نهج البلاغة

اشارة

سرشناسه : علی‌بن ابی‌طالب(ع)، امام اول، ۲۳ قبل از هجرت - ق‌۴۰
عنوان و نام پدیدآور : نهج البلاغه/ و هو مجموع ما اختاره‌الشریف ابوالحسن محمدالرضی‌بن الحسن الموسوی؛ من کلام امیرالمومنین ابی‌الحسن علی‌بن ابی‌طالب ...؛ ضبط نصبه و ابتکر فها رشد العلمیه صبحی الصالح
مشخصات نشر : قم: موسسه دار الهجره، ۱۴۰۷ق. = ۱۳۶۵.
مشخصات ظاهری : ص ۸۵۳
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
یادداشت : افست از روی چاپ بیروت، ۱۳۸۷ ه.ق
یادداشت : به‌مناسبت اولین نمایشگاه کتاب تهران.
یادداشت : گردآورنده این کتاب ابوالحسن محمدبن الحسین معروف به سید رضی است.
یادداشت : چاپ پنجم: ۱۳۷۳؟؛ بها: ۶۰۰۰ ریال
موضوع : علی‌بن ابی‌طالب(ع)، امام اول، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق. -- خطبه‌ها
موضوع : علی‌بن ابی‌طالب(ع)، امام اول، ۲۳ قبل از هجرت - ۴۰ق. -- کلمات قصار
شناسه افزوده : شریف الرضی، محمدبن حسین، ۴۰۶ - ۳۵۹ق. گردآورنده
رده بندی کنگره : BP۳۸ ۱۳۶۵
رده بندی دیویی : ۲۹۷/۹۵۱۵
شماره کتابشناسی ملی : م‌۶۸-۲۲۰۵
ص:1

اشارة

ص:2
ص:3
ص:4
ص:5
ص:6
ص:7
ص:8
ص:9
ص:10
ص:11
ص:12
ص:13
ص:14
ص:15
ص:16
ص:17
ص:18
ص:19
ص:20
ص:21
ص:22
ص:23
ص:24
ص:25
ص:26
ص:27
ص:28
ص:29
ص:30
ص:31
ص:32

مقدمة السید الشریف الرضی‌

ص:33
بسم الله الرحمن الرحیم أما بعدحمد الله ألذی جعل الحمد ثمنا لنعمائه ومعاذا من بلائه ووسیلا إلی جنانه وسببا لزیادة إحسانه والصلاة علی رسوله نبی الرحمة وإمام الأئمة وسراج الأمة المنتخب من طینة الکرم وسلالة المجد الأقدم ومغرس الفخار المعرق وفرع العلاء المثمر المورق و علی أهل بیته مصابیح الظلم وعصم الأمم ومنار الدین الواضحة ومثاقیل الفضل الراجحة صلی الله علیهم أجمعین صلاة تکون إزاء لفضلهم ومکافأة لعملهم وکفاء لطیب فرعهم وأصلهم ماأنار فجر ساطع وخوی نجم طالع فإنی کنت فی عنفوان السن وغضاضة الغصن ابتدأت بتألیف کتاب فی خصائص الأئمة ع یشتمل علی محاسن أخبارهم وجواهر کلامهم حدانی علیه غرض ذکرته فی صدر الکتاب وجعلته أمام الکلام وفرغت من الخصائص التی تخص أمیر المؤمنین علیا ع وعاقت عن إتمام بقیة الکتاب محاجزات الأیام ومماطلات الزمان
-روایت-1-ادامه دارد

ص 34
وکنت قدبوبت ماخرج من ذلک أبوابا وفصلته فصولا فجاء فی آخرها فصل یتضمن محاسن مانقل عنه ع من الکلام القصیر فی المواعظ والحکم والأمثال والآداب دون الخطب الطویلة والکتب المبسوطة فاستحسن جماعة من الأصدقاء مااشتمل علیه الفصل المقدم ذکره معجبین ببدائعه ومتعجبین من نواصعه وسألونی
عند ذلک أن أبتد‌ئ بتألیف کتاب یحتوی علی مختار کلام مولانا أمیر المؤمنین ع فی جمیع فنونه ومتشعبات غصونه من خطب وکتب ومواعظ وأدب علما أن ذلک یتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربیة وثواقب الکلم الدینیة والدنیویة ما لایوجد مجتمعا فی کلام و لامجموع الأطراف فی کتاب إذ کان أمیر المؤمنین ع مشرع الفصاحة وموردها ومنشأ البلاغة ومولدها و منه ع ظهر مکنونها و عنه أخذت قوانینها و علی أمثلته حذا کل قائل خطیب وبکلامه استعان کل واعظ بلیغ و مع ذلک فقد سبق وقصروا وتقدم وتأخروا لأن کلامه ع الکلام ألذی علیه مسحة من العلم الإلهی و فیه عبقة من الکلام النبوی فأجبتهم إلی الابتداء بذلک عالما بما فیه من عظیم النفع ومنشور الذکر ومذخور الأجر واعتمدت به أن أبین عن عظیم قدر أمیر المؤمنین ع فی هذه الفضیلة مضافة إلی المحاسن الدثرة والفضائل الجمة و أنه ع انفرد ببلوغ غایتها عن جمیع السلف الأولین الذین إنما یؤثر عنهم منها القلیل النادر والشاذ الشارد فأما کلامه فهو البحر ألذی لایساجل والجم ألذی لایحافل
-روایت-از قبل-1-روایت-2-ادامه دارد
ص 35
وأردت أن یسوغ لی التمثل فی الافتخار به ع بقول الفرزدق
-روایت-از قبل-63
أولئک آبائی فجئنی بمثلهم || إذاجمعتنا یاجریر المجامع
ورأیت کلامه ع یدور علی أقطاب ثلاثة أولها الخطب والأوامر وثانیها الکتب والرسائل وثالثها الحکم والمواعظ فأجمعت بتوفیق الله تعالی علی الابتداء باختیار محاسن الخطب ثم محاسن الکتب ثم محاسن الحکم والأدب مفردا لکل صنف من ذلک بابا ومفصلا فیه أوراقا لتکون مقدمة لاستدراک ماعساه یشذ عنی عاجلا ویقع إلی آجلا و إذاجاء شیء من کلامه ع الخارج فی أثناء حوار أوجواب سؤال أوغرض آخر من الأغراض فی غیرالأنحاء التی ذکرتها وقررت القاعدة علیها نسبته إلی ألیق الأبواب به وأشدها ملامحة لغرضه وربما جاء فیما أختاره من ذلک فصول غیرمتسقة ومحاسن کلم غیرمنتظمة لأنی أورد النکت واللمع و لاأقصد التتالی والنسق و من عجائبه ع التی انفرد بها وأمن المشارکة فیها أن کلامه الوارد فی الزهد والمواعظ والتذکیر والزواجر إذاتأمله المتأمل وفکر فیه المتفکر وخلع من قلبه أنه کلام مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملکه لم یعترضه الشک فی أنه کلام من لاحظ له فی غیرالزهادة و لاشغل له بغیر العبادة قدقبع فی کسر بیت أوانقطع إلی سفح جبل لایسمع إلاحسه و لایری إلانفسه و لایکاد یوقن بأنه کلام من ینغمس فی الحرب مصلتا سیفه فیقط الرقاب ویجدل الأبطال ویعود
-روایت-1-ادامه دارد
ص 36
به ینطف دما ویقطر مهجا و هو مع تلک الحال زاهد الزهاد وبدل الأبدال و هذه من فضائله العجیبة وخصائصه اللطیفة التی جمع بها بین الأضداد وألف بین الأشتات وکثیرا ماأذاکر الإخوان بها وأستخرج عجبهم منها وهی موضع للعبرة بها والفکرة فیها وربما جاء فی أثناء هذاالاختیار اللفظ المردد والمعنی المکرر والعذر فی ذلک أن روایات کلامه تختلف اختلافا شدیدا فربما اتفق الکلام المختار فی روایة فنقل علی وجهه ثم وجد بعد ذلک فی روایة أخری موضوعا غیرموضعه الأول إما بزیادة مختارة أوبلفظ أحسن عبارة فتقتضی الحال أن یعاد استظهارا للاختیار وغیرة علی عقائل الکلام وربما بعدالعهد أیضا بما اختیر أولا فأعید بعضه سهوا أونسیانا لاقصدا واعتمادا و لاأدعی مع ذلک أنی أحیط بأقطار جمیع کلامه ع حتی لایشذ عنی منه شاذ و لایند ناد بل لاأبعد أن یکون القاصر عنی فوق الواقع إلی والحاصل فی ربقتی دون الخارج من یدی و ما علی إلابذل الجهد وبلاغة الوسع و علی الله سبحانه و تعالی نهج السبیل وإرشاد الدلیل إن شاء الله . ورأیت من بعدتسمیة هذاالکتاب بنهج البلاغة إذ کان یفتح للناظر فیه أبوابها ویقرب علیه طلابها فیه حاجة العالم والمتعلم وبغیة البلیغ والزاهد ویمضی فی أثنائه من عجیب الکلام فی التوحید والعدل وتنزیه الله سبحانه و تعالی عن شبه الخلق ما هوبلال کل غلة وشفاء کل علة وجلاء کل شبهة و من الله سبحانه أستمد التوفیق والعصمة وأتنجز التسدید والمعونة وأستعیذه من خطإ الجنان قبل خطإ اللسان و من زلة الکلم قبل زلة القدم و هوحسبی ونعم الوکیل
-روایت-از قبل-1388
ص 37

خطب أمیر المؤمنین علیه السلام

اشاره


ص:38
ص 39
باب المختار من خطب أمیر المؤمنین ع وأوامره ویدخل فی ذلک المختار من کلامه الجاری مجری الخطب فی المقامات المحظورة والمواقف المذکورة والخطوب الواردة

1- و من خطبة له ع یذکر فیهاابتداء خلق السماء و الأرض وخلق آدم و فیهاذکر الحج وتحتوی علی حمد الله وخلق العالم وخلق الملائکة واختیار الأنبیاء ومبعث النبی والقرآن والأحکام الشرعیة

اشاره

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَا یَبلُغُ مِدحَتَهُ القَائِلُونَ وَ لَا یحُصیِ نَعمَاءَهُ العَادّونَ وَ لَا یؤُدَیّ حَقّهُ المُجتَهِدُونَ ألّذِی لَا یُدرِکُهُ بُعدُ الهِمَمِ وَ لَا یَنَالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ألّذِی لَیسَ لِصِفَتِهِ حَدّ مَحدُودٌ وَ لَا نَعتٌ مَوجُودٌ وَ لَا وَقتٌ مَعدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمدُودٌ فَطَرَ الخَلَائِقَ بِقُدرَتِهِ وَ نَشَرَ الرّیَاحَ بِرَحمَتِهِ وَ وَتّدَ بِالصّخُورِ مَیَدَانَ أَرضِهِ أَوّلُ الدّینِ مَعرِفَتُهُ وَ کَمَالُ مَعرِفَتِهِ التّصدِیقُ بِهِ وَ کَمَالُ التّصدِیقِ بِهِ تَوحِیدُهُ وَ کَمَالُ تَوحِیدِهِ الإِخلَاصُ لَهُ وَ کَمَالُ الإِخلَاصِ لَهُ نفَی‌ُ الصّفَاتِ عَنهُ لِشَهَادَةِ کُلّ صِفَةٍ أَنّهَا غَیرُ المَوصُوفِ وَ شَهَادَةِ کُلّ مَوصُوفٍ أَنّهُ غَیرُ الصّفَةِ فَمَن وَصَفَ اللّهَ سُبحَانَهُ فَقَد قَرَنَهُ وَ مَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ وَ مَن ثَنّاهُ فَقَد جَزّأَهُ وَ مَن جَزّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ وَ مَن

ص 40
جَهِلَهُ فَقَد أَشَارَ إِلَیهِ وَ مَن أَشَارَ إِلَیهِ فَقَد حَدّهُ وَ مَن حَدّهُ فَقَد عَدّهُ وَ مَن قَالَ فِیمَ فَقَد ضَمّنَهُ وَ مَن قَالَ عَلَا مَ فَقَد أَخلَی مِنهُ کَائِنٌ لَا عَن حَدَثٍ مَوجُودٌ لَا عَن عَدَمٍ مَعَ کُلّ شَیءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَیرُ کُلّ شَیءٍ لَا بِمُزَایَلَةٍ فَاعِلٌ لَا بِمَعنَی الحَرَکَاتِ وَ الآلَةِ بَصِیرٌ إِذ لَا مَنظُورَ إِلَیهِ مِن خَلقِهِ مُتَوَحّدٌ إِذ لَا سَکَنَ یَستَأنِسُ بِهِ وَ لَا یَستَوحِشُ لِفَقدِهِ

خلق العالم

أَنشَأَ الخَلقَ إِنشَاءً وَ ابتَدَأَهُ ابتِدَاءً بِلَا رَوِیّةٍ أَجَالَهَا وَ لَا تَجرِبَةٍ استَفَادَهَا وَ لَا حَرَکَةٍ أَحدَثَهَا وَ لَا هَمَامَةِ نَفسٍ اضطَرَبَ فِیهَا أَحَالَ الأَشیَاءَ لِأَوقَاتِهَا وَ لَأَمَ بَینَ مُختَلِفَاتِهَا وَ غَرّزَ غَرَائِزَهَا وَ أَلزَمَهَا أَشبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبلَ ابتِدَائِهَا مُحِیطاً بِحُدُودِهَا وَ انتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحنَائِهَا ثُمّ أَنشَأَ سُبحَانَهُ فَتقَ الأَجوَاءِ وَ شَقّ الأَرجَاءِ وَ سَکَائِکَ الهَوَاءِ فَأَجرَی فِیهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَیّارُهُ مُتَرَاکِماً زَخّارُهُ حَمَلَهُ عَلَی مَتنِ الرّیحِ العَاصِفَةِ وَ الزّعزَعِ القَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدّهِ وَ سَلّطَهَا عَلَی شَدّهِ وَ قَرَنَهَا إِلَی حَدّهِ الهَوَاءُ مِن تَحتِهَا فَتِیقٌ وَ المَاءُ مِن فَوقِهَا دَفِیقٌ ثُمّ أَنشَأَ سُبحَانَهُ رِیحاً اعتَقَمَ مَهَبّهَا وَ أَدَامَ مُرَبّهَا وَ أَعصَفَ مَجرَاهَا وَ أَبعَدَ مَنشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصفِیقِ المَاءِ الزّخّارِ وَ إِثَارَةِ مَوجِ البِحَارِ فَمَخَضَتهُ مَخضَ

ص 41
السّقَاءِ وَ عَصَفَت بِهِ عَصفَهَا بِالفَضَاءِ تَرُدّ أَوّلَهُ إِلَی آخِرِهِ وَ سَاجِیَهُ إِلَی مَائِرِهِ حَتّی عَبّ عُبَابُهُ وَ رَمَی بِالزّبَدِ رُکَامُهُ فَرَفَعَهُ فِی هَوَاءٍ مُنفَتِقٍ وَ جَوّ مُنفَهِقٍ فَسَوّی مِنهُ سَبعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ سُفلَاهُنّ مَوجاً مَکفُوفاً وَ عُلیَاهُنّ سَقفاً مَحفُوظاً وَ سَمکاً مَرفُوعاً بِغَیرِ عَمَدٍ یَدعَمُهَا وَ لَا دِسَارٍ یَنظِمُهَا ثُمّ زَیّنَهَا بِزِینَةِ الکَوَاکِبِ وَ ضِیَاءِ الثّوَاقِبِ وَ أَجرَی فِیهَا سِرَاجاً مُستَطِیراً وَ قَمَراً مُنِیراً فِی فَلَکٍ دَائِرٍ وَ سَقفٍ سَائِرٍ وَ رَقِیمٍ مَائِرٍ.

خلق الملائکة

ثُمّ فَتَقَ مَا بَینَ السّمَوَاتِ العُلَا فَمَلَأَهُنّ أَطوَاراً مِن مَلَائِکَتِهِ مِنهُم سُجُودٌ لَا یَرکَعُونَ وَ رُکُوعٌ لَا یَنتَصِبُونَ وَ صَافّونَ لَا یَتَزَایَلُونَ وَ مُسَبّحُونَ لَا یَسأَمُونَ لَا یَغشَاهُم نَومُ العُیُونِ وَ لَا سَهوُ العُقُولِ وَ لَا فَترَةُ الأَبدَانِ وَ لَا غَفلَةُ النّسیَانِ وَ مِنهُم أُمَنَاءُ عَلَی وَحیِهِ وَ أَلسِنَةٌ إِلَی رُسُلِهِ وَ مُختَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمرِهِ وَ مِنهُمُ الحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السّدَنَةُ لِأَبوَابِ جِنَانِهِ وَ مِنهُمُ الثّابِتَةُ فِی الأَرَضِینَ السّفلَی أَقدَامُهُم وَ المَارِقَةُ مِنَ السّمَاءِ العُلیَا أَعنَاقُهُم وَ الخَارِجَةُ مِنَ الأَقطَارِ أَرکَانُهُم وَ المُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ العَرشِ أَکتَافُهُم نَاکِسَةٌ دُونَهُ أَبصَارُهُم مُتَلَفّعُونَ تَحتَهُ بِأَجنِحَتِهِم مَضرُوبَةٌ بَینَهُم وَ بَینَ مَن دُونَهُم حُجُبُ العِزّةِ وَ أَستَارُ القُدرَةِ لَا یَتَوَهّمُونَ رَبّهُم بِالتّصوِیرِ

ص 42
وَ لَا یُجرُونَ عَلَیهِ صِفَاتِ المَصنُوعِینَ وَ لَا یَحُدّونَهُ بِالأَمَاکِنِ وَ لَا یُشِیرُونَ إِلَیهِ بِالنّظَائِرِ

صفة خلق آدم علیه السلام

ثُمّ جَمَعَ سُبحَانَهُ مِن حَزنِ الأَرضِ وَ سَهلِهَا وَ عَذبِهَا وَ سَبَخِهَا تُربَةً سَنّهَا بِالمَاءِ حَتّی خَلَصَت وَ لَاطَهَا بِالبَلّةِ حَتّی لَزَبَت فَجَبَلَ مِنهَا صُورَةً ذَاتَ أَحنَاءٍ وَ وُصُولٍ وَ أَعضَاءٍ وَ فُصُولٍ أَجمَدَهَا حَتّی استَمسَکَت وَ أَصلَدَهَا حَتّی صَلصَلَت لِوَقتٍ مَعدُودٍ وَ أَمَدٍ مَعلُومٍ ثُمّ نَفَخَ فِیهَا مِن رُوحِهِ فَمَثُلَت إِنسَاناً ذَا أَذهَانٍ یُجِیلُهَا وَ فِکَرٍ یَتَصَرّفُ بِهَا وَ جَوَارِحَ یَختَدِمُهَا وَ أَدَوَاتٍ یُقَلّبُهَا وَ مَعرِفَةٍ یَفرُقُ بِهَا بَینَ الحَقّ وَ البَاطِلِ وَ الأَذوَاقِ وَ المَشَامّ وَ الأَلوَانِ وَ الأَجنَاسِ مَعجُوناً بِطِینَةِ الأَلوَانِ المُختَلِفَةِ وَ الأَشبَاهِ المُؤتَلِفَةِ وَ الأَضدَادِ المُتَعَادِیَةِ وَ الأَخلَاطِ المُتَبَایِنَةِ مِنَ الحَرّ وَ البَردِ وَ البَلّةِ وَ الجُمُودِ وَ استَأدَی اللّهُ سُبحَانَهُ المَلَائِکَةَ وَدِیعَتَهُ لَدَیهِم وَ عَهدَ وَصِیّتِهِ إِلَیهِم فِی الإِذعَانِ بِالسّجُودِ لَهُ وَ الخُنُوعِ لِتَکرِمَتِهِ فَقَالَ سُبحَانَهُاسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِیسَاعتَرَتهُ الحَمِیّةُ وَ غَلَبَت عَلَیهِ الشّقوَةُ وَ تَعَزّزَ بِخِلقَةِ النّارِ وَ استَوهَنَ خَلقَ الصّلصَالِ فَأَعطَاهُ اللّهُ النّظِرَةَ استِحقَاقاً لِلسّخطَةِ وَ استِتمَاماً لِلبَلِیّةِ وَ إِنجَازاً لِلعِدَةِ فَقَالَفَإِنّکَ مِنَ المُنظَرِینَ إِلی یَومِ الوَقتِ المَعلُومِ
-قرآن-935-976-قرآن-1196-1251

ص 43
ثُمّ أَسکَنَ سُبحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرغَدَ فِیهَا عَیشَهُ وَ آمَنَ فِیهَا مَحَلّتَهُ وَ حَذّرَهُ إِبلِیسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغتَرّهُ عَدُوّهُ نَفَاسَةً عَلَیهِ بِدَارِ المُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ الأَبرَارِ فَبَاعَ الیَقِینَ بِشَکّهِ وَ العَزِیمَةَ بِوَهنِهِ وَ استَبدَلَ بِالجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاغتِرَارِ نَدَماً ثُمّ بَسَطَ اللّهُ سُبحَانَهُ لَهُ فِی تَوبَتِهِ وَ لَقّاهُ کَلِمَةَ رَحمَتِهِ وَ وَعَدَهُ المَرَدّ إِلَی جَنّتِهِ وَ أَهبَطَهُ إِلَی دَارِ البَلِیّةِ وَ تَنَاسُلِ الذّرّیّةِ

اختیار الأنبیاء

وَ اصطَفَی سُبحَانَهُ مِن وَلَدِهِ أَنبِیَاءَ أَخَذَ عَلَی الوحَی‌ِ مِیثَاقَهُم وَ عَلَی تَبلِیغِ الرّسَالَةِ أَمَانَتَهُم لَمّا بَدّلَ أَکثَرُ خَلقِهِ عَهدَ اللّهِ إِلَیهِم فَجَهِلُوا حَقّهُ وَ اتّخَذُوا الأَندَادَ مَعَهُ وَ اجتَالَتهُمُ الشّیَاطِینُ عَن مَعرِفَتِهِ وَ اقتَطَعَتهُم عَن عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِیهِم رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَیهِم أَنبِیَاءَهُ لِیَستَأدُوهُم مِیثَاقَ فِطرَتِهِ وَ یُذَکّرُوهُم منَسیِ‌ّ نِعمَتِهِ وَ یَحتَجّوا عَلَیهِم بِالتّبلِیغِ وَ یُثِیرُوا لَهُم دَفَائِنَ العُقُولِ وَ یُرُوهُم آیَاتِ المَقدِرَةِ مِن سَقفٍ فَوقَهُم مَرفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحتَهُم مَوضُوعٍ وَ مَعَایِشَ تُحیِیهِم وَ آجَالٍ تُفنِیهِم وَ أَوصَابٍ تُهرِمُهُم وَ أَحدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَیهِم وَ لَم یُخلِ اللّهُ سُبحَانَهُ خَلقَهُ مِن نبَیِ‌ّ مُرسَلٍ أَو کِتَابٍ مُنزَلٍ أَو حُجّةٍ لَازِمَةٍ أَو مَحَجّةٍ قَائِمَةٍ رُسُلٌ لَا تُقَصّرُ بِهِم قِلّةُ عَدَدِهِم وَ لَا کَثرَةُ المُکَذّبِینَ لَهُم مِن سَابِقٍ سمُیّ‌َ لَهُ مَن بَعدَهُ

ص 44
أَو غَابِرٍ عَرّفَهُ مَن قَبلَهُ عَلَی ذَلِکَ نَسَلَتِ القُرُونُ وَ مَضَتِ الدّهُورُ وَ سَلَفَتِ الآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الأَبنَاءُ

مبعث النبی

إِلَی أَن بَعَثَ اللّهُ سُبحَانَهُ مُحَمّداً رَسُولَ اللّهِص لِإِنجَازِ عِدَتِهِ وَ إِتمَامِ نُبُوّتِهِ مَأخُوذاً عَلَی النّبِیّینَ مِیثَاقُهُ مَشهُورَةً سِمَاتُهُ کَرِیماً مِیلَادُهُ وَ أَهلُ الأَرضِ یَومَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرّقَةٌ وَ أَهوَاءٌ مُنتَشِرَةٌ وَ طَرَائِقُ مُتَشَتّتَةٌ بَینَ مُشَبّهٍ لِلّهِ بِخَلقِهِ أَو مُلحِدٍ فِی اسمِهِ أَو مُشِیرٍ إِلَی غَیرِهِ فَهَدَاهُم بِهِ مِنَ الضّلَالَةِ وَ أَنقَذَهُم بِمَکَانِهِ مِنَ الجَهَالَةِ ثُمّ اختَارَ سُبحَانَهُ لِمُحَمّدٍص لِقَاءَهُ وَ رضَیِ‌َ لَهُ مَا عِندَهُ وَ أَکرَمَهُ عَن دَارِ الدّنیَا وَ رَغِبَ بِهِ عَن مَقَامِ البَلوَی فَقَبَضَهُ إِلَیهِ کَرِیماًص وَ خَلّفَ فِیکُم مَا خَلّفَتِ الأَنبِیَاءُ فِی أُمَمِهَا إِذ لَم یَترُکُوهُم هَمَلًا بِغَیرِ طَرِیقٍ وَاضِحٍ وَ لَا عَلَمٍ قَائِمٍ

القرآن والأحکام الشرعیة

کِتَابَ رَبّکُم فِیکُم مُبَیّناً حَلَالَهُ وَ حَرَامَهُ وَ فَرَائِضَهُ وَ فَضَائِلَهُ وَ نَاسِخَهُ وَ مَنسُوخَهُ وَ رُخَصَهُ وَ عَزَائِمَهُ وَ خَاصّهُ وَ عَامّهُ وَ عِبَرَهُ وَ أَمثَالَهُ وَ مُرسَلَهُ وَ مَحدُودَهُ وَ مُحکَمَهُ وَ مُتَشَابِهَهُ مُفَسّراً مُجمَلَهُ وَ مُبَیّناً غَوَامِضَهُ بَینَ مَأخُوذٍ مِیثَاقُ عِلمِهِ وَ مُوَسّعٍ

ص 45
عَلَی العِبَادِ فِی جَهلِهِ وَ بَینَ مُثبَتٍ فِی الکِتَابِ فَرضُهُ وَ مَعلُومٍ فِی السّنّةِ نَسخُهُ وَ وَاجِبٍ فِی السّنّةِ أَخذُهُ وَ مُرَخّصٍ فِی الکِتَابِ تَرکُهُ وَ بَینَ وَاجِبٍ بِوَقتِهِ وَ زَائِلٍ فِی مُستَقبَلِهِ وَ مُبَایَنٌ بَینَ مَحَارِمِهِ مِن کَبِیرٍ أَوعَدَ عَلَیهِ نِیرَانَهُ أَو صَغِیرٍ أَرصَدَ لَهُ غُفرَانَهُ وَ بَینَ مَقبُولٍ فِی أَدنَاهُ مُوَسّعٍ فِی أَقصَاهُ

ومنها فی ذکر الحج

وَ فَرَضَ عَلَیکُم حَجّ بَیتِهِ الحَرَامِ ألّذِی جَعَلَهُ قِبلَةً لِلأَنَامِ یَرِدُونَهُ وُرُودَ الأَنعَامِ وَ یَألَهُونَ إِلَیهِ وُلُوهَ الحَمَامِ وَ جَعَلَهُ سُبحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِم لِعَظَمَتِهِ وَ إِذعَانِهِم لِعِزّتِهِ وَ اختَارَ مِن خَلقِهِ سُمّاعاً أَجَابُوا إِلَیهِ دَعوَتَهُ وَ صَدّقُوا کَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنبِیَائِهِ وَ تَشَبّهُوا بِمَلَائِکَتِهِ المُطِیفِینَ بِعَرشِهِ یُحرِزُونَ الأَربَاحَ فِی مَتجَرِ عِبَادَتِهِ وَ یَتَبَادَرُونَ عِندَهُ مَوعِدَ مَغفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی لِلإِسلَامِ عَلَماً وَ لِلعَائِذِینَ حَرَماً فَرَضَ حَقّهُ وَ أَوجَبَ حَجّهُ وَ کَتَبَ عَلَیکُم وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبحَانَهُوَ لِلّهِ عَلَی النّاسِ حِجّ البَیتِ مَنِ استَطاعَ إِلَیهِ سَبِیلًا وَ مَن کَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غنَیِ‌ّ عَنِ العالَمِینَ
-قرآن-657-776

ص 46

2- و من خطبة له ع بعدانصرافه من صفین و فیهاحال الناس قبل البعثة وصفة آل النبی ثم صفة قوم آخرین

اشاره

أَحمَدُهُ استِتمَاماً لِنِعمَتِهِ وَ استِسلَاماً لِعِزّتِهِ وَ استِعصَاماً مِن مَعصِیَتِهِ وَ أَستَعِینُهُ فَاقَةً إِلَی کِفَایَتِهِ إِنّهُ لَا یَضِلّ مَن هَدَاهُ وَ لَا یَئِلُ مَن عَادَاهُ وَ لَا یَفتَقِرُ مَن کَفَاهُ فَإِنّهُ أَرجَحُ مَا وُزِنَ وَ أَفضَلُ مَا خُزِنَ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ شَهَادَةً مُمتَحَناً إِخلَاصُهَا مُعتَقَداً مُصَاصُهَا نَتَمَسّکُ بِهَا أَبَداً مَا أَبقَانَا وَ نَدّخِرُهَا لِأَهَاوِیلِ مَا یَلقَانَا فَإِنّهَا عَزِیمَةُ الإِیمَانِ وَ فَاتِحَةُ الإِحسَانِ وَ مَرضَاةُ الرّحمَنِ وَ مَدحَرَةُ الشّیطَانِ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرسَلَهُ بِالدّینِ المَشهُورِ وَ العَلَمِ المَأثُورِ وَ الکِتَابِ المَسطُورِ وَ النّورِ السّاطِعِ وَ الضّیَاءِ اللّامِعِ وَ الأَمرِ الصّادِعِ إِزَاحَةً لِلشّبُهَاتِ وَ احتِجَاجاً بِالبَیّنَاتِ وَ تَحذِیراً بِالآیَاتِ وَ تَخوِیفاً بِالمَثُلَاتِ وَ النّاسُ فِی فِتَنٍ انجَذَمَ فِیهَا حَبلُ الدّینِ وَ تَزَعزَعَت سوَاَریِ الیَقِینِ وَ اختَلَفَ النّجرُ وَ تَشَتّتَ الأَمرُ وَ ضَاقَ المَخرَجُ وَ عمَیِ‌َ المَصدَرُ فَالهُدَی خَامِلٌ وَ العَمَی شَامِلٌ عصُیِ‌َ الرّحمَنُ وَ نُصِرَ الشّیطَانُ وَ خُذِلَ الإِیمَانُ فَانهَارَت دَعَائِمُهُ وَ تَنَکّرَت مَعَالِمُهُ وَ دَرَسَت

ص 47
سُبُلُهُ وَ عَفَت شُرُکُهُ أَطَاعُوا الشّیطَانَ فَسَلَکُوا مَسَالِکَهُ وَ وَرَدُوا مَنَاهِلَهُ بِهِم سَارَت أَعلَامُهُ وَ قَامَ لِوَاؤُهُ فِی فِتَنٍ دَاسَتهُم بِأَخفَافِهَا وَ وَطِئَتهُم بِأَظلَافِهَا وَ قَامَت عَلَی سَنَابِکِهَا فَهُم فِیهَا تَائِهُونَ حَائِرُونَ جَاهِلُونَ مَفتُونُونَ فِی خَیرِ دَارٍ وَ شَرّ جِیرَانٍ نَومُهُم سُهُودٌ وَ کُحلُهُم دُمُوعٌ بِأَرضٍ عَالِمُهَا مُلجَمٌ وَ جَاهِلُهَا مُکرَمٌ

ومنها یعنی آل النبی علیه الصلاة و السلام

هُم مَوضِعُ سِرّهِ وَ لَجَأُ أَمرِهِ وَ عَیبَةُ عِلمِهِ وَ مَوئِلُ حُکمِهِ وَ کُهُوفُ کُتُبِهِ وَ جِبَالُ دِینِهِ بِهِم أَقَامَ انحِنَاءَ ظَهرِهِ وَ أَذهَبَ ارتِعَادَ فَرَائِصِهِ

وَ مِنهَا یعَنیِ قَوماً آخَرِینَ

زَرَعُوا الفُجُورَ وَ سَقَوهُ الغُرُورَ وَ حَصَدُوا الثّبُورَ لَا یُقَاسُ بِآلِ مُحَمّدٍص مِن هَذِهِ الأُمّةِ أَحَدٌ وَ لَا یُسَوّی بِهِم مَن جَرَت نِعمَتُهُم عَلَیهِ أَبَداً هُم أَسَاسُ الدّینِ وَ عِمَادُ الیَقِینِ إِلَیهِم یفَیِ‌ءُ الغاَلیِ وَ بِهِم یُلحَقُ التاّلیِ وَ لَهُم خَصَائِصُ حَقّ الوِلَایَةِ وَ فِیهِمُ الوَصِیّةُ وَ الوِرَاثَةُ الآنَ إِذ رَجَعَ الحَقّ إِلَی أَهلِهِ وَ نُقِلَ إِلَی مُنتَقَلِهِ

ص 48

3- و من خطبة له ع وهی المعروفة بالشقشقیة وتشتمل علی الشکوی من أمر الخلافة ثم ترجیح صبره عنها ثم مبایعة الناس له

اشاره

أَمَا وَ اللّهِ لَقَد تَقَمّصَهَا فُلَانٌ وَ إِنّهُ لَیَعلَمُ أَنّ محَلَیّ مِنهَا مَحَلّ القُطبِ مِنَ الرّحَی یَنحَدِرُ عنَیّ السّیلُ وَ لَا یَرقَی إلِیَ‌ّ الطّیرُ فَسَدَلتُ دُونَهَا ثَوباً وَ طَوَیتُ عَنهَا کَشحاً وَ طَفِقتُ أرَتئَیِ بَینَ أَن أَصُولَ بِیَدٍ جَذّاءَ أَو أَصبِرَ عَلَی طَخیَةٍ عَمیَاءَ یَهرَمُ فِیهَا الکَبِیرُ وَ یَشِیبُ فِیهَا الصّغِیرُ وَ یَکدَحُ فِیهَا مُؤمِنٌ حَتّی یَلقَی رَبّهُ

ترجیح الصبر

فَرَأَیتُ أَنّ الصّبرَ عَلَی هَاتَا أَحجَی فَصَبَرتُ وَ فِی العَینِ قَذًی وَ فِی الحَلقِ شَجًا أَرَی ترُاَثیِ نَهباً حَتّی مَضَی الأَوّلُ لِسَبِیلِهِ فَأَدلَی بِهَا إِلَی فُلَانٍ بَعدَهُ ثُمّ تَمَثّلَ بِقَولِ الأَعشَی
شَتّانَ مَا یوَمیِ عَلَی کُورِهَا || وَ یَومُ حَیّانَ أخَیِ جَابِرِ
فَیَا عَجَباً بَینَا هُوَ یَستَقِیلُهَا فِی حَیَاتِهِ إِذ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعدَ وَفَاتِهِ لَشَدّ مَا تَشَطّرَا ضَرعَیهَا فَصَیّرَهَا فِی حَوزَةٍ خَشنَاءَ یَغلُظُ کَلمُهَا وَ یَخشُنُ مَسّهَا وَ یَکثُرُ العِثَارُ فِیهَا وَ الِاعتِذَارُ مِنهَا فَصَاحِبُهَا کَرَاکِبِ الصّعبَةِ إِن أَشنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِن أَسلَسَ

ص 49
لَهَا تَقَحّمَ فمَنُیِ‌َ النّاسُ لَعَمرُ اللّهِ بِخَبطٍ وَ شِمَاسٍ وَ تَلَوّنٍ وَ اعتِرَاضٍ فَصَبَرتُ عَلَی طُولِ المُدّةِ وَ شِدّةِ المِحنَةِ حَتّی إِذَا مَضَی لِسَبِیلِهِ جَعَلَهَا فِی جَمَاعَةٍ زَعَمَ أنَیّ أَحَدُهُم فَیَا لَلّهِ وَ لِلشّورَی مَتَی اعتَرَضَ الرّیبُ فِیّ مَعَ الأَوّلِ مِنهُم حَتّی صِرتُ أُقرَنُ إِلَی هَذِهِ النّظَائِرِ لکَنِیّ أَسفَفتُ إِذ أَسَفّوا وَ طِرتُ إِذ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنهُم لِضِغنِهِ وَ مَالَ الآخَرُ لِصِهرِهِ مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ إِلَی أَن قَامَ ثَالِثُ القَومِ نَافِجاً حِضنَیهِ بَینَ نَثِیلِهِ وَ مُعتَلَفِهِ وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِیهِ یَخضَمُونَ مَالَ اللّهِ خِضمَةَ الإِبِلِ نِبتَةَ الرّبِیعِ إِلَی أَنِ انتَکَثَ عَلَیهِ فَتلُهُ وَ أَجهَزَ عَلَیهِ عَمَلُهُ وَ کَبَت بِهِ بِطنَتُهُ

مبایعة علی

فَمَا راَعنَیِ إِلّا وَ النّاسُ کَعُرفِ الضّبُعِ إلِیَ‌ّ یَنثَالُونَ عَلَیّ مِن کُلّ جَانِبٍ حَتّی لَقَد وُطِئَ الحَسَنَانِ وَ شُقّ عطِفاَی‌َ مُجتَمِعِینَ حوَلیِ کَرَبِیضَةِ الغَنَمِ فَلَمّا نَهَضتُ بِالأَمرِ نَکَثَت طَائِفَةٌ وَ مَرَقَت أُخرَی وَ قَسَطَ آخَرُونَ کَأَنّهُم لَم یَسمَعُوا اللّهَ سُبحَانَهُ یَقُولُتِلکَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُها لِلّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوّا فِی الأَرضِ وَ لا فَساداً وَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِینَبَلَی وَ اللّهِ لَقَد سَمِعُوهَا وَ وَعَوهَا وَ لَکِنّهُم
-قرآن-316-433

ص 50
حَلِیَتِ الدّنیَا فِی أَعیُنِهِم وَ رَاقَهُم زِبرِجُهَا أَمَا وَ ألّذِی فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَو لَا حُضُورُ الحَاضِرِ وَ قِیَامُ الحُجّةِ بِوُجُودِ النّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللّهُ عَلَی العُلَمَاءِ أَلّا یُقَارّوا عَلَی کِظّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظلُومٍ لَأَلقَیتُ حَبلَهَا عَلَی غَارِبِهَا وَ لَسَقَیتُ آخِرَهَا بِکَأسِ أَوّلِهَا وَ لَأَلفَیتُم دُنیَاکُم هَذِهِ أَزهَدَ عنِدیِ مِن عَفطَةِ عَنزٍ قَالُوا وَ قَامَ إِلَیهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ السّوَادِ
عِندَ بُلُوغِهِ إِلَی هَذَا المَوضِعِ مِن خُطبَتِهِ فَنَاوَلَهُ کِتَاباً قِیلَ إِنّ فِیهِ مَسَائِلَ کَانَ یُرِیدُ الإِجَابَةَ عَنهَا فَأَقبَلَ یَنظُرُ فِیهِ فَلَمّا فَرَغَ مِن قِرَاءَتِهِ قَالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ لَوِ اطّرَدَت خُطبَتُکَ مِن حَیثُ أَفضَیتَ فَقَالَ هَیهَاتَ یَا ابنَ عَبّاسٍ تِلکَ شِقشِقَةٌ هَدَرَت ثُمّ قَرّت قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَوَاللّهِ مَا أَسَفتُ عَلَی کَلَامٍ قَطّ کأَسَفَیِ عَلَی هَذَا الکَلَامِ أَلّا یَکُونَ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ ع بَلَغَ مِنهُ حَیثُ أَرَادَ
قال الشریف رضی اللّه عنه قوله علیه السلام کراکب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم یرید أنه إذاشدد علیها فی جذب الزمام وهی تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخی لها شیئا مع صعوبتها تقحمت به فلم یملکها یقال أشنق الناقة إذاجذب رأسها بالزمام فرفعه وشنقها أیضا ذکر ذلک ابن السکیت فی إصلاح المنطق وإنما قال ع أشنق لها و لم یقل أشنقها لأنه جعله فی مقابلة قوله أسلس لها فکأنه ع قال إن رفع لها رأسها بمعنی أمسکه علیها بالزمام
-روایت-1-463
ص 51

4- و من خطبة له ع

وهی من أفصح کلامه علیه السلام و فیهایعظ الناس ویهدیهم من ضلالتهم ویقال إنه خطبها بعدقتل طلحة والزبیر
-روایت-1-114
بِنَا اهتَدَیتُم فِی الظّلمَاءِ وَ تَسَنّمتُم ذُروَةَ العَلیَاءِ وَ بِنَا أَفجَرتُم عَنِ السّرَارِ وُقِرَ سَمعٌ لَم یَفقَهِ الوَاعِیَةَ وَ کَیفَ یرُاَعیِ النّبأَةَ مَن أَصَمّتهُ الصّیحَةُ رُبِطَ جَنَانٌ لَم یُفَارِقهُ الخَفَقَانُ مَا زِلتُ أَنتَظِرُ بِکُم عَوَاقِبَ الغَدرِ وَ أَتَوَسّمُکُم بِحِلیَةِ المُغتَرّینَ حَتّی ستَرَنَیِ عَنکُم جِلبَابُ الدّینِ وَ بَصّرَنِیکُم صِدقُ النّیّةِ أَقَمتُ لَکُم عَلَی سَنَنِ الحَقّ فِی جَوَادّ المَضَلّةِ حَیثُ تَلتَقُونَ وَ لَا دَلِیلَ وَ تَحتَفِرُونَ وَ لَا تُمِیهُونَ الیَومَ أُنطِقُ لَکُمُ العَجمَاءَ ذَاتَ البَیَانِ عَزَبَ رأَی‌ُ امر‌ِئٍ تَخَلّفَ عنَیّ مَا شَکَکتُ فِی الحَقّ مُذ أُرِیتُهُ لَم یُوجِس مُوسَی ع خِیفَةً عَلَی نَفسِهِ بَل أَشفَقَ مِن غَلَبَةِ الجُهّالِ وَ دُوَلِ الضّلَالِ الیَومَ تَوَاقَفنَا عَلَی سَبِیلِ الحَقّ وَ البَاطِلِ مَن وَثِقَ بِمَاءٍ لَم یَظمَأ

ص 52

5- و من خطبة له ع لماقبض رسول الله ص وخاطبه العباس و أبوسفیان بن حرب فی أن یبایعا له بالخلافة( و ذلک بعد أن تمت البیعة لأبی بکر فی السقیفة، و فیهاینهی عن الفتنة ویبین عن خلقه وعلمه )

النهی عن الفتنة

أَیّهَا النّاسُ شُقّوا أَموَاجَ الفِتَنِ بِسُفُنِ النّجَاةِ وَ عَرّجُوا عَن طَرِیقِ المُنَافَرَةِ وَ ضَعُوا تِیجَانَ المُفَاخَرَةِ أَفلَحَ مَن نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ استَسلَمَ فَأَرَاحَ هَذَا مَاءٌ آجِنٌ وَ لُقمَةٌ یَغَصّ بِهَا آکِلُهَا وَ مجُتنَیِ الثّمَرَةِ لِغَیرِ وَقتِ إِینَاعِهَا کَالزّارِعِ بِغَیرِ أَرضِهِ.

خلقه وعلمه

فَإِن أَقُل یَقُولُوا حَرَصَ عَلَی المُلکِ وَ إِن أَسکُت یَقُولُوا جَزِعَ مِنَ المَوتِ هَیهَاتَ بَعدَ اللّتَیّا وَ التّیِ وَ اللّهِ لَابنُ أَبِی طَالِبٍ آنَسُ بِالمَوتِ مِنَ الطّفلِ بثِدَی‌ِ أُمّهِ بَلِ اندَمَجتُ عَلَی مَکنُونِ عِلمٍ لَو بُحتُ بِهِ لَاضطَرَبتُم اضطِرَابَ الأَرشِیَةِ فِی الطوّیِ‌ّ البَعِیدَةِ

ص 53

6- و من کلام له ع لماأشیر علیه بألا یتبع طلحة والزبیر و لایرصد لهما القتال و فیه یبین عن صفته بأنه علیه السلام لایخدع

وَ اللّهِ لَا أَکُونُ کَالضّبُعِ تَنَامُ عَلَی طُولِ اللّدمِ حَتّی یَصِلَ إِلَیهَا طَالِبُهَا وَ یَختِلَهَا رَاصِدُهَا وَ لکَنِیّ أَضرِبُ بِالمُقبِلِ إِلَی الحَقّ المُدبِرَ عَنهُ وَ بِالسّامِعِ المُطِیعِ العاَصیِ‌َ المُرِیبَ أَبَداً حَتّی یأَتیِ‌َ عَلَیّ یوَمیِ فَوَاللّهِ مَا زِلتُ مَدفُوعاً عَن حقَیّ مُستَأثَراً عَلَیّ مُنذُ قَبَضَ اللّهُ نَبِیّهُ صَلّی اللّهُ عَلَیهِ وَ سَلّمَ حَتّی یَومِ النّاسِ هَذَا

7- و من خطبة له ع یذم فیهاأتباع الشیطان

اتّخَذُوا الشّیطَانَ لِأَمرِهِم مِلَاکاً وَ اتّخَذَهُم لَهُ أَشرَاکاً فَبَاضَ وَ فَرّخَ فِی صُدُورِهِم وَ دَبّ وَ دَرَجَ فِی حُجُورِهِم فَنَظَرَ بِأَعیُنِهِم وَ نَطَقَ بِأَلسِنَتِهِم فَرَکِبَ بِهِمُ الزّلَلَ وَ زَیّنَ لَهُمُ الخَطَلَ فِعلَ مَن قَد شَرِکَهُ الشّیطَانُ فِی سُلطَانِهِ وَ نَطَقَ بِالبَاطِلِ عَلَی لِسَانِهِ

ص 54

8- و من کلام له ع یعنی به الزبیر فی حال اقتضت ذلک ویدعوه للدخول فی البیعة ثانیة

یَزعُمُ أَنّهُ قَد بَایَعَ بِیَدِهِ وَ لَم یُبَایِع بِقَلبِهِ فَقَد أَقَرّ بِالبَیعَةِ وَ ادّعَی الوَلِیجَةَ فَلیَأتِ عَلَیهَا بِأَمرٍ یُعرَفُ وَ إِلّا فَلیَدخُل فِیمَا خَرَجَ مِنهُ

9- و من کلام له ع فی صفته وصفة خصومه ویقال إنها فی أصحاب الجمل

وَ قَد أَرعَدُوا وَ أَبرَقُوا وَ مَعَ هَذَینِ الأَمرَینِ الفَشَلُ وَ لَسنَا نُرعِدُ حَتّی نُوقِعَ وَ لَا نُسِیلُ حَتّی نُمطِرَ

10- و من خطبة له ع یرید الشیطان أویکنی به عن قوم

أَلَا وَ إِنّ الشّیطَانَ قَد جَمَعَ حِزبَهُ وَ استَجلَبَ خَیلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنّ معَیِ لبَصَیِرتَیِ مَا لَبّستُ عَلَی نفَسیِ وَ لَا لُبّسَ عَلَیّ وَ ایمُ اللّهِ لَأُفرِطَنّ لَهُم حَوضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصدُرُونَ عَنهُ وَ لَا یَعُودُونَ إِلَیهِ

ص 55

11- و من کلام له ع لابنه محمد ابن الحنفیة لماأعطاه الرایة یوم الجمل

تَزُولُ الجِبَالُ وَ لَا تَزُل عَضّ عَلَی نَاجِذِکَ أَعِرِ اللّهَ جُمجُمَتَکَ تِد فِی الأَرضِ قَدَمَکَ ارمِ بِبَصَرِکَ أَقصَی القَومِ وَ غُضّ بَصَرَکَ وَ اعلَم أَنّ النّصرَ مِن
عِندِ اللّهِ سُبحَانَهُ

12- و من کلام له ع لماأظفره الله بأصحاب الجمل

وَ قَد قَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِهِ وَدِدتُ أَنّ أخَیِ فُلَاناً کَانَ شَاهِدَنَا لِیَرَی مَا نَصَرَکَ اللّهُ بِهِ عَلَی أَعدَائِکَ فَقَالَ لَهُ ع أَ هَوَی أَخِیکَ مَعَنَا فَقَالَ نَعَم قَالَ فَقَد شَهِدَنَا وَ لَقَد شَهِدَنَا فِی عَسکَرِنَا هَذَا أَقوَامٌ فِی أَصلَابِ الرّجَالِ وَ أَرحَامِ النّسَاءِ سَیَرعَفُ بِهِمُ الزّمَانُ وَ یَقوَی بِهِمُ الإِیمَانُ

13- و من کلام له ع فی ذم أهل البصرة بعدوقعة الجمل

کُنتُم جُندَ المَرأَةِ وَ أَتبَاعَ البَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبتُم وَ عُقِرَ فَهَرَبتُم أَخلَاقُکُم دِقَاقٌ وَ عَهدُکُم شِقَاقٌ وَ دِینُکُم نِفَاقٌ وَ مَاؤُکُم زُعَاقٌ وَ المُقِیمُ بَینَ أَظهُرِکُم مُرتَهَنٌ بِذَنبِهِ وَ الشّاخِصُ عَنکُم مُتَدَارَکٌ بِرَحمَةٍ مِن رَبّهِ کأَنَیّ بِمَسجِدِکُم کَجُؤجُؤِ

ص 56
سَفِینَةٍ قَد بَعَثَ اللّهُ عَلَیهَا العَذَابَ مِن فَوقِهَا وَ مِن تَحتِهَا وَ غَرِقَ مَن فِی ضِمنِهَا وَ فِی رِوَایَةٍ وَ ایمُ اللّهِ لَتَغرَقَنّ بَلدَتُکُم حَتّی کأَنَیّ أَنظُرُ إِلَی مَسجِدِهَا کَجُؤجُؤِ سَفِینَةٍ أَو نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ وَ فِی رِوَایَةٍ کَجُؤجُؤِ طَیرٍ فِی لُجّةِ بَحرٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخرَی بِلَادُکُم أَنتَنُ بِلَادِ اللّهِ تُربَةً أَقرَبُهَا مِنَ المَاءِ وَ أَبعَدُهَا مِنَ السّمَاءِ وَ بِهَا تِسعَةُ أَعشَارِ الشّرّ المُحتَبَسُ فِیهَا بِذَنبِهِ وَ الخَارِجُ بِعَفوِ اللّهِ کأَنَیّ أَنظُرُ إِلَی قَریَتِکُم هَذِهِ قَد طَبّقَهَا المَاءُ حَتّی مَا یُرَی مِنهَا إِلّا شُرَفُ المَسجِدِ کَأَنّهُ جُؤجُؤُ طَیرٍ فِی لُجّةِ بَحرٍ

14- و من کلام له ع فی مثل ذلک

أَرضُکُم قَرِیبَةٌ مِنَ المَاءِ بَعِیدَةٌ مِنَ السّمَاءِ خَفّت عُقُولُکُم وَ سَفِهَت حُلُومُکُم فَأَنتُم غَرَضٌ لِنَابِلٍ وَ أُکلَةٌ لِآکِلٍ وَ فَرِیسَةٌ لِصَائِلٍ

ص 57

15- و من کلام له ع فیما رده علی المسلمین من قطائع عثمان رضی الله عنه

وَ اللّهِ لَو وَجَدتُهُ قَد تُزُوّجَ بِهِ النّسَاءُ وَ مُلِکَ بِهِ الإِمَاءُ لَرَدَدتُهُ فَإِنّ فِی العَدلِ سَعَةً وَ مَن ضَاقَ عَلَیهِ العَدلُ فَالجَورُ عَلَیهِ أَضیَقُ

16- و من کلام له ع لمابویع فی المدینة و فیهایخبر الناس بعلمه بما تئول إلیه أحوالهم و فیهایقسمهم إلی أقسام

اشاره

ذمِتّیِ بِمَا أَقُولُ رَهِینَةٌوَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ إِنّ مَن صَرّحَت لَهُ العِبَرُ عَمّا بَینَ یَدَیهِ مِنَ المَثُلَاتِ حَجَزَتهُ التّقوَی عَن تَقَحّمِ الشّبُهَاتِ أَلَا وَ إِنّ بَلِیّتَکُم قَد عَادَت کَهَیئَتِهَا یَومَ بَعَثَ اللّهُ نَبِیّهُص وَ ألّذِی بَعَثَهُ بِالحَقّ لَتُبَلبَلُنّ بَلبَلَةً وَ لَتُغَربَلُنّ غَربَلَةً وَ لَتُسَاطُنّ سَوطَ القِدرِ حَتّی یَعُودَ أَسفَلُکُم أَعلَاکُم وَ أَعلَاکُم أَسفَلَکُم وَ لَیَسبِقَنّ سَابِقُونَ کَانُوا قَصّرُوا وَ لَیُقَصّرَنّ سَبّاقُونَ کَانُوا سَبَقُوا وَ اللّهِ مَا کَتَمتُ وَشمَةً وَ لَا کَذَبتُ کِذبَةً وَ لَقَد نُبّئتُ بِهَذَا المَقَامِ وَ هَذَا الیَومِ أَلَا وَ إِنّ الخَطَایَا خَیلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیهَا أَهلُهَا وَ خُلِعَت لُجُمُهَا فَتَقَحّمَت بِهِم فِی النّارِ أَلَا وَ إِنّ التّقوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیهَا أَهلُهَا
-قرآن-33-53

ص 58
وَ أُعطُوا أَزِمّتَهَا فَأَورَدَتهُمُ الجَنّةَ حَقّ وَ بَاطِلٌ وَ لِکُلّ أَهلٌ فَلَئِن أَمِرَ البَاطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِن قَلّ الحَقّ فَلَرُبّمَا وَ لَعَلّ وَ لَقَلّمَا أَدبَرَ شَیءٌ فَأَقبَلَ
قال السید الشریف وأقول إن فی هذاالکلام الأدنی من مواقع الإحسان ما لاتبلغه مواقع الاستحسان و إن حظ العجب منه أکثر من حظ العجب به و فیه مع الحال التی وصفنا زوائد من الفصاحة لایقوم بهالسان و لایطلع فجها إنسان و لایعرف ماأقول إلا من ضرب فی هذه الصناعة بحق وجری فیها علی عرق وَ ما یَعقِلُها إِلّا العالِمُونَ
-روایت-1-333

و من هذه الخطبة و فیهایقسم الناس إلی ثلاثة أصناف

شُغِلَ مَنِ الجَنّةُ وَ النّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِیعٌ نَجَا وَ طَالِبٌ بطَیِ‌ءٌ رَجَا وَ مُقَصّرٌ فِی النّارِ هَوَی الیَمِینُ وَ الشّمَالُ مَضَلّةٌ وَ الطّرِیقُ الوُسطَی هیِ‌َ الجَادّةُ عَلَیهَا باَقیِ الکِتَابِ وَ آثَارُ النّبُوّةِ وَ مِنهَا مَنفَذُ السّنّةِ وَ إِلَیهَا مَصِیرُ العَاقِبَةِ هَلَکَ مَنِ ادّعَی وَخابَ مَنِ افتَری مَن أَبدَی صَفحَتَهُ لِلحَقّ هَلَکَ وَ کَفَی بِالمَرءِ جَهلًا أَلّا یَعرِفَ قَدرَهُ لَا یَهلِکُ عَلَی التّقوَی سِنخُ أَصلٍ وَ لَا یَظمَأُ عَلَیهَا زَرعُ قَومٍ فَاستَتِرُوا فِی بُیُوتِکُموَ أَصلِحُوا ذاتَ بَینِکُم وَ التّوبَةُ مِن وَرَائِکُم وَ لَا یَحمَد حَامِدٌ إِلّا رَبّهُ وَ لَا یَلُم لَائِمٌ إِلّا نَفسَهُ
-قرآن-317-332-قرآن-520-545

ص 59

17- و من کلام له ع فی صفة من یتصدی للحکم بین الأمة و لیس لذلک بأهل و فیهاأبغض الخلائق إلی اللّه صنفان

الصنف الأول

إنّ أَبغَضَ الخَلَائِقِ إِلَی اللّهِ رَجُلَانِ رَجُلٌ وَکَلَهُ اللّهُ إِلَی نَفسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَن قَصدِ السّبِیلِ مَشغُوفٌ بِکَلَامِ بِدعَةٍ وَ دُعَاءِ ضَلَالَةٍ فَهُوَ فِتنَةٌ لِمَنِ افتَتَنَ بِهِ ضَالّ عَن هدَی‌ِ مَن کَانَ قَبلَهُ مُضِلّ لِمَنِ اقتَدَی بِهِ فِی حَیَاتِهِ وَ بَعدَ وَفَاتِهِ حَمّالٌ خَطَایَا غَیرِهِ رَهنٌ بِخَطِیئَتِهِ

الصنف الثانی‌

وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهلًا مُوضِعٌ فِی جُهّالِ الأُمّةِ عَادٍ فِی أَغبَاشِ الفِتنَةِ عَمٍ بِمَا فِی عَقدِ الهُدنَةِ قَد سَمّاهُ أَشبَاهُ النّاسِ عَالِماً وَ لَیسَ بِهِ بَکّرَ فَاستَکثَرَ مِن جَمعٍ مَا قَلّ مِنهُ خَیرٌ مِمّا کَثُرَ حَتّی إِذَا ارتَوَی مِن مَاءٍ آجِنٍ وَ اکتَثَرَ مِن غَیرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَینَ النّاسِ قَاضِیاً ضَامِناً لِتَخلِیصِ مَا التَبَسَ عَلَی غَیرِهِ فَإِن نَزَلَت بِهِ إِحدَی المُبهَمَاتِ هَیّأَ لَهَا حَشواً رَثّا مِن رَأیِهِ ثُمّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِن لَبسِ الشّبُهَاتِ فِی مِثلِ نَسجِ العَنکَبُوتِ لَا یدَریِ أَصَابَ أَم أَخطَأَ فَإِن أَصَابَ خَافَ أَن یَکُونَ قَد أَخطَأَ وَ إِن أَخطَأَ رَجَا أَن یَکُونَ قَد أَصَابَ جَاهِلٌ خَبّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَکّابُ عَشَوَاتٍ لَم یَعَضّ عَلَی العِلمِ

ص 60
بِضِرسٍ قَاطِعٍ یَذرُو الرّوَایَاتِ ذَروَ الرّیحِ الهَشِیمَ لَا ملَیِ‌ّ وَ اللّهِ بِإِصدَارِ مَا وَرَدَ عَلَیهِ وَ لَا أَهلٌ لِمَا قُرّظَ بِهِ لَا یَحسَبُ العِلمَ فِی شَیءٍ مِمّا أَنکَرَهُ وَ لَا یَرَی أَنّ مِن وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذهَباً لِغَیرِهِ وَ إِن أَظلَمَ عَلَیهِ أَمرٌ اکتَتَمَ بِهِ لِمَا یَعلَمُ مِن جَهلِ نَفسِهِ تَصرُخُ مِن جَورِ قَضَائِهِ الدّمَاءُ وَ تَعَجّ مِنهُ المَوَارِیثُ إِلَی اللّهِ أَشکُو مِن مَعشَرٍ یَعِیشُونَ جُهّالًا وَ یَمُوتُونَ ضُلّالًا لَیسَ فِیهِم سِلعَةٌ أَبوَرُ مِنَ الکِتَابِ إِذَا تلُیِ‌َ حَقّ تِلَاوَتِهِ وَ لَا سِلعَةٌ أَنفَقُ بَیعاً وَ لَا أَغلَی ثَمَناً مِنَ الکِتَابِ إِذَا حُرّفَ عَن مَوَاضِعِهِ وَ لَا عِندَهُم أَنکَرُ مِنَ المَعرُوفِ وَ لَا أَعرَفُ مِنَ المُنکَرِ

18- و من کلام له ع فی ذم اختلاف العلماء فی الفتیا و فیه یذم أهل الرأی ویکل أمر الحکم فی أمور الدین للقرآن

ذم أهل الرأی‌

تَرِدُ عَلَی أَحَدِهِمُ القَضِیّةُ فِی حُکمٍ مِنَ الأَحکَامِ فَیَحکُمُ فِیهَا بِرَأیِهِ ثُمّ تَرِدُ تِلکَ القَضِیّةُ بِعَینِهَا عَلَی غَیرِهِ فَیَحکُمُ فِیهَا بِخِلَافِ قَولِهِ ثُمّ یَجتَمِعُ القُضَاةُ بِذَلِکَ
عِندَ الإِمَامِ ألّذِی استَقضَاهُم فَیُصَوّبُ آرَاءَهُم جَمِیعاً وَ إِلَهُهُم وَاحِدٌ وَ نَبِیّهُم وَاحِدٌ وَ کِتَابُهُم وَاحِدٌ

ص 61
أَ فَأَمَرَهُمُ اللّهُ سُبحَانَهُ بِالِاختِلَافِ فَأَطَاعُوهُ أَم نَهَاهُم عَنهُ فَعَصَوهُ

الحکم للقرآن

أَم أَنزَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ دِیناً نَاقِصاً فَاستَعَانَ بِهِم عَلَی إِتمَامِهِ أَم کَانُوا شُرَکَاءَ لَهُ فَلَهُم أَن یَقُولُوا وَ عَلَیهِ أَن یَرضَی أَم أَنزَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ دِیناً تَامّاً فَقَصّرَ الرّسُولُص عَن تَبلِیغِهِ وَ أَدَائِهِ وَ اللّهُ سُبحَانَهُ یَقُولُما فَرّطنا فِی الکِتابِ مِن شَیءٍ وَ فِیهِ تِبیَانٌ لِکُلّ شَیءٍ وَ ذَکَرَ أَنّ الکِتَابَ یُصَدّقُ بَعضُهُ بَعضاً وَ أَنّهُ لَا اختِلَافَ فِیهِ فَقَالَ سُبحَانَهُوَ لَو کانَ مِن
عِندِ غَیرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِیهِ اختِلافاً کَثِیراً وَ إِنّ القُرآنَ ظَاهِرُهُ أَنِیقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِیقٌ لَا تَفنَی عَجَائِبُهُ وَ لَا تنَقضَیِ غَرَائِبُهُ وَ لَا تُکشَفُ الظّلُمَاتُ إِلّا بِهِ
-قرآن-276-308-قرآن-438-507

19- و من کلام له ع قاله للأشعث بن قیس و هو علی منبر الکوفة یخطب ،فمضی فی بعض کلامه شیءاعترضه الأشعث فیه ، فقال یا أمیر المؤمنین ، هذه علیک لا لک ،فخفض علیه السلام إلیه بصره ثم قال

مَا یُدرِیکَ مَا عَلَیّ مِمّا لِی عَلَیکَ لَعنَةُ اللّهِ وَ لَعنَةُ اللّاعِنِینَ حَائِکٌ ابنُ حَائِکٍ مُنَافِقٌ ابنُ کَافِرٍ وَ اللّهِ لَقَد أَسَرَکَ الکُفرُ مَرّةً وَ الإِسلَامُ

ص 62
أُخرَی فَمَا فَدَاکَ مِن وَاحِدَةٍ مِنهُمَا مَالُکَ وَ لَا حَسَبُکَ وَ إِنّ امرَأً دَلّ عَلَی قَومِهِ السّیفَ وَ سَاقَ إِلَیهِمُ الحَتفَ لحَرَیِ‌ّ أَن یَمقُتَهُ الأَقرَبُ وَ لَا یَأمَنَهُ الأَبعَدُ
قال السید الشریف یرید ع أنه أسر فی الکفر مرة و فی الإسلام مرة. و أما قوله ع دل علی قومه السیف فأراد به حدیثا کان للأشعث مع خالد بن الولید بالیمامة غر فیه قومه ومکر بهم حتی أوقع بهم خالد و کان قومه بعد ذلک یسمونه عرف النار و هواسم للغادر عندهم
-روایت-1-262

20- و من کلام له ع و فیه ینفر من الغفلة وینبه إلی الفرار للّه

فَإِنّکُم لَو قَد عَایَنتُم مَا قَد عَایَنَ مَن مَاتَ مِنکُم لَجَزِعتُم وَ وَهِلتُم وَ سَمِعتُم وَ أَطَعتُم وَ لَکِن مَحجُوبٌ عَنکُم مَا قَد عَایَنُوا وَ قَرِیبٌ مَا یُطرَحُ الحِجَابُ وَ لَقَد بُصّرتُم إِن أَبصَرتُم وَ أُسمِعتُم إِن سَمِعتُم وَ هُدِیتُم إِنِ اهتَدَیتُم وَ بِحَقّ أَقُولُ لَکُم لَقَد جَاهَرَتکُمُ العِبَرُ وَ زُجِرتُم بِمَا فِیهِ مُزدَجَرٌ وَ مَا یُبَلّغُ عَنِ اللّهِ بَعدَ رُسُلِ السّمَاءِ إِلّا البَشَرُ

21- و من خطبة له ع وهی کلمة جامعة للعظة والحکمة

فَإِنّ الغَایَةَ أَمَامَکُم وَ إِنّ وَرَاءَکُمُ السّاعَةَ تَحدُوکُم تَخَفّفُوا

ص 63
تَلحَقُوا فَإِنّمَا یُنتَظَرُ بِأَوّلِکُم آخِرُکُم
قال السید الشریف أقول إن هذاالکلام لووزن بعدکلام الله سبحانه و بعدکلام رسول الله ص بکل کلام لمال به راجحا وبرز علیه سابقا.فأما قوله ع تخففوا تلحقوا فما سمع کلام أقل منه مسموعا و لاأکثر منه محصولا و ماأبعد غورها من کلمة وأنقع نطفتها من حکمة و قدنبهنا فی کتاب الخصائص علی عظم قدرها وشرف جوهرها
-روایت-1-316

22- و من خطبة له ع حین بلغه خبر الناکثین ببیعته و فیهایذم عملهم ویلزمهم دم عثمان ویتهددهم بالحرب

ذم الناکثین

أَلَا وَ إِنّ الشّیطَانَ قَد ذَمّرَ حِزبَهُ وَ استَجلَبَ جَلَبَهُ لِیَعُودَ الجَورُ إِلَی أَوطَانِهِ وَ یَرجِعَ البَاطِلُ إِلَی نِصَابِهِ وَ اللّهِ مَا أَنکَرُوا عَلَیّ مُنکَراً وَ لَا جَعَلُوا بیَنیِ وَ بَینَهُم نَصِفاً

دم عثمان

وَ إِنّهُم لَیَطلُبُونَ حَقّاً هُم تَرَکُوهُ وَ دَماً هُم سَفَکُوهُ فَلَئِن کُنتُ شَرِیکَهُم فِیهِ فَإِنّ لَهُم لَنَصِیبَهُم مِنهُ وَ لَئِن کَانُوا وَلُوهُ دوُنیِ فَمَا التّبِعَةُ إِلّا عِندَهُم وَ إِنّ أَعظَمَ حُجّتِهِم لَعَلَی أَنفُسِهِم یَرتَضِعُونَ أُمّاً قَد فَطَمَت وَ یُحیُونَ بِدعَةً قَد أُمِیتَت یَا خَیبَةَ الداّعیِ مَن دَعَا وَ إِلَامَ أُجِیبَ وَ إنِیّ لَرَاضٍ بِحُجّةِ اللّهِ عَلَیهِم وَ عِلمِهِ فِیهِم

ص 64

التهدید بالحرب

فَإِن أَبَوا أَعطَیتُهُم حَدّ السّیفِ وَ کَفَی بِهِ شَافِیاً مِنَ البَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلحَقّ وَ مِنَ العَجَبِ بَعثُهُم إلِیَ‌ّ أَن أَبرُزَ لِلطّعَانِ وَ أَن أَصبِرَ لِلجِلَادِ هَبِلَتهُمُ الهَبُولُ لَقَد کُنتُ وَ مَا أُهَدّدُ بِالحَربِ وَ لَا أُرهَبُ بِالضّربِ وَ إنِیّ لَعَلَی یَقِینٍ مِن ربَیّ وَ غَیرِ شُبهَةٍ مِن دیِنیِ‌

23- و من خطبة له ع وتشتمل علی تهذیب الفقراء بالزهد وتأدیب الأغنیاء بالشفقة

تهذیب الفقراء

أَمّا بَعدُ فَإِنّ الأَمرَ یَنزِلُ مِنَ السّمَاءِ إِلَی الأَرضِ کَقَطَرَاتِ المَطَرِ إِلَی کُلّ نَفسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا مِن زِیَادَةٍ أَو نُقصَانٍ فَإِن رَأَی أَحَدُکُم لِأَخِیهِ غَفِیرَةً فِی أَهلٍ أَو مَالٍ أَو نَفسٍ فَلَا تَکُونَنّ لَهُ فِتنَةً فَإِنّ المَرءَ المُسلِمَ مَا لَم یَغشَ دَنَاءَةً تَظهَرُ فَیَخشَعُ لَهَا إِذَا ذُکِرَت وَ یُغرَی بِهَا لِئَامُ النّاسِ کَانَ کَالفَالِجِ الیَاسِرِ ألّذِی یَنتَظِرُ أَوّلَ فَوزَةٍ مِن قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ المَغنَمَ وَ یُرفَعُ بِهَا عَنهُ المَغرَمُ وَ کَذَلِکَ المَرءُ المُسلِمُ البرَیِ‌ءُ مِنَ الخِیَانَةِ یَنتَظِرُ مِنَ اللّهِ إِحدَی الحُسنَیَینِ إِمّا داَعیِ‌َ اللّهِ فَمَا
عِندَ اللّهِ خَیرٌ لَهُ وَ إِمّا رِزقَ اللّهِ فَإِذَا هُوَ ذُو أَهلٍ وَ مَالٍ وَ مَعَهُ دِینُهُ وَ حَسَبُهُ وَ إِنّ المَالَ وَ البَنِینَ حَرثُ الدّنیَا وَ العَمَلَ الصّالِحَ حَرثُ الآخِرَةِ وَ قَد یَجمَعُهُمَا اللّهُ تَعَالَی لِأَقوَامٍ فَاحذَرُوا مِنَ اللّهِ مَا حَذّرَکُم

ص 65
مِن نَفسِهِ وَ اخشَوهُ خَشیَةً لَیسَت بِتَعذِیرٍ وَ اعمَلُوا فِی غَیرِ رِیَاءٍ وَ لَا سُمعَةٍ فَإِنّهُ مَن یَعمَل لِغَیرِ اللّهِ یَکِلهُ اللّهُ لِمَن عَمِلَ لَهُ نَسأَلُ اللّهَ مَنَازِلَ الشّهَدَاءِ وَ مُعَایَشَةَ السّعَدَاءِ وَ مُرَافَقَةَ الأَنبِیَاءِ

تأدیب الأغنیاء

أَیّهَا النّاسُ إِنّهُ لَا یسَتغَنیِ الرّجُلُ وَ إِن کَانَ ذَا مَالٍ عَن عِترَتِهِ وَ دِفَاعِهِم عَنهُ بِأَیدِیهِم وَ أَلسِنَتِهِم وَ هُم أَعظَمُ النّاسِ حَیطَةً مِن وَرَائِهِ وَ أَلَمّهُم لِشَعَثِهِ وَ أَعطَفُهُم عَلَیهِ
عِندَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَت بِهِ وَ لِسَانُ الصّدقِ یَجعَلُهُ اللّهُ لِلمَرءِ فِی النّاسِ خَیرٌ لَهُ مِنَ المَالِ یَرِثُهُ غَیرُهُ
ومنهاأَلَا لَا یَعدِلَنّ أَحَدُکُم عَنِ القَرَابَةِ یَرَی بِهَا الخَصَاصَةَ أَن یَسُدّهَا باِلذّیِ لَا یَزِیدُهُ إِن أَمسَکَهُ وَ لَا یَنقُصُهُ إِن أَهلَکَهُ وَ مَن یَقبِض یَدَهُ عَن عَشِیرَتِهِ فَإِنّمَا تُقبَضُ مِنهُ عَنهُم یَدٌ وَاحِدَةٌ وَ تُقبَضُ مِنهُم عَنهُ أَیدٍ کَثِیرَةٌ وَ مَن تَلِن حَاشِیَتُهُ یَستَدِم مِن قَومِهِ المَوَدّةَ
قال السید الشریف أقول الغفیرة هاهنا الزیادة والکثرة من قولهم للجمع الکثیر الجم الغفیر والجماء الغفیر ویروی عفوة من أهل أومال والعفوة الخیار من الشی‌ء یقال أکلت عفوة الطعام أی خیاره . و ماأحسن المعنی ألذی أراده ع بقوله و من یقبض یده عن عشیرته ... إلی تمام الکلام فإن الممسک خیره عن
-روایت-1-ادامه دارد

ص 66
عشیرته إنما یمسک نفع ید واحدة فإذااحتاج إلی نصرتهم واضطر إلی مرافدتهم قعدوا عن نصره وتثاقلوا عن صوته فمنع ترافد الأیدی الکثیرة وتناهض الأقدام الجمة
-روایت-از قبل-162

24- و من خطبة له ع وهی کلمة جامعة له ، فیهاتسویغ قتال المخالف ، والدعوة إلی طاعة اللّه، والترقی فیهالضمان الفوز

وَ لعَمَریِ مَا عَلَیّ مِن قِتَالِ مَن خَالَفَ الحَقّ وَ خَابَطَ الغیَ‌ّ مِن إِدهَانٍ وَ لَا إِیهَانٍ فَاتّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ وَ فِرّوا إِلَی اللّهِ مِنَ اللّهِ وَ امضُوا فِی ألّذِی نَهَجَهُ لَکُم وَ قُومُوا بِمَا عَصَبَهُ بِکُم فعَلَیِ‌ّ ضَامِنٌ لِفَلجِکُم آجِلًا إِن لَم تُمنَحُوهُ عَاجِلًا

25- و من خطبة له ع و قدتواترت علیه الأخبار باستیلاء أصحاب معاویة علی البلاد وقدم علیه عاملاه علی الیمن وهما عبید الله بن عباس وسعید بن نمران لماغلب علیهما بسر بن أبی أرطاة فقام ع علی المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد ومخالفتهم له فی الرأی فقال

مَا هیِ‌َ إِلّا الکُوفَةُ أَقبِضُهَا وَ أَبسُطُهَا إِن لَم تکَوُنیِ إِلّا أَنتِ تَهُبّ أَعَاصِیرُکِ فَقَبّحَکِ اللّهُ

ص 67
وَ تَمَثّلَ بِقَولِ الشّاعِرِ
لَعَمرُ أَبِیکَ الخَیرِ یَا عَمرُو إنِنّیِ || عَلَی وَضَرٍ مِن ذَا الإِنَاءِ قَلِیلِ
ثُمّ قَالَ ع أُنبِئتُ بُسراً قَدِ اطّلَعَ الیَمَنَ وَ إنِیّ وَ اللّهِ لَأَظُنّ أَنّ هَؤُلَاءِ القَومَ سَیُدَالُونَ مِنکُم بِاجتِمَاعِهِم عَلَی بَاطِلِهِم وَ تَفَرّقِکُم عَن حَقّکُم وَ بِمَعصِیَتِکُم إِمَامَکُم فِی الحَقّ وَ طَاعَتِهِم إِمَامَهُم فِی البَاطِلِ وَ بِأَدَائِهِمُ الأَمَانَةَ إِلَی صَاحِبِهِم وَ خِیَانَتِکُم وَ بِصَلَاحِهِم فِی بِلَادِهِم وَ فَسَادِکُم فَلَوِ ائتَمَنتُ أَحَدَکُم عَلَی قَعبٍ لَخَشِیتُ أَن یَذهَبَ بِعِلَاقَتِهِ أللّهُمّ إنِیّ قَد مَلِلتُهُم وَ ملَوّنیِ وَ سَئِمتُهُم وَ سئَمِوُنیِ فأَبَدلِنیِ بِهِم خَیراً مِنهُم وَ أَبدِلهُم بیِ شَرّاً منِیّ أللّهُمّ مِث قُلُوبَهُم کَمَا یُمَاثُ المِلحُ فِی المَاءِ أَمَا وَ اللّهِ لَوَدِدتُ أَنّ لِی بِکُم أَلفَ فَارِسٍ مِن بنَیِ فِرَاسِ بنِ غَنمٍ
هُنَالِکَ لَو دَعَوتَ أَتَاکَ مِنهُم || فَوَارِسُ مِثلُ أَرمِیَةِ الحَمِیمِ
ثُمّ نَزَلَ ع مِنَ المِنبَرِ
قال السید الشریف أقول الأرمیة جمع رمی‌ّ و هوالسحاب والحمیم هاهنا وقت الصیف وإنما خص الشاعر سحاب الصیف بالذکر لأنه أشد جفولا وأسرع خفوفا لأنه لاماء فیه وإنما یکون السحاب ثقیل السیر لامتلائه بالماء و ذلک لا یکون فی الأکثر إلازمان الشتاء وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذادعوا والإغاثة إذااستغیثوا والدلیل علی ذلک قوله
-روایت-1-344
هنالک لودعوت أتاک منهم ...
ص 68

26- و من خطبة له ع و فیهایصف العرب قبل البعثة ثم یصف حاله قبل البیعة له

العرب قبل البعثة

إِنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّداًص نَذِیراً لِلعَالَمِینَ وَ أَمِیناً عَلَی التّنزِیلِ وَ أَنتُم مَعشَرَ العَرَبِ عَلَی شَرّ دِینٍ وَ فِی شَرّ دَارٍ مُنِیخُونَ بَینَ حِجَارَةٍ خُشنٍ وَ حَیّاتٍ صُمّ تَشرَبُونَ الکَدِرَ وَ تَأکُلُونَ الجَشِبَ وَ تَسفِکُونَ دِمَاءَکُم وَ تَقطَعُونَ أَرحَامَکُم الأَصنَامُ فِیکُم مَنصُوبَةٌ وَ الآثَامُ بِکُم مَعصُوبَةٌ

ومنها صفته قبل البیعة له

فَنَظَرتُ فَإِذَا لَیسَ لِی مُعِینٌ إِلّا أَهلُ بیَتیِ فَضَنِنتُ بِهِم عَنِ المَوتِ وَ أَغضَیتُ عَلَی القَذَی وَ شَرِبتُ عَلَی الشّجَا وَ صَبَرتُ عَلَی أَخذِ الکَظَمِ وَ عَلَی أَمَرّ مِن طَعمِ العَلقَمِ
ومنها وَ لَم یُبَایِع حَتّی شَرَطَ أَن یُؤتِیَهُ عَلَی البَیعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَت یَدُ البَائِعِ وَ خَزِیَت أَمَانَةُ المُبتَاعِ فَخُذُوا لِلحَربِ أُهبَتَهَا وَ أَعِدّوا لَهَا عُدّتَهَا فَقَد شَبّ لَظَاهَا وَ عَلَا سَنَاهَا وَ استَشعِرُوا الصّبرَ فَإِنّهُ أَدعَی إِلَی النّصرِ

ص 69

27- و من خطبة له ع و قدقالها یستنهض بها الناس حین ورد خبر غزو الأنبار بجیش معاویة فلم ینهضوا. و فیهایذکر فضل الجهاد، ویستنهض الناس ، ویذکر علمه بالحرب ، ویلقی علیهم التبعة لعدم طاعته

فضل الجهاد

أَمّا بَعدُ فَإِنّ الجِهَادَ بَابٌ مِن أَبوَابِ الجَنّةِ فَتَحَهُ اللّهُ لِخَاصّةِ أَولِیَائِهِ وَ هُوَ لِبَاسُ التّقوَی وَ دِرعُ اللّهِ الحَصِینَةُ وَ جُنّتُهُ الوَثِیقَةُ فَمَن تَرَکَهُ رَغبَةً عَنهُ أَلبَسَهُ اللّهُ ثَوبَ الذّلّ وَ شَمِلَهُ البَلَاءُ وَ دُیّثَ بِالصّغَارِ وَ القَمَاءَةِ وَ ضُرِبَ عَلَی قَلبِهِ بِالإِسهَابِ وَ أُدِیلَ الحَقّ مِنهُ بِتَضیِیعِ الجِهَادِ وَ سِیمَ الخَسفَ وَ مُنِعَ النّصَفَ

استنهاض الناس

أَلَا وَ إنِیّ قَد دَعَوتُکُم إِلَی قِتَالِ هَؤُلَاءِ القَومِ لَیلًا وَ نَهَاراً وَ سِرّاً وَ إِعلَاناً وَ قُلتُ لَکُمُ اغزُوهُم قَبلَ أَن یَغزُوکُم فَوَاللّهِ مَا غزُیِ‌َ قَومٌ قَطّ فِی عُقرِ دَارِهِم إِلّا ذَلّوا فَتَوَاکَلتُم وَ تَخَاذَلتُم حَتّی شُنّت عَلَیکُمُ الغَارَاتُ وَ مُلِکَت عَلَیکُمُ الأَوطَانُ وَ هَذَا أَخُو غَامِدٍ وَ قَد وَرَدَت خَیلُهُ الأَنبَارَ وَ قَد قَتَلَ حَسّانَ بنَ حَسّانَ البکَریِ‌ّ وَ أَزَالَ خَیلَکُم عَن مَسَالِحِهَا وَ لَقَد بلَغَنَیِ أَنّ الرّجُلَ مِنهُم کَانَ یَدخُلُ عَلَی المَرأَةِ المُسلِمَةِ وَ الأُخرَی المُعَاهِدَةِ فَیَنتَزِعُ حِجلَهَا وَ قُلُبَهَا

ص 70
وَ قَلَائِدَهَا وَ رُعُثَهَا مَا تَمتَنِعُ مِنهُ إِلّا بِالِاستِرجَاعِ وَ الِاستِرحَامِ ثُمّ انصَرَفُوا وَافِرِینَ مَا نَالَ رَجُلًا مِنهُم کَلمٌ وَ لَا أُرِیقَ لَهُم دَمٌ فَلَو أَنّ امرَأً مُسلِماً مَاتَ مِن بَعدِ هَذَا أَسَفاً مَا کَانَ بِهِ مَلُوماً بَل کَانَ بِهِ عنِدیِ جَدِیراً فَیَا عَجَباً عَجَباً وَ اللّهِ یُمِیتُ القَلبَ وَ یَجلِبُ الهَمّ مِنَ اجتِمَاعِ هَؤُلَاءِ القَومِ عَلَی بَاطِلِهِم وَ تَفَرّقِکُم عَن حَقّکُم فَقُبحاً لَکُم وَ تَرَحاً حِینَ صِرتُم غَرَضاً یُرمَی یُغَارُ عَلَیکُم وَ لَا تُغِیرُونَ وَ تُغزَونَ وَ لَا تَغزُونَ وَ یُعصَی اللّهُ وَ تَرضَونَ فَإِذَا أَمَرتُکُم بِالسّیرِ إِلَیهِم فِی أَیّامِ الحَرّ قُلتُم هَذِهِ حَمَارّةُ القَیظِ أَمهِلنَا یُسَبّخ عَنّا الحَرّ وَ إِذَا أَمَرتُکُم بِالسّیرِ إِلَیهِم فِی الشّتَاءِ قُلتُم هَذِهِ صَبَارّةُ القُرّ أَمهِلنَا یَنسَلِخ عَنّا البَردُ کُلّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الحَرّ وَ القُرّ فَإِذَا کُنتُم مِنَ الحَرّ وَ القُرّ تَفِرّونَ فَأَنتُم وَ اللّهِ مِنَ السّیفِ أَفَرّ

البرم بالناس

یَا أَشبَاهَ الرّجَالِ وَ لَا رِجَالَ حُلُومُ الأَطفَالِ وَ عُقُولُ رَبّاتِ الحِجَالِ لَوَدِدتُ أنَیّ لَم أَرَکُم وَ لَم أَعرِفکُم مَعرِفَةً وَ اللّهِ جَرّت نَدَماً وَ أَعقَبَت سَدَماً قَاتَلَکُمُ اللّهُ لَقَد مَلَأتُم قلَبیِ قَیحاً وَ شَحَنتُم صدَریِ غَیظاً وَ جرَعّتمُوُنیِ نُغَبَ التّهمَامِ أَنفَاساً وَ أَفسَدتُم عَلَیّ رأَییِ بِالعِصیَانِ وَ الخِذلَانِ حَتّی لَقَد قَالَت قُرَیشٌ إِنّ ابنَ أَبِی

ص 71
طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَ لَکِن لَا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ لِلّهِ أَبُوهُم وَ هَل أَحَدٌ مِنهُم أَشَدّ لَهَا مِرَاساً وَ أَقدَمُ فِیهَا مَقَاماً منِیّ لَقَد نَهَضتُ فِیهَا وَ مَا بَلَغتُ العِشرِینَ وَ هَا أَنَا ذَا قَد ذَرّفتُ عَلَی السّتّینَ وَ لَکِن لَا رأَی‌َ لِمَن لَا یُطَاعُ

28- و من خطبة له ع و هوفصل من الخطبة التی أولها«الحمد للّه غیرمقنوط من رحمته » و فیه أحد عشر تنبیها

أَمّا بَعدُ فَإِنّ الدّنیَا أَدبَرَت وَ آذَنَت بِوَدَاعٍ وَ إِنّ الآخِرَةَ قَد أَقبَلَت وَ أَشرَفَت بِاطّلَاعٍ أَلَا وَ إِنّ الیَومَ المِضمَارَ وَ غَداً السّبَاقَ وَ السّبَقَةُ الجَنّةُ وَ الغَایَةُ النّارُ أَ فَلَا تَائِبٌ مِن خَطِیئَتِهِ قَبلَ مَنِیّتِهِ أَ لَا عَامِلٌ لِنَفسِهِ قَبلَ یَومِ بُؤسِهِ أَلَا وَ إِنّکُم فِی أَیّامِ أَمَلٍ مِن وَرَائِهِ أَجَلٌ فَمَن عَمِلَ فِی أَیّامِ أَمَلِهِ قَبلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَد نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَم یَضرُرهُ أَجَلُهُ وَ مَن قَصّرَ فِی أَیّامِ أَمَلِهِ قَبلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَد خَسِرَ عَمَلُهُ وَ ضَرّهُ أَجَلُهُ أَلَا فَاعمَلُوا فِی الرّغبَةِ کَمَا تَعمَلُونَ فِی الرّهبَةِ أَلَا وَ إنِیّ لَم أَرَ کَالجَنّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَ لَا کَالنّارِ نَامَ هَارِبُهَا أَلَا وَ إِنّهُ مَن لَا یَنفَعُهُ الحَقّ یَضُرّهُ البَاطِلُ وَ مَن لَا یَستَقِیمُ بِهِ الهُدَی یَجُرّ بِهِ الضّلَالُ إِلَی الرّدَی أَلَا وَ إِنّکُم قَد أُمِرتُم بِالظّعنِ وَ دُلِلتُم عَلَی الزّادِ وَ إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ

ص 72
عَلَیکُمُ اثنَتَانِ اتّبَاعُ الهَوَی وَ طُولُ الأَمَلِ فَتَزَوّدُوا فِی الدّنیَا مِنَ الدّنیَا مَا تَحرُزُونَ بِهِ أَنفُسَکُم غَداً
قال السید الشریف رضی الله عنه وأقول إنه لو کان کلام یأخذ بالأعناق إلی الزهد فی الدنیا ویضطر إلی عمل الآخرة لکان هذاالکلام وکفی به قاطعا لعلائق الآمال وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار و من أعجبه قوله ع ألا و إن الیوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة والغایة النار فإن فیه مع فخامة اللفظ وعظم قدر المعنی وصادق التمثیل وواقع التشبیه سرا عجیبا ومعنی لطیفا و هو قوله ع والسبقة الجنة والغایة النار فخالف بین اللفظین لاختلاف المعنیین و لم یقل السبقة النار کما قال السبقة الجنة لأن الاستباق إنما یکون إلی أمر محبوب وغرض مطلوب و هذه صفة الجنة و لیس هذاالمعنی موجودا فی النار نعوذ بالله منها فلم یجز أن یقول والسبقة النار بل قال والغایة النار لأن الغایة قدینتهی إلیها من لایسره الانتهاء إلیها و من یسره ذلک فصلح أن یعبر بها عن الأمرین معا فهی فی هذاالموضع کالمصیر والمآل قال الله تعالی قُل تَمَتّعُوا فَإِنّ مَصِیرَکُم إِلَی النّارِ و لایجوز فی هذاالموضع أن یقال سبقتکم بسکون الباء إلی النار فتأمل ذلک فباطنه عجیب وغوره بعید لطیف وکذلک أکثر کلامه ع و فی بعض النسخ و قدجاء فی روایة أخری والسّبقة الجنة بضم السین والسبقة عندهم اسم لمایجعل للسابق إذاسبق من مال أوعرض والمعنیان متقاربان لأن ذلک لا یکون جزاء علی فعل الأمر المذموم وإنما یکون جزاء علی فعل الأمر المحمود
-روایت-1-1246

29- و من خطبة له ع بعدغارة الضحاک بن قیس صاحب معاویة علی الحاجّ بعدقصة الحکمین و فیهایستنهض أصحابه لماحدث فی الأطراف

أَیّهَا النّاسُ المُجتَمِعَةُ أَبدَانُهُم المُختَلِفَةُ أَهوَاؤُهُم کَلَامُکُم یوُهیِ الصّمّ الصّلَابَ وَ فِعلُکُم یُطمِعُ فِیکُمُ الأَعدَاءَ تَقُولُونَ

ص 73
فِی المَجَالِسِ کَیتَ وَ کَیتَ فَإِذَا جَاءَ القِتَالُ قُلتُم حیِدیِ حَیَادِ مَا عَزّت دَعوَةُ مَن دَعَاکُم وَ لَا استَرَاحَ قَلبُ مَن قَاسَاکُم أَعَالِیلُ بِأَضَالِیلَ وَ سأَلَتمُوُنیِ التّطوِیلَ دِفَاعَ ذیِ الدّینِ المَطُولِ لَا یَمنَعُ الضّیمَ الذّلِیلُ وَ لَا یُدرَکُ الحَقّ إِلّا بِالجِدّ أَیّ دَارٍ بَعدَ دَارِکُم تَمنَعُونَ وَ مَعَ أَیّ إِمَامٍ بعَدیِ تُقَاتِلُونَ المَغرُورُ وَ اللّهِ مَن غَرَرتُمُوهُ وَ مَن فَازَ بِکُم فَقَد فَازَ وَ اللّهِ بِالسّهمِ الأَخیَبِ وَ مَن رَمَی بِکُم فَقَد رَمَی بِأَفوَقَ نَاصِلٍ أَصبَحتُ وَ اللّهِ لَا أُصَدّقُ قَولَکُم وَ لَا أَطمَعُ فِی نَصرِکُم وَ لَا أُوعِدُ العَدُوّ بِکُم مَا بَالُکُم مَا دَوَاؤُکُم مَا طِبّکُم القَومُ رِجَالٌ أَمثَالُکُم أَ قَولًا بِغَیرِ عِلمٍ وَ غَفلةً مِن غَیرِ وَرَعٍ وَ طَمَعاً فِی غَیرِ حَقّ

30- و من کلام له ع فی معنی قتل عثمان و هوحکم له علی عثمان و علیه و علی الناس بما فعلوا وبراءة له من دمه

لَو أَمَرتُ بِهِ لَکُنتُ قَاتِلًا أَو نَهَیتُ عَنهُ لَکُنتُ نَاصِراً غَیرَ أَنّ مَن نَصَرَهُ لَا یَستَطِیعُ أَن یَقُولَ خَذَلَهُ مَن أَنَا خَیرٌ مِنهُ وَ مَن خَذَلَهُ لَا یَستَطِیعُ أَن یَقُولَ نَصَرَهُ مَن هُوَ خَیرٌ منِیّ وَ أَنَا جَامِعٌ لَکُم أَمرَهُ استَأثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ وَ جَزِعتُم فَأَسَأتُمُ الجَزَعَ وَ لِلّهِ حُکمٌ وَاقِعٌ فِی المُستَأثِرِ وَ الجَازِعِ

ص 74

31- و من کلام له ع لماأنفذ عبد الله بن عباس إلی الزبیر یستفیئه إلی طاعته قبل حرب الجمل

لَا تَلقَیَنّ طَلحَةَ فَإِنّکَ إِن تَلقَهُ تَجِدهُ کَالثّورِ عَاقِصاً قَرنَهُ یَرکَبُ الصّعبَ وَ یَقُولُ هُوَ الذّلُولُ وَ لَکِنِ القَ الزّبَیرَ فَإِنّهُ أَلیَنُ عَرِیکَةً فَقُل لَهُ یَقُولُ لَکَ ابنُ خَالِکَ عرَفَتنَیِ بِالحِجَازِ وَ أنَکرَتنَیِ بِالعِرَاقِ فَمَا عَدَا مِمّا بَدَا
قال السید الشریف و هو ع أول من سمعت منه هذه الکلمة أعنی فما عدا مما بدا
-روایت-1-79

32- و من خطبة له ع و فیهایصف زمانه بالجور، ویقسم الناس فیه خمسة أصناف ، ثم یزهد فی الدنیا

معنی جور الزمان

أَیّهَا النّاسُ إِنّا قَد أَصبَحنَا فِی دَهرٍ عَنُودٍ وَ زَمَنٍ کَنُودٍ یُعَدّ فِیهِ المُحسِنُ مُسِیئاً وَ یَزدَادُ الظّالِمُ فِیهِ عُتُوّاً لَا نَنتَفِعُ بِمَا عَلِمنَا وَ لَا نَسأَلُ عَمّا جَهِلنَا وَ لَا نَتَخَوّفُ قَارِعَةً حَتّی تَحُلّ بِنَا

أصناف المسیئین

وَ النّاسُ عَلَی أَربَعَةِ أَصنَافٍ مِنهُم مَن لَا یَمنَعُهُ الفَسَادَ فِی الأَرضِ إِلّا مَهَانَةُ نَفسِهِ وَ کَلَالَةُ حَدّهِ وَ نَضِیضُ وَفرِهِ وَ مِنهُم المُصلِتُ

ص 75
لِسَیفِهِ وَ المُعلِنُ بِشَرّهِ وَ المُجلِبُ بِخَیلِهِ وَ رَجِلِهِ قَد أَشرَطَ نَفسَهُ وَ أَوبَقَ دِینَهُ لِحُطَامٍ یَنتَهِزُهُ أَو مِقنَبٍ یَقُودُهُ أَو مِنبَرٍ یَفرَعُهُ وَ لَبِئسَ المَتجَرُ أَن تَرَی الدّنیَا لِنَفسِکَ ثَمَناً وَ مِمّا لَکَ
عِندَ اللّهِ عِوَضاً وَ مِنهُم مَن یَطلُبُ الدّنیَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ وَ لَا یَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدّنیَا قَد طَامَنَ مِن شَخصِهِ وَ قَارَبَ مِن خَطوِهِ وَ شَمّرَ مِن ثَوبِهِ وَ زَخرَفَ مِن نَفسِهِ لِلأَمَانَةِ وَ اتّخَذَ سِترَ اللّهِ ذَرِیعَةً إِلَی المَعصِیَةِ وَ مِنهُم مَن أَبعَدَهُ عَن طَلَبِ المُلکِ ضُئُولَةُ نَفسِهِ وَ انقِطَاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتهُ الحَالُ عَلَی حَالِهِ فَتَحَلّی بِاسمِ القَنَاعَةِ وَ تَزَیّنَ بِلِبَاسِ أَهلِ الزّهَادَةِ وَ لَیسَ مِن ذَلِکَ فِی مَرَاحٍ وَ لَا مَغدًی

الراغبون فی اللّه

وَ بقَیِ‌َ رِجَالٌ غَضّ أَبصَارَهُم ذِکرُ المَرجِعِ وَ أَرَاقَ دُمُوعَهُم خَوفُ المَحشَرِ فَهُم بَینَ شَرِیدٍ نَادّ وَ خَائِفٍ مَقمُوعٍ وَ سَاکِتٍ مَکعُومٍ وَ دَاعٍ مُخلِصٍ وَ ثَکلَانَ مُوجَعٍ قَد أَخمَلَتهُمُ التّقِیّةُ وَ شَمِلَتهُمُ الذّلّةُ فَهُم فِی بَحرٍ أُجَاجٍ أَفوَاهُهُم ضَامِزَةٌ وَ قُلُوبُهُم قَرِحَةٌ قَد وَعَظُوا حَتّی مَلّوا وَ قُهِرُوا حَتّی ذَلّوا وَ قُتِلُوا حَتّی قَلّوا

ص 76

التزهید فی الدنیا

فَلتَکُنِ الدّنیَا فِی أَعیُنِکُم أَصغَرَ مِن حُثَالَةِ القَرَظِ وَ قُرَاضَةِ الجَلَمِ وَ اتّعِظُوا بِمَن کَانَ قَبلَکُم قَبلَ أَن یَتّعِظَ بِکُم مَن بَعدَکُم وَ ارفُضُوهَا ذَمِیمَةً فَإِنّهَا قَد رَفَضَت مَن کَانَ أَشغَفَ بِهَا مِنکُم
قال الشریف رضی الله عنه أقول و هذه الخطبة ربما نسبها من لاعلم له إلی معاویة وهی من کلام أمیر المؤمنین ع ألذی لایشک فیه وأین الذهب من الرغام وأین العذب من الأجاج و قددل علی ذلک الدلیل الخریت ونقده الناقد البصیر عمرو بن بحر الجاحظ فإنه ذکر هذه الخطبة فی کتاب البیان والتبیین وذکر من نسبها إلی معاویة ثم تکلم من بعدها بکلام فی معناها جملته أنه قال و هذاالکلام بکلام علی ع أشبه وبمذهبه فی تصنیف الناس و فی الإخبار عما هم علیه من القهر والإذلال و من التقیة والخوف ألیق قال ومتی وجدنا معاویة فی حال من الأحوال یسلک فی کلامه مسلک الزهاد ومذاهب العباد
-روایت-1-600

33- و من خطبة له ع

اشاره

عندخروجه لقتال أهل البصرة، و فیهاحکمة مبعث الرسل ، ثم یذکر فضله ویذم الخارجین
قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسِ رضَیِ‌َ اللّهُ عَنهُ دَخَلتُ عَلَی أَمِیرِ المُؤمِنِینَ ع بذِیِ قَارٍ وَ هُوَ یَخصِفُ نَعلَهُ فَقَالَ لِی مَا قِیمَةُ هَذَا النّعلِ فَقُلتُ لَا قِیمَةَ لَهَا فَقَالَ ع وَ اللّهِ لهَیِ‌َ أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن إِمرَتِکُم إِلّا أَن أُقِیمَ حَقّاً أَو أَدفَعَ بَاطِلًا ثُمّ خَرَجَ فَخَطَبَ النّاسَ فَقَالَ

ص 77

حکمة بعثة النبی

إِنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّداًص وَ لَیسَ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ یَقرَأُ کِتَاباً وَ لَا یدَعّیِ نُبُوّةً فَسَاقَ النّاسَ حَتّی بَوّأَهُم مَحَلّتَهُم وَ بَلّغَهُم مَنجَاتَهُم فَاستَقَامَت قَنَاتُهُم وَ اطمَأَنّت صَفَاتُهُم

فضل علی

أَمَا وَ اللّهِ إِن کُنتُ لفَیِ سَاقَتِهَا حَتّی تَوَلّت بِحَذَافِیرِهَا مَا عَجَزتُ وَ لَا جَبُنتُ وَ إِنّ مسَیِریِ هَذَا لِمِثلِهَا فَلَأَنقُبَنّ البَاطِلَ حَتّی یَخرُجَ الحَقّ مِن جَنبِهِ

توبیخ الخارجین علیه

مَا لِی وَ لِقُرَیشٍ وَ اللّهِ لَقَد قَاتَلتُهُم کَافِرِینَ وَ لَأُقَاتِلَنّهُم مَفتُونِینَ وَ إنِیّ لَصَاحِبُهُم بِالأَمسِ کَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الیَومَ وَ اللّهِ مَا تَنقِمُ مِنّا قُرَیشٌ إِلّا أَنّ اللّهَ اختَارَنَا عَلَیهِم فَأَدخَلنَاهُم فِی حَیّزِنَا فَکَانُوا کَمَا قَالَ الأَوّلُ
أَدَمتَ لعَمَریِ شُربَکَ المَحضَ صَابِحاً || وَ أَکلَکَ بِالزّبدِ المُقَشّرَةَ البُجرَا
وَ نَحنُ وَهَبنَاکَ العَلَاءَ وَ لَم تَکُن || عَلِیّاً وَ حُطنَا حَولَکَ الجُردَ وَ السّمرَا

ص 78

34- و من خطبة له ع فی استنفار الناس إلی أهل الشام بعدفراغه من أمر الخوارج

و فیهایتأفف بالناس ، وینصح لهم بطریق السداد

أُفّ لَکُم لَقَد سَئِمتُ عِتَابَکُمأَ رَضِیتُم بِالحَیاةِ الدّنیا مِنَ الآخِرَةِعِوَضاً وَ بِالذّلّ مِنَ العِزّ خَلَفاً إِذَا دَعَوتُکُم إِلَی جِهَادِ عَدُوّکُم دَارَت أَعیُنُکُم کَأَنّکُم مِنَ المَوتِ فِی غَمرَةٍ وَ مِنَ الذّهُولِ فِی سَکرَةٍ یُرتَجُ عَلَیکُم حوَاَریِ فَتَعمَهُونَ وَ کَأَنّ قُلُوبَکُم مَألُوسَةٌ فَأَنتُم لَا تَعقِلُونَ مَا أَنتُم لِی بِثِقَةٍ سَجِیسَ اللیّاَلیِ وَ مَا أَنتُم بِرُکنٍ یُمَالُ بِکُم وَ لَا زَوَافِرُ عِزّ یُفتَقَرُ إِلَیکُم مَا أَنتُم إِلّا کَإِبِلٍ ضَلّ رُعَاتُهَا فَکُلّمَا جُمِعَت مِن جَانِبٍ انتَشَرَت مِن آخَرَ لَبِئسَ لَعَمرُ اللّهِ سُعرُ نَارِ الحَربِ أَنتُم تُکَادُونَ وَ لَا تَکِیدُونَ وَ تُنتَقَصُ أَطرَافُکُم فَلَا تَمتَعِضُونَ لَا یُنَامُ عَنکُم وَ أَنتُم فِی غَفلَةٍ سَاهُونَ غُلِبَ وَ اللّهِ المُتَخَاذِلُونَ وَ ایمُ اللّهِ إنِیّ لَأَظُنّ بِکُم أَن لَو حَمِسَ الوَغَی وَ استَحَرّ المَوتُ قَدِ انفَرَجتُم عَنِ ابنِ أَبِی طَالِبٍ انفِرَاجَ الرّأسِ وَ اللّهِ إِنّ امرَأً یُمَکّنُ عَدُوّهُ مِن نَفسِهِ یَعرُقُ لَحمَهُ وَ یَهشِمُ عَظمَهُ وَ یفَریِ جِلدَهُ لَعَظِیمٌ عَجزُهُ ضَعِیفٌ مَا ضُمّت عَلَیهِ جَوَانِحُ صَدرِهِ أَنتَ فَکُن ذَاکَ إِن شِئتَ فَأَمّا أَنَا فَوَاللّهِ دُونَ أَن أعُطیِ‌َ ذَلِکَ ضَربٌ بِالمَشرَفِیّةِ تَطِیرُ مِنهُ فَرَاشُ
-قرآن-36-80

ص 79
الهَامِ وَ تَطِیحُ السّوَاعِدُ وَ الأَقدَامُوَ یَفعَلُ اللّهُ بَعدَ ذَلِکَما یَشاءُ
-قرآن-45-61-قرآن-75-83

طریق السداد

أَیّهَا النّاسُ إِنّ لِی عَلَیکُم حَقّاً وَ لَکُم عَلَیّ حَقّ فَأَمّا حَقّکُم عَلَیّ فَالنّصِیحَةُ لَکُم وَ تَوفِیرُ فَیئِکُم عَلَیکُم وَ تَعلِیمُکُم کَیلَا تَجهَلُوا وَ تَأدِیبُکُم کَیمَا تَعلَمُوا وَ أَمّا حقَیّ عَلَیکُم فَالوَفَاءُ بِالبَیعَةِ وَ النّصِیحَةُ فِی المَشهَدِ وَ المَغِیبِ وَ الإِجَابَةُ حِینَ أَدعُوکُم وَ الطّاعَةُ حِینَ آمُرُکُم

35- و من خطبة له ع بعدالتحکیم و مابلغه من أمر الحکمین و فیهاحمد اللّه علی بلائه ، ثم بیان سبب البلوی

الحمد علی البلاء

الحَمدُ لِلّهِ وَ إِن أَتَی الدّهرُ بِالخَطبِ الفَادِحِ وَ الحَدَثِ الجَلِیلِ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ لَا شَرِیکَ لَهُ لَیسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَیرُهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُص

سبب البلوی

أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَعصِیَةَ النّاصِحِ الشّفِیقِ العَالِمِ المُجَرّبِ تُورِثُ الحَسرَةَ وَ تُعقِبُ النّدَامَةَ وَ قَد کُنتُ أَمَرتُکُم فِی هَذِهِ الحُکُومَةِ أمَریِ

ص 80
وَ نَخَلتُ لَکُم مَخزُونَ رأَییِ لَو کَانَ یُطَاعُ لِقَصِیرٍ أَمرٌ فَأَبَیتُم عَلَیّ إِبَاءَ المُخَالِفِینَ الجُفَاةِ وَ المُنَابِذِینَ العُصَاةِ حَتّی ارتَابَ النّاصِحُ بِنُصحِهِ وَ ضَنّ الزّندُ بِقَدحِهِ فَکُنتُ أَنَا وَ إِیّاکُم کَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ
أَمَرتُکُم أمَریِ بِمُنعَرَجِ اللّوَی || فَلَم تَستَبِینُوا النّصحَ إِلّا ضُحَی الغَدِ

36- و من خطبة له ع فی تخویف أهل النهروان

فَأَنَا نَذِیرٌ لَکُم أَن تُصبِحُوا صَرعَی بِأَثنَاءِ هَذَا النّهَرِ وَ بِأَهضَامِ هَذَا الغَائِطِ عَلَی غَیرِ بَیّنَةٍ مِن رَبّکُم وَ لَا سُلطَانٍ مُبِینٍ مَعَکُم قَد طَوّحَت بِکُمُ الدّارُ وَ احتَبَلَکُمُ المِقدَارُ وَ قَد کُنتُ نَهَیتُکُم عَن هَذِهِ الحُکُومَةِ فَأَبَیتُم عَلَیّ إِبَاءَ المُنَابِذِینَ حَتّی صَرَفتُ رأَییِ إِلَی هَوَاکُم وَ أَنتُم مَعَاشِرُ أَخِفّاءُ الهَامِ سُفَهَاءُ الأَحلَامِ وَ لَم آتِ لَا أَبَا لَکُم بُجراً وَ لَا أَرَدتُ لَکُم ضُرّاً

37- و من کلام له ع یجری مجری الخطبة و فیه یذکر فضائله علیه السلام قاله بعدوقعة النهروان

فَقُمتُ بِالأَمرِ حِینَ فَشِلُوا وَ تَطَلّعتُ حِینَ تَقَبّعُوا وَ نَطَقتُ

ص 81
حِینَ تَعتَعُوا وَ مَضَیتُ بِنُورِ اللّهِ حِینَ وَقَفُوا وَ کُنتُ أَخفَضَهُم صَوتاً وَ أَعلَاهُم فَوتاً فَطِرتُ بِعِنَانِهَا وَ استَبدَدتُ بِرِهَانِهَا کَالجَبَلِ لَا تُحَرّکُهُ القَوَاصِفُ وَ لَا تُزِیلُهُ العَوَاصِفُ لَم یَکُن لِأَحَدٍ فِیّ مَهمَزٌ وَ لَا لِقَائِلٍ فِیّ مَغمَزٌ الذّلِیلُ عنِدیِ عَزِیزٌ حَتّی آخُذَ الحَقّ لَهُ وَ القوَیِ‌ّ عنِدیِ ضَعِیفٌ حَتّی آخُذَ الحَقّ مِنهُ رَضِینَا عَنِ اللّهِ قَضَاءَهُ وَ سَلّمنَا لِلّهِ أَمرَهُ أَ ترَاَنیِ أَکذِبُ عَلَی رَسُولِ اللّهِص وَ اللّهِ لَأَنَا أَوّلُ مَن صَدّقَهُ فَلَا أَکُونُ أَوّلَ مَن کَذَبَ عَلَیهِ فَنَظَرتُ فِی أمَریِ فَإِذَا طاَعتَیِ قَد سَبَقَت بیَعتَیِ وَ إِذَا المِیثَاقُ فِی عنُقُیِ لغِیَریِ‌

38- و من کلام له ع و فیهاعلة تسمیة الشبهة شبهة ثم بیان حال الناس فیها

وَ إِنّمَا سُمّیَتِ الشّبهَةُ شُبهَةً لِأَنّهَا تُشبِهُ الحَقّ فَأَمّا أَولِیَاءُ اللّهِ فَضِیَاؤُهُم فِیهَا الیَقِینُ وَ دَلِیلُهُم سَمتُ الهُدَی وَ أَمّا أَعدَاءُ اللّهِ فَدُعَاؤُهُم فِیهَا الضّلَالُ وَ دَلِیلُهُمُ العَمَی فَمَا یَنجُو مِنَ المَوتِ مَن خَافَهُ وَ لَا یُعطَی البَقَاءَ مَن أَحَبّهُ

39- و من خطبة له ع خطبها

عندعلمه بغزوة النعمان بن بشیر صاحب معاویة لعین التمر، و فیهایبدی عذره ، ویستنهض الناس لنصرته
مُنِیتُ بِمَن لَا یُطِیعُ إِذَا أَمَرتُ وَ لَا یُجِیبُ إِذَا دَعَوتُ لَا أَبَا

ص 82
لَکُم مَا تَنتَظِرُونَ بِنَصرِکُم رَبّکُم أَ مَا دِینٌ یَجمَعُکُم وَ لَا حَمِیّةَ تُحمِشُکُم أَقُومُ فِیکُم مُستَصرِخاً وَ أُنَادِیکُم مُتَغَوّثاً فَلَا تَسمَعُونَ لِی قَولًا وَ لَا تُطِیعُونَ لِی أَمراً حَتّی تَکَشّفَ الأُمُورُ عَن عَوَاقِبِ المَسَاءَةِ فَمَا یُدرَکُ بِکُم ثَارٌ وَ لَا یُبلَغُ بِکُم مَرَامٌ دَعَوتُکُم إِلَی نَصرِ إِخوَانِکُم فَجَرجَرتُم جَرجَرَةَ الجَمَلِ الأَسَرّ وَ تَثَاقَلتُم تَثَاقُلَ النّضوِ الأَدبَرِ ثُمّ خَرَجَ إلِیَ‌ّ مِنکُم جُنَیدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِیفٌکَأَنّما یُساقُونَ إِلَی المَوتِ وَ هُم یَنظُرُونَ
-قرآن-483-532
قال السید الشریف أقول قوله ع متذائب أی مضطرب من قولهم تذاءبت الریح أی اضطرب هبوبها و منه سمی الذئب ذئبا لاضطراب مشیته
-روایت-1-133

40- و من کلام له ع فی الخوارج لماسمع قولهم « لاحکم إلالله »

قَالَ ع کَلِمَةُ حَقّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ نَعَم إِنّهُ لَا حُکمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَکِنّ هَؤُلَاءِ یَقُولُونَ لَا إِمرَةَ إِلّا لِلّهِ وَ إِنّهُ لَا بُدّ لِلنّاسِ مِن أَمِیرٍ بَرّ أَو فَاجِرٍ یَعمَلُ فِی إِمرَتِهِ المُؤمِنُ وَ یَستَمتِعُ فِیهَا الکَافِرُ وَ یُبَلّغُ اللّهُ فِیهَا الأَجَلَ وَ یُجمَعُ بِهِ الفیَ‌ءُ وَ یُقَاتَلُ بِهِ العَدُوّ وَ تَأمَنُ بِهِ السّبُلُ وَ یُؤخَذُ بِهِ لِلضّعِیفِ مِنَ القوَیِ‌ّ حَتّی یَستَرِیحَ بَرّ وَ یُستَرَاحَ مِن فَاجِرٍ

ص 83
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخرَی أَنّهُ ع لَمّا سَمِعَ تَحکِیمَهُم قَالَ حُکمَ اللّهِ أَنتَظِرُ فِیکُم وَ قَالَ أَمّا الإِمرَةُ البَرّةُ فَیَعمَلُ فِیهَا التقّیِ‌ّ وَ أَمّا الإِمرَةُ الفَاجِرَةُ فَیَتَمَتّعُ فِیهَا الشقّیِ‌ّ إِلَی أَن تَنقَطِعَ مُدّتُهُ وَ تُدرِکَهُ مَنِیّتُهُ

41- و من خطبة له ع و فیهاینهی عن الغدر ویحذر منه

أَیّهَا النّاسُ إِنّ الوَفَاءَ تَوأَمُ الصّدقِ وَ لَا أَعلَمُ جُنّةً أَوقَی مِنهُ وَ مَا یَغدِرُ مَن عَلِمَ کَیفَ المَرجِعُ وَ لَقَد أَصبَحنَا فِی زَمَانٍ قَدِ اتّخَذَ أَکثَرُ أَهلِهِ الغَدرَ کَیساً وَ نَسَبَهُم أَهلُ الجَهلِ فِیهِ إِلَی حُسنِ الحِیلَةِ مَا لَهُم قَاتَلَهُمُ اللّهُ قَد یَرَی الحُوّلُ القُلّبُ وَجهَ الحِیلَةِ وَ دُونَهَا مَانِعٌ مِن أَمرِ اللّهِ وَ نَهیِهِ فَیَدَعُهَا رأَی‌َ عَینٍ بَعدَ القُدرَةِ عَلَیهَا وَ یَنتَهِزُ فُرصَتَهَا مَن لَا حَرِیجَةَ لَهُ فِی الدّینِ

42- و من کلام له ع و فیه یحذر من اتباع الهوی وطول الأمل فی الدنیا

أَیّهَا النّاسُ إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیکُمُ اثنَانِ اتّبَاعُ الهَوَی وَ طُولُ الأَمَلِ فَأَمّا اتّبَاعُ الهَوَی فَیَصُدّ عَنِ الحَقّ وَ أَمّا طُولُ الأَمَلِ

ص 84
فیَنُسیِ الآخِرَةَ أَلَا وَ إِنّ الدّنیَا قَد وَلّت حَذّاءَ فَلَم یَبقَ مِنهَا إِلّا صُبَابَةٌ کَصُبَابَةِ الإِنَاءِ اصطَبّهَا صَابّهَا أَلَا وَ إِنّ الآخِرَةَ قَد أَقبَلَت وَ لِکُلّ مِنهُمَا بَنُونَ فَکُونُوا مِن أَبنَاءِ الآخِرَةِ وَ لَا تَکُونُوا مِن أَبنَاءِ الدّنیَا فَإِنّ کُلّ وَلَدٍ سَیُلحَقُ بِأَبِیهِ یَومَ القِیَامَةِ وَ إِنّ الیَومَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ
قال الشریف أقول الحذاء السریعة و من الناس من یرویه جذاء
-روایت-1-63

43- و من کلام له ع و قدأشار علیه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعدإرساله جریر بن عبد الله البجلی إلی معاویة و لم ینزل معاویة علی بیعته

إِنّ استعِداَدیِ لِحَربِ أَهلِ الشّامِ وَ جَرِیرٌ عِندَهُم إِغلَاقٌ لِلشّامِ وَ صَرفٌ لِأَهلِهِ عَن خَیرٍ إِن أَرَادُوهُ وَ لَکِن قَد وَقّتّ لِجَرِیرٍ وَقتاً لَا یُقِیمُ بَعدَهُ إِلّا مَخدُوعاً أَو عَاصِیاً وَ الرأّی‌ُ عنِدیِ مَعَ الأَنَاةِ فَأَروِدُوا وَ لَا أَکرَهُ لَکُمُ الإِعدَادَ وَ لَقَد ضَرَبتُ أَنفَ هَذَا الأَمرِ وَ عَینَهُ وَ قَلّبتُ ظَهرَهُ وَ بَطنَهُ فَلَم أَرَ لِی فِیهِ إِلّا القِتَالَ أَوِ الکُفرَ بِمَا جَاءَ مُحَمّدٌص إِنّهُ قَد کَانَ عَلَی الأُمّةِ وَالٍ أَحدَثَ أَحدَاثاً وَ أَوجَدَ النّاسَ مَقَالًا فَقَالُوا ثُمّ نَقَمُوا فَغَیّرُوا

ص 85

44- و من کلام له ع لماهرب مصقلة بن هبیرة الشیبانی إلی معاویة، و کان قدابتاع سبی بنی ناجیة من عامل أمیر المؤمنین علیه السلام وأعتقهم ، فلما طالبه بالمال خاس به وهرب إلی الشام

قَبّحَ اللّهُ مَصقَلَةَ فَعَلَ فِعلَ السّادَةِ وَ فَرّ فِرَارَ العَبِیدِ فَمَا أَنطَقَ مَادِحَهُ حَتّی أَسکَتَهُ وَ لَا صَدّقَ وَاصِفَهُ حَتّی بَکّتَهُ وَ لَو أَقَامَ لَأَخَذنَا مَیسُورَهُ وَ انتَظَرنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ

45- و من خطبة له ع و هوبعض خطبة طویلة خطبها یوم الفطر و فیهایحمد الله ویذم الدنیا

حمد الله

الحَمدُ لِلّهِ غَیرَ مَقنُوطٍ مِن رَحمَتِهِ وَ لَا مَخلُوّ مِن نِعمَتِهِ وَ لَا مَأیُوسٍ مِن مَغفِرَتِهِ وَ لَا مُستَنکَفٍ عَن عِبَادَتِهِ ألّذِی لَا تَبرَحُ مِنهُ رَحمَةٌ وَ لَا تُفقَدُ لَهُ نِعمَةٌ

ذم الدنیا

وَ الدّنیَا دَارٌ منُیِ‌َ لَهَا الفَنَاءُ وَ لِأَهلِهَا مِنهَا الجَلَاءُ وَ هیِ‌َ حُلوَةٌ خَضرَاءُ وَ قَد عَجِلَت لِلطّالِبِ وَ التَبَسَت بِقَلبِ النّاظِرِ فَارتَحِلُوا مِنهَا بِأَحسَنِ مَا بِحَضرَتِکُم مِنَ الزّادِ وَ لَا تَسأَلُوا فِیهَا فَوقَ الکَفَافِ وَ لَا تَطلُبُوا مِنهَا أَکثَرَ مِنَ البَلَاغِ

ص 86

46- و من کلام له ع

عندعزمه علی المسیر إلی الشام و هودعاء دعا به ربه
عندوضع رجله فی الرکاب
أللّهُمّ إنِیّ أَعُوذُ بِکَ مِن وَعثَاءِ السّفَرِ وَ کَآبَةِ المُنقَلَبِ وَ سُوءِ المَنظَرِ فِی الأَهلِ وَ المَالِ وَ الوَلَدِ أللّهُمّ أَنتَ الصّاحِبُ فِی السّفَرِ وَ أَنتَ الخَلِیفَةُ فِی الأَهلِ وَ لَا یَجمَعُهُمَا غَیرُکَ لِأَنّ المُستَخلَفَ لَا یَکُونُ مُستَصحَباً وَ المُستَصحَبُ لَا یَکُونُ مُستَخلَفاً
قال السید الشریف رضی الله عنه وابتداء هذاالکلام مروی عن رسول الله ص و قدقفاه أمیر المؤمنین ع بأبلغ کلام وتممه بأحسن تمام من قوله و لایجمعهما غیرک إلی آخر الفصل
-روایت-1-183

47- و من کلام له ع فی ذکر الکوفة

کأَنَیّ بِکِ یَا کُوفَةُ تُمَدّینَ مَدّ الأَدِیمِ العکُاَظیِ‌ّ تُعرَکِینَ بِالنّوَازِلِ وَ تُرکَبِینَ بِالزّلَازِلِ وَ إنِیّ لَأَعلَمُ أَنّهُ مَا أَرَادَ بِکِ جَبّارٌ سُوءاً إِلّا ابتَلَاهُ اللّهُ بِشَاغِلٍ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ

ص 87

48- و من خطبة له ع

عندالمسیر إلی الشام قیل إنه خطب بها و هوبالنخیلة خارجا من الکوفة إلی صفین
الحَمدُ لِلّهِ کُلّمَا وَقَبَ لَیلٌ وَ غَسَقَ وَ الحَمدُ لِلّهِ کُلّمَا لَاحَ نَجمٌ وَ خَفَقَ وَ الحَمدُ لِلّهِ غَیرَ مَفقُودِ الإِنعَامِ وَ لَا مُکَافَإِ الإِفضَالِ أَمّا بَعدُ فَقَد بَعَثتُ مقُدَمّتَیِ وَ أَمَرتُهُم بِلُزُومِ هَذَا المِلطَاطِ حَتّی یَأتِیَهُم أمَریِ وَ قَد رَأَیتُ أَن أَقطَعَ هَذِهِ النّطفَةَ إِلَی شِرذِمَةٍ مِنکُم مُوَطّنِینَ أَکنَافَ دِجلَةَ فَأُنهِضَهُم مَعَکُم إِلَی عَدُوّکُم وَ أَجعَلَهُم مِن أَمدَادِ القُوّةِ لَکُم
قال السید الشریف أقول یعنی ع بالملطاط هاهنا السمت ألذی أمرهم بلزومه و هوشاطئ الفرات ویقال ذلک أیضا لشاطئ البحر وأصله مااستوی من الأرض ویعنی بالنطفة ماء الفرات و هو من غریب العبارات وعجیبها

49- و من کلام له ع و فیه جملة من صفات الربوبیة والعلم الإلهی‌

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی بَطَنَ خَفِیّاتِ الأَمُوُرِ وَ دَلّت عَلَیهِ أَعلَامُ الظّهُورِ وَ امتَنَعَ عَلَی عَینِ البَصِیرِ فَلَا عَینُ مَن لَم یَرَهُ تُنکِرُهُ وَ لَا قَلبُ مَن أَثبَتَهُ یُبصِرُهُ سَبَقَ فِی العُلُوّ فَلَا شَیءَ أَعلَی مِنهُ وَ قَرُبَ فِی

ص 88
الدّنُوّ فَلَا شَیءَ أَقرَبُ مِنهُ فَلَا استِعلَاؤُهُ بَاعَدَهُ عَن شَیءٍ مِن خَلقِهِ وَ لَا قُربُهُ سَاوَاهُم فِی المَکَانِ بِهِ لَم یُطلِعِ العُقُولَ عَلَی تَحدِیدِ صِفَتِهِ وَ لَم یَحجُبهَا عَن وَاجِبِ مَعرِفَتِهِ فَهُوَ ألّذِی تَشهَدُ لَهُ أَعلَامُ الوُجُودِ عَلَی إِقرَارِ قَلبِ ذیِ الجُحُودِ تَعَالَی اللّهُ عَمّا یَقُولُهُ المُشَبّهُونَ بِهِ وَ الجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً کَبِیراً

50- و من کلام له ع و فیه بیان لمایخرب العالم به من الفتن وبیان هذه الفتن

إِنّمَا بَدءُ وُقُوعِ الفِتَنِ أَهوَاءٌ تُتّبَعُ وَ أَحکَامٌ تُبتَدَعُ یُخَالَفُ فِیهَا کِتَابُ اللّهِ وَ یَتَوَلّی عَلَیهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَی غَیرِ دِینِ اللّهِ فَلَو أَنّ البَاطِلَ خَلَصَ مِن مِزَاجِ الحَقّ لَم یَخفَ عَلَی المُرتَادِینَ وَ لَو أَنّ الحَقّ خَلَصَ مِن لَبسِ البَاطِلِ انقَطَعَت عَنهُ أَلسُنُ المُعَانِدِینَ وَ لَکِن یُؤخَذُ مِن هَذَا ضِغثٌ وَ مِن هَذَا ضِغثٌ فَیُمزَجَانِ فَهُنَالِکَ یسَتوَلیِ الشّیطَانُ عَلَی أَولِیَائِهِ وَ یَنجُوالّذِینَ سَبَقَت لَهُم مِنَ اللّهِالحُسنی
-قرآن-457-478-قرآن-491-497

51- و من خطبة له ع لماغلب أصحاب معاویة أصحابه ع علی شریعة الفرات بصفین ومنعوهم الماء

قَدِ استَطعَمُوکُمُ القِتَالَ فَأَقِرّوا عَلَی مَذَلّةٍ وَ تَأخِیرِ مَحَلّةٍ أَو رَوّوا السّیُوفَ مِنَ الدّمَاءِ تَروَوا مِنَ المَاءِ فَالمَوتُ فِی حَیَاتِکُم مَقهُورِینَ

ص 89
وَ الحَیَاةُ فِی مَوتِکُم قَاهِرِینَ أَلَا وَ إِنّ مُعَاوِیَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الغُوَاةِ وَ عَمّسَ عَلَیهِمُ الخَبَرَ حَتّی جَعَلُوا نُحُورَهُم أَغرَاضَ المَنِیّةِ

52- و من خطبة له ع وهی فی التزهید فی الدنیا وثواب الله للزاهد ونعم الله علی الخالق

التزهید فی الدنیا

أَلَا وَ إِنّ الدّنیَا قَد تَصَرّمَت وَ آذَنَت بِانقِضَاءٍ وَ تَنَکّرَ مَعرُوفُهَا وَ أَدبَرَت حَذّاءَ فهَیِ‌َ تَحفِزُ بِالفَنَاءِ سُکّانَهَا وَ تَحدُو بِالمَوتِ جِیرَانَهَا وَ قَد أَمَرّ فِیهَا مَا کَانَ حُلواً وَ کَدِرَ مِنهَا مَا کَانَ صَفواً فَلَم یَبقَ مِنهَا إِلّا سَمَلَةٌ کَسَمَلَةِ الإِدَاوَةِ أَو جُرعَةٌ کَجُرعَةِ المَقلَةِ لَو تَمَزّزَهَا الصّدیَانُ لَم یَنقَع فَأَزمِعُوا عِبَادَ اللّهِ الرّحِیلَ عَن هَذِهِ الدّارِ المَقدُورِ عَلَی أَهلِهَا الزّوَالُ وَ لَا یَغلِبَنّکُم فِیهَا الأَمَلُ وَ لَا یَطُولَنّ عَلَیکُم فِیهَا الأَمَدُ

ثواب الزهاد

فَوَاللّهِ لَو حَنَنتُم حَنِینَ الوُلّهِ العِجَالِ وَ دَعَوتُم بِهَدِیلِ الحَمَامِ وَ جَأَرتُم جُؤَارَ متُبَتَلّیِ الرّهبَانِ وَ خَرَجتُم إِلَی اللّهِ مِنَ الأَموَالِ وَ الأَولَادِ التِمَاسَ القُربَةِ إِلَیهِ فِی ارتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِندَهُ أَو غُفرَانِ

ص 90
سَیّئَةٍ أَحصَتهَا کُتُبُهُ وَ حَفِظَتهَا رُسُلُهُ لَکَانَ قَلِیلًا فِیمَا أَرجُو لَکُم مِن ثَوَابِهِ وَ أَخَافُ عَلَیکُم مِن عِقَابِهِ

نعم الله

وَ تَاللّهِ لَوِ انمَاثَت قُلُوبُکُمُ انمِیَاثاً وَ سَالَت عُیُونُکُم مِن رَغبَةٍ إِلَیهِ أَو رَهبَةٍ مِنهُ دَماً ثُمّ عُمّرتُم فِی الدّنیَا مَا الدّنیَا بَاقِیَةٌ مَا جَزَت أَعمَالُکُم عَنکُم وَ لَو لَم تُبقُوا شَیئاً مِن جُهدِکُم أَنعُمَهُ عَلَیکُمُ العِظَامَ وَ هُدَاهُ إِیّاکُم لِلإِیمَانِ

53- و من خطبة له ع فی ذکری یوم النحر وصفة الأضحیة

وَ مِن تَمَامِ الأُضحِیّةِ استِشرَافُ أُذُنِهَا وَ سَلَامَةُ عَینِهَا فَإِذَا سَلِمَتِ الأُذُنُ وَ العَینُ سَلِمَتِ الأُضحِیّةُ وَ تَمّت وَ لَو کَانَت عَضبَاءَ القَرنِ تَجُرّ رِجلَهَا إِلَی المَنسَکِ
قال السید الشریف والمنسک هاهنا المذبح
-روایت-1-43

54- و من خطبة له ع و فیهایصف أصحابه بصفین حین طال منعهم له من قتال أهل الشام

فَتَدَاکّوا عَلَیّ تَدَاکّ الإِبِلِ الهِیمِ یَومَ وِردِهَا وَ قَد أَرسَلَهَا

ص 91
رَاعِیهَا وَ خُلِعَت مَثَانِیهَا حَتّی ظَنَنتُ أَنّهُم قاَتلِیِ‌ّ أَو بَعضُهُم قَاتِلُ بَعضٍ لدَیَ‌ّ وَ قَد قَلّبتُ هَذَا الأَمرَ بَطنَهُ وَ ظَهرَهُ حَتّی منَعَنَیِ النّومَ فَمَا وجَدَتنُیِ یسَعَنُیِ إِلّا قِتَالُهُم أَوِ الجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمّدٌص فَکَانَت مُعَالَجَةُ القِتَالِ أَهوَنَ عَلَیّ مِن مُعَالَجَةِ العِقَابِ وَ مَوتَاتُ الدّنیَا أَهوَنَ عَلَیّ مِن مَوتَاتِ الآخِرَةِ

55- و من کلام له ع و قداستبطأ أصحابه إذنه لهم فی القتال بصفین

أَمّا قَولُکُم أَ کُلّ ذَلِکَ کَرَاهِیَةَ المَوتِ فَوَاللّهِ مَا أبُاَلیِ دَخَلتُ إِلَی المَوتِ أَو خَرَجَ المَوتُ إلِیَ‌ّ وَ أَمّا قَولُکُم شَکّاً فِی أَهلِ الشّامِ فَوَاللّهِ مَا دَفَعتُ الحَربَ یَوماً إِلّا وَ أَنَا أَطمَعُ أَن تَلحَقَ بیِ طَائِفَةٌ فتَهَتدَیِ‌َ بیِ وَ تَعشُوَ إِلَی ضوَئیِ وَ ذَلِکَ أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن أَن أَقتُلَهَا عَلَی ضَلَالِهَا وَ إِن کَانَت تَبُوءُ بِآثَامِهَا

56- و من کلام له ع یصف أصحاب رسول الله و ذلک یوم صفین حین أمر الناس بالصلح

وَ لَقَد کُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِص نَقتُلُ آبَاءَنَا وَ أَبنَاءَنَا وَ إِخوَانَنَا وَ أَعمَامَنَا مَا یَزِیدُنَا ذَلِکَ إِلّا إِیمَاناً وَ تَسلِیماً وَ مُضِیّاً عَلَی

ص 92
اللّقَمِ وَ صَبراً عَلَی مَضَضِ الأَلَمِ وَ جِدّاً فِی جِهَادِ العَدُوّ وَ لَقَد کَانَ الرّجُلُ مِنّا وَ الآخَرُ مِن عَدُوّنَا یَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الفَحلَینِ یَتَخَالَسَانِ أَنفُسَهُمَا أَیّهُمَا یسَقیِ صَاحِبَهُ کَأسَ المَنُونِ فَمَرّةً لَنَا مِن عَدُوّنَا وَ مَرّةً لِعَدُوّنَا مِنّا فَلَمّا رَأَی اللّهُ صِدقَنَا أَنزَلَ بِعَدُوّنَا الکَبتَ وَ أَنزَلَ عَلَینَا النّصرَ حَتّی استَقَرّ الإِسلَامُ مُلقِیاً جِرَانَهُ وَ مُتَبَوّئاً أَوطَانَهُ وَ لعَمَریِ لَو کُنّا نأَتیِ مَا أَتَیتُم مَا قَامَ لِلدّینِ عَمُودٌ وَ لَا اخضَرّ لِلإِیمَانِ عُودٌ وَ ایمُ اللّهِ لَتَحتَلِبُنّهَا دَماً وَ لَتُتبِعُنّهَا نَدَماً

57- و من کلام له ع فی صفة رجل مذموم ثم فی فضله هو ع

أَمّا إِنّهُ سَیَظهَرُ عَلَیکُم بعَدیِ رَجُلٌ رَحبُ البُلعُومِ مُندَحِقُ البَطنِ یَأکُلُ مَا یَجِدُ وَ یَطلُبُ مَا لَا یَجِدُ فَاقتُلُوهُ وَ لَن تَقتُلُوهُ أَلَا وَ إِنّهُ سَیَأمُرُکُم بسِبَیّ وَ البَرَاءَةِ منِیّ فَأَمّا السّبّ فسَبُوّنیِ فَإِنّهُ لِی زَکَاةٌ وَ لَکُم نَجَاةٌ وَ أَمّا البَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرّءُوا منِیّ فإَنِیّ وُلِدتُ عَلَی الفِطرَةِ وَ سَبَقتُ إِلَی الإِیمَانِ وَ الهِجرَةِ

58- و من کلام له ع کلم به الخوارج حین اعتزلوا الحکومة وتنادوا أن لاحکم إلالله

أَصَابَکُم حَاصِبٌ وَ لَا بقَیِ‌َ مِنکُم آثِرٌ أَ بَعدَ إیِماَنیِ بِاللّهِ

ص 93
وَ جهِاَدیِ مَعَ رَسُولِ اللّهِص أَشهَدُ عَلَی نفَسیِ بِالکُفرِ لَقَد ضَلَلتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ المُهتَدِینَفَأُوبُوا شَرّ مَآبٍ وَ ارجِعُوا عَلَی أَثَرِ الأَعقَابِ أَمَا إِنّکُم سَتَلقَونَ بعَدیِ ذُلّا شَامِلًا وَ سَیفاً قَاطِعاً وَ أَثَرَةً یَتّخِذُهَا الظّالِمُونَ فِیکُم سُنّةً
-قرآن-70-116
قال الشریف قوله ع و لابقی منکم آبر یروی علی ثلاثة أوجه أحدها أن یکون کماذکرناه آبر بالراء من قولهم للذی یأبر النخل أی یصلحه . ویروی آثر و هو ألذی یأثر الحدیث ویرویه أی یحکیه و هوأصح الوجوه عندی کأنه ع قال لابقی منکم مخبر. ویروی آبز بالزای المعجمة و هوالواثب والهالک أیضا یقال له آبز
-روایت-1-315

59- و قال ع لماعزم علی حرب الخوارج وقیل له إن القوم عبروا جسر النهروان

مَصَارِعُهُم دُونَ النّطفَةِ وَ اللّهِ لَا یُفلِتُ مِنهُم عَشَرَةٌ وَ لَا یَهلِکُ مِنکُم عَشَرَةٌ
قال الشریف یعنی بالنطفة ماء النهر وهی أفصح کنایة عن الماء و إن کان کثیرا جما و قدأشرنا إلی ذلک فیما تقدم
عندمضی ماأشبهه
-روایت-1-131

60- و قال ع لماقتل الخوارج فقیل له یا أمیر المؤمنین هلک القوم بأجمعهم

کَلّا وَ اللّهِ إِنّهُم نُطَفٌ فِی أَصلَابِ الرّجَالِ وَ قَرَارَاتِ النّسَاءِ

ص 94
کُلّمَا نَجَمَ مِنهُم قَرنٌ قُطِعَ حَتّی یَکُونَ آخِرُهُم لُصُوصاً سَلّابِینَ

61- و قال ع

لَا تُقَاتِلُوا الخَوَارِجَ بعَدیِ فَلَیسَ مَن طَلَبَ الحَقّ فَأَخطَأَهُ کَمَن طَلَبَ البَاطِلَ فَأَدرَکَهُ
قال الشریف یعنی معاویة وأصحابه
-روایت-1-36

62- و من کلام له ع لماخوف من الغیلة

وَ إِنّ عَلَیّ مِنَ اللّهِ جُنّةً حَصِینَةً فَإِذَا جَاءَ یوَمیِ انفَرَجَت عنَیّ وَ أسَلمَتَنیِ فَحِینَئِذٍ لَا یَطِیشُ السّهمُ وَ لَا یَبرَأُ الکَلمُ

63- و من خطبة له ع یحذر من فتنة الدنیا

أَلَا إِنّ الدّنیَا دَارٌ لَا یُسلَمُ مِنهَا إِلّا فِیهَا وَ لَا یُنجَی بشِیَ‌ءٍ کَانَ لَهَا ابتلُیِ‌َ النّاسُ بِهَا فِتنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنهَا لَهَا أُخرِجُوا مِنهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنهَا لِغَیرِهَا قَدِمُوا عَلَیهِ وَ أَقَامُوا فِیهِ فَإِنّهَا
عِندَ ذوَیِ العُقُولِ کفَیَ‌ءِ الظّلّ بَینَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتّی قَلَصَ وَ زَائِداً حَتّی نَقَصَ

ص 95

64- و من خطبة له ع فی المبادرة إلی صالح الأعمال

فَاتّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ وَ بَادِرُوا آجَالَکُم بِأَعمَالِکُم وَ ابتَاعُوا مَا یَبقَی لَکُم بِمَا یَزُولُ عَنکُم وَ تَرَحّلُوا فَقَد جُدّ بِکُم وَ استَعِدّوا لِلمَوتِ فَقَد أَظَلّکُم وَ کُونُوا قَوماً صِیحَ بِهِم فَانتَبَهُوا وَ عَلِمُوا أَنّ الدّنیَا لَیسَت لَهُم بِدَارٍ فَاستَبدَلُوا فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَم یَخلُقکُم عَبَثاً وَ لَم یَترُککُم سُدًی وَ مَا بَینَ أَحَدِکُم وَ بَینَ الجَنّةِ أَوِ النّارِ إِلّا المَوتُ أَن یَنزِلَ بِهِ وَ إِنّ غَایَةً تَنقُصُهَا اللّحظَةُ وَ تَهدِمُهَا السّاعَةُ لَجَدِیرَةٌ بِقِصَرِ المُدّةِ وَ إِنّ غَائِباً یَحدُوهُ الجَدِیدَانِ اللّیلُ وَ النّهَارُ لحَرَیِ‌ّ بِسُرعَةِ الأَوبَةِ وَ إِنّ قَادِماً یَقدُمُ بِالفَوزِ أَوِ الشّقوَةِ لَمُستَحِقّ لِأَفضَلِ العُدّةِ فَتَزَوّدُوا فِی الدّنیَا مِنَ الدّنیَا مَا تَحرُزُونَ بِهِ أَنفُسَکُم غَداً فَاتّقَی عَبدٌ رَبّهُ نَصَحَ نَفسَهُ وَ قَدّمَ تَوبَتَهُ وَ غَلَبَ شَهوَتَهُ فَإِنّ أَجَلَهُ مَستُورٌ عَنهُ وَ أَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ وَ الشّیطَانُ مُوَکّلٌ بِهِ یُزَیّنُ لَهُ المَعصِیَةَ لِیَرکَبَهَا وَ یُمَنّیهِ التّوبَةَ لِیُسَوّفَهَا إِذَا هَجَمَت مَنِیّتُهُ عَلَیهِ أَغفَلَ مَا یَکُونُ عَنهَا فَیَا لَهَا حَسرَةً عَلَی کُلّ ذیِ غَفلَةٍ أَن یَکُونَ عُمُرُهُ عَلَیهِ حُجّةً وَ أَن تُؤَدّیَهُ أَیّامُهُ إِلَی الشّقوَةِ نَسأَلُ اللّهَ سُبحَانَهُ أَن یَجعَلَنَا وَ إِیّاکُم مِمّن لَا تُبطِرُهُ نِعمَةٌ وَ لَا تُقَصّرُ بِهِ عَن طَاعَةِ رَبّهِ غَایَةٌ وَ لَا تَحُلّ بِهِ بَعدَ المَوتِ نَدَامَةٌ وَ لَا کَآبَةٌ

ص 96

65- و من خطبة له ع و فیهامباحث لطیفة من العلم الإلهی‌

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَم تَسبِق لَهُ حَالٌ حَالًا فَیَکُونَ أَوّلًا قَبلَ أَن یَکُونَ آخِراً وَ یَکُونَ ظَاهِراً قَبلَ أَن یَکُونَ بَاطِناً کُلّ مُسَمّی بِالوَحدَةِ غَیرَهُ قَلِیلٌ وَ کُلّ عَزِیزٍ غَیرَهُ ذَلِیلٌ وَ کُلّ قوَیِ‌ّ غَیرَهُ ضَعِیفٌ وَ کُلّ مَالِکٍ غَیرَهُ مَملُوکٌ وَ کُلّ عَالِمٍ غَیرَهُ مُتَعَلّمٌ وَ کُلّ قَادِرٍ غَیرَهُ یَقدِرُ وَ یَعجَزُ وَ کُلّ سَمِیعٍ غَیرَهُ یَصَمّ عَن لَطِیفِ الأَصوَاتِ وَ یُصِمّهُ کَبِیرُهَا وَ یَذهَبُ عَنهُ مَا بَعُدَ مِنهَا وَ کُلّ بَصِیرٍ غَیرَهُ یَعمَی عَن خفَیِ‌ّ الأَلوَانِ وَ لَطِیفِ الأَجسَامِ وَ کُلّ ظَاهِرٍ غَیرَهُ بَاطِنٌ وَ کُلّ بَاطِنٍ غَیرَهُ غَیرُ ظَاهِرٍ لَم یَخلُق مَا خَلَقَهُ لِتَشدِیدِ سُلطَانٍ وَ لَا تَخَوّفٍ مِن عَوَاقِبِ زَمَانٍ وَ لَا استِعَانَةٍ عَلَی نِدّ مُثَاوِرٍ وَ لَا شَرِیکٍ مُکَاثِرٍ وَ لَا ضِدّ مُنَافِرٍ وَ لَکِن خَلَائِقُ مَربُوبُونَ وَ عِبَادٌ دَاخِرُونَ لَم یَحلُل فِی الأَشیَاءِ فَیُقَالَ هُوَ کَائِنٌ وَ لَم یَنأَ عَنهَا فَیُقَالَ هُوَ مِنهَا بَائِنٌ لَم یَؤُدهُ خَلقُ مَا ابتَدَأَ وَ لَا تَدبِیرُ مَا ذَرَأَ وَ لَا وَقَفَ بِهِ عَجزٌ عَمّا خَلَقَ وَ لَا وَلَجَت عَلَیهِ شُبهَةٌ فِیمَا قَضَی وَ قَدّرَ بَل قَضَاءٌ مُتقَنٌ وَ عِلمٌ مُحکَمٌ وَ أَمرٌ مُبرَمٌ المَأمُولُ مَعَ النّقَمِ المَرهُوبُ مَعَ النّعَمِ

ص 97

66- و من کلام له ع فی تعلیم الحرب والمقاتلة والمشهور أنه قاله لأصحابه لیلة الهریر أوأول اللقاء بصفین

مَعَاشِرَ المُسلِمِینَ استَشعِرُوا الخَشیَةَ وَ تَجَلبَبُوا السّکِینَةَ وَ عَضّوا عَلَی النّوَاجِذِ فَإِنّهُ أَنبَی لِلسّیُوفِ عَنِ الهَامِ وَ أَکمِلُوا اللّأمَةَ وَ قَلقِلُوا السّیُوفَ فِی أَغمَادِهَا قَبلَ سَلّهَا وَ الحَظُوا الخَزرَ وَ اطعُنُوا الشّزرَ وَ نَافِحُوا بِالظّبَی وَ صِلُوا السّیُوفَ بِالخُطَا وَ اعلَمُوا أَنّکُم بِعَینِ اللّهِ وَ مَعَ ابنِ عَمّ رَسُولِ اللّهِ فَعَاوِدُوا الکَرّ وَ استَحیُوا مِنَ الفَرّ فَإِنّهُ عَارٌ فِی الأَعقَابِ وَ نَارٌ یَومَ الحِسَابِ وَ طِیبُوا عَن أَنفُسِکُم نَفساً وَ امشُوا إِلَی المَوتِ مَشیاً سُجُحاً وَ عَلَیکُم بِهَذَا السّوَادِ الأَعظَمِ وَ الرّوَاقِ المُطَنّبِ فَاضرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنّ الشّیطَانَ کَامِنٌ فِی کِسرِهِ وَ قَد قَدّمَ لِلوَثبَةِ یَداً وَ أَخّرَ لِلنّکُوصِ رِجلًا فَصَمداً صَمداً حَتّی ینَجلَیِ‌َ لَکُم عَمُودُ الحَقّوَ أَنتُمُ الأَعلَونَ وَ اللّهُ مَعَکُم وَ لَن یَتِرَکُم أَعمالَکُم
-قرآن-783-849

67- و من کلام له ع قالوا لماانتهت إلی أمیر المؤمنین ع أنباء السقیفة بعدوفاة رسول الله ص قال ع ماقالت الأنصار قالوا قالت منا أمیر ومنکم أمیر قال ع

فَهَلّا احتَجَجتُم عَلَیهِم بِأَنّ رَسُولَ اللّهِص وَصّی بِأَن

ص 98
یُحسَنَ إِلَی مُحسِنِهِم وَ یُتَجَاوَزَ عَن مُسِیئِهِم قَالُوا وَ مَا فِی هَذَا مِنَ الحُجّةِ عَلَیهِم فَقَالَ ع لَو کَانَ الإِمَامَةُ فِیهِم لَم تَکُنِ الوَصِیّةُ بِهِم ثُمّ قَالَ ع فَمَا ذَا قَالَت قُرَیشٌ قَالُوا احتَجّت بِأَنّهَا شَجَرَةُ الرّسُولِص فَقَالَ ع احتَجّوا بِالشّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثّمَرَةَ

68- و من کلام له ع لماقلد محمد بن أبی بکر مصر فملکت علیه وقتل

وَ قَد أَرَدتُ تَولِیَةَ مِصرَ هَاشِمَ بنَ عُتبَةَ وَ لَو وَلّیتُهُ إِیّاهَا لَمّا خَلّی لَهُمُ العَرصَةَ وَ لَا أَنهَزَهُمُ الفُرصَةَ بِلَا ذَمّ لِمُحَمّدِ بنِ أَبِی بَکرٍ فَلَقَد کَانَ إلِیَ‌ّ حَبِیباً وَ کَانَ لِی رَبِیباً

69- و من کلام له ع فی توبیخ بعض أصحابه

کَم أُدَارِیکُم کَمَا تُدَارَی البِکَارُ العَمِدَةُ وَ الثّیَابُ المُتَدَاعِیَةُ

ص 99
کُلّمَا حِیصَت مِن جَانِبٍ تَهَتّکَت مِن آخَرَ کُلّمَا أَطَلّ عَلَیکُم مَنسِرٌ مِن مَنَاسِرِ أَهلِ الشّامِ أَغلَقَ کُلّ رَجُلٍ مِنکُم بَابَهُ وَ انجَحَرَ انجِحَارَ الضّبّةِ فِی جُحرِهَا وَ الضّبُعِ فِی وِجَارِهَا الذّلِیلُ وَ اللّهِ مَن نَصَرتُمُوهُ وَ مَن رمُیِ‌َ بِکُم فَقَد رمُیِ‌َ بِأَفوَقَ نَاصِلٍ إِنّکُم وَ اللّهِ لَکَثِیرٌ فِی البَاحَاتِ قَلِیلٌ تَحتَ الرّایَاتِ وَ إنِیّ لَعَالِمٌ بِمَا یُصلِحُکُم وَ یُقِیمُ أَوَدَکُم وَ لکَنِیّ لَا أَرَی إِصلَاحَکُم بِإِفسَادِ نفَسیِ أَضرَعَ اللّهُ خُدُودَکُم وَ أَتعَسَ جُدُودَکُم لَا تَعرِفُونَ الحَقّ کَمَعرِفَتِکُمُ البَاطِلَ وَ لَا تُبطِلُونَ البَاطِلَ کَإِبطَالِکُمُ الحَقّ

70- و قال ع فی سحرة الیوم ألذی ضرب فیه

ملَکَتَنیِ عیَنیِ وَ أَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِی رَسُولُ اللّهِص فَقُلتُ یَا رَسُولَ اللّهِ مَا ذَا لَقِیتُ مِن أُمّتِکَ مِنَ الأَوَدِ وَ اللّدَدِ فَقَالَ ادعُ عَلَیهِم فَقُلتُ أبَدلَنَیِ اللّهُ بِهِم خَیراً مِنهُم وَ أَبدَلَهُم بیِ شَرّاً لَهُم منِیّ
قال الشریف یعنی بالأود الاعوجاج وباللدد الخصام و هذا من أفصح الکلام
-روایت-1-76

ص 100

71- و من خطبة له ع فی ذم أهل العراق و فیهایوبخهم علی ترک القتال والنصر یکاد یتم ثم تکذیبهم له

أَمّا بَعدُ یَا أَهلَ العِرَاقِ فَإِنّمَا أَنتُم کَالمَرأَةِ الحَامِلِ حَمَلَت فَلَمّا أَتَمّت أَملَصَت وَ مَاتَ قَیّمُهَا وَ طَالَ تَأَیّمُهَا وَ وَرِثَهَا أَبعَدُهَا. أَمَا وَ اللّهِ مَا أَتَیتُکُمُ اختِیَاراً وَ لَکِن جِئتُ إِلَیکُم سَوقاً وَ لَقَد بلَغَنَیِ أَنّکُم تَقُولُونَ عَلِیّ یَکذِبُ قَاتَلَکُمُ اللّهُ تَعَالَی فَعَلَی مَن أَکذِبُ أَ عَلَی اللّهِ فَأَنَا أَوّلُ مَن آمَنَ بِهِ أَم عَلَی نَبِیّهِ فَأَنَا أَوّلُ مَن صَدّقَهُ کَلّا وَ اللّهِ لَکِنّهَا لَهجَةٌ غِبتُم عَنهَا وَ لَم تَکُونُوا مِن أَهلِهَا وَیلُ أُمّهِ کَیلًا بِغَیرِ ثَمَنٍ لَو کَانَ لَهُ وِعَاءٌوَ لَتَعلَمُنّ نَبَأَهُ بَعدَ حِینٍ
-قرآن-574-608

72- و من خطبة له ع علم فیها الناس الصلاة علی النبی ص و فیهابیان صفات الله سبحانه وصفة النبی والدعاء له

صفات الله

أللّهُمّ داَحیِ‌َ المَدحُوّاتِ وَ دَاعِمَ المَسمُوکَاتِ وَ جَابِلَ القُلُوبِ عَلَی فِطرَتِهَا شَقِیّهَا وَ سَعِیدِهَا

ص 101

صفات النبی

اجعَل شَرَائِفَ صَلَوَاتِکَ وَ نوَاَمیِ‌َ بَرَکَاتِکَ عَلَی مُحَمّدٍ عَبدِکَ وَ رَسُولِکَ الخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ الفَاتِحِ لِمَا انغَلَقَ وَ المُعلِنِ الحَقّ بِالحَقّ وَ الدّافِعِ جَیشَاتِ الأَبَاطِیلِ وَ الدّامِغِ صَولَاتِ الأَضَالِیلِ کَمَا حُمّلَ فَاضطَلَعَ قَائِماً بِأَمرِکَ مُستَوفِزاً فِی مَرضَاتِکَ غَیرَ نَاکِلٍ عَن قُدُمٍ وَ لَا وَاهٍ فِی عَزمٍ وَاعِیاً لِوَحیِکَ حَافِظاً لِعَهدِکَ مَاضِیاً عَلَی نَفَاذِ أَمرِکَ حَتّی أَورَی قَبَسَ القَابِسِ وَ أَضَاءَ الطّرِیقَ لِلخَابِطِ وَ هُدِیَت بِهِ القُلُوبُ بَعدَ خَوضَاتِ الفِتَنِ وَ الآثَامِ وَ أَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعلَامِ وَ نَیّرَاتِ الأَحکَامِ فَهُوَ أَمِینُکَ المَأمُونُ وَ خَازِنُ عِلمِکَ المَخزُونِ وَ شَهِیدُکَ یَومَ الدّینِ وَ بَعِیثُکَ بِالحَقّ وَ رَسُولُکَ إِلَی الخَلقِ

الدعاء للنبی‌

أللّهُمّ افسَح لَهُ مَفسَحاً فِی ظِلّکَ وَ اجزِهِ مُضَاعَفَاتِ الخَیرِ مِن فَضلِکَ أللّهُمّ وَ أَعلِ عَلَی بِنَاءِ البَانِینَ بِنَاءَهُ وَ أَکرِم لَدَیکَ مَنزِلَتَهُ وَ أَتمِم لَهُ نُورَهُ وَ اجزِهِ مِنِ ابتِعَاثِکَ لَهُ مَقبُولَ الشّهَادَةِ مرَضیِ‌ّ المَقَالَةِ ذَا مَنطِقٍ عَدلٍ وَ خُطبَةٍ فَصلٍ أللّهُمّ اجمَع بَینَنَا وَ بَینَهُ فِی بَردِ العَیشِ وَ قَرَارِ النّعمَةِ وَ مُنَی الشّهَوَاتِ وَ أَهوَاءِ اللّذّاتِ

ص 102
وَ رَخَاءِ الدّعَةِ وَ مُنتَهَی الطّمَأنِینَةِ وَ تُحَفِ الکَرَامَةِ

73- و من کلام له ع قاله لمروان بن الحکم بالبصرة

قَالُوا أُخِذَ مَروَانُ بنُ الحَکَمِ أَسِیراً یَومَ الجَمَلِ فَاستَشفَعَ الحَسَنَ وَ الحُسَینَ ع إِلَی أَمِیرِ المُؤمِنِینَ ع فَکَلّمَاهُ فِیهِ فَخَلّی سَبِیلَهُ فَقَالَا لَهُ یُبَایِعُکَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ قَالَ ع أَ وَ لَم یبُاَیعِنیِ بَعدَ قَتلِ عُثمَانَ لَا حَاجَةَ لِی فِی بَیعَتِهِ إِنّهَا کَفّ یَهُودِیّةٌ لَو باَیعَنَیِ بِکَفّهِ لَغَدَرَ بِسَبّتِهِ أَمَا إِنّ لَهُ إِمرَةً کَلَعقَةِ الکَلبِ أَنفَهُ وَ هُوَ أَبُو الأَکبُشِ الأَربَعَةِ وَ سَتَلقَی الأُمّةُ مِنهُ وَ مِن وَلَدِهِ یَوماً أَحمَرَ

74- و من خطبة له ع لماعزموا علی بیعة عثمان

لَقَد عَلِمتُم أنَیّ أَحَقّ النّاسِ بِهَا مِن غیَریِ وَ وَ اللّهِ لَأُسلِمَنّ مَا سَلِمَت أُمُورُ المُسلِمِینَ وَ لَم یَکُن فِیهَا جَورٌ إِلّا عَلَیّ خَاصّةً التِمَاساً لِأَجرِ ذَلِکَ وَ فَضلِهِ وَ زُهداً فِیمَا تَنَافَستُمُوهُ مِن زُخرُفِهِ وَ زِبرِجِهِ

ص 103

75- و من کلام له ع لمابلغه اتهام بنی أمیة له بالمشارکة فی دم عثمان

أَ وَ لَم یَنهَ بنَیِ أُمَیّةَ عِلمُهَا بیِ عَن قرَفیِ أَ وَ مَا وَزَعَ الجُهّالَ ساَبقِتَیِ عَن تهُمَتَیِ وَ لَمَا وَعَظَهُمُ اللّهُ بِهِ أَبلَغُ مِن لسِاَنیِ أَنَا حَجِیجُ المَارِقِینَ وَ خَصِیمُ النّاکِثِینَ المُرتَابِینَ وَ عَلَی کِتَابِ اللّهِ تُعرَضُ الأَمثَالُ وَ بِمَا فِی الصّدُورِ تُجَازَی العِبَادُ

76- و من خطبة له ع فی الحث علی العمل الصالح

رَحِمَ اللّهُ امرَأً سَمِعَ حُکماً فَوَعَی وَ دعُیِ‌َ إِلَی رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبّهُ وَ خَافَ ذَنبَهُ قَدّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اکتَسَبَ مَذخُوراً وَ اجتَنَبَ مَحذُوراً وَ رَمَی غَرَضاً وَ أَحرَزَ عِوَضاً کَابَرَ هَوَاهُ وَ کَذّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصّبرَ مَطِیّةَ نَجَاتِهِ وَ التّقوَی عُدّةَ وَفَاتِهِ رَکِبَ الطّرِیقَةَ الغَرّاءَ وَ لَزِمَ المَحَجّةَ البَیضَاءَ اغتَنَمَ المَهَلَ وَ بَادَرَ الأَجَلَ وَ تَزَوّدَ مِنَ العَمَلِ

ص 104

77- و من کلام له ع و ذلک حین منعه سعید بن العاص حقه

إِنّ بنَیِ أُمَیّةَ لیَفُوَقّوُننَیِ تُرَاثَ مُحَمّدٍص تَفوِیقاً وَ اللّهِ لَئِن بَقِیتُ لَهُم لَأَنفُضَنّهُم نَفضَ اللّحّامِ الوِذَامَ التّرِبَةَ
قال الشریف ویروی التراب الوذمة و هو علی القلب قال الشریف و قوله ع لیفوقوننی أی یعطوننی من المال قلیلا کفواق الناقة و هوالحلبة الواحدة من لبنها. والوذام جمع وذمة وهی الحزة من الکرش أوالکبد تقع فی التراب فتنفض
-روایت-1-227

78- من کلمات کان ع یدعو بها

أللّهُمّ اغفِر لِی مَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ منِیّ فَإِن عُدتُ فَعُد عَلَیّ بِالمَغفِرَةِ أللّهُمّ اغفِر لِی مَا وَأَیتُ مِن نفَسیِ وَ لَم تَجِد لَهُ وَفَاءً عنِدیِ أللّهُمّ اغفِر لِی مَا تَقَرّبتُ بِهِ إِلَیکَ بلِسِاَنیِ ثُمّ خَالَفَهُ قلَبیِ أللّهُمّ اغفِر لِی رَمَزَاتِ الأَلحَاظِ وَ سَقَطَاتِ الأَلفَاظِ وَ شَهَوَاتِ الجَنَانِ وَ هَفَوَاتِ اللّسَانِ

ص 105

79- و من کلام له ع قاله لبعض أصحابه لماعزم علی المسیر إلی الخوارج ، و قد قال له إن سرت یا أمیر المؤمنین ، فی هذاالوقت ،خشیت ألا تظفر بمرادک ، من طریق علم النجوم فقال ع

أَ تَزعُمُ أَنّکَ تهَدیِ إِلَی السّاعَةِ التّیِ مَن سَارَ فِیهَا صُرِفَ عَنهُ السّوءُ وَ تُخَوّفُ مِنَ السّاعَةِ التّیِ مَن سَارَ فِیهَا حَاقَ بِهِ الضّرّ فَمَن صَدّقَکَ بِهَذَا فَقَد کَذّبَ القُرآنَ وَ استَغنَی عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ فِی نَیلِ المَحبُوبِ وَ دَفعِ المَکرُوهِ وَ تبَتغَیِ فِی قَولِکَ لِلعَامِلِ بِأَمرِکَ أَن یُولِیَکَ الحَمدَ دُونَ رَبّهِ لِأَنّکَ بِزَعمِکَ أَنتَ هَدَیتَهُ إِلَی السّاعَةِ التّیِ نَالَ فِیهَا النّفعَ وَ أَمِنَ الضّرّ
ثم أقبل ع علی الناس فقال
أَیّهَا النّاسُ إِیّاکُم وَ تَعَلّمَ النّجُومِ إِلّا مَا یُهتَدَی بِهِ فِی بَرّ أَو بَحرٍ فَإِنّهَا تَدعُو إِلَی الکَهَانَةِ وَ المُنَجّمُ کَالکَاهِنِ وَ الکَاهِنُ کَالسّاحِرِ وَ السّاحِرُ کَالکَافِرِ وَ الکَافِرُ فِی النّارِ سِیرُوا عَلَی اسمِ اللّهِ

80- و من خطبة له ع بعدفراغه من حرب الجمل فی ذم النساء ببیان نقصهن

مَعَاشِرَ النّاسِ إِنّ النّسَاءَ نَوَاقِصُ الإِیمَانِ نَوَاقِصُ الحُظُوظِ

ص 106
نَوَاقِصُ العُقُولِ فَأَمّا نُقصَانُ إِیمَانِهِنّ فَقُعُودُهُنّ عَنِ الصّلَاةِ وَ الصّیَامِ فِی أَیّامِ حَیضِهِنّ وَ أَمّا نُقصَانُ عُقُولِهِنّ فَشَهَادَةُ امرَأَتَینِ کَشَهَادَةِ الرّجُلِ الوَاحِدِ وَ أَمّا نُقصَانُ حُظُوظِهِنّ فَمَوَارِیثُهُنّ عَلَی الأَنصَافِ مِن مَوَارِیثِ الرّجَالِ فَاتّقُوا شِرَارَ النّسَاءِ وَ کُونُوا مِن خِیَارِهِنّ عَلَی حَذَرٍ وَ لَا تُطِیعُوهُنّ فِی المَعرُوفِ حَتّی لَا یَطمَعنَ فِی المُنکَرِ

81- و من کلام له ع فی الزهد

أَیّهَا النّاسُ الزّهَادَةُ قِصَرُ الأَمَلِ وَ الشّکرُ
عِندَ النّعَمِ وَ التّوَرّعُ
عِندَ المَحَارِمِ فَإِن عَزَبَ ذَلِکَ عَنکُم فَلَا یَغلِبِ الحَرَامُ صَبرَکُم وَ لَا تَنسَوا
عِندَ النّعَمِ شُکرَکُم فَقَد أَعذَرَ اللّهُ إِلَیکُم بِحُجَجٍ مُسفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ کُتُبٍ بَارِزَةِ العُذرِ وَاضِحَةٍ

82- و من کلام له ع فی ذم صفة الدنیا

مَا أَصِفُ مِن دَارٍ أَوّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ استَغنَی فِیهَا فُتِنَ وَ مَنِ افتَقَرَ فِیهَا حَزِنَ وَ مَن سَاعَاهَا فَاتَتهُ وَ مَن قَعَدَ عَنهَا وَاتَتهُ وَ مَن أَبصَرَ بِهَا بَصّرَتهُ وَ مَن أَبصَرَ إِلَیهَا أَعمَتهُ

ص 107
قال الشریف أقول و إذاتأمل المتأمل قوله ع و من أبصر بهابصرته وجد تحته من المعنی العجیب والغرض البعید ما لاتبلغ غایته و لایدرک غوره لاسیما إذاقرن إلیه قوله و من أبصر إلیها أعمته فإنه یجد الفرق بین أبصر بها وأبصر إلیها واضحا نیرا وعجیبا باهرا
-روایت-1-263

83- و من خطبة له ع وهی الخطبة العجیبة تسمی «الغراء» و فیهانعوت اللّه جل شأنه ، ثم الوصیة بتقواه ثم التنفیر من الدنیا، ثم مایلحق من دخول القیامة، ثم تنبیه الخلق إلی ماهم فیه من الأعراض ، ثم فضله علیه السلام فی التذکیر

صفته جل شأنه

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی عَلَا بِحَولِهِ وَ دَنَا بِطَولِهِ مَانِحِ کُلّ غَنِیمَةٍ وَ فَضلٍ وَ کَاشِفِ کُلّ عَظِیمَةٍ وَ أَزلٍ أَحمَدُهُ عَلَی عَوَاطِفِ کَرَمِهِ وَ سَوَابِغِ نِعَمِهِ وَ أُومِنُ بِهِ أَوّلًا بَادِیاً وَ أَستَهدِیهِ قَرِیباً هَادِیاً وَ أَستَعِینُهُ قَاهِراً قَادِراً وَ أَتَوَکّلُ عَلَیهِ کَافِیاً نَاصِراً وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداًص عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرسَلَهُ لِإِنفَاذِ أَمرِهِ وَ إِنهَاءِ عُذرِهِ وَ تَقدِیمِ نُذُرِهِ

الوصیة بالتقوی

أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ ألّذِی ضَرَبَ الأَمثَالَ وَ وَقّتَ لَکُمُ الآجَالَ وَ أَلبَسَکُمُ الرّیَاشَ وَ أَرفَغَ لَکُمُ المَعَاشَ وَ أَحَاطَ بِکُمُ الإِحصَاءَ وَ أَرصَدَ لَکُمُ الجَزَاءَ وَ آثَرَکُم بِالنّعَمِ السّوَابِغِ

ص 108
وَ الرّفَدِ الرّوَافِغِ وَ أَنذَرَکُم بِالحُجَجِ البَوَالِغِ فَأَحصَاکُم عَدَداً وَ وَظّفَ لَکُم مُدَداً فِی قَرَارِ خِبرَةٍ وَ دَارِ عِبرَةٍ أَنتُم مُختَبَرُونَ فِیهَا وَ مُحَاسَبُونَ عَلَیهَا

التنفیر من الدنیا

فَإِنّ الدّنیَا رَنِقٌ مَشرَبُهَا رَدِغٌ مَشرَعُهَا یُونِقُ مَنظَرُهَا وَ یُوبِقُ مَخبَرُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَ ضَوءٌ آفِلٌ وَ ظِلّ زَائِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ حَتّی إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَ اطمَأَنّ نَاکِرُهَا قَمَصَت بِأَرجُلِهَا وَ قَنَصَت بِأَحبُلِهَا وَ أَقصَدَت بِأَسهُمِهَا وَ أَعلَقَتِ المَرءَ أَوهَاقَ المَنِیّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلَی ضَنکِ المَضجَعِ وَ وَحشَةِ المَرجِعِ وَ مُعَایَنَةِ المَحَلّ وَ ثَوَابِ العَمَلِ. وَ کَذَلِکَ الخَلَفُ بِعَقبِ السّلَفِ لَا تُقلِعُ المَنِیّةُ اختِرَاماً وَ لَا یرَعوَیِ البَاقُونَ اجتِرَاماً یَحتَذُونَ مِثَالًا وَ یَمضُونَ أَرسَالًا إِلَی غَایَةِ الِانتِهَاءِ وَ صَیّورِ الفَنَاءِ

بعدالموت البعث

حَتّی إِذَا تَصَرّمَتِ الأُمُورُ وَ تَقَضّتِ الدّهُورُ وَ أَزِفَ النّشُورُ أَخرَجَهُم مِن ضَرَائِحِ القُبُورِ وَ أَوکَارِ الطّیُورِ وَ أَوجِرَةِ السّبَاعِ وَ مَطَارِحِ المَهَالِکِ سِرَاعاً إِلَی أَمرِهِ مُهطِعِینَ إِلَی مَعَادِهِ رَعِیلًا صُمُوتاً قِیَاماً صُفُوفاً یَنفُذُهُمُ البَصَرُ وَ یُسمِعُهُمُ

ص 109
الداّعیِ عَلَیهِم لَبُوسُ الِاستِکَانَةِ وَ ضَرَعُ الِاستِسلَامِ وَ الذّلّةِ قَد ضَلّتِ الحِیَلُ وَ انقَطَعَ الأَمَلُ وَ هَوَتِ الأَفئِدَةُ کَاظِمَةً وَ خَشَعَتِ الأَصوَاتُ مُهَینِمَةً وَ أَلجَمَ العَرَقُ وَ عَظُمَ الشّفَقُ وَ أُرعِدَتِ الأَسمَاعُ لِزَبرَةِ الداّعیِ إِلَی فَصلِ الخِطَابِ وَ مُقَایَضَةِ الجَزَاءِ وَ نَکَالِ العِقَابِ وَ نَوَالِ الثّوَابِ

تنبیه الخلق

عِبَادٌ مَخلُوقُونَ اقتِدَاراً وَ مَربُوبُونَ اقتِسَاراً وَ مَقبُوضُونَ احتِضَاراً وَ مُضَمّنُونَ أَجدَاثاً وَ کَائِنُونَ رُفَاتاً وَ مَبعُوثُونَ أَفرَاداً وَ مَدِینُونَ جَزَاءً وَ مُمَیّزُونَ حِسَاباً قَد أُمهِلُوا فِی طَلَبِ المَخرَجِ وَ هُدُوا سَبِیلَ المَنهَجِ وَ عُمّرُوا مَهَلَ المُستَعتِبِ وَ کُشِفَت عَنهُم سُدَفُ الرّیَبِ وَ خُلّوا لِمِضمَارِ الجِیَادِ وَ رَوِیّةِ الِارتِیَادِ وَ أَنَاةِ المُقتَبِسِ المُرتَادِ فِی مُدّةِ الأَجَلِ وَ مُضطَرَبِ المَهَلِ

فضل التذکیر

فَیَا لَهَا أَمثَالًا صَائِبَةً وَ مَوَاعِظَ شَافِیَةً لَو صَادَفَت قُلُوباً زَاکِیَةً وَ أَسمَاعاً وَاعِیَةً وَ آرَاءً عَازِمَةً وَ أَلبَاباً حَازِمَةً فَاتّقُوا اللّهَ تَقِیّةَ مَن سَمِعَ فَخَشَعَ وَ اقتَرَفَ فَاعتَرَفَ وَ وَجِلَ فَعَمِلَ وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ وَ أَیقَنَ فَأَحسَنَ وَ عُبّرَ فَاعتَبَرَ وَ حُذّرَ فَحَذِرَ وَ زُجِرَ فَازدَجَرَ وَ أَجَابَ فَأَنَابَ وَ رَاجَعَ فَتَابَ وَ اقتَدَی

ص 110
فَاحتَذَی وَ أرُیِ‌َ فَرَأَی فَأَسرَعَ طَالِباً وَ نَجَا هَارِباً فَأَفَادَ ذَخِیرَةً وَ أَطَابَ سَرِیرَةً وَ عَمّرَ مَعَاداً وَ استَظهَرَ زَاداً لِیَومِ رَحِیلِهِ وَ وَجهِ سَبِیلِهِ وَ حَالِ حَاجَتِهِ وَ مَوطِنِ فَاقَتِهِ وَ قَدّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ فَاتّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَکُم لَهُ وَ احذَرُوا مِنهُ کُنهَ مَا حَذّرَکُم مِن نَفسِهِ وَ استَحِقّوا مِنهُ مَا أَعَدّ لَکُم بِالتّنَجّزِ لِصِدقِ مِیعَادِهِ وَ الحَذَرِ مِن هَولِ مَعَادِهِ

التذکیر بضروب النعم

ومنهاجَعَلَ لَکُم أَسمَاعاً لتِعَیِ‌َ مَا عَنَاهَا وَ أَبصَاراً لِتَجلُوَ عَن عَشَاهَا وَ أَشلَاءً جَامِعَةً لِأَعضَائِهَا مُلَائِمَةً لِأَحنَائِهَا فِی تَرکِیبِ صُوَرِهَا وَ مُدَدِ عُمُرِهَا بِأَبدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرفَاقِهَا وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرزَاقِهَا فِی مُجَلّلَاتِ نِعَمِهِ وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ وَ حَوَاجِزِ عَافِیَتِهِ وَ قَدّرَ لَکُم أَعمَاراً سَتَرَهَا عَنکُم وَ خَلّفَ لَکُم عِبَراً مِن آثَارِ المَاضِینَ قَبلَکُم مِن مُستَمتَعِ خَلَاقِهِم وَ مُستَفسَحِ خَنَاقِهِم أَرهَقَتهُمُ المَنَایَا دُونَ الآمَالِ وَ شَذّبَهُم عَنهَا تَخَرّمُ الآجَالِ لَم یَمهَدُوا فِی سَلَامَةِ الأَبدَانِ وَ لَم یَعتَبِرُوا فِی أُنُفِ الأَوَانِ فَهَل یَنتَظِرُ أَهلُ بَضَاضَةِ الشّبَابِ إِلّا حوَاَنیِ‌َ الهَرَمِ وَ أَهلُ غَضَارَةِ الصّحّةِ إِلّا نَوَازِلَ السّقَمِ وَ أَهلُ مُدّةِ البَقَاءِ إِلّا آوِنَةَ الفَنَاءِ مَعَ قُربِ الزّیَالِ وَ أُزُوفِ الِانتِقَالِ وَ عَلَزِ القَلَقِ وَ أَلَمِ المَضَضِ وَ غُصَصِ الجَرَضِ وَ تَلَفّتِ

ص 111
الِاستِغَاثَةِ بِنُصرَةِ الحَفَدَةِ وَ الأَقرِبَاءِ وَ الأَعِزّةِ وَ القُرَنَاءِ فَهَل دَفَعَتِ الأَقَارِبُ أَو نَفَعَتِ النّوَاحِبُ وَ قَد غُودِرَ فِی مَحَلّةِ الأَموَاتِ رَهِیناً وَ فِی ضِیقِ المَضجَعِ وَحِیداً قَد هَتَکَتِ الهَوَامّ جِلدَتَهُ وَ أَبلَتِ النّوَاهِکُ جِدّتَهُ وَ عَفَتِ العَوَاصِفُ آثَارَهُ وَ مَحَا الحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ وَ صَارَتِ الأَجسَادُ شَحِبَةً بَعدَ بَضّتِهَا وَ العِظَامُ نَخِرَةً بَعدَ قُوّتِهَا وَ الأَروَاحُ مُرتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعبَائِهَا مُوقِنَةً بِغَیبِ أَنبَائِهَا لَا تُستَزَادُ مِن صَالِحِ عَمَلِهَا وَ لَا تُستَعتَبُ مِن سَیّئِ زَلَلِهَا أَ وَ لَستُم أَبنَاءَ القَومِ وَ الآبَاءَ وَ إِخوَانَهُم وَ الأَقرِبَاءَ تَحتَذُونَ أَمثِلَتَهُم وَ تَرکَبُونَ قِدّتَهُم وَ تَطَئُونَ جَادّتَهُم فَالقُلُوبُ قَاسِیَةٌ عَن حَظّهَا لَاهِیَةٌ عَن رُشدِهَا سَالِکَةٌ فِی غَیرِ مِضمَارِهَا کَأَنّ المعَنیِ‌ّ سِوَاهَا وَ کَأَنّ الرّشدَ فِی إِحرَازِ دُنیَاهَا

التحذیر من هول الصراط

وَ اعلَمُوا أَنّ مَجَازَکُم عَلَی الصّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحضِهِ وَ أَهَاوِیلِ زَلَلِهِ وَ تَارَاتِ أَهوَالِهِ فَاتّقُوا اللّهَ عِبَادَ اللّهِ تَقِیّةَ ذیِ لُبّ شَغَلَ التّفَکّرُ قَلبَهُ وَ أَنصَبَ الخَوفُ بَدَنَهُ وَ أَسهَرَ التّهَجّدُ غِرَارَ نَومِهِ وَ أَظمَأَ الرّجَاءُ هَوَاجِرَ یَومِهِ وَ ظَلَفَ الزّهدُ شَهَوَاتِهِ وَ أَوجَفَ الذّکرُ بِلِسَانِهِ وَ قَدّمَ الخَوفَ لِأَمَانِهِ وَ تَنَکّبَ المَخَالِجَ عَن وَضَحِ السّبِیلِ وَ سَلَکَ أَقصَدَ المَسَالِکِ إِلَی

ص 112
النّهجِ المَطلُوبِ وَ لَم تَفتِلهُ فَاتِلَاتُ الغُرُورِ وَ لَم تَعمَ عَلَیهِ مُشتَبِهَاتُ الأُمُورِ ظَافِراً بِفَرحَةِ البُشرَی وَ رَاحَةِ النّعمَی فِی أَنعَمِ نَومِهِ وَ آمَنِ یَومِهِ وَ قَد عَبَرَ مَعبَرَ العَاجِلَةِ حَمِیداً وَ قَدّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعِیداً وَ بَادَرَ مِن وَجَلٍ وَ أَکمَشَ فِی مَهَلٍ وَ رَغِبَ فِی طَلَبٍ وَ ذَهَبَ عَن هَرَبٍ وَ رَاقَبَ فِی یَومِهِ غَدَهُ وَ نَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ فَکَفَی بِالجَنّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالًا وَ کَفَی بِالنّارِ عِقَاباً وَ وَبَالًا وَ کَفَی بِاللّهِ مُنتَقِماً وَ نَصِیراً وَ کَفَی بِالکِتَابِ حَجِیجاً وَ خَصِیماً

الوصیة بالتقوی

أُوصِیکُم بِتَقوَی اللّهِ ألّذِی أَعذَرَ بِمَا أَنذَرَ وَ احتَجّ بِمَا نَهَجَ وَ حَذّرَکُم عَدُوّاً نَفَذَ فِی الصّدُورِ خَفِیّاً وَ نَفَثَ فِی الآذَانِ نَجِیّاً فَأَضَلّ وَ أَردَی وَ وَعَدَ فَمَنّی وَ زَیّنَ سَیّئَاتِ الجَرَائِمِ وَ هَوّنَ مُوبِقَاتِ العَظَائِمِ حَتّی إِذَا استَدرَجَ قَرِینَتَهُ وَ استَغلَقَ رَهِینَتَهُ أَنکَرَ مَا زَیّنَ وَ استَعظَمَ مَا هَوّنَ وَ حَذّرَ مَا أَمّنَ

ومنها فی صفة خلق الإنسان

أَم هَذَا ألّذِی أَنشَأَهُ فِی ظُلُمَاتِ الأَرحَامِ وَ شُغُفِ الأَستَارِ نُطفَةً دِهَاقاً وَ عَلَقَةً مِحَاقاً وَ جَنِیناً وَ رَاضِعاً وَ وَلِیداً وَ یَافِعاً ثُمّ مَنَحَهُ قَلباً حَافِظاً وَ لِسَاناً لَافِظاً وَ بَصَراً لَاحِظاً لِیَفهَمَ مُعتَبِراً وَ یُقَصّرَ مُزدَجِراً حَتّی إِذَا قَامَ اعتِدَالُهُ وَ استَوَی

ص 113
مِثَالُهُ نَفَرَ مُستَکبِراً وَ خَبَطَ سَادِراً مَاتِحاً فِی غَربِ هَوَاهُ کَادِحاً سَعیاً لِدُنیَاهُ فِی لَذّاتِ طَرَبِهِ وَ بَدَوَاتِ أَرَبِهِ ثُمّ لَا یَحتَسِبُ رَزِیّةً وَ لَا یَخشَعُ تَقِیّةً فَمَاتَ فِی فِتنَتِهِ غَرِیراً وَ عَاشَ فِی هَفوَتِهِ یَسِیراً لَم یُفِد عِوَضاً وَ لَم یَقضِ مُفتَرَضاً دَهِمَتهُ فَجَعَاتُ المَنِیّةِ فِی غُبّرِ جِمَاحِهِ وَ سَنَنِ مِرَاحِهِ فَظَلّ سَادِراً وَ بَاتَ سَاهِراً فِی غَمَرَاتِ الآلَامِ وَ طَوَارِقِ الأَوجَاعِ وَ الأَسقَامِ بَینَ أَخٍ شَقِیقٍ وَ وَالِدٍ شَفِیقٍ وَ دَاعِیَةٍ بِالوَیلِ جَزَعاً وَ لَادِمَةٍ لِلصّدرِ قَلَقاً وَ المَرءُ فِی سَکرَةٍ مُلهِثَةٍ وَ غَمرَةٍ کَارِثَةٍ وَ أَنّةٍ مُوجِعَةٍ وَ جَذبَةٍ مُکرِبَةٍ وَ سَوقَةٍ مُتعِبَةٍ ثُمّ أُدرِجَ فِی أَکفَانِهِ مُبلِساً وَ جُذِبَ مُنقَاداً سَلِساً ثُمّ ألُقیِ‌َ عَلَی الأَعوَادِ رَجِیعَ وَصَبٍ وَ نِضوَ سَقَمٍ تَحمِلُهُ حَفَدَةُ الوِلدَانِ وَ حَشَدَةُ الإِخوَانِ إِلَی دَارِ غُربَتِهِ وَ مُنقَطَعِ زَورَتِهِ وَ مُفرَدِ وَحشَتِهِ حَتّی إِذَا انصَرَفَ المُشَیّعُ وَ رَجَعَ المُتَفَجّعُ أُقعِدَ فِی حُفرَتِهِ نَجِیّاً لِبَهتَةِ السّؤَالِ وَ عَثرَةِ الِامتِحَانِ وَ أَعظَمُ مَا هُنَالِکَ بَلِیّةً نُزُولُ الحَمِیمِ وَ تَصلِیَةُ الجَحِیمِ وَ فَورَاتُ السّعِیرِ وَ سَورَاتُ الزّفِیرِ لَا فَترَةٌ مُرِیحَةٌ وَ لَا دَعَةٌ مُزِیحَةٌ وَ لَا قُوّةٌ حَاجِزَةٌ وَ لَا مَوتَةٌ نَاجِزَةٌ
ص 114
وَ لَا سِنَةٌ مُسَلّیَةٌ بَینَ أَطوَارِ المَوتَاتِ وَ عَذَابِ السّاعَاتِ إِنّا بِاللّهِ عَائِذُونَ عِبَادَ اللّهِ أَینَ الّذِینَ عُمّرُوا فَنَعِمُوا وَ عُلّمُوا فَفَهِمُوا وَ أُنظِرُوا فَلَهَوا وَ سُلّمُوا فَنَسُوا أُمهِلُوا طَوِیلًا وَ مُنِحُوا جَمِیلًا وَ حُذّرُوا أَلِیماً وَ وُعِدُوا جَسِیماً احذَرُوا الذّنُوبَ المُوَرّطَةَ وَ العُیُوبَ المُسخِطَةَ أوُلیِ الأَبصَارِ وَ الأَسمَاعِ وَ العَافِیَةِ وَ المَتَاعِ هَل مِن مَنَاصٍ أَو خَلَاصٍ أَو مَعَاذٍ أَو مَلَاذٍ أَو فِرَارٍ أَو مَحَارٍ أَم لَافَأَنّی تُؤفَکُونَأَم أَینَ تُصرَفُونَ أَم بِمَا ذَا تَغتَرّونَ وَ إِنّمَا حَظّ أَحَدِکُم مِنَ الأَرضِ ذَاتِ الطّولِ وَ العَرضِ قِیدُ قَدّهِ مُتَعَفّراً عَلَی خَدّهِ الآنَ عِبَادَ اللّهِ وَ الخِنَاقُ مُهمَلٌ وَ الرّوحُ مُرسَلٌ فِی فَینَةِ الإِرشَادِ وَ رَاحَةِ الأَجسَادِ وَ بَاحَةِ الِاحتِشَادِ وَ مَهَلِ البَقِیّةِ وَ أُنُفِ المَشِیّةِ وَ إِنظَارِ التّوبَةِ وَ انفِسَاحِ الحَوبَةِ قَبلَ الضّنکِ وَ المَضِیقِ وَ الرّوعِ وَ الزّهُوقِ وَ قَبلَ قُدُومِ الغَائِبِ المُنتَظَرِ وَ إِخذَةِ العَزِیزِ المُقتَدِرِ
-قرآن-499-516
قال الشریف و فی الخبر أنه ع لماخطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود وبکت العیون ورجفت القلوب و من الناس من یسمی هذه الخطبة الغراء
-روایت-1-142
ص 115

84- و من خطبة له ع فی ذکر عمرو بن العاص

عَجَباً لِابنِ النّابِغَةِ یَزعُمُ لِأَهلِ الشّامِ أَنّ فِیّ دُعَابَةً وَ أنَیّ امرُؤٌ تِلعَابَةٌ أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ لَقَد قَالَ بَاطِلًا وَ نَطَقَ آثِماً أَمَا وَ شَرّ القَولِ الکَذِبُ إِنّهُ لَیَقُولُ فَیَکذِبُ وَ یَعِدُ فَیُخلِفُ وَ یُسأَلُ فَیَبخَلُ وَ یَسأَلُ فَیُلحِفُ وَ یَخُونُ العَهدَ وَ یَقطَعُ الإِلّ فَإِذَا کَانَ
عِندَ الحَربِ فأَیَ‌ّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَم تَأخُذِ السّیُوفُ مَآخِذَهَا فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ کَانَ أَکبَرُ أَکبَرَ مَکِیدَتِهِ أَن یَمنَحَ القَرمَ سَبّتَهُ أَمَا وَ اللّهِ إنِیّ لیَمَنعَنُیِ مِنَ اللّعِبِ ذِکرُ المَوتِ وَ إِنّهُ لَیَمنَعُهُ مِن قَولِ الحَقّ نِسیَانُ الآخِرَةِ إِنّهُ لَم یُبَایِع مُعَاوِیَةَ حَتّی شَرَطَ أَن یُؤتِیَهُ أَتِیّةً وَ یَرضَخَ لَهُ عَلَی تَرکِ الدّینِ رَضِیخَةً

85- و من خطبة له ع و فیهاصفات ثمان من صفات الجلال

اشاره

وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ الأَوّلُ لَا شَیءَ قَبلَهُ وَ الآخِرُ لَا غَایَةَ لَهُ لَا تَقَعُ الأَوهَامُ لَهُ عَلَی صِفَةٍ وَ لَا تُعقَدُ القُلُوبُ مِنهُ عَلَی کَیفِیّةٍ وَ لَا تَنَالُهُ التّجزِئَةُ وَ التّبعِیضُ وَ لَا تُحِیطُ بِهِ الأَبصَارُ وَ القُلُوبُ

ص 116
ومنهافَاتّعِظُوا عِبَادَ اللّهِ بِالعِبَرِ النّوَافِعِ وَ اعتَبِرُوا باِلآی‌ِ السّوَاطِعِ وَ ازدَجِرُوا بِالنّذُرِ البَوَالِغِ وَ انتَفِعُوا بِالذّکرِ وَ المَوَاعِظِ فَکَأَن قَد عَلِقَتکُم مَخَالِبُ المَنِیّةِ وَ انقَطَعَت مِنکُم عَلَائِقُ الأُمنِیّةِ وَ دَهِمَتکُم مُفظِعَاتُ الأُمُورِ وَ السّیَاقَةُ إِلَیالوِردُ المَورُودُفَکُلّ نَفسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌسَائِقٌ یَسُوقُهَا إِلَی مَحشَرِهَا وَ شَاهِدٌ یَشهَدُ عَلَیهَا بِعَمَلِهَا
-قرآن-308-325-قرآن-328-362

ومنها فی صفة الجنة

دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلَاتٌ وَ مَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٌ لَا یَنقَطِعُ نَعِیمُهَا وَ لَا یَظعَنُ مُقِیمُهَا وَ لَا یَهرَمُ خَالِدُهَا وَ لَا یَبأَسُ سَاکِنُهَا

86- و من خطبة له ع و فیهابیان صفات الحق جل جلاله ، ثم عظة الناس بالتقوی والمشورة

اشاره

قَد عَلِمَ السّرَائِرَ وَ خَبَرَ الضّمَائِرَ لَهُ الإِحَاطَةُ بِکُلّ شَیءٍ وَ الغَلَبَةُ لِکُلّ شَیءٍ وَ القُوّةُ عَلَی کُلّ شَیءٍ

عظة الناس

فَلیَعمَلِ العَامِلُ مِنکُم فِی أَیّامِ مَهَلِهِ قَبلَ إِرهَاقِ أَجَلِهِ وَ فِی فَرَاغِهِ قَبلَ أَوَانِ شُغُلِهِ وَ فِی مُتَنَفّسِهِ قَبلَ أَن یُؤخَذَ بِکَظَمِهِ وَ لیُمَهّد لِنَفسِهِ وَ قَدَمِهِ وَ لیَتَزَوّد مِن دَارِ ظَعنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ فَاللّهَ اللّهَ

ص 117
أَیّهَا النّاسُ فِیمَا استَحفَظَکُم مِن کِتَابِهِ وَ استَودَعَکُم مِن حُقُوقِهِ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَم یَخلُقکُم عَبَثاً وَ لَم یَترُککُم سُدًی وَ لَم یَدَعکُم فِی جَهَالَةٍ وَ لَا عَمًی قَد سَمّی آثَارَکُم وَ عَلِمَ أَعمَالَکُم وَ کَتَبَ آجَالَکُم وَ أَنزَلَ عَلَیکُمُ الکِتَابَتِبیاناً لِکُلّ شَیءٍ وَ عَمّرَ فِیکُم نَبِیّهُ أَزمَاناً حَتّی أَکمَلَ لَهُ وَ لَکُم فِیمَا أَنزَلَ مِن کِتَابِهِ دِینَهُ ألّذِی رضَیِ‌َ لِنَفسِهِ وَ أَنهَی إِلَیکُم عَلَی لِسَانِهِ مَحَابّهُ مِنَ الأَعمَالِ وَ مَکَارِهَهُ وَ نَوَاهِیَهُ وَ أَوَامِرَهُ وَ أَلقَی إِلَیکُمُ المَعذِرَةَ وَ اتّخَذَ عَلَیکُمُ الحُجّةَ وَ قَدّمَإِلَیکُم بِالوَعِیدِ وَ أَنذَرَکُمبَینَ یدَیَ عَذابٍ شَدِیدٍفَاستَدرِکُوا بَقِیّةَ أَیّامِکُم وَ اصبِرُوا لَهَا أَنفُسَکُم فَإِنّهَا قَلِیلٌ فِی کَثِیرِ الأَیّامِ التّیِ تَکُونُ مِنکُم فِیهَا الغَفلَةُ وَ التّشَاغُلُ عَنِ المَوعِظَةِ وَ لَا تُرَخّصُوا لِأَنفُسِکُم فَتَذهَبَ بِکُمُ الرّخَصُ مَذَاهِبَ الظّلَمَةِ وَ لَا تُدَاهِنُوا فَیَهجُمَ بِکُمُ الإِدهَانُ عَلَی المَعصِیَةِ عِبَادَ اللّهِ إِنّ أَنصَحَ النّاسِ لِنَفسِهِ أَطوَعُهُم لِرَبّهِ وَ إِنّ أَغَشّهُم لِنَفسِهِ أَعصَاهُم لِرَبّهِ وَ المَغبُونُ مَن غَبَنَ نَفسَهُ وَ المَغبُوطُ مَن سَلِمَ لَهُ دِینُهُ وَ السّعِیدُ مَن وُعِظَ بِغَیرِهِ وَ الشقّیِ‌ّ مَنِ انخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ غُرُورِهِ وَ اعلَمُوا أَنّ یَسِیرَ الرّیَاءِ شِرکٌ وَ مُجَالَسَةَ أَهلِ الهَوَی مَنسَاةٌ لِلإِیمَانِ وَ مَحضَرَةٌ لِلشّیطَانِ جَانِبُوا الکَذِبَ فَإِنّهُ مُجَانِبٌ لِلإِیمَانِ الصّادِقُ عَلَی شَفَا مَنجَاةٍ وَ کَرَامَةٍ وَ الکَاذِبُ عَلَی شَرَفِ مَهوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ وَ لَا
-قرآن-286-306-قرآن-611-630-قرآن-645-671
ص 118
تَحَاسَدُوا فَإِنّ الحَسَدَ یَأکُلُ الإِیمَانَ کَمَا تَأکُلُ النّارُ الحَطَبَ وَ لَا تَبَاغَضُوا فَإِنّهَا الحَالِقَةُ وَ اعلَمُوا أَنّ الأَمَلَ یسُهیِ العَقلَ وَ ینُسیِ الذّکرَ فَأَکذِبُوا الأَمَلَ فَإِنّهُ غُرُورٌ وَ صَاحِبُهُ مَغرُورٌ

87- و من خطبة له ع وهی فی بیان صفات المتقین وصفات الفساق والتنبیه إلی مکان العترة الطیبة والظن الخاطئ لبعض الناس

اشاره

عِبَادَ اللّهِ إِنّ مِن أَحَبّ عِبَادِ اللّهِ إِلَیهِ عَبداً أَعَانَهُ اللّهُ عَلَی نَفسِهِ فَاستَشعَرَ الحُزنَ وَ تَجَلبَبَ الخَوفَ فَزَهَرَ مِصبَاحُ الهُدَی فِی قَلبِهِ وَ أَعَدّ القِرَی لِیَومِهِ النّازِلِ بِهِ فَقَرّبَ عَلَی نَفسِهِ البَعِیدَ وَ هَوّنَ الشّدِیدَ نَظَرَ فَأَبصَرَ وَ ذَکَرَ فَاستَکثَرَ وَ ارتَوَی مِن عَذبٍ فُرَاتٍ سُهّلَت لَهُ مَوَارِدُهُ فَشَرِبَ نَهَلًا وَ سَلَکَ سَبِیلًا جَدَداً قَد خَلَعَ سَرَابِیلَ الشّهَوَاتِ وَ تَخَلّی مِنَ الهُمُومِ إِلّا هَمّاً وَاحِداً انفَرَدَ بِهِ فَخَرَجَ مِن صِفَةِ العَمَی وَ مُشَارَکَةِ أَهلِ الهَوَی وَ صَارَ مِن مَفَاتِیحِ أَبوَابِ الهُدَی وَ مَغَالِیقِ أَبوَابِ الرّدَی قَد أَبصَرَ طَرِیقَهُ وَ سَلَکَ سَبِیلَهُ وَ عَرَفَ مَنَارَهُ وَ قَطَعَ غِمَارَهُ وَ استَمسَکَ مِنَ العُرَی بِأَوثَقِهَا وَ مِنَ الحِبَالِ بِأَمتَنِهَا فَهُوَ مِنَ الیَقِینِ عَلَی مِثلِ ضَوءِ الشّمسِ قَد نَصَبَ نَفسَهُ لِلّهِ سُبحَانَهُ فِی أَرفَعِ الأُمُورِ مِن إِصدَارِ کُلّ وَارِدٍ عَلَیهِ وَ تَصیِیرِ کُلّ فَرعٍ إِلَی أَصلِهِ مِصبَاحُ ظُلُمَاتٍ کَشّافُ

ص 119
عَشَوَاتٍ مِفتَاحُ مُبهَمَاتٍ دَفّاعُ مُعضِلَاتٍ دَلِیلُ فَلَوَاتٍ یَقُولُ فَیُفهِمُ وَ یَسکُتُ فَیَسلَمُ قَد أَخلَصَ لِلّهِ فَاستَخلَصَهُ فَهُوَ مِن مَعَادِنِ دِینِهِ وَ أَوتَادِ أَرضِهِ قَد أَلزَمَ نَفسَهُ العَدلَ فَکَانَ أَوّلَ عَدلِهِ نفَی‌ُ الهَوَی عَن نَفسِهِ یَصِفُ الحَقّ وَ یَعمَلُ بِهِ لَا یَدَعُ لِلخَیرِ غَایَةً إِلّا أَمّهَا وَ لَا مَظِنّةً إِلّا قَصَدَهَا قَد أَمکَنَ الکِتَابَ مِن زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ یَحُلّ حَیثُ حَلّ ثَقَلُهُ وَ یَنزِلُ حَیثُ کَانَ مَنزِلُهُ

صفات الفساق

وَ آخَرُ قَد تَسَمّی عَالِماً وَ لَیسَ بِهِ فَاقتَبَسَ جَهَائِلَ مِن جُهّالٍ وَ أَضَالِیلَ مِن ضُلّالٍ وَ نَصَبَ لِلنّاسِ أَشرَاکاً مِن حَبَائِلِ غُرُورٍ وَ قَولِ زُورٍ قَد حَمَلَ الکِتَابَ عَلَی آرَائِهِ وَ عَطَفَ الحَقّ عَلَی أَهوَائِهِ یُؤمِنُ النّاسَ مِنَ العَظَائِمِ وَ یُهَوّنُ کَبِیرَ الجَرَائِمِ یَقُولُ أَقِفُ
عِندَ الشّبُهَاتِ وَ فِیهَا وَقَعَ وَ یَقُولُ أَعتَزِلُ البِدَعَ وَ بَینَهَا اضطَجَعَ فَالصّورَةُ صُورَةُ إِنسَانٍ وَ القَلبُ قَلبُ حَیَوَانٍ لَا یَعرِفُ بَابَ الهُدَی فَیَتّبِعَهُ وَ لَا بَابَ العَمَی فَیَصُدّ عَنهُ وَ ذَلِکَ مَیّتُ الأَحیَاءِ

عترة النبی

فَأَینَ تَذهَبُونَ وَ أَنّی تُؤفَکُونَ وَ الأَعلَامُ قَائِمَةٌ وَ الآیَاتُ وَاضِحَةٌ وَ المَنَارُ مَنصُوبَةٌ فَأَینَ یُتَاهُ بِکُم وَ کَیفَ تَعمَهُونَ
-قرآن-1-18

ص 120
وَ بَینَکُم عِترَةُ نَبِیّکُم وَ هُم أَزِمّةُ الحَقّ وَ أَعلَامُ الدّینِ وَ أَلسِنَةُ الصّدقِ فَأَنزِلُوهُم بِأَحسَنِ مَنَازِلِ القُرآنِ وَ رِدُوهُم وُرُودَ الهِیمِ العِطَاشِ أَیّهَا النّاسُ خُذُوهَا عَن خَاتَمِ النّبِیّینَص إِنّهُ یَمُوتُ مَن مَاتَ مِنّا وَ لَیسَ بِمَیّتٍ وَ یَبلَی مَن بلَیِ‌َ مِنّا وَ لَیسَ بِبَالٍ فَلَا تَقُولُوا بِمَا لَا تَعرِفُونَ فَإِنّ أَکثَرَ الحَقّ فِیمَا تُنکِرُونَ وَ اعذِرُوا مَن لَا حُجّةَ لَکُم عَلَیهِ وَ هُوَ أَنَا أَ لَم أَعمَل فِیکُم بِالثّقَلِ الأَکبَرِ وَ أَترُک فِیکُمُ الثّقَلَ الأَصغَرَ قَد رَکَزتُ فِیکُم رَایَةَ الإِیمَانِ وَ وَقَفتُکُم عَلَی حُدُودِ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ وَ أَلبَستُکُمُ العَافِیَةَ مِن عدَلیِ وَ فَرَشتُکُمُ المَعرُوفَ مِن قوَلیِ وَ فعِلیِ وَ أَرَیتُکُم کَرَائِمَ الأَخلَاقِ مِن نفَسیِ فَلَا تَستَعمِلُوا الرأّی‌َ فِیمَا لَا یُدرِکُ قَعرَهُ البَصَرُ وَ لَا تَتَغَلغَلُ إِلَیهِ الفِکَرُ

ظن خاطئ

ومنها حَتّی یَظُنّ الظّانّ أَنّ الدّنیَا مَعقُولَةٌ عَلَی بنَیِ أُمَیّةَ تَمنَحُهُم دَرّهَا وَ تُورِدُهُم صَفوَهَا وَ لَا یُرفَعُ عَن هَذِهِ الأُمّةِ سَوطُهَا وَ لَا سَیفُهَا وَ کَذَبَ الظّانّ لِذَلِکَ بَل هیِ‌َ مَجّةٌ مِن لَذِیذِ العَیشِ یَتَطَعّمُونَهَا بُرهَةً ثُمّ یَلفِظُونَهَا جُملَةً

ص 121

88- و من خطبة له ع و فیهابیان للأسباب التی تهلک الناس

أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ لَم یَقصِم جبَاّریِ دَهرٍ قَطّ إِلّا بَعدَ تَمهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَم یَجبُر عَظمَ أَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ إِلّا بَعدَ أَزلٍ وَ بَلَاءٍ وَ فِی دُونِ مَا استَقبَلتُم مِن عَتبٍ وَ مَا استَدبَرتُم مِن خَطبٍ مُعتَبَرٌ وَ مَا کُلّ ذیِ قَلبٍ بِلَبِیبٍ وَ لَا کُلّ ذیِ سَمعٍ بِسَمِیعٍ وَ لَا کُلّ نَاظِرٍ بِبَصِیرٍ فَیَا عَجَباً وَ مَا لِیَ لَا أَعجَبُ مِن خَطَإِ هَذِهِ الفِرَقِ عَلَی اختِلَافِ حُجَجِهَا فِی دِینِهَا لَا یَقتَصّونَ أَثَرَ نبَیِ‌ّ وَ لَا یَقتَدُونَ بِعَمَلِ وصَیِ‌ّ وَ لَا یُؤمِنُونَ بِغَیبٍ وَ لَا یَعِفّونَ عَن عَیبٍ یَعمَلُونَ فِی الشّبُهَاتِ وَ یَسِیرُونَ فِی الشّهَوَاتِ المَعرُوفُ فِیهِم مَا عَرَفُوا وَ المُنکَرُ عِندَهُم مَا أَنکَرُوا مَفزَعُهُم فِی المُعضِلَاتِ إِلَی أَنفُسِهِم وَ تَعوِیلُهُم فِی المُهِمّاتِ عَلَی آرَائِهِم کَأَنّ کُلّ امر‌ِئٍ مِنهُم إِمَامُ نَفسِهِ قَد أَخَذَ مِنهَا فِیمَا یَرَی بِعُرًی ثِقَاتٍ وَ أَسبَابٍ مُحکَمَاتٍ

89- و من خطبة له ع فی الرسول الأعظم صلی اللّه علیه وآله وبلاغ الإمام عنه

أَرسَلَهُ عَلَی حِینِ فَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ وَ طُولِ هَجعَةٍ مِنَ الأُمَمِ

ص 122
وَ اعتِزَامٍ مِنَ الفِتَنِ وَ انتِشَارٍ مِنَ الأُمُورِ وَ تَلَظّ مِنَ الحُرُوبِ وَ الدّنیَا کَاسِفَةُ النّورِ ظَاهِرَةُ الغُرُورِ عَلَی حِینِ اصفِرَارٍ مِن وَرَقِهَا وَ إِیَاسٍ مِن ثَمَرِهَا وَ اغوِرَارٍ مِن مَائِهَا قَد دَرَسَت مَنَارُ الهُدَی وَ ظَهَرَت أَعلَامُ الرّدَی فهَیِ‌َ مُتَجَهّمَةٌ لِأَهلِهَا عَابِسَةٌ فِی وَجهِ طَالِبِهَا ثَمَرُهَا الفِتنَةُ وَ طَعَامُهَا الجِیفَةُ وَ شِعَارُهَا الخَوفُ وَ دِثَارُهَا السّیفُ.فَاعتَبِرُوا عِبَادَ اللّهِ وَ اذکُرُوا تِیکَ التّیِ آبَاؤُکُم وَ إِخوَانُکُم بِهَا مُرتَهَنُونَ وَ عَلَیهَا مُحَاسَبُونَ وَ لعَمَریِ مَا تَقَادَمَت بِکُم وَ لَا بِهِمُ العُهُودُ وَ لَا خَلَت فِیمَا بَینَکُم وَ بَینَهُمُ الأَحقَابُ وَ القُرُونُ وَ مَا أَنتُمُ الیَومَ مِن یَومَ کُنتُم فِی أَصلَابِهِم بِبَعِیدٍ. وَ اللّهِ مَا أَسمَعَکُمُ الرّسُولُ شَیئاً إِلّا وَ هَا أَنَا ذَا مُسمِعُکُمُوهُ وَ مَا أَسمَاعُکُمُ الیَومَ بِدُونِ أَسمَاعِکُم بِالأَمسِ وَ لَا شُقّت لَهُمُ الأَبصَارُ وَ لَا جُعِلَت لَهُمُ الأَفئِدَةُ فِی ذَلِکَ الزّمَانِ إِلّا وَ قَد أُعطِیتُم مِثلَهَا فِی هَذَا الزّمَانِ وَ وَ اللّهِ مَا بُصّرتُم بَعدَهُم شَیئاً جَهِلُوهُ وَ لَا أُصفِیتُم بِهِ وَ حُرِمُوهُ وَ لَقَد نَزَلَت بِکُمُ البَلِیّةُ جَائِلًا خِطَامُهَا رِخواً بِطَانُهَا فَلَا یَغُرّنّکُم مَا أَصبَحَ فِیهِ أَهلُ الغُرُورِ فَإِنّمَا هُوَ ظِلّ مَمدُودٌ إِلَی أَجَلٍ مَعدُودٍ

90- و من خطبة له ع وتشتمل علی قدم الخالق وعظم مخلوقاته ، ویختمها بالوعظ

الحَمدُ لِلّهِ المَعرُوفِ مِن غَیرِ رُؤیَةٍ وَ الخَالِقِ مِن غَیرِ رَوِیّةٍ

ص 123
ألّذِی لَم یَزَل قَائِماً دَائِماً إِذ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبرَاجٍ وَ لَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرتَاجٍ وَ لَا لَیلٌ دَاجٍ وَ لَا بَحرٌ سَاجٍ وَ لَا جَبَلٌ ذُو فِجَاجٍ وَ لَا فَجّ ذُو اعوِجَاجٍ وَ لَا أَرضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا خَلقٌ ذُو اعتِمَادٍ ذَلِکَ مُبتَدِعُ الخَلقِ وَ وَارِثُهُ وَ إِلَهُ الخَلقِ وَ رَازِقُهُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ دَائِبَانِ فِی مَرضَاتِهِ یُبلِیَانِ کُلّ جَدِیدٍ وَ یُقَرّبَانِ کُلّ بَعِیدٍ قَسَمَ أَرزَاقَهُم وَ أَحصَی آثَارَهُم وَ أَعمَالَهُم وَ عَدَدَ أَنفُسِهِم وَ خَائِنَةَ أَعیُنِهِم وَ مَا تخُفیِ صُدُورُهُم مِنَ الضّمِیرِ وَ مُستَقَرّهُم وَ مُستَودَعَهُم مِنَ الأَرحَامِ وَ الظّهُورِ إِلَی أَن تَتَنَاهَی بِهِمُ الغَایَاتُ هُوَ ألّذِی اشتَدّت نِقمَتُهُ عَلَی أَعدَائِهِ فِی سَعَةِ رَحمَتِهِ وَ اتّسَعَت رَحمَتُهُ لِأَولِیَائِهِ فِی شِدّةِ نِقمَتِهِ قَاهِرُ مَن عَازّهُ وَ مُدَمّرُ مَن شَاقّهُ وَ مُذِلّ مَن نَاوَاهُ وَ غَالِبُ مَن عَادَاهُ مَن تَوَکّلَ عَلَیهِ کَفَاهُ وَ مَن سَأَلَهُ أَعطَاهُ وَ مَن أَقرَضَهُ قَضَاهُ وَ مَن شَکَرَهُ جَزَاهُ عِبَادَ اللّهِ زِنُوا أَنفُسَکُم مِن قَبلِ أَن تُوزَنُوا وَ حَاسِبُوهَا مِن قَبلِ أَن تُحَاسَبُوا وَ تَنَفّسُوا قَبلَ ضِیقِ الخِنَاقِ وَ انقَادُوا قَبلَ عُنفِ السّیَاقِ وَ اعلَمُوا أَنّهُ مَن لَم یُعَن عَلَی نَفسِهِ حَتّی یَکُونَ لَهُ مِنهَا وَاعِظٌ وَ زَاجِرٌ لَم یَکُن لَهُ مِن غَیرِهَا لَا زَاجِرٌ وَ لَا وَاعِظٌ
ص 124

91- و من خطبة له ع تعرف بخطبة الأشباح وهی من جلائل خطبه ع

اشاره

رَوَی مَسعَدَةُ بنُ صَدَقَةَ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع أَنّهُ قَالَ خَطَبَ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ بِهَذِهِ الخُطبَةِ عَلَی مِنبَرِ الکُوفَةِ وَ ذَلِکَ أَنّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ صِف لَنَا رَبّنَا مِثلَ مَا نَرَاهُ عِیَاناً لِنَزدَادَ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعرِفَةً فَغَضِبَ وَ نَادَی الصّلَاةَ جَامِعَةً فَاجتَمَعَ النّاسُ حَتّی غَصّ المَسجِدُ بِأَهلِهِ فَصَعِدَ المِنبَرَ وَ هُوَ مُغضَبٌ مُتَغَیّرُ اللّونِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَی عَلَیهِ وَ صَلّی عَلَی النّبِیّص ثُمّ قَالَ
-روایت-1-2-روایت-83-524

وصف اللّه تعالی

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَا یَفِرُهُ المَنعُ وَ الجُمُودُ وَ لَا یُکدِیهِ الإِعطَاءُ وَ الجُودُ إِذ کُلّ مُعطٍ مُنتَقِصٌ سِوَاهُ وَ کُلّ مَانِعٍ مَذمُومٌ مَا خَلَاهُ وَ هُوَ المَنّانُ بِفَوَائِدِ النّعَمِ وَ عَوَائِدِ المَزِیدِ وَ القِسَمِ عِیَالُهُ الخَلَائِقُ ضَمِنَ أَرزَاقَهُم وَ قَدّرَ أَقوَاتَهُم وَ نَهَجَ سَبِیلَ الرّاغِبِینَ إِلَیهِ وَ الطّالِبِینَ مَا لَدَیهِ وَ لَیسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجوَدَ مِنهُ بِمَا لَم یُسأَل الأَوّلُ ألّذِی لَم یَکُن لَهُ قَبلٌ فَیَکُونَ شَیءٌ قَبلَهُ وَ الآخِرُ ألّذِی لَیسَ لهُ بَعدٌ فَیَکُونَ شَیءٌ بَعدَهُ وَ الرّادِعُ أنَاَسیِ‌ّ الأَبصَارِ عَن أَن تَنَالَهُ أَو تُدرِکَهُ مَا اختَلَفَ عَلَیهِ دَهرٌ فَیَختَلِفَ مِنهُ الحَالُ وَ لَا کَانَ فِی مَکَانٍ فَیَجُوزَ عَلَیهِ الِانتِقَالُ وَ لَو وَهَبَ مَا تَنَفّسَت عَنهُ مَعَادِنُ الجِبَالِ وَ ضَحِکَت عَنهُ أَصدَافُ البِحَارِ مِن فِلِزّ اللّجَینِ وَ العِقیَانِ وَ نُثَارَةِ الدّرّ وَ حَصِیدِ المَرجَانِ مَا أَثّرَ ذَلِکَ فِی جُودِهِ وَ لَا أَنفَدَ سَعَةَ مَا عِندَهُ وَ لَکَانَ عِندَهُ مِن ذَخَائِرِ الأَنعَامِ

ص 125
مَا لَا تُنفِدُهُ مَطَالِبُ الأَنَامِ لِأَنّهُ الجَوَادُ ألّذِی لَا یَغِیضُهُ سُؤَالُ السّائِلِینَ وَ لَا یُبخِلُهُ إِلحَاحُ المُلِحّینَ

صفاته تعالی فی القرآن

فَانظُر أَیّهَا السّائِلُ فَمَا دَلّکَ القُرآنُ عَلَیهِ مِن صِفَتِهِ فَائتَمّ بِهِ وَ استَضِئ بِنُورِ هِدَایَتِهِ وَ مَا کَلّفَکَ الشّیطَانُ عِلمَهُ مِمّا لَیسَ فِی الکِتَابِ عَلَیکَ فَرضُهُ وَ لَا فِی سُنّةِ النّبِیّص وَ أَئِمّةِ الهُدَی أَثَرُهُ فَکِل عِلمَهُ إِلَی اللّهِ سُبحَانَهُ فَإِنّ ذَلِکَ مُنتَهَی حَقّ اللّهِ عَلَیکَ وَ اعلَم أَنّ الرّاسِخِینَ فِی العِلمِ هُمُ الّذِینَ أَغنَاهُم عَنِ اقتِحَامِ السّدَدِ المَضرُوبَةِ دُونَ الغُیُوبِ الإِقرَارُ بِجُملَةِ مَا جَهِلُوا تَفسِیرَهُ مِنَ الغَیبِ المَحجُوبِ فَمَدَحَ اللّهُ تَعَالَی اعتِرَافَهُم بِالعَجزِ عَن تَنَاوُلِ مَا لَم یُحِیطُوا بِهِ عِلماً وَ سَمّی تَرکَهُمُ التّعَمّقَ فِیمَا لَم یُکَلّفهُمُ البَحثَ عَن کُنهِهِ رُسُوخاً فَاقتَصِر عَلَی ذَلِکَ وَ لَا تُقَدّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحَانَهُ عَلَی قَدرِ عَقلِکَ فَتَکُونَ مِنَ الهَالِکِینَ هُوَ القَادِرُ ألّذِی إِذَا ارتَمَتِ الأَوهَامُ لِتُدرِکَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ وَ حَاوَلَ الفِکرُ المُبَرّأُ مِن خَطَرَاتِ الوَسَاوِسِ أَن یَقَعَ عَلَیهِ فِی عَمِیقَاتِ غُیُوبِ مَلَکُوتِهِ وَ تَوَلّهَتِ القُلُوبُ إِلَیهِ لتِجَریِ‌َ فِی کَیفِیّةِ صِفَاتِهِ وَ غَمَضَت مَدَاخِلُ العُقُولِ فِی حَیثُ لَا تَبلُغُهُ الصّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلمِ ذَاتِهِ رَدَعَهَا وَ هیِ‌َ تَجُوبُ مهَاَویِ‌َ سُدَفِ الغُیُوبِ مُتَخَلّصَةً إِلَیهِ سُبحَانَهُ

ص 126
فَرَجَعَت إِذ جُبِهَت مُعتَرِفَةً بِأَنّهُ لَا یُنَالُ بِجَورِ الِاعتِسَافِ کُنهُ مَعرِفَتِهِ وَ لَا تَخطُرُ بِبَالِ أوُلیِ الرّوِیّاتِ خَاطِرَةٌ مِن تَقدِیرِ جَلَالِ عِزّتِه ألّذِی ابتَدَعَ الخَلقَ عَلَی غَیرِ مِثَالٍ امتَثَلَهُ وَ لَا مِقدَارٍ احتَذَی عَلَیهِ مِن خَالِقٍ مَعبُودٍ کَانَ قَبلَهُ وَ أَرَانَا مِن مَلَکُوتِ قُدرَتِهِ وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَت بِهِ آثَارُ حِکمَتِهِ وَ اعتِرَافِ الحَاجَةِ مِنَ الخَلقِ إِلَی أَن یُقِیمَهَا بِمِسَاکِ قُوّتِهِ مَا دَلّنَا بِاضطِرَارِ قِیَامِ الحُجّةِ لَهُ عَلَی مَعرِفَتِهِ فَظَهَرَتِ البَدَائِعُ التّیِ أَحدَثَتهَا آثَارُ صَنعَتِهِ وَ أَعلَامُ حِکمَتِهِ فَصَارَ کُلّ مَا خَلَقَ حُجّةً لَهُ وَ دَلِیلًا عَلَیهِ وَ إِن کَانَ خَلقاً صَامِتاً فَحُجّتُهُ بِالتّدبِیرِ نَاطِقَةٌ وَ دَلَالَتُهُ عَلَی المُبدِعِ قَائِمَةٌ فَأَشهَدُ أَنّ مَن شَبّهَکَ بِتَبَایُنِ أَعضَاءِ خَلقِکَ وَ تَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ المُحتَجِبَةِ لِتَدبِیرِ حِکمَتِکَ لَم یَعقِد غَیبَ ضَمِیرِهِ عَلَی مَعرِفَتِکَ وَ لَم یُبَاشِر قَلبَهُ الیَقِینُ بِأَنّهُ لَا نِدّ لَکَ وَ کَأَنّهُ لَم یَسمَع تَبَرّؤَ التّابِعِینَ مِنَ المَتبُوعِینَ إِذ یَقُولُونَتَاللّهِ إِن کُنّا لفَیِ ضَلالٍ مُبِینٍ إِذ نُسَوّیکُم بِرَبّ العالَمِینَکَذَبَ العَادِلُونَ بِکَ إِذ شَبّهُوکَ بِأَصنَامِهِم وَ نَحَلُوکَ حِلیَةَ المَخلُوقِینَ بِأَوهَامِهِم وَ جَزّءُوکَ تَجزِئَةَ المُجَسّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِم وَ قَدّرُوکَ عَلَی الخِلقَةِ المُختَلِفَةِ القُوَی بِقَرَائِحِ عُقُولِهِم وَ أَشهَدُ أَنّ مَن سَاوَاکَ بشِیَ‌ءٍ مِن خَلقِکَ فَقَد عَدَلَ بِکَ وَ العَادِلُ بِکَ کَافِرٌ بِمَا تَنَزّلَت بِهِ مُحکَمَاتُ آیَاتِکَ وَ نَطَقَت عَنهُ
-قرآن-1071-1144
ص 127
شَوَاهِدُ حُجَجِ بَیّنَاتِکَ وَ إِنّکَ أَنتَ اللّهُ ألّذِی لَم تَتَنَاهَ فِی العُقُولِ فَتَکُونَ فِی مَهَبّ فِکرِهَا مُکَیّفاً وَ لَا فِی رَوِیّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَکُونَ مَحدُوداً مُصَرّفاً
ومنهاقَدّرَ مَا خَلَقَ فَأَحکَمَ تَقدِیرَهُ وَ دَبّرَهُ فَأَلطَفَ تَدبِیرَهُ وَ وَجّهَهُ لِوِجهَتِهِ فَلَم یَتَعَدّ حُدُودَ مَنزِلَتِهِ وَ لَم یَقصُر دُونَ الِانتِهَاءِ إِلَی غَایَتِهِ وَ لَم یَستَصعِب إِذ أُمِرَ باِلمضُیِ‌ّ عَلَی إِرَادَتِهِ فَکَیفَ وَ إِنّمَا صَدَرَتِ الأُمُورُ عَن مَشِیئَتِهِ المُنشِئُ أَصنَافَ الأَشیَاءِ بِلَا رَوِیّةِ فِکرٍ آلَ إِلَیهَا وَ لَا قَرِیحَةِ غَرِیزَةٍ أَضمَرَ عَلَیهَا وَ لَا تَجرِبَةٍ أَفَادَهَا مِن حَوَادِثِ الدّهُورِ وَ لَا شَرِیکٍ أَعَانَهُ عَلَی ابتِدَاعِ عَجَائِبِ الأُمُورِ فَتَمّ خَلقُهُ بِأَمرِهِ وَ أَذعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَی دَعوَتِهِ لَم یَعتَرِض دُونَهُ رَیثُ المُبطِئِ وَ لَا أَنَاةُ المُتَلَکّئِ فَأَقَامَ مِنَ الأَشیَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لَاءَمَ بِقُدرَتِهِ بَینَ مُتَضَادّهَا وَ وَصَلَ أَسبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرّقَهَا أَجنَاساً مُختَلِفَاتٍ فِی الحُدُودِ وَ الأَقدَارِ وَ الغَرَائِزِ وَ الهَیئَاتِ بَدَایَا خَلَائِقَ أَحکَمَ صُنعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَی مَا أَرَادَ وَ ابتَدَعَهَا

ومنها فی صفة السماء

وَ نَظَمَ بِلَا تَعلِیقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا وَ لَاحَمَ صُدُوعَ انفِرَاجِهَا

ص 128
وَ وَشّجَ بَینَهَا وَ بَینَ أَزوَاجِهَا وَ ذَلّلَ لِلهَابِطِینَ بِأَمرِهِ وَ الصّاعِدِینَ بِأَعمَالِ خَلقِهِ حُزُونَةَ مِعرَاجِهَا وَ نَادَاهَا بَعدَ إِذ هیِ‌َ دُخَانٌ فَالتَحَمَت عُرَی أَشرَاجِهَا وَ فَتَقَ بَعدَ الِارتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبوَابِهَا وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ الشّهُبِ الثّوَاقِبِ عَلَی نِقَابِهَا وَ أَمسَکَهَا مِن أَن تُمُورَ فِی خَرقِ الهَوَاءِ بِأَیدِهِ وَ أَمَرَهَا أَن تَقِفَ مُستَسلِمَةً لِأَمرِهِ وَ جَعَلَ شَمسَهَا آیَةً مُبصِرَةً لِنَهَارِهَا وَ قَمَرَهَا آیَةً مَمحُوّةً مِن لَیلِهَا وَ أَجرَاهُمَا فِی مَنَاقِلِ مَجرَاهُمَا وَ قَدّرَ سَیرَهُمَا فِی مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا لِیُمَیّزَ بَینَ اللّیلِ وَ النّهَارِ بِهِمَا وَ لِیُعلَمَ عَدَدُ السّنِینَ وَ الحِسَابُ بِمَقَادِیرِهِمَا ثُمّ عَلّقَ فِی جَوّهَا فَلَکَهَا وَ نَاطَ بِهَا زِینَتَهَا مِن خَفِیّاتِ دَرَارِیّهَا وَ مَصَابِیحِ کَوَاکِبِهَا وَ رَمَی مسُترَقِیِ السّمعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا وَ أَجرَاهَا عَلَی أَذلَالِ تَسخِیرِهَا مِن ثَبَاتِ ثَابِتِهَا وَ مَسِیرِ سَائِرِهَا وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا

ومنها فی صفة الملائکة

ثُمّ خَلَقَ سُبحَانَهُ لِإِسکَانِ سَمَاوَاتِهِ وَ عِمَارَةِ الصّفِیحِ الأَعلَی مِن مَلَکُوتِهِ خَلقاً بَدِیعاً مِن مَلَائِکَتِهِ وَ مَلَأَ بِهِم فُرُوجَ فِجَاجِهَا وَ حَشَا بِهِم فُتُوقَ أَجوَائِهَا وَ بَینَ فَجَوَاتِ تِلکَ الفُرُوجِ زَجَلُ المُسَبّحِینَ مِنهُم فِی حَظَائِرِ القُدُسِ وَ سُتُرَاتِ الحُجُبِ

ص 129
وَ سُرَادِقَاتِ المَجدِ وَ وَرَاءَ ذَلِکَ الرّجِیجِ ألّذِی تَستَکّ مِنهُ الأَسمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَردَعُ الأَبصَارَ عَن بُلُوغِهَا فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَی حُدُودِهَا. وَ أَنشَأَهُم عَلَی صُوَرٍ مُختَلِفَاتٍ وَ أَقدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍأوُلیِ أَجنِحَةٍتُسَبّحُ جَلَالَ عِزّتِهِ لَا یَنتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِی الخَلقِ مِن صُنعِهِ وَ لَا یَدّعُونَ أَنّهُم یَخلُقُونَ شَیئاً مَعَهُ مِمّا انفَرَدَ بِهِبَل عِبادٌ مُکرَمُونَ لا یَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ یَعمَلُونَجَعَلَهُمُ اللّهُ فِیمَا هُنَالِکَ أَهلَ الأَمَانَةِ عَلَی وَحیِهِ وَ حَمّلَهُم إِلَی المُرسَلِینَ وَدَائِعَ أَمرِهِ وَ نَهیِهِ وَ عَصَمَهُم مِن رَیبِ الشّبُهَاتِ فَمَا مِنهُم زَائِغٌ عَن سَبِیلِ مَرضَاتِهِ وَ أَمَدّهُم بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ وَ أَشعَرَ قُلُوبَهُم تَوَاضُعَ إِخبَاتِ السّکِینَةِ وَ فَتَحَ لَهُم أَبوَاباً ذُلُلًا إِلَی تَمَاجِیدِهِ وَ نَصَبَ لَهُم مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَی أَعلَامِ تَوحِیدِهِ لَم تُثقِلهُم مُؤصِرَاتُ الآثَامِ وَ لَم تَرتَحِلهُم عُقَبُ اللیّاَلیِ وَ الأَیّامِ وَ لَم تَرمِ الشّکُوکُ بِنَوَازِعِهَا عَزِیمَةَ إِیمَانِهِم وَ لَم تَعتَرِکِ الظّنُونُ عَلَی مَعَاقِدِ یَقِینِهِم وَ لَا قَدَحَت قَادِحَةُ الإِحَنِ فِیمَا بَینَهُم وَ لَا سَلَبَتهُمُ الحَیرَةُ مَا لَاقَ مِن مَعرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِم وَ مَا سَکَنَ مِن عَظَمَتِهِ وَ هَیبَةِ جَلَالَتِهِ فِی أَثنَاءِ صُدُورِهِم وَ لَم تَطمَع فِیهِمُ الوَسَاوِسُ فَتَقتَرِعَ بِرَینِهَا عَلَی فِکرِهِم وَ مِنهُم مَن هُوَ فِی خَلقِ الغَمَامِ
-قرآن-238-254-قرآن-402-476
ص 130
الدّلّحِ وَ فِی عِظَمِ الجِبَالِ الشّمّخِ وَ فِی قَترَةِ الظّلَامِ الأَیهَمِ وَ مِنهُم مَن قَد خَرَقَت أَقدَامُهُم تُخُومَ الأَرضِ السّفلَی فهَیِ‌َ کَرَایَاتٍ بِیضٍ قَد نَفَذَت فِی مَخَارِقِ الهَوَاءِ وَ تَحتَهَا رِیحٌ هَفّافَةٌ تَحبِسُهَا عَلَی حَیثُ انتَهَت مِنَ الحُدُودِ المُتَنَاهِیَةِ قَدِ استَفرَغَتهُم أَشغَالُ عِبَادَتِهِ وَ وَصَلَت حَقَائِقُ الإِیمَانِ بَینَهُم وَ بَینَ مَعرِفَتِهِ وَ قَطَعَهُمُ الإِیقَانُ بِهِ إِلَی الوَلَهِ إِلَیهِ وَ لَم تُجَاوِز رَغَبَاتُهُم مَا عِندَهُ إِلَی مَا
عِندَ غَیرِهِ قَد ذَاقُوا حَلَاوَةَ مَعرِفَتِهِ وَ شَرِبُوا بِالکَأسِ الرّوِیّةِ مِن مَحَبّتِهِ وَ تَمَکّنَت مِن سُوَیدَاءِ قُلُوبِهِم وَشِیجَةُ خِیفَتِهِ فَحَنَوا بِطُولِ الطّاعَةِ اعتِدَالَ ظُهُورِهِم وَ لَم یُنفِد طُولُ الرّغبَةِ إِلَیهِ مَادّةَ تَضَرّعِهِم وَ لَا أَطلَقَ عَنهُم عَظِیمُ الزّلفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِم وَ لَم یَتَوَلّهُمُ الإِعجَابُ فَیَستَکثِرُوا مَا سَلَفَ مِنهُم وَ لَا تَرَکَت لَهُمُ استِکَانَةُ الإِجلَالِ نَصِیباً فِی تَعظِیمِ حَسَنَاتِهِم وَ لَم تَجرِ الفَتَرَاتُ فِیهِم عَلَی طُولِ دُءُوبِهِم وَ لَم تَغِض رَغَبَاتُهُم فَیُخَالِفُوا عَن رَجَاءِ رَبّهِم وَ لَم تَجِفّ لِطُولِ المُنَاجَاةِ أَسَلَاتُ أَلسِنَتِهِم وَ لَا مَلَکَتهُمُ الأَشغَالُ فَتَنقَطِعَ بِهَمسِ الجُؤَارِ إِلَیهِ أَصوَاتُهُم وَ لَم تَختَلِف فِی مَقَاوِمِ الطّاعَةِ مَنَاکِبُهُم وَ لَم یَثنُوا إِلَی رَاحَةِ التّقصِیرِ فِی أَمرِهِ رِقَابَهُم. وَ لَا تَعدُو عَلَی عَزِیمَةِ جِدّهِم بَلَادَةُ الغَفَلَاتِ وَ لَا تَنتَضِلُ فِی هِمَمِهِم خَدَائِعُ الشّهَوَاتِ قَدِ
ص 131
اتّخَذُوا ذَا العَرشِ ذَخِیرَةً لِیَومِ فَاقَتِهِم وَ یَمّمُوهُ
عِندَ انقِطَاعِ الخَلقِ إِلَی المَخلُوقِینَ بِرَغبَتِهِم لَا یَقطَعُونَ أَمَدَ غَایَةِ عِبَادَتِهِ وَ لَا یَرجِعُ بِهِمُ الِاستِهتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ إِلّا إِلَی مَوَادّ مِن قُلُوبِهِم غَیرِ مُنقَطِعَةٍ مِن رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ لَم تَنقَطِع أَسبَابُ الشّفَقَةِ مِنهُم فَیَنُوا فِی جِدّهِم وَ لَم تَأسِرهُمُ الأَطمَاعُ فَیُؤثِرُوا وَشِیکَ السعّی‌ِ عَلَی اجتِهَادِهِم لَم یَستَعظِمُوا مَا مَضَی مِن أَعمَالِهِم وَ لَوِ استَعظَمُوا ذَلِکَ لَنَسَخَ الرّجَاءُ مِنهُم شَفَقَاتِ وَجَلِهِم وَ لَم یَختَلِفُوا فِی رَبّهِم بِاستِحوَاذِ الشّیطَانِ عَلَیهِم وَ لَم یُفَرّقهُم سُوءُ التّقَاطُعِ وَ لَا تَوَلّاهُم غِلّ التّحَاسُدِ وَ لَا تَشَعّبَتهُم مَصَارِفُ الرّیَبِ وَ لَا اقتَسَمَتهُم أَخیَافُ الهِمَمِ فَهُم أُسَرَاءُ إِیمَانٍ لَم یَفُکّهُم مِن رِبقَتِهِ زَیغٌ وَ لَا عُدُولٌ وَ لَا وَنًی وَ لَا فُتُورٌ وَ لَیسَ فِی أَطبَاقِ السّمَاءِ مَوضِعُ إِهَابٍ إِلّا وَ عَلَیهِ مَلَکٌ سَاجِدٌ أَو سَاعٍ حَافِدٌ یَزدَادُونَ عَلَی طُولِ الطّاعَةِ بِرَبّهِم عِلماً وَ تَزدَادُ عِزّةُ رَبّهِم فِی قُلُوبِهِم عِظَماً

ومنها فی صفة الأرض ودحوها علی الماء

کَبَسَ الأَرضَ عَلَی مَورِ أَموَاجٍ مُستَفحِلَةٍ وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ تَلتَطِمُ أوَاَذیِ‌ّ أَموَاجِهَا وَ تَصطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثبَاجِهَا وَ تَرغُو زَبَداً کَالفُحُولِ
عِندَ هِیَاجِهَا فَخَضَعَ جِمَاحُ المَاءِ المُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَملِهَا وَ سَکَنَ هَیجُ ارتِمَائِهِ إِذ وَطِئَتهُ

ص 132
بِکَلکَلِهَا وَ ذَلّ مُستَخذِیاً إِذ تَمَعّکَت عَلَیهِ بِکَوَاهِلِهَا فَأَصبَحَ بَعدَ اصطِخَابِ أَموَاجِهِ سَاجِیاً مَقهُوراً وَ فِی حَکَمَةِ الذّلّ مُنقَاداً أَسِیراً وَ سَکَنَتِ الأَرضُ مَدحُوّةً فِی لُجّةِ تَیّارِهِ وَ رَدّت مِن نَخوَةِ بَأوِهِ وَ اعتِلَائِهِ وَ شُمُوخِ أَنفِهِ وَ سُمُوّ غُلَوَائِهِ وَ کَعَمَتهُ عَلَی کِظّةِ جَریَتِهِ فَهَمَدَ بَعدَ نَزَقَاتِهِ وَ لَبَدَ بَعدَ زَیَفَانِ وَثَبَاتِهِ فَلَمّا سَکَنَ هَیجُ المَاءِ مِن تَحتِ أَکنَافِهَا وَ حَملِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ الشّمّخِ البُذّخِ عَلَی أَکتَافِهَا فَجّرَ یَنَابِیعَ العُیُونِ مِن عَرَانِینِ أُنُوفِهَا وَ فَرّقَهَا فِی سُهُوبِ بِیدِهَا وَ أَخَادِیدِهَا وَ عَدّلَ حَرَکَاتِهَا بِالرّاسِیَاتِ مِن جَلَامِیدِهَا وَ ذَوَاتِ الشّنَاخِیبِ الشّمّ مِن صَیَاخِیدِهَا فَسَکَنَت مِنَ المَیَدَانِ لِرُسُوبِ الجِبَالِ فِی قِطَعِ أَدِیمِهَا وَ تَغَلغُلِهَا مُتَسَرّبَةً فِی جَوبَاتِ خَیَاشِیمِهَا وَ رُکُوبِهَا أَعنَاقَ سُهُولِ الأَرَضِینَ وَ جَرَاثِیمِهَا وَ فَسَحَ بَینَ الجَوّ وَ بَینَهَا وَ أَعَدّ الهَوَاءَ مُتَنَسّماً لِسَاکِنِهَا وَ أَخرَجَ إِلَیهَا أَهلَهَا عَلَی تَمَامِ مَرَافِقِهَا ثُمّ لَم یَدَع جُرُزَ الأَرضِ التّیِ تَقصُرُ مِیَاهُ العُیُونِ عَن رَوَابِیهَا وَ لَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنهَارِ ذَرِیعَةً إِلَی بُلُوغِهَا حَتّی أَنشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تحُییِ مَوَاتَهَا وَ تَستَخرِجُ نَبَاتَهَا أَلّفَ غَمَامَهَا بَعدَ افتِرَاقِ لُمَعِهِ وَ تَبَایُنِ قَزَعِهِ حَتّی إِذَا تَمَخّضَت لُجّةُ
ص 133
المُزنِ فِیهِ وَ التَمَعَ بَرقُهُ فِی کُفَفِهِ وَ لَم یَنَم وَمِیضُهُ فِی کَنَهوَرِ رَبَابِهِ وَ مُتَرَاکِمِ سَحَابِهِ أَرسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِکاً قَد أَسَفّ هَیدَبُهُ تَمرِیهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِیبِهِ وَ دُفَعَ شَآبِیبِهِ. فَلَمّا أَلقَتِ السّحَابُ بَرکَ بِوَانَیهَا وَ بَعَاعَ مَا استَقَلّت بِهِ مِنَ العبِ ءِ المَحمُولِ عَلَیهَا أَخرَجَ بِهِ مِن هَوَامِدِ الأَرضِ النّبَاتَ وَ مِن زُعرِ الجِبَالِ الأَعشَابَ فهَیِ‌َ تَبهَجُ بِزِینَةِ رِیَاضِهَا وَ تزَدهَیِ بِمَا أُلبِسَتهُ مِن رَیطِ أَزَاهِیرِهَا وَ حِلیَةِ مَا سُمِطَت بِهِ مِن نَاضِرِ أَنوَارِهَا وَ جَعَلَ ذَلِکَ بَلَاغاً لِلأَنَامِ وَ رِزقاً لِلأَنعَامِ وَ خَرَقَ الفِجَاجَ فِی آفَاقِهَا وَ أَقَامَ المَنَارَ لِلسّالِکِینَ عَلَی جَوَادّ طُرُقِهَا فَلَمّا مَهَدَ أَرضَهُ وَ أَنفَذَ أَمرَهُ اختَارَ آدَمَ ع خِیرَةً مِن خَلقِهِ وَ جَعَلَهُ أَوّلَ جِبِلّتِهِ وَ أَسکَنَهُ جَنّتَهُ وَ أَرغَدَ فِیهَا أُکُلَهُ وَ أَوعَزَ إِلَیهِ فِیمَا نَهَاهُ عَنهُ وَ أَعلَمَهُ أَنّ فِی الإِقدَامِ عَلَیهِ التّعَرّضَ لِمَعصِیَتِهِ وَ المُخَاطَرَةَ بِمَنزِلَتِهِ فَأَقدَمَ عَلَی مَا نَهَاهُ عَنهُ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلمِهِ فَأَهبَطَهُ بَعدَ التّوبَةِ لِیَعمُرَ أَرضَهُ بِنَسلِهِ وَ لِیُقِیمَ الحُجّةَ بِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَم یُخلِهِم بَعدَ أَن قَبَضَهُ مِمّا یُؤَکّدُ عَلَیهِم حُجّةَ رُبُوبِیّتِهِ وَ یَصِلُ بَینَهُم وَ بَینَ مَعرِفَتِهِ بَل تَعَاهَدَهُم بِالحُجَجِ عَلَی أَلسُنِ الخِیَرَةِ مِن أَنبِیَائِهِ وَ متُحَمَلّیِ وَدَائِعِ رِسَالَاتِهِ قَرناً فَقَرناً حَتّی تَمّت بِنَبِیّنَا مُحَمّدٍص
ص 134
حُجّتُهُ وَ بَلَغَ المَقطَعَ عُذرُهُ وَ نُذُرُهُ وَ قَدّرَ الأَرزَاقَ فَکَثّرَهَا وَ قَلّلَهَا وَ قَسّمَهَا عَلَی الضّیقِ وَ السّعَةِ فَعَدَلَ فِیهَا لیِبَتلَیِ‌َ مَن أَرَادَ بِمَیسُورِهَا وَ مَعسُورِهَا وَ لِیَختَبِرَ بِذَلِکَ الشّکرَ وَ الصّبرَ مِن غَنِیّهَا وَ فَقِیرِهَا ثُمّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِیلَ فَاقَتِهَا وَ بِسَلَامَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا وَ بِفُرَجِ أَفرَاحِهَا غُصَصَ أَترَاحِهَا وَ خَلَقَ الآجَالَ فَأَطَالَهَا وَ قَصّرَهَا وَ قَدّمَهَا وَ أَخّرَهَا وَ وَصَلَ بِالمَوتِ أَسبَابَهَا وَ جَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشطَانِهَا وَ قَاطِعاً لِمَرَائِرِ أَقرَانِهَا عَالِمُ السّرّ مِن ضَمَائِرِ المُضمِرِینَ وَ نَجوَی المُتَخَافِتِینَ وَ خَوَاطِرِ رَجمِ الظّنُونِ وَ عُقَدِ عَزِیمَاتِ الیَقِینِ وَ مَسَارِقِ إِیمَاضِ الجُفُونِ وَ مَا ضَمِنَتهُ أَکنَانُ القُلُوبِ وَ غَیَابَاتُ الغُیُوبِ وَ مَا أَصغَت لِاستِرَاقِهِ مَصَائِخُ الأَسمَاعِ وَ مَصَایِفُ الذّرّ وَ مشَاَتیِ الهَوَامّ وَ رَجعِ الحَنِینِ مِنَ المُولَهَاتِ وَ هَمسِ الأَقدَامِ وَ مُنفَسَحِ الثّمَرَةِ مِن وَلَائِجِ غُلُفِ الأَکمَامِ وَ مُنقَمَعِ الوُحُوشِ مِن غِیرَانِ الجِبَالِ وَ أَودِیَتِهَا وَ مُختَبَإِ البَعُوضِ بَینَ سُوقِ الأَشجَارِ وَ أَلحِیَتِهَا وَ مَغرِزِ الأَورَاقِ مِنَ الأَفنَانِ وَ مَحَطّ الأَمشَاجِ مِن مَسَارِبِ الأَصلَابِ وَ نَاشِئَةِ الغُیُومِ وَ مُتَلَاحِمِهَا وَ دُرُورِ قَطرِ السّحَابِ فِی مُتَرَاکِمِهَا وَ مَا تسَفیِ الأَعَاصِیرُ بِذُیُولِهَا وَ تَعفُو الأَمطَارُ بِسُیُولِهَا
ص 135
وَ عَومِ بَنَاتِ الأَرضِ فِی کُثبَانِ الرّمَالِ وَ مُستَقَرّ ذَوَاتِ الأَجنِحَةِ بِذُرَا شَنَاخِیبِ الجِبَالِ وَ تَغرِیدِ ذَوَاتِ المَنطِقِ فِی دَیَاجِیرِ الأَوکَارِ وَ مَا أَوعَبَتهُ الأَصدَافُ وَ حَضَنَت عَلَیهِ أَموَاجُ البِحَارِ وَ مَا غَشِیَتهُ سُدفَةُ لَیلٍ أَو ذَرّ عَلَیهِ شَارِقُ نَهَارٍ وَ مَا اعتَقَبَت عَلَیهِ أَطبَاقُ الدّیَاجِیرِ وَ سُبُحَاتُ النّورِ وَ أَثَرِ کُلّ خَطوَةٍ وَ حِسّ کُلّ حَرَکَةٍ وَ رَجعِ کُلّ کَلِمَةٍ وَ تَحرِیکِ کُلّ شَفَةٍ وَ مُستَقَرّ کُلّ نَسَمَةٍ وَ مِثقَالِ کُلّ ذَرّةٍ وَ هَمَاهِمِ کُلّ نَفسٍ هَامّةٍ وَ مَا عَلَیهَا مِن ثَمَرِ شَجَرَةٍ أَو سَاقِطِ وَرَقَةٍ أَو قَرَارَةِ نُطفَةٍ أَو نُقَاعَةِ دَمٍ وَ مُضغَةٍ أَو نَاشِئَةِ خَلقٍ وَ سُلَالَةٍ لَم یَلحَقهُ فِی ذَلِکَ کُلفَةٌ وَ لَا اعتَرَضَتهُ فِی حِفظِ مَا ابتَدَعَ مِن خَلقِهِ عَارِضَةٌ وَ لَا اعتَوَرَتهُ فِی تَنفِیذِ الأُمُورِ وَ تَدَابِیرِ المَخلُوقِینَ مَلَالَةٌ وَ لَا فَترَةٌ بَل نَفَذَهُم عِلمُهُ وَ أَحصَاهُم عَدَدُهُ وَ وَسِعَهُم عَدلُهُ وَ غَمَرَهُم فَضلُهُ مَعَ تَقصِیرِهِم عَن کُنهِ مَا هُوَ أَهلُهُ

دعاء

أللّهُمّ أَنتَ أَهلُ الوَصفِ الجَمِیلِ وَ التّعدَادِ الکَثِیرِ إِن تُؤَمّل فَخَیرُ مَأمُولٍ وَ إِن تُرجَ فَخَیرُ مَرجُوّ أللّهُمّ وَ قَد بَسَطتَ لِی فِیمَا لَا أَمدَحُ بِهِ غَیرَکَ وَ لَا أثُنیِ بِهِ عَلَی أَحَدٍ سِوَاکَ وَ لَا أُوَجّهُهُ إِلَی مَعَادِنِ الخَیبَةِ وَ مَوَاضِعِ الرّیبَةِ وَ عَدَلتَ بلِسِاَنیِ عَن مَدَائِحِ الآدَمِیّینَ

ص 136
وَ الثّنَاءِ عَلَی المَربُوبِینَ المَخلُوقِینَ أللّهُمّ وَ لِکُلّ مُثنٍ عَلَی مَن أَثنَی عَلَیهِ مَثُوبَةٌ مِن جَزَاءٍ أَو عَارِفَةٌ مِن عَطَاءٍ وَ قَد رَجَوتُکَ دَلِیلًا عَلَی ذَخَائِرِ الرّحمَةِ وَ کُنُوزِ المَغفِرَةِ أللّهُمّ وَ هَذَا مَقَامُ مَن أَفرَدَکَ بِالتّوحِیدِ ألّذِی هُوَ لَکَ وَ لَم یَرَ مُستَحِقّاً لِهَذِهِ المَحَامِدِ وَ المَمَادِحِ غَیرَکَ وَ بیِ فَاقَةٌ إِلَیکَ لَا یَجبُرُ مَسکَنَتَهَا إِلّا فَضلُکَ وَ لَا یَنعَشُ مِن خَلّتِهَا إِلّا مَنّکَ وَ جُودُکَ فَهَب لَنَا فِی هَذَا المَقَامِ رِضَاکَ وَ أَغنِنَا عَن مَدّ الأیَدیِ إِلَی سِوَاکَإِنّکَ عَلی کُلّ شَیءٍ قَدِیرٌ
-قرآن-559-588

92- و من کلام له ع لماأراده الناس علی البیعة بعدقتل عثمان رضی الله عنه

دعَوُنیِ وَ التَمِسُوا غیَریِ فَإِنّا مُستَقبِلُونَ أَمراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ القُلُوبُ وَ لَا تَثبُتُ عَلَیهِ العُقُولُ وَ إِنّ الآفَاقَ قَد أَغَامَت وَ المَحَجّةَ قَد تَنَکّرَت. وَ اعلَمُوا أنَیّ إِن أَجَبتُکُم رَکِبتُ بِکُم مَا أَعلَمُ وَ لَم أُصغِ إِلَی قَولِ القَائِلِ وَ عَتبِ العَاتِبِ وَ إِن ترَکَتمُوُنیِ فَأَنَا کَأَحَدِکُم وَ لعَلَیّ أَسمَعُکُم وَ أَطوَعُکُم لِمَن وَلّیتُمُوهُ أَمرَکُم وَ أَنَا لَکُم وَزِیراً خَیرٌ لَکُم منِیّ أَمِیراً

ص 137

93- و من خطبة له ع و فیهاینبّه أمیر المؤمنین علی فضله وعلمه ویبیّن فتنة بنی أمیة

أَمّا بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَ الثّنَاءِ عَلَیهِ أَیّهَا النّاسُ فإَنِیّ فَقَأتُ عَینَ الفِتنَةِ وَ لَم یَکُن لیِجَترَ‌ِئَ عَلَیهَا أَحَدٌ غیَریِ بَعدَ أَن مَاجَ غَیهَبُهَا وَ اشتَدّ کَلَبُهَا فاَسألَوُنیِ قَبلَ أَن تفَقدِوُنیِ فَوَ ألّذِی نفَسیِ بِیَدِهِ لَا تسَألَوُنیِ عَن شَیءٍ فِیمَا بَینَکُم وَ بَینَ السّاعَةِ وَ لَا عَن فِئَةٍ تهَدیِ مِائَةً وَ تُضِلّ مِائَةً إِلّا أَنبَأتُکُم بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ سَائِقِهَا وَ مُنَاخِ رِکَابِهَا وَ مَحَطّ رِحَالِهَا وَ مَن یُقتَلُ مِن أَهلِهَا قَتلًا وَ مَن یَمُوتُ مِنهُم مَوتاً وَ لَو قَد فقَدَتمُوُنیِ وَ نَزَلَت بِکُم کَرَائِهُ الأُمُورِ وَ حَوَازِبُ الخُطُوبِ لَأَطرَقَ کَثِیرٌ مِنَ السّائِلِینَ وَ فَشِلَ کَثِیرٌ مِنَ المَسئُولِینَ وَ ذَلِکَ إِذَا قَلّصَت حَربُکُم وَ شَمّرَت عَن سَاقٍ وَ ضَاقَتِ الدّنیَا عَلَیکُم ضِیقاً تَستَطِیلُونَ مَعَهُ أَیّامَ البَلَاءِ عَلَیکُم حَتّی یَفتَحَ اللّهُ لِبَقِیّةِ الأَبرَارِ مِنکُم إِنّ الفِتَنَ إِذَا أَقبَلَت شَبّهَت وَ إِذَا أَدبَرَت نَبّهَت یُنکَرنَ مُقبِلَاتٍ وَ یُعرَفنَ مُدبِرَاتٍ یَحُمنَ حَومَ الرّیَاحِ یُصِبنَ بَلَداً وَ یُخطِئنَ بَلَداً أَلَا وَ إِنّ أَخوَفَ الفِتَنِ عنِدیِ عَلَیکُم فِتنَةُ بنَیِ أُمَیّةَ فَإِنّهَا فِتنَةٌ عَمیَاءُ مُظلِمَةٌ عَمّت خُطّتُهَا وَ خَصّت بَلِیّتُهَا

ص 138
وَ أَصَابَ البَلَاءُ مَن أَبصَرَ فِیهَا وَ أَخطَأَ البَلَاءُ مَن عمَیِ‌َ عَنهَا وَ ایمُ اللّهِ لَتَجِدُنّ بنَیِ أُمَیّةَ لَکُم أَربَابَ سُوءٍ بعَدیِ کَالنّابِ الضّرُوسِ تَعذِمُ بِفِیهَا وَ تَخبِطُ بِیَدِهَا وَ تَزبِنُ بِرِجلِهَا وَ تَمنَعُ دَرّهَا لَا یَزَالُونَ بِکُم حَتّی لَا یَترُکُوا مِنکُم إِلّا نَافِعاً لَهُم أَو غَیرَ ضَائِرٍ بِهِم وَ لَا یَزَالُ بَلَاؤُهُم عَنکُم حَتّی لَا یَکُونَ انتِصَارُ أَحَدِکُم مِنهُم إِلّا کَانتِصَارِ العَبدِ مِن رَبّهِ وَ الصّاحِبِ مِن مُستَصحِبِهِ تَرِدُ عَلَیکُم فِتنَتُهُم شَوهَاءَ مَخشِیّةً وَ قِطَعاً جَاهِلِیّةً لَیسَ فِیهَا مَنَارُ هُدًی وَ لَا عَلَمٌ یُرَی نَحنُ أَهلَ البَیتِ مِنهَا بِمَنجَاةٍ وَ لَسنَا فِیهَا بِدُعَاةٍ ثُمّ یُفَرّجُهَا اللّهُ عَنکُم کَتَفرِیجِ الأَدِیمِ بِمَن یَسُومُهُم خَسفاً وَ یَسُوقُهُم عُنفاً وَ یَسقِیهِم بِکَأسٍ مُصَبّرَةٍ لَا یُعطِیهِم إِلّا السّیفَ وَ لَا یُحلِسُهُم إِلّا الخَوفَ فَعِندَ ذَلِکَ تَوَدّ قُرَیشٌ بِالدّنیَا وَ مَا فِیهَا لَو یرَوَننَیِ مَقَاماً وَاحِداً وَ لَو قَدرَ جَزرِ جَزُورٍ لِأَقبَلَ مِنهُم مَا أَطلُبُ الیَومَ بَعضَهُ فَلَا یُعطُونِیهِ

94- و من خطبة له ع و فیهایصف اللّه تعالی ثم یبین فضل الرسول الکریم و أهل بیته ثم یعظ الناس

اللّه تعالی

فَتَبَارَکَ اللّهُ ألّذِی لَا یَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ وَ لَا یَنَالُهُ حَدسُ الفِطَنِ

ص 139
الأَوّلُ ألّذِی لَا غَایَةَ لَهُ فیَنَتهَیِ‌َ وَ لَا آخِرَ لَهُ فیَنَقضَیِ‌َ

ومنها فی وصف الأنبیاء

فَاستَودَعَهُم فِی أَفضَلِ مُستَودَعٍ وَ أَقَرّهُم فِی خَیرِ مُستَقَرّ تَنَاسَخَتهُم کَرَائِمُ الأَصلَابِ إِلَی مُطَهّرَاتِ الأَرحَامِ کُلّمَا مَضَی مِنهُم سَلَفٌ قَامَ مِنهُم بِدِینِ اللّهِ خَلَفٌ

رسول اللّه وآل بیته

حَتّی أَفضَت کَرَامَةُ اللّهِ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی إِلَی مُحَمّدٍص فَأَخرَجَهُ مِن أَفضَلِ المَعَادِنِ مَنبِتاً وَ أَعَزّ الأَرُومَاتِ مَغرِساً مِنَ الشّجَرَةِ التّیِ صَدَعَ مِنهَا أَنبِیَاءَهُ وَ انتَجَبَ مِنهَا أُمَنَاءَهُ عِترَتُهُ خَیرُ العِتَرِ وَ أُسرَتُهُ خَیرُ الأُسَرِ وَ شَجَرَتُهُ خَیرُ الشّجَرِ نَبَتَت فِی حَرَمٍ وَ بَسَقَت فِی کَرَمٍ لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ وَ ثَمَرٌ لَا یُنَالُ فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتّقَی وَ بَصِیرَةُ مَنِ اهتَدَی سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوؤُهُ وَ شِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ وَ زَندٌ بَرَقَ لَمعُهُ سِیرَتُهُ القَصدُ وَ سُنّتُهُ الرّشدُ وَ کَلَامُهُ الفَصلُ وَ حُکمُهُ العَدلُ أَرسَلَهُ عَلَی حِینِ فَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ وَ هَفوَةٍ عَنِ العَمَلِ وَ غَبَاوَةٍ مِنَ الأُمَمِ

عظة الناس

اعمَلُوا رَحِمَکُمُ اللّهُ عَلَی أَعلَامٍ بَیّنَةٍ فَالطّرِیقُ نَهجٌ

ص 140
یَدعُوا إِلی دارِ السّلامِ وَ أَنتُم فِی دَارِ مُستَعتَبٍ عَلَی مَهَلٍ وَ فَرَاغٍ وَ الصّحُفُ مَنشُورَةٌ وَ الأَقلَامُ جَارِیَةٌ وَ الأَبدَانُ صَحِیحَةٌ وَ الأَلسُنُ مُطلَقَةٌ وَ التّوبَةُ مَسمُوعَةٌ وَ الأَعمَالُ مَقبُولَةٌ
-قرآن-1-26

95- و من خطبة له ع یقرر فضیلة الرسول الکریم

بَعَثَهُ وَ النّاسُ ضُلّالٌ فِی حَیرَةٍ وَ حَاطِبُونَ فِی فِتنَةٍ قَدِ استَهوَتهُمُ الأَهوَاءُ وَ استَزَلّتهُمُ الکِبرِیَاءُ وَ استَخَفّتهُمُ الجَاهِلِیّةُ الجَهلَاءُ حَیَارَی فِی زَلزَالٍ مِنَ الأَمرِ وَ بَلَاءٍ مِنَ الجَهلِ فَبَالَغَص فِی النّصِیحَةِ وَ مَضَی عَلَی الطّرِیقَةِ وَ دَعَا إِلَی الحِکمَةِوَ المَوعِظَةِ الحَسَنَةِ
-قرآن-307-331

96- و من خطبة له ع فی اللّه و فی الرسول الأکرم

اللّه تعالی

الحَمدُ لِلّهِ الأَوّلِ فَلَا شَیءَ قَبلَهُ وَ الآخِرِ فَلَا شَیءَ بَعدَهُ وَ الظّاهِرِ فَلَا شَیءَ فَوقَهُ وَ البَاطِنِ فَلَا شَیءَ دُونَهُ

ص 141

ومنها فی ذکر الرسول ص

مُستَقَرّهُ خَیرُ مُستَقَرّ وَ مَنبِتُهُ أَشرَفُ مَنبِتٍ فِی مَعَادِنِ الکَرَامَةِ وَ مَمَاهِدِ السّلَامَةِ قَد صُرِفَت نَحوَهُ أَفئِدَةُ الأَبرَارِ وَ ثُنِیَت إِلَیهِ أَزِمّةُ الأَبصَارِ دَفَنَ اللّهُ بِهِ الضّغَائِنَ وَ أَطفَأَ بِهِ الثّوَائِرَ أَلّفَ بِهِ إِخوَاناً وَ فَرّقَ بِهِ أَقرَاناً أَعَزّ بِهِ الذّلّةَ وَ أَذَلّ بِهِ العِزّةَ کَلَامُهُ بَیَانٌ وَ صَمتُهُ لِسَانٌ

97- و من خطبة له ع فی أصحابه وأصحاب رسول اللّه

أصحاب علی

وَ لَئِن أَمهَلَ الظّالِمَ فَلَن یَفُوتَ أَخذُهُ وَ هُوَ لَهُ بِالمِرصَادِ عَلَی مَجَازِ طَرِیقِهِ وَ بِمَوضِعِ الشّجَا مِن مَسَاغِ رِیقِهِ أَمَا وَ ألّذِی نفَسیِ بِیَدِهِ لَیَظهَرَنّ هَؤُلَاءِ القَومُ عَلَیکُم لَیسَ لِأَنّهُم أَولَی بِالحَقّ مِنکُم وَ لَکِن لِإِسرَاعِهِم إِلَی بَاطِلِ صَاحِبِهِم وَ إِبطَائِکُم عَن حقَیّ وَ لَقَد أَصبَحَتِ الأُمَمُ تَخَافُ ظُلمَ رُعَاتِهَا وَ أَصبَحتُ أَخَافُ ظُلمَ رعَیِتّیِ استَنفَرتُکُم لِلجِهَادِ فَلَم تَنفِرُوا وَ أَسمَعتُکُم فَلَم تَسمَعُوا وَ دَعَوتُکُم سِرّاً وَ جَهراً فَلَم تَستَجِیبُوا وَ نَصَحتُ لَکُم فَلَم تَقبَلُوا أَ شُهُودٌ کَغُیّابٍ وَ عَبِیدٌ کَأَربَابٍ أَتلُو عَلَیکُم الحِکَمَ فَتَنفِرُونَ

ص 142
مِنهَا وَ أَعِظُکُم بِالمَوعِظَةِ البَالِغَةِ فَتَتَفَرّقُونَ عَنهَا وَ أَحُثّکُم عَلَی جِهَادِ أَهلِ البغَی‌ِ فَمَا آتیِ عَلَی آخِرِ قوَلیِ حَتّی أَرَاکُم مُتَفَرّقِینَ أیَاَدیِ‌َ سَبَا تَرجِعُونَ إِلَی مَجَالِسِکُم وَ تَتَخَادَعُونَ عَن مَوَاعِظِکُم أُقَوّمُکُم غُدوَةً وَ تَرجِعُونَ إلِیَ‌ّ عَشِیّةً کَظَهرِ الحَنِیّةِ عَجَزَ المُقَوّمُ وَ أَعضَلَ المُقَوّمُ أَیّهَا القَومُ الشّاهِدَةُ أَبدَانُهُم الغَائِبَةُ عَنهُم عُقُولُهُم المُختَلِفَةُ أَهوَاؤُهُم المُبتَلَی بِهِم أُمَرَاؤُهُم صَاحِبُکُم یُطِیعُ اللّهَ وَ أَنتُم تَعصُونَهُ وَ صَاحِبُ أَهلِ الشّامِ یعَصیِ اللّهَ وَ هُم یُطِیعُونَهُ لَوَدِدتُ وَ اللّهِ أَنّ مُعَاوِیَةَ صاَرفَنَیِ بِکُم صَرفَ الدّینَارِ بِالدّرهَمِ فَأَخَذَ منِیّ عَشَرَةَ مِنکُم وَ أعَطاَنیِ رَجُلًا مِنهُم یَا أَهلَ الکُوفَةِ مُنِیتُ مِنکُم بِثَلَاثٍ وَ اثنَتَینِ صُمّ ذَوُو أَسمَاعٍ وَ بُکمٌ ذَوُو کَلَامٍ وَ عمُی‌ٌ ذَوُو أَبصَارٍ لَا أَحرَارُ صِدقٍ
عِندَ اللّقَاءِ وَ لَا إِخوَانُ ثِقَةٍ
عِندَ البَلَاءِ تَرِبَت أَیدِیکُم یَا أَشبَاهَ الإِبِلِ غَابَ عَنهَا رُعَاتُهَا کُلّمَا جُمِعَت مِن جَانِبٍ تَفَرّقَت مِن آخَرَ وَ اللّهِ لکَأَنَیّ بِکُم فِیمَا إِخَالُکُم أَن لَو حَمِسَ الوَغَی وَ حمَیِ‌َ الضّرَابُ قَدِ انفَرَجتُم عَنِ ابنِ أَبِی طَالِبٍ انفِرَاجَ المَرأَةِ عَن قُبُلِهَا وَ إنِیّ لَعَلَی بَیّنَةٍ مِن ربَیّ وَ مِنهَاجٍ مِن نبَیِیّ وَ إنِیّ لَعَلَی الطّرِیقِ الوَاضِحِ أَلقُطُهُ لَقطاً
ص 143

أصحاب رسول اللّه

انظُرُوا أَهلَ بَیتِ نَبِیّکُم فَالزَمُوا سَمتَهُم وَ اتّبِعُوا أَثَرَهُم فَلَن یُخرِجُوکُم مِن هُدًی وَ لَن یُعِیدُوکُم فِی رَدًی فَإِن لَبَدُوا فَالبُدُوا وَ إِن نَهَضُوا فَانهَضُوا وَ لَا تَسبِقُوهُم فَتَضِلّوا وَ لَا تَتَأَخّرُوا عَنهُم فَتَهلِکُوا لَقَد رَأَیتُ أَصحَابَ مُحَمّدٍص فَمَا أَرَی أَحَداً یُشبِهُهُم مِنکُم لَقَد کَانُوا یُصبِحُونَ شُعثاً غُبراً وَ قَد بَاتُوا سُجّداً وَ قِیَاماً یُرَاوِحُونَ بَینَ جِبَاهِهِم وَ خُدُودِهِم وَ یَقِفُونَ عَلَی مِثلِ الجَمرِ مِن ذِکرِ مَعَادِهِم کَأَنّ بَینَ أَعیُنِهِم رُکَبَ المِعزَی مِن طُولِ سُجُودِهِم إِذَا ذُکِرَ اللّهُ هَمَلَت أَعیُنُهُم حَتّی تَبُلّ جُیُوبَهُم وَ مَادُوا کَمَا یَمِیدُ الشّجَرُ یَومَ الرّیحِ العَاصِفِ خَوفاً مِنَ العِقَابِ وَ رَجَاءً لِلثّوَابِ

98- و من کلام له ع یشیر فیه إلی ظلم بنی أمیة

وَ اللّهِ لَا یَزَالُونَ حَتّی لَا یَدَعُوا لِلّهِ مُحَرّماً إِلّا استَحَلّوهُ وَ لَا عَقداً إِلّا حَلّوهُ وَ حَتّی لَا یَبقَی بَیتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلّا دَخَلَهُ ظُلمُهُم وَ نَبَا بِهِ سُوءُ رَعیِهِم وَ حَتّی یَقُومَ البَاکِیَانِ یَبکِیَانِ بَاکٍ یبَکیِ لِدِینِهِ وَ بَاکٍ یبَکیِ لِدُنیَاهُ وَ حَتّی تَکُونَ نُصرَةُ أَحَدِکُم

ص 144
مِن أَحَدِهِم کَنُصرَةِ العَبدِ مِن سَیّدِهِ إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ وَ إِذَا غَابَ اغتَابَهُ وَ حَتّی یَکُونَ أَعظَمَکُم فِیهَا عَنَاءً أَحسَنُکُم بِاللّهِ ظَنّاً فَإِن أَتَاکُمُ اللّهُ بِعَافِیَةٍ فَاقبَلُوا وَ إِنِ ابتُلِیتُم فَاصبِرُوا فَإِنّ العَاقِبَةَ لِلمُتّقِینَ

99- و من خطبة له ع فی التزهید من الدنیا

نَحمَدُهُ عَلَی مَا کَانَ وَ نَستَعِینُهُ مِن أَمرِنَا عَلَی مَا یَکُونُ وَ نَسأَلُهُ المُعَافَاةَ فِی الأَدیَانِ کَمَا نَسأَلُهُ المُعَافَاةَ فِی الأَبدَانِ عِبَادَ اللّهِ أُوصِیکُم بِالرّفضِ لِهَذِهِ الدّنیَا التّارِکَةِ لَکُم وَ إِن لَم تُحِبّوا تَرکَهَا وَ المُبلِیَةِ لِأَجسَامِکُم وَ إِن کُنتُم تُحِبّونَ تَجدِیدَهَا فَإِنّمَا مَثَلُکُم وَ مَثَلُهَا کَسَفرٍ سَلَکُوا سَبِیلًا فَکَأَنّهُم قَد قَطَعُوهُ وَ أَمّوا عَلَماً فَکَأَنّهُم قَد بَلَغُوهُ وَ کَم عَسَی المجُریِ إِلَی الغَایَةِ أَن یجَریِ‌َ إِلَیهَا حَتّی یَبلُغَهَا وَ مَا عَسَی أَن یَکُونَ بَقَاءُ مَن لَهُ یَومٌ لَا یَعدُوهُ وَ طَالِبٌ حَثِیثٌ مِنَ المَوتِ یَحدُوهُ وَ مُزعِجٌ فِی الدّنیَا حَتّی یُفَارِقَهَا رَغماً فَلَا تَنَافَسُوا فِی عِزّ الدّنیَا وَ فَخرِهَا وَ لَا تَعجَبُوا بِزِینَتِهَا وَ نَعِیمِهَا وَ لَا تَجزَعُوا مِن ضَرّائِهَا وَ بُؤسِهَا فَإِنّ عِزّهَا وَ فَخرَهَا إِلَی انقِطَاعٍ وَ إِنّ زِینَتَهَا وَ نَعِیمَهَا إِلَی زَوَالٍ وَ ضَرّاءَهَا وَ بُؤسَهَا إِلَی

ص 145
نَفَادٍ وَ کُلّ مُدّةٍ فِیهَا إِلَی انتِهَاءٍ وَ کُلّ حیَ‌ّ فِیهَا إِلَی فَنَاءٍ أَ وَ لَیسَ لَکُم فِی آثَارِ الأَوّلِینَ مُزدَجَرٌ وَ فِی آبَائِکُمُ المَاضِینَ تَبصِرَةٌ وَ مُعتَبَرٌ إِن کُنتُم تَعقِلُونَ أَ وَ لَم تَرَوا إِلَی المَاضِینَ مِنکُم لَا یَرجِعُونَ وَ إِلَی الخَلَفِ البَاقِینَ لَا یَبقَونَ أَ وَ لَستُم تَرَونَ أَهلَ الدّنیَا یُصبِحُونَ وَ یُمسُونَ عَلَی أَحوَالٍ شَتّی فَمَیّتٌ یُبکَی وَ آخَرُ یُعَزّی وَ صَرِیعٌ مُبتَلًی وَ عَائِدٌ یَعُودُ وَ آخَرُ بِنَفسِهِ یَجُودُ وَ طَالِبٌ لِلدّنیَا وَ المَوتُ یَطلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَیسَ بِمَغفُولٍ عَنهُ وَ عَلَی أَثَرِ الماَضیِ مَا یمَضیِ الباَقیِ أَلَا فَاذکُرُوا هَاذِمَ اللّذّاتِ وَ مُنَغّصَ الشّهَوَاتِ وَ قَاطِعَ الأُمنِیَاتِ
عِندَ المُسَاوَرَةِ لِلأَعمَالِ القَبِیحَةِ وَ استَعِینُوا اللّهَ عَلَی أَدَاءِ وَاجِبِ حَقّهِ وَ مَا لَا یُحصَی مِن أَعدَادِ نِعَمِهِ وَ إِحسَانِهِ

100- و من خطبة له ع فی رسول اللّه و أهل بیته

الحَمدُ لِلّهِ النّاشِرِ فِی الخَلقِ فَضلَهُ وَ البَاسِطِ فِیهِم بِالجُودِ یَدَهُ نَحمَدُهُ فِی جَمِیعِ أُمُورِهِ وَ نَستَعِینُهُ عَلَی رِعَایَةِ حُقُوقِهِ وَ نَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ غَیرُهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرسَلَهُ بِأَمرِهِ صَادِعاً وَ بِذِکرِهِ

ص 146
نَاطِقاً فَأَدّی أَمِیناً وَ مَضَی رَشِیداً وَ خَلّفَ فِینَا رَایَةَ الحَقّ مَن تَقَدّمَهَا مَرَقَ وَ مَن تَخَلّفَ عَنهَا زَهَقَ وَ مَن لَزِمَهَا لَحِقَ دَلِیلُهَا مَکِیثُ الکَلَامِ بطَیِ‌ءُ القِیَامِ سَرِیعٌ إِذَا قَامَ فَإِذَا أَنتُم أَلَنتُم لَهُ رِقَابَکُم وَ أَشَرتُم إِلَیهِ بِأَصَابِعِکُم جَاءَهُ المَوتُ فَذَهَبَ بِهِ فَلَبِثتُم بَعدَهُ مَا شَاءَ اللّهُ حَتّی یُطلِعَ اللّهُ لَکُم مَن یَجمَعُکُم وَ یَضُمّ نَشرَکُم فَلَا تَطمَعُوا فِی غَیرِ مُقبِلٍ وَ لَا تَیأَسُوا مِن مُدبِرٍ فَإِنّ المُدبِرَ عَسَی أَن تَزِلّ بِهِ إِحدَی قَائِمَتَیهِ وَ تَثبُتَ الأُخرَی فَتَرجِعَا حَتّی تَثبُتَا جَمِیعاً أَلَا إِنّ مَثَلَ آلِ مُحَمّدٍص کَمَثَلِ نُجُومِ السّمَاءِ إِذَا خَوَی نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ فَکَأَنّکُم قَد تَکَامَلَت مِنَ اللّهِ فِیکُمُ الصّنَائِعُ وَ أَرَاکُم مَا کُنتُم تَأمُلُونَ

101- و من خطبة له ع وهی إحدی الخطب المشتملة علی الملاحم

الحَمدُ لِلّهِ الأَوّلِ قَبلَ کُلّ أَوّلٍ وَ الآخِرِ بَعدَ کُلّ آخِرٍ وَ بِأَوّلِیّتِهِ وَجَبَ أَن لَا أَوّلَ لَهُ وَ بِآخِرِیّتِهِ وَجَبَ أَن لَا آخِرَ لَهُ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ شَهَادَةً یُوَافِقُ فِیهَا السّرّ الإِعلَانَ وَ القَلبُ اللّسَانَ أَیّهَا النّاسُلا یَجرِمَنّکُم شقِاقیِ وَ لَا یَستَهوِیَنّکُم
-قرآن-279-302

ص 147
عصِیاَنیِ وَ لَا تَتَرَامَوا بِالأَبصَارِ
عِندَ مَا تَسمَعُونَهُ منِیّ فوَاَلذّیِ فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ إِنّ ألّذِی أُنَبّئُکُم بِهِ عَنِ النّبِیّ الأمُیّ‌ّص مَا کَذَبَ المُبَلّغُ وَ لَا جَهِلَ السّامِعُ لکَأَنَیّ أَنظُرُ إِلَی ضِلّیلٍ قَد نَعَقَ بِالشّامِ وَ فَحَصَ بِرَایَاتِهِ فِی ضوَاَحیِ کُوفَانَ فَإِذَا فَغَرَت فَاغِرَتُهُ وَ اشتَدّت شَکِیمَتُهُ وَ ثَقُلَت فِی الأَرضِ وَطأَتُهُ عَضّتِ الفِتنَةُ أَبنَاءَهَا بِأَنیَابِهَا وَ مَاجَتِ الحَربُ بِأَموَاجِهَا وَ بَدَا مِنَ الأَیّامِ کُلُوحُهَا وَ مِنَ اللیّاَلیِ کُدُوحُهَا فَإِذَا أَینَعَ زَرعُهُ وَ قَامَ عَلَی یَنعِهِ وَ هَدَرَت شَقَاشِقُهُ وَ بَرَقَت بَوَارِقُهُ عُقِدَت رَایَاتُ الفِتَنِ المُعضِلَةِ وَ أَقبَلنَ کَاللّیلِ المُظلِمِ وَ البَحرِ المُلتَطِمِ هَذَا وَ کَم یَخرِقُ الکُوفَةَ مِن قَاصِفٍ وَ یَمُرّ عَلَیهَا مِن عَاصِفٍ وَ عَن قَلِیلٍ تَلتَفّ القُرُونُ بِالقُرُونِ وَ یُحصَدُ القَائِمُ وَ یُحطَمُ المَحصُودُ

102- و من خطبة له ع تجری هذاالمجری و فیهاذکر یوم القیامة وأحوال الناس المقبلة

یوم القیامة

وَ ذَلِکَ یَومٌ یَجمَعُ اللّهُ فِیهِ الأَوّلِینَ وَ الآخِرِینَ لِنِقَاشِ الحِسَابِ وَ جَزَاءِ الأَعمَالِ خُضُوعاً قِیَاماً قَد أَلجَمَهُمُ العَرَقُ وَ رَجَفَت

ص 148
بِهِمُ الأَرضُ فَأَحسَنُهُم حَالًا مَن وَجَدَ لِقَدَمَیهِ مَوضِعاً وَ لِنَفسِهِ مُتّسَعاً

حال مقبلة علی الناس

ومنهافِتَنٌ کَقِطَعِ اللّیلِ المُظلِمِ لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَ لَا تُرَدّ لَهَا رَایَةٌ تَأتِیکُم مَزمُومَةً مَرحُولَةً یَحفِزُهَا قَائِدُهَا وَ یَجهَدُهَا رَاکِبُهَا أَهلُهَا قَومٌ شَدِیدٌ کَلَبُهُم قَلِیلٌ سَلَبُهُم یُجَاهِدُهُم فِی سَبِیلِ اللّهِ قَومٌ أَذِلّةٌ
عِندَ المُتَکَبّرِینَ فِی الأَرضِ مَجهُولُونَ وَ فِی السّمَاءِ مَعرُوفُونَ فَوَیلٌ لَکِ یَا بَصرَةُ
عِندَ ذَلِکِ مِن جَیشٍ مِن نِقَمِ اللّهِ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حَسّ وَ سَیُبتَلَی أَهلُکِ بِالمَوتِ الأَحمَرِ وَ الجُوعِ الأَغبَرِ

103- و من خطبة له ع

فی التزهید فی الدنیا

أَیّهَا النّاسُ انظُرُوا إِلَی الدّنیَا نَظَرَ الزّاهِدِینَ فِیهَا الصّادِفِینَ عَنهَا فَإِنّهَا وَ اللّهِ عَمّا قَلِیلٍ تُزِیلُ الثاّویِ‌َ السّاکِنَ وَ تَفجَعُ المُترَفَ الآمِنَ لَا یَرجِعُ مَا تَوَلّی مِنهَا فَأَدبَرَ وَ لَا یُدرَی مَا هُوَ آتٍ مِنهَا فَیُنتَظَرَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالحُزنِ وَ جَلَدُ الرّجَالِ

ص 149
فِیهَا إِلَی الضّعفِ وَ الوَهنِ فَلَا یَغُرّنّکُم کَثرَةُ مَا یُعجِبُکُم فِیهَا لِقِلّةِ مَا یَصحَبُکُم مِنهَا رَحِمَ اللّهُ امرَأً تَفَکّرَ فَاعتَبَرَ وَ اعتَبَرَ فَأَبصَرَ فَکَأَنّ مَا هُوَ کَائِنٌ مِنَ الدّنیَا عَن قَلِیلٍ لَم یَکُن وَ کَأَنّ مَا هُوَ کَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ عَمّا قَلِیلٍ لَم یَزَل وَ کُلّ مَعدُودٍ مُنقَضٍ وَ کُلّ مُتَوَقّعٍ آتٍ وَ کُلّ آتٍ قَرِیبٌ دَانٍ

صفة العالم

ومنهاالعَالِمُ مَن عَرَفَ قَدرَهُ وَ کَفَی بِالمَرءِ جَهلًا أَلّا یَعرِفَ قَدرَهُ وَ إِنّ مِن أَبغَضِ الرّجَالِ إِلَی اللّهِ تَعَالَی لَعَبداً وَکَلَهُ اللّهُ إِلَی نَفسِهِ جَائِراً عَن قَصدِ السّبِیلِ سَائِراً بِغَیرِ دَلِیلٍ إِن دعُیِ‌َ إِلَی حَرثِ الدّنیَا عَمِلَ وَ إِن دعُیِ‌َ إِلَی حَرثِ الآخِرَةِ کَسِلَ کَأَنّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَیهِ وَ کَأَنّ مَا وَنَی فِیهِ سَاقِطٌ عَنهُ

آخر الزمان

ومنها وَ ذَلِکَ زَمَانٌ لَا یَنجُو فِیهِ إِلّا کُلّ مُؤمِنٍ نُوَمَةٍ إِن شَهِدَ لَم یُعرَف وَ إِن غَابَ لَم یُفتَقَد أُولَئِکَ مَصَابِیحُ الهُدَی وَ أَعلَامُ السّرَی لَیسُوا بِالمَسَایِیحِ وَ لَا المَذَایِیعِ البُذُرِ أُولَئِکَ یَفتَحُ اللّهُ لَهُم أَبوَابَ رَحمَتِهِ وَ یَکشِفُ عَنهُم ضَرّاءَ نِقمَتِهِ

ص 150
أَیّهَا النّاسُ سیَأَتیِ عَلَیکُم زَمَانٌ یُکفَأُ فِیهِ الإِسلَامُ کَمَا یُکفَأُ الإِنَاءُ بِمَا فِیهِ أَیّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ قَد أَعَاذَکُم مِن أَن یَجُورَ عَلَیکُم وَ لَم یُعِذکُم مِن أَن یَبتَلِیَکُم وَ قَد قَالَ جَلّ مِن قَائِلٍإِنّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ وَ إِن کُنّا لَمُبتَلِینَ
-قرآن-239-286
قال السید الشریف الرضی أما قوله ع کل مؤمن نومة فإنما أراد به الخامل الذکر القلیل الشر والمساییح جمع مسیاح و هو ألذی یسیح بین الناس بالفساد والنمائم والمذاییع جمع مذیاع و هو ألذی إذاسمع لغیره بفاحشة أذاعها ونوه بها والبذر جمع بذور و هو ألذی یکثر سفهه ویلغو منطقه
-روایت-1-287

104- و من خطبة له ع

أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ مُحَمّداًص وَ لَیسَ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ یَقرَأُ کِتَاباً وَ لَا یدَعّیِ نُبُوّةً وَ لَا وَحیاً فَقَاتَلَ بِمَن أَطَاعَهُ مَن عَصَاهُ یَسُوقُهُم إِلَی مَنجَاتِهِم وَ یُبَادِرُ بِهِمُ السّاعَةَ أَن تَنزِلَ بِهِم یَحسِرُ الحَسِیرُ وَ یَقِفُ الکَسِیرُ فَیُقِیمُ عَلَیهِ حَتّی یُلحِقَهُ غَایَتَهُ إِلّا هَالِکاً لَا خَیرَ فِیهِ حَتّی أَرَاهُم مَنجَاتَهُم وَ بَوّأَهُم مَحَلّتَهُم فَاستَدَارَت رَحَاهُم وَ استَقَامَت قَنَاتُهُم وَ ایمُ اللّهِ لَقَد کُنتُ مِن سَاقَتِهَا حَتّی تَوَلّت بِحَذَافِیرِهَا وَ استَوسَقَت فِی قِیَادِهَا مَا ضَعُفتُ وَ لَا جَبُنتُ وَ لَا خُنتُ وَ لَا وَهَنتُ وَ ایمُ اللّهِ لَأَبقُرَنّ البَاطِلَ حَتّی أُخرِجَ الحَقّ مِن خَاصِرَتِهِ

ص 151
قال السید الشریف الرضی و قدتقدم مختار هذه الخطبة إلاأننی وجدتها فی هذه الروایة علی خلاف ماسبق من زیادة ونقصان فأوجبت الحال إثباتها ثانیة
-روایت-1-149

105- و من خطبة له ع فی بعض صفات الرسول الکریم وتهدید بنی أمیة وعظة الناس

الرسول الکریم

حَتّی بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص شَهِیداً وَ بَشِیراً وَ نَذِیراً خَیرَ البَرِیّةِ طِفلًا وَ أَنجَبَهَا کَهلًا وَ أَطهَرَ المُطَهّرِینَ شِیمَةً وَ أَجوَدَ المُستَمطَرِینَ دِیمَةً

بنو أمیة

فَمَا احلَولَت لَکُمُ الدّنیَا فِی لَذّتِهَا وَ لَا تَمَکّنتُم مِن رَضَاعِ أَخلَافِهَا إِلّا مِن بَعدِ مَا صَادَفتُمُوهَا جَائِلًا خِطَامُهَا قَلِقاً وَضِینُهَا قَد صَارَ حَرَامُهَا
عِندَ أَقوَامٍ بِمَنزِلَةِ السّدرِ المَخضُودِ وَ حَلَالُهَا بَعِیداً غَیرَ مَوجُودٍ وَ صَادَفتُمُوهَا وَ اللّهِ ظِلّا مَمدُوداً إِلَی أَجلٍ مَعدُودٍ فَالأَرضُ لَکُم شَاغِرَةٌ وَ أَیدِیکُم فِیهَا مَبسُوطَةٌ وَ أیَدیِ القَادَةِ عَنکُم مَکفُوفَةٌ وَ سُیُوفُکُم عَلَیهِم مُسَلّطَةٌ وَ سُیُوفُهُم عَنکُم مَقبُوضَةٌ أَلَا وَ إِنّ لِکُلّ دَمٍ ثَائِراً وَ لِکُلّ حَقّ طَالِباً وَ إِنّ الثّائِرَ فِی دِمَائِنَا کَالحَاکِمِ فِی حَقّ نَفسِهِ وَ هُوَ اللّهُ ألّذِی لَا یُعجِزُهُ مَن طَلَبَ وَ لَا

ص 152
یَفُوتُهُ مَن هَرَبَ فَأُقسِمُ بِاللّهِ یَا بنَیِ أُمَیّةَ عَمّا قَلِیلٍ لَتَعرِفُنّهَا فِی أیَدیِ غَیرِکُم وَ فِی دَارِ عَدُوّکُم أَلَا إِنّ أَبصَرَ الأَبصَارِ مَا نَفَذَ فِی الخَیرِ طَرفُهُ أَلَا إِنّ أَسمَعَ الأَسمَاعِ مَا وَعَی التّذکِیرَ وَ قَبِلَهُ

وعظ الناس

أَیّهَا النّاسُ استَصبِحُوا مِن شُعلَةِ مِصبَاحٍ وَاعِظٍ مُتّعِظٍ وَ امتَاحُوا مِن صَفوِ عَینٍ قَد رُوّقَت مِنَ الکَدَرِ عِبَادَ اللّهِ لَا تَرکَنُوا إِلَی جَهَالَتِکُم وَ لَا تَنقَادُوا لِأَهوَائِکُم فَإِنّ النّازِلَ بِهَذَا المَنزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ یَنقُلُ الرّدَی عَلَی ظَهرِهِ مِن مَوضِعٍ إِلَی مَوضِعٍ لرِأَی‌ٍ یُحدِثُهُ بَعدَ رأَی‌ٍ یُرِیدُ أَن یُلصِقَ مَا لَا یَلتَصِقُ وَ یُقَرّبَ مَا لَا یَتَقَارَبُ فَاللّهَ اللّهَ أَن تَشکُوا إِلَی مَن لَا یشُکیِ شَجوَکُم وَ لَا یَنقُضُ بِرَأیِهِ مَا قَد أَبرَمَ لَکُم إِنّهُ لَیسَ عَلَی الإِمَامِ إِلّا مَا حُمّلَ مِن أَمرِ رَبّهِ الإِبلَاغُ فِی المَوعِظَةِ وَ الِاجتِهَادُ فِی النّصِیحَةِ وَ الإِحیَاءُ لِلسّنّةِ وَ إِقَامَةُ الحُدُودِ عَلَی مُستَحِقّیهَا وَ إِصدَارُ السّهمَانِ عَلَی أَهلِهَا فَبَادِرُوا العِلمَ مِن قَبلِ تَصوِیحِ نَبتِهِ وَ مِن قَبلِ أَن تُشغَلُوا بِأَنفُسِکُم عَن مُستَثَارِ العِلمِ مِن
عِندِ أَهلِهِ وَ انهَوا عَنِ المُنکَرِ وَ تَنَاهَوا عَنهُ فَإِنّمَا أُمِرتُم باِلنهّی‌ِ بَعدَ التنّاَهیِ

ص 153

106- و من خطبة له ع و فیهایبین فضل الإسلام ویذکر الرسول الکریم ثم یلوم أصحابه

دین الإسلام

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی شَرَعَ الإِسلَامَ فَسَهّلَ شَرَائِعَهُ لِمَن وَرَدَهُ وَ أَعَزّ أَرکَانَهُ عَلَی مَن غَالَبَهُ فَجَعَلَهُ أَمناً لِمَن عَلِقَهُ وَ سِلماً لِمَن دَخَلَهُ وَ بُرهَاناً لِمَن تَکَلّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَن خَاصَمَ عَنهُ وَ نُوراً لِمَنِ استَضَاءَ بِهِ وَ فَهماً لِمَن عَقَلَ وَ لُبّاً لِمَن تَدَبّرَ وَ آیَةً لِمَن تَوَسّمَ وَ تَبصِرَةً لِمَن عَزَمَ وَ عِبرَةً لِمَنِ اتّعَظَ وَ نَجَاةً لِمَن صَدّقَ وَ ثِقَةً لِمَن تَوَکّلَ وَ رَاحَةً لِمَن فَوّضَ وَ جُنّةً لِمَن صَبَرَ فَهُوَ أَبلَجُ المَنَاهِجِ وَ أَوضَحُ الوَلَائِجِ مُشرَفُ المَنَارِ مُشرِقُ الجَوَادّ مضُیِ‌ءُ المَصَابِیحِ کَرِیمُ المِضمَارِ رَفِیعُ الغَایَةِ جَامِعُ الحَلبَةِ مُتَنَافِسُ السّبقَةِ شَرِیفُ الفُرسَانِ التّصدِیقُ مِنهَاجُهُ وَ الصّالِحَاتُ مَنَارُهُ وَ المَوتُ غَایَتُهُ وَ الدّنیَا مِضمَارُهُ وَ القِیَامَةُ حَلبَتُهُ وَ الجَنّةُ سُبقَتُهُ

ومنها فی ذکر النبی ص

حَتّی أَورَی قَبَساً لِقَابِسٍ وَ أَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ فَهُوَ أَمِینُکَ المَأمُونُ وَ شَهِیدُکَ یَومَ الدّینِ وَ بَعِیثُکَ نِعمَةً

ص 154
وَ رَسُولُکَ بِالحَقّ رَحمَةً أللّهُمّ اقسِم لَهُ مَقسَماً مِن عَدلِکَ وَ اجزِهِ مُضَعّفَاتِ الخَیرِ مِن فَضلِکَ أللّهُمّ أَعلِ عَلَی بِنَاءِ البَانِینَ بِنَاءَهُ وَ أَکرِم لَدَیکَ نُزُلَهُ وَ شَرّف عِندَکَ مَنزِلَهُ وَ آتِهِ الوَسِیلَةَ وَ أَعطِهِ السّنَاءَ وَ الفَضِیلَةَ وَ احشُرنَا فِی زُمرَتِهِ غَیرَ خَزَایَا وَ لَا نَادِمِینَ وَ لَا نَاکِبِینَ وَ لَا نَاکِثِینَ وَ لَا ضَالّینَ وَ لَا مُضِلّینَ وَ لَا مَفتُونِینَ
قال الشریف و قدمضی هذاالکلام فیما تقدم إلاأننا کررناه هاهنا لما فی الروایتین من الاختلاف
-روایت-1-98

ومنها فی خطاب أصحابه

وَ قَد بَلَغتُم مِن کَرَامَةِ اللّهِ تَعَالَی لَکُم مَنزِلَةً تُکرَمُ بِهَا إِمَاؤُکُم وَ تُوصَلُ بِهَا جِیرَانُکُم وَ یُعَظّمُکُم مَن لَا فَضلَ لَکُم عَلَیهِ وَ لَا یَدَ لَکُم عِندَهُ وَ یَهَابُکُم مَن لَا یَخَافُ لَکُم سَطوَةً وَ لَا لَکُم عَلَیهِ إِمرَةٌ وَ قَد تَرَونَ عُهُودَ اللّهِ مَنقُوضَةً فَلَا تَغضَبُونَ وَ أَنتُم لِنَقضِ ذِمَمِ آبَائِکُم تَأنَفُونَ وَ کَانَت أُمُورُ اللّهِ عَلَیکُم تَرِدُ وَ عَنکُم تَصدُرُ وَ إِلَیکُم تَرجِعُ فَمَکّنتُمُ الظّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِکُم وَ أَلقَیتُم إِلَیهِم أَزِمّتَکُم وَ أَسلَمتُم أُمُورَ اللّهِ فِی أَیدِیهِم یَعمَلُونَ بِالشّبُهَاتِ وَ یَسِیرُونَ فِی الشّهَوَاتِ وَ ایمُ اللّهِ لَو فَرّقُوکُم تَحتَ کُلّ کَوکَبٍ لَجَمَعَکُمُ اللّهُ لِشَرّ یَومٍ لَهُم

ص 155

107- و من کلام له ع فی بعض أیام صفین

وَ قَد رَأَیتُ جَولَتَکُم وَ انحِیَازَکُم عَن صُفُوفِکُم تَحُوزُکُمُ الجُفَاةُ الطّغَامُ وَ أَعرَابُ أَهلِ الشّامِ وَ أَنتُم لَهَامِیمُ العَرَبِ وَ یَآفِیخُ الشّرَفِ وَ الأَنفُ المُقَدّمُ وَ السّنَامُ الأَعظَمُ وَ لَقَد شَفَی وَحَاوِحَ صدَریِ أَن رَأَیتُکُم بِأَخَرَةٍ تَحُوزُونَهُم کَمَا حَازُوکُم وَ تُزِیلُونَهُم عَن مَوَاقِفِهِم کَمَا أَزَالُوکُم حَسّاً بِالنّصَالِ وَ شَجراً بِالرّمَاحِ تَرکَبُ أُولَاهُم أُخرَاهُم کَالإِبِلِ الهِیمِ المَطرُودَةِ تُرمَی عَن حِیَاضِهَا وَ تُذَادُ عَن مَوَارِدِهَا

108- و من خطبة له ع وهی من خطب الملاحم

اللّه تعالی

الحَمدُ لِلّهِ المتُجَلَیّ لِخَلقِهِ بِخَلقِهِ وَ الظّاهِرِ لِقُلُوبِهِم بِحُجّتِهِ خَلَقَ الخَلقَ مِن غَیرِ رَوِیّةٍ إِذ کَانَتِ الرّوِیّاتُ لَا تَلِیقُ إِلّا بذِوَیِ الضّمَائِرِ وَ لَیسَ بذِیِ ضَمِیرٍ فِی نَفسِهِ خَرَقَ عِلمُهُ بَاطِنَ غَیبِ السّتُرَاتِ وَ أَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السّرِیرَاتِ

ص 156

وَ مِنهَا فِی ذِکرِ النّبِیّص

اختَارَهُ مِن شَجَرَةِ الأَنبِیَاءِ وَ مِشکَاةِ الضّیَاءِ وَ ذُؤَابَةِ العَلیَاءِ وَ سُرّةِ البَطحَاءِ وَ مَصَابِیحِ الظّلمَةِ وَ یَنَابِیعِ الحِکمَةِ

فتنة بنی أمیة

ومنهاطَبِیبٌ دَوّارٌ بِطِبّهِ قَد أَحکَمَ مَرَاهِمَهُ وَ أَحمَی مَوَاسِمَهُ یَضَعُ ذَلِکَ حَیثُ الحَاجَةُ إِلَیهِ مِن قُلُوبٍ عمُی‌ٍ وَ آذَانٍ صُمّ وَ أَلسِنَةٍ بُکمٍ مُتَتَبّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الغَفلَةِ وَ مَوَاطِنَ الحَیرَةِ لَم یَستَضِیئُوا بِأَضوَاءِ الحِکمَةِ وَ لَم یَقدَحُوا بِزِنَادِ العُلُومِ الثّاقِبَةِ فَهُم فِی ذَلِکَ کَالأَنعَامِ السّائِمَةِ وَ الصّخُورِ القَاسِیَةِ قَدِ انجَابَتِ السّرَائِرُ لِأَهلِ البَصَائِرِ وَ وَضَحَت مَحَجّةُ الحَقّ لِخَابِطِهَا وَ أَسفَرَتِ السّاعَةُ عَن وَجهِهَا وَ ظَهَرَتِ العَلَامَةُ لِمُتَوَسّمِهَا مَا لِی أَرَاکُم أَشبَاحاً بِلَا أَروَاحٍ وَ أَروَاحاً بِلَا أَشبَاحٍ وَ نُسّاکاً بِلَا صَلَاحٍ وَ تُجّاراً بِلَا أَربَاحٍ وَ أَیقَاظاً نُوّماً وَ شُهُوداً غُیّباً وَ نَاظِرَةً عَمیَاءَ وَ سَامِعَةً صَمّاءَ وَ نَاطِقَةً بَکمَاءَ رَایَةُ ضَلَالٍ قَد قَامَت عَلَی قُطبِهَا وَ تَفَرّقَت بِشُعَبِهَا تَکِیلُکُم بِصَاعِهَا وَ تَخبِطُکُم بِبَاعِهَا قَائِدُهَا خَارِجٌ مِنَ المِلّةِ قَائِمٌ عَلَی الضّلّةِ

ص 157
فَلَا یَبقَی یَومَئِذٍ مِنکُم إِلّا ثُفَالَةٌ کَثُفَالَةِ القِدرِ أَو نُفَاضَةٌ کَنُفَاضَةِ العِکمِ تَعرُکُکُم عَرکَ الأَدِیمِ وَ تَدُوسُکُم دَوسَ الحَصِیدِ وَ تَستَخلِصُ المُؤمِنَ مِن بَینِکُمُ استِخلَاصَ الطّیرِ الحَبّةَ البَطِینَةَ مِن بَینِ هَزِیلِ الحَبّ أَینَ تَذهَبُ بِکُمُ المَذَاهِبُ وَ تَتِیهُ بِکُمُ الغَیَاهِبُ وَ تَخدَعُکُمُ الکَوَاذِبُ وَ مِن أَینَ تُؤتَونَ وَ أَنّی تُؤفَکُونَ فَلِکُلّ أَجَلٍ کِتابٌ وَ لِکُلّ غَیبَةٍ إِیَابٌ فَاستَمِعُوا مِن رَبّانِیّکُم وَ أَحضِرُوهُ قُلُوبَکُم وَ استَیقِظُوا إِن هَتَفَ بِکُم وَ لیَصدُق رَائِدٌ أَهلَهُ وَ لیَجمَع شَملَهُ وَ لیُحضِر ذِهنَهُ فَلَقَد فَلَقَ لَکُمُ الأَمرَ فَلقَ الخَرَزَةِ وَ قَرَفَهُ قَرفَ الصّمغَةِ فَعِندَ ذَلِکَ أَخَذَ البَاطِلُ مَآخِذَهُ وَ رَکِبَ الجَهلُ مَرَاکِبَهُ وَ عَظُمَتِ الطّاغِیَةُ وَ قَلّتِ الدّاعِیَةُ وَ صَالَ الدّهرُ صِیَالَ السّبُعِ العَقُورِ وَ هَدَرَ فَنِیقُ البَاطِلِ بَعدَ کُظُومٍ وَ تَوَاخَی النّاسُ عَلَی الفُجُورِ وَ تَهَاجَرُوا عَلَی الدّینِ وَ تَحَابّوا عَلَی الکَذِبِ وَ تَبَاغَضُوا عَلَی الصّدقِ فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ کَانَ الوَلَدُ غَیظاً وَ المَطَرُ قَیظاً وَ تَفِیضُ اللّئَامُ فَیضاً وَ تَغِیضُ الکِرَامُ غَیضاً وَ کَانَ أَهلُ ذَلِکَ الزّمَانِ ذِئَاباً وَ سَلَاطِینُهُ سِبَاعاً وَ أَوسَاطُهُ أُکّالًا وَ فُقَرَاؤُهُ أَموَاتاً وَ غَارَ الصّدقُ وَ فَاضَ الکَذِبُ وَ استُعمِلَتِ المَوَدّةُ بِاللّسَانِ وَ تَشَاجَرَ النّاسُ بِالقُلُوبِ وَ صَارَ الفُسُوقُ نَسَباً وَ العَفَافُ عَجَباً وَ لُبِسَ
-قرآن-395-414
ص 158
الإِسلَامُ لُبسَ الفَروِ مَقلُوباً

109- و من خطبة له ع فی بیان قدرة اللّه وانفراده بالعظمة وأمر البعث

قدرة اللّه

کُلّ شَیءٍ خَاشِعٌ لَهُ وَ کُلّ شَیءٍ قَائِمٌ بِهِ غِنَی کُلّ فَقِیرٍ وَ عِزّ کُلّ ذَلِیلٍ وَ قُوّةُ کُلّ ضَعِیفٍ وَ مَفزَعُ کُلّ مَلهُوفٍ مَن تَکَلّمَ سَمِعَ نُطقَهُ وَ مَن سَکَتَ عَلِمَ سِرّهُ وَ مَن عَاشَ فَعَلَیهِ رِزقُهُ وَ مَن مَاتَ فَإِلَیهِ مُنقَلَبُهُ لَم تَرَکَ العُیُونُ فَتُخبِرَ عَنکَ بَل کُنتَ قَبلَ الوَاصِفِینَ مِن خَلقِکَ لَم تَخلُقِ الخَلقَ لِوَحشَةٍ وَ لَا استَعمَلتَهُم لِمَنفَعَةٍ وَ لَا یَسبِقُکَ مَن طَلَبتَ وَ لَا یُفلِتُکَ مَن أَخَذتَ وَ لَا یَنقُصُ سُلطَانَکَ مَن عَصَاکَ وَ لَا یَزِیدُ فِی مُلکِکَ مَن أَطَاعَکَ وَ لَا یَرُدّ أَمرَکَ مَن سَخِطَ قَضَاءَکَ وَ لَا یسَتغَنیِ عَنکَ مَن تَوَلّی عَن أَمرِکَ کُلّ سِرّ عِندَکَ عَلَانِیَةٌ وَ کُلّ غَیبٍ عِندَکَ شَهَادَةٌ أَنتَ الأَبَدُ فَلَا أَمَدَ لَکَ وَ أَنتَ المُنتَهَی فَلَا مَحِیصَ عَنکَ وَ أَنتَ المَوعِدُ فَلَا مَنجَی مِنکَ إِلّا إِلَیکَ بِیَدِکَ نَاصِیَةُ کُلّ دَابّةٍ وَ إِلَیکَ مَصِیرُ کُلّ نَسَمَةٍ سُبحَانَکَ مَا أَعظَمَ شَأنَکَ سُبحَانَکَ مَا أَعظَمَ مَا نَرَی مِن خَلقِکَ وَ مَا أَصغَرَ کُلّ عَظِیمَةٍ فِی جَنبِ قُدرَتِکَ وَ مَا أَهوَلَ مَا نَرَی مِن

ص 159
مَلَکُوتِکَ وَ مَا أَحقَرَ ذَلِکَ فِیمَا غَابَ عَنّا مِن سُلطَانِکَ وَ مَا أَسبَغَ نِعَمَکَ فِی الدّنیَا وَ مَا أَصغَرَهَا فِی نِعَمِ الآخِرَةِ

الملائکة الکرام

ومنها مِن مَلَائِکَةٍ أَسکَنتَهُم سَمَاوَاتِکَ وَ رَفَعتَهُم عَن أَرضِکَ هُم أَعلَمُ خَلقِکَ بِکَ وَ أَخوَفُهُم لَکَ وَ أَقرَبُهُم مِنکَ لَم یَسکُنُوا الأَصلَابَ وَ لَم یُضَمّنُوا الأَرحَامَ وَ لَم یُخلَقُوا مِن مَاءٍ مَهِینٍ وَ لَم یَتَشَعّبهُم رَیبُ المَنُونِ وَ إِنّهُم عَلَی مَکَانِهِم مِنکَ وَ مَنزِلَتِهِم عِندَکَ وَ استِجمَاعِ أَهوَائِهِم فِیکَ وَ کَثرَةِ طَاعَتِهِم لَکَ وَ قِلّةِ غَفلَتِهِم عَن أَمرِکَ لَو عَایَنُوا کُنهَ مَا خفَیِ‌َ عَلَیهِم مِنکَ لَحَقّرُوا أَعمَالَهُم وَ لَزَرَوا عَلَی أَنفُسِهِم وَ لَعَرَفُوا أَنّهُم لَم یَعبُدُوکَ حَقّ عِبَادَتِکَ وَ لَم یُطِیعُوکَ حَقّ طَاعَتِکَ

عصیان الخلق

سُبحَانَکَ خَالِقاً وَ مَعبُوداً بِحُسنِ بَلَائِکَ
عِندَ خَلقِکَ خَلَقتَ دَاراً وَ جَعَلتَ فِیهَا مَأدُبَةً مَشرَباً وَ مَطعَماً وَ أَزوَاجاً وَ خَدَماً وَ قُصُوراً وَ أَنهَاراً وَ زُرُوعاً وَ ثِمَاراً ثُمّ أَرسَلتَ دَاعِیاً یَدعُو إِلَیهَا فَلَا الداّعیِ‌َ أَجَابُوا وَ لَا فِیمَا رَغّبتَ رَغِبُوا وَ لَا إِلَی مَا شَوّقتَ إِلَیهِ اشتَاقُوا أَقبَلُوا عَلَی جِیفَةٍ قَدِ افتَضَحُوا بِأَکلِهَا وَ اصطَلَحُوا عَلَی

ص 160
حُبّهَا وَ مَن عَشِقَ شَیئاً أَعشَی بَصَرَهُ وَ أَمرَضَ قَلبَهُ فَهُوَ یَنظُرُ بِعَینٍ غَیرِ صَحِیحَةٍ وَ یَسمَعُ بِأُذُنٍ غَیرِ سَمِیعَةٍ قَد خَرَقَتِ الشّهَوَاتُ عَقلَهُ وَ أَمَاتَتِ الدّنیَا قَلبَهُ وَ وَلِهَت عَلَیهَا نَفسُهُ فَهُوَ عَبدٌ لَهَا وَ لِمَن فِی یَدَیهِ شَیءٌ مِنهَا حَیثُمَا زَالَت زَالَ إِلَیهَا وَ حَیثُمَا أَقبَلَت أَقبَلَ عَلَیهَا لَا یَنزَجِرُ مِنَ اللّهِ بِزَاجِرٍ وَ لَا یَتّعِظُ مِنهُ بِوَاعِظٍ وَ هُوَ یَرَی المَأخُوذِینَ عَلَی الغِرّةِ حَیثُ لَا إِقَالَةَ وَ لَا رَجعَةَ کَیفَ نَزَلَ بِهِم مَا کَانُوا یَجهَلُونَ وَ جَاءَهُم مِن فِرَاقِ الدّنیَا مَا کَانُوا یَأمَنُونَ وَ قَدِمُوا مِنَ الآخِرَةِ عَلَی مَا کَانُوا یُوعَدُونَ فَغَیرُ مَوصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِم اجتَمَعَت عَلَیهِم سَکرَةُ المَوتِ وَ حَسرَةُ الفَوتِ فَفَتَرَت لَهَا أَطرَافُهُم وَ تَغَیّرَت لَهَا أَلوَانُهُم ثُمّ ازدَادَ المَوتُ فِیهِم وُلُوجاً فَحِیلَ بَینَ أَحَدِهِم وَ بَینَ مَنطِقِهِ وَ إِنّهُ لَبَینَ أَهلِهِ یَنظُرُ بِبَصَرِهِ وَ یَسمَعُ بِأُذُنِهِ عَلَی صِحّةٍ مِن عَقلِهِ وَ بَقَاءٍ مِن لُبّهِ یُفَکّرُ فِیمَ أَفنَی عُمُرَهُ وَ فِیمَ أَذهَبَ دَهرَهُ وَ یَتَذَکّرُ أَموَالًا جَمَعَهَا أَغمَضَ فِی مَطَالِبِهَا وَ أَخَذَهَا مِن مُصَرّحَاتِهَا وَ مُشتَبِهَاتِهَا قَد لَزِمَتهُ تَبِعَاتُ جَمعِهَا وَ أَشرَفَ عَلَی فِرَاقِهَا تَبقَی لِمَن وَرَاءَهُ یَنعَمُونَ فِیهَا وَ یَتَمَتّعُونَ بِهَا فَیَکُونُ المَهنَأُ لِغَیرِهِ وَ العبِ ءُ عَلَی ظَهرِهِ وَ المَرءُ قَد غَلِقَت رُهُونُهُ بِهَا فَهُوَ یَعَضّ یَدَهُ نَدَامَةً عَلَی مَا أَصحَرَ لَهُ
عِندَ المَوتِ مِن أَمرِهِ وَ یَزهَدُ فِیمَا کَانَ یَرغَبُ فِیهِ أَیّامَ عُمُرِهِ وَ یَتَمَنّی أَنّ
ص 161
ألّذِی کَانَ یَغبِطُهُ بِهَا وَ یَحسُدُهُ عَلَیهَا قَد حَازَهَا دُونَهُ فَلَم یَزَلِ المَوتُ یُبَالِغُ فِی جَسَدِهِ حَتّی خَالَطَ لِسَانُهُ سَمعَهُ فَصَارَ بَینَ أَهلِهِ لَا یَنطِقُ بِلِسَانِهِ وَ لَا یَسمَعُ بِسَمعِهِ یُرَدّدُ طَرفَهُ بِالنّظَرِ فِی وُجُوهِهِم یَرَی حَرَکَاتِ أَلسِنَتِهِم وَ لَا یَسمَعُ رَجعَ کَلَامِهِم ثُمّ ازدَادَ المَوتُ التِیَاطاً بِهِ فَقُبِضَ بَصَرُهُ کَمَا قُبِضَ سَمعُهُ وَ خَرَجَتِ الرّوحُ مِن جَسَدِهِ فَصَارَ جِیفَةً بَینَ أَهلِهِ قَد أَوحَشُوا مِن جَانِبِهِ وَ تَبَاعَدُوا مِن قُربِهِ لَا یُسعِدُ بَاکِیاً وَ لَا یُجِیبُ دَاعِیاً ثُمّ حَمَلُوهُ إِلَی مَخَطّ فِی الأَرضِ فَأَسلَمُوهُ فِیهِ إِلَی عَمَلِهِ وَ انقَطَعُوا عَن زَورَتِهِ

القیامة

حَتّی إِذَا بَلَغَ الکِتَابُ أَجَلَهُ وَ الأَمرُ مَقَادِیرَهُ وَ أُلحِقَ آخِرُ الخَلقِ بِأَوّلِهِ وَ جَاءَ مِن أَمرِ اللّهِ مَا یُرِیدُهُ مِن تَجدِیدِ خَلقِهِ أَمَادَ السّمَاءَ وَ فَطَرَهَا وَ أَرَجّ الأَرضَ وَ أَرجَفَهَا وَ قَلَعَ جِبَالَهَا وَ نَسَفَهَا وَ دَکّ بَعضُهَا بَعضاً مِن هَیبَةِ جَلَالَتِهِ وَ مَخُوفِ سَطوَتِهِ وَ أَخرَجَ مَن فِیهَا فَجَدّدَهُم بَعدَ إِخلَاقِهِم وَ جَمَعَهُم بَعدَ تَفَرّقِهِم ثُمّ مَیّزَهُم لِمَا یُرِیدُهُ مِن مَسأَلَتِهِم عَن خَفَایَا الأَعمَالِ وَ خَبَایَا الأَفعَالِ وَ جَعَلَهُم فَرِیقَینِ أَنعَمَ عَلَی هَؤُلَاءِ وَ انتَقَمَ مِن هَؤُلَاءِ فَأَمّا أَهلُ الطّاعَةِ فَأَثَابَهُم بِجِوَارِهِ وَ خَلّدَهُم فِی دَارِهِ حَیثُ لَا یَظعَنُ النّزّالُ وَ لَا تَتَغَیّرُ بِهِمُ

ص 162
الحَالُ وَ لَا تَنُوبُهُمُ الأَفزَاعُ وَ لَا تَنَالُهُمُ الأَسقَامُ وَ لَا تَعرِضُ لَهُمُ الأَخطَارُ وَ لَا تُشخِصُهُمُ الأَسفَارُ وَ أَمّا أَهلُ المَعصِیَةِ فَأَنزَلَهُم شَرّ دَارٍ وَ غَلّ الأیَدیِ‌َ إِلَی الأَعنَاقِ وَ قَرَنَ النوّاَصیِ‌َ بِالأَقدَامِ وَ أَلبَسَهُم سَرَابِیلَ القَطِرَانِ وَ مُقَطّعَاتِ النّیرَانِ فِی عَذَابٍ قَدِ اشتَدّ حَرّهُ وَ بَابٍ قَد أُطبِقَ عَلَی أَهلِهِ فِی نَارٍ لَهَا کَلَبٌ وَ لَجَبٌ وَ لَهَبٌ سَاطِعٌ وَ قَصِیفٌ هَائِلٌ لَا یَظعَنُ مُقِیمُهَا وَ لَا یُفَادَی أَسِیرُهَا وَ لَا تُفصَمُ کُبُولُهَا لَا مُدّةَ لِلدّارِ فَتَفنَی وَ لَا أَجَلَ لِلقَومِ فَیُقضَی

زهد النبی

ومنها فی ذکر النبی ص
قَد حَقّرَ الدّنیَا وَ صَغّرَهَا وَ أَهوَنَ بِهَا وَ هَوّنَهَا وَ عَلِمَ أَنّ اللّهَ زَوَاهَا عَنهُ اختِیَاراً وَ بَسَطَهَا لِغَیرِهِ احتِقَاراً فَأَعرَضَ عَنِ الدّنیَا بِقَلبِهِ وَ أَمَاتَ ذِکرَهَا عَن نَفسِهِ وَ أَحَبّ أَن تَغِیبَ زِینَتُهَا عَن عَینِهِ لِکَیلَا یَتّخِذَ مِنهَا رِیَاشاً أَو یَرجُوَ فِیهَا مَقَاماً بَلّغَ عَن رَبّهِ مُعذِراً وَ نَصَحَ لِأُمّتِهِ مُنذِراً وَ دَعَا إِلَی الجَنّةِ مُبَشّراً وَ خَوّفَ مِنَ النّارِ مُحَذّراً

أهل البیت

نَحنُ شَجَرَةُ النّبُوّةِ وَ مَحَطّ الرّسَالَةِ وَ مُختَلَفُ المَلَائِکَةِ

ص 163
وَ مَعَادِنُ العِلمِ وَ یَنَابِیعُ الحُکمِ نَاصِرُنَا وَ مُحِبّنَا یَنتَظِرُ الرّحمَةَ وَ عَدُوّنَا وَ مُبغِضُنَا یَنتَظِرُ السّطوَةَ

110- و من خطبة له ع فی أرکان الدین

الإسلام

إِنّ أَفضَلَ مَا تَوَسّلَ بِهِ المُتَوَسّلُونَ إِلَی اللّهِ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی الإِیمَانُ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ الجِهَادُ فِی سَبِیلِهِ فَإِنّهُ ذِروَةُ الإِسلَامِ وَ کَلِمَةُ الإِخلَاصِ فَإِنّهَا الفِطرَةُ وَ إِقَامُ الصّلَاةِ فَإِنّهَا المِلّةُ وَ إِیتَاءُ الزّکَاةِ فَإِنّهَا فَرِیضَةٌ وَاجِبَةٌ وَ صَومُ شَهرِ رَمَضَانَ فَإِنّهُ جُنّةٌ مِنَ العِقَابِ وَ حَجّ البَیتِ وَ اعتِمَارُهُ فَإِنّهُمَا یَنفِیَانِ الفَقرَ وَ یَرحَضَانِ الذّنبَ وَ صِلَةُ الرّحِمِ فَإِنّهَا مَثرَاةٌ فِی المَالِ وَ مَنسَأَةٌ فِی الأَجَلِ وَ صَدَقَةُ السّرّ فَإِنّهَا تُکَفّرُ الخَطِیئَةَ وَ صَدَقَةُ العَلَانِیَةِ فَإِنّهَا تَدفَعُ مِیتَةَ السّوءِ وَ صَنَائِعُ المَعرُوفِ فَإِنّهَا تقَیِ مَصَارِعَ الهَوَانِ أَفِیضُوا فِی ذِکرِ اللّهِ فَإِنّهُ أَحسَنُ الذّکرِ وَ ارغَبُوا فِیمَا وَعَدَ المُتّقِینَ فَإِنّ وَعدَهُ أَصدَقُ الوَعدِ وَ اقتَدُوا بهِدَی‌ِ نَبِیّکُم فَإِنّهُ أَفضَلُ الهدَی‌ِ وَ استَنّوا بِسُنّتِهِ فَإِنّهَا أَهدَی السّنَنِ

ص 164

فضل القرآن

وَ تَعَلّمُوا القُرآنَ فَإِنّهُ أَحسَنُ الحَدِیثِ وَ تَفَقّهُوا فِیهِ فَإِنّهُ رَبِیعُ القُلُوبِ وَ استَشفُوا بِنُورِهِ فَإِنّهُ شِفَاءُ الصّدُورِ وَ أَحسِنُوا تِلَاوَتَهُ فَإِنّهُ أَنفَعُ القَصَصِ وَ إِنّ العَالِمَ العَامِلَ بِغَیرِ عِلمِهِ کَالجَاهِلِ الحَائِرِ ألّذِی لَا یَستَفِیقُ مِن جَهلِهِ بَلِ الحُجّةُ عَلَیهِ أَعظَمُ وَ الحَسرَةُ لَهُ أَلزَمُ وَ هُوَ
عِندَ اللّهِ أَلوَمُ

111- و من خطبة له ع فی ذم الدنیا

أَمّا بَعدُ فإَنِیّ أُحَذّرُکُمُ الدّنیَا فَإِنّهَا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ حُفّت بِالشّهَوَاتِ وَ تَحَبّبَت بِالعَاجِلَةِ وَ رَاقَت بِالقَلِیلِ وَ تَحَلّت بِالآمَالِ وَ تَزَیّنَت بِالغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبرَتُهَا وَ لَا تُؤمَنُ فَجعَتُهَا غَرّارَةٌ ضَرّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ أَکّالَةٌ غَوّالَةٌ لَا تَعدُو إِذَا تَنَاهَت إِلَی أُمنِیّةِ أَهلِ الرّغبَةِ فِیهَا وَ الرّضَاءِ بِهَا أَن تَکُونَ کَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَی سُبحَانَهُکَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشِیماً تَذرُوهُ الرّیاحُ وَ کانَ اللّهُ عَلی کُلّ شَیءٍ مُقتَدِراً لَم یَکُنِ امرُؤٌ مِنهَا فِی حَبرَةٍ إِلّا أَعقَبَتهُ بَعدَهَا عَبرَةً وَ لَم یَلقَ فِی سَرّائِهَا بَطناً إِلّا مَنَحَتهُ مِن ضَرّائِهَا ظَهراً
-قرآن-450-590

ص 165
وَ لَم تَطُلّهُ فِیهَا دِیمَةُ رَخَاءٍ إِلّا هَتَنَت عَلَیهِ مُزنَةُ بَلَاءٍ وَ حرَیِ‌ّ إِذَا أَصبَحَت لَهُ مُنتَصِرَةً أَن تمُسیِ‌َ لَهُ مُتَنَکّرَةً وَ إِن جَانِبٌ مِنهَا اعذَوذَبَ وَ احلَولَی أَمَرّ مِنهَا جَانِبٌ فَأَوبَی لَا یَنَالُ امرُؤٌ مِن غَضَارَتِهَا رَغَباً إِلّا أَرهَقَتهُ مِن نَوَائِبِهَا تَعَباً وَ لَا یمُسیِ مِنهَا فِی جَنَاحِ أَمنٍ إِلّا أَصبَحَ عَلَی قَوَادِمِ خَوفٍ غَرّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِیهَا فَانِیَةٌ فَانٍ مَن عَلَیهَا لَا خَیرَ فِی شَیءٍ مِن أَزوَادِهَا إِلّا التّقوَی مَن أَقَلّ مِنهَا استَکثَرَ مِمّا یُؤمِنُهُ وَ مَنِ استَکثَرَ مِنهَا استَکثَرَ مِمّا یُوبِقُهُ وَ زَالَ عَمّا قَلِیلٍ عَنهُ کَم مِن وَاثِقٍ بِهَا قَد فَجَعَتهُ وَ ذیِ طُمَأنِینَةٍ إِلَیهَا قَد صَرَعَتهُ وَ ذیِ أُبّهَةٍ قَد جَعَلَتهُ حَقِیراً وَ ذیِ نَخوَةٍ قَد رَدّتهُ ذَلِیلًا سُلطَانُهَا دُوّلٌ وَ عَیشُهَا رَنِقٌ وَ عَذبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلوُهَا صَبِرٌ وَ غِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَ أَسبَابُهَا رِمَامٌ حَیّهَا بِعَرَضِ مَوتٍ وَ صَحِیحُهَا بِعَرَضِ سُقمٍ مُلکُهَا مَسلُوبٌ وَ عَزِیزُهَا مَغلُوبٌ وَ مَوفُورُهَا مَنکُوبٌ وَ جَارُهَا مَحرُوبٌ أَ لَستُم فِی مَسَاکِنِ مَن کَانَ قَبلَکُم أَطوَلَ أَعمَاراً وَ أَبقَی آثَاراً وَ أَبعَدَ آمَالًا وَ أَعَدّ عَدِیداً وَ أَکثَفَ جُنُوداً تَعَبّدُوا لِلدّنیَا أَیّ تَعَبّدٍ وَ آثَرُوهَا أَیّ إِیثَارٍ ثُمّ ظَعَنُوا عَنهَا بِغَیرِ زَادٍ مُبَلّغٍ وَ لَا ظَهرٍ قَاطِعٍ فَهَل بَلَغَکُم أَنّ الدّنیَا سَخَت لَهُم نَفساً بِفِدیَةٍ أَو أَعَانَتهُم بِمَعُونَةٍ أَو أَحسَنَت لَهُم
ص 166
صُحبَةً بَل أَرهَقَتهُم بِالقَوَادِحِ وَ أَوهَقَتهُم بِالقَوَارِعِ وَ ضَعضَعَتهُم بِالنّوَائِبِ وَ عَفّرَتهُم لِلمَنَاخِرِ وَ وَطِئَتهُم بِالمَنَاسِمِ وَ أَعَانَت عَلَیهِم رَیبَ المَنُونِ فَقَد رَأَیتُم تَنَکّرَهَا لِمَن دَانَ لَهَا وَ آثَرَهَا وَ أَخلَدَ إِلَیهَا حِینَ ظَعَنُوا عَنهَا لِفِرَاقِ الأَبَدِ وَ هَل زَوّدَتهُم إِلّا السّغَبَ أَو أَحَلّتهُم إِلّا الضّنکَ أَو نَوّرَت لَهُم إِلّا الظّلمَةَ أَو أَعقَبَتهُم إِلّا النّدَامَةَ أَ فَهَذِهِ تُؤثِرُونَ أَم إِلَیهَا تَطمَئِنّونَ أَم عَلَیهَا تَحرِصُونَ فَبِئسَتِ الدّارُ لِمَن لَم یَتّهِمهَا وَ لَم یَکُن فِیهَا عَلَی وَجَلٍ مِنهَا فَاعلَمُوا وَ أَنتُم تَعلَمُونَ بِأَنّکُم تَارِکُوهَا وَ ظَاعِنُونَ عَنهَا وَ اتّعِظُوا فِیهَا بِالّذِینَ قَالُوامَن أَشَدّ مِنّا قُوّةًحُمِلُوا إِلَی قُبُورِهِم فَلَا یُدعَونَ رُکبَاناً وَ أُنزِلُوا الأَجدَاثَ فَلَا یُدعَونَ ضِیفَاناً وَ جُعِلَ لَهُم مِنَ الصّفِیحِ أَجنَانٌ وَ مِنَ التّرَابِ أَکفَانٌ وَ مِنَ الرّفَاتِ جِیرَانٌ فَهُم جِیرَةٌ لَا یُجِیبُونَ دَاعِیاً وَ لَا یَمنَعُونَ ضَیماً وَ لَا یُبَالُونَ مَندَبَةً إِن جِیدُوا لَم یَفرَحُوا وَ إِن قُحِطُوا لَم یَقنَطُوا جَمِیعٌ وَ هُم آحَادٌ وَ جِیرَةٌ وَ هُم أَبعَادٌ مُتَدَانُونَ لَا یَتَزَاوَرُونَ وَ قَرِیبُونَ لَا یَتَقَارَبُونَ حُلَمَاءُ قَد ذَهَبَت أَضغَانُهُم وَ جُهَلَاءُ قَد مَاتَت أَحقَادُهُم لَا یُخشَی فَجعُهُم وَ لَا یُرجَی دَفعُهُم استَبدَلُوا بِظَهرِ الأَرضِ بَطناً وَ بِالسّعَةِ ضِیقاً وَ بِالأَهلِ غُربَةً وَ بِالنّورِ ظُلمَةً فَجَاءُوهَا کَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً
-قرآن-702-724
ص 167
قَد ظَعَنُوا عَنهَا بِأَعمَالِهِم إِلَی الحَیَاةِ الدّائِمَةِ وَ الدّارِ البَاقِیَةِ کَمَا قَالَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَیکَما بَدَأنا أَوّلَ خَلقٍ نُعِیدُهُ وَعداً عَلَینا إِنّا کُنّا فاعِلِینَ
-قرآن-120-191

112- و من خطبة له ع ذکر فیهاملک الموت وتوفیة النفس وعجز الخلق عن وصف اللّه

هَل تُحِسّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنزِلًا أَم هَل تَرَاهُ إِذَا تَوَفّی أَحَداً بَل کَیفَ یَتَوَفّی الجَنِینَ فِی بَطنِ أُمّهِ أَ یَلِجُ عَلَیهِ مِن بَعضِ جَوَارِحِهَا أَم الرّوحُ أَجَابَتهُ بِإِذنِ رَبّهَا أَم هُوَ سَاکِنٌ مَعَهُ فِی أَحشَائِهَا کَیفَ یَصِفُ إِلَهَهُ مَن یَعجَزُ عَن صِفَةِ مَخلُوقٍ مِثلِهِ

113- و من خطبة له ع فی ذم الدنیا

وَ أُحَذّرُکُمُ الدّنیَا فَإِنّهَا مَنزِلُ قُلعَةٍ وَ لَیسَت بِدَارِ نُجعَةٍ قَد تَزَیّنَت بِغُرُورِهَا وَ غَرّت بِزِینَتِهَا دَارُهَا هَانَت عَلَی رَبّهَا فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا وَ خَیرَهَا بِشَرّهَا وَ حَیَاتَهَا بِمَوتِهَا وَ حُلوَهَا بِمُرّهَا لَم یُصفِهَا اللّهُ تَعَالَی لِأَولِیَائِهِ وَ لَم یَضِنّ بِهَا عَلَی أَعدَائِهِ خَیرُهَا

ص 168
زَهِیدٌ وَ شَرّهَا عَتِیدٌ وَ جَمعُهَا یَنفَدُ وَ مُلکُهَا یُسلَبُ وَ عَامِرُهَا یَخرَبُ فَمَا خَیرُ دَارٍ تُنقَضُ نَقضَ البِنَاءِ وَ عُمُرٍ یَفنَی فِیهَا فَنَاءَ الزّادِ وَ مُدّةٍ تَنقَطِعُ انقِطَاعَ السّیرِ اجعَلُوا مَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَیکُم مِن طَلَبِکُم وَ اسأَلُوهُ مِن أَدَاءِ حَقّهِ مَا سَأَلَکُم وَ أَسمِعُوا دَعوَةَ المَوتِ آذَانَکُم قَبلَ أَن یُدعَی بِکُم إِنّ الزّاهِدِینَ فِی الدّنیَا تبَکیِ قُلُوبُهُم وَ إِن ضَحِکُوا وَ یَشتَدّ حُزنُهُم وَ إِن فَرِحُوا وَ یَکثُرُ مَقتُهُم أَنفُسَهُم وَ إِنِ اغتَبَطُوا بِمَا رُزِقُوا قَد غَابَ عَن قُلُوبِکُم ذِکرُ الآجَالِ وَ حَضَرَتکُم کَوَاذِبُ الآمَالِ فَصَارَتِ الدّنیَا أَملَکَ بِکُم مِنَ الآخِرَةِ وَ العَاجِلَةُ أَذهَبَ بِکُم مِنَ الآجِلَةِ وَ إِنّمَا أَنتُم إِخوَانٌ عَلَی دِینِ اللّهِ مَا فَرّقَ بَینَکُم إِلّا خُبثُ السّرَائِرِ وَ سُوءُ الضّمَائِرِ فَلَا تَوَازَرُونَ وَ لَا تَنَاصَحُونَ وَ لَا تَبَاذَلُونَ وَ لَا تَوَادّونَ مَا بَالُکُم تَفرَحُونَ بِالیَسِیرِ مِنَ الدّنیَا تُدرِکُونَهُ وَ لَا یَحزُنُکُمُ الکَثِیرُ مِنَ الآخِرَةِ تُحرَمُونَهُ وَ یُقلِقُکُمُ الیَسِیرُ مِنَ الدّنیَا یَفُوتُکُم حَتّی یَتَبَیّنَ ذَلِکَ فِی وُجُوهِکُم وَ قِلّةِ صَبرِکُم عَمّا زوُیِ‌َ مِنهَا عَنکُم کَأَنّهَا دَارُ مُقَامِکُم وَ کَأَنّ مَتَاعَهَا بَاقٍ عَلَیکُم وَ مَا یَمنَعُ أَحَدَکُم أَن یَستَقبِلَ أَخَاهُ بِمَا یَخَافُ مِن عَیبِهِ إِلّا مَخَافَةُ أَن یَستَقبِلَهُ بِمِثلِهِ قَد تَصَافَیتُم عَلَی رَفضِ الآجِلِ وَ حُبّ العَاجِلِ وَ صَارَ دِینُ أَحَدِکُم لُعقَةً عَلَی لِسَانِهِ صَنِیعَ مَن قَد فَرَغَ مِن عَمَلِهِ وَ أَحرَزَ رِضَی سَیّدِهِ
ص 169

114- و من خطبة له ع و فیهامواعظ للناس

الحَمدُ لِلّهِ الوَاصِلِ الحَمدَ بِالنّعَمِ وَ النّعَمَ بِالشّکرِ نَحمَدُهُ عَلَی آلَائِهِ کَمَا نَحمَدُهُ عَلَی بَلَائِهِ وَ نَستَعِینُهُ عَلَی هَذِهِ النّفُوسِ البِطَاءِ عَمّا أُمِرَت بِهِ السّرَاعِ إِلَی مَا نُهِیَت عَنهُ وَ نَستَغفِرُهُ مِمّا أَحَاطَ بِهِ عِلمُهُ وَ أَحصَاهُ کِتَابُهُ عِلمٌ غَیرُ قَاصِرٍ وَ کِتَابٌ غَیرُ مُغَادِرٍ وَ نُؤمِنُ بِهِ إِیمَانَ مَن عَایَنَ الغُیُوبَ وَ وَقَفَ عَلَی المَوعُودِ إِیمَاناً نَفَی إِخلَاصُهُ الشّرکَ وَ یَقِینُهُ الشّکّ وَ نَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً صَلّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ شَهَادَتَینِ تُصعِدَانِ القَولَ وَ تَرفَعَانِ العَمَلَ لَا یَخِفّ مِیزَانٌ تُوضَعَانِ فِیهِ وَ لَا یَثقُلُ مِیزَانٌ تُرفَعَانِ عَنهُ أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ التّیِ هیِ‌َ الزّادُ وَ بِهَا المَعَاذُ زَادٌ مُبلِغٌ وَ مَعَاذٌ مُنجِحٌ دَعَا إِلَیهَا أَسمَعُ دَاعٍ وَ وَعَاهَا خَیرُ وَاعٍ فَأَسمَعَ دَاعِیهَا وَ فَازَ وَاعِیهَا عِبَادَ اللّهِ إِنّ تَقوَی اللّهِ حَمَت أَولِیَاءَ اللّهِ مَحَارِمَهُ وَ أَلزَمَت قُلُوبَهُم مَخَافَتَهُ حَتّی أَسهَرَت لَیَالِیَهُم وَ أَظمَأَت هَوَاجِرَهُم فَأَخَذُوا الرّاحَةَ بِالنّصَبِ وَ الریّ‌ّ بِالظّمَإِ وَ استَقرَبُوا الأَجَلَ

ص 170
فَبَادَرُوا العَمَلَ وَ کَذّبُوا الأَمَلَ فَلَاحَظُوا الأَجَلَ ثُمّ إِنّ الدّنیَا دَارُ فَنَاءٍ وَ عَنَاءٍ وَ غِیَرٍ وَ عِبَرٍ فَمِنَ الفَنَاءِ أَنّ الدّهرَ مُوتِرٌ قَوسَهُ لَا تُخطِئُ سِهَامُهُ وَ لَا تُؤسَی جِرَاحُهُ یرَمیِ الحیَ‌ّ بِالمَوتِ وَ الصّحِیحَ بِالسّقَمِ وَ الناّجیِ‌َ بِالعَطَبِ آکِلٌ لَا یَشبَعُ وَ شَارِبٌ لَا یَنقَعُ وَ مِنَ العَنَاءِ أَنّ المَرءَ یَجمَعُ مَا لَا یَأکُلُ وَ یبَنیِ مَا لَا یَسکُنُ ثُمّ یَخرُجُ إِلَی اللّهِ تَعَالَی لَا مَالًا حَمَلَ وَ لَا بِنَاءً نَقَلَ وَ مِن غِیَرِهَا أَنّکَ تَرَی المَرحُومَ مَغبُوطاً وَ المَغبُوطَ مَرحُوماً لَیسَ ذَلِکَ إِلّا نَعِیماً زَلّ وَ بُؤساً نَزَلَ وَ مِن عِبَرِهَا أَنّ المَرءَ یُشرِفُ عَلَی أَمَلِهِ فَیَقتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ فَلَا أَمَلٌ یُدرَکُ وَ لَا مُؤَمّلٌ یُترَکُ فَسُبحَانَ اللّهِ مَا أَعَزّ سُرُورَهَا وَ أَظمَأَ رِیّهَا وَ أَضحَی فَیئَهَا لَا جَاءٍ یُرَدّ وَ لَا مَاضٍ یَرتَدّ فَسُبحَانَ اللّهِ مَا أَقرَبَ الحیَ‌ّ مِنَ المَیّتِ لِلَحَاقِهِ بِهِ وَ أَبعَدَ المَیّتَ مِنَ الحیَ‌ّ لِانقِطَاعِهِ عَنهُ إِنّهُ لَیسَ شَیءٌ بِشَرّ مِنَ الشّرّ إِلّا عِقَابُهُ وَ لَیسَ شَیءٌ بِخَیرٍ مِنَ الخَیرِ إِلّا ثَوَابُهُ وَ کُلّ شَیءٍ مِنَ الدّنیَا سَمَاعُهُ أَعظَمُ مِن عِیَانِهِ وَ کُلّ شَیءٍ مِنَ الآخِرَةِ عِیَانُهُ أَعظَمُ مِن سَمَاعِهِ فَلیَکفِکُم مِنَ العِیَانِ السّمَاعُ وَ مِنَ الغَیبِ الخَبَرُ وَ اعلَمُوا أَنّ مَا نَقَصَ مِنَ الدّنیَا وَ زَادَ فِی الآخِرَةِ خَیرٌ مِمّا نَقَصَ مِنَ الآخِرَةِ وَ زَادَ فِی الدّنیَا فَکَم مِن مَنقُوصٍ رَابِحٍ وَ مَزِیدٍ خَاسِرٍ إِنّ ألّذِی أُمِرتُم بِهِ أَوسَعُ مِنَ ألّذِی نُهِیتُم عَنهُ وَ مَا أُحِلّ
ص 171
لَکُم أَکثَرُ مِمّا حُرّمَ عَلَیکُم فَذَرُوا مَا قَلّ لِمَا کَثُرَ وَ مَا ضَاقَ لِمَا اتّسَعَ قَد تَکَفّلَ لَکُم بِالرّزقِ وَ أُمِرتُم بِالعَمَلِ فَلَا یَکُونَنّ المَضمُونُ لَکُم طَلَبُهُ أَولَی بِکُم مِنَ المَفرُوضِ عَلَیکُم عَمَلُهُ مَعَ أَنّهُ وَ اللّهِ لَقَدِ اعتَرَضَ الشّکّ وَ دَخِلَ الیَقِینُ حَتّی کَأَنّ ألّذِی ضُمِنَ لَکُم قَد فُرِضَ عَلَیکُم وَ کَأَنّ ألّذِی قَد فُرِضَ عَلَیکُم قَد وُضِعَ عَنکُم فَبَادِرُوا العَمَلَ وَ خَافُوا بَغتَةَ الأَجَلِ فَإِنّهُ لَا یُرجَی مِن رَجعَةِ العُمُرِ مَا یُرجَی مِن رَجعَةِ الرّزقِ مَا فَاتَ الیَومَ مِنَ الرّزقِ رجُیِ‌َ غَداً زِیَادَتُهُ وَ مَا فَاتَ أَمسِ مِنَ العُمُرِ لَم یُرجَ الیَومَ رَجعَتُهُ الرّجَاءُ مَعَ الجاَئیِ وَ الیَأسُ مَعَ الماَضیِ فَاتّقُوا اللّهَ حَقّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنّ إِلّا وَ أَنتُم مُسلِمُونَ
-قرآن-701-771

115- و من خطبة له ع فی الاستسقاء

اشاره

أللّهُمّ قَدِ انصَاحَت جِبَالُنَا وَ اغبَرّت أَرضُنَا وَ هَامَت دَوَابّنَا وَ تَحَیّرَت فِی مَرَابِضِهَا وَ عَجّت عَجِیجَ الثّکَالَی عَلَی أَولَادِهَا وَ مَلّتِ التّرَدّدَ فِی مَرَاتِعِهَا وَ الحَنِینَ إِلَی مَوَارِدِهَا أللّهُمّ فَارحَم أَنِینَ الآنّةِ وَ حَنِینَ الحَانّةِ أللّهُمّ فَارحَم حَیرَتَهَا فِی مَذَاهِبِهَا وَ أَنِینَهَا فِی مَوَالِجِهَا أللّهُمّ خَرَجنَا إِلَیکَ حِینَ اعتَکَرَت عَلَینَا حَدَابِیرُ السّنِینَ وَ أَخلَفَتنَا مَخَایِلُ الجُودِ فَکُنتَ

ص 172
الرّجَاءَ لِلمُبتَئِسِ وَ البَلَاغَ لِلمُلتَمِسِ نَدعُوکَ حِینَ قَنَطَ الأَنَامُ وَ مُنِعَ الغَمَامُ وَ هَلَکَ السّوَامُ أَلّا تُؤَاخِذَنَا بِأَعمَالِنَا وَ لَا تَأخُذَنَا بِذُنُوبِنَا وَ انشُر عَلَینَا رَحمَتَکَ بِالسّحَابِ المُنبَعِقِ وَ الرّبِیعِ المُغدِقِ وَ النّبَاتِ المُونِقِ سَحّاً وَابِلًا تحُییِ بِهِ مَا قَد مَاتَ وَ تَرُدّ بِهِ مَا قَد فَاتَ أللّهُمّ سُقیَا مِنکَ مُحیِیَةً مُروِیَةً تَامّةً عَامّةً طَیّبَةً مُبَارَکَةً هَنِیئَةً مَرِیعَةً زَاکِیاً نَبتُهَا ثَامِراً فَرعُهَا نَاضِراً وَرَقُهَا تُنعِشُ بِهَا الضّعِیفَ مِن عِبَادِکَ وَ تحُییِ بِهَا المَیّتَ مِن بِلَادِکَ أللّهُمّ سُقیَا مِنکَ تُعشِبُ بِهَا نِجَادُنَا وَ تجَریِ بِهَا وِهَادُنَا وَ یُخصِبُ بِهَا جَنَابُنَا وَ تُقبِلُ بِهَا ثِمَارُنَا وَ تَعِیشُ بِهَا مَوَاشِینَا وَ تَندَی بِهَا أَقَاصِینَا وَ تَستَعِینُ بِهَا ضَوَاحِینَا مِن بَرَکَاتِکَ الوَاسِعَةِ وَ عَطَایَاکَ الجَزِیلَةِ عَلَی بَرِیّتِکَ المُرمِلَةِ وَ وَحشِکَ المُهمَلَةِ وَ أَنزِل عَلَینَا سَمَاءً مُخضِلَةً مِدرَاراً هَاطِلَةً یُدَافِعُ الوَدقُ مِنهَا الوَدقَ وَ یَحفِزُ القَطرُ مِنهَا القَطرَ غَیرَ خُلّبٍ بَرقُهَا وَ لَا جَهَامٍ عَارِضُهَا وَ لَا قَزَعٍ رَبَابُهَا وَ لَا شَفّانٍ ذِهَابُهَا حَتّی یُخصِبَ لِإِمرَاعِهَا المُجدِبُونَ وَ یَحیَا بِبَرَکَتِهَا المُسنِتُونَ فَإِنّکَ تُنزِلُ الغَیثَ مِن بَعدِ مَا قَنَطُوا وَ تَنشُرُ رَحمَتَکَ وَ أَنتَالولَیِ‌ّ الحَمِیدُ
-قرآن-1292-1310
ص 173

تفسیر ما فی هذه الخطبة من الغریب

قال السید الشریف رضی الله عنه قوله ع انصاحت جبالنا أی تشققت من المحول یقال انصاح الثوب إذاانشق ویقال أیضا انصاح النبت وصاح وصوح إذاجف ویبس کله بمعنی . و قوله وهامت دوابّنا أی عطشت والهُیام العطش . و قوله حدابیر السنین جمع حِدبار وهی الناقة التی أنضاها السیر فشبه بهاالسنة التی فشا فیهاالجدب قال ذو الرمة
-روایت-1-336
حدابیر ماتنفک إلامناخة || علی الخسف أونرمی بهابلدا قفرا
و قوله و لاقزع ربابها القزع القطع الصغار المتفرقة من السحاب . و قوله و لاشَفّان ذهابها فإن تقدیره و لاذات شَفّان ذهابها والشَفّان الریح الباردة والذهاب الأمطار اللینة فحذف ذات لعلم السامع به
-روایت-1-207

116- و من خطبة له ع و فیهاینصح أصحابه

أَرسَلَهُ دَاعِیاً إِلَی الحَقّ وَ شَاهِداً عَلَی الخَلقِ فَبَلّغَ رِسَالَاتِ رَبّهِ غَیرَ وَانٍ وَ لَا مُقَصّرٍ وَ جَاهَدَ فِی اللّهِ أَعدَاءَهُ غَیرَ وَاهِنٍ وَ لَا مُعَذّرٍ إِمَامُ مَنِ اتّقَی وَ بَصَرُ مَنِ اهتَدَی
ومنها وَ لَو تَعلَمُونَ مَا أَعلَمُ مِمّا طوُیِ‌َ عَنکُم غَیبُهُ إِذاً لَخَرَجتُم إِلَی الصّعُدَاتِ تَبکُونَ عَلَی أَعمَالِکُم وَ تَلتَدِمُونَ عَلَی أَنفُسِکُم وَ لَتَرَکتُم أَموَالَکُم لَا حَارِسَ لَهَا وَ لَا خَالِفَ عَلَیهَا وَ لَهَمّت کُلّ امر‌ِئٍ مِنکُم نَفسُهُ لَا یَلتَفِتُ إِلَی غَیرِهَا وَ لَکِنّکُم نَسِیتُم مَا

ص 174
ذُکّرتُم وَ أَمِنتُم مَا حُذّرتُم فَتَاهَ عَنکُم رَأیُکُم وَ تَشَتّتَ عَلَیکُم أَمرُکُم وَ لَوَدِدتُ أَنّ اللّهَ فَرّقَ بیَنیِ وَ بَینَکُم وَ ألَحقَنَیِ بِمَن هُوَ أَحَقّ بیِ مِنکُم قَومٌ وَ اللّهِ مَیَامِینُ الرأّی‌ِ مَرَاجِیحُ الحِلمِ مَقَاوِیلُ بِالحَقّ مَتَارِیکُ للِبغَی‌ِ مَضَوا قُدُماً عَلَی الطّرِیقَةِ وَ أَوجَفُوا عَلَی المَحَجّةِ فَظَفِرُوا بِالعُقبَی الدّائِمَةِ وَ الکَرَامَةِ البَارِدَةِ أَمَا وَ اللّهِ لَیُسَلّطَنّ عَلَیکُم غُلَامُ ثَقِیفٍ الذّیّالُ المَیّالُ یَأکُلُ خَضِرَتَکُم وَ یُذِیبُ شَحمَتَکُم إِیهٍ أَبَا وَذَحَةَ
قال الشریف الوذحة الخنفساء و هذاالقول یومئ به إلی الحجاج و له مع الوذحة حدیث لیس هذاموضع ذکره
-روایت-1-106

117- و من کلام له ع یوبخ البخلاء بالمال والنفس

فَلَا أَموَالَ بَذَلتُمُوهَا للِذّیِ رَزَقَهَا وَ لَا أَنفُسَ خَاطَرتُم بِهَا للِذّیِ خَلَقَهَا تَکرُمُونَ بِاللّهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَا تُکرِمُونَ اللّهَ فِی عِبَادِهِ فَاعتَبِرُوا بِنُزُولِکُم مَنَازِلَ مَن کَانَ قَبلَکُم وَ انقِطَاعِکُم عَن أَوصَلِ إِخوَانِکُم

ص 175

118- و من کلام له ع فی الصالحین من أصحابه

أَنتُمُ الأَنصَارُ عَلَی الحَقّ وَ الإِخوَانُ فِی الدّینِ وَ الجُنَنُ یَومَ البَأسِ وَ البِطَانَةُ دُونَ النّاسِ بِکُم أَضرِبُ المُدبِرَ وَ أَرجُو طَاعَةَ المُقبِلِ فأَعَیِنوُنیِ بِمُنَاصَحَةٍ خَلِیّةٍ مِنَ الغِشّ سَلِیمَةٍ مِنَ الرّیبِ فَوَاللّهِ إنِیّ لَأَولَی النّاسِ بِالنّاسِ

119- و من کلام له ع و قدجمع الناس وحضهم علی الجهاد فسکتوا ملیا

فَقَالَ ع مَا بَالُکُم أَ مُخرَسُونَ أَنتُم فَقَالَ قَومٌ مِنهُم یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ إِن سِرتَ سِرنَا مَعَکَ فَقَالَ ع مَا بَالُکُم لَا سُدّدتُم لِرُشدٍ وَ لَا هُدِیتُم لِقَصدٍ أَ فِی مِثلِ هَذَا ینَبغَیِ لِی أَن أَخرُجَ وَ إِنّمَا یَخرُجُ فِی مِثلِ هَذَا رَجُلٌ مِمّن أَرضَاهُ مِن شُجعَانِکُم وَ ذوَیِ بَأسِکُم وَ لَا ینَبغَیِ لِی أَن أَدَعَ الجُندَ وَ المِصرَ وَ بَیتَ المَالِ وَ جِبَایَةَ الأَرضِ وَ القَضَاءَ بَینَ المُسلِمِینَ وَ النّظَرَ فِی حُقُوقِ المُطَالِبِینَ ثُمّ أَخرُجَ فِی کَتِیبَةٍ أَتبَعُ أُخرَی أَتَقَلقَلُ تَقَلقُلَ القِدحِ فِی الجَفِیرِ الفَارِغِ وَ إِنّمَا أَنَا قُطبُ الرّحَی

ص 176
تَدُورُ عَلَیّ وَ أَنَا بمِکَاَنیِ فَإِذَا فَارَقتُهُ استَحَارَ مَدَارُهَا وَ اضطَرَبَ ثِفَالُهَا هَذَا لَعَمرُ اللّهِ الرأّی‌ُ السّوءُ وَ اللّهِ لَو لَا رجَاَئیِ الشّهَادَةَ
عِندَ لقِاَئیِ العَدُوّ وَ لَو قَد حُمّ لِی لِقَاؤُهُ لَقَرّبتُ رکِاَبیِ ثُمّ شَخَصتُ عَنکُم فَلَا أَطلُبُکُم مَا اختَلَفَ جَنُوبٌ وَ شَمَالٌ طَعّانِینَ عَیّابِینَ حَیّادِینَ رَوّاغِینَ إِنّهُ لَا غَنَاءَ فِی کَثرَةِ عَدَدِکُم مَعَ قِلّةِ اجتِمَاعِ قُلُوبِکُم لَقَد حَمَلتُکُم عَلَی الطّرِیقِ الوَاضِحِ التّیِ لَا یَهلِکُ عَلَیهَا إِلّا هَالِکٌ مَنِ استَقَامَ فَإِلَی الجَنّةِ وَ مَن زَلّ فَإِلَی النّارِ

120- و من کلام له ع یذکر فضله ویعظ الناس

تَاللّهِ لَقَد عُلّمتُ تَبلِیغَ الرّسَالَاتِ وَ إِتمَامَ العِدَاتِ وَ تَمَامَ الکَلِمَاتِ وَ عِندَنَا أَهلَ البَیتِ أَبوَابُ الحُکمِ وَ ضِیَاءُ الأَمرِ أَلَا وَ إِنّ شَرَائِعَ الدّینِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ مَن أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ غَنِمَ وَ مَن وَقَفَ عَنهَا ضَلّ وَ نَدِمَ اعمَلُوا لِیَومٍ تُذخَرُ لَهُ الذّخَائِرُ وَ تُبلَی فِیهِ السّرَائِرُ وَ مَن لَا یَنفَعُهُ حَاضِرُ لُبّهِ فَعَازِبُهُ عَنهُ أَعجَزُ وَ غَائِبُهُ أَعوَزُ وَ اتّقُوا نَاراً حَرّهَا شَدِیدٌ وَ قَعرُهَا بَعِیدٌ وَ حِلیَتُهَا

ص 177
حَدِیدٌ وَ شَرَابُهَا صَدِیدٌ.أَلَا وَ إِنّ اللّسَانَ الصّالِحَ یَجعَلُهُ اللّهُ تَعَالَی لِلمَرءِ فِی النّاسِ خَیرٌ لَهُ مِنَ المَالِ یُورِثُهُ مَن لَا یَحمَدُهُ

121- و من خطبة له ع بعدلیلة الهریر و قدقام إلیه رجل من أصحابه فقال نهیتنا عن الحکومة ثم أمرتنا بهافلم ندر أی الأمرین أرشد فصفق ع إحدی یدیه علی الأخری ثم قال

هَذَا جَزَاءُ مَن تَرَکَ العُقدَةَ أَمَا وَ اللّهِ لَو أنَیّ حِینَ أَمَرتُکُم بِهِ حَمَلتُکُم عَلَی المَکرُوهِ ألّذِی یَجعَلُ اللّهُ فِیهِ خَیراً فَإِنِ استَقَمتُم هَدَیتُکُم وَ إِنِ اعوَجَجتُم قَوّمتُکُم وَ إِن أَبَیتُم تَدَارَکتُکُم لَکَانَتِ الوُثقَی وَ لَکِن بِمَن وَ إِلَی مَن أُرِیدُ أَن أدُاَویِ‌َ بِکُم وَ أَنتُم داَئیِ کَنَاقِشِ الشّوکَةِ بِالشّوکَةِ وَ هُوَ یَعلَمُ أَنّ ضَلعَهَا مَعَهَا أللّهُمّ قَد مَلّت أَطِبّاءُ هَذَا الدّاءِ الدوّیِ‌ّ وَ کَلّتِ النّزعَةُ بِأَشطَانِ الرکّیِ‌ّ أَینَ القَومُ الّذِینَ دُعُوا إِلَی الإِسلَامِ فَقَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا القُرآنَ فَأَحکَمُوهُ وَ هِیجُوا إِلَی الجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهَ اللّقَاحِ إِلَی أَولَادِهَا وَ سَلَبُوا السّیُوفَ أَغمَادَهَا وَ أَخَذُوا بِأَطرَافِ الأَرضِ زَحفاً زَحفاً وَ صَفّاً صَفّاً بَعضٌ هَلَکَ وَ بَعضٌ نَجَا لَا یُبَشّرُونَ بِالأَحیَاءِ وَ لَا یُعَزّونَ عَنِ

ص 178
المَوتَی مُرهُ العُیُونِ مِنَ البُکَاءِ خُمصُ البُطُونِ مِنَ الصّیَامِ ذُبُلُ الشّفَاهِ مِنَ الدّعَاءِ صُفرُ الأَلوَانِ مِنَ السّهَرِ عَلَی وُجُوهِهِم غَبَرَةُ الخَاشِعِینَ أُولَئِکَ إخِواَنیِ الذّاهِبُونَ فَحَقّ لَنَا أَن نَظمَأَ إِلَیهِم وَ نَعَضّ الأیَدیِ عَلَی فِرَاقِهِم إِنّ الشّیطَانَ یسُنَیّ لَکُم طُرُقَهُ وَ یُرِیدُ أَن یَحُلّ دِینَکُم عُقدَةً عُقدَةً وَ یُعطِیَکُم بِالجَمَاعَةِ الفُرقَةَ وَ بِالفُرقَةِ الفِتنَةَ فَاصدِفُوا عَن نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اقبَلُوا النّصِیحَةَ مِمّن أَهدَاهَا إِلَیکُم وَ اعقِلُوهَا عَلَی أَنفُسِکُم

122- و من کلام له ع قاله للخوارج و قدخرج إلی معسکرهم وهم مقیمون علی إنکار الحکومة فقال ع

أَ کُلّکُم شَهِدَ مَعَنَا صِفّینَ فَقَالُوا مِنّا مَن شَهِدَ وَ مِنّا مَن لَم یَشهَد قَالَ فَامتَازُوا فِرقَتَینِ فَلیَکُن مَن شَهِدَ صِفّینَ فِرقَةً وَ مَن لَم یَشهَدهَا فِرقَةً حَتّی أُکَلّمَ کُلّا مِنکُم بِکَلَامِهِ وَ نَادَی النّاسَ فَقَالَ أَمسِکُوا عَنِ الکَلَامِ وَ أَنصِتُوا لقِوَلیِ وَ أَقبِلُوا بِأَفئِدَتِکُم إلِیَ‌ّ فَمَن نَشَدنَاهُ شَهَادَةً فَلیَقُل بِعِلمِهِ فِیهَا ثُمّ کَلّمَهُم ع بِکَلَامٍ طَوِیلٍ مِن جُملَتِهِ أَن قَالَ ع أَ لَم تَقُولُوا
عِندَ رَفعِهِمُ المَصَاحِفَ حِیلَةً وَ غِیلَةً وَ مَکراً وَ خَدِیعَةً

ص 179
إِخوَانُنَا وَ أَهلُ دَعوَتِنَا استَقَالُونَا وَ استَرَاحُوا إِلَی کِتَابِ اللّهِ سُبحَانَهُ فاَلرأّی‌ُ القَبُولُ مِنهُم وَ التّنفِیسُ عَنهُم فَقُلتُ لَکُم هَذَا أَمرٌ ظَاهِرُهُ إِیمَانٌ وَ بَاطِنُهُ عُدوَانٌ وَ أَوّلُهُ رَحمَةٌ وَ آخِرُهُ نَدَامَةٌ فَأَقِیمُوا عَلَی شَأنِکُم وَ الزَمُوا طَرِیقَتَکُم وَ عَضّوا عَلَی الجِهَادِ بَنَوَاجِذِکُم وَ لَا تَلتَفِتُوا إِلَی نَاعِقٍ نَعَقَ إِن أُجِیبَ أَضَلّ وَ إِن تُرِکَ ذَلّ وَ قَد کَانَت هَذِهِ الفَعلَةُ وَ قَد رَأَیتُکُم أَعطَیتُمُوهَا وَ اللّهِ لَئِن أَبَیتُهَا مَا وَجَبَت عَلَیّ فَرِیضَتُهَا وَ لَا حمَلّنَیِ اللّهُ ذَنبَهَا وَ وَ اللّهِ إِن جِئتُهَا إنِیّ لَلمُحِقّ ألّذِی یُتّبَعُ وَ إِنّ الکِتَابَ لمَعَیِ مَا فَارَقتُهُ مُذ صَحِبتُهُ فَلَقَد کُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ إِنّ القَتلَ لَیَدُورُ عَلَی الآباءِ وَ الأَبنَاءِ وَ الإِخوَانِ وَ القَرَابَاتِ فَمَا نَزدَادُ عَلَی کُلّ مُصِیبَةٍ وَ شِدّةٍ إِلّا إِیمَاناً وَ مُضِیّاً عَلَی الحَقّ وَ تَسلِیماً لِلأَمرِ وَ صَبراً عَلَی مَضَضِ الجِرَاحِ وَ لَکِنّا إِنّمَا أَصبَحنَا نُقَاتِلُ إِخوَانَنَا فِی الإِسلَامِ عَلَی مَا دَخَلَ فِیهِ مِنَ الزّیغِ وَ الِاعوِجَاجِ وَ الشّبهَةِ وَ التّأوِیلِ فَإِذَا طَمِعنَا فِی خَصلَةٍ یَلُمّ اللّهُ بِهَا شَعَثَنَا وَ نَتَدَانَی بِهَا إِلَی البَقِیّةِ فِیمَا بَینَنَا رَغِبنَا فِیهَا وَ أَمسَکنَا عَمّا سِوَاهَا

123- و من کلام له ع قاله لأصحابه فی ساحة الحرب بصفین

وَ أَیّ امر‌ِئٍ مِنکُم أَحَسّ مِن نَفسِهِ رَبَاطَةَ جَأشٍ
عِندَ اللّقَاءِ

ص 180
وَ رَأَی مِن أَحَدٍ مِن إِخوَانِهِ فَشَلًا فَلیَذُبّ عَن أَخِیهِ بِفَضلِ نَجدَتِهِ التّیِ فُضّلَ بِهَا عَلَیهِ کَمَا یَذُبّ عَن نَفسِهِ فَلَو شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَهُ مِثلَهُ إِنّ المَوتَ طَالِبٌ حَثِیثٌ لَا یَفُوتُهُ المُقِیمُ وَ لَا یُعجِزُهُ الهَارِبُ إِنّ أَکرَمَ المَوتِ القَتلُ وَ ألّذِی نَفسُ ابنِ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ لَأَلفُ ضَربَةٍ بِالسّیفِ أَهوَنُ عَلَیّ مِن مِیتَةٍ عَلَی الفِرَاشِ فِی غَیرِ طَاعَةِ اللّهِ
و منه وَ کأَنَیّ أَنظُرُ إِلَیکُم تَکِشّونَ کَشِیشَ الضّبَابِ لَا تَأخُذُونَ حَقّاً وَ لَا تَمنَعُونَ ضَیماً قَد خُلّیتُم وَ الطّرِیقَ فَالنّجَاةُ لِلمُقتَحِمِ وَ الهَلَکَةُ لِلمُتَلَوّمِ

124- و من کلام له ع فی حث أصحابه علی القتال

فَقَدّمُوا الدّارِعَ وَ أَخّرُوا الحَاسِرَ وَ عَضّوا عَلَی الأَضرَاسِ فَإِنّهُ أَنبَی لِلسّیُوفِ عَنِ الهَامِ وَ التَوُوا فِی أَطرَافِ الرّمَاحِ فَإِنّهُ أَموَرُ لِلأَسِنّةِ وَ غُضّوا الأَبصَارَ فَإِنّهُ أَربَطُ لِلجَأشِ وَ أَسکَنُ لِلقُلُوبِ وَ أَمِیتُوا الأَصوَاتَ فَإِنّهُ أَطرَدُ لِلفَشَلِ وَ رَایَتَکُم فَلَا تُمِیلُوهَا وَ لَا تُخِلّوهَا وَ لَا تَجعَلُوهَا إِلّا بأِیَدیِ شُجعَانِکُم وَ المَانِعِینَ الذّمَارَ مِنکُم فَإِنّ الصّابِرِینَ عَلَی نُزُولِ الحَقَائِقِ هُمُ الّذِینَ یَحُفّونَ بِرَایَاتِهِم وَ یَکتَنِفُونَهَا حِفَافَیهَا وَ وَرَاءَهَا

ص 181
وَ أَمَامَهَا لَا یَتَأَخّرُونَ عَنهَا فَیُسلِمُوهَا وَ لَا یَتَقَدّمُونَ عَلَیهَا فَیُفرِدُوهَا أَجزَأَ امرُؤٌ قِرنَهُ وَ آسَی أَخَاهُ بِنَفسِهِ وَ لَم یَکِل قِرنَهُ إِلَی أَخِیهِ فَیَجتَمِعَ عَلَیهِ قِرنُهُ وَ قِرنُ أَخِیهِ وَ ایمُ اللّهِ لَئِن فَرَرتُم مِن سَیفِ العَاجِلَةِ لَا تَسلَمُوا مِن سَیفِ الآخِرَةِ وَ أَنتُم لَهَامِیمُ العَرَبِ وَ السّنَامُ الأَعظَمُ إِنّ فِی الفِرَارِ مَوجِدَةَ اللّهِ وَ الذّلّ اللّازِمَ وَ العَارَ الباَقیِ‌َ وَ إِنّ الفَارّ لَغَیرُ مَزِیدٍ فِی عُمُرِهِ وَ لَا مَحجُوزٍ بَینَهُ وَ بَینَ یَومِهِ مَنِ الرّائِحُ إِلَی اللّهِ کَالظّمآنِ یَرِدُ المَاءَ الجَنّةُ تَحتَ أَطرَافِ العوَاَلیِ الیَومَ تُبلَی الأَخبَارُ وَ اللّهِ لَأَنَا أَشوَقُ إِلَی لِقَائِهِم مِنهُم إِلَی دِیَارِهِم أللّهُمّ فَإِن رَدّوا الحَقّ فَافضُض جَمَاعَتَهُم وَ شَتّت کَلِمَتَهُم وَ أَبسِلهُم بِخَطَایَاهُم إِنّهُم لَن یَزُولُوا عَن مَوَاقِفِهِم دُونَ طَعنٍ دِرَاکٍ یَخرُجُ مِنهُمُ النّسِیمُ وَ ضَربٍ یَفلِقُ الهَامَ وَ یُطِیحُ العِظَامَ وَ یُندِرُ السّوَاعِدَ وَ الأَقدَامَ وَ حَتّی یُرمَوا بِالمَنَاسِرِ تَتبَعُهَا المَنَاسِرُ وَ یُرجَمُوا بِالکَتَائِبِ تَقفُوهَا الحَلَائِبُ وَ حَتّی یُجَرّ بِبِلَادِهِمُ الخَمِیسُ یَتلُوهُ الخَمِیسُ وَ حَتّی تَدعَقَ الخُیُولُ فِی نَوَاحِرِ أَرضِهِم وَ بِأَعنَانِ مَسَارِبِهِم وَ مَسَارِحِهِم
قال السید الشریف أقول الدعق الدق أی تدق الخیول بحوافرها أرضهم ونواحر أرضهم متقابلاتها ویقال منازل بنی فلان تتناحر أی تتقابل
-روایت-1-139
ص 182

125- و من کلام له ع فی التحکیم و ذلک بعدسماعه لأمر الحکمین

إِنّا لَم نُحَکّمِ الرّجَالَ وَ إِنّمَا حَکّمنَا القُرآنَ هَذَا القُرآنُ إِنّمَا هُوَ خَطّ مَسطُورٌ بَینَ الدّفّتَینِ لَا یَنطِقُ بِلِسَانٍ وَ لَا بُدّ لَهُ مِن تَرجُمَانٍ وَ إِنّمَا یَنطِقُ عَنهُ الرّجَالُ وَ لَمّا دَعَانَا القَومُ إلَی أَن نُحَکّمَ بَینَنَا القُرآنَ لَم نَکُنِ الفَرِیقَ المتُوَلَیّ‌َ عَن کِتَابِ اللّهِ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی وَ قَد قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُفَإِن تَنازَعتُم فِی شَیءٍ فَرُدّوهُ إِلَی اللّهِ وَ الرّسُولِفَرَدّهُ إِلَی اللّهِ أَن نَحکُمَ بِکِتَابِهِ وَ رَدّهُ إِلَی الرّسُولِ أَن نَأخُذَ بِسُنّتِهِ فَإِذَا حُکِمَ بِالصّدقِ فِی کِتَابِ اللّهِ فَنَحنُ أَحَقّ النّاسِ بِهِ وَ إِن حُکِمَ بِسُنّةِ رَسُولِ اللّهِص فَنَحنُ أَحَقّ النّاسِ وَ أَولَاهُم بِهَا وَ أَمّا قَولُکُم لِمَ جَعَلتَ بَینَکَ وَ بَینَهُم أَجَلًا فِی التّحکِیمِ فَإِنّمَا فَعَلتُ ذَلِکَ لِیَتَبَیّنَ الجَاهِلُ وَ یَتَثَبّتَ العَالِمُ وَ لَعَلّ اللّهَ أَن یُصلِحَ فِی هَذِهِ الهُدنَةِ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ وَ لَا تُؤخَذَ بِأَکظَامِهَا فَتَعجَلَ عَن تَبَیّنِ الحَقّ وَ تَنقَادَ لِأَوّلِ الغیَ‌ّ إِنّ أَفضَلَ النّاسِ
عِندَ اللّهِ مَن کَانَ العَمَلُ بِالحَقّ أَحَبّ إِلَیهِ وَ إِن نَقَصَهُ وَ کَرَثَهُ مِنَ البَاطِلِ وَ إِن جَرّ إِلَیهِ فَائِدَةً وَ زَادَهُ فَأَینَ یُتَاهُ بِکُم وَ مِن أَینَ أُتِیتُم استَعِدّوا لِلمَسِیرِ إِلَی قَومٍ حَیَارَی عَنِ الحَقّ لَا یُبصِرُونَهُ وَ مُوزَعِینَ بِالجَورِ لَا
-قرآن-377-438

ص 183
یَعدِلُونَ بِهِ جُفَاةٍ عَنِ الکِتَابِ نُکُبٍ عَنِ الطّرِیقِ مَا أَنتُم بِوَثِیقَةٍ یُعلَقُ بِهَا وَ لَا زَوَافِرِ عِزّ یُعتَصَمُ إِلَیهَا لَبِئسَ حُشّاشُ نَارِ الحَربِ أَنتُم أُفّ لَکُم لَقَد لَقِیتُ مِنکُم بَرحاً یَوماً أُنَادِیکُم وَ یَوماً أُنَاجِیکُم فَلَا أَحرَارُ صِدقٍ
عِندَ النّدَاءِ وَ لَا إِخوَانُ ثِقَةٍ
عِندَ النّجَاءِ

126- و من کلام له ع لماعوتب علی التسویة فی العطاء

أَ تأَمرُوُنیّ أَن أَطلُبَ النّصرَ بِالجَورِ فِیمَن وُلّیتُ عَلَیهِ وَ اللّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِیرٌ وَ مَا أَمّ نَجمٌ فِی السّمَاءِ نَجماً لَو کَانَ المَالُ لِی لَسَوّیتُ بَینَهُم فَکَیفَ وَ إِنّمَا المَالُ مَالُ اللّهِ أَلَا وَ إِنّ إِعطَاءَ المَالِ فِی غَیرِ حَقّهِ تَبذِیرٌ وَ إِسرَافٌ وَ هُوَ یَرفَعُ صَاحِبَهُ فِی الدّنیَا وَ یَضَعُهُ فِی الآخِرَةِ وَ یُکرِمُهُ فِی النّاسِ وَ یُهِینُهُ
عِندَ اللّهِ وَ لَم یَضَعِ امرُؤٌ مَالَهُ فِی غَیرِ حَقّهِ وَ لَا
عِندَ غَیرِ أَهلِهِ إِلّا حَرَمَهُ اللّهُ شُکرَهُم وَ کَانَ لِغَیرِهِ وُدّهُم فَإِن زَلّت بِهِ النّعلُ یَوماً فَاحتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِم فَشَرّ خَلِیلٍ وَ أَلأَمُ خَدِینٍ

ص 184

127- و من کلام له ع و فیه یبین بعض أحکام الدین ویکشف للخوارج الشبهة وینقض حکم الحکمین

فَإِن أَبَیتُم إِلّا أَن تَزعُمُوا أنَیّ أَخطَأتُ وَ ضَلَلتُ فَلِمَ تُضَلّلُونَ عَامّةَ أُمّةِ مُحَمّدٍص بضِلَاَلیِ وَ تَأخُذُونَهُم بخِطَئَیِ وَ تُکَفّرُونَهُم بذِنُوُبیِ سُیُوفُکُم عَلَی عَوَاتِقِکُم تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ البُرءِ وَ السّقمِ وَ تَخلِطُونَ مَن أَذنَبَ بِمَن لَم یُذنِب وَ قَد عَلِمتُم أَنّ رَسُولَ اللّهِص رَجَمَ الزاّنیِ‌َ المُحصَنَ ثُمّ صَلّی عَلَیهِ ثُمّ وَرّثَهُ أَهلَهُ وَ قَتَلَ القَاتِلَ وَ وَرّثَ مِیرَاثَهُ أَهلَهُ وَ قَطَعَ السّارِقَ وَ جَلَدَ الزاّنیِ‌َ غَیرَ المُحصَنِ ثُمّ قَسَمَ عَلَیهِمَا مِنَ الفیَ‌ءِ وَ نَکَحَا المُسلِمَاتِ فَأَخَذَهُم رَسُولُ اللّهِص بِذُنُوبِهِم وَ أَقَامَ حَقّ اللّهِ فِیهِم وَ لَم یَمنَعهُم سَهمَهُم مِنَ الإِسلَامِ وَ لَم یُخرِج أَسمَاءَهُم مِن بَینِ أَهلِهِ ثُمّ أَنتُم شِرَارُ النّاسِ وَ مَن رَمَی بِهِ الشّیطَانُ مَرَامِیَهُ وَ ضَرَبَ بِهِ تِیهَهُ وَ سَیَهلِکُ فِیّ صِنفَانِ مُحِبّ مُفرِطٌ یَذهَبُ بِهِ الحُبّ إِلَی غَیرِ الحَقّ وَ مُبغِضٌ مُفرِطٌ یَذهَبُ بِهِ البُغضُ إِلَی غَیرِ الحَقّ وَ خَیرُ النّاسِ فِیّ حَالًا النّمَطُ الأَوسَطُ فَالزَمُوهُ وَ الزَمُوا السّوَادَ الأَعظَمَ فَإِنّ یَدَ اللّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ وَ إِیّاکُم وَ الفُرقَةَ فَإِنّ الشّاذّ مِنَ النّاسِ لِلشّیطَانِ کَمَا أَنّ الشّاذّ مِنَ الغَنَمِ لِلذّئبِ

ص 185
أَلَا مَن دَعَا إِلَی هَذَا الشّعَارِ فَاقتُلُوهُ وَ لَو کَانَ تَحتَ عمِاَمتَیِ هَذِهِ فَإِنّمَا حُکّمَ الحَکَمَانِ لِیُحیِیَا مَا أَحیَا القُرآنُ وَ یُمِیتَا مَا أَمَاتَ القُرآنُ وَ إِحیَاؤُهُ الِاجتِمَاعُ عَلَیهِ وَ إِمَاتَتُهُ الِافتِرَاقُ عَنهُ فَإِن جَرّنَا القُرآنُ إِلَیهِمُ اتّبَعنَاهُم وَ إِن جَرّهُم إِلَینَا اتّبَعُونَا فَلَم آتِ لَا أَبَا لَکُم بُجراً وَ لَا خَتَلتُکُم عَن أَمرِکُم وَ لَا لَبّستُهُ عَلَیکُم إِنّمَا اجتَمَعَ رأَی‌ُ مَلَئِکُم عَلَی اختِیَارِ رَجُلَینِ أَخَذنَا عَلَیهِمَا أَلّا یَتَعَدّیَا القُرآنَ فَتَاهَا عَنهُ وَ تَرَکَا الحَقّ وَ هُمَا یُبصِرَانِهِ وَ کَانَ الجَورُ هَوَاهُمَا فَمَضَیَا عَلَیهِ وَ قَد سَبَقَ استِثنَاؤُنَا عَلَیهِمَا فِی الحُکُومَةِ بِالعَدلِ وَ الصّمدِ لِلحَقّ سُوءَ رَأیِهِمَا وَ جَورَ حُکمِهِمَا

128- و من کلام له ع فیما یخبر به عن الملاحم بالبصرة

اشاره

یَا أَحنَفُ کأَنَیّ بِهِ وَ قَد سَارَ بِالجَیشِ ألّذِی لَا یَکُونُ لَهُ غُبَارٌ وَ لَا لَجَبٌ وَ لَا قَعقَعَةُ لُجُمٍ وَ لَا حَمحَمَةُ خَیلٍ یُثِیرُونَ الأَرضَ بِأَقدَامِهِم کَأَنّهَا أَقدَامُ النّعَامِ
قال الشریف یومئ بذلک إلی صاحب الزنج
-روایت-1-43
ثُمّ قَالَ ع وَیلٌ لِسِکَکِکُمُ العَامِرَةِ وَ الدّورِ المُزَخرَفَةِ التّیِ لَهَا أَجنِحَةٌ کَأَجنِحَةِ النّسُورِ وَ خَرَاطِیمُ کَخَرَاطِیمِ

ص 186
الفِیَلَةِ مِن أُولَئِکَ الّذِینَ لَا یُندَبُ قَتِیلُهُم وَ لَا یُفقَدُ غَائِبُهُم أَنَا کَابّ الدّنیَا لِوَجهِهَا وَ قَادِرُهَا بِقَدرِهَا وَ نَاظِرُهَا بِعَینِهَا

منه فی وصف الأتراک

کأَنَیّ أَرَاهُم قَوماً کَأَنّ وُجُوهَهُمُ المَجَانّ المُطَرّقَةُ یَلبَسُونَ السّرَقَ وَ الدّیبَاجَ وَ یَعتَقِبُونَ الخَیلَ العِتَاقَ وَ یَکُونُ هُنَاکَ استِحرَارُ قَتلٍ حَتّی یمَشیِ‌َ المَجرُوحُ عَلَی المَقتُولِ وَ یَکُونَ المُفلِتُ أَقَلّ مِنَ المَأسُورِ فَقَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِهِ لَقَد أُعطِیتَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ عِلمَ الغَیبِ فَضَحِکَ ع وَ قَالَ لِلرّجُلِ وَ کَانَ کَلبِیّاً یَا أَخَا کَلبٍ لَیسَ هُوَ بِعِلمِ غَیبٍ وَ إِنّمَا هُوَ تَعَلّمٌ مِن ذیِ عِلمٍ وَ إِنّمَا عِلمُ الغَیبِ عِلمُ السّاعَةِ وَ مَا عَدّدَهُ اللّهُ سُبحَانَهُ بِقَولِهِإِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِ وَ یُنَزّلُ الغَیثَ وَ یَعلَمُ ما فِی الأَرحامِ وَ ما تدَریِ نَفسٌ ما ذا تَکسِبُ غَداً وَ ما تدَریِ نَفسٌ بأِیَ‌ّ أَرضٍ تَمُوتُالآیَةَ فَیَعلَمُ اللّهُ سُبحَانَهُ مَا فِی الأَرحَامِ مِن ذَکَرٍ أَو أُنثَی وَ قَبِیحٍ أَو جَمِیلٍ وَ سخَیِ‌ّ أَو بَخِیلٍ وَ شقَیِ‌ّ أَو سَعِیدٍ وَ مَن یَکُونُ فِی النّارِ حَطَباً أَو فِی الجِنَانِ لِلنّبِیّینَ مُرَافِقاً فَهَذَا عِلمُ الغَیبِ ألّذِی لَا یَعلَمُهُ أَحَدٌ إِلّا اللّهُ وَ مَا سِوَی ذَلِکَ فَعِلمٌ عَلّمَهُ اللّهُ نَبِیّهُص فَعَلّمَنِیهِ وَ دَعَا لِی بِأَن یَعِیَهُ صدَریِ وَ تَضطَمّ عَلَیهِ جوَاَنحِیِ
-قرآن-558-722

ص 187

129- و من خطبة له ع فی ذکر المکاییل والموازین

عِبَادَ اللّهِ إِنّکُم وَ مَا تَأمُلُونَ مِن هَذِهِ الدّنیَا أَثوِیَاءُ مُؤَجّلُونَ وَ مَدِینُونَ مُقتَضَونَ أَجَلٌ مَنقُوصٌ وَ عَمَلٌ مَحفُوظٌ فَرُبّ دَائِبٍ مُضَیّعٌ وَ رُبّ کَادِحٍ خَاسِرٌ وَ قَد أَصبَحتُم فِی زَمَنٍ لَا یَزدَادُ الخَیرُ فِیهِ إِلّا إِدبَاراً وَ لَا الشّرّ فِیهِ إِلّا إِقبَالًا وَ لَا الشّیطَانُ فِی هَلَاکِ النّاسِ إِلّا طَمَعاً فَهَذَا أَوَانٌ قَوِیَت عُدّتُهُ وَ عَمّت مَکِیدَتُهُ وَ أَمکَنَت فَرِیسَتُهُ اضرِب بِطَرفِکَ حَیثُ شِئتَ مِنَ النّاسِ فَهَل تُبصِرُ إِلّا فَقِیراً یُکَابِدُ فَقراً أَو غَنِیّاً بَدّلَ نِعمَةَ اللّهِ کُفراً أَو بَخِیلًا اتّخَذَ البُخلَ بِحَقّ اللّهِ وَفراً أَو مُتَمَرّداً کَأَنّ بِأُذُنِهِ عَن سَمعِ المَوَاعِظِ وَقراً أَینَ أَخیَارُکُم وَ صُلَحَاؤُکُم وَ أَینَ أَحرَارُکُم وَ سُمَحَاؤُکُم وَ أَینَ المُتَوَرّعُونَ فِی مَکَاسِبِهِم وَ المُتَنَزّهُونَ فِی مَذَاهِبِهِم أَ لَیسَ قَد ظَعَنُوا جَمِیعاً عَن هَذِهِ الدّنیَا الدّنِیّةِ وَ العَاجِلَةِ المُنَغّصَةِ وَ هَل خُلِقتُم إِلّا فِی حُثَالَةٍ لَا تلَتقَیِ إِلّا بِذَمّهِمُ الشّفَتَانِ استِصغَاراً لِقَدرِهِم وَ ذَهَاباً عَن ذِکرِهِم فَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیهِ راجِعُونَظَهَرَ الفَسَادُ فَلَا مُنکِرٌ مُغَیّرٌ وَ لَا زَاجِرٌ مُزدَجِرٌ أَ فَبِهَذَا تُرِیدُونَ أَن تُجَاوِرُوا اللّهَ فِی دَارِ قُدسِهِ وَ تَکُونُوا أَعَزّ أَولِیَائِهِ عِندَهُ هَیهَاتَ لَا یُخدَعُ اللّهُ عَن
-قرآن-1040-1078

ص 188
جَنّتِهِ وَ لَا تُنَالُ مَرضَاتُهُ إِلّا بِطَاعَتِهِ لَعَنَ اللّهُ الآمِرِینَ بِالمَعرُوفِ التّارِکِینَ لَهُ وَ النّاهِینَ عَنِ المُنکَرِ العَامِلِینَ بِهِ

130- و من کلام له ع لأبی ذر رحمه الله لماأخرج إلی الربذة

یَا أَبَا ذَرّ إِنّکَ غَضِبتَ لِلّهِ فَارجُ مَن غَضِبتَ لَهُ إِنّ القَومَ خَافُوکَ عَلَی دُنیَاهُم وَ خِفتَهُم عَلَی دِینِکَ فَاترُک فِی أَیدِیهِم مَا خَافُوکَ عَلَیهِ وَ اهرُب مِنهُم بِمَا خِفتَهُم عَلَیهِ فَمَا أَحوَجَهُم إِلَی مَا مَنَعتَهُم وَ مَا أَغنَاکَ عَمّا مَنَعُوکَ وَ سَتَعلَمُ مَنِ الرّابِحُ غَداً وَ الأَکثَرُ حُسّداً وَ لَو أَنّ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِینَ کَانَتَا عَلَی عَبدٍ رَتقاً ثُمّ اتّقَی اللّهَ لَجَعَلَ اللّهُ لَهُ مِنهُمَا مَخرَجاً لَا یُؤنِسَنّکَ إِلّا الحَقّ وَ لَا یُوحِشَنّکَ إِلّا البَاطِلُ فَلَو قَبِلتَ دُنیَاهُم لَأَحَبّوکَ وَ لَو قَرَضتَ مِنهَا لَأَمّنُوکَ

131- و من کلام له ع و فیه یبین سبب طلبه الحکم ویصف الإمام الحق

أَیّتُهَا النّفُوسُ المُختَلِفَةُ وَ القُلُوبُ المُتَشَتّتَةُ الشّاهِدَةُ أَبدَانُهُم وَ الغَائِبَةُ عَنهُم عُقُولُهُم أَظأَرُکُم عَلَی الحَقّ وَ أَنتُم تَنفِرُونَ عَنهُ

ص 189
نُفُورَ المِعزَی مِن وَعوَعَةِ الأَسَدِ هَیهَاتَ أَن أَطلَعَ بِکُم سَرَارَ العَدلِ أَو أُقِیمَ اعوِجَاجَ الحَقّ أللّهُمّ إِنّکَ تَعلَمُ أَنّهُ لَم یَکُنِ ألّذِی کَانَ مِنّا مُنَافَسَةً فِی سُلطَانٍ وَ لَا التِمَاسَ شَیءٍ مِن فُضُولِ الحُطَامِ وَ لَکِن لِنَرِدَ المَعَالِمَ مِن دِینِکَ وَ نُظهِرَ الإِصلَاحَ فِی بِلَادِکَ فَیَأمَنَ المَظلُومُونَ مِن عِبَادِکَ وَ تُقَامَ المُعَطّلَةُ مِن حُدُودِکَ أللّهُمّ إنِیّ أَوّلُ مَن أَنَابَ وَ سَمِعَ وَ أَجَابَ لَم یسَبقِنیِ إِلّا رَسُولُ اللّهِص بِالصّلَاةِ وَ قَد عَلِمتُم أَنّهُ لَا ینَبغَیِ أَن یَکُونَ الواَلیِ عَلَی الفُرُوجِ وَ الدّمَاءِ وَ المَغَانِمِ وَ الأَحکَامِ وَ إِمَامَةِ المُسلِمِینَ البَخِیلُ فَتَکُونَ فِی أَموَالِهِم نَهمَتُهُ وَ لَا الجَاهِلُ فَیُضِلّهُم بِجَهلِهِ وَ لَا الجاَفیِ فَیَقطَعَهُم بِجَفَائِهِ وَ لَا الحَائِفُ لِلدّوَلِ فَیَتّخِذَ قَوماً دُونَ قَومٍ وَ لَا المرُتشَیِ فِی الحُکمِ فَیَذهَبَ بِالحُقُوقِ وَ یَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ وَ لَا المُعَطّلُ لِلسّنّةِ فَیُهلِکَ الأُمّةَ

132- و من خطبة له ع یعظ فیها ویزهد فی الدنیا

حمد اللّه

نَحمَدُهُ عَلَی مَا أَخَذَ وَ أَعطَی وَ عَلَی مَا أَبلَی وَ ابتَلَی البَاطِنُ

ص 190
لِکُلّ خَفِیّةٍ وَ الحَاضِرُ لِکُلّ سَرِیرَةٍ العَالِمُ بِمَا تُکِنّ الصّدُورُ وَ مَا تَخُونُ العُیُونُ وَ نَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ غَیرُهُ وَ أَنّ مُحَمّداًص نَجِیبُهُ وَ بَعِیثُهُ شَهَادَةً یُوَافِقُ فِیهَا السّرّ الإِعلَانَ وَ القَلبُ اللّسَانَ

عظة الناس

ومنهافَإِنّهُ وَ اللّهِ الجِدّ لَا اللّعِبُ وَ الحَقّ لَا الکَذِبُ وَ مَا هُوَ إِلّا المَوتُ أَسمَعَ دَاعِیهِ وَ أَعجَلَ حَادِیهِ فَلَا یَغُرّنّکَ سَوَادُ النّاسِ مِن نَفسِکَ وَ قَد رَأَیتَ مَن کَانَ قَبلَکَ مِمّن جَمَعَ المَالَ وَ حَذِرَ الإِقلَالَ وَ أَمِنَ العَوَاقِبَ طُولَ أَمَلٍ وَ استِبعَادَ أَجَلٍ کَیفَ نَزَلَ بِهِ المَوتُ فَأَزعَجَهُ عَن وَطَنِهِ وَ أَخَذَهُ مِن مَأمَنِهِ مَحمُولًا عَلَی أَعوَادِ المَنَایَا یَتَعَاطَی بِهِ الرّجَالُ الرّجَالَ حَملًا عَلَی المَنَاکِبِ وَ إِمسَاکاً بِالأَنَامِلِ أَ مَا رَأَیتُمُ الّذِینَ یَأمُلُونَ بَعِیداً وَ یَبنُونَ مَشِیداً وَ یَجمَعُونَ کَثِیراً کَیفَ أَصبَحَت بُیُوتُهُم قُبُوراً وَ مَا جَمَعُوا بُوراً وَ صَارَت أَموَالُهُم لِلوَارِثِینَ وَ أَزوَاجُهُم لِقَومٍ آخَرِینَ لَا فِی حَسَنَةٍ یَزِیدُونَ وَ لَا مِن سَیّئَةٍ یَستَعتِبُونَ فَمَن أَشعَرَ التّقوَی قَلبَهُ بَرّزَ مَهَلُهُ وَ فَازَ عَمَلُهُ فَاهتَبِلُوا هَبَلَهَا وَ اعمَلُوا لِلجَنّةِ عَمَلَهَا فَإِنّ الدّنیَا لَم تُخلَق لَکُم دَارَ مُقَامٍ بَل خُلِقَت لَکُم مَجَازاً لِتَزَوّدُوا مِنهَا الأَعمَالَ إِلَی دَارِ القَرَارِ فَکُونُوا مِنهَا عَلَی أَوفَازٍ وَ قَرّبُوا الظّهُورَ لِلزّیَالِ

ص 191

133- و من خطبة له ع یعظم اللّه سبحانه ویذکر القرآن و النبی ویعظ الناس

عظمة اللّه تعالی

وَ انقَادَت لَهُ الدّنیَا وَ الآخِرَةُ بِأَزِمّتِهَا وَ قَذَفَت إِلَیهِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرَضُونَ مَقَالِیدَهَا وَ سَجَدَت لَهُ بِالغُدُوّ وَ الآصَالِ الأَشجَارُ النّاضِرَةُ وَ قَدَحَت لَهُ مِن قُضبَانِهَا النّیرَانَ المُضِیئَةَ وَ آتَت أُکُلَهَا بِکَلِمَاتِهِ الثّمَارُ الیَانِعَةُ

القرآن

منها وَ کِتَابُ اللّهِ بَینَ أَظهُرِکُم نَاطِقٌ لَا یَعیَا لِسَانُهُ وَ بَیتٌ لَا تُهدَمُ أَرکَانُهُ وَ عِزّ لَا تُهزَمُ أَعوَانُهُ

رسول اللّه

منهاأَرسَلَهُ عَلَی حِینِ فَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ وَ تَنَازُعٍ مِنَ الأَلسُنِ فَقَفّی بِهِ الرّسُلَ وَ خَتَمَ بِهِ الوحَی‌َ فَجَاهَدَ فِی اللّهِ المُدبِرِینَ عَنهُ وَ العَادِلِینَ بِهِ

الدنیا

منها وَ إِنّمَا الدّنیَا مُنتَهَی بَصَرِ الأَعمَی لَا یُبصِرُ مِمّا وَرَاءَهَا شَیئاً وَ البَصِیرُ یَنفُذُهَا بَصَرُهُ وَ یَعلَمُ أَنّ الدّارَ وَرَاءَهَا فَالبَصِیرُ مِنهَا

ص 192
شَاخِصٌ وَ الأَعمَی إِلَیهَا شَاخِصٌ وَ البَصِیرُ مِنهَا مُتَزَوّدٌ وَ الأَعمَی لَهَا مُتَزَوّدٌ

عظة الناس

منها وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَیسَ مِن شَیءٍ إِلّا وَ یَکَادُ صَاحِبُهُ یَشبَعُ مِنهُ وَ یَمَلّهُ إِلّا الحَیَاةَ فَإِنّهُ لَا یَجِدُ فِی المَوتِ رَاحَةً وَ إِنّمَا ذَلِکَ بِمَنزِلَةِ الحِکمَةِ التّیِ هیِ‌َ حَیَاةٌ لِلقَلبِ المَیّتِ وَ بَصَرٌ لِلعَینِ العَمیَاءِ وَ سَمعٌ لِلأُذُنِ الصّمّاءِ وَ ریِ‌ّ لِلظّمآنِ وَ فِیهَا الغِنَی کُلّهُ وَ السّلَامَةُ کِتَابُ اللّهِ تُبصِرُونَ بِهِ وَ تَنطِقُونَ بِهِ وَ تَسمَعُونَ بِهِ وَ یَنطِقُ بَعضُهُ بِبَعضٍ وَ یَشهَدُ بَعضُهُ عَلَی بَعضٍ وَ لَا یَختَلِفُ فِی اللّهِ وَ لَا یُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللّهِ قَدِ اصطَلَحتُم عَلَی الغِلّ فِیمَا بَینَکُم وَ نَبَتَ المَرعَی عَلَی دِمَنِکُم وَ تَصَافَیتُم عَلَی حُبّ الآمَالِ وَ تَعَادَیتُم فِی کَسبِ الأَموَالِ لَقَدِ استَهَامَ بِکُمُ الخَبِیثُ وَ تَاهَ بِکُمُ الغُرُورُ وَ اللّهُ المُستَعَانُ عَلَی نفَسیِ وَ أَنفُسِکُم

134- و من کلام له ع و قدشاوره عمر بن الخطاب فی الخروج إلی غزو الروم

وَ قَد تَوَکّلَ اللّهُ لِأَهلِ هَذَا الدّینِ بِإِعزَازِ الحَوزَةِ وَ سَترِ العَورَةِ

ص 193
وَ ألّذِی نَصَرَهُم وَ هُم قَلِیلٌ لَا یَنتَصِرُونَ وَ مَنَعَهُم وَ هُم قَلِیلٌ لَا یَمتَنِعُونَ حیَ‌ّ لَا یَمُوتُ إِنّکَ مَتَی تَسِر إِلَی هَذَا العَدُوّ بِنَفسِکَ فَتَلقَهُم فَتُنکَب لَا تَکُن لِلمُسلِمِینَ کَانِفَةٌ دُونَ أَقصَی بِلَادِهِم لَیسَ بَعدَکَ مَرجِعٌ یَرجِعُونَ إِلَیهِ فَابعَث إِلَیهِم رَجُلًا مِحرَباً وَ احفِز مَعَهُ أَهلَ البَلَاءِ وَ النّصِیحَةِ فَإِن أَظهَرَ اللّهُ فَذَاکَ مَا تُحِبّ وَ إِن تَکُنِ الأُخرَی کُنتَ رِدءاً لِلنّاسِ وَ مَثَابَةً لِلمُسلِمِینَ

135- و من کلام له ع و قدوقعت مشاجرة بینه و بین عثمان فقال المغیرة بن الأخنس لعثمان أناأکفیکه ، فقال علی علیه السلام للمغیرة

یَا ابنَ اللّعِینِ الأَبتَرِ وَ الشّجَرَةِ التّیِ لَا أَصلَ لَهَا وَ لَا فَرعَ أَنتَ تکَفیِنیِ فَوَ اللّهِ مَا أَعَزّ اللّهُ مَن أَنتَ نَاصِرُهُ وَ لَا قَامَ مَن أَنتَ مُنهِضُهُ اخرُج عَنّا أَبعَدَ اللّهُ نَوَاکَ ثُمّ ابلُغ جَهدَکَ فَلَا أَبقَی اللّهُ عَلَیکَ إِن أَبقَیتَ

ص 194

136- و من کلام له ع فی أمر البیعة

لَم تَکُن بَیعَتُکُم إیِاّی‌َ فَلتَةً وَ لَیسَ أمَریِ وَ أَمرُکُم وَاحِداً إنِیّ أُرِیدُکُم لِلّهِ وَ أَنتُم ترُیِدوُننَیِ لِأَنفُسِکُم أَیّهَا النّاسُ أعَیِنوُنیِ عَلَی أَنفُسِکُم وَ ایمُ اللّهِ لَأُنصِفَنّ المَظلُومَ مِن ظَالِمِهِ وَ لَأَقُودَنّ الظّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتّی أُورِدَهُ مَنهَلَ الحَقّ وَ إِن کَانَ کَارِهاً

137- و من کلام له ع فی شأن طلحة والزبیر و فی البیعة له

طلحة والزبیر

وَ اللّهِ مَا أَنکَرُوا عَلَیّ مُنکَراً وَ لَا جَعَلُوا بیَنیِ وَ بَینَهُم نِصفاً وَ إِنّهُم لَیَطلُبُونَ حَقّاً هُم تَرَکُوهُ وَ دَماً هُم سَفَکُوهُ فَإِن کُنتُ شَرِیکَهُم فِیهِ فَإِنّ لَهُم نَصِیبَهُم مِنهُ وَ إِن کَانُوا وَلُوهُ دوُنیِ فَمَا الطّلِبَةُ إِلّا قِبَلَهُم وَ إِنّ أَوّلَ عَدلِهِم لَلحُکمُ عَلَی أَنفُسِهِم إِنّ معَیِ لبَصَیِرتَیِ مَا لَبَستُ وَ لَا لُبِسَ عَلَیّ وَ إِنّهَا لَلفِئَةُ البَاغِیَةُ فِیهَا الحَمَأُ وَ الحُمّةُ وَ الشّبهَةُ المُغدِفَةُ وَ إِنّ الأَمرَ لَوَاضِحٌ وَ قَد زَاحَ البَاطِلُ عَن

ص 195
نِصَابِهِ وَ انقَطَعَ لِسَانُهُ عَن شَغبِهِ وَ ایمُ اللّهِ لَأُفرِطَنّ لَهُم حَوضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصدُرُونَ عَنهُ برِیِ‌ّ وَ لَا یَعُبّونَ بَعدَهُ فِی حسَی‌ٍ

أمر البیعة

منه فَأَقبَلتُم إلِیَ‌ّ إِقبَالَ العُوذِ المَطَافِیلِ عَلَی أَولَادِهَا تَقُولُونَ البَیعَةَ البَیعَةَ قَبَضتُ کفَیّ فَبَسَطتُمُوهَا وَ نَازَعَتکُم یدَیِ فَجَاذَبتُمُوهَا أللّهُمّ إِنّهُمَا قطَعَاَنیِ وَ ظلَمَاَنیِ وَ نَکَثَا بیَعتَیِ وَ أَلّبَا النّاسَ عَلَیّ فَاحلُل مَا عَقَدَا وَ لَا تُحکِم لَهُمَا مَا أَبرَمَا وَ أَرِهِمَا المَسَاءَةَ فِیمَا أَمّلَا وَ عَمِلَا وَ لَقَدِ استَثَبتُهُمَا قَبلَ القِتَالِ وَ استَأنَیتُ بِهِمَا أَمَامَ الوِقَاعِ فَغَمَطَا النّعمَةَ وَ رَدّا العَافِیَةَ

138- و من خطبة له ع یومئ فیها إلی ذکر الملاحم

یَعطِفُ الهَوَی عَلَی الهُدَی إِذَا عَطَفُوا الهُدَی عَلَی الهَوَی وَ یَعطِفُ الرأّی‌َ عَلَی القُرآنِ إِذَا عَطَفُوا القُرآنَ عَلَی الرأّی‌ِ
ومنها حَتّی تَقُومَ الحَربُ بِکُم عَلَی سَاقٍ بَادِیاً نَوَاجِذُهَا مَملُوءَةً أَخلَافُهَا حُلواً رَضَاعُهَا عَلقَماً عَاقِبَتُهَا أَلَا وَ فِی غَدٍ وَ سیَأَتیِ

ص 196
غَدٌ بِمَا لَا تَعرِفُونَ یَأخُذُ الواَلیِ مِن غَیرِهَا عُمّالَهَا عَلَی مسَاَو‌ِئِ أَعمَالِهَا وَ تُخرِجُ لَهُ الأَرضُ أَفَالِیذَ کَبِدِهَا وَ تلُقیِ إِلَیهِ سِلماً مَقَالِیدَهَا فَیُرِیکُم کَیفَ عَدلُ السّیرَةِ وَ یحُییِ مَیّتَ الکِتَابِ وَ السّنّةِ
منهاکأَنَیّ بِهِ قَد نَعَقَ بِالشّامِ وَ فَحَصَ بِرَایَاتِهِ فِی ضوَاَحیِ کُوفَانَ فَعَطَفَ عَلَیهَا عَطفَ الضّرُوسِ وَ فَرَشَ الأَرضَ بِالرّءُوسِ قَد فَغَرَت فَاغِرَتُهُ وَ ثَقُلَت فِی الأَرضِ وَطأَتُهُ بَعِیدَ الجَولَةِ عَظِیمَ الصّولَةِ وَ اللّهِ لَیُشَرّدَنّکُم فِی أَطرَافِ الأَرضِ حَتّی لَا یَبقَی مِنکُم إِلّا قَلِیلٌ کَالکُحلِ فِی العَینِ فَلَا تَزَالُونَ کَذَلِکَ حَتّی تَئُوبَ إِلَی العَرَبِ عَوَازِبُ أَحلَامِهَا فَالزَمُوا السّنَنَ القَائِمَةَ وَ الآثَارَ البَیّنَةَ وَ العَهدَ القَرِیبَ ألّذِی عَلَیهِ باَقیِ النّبُوّةِ وَ اعلَمُوا أَنّ الشّیطَانَ إِنّمَا یسُنَیّ لَکُم طُرُقَهُ لِتَتّبِعُوا عَقِبَهُ

139- و من کلام له ع فی وقت الشوری

لَن یُسرِعَ أَحَدٌ قبَلیِ إِلَی دَعوَةِ حَقّ وَ صِلَةِ رَحِمٍ وَ عَائِدَةِ کَرَمٍ فَاسمَعُوا قوَلیِ وَ عُوا منَطقِیِ عَسَی أَن تَرَوا هَذَا الأَمرَ مِن بَعدِ هَذَا الیَومِ تُنتَضَی فِیهِ السّیُوفُ وَ تُخَانُ فِیهِ العُهُودُ حَتّی یَکُونَ بَعضُکُم أَئِمّةً لِأَهلِ الضّلَالَةِ وَ شِیعَةً لِأَهلِ الجَهَالَةِ

ص 197

140- و من کلام له ع فی النهی عن غیبة الناس

وَ إِنّمَا ینَبغَیِ لِأَهلِ العِصمَةِ وَ المَصنُوعِ إِلَیهِم فِی السّلَامَةِ أَن یَرحَمُوا أَهلَ الذّنُوبِ وَ المَعصِیَةِ وَ یَکُونَ الشّکرُ هُوَ الغَالِبَ عَلَیهِم وَ الحَاجِزَ لَهُم عَنهُم فَکَیفَ بِالعَائِبِ ألّذِی عَابَ أَخَاهُ وَ عَیّرَهُ بِبَلوَاهُ أَ مَا ذَکَرَ مَوضِعَ سَترِ اللّهِ عَلَیهِ مِن ذُنُوبِهِ مِمّا هُوَ أَعظَمُ مِنَ الذّنبِ ألّذِی عَابَهُ بِهِ وَ کَیفَ یَذُمّهُ بِذَنبٍ قَد رَکِبَ مِثلَهُ فَإِن لَم یَکُن رَکِبَ ذَلِکَ الذّنبَ بِعَینِهِ فَقَد عَصَی اللّهَ فِیمَا سِوَاهُ مِمّا هُوَ أَعظَمُ مِنهُ وَ ایمُ اللّهِ لَئِن لَم یَکُن عَصَاهُ فِی الکَبِیرِ وَ عَصَاهُ فِی الصّغِیرِ لَجَرَاءَتُهُ عَلَی عَیبِ النّاسِ أَکبَرُ یَا عَبدَ اللّهِ لَا تَعجَل فِی عَیبِ أَحَدٍ بِذَنبِهِ فَلَعَلّهُ مَغفُورٌ لَهُ وَ لَا تَأمَن عَلَی نَفسِکَ صَغِیرَ مَعصِیَةٍ فَلَعَلّکَ مُعَذّبٌ عَلَیهِ فَلیَکفُف مَن عَلِمَ مِنکُم عَیبَ غَیرِهِ لِمَا یَعلَمُ مِن عَیبِ نَفسِهِ وَ لیَکُنِ الشّکرُ شَاغِلًا لَهُ عَلَی مُعَافَاتِهِ مِمّا ابتلُیِ‌َ بِهِ غَیرُهُ

141- و من کلام له ع فی النهی عن سماع الغیبة و فی الفرق بین الحق والباطل

أَیّهَا النّاسُ مَن عَرَفَ مِن أَخِیهِ وَثِیقَةَ دِینٍ وَ سَدَادَ طَرِیقٍ فَلَا

ص 198
یَسمَعَنّ فِیهِ أَقَاوِیلَ الرّجَالِ أَمَا إِنّهُ قَد یرَمیِ الراّمیِ وَ تُخطِئُ السّهَامُ وَ یُحِیلُ الکَلَامُ وَ بَاطِلُ ذَلِکَ یَبُورُ وَ اللّهُ سَمِیعٌ وَ شَهِیدٌ أَمَا إِنّهُ لَیسَ بَینَ الحَقّ وَ البَاطِلِ إِلّا أَربَعُ أَصَابِعَ
فسئل ع عن معنی قوله هذافجمع أصابعه ووضعها بین أذنه وعینه ثم قال
البَاطِلُ أَن تَقُولَ سَمِعتُ وَ الحَقّ أَن تَقُولَ رَأَیتُ

142- و من کلام له ع

المعروف فی غیرأهله

وَ لَیسَ لِوَاضِعِ المَعرُوفِ فِی غَیرِ حَقّهِ وَ
عِندَ غَیرِ أَهلِهِ مِنَ الحَظّ فِیمَا أَتَی إِلّا مَحمَدَةُ اللّئَامِ وَ ثَنَاءُ الأَشرَارِ وَ مَقَالَةُ الجُهّالَ مَا دَامَ مُنعِماً عَلَیهِم مَا أَجوَدَ یَدَهُ وَ هُوَ عَن ذَاتِ اللّهِ بِخَیلٌ

مواضع المعروف

فَمَن آتَاهُ اللّهُ مَالًا فَلیَصِل بِهِ القَرَابَةَ وَ لیُحسِن مِنهُ الضّیَافَةَ وَ لیَفُکّ بِهِ الأَسِیرَ وَ العاَنیِ‌َ وَ لیُعطِ مِنهُ الفَقِیرَ وَ الغَارِمَ وَ لیَصبِر نَفسَهُ عَلَی الحُقُوقِ وَ النّوَائِبِ ابتِغَاءَ الثّوَابِ فَإِنّ فَوزاً بِهَذِهِ الخِصَالِ شَرَفُ مَکَارِمِ الدّنیَا وَ دَرکُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إِن شَاءَ اللّهُ

ص 199

143- و من خطبة له ع فی الاستسقاء و فیه تنبیه العباد وجوب استغاثة رحمة اللّه إذاحبس عنهم رحمة المطر

أَلَا وَ إِنّ الأَرضَ التّیِ تُقِلّکُم وَ السّمَاءَ التّیِ تُظِلّکُم مُطِیعَتَانِ لِرَبّکُم وَ مَا أَصبَحَتَا تَجُودَانِ لَکُم بِبَرَکَتِهِمَا تَوَجّعاً لَکُم وَ لَا زُلفَةً إِلَیکُم وَ لَا لِخَیرٍ تَرجُوَانِهِ مِنکُم وَ لَکِن أُمِرَتَا بِمَنَافِعِکُم فَأَطَاعَتَا وَ أُقِیمَتَا عَلَی حُدُودِ مَصَالِحِکُم فَقَامَتَا إِنّ اللّهَ یبَتلَیِ عِبَادَهُ
عِندَ الأَعمَالِ السّیّئَةِ بِنَقصِ الثّمَرَاتِ وَ حَبسِ البَرَکَاتِ وَ إِغلَاقِ خَزَائِنِ الخَیرَاتِ لِیَتُوبَ تَائِبٌ وَ یُقلِعَ مُقلِعٌ وَ یَتَذَکّرَ مُتَذَکّرٌ وَ یَزدَجِرَ مُزدَجِرٌ وَ قَد جَعَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ الِاستِغفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرّزقِ وَ رَحمَةِ الخَلقِ فَقَالَ سُبحَانَهُاستَغفِرُوا رَبّکُم إِنّهُ کانَ غَفّاراً یُرسِلِ السّماءَ عَلَیکُم مِدراراً وَ یُمدِدکُم بِأَموالٍ وَ بَنِینَ وَ یَجعَل لَکُم جَنّاتٍ وَ یَجعَل لَکُم أَنهاراًفَرَحِمَ اللّهُ امرَأً استَقبَلَ تَوبَتَهُ وَ استَقَالَ خَطِیئَتَهُ وَ بَادَرَ مَنِیّتَهُ أللّهُمّ إِنّا خَرَجنَا إِلَیکَ مِن تَحتِ الأَستَارِ وَ الأَکنَانِ وَ بَعدَ عَجِیجِ البَهَائِمِ وَ الوِلدَانِ رَاغِبِینَ فِی رَحمَتِکَ وَ رَاجِینَ فَضلَ نِعمَتِکَ وَ خَائِفِینَ مِن عَذَابِکَ وَ نِقمَتِکَ أللّهُمّ فَاسقِنَا غَیثَکَ وَ لَا تَجعَلنَا مِنَ
-قرآن-648-805

ص 200
القَانِطِینَ وَ لَا تُهلِکنَا بِالسّنِینَ وَ لَا تُؤَاخِذنَا بِمَا فَعَلَ السّفَهَاءُ مِنّا یَا أَرحَمَ الرّاحِمِینَ أللّهُمّ إِنّا خَرَجنَا إِلَیکَ نَشکُو إِلَیکَ مَا لَا یَخفَی عَلَیکَ حِینَ أَلجَأَتنَا المَضَایِقُ الوَعرَةُ وَ أَجَاءَتنَا المَقَاحِطُ المُجدِبَةُ وَ أَعیَتنَا المَطَالِبُ المُتَعَسّرَةُ وَ تَلَاحَمَت عَلَینَا الفِتَنُ المُستَصعِبَةُ أللّهُمّ إِنّا نَسأَلُکَ أَلّا تَرُدّنَا خَائِبِینَ وَ لَا تَقلِبَنَا وَاجِمِینَ وَ لَا تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا وَ لَا تُقَایِسَنَا بِأَعمَالِنَا أللّهُمّ انشُر عَلَینَا غَیثَکَ وَ بَرَکَتَکَ وَ رِزقَکَ وَ رَحمَتَکَ وَ اسقِنَا سُقیَا نَاقِعَةً مُروِیَةً مُعشِبَةً تُنبِتُ بِهَا مَا قَد فَاتَ وَ تحُییِ بِهَا مَا قَد مَاتَ نَافِعَةَ الحَیَا کَثِیرَةَ المُجتَنَی ترُویِ بِهَا القِیعَانَ وَ تُسِیلُ البُطنَانَ وَ تَستَورِقُ الأَشجَارَ وَ تُرخِصُ الأَسعَارَ إِنّکَ عَلَی مَا تَشَاءُ قَدِیرٌ

144- و من خطبة له ع

مبعث الرسل

بَعَثَ اللّهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصّهُم بِهِ مِن وَحیِهِ وَ جَعَلَهُم حُجّةً لَهُ عَلَی خَلقِهِ لِئَلّا تَجِبَ الحُجّةُ لَهُم بِتَرکِ الإِعذَارِ إِلَیهِم فَدَعَاهُم بِلِسَانِ الصّدقِ إِلَی سَبِیلِ الحَقّ أَلَا إِنّ اللّهَ تَعَالَی قَد کَشَفَ الخَلقَ کَشفَةً لَا أَنّهُ جَهِلَ مَا أَخفَوهُ مِن مَصُونِ أَسرَارِهِم وَ مَکنُونِ ضَمَائِرِهِم وَ لَکِن

ص 201
لِیَبلُوَهُم أَیّهُم أَحسَنُ عَمَلًا فَیَکُونَ الثّوَابُ جَزَاءً وَ العِقَابُ بَوَاءً

فضل أهل البیت

أَینَ الّذِینَ زَعَمُوا أَنّهُمُ الرّاسِخُونَ فِی العِلمِ دُونَنَا کَذِباً وَ بَغیاً عَلَینَا أَن رَفَعَنَا اللّهُ وَ وَضَعَهُم وَ أَعطَانَا وَ حَرَمَهُم وَ أَدخَلَنَا وَ أَخرَجَهُم بِنَا یُستَعطَی الهُدَی وَ یُستَجلَی العَمَی إِنّ الأَئِمّةَ مِن قُرَیشٍ غُرِسُوا فِی هَذَا البَطنِ مِن هَاشِمٍ لَا تَصلُحُ عَلَی سِوَاهُم وَ لَا تَصلُحُ الوُلَاةُ مِن غَیرِهِم

أهل الضلال

منهاآثَرُوا عَاجِلًا وَ أَخّرُوا آجِلًا وَ تَرَکُوا صَافِیاً وَ شَرِبُوا آجِناً کأَنَیّ أَنظُرُ إِلَی فَاسِقِهِم وَ قَد صَحِبَ المُنکَرَ فَأَلِفَهُ وَ بَسِئَ بِهِ وَ وَافَقَهُ حَتّی شَابَت عَلَیهِ مَفَارِقُهُ وَ صُبِغَت بِهِ خَلَائِقُهُ ثُمّ أَقبَلَ مُزبِداً کَالتّیّارِ لَا یبُاَلیِ مَا غَرّقَ أَو کَوَقعِ النّارِ فِی الهَشِیمِ لَا یَحفِلُ مَا حَرّقَ أَینَ العُقُولُ المُستَصبِحَةُ بِمَصَابِیحِ الهُدَی وَ الأَبصَارُ اللّامِحَةُ إِلَی مَنَارِ التّقوَی أَینَ القُلُوبُ التّیِ وُهِبَت لِلّهِ وَ عُوقِدَت عَلَی طَاعَةِ اللّهِ ازدَحَمُوا عَلَی الحُطَامِ وَ تَشَاحّوا عَلَی الحَرَامِ وَ رُفِعَ لَهُم عَلَمُ

ص 202
الجَنّةِ وَ النّارِ فَصَرَفُوا عَنِ الجَنّةِ وُجُوهَهُم وَ أَقبَلُوا إِلَی النّارِ بِأَعمَالِهِم وَ دَعَاهُم رَبّهُم فَنَفَرُوا وَ وَلّوا وَ دَعَاهُمُ الشّیطَانُ فَاستَجَابُوا وَ أَقبَلُوا

145- و من خطبة له ع

فناء الدنیا

أَیّهَا النّاسُ إِنّمَا أَنتُم فِی هَذِهِ الدّنیَا غَرَضٌ تَنتَضِلُ فِیهِ المَنَایَا مَعَ کُلّ جَرعَةٍ شَرَقٌ وَ فِی کُلّ أَکلَةٍ غَصَصٌ لَا تَنَالُونَ مِنهَا نِعمَةً إِلّا بِفِرَاقِ أُخرَی وَ لَا یُعَمّرُ مُعَمّرٌ مِنکُم یَوماً مِن عُمُرِهِ إِلّا بِهَدمِ آخَرَ مِن أَجَلِهِ وَ لَا تُجَدّدُ لَهُ زِیَادَةٌ فِی أَکلِهِ إِلّا بِنَفَادِ مَا قَبلَهَا مِن رِزقِهِ وَ لَا یَحیَا لَهُ أَثَرٌ إِلّا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ وَ لَا یَتَجَدّدُ لَهُ جَدِیدٌ إِلّا بَعدَ أَن یَخلَقَ لَهُ جَدِیدٌ وَ لَا تَقُومُ لَهُ نَابِتَةٌ إِلّا وَ تَسقُطُ مِنهُ مَحصُودَةٌ وَ قَد مَضَت أُصُولٌ نَحنُ فُرُوعُهَا فَمَا بَقَاءُ فَرعٍ بَعدَ ذَهَابِ أَصلِهِ

ذم البدعة

منها وَ مَا أُحدِثَت بِدعَةٌ إِلّا تُرِکَ بِهَا سُنّةٌ فَاتّقُوا البِدَعَ وَ الزَمُوا المَهیَعَ إِنّ عَوَازِمَ الأُمُورِ أَفضَلُهَا وَ إِنّ مُحدِثَاتِهَا شِرَارُهَا

ص 203

146- و من کلام له ع و قداستشاره عمر بن الخطاب فی الشخوص لقتال الفرس بنفسه

إِنّ هَذَا الأَمرَ لَم یَکُن نَصرُهُ وَ لَا خِذلَانُهُ بِکَثرَةٍ وَ لَا بِقِلّةٍ وَ هُوَ دِینُ اللّهِ ألّذِی أَظهَرَهُ وَ جُندُهُ ألّذِی أَعَدّهُ وَ أَمَدّهُ حَتّی بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ طَلَعَ حَیثُ طَلَعَ وَ نَحنُ عَلَی مَوعُودٍ مِنَ اللّهِ وَ اللّهُ مُنجِزٌ وَعدَهُ وَ نَاصِرٌ جُندَهُ وَ مَکَانُ القَیّمِ بِالأَمرِ مَکَانُ النّظَامِ مِنَ الخَرَزِ یَجمَعُهُ وَ یَضُمّهُ فَإِنِ انقَطَعَ النّظَامُ تَفَرّقَ الخَرَزُ وَ ذَهَبَ ثُمّ لَم یَجتَمِع بِحَذَافِیرِهِ أَبَداً وَ العَرَبُ الیَومَ وَ إِن کَانُوا قَلِیلًا فَهُم کَثِیرُونَ بِالإِسلَامِ عَزِیزُونَ بِالِاجتِمَاعِ فَکُن قُطباً وَ استَدِرِ الرّحَی بِالعَرَبِ وَ أَصلِهِم دُونَکَ نَارَ الحَربِ فَإِنّکَ إِن شَخَصتَ مِن هَذِهِ الأَرضِ انتَقَضَت عَلَیکَ العَرَبُ مِن أَطرَافِهَا وَ أَقطَارِهَا حَتّی یَکُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَکَ مِنَ العَورَاتِ أَهَمّ إِلَیکَ مِمّا بَینَ یَدَیکَ إِنّ الأَعَاجِمَ إِن یَنظُرُوا إِلَیکَ غَداً یَقُولُوا هَذَا أَصلُ العَرَبِ فَإِذَا اقتَطَعتُمُوهُ استَرَحتُم فَیَکُونُ ذَلِکَ أَشَدّ لِکَلَبِهِم عَلَیکَ وَ طَمَعِهِم فِیکَ فَأَمّا مَا ذَکَرتَ مِن مَسِیرِ القَومِ إِلَی قِتَالِ المُسلِمِینَ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ هُوَ أَکرَهُ لِمَسِیرِهِم مِنکَ وَ هُوَ أَقدَرُ عَلَی تَغیِیرِ مَا یَکرَهُ

ص 204
وَ أَمّا مَا ذَکَرتَ مِن عَدَدِهِم فَإِنّا لَم نَکُن نُقَاتِلُ فِیمَا مَضَی بِالکَثرَةِ وَ إِنّمَا کُنّا نُقَاتِلُ بِالنّصرِ وَ المَعُونَةِ

147- و من خطبة له ع

الغایة من البعثة

فَبَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص بِالحَقّ لِیُخرِجَ عِبَادَهُ مِن عِبَادَةِ الأَوثَانِ إِلَی عِبَادَتِهِ وَ مِن طَاعَةِ الشّیطَانِ إِلَی طَاعَتِهِ بِقُرآنٍ قَد بَیّنَهُ وَ أَحکَمَهُ لِیَعلَمَ العِبَادُ رَبّهُم إِذ جَهِلُوهُ وَ لِیُقِرّوا بِهِ بَعدَ إِذ جَحَدُوهُ وَ لِیُثبِتُوهُ بَعدَ إِذ أَنکَرُوهُ فَتَجَلّی لَهُم سُبحَانَهُ فِی کِتَابِهِ مِن غَیرِ أَن یَکُونُوا رَأَوهُ بِمَا أَرَاهُم مِن قُدرَتِهِ وَ خَوّفَهُم مِن سَطوَتِهِ وَ کَیفَ مَحَقَ مَن مَحَقَ بِالمَثُلَاتِ وَ احتَصَدَ مَنِ احتَصَدَ بِالنّقِمَاتِ

الزمان المقبل

وَ إِنّهُ سیَأَتیِ عَلَیکُم مِن بعَدیِ زَمَانٌ لَیسَ فِیهِ شَیءٌ أَخفَی مِنَ الحَقّ وَ لَا أَظهَرَ مِنَ البَاطِلِ وَ لَا أَکثَرَ مِنَ الکَذِبِ عَلَی اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ لَیسَ
عِندَ أَهلِ ذَلِکَ الزّمَانِ سِلعَةٌ أَبوَرَ مِنَ الکِتَابِ إِذَا تلُیِ‌َ حَقّ تِلَاوَتِهِ وَ لَا أَنفَقَ مِنهُ إِذَا حُرّفَ عَن مَوَاضِعِهِ وَ لَا فِی البِلَادِ شَیءٌ أَنکَرَ مِنَ المَعرُوفِ وَ لَا أَعرَفَ مِنَ المُنکَرِ فَقَد نَبَذَ الکِتَابَ حَمَلَتُهُ وَ تَنَاسَاهُ

ص 205
حَفَظَتُهُ فَالکِتَابُ یَومَئِذٍ وَ أَهلُهُ طَرِیدَانِ مَنفِیّانِ وَ صَاحِبَانِ مُصطَحِبَانِ فِی طَرِیقٍ وَاحِدٍ لَا یُؤوِیهِمَا مُؤوٍ فَالکِتَابُ وَ أَهلُهُ فِی ذَلِکَ الزّمَانِ فِی النّاسِ وَ لَیسَا فِیهِم وَ مَعَهُم وَ لَیسَا مَعَهُم لِأَنّ الضّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ الهُدَی وَ إِنِ اجتَمَعَا فَاجتَمَعَ القَومُ عَلَی الفُرقَةِ وَ افتَرَقُوا عَلَی الجَمَاعَةِ کَأَنّهُم أَئِمّةُ الکِتَابِ وَ لَیسَ الکِتَابُ إِمَامَهُم فَلَم یَبقَ عِندَهُم مِنهُ إِلّا اسمُهُ وَ لَا یَعرِفُونَ إِلّا خَطّهُ وَ زَبرَهُ وَ مِن قَبلُ مَا مَثّلُوا بِالصّالِحِینَ کُلّ مُثلَةٍ وَ سَمّوا صِدقَهُم عَلَی اللّهِ فِریَةً وَ جَعَلُوا فِی الحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السّیّئَةِ وَ إِنّمَا هَلَکَ مَن کَانَ قَبلَکُم بِطُولِ آمَالِهِم وَ تَغَیّبِ آجَالِهِم حَتّی نَزَلَ بِهِمُ المَوعُودُ ألّذِی تُرَدّ عَنهُ المَعذِرَةُ وَ تُرفَعُ عَنهُ التّوبَةُ وَ تَحُلّ مَعَهُ القَارِعَةُ وَ النّقمَةُ

عظة الناس

أَیّهَا النّاسُ إِنّهُ مَنِ استَنصَحَ اللّهَ وُفّقَ وَ مَنِ اتّخَذَ قَولَهُ دَلِیلًا هدُیِ‌َ للِتّیِ هیِ‌َ أَقُومُ فَإِنّ جَارَ اللّهِ آمِنٌ وَ عَدُوّهُ خَائِفٌ وَ إِنّهُ لَا ینَبغَیِ لِمَن عَرَفَ عَظَمَةَ اللّهِ أَن یَتَعَظّمَ فَإِنّ رِفعَةَ الّذِینَ یَعلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَن یَتَوَاضَعُوا لَهُ وَ سَلَامَةَ الّذِینَ یَعلَمُونَ مَا قُدرَتُهُ أَن یَستَسلِمُوا لَهُ فَلَا تَنفِرُوا مِنَ الحَقّ نِفَارَ الصّحِیحِ مِنَ الأَجرَبِ وَ الباَر‌ِئِ مِن ذیِ السّقَمِ وَ اعلَمُوا أَنّکُم لَن تَعرِفُوا الرّشدَ حَتّی تَعرِفُوا ألّذِی

ص 206
تَرَکَهُ وَ لَن تَأخُذُوا بِمِیثَاقِ الکِتَابِ حَتّی تَعرِفُوا ألّذِی نَقَضَهُ وَ لَن تَمَسّکُوا بِهِ حَتّی تَعرِفُوا ألّذِی نَبَذَهُ فَالتَمِسُوا ذَلِکَ مِن
عِندِ أَهلِهِ فَإِنّهُم عَیشُ العِلمِ وَ مَوتُ الجَهلِ هُمُ الّذِینَ یُخبِرُکُم حُکمُهُم عَن عِلمِهِم وَ صَمتُهُم عَن مَنطِقِهِم وَ ظَاهِرُهُم عَن بَاطِنِهِم لَا یُخَالِفُونَ الدّینَ وَ لَا یَختَلِفُونَ فِیهِ فَهُوَ بَینَهُم شَاهِدٌ صَادِقٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ

148- و من کلام له ع فی ذکر أهل البصرة

کُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا یَرجُو الأَمرَ لَهُ وَ یَعطِفُهُ عَلَیهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا یَمُتّانِ إِلَی اللّهِ بِحَبلٍ وَ لَا یَمُدّانِ إِلَیهِ بِسَبَبٍ کُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا حَامِلُ ضَبّ لِصَاحِبِهِ وَ عَمّا قَلِیلٍ یُکشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ وَ اللّهِ لَئِن أَصَابُوا ألّذِی یُرِیدُونَ لَیَنتَزِعَنّ هَذَا نَفسَ هَذَا وَ لَیَأتِیَنّ هَذَا عَلَی هَذَا قَد قَامَتِ الفِئَةُ البَاغِیَةُ فَأَینَ المُحتَسِبُونَ فَقَد سُنّت لَهُمُ السّنَنُ وَ قُدّمَ لَهُمُ الخَبَرُ وَ لِکُلّ ضَلّةٍ عِلّةٌ وَ لِکُلّ نَاکِثٍ شُبهَةٌ وَ اللّهِ لَا أَکُونُ کَمُستَمِعِ اللّدمِ یَسمَعُ الناّعیِ‌َ وَ یَحضُرُ الباَکیِ‌َ ثُمّ لَا یَعتَبِرُ

ص 207

149- و من کلام له ع قبل موته

أَیّهَا النّاسُ کُلّ امر‌ِئٍ لَاقٍ مَا یَفِرّ مِنهُ فِی فِرَارِهِ الأَجَلُ مَسَاقُ النّفسِ وَ الهَرَبُ مِنهُ مُوَافَاتُهُ کَم أَطرَدتُ الأَیّامَ أَبحَثُهَا عَن مَکنُونِ هَذَا الأَمرِ فَأَبَی اللّهُ إِلّا إِخفَاءَهُ هَیهَاتَ عِلمٌ مَخزُونٌ أَمّا وصَیِتّیِ فَاللّهَ لَا تُشرِکُوا بِهِ شَیئاً وَ مُحَمّداًص فَلَا تُضَیّعُوا سُنّتَهُ أَقِیمُوا هَذَینِ العَمُودَینِ وَ أَوقِدُوا هَذَینِ المِصبَاحَینِ وَ خَلَاکُم ذَمّ مَا لَم تَشرُدُوا حُمّلَ کُلّ امر‌ِئٍ مِنکُم مَجهُودَهُ وَ خُفّفَ عَنِ الجَهَلَةِ رَبّ رَحِیمٌ وَ دِینٌ قَوِیمٌ وَ إِمَامٌ عَلِیمٌ أَنَا بِالأَمسِ صَاحِبُکُم وَ أَنَا الیَومَ عِبرَةٌ لَکُم وَ غَداً مُفَارِقُکُم غَفَرَ اللّهُ لِی وَ لَکُم إِن تَثبُتِ الوَطأَةُ فِی هَذِهِ المَزَلّةِ فَذَاکَ وَ إِن تَدحَضِ القَدَمُ فَإِنّا کُنّا فِی أَفیَاءِ أَغصَانٍ وَ مَهَابّ رِیَاحٍ وَ تَحتَ ظِلّ غَمَامٍ اضمَحَلّ فِی الجَوّ مُتَلَفّقُهَا وَ عَفَا فِی الأَرضِ مَخَطّهَا وَ إِنّمَا کُنتُ جَاراً جَاوَرَکُم بدَنَیِ أَیّاماً وَ سَتُعقَبُونَ منِیّ جُثّةً خَلَاءً سَاکِنَةً بَعدَ حَرَاکٍ وَ صَامِتَةً بَعدَ نُطقٍ لِیَعِظکُم هدُوُیّ وَ خُفُوتُ إطِراَقیِ وَ سُکُونُ أطَراَفیِ فَإِنّهُ أَوعَظُ لِلمُعتَبِرِینَ مِنَ المَنطِقِ

ص 208
البَلِیغِ وَ القَولِ المَسمُوعِ ودَاَعیِ لَکُم وَدَاعُ امر‌ِئٍ مُرصِدٍ للِتلّاَقیِ غَداً تَرَونَ أیَاّمیِ وَ یُکشَفُ لَکُم عَن سرَاَئرِیِ وَ تعَرفِوُننَیِ بَعدَ خُلُوّ مکَاَنیِ وَ قِیَامِ غیَریِ مقَاَمیِ‌

150- و من خطبة له ع یومی فیها إلی الملاحم ویصف فئة من أهل الضلال

اشاره

وَ أَخَذُوا یَمِیناً وَ شِمَالًا ظَعناً فِی مَسَالِکِ الغیَ‌ّ وَ تَرکاً لِمَذَاهِبِ الرّشدِ فَلَا تَستَعجِلُوا مَا هُوَ کَائِنٌ مُرصَدٌ وَ لَا تَستَبطِئُوا مَا یجَیِ‌ءُ بِهِ الغَدُ فَکَم مِن مُستَعجِلٍ بِمَا إِن أَدرَکَهُ وَدّ أَنّهُ لَم یُدرِکهُ وَ مَا أَقرَبَ الیَومَ مِن تَبَاشِیرِ غَدٍ یَا قَومِ هَذَا إِبّانُ وُرُودِ کُلّ مَوعُودٍ وَ دُنُوّ مِن طَلعَةِ مَا لَا تَعرِفُونَ أَلَا وَ إِنّ مَن أَدرَکَهَا مِنّا یسَریِ فِیهَا بِسِرَاجٍ مُنِیرٍ وَ یَحذُو فِیهَا عَلَی مِثَالِ الصّالِحِینَ لِیَحُلّ فِیهَا رِبقاً وَ یُعتِقَ فِیهَا رِقّاً وَ یَصدَعَ شَعباً وَ یَشعَبَ صَدعاً فِی سُترَةٍ عَنِ النّاسِ لَا یُبصِرُ القَائِفُ أَثَرَهُ وَ لَو تَابَعَ نَظَرَهُ ثُمّ لَیُشحَذَنّ فِیهَا قَومٌ شَحذَ القَینِ النّصلَ تُجلَی بِالتّنزِیلِ أَبصَارُهُم وَ یُرمَی بِالتّفسِیرِ فِی مَسَامِعِهِم وَ یُغبَقُونَ کَأسَ الحِکمَةِ بَعدَ الصّبُوحِ

ص 209

فی الضلال

منها وَ طَالَ الأَمَدُ بِهِم لِیَستَکمِلُوا الخزِی‌َ وَ یَستَوجِبُوا الغِیَرَ حَتّی إِذَا اخلَولَقَ الأَجَلُ وَ استَرَاحَ قَومٌ إِلَی الفِتَنِ وَ أَشَالُوا عَن لَقَاحِ حَربِهِم لَم یَمُنّوا عَلَی اللّهِ بِالصّبرِ وَ لَم یَستَعظِمُوا بَذلَ أَنفُسِهِم فِی الحَقّ حَتّی إِذَا وَافَقَ وَارِدُ القَضَاءِ انقِطَاعَ مُدّةِ البَلَاءِ حَمَلُوا بَصَائِرَهُم عَلَی أَسیَافِهِم وَ دَانُوا لِرَبّهِم بِأَمرِ وَاعِظِهِم حَتّی إِذَا قَبَضَ اللّهُ رَسُولَهُص رَجَعَ قَومٌ عَلَی الأَعقَابِ وَ غَالَتهُمُ السّبُلُ وَ اتّکَلُوا عَلَی الوَلَائِجِ وَ وَصَلُوا غَیرَ الرّحِمِ وَ هَجَرُوا السّبَبَ ألّذِی أُمِرُوا بِمَوَدّتِهِ وَ نَقَلُوا البِنَاءَ عَن رَصّ أَسَاسِهِ فَبَنَوهُ فِی غَیرِ مَوضِعِهِ مَعَادِنُ کُلّ خَطِیئَةٍ وَ أَبوَابُ کُلّ ضَارِبٍ فِی غَمرَةٍ قَد مَارُوا فِی الحَیرَةِ وَ ذَهَلُوا فِی السّکرَةِ عَلَی سُنّةٍ مِن آلِ فِرعَونَ مِن مُنقَطِعٍ إِلَی الدّنیَا رَاکِنٍ أَو مُفَارِقٍ لِلدّینِ مُبَایِنٍ

151- و من خطبة له ع یحذر من الفتن

اللّه ورسوله

وَ أَحمَدُ اللّهَ وَ أَستَعِینُهُ عَلَی مَدَاحِرِ الشّیطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ الِاعتِصَامِ مِن حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً

ص 210
عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِیبُهُ وَ صَفوَتُهُ لَا یُؤَازَی فَضلُهُ وَ لَا یُجبَرُ فَقدُهُ أَضَاءَت بِهِ البِلَادُ بَعدَ الضّلَالَةِ المُظلِمَةِ وَ الجَهَالَةِ الغَالِبَةِ وَ الجَفوَةِ الجَافِیَةِ وَ النّاسُ یَستَحِلّونَ الحَرِیمَ وَ یَستَذِلّونَ الحَکِیمَ یَحیَونَ عَلَی فَترَةٍ وَ یَمُوتُونَ عَلَی کَفرَةٍ

التحذیر من الفتن

ثُمّ إِنّکُم مَعشَرَ العَرَبِ أَغرَاضُ بَلَایَا قَدِ اقتَرَبَت فَاتّقُوا سَکَرَاتِ النّعمَةِ وَ احذَرُوا بَوَائِقَ النّقمَةِ وَ تَثَبّتُوا فِی قَتَامِ العِشوَةِ وَ اعوِجَاجِ الفِتنَةِ
عِندَ طُلُوعِ جَنِینِهَا وَ ظُهُورِ کَمِینِهَا وَ انتِصَابِ قُطبِهَا وَ مَدَارِ رَحَاهَا تَبدَأُ فِی مَدَارِجَ خَفِیّةٍ وَ تَئُولُ إِلَی فَظَاعَةٍ جَلِیّةٍ شِبَابُهَا کَشِبَابِ الغُلَامِ وَ آثَارُهَا کَآثَارِ السّلَامِ یَتَوَارَثُهَا الظّلَمَةُ بِالعُهُودِ أَوّلُهُم قَائِدٌ لِآخِرِهِم وَ آخِرُهُم مُقتَدٍ بِأَوّلِهِم یَتَنَافَسُونَ فِی دُنیَا دَنِیّةٍ وَ یَتَکَالَبُونَ عَلَی جِیفَةٍ مُرِیحَةٍ وَ عَن قَلِیلٍ یَتَبَرّأُ التّابِعُ مِنَ المَتبُوعِ وَ القَائِدُ مِنَ المَقُودِ فَیَتَزَایَلُونَ بِالبَغضَاءِ وَ یَتَلَاعَنُونَ
عِندَ اللّقَاءِ ثُمّ یأَتیِ بَعدَ ذَلِکَ طَالِعُ الفِتنَةِ الرّجُوفِ وَ القَاصِمَةِ الزّحُوفِ فَتَزِیغُ قُلُوبٌ بَعدَ استِقَامَةٍ وَ تَضِلّ رِجَالٌ بَعدَ سَلَامَةٍ وَ تَختَلِفُ الأَهوَاءُ
عِندَ هُجُومِهَا وَ تَلتَبِسُ الآرَاءُ
عِندَ نُجُومِهَا مَن أَشرَفَ لَهَا قَصَمَتهُ وَ مَن سَعَی فِیهَا حَطَمَتهُ یَتَکَادَمُونَ فِیهَا تَکَادُمَ الحُمُرِ فِی العَانَةِ قَدِ اضطَرَبَ مَعقُودُ

ص 211
الحَبلِ وَ عمَیِ‌َ وَجهُ الأَمرِ تَغِیضُ فِیهَا الحِکمَةُ وَ تَنطِقُ فِیهَا الظّلَمَةُ وَ تَدُقّ أَهلَ البَدوِ بِمِسحَلِهَا وَ تَرُضّهُم بِکَلکَلِهَا یَضِیعُ فِی غُبَارِهَا الوُحدَانُ وَ یَهلِکُ فِی طَرِیقِهَا الرّکبَانُ تَرِدُ بِمُرّ القَضَاءِ وَ تَحلُبُ عَبِیطَ الدّمَاءِ وَ تَثلِمُ مَنَارَ الدّینِ وَ تَنقُضُ عَقدَ الیَقِینِ یَهرُبُ مِنهَا الأَکیَاسُ وَ یُدَبّرُهَا الأَرجَاسُ مِرعَادٌ مِبرَاقٌ کَاشِفَةٌ عَن سَاقٍ تُقطَعُ فِیهَا الأَرحَامُ وَ یُفَارَقُ عَلَیهَا الإِسلَامُ بَرِیئُهَا سَقِیمٌ وَ ظَاعِنُهَا مُقِیمٌ
منها بَینَ قَتِیلٍ مَطلُولٍ وَ خَائِفٍ مُستَجِیرٍ یَختِلُونَ بِعَقدِ الأَیمَانِ وَ بِغُرُورِ الإِیمَانِ فَلَا تَکُونُوا أَنصَابَ الفِتَنِ وَ أَعلَامَ البِدَعِ وَ الزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَیهِ حَبلُ الجَمَاعَةِ وَ بُنِیَت عَلَیهِ أَرکَانُ الطّاعَةِ وَ اقدَمُوا عَلَی اللّهِ مَظلُومِینَ وَ لَا تَقدَمُوا عَلَیهِ ظَالِمِینَ وَ اتّقُوا مَدَارِجَ الشّیطَانِ وَ مَهَابِطَ العُدوَانِ وَ لَا تُدخِلُوا بُطُونَکُم لُعَقَ الحَرَامِ فَإِنّکُم بِعَینِ مَن حَرّمَ عَلَیکُمُ المَعصِیَةَ وَ سَهّلَ لَکُم سُبُلَ الطّاعَةِ

152- و من خطبة له ع

فی صفات اللّه جل جلاله ، وصفات أئمة الدین

الحَمدُ لِلّهِ الدّالّ عَلَی وُجُودِهِ بِخَلقِهِ وَ بِمُحدَثِ خَلقِهِ عَلَی أَزَلِیّتِهِ

ص 212
وَ بِاشتِبَاهِهِم عَلَی أَن لَا شَبَهَ لَهُ لَا تَستَلِمُهُ المَشَاعِرُ وَ لَا تَحجُبُهُ السّوَاتِرُ لِافتِرَاقِ الصّانِعِ وَ المَصنُوعِ وَ الحَادّ وَ المَحدُودِ وَ الرّبّ وَ المَربُوبِ الأَحَدِ بِلَا تَأوِیلِ عَدَدٍ وَ الخَالِقِ لَا بِمَعنَی حَرَکَةٍ وَ نَصَبٍ وَ السّمِیعِ لَا بِأَدَاةٍ وَ البَصِیرِ لَا بِتَفرِیقِ آلَةٍ وَ الشّاهِدِ لَا بِمُمَاسّةٍ وَ البَائِنِ لَا بتِرَاَخیِ مَسَافَةٍ وَ الظّاهِرِ لَا بِرُؤیَةٍ وَ البَاطِنِ لَا بِلَطَافَةٍ بَانَ مِنَ الأَشیَاءِ بِالقَهرِ لَهَا وَ القُدرَةِ عَلَیهَا وَ بَانَتِ الأَشیَاءُ مِنهُ بِالخُضُوعِ لَهُ وَ الرّجُوعِ إِلَیهِ مَن وَصَفَهُ فَقَد حَدّهُ وَ مَن حَدّهُ فَقَد عَدّهُ وَ مَن عَدّهُ فَقَد أَبطَلَ أَزَلَهُ وَ مَن قَالَ کَیفَ فَقَدِ استَوصَفَهُ وَ مَن قَالَ أَینَ فَقَد حَیّزَهُ عَالِمٌ إِذ لَا مَعلُومٌ وَ رَبّ إِذ لَا مَربُوبٌ وَ قَادِرٌ إِذ لَا مَقدُورٌ

أئمة الدین

منها قَد طَلَعَ طَالِعٌ وَ لَمَعَ لَامِعٌ وَ لَاحَ لَائِحٌ وَ اعتَدَلَ مَائِلٌ وَ استَبدَلَ اللّهُ بِقَومٍ قَوماً وَ بِیَومٍ یَوماً وَ انتَظَرنَا الغِیَرَ انتِظَارَ المُجدِبِ المَطَرَ وَ إِنّمَا الأَئِمّةُ قُوّامُ اللّهِ عَلَی خَلقِهِ وَ عُرَفَاؤُهُ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَا یَدخُلُ الجَنّةَ إِلّا مَن عَرَفَهُم وَ عَرَفُوهُ وَ لَا یَدخُلُ النّارَ إِلّا مَن أَنکَرَهُم وَ أَنکَرُوهُ إِنّ اللّهَ تَعَالَی خَصّکُم بِالإِسلَامِ وَ استَخلَصَکُم لَهُ وَ ذَلِکَ لِأَنّهُ اسمُ سَلَامَةٍ وَ جِمَاعُ کَرَامَةٍ اصطَفَی اللّهُ تَعَالَی مَنهَجَهُ وَ بَیّنَ حُجَجَهُ مِن ظَاهِرِ عِلمٍ وَ بَاطِنِ حُکمٍ لَا تَفنَی غَرَائِبُهُ

ص 213
وَ لَا تنَقضَیِ عَجَائِبُهُ فِیهِ مَرَابِیعُ النّعَمِ وَ مَصَابِیحُ الظّلَمِ لَا تُفتَحُ الخَیرَاتُ إِلّا بِمَفَاتِیحِهِ وَ لَا تُکشَفُ الظّلُمَاتُ إِلّا بِمَصَابِیحِهِ قَد أَحمَی حِمَاهُ وَ أَرعَی مَرعَاهُ فِیهِ شِفَاءُ المسُتشَفیِ وَ کِفَایَةُ المکُتفَیِ‌

153- و من خطبة له ع

صفة الضال

وَ هُوَ فِی مُهلَةٍ مِنَ اللّهِ یهَویِ مَعَ الغَافِلِینَ وَ یَغدُو مَعَ المُذنِبِینَ بِلَا سَبِیلٍ قَاصِدٍ وَ لَا إِمَامٍ قَائِدٍ

صفات الغافلین

منها حَتّی إِذَا کَشَفَ لَهُم عَن جَزَاءِ مَعصِیَتِهِم وَ استَخرَجَهُم مِن جَلَابِیبِ غَفلَتِهِمُ استَقبَلُوا مُدبِراً وَ استَدبَرُوا مُقبِلًا فَلَم یَنتَفِعُوا بِمَا أَدرَکُوا مِن طَلِبَتِهِم وَ لَا بِمَا قَضَوا مِن وَطَرِهِم إنِیّ أُحَذّرُکُم وَ نفَسیِ هَذِهِ المَنزِلَةَ فَلیَنتَفِعِ امرُؤٌ بِنَفسِهِ فَإِنّمَا البَصِیرُ مَن سَمِعَ فَتَفَکّرَ وَ نَظَرَ فَأَبصَرَ وَ انتَفَعَ بِالعِبَرِ ثُمّ سَلَکَ جَدَداً وَاضِحاً یَتَجَنّبُ فِیهِ الصّرعَةَ فِی المهَاَویِ وَ الضّلَالَ فِی

ص 214
المغَاَویِ وَ لَا یُعِینُ عَلَی نَفسِهِ الغُوَاةَ بِتَعَسّفٍ فِی حَقّ أَو تَحرِیفٍ فِی نُطقٍ أَو تَخَوّفٍ مِن صِدقٍ

عظة الناس

فَأَفِق أَیّهَا السّامِعُ مِن سَکرَتِکَ وَ استَیقِظ مِن غَفلَتِکَ وَ اختَصِر مِن عَجَلَتِکَ وَ أَنعِمِ الفِکرَ فِیمَا جَاءَکَ عَلَی لِسَانِ النّبِیّ الأمُیّ‌ّص مِمّا لَا بُدّ مِنهُ وَ لَا مَحِیصَ عَنهُ وَ خَالِف مَن خَالَفَ ذَلِکَ إِلَی غَیرِهِ وَ دَعهُ وَ مَا رضَیِ‌َ لِنَفسِهِ وَ ضَع فَخرَکَ وَ احطُط کِبرَکَ وَ اذکُر قَبرَکَ فَإِنّ عَلَیهِ مَمَرّکَ وَ کَمَا تَدِینُ تُدَانُ وَ کَمَا تَزرَعُ تَحصُدُ وَ مَا قَدّمتَ الیَومَ تَقدَمُ عَلَیهِ غَداً فَامهَد لِقَدَمِکَ وَ قَدّم لِیَومِکَ فَالحَذَرَ الحَذَرَ أَیّهَا المُستَمِعُ وَ الجِدّ الجِدّ أَیّهَا الغَافِلُوَ لا یُنَبّئُکَ مِثلُ خَبِیرٍ إِنّ مِن عَزَائِمِ اللّهِ فِی الذّکرِ الحَکِیمِ التّیِ عَلَیهَا یُثِیبُ وَ یُعَاقِبُ وَ لَهَا یَرضَی وَ یَسخَطُ أَنّهُ لَا یَنفَعُ عَبداً وَ إِن أَجهَدَ نَفسَهُ وَ أَخلَصَ فِعلَهُ أَن یَخرُجَ مِنَ الدّنیَا لَاقِیاً رَبّهُ بِخَصلَةٍ مِن هَذِهِ الخِصَالِ لَم یَتُب مِنهَا أَن یُشرِکَ بِاللّهِ فِیمَا افتَرَضَ عَلَیهِ مِن عِبَادَتِهِ أَو یشَفیِ‌َ غَیظَهُ بِهَلَاکِ نَفسٍ أَو یَعُرّ بِأَمرٍ فَعَلَهُ غَیرُهُ أَو یَستَنجِحَ حَاجَةً إِلَی النّاسِ بِإِظهَارِ بِدعَةٍ فِی دِینِهِ أَو یَلقَی النّاسَ بِوَجهَینِ أَو یمَشیِ‌َ
-قرآن-561-590

ص 215
فِیهِم بِلِسَانَینِ اعقِل ذَلِکَ فَإِنّ المِثلَ دَلِیلٌ عَلَی شِبهِهِ إِنّ البَهَائِمَ هَمّهَا بُطُونُهَا وَ إِنّ السّبَاعَ هَمّهَا العُدوَانُ عَلَی غَیرِهَا وَ إِنّ النّسَاءَ هَمّهُنّ زِینَةُ الحَیَاةِ الدّنیَا وَ الفَسَادُ فِیهَا إِنّ المُؤمِنِینَ مُستَکِینُونَ إِنّ المُؤمِنِینَ مُشفِقُونَ إِنّ المُؤمِنِینَ خَائِفُونَ

154- و من خطبة له ع یذکر فیهافضائل أهل البیت

وَ نَاظِرُ قَلبِ اللّبِیبِ بِهِ یُبصِرُ أَمَدَهُ وَ یَعرِفُ غَورَهُ وَ نَجدَهُ دَاعٍ دَعَا وَ رَاعٍ رَعَی فَاستَجِیبُوا للِداّعیِ وَ اتّبِعُوا الراّعیِ‌َ قَد خَاضُوا بِحَارَ الفِتَنِ وَ أَخَذُوا بِالبِدَعِ دُونَ السّنَنِ وَ أَرَزَ المُؤمِنُونَ وَ نَطَقَ الضّالّونَ المُکَذّبُونَ نَحنُ الشّعَارُ وَ الأَصحَابُ وَ الخَزَنَةُ وَ الأَبوَابُ وَ لَا تُؤتَی البُیُوتُ إِلّا مِن أَبوَابِهَا فَمَن أَتَاهَا مِن غَیرِ أَبوَابِهَا سمُیّ‌َ سَارِقاً
منهافِیهِم کَرَائِمُ القُرآنِ وَ هُم کُنُوزُ الرّحمَنِ إِن نَطَقُوا صَدَقُوا وَ إِن صَمَتُوا لَم یُسبَقُوا فَلیَصدُق رَائِدٌ أَهلَهُ وَ لیُحضِر عَقلَهُ وَ لیَکُن مِن أَبنَاءِ الآخِرَةِ فَإِنّهُ مِنهَا قَدِمَ وَ إِلَیهَا یَنقَلِبُ

ص 216
فَالنّاظِرُ بِالقَلبِ العَامِلُ بِالبَصَرِ یَکُونُ مُبتَدَأُ عَمَلِهِ أَن یَعلَمَ أَ عَمَلُهُ عَلَیهِ أَم لَهُ فَإِن کَانَ لَهُ مَضَی فِیهِ وَ إِن کَانَ عَلَیهِ وَقَفَ عَنهُ فَإِنّ العَامِلَ بِغَیرِ عِلمٍ کَالسّائِرِ عَلَی غَیرِ طَرِیقٍ فَلَا یَزِیدُهُ بُعدُهُ عَنِ الطّرِیقِ الوَاضِحِ إِلّا بُعداً مِن حَاجَتِهِ وَ العَامِلُ بِالعِلمِ کَالسّائِرِ عَلَی الطّرِیقِ الوَاضِحِ فَلیَنظُر نَاظِرٌ أَ سَائِرٌ هُوَ أَم رَاجِعٌ وَ اعلَم أَنّ لِکُلّ ظَاهِرٍ بَاطِناً عَلَی مِثَالِهِ فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ وَ مَا خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ وَ قَد قَالَ الرّسُولُ الصّادِقُص إِنّ اللّهَ یُحِبّ العَبدَ وَ یُبغِضُ عَمَلَهُ وَ یُحِبّ العَمَلَ وَ یُبغِضُ بَدَنَهُ وَ اعلَم أَنّ لِکُلّ عَمَلٍ نَبَاتاً وَ کُلّ نَبَاتٍ لَا غِنَی بِهِ عَنِ المَاءِ وَ المِیَاهُ مُختَلِفَةٌ فَمَا طَابَ سَقیُهُ طَابَ غَرسُهُ وَ حَلَت ثَمَرَتُهُ وَ مَا خَبُثَ سَقیُهُ خَبُثَ غَرسُهُ وَ أَمَرّت ثَمَرَتُهُ

155- و من خطبة له ع یذکر فیهابدیع خلقة الخفاش

حمد اللّه وتنزیهه

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی انحَسَرَتِ الأَوصَافُ عَن کُنهِ مَعرِفَتِهِ وَ رَدَعَت

ص 217
عَظَمَتُهُ العُقُولَ فَلَم تَجِد مَسَاغاً إِلَی بُلُوغِ غَایَةِ مَلَکُوتِهِ هُوَ اللّهُالحَقّ المُبِینُأَحَقّ وَ أَبیَنُ مِمّا تَرَی العُیُونُ لَم تَبلُغهُ العُقُولُ بِتَحدِیدٍ فَیَکُونَ مُشَبّهاً وَ لَم تَقَع عَلَیهِ الأَوهَامُ بِتَقدِیرٍ فَیَکُونَ مُمَثّلًا خَلَقَ الخَلقَ عَلَی غَیرِ تَمثِیلٍ وَ لَا مَشُورَةِ مُشِیرٍ وَ لَا مَعُونَةِ مُعِینٍ فَتَمّ خَلقُهُ بِأَمرِهِ وَ أَذعَنَ لِطَاعَتِهِ فَأَجَابَ وَ لَم یُدَافِع وَ انقَادَ وَ لَم یُنَازِع
-قرآن-88-103

خلقة الخفاش

وَ مِن لَطَائِفِ صَنعَتِهِ وَ عَجَائِبِ خِلقَتِهِ مَا أَرَانَا مِن غَوَامِضِ الحِکمَةِ فِی هَذِهِ الخَفَافِیشِ التّیِ یَقبِضُهَا الضّیَاءُ البَاسِطُ لِکُلّ شَیءٍ وَ یَبسُطُهَا الظّلَامُ القَابِضُ لِکُلّ حیَ‌ّ وَ کَیفَ عَشِیَت أَعیُنُهَا عَن أَن تَستَمِدّ مِنَ الشّمسِ المُضِیئَةِ نُوراً تهَتدَیِ بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا وَ تَتّصِلُ بِعَلَانِیَةِ بُرهَانِ الشّمسِ إِلَی مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا بِتَلَألُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ المضُیِ‌ّ فِی سُبُحَاتِ إِشرَاقِهَا وَ أَکَنّهَا فِی مَکَامِنِهَا عَنِ الذّهَابِ فِی بُلَجِ ائتِلَاقِهَا فهَیِ‌َ مُسدَلَةُ الجُفُونِ بِالنّهَارِ عَلَی حِدَاقِهَا وَ جَاعِلَةُ اللّیلِ سِرَاجاً تَستَدِلّ بِهِ فِی التِمَاسِ أَرزَاقِهَا فَلَا یَرُدّ أَبصَارَهَا إِسدَافُ ظُلمَتِهِ وَ لَا تَمتَنِعُ مِنَ المضُیِ‌ّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنّتِهِ فَإِذَا أَلقَتِ الشّمسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَت أَوضَاحُ نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِن إِشرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضّبَابِ فِی وِجَارِهَا أَطبَقَتِ الأَجفَانَ عَلَی مَآقِیهَا

ص 218
وَ تَبَلّغَت بِمَا اکتَسَبَتهُ مِنَ المَعَاشِ فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا فَسُبحَانَ مَن جَعَلَ اللّیلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً وَ النّهَارَ سَکَناً وَ قَرَاراً وَ جَعَلَ لَهَا أَجنِحَةً مِن لَحمِهَا تَعرُجُ بِهَا
عِندَ الحَاجَةِ إِلَی الطّیَرَانِ کَأَنّهَا شَظَایَا الآذَانِ غَیرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَ لَا قَصَبٍ إِلّا أَنّکَ تَرَی مَوَاضِعَ العُرُوقِ بَیّنَةً أَعلَاماً لَهَا جَنَاحَانِ لَمّا یَرِقّا فَیَنشَقّا وَ لَم یَغلُظَا فَیَثقُلَا تَطِیرُ وَ وَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِئٌ إِلَیهَا یَقَعُ إِذَا وَقَعَت وَ یَرتَفِعُ إِذَا ارتَفَعَت لَا یُفَارِقُهَا حَتّی تَشتَدّ أَرکَانُهُ وَ یَحمِلَهُ لِلنّهُوضِ جَنَاحُهُ وَ یَعرِفَ مَذَاهِبَ عَیشِهِ وَ مَصَالِحَ نَفسِهِ فَسُبحَانَ الباَر‌ِئِ لِکُلّ شَیءٍ عَلَی غَیرِ مِثَالٍ خَلَا مِن غَیرِهِ

156- و من کلام له ع

خاطب به أهل البصرة علی جهة اقتصاص الملاحم

فَمَنِ استَطَاعَ
عِندَ ذَلِکَ أَن یَعتَقِلَ نَفسَهُ عَلَی اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَلیَفعَل فَإِن أطَعَتمُوُنیِ فإَنِیّ حَامِلُکُم إِن شَاءَ اللّهُ عَلَی سَبِیلِ الجَنّةِ وَ إِن کَانَ ذَا مَشَقّةٍ شَدِیدَةٍ وَ مَذَاقَةٍ مَرِیرَةٍ وَ أَمّا فُلَانَةُ فَأَدرَکَهَا رأَی‌ُ النّسَاءِ وَ ضِغنٌ غَلَا فِی صَدرِهَا کَمِرجَلِ القَینِ وَ لَو دُعِیَت لِتَنَالَ مِن غیَریِ مَا أَتَت إلِیَ‌ّ لَم تَفعَل وَ لَهَا بَعدُ حُرمَتُهَا الأُولَی وَ الحِسَابُ عَلَی اللّهِ تَعَالَی

ص 219

وصف الإیمان

منه سَبِیلٌ أَبلَجُ المِنهَاجِ أَنوَرُ السّرَاجِ فَبِالإِیمَانِ یُستَدَلّ عَلَی الصّالِحَاتِ وَ بِالصّالِحَاتِ یُستَدَلّ عَلَی الإِیمَانِ وَ بِالإِیمَانِ یُعمَرُ العِلمُ وَ بِالعِلمِ یُرهَبُ المَوتُ وَ بِالمَوتِ تُختَمُ الدّنیَا وَ بِالدّنیَا تُحرَزُ الآخِرَةُ وَ بِالقِیَامَةِ تُزلَفُ الجَنّةُ وَ تُبَرّزُ الجَحِیمُ لِلغَاوِینَ وَ إِنّ الخَلقَ لَا مَقصَرَ لَهُم عَنِ القِیَامَةِ مُرقِلِینَ فِی مِضمَارِهَا إِلَی الغَایَةِ القُصوَی

حال أهل القبور فی القیامة

منه قَد شَخَصُوا مِن مُستَقَرّ الأَجدَاثِ وَ صَارُوا إِلَی مَصَایِرِ الغَایَاتِ لِکُلّ دَارٍ أَهلُهَا لَا یَستَبدِلُونَ بِهَا وَ لَا یُنقَلُونَ عَنهَا وَ إِنّ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَ النهّی‌َ عَنِ المُنکَرِ لَخُلُقَانِ مِن خُلُقِ اللّهِ سُبحَانَهُ وَ إِنّهُمَا لَا یُقَرّبَانِ مِن أَجَلٍ وَ لَا یَنقُصَانِ مِن رِزقٍ وَ عَلَیکُم بِکِتَابِ اللّهِ فَإِنّهُ الحَبلُ المَتِینُ وَ النّورُ المُبِینُ وَ الشّفَاءُ النّافِعُ وَ الریّ‌ّ النّاقِعُ وَ العِصمَةُ لِلمُتَمَسّکِ وَ النّجَاةُ لِلمُتَعَلّقِ لَا یَعوَجّ فَیُقَامَ وَ لَا یَزِیغُ فَیُستَعتَبَ وَ لَا تُخلِقُهُ کَثرَةُ الرّدّ وَ وُلُوجُ السّمعِ مَن قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَن عَمِلَ بِهِ سَبَقَ

ص 220
وقام إلیه رجل فقال یا أمیر المؤمنین ،أخبرنا عن الفتنة، وهل سألت رسول اللّه صلی اللّه علیه وآله عنها فقال علیه السلام
إِنّهُ لَمّا أَنزَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ قَولَهُالم أَ حَسِبَ النّاسُ أَن یُترَکُوا أَن یَقُولُوا آمَنّا وَ هُم لا یُفتَنُونَعَلِمتُ أَنّ الفِتنَةَ لَا تَنزِلُ بِنَا وَ رَسُولُ اللّهِص بَینَ أَظهُرِنَا فَقُلتُ یَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذِهِ الفِتنَةُ التّیِ أَخبَرَکَ اللّهُ تَعَالَی بِهَا فَقَالَ یَا عَلِیّ إِنّ أمُتّیِ سَیُفتَنُونَ بعَدیِ فَقُلتُ یَا رَسُولُ اللّهِ أَ وَ لَیسَ قَد قُلتَ لِی یَومَ أُحُدٍ حَیثُ استُشهِدَ مَنِ استُشهِدَ مِنَ المُسلِمِینَ وَ حِیزَت عنَیّ الشّهَادَةُ فَشَقّ ذَلِکَ عَلَیّ فَقُلتَ لِی أَبشِر فَإِنّ الشّهَادَةَ مِن وَرَائِکَ فَقَالَ لِی إِنّ ذَلِکَ لَکَذَلِکَ فَکَیفَ صَبرُکَ إِذاً فَقُلتُ یَا رَسُولَ اللّهِ لَیسَ هَذَا مِن مَوَاطِنِ الصّبرِ وَ لَکِن مِن مَوَاطِنِ البُشرَی وَ الشّکرِ وَ قَالَ یَا عَلِیّ إِنّ القَومَ سَیُفتَنُونَ بِأَموَالِهِم وَ یَمُنّونَ بِدِینِهِم عَلَی رَبّهِم وَ یَتَمَنّونَ رَحمَتَهُ وَ یَأمَنُونَ سَطوَتَهُ وَ یَستَحِلّونَ حَرَامَهُ بِالشّبُهَاتِ الکَاذِبَةِ وَ الأَهوَاءِ السّاهِیَةِ فَیَستَحِلّونَ الخَمرَ بِالنّبِیذِ وَ السّحتَ بِالهَدِیّةِ وَ الرّبَا بِالبَیعِ قُلتُ یَا رَسُولَ اللّهِ فبَأِیَ‌ّ المَنَازِلِ أُنزِلُهُم
عِندَ ذَلِکَ أَ بِمَنزِلَةِ رِدّةٍ أَم بِمَنزِلَةِ فِتنَةٍ فَقَالَ بِمَنزِلَةِ فِتنَةٍ
-قرآن-47-124
ص 221

157- و من خطبة له ع یحث الناس علی التقوی

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی جَعَلَ الحَمدَ مِفتَاحاً لِذِکرِهِ وَ سَبَباً لِلمَزِیدِ مِن فَضلِهِ وَ دَلِیلًا عَلَی آلَائِهِ وَ عَظَمَتِهِ عِبَادَ اللّهِ إِنّ الدّهرَ یجَریِ بِالبَاقِینَ کَجَریِهِ بِالمَاضِینَ لَا یَعُودُ مَا قَد وَلّی مِنهُ وَ لَا یَبقَی سَرمَداً مَا فِیهِ آخِرُ فَعَالِهِ کَأَوّلِهِ مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُهُ مُتَظَاهِرَةٌ أَعلَامُهُ فَکَأَنّکُم بِالسّاعَةِ تَحدُوکُم حَدوَ الزّاجِرِ بِشَولِهِ فَمَن شَغَلَ نَفسَهُ بِغَیرِ نَفسِهِ تَحَیّرَ فِی الظّلُمَاتِ وَ ارتَبَکَ فِی الهَلَکَاتِ وَ مَدّت بِهِ شَیَاطِینُهُ فِی طُغیَانِهِ وَ زَیّنَت لَهُ سَیّئَ أَعمَالِهِ فَالجَنّةُ غَایَةُ السّابِقِینَ وَ النّارُ غَایَةُ المُفَرّطِینَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ التّقوَی دَارُ حِصنٍ عَزِیزٍ وَ الفُجُورَ دَارُ حِصنٍ ذَلِیلٍ لَا یَمنَعُ أَهلَهُ وَ لَا یُحرِزُ مَن لَجَأَ إِلَیهِ أَلَا وَ بِالتّقوَی تُقطَعُ حُمَةُ الخَطَایَا وَ بِالیَقِینِ تُدرَکُ الغَایَةُ القُصوَی عِبَادَ اللّهِ اللّهَ اللّهَ فِی أَعَزّ الأَنفُسِ عَلَیکُم وَ أَحَبّهَا إِلَیکُم فَإِنّ اللّهَ قَد أَوضَحَ لَکُم سَبِیلَ الحَقّ وَ أَنَارَ طُرُقَهُ فَشِقوَةٌ لَازِمَةٌ أَو سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ فَتَزَوّدُوا فِی أَیّامِ الفَنَاءِ لِأَیّامِ البَقَاءِ قَد دُلِلتُم عَلَی الزّادِ وَ أُمِرتُم بِالظّعنِ وَ حُثِثتُم عَلَی المَسِیرِ فَإِنّمَا أَنتُم کَرَکبٍ

ص 222
وُقُوفٍ لَا یَدرُونَ مَتَی یُؤمَرُونَ بِالسّیرِ أَلَا فَمَا یَصنَعُ بِالدّنیَا مَن خُلِقَ لِلآخِرَةِ وَ مَا یَصنَعُ بِالمَالِ مَن عَمّا قَلِیلٍ یُسلَبُهُ وَ تَبقَی عَلَیهِ تَبِعَتُهُ وَ حِسَابُهُ عِبَادَ اللّهِ إِنّهُ لَیسَ لِمَا وَعَدَ اللّهُ مِنَ الخَیرِ مَترَکٌ وَ لَا فِیمَا نَهَی عَنهُ مِنَ الشّرّ مَرغَبٌ عِبَادَ اللّهِ احذَرُوا یَوماً تُفحَصُ فِیهِ الأَعمَالُ وَ یَکثُرُ فِیهِ الزّلزَالُ وَ تَشِیبُ فِیهِ الأَطفَالُ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ عَلَیکُم رَصَداً مِن أَنفُسِکُم وَ عُیُوناً مِن جَوَارِحِکُم وَ حُفّاظَ صِدقٍ یَحفَظُونَ أَعمَالَکُم وَ عَدَدَ أَنفَاسِکُم لَا تَستُرُکُم مِنهُم ظُلمَةُ لَیلٍ دَاجٍ وَ لَا یُکِنّکُم مِنهُم بَابٌ ذُو رِتَاجٍ وَ إِنّ غَداً مِنَ الیَومِ قَرِیبٌ یَذهَبُ الیَومُ بِمَا فِیهِ وَ یجَیِ‌ءُ الغَدُ لَاحِقاً بِهِ فَکَأَنّ کُلّ امر‌ِئٍ مِنکُم قَد بَلَغَ مِنَ الأَرضِ مَنزِلَ وَحدَتِهِ وَ مَخَطّ حُفرَتِهِ فَیَا لَهُ مِن بَیتِ وَحدَةٍ وَ مَنزِلِ وَحشَةٍ وَ مُفرَدِ غُربَةٍ وَ کَأَنّ الصّیحَةَ قَد أَتَتکُم وَ السّاعَةَ قَد غَشِیَتکُم وَ بَرَزتُم لِفَصلِ القَضَاءِ قَد زَاحَت عَنکُمُ الأَبَاطِیلُ وَ اضمَحَلّت عَنکُمُ العِلَلُ وَ استَحَقّت
ص 223
بِکُمُ الحَقَائِقُ وَ صَدَرَت بِکُمُ الأُمُورُ مَصَادِرَهَا فَاتّعِظُوا بِالعِبَرِ وَ اعتَبِرُوا بِالغِیَرِ وَ انتَفِعُوا بِالنّذُرِ

158- و من خطبة له ع ینبه فیها علی فضل الرسول الأعظم ، وفضل القرآن ، ثم حال دولة بنی أمیة

النبی والقرآن

أَرسَلَهُ عَلَی حِینِ فَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ وَ طُولِ هَجعَةٍ مِنَ الأُمَمِ وَ انتِقَاضٍ مِنَ المُبرَمِ فَجَاءَهُم بِتَصدِیقِ ألّذِی بَینَ یَدَیهِ وَ النّورِ المُقتَدَی بِهِ ذَلِکَ القُرآنُ فَاستَنطِقُوهُ وَ لَن یَنطِقَ وَ لَکِن أُخبِرُکُم عَنهُ أَلَا إِنّ فِیهِ عِلمَ مَا یأَتیِ وَ الحَدِیثَ عَنِ الماَضیِ وَ دَوَاءَ دَائِکُم وَ نَظمَ مَا بَینَکُم

دولة بنی أمیة

ومنهافَعِندَ ذَلِکَ لَا یَبقَی بَیتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلّا وَ أَدخَلَهُ الظّلَمَةُ تَرحَةً وَ أَولَجُوا فِیهِ نِقمَةً فَیَومَئِذٍ لَا یَبقَی لَهُم فِی السّمَاءِ عَاذِرٌ وَ لَا فِی الأَرضِ نَاصِرٌ أَصفَیتُم بِالأَمرِ غَیرَ أَهلِهِ وَ أَورَدتُمُوهُ غَیرَ مَورِدِهِ وَ سَیَنتَقِمُ اللّهُ مِمّن ظَلَمَ مَأکَلًا بِمَأکَلٍ وَ مَشرَباً بِمَشرَبٍ مِن مَطَاعِمِ العَلقَمِ وَ مَشَارِبِ الصّبِرِ

ص 224
وَ المَقِرِ وَ لِبَاسِ شِعَارِ الخَوفِ وَ دِثَارِ السّیفِ وَ إِنّمَا هُم مَطَایَا الخَطِیئَاتِ وَ زَوَامِلُ الآثَامِ فَأُقسِمُ ثُمّ أُقسِمُ لَتَنخَمَنّهَا أُمَیّةُ مِن بعَدیِ کَمَا تُلفَظُ النّخَامَةُ ثُمّ لَا تَذُوقُهَا وَ لَا تَطعَمُ بِطَعمِهَا أَبَداً مَا کَرّ الجَدِیدَانِ

159- و من خطبة له ع یبین فیهاحسن معاملته لرعیته

وَ لَقَد أَحسَنتُ جِوَارَکُم وَ أَحَطتُ بجِهُدیِ مِن وَرَائِکُم وَ أَعتَقتُکُم مِن رِبَقِ الذّلّ وَ حَلَقِ الضّیمِ شُکراً منِیّ لِلبِرّ القَلِیلِ وَ إِطرَاقاً عَمّا أَدرَکَهُ البَصَرُ وَ شَهِدَهُ البَدَنُ مِنَ المُنکَرِ الکَثِیرِ

160- و من خطبة له ع

عظمة اللّه

أَمرُهُ قَضَاءٌ وَ حِکمَةٌ وَ رِضَاهُ أَمَانٌ وَ رَحمَةُ یقَضیِ بِعِلمٍ وَ یَعفُو بِحِلمٍ

حمد اللّه

أللّهُمّ لَکَ الحَمدُ عَلَی مَا تَأخُذُ وَ تعُطیِ وَ عَلَی مَا تعُاَفیِ وَ تبَتلَیِ حَمداً

ص 225
یَکُونُ أَرضَی الحَمدِ لَکَ وَ أَحَبّ الحَمدِ إِلَیکَ وَ أَفضَلَ الحَمدِ عِندَکَ حَمداً یَملَأُ مَا خَلَقتَ وَ یَبلُغُ مَا أَرَدتَ حَمداً لَا یُحجَبُ عَنکَ وَ لَا یُقصَرُ دُونَکَ حَمداً لَا یَنقَطِعُ عَدَدُهُ وَ لَا یَفنَی مَدَدُهُ فَلَسنَا نَعلَمُ کُنهَ عَظَمَتِکَ إِلّا أَنّا نَعلَمُ أَنّکَ حیَ‌ّ قَیّومُ لَا تَأخُذُکَ سِنَةٌ وَ لَا نَومٌ لَم یَنتَهِ إِلَیکَ نَظَرٌ وَ لَم یُدرِککَ بَصَرٌ أَدرَکتَ الأَبصَارَ وَ أَحصَیتَ الأَعمَالَ وَ أَخَذتَ باِلنوّاَصیِ وَ الأَقدَامِ وَ مَا ألّذِی نَرَی مِن خَلقِکَ وَ نَعجَبُ لَهُ مِن قُدرَتِکَ وَ نَصِفُهُ مِن عَظِیمِ سُلطَانِکَ وَ مَا تَغَیّبَ عَنّا مِنهُ وَ قَصُرَت أَبصَارُنَا عَنهُ وَ انتَهَت عُقُولُنَا دُونَهُ وَ حَالَت سُتُورُ الغُیُوبِ بَینَنَا وَ بَینَهُ أَعظَمُ فَمَن فَرّغَ قَلبَهُ وَ أَعمَلَ فِکرَهُ لِیَعلَمَ کَیفَ أَقَمتَ عَرشَکَ وَ کَیفَ ذَرَأتَ خَلقَکَ وَ کَیفَ عَلّقتَ فِی الهَوَاءِ سَمَاوَاتِکَ وَ کَیفَ مَدَدتَ عَلَی مَورِ المَاءِ أَرضَکَ رَجَعَ طَرفُهُ حَسِیراً وَ عَقلُهُ مَبهُوراً وَ سَمعُهُ وَالِهاً وَ فِکرُهُ حَائِراً

کیف یکون الرجاء

منهایدَعّیِ بِزَعمِهِ أَنّهُ یَرجُو اللّهَ کَذَبَ وَ العَظِیمِ مَا بَالُهُ لَا یَتَبَیّنُ رَجَاؤُهُ فِی عَمَلِهِ فَکُلّ مَن رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِی عَمَلِهِ وَ کُلّ

ص 226
رَجَاءٍ إِلّا رَجَاءَ اللّهِ تَعَالَی فَإِنّهُ مَدخُولٌ وَ کُلّ خَوفٍ مُحَقّقٌ إِلّا خَوفَ اللّهِ فَإِنّهُ مَعلُولٌ یَرجُو اللّهَ فِی الکَبِیرِ وَ یَرجُو العِبَادَ فِی الصّغِیرِ فیَعُطیِ العَبدَ مَا لَا یعُطیِ الرّبّ فَمَا بَالُ اللّهِ جَلّ ثَنَاؤُهُ یُقَصّرُ بِهِ عَمّا یُصنَعُ بِهِ لِعِبَادِهِ أَ تَخَافُ أَن تَکُونَ فِی رَجَائِکَ لَهُ کَاذِباً أَو تَکُونَ لَا تَرَاهُ لِلرّجَاءِ مَوضِعاً وَ کَذَلِکَ إِن هُوَ خَافَ عَبداً مِن عَبِیدِهِ أَعطَاهُ مِن خَوفِهِ مَا لَا یعُطیِ رَبّهُ فَجَعَلَ خَوفَهُ مِنَ العِبَادِ نَقداً وَ خَوفَهُ مِن خَالِقِهِ ضِمَاراً وَ وَعداً وَ کَذَلِکَ مَن عَظُمَتِ الدّنیَا فِی عَینِهِ وَ کَبُرَ مَوقِعُهَا مِن قَلبِهِ آثَرَهَا عَلَی اللّهِ تَعَالَی فَانقَطَعَ إِلَیهَا وَ صَارَ عَبداً لَهَا

رسول اللّه

وَ لَقَد کَانَ فِی رَسُولِ اللّهِص کَافٍ لَکَ فِی الأُسوَةِ وَ دَلِیلٌ لَکَ عَلَی ذَمّ الدّنیَا وَ عَیبِهَا وَ کَثرَةِ مَخَازِیهَا وَ مَسَاوِیهَا إِذ قُبِضَت عَنهُ أَطرَافُهَا وَ وُطّئَت لِغَیرِهِ أَکنَافُهَا وَ فُطِمَ عَن رَضَاعِهَا وَ زوُیِ‌َ عَن زَخَارِفِهَا

موسی

وَ إِن شِئتَ ثَنّیتُ بِمُوسَی کَلِیمِ اللّهِص حَیثُ یَقُولُرَبّ إنِیّ لِما أَنزَلتَ إلِیَ‌ّ مِن خَیرٍ فَقِیرٌ وَ اللّهِ مَا سَأَلَهُ إِلّا خُبزاً یَأکُلُهُ لِأَنّهُ کَانَ یَأکُلُ بَقلَةَ الأَرضِ وَ لَقَد کَانَت خُضرَةُ
-قرآن-61-111

ص 227
البَقلِ تُرَی مِن شَفِیفِ صِفَاقِ بَطنِهِ لِهُزَالِهِ وَ تَشَذّبِ لَحمِهِ

داود

وَ إِن شِئتَ ثَلّثتُ بِدَاوُدَص صَاحِبِ المَزَامِیرِ وَ قاَر‌ِئِ أَهلِ الجَنّةِ فَلَقَد کَانَ یَعمَلُ سَفَائِفَ الخُوصِ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَیّکُم یکَفیِنیِ بَیعَهَا وَ یَأکُلُ قُرصَ الشّعِیرِ مِن ثَمَنِهَا

عیسی

وَ إِن شِئتَ قُلتُ فِی عِیسَی ابنِ مَریَمَ ع فَلَقَد کَانَ یَتَوَسّدُ الحَجَرَ وَ یَلبَسُ الخَشِنَ وَ یَأکُلُ الجَشِبَ وَ کَانَ إِدَامُهُ الجُوعَ وَ سِرَاجُهُ بِاللّیلِ القَمَرَ وَ ظِلَالُهُ فِی الشّتَاءِ مَشَارِقَ الأَرضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ فَاکِهَتُهُ وَ رَیحَانُهُ مَا تُنبِتُ الأَرضُ لِلبَهَائِمِ وَ لَم تَکُن لَهُ زَوجَةٌ تَفتِنُهُ وَ لَا وَلَدٌ یَحزُنُهُ وَ لَا مَالٌ یَلفِتُهُ وَ لَا طَمَعٌ یُذِلّهُ دَابّتُهُ رِجلَاهُ وَ خَادِمُهُ یَدَاهُ

الرسول الأعظم

فَتَأَسّ بِنَبِیّکَ الأَطیَبِ الأَطهَرِص فَإِنّ فِیهِ أُسوَةً لِمَن تَأَسّی وَ عَزَاءً لِمَن تَعَزّی وَ أَحَبّ العِبَادِ إِلَی اللّهِ المتُأَسَیّ

ص 228
بِنَبِیّهِ وَ المُقتَصّ لِأَثَرِهِ قَضَمَ الدّنیَا قَضماً وَ لَم یُعِرهَا طَرفاً أَهضَمُ أَهلِ الدّنیَا کَشحاً وَ أَخمَصُهُم مِنَ الدّنیَا بَطناً عُرِضَت عَلَیهِ الدّنیَا فَأَبَی أَن یَقبَلَهَا وَ عَلِمَ أَنّ اللّهَ سُبحَانَهُ أَبغَضَ شَیئاً فَأَبغَضَهُ وَ حَقّرَ شَیئاً فَحَقّرَهُ وَ صَغّرَ شَیئاً فَصَغّرَهُ وَ لَو لَم یَکُن فِینَا إِلّا حُبّنَا مَا أَبغَضَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ تَعظِیمُنَا مَا صَغّرَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ لَکَفَی بِهِ شِقَاقاً لِلّهِ وَ مُحَادّةً عَن أَمرِ اللّهِ وَ لَقَد کَانَص یَأکُلُ عَلَی الأَرضِ وَ یَجلِسُ جِلسَةَ العَبدِ وَ یَخصِفُ بِیَدِهِ نَعلَهُ وَ یَرقَعُ بِیَدِهِ ثَوبَهُ وَ یَرکَبُ الحِمَارَ العاَریِ‌َ وَ یُردِفُ خَلفَهُ وَ یَکُونُ السّترُ عَلَی بَابِ بَیتِهِ فَتَکُونُ فِیهِ التّصَاوِیرُ فَیَقُولُ یَا فُلَانَةُ لِإِحدَی أَزوَاجِهِ غَیّبِیهِ عنَیّ فإَنِیّ إِذَا نَظَرتُ إِلَیهِ ذَکَرتُ الدّنیَا وَ زَخَارِفَهَا فَأَعرَضَ عَنِ الدّنیَا بِقَلبِهِ وَ أَمَاتَ ذِکرَهَا مِن نَفسِهِ وَ أَحَبّ أَن تَغِیبَ زِینَتُهَا عَن عَینِهِ لِکَیلَا یَتّخِذَ مِنهَا رِیَاشاً وَ لَا یَعتَقِدَهَا قَرَاراً وَ لَا یَرجُوَ فِیهَا مُقَاماً فَأَخرَجَهَا مِنَ النّفسِ وَ أَشخَصَهَا عَنِ القَلبِ وَ غَیّبَهَا عَنِ البَصَرِ وَ کَذَلِکَ مَن أَبغَضَ شَیئاً أَبغَضَ أَن یَنظُرَ إِلَیهِ وَ أَن یُذکَرَ عِندَهُ وَ لَقَد کَانَ فِی رَسُولِ اللّهِص مَا یَدُلّکُ عَلَی مسَاَو‌ِئِ الدّنیَا وَ عُیُوبِهَا إِذ جَاعَ فِیهَا مَعَ خَاصّتِهِ وَ زُوِیَت عَنهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِیمِ زُلفَتِهِ فَلیَنظُر نَاظِرٌ بِعَقلِهِ أَکرَمَ
ص 229
اللّهُ مُحَمّداً بِذَلِکَ أَم أَهَانَهُ فَإِن قَالَ أَهَانَهُ فَقَد کَذَبَ وَ اللّهِ العَظِیمِ بِالإِفکِ العَظِیمِ وَ إِن قَالَ أَکرَمَهُ فَلیَعلَم أَنّ اللّهَ قَد أَهَانَ غَیرَهُ حَیثُ بَسَطَ الدّنیَا لَهُ وَ زَوَاهَا عَن أَقرَبِ النّاسِ مِنهُ فَتَأَسّی مُتَأَسّ بِنَبِیّهِ وَ اقتَصّ أَثَرَهُ وَ وَلَجَ مَولِجَهُ وَ إِلّا فَلَا یَأمَنِ الهَلَکَةَ فَإِنّ اللّهَ جَعَلَ مُحَمّداًص عَلَماً لِلسّاعَةِ وَ مُبَشّراً بِالجَنّةِ وَ مُنذِراً بِالعُقُوبَةِ خَرَجَ مِنَ الدّنیَا خَمِیصاً وَ وَرَدَ الآخِرَةَ سَلِیماً لَم یَضَع حَجَراً عَلَی حَجَرٍ حَتّی مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ أَجَابَ داَعیِ‌َ رَبّهِ فَمَا أَعظَمَ مِنّةَ اللّهِ عِندَنَا حِینَ أَنعَمَ عَلَینَا بِهِ سَلَفاً نَتّبِعُهُ وَ قَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ وَ اللّهِ لَقَد رَقّعتُ مدِرعَتَیِ هَذِهِ حَتّی استَحیَیتُ مِن رَاقِعِهَا وَ لَقَد قَالَ لِی قَائِلٌ أَ لَا تَنبِذُهَا عَنکَ فَقُلتُ اغرُب عنَیّ فَعِندَ الصّبَاحِ یَحمَدُ القَومُ السّرَی

161- و من خطبة له ع فی صفة النبی و أهل بیته وأتباع دینه ، و فیهایعظ بالتقوی

الرسول وأهله وأتباع دینه

ابتَعَثَهُ بِالنّورِ المضُیِ‌ءِ وَ البُرهَانِ الجلَیِ‌ّ وَ المِنهَاجِ الباَدیِ وَ الکِتَابِ الهاَدیِ أُسرَتُهُ خَیرُ أُسرَةٍ وَ شَجَرَتُهُ خَیرُ شَجَرَةٍ أَغصَانُهَا مُعتَدِلَةٌ وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدّلَةٌ مَولِدُهُ بِمَکّةَ وَ هِجرَتُهُ بِطَیبَةَ

ص 230
عَلَا بِهَا ذِکرُهُ وَ امتَدّ مِنهَا صَوتُهُ أَرسَلَهُ بِحُجّةٍ کَافِیَةٍ وَ مَوعِظَةٍ شَافِیَةٍ وَ دَعوَةٍ مُتَلَافِیَةٍ أَظهَرَ بِهِ الشّرَائِعَ المَجهُولَةَ وَ قَمَعَ بِهِ البِدَعَ المَدخُولَةَ وَ بَیّنَ بِهِ الأَحکَامَ المَفصُولَةَ فَمَن یَبتَغِ غَیرَ الإِسلَامِ دَیناً تَتَحَقّق شِقوَتُهُ وَ تَنفَصِم عُروَتُهُ وَ تَعظُم کَبوَتُهُ وَ یَکُن مَآبُهُ إِلَی الحُزنِ الطّوِیلِ وَ العَذَابِ الوَبِیلِ وَ أَتَوَکّلُ عَلَی اللّهِ تَوَکّلَ الإِنَابَةِ إِلَیهِ وَ أَستَرشِدُهُ السّبِیلَ المُؤَدّیَةَ إِلَی جَنّتِهِ القَاصِدَةَ إِلَی مَحَلّ رَغبَتِهِ

النصح بالتقوی

أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ وَ طَاعَتِهِ فَإِنّهَا النّجَاةُ غَداً وَ المَنجَاةُ أَبَداً رَهّبَ فَأَبلَغَ وَ رَغّبَ فَأَسبَغَ وَ وَصَفَ لَکُمُ الدّنیَا وَ انقِطَاعَهَا وَ زَوَالَهَا وَ انتِقَالَهَا فَأَعرِضُوا عَمّا یُعجِبُکُم فِیهَا لِقِلّةِ مَا یَصحَبُکُم مِنهَا أَقرَبُ دَارٍ مِن سَخَطِ اللّهِ وَ أَبعَدُهَا مِن رِضوَانِ اللّهِ فَغُضّوا عَنکُم عِبَادَ اللّهِ غُمُومَهَا وَ أَشغَالَهَا لِمَا قَد أَیقَنتُم بِهِ مِن فِرَاقِهَا وَ تَصَرّفِ حَالَاتِهَا فَاحذَرُوهَا حَذَرَ الشّفِیقِ النّاصِحِ وَ المُجِدّ الکَادِحِ وَ اعتَبِرُوا بِمَا قَد رَأَیتُم مِن مَصَارِعِ القُرُونِ قَبلَکُم قَد تَزَایَلَت أَوصَالُهُم وَ زَالَت أَبصَارُهُم وَ أَسمَاعُهُم وَ ذَهَبَ شَرَفُهُم وَ عِزّهُم وَ انقَطَعَ سُرُورُهُم وَ نَعِیمُهُم فَبُدّلُوا بِقُربِ

ص 231
الأَولَادِ فَقدَهَا وَ بِصُحبَةِ الأَزوَاجِ مُفَارَقَتَهَا لَا یَتَفَاخَرُونَ وَ لَا یَتَنَاسَلُونَ وَ لَا یَتَزَاوَرُونَ وَ لَا یَتَحَاوَرُونَ فَاحذَرُوا عِبَادَ اللّهِ حَذَرَ الغَالِبِ لِنَفسِهِ المَانِعِ لِشَهوَتِهِ النّاظِرِ بِعَقلِهِ فَإِنّ الأَمرَ وَاضِحٌ وَ العَلَمَ قَائِمٌ وَ الطّرِیقَ جَدَدٌ وَ السّبِیلَ قَصدٌ

162- و من کلام له ع لبعض أصحابه و قدسأله کیف دفعکم قومکم عن هذاالمقام وأنتم أحق به فقال

یَا أَخَا بنَیِ أَسَدٍ إِنّکَ لَقَلِقُ الوَضِینِ تُرسِلُ فِی غَیرِ سَدَدٍ وَ لَکَ بَعدُ ذِمَامَةُ الصّهرِ وَ حَقّ المَسأَلَةِ وَ قَدِ استَعلَمتَ فَاعلَم أَمّا الِاستِبدَادُ عَلَینَا بِهَذَا المَقَامِ وَ نَحنُ الأَعلَونَ نَسَباً وَ الأَشَدّونَ بِالرّسُولِص نَوطاً فَإِنّهَا کَانَت أَثَرَةً شَحّت عَلَیهَا نُفُوسُ قَومٍ وَ سَخَت عَنهَا نُفُوسُ آخَرِینَ وَ الحَکَمُ اللّهُ وَ المَعوَدُ إِلَیهِ القِیَامَةُ
وَ دَع عَنکَ نَهباً صِیحَ فِی حَجَرَاتِهِ || وَ لَکِن حَدِیثاً مَا حَدِیثُ الرّوَاحِلِ
وَ هَلُمّ الخَطبَ فِی ابنِ أَبِی سُفیَانَ فَلَقَد أضَحکَنَیِ الدّهرُ بَعدَ إِبکَائِهِ وَ لَا غَروَ وَ اللّهِ فَیَا لَهُ خَطباً یَستَفرِغُ العَجَبَ وَ یُکثِرُ

ص 232
الأَوَدَ حَاوَلَ القَومُ إِطفَاءَ نُورِ اللّهِ مِن مِصبَاحِهِ وَ سَدّ فَوّارِهِ مِن یَنبُوعِهِ وَ جَدَحُوا بیَنیِ وَ بَینَهُم شِرباً وَبِیئاً فَإِن تَرتَفِع عَنّا وَ عَنهُم مِحَنُ البَلوَی أَحمِلهُم مِنَ الحَقّ عَلَی مَحضِهِ وَ إِن تَکُنِ الأُخرَیفَلا تَذهَب نَفسُکَ عَلَیهِم حَسَراتٍ إِنّ اللّهَ عَلِیمٌ بِما یَصنَعُونَ
-قرآن-249-321

163- و من خطبة له ع

الخالق جل وعلا

الحَمدُ لِلّهِ خَالِقِ العِبَادِ وَ سَاطِحِ المِهَادِ وَ مُسِیلِ الوِهَادِ وَ مُخصِبِ النّجَادِ لَیسَ لِأَوّلِیّتِهِ ابتِدَاءٌ وَ لَا لِأَزَلِیّتِهِ انقِضَاءٌ هُوَ الأَوّلُ وَ لَم یَزَل وَ الباَقیِ بِلَا أَجَلٍ خَرّت لَهُ الجِبَاهُ وَ وَحّدَتهُ الشّفَاهُ حَدّ الأَشیَاءَ
عِندَ خَلقِهِ لَهَا إِبَانَةً لَهُ مِن شَبَهِهَا لَا تُقَدّرُهُ الأَوهَامُ بِالحُدُودِ وَ الحَرَکَاتِ وَ لَا بِالجَوَارِحِ وَ الأَدَوَاتِ لَا یُقَالُ لَهُ مَتَی وَ لَا یُضرَبُ لَهُ أَمَدٌ بِحَتّی الظّاهِرُ لَا یُقَالُ مِمّ وَ البَاطِنُ لَا یُقَالُ فِیمَ لَا شَبَحٌ فَیُتَقَصّی وَ لَا مَحجُوبٌ فَیُحوَی لَم یَقرُب مِنَ الأَشیَاءِ بِالتِصَاقٍ وَ لَم یَبعُد عَنهَا بِافتِرَاقٍ وَ لَا یَخفَی عَلَیهِ مِن عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحظَةٍ وَ لَا کُرُورُ لَفظَةٍ وَ لَا ازدِلَافُ رَبوَةٍ وَ لَا انبِسَاطُ خُطوَةٍ فِی لَیلٍ دَاجٍ وَ لَا غَسَقٍ

ص 233
سَاجٍ یَتَفَیّأُ عَلَیهِ القَمَرُ المُنِیرُ وَ تَعقُبُهُ الشّمسُ ذَاتُ النّورِ فِی الأُفُولِ وَ الکُرُورِ وَ تَقَلّبِ الأَزمِنَةِ وَ الدّهُورِ مِن إِقبَالِ لَیلٍ مُقبِلٍ وَ إِدبَارِ نَهَارٍ مُدبِرٍ قَبلَ کُلّ غَایَةٍ وَ مُدّةِ وَ کُلّ إِحصَاءٍ وَ عِدّةٍ تَعَالَی عَمّا یَنحَلُهُ المُحَدّدُونَ مِن صِفَاتِ الأَقدَارِ وَ نِهَایَاتِ الأَقطَارِ وَ تَأَثّلِ المَسَاکِنِ وَ تَمَکّنِ الأَمَاکِنِ فَالحَدّ لِخَلقِهِ مَضرُوبٌ وَ إِلَی غَیرِهِ مَنسُوبٌ

ابتداع المخلوقین

لَم یَخلُقِ الأَشیَاءَ مِن أُصُولٍ أَزَلِیّةٍ وَ لَا مِن أَوَائِلَ أَبَدِیّةٍ بَل خَلَقَ مَا خَلَقَ فَأَقَامَ حَدّهُ وَ صَوّرَ فَأَحسَنَ صُورَتَهُ لَیسَ لشِیَ‌ءٍ مِنهُ امتِنَاعٌ وَ لَا لَهُ بِطَاعَةِ شَیءٍ انتِفَاعٌ عِلمُهُ بِالأَموَاتِ المَاضِینَ کَعِلمِهِ بِالأَحیَاءِ البَاقِینَ وَ عِلمُهُ بِمَا فِی السّمَاوَاتِ العُلَی کَعِلمِهِ بِمَا فِی الأَرَضِینَ السّفلَی
منهاأَیّهَا المَخلُوقُ السوّیِ‌ّ وَ المُنشَأُ المرَعیِ‌ّ فِی ظُلُمَاتِ الأَرحَامِ وَ مُضَاعَفَاتِ الأَستَارِ.بُدِئتَمِن سُلالَةٍ مِن طِینٍ وَ وُضِعتَفِی قَرارٍ مَکِینٍ إِلی قَدَرٍ مَعلُومٍ وَ أَجَلٍ مَقسُومٍ تَمُورُ فِی بَطنِ أُمّکَ جَنِیناً لَا تُحِیرُ دُعَاءً وَ لَا تَسمَعُ نِدَاءً ثُمّ أُخرِجتَ مِن مَقَرّکَ إِلَی دَارٍ لَم تَشهَدهَا وَ لَم تَعرِف سُبُلَ مَنَافِعِهَا
-قرآن-117-138-قرآن-150-188

ص 234
فَمَن هَدَاکَ لِاجتِرَارِ الغِذَاءِ مِن ثدَی‌ِ أُمّکَ وَ عَرّفَکَ
عِندَ الحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِکَ وَ إِرَادَتِکَ هَیهَاتَ إِنّ مَن یَعجِزُ عَن صِفَاتِ ذیِ الهَیئَةِ وَ الأَدَوَاتِ فَهُوَ عَن صِفَاتِ خَالِقِهِ أَعجَزُ وَ مِن تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ المَخلُوقِینَ أَبعَدُ

164- و من کلام له ع لمااجتمع الناس إلیه وشکوا مانقموه علی عثمان وسألوه مخاطبته لهم واستعتابه لهم فدخل علیه فقال

إِنّ النّاسَ ورَاَئیِ وَ قَدِ استسَفرَوُنیِ بَینَکَ وَ بَینَهُم وَ وَ اللّهِ مَا أدَریِ مَا أَقُولُ لَکَ مَا أَعرِفُ شَیئاً تَجهَلُهُ وَ لَا أَدُلّکَ عَلَی أَمرٍ لَا تَعرِفُهُ إِنّکَ لَتَعلَمُ مَا نَعلَمُ مَا سَبَقنَاکَ إِلَی شَیءٍ فَنُخبِرَکَ عَنهُ وَ لَا خَلَونَا بشِیَ‌ءٍ فَنُبَلّغَکَهُ وَ قَد رَأَیتَ کَمَا رَأَینَا وَ سَمِعتَ کَمَا سَمِعنَا وَ صَحِبتَ رَسُولَ اللّهِص کَمَا صَحِبنَا وَ مَا ابنُ أَبِی قُحَافَةَ وَ لَا ابنُ الخَطّابِ بِأَولَی بِعَمَلِ الحَقّ مِنکَ وَ أَنتَ أَقرَبُ إِلَی أَبِی رَسُولِ اللّهِص وَشِیجَةَ رَحِمٍ مِنهُمَا وَ قَد نِلتَ مِن صِهرِهِ مَا لَم یَنَالَا فَاللّهَ اللّهَ فِی نَفسِکَ فَإِنّکَ وَ اللّهِ مَا تُبَصّرُ مِن عَمًی وَ لَا تُعَلّمُ مِن جَهلٍ وَ إِنّ الطّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وَ إِنّ أَعلَامَ الدّینِ لَقَائِمَةٌ فَاعلَم أَنّ أَفضَلَ عِبَادِ اللّهِ
عِندَ اللّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ

ص 235
هدُیِ‌َ وَ هَدَی فَأَقَامَ سُنّةً مَعلُومَةً وَ أَمَاتَ بِدعَةً مَجهُولَةً وَ إِنّ السّنَنَ لَنَیّرَةٌ لَهَا أَعلَامٌ وَ إِنّ البِدَعَ لَظَاهِرَةٌ لَهَا أَعلَامٌ وَ إِنّ شَرّ النّاسِ
عِندَ اللّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلّ وَ ضُلّ بِهِ فَأَمَاتَ سُنّةً مَأخُوذَةً وَ أَحیَا بِدعَةً مَترُوکَةً وَ إنِیّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص یَقُولُ یُؤتَی یَومَ القِیَامَةِ بِالإِمَامِ الجَائِرِ وَ لَیسَ مَعَهُ نَصِیرٌ وَ لَا عَاذِرٌ فَیُلقَی فِی نَارِ جَهَنّمَ فَیَدُورُ فِیهَا کَمَا تَدُورُ الرّحَی ثُمّ یَرتَبِطُ فِی قَعرِهَا وَ إنِیّ أَنشُدُکَ اللّهَ أَلّا تَکُونَ إِمَامَ هَذِهِ الأُمّةِ المَقتُولَ فَإِنّهُ کَانَ یُقَالُ یُقتَلُ فِی هَذِهِ الأُمّةِ إِمَامٌ یَفتَحُ عَلَیهَا القَتلَ وَ القِتَالَ إِلَی یَومِ القِیَامَةِ وَ یَلبِسُ أُمُورَهَا عَلَیهَا وَ یَبُثّ الفِتَنَ فِیهَا فَلَا یُبصِرُونَ الحَقّ مِنَ البَاطِلِ یَمُوجُونَ فِیهَا مَوجاً وَ یَمرُجُونَ فِیهَا مَرجاً فَلَا تَکُونَنّ لِمَروَانَ سَیّقَةً یَسُوقُکَ حَیثُ شَاءَ بَعدَ جَلَالِ السّنّ وَ تقَضَیّ العُمُرِ فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ رضَیِ‌َ اللّهُ عَنهُ کَلّمِ النّاسَ فِی أَن یؤُجَلّوُنیِ حَتّی أَخرُجَ إِلَیهِم مِن مَظَالِمِهِم فَقَالَ ع مَا کَانَ بِالمَدِینَةِ فَلَا أَجَلَ فِیهِ وَ مَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمرِکَ إِلَیهِ

165- و من خطبة له ع یذکر فیهاعجیب خلقة الطاوس

خلقة الطیور

ابتَدَعَهُم خَلقاً عَجِیباً مِن حَیَوَانٍ وَ مَوَاتٍ وَ سَاکِنٍ وَ ذیِ حَرَکَاتٍ

ص 236
وَ أَقَامَ مِن شَوَاهِدِ البَیّنَاتِ عَلَی لَطِیفِ صَنعَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدرَتِهِ مَا انقَادَت لَهُ العُقُولُ مُعتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلّمَةً لَهُ وَ نَعَقَت فِی أَسمَاعِنَا دَلَائِلُهُ عَلَی وَحدَانِیّتِهِ وَ مَا ذَرَأَ مِن مُختَلِفِ صُوَرِ الأَطیَارِ التّیِ أَسکَنَهَا أَخَادِیدَ الأَرضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ روَاَسیِ‌َ أَعلَامِهَا مِن ذَاتِ أَجنِحَةٍ مُختَلِفَةٍ وَ هَیئَاتٍ مُتَبَایِنَةٍ مُصَرّفَةٍ فِی زِمَامِ التّسخِیرِ وَ مُرَفرِفَةٍ بِأَجنِحَتِهَا فِی مَخَارِقِ الجَوّ المُنفَسِحِ وَ الفَضَاءِ المُنفَرِجِ کَوّنَهَا بَعدَ إِذ لَم تَکُن فِی عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَ رَکّبَهَا فِی حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحتَجِبَةٍ وَ مَنَعَ بَعضَهَا بِعَبَالَةِ خَلقِهِ أَن یَسمُوَ فِی الهَوَاءِ خُفُوفاً وَ جَعَلَهُ یَدِفّ دَفِیفاً وَ نَسَقَهَا عَلَی اختِلَافِهَا فِی الأَصَابِیغِ بِلَطِیفِ قُدرَتِهِ وَ دَقِیقِ صَنعَتِهِ فَمِنهَا مَغمُوسٌ فِی قَالَبِ لَونٍ لَا یَشُوبُهُ غَیرُ لَونِ مَا غُمِسَ فِیهِ وَ مِنهَا مَغمُوسٌ فِی لَونِ صِبغٍ قَد طُوّقَ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بِهِ

الطاوس

وَ مِن أَعجَبِهَا خَلقاً الطّاوُسُ ألّذِی أَقَامَهُ فِی أَحکَمِ تَعدِیلٍ وَ نَضّدَ أَلوَانَهُ فِی أَحسَنِ تَنضِیدٍ بِجَنَاحٍ أَشرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسحَبَهُ إِذَا دَرَجَ إِلَی الأُنثَی نَشَرَهُ مِن طَیّهِ وَ سَمَا بِهِ مُطِلّا عَلَی رَأسِهِ کَأَنّهُ قِلعُ داَریِ‌ّ عَنَجَهُ نُوتِیّهُ یَختَالُ بِأَلوَانِهِ وَ یَمِیسُ بِزَیَفَانِهِ یفُضیِ کَإِفضَاءِ

ص 237
الدّیَکَةِ وَ یَؤُرّ بِمَلَاقِحِهِ أَرّ الفُحُولِ المُغتَلِمَةِ لِلضّرَابِ أُحِیلُکَ مِن ذَلِکَ عَلَی مُعَایَنَةٍ لَا کَمَن یُحِیلُ عَلَی ضَعِیفٍ إِسنَادُهُ وَ لَو کَانَ کَزَعمِ مَن یَزعُمُ أَنّهُ یُلقِحُ بِدَمعَةٍ تَسفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِی ضفَتّیَ جُفُونِهِ وَ أَنّ أُنثَاهُ تَطعَمُ ذَلِکَ ثُمّ تَبِیضُ لَا مِن لِقَاحِ فَحلٍ سِوَی الدّمعِ المُنبَجِسِ لَمَا کَانَ ذَلِکَ بِأَعجَبَ مِن مُطَاعَمَةِ الغُرَابِ تَخَالُ قَصَبَهُ مدَاَریِ‌َ مِن فِضّةٍ وَ مَا أُنبِتَ عَلَیهَا مِن عَجِیبِ دَارَاتِهِ وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ العِقیَانِ وَ فِلَذَ الزّبَرجَدِ فَإِن شَبّهتَهُ بِمَا أَنبَتَتِ الأَرضُ قُلتَ جَنًی جنُیِ‌َ مِن زَهرَةِ کُلّ رَبِیعٍ وَ إِن ضَاهَیتَهُ بِالمَلَابِسِ فَهُوَ کمَوَشیِ‌ّ الحُلَلِ أَو کَمُونِقِ عَصبِ الیَمَنِ وَ إِن شَاکَلتَهُ باِلحلُیِ‌ّ فَهُوَ کَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلوَانٍ قَد نُطّقَت بِاللّجَینِ المُکَلّلِ یمَشیِ مشَی‌َ المَرِحِ المُختَالِ وَ یَتَصَفّحُ ذَنَبَهُ وَ جَنَاحَیهِ فَیُقَهقِهُ ضَاحِکاً لِجَمَالِ سِربَالِهِ وَ أَصَابِیغِ وِشَاحِهِ فَإِذَا رَمَی بِبَصَرِهِ إِلَی قَوَائِمِهِ زَقَا مُعوِلًا بِصَوتٍ یَکَادُ یُبِینُ عَنِ استِغَاثَتِهِ وَ یَشهَدُ بِصَادِقِ تَوَجّعِهِ لِأَنّ قَوَائِمَهُ حُمشٌ کَقَوَائِمِ الدّیَکَةِ الخِلَاسِیّةِ وَ قَد نَجَمَت مِن ظُنبُوبِ سَاقِهِ صِیصِیَةٌ خَفِیّةٌ وَ لَهُ فِی مَوضِعِ العُرفِ قُنزُعَةٌ خَضرَاءُ مُوَشّاةٌ وَ مَخرَجُ عَنُقِهِ کَالإِبرِیقِ وَ مَغرِزُهَا إِلَی حَیثُ بَطنُهُ کَصِبغِ الوَسِمَةِ الیَمَانِیّةِ أَو
ص 238
کَحَرِیرَةٍ مُلبَسَةٍ مِرآةً ذَاتَ صِقَالٍ وَ کَأَنّهُ مُتَلَفّعٌ بِمِعجَرٍ أَسحَمَ إِلّا أَنّهُ یُخَیّلُ لِکَثرَةِ مَائِهِ وَ شِدّةِ بَرِیقِهِ أَنّ الخُضرَةَ النّاضِرَةَ مُمتَزِجَةٌ بِهِ وَ مَعَ فَتقِ سَمعِهِ خَطّ کَمُستَدَقّ القَلَمِ فِی لَونِ الأُقحُوَانِ أَبیَضُ یَقَقٌ فَهُوَ بِبَیَاضِهِ فِی سَوَادِ مَا هُنَالِکَ یَأتَلِقُ وَ قَلّ صِبغٌ إِلّا وَ قَد أَخَذَ مِنهُ بِقِسطٍ وَ عَلَاهُ بِکَثرَةِ صِقَالِهِ وَ بَرِیقِهِ وَ بَصِیصِ دِیبَاجِهِ وَ رَونَقِهِ فَهُوَ کَالأَزَاهِیرِ المَبثُوثَةِ لَم تُرَبّهَا أَمطَارُ رَبِیعٍ وَ لَا شُمُوسُ قَیظٍ وَ قَد یَنحَسِرُ مِن رِیشِهِ وَ یَعرَی مِن لِبَاسِهِ فَیَسقُطُ تَترَی وَ یَنبُتُ تِبَاعاً فَیَنحَتّ مِن قَصَبِهِ انحِتَاتَ أَورَاقِ الأَغصَانِ ثُمّ یَتَلَاحَقُ نَامِیاً حَتّی یَعُودَ کَهَیئَتِهِ قَبلَ سُقُوطِهِ لَا یُخَالِفُ سَالِفَ أَلوَانِهِ وَ لَا یَقَعُ لَونٌ فِی غَیرِ مَکَانِهِ وَ إِذَا تَصَفّحتَ شَعرَةً مِن شَعَرَاتِ قَصَبِهِ أَرَتکَ حُمرَةً وَردِیّةً وَ تَارَةً خُضرَةً زَبَرجَدِیّةً وَ أَحیَاناً صُفرَةً عَسجَدِیّةً فَکَیفَ تَصِلُ إِلَی صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ الفِطَنِ أَو تَبلُغُهُ قَرَائِحُ العُقُولِ أَو تَستَنظِمُ وَصفَهُ أَقوَالُ الوَاصِفِینَ وَ أَقَلّ أَجزَائِهِ قَد أَعجَزَ الأَوهَامَ أَن تُدرِکَهُ وَ الأَلسِنَةَ أَن تَصِفَهُ فَسُبحَانَ ألّذِی بَهَرَ العُقُولَ عَن وَصفِ خَلقٍ جَلّاهُ لِلعُیُونِ فَأَدرَکَتهُ مَحدُوداً مُکَوّناً وَ مُؤَلّفاً مُلَوّناً وَ أَعجَزَ الأَلسُنَ عَن تَلخِیصِ صِفَتِهِ وَ قَعَدَ بِهَا عَن تَأدِیَةِ نَعتِهِ
ص 239

صغار المخلوقات

وَ سُبحَانَ مَن أَدمَجَ قَوَائِمَ الذّرّةِ وَ الهَمَجَةِ إِلَی مَا فَوقَهُمَا مِن خَلقِ الحِیتَانِ وَ الفِیَلَةِ وَ وَأَی عَلَی نَفسِهِ أَلّا یَضطَرِبَ شَبَحٌ مِمّا أَولَجَ فِیهِ الرّوحَ إِلّا وَ جَعَلَ الحِمَامَ مَوعِدَهُ وَ الفَنَاءَ غَایَتَهُ

منها فی صفة الجنة

فَلَو رَمَیتَ بِبَصَرِ قَلبِکَ نَحوَ مَا یُوصَفُ لَکَ مِنهَا لَعَزَفَت نَفسُکَ عَن بَدَائِعِ مَا أُخرِجَ إِلَی الدّنیَا مِن شَهَوَاتِهَا وَ لَذّاتِهَا وَ زَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا وَ لَذَهِلَت بِالفِکرِ فِی اصطِفَاقِ أَشجَارٍ غُیّبَت عُرُوقُهَا فِی کُثبَانِ المِسکِ عَلَی سَوَاحِلِ أَنهَارِهَا وَ فِی تَعلِیقِ کَبَائِسِ اللّؤلُؤِ الرّطبِ فِی عَسَالِیجِهَا وَ أَفنَانِهَا وَ طُلُوعِ تِلکَ الثّمَارِ مُختَلِفَةً فِی غُلُفِ أَکمَامِهَا تُجنَی مِن غَیرِ تَکَلّفٍ فتَأَتیِ عَلَی مُنیَةِ مُجتَنِیهَا وَ یُطَافُ عَلَی نُزّالِهَا فِی أَفنِیَةِ قُصُورِهَا بِالأَعسَالِ المُصَفّقَةِ وَ الخُمُورِ المُرَوّقَةِ قَومٌ لَم تَزَلِ الکَرَامَةُ تَتَمَادَی بِهِم حَتّی حَلّوا دَارَ القَرَارِ وَ أَمِنُوا نُقلَةَ الأَسفَارِ فَلَو شَغَلتَ قَلبَکَ أَیّهَا المُستَمِعُ بِالوُصُولِ إِلَی مَا یَهجُمُ عَلَیکَ مِن تِلکَ المَنَاظِرِ المُونِقَةِ لَزَهِقَت نَفسُکَ شَوقاً إِلَیهَا وَ لَتَحَمّلتَ مِن مجَلسِیِ هَذَا إِلَی مُجَاوَرَةِ أَهلِ القُبُورِ استِعجَالًا بِهَا جَعَلَنَا اللّهُ وَ إِیّاکُم مِمّن یَسعَی بِقَلبِهِ إِلَی مَنَازِلِ الأَبرَارِ بِرَحمَتِهِ

ص 240

تفسیر بعض ما فی هذه الخطبة من الغریب

قال السید الشریف رضی الله عنه قوله ع یؤر بملاقحه الأر کنایة عن النکاح یقال أر الرجل المرأة یؤرها إذانکحها. و قوله ع کأنه قلع داری عنجه نوتیه القلع شراع السفینة وداری منسوب إلی دارین وهی بلدة علی البحر یجلب منها الطیب وعنجه أی عطفه یقال عنجت الناقة کنصرت أعنجها عنجا إذاعطفتها والنوتی الملاح . و قوله ع ضفتی جفونه أراد جانبی جفونه والضفتان الجانبان . و قوله ع وفلذ الزبرجد الفلذ جمع فلذة وهی القطعة. و قوله ع کبائس اللؤلؤ الرطب الکباسة العذق والعسالیج الغصون واحدها عسلوج
-روایت-1-518

166- و من خطبة له ع

الحث علی التآلف

لِیَتَأَسّ صَغِیرُکُم بِکَبِیرِکُم وَ لیَرأَف کَبِیرُکُم بِصَغِیرِکُم وَ لَا تَکُونُوا کَجُفَاةِ الجَاهِلِیّةِ لَا فِی الدّینِ یَتَفَقّهُونَ وَ لَا عَنِ اللّهِ یَعقِلُونَ کَقَیضِ بَیضٍ فِی أَدَاحٍ یَکُونُ کَسرُهَا وِزراً وَ یُخرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً

بنو أمیة

ومنهاافتَرَقُوا بَعدَ أُلفَتِهِم وَ تَشَتّتُوا عَن أَصلِهِم فَمِنهُم آخِذٌ

ص 241
بِغُصنٍ أَینَمَا مَالَ مَالَ مَعَهُ عَلَی أَنّ اللّهَ تَعَالَی سَیَجمَعُهُم لِشَرّ یَومٍ لبِنَیِ أُمَیّةَ کَمَا تَجتَمِعُ قَزَعُ الخَرِیفِ یُؤَلّفُ اللّهُ بَینَهُم ثُمّ یَجمَعُهُم رُکَاماً کَرُکَامِ السّحَابِ ثُمّ یَفتَحُ لَهُم أَبوَاباً یَسِیلُونَ مِن مُستَثَارِهِم کَسَیلِ الجَنّتَینِ حَیثُ لَم تَسلَم عَلَیهِ قَارَةٌ وَ لَم تَثبُت عَلَیهِ أَکَمَةٌ وَ لَم یَرُدّ سَنَنَهُ رَصّ طَودٍ وَ لَا حِدَابُ أَرضٍ یُذَعذِعُهُمُ اللّهُ فِی بُطُونِ أَودِیَتِهِ ثُمّ یَسلُکُهُم یَنَابِیعَ فِی الأَرضِ یَأخُذُ بِهِم مِن قَومٍ حُقُوقَ قَومٍ وَ یُمَکّنُ لِقَومٍ فِی دِیَارِ قَومٍ وَ ایمُ اللّهِ لَیَذُوبَنّ مَا فِی أَیدِیهِم بَعدَ العُلُوّ وَ التّمکِینِ کَمَا تَذُوبُ الأَلیَةُ عَلَی النّارِ

الناس آخر الزمان

أَیّهَا النّاسُ لَو لَم تَتَخَاذَلُوا عَن نَصرِ الحَقّ وَ لَم تَهِنُوا عَن تَوهِینِ البَاطِلِ لَم یَطمَع فِیکُم مَن لَیسَ مِثلَکُم وَ لَم یَقوَ مَن قوَیِ‌َ عَلَیکُم لَکِنّکُم تِهتُم مَتَاهَ بنَیِ إِسرَائِیلَ وَ لعَمَریِ لَیُضَعّفَنّ لَکُمُ التّیهُ مِن بعَدیِ أَضعَافاً بِمَا خَلّفتُمُ الحَقّ وَرَاءَ ظُهُورِکُم وَ قَطَعتُمُ الأَدنَی وَ وَصَلتُمُ الأَبعَدَ وَ اعلَمُوا أَنّکُم إِنِ اتّبَعتُمُ الداّعیِ‌َ لَکُم سَلَکَ بِکُم مِنهَاجَ الرّسُولِ وَ کُفِیتُم مَئُونَةَ الِاعتِسَافِ وَ نَبَذتُمُ الثّقلَ الفَادِحَ عَنِ الأَعنَاقِ

ص 242

167- و من خطبة له ع فی أوائل خلافته

إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ أَنزَلَ کِتَاباً هَادِیاً بَیّنَ فِیهِ الخَیرَ وَ الشّرّ فَخُذُوا نَهجَ الخَیرِ تَهتَدُوا وَ اصدِفُوا عَن سَمتِ الشّرّ تَقصِدُوا الفَرَائِضَ الفَرَائِضَ أَدّوهَا إِلَی اللّهِ تُؤَدّکُم إِلَی الجَنّةِ إِنّ اللّهَ حَرّمَ حَرَاماً غَیرَ مَجهُولٍ وَ أَحَلّ حَلَالًا غَیرَ مَدخُولٍ وَ فَضّلَ حُرمَةَ المُسلِمِ عَلَی الحُرَمِ کُلّهَا وَ شَدّ بِالإِخلَاصِ وَ التّوحِیدِ حُقُوقَ المُسلِمِینَ فِی مَعَاقِدِهَا فَالمُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلّا بِالحَقّ وَ لَا یَحِلّ أَذَی المُسلِمِ إِلّا بِمَا یَجِبُ بَادِرُوا أَمرَ العَامّةِ وَ خَاصّةَ أَحَدِکُم وَ هُوَ المَوتُ فَإِنّ النّاسَ أَمَامَکُم وَ إِنّ السّاعَةَ تَحدُوکُم مِن خَلفِکُم تَخَفّفُوا تَلحَقُوا فَإِنّمَا یُنتَظَرُ بِأَوّلِکُم آخِرُکُم اتّقُوا اللّهَ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ فَإِنّکُم مَسئُولُونَ حَتّی عَنِ البِقَاعِ وَ البَهَائِمِ أَطِیعُوا اللّهَ وَ لَا تَعصُوهُ وَ إِذَا رَأَیتُمُ الخَیرَ فَخُذُوا بِهِ وَ إِذَا رَأَیتُمُ الشّرّ فَأَعرِضُوا عَنهُ

ص 243

168- و من کلام له ع بعد مابویع له بالخلافة، و قد قال له قوم من الصحابة لوعاقبت قوما ممن أجلب علی عثمان فقال علیه السلام

یَا إِخوَتَاه إنِیّ لَستُ أَجهَلُ مَا تَعلَمُونَ وَ لَکِن کَیفَ لِی بِقُوّةٍ وَ القَومُ المُجلِبُونَ عَلَی حَدّ شَوکَتِهِم یَملِکُونَنَا وَ لَا نَملِکُهُم وَ هَا هُم هَؤُلَاءِ قَد ثَارَت مَعَهُم عِبدَانُکُم وَ التَفّت إِلَیهِم أَعرَابُکُم وَ هُم خِلَالَکُم یَسُومُونَکُم مَا شَاءُوا وَ هَل تَرَونَ مَوضِعاً لِقُدرَةٍ عَلَی شَیءٍ تُرِیدُونَهُ إِنّ هَذَا الأَمرَ أَمرُ جَاهِلِیّةٍ وَ إِنّ لِهَؤُلَاءِ القَومِ مَادّةً إِنّ النّاسَ مِن هَذَا الأَمرِ إِذَا حُرّکَ عَلَی أُمُورٍ فِرقَةٌ تَرَی مَا تَرَونَ وَ فِرقَةٌ تَرَی مَا لَا تَرَونَ وَ فِرقَةٌ لَا تَرَی هَذَا وَ لَا ذَاکَ فَاصبِرُوا حَتّی یَهدَأَ النّاسُ وَ تَقَعَ القُلُوبُ مَوَاقِعَهَا وَ تُؤخَذَ الحُقُوقُ مُسمَحَةً فَاهدَءُوا عنَیّ وَ انظُرُوا مَا ذَا یَأتِیکُم بِهِ أمَریِ وَ لَا تَفعَلُوا فَعلَةً تُضَعضِعُ قُوّةً وَ تُسقِطُ مُنّةً وَ تُورِثُ وَهناً وَ ذِلّةً وَ سَأُمسِکُ الأَمرَ مَا استَمسَکَ وَ إِذَا لَم أَجِد بُدّاً فَآخِرُ الدّوَاءِ الکیَ‌ّ

169- و من خطبة له ع

اشارة

عندمسیر أصحاب الجمل إلی البصرة

الأمور الجامعة للمسلمین

إِنّ اللّهَ بَعَثَ رَسُولًا هَادِیاً بِکِتَابٍ نَاطِقٍ وَ أَمرٍ قَائِمٍ لَا یَهلِکُ عَنهُ

ص 244
إِلّا هَالِکٌ وَ إِنّ المُبتَدَعَاتِ المُشَبّهَاتِ هُنّ المُهلِکَاتُ إِلّا مَا حَفِظَ اللّهُ مِنهَا وَ إِنّ فِی سُلطَانِ اللّهِ عِصمَةً لِأَمرِکُم فَأَعطُوهُ طَاعَتَکُم غَیرَ مُلَوّمَةٍ وَ لَا مُستَکرَهٍ بِهَا وَ اللّهِ لَتَفعَلُنّ أَو لَیَنقُلَنّ اللّهُ عَنکُم سُلطَانَ الإِسلَامِ ثُمّ لَا یَنقُلُهُ إِلَیکُم أَبَداً حَتّی یَأرِزَ الأَمرُ إِلَی غَیرِکُم

التنفیر من خصومه

إِنّ هَؤُلَاءِ قَد تَمَالَئُوا عَلَی سَخطَةِ إمِاَرتَیِ وَ سَأَصبِرُ مَا لَم أَخَف عَلَی جَمَاعَتِکُم فَإِنّهُم إِن تَمّمُوا عَلَی فَیَالَةِ هَذَا الرأّی‌ِ انقَطَعَ نِظَامُ المُسلِمِینَ وَ إِنّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدّنیَا حَسَداً لِمَن أَفَاءَهَا اللّهُ عَلَیهِ فَأَرَادُوا رَدّ الأُمُورِ عَلَی أَدبَارِهَا وَ لَکُم عَلَینَا العَمَلُ بِکِتَابِ اللّهِ تَعَالَی وَ سِیرَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ القِیَامُ بِحَقّهِ وَ النّعشُ لِسُنّتِهِ

170- و من کلام له ع فی وجوب اتباع الحق

عندقیام الحجة کلّم به بعض العرب
وَ قَد أَرسَلَهُ قَومٌ مِن أَهلِ البَصرَةِ لَمّا قَرُبَ ع مِنهَا لِیَعلَمَ لَهُم مِنهُ حَقِیقَةَ حَالِهِ مَعَ أَصحَابِ الجَمَلِ لِتَزُولَ الشّبهَةُ مِن نُفُوسِهِم فَبَیّنَ لَهُ ع مِن أَمرِهِ مَعَهُم مَا عَلِمَ بِهِ أَنّهُ عَلَی الحَقّ ثُمّ قَالَ لَهُ بَایِع فَقَالَ إنِیّ رَسُولُ قَومٍ وَ لَا أُحدِثُ حَدَثاً حَتّی أَرجِعَ إِلَیهِم فَقَالَ ع
أَ رَأَیتَ لَو أَنّ الّذِینَ وَرَاءَکَ بَعَثُوکَ رَائِداً تبَتغَیِ لَهُم مَسَاقِطَ الغَیثِ

ص 245
فَرَجَعتَ إِلَیهِم وَ أَخبَرتَهُم عَنِ الکَلَإِ وَ المَاءِ فَخَالَفُوا إِلَی المَعَاطِشِ وَ المَجَادِبِ مَا کُنتَ صَانِعاً قَالَ کُنتُ تَارِکَهُم وَ مُخَالِفَهُم إِلَی الکَلَإِ وَ المَاءِ فَقَالَ ع فَامدُد إِذاً یَدَکَ فَقَالَ الرّجُلُ فَوَاللّهِ مَا استَطَعتُ أَن أَمتَنِعَ
عِندَ قِیَامِ الحُجّةِ عَلَیّ فَبَایَعتُهُ ع
وَ الرّجُلُ یُعرَفُ بِکُلَیبٍ الجرَمیِ‌ّ

171- و من کلام له ع لماعزم علی لقاء القوم بصفین

الدعاء

أللّهُمّ رَبّ السّقفِ المَرفُوعِ وَ الجَوّ المَکفُوفِ ألّذِی جَعَلتَهُ مَغِیضاً لِلّیلِ وَ النّهَارِ وَ مَجرًی لِلشّمسِ وَ القَمَرِ وَ مُختَلَفاً لِلنّجُومِ السّیّارَةِ وَ جَعَلتَ سُکّانَهُ سِبطاً مِن مَلَائِکَتِکَ لَا یَسأَمُونَ مِن عِبَادَتِکَ وَ رَبّ هَذِهِ الأَرضِ التّیِ جَعَلتَهَا قَرَاراً لِلأَنَامِ وَ مَدرَجاً لِلهَوَامّ وَ الأَنعَامِ وَ مَا لَا یُحصَی مِمّا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی وَ رَبّ الجِبَالِ الروّاَسیِ التّیِ جَعَلتَهَا لِلأَرضِ أَوتَاداً وَ لِلخَلقِ اعتِمَاداً إِن أَظهَرتَنَا عَلَی عَدُوّنَا فَجَنّبنَا البغَی‌َ وَ سَدّدنَا لِلحَقّ وَ إِن أَظهَرتَهُم عَلَینَا فَارزُقنَا الشّهَادَةَ وَ اعصِمنَا مِنَ الفِتنَةِ

ص 246

الدعوة للقتال

أَینَ المَانِعُ لِلذّمَارِ وَ الغَائِرُ
عِندَ نُزُولِ الحَقَائِقِ مِن أَهلِ الحِفَاظِ العَارُ وَرَاءَکُم وَ الجَنّةُ أَمَامَکُم

172- و من خطبة له ع

حمد الله

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَا توُاَریِ عَنهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لَا أَرضٌ أَرضاً

یوم الشوری

منها وَ قَد قَالَ قَائِلٌ إِنّکَ عَلَی هَذَا الأَمرِ یَا ابنَ أَبِی طَالِبٍ لَحَرِیصٌ فَقُلتُ بَل أَنتُم وَ اللّهِ لَأَحرَصُ وَ أَبعَدُ وَ أَنَا أَخَصّ وَ أَقرَبُ وَ إِنّمَا طَلَبتُ حَقّاً لِی وَ أَنتُم تَحُولُونَ بیَنیِ وَ بَینَهُ وَ تَضرِبُونَ وجَهیِ دُونَهُ فَلَمّا قَرّعتُهُ بِالحُجّةِ فِی المَلَإِ الحَاضِرِینَ هَبّ کَأَنّهُ بُهِتَ لَا یدَریِ مَا یجُیِبنُیِ بِهِ

الاستنصار علی قریش

أللّهُمّ إنِیّ أَستَعدِیکَ عَلَی قُرَیشٍ وَ مَن أَعَانَهُم فَإِنّهُم قَطَعُوا رحَمِیِ وَ صَغّرُوا عَظِیمَ منَزلِتَیِ‌َ وَ أَجمَعُوا عَلَی منُاَزعَتَیِ أَمراً هُوَ لِی ثُمّ قَالُوا أَلَا إِنّ فِی الحَقّ أَن تَأخُذَهُ وَ فِی الحَقّ أَن تَترُکَهُ

ص 247

منها فی ذکر أصحاب الجمل

فَخَرَجُوا یَجُرّونَ حُرمَةَ رَسُولِ اللّهِص کَمَا تُجَرّ الأَمَةُ
عِندَ شِرَائِهَا مُتَوَجّهِینَ بِهَا إِلَی البَصرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا وَ أَبرَزَا حَبِیسَ رَسُولِ اللّهِص لَهُمَا وَ لِغَیرِهِمَا فِی جَیشٍ مَا مِنهُم رَجُلٌ إِلّا وَ قَد أعَطاَنیِ الطّاعَةَ وَ سَمَحَ لِی بِالبَیعَةِ طَائِعاً غَیرَ مُکرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَی عاَملِیِ بِهَا وَ خُزّانِ بَیتِ مَالِ المُسلِمِینَ وَ غَیرِهِم مِن أَهلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبراً وَ طَائِفَةً غَدراً فَوَاللّهِ لَو لَم یُصِیبُوا مِنَ المُسلِمِینَ إِلّا رَجُلًا وَاحِداً مُعتَمِدِینَ لِقَتلِهِ بِلَا جُرمٍ جَرّهُ لَحَلّ لِی قَتلُ ذَلِکَ الجَیشِ کُلّهِ إِذ حَضَرُوهُ فَلَم یُنکِرُوا وَ لَم یَدفَعُوا عَنهُ بِلِسَانٍ وَ لَا بِیَدٍ دَع مَا أَنّهُم قَد قَتَلُوا مِنَ المُسلِمِینَ مِثلَ العِدّةِ التّیِ دَخَلُوا بِهَا عَلَیهِم

173- و من خطبة له ع فی رسول اللّه،صلی اللّه علیه وسلم ، و من هوجدیر بأن یکون للخلافة و فی هوان الدنیا

رسول الله

أَمِینُ وَحیِهِ وَ خَاتَمُ رُسُلِهِ وَ بَشِیرُ رَحمَتِهِ وَ نَذِیرُ نِقمَتِهِ

الجدیر بالخلافة

أَیّهَا النّاسُ إِنّ أَحَقّ النّاسِ بِهَذَا الأَمرِ أَقوَاهُم عَلَیهِ وَ أَعلَمُهُم

ص 248
بِأَمرِ اللّهِ فِیهِ فَإِن شَغَبَ شَاغِبٌ استُعتِبَ فَإِن أَبَی قُوتِلَ وَ لعَمَریِ لَئِن کَانَتِ الإِمَامَةُ لَا تَنعَقِدُ حَتّی یَحضُرَهَا عَامّةُ النّاسِ فَمَا إِلَی ذَلِکَ سَبِیلٌ وَ لَکِن أَهلُهَا یَحکُمُونَ عَلَی مَن غَابَ عَنهَا ثُمّ لَیسَ لِلشّاهِدِ أَن یَرجِعَ وَ لَا لِلغَائِبِ أَن یَختَارَ أَلَا وَ إنِیّ أُقَاتِلُ رَجُلَینِ رَجُلًا ادّعَی مَا لَیسَ لَهُ وَ آخَرَ مَنَعَ ألّذِی عَلَیهِ أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ فَإِنّهَا خَیرُ مَا تَوَاصَی العِبَادُ بِهِ وَ خَیرُ عَوَاقِبِ الأُمُورِ
عِندَ اللّهِ وَ قَد فُتِحَ بَابُ الحَربِ بَینَکُم وَ بَینَ أَهلِ القِبلَةِ وَ لَا یَحمِلُ هَذَا العَلَمَ إِلّا أَهلُ البَصَرِ وَ الصّبرِ وَ العِلمِ بِمَوَاضِعِ الحَقّ فَامضُوا لِمَا تُؤمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا
عِندَ مَا تُنهَونَ عَنهُ وَ لَا تَعجَلُوا فِی أَمرٍ حَتّی تَتَبَیّنُوا فَإِنّ لَنَا مَعَ کُلّ أَمرٍ تُنکِرُونَهُ غِیَراً

هوان الدنیا

أَلَا وَ إِنّ هَذِهِ الدّنیَا التّیِ أَصبَحتُم تَتَمَنّونَهَا وَ تَرغَبُونَ فِیهَا وَ أَصبَحَت تُغضِبُکُم وَ تُرضِیکُم لَیسَت بِدَارِکُم وَ لَا مَنزِلِکُمُ ألّذِی خُلِقتُم لَهُ وَ لَا ألّذِی دُعِیتُم إِلَیهِ أَلَا وَ إِنّهَا لَیسَت بِبَاقِیَةٍ لَکُم وَ لَا تَبقَونَ عَلَیهَا وَ هیِ‌َ وَ إِن غَرّتکُم مِنهَا فَقَد حَذّرَتکُم شَرّهَا فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحذِیرِهَا وَ أَطمَاعَهَا لِتَخوِیفِهَا وَ سَابِقُوا فِیهَا إِلَی الدّارِ التّیِ دُعِیتُم إِلَیهَا وَ انصَرِفُوا بِقُلُوبِکُم عَنهَا وَ لَا یَخِنّنّ أَحَدُکُم خَنِینَ الأَمَةِ عَلَی مَا زوُیِ‌َ عَنهُ مِنهَا وَ استَتِمّوا نِعمَةَ اللّهِ عَلَیکُم بِالصّبرِ عَلَی طَاعَةِ اللّهِ

ص 249
وَ المُحَافَظَةِ عَلَی مَا استَحفَظَکُم مِن کِتَابِهِ أَلَا وَ إِنّهُ لَا یَضُرّکُم تَضیِیعُ شَیءٍ مِن دُنیَاکُم بَعدَ حِفظِکُم قَائِمَةَ دِینِکُم أَلَا وَ إِنّهُ لَا یَنفَعُکُم بَعدَ تَضیِیعِ دِینِکُم شَیءٌ حَافَظتُم عَلَیهِ مِن أَمرِ دُنیَاکُم أَخَذَ اللّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِکُم إِلَی الحَقّ وَ أَلهَمَنَا وَ إِیّاکُمُ الصّبرَ

174- و من کلام له ع فی معنی طلحة بن عبید الله و قدقاله حین بلغه خروج طلحة والزبیر إلی البصرة لقتاله

قَد کُنتُ وَ مَا أُهَدّدُ بِالحَربِ وَ لَا أُرَهّبُ بِالضّربِ وَ أَنَا عَلَی مَا قَد وعَدَنَیِ ربَیّ مِنَ النّصرِ وَ اللّهِ مَا استَعجَلَ مُتَجَرّداً لِلطّلَبِ بِدَمِ عُثمَانَ إِلّا خَوفاً مِن أَن یُطَالَبَ بِدَمِهِ لِأَنّهُ مَظِنّتُهُ وَ لَم یَکُن فِی القَومِ أَحرَصُ عَلَیهِ مِنهُ فَأَرَادَ أَن یُغَالِطَ بِمَا أَجلَبَ فِیهِ لِیَلتَبِسَ الأَمرُ وَ یَقَعَ الشّکّ. وَ وَ اللّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمرِ عُثمَانَ وَاحِدَةً مِن ثَلَاثٍ لَئِن کَانَ ابنُ عَفّانَ ظَالِماً کَمَا کَانَ یَزعُمُ لَقَد کَانَ ینَبغَیِ لَهُ أَن یُوَازِرَ قَاتِلِیهِ وَ أَن یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ. وَ لَئِن کَانَ مَظلُوماً لَقَد کَانَ ینَبغَیِ لَهُ أَن یَکُونَ مِنَ المُنَهنِهِینَ عَنهُ وَ المُعَذّرِینَ فِیهِ وَ لَئِن کَانَ فِی شَکّ مِنَ الخَصلَتَینِ لَقَد کَانَ ینَبغَیِ لَهُ أَن یَعتَزِلَهُ وَ یَرکُدَ

ص 250
جَانِباً وَ یَدَعَ النّاسَ مَعَهُ فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثّلَاثِ وَ جَاءَ بِأَمرٍ لَم یُعرَف بَابُهُ وَ لَم تَسلَم مَعَاذِیرُهُ

175- من خطبة له ع فی الموعظة وبیان قرباه من رسول اللّه

أَیّهَا النّاسُ غَیرُ المَغفُولِ عَنهُم وَ التّارِکُونَ المَأخُوذُ مِنهُم مَا لِی أَرَاکُم عَنِ اللّهِ ذَاهِبِینَ وَ إِلَی غَیرِهِ رَاغِبِینَ کَأَنّکُم نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَی مَرعًی وبَیِ‌ّ وَ مَشرَبٍ دوَیِ‌ّ وَ إِنّمَا هیِ‌َ کَالمَعلُوفَةِ لِلمُدَی لَا تَعرِفُ مَا ذَا یُرَادُ بِهَا إِذَا أُحسِنَ إِلَیهَا تَحسَبُ یَومَهَا دَهرَهَا وَ شِبَعَهَا أَمرَهَا وَ اللّهِ لَو شِئتُ أَن أُخبِرَ کُلّ رَجُلٍ مِنکُم بِمَخرَجِهِ وَ مَولِجِهِ وَ جَمِیعِ شَأنِهِ لَفَعَلتُ وَ لَکِن أَخَافُ أَن تَکفُرُوا فِیّ بِرَسُولِ اللّهِص أَلَا وَ إنِیّ مُفضِیهِ إِلَی الخَاصّةِ مِمّن یُؤمَنُ ذَلِکَ مِنهُ وَ ألّذِی بَعَثَهُ بِالحَقّ وَ اصطَفَاهُ عَلَی الخَلقِ مَا أَنطِقُ إِلّا صَادِقاً وَ قَد عَهِدَ إلِیَ‌ّ بِذَلِکَ کُلّهِ وَ بِمَهلِکِ مَن یَهلِکُ وَ مَنجَی مَن یَنجُو وَ مَآلِ هَذَا الأَمرِ وَ مَا أَبقَی شَیئاً یَمُرّ عَلَی رأَسیِ إِلّا أَفرَغَهُ فِی أذُنُیَ‌ّ وَ أَفضَی بِهِ إلِیَ‌ّ أَیّهَا النّاسُ إنِیّ وَ اللّهِ مَا أَحُثّکُم عَلَی طَاعَةٍ إِلّا وَ أَسبِقُکُم إِلَیهَا وَ لَا أَنهَاکُم عَن مَعصِیَةٍ إِلّا وَ أَتَنَاهَی قَبلَکُم عَنهَا

ص 251

176- و من خطبة له ع و فیهایعظ ویبین فضل القرآن وینهی عن البدعة

عظة الناس

انتَفِعُوا بِبَیَانِ اللّهِ وَ اتّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللّهِ وَ اقبَلُوا نَصِیحَةَ اللّهِ فَإِنّ اللّهَ قَد أَعذَرَ إِلَیکُم بِالجَلِیّةِ وَ اتّخَذَ عَلَیکُمُ الحُجّةَ وَ بَیّنَ لَکُم مَحَابّهُ مِنَ الأَعمَالِ وَ مَکَارِهَهُ مِنهَا لِتَتّبِعُوا هَذِهِ وَ تَجتَنِبُوا هَذِهِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص کَانَ یَقُولُ إِنّ الجَنّةَ حُفّت بِالمَکَارِهِ وَ إِنّ النّارَ حُفّت بِالشّهَوَاتِ وَ اعلَمُوا أَنّهُ مَا مِن طَاعَةِ اللّهِ شَیءٌ إِلّا یأَتیِ فِی کُرهٍ وَ مَا مِن مَعصِیَةِ اللّهِ شَیءٌ إِلّا یأَتیِ فِی شَهوَةٍ فَرَحِمَ اللّهُ امرَأً نَزَعَ عَن شَهوَتِهِ وَ قَمَعَ هَوَی نَفسِهِ فَإِنّ هَذِهِ النّفسَ أَبعَدُ شَیءٍ مَنزِعاً وَ إِنّهَا لَا تَزَالُ تَنزِعُ إِلَی مَعصِیَةٍ فِی هَوًی وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُؤمِنَ لَا یُصبِحُ وَ لَا یمُسیِ إِلّا وَ نَفسُهُ ظَنُونٌ عِندَهُ فَلَا یَزَالُ زَارِیاً عَلَیهَا وَ مُستَزِیداً لَهَا فَکُونُوا کَالسّابِقِینَ قَبلَکُم وَ المَاضِینَ أَمَامَکُم قَوّضُوا مِنَ الدّنیَا تَقوِیضَ الرّاحِلِ وَ طَوَوهَا طیَ‌ّ المَنَازِلِ

ص 252

فضل القرآن

وَ اعلَمُوا أَنّ هَذَا القُرآنَ هُوَ النّاصِحُ ألّذِی لَا یَغُشّ وَ الهاَدیِ ألّذِی لَا یُضِلّ وَ المُحَدّثُ ألّذِی لَا یَکذِبُ وَ مَا جَالَسَ هَذَا القُرآنَ أَحَدٌ إِلّا قَامَ عَنهُ بِزِیَادَةٍ أَو نُقصَانٍ زِیَادَةٍ فِی هُدًی أَو نُقصَانٍ مِن عَمًی وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَیسَ عَلَی أَحَدٍ بَعدَ القُرآنِ مِن فَاقَةٍ وَ لَا لِأَحَدٍ قَبلَ القُرآنِ مِن غِنًی فَاستَشفُوهُ مِن أَدوَائِکُم وَ استَعِینُوا بِهِ عَلَی لَأوَائِکُم فَإِنّ فِیهِ شِفَاءً مِن أَکبَرِ الدّاءِ وَ هُوَ الکُفرُ وَ النّفَاقُ وَ الغیَ‌ّ وَ الضّلَالُ فَاسأَلُوا اللّهَ بِهِ وَ تَوَجّهُوا إِلَیهِ بِحُبّهِ وَ لَا تَسأَلُوا بِهِ خَلقَهُ إِنّهُ مَا تَوَجّهَ العِبَادُ إِلَی اللّهِ تَعَالَی بِمِثلِهِ وَ اعلَمُوا أَنّهُ شَافِعٌ مُشَفّعٌ وَ قَائِلٌ مُصَدّقٌ وَ أَنّهُ مَن شَفَعَ لَهُ القُرآنُ یَومَ القِیَامَةِ شُفّعَ فِیهِ وَ مَن مَحَلَ بِهِ القُرآنُ یَومَ القِیَامَةِ صُدّقَ عَلَیهِ فَإِنّهُ ینُاَدیِ مُنَادٍ یَومَ القِیَامَةِ أَلَا إِنّ کُلّ حَارِثٍ مُبتَلًی فِی حَرثِهِ وَ عَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَیرَ حَرَثَةِ القُرآنِ فَکُونُوا مِن حَرَثَتِهِ وَ أَتبَاعِهِ وَ استَدِلّوهُ عَلَی رَبّکُم وَ استَنصِحُوهُ عَلَی أَنفُسِکُم وَ اتّهِمُوا عَلَیهِ آرَاءَکُم وَ استَغِشّوا فِیهِ أَهوَاءَکُم

الحث علی العمل

العَمَلَ العَمَلَ ثُمّ النّهَایَةَ النّهَایَةَ وَ الِاستِقَامَةَ الِاستِقَامَةَ ثُمّ الصّبرَ الصّبرَ وَ الوَرَعَ الوَرَعَ إِنّ لَکُم نِهَایَةً فَانتَهُوا إِلَی نِهَایَتِکُم وَ إِنّ لَکُم عَلَماً فَاهتَدُوا بِعَلَمِکُم وَ إِنّ لِلإِسلَامِ غَایَةً فَانتَهُوا إِلَی

ص 253
غَایَتِهِ وَ اخرُجُوا إِلَی اللّهِ بِمَا افتَرَضَ عَلَیکُم مِن حَقّهِ وَ بَیّنَ لَکُم مِن وَظَائِفِهِ أَنَا شَاهِدٌ لَکُم وَ حَجِیجٌ یَومَ القِیَامَةِ عَنکُم

نصائح للناس

أَلَا وَ إِنّ القَدَرَ السّابِقَ قَد وَقَعَ وَ القَضَاءَ الماَضیِ‌َ قَد تَوَرّدَ وَ إنِیّ مُتَکَلّمٌ بِعِدَةِ اللّهِ وَ حُجّتِهِ قَالَ اللّهُ تَعَالَیإِنّ الّذِینَ قالُوا رَبّنَا اللّهُ ثُمّ استَقامُوا تَتَنَزّلُ عَلَیهِمُ المَلائِکَةُ أَلّا تَخافُوا وَ لا تَحزَنُوا وَ أَبشِرُوا بِالجَنّةِ التّیِ کُنتُم تُوعَدُونَ وَ قَد قُلتُم رَبّنَا اللّهُ فَاستَقِیمُوا عَلَی کِتَابِهِ وَ عَلَی مِنهَاجِ أَمرِهِ وَ عَلَی الطّرِیقَةِ الصّالِحَةِ مِن عِبَادَتِهِ ثُمّ لَا تَمرُقُوا مِنهَا وَ لَا تَبتَدِعُوا فِیهَا وَ لَا تُخَالِفُوا عَنهَا فَإِنّ أَهلَ المُرُوقِ مُنقَطَعٌ بِهِم
عِندَ اللّهِ یَومَ القِیَامَةِ ثُمّ إِیّاکُم وَ تَهزِیعَ الأَخلَاقِ وَ تَصرِیفَهَا وَ اجعَلُوا اللّسَانَ وَاحِداً وَ لیَخزُنِ الرّجُلُ لِسَانَهُ فَإِنّ هَذَا اللّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ وَ اللّهِ مَا أَرَی عَبداً یتَقّیِ تَقوَی تَنفَعُهُ حَتّی یَخزُنَ لِسَانَهُ وَ إِنّ لِسَانَ المُؤمِنِ مِن وَرَاءِ قَلبِهِ وَ إِنّ قَلبَ المُنَافِقِ مِن وَرَاءِ لِسَانِهِ لِأَنّ المُؤمِنَ إِذَا أَرَادَ أَن یَتَکَلّمَ بِکَلَامٍ تَدَبّرَهُ فِی نَفسِهِ فَإِن کَانَ خَیراً أَبدَاهُ وَ إِن کَانَ شَرّاً وَارَاهُ وَ إِنّ المُنَافِقَ یَتَکَلّمُ بِمَا أَتَی عَلَی لِسَانِهِ لَا یدَریِ مَا ذَا لَهُ وَ مَا ذَا عَلَیهِ وَ لَقَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا یَستَقِیمُ إِیمَانُ عَبدٍ حَتّی یَستَقِیمَ قَلبُهُ وَ لَا یَستَقِیمُ قَلبُهُ حَتّی
-قرآن-152-317

ص 254
یَستَقِیمَ لِسَانُهُ فَمَنِ استَطَاعَ مِنکُم أَن یَلقَی اللّهَ تَعَالَی وَ هُوَ نقَیِ‌ّ الرّاحَةِ مِن دِمَاءِ المُسلِمِینَ وَ أَموَالِهِم سَلِیمُ اللّسَانِ مِن أَعرَاضِهِم فَلیَفعَل

تحریم البدع

وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُؤمِنَ یَستَحِلّ العَامَ مَا استَحَلّ عَاماً أَوّلَ وَ یُحَرّمُ العَامَ مَا حَرّمَ عَاماً أَوّلَ وَ أَنّ مَا أَحدَثَ النّاسُ لَا یُحِلّ لَکُم شَیئاً مِمّا حُرّمَ عَلَیکُم وَ لَکِنّ الحَلَالَ مَا أَحَلّ اللّهُ وَ الحَرَامَ مَا حَرّمَ اللّهُ فَقَد جَرّبتُمُ الأُمُورَ وَ ضَرّستُمُوهَا وَ وُعِظتُم بِمَن کَانَ قَبلَکُم وَ ضُرِبَتِ الأَمثَالُ لَکُم وَ دُعِیتُم إِلَی الأَمرِ الوَاضِحِ فَلَا یَصَمّ عَن ذَلِکَ إِلّا أَصَمّ وَ لَا یَعمَی عَن ذَلِکَ إِلّا أَعمَی وَ مَن لَم یَنفَعهُ اللّهُ بِالبَلَاءِ وَ التّجَارِبِ لَم یَنتَفِع بشِیَ‌ءٍ مِنَ العِظَةِ وَ أَتَاهُ التّقصِیرُ مِن أَمَامِهِ حَتّی یَعرِفَ مَا أَنکَرَ وَ یُنکِرَ مَا عَرَفَ وَ إِنّمَا النّاسُ رَجُلَانِ مُتّبِعٌ شِرعَةً وَ مُبتَدِعٌ بِدعَةً لَیسَ مَعَهُ مِنَ اللّهِ سُبحَانَهُ بُرهَانُ سُنّةٍ وَ لَا ضِیَاءُ حُجّةٍ

القرآن

وَ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَم یَعِظ أَحَداً بِمِثلِ هَذَا القُرآنِ فَإِنّهُ حَبلُ اللّهِ المَتِینُ وَ سَبَبُهُ الأَمِینُ وَ فِیهِ رَبِیعُ القَلبِ وَ یَنَابِیعُ العِلمِ وَ مَا لِلقَلبِ جِلَاءٌ غَیرُهُ مَعَ أَنّهُ قَد ذَهَبَ المُتَذَکّرُونَ وَ بقَیِ‌َ النّاسُونَ أَوِ المُتَنَاسُونَ فَإِذَا رَأَیتُم خَیراً فَأَعِینُوا عَلَیهِ وَ إِذَا رَأَیتُم شَرّاً فَاذهَبُوا

ص 255
عَنهُ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص کَانَ یَقُولُ یَا ابنَ آدَمَ اعمَلِ الخَیرَ وَ دَعِ الشّرّ فَإِذَا أَنتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ

انواع الظلم

أَلَا وَ إِنّ الظّلمَ ثَلَاثَةٌ فَظُلمٌ لَا یُغفَرُ وَ ظُلمٌ لَا یُترَکُ وَ ظُلمٌ مَغفُورٌ لَا یُطلَبُ فَأَمّا الظّلمُ ألّذِی لَا یُغفَرُ فَالشّرکُ بِاللّهِ قَالَ اللّهُ تَعَالَیإِنّ اللّهَ لا یَغفِرُ أَن یُشرَکَ بِهِ وَ أَمّا الظّلمُ ألّذِی یُغفَرُ فَظُلمُ العَبدِ نَفسَهُ
عِندَ بَعضِ الهَنَاتِ وَ أَمّا الظّلمُ ألّذِی لَا یُترَکُ فَظُلمُ العِبَادِ بَعضِهِم بَعضاً القِصَاصُ هُنَاکَ شَدِیدٌ لَیسَ هُوَ جَرحاً بِالمُدَی وَ لَا ضَرباً بِالسّیَاطِ وَ لَکِنّهُ مَا یُستَصغَرُ ذَلِکَ مَعَهُ فَإِیّاکُم وَ التّلَوّنَ فِی دِینِ اللّهِ فَإِنّ جَمَاعَةً فِیمَا تَکرَهُونَ مِنَ الحَقّ خَیرٌ مِن فُرقَةٍ فِیمَا تُحِبّونَ مِنَ البَاطِلِ وَ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَم یُعطِ أَحَداً بِفُرقَةٍ خَیراً مِمّن مَضَی وَ لَا مِمّن بقَیِ‌َ
-قرآن-179-217

لزوم الطاعة

یَا أَیّهَا النّاسُ طُوبَی لِمَن شَغَلَهُ عَیبُهُ عَن عُیُوبِ النّاسِ وَ طُوبَی لِمَن لَزِمَ بَیتَهُ وَ أَکَلَ قُوتَهُ وَ اشتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبّهِ وَ بَکَی عَلَی خَطِیئَتِهِ فَکَانَ مِن نَفسِهِ فِی شُغُلٍ وَ النّاسُ مِنهُ فِی رَاحَةٍ

ص 256

177- و من کلام له ع فی معنی الحکمین

فَأَجمَعَ رأَی‌ُ مَلَئِکُم عَلَی أَنِ اختَارُوا رَجُلَینِ فَأَخَذنَا عَلَیهِمَا أَن یُجَعجِعَا
عِندَ القُرآنِ وَ لَا یُجَاوِزَاهُ وَ تَکُونَ أَلسِنَتُهُمَا مَعَهُ وَ قُلُوبُهُمَا تَبَعَهُ فَتَاهَا عَنهُ وَ تَرَکَا الحَقّ وَ هُمَا یُبصِرَانِهِ وَ کَانَ الجَورُ هَوَاهُمَا وَ الِاعوِجَاجُ رَأیَهُمَا وَ قَد سَبَقَ استِثنَاؤُنَا عَلَیهِمَا فِی الحُکمِ بِالعَدلِ وَ العَمَلِ بِالحَقّ سُوءَ رَأیِهِمَا وَ جَورَ حُکمِهِمَا وَ الثّقَةُ فِی أَیدِینَا لِأَنفُسِنَا حِینَ خَالَفَا سَبِیلَ الحَقّ وَ أَتَیَا بِمَا لَا یُعرَفُ مِن مَعکُوسِ الحُکمِ

178- و من خطبة له ع فی الشهادة والتقوی . وقیل إنه خطبها بعدمقتل عثمان فی أول خلافته

اللّه ورسوله

لَا یَشغَلُهُ شَأنٌ وَ لَا یُغَیّرُهُ زَمَانٌ وَ لَا یَحوِیهِ مَکَانٌ وَ لَا یَصِفُهُ لِسَانٌ لَا یَعزُبُ عَنهُ عَدَدُ قَطرِ المَاءِ وَ لَا نُجُومِ السّمَاءِ وَ لَا سوَاَفیِ الرّیحِ فِی الهَوَاءِ وَ لَا دَبِیبُ النّملِ عَلَی الصّفَا وَ لَا مَقِیلُ الذّرّ فِی اللّیلَةِ الظّلمَاءِ یَعلَمُ مَسَاقِطَ الأَورَاقِ وَ خفَیِ‌ّ طَرفِ

ص 257
الأَحدَاقِ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ غَیرَ مَعدُولٍ بِهِ وَ لَا مَشکُوکٍ فِیهِ وَ لَا مَکفُورٍ دِینُهُ وَ لَا مَجحُودٍ تَکوِینُهُ شَهَادَةَ مَن صَدَقَت نِیّتُهُ وَ صَفَت دِخلَتُهُ وَ خَلَصَ یَقِینُهُ وَ ثَقُلَت مَوَازِینُهُ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ الَمجُتبَیَ مِن خَلَائِقِهِ وَ المُعتَامُ لِشَرحِ حَقَائِقِهِ وَ المُختَصّ بِعَقَائِلِ کَرَامَاتِهِ وَ المُصطَفَی لِکَرَائِمِ رِسَالَاتِهِ وَ المُوَضّحَةُ بِهِ أَشرَاطُ الهُدَی وَ المَجلُوّ بِهِ غِربِیبُ العَمَی أَیّهَا النّاسُ إِنّ الدّنیَا تَغُرّ المُؤَمّلَ لَهَا وَ المُخلِدَ إِلَیهَا وَ لَا تَنفَسُ بِمَن نَافَسَ فِیهَا وَ تَغلِبُ مَن غَلَبَ عَلَیهَا وَ ایمُ اللّهِ مَا کَانَ قَومٌ قَطّ فِی غَضّ نِعمَةٍ مِن عَیشٍ فَزَالَ عَنهُم إِلّا بِذُنُوبٍ اجتَرَحُوهَا لِأَنّ اللّهَ لَیسَ بِظَلّامٍ لِلعَبِیدِ وَ لَو أَنّ النّاسَ حِینَ تَنزِلُ بِهِمُ النّقَمُ وَ تَزُولُ عَنهُمُ النّعَمُ فَزِعُوا إِلَی رَبّهِم بِصِدقٍ مِن نِیّاتِهِم وَ وَلَهٍ مِن قُلُوبِهِم لَرَدّ عَلَیهِم کُلّ شَارِدٍ وَ أَصلَحَ لَهُم کُلّ فَاسِدٍ وَ إنِیّ لَأَخشَی عَلَیکُم أَن تَکُونُوا فِی فَترَةٍ وَ قَد کَانَت أُمُورٌ مَضَت مِلتُم فِیهَا مَیلَةً کُنتُم فِیهَا عنِدیِ غَیرَ مَحمُودِینَ وَ لَئِن رُدّ عَلَیکُم أَمرُکُم إِنّکُم لَسُعَدَاءُ وَ مَا عَلَیّ إِلّا الجُهدُ وَ لَو أَشَاءُ أَن أَقُولَ لَقُلتُعَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ
-قرآن-749-786-قرآن-1254-1278
ص 258

179- و من کلام له ع و قدسأله ذعلب الیمانی فقال هل رأیت ربک یا أمیر المؤمنین فقال ع أفأعبد ما لاأری فقال وکیف تراه فقال

لَا تُدرِکُهُ العُیُونُ بِمُشَاهَدَةِ العِیَانِ وَ لَکِن تُدرِکُهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الإِیمَانِ قَرِیبٌ مِنَ الأَشیَاءِ غَیرَ مُلَابِسٍ بَعِیدٌ مِنهَا غَیرَ مُبَایِنٍ مُتَکَلّمٌ لَا بِرَوِیّةٍ مُرِیدٌ لَا بِهِمّةٍ صَانِعٌ لَا بِجَارِحَةٍ لَطِیفٌ لَا یُوصَفُ بِالخَفَاءِ کَبِیرٌ لَا یُوصَفُ بِالجَفَاءِ بَصِیرٌ لَا یُوصَفُ بِالحَاسّةِ رَحِیمٌ لَا یُوصَفُ بِالرّقّةِ تَعنُو الوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَجِبُ القُلُوبُ مِن مَخَافَتِهِ

180- و من خطبة له ع فی ذم العاصین من أصحابه

أَحمَدُ اللّهَ عَلَی مَا قَضَی مِن أَمرٍ وَ قَدّرَ مِن فِعلٍ وَ عَلَی ابتلِاَئیِ بِکُم أَیّتُهَا الفِرقَةُ التّیِ إِذَا أَمَرتُ لَم تُطِع وَ إِذَا دَعَوتُ لَم تُجِب إِن أُمهِلتُم خُضتُم وَ إِن حُورِبتُم خُرتُم وَ إِنِ اجتَمَعَ النّاسُ عَلَی إِمَامٍ طَعَنتُم وَ إِن أُجِئتُم إِلَی مُشَاقّةٍ نَکَصتُم. لَا أَبَا لِغَیرِکُم مَا تَنتَظِرُونَ بِنَصرِکُم وَ الجِهَادِ عَلَی حَقّکُم المَوتَ أَوِ الذّلّ لَکُم فَوَاللّهِ لَئِن جَاءَ یوَمیِ وَ لیَأَتیِنَیّ لَیُفَرّقَنّ بیَنیِ وَ بَینِکُم وَ أَنَا لِصُحبَتِکُم قَالٍ وَ بِکُم غَیرُ کَثِیرٍ لِلّهِ أَنتُم أَ مَا

ص 259
دِینٌ یَجمَعُکُم وَ لَا حَمِیّةٌ تَشحَذُکُم أَ وَ لَیسَ عَجَباً أَنّ مُعَاوِیَةَ یَدعُو الجُفَاةَ الطّغَامَ فَیَتّبِعُونَهُ عَلَی غَیرِ مَعُونَةٍ وَ لَا عَطَاءٍ وَ أَنَا أَدعُوکُم وَ أَنتُم تَرِیکَةُ الإِسلَامِ وَ بَقِیّةُ النّاسِ إِلَی المَعُونَةِ أَو طَائِفَةٍ مِنَ العَطَاءِ فَتَفَرّقُونَ عنَیّ وَ تَختَلِفُونَ عَلَیّ إِنّهُ لَا یَخرُجُ إِلَیکُم مِن أمَریِ رِضًی فَتَرضَونَهُ وَ لَا سُخطٌ فَتَجتَمِعُونَ عَلَیهِ وَ إِنّ أَحَبّ مَا أَنَا لَاقٍ إلِیَ‌ّ المَوتُ قَد دَارَستُکُمُ الکِتَابَ وَ فَاتَحتُکُمُ الحِجَاجَ وَ عَرّفتُکُم مَا أَنکَرتُم وَ سَوّغتُکُم مَا مَجَجتُم لَو کَانَ الأَعمَی یَلحَظُ أَوِ النّائِمُ یَستَیقِظُ وَ أَقرِب بِقَومٍ مِنَ الجَهلِ بِاللّهِ قَائِدُهُم مُعَاوِیَةُ وَ مُؤَدّبُهُمُ ابنُ النّابِغَةِ

181- وَ مِن کَلَامٍ لَهُ ع وَ قَد أَرسَلَ رَجُلًا مِن أَصحَابِهِ یَعلَمُ لَهُ عِلمَ أَحوَالِ قَومٍ مِن جُندِ الکُوفَةِ قَد هَمّوا بِاللّحَاقِ بِالخَوَارِجِ وَ کَانُوا عَلَی خَوفٍ مِنهُ ع فَلَمّا عَادَ إِلَیهِ الرّجُلُ قَالَ لَهُ أَ أَمِنُوا فَقَطَنُوا أَم جَبَنُوا فَظَعَنُوا فَقَالَ الرّجُلُ بَل ظَعَنُوا یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ فَقَالَ ع

بُعداً لَهُم کَمَا بَعِدَت ثَمُودُ أَمَا لَو أُشرِعَتِ الأَسِنّةُ إِلَیهِم وَ صُبّتِ السّیُوفُ عَلَی هَامَاتِهِم لَقَد نَدِمُوا عَلَی مَا کَانَ مِنهُم إِنّ الشّیطَانَ الیَومَ قَدِ استَفَلّهُم وَ هُوَ غَداً متُبَرَ‌ّئٌ مِنهُم وَ مُتَخَلّ

ص 260
عَنهُم فَحَسبُهُم بِخُرُوجِهِم مِنَ الهُدَی وَ ارتِکَاسِهِم فِی الضّلَالِ وَ العَمَی وَ صَدّهِم عَنِ الحَقّ وَ جِمَاحِهِم فِی التّیهِ

182- وَ مِن خُطبَةٍ لَهُ ع روُیِ‌َ عَن نَوفٍ البکَاَلیِ‌ّ قَالَ خَطَبَنَا بِهَذِهِ الخُطبَةِ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ عَلِیّ ع بِالکُوفَةِ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی حِجَارَةٍ نَصَبَهَا لَهُ جَعدَةُ بنُ هُبَیرَةَ المخَزوُمیِ‌ّ وَ عَلَیهِ مِدرَعَةٌ مِن صُوفٍ وَ حَمَائِلُ سَیفِهِ لِیفٌ وَ فِی رِجلَیهِ نَعلَانِ مِن لِیفٍ وَ کَأَنّ جَبِینَهُ ثَفِنَةُ بَعِیرٍ فَقَالَ ع

حمد اللّه واستعانته

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی إِلَیهِ مَصَائِرُ الخَلقِ وَ عَوَاقِبُ الأَمرِ نَحمَدُهُ عَلَی عَظِیمِ إِحسَانِهِ وَ نَیّرِ بُرهَانِهِ وَ نوَاَمیِ فَضلِهِ وَ امتِنَانِهِ حَمداً یَکُونُ لِحَقّهِ قَضَاءً وَ لِشُکرِهِ أَدَاءً وَ إِلَی ثَوَابِهِ مُقَرّباً وَ لِحُسنِ مَزِیدِهِ مُوجِباً وَ نَستَعِینُ بِهِ استِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضلِهِ مُؤَمّلٍ لِنَفعِهِ وَاثِقٍ بِدَفعِهِ مُعتَرِفٍ لَهُ بِالطّولِ مُذعِنٍ لَهُ بِالعَمَلِ وَ القَولِ وَ نُؤمِنُ بِهِ إِیمَانَ مَن رَجَاهُ مُوقِناً وَ أَنَابَ إِلَیهِ مُؤمِناً وَ خَنَعَ لَهُ مُذعِناً وَ أَخلَصَ لَهُ مُوَحّداً وَ عَظّمَهُ مُمَجّداً وَ لَاذَ بِهِ رَاغِباً مُجتَهِداً

اللّه الواحد

لَم یُولَدسُبحَانَهُ فَیَکُونَ فِی العِزّ مُشَارَکاً وَلَم یَلِدفَیَکُونَ مَورُوثاً
-قرآن-1-10-قرآن-56-64

ص 261
هَالِکاً وَ لَم یَتَقَدّمهُ وَقتٌ وَ لَا زَمَانٌ وَ لَم یَتَعَاوَرهُ زِیَادَةٌ وَ لَا نُقصَانٌ بَل ظَهَرَ لِلعُقُولِ بِمَا أَرَانَا مِن عَلَامَاتِ التّدبِیرِ المُتقَنِ وَ القَضَاءِ المُبرَمِ فَمِن شَوَاهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السّمَاوَاتِ مُوَطّدَاتٍ بِلَا عَمَدٍ قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنّ فَأَجَبنَ طَائِعَاتٍ مُذعِنَاتٍ غَیرَ مُتَلَکّئَاتٍ وَ لَا مُبطِئَاتٍ وَ لَو لَا إِقرَارُهُنّ لَهُ بِالرّبُوبِیّةِ وَ إِذعَانُهُنّ بِالطّوَاعِیَةِ لَمَا جَعَلَهُنّ مَوضِعاً لِعَرشِهِ وَ لَا مَسکَناً لِمَلَائِکَتِهِ وَ لَا مَصعَداً لِلکَلِمِ الطّیّبِ وَ العَمَلِ الصّالِحِ مِن خَلقِهِ جَعَلَ نُجُومَهَا أَعلَاماً یَستَدِلّ بِهَا الحَیرَانُ فِی مُختَلِفِ فِجَاجِ الأَقطَارِ لَم یَمنَع ضَوءَ نُورِهَا ادلِهمَامُ سُجُفِ اللّیلِ المُظلِمِ وَ لَا استَطَاعَت جَلَابِیبُ سَوَادِ الحَنَادِسِ أَن تَرُدّ مَا شَاعَ فِی السّمَاوَاتِ مِن تَلَألُؤِ نُورِ القَمَرِ فَسُبحَانَ مَن لَا یَخفَی عَلَیهِ سَوَادُ غَسَقٍ دَاجٍ وَ لَا لَیلٍ سَاجٍ فِی بِقَاعِ الأَرَضِینَ المُتَطَأطِئَاتِ وَ لَا فِی یَفَاعِ السّفعِ المُتَجَاوِرَاتِ وَ مَا یَتَجَلجَلُ بِهِ الرّعدُ فِی أُفُقِ السّمَاءِ وَ مَا تَلَاشَت عَنهُ بُرُوقُ الغَمَامِ وَ مَا تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ تُزِیلُهَا عَن مَسقَطِهَا عَوَاصِفُ الأَنوَاءِ وَ انهِطَالُ السّمَاءِ وَ یَعلَمُ مَسقَطَ القَطرَةِ وَ مَقَرّهَا وَ مَسحَبَ الذّرّةِ وَ مَجَرّهَا وَ مَا یکَفیِ البَعُوضَةَ مِن قُوتِهَا وَ مَا تَحمِلُ الأُنثَی فِی بَطنِهَا
ص 262

عود إلی الحمد

وَ الحَمدُ لِلّهِ الکَائِنِ قَبلَ أَن یَکُونَ کرُسیِ‌ّ أَو عَرشٌ أَو سَمَاءٌ أَو أَرضٌ أَو جَانّ أَو إِنسٌ لَا یُدرَکُ بِوَهمٍ وَ لَا یُقَدّرُ بِفَهمٍ وَ لَا یَشغَلُهُ سَائِلٌ وَ لَا یَنقُصُهُ نَائِلٌ وَ لَا یَنظُرُ بِعَینٍ وَ لَا یُحَدّ بِأَینٍ وَ لَا یُوصَفُ بِالأَزوَاجِ وَ لَا یُخلَقُ بِعِلَاجٍ وَ لَا یُدرَکُ بِالحَوَاسّ وَ لَا یُقَاسُ بِالنّاسِ ألّذِی کَلّمَ مُوسَی تَکلِیماً وَ أَرَاهُ مِن آیَاتِهِ عَظِیماً بِلَا جَوَارِحَ وَ لَا أَدَوَاتٍ وَ لَا نُطقٍ وَ لَا لَهَوَاتٍ بَل إِن کُنتَ صَادِقاً أَیّهَا المُتَکَلّفُ لِوَصفِ رَبّکَ فَصِف جِبرِیلَ وَ مِیکَائِیلَ وَ جُنُودَ المَلَائِکَةِ المُقَرّبِینَ فِی حُجُرَاتِ القُدُسِ مُرجَحِنّینَ مُتَوَلّهَةً عُقُولُهُم أَن یَحُدّوا أَحسَنَ الخَالِقِینَ فَإِنّمَا یُدرَکُ بِالصّفَاتِ ذَوُو الهَیئَاتِ وَ الأَدَوَاتِ وَ مَن ینَقضَیِ إِذَا بَلَغَ أَمَدَ حَدّهِ بِالفَنَاءِ فَلَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَضَاءَ بِنُورِهِ کُلّ ظَلَامٍ وَ أَظلَمَ بِظُلمَتِهِ کُلّ نُورٍ

الوصیة بالتقوی

أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ ألّذِی أَلبَسَکُمُ الرّیَاشَ وَ أَسبَغَ عَلَیکُمُ المَعَاشَ فَلَو أَنّ أَحَداً یَجِدُ إِلَی البَقَاءِ سُلّماً أَو لِدَفعِ المَوتِ سَبِیلًا لَکَانَ ذَلِکَ سُلَیمَانَ بنَ دَاوُدَ ع ألّذِی سُخّرَ لَهُ مُلکُ الجِنّ وَ الإِنسِ مَعَ النّبُوّةِ وَ عَظِیمِ الزّلفَةِ فَلَمّا استَوفَی طُعمَتَهُ وَ استَکمَلَ مُدّتَهُ رَمَتهُ قسِیِ‌ّ الفَنَاءِ بِنِبَالِ المَوتِ وَ أَصبَحَتِ الدّیَارُ مِنهُ

ص 263
خَالِیَةً وَ المَسَاکِنُ مُعَطّلَةً وَ وَرِثَهَا قَومٌ آخَرُونَ وَ إِنّ لَکُم فِی القُرُونِ السّالِفَةِ لَعِبرَةً أَینَ العَمَالِقَةُ وَ أَبنَاءُ العَمَالِقَةِ أَینَ الفَرَاعِنَةُ وَ أَبنَاءُ الفَرَاعِنَةِ أَینَ أَصحَابُ مَدَائِنِ الرّسّ الّذِینَ قَتَلُوا النّبِیّینَ وَ أَطفَئُوا سُنَنَ المُرسَلِینَ وَ أَحیَوا سُنَنَ الجَبّارِینَ أَینَ الّذِینَ سَارُوا بِالجُیُوشِ وَ هَزَمُوا بِالأُلُوفِ وَ عَسکَرُوا العَسَاکِرَ وَ مَدّنُوا المَدَائِنَ وَ مِنهَا قَد لَبِسَ لِلحِکمَةِ جُنّتَهَا وَ أَخَذَهَا بِجَمِیعِ أَدَبِهَا مِنَ الإِقبَالِ عَلَیهَا وَ المَعرِفَةِ بِهَا وَ التّفَرّغِ لَهَا فهَیِ‌َ
عِندَ نَفسِهِ ضَالّتُهُ التّیِ یَطلُبُهَا وَ حَاجَتُهُ التّیِ یَسأَلُ عَنهَا فَهُوَ مُغتَرِبٌ إِذَا اغتَرَبَ الإِسلَامُ وَ ضَرَبَ بِعَسِیبِ ذَنَبِهِ وَ أَلصَقَ الأَرضَ بِجِرَانِهِ بَقِیّةٌ مِن بَقَایَا حُجّتِهِ خَلِیفَةٌ مِن خَلَائِفِ أَنبِیَائِهِ
ثم قال علیه السلام أَیّهَا النّاسُ إنِیّ قَد بَثَثتُ لَکُمُ المَوَاعِظَ التّیِ وَعَظَ الأَنبِیَاءُ بِهَا أُمَمَهُم وَ أَدّیتُ إِلَیکُم مَا أَدّتِ الأَوصِیَاءُ إِلَی مَن بَعدَهُم وَ أَدّبتُکُم بسِوَطیِ فَلَم تَستَقِیمُوا وَ حَدَوتُکُم بِالزّوَاجِرِ فَلَم تَستَوسِقُوا لِلّهِ أَنتُم أَ تَتَوَقّعُونَ إِمَاماً غیَریِ یَطَأُ بِکُمُ الطّرِیقَ وَ یُرشِدُکُمُ السّبِیلَ أَلَا إِنّهُ قَد أَدبَرَ مِنَ الدّنیَا مَا کَانَ مُقبِلًا وَ أَقبَلَ مِنهَا مَا کَانَ مُدبِراً
ص 264
وَ أَزمَعَ التّرحَالَ عِبَادُ اللّهِ الأَخیَارُ وَ بَاعُوا قَلِیلًا مِنَ الدّنیَا لَا یَبقَی بِکَثِیرٍ مِنَ الآخِرَةِ لَا یَفنَی مَا ضَرّ إِخوَانَنَا الّذِینَ سُفِکَت دِمَاؤُهُم وَ هُم بِصِفّینَ أَلّا یَکُونُوا الیَومَ أَحیَاءً یُسِیغُونَ الغُصَصَ وَ یَشرَبُونَ الرّنقَ قَد وَ اللّهِ لَقُوا اللّهَ فَوَفّاهُم أُجُورَهُم وَ أَحَلّهُم دَارَ الأَمنِ بَعدَ خَوفِهِم أَینَ إخِواَنیِ‌َ الّذِینَ رَکِبُوا الطّرِیقَ وَ مَضَوا عَلَی الحَقّ أَینَ عَمّارٌ وَ أَینَ ابنُ التّیّهَانِ وَ أَینَ ذُو الشّهَادَتَینِ وَ أَینَ نُظَرَاؤُهُم مِن إِخوَانِهِمُ الّذِینَ تَعَاقَدُوا عَلَی المَنِیّةِ وَ أُبرِدَ بِرُءُوسِهِم إِلَی الفَجَرَةِ قَالَ ثُمّ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی لِحیَتِهِ الشّرِیفَةِ الکَرِیمَةِ فَأَطَالَ البُکَاءَ ثُمّ قَالَ ع أَوّهِ عَلَی إخِواَنیِ‌َ الّذِینَ تَلَوُا القُرآنَ فَأَحکَمُوهُ وَ تَدَبّرُوا الفَرضَ فَأَقَامُوهُ أَحیَوُا السّنّةَ وَ أَمَاتُوا البِدعَةَ دُعُوا لِلجِهَادِ فَأَجَابُوا وَ وَثِقُوا بِالقَائِدِ فَاتّبَعُوهُ
ثُمّ نَادَی بِأَعلَی صَوتِهِالجِهَادَ الجِهَادَ عِبَادَ اللّهِ أَلَا وَ إنِیّ مُعَسکِرٌ فِی یوَمیِ هَذَا فَمَن أَرَادَ الرّوَاحَ إِلَی اللّهِ فَلیَخرُج
قَالَ نَوفٌ وَ عَقَدَ لِلحُسَینِ ع فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِقَیسِ بنِ سَعدٍ رَحِمَهُ اللّهُ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لأِبَیِ أَیّوبَ الأنَصاَریِ‌ّ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِغَیرِهِم عَلَی أَعدَادٍ أُخَرَ وَ هُوَ یُرِیدُ الرّجعَةَ إِلَی صِفّینَ فَمَا دَارَتِ الجُمُعَةُ حَتّی ضَرَبَهُ المَلعُونُ ابنُ مُلجَمٍ لَعَنَهُ اللّهُ فَتَرَاجَعَتِ العَسَاکِرُ فَکُنّا کَأَغنَامٍ فَقَدَت رَاعِیهَا تَختَطِفُهَا الذّئَابُ مِن کُلّ مَکَانٍ
ص 265

183- من خطبة له ع فی قدرة اللّه و فی فضل القرآن و فی الوصیة بالتقوی الله تعالی

اشاره

الحَمدُ لِلّهِ المَعرُوفِ مِن غَیرِ رُؤیَةٍ وَ الخَالِقِ مِن غَیرِ مَنصَبَةٍ خَلَقَ الخَلَائِقَ بِقُدرَتِهِ وَ استَعبَدَ الأَربَابَ بِعِزّتِهِ وَ سَادَ العُظَمَاءَ بِجُودِهِ وَ هُوَ ألّذِی أَسکَنَ الدّنیَا خَلقَهُ وَ بَعَثَ إِلَی الجِنّ وَ الإِنسِ رُسُلَهُ لِیَکشِفُوا لَهُم عَن غِطَائِهَا وَ لِیُحَذّرُوهُم مِن ضَرّائِهَا وَ لِیَضرِبُوا لَهُم أَمثَالَهَا وَ لِیُبَصّرُوهُم عُیُوبَهَا وَ لِیَهجُمُوا عَلَیهِم بِمُعتَبَرٍ مِن تَصَرّفِ مَصَاحّهَا وَ أَسقَامِهَا وَ حَلَالِهَا وَ حَرَامِهَا وَ مَا أَعَدّ اللّهُ لِلمُطِیعِینَ مِنهُم وَ العُصَاةِ مِن جَنّةٍ وَ نَارٍ وَ کَرَامَةٍ وَ هَوَانٍ أَحمَدُهُ إِلَی نَفسِهِ کَمَا استَحمَدَ إِلَی خَلقِهِ وَ جَعَلَلِکُلّ شَیءٍ قَدراً وَ لِکُلّ قَدرٍ أَجَلًا وَ لِکُلّ أَجَلٍ کِتَاباً
-قرآن-651-669

فضل القرآن

منهافَالقُرآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ حُجّةُ اللّهِ عَلَی خَلقِهِ أَخَذَ عَلَیهِ مِیثَاقَهُم وَ ارتَهَنَ عَلَیهِم أَنفُسَهُم أَتَمّ نُورَهُ وَ أَکمَلَ بِهِ دِینَهُ وَ قَبَضَ نَبِیّهُص وَ قَد فَرَغَ إِلَی الخَلقِ مِن أَحکَامِ الهُدَی بِهِ فَعَظّمُوا مِنهُ سُبحَانَهُ مَا عَظّمَ مِن نَفسِهِ فَإِنّهُ

ص 266
لَم یُخفِ عَنکُم شَیئاً مِن دِینِهِ وَ لَم یَترُک شَیئاً رَضِیَهُ أَو کَرِهَهُ إِلّا وَ جَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِیاً وَ آیَةً مُحکَمَةً تَزجُرُ عَنهُ أَو تَدعُو إِلَیهِ فَرِضَاهُ فِیمَا بقَیِ‌َ وَاحِدٌ وَ سَخَطُهُ فِیمَا بقَیِ‌َ وَاحِدٌ وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَن یَرضَی عَنکُم بشِیَ‌ءٍ سَخِطَهُ عَلَی مَن کَانَ قَبلَکُم وَ لَن یَسخَطَ عَلَیکُم بشِیَ‌ءٍ رَضِیَهُ مِمّن کَانَ قَبلَکُم وَ إِنّمَا تَسِیرُونَ فِی أَثَرٍ بَیّنٍ وَ تَتَکَلّمُونَ بِرَجعِ قَولٍ قَد قَالَهُ الرّجَالُ مِن قَبلِکُم قَد کَفَاکُم مَئُونَةَ دُنیَاکُم وَ حَثّکُم عَلَی الشّکرِ وَ افتَرَضَ مِن أَلسِنَتِکُمُ الذّکرَ

الوصیة بالتقوی

وَ أَوصَاکُم بِالتّقوَی وَ جَعَلَهَا مُنتَهَی رِضَاهُ وَ حَاجَتَهُ مِن خَلقِهِ فَاتّقُوا اللّهَ ألّذِی أَنتُم بِعَینِهِ وَ نَوَاصِیکُم بِیَدِهِ وَ تَقَلّبُکُم فِی قَبضَتِهِ إِن أَسرَرتُم عَلِمَهُ وَ إِن أَعلَنتُم کَتَبَهُ قَد وَکّلَ بِذَلِکَ حَفَظَةً کِرَاماً لَا یُسقِطُونَ حَقّاً وَ لَا یُثبِتُونَ بَاطِلًا وَ اعلَمُوا أَنّهُمَن یَتّقِ اللّهَ یَجعَل لَهُ مَخرَجاً مِنَ الفِتَنِ وَ نُوراً مِنَ الظّلَمِ وَ یُخَلّدهُ فِیمَا اشتَهَت نَفسُهُ وَ یُنزِلهُ مَنزِلَ الکَرَامَةِ عِندَهُ فِی دَارٍ اصطَنَعَهَا لِنَفسِهِ ظِلّهَا عَرشُهُ وَ نُورُهَا بَهجَتُهُ وَ زُوّارُهَا مَلَائِکَتُهُ وَ رُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ فَبَادِرُوا المَعَادَ وَ سَابِقُوا الآجَالَ فَإِنّ النّاسَ یُوشِکُ أَن یَنقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ وَ یَرهَقَهُمُ الأَجَلُ وَ یُسَدّ عَنهُم بَابُ التّوبَةِ فَقَد أَصبَحتُم فِی مِثلِ مَا سَأَلَ إِلَیهِ الرّجعَةَ مَن کَانَ قَبلَکُم وَ أَنتُم بَنُو سَبِیلٍ عَلَی سَفَرٍ مِن دَارٍ
-قرآن-328-365

ص 267
لَیسَت بِدَارِکُم وَ قَد أُوذِنتُم مِنهَا بِالِارتِحَالِ وَ أُمِرتُم فِیهَا بِالزّادِ وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَیسَ لِهَذَا الجِلدِ الرّقِیقِ صَبرٌ عَلَی النّارِ فَارحَمُوا نُفُوسَکُم فَإِنّکُم قَد جَرّبتُمُوهَا فِی مَصَائِبِ الدّنیَا أَ فَرَأَیتُم جَزَعَ أَحَدِکُم مِنَ الشّوکَةِ تُصِیبُهُ وَ العَثرَةِ تُدمِیهِ وَ الرّمضَاءِ تُحرِقُهُ فَکَیفَ إِذَا کَانَ بَینَ طَابَقَینِ مِن نَارٍ ضَجِیعَ حَجَرٍ وَ قَرِینَ شَیطَانٍ أَ عَلِمتُم أَنّ مَالِکاً إِذَا غَضِبَ عَلَی النّارِ حَطَمَ بَعضُهَا بَعضاً لِغَضَبِهِ وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثّبَت بَینَ أَبوَابِهَا جَزَعاً مِن زَجرَتِهِ أَیّهَا الیَفَنُ الکَبِیرُ ألّذِی قَد لَهَزَهُ القَتِیرُ کَیفَ أَنتَ إِذَا التَحَمَت أَطوَاقُ النّارِ بِعِظَامِ الأَعنَاقِ وَ نَشِبَتِ الجَوَامِعُ حَتّی أَکَلَت لُحُومَ السّوَاعِدِ فَاللّهَ اللّهَ مَعشَرَ العِبَادِ وَ أَنتُم سَالِمُونَ فِی الصّحّةِ قَبلَ السّقمِ وَ فِی الفُسحَةِ قَبلَ الضّیقِ فَاسعَوا فِی فَکَاکِ رِقَابِکُم مِن قَبلِ أَن تُغلَقَ رَهَائِنُهَا أَسهِرُوا عُیُونَکُم وَ أَضمِرُوا بُطُونَکُم وَ استَعمِلُوا أَقدَامَکُم وَ أَنفِقُوا أَموَالَکُم وَ خُذُوا مِن أَجسَادِکُم فَجُودُوا بِهَا عَلَی أَنفُسِکُم وَ لَا تَبخَلُوا بِهَا عَنهَا فَقَد قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُإِن تَنصُرُوا اللّهَ یَنصُرکُم وَ یُثَبّت أَقدامَکُم وَ قَالَ تَعَالَیمَن ذَا ألّذِی یُقرِضُ اللّهَ قَرضاً حَسَناً فَیُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجرٌ کَرِیمٌفَلَم یَستَنصِرکُم
-قرآن-1147-1198-قرآن-1217-1300
ص 268
مِن ذُلّ وَ لَم یَستَقرِضکُم مِن قُلّ استَنصَرَکُم وَ لَهُ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ هُوَ العَزِیزُ الحَکِیمُ وَ استَقرَضَکُم وَ لَهُ خَزَائِنُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ هُوَ الغنَیِ‌ّ الحَمِیدُ وَ إِنّمَا أَرَادَ أَن یَبلُوَکُمأَیّکُم أَحسَنُ عَمَلًافَبَادِرُوا بِأَعمَالِکُم تَکُونُوا مَعَ جِیرَانِ اللّهِ فِی دَارِهِ رَافَقَ بِهِم رُسُلَهُ وَ أَزَارَهُم مَلَائِکَتَهُ وَ أَکرَمَ أَسمَاعَهُم أَن تَسمَعَ حَسِیسَ نَارٍ أَبَداً وَ صَانَ أَجسَادَهُم أَن تَلقَی لُغُوباً وَ نَصَباًذلِکَ فَضلُ اللّهِ یُؤتِیهِ مَن یَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الفَضلِ العَظِیمِأَقُولُ مَا تَسمَعُونَوَ اللّهُ المُستَعانُ عَلَی نفَسیِ وَ أَنفُسِکُم وَ هُوَحَسبُنَاوَ نِعمَ الوَکِیلُ
-قرآن-239-261-قرآن-490-559-قرآن-582-602-قرآن-639-646-قرآن-647-664

184- و من کلام له ع قاله للبرج بن مسهر الطائی و قد قال له بحیث یسمعه « لاحکم إلاللّه»، و کان من الخوارج

اسکُت قَبَحَکَ اللّهُ یَا أَثرَمُ فَوَاللّهِ لَقَد ظَهَرَ الحَقّ فَکُنتَ فِیهِ ضَئِیلًا شَخصُکَ خَفِیّاً صَوتُکَ حَتّی إِذَا نَعَرَ البَاطِلُ نَجَمتَ نُجُومَ قَرنِ المَاعِزِ

ص 269

185- و من خطبة له ع یحمد اللّه فیها ویثنی علی رسوله ویصف خلقا من الحیوان

حمد اللّه تعالی

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَا تُدرِکُهُ الشّوَاهِدُ وَ لَا تَحوِیهِ المَشَاهِدُ وَ لَا تَرَاهُ النّوَاظِرُ وَ لَا تَحجُبُهُ السّوَاتِرُ الدّالّ عَلَی قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلقِهِ وَ بِحُدُوثِ خَلقِهِ عَلَی وُجُودِهِ وَ بِاشتِبَاهِهِم عَلَی أَن لَا شَبَهَ لَهُ ألّذِی صَدَقَ فِی مِیعَادِهِ وَ ارتَفَعَ عَن ظُلمِ عِبَادِهِ وَ قَامَ بِالقِسطِ فِی خَلقِهِ وَ عَدَلَ عَلَیهِم فِی حُکمِهِ مُستَشهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشیَاءِ عَلَی أَزَلِیّتِهِ وَ بِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ العَجزِ عَلَی قُدرَتِهِ وَ بِمَا اضطَرّهَا إِلَیهِ مِنَ الفَنَاءِ عَلَی دَوَامِهِ وَاحِدٌ لَا بِعَدَدٍ وَ دَائِمٌ لَا بِأَمَدٍ وَ قَائِمٌ لَا بِعَمَدٍ تَتَلَقّاهُ الأَذهَانُ لَا بِمُشَاعَرَةٍ وَ تَشهَدُ لَهُ المرَاَئیِ لَا بِمُحَاضَرَةٍ لَم تُحِط بِهِ الأَوهَامُ بَل تَجَلّی لَهَا بِهَا وَ بِهَا امتَنَعَ مِنهَا وَ إِلَیهَا حَاکَمَهَا لَیسَ بذِیِ کِبَرٍ امتَدّت بِهِ النّهَایَاتُ فَکَبّرَتهُ تَجسِیماً وَ لَا بذِیِ عِظَمٍ تَنَاهَت بِهِ الغَایَاتُ فَعَظّمَتهُ تَجسِیداً بَل کَبُرَ شَأناً وَ عَظُمَ سُلطَاناً

الرسول الأعظم

وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ الصفّیِ‌ّ وَ أَمِینُهُ الرضّیِ‌ّص

ص 270
أَرسَلَهُ بِوُجُوبِ الحُجَجِ وَ ظُهُورِ الفَلَجِ وَ إِیضَاحِ المَنهَجِ فَبَلّغَ الرّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا وَ حَمَلَ عَلَی المَحَجّةِ دَالّا عَلَیهَا وَ أَقَامَ أَعلَامَ الِاهتِدَاءِ وَ مَنَارَ الضّیَاءِ وَ جَعَلَ أَمرَاسَ الإِسلَامِ مَتِینَةً وَ عُرَی الإِیمَانِ وَثِیقَةً

منها فی صفة خلق أصناف من الحیوان

وَ لَو فَکّرُوا فِی عَظِیمِ القُدرَةِ وَ جَسِیمِ النّعمَةِ لَرَجَعُوا إِلَی الطّرِیقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الحَرِیقِ وَ لَکِنِ القُلُوبُ عَلِیلَةٌ وَ البَصَائِرُ مَدخُولَةٌ أَ لَا یَنظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ کَیفَ أَحکَمَ خَلقَهُ وَ أَتقَنَ تَرکِیبَهُ وَ فَلَقَ لَهُ السّمعَ وَ البَصَرَ وَ سَوّی لَهُ العَظمَ وَ البَشَرَ انظُرُوا إِلَی النّملَةِ فِی صِغَرِ جُثّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَیئَتِهَا لَا تَکَادُ تُنَالُ بِلَحظِ البَصَرِ وَ لَا بِمُستَدرَکِ الفِکَرِ کَیفَ دَبّت عَلَی أَرضِهَا وَ صُبّت عَلَی رِزقِهَا تَنقُلُ الحَبّةَ إِلَی جُحرِهَا وَ تُعِدّهَا فِی مُستَقَرّهَا تَجمَعُ فِی حَرّهَا لِبَردِهَا وَ فِی وِردِهَا لِصَدَرِهَا مَکفُولٌ بِرِزقِهَا مَرزُوقَةٌ بِوِفقِهَا لَا یُغفِلُهَا المَنّانُ وَ لَا یَحرِمُهَا الدّیّانُ وَ لَو فِی الصّفَا الیَابِسِ وَ الحَجَرِ الجَامِسِ وَ لَو فَکّرتَ فِی مجَاَریِ أَکلِهَا فِی عُلوِهَا وَ سُفلِهَا وَ مَا فِی الجَوفِ مِن شَرَاسِیفِ بَطنِهَا وَ مَا فِی الرّأسِ مِن عَینِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَیتَ مِن خَلقِهَا عَجَباً وَ لَقِیتَ مِن وَصفِهَا تَعَباً فَتَعَالَی ألّذِی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا لَم یَشرَکهُ فِی فِطرَتِهَا فَاطِرٌ

ص 271
وَ لَم یُعِنهُ عَلَی خَلقِهَا قَادِرٌ وَ لَو ضَرَبتَ فِی مَذَاهِبِ فِکرِکَ لِتَبلُغَ غَایَاتِهِ مَا دَلّتکَ الدّلَالَةُ إِلّا عَلَی أَنّ فَاطِرَ النّملَةِ هُوَ فَاطِرُ النّخلَةِ لِدَقِیقِ تَفصِیلِ کُلّ شَیءٍ وَ غَامِضِ اختِلَافِ کُلّ حیَ‌ّ وَ مَا الجَلِیلُ وَ اللّطِیفُ وَ الثّقِیلُ وَ الخَفِیفُ وَ القوَیِ‌ّ وَ الضّعِیفُ فِی خَلقِهِ إِلّا سَوَاءٌ

خلقة السماء والکون

وَ کَذَلِکَ السّمَاءُ وَ الهَوَاءُ وَ الرّیَاحُ وَ المَاءُ فَانظُر إِلَی الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّبَاتِ وَ الشّجَرِ وَ المَاءِ وَ الحَجَرِ وَ اختِلَافِ هَذَا اللّیلِ وَ النّهَارِ وَ تَفَجّرِ هَذِهِ البِحَارِ وَ کَثرَةِ هَذِهِ الجِبَالِ وَ طُولِ هَذِهِ القِلَالِ وَ تَفَرّقِ هَذِهِ اللّغَاتِ وَ الأَلسُنِ المُختَلِفَاتِ فَالوَیلُ لِمَن أَنکَرَ المُقَدّرَ وَ جَحَدَ المُدَبّرَ زَعَمُوا أَنّهُم کَالنّبَاتِ مَا لَهُم زَارِعٌ وَ لَا لِاختِلَافِ صُوَرِهِم صَانِعٌ وَ لَم یَلجَئُوا إِلَی حُجّةٍ فِیمَا ادّعَوا وَ لَا تَحقِیقٍ لِمَا أَوعَوا وَ هَل یَکُونُ بِنَاءٌ مِن غَیرِ بَانٍ أَو جِنَایَةٌ مِن غَیرِ جَانٍ

خلقة الجرادة

وَ إِن شِئتَ قُلتَ فِی الجَرَادَةِ إِذ خَلَقَ لَهَا عَینَینِ حَمرَاوَینِ وَ أَسرَجَ لَهَا حَدَقَتَینِ قَمرَاوَینِ وَ جَعَلَ لَهَا السّمعَ الخفَیِ‌ّ وَ فَتَحَ لَهَا الفَمَ السوّیِ‌ّ وَ جَعَلَ لَهَا الحِسّ القوَیِ‌ّ وَ نَابَینِ بِهِمَا تَقرِضُ وَ مِنجَلَینِ بِهِمَا تَقبِضُ یَرهَبُهَا الزّرّاعُ فِی زَرعِهِم وَ لَا یَستَطِیعُونَ ذَبّهَا

ص 272
وَ لَو أَجلَبُوا بِجَمعِهِم حَتّی تَرِدَ الحَرثَ فِی نَزَوَاتِهَا وَ تقَضیِ‌َ مِنهُ شَهَوَاتِهَا وَ خَلقُهَا کُلّهُ لَا یُکَوّنُ إِصبَعاً مُستَدِقّةً فَتَبَارَکَ اللّهُ ألّذِی یَسجُدُ لَهُمَن فِی السّماواتِ وَ الأَرضِ طَوعاً وَ کَرهاً وَ یُعَفّرُ لَهُ خَدّاً وَ وَجهاً وَ یلُقیِ إِلَیهِ بِالطّاعَةِ سِلماً وَ ضَعفاً وَ یعُطیِ لَهُ القِیَادَ رَهبَةً وَ خَوفاً فَالطّیرُ مُسَخّرَةٌ لِأَمرِهِ أَحصَی عَدَدَ الرّیشِ مِنهَا وَ النّفَسِ وَ أَرسَی قَوَائِمَهَا عَلَی النّدَی وَ الیَبَسِ وَ قَدّرَ أَقوَاتَهَا وَ أَحصَی أَجنَاسَهَا فَهَذَا غُرَابٌ وَ هَذَا عُقَابٌ وَ هَذَا حَمَامٌ وَ هَذَا نَعَامٌ دَعَا کُلّ طَائِرٍ بِاسمِهِ وَ کَفَلَ لَهُ بِرِزقِهِ وَ أَنشَأَ السّحَابَ الثّقَالَ فَأَهطَلَ دِیَمَهَا وَ عَدّدَ قِسَمَهَا فَبَلّ الأَرضَ بَعدَ جُفُوفِهَا وَ أَخرَجَ نَبتَهَا بَعدَ جُدُوبِهَا
-قرآن-189-234

186- و من خطبة له ع فی التوحید وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لاتجمعه خطبة

مَا وَحّدَهُ مَن کَیّفَهُ وَ لَا حَقِیقَتَهُ أَصَابَ مَن مَثّلَهُ وَ لَا إِیّاهُ عَنَی مَن شَبّهَهُ وَ لَا صَمَدَهُ مَن أَشَارَ إِلَیهِ وَ تَوَهّمَهُ کُلّ مَعرُوفٍ بِنَفسِهِ مَصنُوعٌ وَ کُلّ قَائِمٍ فِی سِوَاهُ مَعلُولٌ فَاعِلٌ لَا بِاضطِرَابِ آلَةٍ مُقَدّرٌ لَا بِجَولِ فِکرَةٍ غنَیِ‌ّ لَا بِاستِفَادَةٍ لَا تَصحَبُهُ الأَوقَاتُ وَ لَا

ص 273
تَرفِدُهُ الأَدَوَاتُ سَبَقَ الأَوقَاتَ کَونُهُ وَ العَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابتِدَاءَ أَزَلُهُ بِتَشعِیرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَن لَا مَشعَرَ لَهُ وَ بِمُضَادّتِهِ بَینَ الأُمُورِ عُرِفَ أَن لَا ضِدّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَینَ الأَشیَاءِ عُرِفَ أَن لَا قَرِینَ لَهُ ضَادّ النّورَ بِالظّلمَةِ وَ الوُضُوحَ بِالبُهمَةِ وَ الجُمُودَ بِالبَلَلِ وَ الحَرُورَ بِالصّرَدِ مُؤَلّفٌ بَینَ مُتَعَادِیَاتِهَا مُقَارِنٌ بَینَ مُتَبَایِنَاتِهَا مُقَرّبٌ بَینَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرّقٌ بَینَ مُتَدَانِیَاتِهَا لَا یُشمَلُ بِحَدّ وَ لَا یُحسَبُ بِعَدّ وَ إِنّمَا تَحُدّ الأَدَوَاتُ أَنفُسَهَا وَ تُشِیرُ الآلَاتُ إِلَی نَظَائِرِهَا مَنَعَتهَا مُنذُ القِدمَةَ وَ حَمَتهَا قَدُ الأَزَلِیّةَ وَ جَنّبَتهَا لَولَا التّکمِلَةَ بِهَا تَجَلّی صَانِعُهَا لِلعُقُولِ وَ بِهَا امتَنَعَ عَن نَظَرِ العُیُونِ وَ لَا یجَریِ عَلَیهِ السّکُونُ وَ الحَرَکَةُ وَ کَیفَ یجَریِ عَلَیهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ وَ یَعُودُ فِیهِ مَا هُوَ أَبدَاهُ وَ یَحدُثُ فِیهِ مَا هُوَ أَحدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَت ذَاتُهُ وَ لَتَجَزّأَ کُنهُهُ وَ لَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعنَاهُ وَ لَکَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالتَمَسَ التّمَامَ إِذ لَزِمَهُ النّقصَانُ وَ إِذاً لَقَامَت آیَةُ المَصنُوعِ فِیهِ وَ لَتَحَوّلَ دَلِیلًا بَعدَ أَن کَانَ مَدلُولًا عَلَیهِ وَ خَرَجَ بِسُلطَانِ الِامتِنَاعِ مِن أَن یُؤَثّرَ فِیهِ مَا یُؤَثّرُ فِی غَیرِهِ ألّذِی لَا یَحُولُ وَ لَا یَزُولُ وَ لَا یَجُوزُ عَلَیهِ الأُفُولُ لَم یَلِد فَیَکُونَ مَولُوداً وَ لَم یُولَد فَیَصِیرَ مَحدُوداً جَلّ عَنِ اتّخَاذِ الأَبنَاءِ
ص 274
وَ طَهُرَ عَن مُلَامَسَةِ النّسَاءِ لَا تَنَالُهُ الأَوهَامُ فَتُقَدّرَهُ وَ لَا تَتَوَهّمُهُ الفِطَنُ فَتُصَوّرَهُ وَ لَا تُدرِکُهُ الحَوَاسّ فَتُحِسّهُ وَ لَا تَلمِسُهُ الأیَدیِ فَتَمَسّهُ وَ لَا یَتَغَیّرُ بِحَالٍ وَ لَا یَتَبَدّلُ فِی الأَحوَالِ وَ لَا تُبلِیهِ اللیّاَلیِ وَ الأَیّامُ وَ لَا یُغَیّرُهُ الضّیَاءُ وَ الظّلَامُ وَ لَا یُوصَفُ بشِیَ‌ءٍ مِنَ الأَجزَاءِ وَ لَا بِالجَوَارِحِ وَ الأَعضَاءِ وَ لَا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعرَاضِ وَ لَا بِالغَیرِیّةِ وَ الأَبعَاضِ وَ لَا یُقَالُ لَهُ حَدّ وَ لَا نِهَایَةٌ وَ لَا انقِطَاعٌ وَ لَا غَایَةٌ وَ لَا أَنّ الأَشیَاءَ تَحوِیهِ فَتُقِلّهُ أَو تُهوِیَهُ أَو أَنّ شَیئاً یَحمِلُهُ فَیُمِیلَهُ أَو یُعَدّلَهُ لَیسَ فِی الأَشیَاءِ بِوَالِجٍ وَ لَا عَنهَا بِخَارِجٍ یُخبِرُ لَا بِلِسَانٍ وَ لَهَوَاتٍ وَ یَسمَعُ لَا بِخُرُوقٍ وَ أَدَوَاتٍ یَقُولُ وَ لَا یَلفِظُ وَ یَحفَظُ وَ لَا یَتَحَفّظُ وَ یُرِیدُ وَ لَا یُضمِرُ یُحِبّ وَ یَرضَی مِن غَیرِ رِقّةٍ وَ یُبغِضُ وَ یَغضَبُ مِن غَیرِ مَشَقّةٍ یَقُولُ لِمَن أَرَادَ کَونَهُ کُن فَیَکُونُ لَا بِصَوتٍ یَقرَعُ وَ لَا بِنِدَاءٍ یُسمَعُ وَ إِنّمَا کَلَامُهُ سُبحَانَهُ فِعلٌ مِنهُ أَنشَأَهُ وَ مَثّلَهُ لَم یَکُن مِن قَبلِ ذَلِکَ کَائِناً وَ لَو کَانَ قَدِیماً لَکَانَ إِلَهاً ثَانِیاً لَا یُقَالُ کَانَ بَعدَ أَن لَم یَکُن فتَجَریِ‌َ عَلَیهِ الصّفَاتُ المُحدَثَاتُ وَ لَا یَکُونُ بَینَهَا وَ بَینَهُ فَصلٌ وَ لَا لَهُ عَلَیهَا فَضلٌ فیَسَتوَیِ‌َ الصّانِعُ وَ المَصنُوعُ وَ یَتَکَافَأَ المُبتَدَعُ وَ البَدِیعُ خَلَقَ الخَلَائِقَ عَلَی غَیرِ مِثَالٍ خَلَا مِن غَیرِهِ وَ لَم یَستَعِن عَلَی خَلقِهَا بِأَحَدٍ مِن خَلقِهِ وَ أَنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَکَهَا مِن غَیرِ اشتِغَالٍ وَ أَرسَاهَا عَلَی غَیرِ قَرَارٍ وَ أَقَامَهَا بِغَیرِ قَوَائِمَ
ص 275
وَ رَفَعَهَا بِغَیرِ دَعَائِمَ وَ حَصّنَهَا مِنَ الأَوَدِ وَ الِاعوِجَاجِ وَ مَنَعَهَا مِنَ التّهَافُتِ وَ الِانفِرَاجِ أَرسَی أَوتَادَهَا وَ ضَرَبَ أَسدَادَهَا وَ استَفَاضَ عُیُونَهَا وَ خَدّ أَودِیَتَهَا فَلَم یَهِن مَا بَنَاهُ وَ لَا ضَعُفَ مَا قَوّاهُ هُوَ الظّاهِرُ عَلَیهَا بِسُلطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ هُوَ البَاطِنُ لَهَا بِعِلمِهِ وَ مَعرِفَتِهِ وَ العاَلیِ عَلَی کُلّ شَیءٍ مِنهَا بِجَلَالِهِ وَ عِزّتِهِ لَا یُعجِزُهُ شَیءٌ مِنهَا طَلَبَهُ وَ لَا یَمتَنِعُ عَلَیهِ فَیَغلِبَهُ وَ لَا یَفُوتُهُ السّرِیعُ مِنهَا فَیَسبِقَهُ وَ لَا یَحتَاجُ إِلَی ذیِ مَالٍ فَیَرزُقَهُ خَضَعَتِ الأَشیَاءُ لَهُ وَ ذَلّت مُستَکِینَةً لِعَظَمَتِهِ لَا تَستَطِیعُ الهَرَبَ مِن سُلطَانِهِ إِلَی غَیرِهِ فَتَمتَنِعَ مِن نَفعِهِ وَ ضَرّهِ وَ لَا کفُ ءَ لَهُ فَیُکَافِئَهُ وَ لَا نَظِیرَ لَهُ فَیُسَاوِیَهُ هُوَ المفُنیِ لَهَا بَعدَ وُجُودِهَا حَتّی یَصِیرَ مَوجُودُهَا کَمَفقُودِهَا وَ لَیسَ فَنَاءُ الدّنیَا بَعدَ ابتِدَاعِهَا بِأَعجَبَ مِن إِنشَائِهَا وَ اختِرَاعِهَا وَ کَیفَ وَ لَوِ اجتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوَانِهَا مِن طَیرِهَا وَ بَهَائِمِهَا وَ مَا کَانَ مِن مُرَاحِهَا وَ سَائِمِهَا وَ أَصنَافِ أَسنَاخِهَا وَ أَجنَاسِهَا وَ مُتَبَلّدَةِ أُمَمِهَا وَ أَکیَاسِهَا عَلَی إِحدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَت عَلَی إِحدَاثِهَا وَ لَا عَرَفَت کَیفَ السّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا وَ لَتَحَیّرَت عُقُولُهَا فِی عِلمِ ذَلِکَ وَ تَاهَت وَ عَجَزَت قُوَاهَا وَ تَنَاهَت وَ رَجَعَت خَاسِئَةً حَسِیرَةً عَارِفَةً بِأَنّهَا مَقهُورَةٌ مُقِرّةً بِالعَجزِ عَن إِنشَائِهَا مُذعِنَةً بِالضّعفِ عَن إِفنَائِهَا
ص 276
وَ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یَعُودُ بَعدَ فَنَاءِ الدّنیَا وَحدَهُ لَا شَیءَ مَعَهُ کَمَا کَانَ قَبلَ ابتِدَائِهَا کَذَلِکَ یَکُونُ بَعدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقتٍ وَ لَا مَکَانٍ وَ لَا حِینٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَت
عِندَ ذَلِکَ الآجَالُ وَ الأَوقَاتُ وَ زَالَتِ السّنُونَ وَ السّاعَاتُ فَلَا شَیءَإِلّا اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ ألّذِی إِلَیهِ مَصِیرُ جَمِیعِ الأُمُورِ بِلَا قُدرَةٍ مِنهَا کَانَ ابتِدَاءُ خَلقِهَا وَ بِغَیرِ امتِنَاعٍ مِنهَا کَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَو قَدَرَت عَلَی الِامتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا لَم یَتَکَاءَدهُ صُنعُ شَیءٍ مِنهَا إِذ صَنَعَهُ وَ لَم یَؤُدهُ مِنهَا خَلقُ مَا خَلَقَهُ وَ بَرَأَهُ وَ لَم یُکَوّنهَا لِتَشدِیدِ سُلطَانٍ وَ لَا لِخَوفٍ مِن زَوَالٍ وَ نُقصَانٍ وَ لَا لِلِاستِعَانَةِ بِهَا عَلَی نِدّ مُکَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحتِرَازِ بِهَا مِن ضِدّ مُثَاوِرٍ وَ لَا لِلِازدِیَادِ بِهَا فِی مُلکِهِ وَ لَا لِمُکَاثَرَةِ شَرِیکٍ فِی شِرکِهِ وَ لَا لِوَحشَةٍ کَانَت مِنهُ فَأَرَادَ أَن یَستَأنِسَ إِلَیهَا ثُمّ هُوَ یُفنِیهَا بَعدَ تَکوِینِهَا لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَیهِ فِی تَصرِیفِهَا وَ تَدبِیرِهَا وَ لَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیهِ وَ لَا لِثِقَلِ شَیءٍ مِنهَا عَلَیهِ لَا یُمِلّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدعُوَهُ إِلَی سُرعَةِ إِفنَائِهَا وَ لَکِنّهُ سُبحَانَهُ دَبّرَهَا بِلُطفِهِ وَ أَمسَکَهَا بِأَمرِهِ وَ أَتقَنَهَا بِقُدرَتِهِ ثُمّ یُعِیدُهَا بَعدَ الفَنَاءِ مِن غَیرِ حَاجَةٍ مِنهُ إِلَیهَا وَ لَا استِعَانَةٍ بشِیَ‌ءٍ مِنهَا عَلَیهَا وَ لَا لِانصِرَافٍ مِن حَالِ وَحشَةٍ إِلَی حَالِ استِئنَاسٍ وَ لَا مِن حَالِ جَهلٍ وَ عَمًی إِلَی حَالِ
-قرآن-293-323
ص 277
عِلمٍ وَ التِمَاسٍ وَ لَا مِن فَقرٍ وَ حَاجَةٍ إِلَی غِنًی وَ کَثرَةٍ وَ لَا مِن ذُلّ وَ ضَعَةٍ إِلَی عِزّ وَ قُدرَةٍ

187- و من خطبة له ع وهی فی ذکر الملاحم

أَلَا بأِبَیِ وَ أمُیّ هُم مِن عِدّةٍ أَسمَاؤُهُم فِی السّمَاءِ مَعرُوفَةٌ وَ فِی الأَرضِ مَجهُولَةٌ أَلَا فَتَوَقّعُوا مَا یَکُونُ مِن إِدبَارِ أُمُورِکُم وَ انقِطَاعِ وُصَلِکُم وَ استِعمَالِ صِغَارِکُم ذَاکَ حَیثُ تَکُونُ ضَربَةُ السّیفِ عَلَی المُؤمِنِ أَهوَنَ مِنَ الدّرهَمِ مِن حِلّهِ ذَاکَ حَیثُ یَکُونُ المُعطَی أَعظَمَ أَجراً مِنَ المعُطیِ ذَاکَ حَیثُ تَسکَرُونَ مِن غَیرِ شَرَابٍ بَل مِنَ النّعمَةِ وَ النّعِیمِ وَ تَحلِفُونَ مِن غَیرِ اضطِرَارٍ وَ تَکذِبُونَ مِن غَیرِ إِحرَاجٍ ذَاکَ إِذَا عَضّکُمُ البَلَاءُ کَمَا یَعَضّ القَتَبُ غَارِبَ البَعِیرِ مَا أَطوَلَ هَذَا العَنَاءَ وَ أَبعَدَ هَذَا الرّجَاءَ أَیّهَا النّاسُ أَلقُوا هَذِهِ الأَزِمّةَ التّیِ تَحمِلُ ظُهُورُهَا الأَثقَالَ مِن أَیدِیکُم وَ لَا تَصَدّعُوا عَلَی سُلطَانِکُم فَتَذُمّوا غِبّ فِعَالِکُم وَ لَا تَقتَحِمُوا مَا استَقبَلتُم مِن فَورِ نَارِ الفِتنَةِ وَ أَمِیطُوا عَن سَنَنِهَا وَ خَلّوا قَصدَ السّبِیلِ لَهَا فَقَد لعَمَریِ یَهلِکُ فِی لَهَبِهَا المُؤمِنُ وَ یَسلَمُ فِیهَا غَیرُ المُسلِمِ

ص 278
إِنّمَا مثَلَیِ بَینَکُم کَمَثَلِ السّرَاجِ فِی الظّلمَةِ یسَتضَیِ‌ءُ بِهِ مَن وَلَجَهَا فَاسمَعُوا أَیّهَا النّاسُ وَ عُوا وَ أَحضِرُوا آذَانَ قُلُوبِکُم تَفهَمُوا

188- و من خطبة له ع فی الوصیة بأمور

التقوی

أُوصِیکُم أَیّهَا النّاسُ بِتَقوَی اللّهِ وَ کَثرَةِ حَمدِهِ عَلَی آلَائِهِ إِلَیکُم وَ نَعمَائِهِ عَلَیکُم وَ بَلَائِهِ لَدَیکُم فَکَم خَصّکُم بِنِعمَةٍ وَ تَدَارَکَکُم بِرَحمَةٍ أَعوَرتُم لَهُ فَسَتَرَکُم وَ تَعَرّضتُم لِأَخذِهِ فَأَمهَلَکُم

الموت

وَ أُوصِیکُم بِذِکرِ المَوتِ وَ إِقلَالِ الغَفلَةِ عَنهُ وَ کَیفَ غَفلَتُکُم عَمّا لَیسَ یُغفِلُکُم وَ طَمَعُکُم فِیمَن لَیسَ یُمهِلُکُم فَکَفَی وَاعِظاً بِمَوتَی عَایَنتُمُوهُم حُمِلُوا إِلَی قُبُورِهِم غَیرَ رَاکِبینَ وَ أُنزِلُوا فِیهَا غَیرَ نَازِلِینَ فَکَأَنّهُم لَم یَکُونُوا لِلدّنیَا عُمّاراً وَ کَأَنّ الآخِرَةَ لَم تَزَل لَهُم دَاراً أَوحَشُوا مَا کَانُوا یُوطِنُونَ وَ أَوطَنُوا مَا کَانُوا یُوحِشُونَ وَ اشتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا وَ أَضَاعُوا مَا إِلَیهِ انتَقَلُوا لَا

ص 279
عَن قَبِیحٍ یَستَطِیعُونَ انتِقَالًا وَ لَا فِی حَسَنٍ یَستَطِیعُونَ ازدِیَاداً أَنِسُوا بِالدّنیَا فَغَرّتهُم وَ وَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتهُم

سرعة النفاد

فَسَابِقُوا رَحِمَکُمُ اللّهُ إِلَی مَنَازِلِکُمُ التّیِ أُمِرتُم أَن تَعمُرُوهَا وَ التّیِ رَغِبتُم فِیهَا وَ دُعِیتُم إِلَیهَا وَ استَتِمّوا نِعَمَ اللّهِ عَلَیکُم بِالصّبرِ عَلَی طَاعَتِهِ وَ المُجَانَبَةِ لِمَعصِیَتِهِ فَإِنّ غَداً مِنَ الیَومِ قَرِیبٌ مَا أَسرَعَ السّاعَاتِ فِی الیَومِ وَ أَسرَعَ الأَیّامَ فِی الشّهرِ وَ أَسرَعَ الشّهُورَ فِی السّنَةِ وَ أَسرَعَ السّنِینَ فِی العُمُرِ

189- و من کلام له ع فی الإیمان ووجوب الهجرة

أقسام الإیمان

فَمِنَ الإِیمَانِ مَا یَکُونُ ثَابِتاً مُستَقِرّاً فِی القُلُوبِ وَ مِنهُ مَا یَکُونُ عوَاَریِ‌ّ بَینَ القُلُوبِ وَ الصّدُورِ إِلَی أَجَلٍ مَعلُومٍ فَإِذَا کَانَت لَکُم بَرَاءَةٌ مِن أَحَدٍ فَقِفُوهُ حَتّی یَحضُرَهُ المَوتُ فَعِندَ ذَلِکَ یَقَعُ حَدّ البَرَاءَةِ

وجوب الهجرة

وَ الهِجرَةُ قَائِمَةٌ عَلَی حَدّهَا الأَوّلِ مَا کَانَ لِلّهِ فِی أَهلِ الأَرضِ

ص 280
حَاجَةٌ مِن مُستَسِرّ الإِمّةِ وَ مُعلِنِهَا لَا یَقَعُ اسمُ الهِجرَةِ عَلَی أَحَدٍ إِلّا بِمَعرِفَةِ الحُجّةِ فِی الأَرضِ فَمَن عَرَفَهَا وَ أَقَرّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ وَ لَا یَقَعُ اسمُ الِاستِضعَافِ عَلَی مَن بَلَغَتهُ الحُجّةُ فَسَمِعَتهَا أُذُنُهُ وَ وَعَاهَا قَلبُهُ

صوبة الإیمان

إِنّ أَمرَنَا صَعبٌ مُستَصعَبٌ لَا یَحمِلُهُ إِلّا عَبدٌ مُؤمِنٌ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِیمَانِ وَ لَا یعَیِ حَدِیثَنَا إِلّا صُدُورٌ أَمِینَةٌ وَ أَحلَامٌ رَزِینَةٌ

علم الوصی‌

أَیّهَا النّاسُ سلَوُنیِ قَبلَ أَن تفَقدِوُنیِ فَلَأَنَا بِطُرُقِ السّمَاءِ أَعلَمُ منِیّ بِطُرُقِ الأَرضِ قَبلَ أَن تَشغَرَ بِرِجلِهَا فِتنَةٌ تَطَأُ فِی خِطَامِهَا وَ تَذهَبُ بِأَحلَامِ قَومِهَا

190- و من خطبة له ع یحمد اللّه ویثنی علی نبیه ویعظ بالتقوی

حمد اللّه

أَحمَدُهُ شُکراً لِإِنعَامِهِ وَ أَستَعِینُهُ عَلَی وَظَائِفِ حُقُوقِهِ عَزِیزَ الجُندِ عَظِیمَ المَجدِ

ص 281

الثناء علی النبی

وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ دَعَا إِلَی طَاعَتِهِ وَ قَاهَرَ أَعدَاءَهُ جِهَاداً عَن دِینِهِ لَا یَثنِیهِ عَن ذَلِکَ اجتِمَاعٌ عَلَی تَکذِیبِهِ وَ التِمَاسٌ لِإِطفَاءِ نُورِهِ

العظة بالتقوی

فَاعتَصِمُوا بِتَقوَی اللّهِ فَإِنّ لَهَا حَبلًا وَثِیقاً عُروَتُهُ وَ مَعقِلًا مَنِیعاً ذِروَتُهُ وَ بَادِرُوا المَوتَ وَ غَمَرَاتِهِ وَ امهَدُوا لَهُ قَبلَ حُلُولِهِ وَ أَعِدّوا لَهُ قَبلَ نُزُولِهِ فَإِنّ الغَایَةَ القِیَامَةُ وَ کَفَی بِذَلِکَ وَاعِظاً لِمَن عَقَلَ وَ مُعتَبَراً لِمَن جَهِلَ وَ قَبلَ بُلُوغِ الغَایَةِ مَا تَعلَمُونَ مِن ضِیقِ الأَرمَاسِ وَ شِدّةِ الإِبلَاسِ وَ هَولِ المُطّلَعِ وَ رَوعَاتِ الفَزَعِ وَ اختِلَافِ الأَضلَاعِ وَ استِکَاکِ الأَسمَاعِ وَ ظُلمَةِ اللّحدِ وَ خِیفَةِ الوَعدِ وَ غَمّ الضّرِیحِ وَ رَدمِ الصّفِیحِ فَاللّهَ اللّهَ عِبَادَ اللّهِ فَإِنّ الدّنیَا مَاضِیَةٌ بِکُم عَلَی سَنَنٍ وَ أَنتُم وَ السّاعَةُ فِی قَرَنٍ وَ کَأَنّهَا قَد جَاءَت بِأَشرَاطِهَا وَ أَزِفَت بِأَفرَاطِهَا وَ وَقَفَت بِکُم عَلَی صِرَاطِهَا وَ کَأَنّهَا قَد أَشرَفَت بِزَلَازِلِهَا وَ أَنَاخَت بِکَلَاکِلِهَا وَ انصَرَمَتِ الدّنیَا بِأَهلِهَا وَ أَخرَجَتهُم مِن حِضنِهَا فَکَانَت کَیَومٍ مَضَی أَو شَهرٍ انقَضَی وَ صَارَ

ص 282
جَدِیدُهَا رَثّاً وَ سَمِینُهَا غَثّاً فِی مَوقِفٍ ضَنکِ المَقَامِ وَ أُمُورٍ مُشتَبِهَةٍ عِظَامٍ وَ نَارٍ شَدِیدٍ کَلَبُهَا عَالٍ لَجَبُهَا سَاطِعٍ لَهَبُهَا مُتَغَیّظٍ زَفِیرُهَا مُتَأَجّجٍ سَعِیرُهَا بَعِیدٍ خُمُودُهَا ذَاکٍ وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِیدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا مُظلِمَةٍ أَقطَارُهَا حَامِیَةٍ قُدُورُهَا فَظِیعَةٍ أُمُورُهَاوَ سِیقَ الّذِینَ اتّقَوا رَبّهُم إِلَی الجَنّةِ زُمَراً قَد أُمِنَ العَذَابُ وَ انقَطَعَ العِتَابُ وَ زُحزِحُوا عَنِ النّارِ وَ اطمَأَنّت بِهِمُ الدّارُ وَ رَضُوا المَثوَی وَ القَرَارَ الّذِینَ کَانَت أَعمَالُهُم فِی الدّنیَا زَاکِیَةً وَ أَعیُنُهُم بَاکِیَةً وَ کَانَ لَیلُهُم فِی دُنیَاهُم نَهَاراً تَخَشّعاً وَ استِغفَارًا وَ کَانَ نَهَارُهُم لَیلًا تَوَحّشاً وَ انقِطَاعاً فَجَعَلَ اللّهُ لَهُمُ الجَنّةَ مَآباً وَ الجَزَاءَ ثَوَاباًوَ کانُوا أَحَقّ بِها وَ أَهلَها فِی مُلکٍ دَائِمٍ وَ نَعِیمٍ قَائِمٍ فَارعَوا عِبَادَ اللّهِ مَا بِرِعَایَتِهِ یَفُوزُ فَائِزُکُم وَ بِإِضَاعَتِهِ یَخسَرُ مُبطِلُکُم وَ بَادِرُوا آجَالَکُم بِأَعمَالِکُم فَإِنّکُم مُرتَهَنُونَ بِمَا أَسلَفتُم وَ مَدِینُونَ بِمَا قَدّمتُم وَ کَأَن قَد نَزَلَ بِکُمُ المَخُوفُ فَلَا رَجعَةً تَنَالُونَ وَ لَا عَثرَةً تُقَالُونَ استَعمَلَنَا اللّهُ وَ إِیّاکُم بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ عَفَا عَنّا وَ عَنکُم بِفَضلِ رَحمَتِهِ الزَمُوا الأَرضَ وَ اصبِرُوا عَلَی البَلَاءِ وَ لَا تُحَرّکُوا بِأَیدِیکُم وَ سُیُوفِکُم فِی هَوَی أَلسِنَتِکُم وَ لَا تَستَعجِلُوا بِمَا لَم یُعَجّلهُ اللّهُ لَکُم
-قرآن-338-393-قرآن-776-807

ص 283
فَإِنّهُ مَن مَاتَ مِنکُم عَلَی فِرَاشِهِ وَ هُوَ عَلَی مَعرِفَةِ حَقّ رَبّهِ وَ حَقّ رَسُولِهِ وَ أَهلِ بَیتِهِ مَاتَ شَهِیداً وَوَقَعَ أَجرُهُ عَلَی اللّهِ وَ استَوجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَی مِن صَالِحِ عَمَلِهِ وَ قَامَتِ النّیّةُ مَقَامَ إِصلَاتِهِ لِسَیفِهِ فَإِنّ لِکُلّ شَیءٍ مُدّةً وَ أَجَلًا
-قرآن-131-157

191- و من خطبة له ع یحمد اللّه ویثنی علی نبیه ویوصی بالزهد والتقوی

اشاره

الحَمدُ لِلّهِ الفاَشیِ فِی الخَلقِ حَمدُهُ وَ الغَالِبِ جُندُهُ وَ المتُعَاَلیِ جَدّهُ أَحمَدُهُ عَلَی نِعَمِهِ التّؤَامِ وَ آلَائِهِ العِظَامِ ألّذِی عَظُمَ حِلمُهُ فَعَفَا وَ عَدَلَ فِی کُلّ مَا قَضَی وَ عَلِمَ مَا یمَضیِ وَ مَا مَضَی مُبتَدِعِ الخَلَائِقِ بِعِلمِهِ وَ مُنشِئِهِم بِحُکمِهِ بِلَا اقتِدَاءٍ وَ لَا تَعلِیمٍ وَ لَا احتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَکِیمٍ وَ لَا إِصَابَةِ خَطَإٍ وَ لَا حَضرَةِ مَلَإٍ

الرسول الأعظم

وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ ابتَعَثَهُ وَ النّاسُ یَضرِبُونَ فِی غَمرَةٍ وَ یَمُوجُونَ فِی حَیرَةٍ قَد قَادَتهُم أَزِمّةُ الحَینِ وَ استَغلَقَت عَلَی أَفئِدَتِهِم أَقفَالُ الرّینِ

ص 284

الوصیة بالزهد والتقوی

عِبَادَ اللّهِ أُوصِیکُم بِتَقوَی اللّهِ فَإِنّهَا حَقّ اللّهِ عَلَیکُم وَ المُوجِبَةُ عَلَی اللّهِ حَقّکُم وَ أَن تَستَعِینُوا عَلَیهَا بِاللّهِ وَ تَستَعِینُوا بِهَا عَلَی اللّهِ فَإِنّ التّقوَی فِی الیَومِ الحِرزُ وَ الجُنّةُ وَ فِی غَدٍ الطّرِیقُ إِلَی الجَنّةِ مَسلَکُهَا وَاضِحٌ وَ سَالِکُهَا رَابِحٌ وَ مُستَودَعُهَا حَافِظٌ لَم تَبرَح عَارِضَةً نَفسَهَا عَلَی الأُمَمِ المَاضِینَ مِنکُم وَ الغَابِرِینَ لِحَاجَتِهِم إِلَیهَا غَداً إِذَا أَعَادَ اللّهُ مَا أَبدَی وَ أَخَذَ مَا أَعطَی وَ سَأَلَ عَمّا أَسدَی فَمَا أَقَلّ مَن قَبِلَهَا وَ حَمَلَهَا حَقّ حَملِهَا أُولَئِکَ الأَقَلّونَ عَدَداً وَ هُم أَهلُ صِفَةِ اللّهِ سُبحَانَهُ إِذ یَقُولُوَ قَلِیلٌ مِن عبِادیِ‌َ الشّکُورُفَأَهطِعُوا بِأَسمَاعِکُم إِلَیهَا وَ أَلِظّوا بِجِدّکُم عَلَیهَا وَ اعتَاضُوهَا مِن کُلّ سَلَفٍ خَلَفاً وَ مِن کُلّ مُخَالِفٍ مُوَافِقاً أَیقِظُوا بِهَا نَومَکُم وَ اقطَعُوا بِهَا یَومَکُم وَ أَشعِرُوهَا قُلُوبَکُم وَ ارحَضُوا بِهَا ذُنُوبَکُم وَ دَاوُوا بِهَا الأَسقَامَ وَ بَادِرُوا بِهَا الحِمَامَ وَ اعتَبِرُوا بِمَن أَضَاعَهَا وَ لَا یَعتَبِرَنّ بِکُم مَن أَطَاعَهَا أَلَا فَصُونُوهَا وَ تَصَوّنُوا بِهَا وَ کُونُوا عَنِ الدّنیَا نُزّاهاً وَ إِلَی الآخِرَةِ وُلّاهاً وَ لَا تَضَعُوا مَن رَفَعَتهُ التّقوَی وَ لَا تَرفَعُوا مَن رَفَعَتهُ الدّنیَا وَ لَا تَشِیمُوا بَارِقَهَا وَ لَا تَسمَعُوا نَاطِقَهَا وَ لَا تُجِیبُوا نَاعِقَهَا وَ لَا تَستَضِیئُوا بِإِشرَاقِهَا وَ لَا تُفتَنُوا بِأَعلَاقِهَا فَإِنّ بَرقَهَا خَالِبٌ وَ نُطقَهَا
-قرآن-649-682

ص 285
کَاذِبٌ وَ أَموَالَهَا مَحرُوبَةٌ وَ أَعلَاقَهَا مَسلُوبَةٌ أَلَا وَ هیِ‌َ المُتَصَدّیَةُ العَنُونُ وَ الجَامِحَةُ الحَرُونُ وَ المَائِنَةُ الخَئُونُ وَ الجَحُودُ الکَنُودُ وَ العَنُودُ الصّدُودُ وَ الحَیُودُ المَیُودُ حَالُهَا انتِقَالٌ وَ وَطأَتُهَا زِلزَالٌ وَ عِزّهَا ذُلّ وَ جِدّهَا هَزلٌ وَ عُلوُهَا سُفلٌ دَارُ حَرَبٍ وَ سَلَبٍ وَ نَهبٍ وَ عَطَبٍ أَهلُهَا عَلَی سَاقٍ وَ سِیَاقٍ وَ لَحَاقٍ وَ فِرَاقٍ قَد تَحَیّرَت مَذَاهِبُهَا وَ أَعجَزَت مَهَارِبُهَا وَ خَابَت مَطَالِبُهَا فَأَسلَمَتهُمُ المَعَاقِلُ وَ لَفَظَتهُمُ المَنَازِلُ وَ أَعیَتهُمُ المَحَاوِلُ فَمِن نَاجٍ مَعقُورٍ وَ لَحمٍ مَجزُورٍ وَ شِلوٍ مَذبُوحٍ وَ دَمٍ مَسفُوحٍ وَ عَاضّ عَلَی یَدَیهِ وَ صَافِقٍ بِکَفّیهِ وَ مُرتَفِقٍ بِخَدّیهِ وَ زَارٍ عَلَی رَأیِهِ وَ رَاجِعٍ عَن عَزمِهِ وَ قَد أَدبَرَتِ الحِیلَةُ وَ أَقبَلَتِ الغِیلَةُ وَ لَاتَ حِینَ مَنَاصٍ هَیهَاتَ هَیهَاتَ قَد فَاتَ مَا فَاتَ وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ وَ مَضَتِ الدّنیَا لِحَالِ بَالِهَافَما بَکَت عَلَیهِمُ السّماءُ وَ الأَرضُ وَ ما کانُوا مُنظَرِینَ
-قرآن-918-981

192- و من خطبة له ع تسمی القاصعة وهی تتضمن ذم إبلیس لعنه اللّه، علی استکباره وترکه السجود لآدم علیه السلام ، و أنه أول من أظهر العصبیة وتبع الحمیة، وتحذیر الناس من سلوک طریقته .

اشاره

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَبِسَ العِزّ وَ الکِبرِیَاءَ وَ اختَارَهُمَا لِنَفسِهِ دُونَ

ص 286
خَلقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًی وَ حَرَماً عَلَی غَیرِهِ وَ اصطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ

رأس العصیان

وَ جَعَلَ اللّعنَةَ عَلَی مَن نَازَعَهُ فِیهِمَا مِن عِبَادِهِ ثُمّ اختَبَرَ بِذَلِکَ مَلَائِکَتَهُ المُقَرّبِینَ لِیَمِیزَ المُتَوَاضِعِینَ مِنهُم مِنَ المُستَکبِرِینَ فَقَالَ سُبحَانَهُ وَ هُوَ العَالِمُ بِمُضمَرَاتِ القُلُوبِ وَ مَحجُوبَاتِ الغُیُوبِإنِیّ خالِقٌ بَشَراً مِن طِینٍ فَإِذا سَوّیتُهُ وَ نَفَختُ فِیهِ مِن روُحیِ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ فَسَجَدَ المَلائِکَةُ کُلّهُم أَجمَعُونَ إِلّا إِبلِیسَاعتَرَضَتهُ الحَمِیّةُ فَافتَخَرَ عَلَی آدَمَ بِخَلقِهِ وَ تَعَصّبَ عَلَیهِ لِأَصلِهِ فَعَدُوّ اللّهِ إِمَامُ المُتَعَصّبِینَ وَ سَلَفُ المُستَکبِرِینَ ألّذِی وَضَعَ أَسَاسَ العَصَبِیّةِ وَ نَازَعَ اللّهَ رِدَاءَ الجَبرِیّةِ وَ ادّرَعَ لِبَاسَ التّعَزّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التّذَلّلِ أَ لَا تَرَونَ کَیفَ صَغّرَهُ اللّهُ بِتَکَبّرِهِ وَ وَضَعَهُ بِتَرَفّعِهِ فَجَعَلَهُ فِی الدّنیَا مَدحُوراً وَ أَعَدّ لَهُ فِی الآخِرَةِ سَعِیراً
-قرآن-254-410

ابتلاء اللّه لخلقه

وَ لَو أَرَادَ اللّهُ أَن یَخلُقَ آدَمَ مِن نُورٍ یَخطَفُ الأَبصَارَ ضِیَاؤُهُ وَ یَبهَرُ العُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِیبٍ یَأخُذُ الأَنفَاسَ عَرفُهُ لَفَعَلَ وَ لَو فَعَلَ لَظَلّت لَهُ الأَعنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفّتِ البَلوَی فِیهِ عَلَی المَلَائِکَةِ

ص 287
وَ لَکِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یبَتلَیِ خَلقَهُ بِبَعضِ مَا یَجهَلُونَ أَصلَهُ تَمیِیزاً بِالِاختِبَارِ لَهُم وَ نَفیاً لِلِاستِکبَارِ عَنهُم وَ إِبعَاداً لِلخُیَلَاءِ مِنهُم

طلب العبرة

فَاعتَبِرُوا بِمَا کَانَ مِن فِعلِ اللّهِ بِإِبلِیسَ إِذ أَحبَطَ عَمَلَهُ الطّوِیلَ وَ جَهدَهُ الجَهِیدَ وَ کَانَ قَد عَبَدَ اللّهَ سِتّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا یُدرَی أَ مِن سنِیِ الدّنیَا أَم مِن سنِیِ الآخِرَةِ عَن کِبرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَن ذَا بَعدَ إِبلِیسَ یَسلَمُ عَلَی اللّهِ بِمِثلِ مَعصِیَتِهِ کَلّا مَا کَانَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِیُدخِلَ الجَنّةَ بَشَراً بِأَمرٍ أَخرَجَ بِهِ مِنهَا مَلَکاً إِنّ حُکمَهُ فِی أَهلِ السّمَاءِ وَ أَهلِ الأَرضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَینَ اللّهِ وَ بَینَ أَحَدٍ مِن خَلقِهِ هَوَادَةٌ فِی إِبَاحَةِ حِمًی حَرّمَهُ عَلَی العَالَمِینَ

التحذیر من الشیطان

فَاحذَرُوا عِبَادَ اللّهِ عَدُوّ اللّهِ أَن یُعدِیَکُم بِدَائِهِ وَ أَن یَستَفِزّکُم بِنِدَائِهِ وَ أَن یُجلِبَ عَلَیکُم بِخَیلِهِ وَ رَجِلِهِ فلَعَمَریِ لَقَد فَوّقَ لَکُم سَهمَ الوَعِیدِ وَ أَغرَقَ إِلَیکُم بِالنّزعِ الشّدِیدِ وَ رَمَاکُم مِن مَکَانٍ قَرِیبٍ فَقَالَرَبّ بِما أغَویَتنَیِ لَأُزَیّنَنّ لَهُم فِی الأَرضِ وَ لَأُغوِیَنّهُم أَجمَعِینَقَذفاً بِغَیبٍ بَعِیدٍ وَ رَجماً بِظَنّ غَیرِ مُصِیبٍ صَدّقَهُ بِهِ أَبنَاءُ الحَمِیّةِ وَ إِخوَانُ العَصَبِیّةِ وَ فُرسَانُ الکِبرِ
-قرآن-270-351

ص 288
وَ الجَاهِلِیّةِ حَتّی إِذَا انقَادَت لَهُ الجَامِحَةُ مِنکُم وَ استَحکَمَتِ الطّمَاعِیّةُ مِنهُ فِیکُم فَنَجَمَتِ الحَالُ مِنَ السّرّ الخفَیِ‌ّ إِلَی الأَمرِ الجلَیِ‌ّ استَفحَلَ سُلطَانُهُ عَلَیکُم وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحوَکُم فَأَقحَمُوکُم وَلَجَاتِ الذّلّ وَ أَحَلّوکُم وَرَطَاتِ القَتلِ وَ أَوطَئُوکُم إِثخَانَ الجِرَاحَةِ طَعناً فِی عُیُونِکُم وَ حَزّاً فِی حُلُوقِکُم وَ دَقّاً لِمَنَاخِرِکُم وَ قَصداً لِمَقَاتِلِکُم وَ سَوقاً بِخَزَائِمِ القَهرِ إِلَی النّارِ المُعَدّةِ لَکُم فَأَصبَحَ أَعظَمَ فِی دِینِکُم حَرجاً وَ أَورَی فِی دُنیَاکُم قَدحاً مِنَ الّذِینَ أَصبَحتُم لَهُم مُنَاصِبِینَ وَ عَلَیهِم مُتَأَلّبِینَ فَاجعَلُوا عَلَیهِ حَدّکُم وَ لَهُ جِدّکُم فَلَعَمرُ اللّهِ لَقَد فَخَرَ عَلَی أَصلِکُم وَ وَقَعَ فِی حَسَبِکُم وَ دَفَعَ فِی نَسَبِکُم وَ أَجلَبَ بِخَیلِهِ عَلَیکُم وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِیلَکُم یَقتَنِصُونَکُم بِکُلّ مَکَانٍ وَ یَضرِبُونَ مِنکُم کُلّ بَنَانٍ لَا تَمتَنِعُونَ بِحِیلَةٍ وَ لَا تَدفَعُونَ بِعَزِیمَةٍ فِی حَومَةِ ذُلّ وَ حَلقَةِ ضِیقٍ وَ عَرصَةِ مَوتٍ وَ جَولَةِ بَلَاءٍ فَأَطفِئُوا مَا کَمَنَ فِی قُلُوبِکُم مِن نِیرَانِ العَصَبِیّةِ وَ أَحقَادِ الجَاهِلِیّةِ فَإِنّمَا تِلکَ الحَمِیّةُ تَکُونُ فِی المُسلِمِ مِن خَطَرَاتِ الشّیطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اعتَمِدُوا وَضعَ التّذَلّلِ عَلَی رُءُوسِکُم وَ إِلقَاءَ التّعَزّزِ تَحتَ أَقدَامِکُم وَ خَلعَ التّکَبّرِ مِن أَعنَاقِکُم وَ اتّخِذُوا التّوَاضُعَ مَسلَحَةً بَینَکُم وَ بَینَ عَدُوّکُم إِبلِیسَ
ص 289
وَ جُنُودِهِ فَإِنّ لَهُ مِن کُلّ أُمّةٍ جُنُوداً وَ أَعوَاناً وَ رَجِلًا وَ فُرسَاناً وَ لَا تَکُونُوا کَالمُتَکَبّرِ عَلَی ابنِ أُمّهِ مِن غَیرِ مَا فَضلٍ جَعَلَهُ اللّهُ فِیهِ سِوَی مَا أَلحَقَتِ العَظَمَةُ بِنَفسِهِ مِن عَدَاوَةِ الحَسَدِ وَ قَدَحَتِ الحَمِیّةُ فِی قَلبِهِ مِن نَارِ الغَضَبِ وَ نَفَخَ الشّیطَانُ فِی أَنفِهِ مِن رِیحِ الکِبرِ ألّذِی أَعقَبَهُ اللّهُ بِهِ النّدَامَةَ وَ أَلزَمَهُ آثَامَ القَاتِلِینَ إِلَی یَومِ القِیَامَةِ

التحذیر من الکبر

أَلَا وَ قَد أَمعَنتُم فِی البغَی‌ِ وَ أَفسَدتُم فِی الأَرضِ مُصَارَحَةً لِلّهِ بِالمُنَاصَبَةِ وَ مُبَارَزَةً لِلمُؤمِنِینَ بِالمُحَارَبَةِ فَاللّهَ اللّهَ فِی کِبرِ الحَمِیّةِ وَ فَخرِ الجَاهِلِیّةِ فَإِنّهُ مَلَاقِحُ الشّنَئَانِ وَ مَنَافِخُ الشّیطَانِ التّیِ خَدَعَ بِهَا الأُمَمَ المَاضِیَةَ وَ القُرُونَ الخَالِیَةَ حَتّی أَعنَقُوا فِی حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَ مهَاَویِ ضَلَالَتِهِ ذُلُلًا عَن سِیَاقِهِ سُلُساً فِی قِیَادِهِ أَمراً تَشَابَهَتِ القُلُوبُ فِیهِ وَ تَتَابَعَتِ القُرُونُ عَلَیهِ وَ کِبراً تَضَایَقَتِ الصّدُورُ بِهِ

التحذیر من طاعة الکبراء

أَلَا فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن طَاعَةِ سَادَاتِکُم وَ کُبَرَائِکُم الّذِینَ تَکَبّرُوا عَن حَسَبِهِم وَ تَرَفّعُوا فَوقَ نَسَبِهِم وَ أَلقَوُا الهَجِینَةَ عَلَی رَبّهِم

ص 290
وَ جَاحَدُوا اللّهَ عَلَی مَا صَنَعَ بِهِم مُکَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَ مُغَالَبَةً لِآلَائِهِ فَإِنّهُم قَوَاعِدُ أَسَاسِ العَصَبِیّةِ وَ دَعَائِمُ أَرکَانِ الفِتنَةِ وَ سُیُوفُ اعتِزَاءِ الجَاهِلِیّةِ فَاتّقُوا اللّهَ وَ لَا تَکُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَیکُم أَضدَاداً وَ لَا لِفَضلِهِ عِندَکُم حُسّاداً وَ لَا تُطِیعُوا الأَدعِیَاءَ الّذِینَ شَرِبتُم بِصَفوِکُم کَدَرَهُم وَ خَلَطتُم بِصِحّتِکُم مَرَضَهُم وَ أَدخَلتُم فِی حَقّکُم بَاطِلَهُم وَ هُم أَسَاسُ الفُسُوقِ وَ أَحلَاسُ العُقُوقِ اتّخَذَهُم إِبلِیسُ مَطَایَا ضَلَالٍ وَ جُنداً بِهِم یَصُولُ عَلَی النّاسِ وَ تَرَاجِمَةً یَنطِقُ عَلَی أَلسِنَتِهِم استِرَاقاً لِعُقُولِکُم وَ دُخُولًا فِی عُیُونِکُم وَ نَفثاً فِی أَسمَاعِکُم فَجَعَلَکُم مَرمَی نَبلِهِ وَ مَوطِئَ قَدَمِهِ وَ مَأخَذَ یَدِهِ

العبرة بالماضین

فَاعتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الأُمَمَ المُستَکبِرِینَ مِن قَبلِکُم مِن بَأسِ اللّهِ وَ صَولَاتِهِ وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلَاتِهِ وَ اتّعِظُوا بمِثَاَویِ خُدُودِهِم وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِم وَ استَعِیذُوا بِاللّهِ مِن لَوَاقِحِ الکِبرِ کَمَا تَستَعِیذُونَهُ مِن طَوَارِقِ الدّهرِ فَلَو رَخّصَ اللّهُ فِی الکِبرِ لِأَحَدٍ مِن عِبَادِهِ لَرَخّصَ فِیهِ لِخَاصّةِ أَنبِیَائِهِ وَ أَولِیَائِهِ وَ لَکِنّهُ سُبحَانَهُ کَرّهَ إِلَیهِمُ التّکَابُرَ وَ رضَیِ‌َ لَهُمُ التّوَاضُعَ فَأَلصَقُوا بِالأَرضِ خُدُودَهُم وَ عَفّرُوا فِی التّرَابِ وُجُوهَهُم وَ خَفَضُوا أَجنِحَتَهُم لِلمُؤمِنِینَ وَ کَانُوا قَوماً

ص 291
مُستَضعَفِینَ قَدِ اختَبَرَهُمُ اللّهُ بِالمَخمَصَةِ وَ ابتَلَاهُم بِالمَجهَدَةِ وَ امتَحَنَهُم بِالمَخَاوِفِ وَ مَخَضَهُم بِالمَکَارِهِ فَلَا تَعتَبِرُوا الرّضَی وَ السّخطَ بِالمَالِ وَ الوَلَدِ جَهلًا بِمَوَاقِعِ الفِتنَةِ وَ الِاختِبَارِ فِی مَوضِعِ الغِنَی وَ الِاقتِدَارِ فَقَد قَالَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَیأَ یَحسَبُونَ أَنّما نُمِدّهُم بِهِ مِن مالٍ وَ بَنِینَ نُسارِعُ لَهُم فِی الخَیراتِ بَل لا یَشعُرُونَ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یَختَبِرُ عِبَادَهُ المُستَکبِرِینَ فِی أَنفُسِهِم بِأَولِیَائِهِ المُستَضعَفِینَ فِی أَعیُنِهِم
-قرآن-312-413

تواضع الأنبیاء

وَ لَقَد دَخَلَ مُوسَی بنُ عِمرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ ع عَلَی فِرعَونَ وَ عَلَیهِمَا مَدَارِعُ الصّوفِ وَ بِأَیدِیهِمَا العصِیِ‌ّ فَشَرَطَا لَهُ إِن أَسلَمَ بَقَاءَ مُلکِهِ وَ دَوَامَ عِزّهِ فَقَالَ أَ لَا تَعجَبُونَ مِن هَذَینِ یَشرِطَانِ لِی دَوَامَ العِزّ وَ بَقَاءَ المُلکِ وَ هُمَا بِمَا تَرَونَ مِن حَالِ الفَقرِ وَ الذّلّ فَهَلّا ألُقیِ‌َ عَلَیهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ إِعظَاماً لِلذّهَبِ وَ جَمعِهِ وَ احتِقَاراً لِلصّوفِ وَ لُبسِهِ وَ لَو أَرَادَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِأَنبِیَائِهِ حَیثُ بَعَثَهُم أَن یَفتَحَ لَهُم کُنُوزَ الذّهبَانِ وَ مَعَادِنَ العِقیَانِ وَ مَغَارِسَ الجِنَانِ وَ أَن یَحشُرَ مَعَهُم طُیُورَ السّمَاءِ وَ وُحُوشَ الأَرَضِینَ لَفَعَلَ وَ لَو فَعَلَ لَسَقَطَ البَلَاءُ وَ بَطَلَ الجَزَاءُ

ص 292
وَ اضمَحَلّتِ الأَنبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلقَابِلِینَ أُجُورُ المُبتَلَینَ وَ لَا استَحَقّ المُؤمِنُونَ ثَوَابَ المُحسِنِینَ وَ لَا لَزِمَتِ الأَسمَاءُ مَعَانِیَهَا وَ لَکِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أوُلیِ قُوّةٍ فِی عَزَائِمِهِم وَ ضَعَفَةً فِیمَا تَرَی الأَعیُنُ مِن حَالَاتِهِم مَعَ قَنَاعَةٍ تَملَأُ القُلُوبَ وَ العُیُونَ غِنًی وَ خَصَاصَةٍ تَملَأُ الأَبصَارَ وَ الأَسمَاعَ أَذًی وَ لَو کَانَتِ الأَنبِیَاءُ أَهلَ قُوّةٍ لَا تُرَامُ وَ عِزّةٍ لَا تُضَامُ وَ مُلکٍ تُمَدّ نَحوَهُ أَعنَاقُ الرّجَالِ وَ تُشَدّ إِلَیهِ عُقَدُ الرّحَالِ لَکَانَ ذَلِکَ أَهوَنَ عَلَی الخَلقِ فِی الِاعتِبَارِ وَ أَبعَدَ لَهُم فِی الِاستِکبَارِ وَ لَآمَنُوا عَن رَهبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُم أَو رَغبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِم فَکَانَتِ النّیّاتُ مُشتَرَکَةً وَ الحَسَنَاتُ مُقتَسَمَةً وَ لَکِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ أَرَادَ أَن یَکُونَ الِاتّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ التّصدِیقُ بِکُتُبِهِ وَ الخُشُوعُ لِوَجهِهِ وَ الِاستِکَانَةُ لِأَمرِهِ وَ الِاستِسلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصّةً لَا تَشُوبُهَا مِن غَیرِهَا شَائِبَةٌ وَ کُلّمَا کَانَتِ البَلوَی وَ الِاختِبَارُ أَعظَمَ کَانَتِ المَثُوبَةُ وَ الجَزَاءُ أَجزَلَ

الکعبة المقدسة

أَ لَا تَرَونَ أَنّ اللّهَ سُبحَانَهُ اختَبَرَ الأَوّلِینَ مِن لَدُن آدَمَص إِلَی الآخِرِینَ مِن هَذَا العَالَمِ بِأَحجَارٍ لَا تَضُرّ وَ لَا تَنفَعُ وَ لَا تُبصِرُ وَ لَا تَسمَعُ فَجَعَلَهَا بَیتَهُ الحَرَامَ ألّذِی جَعَلَهُ لِلنّاسِ قِیَاماً ثُمّ

ص 293
وَضَعَهُ بِأَوعَرِ بِقَاعِ الأَرضِ حَجَراً وَ أَقَلّ نَتَائِقِ الدّنیَا مَدَراً وَ أَضیَقِ بُطُونِ الأَودِیَةِ قُطراً بَینَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُیُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًی مُنقَطِعَةٍ لَا یَزکُو بِهَا خُفّ وَ لَا حَافِرٌ وَ لَا ظِلفٌ ثُمّ أَمَرَ آدَمَ ع وَ وَلَدَهُ أَن یَثنُوا أَعطَافَهُم نَحوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنتَجَعِ أَسفَارِهِم وَ غَایَةً لِمُلقَی رِحَالِهِم تهَویِ إِلَیهِ ثِمَارُ الأَفئِدَةِ مِن مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِیقَةٍ وَ مهَاَویِ فِجَاجٍ عَمِیقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنقَطِعَةٍ حَتّی یَهُزّوا مَنَاکِبَهُم ذُلُلًا یُهَلّلُونَ لِلّهِ حَولَهُ وَ یَرمُلُونَ عَلَی أَقدَامِهِم شُعثاً غُبراً لَهُ قَد نَبَذُوا السّرَابِیلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَ شَوّهُوا بِإِعفَاءِ الشّعُورِ مَحَاسِنَ خَلقِهِمُ ابتِلَاءً عَظِیماً وَ امتِحَاناً شَدِیداً وَ اختِبَاراً مُبِیناً وَ تَمحِیصاً بَلِیغاً جَعَلَهُ اللّهُ سَبَباً لِرَحمَتِهِ وَ وُصلَةً إِلَی جَنّتِهِ وَ لَو أَرَادَ سُبحَانَهُ أَن یَضَعَ بَیتَهُ الحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ العِظَامَ بَینَ جَنّاتٍ وَ أَنهَارٍ وَ سَهلٍ وَ قَرَارٍ جَمّ الأَشجَارِ داَنیِ‌َ الثّمَارِ مُلتَفّ البُنَی مُتّصِلَ القُرَی بَینَ بُرّةٍ سَمرَاءَ وَ رَوضَةٍ خَضرَاءَ وَ أَریَافٍ مُحدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغدِقَةٍ وَ رِیَاضٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَکَانَ قَد صَغُرَ قَدرُ الجَزَاءِ عَلَی حَسَبِ ضَعفِ البَلَاءِ وَ لَو کَانَ الإِسَاسُ المَحمُولُ عَلَیهَا وَ الأَحجَارُ المَرفُوعُ بِهَا بَینَ زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ وَ یَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِیَاءٍ
ص 294
لَخَفّفَ ذَلِکَ مُصَارَعَةَ الشّکّ فِی الصّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبلِیسَ عَنِ القُلُوبِ وَ لَنَفَی مُعتَلَجَ الرّیبِ مِنَ النّاسِ وَ لَکِنّ اللّهَ یَختَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنوَاعِ الشّدَائِدِ وَ یَتَعَبّدُهُم بِأَنوَاعِ المَجَاهِدِ وَ یَبتَلِیهِم بِضُرُوبِ المَکَارِهِ إِخرَاجاً لِلتّکَبّرِ مِن قُلُوبِهِم وَ إِسکَاناً لِلتّذَلّلِ فِی نُفُوسِهِم وَ لِیَجعَلَ ذَلِکَ أَبوَاباً فُتُحاً إِلَی فَضلِهِ وَ أَسبَاباً ذُلُلًا لِعَفوِهِ

عود إلی التحذیر

فَاللّهَ اللّهَ فِی عَاجِلِ البغَی‌ِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظّلمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الکِبرِ فَإِنّهَا مَصیَدَةُ إِبلِیسَ العُظمَی وَ مَکِیدَتُهُ الکُبرَی التّیِ تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرّجَالِ مُسَاوَرَةَ السّمُومِ القَاتِلَةِ فَمَا تکُدیِ أَبَداً وَ لَا تشُویِ أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلمِهِ وَ لَا مُقِلّا فِی طِمرِهِ وَ عَن ذَلِکَ مَا حَرَسَ اللّهُ عِبَادَهُ المُؤمِنِینَ بِالصّلَوَاتِ وَ الزّکَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصّیَامِ فِی الأَیّامِ المَفرُوضَاتِ تَسکِیناً لِأَطرَافِهِم وَ تَخشِیعاً لِأَبصَارِهِم وَ تَذلِیلًا لِنُفُوسِهِم وَ تَخفِیضاً لِقُلُوبِهِم وَ إِذهَاباً لِلخُیَلَاءِ عَنهُم وَ لِمَا فِی ذَلِکَ مِن تَعفِیرِ عِتَاقِ الوُجُوهِ بِالتّرَابِ تَوَاضُعاً وَ التِصَاقِ کَرَائِمِ الجَوَارِحِ بِالأَرضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ البُطُونِ بِالمُتُونِ مِنَ الصّیَامِ تَذَلّلًا مَعَ مَا فِی الزّکَاةِ مِن صَرفِ ثَمَرَاتِ الأَرضِ وَ غَیرِ ذَلِکَ إِلَی أَهلِ المَسکَنَةِ وَ الفَقرِ

ص 295

فضائل الفرائض

انظُرُوا إِلَی مَا فِی هَذِهِ الأَفعَالِ مِن قَمعِ نَوَاجِمِ الفَخرِ وَ قَدعِ طَوَالِعِ الکِبرِ وَ لَقَد نَظَرتُ فَمَا وَجَدتُ أَحَداً مِنَ العَالَمِینَ یَتَعَصّبُ لشِیَ‌ءٍ مِنَ الأَشیَاءِ إِلّا عَن عِلّةٍ تَحتَمِلُ تَموِیهَ الجُهَلَاءِ أَو حُجّةٍ تَلِیطُ بِعُقُولِ السّفَهَاءِ غَیرَکُم فَإِنّکُم تَتَعَصّبُونَ لِأَمرٍ مَا یُعرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لَا عِلّةٌ أَمّا إِبلِیسُ فَتَعَصّبَ عَلَی آدَمَ لِأَصلِهِ وَ طَعَنَ عَلَیهِ فِی خِلقَتِهِ فَقَالَ أَنَا ناَریِ‌ّ وَ أَنتَ طیِنیِ‌ّ

عصبیة المال

وَ أَمّا الأَغنِیَاءُ مِن مُترَفَةِ الأُمَمِ فَتَعَصّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النّعَمِ فَقالُوا نَحنُ أَکثَرُ أَموالًا وَ أَولاداً وَ ما نَحنُ بِمُعَذّبِینَ فَإِن کَانَ لَا بُدّ مِنَ العَصَبِیّةِ فَلیَکُن تَعَصّبُکُم لِمَکَارِمِ الخِصَالِ وَ مَحَامِدِ الأَفعَالِ وَ مَحَاسِنِ الأُمُورِ التّیِ تَفَاضَلَت فِیهَا المُجَدَاءُ وَ النّجَدَاءُ مِن بُیُوتَاتِ العَرَبِ وَ یَعَاسِیبِ القَبَائِلِ بِالأَخلَاقِ الرّغِیبَةِ وَ الأَحلَامِ العَظِیمَةِ وَ الأَخطَارِ الجَلِیلَةِ وَ الآثَارِ المَحمُودَةِ فَتَعَصّبُوا لِخِلَالِ الحَمدِ مِنَ الحِفظِ لِلجِوَارِ وَ الوَفَاءِ بِالذّمَامِ وَ الطّاعَةِ لِلبِرّ وَ المَعصِیَةِ لِلکِبرِ وَ الأَخذِ بِالفَضلِ وَ الکَفّ عَنِ البغَی‌ِ وَ الإِعظَامِ لِلقَتلِ وَ الإِنصَافِ لِلخَلقِ وَ الکَظمِ لِلغَیظِ
-قرآن-89-155

ص 296
وَ اجتِنَابِ الفَسَادِ فِی الأَرضِ وَ احذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبلَکُم مِنَ المَثُلَاتِ بِسُوءِ الأَفعَالِ وَ ذَمِیمِ الأَعمَالِ فَتَذَکّرُوا فِی الخَیرِ وَ الشّرّ أَحوَالَهُم وَ احذَرُوا أَن تَکُونُوا أَمثَالَهُم فَإِذَا تَفَکّرتُم فِی تَفَاوُتِ حَالَیهِم فَالزَمُوا کُلّ أَمرٍ لَزِمَتِ العِزّةُ بِهِ شَأنَهُم وَ زَاحَتِ الأَعدَاءُ لَهُ عَنهُم وَ مُدّتِ العَافِیَةُ بِهِ عَلَیهِم وَ انقَادَتِ النّعمَةُ لَهُ مَعَهُم وَ وَصَلَتِ الکَرَامَةُ عَلَیهِ حَبلَهُم مِنَ الِاجتِنَابِ لِلفُرقَةِ وَ اللّزُومِ لِلأُلفَةِ وَ التّحَاضّ عَلَیهَا وَ التوّاَصیِ بِهَا وَ اجتَنِبُوا کُلّ أَمرٍ کَسَرَ فِقرَتَهُم وَ أَوهَنَ مُنّتَهُم مِن تَضَاغُنِ القُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصّدُورِ وَ تَدَابُرِ النّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ الأیَدیِ وَ تَدَبّرُوا أَحوَالَ المَاضِینَ مِنَ المُؤمِنِینَ قَبلَکُم کَیفَ کَانُوا فِی حَالِ التّمحِیصِ وَ البَلَاءِ أَ لَم یَکُونُوا أَثقَلَ الخَلَائِقِ أَعبَاءً وَ أَجهَدَ العِبَادِ بَلَاءً وَ أَضیَقَ أَهلِ الدّنیَا حَالًا اتّخَذَتهُمُ الفَرَاعِنَةُ عَبِیداً فَسَامُوهُم سُوءَ العَذَابِ وَ جَرّعُوهُمُ المُرَارَ فَلَم تَبرَحِ الحَالُ بِهِم فِی ذُلّ الهَلَکَةِ وَ قَهرِ الغَلَبَةِ لَا یَجِدُونَ حِیلَةً فِی امتِنَاعٍ وَ لَا سَبِیلًا إِلَی دِفَاعٍ حَتّی إِذَا رَأَی اللّهُ سُبحَانَهُ جِدّ الصّبرِ مِنهُم عَلَی الأَذَی فِی مَحَبّتِهِ وَ الِاحتِمَالَ لِلمَکرُوهِ مِن خَوفِهِ جَعَلَ لَهُم مِن مَضَایِقِ البَلَاءِ فَرَجاً فَأَبدَلَهُمُ العِزّ مَکَانَ الذّلّ وَ الأَمنَ مَکَانَ الخَوفِ فَصَارُوا مُلُوکاً حُکّاماً وَ أَئِمّةً أَعلَاماً وَ قَد بَلَغَتِ الکَرَامَةُ مِنَ اللّهِ لَهُم
ص 297
مَا لَم تَذهَبِ الآمَالُ إِلَیهِ بِهِم فَانظُرُوا کَیفَ کَانُوا حَیثُ کَانَتِ الأَملَاءُ مُجتَمِعَةً وَ الأَهوَاءُ مُؤتَلِفَةً وَ القُلُوبُ مُعتَدِلَةً وَ الأیَدیِ مُتَرَادِفَةً وَ السّیُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَ البَصَائِرُ نَافِذَةً وَ العَزَائِمُ وَاحِدَةً أَ لَم یَکُونُوا أَربَاباً فِی أَقطَارِ الأَرَضِینَ وَ مُلُوکاً عَلَی رِقَابِ العَالَمِینَ فَانظُرُوا إِلَی مَا صَارُوا إِلَیهِ فِی آخِرِ أُمُورِهِم حِینَ وَقَعَتِ الفُرقَةُ وَ تَشَتّتَتِ الأُلفَةُ وَ اختَلَفَتِ الکَلِمَةُ وَ الأَفئِدَةُ وَ تَشَعّبُوا مُختَلِفِینَ وَ تَفَرّقُوا مُتَحَارِبِینَ وَ قَد خَلَعَ اللّهُ عَنهُم لِبَاسَ کَرَامَتِهِ وَ سَلَبَهُم غَضَارَةَ نِعمَتِهِ وَ بقَیِ‌َ قَصَصُ أَخبَارِهِم فِیکُم عِبَراً لِلمُعتَبِرِینَ

الاعتبار بالأمم

فَاعتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسمَاعِیلَ وَ بنَیِ إِسحَاقَ وَ بنَیِ إِسرَائِیلَ ع فَمَا أَشَدّ اعتِدَالَ الأَحوَالِ وَ أَقرَبَ اشتِبَاهَ الأَمثَالِ تَأَمّلُوا أَمرَهُم فِی حَالِ تَشَتّتِهِم وَ تَفَرّقِهِم لیَاَلیِ‌َ کَانَتِ الأَکَاسِرَةُ وَ القَیَاصِرَةُ أَربَاباً لَهُم یَحتَازُونَهُم عَن رِیفِ الآفَاقِ وَ بَحرِ العِرَاقِ وَ خُضرَةِ الدّنیَا إِلَی مَنَابِتِ الشّیحِ وَ مهَاَفیِ الرّیحِ وَ نَکَدِ المَعَاشِ فَتَرَکُوهُم عَالَةً مَسَاکِینَ إِخوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ أَذَلّ الأُمَمِ دَاراً وَ أَجدَبَهُم قَرَاراً لَا یَأوُونَ إِلَی جَنَاحِ دَعوَةٍ

ص 298
یَعتَصِمُونَ بِهَا وَ لَا إِلَی ظِلّ أُلفَةٍ یَعتَمِدُونَ عَلَی عِزّهَا فَالأَحوَالُ مُضطَرِبَةٌ وَ الأیَدیِ مُختَلِفَةٌ وَ الکَثرَةُ مُتَفَرّقَةٌ فِی بَلَاءِ أَزلٍ وَ أَطبَاقِ جَهلٍ مِن بَنَاتٍ مَوءُودَةٍ وَ أَصنَامٍ مَعبُودَةٍ وَ أَرحَامٍ مَقطُوعَةٍ وَ غَارَاتٍ مَشنُونَةٍ

النعمة برسول اللّه

فَانظُرُوا إِلَی مَوَاقِعِ نِعَمِ اللّهِ عَلَیهِم حِینَ بَعَثَ إِلَیهِم رَسُولًا فَعَقَدَ بِمِلّتِهِ طَاعَتَهُم وَ جَمَعَ عَلَی دَعوَتِهِ أُلفَتَهُم کَیفَ نَشَرَتِ النّعمَةُ عَلَیهِم جَنَاحَ کَرَامَتِهَا وَ أَسَالَت لَهُم جَدَاوِلَ نَعِیمِهَا وَ التَفّتِ المِلّةُ بِهِم فِی عَوَائِدِ بَرَکَتِهَا فَأَصبَحُوا فِی نِعمَتِهَا غَرِقِینَ وَ فِی خُضرَةِ عَیشِهَا فَکِهِینَ قَد تَرَبّعَتِ الأُمُورُ بِهِم فِی ظِلّ سُلطَانٍ قَاهِرٍ وَ آوَتهُمُ الحَالُ إِلَی کَنَفِ عِزّ غَالِبٍ وَ تَعَطّفَتِ الأُمُورُ عَلَیهِم فِی ذُرَی مُلکٍ ثَابِتٍ فَهُم حُکّامٌ عَلَی العَالَمِینَ وَ مُلُوکٌ فِی أَطرَافِ الأَرَضِینَ یَملِکُونَ الأُمُورَ عَلَی مَن کَانَ یَملِکُهَا عَلَیهِم وَ یُمضُونَ الأَحکَامَ فِیمَن کَانَ یُمضِیهَا فِیهِم لَا تُغمَزُ لَهُم قَنَاةٌ وَ لَا تُقرَعُ لَهُم صَفَاةٌ

لوم العصاة

أَلَا وَ إِنّکُم قَد نَفَضتُم أَیدِیَکُم مِن حَبلِ الطّاعَةِ وَ ثَلَمتُم حِصنَ اللّهِ المَضرُوبَ عَلَیکُم بِأَحکَامِ الجَاهِلِیّةِ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ قَدِ امتَنّ

ص 299
عَلَی جَمَاعَةِ هَذِهِ الأُمّةِ فِیمَا عَقَدَ بَینَهُم مِن حَبلِ هَذِهِ الأُلفَةِ التّیِ یَنتَقِلُونَ فِی ظِلّهَا وَ یَأوُونَ إِلَی کَنَفِهَا بِنِعمَةٍ لَا یَعرِفُ أَحَدٌ مِنَ المَخلُوقِینَ لَهَا قِیمَةً لِأَنّهَا أَرجَحُ مِن کُلّ ثَمَنٍ وَ أَجَلّ مِن کُلّ خَطَرٍ وَ اعلَمُوا أَنّکُم صِرتُم بَعدَ الهِجرَةِ أَعرَاباً وَ بَعدَ المُوَالَاةِ أَحزَاباً مَا تَتَعَلّقُونَ مِنَ الإِسلَامِ إِلّا بِاسمِهِ وَ لَا تَعرِفُونَ مِنَ الإِیمَانِ إِلّا رَسمَهُ تَقُولُونَ النّارَ وَ لَا العَارَ کَأَنّکُم تُرِیدُونَ أَن تُکفِئُوا الإِسلَامَ عَلَی وَجهِهِ انتِهَاکاً لِحَرِیمِهِ وَ نَقضاً لِمِیثَاقِهِ ألّذِی وَضَعَهُ اللّهُ لَکُم حَرَماً فِی أَرضِهِ وَ أَمناً بَینَ خَلقِهِ وَ إِنّکُم إِن لَجَأتُم إِلَی غَیرِهِ حَارَبَکُم أَهلُ الکُفرِ ثُمّ لَا جَبرَائِیلُ وَ لَا مِیکَائِیلُ وَ لَا مُهَاجِرُونَ وَ لَا أَنصَارٌ یَنصُرُونَکُم إِلّا المُقَارَعَةَ بِالسّیفِ حَتّی یَحکُمَ اللّهُ بَینَکُم وَ إِنّ عِندَکُمُ الأَمثَالَ مِن بَأسِ اللّهِ وَ قَوَارِعِهِ وَ أَیّامِهِ وَ وَقَائِعِهِ فَلَا تَستَبطِئُوا وَعِیدَهُ جَهلًا بِأَخذِهِ وَ تَهَاوُناً بِبَطشِهِ وَ یَأساً مِن بَأسِهِ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَم یَلعَنِ القَرنَ الماَضیِ‌َ بَینَ أَیدِیکُم إِلّا لِتَرکِهِمُ الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَ النهّی‌َ عَنِ المُنکَرِ فَلَعَنَ اللّهُ السّفَهَاءَ لِرُکُوبِ المعَاَصیِ وَ الحُلَمَاءَ لِتَرکِ التنّاَهیِ أَلَا وَ قَد قَطَعتُم قَیدَ الإِسلَامِ وَ عَطّلتُم حُدُودَهُ وَ أَمَتّم أَحکَامَهُ أَلَا وَ قَد أمَرَنَیِ‌َ اللّهُ بِقِتَالِ أَهلِ البغَی‌ِ وَ النّکثِ وَ الفَسَادِ فِی الأَرضِ

ص 300
فَأَمّا النّاکِثُونَ فَقَد قَاتَلتُ وَ أَمّا القَاسِطُونَ فَقَد جَاهَدتُ وَ أَمّا المَارِقَةُ فَقَد دَوّختُ وَ أَمّا شَیطَانُ الرّدهَةِ فَقَد کُفِیتُهُ بِصَعقَةٍ سُمِعَت لَهَا وَجبَةُ قَلبِهِ وَ رَجّةُ صَدرِهِ وَ بَقِیَت بَقِیّةٌ مِن أَهلِ البغَی‌ِ وَ لَئِن أَذِنَ اللّهُ فِی الکَرّةِ عَلَیهِم لَأُدِیلَنّ مِنهُم إِلّا مَا یَتَشَذّرُ فِی أَطرَافِ البِلَادِ تَشَذّراً

فضل الوحی‌

أَنَا وَضَعتُ فِی الصّغَرِ بِکَلَاکِلِ العَرَبِ وَ کَسَرتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَد عَلِمتُم موَضعِیِ مِن رَسُولِ اللّهِص بِالقَرَابَةِ القَرِیبَةِ وَ المَنزِلَةِ الخَصِیصَةِ وضَعَنَیِ فِی حِجرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ یضَمُنّیِ إِلَی صَدرِهِ وَ یکَنفُنُیِ فِی فِرَاشِهِ وَ یمُسِنّیِ جَسَدَهُ وَ یشُمِنّیِ عَرفَهُ وَ کَانَ یَمضَغُ الشیّ‌ءَ ثُمّ یُلقِمُنِیهِ وَ مَا وَجَدَ لِی کَذبَةً فِی قَولٍ وَ لَا خَطلَةً فِی فِعلٍ وَ لَقَد قَرَنَ اللّهُ بِهِص مِن لَدُن أَن کَانَ فَطِیماً أَعظَمَ مَلَکٍ مِن مَلَائِکَتِهِ یَسلُکُ بِهِ طَرِیقَ المَکَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخلَاقِ العَالَمِ لَیلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَد کُنتُ أَتّبِعُهُ اتّبَاعَ الفَصِیلِ أَثَرَ أُمّهِ یَرفَعُ لِی فِی کُلّ یَومٍ مِن أَخلَاقِهِ عَلَماً وَ یأَمرُنُیِ بِالِاقتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَد کَانَ یُجَاوِرُ فِی کُلّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا یَرَاهُ غیَریِ وَ لَم یَجمَع بَیتٌ وَاحِدٌ یَومَئِذٍ

ص 301
فِی الإِسلَامِ غَیرَ رَسُولِ اللّهِص وَ خَدِیجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَی نُورَ الوحَی‌ِ وَ الرّسَالَةِ وَ أَشُمّ رِیحَ النّبُوّةِ وَ لَقَد سَمِعتُ رَنّةَ الشّیطَانِ حِینَ نَزَلَ الوحَی‌ُ عَلَیهِص فَقُلتُ یَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذِهِ الرّنّةُ فَقَالَ هَذَا الشّیطَانُ قَد أَیِسَ مِن عِبَادَتِهِ إِنّکَ تَسمَعُ مَا أَسمَعُ وَ تَرَی مَا أَرَی إِلّا أَنّکَ لَستَ بنِبَیِ‌ّ وَ لَکِنّکَ لَوَزِیرٌ وَ إِنّکَ لَعَلَی خَیرٍ وَ لَقَد کُنتُ مَعَهُص لَمّا أَتَاهُ المَلَأُ مِن قُرَیشٍ فَقَالُوا لَهُ یَا مُحَمّدُ إِنّکَ قَدِ ادّعَیتَ عَظِیماً لَم یَدّعِهِ آبَاؤُکَ وَ لَا أَحَدٌ مِن بَیتِکَ وَ نَحنُ نَسأَلُکَ أَمراً إِن أَنتَ أَجَبتَنَا إِلَیهِ وَ أَرَیتَنَاهُ عَلِمنَا أَنّکَ نبَیِ‌ّ وَ رَسُولٌ وَ إِن لَم تَفعَل عَلِمنَا أَنّکَ سَاحِرٌ کَذّابٌ فَقَالَص وَ مَا تَسأَلُونَ قَالُوا تَدعُو لَنَا هَذِهِ الشّجَرَةَ حَتّی تَنقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَینَ یَدَیکَ فَقَالَص إِنّ اللّهَ عَلی کُلّ شَیءٍ قَدِیرٌ فَإِن فَعَلَ اللّهُ لَکُم ذَلِکَ أَ تُؤمِنُونَ وَ تَشهَدُونَ بِالحَقّ قَالُوا نَعَم قَالَ فإَنِیّ سَأُرِیکُم مَا تَطلُبُونَ وَ إنِیّ لَأَعلَمُ أَنّکُم لَا تَفِیئُونَ إِلَی خَیرٍ وَ إِنّ فِیکُم مَن یُطرَحُ فِی القَلِیبِ وَ مَن یُحَزّبُ الأَحزَابَ ثُمّ قَالَص یَا أَیّتُهَا الشّجَرَةُ إِن کُنتِ تُؤمِنِینَ بِاللّهِ وَ الیَومِ الآخِرِ وَ تَعلَمِینَ أنَیّ رَسُولُ اللّهِ فاَنقلَعِیِ بِعُرُوقِکِ حَتّی تقَفِیِ بَینَ یدَیَ‌ّ بِإِذنِ اللّهِ فوَاَلذّیِ بَعَثَهُ بِالحَقّ لَانقَلَعَت
-قرآن-878-912

ص 302
بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَت وَ لَهَا دوَیِ‌ّ شَدِیدٌ وَ قَصفٌ کَقَصفِ أَجنِحَةِ الطّیرِ حَتّی وَقَفَت بَینَ یدَیَ رَسُولِ اللّهِص مُرَفرِفَةً وَ أَلقَت بِغُصنِهَا الأَعلَی عَلَی رَسُولِ اللّهِص وَ بِبَعضِ أَغصَانِهَا عَلَی منَکبِیِ وَ کُنتُ عَن یَمِینِهِص فَلَمّا نَظَرَ القَومُ إِلَی ذَلِکَ قَالُوا عُلُوّاً وَ استِکبَاراً فَمُرهَا فَلیَأتِکَ نِصفُهَا وَ یَبقَی نِصفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِکَ فَأَقبَلَ إِلَیهِ نِصفُهَا کَأَعجَبِ إِقبَالٍ وَ أَشَدّهِ دَوِیّاً فَکَادَت تَلتَفّ بِرَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا کُفراً وَ عُتُوّاً فَمُر هَذَا النّصفَ فَلیَرجِع إِلَی نِصفِهِ کَمَا کَانَ فَأَمَرَهُص فَرَجَعَ فَقُلتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ إنِیّ أَوّلُ مُؤمِنٍ بِکَ یَا رَسُولَ اللّهِ وَ أَوّلُ مَن أَقَرّ بِأَنّ الشّجَرَةَ فَعَلَت مَا فَعَلَت بِأَمرِ اللّهِ تَعَالَی تَصدِیقاً بِنُبُوّتِکَ وَ إِجلَالًا لِکَلِمَتِکَ فَقَالَ القَومُ کُلّهُم بَلساحِرٌ کَذّابٌعَجِیبُ السّحرِ خَفِیفٌ فِیهِ وَ هَل یُصَدّقُکَ فِی أَمرِکَ إِلّا مِثلُ هَذَا یعَنوُننَیِ وَ إنِیّ لَمِن قَومٍ لَا تَأخُذُهُم فِی اللّهِ لَومَةُ لَائِمٍ سِیمَاهُم سِیمَا الصّدّیقِینَ وَ کَلَامُهُم کَلَامُ الأَبرَارِ عُمّارُ اللّیلِ وَ مَنَارُ النّهَارِ مُتَمَسّکُونَ بِحَبلِ القُرآنِ یُحیُونَ سُنَنَ اللّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ لَا یَستَکبِرُونَ وَ لَا یَعلُونَ وَ لَا یَغُلّونَ وَ لَا یُفسِدُونَ قُلُوبُهُم فِی الجِنَانِ وَ أَجسَادُهُم فِی العَمَلِ
-قرآن-849-862
ص 303

193- و من خطبة له ع یصف فیهاالمتقین

روُیِ‌َ أَنّ صَاحِباً لِأَمِیرِ المُؤمِنِینَ ع یُقَالُ لَهُ هَمّامٌ کَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ صِف لِیَ المُتّقِینَ حَتّی کأَنَیّ أَنظُرُ إِلَیهِم فَتَثَاقَلَ ع عَن جَوَابِهِ ثُمّ قَالَ یَا هَمّامُ اتّقِ اللّهَ وَ أَحسِن فَإِنّ اللّهَ مَعَ الّذِینَ اتّقَوا وَ الّذِینَ هُم مُحسِنُونَفَلَم یَقنَع هَمّامٌ بِهَذَا القَولِ حَتّی عَزَمَ عَلَیهِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَی عَلَیهِ وَ صَلّی عَلَی النّبِیّص ثُمّ قَالَ ع
-قرآن-260-319
أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی خَلَقَ الخَلقَ حِینَ خَلَقَهُم غَنِیّاً عَن طَاعَتِهِم آمِناً مِن مَعصِیَتِهِم لِأَنّهُ لَا تَضُرّهُ مَعصِیَةُ مَن عَصَاهُ وَ لَا تَنفَعُهُ طَاعَةُ مَن أَطَاعَهُ فَقَسَمَ بَینَهُم مَعَایِشَهُم وَ وَضَعَهُم مِنَ الدّنیَا مَوَاضِعَهُم فَالمُتّقُونَ فِیهَا هُم أَهلُ الفَضَائِلِ مَنطِقُهُمُ الصّوَابُ وَ مَلبَسُهُمُ الِاقتِصَادُ وَ مَشیُهُمُ التّوَاضُعُ غَضّوا أَبصَارَهُم عَمّا حَرّمَ اللّهُ عَلَیهِم وَ وَقَفُوا أَسمَاعَهُم عَلَی العِلمِ النّافِعِ لَهُم نُزّلَت أَنفُسُهُم مِنهُم فِی البَلَاءِ کاَلتّیِ نُزّلَت فِی الرّخَاءِ وَ لَو لَا الأَجَلُ ألّذِی کَتَبَ اللّهُ عَلَیهِم لَم تَستَقِرّ أَروَاحُهُم فِی أَجسَادِهِم طَرفَةَ عَینٍ شَوقاً إِلَی الثّوَابِ وَ خَوفاً مِنَ العِقَابِ عَظُمَ الخَالِقُ فِی أَنفُسِهِم فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِی أَعیُنِهِم فَهُم وَ الجَنّةُ کَمَن قَد رَآهَا فَهُم فِیهَا مُنَعّمُونَ وَ هُم وَ النّارُ کَمَن قَد رَآهَا فَهُم فِیهَا مُعَذّبُونَ قُلُوبُهُم مَحزُونَةٌ وَ شُرُورُهُم مَأمُونَةٌ وَ أَجسَادُهُم نَحِیفَةٌ وَ حَاجَاتُهُم

ص 304
خَفِیفَةٌ وَ أَنفُسُهُم عَفِیفَةٌ صَبَرُوا أَیّاماً قَصِیرَةً أَعقَبَتهُم رَاحَةً طَوِیلَةً تِجَارَةٌ مُربِحَةٌ یَسّرَهَا لَهُم رَبّهُم أَرَادَتهُمُ الدّنیَا فَلَم یُرِیدُوهَا وَ أَسَرَتهُم فَفَدَوا أَنفُسَهُم مِنهَا أَمّا اللّیلَ فَصَافّونَ أَقدَامَهُم تَالِینَ لِأَجزَاءِ القُرآنِ یُرَتّلُونَهَا تَرتِیلًا یُحَزّنُونَ بِهِ أَنفُسَهُم وَ یَستَثِیرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِم فَإِذَا مَرّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَشوِیقٌ رَکَنُوا إِلَیهَا طَمَعاً وَ تَطَلّعَت نُفُوسُهُم إِلَیهَا شَوقاً وَ ظَنّوا أَنّهَا نُصبَ أَعیُنِهِم وَ إِذَا مَرّوا بِآیَةٍ فِیهَا تَخوِیفٌ أَصغَوا إِلَیهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِم وَ ظَنّوا أَنّ زَفِیرَ جَهَنّمَ وَ شَهِیقَهَا فِی أُصُولِ آذَانِهِم فَهُم حَانُونَ عَلَی أَوسَاطِهِم مُفتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِم وَ أَکُفّهِم وَ رُکَبِهِم وَ أَطرَافِ أَقدَامِهِم یَطلُبُونَ إِلَی اللّهِ تَعَالَی فِی فَکَاکِ رِقَابِهِم وَ أَمّا النّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبرَارٌ أَتقِیَاءُ قَد بَرَاهُمُ الخَوفُ برَی‌َ القِدَاحِ یَنظُرُ إِلَیهِمُ النّاظِرُ فَیَحسَبُهُم مَرضَی وَ مَا بِالقَومِ مِن مَرَضٍ وَ یَقُولُ لَقَد خُولِطُوا وَ لَقَد خَالَطَهُم أَمرٌ عَظِیمٌ لَا یَرضَونَ مِن أَعمَالِهِمُ القَلِیلَ وَ لَا یَستَکثِرُونَ الکَثِیرَ فَهُم لِأَنفُسِهِم مُتّهِمُونَ وَ مِن أَعمَالِهِم مُشفِقُونَ إِذَا زکُیّ‌َ أَحَدٌ مِنهُم خَافَ مِمّا یُقَالُ لَهُ فَیَقُولُ أَنَا أَعلَمُ بنِفَسیِ مِن غیَریِ وَ ربَیّ أَعلَمُ بیِ منِیّ بنِفَسیِ أللّهُمّ لَا
ص 305
تؤُاَخذِنیِ بِمَا یَقُولُونَ وَ اجعلَنیِ أَفضَلَ مِمّا یَظُنّونَ وَ اغفِر لِی مَا لَا یَعلَمُونَ فَمِن عَلَامَةِ أَحَدِهِم أَنّکَ تَرَی لَهُ قُوّةً فِی دِینٍ وَ حَزماً فِی لِینٍ وَ إِیمَاناً فِی یَقِینٍ وَ حِرصاً فِی عِلمٍ وَ عِلماً فِی حِلمٍ وَ قَصداً فِی غِنًی وَ خُشُوعاً فِی عِبَادَةٍ وَ تَجَمّلًا فِی فَاقَةٍ وَ صَبراً فِی شِدّةٍ وَ طَلَباً فِی حَلَالٍ وَ نَشَاطاً فِی هُدًی وَ تَحَرّجاً عَن طَمَعٍ یَعمَلُ الأَعمَالَ الصّالِحَةَ وَ هُوَ عَلَی وَجَلٍ یمُسیِ وَ هَمّهُ الشّکرُ وَ یُصبِحُ وَ هَمّهُ الذّکرُ یَبِیتُ حَذِراً وَ یُصبِحُ فَرِحاً حَذِراً لِمَا حُذّرَ مِنَ الغَفلَةِ وَ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الفَضلِ وَ الرّحمَةِ إِنِ استَصعَبَت عَلَیهِ نَفسُهُ فِیمَا تَکرَهُ لَم یُعطِهَا سُؤلَهَا فِیمَا تُحِبّ قُرّةُ عَینِهِ فِیمَا لَا یَزُولُ وَ زَهَادَتُهُ فِیمَا لَا یَبقَی یَمزُجُ الحِلمَ بِالعِلمِ وَ القَولَ بِالعَمَلِ تَرَاهُ قَرِیباً أَمَلُهُ قَلِیلًا زَلَلُهُ خَاشِعاً قَلبُهُ قَانِعَةً نَفسُهُ مَنزُوراً أَکلُهُ سَهلًا أَمرُهُ حَرِیزاً دِینُهُ مَیّتَةً شَهوَتُهُ مَکظُوماً غَیظُهُ الخَیرُ مِنهُ مَأمُولٌ وَ الشّرّ مِنهُ مَأمُونٌ إِن کَانَ فِی الغَافِلِینَ کُتِبَ فِی الذّاکِرِینَ وَ إِن کَانَ فِی الذّاکِرِینَ لَم یُکتَب مِنَ الغَافِلِینَ یَعفُو عَمّن ظَلَمَهُ وَ یعُطیِ مَن حَرَمَهُ وَ یَصِلُ مَن قَطَعَهُ بَعِیداً فُحشُهُ لَیّناً قَولُهُ غَائِباً مُنکَرُهُ حَاضِراً مَعرُوفُهُ
ص 306
مُقبِلًا خَیرُهُ مُدبِراً شَرّهُ فِی الزّلَازِلِ وَقُورٌ وَ فِی المَکَارِهِ صَبُورٌ وَ فِی الرّخَاءِ شَکُورٌ لَا یَحِیفُ عَلَی مَن یُبغِضُ وَ لَا یَأثَمُ فِیمَن یُحِبّ یَعتَرِفُ بِالحَقّ قَبلَ أَن یُشهَدَ عَلَیهِ لَا یُضِیعُ مَا استُحفِظَ وَ لَا یَنسَی مَا ذُکّرَ وَ لَا یُنَابِزُ بِالأَلقَابِ وَ لَا یُضَارّ بِالجَارِ وَ لَا یَشمَتُ بِالمَصَائِبِ وَ لَا یَدخُلُ فِی البَاطِلِ وَ لَا یَخرُجُ مِنَ الحَقّ إِن صَمَتَ لَم یَغُمّهُ صَمتُهُ وَ إِن ضَحِکَ لَم یَعلُ صَوتُهُ وَ إِن بغُیِ‌َ عَلَیهِ صَبَرَ حَتّی یَکُونَ اللّهُ هُوَ ألّذِی یَنتَقِمُ لَهُ نَفسُهُ مِنهُ فِی عَنَاءٍ وَ النّاسُ مِنهُ فِی رَاحَةٍ أَتعَبَ نَفسَهُ لِآخِرَتِهِ وَ أَرَاحَ النّاسَ مِن نَفسِهِ بُعدُهُ عَمّن تَبَاعَدَ عَنهُ زُهدٌ وَ نَزَاهَةٌ وَ دُنُوّهُ مِمّن دَنَا مِنهُ لِینٌ وَ رَحمَةٌ لَیسَ تَبَاعُدُهُ بِکِبرٍ وَ عَظَمَةٍ وَ لَا دُنُوّهُ بِمَکرٍ وَ خَدِیعَةٍ
قَالَ فَصَعِقَ هَمّامٌ صَعقَةً کَانَت نَفسُهُ فِیهَا فَقَالَ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ ع
أَمَا وَ اللّهِ لَقَد کُنتُ أَخَافُهَا عَلَیهِ ثُمّ قَالَ أَ هَکَذَا تَصنَعُ المَوَاعِظُ البَالِغَةُ بِأَهلِهَا فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ فَمَا بَالُکَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ فَقَالَ ع وَیحَکَ إِنّ لِکُلّ أَجَلٍ وَقتاً لَا یَعدُوهُ وَ سَبَباً لَا یَتَجَاوَزُهُ فَمَهلًا لَا تَعُد لِمِثلِهَا فَإِنّمَا نَفَثَ الشّیطَانُ عَلَی لِسَانِکَ
ص 307

194- و من خطبة له ع یصف فیهاالمنافقین

نَحمَدُهُ عَلَی مَا وَفّقَ لَهُ مِنَ الطّاعَةِ وَ ذَادَ عَنهُ مِنَ المَعصِیَةِ وَ نَسأَلُهُ لِمِنّتِهِ تَمَاماً وَ بِحَبلِهِ اعتِصَاماً وَ نَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاضَ إِلَی رِضوَانِ اللّهِ کُلّ غَمرَةٍ وَ تَجَرّعَ فِیهِ کُلّ غُصّةٍ وَ قَد تَلَوّنَ لَهُ الأَدنَونَ وَ تَأَلّبَ عَلَیهِ الأَقصَونَ وَ خَلَعَت إِلَیهِ العَرَبُ أَعِنّتَهَا وَ ضَرَبَت إِلَی مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا حَتّی أَنزَلَت بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا مِن أَبعَدِ الدّارِ وَ أَسحَقِ المَزَارِ أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ وَ أُحَذّرُکُم أَهلَ النّفَاقِ فَإِنّهُمُ الضّالّونَ المُضِلّونَ وَ الزّالّونَ المُزِلّونَ یَتَلَوّنُونَ أَلوَاناً وَ یَفتَنّونَ افتِنَاناً وَ یَعمِدُونَکُم بِکُلّ عِمَادٍ وَ یَرصُدُونَکُم بِکُلّ مِرصَادٍ قُلُوبُهُم دَوِیّةٌ وَ صِفَاحُهُم نَقِیّةٌ یَمشُونَ الخَفَاءَ وَ یَدِبّونَ الضّرَاءَ وَصفُهُم دَوَاءٌ وَ قَولُهُم شِفَاءٌ وَ فِعلُهُمُ الدّاءُ العَیَاءُ حَسَدَةُ الرّخَاءِ وَ مُؤَکّدُو البَلَاءِ وَ مُقنِطُو الرّجَاءِ لَهُم بِکُلّ طَرِیقٍ صَرِیعٌ وَ إِلَی کُلّ قَلبٍ شَفِیعٌ وَ لِکُلّ شَجوٍ دُمُوعٌ یَتَقَارَضُونَ الثّنَاءَ وَ یَتَرَاقَبُونَ الجَزَاءَ إِن سَأَلُوا أَلحَفُوا وَ إِن عَذَلُوا کَشَفُوا

ص 308
وَ إِن حَکَمُوا أَسرَفُوا قَد أَعَدّوا لِکُلّ حَقّ بَاطِلًا وَ لِکُلّ قَائِمٍ مَائِلًا وَ لِکُلّ حیَ‌ّ قَاتِلًا وَ لِکُلّ بَابٍ مِفتَاحاً وَ لِکُلّ لَیلٍ مِصبَاحاً یَتَوَصّلُونَ إِلَی الطّمَعِ بِالیَأسِ لِیُقِیمُوا بِهِ أَسوَاقَهُم وَ یُنفِقُوا بِهِ أَعلَاقَهُم یَقُولُونَ فَیُشَبّهُونَ وَ یَصِفُونَ فَیُمَوّهُونَ قَد هَوّنُوا الطّرِیقَ وَ أَضلَعُوا المَضِیقَ فَهُم لُمَةُ الشّیطَانِ وَ حُمَةُ النّیرَانِأُولئِکَ حِزبُ الشّیطانِ أَلا إِنّ حِزبَ الشّیطانِ هُمُ الخاسِرُونَ
-قرآن-405-471

195- و من خطبة له ع یحمد اللّه ویثنی علی نبیه ویعظ

حمد اللّه

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی أَظهَرَ مِن آثَارِ سُلطَانِهِ وَ جَلَالِ کِبرِیَائِهِ مَا حَیّرَ مُقَلَ العُقُولِ مِن عَجَائِبِ قُدرَتِهِ وَ رَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ النّفُوسِ عَن عِرفَانِ کُنهِ صِفَتِهِ

الشهادتان

وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ شَهَادَةَ إِیمَانٍ وَ إِیقَانٍ وَ إِخلَاصٍ وَ إِذعَانٍ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرسَلَهُ وَ أَعلَامُ الهُدَی دَارِسَةٌ وَ مَنَاهِجُ الدّینِ طَامِسَةٌ فَصَدَعَ بِالحَقّ وَ نَصَحَ لِلخَلقِ

ص 309
وَ هَدَی إِلَی الرّشدِ وَ أَمَرَ بِالقَصدِ صَلّی اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ

العظة

وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّهُ لَم یَخلُقکُم عَبَثاً وَ لَم یُرسِلکُم هَمَلًا عَلِمَ مَبلَغَ نِعَمِهِ عَلَیکُم وَ أَحصَی إِحسَانَهُ إِلَیکُم فَاستَفتِحُوهُ وَ استَنجِحُوهُ وَ اطلُبُوا إِلَیهِ وَ استَمنِحُوهُ فَمَا قَطَعَکُم عَنهُ حِجَابٌ وَ لَا أُغلِقَ عَنکُم دُونَهُ بَابٌ وَ إِنّهُ لَبِکُلّ مَکَانٍ وَ فِی کُلّ حِینٍ وَ أَوَانٍ وَ مَعَ کُلّ إِنسٍ وَ جَانّ لَا یَثلِمُهُ العَطَاءُ وَ لَا یَنقُصُهُ الحِبَاءُ وَ لَا یَستَنفِدُهُ سَائِلٌ وَ لَا یَستَقصِیهِ نَائِلٌ وَ لَا یَلوِیهِ شَخصٌ عَن شَخصٍ وَ لَا یُلهِیهِ صَوتٌ عَن صَوتٍ وَ لَا تَحجُزُهُ هِبَةٌ عَن سَلبٍ وَ لَا یَشغَلُهُ غَضَبٌ عَن رَحمَةٍ وَ لَا تُولِهُهُ رَحمَةٌ عَن عِقَابٍ وَ لَا یُجِنّهُ البُطُونُ عَنِ الظّهُورِ وَ لَا یَقطَعُهُ الظّهُورُ عَنِ البُطُونِ قَرُبَ فَنَأَی وَ عَلَا فَدَنَا وَ ظَهَرَ فَبَطَنَ وَ بَطَنَ فَعَلَنَ وَ دَانَ وَ لَم یُدَن لَم یَذرَأِ الخَلقَ بِاحتِیَالٍ وَ لَا استَعَانَ بِهِم لِکَلَالٍ أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ فَإِنّهَا الزّمَامُ وَ القِوَامُ فَتَمَسّکُوا بِوَثَائِقِهَا وَ اعتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُل بِکُم إِلَی أَکنَانِ الدّعَةِ وَ أَوطَانِ السّعَةِ وَ مَعَاقِلِ الحِرزِ وَ مَنَازِلِ العِزّ فِی

ص 310
یَومٍ تَشخَصُ فِیهِ الأَبصَارُ وَ تُظلِمُ لَهُ الأَقطَارُ وَ تُعَطّلُ فِیهِ صُرُومُ العِشَارِ وَ یُنفَخُ فِی الصّورِ فَتَزهَقُ کُلّ مُهجَةٍ وَ تَبکَمُ کُلّ لَهجَةٍ وَ تَذِلّ الشّمّ الشّوَامِخُ وَ الصّمّ الرّوَاسِخُ فَیَصِیرُ صَلدُهَا سَرَاباً رَقرَقاً وَ مَعهَدُهَا قَاعاً سَملَقاً فَلَا شَفِیعٌ یَشفَعُ وَ لَا حَمِیمٌ یَنفَعُ وَ لَا مَعذِرَةٌ تَدفَعُ

196- و من خطبة له ع

بعثة النبی

بَعَثَهُ حِینَ لَا عَلَمٌ قَائِمٌ وَ لَا مَنَارٌ سَاطِعٌ وَ لَا مَنهَجٌ وَاضِحٌ

العظة بالزهد

أُوصِیکُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَی اللّهِ وَ أُحَذّرُکُمُ الدّنیَا فَإِنّهَا دَارُ شُخُوصٍ وَ مَحَلّةُ تَنغِیصٍ سَاکِنُهَا ظَاعِنٌ وَ قَاطِنُهَا بَائِنٌ تَمِیدُ بِأَهلِهَا مَیَدَانَ السّفِینَةِ تَقصِفُهَا العَوَاصِفُ فِی لُجَجِ البِحَارِ فَمِنهُمُ الغَرِقُ الوَبِقُ وَ مِنهُمُ الناّجیِ عَلَی بُطُونِ الأَموَاجِ تَحفِزُهُ الرّیَاحُ بِأَذیَالِهَا وَ تَحمِلُهُ عَلَی أَهوَالِهَا فَمَا غَرِقَ مِنهَا فَلَیسَ بِمُستَدرَکٍ وَ مَا نَجَا مِنهَا فَإِلَی مَهلَکٍ

ص 311
عِبَادَ اللّهِ الآنَ فَاعلَمُوا وَ الأَلسُنُ مُطلَقَةٌ وَ الأَبدَانُ صَحِیحَةٌ وَ الأَعضَاءُ لَدنَةٌ وَ المُنقَلَبُ فَسِیحٌ وَ المَجَالُ عَرِیضٌ قَبلَ إِرهَاقِ الفَوتِ وَ حُلُولِ المَوتِ فَحَقّقُوا عَلَیکُم نُزُولَهُ وَ لَا تَنتَظِرُوا قُدُومَهُ

197- و من کلام له ع ینبه فیه علی فضیلته لقبول قوله وأمره ونهیه

وَ لَقَد عَلِمَ المُستَحفَظُونَ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍص أنَیّ لَم أَرُدّ عَلَی اللّهِ وَ لَا عَلَی رَسُولِهِ سَاعَةً قَطّ وَ لَقَد وَاسَیتُهُ بنِفَسیِ فِی المَوَاطِنِ التّیِ تَنکُصُ فِیهَا الأَبطَالُ وَ تَتَأَخّرُ فِیهَا الأَقدَامُ نَجدَةً أکَرمَنَیِ اللّهُ بِهَا وَ لَقَد قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص وَ إِنّ رَأسَهُ لَعَلَی صدَریِ وَ لَقَد سَالَت نَفسُهُ فِی کفَیّ فَأَمرَرتُهَا عَلَی وجَهیِ وَ لَقَد وُلّیتُ غُسلَهُص وَ المَلَائِکَةُ أعَواَنیِ فَضَجّتِ الدّارُ وَ الأَفنِیَةُ مَلَأٌ یَهبِطُ وَ مَلَأٌ یَعرُجُ وَ مَا فَارَقَت سمَعیِ هَینَمَةٌ مِنهُم یُصَلّونَ عَلَیهِ حَتّی وَارَینَاهُ فِی ضَرِیحِهِ فَمَن ذَا أَحَقّ بِهِ منِیّ حَیّاً وَ مَیّتاً فَانفُذُوا عَلَی بَصَائِرِکُم وَ لتَصدُق

ص 312
نِیّاتُکُم فِی جِهَادِ عَدُوّکُم فوَاَلذّیِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ إنِیّ لَعَلَی جَادّةِ الحَقّ وَ إِنّهُم لَعَلَی مَزَلّةِ البَاطِلِ أَقُولُ مَا تَسمَعُونَ وَ أَستَغفِرُ اللّهَ لِی وَ لَکُم

198- و من خطبة له ع ینبه علی إحاطة علم اللّه بالجزئیات ، ثم یحث علی التقوی ، ویبین فضل الإسلام والقرآن

اشاره

یَعلَمُ عَجِیجَ الوُحُوشِ فِی الفَلَوَاتِ وَ معَاَصیِ‌َ العِبَادِ فِی الخَلَوَاتِ وَ اختِلَافَ النّینَانِ فِی البِحَارِ الغَامِرَاتِ وَ تَلَاطُمَ المَاءِ بِالرّیَاحِ العَاصِفَاتِ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً نَجِیبُ اللّهِ وَ سَفِیرُ وَحیِهِ وَ رَسُولُ رَحمَتِهِ

الوصیة بالتقوی

أَمّا بَعدُ فإَنِیّ أُوصِیکُم بِتَقوَی اللّهِ ألّذِی ابتَدَأَ خَلقَکُم وَ إِلَیهِ یَکُونُ مَعَادُکُم وَ بِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِکُم وَ إِلَیهِ مُنتَهَی رَغبَتِکُم وَ نَحوَهُ قَصدُ سَبِیلِکُم وَ إِلَیهِ مرَاَمیِ مَفزَعِکُم فَإِنّ تَقوَی اللّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِکُم وَ بَصَرُ عَمَی أَفئِدَتِکُم وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجسَادِکُم وَ صَلَاحُ فَسَادِ صُدُورِکُم وَ طُهُورُ دَنَسِ أَنفُسِکُم وَ جِلَاءُ عَشَا أَبصَارِکُم

ص 313
وَ أَمنُ فَزَعِ جَأشِکُم وَ ضِیَاءُ سَوَادِ ظُلمَتِکُم فَاجعَلُوا طَاعَةَ اللّهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِکُم وَ دَخِیلًا دُونَ شِعَارِکُم وَ لَطِیفاً بَینَ أَضلَاعِکُم وَ أَمِیراً فَوقَ أُمُورِکُم وَ مَنهَلًا لِحِینِ وُرُودِکُم وَ شَفِیعاً لِدَرَکِ طَلِبَتِکُم وَ جُنّةً لِیَومِ فَزَعِکُم وَ مَصَابِیحَ لِبُطُونِ قُبُورِکُم وَ سَکَناً لِطُولِ وَحشَتِکُم وَ نَفَساً لِکَربِ مَوَاطِنِکُم فَإِنّ طَاعَةَ اللّهِ حِرزٌ مِن مَتَالِفَ مُکتَنِفَةٍ وَ مَخَاوِفَ مُتَوَقّعَةٍ وَ أُوَارِ نِیرَانٍ مُوقَدَةٍ فَمَن أَخَذَ بِالتّقوَی عَزَبَت عَنهُ الشّدَائِدُ بَعدَ دُنُوّهَا وَ احلَولَت لَهُ الأُمُورُ بَعدَ مَرَارَتِهَا وَ انفَرَجَت عَنهُ الأَموَاجُ بَعدَ تَرَاکُمِهَا وَ أَسهَلَت لَهُ الصّعَابُ بَعدَ إِنصَابِهَا وَ هَطَلَت عَلَیهِ الکَرَامَةُ بَعدَ قُحُوطِهَا. وَ تَحَدّبَت عَلَیهِ الرّحمَةُ بَعدَ نُفُورِهَا وَ تَفَجّرَت عَلَیهِ النّعَمُ بَعدَ نُضُوبِهَا وَ وَبَلَت عَلَیهِ البَرَکَةُ بَعدَ إِرذَاذِهَا فَاتّقُوا اللّهَ ألّذِی نَفَعَکُم بِمَوعِظَتِهِ وَ وَعَظَکُم بِرِسَالَتِهِ وَ امتَنّ عَلَیکُم بِنِعمَتِهِ فَعَبّدُوا أَنفُسَکُم لِعِبَادَتِهِ وَ اخرُجُوا إِلَیهِ مِن حَقّ طَاعَتِهِ

فضل الإسلام

ثُمّ إِنّ هَذَا الإِسلَامَ دِینُ اللّهِ ألّذِی اصطَفَاهُ لِنَفسِهِ وَ اصطَنَعَهُ عَلَی عَینِهِ وَ أَصفَاهُ خِیَرَةَ خَلقِهِ وَ أَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَی مَحَبّتِهِ أَذَلّ الأَدیَانَ

ص 314
بِعِزّتِهِ وَ وَضَعَ المِلَلَ بِرَفعِهِ وَ أَهَانَ أَعدَاءَهُ بِکَرَامَتِهِ وَ خَذَلَ مُحَادّیهِ بِنَصرِهِ وَ هَدَمَ أَرکَانَ الضّلَالَةِ بِرُکنِهِ وَ سَقَی مَن عَطِشَ مِن حِیَاضِهِ وَ أَتأَقَ الحِیَاضَ بِمَوَاتِحِهِ ثُمّ جَعَلَهُ لَا انفِصَامَ لِعُروَتِهِ وَ لَا فَکّ لِحَلقَتِهِ وَ لَا انهِدَامَ لِأَسَاسِهِ وَ لَا زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ وَ لَا انقِلَاعَ لِشَجَرَتِهِ وَ لَا انقِطَاعَ لِمُدّتِهِ وَ لَا عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ وَ لَا جَذّ لِفُرُوعِهِ وَ لَا ضَنکَ لِطُرُقِهِ وَ لَا وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ وَ لَا سَوَادَ لِوَضَحِهِ وَ لَا عِوَجَ لِانتِصَابِهِ وَ لَا عَصَلَ فِی عُودِهِ وَ لَا وَعَثَ لِفَجّهِ وَ لَا انطِفَاءَ لِمَصَابِیحِهِ وَ لَا مَرَارَةَ لِحَلَاوَتِهِ فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِی الحَقّ أَسنَاخَهَا وَ ثَبّتَ لَهَا آسَاسَهَا وَ یَنَابِیعُ غَزُرَت عُیُونُهَا وَ مَصَابِیحُ شَبّت نِیرَانُهَا وَ مَنَارٌ اقتَدَی بِهَا سُفّارُهَا وَ أَعلَامٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا وَ مَنَاهِلُ روَیِ‌َ بِهَا وُرّادُهَا.جَعَلَ اللّهُ فِیهِ مُنتَهَی رِضوَانِهِ وَ ذِروَةَ دَعَائِمِهِ وَ سَنَامَ طَاعَتِهِ فَهُوَ
عِندَ اللّهِ وَثِیقُ الأَرکَانِ رَفِیعُ البُنیَانِ مُنِیرُ البُرهَانِ مضُیِ‌ءُ النّیرَانِ عَزِیزُ السّلطَانِ مُشرِفُ المَنَارِ مُعوِذُ المَثَارِ فَشَرّفُوهُ وَ اتّبِعُوهُ وَ أَدّوا إِلَیهِ حَقّهُ وَ ضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ

الرسول الأعظم

ثُمّ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ مُحَمّداًص بِالحَقّ

ص 315
حِینَ دَنَا مِنَ الدّنیَا الِانقِطَاعُ وَ أَقبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الِاطّلَاعُ وَ أَظلَمَت بَهجَتُهَا بَعدَ إِشرَاقٍ وَ قَامَت بِأَهلِهَا عَلَی سَاقٍ وَ خَشُنَ مِنهَا مِهَادٌ وَ أَزِفَ مِنهَا قِیَادٌ فِی انقِطَاعٍ مِن مُدّتِهَا وَ اقتِرَابٍ مِن أَشرَاطِهَا وَ تَصَرّمٍ مِن أَهلِهَا وَ انفِصَامٍ مِن حَلقَتِهَا وَ انتِشَارٍ مِن سَبَبِهَا وَ عَفَاءٍ مِن أَعلَامِهَا وَ تَکَشّفٍ مِن عَورَاتِهَا وَ قِصَرٍ مِن طُولِهَا جَعَلَهُ اللّهُ بَلَاغاً لِرِسَالَتِهِ وَ کَرَامَةً لِأُمّتِهِ وَ رَبِیعاً لِأَهلِ زَمَانِهِ وَ رِفعَةً لِأَعوَانِهِ وَ شَرَفاً لِأَنصَارِهِ

القرآن الکریم

ثُمّ أَنزَلَ عَلَیهِ الکِتَابَ نُوراً لَا تُطفَأُ مَصَابِیحُهُ وَ سِرَاجاً لَا یَخبُو تَوَقّدُهُ وَ بَحراً لَا یُدرَکُ قَعرُهُ وَ مِنهَاجاً لَا یُضِلّ نَهجُهُ وَ شُعَاعاً لَا یُظلِمُ ضَوءُهُ وَ فُرقَاناً لَا یُخمَدُ بُرهَانُهُ وَ تِبیَاناً لَا تُهدَمُ أَرکَانُهُ وَ شِفَاءً لَا تُخشَی أَسقَامُهُ وَ عِزّاً لَا تُهزَمُ أَنصَارُهُ وَ حَقّاً لَا تُخذَلُ أَعوَانُهُ فَهُوَ مَعدِنُ الإِیمَانِ وَ بُحبُوحَتُهُ وَ یَنَابِیعُ العِلمِ وَ بُحُورُهُ وَ رِیَاضُ العَدلِ وَ غُدرَانُهُ وَ أثَاَفیِ‌ّ الإِسلَامِ وَ بُنیَانُهُ وَ أَودِیَةُ الحَقّ وَ غِیطَانُهُ وَ بَحرٌ لَا یَنزِفُهُ المُستَنزِفُونَ وَ عُیُونٌ لَا یُنضِبُهَا المَاتِحُونَ وَ مَنَاهِلُ

ص 316
لَا یَغِیضُهَا الوَارِدُونَ وَ مَنَازِلُ لَا یَضِلّ نَهجَهَا المُسَافِرُونَ وَ أَعلَامٌ لَا یَعمَی عَنهَا السّائِرُونَ وَ آکَامٌ لَا یَجُوزُ عَنهَا القَاصِدُونَ جَعَلَهُ اللّهُ رِیّاً لِعَطَشِ العُلَمَاءِ وَ رَبِیعاً لِقُلُوبِ الفُقَهَاءِ وَ مَحَاجّ لِطُرُقِ الصّلَحَاءِ وَ دَوَاءً لَیسَ بَعدَهُ دَاءٌ وَ نُوراً لَیسَ مَعَهُ ظُلمَةٌ وَ حَبلًا وَثِیقاً عُروَتُهُ وَ مَعقِلًا مَنِیعاً ذِروَتُهُ وَ عِزّاً لِمَن تَوَلّاهُ وَ سِلماً لِمَن دَخَلَهُ وَ هُدًی لِمَنِ ائتَمّ بِهِ وَ عُذراً لِمَنِ انتَحَلَهُ وَ بُرهَاناً لِمَن تَکَلّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَن خَاصَمَ بِهِ وَ فَلجاً لِمَن حَاجّ بِهِ وَ حَامِلًا لِمَن حَمَلَهُ وَ مَطِیّةً لِمَن أَعمَلَهُ وَ آیَةً لِمَن تَوَسّمَ وَ جُنّةً لِمَنِ استَلأَمَ وَ عِلماً لِمَن وَعَی وَ حَدِیثاً لِمَن رَوَی وَ حُکماً لِمَن قَضَی

199- و من کلام له ع کان یوصی به أصحابه

الصلاة

تَعَاهَدُوا أَمرَ الصّلَاةِ وَ حَافِظُوا عَلَیهَا وَ استَکثِرُوا مِنهَا وَ تَقَرّبُوا بِهَا فَإِنّهَاکانَت عَلَی المُؤمِنِینَ کِتاباً مَوقُوتاً أَ لَا تَسمَعُونَ إِلَی جَوَابِ أَهلِ النّارِ حِینَ سُئِلُواما سَلَکَکُم فِی سَقَرَ قالُوا لَم نَکُ مِنَ المُصَلّینَ وَ إِنّهَا لَتَحُتّ الذّنُوبَ حَتّ الوَرَقِ وَ تُطلِقُهَا إِطلَاقَ الرّبَقِ وَ شَبّهَهَا رَسُولُ اللّهِص
-قرآن-102-143-قرآن-205-260

ص 317
بِالحَمّةِ تَکُونُ عَلَی بَابِ الرّجُلِ فَهُوَ یَغتَسِلُ مِنهَا فِی الیَومِ وَ اللّیلَةِ خَمسَ مَرّاتٍ فَمَا عَسَی أَن یَبقَی عَلَیهِ مِنَ الدّرَنِ وَ قَد عَرَفَ حَقّهَا رِجَالٌ مِنَ المُؤمِنِینَ الّذِینَ لَا تَشغَلُهُم عَنهَا زِینَةُ مَتَاعٍ وَ لَا قُرّةُ عَینٍ مِن وَلَدٍ وَ لَا مَالٍ یَقُولُ اللّهُ سُبحَانَهُرِجالٌ لا تُلهِیهِم تِجارَةٌ وَ لا بَیعٌ عَن ذِکرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصّلاةِ وَ إِیتاءِ الزّکاةِ وَ کَانَ رَسُولُ اللّهِص نَصِباً بِالصّلَاةِ بَعدَ التّبشِیرِ لَهُ بِالجَنّةِ لِقَولِ اللّهِ سُبحَانَهُوَ أمُر أَهلَکَ بِالصّلاةِ وَ اصطَبِر عَلَیهافَکَانَ یَأمُرُ بِهَا أَهلَهُ وَ یَصبِرُ عَلَیهَا نَفسَهُ
-قرآن-313-408-قرآن-514-558

الزکاة

ثُمّ إِنّ الزّکَاةَ جُعِلَت مَعَ الصّلَاةِ قُربَاناً لِأَهلِ الإِسلَامِ فَمَن أَعطَاهَا طَیّبَ النّفسِ بِهَا فَإِنّهَا تُجعَلُ لَهُ کَفّارَةً وَ مِنَ النّارِ حِجَازاً وَ وِقَایَةً فَلَا یُتبِعَنّهَا أَحَدٌ نَفسَهُ وَ لَا یُکثِرَنّ عَلَیهَا لَهَفَهُ فَإِنّ مَن أَعطَاهَا غَیرَ طَیّبِ النّفسِ بِهَا یَرجُو بِهَا مَا هُوَ أَفضَلُ مِنهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسّنّةِ مَغبُونُ الأَجرِ ضَالّ العَمَلِ طَوِیلُ النّدَمِ

الأمانة

ثُمّ أَدَاءَ الأَمَانَةِ فَقَد خَابَ مَن لَیسَ مِن أَهلِهَا إِنّهَا عُرِضَت عَلَی السّمَاوَاتِ المَبنِیّةِ وَ الأَرَضِینَ المَدحُوّةِ وَ الجِبَالِ ذَاتِ الطّولِ

ص 318
المَنصُوبَةِ فَلَا أَطوَلَ وَ لَا أَعرَضَ وَ لَا أَعلَی وَ لَا أَعظَمَ مِنهَا وَ لَوِ امتَنَعَ شَیءٌ بِطُولٍ أَو عَرضٍ أَو قُوّةٍ أَو عِزّ لَامتَنَعنَ وَ لَکِن أَشفَقنَ مِنَ العُقُوبَةِ وَ عَقَلنَ مَا جَهِلَ مَن هُوَ أَضعَفُ مِنهُنّ وَ هُوَ الإِنسَانُإِنّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولًا
-قرآن-252-280

علم اللّه تعالی

إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی لَا یَخفَی عَلَیهِ مَا العِبَادُ مُقتَرِفُونَ فِی لَیلِهِم وَ نَهَارِهِم لَطُفَ بِهِ خُبراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلماً أَعضَاؤُکُم شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُکُم جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُکُم عُیُونُهُ وَ خَلَوَاتُکُم عِیَانُهُ

200- و من کلام له ع فی معاویة

وَ اللّهِ مَا مُعَاوِیَةُ بِأَدهَی منِیّ وَ لَکِنّهُ یَغدِرُ وَ یَفجُرُ وَ لَو لَا کَرَاهِیَةُ الغَدرِ لَکُنتُ مِن أَدهَی النّاسِ وَ لَکِن کُلّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ کُلّ فُجَرَةٍ کُفَرَةٌ وَ لِکُلّ غَادِرٍ لِوَاءٌ یُعرَفُ بِهِ یَومَ القِیَامَةِ وَ اللّهِ مَا أُستَغفَلُ بِالمَکِیدَةِ وَ لَا أُستَغمَزُ بِالشّدِیدَةِ

ص 319

201- و من کلام له ع یعظ بسلوک الطریق الواضح

أَیّهَا النّاسُ لَا تَستَوحِشُوا فِی طَرِیقِ الهُدَی لِقِلّةِ أَهلِهِ فَإِنّ النّاسَ قَدِ اجتَمَعُوا عَلَی مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِیرٌ وَ جُوعُهَا طَوِیلٌ أَیّهَا النّاسُ إِنّمَا یَجمَعُ النّاسَ الرّضَا وَ السّخطُ وَ إِنّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمّهُمُ اللّهُ بِالعَذَابِ لَمّا عَمّوهُ بِالرّضَا فَقَالَ سُبحَانَهُفَعَقَرُوها فَأَصبَحُوا نادِمِینَفَمَا کَانَ إِلّا أَن خَارَت أَرضُهُم بِالخَسفَةِ خُوَارَ السّکّةِ المُحمَاةِ فِی الأَرضِ الخَوّارَةِ أَیّهَا النّاسُ مَن سَلَکَ الطّرِیقَ الوَاضِحَ وَرَدَ المَاءَ وَ مَن خَالَفَ وَقَعَ فِی التّیهِ
-قرآن-336-368

202- وَ مِن کَلَامٍ لَهُ ع روُیِ‌َ عَنهُ أَنّهُ قَالَهُ

عِندَ دَفنِ سَیّدَةِ النّسَاءِ فَاطِمَةَ ع کاَلمنُاَجیِ بِهِ رَسُولَ اللّهِص
عِندَ قَبرِهِ
السّلَامُ عَلَیکَ یَا رَسُولَ اللّهِ عنَیّ وَ عَنِ ابنَتِکَ النّازِلَةِ فِی جِوَارِکَ وَ السّرِیعَةِ اللّحَاقِ بِکَ قَلّ یَا رَسُولَ اللّهِ عَن صَفِیّتِکَ صبَریِ وَ رَقّ

ص 320
عَنهَا تجَلَدّیِ إِلّا أَنّ فِی التأّسَیّ لِی بِعَظِیمِ فُرقَتِکَ وَ فَادِحِ مُصِیبَتِکَ مَوضِعَ تَعَزّ فَلَقَد وَسّدتُکَ فِی مَلحُودَةِ قَبرِکَ وَ فَاضَت بَینَ نحَریِ وَ صدَریِ نَفسُکَ فَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیهِ راجِعُونَفَلَقَدِ استُرجِعَتِ الوَدِیعَةُ وَ أُخِذَتِ الرّهِینَةُ أَمّا حزُنیِ فَسَرمَدٌ وَ أَمّا لیَلیِ فَمُسَهّدٌ إِلَی أَن یَختَارَ اللّهُ لِی دَارَکَ التّیِ أَنتَ بِهَا مُقِیمٌ وَ سَتُنَبّئُکَ ابنَتُکَ بِتَضَافُرِ أُمّتِکَ عَلَی هَضمِهَا فَأَحفِهَا السّؤَالَ وَ استَخبِرهَا الحَالَ هَذَا وَ لَم یَطُلِ العَهدُ وَ لَم یَخلُ مِنکَ الذّکرُ وَ السّلَامُ عَلَیکُمَا سَلَامَ مُوَدّعٍ لَا قَالٍ وَ لَا سَئِمٍ فَإِن أَنصَرِف فَلَا عَن مَلَالَةٍ وَ إِن أُقِم فَلَا عَن سُوءِ ظَنّ بِمَا وَعَدَ اللّهُ الصّابِرِینَ
-قرآن-193-231

203- و من کلام له ع فی التزهید من الدنیا والترغیب فی الآخرة

أَیّهَا النّاسُ إِنّمَا الدّنیَا دَارُ مَجَازٍ وَ الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ فَخُذُوا مِن مَمَرّکُم لِمَقَرّکُم وَ لَا تَهتِکُوا أَستَارَکُم
عِندَ مَن یَعلَمُ أَسرَارَکُم وَ أَخرِجُوا مِنَ الدّنیَا قُلُوبَکُم مِن قَبلِ أَن تَخرُجَ مِنهَا أَبدَانُکُم فَفِیهَا اختُبِرتُم وَ لِغَیرِهَا خُلِقتُم إِنّ المَرءَ إِذَا هَلَکَ قَالَ النّاسُ مَا تَرَکَ

ص 321
وَ قَالَتِ المَلَائِکَةُ مَا قَدّمَ لِلّهِ آبَاؤُکُم فَقَدّمُوا بَعضاً یَکُن لَکُم قَرضاً وَ لَا تُخلِفُوا کُلّا فَیَکُونَ فَرضاً عَلَیکُم

204- و من کلام له ع کان کثیرا ماینادی به أصحابه

تَجَهّزُوا رَحِمَکُمُ اللّهُ فَقَد نوُدیِ‌َ فِیکُم بِالرّحِیلِ وَ أَقِلّوا العُرجَةَ عَلَی الدّنیَا وَ انقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضرَتِکُم مِنَ الزّادِ فَإِنّ أَمَامَکُم عَقَبَةً کَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً لَا بُدّ مِنَ الوُرُودِ عَلَیهَا وَ الوُقُوفِ عِندَهَا. وَ اعلَمُوا أَنّ مَلَاحِظَ المَنِیّةِ نَحوَکُم دَانِیَةٌ وَ کَأَنّکُم بِمَخَالِبِهَا وَ قَد نَشِبَت فِیکُم وَ قَد دَهَمَتکُم فِیهَا مُفظِعَاتُ الأُمُورِ وَ مُعضِلَاتُ المَحذُورِ.فَقَطّعُوا عَلَائِقَ الدّنیَا وَ استَظهِرُوا بِزَادِ التّقوَی
و قدمضی شیء من هذاالکلام فیما تقدم بخلاف هذه الروایة
-روایت-1-60

205- و من کلام له ع کلم به طلحة والزبیر بعدبیعته بالخلافة و قدعتبا علیه من ترک مشورتهما، والاستعانة فی الأمور بهما

لَقَد نَقَمتُمَا یَسِیراً وَ أَرجَأتُمَا کَثِیراً أَ لَا تخُبرِاَنیِ أَیّ شَیءٍ کَانَ لَکُمَا فِیهِ حَقّ دَفَعتُکُمَا عَنهُ أَم أَیّ قَسمٍ استَأثَرتُ

ص 322
عَلَیکُمَا بِهِ أَم أَیّ حَقّ رَفَعَهُ إلِیَ‌ّ أَحَدٌ مِنَ المُسلِمِینَ ضَعُفتُ عَنهُ أَم جَهِلتُهُ أَم أَخطَأتُ بَابَهُ. وَ اللّهِ مَا کَانَت لِی فِی الخِلَافَةِ رَغبَةٌ وَ لَا فِی الوِلَایَةِ إِربَةٌ وَ لَکِنّکُم دعَوَتمُوُنیِ إِلَیهَا وَ حمَلَتمُوُنیِ عَلَیهَا فَلَمّا أَفضَت إلِیَ‌ّ نَظَرتُ إِلَی کِتَابِ اللّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا وَ أَمَرَنَا بِالحُکمِ بِهِ فَاتّبَعتُهُ وَ مَا استَنّ النّبِیّص فَاقتَدَیتُهُ فَلَم أَحتَج فِی ذَلِکَ إِلَی رَأیِکُمَا وَ لَا رأَی‌ِ غَیرِکُمَا وَ لَا وَقَعَ حُکمٌ جَهِلتُهُ فَأَستَشِیرَکُمَا وَ إخِواَنیِ مِنَ المُسلِمِینَ وَ لَو کَانَ ذَلِکَ لَم أَرغَب عَنکُمَا وَ لَا عَن غَیرِکُمَا. وَ أَمّا مَا ذَکَرتُمَا مِن أَمرِ الأُسوَةِ فَإِنّ ذَلِکَ أَمرٌ لَم أَحکُم أَنَا فِیهِ برِأَییِ وَ لَا وَلِیتُهُ هَوًی منِیّ بَل وَجَدتُ أَنَا وَ أَنتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللّهِص قَد فُرِغَ مِنهُ فَلَم أَحتَج إِلَیکُمَا فِیمَا قَد فَرَغَ اللّهُ مِن قَسمِهِ وَ أَمضَی فِیهِ حُکمَهُ فَلَیسَ لَکُمَا وَ اللّهِ عنِدیِ وَ لَا لِغَیرِکُمَا فِی هَذَا عُتبَی.أَخَذَ اللّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِکُم إِلَی الحَقّ وَ أَلهَمَنَا وَ إِیّاکُمُ الصّبرَ.
ثم قال ع رَحِمَ اللّهُ رَجُلًا رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیهِ أَو رَأَی جَوراً فَرَدّهُ وَ کَانَ عَوناً بِالحَقّ عَلَی صَاحِبِهِ
ص 323

206- و من کلام له ع و قدسمع قوما من أصحابه یسبون أهل الشام أیام حربهم بصفین

إنِیّ أَکرَهُ لَکُم أَن تَکُونُوا سَبّابِینَ وَ لَکِنّکُم لَو وَصَفتُم أَعمَالَهُم وَ ذَکَرتُم حَالَهُم کَانَ أَصوَبَ فِی القَولِ وَ أَبلَغَ فِی العُذرِ وَ قُلتُم مَکَانَ سَبّکُم إِیّاهُم أللّهُمّ احقِن دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُم وَ أَصلِح ذَاتَ بَینِنَا وَ بَینِهِم وَ اهدِهِم مِن ضَلَالَتِهِم حَتّی یَعرِفَ الحَقّ مَن جَهِلَهُ وَ یرَعوَیِ‌َ عَنِ الغیَ‌ّ وَ العُدوَانِ مَن لَهِجَ بِهِ

207- و من کلام له ع فی بعض أیام صفین و قدرأی الحسن ابنه ع یتسرع إلی الحرب

املِکُوا عنَیّ هَذَا الغُلَامَ لَا یهَدُنّیِ فإَنِنّیِ أَنفَسُ بِهَذَینِ یعَنیِ الحَسَنَ وَ الحُسَینَ ع عَلَی المَوتِ لِئَلّا یَنقَطِعَ بِهِمَا نَسلُ رَسُولِ اللّهِص
قال السید الشریف قوله ع املکوا عنی هذاالغلام من أعلی الکلام وأفصحه
-روایت-1-76

208- و من کلام له ع قاله لمااضطرب علیه أصحابه فی أمر الحکومة

أَیّهَا النّاسُ إِنّهُ لَم یَزَل أمَریِ مَعَکُم عَلَی مَا أُحِبّ حَتّی نَهِکَتکُمُ

ص 324
الحَربُ وَ قَد وَ اللّهِ أَخَذَت مِنکُم وَ تَرَکَت وَ هیِ‌َ لِعَدُوّکُم أَنهَکُ.لَقَد کُنتُ أَمسِ أَمِیراً فَأَصبَحتُ الیَومَ مَأمُوراً وَ کُنتُ أَمسِ نَاهِیاً فَأَصبَحتُ الیَومَ مَنهِیّاً وَ قَد أَحبَبتُمُ البَقَاءَ وَ لَیسَ لِی أَن أَحمِلَکُم عَلَی مَا تَکرَهُونَ

209- و من کلام له ع بالبصرة و قددخل علی العلاء بن زیاد الحارثی و هو من أصحابه یعوده ، فلما رأی سعة داره قال

مَا کُنتَ تَصنَعُ بِسِعَةِ هَذِهِ الدّارِ فِی الدّنیَا وَ أَنتَ إِلَیهَا فِی الآخِرَةِ کُنتَ أَحوَجَ وَ بَلَی إِن شِئتَ بَلَغتَ بِهَا الآخِرَةَ تقَریِ فِیهَا الضّیفَ وَ تَصِلُ فِیهَا الرّحِمَ وَ تُطلِعُ مِنهَا الحُقُوقَ مَطَالِعَهَا فَإِذاً أَنتَ قَد بَلَغتَ بِهَا الآخِرَةَ فَقَالَ لَهُ العَلَاءُ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ أَشکُو إِلَیکَ أخَیِ عَاصِمَ بنَ زِیَادٍ قَالَ وَ مَا لَهُ قَالَ لَبِسَ العَبَاءَةَ وَ تَخَلّی عَنِ الدّنیَا قَالَ عَلَیّ بِهِ فَلَمّا جَاءَ قَالَ یَا عدُیَ‌ّ نَفسِهِ لَقَدِ استَهَامَ بِکَ الخَبِیثُ أَ مَا رَحِمتَ أَهلَکَ

ص 325
وَ وَلَدَکَ أَ تَرَی اللّهَ أَحَلّ لَکَ الطّیّبَاتِ وَ هُوَ یَکرَهُ أَن تَأخُذَهَا أَنتَ أَهوَنُ عَلَی اللّهِ مِن ذَلِکَ قَالَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ هَذَا أَنتَ فِی خُشُونَةِ مَلبَسِکَ وَ جُشُوبَةِ مَأکَلِکَ قَالَ وَیحَکَ إنِیّ لَستُ کَأَنتَ إِنّ اللّهَ تَعَالَی فَرَضَ عَلَی أَئِمّةِ العَدلِ أَن یُقَدّرُوا أَنفُسَهُم بِضَعَفَةِ النّاسِ کَیلَا یَتَبَیّغَ بِالفَقِیرِ فَقرُهُ

210- و من کلام له ع و قدسأله سائل عن أحادیث البدع وعما فی أیدی الناس من اختلاف الخبر فقال ع

اشاره

إِنّ فِی أیَدیِ النّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلًا وَ صِدقاً وَ کَذِباً وَ نَاسِخاً وَ مَنسُوخاً وَ عَامّاً وَ خَاصّاً وَ مُحکَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ حِفظاً وَ وَهماً وَ لَقَد کُذِبَ عَلَی رَسُولِ اللّهِص عَلَی عَهدِهِ حَتّی قَامَ خَطِیباً فَقَالَ مَن کَذَبَ عَلَیّ مُتَعَمّداً فَلیَتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ وَ إِنّمَا أَتَاکَ بِالحَدِیثِ أَربَعَةُ رِجَالٍ لَیسَ لَهُم خَامِسٌ

المنافقون

رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظهِرٌ لِلإِیمَانِ مُتَصَنّعٌ بِالإِسلَامِ لَا یَتَأَثّمُ وَ لَا

ص 326
یَتَحَرّجُ یَکذِبُ عَلَی رَسُولِ اللّهِص مُتَعَمّداً فَلَو عَلِمَ النّاسُ أَنّهُ مُنَافِقٌ کَاذِبٌ لَم یَقبَلُوا مِنهُ وَ لَم یُصَدّقُوا قَولَهُ وَ لَکِنّهُم قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِص رَآهُ وَ سَمِعَ مِنهُ وَ لَقِفَ عَنهُ فَیَأخُذُونَ بِقَولِهِ وَ قَد أَخبَرَکَ اللّهُ عَنِ المُنَافِقِینَ بِمَا أَخبَرَکَ وَ وَصَفَهُم بِمَا وَصَفَهُم بِهِ لَکَ ثُمّ بَقُوا بَعدَهُ فَتَقَرّبُوا إِلَی أَئِمّةِ الضّلَالَةِ وَ الدّعَاةِ إِلَی النّارِ بِالزّورِ وَ البُهتَانِ فَوَلّوهُمُ الأَعمَالَ وَ جَعَلُوهُم حُکّاماً عَلَی رِقَابِ النّاسِ فَأَکَلُوا بِهِمُ الدّنیَا وَ إِنّمَا النّاسُ مَعَ المُلُوکِ وَ الدّنیَا إِلّا مَن عَصَمَ اللّهُ فَهَذَا أَحَدُ الأَربَعَةِ

الخاطئون

وَ رَجُلٌ سَمِعَ مِن رَسُولِ اللّهِ شَیئاً لَم یَحفَظهُ عَلَی وَجهِهِ فَوَهِمَ فِیهِ وَ لَم یَتَعَمّد کَذِباً فَهُوَ فِی یَدَیهِ وَ یَروِیهِ وَ یَعمَلُ بِهِ وَ یَقُولُ أَنَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللّهِص فَلَو عَلِمَ المُسلِمُونَ أَنّهُ وَهِمَ فِیهِ لَم یَقبَلُوهُ مِنهُ وَ لَو عَلِمَ هُوَ أَنّهُ کَذَلِکَ لَرَفَضَهُ

اهل الشبهة

وَ رَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِن رَسُولِ اللّهِص شَیئاً یَأمُرُ بِهِ ثُمّ إِنّهُ نَهَی عَنهُ وَ هُوَ لَا یَعلَمُ أَو سَمِعَهُ یَنهَی عَن

ص 327
شَیءٍ ثُمّ أَمَرَ بِهِ وَ هُوَ لَا یَعلَمُ فَحَفِظَ المَنسُوخَ وَ لَم یَحفَظِ النّاسِخَ فَلَو عَلِمَ أَنّهُ مَنسُوخٌ لَرَفَضَهُ وَ لَو عَلِمَ المُسلِمُونَ إِذ سَمِعُوهُ مِنهُ أَنّهُ مَنسُوخٌ لَرَفَضُوهُ

الصادقون الحافظون

وَ آخَرُ رَابِعٌ لَم یَکذِب عَلَی اللّهِ وَ لَا عَلَی رَسُولِهِ مُبغِضٌ لِلکَذِبِ خَوفاً مِنَ اللّهِ وَ تَعظِیماً لِرَسُولِ اللّهِص وَ لَم یَهِم بَل حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلَی وَجهِهِ فَجَاءَ بِهِ عَلَی مَا سَمِعَهُ لَم یَزِد فِیهِ وَ لَم یَنقُص مِنهُ فَهُوَ حَفِظَ النّاسِخَ فَعَمِلَ بِهِ وَ حَفِظَ المَنسُوخَ فَجَنّبَ عَنهُ وَ عَرَفَ الخَاصّ وَ العَامّ وَ المُحکَمَ وَ المُتَشَابِهَ فَوَضَعَ کُلّ شَیءٍ مَوضِعَهُ وَ قَد کَانَ یَکُونُ مِن رَسُولِ اللّهِص الکَلَامُ لَهُ وَجهَانِ فَکَلَامٌ خَاصّ وَ کَلَامٌ عَامّ فَیَسمَعُهُ مَن لَا یَعرِفُ مَا عَنَی اللّهُ سُبحَانَهُ بِهِ وَ لَا مَا عَنَی رَسُولُ اللّهِص فَیَحمِلُهُ السّامِعُ وَ یُوَجّهُهُ عَلَی غَیرِ مَعرِفَةٍ بِمَعنَاهُ وَ مَا قُصِدَ بِهِ وَ مَا خَرَجَ مِن أَجلِهِ وَ لَیسَ کُلّ أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص مَن کَانَ یَسأَلُهُ وَ یَستَفهِمُهُ حَتّی إِن کَانُوا لَیُحِبّونَ أَن یجَیِ‌ءَ الأعَراَبیِ‌ّ وَ الطاّر‌ِئُ فَیَسأَلَهُ ع حَتّی

ص 328
یَسمَعُوا وَ کَانَ لَا یَمُرّ بیِ مِن ذَلِکَ شَیءٌ إِلّا سَأَلتُهُ عَنهُ وَ حَفِظتُهُ فَهَذِهِ وُجُوهُ مَا عَلَیهِ النّاسُ فِی اختِلَافِهِم وَ عِلَلِهِم فِی رِوَایَاتِهِم

211- و من خطبة له ع فی عجیب صنعة الکون

وَ کَانَ مِنِ اقتِدَارِ جَبَرُوتِهِ وَ بَدِیعِ لَطَائِفِ صَنعَتِهِ أَن جَعَلَ مِن مَاءِ البَحرِ الزّاخِرِ المُتَرَاکِمِ المُتَقَاصِفِ یَبَساً جَامِداً ثُمّ فَطَرَ مِنهُ أَطبَاقاً فَفَتَقَهَا سَبعَ سَمَاوَاتٍ بَعدَ ارتِتَاقِهَا فَاستَمسَکَت بِأَمرِهِ وَ قَامَت عَلَی حَدّهِ وَ أَرسَی أَرضاً یَحمِلُهَا الأَخضَرُ المُثعَنجِرُ وَ القَمقَامُ المُسَخّرُ قَد ذَلّ لِأَمرِهِ وَ أَذعَنَ لِهَیبَتِهِ وَ وَقَفَ الجاَریِ مِنهُ لِخَشیَتِهِ وَ جَبَلَ جَلَامِیدَهَا وَ نُشُوزَ مُتُونِهَا وَ أَطوَادِهَا فَأَرسَاهَا فِی مَرَاسِیهَا وَ أَلزَمَهَا قَرَارَاتِهَا فَمَضَت رُءُوسُهَا فِی الهَوَاءِ وَ رَسَت أُصُولُهَا فِی المَاءِ فَأَنهَدَ جِبَالَهَا عَن سُهُولِهَا وَ أَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِی مُتُونِ أَقطَارِهَا وَ مَوَاضِعِ أَنصَابِهَا فَأَشهَقَ قِلَالَهَا وَ أَطَالَ أَنشَازَهَا وَ جَعَلَهَا لِلأَرضِ عِمَاداً وَ أَرّزَهَا فِیهَا أَوتَاداً فَسَکَنَت عَلَی حَرَکَتِهَا مِن أَن تَمِیدَ بِأَهلِهَا أَو تَسِیخَ بِحِملِهَا أَو تَزُولَ عَن مَوَاضِعِهَا فَسُبحَانَ مَن أَمسَکَهَا بَعدَ مَوَجَانِ

ص 329
مِیَاهِهَا وَ أَجمَدَهَا بَعدَ رُطُوبَةِ أَکنَافِهَا فَجَعَلَهَا لِخَلقِهِ مِهَاداً وَ بَسَطَهَا لَهُم فِرَاشاً فَوقَ بَحرٍ لجُیّ‌ّ رَاکِدٍ لَا یجَریِ وَ قَائِمٍ لَا یسَریِ تُکَرکِرُهُ الرّیَاحُ العَوَاصِفُ وَ تَمخُضُهُ الغَمَامُ الذّوَارِفُإِنّ فِی ذلِکَ لَعِبرَةً لِمَن یَخشی
-قرآن-244-279

212- و من خطبة له ع کان یستنهض بهاأصحابه إلی جهاد أهل الشام فی زمانه

أللّهُمّ أَیّمَا عَبدٍ مِن عِبَادِکَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا العَادِلَةَ غَیرَ الجَائِرَةِ وَ المُصلِحَةَ غَیرَ المُفسِدَةِ فِی الدّینِ وَ الدّنیَا فَأَبَی بَعدَ سَمعِهِ لَهَا إِلّا النّکُوصَ عَن نُصرَتِکَ وَ الإِبطَاءَ عَن إِعزَازِ دِینِکَ فَإِنّا نَستَشهِدُکَ عَلَیهِ یَا أَکبَرَ الشّاهِدِینَ شَهَادَةً وَ نَستَشهِدُ عَلَیهِ جَمِیعَ مَا أَسکَنتَهُ أَرضَکَ وَ سمَاوَاتِکَ ثُمّ أَنتَ بَعدُ المغُنیِ عَن نَصرِهِ وَ الآخِذُ لَهُ بِذَنبِهِ

213- و من خطبة له ع فی تمجید اللّه وتعظیمه

اشاره

الحَمدُ لِلّهِ العلَیِ‌ّ عَن شَبَهِ المَخلُوقِینَ الغَالِبِ لِمَقَالِ الوَاصِفِینَ الظّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدبِیرِهِ لِلنّاظِرِینَ وَ البَاطِنِ بِجَلَالِ عِزّتِهِ عَن فِکرِ

ص 330
المُتَوَهّمِینَ العَالِمِ بِلَا اکتِسَابٍ وَ لَا ازدِیَادٍ وَ لَا عِلمٍ مُستَفَادٍ المُقَدّرِ لِجَمِیعِ الأُمُورِ بِلَا رَوِیّةٍ وَ لَا ضَمِیرٍ ألّذِی لَا تَغشَاهُ الظّلَمُ وَ لَا یسَتضَیِ‌ءُ بِالأَنوَارِ وَ لَا یَرهَقُهُ لَیلٌ وَ لَا یجَریِ عَلَیهِ نَهَارٌ لَیسَ إِدرَاکُهُ بِالإِبصَارِ وَ لَا عِلمُهُ بِالإِخبَارِ

ومنها فی ذکر النبی ص

أَرسَلَهُ بِالضّیَاءِ وَ قَدّمَهُ فِی الِاصطِفَاءِ فَرَتَقَ بِهِ المَفَاتِقَ وَ سَاوَرَ بِهِ المُغَالِبَ وَ ذَلّلَ بِهِ الصّعُوبَةَ وَ سَهّلَ بِهِ الحُزُونَةَ حَتّی سَرّحَ الضّلَالَ عَن یَمِینٍ وَ شِمَالٍ

214- و من خطبة له ع یصف جوهر الرسول ، ویصف العلماء، ویعظ بالتقوی

اشاره

وَ أَشهَدُ أَنّهُ عَدلٌ عَدَلَ وَ حَکَمٌ فَصَلَ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ سَیّدُ عِبَادِهِ کُلّمَا نَسَخَ اللّهُ الخَلقَ فِرقَتَینِ جَعَلَهُ فِی خَیرِهِمَا لَم یُسهِم فِیهِ عَاهِرٌ وَ لَا ضَرَبَ فِیهِ فَاجِرٌ أَلَا وَ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ قَد جَعَلَ لِلخَیرِ أَهلًا وَ لِلحَقّ دَعَائِمَ وَ لِلطّاعَةِ عِصَماً وَ إِنّ لَکُم
عِندَ کُلّ طَاعَةٍ عَوناً مِنَ اللّهِ سُبحَانَهُ یَقُولُ

ص 331
عَلَی الأَلسِنَةِ وَ یُثَبّتُ الأَفئِدَةَ فِیهِ کِفَاءٌ لِمُکتَفٍ وَ شِفَاءٌ لِمُشتَفٍ

صفة العلماء

وَ اعلَمُوا أَنّ عِبَادَ اللّهِ المُستَحفَظِینَ عِلمَهُ یَصُونُونَ مَصُونَهُ وَ یُفَجّرُونَ عُیُونَهُ یَتَوَاصَلُونَ بِالوِلَایَةِ وَ یَتَلَاقَونَ بِالمَحَبّةِ وَ یَتَسَاقَونَ بِکَأسٍ رَوِیّةٍ وَ یَصدُرُونَ بِرِیّةٍ لَا تَشُوبُهُمُ الرّیبَةُ وَ لَا تُسرِعُ فِیهِمُ الغِیبَةُ عَلَی ذَلِکَ عَقَدَ خَلقَهُم وَ أَخلَاقَهُم فَعَلَیهِ یَتَحَابّونَ وَ بِهِ یَتَوَاصَلُونَ فَکَانُوا کَتَفَاضُلِ البَذرِ یُنتَقَی فَیُؤخَذُ مِنهُ وَ یُلقَی قَد مَیّزَهُ التّخلِیصُ وَ هَذّبَهُ التّمحِیصُ

العظة بالتقوی

فَلیَقبَلِ امرُؤٌ کَرَامَةً بِقَبُولِهَا وَ لیَحذَر قَارِعَةً قَبلَ حُلُولِهَا وَ لیَنظُرِ امرُؤٌ فِی قَصِیرِ أَیّامِهِ وَ قَلِیلِ مُقَامِهِ فِی مَنزِلٍ حَتّی یَستَبدِلَ بِهِ مَنزِلًا فَلیَصنَع لِمُتَحَوّلِهِ وَ مَعَارِفِ مُنتَقَلِهِ فَطُوبَی لذِیِ قَلبٍ سَلِیمٍ أَطَاعَ مَن یَهدِیهِ وَ تَجَنّبَ مَن یُردِیهِ وَ أَصَابَ سَبِیلَ السّلَامَةِ بِبَصَرِ مَن بَصّرَهُ وَ طَاعَةِ هَادٍ أَمَرَهُ وَ بَادَرَ الهُدَی قَبلَ أَن تُغلَقَ أَبوَابُهُ وَ تُقطَعَ أَسبَابُهُ وَ استَفتَحَ التّوبَةَ وَ أَمَاطَ الحَوبَةَ فَقَد أُقِیمَ عَلَی الطّرِیقِ وَ هدُیِ‌َ نَهجَ السّبِیلِ

ص 332

215- و من دعاء له ع کان یدعو به کثیرا

الحَمدُ لِلّهِ ألّذِی لَم یُصبِح بیِ مَیّتاً وَ لَا سَقِیماً وَ لَا مَضرُوباً عَلَی عرُوُقیِ بِسُوءٍ وَ لَا مَأخُوذاً بِأَسوَإِ عمَلَیِ وَ لَا مَقطُوعاً داَبرِیِ وَ لَا مُرتَدّاً عَن دیِنیِ وَ لَا مُنکِراً لرِبَیّ وَ لَا مُستَوحِشاً مِن إیِماَنیِ وَ لَا مُلتَبِساً عقَلیِ وَ لَا مُعَذّباً بِعَذَابِ الأُمَمِ مِن قبَلیِ أَصبَحتُ عَبداً مَملُوکاً ظَالِماً لنِفَسیِ لَکَ الحُجّةُ عَلَیّ وَ لَا حُجّةَ لِی وَ لَا أَستَطِیعُ أَن آخُذَ إِلّا مَا أعَطیَتنَیِ وَ لَا أتَقّیِ‌َ إِلّا مَا وقَیَتنَیِ أللّهُمّ إنِیّ أَعُوذُ بِکَ أَن أَفتَقِرَ فِی غِنَاکَ أَو أَضِلّ فِی هُدَاکَ أَو أُضَامَ فِی سُلطَانِکَ أَو أُضطَهَدَ وَ الأَمرُ لَکَ أللّهُمّ اجعَل نفَسیِ أَوّلَ کَرِیمَةٍ تَنتَزِعُهَا مِن کرَاَئمِیِ وَ أَوّلَ وَدِیعَةٍ تَرتَجِعُهَا مِن وَدَائِعِ نِعَمِکَ عنِدیِ أللّهُمّ إِنّا نَعُوذُ بِکَ أَن نَذهَبَ عَن قَولِکَ أَو أَن نُفتَتَنَ عَن دِینِکَ أَو تَتَابَعَ بِنَا أَهوَاؤُنَا دُونَ الهُدَی ألّذِی جَاءَ مِن عِندِکَ

216- و من خطبة له ع خطبها بصفین

اشاره

أَمّا بَعدُ فَقَد جَعَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِی عَلَیکُم حَقّاً بِوِلَایَةِ أَمرِکُم وَ لَکُم عَلَیّ مِنَ الحَقّ مِثلُ ألّذِی لِی عَلَیکُم فَالحَقّ أَوسَعُ الأَشیَاءِ فِی

ص 333
التّوَاصُفِ وَ أَضیَقُهَا فِی التّنَاصُفِ لَا یجَریِ لِأَحَدٍ إِلّا جَرَی عَلَیهِ وَ لَا یجَریِ عَلَیهِ إِلّا جَرَی لَهُ وَ لَو کَانَ لِأَحَدٍ أَن یجَریِ‌َ لَهُ وَ لَا یجَریِ‌َ عَلَیهِ لَکَانَ ذَلِکَ خَالِصاً لِلّهِ سُبحَانَهُ دُونَ خَلقِهِ لِقُدرَتِهِ عَلَی عِبَادِهِ وَ لِعَدلِهِ فِی کُلّ مَا جَرَت عَلَیهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ وَ لَکِنّهُ سُبحَانَهُ جَعَلَ حَقّهُ عَلَی العِبَادِ أَن یُطِیعُوهُ وَ جَعَلَ جَزَاءَهُم عَلَیهِ مُضَاعَفَةَ الثّوَابِ تَفَضّلًا مِنهُ وَ تَوَسّعاً بِمَا هُوَ مِنَ المَزِیدِ أَهلُهُ

حق الوالی وحق الرعیة

ثُمّ جَعَلَ سُبحَانَهُ مِن حُقُوقِهِ حُقُوقاً افتَرَضَهَا لِبَعضِ النّاسِ عَلَی بَعضٍ فَجَعَلَهَا تَتَکَافَأُ فِی وُجُوهِهَا وَ یُوجِبُ بَعضُهَا بَعضاً وَ لَا یُستَوجَبُ بَعضُهَا إِلّا بِبَعضٍ. وَ أَعظَمُ مَا افتَرَضَ سُبحَانَهُ مِن تِلکَ الحُقُوقِ حَقّ الواَلیِ عَلَی الرّعِیّةِ وَ حَقّ الرّعِیّةِ عَلَی الواَلیِ فَرِیضَةٌ فَرَضَهَا اللّهُ سُبحَانَهُ لِکُلّ عَلَی کُلّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلفَتِهِم وَ عِزّاً لِدِینِهِم فَلَیسَت تَصلُحُ الرّعِیّةُ إِلّا بِصَلَاحِ الوُلَاةِ وَ لَا تَصلُحُ الوُلَاةُ إِلّا بِاستِقَامَةِ الرّعِیّةِ فَإِذَا أَدّت الرّعِیّةُ إِلَی الواَلیِ حَقّهُ وَ أَدّی الواَلیِ إِلَیهَا حَقّهَا عَزّ الحَقّ بَینَهُم وَ قَامَت مَنَاهِجُ الدّینِ وَ اعتَدَلَت مَعَالِمُ العَدلِ وَ جَرَت عَلَی أَذلَالِهَا السّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِکَ الزّمَانُ وَ طُمِعَ فِی بَقَاءِ الدّولَةِ وَ یَئِسَت مَطَامِعُ الأَعدَاءِ. وَ إِذَا غَلَبَتِ الرّعِیّةُ وَالِیَهَا أَو أَجحَفَ الواَلیِ بِرَعِیّتِهِ اختَلَفَت هُنَالِکَ

ص 334
الکَلِمَةُ وَ ظَهَرَت مَعَالِمُ الجَورِ وَ کَثُرَ الإِدغَالُ فِی الدّینِ وَ تُرِکَت مَحَاجّ السّنَنِ فَعُمِلَ بِالهَوَی وَ عُطّلَتِ الأَحکَامُ وَ کَثُرَت عِلَلُ النّفُوسِ فَلَا یُستَوحَشُ لِعَظِیمِ حَقّ عُطّلَ وَ لَا لِعَظِیمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِکَ تَذِلّ الأَبرَارُ وَ تَعِزّ الأَشرَارُ وَ تَعظُمُ تَبِعَاتُ اللّهِ سُبحَانَهُ
عِندَ العِبَادِ.فَعَلَیکُم بِالتّنَاصُحِ فِی ذَلِکَ وَ حُسنِ التّعَاوُنِ عَلَیهِ فَلَیسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اشتَدّ عَلَی رِضَا اللّهِ حِرصُهُ وَ طَالَ فِی العَمَلِ اجتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِیقَةَ مَا اللّهُ سُبحَانَهُ أَهلُهُ مِنَ الطّاعَةِ لَهُ وَ لَکِن مِن وَاجِبِ حُقُوقِ اللّهِ عَلَی عِبَادِهِ النّصِیحَةُ بِمَبلَغِ جُهدِهِم وَ التّعَاوُنُ عَلَی إِقَامَةِ الحَقّ بَینَهُم وَ لَیسَ امرُؤٌ وَ إِن عَظُمَت فِی الحَقّ مَنزِلَتُهُ وَ تَقَدّمَت فِی الدّینِ فَضِیلَتُهُ بِفَوقِ أَن یُعَانَ عَلَی مَا حَمّلَهُ اللّهُ مِن حَقّهِ وَ لَا امرُؤٌ وَ إِن صَغّرَتهُ النّفُوسُ وَ اقتَحَمَتهُ العُیُونُ بِدُونِ أَن یُعِینَ عَلَی ذَلِکَ أَو یُعَانَ عَلَیهِ
فَأَجَابَهُ ع رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ بِکَلَامٍ طَوِیلٍ یُکثِرُ فِیهِ الثّنَاءَ عَلَیهِ وَ یَذکُرُ سَمعَهُ وَ طَاعَتَهُ لَهُ فَقَالَ ع
إِنّ مِن حَقّ مَن عَظُمَ جَلَالُ اللّهِ سُبحَانَهُ فِی نَفسِهِ وَ جَلّ مَوضِعُهُ مِن قَلبِهِ أَن یَصغُرَ عِندَهُ لِعِظَمِ ذَلِکَ کُلّ مَا سِوَاهُ وَ إِنّ أَحَقّ مَن کَانَ کَذَلِکَ لَمَن عَظُمَت نِعمَةُ اللّهِ عَلَیهِ وَ لَطُفَ إِحسَانُهُ إِلَیهِ فَإِنّهُ لَم تَعظُم نِعمَةُ اللّهِ عَلَی أَحَدٍ إِلّا ازدَادَ حَقّ اللّهِ عَلَیهِ عِظَماً وَ إِنّ مِن
ص 335
أَسخَفِ حَالَاتِ الوُلَاةِ
عِندَ صَالِحِ النّاسِ أَن یُظَنّ بِهِم حُبّ الفَخرِ وَ یُوضَعَ أَمرُهُم عَلَی الکِبرِ وَ قَد کَرِهتُ أَن یَکُونَ جَالَ فِی ظَنّکُم أنَیّ أُحِبّ الإِطرَاءَ وَ استِمَاعَ الثّنَاءِ وَ لَستُ بِحَمدِ اللّهِ کَذَلِکَ وَ لَو کُنتُ أُحِبّ أَن یُقَالَ ذَلِکَ لَتَرَکتُهُ انحِطَاطاً لِلّهِ سُبحَانَهُ عَن تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقّ بِهِ مِنَ العَظَمَةِ وَ الکِبرِیَاءِ وَ رُبّمَا استَحلَی النّاسُ الثّنَاءَ بَعدَ البَلَاءِ فَلَا تُثنُوا عَلَیّ بِجَمِیلِ ثَنَاءٍ لإِخِراَجیِ نفَسیِ إِلَی اللّهِ سُبحَانَهُ وَ إِلَیکُم مِنَ التّقِیّةِ فِی حُقُوقٍ لَم أَفرُغ مِن أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لَا بُدّ مِن إِمضَائِهَا فَلَا تکُلَمّوُنیِ بِمَا تُکَلّمُ بِهِ الجَبَابِرَةُ وَ لَا تَتَحَفّظُوا منِیّ بِمَا یُتَحَفّظُ بِهِ
عِندَ أَهلِ البَادِرَةِ وَ لَا تخُاَلطِوُنیِ بِالمُصَانَعَةِ وَ لَا تَظُنّوا بیِ استِثقَالًا فِی حَقّ قِیلَ لِی وَ لَا التِمَاسَ إِعظَامٍ لنِفَسیِ فَإِنّهُ مَنِ استَثقَلَ الحَقّ أَن یُقَالَ لَهُ أَوِ العَدلَ أَن یُعرَضَ عَلَیهِ کَانَ العَمَلُ بِهِمَا أَثقَلَ عَلَیهِ فَلَا تَکُفّوا عَن مَقَالَةٍ بِحَقّ أَو مَشُورَةٍ بِعَدلٍ فإَنِیّ لَستُ فِی نفَسیِ بِفَوقِ أَن أُخطِئَ وَ لَا آمَنُ ذَلِکَ مِن فعِلیِ إِلّا أَن یکَفیِ‌َ اللّهُ مِن نفَسیِ مَا هُوَ أَملَکُ بِهِ منِیّ فَإِنّمَا أَنَا وَ أَنتُم عَبِیدٌ مَملُوکُونَ لِرَبّ لَا رَبّ غَیرُهُ یَملِکُ مِنّا مَا لَا نَملِکُ مِن أَنفُسِنَا وَ أَخرَجَنَا مِمّا کُنّا فِیهِ إِلَی مَا صَلَحنَا عَلَیهِ فَأَبدَلَنَا بَعدَ الضّلَالَةِ بِالهُدَی وَ أَعطَانَا البَصِیرَةَ بَعدَ العَمَی
ص 336

217- و من کلام له ع فی التظلم والتشکی من قریش

أللّهُمّ إنِیّ أَستَعدِیکَ عَلَی قُرَیشٍ وَ مَن أَعَانَهُم فَإِنّهُم قَد قَطَعُوا رحَمِیِ وَ أَکفَئُوا إنِاَئیِ وَ أَجمَعُوا عَلَی منُاَزعَتَیِ حَقّاً کُنتُ أَولَی بِهِ مِن غیَریِ وَ قَالُوا أَلَا إِنّ فِی الحَقّ أَن تَأخُذَهُ وَ فِی الحَقّ أَن تُمنَعَهُ فَاصبِر مَغمُوماً أَو مُت مُتَأَسّفاً فَنَظَرتُ فَإِذَا لَیسَ لِی رَافِدٌ وَ لَا ذَابّ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلّا أَهلَ بیَتیِ فَضَنَنتُ بِهِم عَنِ المَنِیّةِ فَأَغضَیتُ عَلَی القَذَی وَ جَرِعتُ ریِقیِ عَلَی الشّجَا وَ صَبَرتُ مِن کَظمِ الغَیظِ عَلَی أَمَرّ مِنَ العَلقَمِ وَ آلَمَ لِلقَلبِ مِن وَخزِ الشّفَارِ
قال الشریف رضی الله عنه و قدمضی هذاالکلام فی أثناء خطبة متقدمة إلاأنی ذکرته هاهنا لاختلاف الروایتین
-روایت-1-112

218- و من کلام له ع فی ذکر السائرین إلی البصرة لحربه ع

فَقَدِمُوا عَلَی عمُاّلیِ وَ خُزّانِ بَیتِ المُسلِمِینَ ألّذِی فِی یدَیَ‌ّ وَ عَلَی أَهلِ مِصرٍ کُلّهُم فِی طاَعتَیِ وَ عَلَی بیَعتَیِ فَشَتّتُوا کَلِمَتَهُم وَ أَفسَدُوا

ص 337
عَلَیّ جَمَاعَتَهُم وَ وَثَبُوا عَلَی شیِعتَیِ فَقَتَلُوا طَاِئفَةً منهُم غَدراً وَ طَاِئفَةٌ عَضّوا عَلَی أَسیَافِهِم فَضَارَبُوا بِهَا حَتّی لَقُوا اللّهَ صَادِقِینَ

219- و من کلام له ع لمامر بطلحة بن عبد الله و عبدالرحمن بن عتاب بن أسید وهما قتیلان یوم الجمل

لَقَد أَصبَحَ أَبُو مُحَمّدٍ بِهَذَا المَکَانِ غَرِیباً أَمَا وَ اللّهِ لَقَد کُنتُ أَکرَهُ أَن تَکُونَ قُرَیشٌ قَتلَی تَحتَ بُطُونِ الکَوَاکِبِ أَدرَکتُ وتَریِ مِن بنَیِ عَبدِ مَنَافٍ وَ أفَلتَتَنیِ أَعیَانُ بنَیِ جُمَحَ لَقَد أَتلَعُوا أَعنَاقَهُم إِلَی أَمرٍ لَم یَکُونُوا أَهلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ

220- و من کلام له ع فی وصف السالک الطریق إلی اللّه سبحانه

قَد أَحیَا عَقلَهُ وَ أَمَاتَ نَفسَهُ حَتّی دَقّ جَلِیلُهُ وَ لَطُفَ غَلِیظُهُ وَ بَرَقَ لَهُ لَامِعٌ کَثِیرُ البَرقِ فَأَبَانَ لَهُ الطّرِیقَ وَ سَلَکَ بِهِ السّبِیلَ وَ تَدَافَعَتهُ الأَبوَابُ إِلَی بَابِ السّلَامَةِ وَ دَارِ الإِقَامَةِ وَ ثَبَتَت رِجلَاهُ بِطُمَأنِینَةِ بَدَنِهِ فِی قَرَارِ الأَمنِ وَ الرّاحَةِ بِمَا استَعمَلَ قَلبَهُ وَ أَرضَی رَبّهُ

ص 338

221- و من کلام له ع قاله بعدتلاوته

أَلهاکُمُ التّکاثُرُ حَتّی زُرتُمُ المَقابِرَ یَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبعَدَهُ وَ زَوراً مَا أَغفَلَهُ وَ خَطَراً مَا أَفظَعَهُ لَقَدِ استَخلَوا مِنهُم أَیّ مُدّکِرٍ وَ تَنَاوَشُوهُم مِن مَکَانٍ بَعِیدٍ أَ فَبِمَصَارِعِ آبَائِهِم یَفخَرُونَ أَم بِعَدِیدِ الهَلکَی یَتَکَاثَرُونَ یَرتَجِعُونَ مِنهُم أَجسَاداً خَوَت وَ حَرَکَاتٍ سَکَنَت وَ لَأَن یَکُونُوا عِبَراً أَحَقّ مِن أَن یَکُونُوا مُفتَخَراً وَ لَأَن یَهبِطُوا بِهِم جَنَابَ ذِلّةٍ أَحجَی مِن أَن یَقُومُوا بِهِم مَقَامَ عِزّةٍ لَقَد نَظَرُوا إِلَیهِم بِأَبصَارِ العَشوَةِ وَ ضَرَبُوا مِنهُم فِی غَمرَةِ جَهَالَةٍ وَ لَوِ استَنطَقُوا عَنهُم عَرَصَاتِ تِلکَ الدّیَارِ الخَاوِیَةِ وَ الرّبُوعِ الخَالِیَةِ لَقَالَت ذَهَبُوا فِی الأَرضِ ضُلّالًا وَ ذَهَبتُم فِی أَعقَابِهِم جُهّالًا تَطَئُونَ فِی هَامِهِم وَ تَستَنبِتُونَ فِی أَجسَادِهِم وَ تَرتَعُونَ فِیمَا لَفَظُوا وَ تَسکُنُونَ فِیمَا خَرّبُوا وَ إِنّمَا الأَیّامُ بَینَکُم وَ بَینَهُم بَوَاکٍ وَ نَوَائِحُ عَلَیکُم أُولَئِکُم سَلَفُ غَایَتِکُم وَ فُرّاطُ مَنَاهِلِکُم الّذِینَ کَانَت لَهُم مَقَاوِمُ العِزّ وَ حَلَبَاتُ الفَخرِ مُلُوکاً وَ سُوَقاً
-قرآن-1-45

ص 339
سَلَکُوا فِی بُطُونِ البَرزَخِ سَبِیلًا سُلّطَتِ الأَرضُ عَلَیهِم فِیهِ فَأَکَلَت مِن لُحُومِهِم وَ شَرِبَت مِن دِمَائِهِم فَأَصبَحُوا فِی فَجَوَاتِ قُبُورِهِم جَمَاداً لَا یَنمُونَ وَ ضِمَاراً لَا یُوجَدُونَ لَا یُفزِعُهُم وُرُودُ الأَهوَالِ وَ لَا یَحزُنُهُم تَنَکّرُ الأَحوَالِ وَ لَا یَحفِلُونَ بِالرّوَاجِفِ وَ لَا یَأذَنُونَ لِلقَوَاصِفِ غُیّباً لَا یُنتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لَا یَحضُرُونَ وَ إِنّمَا کَانُوا جَمِیعاً فَتَشَتّتُوا وَ آلَافاً فَافتَرَقُوا وَ مَا عَن طُولِ عَهدِهِم وَ لَا بُعدِ مَحَلّهِم عَمِیَت أَخبَارُهُم وَ صَمّت دِیَارُهُم وَ لَکِنّهُم سُقُوا کَأساً بَدّلَتهُم بِالنّطقِ خَرَساً وَ بِالسّمعِ صَمَماً وَ بِالحَرَکَاتِ سُکُوناً فَکَأَنّهُم فِی ارتِجَالِ الصّفَةِ صَرعَی سُبَاتٍ جِیرَانٌ لَا یَتَأَنّسُونَ وَ أَحِبّاءُ لَا یَتَزَاوَرُونَ بَلِیَت بَینَهُم عُرَا التّعَارُفِ وَ انقَطَعَت مِنهُم أَسبَابُ الإِخَاءِ فَکُلّهُم وَحِیدٌ وَ هُم جَمِیعٌ وَ بِجَانِبِ الهَجرِ وَ هُم أَخِلّاءُ لَا یَتَعَارَفُونَ لِلَیلٍ صَبَاحاً وَ لَا لِنَهَارٍ مَسَاءً أَیّ الجَدِیدَینِ ظَعَنُوا فِیهِ کَانَ عَلَیهِم سَرمَداً شَاهَدُوا مِن أَخطَارِ دَارِهِم أَفظَعَ مِمّا خَافُوا وَ رَأَوا مِن آیَاتِهَا أَعظَمَ مِمّا قَدّرُوا فَکِلتَا الغَایَتَینِ مُدّت لَهُم إِلَی مَبَاءَةٍ فَاتَت مَبَالِغَ الخَوفِ وَ الرّجَاءِ فَلَو کَانُوا یَنطِقُونَ بِهَا لَعَیّوا بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَایَنُوا
ص 340
وَ لَئِن عَمِیَت آثَارُهُم وَ انقَطَعَت أَخبَارُهُم لَقَد رَجَعَت فِیهِم أَبصَارُ العِبَرِ وَ سَمِعَت عَنهُم آذَانُ العُقُولِ وَ تَکَلّمُوا مِن غَیرِ جِهَاتِ النّطقِ فَقَالُوا کَلَحَتِ الوُجُوهُ النّوَاضِرُ وَ خَوَتِ الأَجسَامُ النّوَاعِمُ وَ لَبِسنَا أَهدَامَ البِلَی وَ تَکَاءَدَنَا ضِیقُ المَضجَعِ وَ تَوَارَثنَا الوَحشَةَ وَ تَهَکّمَت عَلَینَا الرّبُوعُ الصّمُوتُ فَانمَحَت مَحَاسِنُ أَجسَادِنَا وَ تَنَکّرَت مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَت فِی مَسَاکِنِ الوَحشَةِ إِقَامَتُنَا وَ لَم نَجِد مِن کَربٍ فَرَجاً وَ لَا مِن ضِیقٍ مُتّسَعاً فَلَو مَثّلتَهُم بِعَقلِکَ أَو کُشِفَ عَنهُم مَحجُوبُ الغِطَاءِ لَکَ وَ قَدِ ارتَسَخَت أَسمَاعُهُم بِالهَوَامّ فَاستَکّت وَ اکتَحَلَت أَبصَارُهُم بِالتّرَاب فَخَسَفَت وَ تَقَطّعَتِ الأَلسِنَةُ فِی أَفوَاهِهِم بَعدَ ذَلَاقَتِهَا وَ هَمَدَتِ القُلُوبُ فِی صُدُورِهِم بَعدَ یَقَظَتِهَا وَ عَاثَ فِی کُلّ جَارِحَةٍ مِنهُم جَدِیدُ بِلًی سَمّجَهَا وَ سَهّلَ طُرُقَ الآفَةِ إِلَیهَا مُستَسلِمَاتٍ فَلَا أَیدٍ تَدفَعُ وَ لَا قُلُوبٌ تَجزَعُ لَرَأَیتَ أَشجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقذَاءَ عُیُونٍ لَهُم فِی کُلّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنتَقِلُ وَ غَمرَةٌ لَا تنَجلَیِ فَکَم أَکَلَتِ الأَرضُ مِن عَزِیزِ جَسَدٍ وَ أَنِیقِ لَونٍ کَانَ فِی الدّنیَا غذَیِ‌ّ تَرَفٍ وَ رَبِیبَ شَرَفٍ یَتَعَلّلُ بِالسّرُورِ فِی سَاعَةِ حُزنِهِ وَ یَفزَعُ إِلَی السّلوَةِ إِن مُصِیبَةٌ نَزَلَت بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَیشِهِ

ص 341
وَ شَحَاحَةً بِلَهوِهِ وَ لَعِبِهِ فَبَینَا هُوَ یَضحَکُ إِلَی الدّنیَا وَ تَضحَکُ إِلَیهِ فِی ظِلّ عَیشٍ غَفُولٍ إِذ وَطِئَ الدّهرُ بِهِ حَسَکَهُ وَ نَقَضَتِ الأَیّامُ قُوَاهُ وَ نَظَرَت إِلَیهِ الحُتُوفُ مِن کَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثّ لَا یَعرِفُهُ وَ نجَیِ‌ّ هَمّ مَا کَانَ یَجِدُهُ وَ تَوَلّدَت فِیهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا کَانَ بِصِحّتِهِ فَفَزِعَ إِلَی مَا کَانَ عَوّدَهُ الأَطِبّاءُ مِن تَسکِینِ الحَارّ بِالقَارّ وَ تَحرِیکِ البَارِدِ بِالحَارّ فَلَم یُطفِئ بِبَارِدٍ إِلّا ثَوّرَ حَرَارَةً وَ لَا حَرّکَ بِحَارّ إِلّا هَیّجَ بُرُودَةً وَ لَا اعتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلکَ الطّبَائِعِ إِلّا أَمَدّ مِنهَا کُلّ ذَاتِ دَاءٍ حَتّی فَتَرَ مُعَلّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرّضُهُ وَ تَعَایَا أَهلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَن جَوَابِ السّاِئِلینَ عَنهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شجَیِ‌ّ خَبَرٍ یَکتُمُونَهُ فَقَائِلٌ یَقُولُ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنّ لَهُم إِیَابَ عَافِیَتِهِ وَ مُصَبّرٌ لَهُم عَلَی فَقدِهِ یُذَکّرُهُم أُسَی المَاضِینَ مِن قَبلِهِ فَبَینَا هُوَ کَذَلِکَ عَلَی جَنَاحٍ مِن فِرَاقِ الدّنیَا وَ تَرکِ الأَحِبّةِ إِذ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِن غُصَصِهِ فَتَحَیّرَت نَوَافِذُ فِطنَتِهِ وَ یَبِسَت رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَکَم مِن مُهِمّ مِن جَوَابِهِ عَرَفَهُ فعَیَ‌ّ عَن رَدّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤلِمٍ بِقَلبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامّ عَنهُ مِن کَبِیرٍ کَانَ یُعَظّمُهُ أَو صَغِیرٍ کَانَ یَرحَمُهُ وَ إِنّ لِلمَوتِ لَغَمَرَاتٍ هیِ‌َ أَفظَعُ مِن أَن تُستَغرَقَ بِصِفَةٍ أَو تَعتَدِلَ عَلَی عُقُولِ أَهلِ الدّنیَا
ص 342

222- و من کلام له ع قاله

عندتلاوته
یُسَبّحُ لَهُ فِیها بِالغُدُوّ وَ الآصالِ رِجالٌ لا تُلهِیهِم تِجارَةٌ وَ لا بَیعٌ عَن ذِکرِ اللّهِ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَی جَعَلَ الذّکرَ جِلاءً لِلقُلُوبِ تَسمَعُ بِهِ بَعدَ الوَقرَةِ وَ تُبصِرُ بِهِ بَعدَ العَشوَةِ وَ تَنقَادُ بِهِ بَعدَ المُعَانَدَةِ وَ مَا بَرِحَ لِلّهِ عَزّت آلَاؤُهُ فِی البُرهَةِ بَعدَ البُرهَةِ وَ فِی أَزمَانِ الفَتَرَاتِ عِبَادٌ نَاجَاهُم فِی فِکرِهِم وَ کَلّمَهُم فِی ذَاتِ عُقُولِهِم فَاستَصبَحُوا بِنُورِ یَقَظَةٍ فِی الأَبصَارِ وَ الأَسمَاعِ وَ الأَفئِدَةِ یُذَکّرُونَ بِأَیّامِ اللّهِ وَ یُخَوّفُونَ مَقَامَهُ بِمَنزِلَةِ الأَدِلّةِ فِی الفَلَوَاتِ مَن أَخَذَ القَصدَ حَمِدُوا إِلَیهِ طَرِیقَهُ وَ بَشّرُوهُ بِالنّجَاةِ وَ مَن أَخَذَ یَمِیناً وَ شِمَالًا ذَمّوا إِلَیهِ الطّرِیقَ وَ حَذّرُوهُ مِنَ الهَلَکَةِ وَ کَانُوا کَذَلِکَ مَصَابِیحَ تِلکَ الظّلُمَاتِ وَ أَدِلّةَ تِلکَ الشّبُهَاتِ وَ إِنّ لِلذّکرِ لَأَهلًا أَخَذُوهُ مِنَ الدّنیَا بَدَلًا فَلَم تَشغَلهُم تِجَارَةٌ وَ لَا بَیعٌ عَنهُ یَقطَعُونَ بِهِ أَیّامَ الحَیَاةِ وَ یَهتِفُونَ بِالزّوَاجِرِ عَن مَحَارِمِ اللّهِ فِی أَسمَاعِ الغَافِلِینَ وَ یَأمُرُونَ بِالقِسطِ وَ یَأتَمِرُونَ بِهِ وَ یَنهَونَ عَنِ المُنکَرِ وَ یَتَنَاهَونَ عَنهُ فَکَأَنّمَا قَطَعُوا الدّنیَا إِلَی الآخِرَةِ وَ هُم فِیهَا فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِکَ فَکَأَنّمَا اطّلَعُوا غُیُوبَ أَهلِ البَرزَخِ
-قرآن-1-99

ص 343
فِی طُولِ الإِقَامَةِ فِیهِ وَ حَقّقَتِ القِیَامَةُ عَلَیهِم عِدَاتِهَا فَکَشَفُوا غِطَاءَ ذَلِکَ لِأَهلِ الدّنیَا حَتّی کَأَنّهُم یَرَونَ مَا لَا یَرَی النّاسُ وَ یَسمَعُونَ مَا لَا یَسمَعُونَ فَلَو مَثّلتَهُم لِعَقلِکَ فِی مَقَاوِمِهِمُ المَحمُودَةِ وَ مَجَالِسِهِمُ المَشهُودَةِ وَ قَد نَشَرُوا دَوَاوِینَ أَعمَالِهِم وَ فَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنفُسِهِم عَلَی کُلّ صَغِیرَةٍ وَ کَبِیرَةٍ أُمِرُوا بِهَا فَقَصّرُوا عَنهَا أَو نُهُوا عَنهَا فَفَرّطُوا فیهَا وَ حَمّلُوا ثِقَلَ أَوزَاِرِهم ظُهُورَهُم فَضَعُفُوا عَنِ الِاستِقلَالِ بِهَا فَنَشَجُوا نَشِیجاً وَ تَجَاوَبُوا نَحِیباً یَعِجّونَ إِلَی رَبّهِم مِن مَقَامِ نَدَمٍ وَ اعتِرَافٍ لَرَأَیتَ أَعلَامَ هُدًی وَ مَصَابِیحَ دُجًی قَد حَفّت بِهِمُ المَلَائِکَةُ وَ تَنَزّلَت عَلَیهِمُ السّکِینَةُ وَ فُتِحَت لَهُم أَبوَابُ السّمَاءِ وَ أُعِدّت لَهُم مَقَاعِدُ الکَرَامَاتِ فِی مَقعَدٍ اطّلَعَ اللّهُ عَلَیهِم فِیهِ فرَضَیِ‌َ سَعیَهُم وَ حَمِدَ مَقَامَهُم یَتَنَسّمُونَ بِدُعَائِهِ رَوحَ التّجَاوُزِ رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَی فَضلِهِ وَ أُسَارَی ذِلّةٍ لِعَظَمَتِهِ جَرَحَ طُولُ الأَسَی قُلُوبَهُم وَ طُولُ البُکَاءِ عُیُونَهُم لِکُلّ بَابِ رَغبَةٍ إِلَی اللّهِ مِنهُم یَدٌ قَارِعَةٌ یَسأَلُونَ مَن لَا تَضِیقُ لَدَیهِ المَنَادِحُ وَ لَا یَخِیبُ عَلَیهِ الرّاغِبُونَ فَحَاسِب نَفسَکَ لِنَفسِکَ فَإِنّ غَیرَهَا مِنَ الأَنفُسِ لَهَا حَسِیبٌ غَیرُکَ
ص 344

223- و من کلام له ع قاله

عندتلاوته
یا أَیّهَا الإِنسانُ ما غَرّکَ بِرَبّکَ الکَرِیمِأَدحَضُ مَسئُولٍ حُجّةً وَ أَقطَعُ مُغتَرّ مَعذِرَةً لَقَد أَبرَحَ جَهَالَةً بِنَفسِهِ یَا أَیّهَا الإِنسَانُ مَا جَرّأَکَ عَلَی ذَنبِکَ وَ مَا غَرّکَ بِرَبّکَ وَ مَا أَنّسَکَ بِهَلَکَةِ نَفسِکَ أَ مَا مِن دَائِکَ بُلُولٌ أَم لَیسَ مِن نَومَتِکَ یَقَظَةٌ أَ مَا تَرحَمُ مِن نَفسِکَ مَا تَرحَمُ مِن غَیرِکَ فَلَرُبّمَا تَرَی الضاّحیِ‌َ مِن حَرّ الشّمسِ فَتُظِلّهُ أَو تَرَی المُبتَلَی بِأَلَمٍ یُمِضّ جَسَدَهُ فتَبَکیِ رَحمَةً لَهُ فَمَا صَبّرَکَ عَلَی دَائِکَ وَ جَلّدَکَ عَلَی مُصَابِکَ وَ عَزّاکَ عَنِ البُکَاءِ عَلَی نَفسِکَ وَ هیِ‌َ أَعَزّ الأَنفُسِ عَلَیکَ وَ کَیفَ لَا یُوقِظُکَ خَوفُ بَیَاتِ نِقمَةٍ وَ قَد تَوَرّطتَ بِمَعَاصِیهِ مَدَارِجَ سَطَوَاتِهِ فَتَدَاوَ مِن دَاءِ الفَترَةِ فِی قَلبِکَ بِعَزِیمَةٍ وَ مِن کَرَی الغَفلَةِ فِی نَاظِرِکَ بِیَقَظَةٍ وَ کُن لِلّهِ مُطِیعاً وَ بِذِکرِهِ آنِساً وَ تَمَثّل فِی حَالِ تَوَلّیکَ عَنهُ إِقبَالَهُ عَلَیکَ یَدعُوکَ إِلَی عَفوِهِ وَ یَتَغَمّدُکَ بِفَضلِهِ وَ أَنتَ مُتَوَلّ عَنهُ إِلَی غَیرِهِ فَتَعَالَی مِن قوَیِ‌ّ مَا أَکرَمَهُ وَ تَوَاضَعتَ مِن ضَعِیفٍ مَا أَجرَأَکَ عَلَی مَعصِیَتِهِ وَ أَنتَ فِی کَنَفِ سِترِهِ
-قرآن-1-49

ص 345
مُقِیمٌ وَ فِی سَعَةِ فَضلِهِ مُتَقَلّبٌ فَلَم یَمنَعکَ فَضلَهُ وَ لَم یَهتِک عَنکَ سِترَهُ بَل لَم تَخلُ مِن لُطفِهِ مَطرَفَ عَینٍ فِی نِعمَةٍ یُحدِثُهَا لَکَ أَو سَیّئَةٍ یَستُرُهَا عَلَیکَ أَو بَلِیّةٍ یَصرِفُهَا عَنکَ فَمَا ظَنّکَ بِهِ لَو أَطَعتَهُ وَ ایمُ اللّهِ لَو أَنّ هَذِهِ الصّفَةَ کَانَت فِی مُتّفِقَینِ فِی القُوّةِ مُتَوَازِیَینِ فِی القُدرَةِ لَکُنتَ أَوّلَ حَاکِمٍ عَلَی نَفسِکَ بِذَمِیمِ الأَخلَاقِ وَ مسَاَو‌ِئِ الأَعمَالِ وَ حَقّاً أَقُولُ مَا الدّنیَا غَرّتکَ وَ لَکِن بِهَا اغتَرَرتَ وَ لَقَد کَاشَفَتکَ العِظَاتِ وَ آذَنَتکَ عَلَی سَوَاءٍ وَ لهَیِ‌َ بِمَا تَعِدُکَ مِن نُزُولِ البَلَاءِ بِجِسمِکَ وَ النّقصِ فِی قُوّتِکَ أَصدَقُ وَ أَوفَی مِن أَن تَکذِبَکَ أَو تَغُرّکَ وَ لَرُبّ نَاصِحٍ لَهَا عِندَکَ مُتّهَمٌ وَ صَادِقٍ مِن خَبَرِهَا مُکَذّبٌ وَ لَئِن تَعَرّفتَهَا فِی الدّیَارِ الخَاوِیَةِ وَ الرّبُوعِ الخَالِیَةِ لَتَجِدَنّهَا مِن حُسنِ تَذکِیرِکَ وَ بَلَاغِ مَوعِظَتِکَ بِمَحَلّةِ الشّفِیقِ عَلَیکَ وَ الشّحِیحِ بِکَ وَ لَنِعمَ دَارُ مَن لَم یَرضَ بِهَا دَاراً وَ مَحَلّ مَن لَم یُوَطّنهَا مَحَلّا وَ إِنّ السّعَدَاءَ بِالدّنیَا غَداً هُمُ الهَارِبُونَ مِنهَا الیَومَ إِذَا رَجَفَتِ الرّاجِفَةُ وَ حَقّت بِجَلَائِلِهَا القِیَامَةُ وَ لَحِقَ بِکُلّ مَنسَکٍ أَهلُهُ وَ بِکُلّ مَعبُودٍ عَبَدَتُهُ وَ بِکُلّ مُطَاعٍ أَهلُ طَاعَتِهِ فَلَم یُجزَ فِی عَدلِهِ وَ قِسطِهِ یَومَئِذٍ خَرقُ بَصَرٍ فِی الهَوَاءِ وَ لَا هَمسُ قَدَمٍ فِی الأَرضِ إِلّا بِحَقّهِ فَکَم حُجّةٍ یَومَ ذَاکَ دَاحِضَةٌ وَ عَلَائِقِ عُذرٍ مُنقَطِعَةٌ
ص 346
فَتَحَرّ مِن أَمرِکَ مَا یَقُومُ بِهِ عُذرُکَ وَ تَثبُتُ بِهِ حُجّتُکَ وَ خُذ مَا یَبقَی لَکَ مِمّا لَا تَبقَی لَهُ وَ تَیَسّر لِسَفَرِکَ وَ شِم بَرقَ النّجَاةِ وَ ارحَل مَطَایَا التّشمِیرِ

224- و من کلام له ع یتبرأ من الظلم

وَ اللّهِ لَأَن أَبِیتَ عَلَی حَسَکِ السّعدَانِ مُسَهّداً أَو أُجَرّ فِی الأَغلَالِ مُصَفّداً أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن أَن أَلقَی اللّهَ وَ رَسُولَهُ یَومَ القِیَامَةِ ظَالِماً لِبَعضِ العِبَادِ وَ غَاصِباً لشِیَ‌ءٍ مِنَ الحُطَامِ وَ کَیفَ أَظلِمُ أَحَداً لِنَفسٍ یُسرِعُ إِلَی البِلَی قُفُولُهَا وَ یَطُولُ فِی الثّرَی حُلُولُهَا وَ اللّهِ لَقَد رَأَیتُ عَقِیلًا وَ قَد أَملَقَ حَتّی استمَاَحنَیِ مِن بُرّکُم صَاعاً وَ رَأَیتُ صِبیَانَهُ شُعثَ الشّعُورِ غُبرَ الأَلوَانِ مِن فَقرِهِم کَأَنّمَا سُوّدَت وُجُوهُهُم بِالعِظلِمِ وَ عاَودَنَیِ مُؤَکّداً وَ کَرّرَ عَلَیّ القَولَ مُرَدّداً فَأَصغَیتُ إِلَیهِ سمَعیِ فَظَنّ أنَیّ أَبِیعُهُ دیِنیِ وَ أَتّبِعُ قِیَادَهُ مُفَارِقاً طرَیِقتَیِ فَأَحمَیتُ

ص 347
لَهُ حَدِیدَةً ثُمّ أَدنَیتُهَا مِن جِسمِهِ لِیَعتَبِرَ بِهَا فَضَجّ ضَجِیجَ ذیِ دَنَفٍ مِن أَلَمِهَا وَ کَادَ أَن یَحتَرِقَ مِن مِیسَمِهَا فَقُلتُ لَهُ ثَکِلَتکَ الثّوَاکِلُ یَا عَقِیلُ أَ تَئِنّ مِن حَدِیدَةٍ أَحمَاهَا إِنسَانُهَا لِلَعِبِهِ وَ تجَرُنّیِ إِلَی نَارٍ سَجَرَهَا جَبّارُهَا لِغَضَبِهِ أَ تَئِنّ مِنَ الأَذَی وَ لَا أَئِنّ مِن لَظَی وَ أَعجَبُ مِن ذَلِکَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلفُوفَةٍ فِی وِعَائِهَا وَ مَعجُونَةٍ شَنِئتُهَا کَأَنّمَا عُجِنَت بِرِیقِ حَیّةٍ أَو قَیئِهَا فَقُلتُ أَ صِلَةٌ أَم زَکَاةٌ أَم صَدَقَةٌ فَذَلِکَ مُحَرّمٌ عَلَینَا أَهلَ البَیتِ فَقَالَ لَا ذَا وَ لَا ذَاکَ وَ لَکِنّهَا هَدِیّةٌ فَقُلتُ هَبِلَتکَ الهَبُولُ أَ عَن دِینِ اللّهِ أتَیَتنَیِ لتِخَدعَنَیِ أَ مُختَبِطٌ أَنتَ أَم ذُو جِنّةٍ أَم تَهجُرُ وَ اللّهِ لَو أُعطِیتُ الأَقَالِیمَ السّبعَةَ بِمَا تَحتَ أَفلَاکِهَا عَلَی أَن أعَصیِ‌َ اللّهَ فِی نَملَةٍ أَسلُبُهَا جُلبَ شَعِیرَةٍ مَا فَعَلتُهُ وَ إِنّ دُنیَاکُم عنِدیِ لَأَهوَنُ مِن وَرَقَةٍ فِی فَمِ جَرَادَةٍ تَقضَمُهَا مَا لعِلَیِ‌ّ وَ لِنَعِیمٍ یَفنَی وَ لَذّةٍ لَا تَبقَی نَعُوذُ بِاللّهِ مِن سُبَاتِ العَقلِ وَ قُبحِ الزّلَلِ وَ بِهِ نَستَعِینُ

225- و من دعاء له ع یلتجئ إلی اللّه أن یغنیه

أللّهُمّ صُن وجَهیِ بِالیَسَارِ وَ لَا تَبذُل جاَهیِ‌َ

ص 348
بِالإِقتَارِ فَأَستَرزِقَ طاَلبِیِ رِزقِکَ وَ أَستَعطِفَ شِرَارَ خَلقِکَ وَ أُبتَلَی بِحَمدِ مَن أعَطاَنیِ وَ أُفتَتَنَ بِذَمّ مَن منَعَنَیِ وَ أَنتَ مِن وَرَاءِ ذَلِکَ کُلّهِ ولَیِ‌ّ الإِعطَاءِ وَ المَنعِإِنّکَ عَلی کُلّ شَیءٍ قَدِیرٌ
-قرآن-209-238

226- و من خطبة له ع فی التنفیر من الدنیا

دَارٌ بِالبَلَاءِ مَحفُوفَةٌ وَ بِالغَدرِ مَعرُوفَةٌ لَا تَدُومُ أَحوَالُهَا وَ لَا یَسلَمُ نُزّالُهَا أَحوَالٌ مُختَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرّفَةٌ العَیشُ فِیهَا مَذمُومٌ وَ الأَمَانُ مِنهَا مَعدُومٌ وَ إِنّمَا أَهلُهَا فِیهَا أَغرَاضٌ مُستَهدَفَةٌ تَرمِیهِم بِسِهَامِهَا وَ تُفنِیهِم بِحِمَامِهَا وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّکُم وَ مَا أَنتُم فِیهِ مِن هَذِهِ الدّنیَا عَلَی سَبِیلِ مَن قَد مَضَی قَبلَکُم مِمّن کَانَ أَطوَلَ مِنکُم أَعمَاراً وَ أَعمَرَ دِیَاراً وَ أَبعَدَ آثَاراً أَصبَحَت أَصوَاتُهُم هَامِدَةً وَ رِیَاحُهُم رَاکِدَةً وَ أَجسَادُهُم بَالِیَةً وَ دِیَارُهُم خَالِیَةً وَ آثَارُهُم عَافِیَةً فَاستَبدَلُوا بِالقُصُورِ المَشَیّدَةِ وَ النّمَارِقِ المُمَهّدَةِ الصّخُورَ وَ الأَحجَارَ المُسَنّدَةَ وَ القُبُورَ اللّاطِئَةَ المُلحَدَةَ التّیِ قَد بنُیِ‌َ عَلَی

ص 349
الخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَ شُیّدَ بِالتّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلّهَا مُقتَرِبٌ وَ سَاکِنُهَا مُغتَرِبٌ بَینَ أَهلِ مَحَلّةٍ مُوحِشِینَ وَ أَهلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِینَ لَا یَستَأنِسُونَ بِالأَوطَانِ وَ لَا یَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الجِیرَانِ عَلَی مَا بَینَهُم مِن قُربِ الجِوَارِ وَ دُنُوّ الدّارِ وَ کَیفَ یَکُونُ بَینَهُم تَزَاوُرٌ وَ قَد طَحَنَهُم بِکَلکَلِهِ البِلَی وَ أَکَلَتهُمُ الجَنَادِلُ وَ الثّرَی وَ کَأَن قَد صِرتُم إِلَی مَا صَارُوا إِلَیهِ وَ ارتَهَنَکُم ذَلِکَ المَضجَعُ وَ ضَمّکُم ذَلِکَ المُستَودَعُ فَکَیفَ بِکُم لَو تَنَاهَت بِکُمُ الأُمُورُ وَ بُعثِرَتِ القُبُورُهُنالِکَ تَبلُوا کُلّ نَفسٍ ما أَسلَفَت وَ رُدّوا إِلَی اللّهِ مَولاهُمُ الحَقّ وَ ضَلّ عَنهُم ما کانُوا یَفتَرُونَ
-قرآن-582-696

227- و من دعاء له ع یلجأ فیه إلی اللّه لیهدیه إلی الرشاد

أللّهُمّ إِنّکَ آنَسُ الآنِسِینَ لِأَولِیَائِکَ وَ أَحضَرُهُم بِالکِفَایَةِ لِلمُتَوَکّلِینَ عَلَیکَ تُشَاهِدُهُم فِی سَرَائِرِهِم وَ تَطّلِعُ عَلَیهِم فِی ضَمَائِرِهِم وَ تَعلَمُ مَبلَغَ بَصَائِرِهِم فَأَسرَارُهُم لَکَ مَکشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُم إِلَیکَ مَلهُوفَةٌ إِن أَوحَشَتهُمُ الغُربَةُ آنَسَهُم ذِکرُکَ وَ إِن صُبّت عَلَیهِمُ المَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَی الِاستِجَارَةِ بِکَ عِلماً بِأَنّ أَزِمّةَ الأُمُورِ بِیَدِکَ وَ مَصَادِرَهَا عَن قَضَائِکَ

ص 350
أللّهُمّ إِن فَهِهتُ عَن مسَألَتَیِ أَو عَمِیتُ عَن طلِبتَیِ فدَلُنّیِ عَلَی مصَاَلحِیِ وَ خُذ بقِلَبیِ إِلَی مرَاَشدِیِ فَلَیسَ ذَلِکَ بِنُکرٍ مِن هِدَایَاتِکَ وَ لَا بِبِدعٍ مِن کِفَایَاتِکَ أللّهُمّ احملِنیِ عَلَی عَفوِکَ وَ لَا تحَملِنیِ عَلَی عَدلِکَ

228- و من کلام له ع یرید به بعض أصحابه

لِلّهِ بَلَاءُ فُلَانٍ فَلَقَد قَوّمَ الأَوَدَ وَ دَاوَی العَمَدَ وَ أَقَامَ السّنّةَ وَ خَلّفَ الفِتنَةَ ذَهَبَ نقَیِ‌ّ الثّوبِ قَلِیلَ العَیبِ أَصَابَ خَیرَهَا وَ سَبَقَ شَرّهَا أَدّی إِلَی اللّهِ طَاعَتَهُ وَ اتّقَاهُ بِحَقّهِ رَحَلَ وَ تَرَکَهُم فِی طُرُقٍ مُتَشَعّبَةٍ لَا یهَتدَیِ بِهَا الضّالّ وَ لَا یَستَیقِنُ المهُتدَیِ‌

229- و من کلام له ع فی وصف بیعته بالخلافة

قال الشریف و قدتقدم مثله بألفاظ مختلفة.
-روایت-1-45
وَ بَسَطتُم یدَیِ فَکَفَفتُهَا وَ مَدَدتُمُوهَا فَقَبَضتُهَا ثُمّ تَدَاکَکتُم عَلَیّ تَدَاکّ الإِبِلِ الهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَومَ وِردِهَا حَتّی انقَطَعَتِ

ص 351
النّعلُ وَ سَقَطَ الرّدَاءُ وَ وُطِئَ الضّعِیفُ وَ بَلَغَ مِن سُرُورِ النّاسِ بِبَیعَتِهِم إیِاّی‌َ أَنِ ابتَهَجَ بِهَا الصّغِیرُ وَ هَدَجَ إِلَیهَا الکَبِیرُ وَ تَحَامَلَ نَحوَهَا العَلِیلُ وَ حَسَرَت إِلَیهَا الکِعَابُ

230- و من خطبة له ع فی مقاصد أخری

اشاره

فَإِنّ تَقوَی اللّهِ مِفتَاحُ سَدَادٍ وَ ذَخِیرَةُ مَعَادٍ وَ عِتقٌ مِن کُلّ مَلَکَةٍ وَ نَجَاةٌ مِن کُلّ هَلَکَةٍ بِهَا یَنجَحُ الطّالِبُ وَ یَنجُو الهَارِبُ وَ تُنَالُ الرّغَائِبُ

فضل العمل

فَاعمَلُوا وَ العَمَلُ یُرفَعُ وَ التّوبَةُ تَنفَعُ وَ الدّعَاءُ یُسمَعُ وَ الحَالُ هَادِئَةٌ وَ الأَقلَامُ جَارِیَةٌ وَ بَادِرُوا بِالأَعمَالِ عُمُراً نَاکِساً أَو مَرَضاً حَابِساً أَو مَوتاً خَالِساً فَإِنّ المَوتَ هَادِمُ لَذّاتِکُم وَ مُکَدّرُ شَهَوَاتِکُم وَ مُبَاعِدُ طِیّاتِکُم زَائِرٌ غَیرُ مَحبُوبٍ وَ قِرنٌ غَیرُ مَغلُوبٍ وَ وَاتِرٌ غَیرُ مَطلُوبٍ قَد أَعلَقَتکُم حَبَائِلُهُ وَ تَکَنّفَتکُم غَوَائِلُهُ وَ أَقصَدَتکُم مَعَابِلُهُ وَ عَظُمَت فِیکُم سَطوَتُهُ وَ تَتَابَعَت عَلَیکُم عَدوَتُهُ

ص 352
وَ قَلّت عَنکُم نَبوَتُهُ فَیُوشِکُ أَن تَغشَاکُم دوَاَجیِ ظُلَلِهِ وَ احتِدَامُ عِلَلِهِ وَ حَنَادِسُ غَمَرَاتِهِ وَ غوَاَشیِ سَکَرَاتِهِ وَ أَلِیمُ إِرهَاقِهِ وَ دُجُوّ أَطبَاقِهِ وَ جُشُوبَةُ مَذَاقِهِ فَکَأَن قَد أَتَاکُم بَغتَةً فَأَسکَتَ نَجِیّکُم وَ فَرّقَ نَدِیّکُم وَ عَفّی آثَارَکُم وَ عَطّلَ دِیَارَکُم وَ بَعَثَ وُرّاثَکُم یَقتَسِمُونَ تُرَاثَکُم بَینَ حَمِیمٍ خَاصّ لَم یَنفَع وَ قَرِیبٍ مَحزُونٍ لَم یَمنَع وَ آخَرَ شَامِتٍ لَم یَجزَع

فضل الجد

فَعَلَیکُم بِالجَدّ وَ الِاجتِهَادِ وَ التّأَهّبِ وَ الِاستِعدَادِ وَ التّزَوّدِ فِی مَنزِلِ الزّادِ وَ لَا تَغُرّنّکُمُ الحَیَاةُ الدّنیَا کَمَا غَرّت مَن کَانَ قَبلَکُم مِنَ الأُمَمِ المَاضِیَةِ وَ القُرُونِ الخَالِیَةِ الّذِینَ احتَلَبُوا دِرّتَهَا وَ أَصَابُوا غِرّتَهَا وَ أَفنَوا عِدّتَهَا وَ أَخلَقُوا جِدّتَهَا وَ أَصبَحَت مَسَاکِنُهُم أَجدَاثاً وَ أَموَالُهُم مِیرَاثاً لَا یَعرِفُونَ مَن أَتَاهُم وَ لَا یَحفِلُونَ مَن بَکَاهُم وَ لَا یُجِیبُونَ مَن دَعَاهُم فَاحذَرُوا الدّنیَا فَإِنّهَا غَدّارَةٌ غَرّارَةٌ خَدُوعٌ مُعطِیَةٌ مَنُوعٌ مُلبِسَةٌ نَزُوعٌ لَا یَدُومُ رَخَاؤُهَا وَ لَا ینَقضَیِ عَنَاؤُهَا وَ لَا یَرکُدُ بَلَاؤُهَا
ومنها فی صفة الزهاد
کَانُوا قَوماً مِن أَهلِ الدّنیَا وَ لَیسُوا مِن أَهلِهَا فَکَانُوا

ص 353
فِیهَا کَمَن لَیسَ مِنهَا عَمِلُوا فِیهَا بِمَا یُبصِرُونَ وَ بَادَرُوا فِیهَا مَا یَحذَرُونَ تَقَلّبُ أَبدَانِهِم بَینَ ظهَراَنیَ أَهلِ الآخِرَةِ وَ یَرَونَ أَهلَ الدّنیَا یُعَظّمُونَ مَوتَ أَجسَادِهِم وَ هُم أَشَدّ إِعظَاماً لِمَوتِ قُلُوبِ أَحیَائِهِم

231- و من خطبة له ع خطبها بذی قار و هومتوجه إلی البصرة ذکرها الواقدی فی کتاب «الجمل »

فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلّغَ رِسَالَاتِ رَبّهِ فَلَمّ اللّهُ بِهِ الصّدعَ وَ رَتَقَ بِهِ الفَتقَ وَ أَلّفَ بِهِ الشّملَ بَینَ ذوَیِ الأَرحَامِ بَعدَ العَدَاوَةِ الوَاغِرَةِ فِی الصّدُورِ وَ الضّغَائِنِ القَادِحَةِ فِی القُلُوبِ

232- و من کلام له ع کلم به عبد الله بن زمعة و هو من شیعته ، و ذلک أنه قدم علیه فی خلافته یطلب منه مالا

فقال ع إِنّ هَذَا المَالَ لَیسَ لِی وَ لَا لَکَ وَ إِنّمَا هُوَ فیَ‌ءٌ لِلمُسلِمِینَ وَ جَلبُ أَسیَافِهِم فَإِن شَرِکتَهُم فِی حَربِهِم کَانَ لَکَ مِثلُ حَظّهِم وَ إِلّا فَجَنَاةُ أَیدِیهِم لَا تَکُونُ لِغَیرِ أَفوَاهِهِم

ص 354

233- و من کلام له ع بعد أن أقدم أحدهم عل الکلام فحصر، و هو فی فضل أهل البیت ، ووصف فساد الزمان

اشاره

أَلَا وَ إِنّ اللّسَانَ بَضعَةٌ مِنَ الإِنسَانِ فَلَا یُسعِدُهُ القَولُ إِذَا امتَنَعَ وَ لَا یُمهِلُهُ النّطقُ إِذَا اتّسَعَ وَ إِنّا لَأُمَرَاءُ الکَلَامِ وَ فِینَا تَنَشّبَت عُرُوقُهُ وَ عَلَینَا تَهَدّلَت غُصُونُهُ

فساد الزمان

وَ اعلَمُوا رَحِمَکُمُ اللّهُ أَنّکُم فِی زَمَانٍ القَائِلُ فِیهِ بِالحَقّ قَلِیلٌ وَ اللّسَانُ عَنِ الصّدقِ کَلِیلٌ وَ اللّازِمُ لِلحَقّ ذَلِیلٌ أَهلُهُ مُعتَکِفُونَ عَلَی العِصیَانِ مُصطَلِحُونَ عَلَی الإِدهَانِ فَتَاهُم عَارِمٌ وَ شَائِبُهُم آثِمٌ وَ عَالِمُهُم مُنَافِقٌ وَ قَارِنُهُم مُمَاذِقٌ لَا یُعَظّمُ صَغِیرُهُم کَبِیرَهُم وَ لَا یَعُولُ غَنِیّهُم فَقِیرَهُم

234- و من کلام له ع

رَوَی ذِعلَبٌ الیمَاَمیِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ قُتَیبَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ یَزِیدَ عَن مَالِکِ بنِ دِحیَةَ قَالَ کُنّا
عِندَ أَمِیرِ المُؤمنِیِنَ ع وَ قَد ذُکِرَ عِندَهُ اختِلَافُ النّاسِ فَقَالَ
إِنّمَا فَرّقَ بَینَهُم مبَاَد‌ِئُ طِینِهِم وَ ذَلِکَ أَنّهُم کَانُوا فِلقَةً

ص 355
مِن سَبَخِ أَرضٍ وَ عَذبِهَا وَ حَزنِ تُربَةٍ وَ سَهلِهَا فَهُم عَلَی حَسَبِ قُربِ أَرضِهِم یَتَقَارَبُونَ وَ عَلَی قَدرِ اختِلَافِهَا یَتَفَاوَتُونَ فَتَامّ الرّوَاءِ نَاقِصُ العَقلِ وَ مَادّ القَامَةِ قَصِیرُ الهِمّةِ وَ زاَکیِ العَمَلِ قَبِیحُ المَنظَرِ وَ قَرِیبُ القَعرِ بَعِیدُ السّبرِ وَ مَعرُوفُ الضّرِیبَةِ مُنکَرُ الجَلِیبَةِ وَ تَائِهُ القَلبِ مُتَفَرّقُ اللّبّ وَ طَلِیقُ اللّسَانِ حَدِیدُ الجَنَانِ

235- وَ مِن کَلَامٍ لَهُ ع قَالَهُ وَ هُوَ یلَیِ غُسلَ رَسُولِ اللّهِص وَ تَجهِیزَهُ

بأِبَیِ أَنتَ وَ أمُیّ یَا رَسُولَ اللّهِ لَقَدِ انقَطَعَ بِمَوتِکَ مَا لَم یَنقَطِع بِمَوتِ غَیرِکَ مِنَ النّبُوّةِ وَ الإِنبَاءِ وَ أَخبَارِ السّمَاءِ خَصّصتَ حَتّی صِرتَ مُسَلّیاً عَمّن سِوَاکَ وَ عَمّمتَ حَتّی صَارَ النّاسُ فِیکَ سَوَاءً وَ لَو لَا أَنّکَ أَمَرتَ بِالصّبرِ وَ نَهَیتَ عَنِ الجَزَعِ لَأَنفَدنَا عَلَیکَ مَاءَ الشّئُونِ وَ لَکَانَ الدّاءُ مُمَاطِلًا وَ الکَمَدُ مُحَالِفاً وَ قَلّا لَکَ وَ لَکِنّهُ مَا لَا یُملَکُ رَدّهُ وَ لَا یُستَطَاعُ دَفعُهُ بأِبَیِ أَنتَ وَ أمُیّ اذکُرنَا
عِندَ رَبّکَ وَ اجعَلنَا مِن بَالِکَ

ص 356

236- و من کلام له ع اقتص فیه ذکر ما کان منه بعدهجرة النبی ص ثم لحاقه به

فَجَعَلتُ أَتبَعُ مَأخَذَ رَسُولِ اللّهِص فَأَطَأُ ذِکرَهُ حَتّی انتَهَیتُ إِلَی العَرَجِ
قال السید الشریف رضی الله عنه فی کلام طویل قوله ع فأطأ ذکره من الکلام ألذی رمی به إلی غایتی الإیجاز والفصاحة أراد أنی کنت أعطی خبره ص من بدء خروجی إلی أن انتهیت إلی هذاالموضع فکنی عن ذلک بهذه الکنایة العجیبة
-روایت-1-235

237- و من خطبة له ع فی المسارعة إلی العمل

فَاعمَلُوا وَ أَنتُم فِی نَفَسِ البَقَاءِ وَ الصّحُفُ مَنشُورَةٌ وَ التّوبَةُ مَبسُوطَةٌ وَ المُدبِرُ یُدعَی وَ المسُیِ‌ءُ یُرجَی قَبلَ أَن یَخمُدَ العَمَلُ وَ یَنقَطِعَ المَهَلُ وَ ینَقضَیِ‌َ الأَجَلُ وَ یُسَدّ بَابُ التّوبَةِ وَ تَصعَدَ المَلَائِکَةُ فَأَخَذَ امرُؤٌ مِن نَفسِهِ لِنَفسِهِ وَ أَخَذَ مِن حیَ‌ّ لِمَیّتٍ وَ مِن فَانٍ لِبَاقٍ وَ مِن ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ امرُؤٌ خَافَ اللّهَ وَ هُوَ مُعَمّرٌ إِلَی أَجَلِهِ وَ مَنظُورٌ إِلَی عَمَلِهِ امرُؤٌ أَلجَمَ نَفسَهُ بِلِجَامِهَا وَ زَمّهَا بِزِمَامِهَا فَأَمسَکَهَا بِلِجَامِهَا عَن معَاَصیِ اللّهِ وَ قَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلَی طَاعَةِ اللّهِ

ص 357

238- و من کلام له ع فی شأن الحکمین وذم أهل الشام

جُفَاةٌ طَغَامٌ وَ عَبِیدٌ أَقزَامٌ جُمِعُوا مِن کُلّ أَوبٍ وَ تُلُقّطُوا مِن کُلّ شَوبٍ مِمّن ینَبغَیِ أَن یُفَقّهَ وَ یُؤَدّبَ وَ یُعَلّمَ وَ یُدَرّبَ وَ یُوَلّی عَلَیهِ وَ یُؤخَذَ عَلَی یَدَیهِ لَیسُوا مِنَ المُهَاجِرِینَ وَ الأَنصَارِ وَ لَا مِنَالّذِینَ تَبَوّؤُا الدّارَ وَ الإِیمانَأَلَا وَ إِنّ القَومَ اختَارُوا لِأَنفُسِهِم أَقرَبَ القَومِ مِمّا تُحِبّونَ وَ إِنّکُمُ اختَرتُم لِأَنفُسِکُم أَقرَبَ القَومِ مِمّا تَکرَهُونَ وَ إِنّمَا عَهدُکُم بِعَبدِ اللّهِ بنِ قَیسٍ بِالأَمسِ یَقُولُ إِنّهَا فِتنَةٌ فَقَطّعُوا أَوتَارَکُم وَ شِیمُوا سُیُوفَکُم فَإِن کَانَ صَادِقاً فَقَد أَخطَأَ بِمَسِیرِهِ غَیرَ مُستَکرَهٍ وَ إِن کَانَ کَاذِباً فَقَد لَزِمَتهُ التّهَمَةُ فَادفَعُوا فِی صَدرِ عَمرِو بنِ العَاصِ بِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ وَ خُذُوا مَهَلَ الأَیّامِ وَ حُوطُوا قوَاَصیِ‌َ الإِسلَامِ أَ لَا تَرَونَ إِلَی بِلَادِکُم تُغزَی وَ إِلَی صَفَاتِکُم تُرمَی
-قرآن-252-290

239- و من خطبة له ع یذکر فیهاآل محمدص

هُم عَیشُ العِلمِ وَ مَوتُ الجَهلِ یُخبِرُکُم حِلمُهُم عَن عِلمِهِم

ص 358
وَ ظَاهِرُهُم عَن بَاطِنِهِم وَ صَمتُهُم عَن حِکَمِ مَنطِقِهِم لَا یُخَالِفُونَ الحَقّ وَ لَا یَختَلِفُونَ فِیهِ وَ هُم دَعَائِمُ الإِسلَامِ وَ وَلَائِجُ الِاعتِصَامِ بِهِم عَادَ الحَقّ إِلَی نِصَابِهِ وَ انزَاحَ البَاطِلُ عَن مُقَامِهِ وَ انقَطَعَ لِسَانُهُ عَن مَنبِتِهِ عَقَلُوا الدّینَ عَقلَ وِعَایَةٍ وَ رِعَایَةٍ لَا عَقلَ سَمَاعٍ وَ رِوَایَةٍ فَإِنّ رُوَاةَ العِلمِ کَثِیرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِیلٌ

240- و من کلام له ع قاله لعبد الله بن العباس و قدجاءه برسالة من عثمان و هومحصور یسأله فیهاالخروج إلی ماله بینبع ،لیقل هتف الناس باسمه للخلافة، بعد أن کان سأله مثل ذلک من قبل ، فقال علیه السلام

یَا ابنَ عَبّاسٍ مَا یُرِیدُ عُثمَانُ إِلّا أَن یجَعلَنَیِ جَمَلًا نَاضِحاً بِالغَربِ أَقبِل وَ أَدبِر بَعَثَ إلِیَ‌ّ أَن أَخرُجَ ثُمّ بَعَثَ إلِیَ‌ّ أَن أَقدُمَ ثُمّ هُوَ الآنَ یَبعَثُ إلِیَ‌ّ أَن أَخرُجَ وَ اللّهِ لَقَد دَفَعتُ عَنهُ حَتّی خَشِیتُ أَن أَکُونَ آثِماً

241- و من کلام له ع یحث به أصحابه علی الجهاد

وَ اللّهُ مُستَأدِیکُم شُکرَهُ وَ مُوَرّثُکُم أَمرَهُ وَ مُمهِلُکُم فِی

ص 359
مِضمَارٍ مَحدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ فَشُدّوا عُقَدَ المَآزِرِ وَ اطوُوا فُضُولَ الخَوَاصِرِ لَا تَجتَمِعُ عَزِیمَةٌ وَ وَلِیمَةٌ مَا أَنقَضَ النّومَ لِعَزَائِمِ الیَومِ وَ أَمحَی الظّلَمَ لِتَذَاکِیرِ الهِمَمِ
وصلی اللّه علی سیدنا محمد النبی الأمی، و علی آله مصابیح الدجی والعروة الوثقی ، وسلم تسلیما کثیرا.

ص360
ص 361

رسائل أمیر المؤمنین علیه السلام

اشاره

ص362
ص 363
باب المختار من کتب مولانا أمیر المؤمنین علی علیه السلام ، ورسائله إلی أعدائه وأمراء بلاده ، ویدخل فی ذلک مااختیر من عهوده إلی عماله ، ووصایاه لأهله وأصحابه .

1- و من کتاب له ع إلی أهل الکوفة

عندمسیره من المدینة إلی البصرة
مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی أَهلِ الکُوفَةِ جَبهَةِ الأَنصَارِ وَ سَنَامِ العَرَبِ أَمّا بَعدُ فإَنِیّ أُخبِرُکُم عَن أَمرِ عُثمَانَ حَتّی یَکُونَ سَمعُهُ کَعِیَانِهِ إِنّ النّاسَ طَعَنُوا عَلَیهِ فَکُنتُ رَجُلًا مِنَ المُهَاجِرِینَ أُکثِرُ استِعتَابَهُ وَ أُقِلّ عِتَابَهُ وَ کَانَ طَلحَةُ وَ الزّبَیرُ أَهوَنُ سَیرِهِمَا فِیهِ الوَجِیفُ وَ أَرفَقُ حِدَائِهِمَا العَنِیفُ وَ کَانَ مِن عَائِشَةَ فِیهِ فَلتَةُ غَضَبٍ فَأُتِیحَ لَهُ قَومٌ فَقَتَلُوهُ وَ باَیعَنَیِ النّاسُ غَیرَ مُستَکرَهِینَ وَ لَا مُجبَرِینَ بَل طَائِعِینَ مُخَیّرِینَ وَ اعلَمُوا أَنّ دَارَ الهِجرَةِ قَد قَلَعَت بِأَهلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَت جَیشَ المِرجَلِ وَ قَامَتِ الفِتنَةُ عَلَی القُطبِ فَأَسرِعُوا إِلَی أَمِیرِکُم وَ بَادِرُوا جِهَادَ عَدُوّکُم إِن شَاءَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ

ص 364

2- و من کتاب له ع إلیهم بعدفتح البصرة

وَ جَزَاکُمُ اللّهُ مِن أَهلِ مِصرٍ عَن أَهلِ بَیتِ نَبِیّکُم أَحسَنَ مَا یجَزیِ العَامِلِینَ بِطَاعَتِهِ وَ الشّاکِرِینَ لِنِعمَتِهِ فَقَد سَمِعتُم وَ أَطَعتُم وَ دُعِیتُم فَأَجَبتُم

3- و من کتاب له ع لشریح بن الحارث قاضیه

وَ روُیِ‌َ أَنّ شُرَیحَ بنَ الحَارِثِ قاَضیِ‌َ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ ع اشتَرَی عَلَی عَهدِهِ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً فَبَلَغَهُ ذَلِکَ فَاستَدعَی شُرَیحاً وَ قَالَ لَهُ
بلَغَنَیِ أَنّکَ ابتَعتَ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً وَ کَتَبتَ لَهَا کِتَاباً وَ أَشهَدتَ فِیهِ شُهُوداً
فَقَالَ لَهُ شُرَیحٌ قَد کَانَ ذَلِکَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیهِ نَظَرَ المُغضَبِ ثُمّ قَالَ لَهُ
یَا شُرَیحُ أَمَا إِنّهُ سَیَأتِیکَ مَن لَا یَنظُرُ فِی کِتَابِکَ وَ لَا یَسأَلُکَ عَن بَیّنَتِکَ حَتّی یُخرِجَکَ مِنهَا شَاخِصاً وَ یُسلِمَکَ إِلَی قَبرِکَ خَالِصاً فَانظُر یَا شُرَیحُ لَا تَکُونُ ابتَعتَ هَذِهِ الدّارَ مِن غَیرِ مَالِکَ أَو نَقَدتَ الثّمَنَ مِن غَیرِ حَلَالِکَ فَإِذَا أَنتَ قَد خَسِرتَ دَارَ الدّنیَا

ص 365
وَ دَارَ الآخِرَةِ. أَمَا إِنّکَ لَو کُنتَ أتَیَتنَیِ
عِندَ شِرَائِکَ مَا اشتَرَیتَ لَکَتَبتُ لَکَ کِتَاباً عَلَی هَذِهِ النّسخَةِ فَلَم تَرغَب فِی شِرَاءِ هَذِهِ الدّارِ بِدِرهَمٍ فَمَا فَوقُ
وَ النّسخَةُ هَذِهِ هَذَا مَا اشتَرَی عَبدٌ ذَلِیلٌ مِن مَیّتٍ قَد أُزعِجَ لِلرّحِیلِ اشتَرَی مِنهُ دَاراً مِن دَارِ الغُرُورِ مِن جَانِبِ الفَانِینَ وَ خِطّةِ الهَالِکِینَ وَ تَجمَعُ هَذِهِ الدّارَ حُدُودٌ أَربَعَةٌ الحَدّ الأَوّلُ ینَتهَیِ إِلَی دوَاَعیِ الآفَاتِ وَ الحَدّ الثاّنیِ ینَتهَیِ إِلَی دوَاَعیِ المُصِیبَاتِ وَ الحَدّ الثّالِثُ ینَتهَیِ إِلَی الهَوَی المرُدیِ وَ الحَدّ الرّابِعُ ینَتهَیِ إِلَی الشّیطَانِ المغُویِ وَ فِیهِ یُشرَعُ بَابُ هَذِهِ الدّارِ اشتَرَی هَذَا المُغتَرّ بِالأَمَلِ مِن هَذَا المُزعَجِ بِالأَجَلِ هَذِهِ الدّارَ بِالخُرُوجِ مِن عِزّ القَنَاعَةِ وَ الدّخُولِ فِی ذُلّ الطّلَبِ وَ الضّرَاعَةِ فَمَا أَدرَکَ هَذَا المشُترَیِ فِیمَا اشتَرَی مِنهُ مِن دَرَکٍ فَعَلَی مُبَلبِلِ أَجسَامِ المُلُوکِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الجَبَابِرَةِ وَ مُزِیلِ مُلکِ الفَرَاعِنَةِ مِثلِ کِسرَی وَ قَیصَرَ وَ تُبّعٍ وَ حِمیَرَ وَ مَن جَمَعَ المَالَ عَلَی المَالِ فَأَکثَرَ وَ مَن بَنَی وَ شَیّدَ وَ زَخرَفَ وَ نَجّدَ وَ ادّخَرَ وَ اعتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعمِهِ لِلوَلَدِ إِشخَاصُهُم جَمِیعاً إِلَی مَوقِفِ العَرضِ وَ الحِسَابِ وَ مَوضِعِ الثّوَابِ وَ العِقَابِ إِذَا وَقَعَ الأَمرُ بِفَصلِ القَضَاءِوَ خَسِرَ هُنالِکَ المُبطِلُونَشَهِدَ عَلَی ذَلِکَ العَقلُ إِذَا خَرَجَ مِن أَسرِ الهَوَی وَ سَلِمَ مِن عَلَائِقِ الدّنیَا
-قرآن-1118-1148
ص 366

4- و من کتاب له ع إلی بعض أمراء جیشه

فَإِن عَادُوا إِلَی ظِلّ الطّاعَةِ فَذَاکَ ألّذِی نُحِبّ وَ إِن تَوَافَتِ الأُمُورُ بِالقَومِ إِلَی الشّقَاقِ وَ العِصیَانِ فَانهَد بِمَن أَطَاعَکَ إِلَی مَن عَصَاکَ وَ استَغنِ بِمَنِ انقَادَ مَعَکَ عَمّن تَقَاعَسَ عَنکَ فَإِنّ المُتَکَارِهَ مَغِیبُهُ خَیرٌ مِن مَشهَدِهِ وَ قُعُودُهُ أَغنَی مِن نُهُوضِهِ

5- و من کتاب له ع إلی أشعث بن قیس عامل أذربیجان

وَ إِنّ عَمَلَکَ لَیسَ لَکَ بِطُعمَةٍ وَ لَکِنّهُ فِی عُنُقِکَ أَمَانَةٌ وَ أَنتَ مُستَرعًی لِمَن فَوقَکَ لَیسَ لَکَ أَن تَفتَاتَ فِی رَعِیّةٍ وَ لَا تُخَاطِرَ إِلّا بِوَثِیقَةٍ وَ فِی یَدَیکَ مَالٌ مِن مَالِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ أَنتَ مِن خُزّانِهِ حَتّی تُسَلّمَهُ إلِیَ‌ّ وَ لعَلَیّ أَلّا أَکُونَ شَرّ وُلَاتِکَ لَکَ وَ السّلَامُ

6- و من کتاب له ع إلی معاویة

إِنّهُ باَیعَنَیِ القَومُ الّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَکرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ عَلَی مَا بَایَعُوهُم

ص 367
عَلَیهِ فَلَم یَکُن لِلشّاهِدِ أَن یَختَارَ وَ لَا لِلغَائِبِ أَن یَرُدّ وَ إِنّمَا الشّورَی لِلمُهَاجِرِینَ وَ الأَنصَارِ فَإِنِ اجتَمَعُوا عَلَی رَجُلٍ وَ سَمّوهُ إِمَاماً کَانَ ذَلِکَ لِلّهِ رِضًا فَإِن خَرَجَ عَن أَمرِهِم خَارِجٌ بِطَعنٍ أَو بِدعَةٍ رَدّوهُ إِلَی مَا خَرَجَ مِنهُ فَإِن أَبَی قَاتَلُوهُ عَلَی اتّبَاعِهِ غَیرَ سَبِیلِ المُؤمِنِینَ وَ وَلّاهُ اللّهُ مَا تَوَلّی وَ لعَمَریِ یَا مُعَاوِیَةُ لَئِن نَظَرتَ بِعَقلِکَ دُونَ هَوَاکَ لتَجَدِنَیّ أَبرَأَ النّاسِ مِن دَمِ عُثمَانَ وَ لَتَعلَمَنّ أنَیّ کُنتُ فِی عُزلَةٍ عَنهُ إِلّا أَن تَتَجَنّی فَتَجَنّ مَا بَدَا لَکَ وَ السّلَامُ

7- و من کتاب منه ع إلیه أیضا

أَمّا بَعدُ فَقَد أتَتَنیِ مِنکَ مَوعِظَةٌ مُوَصّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبّرَةٌ نَمّقتَهَا بِضَلَالِکَ وَ أَمضَیتَهَا بِسُوءِ رَأیِکَ وَ کِتَابُ امر‌ِئٍ لَیسَ لَهُ بَصَرٌ یَهدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرشِدُهُ قَد دَعَاهُ الهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضّلَالُ فَاتّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلّ خَابِطاً
وَ مِنهُلِأَنّهَا بَیعَةٌ وَاحِدَةٌ لَا یُثَنّی فِیهَا النّظَرُ وَ لَا یُستَأنَفُ فِیهَا الخِیَارُ الخَارِجُ مِنهَا طَاعِنٌ وَ المرُوَیّ فِیهَا مُدَاهِنٌ

ص 368

8- و من کتاب له ع إلی جریر بن عبد الله البجلی لماأرسله إلی معاویة

أَمّا بَعدُ فَإِذَا أَتَاکَ کتِاَبیِ فَاحمِل مُعَاوِیَةَ عَلَی الفَصلِ وَ خُذهُ بِالأَمرِ الجَزمِ ثُمّ خَیّرهُ بَینَ حَربٍ مُجلِیَةٍ أَو سِلمٍ مُخزِیَةٍ فَإِنِ اختَارَ الحَربَ فَانبِذ إِلَیهِ وَ إِنِ اختَارَ السّلمَ فَخُذ بَیعَتَهُ وَ السّلَامُ

9- و من کتاب له ع إلی معاویة

فَأَرَادَ قَومُنَا قَتلَ نَبِیّنَا وَ اجتِیَاحَ أَصلِنَا وَ هَمّوا بِنَا الهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الأَفَاعِیلَ وَ مَنَعُونَا العَذبَ وَ أَحلَسُونَا الخَوفَ وَ اضطَرّونَا إِلَی جَبَلٍ وَعرٍ وَ أَوقَدُوا لَنَا نَارَ الحَربِ فَعَزَمَ اللّهُ لَنَا عَلَی الذّبّ عَن حَوزَتِهِ وَ الرمّی‌ِ مِن وَرَاءِ حُرمَتِهِ مُؤمِنُنَا یبَغیِ بِذَلِکَ الأَجرَ وَ کَافِرُنَا یحُاَمیِ عَنِ الأَصلِ وَ مَن أَسلَمَ مِن قُرَیشٍ خِلوٌ مِمّا نَحنُ فِیهِ بِحِلفٍ یَمنَعُهُ أَو عَشِیرَةٍ تَقُومُ دُونَهُ فَهُوَ مِنَ القَتلِ بِمَکَانِ أَمنٍ وَ کَانَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا احمَرّ البَأسُ

ص 369
وَ أَحجَمَ النّاسُ قَدّمَ أَهلَ بَیتِهِ فَوَقَی بِهِم أَصحَابَهُ حَرّ السّیُوفِ وَ الأَسِنّةِ فَقُتِلَ عُبَیدَةُ بنُ الحَارِثِ یَومَ بَدرٍ وَ قُتِلَ حَمزَةُ یَومَ أُحُدٍ وَ قُتِلَ جَعفَرٌ یَومَ مُؤتَةَ وَ أَرَادَ مَن لَو شِئتُ ذَکَرتُ اسمَهُ مِثلَ ألّذِی أَرَادُوا مِنَ الشّهَادَةِ وَ لَکِنّ آجَالَهُم عُجّلَت وَ مَنِیّتَهُ أُجّلَت فَیَا عَجَباً لِلدّهرِ إِذ صِرتُ یُقرَنُ بیِ مَن لَم یَسعَ بقِدَمَیِ وَ لَم تَکُن لَهُ کسَاَبقِتَیِ التّیِ لَا یدُلیِ أَحَدٌ بِمِثلِهَا إِلّا أَن یدَعّیِ‌َ مُدّعٍ مَا لَا أَعرِفُهُ وَ لَا أَظُنّ اللّهَ یَعرِفُهُ وَ الحَمدُ لِلّهِ عَلَی کُلّ حَالٍ وَ أَمّا مَا سَأَلتَ مِن دَفعِ قَتَلَةِ عُثمَانَ إِلَیکَ فإَنِیّ نَظَرتُ فِی هَذَا الأَمرِ فَلَم أَرَهُ یسَعَنُیِ دَفعُهُم إِلَیکَ وَ لَا إِلَی غَیرِکَ وَ لعَمَریِ لَئِن لَم تَنزِع عَن غَیّکَ وَ شِقَاقِکَ لَتَعرِفَنّهُم عَن قَلِیلٍ یَطلُبُونَکَ لَا یُکَلّفُونَکَ طَلَبَهُم فِی بَرّ وَ لَا بَحرٍ وَ لَا جَبَلٍ وَ لَا سَهلٍ إِلّا أَنّهُ طَلَبٌ یَسُوءُکَ وِجدَانُهُ وَ زَورٌ لَا یَسُرّکَ لُقیَانُهُ وَ السّلَامُ لِأَهلِهِ

10- و من کتاب له ع إلیه أیضا

وَ کَیفَ أَنتَ صَانِعٌ إِذَا تَکَشّفَت عَنکَ جَلَابِیبُ مَا أَنتَ فِیهِ مِن دُنیَا قَد تَبَهّجَت بِزِینَتِهَا وَ خَدَعَت بِلَذّتِهَا دَعَتکَ فَأَجَبتَهَا

ص 370
وَ قَادَتکَ فَاتّبَعتَهَا وَ أَمَرَتکَ فَأَطَعتَهَا وَ إِنّهُ یُوشِکُ أَن یَقِفَکَ وَاقِفٌ عَلَی مَا لَا یُنجِیکَ مِنهُ مِجَنّ فَاقعَس عَن هَذَا الأَمرِ وَ خُذ أُهبَةَ الحِسَابِ وَ شَمّر لِمَا قَد نَزَلَ بِکَ وَ لَا تُمَکّنِ الغُوَاةَ مِن سَمعِکَ وَ إِلّا تَفعَل أُعلِمکَ مَا أَغفَلتَ مِن نَفسِکَ فَإِنّکَ مُترَفٌ قَد أَخَذَ الشّیطَانُ مِنکَ مَأخَذَهُ وَ بَلَغَ فِیکَ أَمَلَهُ وَ جَرَی مِنکَ مَجرَی الرّوحِ وَ الدّمِ وَ مَتَی کُنتُم یَا مُعَاوِیَةُ سَاسَةَ الرّعِیّةِ وَ وُلَاةَ أَمرِ الأُمّةِ بِغَیرِ قَدَمٍ سَابِقٍ وَ لَا شَرَفٍ بَاسِقٍ وَ نَعُوذُ بِاللّهِ مِن لُزُومِ سَوَابِقِ الشّقَاءِ وَ أُحَذّرُکَ أَن تَکُونَ مُتَمَادِیاً فِی غِرّةِ الأُمنِیّةِ مُختَلِفَ العَلَانِیَةِ وَ السّرِیرَةِ وَ قَد دَعَوتَ إِلَی الحَربِ فَدَعِ النّاسَ جَانِباً وَ اخرُج إلِیَ‌ّ وَ أَعفِ الفَرِیقَینِ مِنَ القِتَالِ لِتَعلَمَ أَیّنَا المَرِینُ عَلَی قَلبِهِ وَ المُغَطّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو حَسَنٍ قَاتِلُ جَدّکَ وَ أَخِیکَ وَ خَالِکَ شَدخاً یَومَ بَدرٍ وَ ذَلِکَ السّیفُ معَیِ وَ بِذَلِکَ القَلبِ أَلقَی عدَوُیّ مَا استَبدَلتُ دِیناً وَ لَا استَحدَثتُ نَبِیّاً وَ إنِیّ لَعَلَی المِنهَاجِ ألّذِی تَرَکتُمُوهُ طَائِعِینَ وَ دَخَلتُم فِیهِ مُکرَهِینَ وَ زَعَمتَ أَنّکَ جِئتَ ثَائِراً بِدَمِ عُثمَانَ وَ لَقَد عَلِمتَ حَیثُ
ص 371
وَقَعَ دَمُ عُثمَانَ فَاطلُبهُ مِن هُنَاکَ إِن کُنتَ طَالِباً فکَأَنَیّ قَد رَأَیتُکَ تَضِجّ مِنَ الحَربِ إِذَا عَضّتکَ ضَجِیجَ الجِمَالِ بِالأَثقَالِ وَ کأَنَیّ بِجَمَاعَتِکَ تدَعوُنیِ جَزَعاً مِنَ الضّربِ المُتَتَابِعِ وَ القَضَاءِ الوَاقِعِ وَ مَصَارِعَ بَعدَ مَصَارِعَ إِلَی کِتَابِ اللّهِ وَ هیِ‌َ کَافِرَةٌ جَاحِدَةٌ أَو مُبَایِعَةٌ حَائِدَةٌ

11- و من وصیة له ع وصی بهاجیشا بعثه إلی العدو

فَإِذَا نَزَلتُم بِعَدُوّ أَو نَزَلَ بِکُم فَلیَکُن مُعَسکَرُکُم فِی قُبُلِ الأَشرَافِ أَو سِفَاحِ الجِبَالِ أَو أَثنَاءِ الأَنهَارِ کَیمَا یَکُونَ لَکُم رِدءاً وَ دُونَکُم مَرَدّاً وَ لتَکُن مُقَاتَلَتُکُم مِن وَجهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثنَینِ وَ اجعَلُوا لَکُم رُقَبَاءَ فِی صیَاَصیِ الجِبَالِ وَ مَنَاکِبِ الهِضَابِ لِئَلّا یَأتِیَکُمُ العَدُوّ مِن مَکَانِ مَخَافَةٍ أَو أَمنٍ وَ اعلَمُوا أَنّ مُقَدّمَةَ القَومِ عُیُونُهُم وَ عُیُونَ المُقَدّمَةِ طَلَائِعُهُم وَ إِیّاکُم وَ التّفَرّقَ فَإِذَا نَزَلتُم فَانزِلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا ارتَحَلتُم فَارتَحِلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا غَشِیَکُمُ اللّیلُ فَاجعَلُوا الرّمَاحَ کِفّةً وَ لَا تَذُوقُوا النّومَ إِلّا غِرَاراً أَو مَضمَضَةً

ص 372

12- و من وصیة له ع وصی بهامعقل بن قیس الریاحی حین أنفذه إلی الشام فی ثلاثة آلاف مقدمة له

اتّقِ اللّهَ ألّذِی لَا بُدّ لَکَ مِن لِقَائِهِ وَ لَا مُنتَهَی لَکَ دُونَهُ وَ لَا تُقَاتِلَنّ إِلّا مَن قَاتَلَکَ وَ سِرِ البَردَینِ وَ غَوّر بِالنّاسِ وَ رَفّه فِی السّیرِ وَ لَا تَسِر أَوّلَ اللّیلِ فَإِنّ اللّهَ جَعَلَهُ سَکَناً وَ قَدّرَهُ مُقَاماً لَا ظَعناً فَأَرِح فِیهِ بَدَنَکَ وَ رَوّح ظَهرَکَ فَإِذَا وَقَفتَ حِینَ یَنبَطِحُ السّحَرُ أَو حِینَ یَنفَجِرُ الفَجرُ فَسِر عَلَی بَرَکَةِ اللّهِ فَإِذَا لَقِیتَ العَدُوّ فَقِف مِن أَصحَابِکَ وَسَطاً وَ لَا تَدنُ مِنَ القَومِ دُنُوّ مَن یُرِیدُ أَن یُنشِبَ الحَربَ وَ لَا تَبَاعَد عَنهُم تَبَاعُدَ مَن یَهَابُ البَأسَ حَتّی یَأتِیَکَ أمَریِ وَ لَا یَحمِلَنّکُمُ شَنَآنُهُم عَلَی قِتَالِهِم قَبلَ دُعَائِهِم وَ الإِعذَارِ إِلَیهِم

13- و من کتاب له ع إلی أمیرین من أمراء جیشه

وَ قَد أَمّرتُ عَلَیکُمَا وَ عَلَی مَن فِی حَیّزِکُمَا مَالِکَ بنَ الحَارِثِ الأَشتَرَ فَاسمَعَا لَهُ وَ أَطِیعَا وَ اجعَلَاهُ دِرعاً وَ مِجَنّاً فَإِنّهُ

ص 373
مِمّن لَا یُخَافُ وَهنُهُ وَ لَا سَقطَتُهُ وَ لَا بُطؤُهُ عَمّا الإِسرَاعُ إِلَیهِ أَحزَمُ وَ لَا إِسرَاعُهُ إِلَی مَا البُطءُ عَنهُ أَمثَلُ

14- و من وصیة له ع لعسکره قبل لقاء العدو بصفین

لَا تُقَاتِلُوهُم حَتّی یَبدَءُوکُم فَإِنّکُم بِحَمدِ اللّهِ عَلَی حُجّةٍ وَ تَرکُکُم إِیّاهُم حَتّی یَبدَءُوکُم حُجّةٌ أُخرَی لَکُم عَلَیهِم فَإِذَا کَانَتِ الهَزِیمَةُ بِإِذنِ اللّهِ فَلَا تَقتُلُوا مُدبِراً وَ لَا تُصِیبُوا مُعوِراً وَ لَا تُجهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَهِیجُوا النّسَاءَ بِأَذًی وَ إِن شَتَمنَ أَعرَاضَکُم وَ سَبَبنَ أُمَرَاءَکُم فَإِنّهُنّ ضَعِیفَاتُ القُوَی وَ الأَنفُسِ وَ العُقُولِ إِن کُنّا لَنُؤمَرُ بِالکَفّ عَنهُنّ وَ إِنّهُنّ لَمُشرِکَاتٌ وَ إِن کَانَ الرّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ المَرأَةَ فِی الجَاهِلِیّةِ بِالفَهرِ أَوِ الهِرَاوَةِ فَیُعَیّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِن بَعدِهِ

15- و من دعاء له ع کان ع یقول إذالقی العدو محاربا

أللّهُمّ إِلَیکَ أَفضَتِ القُلُوبُ وَ مُدّتِ الأَعنَاقُ وَ شَخَصَتِ الأَبصَارُ وَ نُقِلَتِ الأَقدَامُ وَ أُنضِیَتِ الأَبدَانُ أللّهُمّ قَد صَرّحَ

ص 374
مَکنُونُ الشّنَآنِ وَ جَاشَت مَرَاجِلُ الأَضغَانِ أللّهُمّ إِنّا نَشکُو إِلَیکَ غَیبَةَ نَبِیّنَا وَ کَثرَةَ عَدُوّنَا وَ تَشَتّتَ أَهوَائِنَارَبّنَا افتَح بَینَنا وَ بَینَ قَومِنا بِالحَقّ وَ أَنتَ خَیرُ الفاتِحِینَ
-قرآن-143-216

16- و کان یقول ع لأصحابه

عندالحرب
لَا تَشتَدّنّ عَلَیکُم فَرّةٌ بَعدَهَا کَرّةٌ وَ لَا جَولَةٌ بَعدَهَا حَملَةٌ وَ أَعطُوا السّیُوفَ حُقُوقَهَا وَ وَطّئُوا لِلجُنُوبِ مَصَارِعَهَا وَ اذمُرُوا أَنفُسَکُم عَلَی الطّعنِ الدعّسیِ‌ّ وَ الضّربِ الطلّحَفیِ‌ّ وَ أَمِیتُوا الأَصوَاتَ فَإِنّهُ أَطرَدُ لِلفَشَلِ فَوَ ألّذِی فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ مَا أَسلَمُوا وَ لَکِنِ استَسلَمُوا وَ أَسَرّوا الکُفرَ فَلَمّا وَجَدُوا أَعوَاناً عَلَیهِ أَظهَرُوهُ

17- و من کتاب له ع إلی معاویة جوابا عن کتاب منه إلیه

وَ أَمّا طَلَبُکَ إلِیَ‌ّ الشّامَ فإَنِیّ لَم أَکُن لِأُعطِیَکَ الیَومَ مَا مَنَعتُکَ أَمسِ وَ أَمّا قَولُکَ إِنّ الحَربَ قَد أَکَلَتِ العَرَبَ إِلّا حُشَاشَاتِ أَنفُسٍ بَقِیَت أَلَا وَ مَن أَکَلَهُ الحَقّ فَإِلَی الجَنّةِ وَ مَن أَکَلَهُ البَاطِلُ فَإِلَی النّارِ وَ أَمّا

ص 375
استِوَاؤُنَا فِی الحَربِ وَ الرّجَالِ فَلَستَ بِأَمضَی عَلَی الشّکّ منِیّ عَلَی الیَقِینِ وَ لَیسَ أَهلُ الشّامِ بِأَحرَصَ عَلَی الدّنیَا مِن أَهلِ العِرَاقِ عَلَی الآخِرَةِ وَ أَمّا قَولُکَ إِنّا بَنُو عَبدِ مَنَافٍ فَکَذَلِکَ نَحنُ وَ لَکِن لَیسَ أُمَیّةُ کَهَاشِمٍ وَ لَا حَربٌ کَعَبدِ المُطّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفیَانَ کأَبَیِ طَالِبٍ وَ لَا المُهَاجِرُ کَالطّلِیقِ وَ لَا الصّرِیحُ کَاللّصِیقِ وَ لَا المُحِقّ کَالمُبطِلِ وَ لَا المُؤمِنُ کَالمُدغِلِ وَ لَبِئسَ الخَلفُ خَلفٌ یَتبَعُ سَلَفاً هَوَی فِی نَارِ جَهَنّمَ وَ فِی أَیدِینَا بَعدُ فَضلُ النّبُوّةِ التّیِ أَذلَلنَا بِهَا العَزِیزَ وَ نَعَشنَا بِهَا الذّلِیلَ وَ لَمّا أَدخَلَ اللّهُ العَرَبَ فِی دِینِهِ أَفوَاجاً وَ أَسلَمَت لَهُ هَذِهِ الأُمّةُ طَوعاً وَ کَرهاً کُنتُم مِمّن دَخَلَ فِی الدّینِ إِمّا رَغبَةً وَ إِمّا رَهبَةً عَلَی حِینَ فَازَ أَهلُ السّبقِ بِسَبقِهِم وَ ذَهَبَ المُهَاجِرُونَ الأَوّلُونَ بِفَضلِهِم فَلَا تَجعَلَنّ لِلشّیطَانِ فِیکَ نَصِیباً وَ لَا عَلَی نَفسِکَ سَبِیلًا وَ السّلَامُ

18- و من کتاب له ع إلی عبد الله بن عباس و هوعامله علی البصرة

وَ اعلَم أَنّ البَصرَةَ مَهبِطُ إِبلِیسَ وَ مَغرِسُ الفِتَنِ فَحَادِث أَهلَهَا بِالإِحسَانِ إِلَیهِم وَ احلُل عُقدَةَ الخَوفِ عَن قُلُوبِهِم

ص 376
وَ قَد بلَغَنَیِ تَنَمّرُکَ لبِنَیِ تَمِیمٍ وَ غِلظَتُک عَلَیهِم وَ إِنّ بنَیِ تَمِیمٍ لَم یَغِب لَهُم نَجمٌ إِلّا طَلَعَ لَهُم آخَرُ وَ إِنّهُم لَم یُسبَقُوا بِوَغمٍ فِی جَاهِلِیّةٍ وَ لَا إِسلَامٍ وَ إِنّ لَهُم بِنَا رَحِماً مَاسّةً وَ قَرَابَةً خَاصّةً نَحنُ مَأجُورُونَ عَلَی صِلَتِهَا وَ مَأزُورُونَ عَلَی قَطِیعَتِهَا فَاربَع أَبَا العَبّاسِ رَحِمَکَ اللّهُ فِیمَا جَرَی عَلَی لِسَانِکَ وَ یَدِکَ مِن خَیرٍ وَ شَرّ فَإِنّا شَرِیکَانِ فِی ذَلِکَ وَ کُن
عِندَ صَالِحِ ظنَیّ بِکَ وَ لَا یَفِیلَنّ رأَییِ فِیکَ وَ السّلَامُ

19- و من کتاب له ع إلی بعض عماله

أَمّا بَعدُ فَإِنّ دَهَاقِینَ أَهلِ بَلَدِکَ شَکَوا مِنکَ غِلظَةً وَ قَسوَةً وَ احتِقَاراً وَ جَفوَةً وَ نَظَرتُ فَلَم أَرَهُم أَهلًا لِأَن یُدنَوا لِشِرکِهِم وَ لَا أَن یُقصَوا وَ یُجفَوا لِعَهدِهِم فَالبَس لَهُم جِلبَاباً مِنَ اللّینِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ الشّدّةِ وَ دَاوِل لَهُم بَینَ القَسوَةِ وَ الرّأفَةِ وَ امزُج لَهُم بَینَ التّقرِیبِ وَ الإِدنَاءِ وَ الإِبعَادِ وَ الإِقصَاءِ إِن شَاءَ اللّهُ

ص 377

20- و من کتاب له ع إلی زیاد ابن أبیه و هوخلیفة عامله عبد الله بن عباس علی البصرة و عبد الله عامل أمیر المؤمنین ع یومئذ علیها و علی کور الأهواز وفارس وکرمان وغیرها

وَ إنِیّ أُقسِمُ بِاللّهِ قَسَماً صَادِقاً لَئِن بلَغَنَیِ أَنّکَ خُنتَ مِن فیَ‌ءِ المُسلِمِینَ شَیئاً صَغِیراً أَو کَبِیراً لَأَشُدّنّ عَلَیکَ شَدّةً تَدَعُکَ قَلِیلَ الوَفرِ ثَقِیلَ الظّهرِ ضَئِیلَ الأَمرِ وَ السّلَامُ

21- و من کتاب له ع إلی زیاد أیضا

فَدَعِ الإِسرَافَ مُقتَصِداً وَ اذکُر فِی الیَومِ غَداً وَ أَمسِک مِنَ المَالِ بِقَدرِ ضَرُورَتِکَ وَ قَدّمِ الفَضلَ لِیَومِ حَاجَتِکَ أَ تَرجُو أَن یُعطِیَکَ اللّهُ أَجرَ المُتَوَاضِعِینَ وَ أَنتَ عِندَهُ مِنَ المُتَکَبّرِینَ وَ تَطمَعُ وَ أَنتَ مُتَمَرّغٌ فِی النّعِیمِ تَمنَعُهُ الضّعِیفَ وَ الأَرمَلَةَ أَن یُوجِبَ لَکَ ثَوَابَ المُتَصَدّقِینَ وَ إِنّمَا المَرءُ مجَزیِ‌ّ بِمَا أَسلَفَ وَ قَادِمٌ عَلَی مَا قَدّمَ وَ السّلَامُ

ص 378

22- و من کتاب له ع إلی عبد الله بن العباس رحمه الله تعالی و کان عبد اللّه یقول « ماانتفعت بکلام بعدکلام رسول الله صلی اللّه علیه وآله ،کانتفاعی بهذا الکلام »

أَمّا بَعدُ فَإِنّ المَرءَ قَد یَسُرّهُ دَرکُ مَا لَم یَکُن لِیَفُوتَهُ وَ یَسُوؤُهُ فَوتُ مَا لَم یَکُن لِیُدرِکَهُ فَلیَکُن سُرُورُکَ بِمَا نِلتَ مِن آخِرَتِکَ وَ لیَکُن أَسَفُکَ عَلَی مَا فَاتَکَ مِنهَا وَ مَا نِلتَ مِن دُنیَاکَ فَلَا تُکثِر بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَکَ مِنهَا فَلَا تَأسَ عَلَیهِ جَزَعاً وَ لیَکُن هَمّکَ فِیمَا بَعدَ المَوتِ

23- و من کلام له ع قاله قبل موته علی سبیل الوصیة لماضربه ابن ملجم لعنه الله

وصَیِتّیِ لَکُم أَلّا تُشرِکُوا بِاللّهِ شَیئاً وَ مُحَمّدٌص فَلَا تُضَیّعُوا سُنّتَهُ أَقِیمُوا هَذَینِ العَمُودَینِ وَ أَوقِدُوا هَذَینِ المِصبَاحَینِ وَ خَلَاکُم ذَمّ أَنَا بِالأَمسِ صَاحِبُکُم وَ الیَومَ عِبرَةٌ لَکُم وَ غَداً مُفَارِقُکُم إِن أَبقَ فَأَنَا ولَیِ‌ّ دمَیِ وَ إِن أَفنَ فَالفَنَاءُ میِعاَدیِ وَ إِن أَعفُ فَالعَفوُ لِی قُربَةٌ وَ هُوَ لَکُم حَسَنَةٌ فَاعفُواأَ لا تُحِبّونَ أَن یَغفِرَ اللّهُ لَکُم وَ اللّهِ مَا فجَأَنَیِ مِنَ المَوتِ وَارِدٌ کَرِهتُهُ وَ لَا طَالِعٌ أَنکَرتُهُ وَ مَا
-قرآن-383-422

ص 379
کُنتُ إِلّا کَقَارِبٍ وَرَدَ وَ طَالِبٍ وَجَدَوَ ما
عِندَ اللّهِ خَیرٌ لِلأَبرارِ
-قرآن-47-81
قال السید الشریف رضی الله عنه أقول و قدمضی بعض هذاالکلام فیما تقدم من الخطب إلا أن فیه هاهنا زیادة أوجبت تکریره
-روایت-1-126

24- و من وصیة له ع بما یعمل فی أمواله کتبها بعدمنصرفه من صفین

هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبدُ اللّهِ عَلِیّ بنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ فِی مَالِهِ ابتِغَاءَ وَجهِ اللّهِ لِیُولِجَهُ بِهِ الجَنّةَ وَ یُعطِیَهُ بِهِ الأَمَنَةَ
مِنهَافَإِنّهُ یَقُومُ بِذَلِکَ الحَسَنُ بنُ عَلِیّ یَأکُلُ مِنهُ بِالمَعرُوفِ وَ یُنفِقُ مِنهُ بِالمَعرُوفِ فَإِن حَدَثَ بِحَسَنٍ حَدَثٌ وَ حُسَینٌ حیَ‌ّ قَامَ بِالأَمرِ بَعدَهُ وَ أَصدَرَهُ مَصدَرَهُ وَ إِنّ لاِبنیَ فَاطِمَةَ مِن صَدَقَةِ عَلِیّ مِثلَ ألّذِی لبِنَیِ عَلِیّ وَ إنِیّ إِنّمَا جَعَلتُ القِیَامَ بِذَلِکَ إِلَی ابنیَ فَاطِمَةَ ابتِغَاءَ وَجهِ اللّهِ وَ قُربَةً إِلَی رَسُولِ اللّهِص وَ تَکرِیماً لِحُرمَتِهِ وَ تَشرِیفاً لِوُصلَتِهِ وَ یَشتَرِطُ عَلَی ألّذِی یَجعَلُهُ إِلَیهِ أَن یَترُکَ المَالَ عَلَی أُصُولِهِ وَ یُنفِقَ مِن ثَمَرِهِ حَیثُ أُمِرَ بِهِ وَ هدُیِ‌َ لَهُ وَ أَلّا یَبِیعَ مِن أَولَادِ نَخِیلِ هَذِهِ القُرَی وَدِیّةً حَتّی تُشکِلَ أَرضُهَا غِرَاساً

ص 380
وَ مَن کَانَ مِن إمِاَئیِ اللاّتیِ أَطُوفُ عَلَیهِنّ لَهَا وَلَدٌ أَو هیِ‌َ حَامِلٌ فَتُمسَکُ عَلَی وَلَدِهَا وَ هیِ‌َ مِن حَظّهِ فَإِن مَاتَ وَلَدُهَا وَ هیِ‌َ حَیّةٌ فهَیِ‌َ عَتِیقَةٌ قَد أَفرَجَ عَنهَا الرّقّ وَ حَرّرَهَا العِتقُ
قال الشریف قوله ع فی هذه الوصیة وألا یبیع من نخلها ودیة الودیة الفسیلة وجمعها ودی. و قوله ع حتی تشکل أرضها غراسا هو من أفصح الکلام والمراد به أن الأرض یکثر فیهاغراس النخل حتی یراها الناظر علی غیرتلک الصفة التی عرفها بهافیشکل علیه أمرها ویحسبها غیرها
-روایت-1-271

25- و من وصیة له ع کان یکتبها لمن یستعمله علی الصدقات

قال الشریف وإنما ذکرنا هنا جملا لیعلم بها أنه علیه السلام کان یقیم عماد الحق ، ویشرع أمثلة العدل ، فی صغیر الأمور وکبیرها ودقیقها وجلیلها.
-روایت-1-148
انطَلِق عَلَی تَقوَی اللّهِ وَحدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَ لَا تُرَوّعَنّ مُسلِماً وَ لَا تَجتَازَنّ عَلَیهِ کَارِهاً وَ لَا تَأخُذَنّ مِنهُ أَکثَرَ مِن حَقّ اللّهِ فِی مَالِهِ فَإِذَا قَدِمتَ عَلَی الحیَ‌ّ فَانزِل بِمَائِهِم مِن غَیرِ أَن تُخَالِطَ أَبیَاتَهُم ثُمّ امضِ إِلَیهِم بِالسّکِینَةِ وَ الوَقَارِ حَتّی تَقُومَ بَینَهُم فَتُسَلّمَ عَلَیهِم وَ لَا تُخدِج بِالتّحِیّةِ لَهُم ثُمّ تَقُولَ عِبَادَ اللّهِ أرَسلَنَیِ إِلَیکُم ولَیِ‌ّ اللّهِ وَ خَلِیفَتُهُ لِآخُذَ مِنکُم حَقّ اللّهِ فِی أَموَالِکُم فَهَل لِلّهِ فِی أَموَالِکُم مِن حَقّ فَتُؤَدّوهُ إِلَی وَلِیّهِ فَإِن قَالَ قَائِلٌ لَا فَلَا تُرَاجِعهُ وَ إِن أَنعَمَ لَکَ مُنعِمٌ فَانطَلِق مَعَهُ مِن غَیرِ أَن تُخِیفَهُ أَو تُوعِدَهُ أَو

ص 381
تَعسِفَهُ أَو تُرهِقَهُ فَخُذ مَا أَعطَاکَ مِن ذَهَبٍ أَو فِضّةٍ فَإِن کَانَ لَهُ مَاشِیَةٌ أَو إِبِلٌ فَلَا تَدخُلهَا إِلّا بِإِذنِهِ فَإِنّ أَکثَرَهَا لَهُ فَإِذَا أَتَیتَهَا فَلَا تَدخُل عَلَیهَا دُخُولَ مُتَسَلّطٍ عَلَیهِ وَ لَا عَنِیفٍ بِهِ وَ لَا تُنَفّرَنّ بَهِیمَةً وَ لَا تُفزِعَنّهَا وَ لَا تَسُوأَنّ صَاحِبَهَا فِیهَا وَ اصدَعِ المَالَ صَدعَینِ ثُمّ خَیّرهُ فَإِذَا اختَارَ فَلَا تَعرِضَنّ لِمَا اختَارَهُ ثُمّ اصدَعِ الباَقیِ‌َ صَدعَینِ ثُمّ خَیّرهُ فَإِذَا اختَارَ فَلَا تَعرِضَنّ لِمَا اختَارَهُ فَلَا تَزَالُ کَذَلِکَ حَتّی یَبقَی مَا فِیهِ وَفَاءٌ لِحَقّ اللّهِ فِی مَالِهِ فَاقبِض حَقّ اللّهِ مِنهُ فَإِنِ استَقَالَکَ فَأَقِلهُ ثُمّ اخلِطهُمَا ثُمّ اصنَع مِثلَ ألّذِی صَنَعتَ أَوّلًا حَتّی تَأخُذَ حَقّ اللّهِ فِی مَالِهِ وَ لَا تَأخُذَنّ عَوداً وَ لَا هَرِمَةً وَ لَا مَکسُورَةً وَ لَا مَهلُوسَةً وَ لَا ذَاتَ عَوَارٍ وَ لَا تَأمَنَنّ عَلَیهَا إِلّا مَن تَثِقُ بِدِینِهِ رَافِقاً بِمَالِ المُسلِمِینَ حَتّی یُوَصّلَهُ إِلَی وَلِیّهِم فَیَقسِمَهُ بَینَهُم وَ لَا تُوَکّل بِهَا إِلّا نَاصِحاً شَفِیقاً وَ أَمِیناً حَفِیظاً غَیرَ مُعنِفٍ وَ لَا مُجحِفٍ وَ لَا مُلغِبٍ وَ لَا مُتعِبٍ ثُمّ احدُر إِلَینَا مَا اجتَمَعَ عِندَکَ نُصَیّرهُ حَیثُ أَمَرَ اللّهُ بِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا أَمِینُکَ فَأَوعِز إِلَیهِ أَلّا یَحُولَ بَینَ نَاقَةٍ وَ بَینَ فَصِیلِهَا وَ لَا یَمصُرَ لَبَنَهَا فَیَضُرّ فَیُضِرّ ذَلِکَ بِوَلَدِهَا وَ لَا یَجهَدَنّهَا رُکُوباً وَ لیَعدِل بَینَ صَوَاحِبَاتِهَا فِی ذَلِکَ وَ بَینَهَا وَ لیُرَفّه عَلَی اللّاغِبِ وَ لیَستَأنِ بِالنّقِبِ وَ الظّالِعِ وَ لیُورِدهَا مَا تَمُرّ بِهِ مِنَ الغُدُرِ وَ لَا یَعدِل بِهَا عَن نَبتِ الأَرضِ إِلَی جَوَادّ الطّرُقِ وَ لیُرَوّحهَا فِی
ص 382
السّاعَاتِ وَ لیُمهِلهَا
عِندَ النّطَافِ وَ الأَعشَابِ حَتّی تَأتِیَنَا بِإِذنِ اللّهِ بُدّناً مُنقِیَاتٍ غَیرَ مُتعَبَاتٍ وَ لَا مَجهُودَاتٍ لِنَقسِمَهَا عَلَی کِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِیّهِص فَإِنّ ذَلِکَ أَعظَمُ لِأَجرِکَ وَ أَقرَبُ لِرُشدِکَ إِن شَاءَ اللّهُ

26- و من عهد له ع إلی بعض عماله و قدبعثه علی الصدقة

أَمَرَهُ بِتَقوَی اللّهِ فِی سَرَائِرِ أَمرِهِ وَ خَفِیّاتِ عَمَلِهِ حَیثُ لَا شَهِیدَ غَیرُهُ وَ لَا وَکِیلَ دُونَهُ وَ أَمَرَهُ أَلّا یَعمَلَ بشِیَ‌ءٍ مِن طَاعَةِ اللّهِ فِیمَا ظَهَرَ فَیُخَالِفَ إِلَی غَیرِهِ فِیمَا أَسَرّ وَ مَن لَم یَختَلِف سِرّهُ وَ عَلَانِیَتُهُ وَ فِعلُهُ وَ مَقَالَتُهُ فَقَد أَدّی الأَمَانَةَ وَ أَخلَصَ العِبَادَةَ وَ أَمَرَهُ أَلّا یَجبَهَهُم وَ لَا یَعضَهَهُم وَ لَا یَرغَبَ عَنهُم تَفَضّلًا بِالإِمَارَةِ عَلَیهِم فَإِنّهُمُ الإِخوَانُ فِی الدّینِ وَ الأَعوَانُ عَلَی استِخرَاجِ الحُقُوقِ وَ إِنّ لَکَ فِی هَذِهِ الصّدَقَةِ نَصِیباً مَفرُوضاً وَ حَقّاً مَعلُوماً وَ شُرَکَاءَ أَهلَ مَسکَنَةٍ وَ ضُعَفَاءَ ذوَیِ فَاقَةٍ وَ إِنّا مُوَفّوکَ حَقّکَ فَوَفّهِم حُقُوقَهُم وَ إِلّا تَفعَل فَإِنّکَ مِن أَکثَرِ النّاسِ خُصُوماً یَومَ القِیَامَةِ

ص 383
وَ بُؤسَی لِمَن خَصمُهُ
عِندَ اللّهِ الفُقَرَاءُ وَ المَسَاکِینُ وَ السّائِلُونَ وَ المَدفُوعُونَ وَ الغَارِمُونَ وَ ابنُ السّبِیلِ وَ مَنِ استَهَانَ بِالأَمَانَةِ وَ رَتَعَ فِی الخِیَانَةِ وَ لَم یُنَزّه نَفسَهُ وَ دِینَهُ عَنهَا فَقَد أَحَلّ بِنَفسِهِ الذّلّ وَ الخزِی‌َ فِی الدّنیَا وَ هُوَ فِی الآخِرَةِ أَذَلّ وَ أَخزَی وَ إِنّ أَعظَمَ الخِیَانَةِ خِیَانَةُ الأُمّةِ وَ أَفظَعَ الغِشّ غِشّ الأَئِمّةِ وَ السّلَامُ

27- و من عهد له ع إلی محمد بن أبی بکر رضی الله عنه حین قلده مصر

فَاخفِض لَهُم جَنَاحَکَ وَ أَلِن لَهُم جَانِبَکَ وَ ابسُط لَهُم وَجهَکَ وَ آسِ بَینَهُم فِی اللّحظَةِ وَ النّظرَةِ حَتّی لَا یَطمَعَ العُظَمَاءُ فِی حَیفِکَ لَهُم وَ لَا یَیأَسَ الضّعَفَاءُ مِن عَدلِکَ عَلَیهِم فَإِنّ اللّهَ تَعَالَی یُسَائِلُکُم مَعشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصّغِیرَةِ مِن أَعمَالِکُم وَ الکَبِیرَةِ وَ الظّاهِرَةِ وَ المَستُورَةِ فَإِن یُعَذّب فَأَنتُم أَظلَمُ وَ إِن یَعفُ فَهُوَ أَکرَمُ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُتّقِینَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدّنیَا وَ آجِلِ الآخِرَةِ فَشَارَکُوا أَهلَ الدّنیَا فِی دُنیَاهُم وَ لَم یُشَارِکُوا أَهلَ الدّنیَا فِی آخِرَتِهِم سَکَنُوا الدّنیَا بِأَفضَلِ مَا سُکِنَت وَ أَکَلُوهَا بِأَفضَلِ مَا أُکِلَت فَحَظُوا مِنَ الدّنیَا بِمَا حظَیِ‌َ بِهِ المُترَفُونَ وَ أَخَذُوا مِنهَا مَا أَخَذَهُ الجَبَابِرَةُ المُتَکَبّرُونَ ثُمّ انقَلَبُوا عَنهَا بِالزّادِ المُبَلّغِ وَ المَتجَرِ الرّابِحِ أَصَابُوا لَذّةَ زُهدِ الدّنیَا فِی دُنیَاهُم وَ تَیَقّنُوا أَنّهُم

ص 384
جِیرَانُ اللّهِ غَداً فِی آخِرَتِهِم لَا تُرَدّ لَهُم دَعوَةٌ وَ لَا یَنقُصُ لَهُم نَصِیبٌ مِن لَذّةٍ فَاحذَرُوا عِبَادَ اللّهِ المَوتَ وَ قُربَهُ وَ أَعِدّوا لَهُ عُدّتَهُ فَإِنّهُ یأَتیِ بِأَمرٍ عَظِیمٍ وَ خَطبٍ جَلِیلٍ بِخَیرٍ لَا یَکُونُ مَعَهُ شَرّ أَبَداً أَو شَرّ لَا یَکُونُ مَعَهُ خَیرٌ أَبَداً فَمَن أَقرَبُ إِلَی الجَنّةِ مِن عَامِلِهَا وَ مَن أَقرَبُ إِلَی النّارِ مِن عَامِلِهَا وَ أَنتُم طُرَدَاءُ المَوتِ إِن أَقَمتُم لَهُ أَخَذَکُم وَ إِن فَرَرتُم مِنهُ أَدرَکَکُم وَ هُوَ أَلزَمُ لَکُم مِن ظِلّکُم المَوتُ مَعقُودٌ بِنَوَاصِیکُم وَ الدّنیَا تُطوَی مِن خَلفِکُم فَاحذَرُوا نَاراً قَعرُهَا بَعِیدٌ وَ حَرّهَا شَدِیدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِیدٌ دَارٌ لَیسَ فِیهَا رَحمَةٌ وَ لَا تُسمَعُ فِیهَا دَعوَةٌ وَ لَا تُفَرّجُ فِیهَا کُربَةٌ وَ إِنِ استَطَعتُم أَن یَشتَدّ خَوفُکُم مِنَ اللّهِ وَ أَن یَحسُنَ ظَنّکُم بِهِ فَاجمَعُوا بَینَهُمَا فَإِنّ العَبدَ إِنّمَا یَکُونُ حُسنُ ظَنّهِ بِرَبّهِ عَلَی قَدرِ خَوفِهِ مِن رَبّهِ وَ إِنّ أَحسَنَ النّاسِ ظَنّاً بِاللّهِ أَشَدّهُم خَوفاً لِلّهِ وَ اعلَم یَا مُحَمّدَ بنَ أَبِی بَکرٍ أنَیّ قَد وَلّیتُکَ أَعظَمَ أجَناَدیِ فِی نفَسیِ أَهلَ مِصرَ فَأَنتَ مَحقُوقٌ أَن تُخَالِفَ عَلَی نَفسِکَ وَ أَن تُنَافِحَ عَن دِینِکَ وَ لَو لَم یَکُن لَکَ إِلّا سَاعَةٌ مِنَ الدّهرِ وَ لَا تُسخِطِ اللّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِن خَلقِهِ فَإِنّ فِی اللّهِ خَلَفاً مِن غَیرِهِ وَ لَیسَ مِنَ اللّهِ خَلَفٌ فِی غَیرِهِ صَلّ الصّلَاةَ لِوَقتِهَا المُؤَقّتِ لَهَا وَ لَا تُعَجّل وَقتَهَا لِفَرَاغٍ وَ لَا
ص 385
تُؤَخّرهَا عَن وَقتِهَا لِاشتِغَالٍ وَ اعلَم أَنّ کُلّ شَیءٍ مِن عَمَلِکَ تَبَعٌ لِصَلَاتِکَ
وَ مِنهُفَإِنّهُ لَا سَوَاءَ إِمَامُ الهُدَی وَ إِمَامُ الرّدَی وَ ولَیِ‌ّ النّبِیّ وَ عَدُوّ النّبِیّ وَ لَقَد قَالَ لِی رَسُولُ اللّهِص إنِیّ لَا أَخَافُ عَلَی أمُتّیِ مُؤمِناً وَ لَا مُشرِکاً أَمّا المُؤمِنُ فَیَمنَعُهُ اللّهُ بِإِیمَانِهِ وَ أَمّا المُشرِکُ فَیَقمَعُهُ اللّهُ بِشِرکِهِ وَ لکَنِیّ أَخَافُ عَلَیکُم کُلّ مُنَافِقِ الجَنَانِ عَالِمِ اللّسَانِ یَقُولُ مَا تَعرِفُونَ وَ یَفعَلُ مَا تُنکِرُونَ

28- و من کتاب له ع إلی معاویة جوابا

قال الشریف و هو من محاسن الکتب
-روایت-1-36
أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنیِ کِتَابُکَ تَذکُرُ فِیهِ اصطِفَاءَ اللّهِ مُحَمّداًص لِدِینِهِ وَ تَأیِیدَهُ إِیّاهُ لِمَن أَیّدَهُ مِن أَصحَابِهِ فَلَقَد خَبّأَ لَنَا الدّهرُ مِنکَ عَجَباً إِذ طَفِقتَ تُخبِرُنَا بِبَلَاءِ اللّهِ تَعَالَی عِندَنَا وَ نِعمَتِهِ عَلَینَا فِی نَبِیّنَا فَکُنتَ فِی ذَلِکَ کَنَاقِلِ التّمرِ إِلَی هَجَرَ أَو داَعیِ مُسَدّدِهِ إِلَی النّضَالِ وَ زَعَمتَ أَنّ أَفضَلَ النّاسِ فِی الإِسلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَکَرتَ أَمراً إِن تَمّ اعتَزَلَکَ

ص 386
کُلّهُ وَ إِن نَقَصَ لَم یَلحَقکَ ثَلمُهُ وَ مَا أَنتَ وَ الفَاضِلَ وَ المَفضُولَ وَ السّائِسَ وَ المَسُوسَ وَ مَا لِلطّلَقَاءِ وَ أَبنَاءِ الطّلَقَاءِ وَ التّمیِیزَ بَینَ المُهَاجِرِینَ الأَوّلِینَ وَ تَرتِیبَ دَرَجَاتِهِم وَ تَعرِیفَ طَبَقَاتِهِم هَیهَاتَ لَقَد حَنّ قِدحٌ لَیسَ مِنهَا وَ طَفِقَ یَحکُمُ فِیهَا مَن عَلَیهِ الحُکمُ لَهَا أَ لَا تَربَعُ أَیّهَا الإِنسَانُ عَلَی ظَلعِکَ وَ تَعرِفُ قُصُورَ ذَرعِکَ وَ تَتَأَخّرُ حَیثُ أَخّرَکَ القَدَرُ فَمَا عَلَیکَ غَلَبَةُ المَغلُوبِ وَ لَا ظَفَرُ الظّافِرِ وَ إِنّکَ لَذَهّابٌ فِی التّیهِ رَوّاغٌ عَنِ القَصدِ أَ لَا تَرَی غَیرَ مُخبِرٍ لَکَ وَ لَکِن بِنِعمَةِ اللّهِ أُحَدّثُ أَنّ قَوماً استُشهِدُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ تَعَالَی مِنَ المُهَاجِرِینَ وَ الأَنصَارِ وَ لِکُلّ فَضلٌ حَتّی إِذَا استُشهِدَ شَهِیدُنَا قِیلَ سَیّدُ الشّهَدَاءِ وَ خَصّهُ رَسُولُ اللّهِص بِسَبعِینَ تَکبِیرَةً
عِندَ صَلَاتِهِ عَلَیهِ أَ وَ لَا تَرَی أَنّ قَوماً قُطّعَت أَیدِیهِم فِی سَبِیلِ اللّهِ وَ لِکُلّ فَضلٌ حَتّی إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِم قِیلَ الطّیّارُ فِی الجَنّةِ وَ ذُو الجَنَاحَینِ وَ لَو لَا مَا نَهَی اللّهُ عَنهُ مِن تَزکِیَةِ المَرءِ نَفسَهُ لَذَکَرَ ذَاکِرٌ فَضَائِلَ جَمّةً تَعرِفُهَا قُلُوبُ المُؤمِنِینَ وَ لَا تَمُجّهَا آذَانُ السّامِعِینَ فَدَع عَنکَ مَن مَالَت بِهِ الرّمِیّةُ فَإِنّا صَنَائِعُ رَبّنَا وَ النّاسُ بَعدُ صَنَائِعُ لَنَا لَم یَمنَعنَا قَدِیمُ عِزّنَا وَ لَا عاَدیِ‌ّ طَولِنَا عَلَی قَومِکَ
ص 387
أَن خَلَطنَاکُم بِأَنفُسِنَا فَنَکَحنَا وَ أَنکَحنَا فِعلَ الأَکفَاءِ وَ لَستُم هُنَاکَ وَ أَنّی یَکُونُ ذَلِکَ وَ مِنّا النّبِیّ وَ مِنکُمُ المُکَذّبُ وَ مِنّا أَسَدُ اللّهِ وَ مِنکُم أَسَدُ الأَحلَافِ وَ مِنّا سَیّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ وَ مِنکُم صِبیَةُ النّارِ وَ مِنّا خَیرُ نِسَاءِ العَالَمِینَ وَ مِنکُم حَمّالَةُ الحَطَبِ فِی کَثِیرٍ مِمّا لَنَا وَ عَلَیکُم فَإِسلَامُنَا قَد سُمِعَ وَ جَاهِلِیّتُنَا لَا تُدفَعُ وَ کِتَابُ اللّهِ یَجمَعُ لَنَا مَا شَذّ عَنّا وَ هُوَ قَولُهُ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَیوَ أُولُوا الأَرحامِ بَعضُهُم أَولی بِبَعضٍ فِی کِتابِ اللّهِ وَ قَولُهُ تَعَالَیإِنّ أَولَی النّاسِ بِإِبراهِیمَ لَلّذِینَ اتّبَعُوهُ وَ هذَا النّبِیّ وَ الّذِینَ آمَنُوا وَ اللّهُ ولَیِ‌ّ المُؤمِنِینَفَنَحنُ مَرّةً أَولَی بِالقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَولَی بِالطّاعَةِ وَ لَمّا احتَجّ المُهَاجِرُونَ عَلَی الأَنصَارِ یَومَ السّقِیفَةِ بِرَسُولِ اللّهِص فَلَجُوا عَلَیهِم فَإِن یَکُنِ الفَلَجُ بِهِ فَالحَقّ لَنَا دُونَکُم وَ إِن یَکُن بِغَیرِهِ فَالأَنصَارُ عَلَی دَعوَاهُم وَ زَعَمتَ أنَیّ لِکُلّ الخُلَفَاءِ حَسَدتُ وَ عَلَی کُلّهِم بَغَیتُ فَإِن یَکُن ذَلِکَ کَذَلِکَ فَلَیسَتِ الجِنَایَةُ عَلَیکَ فَیَکُونَ العُذرُ إِلَیکَ
-قرآن-511-571-قرآن-592-712
وَ تِلکَ شَکَاةٌ ظَاهِرٌ عَنکَ عَارُهَا
وَ قُلتَ إنِیّ کُنتُ أُقَادُ کَمَا یُقَادُ الجَمَلُ المَخشُوشُ حَتّی أُبَایِعَ
ص 388
وَ لَعَمرُ اللّهِ لَقَد أَرَدتَ أَن تَذُمّ فَمَدَحتَ وَ أَن تَفضَحَ فَافتَضَحتَ وَ مَا عَلَی المُسلِمِ مِن غَضَاضَةٍ فِی أَن یَکُونَ مَظلُوماً مَا لَم یَکُن شَاکّاً فِی دِینِهِ وَ لَا مُرتَاباً بِیَقِینِهِ وَ هَذِهِ حجُتّیِ إِلَی غَیرِکَ قَصدُهَا وَ لکَنِیّ أَطلَقتُ لَکَ مِنهَا بِقَدرِ مَا سَنَحَ مِن ذِکرِهَا ثُمّ ذَکَرتَ مَا کَانَ مِن أمَریِ وَ أَمرِ عُثمَانَ فَلَکَ أَن تُجَابَ عَن هَذِهِ لِرَحِمِکَ مِنهُ فَأَیّنَا کَانَ أَعدَی لَهُ وَ أَهدَی إِلَی مَقَاتِلِهِ أَ مَن بَذَلَ لَهُ نُصرَتَهُ فَاستَقعَدَهُ وَ استَکَفّهُ أَم مَنِ استَنصَرَهُ فَتَرَاخَی عَنهُ وَ بَثّ المَنُونَ إِلَیهِ حَتّی أَتَی قَدَرُهُ عَلَیهِ کَلّا وَ اللّهِ لَقَد یَعلَمُ اللّهُ المُعَوّقِینَ مِنکُم وَ القائِلِینَ لِإِخوانِهِم هَلُمّ إِلَینا وَ لا یَأتُونَ البَأسَ إِلّا قَلِیلًا. وَ مَا کُنتُ لِأَعتَذِرَ مِن أنَیّ کُنتُ أَنقِمُ عَلَیهِ أَحدَاثاً فَإِن کَانَ الذّنبُ إِلَیهِ إرِشاَدیِ وَ هدِاَیتَیِ لَهُ فَرُبّ مَلُومٍ لَا ذَنبَ لَهُ
-قرآن-638-757
وَ قَد یَستَفِیدُ الظّنّةَ المُتَنَصّحُ
وَ مَا أَرَدتُإِلّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَ ما توَفیِقیِ إِلّا بِاللّهِ عَلَیهِ تَوَکّلتُ وَ إِلَیهِ أُنِیبُ وَ ذَکَرتَ أَنّهُ لَیسَ لِی وَ لأِصَحاَبیِ عِندَکَ إِلّا السّیفُ فَلَقَد أَضحَکتَ
-قرآن-15-112
ص 389
بَعدَ استِعبَارٍ مَتَی أَلفَیتَ بنَیِ عَبدِ المُطّلِبِ عَنِ الأَعدَاءِ نَاکِلِینَ وَ بِالسّیفِ مُخَوّفِینَ
فَلَبّث قَلِیلًا یَلحَقِ الهَیجَا حَمَل
فَسَیَطلُبُکَ مَن تَطلُبُ وَ یَقرُبُ مِنکَ مَا تَستَبعِدُ وَ أَنَا مُرقِلٌ نَحوَکَ فِی جَحفَلٍ مِنَ المُهَاجِرِینَ وَ الأَنصَارِ وَ التّابِعِینَ لَهُم بِإِحسَانٍ شَدِیدٍ زِحَامُهُم سَاطِعٍ قَتَامُهُم مُتَسَربِلِینَ سَرَابِیلَ المَوتِ أَحَبّ اللّقَاءِ إِلَیهِم لِقَاءُ رَبّهِم وَ قَد صَحِبَتهُم ذُرّیّةٌ بَدرِیّةٌ وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیّةٌ قَد عَرَفتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیکَ وَ خَالِکَ وَ جَدّکَ وَ أَهلِکَوَ ما هیِ‌َ مِنَ الظّالِمِینَ بِبَعِیدٍ
-قرآن-413-451

29- و من کتاب له ع إلی أهل البصرة

وَ قَد کَانَ مِنِ انتِشَارِ حَبلِکُم وَ شِقَاقِکُم مَا لَم تَغبَوا عَنهُ فَعَفَوتُ عَن مُجرِمِکُم وَ رَفَعتُ السّیفَ عَن مُدبِرِکُم وَ قَبِلتُ مِن مُقبِلِکُم فَإِن خَطَت بِکُمُ الأُمُورُ المُردِیَةُ وَ سَفَهُ الآرَاءِ الجَائِرَةِ إِلَی منُاَبذَتَیِ وَ خلِاَفیِ فَهَا أَنَا ذَا قَد قَرّبتُ جیِاَدیِ وَ رَحَلتُ رکِاَبیِ وَ لَئِن ألَجأَتمُوُنیِ إِلَی المَسِیرِ

ص 390
إِلَیکُم لَأُوقِعَنّ بِکُم وَقعَةً لَا یَکُونُ یَومُ الجَمَلِ إِلَیهَا إِلّا کَلَعقَةِ لَاعِقٍ مَعَ أنَیّ عَارِفٌ لذِیِ الطّاعَةِ مِنکُم فَضلَهُ وَ لذِیِ النّصِیحَةِ حَقّهُ غَیرُ مُتَجَاوِزٍ مُتّهَماً إِلَی برَیِ‌ّ وَ لَا نَاکِثاً إِلَی وفَیِ‌ّ

30- و من کتاب له ع إلی معاویة

فَاتّقِ اللّهَ فِیمَا لَدَیکَ وَ انظُر فِی حَقّهِ عَلَیکَ وَ ارجِع إِلَی مَعرِفَةِ مَا لَا تُعذَرُ بِجَهَالَتِهِ فَإِنّ لِلطّاعَةِ أَعلَاماً وَاضِحَةً وَ سُبُلًا نَیّرَةً وَ مَحَجّةً نَهجَةً وَ غَایَةً مُطّلَبَةً یَرِدُهَا الأَکیَاسُ وَ یُخَالِفُهَا الأَنکَاسُ مَن نَکَبَ عَنهَا جَارَ عَنِ الحَقّ وَ خَبَطَ فِی التّیهِ وَ غَیّرَ اللّهُ نِعمَتَهُ وَ أَحَلّ بِهِ نِقمَتَهُ فَنَفسَکَ نَفسَکَ فَقَد بَیّنَ اللّهُ لَکَ سَبِیلَکَ وَ حَیثُ تَنَاهَت بِکَ أُمُورُکَ فَقَد أَجرَیتَ إِلَی غَایَةِ خُسرٍ وَ مَحَلّةِ کُفرٍ فَإِنّ نَفسَکَ قَد أَولَجَتکَ شَرّاً وَ أَقحَمَتکَ غَیّاً وَ أَورَدَتکَ المَهَالِکَ وَ أَوعَرَت عَلَیکَ المَسَالِکَ

ص 391

31- و من وصیة له ع للحسن بن علی ع کتبها إلیه بحاضرین

اشارة

عندانصرافه من صفین

اشاره

مِنَ الوَالِدِ الفَانِ المُقِرّ لِلزّمَانِ المُدبِرِ العُمُرِ المُستَسلِمِ لِلدّنیَا السّاکِنِ مَسَاکِنَ المَوتَی وَ الظّاعِنِ عَنهَا غَداً إِلَی المَولُودِ المُؤَمّلِ مَا لَا یُدرِکُ السّالِکِ سَبِیلَ مَن قَد هَلَکَ غَرَضِ الأَسقَامِ وَ رَهِینَةِ الأَیّامِ وَ رَمِیّةِ المَصَائِبِ وَ عَبدِ الدّنیَا وَ تَاجِرِ الغُرُورِ وَ غَرِیمِ المَنَایَا وَ أَسِیرِ المَوتِ وَ حَلِیفِ الهُمُومِ وَ قَرِینِ الأَحزَانِ وَ نُصُبِ الآفَاتِ وَ صَرِیعِ الشّهَوَاتِ وَ خَلِیفَةِ الأَموَاتِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ فِیمَا تَبَیّنتُ مِن إِدبَارِ الدّنیَا عنَیّ وَ جُمُوحِ الدّهرِ عَلَیّ وَ إِقبَالِ الآخِرَةِ إلِیَ‌ّ مَا یزَعَنُیِ عَن ذِکرِ مَن سوِاَی‌َ وَ الِاهتِمَامِ بِمَا ورَاَئیِ غَیرَ أنَیّ حَیثُ تَفَرّدَ بیِ دُونَ هُمُومِ النّاسِ هَمّ نفَسیِ فصَدَفَنَیِ رأَییِ وَ صرَفَنَیِ عَن هوَاَی‌َ وَ صَرّحَ لِی مَحضُ أمَریِ فَأَفضَی بیِ إِلَی جِدّ لَا یَکُونُ فِیهِ لَعِبٌ وَ صِدقٍ لَا یَشُوبُهُ کَذِبٌ وَ وَجَدتُکَ
عَضیِ بَل وَجَدتُکَ کلُیّ حَتّی کَأَنّ شَیئاً لَو أَصَابَکَ أصَاَبنَیِ وَ کَأَنّ المَوتَ لَو أَتَاکَ أتَاَنیِ فعَنَاَنیِ

ص 392
مِن أَمرِکَ مَا یعَنیِنیِ مِن أَمرِ نفَسیِ فَکَتَبتُ إِلَیکَ کتِاَبیِ مُستَظهِراً بِهِ إِن أَنَا بَقِیتُ لَکَ أَو فَنِیتُ فإَنِیّ أُوصِیکَ بِتَقوَی اللّهِ أَی بنُیَ‌ّ وَ لُزُومِ أَمرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلبِکَ بِذِکرِهِ وَ الِاعتِصَامِ بِحَبلِهِ وَ أَیّ سَبَبٍ أَوثَقُ مِن سَبَبٍ بَینَکَ وَ بَینَ اللّهِ إِن أَنتَ أَخَذتَ بِهِ أحَی‌ِ قَلبَکَ بِالمَوعِظَةِ وَ أَمِتهُ بِالزّهَادَةِ وَ قَوّهِ بِالیَقِینِ وَ نَوّرهُ بِالحِکمَةِ وَ ذَلّلهُ بِذِکرِ المَوتِ وَ قَرّرهُ بِالفَنَاءِ وَ بَصّرهُ فَجَائِعَ الدّنیَا وَ حَذّرهُ صَولَةَ الدّهرِ وَ فُحشَ تَقَلّبِ اللیّاَلیِ وَ الأَیّامِ وَ اعرِض عَلَیهِ أَخبَارَ المَاضِینَ وَ ذَکّرهُ بِمَا أَصَابَ مَن کَانَ قَبلَکَ مِنَ الأَوّلِینَ وَ سِر فِی دِیَارِهِم وَ آثَارِهِم فَانظُر فِیمَا فَعَلُوا وَ عَمّا انتَقَلُوا وَ أَینَ حَلّوا وَ نَزَلُوا فَإِنّکَ تَجِدُهُم قَدِ انتَقَلُوا عَنِ الأَحِبّةِ وَ حَلّوا دِیَارَ الغُربَةِ وَ کَأَنّکَ عَن قَلِیلٍ قَد صِرتَ کَأَحَدِهِم فَأَصلِح مَثوَاکَ وَ لَا تَبِع آخِرَتَکَ بِدُنیَاکَ وَ دَعِ القَولَ فِیمَا لَا تَعرِفُ وَ الخِطَابَ فِیمَا لَم تُکَلّف وَ أَمسِک عَن طَرِیقٍ إِذَا خِفتَ ضَلَالَتَهُ فَإِنّ الکَفّ
عِندَ حَیرَةِ الضّلَالِ خَیرٌ مِن رُکُوبِ الأَهوَالِ وَ أمُر بِالمَعرُوفِ تَکُن مِن أَهلِهِ وَ أَنکِرِ المُنکَرَ بِیَدِکَ وَ لِسَانِکَ وَ بَایِن مَن فَعَلَهُ بِجُهدِکَ وَ جَاهِد فِی اللّهِ حَقّ جِهَادِهِ وَ لَا تَأخُذکَ فِی اللّهِ
ص 393
لَومَةُ لَائِمٍ وَ خُضِ الغَمَرَاتِ لِلحَقّ حَیثُ کَانَ وَ تَفَقّه فِی الدّینِ وَ عَوّد نَفسَکَ التّصَبّرَ عَلَی المَکرُوهِ وَ نِعمَ الخُلُقُ التّصَبُرُ فِی الحَقّ وَ أَلجِئ نَفسَکَ فِی أُمُورِکَ کُلّهَا إِلَی إِلَهِکَ فَإِنّکَ تُلجِئُهَا إِلَی کَهفٍ حَرِیزٍ وَ مَانِعٍ عَزِیزٍ وَ أَخلِص فِی المَسأَلَةِ لِرَبّکَ فَإِنّ بِیَدِهِ العَطَاءَ وَ الحِرمَانَ وَ أَکثِرِ الِاستِخَارَةَ وَ تَفَهّم وصَیِتّیِ وَ لَا تَذهَبَنّ عَنکَ صَفحاً فَإِنّ خَیرَ القَولِ مَا نَفَعَ وَ اعلَم أَنّهُ لَا خَیرَ فِی عِلمٍ لَا یَنفَعُ وَ لَا یُنتَفَعُ بِعِلمٍ لَا یَحِقّ تَعَلّمُهُ أَی بنُیَ‌ّ إنِیّ لَمّا رأَیَتنُیِ قَد بَلَغتُ سِنّاً وَ رأَیَتنُیِ أَزدَادُ وَهناً بَادَرتُ بوِصَیِتّیِ إِلَیکَ وَ أَورَدتُ خِصَالًا مِنهَا قَبلَ أَن یَعجَلَ بیِ أجَلَیِ دُونَ أَن أفُضیِ‌َ إِلَیکَ بِمَا فِی نفَسیِ أَو أَن أُنقَصَ فِی رأَییِ کَمَا نُقِصتُ فِی جسِمیِ أَو یسَبقِنَیِ إِلَیکَ بَعضُ غَلَبَاتِ الهَوَی وَ فِتَنِ الدّنیَا فَتَکُونَ کَالصّعبِ النّفُورِ وَ إِنّمَا قَلبُ الحَدَثِ کَالأَرضِ الخَالِیَةِ مَا ألُقیِ‌َ فِیهَا مِن شَیءٍ قَبِلَتهُ فَبَادَرتُکَ بِالأَدَبِ قَبلَ أَن یَقسُوَ قَلبُکَ وَ یَشتَغِلَ لُبّکَ لِتَستَقبِلَ بِجِدّ رَأیِکَ مِنَ الأَمرِ مَا قَد کَفَاکَ أَهلُ التّجَارِبِ بُغیَتَهُ وَ تَجرِبَتَهُ فَتَکُونَ قَد کُفِیتَ مَئُونَةَ الطّلَبِ وَ عُوفِیتَ مِن عِلَاجِ التّجرِبَةِ فَأَتَاکَ مِن ذَلِکَ مَا قَد کُنّا نَأتِیهِ وَ استَبَانَ لَکَ مَا رُبّمَا أَظلَمَ عَلَینَا مِنهُ أَی بنُیَ‌ّ إنِیّ وَ إِن لَم أَکُن عُمّرتُ عُمُرَ مَن کَانَ قبَلیِ فَقَد نَظَرتُ
ص 394
فِی أَعمَالِهِم وَ فَکّرتُ فِی أَخبَارِهِم وَ سِرتُ فِی آثَارِهِم حَتّی عُدتُ کَأَحَدِهِم بَل کأَنَیّ بِمَا انتَهَی إلِیَ‌ّ مِن أُمُورِهِم قَد عُمّرتُ مَعَ أَوّلِهِم إِلَی آخِرِهِم فَعَرَفتُ صَفوَ ذَلِکَ مِن کَدَرِهِ وَ نَفعَهُ مِن ضَرَرِهِ فَاستَخلَصتُ لَکَ مِن کُلّ أَمرٍ نَخِیلَهُ وَ تَوَخّیتُ لَکَ جَمِیلَهُ وَ صَرَفتُ عَنکَ مَجهُولَهُ وَ رَأَیتُ حَیثُ عنَاَنیِ مِن أَمرِکَ مَا یعَنیِ الوَالِدَ الشّفِیقَ وَ أَجمَعتُ عَلَیهِ مِن أَدَبِکَ أَن یَکُونَ ذَلِکَ وَ أَنتَ مُقبِلُ العُمُرِ وَ مُقتَبَلُ الدّهرِ ذُو نِیّةٍ سَلِیمَةٍ وَ نَفسٍ صَافِیَةٍ وَ أَن أَبتَدِئَکَ بِتَعلِیمِ کِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ تَأوِیلِهِ وَ شَرَائِعِ الإِسلَامِ وَ أَحکَامِهِ وَ حَلَالِهِ وَ حَرَامِهِ لَا أُجَاوِزُ ذَلِکَ بِکَ إِلَی غَیرِهِ ثُمّ أَشفَقتُ أَن یَلتَبِسَ عَلَیکَ مَا اختَلَفَ النّاسُ فِیهِ مِن أَهوَائِهِم وَ آرَائِهِم مِثلَ ألّذِی التَبَسَ عَلَیهِم فَکَانَ إِحکَامُ ذَلِکَ عَلَی مَا کَرِهتُ مِن تَنبِیهِکَ لَهُ أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن إِسلَامِکَ إِلَی أَمرٍ لَا آمَنُ عَلَیکَ بِهِ الهَلَکَةَ وَ رَجَوتُ أَن یُوَفّقَکَ اللّهُ فِیهِ لِرُشدِکَ وَ أَن یَهدِیَکَ لِقَصدِکَ فَعَهِدتُ إِلَیکَ وصَیِتّیِ هَذِهِ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّ أَحَبّ مَا أَنتَ آخِذٌ بِهِ إلِیَ‌ّ مِن وصَیِتّیِ تَقوَی اللّهِ وَ الِاقتِصَارُ عَلَی مَا فَرَضَهُ اللّهُ عَلَیکَ وَ الأَخذُ بِمَا مَضَی عَلَیهِ الأَوّلُونَ مِن آبَائِکَ وَ الصّالِحُونَ مِن أَهلِ بَیتِکَ فَإِنّهُم لَم یَدَعُوا أَن نَظَرُوا لِأَنفُسِهِم کَمَا أَنتَ نَاظِرٌ وَ فَکّرُوا کَمَا أَنتَ مُفَکّرٌ ثُمّ رَدّهُم
ص 395
آخِرُ ذَلِکَ إِلَی الأَخذِ بِمَا عَرَفُوا وَ الإِمسَاکِ عَمّا لَم یُکَلّفُوا فَإِن أَبَت نَفسُکَ أَن تَقبَلَ ذَلِکَ دُونَ أَن تَعلَمَ کَمَا عَلِمُوا فَلیَکُن طَلَبُکَ ذَلِکَ بِتَفَهّمٍ وَ تَعَلّمٍ لَا بِتَوَرّطِ الشّبُهَاتِ وَ عُلَقِ الخُصُومَاتِ وَ ابدَأ قَبلَ نَظَرِکَ فِی ذَلِکَ بِالِاستِعَانَةِ بِإِلَهِکَ وَ الرّغبَةِ إِلَیهِ فِی تَوفِیقِکَ وَ تَرکِ کُلّ شَائِبَةٍ أَولَجَتکَ فِی شُبهَةٍ أَو أَسلَمَتکَ إِلَی ضَلَالَةٍ فَإِن أَیقَنتَ أَن قَد صَفَا قَلبُکَ فَخَشَعَ وَ تَمّ رَأیُکَ فَاجتَمَعَ وَ کَانَ هَمّکَ فِی ذَلِکَ هَمّاً وَاحِداً فَانظُر فِیمَا فَسّرتُ لَکَ وَ إِن لَم یَجتَمِع لَکَ مَا تُحِبّ مِن نَفسِکَ وَ فَرَاغِ نَظَرِکَ وَ فِکرِکَ فَاعلَم أَنّکَ إِنّمَا تَخبِطُ العَشوَاءَ وَ تَتَوَرّطُ الظّلمَاءَ وَ لَیسَ طَالِبُ الدّینِ مَن خَبَطَ أَو خَلَطَ وَ الإِمسَاکُ عَن ذَلِکَ أَمثَلُ فَتَفَهّم یَا بنُیَ‌ّ وصَیِتّیِ وَ اعلَم أَنّ مَالِکَ المَوتِ هُوَ مَالِکُ الحَیَاةِ وَ أَنّ الخَالِقَ هُوَ المُمِیتُ وَ أَنّ المفُنیِ‌َ هُوَ المُعِیدُ وَ أَنّ المبُتلَیِ‌َ هُوَ المعُاَفیِ وَ أَنّ الدّنیَا لَم تَکُن لِتَستَقِرّ إِلّا عَلَی مَا جَعَلَهَا اللّهُ عَلَیهِ مِنَ النّعمَاءِ وَ الِابتِلَاءِ وَ الجَزَاءِ فِی المَعَادِ أَو مَا شَاءَ مِمّا لَا تَعلَمُ فَإِن أَشکَلَ عَلَیکَ شَیءٌ مِن ذَلِکَ فَاحمِلهُ عَلَی جَهَالَتِکَ فَإِنّکَ أَوّلُ مَا خُلِقتَ بِهِ جَاهِلًا ثُمّ عُلّمتَ وَ مَا أَکثَرَ مَا تَجهَلُ مِنَ الأَمرِ وَ یَتَحَیّرُ فِیهِ رَأیُکَ وَ یَضِلّ فِیهِ بَصَرُکَ ثُمّ تُبصِرُهُ بَعدَ ذَلِکَ فَاعتَصِم باِلذّیِ
ص 396
خَلَقَکَ وَ رَزَقَکَ وَ سَوّاکَ وَ لیَکُن لَهُ تَعَبّدُکَ وَ إِلَیهِ رَغبَتُکَ وَ مِنهُ شَفَقَتُکَ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّ أَحَداً لَم یُنبِئ عَنِ اللّهِ سُبحَانَهُ کَمَا أَنبَأَ عَنهُ الرّسُولُص فَارضَ بِهِ رَائِداً وَ إِلَی النّجَاةِ قَائِداً فإَنِیّ لَم آلُکَ نَصِیحَةً وَ إِنّکَ لَن تَبلُغَ فِی النّظَرِ لِنَفسِکَ وَ إِنِ اجتَهَدتَ مَبلَغَ نظَرَیِ لَکَ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّهُ لَو کَانَ لِرَبّکَ شَرِیکٌ لَأَتَتکَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَیتَ آثَارَ مُلکِهِ وَ سُلطَانِهِ وَ لَعَرَفتَ أَفعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ وَ لَکِنّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ کَمَا وَصَفَ نَفسَهُ لَا یُضَادّهُ فِی مُلکِهِ أَحَدٌ وَ لَا یَزُولُ أَبَداً وَ لَم یَزَل أَوّلٌ قَبلَ الأَشیَاءِ بِلَا أَوّلِیّةٍ وَ آخِرٌ بَعدَ الأَشیَاءِ بِلَا نِهَایَةٍ عَظُمَ عَن أَن تَثبُتَ رُبُوبِیّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلبٍ أَو بَصَرٍ فَإِذَا عَرَفتَ ذَلِکَ فَافعَل کَمَا ینَبغَیِ لِمِثلِکَ أَن یَفعَلَهُ فِی صِغَرِ خَطَرِهِ وَ قِلّةِ مَقدِرَتِهِ وَ کَثرَةِ عَجزِهِ وعَظِیمِ حَاجَتِهِ إِلَی رَبّهِ فِی طَلَبِ طَاعَتِهِ وَ الخَشیَةِ مِن عُقُوبَتِهِ وَ الشّفَقَةِ مِن سُخطِهِ فَإِنّهُ لَم یَأمُرکَ إِلّا بِحَسَنٍ وَ لَم یَنهَکَ إِلّا عَن قَبِیحٍ یَا بنُیَ‌ّ إنِیّ قَد أَنبَأتُکَ عَنِ الدّنیَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ انتِقَالِهَا وَ أَنبَأتُکَ عَنِ الآخِرَةِ وَ مَا أُعِدّ لِأَهلِهَا فِیهَا وَ ضَرَبتُ لَکَ فِیهِمَا
ص 397
الأَمثَالَ لِتَعتَبِرَ بِهَا وَ تَحذُوَ عَلَیهَا إِنّمَا مَثَلُ مَن خَبَرَ الدّنیَا کَمَثَلِ قَومٍ سَفرٍ نَبَا بِهِم مَنزِلٌ جَدِیبٌ فَأَمّوا مَنزِلًا خَصِیباً وَ جَنَاباً مَرِیعاً فَاحتَمَلُوا وَعثَاءَ الطّرِیقِ وَ فِرَاقَ الصّدِیقِ وَ خُشُونَةَ السّفَرِ وَ جُشُوبَةَ المَطعَمِ لِیَأتُوا سَعَةَ دَارِهِم وَ مَنزِلَ قَرَارِهِم فَلَیسَ یَجِدُونَ لشِیَ‌ءٍ مِن ذَلِکَ أَلَماً وَ لَا یَرَونَ نَفَقَةً فِیهِ مَغرَماً وَ لَا شَیءَ أَحَبّ إِلَیهِم مِمّا قَرّبَهُم مِن مَنزِلِهِم وَ أَدنَاهُم مِن مَحَلّتِهِم وَ مَثَلُ مَنِ اغتَرّ بِهَا کَمَثَلِ قَومٍ کَانُوا بِمَنزِلٍ خَصِیبٍ فَنَبَا بِهِم إِلَی مَنزِلٍ جَدِیبٍ فَلَیسَ شَیءٌ أَکرَهَ إِلَیهِم وَ لَا أَفظَعَ عِندَهُم مِن مُفَارَقَةِ مَا کَانُوا فِیهِ إِلَی مَا یَهجُمُونَ عَلَیهِ وَ یَصِیرُونَ إِلَیهِ یَا بنُیَ‌ّ اجعَل نَفسَکَ مِیزَاناً فِیمَا بَینَکَ وَ بَینَ غَیرِکَ فَأَحبِب لِغَیرِکَ مَا تُحِبّ لِنَفسِکَ وَ اکرَه لَهُ مَا تَکرَهُ لَهَا وَ لَا تَظلِم کَمَا لَا تُحِبّ أَن تُظلَمَ وَ أَحسِن کَمَا تُحِبّ أَن یُحسَنَ إِلَیکَ وَ استَقبِح مِن نَفسِکَ مَا تَستَقبِحُهُ مِن غَیرِکَ وَ ارضَ مِنَ النّاسِ بِمَا تَرضَاهُ لَهُم مِن نَفسِکَ وَ لَا تَقُل مَا لَا تَعلَمُ وَ إِن قَلّ مَا تَعلَمُ وَ لَا تَقُل مَا لَا تُحِبّ أَن یُقَالَ لَکَ وَ اعلَم أَنّ الإِعجَابَ ضِدّ الصّوَابِ وَ آفَةُ الأَلبَابِ فَاسعَ
ص 398
فِی کَدحِکَ وَ لَا تَکُن خَازِناً لِغَیرِکَ وَ إِذَا أَنتَ هُدِیتَ لِقَصدِکَ فَکُن أَخشَعَ مَا تَکُونُ لِرَبّکَ وَ اعلَم أَنّ أَمَامَکَ طَرِیقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِیدَةٍ وَ مَشَقّةٍ شَدِیدَةٍ وَ أَنّهُ لَا غِنَی بِکَ فِیهِ عَن حُسنِ الِارتِیَادِ وَ قَدرِ بَلَاغِکَ مِنَ الزّادِ مَعَ خِفّةِ الظّهرِ فَلَا تَحمِلَنّ عَلَی ظَهرِکَ فَوقَ طَاقَتِکَ فَیَکُونَ ثِقلُ ذَلِکَ وَبَالًا عَلَیکَ وَ إِذَا وَجَدتَ مِن أَهلِ الفَاقَةِ مَن یَحمِلُ لَکَ زَادَکَ إِلَی یَومِ القِیَامَةِ فَیُوَافِیکَ بِهِ غَداً حَیثُ تَحتَاجُ إِلَیهِ فَاغتَنِمهُ وَ حَمّلهُ إِیّاهُ وَ أَکثِر مِن تَزوِیدِهِ وَ أَنتَ قَادِرٌ عَلَیهِ فَلَعَلّکَ تَطلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ وَ اغتَنِم مَنِ استَقرَضَکَ فِی حَالِ غِنَاکَ لِیَجعَلَ قَضَاءَهُ لَکَ فِی یَومِ عُسرَتِکَ وَ اعلَم أَنّ أَمَامَکَ عَقَبَةً کَئُوداً المُخِفّ فِیهَا أَحسَنُ حَالًا مِنَ المُثقِلِ وَ المُبطِئُ عَلَیهَا أَقبَحُ حَالًا مِنَ المُسرِعِ وَ أَنّ مَهبِطَکَ بِهَا لَا مَحَالَةَ إِمّا عَلَی جَنّةٍ أَو عَلَی نَارٍ فَارتَد لِنَفسِکَ قَبلَ نُزُولِکَ وَ وَطّئِ المَنزِلَ قَبلَ حُلُولِکَ فَلَیسَ بَعدَ المَوتِ مُستَعتَبٌ وَ لَا إِلَی الدّنیَا مُنصَرَفٌ وَ اعلَم أَنّ ألّذِی بِیَدِهِ خَزَائِنُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ قَد أَذِنَ لَکَ فِی الدّعَاءِ وَ تَکَفّلَ لَکَ بِالإِجَابَةِ وَ أَمَرَکَ أَن تَسأَلَهُ لِیُعطِیَکَ وَ تَستَرحِمَهُ لِیَرحَمَکَ
ص 399
وَ لَم یَجعَل بَینَکَ وَ بَینَهُ مَن یَحجُبُکَ عَنهُ وَ لَم یُلجِئکَ إِلَی مَن یَشفَعُ لَکَ إِلَیهِ وَ لَم یَمنَعکَ إِن أَسَأتَ مِنَ التّوبَةِ وَ لَم یُعَاجِلکَ بِالنّقمَةِ وَ لَم یُعَیّرکَ بِالإِنَابَةِ وَ لَم یَفضَحکَ حَیثُ الفَضِیحَةُ بِکَ أَولَی وَ لَم یُشَدّد عَلَیکَ فِی قَبُولِ الإِنَابَةِ وَ لَم یُنَاقِشکَ بِالجَرِیمَةِ وَ لَم یُؤیِسکَ مِنَ الرّحمَةِ بَل جَعَلَ نُزُوعَکَ عَنِ الذّنبِ حَسَنَةً وَ حَسَبَ سَیّئَتَکَ وَاحِدَةً وَ حَسَبَ حَسَنَتَکَ عَشراً وَ فَتَحَ لَکَ بَابَ المَتَابِ وَ بَابَ الِاستِعتَابِ فَإِذَا نَادَیتَهُ سَمِعَ نِدَاکَ وَ إِذَا نَاجَیتَهُ عَلِمَ نَجوَاکَ فَأَفضَیتَ إِلَیهِ بِحَاجَتِکَ وَ أَبثَثتَهُ ذَاتَ نَفسِکَ وَ شَکَوتَ إِلَیهِ هُمُومَکَ وَ استَکشَفتَهُ کُرُوبَکَ وَ استَعَنتَهُ عَلَی أُمُورِکَ وَ سَأَلتَهُ مِن خَزَائِنِ رَحمَتِهِ مَا لَا یَقدِرُ عَلَی إِعطَائِهِ غَیرُهُ مِن زِیَادَةِ الأَعمَارِ وَ صِحّةِ الأَبدَانِ وَ سَعَةِ الأَرزَاقِ ثُمّ جَعَلَ فِی یَدَیکَ مَفَاتِیحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَکَ فِیهِ مِن مَسأَلَتِهِ فَمَتَی شِئتَ استَفتَحتَ بِالدّعَاءِ أَبوَابَ نِعمَتِهِ وَ استَمطَرتَ شَآبِیبَ رَحمَتِهِ فَلَا یُقَنّطَنّکَ إِبطَاءُ إِجَابَتِهِ فَإِنّ العَطِیّةَ عَلَی قَدرِ النّیّةِ وَ رُبّمَا أُخّرَت عَنکَ الإِجَابَةُ لِیَکُونَ ذَلِکَ أَعظَمَ لِأَجرِ السّائِلِ وَ أَجزَلَ لِعَطَاءِ الآمِلِ وَ رُبّمَا سَأَلتَ الشیّ‌ءَ فَلَا تُؤتَاهُ وَ أُوتِیتَ خَیراً مِنهُ عَاجِلًا أَو آجِلًا أَو صُرِفَ عَنکَ لِمَا هُوَ خَیرٌ لَکَ فَلَرُبّ أَمرٍ قَد طَلَبتَهُ فِیهِ هَلَاکُ دِینِکَ لَو أُوتِیتَهُ فَلتَکُن مَسأَلَتُکَ فِیمَا یَبقَی
ص 400
لَکَ جَمَالُهُ وَ یُنفَی عَنکَ وَبَالُهُ فَالمَالُ لَا یَبقَی لَکَ وَ لَا تَبقَی لَهُ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّکَ إِنّمَا خُلِقتَ لِلآخِرَةِ لَا لِلدّنیَا وَ لِلفَنَاءِ لَا لِلبَقَاءِ وَ لِلمَوتِ لَا لِلحَیَاةِ وَ أَنّکَ فِی قُلعَةٍ وَ دَارِ بُلغَةٍ وَ طَرِیقٍ إِلَی الآخِرَةِ وَ أَنّکَ طَرِیدُ المَوتِ ألّذِی لَا یَنجُو مِنهُ هَارِبُهُ وَ لَا یَفُوتُهُ طَالِبُهُ وَ لَا بُدّ أَنّهُ مُدرِکُهُ فَکُن مِنهُ عَلَی حَذَرِ أَن یُدرِکَکَ وَ أَنتَ عَلَی حَالٍ سَیّئَةٍ قَد کُنتَ تُحَدّثُ نَفسَکَ مِنهَا بِالتّوبَةِ فَیَحُولَ بَینَکَ وَ بَینَ ذَلِکَ فَإِذَا أَنتَ قَد أَهلَکتَ نَفسَکَ

ذکر الموت

یَا بنُیَ‌ّ أَکثِر مِن ذِکرِ المَوتِ وَ ذِکرِ مَا تَهجُمُ عَلَیهِ وَ تفُضیِ بَعدَ المَوتِ إِلَیهِ حَتّی یَأتِیَکَ وَ قَد أَخَذتَ مِنهُ حِذرَکَ وَ شَدَدتَ لَهُ أَزرَکَ وَ لَا یَأتِیَکَ بَغتَةً فَیَبهَرَکَ وَ إِیّاکَ أَن تَغتَرّ بِمَا تَرَی مِن إِخلَادِ أَهلِ الدّنیَا إِلَیهَا وَ تَکَالُبِهِم عَلَیهَا فَقَد نَبّأَکَ اللّهُ عَنهَا وَ نَعَت هیِ‌َ لَکَ عَن نَفسِهَا وَ تَکَشّفَت لَکَ عَن مَسَاوِیهَا فَإِنّمَا أَهلُهَا کِلَابٌ عَاوِیَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِیَةٌ یَهِرّ بَعضُهَا عَلَی بَعضٍ وَ یَأکُلُ عَزِیزُهَا ذَلِیلَهَا وَ یَقهَرُ کَبِیرُهَا صَغِیرَهَا نَعَمٌ مُعَقّلَةٌ وَ أُخرَی مُهمَلَةٌ قَد أَضَلّت عُقُولَهَا وَ رَکِبَت مَجهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعثٍ

ص 401
لَیسَ لَهَا رَاعٍ یُقِیمُهَا وَ لَا مُسِیمٌ یُسِیمُهَا سَلَکَت بِهِمُ الدّنیَا طَرِیقَ العَمَی وَ أَخَذَت بِأَبصَارِهِم عَن مَنَارِ الهُدَی فَتَاهُوا فِی حَیرَتِهَا وَ غَرِقُوا فِی نِعمَتِهَا وَ اتّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَت بِهِم وَ لَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا

الترفق فی الطلب

رُوَیداً یُسفِرُ الظّلَامُ کَأَن قَد وَرَدَتِ الأَظعَانُ یُوشِکُ مَن أَسرَعَ أَن یَلحَقَ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّ مَن کَانَت مَطِیّتُهُ اللّیلَ وَ النّهَارَ فَإِنّهُ یُسَارُ بِهِ وَ إِن کَانَ وَاقِفاً وَ یَقطَعُ المَسَافَةَ وَ إِن کَانَ مُقِیماً وَادِعاً وَ اعلَم یَقِیناً أَنّکَ لَن تَبلُغَ أَمَلَکَ وَ لَن تَعدُوَ أَجَلَکَ وَ أَنّکَ فِی سَبِیلِ مَن کَانَ قَبلَکَ فَخَفّض فِی الطّلَبِ وَ أَجمِل فِی المُکتَسَبِ فَإِنّهُ رُبّ طَلَبٍ قَد جَرّ إِلَی حَرَبٍ وَ لَیسَ کُلّ طَالِبٍ بِمَرزُوقٍ وَ لَا کُلّ مُجمِلٍ بِمَحرُومٍ وَ أَکرِم نَفسَکَ عَن کُلّ دَنِیّةٍ وَ إِن سَاقَتکَ إِلَی الرّغَائِبِ فَإِنّکَ لَن تَعتَاضَ بِمَا تَبذُلُ مِن نَفسِکَ عِوَضاً وَ لَا تَکُن عَبدَ غَیرِکَ وَ قَد جَعَلَکَ اللّهُ حُرّاً وَ مَا خَیرُ خَیرٍ لَا یُنَالُ إِلّا بِشَرّ وَ یُسرٍ لَا یُنَالُ إِلّا بِعُسرٍ وَ إِیّاکَ أَن تُوجِفَ بِکَ مَطَایَا الطّمَعِ فَتُورِدَکَ مَنَاهِلَ

ص 402
الهَلَکَةِ وَ إِنِ استَطَعتَ أَلّا یَکُونَ بَینَکَ وَ بَینَ اللّهِ ذُو نِعمَةٍ فَافعَل فَإِنّکَ مُدرِکٌ قَسمَکَ وَ آخِذٌ سَهمَکَ وَ إِنّ الیَسِیرَ مِنَ اللّهِ سُبحَانَهُ أَعظَمُ وَ أَکرَمُ مِنَ الکَثِیرِ مِن خَلقِهِ وَ إِن کَانَ کُلّ مِنهُ

وصایا شتی

وَ تَلَافِیکَ مَا فَرَطَ مِن صَمتِکَ أَیسَرُ مِن إِدرَاکِکَ مَا فَاتَ مِن مَنطِقِکَ وَ حِفظُ مَا فِی الوِعَاءِ بِشَدّ الوِکَاءِ وَ حِفظُ مَا فِی یَدَیکَ أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن طَلَبِ مَا فِی یدَیَ غَیرِکَ وَ مَرَارَةُ الیَأسِ خَیرٌ مِنَ الطّلَبِ إِلَی النّاسِ وَ الحِرفَةُ مَعَ العِفّةِ خَیرٌ مِنَ الغِنَی مَعَ الفُجُورِ وَ المَرءُ أَحفَظُ لِسِرّهِ وَ رُبّ سَاعٍ فِیمَا یَضُرّهُ مَن أَکثَرَ أَهجَرَ وَ مَن تَفَکّرَ أَبصَرَ قَارِن أَهلَ الخَیرِ تَکُن مِنهُم وَ بَایِن أَهلَ الشّرّ تَبِن عَنهُم بِئسَ الطّعَامُ الحَرَامُ وَ ظُلمُ الضّعِیفِ أَفحَشُ الظّلمِ إِذَا کَانَ الرّفقُ خُرقاً کَانَ الخُرقُ رِفقاً رُبّمَا کَانَ الدّوَاءُ دَاءً وَ الدّاءُ دَوَاءً وَ رُبّمَا نَصَحَ غَیرُ النّاصِحِ وَ غَشّ المُستَنصَحُ وَ إِیّاکَ وَ الِاتّکَالَ عَلَی المُنَی فَإِنّهَا بَضَائِعُ النّوکَی وَ العَقلُ حِفظُ التّجَارِبِ وَ خَیرُ مَا جَرّبتَ مَا وَعَظَکَ بَادِرِ الفُرصَةَ قَبلَ أَن تَکُونَ غُصّةً لَیسَ کُلّ طَالِبٍ یُصِیبُ وَ لَا کُلّ غَائِبٍ یَئُوبُ وَ مِنَ الفَسَادِ إِضَاعَةُ الزّادِ وَ مَفسَدَةُ المَعَادِ وَ لِکُلّ أَمرٍ عَاقِبَةٌ سَوفَ یَأتِیکَ مَا قُدّرَ لَکَ التّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَ رُبّ یَسِیرٍ أَنمَی مِن کَثِیرٍ لَا خَیرَ فِی

ص 403
مُعِینٍ مَهِینٍ وَ لَا فِی صَدِیقٍ ظَنِینٍ سَاهِلِ الدّهرَ مَا ذَلّ لَکَ قَعُودُهُ وَ لَا تُخَاطِر بشِیَ‌ءٍ رَجَاءَ أَکثَرَ مِنهُ وَ إِیّاکَ أَن تَجمَحَ بِکَ مَطِیّةُ اللّجَاجِ احمِل نَفسَکَ مِن أَخِیکَ
عِندَ صَرمِهِ عَلَی الصّلَةِ وَ
عِندَ صُدُودِهِ عَلَی اللّطَفِ وَ المُقَارَبَةِ وَ
عِندَ جُمُودِهِ عَلَی البَذلِ وَ
عِندَ تَبَاعُدِهِ عَلَی الدّنُوّ وَ
عِندَ شِدّتِهِ عَلَی اللّینِ وَ
عِندَ جُرمِهِ عَلَی العُذرِ حَتّی کَأَنّکَ لَهُ عَبدٌ وَ کَأَنّهُ ذُو نِعمَةٍ عَلَیکَ وَ إِیّاکَ أَن تَضَعَ ذَلِکَ فِی غَیرِ مَوضِعِهِ أَو أَن تَفعَلَهُ بِغَیرِ أَهلِهِ لَا تَتّخِذَنّ عَدُوّ صَدِیقِکَ صَدِیقاً فتَعُاَدیِ‌َ صَدِیقَکَ وَ امحَض أَخَاکَ النّصِیحَةَ حَسَنَةً کَانَت أَو قَبِیحَةً وَ تَجَرّعِ الغَیظَ فإَنِیّ لَم أَرَ جُرعَةً أَحلَی مِنهَا عَاقِبَةً وَ لَا أَلَذّ مَغَبّةً وَ لِن لِمَن غَالَظَکَ فَإِنّهُ یُوشِکُ أَن یَلِینَ لَکَ وَ خُذ عَلَی عَدُوّکَ بِالفَضلِ فَإِنّهُ أَحلَی الظّفَرَینِ وَ إِن أَرَدتَ قَطِیعَةَ أَخِیکَ فَاستَبقِ لَهُ مِن نَفسِکَ بَقِیّةً یَرجِعُ إِلَیهَا إِن بَدَا لَهُ ذَلِکَ یَوماً مَا وَ مَن ظَنّ بِکَ خَیراً فَصَدّق ظَنّهُ وَ لَا تُضِیعَنّ حَقّ أَخِیکَ اتّکَالًا عَلَی مَا بَینَکَ وَ بَینَهُ فَإِنّهُ لَیسَ لَکَ بِأَخٍ مَن أَضَعتَ حَقّهُ وَ لَا یَکُن أَهلُکَ أَشقَی الخَلقِ بِکَ وَ لَا تَرغَبَنّ فِیمَن زَهِدَ عَنکَ وَ لَا یَکُونَنّ أَخُوکَ أَقوَی عَلَی قَطِیعَتِکَ مِنکَ عَلَی صِلَتِهِ وَ لَا تَکُونَنّ عَلَی الإِسَاءَةِ أَقوَی مِنکَ عَلَی الإِحسَانِ وَ لَا یَکبُرَنّ عَلَیکَ
ص 404
ظُلمُ مَن ظَلَمَکَ فَإِنّهُ یَسعَی فِی مَضَرّتِهِ وَ نَفعِکَ وَ لَیسَ جَزَاءُ مَن سَرّکَ أَن تَسُوءَهُ وَ اعلَم یَا بنُیَ‌ّ أَنّ الرّزقَ رِزقَانِ رِزقٌ تَطلُبُهُ وَ رِزقٌ یَطلُبُکَ فَإِن أَنتَ لَم تَأتِهِ أَتَاکَ مَا أَقبَحَ الخُضُوعَ
عِندَ الحَاجَةِ وَ الجَفَاءَ
عِندَ الغِنَی إِنّمَا لَکَ مِن دُنیَاکَ مَا أَصلَحتَ بِهِ مَثوَاکَ وَ إِن کُنتَ جَازِعاً عَلَی مَا تَفَلّتَ مِن یَدَیکَ فَاجزَع عَلَی کُلّ مَا لَم یَصِل إِلَیکَ استَدِلّ عَلَی مَا لَم یَکُن بِمَا قَد کَانَ فَإِنّ الأُمُورَ أَشبَاهٌ وَ لَا تَکُونَنّ مِمّن لَا تَنفَعُهُ العِظَةُ إِلّا إِذَا بَالَغتَ فِی إِیلَامِهِ فَإِنّ العَاقِلَ یَتّعِظُ بِالآدَابِ وَ البَهَائِمَ لَا تَتّعِظُ إِلّا بِالضّربِ.اطرَح عَنکَ وَارِدَاتِ الهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصّبرِ وَ حُسنِ الیَقِینِ مَن تَرَکَ القَصدَ جَارَ وَ الصّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَ الصّدِیقُ مَن صَدَقَ غَیبُهُ وَ الهَوَی شَرِیکُ العَمَی وَ رُبّ بَعِیدٍ أَقرَبُ مِن قَرِیبٍ وَ قَرِیبٍ أَبعَدُ مِن بَعِیدٍ وَ الغَرِیبُ مَن لَم یَکُن لَهُ حَبِیبٌ مَن تَعَدّی الحَقّ ضَاقَ مَذهَبُهُ وَ مَنِ اقتَصَرَ عَلَی قَدرِهِ کَانَ أَبقَی لَهُ وَ أَوثَقُ سَبَبٍ أَخَذتَ بِهِ سَبَبٌ بَینَکَ وَ بَینَ اللّهِ سُبحَانَهُ وَ مَن لَم یُبَالِکَ فَهُوَ عَدُوّکَ قَد یَکُونُ الیَأسُ إِدرَاکاً إِذَا کَانَ الطّمَعُ هَلَاکاً لَیسَ کُلّ عَورَةٍ تَظهَرُ وَ لَا کُلّ فُرصَةٍ تُصَابُ وَ رُبّمَا أَخطَأَ البَصِیرُ قَصدَهُ وَ أَصَابَ الأَعمَی رُشدَهُ أَخّرِ الشّرّ فَإِنّکَ إِذَا شِئتَ تَعَجّلتَهُ وَ قَطِیعَةُ الجَاهِلِ تَعدِلُ صِلَةَ
ص 405
العَاقِلِ مَن أَمِنَ الزّمَانَ خَانَهُ وَ مَن أَعظَمَهُ أَهَانَهُ لَیسَ کُلّ مَن رَمَی أَصَابَ إِذَا تَغَیّرَ السّلطَانُ تَغَیّرَ الزّمَانُ سَل عَنِ الرّفِیقِ قَبلَ الطّرِیقِ وَ عَنِ الجَارِ قَبلَ الدّارِ إِیّاکَ أَن تَذکُرَ مِنَ الکَلَامِ مَا یَکُونُ مُضحِکاً وَ إِن حَکَیتَ ذَلِکَ عَن غَیرِکَ

الرأی فی المرأة

وَ إِیّاکَ وَ مُشَاوَرَةَ النّسَاءِ فَإِنّ رَأیَهُنّ إِلَی أَفنٍ وَ عَزمَهُنّ إِلَی وَهنٍ وَ اکفُف عَلَیهِنّ مِن أَبصَارِهِنّ بِحِجَابِکَ إِیّاهُنّ فَإِنّ شِدّةَ الحِجَابِ أَبقَی عَلَیهِنّ وَ لَیسَ خُرُوجُهُنّ بِأَشَدّ مِن إِدخَالِکَ مَن لَا یُوثَقُ بِهِ عَلَیهِنّ وَ إِنِ استَطَعتَ أَلّا یَعرِفنَ غَیرَکَ فَافعَل وَ لَا تُمَلّکِ المَرأَةَ مِن أَمرِهَا مَا جَاوَزَ نَفسَهَا فَإِنّ المَرأَةَ رَیحَانَةٌ وَ لَیسَت بِقَهرَمَانَةٍ وَ لَا تَعدُ بِکَرَامَتِهَا نَفسَهَا وَ لَا تُطمِعهَا فِی أَن تَشفَعَ لِغَیرِهَا وَ إِیّاکَ وَ التّغَایُرَ فِی غَیرِ مَوضِعِ غَیرَةٍ فَإِنّ ذَلِکَ یَدعُو الصّحِیحَةَ إِلَی السّقَمِ وَ البَرِیئَةَ إِلَی الرّیَبِ وَ اجعَل لِکُلّ إِنسَانٍ مِن خَدَمِکَ عَمَلًا تَأخُذُهُ بِهِ فَإِنّهُ أَحرَی أَلّا یَتَوَاکَلُوا فِی خِدمَتِکَ وَ أَکرِم عَشِیرَتَکَ فَإِنّهُم جَنَاحُکَ ألّذِی بِهِ تَطِیرُ وَ أَصلُکَ ألّذِی إِلَیهِ تَصِیرُ وَ یَدُکَ التّیِ بِهَا تَصُولُ

ص 406

دعاء

استَودِعِ اللّهَ دِینَکَ وَ دُنیَاکَ وَ اسأَلهُ خَیرَ القَضَاءِ لَکَ فِی العَاجِلَةِ وَ الآجِلَةِ وَ الدّنیَا وَ الآخِرَةِ وَ السّلَامُ

32- و من کتاب له ع إلی معاویة

وَ أَردَیتَ جِیلًا مِنَ النّاسِ کَثِیراً خَدَعتَهُم بِغَیّکَ وَ أَلقَیتَهُم فِی مَوجِ بَحرِکَ تَغشَاهُمُ الظّلُمَاتُ وَ تَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشّبُهَاتُ فَجَازُوا عَن وِجهَتِهِم وَ نَکَصُوا عَلَی أَعقَابِهِم وَ تَوَلّوا عَلَی أَدبَارِهِم وَ عَوّلُوا عَلَی أَحسَابِهِم إِلّا مَن فَاءَ مِن أَهلِ البَصَائِرِ فَإِنّهُم فَارَقُوکَ بَعدَ مَعرِفَتِکَ وَ هَرَبُوا إِلَی اللّهِ مِن مُوَازَرَتِکَ إِذ حَمَلتَهُم عَلَی الصّعبِ وَ عَدَلتَ بِهِم عَنِ القَصدِ فَاتّقِ اللّهَ یَا مُعَاوِیَةُ فِی نَفسِکَ وَ جَاذِبِ الشّیطَانَ قِیَادَکَ فَإِنّ الدّنیَا مُنقَطِعَةٌ عَنکَ وَ الآخِرَةَ قَرِیبَةٌ مِنکَ وَ السّلَامُ

33- و من کتاب له ع إلی قثم بن العباس و هوعامله علی مکة

أَمّا بَعدُ فَإِنّ عیَنیِ بِالمَغرِبِ کَتَبَ إلِیَ‌ّ یعُلمِنُیِ أَنّهُ

ص 407
وُجّهَ إِلَی المَوسِمِ أُنَاسٌ مِن أَهلِ الشّامِ العمُی‌ِ القُلُوبِ الصّمّ الأَسمَاعِ الکُمهِ الأَبصَارِ الّذِینَ یَلبِسُونَ الحَقّ بِالبَاطِلِ وَ یُطِیعُونَ المَخلُوقَ فِی مَعصِیَةِ الخَالِقِ وَ یَحتَلِبُونَ الدّنیَا دَرّهَا بِالدّینِ وَ یَشتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الأَبرَارِ المُتّقِینَ وَ لَن یَفُوزَ بِالخَیرِ إِلّا عَامِلُهُ وَ لَا یُجزَی جَزَاءَ الشّرّ إِلّا فَاعِلُهُ فَأَقِم عَلَی مَا فِی یَدَیکَ قِیَامَ الحَازِمِ الصّلِیبِ وَ النّاصِحِ اللّبِیبِ التّابِعِ لِسُلطَانِهِ المُطِیعِ لِإِمَامِهِ وَ إِیّاکَ وَ مَا یُعتَذَرُ مِنهُ وَ لَا تَکُن
عِندَ النّعمَاءِ بَطِراً وَ لَا
عِندَ البَأسَاءِ فَشِلًا وَ السّلَامُ

34- و من کتاب له ع إلی محمد بن أبی بکر لمابلغه توجده من عزله بالأشتر عن مصر، ثم توفی الأشتر فی توجهه إلی هناک قبل وصوله إلیها

أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَیِ مَوجِدَتُکَ مِن تَسرِیحِ الأَشتَرِ إِلَی عَمَلِکَ وَ إنِیّ لَم أَفعَل ذَلِکَ استِبطَاءً لَکَ فِی الجَهدَ وَ لَا ازدِیَاداً لَکَ فِی الجِدّ وَ لَو نَزَعتُ مَا تَحتَ یَدِکَ مِن سُلطَانِکَ لَوَلّیتُکَ مَا هُوَ أَیسَرُ عَلَیکَ مَئُونَةً وَ أَعجَبُ إِلَیکَ وِلَایَةً إِنّ الرّجُلَ ألّذِی کُنتُ وَلّیتُهُ أَمرَ مِصرَ کَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَی عَدُوّنَا شَدِیداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اللّهُ فَلَقَدِ استَکمَلَ أَیّامَهُ وَ لَاقَی

ص 408
حِمَامَهُ وَ نَحنُ عَنهُ رَاضُونَ أَولَاهُ اللّهُ رِضوَانَهُ وَ ضَاعَفَ الثّوَابَ لَهُ فَأَصحِر لِعَدُوّکَ وَ امضِ عَلَی بَصِیرَتِکَ وَ شَمّر لِحَربِ مَن حَارَبَکَ وَادعُ إِلی سَبِیلِ رَبّکَ وَ أَکثِرِ الِاستِعَانَةَ بِاللّهِ یَکفِکَ مَا أَهَمّکَ وَ یُعِنکَ عَلَی مَا یُنزِلُ بِکَ إِن شَاءَ اللّهُ
-قرآن-167-190

35- و من کتاب له ع إلی عبد الله بن العباس بعدمقتل محمد بن أبی بکر

أَمّا بَعدُ فَإِنّ مِصرَ قَدِ افتُتِحَت وَ مُحَمّدُ بنُ أَبِی بَکرٍ رَحِمَهُ اللّهُ قَدِ استُشهِدَ فَعِندَ اللّهِ نَحتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً وَ عَامِلًا کَادِحاً وَ سَیفاً قَاطِعاً وَ رُکناً دَافِعاً وَ قَد کُنتُ حَثَثتُ النّاسَ عَلَی لَحَاقِهِ وَ أَمَرتُهُم بِغِیَاثِهِ قَبلَ الوَقعَةِ وَ دَعَوتُهُم سِرّاً وَ جَهراً وَ عَوداً وَ بَدءاً فَمِنهُمُ الآتیِ کَارِهاً وَ مِنهُمُ المُعتَلّ کَاذِباً وَ مِنهُمُ القَاعِدُ خَاذِلًا أَسأَلُ اللّهَ تَعَالَی أَن یَجعَلَ لِی مِنهُم فَرَجاً عَاجِلًا فَوَاللّهِ لَو لَا طمَعَیِ
عِندَ لقِاَئیِ عدَوُیّ فِی الشّهَادَةِ وَ توَطیِنیِ نفَسیِ عَلَی المَنِیّةِ لَأَحبَبتُ أَلّا أَلقَی مَعَ هَؤُلَاءِ یَوماً وَاحِداً وَ لَا ألَتقَیِ‌َ بِهِم أَبَداً

ص 409

36- و من کتاب له ع إلی أخیه عقیل بن أبی طالب فی ذکر جیش أنفذه إلی بعض الأعداء و هوجواب کتاب کتبه إلیه عقیل

فَسَرّحتُ إِلَیهِ جَیشاً کَثِیفاً مِنَ المُسلِمِینَ فَلَمّا بَلَغَهُ ذَلِکَ شَمّرَ هَارِباً وَ نَکَصَ نَادِماً فَلَحِقُوهُ بِبَعضِ الطّرِیقِ وَ قَد طَفّلَتِ الشّمسُ لِلإِیَابِ فَاقتَتَلُوا شَیئاً کَلَا وَ لَا فَمَا کَانَ إِلّا کَمَوقِفِ سَاعَةٍ حَتّی نَجَا جَرِیضاً بَعدَ مَا أُخِذَ مِنهُ بِالمُخَنّقِ وَ لَم یَبقَ مِنهُ غَیرُ الرّمَقِ فَلَأیاً بلِأَی‌ٍ مَا نَجَا فَدَع عَنکَ قُرَیشاً وَ تَرکَاضَهُم فِی الضّلَالِ وَ تَجوَالَهُم فِی الشّقَاقِ وَ جِمَاحَهُم فِی التّیهِ فَإِنّهُم قَد أَجمَعُوا عَلَی حرَبیِ کَإِجمَاعِهِم عَلَی حَربِ رَسُولِ اللّهِص قبَلیِ فَجَزَت قُرَیشاً عنَیّ الجوَاَزیِ فَقَد قَطَعُوا رحَمِیِ وَ سلَبَوُنیِ سُلطَانَ ابنِ أمُیّ وَ أَمّا مَا سَأَلتَ عَنهُ مِن رأَییِ فِی القِتَالِ فَإِنّ رأَییِ قِتَالُ المُحِلّینَ حَتّی أَلقَی اللّهَ لَا یزَیِدنُیِ کَثرَةُ النّاسِ حوَلیِ عِزّةً وَ لَا تَفَرّقُهُم عنَیّ وَحشَةً وَ لَا تَحسَبَنّ ابنَ أَبِیکَ وَ لَو أَسلَمَهُ النّاسُ مُتَضَرّعاً مُتَخَشّعاً وَ لَا مُقِرّاً لِلضّیمِ وَاهِناً وَ لَا سَلِسَ الزّمَامِ

ص 410
لِلقَائِدِ وَ لَا وطَیِ‌ءَ الظّهرِ لِلرّاکِبِ المُتَقَعّدِ وَ لَکِنّهُ کَمَا قَالَ أَخُو بنَیِ سَلِیمٍ
فَإِن تسَألَیِنیِ کَیفَ أَنتَ فإَنِنّیِ || صَبُورٌ عَلَی رَیبِ الزّمَانِ صَلِیبُ
یَعِزّ عَلَیّ أَن تُرَی بیِ کَآبَةٌ || فَیَشمَتَ عَادٍ أَو یُسَاءَ حَبِیبُ

37- و من کتاب له ع إلی معاویة

فَسُبحَانَ اللّهِ مَا أَشَدّ لُزُومَکَ لِلأَهوَاءَ المُبتَدَعَةِ وَ الحَیرَةِ المُتّبَعَةِ مَعَ تَضیِیعِ الحَقَائِقِ وَ اطّرَاحِ الوَثَائِقِ التّیِ هیِ‌َ لِلّهِ طِلبَةٌ وَ عَلَی عِبَادِهِ حُجّةٌ فَأَمّا إِکثَارُکَ الحِجَاجَ عَلَی عُثمَانَ وَ قَتَلَتِهِ فَإِنّکَ إِنّمَا نَصَرتَ عُثمَانَ حَیثُ کَانَ النّصرُ لَکَ وَ خَذَلتَهُ حَیثُ کَانَ النّصرُ لَهُ وَ السّلَامُ

38- و من کتاب له ع إلی أهل مصر لماولی علیهم الأشتر

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی القَومِ الّذِینَ غَضِبُوا لِلّهِ حِینَ

ص 411
عصُیِ‌َ فِی أَرضِهِ وَ ذُهِبَ بِحَقّهِ فَضَرَبَ الجَورُ سُرَادِقَهُ عَلَی البَرّ وَ الفَاجِرِ وَ المُقِیمِ وَ الظّاعِنِ فَلَا مَعرُوفٌ یُستَرَاحُ إِلَیهِ وَ لَا مُنکَرٌ یُتَنَاهَی عَنهُ أَمّا بَعدُ فَقَد بَعَثتُ إِلَیکُم عَبداً مِن عِبَادِ اللّهِ لَا یَنَامُ أَیّامَ الخَوفِ وَ لَا یَنکُلُ عَنِ الأَعدَاءِ سَاعَاتِ الرّوعِ أَشَدّ عَلَی الفُجّارِ مِن حَرِیقِ النّارِ وَ هُوَ مَالِکُ بنُ الحَارِثِ أَخُو مَذحِجٍ فَاسمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا أَمرَهُ فِیمَا طَابَقَ الحَقّ فَإِنّهُ سَیفٌ مِن سُیُوفِ اللّهِ لَا کَلِیلُ الظّبَةِ وَ لَا ناَبیِ الضّرِیبَةِ فَإِن أَمَرَکُم أَن تَنفِرُوا فَانفِرُوا وَ إِن أَمَرَکُم أَن تُقِیمُوا فَأَقِیمُوا فَإِنّهُ لَا یُقدِمُ وَ لَا یُحجِمُ وَ لَا یُؤَخّرُ وَ لَا یُقَدّمُ إِلّا عَن أمَریِ وَ قَد آثَرتُکُم بِهِ عَلَی نفَسیِ لِنَصِیحَتِهِ لَکُم وَ شِدّةِ شَکِیمَتِهِ عَلَی عَدُوّکُم

39- و من کتاب له ع إلی عمرو بن العاص

فَإِنّکَ قَد جَعَلتَ دِینَکَ تَبَعاً لِدُنیَا امر‌ِئٍ ظَاهِرٍ غَیّهُ مَهتُوکٍ سِترُهُ یَشِینُ الکَرِیمَ بِمَجلِسِهِ وَ یُسَفّهُ الحَلِیمَ بِخِلطَتِهِ فَاتّبَعتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبتَ فَضلَهُ اتّبَاعَ الکَلبِ لِلضّرغَامِ یَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ وَ یَنتَظِرُ مَا یُلقَی إِلَیهِ مِن فَضلِ فَرِیسَتِهِ فَأَذهَبتَ دُنیَاکَ وَ آخِرَتَکَ وَ لَو

ص 412
بِالحَقّ أَخَذتَ أَدرَکتَ مَا طَلَبتَ فَإِن یمُکَنّیّ اللّهُ مِنکَ وَ مِنِ ابنِ أَبِی سُفیَانَ أَجزِکُمَا بِمَا قَدّمتُمَا وَ إِن تُعجِزَا وَ تَبقَیَا فَمَا أَمَامَکُمَا شَرّ لَکُمَا وَ السّلَامُ

40- و من کتاب له ع إلی بعض عماله

أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَیِ عَنکَ أَمرٌ إِن کُنتَ فَعَلتَهُ فَقَد أَسخَطتَ رَبّکَ وَ عَصَیتَ إِمَامَکَ وَ أَخزَیتَ أَمَانَتَکَ بلَغَنَیِ أَنّکَ جَرّدتَ الأَرضَ فَأَخَذتَ مَا تَحتَ قَدَمَیکَ وَ أَکَلتَ مَا تَحتَ یَدَیکَ فَارفَع إلِیَ‌ّ حِسَابَکَ وَ اعلَم أَنّ حِسَابَ اللّهِ أَعظَمُ مِن حِسَابِ النّاسِ وَ السّلَامُ

41- و من کتاب له ع إلی بعض عماله

أَمّا بَعدُ فإَنِیّ کُنتُ أَشرَکتُکَ فِی أمَاَنتَیِ وَ جَعَلتُکَ شعِاَریِ وَ بطِاَنتَیِ وَ لَم یَکُن رَجُلٌ مِن أهَلیِ أَوثَقَ مِنکَ فِی نفَسیِ لمِوُاَساَتیِ وَ موُاَزرَتَیِ وَ أَدَاءِ الأَمَانَةِ إلِیَ‌ّ فَلَمّا رَأَیتَ الزّمَانَ عَلَی ابنِ عَمّکَ

ص 413
قَد کَلِبَ وَ العَدُوّ قَد حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النّاسِ قَد خَزِیَت وَ هَذِهِ الأُمّةَ قَد فَنَکَت وَ شَغَرَت قَلَبتَ لِابنِ عَمّکَ ظَهرَ المِجَنّ فَفَارَقتَهُ مَعَ المُفَارِقِینَ وَ خَذَلتَهُ مَعَ الخَاذِلِینَ وَ خُنتَهُ مَعَ الخَائِنِینَ فَلَا ابنَ عَمّکَ آسَیتَ وَ لَا الأَمَانَةَ أَدّیتَ وَ کَأَنّکَ لَم تَکُنِ اللّهَ تُرِیدُ بِجِهَادِکَ وَ کَأَنّکَ لَم تَکُن عَلَی بَیّنَةٍ مِن رَبّکَ وَ کَأَنّکَ إِنّمَا کُنتَ تَکِیدُ هَذِهِ الأُمّةَ عَن دُنیَاهُم وَ تنَویِ غِرّتَهُم عَن فَیئِهِم فَلَمّا أَمکَنَتکَ الشّدّةُ فِی خِیَانَةِ الأُمّةِ أَسرَعتَ الکَرّةَ وَ عَاجَلتَ الوَثبَةَ وَ اختَطَفتَ مَا قَدَرتَ عَلَیهِ مِن أَموَالِهِمُ المَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِم وَ أَیتَامِهِمُ اختِطَافَ الذّئبِ الأَزَلّ دَامِیَةَ المِعزَی الکَسِیرَةَ فَحَمَلتَهُ إِلَی الحِجَازِ رَحِیبَ الصّدرِ بِحَملِهِ غَیرَ مُتَأَثّمٍ مِن أَخذِهِ کَأَنّکَ لَا أَبَا لِغَیرِکَ حَدَرتَ إِلَی أَهلِکَ تُرَاثَکَ مِن أَبِیکَ وَ أُمّکَ فَسُبحَانَ اللّهِ أَ مَا تُؤمِنُ بِالمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ الحِسَابِ أَیّهَا المَعدُودُ کَانَ عِندَنَا مِن أوُلیِ الأَلبَابِ کَیفَ تُسِیغُ شَرَاباً وَ طَعَاماً وَ أَنتَ تَعلَمُ أَنّکَ تَأکُلُ حَرَاماً وَ تَشرَبُ حَرَاماً وَ تَبتَاعُ الإِمَاءَ وَ تَنکِحُ النّسَاءَ مِن أَموَالِ الیَتَامَی وَ المَسَاکِینِ وَ المُؤمِنِینَ وَ المُجَاهِدِینَ الّذِینَ أَفَاءَ اللّهُ عَلَیهِم هَذِهِ الأَموَالَ وَ أَحرَزَ بِهِم هَذِهِ البِلَادَ فَاتّقِ اللّهَ وَ اردُد إِلَی هَؤُلَاءِ القَومِ أَموَالَهُم فَإِنّکَ إِن لَم تَفعَل ثُمّ أمَکنَنَیِ اللّهُ مِنکَ لَأُعذِرَنّ إِلَی اللّهِ فِیکَ وَ لَأَضرِبَنّکَ بسِیَفیِ ألّذِی مَا ضَرَبتُ بِهِ أَحَداً إِلّا دَخَلَ
ص 414
النّارَ وَ وَ اللّهِ لَو أَنّ الحَسَنَ وَ الحُسَینَ فَعَلَا مِثلَ ألّذِی فَعَلتَ مَا کَانَت لَهُمَا عنِدیِ هَوَادَةٌ وَ لَا ظَفِرَا منِیّ بِإِرَادَةٍ حَتّی آخُذَ الحَقّ مِنهُمَا وَ أُزِیحَ البَاطِلَ عَن مَظلَمَتِهِمَا وَ أُقسِمُ بِاللّهِ رَبّ العَالَمِینَ مَا یسَرُنّیِ أَنّ مَا أَخَذتَهُ مِن أَموَالِهِم حَلَالٌ لِی أَترُکُهُ مِیرَاثاً لِمَن بعَدیِ فَضَحّ رُوَیداً فَکَأَنّکَ قَد بَلَغتَ المَدَی وَ دُفِنتَ تَحتَ الثّرَی وَ عُرِضَت عَلَیکَ أَعمَالُکَ بِالمَحَلّ ألّذِی ینُاَدیِ الظّالِمُ فِیهِ بِالحَسرَةِ وَ یَتَمَنّی المُضَیّعُ فِیهِ الرّجعَةَوَ لاتَ حِینَ مَناصٍ
-قرآن-552-571

42- و من کتاب له ع إلی عمر بن أبی سلمة المخزومی و کان عامله علی البحرین ،فعزله ، واستعمل نعمان بن عجلان الزرّقی مکانه

أَمّا بَعدُ فإَنِیّ قَد وَلّیتُ النّعمَانَ بنِ عَجلَانَ الزرّقَیِ‌ّ عَلَی البَحرَینِ وَ نَزَعتُ یَدَکَ بِلَا ذَمّ لَکَ وَ لَا تَثرِیبٍ عَلَیکَ فَلَقَد أَحسَنتَ الوِلَایَةَ وَ أَدّیتَ الأَمَانَةَ فَأَقبِل غَیرَ ظَنِینٍ وَ لَا مَلُومٍ وَ لَا مُتّهَمٍ وَ لَا مَأثُومٍ فَلَقَد أَرَدتُ المَسِیرَ إِلَی ظَلَمَةِ أَهلِ الشّامِ وَ أَحبَبتُ أَن تَشهَدَ معَیِ فَإِنّکَ مِمّن أَستَظهِرُ بِهِ عَلَی جِهَادِ العَدُوّ وَ إِقَامَةِ عَمُودِ الدّینِ إِن شَاءَ اللّهُ

ص 415

43- و من کتاب له ع إلی مصقلة بن هبیرة الشیبانی و هوعامله علی أردشیرخرة

بلَغَنَیِ عَنکَ أَمرٌ إِن کُنتَ فَعَلتَهُ فَقَد أَسخَطتَ إِلَهَکَ وَ عَصَیتَ إِمَامَکَ أَنّکَ تَقسِمُ فیَ‌ءَ المُسلِمِینَ ألّذِی حَازَتهُ رِمَاحُهُم وَ خُیُولُهُم وَ أُرِیقَت عَلَیهِ دِمَاؤُهُم فِیمَنِ اعتَامَکَ مِن أَعرَابِ قَومِکَ فوَاَلذّیِ فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَئِن کَانَ ذَلِکَ حَقّاً لَتَجِدَنّ لَکَ عَلَیّ هَوَاناً وَ لَتَخِفّنّ عنِدیِ مِیزَاناً فَلَا تَستَهِن بِحَقّ رَبّکَ وَ لَا تُصلِح دُنیَاکَ بِمَحقِ دِینِکَ فَتَکُونَ مِنَ الأَخسَرِینَ أَعمَالًا أَلَا وَ إِنّ حَقّ مَن قِبَلَکَ وَ قِبَلَنَا مِنَ المُسلِمِینَ فِی قِسمَةِ هَذَا الفیَ‌ءِ سَوَاءٌ یَرِدُونَ عنِدیِ عَلَیهِ وَ یَصدُرُونَ عَنهُ

44- و من کتاب له ع إلی زیاد ابن أبیه و قدبلغه أن معاویة کتب إلیه یرید خدیعته باستلحاقه

وَ قَد عَرَفتُ أَنّ مُعَاوِیَةَ کَتَبَ إِلَیکَ یَستَزِلّ لُبّکَ وَ یَستَفِلّ غَربَکَ فَاحذَرهُ فَإِنّمَا هُوَ الشّیطَانُ یأَتیِ المَرءَ

ص 416
مِن بَینِ یَدَیهِ وَ مِن خَلفِهِ وَ عَن یَمِینِهِ وَ عَن شِمَالِهِ لِیَقتَحِمَ غَفلَتَهُ وَ یَستَلِبَ غِرّتَهُ وَ قَد کَانَ مِن أَبِی سُفیَانَ فِی زَمَنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَلتَةٌ مِن حَدِیثِ النّفسِ وَ نَزغَةٌ مِن نَزَغَاتِ الشّیطَانِ لَا یَثبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَ لَا یُستَحَقّ بِهَا إِرثٌ وَ المُتَعَلّقُ بِهَا کَالوَاغِلِ المُدَفّعِ وَ النّوطِ المُذَبذَبِ
فَلَمّا قَرَأَ زِیَادٌ الکِتَابَ قَالَ شَهِدَ بِهَا وَ رَبّ الکَعبَةِ وَ لَم تَزَل فِی نَفسِهِ حَتّی ادّعَاهُ مُعَاوِیَةُ
قال الرضی قوله ع الواغل هو ألذی یهجم علی الشرب لیشرب معهم و لیس منهم فلایزال مدفعا محاجزا والنوط المذبذب هو مایناط برحل الراکب من قعب أوقدح أو ماأشبه ذلک فهو أبدا یتقلقل إذاحث ظهره واستعجل سیره
-روایت-1-216

45- و من کتاب له ع إلی عثمان بن حنیف الأنصاری و کان عامله علی البصرة و قدبلغه أنه دعی إلی ولیمة قوم من أهلها،فمضی إلیها قوله

أَمّا بَعدُ یَا ابنَ حُنَیفٍ فَقَد بلَغَنَیِ أَنّ رَجُلًا مِن فِتیَةِ أَهلِ البَصرَةِ دَعَاکَ إِلَی مَأدُبَةٍ فَأَسرَعتَ إِلَیهَا تُستَطَابُ لَکَ الأَلوَانُ وَ تُنقَلُ إِلَیکَ الجِفَانُ وَ مَا ظَنَنتُ أَنّکَ تُجِیبُ إِلَی طَعَامِ قَومٍ عَائِلُهُم مَجفُوّ وَ غَنِیّهُم مَدعُوّ فَانظُر إِلَی مَا تَقضَمُهُ

ص 417
مِن هَذَا المَقضَمِ فَمَا اشتَبَهَ عَلَیکَ عِلمُهُ فَالفِظهُ وَ مَا أَیقَنتَ بِطِیبِ وُجُوهِهِ فَنَل مِنهُ أَلَا وَ إِنّ لِکُلّ مَأمُومٍ إِمَاماً یقَتدَیِ بِهِ وَ یسَتضَیِ‌ءُ بِنُورِ عِلمِهِ أَلَا وَ إِنّ إِمَامَکُم قَدِ اکتَفَی مِن دُنیَاهُ بِطِمرَیهِ وَ مِن طُعمِهِ بِقُرصَیهِ أَلَا وَ إِنّکُم لَا تَقدِرُونَ عَلَی ذَلِکَ وَ لَکِن أعَیِنوُنیِ بِوَرَعٍ وَ اجتِهَادٍ وَ عِفّةٍ وَ سَدَادٍ فَوَاللّهِ مَا کَنَزتُ مِن دُنیَاکُم تِبراً وَ لَا ادّخَرتُ مِن غَنَائِمِهَا وَفراً وَ لَا أَعدَدتُ لبِاَلیِ ثوَبیِ طِمراً وَ لَا حُزتُ مِن أَرضِهَا شِبراً وَ لَا أَخَذتُ مِنهُ إِلّا کَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَ لهَیِ‌َ فِی عیَنیِ أَوهَی وَ أَوهَنُ مِن عَفصَةٍ مَقِرَةٍ بَلَی کَانَت فِی أَیدِینَا فَدَکٌ مِن کُلّ مَا أَظَلّتهُ السّمَاءُ فَشَحّت عَلَیهَا نُفُوسُ قَومٍ وَ سَخَت عَنهَا نُفُوسُ قَومٍ آخَرِینَ وَ نِعمَ الحَکَمُ اللّهُ وَ مَا أَصنَعُ بِفَدَکٍ وَ غَیرِ فَدَکٍ وَ النّفسُ مَظَانّهَا فِی غَدٍ جَدَثٌ تَنقَطِعُ فِی ظُلمَتِهِ آثَارُهَا وَ تَغِیبُ أَخبَارُهَا وَ حُفرَةٌ لَو زِیدَ فِی فُسحَتِهَا وَ أَوسَعَت یَدَا حَافِرِهَا لَأَضغَطَهَا الحَجَرُ وَ المَدَرُ وَ سَدّ فُرَجَهَا التّرَابُ المُتَرَاکِمُ وَ إِنّمَا هیِ‌َ نفَسیِ أَرُوضُهَا بِالتّقوَی لتِأَتیِ‌َ آمِنَةً یَومَ الخَوفِ الأَکبَرِ وَ تَثبُتَ عَلَی جَوَانِبِ المَزلَقِ وَ لَو شِئتُ لَاهتَدَیتُ الطّرِیقَ إِلَی مُصَفّی هَذَا
ص 418
العَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا القَمحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا القَزّ وَ لَکِن هَیهَاتَ أَن یغَلبِنَیِ هوَاَی‌َ وَ یقَوُدنَیِ جشَعَیِ إِلَی تَخَیّرِ الأَطعِمَةِ وَ لَعَلّ بِالحِجَازِ أَو الیَمَامَةِ مَن لَا طَمَعَ لَهُ فِی القُرصِ وَ لَا عَهدَ لَهُ بِالشّبَعِ أَو أَبِیتَ مِبطَاناً وَ حوَلیِ بُطُونٌ غَرثَی وَ أَکبَادٌ حَرّی أَو أَکُونَ کَمَا قَالَ القَائِلُ
وَ حَسبُکَ دَاءً أَن تَبِیتَ بِبِطنَةٍ || وَ حَولَکَ أَکبَادٌ تَحِنّ إِلَی القِدّ
أَ أَقنَعُ مِن نفَسیِ بِأَن یُقَالَ هَذَا أَمِیرُ المُؤمِنِینَ وَ لَا أُشَارِکُهُم فِی مَکَارِهِ الدّهرِ أَو أَکُونَ أُسوَةً لَهُم فِی جُشُوبَةِ العَیشِ فَمَا خُلِقتُ لیِشَغلَنَیِ أَکلُ الطّیّبَاتِ کَالبَهِیمَةِ المَربُوطَةِ هَمّهَا عَلَفُهَا أَوِ المُرسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمّمُهَا تَکتَرِشُ مِن أَعلَافِهَا وَ تَلهُو عَمّا یُرَادُ بِهَا أَو أُترَکَ سُدًی أَو أُهمَلَ عَابِثاً أَو أَجُرّ حَبلَ الضّلَالَةِ أَو أَعتَسِفَ طَرِیقَ المَتَاهَةِ وَ کأَنَیّ بِقَائِلِکُم یَقُولُ إِذَا کَانَ هَذَا قُوتُ ابنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَد قَعَدَ بِهِ الضّعفُ عَن قِتَالِ الأَقرَانِ وَ مُنَازَلَةِ الشّجعَانِ أَلَا وَ إِنّ الشّجَرَةَ البَرّیّةَ أَصلَبُ عُوداً وَ الرّوَاتِعَ الخَضِرَةَ أَرَقّ جُلُوداً وَ النّابِتَاتِ العِذیَةَ أَقوَی وَقُوداً وَ أَبطَأُ خُمُوداً. وَ أَنَا مِن رَسُولِ اللّهِ کَالضّوءِ مِنَ الضّوءِ وَ الذّرَاعِ مِنَ العَضُدِ وَ اللّهِ لَو تَظَاهَرَتِ العَرَبُ عَلَی قتِاَلیِ لَمَا وَلّیتُ عَنهَا وَ لَو أَمکَنَتِ الفُرَصُ مِن رِقَابِهَا لَسَارَعتُ إِلَیهَا وَ سَأَجهَدُ
ص 419
فِی أَن أُطَهّرَ الأَرضَ مِن هَذَا الشّخصِ المَعکُوسِ وَ الجِسمِ المَرکُوسِ حَتّی تَخرُجَ المَدَرَةُ مِن بَینِ حَبّ الحَصِیدِ
وَ مِن هَذَا الکِتَابِ وَ هُوَ آخِرُهُ
إِلَیکِ عنَیّ یَا دُنیَا فَحَبلُکِ عَلَی غَارِبِکِ قَدِ انسَلَلتُ مِن مَخَالِبِکِ وَ أَفلَتّ مِن حَبَائِلِکِ وَ اجتَنَبتُ الذّهَابَ فِی مَدَاحِضِکِ أَینَ القُرُونُ الّذِینَ غَرَرتِهِم بِمَدَاعِبِکِ أَینَ الأُمَمُ الّذِینَ فَتَنتِهِم بِزَخَارِفِکِ فَهَا هُم رَهَائِنُ القُبُورِ وَ مَضَامِینُ اللّحُودِ وَ اللّهِ لَو کُنتِ شَخصاً مَرئِیّاً وَ قَالَباً حِسّیّاً لَأَقَمتُ عَلَیکِ حُدُودَ اللّهِ فِی عِبَادٍ غَرَرتِهِم باِلأمَاَنیِ‌ّ وَ أُمَمٍ أَلقَیتِهِم فِی المهَاَویِ وَ مُلُوکٍ أَسلَمتِهِم إِلَی التّلَفِ وَ أَورَدتِهِم مَوَارِدَ البَلَاءِ إِذ لَا وِردَ وَ لَا صَدَرَ هَیهَاتَ مَن وَطِئَ دَحضَکِ زَلِقَ وَ مَن رَکِبَ لُجَجَکِ غَرِقَ وَ مَنِ ازوَرّ عَن حَبَائِلِکِ وُفّقَ وَ السّالِمُ مِنکِ لَا یبُاَلیِ إِن ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ وَ الدّنیَا عِندَهُ کَیَومٍ حَانَ انسِلَاخُهُ اعزبُیِ عنَیّ فَوَاللّهِ لَا أَذِلّ لَکِ فتَسَتذَلِیّنیِ وَ لَا أَسلَسُ لَکِ فتَقَوُدیِنیِ وَ ایمُ اللّهِ یَمِیناً أسَتثَنیِ فِیهَا بِمَشِیئَةِ اللّهِ لَأَرُوضَنّ نفَسیِ رِیَاضَةً تَهِشّ مَعَهَا إِلَی القُرصِ إِذَا قَدَرتُ عَلَیهِ مَطعُوماً وَ تَقنَعُ بِالمِلحِ مَأدُوماً وَ لَأَدَعَنّ مقُلتَیِ کَعَینِ مَاءٍ
ص 420
نَضَبَ مَعِینُهَا مُستَفرِغَةً دُمُوعَهَا أَ تَمتَلِئُ السّائِمَةُ مِن رِعیِهَا فَتَبرُکَ وَ تَشبَعُ الرّبِیضَةُ مِن عُشبِهَا فَتَربِضَ وَ یَأکُلُ عَلِیّ مِن زَادِهِ فَیَهجَعَ قَرّت إِذاً عَینُهُ إِذَا اقتَدَی بَعدَ السّنِینَ المُتَطَاوِلَةِ بِالبَهِیمَةِ الهَامِلَةِ وَ السّائِمَةِ المَرعِیّةِ طُوبَی لِنَفسٍ أَدّت إِلَی رَبّهَا فَرضَهَا وَ عَرَکَت بِجَنبِهَا بُؤسَهَا وَ هَجَرَت فِی اللّیلِ غُمضَهَا حَتّی إِذَا غَلَبَ الکَرَی عَلَیهَا افتَرَشَت أَرضَهَا وَ تَوَسّدَت کَفّهَا فِی مَعشَرٍ أَسهَرَ عُیُونَهُم خَوفُ مَعَادِهِم وَ تَجَافَت عَن مَضَاجِعِهِم جُنُوبُهُم وَ هَمهَمَت بِذِکرِ رَبّهِم شِفَاهُهُم وَ تَقَشّعَت بِطُولِ استِغفَارِهِم ذُنُوبُهُمأُولئِکَ حِزبُ اللّهِ أَلا إِنّ حِزبَ اللّهِ هُمُ المُفلِحُونَفَاتّقِ اللّهَ یَا ابنَ حُنَیفٍ وَ لتَکفُف أَقرَاصُکَ لِیَکُونَ مِنَ النّارِ خَلَاصُکَ
-قرآن-651-712

46- و من کتاب له ع إلی بعض عماله

أَمّا بَعدُ فَإِنّکَ مِمّن أَستَظهِرُ بِهِ عَلَی إِقَامَةِ الدّینِ وَ أَقمَعُ بِهِ نَخوَةَ الأَثِیمِ وَ أَسُدّ بِهِ لَهَاةَ الثّغرِ المَخُوفِ فَاستَعِن بِاللّهِ عَلَی مَا أَهَمّکَ وَ اخلِطِ الشّدّةَ بِضِغثٍ مِنَ اللّینِ

ص 421
وَ ارفُق مَا کَانَ الرّفقُ أَرفَقَ وَ اعتَزِم بِالشّدّةِ حِینَ لَا تغُنیِ عَنکَ إِلّا الشّدّةُ وَ اخفِض لِلرّعِیّةِ جَنَاحَکَ وَ ابسُط لَهُم وَجهَکَ وَ أَلِن لَهُم جَانِبَکَ وَ آسِ بَینَهُم فِی اللّحظَةِ وَ النّظرَةِ وَ الإِشَارَةِ وَ التّحِیّةِ حَتّی لَا یَطمَعَ العُظَمَاءُ فِی حَیفِکَ وَ لَا یَیأَسَ الضّعَفَاءُ مِن عَدلِکَ وَ السّلَامُ

47- و من وصیة له ع للحسن و الحسین ع لماضربه ابن ملجم لعنه الله

أُوصِیکُمَا بِتَقوَی اللّهِ وَ أَلّا تَبغِیَا الدّنیَا وَ إِن بَغَتکُمَا وَ لَا تَأسَفَا عَلَی شَیءٍ مِنهَا زوُیِ‌َ عَنکُمَا وَ قُولَا بِالحَقّ وَ اعمَلَا لِلأَجرِ وَ کُونَا لِلظّالِمِ خَصماً وَ لِلمَظلُومِ عَوناً أُوصِیکُمَا وَ جَمِیعَ ولَدَیِ وَ أهَلیِ وَ مَن بَلَغَهُ کتِاَبیِ بِتَقوَی اللّهِ وَ نَظمِ أَمرِکُم وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَینِکُم فإَنِیّ سَمِعتُ جَدّکُمَاص یَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ البَینِ أَفضَلُ مِن عَامّةِ الصّلَاةِ وَ الصّیَامِ اللّهَ اللّهَ فِی الأَیتَامِ فَلَا تُغِبّوا أَفوَاهَهُم وَ لَا یَضِیعُوا بِحَضرَتِکُم

ص 422
وَ اللّهَ اللّهَ فِی جِیرَانِکُم فَإِنّهُم وَصِیّةُ نَبِیّکُم مَا زَالَ یوُصیِ بِهِم حَتّی ظَنَنّا أَنّهُ سَیُوَرّثُهُم وَ اللّهَ اللّهَ فِی القُرآنِ لَا یَسبِقُکُم بِالعَمَلِ بِهِ غَیرُکُم وَ اللّهَ اللّهَ فِی الصّلَاةِ فَإِنّهَا عَمُودُ دِینِکُم وَ اللّهَ اللّهَ فِی بَیتِ رَبّکُم لَا تُخَلّوهُ مَا بَقِیتُم فَإِنّهُ إِن تُرِکَ لَم تُنَاظَرُوا وَ اللّهَ اللّهَ فِی الجِهَادِ بِأَموَالِکُم وَ أَنفُسِکُم وَ أَلسِنَتِکُم فِی سَبِیلِ اللّهِ وَ عَلَیکُم بِالتّوَاصُلِ وَ التّبَاذُلِ وَ إِیّاکُم وَ التّدَابُرَ وَ التّقَاطُعَ لَا تَترُکُوا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَ النهّی‌َ عَنِ المُنکَرِ فَیُوَلّی عَلَیکُم شِرَارُکُم ثُمّ تَدعُونَ فَلَا یُستَجَابُ لَکُم
ثُمّ قَالَ یَا بنَیِ عَبدِ المُطّلِبِ لَا أُلفِیَنّکُم تَخُوضُونَ دِمَاءَ المُسلِمِینَ خَوضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ أَلَا لَا تَقتُلُنّ بیِ إِلّا قاَتلِیِ انظُرُوا إِذَا أَنَا مِتّ مِن ضَربَتِهِ هَذِهِ فَاضرِبُوهُ ضَربَةً بِضَربَةٍ وَ لَا تُمَثّلُوا بِالرّجُلِ فإَنِیّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص یَقُولُ إِیّاکُم وَ المُثلَةَ وَ لَو بِالکَلبِ العَقُورِ
ص 423

48- و من کتاب له ع إلی معاویة

فَإِنّ البغَی‌َ وَ الزّورَ یُوتِغَانِ المَرءَ فِی دِینِهِ وَ دُنیَاهُ وَ یُبدِیَانِ خَلَلَهُ
عِندَ مَن یَعِیبُهُ وَ قَد عَلِمتُ أَنّکَ غَیرُ مُدرِکٍ مَا قضُیِ‌َ فَوَاتُهُ وَ قَد رَامَ أَقوَامٌ أَمراً بِغَیرِ الحَقّ فَتَأَلّوا عَلَی اللّهِ فَأَکذَبَهُم فَاحذَر یَوماً یَغتَبِطُ فِیهِ مَن أَحمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ یَندَمُ مَن أَمکَنَ الشّیطَانَ مِن قِیَادِهِ فَلَم یُجَاذِبهُ وَ قَد دَعَوتَنَا إِلَی حُکمِ القُرآنِ وَ لَستَ مِن أَهلِهِ وَ لَسنَا إِیّاکَ أَجَبنَا وَ لَکِنّا أَجَبنَا القُرآنَ فِی حُکمِهِ وَ السّلَامُ

49- و من کتاب له ع إلی معاویة أیضا

أَمّا بَعدُ فَإِنّ الدّنیَا مَشغَلَةٌ عَن غَیرِهَا وَ لَم یُصِب صَاحِبُهَا مِنهَا شَیئاً إِلّا فَتَحَت لَهُ حِرصاً عَلَیهَا وَ لَهَجاً بِهَا وَ لَن یسَتغَنیِ‌َ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِیهَا عَمّا لَم یَبلُغهُ مِنهَا وَ مِن وَرَاءِ ذَلِکَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ نَقضُ مَا أَبرَمَ وَ لَوِ اعتَبَرتَ بِمَا مَضَی حَفِظتَ مَا بقَیِ‌َ وَ السّلَامُ

ص 424

50- و من کتاب له ع إلی أمرائه علی الجیش

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ بنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی أَصحَابِ المَسَالِحِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ حَقّاً عَلَی الواَلیِ أَلّا یُغَیّرَهُ عَلَی رَعِیّتِهِ فَضلٌ نَالَهُ وَ لَا طَولٌ خُصّ بِهِ وَ أَن یَزِیدَهُ مَا قَسَمَ اللّهُ لَهُ مِن نِعَمِهِ دُنُوّاً مِن عِبَادِهِ وَ عَطفاً عَلَی إِخوَانِهِ أَلَا وَ إِنّ لَکُم عنِدیِ أَلّا أَحتَجِزَ دُونَکُم سِرّاً إِلّا فِی حَربٍ وَ لَا أطَویِ‌َ دُونَکُم أَمراً إِلّا فِی حُکمٍ وَ لَا أُؤَخّرَ لَکُم حَقّاً عَن مَحَلّهِ وَ لَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقطَعِهِ وَ أَن تَکُونُوا عنِدیِ فِی الحَقّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلتُ ذَلِکَ وَجَبَت لِلّهِ عَلَیکُمُ النّعمَةُ وَ لِی عَلَیکُمُ الطّاعَةُ وَ أَلّا تَنکُصُوا عَن دَعوَةٍ وَ لَا تُفَرّطُوا فِی صَلَاحٍ وَ أَن تَخُوضُوا الغَمَرَاتِ إِلَی الحَقّ فَإِن أَنتُم لَم تَستَقِیمُوا لِی عَلَی ذَلِکَ لَم یَکُن أَحَدٌ أَهوَنَ عَلَیّ مِمّنِ اعوَجّ مِنکُم ثُمّ أُعظِمُ لَهُ العُقُوبَةَ وَ لَا یَجِدُ عنِدیِ فِیهَا رُخصَةً فَخُذُوا هَذَا مِن أُمَرَائِکُم وَ أَعطُوهُم مِن أَنفُسِکُم مَا یُصلِحُ اللّهُ بِهِ أَمرَکُم وَ السّلَامُ

ص 425

51- و من کتاب له ع إلی عماله علی الخراج

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی أَصحَابِ الخَرَاجِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَن لَم یَحذَر مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَیهِ لَم یُقَدّم لِنَفسِهِ مَا یُحرِزُهَا وَ اعلَمُوا أَنّ مَا کُلّفتُم بِهِ یَسِیرٌ وَ أَنّ ثَوَابَهُ کَثِیرٌ وَ لَو لَم یَکُن فِیمَا نَهَی اللّهُ عَنهُ مِنَ البغَی‌ِ وَ العُدوَانِ عِقَابٌ یُخَافُ لَکَانَ فِی ثَوَابِ اجتِنَابِهِ مَا لَا عُذرَ فِی تَرکِ طَلَبِهِ فَأَنصِفُوا النّاسَ مِن أَنفُسِکُم وَ اصبِرُوا لِحَوَائِجِهِم فَإِنّکُم خُزّانُ الرّعِیّةِ وَ وُکَلَاءُ الأُمّةِ وَ سُفَرَاءُ الأَئِمّةِ وَ لَا تُحشِمُوا أَحَداً عَن حَاجَتِهِ وَ لَا تَحبِسُوهُ عَن طَلِبَتِهِ وَ لَا تَبِیعُنّ لِلنّاسِ فِی الخَرَاجِ کِسوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَیفٍ وَ لَا دَابّةً یَعتَمِلُونَ عَلَیهَا وَ لَا عَبداً وَ لَا تَضرِبُنّ أَحَداً سَوطاً لِمَکَانِ دِرهَمٍ وَ لَا تَمَسّنّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النّاسِ مُصَلّ وَ لَا مُعَاهَدٍ إِلّا أَن تَجِدُوا فَرَساً أَو سِلَاحاً یُعدَی بِهِ عَلَی أَهلِ الإِسلَامِ فَإِنّهُ لَا ینَبغَیِ لِلمُسلِمِ أَن یَدَعَ ذَلِکَ فِی أیَدیِ أَعدَاءِ الإِسلَامِ فَیَکُونَ شَوکَةً عَلَیهِ وَ لَا تَدّخِرُوا أَنفُسَکُم نَصِیحَةً وَ لَا الجُندَ حُسنَ سِیرَةٍ وَ لَا الرّعِیّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِینَ اللّهِ قُوّةً وَ أَبلُوا فِی سَبِیلِ اللّهِ مَا استَوجَبَ عَلَیکُم فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ قَدِ اصطَنَعَ عِندَنَا

ص 426
وَ عِندَکُم أَن نَشکُرَهُ بِجُهدِنَا وَ أَن نَنصُرَهُ بِمَا بَلَغَت قُوّتُنَا وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَیِ‌ّ العَظِیمِ

52- و من کتاب له ع إلی أمراء البلاد فی معنی الصلاة

أَمّا بَعدُ فَصَلّوا بِالنّاسِ الظّهرَ حَتّی تفَیِ‌ءَ الشّمسُ مِن مَربِضِ العَنزِ وَ صَلّوا بِهِمُ العَصرَ وَ الشّمسُ بَیضَاءُ حَیّةٌ فِی عُضوٍ مِنَ النّهَارِ حِینَ یُسَارُ فِیهَا فَرسَخَانِ وَ صَلّوا بِهِمُ المَغرِبَ حِینَ یُفطِرُ الصّائِمُ وَ یَدفَعُ الحَاجّ إِلَی مِنًی وَ صَلّوا بِهِمُ العِشَاءَ حِینَ یَتَوَارَی الشّفَقُ إِلَی ثُلُثِ اللّیلِ وَ صَلّوا بِهِمُ الغَدَاةَ وَ الرّجُلُ یَعرِفُ وَجهَ صَاحِبِهِ وَ صَلّوا بِهِم صَلَاةَ أَضعَفِهِم وَ لَا تَکُونُوا فَتّانِینَ

53- و من کتاب له ع کتبه للأشتر النخعی لماولاه علی مصر وأعمالها حین اضطرب أمر أمیرها محمد بن أبی بکر، و هوأطول عهد کتبه وأجمعه للمحاسن .

بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِیمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبدُ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ مَالِکَ بنَ الحَارِثِ الأَشتَرَ

ص 427
فِی عَهدِهِ إِلَیهِ حِینَ وَلّاهُ مِصرَ جِبَایَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوّهَا وَ استِصلَاحَ أَهلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا أَمَرَهُ بِتَقوَی اللّهِ وَ إِیثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِن فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ التّیِ لَا یَسعَدُ أَحَدٌ إِلّا بِاتّبَاعِهَا وَ لَا یَشقَی إِلّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا وَ أَن یَنصُرَ اللّهَ سُبحَانَهُ بِقَلبِهِ وَ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنّهُ جَلّ اسمُهُ قَد تَکَفّلَ بِنَصرِ مَن نَصَرَهُ وَ إِعزَازِ مَن أَعَزّهُ وَ أَمَرَهُ أَن یَکسِرَ نَفسَهُ مِنَ الشّهَوَاتِ وَ یَزَعَهَا
عِندَ الجَمَحَاتِ فَإِنّ النّفسَ أَمّارَةٌ بِالسّوءِ إِلّا مَا رَحِمَ اللّهُ ثُمّ اعلَم یَا مَالِکُ أنَیّ قَد وَجّهتُکَ إِلَی بِلَادٍ قَد جَرَت عَلَیهَا دُوَلٌ قَبلَکَ مِن عَدلٍ وَ جَورٍ وَ أَنّ النّاسَ یَنظُرُونَ مِن أُمُورِکَ فِی مِثلِ مَا کُنتَ تَنظُرُ فِیهِ مِن أُمُورِ الوُلَاةِ قَبلَکَ وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنتَ تَقُولُ فِیهِم وَ إِنّمَا یُستَدَلّ عَلَی الصّالِحِینَ بِمَا یجُریِ اللّهُ لَهُم عَلَی أَلسُنِ عِبَادِهِ فَلیَکُن أَحَبّ الذّخَائِرِ إِلَیکَ ذَخِیرَةُ العَمَلِ الصّالِحِ فَاملِک هَوَاکَ وَ شُحّ بِنَفسِکَ عَمّا لَا یَحِلّ لَکَ فَإِنّ الشّحّ بِالنّفسِ الإِنصَافُ مِنهَا فِیمَا أَحَبّت أَو کَرِهَت وَ أَشعِر قَلبَکَ الرّحمَةَ لِلرّعِیّةِ وَ المَحَبّةَ لَهُم وَ اللّطفَ بِهِم وَ لَا تَکُونَنّ عَلَیهِم سَبُعاً ضَارِیاً تَغتَنِمُ أَکلَهُم فَإِنّهُم صِنفَانِ إِمّا أَخٌ لَکَ فِی الدّینِ وَ إِمّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الخَلقِ یَفرُطُ
ص 428
مِنهُمُ الزّلَلُ وَ تَعرِضُ لَهُمُ العِلَلُ وَ یُؤتَی عَلَی أَیدِیهِم فِی العَمدِ وَ الخَطَإِ فَأَعطِهِم مِن عَفوِکَ وَ صَفحِکَ مِثلِ ألّذِی تُحِبّ وَ تَرضَی أَن یُعطِیَکَ اللّهُ مِن عَفوِهِ وَ صَفحِهِ فَإِنّکَ فَوقَهُم وَ واَلیِ الأَمرِ عَلَیکَ فَوقَکَ وَ اللّهُ فَوقَ مَن وَلّاکَ وَ قَدِ استَکفَاکَ أَمرَهُم وَ ابتَلَاکَ بِهِم وَ لَا تَنصِبَنّ نَفسَکَ لِحَربِ اللّهِ فَإِنّهُ لَا یَدَ لَکَ بِنِقمَتِهِ وَ لَا غِنَی بِکَ عَن عَفوِهِ وَ رَحمَتِهِ وَ لَا تَندَمَنّ عَلَی عَفوٍ وَ لَا تَبجَحَنّ بِعُقُوبَةٍ وَ لَا تُسرِعَنّ إِلَی بَادِرَةٍ وَجَدتَ مِنهَا مَندُوحَةً وَ لَا تَقُولَنّ إنِیّ مُؤَمّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنّ ذَلِکَ إِدغَالٌ فِی القَلبِ وَ مَنهَکَةٌ لِلدّینِ وَ تَقَرّبٌ مِنَ الغِیَرِ وَ إِذَا أَحدَثَ لَکَ مَا أَنتَ فِیهِ مِن سُلطَانِکَ أُبّهَةً أَو مَخِیلَةً فَانظُر إِلَی عِظَمِ مُلکِ اللّهِ فَوقَکَ وَ قُدرَتِهِ مِنکَ عَلَی مَا لَا تَقدِرُ عَلَیهِ مِن نَفسِکَ فَإِنّ ذَلِکَ یُطَامِنُ إِلَیکَ مِن طِمَاحِکَ وَ یَکُفّ عَنکَ مِن غَربِکَ وَ یفَیِ‌ءُ إِلَیکَ بِمَا عَزَبَ عَنکَ مِن عَقلِکَ إِیّاکَ وَ مُسَامَاةَ اللّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التّشَبّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنّ اللّهَ یُذِلّ کُلّ جَبّارٍ وَ یُهِینُ کُلّ مُختَالٍ أَنصِفِ اللّهَ وَ أَنصِفِ النّاسَ مِن نَفسِکَ وَ مِن خَاصّةِ أَهلِکَ وَ مَن لَکَ فِیهِ هَوًی مِن رَعِیّتِکَ فَإِنّکَ إِلّا تَفعَل تَظلِم وَ مَن ظَلَمَ عِبَادَ اللّهِ کَانَ اللّهُ خَصمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَن خَاصَمَهُ اللّهُ أَدحَضَ حُجّتَهُ
ص 429
وَ کَانَ لِلّهِ حَرباً حَتّی یَنزِعَ أَو یَتُوبَ وَ لَیسَ شَیءٌ أَدعَی إِلَی تَغیِیرِ نِعمَةِ اللّهِ وَ تَعجِیلِ نِقمَتِهِ مِن إِقَامَةٍ عَلَی ظُلمٍ فَإِنّ اللّهَ سَمِیعٌ دَعوَةَ المُضطَهَدِینَ وَ هُوَ لِلظّالِمِینَ بِالمِرصَادِ وَ لیَکُن أَحَبّ الأُمُورِ إِلَیکَ أَوسَطُهَا فِی الحَقّ وَ أَعَمّهَا فِی العَدلِ وَ أَجمَعُهَا لِرِضَی الرّعِیّةِ فَإِنّ سُخطَ العَامّةِ یُجحِفُ بِرِضَی الخَاصّةِ وَ إِنّ سُخطَ الخَاصّةِ یُغتَفَرُ مَعَ رِضَی العَامّةِ وَ لَیسَ أَحَدٌ مِنَ الرّعِیّةِ أَثقَلَ عَلَی الواَلیِ مَئُونَةً فِی الرّخَاءِ وَ أَقَلّ مَعُونَةً لَهُ فِی البَلَاءِ وَ أَکرَهَ لِلإِنصَافِ وَ أَسأَلَ بِالإِلحَافِ وَ أَقَلّ شُکراً
عِندَ الإِعطَاءِ وَ أَبطَأَ عُذراً
عِندَ المَنعِ وَ أَضعَفَ صَبراً
عِندَ مُلِمّاتِ الدّهرِ مِن أَهلِ الخَاصّةِ وَ إِنّمَا عِمَادُ الدّینِ وَ جِمَاعُ المُسلِمِینَ وَ العُدّةُ لِلأَعدَاءِ العَامّةُ مِنَ الأُمّةِ فَلیَکُن صِغوُکَ لَهُم وَ مَیلُکَ مَعَهُم وَ لیَکُن أَبعَدَ رَعِیّتِکَ مِنکَ وَ أَشنَأَهُم عِندَکَ أَطلَبُهُم لِمَعَایِبِ النّاسِ فَإِنّ فِی النّاسِ عُیُوباً الواَلیِ أَحَقّ مَن سَتَرَهَا فَلَا تَکشِفَنّ عَمّا غَابَ عَنکَ مِنهَا فَإِنّمَا عَلَیکَ تَطهِیرُ مَا ظَهَرَ لَکَ وَ اللّهُ یَحکُمُ عَلَی مَا غَابَ عَنکَ فَاستُرِ العَورَةَ مَا استَطَعتَ یَستُرِ اللّهُ مِنکَ مَا تُحِبّ سَترَهُ مِن رَعِیّتِکَ أَطلِق عَنِ النّاسِ عُقدَةَ کُلّ حِقدٍ وَ اقطَع عَنکَ سَبَبَ کُلّ وِترٍ وَ تَغَابَ عَن کُلّ مَا لَا یَضِحُ لَکَ وَ لَا
ص 430
تَعجَلَنّ إِلَی تَصدِیقِ سَاعٍ فَإِنّ الساّعیِ‌َ غَاشّ وَ إِن تَشَبّهَ بِالنّاصِحِینَ وَ لَا تُدخِلَنّ فِی مَشُورَتِکَ بَخِیلًا یَعدِلُ بِکَ عَنِ الفَضلِ وَ یَعِدُکَ الفَقرَ وَ لَا جَبَاناً یُضعِفُکَ عَنِ الأُمُورِ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیّنُ لَکَ الشّرَهَ بِالجَورِ فَإِنّ البُخلَ وَ الجُبنَ وَ الحِرصَ غَرَائِزُ شَتّی یَجمَعُهَا سُوءُ الظّنّ بِاللّهِ إِنّ شَرّ وُزَرَائِکَ مَن کَانَ لِلأَشرَارِ قَبلَکَ وَزِیراً وَ مَن شَرِکَهُم فِی الآثَامِ فَلَا یَکُونَنّ لَکَ بِطَانَةً فَإِنّهُم أَعوَانُ الأَثَمَةِ وَ إِخوَانُ الظّلَمَةِ وَ أَنتَ وَاجِدٌ مِنهُم خَیرَ الخَلَفِ مِمّن لَهُ مِثلُ آرَائِهِم وَ نَفَاذِهِم وَ لَیسَ عَلَیهِ مِثلُ آصَارِهِم وَ أَوزَارِهِم وَ آثَامِهِم مِمّن لَم یُعَاوِن ظَالِماً عَلَی ظُلمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَی إِثمِهِ أُولَئِکَ أَخَفّ عَلَیکَ مَئُونَةً وَ أَحسَنُ لَکَ مَعُونَةً وَ أَحنَی عَلَیکَ عَطفاً وَ أَقَلّ لِغَیرِکَ إِلفاً فَاتّخِذ أُولَئِکَ خَاصّةً لِخَلَوَاتِکَ وَ حَفَلَاتِکَ ثُمّ لیَکُن آثَرُهُم عِندَکَ أَقوَلَهُم بِمُرّ الحَقّ لَکَ وَ أَقَلّهُم مُسَاعَدَةً فِیمَا یَکُونُ مِنکَ مِمّا کَرِهَ اللّهُ لِأَولِیَائِهِ وَاقِعاً ذَلِکَ مِن هَوَاکَ حَیثُ وَقَعَ وَ الصَق بِأَهلِ الوَرَعِ وَ الصّدقِ ثُمّ رُضهُم عَلَی أَلّا یُطرُوکَ وَ لَا یَبجَحُوکَ بِبَاطِلٍ لَم تَفعَلهُ فَإِنّ کَثرَةَ الإِطرَاءِ تُحدِثُ الزّهوَ وَ تدُنیِ مِنَ العِزّةِ وَ لَا یَکُونَنّ المُحسِنُ وَ المسُیِ‌ءُ عِندَکَ بِمَنزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنّ فِی ذَلِکَ
ص 431
تَزهِیداً لِأَهلِ الإِحسَانِ فِی الإِحسَانِ وَ تَدرِیباً لِأَهلِ الإِسَاءَةِ عَلَی الإِسَاءَةِ وَ أَلزِم کُلّا مِنهُم مَا أَلزَمَ نَفسَهُ وَ اعلَم أَنّهُ لَیسَ شَیءٌ بِأَدعَی إِلَی حُسنِ ظَنّ رَاعٍ بِرَعِیّتِهِ مِن إِحسَانِهِ إِلَیهِم وَ تَخفِیفِهِ المَئُونَاتِ عَلَیهِم وَ تَرکِ استِکرَاهِهِ إِیّاهُم عَلَی مَا لَیسَ لَهُ قِبَلَهُم فَلیَکُن مِنکَ فِی ذَلِکَ أَمرٌ یَجتَمِعُ لَکَ بِهِ حُسنُ الظّنّ بِرَعِیّتِکَ فَإِنّ حُسنَ الظّنّ یَقطَعُ عَنکَ نَصَباً طَوِیلًا وَ إِنّ أَحَقّ مَن حَسُنَ ظَنّکَ بِهِ لَمَن حَسُنَ بَلَاؤُکَ عِندَهُ وَ إِنّ أَحَقّ مَن سَاءَ ظَنّکَ بِهِ لَمَن سَاءَ بَلَاؤُکَ عِندَهُ وَ لَا تَنقُض سُنّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الأُمّةِ وَ اجتَمَعَت بِهَا الأُلفَةُ وَ صَلَحَت عَلَیهَا الرّعِیّةُ وَ لَا تُحدِثَنّ سُنّةً تَضُرّ بشِیَ‌ءٍ مِن ماَضیِ تِلکَ السّنَنِ فَیَکُونَ الأَجرُ لِمَن سَنّهَا وَ الوِزرُ عَلَیکَ بِمَا نَقَضتَ مِنهَا وَ أَکثِر مُدَارَسَةَ العُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الحُکَمَاءِ فِی تَثبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیهِ أَمرُ بِلَادِکَ وَ إِقَامَةِ مَا استَقَامَ بِهِ النّاسُ قَبلَکَ وَ اعلَم أَنّ الرّعِیّةَ طَبَقَاتٌ لَا یَصلُحُ بَعضُهَا إِلّا بِبَعضٍ وَ لَا غِنَی بِبَعضِهَا عَن بَعضٍ فَمِنهَا جُنُودُ اللّهِ وَ مِنهَا کُتّابُ العَامّةِ وَ الخَاصّةِ وَ مِنهَا قُضَاةُ العَدلِ وَ مِنهَا عُمّالُ الإِنصَافِ وَ الرّفقِ وَ مِنهَا أَهلُ الجِزیَةِ وَ الخَرَاجِ مِن أَهلِ الذّمّةِ وَ مُسلِمَةِ النّاسِ وَ مِنهَا التّجّارُ وَ أَهلُ الصّنَاعَاتِ
ص 432
وَ مِنهَا الطّبَقَةُ السّفلَی مِن ذوَیِ الحَاجَةِ وَ المَسکَنَةِ وَ کُلّ قَد سَمّی اللّهُ لَهُ سَهمَهُ وَ وَضَعَ عَلَی حَدّهِ فَرِیضَةً فِی کِتَابِهِ أَو سُنّةِ نَبِیّهِص عَهداً مِنهُ عِندَنَا مَحفُوظاً فَالجُنُودُ بِإِذنِ اللّهِ حُصُونُ الرّعِیّةِ وَ زَینُ الوُلَاةِ وَ عِزّ الدّینِ وَ سُبُلُ الأَمنِ وَ لَیسَ تَقُومُ الرّعِیّةُ إِلّا بِهِم ثُمّ لَا قِوَامَ لِلجُنُودِ إِلّا بِمَا یُخرِجُ اللّهُ لَهُم مِنَ الخَرَاجِ ألّذِی یَقوَونَ بِهِ عَلَی جِهَادِ عَدُوّهِم وَ یَعتَمِدُونَ عَلَیهِ فِیمَا یُصلِحُهُم وَ یَکُونُ مِن وَرَاءِ حَاجَتِهِم ثُمّ لَا قِوَامَ لِهَذَینِ الصّنفَینِ إِلّا بِالصّنفِ الثّالِثِ مِنَ القُضَاةِ وَ العُمّالِ وَ الکُتّابِ لِمَا یُحکِمُونَ مِنَ المَعَاقِدِ وَ یَجمَعُونَ مِنَ المَنَافِعِ وَ یُؤتَمَنُونَ عَلَیهِ مِن خَوَاصّ الأُمُورِ وَ عَوَامّهَا وَ لَا قِوَامَ لَهُم جَمِیعاً إِلّا بِالتّجّارِ وَ ذوَیِ الصّنَاعَاتِ فِیمَا یَجتَمِعُونَ عَلَیهِ مِن مَرَافِقِهِم وَ یُقِیمُونَهُ مِن أَسوَاقِهِم وَ یَکفُونَهُم مِنَ التّرَفّقِ بِأَیدِیهِم مَا لَا یَبلُغُهُ رِفقُ غَیرِهِم ثُمّ الطّبَقَةُ السّفلَی مِن أَهلِ الحَاجَةِ وَ المَسکَنَةِ الّذِینَ یَحِقّ رِفدُهُم وَ مَعُونَتُهُم وَ فِی اللّهِ لِکُلّ سَعَةٌ وَ لِکُلّ عَلَی الواَلیِ حَقّ بِقَدرِ مَا یُصلِحُهُ وَ لَیسَ یَخرُجُ الواَلیِ مِن حَقِیقَةِ مَا أَلزَمَهُ اللّهُ مِن ذَلِکَ إِلّا بِالِاهتِمَامِ وَ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ وَ تَوطِینِ نَفسِهِ عَلَی لُزُومِ الحَقّ وَ الصّبرِ عَلَیهِ فِیمَا خَفّ عَلَیهِ أَو ثَقُلَ فَوَلّ مِن جُنُودِکَ أَنصَحَهُم فِی نَفسِکَ لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِکَ وَ أَنقَاهُم جَیباً وَ أَفضَلَهُم حِلماً
ص 433
مِمّن یُبطِئُ عَنِ الغَضَبِ وَ یَستَرِیحُ إِلَی العُذرِ وَ یَرأَفُ بِالضّعَفَاءِ وَ یَنبُو عَلَی الأَقوِیَاءِ وَ مِمّن لَا یُثِیرُهُ العُنفُ وَ لَا یَقعُدُ بِهِ الضّعفُ ثُمّ الصَق بذِوَیِ المُرُوءَاتِ وَ الأَحسَابِ وَ أَهلِ البُیُوتَاتِ الصّالِحَةِ وَ السّوَابِقِ الحَسَنَةِ ثُمّ أَهلِ النّجدَةِ وَ الشّجَاعَةِ وَ السّخَاءِ وَ السّمَاحَةِ فَإِنّهُم جِمَاعٌ مِنَ الکَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ العُرفِ ثُمّ تَفَقّد مِن أُمُورِهِم مَا یَتَفَقّدُ الوَالِدَانِ مِن وَلَدِهِمَا وَ لَا یَتَفَاقَمَنّ فِی نَفسِکَ شَیءٌ قَوّیتَهُم بِهِ وَ لَا تَحقِرَنّ لُطفاً تَعَاهَدتَهُم بِهِ وَ إِن قَلّ فَإِنّهُ دَاعِیَةٌ لَهُم إِلَی بَذلِ النّصِیحَةِ لَکَ وَ حُسنِ الظّنّ بِکَ وَ لَا تَدَع تَفَقّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتّکَالًا عَلَی جَسِیمِهَا فَإِنّ لِلیَسِیرِ مِن لُطفِکَ مَوضِعاً یَنتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلجَسِیمِ مَوقِعاً لَا یَستَغنُونَ عَنهُ وَ لیَکُن آثَرُ رُءُوسِ جُندِکَ عِندَکَ مَن وَاسَاهُم فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفضَلَ عَلَیهِم مِن جِدَتِهِ بِمَا یَسَعُهُم وَ یَسَعُ مَن وَرَاءَهُم مِن خُلُوفِ أَهلِیهِم حَتّی یَکُونَ هَمّهُم هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ العَدُوّ فَإِنّ عَطفَکَ عَلَیهِم یَعطِفُ قُلُوبَهُم عَلَیکَ وَ إِنّ أَفضَلَ قُرّةِ عَینِ الوُلَاةِ استِقَامَةُ العَدلِ فِی البِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدّةِ الرّعِیّةِ وإِنّهُ لَا تَظهَرُ مَوَدّتُهُم إِلّا بِسَلَامَةِ صُدُورِهِم وَ لَا تَصِحّ نَصِیحَتُهُم إِلّا بِحِیطَتِهِم عَلَی وُلَاةِ الأُمُورِ وَ قِلّةِ استِثقَالِ دُوَلِهِم وَ تَرکِ
ص 434
استِبطَاءِ انقِطَاعِ مُدّتِهِم فَافسَح فِی آمَالِهِم وَ وَاصِل فِی حُسنِ الثّنَاءِ عَلَیهِم وَ تَعدِیدِ مَا أَبلَی ذَوُو البَلَاءِ مِنهُم فَإِنّ کَثرَةَ الذّکرِ لِحُسنِ أَفعَالِهِم تَهُزّ الشّجَاعَ وَ تُحَرّضُ النّاکِلَ إِن شَاءَ اللّهُ ثُمّ اعرِف لِکُلّ امر‌ِئٍ مِنهُم مَا أَبلَی وَ لَا تَضُمّنّ بَلَاءَ امر‌ِئٍ إِلَی غَیرِهِ وَ لَا تُقَصّرَنّ بِهِ دُونَ غَایَةِ بَلَائِهِ وَ لَا یَدعُوَنّکَ شَرَفُ امر‌ِئٍ إِلَی أَن تُعظِمَ مِن بَلَائِهِ مَا کَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَةُ امر‌ِئٍ إِلَی أَن تَستَصغِرَ مِن بَلَائِهِ مَا کَانَ عَظِیماً وَ اردُد إِلَی اللّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یُضلِعُکَ مِنَ الخُطُوبِ وَ یَشتَبِهُ عَلَیکَ مِنَ الأُمُورِ فَقَد قَالَ اللّهُ تَعَالَی لِقَومٍ أَحَبّ إِرشَادَهُمیا أَیّهَا الّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللّهَ وَ أَطِیعُوا الرّسُولَ وَ أوُلیِ الأَمرِ مِنکُم فَإِن تَنازَعتُم فِی شَیءٍ فَرُدّوهُ إِلَی اللّهِ وَ الرّسُولِفَالرّدّ إِلَی اللّهِ الأَخذُ بِمُحکَمِ کِتَابِهِ وَ الرّدّ إِلَی الرّسُولِ الأَخذُ بِسُنّتِهِ الجَامِعَةِ غَیرِ المُفَرّقَةِ ثُمّ اختَر لِلحُکمِ بَینَ النّاسِ أَفضَلَ رَعِیّتِکَ فِی نَفسِکَ مِمّن لَا تَضِیقُ بِهِ الأُمُورُ وَ لَا تُمَحّکُهُ الخُصُومُ وَ لَا یَتَمَادَی فِی الزّلّةِ وَ لَا یَحصَرُ مِنَ الفیَ‌ءِ إِلَی الحَقّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشرِفُ نَفسُهُ عَلَی طَمَعٍ وَ لَا یکَتفَیِ بِأَدنَی فَهمٍ دُونَ أَقصَاهُ وَ أَوقَفَهُم فِی الشّبُهَاتِ وَ آخَذَهُم بِالحُجَجِ وَ أَقَلّهُم تَبَرّماً بِمُرَاجَعَةِ
-قرآن-690-845
ص 435
الخَصمِ وَ أَصبَرَهُم عَلَی تَکَشّفِ الأُمُورِ وَ أَصرَمَهُم
عِندَ اتّضَاحِ الحُکمِ مِمّن لَا یَزدَهِیهِ إِطرَاءٌ وَ لَا یَستَمِیلُهُ إِغرَاءٌ وَ أُولَئِکَ قَلِیلٌ ثُمّ أَکثِر تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افسَح لَهُ فِی البَذلِ مَا یُزِیلُ عِلّتَهُ وَ تَقِلّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَی النّاسِ وَ أَعطِهِ مِنَ المَنزِلَةِ لَدَیکَ مَا لَا یَطمَعُ فِیهِ غَیرُهُ مِن خَاصّتِکَ لِیَأمَنَ بِذَلِکَ اغتِیَالَ الرّجَالِ لَهُ عِندَکَ فَانظُر فِی ذَلِکَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنّ هَذَا الدّینَ قَد کَانَ أَسِیراً فِی أیَدیِ الأَشرَارِ یُعمَلُ فِیهِ بِالهَوَی وَ تُطلَبُ بِهِ الدّنیَا ثُمّ انظُر فِی أُمُورِ عُمّالِکَ فَاستَعمِلهُمُ اختِبَاراً وَ لَا تُوَلّهِم مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنّهُمَا جِمَاعٌ مِن شُعَبِ الجَورِ وَ الخِیَانَةِ وَ تَوَخّ مِنهُم أَهلَ التّجرِبَةِ وَ الحَیَاءِ مِن أَهلِ البُیُوتَاتِ الصّالِحَةِ وَ القَدَمِ فِی الإِسلَامِ المُتَقَدّمَةِ فَإِنّهُم أَکرَمُ أَخلَاقاً وَ أَصَحّ أَعرَاضاً وَ أَقَلّ فِی المَطَامِعِ إِشرَاقاً وَ أَبلَغُ فِی عَوَاقِبِ الأُمُورِ نَظَراً ثُمّ أَسبِغ عَلَیهِمُ الأَرزَاقَ فَإِنّ ذَلِکَ قُوّةٌ لَهُم عَلَی استِصلَاحِ أَنفُسِهِم وَ غِنًی لَهُم عَن تَنَاوُلِ مَا تَحتَ أَیدِیهِم وَ حُجّةٌ عَلَیهِم إِن خَالَفُوا أَمرَکَ أَو ثَلَمُوا أَمَانَتَکَ ثُمّ تَفَقّد أَعمَالَهُم وَ ابعَثِ العُیُونَ مِن أَهلِ الصّدقِ وَ الوَفَاءِ عَلَیهِم فَإِنّ تَعَاهُدَکَ فِی السّرّ لِأُمُورِهِم حَدوَةٌ لَهُم عَلَی استِعمَالِ الأَمَانَةِ وَ الرّفقِ بِالرّعِیّةِ وَ تَحَفّظ مِنَ الأَعوَانِ فَإِن أَحَدٌ مِنهُم بَسَطَ یَدَهُ إِلَی خِیَانَةٍ اجتَمَعَت بِهَا
ص 436
عَلَیهِ عِندَکَ أَخبَارُ عُیُونِکَ اکتَفَیتَ بِذَلِکَ شَاهِداً فَبَسَطتَ عَلَیهِ العُقُوبَةَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذتَهُ بِمَا أَصَابَ مِن عَمَلِهِ ثُمّ نَصَبتَهُ بِمَقَامِ المَذَلّةِ وَ وَسَمتَهُ بِالخِیَانَةِ وَ قَلّدتَهُ عَارَ التّهَمَةِ وَ تَفَقّد أَمرَ الخَرَاجِ بِمَا یُصلِحُ أَهلَهُ فَإِنّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِم صَلَاحاً لِمَن سِوَاهُم وَ لَا صَلَاحَ لِمَن سِوَاهُم إِلّا بِهِم لِأَنّ النّاسَ کُلّهُم عِیَالٌ عَلَی الخَرَاجِ وَ أَهلِهِ وَ لیَکُن نَظَرُکَ فِی عِمَارَةِ الأَرضِ أَبلَغَ مِن نَظَرِکَ فِی استِجلَابِ الخَرَاجِ لِأَنّ ذَلِکَ لَا یُدرَکُ إِلّا بِالعِمَارَةِ وَ مَن طَلَبَ الخَرَاجَ بِغَیرِ عِمَارَةٍ أَخرَبَ البِلَادَ وَ أَهلَکَ العِبَادَ وَ لَم یَستَقِم أَمرُهُ إِلّا قَلِیلًا فَإِن شَکَوا ثِقَلًا أَو عِلّةً أَوِ انقِطَاعَ شِربٍ أَو بَالّةٍ أَو إِحَالَةَ أَرضٍ اغتَمَرَهَا غَرَقٌ أَو أَجحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفّفتَ عَنهُم بِمَا تَرجُو أَن یَصلُحَ بِهِ أَمرُهُم وَ لَا یَثقُلَنّ عَلَیکَ شَیءٌ خَفّفتَ بِهِ المَئُونَةَ عَنهُم فَإِنّهُ ذُخرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیکَ فِی عِمَارَةِ بِلَادِکَ وَ تَزیِینِ وِلَایَتِکَ مَعَ استِجلَابِکَ حُسنَ ثَنَائِهِم وَ تَبَجّحِکَ بِاستِفَاضَةِ العَدلِ فِیهِم مُعتَمِداً فَضلَ قُوّتِهِم بِمَا ذَخَرتَ عِندَهُم مِن إِجمَامِکَ لَهُم وَ الثّقَةَ مِنهُم بِمَا عَوّدتَهُم مِن عَدلِکَ عَلَیهِم وَ رِفقِکَ بِهِم فَرُبّمَا حَدَثَ مِنَ الأُمُورِ مَا إِذَا عَوّلتَ فِیهِ عَلَیهِم مِن بَعدُ احتَمَلُوهُ طَیّبَةً أَنفُسُهُم بِهِ فَإِنّ العُمرَانَ مُحتَمِلٌ مَا حَمّلتَهُ وَ إِنّمَا یُؤتَی خَرَابُ الأَرضِ مِن إِعوَازِ
ص 437
أَهلِهَا وَ إِنّمَا یُعوِزُ أَهلُهَا لِإِشرَافِ أَنفُسِ الوُلَاةِ عَلَی الجَمعِ وَ سُوءِ ظَنّهِم بِالبَقَاءِ وَ قِلّةِ انتِفَاعِهِم بِالعِبَرِ ثُمّ انظُر فِی حَالِ کُتّابِکَ فَوَلّ عَلَی أُمُورِکَ خَیرَهُم وَ اخصُص رَسَائِلَکَ التّیِ تُدخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَ أَسرَارَکَ بِأَجمَعِهِم لِوُجُوهِ صَالِحِ الأَخلَاقِ مِمّن لَا تُبطِرُهُ الکَرَامَةُ فیَجَترَ‌ِئَ بِهَا عَلَیکَ فِی خِلَافٍ لَکَ بِحَضرَةِ مَلَإٍ وَ لَا تَقصُرُ بِهِ الغَفلَةُ عَن إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمّالِکَ عَلَیکَ وَ إِصدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَی الصّوَابِ عَنکَ فِیمَا یَأخُذُ لَکَ وَ یعُطیِ مِنکَ وَ لَا یُضعِفُ عَقداً اعتَقَدَهُ لَکَ وَ لَا یَعجِزُ عَن إِطلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیکَ وَ لَا یَجهَلُ مَبلَغَ قَدرِ نَفسِهِ فِی الأُمُورِ فَإِنّ الجَاهِلَ بِقَدرِ نَفسِهِ یَکُونُ بِقَدرِ غَیرِهِ أَجهَلَ ثُمّ لَا یَکُنِ اختِیَارُکَ إِیّاهُم عَلَی فِرَاسَتِکَ وَ استِنَامَتِکَ وَ حُسنِ الظّنّ مِنکَ فَإِنّ الرّجَالَ یَتَعَرّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الوُلَاةِ بِتَصَنّعِهِم وَ حُسنِ خِدمَتِهِم وَ لَیسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النّصِیحَةِ وَ الأَمَانَةِ شَیءٌ وَ لَکِنِ اختَبِرهُم بِمَا وُلّوا لِلصّالِحِینَ قَبلَکَ فَاعمِد لِأَحسَنِهِم کَانَ فِی العَامّةِ أَثَراً وَ أَعرَفِهِم بِالأَمَانَةِ وَجهاً فَإِنّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَی نَصِیحَتِکَ لِلّهِ وَ لِمَن وُلّیتَ أَمرَهُ وَ اجعَل لِرَأسِ کُلّ أَمرٍ مِن أُمُورِکَ رَأساً مِنهُم لَا یَقهَرُهُ کَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتّتُ عَلَیهِ کَثِیرُهَا وَ مَهمَا کَانَ فِی کُتّابِکَ مِن عَیبٍ فَتَغَابَیتَ عَنهُ أُلزِمتَهُ
ص 438
ثُمّ استَوصِ بِالتّجّارِ وَ ذوَیِ الصّنَاعَاتِ وَ أَوصِ بِهِم خَیراً المُقِیمِ مِنهُم وَ المُضطَرِبِ بِمَالِهِ وَ المُتَرَفّقِ بِبَدَنِهِ فَإِنّهُم مَوَادّ المَنَافِعِ وَ أَسبَابُ المَرَافِقِ وَ جُلّابُهَا مِنَ المَبَاعِدِ وَ المَطَارِحِ فِی بَرّکَ وَ بَحرِکَ وَ سَهلِکَ وَ جَبَلِکَ وَ حَیثُ لَا یَلتَئِمُ النّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا یَجتَرِءُونَ عَلَیهَا فَإِنّهُم سِلمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلحٌ لَا تُخشَی غَائِلَتُهُ وَ تَفَقّد أُمُورَهُم بِحَضرَتِکَ وَ فِی حوَاَشیِ بِلَادِکَ وَ اعلَم مَعَ ذَلِکَ أَنّ فِی کَثِیرٍ مِنهُم ضِیقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احتِکَاراً لِلمَنَافِعِ وَ تَحَکّماً فِی البِیَاعَاتِ وَ ذَلِکَ بَابُ مَضَرّةٍ لِلعَامّةِ وَ عَیبٌ عَلَی الوُلَاةِ فَامنَع مِنَ الِاحتِکَارِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص مَنَعَ مِنهُ وَ لیَکُنِ البَیعُ بَیعاً سَمحاً بِمَوَازِینِ عَدلٍ وَ أَسعَارٍ لَا تُجحِفُ بِالفَرِیقَینِ مِنَ البَائِعِ وَ المُبتَاعِ فَمَن قَارَفَ حُکرَةً بَعدَ نَهیِکَ إِیّاهُ فَنَکّل بِهِ وَ عَاقِبهُ فِی غَیرِ إِسرَافٍ ثُمّ اللّهَ اللّهَ فِی الطّبَقَةِ السّفلَی مِنَ الّذِینَ لَا حِیلَةَ لَهُم مِنَ المَسَاکِینِ وَ المُحتَاجِینَ وَ أَهلِ البُؤسَی وَ الزّمنَی فَإِنّ فِی هَذِهِ الطّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعتَرّاً وَ احفَظِ لِلّهِ مَا استَحفَظَکَ مِن حَقّهِ فِیهِم وَ اجعَل لَهُم قِسماً مِن بَیتِ مَالِکِ وَ قِسماً مِن غَلّاتِ صوَاَفیِ الإِسلَامِ فِی کُلّ بَلَدٍ فَإِنّ لِلأَقصَی مِنهُم مِثلَ ألّذِی لِلأَدنَی وَ کُلّ
ص 439
قَدِ استُرعِیتَ حَقّهُ وَ لَا یَشغَلَنّکَ عَنهُم بَطَرٌ فَإِنّکَ لَا تُعذَرُ بِتَضیِیعِکَ التّافِهَ لِإِحکَامِکَ الکَثِیرَ المُهِمّ فَلَا تُشخِص هَمّکَ عَنهُم وَ لَا تُصَعّر خَدّکَ لَهُم وَ تَفَقّد أُمُورَ مَن لَا یَصِلُ إِلَیکَ مِنهُم مِمّن تَقتَحِمُهُ العُیُونُ وَ تَحقِرُهُ الرّجَالُ فَفَرّغ لِأُولَئِکَ ثِقَتَکَ مِن أَهلِ الخَشیَةِ وَ التّوَاضُعِ فَلیَرفَع إِلَیکَ أُمُورَهُم ثُمّ اعمَل فِیهِم بِالإِعذَارِ إِلَی اللّهِ یَومَ تَلقَاهُ فَإِنّ هَؤُلَاءِ مِن بَینِ الرّعِیّةِ أَحوَجُ إِلَی الإِنصَافِ مِن غَیرِهِم وَ کُلّ فَأَعذِر إِلَی اللّهِ فِی تَأدِیَةِ حَقّهِ إِلَیهِ وَ تَعَهّد أَهلَ الیُتمِ وَ ذوَیِ الرّقّةِ فِی السّنّ مِمّن لَا حِیلَةَ لَهُ وَ لَا یَنصِبُ لِلمَسأَلَةِ نَفسَهُ وَ ذَلِکَ عَلَی الوُلَاةِ ثَقِیلٌ وَ الحَقّ کُلّهُ ثَقِیلٌ وَ قَد یُخَفّفُهُ اللّهُ عَلَی أَقوَامٍ طَلَبُوا العَاقِبَةَ فَصَبّرُوا أَنفُسَهُم وَ وَثِقُوا بِصِدقِ مَوعُودِ اللّهِ لَهُم وَ اجعَل لذِوَیِ الحَاجَاتِ مِنکَ قِسماً تُفَرّغُ لَهُم فِیهِ شَخصَکَ وَ تَجلِسُ لَهُم مَجلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلّهِ ألّذِی خَلَقَکَ وَ تُقعِدُ عَنهُم جُندَکَ وَ أَعوَانَکَ مِن أَحرَاسِکَ وَ شُرَطِکَ حَتّی یُکَلّمَکَ مُتَکَلّمُهُم غَیرَ مُتَتَعتِعٍ فإَنِیّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص یَقُولُ فِی غَیرِ مَوطِنٍ لَن تُقَدّسَ أُمّةٌ لَا یُؤخَذُ لِلضّعِیفِ فِیهَا حَقّهُ مِنَ القوَیِ‌ّ غَیرَ مُتَتَعتِعٍ ثُمّ احتَمِلِ الخُرقَ مِنهُم وَ العیِ‌ّ وَ نَحّ عَنهُمُ الضّیقَ
ص 440
وَ الأَنَفَ یَبسُطِ اللّهُ عَلَیکَ بِذَلِکَ أَکنَافَ رَحمَتِهِ وَ یُوجِب لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعطِ مَا أَعطَیتَ هَنِیئاً وَ امنَع فِی إِجمَالٍ وَ إِعذَارٍ ثُمّ أُمُورٌ مِن أُمُورِکَ لَا بُدّ لَکَ مِن مُبَاشَرَتِهَا مِنهَا إِجَابَةُ عُمّالِکَ بِمَا یَعیَا عَنهُ کُتّابُکَ وَ مِنهَا إِصدَارُ حَاجَاتِ النّاسِ یَومَ وُرُودِهَا عَلَیکَ بِمَا تَحرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعوَانِکَ وَ أَمضِ لِکُلّ یَومٍ عَمَلَهُ فَإِنّ لِکُلّ یَومٍ مَا فِیهِ وَ اجعَل لِنَفسِکَ فِیمَا بَینَکَ وَ بَینَ اللّهِ أَفضَلَ تِلکَ المَوَاقِیتِ وَ أَجزَلَ تِلکَ الأَقسَامِ وَ إِن کَانَت کُلّهَا لِلّهِ إِذَا صَلَحَت فِیهَا النّیّةُ وَ سَلِمَت مِنهَا الرّعِیّةُ وَ لیَکُن فِی خَاصّةِ مَا تُخلِصُ بِهِ لِلّهِ دِینَکَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ التّیِ هیِ‌َ لَهُ خَاصّةً فَأَعطِ اللّهَ مِن بَدَنِکَ فِی لَیلِکَ وَ نَهَارِکَ وَ وَفّ مَا تَقَرّبتَ بِهِ إِلَی اللّهِ مِن ذَلِکَ کَامِلًا غَیرَ مَثلُومٍ وَ لَا مَنقُوصٍ بَالِغاً مِن بَدَنِکَ مَا بَلَغَ وَ إِذَا قُمتَ فِی صَلَاتِکَ لِلنّاسِ فَلَا تَکُونَنّ مُنَفّراً وَ لَا مُضَیّعاً فَإِنّ فِی النّاسِ مَن بِهِ العِلّةُ وَ لَهُ الحَاجَةُ وَ قَد سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص حِینَ وجَهّنَیِ إِلَی الیَمَنِ کَیفَ أصُلَیّ بِهِم فَقَالَ صَلّ بِهِم کَصَلَاةِ أَضعَفِهِم وَ کُن بِالمُؤمِنِینَ رَحِیماً
ص 441
وَ أَمّا بَعدُ فَلَا تُطَوّلَنّ احتِجَابَکَ عَن رَعِیّتِکَ فَإِنّ احتِجَابَ الوُلَاةِ عَنِ الرّعِیّةِ شُعبَةٌ مِنَ الضّیقِ وَ قِلّةُ عِلمٍ بِالأُمُورِ وَ الِاحتِجَابُ مِنهُم یَقطَعُ عَنهُم عِلمَ مَا احتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصغُرُ عِندَهُمُ الکَبِیرُ وَ یَعظُمُ الصّغِیرُ وَ یَقبُحُ الحَسَنُ وَ یَحسُنُ القَبِیحُ وَ یُشَابُ الحَقّ بِالبَاطِلِ وَ إِنّمَا الواَلیِ بَشَرٌ لَا یَعرِفُ مَا تَوَارَی عَنهُ النّاسُ بِهِ مِنَ الأُمُورِ وَ لَیسَت عَلَی الحَقّ سِمَاتٌ تُعرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصّدقِ مِنَ الکَذِبِ وَ إِنّمَا أَنتَ أَحَدُ رَجُلَینِ إِمّا امرُؤٌ سَخَت نَفسُکَ بِالبَذلِ فِی الحَقّ فَفِیمَ احتِجَابُکَ مِن وَاجِبِ حَقّ تُعطِیهِ أَو فِعلٍ کَرِیمٍ تُسدِیهِ أَو مُبتَلًی بِالمَنعِ فَمَا أَسرَعَ کَفّ النّاسِ عَن مَسأَلَتِکَ إِذَا أَیِسُوا مِن بَذلِکَ مَعَ أَنّ أَکثَرَ حَاجَاتِ النّاسِ إِلَیکَ مِمّا لَا مَئُونَةَ فِیهِ عَلَیکَ مِن شَکَاةِ مَظلِمَةٍ أَو طَلَبِ إِنصَافٍ فِی مُعَامَلَةٍ ثُمّ إِنّ للِواَلیِ خَاصّةً وَ بِطَانَةً فِیهِمُ استِئثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلّةُ إِنصَافٍ فِی مُعَامَلَةٍ فَاحسِم مَادّةَ أُولَئِکَ بِقَطعِ أَسبَابِ تِلکَ الأَحوَالِ وَ لَا تُقطِعَنّ لِأَحَدٍ مِن حَاشِیَتِکَ وَ حَامّتِکَ قَطِیعَةً وَ لَا یَطمَعَنّ مِنکَ فِی اعتِقَادِ عُقدَةٍ تَضُرّ بِمَن یَلِیهَا مِنَ النّاسِ فِی شِربٍ أَو عَمَلٍ مُشتَرَکٍ یَحمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَی غَیرِهِم فَیَکُونَ مَهنَأُ ذَلِکَ لَهُم دُونَکَ وَ عَیبُهُ عَلَیکَ فِی الدّنیَا وَ الآخِرَةِ وَ أَلزِمِ الحَقّ مَن لَزِمَهُ مِنَ القَرِیبِ وَ البَعِیدِ وَ کُن فِی ذَلِکَ صَابِراً

ص 442
مُحتَسِباً وَاقِعاً ذَلِکَ مِن قَرَابَتِکَ وَ خَاصّتِکَ حَیثُ وَقَعَ وَ ابتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثقُلُ عَلَیکَ مِنهُ فَإِنّ مَغَبّةَ ذَلِکَ مَحمُودَةٌ وَ إِن ظَنّتِ الرّعِیّةُ بِکَ حَیفاً فَأَصحِر لَهُم بِعُذرِکَ وَ اعدِل عَنکَ ظُنُونَهُم بِإِصحَارِکَ فَإِنّ فِی ذَلِکَ رِیَاضَةً مِنکَ لِنَفسِکَ وَ رِفقاً بِرَعِیّتِکَ وَ إِعذَاراً تَبلُغُ بِهِ حَاجَتَکَ مِن تَقوِیمِهِم عَلَی الحَقّ وَ لَا تَدفَعَنّ صُلحاً دَعَاکَ إِلَیهِ عَدُوّکَ ولِلّهِ فِیهِ رِضًا فَإِنّ فِی الصّلحِ دَعَةً لِجُنُودِکَ وَ رَاحَةً مِن هُمُومِکَ وَ أَمناً لِبِلَادِکَ وَ لَکِنِ الحَذَرَ کُلّ الحَذَرِ مِن عَدُوّکَ بَعدَ صُلحِهِ فَإِنّ العَدُوّ رُبّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفّلَ فَخُذ بِالحَزمِ وَ اتّهِم فِی ذَلِکَ حُسنَ الظّنّ وَ إِن عَقَدتَ بَینَکَ وَ بَینَ عَدُوّکَ عُقدَةً أَو أَلبَستَهُ مِنکَ ذِمّةً فَحُط عَهدَکَ بِالوَفَاءِ وَ ارعَ ذِمّتَکَ بِالأَمَانَةِ وَ اجعَل نَفسَکَ جُنّةً دُونَ مَا أَعطَیتَ فَإِنّهُ لَیسَ مِن فَرَائِضِ اللّهِ شَیءٌ النّاسُ أَشَدّ عَلَیهِ اجتِمَاعاً مَعَ تَفَرّقِ أَهوَائِهِم وَ تَشَتّتِ آرَائِهِم مِن تَعظِیمِ الوَفَاءِ بِالعُهُودِ وَ قَد لَزِمَ ذَلِکَ المُشرِکُونَ فِیمَا بَینَهُم دُونَ المُسلِمِینَ لِمَا استَوبَلُوا مِن عَوَاقِبِ الغَدرِ فَلَا تَغدِرَنّ بِذِمّتِکَ وَ لَا تَخِیسَنّ بِعَهدِکَ وَ لَا تَختِلَنّ عَدُوّکَ فَإِنّهُ لَا یجَترَ‌ِئُ عَلَی اللّهِ إِلّا جَاهِلٌ شقَیِ‌ّ وَ قَد جَعَلَ اللّهُ عَهدَهُ وَ ذِمّتَهُ أَمناً أَفضَاهُ بَینَ العِبَادِ بِرَحمَتِهِ وَ حَرِیماً یَسکُنُونَ إِلَی
ص 443
مَنَعَتِهِ وَ یَستَفِیضُونَ إِلَی جِوَارِهِ فَلَا إِدغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ وَ لَا تَعقِد عَقداً تُجَوّزُ فِیهِ العِلَلَ وَ لَا تُعَوّلَنّ عَلَی لَحنِ قَولٍ بَعدَ التّأکِیدِ وَ التّوثِقَةِ وَ لَا یَدعُوَنّکَ ضِیقُ أَمرٍ لَزِمَکَ فِیهِ عَهدُ اللّهِ إِلَی طَلَبِ انفِسَاخِهِ بِغَیرِ الحَقّ فَإِنّ صَبرَکَ عَلَی ضِیقِ أَمرٍ تَرجُو انفِرَاجَهُ وَ فَضلَ عَاقِبَتِهِ خَیرٌ مِن غَدرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَن تُحِیطَ بِکَ مِنَ اللّهِ فِیهِ طِلبَةٌ لَا تَستَقبِلُ فِیهَا دُنیَاکَ وَ لَا آخِرَتَکَ إِیّاکَ وَ الدّمَاءَ وَ سَفکَهَا بِغَیرِ حِلّهَا فَإِنّهُ لَیسَ شَیءٌ أَدعَی لِنِقمَةٍ وَ لَا أَعظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحرَی بِزَوَالِ نِعمَةٍ وَ انقِطَاعِ مُدّةٍ مِن سَفکِ الدّمَاءِ بِغَیرِ حَقّهَا وَ اللّهُ سُبحَانَهُ مبُتدَ‌ِئٌ بِالحُکمِ بَینَ العِبَادِ فِیمَا تَسَافَکُوا مِنَ الدّمَاءِ یَومَ القِیَامَةِ فَلَا تُقَوّیَنّ سُلطَانَکَ بِسَفکِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنّ ذَلِکَ مِمّا یُضعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَل یُزِیلُهُ وَ یَنقُلُهُ وَ لَا عُذرَ لَکَ
عِندَ اللّهِ وَ لَا عنِدیِ فِی قَتلِ العَمدِ لِأَنّ فِیهِ قَوَدَ البَدَنِ وَ إِنِ ابتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ أَفرَطَ عَلَیکَ سَوطُکَ أَو سَیفُکَ أَو یَدُکَ بِالعُقُوبَةِ فَإِنّ فِی الوَکزَةِ فَمَا فَوقَهَا مَقتَلَةً فَلَا تَطمَحَنّ بِکَ نَخوَةُ سُلطَانِکَ عَن أَن تؤُدَیّ‌َ إِلَی أَولِیَاءِ المَقتُولِ حَقّهُم وَ إِیّاکَ وَ الإِعجَابَ بِنَفسِکَ وَ الثّقَةَ بِمَا یُعجِبُکَ مِنهَا وَ حُبّ
ص 444
الإِطرَاءِ فَإِنّ ذَلِکَ مِن أَوثَقِ فُرَصِ الشّیطَانِ فِی نَفسِهِ لِیَمحَقَ مَا یَکُونُ مِن إِحسَانِ المُحسِنِینَ وَ إِیّاکَ وَ المَنّ عَلَی رَعِیّتِکَ بِإِحسَانِکَ أَوِ التّزَیّدَ فِیمَا کَانَ مِن فِعلِکَ أَو أَن تَعِدَهُم فَتُتبِعَ مَوعِدَکَ بِخُلفِکَ فَإِنّ المَنّ یُبطِلُ الإِحسَانَ وَ التّزَیّدَ یَذهَبُ بِنُورِ الحَقّ وَ الخُلفَ یُوجِبُ المَقتَ
عِندَ اللّهِ وَ النّاسِ قَالَ اللّهُ تَعَالَیکَبُرَ مَقتاً
عِندَ اللّهِ أَن تَقُولُوا ما لا تَفعَلُونَ وَ إِیّاکَ وَ العَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبلَ أَوَانِهَا أَوِ التّسَقّطَ فِیهَا
عِندَ إِمکَانِهَا أَوِ اللّجَاجَةَ فِیهَا إِذَا تَنَکّرَت أَوِ الوَهنَ عَنهَا إِذَا استَوضَحَت فَضَع کُلّ أَمرٍ مَوضِعَهُ وَ أَوقِع کُلّ أَمرٍ مَوقِعَهُ وَ إِیّاکَ وَ الِاستِئثَارَ بِمَا النّاسُ فِیهِ أُسوَةٌ وَ التغّاَبیِ‌َ عَمّا تُعنَی بِهِ مِمّا قَد وَضَحَ لِلعُیُونِ فَإِنّهُ مَأخُوذٌ مِنکَ لِغَیرِکَ وَ عَمّا قَلِیلٍ تَنکَشِفُ عَنکَ أَغطِیَةُ الأُمُورِ وَ یُنتَصَفُ مِنکَ لِلمَظلُومِ املِک حَمِیّةَ أَنفِکَ وَ سَورَةَ حَدّکَ وَ سَطوَةَ یَدِکَ وَ غَربَ لِسَانِکَ وَ احتَرِس مِن کُلّ ذَلِکَ بِکَفّ البَادِرَةِ وَ تَأخِیرِ السّطوَةِ حَتّی یَسکُنَ غَضَبُکَ فَتَملِکَ الِاختِیَارَ وَ لَن تَحکُمَ ذَلِکَ مِن نَفسِکَ حَتّی تُکثِرَ هُمُومَکَ بِذِکرِ المَعَادِ إِلَی رَبّکَ
-قرآن-398-454

ص 445
وَ الوَاجِبُ عَلَیکَ أَن تَتَذَکّرَ مَا مَضَی لِمَن تَقَدّمَکَ مِن حُکُومَةٍ عَادِلَةٍ أَو سُنّةٍ فَاضِلَةٍ أَو أَثَرٍ عَن نَبِیّنَاص أَو فَرِیضَةٍ فِی کِتَابِ اللّهِ فتَقَتدَیِ‌َ بِمَا شَاهَدتَ مِمّا عَمِلنَا بِهِ فِیهَا وَ تَجتَهِدَ لِنَفسِکَ فِی اتّبَاعِ مَا عَهِدتُ إِلَیکَ فِی عهَدیِ هَذَا وَ استَوثَقتُ بِهِ مِنَ الحُجّةِ لنِفَسیِ عَلَیکَ لِکَیلَا تَکُونَ لَکَ عِلّةٌ
عِندَ تَسَرّعِ نَفسِکَ إِلَی هَوَاهَا وَ أَنَا أَسأَلُ اللّهَ بِسَعَةِ رَحمَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدرَتِهِ عَلَی إِعطَاءِ کُلّ رَغبَةٍ أَن یوُفَقّنَیِ وَ إِیّاکَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الإِقَامَةِ عَلَی العُذرِ الوَاضِحِ إِلَیهِ وَ إِلَی خَلقِهِ مَعَ حُسنِ الثّنَاءِ فِی العِبَادِ وَ جَمِیلِ الأَثَرِ فِی البِلَادِ وَ تَمَامِ النّعمَةِ وَ تَضعِیفِ الکَرَامَةِ وَ أَن یَختِمَ لِی وَ لَکَ بِالسّعَادَةِ وَ الشّهَادَةِإِنّا إِلَیهِ راجِعُونَ وَ السّلَامُ عَلَی رَسُولِ اللّهِ صَلّی اللّهِ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ الطّیّبِینَ الطّاهِرِینَ وَ سَلّمَ تَسلِیماً کَثِیراً وَ السّلَامُ
-قرآن-792-814

54- و من کتاب له ع إلی طلحة والزبیر( مع عمران بن الحصین الخزاعی)ذکره أبو جعفرالإسکافی فی کتاب المقامات فی مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام .

أَمّا بَعدُ فَقَد عَلِمتُمَا وَ إِن کَتَمتُمَا أنَیّ لَم أُرِدِ النّاسَ حَتّی أرَاَدوُنیِ وَ لَم أُبَایِعهُم حَتّی باَیعَوُنیِ وَ إِنّکُمَا مِمّن أرَاَدنَیِ وَ باَیعَنَیِ وَ إِنّ العَامّةَ لَم تبُاَیعِنیِ لِسُلطَانٍ غَالِبٍ وَ لَا لِعَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِن

ص 446
کُنتُمَا باَیعَتمُاَنیِ طَائِعَینِ فَارجِعَا وَ تُوبَا إِلَی اللّهِ مِن قَرِیبٍ وَ إِن کُنتُمَا باَیعَتمُاَنیِ کَارِهَینِ فَقَد جَعَلتُمَا لِی عَلَیکُمَا السّبِیلَ بِإِظهَارِکُمَا الطّاعَةَ وَ إِسرَارِکُمَا المَعصِیَةَ وَ لعَمَریِ مَا کُنتُمَا بِأَحَقّ المُهَاجِرِینَ بِالتّقِیّةِ وَ الکِتمَانِ وَ إِنّ دَفعَکُمَا هَذَا الأَمرَ مِن قَبلِ أَن تَدخُلَا فِیهِ کَانَ أَوسَعَ عَلَیکُمَا مِن خُرُوجِکُمَا مِنهُ بَعدَ إِقرَارِکُمَا بِهِ وَ قَد زَعَمتُمَا أنَیّ قَتَلتُ عُثمَانَ فبَیَنیِ وَ بَینَکُمَا مَن تَخَلّفَ عنَیّ وَ عَنکُمَا مِن أَهلِ المَدِینَةِ ثُمّ یُلزَمُ کُلّ امر‌ِئٍ بِقَدرِ مَا احتَمَلَ فَارجِعَا أَیّهَا الشّیخَانِ عَن رَأیِکُمَا فَإِنّ الآنَ أَعظَمَ أَمرِکُمَا العَارُ مِن قَبلِ أَن یَتَجَمّعَ العَارُ وَ النّارُ وَ السّلَامُ

55- و من کتاب له ع إلی معاویة

أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ قَد جَعَلَ الدّنیَا لِمَا بَعدَهَا وَ ابتَلَی فِیهَا أَهلَهَا لِیَعلَمَ أَیّهُم أَحسَنُ عَمَلًا وَ لَسنَا لِلدّنیَا خُلِقنَا وَ لَا باِلسعّی‌ِ فِیهَا أُمِرنَا وَ إِنّمَا وُضِعنَا فِیهَا لنِبُتلَیَ بِهَا وَ قَدِ ابتلَاَنیِ اللّهُ بِکَ وَ ابتَلَاکَ بیِ فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجّةً عَلَی الآخَرِ فَعَدَوتَ عَلَی الدّنیَا بِتَأوِیلِ القُرآنِ فطَلَبَتنَیِ بِمَا لَم تَجنِ یدَیِ وَ لَا لسِاَنیِ وَ عَصَیتَهُ أَنتَ وَ أَهلُ الشّامِ بیِ وَ أَلّبَ عَالِمُکُم جَاهِلَکُم وَ قَائِمُکُم قَاعِدَکُم

ص 447
فَاتّقِ اللّهَ فِی نَفسِکَ وَ نَازِعِ الشّیطَانَ قِیَادَکَ وَ اصرِف إِلَی الآخِرَةِ وَجهَکَ فهَیِ‌َ طَرِیقُنَا وَ طَرِیقُکَ وَ احذَر أَن یُصِیبَکَ اللّهُ مِنهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسّ الأَصلَ وَ تَقطَعُ الدّابِرَ فإَنِیّ أوُلیِ لَکَ بِاللّهِ أَلِیّةً غَیرَ فَاجِرَةٍ لَئِن جمَعَتَنیِ وَ إِیّاکَ جَوَامِعُ الأَقدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِکَحَتّی یَحکُمَ اللّهُ بَینَنا وَ هُوَ خَیرُ الحاکِمِینَ
-قرآن-346-399

56- و من وصیة له ع وصی بهاشریح بن هانئ لماجعله علی مقدمته إلی الشام

اتّقِ اللّهَ فِی کُلّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ وَ خَف عَلَی نَفسِکَ الدّنیَا الغَرُورَ وَ لَا تَأمَنهَا عَلَی حَالٍ وَ اعلَم أَنّکَ إِن لَم تَردَع نَفسَکَ عَن کَثِیرٍ مِمّا تُحِبّ مَخَافَةَ مَکرُوهٍ سَمَت بِکَ الأَهوَاءُ إِلَی کَثِیرٍ مِنَ الضّرَرِ فَکُن لِنَفسِکَ مَانِعاً رَادِعاً وَ لِنَزوَتِکَ
عِندَ الحَفِیظَةِ وَاقِماً قَامِعاً

57- و من کتاب له ع إلی أهل الکوفة

عندمسیره من المدینة إلی البصرة
أَمّا بَعدُ فإَنِیّ خَرَجتُ مِن حیَیّ هَذَا إِمّا ظَالِماً وَ إِمّا

ص 448
مَظلُوماً وَ إِمّا بَاغِیاً وَ إِمّا مَبغِیّاً عَلَیهِ وَ إنِیّ أُذَکّرُ اللّهَ مَن بَلَغَهُ کتِاَبیِ هَذَا لَمّا نَفَرَ إلِیَ‌ّ فَإِن کُنتُ مُحسِناً أعَاَننَیِ وَ إِن کُنتُ مُسِیئاً استعَتبَنَیِ‌

58- و من کتاب له ع کتبه إلی أهل الأمصار یقص فیه ماجری بینه و بین أهل صفین

وَ کَانَ بَدءُ أَمرِنَا أَنّا التَقَینَا وَ القَومُ مِن أَهلِ الشّامِ وَ الظّاهِرُ أَنّ رَبّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِیّنَا وَاحِدٌ وَ دَعوَتَنَا فِی الإِسلَامِ وَاحِدَةٌ وَ لَا نَستَزِیدُهُم فِی الإِیمَانِ بِاللّهِ وَ التّصدِیقِ بِرَسُولِهِ وَ لَا یَستَزِیدُونَنَا الأَمرُ وَاحِدٌ إِلّا مَا اختَلَفنَا فِیهِ مِن دَمِ عُثمَانَ وَ نَحنُ مِنهُ بَرَاءٌ فَقُلنَا تَعَالَوا نُدَاوِ مَا لَا یُدرَکُ الیَومَ بِإِطفَاءِ النّائِرَةِ وَ تَسکِینِ العَامّةِ حَتّی یَشتَدّ الأَمرُ وَ یَستَجمِعَ فَنَقوَی عَلَی وَضعِ الحَقّ مَوَاضِعَهُ فَقَالُوا بَل نُدَاوِیهِ بِالمُکَابَرَةِ فَأَبَوا حَتّی جَنَحَتِ الحَربُ وَ رَکَدَت وَ وَقَدَت نِیرَانُهَا وَ حَمِشَت فَلَمّا ضَرّسَتنَا وَ إِیّاهُم وَ وَضَعَت مَخَالِبَهَا فِینَا وَ فِیهِم أَجَابُوا
عِندَ ذَلِکَ إِلَی ألّذِی دَعَونَاهُم إِلَیهِ فَأَجَبنَاهُم إِلَی مَا دَعَوا وَ سَارَعنَاهُم إِلَی مَا طَلَبُوا حَتّی استَبَانَت عَلَیهِمُ الحُجّةُ وَ انقَطَعَت مِنهُمُ المَعذِرَةُ فَمَن تَمّ عَلَی ذَلِکَ مِنهُم فَهُوَ ألّذِی أَنقَذَهُ اللّهُ مِنَ الهَلَکَةِ وَ مَن لَجّ وَ تَمَادَی فَهُوَ

ص 449
الرّاکِسُ ألّذِی رَانَ اللّهُ عَلَی قَلبِهِ وَ صَارَت دَائِرَةُ السّوءِ عَلَی رَأسِهِ

59- و من کتاب له ع إلی الأسود بن قطبة صاحب جند حلوان

أَمّا بَعدُ فَإِنّ الواَلیِ‌َ إِذَا اختَلَفَ هَوَاهُ مَنَعَهُ ذَلِکَ کَثِیراً مِنَ العَدلِ فَلیَکُن أَمرُ النّاسِ عِندَکَ فِی الحَقّ سَوَاءً فَإِنّهُ لَیسَ فِی الجَورِ عِوَضٌ مِنَ العَدلِ فَاجتَنِب مَا تُنکِرُ أَمثَالَهُ وَ ابتَذِل نَفسَکَ فِیمَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَیکَ رَاجِیاً ثَوَابَهُ وَ مُتَخَوّفاً عِقَابَهُ وَ اعلَم أَنّ الدّنیَا دَارُ بَلِیّةٍ لَم یَفرُغ صَاحِبُهَا فِیهَا قَطّ سَاعَةً إِلّا کَانَت فَرغَتُهُ عَلَیهِ حَسرَةً یَومَ القِیَامَةِ وَ أَنّهُ لَن یُغنِیَکَ عَنِ الحَقّ شَیءٌ أَبَداً وَ مِنَ الحَقّ عَلَیکَ حِفظُ نَفسِکَ وَ الِاحتِسَابُ عَلَی الرّعِیّةِ بِجُهدِکَ فَإِنّ ألّذِی یَصِلُ إِلَیکَ مِن ذَلِکَ أَفضَلُ مِنَ ألّذِی یَصِلُ بِکَ وَ السّلَامُ

60- و من کتاب له ع إلی العمال الذین یطأ الجیش عملهم

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی مَن مَرّ بِهِ الجَیشُ مِن جُبَاةِ الخَرَاجِ وَ عُمّالِ البِلَادِ

ص 450
أَمّا بَعدُ فإَنِیّ قَد سَیّرتُ جُنُوداً هیِ‌َ مَارّةٌ بِکُم إِن شَاءَ اللّهُ وَ قَد أَوصَیتُهُم بِمَا یَجِبُ لِلّهِ عَلَیهِم مِن کَفّ الأَذَی وَ صَرفِ الشّذَا وَ أَنَا أَبرَأُ إِلَیکُم وَ إِلَی ذِمّتِکُم مِن مَعَرّةِ الجَیشِ إِلّا مِن جَوعَةِ المُضطَرّ لَا یَجِدُ عَنهَا مَذهَباً إِلَی شِبَعِهِ فَنَکّلُوا مَن تَنَاوَلَ مِنهُم شَیئاً ظُلماً عَن ظُلمِهِم وَ کُفّوا أیَدیِ‌َ سُفَهَائِکُم عَن مُضَارّتِهِم وَ التّعَرّضِ لَهُم فِیمَا استَثنَینَاهُ مِنهُم وَ أَنَا بَینَ أَظهُرِ الجَیشِ فَارفَعُوا إلِیَ‌ّ مَظَالِمَکُم وَ مَا عَرَاکُم مِمّا یَغلِبُکُم مِن أَمرِهِم وَ مَا لَا تُطِیقُونَ دَفعَهُ إِلّا بِاللّهِ وَ بیِ فَأَنَا أُغَیّرُهُ بِمَعُونَةِ اللّهِ إِن شَاءَ اللّهُ

61- و من کتاب له ع إلی کمیل بن زیاد النخعی و هوعامله علی هیت ،ینکر علیه ترکه دفع من یجتاز به من جیش العدو طالبا الغارة.

أَمّا بَعدُ فَإِنّ تَضیِیعَ المَرءِ مَا ولُیّ‌َ وَ تَکَلّفَهُ مَا کفُیِ‌َ لَعَجزٌ حَاضِرٌ وَ رأَی‌ٌ مُتَبّرٌ وَ إِنّ تَعَاطِیَکَ الغَارَةَ عَلَی أَهلِ قِرقِیسِیَا وَ تَعطِیلَکَ مَسَالِحَکَ التّیِ وَلّینَاکَ لَیسَ بِهَا مَن یَمنَعُهَا وَ لَا یَرُدّ الجَیشَ عَنهَا لرَأَی‌ٌ شَعَاعٌ فَقَد صِرتَ جِسراً لِمَن أَرَادَ الغَارَةَ مِن أَعدَائِکَ عَلَی أَولِیَائِکَ غَیرَ شَدِیدِ المَنکِبِ وَ لَا مَهِیبِ الجَانِبِ

ص 451
وَ لَا سَادّ ثُغرَةً وَ لَا کَاسِرٍ لِعَدُوّ شَوکَةً وَ لَا مُغنٍ عَن أَهلِ مِصرِهِ وَ لَا مُجزٍ عَن أَمِیرِهِ

62- و من کتاب له ع إلی أهل مصر مع مالک الأشتر لماولاه إمارتها

أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ مُحَمّداًص نَذِیراً لِلعَالَمِینَ وَ مُهَیمِناً عَلَی المُرسَلِینَ فَلَمّا مَضَی ع تَنَازَعَ المُسلِمُونَ الأَمرَ مِن بَعدِهِ فَوَاللّهِ مَا کَانَ یُلقَی فِی روُعیِ وَ لَا یَخطُرُ ببِاَلیِ أَنّ العَرَبَ تُزعِجُ هَذَا الأَمرَ مِن بَعدِهِص عَن أَهلِ بَیتِهِ وَ لَا أَنّهُم مُنَحّوهُ عنَیّ مِن بَعدِهِ فَمَا راَعنَیِ إِلّا انثِیَالُ النّاسِ عَلَی فُلَانٍ یُبَایِعُونَهُ فَأَمسَکتُ یدَیِ حَتّی رَأَیتُ رَاجِعَةَ النّاسِ قَد رَجَعَت عَنِ الإِسلَامِ یَدعُونَ إِلَی مَحقِ دَینِ مُحَمّدٍص فَخَشِیتُ إِن لَم أَنصُرِ الإِسلَامَ وَ أَهلَهُ أَن أَرَی فِیهِ ثَلماً أَو هَدماً تَکُونُ المُصِیبَةُ بِهِ عَلَیّ أَعظَمَ مِن فَوتِ وِلَایَتِکُمُ التّیِ إِنّمَا هیِ‌َ مَتَاعُ أَیّامٍ قَلَائِلَ یَزُولُ مِنهَا مَا کَانَ کَمَا یَزُولُ السّرَابُ أَو کَمَا یَتَقَشّعُ السّحَابُ فَنَهَضتُ فِی تِلکَ الأَحدَاثِ حَتّی زَاحَ البَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ اطمَأَنّ الدّینُ وَ تَنَهنَهَ

ص 452
وَ مِنهُإنِیّ وَ اللّهِ لَو لَقِیتُهُم وَاحِداً وَ هُم طِلَاعُ الأَرضِ کُلّهَا مَا بَالَیتُ وَ لَا استَوحَشتُ وَ إنِیّ مِن ضَلَالِهِمُ ألّذِی هُم فِیهِ وَ الهُدَی ألّذِی أَنَا عَلَیهِ لَعَلَی بَصِیرَةٍ مِن نفَسیِ وَ یَقِینٍ مِن ربَیّ وَ إنِیّ إِلَی لِقَاءِ اللّهِ لَمُشتَاقٌ وَ حُسنِ ثَوَابِهِ لَمُنتَظِرٌ رَاجٍ وَ لکَنِنّیِ آسَی أَن یلَیِ‌َ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجّارُهَا فَیَتّخِذُوا مَالَ اللّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ الصّالِحِینَ حَرباً وَ الفَاسِقِینَ حِزباً فَإِنّ مِنهُمُ ألّذِی قَد شَرِبَ فِیکُمُ الحَرَامَ وَ جُلِدَ حَدّاً فِی الإِسلَامِ وَ إِنّ مِنهُم مَن لَم یُسلِم حَتّی رُضِخَت لَهُ عَلَی الإِسلَامِ الرّضَائِخُ فَلَو لَا ذَلِکَ مَا أَکثَرتُ تَألِیبَکُم وَ تَأنِیبَکُم وَ جَمعَکُم وَ تَحرِیضَکُم وَ لَتَرَکتُکُم إِذ أَبَیتُم وَ وَنَیتُم أَ لَا تَرَونَ إِلَی أَطرَافِکُم قَدِ انتَقَصَت وَ إِلَی أَمصَارِکُم قَدِ افتُتِحَت وَ إِلَی مَمَالِکِکُم تُزوَی وَ إِلَی بِلَادِکُم تُغزَی انفِرُوا رَحِمَکُمُ اللّهُ إِلَی قِتَالِ عَدُوّکُم وَ لَا تَثّاقَلُوا إِلَی الأَرضِ فَتُقِرّوا بِالخَسفِ وَ تَبُوءُوا بِالذّلّ وَ یَکُونَ نَصِیبُکُمُ الأَخَسّ وَ إِنّ أَخَا الحَربِ الأَرِقُ وَ مَن نَامَ لَم یُنَم عَنهُ وَ السّلَامُ
ص 453

63- و من کتاب له ع إلی أبی موسی الأشعری و هوعامله علی الکوفة، و قدبلغه عنه تثبیطه الناس عن الخروج إلیه لماندبهم لحرب أصحاب الجمل .

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی عَبدِ اللّهِ بنِ قَیسٍ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَیِ عَنکَ قَولٌ هُوَ لَکَ وَ عَلَیکَ فَإِذَا قَدِمَ رسَوُلیِ عَلَیکَ فَارفَع ذَیلَکَ وَ اشدُد مِئزَرَکَ وَ اخرُج مِن جُحرِکَ وَ اندُب مَن مَعَکَ فَإِن حَقّقتَ فَانفُذ وَ إِن تَفَشّلتَ فَابعُد وَ ایمُ اللّهِ لَتُؤتَیَنّ مِن حَیثُ أَنتَ وَ لَا تُترَکُ حَتّی یُخلَطَ زُبدُکَ بِخَاثِرِکَ وَ ذَائِبُکَ بِجَامِدِکَ وَ حَتّی تُعجَلُ عَن قِعدَتِکَ وَ تَحذَرَ مِن أَمَامِکَ کَحَذَرِکَ مِن خَلفِکَ وَ مَا هیِ‌َ بِالهُوَینَی التّیِ تَرجُو وَ لَکِنّهَا الدّاهِیَةُ الکُبرَی یُرکَبُ جَمَلُهَا وَ یُذَلّلّ صَعبُهَا وَ یُسَهّلُ جَبَلُهَا فَاعقِل عَقلَکَ وَ املِک أَمرَکَ وَ خُذ نَصِیبَکَ وَ حَظّکَ فَإِن کَرِهتَ فَتَنَحّ إِلَی غَیرِ رَحبٍ وَ لَا فِی نَجَاةٍ فبَاِلحرَیِ‌ّ لَتُکفَیَنّ وَ أَنتَ نَائِمٌ حَتّی لَا یُقَالَ أَینَ فُلَانٌ وَ اللّهِ إِنّهُ لَحَقّ مَعَ مُحِقّ وَ مَا أبُاَلیِ مَا صَنَعَ المُلحِدُونَ وَ السّلَامُ

ص 454

64- و من کتاب له ع إلی معاویة جوابا

أَمّا بَعدُ فَإِنّا کُنّا نَحنُ وَ أَنتُم عَلَی مَا ذَکَرتَ مِنَ الأُلفَةِ وَ الجَمَاعَةِ فَفَرّقَ بَینَنَا وَ بَینَکُم أَمسِ أَنّا آمَنّا وَ کَفَرتُم وَ الیَومَ أَنّا استَقَمنَا وَ فُتِنتُم وَ مَا أَسلَمَ مُسلِمُکُم إِلّا کَرهاً وَ بَعدَ أَن کَانَ أَنفُ الإِسلَامِ کُلّهُ لِرَسُولِ اللّهِص حِزباً وَ ذَکَرتَ أنَیّ قَتَلتُ طَلحَةَ وَ الزّبَیرَ وَ شَرّدتُ بِعَائِشَةَ وَ نَزَلتُ بَینَ المِصرَینِ وَ ذَلِکَ أَمرٌ غِبتَ عَنهُ فَلَا عَلَیکَ وَ لَا العُذرُ فِیهِ إِلَیکَ وَ ذَکَرتَ أَنّکَ زاَئرِیِ فِی المُهَاجِرِینَ وَ الأَنصَارِ وَ قَدِ انقَطَعَتِ الهِجرَةُ یَومَ أُسِرَ أَخُوکَ فَإِن کَانَ فِیهِ عَجَلٌ فَاستَرفِه فإَنِیّ إِن أَزُرکَ فَذَلِکَ جَدِیرٌ أَن یَکُونَ اللّهُ إِنّمَا بعَثَنَیِ إِلَیکَ لِلنّقمَةِ مِنکَ وَ إِن تزَرُنیِ فَکَمَا قَالَ أَخُو بنَیِ أَسَدٍ
مُستَقبِلِینَ رِیَاحَ الصّیفِ تَضرِبُهُم || بِحَاصِبٍ بَینَ أَغوَارٍ وَ جُلمُودِ
وَ عنِدیِ السّیفُ ألّذِی أَعضَضتُهُ بِجَدّکَ وَ خَالِکَ وَ أَخِیکَ فِی

ص 455
مَقَامٍ وَاحِدٍ وَ إِنّکَ وَ اللّهِ مَا عَلِمتُ الأَغلَفُ القَلبِ المُقَارِبُ العَقلِ وَ الأَولَی أَن یُقَالَ لَکَ إِنّکَ رَقِیتَ سُلّماً أَطلَعَکَ مَطلَعَ سُوءٍ عَلَیکَ لَا لَکَ لِأَنّکَ نَشَدتَ غَیرَ ضَالّتِکَ وَ رَعَیتَ غَیرَ سَائِمَتِکَ وَ طَلَبتَ أَمراً لَستَ مِن أَهلِهِ وَ لَا فِی مَعدِنِهِ فَمَا أَبعَدَ قَولَکَ مِن فِعلِکَ وَ قَرِیبٌ مَا أَشبَهتَ مِن أَعمَامٍ وَ أَخوَالٍ حَمَلَتهُمُ الشّقَاوَةُ وَ تمَنَیّ البَاطِلِ عَلَی الجُحُودِ بِمُحَمّدٍص فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُم حَیثُ عَلِمتَ لَم یَدفَعُوا عَظِیماً وَ لَم یَمنَعُوا حَرِیماً بِوَقعِ سُیُوفٍ مَا خَلَا مِنهَا الوَغَی وَ لَم تُمَاشِهَا الهُوَینَی وَ قَد أَکثَرتَ فِی قَتَلَةِ عُثمَانَ فَادخُل فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النّاسُ ثُمّ حَاکِمِ القَومَ إلِیَ‌ّ أَحمِلکَ وَ إِیّاهُم عَلَی کِتَابِ اللّهِ تَعَالَی وَ أَمّا تِلکَ التّیِ تُرِیدُ فَإِنّهَا خُدعَةُ الصبّیِ‌ّ عَنِ اللّبَنِ فِی أَوّلِ الفِصَالِ وَ السّلَامُ لِأَهلِهِ

65- و من کتاب له ع إلیه أیضا

أَمّا بَعدُ فَقَد آنَ لَکَ أَن تَنتَفِعَ بِاللّمحِ البَاصِرِ مِن عِیَانِ الأُمُورِ فَقَد سَلَکتَ مَدَارِجَ أَسلَافِکَ بِادّعَائِکَ الأَبَاطِیلَ

ص 456
وَ اقتِحَامِکَ غُرُورَ المَینِ وَ الأَکَاذِیبِ وَ بِانتِحَالِکَ مَا قَد عَلَا عَنکَ وَ ابتِزَازِکَ لِمَا قَدِ اختُزِنَ دُونَکَ فِرَاراً مِنَ الحَقّ وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلزَمُ لَکَ مِن لَحمِکَ وَ دَمِکَ مِمّا قَد وَعَاهُ سَمعُکَ وَ مُلِئَ بِهِ صَدرُکَ فَمَا ذَا بَعدَ الحَقّ إِلّا الضّلَالُ المُبِینُ وَ بَعدَ البَیَانِ إِلّا اللّبسُ فَاحذَرِ الشّبهَةَ وَ اشتِمَالَهَا عَلَی لُبسَتِهَا فَإِنّ الفِتنَةَ طَالَمَا أَغدَفَت جَلَابِیبَهَا وَ أَغشَتِ الأَبصَارَ ظُلمَتُهَا وَ قَد أتَاَنیِ کِتَابٌ مِنکَ ذُو أَفَانِینَ مِنَ القَولِ ضَعُفَت قُوَاهَا عَنِ السّلمِ وَ أَسَاطِیرَ لَم یَحُکهَا مِنکَ عِلمٌ وَ لَا حِلمٌ أَصبَحتَ مِنهَا کَالخَائِضِ فِی الدّهَاسِ وَ الخَابِطِ فِی الدّیمَاسِ وَ تَرَقّیتَ إِلَی مَرقَبَةٍ بَعِیدَةِ المَرَامِ نَازِحَةِ الأَعلَامِ تَقصُرُ دُونَهَا الأَنُوقُ وَ یُحَاذَی بِهَا العَیّوقُ وَ حَاشَ لِلّهِ أَن تلَیِ‌َ لِلمُسلِمِینَ بعَدیِ صَدراً أَو وِرداً أَو أجُریِ‌َ لَکَ عَلَی أَحَدٍ مِنهُم عَقداً أَو عَهداً فَمِنَ الآنَ فَتَدَارَک نَفسَکَ وَ انظُر لَهَا فَإِنّکَ إِن فَرّطتَ حَتّی یَنهَدَ إِلَیکَ عِبَادُ اللّهِ أُرتِجَت عَلَیکَ الأُمُورُ وَ مُنِعتَ أَمراً هُوَ مِنکَ الیَومَ مَقبُولٌ وَ السّلَامُ
ص 457

66- و من کتاب له ع إلی عبد الله بن العباس و قدتقدم ذکره بخلاف هذه الروایة

أَمّا بَعدُ فَإِنّ المَرءَ لَیَفرَحُ باِلشیّ‌ءِ ألّذِی لَم یَکُن لِیَفُوتَهُ وَ یَحزَنُ عَلَی الشیّ‌ءِ ألّذِی لَم یَکُن لِیُصِیبَهُ فَلَا یَکُن أَفضَلَ مَا نِلتَ فِی نَفسِکَ مِن دُنیَاکَ بُلُوغُ لَذّةٍ أَو شِفَاءُ غَیظٍ وَ لَکِن إِطفَاءُ بَاطِلٍ أَو إِحیَاءُ حَقّ وَ لیَکُن سُرُورُکَ بِمَا قَدّمتَ وَ أَسَفُکَ عَلَی مَا خَلّفتَ وَ هَمّکَ فِیمَا بَعدَ المَوتِ

67- و من کتاب له ع إلی قثم بن العباس و هوعامله علی مکة

أَمّا بَعدُ فَأَقِم لِلنّاسِ الحَجّوَ ذَکّرهُم بِأَیّامِ اللّهِ وَ اجلِس لَهُمُ العَصرَینِ فَأَفتِ المسُتفَتیِ‌َ وَ عَلّمِ الجَاهِلَ وَ ذَاکِرِ العَالِمَ وَ لَا یَکُن لَکَ إِلَی النّاسِ سَفِیرٌ إِلّا لِسَانُکَ وَ لَا حَاجِبٌ إِلّا وَجهُکَ وَ لَا تَحجُبَنّ ذَا حَاجَةٍ عَن لِقَائِکَ بِهَا فَإِنّهَا إِن ذِیدَت عَن أَبوَابِکَ فِی أَوّلِ وِردِهَا لَم تُحمَد فِیمَا بَعدُ عَلَی قَضَائِهَا وَ انظُر إِلَی مَا اجتَمَعَ عِندَکَ مِن مَالِ اللّهِ فَاصرِفهُ إِلَی مَن قِبَلَکَ
-قرآن-36-63

ص 458
مِن ذوَیِ العِیَالِ وَ المَجَاعَةِ مُصِیباً بِهِ مَوَاضِعَ الفَاقَةِ وَ الخَلّاتِ وَ مَا فَضَلَ عَن ذَلِکَ فَاحمِلهُ إِلَینَا لِنَقسِمَهُ فِیمَن قِبَلَنَا وَ مُر أَهلَ مَکّةَ أَلّا یَأخُذُوا مِن سَاکِنٍ أَجراً فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یَقُولُسَواءً العاکِفُ فِیهِ وَ البادِفَالعَاکِفُ المُقِیمُ بِهِ وَ الباَدیِ ألّذِی یَحُجّ إِلَیهِ مِن غَیرِ أَهلِهِ وَفّقَنَا اللّهُ وَ إِیّاکُم لِمَحَابّهِ وَ السّلَامُ
-قرآن-244-274

68- و من کتاب له ع إلی سلمان الفارسی رحمه الله قبل أیام خلافته

أَمّا بَعدُ فَإِنّمَا مَثَلُ الدّنیَا مَثَلُ الحَیّةِ لَیّنٌ مَسّهَا قَاتِلٌ سَمّهَا فَأَعرِض عَمّا یُعجِبُکَ فِیهَا لِقِلّةِ مَا یَصحَبُکَ مِنهَا وَ ضَع عَنکَ هُمُومَهَا لِمَا أَیقَنتَ بِهِ مِن فِرَاقِهَا وَ تَصَرّفِ حَالَاتِهَا وَ کُن آنَسَ مَا تَکُونُ بِهَا أَحذَرَ مَا تَکُونُ مِنهَا فَإِنّ صَاحِبَهَا کُلّمَا اطمَأَنّ فِیهَا إِلَی سُرُورٍ أَشخَصَتهُ عَنهُ إِلَی مَحذُورٍ أَو إِلَی إِینَاسٍ أَزَالَتهُ عَنهُ إِلَی إِیحَاشٍ وَ السّلَامُ

ص 459

69- و من کتاب له ع إلی الحارث الهمذانی‌

وَ تَمَسّک بِحَبلِ القُرآنِ وَ استَنصِحهُ وَ أَحِلّ حَلَالَهُ وَ حَرّم حَرَامَهُ وَ صَدّق بِمَا سَلَفَ مِنَ الحَقّ وَ اعتَبِر بِمَا مَضَی مِنَ الدّنیَا لِمَا بقَیِ‌َ مِنهَا فَإِنّ بَعضَهَا یُشبِهُ بَعضاً وَ آخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوّلِهَا وَ کُلّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ وَ عَظّمِ اسمَ اللّهِ أَن تَذکُرَهُ إِلّا عَلَی حَقّ وَ أَکثِر ذِکرَ المَوتِ وَ مَا بَعدَ المَوتِ وَ لَا تَتَمَنّ المَوتَ إِلّا بِشَرطٍ وَثِیقٍ وَ احذَر کُلّ عَمَلٍ یَرضَاهُ صَاحِبُهُ لِنَفسِهِ وَ یُکرَهُ لِعَامّةِ المُسلِمِینَ وَ احذَر کُلّ عَمَلٍ یُعمَلُ بِهِ فِی السّرّ وَ یُستَحَی مِنهُ فِی العَلَانِیَةِ وَ احذَر کُلّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنهُ صَاحِبُهُ أَنکَرَهُ أَو اعتَذَرَ مِنهُ وَ لَا تَجعَل عِرضَکَ غَرَضاً لِنِبَالِ القَولِ وَ لَا تُحَدّثِ النّاسَ بِکُلّ مَا سَمِعتَ بِهِ فَکَفَی بِذَلِکَ کَذِباً وَ لَا تَرُدّ عَلَی النّاسِ کُلّ مَا حَدّثُوکَ بِهِ فَکَفَی بِذَلِکَ جَهلًا وَ اکظِمِ الغَیظَ وَ تَجَاوَز
عِندَ المَقدَرَةِ وَ احلُم
عِندَ الغَضَبِ وَ اصفَح مَعَ الدّولَةِ تَکُن لَکَ العَاقِبَةُ وَ استَصلِح کُلّ نِعمَةٍ أَنعَمَهَا اللّهُ عَلَیکَ وَ لَا تُضَیّعَنّ نِعمَةً مِن نِعَمِ اللّهِ عِندَکَ وَ لیُرَ عَلَیکَ أَثَرُ مَا أَنعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَیکَ وَ اعلَم أَنّ أَفضَلَ المُؤمِنِینَ أَفضَلُهُم تَقدِمَةً مِن نَفسِهِ وَ أَهلِهِ

ص 460
وَ مَالِهِ فَإِنّکَ مَا تُقَدّم مِن خَیرٍ یَبقَ لَکَ ذُخرُهُ وَ مَا تُؤَخّرهُ یَکُن لِغَیرِکَ خَیرُهُ وَ احذَر صَحَابَةَ مَن یَفِیلُ رَأیُهُ وَ یُنکَرُ عَمَلُهُ فَإِنّ الصّاحِبَ مُعتَبَرٌ بِصَاحِبِهِ وَ اسکُنِ الأَمصَارَ العِظَامَ فَإِنّهَا جِمَاعُ المُسلِمِینَ وَ احذَر مَنَازِلَ الغَفلَةِ وَ الجَفَاءِ وَ قِلّةَ الأَعوَانِ عَلَی طَاعَةِ اللّهِ وَ اقصُر رَأیَکَ عَلَی مَا یَعنِیکَ وَ إِیّاکَ وَ مَقَاعِدَ الأَسوَاقِ فَإِنّهَا مَحَاضِرُ الشّیطَانِ وَ مَعَارِیضُ الفِتَنِ وَ أَکثِر أَن تَنظُرَ إِلَی مَن فُضّلتَ عَلَیهِ فَإِنّ ذَلِکَ مِن أَبوَابِ الشّکرِ وَ لَا تُسَافِر فِی یَومِ جُمُعَةٍ حَتّی تَشهَدَ الصّلَاةَ إِلّا فَاصِلًا فِی سَبِیلِ اللّهِ أَو فِی أَمرٍ تُعذَرُ بِهِ وَ أَطِعِ اللّهَ فِی جَمِیعِ أُمُورِکَ فَإِنّ طَاعَةَ اللّهِ فَاضِلَةٌ عَلَی مَا سِوَاهَا وَ خَادِع نَفسَکَ فِی العِبَادَةِ وَ ارفُق بِهَا وَ لَا تَقهَرهَا وَ خُذ عَفوَهَا وَ نَشَاطَهَا إِلّا مَا کَانَ مَکتُوباً عَلَیکَ مِنَ الفَرِیضَةِ فَإِنّهُ لَا بُدّ مِن قَضَائِهَا وَ تَعَاهُدِهَا
عِندَ مَحَلّهَا وَ إِیّاکَ أَن یَنزِلَ بِکَ المَوتُ وَ أَنتَ آبِقٌ مِن رَبّکَ فِی طَلَبِ الدّنیَا وَ إِیّاکَ وَ مُصَاحَبَةَ الفُسّاقِ فَإِنّ الشّرّ بِالشّرّ مُلحَقٌ وَ وَقّرِ اللّهَ وَ أَحبِب أَحِبّاءَهُ وَ احذَرِ الغَضَبَ فَإِنّهُ جُندٌ عَظِیمٌ مِن جُنُودِ إِبلِیسَ وَ السّلَامُ
ص 461

70- و من کتاب له ع إلی سهل بن حنیف الأنصاری و هوعامله علی المدینة فی معنی قوم من أهلها لحقوا بمعاویة

أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَیِ أَنّ رِجَالًا مِمّن قِبَلَکَ یَتَسَلّلُونَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَا تَأسَف عَلَی مَا یَفُوتُکَ مِن عَدَدِهِم وَ یَذهَبُ عَنکَ مِن مَدَدِهِم فَکَفَی لَهُم غَیّاً وَ لَکَ مِنهُم شَافِیاً فِرَارُهُم مِنَ الهُدَی وَ الحَقّ وَ إِیضَاعُهُم إِلَی العَمَی وَ الجَهلِ فَإِنّمَا هُم أَهلُ دُنیَا مُقبِلُونَ عَلَیهَا وَ مُهطِعُونَ إِلَیهَا وَ قَد عَرَفُوا العَدلَ وَ رَأَوهُ وَ سَمِعُوهُ وَ وَعَوهُ وَ عَلِمُوا أَنّ النّاسَ عِندَنَا فِی الحَقّ أُسوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَی الأَثَرَةِ فَبُعداً لَهُم وَ سُحقاً إِنّهُم وَ اللّهِ لَم یَنفِرُوا مِن جَورٍ وَ لَم یَلحَقُوا بِعَدلٍ وَ إِنّا لَنَطمَعُ فِی هَذَا الأَمرِ أَن یُذَلّلَ اللّهُ لَنَا صَعبَهُ وَ یُسَهّلَ لَنَا حَزنَهُ إِن شَاءَ اللّهُ وَ السّلَامُ

71- و من کتاب له ع إلی المنذر بن الجارود العبدی، وخان فی بعض ماولاه من أعماله

أَمّا بَعدُ فَإِنّ صَلَاحَ أَبِیکَ غرَنّیِ مِنکَ وَ ظَنَنتُ أَنّکَ تَتّبِعُ

ص 462
هَدیَهُ وَ تَسلُکُ سَبِیلَهُ فَإِذَا أَنتَ فِیمَا رقُیّ‌َ إلِیَ‌ّ عَنکَ لَا تَدَعُ لِهَوَاکَ انقِیَاداً وَ لَا تبُقیِ لِآخِرَتِکَ عَتَاداً تَعمُرُ دُنیَاکَ بِخَرَابِ آخِرَتِکَ وَ تَصِلُ عَشِیرَتَکَ بِقَطِیعَةِ دِینِکَ وَ لَئِن کَانَ مَا بلَغَنَیِ عَنکَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهلِکَ وَ شِسعُ نَعلِکَ خَیرٌ مِنکَ وَ مَن کَانَ بِصِفَتِکَ فَلَیسَ بِأَهلٍ أَن یُسَدّ بِهِ ثَغرٌ أَو یُنفَذَ بِهِ أَمرٌ أَو یُعلَی لَهُ قَدرٌ أَو یُشرَکَ فِی أَمَانَةٍ أَو یُؤمَنَ عَلَی جِبَایَةٍ فَأَقبِل إلِیَ‌ّ حِینَ یَصِلُ إِلَیکَ کتِاَبیِ هَذَا إِن شَاءَ اللّهُ
قال الرضی والمنذر بن الجارود هذا هو ألذی قال فیه أمیر المؤمنین ع إنه لنظار فی عطفیه مختال فی بردیه تفال فی شراکیه
-روایت-1-127

72- و من کتاب له ع إلی عبد الله بن العباس

أَمّا بَعدُ فَإِنّکَ لَستَ بِسَابِقٍ أَجَلَکَ وَ لَا مَرزُوقٍ مَا لَیسَ لَکَ وَ اعلَم بِأَنّ الدّهرَ یَومَانِ یَومٌ لَکَ وَ یَومٌ عَلَیکَ وَ أَنّ الدّنیَا دَارُ دُوَلٍ فَمَا کَانَ مِنهَا لَکَ أَتَاکَ عَلَی ضَعفِکَ وَ مَا کَانَ مِنهَا عَلَیکَ لَم تَدفَعهُ بِقُوّتِکَ

ص 463

73- و من کتاب له ع إلی معاویة

أَمّا بَعدُ فإَنِیّ عَلَی التّرَدّدِ فِی جَوَابِکَ وَ الِاستِمَاعِ إِلَی کِتَابِکَ لَمُوَهّنٌ رأَییِ وَ مُخَطّئٌ فرِاَستَیِ وَ إِنّکَ إِذ تحُاَولِنُیِ الأُمُورَ وَ ترُاَجعِنُیِ السّطُورَ کَالمُستَثقِلِ النّائِمِ تَکذِبُهُ أَحلَامُهُ وَ المُتَحَیّرِ القَائِمِ یَبهَظُهُ مَقَامُهُ لَا یدَریِ أَ لَهُ مَا یأَتیِ أَم عَلَیهِ وَ لَستَ بِهِ غَیرَ أَنّهُ بِکَ شَبِیهٌ وَ أُقسِمُ بِاللّهِ إِنّهُ لَو لَا بَعضُ الِاستِبقَاءِ لَوَصَلَت إِلَیکَ منِیّ قَوَارِعُ تَقرَعُ العَظمَ وَ تَهلِسُ اللّحمَ وَ اعلَم أَنّ الشّیطَانَ قَد ثَبّطَکَ عَن أَن تُرَاجِعَ أَحسَنَ أُمُورِکَ وَ تَأذَنَ لِمَقَالِ نَصِیحَتِکَ وَ السّلَامُ لِأَهلِهِ

74- و من حلف له ع کتبه بین ربیعة والیمن ونقل من خط هشام بن الکلبی‌

هَذَا مَا اجتَمَعَ عَلَیهِ أَهلُ الیَمَنِ حَاضِرُهَا وَ بَادِیهَا وَ رَبِیعَةُ حَاضِرُهَا وَ بَادِیهَا أَنّهُم عَلَی کِتَابِ اللّهِ یَدعُونَ إِلَیهِ وَ یَأمُرُونَ بِهِ وَ یُجِیبُونَ مَن دَعَا إِلَیهِ وَ أَمَرَ بِهِ لَا یَشتَرُونَ بِهِ ثَمَناً وَ لَا یَرضَونَ

ص 464
بِهِ بَدَلًا وَ أَنّهُم یَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَی مَن خَالَفَ ذَلِکَ وَ تَرَکَهُ أَنصَارٌ بَعضُهُم لِبَعضٍ دَعوَتُهُم وَاحِدَةٌ لَا یَنقُضُونَ عَهدَهُم لِمَعتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لَا لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لَا لِاستِذلَالِ قَومٍ قَوماً وَ لَا لِمَسَبّةِ قَومٍ قَوماً عَلَی ذَلِکَ شَاهِدُهُم وَ غَائِبُهُم وَ سَفِیهُهُم وَ عَالِمُهُم وَ حَلِیمُهُم وَ جَاهِلُهُم ثُمّ إِنّ عَلَیهِم بِذَلِکَ عَهدَ اللّهِ وَ مِیثَاقَهُ إِنّ عَهدَ اللّهِ کَانَ مَسئُولًا وَ کَتَبَ عَلِیّ بنُ أَبِی طَالِبٍ

75- و من کتاب له ع إلی معاویة فی أول مابویع له ذکره الواقدی فی کتاب «الجمل »

مِن عَبدِ اللّهِ عَلِیّ أَمِیرِ المُؤمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بنِ أَبِی سُفیَانَ أَمّا بَعدُ فَقَد عَلِمتَ إعِذاَریِ فِیکُم وَ إعِراَضیِ عَنکُم حَتّی کَانَ مَا لَا بُدّ مِنهُ وَ لَا دَفعَ لَهُ وَ الحَدِیثُ طَوِیلٌ وَ الکَلَامُ کَثِیرٌ وَ قَد أَدبَرَ مَا أَدبَرَ وَ أَقبَلَ مَا أَقبَلَ فَبَایِع مَن قِبَلَکَ وَ أَقبِل إلِیَ‌ّ فِی وَفدٍ مِن أَصحَابِکَ وَ السّلَامُ

ص 465

76- و من وصیة له ع لعبد الله بن العباس

عنداستخلافه إیاه علی البصرة
سَعِ النّاسَ بِوَجهِکَ وَ مَجلِسِکَ وَ حُکمِکَ وَ إِیّاکَ وَ الغَضَبَ فَإِنّهُ طَیرَةٌ مِنَ الشّیطَانِ وَ اعلَم أَنّ مَا قَرّبَکَ مِنَ اللّهِ یُبَاعِدُکَ مِنَ النّارِ وَ مَا بَاعَدَکَ مِنَ اللّهِ یُقَرّبُکَ مِنَ النّارِ

77- و من وصیة له ع لعبد الله بن العباس لمابعثه للاحتجاج علی الخوارج

لَا تُخَاصِمهُم بِالقُرآنِ فَإِنّ القُرآنَ حَمّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ یَقُولُونَ ... وَ لَکِن حَاجِجهُم بِالسّنّةِ فَإِنّهُم لَن یَجِدُوا عَنهَا مَحِیصاً

78- و من کتاب له ع إلی أبی موسی الأشعری جوابا فی أمر الحکمین ،ذکره سعید بن یحیی الأموی فی کتاب «المغازی».

فَإِنّ النّاسَ قَد تَغَیّرَ کَثِیرٌ مِنهُم عَن کَثِیرٍ مِن حَظّهِم فَمَالُوا مَعَ الدّنیَا وَ نَطَقُوا بِالهَوَی وَ إنِیّ نَزَلتُ مِن هَذَا الأَمرِ مَنزِلًا مُعجِباً

ص 466
اجتَمَعَ بِهِ أَقوَامٌ أَعجَبَتهُم أَنفُسُهُم وَ أَنَا أدُاَویِ مِنهُم قَرحاً أَخَافُ أَن یَکُونَ عَلَقاً وَ لَیسَ رَجُلٌ فَاعلَم أَحرَصَ عَلَی جَمَاعَةِ أُمّةِ مُحَمّدٍص وَ أُلفَتِهَا منِیّ أبَتغَیِ بِذَلِکَ حُسنَ الثّوَابِ وَ کَرَمَ المَآبِ وَ سأَفَیِ باِلذّیِ وَأَیتُ عَلَی نفَسیِ وَ إِن تَغَیّرتَ عَن صَالِحِ مَا فاَرقَتنَیِ عَلَیهِ فَإِنّ الشقّیِ‌ّ مَن حُرِمَ نَفعَ مَا أوُتیِ‌َ مِنَ العَقلِ وَ التّجرِبَةِ وَ إنِیّ لَأَعبَدُ أَن یَقُولَ قَائِلٌ بِبَاطِلٍ وَ أَن أُفسِدَ أَمراً قَد أَصلَحَهُ اللّهُ فَدَع مَا لَا تَعرِفُ فَإِنّ شِرَارَ النّاسِ طَائِرُونَ إِلَیکَ بِأَقَاوِیلِ السّوءِ وَ السّلَامُ

79- و من کتاب کتبه ع لمااستخلف إلی أمراء الأجناد

أَمّا بَعدُ فَإِنّمَا أَهلَکَ مَن کَانَ قَبلَکُم أَنّهُم مَنَعُوا النّاسَ الحَقّ فَاشتَرَوهُ وَ أَخَذُوهُم بِالبَاطِلِ فَاقتَدَوهُ

ص 467

حکم أمیر المؤمنین علیه السلام

اشاره

ص468
ص 469
باب المختار من حکم أمیر المؤمنین علیه السلام ویدخل فی ذلک المختار من أجوبه مسائله والکلام القصیر الخارج فی سائر أغراضه

1-

قَالَ ع کُن فِی الفِتنَةِ کَابنِ اللّبُونِ لَا ظَهرٌ فَیُرکَبَ وَ لَا ضَرعٌ فَیُحلَبَ

2-

وَ قَالَ ع أَزرَی بِنَفسِهِ مَنِ استَشعَرَ الطّمَعَ وَ رضَیِ‌َ بِالذّلّ مَن کَشَفَ عَن ضُرّهِ وَ هَانَت عَلَیهِ نَفسُهُ مَن أَمّرَ عَلَیهَا لِسَانَهُ

3-

وَ قَالَ ع البُخلُ عَارٌ وَ الجُبنُ مَنقَصَةٌ وَ الفَقرُ یُخرِسُ الفَطِنَ عَن حُجّتِهِ وَ المُقِلّ غَرِیبٌ فِی بَلدَتِهِ

4-

وَ قَالَ ع العَجزُ آفَةٌ وَ الصّبرُ شَجَاعَةٌ وَ الزّهدُ ثَروَةٌ وَ الوَرَعُ جُنّةٌ وَ نِعمَ القَرِینُ الرّضَی

5-

وَ قَالَ ع العِلمُ وِرَاثَةٌ کَرِیمَةٌ وَ الآدَابُ حُلَلٌ مُجَدّدَةٌ وَ الفِکرُ مِرآةٌ صَافِیَةٌ

6-

وَ قَالَ ع صَدرُ العَاقِلِ صُندُوقُ سِرّهِ وَ البَشَاشَةُ حِبَالَةُ المَوَدّةِ وَ الِاحتِمَالُ قَبرُ العُیُوبِ

ص 470
وَ روُیِ‌َ أَنّهُ قَالَ فِی العِبَارَةِ عَن هَذَا المَعنَی أَیضاً المَسأَلَةُ خِبَاءُ العُیُوبِ وَ مَن رضَیِ‌َ عَن نَفسِهِ کَثُرَ السّاخِطُ عَلَیهِ

7-

وَ الصّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنجِحٌ وَ أَعمَالُ العِبَادِ فِی عَاجِلِهِم نُصبُ أَعیُنِهِم فِی آجَالِهِم

8-

وَ قَالَ ع اعجَبُوا لِهَذَا الإِنسَانِ یَنظُرُ بِشَحمٍ وَ یَتَکَلّمُ بِلَحمٍ وَ یَسمَعُ بِعَظمٍ وَ یَتَنَفّسُ مِن خَرمٍ

9-

وَ قَالَ ع إِذَا أَقبَلَتِ الدّنیَا عَلَی أَحَدٍ أَعَارَتهُ مَحَاسِنَ غَیرِهِ وَ إِذَا أَدبَرَت عَنهُ سَلَبَتهُ مَحَاسِنَ نَفسِهِ

10-

وَ قَالَ ع خَالِطُوا النّاسَ مُخَالَطَةً إِن مِتّم مَعَهَا بَکَوا عَلَیکُم وَ إِن عِشتُم حَنّوا إِلَیکُم

11-

وَ قَالَ ع إِذَا قَدَرتَ عَلَی عَدُوّکَ فَاجعَلِ العَفوَ عَنهُ شُکراً لِلقُدرَةِ عَلَیهِ

12-

وَ قَالَ ع أَعجَزُ النّاسِ مَن عَجَزَ عَنِ اکتِسَابِ الإِخوَانِ وَ أَعجَزُ مِنهُ مَن ضَیّعَ مَن ظَفِرَ بِهِ مِنهُم

13-

وَ قَالَ ع إِذَا وَصَلَت إِلَیکُم أَطرَافُ النّعَمِ فَلَا تُنَفّرُوا أَقصَاهَا بِقِلّةِ الشّکرِ

ص 471

14-

وَ قَالَ ع مَن ضَیّعَهُ الأَقرَبُ أُتِیحَ لَهُ الأَبعَدُ

15-

وَ قَالَ ع مَا کُلّ مَفتُونٍ یُعَاتَبُ

16-

وَ قَالَ ع تَذِلّ الأُمُورُ لِلمَقَادِیرِ حَتّی یَکُونَ الحَتفُ فِی التّدبِیرِ

17-

وَ سُئِلَ ع عَن قَولِ الرّسُولِص غَیّرُوا الشّیبَ وَ لَا تَشَبّهُوا بِالیَهُودِ فَقَالَ ع إِنّمَا قَالَص ذَلِکَ وَ الدّینُ قُلّ فَأَمّا الآنَ وَ قَدِ اتّسَعَ نِطَاقُهُ وَ ضَرَبَ بِجِرَانِهِ فَامرُؤٌ وَ مَا اختَارَ

18-

وَ قَالَ ع فِی الّذِینَ اعتَزَلُوا القِتَالَ مَعَهُ خَذَلُوا الحَقّ وَ لَم یَنصُرُوا البَاطِلَ

19-

وَ قَالَ ع مَن جَرَی فِی عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ

20-

وَ قَالَ ع أَقِیلُوا ذوَیِ المُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِم فَمَا یَعثُرُ مِنهُم عَاثِرٌ إِلّا وَ یَدُ اللّهِ بِیَدِهِ یَرفَعُهُ

21-

وَ قَالَ ع قُرِنَتِ الهَیبَةُ بِالخَیبَةِ وَ الحَیَاءُ بِالحِرمَانِ وَ الفُرصَةُ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ فَانتَهِزُوا فُرَصَ الخَیرِ

ص 472

22-

وَ قَالَ ع لَنَا حَقّ فَإِن أُعطِینَاهُ وَ إِلّا رَکِبنَا أَعجَازَ الإِبِلِ وَ إِن طَالَ السّرَی
قال الرضی و هذا من لطیف الکلام وفصیحه ومعناه أنا إن لم نعط حقنا کنا أذلاء و ذلک أن الردیف یرکب عجز البعیر کالعبد والأسیر و من یجری مجراهما
-روایت-1-151

23-

وَ قَالَ ع مَن أَبطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَم یُسرِع بِهِ نَسَبُهُ

24-

وَ قَالَ ع مِن کَفّارَاتِ الذّنُوبِ العِظَامِ إِغَاثَةُ المَلهُوفِ وَ التّنفِیسُ عَنِ المَکرُوبِ

25-

وَ قَالَ ع یَا ابنَ آدَمَ إِذَا رَأَیتَ رَبّکَ سُبحَانَهُ یُتَابِعُ عَلَیکَ نِعَمَهُ وَ أَنتَ تَعصِیهِ فَاحذَرهُ

26-

وَ قَالَ ع مَا أَضمَرَ أَحَدٌ شَیئاً إِلّا ظَهَرَ فِی فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجهِهِ

27-

وَ قَالَ ع امشِ بِدَائِکَ مَا مَشَی بِکَ

28-

وَ قَالَ ع أَفضَلُ الزّهدِ إِخفَاءُ الزّهدِ

29-

وَ قَالَ ع إِذَا کُنتَ فِی إِدبَارٍ وَ المَوتُ فِی إِقبَالٍ فَمَا أَسرَعَ المُلتَقَی

30-

وَ قَالَ ع الحَذَرَ الحَذَرَ فَوَاللّهِ لَقَد سَتَرَ حَتّی کَأَنّهُ قَد غَفَرَ

ص 473

31-

وَ سُئِلَ ع عَنِ الإِیمَانِ فَقَالَ الإِیمَانُ عَلَی أَربَعِ دَعَائِمَ عَلَی الصّبرِ وَ الیَقِینِ وَ العَدلِ وَ الجِهَادِ وَ الصّبرُ مِنهَا عَلَی أَربَعِ شُعَبٍ عَلَی الشّوقِ وَ الشّفَقِ وَ الزّهدِ وَ التّرَقّبِ فَمَنِ اشتَاقَ إِلَی الجَنّةِ سَلَا عَنِ الشّهَوَاتِ وَ مَن أَشفَقَ مِنَ النّارِ اجتَنَبَ المُحَرّمَاتِ وَ مَن زَهِدَ فِی الدّنیَا استَهَانَ بِالمُصِیبَاتِ وَ مَنِ ارتَقَبَ المَوتَ سَارَعَ إِلَی الخَیرَاتِ وَ الیَقِینُ مِنهَا عَلَی أَربَعِ شُعَبٍ عَلَی تَبصِرَةِ الفِطنَةِ وَ تَأَوّلِ الحِکمَةِ وَ مَوعِظَةِ العِبرَةِ وَ سُنّةِ الأَوّلِینَ فَمَن تَبَصّرَ فِی الفِطنَةِ تَبَیّنَت لَهُ الحِکمَةُ وَ مَن تَبَیّنَت لَهُ الحِکمَةُ عَرَفَ العِبرَةَ وَ مَن عَرَفَ العِبرَةَ فَکَأَنّمَا کَانَ فِی الأَوّلِینَ وَ العَدلُ مِنهَا عَلَی أَربَعِ شُعَبٍ عَلَی غَائِصِ الفَهمِ وَ غَورِ العِلمِ وَ زُهرَةِ الحُکمِ وَ رَسَاخَةِ الحِلمِ فَمَن فَهِمَ عَلِمَ غَورَ العِلمِ وَ مَن عَلِمَ غَورَ العِلمِ صَدَرَ عَن شَرَائِعِ الحُکمِ وَ مَن حَلُمَ لَم یُفَرّط فِی أَمرِهِ وَ عَاشَ فِی النّاسِ حَمِیداً وَ الجِهَادُ مِنهَا عَلَی أَربَعِ شُعَبٍ عَلَی الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَ النهّی‌ِ عَنِ المُنکَرِ وَ الصّدقِ فِی المَوَاطِنِ وَ شَنَآنِ الفَاسِقِینَ فَمَن أَمَرَ بِالمَعرُوفِ شَدّ ظُهُورَ المُؤمِنِینَ وَ مَن نَهَی عَنِ المُنکَرِ أَرغَمَ أُنُوفَ الکَافِرِینَ وَ مَن صَدَقَ فِی المَوَاطِنِ قَضَی مَا عَلَیهِ وَ مَن شَنِئَ الفَاسِقِینَ وَ غَضِبَ لِلّهِ غَضِبَ اللّهُ لَهُ وَ أَرضَاهُ یَومَ القِیَامَةِ وَ الکُفرُ عَلَی أَربَعِ دَعَائِمَ عَلَی التّعَمّقِ

ص 474
وَ التّنَازُعِ وَ الزّیغِ وَ الشّقَاقِ فَمَن تَعَمّقَ لَم یُنِب إِلَی الحَقّ وَ مَن کَثُرَ نِزَاعُهُ بِالجَهلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الحَقّ وَ مَن زَاغَ سَاءَت عِندَهُ الحَسَنَةُ وَ حَسُنَت عِندَهُ السّیّئَةُ وَ سَکِرَ سُکرَ الضّلَالَةِ وَ مَن شَاقّ وَعُرَت عَلَیهِ طُرُقُهُ وَ أَعضَلَ عَلَیهِ أَمرُهُ وَ ضَاقَ عَلَیهِ مَخرَجُهُ وَ الشّکّ عَلَی أَربَعِ شُعَبٍ عَلَی التمّاَریِ وَ الهَولِ وَ التّرَدّدِ وَ الِاستِسلَامِ فَمَن جَعَلَ المِرَاءَ دَیدَناً لَم یُصبِح لَیلُهُ وَ مَن هَالَهُ مَا بَینَ یَدَیهِ نَکَصَ عَلَی عَقِبَیهِ وَ مَن تَرَدّدَ فِی الرّیبِ وَطِئَتهُ سَنَابِکُ الشّیَاطِینِ وَ مَنِ استَسلَمَ لِهَلَکَةِ الدّنیَا وَ الآخِرَةِ هَلَکَ فِیهِمَا
قال الرضی و بعد هذاکلام ترکنا ذکره خوف الإطالة والخروج عن الغرض المقصود فی هذاالکتاب
-روایت-1-95

32-

وَ قَالَ ع فَاعِلُ الخَیرِ خَیرٌ مِنهُ وَ فَاعِلُ الشّرّ شَرّ مِنهُ

33-

وَ قَالَ ع کُن سَمحاً وَ لَا تَکُن مُبَذّراً وَ کُن مُقَدّراً وَ لَا تَکُن مُقَتّراً

34-

وَ قَالَ ع أَشرَفُ الغِنَی تَرکُ المُنَی

35-

وَ قَالَ ع مَن أَسرَعَ إِلَی النّاسِ بِمَا یَکرَهُونَ قَالُوا فِیهِ بِمَا لَا یَعلَمُونَ

ص 475

36-

وَ قَالَ ع مَن أَطَالَ الأَمَلَ أَسَاءَ العَمَلَ

37-

وَ قَالَ ع وَ قَد لَقِیَهُ
عِندَ مَسِیرِهِ إِلَی الشّامِ دَهَاقِینُ الأَنبَارِ فَتَرَجّلُوا لَهُ وَ اشتَدّوا بَینَ یَدَیهِ فَقَالَ
مَا هَذَا ألّذِی صَنَعتُمُوهُ فَقَالُوا خُلُقٌ مِنّا نُعَظّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا فَقَالَ وَ اللّهِ مَا یَنتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُکُم وَ إِنّکُم لَتَشُقّونَ عَلَی أَنفُسِکُم فِی دُنیَاکُم وَ تَشقَونَ بِهِ فِی آخِرَتِکُم وَ مَا أَخسَرَ المَشَقّةَ وَرَاءَهَا العِقَابُ وَ أَربَحَ الدّعَةَ مَعَهَا الأَمَانُ مِنَ النّارِ

38-

وَ قَالَ ع لِابنِهِ الحَسَنِ ع یَا بنُیَ‌ّ احفَظ عنَیّ أَربَعاً وَ أَربَعاً لَا یَضُرّکَ مَا عَمِلتَ مَعَهُنّ إِنّ أَغنَی الغِنَی العَقلُ وَ أَکبَرَ الفَقرِ الحُمقُ وَ أَوحَشَ الوَحشَةِ العُجبُ وَ أَکرَمَ الحَسَبِ حُسنُ الخُلُقِ یَا بنُیَ‌ّ إِیّاکَ وَ مُصَادَقَةَ الأَحمَقِ فَإِنّهُ یُرِیدُ أَن یَنفَعَکَ فَیَضُرّکَ وَ إِیّاکَ وَ مُصَادَقَةَ البَخِیلِ فَإِنّهُ یَقعُدُ عَنکَ أَحوَجَ مَا تَکُونُ إِلَیهِ وَ إِیّاکَ وَ مُصَادَقَةَ الفَاجِرِ فَإِنّهُ یَبِیعُکَ بِالتّافِهِ وَ إِیّاکَ وَ مُصَادَقَةَ الکَذّابِ فَإِنّهُ کَالسّرَابِ یُقَرّبُ عَلَیکَ البَعِیدَ وَ یُبَعّدُ عَلَیکَ القَرِیبَ

39-

وَ قَالَ ع لَا قُربَةَ بِالنّوَافِلِ إِذَا أَضَرّت بِالفَرَائِضِ

ص 476

40-

وَ قَالَ ع لِسَانُ العَاقِلِ وَرَاءَ قَلبِهِ وَ قَلبُ الأَحمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ
قال الرضی و هذا من المعانی العجیبة الشریفة والمراد به أن العاقل لایطلق لسانه إلا بعدمشاورة الرویة ومؤامرة الفکرة والأحمق تسبق حذفات لسانه وفلتات کلامه مراجعة فکره ومماخضة رأیه فکأن لسان العاقل تابع لقلبه وکأن قلب الأحمق تابع للسانه
-روایت-1-258

41-

و قدروی عنه ع هذاالمعنی بلفظ آخر و هو قوله
-روایت-1-50
قَلبُ الأَحمَقِ فِی فِیهِ وَ لِسَانُ العَاقِلِ فِی قَلبِهِ
ومعناهما واحد
-روایت-1-16

42-

وَ قَالَ ع لِبَعضِ أَصحَابِهِ فِی عِلّةٍ اعتَلّهَا جَعَلَ اللّهُ مَا کَانَ مِن شَکوَاکَ حَطّاً لِسَیّئَاتِکَ فَإِنّ المَرَضَ لَا أَجرَ فِیهِ وَ لَکِنّهُ یَحُطّ السّیّئَاتِ وَ یَحُتّهَا حَتّ الأَورَاقِ وَ إِنّمَا الأَجرُ فِی القَولِ بِاللّسَانِ وَ العَمَلِ باِلأیَدیِ وَ الأَقدَامِ وَ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یُدخِلُ بِصِدقِ النّیّةِ وَ السّرِیرَةِ الصّالِحَةِ مَن یَشَاءُ مِن عِبَادِهِ الجَنّةَ
قال الرضی وأقول صدق ع إن المرض لاأجر فیه لأنه لیس من قبیل مایستحق علیه العوض لأن العوض یستحق علی ما کان فی مقابلة فعل الله تعالی بالعبد من الآلام والأمراض و مایجری مجری ذلک والأجر والثواب یستحقان علی ما کان فی مقابلة فعل العبد فبینهما فرق قدبینه ع کمایقتضیه علمه الثاقب ورأیه الصائب
-روایت-1-320

43-

وَ قَالَ ع فِی ذِکرِ خَبّابِ بنِ الأَرَتّ یَرحَمُ اللّهُ خَبّابَ بنَ الأَرَتّ فَلَقَد أَسلَمَ رَاغِباً وَ هَاجَرَ طَائِعاً وَ قَنِعَ بِالکَفَافِ وَ رضَیِ‌َ عَنِ اللّهِ وَ عَاشَ مُجَاهِداً

ص 477

44-

وَ قَالَ ع طُوبَی لِمَن ذَکَرَ المَعَادَ وَ عَمِلَ لِلحِسَابِ وَ قَنِعَ بِالکَفَافِ وَ رضَیِ‌َ عَنِ اللّهِ

45-

وَ قَالَ ع لَو ضَرَبتُ خَیشُومَ المُؤمِنِ بسِیَفیِ هَذَا عَلَی أَن یبُغضِنَیِ مَا أبَغضَنَیِ وَ لَو صَبَبتُ الدّنیَا بِجَمّاتِهَا عَلَی المُنَافِقِ عَلَی أَن یحُبِنّیِ مَا أحَبَنّیِ وَ ذَلِکَ أَنّهُ قضُیِ‌َ فَانقَضَی عَلَی لِسَانِ النّبِیّ الأمُیّ‌ّص أَنّهُ قَالَ یَا عَلِیّ لَا یُبغِضُکَ مُؤمِنٌ وَ لَا یُحِبّکَ مُنَافِقٌ

46-

وَ قَالَ ع سَیّئَةٌ تَسُوءُکَ خَیرٌ
عِندَ اللّهِ مِن حَسَنَةٍ تُعجِبُکَ

47-

وَ قَالَ ع قَدرُ الرّجُلِ عَلَی قَدرِ هِمّتِهِ وَ صِدقُهُ عَلَی قَدرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَی قَدرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفّتُهُ عَلَی قَدرِ غَیرَتِهِ

48-

وَ قَالَ ع الظّفَرُ بِالحَزمِ وَ الحَزمُ بِإِجَالَةِ الرأّی‌ِ وَ الرأّی‌ُ بِتَحصِینِ الأَسرَارِ

49-

وَ قَالَ ع احذَرُوا صَولَةَ الکَرِیمِ إِذَا جَاعَ وَ اللّئِیمِ إِذَا شَبِعَ

50-

وَ قَالَ ع قُلُوبُ الرّجَالِ وَحشِیّةٌ فَمَن تَأَلّفَهَا أَقبَلَت عَلَیهِ

ص 478

51-

وَ قَالَ ع عَیبُکَ مَستُورٌ مَا أَسعَدَکَ جَدّکَ

52-

وَ قَالَ ع أَولَی النّاسِ بِالعَفوِ أَقدَرُهُم عَلَی العُقُوبَةِ

53-

وَ قَالَ ع السّخَاءُ مَا کَانَ ابتِدَاءً فَأَمّا مَا کَانَ عَن مَسأَلَةٍ فَحَیَاءٌ وَ تَذَمّمٌ

54-

وَ قَالَ ع لَا غِنَی کَالعَقلِ وَ لَا فَقرَ کَالجَهلِ وَ لَا مِیرَاثَ کَالأَدَبِ وَ لَا ظَهِیرَ کَالمُشَاوَرَةِ

55-

وَ قَالَ ع الصّبرُ صَبرَانِ صَبرٌ عَلَی مَا تَکرَهُ وَ صَبرٌ عَمّا تُحِبّ

56-

وَ قَالَ ع الغِنَی فِی الغُربَةِ وَطَنٌ وَ الفَقرُ فِی الوَطَنِ غُربَةٌ

57-

وَ قَالَ ع القَنَاعَةُ مَالٌ لَا یَنفَدُ
قال الرضی و قدروی هذاالکلام عن النبی ص
-روایت-1-47

58-

وَ قَالَ ع المَالُ مَادّةُ الشّهَوَاتِ

59-

وَ قَالَ ع مَن حَذّرَکَ کَمَن بَشّرَکَ

60-

وَ قَالَ ع اللّسَانُ سَبُعٌ إِن خلُیّ‌َ عَنهُ عَقَرَ

ص 479

61-

وَ قَالَ ع المَرأَةُ عَقرَبٌ حُلوَةُ اللّسبَةِ

62-

وَ قَالَ ع إِذَا حُیّیتَ بِتَحِیّةٍ فحَیَ‌ّ بِأَحسَنَ مِنهَا وَ إِذَا أُسدِیَت إِلَیکَ یَدٌ فَکَافِئهَا بِمَا یرُبیِ عَلَیهَا وَ الفَضلُ مَعَ ذَلِکَ للِباَد‌ِئِ

63-

وَ قَالَ ع الشّفِیعُ جَنَاحُ الطّالِبِ

64-

وَ قَالَ ع أَهلُ الدّنیَا کَرَکبٍ یُسَارُ بِهِم وَ هُم نِیَامٌ

65-

وَ قَالَ ع فَقدُ الأَحِبّةِ غُربَةٌ

66-

وَ قَالَ ع فَوتُ الحَاجَةِ أَهوَنُ مِن طَلَبِهَا إِلَی غَیرِ أَهلِهَا

67-

وَ قَالَ ع لَا تَستَحِ مِن إِعطَاءِ القَلِیلِ فَإِنّ الحِرمَانَ أَقَلّ مِنهُ

68-

وَ قَالَ ع العَفَافُ زِینَةُ الفَقرِ وَ الشّکرُ زِینَةُ الغِنَی

69-

وَ قَالَ ع إِذَا لَم یَکُن مَا تُرِیدُ فَلَا تُبَل مَا کُنتَ

70-

وَ قَالَ ع لَا تَرَی الجَاهِلَ إِلّا مُفرِطاً أَو مُفَرّطاً

ص 480

71-

وَ قَالَ ع إِذَا تَمّ العَقلُ نَقَصَ الکَلَامُ

72-

وَ قَالَ ع الدّهرُ یُخلِقُ الأَبدَانَ وَ یُجَدّدُ الآمَالَ وَ یُقَرّبُ المَنِیّةَ وَ یُبَاعِدُ الأُمنِیّةَ مَن ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ وَ مَن فَاتَهُ تَعِبَ

73-

وَ قَالَ ع مَن نَصَبَ نَفسَهُ لِلنّاسِ إِمَاماً فَلیَبدَأ بِتَعلِیمِ نَفسِهِ قَبلَ تَعلِیمِ غَیرِهِ وَ لیَکُن تَأدِیبُهُ بِسِیرَتِهِ قَبلَ تَأدِیبِهِ بِلِسَانِهِ وَ مُعَلّمُ نَفسِهِ وَ مُؤَدّبُهَا أَحَقّ بِالإِجلَالِ مِن مُعَلّمِ النّاسِ وَ مُؤَدّبِهِم

74-

وَ قَالَ ع نَفَسُ المَرءِ خُطَاهُ إِلَی أَجَلِهِ

75-

وَ قَالَ ع کُلّ مَعدُودٍ مُنقَضٍ وَ کُلّ مُتَوَقّعٍ آتٍ

76-

وَ قَالَ ع إِنّ الأُمُورَ إِذَا اشتَبَهَت اعتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوّلِهَا

77-

وَ مِن خَبَرِ ضِرَارِ بنِ حَمزَةَ الضبّاَئیِ‌ّ
عِندَ دُخُولِهِ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَسأَلَتِهِ لَهُ عَن أَمِیرِ المُؤمِنِینَ ع وَ قَالَ فَأَشهَدُ لَقَد رَأَیتُهُ فِی بَعضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَد أَرخَی اللّیلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِی مِحرَابِهِ قَابِضٌ عَلَی لِحیَتِهِ یَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السّلِیمِ وَ یبَکیِ بُکَاءَ الحَزِینِ وَ یَقُولُ
یَا دُنیَا یَا دُنیَا إِلَیکِ عنَیّ أَ بیِ تَعَرّضتِ أَم إلِیَ‌ّ تَشَوّقتِ لَا حَانَ حِینُکِ هَیهَاتَ غرُیّ غیَریِ لَا حَاجَةَ لِی فِیکِ قَد طَلّقتُکِ

ص 481
ثَلَاثاً لَا رَجعَةَ فِیهَا فَعَیشُکِ قَصِیرٌ وَ خَطَرُکِ یَسِیرٌ وَ أَمَلُکِ حَقِیرٌ آهِ مِن قِلّةِ الزّادِ وَ طُولِ الطّرِیقِ وَ بُعدِ السّفَرِ وَ عَظِیمِ المَورِدِ

78-

وَ مِن کَلَامٍ لَهُ ع لِلسّائِلِ الشاّمیِ‌ّ لَمّا سَأَلَهُ أَ کَانَ مَسِیرُنَا إِلَی الشّامِ بِقَضَاءٍ مِنَ اللّهِ وَ قَدَرٍ بَعدَ کَلَامٍ طَوِیلٍ هَذَا مُختَارُهُ
وَیحَکَ لَعَلّکَ ظَنَنتَ قَضَاءً لَازِماً وَ قَدَراً حَاتِماً لَو کَانَ ذَلِکَ کَذَلِکَ لَبَطَلَ الثّوَابُ وَ العِقَابُ وَ سَقَطَ الوَعدُ وَ الوَعِیدُ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخیِیراً وَ نَهَاهُم تَحذِیراً وَ کَلّفَ یَسِیراً وَ لَم یُکَلّف عَسِیراً وَ أَعطَی عَلَی القَلِیلِ کَثِیراً وَ لَم یُعصَ مَغلُوباً وَ لَم یُطَع مُکرِهاً وَ لَم یُرسِلِ الأَنبِیَاءَ لَعِباً وَ لَم یُنزِلِ الکُتُبَ لِلعِبَادِ عَبَثاً وَ لَا خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ مَا بَینَهُمَا بَاطِلًاذلِکَ ظَنّ الّذِینَ کَفَرُوا فَوَیلٌ لِلّذِینَ کَفَرُوا مِنَ النّارِ
-قرآن-490-557

79-

وَ قَالَ ع خُذِ الحِکمَةَ أَنّی کَانَت فَإِنّ الحِکمَةَ تَکُونُ فِی صَدرِ المُنَافِقِ فَتَلَجلَجُ فِی صَدرِهِ حَتّی تَخرُجَ فَتَسکُنَ إِلَی صَوَاحِبِهَا فِی صَدرِ المُؤمِنِ

80-

وَ قَالَ ع الحِکمَةُ ضَالّةُ المُؤمِنِ فَخُذِ الحِکمَةَ وَ لَو مِن أَهلِ النّفَاقِ

ص 482

81-

وَ قَالَ ع قِیمَةُ کُلّ امر‌ِئٍ مَا یُحسِنُهُ
قال الرضی وهی الکلمة التی لاتصاب لها قیمة و لاتوزن بهاحکمة و لاتقرن إلیها کلمة
-روایت-1-87

82-

وَ قَالَ ع أُوصِیکُم بِخَمسٍ لَو ضَرَبتُم إِلَیهَا آبَاطَ الإِبِلِ لَکَانَت لِذَلِکَ أَهلًا لَا یَرجُوَنّ أَحَدٌ مِنکُم إِلّا رَبّهُ وَ لَا یَخَافَنّ إِلّا ذَنبَهُ وَ لَا یَستَحِیَنّ أَحَدٌ مِنکُم إِذَا سُئِلَ عَمّا لَا یَعلَمُ أَن یَقُولَ لَا أَعلَمُ وَ لَا یَستَحِیَنّ أَحَدٌ إِذَا لَم یَعلَمِ الشیّ‌ءَ أَن یَتَعَلّمَهُ وَ عَلَیکُم بِالصّبرِ فَإِنّ الصّبرَ مِنَ الإِیمَانِ کَالرّأسِ مِنَ الجَسَدِ وَ لَا خَیرَ فِی جَسَدٍ لَا رَأسَ مَعَهُ وَ لَا فِی إِیمَانٍ لَا صَبرَ مَعَهُ

83-

وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ أَفرَطَ فِی الثّنَاءِ عَلَیهِ وَ کَانَ لَهُ مُتّهِماً أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ وَ فَوقَ مَا فِی نَفسِکَ

84-

وَ قَالَ ع بَقِیّةُ السّیفِ أَبقَی عَدَداً وَ أَکثَرُ وَلَداً

85-

وَ قَالَ ع مَن تَرَکَ قَولَ لَا أدَریِ أُصِیبَت مَقَاتِلُهُ

86-

وَ قَالَ ع رأَی‌ُ الشّیخِ أَحَبّ إلِیَ‌ّ مِن جَلَدِ الغُلَامِ وَ روُیِ‌َ مِن مَشهَدِ الغُلَامِ

87-

وَ قَالَ ع عَجِبتُ لِمَن یَقنَطُ وَ مَعَهُ الِاستِغفَارُ

ص 483

88-

وَ حَکَی عَنهُ أَبُو جَعفَرٍ مُحَمّدُ بنُ عَلِیّ البَاقِرُ ع أَنّهُ
قَالَ کَانَ فِی الأَرضِ أَمَانَانِ مِن عَذَابِ اللّهِ وَ قَد رُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَکُمُ الآخَرَ فَتَمَسّکُوا بِهِ أَمّا الأَمَانُ ألّذِی رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَمّا الأَمَانُ الباَقیِ فَالِاستِغفَارُ قَالَ اللّهُ تَعَالَیوَ ما کانَ اللّهُ لِیُعَذّبَهُم وَ أَنتَ فِیهِم وَ ما کانَ اللّهُ مُعَذّبَهُم وَ هُم یَستَغفِرُونَ
-قرآن-240-337
قال الرضی و هذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط
-روایت-1-58

89-

وَ قَالَ ع مَن أَصلَحَ مَا بَینَهُ وَ بَینَ اللّهِ أَصلَحَ اللّهُ مَا بَینَهُ وَ بَینَ النّاسِ وَ مَن أَصلَحَ أَمرَ آخِرَتِهِ أَصلَحَ اللّهُ لَهُ أَمرَ دُنیَاهُ وَ مَن کَانَ لَهُ مِن نَفسِهِ وَاعِظٌ کَانَ عَلَیهِ مِنَ اللّهِ حَافِظٌ

90-

وَ قَالَ ع الفَقِیهُ کُلّ الفَقِیهِ مَن لَم یُقَنّطِ النّاسَ مِن رَحمَةِ اللّهِ وَ لَم یُؤیِسهُم مِن رَوحِ اللّهِ وَ لَم یُؤمِنهُم مِن مَکرِ اللّهِ

91-

وَ قَالَ ع إِنّ هَذِهِ القُلُوبَ تَمَلّ کَمَا تَمَلّ الأَبدَانُ فَابتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الحِکَمِ

92-

وَ قَالَ ع أَوضَعُ العِلمِ مَا وُقِفَ عَلَی اللّسَانِ وَ أَرفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِی الجَوَارِحِ وَ الأَرکَانِ

93-

وَ قَالَ ع لَا یَقُولَنّ أَحَدُکُم أللّهُمّ إنِیّ أَعُوذُ بِکَ مِنَ الفِتنَةِ لِأَنّهُ لَیسَ أَحَدٌ إِلّا وَ هُوَ مُشتَمِلٌ عَلَی فِتنَةٍ وَ لَکِن مَنِ

ص 484
استَعَاذَ فَلیَستَعِذ مِن مُضِلّاتِ الفِتَنِ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ یَقُولُوَ اعلَمُوا أَنّما أَموالُکُم وَ أَولادُکُم فِتنَةٌ وَ مَعنَی ذَلِکَ أَنّهُ یَختَبِرُهُم بِالأَموَالِ وَ الأَولَادِ لِیَتَبَیّنَ السّاخِطَ لِرِزقِهِ وَ الراّضیِ‌َ بِقِسمِهِ وَ إِن کَانَ سُبحَانَهُ أَعلَمَ بِهِم مِن أَنفُسِهِم وَ لَکِن لِتَظهَرَ الأَفعَالُ التّیِ بِهَا یُستَحَقّ الثّوَابُ وَ العِقَابُ لِأَنّ بَعضَهُم یُحِبّ الذّکُورَ وَ یَکرَهُ الإِنَاثَ وَ بَعضَهُم یُحِبّ تَثمِیرَ المَالِ وَ یَکرَهُ انثِلَامَ الحَالِ
-قرآن-78-128
قال الرضی و هذا من غریب ماسمع منه فی التفسیر
-روایت-1-51

94-

وَ سُئِلَ عَنِ الخَیرِ مَا هُوَ فَقَالَ لَیسَ الخَیرُ أَن یَکثُرَ مَالُکَ وَ وَلَدُکَ وَ لَکِنّ الخَیرَ أَن یَکثُرَ عِلمُکَ وَ أَن یَعظُمَ حِلمُکَ وَ أَن تبُاَهیِ‌َ النّاسَ بِعِبَادَةِ رَبّکَ فَإِن أَحسَنتَ حَمِدتَ اللّهَ وَ إِن أَسَأتَ استَغفَرتَ اللّهَ وَ لَا خَیرَ فِی الدّنیَا إِلّا لِرَجُلَینِ رَجُلٍ أَذنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ یَتَدَارَکُهَا بِالتّوبَةِ وَ رَجُلٍ یُسَارِعُ فِی الخَیرَاتِ

95-

وَ قَالَ ع لَا یَقِلّ عَمَلٌ مَعَ التّقوَی وَ کَیفَ یَقِلّ مَا یُتَقَبّلُ

96-

وَ قَالَ ع إِنّ أَولَی النّاسِ بِالأَنبِیَاءِ أَعلَمُهُم بِمَا جَاءُوا بِهِ ثُمّ تَلَاإِنّ أَولَی النّاسِ بِإِبراهِیمَ لَلّذِینَ اتّبَعُوهُ وَ هذَا النّبِیّ وَ الّذِینَ آمَنُواالآیَةَ ثُمّ قَالَ إِنّ ولَیِ‌ّ مُحَمّدٍ مَن أَطَاعَ اللّهَ وَ إِن بَعُدَت لُحمَتُهُ وَ إِنّ عَدُوّ مُحَمّدٍ مَن عَصَی اللّهَ وَ إِن قَرُبَت قَرَابَتُهُ
-قرآن-88-177

ص 485

97-

وَ سَمِعَ ع رَجُلًا مِنَ الحَرُورِیّةِ یَتَهَجّدُ وَ یَقرَأُ فَقَالَ نَومٌ عَلَی یَقِینٍ خَیرٌ مِن صَلَاةٍ فِی شَکّ

98-

وَ قَالَ ع اعقِلُوا الخَبَرَ إِذَا سَمِعتُمُوهُ عَقلَ رِعَایَةٍ لَا عَقلَ رِوَایَةٍ فَإِنّ رُوَاةَ العِلمِ کَثِیرٌ وَ رُعَاتَهُ قَلِیلٌ

99-

وَ سَمِعَ رَجُلًا یَقُولُإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَیهِ راجِعُونَ فَقَالَ إِنّ قَولَنَاإِنّا لِلّهِإِقرَارٌ عَلَی أَنفُسِنَا بِالمُلکِ وَ قَولَنَاوَ إِنّا إِلَیهِ راجِعُونَإِقرَارٌ عَلَی أَنفُسِنَا بِالهُلکِ
-قرآن-26-64-قرآن-87-98-قرآن-146-171

100-

وَ قَالَ ع وَ مَدَحَهُ قَومٌ فِی وَجهِهِ فَقَالَ أللّهُمّ إِنّکَ أَعلَمُ بیِ مِن نفَسیِ وَ أَنَا أَعلَمُ بنِفَسیِ مِنهُم أللّهُمّ اجعَلنَا خَیراً مِمّا یَظُنّونَ وَ اغفِر لَنَا مَا لَا یَعلَمُونَ

101-

وَ قَالَ ع لَا یَستَقِیمُ قَضَاءُ الحَوَائِجِ إِلّا بِثَلَاثٍ بِاستِصغَارِهَا لِتَعظُمَ وَ بِاستِکتَامِهَا لِتَظهَرَ وَ بِتَعجِیلِهَا لِتَهنُؤَ

102-

وَ قَالَ ع یأَتیِ عَلَی النّاسِ زَمَانٌ لَا یُقَرّبُ فِیهِ إِلّا المَاحِلُ وَ لَا یُظَرّفُ فِیهِ إِلّا الفَاجِرُ وَ لَا یُضَعّفُ فِیهِ إِلّا المُنصِفُ یَعُدّونَ الصّدَقَةَ فِیهِ غُرماً وَ صِلَةَ الرّحِمِ

ص 486
مَنّاً وَ العِبَادَةَ استِطَالَةً عَلَی النّاسِ فَعِندَ ذَلِکَ یَکُونُ السّلطَانُ بِمَشُورَةِ النّسَاءِ وَ إِمَارَةِ الصّبیَانِ وَ تَدبِیرِ الخِصیَانِ

103-

وَ رئُیِ‌َ عَلَیهِ إِزَارٌ خَلَقٌ مَرقُوعٌ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِکَ فَقَالَ
یَخشَعُ لَهُ القَلبُ وَ تَذِلّ بِهِ النّفسُ وَ یقَتدَیِ بِهِ المُؤمِنُونَ إِنّ الدّنیَا وَ الآخِرَةَ عَدُوّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِیلَانِ مُختَلِفَانِ فَمَن أَحَبّ الدّنیَا وَ تَوَلّاهَا أَبغَضَ الآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنزِلَةِ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ مَاشٍ بَینَهُمَا کُلّمَا قَرُبَ مِن وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الآخَرِ وَ هُمَا بَعدُ ضَرّتَانِ

104-

وَ عَن نَوفٍ البکَاَلیِ‌ّ قَالَ رَأَیتُ أَمِیرَ المُؤمِنِینَ ع ذَاتَ لَیلَةٍ وَ قَد خَرَجَ مِن فِرَاشِهِ فَنَظَرَ فِی النّجُومِ فَقَالَ لِی یَا نَوفُ أَ رَاقِدٌ أَنتَ أَم رَامِقٌ فَقُلتُ بَل رَامِقٌ قَالَ
یَا نَوفُ طُوبَی لِلزّاهِدِینَ فِی الدّنیَا الرّاغِبِینَ فِی الآخِرَةِ أُولَئِکَ قَومٌ اتّخَذُوا الأَرضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِیباً وَ القُرآنَ شِعَاراً وَ الدّعَاءَ دِثَاراً ثُمّ قَرَضُوا الدّنیَا قَرضاً عَلَی مِنهَاجِ المَسِیحِ یَا نَوفُ إِنّ دَاوُدَ ع قَامَ فِی مِثلِ هَذِهِ السّاعَةِ مِنَ اللّیلِ فَقَالَ إِنّهَا لَسَاعَةٌ لَا یَدعُو فِیهَا عَبدٌ إِلّا استُجِیبَ لَهُ إِلّا أَن یَکُونَ عَشّاراً أَو عَرِیفاً أَو شُرطِیّاً أَو صَاحِبَ عَرطَبَةٍ
وَ هیِ‌َ الطّنبُورُ أَو صَاحِبَ کَوبَةٍ
وَ هیِ‌َ الطّبلُ وَ قَد قِیلَ أَیضاً إِنّ العَرطَبَةَ الطّبلُ وَ الکَوبَةَ الطّنبُورُ

ص 487

105-

وَ قَالَ ع إِنّ اللّهَ افتَرَضَ عَلَیکُم فَرَائِضَ فَلَا تُضَیّعُوهَا وَ حَدّ لَکُم حُدُوداً فَلَا تَعتَدُوهَا وَ نَهَاکُم عَن أَشیَاءَ فَلَا تَنتَهِکُوهَا وَ سَکَتَ لَکُم عَن أَشیَاءَ وَ لَم یَدَعهَا نِسیَاناً فَلَا تَتَکَلّفُوهَا

106-

وَ قَالَ ع لَا یَترُکُ النّاسُ شَیئاً مِن أَمرِ دِینِهِم لِاستِصلَاحِ دُنیَاهُم إِلّا فَتَحَ اللّهُ عَلَیهِم مَا هُوَ أَضَرّ مِنهُ

107-

وَ قَالَ ع رُبّ عَالِمٍ قَد قَتَلَهُ جَهلُهُ وَ عِلمُهُ مَعَهُ لَا یَنفَعُهُ

108-

وَ قَالَ ع لَقَد عُلّقَ بِنِیَاطِ هَذَا الإِنسَانِ بَضعَةٌ هیِ‌َ أَعجَبُ مَا فِیهِ وَ ذَلِکَ القَلبُ وَ ذَلِکَ أَنّ لَهُ مَوَادّ مِنَ الحِکمَةِ وَ أَضدَاداً مِن خِلَافِهَا فَإِن سَنَحَ لَهُ الرّجَاءُ أَذَلّهُ الطّمَعُ وَ إِن هَاجَ بِهِ الطّمَعُ أَهلَکَهُ الحِرصُ وَ إِن مَلَکَهُ الیَأسُ قَتَلَهُ الأَسَفُ وَ إِن عَرَضَ لَهُ الغَضَبُ اشتَدّ بِهِ الغَیظُ وَ إِن أَسعَدَهُ الرّضَی نسَیِ‌َ التّحَفّظَ وَ إِن غَالَهُ الخَوفُ شَغَلَهُ الحَذَرُ وَ إِنِ اتّسَعَ لَهُ الأَمرُ استَلَبَتهُ الغِرّةُ وَ إِن أَفَادَ مَالًا أَطغَاهُ الغِنَی وَ إِن أَصَابَتهُ مُصِیبَةٌ فَضَحَهُ الجَزَعُ وَ إِن عَضّتهُ الفَاقَةُ شَغَلَهُ البَلَاءُ وَ إِن جَهَدَهُ الجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضّعفُ وَ إِن أَفرَطَ بِهِ الشّبَعُ کَظّتهُ البِطنَةُ فَکُلّ تَقصِیرٍ بِهِ مُضِرّ وَ کُلّ إِفرَاطٍ لَهُ مُفسِدٌ

ص 488

109-

وَ قَالَ ع نَحنُ النّمرُقَةُ الوُسطَی بِهَا یَلحَقُ التاّلیِ وَ إِلَیهَا یَرجِعُ الغاَلیِ‌

110-

وَ قَالَ ع لَا یُقِیمُ أَمرَ اللّهِ سُبحَانَهُ إِلّا مَن لَا یُصَانِعُ وَ لَا یُضَارِعُ وَ لَا یَتّبِعُ المَطَامِعَ

111-

وَ قَالَ ع وَ قَد توُفُیّ‌َ سَهلُ بنُ حُنَیفٍ الأنَصاَریِ‌ّ بِالکُوفَةِ بَعدَ مَرجِعِهِ مَعَهُ مِن صِفّینَ وَ کَانَ أَحَبّ النّاسِ إِلَیهِ
معنی ذلک أن المحنة تغلظ علیه فتسرع المصائب إلیه و لایفعل ذلک إلابالأتقیاء الأبرار والمصطفین الأخیار و هذامثل قوله ع
-روایت-1-128

112-

مَن أَحَبّنَا أَهلَ البَیتِ فَلیَستَعِدّ لِلفَقرِ جِلبَاباً
و قدیؤول ذلک علی معنی آخر لیس هذاموضع ذکره
-روایت-1-51

113-

وَ قَالَ ع لَا مَالَ أَعوَدُ مِنَ العَقلِ وَ لَا وَحدَةَ أَوحَشُ مِنَ العُجبِ وَ لَا عَقلَ کَالتّدبِیرِ وَ لَا کَرَمَ کَالتّقوَی وَ لَا قَرِینَ کَحُسنِ الخُلُقِ وَ لَا مِیرَاثَ کَالأَدَبِ وَ لَا قَائِدَ کَالتّوفِیقِ وَ لَا تِجَارَةَ کَالعَمَلِ الصّالِحِ وَ لَا رِبحَ کَالثّوَابِ وَ لَا وَرَعَ کَالوُقُوفِ
عِندَ الشّبهَةِ وَ لَا زُهدَ کَالزّهدِ فِی الحَرَامِ وَ لَا عِلمَ کَالتّفَکّرِ وَ لَا عِبَادَةَ کَأَدَاءِ الفَرَائِضِ وَ لَا إِیمَانَ کَالحَیَاءِ وَ الصّبرِ وَ لَا حَسَبَ کَالتّوَاضُعِ وَ لَا شَرَفَ کَالعِلمِ وَ لَا عِزّ کَالحِلمِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوثَقُ مِنَ المُشَاوَرَةِ

ص 489

114-

وَ قَالَ ع إِذَا استَولَی الصّلَاحُ عَلَی الزّمَانِ وَ أَهلِهِ ثُمّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظّنّ بِرَجُلٍ لَم تَظهَر مِنهُ حَوبَةٌ فَقَد ظَلَمَ وَ إِذَا استَولَی الفَسَادُ عَلَی الزّمَانِ وَ أَهلِهِ فَأَحسَنَ رَجُلٌ الظّنّ بِرَجُلٍ فَقَد غَرّرَ

115-

وَ قِیلَ لَهُ ع کَیفَ نَجِدُکَ یَا أَمِیرَ المُؤمِنِینَ فَقَالَ ع کَیفَ یَکُونُ حَالُ مَن یَفنَی بِبَقَائِهِ وَ یَسقَمُ بِصِحّتِهِ وَ یُؤتَی مِن مَأمَنِهِ

116-

وَ قَالَ ع کَم مِن مُستَدرَجٍ بِالإِحسَانِ إِلَیهِ وَ مَغرُورٍ بِالسّترِ عَلَیهِ وَ مَفتُونٍ بِحُسنِ القَولِ فِیهِ وَ مَا ابتَلَی اللّهُ أَحَداً بِمِثلِ الإِملَاءِ لَهُ

117-

وَ قَالَ ع هَلَکَ فِیّ رَجُلَانِ مُحِبّ غَالٍ وَ مُبغِضٌ قَالٍ

118-

وَ قَالَ ع إِضَاعَةُ الفُرصَةِ غُصّةٌ

119-

وَ قَالَ ع مَثَلُ الدّنیَا کَمَثَلِ الحَیّةِ لَیّنٌ مَسّهَا وَ السّمّ النّاقِعُ فِی جَوفِهَا یهَویِ إِلَیهَا الغِرّ الجَاهِلُ وَ یَحذَرُهَا ذُو اللّبّ العَاقِلُ

120-

وَ سُئِلَ ع عَن قُرَیشٍ فَقَالَ أَمّا بَنُو مَخزُومٍ

ص 490
فَرَیحَانَةُ قُرَیشٍ نُحِبّ حَدِیثَ رِجَالِهِم وَ النّکَاحَ فِی نِسَائِهِم وَ أَمّا بَنُو عَبدِ شَمسٍ فَأَبعَدُهَا رَأیاً وَ أَمنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا وَ أَمّا نَحنُ فَأَبذَلُ لِمَا فِی أَیدِینَا وَ أَسمَحُ
عِندَ المَوتِ بِنُفُوسِنَا و