما كان

ص: 654

من تحريض معاوية و عمرو 223 خطبته يوم الثلاثاء 225 عند عودة الجيش إلى موقفه 256 في صفين 313،391 و هو راكب الشهباء 558 يوم الهرير 476، 484 في التحكيم 489 بعد الصلح 520

عمار بن ياسر:فى صفّين 319

عمرو بن العاص:فى أجناد الشام 223 قبل الوقعة العظمى 317

قيس بن فهدان:285

كعب بن مرة:بعد مقتل عثمان 81

مالك بن حرى:165

أبى مسلم الخولانى:85

معاوية:31 بعد مقتل عثمان 81 في أهل الشام 127 في الرد على شبث بن ربعى 187 في حضرة أجناد الشام 223 يوم الخميس 295 قبل الوقعة العظمى 198

هاشم بن عتبة:112

يزيد بن أسد البجليّ:فى أهل الشام 241

يزيد بن قيس:فى تحريض الناس بصفين 247

ص: 655

8-فهرس الرسائل

الأحنف:إلى بنى سعد 26

أبو أيوب:إلى معاوية 368

بسر بن أرطاة:إلى أهل الشام 504

جرير البجليّ:إلى شرحبيل 48

زياد بن سمية:إلى معاوية 366

زياد بن النضر:إلى على في أمر شريح 122

سعد بن أبي وقاص:إلى معاوية 75

شريح:إلى على في أمر زياد 123

عبد الرحمن بن كلدة:إلى على 494

عبد اللّه بن عبّاس:إلى عمرو 412

إلى معاوية 415

عبد اللّه بن عمر:إلى معاوية و عمرو 63 إلى معاوية 72

عبد اللّه بن هاشم:إلى معاوية 349

عقبة:إلى سليمان بن صرد 313

على بن أبي طالب:كتبه إلى العمّال 15 إلى جرير البجليّ 15،52، 55 إلى الأشعث بن قيس 20 إلى معاوية 29،55،88،108، 149،159،385،386،471، 493 إلى مخنف بن سليم 104 إلى ابن عبّاس في اختلاف أهل البصرة 105،106 إلى الأسود بن قطنة 106 إلى عبد اللّه بن عامر 106 إلى أمراء الجنود و الخراج 107 إلى أمراء الأجناد 125 إلى الجنود 126 إلى عمرو بن العاص 110 إلى الأشتر 153 إلى زياد بن النضر و شريح بن هانئ 123،154

عمرو بن العاص:إلى أهل المدينة 63 إلى على 111 إلى ابن عبّاس 410 إلى معاوية 547

محمّد بن أبي بكر:إلى معاوية 118

محمّد بن مسلمة:إلى معاوية 76

ص: 656

معاوية بن أبي سفيان:كتابه إلى عمرو 34 إلى شرحبيل 44،50 إلى على 56،86،110،151، 158،386،470،493، 497 إلى أهل المدينة 63 إلى ابن عمر 71 إلى سعد بن أبي وقاص 74 إلى محمّد بن مسلمة 76 إلى محمّد بن أبي بكر 119 إلى أبى أيوب و زياد بن سمية 366 إلى ابن عبّاس 414

النجاشيّ:إلى شرحبيل 51

هاشم بن عتبة:إلى على 353

الوليد بن عقبة:إلى معاوية 52

ص: 657

9-فهرس الألفاظ المفسرة

أ

أتى:يؤتيه 138

أثر:مأثور الحديث 251

أجل:التأجيل 162

أجم:الآجام 374

أحح:الأحاح 256

أخر:أخرى الليالى 488

أدم:الأدم 266

أذن:خلف آذانهم 312

أزل:الأزل 118

أزم:الأزوم 401

أسس:الأسس 120

أسل:الأسل 228

أسو:الأسوة 102

ألب:ألب 58 الألبة 88

ألو:يألوه 125،132

أمر:آمره 189

أمض:الأمض 550

أمم:يأتمى 24 الإمّة 266 أمر أمم 402

أنف:أنف الإسلام 501

أنى:أنى 525 أنى لهم 365

أهل:الآهال 84

أود:يئودنا 382

أول:الآلة 300،305

أيد:الآد 14

ب

بأس:البأس 390

بتر:الأبتر 43

بثن:البثنية 436

بجل:بجل 228 البجال 444

بدر:بادرة القوم 68

بذخ:البذخة 379

ص: 658

برج:الأبرج 305

برح:برح الخفاء 164 لا يبرح اللّه وجهه 264 برّحه اللّه 293

برد:برد 249 البردان 148

برر:أبرّت 492

برز:المبروز 234

برق:أبرقوها 182

برك:البراكاء 99

برم:البرام 146

برنس:البرانس 99

بزز:البزّ 39

بزل:البازل 193

بسل:أبسله 391

بضض:لا يبضّ بكلمة 492

بطح:ينبطح الفجر 149

بطش:البطاش 181

بطن:البطانة 87

بغى:البغىّ 381 مبتغى بدمه 156

بقى:بقى 429 البقية 409

بكر:راغية البكر 45 البكارة 487

بلل:البليل 307

بلو:أبلى 346

بهج:أبهجت 109 تبهّجت 109

بهم:فارس بهمة 406

بوأ:يبوء به 514

بور:البور 7 البوار 467

بوق:البوائق 35

بيض:البيض 79،328 بيضة البلد 311

ت

تأم:التؤام 241

تبل:التبل 267

تحف:الإتحاف 67

ترب:التّرباء 458

ترر:التّر 266

ترح:ترّحها اللّه 253

ترس:الأترسة 124

ترك:تتاركا 270

تره:الترّهات 33

تلأب:المتلئبّ 78

تلتل:التلاتل 550

تلل:يتلهم 327

تهته:تهتهة الكتائب 424

تيس:التّيس 535

ص: 659

ث

ثأر:ثائر 310 الثائر 489

ثبت:أثبتت وجعا 267 الثّبت 376

ثبو:ثبى الأبطال 424

ثغر:ثغرة النحر 276 الثّغرات 438

ثفرق:الثفروق 445

ثفل:الثّفال 80

ثقف:عضّ الثقاف بهم 466

ثنى:ثناه 356 المثانى 202

ثوب:يستثيب الناس 250

ثوى:الثواء 401

ج

جأو:الجأواء،454،472

جحر:أجحر 159

جحم:جاحم النار 195

جدد:الجدّ 20،38

جدع:اجتداع 33 الجدع 431

جدل:المجدول 377

جذع:الجذع 73 أعادها جذعة 482

جرب:الجرباء 459

جرد:جرداء 59

جرع:الجرع 114

جرم:مجرّمة 89

جرمز:الجراميز 373

جزر:الجزر 44،228

جسد:الجسد 384

جشن:الجوشن 176

جفف:المجفّف 453،512

جفل:انجفل 229 انجفلوا 248

جلب:الجلائب 371

جمز:الجمز 169

جمع:جميع القلب 175

جنب:جنّبه الخير 293 المجنبة 478

جنح:جانحات 7

جندل:الجندل 168

جنن:الجِنّان 26

جهد:أجهد له 99 يجاهد 23

جهز:يجهز 519 الجهاز 101

جهل:الجهل 122

جوح:الجوائح 114

جون:الجون 378

جيش:جيّاشة 300

ح

حبر:الحبرة 525

حبق:تحبق 360

ص: 660

حبك:المحبوك 294

حبل:تيس الحبلة 372

حبو:لم أحبك 183 الحبى 465

حتى:حتّى 550

حجر:حجر الأرض 501

حجز:تحاجز الناس 203

حجف:الحجف 164 المحجّف 291

حدب:الحدب 344

حدد:حادّه 231 الحدّ 38،274 الحديد 307

حدل:الحدل 193

حدو:حدا شبهة 57

حذر:الحذار 43

حذف:المحذوف 174

حذو:حذى 139

حرب:الحرب 118 المحرب 176 المحرّب 402

حرر:الحرّ 289 الحرّة 527 الحرّة 385 حرّى 62 الأحرين 168

حرض:أحرضته 532

حرفش:الاحرنفاش 180

حرق:يحرق نابيه 372

حرك:الحارك 440 الحوارك 72

حرم:محرما 85

حسس:يحسّ 219

حشش:محشوش الذراعين 52

حشم:الأحشام 291

حضن:الحواضن 280

حفز:تحفزها 171

حفن:الحفن 242

حقب:الحقب 441

حقق:حقّ الرجل 110 الحقائق 35

حكر:الحكر 302

حكم:المحكمة 512

حلحل:الحلاحل 417

حلك:حلك الغراب 174،238

حلم:الحلم 11 الحليم 41

حمر:الأسود و الأحمر 113 الأحمران 168

حمس:حمس النّقع 423

حمم:الحمام 374 الحمم 512

حمى:حام 52 حمى الفرس 451

حنك:الحوانك 62

حوب:يحوب 150 الحوبة 359

التحوّب 401 الحوباء 486

ص: 661

حوز:يحوزه 234 يحوزكم 256

حول:الحوليّة 360

حوم:حاموا 61

حوى:الحاوية 305

حيص:حاص 347 حاصت 392 الحياص 236

حيل:الحيل 440

خ

خبر:الخبر 58

خبط:الخبط 186

خدب:الخدبّ 42،444

خدج:أخدجه 80

خدم:خدّموا 257 خدام الخرائد 280

خذل:خذّل الناس عنه 499

خرص:لم أخرص 83 الخرص 437

خرط:اخترطت 356

خرم:المخترم 370

خزر:تخازر 370 الأخزر 43

خزى:الخزاية 32 خزايا 179

خشش:خشّوا 531 الخشاش 487 المخشوش 87

خشى:مخشيّة 59

خصم:خصمه 189 يوم الخصام 61

خضب:المخضب 146

خطأ:الخطاء 193

خطر:ليس لك بخطر 458 الخطار 193

خفف:خفّ له 181 خفاف 233

خلف:أخلفت 265

خلق:الخلاق 95

خمر:أخمروا 26 الخمر 43،123

خمص:الخماص 170

خنشل:الخنشليل 407

خور:الخوار 98

خير:الخيّر 173

خيس:الأخياس 411

خيف:خيفانة 59

خيل:الخيل 466 المختال 348

خيم:خامت 292 يخيم 265

د

دبب:يدبّ الخمر 43 الدبيب 65

دبر:الدّبر 353 الدبران 527

دحدح:الدحداح 232

ص: 662

دحض:الدّحض 550

درع:الدارع 79

درك:دارك الجرى 401 مداريك 46

دعع:الدّعّ 219

دعو:الأدعياء 529

دلص:الدّلاص 170

دلق:المندلق 389

دلو:دلاّه بغروره 113

دمل:يدمل 455

دهن:الإدهان 36،93

دور:الدار 386

دون:دون كذا 488

دين:دنّاهم 57

ذ

ذرع:الذّراع 288،458

ذرو:يذرى 67

ذفر:الذفرى 389،527

ذلف:الأذلف 233

ذلل:تذلّ ألسنتهم 147

ذمل:الذميل 165

ذنب:الذّنوب 192،230

ذيع:ذاع 114

ر

رأس:المرائيس 486

ربض:ربضة العنز 145

ربط:الرّباط 181

ربع:المربعة 266

رثث:ارتثّ 261

رجل:رجل جراد 13 الرجل 177

الرّجل 192

رجم:الرّجام 348

رحل:ترحّل 35 يرحله 266

رحم:الرحم 260

رحى:الأرحاء 168

ردد:الردّ 27

ردى:يردين 374

رذل:الرذال 111

رسب:المرسب 176

رسل:الرّسل 266

رسن:الرسن 242

رصف:الرّصاف 67

رعظ:رعظ السهم 67

رغو:راغية البكر 45

رفع:ارتفع حنانه 523

ص: 663

رقب:الشيخ الرقوب 554

رقد:رقد الحىّ 267

رقرق:الرقراق 64

رقص:الراقصات 427

رقو:تحاماه الرواقى 537

ركس:يركس الحكم 147 الرّكس 219

ركك:الأركّ 329

رمرم:تترمرم 390

رهق:رهقه 185 الرّهق 154

روح:الرّوح 60

رود:أرود 48

رير:مخ رير 19

ريم:الرام 526

رين:الران 329

ز

زأر:زار 418

زبب:الأزبّ 98

زبل:الزّبل 191

زجج:المزج 159

زجو:تزجّى 266

زرق:الزّرق 253،379

زغف:الزّغف 165

زفف:زفّ النعام 61،140

زمجر:الزمجر 159

زمل:الزّميل 377

زنن:زنّه 340

زيل:يزال بمعنى لا يزال 219

س

سأل:سال(بالتسهيل)23 سيل

(بالتسهيل)436 يسلون (بالتخفيف)229

سبب:الأسباب 30

سبح:السوابح 374

سبط:السّبط 232

سجس:سجيس الليالى 488

سحر:السّحرة 265

سحق:سحقا 383 السّحوق 409، 424،444

سخل:السخال 7

سخن:السخينة 446

سخو:يسخى بنفسه 172

سدد:الأسداد 22 أسدّ 25 المسدّد

ص: 664

سدر:السّدر 381

سرب:المسربة 233

سرطم:السرطم 390

سرع:السّرعان 555

سرو:السراة 294

سرى:السارى 448

سعد:الساعد 233

سعر:المساعر 488

سعى:مسعاة الكرام 547

سفح:سفاح الجبال 124

سفر:السّفر 134

سفه:سفه الحقّ 111

سقب:السقب 550

سقط:يتسقّطه 140 السّقاط 154

سلب:المسلّبة 300

سلف:السّلف 240

سلم:السّلم 118،190 مسلما 298

سمح:السّماح 374

سمك:سمك 318 سمكها 318 السّماك 9

سمم:السّمام 274

سنر:السنور 374

سنن:السّنّة 266

سوء:السّيّة 453

سود:الأسود و الأحمر 113 الأسودة 327

سور:يساوره 411 السّورة 426

سوغ:سوّغ الماء 53

سوف:السّوف 451

سير:سيّره 93،121

سيف:سيفوا 385

ش

شأب:الشؤبوب 526

شأس:الشأس 78

شأن:الشئون 67

شبر:الشّبر 120

شبك:الشوابك 73

شبم:الشّبام 274

شبه:الشّبهان 526

شتر:الشّتر 396

شثن:الشثن 233

شجر:شجروهم 434 تشجر 80

شجع:الشجاع 67

شحب:شاحبة 384

شحن:الشحناء 84

ص: 665

شدد:شدّ 183

شدقم:الشدقم 389

شذب:المشذّب 401

شرأب:اشرأبّ 397

شرف:الأشراف 134

شرى:استشرى 482 الشارى 172

شزب:الشوازب 165 الشّزّب 400

شطر:الشّطر 192

شطن:الشطن 230

شظم:الشيظم 550

شعب:الشّعاب 123

شعث:الشّعث 67

شعر:أشعره 456

شعع:الشّعاع 378

شفى:الأشافى 349

شقر:الشّقر 382

شكك:الشّكّة 377

شلل:نشلهم 294 الشّلّ 327

شلو:الأشلاء 9

شنأ:اشنها 22 الشنآن 153 الشّنان 50،55

شنف:شنفوا له 88

شنن:الشنان 197

شهب:شهباء المناكب 299

شهل:الأشهل 175

شوب:شيباء 366

شوى:لا يشوى 522

شيب:شيباء 366

شيح:المشيحة 462

شيع:المشيّع 111

شيم:الشامة 376

ص

صبأ:صبا 551

صبح:فتيان الصباح 251

صحر:أصحره 433 المصحر 451

صدف:صادف الخد 402 الصّدفان 525

صدى:الصّدى 179

صرف:الصّرفان 524

صعد:الصّعدة 78 الصّعود 147

صعلك:الصعالك 72

صفح:الصفيح 402

صفو:أصفاه بالشيء 119

صكك:الصكّ 165

صلخد:الصّلخد 390

ص: 666

صلم:تصطلم 343

صمل:الصملّ 477

صمم:صمّ صمّات 390

صمى:الإصماء 522

صنع:المصانع 295

صور:نفخ الصّور 381

صيح:صيحة الأحقاف 67

صيص:الصياصى 170

ض

ضبب:المضبّ 348

ضبر:تضبر 307

ضبطر:الضّباطر 375

ضرب:الضّرب 161،189 المضرب 278،404

ضرس:ضارسه 104 ضرس من الأرض 145

ضرم:المضرمة 195

ضفو:يضفو 526

ضلع:ضالع 453

ضيح:الضّياح 341

ط

طبع:الطّبع 267

طبق:المطابق 35

طرأ:أطرأه 47

طرب:الطّرب 553

طرف:الطّرف 376

طرق:به طرق 426،464

طسل:الطاسل 370

طعن:الطعين 185

طفشل:الطفيشل 445

طفل:الطّفول 407

طلب:الطّلبة 108 طلوب 295

طلق:الطلقاء 29،63

طلى:الطلاء 106

طنن:ساقا طنونا 402 طنّت 280

طوع:طاعوه 453 طوائع 366

طير:الطّيرة 267

ظ

ظمأ:الظّماء 148

ظنن:الظنون و الظنين 63 الظّنون 502

ظهر:نظهر 253 الظهر 530 ولد الظهر 46

ص: 667

ع

عبد:عبيد العصا 165 العبد 295

عبل:المعابل 495

عتب:استعتب 31 حتّى يعتبوا 4

عتق:العواتق 35

عجج:العجاج 168،182،477

عجز:العجوز 448

عدد:أعدّ منهم 251 عداده 435

عدل:عدل السنن 243

عدو:العدوّ 101 عاديا 17

عذب:العذب 89

عذر:التعذير 10 المعذر 451

عرد:يعرّد 93

عرر:معرّة الجيش 135

عرص:العرصة 240 العراص 170

عرف:العريف 359 معرفة الفرس 395

عرق:عراقى الدلو 75

عرك:العوارك 72،439

عرن:العرائن 433

عزل:العزالى 167 المعازيل 286

عسكر:العسكر 162

عشزر:العشنزر 159

عصب:اعصوصب 392 المعتصب 317

عضب:عضبهم اللّه 200

عضد:العضد 233

عطف:تعطّفت 304 العاطف 460

عطل:العياطل 365

عطو:العطاء 183

عظم:عظم الأمر 14

عفر:اليعافير 332

عفرس:العفروس 389

عفو:العفو 36،311

عقب:عقبتم 192 العقاب 376 عقبة الدبران 527

عقر:عقر الأعناق 383 عقار الأقدم 389

عقق:العقيقة 14

عقل:عاقول النهر 191 معقّلون 213

عكم:كعكمى بعير 37

علب:المعلّب 40

علم:الأعلم 390

علو:عالية الرمح 445 العوالى 439

ص: 668

عمم:العموم بمعنى الأعمام 137

العمية 95

عنبل:العنابل 405

عنت:العنت 118 التعنت 166

عنز:العنزة 250،519

عود:يوم العيد 312 العوائد 30

عور:العوار 467 المعور 451 العوائر 138

عوق:العيّوق 9

عول:يعوّل 177

عون:العوان 173

عوى:العوّاء 9 العواء و المعاوية 382

عير:عير حلاحل 417

عيس:الأعيس 527

عين:دينه عين 344 العيانىّ 202

عيى:يعيا به 368

غ

غبر:غبر 426 الغابر 160 الغوابر 488

غبط:التغبيط 408

غبى:غبى عنه 530

غرب:الغوارب 54 الاغتراب 159

غرر:غرّة الشمس 127 الغرير 171 273

غرض:الغرض 441

غرف:يغرف الجرى 452 الغرف 466

غرم:المغرم 523

غزو:اغتزى 544

غشش:تستغشوا 7 أغشّاء الناس 529

غشمر:تغشمر 160

غشى:يغشى البصر 254

غضن:التغضّن 375

غلب:غلبا 385

غلق:الغلق 376

غلم:الغلام 347

غمر:الغمر 43 الأغمار 431

غمص:غمصه 110

غمض:الغمض 66

غمم:الأغمّ 389

غنى:أغن نفسك 73

غور:غوّر بهم 148

غير:الغير 417

غيض:الغيض 222 المغيض 222

ص: 669

غيى:الغايات 181

ف

فتح:الفاتح 231

فتر:الفتر 120

فجر:أفجر 43

فجفج:الفجفاج 454،469

فدغم:الفدغم 390

فرص:افترصها 545

فرغ:فرغ الدلاء 312

فرفر:الفرافر 273

فرند:الإفرندى 244

فشل:فشل حيله 440

فعل:الفعال 462

فقر:ذو الفقار 315 الفاقرة 461

فقع:الفقع 367،397

فلج:الفلج 61

فلق:الأفلاق 410

فلل:فلّ 469 يفلّ 327

فنق:الفنيق 295 التفنيق 445

فنو:الأفناء 333

فنى:الفناء 456

فوق:الفوق 40 أمهلونى فواقا 491

فيح:الأفيح 156 أفيح منه 136

ق

قب:القبّ 409

قبس:القبس 31

قبل:قبل الأشراف 134

قتر:القتير 22

قحل:قحل 229

قحم:المقحمون 23

قدح:القدحة 36 القادح 17

قدر:القدار 378

قدم:تقدّم إليه 184 القدم 102 مقدّمة الجيش 122 الأقدم 389

قدو:تقتدونه 51 قدى الشبر 247

قرب:القربان 77

قرح:القرح 403

قرد:القردان 11

قرر:صابت بقرّ 192

قرع:القرعاء 480

قرقر:القرقر 397،487 القرقرة 367

قرم:القرم 172

ص: 670

قزز:القزّ 39

قسر:القسر 120 القسورة 390

قسم:صاحب المقاسم 502

قشب:المقشّب 359

قشم:يقشم 177

قصب:يقصبونه 391

قصد:تقصّد 102

قصر:قصيرة 492 قصرى 79 القصيرى 398

قصص:الاقتصاص 64

قصع:قصع الحمم 512

قصل:مقصل 307 المقصل 245، 379

قضب:القضوب 375

قطف:القطف 165

قطم:القطم 372 القطام 487

قطن:القطين 93

قعد:القعدد 468

قعس:اقعس عنه 109

قفل:القافل 493

قلت:المقلات 554

قلل:أقلّت 192 استقلّت الشمس 477

قمحد:القماحد 434

قمقم:القمقام 393

قنبل:القنابل 52،136 القنبل 379

قنعس:القناعيس 487

قنن:قنان الهضب 430

قنو:القنا 7 القنىّ 377

قود:تستقيدها 555

قوس:القوس 475

قيس:قيس قوسى 388

ك

كأد:ذو كئود 386

كبد:أكابده 33

كبش:الكباش 180

كبو:كبا 347

كدم:المكادمة 204 المكدم 389 الكدام 392

كربس:الكرابيس 234

كرس:كروّس 398

كزز:الكزاز 40

كسر:الكسور 233

كسف:كسف 177 يوما كاسفا 400

ص: 671

كعب:ذو الكعوب 227

كفأ:تكفأ 233

كفت:منكفتا 528 الكفات 531

كفل:الأكفال 469،555

كمش:انكمش 93

كمل:الكمل بمعنى الجمل 329، 434

كنف:الكنفة 387

كهل:الكاهل 440

ل

لألأ:تلألأ 64 تلالى 371

لبن اللبن 242

لحب:لحب الحمّى 529 لحق البطون 66

لحم:استلحم 253

لدد:التلدّد 300

لدن:اللّدان 378

لزب:اللّزبة 317

لزز:ألزه به 500 اللزّاز 176

لغو:اللّغا 300

لفف:أمر ملفّف 47

لفو:التلافى 446

لم:لمّا بمعنى إلاّ 514

لو لا:لو لا هي 319

لوى:الألوى 370

م

مأن:المئونة 485

متح:الماتح 526

مثل:ماثل 40

محك:التماحك 62

مرج:المرج 527

مرر:الإمرار 242 الأمرين 168 المرر(جمع)383

مرق:المرّاق 383

مرن:المرّان 102

مسس:الممسوس 182

مشش:المشاش 233 المشاشة 442

مشى:التمشّى 245

مصص:المصاص 170

مضغ:المماضيغ 390

مضمض:المضمضة 124

مظظ:المظاظ 171

ص: 672

ملأ:الممالأة 48،54

ملح:الملاحيّة 98

ملى:مليّا 191 بعد ملىّ 429

منع:امتنع 114

مهيم:مهيم 538

مور:مار 233 مار السنان 175 أمور 235

مير:الميرة 89

ميل:ميّل بينهما 198،262

ن

نأد:النئود 376

نبت:تنبّتة 397

نبذ:انبذ إليه 28 النّبذ 513

نبو:أنبى 235

نجب:انتجبه 10 منتجب 30

نجد:النجدة 222

نجف:النجف 165

نجو:النجوة 143

نخب:انتخبه 10 المنخوب 194

ندب:ندب الخيل 378

ندد:المندّد 300

ندو:نادية القوم 68

نزل:النّزل 136

نزه:النزاهة

نسم:النسيم 392

نشأ:المنشئات 266

نشد:أنشد الناس 553

نشز:النّشز 147

نشنش:نشناش 180

نصف:نصفه الماء 146 النّصف 433

نصو:النواصى 170

نطف:نطف 159 النّطف 165

النّطفة 132

نعش:نعشه 201

نعل:نعال السيوف 94

نعم:نعم 192

نفح:النفحة 186

نفذ:نفذه 469

نفش:النّفش 158

نفض:النفيضة 123

نفى:النفيان 526

نقد:النقد 362

نقر:النّقرة 526

ص: 673

نقع:النّقع 183،423

نقف:نقيف الحنظل 535

نقو:المناقى 410 المنتقى 344

نكب:المنكب 359 مناكب الهضاب 124

نكد:النّكد 344

نكس:النّكس 267

نكل:ينكل 458

نكى:أنكى 229

نمر:تنمّر 159

نمى:انتمى 443 انتميا 270 لا تنمى 522

نهد:النّهد 59

نهز:انتهزه 249

نهنه:نهنهة الكتائب 424

نهى:تناهيت 192

نوب:ناب 397 أناب 111

نوح:الأنواح 265

نوص:أناص 347

نوم:استنام 34

نيب:نيّب 356

ه

ها:ها للقسم 94

هبط:الهبوط 147

هبل:هبلته الهبول 260 الهبل 194

هدد:تهدّ 363

هذذ:هذاذيك 428

هذم:هذام السنان 378

هرس:المهاريس 243

هرق:الهراقة 32

هزز:مهزّ 78

هصم:الهيصم 390

هضم:الهضيم 390

همط:يهمط 159

هنى:هنى(للجواد)377

هوم:الهام 235

هوى:هويّا 157

هيب:الهيوب 194

هيع:الهائعة 87

هيم:الهيم 256

و

وأل:وألت 286

وبر:الوبار 385

وجه:الوجه 386

ودد:ودّ 27

ص: 674

ورد:الورد 382

ورع:الوريع 480

ورك:ورك 239

وزع:وزعوا 158

وزن:بميزانه 526

وسق:استوسقت 237 يستوسق 7 الاتّساق 400

وشج:الوشيج 165،400

وشظ:الوشيظ 543

وشل:الوشل 538

وصب:الواصب 371

وغل:الوغل 175

وغى:الوغى 172

وقذ:وقذه 235

وقر:موقّرة 438

وقع:الوقاع 380،384

وقف:الوقّاف 66،194 المتواقفون 153

ولد:الولد 311

وله:الواله 553

ولى:وليه 17

وهط:أوهطه 260

وهن:ضرب واهن 312 التوهين 386

ى

يمن:ذو يمن 28

ص: 675

10-فهرس التاريخ

«الجزء الأول»

3 قدوم على الكوفة

4 هو و مالك بن حبيب

5 هو و أبو بردة بن عوف الأزديّ

5 اختيار على لمنزله بالكوفة

6 معاتبته سليمان بن صرد

6 سليمان بن صرد و الحسن

7 دخول سعيد بن قيس على عليّ

7 معاتبة عليّ أشراف الكوفة

8 شعر الشنى في التحريض على معاوية

10 توليته الولاة على الأمصار

12 حرب الأشتر و الضحّاك

13 عتاب أيمن بن خريم لمعاوية

14 حديث على مع نرسا

15 تأميره الأمراء

15 كتبه إلى العمّال

20 مبايعة جرير لعلى

24 وفود القوم على على

25 حديثه مع جارية بن قدامة و حارثة بن بدر

25 مسير بنى سعد إلى الكوفة

27 إرسال جرير إلى معاوية

28 نزول جرير على معاوية

32 مبايعة أهل الشام معاوية على المطالبة بدم عثمان

33 حديث معاوية مع جرير و عتبة

34 استشارة عمرو ولديه

35 حديث عمرو مع وردان

37 مسير عمرو إلى معاوية و حديثه معه

39 استشارة معاوية عتبة

40 إعطاء معاوية مصر لعمرو

41 عمرو و ابن عمه

44 مشورة عمرو لمعاوية

44 استشارة شرحبيل أهل اليمن

ص: 676

46 مصانعة معاوية لشرحبيل

47 لقاء جرير لشرحبيل

49 وقع كتاب جرير إلى شرحبيل

51 دخول شرحبيل على معاوية

52 جرير و شرحبيل

52 معاوية و جرير

55 إبطاء جرير عند معاوية

59 تهمة جرير،و دفاعه

60 اجتماع جرير و الأشتر عند على

62 استشارة معاوية عمرا قبل المسير إلى صفّين

64 إرسال عدى إلى معاوية

65 خفاف بن عبد اللّه و معاوية

66 سماع معاوية قصيدة خفاف

68 ارتياب معاوية في خفاف و إعجابه به

«الجزء الثاني»

77 نعى عثمان عند معاوية

78 الحجاج بن الصمة و معاوية

80 افتخار الحجاج بن خزيمة بما كان من تسليمه على معاوية بإمرة المؤمنين

80 مدة المكاتبة بين على و معاوية و عمرو

80 مبايعة مالك بن هبيرة لمعاوية

82 مبايعة معاوية على الطلب بدم عثمان

82 معاوية و عبيد اللّه بن عمر

85 قدوم أبى مسلم الخولانى على معاوية

86 أبو مسلم و على

92 استشارة عليّ المهاجرين و الأنصار قبل المسير إلى الشام

92 رأى هاشم بن عتبة

92 رأى عمّار بن ياسر

93 رأى قيس بن عبادة

93 رأى سهل بن حنيف

94 رأى أربد الفزارى و الأشتر

94 مقتل أربد الفزارى

95 رأى حنظلة بن الربيع

96 رأى عبد اللّه بن المعتم

96 الطعن في حنظلة بن الربيع و عبد اللّه بن المعتم

97 مصير حنظلة بن الربيع و عبد اللّه بن المعتم

ص: 677

98 تحريض حنظلة لمعاوية

100 أبو زبيب و على

100 اعتراض طائى لزيد بن حصين

101 رأى يزيد بن قيس و زياد بن النضر

102 رأى عبد اللّه بن بديل

103 نصيحة على لحجر بن عدى و عمرو بن الحمق

111 حديث زياد بن النضر و عبد اللّه بن بديل

115 اختلاف الناس في السير مع على

116 دعوة باهلة إلى الديلم و أهل البصرة إلى صفّين

117 استجابة الناس و رؤساء العرب للدعوة

117 قدوم ابن عبّاس

121 دعوة الناس إلى الخروج إلى النخيلة

121 نصيحة على لزياد بن النضر و شريح بن هانئ

126 تحقيق في قبر يهودا

128 تولية معاوية الولاة و العمّال

«الجزء الثالث»

131 خروج على من النخيلة

132 كلام معقل بن قيس

132 دعاء على

133 مالك بن حبيب و على

133 صلاة على بعد الخروج

134،142 طريق الجيش إلى صفّين

136 بلوغ الخبر إلى عمرو

137 الخلاف في رئاسة كندة و ربيعة

138 كلام سعيد بن قيس و حريث بن جابر

139 تهييج معاوية الأشعث على على

139 فشله في ذلك

140 اختبار مالك بن حبيب

140،141 قول على في كربلاء

140 هرثمة بن سليم و الحسين بن على

144 خبر ماء الدير

145 نزول الجيش بالجزيرة

146 حكاية على وضوء رسول اللّه- وفد بنى تغلب-الوصول إلى الرقة

147 حديث راهب بليخ

148 مسير معقل بن قيس إلى الرقة

ص: 678

151 العبور على جسر الرقة

152 مسير زياد بن النضر،و شريح بن هانئ

154 المعركة الأولى

155 طلب الأشتر مبارزة أبى الأعور

156 صفة الجيشين

157،160 غلبة معاوية على الماء

160،170 الخلاف على الماء

162 استيلاء أهل العراق على الماء- سماحهم به لأهل الشام

162 تحريض السكونى على منع الماء

163 رأى عمرو في ذلك

163 رأى المعرى بن الأقبل في منع الماء-عمرو و المعرى

164 لحاق المعرى بعلى

166 القتال على الماء

167 ظفر أهل العراق بالماء

169 حديث الأشعث و عمرو

171 قتلى يوم الفرات

172 الأشتر و الحارث بن همام

174 من قتلهم الأشتر و الأشعث

175 مبارزة الأشتر لرياح بن عتيك

176 مبارزة الأشتر لإبراهيم بن الوضاح و زامل بن عتيك

177 مبارزة الأشتر للأجلح

177 مبارزة الأشتر لمحمّد بن روضة

179 قول على في مرثية حبلة للأجلح

179 مصرع حبيب بن منصور

180 الأشتر و معاوية بن الحارث

180 النجاشيّ و عمرو العكى

181 حملة أبى الأعور

181 حملة الأشتر و شرحبيل

183 خروج محمّد بن مخنف إلى القتال

184 تعسر الحصول على الماء

185 حديث سليمان الحضرمى

186 رأى عمرو في إباحة الماء

186 عبيد اللّه بن عمر و على

187 إيفاد على الرجال إلى معاوية

188 رجوع الوفد إلى على

188 موقف القراء

190 تراسل على و معاوية

190 وساطة أبى أمامة و أبى الدرداء- حيلة معاوية-سهم معاوية

190 مخالفة الجيش لعلى

190 عتاب على للأشتر و الأشعث

192 إعتابهما له

ص: 679

193 إرضاء الأشعث عليا-إعجاب على به

193 غلبة علي على الماء-إطلاق الماء للجيش

193 معاوية و عمرو

194 مبارزة علقمة بن عمرو لعوف

195 خروج الجماعات القليلة للقتال

196 مبارزة الأشتر لأحد العماليق

196 التناهى عن القتال في المحرم

197 اختلاف الرسل للصلح

197 كلام شبث بن ربعى و زياد بن خصفة

198 كلام يزيد بن قيس،و شبث

198 جواب معاوية لهما

198 كلام شبث و معاوية

199 كلام زياد بن خصفة

200 رسل معاوية إلى على

201 كلام شرحبيل و معن بن يزيد

202 إعلان الحرب

203 التأهب للحرب

204 عقد الألوية و تأمير الأمراء

«الجزء الرابع»

213 قوّاد معاوية-الفدائيون

214 القتال بعد المحرم

214 نضال عمّار بن ياسر

215 حديث لواء عمرو

215 القول في إيمان أهل الشام

216 ما ورد من الأحاديث في شأن معاوية

221 قتال ابن الحنفية و ابن عمر

221 قتال عبد اللّه بن العباس و الوليد بن عقبة-لحاق شمر بعلى

225 التأهب للقتال

226 عقد الألوية و تأمير الأمراء

226 نصيحة عمرو لمعاوية

227،229 تكتيب الكتائب

230 قتال الأربعاء

230 فرس على

230 هيئة على في الركوب

231 دعاؤه يوم صفّين

231 دعاؤه عند الخروج إلى الحرب

232 تغليسه بالغداة

232 دعاء على-خروجه بجيشه

233 صفة على

233 زحف عبد اللّه بن بديل

243 مبارزة حجر الخير و حجر الشر

ص: 680

244 حملة رفاعة الحميري على حجر الشر-رسول على إلى جيش معاوية

245،248 حملة عبد اللّه بن بديل على أهل الشام

246 مصرع عبد اللّه بن بديل

249 محاماة الحسين و محمّد عن أبيهما

249 موقف الحسن بن عليّ

250 على و سعيد بن قيس و الأشتر

252 مصارع الهمدانيين

253 تثبيت الأشتر أصحابه

253 تراجع الناس إلى الأشتر

253 مصرع زياد بن النضر و يزيد بن قيس

254 صفة الأشتر في لباس الحرب

254 الأشتر و ابن جمهان

255 الأشتر و منقذ و حمير ابنا قيس

255 تحريض الأشتر أصحابه

257 رأس خثعم الشام و رأس خثعم العراق

258 قتال بجيلة

259 صرعى بجيلة-قتال غطفان العراق

261 قتال بنى نهد بن زيد

262 أزد العراق و أزد الشام

264 نداء مالك بن حرى

267 بعض صرعى صفّين-أدهم بن محرز و شمر بن ذى الجوشن

268 مبارزة سويد بن قيس و أبى العمرطة

269 مبارزة بشر بن عصمة لابن العقدية

270 طائفة من المبارزات-مطاردة أحد أصحاب على لمعاوية

271 حملة أبى أيوب على أهل الشام

271 مبارزة رجل لأخيه

272 حريث مولى معاوية

272 ضربة على لحريث

273 مصرع عمرو بن حصين السكسكى

274 طلب على من معاوية أن يبارزه

275 نكوص معاوية و عتابه لعمرو بن العاص

276 طائفة من المبارزات

277 مبارزة ابن مقيدة الحمار للمقطع العامرى

279 فخر عبد اللّه بن خليفة الطائى

ص: 681

«الجزء الخامس»

285 مقاتل بعض الرجال

286 نداء عنتر بن عبيد-مقاتل النخع

287 استبراء خالد بن المعمر

288 قول على في رايات ربيعة

289،300 راية الحضين بن المنذر

290 راية ربيعة

290 اقتراع معاوية لحمير

291 تضعضع رايات ربيعة

291 ثبات ربيعة بعد الهزيمة

292 احتجاج خالد بن المعمر في رجوعه

293 قتال ربيعة و حمير

293 التفاخر بعبيد اللّه بن عمر و محمّد بن أبي بكر

296 تحريض زياد بن خصفة لعبد القيس

297 عبيد اللّه بن عمر و الحسن بن عليّ

298 مصرع عبيد اللّه بن عمر

298 سيف عبيد اللّه بن عمر

299 عبيد اللّه بن عمر و حريث بن جابر الحنفيّ

301 جود حريث بن جابر في الحرب

301 حرب مذحج

301 نداء العكيين و الأشعريين

302 مطالبة ابن ذى الكلاع بجثة أبيه

304 احتدام القتال

304 استعارة أبى عرفاء راية الحضين

305 مقتل أبى عرفاء-شدة ربيعة- معاوية و عمرو

306 تحريض عتاب بن لقيط لربيعة

306 معاوية و عمرو

306 معاوية و خالد بن المعمر

307 على و عبد العزيز بن الحارث

308 ما صنع عبد العزيز بن الحارث

308 تنافس ربيعة و مضر

310 قتال كنانة-قتال عمير بن عطارد بجماعة من بنى تميم

311 قتال قبيصة بن جابر ببنى أسد

311 قتال عبد اللّه بن الطفيل العامرى بجماعة هوازن

315 مبارزات كريب بن الصباح

315 مصرع كريب بن الصباح

ص: 682

316 مبارزات على-طلبه مبارزة معاوية

316 امتناع معاوية من المبارزة- المخارق و معاوية

320 حملة عمار-عمار و عبيد اللّه بن عمر-دعاء عمار

320 عمّار و المستبصر

322 جواب على لمن سأله من أهل الشام

323 ما جاء من الحديث في عمار

324 القول فيمن يشرى نفسه

326 نداء عمّار بن ياسر-على و هاشم ابن عتبة

326 تأهب هاشم للحرب

328 عمّار بن ياسر و هاشم بن عتبة- احتدام القتال

329 المعقلون بالعمائم

330 عبيد اللّه بن عمر في الكتيبة الرقطاء

330 اختلاط المقاتلة

331 على و الربعيون

332 ظفر أهل العراق

332 علامة الشاميين و العراقيين

332 تسامح الفريقين عند التحاجز

333 حديث عمرو بن العاص

333 أبو نوح و ذو الكلاع

334 ذو الكلاع و أبو نوح في مجلس عمرو و معاوية

335 أبو نوح و شرحبيل بن ذى الكلاع عند عمّار بن ياسر

336 ركوب عمّار بن ياسر إلى عمرو بن العاص

337 عمّار بن ياسر و عمرو بن العاص

340 عمّار بن ياسر و هاشم بن عتبة

340 مقتل عمّار بن ياسر

341 مقتل ذى الكلاع

342 ما جاء في مقتل عمار

342 حديث في عمار

343 حملة عمار

343 ما قيل في الجمع بين عمرو و عمار

345 عتب معاوية على عمرو في إذاعة حديث عمار

346 تحضيض على لهاشم بن عتبة

347 سهم ذى الكلاع

348 مقتل هاشم و ذى الكلاع

348 عبد اللّه بن هاشم في مجلس معاوية

ص: 683

349 عتاب عمرو لمعاوية في ابن هاشم

«الجزء السادس»

353 مصرع هاشم بن عتبة

353 تحريض هاشم بن عتبة

354 هاشم و الفتى الغسانى

356 ميتة هاشم و البكرى على صدر عبيد اللّه بن عمر

356 أثر مصرع هاشم

359 جزع على لمصرعه

359 محاجة عدى بن حاتم

360 هزيمة الضحّاك و عتبة بن أبي سفيان

362(وقعة الخميس)

363 صرعى يوم الخميس

367 على و أبو أيوب

369،373 صفة معركة صفّين

371 قول على في نداء عمرو بن العاص

373 توقع لدى الجناحين

377 عمرو بن العاص و حمزة بن عتبة

378 مقتل حمزة بن عتبة

379 عدى بن حاتم و على

387 كلام الأحنف في صفّين

387 تذاكر صفّين عند معاوية

387 دعاء على معاوية إلى المبارزة

388 خشية عمرو على ولديه

388(يوم من أيّام صفّين)

392 قتال محمّد بن الحنفية

393 مبارزة هانئ ليعمر بن أسيد

395 فرار معاوية

395 عبد الرحمن بن خالد و جارية بن قدامة

396 حملة الأشتر

397 حملة عدى بن حاتم

399 حملة عمرو و أهل اليمن-حملة عمرو بن الحمق

400 مقتل حوشب ذى ظليم

402 دخول على في مصاف ربيعة

402 ثناؤه على ربيعة

403 انتداب القوم لعلى

404 معاوية و عمرو

405 استصراخ معاوية بعك و الأشعريين

406 كلام لمعاوية و الأصبغ و الأحنف

406 حملة عمرو

407(طعنة على لعمرو)-حديث

ص: 684

معاوية معه في شأنها

408 إيفاد معاوية أخاه عتبة إلى الأشعث بن قيس

409 كلام الأشعث في ذلك

409 معاوية و عتبة

410 معاوية و عمرو

412 عرض ابن عبّاس كتاب عمرو على على

416 مقاطعة معاوية لابن عبّاس

417 اجتماع بعض الرؤساء عند معاوية

418 غضبة عمرو

«الجزء السابع»

424 طعنة على لعمرو

424 عقد معاوية للألوية

424 مقالة عبد اللّه بن الحارث لمعاوية

425 مقالة الأعور الشنى لعلى

426 تآمر معاوية و صحبه على بعض أصحاب على

427 هزيمة سعيد لمعاوية-هزيمة المرقال لعمرو

428 هزيمة قيس لبسر

429 هزيمة الأشتر لعبيد اللّه بن عمر

430 هزيمة عدى لعبد الرحمن بن خالد

432 تقريع معاوية لعمرو-تعزية معاوية للقرشيين

433 اعتذار القرشيين لمعاوية- تراسل معاوية و عمرو-ابن مسروق و معاوية

433 قتال همدان وعك

435 قول عمرو في قتال عك و همدان

435 سخاء معاوية في العطاء

436 قتال همدان

437 إعجاب على بهم

437 قتال همدان و أهل حمص

439 معاوية و مروان بن الحكم و عمرو بن العاص

440 لقاء عمرو للأشتر

440 عمرو و الأشتر

441 فشل عمرو

442 تحريض معاوية لأصحابه

442 على و الأصبغ بن نباتة

443 نداء الأشتر-مفاجأة أثال بن حجل لأبيه

445 دعوة معاوية للنعمان و مسلمة

ص: 685

446 ردّ النعمان على معاوية

446 ردّ مسلمة على معاوية

446 كلام قيس بن سعد في ذلك

447 استشارة معاوية عمرا في الأنصار- عتاب معاوية لبعض الأنصار

448 الأنصار و قيس بن سعد- استجابة النعمان رجاء معاوية

449 ردّ قيس على النعمان

450 مقام العكبر بين يدي على

450 مبارزة عوف بن مجزأة للعكبر

451 العكبر و معاوية

452 إهدار دم العكبر

453 تسويد قيس بن سعد على الأنصار

453 المفاخرة بالرجراجة و الخضرية

454 كلام معاوية بن خديج

455 معاوية و ابن خديج

456 مرور الأسود بعبد اللّه بن كعب و هو في آخر رمق

457 الأسود بن قيس و على-موقف أبرهة بن الصباح

458 مبارزة على لعروة الدمشقى و مصرعه

459 مصرع ابن عم داود-تخوف القوم من على

461 مبارزة على لبسر و فراره-حملة الأشتر على ابن عم بسر

462 تحامى بسر و فرسان الشام عليا- حضّ معاوية قريش الشام

463 ردّ القرشيين على معاوية

464 اجتماع عتبة و جعدة

464 عتبة و معاوية

466 أسر الأشتر للأصبغ

467 العفو عن الأصبغ

468 فزع معاوية و أصحابه من تصبيح على

469 تسيير معاوية بن الضحّاك

470 طلب معاوية الشام من على

471 كتمان معاوية كتاب على ثمّ إذاعته

473 زحف على

474 محاولة أحد الشاميين إبطال الحرب

475(ليلة الهرير)-إذ كاء الأشتر لنار القتال

477 دعاء على يوم الهرير

478 رفع المصاحف على أطراف الرماح

ص: 686

479(يوم الهرير)

481 إشارة معاوية برفع المصاحف

482 كلمة عدى بن حاتم

482 القائلون باستمرار القتال- نصيحة الأشعث بوقف القتال

483 الكلام في(التحكيم)

484 اختلاف أصحاب على في استمرار القتال

485 كلام رؤساء القبائل

485 كلام خالد بن المعمر و الحضين الربعى

486 معاوية و مصقلة

490 حكاية مصعب لما كان من أمر رفع المصاحف

«الجزء الثامن»

497 قصة الحكمين

498 تراسل على و عمرو بن العاص

499 الأشعث و معاوية-رضاء قراء الشام و العراق بحكم القرآن

504 اختيار الحكمين

504 وثيقة التحكيم

508 الخلاف عند كتابة الوثيقة

510 صورة أخرى من الوثيقة

511 موقف الأشتر و الأشعث من الصحيفة

512 الخلاف في التحكيم

517 ظهور المحكمة

518 عمرو بن أوس و معاوية

518 معاملة الأسرى

519 رأى سليمان بن صرد في الصحيفة

519 رأى محرز بن جريش

520 جمع سعيد بن قيس قومه للقتال

520 رفض على ما عرضه سعد بن قيس

521 قول على في الأشتر

521 مقتل حابس بن سعد الطائى

522 ثأر زيد بن عدى لحابس بن سعد-لحاقه بمعاوية

523 اعتذار عدى بن حاتم إلى عليّ من فرار ولده زيد

528 مقدم على من صفّين إلى الكوفة

534 بعوث على و معاوية

534 ما قيل لأبى موسى حين أراد المسير

535 تجهيز شريح لأبى موسى

ص: 687

536 توديع شرحبيل لعمرو

536 توديع الأحنف و نصيحته لأبى موسى

537 الأحنف و عليّ

538 موقف سعد بن أبي وقاص و ابنه عمر

539 استدعاء معاوية بعض من لم يعنه من قريش

541 تداول أبى موسى و عمرو

540 شهود الحكمين

541 تداول أبى موسى و عمرو الرأى

543 وصية على شريحا بكلمات إلى عمرو

544 مصانعة عمرو لأبى موسى

545 مباعدة أبى موسى لعمرو

545 قول أبى موسى بخلع الرجلين

545 خدعة عمرو

546 التنازع حين الحكم

546 التسليم على معاوية بالخلافة

547 كلام سعيد و كردوس

548 كلام يزيد القسرى-تشاتم عمرو و أبى موسى

550 طواف أبى موسى بالبيت بعد الحكم

551 دخول جمع من الصحابة على عليّ

555 دعاء على و معاوية

554 لقاء معاوية لعامر بن واثلة

556 أسماء من قتل في المبارزة

ص: 688

ص: 689

ص: 690

فهرس الفهارس

1-فهرس الأعلام 563

2-فهرس القبائل 620

3-فهرس البلدان و المواضع 630

4-فهرس الأشعار 636

5-فهرس الأرجاز 648

6-فهرس الأمثال 653

7-فهرس الخطب 654

8-فهرس الرسائل 656

9-فهرس الألفاظ المفسرة 658

10-فهرس التاريخ 676

ص: 691

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.