تأويل الآيات الطاهرة

هوية الكتاب

تأويل الآيات الظاهرة

في فضائل العترة الطاهرة

تأليف

الفقيه المفسر والعلامة المتبحر

السيد شرف الدين علي الحسيني

الاسترآبادي النجفي

من مفاخر أعلام القرن العاشر

الجزء الأول

تأويل الآيات الظاهرة

في فضائل العترة الطاهرة

تأليف

الفقيه المفسر والعلامة المتبحر

السيد شرف الدين علي الحسيني

الاسترآبادي النجفي

من مفاخر أعلام القرن العاشر

الجزء الأول

تحقيق ونشر

مدرسة الامام الإمام المهدي

(عَلَيهِ السَّلَامُ)

(قم المقدسة) - 22

محرر الرقمي: ولي رادمرد

ص: 1

هوية الكتاب:

الكتاب: تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة

الجزء الأول: من فاتحة الكتاب إلى سورة لقمان.

الجزء الثاني من سورة السجدة إلى آخر القرآن.

المؤلف: الفقيه المفسر والعلامة المتبحر السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي النجفي

من أعلام تلامذة المحقق الكركي.

التحقيق والنشر: في مدرسة الامام الإمام المهدي

(عج) بالحوزة العلمية - قم المقدسة.

باشراف.... السيد محمد باقر بن المرتضى الموحد الأبطحي الأصفهاني دامت بركاته.

الطبع باهتمام سماحة آية الله الحاج السيد مصطفى المهدوي الأصفهاني دامت بركاته.

الطبعة الأولى: شهر (القرآن) رمضان المبارك سنة 1407 ه ق - 1366 ه ش. أمير - قم.

العدد: 1000 نسخة.

حقوق الطبع كلها محفوظة لمدرسة الامام الإمام المهدي

(عَلَيهِ السَّلَامُ) (قم المقدسة).

تلفون: 33060.

ص: 2

صورة

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

المجلد 1

الاهداء:

إلى سدة مجدك يا رسول الله، يا مبين تأويل آياته الباهرات الظاهرات.

يا من أنزل الله عليك الكتاب - كتابا، أحكمت آياته، متشابها مثاني -

«منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات».

يا من اصطفاك الله رسولا للعالمين، واختصك بأحسن الحديث.

يا من فضلت على المرسلين، وأوتيت منه فضلا عظيما، إذ قال تعالى:

«ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم» (1).

يا من نزل (عليك الكتاب تبيانا لكل شئ، وهدى، ورحمة) (2) (لتقرأه على الناس) (3) لتتلو عليهم آياته، تعلمهم الكتاب والحكمة (لتحكم بين الناس بما أراك الله) (4)، (لتبين للناس ما نزل إليهم) (5) (لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) (6).

إليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، يا أئمة الهدى (الاثني عشر) يا من قرن الله طاعة رسوله وإياكم بطاعته، وفرض علينا طاعتكم، وعرفنا بذلك منزلتكم، حيث قال جل وعلا (... أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول... ذلك خير وأحسن تأويلا) (7) وقال تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم..) (8).

يا من أذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا.

يا من اصطفاكم لوراثة الكتاب، ونشر الرسالة، فقال عز وجل:

(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...) (9).

يا من آتاكم الله علم الكتاب كله، حيث قال عز وجل: (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (10) وأنتم قلتم - وقولكم الحق -:

ص: 1


1- الحجر: 87. انظر أيها القارئ اللبيب لماذا كرر الله عز وجل في آياته كلمتي: (أطيعوا) و (إلى) في (الرسول) دون (أولي الأمر)؟ أهو لضرورة لغوية، أدبية؟ أم لافادة الوحدة بين الرسول وآله: أولي الأمر الذين هم العترة الطاهرة؟ أم ماذا؟ (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب) فتدبر، أو فاسأل به خبيرا.
2- النحل: 89.
3- الاسراء: 106.
4- النساء: 105.
5- النحل: 44، 64.
6- النحل: 44، 64.
7- النساء: 59، 83.
8- النساء: 59، 83.
9- فاطر: 32.
10- الرعد: 43، وقال تعالى: (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك... النمل: 40). انظر: أين الذي عنده (علم من الكتاب) من الذي عنده (علم الكتاب) فتدبر.

(نحن الراسخون في العلم، من عنده علم الكتاب، نعلم تأويل الآيات)

يا من أنزلكم الله منزلة رفيعة، وجعلكم نقباء للنبوة، بعدد نقباء بني إسرائيل (1) الذين أورثهم الله الكتاب، يا من اختصكم الله بنبيه، فجعلكم نفسه وأبناءه، حيث قال تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (2)

يا من قرنكم الرسول بكتاب الله حيث قال - وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى -: (إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا).

فيا أبناء رسول الله، وأولاد ريحانته، وأقرباءه، شعاركم ما قال تعالى فيكم:

(...آت ذا القربى حقه) (3) و (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (4) صلى الله عليكم بما صبرتم فيما أرزيتم من أعدائكم، وقلتم (إنا لله وإنا إليه راجعون) إليكم هذا الجهد المقل، المتواضع، راجين الاثابة يوم نلقاكم، وأنتم لنا شفعاء وعنا راضون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. السيد محمد باقر الموحد الأبطحي (الأصفهاني)

ص: 2


1- انظر كتابنا: المدخل إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم (آيات موسى) قال تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب، وجعلناه هدى لبني إسرائيل، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرناوبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا، وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما). ثم انظر إلى قوله تعالى فيهم (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لاولى الألباب) غافر: 53 و 54 ثم إلى قوله: (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق... ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...) فاطر: 31 و 32. فتدبر، وقارن بين آيات الله في موسى ونقباء بني إسرائيل، وبين الرسول ووراث كتابه، وأنصف أيها القارئ الكريم.
2- آل عمران: 61. والقصة أشهر من أن تذكر، وأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لم يدع غير على و فاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) للابتهال إلى الله تعالى أمام نصارى بنى نجران. فيا أيها الغيارى أنشدكم الله أين هؤلاء - الصفوة المنتجبة من العترة الهادية الذين هم نفس النبي الأكرم، وأبناؤه - وأين...؟!.
3- الاسراء: 26، والروم: 38.
4- الشورى: 23.

بسم الله الرحمن الرحيم

التعريف بالمؤلف الموالى لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ):

هو السيد الفاضل العلامة الزكي شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي المتوطن في الغري. كذا وصفه فخر الأمة المجلسي في البحار: 1/13.

ووصفه الحر العاملي في أمل الآمل: 2/131 ب_ (كان فاضلا محدثا صالحا...) وفي ص 176 ب (عالم فقيه).

وقال عنه الأفندي في رياض العلماء: 4/66 (فاضل عالم جليل زكي ذكي نبيل، وهو من تلامذة الشيخ الأجل نور الدين علي بن عبد العالي الكركي، المشهور صاحب شرح القواعد وغيره من المؤلفات، وهذا السيد أيضا من أجلة العلماء...)

ووصفه التستري في المقابس: 19: ب (العالم الفاضل الفقيه الزكي).

وقد عبر عن اسمه على النحو التالي:

1-الشيخ شرف الدين بن (1) على النجفي (2)

2- الشيخ شرف الدين علي الاسترآبادي (3)

3- السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترآبادي النجفي الغروي. (4).

وهذا ليس اختلافا في الحقيقة بل هي تعابير إجمالية أو تفصيلية موجهة.

ص: 3


1- من المحتمل قويا أن (بن) هو تكرار للمقطع الثاني من الد (ين).
2- أمل الآمل: 2/131، اثبات الهداة: 1/28، رياض العلماء: 3/8، تنقيح المقال: 2/83، معجم رجال السيد الخوئي: 9/18، والبرهان: 1/30.
3- أمل الآمل: 2/176 ورياض العلماء: 3/372.
4- البحار: 1/13، رياض العلماء: 3/322 و ج 4/66 - 69 (وفيه بحث)، الذريعة: 1/46 و ج 3/304 وص 306، و ج 5/66 و ج 16/45 وص 352، و ج 18 /149 وج 19/29، أعیان الشیعة: وص 220 وفیه: السید شرف الدین علی بن محمد، وأنه کان حیاً فی سنة 965.

كتاب تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: جمع فيه المؤلف (قُدِّسَ سِرُّهُ) تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ومدح أوليائهم وذم أعدائهم من طريق الفريقين: الشيعة والسنة، ولم يكن المؤلف هو الأول في هذا المجال، فقد اهتم السلف الصالح في هذا الموضوع، وأشبعوه بحثا ورواية وتأليفا وجمعا، وأفردوا له تآليفا قيمة جليلة بعناوين مختلفة، الغرض منها تشخيص النصف أو الثلث أو الربع من الآيات الشريفة التي وردت في أخبار كثيرة متواترة تعبيرا عن نزولها في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم ومواليهم وأعدائهم.

فجزاهم الله عن الاسلام وعن الأئمة الطاهرين خير الجزاء، وكان الله شكورا عليما.

والحمد الذي هدانا وجعل لنا فيهم أسوة حسنة، فان من أهم ما تهوى به الأفئدة وبذلنا فيه المهجة والجهد الكبير إخراج كتاب كامل متكامل في تفسير القرآن روائيا جمعت فيه كل الروايات التي تناولتها أيدي التحقيق من مدرسة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف.

وأخيرا نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتمامه، وما توفيقنا إلا بالله إنه ولي التوفيق والسداد. وقد عبر عن اسم الكتاب بصور شتى وليست إلا اختصارا أو تصحيفا لما

اختاره المؤلف عنوانا لكتابه القيم هذا، وهذه العناوين هي:

1- الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة (1).

2- الآيات الظاهرة في فضل العترة الطاهرة (2).

3- تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة (3).

4- تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة (4).

ص: 4


1- الذريعة: 1/47.
2- أمل الآمل، 2/131، اثبات الهداة: 1/28 وص 31، و ج 3/83 فصل 53 وفيه (فضائل) بدل (فضل)، رياض العلماء: 3/8، الذريعة: 1/46 رقم 224.
3- مستدرك الوسائل: 1/279 ح 11 ومواضع اخر، البرهان: 1/30، والذريعة: 18/149.
4- المؤلف في ديباجة الكتاب ص 18، الشيخ علم بن سيف في ديباجة كتاب جامع الفوائد البحار: 1/13 وص 31، رياض العلماء: 3/321، الذريعة: 3/304 وص 306 و ج 5/66، و ج 19/29، أعيان الشيعة: 7/336 و ج 8/227.

5- تأويل الآيات الظاهرة الباهرة في فضائل العترة الطاهرة (1).

6- تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة (2).

7- الآيات الباهرات (3).

ومن شاء أن يتعمق في تفاصيل هذا البحث فليراجع المصادر المذكورة في هامش الفقرات السبع.

كتاب كنز جامع الفوائد ودافع المعاند أو مختصر تأويل الآيات

قال العلامة في البحار: 1/31 (وكتاب كنز جامع الفوائد، وهو مختصر من كتاب تأويل الآيات...) وقال في ص 31: كتاب تأويل الآيات، وكتاب كنز جامع الفوائد رأيت جمعا من المتأخرين رووا عنهما، ومؤلفهما في غاية الفضل والديانة.

وقال في الذريعة: 5/66:

جامع الفوائد ودافع المعاند، هو مختصر ومنتخب من (تأويل الآيات الظاهرة) تأليف السيد شرف الدين علي الاسترآبادي... انتخبه منه الشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلي.

قال في ديباجته: (وبعد فاني تصفحت كتاب (تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة) فرأيته قد احتوى على بعض تعظيم عترة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أهل التفضيل في كتاب الله العزيز الجليل، فأحببت أن أنتخب منه كتابا قليل الحجم كثير الغنم، و سميته ب «جامع الفوائد ودافع المعاند» وجعلت ذلك خالصا لوجه الله تعالى).

رأيت منها النسخة المحتملة أنها خط المؤلف في النجف بمكتبة المولى محمد علي الخوانساري مكتوب في آخرها هكذا:

(فرغ من تنميقه منتخبه العبد الفقير إلى الله الغفور علم بن سيف بن منصور غفر الله له ولوالديه بالمشهد الشريف الغروي في (93 سبع وثلاثين وتسعمائة)... ورأيت نسخا أخرى أيضا مكتوب في آخر بعضها (وسميته (كنز الفوائد ودافع المعاند) فلعله بدا للمصنف فسماه أخيرا بذلك، وأما التعبير عنه ب (كنز جامع الفوائد ودافع المعاند) كما في بعض المواضع فلعله من الجمع بين الاسمين...)

ص: 5


1- رياض العلماء: 4/67.
2- ذيل كشف الظنون: 3/220.
3- الذريعة: 16/352:

وفي ج 18/149: (كنز جامع الفوائد ودافع المعاند، هو بعينه جامع الفوائد...) وقال في الرياض: 3/322: (اعلم أن اسم هذا الكتاب - له أيضا - قد اختلف فيه فقد عبر؟ عنه الأستاذ الاستناد المشار إليه ب (كنز جامع الفوائد)، والذي وجدته في في بعض المواضع يدل على أن اسمه (كتاب كنز الفوائد ودافع المعاند) والذي رأيته في أول هذا الكتاب يظهر منه أن اسمه (جامع الفوائد ودافع المعاند).

وقال السيد الأمين في أعيان الشيعة: 7/337: (وحكى في رياض الخلاف في اسمه هل هو (كنز الفوائد) أو (جامع الفوائد) أو (كنز جامع الفوائد)؟

ولكن الظاهر أن اسمه أحد الأولين، أما الثالث فاشتباه نشأ من كتابة (جامع) بعد (كنز) على أنها نسخة بدل.

مؤلف مختصر تأويل الآيات؟

قال عنه في الرياض: 3/321: (الشيخ علم بن سيف بن منصور فاضل جليل وهو من العلماء المتأخرين عن العلامة (1)، ورأيت في بعض المواضع أن اسمه (علي) ولكن الموجود في عدة مواضع وكذا المذكور في فهرس البحار.... هو علم بن سيف بن منصور...)

وقال في ج 4/104: (الشيخ علي بن سيف بن منصور، كان من أجلة العلماء المتأخرين...)

وذكر اسمه بنفسه في آخر كتاب جامع الفوائد (فرغ من تنميقه منتخبه العبد الفقير إلى الله الغفور علم بن سيف بن منصور غفر الله له ولوالديه بالمشهد الشريف الغروي في سبع وثلاثين وتسعمائة). (2)

وذكره في الذريعة: 5/66 بعنوان (النجفي الحلي) فيظهر أنه حلي أصلا أو مولدا ونجفي سكنا.

وقال في الرياض: 3/322 (يظهر من التاريخ المذكور أن مؤلف كتاب تأويل الآيات، ومؤلف مختصره متقاربا العصر، بل هما معاصران).

أقول: يستفاد من قول إسماعيل پاشا (3) أن السيد شرف الدين كان حيا في سنة 965، ومن قول الشيخ علم أنه قد اختصر (تأويل الآيات) في سنة 937، أن عملية

ص: 6


1- الحلي (648 - 72.
2- رياض العلماء: 2/322 والذريعة: 5/66.
3- في ذيل كشف الظنون: 3/220.

الاختصار كانت في حياة المؤلف.

وقد تردد العلامة المجلسي في البحار: 1/13 في مؤلف المختصر إذ قال: وكتاب كنز جامع الفوائد

وهو مختصر من كتاب تأويل الآيات له أو لبعض من تأخر عنه.

ورأيت في بعض نسخه ما يدل على أن مؤلفه الشيخ علي [علم - خ ل] بن سيف بن منصور.

وقال الميرزا في الرياض: 3/322 بعد نقله سطورا من ديباجة جامع الفوائد كالتي نقلناها عن الذريعة:

(ولا يخفى أن ظاهر هذا الكلام يدل على أن مؤلف «الجامع» غير مؤلف «تأويل الآيات» فتأمل).

وقال في الذريعة: 5/66:

(وعلى أي فالمنتخب هو علم بن سيف كما في جملة من نسخه.

وقد جزم به الشيخ عبد النبي في (تكملة نقد الرجال).

فما حكاه العلامة المجلسي في البحار عن بعض أن الانتخاب أيضا لمؤلف أصله السيد شرف الدين نفسه. لا وجه له.

وكذا ما جزم به العلامة الدزفولي في مقدمات (المقابيس) من أن الانتخاب للشيخ شرف الدين بن علي الغروي وتبعه شيخنا في (فصل الخطاب) مما لا وجه له).

من مصادر كتاب تأويل الآيات:

كتاب (ما نزل من القرآن في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)) (1) ألفه الشيخ محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار أبو عبد الله البزاز المعروف ب (ابن الجحام) -بالجيم المضمومة والحاء المهملة -

قال عنه النجاشي في رجاله: 294: (ثقة ثقة من أصحابنا، عين، سديد كثير الحديث، له كتاب المقنع في الفقه، كتاب الدواجن، كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقال جماعة من أصحابنا: إنه كتاب لم يصنف في معناه مثله.

ص: 7


1- عد في الذريعة: 19/28 ثمانية كتب لثمانية من علماء الفريقين بعنوان (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين).

وقيل: إنه ألف ورقة).

وقال الميرزا في رياض العلماء: 6/36: (... الامام الأقوم، المعاصر للكليني، صاحب كتاب التفسير الموسوم ب (كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ))، وهو الثقة المأمون)

وقال المامقاني في تنقيح المقال: 3/135: (... ووثقه في الوجيزة، والبلغة والمشتركاتين أيضا، وموضع من خاتمة المستدرك - ذكر ذلك عند تصديه لاثبات وثاقة أحمد بن محمد بن سيار -، عده في الحاوي في فصل الثقات، وكان الرجل لا غمز به بوجه...).

وذكر كتابه الكفعمي في حواشي كتابه المعروف ب (المصباح) - على ما ذكره السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: 10/33 - قال: وهذا الكتاب ألف ورقة لم يصنف مثله.

وقال في الذريعة: 19/29 في سياق حديثه عن الكتاب:

ينقل فيه كثيرا عن تفسير عيسى بن داود النجار الكوفي من أصحاب الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

قال في أوائل (تأويل الآيات): ورأيت للشيخ الثقة المجمع على عدالته (محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار) أبو عبد الله البزاز المعروف بابن الجحام، الذي هو من أجلاء مشايخ التلعكبري ومن في طبقته، كتاب (ما نزل من القرآن في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ))

وهو كتاب لم يصنف مثله في معناه ولم نطلع إلا على نصفه من قوله تعالى في سورة الإسراء (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) إلى آخر القرآن. (2) وينقل عنه الشيخ حسن بن سليمان الحلي أيضا في (مختصر بصائر الدرجات) وهو تلميذ الشهيد الأول عن نسخة من هذا الكتاب عليها خط ابن طاوس كتب السيد عليها ترجمة المؤلف بخطه نقلا من النجاشي.

وذكر طريق روايته للكتاب قال: رواية علي بن موسى بن طاوس عن فخار بن معد العلوي وغيره عن شاذان بن جبرئيل عن رجاله. (3)

ص: 8


1- روى ابن الجحام، عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي عنه. وروى هذا التفسير ابن عقدة، عن محمد بن سالم بن عبد الرحمن عنه. رجال النجاشي: 226.
2- راجع تأويل الآيات: 284.
3- مختصر البصائر: 172.

وكان عنده تاما كما صرح به في كتاب (اليقين) قال: (إنه عشرة أجزاء في مجلدين ضخمين، قد نسخته من أصل عليه خط أحمد بن الحاجب الخراساني في إجازة تاريخها صفر 338 وإجازة الشيخ الطوسي في 433.

قال ابن طاوس: وقد روى أحاديثه من رجال العامة لتكون أبلغ في الحجة) ونقل في (اليقين) عن كلا المجلدين عدة روايات (1). (2).

التعريف بنسخ الكتاب ومنهج التحقيق

اعتمدنا في تحقيق هذا السفر القيم على أربع نسخ خطية:

الأولى: هي النسخة المحفوظة في خزانة مخطوطات المكتبة الرضوية في مشهد تحت الرقم 1449 كتبها أحمد بن سليمان بن محمد الحسيني، وكان تاريخ الفراغ من استنساخها في يوم الثامن والعشرون من شهر جمادي الآخر سنة خمس وتسعين وتسعمائة. والظاهر أنها كتبت في وقت قريب من عصر المؤلف إن لم يكن في حياته. وقد قوبلت هذه النسخة من قبل محمد علي القطيفي في شهر رمضان سنة 999. ويظهر على الصفحات الأولى والأخيرة من النسخة تملك جماعة كثيرين في أوقات مختلفة. نضيف أن هذه النسخة هي بخط النسخ الجيد وهي ب 248 صفحة.

ورمزنا لها ب «م»

الثانية: هي النسخة المحفوظة في مكتبتنا

استنسخها سماحة العلامة الثقة حجة الاسلام السيد «محمد بن المصطفى» الموحد المحمدي الأصفهاني في شهر رمضان من سنة 1381 في النجف الأشرف عن نسخة العالم الجليل الثقة الشيخ «شير محمد بن صفر علي» الهمداني الجوزقاني

ص: 9


1- راجع اليقين: 79 باب 98.
2- ترجم لابن الجحام في: أعلام القرن الرابع: 275، أعيان الشيعة: 10/33 تنقيح المقال: 3/135، توضيح الاشتباه للساروي: 271 رقم 1314، جامع الرواة: 2/134، خلاصة الأقوال: 161 رقم 151، رجال ابن داود: 175 رقم 1415 رجال الشيخ الطوسي: 504 رقم 71، رجال النجاشي: 294، فهرست الطوسي: 149، قاموس الرجال: 8/227، الكنى والألقاب: 1/388، معالم العلماء: 143 معجم رجال السيد الخوئي: 16/219 و ج 17/32.

الذي استنسخها في شهر شعبان من سنة 1364 في النجف الأشرف من نسخة عتيقة إلا الورقة الأخيرة نسخها من نسخة أخرى. وهذه النسخة ب 620 صفحة، ونرمز لها ب «ج».

الثالثة: النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي تحت الرقم (322)، كتبت بخط النسخ الجميل، وعليها تصحيحات في الحاشية، وعلى الورقة الأولى نص وقفية الكتاب بتاريخ شهر رمضان 1298. وسقطت منها بعض السور والروايات. وهي بدون اسم الناسخ وتاريخ الاستنساخ. عدد صفحاتها 283، ورمزنا لها ب «ب».

الرابعة: نسخة مكتبة آية الله الحاج السيد مصطفى، بخط والده الماجد العلامة الحاج السيد أحمد بن محمد رضا الحسيني الخوانساري، فرغ من استنساخها في 18 شعبان من سنة 1328. وهي مع أنها مختصرة، تمتاز باحتوائها على أخبار وروايات ليست في باقي النسخ، وفي الصفحة الأخيرة منها كتب قدس سره كلمة تحت عنوان (أعلام الظلمة الغاصبين) لم نلحقها في الكتاب لخروجها عنه وهي محفوظة في مكتبتنا.

عدد صفحات هذه النسخة 203، ورمزنا لها في تحقيق الكتاب ب «أ».

وتعتمد المدرسة في تحقيق المخطوطات طريقة التلفيق بين النسخ والمجامع الحديثية - كالوسائل والبحار ومستدرك الوسائل والبرهان - والمصادر الأصلية كالكتب الأربعة وغيرها، وذلك باتحاد الروايات بين هذه الكتب ومقابلة بعضها مع البعض الآخر، واختيار نص سليم صحيح، والإشارة في الهامش إلى الفروق الضرورية لضبط النص، مع شرح لغوي مختصر مفيد للألفاظ الصعبة مشيرين في ختام كل حديث إلى مصادره وباقي تخريجاته.

وأخيرا نقدم شكرنا الوافر الجزيل إلى الاخوة العاملين باخلاص وولاء في سبيل إحياء تراث أهل بيت العصمة والطهارة (عَلَيهِم السَّلَامُ) إصدارا من مدرسة الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جزاهم الله عن الاسلام والعلم خير الجزاء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

السيد محمد باقر بن المرتضى الموحد الأبطحي الأصفهاني

ص: 10

صورة

ص: 11

صورة

ص: 12

صورة

ص: 13

صورة

ص: 14

بسم الله الرحمن الرحیم

تاویل الآیات الظاهرة

الجزء الاول

ص: 15

صورة

ص: 16

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

[وبه نستعين] (1)

إن أحسن ما توج به هام (2) ألفاظ الكلمات، وسطرته أقلام الكرام الحفاظ في صحائف أعمال البريات، حمد من استحق الحمد بنشر سحائب جود وجوده (3) على سائر الموجودات، وشكر من استوجب الشكر بسوابغ نعم آلائه، وآلاء نعمه السابغات.

ثم الصلاة على نبيه أفضل البشر وأشرف الكائنات (محمد بن عبد الله) الموصوف بسائر الكمالات.

والصلاة على الطيبين من آله والطيبات، صلى الله عليه وعليهم صلاة دائمة ما دامت الأرض والسماوات، وما نجم زهر نبات، وأزهر نجم نبات.

و [أما] (4) بعد فاني لما رأيت بعض آيات الكتاب العزيز وتأويلها يتضمن مدح أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ومدح أوليائهم، وذم أعدائهم في كثير من كتب التفاسير والأحاديث، وهي متفرقة (فيها) (5) صعبة التناول لطالبيها.

أحببت أن أجمعها بعد تفريقها، وأؤلفها بعد تمزيقها، في كتاب مفرد، ليكون

ص: 17


1- من نسخة «أ»
2- في نسخة «ب» همام.
3- في نسختي (ب و م) جود جوده، وفى نسخة «ج» وجود جوده، وما أثبتناه من نسخة «أ».
4- من نسخة «أ».
5- ليس في نسخة «أ».

أسهل للطالب، وأقرب للراغب، وأحلى (للخاطر) (1) وأجلى للناظر، وأبين للتحقيق، وأهدى إلى سواء الطريق.

وأخذت هذا التأويل وجله من (2) الراسخين في العلم أولي التأويل، ومما ورد من طريق العامة، وهو من ذلك النزر (3) القليل.

وألحقت كل آية منها بسورتها، وجلوتها لأهلها في أحسن صورتها، وسميته (4):

(تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة)

وجعلت ذلك خالصا لوجه ربي الكريم، وتقربا إلى النبي وأهل (5) بيته عليهم أفضل الصلاة والتسليم.

وقبل الشروع في التأويل ومعناه، نذكر مقدمة تليق أن تحل (6) بمعناه (7)

اعلم هداك الله إلى نهج الولاية، وجنبك مضلات الفتن والغواية، أنه إنما ذكرنا مدح الأولياء، وذم الأعداء، ليعلم الأولياء ما أعد لهم بموالاتهم، وما أعد لأعدائهم بمعاداتهم، فيحصل بذلك (8) التولي (9) للأولياء والتبري من الأعداء.

1- واعلم أيدك الله أنه قد ورد من طريق العامة والخاصة الخبر المأثور عن عبد الله بن عباس (رَضِیَ اللهُ عَنهُ) أنه قال: قال لي أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (نزل القرآن أرباعا: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن).

وكرائم القرآن: محاسنه، وأحسنه، لقوله تعالى: (الذين يستمعون القول

ص: 18


1- في نسختي «ب و ج» في الحاضر، وفى نسخة (م): في الخاطر، وما أثبتناه من نسخة «أ».
2- في الأصل: عن.
3- في نسخة «ج» انزر.
4- في نسخة «ج» وسميتها.
5- في نسخة «أ» النبي وأهل النبي وأهل بيته.
6- في نسخة «ج» تجل.
7- في نسخة (م) بمغناه، وفى نسختي «ب و ج» معناه.
8- في نسخة «ج» ذلك.
9- في نسختي «ب و ج» التوالي.

فيتبعون أحسنه) (1) والقول هو القرآن.

2- ويؤيد هذا ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنتم الصلاة في كتاب الله عز وجل وأنتم الزكاة، [وأنتم الصيام] (2)، وأنتم الحج؟

فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحج، (ونحن الشهر الحرام) (3)، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (4) ونحن الآيات، ونحن البينات.

وعدونا في كتاب الله عز وجل: الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والأنصاب والأزلام والأصنام والأوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنزير.

يا داود إن الله خلقنا فأكرم خلقنا (5) وفضلنا وجعلنا أمناءه وحفظته وخزانه على ما في السماوات و (ما في) (6) الأرض، وجعل لنا أضدادا وأعداء، فسمانا في كتابه، وكنى عن (7) أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه تكنية عن العدو (8)، وسمى أضدادنا وأعداءنا في كتابه، وكنى عن أسمائهم، وضرب لهم الأمثال [في كتابه] (9) في أبغض الأسماء إليه، وإلى عباده المتقين (10).

3- ويؤيد هذا ما رواه أيضا عن الفضل بن شاذان باسناده عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 19


1- الزمر: 18.
2- من نسختي «ب و ج».
3- ليس في نسخة «ب».
4- البقرة: 115.
5- في نسخة «ج» خلقته، خ ل خلقنا.
6- ليس في نسخة «ب».
7- في نسخة «ب» (في) بدل (عن).
8- في نسخة (م) العدد.
9- ليس في نسخة «ج».
10- عنه البحار: 24/303 ح 14، والبرهان: 1/22 ح 9.

أنه قال: نحن أصل كل خير، ومن فروعنا كل بر، ومن البر التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ، والعفو عن المسئ، ورحمة الفقير، وتعاهد الجار، والاقرار بالفضل لأهله.

وعدونا أصل كل شر، ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة.

ومنهم (1) الكذب والنميمة، والبخل والقطيعة، وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حقه، وتعدي الحدود التي أمر الله عز وجل [بها] (2)، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن: من الزنا والسرقة وكل ما وافق (3) ذلك من القبيح.

وكذب من قال أنه معنا، وهو متعلق بفرع غيرنا (4)

4- ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمة الله عليه في كتاب الاعتقادات) (5) وذكر شيئا من تأويل القرآن فقال: قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ):

وما من آية في القرآن أولها (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي بن أبي طالب أميرها وقائدها وشريفها وأولها.

وما من آية تسوق (6) إلى الجنة إلا [وهي] في النبي والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأشياعهم وأتباعهم.

وما من آية تسوق (7) إلى النار إلا (وهي) (8) في أعدائهم، والمخالفين لهم.

وإن كانت (9) الآيات في ذكر الأولين [منها] (10) فما كان [منها] (11) من خير فهو جار في أهل الخير.

ص: 20


1- في النسخ (أ و ب و م) فمنهم.
2- من نسخة «ج».
3- في نسختي «ب و ج» وافى.
4- عنه البحار: 24/303 ح 15، والبرهان: 1/23 ح 10.
5- في نسختي (ب و م) الاعتقاد، وما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة (م) تشوق.
7- في نسخة (م) تشوق.
8- ليس في نسخة «أ».
9- في نسخة «أ» كان.
10- من نسخة «أ».
11- ليس في نسخة «ج».

وما كان منها من (1) شر فهو جار في أهل الشر.

وليس في الأخيار خير (2) من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولا في الأوصياء أفضل (من أوصيائه ولا في الأمم أفضل من هذه الأمة، وهي شيعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) في الحقيقة دون غيرهم ولا في الأشرار شر (3) من أعدائهم والمخالفين لهم (4).

واعلم، جعلنا الله وإياك من أهل ولايتهم، ومن المتبرئين من أهل عداوتهم: أنه يأتي التأويل عنهم صلوات الله عليهم، وله باطن وظاهر وإذا (5) سمعت منه شيئا باطنا فلا تنكره، لانهم أعلم بالتنزيل والتأويل.

وربما يكون للآية الواحدة تأويلان، لعلمهم بما فيه من الصلاح للسائل والسامع.

5- كما روى علي بن محمد، عن محمد بن الفضيل (6) عن شريس، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شئ من تفسير القرآن؟ فأجابني، ثم سألته ثانية، فأجابني بجواب آخر.

فقلت: جعلت فداك، كنت أجبتني في هذ المسألة بجواب غير هذا؟!

فقال لي: يا جابر إن للقرآن بطنا، وللبطن بطنا، وله ظهرا، وللظهر ظهرا، وليس شئ أبعد من (7) عقول الرجال من تفسير القرآن، وإن الآية تنزل (8) أولها في شئ وآخرها في شئ، وهو كلام متصل يتصرف على (9) وجوه (10)

فإذا علمت ذلك فلنشرع في التأويل، (11)، والله حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 21


1- في نسخة «أ» (في) بدل (من).
2- في نسخة «أ» (أفضل) بدل (الخير).
3- في نسخة «أ» أشر.
4- الاعتقادات ص 94، وصدره في البحار: 24/316 ح 20.
5- في نسختي (ج و م) فإذا.
6- في نسختي (ج، م) الفضل.
7- في نسخة «أ» (عن) بدل (من).
8- في نسختي «ب و ج» نزل.
9- في النسخ (أ و ب و م) (عن) بدل (على).
10- أخرجه في البحار: 92/95 ح 48، والبرهان: 1/20 ح 12 عن العياشي: 1/12 ح 8.
11- في نسخة «أ» بالتأويل.

ص: 22

«1»

سورة الفاتحة

قال الله السميع العليم:

بسم الله الرحمن الرحيم [1]

فضلها:

1- جاء في تفسير الامام أبي محمد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) قال:

ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لأمرهم، مؤمنا بظاهرهم وباطنهم، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل حسنة منها أفضل له من الدنيا وما فيها، من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرأها كان له قدر ثلث ما للقارئ فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة، فلا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة (2).

ص: 23


1- ورد في خ «أ» ما لفظه [جاء في تفسير الامام أبى محمد الحسن العسكري عن أبيه، عن جده، عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: ان الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) [الحجر آية 87] فأفرد على الامتنان بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وأن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وأن الله عز وجل خص محمدا وشرفه بها، ولم يشرك معه أحدا من الأنبياء، ما خلا سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) فان أعطاه (بسم الله الرحمن الرحيم)، ألا تراه يحكى عن بلقيس حين قالت: (انى ألقي إلى كتاب كريم: انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم ألا فمن قرأها...] وبقية الحديث أعلاه.
2- تفسير الامام ص 9 وأخرجه في البحار: 92/227 ح 5 والبرهان: 1/41 ح 3 عن عيون الاخبار ص 235 ح 60 وأمالي الصدوق ص 148 ح 2.

وأما تأويلها:

2- روى أبو جعفر بن بابويه رحمة الله عليه في كتاب التوحيد باسناده عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) أنه سئل عن تفسير ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ فقال: الباء بهاء الله والسين سناء الله، والميم ملك الله، قال السائل: فقلت: ﴿الله﴾؟

فقال: الألف آلاء الله على خلقه والنعم بولايتنا، واللام إلزام خلقه بولايتنا.

قال: قلت: فالهاء؟ قال: هوان لمن خالف محمدا وآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: قلت: الرحمن؟ قال: بجميع [العالم] (2)

قال: قلت: الرحيم؟ قال: بالمؤمنين وهم شيعة آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خاصه (3).

3- وذكر في تفسير الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: في تفسير قوله عز وجل: ﴿الرحمن﴾ أن الرحمن مشتقة من الرحمة.

وقال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: قال الله تعالى أنا الرحمن وهي من الرحم، شققت لها اسما من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته.

ثم قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الرحم التي اشتقها الله تعالى من اسمه بقوله: أنا الرحمن هي رحم محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وإن من إعظام الله إعظام محمد وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو من رحم محمد، وإن إعظامهم من محمد إعظام محمد، فالويل لمن استخف بشئ من حرمة رحم

ص: 24


1- ورد السند في خ «أ» بما لفظه [عنه (قُدِّسَ سِرُّهُ) في التوحيد عن محمد بن الحسن ابن أحمد بن الوليد (رض)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)].
2- في نسختي (أوب) خلقه.
3- التوحيد ص 230 ح 3 وعنه في البرهان: 1/44 ح 6 وفى البحار: 92/231 ح 12 عنه و عن المعاني ص 3 ح 2.

محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وطوبى لمن عظم حرمته، وأكرم رحمه ووصلها (1).

4- وقال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): أما قوله ﴿الرحيم﴾ فأن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: رحيم بعباده المؤمنين، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة وجعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم فيها تتراحم الناس، وترحم الوالدة ولدها، وتحنن (2) الأمهات من الحيوان على أولادها، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة فيرحم بها أمة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة حتى أن الواحد ليجئ إلى المؤمن من الشيعة، فيقول له: اشفع لي، فيقول له: وأي حق لك علي؟ فيقول: سقيتك يوما ماء، فيذكر ذلك فيشفع له فيشفع فيه ويجئ آخر فيقول: أنا لي عليك حق، فيقول: وما حقك؟ فيقول إستظللت بظل جداري ساعة في يوم حار، فيشفع له فيشفع فيه، فلا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه، وان المؤمن أكرم على الله مما [تظنون] (3)،(4).

وقال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [2]

5- قال الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ ما تفسيره؟ فقال: ﴿الحمد لله﴾ هو أن الله عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الأولين من قبل أن نكون ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما فضلهم به، وعلى شيعتهم أن يشكروه

ص: 25


1- تفسير الامام ص 11، وعنه في البحار: 23/266 ح 12.
2- في نسخة (ب و م) تحنو، وفى (أوج) تحن، وما أثبتناه من البحار.
3- في نسخة (م) يظنون.
4- تفسير الامام ص 12 وعنه البحار: 8/44 ح 44.

بما فضّلهم به على غيرهم (1).

وقال تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [3] ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [4]

تأويله:

ف ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ مر بيانه و ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.

6- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): و ﴿مالك يوم الدين﴾ يوم الحساب، سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: ألا أخبركم بأكيس الكيسين وأحمق الحمقى؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أكيس الكيسين من حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، وإن أحمق الحمقى من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى الأماني.

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكيف يحاسب الرجل نفسه؟ فقال: إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا، والله تعالى يسألك عنه بما [أفنيته] (2) وما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله؟ أحمدتيه؟ أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفست عنه كربة؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه، فان ذكر أنه جرى منه خير حمد الله تعالى وشكره على توفيقه، وإن ذكر [معصية] (3) أو تقصيرا استغفر الله تعالى وعزم على ترك معاودته ومحا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين، وعرض بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على نفسه وقبوله لها، وإعادة لعن أعدائه وشانئيه ودافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك قال الله عز وجل: لست أناقشك في شئ من الذنوب مع موالاتك أوليائي ومعاداتك أعدائي (4).

ص: 26


1- تفسير الامام: 9 وعنه البحار: 26/274 ح 17 وعن عيون أخبار الرضا: 1/220 ح 30، وأورده الصدوق في علل الشرائع: 2/416 ح 3.
2- في نسخة (م) أفنيتيه.
3- في نسخة «ج» معصيته.
4- تفسير الامام: 12 وعنه البحار: 70/69 ح 16، ورواه في تنبية الخواطر: 2/94.

وقال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5]

7- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾، قال الله: قولوا أيها الخلق المنعم عليهم ﴿إياك نعبد﴾ أيها المنعم علينا ونطيعك مخلصين مع التذلل والخضوع بلا رياء ولا سمعة ﴿وإياك نستعين﴾ منك نطلب (1) المعونة على طاعتك لنؤدي بها كما أمرت، ونتقي من دنيانا ما عنه نهيت، ونعتصم من الشيطان ومن سائر مردة الانس المضلين والمؤذين الظالمين بعصمتك (2)

وقال تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [6]

8- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال جعفر بن محمد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): ﴿إهدنا الصراط المستقيم﴾ يقول أرشدنا الصراط المستقيم للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك (3).

9- قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، عن جبرئيل، عن الله عز وجل أنه قال: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فسلوني الهدى أهدكم (4).

10- ومنه يا عبادي اعملوا أفضل الطاعات وأعظمها لأسامحكم وإن قصرتم فيما سواها، واتركوا أعظم المعاصي وأقبحها لئلا أناقشكم في ركوب ما عداها، إن أعظم الطاعات توحيدي وتصديق نبيي والتسليم لمن نصبه بعده وهو علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين من نسله. وإن أعظم المعاصي عندي الكفر بي وبنبيي ومنابذة ولي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من بعده علي بن أبي طالب وأوليائه بعده (عَلَيهِم السَّلَامُ) فان أردتم

ص: 27


1- في نسخة (م) نسأل.
2- تفسير الامام: 13 وعنه البحار: 70/216 وأورده في تنبيه الخواطر: 2/95.
3- تفسير الامام: 14 وأخرجه في البحار 47/238 ح 23 عن الاحتجاج: 2/129 وفى البحار: 92/228 ح 6 عن عيون أخبار الرضا: 1/238 ح 65 ورواه الصدوق في معاني الأخبار: 33 وابن أبي فراس في تنبيه الخواطر: 2/96.
4- تفسير الامام: 13 وعنه المستدرك: 1/360 ح 10 والجواهر السنية: 171.

أن تكونوا عندي في المنظر الأعلى والشرف الأشرف فلا يكونن أحد من عبادي آثر [عندكم] (1) من محمد وبعده من أخيه علي وبعدهما من أبنائهما القائمين بأمور عبادي بعدهما، فان من كانت تلك عقيدته جعلته من اشراف ملوك جناني.

واعلموا أن أبغض الخلق إلي من تمثل بي وادعى ربوبيتي، وأبغضهم إلي بعده من تمثل بمحمد ونازعه بنبوته وادعاها، وأبغضهم إلي بعده من تمثل بوصي محمد ونازعه في محله وشرفه وادعاهما، وأبغض الخلق إلي من بعد هؤلاء المدعين لما به لسخطي يتعرضون من كان لهم على ذلك من المعاونين، وأبغض الخلق إلي بعد هؤلاء من كان بفعلهم من الراضين وإن لم يكن لهم من المعاونين، وكذلك أحب الخلق إلي القوامون بحقي، وأفضلهم لدي وأكرمهم علي محمد سيد الورى وأكرمهم وأفضلهم بعده علي أخو (2) المصطفى، المرتضى ثم بعدهما القوامون بالقسط أئمة الحق وأفضل الناس بعدهم من أعانهم على حقهم وأحب الخلق بعدهم من أحبهم وأبغض أعدائهم وإن لم يمكنه معونتهم (3).

11- ومعنى هذا التأويل أن النبي والأئمة - صلوات الله عليهم - هم الصراط المستقيم لما يأتي بيانه من طريق العامة، عن السدي، عن أسباط، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قوله تعالى ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أي قولوا معاشر الناس: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أي إلى ولاية محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (4)

12- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره، [عن أبيه، عن حماد] (5) عن

ص: 28


1- في نسخة (م) عنده.
2- في نسخة «ج» أخوه.
3- تفسير الامام: 14، وعنه الجواهر السنية: 287 وفى نسخة «أ» ما لفظه [وروى الصدوق في المعاني عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] والظاهر أنه اشتباه حيث لم نجد الحديث في المعاني ولعله (رَحمَةُ اللّه) عنى حديث ابن إبراهيم الذي سيأتي ذكره في ح 14.
4- مناقب ابن شهرآشوب: 2/271 وعنه البحار: 24/16 ح 18 والبرهان: 1/52 ح 38، ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل: 1/58 ح 87.
5- من نسخة «أ».

الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ﴿الصراط المستقيم﴾ أمير المؤمنين [ومعرفته. والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وأنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم﴾] (1). (2)

13- ويؤيده ما روي (3) عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ): أن الصراط صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الذي في الدنيا فهو أمير المؤمنين، فمن اهتدى إلى ولايته في الدنيا جاز على الصراط في الآخرة، ومن لم يهتد إلى ولايته في الدنيا لم يجز على الصراط في الآخرة (4).

ثم قال تعالى: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

لما ذكر الصراط المستقيم عرفه وعرف أهله، فقال ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ والقول في (5) هؤلاء المنعم عليهم الذين صراطهم هو الصراط المستقيم.

وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: أنهم النبي والأئمة صلوات الله عليهم (6) بدليل قوله تعالى ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين﴾ (7) الآية.

14- ويؤيد ذلك ما جاء في تفسيره (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال الامام صلوات الله عليه: ﴿صراط الذين أنعمت عليهم﴾ أي قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك (8)

ص: 29


1- من نسخة «أ».
2- تفسير القمي: 26 وعنه البرهان: 1/47 ح 4 وفى البحار: 24/11 ح 4 و ج 35/373 ح 21 ونور الثقلين: 1/17 ح 90 عن معاني الأخبار: 32 ح 3، والآية من سورة الزخرف: 4.
3- في نسخة «ج» ما رواه.
4- أخرجه في البحار: 24/11 ح 3 والبرهان: 1/50 ح 21 ونور الثقلين: 1/17 ح 19 والبحار: 8/66 ح 3 عن معاني الأخبار 32 ح 1 نحوه وفيها (فأما الذي في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة).
5- في نسخة «ب» (والقبول من) وفى نسخة «ج» (القول من).
6- مجمع البيان: 1/28.
7- سورة النساء: 69.
8- في نسخة «ب» لذلك.

وطاعتك وهم الذين قال الله تعالى ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ (1)

وليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال والولد وصحة البدن، وإن كان كل ذلك نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا؟ فما ندبتم إلى أن تدعوا أن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما أمرتم بالدعاء أن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله، وتصديق رسوله، والولاية لمحمد وآله الطيبين وأصحابه الخيرين المنتجبين، وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر عباد الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك (2) ولا أذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين، فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآله محمد وأصحاب محمد وعادى أعداءهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنّة حصينة (3).

ثم قال الله تعالى: َيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [7]

15- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أمر الله عز وجل عباده أن يسألوا (4) طريق المنعم عليهم وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود.

قال الله تعالى فيهم ﴿قل هل أنبئكم من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه﴾ (5) وأن يستعيذوا به من طريق الضالين، وهم الذين قال الله تعالى فيهم ﴿قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل

ص: 30


1- سورة النساء: 69.
2- في نسخة «ب» ولا يغريهم بأذاه.
3- تفسير الامام: 16 وعنه البحار: 68/78 ح 14 و ج 74/227 ح 22 وتنبيه الخواطر: 2/98 وفى البحار: 24/10 ح 2 عنه وعن معاني الأخبار: 36 ح 9 وأخرجه في نور الثقلين: 1/19 ح 102 والبرهان: 1/51 ح 28 عن المعاني.
4- في نسخة (م) يسألوه.
5- المائدة 60.

وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ (1) وهم النصارى (2).

16- علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ﴿غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ المغضوب عليهم:

النصاب، والضالين: الشكاك الذين لا يعرفون الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

«2»

(سورة البقرة)

(و ما فيها من الآيات البينات في الأئمة الهداة)

منها: بسم الله الرحمن الرحيم

ألم [1] ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [2] الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [3]

1- تأويله: قال علي بن إبراهيم رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ﴿ألم﴾ وكل حرف في القرآن مقطعة من حروف اسم الله الأعظم الذي يؤلفه الرسول والامام (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فيدعو به فيجاب.

قال: قلت قوله ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾ فقال: ﴿الكتاب﴾ أمير

ص: 31


1- المائدة: 77.
2- تفسير الامام: 17 وعنه البرهان: 1/52 ح 40 وفى البحار: 25/273/20 عنه وعن الاحتجاج: 2/273/20
3- تفسير القمي: 26 وعنه البحار: 92/230/79 والبرهان: 1/47 ح 8 وهذا مطابق مع نسخة «أ» وفى نسخة (م و ج و ب) هكذا: (وذكر علي بن إبراهيم قال: المغضوب عليهم: اليهود، والنصارى، والضالون: الشكاك الذين لا يعرفون الامام)

المؤمنين لا شك فيه، إنه إمام ﴿هدى للمتقين﴾، فالآيتان (1) لشيعتنا هم المتقون ﴿الذين يؤمنون بالغيب﴾ وهو البعث والنشور، وقيام القائم، والرجعة.

﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾ قال: مما علمناهم من القرآن يتلون (2).

2- ويؤيده ما رواه أبو جعفر محمد بن بابويه - رحمة الله عليه - باسناده، عن يحيى ابن أبي القاسم قال: سألت الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون﴾ فقال: ﴿المتقون﴾ هم شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ﴿الغيب﴾ هو الحجة الغائب (3).

3- وذكر في تفسير الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن الله لما بعث موسى بن عمران ومن بعده إلى بني إسرائيل لم يكن فيهم أحد إلا أخذوا عليه العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر منها إلى المدينة، ويأتي بكتاب الحروف المقطعة إفتتاح بعض سوره، تحفظه أمته فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة وعلى كل الأحوال، يسهل الله تعالى حفظه عليهم بمحمد وأخيه ووصيه علي بن أبي طالب الآخذ عنه علومه التي علمها والمتقلد عنه أماناته التي قلدها ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين، ثم إذا صار محمد إلى رضوان الله تعالى وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا تأويلاته، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم على تأويله، حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلوب.

ص: 32


1- في نسخة «ج» (قال: بيان) بدل (فالآيتان).
2- أخرجه في البحار: 24/351 ح 69 عن تفسير القمي ولم نجده عنه نعم ذكر في ص 27 باسناده عن أبي بصير نحوه مع تقديم وتأخير.
3- كمال الدين: 2/340 ح 20 وعنه البحار: 51/52 ح 29 و ج 52/124 ح 10 والبرهان: 1/53 ح 5.

[ومنه] (1) قال الله تعالى: ﴿لا ريب فيه﴾ إنه كما قال محمد ووصي محمد [عن قول محمد] (2) عن قول رب العالمين.

ثم قال: و ﴿هدى﴾ أي بيان وشفاء للمتقين من شيعة محمد وعلي، اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا اظهار أسرار الله وأسرار أزكياء عباد الله الأوصياء بعد محمد صلوات الله عليهم فكتموها.

واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها وفيهم نشروها (3).

قوله تعالى: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون [4] أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون [5]

4- تأويله: قال الإمام أبو محمد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): ثم وصف هؤلاء الذين يقيمون الصلاة فقال ﴿والذين يؤمنون بما انزل إليك﴾ يا محمد ﴿وما انزل من قبلك﴾ على الأنبياء الماضين، كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة على أنبيائه، بأنها حق وصدق من عند رب عزيز صادق حكيم ﴿وبالآخرة هم يوقنون﴾ بالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون، ولا يشكون فيها أنها الدار التي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل ما عملوا (4) وعقاب الأعمال السيئة بما كسبوه.

قال الامام (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): قال الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): من دفع فضل أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقد كذب بالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة، فإنه ما نزل شئ منها إلا وأهم ما فيه بعد الامر بتوحيد الله والاقرار بالنبوة

ص: 33


1- من نسخة (م).
2- من نسخة «ب».
3- تفسير الامام: 21 وأخرجه في البحار: 92/377 ح 10 و ج 10/14 ح 7 ونور الثقلين: 1/23 ح 7 والبرهان: 1/54 ح 9 عن معاني الأخبار: 25 مثله.
4- في نسخة «ب» مما عملوه

الاعتراف بولاية (1) علي والطيبين من آله (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2)

قول الله عز وجل ﴿أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون﴾.

5- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما أخبر الله سبحانه عن جلالة الموصوفين بهذه الصفات ذكر أنهم على هدى وبيان وصواب من ربهم وعلم بما أمرهم به ﴿هم المفلحون﴾ الناجون مما فيه الكافرون (3)

وقوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [6]

6- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما ذكر هؤلاء المؤمنين ومدحهم، ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم، فقال: إن الذين كفروا بالله وبما آمن به هؤلاء المؤمنون بتوحيد الله تعالى وبنبوة محمد رسول الله، وبوصيه علي ولي الله ووصي رسول الله، وبالأئمة الطيبين الطاهرين خيار عباده الميامين القوامين بمصالح خلق الله تعالى ﴿سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم - أي خوفتهم أم لم تخوفهم - لا يؤمنون﴾ أخبر عن علم فيهم (4) بأنهم لا يؤمنون (5).

وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [8]

7- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال العالم موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثم قال: يا عبيد الله أنسبوني من أنا. فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

ص: 34


1- في نسخة «ب» والاعتراف بالولاية.
2- تفسير الامام: 29 وعنه البحار: 68/285 ح 43، وفيه: الاعتراف بولايته.
3- تفسير الامام: 29 وعنه البحار: 68/286.
4- في نسخة «ب» أخبر علة كفرهم.
5- تفسير الامام: 30 وعنه البحار: 9/173 ح 2 و ج 68/286.

ثم قال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ وأنا مولاكم وأولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فنظر إلى السماء وقال: اللهم اشهد. يقول ذلك ثلاثا، ويقولون ذلك ثلاثا.

ثم قال: ألا من كنت مولاه وأولى به فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

ثم قال: قم يا أبا بكر فبايع له بإمرة المؤمنين. ففعل، ثم قال بعد ذلك لتمام تسعة، ثم لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوه كلهم.

فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب فقال «بخ بخ (لك) (1) يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة) ثم تفرقوا عن ذلك وقد (وكدت) (2) عليهم العهود والمواثيق.

ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم، تواطأوا بينهم (لئن كانت لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كائنة لندفعن هذا الامر عن علي ولا نتركه له) فعرف الله تعالى ذلك من قبلهم (3) وكانوا يأتون رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ويقولون: لقد أقمت عليا (4) أحب الخلق إلى الله وإليك وإلينا، فكفيتنا به مؤونة الظلمة لنا والجبارين في سياستنا. وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك من مواطأة (5) بعضهم لبعض، وإنهم على العداوة مقيمون، ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون، فأخبر الله عز وجل محمدا عنهم، فقال يا محمد ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله - الذي أمرك بنصب علي إماما وسائسا ولامتك مدبرا - وما هم بمؤمنين﴾ بذلك ولكنهم يتواطأون على هلاكك وهلاكه ويوطئون أنفسهم على التمرد على علي، إن كانت بك كائنة (6).

ص: 35


1- ليس في نسخة (م).
2- في نسخة (م) أكدت.
3- في نسخة «ج» قلوبهم.
4- في نسخة «ب» علينا.
5- في البحار: موالاة.
6- تفسير الامام: 37 وعنه البحار: 6/51 ح 2 و ج 37/141 ح 36 والبرهان: 1/59 ح 1.

وقوله تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [9]

8- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): لما اتصل ذلك من مواطأتهم، وقيلهم في علي، وسوء تدبيرهم عليه برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، دعاهم و عاتبهم فاجتهدوا في الايمان.

فقال أولهم: يا رسول الله [والله] (1) ما اعتددت بشئ كاعتدادي بهذه البيعة، ولقد رجوت أن يفسح الله بها لي في قصور الجنان، ويجعلني فيها أفضل النزال والسكان.

وقال ثانيهم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وثقت بدخول الجنة والنجاة من النار إلا بهذه البيعة، والله ما يسرني أن نقضتها أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسي ما أعطيت، ولو أن لي طلاع (2) ما بين الثرى إلى العرش لآلئ رطبة وجواهر فاخرة.

وقال ثالثهم: والله يا رسول الله لقد صرت من الفرح بهذه البيعة والسرور والفسح من الآمال في رضوان الله، وأيقنت أنه لو كانت ذنوب أهل الأرض كلها علي لمحصت عني بهذه البيعة، وحلف على ما قال من ذلك، ولعن من بلغ عنه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خلاف ما حلف عليه.

ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم الرجال المتمردون.

فقال الله عز وجل لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم ﴿يخادعون الله﴾ يعني يخادعون رسول الله بابدائهم (3) خلاف ما في جوانحهم ﴿والذين آمنوا﴾ يعني سيدهم وفاضلهم علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم قال ﴿وما يخدعون إلا أنفسهم﴾ وما يضرون (4) بتلك الخديعة إلا أنفسهم، وإن الله غني عن نصرتهم، ولولا إمهالهم لما قدروا على شئ من فجورهم وطغيانهم ﴿وما يشعرون﴾ إن الامر كذلك، وإن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكفرهم وكذبهم، ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، وذلك اللعن

ص: 36


1- من نسخة (م).
2- في نسخة (م) طلوع.
3- في نسخة (م) بايمانهم.
4- في نسخة «ب» وما يشعرون.

لا يفارقهم، في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، وفي الآخرة يبتلون بشدائد عذاب الله تعالى (1).

وقوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [10]

9- جاء في تأويل هذه الآية منقبة عظيمة وفضيلة جسيمه لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في تفسير الإمام العسكري صلوات الله عليه، قال موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما اعتذر (2) هؤلاء المنافقون إليه بما اعتذروا تكرمعليهم بأن قبل ظواهرهم و وكل بواطنهم إلى ربهم، لكن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتاه فقال: إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول: أخرج هؤلاء المردة الذين اتصل بك عنهم في علي ونكثهم لبيعته وتوطنتهم نفوسهم على مخالفته ما اتصل حتى يظهر من عجائب ما أكرمه الله به من طاعة الأرض والجبال والسماء له وسائر ما خلق الله لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك، ليعموا أن ولي الله عليا غني عنهم، وأنه لا يكف عنهم انتقامه إلا بأمر الله الذي له فيه، وفيهم التدبير الذي هو بالغه، والحكمة التي هو عامل بها وممض لما يوجبها. فأمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الجماعة بالخروج.

ثم قال لعلي لما استقر عند سفح بعض جبال المدينة:

يا علي إن الله عز وجل أمر هؤلاء بنصرتك ومساعدتك والمواظبة على خدمتك والجد في طاعتك، فان أطاعوك فهو خير لهم، يصيرون في جنان الله ملوكا خالدين ناعمين، وإن خالفوك فهو شر لهم، يصيرون في جهنم خالدين معذبين.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لتلك الجماعة: إعلموا أنكم إن أطعتم عليا سعدتم، وإن خالفتموه شقيتم، وأغناه الله عنكم بمن سيريكموه.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي سل ربك بجاه محمد وآله الطيبين الذين أنت بعد محمد سيّدهم أن يقلّب لك هذه الجبال ما شئت. فسأل ربه ذلك.

ص: 37


1- تفسير الامام: 37 وعنه البحار: 37/143 والبرهان: 1/60 ح 1.
2- في المصدر ونسخة «ج» اعتذروا

فانقلبت فضة، ونادته الجبال:

يا علي يا وصي رسول رب العالمين إن الله قد أعدنا لك إن أردت إنفاقنا في أمرك، فمتى دعوتنا أجبناك لتمضي فينا حكمك وتنفذ فينا قضاؤك.

ثم انقلبت ذهبا كلها وقالت مثل مقالة الفضة.

ثم انقلبت مسكا وعنبرا وعبيرا وجواهر ويواقيت وكل شئ ينقلب منها يناديه: يا أبا الحسن يا أخا رسول الله نحن المسخرات لك، ادعنا متى شئت لتنفقنا فيما شئت نجبك ونتحول لك إلى ما شئت.

ثم قال رسول الله: يا علي سل الله بمحمد وآله الطيبين الذين أنت سيدهم أن يقلب لك أشجارها رجالا شاكين الأسلحة وصخورها اسودا ونمورا وأفاعي.

فدعا الله علي بذلك، فامتلأت تلك الجبال والهضبات وقرار الأرض من الرجال الشاكين الأسلحة، الذين يلاقي (1) الواحد منهم عشرة آلاف من الناس المعتدين ومن الأسود والنمور والأفاعي وكل ينادي:

يا علي يا وصي رسول الله، ها نحن قد سخرنا الله لك وأمرنا بإجابتك، كلما دعوتنا إلى اصطلام كل من سلطتنا عليه فسمنا ما شئت وادعنا نجبك، وأمرنا نطعك.

يا علي يا وصي رسول الله، إن لك عند الله من الشأن ما لو سألت الله أن يصير لك أطراف الأرض وجوانبها هذه صورة (2) واحده كصرة كيس لفعل، أو يحط لك السماء إلى الأرض لفعل، أو ليرفع لك الأرض إلى السماء لفعل، أو يقلب لك ما في بحارها أجاجا ماء عذبا أو زيبقا أو ألبانا (3) أو ما شئت من أنواع الأشربة والأدهان لفعل، ولو شئت أن يجمد البحار ويجعل سائر الأرض هي البحار لفعل، فلا يحزنك تمرد هؤلاء المتمردين وخلاف هؤلاء المخالفين (فكأنهم بالدنيا وقد انقضت عنهم

ص: 38


1- في نسخة (م) لا يفي.
2- في نسخة (م) صرة.
3- في نسخة «ب» زيتا أو بانا وفى المصدر: باتا.

وكأن لم يكونوا فيها) (1) وكأنهم بالآخرة إذا وردوا عليها، لم يزالوا فيها.

يا علي إن الذي أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمردهم عن طاعتك هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد ونمرود بن كنعان ومن ادعى الإلهية من ذوي (2) الطغيان، وأطغى الطغاة إبليس رأس الضلالات، وما خلقت أنت ولا هم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء، ولكنكم تنقلون من دار إلى دار، ولا حاجة لربك إلى من يسوسهم ويرعاهم، ولكنه أراد تشريفك عليهم، وإبانتك (3) بالفضل فيهم، ولو شاء لهداهم أجمعين.

قال: فمرضت قلوب القوم لما شاهدوا من ذلك، مضافا إلى ما كان في قلوبهم من مرض، فقال الله عند ذلك: ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون﴾ (4).

وقوله تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون [11]

10- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ): وإذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة في يوم الغدير ﴿لا تفسدوا في الأرض﴾ باظهار نكث البيعة لعباد الله المستضعفين فتشوشون عليهم (دينهم) (5) وتحيرونهم في مذاهبهم، ﴿قالوا إنما نحن مصلحون﴾ لأننا لا نعتقد دين محمد ولا غير دين محمد ونحن في الدين متحيرون، فنحن نرضى في الظاهر محمدا باظهار قبول دينه وشريعته، ونقضي في الباطن على شهواتنا فنمتنع ونتفكه ونتركه (6) ونعتق أنفسنا من رق محمد ونفكها من طاعة ابن عمه عليّ، كي لا نذلّ في الدنيا (7).

ص: 39


1- ما بين القوسين ليس في نسخة «ب».
2- في نسخ: (أ و ب و ج) ذو.
3- في نسخة «ب» انابتك.
4- تفسير الامام: 38 وعنه البرهان: 1/60 ح 1 وقطعة منه في اثبات الهداة: 3/573 ح 659.
5- ليس في نسخة (م).
6- في نسخة (م) ونتركهم وكلمة (ونتفكه) ليس فيها.
7- تفسير الامام: 39 وعنه البرهان: 1/61 ح 1.

وقوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [13]

11- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): وإذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة ﴿آمنوا﴾ بهذا النبي وسلموا لهذا الامام في ظاهر الامر وباطنه ﴿كما آمن الناس﴾ المؤمنون كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ﴿قالوا﴾ في الجواب لأصحابهم الموافقين لهم لا للمؤمنين ﴿أنؤمن كما آمن السفهاء﴾ يعنون سلمان وأصحابه لما أعطوا عليا خالص ودهم ومحض طاعتهم وكشفوا رؤوسهم بمولاة أوليائه ومعاداة أعدائه، فرد الله عليهم فقال: ﴿ألا إنهم هم السفهاء﴾ الذين لا ينظرون في أمر محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حق النظر فيعرفون نبوته وصحة ما أناطه بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أمر الدين والدنيا ﴿ولكن لا يعلمون﴾ (1) إن الامر كذلك وإن الله يطلع نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيخسئهم ويلعنهم ويسخطهم.

تنبيه: اعلم أن قوله تعالى: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا - إلى قوله - إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [20]

12- تأويله: ذكره في تفسير الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: إنه في القوم المتمردين الناكثين بيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه (2) وهو مفصّل ومطوّل وهذا معناه مجملا، وحال التأويل ظاهر فلا يحتاج إلى بيان أهل الزيغ والعدوان.

وقوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون [21]

13- تأويله: قال الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿يا أيها الناس﴾ يعني سائر الناس المكلفين من ولد آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿اعبدوا ربكم﴾ أي أجيبوا ربكم حيث أمركم أن تعتقدوا أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ولا شبيه.

ص: 40


1- تفسير الامام: 39 وعنه البرهان: 1/62 ح 1.
2- تفسير الامام: 40 وعنه البحار: 8/219 (الطبعة الحجرية) والبرهان: 1/62 ح 1

ولا مثل) (1) عدل لا يجور، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حكيم لا يخطل، وأن محمدا عبده ورسوله ((صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الطيبين) وأن آل محمد أفضل آل النبيين، وأن عليا أفضل آل محمد، وأن أصحاب محمد المؤمنين منهم أفضل أصحاب المرسلين، وأن أمة محمد أفضل أمم المرسلين (2)، (سلام الله عليه وعليهم).

وقوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]

14- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): قوله عز وجل ﴿جعل لكم الأرض فراشا﴾ تفترشونها لمنامكم ومقيلكم ﴿والسماء بناء﴾ سقفا محفوظا ارتفع عن الأرض تجري شمسها وقمرها وكواكبها مسخرة لمنافع عباده وإمائه.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لأصحابه: لا تعجبوا لحفظه السماء أن تقع على الأرض فان الله عز وجل يحفظ ما هو أعظم من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: من ذلك ثواب طاعات المحبين لمحمد وآله، ثم قال: ﴿وأنزل من السماء ماء﴾ يعني المطر [ينزل] (3) مع كل قطرة ملك يضعها في موضعها الذي يأمره به ربه عز وجل، فعجبوا من ذلك، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أو تستكثرون عدد هؤلاء! وإن الملائكة المستغفرين لمحبي علي بن أبي طالب أكثر من عدد هؤلاء، وإن عدد الملائكة اللاعنين لمبغضيه أكثر من عدد هؤلاء.

ثم قال عز وجل: ﴿فأخرج به من الثمرات رزقا لكم﴾ ألا ترون كثرة هذه الأوراق والحبوب والحشائش؟ قالوا: بلى يا رسول الله ما أكثر عددها. فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أكثر عدد منها ملائكة يبتذلون (لآل محمد في الجنة، أتدرون فيما يبتذلون لهم؟ يبتذلون) (4) في حمل أطباق النور، عليها (5) التحف من عند ربهم وفوقها.

ص: 41


1- في نسخة «أ» كذا: أيها الناس من ولد آدم المكلفين (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) باعتقاد التوحيد ونفى التشبيه وأنه...
2- تفسير الامام: 45 وعنه البحار: 68/286 ح 44 والبرهان: 1/66 ح 1.
3- من نسخة (م).
4- ليس في نسخة (م).
5- في نسخة «ج» على

مناديل النور، ويخدمونهم في حمل ما يحمل آل (1) محمد منها إلى شيعتهم ومحبيهم وإن طبقا من تلك الاطباق يشتمل من الخيرات على ما لا يفي بأقل جزء منه جميع أموال الدنيا (2)

وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [23]

15- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): قوله عز وجل: ﴿وإن كنتم﴾ أيها المشركون واليهود وسائر النواصب من المكذبين لمحمد بما قاله في القرآن في تفضيل أخيه (علي) المبرز على الفاضلين، الفاضل على المجاهدين الذي لا نظير له في نصرة المؤمنين، وقمع الفاسقين، وإهلاك الكافرين، وتثبيته دين رب العالمين ﴿في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ في إبطال عبادة الأوثان من دون الله، في النهي عن موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله، وفي الحث على الانقياد لأخي رسول الله واتخاذه إماما واعتقاده فاضلا راجحا، لا يقبل الله عز وجل إيمانا ولا طاعة إلا بموالاته، وتظنون أن محمدا تقوله من عنده، وينسبه إلى ربه، فان كان كما تظنون ﴿فأتوا بسورة من مثله﴾ أي من مثل محمد أمي لم يختلف قط إلى أصحاب كتب وعلم، ولا تلمذ لأحد ولا تعلم منه ﴿وادعوا شهداءكم من دون الله﴾ [الذين] (3) يشهدون بزعمكم أنكم محقون وأن ما تجيئون به نظير لما جاء به محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿إن كنتم صادقين﴾ في قولكم أن محمدا تقوله (4)

16- الكليني (5) (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، باسناده عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هكذا ﴿وإن كنتم

ص: 42


1- في نسخة (م) إلى.
2- تفسير الامام: 49، وقطعة منه في البحار: 59/379 ح 18.
3- من نسخة (م).
4- تفسير الامام: 67 وعنه البحار: 92/30 و ج 17/216 والبرهان: 1/68 ح 2.
5- في نسخة «ج» ذكره الكليني

في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فأتوا بسورة من مثله﴾ (1).

17- العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال) (2) ثم قال تعالى: ﴿فإن لم تفعلوا﴾ هذا الذي تحديتكم به ﴿ولن تفعلوا﴾ أي ولا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون وأن محمدا الصادق الأمير المخصوص برسالة رب العالمين المؤيد بالروح الأمين وبأخيه أمير المؤمنين وسيد المتقين فصدقوه فيما يخبركم به عن الله في أوامره ونواهيه وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه، واتقوا بذلك عذاب النار التي وقودها وحطبها ﴿الناس والحجارة﴾ حجارة الكبريت أشد الأشياء حرا، أعدت تلك النار للكافرين بمحمد، والشاكين بنبوته (3) والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لإمامته.

ثم قال: ﴿وبشر الذين آمنوا﴾ بالله وصدقوك في نبوتك واتخذوك نبيا واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ولك وصيا مرضيا، وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما اختارهم إليه، ورأوا له ما يرون لك ﴿إلا النبوة التي أفردت بها﴾ (4) وأن الجنان لا تصير لهم إلا (بموالاة) (5) من نص عليه من ذريته وموالاة أهل ولايته، ومعاداة أهل مخالفته وعداوته (6) وأن النيران لا تهدأ عنهم، ولا يعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم عن موالاة مخالفيهم ومؤازرة شانئيهم ﴿وعملوا الصالحات﴾ من أداء الفرائض واجتناب المحارم ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك. [بشرهم] ﴿أن لهم جنات تجري من تحتها الانهار - من تحت شجرها ومساكنها – كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل، وأتوا به متشابها ولهم فيها

ص: 43


1- الكافي: 1/417 وعنه البحار: 23/373 ذ ح 51 والبرهان: 3/70 ح 3 وفيه (عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وهو اشتباه على الأظهر وأخرجه في البحار: 35/57 عن المناقب
2- 2/301. ليس في نسخة «م».
3- في نسخة (م) في نبوته.
4- ليس في نسخة «ب».
5- في نسختي (ب، م) بموالاته وموالاة.
6- في نسخة «ب» وأعدائه.

أزواج مطهرة - من أنواع الأقذار - وهم فيها خالدون﴾ مقيمون في تلك البساتين والجنان (1)

وقوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين [31]

18- تأويله: ذكر في تفسير العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): أن الحسين صلوات الله عليه قال لأصحابه بالطف: أولا أحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا و المبغضين لأعدائنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون؟ قالوا: بلى يا بن رسول الله.

قال: إن الله لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش، ثم أمر الله الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له، وإنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها الآفاق، فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت، وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع بآبائه ذلك وتكبره وكان من الكافرين (2).

19- وقال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: يا عباد الله (3). إن آدم لما رأى النور ساطعا في صلبه [إذ كان الله قد نقل أشباحنا] (4) من ذروة العرش إلى ظهره [رأى النور] (5) ولم يتبين الأشباح [فقال: يا رب ما هذه الأنوار؟] (6) قال الله عز وجل [له هذه] (7) أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح.

فقال آدم: يا رب لو بينتها لي، فقال الله عز وجل: انظر يا آدم إلى ذروة

ص: 44


1- تفسير الامام: 68 وعنه البحار: 68/34 ح 71 والبحار: 67/18 والبرهان: 1/69 ح 2.
2- تفسير الامام: 74 وعنه البحار: 11/149 ح 25 و ج 26/326 ح 10.
3- في نسخة «ج» يا عبادة الله
4- من تفسير الامام.
5- من نسخة «ج».
6- من نسختي (ب، ج).
7- من نسخة «أ».

العرش. فنظر آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورفع (1) نور أشباحنا من ظهر آدم إلى ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية، فرأى أشباحنا، فقال: ما هذه الأشباح يا رب؟

قال الله: يا آدم هذه أشباح (2) أفضل خلائقي وبرياتي، هذا محمد وأنا الحميد و المحمود في أفعالي شققت له اسما من اسمي، وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرضين، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم أوليائي عما يغريهم (3) ويشينهم، فشققت لها اسما من اسمي، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل، شققت إسميهما من اسمي، هؤلاء خيار خلقي وكرام بريتي، بهم آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسل بهم يا آدم إلي إذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك فاني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيب بهم آملا ولا أرد بهم سائلا.

فلذلك حين نزلت منه الخطيئة دعا الله عز وجل فتاب عليه وغفر له (4).

وقوله تعالى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [35]

20- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله عز وجل لما لعن إبليس بآبائه و أكرم الملائكة بسجودها لآدم وطاعتهم لله عز وجل أمر بآدم وحواء إلى الجنة، وقال: ﴿يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا - واسعا - حيث شئتما – بلا تعب - ولا تقربا هذه الشجرة﴾ شجرة العلم، علم محمد وآل محمد، الذي آثرهم الله به دون سائر خلقه، فإنها لمحمد وآل محمد خاصة دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إلا هم، ومنها كان يتناول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتى لم يحسوا بعد بجوع

ص: 45


1- في خ والبحار: وواقع.
2- في نسخة (م) الأشباح.
3- في نسخة «ب» عما يبسرهم، وفيه أفاطم، وفى نسختي (م، أ) عما يبيرهم.
4- تفسير الامام: 74 وعنه البحار: 11/150 و ج 26/327 والبرهان: 1/88 ح 13.

ولا عطش ولا تعب، وهي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة، إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل أنواعا من الثمار والمأكول، وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والأطعمة فلذلك اختلف الحاكون لذلك الشجرة، فقال بعضهم: هي برة.

(وقال آخرون: هي عنبة) (1). وقال آخرون: هي تينة. وقال آخرون: هي عنابة.

قال الله تعالى: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ تلتمسان بذلك درجة محمد وآل محمد في فضلهم، فان الله خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم، وهي الشجرة التي من يتناول منها بإذن الله الهم علم الأولين والآخرين بغير تعلم.

ومن تناول منها بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه ﴿فتكونا من الظالمين﴾ بمعصيتكما والتماسكما درجة قد أوثر بها غيركما كما أردتما بغير حكم الله.

ثم قال الله تعالى: ﴿فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه﴾ (2) الآية.

وقوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [37]

تأويله: معنى قوله (فتلقى) أي قبل وأخذ وتناول على سبيل الطاعة من ربه.

وقوله (كلمات) وهي أسماء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما جاء عنهم صلوات الله عليهم: إن آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) رأى مكتوبا على العرش أسماء مكرمة معظمة فسأل عنها؟ فقيل له: هذه أسماء أجل الخلق منزلة عند الله تعالى، والأسماء: محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات الله عليهم، فتوسل آدم إلى ربه بهم في قبول توبته ورفع منزلته، فتاب عليه (3).

21- ويؤيد هذا التأويل ما ذكر في تفسير الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال الله عز وجل ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم﴾ ﴿التواب﴾ القابل للتوبات ﴿الرحيم﴾ بالتائبين فلمّا زلت من آدم الخطيئة، فاعتذر

ص: 46


1- ليس في نسخة («ب»).
2- تفسير الامام: 74 وعنه البحار: 11/189 ح 47 والبرهان: 1/79 ح 1.
3- تفسير الامام: 74.

إلى ربه عز وجل قال: يا رب تب علي واقبل معذرتي وأعدني إلى مرتبتي وارفع لذلك (1) درجتي، فلقد تبين نقص الخطيئة وذلتها (2) بأعضائي وسائر بدني.

قال الله عز وجل: يا آدم أما تذكر أمري إياك، أن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك وفي النوازل التي تبهضك؟ قال آدم: بلى يا رب.

قال الله عز وجل: (فهم محمد) (3) وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (صلوات الله عليهم) خصوصا ادعني أجبك إلى ملتمسك وأزدك فوق مرادك.

فقال آدم: يا رب وإلهي قد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له الملائكة وأبحته جنتك، وزوجته أمتك وأخدمته كرام ملائكتك.

قال: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود إذ كنت وعاءا لهذه الأنوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منها لكنت قد فعلت ذلك، ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن بهم فادعني لأجبك (4). فعند ذلك قال آدم (اللهم بجاه محمد وآله الطيبين، بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت علي بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من كرامتك (5) إلى مرتبتي.

فقال الله عز وجل: قد قبلت توبتك وأقبلت برضواني عليك وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ووفرت نصيبك من رحماتي.

فذلك قول الله عز وجل: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم﴾ (6).

22- ويؤيده ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي قدس الله روحه، عن رجاله عن ابن عباس (رض) قال: لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس،

ص: 47


1- في نسختي (ب، م) لديك.
2- في نسخة («ب») زلها.
3- في تفسير الامام: فتوسل بمحمد.
4- في نسخ (أ، ب، ج) لأجيبك.
5- في نسخة (م) كراماتك.
6- تفسير الامام: 75 وعنه البرهان: 1/87 ح 12.

فألهمه الله أن قال: الحمد لله رب العالمين. فقال الله: يرحمك ربك. فلمّا أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك مني؟ فلم يجب فقال ثانية، فلم يجب، فقال الثالثة، فلم يجب.

ثم قال سبحانه وتعالى: يا آدم خلقت خلقا لولاهم (1). ما خلقتك. فقال: يا رب فأرنيهم. فأوحى الله إلى ملائكة الحجب [أن] (2) (ارفعوا الحجب) فلمّا رفعت فإذا [آدم] (3) بخمسة أشباح قدام العرش، فقال: يا رب من هؤلاء؟

فقال: يا آدم هذا محمد نبيي، وهذا علي ابن عمه ووصيه، وهذه فاطمة ابنة نبيي، وهذان الحسن والحسين ابناهما وولدا نبيي.

ثم قال: يا آدم هم ولدك. ففرح بذلك.

فلمّا اقترف الخطيئة، قال: يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا ما غفرت لي. فغفر له وهو قوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم﴾ (4).

وكذا مما ورد: أن آدم وغيره من أولي العزم (عَلَيهِم السَّلَامُ) سألوا الله بحق محمد وآل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) فاستجاب لهم الدعاء ونجاهم من البلاء.

وهذا يدل على أنهم ليسوا في الفضل سواء، بل فيه دلالة (على) (5) أن المسؤول به أفضل من السائل، وهذه الدلالة من أوضح الدلائل.

23- ويؤيده ما رواه الشيخ محمد بن بابويه رحمة الله عليه في أماليه، عن رجاله، عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: أتى يهودي إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقام بين يديه، وجعل يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي ما حاجتك؟

ص: 48


1- في نسخة (م) قال الله سبحانه نعم ولولاهم.
2- من اليقين والبحار.
3- من اليقين والبحار.
4- مصباح الأنوار: 241 (مخطوط) وأخرجه في البحار: 26/325 ح 8 و ج 11/175 ح 20 عن كشف اليقين: 30 وفى البرهان: 1/89 ح 15 عن مناقب ابن شهرآشوب نقلا عن الخصائص وقطعة منه في المستدرك: 1/372 ح 8 عن كشف اليقين.
5- ليس في نسخة (م).

قال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر وظلله الغمام؟

فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه، ولكن أقول: إن آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته (اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي) فغفرها الله له.

وإن نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال (اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني من الغرق) فنجاه الله منه.

وإن إبراهيم لما القي في النار قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني (من النار. فنجاه الله من النار) (1). فجعلها الله عليه بردا وسلاما.

وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجّيتني (2) فقال الله جل جلاله: ﴿لا تخف إنك أنت الأعلى﴾ (3).

يا يهودي لو أدركني موسى ثم لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ولا نفعته النبوة.

يا يهودي ومن ذريتي الإمام المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته وقدمه وصلى خلفه (4).

وهذا يدلّ على أن القائم أفضل من عيسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

24- وقال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الله عز وجل: ﴿والذين كفروا وكذبوا بآياتنا﴾ الدالات على صدق محمد وما جاء به من أخبار القرون السالفة، و [على] (5) ما أداه

ص: 49


1- في نسخة (م) منها بدل (من النار فنجاه الله من النار).
2- في نسخة («ب») آمنتني.
3- طه: 68.
4- أمالي الصدوق: 181 ح 4 وعنه البحار: 16/366 ح 72 و ج 26/319 ح 1 والبرهان: 1/98 ح14 وعن جامع الاخبار: 9 وأخرجه فی النور الثقلین:1/75 ح144 عن الاحتجاج: 1/54.
5- من نسخة «م».

إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي وآله الطيبين، خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيّد البريّات.

[أولئك] (1) الدافعون لصدق محمد في أنبائه، والمكذبون له في تصديقه (2) لأوليائه على سيد الأوصياء والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).

تنبيه: إعلم أن في هذه السورة آيات، والخطاب فيها لبني إسرائيل ولكن يتضمن تأويلها ذكر محمد وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فاقتضت الحال أن نأخذ منه موضع ذكرهم ونترك الباقي مخافة التطويل، وإذا كان غير مطول ذكرناه جميعه على حسب ما يقتضيه الحال، وإلى الله المآل.

منها قوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [40]

25- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الله عز وجل:

﴿يا بني إسرائيل اذكروا (4) نعمتي التي أنعمت عليكم﴾.

لما بعثت محمدا، وأقررته في مدينتكم، ولم أجشمكم الحط والترحال (5) إليه، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله ﴿وأوفوا بعهدي﴾ الذي أخذته على أسلافكم (أنبياؤهم أمروهم) (6) أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنن بمحمد العربي القرشي، المبان بالآيات والمؤيد بالمعجزات التي منها (كلمه ذراع مسموم وناطقه (7) ذئب، وحن إليه عود المنبر (8)، وكثر الله له القليل من الطعام، وألان له الصلب من الأحجار، وصلبت لديه المياه السائلة، ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا وجعل له مثلها أو أفضل منها).

ص: 50


1- من نسختي (أ، م).
2- في نسختي (أ، م) نصبه.
3- تفسير الامام: 76 وعنه البرهان: 1/89 ح 1.
4- في نسختي (ج، م) يا بني إسرائيل (ولد يعقوب إسرائيل الله) اذكروا.
5- في نسخة («ب») أجشمك الحط والرجال والظاهر: الرحال.
6- في نسختي (ب، ج) وأنبيائكم.
7- في نسخة («ب») خاطبه.
8- في نسخة «ب» منبره.

والذي جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) شقيقه ورفيقه، عقله من عقله وعلمه من علمه، وحلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر وعلمه الفاضل وفضله الكامل.

﴿أوف بعهدكم﴾ الذي أوجبت به لكم نعيم الأبد في دار الكرامة ومستقر الرحمة ﴿وإياي فارهبون﴾ في مخالفة محمد فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي [عنكم (1) ] إذا أثرتم مخالفتي (2).

قوله تعالى: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون [41]

26- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): ثم قال الله عز وجل لليهود ﴿وآمنوا [يا أيها اليهود] (3) بما أنزلت﴾ على محمد من ذكر نبوته وأنباء إمامة أخيه علي وعترته الطيبين ﴿مصدقا لما معكم﴾ فان مثل هذا الذكر في كتابكم أن محمد النبي سيد الأولين والآخرين، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة [رسول] (4) رب العالمين فاروق الأمة وباب مدينة الحكمة ووصي رسول رب الرحمة ﴿ولا تشتروا بآياتي﴾ المنزلة لنبوة محمد وإمامة علي، والطاهرين من عترته ﴿ثمنا قليلا﴾ بان تجحدوا نبوة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وإمامة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتعتاضوا عنها عرض (5) الدنيا، فان ذلك وإن كثر فإلى نفاد وخسار وبوار.

ثم قال عز وجل ﴿وإياي فاتقون﴾ في كتمان أمر محمد وأمر وصيه فإنكم إن (لم) (6) تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، وبراهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم وأبطلت تمويهكم.

وهؤلاء (يهود) المدينة جحدوا نبوة محمد وخانوه وقالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي وأن عليا وصيه، ولكن لست أنت ذلك ولا هذا، ويشيرون إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها

ص: 51


1- من تفسیر الامام.
2- تفسير الامام: 76 وعنه البحار: 9/178 ح 6وج 26/287ح 47 و البرهان: 1/90ح/1.
3- من نسخة «ج».
4- من تفسیر الامام.
5- فی نسخة «م» عوض.
6- لیس فی نسخة «ب».

للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد هذا، والوصي علي هذا، ولو أذن الله [لنا] (1) لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله عز وجل يمهلهم لعلمه بأنه [سيخرج من] (2) أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات، ولو تزيلوا لعذب الله هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت (3).

وقوله تعالى: ولا تلبسوا الحق بالبطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون [42]

28- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): خاطب الله عز وجل [بها] قوما من اليهود (لبسوا الحق) (4) قال: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل﴾ بأن زعموا أن محمدا نبي، وأن عليا وصي، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة.

فقال لهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟ قالوا: بلى. فجاءوا بها وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عز وجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون وهو في يد قارئين (5) منهم، مع أحدهما أوله ومع الآخر آخره، ثعبانا له رأسان وتناول كل رأس منهما يمين (6) الذي هو في يده، وجعل يرضضه ويهشمه، ويصيح الرجلان ويصرخان، وكانت هناك طوامير اخر فنطقت وقالت:

لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرا بما فيها من صفة محمد ونبوته، وصفة علي وإمامته (على ما) (7) أنزله الله تعالى. فقرآه صحيحا وآمنا برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله.

فقال الله تعالى: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل﴾ بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه ﴿وتكتموا (8) الحق﴾ من نبوة هذا وإمامة هذا ﴿وأنتم تعلمون﴾ (9).

ص: 52


1- من نسختي (ج، م).
2- من نسخة «ج».
3- تفسير الامام: 77 وعنه البحار: 24/393 ح 113 والبرهان: 1/91 ح 1.
4- ليس في نسخة (م).
5- في نسخة «ب» قرائين.
6- في نسخة «ب» عين.
7- في نسخة «ج» بما، وفى نسخة «ب» على ما أنزل.
8- في نسختي (ج، م) فتكتمون.
9- تفسير الامام: 77 وعنه البحار: 9/308 ضمن ح 10 والبرهان: 1/91 ح 1.

وقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [43]

28- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثم قال الله عز وجل لهؤلاء ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين﴾.

قال: أقيموا الصلوات (1) المكتوبات التي جاء بها محمد وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الذين (علي) سيدهم وفاضلهم ﴿وآتوا الزكاة﴾ من أموالكم إذا وجبت، ومن أبدانكم إذا لزمت، ومن معونتكم إذا التمست ﴿واركعوا مع الراكعين﴾ أي تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عز وجل في الانقياد لأولياء الله، ولمحمد نبي الله، ولعلي ولي الله، وللأئمة بعدهما سادات أصفياء الله (2).

29- ونقل ابن مردويه، وأبو نعيم الحافظ في قوله تعالى ﴿واركعوا مع الراكعين﴾ أنها نزلت في رسول الله وفي علي (صلوات الله عليهما) خاصة، لأنهما أول من صلى وركع (3).

وقوله تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون [44]

30- معنى تأويله من تفسيره (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن رؤساء هؤلاء اليهود اقتطعوا أموال ضعفائهم من الصدقات والمواريث ليأكلوها.

وقالوا: نقتل محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). فلمّا جاءوا دفعهم الله عنه، فقال لرؤسائهم: أنتم (فعلتم وفعلتم) وأخذتم أموال هؤلاء، وهي موجودة عندكم. فأنكروا ذلك، فأمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الملائكة باحضار الأموال، فلمّا حضرت اعترفوا بذنوبهم، فأسلم بعض وأقام على دينه بعض.

ص: 53


1- في نسختي (ب، ج) الصلاة.
2- تفسير الامام: 78 وعنه البحار: 24/395 ح 114 والبرهان: 1/92.
3- في نسخة «ب» صليا وركعا. أخرجه في البحار: 38/201 ح 1 والبرهان: 1/92 ح 8 عن المناقب: 1/296 وفى البحار: 35/347 ذ ح 24 عن تفسير فرات: 2 باسناده عن ابن عباس ورواه في شواهد التنزيل: 85 ح 124 باسناده عن ابن عباس.

قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال الرؤساء الذين هموا بالاسلام: نشهد يا محمد أنك النبي الأفضل وأن أخاك هذا هو الوصي الاجل الأكمل فقد فضحنا الله تعالى (بذنوبنا) (1) أرأيت إن تبنا مما اقتطعنا ما يكون حالنا؟

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذا أنتم في الجنان رفقاؤنا، وفي الدنيا في دين الله إخواننا ويوسع الله أرزاقكم وتجدون في مواضع أموالكم التي اخذت منكم بأضعافها (2) وينسي هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم.

فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، وأن عليا أخوك ووزيرك والقيم بدينك والنائب عنك والمناضل (3) دونك، وهو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فإذا أنتم المفلحون.(4).

وقوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [45]

31- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): ثم قال الله عز وجل لسائر الكافرين واليهود والمشركين: ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ أي بالصبر على الحرام، وعلى تأدية الأمانات وبالصبر على الرئاسات الباطلة، وعلى الاعتراف لمحمد بنبوته، ولعلي بوصيته، ﴿واستعينوا بالصبر﴾ على خدمتهما، وخدمة من يأمرانكم بخدمته على استحقاق، الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمن، ومرافقة خيار المؤمنين، والتمتع بالنظر إلى غرة محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى سيد الوصيين والسادة الأخيار المنتجبين، فان ذلك أقر لعيونكم وأتم لسروركم وأكمل لهدايتكم من سائر (5) نعيم الجنان، ﴿واستعينوا﴾ أيضا [بالصلوات الخمس] (6) وبالصلاة على محمد وآله الطيبين [على قرب الوصول إلى جنان النعيم ﴿وإنها﴾ أي إن هذه الفعلة من الصلوات الخمس ومن الصلاة على محمد وآله الطيبين] (7) والانقياد

ص: 54


1- في نسخة «ب» لولاك.
2- في نسخة «ج» أضعافا.
3- في نسخة (م) والمناصل، وفى تفسير الامام: والمقاتل.
4- تفسير الامام: 79 وعنه البرهان:1/93.
5- فی نسخة «ب» لسائر.
6- من نسخة «ج».
7- من نسختی «ب وج».

لأوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف ﴿لكبيرة﴾ عظيمة ﴿إلا على الخاشعين﴾ الخائفين عقاب الله في مخالفته في فرائضه (1).

وقوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون [48]

32- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الله عز وجل ﴿واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا﴾ أي لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع ﴿ولا يقبل منها شفاعة﴾ من يشفع لها بتأخير الموت عنها ﴿ولا يؤخذ منها عدل﴾ أي ولا يقبل منها فداء مكانه، يموت الفداء، ويترك هو.

قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): وهذا اليوم يوم الموت فان الشفاعة والفداء لا يغني منه (2)، فأما يوم القيامة فانا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن (3) على الأعراف بين الجنة والنار (محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبون من آلهم) فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات فمن (4) كان منهم مقصرا في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظائرهم في العصر الذي يليهم ثم في كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور يتناولونهم، كما تتناول الصقور صيودها، ثم يزفون إلى الجنة زفا، وإنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات، كما يلتقط الطير الحب، وينقلونهم (5) إلى الجنان بحضرتنا.

وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله بعد أن صان الولاية والتقية وحقوق إخوانه، ويوقف بأزائه ما بين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصاب.

فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة وأولئك

ص: 55


1- تفسير الامام: 80 وعنه البحار: 82/192 والبرهان: 1/94 ح 1.
2- من تفسير الامام، وفى الأصل: فيه.
3- في نسخة «ج» لنكونن.
4- في نسخة «ج» ممن، وفى نسخة (م) مما.
5- من تفسير الامام، وفى الأصل: وايتلقونهم.

النصاب النار وذلك ما قال الله عزو جل ﴿ربما يود الذين كفروا - يعني بالولاية - لو كانوا مسلمين﴾ (1) في الدنیا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار (2).

والمعنى أنهم صلوات الله عليهم الشفعاء وبولايتهم يؤخذ العدل من الفسق (3) وهو الفداء، فعليهم من الله التحية والسلام في كل صباح ومساء، وما أدبر ظلام وأقبل ضياء.

وقوله تعالى: وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [50]

33- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن موسى لما انتهى إلى البحر، أوحى الله عز وجل إليه: قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي، وأمروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخ محمد وآله الطيبين، وقولوا اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء فان الماء يتحول لكم أرضا.

فقال لهم موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذلك. فأبوا، وقالوا: نحن لا نسير إلا على الأرض.

فأوحى الله عز وجل إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿أن اضرب بعصاك البحر﴾ وقل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته لنا. ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج.

فقال موسى: ادخلوها. قالوا: الأرض وحلة، نخاف أن نرسب فيها.

فقال عز وجل: يا موسى قل: اللهم بجاه (4) محمد وآله الطيبين جففها.

فقالها (5) فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت (6) وقال موسى: ادخلوها. قالوا: يا نبي الله نحن اثنتا عشر قبيلة بنوا اثني عشر أبا، وإن دخلنا رام كل فريق منا تقديم صاحبه فلا نأمن وقوع (7) الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدته لامنا

ص: 56


1- الحجر: 2.
2- تفسير الامام: 81 وعنه البحار 8/44 ح 45 والبرهان: 1/95 ح 4 و ج 2/325 ح 4 وقطعة منه في البحار: 9/311.
3- في نسخة «ب» النفس.
4- في نسخة «ب» بحق.
5- في نسخة «ج» فقال.
6- في نسختي (ج، م) فجففت.
7- في نسخة «ب» فلا مأمن من وقوع، وفى نسخة «ج» فلانا فنخاف من وقوع.

ما نخافه. فأمر الله عز وجل موسى: أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشر (ضربة في اثني عشر) (1) موضعا (ويقول: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين لنا الأرض وأمط الماء عنّا. فصار فيه تمام اثني عشر طريقا، فقال: ادخلوها.

قالوا: إن كل فريق يدخل في سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين.

فقال الله عز وجل: فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك) (2) وقل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت في هذا الماء طيقانا (3) واسعة يرى بعضهم بعضا منها.

فحدثت طيقان (4) واسعة يرى بعضهم بعضا منها، ثم دخلوها، فلمّا بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه، فلمّا دخل آخرهم وهم بالخروج أولهم أمر الله عز وجل البحر فانطبق عليهم فغرقوا، وأصحاب موسى ينظرون إليهم.

فقال الله عز وجل لبني إسرائيل الذين في عهد محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

فإذا كان الله فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد وآله، ودعاء موسى بهم دعاء تقرب إلى الله أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله إذ قد شاهدتموه الآن (5) ؟

وقوله تعالى: وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون [51]

معنى تأويله: أن الله عز وجل وعد موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لميقاته أربعين ليله، فلمّا غاب عن قومه اتخذوا العجل من بعده، وقصته مشهورة.

34- ولكن قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تفسيره: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى: يا موسى بن عمران ما خذل هؤلاء بعبادتهم واتخاذهم إلها غيري (6) إلا لتهاونهم بالصلاة

ص: 57


1- ليس في نسخة «ب».
2- ما بين القوسين ليس في نسخة «ب».
3- في نسخة «ب» طبقان، وفى نسخ (أ، ج و م) طبقات.
4- في نسخة «ب» طبقان، وفى نسخ (أ، ج و م) طبقات.
5- تفسير الامام: 82 وعنه البحار: 13/138 ح 54 و ج 94/6 ح 8 والبرهان: 1/97.
6- في نسخة (م) (بعبادتي واتخاذي إلها)، وفى نسخة «ج» (بعبادتي واتخاذهم إلها).

على محمد وآله الطيبين، وجحودهم لموالاتهم ونبوة النبي ووصية الوصي حتى أداهم ذلك إلى أن اتخذوا العجل إلها (1) فإذا كان الله تعالى إنما خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمد ووصيه علي، فما تخافون أنتم من الخذلان الأكبر في معاندتكم لمحمد وعلي وقد شاهدتموهما وتبينتم آياتهما ودلائلهما؟!.

ثم قال عز وجل ﴿ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون﴾ أي عفونا عن أوائلكم وعبادتهم العجل لعلكم أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل تشكرون تلك النعمة على أسلافكم وعليكم بعدهم.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنما عفا الله عز وجل عنهم لانهم دعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين، وجددوا على أنفسهم الولاية لمحمد وعلي وآلهما الطاهرين، فعند ذلك رحمهم الله وعفا عنهم (2).

وقوله تعالى: وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [53]

35- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): واذكروا إذ آتينا موسى الكتاب وهو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الايمان به والانقياد لما يوجبه، والفرقان آتيناه أيضا وهو فرق ما بين الحق والباطل، وفرق ما بين المحقين والمبطلين، وذلك أنه لما أكرمهم الله بالكتاب والايمان به والانقياد له، أوحى الله بعد ذلك إلى موسى: يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به وقد بقي الفرقان فرق ما بين المؤمنين والكافرين والمحقين والمبطلين، فجدد عليهم العهد به، فاني آليت على نفسي قسما حقا «لا أتقبل (3) من أحد إيمانا ولا عملا إلا مع الايمان به».

فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما هو يا رب؟ قال الله عز وجل: يا موسى تأخذ على بني إسرائيل أن محمدا خير البشر وسيد المرسلين، وأن أخاه ووصيه خير الوصيين، وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق، وأن شيعته المنقادين له، المسلمين له ولأوامره

ص: 58


1- كذا في النسخ، وفى المصدر والبحار (اتخذوني إلها، قال الله عز وجل).
2- تفسير الامام: 83 وعنه البرهان: 1/98 ح 1 وصدره في البحار: 13/231 ذ ح 42 وذيله في البحار: 13/231 صدر ح 43.
3- في نسختي (ج، م) لا أقبل.

ونواهيه، ولخلفائه نجوم الفردوس الأعلى وملوك جنات عدن.

قال: فأخذ عليهم موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك، فمنهم من اعتقده حقا، ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه، فكان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين، ومن أعطاه بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور، فذلك (الفرقان) الذي أعطاه الله عز وجل موسى، وهو فرق ما بين المحقين والمبطلين.

ثم قال الله عز وجل ﴿لعلكم تهتدون﴾ أي لعلكم تعلمون أن الذي يشرف به العبد عند الله عز وجل هو اعتقاد الولاية، كما شرف به أسلافكم (1)..

وقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [54]

معنى تأويله: أن قوم موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما عبدوا العجل وهو حوب كبير فكان كفارته أن يقتل (من لاعبده) من عبده، فشق ذلك على بني إسرائيل أن يقتل الانسان أباه وأخاه وولده، وقالوا لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه قل لهم: إنه من دعا الله بمحمد وآله الطيبين أن يسهل ذلك عليه، فإنه يسهل.

فقالوها، فسهل عليهم القتل ولم يجدوا له ألما.

36- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): وفق الله بعضهم، فقال لبعضهم والقتل لم يقض بعد إليهم. فقال (2) أو ليس الله قد جعل التوسل بمحمد وآله الطيبين أمرا لا يخيب معه طلبة ولا يرد به مسألة؟ وهكذا توسلت الأنبياء والرسل، فما لنا ألا نتوسل بهم؟!.

قال: فاجتمعوا وضجوا: يا ربنا بجاه محمد الأكرم، وبجاه علي الأفضل [الأعظم] (3) وبجاه فاطمة الفضلى، وبجاه الحسن والحسين سبطي سيد النبيين وسيدي شباب أهل الجنان أجمعين، وبجاه الذرية الطيبة الطاهرة (4) من آل طه ويس

ص: 59


1- تفسير الامام: 84 وعنه البحار: 13/232 ح 43 والبرهان: 1/98
2- في نسخة «ب» إذ قالوا، وفى نسخة (م) أن قالوا.
3- ليس في نسختي (ج، م).
4- في نسختي (ب، م) الطاهرين.

لما غفرت لنا ذنوبنا وغفرت لنا هفواتنا، وأزلت هذا عنا.

فذلك حين نودي موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) من السماء: أن كف القتل، فقد سألني بعضهم مسألة وأقسم علي قسما لو أقسم به هؤلاء العابدون العجل وسألني بعضهم حتى لا يعبدوه لأجبتهم، ولو أقسم علي بها إبليس لهديته، ولو أقسم بها نمرود (1) وفرعونلنجيتهم.

فرفع عنهم القتل، فجعلوا يقولون: يا حسرتنا (2) أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة ويعصمنا بأفضل العصمة (3).

وقوله تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ

[55] ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [56]

37- تأويله: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): وذلك أن موسى لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد بنبوته و [ل] علي بإمامته، والأئمة الطاهرين بإمامتهم.

قالوا: ﴿لن نؤمن لك - أن هذا أمر ربك - حتى نرى الله جهرة﴾ عيانايخبرنا بذلك ﴿فأخذتهم الصاعقة﴾ (4) معاينة وهم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم.

وقال الله عز وجل: يا موسى أنا المكرم أوليائي (5) المصدقين بأصفيائي (6) ولا أبالي، وكذلك أنا المعذب لأعدائي الدافعين (7) حقوق أصفيائي ولا أبالي.

فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) للباقين الذين لم يصعقوا: ماذا تقولون؟ أتقبلون وتعترفون؟ وإلا (8) فأنتم بهؤلاء لاحقون.

ص: 60


1- في نسخة (م) ثمود.
2- في نسخة «ب» يا حسرتاه.
3- تفسير الامام: 85 وعنه البحار: 13/235 والبرهان: 1/99.
4- النساء: 153.
5- في نسخة «ب» لأوليائي.
6- في نسخة (ب، ج) والمصدق أصفيائي.
7- في نسخة «ب» الرافع وفي نسخة (م) الرافعين.
8- في نسخة «ب» وتقترفون أولا.

قالوا: يا موسى أتدري ماحل بهم لماذا أصابتهم الصاعقة؟ ما أصابتهم لأجلك إلا أنها كانت نكبة من نكبات الدهر تصيب البر والفاجر، فان كانت (1) إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد وعلي وآلهما فاسأل الله ربكم بهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين، لنسألهم لماذا أصابهم (ما أصابهم) (2).

فدعى الله عز وجل فأحياهم فقال لقومه: سلوهم لماذا أصابهم، فسألوهم فقالوا: يا بني إسرائيل أصابنا ما أصابنا لآبائنا اعتقاد إمامة علي بعد اعتقادنا بنبوة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وكرسيه وعرشه وجنانه ونيرانه، فما رأينا أنفذ أمرا في (3) جميع تلك الممالك ولا أعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، وإنا لما متنا (4) بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران، فناداهم محمد وعلي: كفوا عن هؤلاء عذابكم، فهؤلاء يحيون بمسألة سائل يسأل ربنا عز وجل بنا وبآلنا الطيبين، وذلك حين لم يقذفونا [بعد] في الهاوية وأخرونا إلى أن بعثنا بدعائك، يا نبي الله موسى بن عمران بمحمد وآله الطيبين.

فقال الله عز وجل لأهل عصر محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فإذا كان بالدعاء بمحمد وآله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم أفما يجب عليكم أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عز وجل.

وقوله تعالى: وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [57]

38- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال عز وجل ﴿و - اذكروا يا بني إسرائيل إذ – ظللنا عليكم الغمام - لما كنتم في التيه يقيكم حر الشمس وبرد القمر - وأنزلنا عليكم المن- وهو الترنجبين - والسلوى - طير السماني - كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾ واشكروا

ص: 61


1- في نسخة «ج» قلت بدل كانت.
2- ليس في نسخة «ج» وفى نسخة «ب» لماذا أصابتهم ما أصابهم.
3- في نسخة «ب» من.
4- في نسختي (ب، م) أصبنا.

نعمتي وعظموا من عظمته، ووقروا من وقرته ممن أخذت عليكم العهود والمواثيق لهم محمد وآله الطيبين.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): عباد الله عليكم باعتقاد ولايتنا أهل البيت ولا تفرقوا بيننا، وانظروا كيف وسع الله عليكم حيث أوضح لكم الحجة ليسهل عليكم معرفة الحق، ثم وسع لكم في التقية لتسلموا من شرور الخلق، ثم إن بدلتم وغيرتم عرض عليكم التوبة وقبلها منكم، فكونوا لنعماء الله شاكرين (1)

وقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ [58]

39- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الله تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل إذا قلنا لأسلافكم: ﴿ادخلوا هذه القرية﴾ وهي (أريحا) من بلاد الشام، وذلك حين خرجوا من التيه ﴿فكلوا منها﴾ أي من القرية ﴿حيث شئتم رغدا﴾ واسعا بلا تعب.

﴿وادخلوا الباب - باب القرية - سجدا﴾ مثل الله تعالى على الباب مثال محمد وعلي، وأمرهم أن يسجدوا لله تعظيما لذلك المثال، ويجددوا على أنفسهم (2).

بيعتهما وذكر موالاتهما، ويذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما ﴿وقولوا حطة﴾ أي قولوا: إن سجودنا لله تعظيما لمثال محمد وعلي، واعتقادنا لولايتهما (3) حطة لذنوبنا ومحو لسيئاتنا، قال الله تعالى: ﴿نغفر لكم﴾ بهذا الفعل ﴿خطاياكم﴾ السالفة، ونزيل عنكم آثامكم الماضية ﴿وسنزيد المحسنين﴾ من كان فيكم لم يقارف (4) الذنوب التي قارفها (5) من خالف الولاية، وثبت على ما أعطى [الله] من نفسه [من] عهد الولاية، فانا نزيدهم بهذا الفعل زيادة (6) درجات ومثوبات.

وذلك قوله تعالى ﴿وسنزيد المحسنين﴾ (7).

ص: 62


1- تفسير الامام: 86 وعنه البحار: 13/182 ح 19 والبرهان 1/101 ح 1.
2- في نسختي (ج، م) أنفسهما.
3- في نسخة «ج» لموالاتهما.
4- في نسخة «ب» يفارق.
5- في نسخة «ب» فارقها.
6- في نسخة «ب» بزيادات وفى نسخة «ج» زيادات.
7- تفسير الامام: 86 وعنه البحار 13/183 والبرهان: 1/102 ح 1.

وقوله تعالى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [59]

40- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنهم لم يسجدوا كما أمروا ولا قالوا بما أمروا ولكن دخلوها مستقبليها بأستاههم (1) (وقولوا حطة فقالوا حنطة) (2) حمراء ينقونها أحب إلينا من هذا الفعل فأنزل الله على الذين ظلموا (غيروا و) (3) بدلوا ما قيل لهم ولم ينقادوا لولاية محمد وعلي وآلهما الطيبين من الرجز.

قال الله تعالى: ﴿فأنزلنا على الذين ظلموا - وغيروا وبدلوا - رجزا من السماء بما كانوا يفسقون﴾ أي يخرجون عن أمر الله وطاعته، قال: والرجز الذي أصابهم أنه مات منهم في بعض يوم مائة وعشرون ألفا، وهم من علم الله تعالى منهم أنهم لا يؤمنون ولا يتوبون، ولم ينزل الرجز على من علم الله أنه يتوب أو يخرج من صلبه ذرية طيبة توحد الله، وتؤمن بمحمد، وتعرف موالاة علي وصيه وأخيه (4).

41- وذكر محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه) في تأويل هذه الآية: ما رواه (عن) (5) أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هكذا: ﴿فبدل الذين ظلموا - آل محمد حقهم - قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا - آل محمد حقهم - رجزا من السماء بما كانوا يفسقون﴾ (6).

ص: 63


1- في نسخة «ب» سيئاتهم وفى نسخة (م) بأستاهم.
2- كذا في النسخ، وفى تفسير الامام (وقالوا هطا سمقانا أي خطة) وفى البرهان مثله الا أن فيه (يعنى حطة).
3- ليس في نسخة (م).
4- تفسير الامام: 87 وعنه البحار: 13/183 والبرهان: 1/103.
5- ليس في نسخة «ج».
6- الكافي: 1/423 ح 58 وعنه البحار: 24/224 ح 15 ونور الثقلين: 1/70 ح 214 واثبات الهداة: 2/278 ح 59 والبرهان: 1/104 ح 2.

وقوله تعالى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [60]

42- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): واذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه – طلب لهم السقيا - لما لحقهم العطش في التيه وضجوا بالنداء إلى موسى، وقالوا: هلكنا بالعطش (1)

فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): إلهي بحق محمد سيد الأنبياء وبحق علي سيد الأوصياء وبحق فاطمة سيدة النساء وبحق الحسن سيد الأولياء، وبحق الحسين سيد الشهداء، وبحق عترتهم وخلفائهم الأزكياء لما سقيت عبادك هؤلاء الماء.

فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى ﴿اضرب بعصاك الحجر﴾ فضربه بها ﴿فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس﴾ أي كل قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب ﴿مشربهم﴾ فلا يزاحم الآخرين في مشربهم.

قال الله تعالى ﴿كلوا واشربوا من رزق الله﴾ الذي آتاكموه ﴿ولا تعثوا في الأرض مفسدين﴾ أي ولا تسعوا (2) وأنتم مفسدون عاصون.

ثم قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من أقام على موالاتنا أهل البيت سقاه الله من محبته كأسا لا يبغون به بدلا، ولا يريدون سواه كافيا ولا كاليا ولا ناصرا، ومن وطن نفسه على احتمال المكاره في موالاتنا، جعله الله يوم القيامة في عرصاتها بحيث يقصر كل من تضمنته تلك العرصات أبصارهم عما يشاهدون من درجاتهم (3) وإن كان كل واحد منهم ليحيط بماله من درجاته كاحاطته (4) في الدنيا بما يتلقاه بين يديه. ثم يقول له: وطنت نفسك على احتمال المكاره في موالاة محمد وآله الطيبين [الطاهرين] (5) فقد جعل (6) الله إليك ومكنك في تخليص كل من تحب تخليصه من أهل الشدائد في هذه العرصات، فيمد بصره فيحيط بهم ثم ينتقد (7)

ص: 64


1- في نسخة «ج» من العطش.
2- في نسخة «ج» تعثوا.
3- في نسخة «ب» درجاته.
4- في نسخة «ب» واحاطته.
5- من نسخة (م).
6- في نسخة «ج» جعله.
7- 7 في نسخة «ب» فينتقذ، وكلمة (بهم) ليس في البحار.

من أحسن إليه أو بره في الدنيا بقول أو فعل أو رد غيبة أو حسن محضر أو إرفاق فينتقده (1) من بينهم كما ينتقد الدرهم الصحيح من المكسور. ثم يقال له: اجعل هؤلاء في الجنة حيث شئت فينزلهم جنان ربنا.

ثم يقال له: وقد جعلنا لك ومكناك من لقاء (2) من تريد في نار جهنم، فيراهم فيحيط بهم فينتقده (3) من بينهم كما ينتقد (4) الدينار من القراضة ثم (يقال له: صيرهم من النار إلى حيث تشاء، فيصيرهم إلى حيث يشاء من مضائق النار) (5).

فقال الله تعالى لبني إسرائيل الموجودين في عصر محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: إذا كان أسلافكم إنما دعوا إلى موالاة محمد وآله الطيبين، فأنتم يا من شاهدتموهم (6) قد وصلتم إلى الغرض والمطلب الأفضل إلى موالاة محمد وآله، ألا فتقربوا إلى الله عز وجل بالتقرب إلينا ولا تتقربوا من سخطه، ولا تباعدوا من رحمته بالازورار عنا (7).

وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [62]

43- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال الله عز وجل لهم: واذكروا إذ أخذنا ﴿ميثاقكم﴾ وعهودكم أن تعملوا (8) بما في التوراة وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد وعلي والطيبين من آلهما أنهم أفضل الخلق والقوامون بالحق وأخذنا ميثاقكم لهم أن تقروا به وأن تؤدوه إلى أخلافكم وتأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنن بمحمد نبي الله ويسلمون له ما يأمرهم به في علي ولي الله عن

ص: 65


1- في نسخة «ب» فينقده، وفى نسخة «ج» فينتقد.
2- في نسختي (ب، ج) في القاء وفى نسخة (م) في لقاء.
3- في نسخة «ب» ينقد.
4- في نسخة «ب» فينقده وفى نسخة «ج» فينتقد.
5- في نسخة «ج» بدل ما بين القوسين (يصيره في النار).
6- في نسخة «ج» شاهدتموه.
7- تفسير الامام: 87 وعنه البحار: 94/8 ح 10 والبرهان: 1/103.
8- في نسخه (م) تعلموا.

الله وما يخبرهم (1). به من أحوال خلفائه بعده القوامون بحق الله فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه فرفعنا فوقكم الطور الجبل، أمرنا جبرئيل أن يقطع منه قطعة على قدر معسكر أسلافكم، فجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم.

فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهم: إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه وإلا القي عليكم هذا الجبل. فألجئوا (2) إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العناد (3)، فإنه قبله طائعا مختارا.

ثم لما قبلوه سجدوا وعفروا وكثير منهم عفر خديه لا لإرادة الخضوع لله ولكن نظروا إلى الجبل، هل يقع أم لا؟ وآخرين سجدوا طائعين مختارين.

ثم قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: احمدوا الله معاشر شيعتنا على توفيقه إياكم فإنكم (4) تعفرون في سجودكم لا كما عفره كفرة بني إسرائيل، ولكن كما عفره خيارهم.

وقال عز وجل ﴿خذوا ما آتيناكم) ﴿أي ما آتيناكم) (5) من (6) هذه الأوامر والنواهي من هذا الامر الجليل من ذكر محمد وعلي وآلهما الطيبين بقوة واذكروا ما فيه مما آتيناكم، واذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به، وشديد عقابنا على إبائكم لعلكم تتقون المخالفة الموجبة للعقاب، فتستحقوا بذلك جزيل الثواب (7).

وقوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة... الآية القصة ومجملها أنه كان في بني إسرائيل امرأة حسنة ذات جمال ومال، وكان لها بنو أعمام ثلاثة فخطبوها اتفاقا، فاختارت أفضلهم علما وشرفا، فحسده عليها الآخران (8) فقتلاه وسأل بني إسرائيل موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك.

ص: 66


1- في نسخة (م) وما يحبوهم
2- في نسخة «ج» فالتجأوا.
3- في نسخة (م) العباد.
4- في نسخة «ب» فأنتم.
5- ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» في.
7- تفسير الامام: 89 وعنه البحار: 26/288 ح 48 والبرهان: 4/106 ح 9 وصدره في البحار: 13/237 ح 47.
8- في نسخة «ب» الاخوان.

44- قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فألزم موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أهل القبيلة بأمر الله أن يحلف خمسون رجلا من أماثلهم بالله القوي الشديد إله بني إسرائيل، مفضل محمد وآله الطيبين الطاهرين على البرايا أجمعين إنا ما قتلناه ولا (1) علمنا له قاتلا.

ثم بعد ذلك أجمع أمر بني إسرائيل على أن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأل الله عز وجل أن يحيي المقتول ليسألوه من قتله واقترحوا عليه ذلك.

قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى أجبهم إلى ما اقترحوا (2) وسلني أن أبين لهم القاتل ليقتل، ويسلم غيره من التهمة والغرامة، فاني أريد باجابتهم إلى ما اقترحوه توسعة الرزق على رجل من خيار أمتك، دينه الصلاة على محمد وآله الطيبين، والتفضيل لمحمد وعلي بعده على سائر البرايا، أن أغنيه في الدنيا ليكون ذلك بعض ثوابه عن (3) تعظيمه لمحمد وآله.

فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رب بين لنا قاتله، فأوحى الله تعالى: قل لبني إسرائيل إن الله يبين لكم ذلك بأن يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوا ببعضها المقتول فيحيى فتسلمون (4) لرب العالمين ذلك.

ثم قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فلمّا استقر الامر طلبوا هذه البقرة فلم يجدوها إلا عند شاب (5) من بني إسرائيل أراه الله تعالى في منامه محمدا وعليا، فقالا له إنك كنت لنا محبا ومفضلا، ونحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا، فإذا راموا منك شراء بقرتك فلا تبعها إلا بأمر أمك.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): فما زالوا يطلبون على النصف مما تقول أمه ويرجع إلى أمه فتضعف (6) الثمن حتى بلغ ملء مسك ثور أكبر ما يكون دنانير فأوجبت (7) لهم البيع فذبحوها وأخذوا قطعة منها فضربوه بها.

ص: 67


1- في نسخة «ج» ما.
2- في نسختي (ج، م) اقترحوه.
3- في نسخة «ج» من.
4- في نسخة «ب» فتسلموا.
5- في نسخة «ب» لشاب بدل (عند شاب).
6- في نسخة «ب» فيضعف.
7- في نسخة «ب» والبحار فأوجب.

وقالوا (1): اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما أحييت هذا الميت وأنطقته ليخبرنا عن قاتله، فقام سالما سويا، فقال يا نبي الله: قتلني هذان ابنا عمي، حسداني على ابنة عمي فقتلاني، فقال بعض بني إسرائيل لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا ندري أيهما أعجب إحياء الله هذا وإنطاقه بما نطق، أو إغناؤه لهذا الفتى بهذا المال العظيم.

فأوحى الله إليه: يا موسى قل لبني إسرائيل من أحب منكم أن أطيب في الدنيا عيشه، وأعظم (2) في جناني محله، وأجعل لمحمد وآله الطيبين منادمته، فليفعل كما فعل هذا الفتى، إنه كان قد سمع من موسى بن عمران ذكر محمد وعلي وآلهما الطيبين فكان عليهم مصليا ولهم على جميع الخلائق من الملائكة والجن والانس مفضلا، فلذلك صرفت إليه هذا المال العظيم.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): فقال الفتى: يا نبي الله كيف أحفظ هذه الأموال؟ وكيف لا أحذر عداوة من يعاديني فيها، وحسد من يحسدني من أجلها؟ فقال له: قل عليه من الصلاة على محمد وآله الطيبين ما كنت تقوله (من) (3) قبل أن تنالها. فقالها الفتى فما رامها حاسد أو لص أو غاصب إلا دفعه الله عز وجل بلطفه (4).

قال: فلمّا قال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) للفتى ذلك قال المقتول المنشور: اللهم إني أسألك بما سألك به هذا الفتى من الصلاة على محمد وآله الطيبين والتوسل بهم أن تبقيني (5) في الدنيا متمتعا (6) بابنة عمي وتخزي أعدائي وحسادي وترزقني منها (أولادا) (7) كثيرا طيبا.

قال: فأوحى الله إليه: يا موسى إنه كان لهذا الفتى المنشور بعد القتل ستون سنة، وقد وهبت له بمسألته وتوسله بمحمد وآله الطيبين سبعين سنة تمام مائة وثلاثين سنة، صحيحة حواسه، ثابته فيها جنانه، وقوته وشهواته، يتمتع بحلال هذه الدنيا

ص: 68


1- في نسخة «ب» وقال.
2- في نسخة «ب» فأعظم.
3- ليس في نسخة (م) وفى نسخة «ب» تقول قبل.
4- في نسخة (م) من ألطافه.
5- في نسخة «ب» تبقني.
6- في نسخة «ب» ممتعا.
7- ليس في نسختي (ج، م).

ويعيش ولا يفارقها ولا تفارقه، فإذا حان حينه حان حينها وماتا جميعا فصارا إلى جناني وكانا زوجين فيها ناعمين.

ثم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): فضجوا إلى موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقالوا: افتقرت القبيلة ودفعت (1).

إلى التلف وأسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا، فادع الله تعالى لنا بسعة (2) الرزق، فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا ويحكم ما أعمى قلوبكم؟ أما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة وما رزقه الله تعالى من الغنى؟ أو ما سمعتم دعاء المقتول المنشور وما أثمر له من العمر الطويل والسعادة والتنعم والتمتع بحواسه وسائر بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله تعالى بمثل دعائهما، وتتوسلون إلى الله بمثل وسيلتهما ليسد فاقتكم، ويجبر كسر كم ويسد خلتكم؟

فقالوا: اللهم إليك التجأنا، وعلى فضلك اعتمدنا، فأزل فقرنا وسد خلتنا بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم فأوحى الله إليه:

يا موسى قل لهم ليذهب رؤساؤكم إلى خربة بني فلان ويكشفوا عن (3) موضع كذا وجه الأرض قليلا ويستخرجون (4) ما هناك (فإنه) (5) عشرة آلاف (6) ألف دينار، ليردوا على كل من دفع في ثمن البقرة ما دفع لتعود أحوالهم (7) إلى ما كانت عليه، ثم ليتقاسموا بعد ذلك ما فضل وهو خمسة آلاف ألف دينار على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة، لتتضاعف أموالهم جزاء على توسلهم بمحمد وآله الطيبين واعتقادهم لتفضيلهم.

ثم قال عز وجل ﴿ويريكم آياته لعلكم تعقلون﴾ أي يريكم سائر آياته سوى هذه من الدلالات على توحيده ونبوة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) نبيه وفضل محمد على الخلائق سيد

ص: 69


1- في نسخة «ج» ووقعت.
2- في نسخة «ج» سعة.
3- في نسخة (ب، م) في.
4- في نسختي (ب، م) ويستخرجوا.
5- ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» ألف.
7- في نسختي (ب، ج) أموالهم، وجملة (إلى ما كانت عليه) ليست في البحار.

عبيده وإمائه وتثبيت (1) فضله وفضل آله الطيبين على سائر خلق الله أجمعين (لعلكم تعقلون) وتتفكرون أن الذي يفعل هذه العجائب لا يأمر الخلق إلا بالحكمة ولا يختار محمدا وآله إلا لانهم (2) أفضل ذوي الألباب (3).

ثم قال عز وجل: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [74]

تأويله: أن الله سبحانه لما عدد نعمه على بني إسرائيل وذكرهم بها ذكر من جملتها قصة البقرة وما ظهر فيها من آياته الباهرات وإحيائه للمقتول وآمنوا به وصدقوا موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما قاله لهم.

ثم بعد ذلك انقلبوا فوبخهم الله على فعلهم فقال:

﴿ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة﴾ لان الحجارة كما وصفها الله سبحانه وتعالى، وحيث أن قلوبهم لا تؤمن بالله ولا برسوله ولا تلين لذكر الله سبحانه، فصارت لذلك أشد قسوة.

45- وقال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تأويل ذلك: وقلوبهم لا تنفجر منها الخيرات ولا تشقق فيخرج منها قليل من الخيرات وإن لم يكن كثيرا.

ثم قال عز وجل ﴿وإن منها لما يهبط من خشية الله﴾ إذا أقسم عليها باسم الله تعالى وبأسماء أوليائه: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم صلى الله عليهم، وليس في قلوبكم شئ من هذه الخيرات.

ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): وهذا التقريع من الله تعالى لليهود والنواصب، واليهود جمعوا الامرين واقترفوا الخطيئتين، فغلط على اليهود ما وبخهم به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال جماعة من رؤسائهم: [يا محمد إنك مجنون] تدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، وإن فيها خيرا كثيرا: نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء.

ص: 70


1- في نسخة «ب» ثبت، وفى نسخة (م) وتثبت.
2- في نسخة «ج» أنهم.
3- تفسير الامام: 91 وعنه البحار: 13/226 ح 7 والبرهان: 1/108 ح 1.

ثم قال: فقالوا: يا محمد، زعمت أنه ما في قلوبنا شئ من مواساة الفقراء ومعاونة الضعفاء، وأن الأحجار ألين من قلوبنا، وأطوع لله منا وهذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إلى بعضها فاستشهده على تصديقك وتكذيبا.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): نعم، هلموا بنا إلى أيها شئتم أستشهده ليشهد لي عليكم. قال: فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه فقالوا: يا محمد هذا الجبل فاستشهده.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أيها الجبل إني أسألك - بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة، بعد أن لم يقدروا على تحريكه، وهم خلق كثير لا يعرف عددهم إلا الله عز وجل وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله تعالى على آدم وغفر خطيئته وأعاده إلى مرتبته وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا -

لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر (1) قساوة قلوبهم وتكذيبهم في جحودهم لقول محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: فتحرك الجبل وتزلزل (2) وفاض عنه (3) الماء ونادى: يا محمد.

أشهد أنك رسول الله رب العالمين وسيد الخلائق أجمعين.

وأشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة ولا يخرج منها خير، وقد يخرج من الحجارة الماء سيلا وتفجيرا.

وأشهد أن هؤلاء لكاذبون عليك بما به قذفوك من الفرية على رب العالمين.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: وأسألك أيها الجبل أأمرك الله بطاعتي؟ فيما ألتمسه منك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بهم نجى الله تعالى نوحا من الكرب العظيم وبهم برد النار على إبراهيم وجعلها عليه بردا وسلاما ومكنه في جوف النار على

ص: 71


1- في نسخة «ب» ذكره.
2- في نسختي (ج، م) فتزلزل.
3- في نسخة «ج» منه

سرر (1) وفراش (وثير) (2) وأنبت حواليه من الأشجار الخضرة النضرة الزهرة وعمر ما حوله من أنواع ما لا يوجد إلا في الفصول الأربعة من جميع السنة.

قال: فقال الجبل: بلى (3) أشهد يا محمد لك بذلك وأشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قرودا وخنازير لفعل، وأن يجعلهم ملائكة لفعل، وأن يقلب النيران جليدا والجليد نيرانا لفعل، وأن يهبط السماء إلى الأرض أو يرفع الأرض إلى السماء لفعل، أو يصير أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلها (صرة كصرة الكيس) (4) لفعل، وانه قد جعل الأرض والسماء طوعك والجبال والبحار تتصرف بأمرك وسائر ما خلق الله من الرياح والصواعق وجوارح الانسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة وما أمرتها به من شئ ائتمرت (تم كلامه) (5) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقالت اليهود: بعد أنت (6) تلبس علينا؟.

واقترحوا عليه أشياء أنه بفعلها الجبل المشار إليه، فأجابهم إليها.

قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فتباعد رسول الله إلى فضاء واسع ثم نادى الجبل: يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين الذين بجاههم ومسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة واحدة في قوم صالح حتى صاروا كالهشيم المحتضر لما انقلعت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي (هذه ووضع يده على الأرض بين يديه، قال) (7) فتزلزل الجبل وصار كالقدح الهملاج حتى دنا من إصبعه أصله فلصق بها ووقف ونادى: ها أنا سامع لك مطيع يا رسول الله وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين فأمرني بأمرك. فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن هؤلاء المعاندين اقترحوا علي أن آمرك أن تنقطع (8)

ص: 72


1- في نسخة «ب» سرير.
2- ليس في نسخة «أ» وفى نسخة «ب» وبرد وفى (ج، م) وبير وما أثبتناه من البحار: 12.
3- في نسختي (ب، ج) بل.
4- في نسخة «ب» ضرب ظرف الكيش.
5- ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» أن.
7- ليس في نسخة (م).
8- في نسختي (ج، م) تنقلع.

من أصلك فتصير نصفين، ثم ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك، وتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك، فقال الجبل: أفتأمرني بذلك يا رسول الله؟ قال: بلى.

قال: فانقطع (الجبل) (1) نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه، فصار فرعه أصله وأصله فرعه.

ثم نادى الجبل: معاشر اليهود، هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذي تزعمون أنكم به مؤمنون، فنظر اليهود بعضهم إلى بعض.

فقال بعضهم: ما عن هذا محيص، وقال آخرون منهم: هذا رجل مبخوت (مؤتى له) (2) والمبخوت تتأتى له العجائب فلا يغرنكم ما تشاهدون منه، فناداهم الجبل: يا أعداء الله لقد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) هلا قلتم لموسى (أن أقلب) (3) العصا ثعبانا وانفلق (4) البحر طوقا (5) ووقوف (6) الجبل كالظلة فوقكم، إنك مؤتى له تأتي (7) لك العجائب فلا يغرنا ما نشاهده منك فالتقمهم (8) الجبل (بمقالتهم الزور) (9) ولزمتهم حجة رب العالمين (10).

إنتهى تفسير الامام أبي محمد العسكري صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وعلى ولده الطيبين. فانظر بعين البصر والبصيرة إلى ما فيه من تفضيل محمد وآله الطاهرين على كافة الخلق أجمعين من الأولين والآخرين ما فيه كفاية للمتدبر وتبصرة للمتبصر، جعلنا الله وإياك من المتمسكين بولايتهم الداخلين في زمرتهم الناجين في سفينتهم (11) الفائزين بشفاعتهم وبجاههم عند ربهم العظيم وكرامتهم.

ص: 73


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ج» قلب وفى (م) اقلب.
4- في نسخة (م) وانفلق له.
5- في نسخة «ب» طوقانا.
6- في نسختي (ب، م) ووقف.
7- في نسخة «ب» تتأتى.
8- في نسخة «ب» فألقاهم وفى نسخة (م) فالقمهم.
9- في نسخة (م) بمقالت الصخور.
10- تفسير الامام: 95 وعنه البرهان: 1/113 - 114 وصدره في البحار: 9/312 ح 11 وقطعة منه في ج 12/40 ح 28.
11- في نسخة «ب» شيعتهم.

قوله تعالى: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [81]

تأويل هذه الآية:

46- روى محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عمن روى باسناده عن يونس، عن صباح المزني، عن أبي حمزة الثمالي، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته﴾ قال: إذا جحدوا إمامة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ (1).

قال العسكري (ع) وفي قوله تعالى: وبالوالدين إحسانا

47- [قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )]: (2) أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد وعلي. وقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: أنا وعلي أبوا هذه الأمة، ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإننا ننقذهم إن أطاعونا من النار إلى دار القرار، ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار.

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وذي القربى﴾ هم قراباتك من أبيك وأمك. قيل لك: إعرف حقهم، كما أخذ العهد على بني إسرائيل، وأخذ عليكم معاشر أمة محمد بمعرفة حق قرابات محمد الذين هم الأئمة من بعده، ومن يليهم من خيار أهل دينهم.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من رعى قرابات أبويه أعطي في الجنة ألف ألف درجة.

ثم فسر الدرجات ثم قال: ومن رعى حق قربى محمد وعلي أوتي من فضائل الدرجات وزيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد وعلي على أبوي نفسه (3)

48- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿واليتامى والمساكين﴾ وأشد من يتم اليتيم الفاقد أباه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا

ص: 74


1- الكافي: 1/429 ح 82 وعنه البحار: 24/401 ح 129 ونور الثقلين: 1/79 ح 258 والبرهان: 1/120 ح 2.
2- من المصدر.
3- تفسير الامام: 112 وعنه البحار: 23/259 ح 8 و ج 36/8 ح 11 و ج 74/90 ح 8 والبرهان: 1/121 ح 13.

يتيم في هجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى.

حدثني بذلك أبي عن آبائه، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

49- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن من محبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مساكين، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء وهم الذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم عن مقاتلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم، ويسفهون أحلامهم، ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه، ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين من النواصب، والباطنين: إبليس ومردته، حتى يهزموهم عن دين الله، ويذودوهم عن أولياء آل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حول الله تلك المسكنة إلى شياطينهم وأعجزهم عن إضلالهم. قضى الله تعالى قضاء حقا على لسان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

50- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله تعالى ﴿وأقيموا الصلاة﴾ يعني بتمام ركوعها وسجودها وحفظ مواقيتها، وأداء حقوقها التي إذا لم تؤد لم يتقبلها رب الخلائق، وهي إتباعها بالصلاة على محمد وعلي وآلهما (عَلَيهِم السَّلَامُ) منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله، والقوام لحقوق الله، والنصار لدين الله (3).

51- وقال: وأقيموا الصلاة على محمد وآله عند أحوال غضبكم ورضاكم وشدتكم ورخائكم وهمومكم المعلقة بقلوبكم.. الخ (4).

52- وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وإذ أخذنا ميثاقكم - إلى قوله تعالى - فلا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينصرون﴾: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما نزلت الآية في اليهود الذين نقضوا عهد الله وكذبوا رسل الله وقتلوا أولياء الله: أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: قوم من أمتي ينتحلون أنهم من أهل

ص: 75


1- تفسير الامام: 114 وعنه البرهان: 1/122 ح 15 وفي البحار: 52/102 عنه وعن الاحتجاج: 1/7
2- تفسير الامام: 117 وعنه البرهان: 1/122 ح 17 وقطعة منه في البحار: 2/7 ذ ح 13 عنه وعن الاحتجاج: 1/7.
3- تفسير الامام: 124 وعنه البرهان: 1/122 ح 19 والبحار: 85/285 ح 12.
4- تفسير الامام: 125 وعنه البرهان: 1/123.

ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي وأطائب أرومتي ويبدلون شريعتي وسنتي ويقتلون ولدي الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) كما قتل أسلاف اليهود زكريا ويحيى.

ألا وإن الله يلعنهم كما لعنهم ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، يجرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم (1).

قوله تعالى: أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ [87]

53- تأويله: [ما] رواه محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن أحمد بن إدريس عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: (أفكلما جاءكم - محمد - بما لا تهوى أنفسكم - بموالاة علي - استكبرتم ففريقا - من آل محمد - كذبتم وفريقا تقتلون) (2)

وقوله تعالى: ِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ [90]

54- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذا الآية على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هكذا ﴿بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله - في علي - بغيا﴾ الآية (3).

ص: 76


1- تفسير الامام: 126 وقطعة منه في البرهان: 1/123 ح 1، والأحاديث (48 – 53) نقلناها من نسخة «أ» ولم تجدها في النسخ الاخر.
2- الكافي: 1/418 ح 31 وعنه البحار: 23/374 ح 54 و ج 24/307 ح 7 والبرهان: 1/125 ح 2 ونور الثقلين: 1/83 ح 276 ورواه العياشي في تفسيره: 1/49 ح 68 مفصلا.
3- الكافي: 1/417 ح 25 وعنه البحار: 23/372 ح 51 والبرهان: 1/129 ح 2 ونور الثقلين: 1/86 ح 286

وقوله تعالى: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [105]

55- تأويله: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه) عمن رواه باسناده عن أبي صالح (1) عن حماد بن عثمان، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه موسى عن أبيه جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿يختص برحمته من يشاء﴾ قال المختص (2) بالرحمة نبي الله ووصيه وعترتهما، إن الله تعالى خلق مائة رحمة فتسع وتسعون رحمة عنده مذخورة لمحمد وعلي وعترتهما، ورحمة واحدة مبسوطة على سائر الموجودين (3).

وقوله تعالى: الذين آتينهم الكتب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به.

56- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل: ﴿الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به﴾؟

قال: هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4) والكتاب هو القرآن المجيد.

وإن لم يكونوا هم وإلا فمن (سواهم) (5).

وقوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [124]

معنى «ابتلى» اختبر وامتحن.

57- وتأويل الكلمات ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) في كتاب (النبوة) باسناده مرفوعا إلى المفضل بن عمر، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قوله الله عز وجل ﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات﴾ ما هذه الكلمات؟

قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أن قال «يا رب

ص: 77


1- في نسخة «ج» ابن صالح.
2- في نسختي (أ، م) (خ ل) المختصون.
3- عنه البرهان: 1/140 ح 2 والبحار: 24/61 ح 44.
4- الكافي: 1/215 ح 4 وعنه البحار: 23/190 ذ ح 6 والبرهان: 1/147 ح 1، ونور الثقلين: 1/101 ح 336 ورواه العياشي في تفسيره: 1/57 ح 83.
5- ليس في نسخة «ج»، وفى نسخة «ب» يتلوا لهم، ولعله: تصحيف (سواهم).

بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي».

فتاب عليه ﴿إنه هو التواب الرحيم﴾.

قال: فقلت: يا بن رسول الله فما معنى قوله ﴿فأتمهن﴾؟ قال أتمهن إلى القائم، إثنا عشر إماما: علي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين صلوات الله عليهم أجمعين (1).

وأما قوله تعالى ﴿إني جاعلك للناس إماما﴾ أي إماما يقتدى به في أقواله وأفعاله ويقوم بتدبير الإمامة (2) وسياستها، فلمّا بشره ربه بذلك قال فرحا واستبشارا: ﴿ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾ والعهد هو الإمامة، والظالم هو الكافر لقوله تعالى ﴿والكافرون هم الظالمون﴾ ولذلك إن الظالم لا يكون إماما.

وبهذه الآية يستدل على أن الامام لا يكون إلا معصوما عن فعل القبيح، والظالم يفعله، وقد نفى الله سبحانه أن ينال عهده ظالما لنفسه أو لغيره.

58- وجاء في التأويل: ما رواه الفقيه ابن المغازلي باسناده عن رجاله، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا دعوة أبي إبراهيم.

قال: فقلت (3): كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: إن الله عز وجل (أوحى) إلى إبراهيم ﴿إني جاعلك للناس إماما﴾ فاستخف به الفرح.

فقال: يا رب ومن ذريتي أئمة مثلي.

فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به.

قال: يا رب وما العهد الذي لا تفي به؟

قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك عهدا. فقال إبراهيم عندها ﴿واجنبني وبني أن نعبد الأصنام، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس﴾ ثم قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فانتهت

ص: 78


1- عنه اثبات الهداة: 3/84 ح 783 وأخرجه في الوسائل: 8/270 ح 5 والبرهان: 1/147 ح 1 عن معاني الأخبار: 126 ح 1 وفى البحار: 24/177 ح 8 عن كمال الدين: 2/358 ح 57 وفى نور الثقلين: 1/57 ح 148 عن الخصال: 1/304 ح 84.
2- في نسختي (ب، م) الأمة.
3- في نسختي (أ، م) قلت.

الدعوة إلي وإلى على، لم يسجد أحدنا (لصنم) (1) فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا (2).

وفي معنى هذه الدعوى قوله تعالى حكاية عن قول إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ):

﴿ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم﴾.

وقوله تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [132]

59- تأويله: ما ذكره (3) صاحب نهج الإمامة (4) قال: روى صاحب شرح الاخبار باسناده (5) يرفعه قال: قال أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

60- ويؤيده ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولاية علي مكتوبه في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله نبيا إلا بنبوة محمد ووصيه علي صلوات الله عليهما (7).

قوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [136] فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [137]

ص: 79


1- ليس في نسخة «ج».
2- مناقب ابن المغازلي: 276 ح 322 وعنه البرهان: 1/151 ح 14 وإحقاق الحق: 14/149، وأخرجه في البحار: 25/200 ح 12 عن أمالي الطوسي: 1/388.
3- في نسخة (م) كتبه.
4- في نسخة «أ» الايمان.
5- في نسخة «ج» بالاسناد.
6- عنه البحار: 23/371 ح 48، وأخرجه في البحار: 35/341 والبرهان: 1/156 ح 2 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/291.
7- الكافي: 1/437 ح 6 وعنه البرهان: 4/148 ح 7 وأخرجه في البحار: 26/280 ح 24 عن بصائر الدرجات: 72 ح 1.

61- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن أبي عمرة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل: ﴿قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا﴾ قال: إنما عنى بذلك عليا وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وجرت بعدهم في الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ثم يرجع القول من الله في الناس ﴿فان آمنوا﴾ يعني الناس ﴿بمثل ما آمنتم به﴾ يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين، (والأئمة) (1) ﴿فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق﴾ (2) - يعني الناس -.

ومعناه أن الله سبحانه أمر الأئمة صلوات الله عليهم أن يقولوا: آمنا بالله وما بعدها، لانهم المؤمنون بما أمروا به حقا وصدقا.

ثم قال مخاطبا لهم يعني الناس ﴿فان آمنوا بمثل ما آمنتم فقد اهتدوا﴾ بكم وبما آمنتم ﴿وإن تولوا فإنما هم في شقاق﴾ ومنازعة ومحاربة لك يا محمد ﴿فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم﴾.

ثم قال سبحانه وتعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [138]

تأويله: إن الذي آمن به الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) والمؤمنون، هو صبغة الله وهي العلامة التي يعرف بها المؤمنون من غيرهم وهي الايمان أي ما ثم شئ أحسن منها مبتدءا ومنتهى ﴿ونحن له عابدون﴾ أي طائعون متبعون لأوامره ونواهيه.

(ومعناه) (3) أي قولوا: إن الذي آمنا به هو صبغة الله ونحن بعد ذلك له عابدون.

62- واعلم أن الصبغة هي الولاية على ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿صبغة الله ومن أحسن من الله

ص: 80


1- ليس في نسخة «ج».
2- الكافي: 1/415 ح 19 وعنه البرهان: 1/157 ح 3 وفى البحار: 23/355 ح 6 و ج 67/20 عنه وعن العياشي: 1/62 ح 107.
3- ليس في نسخة «ج».

صبغة﴾ قال: صبغ المؤمنون (1) بالولاية في الميثاق (2)

قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا التأويل في قوله تعالى ﴿أمة وسطا﴾ أي عدولا بين الرسول وبين الناس وهذا الخطاب للأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) القائمين مقام الرسول من بعده، في كل زمان منهم إمام شاهد على أهل زمانه، ويكون الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شاهدا على ذلك الامام.

63- ويؤيده ما رواه محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، [عن أبيه]

عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله الله عز وجل ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾.

قال: نحن الأمة الوسط، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه (3)

64- وروى أبو القاسم الحسكاني في (شواهد التنزيل) باسناده عن سليم بن قيس عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله تعالى إيانا عنى بقوله ﴿لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾.

فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه، وحججه في أرضه (4).

ص: 81


1- في نسخة «أ» المؤمن.
2- الكافي: 1/423 ح 53 وعنه البحار: 23/379 ح 65 والبرهان: 1/175 ح 1 ونور الثقلين: 1/111 ح 394 وأخرجه في البحار: 3/281 ح 20 عن تفسير العياشي: 1/62 ح 109.
3- الكافي: 1/19 ح 2 وعنه البحار: 23/336 ح 2 والبرهان: 1/159 ح 1 و ج 3/105 ح 2 ونور الثقلين: 1/113 ح 406 والبحار: 16/357 ح 48 وأخرجه في البحار: 23/342 ح 23 عن بصائر الدرجات: 63 ح 11.
4- شواهد التنزيل: 1/92 ح 129 وعنه البحار: 23/334 وإحقاق الحق: 14/553.

وقوله تعالى: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [148]

65- تأويله أن لكل أمة وأهل ملة وجهة أي طريقة، والله تعالى هو موليها لهم وهاديهم إليها، وهي الاسلام والولاية ﴿فاستبقوا الخيرات﴾ أي إليها، على ما ذكر الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب (الغيبة) باسناده عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). [أقول: هو النعماني: ص 314 ح 6]

ومعنى قوله تعالى ﴿أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا﴾.

66- [ما] ذكره أيضا في كتاب الغيبة باسناده عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: المعني بهذا الخطاب أصحاب القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال بعد ذكر علامات ظهوره: ثم يجمع الله له أصحابه (وهم) (1) ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا عدد (2) أهل بدر يجمعهم الله (له) (3) على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف، وهي يا جابر: (الآية) التي ذكرها الله في كتابه ﴿أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير﴾ (4)

قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [156] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [157]

67- تأويله: ما ذكره الشيخ جمال الدين (قُدِّسَ سِرُّهُ) في كتاب (نهج الحق) وهو ما نقله ابن مردويه من طريقة العامة باسناده عن ابن عباس (رض) قال: إن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما وصل إليه ذكر قتل عمه حمزة (رض) قال ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ فنزلت هذه الآية ﴿وبشر الصابرين.. الآية﴾ (5) وهو القائل عند تلاوتها ﴿إنا لله﴾ إقرار بالملك ﴿وإنا إليه راجعون﴾ إقرار بالهلاك (6).

ص: 82


1- في نسخة «ج» في.
2- في نسختي (ب و م) عدة.
3- ليس في نسخة «ج».
4- لم نجده في غيبة المفيد بل وجدناه في غيبة النعماني: 282 وعنه البرهان: 1/162 ح 4 وأخرجه في البحار: 52/239 ضمن حديث 105 عن غيبة النعماني والاختصاص: 251.
5- أخرج نحوه في البحار: 36/191 عن مشارق الأنوار: 175.
6- أخرجه في البرهان: 1/168 ح 7 عن الخصائص للسيد الرضى: 71 مع اختلاف.

وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [165] ِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ [166]

68- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله﴾. قال: هم أولياء فلان وفلان اتخذوهم (1) أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما.

فلذلك قال ﴿ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب﴾. ثم قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا جابر (هم) (2) أئمة الضلال وأشياعهم (3).

69- وذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن محمد بن النعمان قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال:

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه؟

فيقوم داود النبي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فيأتي النداء من عند الله عز وجل: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة.

ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه؟

فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 83


1- في نسخة (م) اتخذوا لهم.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/274 ح 11 وعنه البرهان: 1/172 ح 1 ونور الثقلين: 1/127 ح 486 وأخرجه في البحار 23/395 ح 16 عن غيبة النعماني: 131 ح 12 وفى البحار:

فيأتي النداء من قبل الله عز وجل: يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار (الدنيا) (1) فليتعلق بحبله في هذا اليوم، ليستضئ بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى (من) (2) الجنان.

قال: فيقوم ناس قد تعلقوا بحبله في دار الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.

ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: ألا من أتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ ﴿تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا: لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار﴾ (3).

بيان معنى هذا التأويل أن قوله تعالى ﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد﴾ يعني توليا لفلان وفلان من دون الله أي من دون ولي الله، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، أندادا مثله، وهما فلان وفلان، والند هو المثل والنظير ﴿يحبونهم كحب الله﴾ أي (إن) (4) أولياءهم يحبون فلانا وفلانا كما يحبون الله ويتقربون بحبهم إليه مكان محبتهم له، والذين آمنوا بالله ورسوله وبالإمام من الله أشد حبا (لولي الله الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ)) من أولياء فلان وفلان ﴿ولو يرى الذين ظلموا﴾ آل محمد حقهم ﴿إذ يرون العذاب﴾ عيانا ﴿أن القوة لله جميعا﴾ وليس لهم قوة ﴿وأن الله شديد العذاب، إذ تبرأ الذين اتبعوا﴾ وهم فلان وفلان ورؤساء الضلال ﴿ومن الذين اتبعوا﴾ وهم أولياؤهم وأتباعهم ﴿ورأوا العذاب﴾ عين اليقين ﴿وتقطعت بهم الأسباب﴾ التي كانت بينهم في الدنيا واتصل بهم سوء العقاب (5).

ص: 84


1- في نسخة «ب» الفناء.
2- في نسخة «ج» في.
3- أمالي الطوسي: 1/61 وص 96 وعنه البحار: 40/3 ح 4 و ج 8/10 ح 3 والبرهان: 1/172ح2 و أخرجه المفید فی أمالیه: 285/3 و الاریلی فی کشف الغمة:1/141.
4- لیس فی نسخة «ج»
5- فی نسخة «ب» العذاب.

قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [177]

70- ذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (1)

لان هذه الشروط شروط الايمان وصفات الكمال، وهي لا توجد إلا فيه، وفي ذريته الطيبين، صلوات الله عليهم أجمعين.

بيان ذلك: أما الايمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين فظاهر لان أول المؤمنين أمير المؤمنين وآدم بين الماء والطين.

وقوله تعالى ﴿وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين﴾

فهو الذي قال الله سبحانه فيه وفي زوجته وابنيه ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا﴾ ﴿وابن السبيل﴾ فحاله معه ظاهر.

﴿والسائلين﴾ فهو المتصدق على السائل بخاتمه وهو يصلي في المحراب.

﴿وفي الرقاب﴾ فقد روي عنه صلوات الله عليه: أنه ملك ألف رقبة وأعتقها (2).

وأما إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فهو الذي قال الله سبحانه فيه ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ (3).

﴿والموفون بعهدهم إذا عاهدوا﴾ فهو الذي قال الله فيه ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه﴾ وهو حمزة وجعفر ﴿ومنهم من ينتظر﴾ وهو هو ﴿وما بدلوا تبديلا﴾ (4).

ص: 85


1- تفسير القمي: 58 وعنه البرهان: 1/191 ح 9 واخرج نحوه في إحقاق الحق: 14/505 عن شواهد التنزيل: 1/103 ورواه في مقصد الراغب: 18.
2- أخرجه في البحار: 41/110 ضمن ح 19 عن ارشاد المفيد: 286 ورواه في الكافي: 8/163 ضمن ح 173.
3- المائدة: 55.
4- الأحزاب: 23.

﴿والصابرين في البأساء والضراء﴾ فصبره فيهما ظاهر وهو القائل: فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا (وحين البأس) أي وقت الحرب والزحف وملاقاة الاقران ومبارزة الشجعان، وحاله في ذلك (الحال) (1) لا يحتاج إلى بيان ﴿أولئك الذين صدقوا﴾ فهو الصديق الأكبر ﴿وأولئك هم المتقون﴾ فكيف لا؟! وهو إمام المتقين، والحمد لله رب العالمين على ولايته وولاية ذريته الطيبين

قوله تعالى: َلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [189]

71- تأويله: ما ذكره صاحب كتاب الاحتجاج عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء عبد الله بن الكوا إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: أخبرني عن قول الله تعالى: ﴿ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها﴾ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن البيوت التي أمر الله تعالى أن تؤتى من أبوابها، ونحن باب الله وبيوته التي يؤتى منها، فمن تابعنا وأقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ومن خالفنا وفضل علينا غيرنا فقد اتى البيوت من ظهورها (2)

وذلك بأن الله لو شاء عرف الناس نفسه وحده، فكانوا يأتونه من بابه، ولكنه جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله وبابه التي تؤتى منها، فمن عدل عن ولايتنا وفضل علينا غيرنا فإنهم ﴿عن الصراط لناكبون﴾.

72- ويؤيده ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): الأوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها، ولولا هم ما عرف الله عز وجل، وبهم احتج على خلقه (3).

ص: 86


1- ليس في نسخ «ج» وفى نسخة (م) الحين.
2- الاحتجاج: 1/337 وعنه البحار: 23/328 ح 9 و ج 24/248 ح 2 والبرهان: 1/190 ح 4 ونور الثقلين: 1/148 ح 620.
3- الكافي: 1/193 ح 2 وعنه البرهان: 1/190 ح 2 واثبات الهداة: 1/156/32.

73- وروي في معنى (من يأتي البيوت من غير أبوابها) ما رواه أبو عمر الزاهد (1).

في كتابه باسناده إلى محمد بن مسلم، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قلت له: إنا نرى الرجل من المخالفين عليكم، له عبادة واجتهاد وخشوع، فهل ينفعه ذلك؟

فقال: يا أبا محمد إنما مثلهم كمثل أهل بيت في بني إسرائيل، وكان إذا اجتهد أحد منهم أربعين ليلة ودعا الله أجيب، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا الله، فلم يستجب له، فأتى عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يشكو إليه ما هو فيه، ويسأله الدعاء له.

قال: فتطهر عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصلى ثم دعا الله له.

فأوحى الله إليه: يا عيسى (عبدي) (2) أتاني من غير الباب الذي أتوني منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتشر أنامله ما استجبت له.

قال: فالتفت عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه وقال له: تدعو ربك وفي قلبك شك من نبيه؟

فقال: يا روح الله وكلمته، قد كان ما قلت، فاسأل الله أن يذهب به عني.

فدعا له عيسى فتقبل الله منه، وصار الرجل من جملة أهل بيته.

وكذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا (3).

قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [199]

74- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: أخبرني إن كنت عالما عن الناس، وعن أشباه الناس، وعن النسناس؟

ص: 87


1- هو أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد الباوردي له كتاب اليواقيت وشرح الفصيح لثعلب وكتاب يوم وليله. راجع الكنى والألقاب: 3/154.
2- في نسخة «ب» انه.
3- عنه البحار: 27/192 ح 48 وعن عدة الداعي: 57 ومجالس المفيد: 2 ح 2 وأخرجه في الجواهر السنية: 111 عن الكافي: 2/400 ح 9 باسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مع أدنى اختلاف.

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا حسين أجب الرجل. فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

أما قولك (عن الناس) فنحن الناس وكذلك قال الله تعالى في كتابه:

﴿ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس﴾ فرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الذي أفاض بالناس.

وأما قولك (عن أشباه الناس) فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا، وكذلك قال إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿فمن تبعني فإنه مني﴾ (1).

وأما قولك (عن النسناس) فهم السواد الأعظم. وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال ﴿إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا﴾ (2)

وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [207]

تأويله ومعناه ﴿ومن الناس﴾ أي بعض الناس. ويعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما يأتي بيانه ﴿من يشري نفسه﴾ أي يبيعها ﴿ابتغاء مرضات الله﴾ لأنه سبحانه هو المشتري لها، لقوله ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم﴾ (3).

والبيع يحتاج إلى إيجاب وقبول، فالايجاب من الله، والقبول من أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لعلمه بصدق (4) وعد ربه.

واعلم أنه لما ذكر الله سبحانه عدوه فيما تقدم وهو قوله عز وجل ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد﴾.

وذكر حاله في فساده وأنه يهلك الحرث والنسل، وهو عبارة عن عمارة الدنيا. وصلاحها: صلاح العالم. وفي هذه كفاية.

وبيّن منزلته لخلقه، عقب ذلك بذكر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين منزلته الرفيعة

ص: 88


1- إبراهيم: 36.
2- الكافي: 8/244 ح 339 وعنه البحار: 24/95 ح 2 والبرهان: 1/201 ح 2 ورواه الفرات في تفسيره: 8، والآية من سورة الفرقان: 44.
3- التوبة: 111.
4- في نسختي (ج، م) يصدق.

التي لم ينلها أحد من العالمين، وهي مبيته على فراش رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم ليلة خروجه إلى الغار خوفا على نفسه الكريمة من الكفار.

75- وقد ورد في هذه القصة أخبار: منها ما رواه أحمد بن حنبل، عن عمر ابن ميمون قال: قوله عز وجل ﴿ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله﴾ ذلك علي بن أبي طالب شرى نفسه، وذلك حين نام على فراش رسول الله، ألبسه ثوبه، وجعله مكانه، وكان المشركون يتوهمون أنه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1)

76- وروى الثعلبي في تفسيره: قال: لما أراد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الهجرة خلف عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقضاء ديونه، ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار: أن ينام علي على فراشه، وقال له: يا علي اتشح ببردي الحضرمي، ثم نم على فراشي، فإنه لا يلحق إليك منهم مكروه إن شاء الله. ففعل ما أمره به.

فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة.

فأوحى الله عز وجل إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا، فكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا بن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكته.

فأنزل الله عز وجل على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿ومن الناس من يشري نفسه﴾ الآية (2).

77- ورواه أخطب خوارزم حديثا يرفعه باسناده إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال:

ص: 89


1- عنه البحار: 19/86 ح 37، وأخرجه في الفضائل الخمسة: 2/311 عن مسند أحمد: 1/331، وغيره.
2- عنه البحار: 19/86 وفى البرهان: 1/207 ح 11 عن المناقب لابن شهرآشوب: 1/339 عن تفسير الثعلبي وغيره وأورده في تنبيه الخواطر: 1/173 والحسكاني في شواهد التنزيل: 1/96 ح 133 والطوسي في أماليه: 2/83 والديلمي في ارشاده: 224.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نزل (علي) (1) جبرئيل صبيحة يوم الغار.

فقلت: حبيبي جبرئيل! أراك فرحا؟ فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك؟! وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب.

فقلت: وبماذا أكرمه الله؟ قال: باهى بعبادته البارحة، ملائكته وقال:

ملائكتي! انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي وقد بذل نفسه، وعفر خده في التراب تواضعا لعظمتي، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي (2).

إعلم أنه لما (3) أوحى الله الكبير الجليل إلى جبرئيل وميكائيل أيهما يؤثر صاحبه بالعمر الطويل؟ وهو العالم بشأنهما على الجملة والتفصيل ليبين (4) فضل أمير المؤمنين على الملائكة المقربين، وهذا هو الفضل المبين الذي لم ينله أحد من الأولين والآخرين، نبأ عظيم في نفس من أنفاس النبأ العظيم ليلة مبيته على الفراش فعليه من الله الصلاة والتسليم.

78- وورد في تفسير الامام أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهم: قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): معاشر عباد الله عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد سيد الأنبياء (علي بن أبي طالب) وبموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق إخوانكم (الذين هم في موالاته، ومعاداة أعدائه، شركاؤكم).

فان رعاية علي أحسن من رعاية هؤلاء التجار (الخارجين) (5) بصاحبكم الذي ذكرتموه إلى الصين الذي عرضوه للغناء (6) وأعانوه بالثراء، أما إن من شيعة علي

ص: 90


1- في نسختي (ب، م) إلي.
2- عنه البحار: 19/87 ملحق ح 37، وأخرجه في مدينة المعاجز: 163 عن مناقب المأة منقبة: 77 وأوفي المحتضر: 100 والخوارزمي في مناقبه: 288.
3- في نسختي (ب، م) انما.
4- في نسخة (م) ليتبين.
5- ليس في نسخة «ج».
6- هكذا في نسخة «ب» وفى تفسير الامام والبحار: 68، وفى نسخة (ج، م) للفناء.

لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة (الميزان) (1) سيئاته من الآثام، ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة، تقول الخلائق: قد هلك هذا العبد. فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله تعالى من الخالدين.

فيأتيه النداء من قبل الله عز وجل: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات فهل لك بأزائها حسنات تكافئها فتدخل جنة الله برحمته أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله (2) ؟

فيقول العبد: لا أدري. فيقول منادي ربنا عز وجل: فان ربي يقول: ناد في عرصات القيامة (ألا وإني فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا وقد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ولا حسنات لي بأزائها، فأي أهل هذا المحشر كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أو ان شدة حاجتي إليها).

فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعد أوتي.

ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجم غفير وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات.

فيقول [ذلك] (3) العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا بارا ولنا مكرما، وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا، وقد تركنا (4) له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له.

فيقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك، ووالى وليك يا أخا رسول الله.

فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له؟ فاني أنا الحكم، أما ما بيني وبينه من الذنوب فقد غفرتها له بموالاتها إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات، فلا بد من فصل الحكم ما بينه وبينهم. فيقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رب أفعل ما تأمرني.

ص: 91


1- ليس في البحار.
2- في نسخة (م) بوعيد.
3- من البحار.
4- في نسخة (ب، م) نزلنا.

فيقول الله تعالى: يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله. فيضمن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك، ويقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم أعطيكم عوضا عن ظلاماتكم. فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). فيقول علي: قد وهبت ذلك لكم.

فيقول الله عز وجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي، فداء لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لكم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله عز وجل به خصماءه المؤمنين. ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على (بال بشر) (1).

فيقولون: يا ربنا هل بقي من جناتك شئ إذا كان هذا كله لنا فأين تحل سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين؟

وتخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم.

فيأتي النداء من قبل الله: يا عبادي، هذا ثواب نفس من أنفاس علي [بن أبي طالب] الذي اقترحتموه عليه، جعلته لكم، فخذوه وانظروا.

فيصيرون هم (2) وهذا المؤمن الذي عوضهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عنه إلى تلك الجنان.

ثم يرون ما يضيفه الله عز وجل إلى ممالك علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له مما شاء الله عز وجل من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم﴾ (3) المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب (4)، عليه الصلاة، صلاة تملأ المشارق والمغارب.

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوت الشيطان إنه لكم عدو مبين [208]

اعلم أنه لما أبان الله تعالى فضل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قد شرى نفسه ابتغاء مرضات الله، أمر المؤمنين أن يدخلوا في السلم كافة، والسلم: ولايته. لما يأتي بيانه

ص: 92


1- في نسخة «ب» بال قلب بشر.
2- في نسختي (ب، م) فيبصرونهم.
3- الصافات: 62.
4- تفسير الامام: 43، وعنه البحار: 8/59 ح 82.

ونهى عن اتباع خطوات الشيطان وهو عدوه الذي تقدم ذكره في قوله عز وجل ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا﴾ هذا معناه.

79- وأما تأويله: قال علي بن إبراهيم في تفسيره: وقوله تعالى ﴿ادخلوا في السلم كافة﴾ نزلت في الولاية (1).

80- وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه، عن محمد بن إبراهيم قال: سمعت الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قوله عز وجل ﴿ادخلوا في السلم كافة﴾ قال: ادخلوا في ولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ أي لا تتبعوا غيره (2).

81- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد عن معلى ابن محمد عن الحسن بن علي الوشاء، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة﴾ قال: في ولايتنا (3).

82- وذكر الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة﴾ قال: السلم ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وولاية أولاده صلوات الله عليهم أجمعين (4).

فانظر بعين النظر والاعتبار إلى قول العزيز الغفار ما خص به عليا من الفخار، وجعل ولايته هي (السلم) الذي من دخله كان آمنا في الدنيا والآخرة، ومن لم يدخله كان محاربا لله ولرسوله، غير آمن في الدنيا والآخرة، وهو من أصحاب النار.

83- لما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه في أماليه عن أحمد (5) بن القطان

ص: 93


1- تفسير القمي: 61 وعنه البحار: 35/342 ح 12 ونور الثقلين: 1/171/765.
2- أمالي الطوسي: 1/306 وعنه البرهان: 1/207 ح 2 والبحار: 35/342/13 ونور الثقلين: 1/171 ح 766.
3- الكافي: 1/417 ح 29 وعنه البحار: 24/160 ح 6 والبرهان 1/207 ح 1 ونور الثقلين: 1/171 ح 764.
4- أخرجه في البحار: 24/160 ح 7 عن ارشاد القلوب.
5- في نسخة (م) ونسخة «ج» خ ل محمد.

باسناده، عن علي بن بلال عن الإمام علي بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، عن النبي، صلوات الله عليهم أجمعين، عن جبرئيل، عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم قال: يقول الله تبارك وتعالى:

ولاية علي بن أبي طالب حصني ومن دخل حصني أمن من (1) ناري (2).

وقوله تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العلمين [251]

84- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن الله عز وجل يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا فلو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي، ولو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله عز وجل ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج، ولو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا.

وهو قول الله عز وجل ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين﴾ فوالله ما نزلت إلا فيكم وما عنى بها غيركم (3). فالمعنى أن الناس المعنيين هم الشيعة الذين رضي الله عنهم، ورضوا عنه وقبل منهم وقبلوا منه، وفقهم الله لرضوانه، وأسكنهم بحبوحة جنانه، بمحمد وآله وأنصاره وأعوانه

ص: 94


1- ليس في نسختي (ج، م).
2- أمالي الصدوق: 195 ح 9 وعنه البحار: 39/246 ح 1 وعن جامع الأخبار: 115 ورواه في عيون الاخبار: 2/135 ح 1 ومعاني الاخبار: 371 ح 1.
3- الكافي: 2/451 ح 1 وعنه البرهان: 1/238 ح 2 والوسائل: 1/12 ح 16 ونور الثقلين: 1/210 ح 1005 وأخرجه في البحار: 73/383 ح 6 عن تفسير العياشي: 1/135 ح 446.

وقوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [254]

85- تأويله: ما نقله صاحب كتاب الاحتجاج يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم (1) الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد فبماذا نسميهم (2) ؟ فقال له: سمهم بما سماهم الله في كتابه فقال الرجل: (ما كلما في) (3) كتاب الله أعلمه.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): أما سمعت الله يقول ﴿تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض - إلى قوله - ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر﴾ فلمّا وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله وبالنبي وبالكتاب والحق، فنحن الذين آمنوا، وهم الذين كفروا، وشاء الله قتالهم بمشيته وإرادته (4)

قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [256]

86- ذكر صاحب نهج الايمان في تأويل هذه الآية: ما هذا لفظه: قال (رَحمَةُ اللّه): روى (أبو عبد الله) (5) الحسين بن جبير (رَحمَةُ اللّه) في كتابه نخب المناقب لآل أبي طالب حديثا مسندا إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى فليستمسك (6) بحب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

ص: 95


1- في نسختي (ب، م) تقاتلهم.
2- في نسخة «ج» بماذا فنسيهم.
3- في نسخة «ب» ما في كل وفى نسخة (م) ما في كتاب.
4- أمالي الطوسي: 1/200 وعنه البحار: 8/459 (ط حجر) والبرهان: 1/239 ح 2 ونور الثقلين: 1/211 ح 1011 وأخرجه في المستدرك: 2/254 ح 2 عن أمالي المفيد: 101 ح 3 وأورد نحوه في الاحتجاج: 1/249.
5- ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» فليتمسك.
7- عنه البحار: 24/83 ح 1 والبرهان: 1/243 ح 1.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنه قد تقدم في صدر الكتاب أن (الطاغوت) كناية عن عدو آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1) وصح من هذا التأويل أن الذي يكفر بالطاغوت - هو العدو المبين - ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى وهو حب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وآله الطيبين، ثم لما بين بحبه حال المؤمن والكافر

قال الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [257]

87- تأويله: ما ذكره الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب الغيبة عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن (أبي يعفور) (2) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): اني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة وصدق ووفاء!؟ وأقوام يتولونك ليس لهم تلك الأمانة ولا الصدق ولا الوفاء! قال: فاستوى أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالسا وأقبل علي كالغضبان.

ثم قال: لا دين لمن دان بامامة (3) إمام جائر ليس من الله، ولا عتب (4) على من دان بولاية إمام عادل من الله. قال: قلت: فلا دين لأولئك ولا عتب (5) على هؤلاء؟! فقال: نعم، أما تسمع قول الله عز وجل ﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ فأي نور يكون للكافر فيخرج منه؟ إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام، فلمّا تولوا كل إمام جائر ليس من الله، خرجوا بولايتهم إياهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب لهم النار مع الكفار، فقال ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

ص: 96


1- راجع الحديث: 2 من مقدمة الكتاب.
2- في نسخة (م) يعقوب.
3- في نسختي (ب، م) بولاية.
4- في نسختي (ب، م) عيب.
5- في نسختي (ب، م) عيب.

[ورواه الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن العدة، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب] (1)

ومعنى قوله ﴿يخرجهم من الظلمات - الذنوب - إلى النور﴾ التوبة والمغفرة أي الذي يكون من الشيعة وليس له أمانة ولا صدق ولا وفاء، فان هذه وغيرها ذنوب والله سبحانه، يخرجهم من ظلماتها إلى نور التوبة منها، وإلى المغفرة بعدها، فإنه هو الغفور الرحيم، بولاية كل إمام عادل من الله، فعليهم أفضل الصلاة والتسليم.

قوله تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا

88- تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس عن أيوب بن الحر (2)، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿يؤتي الحكمة من يشاء﴾ قال: طاعة الله ومعرفة الامام (3)

إعلم أنها (4) السبب الأقوى في الاسلام، لان طاعة الله سبحانه طاعة الرسول لقوله تعالى ﴿ومن يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ (5) ومعرفة الامام تدخل في طاعة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولا شك أن من يؤتى (6) طاعة الله وطاعة الرسول ومعرفة الامام فقد أوتي خيرا كثيرا، ووجبت له الجنة في دار السلام، (والسلام) (7).

قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [274]

89 تأويله: ما قاله أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) [في] سبب النزول قال ابن

ص: 97


1- عنه في البحار: 68/104 ح 18 وعن الكافي: 1/375 ح 3 وتفسير العياشي: 1/138 ح 460 ولم نجده في غيبة المفيد بل في غيبة النعماني: 132 ح 14 وأخرجه في البرهان: 1/243 ح 1 ونور الثقلين: 1/231 ح 107 عن الكافي وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
2- في نسخ (أ، م، ج) (الحسن خ ل)
3- الكافي: 1/185 ح 11 وعنه البرهان: 1/255 ح 1 ونور الثقلين: 1/238 ح 1130 وفى البحار: 24/86 ح 2 وعنه وعن المحاسن: 1/148 ح 60 والعياشي: 1/151 ح 496.
4- في نسخة «ب» انهم.
5- النساء: 80.
6- في نسخة «ج» يتولى.
7- ليس في نسخة «ب».

عباس (رَحمَةُ اللّه): نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانت معه أربعة دراهم، فتصدق بواحد ليلا، وبواحد نهارا، بواحد سرا، وبواحد علانية.

قال أبو علي الطبرسي: وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) [ورواه الجمهور أيضا] (1)

وقوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون

90- تأويله: ما رواه المقلد بن غالب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن الحسين، عن محمد ابن وهبان، عن محمد بن أحمد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر [عن سلامة] (2) قال: سمعت أبا سلمى راعي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: ليلة أسري بي إلى السماء فقال الرب عز وجل ﴿آمن الرسول بما انزل إليه من ربه﴾.

فقلت: والمؤمنون. قال: صدقت، يا محمد من خلفت على أمتك؟

فقلت (3): خيرها. قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب.

فقال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض إطاعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود، وأنت محمد (4). ثم اطلعت ثانية فاخترت عليا، فشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي.

يا محمد اني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرضين، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الضالين (5).

يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع، أو يصير كالشن البالي، ثم

ص: 98


1- مجمع البيان: 2/388 وعنه البرهان: 1/258 ح 9 والبحار: 64/175 وأخرجه في البحار: 36/61 ح 6 عن كشف الغمة: 1/310 وتفسير الفرات 2 و 4 والعمدة لابن بطريق: 183 والمستدرك له والطرائف: 99 عن تفسير الثعلبي ومناقب ابن المغازلي: 280 ح 325 بأسانيدهم عن ابن عباس، ورواه الخوارزمي في مناقبه: 198 بسند آخر وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
2- من فضل الخوارزمي وغيره.
3- في نسخة (م) قلت.
4- في نسخة «ب» المحمد.
5- في نسخة «ج» الظالمين.

أتاني جاحدا لولايتكم، ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.

يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، قال: التفت. فالتفت عن يمين العرش، فإذا أنا باسمي وباسم علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري، فقال: يا محمد هؤلاء حججي على خلقي، وهذا القائم من ولدك بالسيف والمنتقم من أعدائك (1).

إعلم أنه قد بان لك، في هذه السورة من الفضل المبين الذي اختص به أمير المؤمنين وذريته الطيبين، فاستمسك بولايتهم تكن من الفائزين، واركب في سفينتهم تكن من الناجين، ويوم الفزع الأكبر تكن من الآمنين، صلى الله عليهم صلاة دائمة في الدنيا ويوم الدين، باقية في كل أوان وفي كل حين.

«3»

(سورة آل عمران)

(وما فيها من الآيات البينات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [7]

تأويله الباطن وهو:

1- ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان ابن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب

ص: 99


1- أخرجه في البحار: 36/261 ح 82 عن غيبة الطوسي: 95 وفى البحار: 36/216 ح 18 والبرهان: 2/266 ح 4 عن مقتضب الأثر: 10، وفيها عن سلام قال: سمعت أبا سلمى.. الحديث. ورواه في فرائد السمطين: 2/319، ومقتل الحسين للخوارزمي: 95 وما بين المعقوفين أثبتناه من المقتل وبقية التخريجات.

منه آيات محكمات هن أم الكتاب﴾ قال: أمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

﴿وأخر متشابهات﴾ قال: فلان وفلان ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ﴾ أصحابهم وأهل ولايتهم ﴿فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾ وهم أمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

[والروايات في هذا المقام أكثر من أن تحصى] (1).

2- وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن أيوب بن الحر، وعمران بن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نحن الراسخون في العلم، ونحن نعلم تأويله (2)

3- ويؤيده ما رواه أيضا عن علي بن محمد، عن عبد الله بن علي، عن إبراهيم ابن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قول الله عز وجل ﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾، قال:

فرسول الله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عز وجل علم جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لا يعلمه (3) تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله (4).

وكيف لا يعلمونه؟! وهم (5) مبدأ العلم وإليهم منتهاه، وهم معدنه وقراره (6) ومأواه.

وبيان ذلك:

4- ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

ص: 100


1- الكافي: 1/414 ح 14 وعنه البرهان: 1/270 ح 2، وفى البحار: 23/208 ح 12 عنه وعن العياشي: 1/162 ح 2 والمناقب لابن شهرآشوب: 3/522 عن عبد الرحمن وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
2- الكافي: 1/313 ح 1 وعنه البرهان: 1/270 ح 3 والوسائل: 18/132 ح 5 وأخرجه في البحار: 23/198 ح 31 عن بصائر الدرجات: 203 ح 5 وص 204 ح 7 باسناده عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.
3- في نسخة «ب» الا يعلم، وفى نسخة (م) لم يعلمه.
4- الكافي: 1/213 ح 2 وعنه البرهان: 1/270 ح 4 والوسائل: 18/132 ح 6 والبحار: 17/130 ح1.
5- فی نسخة «م» ومنهم.
6- فی نسخة «ب» ومقره.

ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن عبد الله بن سليمان، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) برمانتين، فأكل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إحداهما وكسر الأخرى نصفين، فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا. قال: أما الأولى فالنبوة ليس (1) لك فيها نصيب، وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه.

فقلت: أصلحك الله كيف يكون شريكه فيه؟ قال: لم يعلم الله محمدا علما إلا

(و) (2) أمره أن يعلمه عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

5- ويؤيده: ما رواه أيضا عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) برمانتين من الجنة، فلقيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: ما هاتان الرمانتان اللتان (4) في يدك؟

فقال: أما هذه فالنبوة [و] (5) ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم.

ثم فلقها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نصفها.

ثم قال: أنت (6) شريكي فيه وأنا شريكك فيه.

(قال) (7): فلم يعلم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليا، ثم انتهى العلم إلينا، ثم وضع يده على صدره (8).

ص: 101


1- في نسخة «ج» فليس.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/263 ح 1 وعنه البرهان: 2/380 ح 11 وأخرجه في البحار: 40/210 ح 6 عن بصائر الدرجات: 293 باسناده عن عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ح 6 عن البصائر: 292 عن حمران عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.
4- في نسخة «ب» انك.
5- من نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» انك.
7- ليس في نسخة «ج».
8- الكافي: 1/263 ح 3 وعنه البرهان: 2/380 ح 13 وأخرجه في البحار: 26/173 ح 44 عن بصائر الدرجات: 295 ح 3.

6- وأوضح من هذا بيانا: ما رواه أيضا عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الحجال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت: جعلت فداك، إني أسألك عن مسألة، فهل هنا أحد يسمع كلامي؟

قال: فرفع أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك.

قال: قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) علم عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بابا يفتح (الله) [له] (1) منه ألف باب. قال: فقال يا أبا محمد علم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألف باب يفتح [من] كل باب ألف باب. قال: قلت: هذا والله العلم؟

قال: فنكت ساعة في الأرض ثم قال: إنه لعلم، وما هو بذاك.

قال: ثم قال: يا أبا محمد! وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟

قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وإملائه، من فلق فيه، وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش، وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي (2) يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك إنما أنا لك، فاصنع ما شئت. قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا - كأنه مغضب -.

قال: قلت: هذا والله العلم قال: إنه لعلم وليس بذاك.

ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟ قال: قلت: وما الجفر؟ قال: (وعاء من أدم) (3) فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل. قال: قلت: إن هذا هو العلم. قال: إنه لعلم وليس بذاك.

ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا لمصحف (4) فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.

ص: 102


1- ليس في نسخة (م).
2- في نسختي (ج، م) فقال لي أتأذن لي.
3- في البحار: وعاء أحمر وأديم أحمر.
4- في نسخة «ج» مصحف.

قال: قلت: هذا والله العلم؟ قال: إنه لعلم، وليس بذاك.

ثم سكت ساعة، ثم قال: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة.

قال: قلت: جعلت فداك هذا والله هو العلم؟ قال: إنه لعلم، وليس بذاك.

قال: قلت: جعلت فداك فأي شئ العلم؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الامر بعد الامر، والشئ بعد الشئ إلى يوم القيامة (1).

7- ومما ورد في غزارة علمهم - صلوات الله عليهم - ما رواه أيضا (قال: روى عدة من أصحابنا) (2) عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا، منهم (عبد الأعلى وأبو عبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي) أنهم سمعوا أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون.

قال: ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه، فقال: علمت ذلك من كتاب الله عز وجل إنه عز وجل يقول: (فيه تبيان كل شئ) (3).

8- ومما ورد في غزارة علمهم (صلوات الله عليهم):

ما رواه أيضا عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم ابن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار قال: كنا مع أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين. فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا.

فقلنا: ليس علينا عين. فقال: ورب الكعبة ورب البنية (4) ثلاث مرات لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما إني أعلم (5) منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما

ص: 103


1- الكافي: 1/238 ح 1 وقطعة منه في الوسائل: 19/217 ح 1 وأخرجه في البحار: 26/38 ح 70 عن بصائر الدرجات: 151 ح 3.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/261 ح 2 وأخرجه في البحار: 26/111 ح 8 و ج 92/86 ح 21 عن بصائر الدرجات: 128 ح 5 والآية من سورة النحل: 89 هكذا (تبيانا لكل شئ) فالظاهر أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراد معنى الآية أو كان قراءتهم (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- في نسخة «ب» البينة، وفى البحار: البيت.
5- في نسخة «ج» لأعلم.

لان موسى والخضر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) اعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم وراثة (1).

9- ويؤيد هذا ويطابقه: ما ذكره أصحابنا من رواة الحديث من كتاب الأربعين رواية سعد الأربلي، عن عمار بن خالد، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك ابن سليمان قال: وجد في ذخيرة حواري عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) رق فيه مكتوب بالقلم السرياني منقولا من التوراة.

وذلك لما تشاجر موسى والخضر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قصة السفينة والغلام والجدار ورجع موسى إلى قومه فسأله أخوه هارون عما استعلمه من الخضر وشاهده من عجائب البحر فقال موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بينا أنا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط بين أيدينا طائر فأخذ في مناقرة قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق، وأخذ منه ثانية ورمى بها نحو المغرب، ثم أخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء، ثم أخذ رابعة ورمى بها نحو الأرض، ثم أخذ خامسة وألقاها في البحر، فبهت أنا والخضر من ذلك وسألته عنه؟

فقال: لا أعلم. فبينا نحن كذلك وإذا بصياد يصيد في البحر فنظر إلينا.

وقال: مالي أراكما في فكرة (2) من أمر هذا الطائر؟ فقلنا له: هو ذاك.

فقال: أنا رجل صياد وقد علمت إشارته، وأنتما نبيان لا تعلمان؟!

فقلنا: ما نعلم إلا ما علمنا الله عز وجل.

فقال: هذا طائر في البحر يسمى (مسلما) لأنه إذا صاح يقول في صياحه (مسلم مسلم) فأشار برمي الماء من منقاره نحو المشرق، والمغرب، والسماء، والأرض، وفي البحر يقول: إنه يأتي في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب، وأهل السماء والأرض عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة في البحر، ويرث علمه ابن عمه ووصيه. فعند ذلك سكن ما كنا فيه من المشاجرة، واستقل كل واحد منا علمه، بعد أن

ص: 104


1- الكافي: 1/260 ب 48 ح 1 وعنه البحار: 13/300 ح 20 والبرهان: 2/488 ح 36 وص 380 ح 10 ونور الثقلين: 3/275 ح 142.
2- في البحار، فكر.

كنا معجبين بأنفسنا ثم غاب عنا فعلمنا أنه ملك بعثه الله إلينا ليعرفنا نقصنا حيث ادعينا الكمال (1).

10- ومما ذكر في معنى علمهم صلوات الله عليهم ما ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتابه مصباح الأنوار، باسناده إلى رجاله قال: روي عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين حباله، وفاطمة علاقته، والأئمة من بعدهم يزنون المحبين والمبغضين الناصبين، الذين عليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين (2).

والحمد لله الذي جعلنا من المحبين والمخلصين، ولم يجعلنا من المبغضين الناصبين، الذين عليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين.

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [33]

تأويله: ذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) أن آل إبراهيم (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3) المعصومون، لان الاصطفاء لا يقع إلا على المعصوم، وهو الذي يكون باطنه مثل ظاهره في الطهارة والعصمة، وآل محمد من هذا القبيل، لا شك ولا ريب.

11- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: قال: إنه روي في الخبر المأثور أنه نزل ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران - وآل محمد - على العالمين﴾ فأسقطوا آل محمد منه (4) وذلك عناد منهم لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وصدود عنه.

12- ومما جاء في معنى (الاصطفاء) ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه)

ص: 105


1- عنه البحار: 13/312 ح 52 وعن رياض الجنان، وأخرجه في البحار: 26/199 ح 12 عن المحتضر: 100 باختلاف يسير.
2- مصباح الأنوار: 191 (مخطوط) وأخرجه في البحار: 23/106 ح 6 واثبات الهداة: 2/74 ح 784 عن التأويل.
3- مجمع البيان: 2/433 وعنه نور الثقلين: 1/275 ح 107.
4- تفسير القمي: 90 وعنه نور الثقلين: 1/274 ح 104 والبرهان: 1/277 ح 2.

قال: روى أبو جعفر القلانسي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا عمرو ابن أبي المقدام، عن يونس بن خباب (1)، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ما بال أقوام إذا ذكروا آل إبراهيم وآل عمران استبشروا وإذا ذكروا آل محمد اشمأزت قلوبهم؟ والذي نفس محمد بيده، لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

13- وقال أيضا: روى روح بن روح (3)، عن رجاله، عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس (رض) قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقلت: يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله؟

فقال: سأخبركم، إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه وأتم عليكم نعمته وكنتم أحق بها وأهلها، وإن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي.

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي احفظ وصيتي، وارع ذمامي، وأوف بعهدي، وأنجز عداتي، واقض ديني، وأحي سنتي وقومها (4) وادع إلى ملتي، لان الله اصطفاني واختارني، فذكرت دعوة أخي موسى.

فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى، فأوحى الله عز وجل إلي، إن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، ثم أنت يا علي من أئمة الهدى، وأولادك (5) منك، فأنتم قادة الهدى والتقى، والشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا، ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى،

ص: 106


1- هكذا في البحار والرجال، وفى الأصل: حباب.
2- مصباح الأنوار: 158 (مخطوط) وأخرجه في البحار: 23/221 ح 23 والبرهان: 1/279 ح 15 عن التأويل، وفى البحار: 27/172 ح 15 والبرهان: 3/161 ح 8 عن أمالي الشيخ: 1/139 باسناده عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مع اختلاف.
3- في نسختي (ج، م) رواح.
4- في نسختي (ج، م) وقومها وأحيى سنتي.
5- في نسخة «ب» أولادي.

وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم، والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده، فقال عز وجل من قائل:

﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم﴾.

فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران، وأنتم الأسرة من إسماعيل والعترة الطاهرة (1) من محمد صلوات الله عليهم أجمعين (2).

14- وفي هذا المعنى ما ذكره الشيخ الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في أماليه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رَحمَةُ اللّه)، قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل ابن عمر، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أعطيت تسعا (3) لم يعطها أحد قبلي سوى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت إلى الملكوت باذن ربي، فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، فإنه بولايتي (4) أكمل الله لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعم (5) ورضيت إسلامهم (6) كل ذلك منّ من الله علي، فلله الحمد (7).

ص: 107


1- في نسختي (ج، م) الهادية.
2- عنه البحار: 23/221 ح 24 واثبات الهداة: 3/84 ح 785 والبرهان: 1/279 ح 16.
3- في نسخة «ج» سبعا.
4- في نسخة «ب» فان بولائي، وفى (م) فان بولايتي.
5- في نسخة «ج» نعمتي.
6- هو إشارة إلى قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم..) الآية: 6 من سورة المائدة.
7- أمالي الطوسي: 1/208 وعنه البحار: 26/141 ح 14 ح 14 وفى الأمالي (من الله به على فله الحمد) وفى البحار (منا من الله على، فله الحمد).

وقوله تعالى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [37]

جاء في تأويل هذه الآية الكريمة منقبة جليلة عظيمة من مناقب مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومناقب الزهراء ذات الفضل المبين، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما صلاة باقية إلى يوم الدين:

15- وهو ما نقله الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في كتابه مصباح الأنوار بحذف الاسناد قال: روى أبو سعيد الخدري قال: أصبح علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم، فقال: لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) هل عندك شئ نغتذيه (1) ؟ فقالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية، ما أصبح الغداة عندي منذ (2) يومين شئ إلا (3) كنت أوثرك به على نفسي وعلى ابني الحسن والحسين.

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا فاطمة ألا كنت أعلمتني؟ فأبغيكم (4) شيئا.

فقالت: يا أبا الحسن إني لأستحيي من إلهي أن أكلف نفسك مالا تقدر عليه (5).

فخرج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من عندها واثقا بالله وحسن الظن به فاستقرض دينارا فأخذه ليشتري لهم به ما يصلحهم، فعرض له المقداد بن الأسود، رضوان الله عليه، وكان يوما شديد الحر وقد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلمّا رآه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنكر شأنه، فقال له: يا مقداد ما أزعجك الساعة من رحلك.

فقال: يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي.

فقال: يا أخي لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن (6) حالي. فقال: يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

ص: 108


1- في نسخة «ج» نغتد به، وفى نسخة «ب» نتغدى به، وفى البحار: تغديناه.
2- في نسخة «ج» مذ.
3- في نسخة (ج، م) الا شئ.
4- في نسخة «ب» فأتيتكم.
5- في نسختي (ج، م) به.
6- في نسخة «ب» والا تكشفني من، وفى نسخة (م) ولا تكشفني (تكشف - خ ل -).

فقال: يا أبا الحسن أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، وقد تركت عيالي جياعا، فلمّا سمعت بكاءهم لم تحملني الأرض خرجت مهموما راكبا رأسي، هذه حالتي (1) وقصّتي.

قال: فانهملت عينا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالبكاء حتى بلت دموعه كريمته، وقال: أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني إلا الذي أزعجك، وقد اقترضت دينارا، فهاكه أوثرك به على نفسي. فدفع إليه الدينار ورجع فدخل المسجد فصلى الظهر والعصر والمغرب مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فلمّا قضى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صلاة المغرب، مر بعلي وهو في الصف الآخر فلكزه برجله، فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلحقه في باب المسجد فسلم، فرد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال: يا أبا الحسن هل عندك عشاء نتعشاه (2) فنميل (3) معك؟ فمكث أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مطرقا، لا يحير جوابا، حياء من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وكان قد عرفه الله (4) ما كان من أمر الدينار، ومن أين أخذه، وأين وجهه بوحي من الله، وأمره أن يتعشى عند علي تلك الليلة، فلمّا نظر إلى سكوته.

قال: يا أبا الحسن مالك لا تقول (لا) فانصرف عنك، أو نعم فأمضي معك؟

فقال: حبا وكرامة، إذهب بنا. فأخذ رسول الله بيد أمير المؤمنين وانطلقا حتى دخلا على فاطمة، صلوات الله عليهم أجمعين، وهي في محرابها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا.

فلمّا سمعت كلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خرجت من مصلاها وسلمت عليه – وكانت أعز الناس عليه -، فرد (عَلَيهَا السَّلَامُ) ومسح بيده على رأسها وقال: يا بنتاه كيف أمسيت يرحمك الله؟ قالت: بخير. قال: عشينا، رحمك الله، وقد فعل.

فأخذت الجفنة ووضعتها بين يدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي.

ص: 109


1- في نسخة «ب» حالي.
2- في نسختي (ج، م) تعشيناه.
3- في نسخة «ب» فيميل، وفى نسختي (ج، م) فنقبل.
4- في نسخة «ج» عرف رسول الله، وفى نسخة (م) عرف الله.

فلمّا نظر أمير المؤمنين إلى الطعام، وشم ريحه (رمى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ببصره رميا شحيحا.

فقالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشده؟! فهل أذنبت ما بيني وبينك ذنبا أستوجب به السخطة منك؟ فقال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبت اليوم أليس عهدي بك وأنت (1) تحلفين بالله مجتهدة أنك ما طعمت طعاما منذ يومين؟!

قال: فنظرت إلى السماء وقالت: إلهي يعلم ما في سمائه وأرضه، إني لم أقل إلا حقا) (2) فقال لها: يا فاطمة فأنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه ولم أشم مثل ريحه قط ولم آكل أطيب منه؟ قال: فوضع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كفه المباركة على كتف أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهزها، ثم هزها. ثلاث مرات. ثم قال:

يا علي هذا بدل دينارك، هذا جزاء (3) دينارك من عند الله ﴿إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾. ثم استعبر باكيا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وقال: الحمد لله الذي أبى لكما أن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك يا علي مجرى زكريا، ويجزيك يا فاطمة مجرى مريم بنت عمران (4).

وهو قوله تعالى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [37]

16- العياشي في تفسيره عن سيف بن عميرة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث يتضمن نزول مائدة من السماء على فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومنه:

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا فاطمة ﴿أنى لك هذا؟! قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ فحدثها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بقصة مريم، وتلي الآية.

ثم قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فأكلوا منها شهرا، وكانت جفنة من خبز ولحم.

وقال: وهي الجفنة التي يأكل منها القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

ص: 110


1- في نسخة «ج» أنى.
2- ما بين القوسين ليس في نسخة «ب».
3- في نسخة (م) أجر.
4- مصباح الانوار : 226 (مخطوط) وعنه البحار : 96/147ح25، وأخرجه في البحار 43/59ح51 عن أمالي الشيخ : 2/228 وتفسير الفرات: 21 وكشف الغمة : 1/469.
5- العياشي: 1/172 ضمن ح 41 وفيه عن سيف، عن نجم، عن أبي جعفر عليه السلام وعنه البحار : 14/197 ح 4 و ج 43/31 ح 38 والبرهان : 1/282ح 9.

ورواه الصدوق في الأمالي مع أدنى تغير وزيادات (1)

ونقل ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) في كتابه (سعد السعود) حديث نزول المائدة على فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) عن محمد بن العباس بن مروان المعروف (بابن الحجام) بستة طرق (2)

وذكرها أيضا الزمخشري في الكشاف (3).

ورواه ابن طاووس أيضا في كتاب الطرائف عن غيرهما (4).

17- وروى الصدوق في الأمالي باسناده إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) رواية من جملة ما فيها: إن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) لتقوم في محرابها فيسلم إليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ويناديها (يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك، واصطفاك على نساء العالمين) (5)

18- وفي العلل باسناده عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إنما سميت فاطمة (سَلَامُ اللهِ عَلَيهَا) (محدثة) لان الملائكة كانت تهبط فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران (عَلَيهَا السَّلَامُ) فتقول: يا فاطمة، إلى قوله تعالى ﴿واركعي مع الراكعين﴾ فتحدثهم ويحدثونها.

فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟

فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله عز وجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الأولين والآخرين (6).

ص: 111


1- لم نجده في أمالي الصدوق بل في أمالي الشيخ: 2/227.
2- سعد السعود: 91.
3- الكشاف: 1/275 وعنه البحار: 43/129.
4- الطرائف: 109 طبع الحجر ومن الأسف انه ساقط في الطبع الجديد.
5- أمالي الصدوق: 394 ذ ح 18 وعنه البحار: 43/24 ذ ح 20، وأخرجه في البحار: 37/85 ذ ح 52 عن بشارة المصطفى: 219 ما يقرب ذلك.
6- علل الشرائع: 182 ح 1 وعنه البحار: 14/206 ح 23 وفى ج 43/78 ح 65 عنه وعن دلائل الإمامة للطبري: 10 (عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن الصدوق) ولا يخفى أن الأحاديث (16 - 1 نقلناها من نسخة «أ».

قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين [61]

تأويله وسبب نزوله:

19- أن وفد (نجران من النصارى) قدم المدينة على رسول الله، فقالوا (له) (1).

هل رأيت ولدا بغير أب؟ فلم يجبهم حتى نزل قوله تعالى ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾ الآية.

فلمّا نزلت دعاهم إلى المباهلة، فأجابوه فخرج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) آخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه، وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وراءه.

فلمّا رآهم الأسقف، وكان رئيسهم، سأل من هؤلاء الذين معه؟

فقيل: هذا علي بن أبي طالب ابن عمه، وزوج ابنته فاطمة هذه، وهذان ولداهما.

فقال الأسقف لأصحابه: إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

ثم قال الأسقف للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك، فصالحنا على ما ننهض به. فصالحهم على ألفي حله وثلاثين رمحا وثلاثين درعا وثلاثين فرسا، وكتب لهم بذلك كتابا، ورجعوا إلى بلادهم.

وقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): والذي نفسي بيده لو لاعنوني (2) لمسخوا قردة وخنازير واضطرم الوادي عليهم نارا، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم (3).

واعلم أن قوله عز وجل ﴿أبناءنا﴾ دل على أنهما الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وأنهما إبناه على الحقيقة، وإن كانا ابنا بنته ﴿ونساءنا﴾ إن المراد بها فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) خاصة لأنه لم يخرج بغيرها، ﴿وأنفسنا﴾ إن المراد به عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصة، لان الانسان لا يجوز

ص: 112


1- ليس في نسخة «ج».
2- في الأصل: يلاعنوني، وما أثبتناه من المصدر والبحار.
3- أخرجه في البحار: 21/277 عن مجمع البيان: 2/451 مفصلا.

أن يدعو نفسه، وإذا كان لا يجوز، فلم يبق إلا أن يدعو غيره، ولم يدع في المباهلة غير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالاجماع، فتعين أن يكون هو المعني بقوله ﴿أنفسنا﴾.

فيكون هو نفس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

[20- ونقل ابن طاووس - رحمه الله - حديث المباهلة، عن محمد بن العباس من واحد وخمسين طريقا، عدد الرواة، واحدا واحدا، في كتابه سعد السعود، من أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه]. (2).

21- ويؤيد هذا من الروايات ما صح عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): وقد سأله سائل من بعض أصحابه؟ فأجابه عن كل رجل بصفته، فقال له: فعلي؟

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي (3).

فإذا نظرت ببصر البصيرة رأيت أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الحاوي لجميع فضائل المباهلة، لان الأبناء أبناؤه، والنساء نساؤه، والأنفس نفسه الزكية التي فضلت على الأنفس البشرية (4) حيث إنها نفس محمد أفضل البرية، فناهيك من فضيلة من الفضائل جليلة (5)، ومنقبة من (6) المناقب سامية علية، ثم لم يسمها ولا سماها أحد من الأنام بالكلية، صلى الله عليه وعلى صاحب النفس الأصلية، محمد بن عبد الله وعلى الطيبين من آلهما والذرية، صلاة ترغم أنوف النواصب القالين، والزيدية، وتزكي بها أنفس المحبين من الشيعة الإمامية.

قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين [68]

تأويله: ومعناه: إن أولى الناس بإبراهيم أي أحق به، ثم بين من هو، فقال:

ص: 113


1- هذا خلاصة ما في مجمع البيان: 2/452 وعنه البحار: 21/278، 279.
2- سعد السعود: 91 وعنه البحار: 21/350 ح 21، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- مجمع البيان: 2/453 وعنه البحار: 21/279.
4- في نسخة «ب» أنفس البرية.
5- في نسخة (م) في الفضائل جلية.
6- في نسختي (ب، م) في.

﴿للذين اتبعوه﴾ في زمانه وبعده وأمدوه (1) بالمعونة والنصرة على من لم يتبعه (2) على ذلك ﴿وهذا النبي﴾ يعني محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿والذين آمنوا﴾ به وأعانوه ونصروه أولئك هم أولى به وأحق من غيرهم، ثم بين سبحانه: إن أولى (الناس) (3) المؤمنين به: الذي ينصره ويعينه. كما نصروا وأعانوا أولئك لإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

22- وعنى بالمؤمنين (عليا والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)) لما روي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إن أولى الناس بالأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) أعلمهم بما جاءوا به، ثم تلا هذه الآية وقال: إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته (4).

وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (5)

23- ومما ورد في التأويل: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن عبد الله ابن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا﴾ قال: هم الأئمة ومن اتبعهم (6).

24- ويؤيده: ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: روى عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنتم والله من آل محمد، قلت: من أنفسهم جعلت فداك؟

قال: نعم، والله من أنفسهم، قالها ثلاثا، ثم نظر إلي، ونظرت إليه، وقال:

يا عمر إن الله عز وجل يقول في كتابه ﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (7).

ص: 114


1- في نسخة «ب» أيدوه.
2- في نسخة «ب» يتبعوه.
3- ليس في نسخة (م).
4- في نسخة «ب» قرابته.
5- أخرجه في البرهان: 1/292 ح 9 عن ربيع الأبرار للزمخشري.
6- الكافي: 1/416 ح 20 وعنه البحار: 23/225 ح 42 والبرهان: 1/291 ح 3 وأخرجه العياشي في تفسيره: 1/177 ح 62.
7- مجمع البيان: 2/458 وعنه البحار: 23/225 ح 43 وأخرجه في البرهان: 1/291 ح 5 عن العياشي: 1/177 ح 61.

25- ورواه أيضا علي بن إبراهيم، عن أبيه في تفسيره (1).

وقوله تعالى: أولئك لا خلق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [77]

26- تأويله: ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في كتابه مصباح الأنوار قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو الحسن المثنى قال: حدثنا علي بن مهرويه، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي (2)، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم.

حرم الله الجنة على ظالم أهل بيتي وقاتلهم وشانئهم (3) والمعين عليهم.

ثم تلا هذه الآية ﴿أولئك لأخلاق لهم في الآخرة﴾ الآية (4).

27- وفي معنى هذا التأويل: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)

قال: روى عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة ليس من الله، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا (5).

وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ.

ص: 115


1- تفسير القمي: 95 وعنه البحار: 68/84 ح 1 والبرهان: 1/291 ح 1 ونور الثقلين: 1/293 ح 184.
2- في الأصل: الفاراني.
3- في نسخة (م) سابيهم.
4- مصباح الأنوار: 30 (مخطوط) وفى البحار: 24/224 ح 14 و ج 27/225 ح 16 عن التأويل وأخرجه في البحار: 27/202 ح 1 عن أمالي الطوسي: 1/165 وأورده في مقصد الراغب: 132 (مخطوط).
5- الكافي: 1/373 ح 4 وعنه البحار: 7/212 ح 113 والوسائل: 18/564 ح 34، وأخرجه في البحار: 25/112 ح 10 والبرهان: 1/293 ح 5 عن تفسير العياشي: 1/178 ح 65.

28- تأويله: ما روي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إن الله أخذ الميثاق على الأنبياء أن يخبروا أممهم (1) بمبعث رسول الله (وهو محمد) (2) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ونعته وصفته ويبشروهم به، ويأمروهم بتصديقه (3).

ويقولوا ﴿هو مصدق لما معكم﴾ من كتاب وحكمة، وإنما الله أخذ ميثاق الأنبياء ليؤمنن به، ويصدقوا بكتابه وحكمته، كما صدق بكتابهم وحكمتهم.

وقوله ﴿ولتنصرنه﴾ يعني ولتنصروا وصيه.

29- لما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه) في كتابه باسناده عن فرج (4) ابن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: وقد تلا هذه الآية ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به﴾ يعني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿ولتنصرنه﴾ يعني وصيه - أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ولم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا وأخذ عليه الميثاق لمحمد بالنبوة ولعلي بالإمامة (5).

30- ويؤيده: ما ذكره صاحب كتاب الواحدة قال: روى أبو محمد الحسن ابن عبد الله الأطروش الكوفي قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله تبارك وتعالى أحد واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وخلقني وذريتي.

ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنها الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا، فنحن روح الله، وكلماته، وبنا احتجب عن خلقه.

فمازلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر، ولا ليل ولا نهار، ولا عين تطرف

ص: 116


1- في نسخة (ج، م) أمتهم.
2- ليس في نسخة «ج».
3- أخرجه في البحار: 15/176 عن مجمع البيان: 2/468 باسناده عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- في نسخه «ج» فرخ.
5- عنه البحار: 24/352 ح 70 و ج 26/297 ح 63 والبرهان: 1/294 ح 4.

نعبده ونقدسه ونسبحه قبل أن يخلق خلقه، وأخذ ميثاق الأنبياء بالايمان والنصرة لنا.

وذلك قوله عز وجل ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به﴾ يعني بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولتنصرن وصيه.

فقد آمنوا بمحمد، ولم ينصروا وصيه، وسينصرونه جميعا.

وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا وجاهدت بين يديه، وقتلت عدوه ووفيت الله بما أخذ علي من الميثاق والعهد والنصرة لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ولم ينصرني أحد من أنبيائه ورسله، وذلك لما قبضهم الله إليه وسوف ينصروني (1) الحديث طويل، وهو يدل على الرجعة، أخذنا إلى هاهنا.

قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا

تأويله: ﴿واعتصموا﴾ أي تمسكوا والتزموا ﴿بحبل الله﴾ وهو كتابه العزيز، وعترة أهل بيت نبيه، صلوات الله عليهم، وقوله ﴿جميعا﴾ أي بهما جميعا ﴿ولا تفرقوا﴾ أي (ما) (2) في اثبات الهداة: خليفتين، وفى مجمع البيان: ثقلين.(3) في نسخة (ج، م) لن.(4) مجمع البيان: 2/482 وعنه اثبات الهداة: 3/15 ح 614.(5).

32- وروى الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب الغيبة تأويل هذه الآية، وهو من محاسن التأويل، عن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده قال: قال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ):

ص: 117


1- عنه البحار: 26/291 ح 51 و ج 15/9 ح 10 وأخرجه في البحار: 53/46 ح 20 والبرهان: 1/294 ح 3 عن مختصر البصائر: 32، وفى نسخة «ب» ينصرني.
2- ليس في نسختي (ج، م). 31- ويدل على ذلك: ما ذكره أبو علي الطبرسي في تفسيره قال: روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: أيها الناس إني قد تركت فيكم حبلين
3- إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لم
4- يفترقا حتى يردا علي الحوض
5- بينهما.

كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم جالسا في المسجد وأصحابه (حوله) (1) فقال لهم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، يسأل عما يعنيه.

قال: فطلع علينا رجل شبيه برجال مصر، فتقدم وسلم على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وجلس وقال: يا رسول الله إني سمعت الله يقول ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به ولا نتفرق (2) عنه؟

قال: فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه وأشار إلى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم في دنياه، ولم يضل في أخراه (3).

قال: فوثب الرجل إلى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) واحتضنه من وراء ظهره و [هو] (4) يقول: إعتصمت بحبل الله وحبل رسوله. ثم قال فولى وخرج، فقام رجل من الناس وقال: يا رسول الله صلى الله عليك وآلك! ألحقه وأسأله أن يستغفر لي؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذا تجده مرفقا (5) قال: فلحقه الرجل وسأله أن يستغفر له؟ فقال له: هل فهمت ما قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وما قلت له؟ قال الرجل: نعم. فقال له: إن كنت متمسكا بذلك الحبل فغفر الله لك وإلا فلا غفر الله لك. وتركه ومضى (6).

وقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [104]

تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): المعنى ﴿ولتكن منكم أمة﴾ أي جماعة ﴿يدعون إلى الخير﴾ أي إلى الدين ﴿ويأمرون بالمعروف﴾ أي بالطاعة ﴿وينهون عن المنكر﴾ أي عن المعصية ﴿وأولئك هم المفلحون﴾ أي الفائزون (7).

33- قال: وروي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال (ولتكن منكم أئمة (8) يدعون إلى

ص: 118


1- ليس في نسخة «ج».
2- في نسخة «ج» لا تتفرقوا.
3- في البحار: آخرته.
4- من غيبة النعماني.
5- في نسخة «ج» موفقا.
6- لم نجده في غيبة المفيد بل في غيبة النعماني: 41 ح 2 وعنه البرهان: 1/306 ح 2 والبحار: 36/15 ح 3.
7- مجمع البيان: 2/483.
8- في نسختي (ج، م) أمة.

الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (1).

صدق الله ورسوله، لان هذه الصفات من صفات الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لانهم معصومون والمعصوم لا يأمر بطاعة إلا وقد ائتمر بها، ولا ينهي عن معصية إلا وقد انتهى عنها.

34- كما قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): (والله) (2) ما أمرتكم بطاعة إلا وقد ائتمرت بها، ولا نهيتكم عن معصية إلا وقد انتهيت عنها (3).

قال الشاعر:

إبدأ بنفسك فانهها عن غيّها *** فإذا انتهيت عنها فأنت حكيم

فهناك يسمع ما تقول ويقتدى *** بالفعل منك ويقبل التعليم

لا تنه عن خلق وتأتي بمثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم

قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [106] وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [107]

إن هؤلاء الذين اسودت وجوههم كانوا مؤمنين.

ثم ارتدوا وانقلبوا على أعقابهم، فيقال لهم يوم القيامة على جهة التوبيخ ﴿أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم – وهم المؤمنون ففي رحمة الله أي ثواب الله (4) وقيل: جنة الله (5) - هم فيها خالدون﴾.

35- وأما (6) تأويله: فهو ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الجارود، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة، عن أبي ذر الغفاري (رض) قال: لما نزلت هذه الآية:

﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾.

ص: 119


1- مجمع البيان: 2/484 وعنه البحار: 24/153 ح 5 والبرهان: 1/308 ح 4 وما بين القوسين ليس فيها.
2- ليس في نسخة «ج».
3- نهج البلاغة: 250، خطبة: 175 وعنه البحار: 40/191 و ج 8/714 طبع الحجر.
4- في نسخة «ب» ثوابه.
5- في نسخة «ب» الجنة لله.
6- في نسخة «ب» فأما.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ترد علي أمّتي (يوم القيامة) (1) على خمس رايات: فراية مع عجل هذه الأمة فأسألهم (ما فعلتم) (2) بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا، وأما الأصغر فعاديناه وأبغضناه وقتلناه. فأقول لهم: ردوا إلى النار، ظماء مظمئين، مسودة وجوهكم.

ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟

فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه. وأما الأصغر فعاديناه وقتلناه.

فأقول لهم: ردوا [إلى] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم.

ثم ترد علي راية مع سامري هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟

فيقولون: أما الأكبر فعصيناه وتركناه (3).

وأما الأصغر فخذلناه وضيعناه (4) به كل قبيح.

فأقول لهم: ردوا [إلى] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم.

ثم ترد علي راية ذي الثدية، مع أول الخوارج وآخرها، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟

فيقولون: أما الأكبر فمزقناه وتبرأنا منه، وأما الأصغر (فقاتلناه وقتلناه) (5).

فأقول لهم: ردوا [إلى] النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم.

ثم ترد علي راية مع إمام المتقين، وسيد الوصيين، وقائد (6) الغر المحجلين ووصي رسول الله رب العالمين، فأسألهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه وأما الأصغر فأجبناه وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى أهريقت (7) فيهم دماؤنا. فأقول لهم: ردوا [إلى] الجنة رواء مرويين مبيضة وجوهكم.

ثم تلا (رسول الله) (8) هذه الآية ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما

ص: 120


1- ليس في نسختي (ج، م).
2- ليس في نسخة (م).
3- في نسخة (م) فعصينا - بدل - فعصيناه وتركناه.
4- في نسخة «ب» ومنعناه.
5- في نسخة «ج» فخذلناه وحاربناه، وفى نسخة (م) فمزقناه وحاربنا.
6- في نسخة (م) صاحب.
7- في نسخة (م) أهرقت.
8- ليس في نسخة (ج، م).

الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم؟ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون﴾ (1)

36- ومن طريق العامة ما رواه ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) من كتبهم في عدة من كتبه مثل كتاب (اليقين بتسمية علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وكتاب (سعد السعود) وغيرهما عن أحمد بن محمد الطبري، وغيره بالأسانيد المتصلة بأبي ذر الغفاري قال:

لما نزلت هذه الآية ﴿يوم تبيض وجوه..﴾ (2) الخ.

وقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر و تؤمنون بالله

إعلم أن هذه الشروط لا تجتمع في جميع الأمة بل (3) في البعض - وإن كان جميع الأمة مخاطبين بها، ولكنهم لا يأتون بها على الوجه المأمور به – والقول في ذلك البعض من هم؟ وقد تقدم البحث فيه في الآية المتقدمة.

وأن هذه الشروط لا تجتمع إلا في المعصوم.

37- وقد جاء في تأويل هذه كما جاء في تأويل تلك، وهو ما ذكره علي ابن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال:

إن أبا عبد الله قال لقارئ هذا الآية ﴿خير أمة﴾: وهم يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي (4). فقال: جعلت فداك كيف نزلت؟ قال: إنما نزلت ﴿كنتم خير أئمة أخرجت للناس﴾ ألا ترى مدح الله لهم في قوله ﴿تأمرون

ص: 121


1- تفسير القمي: 98 وعنه البرهان: 1/308 ح 1 والبحار: 37/346 ح 3 ونور الثقلين: 1/316 ح 324، وحرف (ه) في جميع الموارد ليس في نسخة (م) وفيه (فخرقنا) بدل (فحرفناه) وما بين المعقوفين: [إلى] أثبتناه من البحار.
2- كشف اليقين: 104 ب 124 وذكر معناه في ص 126 و 150 و 166 بأسانيد اخر، وهذا الحديث نقلناه من نسخة «أ».
3- في نسخة «ب» الا.
4- في نسخة (م) يقتلون الحسين بن علي، وفى نسخة «أ» يقتلون الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له.

بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ (1).

يدل قوله هذا على بيان ما قلناه: إن هذه الشروط لا تكون إلا في المعصوم ويكون الخطاب في ﴿كنتم خير أمة﴾ أنهم المعنيون بذلك وكانوا أحق بها وأهلها لانهم هم الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، والمؤمنون بالله، بغير شك ولا ارتياب، فعليهم صلوات من ربهم العزيز الوهّاب.

وقوله تعالى: ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس

38- تأويله، ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال (2) (رَحمَةُ اللّه) قوله تعالى: ﴿ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا﴾: إنها نزلت في الذين غصبوا حقوق (3) آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).

وأما قوله ﴿إلا بحبل من الله وحبل من الناس﴾ معناه: أن هؤلاء الغاصبين ضربت عليهم - جميعهم - الذلة وهو الهوان والخزي في الدنيا والآخرة ﴿أين ما ثقفوا﴾ أي: وجدوا إلا من اعتصم منهم (بحبل من الله وحبل من الناس) فإنه مستثنى منهم.

39- وتأويل الحبلين: ما ذكره في نهج الإمامة (5) قال: روى أبو عبد الله الحسين بن جبير (6) صاحب كتاب (النخب) حديثا مسندا إلى أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

في قوله ﴿ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس﴾.

قال ﴿حبل من الله﴾: كتاب الله. وحبل من الناس علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

40- ويؤيده: ما تقدم (8) في تأويل ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا﴾ وهو قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إني قد تركت فيكم حبلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي،

ص: 122


1- تفسير القمي: 99، وعنه البحار: 24/154 ح 6 والبرهان: 1/308 ح 1 ونور الثقلين: 1/317 ح 327.
2- في نسخة «ج» إلى.
3- في نسخة «ج» حق.
4- لم نجده في النسخ الموجودة عندنا من تفسير القمي
5- في نسخة «أ» الايمان.
6- فی نسختي (أ، ب) جبر وهو اشتباه راجع الذريعة: 24/88.
7- عنه البحار: 24/84 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/16 ح 5 والبرهان: 1/309 ح 6 عن المناقب: 2/273.
8- تقدم في حديث 31 ص 117 مفصلا.

فهما الحبلان المتصلان (1) إلى يوم القيامة.

قوله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [144]

41- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب باسناده يرفعه عن حنان، عن أبيه عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الناس أهل ردة بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلا ثلاثة. قلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد، وأبو ذر، وسلمان. ثم عرف أناس هذا الامر بعد يسير.

قال: وهؤلاء الذين دارت عليهم الرحى، وأبوا أن يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين مكرها فبايع، وذلك قول الله عز وجل ﴿وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين﴾ (2)

42- ابن طاووس في (سعد السعود) باسناد متصل إلى أبي عمرو بن العلاء عن الشعبي، قال: انصرف علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وقعة أجد وبه ثمانون جراحة يدخل فيها الفتائل، فدخل عليه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو على نطع، فلمّا رآه بكى وقال:

إن رجلا يصيبه هذا في سبيل الله، لحق على الله أن يفعل به ويفعل به. فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مجيبا له وبكى: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك، ولا فررت، ولكن كيف حرمت من الشهادة. فقال: إنها من ورائك إن شاء الله!

ثم قال: إن أبا سفيان قد أرسل يوعدنا ويقول لي: بيننا وبينكم حمراء الأسد (3)

ص: 123


1- في نسخة «ج» المعتصمان.
2- الكافي: 8/245 ح 341 وعنه نور الثقلين: 1/329 ح 480، وفى البحار: 28 236 ح 22 عنه وعن الكشي ح 12، وفى البرهان: 1/319 ح 2 و 6 عن الكافي والعياشي: 1/199ح 148.
3- في الأصل: الأسل، وما أثبتناه هو الصحيح، وحمراء الأسد موضع على ثمانية أميال من المدينة، إليه انتهى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يوم أحد تابعا للمشركين، راجع مراصد الاطلاع: 1/424.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أرجع عنك ولو حملت على أيدي الرجال، وأنزل الله عز وجل ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين﴾ الآية (1)..

فاعلم - علما يقينا وحقا مبينا - أنهما أهل الانقلاب والارتداد وأهل الزيغ والفساد.

43- لما رواه [الكليني] أيضا، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عنهما؟ فقال: يا أبا الفضل لا (2) تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخط عليهما، ما منا اليوم إلا ساخط عليهما، يوصي ذلك الكبير منا الصغير، لأنهما ظلمانا حقنا وغصبا (3) فيئنا، وكانا أولا من ركب أعناقنا، وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسد (4) أبدا حتى يقوم قائمنا، أو يتكلّم متكلّمنا.

ثم قال: أما والله، لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم، ولكتم من أمورهما ما كان يظهر، والله ما أمست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا (5) أولها، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (6).

قوله تعالى: أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [162] هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [163]

44- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله﴾ فقال ﴿الذين اتبعوا رضوان الله﴾ هم الأئمة، وهم - والله - يا عمار درجات للمؤمنين، وبولايتهم

ص: 124


1- سعد السعود: 112 وعنه البحار: 36/26 والحديث نقلناه من نسخة «أ»
2- في نسخة «ج» ما.
3- في نسخة «ج» منعانا، وفى نسخة (م) وضيعانا فينا.
4- في الكافي لا يسكر.
5- في نسخة (م) سبيا.
6- الكافي: 8/245 ح 340 وعنه البحار: 8/227 (الطبعة الحجرية).

ومعرفتهم إيانا، تضاعف أعمالهم، ويرفع الله لهم الدرجات العلى (1).

ومعناه أن ليس من اتبع رضوان الله - وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) - ﴿كمن باء بسخط من الله﴾ - وهم أعداؤهم - ﴿ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله﴾ أي الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أي ليس هؤلاء مثل هؤلاء عند الله، بل الأئمة أعلى درجات، وأعداؤهم أسفل دركات (2)، فعلى الأئمة من ربهم صلوات، وعلى أعدائهم لعنات في كل ما غبر، وما هو آت.

وقوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ [172] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [173]

تأويله: الذين استجابوا أي أجابوا، والقرح: الجرح. ومعنى ذلك: أنه لما فرغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من غزاة أحد، وقصتها مشهورة وكان أبو سفيان والمشركون قد كسروا (3) وانصرفوا، فلمّا بلغوا الروحاء، ندموا على انصرافهم ونزلوا بها، وعزموا على الرجوع فأخبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بذلك فقال لأصحابه: هل من رجل يأتينا بخبر القوم؟ فلم يجبه أحد منهم، فقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: أنا (يا رسول الله) (4).

قال (رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) (5) له: إذهب فان كانوا قد ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، وإن كانوا قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة.

فمضى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما به من الألم والجراح حتى كان قريبا من القوم، فرآهم قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل، فرجع وأخبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بذلك فقال: أرادوا مكة. فأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو المشار إليه بقوله ﴿الذين استجابوا لله﴾ وبقوله ﴿الذين قال لهم الناس﴾.

45- ونقل ابن مردويه من الجمهور عن أبي رافع أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وجّه علياً

ص: 125


1- الكافي: 1/430 ح 84 وعنه البرهان: 1/324 ح 1 وفى البحار: 24/92 ح 1 عنه وعن المناقب لابن شهرآشوب: 3/314.
2- في نسخة (م) دركا.
3- في نسخة «ب» كثروا.
4- ليس في نسخة (م).
5- ليس في نسخة «ج».

(عَلَيهِ السَّلَامُ) في نفر في طلب أبي سفيان، فلقبه أعرابي من خزاعة فقال له ﴿إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم﴾ يعني أبا سفيان وأصحابه ﴿وقالوا - يعني عليا وأصحابه - حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ فنزلت هذه الآيات إلى قوله ﴿والله ذو فضل عظيم﴾ (1).

وقوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [191] رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [192] رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ [193] رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [194] فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [195]

46- ذكر علي بن عيسى (رَحمَةُ اللّه) في كشف الغمة: أن هذه الآيات نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه في توجهه إلى المدينة، وذلك بعد خروج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من مكة وأمره أن يبيت على فراشه، وأن يقضي ديونه، ويرد الودائع إلى أهلها، وأن يخرج بعد ذلك بأهله وعياله من مكة إلى المدينة، فلمّا خرج، أخرج معه فاطمة بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وأمه فاطمة بنت أسد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، ومن كان قد تخلف له من العيال، وأم أيمن رضي الله عنها، وولدها أيمن وجماعة من ضعفاء المؤمنين، فكانوا كلما نزلوا منزلا ذكروا الله سبحانه وتعالى كما قال:

ص: 126


1- أخرجه في البرهان: 1/326 ح 3 عن المناقب: 2/316، وأورده في كشف الغمة: 1/317.

﴿قياما وقعودا﴾ أي حال الصلاة وغيرها ﴿وعلى جنوبهم﴾ أي حال الاضطجاع، وقوله ﴿فاستجاب لهم ربهم﴾ أي: أجاب دعاءهم ونداءهم ﴿أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى﴾ فالذكر: علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأنثى: الفواطم الثلاث (1).

وقوله ﴿فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا﴾ فالمعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه الموصوف بهذه الصفات التي سما بها على سائر البريات.

ولمّا وصل المدينة استبشر به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال له: يا علي أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله ورسوله، وأولهم هجرة إلى الله ورسوله، وآخرهم عهدا برسوله لا يحبك - والذي نفسي بيده - إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان، ولا يبغضك إلا منافق أو كافر.

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [200]

47- تأويله: ما رواه الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب الغيبة عن رجاله باسناده عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله ﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا﴾ قال ﴿اصبروا﴾ على أداء الفرائض ﴿وصابروا﴾ عدوكم [ورابطوا] إمامكم المنتظر (2). صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.

فعلى هذا التأويل يكون المعني ب ﴿الذين آمنوا﴾: أصحاب القائم المنتظر. عليه وعلى آبائه السلام.

فانظر أيها الناظر إلى ما تضمنته هذه السورة الكريمة من المناقب والمآثر لكل

ص: 127


1- كشف الغمة: 1/406.
2- أخرجه في البحار: 24/219 ح 14 والبرهان: 1/334 ح 4 عن غيبة النعماني: 199 ح 13، ثم قال في البرهان: وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في الغيبة باسناده عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعينه. أقول: ولم نجده في غيبة المفيد - المطبوع - فلعله اعتمد على التأويل.

إمام طيب الأعراق (1) طاهر من أهل بيت النبوة أولي الفضائل والمفاخر اللواتي فضّلوا بها الأوائل الأواخر، صلى الله عليهم في كل زمان غائب وحاضر وآت وغابر صلاة دائمة ما همر هاطل، وهطل هامر.

«4»

(سورة النساء)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [33]

1- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ عن قول الله عز وجل ﴿ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم﴾ فقال: إنما عنى بذلك الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، بهم عقد الله عز وجل أيمانكم (2).

توجيه هذا التأويل: أن قوله عز وجل ﴿ولكل جعلنا موالي﴾ أي كل (3) أمة من الأمم، جعلنا موالي (أولياء) (4) أنبياء وأوصياء، لقول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه (5) وقوله تعالى: ﴿مما ترك الوالدان﴾: من العلوم والشريعة ﴿والوالدان﴾ هما النبي والوصي، صلى الله عليهما، لقوله: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة وقوله تعالى ﴿والأقربون﴾ أي إليهما في النسب والعلم والعصمة.

وقوله تعالى ﴿والذين عقدت أيمانكم﴾ وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أي ﴿والذين عقدت﴾ ولايتهم ﴿أيمانكم﴾ وهو أيمان الدين، لا أيمان: جمع يمين. ليصحّ التأويل

ص: 128


1- في نسخة «ج» الأعراف.
2- الكافي: 1/216 ح 1 وعنه الوسائل: 17/548 ح 2 والبرهان: 1/366 ح 1.
3- في نسخة «ج» ولكل.
4- ليس في نسخة «ج».
5- تقدم ضمن حديث 7 من سورة البقرة.

وقوله تعالى ﴿فآتوهم نصيبهم﴾ أي الأئمة نصيبهم المفروض لهم من الولاية والطاعة ﴿إن الله كان على كل شئ﴾ من أعمالكم ﴿شهيدا﴾ بها عليكم، ومجازيا: إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

وقوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [41]

2- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن محمد، عن سهل ابن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾ قال (1): هذه نزلت في أمة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شاهد علينا (2).

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا [51] أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا [52] أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا [53] أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا [54] فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا [55]

3- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن معلى بن محمد، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ فكان جوابه ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين

ص: 129


1- الظاهر أن لفظ قال هنا تكرار.
2- الكافي: 1/190 ح 1 وعنه البحار: 7/283 ح 7 و ج 23/335 ح 1 وص 351 ح 69 والبرهان: 1/396 ح 1.

كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا﴾ يقولون لائمة (1) الضلال والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا ﴿أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا، أم لهم نصيب من الملك﴾ يعني الإمامة والخلافة ﴿فإذا لا يؤتون الناس نقيرا﴾ نحن الناس الذين عنى الله، والنقير: النقطة التي في وسط النواة.

﴿أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله﴾ نحن الناس المحسودون على ما آتاهم (2) الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين ﴿فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما﴾ يقول: جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة. فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟! ﴿فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا [إن الذين كفروا - إلى قوله تعالى - حكيما﴾] (3).

فمعنى قوله تعالى ﴿فمنهم من آمن به﴾ أي بفضلهم المحسودون عليه، وهم شيعتهم وأتباعهم ﴿ومنهم من صد عنه﴾ وهم أضدادهم وأعداؤهم ﴿وكفى بجهنم سعيرا﴾ لهم وجزاءا ومصيرا.

4- عنه رحمه الله عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحديث، وفيه نحن المحسودون (4).

5- عنه رحمه الله، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمد الأحول، عن حمران ابن أعين قال: قلت: لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، الحديث، وفيه (الملك): النبوة، (والحكمة): الفهم والقضاء (5).

ص: 130


1- في نسخة «ج» أئمة.
2- في نسخة «أ» أتانا.
3- الكافي: 1/205 ح 1 وعنه البرهان: 1/375 ح 2، وأخرجه في البحار: 23/289 ح 17 عن العياشي: 1/246 ح 153، وروى قطعة منه في الإمامة والتبصرة: 40 ح 21 وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
4- الكافي: 1/206 ح 2 وعنه البرهان: 1/376 ح 3، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
5- الكافي: 1/206 ح 3 وعنه البرهان: 1/377 ح 15، وأخرجه في البحار: 23/292 ح 23 والبرهان: 1/378 ح 25 عن تفسير العياشي: 1/248 ح 160 وغيرها من الاتحادات، وفى آخرها هكذا: قلت: (وآتيناهم ملكا عظيما)؟ فقال: الطاعة، والحديث نقلناه من نسخة «أ».

6- ويؤيده: ما رواه أيضا عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل: ﴿فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما﴾ قال: جعل منهم الرسل والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم بذلك وينكرونه (1) في آل محمد المصطفى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟ قال: قلت: قوله ﴿وآتيناهم ملكا عظيما﴾ قال: الملك العظيم: أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله، فهذا (2) الملك العظيم (3).

7- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: قال: وقوله ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا: هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا﴾ وروي أنها نزلت في الذين ظلموا آل محمد ( صلى الله عليهم) حقهم (4).

والدليل على ذلك: قوله تعالى ﴿أم يحسدون الناس﴾ يعني أمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) على ما آتاهم الله من فضله ﴿فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما﴾، والملك العظيم هو الخلافة.

ثم قال ﴿فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا﴾ ثم ذكر أعداءهم فقال ﴿إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما﴾.

ثم ذكر أولياءهم فقال ﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا﴾ ثم خاطب الله سبحانه الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فقال ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات

ص: 131


1- في نسخة «ج» وينكرون.
2- في نسخة «أ» فهو.
3- الكافي: 1/206 ح 5 وعنه البرهان: 1/376 ح 5.
4- تفسير القمي: 128 وعنه البحار: 23/370 ضمن ح 45

إلى أهلها﴾ قال: هي الإمامة، أمر الله الامام أن يؤدي (الإمامة) (1) إلى من أمر الله.

ثم قال لهم ﴿وإذا حكمتهم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به، إن الله كان سميعا بصيرا﴾.

ثم خاطب الناس فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ يعني الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ﴿فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾.

ثم قال ﴿ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول - في الإمامة - رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا﴾.

ثم قال ﴿فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا﴾.

قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت هذه الآيات في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأعدائه.

ثم قال له ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم﴾ جاؤوك يا علي ﴿فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول﴾ كذا نزلت، والدليل على أن هذا مخاطبته لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله ﴿جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول﴾.

ثم قال ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت﴾ عليهم (يا محمد) (2) على لسانك من ولاية علي ﴿ويسلموا تسليما﴾ لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

ويؤيد هذا التأويل: «أن الله سبحانه خاطب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)»:

8- ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن

ص: 132


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسختي (ج، م).
3- راجع تفسير القمي: 128 - 131.

أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة (1) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: لقد خاطب الله عز وجل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتابه قال: فقلت: في أي موضع؟ قال: في قوله: ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك (يا علي) (2) فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾ وما تعاقدوا عليه: لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الامر في بني هاشم ﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ (3).

9- وروى أيضا (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل وغيره، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن عبد الله النجاشي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قول الله عز وجل ﴿أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا﴾ يعني والله فلانا وفلانا ﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله، ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما﴾ يعنى - والله - النبي وعليا صلى الله عليهما بما صنعوا أي (لو) (4) جاؤوك بها يا علي ﴿فاستغفروا الله - مما صنعوا - واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك - يعنى يا علي - (5) فيما شجر بينهم﴾.

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): هو والله علي نفسه ﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت﴾ على لسانك يا رسول الله يعني به من ولاية علي ﴿ويسلموا تسليما﴾ لعلي (6).

ومما جاء في تأويل قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [58] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

ص: 133


1- في الكافي: عن زرارة أو بريدة.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/391 ح 7 وعنه البحار: 68/233 والبرهان: 1/390 ح 6.
4- ليس في نسخة «ج».
5- ليس في الكافي.
6- الكافي: 8/334 ح 526 وعنه البحار: 8/227 (ط الحجري) والبرهان: 1/389 ح 5.

فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [59]

10- ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، رحمه الله، عن الحسين بن محمد باسناده عن رجاله، عن أحمد بن عمر قال: سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ قال: هم الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، أمرهم أن يؤدي الامام الإمامة إلى من بعده، لا يخصّ بها غيره ولا يزويها عنه (1).

11- وبروايته: عن محمد بن يحيى باسناده، عن رجاله، عن المعلى بن خنيس قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ فقال: أمر الله الامام (2) أن يدفع إلى الامام بعده كل شئ عنده (3).

12- ويؤيد ذلك أيضا: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد باسناده عن رجاله، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾ قال: إيانا عنى، أن يؤدي الامام الأول إلى الامام الذي بعده (ما عنده من) (4) العلم والكتب والسلاح.

وقال ﴿وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل﴾ الذي في أيديكم.

ثم قال للناس ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ إيانا عنى خاصة، ثم أمر جميع المؤمنين بطاعتنا إلى يوم القيامة إذ يقول: فان خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله و (إلى) (5) الرسول

ص: 134


1- الكافي: 1/276 ح 2 وعنه البرهان: 1/379 ح 2، وأخرجه في البحار: 23/276 ح 6 عن بصائر الدرجات: 476 ح 5 وص 477 ح 11 والعياشي: 1/249 ح 165 عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- في الكافي: الامام الأول.
3- الكافي: 1/277 ح 4 وعنه البرهان: 1/379 ح 3، وأخرجه في البحار: 23/276 ح 7 عن بصائر الدرجات: 476 ح 6.
4- ليس في الكافي.
5- ليس في نسخة «أ».

و (إلى) (1).

أولي الامر منكم، كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عز وجل بطاعة ولاة الامر ويرخص في منازعتهم؟! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ (2).

13- ومما ورد في ولاة الامر بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هم (الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم) ما نقله الشيخ أبو علي الطبرسي قدس الله روحه في كتابه إعلام الورى بأعلام الهدى قال: حدثنا غير (3) واحد من أصحابنا عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد ابن مالك الفزاري، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما نزلت ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ قلت: يا رسول الله قد عرفنا الله ورسوله فمن أولي الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي، أولهم علي ابن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي.

ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده، ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله جل ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان.

ص: 135


1- ليس في نسخة «ج».
2- الكافي: 1/276 ح 1 وعنه البرهان: 1/381 ح 4، وفى البحار: 23/290 ذ ح 17 عنه وعن تفسير العياشي: 1/246 ضمن ح 153.
3- في نسخة (م) عن بدل (غير).

قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أي والذي بعثني بالنبوة إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن (1) تجللها (2) السحاب.

يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله، فاكتمه إلا عن أهله (3).

إعلم وفقك الله لطاعتهم أنه إنما فرض الله سبحانه طاعة أولي الامر مع طاعة الرسول، صلى الله عليه، و(عَلَيهِم السَّلَامُ)، لانهم معصومون كعصمته، وغير المعصوم لا يجب طاعته لقوله تعالى ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾ والمخاطبون بالطاعة غير أولي الامر وإلا لكان الانسان مخاطبا بطاعة نفسه، وهذا غير معقول.

وطاعتهم مفترضة على جميع الخلق، لما ورد عنهم في أشياء كثيرة منها:

14- ما جاء في دعاء يوم عرفة من أدعية الصحيفة، قال الامام مشيرا إليهم صلوات الله عليهم (وجعلتهم حججا على خلقك، وأمرت بطاعتهم ولم ترخص لأحد في معصيتهم، وفرضت طاعتهم على من برأت) (4).

وهذا يدل على أن آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (الغر الميامين) أفضل الخلق أجمعين من الأولين والآخرين، والحمد لله رب العالمين.

قوله تعالى: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا [66] وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما [67] ولهديناهم صراطا مستقيما [68]

15- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: هكذا نزلت هذه الآية ﴿ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به - في علي - لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا﴾ (5).

ص: 136


1- في نسخة «ج» إذا.
2- في إعلام الورى: تجلاها.
3- إعلام الورى: 397 وفى البحار: 23/289 ح 16 عنه وعن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 1/242 وأخرجه فی البحار: 36/249ح67 عن کمال الدین: 253ح3 و کفایة الاثر: 53.
4- الصحیفة السجادیة الثانیة: 154 وأخرجه فی البحار: 98/232 عن الاقبال: 362.
5- الكافي: 1/424 ح 60 وص 417 ح 28 وعنه البحار: 23/374 ح 52 والبرهان: 1/391 ح 2 و 3 وجملة (وأشد تثبيتا) ليس فيهم.

ولما عرفهم سبحانه ما هو خير لهم وما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة وأن ذلك لا يحصل إلا بطاعة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عرفهم حال المطيع ومنزلته، ومع من يكون ومن رفاقته.

فقال تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا [69]

16- تأويله: ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في كتابه مصباح الأنوار قال في حديث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعمه العباس بمشهد من القرابة والصحابة:

روى أنس بن مالك، قال: صلى بنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في بعض الأيام صلاة الفجر. ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تفسر لنا قوله تعالى ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾؟

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أما النبيون فأنا، وأما (الصديقون) فأخي علي.

وأما (الشهداء) فعمي حمزة، وأما (الصالحون) فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين.

قال: وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟

قال: وما ذاك يا عم؟ قال: لأنك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا؟

قال: فتبسم النبي وقال: أما قولك: يا عم ألسنا من نبعة واحدة فصدقت ولكن يا عم إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم، حين لا سماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا ظلمة، ولا نور، ولا شمس، ولا قمر، ولا جنة، ولا نار.

فقال: العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟

فقال: يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق (منها) (1) روحا، ثم مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليا

ص: 137


1- ليس في نسخة «ج».

وفاطمة والحسن والحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس.

فلمّا أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش.

ثم فتق نور أخي علي، فخلق منه الملائكة، فالملائكة من نور علي، ونور علي من نور الله، وعلي أفضل من الملائكة.

ثم فتق نور ابنتي فاطمة، فخلق منه السماوات والأرض، فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة، ونور ابني فاطمة من نور الله، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض.

ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن، ونور الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر.

ثم فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنة والحور العين، فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين، ونور ولدي الحسين من نور الله، وولدي الحسين أفضل من الجنة والحور العين.

ثم أمر الله الظلمات أن تمر على سحائب النظر (1) فأظلمت السماوات على الملائكة فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت:

إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا وعرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا، فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل، فعلقها في بطنان العرش، فأزهرت السماوات والأرض، ثم أشرقت بنورها.

فلأجل ذلك سميت (الزهراء).

فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا لمن (هذا النور الزاهر) (2) الذي قد أشرقت به السماوات والأرض؟ فأوحى الله إليها: هذا نور اخترعته من نور جلالي لامتي فاطمة ابنة حبيبي، وزوجة وليي وأخ نبيي وأبو حججي (على عبادي) (3).

ص: 138


1- في نسخة «ج» النظر (القطر خ ل) وفى نسخة «ب» القطر.
2- في نسخة «ج» هذه الأنوار الزاهرة.
3- في البحار: على عبادي في بلادي.

أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة.

قال: فلمّا سمع العباس من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذلك، وثب قائما وقبل بين عيني علي وقال: والله يا علي أنت الحجة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر (1).

17- وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره: أن ﴿النبيين﴾ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿والصديقين﴾ علي أمير المؤمنين ﴿والشهداء﴾ الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ﴿والصالحين﴾ الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ﴿وحسن أولئك رفيقا﴾ يعني القائم من آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

18- إعلم - جعلنا الله وإياك مع الذين أنعم الله عليهم - ما رواه أنس من محاسن التأويل ما جمع من فضل أهل البيت إلا القليل، لان فضلهم لا يحد بحد ولا يحصى (3) بعد، ولا يعلمهم إلا الله وأنفسهم، كما قال النبي:

يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا (4).

فكن لسماع فضلهم واعيا، ولهم متابعا مواليا، ولأمرهم سامعا طائعا، إن شئت أن تكون ممن قال الله سبحانه ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم﴾ الآية.

وقد ورد أنه (5) المعني بقوله تعالى ﴿أولئك هم المؤمنون حقا﴾ لانهم الذين أطاعوا الله والرسول واتبعوا الأئمة صلوات الله عليهم.

19- وهوما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن رجاله، عن إسماعيل بن جابر قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا

ص: 139


1- مصباح الأنوار: 69 (مخطوط) وعنه البرهان: 1/392 ح 5، وفى البحار: 37/82 ح 15، وصدره في ج 24/31 ح 2 عن التأويل.
2- تفسير القمي: 131 وعنه البحار: 24/31 ح 1 و ج 67: 192 ج 68/4 والبرهان: 1/393 ح 10.
3- في نسختي (ب، م) يحصر.
4- رواه البرسي في مشارق أنوار اليقين: 112.
5- في الأصل: أن.

حقّا، فليتول الله ورسوله والذين آمنوا، وليتبرأ إلى الله من عدوهم، وليسلم إلى ما انتهى إليه من فضلهم، لان فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا من دون ذلك.

ألم تسمعوا ما ذكره الله من فضل اتباع الأئمة الهداة وهم المؤمنون:

قال الله تبارك وتعالى ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ (1).

20- البرقي في المحاسن عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال في رسالته: وأما ماسألت عنه من القرآن.. الحديث.. إلى أن قال: وإنما (أراد بنعمته أن ينتهوافي ذلك) (2) إلى بابه وصراطه وأن يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام لجنابه الناطقين (3) عن أمره وأن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن أنفسهم ثم قال ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾.

فأما غيرهم فليس بعلم ذلك أبدا، الحديث (4).

وفى الاحتجاج عن أمير المؤمنين مثل ذلك وبمعناه.

وروى محمد بن علي بن شهرآشوب في مناقبه مثل ذلك أيضا (5).

وهذا وجه من وجوه فضل اتباع الأئمة، فكيف بهم وبفضلهم، واعلموا أن أحدا من خلق الله، لم يصب رضاء الله إلا بطاعته وبطاعة رسوله وطاعة ولاة الامر من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لان معصيتهم من معصية الله ولم ينكر لهم فضلا عظم أو صغر (6) جعلنا الله وإياكم ممن يطيع الله والرسول، وولاة الامر من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ويتبع آثارهم

ص: 140


1- الكافي: 8/10 وعنه البحار: 68/3 ونور الثقلين: 1/426 ح 387 واثبات الهداة: 1/184 ح 87.
2- في المحاسن: أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا.
3- فی المحاسن: بکتابه و الناطقین بدل «لجنانظ الناطقین».
4- المحاسن: 1/268 ح 356 وعنه البحار: 92/100 ح 72 والوسائل: 18/141 ح 38.
5- الاحتجاج: 1/396 والمناقب: 3/223 وعنهما البحار: 44/205 ح 1 وفى الوسائل: 18/143 ح 44 عن الاحتجاج والحديث نقلناه من نسخة «أ».
6- في نسخة «ب» عظيم أو صغير.

ويستضئ بأنوارهم في الدنيا والآخرة، لانهم الفرقة الناجية والعترة الطاهرة.

وقوله تعالى: وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [83]

تأويله: أن المنافقين كانوا إذا سمعوا شيئا من أخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إما من جهة الامن أو من جهة الخوف أذاعوا به وأرجفوا (1) في المدينة وهم لا يعلمون الصدق منه والكذب، فناهم الله عن ذلك، وأمرهم أن يردوا أمرهم إلى الرسول وإلى أولي الامر وهو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما تقدم بيانه (2) فإذا ردوه إليهما (علموه منهما) (3) يقينا على ما هو عليه.

قوله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [83]

21- قال أبو علي الطبرسي ره: روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أن فضل الله ورحمته: النبي وعلي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، ولهما تبجيله وإكرامه وإجلاله وإعظامه (4).

قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

22- تأويله: روي بحذف الاسناد مرفوعا عن مولانا علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: المؤمن على أي حال مات وفي أي ساعة قبض، فهو شهيد، ولقد سمعت حبيبي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم يقول: (لو أن المؤمن خرج) (5) من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب.

ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: من قال: لا إله إلا الله باخلاص (6) فهو برئ من الشرك، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية ﴿إن الله لا يغفر أن

ص: 141


1- في نسخة «ب» وأجمعوا.
2- راجع ح 12 و 13.
3- في نسخة «ب» علموا منها.
4- مجمع البيان: 3/82، وأخرجه في البحار: 35/423 ح 3 والبرهان: 1/398 ح 2 عن تفسير العياشي: 1/261 ح 208 (عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)).
5- في نسخة «ب» ان المؤمن لو خرج.
6- في نسخة «ب» بالاخلاص.

يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ وهم شيعتك ومحبوك يا علي.

فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟

قال: إي وربي لشيعتك ومحبيك خاصة، وإنهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله) فيؤتون بحلل خضر من الجنة وأكاليل من الجنة، وتيجان من الجنة، فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء وتاج الملك وإكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب (1) فتطير بهم إلى الجنة و ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾ (2).

23- وفي هذا المعنى ما ذكره الشيخ في أماليه باسناده عن محمد بن عطية عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الموت (3) كفارة لذنوب المؤمنين (4).

قوله تعالى: وإن تلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا [135]

24- تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وإن تلوا أو تعرضوا﴾.

فقال: وإن تلوا - الامر - أو تعرضوا عما أمرتم (5) به في ولاية علي ﴿فان الله كان بما تعملون خبيرا﴾ (6).

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [137] بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [138]

ص: 142


1- في نسخة «ب» السحائب.
2- عنه البحار: 68/140 ح 82، وأخرجه في البرهان: 1/374 ح 4 عن الفقيه: 4/411 ح 5896 والآية من سورة الأنبياء: 103.
3- في نسخة «ب» موت المؤمن.
4- أمالي الطوسي: 1/108 وعنه البحار: 6/151 ح 3 وعن أمالي المفيد: 283 ح 8 وأخرجه في البحار: 82/178 ح 21 عن أمالي المفيد.
5- في نسخة «ب» أمرتهم.
6- الكافي: 1/421 ح 45 وفيه (فقال: ان تلوا الامر وتعرضوا عما أمرتم به فان الله. الآية) وعنه البحار: 23/378 ح 60 ونور الثقلين: 1/465 ح 619.

25- تأويله: ما رواه أيضا محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا﴾ قال: نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي أول الامر (1) وكفروا حين (2) عرضت عليهم الولاية حين قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثم كفروا حين (3) مضى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق لهم من الايمان شئ (4).

يعني المبايع والمبايع له، فلأجل ذلك أن الله سبحانه لم يغفر لهم أبدا، ولا يهديهم سبيل الهدى، لانهم منافقون وكان نفاقهم في الدين عظيما، فقال سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما﴾ جعله الله عليهم سرمدا دائما مقيما.

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا [168] إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [169] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [170]

26- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية هكذا ﴿إن الذين كفروا وظلموا - آل محمد حقهم - لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا﴾.

ثم قال ﴿يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم - في ولاية علي -

ص: 143


1- في نسخة «ج» أمره.
2- في الكافي: حيث.
3- في الكافي: حيث.
4- الكافي: 1/420 ح 42 وعنه البحار: 8/218 (ط الحجري) و ج 23/375 ح 57 والبرهان: 1/421 ح 1.

فآمنوا خيرا لكم، وإن تكفروا - بولاية علي - فان لله ما في السماوات والأرض﴾ (1).

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا [174]

27- تأويله: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه، عن رجاله، عن عبد الله بن سليمان قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله تعالى: ﴿قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا﴾.

قال: (البرهان) رسول الله، و (النور المبين) علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

فانظر أيها الأخ الرشيد إلى ما تضمنته هذه السورة من الآيات الجلية، والمعنى السديد الذي أبان فيه تفضيل أهل البيت على من سواهم من السادات والعبيد، فعليهم من مفضلهم صلوات لا تناهي لها، بل مزيد، ما غرب شارق، وأشرق (3) غارب في كل يوم جديد، إنه حميد مجيد، وهو على كل شئ شهيد.

«5»

(سورة المائدة)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

1- [علي بن إبراهيم، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن ابن أبي عمير عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾ قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عقد عليهم لعلي صلوات الله عليه بالخلافة في عشرة مواطن، ثم أنزل الله سبحانه ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾ التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

ص: 144


1- الكافي: 1/424 ح 59 وعنه البحار: 24/224 ذ ح 15 والبرهان: 1/428 ح 1، وأخرجه في البحار: 35/57 عن المناقب: 2/301.
2- عنه البحار: 16/357 ح 46 و ج 23/311 ح 15، وأخرجه في البرهان: 1/429 ح 1 عن تفسير العياشي: 1/285 ح 308.
3- في نسخة «ج» وما شرق.
4- تفسير القمي: 148 وعنه البحار: 36/92 ح 20 والبرهان: 1/431 ح 9.

وروى ابن طاووس في (سعد السعود) مثله (1).

منها قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا

تأويله: ﴿اليوم أكملت لكم﴾ فرائضي، وحدودي، وحلالي، وحرامي بتنزيل أنزلته، وإثبات أثبته لكم، فلا زيادة ولا نقصان عنه بالنسخ بعد هذا اليوم وهو يوم الغدير.

2- على ما رواه الرجال عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما قالا (2): إنما نزلت هذه الآية بعد نصب النبي عليا - صلوات الله عليهما - بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع وهي آخر فريضة أنزلها الله تعالى (3).

3- (ومن طريق العامة ما رواه) (4) أبو نعيم عن رجاله، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعا الناس إلى علي يوم غدير خم، وأمر بقلع ما تحت الشجر من الشوك، وقام فدعا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ بضبعيه (5) حتى نظر الناس إلى إبطيه.

وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، ثم لم يفترقا حتى أنزل الله عز وجل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾.

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي وبولاية علي من بعدي (6).

ص: 145


1- سعد السعود: 121 وعنه البحار: 36/191، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
2- في نسختي (ج، م) قال.
3- مجمع البيان: 3/159 وعنه البرهان: 1/435 ح 4.
4- في نسخ (ب، ج، م) وروى.
5- في نسخة «ج» بعضديه.
6- أخرجه في الطرائف: 146 ح 221 عن أبي بكر بن مردويه وأورده الخوارزمي في في مناقبه: 80 وفى مقتله: 47 وفى فرائد السمطين: 1/72 ح 39 وغيرها، راجع إحقاق الحق: 6/355 - 357 والحديث مكرر مع ح 16 ص 156. وقد ذكر في البحار: 36/133 ح 86 في تفسير هذه الآية عن كنز: محمد بن العباس، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، وعن تفسير فرات: 19.

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ

تأويله: ﴿وابتغوا﴾ أي اطلبوا ﴿إليه الوسيلة﴾ والوسيلة: درجة هي أفضل درجات الجنة.

4- ذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: روى سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش إحديهما بيضاء، والأخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أبوابها وألوانها (1) من غرف (2) واحد، فالوسيلة البيضاء (3) لمحمد وأهل بيته صلى الله عليهم، والصفراء لإبراهيم وأهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).

5- [وروى الصدوق وغيره من علمائنا وغيرهم في معنى الوسيلة المشار إليه في قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ أخبارا متعددة، وفي الخطبة الطويلة المعروفة بخطبة الوسيلة المذكورة في روضة الكافي ما فيه الكفاية] (5).

6- وروى الرواة حديثا في معنى الوسيلة قال: هي درجتي في الجنة، وهي ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد (6) شهرا، وهي ما بين مرقاة جوهر إلى (7) مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب

ص: 146


1- في مجمع البيان: وأكوابها.
2- في نسختي (أ، م) عرق، وفى البرهان: عرف.
3- في نسخة «ج» فالبيضاء الوسيلة.
4- مجمع البيان: 3/189 وعنه البرهان: 1/470 ح 6 ونور الثقلين: 1/519 ح 177.
5- أمالي الصدوق: 263 ح 2، والتوحيد: 72 ح 27 وعنهما البحار: 77/380 ح والكافي: 8/18 ح 4 وعنه البرهان: 3/163 ح 57 وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
6- جواد كغراب: العطش وشدته (قاموس).
7- في نسخة «ج» أي.

مع درجات النبيين (وهي بين درج (1) النبيين كالقمر بين الكوكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال: طوبى لمن كانت هذه (الدرجة) (2) درجته.

فيأتي النداء من عند الله عز وجل، فيسمع النبيون وجميع الخلق: هذه درجة محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). فأقبل وأنا يومئذ منور (3) بريطة (4) من نور، علي تاج الملك وإكليل الكرامة، وأخي علي بن أبي طالب أمامي، وبيده لوائي، وهو لواء الحمد.

مكتوب عليه: لا إله إلا الله، المفلحون هم الفائزون بالله.

فإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما.

وإذا مررنا بالملائكة قالوا: هذان نبيان مرسلان، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرت في أعلى درجة وعلي أسفل مني بدرجة، فلا يبقى يومئذ نبي، ولا صديق، ولا شهيد إلا قال: طوبى لهذين الغلامين (5) ما أكرمهما على الله!

فيأتي النداء من قبل الله يسمع النبيون، والصديقون، والشهداء: هذا حبيبي محمد، وهذا وليي علي، طوبى لمن أحبه، وويل لمن أبغضه وكذب عليه.

ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استراح إلى هذا الكلام وابيض وجهه، وفرح قلبه، ولا يبقي يومئذ أحد عاداك، ونصب لك حربا، أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطرب قلبه (6).

فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة.

وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان، فيقول: السلام عليك يا أحمد (7)

فأقول: وعليك السلام أيها الملك من أنت، فما أحسن وجهك وأطيب ريحك؟

فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة

ص: 147


1- في البحار: فهي في درجة.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ب» مبرر، وفى البحار: متزرا.
4- الريطة: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة وليست لفقين أي قطعتين. مجمع البحرين: 4/250.
5- في البحار وفى نسخة «ج» خ ل: (العبدين).
6- في البحار: واضطربت قدماه.
7- في البحار: يا رسول الله.

فخذها يا أحمد (1). فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به فاخذها، وأدفعها إلى علي، ثم يرجع رضوان.

فيدنو مالك، فيقول: السلام عليك يا أحمد (2).

فأقول: وعليك السلام أيها الملك من أنت فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك! فيقول: أنا مالك خازن النار، وهذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد.

فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به فاخذها وأدفعها إلى علي (3).

ثم يرجع مالك، فيقبل علي يومئذ، ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على حجرة (4) جهنم وقد تطاير شررها، وعلا زفيرها، واشتد حرها وعلي آخذ بزمامها فتقول جهنم (جزني) (5) يا علي فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول علي: قري يا جهنم خذي هذا عدوي، وذري (6) هذا وليّي.

فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فان شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة، فهي أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق (7).

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [54]

معنى تأويله: قوله: ﴿من يرتد منكم عن دينه﴾ أي: يرجع عن دين

ص: 148


1- في البحار: يا محمد.
2- في البحار: يا حبيب الله.
3- في البحار: ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب، فيدفعها إليه.
4- الموضع المنفرد.
5- في نسخة «ب» حينئذ.
6- في نسخة (م) واتركي.
7- أخرجه في البحار: 7/326 ح 2 عن معاني الأخبار: 116 ح 1 وأمالي الصدوق: 102 ح 4 وعلل الشرائع: 1/164 ح 6 وبصائر الدرجات: 416 ح 11 وتفسير القمي: 644 بأسانیدهم عن ابن سنان، عن أبی عبدالله (عَلَيهِ السَّلَامُ).

الايمان الحديث إلى دين الكفر القديم، فان الله سبحانه لا يخلي دينه من أعوان وأنصار يحمونه (1) ويذبون عنه وإن تماد الأمد، ﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين﴾ لينين عليهم، رحماء بينهم ﴿أعزة على الكافرين﴾ أي: عزيزين عليهم، وذلك من جهة السلطان والشدة والبأس والسطوة، يجاهدون في سبيل الله لاعلاء كلمته، وإعزاز دينه، ولا يخافون في ذلك لومة لائم يلومهم عليه، وإذا انتقدنا الناس، فلم نر من له هذه الصفات إلا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

7- لما ذكره أبو علي الطبرسي في تفسيره قال: إن المعني به هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه المقاتلون معه الناكثون والقاسطون والمارقون.

قال: وروي ذلك عن عمار بن ياسر وحذيفة وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

قال: ويؤيد هذا قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.

وقوله (2) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لتنتهينّ [يا] معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضرب رقابكم على تأويل القرآن كما ضربتكم (3) على تنزيله.

فقال بعض أصحابه: من هو يا رسول الله، أبو بكر؟ قال: لا. قال: فعمر؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل في الحجرة، وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يخصف نعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم (4).

8- وروي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال يوم البصرة: ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم (5).

يعني: أنهم الذين ارتدوا عن الدين وهو وأصحابه القوم الذين يحبون الله ويحبهم، فافهم ذلك.

ص: 149


1- في نسخة «ب» يحبونه.
2- في الأصل لقوله.
3- في نسخة (م) ضربكم.
4- مجمع البيان: 3/208 وعنه البحار: 36/32.
5- مجمع البيان: 3/208 وعنه البحار: 36/33 والبرهان: 1/479 ح 4.

وذكر علي بن إبراهيم أن المخاطبة لقوله عز وجل ﴿من يرتد منكم عن دينه﴾، لأصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الذين ارتدوا بعد وفاته فغصبوا (1) آل محمد (سلام الله عليهم) حقوقهم وقوله ﴿فسوف يأتي الله بقوم﴾ الآية فإنها نزلت في القائم من آل محمد صلوات الله عليهم (2).

ويدل على ذلك قوله ﴿فسوف يأتي الله﴾ في المستقبل، وأن المعني به غير موجود في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بل منتظرا وهو القائم المنتظر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلى آبائه (السادة الغرر) ما رفع سحاب وهمر، وغاب نجم وظهر.

واعلم أنه لما أخبر الله سبحانه أصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بأن الذي يرتد عن دينه أن سوف يأتي الله بقوم، ثم وصفهم بصفات ليست في (3) المرتدين منهم، ثم إن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عرفهم من القوم المعينين، وأنهم علي أمير المؤمنين وذريته الطيّبين.

فقال سبحانه للمرتدين: إن شئتم أو أبيتم ولاية أمير المؤمنين أيها المرتدون.

قوله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [55] وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [56]

معنى تأويله: أنه لما أراد الله سبحانه أن يبين لخلقه من الأولياء قال: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ فالولي هنا هو الأولى بالتصرف لقوله تعالى ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ والولي أيضا هو الذي تجب طاعته ومن تجب طاعته تجب معرفته لأنه لا يطاع إلا من يعرف، ولان الولي ولي نعمة والمنعم يجب شكره ولا يتم شكره إلا بعد معرفته، فلمّا بين سبحانه الأولياء بدأ بنفسه ثم ثنى برسوله، ثم ثلث بالذين آمنوا، فلمّا علم سبحانه أن الامر يشتبه على الناس وصف الذين آمنوا بصفات خاصة لم يشركهم بها أحد فقال ﴿الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾.

ص: 150


1- في نسختي (ج، م) وغصبوا.
2- تفسير القمي: 158 وعنه البرهان: 1/479 ح 6.
3- في نسخة «ج» من.

واتّفقت روايات العامة والخاصة [على] أن المعني بالذين آمنوا أنه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه لم يتصدق أحد وهو راكع غيره.

(وجاء في ذلك روايات منها):

9- ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) بحذف الاسناد عن عباية بن ربعي قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم وهو يقول: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذ أقبل رجل معتم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول (قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) إلا قال ذلك الرجل: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال: ابن عباس سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه، وقال:

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بهاتين، وإلا صمتا، ورأيته بهاتين وإلا عميتا يقول: علي قائد البررة، قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله.

أما إني صليت مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال:

اللهم إني سألت في مسجد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي راكعا، فأومى بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعيني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فلمّا فرغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال:

اللهم إن أخي موسى سألك فقال ﴿رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري﴾ (1) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا ﴿سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما﴾ (2).

اللهم وأنا محمد صفيك ونبيّك، [اللهمّ] (3) فاشرح لي صدري ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري.

ص: 151


1- سورة طه: 25 - 32.
2- سورة القصص: 35.
3- من البحار.

قال أبو ذر: فوالله ما استتم الكلام حتى نزل عليه جبريل من الله تعالى، فقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: اقرأ ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ (1)

10- ومنها ما رواه الشيخ الصدوق محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن حاتم عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ الآية، قال: إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم عبد الله بن سلام، وأسد وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقالوا: يا نبي الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾.

[ثم] قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): قوموا، فقاموا فأتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال: يا سائل أما أعطاك أحد شيئا؟

قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاك؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي.

قال: علي أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وكبر أهل المسجد.

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): علي بن أبي طالب وليكم بعدي.

قالوا: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي بن أبي طالب وليا.

فأنزل الله عز وجل ﴿ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾.

فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب، فما نزل (2).

ص: 152


1- مجمع البيان: 3/210 وعنه البرهان: 1/481 ح 10 واثبات الهداة: 3/511 ح 496 وفى البحار: 35/194 ح 15 عنه وعن المناقب: 2/208 وكشف الغمة: 1/166.
2- أمالي الصدوق: 107 ح 4 وعنه الوسائل: 6/355 ح 4 والبرهان: 1/480 ح 6 وفى البحار: 35/183 ح 1 عنه وعن المناقب: 2/209.

11- [ونقل ابن طاووس في الكتاب الذي ذكرناه: أن محمد بن العباس روى حكاية نزول الآية الكريمة، والولاية العظيمة من تسعين طريقا، بأسانيد متصلة، كلها من رجال المخالفين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ثم عدد الرواة وسماهم.

ثم نقل ثلاثة أحاديث منها بلفظها:

أحدها عن أبي رافع وفيه مناقب جليلة ومواهب جزيلة.

والثاني ينتهى إسناده إلى عمر أنه قال: أخرجت من مالي صدقة يتصدق بها عني وأنا راكع أربعا وعشرين مرة على أن ينزل في ما نزل في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فما نزل.

والثالثة تتضمن أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حلقة فضة منقوش عليها (الملك لله)] (1).

12- وروى الشيخ محمد بن يعقوب تأويلا طريفا عن الحسين بن محمد باسناده عن رجاله، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) في قوله عز وجل ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ قال: إنما قال ﴿وليكم﴾ يعني أولى بكم وأحق بأموركم وأنفسكم وأموالكم، (والذين آمنوا) يعني عليا وأولاده الأئمة إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل فقال ﴿الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصلي الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قد كساه إياها، وكان النجاشي قد أهداها إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فجاءه سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله و (من هو) (3) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين. فطرح الحلة وأومى إليه (4) أن احملها.

فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

(وصيرها نعمة وقرن أولاده بنعمته) (5)، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة

ص: 153


1- سعد السعود: 96 وعنه البحار: 35/201 ح 24 مفصلا، وهذا الحديث نقلناه من نسخة «أ».
2- في الكافي: عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ).
3- ليس في الكافي.
4- في الكافي: وأومأ بيده إليه.
5- في الكافي: وصير نعمة أولاده بنعمته.

يكون بهذه النعمة مثله، فيتصدقون وهم راكعون، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين كان من الملائكة، (وكذلك الذي يسأل أولاده يكون) (1) من الملائكة (2).

إعلم أن الله سبحانه لما بين للناس من الأولياء ووكدهم، وبينهم وعرفهم أن من يتولاهم يكون من حزب الله قال ﴿ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون﴾ لأعدائهم، المخالفين لهم في الولاية، أي هم الظاهرون عليهم والظافرون بهم.

وهذا البيان يدل على أن المراد ب (الذين آمنوا) أمير المؤمنين، وذريته الطيبين ويكون لفظ الجمع مطابقا للمعنى وإن كان المراد بالجمع الافراد ﴿والذين آمنوا﴾ أمير المؤمنين خاصة وذلك جائز، وقد جاء في الكتاب العزيز، وكثير منه على وجهة التعظيم مثل قوله تعالى ﴿نحن نقص عليك﴾.

وأما بيان أن المراد ب ﴿الذين آمنوا﴾ أمير المؤمنين وذريته الطيبين ما تقدم من خبر الحلة (3) ولان الله سبحانه لما قال ﴿إنما وليكم الله﴾ خاطب بذلك جميع المؤمنين ودخل في الخطاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فلمّا قال ﴿ورسوله﴾ خرج الرسول من جملتهم لكونه مضافا إلى ولايته، ولما قال ﴿والذين آمنوا﴾ وجب أن يكون المخاطب بهذه الآية غير الذي حصلت له الولاية وإلا لكان كل واحد من المؤمنين ولي نفسه وهو محال.

فلم يبق إلا أن يكون المعني به أمير المؤمنين وذريته الطاهرين الذين اختارهم الله على علم على العالمين، وفضلهم على الخلق أجمعين، صلى الله عليهم صلاة باقية إلى يوم الدين.

قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [66]

ص: 154


1- في الكافي: والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون.
2- الكافي: 1/288 ح 3 وعنه الوسائل: 6/334 ح 1 والبرهان: 1/480 ح 4 وجامع الأحاديث: 8/441 ح 1276.
3- ص 153/12.

13- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل: ﴿ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم﴾ قال: الولاية (1).

معنى هذا التأويل: أن الضمير في ﴿أنهم﴾ يرجع إلى بني إسرائيل لانهم أهل التوراة والإنجيل الذين كانوا في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أي لو (أنهم أقاموا) هذين الكتابين (وما انزل (إليهم من) (2) ربهم) فيها ولم يحرفوها لوجدوا فيها ذكر محمد وصفته وأنه رسول الله حقا، وذكر علي وصفته (3). وأن ولايته حق وفرض أوجبها الله على الخلق.

وقد جاء فيما تقدم في سورة البقرة من تفسير الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثير من هذا.

14- ويؤيده ما رواه أيضا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولايتنا ولاية الله [التي] (4) لم يبعث الله نبيا [قط] (5) إلا بها (6).

15- وروى أيضا عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد، ووصيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

ص: 155


1- الكافي: 1/413 ح 6 وعنه البحار: 24/387 ح 110 والبرهان: 1/487 ح 1، 2، 3 وعن بصائر الدرجات: 76 ح 2 وتفسير العياشي: 1/330 ح.
2- ليس في نسختي (ب، م) وفى نسخة «ب» فينا، بدل: فيها.
3- في نسخة (م) وصيه.
4- من الكافي.
5- من الكافي.
6- الكافي: 1/437 ح 3 وعنه البرهان: 4/148 ح 6، وأخرجه في البحار: 26/281 ح 30 - 33 عن بصائر الدرجات: 75 ح 6 - 9 عن سلمة بن الخطاب وبأسانيد اخر.
7- الكافي: 1/437 ح 6 وعنه البرهان: 4/148 ح 7 وأخرجه في البحار: 26/280 ح 24 عن بصائر الدرجات: 72 ح 1.

وقوله ﴿لأكلوا من فوقهم﴾ بارسال السماء عليهم مدرارا ﴿ومن تحت أرجلهم﴾ باعطاء الأرض خيراتها وبركاتها.

ومثله ﴿وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا﴾ (1).

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [67]

تأويله: أن الله سبحانه أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالتبليغ وتوعده إن لم تفعل، ووعده العصمة والنصرة، فقال ﴿يا أيها الرسول بلغ﴾ أي أوصل إلى أمتك ما انزل إليك في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وطاعته، والنص عليه بالخلافة العامة الجلية (2) من غير خوف ولا تقية ﴿وإن لم تفعل﴾ - ذلك - ﴿فما بلغت رسالته﴾ لان هذه الرسالة من أعظم الرسائل التي بها كمل الدين، وتمت نعمة رب العالمين، وانتظمت أمور المسلمين، فإذا لم تبلغها لم تتم الغرض بالتبليغ لغيرها، فكأنك ما بلغت شيئا من رسالاته جميعا لان هذه الفريضة آخر فريضة نزلت، وهذا تهديد عظيم لا تحتمله الأنبياء.

وقد جاء في هذه الآية الكريمة خمسة أشياء:

أولها: إكرام وإعظام بقوله ﴿يا أيها الرسول﴾.

وثانيها: أمر بقوله ﴿بلغ﴾.

وثالثها: حكاية بقوله ﴿ما انزل إليك﴾.

ورابعها: عزل ونفي بقوله ﴿وإن لم تفعل فما بلغت﴾.

وخامسها: عصمة بقوله ﴿والله يعصمك من الناس﴾.

وقصة الغدير مشهورة من طريق الخاصة والعامة، (ولنورد مختصرا من ذلك):

16- وهو ما رواه: أحمد بن حنبل في مسنده باسناده عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعا الناس يوم غدير خم، وأمر ب [قلع] ما تحت الشجر من الشوك فقلع (وذلك يوم الخميس) (3).

ص: 156


1- سورة الجن: 16.
2- في نسخة (م) الجليلة.
3- ليس في نسخة «ج».

ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعيه (1)، ثم رفعهما حتى بان بياض إبطيه.

وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، قال:

فقال عمر بن الخطاب: هنيئا لك يا بن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة (2).

[ونقل ابن طاووس في (الطرائف) و (سعد السعود) وغيرهما روايات متعددة من طريق الجمهور في هذا الباب مما يفضي إلى العجب العجاب.

وذكر أن محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) روى ذلك من أحمد وثلاثين طريقا] (3).

17- وروى (4) الشيخ الصدوق محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) في أماليه حديثا صحيحا لطيفا يتضمن قصة الغدير مختصرا (5) قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد ابن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له (النور) وهو قول الله عز وجل ﴿وجعل الظلمات والنور﴾ (6) فلمّا انتهى به إلى ذلك النهر،

قال له جبرئيل: يا محمد اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك فان هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر (من أجنحتي) (7) إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه، و

ص: 157


1- في نسخة «ج» بعضده (خ ل بضبعيه).
2- لم نجده في مسند أحمد ولم ينقله عنه لا في الإحقاق ولا في الطرائف ولا في فضائل الخمسة والحديث مكرر مع ح 3 ص 145 وله تخريجات ذكرناها هناك.
3- الطرائف: 139 - 153، سعد السعود: 71 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
4- في نسخة «ج» رواه.
5- في نسخة «ب» مختصرة.
6- سورة الأنعام: 1.
7- ليس في نسخة «ج».

أربعون ألف لسان كل لسان، يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر، فعبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسير خمسمائة عام.

ثم قال له جبرئيل: تقدم يا محمد.

فقال له: يا جبرئيل ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان.

فتقدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى (قال) (1): أنا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته (2)، إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك.

فهبط رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فكره أن يحدث الناس بشئ، كراهته أن يتهموه، لانهم كانوا حديثي (3) عهد بالجاهلية، حتى مضى (4) لذلك ستة أيام.

فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك﴾ (5) فاحتمل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذلك، حتى كان اليوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر ربي، فان يتهموني ويكذبوني [فهو] (6) أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة.

قال: وسلم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحسن (7) الرؤية.

فقال: يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني.

ص: 158


1- ليس في البحار.
2- في نسخة (م) بتته (بتكته خ ل) وفى نسخة «أ» والبحار: بتكته، البتك: القطع.
3- في نسختي (ج، م) حديث.
4- في نسخة «ب» مضت.
5- سورة هود: 12.
6- من المصدر.
7- في البحار: ولا أحس.

ثم أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) رجلا فرجلا من أصحابه أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين ثم قال: يا بلال ناد في الناس أن لا يبقي [غدا] (1) أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم.

فلمّا كان من الغد خرج رسول الله بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني، فأنزل الله (2) وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي (3) وأسمعني وقال: يا محمد أنا المحمود، وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته (4) إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك وإني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك، ثم أخذ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيد علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرفعها، حتى نظر الناس بياض إبطيهما ولم ير قبل ذلك.

ثم قال: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى مولاي، وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه.

اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

فقال: الشكاك والمنافقون الذين في قلوبهم مرض وزيع نبرأ إلى الله من مقالته ليس بحتم (5)، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، وهذا منه عصبية.

فقال سلمان، والمقداد، وأبو ذر، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا﴾ فكرر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذلك، ثلاثا.

ثم قال: إن كمال الدين، وتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي إليكم و الولاية (6) بعدي لعلي بن أبي طالب، صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما، ما دامت المشارق

ص: 159


1- من البحار.
2- في نسخة «ج» على، بدل: الله.
3- في نسخة «ب» أسرني به.
4- في نسخة «ب» قطعته.
5- في نسخة «ب» لم تختم، بدل: ليس بحتم.
6- في نسخة (م) رسالتي إليكم بالولاية.

والمغارب وهبت الجنوب والشمال، وثارت السحائب (1).

وقوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [71]

18- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال:: حدثني أبي، عن جدي، عن خالد بن يزيد الضبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى [فعموا وصموا] حيث كان رسول الله بين أظهرهم، ثم عموا وصموا، حيث قبض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ثم تاب الله عليهم، حين أقام عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فعموا وصموا، فيه حتى الساعة (2).

19- الكليني (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحصين عن خالد بن يزيد القمي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وحسبوا ألا تكون فتنة﴾ قال: حيث كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بين أظهرهم ﴿فعموا وصموا﴾ حيث قبض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿ثم تاب الله عليهم﴾ حيث قام أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

[قال]: ثم عموا وصموا حتى الساعة (3).

توجيه هذا التأويل: أن ظاهر القول أنه في بني إسرائيل، لكن الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجه معناه إلى صحابة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لانهم حذوا حذو بني إسرائيل، كما أخبر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أن أمتي لتحذوا حذو بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل (4).

ص: 160


1- أمالي الصدوق: 290 ح 10 وعنه البحار: 37/109 ح 3 والبرهان: 2/211 ح 5 وقطعة منه في البحار: 59/248 ح 1 وفى البحار: 18/338 ح 40 عنه وعن المحتضر: 148.
2- تفسير القمي: 163 مرسلا مع اختلاف وعنه البحار: 37/345 ذ ح 2 ح 19 مع 18.
3- الكافي: 8/199 ح 239 وعنه البحار: 28/251 ح 34 والبرهان: 1/491 ح 1 و ح 2 عن تفسير العياشي: 1/334 ح 157 عن خالد بن يزيد وهذا الحديث نقلناه من نسخة «أ» ح 18 مع 19.
4- في نسخة «ب» النصل بالنصل، بدل: النعل بالنعل، ورواه الترمذي في صحيحه: 5/26 ح 2641 عن عبد الله بن عمر.

فقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حيث كان [رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )] (1) بين أظهرهم، أي عموا عن نور هدايته، وصموا عن سماع وصيته في عترته.

وقوله: حين قبض وأقام عليا (أي) (2) أن النبي بصرهم أولا ما عموا عنه وجلا عن أبصارهم سدف (3) العمى وأسمعهم الموعظة في وصيته، وكشف عن

أسماعهم غشاوة الصم، ثم بعد ذلك كله عموا وصموا حتى الساعة (أي) (4) إلى قيام القيامة.

قوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [92]

20- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عز وجل ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ﴾ الآية.

فقال: أما والله ما هلك من قبلكم ولا هلك منكم ولا يهلك من بعدكم إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا، وما خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا ﴿والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ (5).

معنى هذا التأويل: أن السائل لما سأل الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أجابه بهذا الجواب وتوجيهه: أن الله سبحانه أمر الخلق بطاعته وطاعة رسوله فيما يأمرهم به من الولاية وينهاهم عن مخالفته في تركها، فإن خالفوه وأبوا إلا تركها وجحودها، فقد ألزم الله ورسوله رقاب هذه الأمة بها، وفرضها عليهم إن شاءوا ذلك، أو أبوا، فإنما على رسولنا البلاغ المبين، وقد بلغ ما عليه في عدة مواطن وآخرها غدير خم.

فعليه وعلى آله الكرام أفضل التحية والسلام.

قوله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [109]

ص: 161


1- من نسخة «ب».
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ب» صدق.
4- ليس في نسخة «ج».
5- الكافي: 1/426 ضمن ح 74 وعنه البحار: 23/380 ضمن ح 68 والبرهان: 4/343 ح 1.

21- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد (1) الكناسي قال: سألت (2) أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا: لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب﴾ قال: فقال: إن لهذا تأويلا، يقول: ماذا أجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على أممكم (3).

[قال:] فيقولون: لا علم لنا فيما فعلوا من بعدنا، إنك أنت علام الغيوب (4).

اعلم أنه قد جاء في هذه السورة من الآيات والذكر الحكيم ما يدل على أن ولاية الأئمة الطريق القويم، وأن تاركها في درك الجحيم، وأن المتمسك بها في جنات النعيم، فعليهم من ربهم أفضل الصلاة والتسليم ما نسمت هبوب وهبت نسيم.

«6»

(سورة الأنعام)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها قوله تعالى: وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ

1- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن مالك الجهني قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى:

﴿وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ﴾ قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فهو ينذر به، كما أنذر به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (5).

ص: 162


1- في المصدر ونسخة «ب» بريد، والموجود في كتب الرجال يزيد.
2- في نسختي (ج، م) سمعت.
3- في نسخة «ب» امتكم.
4- الكافي: 8/338 ح 535 وعنه البرهان: 1/510 ح 2 وفى البحار: 7/283 ح 5 عنه وعن تفسير العياشي: 1/349 ح 220.
5- الكافي: 1/416 ح 21 وص 424 ح 61 وعنه البرهان: 1/519 ح 1، وفى البحار: 23/190 ح 8 عنه وعن المناقب: 3/314.

قوله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [28]

2- تأويله: ما روي بحذف الأسانيد عن جابر بن عبد الله (رَحمَةُ اللّه) قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو خارج من الكوفة، فتبعته من ورائه حتى إذا صار إلى جبانة اليهود ووقف في وسطها، نادى: يا يهود (يا يهود) (1) (فأجابوه من جوف القبور: لبيك، لبيك مطلاع يعنون ذلك يا سيدنا) (2).

فقال: كيف ترون العذاب؟

فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن ومن عصاك في العذاب إلى يوم القيامة.

ثم صاح صيحة كادت السماوات ينقلبن، فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت، فلمّا أفقت رأيت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على سرير من ياقوتة حمراء على رأسه إكليل من الجوهر وعليه حلل خضر وصفر ووجهه كدائرة القمر.

فقلت: يا سيدي هذا ملك عظيم؟ قال:

نعم يا جابر إن ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود، وسلطاننا أعظم من سلطانه.

ثم رجع ودخلنا الكوفة ودخلت خلفه إلى المسجد، فجعل يخطو خطوات وهو يقول: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبدا.

فقلت: يا مولاي لمن تكلم ولمن تخاطب؟ وليس أرى أحدا.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا جابر كشف لي عن برهوت فرأيت شينبويه (3) وحبتر، وهما يعذبان في جوف تابوت في برهوت فنادياني (4): يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك ونقر بولايتك (5) فقلت: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبدا.

ثم قرأ هذه الآية ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون﴾.

ص: 163


1- ليس في نسختي (أ، ب).
2- في نسخة «أ» بدل ما بين القوسين (فأجابوه لبيك لبيك)، وفى نسخة «ب» ذكر (لبيك) مرة واحدة وفيه مطلايح، وفى البحار: مطاع.
3- في نسخة «ب» ستونه، وفى نسخة «ج» سنبويه، وفى البحار شيبويه، وفى نسخة «أ» حبترا.
4- في نسخة «ب» ينادياني.
5- في نسخة (م) ونقر بالولاية لك، بدل: ونقر بولايتك.

يا جابر وما من أحد خالف وصي نبي إلا حشره (الله) (1) أعمى يتكبكب (2) في عرصات القيامة (3).

قوله تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون [82]

3- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾ قال: آمنوا بما جاء به محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من ولاية علي (4) (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو التلبس (5) بالظلم ﴿فأولئك لهم الامن وهم مهتدون﴾ (6).

قوله تعالى: وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمت البر والبحر

4- تأويله: قال علي بن إبراهيم في تفسيره: إن (النجوم) هم آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (7) لان الاهتداء لا يحصل إلا بهم، ولقول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

«مثل آل محمد كمثل النجوم، إذا خفي (8) نجم، طلع نجم» (9).

وأين (10) هدى النجوم من هداهم، وهو الهدى الذي يوصل إلى جنات النعيم وهدى النجوم لمن لا يهتدي بهدايتهم (11) يوصل إلى دركات الجحيم، فعلى محمد

ص: 164


1- ليس في نسخة «ج» والبحار.
2- في نسخة «ج» يكب.
3- عنه البحار: 27/306 ح 11 و ج 41/221 ح 33 والبرهان: 1/522 ح 5.
4- في نسختي (ب، م) الولاية لعلى، وفى الكافي: الولاية.
5- في الكافي: اللبس.
6- الکافی: 1/413 ح 3 و عنه البحار: 23/371 ح 49 و البحار: 69/151 والبرهان: 1/537 ح 2.
7- تفسیر القمی: 199 و عنه البحار: 24/76 ح 15 والبرهان: 1/544 ح1.
8- في نسخة «ب» حوى، وفى نسخة (م) ونهج: خوى.
9- نهج البلاغة: الخطبة 100.
10- في نسخة «ب» وأن.
11- في نسخه «ب» بهداهم.

وآله من ربنا الكريم أكمل الصلاة وأفضل التسليم.

قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [115]

5- تأويله: رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن الحسين (1)، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسن بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب أن يخلق الامام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه، فمن ذلك الماء يخلق الامام،، فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن أمه لا يسمع صوتا، ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث (الله إليه) (2) ذلك الملك - الذي أخذ الشربة - فيكتب بين عينيه ﴿وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم﴾.

فإذا مضى الامام الذي قبله رفع الله لهذا الامام بكل بلد منارا من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق، فبهذا يحتج الله على خلقه (3).

6- ويؤيده: ما رواه أيضا عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق الامام من الامام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم دفعها (4) إلى الامام فيشربها فيمكث في الرحم أربعين ليلة (5) لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته أمه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فيكتب على عضده الأيمن ﴿وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم﴾، فإذا قام بهذا الامر رفع الله عز وجل

ص: 165


1- في نسخة «أ» الحسن.
2- ليس في الكافي.
3- الكافي: 1/387 ح 2 وعنه البرهان: 1/550 ح 3، وحلية الأبرار: 2/6 وص 295 وفى البحار: 25/39 ح 9 عن بصائر الدرجات: 432 ح 5، ونقلنا الرواية على ما في نسخة «ج» والكافي وعبارات بقية النسخ تختلف عما ذكرناه.
4- في الكافي: أوقعها، أو دفعها.
5- في الكافي والبصائر: يوما.

له بكل بلد منارا ينظر به إلى أعمال العباد (1).

7- وفي هذا المعنى ما رواه الشيخ في أماليه، عن رجاله، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن الليلة التي يولد فيها الامام لا يولد فيها مولود إلا كان مؤمنا، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله تعالى إلى الايمان ببركة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

قوله تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [122]

معناه ﴿أو من كان ميتا﴾ هذا الاستفهام يراد به التقرير، والميت (3) هنا الكافر ﴿فأحييناه﴾ (4) أي فهديناه ﴿وجعلنا له﴾ بعد الهداية ﴿نورا﴾ يمشي به في الناس والنور هو النبي والامام (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، أي هذا الذي فعلنا به هذا الفعال ﴿كمن مثله في الظلمات﴾ ظلمات الكفر والجهالات، وهو مع ذلك ﴿ليس بخارج منها﴾، بل هو مقيم فيها أبدا، أي هما سواء في الحال والعاقبة والمال.

وقوله ﴿وكذلك زين للكافرين﴾ المتقدمين والمتأخرين ﴿ما كانوا يعملون﴾ مثل هذا العمل حتى ضلوا وأضلوا.

والمزين لهم الشيطان اللعين، فعليه وعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

8- وأما تأويله: فهو ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قول الله عز وجل ﴿أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس﴾ قال ﴿ميتا﴾ لا يعرف شيئا، و ﴿نورا يمشي به في الناس﴾ إماما يأتم به ﴿كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها﴾.

ص: 166


1- الكافي: 1/387 ح 3 وعنه حلية الأبرار: 2/6 ونور الثقلين: 1/629 ح 252 وأخرجه في البحار: 24/178 ح 9 عن بصائر الدرجات: 439 ح 5.
2- أمالي الطوسي: 2/26 وعنه البحار: 25/36 ح 1 ومدينة المعاجز: 291.
3- في نسختي (ج، م) التقدير والميتة.
4- ليس في نسخة «ج».

قال: هو الذي لا يعرف الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

وذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال ﴿أو من كان ميتا فأحييناه) أي هديناه ﴿وجعلنا له نورا يمشي به في الناس﴾ قال: نور الولاية (2).

قوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [153]

9- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثني أبي عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله [وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه] قال: طريق الإمامة فاتبعوه.

﴿ولا تتبعوا السبل﴾ أي طرقا غيرها ﴿ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ (3).

10- وذكر علي بن يوسف بن جبير (4) في كتابه (نهج الايمان) قال: الصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الآية، لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه باسناده إلى أبي بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾.

قد سألت الله أن يجعلها لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ففعل. (5) فقوله:

يجعلها لعلي أي: سبيله التي هي صراطه المستقيم، وسبيله القويم الهادي إلى جنات النعيم.

قوله تعالى: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا

ص: 167


1- الكافي: 1/185 ح 13 وعنه البحار: 67/30 ونور الثقلين: 1/632 ح 270.
2- في نسخة «ب» الأئمة، تفسير القمي: 203 وعنه البحار: 23/309 ح 8 و ج 67/30 والبرهان: 1/552 ح 2.
3- في البحار: 24/17 ح 25 والبرهان: 1/563 ح 8 عن التأويل ولم نجده في تفسير القمي، نعم ذكر في ص 208 نحوه مرسلا.
4- في نسخة (م) جبر.
5- عنه البحار: 24/17 ح 26 والبرهان: 1/563 ح 9 و 10 وفى البحار: 35/364 ضمن ح 4، عنه وعن المناقب: 2/270 عن إبراهيم الثقفي.

معنى تأويله: قوله تعالى ﴿يأتي ربك﴾ أي يأتي ربك بجلائل آياته باهلاكهم وعذابهم، وقوله ﴿بعض آيات ربك﴾ نحو الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، وغيرها من الآيات، وغير ذلك من علامات ظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

11- وروى في تأويل هذه الآية: محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن حمدان (1) بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني باسناده عن هشام ابن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل﴾ قال: يعني (من) (2) الميثاق ﴿أو كسبت في إيمانها خيرا﴾.

قال: الاقرار بالأنبياء، والأوصياء، وأمير المؤمنين خاصة لا ينفع نفسا إيمانها لأنها سلبت (3).

فقوله: من الميثاق أي من يوم الميثاق المأخوذ عليهم في الذر لله بالربوبية ولمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالنبوة، ولعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالولاية والوصية، فالذي يكون منهم قد آمن من (يوم) (4) الميثاق ينفعه إيمانه الآن، ومن لم يكن آمن لم ينفعه الايمان، لأنه قد سلبه أولا، وبالله المستعان وعليه التكلان.

اعلم - ثبتك الله على الايمان - الذي آمنت به من الميثاق إلى حين الفراق، ونجاك به من أهوال يوم التلاق بأن هذه السورة قد تضمنت تفضيل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) على أهل الآفاق، فلم يخالف في ذلك إلا أهل النفاق، فعليهم منا اللعنة قدر الاستحقاق وعلى أهل البيت الصلاة والسلام من الله سبحانه وتعالى، ومنا بالاتفاق ما حدث الوفاق (5) بالنياق (6) وسارت النياق (7) بالرفاق.

ص: 168


1- في الأصل: أحمد.
2- ليس في نسخة «ج» وفى الكافي: في.
3- الكافي: 1/428 ح 81 وعنه البحار: 24/401 ح 128 والبرهان: 1/564 ح 2.
4- ليس في نسخة «ج».
5- في نسختي (ب، م) الرفاق.
6- في نسخة «ب» النباق.
7- في نسخة «ب» النباق.

«7»

(سورة الأعراف)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [28]

1- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب، عن محمد بن منصور.

قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها﴾ الآية؟

فقال: هل رأيت أحدا زعم أن الله سبحانه أمرنا (1) بالزنا، أو شرب الخمر، أو شئ من المحارم؟ فقلت: لا.

فقال: فما هذه الفاحشة التي تدعون أن الله أمرنا (2) بها؟

فقلت: الله أعلم ووليه.

قال: إن هذا في (أتباع) (3) أئمة الجور، ادعوا أن الله أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمرهم بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم وأخبر أنهم قالوا على الله الكذب، وسمى ذلك فاحشة (4).

قوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيمة

2- تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى،

ص: 169


1- في نسخة «ب» أمره، وفى الكافي: أمر.
2- في نسخة (م) أمر.
3- ليس في الكافي.
4- الكافي: 1/373 ح 9 وعنه البرهان: 2/8 ح 2 و 4 وعن بصائر الدرجات: 34 ح 4 وتفسير العياشي: 2/12 ح 15، وأخرجه في البحار: 24/189 ح 9 عن غيبة النعماني: 130 ح 10 عن الکلینی.

عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن صالح بن حمزة، عن أبان بن مصعب عن يونس بن ظبيان [أو معلى بن خنيس] (1) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):

مالكم في (2) هذه الأرض؟ فتبسم.

ثم قال: إن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل، وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض منها سيحان، وجيحان، ونهر بلخ، والخشوع وهو نهر الشاش (3) ومهران وهو نهر الهند، ونيل مصر، ودجلة والفرات، فما سقت وما استقت فهو لنا، وما كان لنا فهو لشيعتنا، وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه، فإن شيعتنا (4) لفي أوسع ما بين ذه إلى ذه - يعني السماء والأرض -.

ثم تلا هذه الآية ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾ - المغصوبين عليها - (خالصة) - لهم - (يوم القيامة) بلا غصب (5).

معنى ذلك: أن هذه الانهار التي هي عمارة الأرض، وهي ﴿زينة الله التي أخرج لعباده﴾ المطيع منهم والعاصي، والطيبات من الرزق الحلال منه، فالمطيع يتناول حلالا منها وهم شيعة آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والعاصي وهو عدوهم يتناول منها حراما.

فقوله ﴿هي للذين آمنوا﴾ وهم الأئمة وشيعتهم في الحياة الدنيا بالملك والاستحقاق، فإن نازعهم عدوهم فيها وغصبهم عليها، فهي يوم القيامة خالصة لهم بغير منازع ولا غاصب.

قوله تعالى: قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن

3- تأويله: ما رواه أيضا محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن أحمد بن محمد، عن

ص: 170


1- من الكافي.
2- في الكافي: من.
3- في نسخة «ب» الشاس، وفى نسخة (م) الشأس.
4- في الكافي: وان ولينا، بدل: فان شيعتنا.
5- الكافي: 1/409 ذ ح 5 وعنه البحار: 60/46 ذ ح 25 و ج 65/124 والوسائل: 4/384 ح 17 والبرهان: 2/11 ح 6.

الحسين بن سعيد، عن أبي وهب، عن محمد بن منصور قال: سألت العبد الصالح (1) عن قول الله عز وجل ﴿إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن﴾؟

فقال: إن القرآن له بطن وظهر، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق (2).

ويدل على هذا ما ذكر في مقدمة الكتاب: أن الله سبحانه كنى عن أسماء الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في القرآن بأحسن الأسماء وأحبها إليه.

وكنى عن أعدائهم بأقبح الأسماء وأبغضها إليه فافهم ذلك (3).

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ[40]

4- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي، عن فضالة عن أبان بن عثمان، عن ضريس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزلت هذه الآية في أهل الجمل (طلحة والزبير) والجمل جملهم (4).

بيان ذلك: أن أهل الجمل هم الذين كفروا وكذبوا بآيات الله، وأعظم آياته أمير المؤمنين صلوات الله عليه - واستكبروا عنها، وبغوا عليها، لا تفتح لهم أبواب السماء، أي لأرواحهم الخبيثة وأعمالهم القبيحة.

5- لما جاء في تفسير مولانا الامام أبي محمد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول

ص: 171


1- في الكافي: عبدا صالحا.
2- الكافي: 1/374 ح 10 وعنه البرهان: 2/13 ح 2 و 4 عن تفسير العياشي: 2/16 ح 36 وأخرجه في البحار: 24/189 ح 10 عن غيبة النعماني: 131 ح 11 عن الكليني وفى البحار: 24 ص 301 ح 7 عن العياشي وبصائر الدرجات: 33 ح 2.
3- راجع ح 2 من المقدمة.
4- تفسير القمي: 215 وعنه البحار: 8/414 (ط الحجر) والبرهان: 2/15 ح 1.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقد حكى لأصحابه عن حال من يبخل في الزكاة.

فقالوا له: ما أسوأ حال هذا؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أولا أنبئكم بأسوأ حالا من هذا؟

فقالوا: بلى يا رسول الله. قال: رجل حضر الجهاد في سبيل الله تعالى فقتل مقبلا غير مدبر، وحور العين يطلعن عليه، وخزان الجنان يتطلعون ورود روحه عليهم، وأملاك الأرض يتطلعون نزول الحور العين إليه والملائكة وخزان الجنان (1) فلا يأتونه.

فتقول ملائكة الأرض حوالي ذلك المقتول: ما بال الحور لا ينزلن؟ وما بال خزان الجنان لا يردون؟ فينادون من فوق السماء (السابعة) (2): أيتها الملائكة انظروا إلى آفاق السماء ودوينها، فينظرون فإذا توحيد هذا العبد، وإيمانه برسول الله وصلاته وزكاته وصدقته وأعمال بره كلها محبوسات دوين السماء (3) قد طبقت آفاق السماء كلها كالقافلة العظيمة قد ملأت ما بين أقصى المشارق والمغارب، ومهاب الشمال والجنوب، وتنادي أملاك تلك الأفعال (4) الحاملون لها الواردون بها:

ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء؟

فتدخل إليها أعمال هذا الشهيد، فيأمر الله عز وجل بفتح أبواب السماء فتفتح.

ثم ينادي هؤلاء الأملاك (5): ادخلوها إن قدرتم. فلم تقلها أجنحتهم ولا يقدرون على الارتفاع بتلك الأعمال فيقولون: يا ربنا لا نقدر على الارتفاع بهذه الأعمال. فيناديهم منادي ربنا عز وجل: يا أيتها الملائكة لستم حمالي هذه الأثقال الصاعدين بها، إن حملتها الصاعدين بها مطاياها التي ترفعها إلى دوين العرش، ثم تقرها درجات الجنان.

فتقول الملائكة: يا ربنا وما مطاياها؟ فيقول الله تعالى: وما الذي حملتم من عنده؟

فيقولون: توحيده لك وإيمانه بنبيك، فيقول الله تعالى: فمطاياها موالاة علي أخ

ص: 172


1- في نسخة «ج» ورضوان، بدل: وخزان الجنان.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسختي (ب، م) الشمال.
4- في البحار: الأثقال.
5- في البحار: الملائكة.

نبيي، وموالاة الأئمة الطاهرين، فان أوتيت (1) فهي الحاملة الرافعة الواضعة (2) لها في الجنان. فينظرون فإذا الرجل مع ماله من هذه الأشياء، ليس له موالاة علي والطيبين من آله ومعاداة أعدائهم، فيقول الله تبارك وتعالى للأملاك الذين كانوا حامليها: اعتزلوها والحقوا بمراكزكم من ملكوتي ليأتها من هو أحق بحملها ووضعها في موضع استحقاقها، فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها.

ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: أيتها الزبانية تناوليها، وحطيها إلى سواء الجحيم، لان صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة علي والطيبين من وآله قال: فتنادي تلك الأملاك، ويقلب الله عز وجل تلك الأثقال أوزارا وبلايا على باعثها لما فارقتها مطاياها من موالاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ونوديت تلك الأملاك إلى مخالفته لعلي، وموالاته لأعدائه، فيسلطها الله عز وجل وهي في صورة الأسد (3) على تلك الأعمال، وهي كالغربان والقرقس، فيخرج من أفواه تلك الأسود نيران تحرقها ولا يبقي له عمل إلا أحبط، ويبقى عليه (موالاته لأعداء) (4) علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجحده ولايته فيقر ذلك في سواء الجحيم، فإذا هو قد حبطت أعماله، وعظمت أوزاره وأثقاله، فهذا أسوأ حالا من مانع الزكاة (5).

فاعلم أن كل من كان هذا عمله يكون يوم الميعاد منثورا (6) ويكون ممن قال الله سبحانه فيه ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا﴾ (7).

قوله تعالى: وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

ص: 173


1- في المصدر: أتيت، وفى البحار: أتت، وفى تعليقة البحار: في نسخة: أثبتت.
2- في نسخة «ب» الواصفة.
3- في البحار: الأسود.
4- كذا في البحار والمصدر، وفى نسخة (م) موالاته أعداء، وفى نسخة «ج» معاداته، وفى نسخة «ب» موالاة.
5- تفسير الامام: 26 وعنه البحار: 27/189 ذ ح 46 والبرهان: 3/160 ح 7.
6- في نسختي (ب، م) مثبورا.
7- سورة الفرقان: 23.

6- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد، عن معلى ابن محمد، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ قال: إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي وبأمير المؤمنين وبالأئمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين، فينصبون للناس فإذا رأتهم شيعتهم ﴿قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ يعني إلى ولايتهم (1).

قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [44]

تأويله: إذا استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، أذن مؤذن بينهم، والمؤذن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره.

7- قال: روي عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) [أنه] قال: المؤذن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) وذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال:

8- حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أنا المؤذن (3).

والدليل على ذلك قوله تعالى في [سورة] براءة ﴿وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر﴾ فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): كنت أنا الآذان في الناس (4).

9- قال: وروى أبو القاسم الحسكاني (5) باسناده عن محمد بن الحنفية أنه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا ذلك المؤذن.

وباسناده، عن أبي صالح، عن ابن عباس أنه قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): في كتاب الله

ص: 174


1- الكافي: 1/418 ح 33 وفيه (يعنى هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده (عَلَيهِم السَّلَامُ)) وعنه البحار: 24/146 ح 19 والبرهان: 2/16 ح 1.
2- مجمع البيان: 4/422 وما بين المعقوفين من المجمع.
3- كذا في جميع ولكن الموجود في تفسير القمي: 216 هكذا (المؤذن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وكذا في المجمع والبحار: 36/64 ح 1 والبرهان: 2/16 ح 1 عن القمي.
4- كذا في جميع ولكن الموجود في تفسير القمي: 216 هكذا (المؤذن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وكذا في المجمع والبحار: 36/64 ح 1 والبرهان: 2/16 ح 1 عن القمي.
5- شواهد التنزيل: 1/202 ح 261، 262.

أسماء لا يعرفها الناس: قوله تعالى ﴿فأذن مؤذن بينهم﴾ فهو المؤذن بينهم يقول ﴿أن لعنة الله على الظالمين﴾ الذين كذبوا بولايتي، واستخفوا بحقي (1).

قوله تعالى: وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم

معناه: قوله ﴿بينهما﴾ أي بين (أهل) (2) الجنة وأهل النار.

والحجاب: ستر بينهما وهو كناية عن الأعراف ومنه.

قوله تعالى ﴿فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة - يعني الجنة – وظاهره من قبله العذاب﴾ (3) يعني النار، وقوله ﴿وعلى الأعراف رجال﴾:

10- قال: أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):

الأعراف كثبان بين الجنة والنار، فيوقف كل نبي وخليفته (وكل نبي) (4) مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، وقد سبق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين: انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سبقوا إلى الجنة.

فيسلمون عليهم وذلك قوله ﴿ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم﴾.

ثم أخبر سبحانه أنهم لم يدخلوها، وهم يطمعون، يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة، وهم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والامام، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون ﴿ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين﴾.

وقوله ﴿وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم﴾ قال:

11- قال أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): هم آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) لا يدخل (5) الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل (6) النار إلا من أنكرهم وأنكروه (7).

ص: 175


1- مجمع البيان: 4/422 وعنه البحار: 8/331 والبرهان: 2/17 ح 5 ونور الثقلين: 2/32 ح 123.
2- ليس في نسخة «ج».
3- سورة الحديد: 13.
4- ليس في نسخة «ج»، وفى نسخة (م) نبي، وفى المجمع: كل خليفة نبي.
5- في نسخة (أ، ب، م) يدخلون.
6- في نسخة «ب» يدخلون.
7- مجمع البيان: 4/423 وعنه البحار: 8/331 والبرهان: 2/20 ح 19 مع تقديم وتأخير فيها.

12- وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد سئل عن قول الله عز وجل ﴿وبينهما حجاب) ﴿فقال: سور) (1) بين الجنة والنار قائم عليه: محمد، وعلي، والحسن، والحسين، وفاطمة، وخديجة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فينادون: أين محبونا؟ وأين شيعتنا؟ فيقبلون إليهم، فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم.

وذلك قوله ﴿يعرفون كلا بسيماهم﴾ فيأخذون بأيديهم، فيجوزون بهم على الصراط ويدخلونهم (2) الجنة (3).

13- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين قوله عز وجل ﴿وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم﴾؟ قال: نحن على الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف، الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف (الذين) (4) يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على الصراط (الناس) (5) فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، إن الله عز وجل لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله، ووجهه الذي يؤتى منه.

فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فإنهم ﴿عن الصراط لناكبون﴾ (6).

ويؤيّد هذا أنه (صلوات الله عليه) قسيم الجنة والنار.

ص: 176


1- في نسخة «ب» فقال رسول الله، وفى نسخة «ج» فقال: قال رسول الله.
2- في نسخة «ج» ويدخلون.
3- عنه البحار: 24/255 ح 19، وأخرجه في البرهان: 2/18 ح 10 عن مختصر بصائر الدرجات: 53.
4- ليس في نسخة «ج» والكافي.
5- ليس في الكافي.
6- الكافي: 1/184 ذ ح 9 وعنه البحار: 8/339 ح 22 وعن تفسير فرات: 46 بسند آخر عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخرجه في البحار: 24/249 ذ ح 2 عن الاحتجاج: 1/338.

قوله تعالى: وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ [48] أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ [49]

تأويله: ﴿ونادى أصحاب الأعراف﴾ وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ﴿رجالا﴾ من أهل النار وهم رؤساء الضلالة مقرعين لهم ﴿ما أغنى عنكم جمعكم﴾ وأنصاركم وأتباعكم وما كنتم تستكبرون به علينا، ثم يقولون لهم ويشيرون إلى شيعتهم وأوليائهم: أهؤلاء الذين أقسمتم (بالله جهد أيمانكم) (1) لا ينالهم الله برحمة؟

فها قد رحمهم الله وأدخلهم الجنة.

ثم يقولون لأوليائهم ﴿ادخلوا الجنة) ﴿رغما على أعدائكم) (2) ﴿لا خوف عليكم﴾ فإنكم آمنون، ولا يهمكم شئ من الهموم، ﴿ولا أنتم تحزنون﴾.

قوله تعالى: فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [69]

14- تأويله: (ما رواه) محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن الهيثم ابن واقد، عن أبي يوسف البزاز قال: تلا أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية ﴿فاذكروا آلاء الله﴾ قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا.

قال: هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا (3).

قوله تعالى: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [128]

15- تأويله: ما ذكره أيضا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: وجدنا في كتاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض

ص: 177


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/217 ح 3 وعنه البحار: 24/59 ح 35، وأخرجه في البحار: 67/147 ح 2 والبرهان: 2/23 ح 1 عن بصائر الدرجات: 81 ح 3.

ونحن المتقون، والأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها، وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل، حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويحرجهم منها، كما حواها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا، فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم، ويترك الأرض في أيديهم (1)

قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ [156] الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [157]

16- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن [عدة من أصحابنا] (2) عن أحمد بن محمد، (عن ابن أبي نصر) (3)، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة؟ فأجابني بجواب، فلمّا انتهى قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): لطاعة الامام الرحمة التي يقول الله: ﴿ورحمتي وسعت كل شئ﴾ يقول: علم الإمام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ وهم (4) شيعتنا.

ثم قال ﴿فسأكتبها للذين يتقون﴾ يعني ولاية [غير] (5) الامام وطاعته ثم قال ﴿الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل﴾ يعني النبي والوصي والقائم (يأمرهم بالمعروف) إذا قام (وينهاهم عن المنكر) والمنكر من أنكر فضل

ص: 178


1- الكافي: 1/407 ح 1 و ج 5/279 ح 5 وعنه الوسائل: 17/329 ح 2 والبرهان: 2/27 ح 2 ونور الثقلين: 2/56 ح 222.
2- من الكافي ونسخة «أ».
3- كذا في الأصل والطبعة القديمة من الكافي والوافي ومرآة العقول وهو الصحيح وان كان في الكافي المطبوع أحمد بن محمد بن أبي نصر.
4- في نسخة «ج» هو.
5- من المصدر والبحار.

الامام وجحده ﴿ويحل لهم الطيبات﴾: أخذ العلم من أهله، ﴿ويحرم عليهم الخبائث﴾ والخبائث: قول من خالف (ويضع عنهم إصرهم) وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الامام ﴿والأغلال التي كانت عليهم﴾ والأغلال ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الامام.

فلمّا عرفوا فضل الامام وضع عنهم إصرهم، والأصر: الذنب، وهي الآصار.

ثم نسبهم فقال ﴿الذين آمنوا﴾ يعني بالامام (1) ﴿وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه﴾ وهو أمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ﴿أولئك هم المفلحون﴾ (2).

توجيه هذا التأويل أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كنى عن رحمة الله سبحانه بعلم الامام لان علم الإمام هو الهادي إلى رحمة الله يوم القيامة، وإنما سميت الرحمة بالعلم مجازا لتسمية الشئ باسم عاقبته.

وقوله ﴿وسع علمه﴾ أي علم الإمام الذي هو من علمه أي من علم الله عز وجل.

وقوله ﴿كل شئ﴾ وهو شيعتنا أي كل شئ من ذنوب شيعتنا وسعته رحمة ربنا.

وقوله ﴿فسأكتبها﴾ أي الولاية الموجبة لرحمته [للذين يتقون] وهم الشيعة، لانهم الموصفون بالصفات المذكورة، ولهم في الولاية الأعمال المبرورة والمساعي المشكورة.

قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى

17- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله أخذ الميثاق على الناس [لله] (3) بالربوبية، ولرسوله بالنبوة، ولأمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بالإمامة.

ثم قال (ألست بربكم)؟ ومحمد نبيكم؟ وعلي أميركم والأئمة الهادون

ص: 179


1- في نسختي (ب، م) بالنبي.
2- الكافي: 1/429 ح 83 وعنه البحار: 24/353 ح 73 والبرهان: 2/39 ح 2 وص 240 ح 1 والوسائل: 18/45 ح 16.
3- من نسخة (م).

أولياؤكم؟ (قالوا: بلى) (1)

فمنهم إقرار (2) باللسان، ومنهم تصديق بالقلب.

18- وورد من طريق العامة في كتاب (الفردوس) لابن شيرويه حديثا يرفعه إلى حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله، سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد، قال الله تعالى: ﴿وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى﴾ قالت الملائكة: بلى.

فقال تبارك وتعالى: أنا ربكم، ومحمد نبيكم، وعلي أميركم (3).

19- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، عن يعقوب ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي الربيع القزاز، عن جابر، عن أبي جعفر (4)

(عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: لم سمي علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل الله في كتابه وهو قول عز وجل ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم﴾ وأن محمدا رسولي نبيكم وأن عليا أمير المؤمنين؟ (قالوا: بلى) (5).

[20- ابن طاووس قدس الله سره في كتابه «اليقين بتسمية علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)» عن محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن موسى، عن محمد بن عبد الله الرازي، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي زكريا الموصلي المعروف بكوكب الدم، عن جابر الجعفي، عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال: إن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنت الذي احتج الله بك في ابتداء الخلق حيث أقامهم فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى فقال: ومحمد رسول الله؟ فقالوا جميعا: بلى، فقال وعلي أمير المؤمنين؟ فقال الخلق جميعا: لا استكبارا وعتوا عن ولايتك إلا نفر

ص: 180


1- تفسير القمي: 229 وفيه (وعلى إمامكم، والأئمة الهادون أئمتكم) وعنه البحار: 26/268 ح 2 والبرهان: 2/47 ح 12.
2- في نسخة «ج» من أقر.
3- أخرجه في البحار: 40/77 والبرهان: 2/51 ح 37.
4- في الأصل: أبى عبد الله.
5- الكافي: 1/412 ح 4 وعنه مختصر بصائر الدرجات: 171 والبرهان: 2/47 ح 10.

قليل، وهم أهل القليل، وهم أصحاب اليمين (1) ونقل أيضا مثل ذلك وبمعناه.

عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله - المعروف بابن أبي الثلج - من كتابه كتاب (التنزيل) عن الحسن بن محبوب، إلى آخر ما ذكرناه سندا ومتنا (2).

21- وعن محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وعن علي بن عباس البجلي، عن محمد بن مروان الغزال، عن زيد بن المعدل عن أبان بن عثمان، عن خالد بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال:

وذكر مثل رواية الكليني رحمه الله مع زيادة في الثانية هي:

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): والله لقد سماه الله باسم ما سمى به أحدا قبله (3) ](4).

ومما ورد في تسميته بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلى ذريته الطيبين.

22- روى الشيخ المفيد باسناده إلى أنس بن مالك قال: كنت خادم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلمّا كانت ليلة أم حبيبة بنت أبي سفيان، أتيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بوضوء، فقال:

يا أنس يدخل عليك من هذا الباب الساعة أمير المؤمنين وخير الوصيين، أقدم الناس سلما، وأكثرهم علما، وأرجحهم حلما. فقلت: اللهم اجعله من قومي.

قال: فلم ألبث أن دخل علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الباب ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يتوضأ (فرمى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الماء على وجهه) (5) حتى امتلأت عيناه منه، فقال:

يا رسول الله، أحدث في حدث؟ فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ما حدث فيك إلا خير، أنت مني وأنا منك، تؤدي عني أمانتي، وتفي بذمتي، وتغسلني وتواريني في

ص: 181


1- كشف اليقين: 81 وعنه البحار: 37/310 ح 44.
2- كشف اليقين: 46 ب 59 وعنه البحار: 26/285 ح 43.
3- كشف اليقين: 81، وعنه البحار: 37/306 ح 38 وعن مناقب ابن شهرآشوب: 2/254.
4- ما بين المعقوفين من ح 20 إلى هنا من نسخة «أ».
5- في البحار: فرد رسول الله الماء على وجه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

لحدي، وتسمع الناس عني، وتبين لهم ما يختلفون فيه من بعدي (1).

23- وذكر أيضا حديثا أسنده إلى ابن عباس، أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لام سلمة: اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، وسيد الوصيين (2).

24- وروى أيضا حديثا مسندا إلى معاوية بن ثعلبة قال: قيل لأبي ذر (رض): أوص. قال: أوصيت. قيل: إلى من؟ قال: إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). قيل: عثمان؟ قال: لا، ولكنه (3) أمير المؤمنين حقا علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إنه لرب هذه الأرض ورب هذه الأمة، لو قد فقدتموه لأنكرتم (4) الأرض ومن عليها (5).

25- وروى أيضا حديثا مسندا عن بريدة بن خضيب الأسلمي - وهو مشهور بين العلماء - (قال: إن رسول الله) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم (6) أمرني وأنا (7) سابع سبعة، فيهم أبو بكر وعمر - وطلحة، والزبير. فقال: سلموا على علي بإمرة المؤمنين.

فسلّمنا عليه بذلك ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم حي بين أظهرنا (8).

26- وفي تفسير مجاهد من طريق العامة قال: ما في القرآن ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ (9) إلا ولعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) سابقة في ذلك، لأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبقهم إلى الاسلام، فسماه الله سبحانه في (تسع وثمانين) موضعا أمير المؤمنين، وسيد المخاطبين إلى يوم الدين (10).

ص: 182


1- الارشاد للمفيد: 30 وعنه البحار: 37/330 ح 69، وأخرجه في البحار: 40/16 ح 32 عن كشف اليقين: 35.
2- الارشاد: 31 وعنه البحار: 37/330 ح 67 وعن مناقب ابن شهرآشوب: 2/253.
3- في الارشاد: ولكن إلى، وفى البحار: ولكن.
4- في نسخة (م) لأنكرتكم، وفى البحار: لأنكرتموا.
5- الارشاد: 31 وعنه البحار: 37/331 ح 68.
6- في نسخة (م) قال: قال رسول الله، وفى نسخة «ب» قال: قال: ان رسول الله.
7- في نسخة «ب» في.
8- الارشاد: 31 وعنه مدينة المعاجز: 8 واثبات الهداة: 3/562 ح 637.
9- المائدة: 1.
10- مناقب ابن شهرآشوب: 2/252 وعنه البحار: 37/333.

27- وروى الحسين بن جبير (رَحمَةُ اللّه) صاحب كتاب (النخب) (1) في كتابه حديثا مسندا إلى الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سئل الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى: (فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) (2) من هؤلاء؟ فقال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أسري بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأقام، وجمع النبيين والصديقين والشهداء والملائكة وتقدمت وصليت بهم، فلمّا انصرفت قال جبرئيل: قل لهم بم يشهدون؟

قالوا: نشهد: أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأن عليا أمير المؤمنين (3).

28- وروى أخطب خوارزم حديثا مسندا، يرفعه إلى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في بيته، فغدا عليه علي بن أبي طالب بالغداة، وكان يحب أن لا يسبقه إليه أحد، فدخل.

فإذا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في صحن الدار، وإذا رأسه في حجر دحية الكلبي.

فقال: السلام عليك، كيف أصبح رسول الله؟ فقال له دحية: وعليك السلام أصبح بخير يا أخا رسول الله، فقال له علي: جزاك الله عنا أهل البيت خيرا،

فقال له دحية: إني أحبك (4) وإن لك عندي مدحة أزفها إليك: أنت أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وأنت سيد ولد آدم ما خلا النبيين والمرسلين لواء الحمد بيدك يوم القيامة، تزف أنت وشيعتك مع محمد وحزبه إلى الجنان (5) وقد أفلح من تولاك، وخسر من تخلاك (6)، محبوا محمد محبوك، و [مبغضوا محمد] مبغضوك، لن تنالهم شفاعة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ادن مني يا صفوة الله، وخذ رأس ابن عمك، فأنت أحق به مني، فأخذ رأس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فانتبه، وقال:

ما هذه الهمهمة؟ فأخبره الخبر، فقال: لم يكن دحية وإنما كان

ص: 183


1- في البحار: البحث.
2- يونس: 94.
3- عنه البحار: 37/337 ح 82 وأخرجه في البرهان: 2/189 ح 6 عن مناقب ابن شهرآشوب، ورواه فرات في تفسيره: 61.
4- في نسخة (م) آخيتك.
5- في المصدر: إلى الجنة زفا زفا، بدل: إلى الجنان.
6- في المصدر: وخاب وخسر من عاداك، بدل: وخسر من تخلاك.

جبرئيل (1) سماك باسم سماك الله به، وهو الذي ألقى محبتك في صدور المؤمنين، ورهبتك في صدور الكافرين (2).

29- وروى الشيخ الفقيه محمد بن جعفر (رَحمَةُ اللّه) حديثا مسندا، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ):

يا علي طوبى لمن أحبك، وويل لمن أبغضك وكذب بك.

يا علي أنت العلم لهذه الأمة، من أحبك فاز، ومن أبغضك هلك.

يا علي أنا المدينة وأنت الباب.

يا علي أنت أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين.

يا علي ذكرك في التوراة، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، وكذلك ذكرهم في الإنجيل، وما أعطاك الله من علم الكتاب، فان أهل الإنجيل يعظمون عليا (3) وشيعته، وما يعرفونهم، وأنت وشيعتك مذكورون في كتبهم.

يا علي خبر أصحابك: أن ذكرهم في السماء أفضل وأعظم من ذكرهم في الأرض. فليفرحوا بذلك ويزدادوا اجتهادا، فان شيعتك على منهاج الحق والاستقامة، الحديث (4).

30- وفي كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم من الجمهور، روى حديثا يرفعه إلى أنس بن مالك قال: قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا أنس أسكب لي وضوء. فتوضأ ثم صلى ركعتين.

ثم قال: يا أنس يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين.

ص: 184


1- في المصدر فأخذ رأس النبي فوضعه في حجره وذهب فرفع رسول الله رأسه فقال: ما هذه الهمهمة؟ فأخبره علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: يا علي ليس هو دحية هو جبرئيل.
2- مناقب الخوارزمي: 231، وأخرجه في البحار: 37/296 ح 12 عن كشف اليقين: 24 وفى ص 165 ب 24 عن الخوارزمي ورواه الخزاعي في أربعينه: 35 ح 8 وفى آخره هكذا: ومصداقه قوله تعالى: «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا».
3- في نسخة (م) اليا، وفى البحار: الياء.
4- عنه البحار: 37/338.

قال أنس: فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار. وكتمته، إذ جاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)،

فقال: من هذا يا أنس؟ قلت: علي. فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعته بي قبل. قال:

وما يمنعني وأنت تؤدي عنّي، وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي (1).

31- وروى الشيخ الفقيه محمد بن جعفر (رَحمَةُ اللّه) حديثا مسندا إلى أنس بن مالك وعبد الله بن عباس قال: قالا جميعا: كنا جلوسا مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ جاء علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: السلام عليك يا رسول الله.

فقال: وعليك السلام، يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

فقال علي: وأنت حي يا رسول الله؟ فقال: نعم وأنا حي، إنك يا علي مررت بنا أمس يومنا، وأنا وجبرئيل في حديث ولم تسلم، فقال جبرئيل:

ما بال أمير المؤمنين مر بنا ولم يسلم؟ أما والله لو سلم (لسررنا) (2) ورددنا عليه.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رسول الله رأيتك أنت ودحية قد استخليتما في حديث فكرهت أن أقطعه عليكما. فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: إنه لم يكن دحية، وإنما كان جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)

فقلت: يا جبرئيل كيف سميته أمير المؤمنين؟ فقال: إن الله عز وجل أوحى إلى في غزاة بدر: أن اهبط إلى محمد فأمره (3) أن يأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجول بين الصفين، فان الملائكة يحبون أن ينظروا إليه وهو يجول بين الصفين فسماه الله في السماء أمير المؤمنين. فأنت يا علي أمير من في السماء، وأمير من في الأرض، وأمير من مضى، وأمير من بقى، ولا أمير قبلك ولا أمير بعدك، إنه لا يجوز أن

ص: 185


1- حلية الأولياء: 1/63، وأخرجه في البحار: 37/300 ح 21 عن كشف اليقين: 31 و 92 باسناده عن أبي نعيم وعن كتاب حلية الأولياء، وفى البحار: 38/127 ح 78 عن تفسير العياشي: 2/262 ح 39 والبرهان: 2/374 ح 1، ورواه الخوارزمي في مناقبه: 42.
2- في نسخة «ب» سررنا.
3- في نسختي (ج، م) فمره.

يسمّى بهذا الاسم من لم يسمه الله تعالى به (1).

32- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيى، عن جعفر ابن محمد باسناده إلى عمر بن زاهر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: وقد سأله رجل عن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين، ولم يتسم (2) به أحد قبله، ولا يتسمى به بعده إلا كافر.

قال: قلت: فكيف يسلم على القائم؟

قال: يقول: السلام عليك يا بقية الله. ثم قرأ ﴿بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين﴾ (3).

33- وروى أيضا عن سهل بن زياد باسناده، عن سنان بن طريف، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إنا أهل بيت نوه الله بأسمائنا [أنه] لما خلق السماوات والأرض أمر مناديا ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله - ثلاثا - أشهد أن محمدا رسول الله - ثلاثا - أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا - ثلاثا - (4).

34- وروى الكراجكي (رَحمَةُ اللّه) في كنز الفوائد حديثا مسندا إلى ابن عباس.

قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): والدي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرض إلا بأن كتب عليها:

﴿لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين﴾:

إن الله تعالى لما عرج بي إلى السماء واختصني بلطيف ندائه.

قال: يا محمد! قلت: لبيك ربي وسعديك.

ص: 186


1- أخرجه في البحار: 37/307 ح 39 عن كشف اليقين: 58 والمناقب لابن شهرآشوب: 2/253 عن ابن عباس.
2- في الكافي: لم يسم.
3- الكافي: 1/411 ح 2 وفيه: فكيف يسلمون عليه، وعنه الوسائل: 10/470 ح 2 ونور الثقلين: 2/390 ح 190 والآية من سورة هود: 86.
4- الكافي: 1/441 ح 8، وعنه البحار: 16/368 ح 78، ورواه الصدوق في أماليه: 483 ح 4 وعنه البحار: 37/295 ح 10.

قال: أنا المحمود وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، وفضلتك على جميع بريتي، فانصب أخاك عليا علما لعبادي، يهديهم إلى ديني.

يا محمد إني قد جعلت عليا أمير المؤمنين، فمن تأمر عليه، لعنته، ومن خالفه عذبته، ومن أطاعه، قربته.

يا محمد إني قد جعلت عليا إمام المسلمين، فمن تقدم عليه، أخرته، ومن عصاه أسحقته، إن عليا سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وحجتي على الخلائق أجمعين (1).

تنبيه على أن أمير المؤمنين أفضل النبيين والمرسلين، حيث ثبت - من طريق المؤالف والمخالف - أن الله سبحانه سماه أمير المؤمنين وأمره على ذرية آدم، وهم ذر، وأقروا له بذلك، والأمير أفضل من المؤمر عليه، وأن اللام في المؤمنين للاستغراق فيعم جميع المؤمنين، ومن جملتهم الأنبياء والمرسلون، لقوله تعالى في سورة الصافات

عن نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿إنه من عبادنا المؤمنين﴾ (2).

وعن إبراهيم ﴿إنه من عبادنا المؤمنين﴾ (3).

وعن موسى وهارون (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ﴿إنهما من عبادنا المؤمنين﴾ (4).

وعن إلياس ﴿إنه من عبادنا المؤمنين﴾ (5).

فهؤلاء خمسة من الأنبياء والمرسلين، منهم ثلاثة، أولوا العزم (نوح وإبراهيم وموسى).

ومنهم: هارون وإلياس، أنبياء مرسلون، فيكون أمير المؤمنين أفضل منهم، لان الأمير أفضل من المؤمر عليه.

35- يؤيد ذلك: قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقد سأله أمير المؤمنين - في حديث طويل -: فأنت أفضل أم جبرئيل؟

ص: 187


1- عنه البحار: 37/338، وأخرجه في البحار: 27/168 و ج 38/121 ح 69 عن كشف اليقين: 57 ورواه في ايضاح دفائن النواصب: 16، منقبة 24، وعنه في مدينة المعاجز: 157 ولم نجد الحديث عن الكنز.
2- سورة نوح: 81.
3- سورة نوح: 111.
4- سورة نوح: 122.
5- سورة نوح: 132.

فقال: يا علي إن الله فضل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي، وللأئمة من بعدك (1).

وهذه البعدية معنوية. أي رتبة الفضل التي خصني الله بها ليست لأحد إلا لك وللأئمة من بعدك. والدليل على (أنه والأئمة) أفضل منهم: ما جاء في الدعاء وهو:

سبحان من استعبد أهل السماوات والأرضين بولاية محمد وآل محمد وشيعتهم.

سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد.

سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.

سبحان من خلق النار من أجل أعداء محمد وآل محمد.

سبحان من يملكها محمدا وآل محمد [وشيعتهم] (2).

سبحان من خلق الدنيا والآخرة، وما سكن في الليل والنهار، لمحمد وآل محمد (3).

«اعلم» أنه قد ظهر من أسرار هذا الدعاء أشياء:

منها: أن المتعبد بولايته أفضل من المتعبد لولاية غيره.

ومنها: أن الجنة مورثة لمحمد وآل محمد وشيعتهم، فيكون الأنبياء والمرسلون من شيعتهم لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم ﴿واجعلني من ورثة جنة النعيم﴾ (4) فيكون محمد وآل محمد أفضل منهم.

ومنها: أن يكون خلق النار من أجلهم، لانهم الذين يقسمون الجنة لأوليائهم والنار لأعدائهم، ويعم ذلك جميعه قوله: سبحان من خلق الدنيا والآخرة وما سكن في الليل والنهار لمحمد وآل محمد.

والكلّ داخل تحت هذا العموم فيكون محمد وآل محمد أفضل الخلائق أجمعين.

ص: 188


1- أخرجه في البحار: 26/335 ح 1 عن كمال الدين: 254 ح 4 وعيون الاخبار: 1/204 ح 22 وعلل الشرائع: 51 ح 1.
2- من التهذيب.
3- راجع تهذيب الأحكام: 3/98.
4- سورة الشعراء: 85.

والحمد لله رب العالمين الذي جعلنا من شيعتهم والمحبين لهم والمخلصين.

قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [180]

36- تأويله: رواه محمد بن يعقوب باسناده عن رجاله، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول في الله عز وجل ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ نحن - والله - الأسماء الحسن التي لا يقبل الله من العباد إلا بمعرفتنا (1).

ومعنى ذلك: أن أسماءهم مشتقة من أسماء الله تعالى كما ورد كثيرا من أسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنها مشتقة من أسمائه، وقد أمر عباده أن يدعوه بها لإجابة الدعاء.

وقد ورد عنهم صلوات الله عليهم: أنه ما سأل الله تعالى أحد بهم إلا استجاب [الله] (2) دعاءه (3). وذلك ظاهر لا يحتاج إلى بيان.

قوله تعالى ﴿وذروا الذين يلحدون في أسمائه﴾ أي يعدلون عنها، وقد عرفنا أسماءه الذين أمرنا أن ندعوا بها، وأمرنا أن نذر الذين يلحدون فيها، وهم أعداؤهم الظالمون. وكفاهم جزاءا، قوله تعالى ﴿سيجزون ما كانوا يعملون﴾.

ومما يؤيد هذا التأويل: أن الأسماء الحسنى هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) عقيب الآية.

قوله تعالى: وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون [181]

فقد جاء في التأويل أنهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

37- ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد، عن علي بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز

ص: 189


1- الكافي: 1/143 ح 4 وعنه البرهان: 2/52 ح 2، ورواه العياشي في تفسيره: 2/43 ح 119 وعنه البحار. 94/5 ح 7.
2- من نسخة «ج».
3- الحديث لا يصرح برواية خاصة عن أحدهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) بل ظاهره مأثور عنهم راجع البحار 26/319 ب 7.

وجل ﴿وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ قال: هم الأئمة صلوات الله عليهم (1).

38- ويؤيده: ما روي من طريق الجمهور، عن أبي نعيم وابن مردويه باسنادهما عن زاذان، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: تفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهم الذين قال الله عز وجل:

﴿وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ وهم أنا وشيعتي (2)، صدق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه هو وشيعته هم الفرقة الناجية، وإن لم يكونوا (وإلا) (3) فمن؟.

وأحسن ما قيل في هذا المعنى: قول خواجة نصير الدين محمد الطوسي قدس الله روحه وقد سئل عن الفرقة الناجية؟ فقال: بحثنا عن المذاهب، وعن قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

34- ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة: منها فرقة ناجية والباقي في لنار. فوجدنا الفرقة الناجية هي الامامية، لانهم باينوا جميع المذاهب في أصول العقائد، وتفردوا بها، وجميع المذاهب قد اشتركوا فيها، والخلف الظاهر بينهم في الإمامة.

فتكون الامامية الفرقة الناجية وكيف لا؟ وقد ركبوا فلك النجاة الجارية، وتعلقوا بأسباب النجوم الثابتة والسارية، فهم والله أهل المناصب العالية، وأولوا الامر والمراتب السامية، وهم غدا في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، ويقال لهم ﴿كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية﴾.

والصلاة والسلام على الشموس المشرقة والبدور الطالعة في الظلمات الداهية محمد المصطفى وعترته الهادية صلاة دائمة باقية.

ص: 190


1- الكافي: 1/414 ح 13 وعنه البرهان: 2/52 ح 1 وفى البحار: 24/146 ح 17 عنه وعن مناقب ابن شهرآشوب: 3/505.
2- عنه في البحار: 24/146 ح 18، وفى ج 36/186 عن كشف الغمة: 1/321 ومناقب ابن شهرآشوب 2/270.
3- ليس في نسخة «ج».

«8»

(سورة الأنفال)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم

1- تأويله: ما ورد من طريق العامة، نقله ابن مردويه باسناده عن رجاله مرفوعا إلى الإمام محمد بن علي الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال في قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ قال: إلى ولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

2- ويؤيده: ما رواه أبو الجارود عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ نزلت في ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

ومعناه: أنه سبحانه أمر الذين آمنوا أن يستجيبوا لله وللرسول، أي يجيبوا الله والرسول فيها يأمرهم به (3) والإجابة الطاعة ﴿إذا دعاكم﴾ يعني الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿لما يحييكم﴾ وهي ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإنما سماها (حياة) مجازا تسمية الشئ باسم عاقبته (4) وهي الجنة وما فيها من الحياة الدائمة، والنعيم المقيم، وقيل: حياة القلب بالولاية بعد موته بالكفر (5) لان الولاية هي الايمان. فاستمسك بها تكون من أهل المستمسكين (6) بحبلها وبحبله ليؤتيك الله سوابغ إنعامه، وفضله، ويحشرك الله مع محمد وعلي والطيبين من ولده ونجله، صلى الله عليهم ما جاز السحاب بطله ووبله.

ص: 191


1- عن البحار: 36/123 ح 66 وفى ص 186 ح 186 عن كشف الغمة: 1/321 وأخرجه في البرهان: 2/71 ح 3 عن طريق العامة.
2- تفسير القمي: 248 وعنه البرهان: 2/71 ذ ح 3 والبحار: 36/123 ح 66.
3- في نسخة «ج» فيما أمرهم به، بدل: أي يجيبوا الله والرسول فيما يأمرهم به.
4- في نسخة «ج» بعاقبته.
5- في نسختي (ج، م) في الكفر.
6- في نسخة «ج» أهله المتمسكين، بدل: أهل المستمسكين، وفى نسخة (م) المتمسكين، بدل: المستمسكين.

قوله تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب [25]

معناه: لما أمر الله سبحانه الذين آمنوا بإجابة دعاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وطاعته قال لهم - محذرا من معصيته في أمر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وولايته - ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ والفتنة الاختبار بالولاية كما تقدم ذكرها. وقوله ﴿لا تصيبن﴾ فمن جعل (لا) نافية جعل الفتنة عامة، ومن جعلها زائدة جعل الفتنة خاصة، والتقدير تصيبن الذين ظلموا خاصة، فعلى القول الأول أنها عامة تصيب الظالم وغيره، فأما الظالم فمعذب، بها مهان، وأما غيره فمختبر بالامتحان، وعلى القول الثاني أنها تصيب الظالم خاصة وهو الصحيح لان فيها منع الناس من الظلم ومن مخالفة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

3- ذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تأويل هذه الآية قال: قال الحسن البصري: الفتنة هي البلية التي يظهر باطن أمر الانسان فيها، وقال: نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعمار وطلحة والزبير. قال: وقد قال الزبير: لقد قرأنا هذه الآية زمانا، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها، فخالفنا حتى أصابتنا خاصة (1).

4- وقال أيضا في حديث أبي أيوب الأنصاري: إن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لعمار: إنّه سيكون (من) (2) بعدي هنات، حتى يختلف السيف فيما بينهم، وحتى يقتل بعضهم بعضا، وحتى يبرأ بعضهم من بعض (3).

فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فان سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا، فاسلك وادي علي وخل عن الناس.

يا عمار إن علياً لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردى.

يا عمار طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله (4).

ص: 192


1- مجمع البيان: 4/534 وروى نحوه في تنبيه الخواطر: 1/10.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ب» من بعض، بدل: بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض.
4- مجمع البيان: 4/534 وعنه اثبات الهداة: 3/513 ح 502.

رواه السيد أبو طالب الهروي باسناده، عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري. الخبر بطوله (1).

5- وقال أيضا: وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني (رَحمَةُ اللّه) قال: وحدثنا عنه السيد أبو الحمد مهدي بن نزار قال: حدثني محمد بن القاسم (2) باسناد متصل عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من ظلم عليا مقعدي (3) هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء من قبلي (4).

6- ذكر صاحب كتاب (نهج الايمان) قال: ذكر أبو عبد الله محمد بن علي بن السراج في كتابه [في] تأويل هذه الآية: حديثا يرفعه باسناده إلى عبد الله بن مسعود قال:

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا بن مسعود إنه قد نزلت في علي آية ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ وأنا مستودعكها ومسم لك (خاصة) (5) الظلمة فكن لما أقول راعيا (6) وعني مؤديا:

من ظلم عليا مجلسي هذا، كان كمن جحد نبوتي ونبوة (من كان قبلي) (7).

فقال له الراوي: يا أبا عبد الرحمن أسمعت هذا من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟ قال: نعم.

فقلت له: فكيف وكنت للظالمين ظهيرا؟ قال: لا جرم حلت بي عقوبة عملي إني (8)

لم أستأذن إمامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه (9).

ص: 193


1- كذا في نسخ «ج» والمصدر، وفى نسختي (ب، م) فأخبرنا به، مجمع البيان: 4/534 وعنه اثبات الهداة: 3/514 ذ ح 502.
2- في نسختي (ب، ج) محمد بن أبي القاسم.
3- في نسخة (م) متعديا.
4- مجمع البيان: 4/534 وعنه اثبات الهداة: 3/514 ح 503 وأخرجه في البحار: 38/155 ح 131 عن الطرائف: 1/35 ح 24 عن شواهد التنزل: 1/206.
5- لیس فی نسختی «ج، م»
6- فی نسخة «ج» (واعیا خ ل) و فی نسخة «م» داعیاً.
7- فی نسخة «ج» الانبیاء قبلی، و فی نسخة «م» الانبیاء من قبلی.
8- فی نسخة «ج» ان.
9- عنه البحار: 36/123 ح 66 وأخرجه في البحار: 38/156 ملحق ح 131 عن الطرائف: 36 ح 25 (عن كتاب أبى عبد الله محمد بن علي السراج).

قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير [41]

7- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن محمد، عن علي (1) بن عباس، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم. فقال لي (2): الكف عنهم أجمل.

ثم قال: والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا.

قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال: يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدل عليه: إن الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفئ، ثم قال: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى و المساكين وابن السبيل﴾ ونحن أصحاب الفئ والخمس وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

والله يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا مال يخمس فيضرب على شئ منه إلا كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا، ولو قد ظهر الحق لقد (بيع) الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يريد) (3) حتى أن الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شئ من ذلك، وقد أخرجنا وشيعتنا من حقنا بلا عذر ولا حق ولا حجة (4).

ص: 194


1- هكذا في الكافي والوسائل والبحار والبرهان، وفى الأصل: محمد.
2- في نسختي (ب، ج) في.
3- كذا في المصدر، وفى نسخة «ب» تبع الرجل الكريمة نفسه فيمن يرتد، وفى نسخة «م» تبع الرجل نفسه الكريمة فيمن يريد، وفي نسخة «ج» بيع الرجل نفسه الكريمة فيمن يريد.
4- الكافي : 8/258ح 431 و عنه البرهان : 2/87 ح 37 و البحار : 24/311 ح 17 والوسائل : 11/331 ح3 والوسائل : 1/385 ح19.

قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)

التأويل: معناه ﴿إن جنحوا﴾ أي مالوا. والسلم مؤنثة وهي (ضد) (1) الحرب وهي (هنا) (2) كناية عن الولاية لان كل من أتى بها كان سالما ومن لم يأت بها كان محاربا، وقد سميت الولاية بالسلم في قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة﴾ (3) والسلم هي الولاية.

8- وبيان ذلك: يؤيده ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين ابن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وإن جنحوا للسلم فاجنح لها﴾ قلت له: ما السلم؟ قال: الدخول في أمرنا (4)، (ونواهينا) (5) وأمرهم عبارة عن (6) الولاية.

قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ [62]

9- تأويله: ما ذكره أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء باسناده إلى محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (أنه) (7) قال:

مكتوب على [ساق] (8) العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي، أيدته بعلي بن أبي طالب وذلك قوله ﴿وهو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين﴾ يعني علي بن أبي طالب (9). [ورواه الصدوق في الأمالي، مثله] (10).

ص: 195


1- في نسخة «ج» عند، وفى نسخة (م) هذا.
2- ليس في نسخة (م).
3- سورة البقرة: 208.
4- الكافي: 1/415 ح 16 وعنه البحار: 24/162 ح 12 والبرهان: 2/91 ح 1.
5- ليس في نسختي (ب، ج).
6- في نسخة «ب» عبادة من.
7- ليس في نسختي (أ، ج).
8- من نسخة «ب».
9- عنه البحار: 36/53 ح 8 وفى البرهان: 2/92 ح 2 عن أبي نعيم.
10- أمالي الصدوق: 179 ح 3 وعنه البحار: 27/2 ح 3 والبرهان: 2/91 ح 1، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».

10- ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد (بن محمد) بن علي الزينبي باسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الحمراء (1) خادم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: لما أسري بي إلى السماء رأيت (مكتوبا) (2) على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسولي وصفي من خلقي أيدته بعلي ونصرته به (3).

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [64]

11- تأويله: ما ذكره أيضا أبو نعيم في (حلية الأولياء) بطريقه المذكور وباسناده أعلاه إلى أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب، وهو المعني بقوله المؤمنين (4).

بيان ذلك: أن الله سبحانه لما أمر نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم بالقتال أوجبه عليه وأوجب على كل واحد من أصحابه قتال عشرة فقال ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾

وعلم سبحانه تخاذل أصحابه وعجزهم عن ذلك قال له إعلاما أولا (فان حسبك الله) وأنه ﴿هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين﴾ يعني به (5) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقال هاهنا ﴿يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾.

أي والذي اتبعك من بعض المؤمنين وهو أمير المؤمنين، أي لا تحزن على ما فاتك من نصر أصحابك فان الله يكفيك القتال وينصرك ويؤيدك بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لان الله سبحانه وتعالى لم يجعل النصر والفتح إلا على يديه في جميع المواطن، (وهذا لا يحتاج إلى بيان) (6).

ص: 196


1- في الأصل: ابن أبي النجم بدل أبى الحمراء.
2- ليس في نسخة «ج».
3- مصباح الأنوار: 88، وفى البحار: 36/53 عن التأويل وفى البرهان: 2/92 ح 4 عن مناقب ابن شهرآشوب ولم نجده منه.
4- عنه البحار: 36/53 ح 8 والبرهان: 2/92 ح 2.
5- في نسخة «ب» بذلك.
6- ليس في نسخة (م).

وهذه فضيلة لم ينلها أحد غيره حيث إن الله سبحانه هو الكافي نبيه القتال، والدافع عنه والناصر له والمؤيد، وجعل لأمير المؤمنين خاصة أن يكون له هذه المنازل عن نبيه.

وقد تضمنت هاتان الآيتان فضائل جمة لا يحتاج وضوحها إلى بيان، فصلى الله على نبيه وعليه والطيبين من ذريتهما في كل أوان ما لاح الجديدان واطرد الخافقان.

«9»

(سورة البراءة = التوبة)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وأذن من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر

معناه: الاذان في اللغة هو الاعلام وهو ههنا اسم من أسماء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما يأتي بيانه وسمي به مجازا تسمية للفاعل باسم المفعول لأنه هو المؤدي لسورة براءة وهو المؤذن بها وهو فاعل الاذان، لأجل ذلك سمي به.

1- وبيان ذلك ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه باسناده إلى علي ابن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وأذان من الله ورسوله﴾ قال (الاذان) أمير المؤمنين.

ومنه قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): كنت أنا الاذان في الناس (1).

2- ومنه ما رواه أبي الحسن الديلمي باسناده عن رجاله إلى عبد الله بن سنان قال: قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أسماء لا يعلمها إلا العالمون، وإن منها الاذان عن الله ورسوله، وهو الاذان (2).

3- ومنه: ما رواه بحذف الاسناد عن الرجال التي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر﴾ قال (الاذان) اسم نحله الله سبحانه عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) من السماء، لأنه هو الذي أدى عن الله ورسوله سورة براءة،

ص: 197


1- تفسير القمي: 258 وعنه البحار: 35/292 ح 10 والبرهان: 2/102 ح 22، ورواه العياشي في تفسيره: 2/76 ح 14 والصدوق في معاني الأخبار: 298 ح 1.
2- اخرج نحوه في البحار: 35/299 ح 23 عن تفسير فرات: 54.

وقد كان بعث (بها) (1). أبا بكر فأنزل الله جبرئيل على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا محمد إن الله يقول لك: لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل (منك، وهو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فبعث) (2) (رسول الله) (3) عليا فأخذ الصحيفة من أبي بكر ومضى بها إلى أهل مكة، فسماه الله تعالى أذانا من الله ورسوله (4).

فقد بان لك في العزل والتولية لأمير المؤمنين من الفضل الظاهر المبين ما امتاز به من (5) الخلق أجمعين والحمد لله رب العالمين.

[ونقل ابن طاووس رحمه الله أن محمد بن العباس روى ذلك بأسانيد معنعنة من مائة وعشرين طريقا] (6).

وقوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [16]

معناه: (أم حسبتم) أي ظننتم أن تتركوا بغير جهاد وأن الله لا يعلم المجاهدين منكم وغيرهم وأنه لا يعلم المتخذين (من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) وهي الدخيلة والبطانة، يعني بها أولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم والخطاب للمنافقين.

4- ومما ورد في تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد، على معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة﴾ قال: يعني بالمؤمنين الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (7) لم يتخذوا الولائج من دونهم (8).

ص: 198


1- ليس في نسختي (ج، م)، وفى البحار: بعث بها مع أبي بكر.
2- ليس في نسخة (م).
3- ليس في نسخة «ج».
4- روى الصدوق في معاني الأخبار: 298 ح 2 نحوه، وعنه البحار: 35/292 ح 8 والبرهان: 2/102 ح 24.
5- سعد السعود : 72، و ما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
6- في نسختي لا «ج، م»، أمير المؤمنين، والائمة عليهم السلام، بدل : بالمؤمنين الائمة.
7- في نسختي (ج، م) أمير المؤمنين، والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، بدل: بالمؤمنين الأئمة.
8- الكافي: 1/415 ح 15 وعنه البرهان: 2/109 ح 2 وفى البحار: 24/244 ح 1 عنه وعن المناقب: 3/523.

5- ومن ذلك: ما رواه أيضا محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد ومحمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد النخعي قال: حدثنا سفيان بن محمد الضبعي قال: كتبت إلى أبي محمد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن الوليجة وقلت في نفسي - لا في الكتاب -: من ترى المؤمنين هاهنا؟ فرجع الجواب: الوليجة الذي يقام دون (1) ولي الأمر.

وحدثتك نفسك عن المؤمنين من هم في هذا الوضع؟

فهم الأئمة الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم (2).

وقوله تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [12]

6- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: روي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ما قاتلت أهل الجمل وأهل صفين (3) إلا بآية من (4) كتاب الله وهي قوله عز وجل ﴿وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون﴾ (5).

وشرح الشأن في هذا التأويل ظاهر البيان.

7- وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره ما يؤيد هذا التأويل قال: وقرأ علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية يوم البصرة ثم قال: أما والله لقد عهد إلي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال لي: يا علي لتقاتلن الفئة الناكثة والفئة الباغية والفئة المارقة (إنهم لا أيمان لهم) (6).

قوله تعالى: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ

ص: 199


1- في نسختي (ج، م) الوليجة من يقال من دون.
2- الكافي: 1/508 ح 9 وعنه البحار: 24/245 ح 2 والبرهان: 2/109 ح 3.
3- في المصدر: هذه الفئة الناكثة. بدل: أهل الجمل وأهل صفين.
4- في نسخة «ب» استخرجتها من.
5- تفسير القمي: 259 وعنه نور الثقلين: 2/188 ح 58.
6- مجمع البيان: 5/11 وعنه اثبات الهداة: 2/61 ح 379.

اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [19] الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [20]

8- ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال (سبب النزول) قيل: أنها نزلت في علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة وذلك أنهم (افتخروا فقال: العباس: أنا أوتيت سقاية الحاج. وقال شيبة: أنا لي عمارة المسجد الحرام.

فقال طلحة: أنا صاحب البيت وبيدي مفتاحه، ولو أشاء لبت فيه.

وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها) (1) وقال:

لا أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد.

روي ذلك عن الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي. (2).

9- قال: وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن أبي بريدة (3)، عن أبيه قال: بينا شيبة والعباس يتفاخران إذ مر عليهما علي بن أبي طالب.

فقال: بماذا تتفاخران؟ - فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية (4) الحاج. وقال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام. وقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): استحييت (5) لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا. فقالا: وما أوتيت يا علي؟ قال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله وبرسوله.

فقام العباس مغضبا، يجر ذيله حتى دخل على رسول الله وقال: أما ترى ما استقبلني

ص: 200


1- بدل ما بين القوسين في نسخة (م) هكذا: فقال طلحة: أنا صاحب السقاية. ومن قوله (فقال طلحة إلى والقائم عليها) ليس في نسخة «ج». ومن قوله (فقال، العباس إلى المسجد الحرام) ليس في المجمع.
2- مجمع البيان: 5/14 وعنه البحار: 36/39، وأخرجه في البرهان: 2/111 ح 9 من طريق المخالفين؟؟ في نسختي (ج، م) القرطي، وفى نسخة «ب» القوظظى، وما أثبتناه: (القرظي) من مجمع البيان والبحار وتقريب التهذيب: 2/203.
3- في نسخة «ب» ابن بريدة.
4- في نسخة «ب»: أوتيت سقاية.
5- في نسخة «ج» استحيت.

به علي؟ فقال: ادعوا لي عليا. فدعى له، فقال: ما حملك على ما استقبلت به عمك؟

فقال: يا رسول الله صدقته الحق (1) فإن شاء فليغضب وإن شاء فليرض.

فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: أتل عليهم ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر﴾ - الآيات إلى قوله - ﴿إن الله عنده أجر عظيم﴾.

فقال العباس: إنا قد رضينا - ثلاث مرات - (2).

10- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثني أبي، عن صفوان ابن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

إنها نزلت في علي وحمزة وجعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفي العباس وشيبة فإنهما افتخرا بالسقاية والحجابة فقال العباس: لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنا أفضل منك لان سقاية الحاج بيدي. وقال: شيبة له: أنا أفضل منك لان حجابة البيت وعمارة المسجد الحرام بيدي. فقال علي: أنا أفضل منكما، آمنت بالله قبلكما (وهاجرت) (3) وجاهدت في سبيل الله.

فقالوا: أترضى برسول الله؟ فقال نعم. فساروا إليه فأخبر كل (واحد) (4) منهم بخبره، فأنزل الله على رسوله ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين﴾.

ثم وصفه فقال ﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم﴾ (5).

ص: 201


1- في مجمع البيان والبحار: صدمته بالحق.
2- مجمع البيان: 5/15 وعنه البحار 36/39 والبرهان: 2/110 ح 8 ورواه الحاكم في شواهد التنزيل: 1/250 ح 338.
3- ليس في نسخة «ج» وفى البحار: ثم هاجرت.
4- ليس في نسختي (ج، م).
5- تفسير القمي: 260 وعنه البحار: 36/34 ح 1 والبرهان: 2/109 ح 2.

فنزلت هذه الآية في أمير المؤمنين خاصة لان قوله ﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا﴾ يعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن كان لفظه عاما فإنه يراد به الخاص وهو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقد جاء من ذلك في القرآن كثير، منه قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾ والخطاب بالذين آمنوا لابن أبي بلتعة (1).

وقوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتب الله يوم خلق السماوات و الأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم

11- تأويله: ما ذكره الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب الغيبة قال: حدثنا علي ابن الحسين قال: حدثني محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين (2)، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرزاق، عن محمد بن سنان، عن فضيل الرسان، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند أبي جعفر محمد ابن علي الباقر (عَلَيهِم السَّلَامُ) ذات يوم فلمّا تفرق من كان عنده قال لي: يا أبا حمزة من المحتوم الذي حتمه الله قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول، لقى الله وهو كافر به وله جاحد.

ثم قال: بأبي وأمي المسمى باسمي المكنى بكنيتي، السابع من بعدي يأتي من يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

يا أبا حمزة من أدركه (فيسلم له ما سلم لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي فقد وجبت له الجنة) (3) ومن لم يسلم فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين.

وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه وأحسن إليه.

قول الله عز وجل في محكم كتابه ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا

ص: 202


1- تفسير القمي: 674 وعنه البحار: 21/112 ح 5 والبرهان: 4/323 ح 1.
2- في غيبة النعماني: محمد بن حسان الرازي، بدل: محمد بن الحسين.
3- في البحار: فليسلم ما سلم لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾ ومعرفة الشهور المحرم وصفر وربيع وما بعده، والحرم منها، رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وذلك لا يكون دينا قيما لان اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعا من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدونها بأسمائها وليس هو كذلك.

وإنما عنى بهم الأئمة القوامين بدين الله، والحرم (1) منها أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) اشتق الله سبحانه له اسما من اسمه العلي كما اشتق لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) اسما من اسمه المحمود وثلاثة من ولده أسماؤهم علي وهم: علي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي ابن محمد فصار لهذا الاسم المشتق من أسماء الله عز وجل حرمة به يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه (2).

12- وقال أيضا: أخبرنا سلامة بن محمد قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر (3) قال: حدثنا حمزة بن القاسم، عن جعفر بن محمد، عن عبيد بن كثير، عن أحمد بن موسى، عن داود بن كثير الرقي قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بالمدينة فقال لي: ما الذي أبطأك عنا يا داود؟ فقلت: حاجة عرضت لي بالكوفة فقال: من (4) خلفت بها؟ قلت: جعلت فداك خلفت بها عمك زيدا، تركته راكبا على فرس متقلّدا مصحفا (5) ينادي بعلو صوته: سلوني سلوني قبل أن تفقدوني!

ص: 203


1- في نسخة (م) والمحرم.
2- عنه البحار: 36/393 ح 9 وعن غيبة النعماني: 86 ح 17، وأخرجه في البحار: 51/139 ح 13 والبرهان: 2/122 ح 1 وصدره في البحار: 24/241 ح 4 وقطعة منه في الوسائل: 18/563 ح 32 عن غيبة النعماني فيظهر من السند هنا ومن غيبة النعماني أن قوله: الشيخ المفيد هو ابن أبي زينب محمد بن إبراهيم النعماني وكذا الحديث الآتي.
3- في نسخة (م) والبحار: معمر.
4- في نسخة «ج» ما.
5- في غيبة النعماني: سيفا.

فبين جوانحي علما جما، قد عرفت الناسخ والمنسوخ والمثاني والقرآن العظيم، وإني العلم بين الله وبينكم!

فقال لي: يا داود لقد ذهبت بك المذاهب، ثم نادى: يا سماعة بن مهران ائتني بسلة الرطب، فأتاه بسلة فيها رطب، فتناول منها رطبة (1) فأكلها واستخرج النواة من فيه وغرسها في الأرض، ففلقت (2) وأنبتت وأطلعت وأعذقت.

فضرب بيده إلى بسرة من عذق منها فشقها، واستخرج منها رقا أبيض، ففضه ودفعه إلي وقال: أقرأه، فقرأته وإذا فيه مكتوب سطران (الأول) (3) لا إله إلا الله محمد رسول الله (والثاني) (4) ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم﴾ أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد ابن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، الخلف الحجة.

ثم قال: يا داود أتدري متى كتب هذا (في هذا) (5) ؟

قلت: الله ورسوله وأنتم أعلم.

قال: قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام (6).

13- وفي هذا المعنى ما رواه المقلد بن غالب الحسني (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله باسناد متصل إلى عبد الله بن سنان الأسدي، عن جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قال أبي يعني

ص: 204


1- في نسخة «ج» واحدة، بدل: منها رطبة.
2- في الأصل: فعلقت.
3- ليس في نسختي (م، ج) وفى غيبة النعماني: السطر الأول.
4- ليس في نسختي (م، ج).
5- ليس في نسخة «ج».
6- 6 (عنه البحار: 36/400 ح 10 وعن غيبة النعماني: 87 ح 18 وأخرجه في البحار: 24/243 ح 4 والبرهان: 2/123 ح 2 عن غيبة النعماني: ورواه في مقتضب الأثر: 30.

محمد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) لجابر بن عبد الله: لي إليك حاجة أخلو بك فيها. فلمّا خلا به قال:

يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته عند أمي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).

فقال جابر: اشهد بالله لقد دخلت على سيدتي فاطمة لأهنئها بولدها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإذا بيدها لوح أخضر من زمردة خضراء فيه كتابة أنور من الشمس وأطيب رائحة من المسك الأذفر، فقلت: ما هذا يا بنت رسول الله؟

فقالت: هذا لوح أنزله الله عز وجل على أبي فقال لي: احفظيه. ففعلت (1) فإذا فيه اسم أبي وبعلي واسم ابني والأوصياء من بعد ولدي الحسين، فسألتها أن تدفعه إلي لأنسخه، ففعلت، فقال له أبي: ما فعلت بنسختك؟ فقال: هي عندي فقال: هل لك أن تعارضني عليها؟ قال: فمضى جابر إلى منزله فأتاه بقطعة جلد أحمر فقال له: انظر في صحيفتك حتى أقرأها عليك فكان في صحيفته:

(بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم نزل به (2) الروح الأمين على محمد خاتم النبيين).

يا محمد ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾.

يا محمد عظم أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، ولا ترج سوائي ولا تخش غيري، فإنه من يرجو سوائي ويخش غيري أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين.

يا محمد إني اصطفيتك على الأنبياء واصطفيت وصيك عليا على الأوصياء وجعلت الحسن عيبة (3) علمي بعد انقضاء مدة أبيه، والحسين خير أولاد الأولين والآخرين فيه تثبت الإمامة ومنه العقب.

وعلي بن الحسين زين العابدين، والباقر العلم الداعي إلى سبيلي علي منهاج الحقّ

ص: 205


1- في نسخة «ب» فقرأته.
2- في نسختي (ج، م) أنزله.
3- العيبة: وعاء من أدم، وعيبة الرجل: موضوع سره. راجع (لسان العرب: 1/63.

وجعفر الصادق في القول والعمل تلبس من بعده فتنة صماء فالويل كل الويل لمن كذب عترة نبيي وخيرة خلقي.

وموسى الكاظم الغيظ، وعلي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق الله، ومحمد الهادي شبيه جده الميمون، وعلي الداعي إلى سبيلي والذاب عن حرمي والقائم في رغبتي، والحسن الأغر يخرج منه ذو الاسمين خلف محمد يخرج في آخر الزمان وعلى رأسه عمامة بيضاء تظله من الشمس وينادي مناد بلسان فصيح يسمعه الثقلان ومن بين الخافقين: هذا الإمام المهدي من آل محمد فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (1).

إعلم أنما كنى بهم عن الشهور للاشهار في الفضل المبين والفخار ومنه يقال شهرت الامر شهرا أي أوضحته وضوحا لان الله سبحانه شهر فضلهم من القدم على جميع الأمم من قبل خلق السماوات والأرض على ما ذكر في هذا الكتاب وغيره فلأجل ذلك فضلهم على العالمين واصطفاهم على الخلائق أجمعين.

قوله تعالى: فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ

والظلم المنع أي (لا) (2) تمنعوا أنفسكم من ثواب طاعتهم وولايتهم فيحل بكم العقاب الأليم.

واعلم أن في هذه الأخبار عبرة لذوي الاعتبار وتبصرة لذوي الابصار، (فاستبصر) (3) أيها الموالي ومن هو بالولاية مشهور بولاية السادات والموالي المكنى بهم عن الشهور صلى الله عليهم صلاة باقية بقاء الأزمنة والدهور دائمة إلى يوم النشور.

ص: 206


1- عنه البرهان: 2/123 ح 6، وأخرجه في البحار: 36/202 ح 6 عن أمالي الشيخ الطوسي: 1/297 باسناده عن جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
2- ليس في نسختي (ج، م).
3- في نسخة «ب» فاستمسك، وفى نسخة «ج» فاستنصر.

قوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ

معناه: أن الله سبحانه أمر نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يقول للمتقين: اعملوا ما أمر الله به عمل من يعلم أنه مجازى بعمله (1) وأن الله سبحانه سيراه ويعلمه هو ورسوله والمؤمنون وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) على ما يأتي.

14- تأويله: هو ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ قال: هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

15- [ونقل ابن طاووس رحمه الله في سعد السعود أن محمد بن العباس رحمه الله روى من اثني عشر طريقا أن الأعمال تعرض على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بعد وفاته وأن ﴿المؤمنين﴾ المذكورين في الآية هم الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم.

وفي بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار كما في (الكافي) و (سعد السعود) وزيادات اخر من الروايات في هذا الباب ذكرها يؤدي إلى الاطناب] (3).

16- وروى أيضا عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الزيات، عن عبد الله بن أبان الزيات - وكان مكينا عند الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) - (4).

قال: قلت للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ادع الله لي ولأهل بيتي. قال: أو لست أفعل؟ والله إن أعمالكم تعرض علي في كل يوم وليلة. قال: فاستعظمت ذلك. فقال: أما تقرأ كتاب

ص: 207


1- في نسخة «ج» مجاز بعلمه.
2- الكافي: 1/219 ح 2 وعنه البرهان: 2/157 وأخرجه في البحار: 23/353 ح 72 عن محاسبة النفس: 17 والوسائل: 11/386 ح 3.
3- سعد السعود: 97، بصائر الدرجات: 427 - 430 ب 5، 6، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
4- في البصائر وعنه البحار: وكان يكني عبد الرضا.

الله عز وجل ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله المؤمنون﴾ وهو والله علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

17- وروى أيضا عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله الصامت، عن يحيى بن مساور، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنه ذكر هذه الآية ﴿فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ قال: هو والله علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

18- وذكر أبو علي الطبرسي قال: روى أصحابنا أن أعمال الأمة تعرض على النبي كل اثنين وخميس فيعرفها وكذلك تعرض على أئمة الهدى فيعرفونها وهم المعنيون بقوله تعالى ﴿والمؤمنون﴾ (3).

إذا عرفت ذلك، فاعلم: أن في هذا الأوان تعرض أعمال الخلائق على الخلف الحجة صاحب الزمان صلى الله عليه وعلى آبائه ماكر الجديدان، وما اطرد الخافقان.

وقوله تعالى: يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا

تأويله: ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من حجة الوداع في أصحاب العقبة الذين تحالفوا في الكعبة أن لا يرد والخلافة في أهل بيته، ثم قعدوا له في العقبة ليقتلوه مخافة إذا رجع إلى المدينة يأخذهم ببيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأطلع الله رسوله على ما هموا به من قتله وعلى ما تعاهدوا عليه: فلمّا جاءوا إليه حلفوا أنهم ما قالوا ولا هموا بشئ من ذلك، فأنزل الله سبحانه هذه الآية تكذيبا لهم (4).

ص: 208


1- الكافي: 1/219 ح 4 وعنه البرهان: 2/157 ح 4 ووسائل الشيعة: 11/387 ح 5 وأخرجه في البحار: 23/347 ح 47 عن بصائر الدرجات: 429 ح 2.
2- الكافي: 1/220 ح 5 وعنه البرهان: 2/157 ح 5 ووسائل الشيعة: 11/387 ح 6.
3- مجمع البيان: 5/69 وعنه البحار: 59/40 ح 12.
4- نحو صدره في تفسير القمي: 277 وعنه البحار: 17/205 والبرهان: 2/147 ح 3.

قوله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [84] وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [85]

19- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعيدة، (1) (قال: دخل قوم على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقالوا) (2) لما دخلوا عليه: إنا أحببناكم لقرابتكم من رسول الله ولما أوجب الله علينا من حقكم، ما أحببناكم لدنيا (3) نصيبها منكم إلا لوجه الله والدار الآخرة (وليصلح لامرئ منا دينه) (4)، فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): صدقتم من أحبنا كان معنا أو جاء معنا يوم القيامة هكذا - ثم جمع بين السبابتين -.

ثم قال: والله لو أن رجلا صام النهار وقام الليل ثم لقى الله عز وجل بغير ولايتنا أهل البيت للقيه وهو عنه غير راض، أو قال: ساخط عليه.

ثم قال: وذلك قول الله عز وجل ﴿ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ (5).

وقوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان

ص: 209


1- في نسخة (م) عن أبي سعيد، وفى نسخة «ب» عن أبي سعيدة.
2- في نسخة «ب» عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنهم قالوا، وفى الكافي أنهم قالوا حين دخلوا عليه.
3- في الكافي: للدنيا.
4- في نسخة «ب» ولتصلح أمر ديننا به، وفى نسخة (م) وليصلح أمرا منا دونه.
5- الكافي: 8/106 ح 80 وعنه البرهان: 2/133 ح 1، وأخرجه في البحار: 27/190 ح 47 عن تفسير العياشي: 2/89 ح 61 وأعلام الدين: 274.

وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [111] التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [112]

معنى تأويله: ﴿إن الله اشترى﴾ أي ابتاع وحقيقة الاشتراء لا يجوز على الله تعالى لان المشتري إنما يشتري مالا يملك، والله جل أسمه مالك الأشياء جميعها ولكن هذا مثل قوله عز وجل ﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا﴾ (1).

وإنما قال ذلك تلطفا منه بعباده، ولما ضمن لهم على نفسه عبر عنه بالشراء وجعل الثواب ثمنا (والطاعة مثمنا) (2) على سبيل المجاز.

ثم وصف سبحانه المؤمنين الذين اشترى منهم الأنفس والأموال بأوصاف.

فقال ﴿التائبون﴾ أي الراجعون إلى طاعة الله والمنقطعون إليه.

و ﴿العابدون﴾ وهم الذين يعبدون الله وحده مخلصين.

و ﴿الحامدون﴾ وهم الذين يحمدون الله ويشكرونه على نعمه على وجه الاخلاص.

و ﴿السائحون﴾ وهم الصائمون لقول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): سياحة أمتي الصيام (3).

و ﴿الراكعون الساجدون﴾ وهم المصلون الصلاة ذات الركوع والسجود.

﴿الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر﴾ - ظاهر المعنى -.

﴿والحافظون لحدود الله﴾ وهم القائمون بطاعة الله وأوامره والمجتنبون نواهيه.

﴿وبشر المؤمنين﴾ الذين جمعوا هذه الأوصاف كاملة، وهم الكاملون الأئمة المعصومون المطهرون.

20- لما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره (قال) (4):

ص: 210


1- سورة البقرة: 245 وسورة الحديد: 11.
2- ليس في نسخة «ج».
3- مجمع البيان: 5/76 وعنه نور الثقلين: 2/274 ح 366.
4- ليس في نسختي (ج، م).

روي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه لقى الزهري علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في طريق الحج فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج و لينه، إن الله يقول ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم﴾ إلى قوله ﴿وبشر المؤمنين﴾ فقال علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (1).

وما عنى بذلك إلا الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لان هذه الأوصاف لا توجد إلا فيهم وإن قام بعض الناس ببعضها فان فيها صفة لا يقوم بها الا المعصومون، وهو قوله تعالى: ﴿والحافظون لحدود الله﴾ وهم المعصومون الذين يحفظون حدود الله ولا يتعدونها لان المتعدي لها ظالم لنفسه لقوله تعالى ﴿ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه﴾ (2).

والمعصوم لا يظلم نفسه ولا غيره.

21- ذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: وقد روى أصحابنا أن هذه الصفات للأئمة المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) (لأنه) (3) لا يجمع هذه الأوصاف على تمامها وكمالها غيرهم (4).

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [119]

معناه: أن الله سبحانه أمر عباده المكلفين أن يكونوا مع الصدقين ويتبعونهم (5) ويقتدون بهم والصادق هو الذي يصدق في أقواله وأفعاله ولا يكذب أبدا.

وهذه من صفات المعصوم، كما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال:

ص: 211


1- تفسير القمي: 281 وعنه البرهان: 1/163 ح 1 ونور الثقلين: 2/273 ح 363 وفى الوسائل: 11/32 ح 3 عنه مسندا وعن الكافي: 5/22 ح 1 مسندا والاحتجاج: 2/44 وفى البحار: 46/116 ح 3 و ج 100/18 ح 4 عن الاحتجاج ومناقب ابن شهر شهرآشوب: 3/298، الا أن فيهما لقى عباد البصري.
2- سورة الطلاق: 1.
3- ليس في نسختي (ج، م).
4- مجمع البيان: 5/76.
5- في نسخة «ب» ويطيعوهم، وفى نسخة (م) ويبتغونهم.

22- وروى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: قوله عز وجل ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ مع علي وأصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وروى جابر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، في قوله تعالى ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ قال: مع آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

23- وذكر الشيخ محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ قال: إيانا عنى (2).

24- وروى أيضا عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾.

قال: (الصادقون) هم الأئمة، والصديقون بطاعتهم (3).

أي بطاعتهم لله عز وجل لأنه سبحانه لم يأمر بالكون معهم إلا لطاعتهم إياه، ولأجل ذلك جعل طاعتهم واجبة كطاعة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وطاعة رسوله كطاعته، كذلك المعصية فعليك أيها الموالي المتمسك بولايتهم والكون معهم وفي حزبهم وجماعتهم والدخول من دون الفرق الهالكة في فرقهم لتحشر يوم القيامة في زمرتهم وتدخل الجنة بشفاعتهم صلى الله عليهم صلاة باقية بقاء حجتهم، دائمة دوام دولتهم.

[والطبرسي (رَحمَةُ اللّه) روى مثل ذلك وبمعناه] (4).

ص: 212


1- مجمع البيان: 5/80 و 81 وعنه البحار: 24/30 والبرهان: 2/170 ح 14.
2- الكافي: 1/208 ح 1 وعنه البرهان: 2/169 ح 1، وأخرجه في البحار: 24/31 ح 3 عن بصائر الدرجات: 31 ح 1.
3- الكافي: 1/208 ح 2 وعنه البرهان: 2/170 ح 4، وأخرجه في البرهان: ح 5 والبحار: 24/31 ح 5 عن بصائر الدرجات: 31 ح 2.
4- أي بمعنى رواية الكافي، مجمع البيان: 5/81 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».

«10»

(سورة يونس)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم

معناه: أن القدم هنا بمعنى السابقة كما يقال: إن لفلان قدم أي: شرف وفضل وإثرة حسنة، وقوله ﴿صدق﴾ أي صدق لا كذب فيه، وقيل: إن القدم اسم للحسنى من العبد يقدمها لنفسه، واليد اسم للحسنى من السيد إلى عبده.

1- وذكر الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) تأويل ﴿قدم صدق﴾ عن الحسين ابن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم﴾ قال ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) ﴿وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق﴾ أي سابقة (فضل) (2) وإثرة حسنة وهي الولاية عند ربهم، فيجازيهم عليها جزاء حسنا (يؤتيه من لدنه أجرا حسنا) (3) ويؤتيهم من لدنه أجرا عظيما ويرزقهم في الجنان رزقا كريما لأنه سبحانه قال ﴿وكان بالمؤمنين رحيما﴾ (4).

قوله تعالى: قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله

2- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن الحسين بن (5) عمر بن يزيد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله

ص: 213


1- الكافي: 1/422 ح 50 وعنه البحار: 24/40 ح 2 و ج 36/58 ح 5 والبرهان: 2/177 ح 6.
2- ليس في نسختي (ج، م).
3- ليس في نسختي (ج، م).
4- سورة الأحزاب: 43.
5- في نسخة (أ، ب، م) عن، وقال: في هامش الكافي: أن في بعض النسخ عن عمر بن يزيد.

عز وجل ﴿ائت بقرآن غير هذا أو بدله﴾ قال: قالوا: أو بدل عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) معناه: بدله أو اجعل لنا خليفة غيره، فقال سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): جوابا لقولهم ﴿قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع - في ولايته عليكم - إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي - في تبيانه - (2) عذاب يوم عظيم﴾.

قوله تعالى: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [25]

3- تأويله: ذكره أبو عبد الله الحسين بن جبير في كتابه المسمى (نخب المناقب) روى باسناده حديثا يرفعه إلى عبد الله بن عباس (3) وزيد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

في قوله تعالى ﴿والله يدعوا إلى دار السلام﴾ يعني به الجنة ﴿ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ قال: يعني ولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

إن الله سبحانه يهدي من يشاء إليها لأنها الصراط المستقيم، والطريق السوي القويم.

فعلى صاحب الولاية من ربه الصلاة الوافرة والتسليم.

قوله تعالى: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [53]

4- تأويله: ذكره أيضا أبو عبد الله الحسين بن جبير في كتاب (نخب المناقب) روى حديثا مسندا عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين﴾.

قال: يسألونك يا محمد: أعلي وصيك؟ قل: إي وربي إنه لوصيي (5).

ص: 214


1- الكافي: 1/419 ح 37 وعنه البحار: 23/210 ح 15 والبرهان: 2/180 ح 3.
2- في نسختي (ب، م): شأنه.
3- في البحار والمناقب: (علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه)، بدل (عبد الله بن عباس).
4- عنه البحار: 35/365 وعن مناقب ابن شهرآشوب: 2/271 وأخرجه في البرهان: 2/183 ح 3 عن المناقب.
5- عنه البحار: 24/351 ح 67 و ج 36/124 وأخرجه في البحار: 27/38 ح 1 والبرهان: 2/187 ح 3 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/259.

5- ويؤيده: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ويستنبؤنك أحق هو﴾ أي ما تقول في علي أحق هو؟

(قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين) (1).

قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا

6- تأويله: ما ذكره أبو علي الطبرسي قال: قال أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فضل الله: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ورحمته: علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

7- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن محمد، عن (عمر بن) (3) عبد العزيز، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله تعالى ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ قال: بولاية محمد وآل محمد صلوات الله عليهم [هو خير مما أعطوا: من الذهب والفضة.

يعني فليفرحوا شيعتنا] هو خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم (4).

وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره أن قوله ﴿فليفرحوا﴾ المعني به الشيعة (5).

8- وروى محمد بن (مسعود) (6)، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 215


1- الكافي: 1/430 ح 87 وعنه البحار: 24/351 ح 68 والبرهان: 2/187 ح 1.
2- مجمع البيان: 5/117 وعنه البرهان: 2/188 ح 7 والبحار: 35/427 وفى ص 425 ح 6 عن تفسير فرات: 61.
3- ليس في نسخة «ب»، وفى نسخة (م) معيد، وفى نسخة «ج» سعيد، وفى نسخة «أ» معبد، وما أثبتناه من الكافي.
4- الكافي: 1/423 ح 55 وعنه البحار: 24/61 ح 40 والبرهان: 2/188 ح 5 وما بين المعقوفين ليس في نسخة «أ».
5- تفسير القمي: 289.
6- في الأصل هكذا: قال: وروى محمد بن مسلم، والظاهر أنه اشتباه إذ لم نجد الرواية عن تفسير القمي، بل وجدناه عن العياشي بعينه سندا ومتنا، نعم روى القمي في تفسيره: 289 مرسلا.

في قوله تعالى ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾ قال: بذلك فليفرحوا شيعتنا، هو خير مما أعطوا أعداؤنا من الذهب والفضة (1). يعني: فليفرحوا شيعتنا بولايتهم وحبهم لنا ﴿هو خير مما يجمعون﴾ أعداؤهم من متاع الدنيا.

9- وفي هذا المعنى: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن أحمد بن عبد الله البرقي [عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي] (2) عن أبيه محمد بن خالد باسناد متصل إلى محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم وهو راكب، وخرج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف، فان الله عز وجل أمرني أن تركب إذا ركبت، وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست، إلا أن يكون في حد من حدود الله لابد لك من القيام والقعود فيه وما أكرمني الله بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها، وخصني الله بالنبوة والرسالة وجعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده وصعب أموره.

والذي بعثني بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك، ولا أقر بي من جحدك، ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك لمن فضلي وإن فضلي بفضل الله (3) وهو قول ربي عز وجل ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ ففضل الله: نبوة نبيكم ورحمته: ولاية علي بن أبي طالب ﴿فبذلك﴾ قال: بالنبوة والولاية ﴿فليفرحوا﴾ يعني الشيعة ﴿هو خير مما يجمعون﴾ يعني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار الدنيا.

والله يا علي ما خلقت إلا ليعبد (4) ربك، ولتعرف بك معالم الدين، ويصلح

ص: 216


1- تفسير العياشي: 2/124 ح 28 وعنه البحار: 24/61 ح 41 والبرهان: 2/188 ح 3.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه بحسب الطبقة.
3- في نسختي (ب، م) لفضل الله، وفى المصدر: وان فضلي لك لفضل الله.
4- في نسختي (ج، م) لتعبد.

بك دارس السبيل، ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدي إلى الله عز وجل من لم يهتد إليك وإلى ولايتك، وهو قول ربي عز وجل ﴿وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى﴾ (1) يعني إلى ولايتك، ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن أفترض من حقك ما أفترض من حقي، وإن حقك، لمفروض على من آمن بي، ولولاك لم يعرف حزب الله، وبك يعرف عدو الله، ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشیء.

ولقد أنزل الله عز وجل إلي ﴿يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك - يعني في ولايتك يا علي - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته﴾ (2) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك فقد حبط عمله، (وعدا ينجز لي) (3)، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك (4).

10- ومن هذا ما ذكره في تفسير العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فضل الله العلم بتأويله ورحمته وتوفيقه لموالاة محمد وآله الطيبين ومعاداة أعدائهم وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون وهو ثمن الجنة، ويستحق بها الكون بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة، لان محمدا وآله أشرف زينة الجنة (5).

قوله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [62] الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [63] لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [64]

ص: 217


1- سورة طه: 82.
2- سورة المائدة: 67.
3- في نسخة «ج» وعد استحقا له سحقا، وفى (م) وغدا سحقا له.
4- أمالي الصدوق: 399 ح 13 وعنه البحار: 38/105 ح 33 والبرهان: 1/488 ح 2 و ج 2/188 ح 6 وفى البحار: 24/64 ح 49 عن التأويل وقطعة منه في البحار: 35/426 ح 19 والبرهان: 3/40 ح 3 وأورده في بشارة المصطفى: 22.
5- عنه في البحار: 24/65 ح 50 عن الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).

معناه: أن ﴿أولياء الله﴾ وهم الذين والوا أولياءه وعادوا أعداءه فهؤلاء (1) ﴿لا خوف عليهم - في الآخرة - ولاهم يحزنون﴾.

ثم وصفهم فقال ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ آمنوا بالله ورسوله وأوليائه وكانوا يتقون، ويخافون مخالفتهم في الأوامر والنواهي فهؤلاء لهم البشرى أي البشارة في الحياة الدنيا، وهي ما بشرهم به على لسان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مثل قوله: ﴿يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان﴾ (2) ﴿وبشر المؤمنين﴾ (3).

وأما البشرى في الآخرة فهي الجنة، وهو ما تبشرهم به الملائكة عند الموت وعند خروجهم من القبور، ويوم النشور.

11- أما تأويله: فهو ما ذكره أبو علي الطبرسي رحمه الله قال:

روى عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه، - وأومأ بيده إلى الوريد -.

ثم قال: إن في كتاب الله شاهدا، وقرأ ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم﴾ (4)

12- ويؤيده: ما نقله الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله باسناده يرفعه إلى الامام أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال لقوم من شيعته: إنما يغتبط أحدكم إذا صارت نفسه إلى هاهنا - وأومأ بيده إلى حلقه - فينزل عليه ملك الموت فيقول له: أما ما كنت ترجوه فقد أعطيته، وأما ما كنت تخافه فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى

ص: 218


1- في نسخة «ج» فهم، وفى نسخة (م) هم.
2- سورة التوبة: 21.
3- سورة التوبة: 112.
4- مجمع البيان: 5/120 وأخرجه في البحار: 6/185 ح 20 عن العياشي: 2/125 ح 33 والمحاسن: 1/175 ح 158 وفى البرهان: 2/190 ح 9 عن العياشي وفى ص189 ح 1 عن الكافي: 3/128 ح 1 مفصلا.

منزله في الجنة فيقول له: انظر إلى مسكنك من الجنة، فهذا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهذا علي والحسن والحسين هم رفقاؤك، ثم قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ):

وهو قول الله عز وجل ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم﴾ (1).

13- وفي هذا المعنى ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن أبان بن عثمان، عن عقبة قال: إنه سمع أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن الرجل منكم إذا وقعت نفسه في صدره رأى. قلت: جعلت فداك وما الذي يرى؟ قال: يرى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول [له] (2) أنا رسول الله [أبشر] (3) ثم يرى عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيقول له: أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه، يجب علي (4) أن أنفعك اليوم.

قال: قلت له: أيكون أحد من الناس يرى هذا ويرجع (إلى الدنيا؟)

قال: لا، بل إذا رأى هذا مات. قال: فأعظمت ذلك وقلت له: ذلك (5) في القرآن؟

قال: نعم، قوله تعالى ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم﴾ (6).

قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة

14- تأويله: ما جاء في مسائل المأمون للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين سأله بحضرة العلماء

ص: 219


1- أخرج نحوه في البحار: 6/177 ح 5 والبرهان: 2/190 ح 8 عن العياشي: 2/124 ح 32 وفى البحار: 27/164 ح 17 عن اعلام الدين: 280.
2- من نسخة «ب».
3- من الكافي.
4- في الكافي (تحب) بدل (يجب على)، وفى نسخة «ب» يجب على أن أفعل.
5- في نسخة «ب» أو ذاك.
6- الكافي: 3/133 ح 8 باختلاف يسير وعنه البرهان: 2/189 ح 2 ونور الثقلين: 2/311 ح 98 والبحار: 39/238 ح 26.

من أهل خراسان وغيرهم من البلدان فقال: وقد عدد المسائل وأما الرابعة فاخراج (1) النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (الناس) (2) من مسجده ما خلا العترة حتى عظم (3) الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟ فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

ما أنا تركته وأخرجتكم، ولكن الله عز وجل تركه وأخرجكم.

وفي هذا تبيان قوله لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿أنت مني بمنزلة هارون من موسى﴾.

فقال العلماء: وأين هذا من القرآن؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم؟ قالوا: هات. قال: قول الله تعالى ﴿وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة﴾.

ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى ومنزلة علي من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله فعند ذلك قالت العلماء: يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل البيت. فقال: ومن ينكر لنا [ذلك]؟ ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول:

«أنا مدينة العلم (4) وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها».

وفيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء لنا مالا ينكره إلا معاند لله تعالى (5)، ولله الحمد على ذلك.

قوله تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [94]

ص: 220


1- في نسخة «ب» فأخرج.
2- ليس في نسختي (م، ج).
3- في البحار: تكلم، وفى نسختي (ج، م) نظم.
4- في الأمالي والبحار: الحكمة.
5- أخرجه في البحار: 25/220 ح 20 والبرهان: 2/193 ح 2 عن أمالي الصدوق: 421 ح 1 وعيون اخبار الرضا: 1/228 ب 23 ح 1.

15- تأويله: ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثني أبي، عن عمرو بن سعيد الراشدي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما أسري برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأوحى الله تعالى إليه في علي ما أوحى من شرفه وعظمته ورد إلى البيت المعمور وجمع الله النبيين وصلوا خلفه، عرض في قلب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عظم ما أوحى الله إليه في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأنزل الله عليه ﴿فان كنت في شك مما أنزلنا إليك - في علي - فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك﴾ يعني الأنبياء (الذين صلى بهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أي في كتب الأنبياء قبلك وما أنزلنا في كتابك من فضله) (1).

﴿لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين﴾ يعني من الشاكين.

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما شك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولا سأل (2).

وهذا مثل قوله تعالى ﴿وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا﴾ (3).

ومعنى عرض في قلب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أي خطر على باله عظم ما أوحى الله إليه في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفضله ولم يكن عنده في ذلك شك لان فضل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من فضله الذي فضل على الخلق أجمعين، ولأجل ذلك قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

«يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا» (4) يعني حقيقة المعرفة، وفضل كل منهما على قدر معرفته بالله الذي لا يعلم فضلهما إلا هو سبحانه وتعالى، ومن يكن هذا قوله كيف يكون عنده في فضله شكّ.

وإنّما قال هذا القول للشاك من أمته في فضل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لتنبيه (5) الغافل.

ص: 221


1- في تفسير القمي: فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك.
2- تفسير القمي: 292 وفيه وما سأل وعنه البحار: 17/82 ح 6 و ج 36/94 ح 25 والبرهان: 2/197 ح 1.
3- سورة الزخرف: 45.
4- رواه البرسي في مشارق أنوار اليقين: 112، وأورده في المختصر: 125 و المحتضر: 38.
5- في نسخة (م) ليتنبه.

ويقول: إذا كان هذا قول الله عز وجل لنبيه وهو غير شاك في فضل وصيه فكيف حال الشاك (نعوذ بالله منه ومن الشيطان الرجيم) ومن أجل ذلك قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما شك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولا سأل (1)، أي الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قوله تعالى: وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [101]

16- تأويله: رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي، عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل:

﴿وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون﴾

قال: الآيات: [هم] (2) الأئمة، والنذر: [هم] (3) الأنبياء صلوات الله عليهم (4) صلاة تملأ الأرض والسماء، ما نسخ الظلام الضياء، وسرت على الماء الضياء (5).

«11»

(سورة هود)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: ويؤت كل ذي فضل فضله

معناه: أن الله سبحانه يعطي كل ذي فضل - أي عمل صالح - فضله أي جزاؤه وثوابه في الدنيا والآخرة: أما في الدنيا فيجعل له فيها من الخلق المودة والمحبة والفضل عليهم والسنة، وأما في الآخرة فيعطيه أن يدخل أعداءه النار، وأولياءه الجنة

ص: 222


1- أخرجه في البحار: 17/51 عن مجمع البيان: 5/133.
2- من المصدر.
3- من المصدر.
4- الكافي: 1/207 ح 1 وعنه البرهان: 2/204 ح 1، وأخرجه في البحار: 23/206 ح 3 والبرهان: 2/205 ح 3 عن تفسير القمي: 296.
5- في نسخة (م) الصبا.

«وذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)»:

1- لما نقله ابن مردويه، عن العامة باسناده، عن رجاله، عن ابن عباس قال: قوله تعالى ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ إن المعني به علي بن أبي طالب (1).

قوله تعالى: ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون [8]

2- تأويله: ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: وقيل:

إن الأمة المعدودة هم أصحاب الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في آخر الزمان ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (2).

3- ويؤيده: ما رواه محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز قال: روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة﴾ قال: العذاب هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو عذاب على أعدائه.

و (الأمة المعدودة) هم الذين يقومون معه بعدد أهل بدر (3).

قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [12]

4- تأويله: ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عمارة بن سويد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)،

ص: 223


1- أخرجه في البرهان: 2/206 ح 5 عن طريق المخالفين عن ابن مردويه، وفى ح 4 والبحار: 35/424 ح 5 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 2/294 وفى البحار: 35/424 ح 4 و ج 9/213 قطعة من ح 92 عن تفسير القمي: 297.
2- مجمع البيان: 5/144 وعنه البرهان: 2/209 ح 7 واثبات الهداة: 7/50 ح 418.
3- عنه البرهان: 2/209 ح 8 وأخرجه في البحار: 51/58 ح 51 واثبات الهداة7/81 ح 513 عن غيبة النعماني: 241 ح 36.

أنه قال: كان سبب نزول هذه الآية أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خرج ذات يوم فقال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا علي إني سألت الله أن يجعلك وزيري ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل، وسألته أن يجعلك خليفتي على أمتي ففعل.

فقال رجل من قريش: والله (1) لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده، أو مالا يستعين به على فاقته؟! فوالله ما دعا عليا قط إلى حق أو إلى باطل إلا أجابه! فأنزل تعالى على نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هذه الآية (2).

5- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن (عمار) (3) بن سويد.

قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في هذه الآية ﴿فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا: لولا انزل عليه كنز أو جاء معه ملك﴾.

فقال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما نزل (قديد) (4) قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا علي إني سألت ربي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل.

فقال رجلان من قريش: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا مما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه؟ أو كنزا يستغني به عن فاقته؟

والله ما دعاه إلى حق ولا باطل إلا أجابه إليه! فأنزل الله تبارك وتعالى:

﴿فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك﴾ إلى آخر الآية (5).

ص: 224


1- في نسخة «ب»، فقال رجل من قريش الصحابة والله.
2- تفسير القمي: 299 وعنه البحار: 36/80 ح 3 والبرهان: 2/210 ح 2.
3- كذا في الكافي، وفى نسخ (أ، ج، م) عمارة.
4- في نسخة «ب» غديرا، وفى (م) قديرا، و (قديد) اسم موضع قرب مكة.
5- الكافي: 8/378 ح 572 وعنه البحار: 36/147 ح 119 والبرهان: 2/209 ح 1.

إعلم أن لسان هذا القائل مفهوم وشرح حاله معلوم، وأن الله قد أعد له النار ذات السموم والظل من اليحموم (1) وجعل شرابه الحميم وطعامه الزقوم، وهذا الجزاء (له) (2) من الحي القيوم، قدر مقدور، وقضاء محتوم.

قوله تعالى: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ

6- تأويله: قال أبو علي الطبرسي ﴿أفمن كان على بينة من ربه﴾ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿ويتلوه شاهد منه﴾ علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه يتلوا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ويتبعه ويشهد له، وهو منه، لقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا من علي وعلي مني.

وهو المروي عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلي بن موسى الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ورواه أيضا الطبري (3) باسناده عن جابر بن عبد الله، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

[ونقل ابن طاووس عن محمد بن العباس رحمه الله، أنه روى ذلك في كتابه من ستة وستين طريقا بأسانيدها] (5).

7- وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره قال: وأما قوله ﴿أفمن كان على بينة من ربه﴾ يعني محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿ويتلوه شاهد منه﴾ يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأما قوله تعالى ﴿ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة﴾:

8- روى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس عن أبي بصير والفضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إنما نزلت ﴿أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه - إماما ورحمة - ومن قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به﴾ فقد قدّموا، وأخروا في التأليف (6).

ص: 225


1- في نسخة «ج» يحموم.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسختي (ب، ج) الطبرسي.
4- مجمع البيان: 5/150 وعنه البحار: 35/393 ذ ح 18 ونور الثقلين: 2/347 ح 46.
5- سعد السعود: 73 وعنه البحار: 35/393 وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
6- تفسير القمي: 300 وعنه البحار: 9/214 و ج 35/387 ح 3 والبرهان: 2/212 ح 1.

وتوجيه ذلك أنه لما قال سبحانه ﴿ويتلوه شاهد منه﴾ إن المعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال بعده: إن هذا الذي يتلو النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم والشاهد الذي يشهد له بالبلاغ ويشهد على أمته يوم المعاد فانا قد جعلناه لكم إماما تأتمون به، ورحمة منا عليكم، فاقبلوها في الدنيا فان من قبلها في الدنيا يقربها في الآخرة، فمن قبلها كانت يده الظافرة ومن لم يقبلها كانت يده الخاسرة في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [118] إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ

تأويله: أنهم لا يزالون مختلفين في المذاهب والملل والأديان، وما اختلفوا إلا [من] (1) بعد إرسال الرسل إليهم.

لقوله تعالى ﴿فما اختلفوا إلا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم﴾ (2).

9- ولقول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): افترقت أمة أخي موسى إحدى (3) وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية والباقي في النار، وافترقت أمة أخي عيسى اثنين وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية والباقي في النار، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فرقة منها ناجية والباقي في النار (4). وهم المعنيون بقوله تعالى ﴿إلا من رحم ربك﴾.

10- لما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) قال:

روى عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الاستطاعة وقول الناس فيها؟ فتلا هذه الآية ﴿ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم﴾ يا أبا عبيدة! الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك.

قال: قلت: فقوله ﴿إلا من رحم ربك﴾؟ قال: هم شيعتنا، ولرحمته خلقهم

ص: 226


1- من نسخة «ب».
2- سورة الجاثية: 17.
3- في نسخه «ب» اثنتين.
4- الخصال: 2/585 ح 11 وعنه البحار: 28/4 ح 13.

وهو قوله ﴿ولذلك خلقهم﴾ (1).

فدلّ بقوله: كلهم هالك ﴿إلا من رحم ربّك﴾ وهم الشيعة، لأنّها الفرقة الناجية.

وقد تقدم البحث فيها وأنها عبرة لمعتبرها وتذكرة لمن يعيها (2).

«12»

(سورة يوسف)

(وفيها آية واحدة)

وهي قوله تعالى: قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني

1- تأويله: رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله عز وجل ﴿قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني﴾.

قال: ذاك رسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعدهما صلوات الله عليهم أجمعين (3).

فرسول الله يدعو إلى سبيل الله وهو على بصيرة من أمره وكذلك من اتبعه وهو أمير المؤمنين والأوصياء من بعده الذين اتبعوا سبيله وأقاموا دليله.

فعليهم صلوات الله وسلامه ولهم إجلاله وإعظامه.

ص: 227


1- الكافي: 1/429 ح 83 وعنه الوسائل: 18/45 ح 16 والبحار: 5/195 ح 1 و ج24/353 ح 73 والبرهان: 2/39 ح 2 وص 240 ح 1 ونور الثقلين: 2/83 ح 299.
2- راجع الحديثين: 37 و 38 من سورة الأعراف.
3- الكافي: 1/425 ح 66 وعنه البحار: 24/21 ح 42 والبرهان: 2/274 ح 1 وأخرجه في البرهان: 2/275 ح 8 عن تفسير العياشي: 2/201 ح 101 وفى البحار: 24/21 ذ ح 42 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3/486.

«13»

(سورة الرعد)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وفى الأرض قطع متجاورات وجنت من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء وحد

1- تأويله: ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال:

روي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا علي الناس من شجر شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة.

ثم قرأ ﴿وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد﴾ (1).

فمعنى أنهما صلوات الله عليهما من شجرة واحدة يعني شجرة النبوة، وهي الشجرة المباركة الزيتونة الإبراهيمية، والشجرة الطيبة، الثابت أصلها في الأرض السامي فرعها في السماء، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما السادة النجباء الأبرار الأتقياء في كل صباح ومساء.

قوله تعالى: إنما أنت منذر ولكل قوم هاد

2- [نقل ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) في كتاب (اليقين في تسمية علي بأمير المؤمنين) باسناده إلى محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) في كتابه عن إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن إسحاق بن يزيد، عن سهل بن سليمان، عن محمد بن سعيد عن الأصبغ بن نباتة قال: خطب أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، أنا يعسوب المؤمنين، وغاية السابقين

ص: 228


1- مجمع البيان: 5/276 وعنه نور الثقلين: 2/481 ح 10 وفى البرهان: 2/278 ح 1 عنه وعن كشف الغمة: 1/316 ومناقب ابن شهرآشوب.

وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، ووارث الوارث (1)، أنا قسيم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض، وليس منا أحد إلا وهو عالم بجميع ولايته، وذلك قوله عز وجل (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد] (2).

3- وذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره، عن أبيه، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾.

قال: المنذر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والهادي: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبعده الأئمة في كل زمان، إمام هاد من ولده، صلوات الله عليهم (3).

4- ويؤيده ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير. عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ فقال: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المنذر، ولكل زمان منا هاد، يهديهم إلى ما جاء به نبي الله المنذر (4).

فالهداة بعده علي، ثم الأوصياء من ولده، واحد بعد واحد (5).

5- وروى أيضا عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد (6) بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال:

ص: 229


1- في البحار: الوراث.
2- كشف اليقين: 189 وعنه البحار: 39/346 ح 18 والحديث أثبتناه من نسخة «أ».
3- تفسير القمي: 336 وعنه البحار: 23/20 ح 16 والبرهان: 2/281 ح 11 واثبات الهداة: 1/268 ح 273.
4- في نسخة «ج» (النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) بدل (نبي الله المنذر).
5- الكافي: 1/191 ح 2 وعنه البحار: 16/358 ح 50 و ج 18/190 ح 26 مع اختلاف والبرهان: 2/280 ح 4، وأخرجه في البحار: 23/3 ح 3 عن بصائر الدرجات: 29 ح 1.
6- في نسخة «ج» على.

قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله تعالى ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ فقال: رسول الله المنذر (1) وعلي الهادي، يا أبا محمد! هل من هاد اليوم؟ قلت: بلى - جعلت فداك - ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى دفعت إليك.

فقال: رحمك الله لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية، مات الكتاب ولكنه حي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى (2).

6- وذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) أنه روي عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا المنذر وعلي (3) الهادي من بعدي، يا علي بك يهتدي المهتدون.

وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه، عن حكم بن جبير، عن أبي بريدة الأسلمي قال: دعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالطهور وعنده علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ما تطهر فألصقها بصدره.

ثم قال: إنما أنت منذر - يعني نفسه.

ثم ردها إلى صدر علي ثم قال ﴿ولكل قوم هاد﴾ ثم قال (له) (4):

إنّك منار الأنام، وغاية الهدى، وأمير القرى، أشهد على ذلك إنك كذلك (5).

[ونقل ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) في سعد السعود عن محمد بن العباس، أنه روى ذلك من خمسين طريقا بأسانيدها] (6).

ص: 230


1- في نسخة «ب» أن المنذر.
2- الكافي: 1/192 ح 3 وعنه البحار: 35/401 ح 13 و ج 2/279 ح 43 والبرهان: 2/280 ح 5 وأخرجه في البحار: 23/4 ح 6 عن بصائر الدرجات: 31 ح 9.
3- في نسخة «ب» أنت.
4- ليس في نسخة «ج».
5- مجمع البيان: 6/278، شواهد التنزيل: 1/301 ح 414 وعنه البحار: 23/2 و نور الثقلين: 2/482 ح 16/17 وفى البرهان: 2/281 ح 19 عن شواهد التنزيل.
6- سعد السعود: 99 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».

قوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [19] الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ [20] وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [21]

معنى تأويله: قوله سبحانه ﴿أفمن يعلم﴾ أي هل يكون مساويا في الهدى من يعلم (أنما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) عنه؟ وهذا استفهام يراد به الانكار، ومعناه أن الله سبحانه فرق بين الولي والعدو، فالولي هو الذي يعلم يقينا أن الذي انزل إلى محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من ربه أنه هو الحق، والعدو هو الأعمى الذي عمي عنه، أي هل يستوي هذا وهذا في الدرجة والمنزلة؟! لا يستوون عند الله، فليس العالم كالجاهل والمبصر كالأعمى.

فالولي العالم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والعدو الجاهل الأعمى هو عدوه، لما يأتي بيانه:

7- وهو ما نقله ابن مردويه، عن رجاله باسناده إلى (1) ابن عباس أنه قال: إن قوله تعالى ﴿أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق﴾ هو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

8- ويؤيده: ما ذكره أبو عبد الله الحسين بن جبير (رَحمَةُ اللّه) في نخب المناقب قال: روينا حديثا مسندا، عن أبي الورد الامامي (3) المذهب، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق﴾ هو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والأعمى هنا هو (4) عدوه، ﴿وأولوا الألباب﴾ شيعته الموصوفون (5) بقوله تعالى ﴿الذين يوفون بعد الله ولا ينقضون الميثاق﴾ المأخوذ عليهم في الذر، بولايته ويوم (6) الغدير (7).

ص: 231


1- في نسخة «ج» بالاسناد عن.
2- عنه البحار: 36/181 ح 176 وعن كشف الغمة: 1/317، وأخرجه في البحار: 35/26 والبرهان: 3/287 ح 2 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 2/259.
3- في نسخة «ب» العامي.
4- في نسخة «ج» (هذا) بدل (هنا هو).
5- في نسخة «ب» الموفون.
6- في نسخة «ج» يوم.
7- عنه البحار: 24/401 ح 130 و ج 36/124، وأخرجه في البحار: 38/27 و البرهان: 2/287 ح 1 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 2/259.

ثم وصفهم بوصف آخر فقال ﴿والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل﴾ وهم رحم آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) التي أمر الله بصلتها ومودتها:

9- لما رواه علي بن إبراهيم رحمه الله، [عن أبيه] عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن رحم آل محمد معلقة بالعرش تقول:

(اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني) وهي تجري في كل رحم (1).

10- وفي تفسير العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الرحم التي اشتقها الله تعالى من قوله ﴿الرحمن﴾ هي رحم آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وإن إعظام الله إعظام محمد، وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو من رحم محمد، وإن إعظامهم إعظام محمد، فالويل لمن استخف بشئ من حرمة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وطوبى لمن عظم حرمته ووصلها (2).

ثم لما وصف سبحانه ﴿أولوا الألباب﴾ بصفاتها ذكر ضدهم ومخالفيهم:

فقال سبحانه وتعالى ﴿والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾.

تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قوله تعالى ﴿والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه﴾ يعني عهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي أخذه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بغدير خم (3).

﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾ يعني صلة رحم آل محمد صلوات الله عليهم ﴿ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾.

قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]

ص: 232


1- تفسير القمي: 340 وعنه البحار: 23/265 ح 9 و ج 74/89 ح 3 والبرهان: 2/288 ح 6 ورواه العياشي في تفسير: 2/208 ح 29.
2- تفسير الامام: 13 وعنه البحار: 23/267.
3- تفسير القمي: 340 وعنه البرهان: 2/288 ذ ح 6، ونور الثقلين: 2/501 ح 116.

11- تأويله: ما رواه الرجال مسندا عن ابن عباس (أنه) (1) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ ثم قال لي: أتدري يا بن أم سليم من هم؟

قلت: (2) من هم يا رسول الله؟ قال: نحن أهل البيت وشيعتنا (3).

ثم بيّن سبحانه الذين تطمئن قلوبهم من هم، فقال ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب﴾ أي وحسن مرجع في الآخرة، وهي عبارة عن الجنة.

12- ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) نقلا من مختصر كتاب محمد بن العباس بن مروان حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي وجعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد بن الحسين البزاز قالوا: حدثنا عيسى بن مهران، عن محمد بن بكار الهمداني، عن يوسف السراج، عن أبي هبيرة العماري - من ولد عمار بن ياسر - عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما نزلت ﴿طوبى لهم وحسن مآب﴾ قام المقداد (رَحمَةُ اللّه) فقال: يا رسول الله وما طوبى؟

قال: شجرة في الجنة يسير راكب (4) الجواد في ظلها مائة عام قبل أن يقطعها، ورقها برود خضر، وزهرها رياض صفر، وأفنانها سندس واستبرق، وتمرها حلل (5) وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر، وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر (وأخذ في وصفها وعجيب صنعها، إلى أن قال: بالفوز تجمعهم).

فبينا هم يوما في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبا.

ثم أخذ في عجائب وصف تلك النجائب وألوانها وأوبارها ورحالها وأمتها بما هو مذكور في متن الحديث، إلى أن قال: فأناخوا تلك النجائب إليهم.

ص: 233


1- ليس في نسخة «ج».
2- في نسختي (ب، م) قال.
3- أخرجه في البحار: 23/184 ح 48 عن مستدرك ابن بطريق، وفى البرهان: 2/291 ح 2 عن العياشي.
4- في البحار: لو سار الراكب.
5- في البحار: جلل.

ثم قالوا لهم: ربكم يقرئكم السلام أفتزورونه؟ فينظر إليكم ويحييكم ويزيدكم من فضله وسعته، فإنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. قال: فيتحول كل رجل منهم على راحلته، فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفهم بثمارها وخلت لهم عن طريقهم كراهية أن تثلم طريقهم، وأن تفرق بين الرجل ورفيقه فلمّا رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا:

ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك تحف (1) الجلال والاكرام. قال:

فقال لهم الرب: أنا السلام ومني السلام ولي تحف (2) الجلال والاكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل بيت بيتي ورعوا حقي، وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين. قالوا: أما وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك، وما أدينا إليك كل حقك، فأذن لنا بالسجود. وقال لهم ربهم عز وجل: إنني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة، وأرحت لكم أبدانكم، فطالما أتعبتم لي الأبدان وعنيتم لي بالوجوه، فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي، فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم فاني لم أجزكم بأعمالكم، ولكن برحمتي وكرامتي و طولي وعظم شأني وبحبكم أهل بيت نبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فلا يزال يا مقداد محبوا علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى أمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة.

قال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم انظروا إلى مواهب ربكم. فإذا بقباب وقصور في أعلى عليين من الياقوت الأحمر والأخضر والأبيض والأصفر، يزهر نورها، وأخذ في وصف تلك القصور بما يحير فيه الألباب ويقضي إلى العجب العجاب. إلى أن قال:

فلمّا أرادوا الانصراف إلى منازلهم، حولوا على براذين من نور، بأيدي

ص: 234


1- في البحار: يحق.
2- في البحار: يحق.

ولدان مخلدين، بيد كل واحد منهم حكمة برذون من تلك البراذين، لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء، وأشعارها من الجوهر، فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة ربهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟

قالوا: نعم، ربنا رضينا فارض عنا. قال: قد رضيت عنكم، وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري، وصافحتم الملائكة، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص بعدها ﴿وقالوا الحمد لله - رب العالمين - الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب إن ربنا لغفور شكور﴾ (1).

قال: أبو محمد النوفلي أحمد بن محمد بن موسى، قال لنا عيسى بن مهران: قرأت هذا الحديث يوما على قوم من أصحاب الحديث.

فقلت: أبرأ إليكم من عهدة هذا الحديث، فان يوسف السراج لا أعرفه، فلمّا كان من الليل رأيت في منامي كأن إنسانا جاءني ومعه كتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمود بن إبراهيم، وحسن بن الحسين، ويحيى بن الحسن بن الفرات (2) وعلي بن أبي القاسم الكندي، من تحت شجرة طوبى، وقد أنجز لنا ربنا ما وعدنا فاحتفظ بما في يديك من هذه الكتب (3) فإنك لم تقرأ، هاهنا كتابا إلا أشرقت له الجنة (4).

13- وأما تأويل شجرة طوبى: ذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: روى الثعلبي باسناده عن الكلبي (5)، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: (طوبى) شجرة أصلها في دار علي في الجنة، وفي دار كل مؤمن منها غصن.

ص: 235


1- سورة فاطر: 34 - 35.
2- في البحار: 68 (القزاز).
3- في البحار: 68 (الآية).
4- سعد السعود: 109 وعنه البحار: 68/71 ذ ح 131، وأخرجه في البحار: 8/151 ح 91 عن تفسير فرات: والحديثين نقلناهما من نسخة «أ».
5- في نسخ (أ، ب، م) الديلمي.

ورواه أيضا: أبو بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).

14- وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده (1)، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: سئل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن طوبى) فقال: شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، ثم سئل عنهما مرة أخرى فقال: في دار علي.

فقيل له في ذلك؟! فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد (2).

15- وروى علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يكثر تقبيل فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، فأنكرت عليه بعض نسائه ذلك، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنه لما أسري بي إلي السماء دخلت الجنة فأراني (3) جبرئيل شجرة طوبى، وناولني تفاحة فأكلتها، فحول الله ذلك في ظهوري ماء، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها وما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (4)، فهي حوراء إنسية.

16- وروي في معنى التفاحة حديثا شريفا لطيفا.

رواه الشيخ أبو جعفر محمد الطوسي (رَحمَةُ اللّه) عن رجاله، عن الفضل بن شاذان ذكره في كتابه (مسائل البلدان) يرفعه إلى سلمان الفارسي (رض) قال:

دخلت على فاطمة سلام الله عليها والحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يلعبان بين يديها ففرحت بهما فرحا شديدا، فلم ألبث حتى دخل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

ص: 236


1- في نسختي (ج، م) بالاسناد.
2- مجمع البيان: 6/291، شواهد التنزيل: 1/304 ح 417 وعنهما البحار: 8/87 وذيله في البرهان: 2/293 ح 13 عن الطبري، عن شواهد التنزيل ورواه فرات في تفسيره: 76.
3- في نسخة «ج» (فأدناني خ ل).
4- تفسير القمي: 341 وعنه البحار: 8/120 ح 10 و ج 18/364 ح 68 و ج 43/6 ح 6 ونور الثقلين: 3/131 ح 49 والبرهان: 2/292 ح 3.

فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لازداد لهم حبا. فقال: يا سلمان ليلة أسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجنانه، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها إذ شممت رائحة طيبة، فأعجبتني تلك الرائحة.

فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة (التي) (1). غلبت على روائح (2) الجنة كلها؟

فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده منذ ثلاثمائة ألف عام، ما ندري ما يريد بها. فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة.

فقالوا: يا محمد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل، فلمّا هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة، فجمع الله ماءها في ظهره، فغشيت خديجة بنت خويلد، فحملت بفاطمة من ماء التفاحة.

فأوحى الله عز وجل إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية، فزوج النور من النور: فاطمة من علي، فاني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها، وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة، وهما سراجا الجنة: الحسن والحسين (3)، ويخرج من صلب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أئمة يقتلون ويخذلون، فالويل لقاتلهم وخاذلهم (4).

قوله تعالى: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية

17- تأويله: ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) انه قال روي أن أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قرأ هذه الآية وأومأ بيده إلى صدره وقال: نحن والله ذرية رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (5).

18- ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد الطوسي (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد

ص: 237


1- ليس في نسخة «ب».
2- في نسخة «ب» رائحة.
3- كذا في الأصل والبحار، والظاهر هكذا: الحسن والحسين وهما سراجا الجنة.
4- عنه البحار: 36/361 ح 232 ومدينة المعاجز: 233.
5- مجمع البيان: 6/297 وعنه البحار: 11/14.

بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عبد الله بن الوليد قال:

دخلنا على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زمن بني مروان (فقال: ممن) (1) أنتم؟

قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لأمر جهله الناس فأجبتمونا وأبغضنا الناس، وتابعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، وأشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين ما تقر عينه، أو يغتبط إلا أن تبلغ به نفسه - هكذا (2) وأهوى بيده إلى حلقه -، وقد قال الله عز وجل في كتابه:

﴿ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية﴾ فنحن ذرية رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (3).

وقد تقدم ذكر الذرية الطيبة في حديث التفاحة [ص 236].

قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ [43]

19- تأويله: ما رواه (4) الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ومن عنده علم الكتاب﴾.

ص: 238


1- في نسخة (م) قال: فمن أنتم، وفى نسخة «ج» قال: قال: ممن أنتم، وفى البحار: فسألنا من أنتم.
2- في نسخة «ج» هاهنا.
3- أمالي الطوسي: 1/143 وعنه البحار: 27/165 ح 22 و ج 68/20 ح 34 و ج100/393 ح 24 والبرهان: 2/297 ح 2 وفى البحار: 60/222 ح 53 ورواه في الكافي: 8/81 ح 38 و تفسیر فرات:76.
4- فی نسختی «ب،م» ذکره.

قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وخيرنا وأفضلنا بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

20- وروى أيضا: عن رجاله باسناده إلى جابر قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما انزل إلا كذاب، و ما جمعه وحفظه كما أنزل الله إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

21- وروى أيضا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد ابن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، ما كان وما هو كائن، قال الله عز وجل فيه ﴿تبيانا لكل شئ﴾ (3).

22- وروى أيضا: عن محمد بن يحيى، عن رجاله باسناده يرفعه إلى عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال ﴿قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك﴾ قال: ففرج أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين أصابعه فوضعها على صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله (4).

23- وقال صاحب الاحتجاج: روى محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن الوليد السمان قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما يقول الناس في أولي العزم وصاحبكم يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) -؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولي العزم أحدا، فقال: إن الله تبارك وتعالى قال: عن موسى ﴿وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة﴾ (5) ولم يقل

ص: 239


1- الكافي: 1/229 ح 6 وعنه الوسائل: 18/134 ح 15 والبرهان: 2/302 ح 1.
2- الكافي: 1/228 ح 1 وعنه نور الثقلين: 5/464 ح 17 ورواه الصفار في البصائر: 193 ح 2 وعنه البحار: 93/88 ح 27 والبرهان: 1/15 ح 2.
3- الكافي: 1/299 ح 4 وعنه نور الثقلين: 3/76 ح 5 وأخرجه في البحار: 92/89 ح 32 والبرهان: 1/15 ح 4 والآية في سورة النحل: 89.
4- الكافي: 1/229 ح 5 ورواه الصفار في البصائر: 212 ح 2 وعنه البحار: 26/170 ح 37 والبرهان: 3/204 ح 8 والوسائل: 18/133 ح 14 والآية في النحل: 40.
5- سورة الأعراف: 145.

كل شئ وقال: عن عيسى ﴿ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه﴾ (1) ولم يقل كل الذي تختلفون فيه، وقال: عن صاحبكم ﴿كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب﴾ وقال عز وجل ﴿ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين﴾ (2) وعلم هذا الكتاب عنده (3)

24- وروى الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) عن رجاله مسندا إلى سلمان الفارسي «رض» قال: قال لي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): (يا سلمان) (4) الويل كل الويل لمن لا يعرف لنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا، يا سلمان أيما أفضل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أو سليمان بن داود (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟

قال سلمان: فقلت: بل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). فقال: يا سلمان هذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من سبأ إلى فارس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب ولا أقدر أنا؟ وعندي علم ألف كتاب: أنزل الله منها على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعلى إدريس النبي ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم الخليل عشرين صحيفة، وعلم التوراة وعلم الإنجيل والزبور والفرقان. قلت: صدقت يا سيدي. فقال:

إعلم يا سلمان إن الشاك في أمورنا وعلومنا كالممتري (5) في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض الله تعالى ولايتنا في كتابه في غير موضع، وبين فيه ما وجب العمل به وهو مكشوف (6).

واعلم أنه قد جاء في هذا التأويل دليل واضح وبرهان مبين في تفضيل أمير المؤمنين على أولي العزم من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، وإنما فضل

ص: 240


1- سورة الزخرف: 63.
2- سورة الأنعام: 59.
3- الاحتجاج: 2/139 وعنه البحار: 35/429 ح 3 ونور الثقلين: 2/68 ح 256 والبرهان: 2/304 ح 19.
4- ليس في نسخة «ج».
5- في نسخة «ج» كالممترين، وفى البحار: كالمستهزئ.
6- عنه البحار: 26/221 ح 47 وعن ارشاد الديلمي: 2/416 عن المفيد.

عليهم بالعلم لقوله تعالى ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ (1) ولقوله تعالى ﴿قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم﴾ أي حاضرا عالما يعلم أني مرسل من عنده، ثم عطف على نفسه سبحانه فقال ﴿ومن عنده علم الكتاب﴾ أي وكفى به مع الله بيني وبينكم شهيدا، لعلمه بالكتاب ولم يجعل معه في الكفاية غيره.

وقال في غير موضع: (مثل قوله) (2) ﴿قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا﴾ (3).

وقوله ﴿وكفى بالله شهيدا﴾ (4) وجاء مثل هذا التخصيص قوله تعالى ﴿يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾ (5) وهو المعني بالمؤمنين (6).

وهذه فضيلة لم ينلها أحد غير أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى النبي و على ذريتهما الطيبين صلاة باقية إلى يوم الدين.

«14»

(سورة إبراهيم)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وذكرهم بأيام الله

1- ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره أنه:

روي في الحديث أن أيام الله ثلاثة: يوم القائم (عَلَيهِم السَّلَامُ) ويوم الموت، ويوم القيامة (7).

قوله تعالى: ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء [24] تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها

ص: 241


1- سورة الزمر: 9.
2- ليس في نسخة «ج».
3- سورة العنكبوت: 52.
4- سورة النساء: 79، 166.
5- سورة الأنفال: 64.
6- في نسخة «ج» بأمير المؤمنين.
7- تفسير القمي: 344 وعنه البحار: 13/12 ح 19 و ج 51/45 ح 2 والبرهان: 2/306 ح 7.

2- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: روي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال (شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء) فالشجرة رسول الله ونسبه ثابت في هاشم، وفرع الشجرة علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وغصن (1) الشجرة فاطمة، وثمرتها الحسن، والحسين، والأئمة من ولد علي وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وعلم الأئمة من أولادهم أغصانها) (2) وشيعتهم ورقها، وإن المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من تلك الشجرة ورقة، وإن (المولود) (3) المؤمن ليولد (للمؤمن منهم) (4) فتورق الشجرة ورقة.

قلت: أرأيت قوله تعالى ﴿تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها﴾؟ قال: علمها.

وهو ما تفتي (5) به الأئمة شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام.

وضرب الله لآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هذا مثلا أنهم في الناس على هذا القياس، ثم ضرب لأعدائهم ضده، فقال ﴿ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار﴾ (6).

معنى (اجتثت) أي اقتلعت واقتطعت (مالها من قرار)، أي ثبات في الأرض.

قاله قوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا

قال: عند الموت وفي الآخرة قال: وفي القبر عندما يسئل عن ربه وعن نبيه وعن إمامه (7).

3- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن رجاله، عن سويد بن

ص: 242


1- في نسخة «ج» وعنصر.
2- ليس في تفسير القمي.
3- ليس في نسخة «ج» وتفسير القمي.
4- ليس في نسخة «ج».
5- في نسخة «ب» يفتون.
6- تفسير القمي: 345 مسندا وعنه البحار: 9/217 ح 97 والبرهان: 2/311 ح 7 وفى ج 24/138 عنه وعن بصائر الدرجات: 59 ح 3.
7- تفسير القمي: 346 مسندا عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مفصلا.

غفلة، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (أنه) (1) قال: إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك حريصا شحيحا فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك. قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبا واني كنت عليكم محاميا فمالي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك، نواريك فيها. قال: فيلتفت إلى عمله، فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا وإن كنت علي ثقيلا فما لي عندك؟

فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك.

قال: فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشاً.

وقال: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟

فيقول: أنا عملك الصالح أرتحل من الدنيا إلى الجنة وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله.

فإذا ادخل قبره أتاه ملكا [ن وهما فتانا] (2) القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما (3)، أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف.

فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ (ومن إمامك)؟ (4) فيقول: الله ربي وديني الاسلام ونبيي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وإمامي علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فيقولان له: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قوله سبحانه ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾.

ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين، نوم الشاب الناعم، فإن الله سبحانه يقول ﴿أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا﴾ قال: وإذا كان لله عدوا فإنه يأتيه أقبح خلق الله

ص: 243


1- ليس في نسخة «ج».
2- من نسخة «ب».
3- في الأصل: بأنيابهما.
4- ليس في الكافي.

زيا (1) [ورؤيا] وأنتنه ريحا فيقول له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حملته أن يحبسوه فإذا ادخل قبره أتاه ملكا (2) القبر فألقيا عنه أكفانه، ثم يقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟

فيقول: لا أدري. فيقولان (لا) (3) دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله عز وجل من دابة إلا [و] تذعر لها ما خلا الثقلين.

ثم يفتحان له بابا إلى النار، ثم يقولان له: نم بشر (4) حال فيه من الضيق مثل ما فيه من القناة (5) من الزج (6) حتى أن دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه ويسلط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهو أمها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وإنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر (7). نعوذ بالله من عذاب القبر.

قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [28] جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ [29]

4- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار﴾.

قال: نزلت في الأفجرين من قريش: بني أمية، وبني المغيرة:

ص: 244


1- في تفسير القمي ونسخة (م): ريشا.
2- في الكافي: (ممتحنا) بدل (ملكا).
3- ليس في نسخة (ح).
4- في نسختي (ج، م) بسوء حال.
5- في الكافي: القنا: وهو الرمح.
6- الزج: الحديدة التي تركب في أسفل الرمح.
7- الكافي: 3/231 ح 1 وعنه الوسائل: 11/385 ح 1 والبرهان: 2/313 ح 4 و في البحار: 6/224 - 226 ح 26، 27، 28 عنه وعن تفسير القمي: 346 وأمالي الطوسي: 1/357 وتفسير العياشي: 2/227 ح 20.

فأمّا بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا حتى حين (1)

5- ويؤيده: ما ذكره أبو علي الطبرسي قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية؟ فقال: هما الأفجران من قريش: بنو أمية وبنو المغيرة:

فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو المغيرة فكفيتموهم (2) يوم بدر (3).

6- ويعضده: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير (4) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ألم تر إلى الذين﴾ إلى آخر الآية؟ قال: عنى بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ونصبوا له الحرب، وجحدوا وصيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

7- وروى أيضا محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعدلوا عن وصيه لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب؟ ثم تلا هذه الآية (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار) إلى آخر الآية ثم قال:

نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة (6).

ص: 245


1- تفسير القمي: 347 مع اختلاف وعنه البحار: 8/378 (طبع الحجر) و ج 9/218 ح 98 و ج 24/51 ح 2 والبرهان: 2/316 ح 4.
2- في نسخة (م) فكفيتهم.
3- مجمع البيان: 6/314 وعنه نور الثقلين: 2/544 ح 89.
4- هكذا في الكافي ونسخة «ج»، وفى نسختي (ب، م) عبد الله بن كثير.
5- الكافي: 1/217 ح 4 وفيه: وجحدوا وصية وصيه، وعنه البحار: 16/359 ح 56 والبرهان: 2/316 ح 2.
6- 6 - الكافي: 1/217 ح 1 وعنه البرهان: 2/315 ح 1.

قوله تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [37]

8- معنى تأويله: ذكره أبو علي الطبرسي قال: قوله (أسكنت من ذريتي) أي بعض ذريتي. ولا خلاف أنه يريد ولده إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقوله (بواد غير ذي زرع) وهو وادي مكة وقوله (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) بفتح الواو ومعناه من هويت الشئ أحببته وملت إليه ميلا طبيعيا.

وهذا الدعاء من إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لولده إسماعيل وللصفوة من ذريته، وهم النبي والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لما روي عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: نحن بقية تلك العترة، وإنما كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة (1)

وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قوله تعالى ﴿فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات﴾ أي ثمرات القلوب (2)

وقد استجاب الله دعاء إبراهيم في الصفوة الطاهرة من ذريته (عَلَيهِم السَّلَامُ) بحب المؤمنين إياهم وميلهم إليهم.

9- وفي هذا المعنى ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن رجاله، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له وأجابه قتادة فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) له: أخبرني عن قول الله عز وجل ﴿وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين﴾ (3).

فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته، بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله.

ص: 246


1- مجمع البيان: 6/318 واخرج صدره في البرهان: 2/319 ح 2 و 8 عن تفسير القمي: 347 مسندا وتفسير العياشي: 2/231 ح 35.
2- تفسير القمي: 347.
3- سورة سبأ: 18.

فقال له أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): نشدتك بالله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج (1) الرجل من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته و يضرب مع ذلك ضربة يكون فيها اجتياحه (2) ؟ قال قتادة: اللهم نعم.

فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك (3) فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد (حلال) (4) وكراء حلال يؤم (5) هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه، كما قال الله عز وجل ﴿فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم﴾ ولم يعن البيت فيقول (إليه) فنحن والله دعوة إبراهيم التي من هوانا قلبه قبلت حجته، وإلا فلا.

يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة (6)، الحديث.

«15»

(سورة الحجر)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ [41]

1- جاء في تأويل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن أحمد، عن عبد العظيم (7)، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 247


1- في نسخة «ج» خرج.
2- أي فيه استئصاله وهلاكه.
3- في نسخة «ج» (برأيك) بدل (من تلقاء نفسك).
4- ليس في نسخة «ج» وفى البحار: وراحلة.
5- في الكافي: يروم.
6- الكافي: 8/311 ح 485 وعنه البحار: 24/237 ح 6 و ج 46/349 ح 2 والبرهان: 1/18 ح 3 و ج 3/347 ح 1.
7- هكذا في الكافي ونسخة «ج»، وفى نسخ (أ، ب، م) أحمد بن عبد العظيم.

أنه قال: تلا هذه الآية هكذا (صراط علي مستقيم) (1)

يعني (علي بن أبي طالب) (عَلَيهِ السَّلَامُ) أي طريقه ودينه لاعوج فيه.

اعلم أنه لما كان قد استثنى إبليس اللعين عباد الله تعالى المخلصين وهم الأئمة المعصومون وشيعتهم كما يأتي بيانه، أخبر الله تعالى لإبليس بأن هؤلاء الذين استثنيتهم (هذا صراط علي) وهو أبوهم وأولهم وأفضلهم مستقيم وأنه قد سبق في علمي (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان).

2- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن بابويه، عن رجاله باسناد متصل، عن جعفر بن محمد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله سبحانه في كتابه فقال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والله ما أراد بهذا إلا الأئمة وشيعتهم (2)

3- محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه أبو بصير في حديث طويل فيه بشائر للشيعة عظيمة إلى أن قال فيه: قلت: جعلت فداك زدني.

قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله عز وجل في كتابه فقال ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ والله ما أراد بهذا إلا الأئمة وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمد؟

قال: قلت: جعلت فداك، زدني... الحديث (3).

قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [45] ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ [46] وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [47]

ص: 248


1- الكافي: 1/424 ح 63 وعنه البحار: 24/23 ح 49 والبرهان: 2/344 ح 1 وفى البحار: 24/17 ح 27 عن التأويل.
2- فضائل الشيعة: 23.
3- الكافي: 8/35 وعنه البحار: 68/51 والبرهان: 2/344 ح 8 والحديث نقلناه من نسخة «أ».

4- تأويله: ورد من طريق العامة، وهو ما نقله أبو نعيم الحافظ، عن رجاله، عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحب إلي منك وأنت أعز علي منها، وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه أباريق عدد نجوم السماء (1) وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنة (إخوانا على سرر متقابلين) (وأنت معي و شيعتك، ثم قرأ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)) (2).

5- وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه): باسناده عن رجاله، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ليس منكم رجل ولا امرأة إلا وملائكة الله يأتونه بالسلام من الله وأنتم الذين قال الله عز وجل فيهم (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) (3).

6- ويؤيده: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب قال: روى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ألا وإن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ونحن وشيعتنا بعدنا حبذا شيعتنا، ما أقربهم من عرش الله عز وجل وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة، والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلمت عليهم الملائكة قبلا والله ما من

ص: 249


1- في نسخة (م) الدنيا.
2- عنه البحار: 37/85 ح 53، وأخرجه في البحار: 36/72 ح 21 عن كشف الغمة: 1/325، وعن طريق المخالفين عن أبي هريرة، وفى البرهان: 2/348 ح 9 عن طريق المخالفين وبدل ما بين القوسين في نسخة «ج» لا ينظر أحد قفا صاحبه.
3- أخرجه في البحار: 68/36 ح 78 والبرهان: 2/348 ح 8 عن العياشي: 2/244 ح 24.

عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلا وله بكل حرف مائة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالسا إلا وله بكل حرف خمسون حسنة، ولا في غير صلاة إلا وله بكلحرف عشر حسنات وإن للصامت شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن خالفه (أنتم والله على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين) (1) وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيل الله، وأنتم والله الذين قال الله عز وجل ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين﴾ إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين:

عينان في الرأس، وعينان في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك.

ألا إن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم (2).

قوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [75] وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ [76]

7- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسيني، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله رجل عن قول الله عز وجل ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم﴾.

قال: قال: نحن المتوسّمون والسبيل فينا مقيم (3).

8- وروى عن محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم﴾ قال: المتوسمون هم الأئمة.

ص: 250


1- ليس في نسخة (أ، م).
2- الكافي: 8/214 ح 260 وعنه البحار: 68/81 ح 142 والبرهان: 2/347 ح 5 والوسائل: 4/842 ح 8.
3- الكافي: 1/218 ح 1 وعنه البرهان: 2/349 ح 1، وأخرجه في البحار: 24/130 ح 17 عن الاختصاص: 297 وبصائر الدرجات: 355 ح 3 متنا.

(وإنها لبسبيل مقيم) قال: (الإمامة) (1) لا تخرج منا أبدا (2).

9- وروى أيضا عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المتوسم، وأنا من بعده والأئمة

من ذريتي المتوسمون (3).

10- وروى الفضل بن شاذان (رَحمَةُ اللّه) باسناده، عن رجاله، عن (عمار بن أبي مطروف) (4)، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: ما من أحد إلا وبين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، محجوب (5) عن الخلائق إلا الأئمة والأوصياء، فليس بمحجوب عنهم، ثم تلا (إن في ذلك لآيات للمتوسمين)، ثم قال:

نحن المتوسمون، وليس والله أحد يدخل علينا إلا عرفناه بتلك السمة (6). فصلوات الله وسلامه على المتوسمين أئمة الدين وهداة المسلمين صلاة باقية في كل آن وفي كل حين.

ص: 251


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 1/218 ح 4 وص 438 ذ ح 3 وعنه البرهان: 2/350 ذ ح 4، وأخرجه في البحار: 24/124 ح 2 عن الاختصاص: 300 وبصائر الدرجات: 387 ذ ح 13.
3- الكافي: 1/218 ح 5 وعنه البحار: 17/130 ح 2، وأخرجه في البحار: 41 /290 ح 14 عن الاختصاص: 295. وبصائر الدرجات: 357 ذ ح 9.
4- في نسخة «ب» عمرو بن أبي المقدام، وفى نسخة «ج» عمار بن أبي مطرف.
5- في نسختي (ب، م) والبحار: محجوبة.
6- عنه البحار: 24/127 ح 7 والبرهان: 2/353 ح 22.

«16»

(سورة النحل)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: (بعد) (1) بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله فلا تستعجلوه

1- تأويله: ذكره المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتاب (الغيبة) باسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه﴾ قال: هو أمرنا يعني قيام قائمنا آل محمد -، أمرنا الله أن لا نستعجل به.

فيؤيده: إذا أتى ثلاثة جنود: الملائكة، والمؤمنون، والرعب، وخروجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كخروج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من مكة وهو قوله ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ (2).

ومعنى قوله (أتى أمر الله) يعني: إن أمر آت وكل آت قريب، فكأنه قد أتى.

وجاز الاخبار عن الآتي بالماضي لصدق المخبر به، فكأنه قد مضى.

ومثل ذلك في القرآن كثير، كقوله ﴿ونادى أصحاب الأعراف رجالا﴾ (3) وكقوله ﴿ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة﴾ (4) وقوله تعالى ﴿فلا تستعجلوه﴾ خطاب للمكذبين بقيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الله، وله منا الاجلال والاكرام.

قوله تعالى: وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [8]

2- تأويله: ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد

ص: 252


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه اثبات الهداة: 7/123 ح 635، وأخرجه في البحار: 52/356 ح 119 والبرهان: 2/359 ح 1 عن غيبة النعماني: 243 ح 43 مع اختلاف فيحتمل كون المفيد مصحف النعماني، والآية الأخيرة من سورة الأنفال: 5.
3- سورة الأعراف: 48.
4- سورة الأعراف: 50.

عن معلّى بن محمد، عن أبي داود المسترق قال: حدثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول ﴿وعلامات وبالنجم هم يهتدون﴾ قال: النجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم، والعلامات هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

3- وروى أيضا: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، قال: سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وعلامات وبالنجم هم يهتدون﴾.

قال: نحن العلامات، والنجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

4- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: العلامات الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والنجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

5- وقال أبو علي الطبرسي رحمه الله في تفسيره: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن العلامات، والنجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ولقد قال: إن الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض (4).

وقوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمنهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون [38]

6- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن سهل، عن محمد (5)،

ص: 253


1- الكافي: 1/206 ح 1 وعنه البحار: 16/359 ح 54 والبرهان: 2/362 ح 1 و اثبات الهداة: 2/304 ح 94.
2- الكافي: 1/207 ح 3 وعنه نور الثقلين: 3/45 ح 39، وأخرجه في البحار: 24/81 ح 26 والبرهان: 2/362 ح 9 عن تفسير العياشي: 2/256 ح 10.
3- تفسير القمي: 357/وعنه البحار: 24/80 ح 21 والبرهان: 2/362 ح 4 وفيها
4- مجمع البيان: 6/354 وعنه البحار: 24/67 والبرهان: 2/362 ح 13.
5- هر محمد بن سليمان الديلمي.

عن أبيه، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا﴾.

قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟

قال: قلت: إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله إن الله لا يبعث الموتى.

قال: فقال: تبا لمن قال: هذا، سلهم (1) هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه.

قال: فقال لي: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا قباع (2) سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون: بعث (3) فلان وفلان وفلان من قبورهم، فهم (4) مع القائم، فيبلغ ذلك قوما من عدونا، فيقولون:

يا معشر الشيعة ما أكذبكم؟ هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيش (أحد منهم) (5) إلى يوم القيامة.

قال: فحكى الله قولهم فقال ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت﴾

[ورواه المفيد أيضا في كتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما نقل ابن طاووس] (6).

فقال سبحانه وتعالى تكذيبا لهم ﴿بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس

ص: 254


1- في نسخة «ج» (ويلهم خ ل).
2- في نسخة «ج» قبائع، وفى نسختي (أ، م) تبايع، وفى نسخة «ب» ينابع وما أثبتناه من الكافي والظاهر. قباع جمع قابع يعنى مستورين سيوفهم.
3- في نسخة «ج» بعث الله.
4- في نسخة «ب» والكافي: وهم.
5- ليس في نسخة «ج»، وفى الكافي: ولا يعيشون إلى يوم القيامة.
6- الكافي: 8/50 ح 14، سعد السعود: 116 وعنهما البحار: 53/93 ح 102 وعن تفسير العياشي: 2/259، وأخرجه في البرهان: 2/368 ح 3 عن تفسير العياشي و وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».

لا يعلمون﴾ وهم أعداء الله وأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ثم قال ﴿ليبين لهم - أي لشيعتهم و عدوهم - الذي يختلفون فيه - من بعث الموتى وإحيائهم - وليعلم الذين كفروا – وهم أعدائهم - أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشئ إذا أردناه - من إحياء الموتى – أن نقول له كن فيكون﴾.

وهذا دليل واضح في الرجعة فكن بها قائلا، وعن المكذبين بها عادلا، وإلى المصدقين بها مائلا.

قوله تعالى: فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [43]

تأويله: قال أبو علي الطبرسي رحمه الله: المراد بأهل الذكر أهل القرآن.

7- ويقرب منه ما رواه جابر بن يزيد ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: نحن أهل الذكر وقد سمى الله رسوله (ذكرا) في قوله (ذكرا رسولا) (1).

فعلى أحد الوجهين أنهم أهل الذكر (2).

8- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): (الذكر) أنا، والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أهل الذكر (3).

9- وروى أيضا: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾.

ص: 255


1- سورة الطلاق: 10، 11.
2- مجمع البيان: 6/362 وعنه البحار: 11/17 وأخرج الرواية في البرهان: 2/372 ح 24 عن التأويل.
3- الكافي: 1/210 ح وعنه البحار: 16/359 ح 55 والبرهان: 2/369 ح 1 و الوسائل: 18/42 ح 4.

قال (الذكر) محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ونحن أهله المسؤولون (1).

10- وروى أيضا: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سألت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له: جعلت فداك قوله عز وجل ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ فقال: نحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون. قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: حقا علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟ قال: لا، ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله عز وجل ﴿هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب﴾ (2).

[وروى رحمه الله في ذلك عدة أحاديث] (3).

قوله تعالى: وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون [68]

11- علي بن إبراهيم رحمه الله، عن أبيه، عن الحسن بن علي الوشاء، عن رجل، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وأوحى ربك إلى النحل﴾ قال: نحن والله النحل الذي أوحى الله إليه أن يتخذ من العرب شيعه (ومن الشجر)، يقول: ومن العجم (ومما يعرشون) يقول: من الموالي، والذي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه) أي العلم الذي يخرج منا إليكم (4).

12- تأويله: جاء في باطن تأويل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي باسناده عن رجاله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله

ص: 256


1- الكافي: 1/210 ح 2 وعنه البرهان: 2/369 ح 2 والوسائل: 18/42 ح 6.
2- الكافي: 1/210 ح 3 وعنه البرهان: 2/369 ح 3 والوسائل: 18/43 ح 8 و نور الثقلين: 4/461 ح 59، والآية الأخيرة من سورة ص: 39.
3- من نسخة «أ».
4- تفسير القمي: 362 مع اختلاف وعنه البحار: 24/110 ح 1 والبرهان: 2/375 ح 1. والحديث أثبتناه من نسخة «أ».

عز وجل ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون﴾ قال: ما بلغ بالنحل أن يوحى إليها، بل فينا نزلت، فنحن النحل، ونحن المقيمون لله في أرضه بأمره، والجبال شيعتنا، والشجر النساء المؤمنات (1).

13- ويؤيده: ما وجدته في مزار بالحضرة الغروية سلام الله على مشرفها في زيارة جامعة وهو ما هذا لفظه: اللهم صل على الفئة الهاشمية، والمشكاة الباهرة النبوية والدوحة المباركة الأحمدية، والشجرة الميمونة (2) الرضية، التي تنبع بالنبوة وتتفرع بالرسالة، وتثمر بالإمامة وتغذي ينابيع الحكمة، وتسقى من مصفى (3) العسل والماء العذب الغدق الذي فيه حياة القلوب ونور الابصار الموحى إليه بأكل الثمرات، واتخاذ البيوتات من الجبال والشجر ومما يعرشون، السالك سبل ربه التي من رام غيرها ضل، ومن سلك سواها هلك ﴿يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس﴾ [أيها] (4) المستمع الواعي القائل الداعي (5).

فقد بان لك بأن الموحى إليه والمعني به ليس هو النحل، وإنما هو النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

توجيه التأويل الأول: إنما سمى الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) النحل، والشيعة الجبال، والنساء الشجر على سبيل المجاز تسمية للشئ باسم مماثله.

ومعنى تسميتهم بالنحل لان النحل كما ذكره تعالى ﴿يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس﴾ وكذلك الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (يخرج) من علومهم (شراب) تشرب به قلوب المؤمنين (مختلف ألوانه) أي معانيه في علوم شتى (فيه

ص: 257


1- عنه البحار: 24/110 ح 2، والبرهان: 2/375 ح 6.
2- في نسخة «ج» المباركة.
3- في نسخة «ج» صفى (خ ل - مصفى).
4- من نسخة «ج».
5- عنه البحار: 24/111 ح 3.

شفاء للناس﴾ من داء الجهل والعمى والالتباس.

وللنحل معنى آخر وهو أنه قد جاء في أسماء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمير النحل والنحل الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو أميرهم فهذا معنى النحل.

وأما الجبال إنما سمي الشيعة الجبال لان الجبال أوتاد الأرض - أن تميد بأهلها - هم وأئمتهم، وارتفاع درجاتهم عند ربهم (1) عن غيرهم من الأنام.

وإنما سمي النساء الشجر، لان الشجر إذا سقى الماء تفرع له فروع، و كذلك النساء يلقحن من ماء الفحل ويتفرع لهن فروع وهي الأولاد.

وقوله: النساء المؤمنات لان الخطاب لائمة المؤمنين، فما يعني إلا النساء المؤمنات.

وأما معنى قوله تعالى ﴿وأوحى ربك إلى النحل﴾ وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لانهم أهل بيت الوحي ﴿أن اتخذي من الجبال﴾ وهم شيعتهم ﴿بيوتا﴾ يأوون إليها ويتقون بها ويعدونها (ويؤدونها) (2) علومهم ويدخرون فيها كنوز أسرارهم بلا خشية منهم ولا تقية وهذا ما وصل إليه الذهن من المعنى، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

قوله تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [76]

14- معنى تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قوله ﴿وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ﴾ من الكلام لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه ﴿وهو كل على مولاه﴾ أي ثقل ووبال على مولاه ووليه الذي يتولى أمره ﴿أينما يوجهه لا يأت بخير﴾ أي لا منفعة فيه لمولاه ﴿هل يستوي هو﴾ أي هذا الرجل الأبكم ﴿ومن يأمر بالعدل - ويأتمر به - (3) وهو على صراط مستقيم﴾ أي طريق واضح ودين قويم فيما يأتي و

ص: 258


1- في نسخة «ج» ربك.
2- كذا نسخة «ج»، وفى نسخة (م) ويودعونها.
3- ليس في المجمع.

يذر، ويأمر وينهى لا يخالجه شك ولا ارتياب.

والمراد من الجواب أنهما لا يستويان قط، لأنه لا جواب لهذا الكلام إلا النفي (1) وإنما ضرب الله هذا المثل في هذين الرجلين لأولي البصائر والابصار بحيث يحصل التمييز والاعتبار بين الرجل الأبكم وبين الذي (يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم).

فأما الرجل الأبكم، فهو من قريش وكان مولاه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وكان كلا عليه وكان لا يوجهه إلى جهة إلا ورد خائبا مجبوها مخذولا بلا خير ولا نفع.

وأما الذي (يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) فهو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

15- لما روى أبو عبد الله الحسين بن جبير في كتابه نخب المناقب حديثا مسندا عن حمزة بن عطاء، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم﴾.

قال: هو علي بن أبي طالب (يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) (2).

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الرجل الأبكم ضده من قومه وأهله فكيف يساويه وهو لا يساوي شسع نعله.

قوله تعالى: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا

16- قال أبو علي الطبرسي رحمه الله (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا) يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه من كل أمة شهيدا، وهم الأنبياء والعدول في كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم.

وقال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): لكل زمان وأمة إمام، تبعث كل أمة مع إمامها (3).

ص: 259


1- مجمع البيان: 6/375.
2- عنه البحار: 24/24 ح 51 وأخرجه في البحار: 41/111 ح 21 والبرهان: 2/377 ح 2 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 1/374.
3- مجمع البيان: 6/378 وعنه البحار: 7/308 واثبات الهداة: 1/258 ح 247.

17- وقال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: لكل أمة إمام، يعني يشهد عليها يوم القيامة (1).

وقوله تعالى: ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء

18- قال علي بن إبراهيم رحمه الله: قوله ﴿ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم﴾ يعني (من) (2) الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ثم قال لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿وجئنا بك شهيدا على هؤلاء﴾ يعني على الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).

19- وذكر أيضا في تأويل قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [90]

قال: العدل (شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا) (4) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) و (الاحسان) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و (ذي القربى) الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وينهى عن الفحشاء و المنكر والبغي - وهم أعداؤهم - (5) يعظكم لعلكم تذكرون) (6). ومعنى ذلك أن الله سبحانه أمر بثلاثة أشياء وهي: العدل، والاحسان، وإيتاء ذي القربى، وكنى بالعدل عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وبالاحسان عن الوصي، وذلك على سبيل المجاز تسمية المضاف إليه باسم المضاف (7).

ومثله (وسئل القرية) (8) أي أهل القرية، وكذلك النبي والوصي أي النبي

ص: 260


1- لم نجده في تفسير القمي.
2- ليس في نسختي (ج، م).
3- تفسير القمي: 363 وعنه البحار: 23/341 ح 18 والبرهان: 2/378 ذ ح 5.
4- ليس في نسخة (م).
5- في تفسير القمي: فلان وفلان وفلان.
6- تفسير القمي: 364 وعنه البحار: 24/188 ح 6 والبرهان: 2/381 ح 1.
7- الصحيح: تسمية المضاف باسم المضاف إليه.
8- سورة يوسف: 82.

أهل العدل، والوصي أهل الاحسان، وأما قوله ﴿ذي القربى﴾ أنهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فان ذلك حقيقة لا مجاز، لانهم أقرب القرباء إليهما، صلوات الله عليهم وعليهما.

ونهى سبحانه عن ثلاثة أشياء: وهي الفحشاء، والمنكر، والبغي، وكنى بذلك عن أعدائهم وسماهم بذلك مجازا أيضا أي أهل الفحشاء والمنكر والبغي.

20- ويؤيد هذا: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله بالاسناد إلى عطية بن الحارث، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾.

قال (العدل) شهادة الاخلاص وأن محمدا رسول الله، (والاحسان) ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والاتيان (1) بطاعتهما، صلوات الله عليهما (وإيتاء ذي القربى) الحسن والحسين والأئمة من ولده (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) وهو من ظلمهم وقتلهم ومنع حقوقهم (2).

وموالاة أعدائهم، فهي المنكر الشنيع والامر الفظيع.

قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [91] وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [92] وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [93] وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [94]

ص: 261


1- في نسخة «ب» الايمان، وفى نسخة «ج» الايتاء.
2- أخرجه في البحار: 24/188 ح 7 والبرهان: 2/382 ح 9 عن ارشاد القلوب.

21- تأويله: وهو ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلالي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان من قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) للناس (1) سلموا عليه بإمرة المؤمنين، فكان مما أكد الله سبحانه عليهما في ذلك اليوم بأزيد قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لهما: قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين. فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من الله، ومن رسوله (فلمّا سلما عليه بإمرة المؤمنين) (2)

أنزل الله عز وجل ﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون﴾.

يعني به قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لهما وقولهما له (أمن الله أو من رسوله) وقوله ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون﴾ أئمة (3) هي أزكى من أئمتكم قال: قلت: جعلت فداك أئمة؟ قال: إي والله أئمة، قلت: فإنا نقرأ أربى، فقال: وما أربى؟ وأومأ بيده وطرحها - وقال ﴿انما يبلوكم الله به - يعني بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وليبين لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون، ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قد بعد ثبوتها - يعني بعد مقالة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله - يعني به عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ولكم عذاب عظيم﴾ (4).

22- وقال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: قوله عز وجل ﴿وأوفوا بعهد الله إذا

ص: 262


1- في نسخة (م) للناس للأول والثاني، وفى تفسير القمي: سلموا على على بإمرة المؤمنين بغدير خم.
2- ليس في الكافي.
3- في نسخة «ج» أمة (أئمة خ ل).
4- الكافي: 1/292 ح 1 وعنه البرهان: 2/382 ذ ح 1، وأخرج نحوه في البحار: 36 /148 ح 126 عن تفسیر العیاشی: 2/268 ح 64.

عاهدتم﴾ يعني عهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذي أخذه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

ثم قال الله لهم ناهيا محذرا ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ (1).

وهذه إشارة إلى امرأة كانت بمكة وكان لها جوار تأمرهن (أن يغزلن الصوف وهي معهن من الفجر إلى الزوال ثم تأمرهن) (2) أن ينكثن ما غزلنه من الزوال إلى الغروب وكان هذا دأبها، فضرب بها المثل أي فان نقضتم عهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) المؤكد المبرم من الله ومن رسوله كنتم كهذه المرأة التي (نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) (3).

قال: وأما قوله ﴿أن تكون أمة هي أربى من أمة﴾ فإنه روي عن أبي عبد الله أنه قال: لقارئ هذه الآية: ويحك ما أربى إنما نزل أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم ﴿إنما يبلوكم الله به﴾ أي يختبركم بعهد الله ورسوله في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

ومعنى قوله ﴿أئمة هي أزكى من أئمتكم﴾ أي أطهر والطاهر المعصوم فهم الأئمة المعصومون الطيبون الطاهرون، وأعداؤهم الأئمة الضالون المضلون المشركون الذين هم نجس لا يطهرون، فعليهم من العذاب العدائم ما يستحقون.

قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [98] إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [99] إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [100]

23- تأويله: روى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى يرفعه باسناده إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله ﴿إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون﴾ فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ليس له عليهم سلطان أن يزيلهم عن الولاية، فأما الذنوب فإنهم ينالونها كما تنال من غيرهم (5).

ص: 263


1- لم نجده في تفسير القمي وانما الموجود هو مثل رواية الكافي المتقدم فلعله نقله بالمعنى.
2- ليس في نسخة «ج».
3- اقتباس من الآية المذكورة.
4- تفسير القمي: 365 نحوه وعن البحار: 36/81 ح 4 والبرهان: 2/382 ح 3.
5- لم نجده في تفسير القمي هكذا بل الموجود فيه: 365 مرسلا نحوه نعم رواه العياشي في تفسيره: 2/270 ح 69 وعنه البحار: 63/255 ح 123 والبرهان: 2/384 ح 7.

24- ويؤيده: ما نقله الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) قال: (عنه، عن علي ابن الحسن)، عن منصور بن يونس (1)، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له قوله عز وجل ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون﴾ فقال: يا أبا محمد يسلط الله من المؤمن على بدنه، ولا يسلط على دينه، وقد سلط على أيوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فشوه خلقه ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم. قلت: فقوله عز وجل ﴿إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون﴾ قال: الذين كفروا بالله وبه مشركون يسلط على أديانهم وعلى أبدانهم (2).

ومعنى هذا التأويل: أن (الذين آمنوا) هم الشيعة أهل الولاية الذين ليس لشيطان عليهم في الولاية سلطان، لانهم يتولون من أمر الله بولايته وطاعته و لا يتولون الشيطان ولا أهل غوايته، فلأجل ذلك لم يكن له عليهم سلطان (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون).

وهذا يدل على أن الذين له عليهم سلطان ضد أهل الولاية وهم ﴿الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون﴾ به وبرسوله وبوصيه (3) يؤمنون، ولله وللرسول وللوصي يتولون ويوالون لانهم المخاطبون بقوله تعالى ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا

ص: 264


1- كذا في الكافي: رقم (43 وقبله رقم 431-432 هكذا: علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم. وفى البحار: علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور. وفى الوافي: علي بن محمد عن علي بن العباس عن منصور. وفى البرهان: علي بن محمد عن علي بن الحسن عن منصور. وفى الأصل: عدة من أصحابنا عن الحسين بن منصور عن يونس.
2- الكافي: 8/288 ح 433 وعنه البحار: 63/264 ح 48 وفى ص 254 ح 121 و البرهان: 2/384 ح 3 و 4 عنه وعن تفسير العياشي: 2/269 ح 66.
3- في نسخة (م) وصيه.

يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون﴾ (1).

فأبشروا أيها المؤمنون الذين هم بالولاية مستمسكون، أنهم بها - والله – الفائزون ومن الفزع الأكبر أنتم الآمنون وأنكم في زمرة النبي وأهل بيته تحشرون.

صلى الله عليه وعليهم صلاة دائمة ما دامت الأعوام والسنون، وسرت الرياح في السهول والحزون.

«17»

(سورة الإسراء)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: ِبسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [1]

1- تأويله: نقل ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) في سعد السعود، عن محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) في تأويل قوله جل جلاله ﴿سبحانه الذي أسرى.. الآية﴾ مما رواه عن رجال المخالفين وهو غريب في فضل مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات رب العالمين باسناده إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: بينما أنا في الحجر إذ أتاني جبرئيل فهمزني برجلي فاستيقظت فلم أر شيئا، ثم أتاني الثانية فهمزني برجلي فاستيقظت، فأخذ بضبعي (2) فوضعني في شئ كوكر الطير.

فلمّا طرقت (3) ببصري طرفة، فرجعت إلي وأنا في مكاني! فقال: هل تدري (4) أين أنت؟ فقلت: لا يا جبرئيل.

ص: 265


1- سورة المائدة: 55 - 56.
2- الضبع: العضد.
3- في نسخة «أ» والمصدر: أطرقت.
4- في البحار: أتدري.

فقال: هذا بيت المقدس، بيت الله الأقصى، فيه المحشر والمنشر.

ثم قام جبرئيل، فوضع سبابته اليمنى في اذنه اليمنى فأذن مثنى مثنى، يقول في آخرها (حي على خير العمل) (مثنى مثنى) (1) حتى إذا قضى أذانه أقام الصلاة مثنى مثنى، وقال في آخرها (قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) فبرق نور من السماء ففتحت به قبور الأنبياء، فأقبلوا من كل أوب يلبون دعوة جبرئيل، فوافى أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة عشر نبيا، فأخذوا مصافهم ولا أشك أن جبرئيل سيتقدمنا (2) فلمّا استووا على مصافهم أخذ جبرئيل بعضدي، ثم قال لي: يا محمد تقدم فصل بإخوانك، فالخاتم أولى من المختوم، فالتفت من يميني وإذا أنا بأبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه حلتان خضراوان، عن يمينه ملكان، وعن يساره ملكان، ثم التفت عن يساري فإذا أنا بأخي ووصيي علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عليه حلتان بيضاوان، عن يمينه ملكان، وعن يساره ملكان، فاهتززت سرورا، فغمزني جبرئيل بيده.

فلمّا انقضت الصلاة قمت إلى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقام إلي وصافحني، وأخذ بيميني بكلتا يديه، فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والابن الصالح، والمبعوث الصالح في الزمن الصالح.

وقام إلى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فصافحه وأخذ بيمينه بكلتا يديه، وقال: مرحبا بالابن الصالح ووصي (النبي) (3) الصالح، يا أبا الحسن. فقلت له:

يا أبت كنيته بأبي الحسن ولا ولد له؟ فقال: كذلك وجدته في صحيفتي (4) وعلم غيب ربي، باسمه علي وكنيته بأبي الحسن والحسين، وصي خاتم أنبياء ربي.

ثم قال في بعض تمام الحديث أصبحنا في الأبطح منبسطين (5)، لم يباشرنا

ص: 266


1- ليس في المصدر.
2- في الأصل: استقدمنا.
3- ليس في المصدر.
4- في البحار: صحفي.
5- في البحار (نشطين).

عناء وإني محدثكم بهذا الحديث، وسيكذب به قوم، وهو الحق فلا تمترون.

ثم قال ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه): لعل هذا الاسراء كان دفعة أخرى غير ما هو مشهور فان الاخبار وردت مختلفة في صفات الاسراء المذكور، ولعل الحاضرين من الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) في هذه الحال دون الأنبياء الذين حضروا في الاسراء الآخر، لان عدد الأنبياء الأخيار مائة ألف نبي وأربعة وعشرون نبيا، ولعل الحاضرين من الأنبياء كانوا في هذه هم المرسلون أو من له خاصة وسر مصون، وليس كل ما جرى من خصائص النبي وعلي صلوات الله عليهما عرفناه، وكلما يحتمله العقل وكرم الله تعالى لا يجوز التكذيب في معناه، وقد ذكرت في عدة مجلدات ومصنفات أنه حيث ارتضى الله جل جلاله عبده لمعرفته وشرفه بخدمته فكلما يكون بعد ذلك من الانعام والاكرام فهو دون هذا المقام، ولا سيما أنه برواية الرجال الذين لا يتهمون في نقل فضل مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

2- وروى رضي الله عنه في كتاب (اليقين في تسمية علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) باسناده إلى محمد بن العباس المذكور من كتابه المشار إليه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أبي القاسم المعروف بماجيلويه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: وحدثنا محمد بن حماد الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن أبي داود الطهروي (2) عن ثابت بن أبي صخرة، عن الرعلي، عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإسماعيل بن أبان، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن علي قالا: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): كنت نائما في الحجر، إذ أتاني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحركني تحريكا لطيفا، ثم قال لي:

عفا الله عنك يا محمد قم واركب ففد إلى ربك، فأتاني بدابة دون البغل و فوق الحمار، خطوها مد البصر، لها جناحان من جوهر، تدعى (البراق).

ص: 267


1- سعد السعود: 100 وعنه البحار: 18/317 ح 32 والمستدرك: 1/250 ح 5.
2- كذا في المصدر، وفى البحار: الطهري، وفى الأصل: الطهوري.

قال: فركبت حتى طعنت في الثنية، إذا أنا برجل قائم متصل شعره إلى كتفيه فلمّا نظر إلي قال: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا حاشر، قال: فقال لي جبرئيل: رد عليه يا محمد (فرددت عليه) (1) فلمّا أن جزت الرجل وطعنت في وسط الثنية إذا أنا برجل أبيض الوجه جعد الشعر، فسلم مثل الأول ورددت عليه فقال لي: يا محمد احتفظ بالوصي ثلاث مرات - علي بن أبي طالب المقرب من ربه فلمّا جزت الرجل وانتهيت إلى بيت المقدس إذ أنا برجل أحسن الناس وجها وأتم الناس جسما وأحسن الناس بشرة.

فقال: السلام عليك يا نبي والسلام عليك يا أول - مثل تسليم الأول – فرددت عليه، فقال: يا محمد احتفظ بالوصي ثلاث مرات المقرب من ربه، الأمين على حوضك، صاحب شفاعة الجنة، قال: فنزلت عن دابتي عمدا، فأخذ جبرئيل بيدي وأدخلني المسجد، فخرق بي الصفوف والمسجد غاص بأهله.

قال: فإذا بنداء من فوقي: تقدم يا محمد، قال: فقدمني جبرئيل فصليت بهم.

ثم وضع لي سلم إلى السماء الدنيا من لؤلؤ، فأخذ بيدي جبرئيل فخرق بي إلى السماء (فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) (2)، فقرع جبرئيل الباب فقالوا: من هذا؟ قال: أنا جبرئيل. قالوا: من معك؟ قال: معي محمد. قالوا وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتحوا لنا ثم قالوا: مرحبا بك من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المختار، خاتم النبيين، لا نبي بعده.

ثم وضع لنا منها سلم من ياقوت موشح بالزبرجد الأخضر.

قال: فصعدنا إلى السماء الثانية، فقرع جبرئيل الباب فقالوا مثل القول الأول، وقال جبرئيل مثل القول الأول، ففتح لنا.

ص: 268


1- في المصدر قال: فقلت (وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) بدل (فرددت عليه).
2- سورة الجن: 8.

ثم وضع لنا سلم من نور محفوف ما حوله بالنور فقال جبرئيل (تثبت و اهتد هديت).

ثم ارتفعنا إلى الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة بإذن الله، فإذا بصوت وصيحة شديدة، قال: قلت: يا جبرئيل ما هذا الصوت؟ فقال لي: يا محمد هذا صوت طوبى قد اشتاقت إليك. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فغشيتني عند ذلك مخافة شديدة، ثم قال لي جبرئيل: تقرب إلى ربك، فقد وطئت اليوم مكانا - بكرامتك على الله عز وجل - ما وطئته قط، ولولا كرامتك لأحرقني هذا النور الذي بين يدي، قال: فتقدمت فكشف لي عن سبعين حجابا، فقال لي:

يا محمد! فخررت ساجدا وقلت: لبيك رب العزة لبيك. قال: فقيل لي:

يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفّع.

يا محمد أنت حبيبي وصفيي ورسولي إلى خلقي وأميني في عبادي، من خلفت في قومك حين وفدت إلي؟ قال: فقلت: من أنت أعلم به مني أخي وابن عمي وناصري ووزيري وعيبة علمي ومنجز عداتي (1) قال: فقال لي ربي:

وعزتي وجلالي (2) ومجدي وقدرتي على خلقي، لا أقبل الايمان بي ولا بأنك نبيي إلا بالولاية له.

يا محمد أتحب أن تراه في ملكوت السماء؟ قال: فقلت: ربي فكيف لي به وقد خلفته في الأرض؟! قال: فقال لي:

يا محمد ارفع رأسك. قال: فرفعت رأسي وإذا أنا به مع الملائكة المقربين مما يلي السماء الأعلى، قال: فضحكت حتى بدت نواجذي.

قال: فقلت: يا رب اليوم قرت عيني. قال: ثم قيل لي: يا محمد.

ص: 269


1- في المصدر: وعدى.
2- في البحار والمصدر: وجودي.

قلت: لبيك ذا العزة لبيك. قال: إني أعهد إليك في علي عهدا فاسمعه. قلت: ما هو يا رب، قال: علي راية الهدى وإمام الأبرار وقاتل الفجار وإمام من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، أورثته علمي وفهمي، فمن أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني، إنه مبتل ومبتلى به، فبشره بذلك يا محمد.

قال: ثم أتاني جبرئيل فقال لي: يقول الله لك: يا محمد ﴿وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها﴾ (1) ولاية علي بن أبي طالب، تقدم بين يدي يا محمد (فتقدمت) (2) فإذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر واليواقيت، أشد بياضا من الفضة وأحلى من العسل و أطيب ريحا من المسك الأذفر.

قال: فضربت بيدي، فإذا طينه مسكة ذفرة. قال: فأتاني جبرئيل فقال لي: يا محمد أي نهر هذا؟ قال: قلت: أي نهر هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا نهرك وهو الذي يقول عز وجل ﴿إنا أعطيناك الكوثر - إلى موضع - الأبتر﴾ (3) عمرو بن العاص هو الأبتر. قال:

ثم التفت فإذا أنا برجال يقذف بهم في نار جهنم فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟

فقال لي: هؤلاء المرجئة والقدرية والحرورية وبنو أمية والناصب لذريتك العداوة، هؤلاء الخمسة لا سهم لهم في الاسلام ثم قال لي: أرضيت عن ربك ما قسم لك؟،

قال: فقلت: سبحان ربي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وأعطى سليمان ملكا عظيما وكلمني ربي واتخذني خليلا وأعطاني في علي أمرا عظيما.

يا جبرئيل من الذي لقيت في أول الثنية؟ قال: ذاك أخوك موسى بن عمران قال: السلام عليك يا أول فأنت مبشر (4) أول البشر.

«والسلام عليك يا آخر» فأنت تبعث آخر النبيين.

ص: 270


1- سورة الفتح: 26.
2- ليس في المصدر.
3- سورة الكوثر: 1-3.
4- في البحار: تنشر.

(والسلام عليك يا حاشر) فأنت على حشر هذه الأمة.

قال: فمن الذي لقيت في وسط الثنية؟

قال: فذاك أخوك عيسى بن مريم يوصيك بأخيك علي بن أبي طالب فإنه قائد الغر المحجلين، وأمير المؤمنين وأنت سيد ولد آدم.

قال: فمن ذا الذي لقيت عند الباب، باب بيت المقدس؟

قال: ذاك أبوك آدم يوصيك بابنه علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) خيرا ويخبرك أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين.

قال: فمن ذا الذين صليت بهم؟

قال: أولئك الأنبياء والملائكة، كرامة من الله أكرمك بها يا محمد، ثم هبط بي الأرض قال: فلمّا أصبح النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، بعث إلى أنس بن مالك، فدعاه فلمّا جاءه قال له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ادع عليا فأتاه فقال: يا علي أبشرك. قال: بماذا؟ فبشره بجميع ما رآه. الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (1).

واعلم أن هذا الشيخ الجليل روى في هذا الموضع وغيره من كتابه مما يتعلق بالإسراء أحاديث كثيرة وكلها تشتمل على فضائل غزيرة وكثير من علماء العامة والخاصة ممن ألف في هذا المرام ذكر من فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مما له مناسبة بهذا المقام ما لا تحصيه الأقلام وربما يرد بعض من ذلك في تضاعيف الكلام والله ولي الاعتصام (2).

3- وروى علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن هشام ابن الحكم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا﴾ الآية قال: روي عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: بينا أنا راقد بالأبطح، وعلي يميني، وجعفر عن يساري، وحمزة بين يدي وإذا أنا بحفيف أجنحة الملائكة وقائل يقول:

ص: 271


1- كشف اليقين: 83 وعنه البحار: 37/312 ح 49.
2- من أول حديث - 1-إلى هنا أثبتناه من نسخة «أ».

إلى أيهم بعثت (1) يا جبرئيل؟ - فأشار إلي وقال: إلى هذا وهو سيد ولد آدم، وهذا وزيره، ووصيه وخليفته في أمته وهذا عمه سيد الشهداء حمزة، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة، دعه فلتنم عيناه، ولتسمع (2) أذناه وليعي قلبه، واضربوا له مثلا: ملك بنى دارا، واتخذ مأدبة وبعث داعيا.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الملك: الله، والدار: الدنيا، والمأدبة: الجنة، والداعي إليها: أنا. وذكر الحديث بطوله (3).

4- الصدوق (قُدِّسَ سِرُّهُ) في كتاب أخبار الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) - كما ذكر ابن طاووس - ناقلا عنه، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي (4)، عن فرات بن إبراهيم بن فرات، عن محمد بن علي الهمداني، عن أبي الحسن بن خلف بن موسى بن الحسن الواسطي بواسط، عن عبد الأعلى الصنعاني، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما زوج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) تحدثن نساء قريش وغيرهن وعيرنها وقلن: زوجك [رسول الله من عائل] (5) لا مال له، فقال لها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا فاطمة أما ترضين؟ إن الله تبارك وتعالى اطلع إطلاعة إلى الأرض فاختار منها رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك.

يا فاطمة كنت أنا وعلي نورين بين يدي الله تعالى مطيعين من قبل أن يخلق الله تعالى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم قسم ذلك النور بجزئين جزء أنا، وجزء علي، ثم إن قريشا تكلمت في ذلك وفشا الخبر، فبلغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 272


1- فی نسخة «ب» و المصدر: بعث.
2- فی الاصل: و تسمع.
3- تفسير القمي : 376 مرسلاً وعنه نور الثقلين : 100/3 ح 15 والبحار : 18/337 ح 38 و البرهان : 2/394 ج 2 و اثبات الهداة : 3/555 ح 618.
4- في الأصل والمصدر: محمد بن الحسن بن سعيد الهاشمي والصحيح ما أثبتناه، راجع إلى كتابنا معجم أسانيد الشيعة باب الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي.
5- من البحار.

فأمر بلالا فجمع الناس، وخرج إلى مسجده ورقى منبره يحدث الناس بما خصه الله تعالى من الكرامة، وبما خص به عليا وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقال: يا معاشر الناس إنه بلغني مقالتكم، وإني محدثكم حديثا فعوه، واحفظوه إلى أنا قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم:

إني لما أسري بي إلى السماء [فما مررت بملا من الملائكة في سماء من السماوات إلا سألوني عن علي بن أبي طالب وقالوا: يا محمد إذا رجعت إلى الدنيا فاقرأ عليا وشيعته منا السلام، فلمّا وصلت إلى السماء السابعة] (1) وتخلف عني جميع من كان معي من ملائكة السماوات وجبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والملائكة المقربين، ووصلت إلى حجب ربي دخلت إلى سبعين ألف حجاب، بين كل حجاب إلى حجاب من حجب العزة والقدرة والبهاء والكرامة والكبرياء والعظمة والنور والظلمة والوقار حتى وصلت إلى حجاب الجلال، فناجيت ربي تبارك وتعالى وقمت بين يديه، و تقدم إلي عز ذكره بما أحبه وأمرني بما أراد، لم أسأله لنفسي شيئا وفي علي إلا أعطاني، ووعدني الشفاعة في شيعته وأوليائه، ثم قال لي الجليل جل جلاله:

يا محمد من تحب من خلقي؟ قلت: أحب الذي تحبه أنت يا رب.

فقال جل جلاله: فأحب عليا فاني أحبه وأحب من يحبه، وأحب من أحب من يحبه، فخررت لله ساجدا مسبحا شاكرا لربي تبارك وتعالى، فقال لي:

يا محمد علي وليي وخيرتي بعدك من خلقي، اخترته لك أخا ووصيا وصفيا ووزيرا وخليفة وناصرا لك على أعدائي.

يا محمد وعزتي وجلالي لا يناوئ عليا جبار إلا قصمته، ولا يقاتل عليا عدو من أعدائي إلا هزمته وأبدته.

يا محمد إني اطلعت على قلوب عبادي فوجدت عليا أنصح خلقي لك، و

ص: 273


1- من البحار.

أطوعهم لك، فاتخذه أخا وخليفة ووصيا، فزوجه ابنتك فإني سأهب لها غلامين طيبين طاهرين تقيين، فبي حلفت، وعلى نفسي حتمت أنه لا يتولين عليا وزوجته وذريتهما أحد من خلقي إلا رفعت لواءه إلى قاعة عرشي وأبحته جنتي وبحبوحة (1) كرامتي وسقيته من حظيرة قدسي، ولا يعاديهم أحد أو يعدل عن ولايتهم يا محمد إلا سلبته ودي وباعدته من قربي، وضاعفت عليهم عذابي ولعنتي.

يا محمد إنك رسولي إلى جميع خلقي، وإن عليا وليي وأمير المؤمنين، وعلى ذلك أخذت ميثاق ملائكتي وأنبيائي وجميع خلقي، وهم أرواح من قبل أن أخلق خلقا في سمائي وأرضي محبة مني لك يا محمد ولعلي، ولولدكما ولمن أحبكما وكان من شيعتكما ولذلك خلقته من خليقتكما (2).

فقلت: إلهي وسيدي! فاجمع الأمة (عليه) (3)، فأبى ذلك علي، وقال:

يا محمد إنه لمبتلى ومبتلى به وإني جعلتكم محنة لخلقي، أمتحن بكم جميع عبادي وخلقي في سمائي وأرضي وما فيهن، لأكمل الثواب لمن أطاعني فيكم وأحل عذابي ولعنتي على من خالفني فيكم وعصاني، وبكم أميز الخبيث من الطيب.

يا محمد، وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت آدم، ولولا علي ما خلقت الجنة لأني بكم أجزي العباد يوم المعاد بالثواب والعقاب، وبعلي وبالأئمة من ولده أنتقم من أعدائي في دار الدنيا، ثم إلي المصير للعباد في المعاد وأحكمكما في جنتي و ناري، فلا يدخل الجنة لكما عدو، ولا يدخل النار لكما ولي وبذلك أقسمت على نفسي.

ثم انصرفت فجعلت لا أخرج من حجاب من حجب ربي ذي الجلال والاكرام إلا سمعت النداء من ورائي:

ص: 274


1- بحبوحة الدار: وسطها، وبحبوحة العيش: رغده وخياره.
2- في البحار: طينتكما.
3- ليس في البحار.

يا محمد [أحبب عليا، يا محمد أكرم عليا] (1) قدم عليا.

يا محمد استخلف عليا، يا محمد أوص إلى علي، يا محمد واخ عليا.

يا محمد أحب من يحب عليا، يا محمد استوص بعلي وشيعته خيرا.

فلمّا وصلت إلى الملائكة جعلوا يهنؤني في السماوات ويقولون: هنيئا لك يا رسول الله بكرامته لك ولعلي.

معاشر الناس! علي أخي في الدنيا والآخرة، ووصيي وأميني على سري و سر رب العالمين ووزيري وخليفتي عليكم في حياتي وبعد وفاتي، لا يتقدمه أحد غيري، وخير من أخلف بعدي، ولقد أعلمني ربي تبارك وتعالى أنه سيد المسلمين، وإمام المتقين وأمير المؤمنين ووارثي وارث النبيين، ووصي رسول رب العالمين و قائد الغر المحجلين من شيعته وأهل ولايته إلى جنات النعيم، بأمر رب العالمين يبعثه الله يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، بيده لوائي لواء الحمد، يسير به أمامي وتحته آدم وجميع من ولد من النبيين والشهداء والصالحين إلى جنات النعيم، حتما من الله، محتوما من رب العالمين وعد وعدنيه ربي فيه، و لن يخلف الله وعده، وأنا على ذلك من المشاهدين (2).

5- وروى الصدوق في الخصال وفي كتاب المعراج، وغيره في غيرهما عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: عرج بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى السماء مائة وعشرين مرة، ما من مرة إلا وقد أوصى الله عز وجل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيها بالولاية لعلي والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أكثر مما أوصى بالفرائض (3).

ص: 275


1- من البحار.
2- كشف اليقين: 158 وعنه البحار: 18/397 ح 101 و ج 40/18 ح 36 وعن المحتضر: 143 عن ابن عباس.
3- الخصال: 2/600 ح 3 وعنه البحار: 18/387 ح 96 و ج 23/69 ح 4 وعن بصائر الدرجات: 79 ح 10 وفى نور الثقلين: 3/98 ح 7 عن الخصال وأخرجه في البرهان: 2/394 ح 3 وحلية الأبرار: 1/209 عن البصائر والحديثين (4 و نقلناهما من نسخة «أ».

وممّا ورد في الاسراء إلى السماء منقبة عظيمة وفضيلة جسيمة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) اختص بها دون الأنام:

6- وهو ما نقله الشيخ أبو جعفر محمد الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في أماليه عن رجاله مرفوعا عن عبد الله بن عباس (رض) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول:

أعطاني الله تعالى خمسا، وأعطى عليا خمسا:

أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم.

وجعلني نبيا، وجعله وصيا.

وأعطاني الكوثر، وأعطاه السلسبيل.

وأعطاني الوحي، وأعطاه الالهام.

وأسرى بي، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه.

قال: ثم بكى رسول الله، فقلت له: ما يبكيك فداك أبي وأمّي؟

فقال: يا بن عباس إن أول ما كلمني به ربي أن قال: يا محمد انظر إلى تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي فكلمني وكلمته بما كلمني ربي عز وجل.

فقلت: يا رسول الله بم كلمك ربّك؟

فقال: قال لي ربي: يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك، فأعلمه فها هو يسمع كلامك، فأعلمته (1) وأنا بين يدي ربي عز وجل.

فقال لي: قد قبلت وأطعت، فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت، فرد (عَلَيهِم السَّلَامُ) ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني و قالوا: يا محمد والذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز وجل لك ابن عمك، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض،

ص: 276


1- في نسخة (م) وأعلمته.

فقلت: يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟

فقال: يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) استبشارا به ما خلا حملة العرش، فإنهم استأذنوا الله عز وجل في هذه الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه، فلمّا هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه.

قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله أوصني، فقال: يا بن عباس عليك بحب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قلت: يا رسول الله أوصني قال: عليك بمودة علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والدي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ وأمر به إلى النار، الحديث (1).

وقوله تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [4] فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا [5] ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [6]

7- تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب رحمه الله قال: روى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين﴾ قال: مرة قتل علي بن

ص: 277


1- أمالي الطوسي: 1/102 وعنه البحار: 16/317 ح 7 و ج 18/370 ح 77 و ج 38 /157 ح 133 والبرهان: 4/512 ح 2 وأخرج صدره في البحار: 16/322 صدر ح 12 عن أمالي الطوسي: 118 والخصال: 293 ح 57 وقال في آخره: والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ورواه في بشارة المصطفى: 49 والمحتضر: 107.

أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومرة طعن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ولتعلن علوا كبيرا) قال: قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فإذا جاء وعد أوليهما) أي جاء نصر دم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

﴿بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار﴾.

قال: يبعثهم الله قبل خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلا يدعون وترا لآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلا قتلوه «وكان وعدا مفعولا - خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم» خروج الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يخرج في سبعين (ألفا) (1) من أصحابه عليهم البيض المذهبة لكل بيضة وجهان المؤدون إلى الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنين فيه وإنه ليس بدجال ولا شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جاء الحجة الموت، فيكون الذي يغسله ويكفنه و يحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ولا يلي الوصي إلا وصي (مثله) (2).

فعلى هذا التأويل: يكون المعنى: إنا (قضينا إلى بني إسرائيل) على لسان موسى وعيسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في الكتاب يعني التوراة والإنجيل (لتفسدن في الأرض) يخاطب بذلك أمة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

وقوله تعالى ﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم﴾ يخاطب بذلك أصحاب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلى آبائه الكرام.

وهذا التأويل دليل صحيح على الرجعة وأن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرجع إلى الدنيا.

ويؤيد هذا ما جاء في الدعاء في اليوم الثالث من شعبان (الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض عن قتله أن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في

ص: 278


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 8/206 ح 250 وعنه البحار: 53/13 ح 103 والبرهان: 2/401 و مختصر البصائر: 48، وما بين القوسين ليس في نسخة «أ».

أوبته) (1) أي رجعته إلى الدنيا، فافهم ذلك.

قوله تعالى: إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين

8- تأويله: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن موسى بن أكيل النميري (2)، عن العلاء (3) بن سيابة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ قال: يهدي إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

ومعنى ذلك أن في القرآن آيات بينات ودلالات واضحات تدل على الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل قوله تعالى ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ (5)

ومثل ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم﴾ (6). وأمثال ذلك في القرآن كثيرة.

وقوله ﴿يهدي للتي هي أقوم﴾ أي في معرفة الامام وولايته وطاعته، واعلم أن القرآن يهدي إلى معرفة الامام، والامام يهدي إلى معرفة القرآن لأنهما حبلان متصلان لا يفترقان، ولا يقوم (7) أحدهما إلا بصاحبه على مر الزمان.

قوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [33]

9- تأويله: ما ذكره علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن

ص: 279


1- مصباح المتهجد: 574 وعنه البحار: 101/347 ح 1 و ج 53/94 ح 107 وعن اقبال الأعمال: 689.
2- في نسخة «ج» النمري.
3- في نسخة (م) العلى، وفى نسخة «ج» معلى، وفى نسخة «ب» علي بن سابه،
4- الكافي: 1/216 ح 2 وعنه البحار: 7/339 ح 12 وعنه البرهان: 2/409 ح 2.
5- سورة المائدة: 55.
6- سورة النساء: 59.
7- في نسخة (م) ولا يقدم.

المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا﴾

قال: نزلت في قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

أي ولحق الحسين كان منصورا.

المعنى: أن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قتل مظلوما والله تعالى قد جعل لوليه وهو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) السلطان والقدرة على أعدائه إذا قام بأمر الله، فلو قتل منهم مهما قتل لم يكن في ذلك مسرفا لأنه كان منصورا من عند الله على أعدائه:

10- كما روى الرجال الثقات: باسنادهم عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل﴾ قال: نزلت في الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لو قتل وليه أهل الأرض به ما كان مسرفا ووليه القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

11- ابن طاووس (رَحمَةُ اللّه) نقلا عن كتاب محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد ابن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم﴾ قال (العهد) ما أخذ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على الناس في مودتنا، وطاعة أمير المؤمنين أن يخالفوه ولا يتقدموه ولا يقطعوا رحمه، وأعلمهم أنهم مسؤولون عنه وعن كتاب الله عز وجل، فأما (القسطاس) فهو الامام، وهو العدل من الخلق أجمعين وهو حكم الأئمة، وقال الله عز وجل: ﴿ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ قال: هو أعرف بتأويل القرآن وما يحكم ويقضي (3).

ص: 280


1- أخرجه في البرهان: 2/418 ح 7 عن تفسير القمي (ولم نجده فيه).
2- عنه البرهان: 2/419 ح 14 وحلية الأبرار: 2/678.
3- كشف اليقين: 88 وعنه البحار: 2/187 ح 1 والحديث نقلناه من نسخة «أ».

قوله تعالى: َمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا [60]

معنى تأويله: قوله تعالى ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك﴾:

12- قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قد رأى في نومه كأن قرودا تصعد منبره [واحدا يصعد (1) وواحدا ينزل] فساءه ذلك وغمه غما شديدا (2).

13- ويؤيده: ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: إن الرؤيا التي رآها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن قرودا تصعد منبره وتنزل فساءه ذلك واغتم به فلم ير ضاحكا حتى مات (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: ورواه سهل بن سعيد (3)، عن أبيه وهو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (4).

وقوله ﴿إلا فتنة للناس﴾ أي امتحانا لهم واختبارا.

وقوله ﴿والشجرة الملعونة في القرآن﴾ أي الملعون أهلها. فلمّا حذف المضاف استتر الضمير في اسم المفعول فأنث المفعول، لما جرى ذكر الشجرة.

وأهل الشجرة (5) الملعونة، هم بنو أمية، على ما ذكره علي بن إبراهيم (6) وذكر أبو علي الطبرسي مثله.

فعلى هذا التأويل تكون القرود التي رآها النبي بني أمية الذين علوا منبره و غيروا سنته وقتلوا ذريته.

ص: 281


1- في نسخة «ج» يصعده.
2- تفسير القمي: 383 وعنه البحار: 8/378، طبع الحجر والبرهان: 2/425 ح 12 وما بين المعقوفين ليس في المصدر.
3- كذا في المجمع والبرهان وفى نسختي (ب، ج) سعد، وفى نسختي (أ، م) عن سعد.
4- مجمع البيان: 6/424 وعنه البرهان: 2/425 ح 10.
5- في نسخة (م): وأما أهل الشجرة.
6- تفسير القمي: 383.

14- لما روي عن المنهال بن عمرو قال: دخلت على علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقلت له: كيف أصبحت يا بن بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟

قال: أصبحنا والله بمنزلة بني إسرائيل من آل فرعون يذبحون أبناءهم و يستحيون نساءهم وأصبح خير البرية بعد رسول الله يلعن على المنابر وأصبح من يحبنا منقوصا حقه بحبه إيانا (1).

اعلم أنه ما رأى النبي هذه الرؤيا (إلا فتنة للناس) ليتميز المؤمنون من الكافرين، فارتد الناس كلهم إلا القليل، وأعلم الله سبحانه نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بما يكون من بعده من فعل (2) الظالمين، وأراه إياهم على غير صور الآدميين بل على صورة القردة لقوله تعالى ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ (3) وأراه ذلك ليخبرهم بأن الذي يعلو منبره من بعده غير أهل بيته أنهم قردة ممسوخون ليخوفهم بذلك فقال تعالى ﴿ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا﴾.

وقوله تعالى: يوم ندعوا كل أناس بأممهم

15- تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس وروي عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضا: أن الأئمة إمامان إمام هدى وإمام ضلالة (4).

16- قال: وروى الخاص والعام عن الرضا علي بن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) – بالأسانيد الصحيحة - أنه روى عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: يوم القيامة فيه يدعى كل أناس بإمام زمانهم، وكتاب ربهم وسنة نبيهم (5).

17- وعن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ألا تحمدون (6) الله إذا كان يوم القيامة يدعى

ص: 282


1- مجمع البيان: 6/424.
2- في نسخة (م) دول.
3- سورة البقرة: 65.
4- مجمع البيان: 6/429 وعنه البحار: 8/8.
5- مجمع البيان: 6/430 وعنه البرهان: 2/431 ح 25 والبحار: 8/8.
6- في نسخة (م) تمجدون.

كل قوم إلى من (1) يتولونه وفزعنا إلى رسول الله وفزعتم إلينا، فإلى أين ترون يذهب بكم (2) ؟ إلى الجنة ورب الكعبة - يقولها ثلاثا - (3).

18- ويؤيده: ما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال ذلك: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: [أليس عدلا من ربكم أن يؤتى كل قوم ههنا من كانوا يتولونه في الدنيا؟ فيقولون: بلى يا ربنا، فيقال لهم: فليلحق كل أناس بإمامهم ثم يدعى بإمام إمام ويقال] ليقم أبو بكر وشيعته، وعمر وشيعته، وعثمان وشيعته، وليقم علي وشيعته (4).

19- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما نزلت هذه الآية ﴿يوم ندعوا كل أناس بإمامهم﴾ قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون وتظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم (ألا) (5) فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن كذبهم وظلمهم فليس مني ولا معي و أنا برئ منه (6).

ص: 283


1- في نسخة (م) ما بدل (من).
2- في نسخة (م) (نذهب) بدل (يذهب بكم).
3- مجمع البيان: 6/430 وعنه نور الثقلين: 3/194 ح 347 والبحار: 8/8 وفى نور الثقلين هكذا: ألا تمجدون الله إذا كان يوم القيامة.
4- تفسير القمي: 385 وعنه البحار: 24/265 ح 26 ونور الثقلين: 3/192 ح 333 و البرهان: 2/432 ح 27 وما بين المعقوفين ليس في المصدر.
5- ليس في المصدر.
6- الكافي: 1/215 ح 1 وعنه البرهان: 2/429 ح 2 و ح 3 عن بصائر الدرجات: 33 ح 1 والمحاسن: 1/155 ح 84 وفى اثبات الهداة: 1/457 ح 69 عن الكافي وأخرجه في البحار: 24/265 ح 28 عن المحاسن وفى البحار: 27/203 ح 5 و ج 8/13 ح 13 والبرهان: 2/430 ح 15 عن العياشي: 2/304 ح 121.

قوله تعالى: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا [73] وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا [76]

20- تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) - ومن قبل أن نذكر رواياته الصحيحة نذكر ما قيل فيه في كتب الرجال منها: كتاب خلاصة الأقوال قال مصنفه (رَحمَةُ اللّه): محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار بالياء بعد الهاء والراء أخيرا أبو عبد الله البزاز بالزاي قبل الألف وبعدها المعروف بابن الجحام بالجيم المضمومة والحاء المهملة بعدها ثقة ثقة في أصحابنا عين سديد كثير الحديث له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقال جماعة من أصحابنا إنه كتاب لم يصنف مثله في معناه وقيل: إنه ألف ورقة.

وقال الحسن بن داود (رَحمَةُ اللّه) في كتابه عن اسمه ونسبه مثل ما ذكر أولا ثم قال: إنه ثقة ثقة عين كثير الحديث سديد، وهذا كتابه المذكور لم أقف عليه كله بل نصفه من هذه الآية إلى آخر القرآن -.

روى المشار إليه رحمة الله عليه عن أحمد بن القاسم قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

21- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: كان القوم قد أرادوا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ليريبوا (رأيه) (2) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وليمسك (3) عنه بعض الامساك حتى أن بعض نسائه ألح عليه في ذلك فكاد يركن إليهم بعض الركون، فأنزل الله

ص: 284


1- عنه البرهان: 2/433 ذ ح 1 ورواه السياري في التحريف والتنزيل ح 10.
2- ليس في نسخة «ب».
3- في نسخة «ب» أو ليمسك.

عز وجل ﴿وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك - في علي - لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا﴾ (1).

فمعنى ذلك: ولولا أن ثبتنا فؤادك على الحق بالنبوة والعصمة (لقد كدت تركن إليهم) ركونا قليلا أي لقد قاربت أن تسكن إليهم بعض السكون وتميل بعض الميل.

والمعنى (لقد كدت تركن إليهم) ولكن ما ركنت لأجل ما ثبتناك بالعصمة فلا بأس عليك في ذلك، لأنك لم تفعله بيد ولا لسان.

22- وقد صح عنه صلوات الله عليه أنه قال: وضع عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم (2).

23- قال ابن عباس (رض): رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) معصوم ولكن هذا تخويف لامته

لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين (3).

فعليه وعلى أهل بيته المعصومين صلاة باقية دائمة إلى يوم الدين.

وقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [79]

24- تأويله: ما نقله صاحب كتاب كشف الغمة بحذف الاسناد، عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يوما مقبلا على علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يتلو ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ ثم قال:

يا علي إن الله عز وجل ملكني الشفاعة في أهل التوحيد من أمتي، وحظر ذلك على من ناصبك أو ناصب ولدك (4) من بعدك (5).

ص: 285


1- عنه البرهان: 2/434 ح 2.
2- أخرجه في البحار: 7 1/54 عن مجمع البيان: 6/431.
3- عنه البرهان: 2/434 ملحق ح 2.
4- في الأصل: وليك.
5- كشف الغمة: 1/401 وأخرجه في البرهان: 2/438 ح 3 ونور الثقلين: 3/207 ح 397 عن أمالي الشيخ: 2/70.

ومعنى ذلك أن المقام المحمود هو الشفاعة وأنها لا تكون إلا لشيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهذا هو الفضل العام وفي المعنى (1).

25- ما رواه الشيخ (رَحمَةُ اللّه) في أماليه، عن الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن الإمام علي بن محمد، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): سمعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: إذا حشر الناس يوم القيامة نادى مناد: يا رسول الله إن الله جل اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك ومحبي أهل بيتك الموالين لهم فيك، والمعادين لهم فيك فكافهم بما شئت، فأقول: يا رب الجنة. فأنادى:

بوأهم (2) منها حيث شئت فذلك المقام المحمود الذي وعدت به (3).

قوله تعالى: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [81]

26- ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في معنى تأويله: حديثا باسناده عن رجاله، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم الثقفي، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: انطلق بي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم حتى أتى بي الكعبة [فقال لي: اجلس. فجلست إلى جنب الكعبة] (4) فصعد رسول الله على منكبي ثم قال لي: انهض. فنهضت فلمّا رأى مني ضعفا قال: اجلس فنزل، وجلس ثم قال: يا علي اصعد على منكبي فصعدت على منكبه ثم نهض بي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلمّا نهض بي خيل لي أو لو شئت لنلت أفق السماء، فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال لي: ألق صنمهم الأكبر صنم قريش وكان من نحاس موتد بأوتاد من حديد إلى الأرض فقال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): عالجه، ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم يقول إيه إيه (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) فلم أزل أعالجه

ص: 286


1- في نسخة (م) العالي.
2- في الأمالي: فولهم.
3- أمالي الطوسي: 1/304، وفيه: الذي وعدت به وعنه البحار: 8/39 ح 20 و ج 68/117 ح42 و البرهان: 2/438ح7، و رواه الطبری فی بشارة المصطفی: 237.
4- من المصدر.

حتى استمكنت (1) منه، قال لي: اقذفه. فقذفته فتكسر، ونزلت من فوق الكعبة، فانطلقت أنا ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم [نسعى] (2) وخشينا [من ابتداء الفتنة] أن يرانا أحد من قريش وغيرهم [قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): فما صعدته حتى الساعة] (3).

وروي في معنى حمل النبي لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند حط الأصنام عن البيت الحرام خبر حسن أحببنا ذكره ههنا لان هذا التأويل يحتاج إليه.

27- وهو ما روي بحذف الاسناد عن الرجال الثقات، عن عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني قال: قلت لمولاي جعفر بن محمد الصادق (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها.

فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني، وإن شئت فسل. قال: فقلت: يا بن رسول الله وبأي شئ تعلم ما في نفسي قبل سؤالي؟

فقال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول الله عز وجل ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين﴾ (4) وقول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)؟ فقلت: يا بن رسول الله أخبرني بمسألتي. فقال: مسألتك عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لم لم يطق حمله علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند حط الأصنام عن سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب خيبر ورمى بها ما رماه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا، وكان رسول الله يركب الناقة والفرس والبغلة والحمار وركب البراق ليلة المعراج و كل ذلك دون علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في القوة والشدة؟ قال: فقلت له: عن هذا أردت أن أسألك يا بن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم فأخبرني عنه. فقال: نعم، إن عليا، (عَلَيهِ السَّلَامُ) برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شرف

ص: 287


1- في نسخة (م) استمسكت.
2- من المصباح والمناقب.
3- مصباح الأنوار: 148 وفى البرهان: 2/441 ح 2 عن التأويل وأخرجه في غاية المرام: 430 ح 2 عن مناقب الخوارزمي: 71، وما بين المعقوفين أثبتناهما من المناقب.
4- سورة الحجر: 75.

وبه ارتفع وفضل، وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وابطال كل معبود من دون الله، ولو علاه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لكان النبي بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مرتفعا شريفا وواصلا في حط الأصنام، ولو كان ذلك لكان علي أفضل من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ألا ترى أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما علا ظهر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: شرفت وارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها؟

أو ما علمت أن المصباح هو الذي يهتدى به في الظلم وانبعاث فرعه عن أصله؟

وقال علي عليه (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا من أحمد كالضوء من الضوء! أوما علمت أن محمدا و عليا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام؟ وأن الملائكة لما رأت ذلك النور أن له أصلا قد انشق منه شعاع لامع قالت: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟

فأوحى الله تبارك وتعالى: هذا نور أصله نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي، وأما الإمامة فلعلي نجيي ووليي، ولولاهما ما خلقت خلقي.

أو ما علمت أن رسول الله رفع بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعل أمير المؤمنين إمامهم؟ وحمل الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يوم حظيرة بني النجار.

فقال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله. فقال: نعم المحمولان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما، وكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته، فلمّا سلم قيل له: يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة. فقال: رأيت ابني الحسين قد علا ظهري فكرهت أن أعالجه حتى ينزل من قبل نفسه،

فأراد بذلك رفعهم وتشريفهم، (فالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إمام ونبي) (1) وعلي إمام ليس برسول ولا نبي، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة.

قال: فقلت: زدني يا بن رسول الله. فقال: نعم إنك لأهل للزيادة (2).

ص: 288


1- هكذا في العلل، وفى البحار والبرهان: فالنبي امام نبي، وفى الأصل: فالنبي صلى الله عليه وآله رسول نبي، وفى معاني الأخبار: فالنبي رسول بني آدم.
2- في نسخة (م) زيادة.

إعلم أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حمل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده وأن الأئمة من ولده كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء ليعلم أصحابه بذلك أنه لطلب الخصب.

فقلت: يا بن رسول الله زدني.

فقال: نعم حمل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا يريد أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهره ما عليه من الدين والعداة والأداء عنه ما حمل من بعده.

فقلت: يا بن رسول الله زدني.

فقال: حمله ليعلم بذلك أنه ما حمله إلا لأنه معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا.

وقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي: يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي.

وذلك قوله تعالى ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (1).

ولمّا أنزل الله عز وجل قوله ﴿عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾ (2)

قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): علي نفسي وأخي فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى، ثم تلا هذه الآية ﴿قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾ (3) ولو أخبرتك بما في حمل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المعاني التي أرادها به لقلت: إن جعفر بن محمد مجنون! فحسبك من ذلك ما قد سمعت.

قال: فقمت إليه وقبلت رأسه ويديه وقلت (الله أعلم حيث يجعل رسالته). (4).

وقوله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا [82]

ص: 289


1- الفتح: 2.
2- المائدة: 105.
3- النور: 54.
4- أخرجه في البحار: 38/79 ح 2 والبرهان: 2/441 ذ ح 3 و ج 4/195 ح 5 عن علل الشرائع: 1/173 ح 1 ومعاني الاخبار: 350 ح 1.

28- تأويله: ما ذكره محمد بن العباس رحمه الله قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي (1)، عن محمد بن علي الصيرفي، عن ابن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد - ظالمي آل محمد حقهم - إلا خسارا).(2).

29- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: نزلت هذه الآية ﴿وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين - لآل محمد - إلا خسارا﴾ (3). فالقرآن (شفاء ورحمة للمؤمنين) لانهم المنتفعون به وخسار و بوار على الظالمين لأنه فيه الحجة عليهم (ولا يزيدهم إلا خسارا) في الدنيا والآخرة (وذلك هو الخسران المبين). (4).

قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا [89]

30- تأويله: ذكره أيضا محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا علي بن عبد الله ابن أسد، عن إبراهيم الثقفي، عن علي بن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب عن ابن بحيرة (5)، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿فأبى أكثر الناس إلا كفورا﴾ قال: نزلت في ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). (6)

ص: 290


1- هذا محل تأمل إذ محمد بن خالد من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) ومحمد ابن العباس فيمن لم يرو عنهم فيحتمل قويا إما أن يكون هنا سقطا أو يكون هذا مصحف أحمد بن خالد البرقي.
2- عنه البحار: 24/225 ح 16 والبرهان: 2/443 ح 3 ورواه السياري في تفسيره: ح 5 عن الوشاء ومحمد بن علي مثله.
3- عنه البحار: 24/226 ح 17 والبرهان: 2/443 ح 4.
4- سورة الحج: 11.
5- في نسخة (م) ابن مجيرة.
6- عنه البحار: 23/380 ح 70 والبرهان: 2/445 ح 2.

31- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال (فأبى أكثر الناس - بولاية علي - إلا كفورا). (1).

32- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد، عن (2) عبد العظيم عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية هكذا ﴿فأبى أكثر الناس - بولاية علي - إلا كفورا﴾ (3).

«18»

(سورة الكهف)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: لينذر بأسا شديدا من لدنه

1- تأويله: ذكره محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿لينذر بأسا شديدا من لدنه﴾ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): البأس الشديد هو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو من لدن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقاتل عدوه فذلك (4) قوله تعالى [لينذر بأسا شديدا من لدنه] (5).

ومعنى قوله تعالى ﴿لينذر - يعني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) - بأسا شديدا﴾.

ص: 291


1- عنه البحار: 23/381 ح 71 والبرهان: 2/445 ح 3.
2- في نسختي (أ، م) بن.
3- الكافي: 1/424 صدر ح 64 وعنه البحار: 23/379 صدر ح 66 والبرهان: 2 /445 ح 1 وأخرجه في البحار: 36/105 ح 50 والبرهان: 2/445 ح 4 عن تفسير العياشي: 2/317 ح 166 وفى البحار: 35/57 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/301.
4- في نسخة (م) فلذلك.
5- عنه البرهان: 2/455 ح 1.

أي ذا بأس شديد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أمير المؤمنين وشدة بأسه وسطوته متفق عليها بغير خلاف، وقوله ﴿من لدنه﴾ أي من عنده ومن أهل بيته ومن نفسه، صلى الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين صلاة باقية في كل عصر وكل حين.

قوله تعالى: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا [29] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [30] أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا [31]

2- تأويله: ذكره أيضا محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي (1)، عن الحسين بن سيف عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله تعالى ﴿وقل الحق من ربكم - في ولاية علي - فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا - لظالمي آل محمد حقهم - نارا أحاط بهم سرادقها﴾ (2).

3- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى ابن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وقل الحق من ربكم - في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾

قال: وقرأ إلى قوله ﴿أحسن عملا﴾.

ص: 292


1- هكذا في الأصل والبحار والبرهان، والظاهر أن محمد بن خالد هنا اشتباه إذ لم نجد في كتب الرجال روايته عن ابن سيف بل أحمد بن محمد بن خالد هو يروى عن ابن سيف فيحتمل سقط كلمة (أحمد بن).
2- عنه البحار: 24/226 ح 18 والبرهان: 2/466 ح 2 ورواه السياري في التحريف والتنزيل ح 7 مرسلا.

ثم قال: قيل للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (فاصدع بما تؤمر) (1) في أمر علي (فإنه الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فجعل الله تركه معصية وكفرا قال:

ثم قرأ ﴿إنا أعتدنا للظالمين - لآل محمد - نارا أحاط بهم سرادقها﴾ الآية.

ثم قرأ ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا﴾ يعني بهم آل محمد صلوات الله عليهم. (2)

4- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد، عن (3) عبد العظيم، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ﴿وقل الحق من ربكم - في ولاية علي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين - لآل محمد - نارا أحاط بهم سرادقها﴾ الآية. (4).

وذكر مثله علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت هذه الآية هكذا ﴿وقل الحق من ربكم - يعني في ولاية علي - فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين - لآل محمد حقهم - نارا أحاط بهم سرادقها﴾ الآية (5).

وقوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا [32] كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا

5- هذا تأويل ظاهر وباطن فالظاهر ظاهر وأما الباطن فهو ما ذكره محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن

ص: 293


1- سورة الحجر: 94.
2- عنه البحار: 23/381 ح 72 وجملة في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أثبتناها من البحار.
3- في نسخة (م) بن.
4- الكافي: 1/425 قطعة من ح 64 وعنه البحار: 23/379 ح 66 والبرهان: 2/465 ح 1، وعنه البحار: 24/221 ح 3 وعن تفسير العياشي: 2/326 ح 28.
5- تفسير القمي: 396 وعنه البحار: 24/222 ح 7 والبرهان: 2/466 ح 6.

محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن القاسم بن عروة (1)، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا﴾.

قال: هما علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورجل آخر (2).

معنى هذا التأويل: ظاهر وهو يحتاج (3) إلى بيان حال (4) هذين الرجلين وإن لم يذكر الآيات المتعلقة بهما إلى قوله (منتصرا).

وبيان ذلك أن حال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يحتاج إلى بيان.

وأما البحث عن الرجل الآخر وهو عدوه قال الله عز وجل ﴿واضرب لهم مثلا﴾ المثل فيهما (5)، فقوله تعالى ﴿جعلنا لأحدهما جنتين﴾ وهما عبارة عن الدنيا فجنة منهما له في حياته، والأخرى للتابعين له بعد وفاته، لأنه كافر والدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وإنما جعل الجنتين له لأنه هو الذي أنشأها وغرس أشجارها وأجرى أنهارها وأخرج أثمارها وذلك على سبيل المجاز إذ جعلنا الجنة هي الدنيا.

ومعنى ذلك أن الدنيا استوثقت له ولأتباعه ليتمتعوا بها حتى حين، ثم قال تعالى ﴿فقال - أي صاحب الجنة - لصاحبه - وهو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أنا أكثر منك مالا - أي دنيا وسلطانا - وأعز نفرا - أي عشيرة وأعوانا - ودخل جنته - أي دخل في دنياه وأنعم فيها وابتهج بها وركن إليها - وهو ظالم لنفسه - بقوله (6) وفعله ولم يكفه ذلك حتى - قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا﴾ أي جنته ودنياه، ثم كشف عن

ص: 294


1- هكذا في البحار وهو الصحيح، وفى الأصل: القاسم بن عوف، لان ابن عوف من أصحاب علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- عنه البحار: 36/124 والبرهان: 2/466 ح 1 وفيه: قال: هما ورجل آخر.
3- في نسخة (م): لا يحتاج.
4- في نسخة «ج» حال (قال: خ ل).
5- في نسختي (ج، م) (ضرب هذا المثل فيهما) بدل (واضرب لهم مثلا، المثل فيهما).
6- في نسخة «ب» لقوله.

اعتقاده، فقال:

﴿وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي - كما تزعمون أنتم (1) مردا إلى الله - لأجدن خيرا منها - أي من جنته - منقلبا - قال له صاحبه - وهو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - أكفرت بالذين خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي﴾.

معنى ذلك: انك إن كفرت أنت بربك فاني أنا أقول (هو الله ربي) وخالقي ورازقي ولا أشرك بربي أحدا، ثم دله على ما كان أولى لو قاله، فقال له: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله - كان في جميع أموري - لا قوة - لي عليها – إلا بالله).

ثم إنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أرجع القول إلى نفسه فقال له (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا) أي فقيرا محتاجا إلى الله ومع ذلك (فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) ودنياك في الدنيا بقيام ولدي القائم دولة وملكا وسلطانا، وفي الآخرة حكما وشفاعة وجنانا ومن الله رضوانا (ويرسل عليها - أي على جنتك - حسبانا من السماء) - أي عذابا ومن الله رضوانا (ويرسل عليها - أي على جنتك - حسبانا من السماء) - أي أرضا لا نبات بها - زلقا) أي يزلق الماشي عليها وأحيط بثمرة) الذي أثمر بها جنتك (2) يعني ذهبت دنياه وسلطانه (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها) من دينه ودنياه وآخرته وعشيرته (وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة - ولا عشيرة - ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا).

ثم إنه سبحانه لما أبان حال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحال عدوه بأنه وإن كان له في الدنيا دولة وولاية من الشيطان، فان لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الولاية في الدنيا والآخرة من الرحمن وولاية الشيطان ذاهبة وولاية الرحمن ثابتة.

ص: 295


1- في نسخة «ب» أن ثم.
2- في نسخة «ج» التي أثمر بها جنتك، وفى نسخة (م) أثمرتها جنته.

وذلك قوله تعالى (هنالك الولاية لله الحق) ورد أنها ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ). (1).

6- وهو ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر (2)، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله تعالى ﴿هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا﴾ قال: هي ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي خير ثوابا وخير عقبا أي عاقبة من ولاية عدوه صاحب الجنة الذي حرم الله عليه الجنة (3).

فلله على ذلك الفضل، والمنة والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين، و اللعنة والعذاب على أعدائهم من الجنة والناس أجمعين.

7- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن محمد بن أورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان ابن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قوله تعالى ﴿هنالك الولاية لله الحق﴾ فقال: ولاية علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). (4)

ومعنى قوله تعالى ﴿هنالك الولاية لله﴾ يعنى الولاية لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي الولاية لله لأنه قد جاء في الدعاء:

(من والاكم فقد والى الله، ومن تبرأ منكم فقد تبرأ من الله). (5)

جعلنا الله وإياكم والمؤمنين من الموالين لمحمد وآله الطيبين، ومن المتبرئين من أعدائهم الظالمين لهم إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

ص: 296


1- عنه البحار: 36/125.
2- في الأصل: عبد الله بن جعفر الحضرمي، ولكن لم نجد له ذكرا في كتب الرجال والظاهر أنه مصحف الحميري وفى البحار: عبد الله بن جعفر، وفى البرهان: عبد الله بن جعفر، عن الحضرمي.
3- عنه البحار: 36/126 والبرهان: 2/469 ح 2.
4- عنه البحار.36/126، الكافي: 1/418 ذ ح، 34 وص 422 ح 52 وعنه البرهان: 2/469 ح 1.
5- أخرجه في البحار: 102/129 عن عيون الاخبار: 2/274.

قوله تعالى: وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [46]

8- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن الفضيل (1) عن أبيه، عن النعمان، عن عمرو الجعفي (2) قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل بن عبد الرحمان الجعفي قال: دخلت أنا وعمي الحصين بن عبد الرحمان على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسلم عليه، فرد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأدناه وقال: ابن من هذا معك؟

قال: ابن أخي إسماعيل.

قال: رحم الله إسماعيل وتجاوز عن سئ عمله، كيف تخلفوه؟

قال: نحن جميعا بخير ما أبقى الله لنا مودتكم.

قال: يا حصين لا تستصغرن مودتنا، فإنها من الباقيات الصالحات.

فقال: يا بن رسول الله ما استصغرها ولكن أحمد الله عليها لقولهم صلوات الله عليهم: من حمد الله فليقل: الحمد لله على أولى (3) النعم.

قيل: وما أولى (4) النعم؟ قال: ولايتنا أهل البيت (5).

وقوله تعالى: وأما من آمن وعمل صلحا فله جزاء الحسنى

9- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسن بن علي بن عاصم عن هيثم (6) بن عبد الله قال: حدثنا مولاي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أتاني جبرئيل عن ربه عز وجل وهو يقول: ربي يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنة فلهم عندي (جزاء الحسنى) يدخلون الجنة (7).

ص: 297


1- في نسختي (ج، م) المفضل.
2- في نسخة «ج» بن عمر الجعفي.
3- و في نسخة (م) أول.
4- و في نسخة (م) أول.
5- عنه البرهان: 2/470 ح 8 وأخرج ذيله في البحار: 23/250 ح 25 عن المناقب: 3/344
6- في نسخة «ج» الهيثم.
7- عنه البحار: 24/269 ح 39 والبرهان: 2/488 ح 1.

(أي (جزاء الحسنى)) (1) وهي ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ودخول الجنة والخلود فيها في جوارهم، صلوات الله عليهم.

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [107] خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا [108]

10- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام بن سهيل عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار قال: حدثنا مولاي موسى ابن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: سألت أبي، عن قول الله عز وجل ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا﴾؟

قال: نزلت في آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

11- وقال أيضا: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن محمد بن يحيى الحجري، عن عمر بن صخر الهذلي، عن الصباح بن يحيى، عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: لكل شئ ذروة وذروة الجنة الفردوس (3) و هي لمحمد وآل محمد، صلوات الله عليه وعليهم (4).

ص: 298


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 24/269 ح 40 والبرهان: 2/495 ح 1.
3- في نسخة «ج» (وذروة الجنان جنة الفردوس) بدل (وذروة الجنة الفردوس).
4- عنه البحار: 24/269 ح 41 والبرهان: 2/495 ح 2.

«19»

(سورة مريم)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم

كهيعص [1] ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [2]

1- تأويله: ما روى الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في الاحتجاج وغيره في غيره (1) مرفوعا إلى سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي (رَحمَةُ اللّه) قال: أعددت نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا فقصدت مولاي أبا محمد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) بسر من رأى فلمّا انتهينا منها إلى باب سيدنا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستأذنا، فخرج الاذن بالدخول، قال سعد: فما شبهت مولانا أبا محمد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين غشينا نور وجهه إلا بدرا قد استوفى ليالي أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، فسلمنا عليه فألطف لنا في الجواب وأومأ لنا بالجلوس، فلمّا جلسنا سألته شيعته عن أمورهم في دينهم (2) وهدايتهم (3)، فنظر أبو محمد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى الغلام، وقال: يا بني أجب شيعتك ومواليك، فأجاب كل واحد عما في نفسه وعن حاجته من قبل أن يسأله عنها بأحسن جواب وأوضح برهان حتى حارت عقولنا في غامر علمه وإخباره بالغائبات، ثم التفت إلي أبو محمد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: ما جاء بك يا سعد؟

قلت: شوقي إلى لقاء مولانا (4) فقال: المسائل التي أردت أن تسأل عنها؟

قلت: على حالها يا مولاي.

قال: فاسأل قرة عيني عنها - وأوما إلى الغلام - (5) عما بدا لك منها، فكان

ص: 299


1- في نسخ (ب، ج، م) ما روى بحذف الأسانيد.
2- في نسخة (م) (خ ل) زمنهم.
3- في نسخة (م) هداياتهم.
4- في نسخة «ج» موالينا.
5- في الكمال: فقال لي الغلام: سل عما.

بعض ما سألته أن قلت له: يا بن رسول الله أخبرني عن تأويل ﴿كهيعص﴾؟

فقال: هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عز وجل عليها زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم قصها على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وذلك أن زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل الله عز وجل أن يعلمه أسماء الخمسة (الأشباح) (1)، فأهبط إليه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سري عنه همه وانجلى كربه، وإذا ذكر [اسم] الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة.

فقال ذات يوم: يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلت همومي، إذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله عز وجل عن قصته، فقال: (كهيعص) فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد وهو ظالم الحسين والعين عطشه، والصاد صبره، فلمّا سمع بذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده، إلهي أتنزل هذه الرزية بفنائه، إلهي أتلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة (2) إلهي تحل كره (3) هذه الفجيعة بساحتهما.

ثم قال: إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني على الكبر، واجعله وارثا رضيا يوازي محله مني محل الحسين من محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فإذا رزقتنيه فأفتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده الحسين، فرزقه الله يحيى وفجعه به.

وكان حمل يحيى وولادته لستة أشهر، وكان حمل الحسين وولادته كذلك (4).

ص: 300


1- ليس في البحار.
2- في نسخة (م) (شاهدة المصيبة) بدل (ثياب هذه المصيبة).
3- في نسخة (م) كبر، وفى البحار: كربة.
4- كمال الدين 2/454 ح 21، دلائل الإمامة: 274، الاحتجاج: 2/268 مفصلا وعنها البحار: 52/78 ذ ح 1 والعبارة موافقة للكمال والدلائل والبحار وذيله في البرهان: 3/3 ح 3 عن كمال.

ومعنى قوله: وافجعني به كما تفجع محمدا، ومحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) توفى قبل قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا يدل على أن الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) أحياء عند ربهم يرزقون، وبهذا القول صار بين يحيى وبين الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مماثلة في أشياء منها: حمله لستة أشهر، ومنها قتله ظلما، ومنها أن رأس يحيى (عَلَيهِ السَّلَامُ). أهدى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، والحسين صلوات الله عليه أهدي رأسه الكريم إلى باغ من بغاة بني أمية لانهم شر البرية، فعليهم اللعنة الجزئية والكلية وعلى الممهدين لهم والتابعين من جميع البرية.

قوله تعالى: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [5] يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [6]

2- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام بن سهيل عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: كنت عند أبي يوما قاعدا حتى أتى رجل فوقف به وقال: أفيكم (1) باقر العلم ورئيسه محمد بن علي؟ قيل له: نعم، فجلس طويلا ثم قال إليه، فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل في قصة زكريا ﴿وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا﴾ الآية.

قال: نعم الموالي بنو العم، وأحب الله أن يهب له (2) وليا من صلبه، وذلك أنه فيما كان علم من فضل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: يا رب أمعما (3) شرفت محمدا وكرمته ورفعت ذكره حتى قرنته بذكرك فما يمنعك يا سيدي أن تهب لي ذرية من صلبه فتكون فيها النبوة؟

ص: 301


1- في نسختي (ب، م) أفى القوم.
2- في نسخة (ج (يهبه) بدل (يهب له).
3- في نسخة «ج» معما.

قال: يا زكريا قد فعلت ذلك بمحمد ولا نبوة بعده وهو خاتم الأنبياء، ولكن الإمامة لابن عمه وأخيه علي بن أبي طالب من بعده وأخرجت الذرية من صلب علي إلى بطن فاطمة بنت محمد وصيرت بعضها من بعض، فخرجت منه الأئمة حججي على خلقي، وإني مخرج من صلبك ولدا يرثك ويرث من آل يعقوب، فوهب الله له يحيى (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

قوله تعالى: لم نجعل له من قبل سميا

3- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا حميد بن زياد، عن أحمد ابن الحسين بن بكر قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال باسناده إلى عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قول الله عز وجل ﴿لم نجعل له من قبل سميا﴾ قال: ذلك يحيى بن زكريا لم يكن له (من قبل سميا) وكذلك الحسين لم يكن له (من قبل سميا)، ولم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا.

قلت: فما كان بكاؤها؟ قال: تطلع الشمس حمراء، قال: وكان قاتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولد زنا، وقاتل يحيى بن زكريا ولد زنا (2).

4- ويؤيده: ما رواه علي بن إبراهيم - في تفسيره - عن أبيه (3)، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عز وجل ﴿لم نجعل له من قبل سميا﴾ فقال: الحسين لم يكن (له من قبل سميا) (ويحيى بن زكريا لم يكن «له من قبل سميا») (4)

ص: 302


1- عنه البحار: 24/373 ح 101 والبرهان: 3/4 ح 1.
2- عنه البرهان: 3/4 ح 1 وأخرج ذيله في البحار: 14/184 ح 30 و ج 44/303 ح 14 عن كامل الزيارات: 78.
3- لم نعثر على الحديث في تفسير القمي لا سندا ولا متنا رغم البحث عنه، فيحتمل أن تكون الرواية موجودة في النسخة الموجودة عند المؤلف ره، وفى البرهان: محمد بن العباس عن محمد بن خالد
4- ليس في البرهان.

ولم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا.

قلت: فما كان بكاؤها؟ قال: كانت تطلع الشمس حمراء وتغيب حمراء، وكان قاتل الحسين ولد زنا، وقاتل يحيى بن زكريا ولد زنا (1).

[5- وعنه ما رواه محمد بن العباس، مسندا عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿لم نجعل له من قبل سميا﴾ قال: ذلك يحيى بن زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يكن (له من قبل سميا) وكذلك الحسين لم يكن (له من قبل سميا)، ولم تبك السماء إلا عليهما.

قلت فما بكاؤها؟ قال: تطلع الشمس حمراء وتغيب حمراء قال: وكان قاتل الحسين ولد الزنا وقاتل يحيى بن زكريا ولد الزنا.

وعنه ما رواه علي بن إبراهيم، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأدنى تفاوت] (2).

قوله تعالى: وآتيناه الحكم صبيا [12]

6- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن سليمان الرازي عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن حكم بن أيمن قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: والله لقد أوتي علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (الحكم صبيا) كما أوتي يحيى بن زكريا (الحكم صبيا) (3).

7- وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: روى العياشي باسناده عن علي بن أسباط قال: قدمت المدينة وأنا أريد مصر فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهو إذ ذاك خماسي، فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر، فنظر إلي وقال: يا علي إن الله قد أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة، وقال سبحانه عن يوسف ﴿فلمّا بلغ أشده - واستوى - آتيناه حكما وعلما﴾ (4)، وقال عن يحيى ﴿وآتيناه الحكم صبيا﴾ (5).

ص: 303


1- عنه البرهان: 3/4 ح 2.
2- ما بين المعقوفين أثبتناه من البرهان: 3/4 ح 3.
3- عنه البحار: 40/181 ح 62 والبرهان: 3/6 ح 1.
4- يوسف: 22.
5- مجمع البيان: 6/506 وعنه البرهان: 3/6 ح 2 وفى البحار: 25/102 ح 3 عن التأويل عن العياشي.

قوله تعالى: وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [50]

8- تأويله: ذكره الشيخ أبو جعفر بن بابويه في كتابه كمال الدين وقال ما هذا لفظه: ثم غاب إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الغيبة الثانية حين نفاه الطاغوت عن مصر فقال (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا) فقال الله تقدس ذكره بعد ذلك ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ﴾ يعني به علي ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) لان إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان قد دعا الله عز وجل أن يجعل له (لسان صدق في الآخرين) (1) فجعل الله عز وجل له ولإسحاق ويعقوب (لسان صدق عليا) يعني به عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

9- وذكره أيضا علي بن إبراهيم رحمه الله (3)، عن أبيه، عن جده أنه قال: كتبت إلى أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن قول الله عز وجل ﴿ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا﴾ فأخذ الكتاب ووقع تحته: ورفقك الله ورحمك هو أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

10- وذكر محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا أحمد بن القاسم قال: حدثنا أحمد بن محمد السياري، عن يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن قوما طالبوني باسم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتاب الله عز وجل، فقلت لهم: من قوله تعالى ﴿وجعلنا لهم لسان صدق عليا﴾ فقال: صدقت، هو هكذا (5).

ص: 304


1- الشعراء: 74.
2- كمال الدين: 1/139 وفيه (لسان صدق عليا) فأخبر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الحادي عشر من ولده، وعنه البرهان: 3/13 ذ ح 2 وص 184 ح 2.
3- في نسخة (م) ذكر أيضا عن علي بن إبراهيم.
4- تفسير القمي: 411 وفيه: يعنى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حدثني بذلك أبى عن الحسن بن علي العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعنه البحار: 36/57 ح 1 والبرهان: 3/14 ح 5.
5- عنه البحار: 36/57 ح 3 والبرهان: 3/14 ح 6 ورواه السياري في التنزيل والتحريف عن ابن أورمة القمي عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ومعنى قوله ﴿لسان صدق﴾ أي وجعلنا لهم ولدا ذا لسان أي قول صدق، وكل ذي قول صدق فهو صادق، والصادق معصوم، وهو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قوله تعالى: أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا [58]

11- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد الرازي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان علي بن الحسين عليهما يسجد في سورة مريم حين يقول ﴿وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا﴾ ويقول: نحن عنينا بذلك، ونحن أهل الجبوة والصفوة (1).

12- ويؤيده: ما قال أيضا: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾.

قال: نحن ذرية إبراهيم، ونحن المحمولون مع نوح، ونحن صفوة الله.

وأما قوله ﴿ممن هدينا واجتبينا﴾ فهم والله شيعتنا الذين هداهم الله لمودتنا واجتباهم لديننا فحيوا عليه وماتوا عليه، وصفهم الله بالعبادة والخشوع ورقة القلب، فقال ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾.

ثم قال عز وجل ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا﴾ وهو جبل من صفر يدور في وسط جهنم.

ص: 305


1- عنه البحار: 24/148 ح 25 والبرهان: 3/17 ح 1 وفيه: نحن أهل الهدى والصفوة.

ثم قال عز وجل ﴿الا من تاب - من غش آل محمد - وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا - إلى قوله - كان تقيا﴾ (1).

قوله تعالى: وإذا تتلى عليهم آيتنا بينت قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن. نديا [73] - إلى قوله تعالى - وتنذر به قوما لدا [97]

13- تأويله: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا﴾ قال كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، (فقال الذين كفروا - من قريش - للذين آمنوا) الذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت (بالولاية) (2) (أي الفريقين خير مقاما و أحسن نديا) تعييرا منهم، فقال الله عز وجل ردا عليهم ﴿وكم أهلكنا قبلهم من قرن - من الأمم السالفة - هم أحسن أثاثا ورؤيا﴾.

قلت: قوله ﴿قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا﴾ قال: كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا [فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا] (3).

قلت: قوله ﴿حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا﴾.

قال: أما قوله ﴿حتى إذا رأوا ما يوعدون﴾ فهو خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو الساعة.

ص: 306


1- عنه البحار: 23/223 ح 37 و ج 24/374 ح 102 والبرهان: 3/18 ح 2.
2- ليس في الكافي.
3- من الكافي.

﴿فسيعلمون﴾ ذلك اليوم ما ينزل بهم من عذاب الله على يدي قائمه فذلك قوله ﴿من هو شر مكانا [يعني عند القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (1) وأضعف جندا﴾.

قلت: قوله عز وجل ﴿ويزيد الله الذين اهتدوا هدى﴾ قال: يزيدهم [ذلك اليوم] (2) هدى على هدى باتباعهم القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه.

قلت: قوله عز وجل ﴿لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا﴾؟

قال: إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده فهو العهد عند الله.

قلت: قوله عز وجل ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا﴾؟

قال: ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي الودّ الذي قال الله عز وجل.

قلت: قوله ﴿فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا﴾؟

قال: إنَّما يسره الله (3) على لسانه حين أقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) علما، فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه (لدا) أي كفارا (4).

قوله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا [85] ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [86]

14- تأويله: رواه علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه، عن عبد الله بن شريك العامري عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا علي يخرج يوم القيامة قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلألأ، فيؤتون بنوق من نور، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، فيركبون عليها حتى ينتهوا إلى [عرش] (5)

ص: 307


1- من نسخة «ج» والكافي.
2- من الكافي.
3- في نسخة «ج» بشر الله.
4- الكافي: 1/431 ح 90 وعنه البحار: 24/332 ح 58 والبرهان: 3/20 ح 1 وص 38 ح 1.
5- من البحار.

الرحمن، والناس في الحساب يهتمون ويغتمون، وهؤلاء يأكلون ويشربون فرحون.

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): من هؤلاء يا رسول الله؟

فقال: يا علي هم شيعتك وأنت إمامهم، وهو قول الله عز وجل ﴿يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا - على الرحائل - ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا﴾ (1).

وهم أعداؤك يساقون إلى النار بلا حساب.

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [96]

15- تأويله: قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): روي أن أمير المؤمنين كان جالسا بين يدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال له: قل يا علي: اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا، [فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا] فأنزل الله على نبيه ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا﴾ (2).

16- وقال أيضا: وروى فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.

قال: آمنوا بأمير المؤمنين وعملوا الصالحات بعد المعرفة (3).

معناه: بعد المعرفة بالله وبرسوله وبالأئمة صلوات الله عليهم.

17- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن عثمان بن (4) أبي شيبة، عن عون بن سلام، عن بشر بن عمارة الخثعمي، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات

ص: 308


1- تفسير القمي: 414 مع اختلاف وعنه البحار: 7/172 ح 2 والبرهان: 3/24 ح 2، وفى البحار: 68/140 ح 84 عن التأويل.
2- تفسير القمي: 416 وعنه البحار: 35/354 ح 4 والبرهان: 3/26 ح 5 وما بين المعقوفين من نسخة (م).
3- عنه البرهان: 3/27 ح 7 ولم نجده في تفسير القمي.
4- في البحار (عن) والصحيح ما أثبتناه، راجع لسان الميزان: 5/270.

سيجعل لهم الرحمن ودا﴾ قال: محبة في قلوب المؤمنين (1).

18- وقال أيضا: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن يعقوب ابن جعفر بن (2) سليمان، عن (3) علي بن عبد الله بن العباس، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4) في قول الله عز وجل ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا﴾ قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فما من مؤمن إلا وفي قلبه حب لعلي بن أبي طالب (5).

صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين صلاة باقية دائمة في كل حين.

«20»

(سورة طه)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

تأويل (طه): ذكره صاحب كتاب نهج الايمان قال: في تفسير الثعلبي قال:

1- قال جعفر بن محمد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قول الله عز وجل ﴿طه﴾ أي طهارة أهل بيت محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من الرجس، ثم قرأ (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) (6).

وقوله تعالى: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [25] وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [26] وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي [27] يَفْقَهُوا قَوْلِي [28] وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي [29] هَارُونَ أَخِي [30] اشدد به أزرى [31] وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [32] كي نسبحك كثيرا[33] وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا [34] إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا [35]

ص: 309


1- في البرهان: 3/26 ح 3 وفى البحار: 35/357 ح 8 عنه وعن تفسير فرات: 88.
2- في نسخة «ب» عن.
3- في نسخ (ب، ج، م) والبرهان: بن.
4- في البحار ونسخة «ب» (عبد الله بن العباس) بدل «أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ».
5- عنه البحار: 35/357 ح 9 والبرهان: 3/26 ح 4.
6- عنه البحار: 25/209 ح 22 وأخرجه في البرهان: 3/29 ح 3 عن تفسير الثعلبي، والآية الأخيرة في سورة الأحزاب: 33.

ما ورد في معنى تأويله:

2- قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن الحسن الخثعمي، عن عباد ابن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن عمرو بن حارث، عن عمران بن سليمان، عن حصين التغلبي (1)، عن أسماء بنت عميس قالت:

رأيت رسول الله بإزاء ثبير وهو يقول: أشرق ثبير أشرق ثبير، اللهم إني أسألك ما سألك أخي موسى: أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، وأن تجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري. وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا (2).

3- ويؤيده: ما رواه أبو نعيم الحافظ باسناده عن رجاله، عن ابن عباس قال: أخذ النبي بيد علي بن أبي طالب وبيدي، ونحن بمكة وصلى أربع ركعات، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إن نبيك موسى بن عمران سألك فقال (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري) الآية، وأنا محمد نبيك أسألك، (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقده من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي - علي بن أبي طالب - أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري).

قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي قد أوتيت ما سألت (3).

إعلم بأن هذا السؤال المستغني عن التأمل (4) اختص مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالمنزلة الرفيعة من خاتم النبيين، منزلة هارون من موسى من دون العالمين.

ص: 310


1- في نسخة (م) والبرهان: الثعلبي.
2- عنه البحار، 36/126 ح 67 والبرهان: 3/36 ح 1، وأخرجه في البحار: 38/140 ح 103 عن تفسير فرات: 92.
3- أخرجه في مصباح الأنوار: 110 (مخطوط) والبرهان: 3/36 ح 2 عن أبي نعيم، وفى البحار: 36/126 ذ ح 67 عنه وعن العمدة لابن بطريق ص 142، باختلاف،
4- في نسختي (ج، م) التأمين.

ولهذه المنزلة منازل، منها: قوله (وزيرا من أهلي) والوزير هو المؤازر والمعاضد، والمعاون والمساعد وكذلك كان مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم.

وقوله (من أهلي) وهذا ظاهر لأنه ابن عمه أبي طالب أخ أبيه لأبيه وأمه.

وقوله (عليا أخي) وهو أخوه ظاهرا يوم المؤاخاة، وباطنا في نور المسطور وفي الطهارة والعصمة.

وقوله (اشدد به أزري) أي قو به ظهري، وكذلك كان لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ظهرا وظهيرا، ومؤيدا ونصيرا.

وقوله تعالى:

﴿وأشركه في أمري﴾ أي في إبلاغ رسالتي إلى قومي، وكذلك كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ابلاغ الرسالة من (1) النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم لسورة (2) براءة وغيرها بعده (3) بالوصية إليه وإلى ولده، ولولاه ما حصل التبليغ، ولا كمل الدين إلا به وبذريته الطيبين والمنزلة الجليلة التي شرفت على المنازل كلها الخلافة في الحياة والممات. وهارون (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان خليفة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حياته ولو كان حيا لكان هو الخليفة لكنه توفي قبله ولهارون من موسى منازل اخر ليس هذا موضع ذكرها من (4) الأمور التي يشارك (5) فيها أمير المؤمنين رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دون غيره من الأنام وهي منازل ومواطن لم يسمها (6) موسى، ولا هارون، ولا أحد من الأنبياء والرسل (عَلَيهِم السَّلَامُ):

4- لما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) عن رجاله مسندا إلى الفضل بن شاذان يرفعه إلى بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ص: 311


1- في نسخة (م) زمن.
2- في نسختي (ب، م) كسورة.
3- في نسختي (ج، م) وبعده.
4- في نسخة (م) ومن.
5- في نسختي (م، ب) شارك.
6- في نسخة «ب» يتسمها.

يا علي إن الله تبارك وتعالى أشهدك معي بسبعة (1) مواطن:

أمّا أولهن: فليلة أسري بي إلى السماء فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟ قلت: ودعته خلفي (2) قال: فادع الله فليأتك به، فدعوت الله فإذا أنت (3) معي وإذا الملائكة صفوف وقوف فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الملائكة يباهيهم الله بك فأذن لي، فنطقت بمنطق لم تنطق الخلائق بمثله، نطقت بما خلق الله وبما هو خالق إلى يوم القيامة.

والموطن الثاني: أتاني جبرئيل فأسرى بي إلى السماء فقال لي: أين أخوك؟

قلت: ودعته خلفي قال: فادع الله فليأتك به، فدعوت الله عز وجل فإذا أنت معي فكشط الله لي عن السماوات السبع والأرضين السبع حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها، فلم أر من ذلك شيئا إلا وقد رأيته.

والموطن الثالث: ذهبت إلى الجن ولست معي، فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟

قلت: ودعته خلفي فقال: فادع الله فليأتك به، فدعوت الله عز وجل فإذا أنت معي، فلم أقل لهم شيئا، ولم يردوا علي شيئا إلا وقد سمعته وعلمته (كما سمعته وعلمته) (4).

والموطن الرابع: أني لم أسأل الله شيئا إلا أعطانيه فيك إلا النبوة فإنه قال: يا محمد خصصتك بها [وختمتها بك] (5).

والموطن الخامس: خصصنا بليلة القدر وليست لغيرنا.

والموطن السادس: أتاني جبرئيل فأسرى بي إلى السماء، فقال لي: أين أخوك؟

فقلت: ودعته خلفي قال: فادع الله فليأتك به، فدعوت الله عز وجل فإذا أنت معي فأذن جبرئيل فصليت بأهل السماوات جميعا وأنت معي.

ص: 312


1- في نسخة (م) سبعة.
2- في أمالي الشيخ والبحار (خلفته ورائي) بدل (ودعته خلفي).
3- في أمالي الشيخ والبحار: مثالك.
4- ليس في نسخة «ج».
5- من أمالي الشيخ والبحار.

والموطن السابع: إنا نفي (1) حين لا يبقى أحد وهلاك الأحزاب بأيدينا (2).

فمعنى قوله: نفئ حين لا يبقى أحد وهلاك الأحزاب بأيدينا دليل على أنهما يكران إلى الدنيا ويلبثان فيها ما شاء الله - كما روي عن الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في حديث الرجعة (3) - ثم يبقيان حين لا يبقى أحد من الخلق.

وقوله: هلاك الأحزاب بأيدينا، والأحزاب هم أحزاب الشيطان وأهل الظلم والعدوان، فعليهم لعنة الرحمن ما كر الجديدان واطرد الخافقان.

وممّا ورد في الأمور التي شارك أمير المؤمنين فيها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأن أمره أمره ونهيه نهيه، وأن الفضل جرى له كما جرى لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولرسول الله الفضل على جميع خلق الله عز وجل، فيكون هو كذلك:

5- وهو ما رواه الشيخ (رَحمَةُ اللّه) في أماليه: عن رجاله، عن سعيد الأعرج، قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فابتدأني وقال: يا سعيد (4) ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يؤخذ به وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله، ولرسوله الفضل على جميع الخلق، العائب على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في شئ كالعائب على الله وعلى رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، والراد عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله.

كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتي إلا منه، وسبيله (5) الذي من تمسك بغيره هلك.

ص: 313


1- في نسختي (ج، م) نبقى، والصحيح ما أثبتناه.
2- أخرج نحوه في البحار: 18/388 ح 97 مع اختلافات و ج 40/35 ح 70 عن أمالي الشيخ: 2/255 وفى البرهان: 2/403 ح 36 عنه وعن تفسير القمي: وعن الشيخ باسناده عن أبي بردة الأسلمي.
3- وقد ورد في ذلك عدة أحاديث عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) في باب الرجعة من البحار: 53: 39 فراجع.
4- في الأمالي: يا سليمان.
5- في نسخة «ج» سببه وفى المحتضر: سبيله الذي من سلك غيره هلك.

وكذلك جرى حكم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بعده واحد بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض وهم (الحجة) البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

أما علمت أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ولقد حملت مثل حمولة محمد وهي حمولة الرب، وأن محمدا يدعى فيكسى ويستنطق فينطق، وأنا ادعى فأكسى وأستنطق فأنطق ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي: علمت المنايا (1) والقضايا وفصل الخطاب (2).

وقوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى [54]

6- تأويله: ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: روي عن العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: نحن أولو النهى، أخبر الله نبيه بما يكون بعده من ادعاء القوم الخلافة فأخبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك وانتهى إلينا ذلك من أمير المؤمنين، فنحن أولي النهى، إنتهى علم ذلك كله إلينا. (3).

7- ويؤيده: ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عمار ابن مروان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿إن في ذلك لآيات لأولي النهى﴾ قال: والله نحن أولو النهى، (قلت: وما معنى نحن أولو النهى؟) (4) قال: ما أخبر الله جل اسمه رسوله به مما يكون بعده من ادعاء الخلافة والقيام بها بعده ومن بعدهما (5) بنو أمية قال: فأخبر به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان ذلك كما أخبر الله رسوله،

ص: 314


1- في الأمالي والبحار: البلايا.
2- أمالي الشيخ: 1/208 وعنه البحار: 25/352 ح 1 والمحتضر: 87.
3- تفسير القمي: 419 باسناده عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع اختلاف وعنه البحار: 24/118 ح 1 والبرهان: 3/37 ح 2 ورواية التفسير مطابق سندا ومتنا مع ح 7.
4- ليس في نسخة «ب».
5- في نسخة «ج» بعده.

وكما أخبر رسوله عليا صلوات الله عليهما، وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني أمية وغيرهم، فهذه الآيات (1) التي ذكرها الله في الكتاب العزيز ﴿إن في ذلك لآيات لأولي النهى﴾ فنحن أولو النهى الذين انتهى إلينا علم هذا كله فصبرنا لأمر الله فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونستره، ونكتم به عدونا كما اكتتم به رسول الله حتى أذن له في الهجرة وجهاد المشركين.

فنحن على منهاج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حتى يأذن الله لنا باظهار دينه بالسيف، وندعوا الناس إليه فنضربهم عليه عودا كما ضربهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بدءا (2).

قوله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [82]

8- تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): قال أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ثم اهتدى) إلى ولايتنا [أهلي البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)] (3) فوالله لو أن رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجئ بولايتنا لأكبه الله في النار على وجهه.

رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده، وأورده العياشي في تفسيره من عدة طرق (4).

9- وعن (5) محمد بن سليمان بالاسناد، عن داود بن كثير الرقي. قال:

دخلت على أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له: جعلت فداك قوله تعالى ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ فما هذا الاهتداء (6) بعد التوبة والايمان

ص: 315


1- في نسخة «ب» الآية.
2- عنه البحار: 24/118 ح 1 والبرهان: 3/37 وعن بصائر الدرجات: 518 ح 51 ومناقب ابن شهر شهرآشوب: 3/343 وتفسير القمي: 419.
3- من مجمع البيان.
4- مجمع البيان: 7/23 وعنه البرهان: 3/40 ح 10 شواهد التنزيل: 1/375 - 377.
5- كذا في الأصل وفى فضائل الشيعة: وبهذا الاسناد عن محمد بن سليمان، عن داود بن كثير الرقي.
6- في فضائل الشيعة: الهدى.

والعمل الصالح؟ فقال: معرفة الأئمة والله، إمام بعد إمام (1).

10- وروى علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة، عن الفضيل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿ثم اهتدى﴾

قال: اهتدى إلينا (2).

11- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن العباس البجلي (3) قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن جابر بن الحر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾.

قال: إلى ولايتنا. (4).

12- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ قال: إلى ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

قوله تعالى: يومئذ يتبعون الداعي لاعوج له

13- تأويله: رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألت أبي عن قول الله عز وجل ﴿ويومئذ يتّبعون الداعي لاعوج له﴾

ص: 316


1- فضائل الشيعة: 26 ح 22 وعنه البحار: 27/198 ح 64 واثبات الهداة: 1/237 ح 194 والبرهان: 3/40 ذ ح 10، راجع ح 18 و 19 من الفضائل على ما حققناه في سند هذه الرواية.
2- أخرجه في البحار: 24/148 ح 28 والبرهان: 3/40 ذ ح 10 عن تفسير القمي ولم نجده عنه.
3- في البحار والبرهان: البلخي.
4- عنه البحار: 24/148 ح 26 والبرهان: 3/40 ح 5.
5- عنه البحار: 24/148 ح 27 والبرهان: 3/40 ح 6.

قال: الداعي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) وهذا مما يدل على الرجعة والله أعلم.

ثم قال تعالى: وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا [108]

14- تأويله: رواه علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين والآخرين وهم عراة حفاة، فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم، فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما وهو قول الله عز وجل ﴿وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا﴾.

ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الأمي؟ قال: فيقول الناس: قد أسمعت فسمه باسمه، قال: فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله؟ قال: فيتقدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة إلى صنعاء [فيقف عليه] (2).

ثم ينادي صاحبكم - يعني أمير المؤمنين - فيتقدم أمام الناس فيقف معه.

ثم يؤذن للناس فيمرون بين وارد للحوض وبين مصروف عنه، فإذا رأى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من يصرف عنه من محبينا بكى وقال: يا رب شيعة علي، فيبعث الله إليه ملكا فيقول له: ما يبكيك يا محمد؟ فيقول: أبكي لأناس من شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا ورود الحوض.

قال: فيقول له الملك: إن الله يقول: قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولونه (3) وجعلتهم في زمرتك وأوردتهم حوضك (4).

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فكم من باكية يومئذ وباك (5) (ينادي يا محمداه إذا رأوا

ص: 317


1- عنه البحار: 36/127 ح 68 والبرهان: 3/43 ح 1.
2- من البحار والأمالي والقمي.
3- في نسخة (م) يتوالونه، وفى البحار: يقولون.
4- في تفسير القمي: فأوردهم حوضك.
5- في نسخة «ب» فكن من باكية يومئذ وباك يومئذ.

ذلك) (1)، فلا يبقى أحد كان يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا إلا كان في حزبنا ومعنا، وورد حوضنا (2).

وقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا [109] - إلى قوله تعالى - هضما [112]

15- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام (3)، عن محمد ابن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعت أبي يقول ورجل يسأله عن قول الله عز وجل ﴿يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا﴾ قال: لا ينال شفاعة محمد يوم القيامة إلا من أذن له بطاعة آل محمد (ورضي له قولا) وعملا فيهم فحيي على مودتهم ومات عليها، فرضى الله قوله وعمله فيهم.

ثم قال ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ لآل محمد كذا نزلت.

ثم قال ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ لآل محمد كذا نزلت.

ثم قال ﴿ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما﴾

قال: مؤمن بمحبة آل محمد ومبغض لعدوهم (4).

وقوله تعالى: ولقد عهدنا إلى ادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما [115]

16- تأويله: روى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن محمد، عن

ص: 318


1- ليس في نسخة (م).
2- تفسير القمي: 423 مع اختلاف وعنه نور الثقلين: 3/393 ح 116 وفى البحار: 7/101 ح 9 و 10 عنه وعن أمالي الشيخ: 1/65 وكشف الغمة: 1/137 وفى البحار: 68/98 ح3 عن القمی و الامالی و فی البرهان: 3/43 ح1 عن اقمی وأاملی الشیخ و آمالی المفید: 290 ح 8 و رواه فرات فی تفسیره: 92.
3- في نسخة (م) حماد.
4- عنه البحار: 24/257 ح 4 والبرهان: 3/44 ح 1 وقطعة منه في البحار: 23/360 ح 17.

علي بن الحكم، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما﴾ قال: عهد إليه في محمد والأئمة بعده (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا.

وإنما سمي أولو العزم أولي العزم لانهم عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده وفي الإمام المهدي وسيرته، فأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والاقرار به (1).

17- وروى أيضا: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن محمد بن عيسى القمي، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل – كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم - فنسي ولم نجد له عزما﴾ هكذا والله نزلت على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

18- ويؤيده: ويؤيده: ما رواه الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) باسناده عن رجاله إلى حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أخذ الله الميثاق على النبيين فقال ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ (3) وأن هذا محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين (قالوا: بلى. فثبتت لهم النبوة. ثم أخذ الميثاق على أولي العزم أني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين) (4) والأوصياء من بعده ولاة أمري وخزان علمي، وأن الإمام المهدي

أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأعبد به طوعا وكرها.

قالوا: أقررنا يا ربنا وشهدنا، ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء

ص: 319


1- الكافي: 1/416 ح 22 وعنه البحار: 24/351 ح 65 والبرهان 3/45 ح 1، و أخرجه في البحار: 11/112 ح 30 عن تفسير القمي 424 والعلل: 122 ح 1 و في البحار: 26/278 ح 21 عن بصائر الدرجات: 70 ح 1.
2- الكافي: 1/416 ح 23 وعنه البرهان: 3/45 ح 3 والبحار: 11/195 ح 49 و ج 24/351 ح 66 وفى ص 176 ح 7 عن بصائر الدرجات: 71 ح 4.
3- سورة الأعراف: 172.
4- لیس فی نسخة «ج».

الخمسة في الإمام المهدي ولم يكن لآدم عزيمة على الاقرار، وهو قول الله تبارك وتعالى ﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما﴾ (1).

وقوله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى [123] - إلى قوله - قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا

19- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنه سأل أباه عن قول الله عز وجل ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى﴾ قال:

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا أيها الناس اتبعوا هدى الله تهتدوا وترشدوا، وهو هداي، وهداي هدى علي بن أبي طالب، فمن اتبع هداه في حياتي وبعد موتي فقد اتبع هداي، ومن اتبع هداي فقد اتبع هدى الله، ومن اتبع هدى الله (فلا يضل ولا يشقى).

قال ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف - في عداوة آل محمد - ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى﴾.

ثم قال الله عز وجل ﴿أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى﴾ وهم الأئمة من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وما كان في القرآن مثلها.

ويقول الله عز وجل ﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ - يا محمد نفسك وذريتك - عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ﴾.

ص: 320


1- أخرجه في البحار: 26/279 ح 22 عن بصائر الدرجات: 70 ح 2 وفى البرهان: 3/47 ح 8 عن الكافي: 2/8 ح 1.

ومعنى قوله وما كان في القرآن مثلها، أي مثل (إن في ذلك لآيات لأولي النهى) وكلما يجئ في القرآن من ذكر (أولي النهى) فهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

وقد تقدم تأويل ذلك في هذه السورة (2).

20- ومعنى هذا التأويل: ما روى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين ابن محمد، عن معلى بن محمد، عن السياري، عن علي بن عبد الله قال: سأله رجل (3) عن قول الله عز وجل ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى﴾ قال: من قال بالأئمة واتبع أمرهم، ولم يجز (4) طاعتهم (فلا يضل ولا يشقى). (5).

21- وروى أيضا: عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن عبد الرحمان، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا﴾ قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت (ونحشره يوم القيامة أعمى)، قال: أعمى البصر في الآخرة وأعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو متحير في الآخرة يقول (رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا؟ قال كذلك أتتك آياتنا) [قال: الآيات الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ)] (6) (فنسيتها كذلك اليوم تنسى) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم قال: قلت (وكذلك نجزي من أسرف

ص: 321


1- صدره في البرهان: 3/48 ح 3 وذيله في ص 48 ح 1 وفى البحار: 24/149 ح 30، إلى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): مثلها.
2- راجع حديثي (6، في تأويل آية 54.
3- كذا في الكافي والبحار وغيرهما وهو الصحيح، وفى الأصل: سئل أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- في نسختي (أ، م) ولم يخن.
5- الكافي: 1/414 ح 10 وعنه البحار: 24/150 ح 31 والبرهان: 3/47 ح 1 ونور الثقلين: 3/405 ح 166 وأخرجه في البحار: 2/93 ح 25 عن بصائر الدرجات: 14 ح 2.
6- من الكافي.

ولم يؤمن بآيات ربه) (قال: من أسرف في عداوة أمير المؤمنين واتبع غيره وترك ولايته وولاية الأئمة معاندة) (1) ولم يتبع آثارهم ولم يتولهم (2).

ومعنى قوله تعالى ﴿أتتك آياتنا * ولم يؤمن بآيات ربه﴾ أن الآيات هم الأئمة الولاة، عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيات.

وقوله تعالى: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها

22- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد ابن عبد الرحمان بن سلام، عن [أحمد بن] (3) عبد الله بن عيسى بن مصفلة القمي، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه علي بن الحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها﴾ قال: نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يأتي باب فاطمة كل سحرة فيقول:

السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (4).

قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى [135]

23- تأويله: قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): روى النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿قل كل متربص - إلى قوله -

ص: 322


1- في الكافي هكذا: قال يعنى من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يؤمن بآيات ربه وترك الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) معاندة.
2- الكافي: 1/435 ح 92 وعنه البحار: 24/348 ح 60 والبرهان: 3/47 ح 2 ونور الثقلين: 3/405 ح 170.
3- ما بين المعقوفين ليس في الأصل وانما أضفناه بقرينة بقية الموارد، ولعدم ذكر عبد الله ابن عيسى الخ في كتب الرجال والحديث، واسمه الموجود في النجاشي هو كما أثبتناه، راجع رجال النجاشي باب أحمد بن عيسى الخ.
4- عنه البحار: 25/219 ح 19 والبرهان: 3/50 ح 2 والآية الأخيرة في سورة الأحزاب: 33.

ومن اهتدى﴾ قال: إلى ولايتنا. (1).

24- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن عبد الله بن أسد (2)، عن إبراهيم ابن محمد الثقفي، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عبد الكريم بن يعقوب، عن جابر قال: سئل محمد بن علي الباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى﴾ قال: اهتدى إلى ولايتنا. (3).

25- وقال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل ابن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى﴾

قال: علي صاحب الصراط السوي (4) (ومن اهتدى) أي إلى ولايتنا أهل البيت (5).

26- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: سألت أبي عن قول الله عز وجل ﴿فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى﴾ قال (الصراط السوي) هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والهدى من اهتدى إلى طاعته، ومثلها في كتاب الله عز وجل ﴿وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى﴾ قال: إلى ولايتنا (6).

ص: 323


1- أخرجه في البرهان: 3/50 ح 7 عن تفسير القمي ولم نجد فيه.
2- في نسختي (أ، م) والبحار: راشد.
3- عنه البحار: 24/150 ح 32 والبرهان: 3/50 ح 8.
4- في نسخة «ج» (قال: صاحب الصراط السوي الأئمة) بدل (على صاحب الصراط السوي).
5- عنه البحار: 24/150 ح 33 والبرهان: 3/50 ح 9.
6- عنه البحار: 24/150 ح 34 والبرهان: 3/50 ح 10.

«21»

(سورة الأنبياء)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا

1- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد ابن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن علي، عن علي بن حماد الأزدي، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وأسروا النجوى الذين ظلموا﴾ قال (الذين ظلموا) آل محمد حقهم. (2).

وقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [7]

2- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن الحصين بن مخارق، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ ابن نباتة، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾

قال: نحن أهل الذكر. (3)

3- وقال أيضا: حدثنا علي بن سليمان الرازي، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن العلا بن رزين القلا، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل ﴿فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ أنهم

ص: 324


1- في نسخة «ب» أبى جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- عنه البحار: 24/226 ح 19 والبرهان: 3/52 ح 1 ورواه السياري في التنزيل والتحريف عن محمد بن علي وزاد في آخره: هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون.
3- عنه البحار: 23/186 ح 56 والبرهان: 3/52 ح 2 وأخرجه في البحار: 23/184 ح 49 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 2/293 ورواه فرات في تفسيره: 83.

اليهود والنصارى، قال: إذا يدعونكم إلى دينهم قال: ثم أومأ بيده إلى صدره.

وقال: نحن (أهل الذكر) ونحن المسؤولون. (1).

وللذكر معنيان: النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقد سمي ذكرا لقوله تعالى (ذكرا رسولا) (2).

والقرآن، لقوله تعالى ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له الحافظون﴾ (3).

وهم صلوات الله عليهم أهل القرآن وأهل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

4- [ورواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن جعفر، عن عبد الله بن محمد، عن أبي داود سليمان بن سفيان، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

ورواه الكليني (رَحمَةُ اللّه) بطرق متعددة وعقد لذلك بابا] (5).

وقوله تعالى: لقد أنزلنا إليكم كتبا فيه ذكركم أفلا تعقلون

5- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون﴾

قال: الطاعة للامام بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (6).

معنى ذلك: أن الذي (انزل في الكتاب الذي) (7) فيه ذكركم وشرفكم وعزكم

ص: 325


1- عنه البرهان: 3/52 ح 3 وفى البحار: 23/183 ح 44 عنه وعن تفسير العياشي: 2/260 ح 32 وأخرجه في البحار: 23/180 ح 31 عن بصائر الدرجات: 41 ح 17 وفى الوسائل: 18/41 ح 3 عن الكافي: 1/211 ح 7.
2- سورة الطلاق: 10، 11.
3- سورة الحجر: 9.
4- تفسير القمي: 426 وعنه البحار: 23/174 ح 3 والبرهان: 2/371 ح 13.
5- راجع الكافي 1/210 - 212، وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
6- عنه البحار: 23/186 ح 57 والبرهان: 3/52 ح 1.
7- ليس في نسختي (ج، م).

هو طاعة الإمام الحق بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

وقوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ [12]

6- تأويله: قال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿فلمّا أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون﴾.

قال: ذلك عند قيام القائم، عجل الله فرجه (1).

7- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن (2). منصور، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فلمّا أحسوا بأسنا - قال: وذلك عند قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - إذا هم منها يركضون - قال: الكنوز التي كانوا يكنزون - قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا - بالسيف - خامدين﴾ لا تبقى منهم عين تطرف. (3).

8- روى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بدر (4) بن الخليل الأسدي قال: سمعت أبا جعفر (5) (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عز وجل ﴿فلمّا أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون﴾ قال: إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام هربوا (6) إلى الروم فيقول (7) لهم الروم: لا ندخلنكم (8) حتى

ص: 326


1- عنه البرهان: 3/53 ح 2 واثبات الهداة: 7/124 ح 637.
2- في الأصل: بن، والصحيح ما أثبتناه لعدم وجود يونس بن منصور، ولرواية يونس، عن منصور ومحمد بن عيسى عنه كثيرا، راجع (معجم السيد الخوئي: 20 «ب» يونس) وغيره.
3- عنه البرهان: 3/53 ح 3 واثبات الهداة: 7/124 ح 638.
4- في الأصل: يزيد.
5- في نسخة «ج» أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- في الأصل: فهربوا.
7- في نسخة «ج» فيقولون.
8- في نسختي (ج، م) لا ندخلكم.

تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان (1) فيدخلونهم (2)، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم: لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا، قال: فيدفعونهم إليهم فذلك قوله (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون) قال: يسألهم عن الكنوز، وهو أعلم بها.

قال: (فيقولون يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) بالسيف (3).

وقوله تعالى: هذا ذكر من معي وذكر من قبلي

9- تأويله: قال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿هذا ذكر من معي وذكر من قبلي﴾

قال (ذكر من معي) علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وذكر من قبلي) الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).

يعني: إن هذا القرآن فيه ذكر جميع الأنبياء، وعلم ما كان وما يكون فتمسكوا به تهتدوا (5).

وقوله تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ [26] لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [27]

10- تأويله: قال أيضا: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار قال: حدثني أبي، عن أبيه علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل

ص: 327


1- في الأصل: الصلب.
2- في الأصل: ويدخلونهم.
3- الكافي: 7/51 ح 15 وعنه البحار: 52/377 ح 180 ونور الثقلين: 3/414 ح 14 والبرهان: 3/53 ح 1.
4- عنه البحار: 23/197 ح 28 والبرهان: 3/56 ح 2.
5- في نسخة «ج» تهتدون.

عباد مكرمون) - وأومأ بيده إلى صدره وقال (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (1).

وقوله تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيمة

11- تأويله: ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) قال: روى عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم الهمداني، يرفعه إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة﴾

قال (الموازين) الأنبياء والأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

فعلى هذا يكون الأنبياء والأوصياء أصحاب الموازين التي توزن فيها الأعمال، الموازين القسط) أي ذات القسط، والقسط العدل، والميزان عبارة عن الحساب العدل الذي لا ظلم فيه وهو حساب الله تعالى لخلقه يوم القيامة، ويكون على يد الأنبياء والأوصياء فلأجل ذلك كني عنهم بالموازين مجازا، أي أصحاب الموازين.

ومثله (وسئل القرية) (3) أي أهل القرية، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فعلى الأنبياء والأوصياء من الله تحيته وسلامه.

وقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [73]

12- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا﴾ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): يعني الأئمة من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) يوحى إليهم بالروح في صدورهم. (4)

ص: 328


1- عنه البحار: 24/91 ح 10 والبرهان: 3/57 ح 2.
2- الكافي: 1/419 ح 36 وعنه البحار: 24/118 ح 4 و ج 7/249 ملحق ح 6 و البرهان: 3/61 ح 2.
3- سورة يوسف: 82.
4- عنه البحار: 24/158 ح 21 والبرهان: 3/66 ح 3.

ثم ذكر ما أكرمهم الله به فقال (فعل الخيرات).

فعليهم منه أفضل الصلوات وأوفر (1) التحيات.

وقوله تعالى: رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [89]

13- تأويله: ذكره أيضا محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن موسى النوفلي باسناده عن علي بن داود قال: حدثني رجل من ولد ربيعة بن عبد مناف إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما بارز علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) عمروا (2) رفع يديه، ثم قال: اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر، وأخذت مني حمزه يوم أحد، وهذا علي، فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين. (3)

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ [101]

14- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أبو جعفر الحسن بن علي بن الوليد القسوي (4) باسناده عن النعمان بن بشير قال: كنا ذات ليلة عند علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) سمارا إذ قرأ هذه الآية ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى﴾ فقال: أنا منهم، وأقيمت الصلاة فوثب ودخل المسجد وهو يقول (لا يسمعون حسيسها وهم فيها اشتهت أنفسهم خالدون) ثم كبر للصلاة. (5)

15- وقال أيضا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سهل النيسابوري حديثا يرفعه باسناده إلى ربيع بن قريع (6) قال: كنا عند عبد الله بن عمر فقال له رجل من بني تيم الله (7)

ص: 329


1- في نسخة «ج» أكمل.
2- في نسخه (أ، ب) عمر.
3- عنه البرهان: 3/71 ح 7.
4- في نسخة «ج» السوي وفى «أ» القوسي.
5- عنه البحار: 36/127 ح 69 والبرهان: 3/72 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/185 ح 84 عن كشف الغمة: 1/320.
6- في نسخة «ب» بزيع، وفى نسخة «ج» قريع (بزيع خ ل).
7- في البحار (بنى تميم) بدل (بنى تميم الله).

يقال له حسان بن رابضة (1): يا أبا عبد الرحمن (2) لقد رأيت رجلين ذكرا عليا وعثمان فنالا منهما، فقال ابن عمر: إن كانا لعناهما فلعنهما الله تعالى، ثم قال: ويلكم يا أهل العراق كيف تسبون رجلا هذا منزله من (منزل) (3) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟ وأشار بيده إلى بيت علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المسجد، وقال: فورب هذه الحرمة إنه من (الذين سبقت لهم منا الحسنى) مالها مردود (4) يعني بذلك عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

16- وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثني محمد ابن علي ماجيلويه، عن أبيه باسناده عن جميل بن دراج، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يبعث الله شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب، مبيضة (6) وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت، فلا يزالون يدورون خلال الجنة، عليهم شرك من نور يتلألأ توضع (7) لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب، وهو قول الله عز وجل ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون﴾ (8)

ثم قال الله تعالى: لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [103]

17- تأويله: قال محمد ابن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا حميد بن زياد باسناد يرفعه إلى أبي جميلة، عن عمر بن رشيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال في حديث: ان

ص: 330


1- في نسخة (م) رابصة، وفى البحار: وابصة.
2- نسخة (م) (يا عبد الرحمان).
3- ليس في نسخة «ج».
4- في البحار: مرد.
5- عنه البحار: 36/127 ذ ح 69 والبرهان: 3/72 ح 3.
6- في نسخة «ج» منتضرة، خ ل: مبيضة.
7- في الأصل: تضع، وما أثبتناه من البحار.
8- أخرجه في البحار: 7/184 ح 35 عن المحاسن: 1/178 ح 166 باسناده عن جميل بن دراج، وفى البرهان: 3/72 ح 4 عن ابن بابويه، ولم نجده في كتب ابن بابويه.

إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: إن عليا وشيعته يوم القيامة على كثبان المسك (الأذفر) يفزع الناس ولا يفزعون، ويحزن الناس ولا يحزنون، وهو قول الله عز وجل ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾ (1).

18- ويؤيد ذلك: ما رواه الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه قال: حدثني سعد بن عبد الله باسناد يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي بشر إخوانك بأن الله قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا.

يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجّلين.

يا علي شيعتك المبتهجون (2) ولولا أنت وشيعتك ما قام لله دين، ولولا من في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها.

يا علي لك كنز في الجنة، وأنت ذو قرنيها، وشيعتك تعرف بحزب الله.

يا علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط وخيرة الله من خلقه.

يا علي أنا أول من ينفض التراب من رأسه وأنت معي، ثم سائر الخلق.

يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، وفيكم نزلت هذه الآيات ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾ (3).

ص: 331


1- عنه البحار: 24/270 ح 42 والبرهان: 3/74 ح 3.
2- كذا في المصدر، وفى الأصل والبحار: المنتجبون.
3- فضائل الشيعة: 14/17 وعنه البحار: 39/306 ح 122، وأمالي الصدوق: 450 ح 2 وعنه البرهان: 3/74 ح 4، وأخرجه في البحار: 68/46 ح 91 عن بشارة المصطفى: 222 ورواه في مصباح الأنوار: 164 و 201 (مخطوط) وله تخريجات أخر تركناها للاختصار.

وقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [105]

19- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، [عن أبيه] (1) عن الحسين بن مخارق، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ هم آل محمد صلوات الله عليهم (2).

20- وقال أيضا حدثنا محمد بن علي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي ابن الحكم، عن سفيان بن إبراهيم الجريري، عن أبي صادق قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ولقد كتبنا في الزبور﴾ الآية قال: نحن هم.

قال: قلت (إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) قال: هم شيعتنا (3).

21- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ قال: آل محمد صلوات الله عليهم ومن تابعهم على منهاجهم (والأرض) أرض الجنة (4).

22- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن محمد، عن (5) أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حسين بن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿إن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ هم أصحاب الإمام المهدي في آخر الزمان (6).

23- ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال:

ص: 332


1- أثبتناه بقرينة بقية الموارد وكتب الرجال، راجع معجم رجال السيد الخوئي: 6/86 و 126.
2- عنه البحار: 24/358 ح 78 والبرهان: 3/75 ح 2.
3- عنه البحار: 24/358 ح 79 والبرهان: 3/75 ح 3.
4- عنه البحار: 24/359 ح 80 والبرهان: 3/75 ح 4.
5- في نسختي (ج، م) بن.
6- عنه البرهان: 3/75 ح 5 واثبات الهداة: 7/135 ح 639 والزام الناصب: 1/75.

لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما (1).

«22»

(سورة الحج)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ [8] ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ [9]

1- تأويله: جاء في باطن تفسير أهل البيت صلوات الله عليهم عن حماد بن عيسى قال: حدثني بعض أصحابنا حديثا يرفعه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله) قال: هو الأول (ثاني عطفه) أي الثاني (2) وذلك لما أقام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الامام [أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (3) علما للناس وقالا (4) والله لا نفي له بهذا أبدا (5).

وقوله تعالى: مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [15]

2- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار قال: قال الإمام موسى بن جعفر: حدثني أبي، عن أبيه أبي جعفر صلوات الله عليهم أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال ذات يوم: إن ربي

ص: 333


1- غيبة الطوسي: 112 وعنه البحار: 51/74 ح 526 وأورده ابن الصباغ في الفصول المهمة: 276.
2- في نسخ (أ، ج، م) إلى الثاني.
3- من البحار.
4- في نسختي (ب، ج) والبحار والبرهان (قال:).
5- عنه البحار: 24/24 ح 52 والبرهان: 3/78 ح 3.

وعدني نصرته، وأن يمدني بملائكته، وأنه ناصرني (1) بهم وبعلي أخي خاصة من بين أهلي فاشتد ذلك على القوم أن خص عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالنصرة وأغاظهم ذلك، فأنزل الله عز وجل: ﴿من كان يظن أن لن ينصر (2) الله - محمدا بعلي - في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ﴾ قال: ليضع (3) حبلا في عنقه إلى سماء بيته يمده حتى يختنق (4) فيموت فينظر هل يذهب كيده غيظه (5).

وقوله تعالى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ – إلى قوله تعالى - الحريق [22]

نزلت في شيبة وعتبة والوليد أهل بدر، على ما يأتي بيانه.

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ - إلى قوله تعالى - صراط الحميد [24]

نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحمزة وعبيدة يوم بدر على ما يأتي.

3- تأويله: رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم عن الحجاج بن المنهال باسناده عن قيس بن عباد، عن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمان.

وقال قيس: وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿هذان خصمان اختصموا في ربهم﴾ وهم الذين تبارزوا يوم بدر: علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحمزة وعبيدة وشيبة وعتبة والوليد (6).

4- وروى محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله

ص: 334


1- في نسخة «ج» ناصري.
2- في نسختي (ب، ج) ينصره الله.
3- في الأصل: يضع.
4- في نسخة «ج» يخنق.
5- في نسخة (م) ما يغيظ (غيضه خ ل)، عنه البحار: 24/359 ح 81 والبرهان: 3/79 ح 1.
6- عنه البحار: 36/128 ح 70 والبرهان: 3/81 ح 3، وأخرجه في البحار: 19/312 ح 61 عن سعد السعود: 102.

عز وجل ﴿هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا - بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) – قطعت لهم ثياب من نار﴾ الآية (1).

5- وروى أيضا عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد باسناده إلى عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد﴾ قال: ذلك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر، والمقداد، وعمار هدوا إلى (2) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وقوله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [25]

6- تأويله: رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد باسناد متصل إلى عبد الرحمان بن كثير (4) قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم﴾.

قال: نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه (فبعدا للقوم الظالمين) (5)

وقوله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [26]

7- تأويله: قال محمد بن العباس: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل

ص: 335


1- الكافي: 1/422 ح 51 وعنه البحار: 23/379 ح 64 والبرهان: 3/80 ح 1.
2- في الأصل: إلى ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- الكافي: 1/426 ح 71 وعنه البحار: 22/125 ح 96 و ج 23/379 ح 67 والبرهان: 3/83 ح 2.
4- في الأصل: أبى حمزة، وهو اشتباه إذ في الكافي هكذا: وبهذا الاسناد وفى قبله بحديثين: حديث 42 يروى بسنده عن عبد الرحمان بن كثير، وفى قبله: حديث 41 يروى بسنده عن أبي حمزة فصاحب التأويل أرجع الاسناد إلى حديث: 41 اشتباها.
5- سورة المؤمنون: 41، الكافي: 1/421 ح 44 وعنه البحار: 23/372 ح 59 و نور الثقلين: 3/482 ح 54.

العلوي، عن عيسى بن داود قال: قال الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود).

يعني بهم آل محمد صلوات الله عليهم (1).

وقوله تعالى: ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم

8- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن هوذة باسناد يرفعه إلى عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى: ﴿ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم﴾ قال: هو لقاء الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

9- ويؤيده: ما روي عنه صلوات الله عليه - وقد نظر إلى الناس يطوفون بالبيت - فقال: طواف كطواف الجاهلية، أما والله ما بهذا أمروا [ولكنهم] (3) أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار، ثم ينصرفوا إلينا ويعرفونا مودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم وتلا هذه الآية ﴿ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم﴾.

قال: التفث: الشعث. والنذر: لقاء الامام (4).

10- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن موسى، عن أبيه جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى: ﴿ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه﴾.

قال: هي ثلاث حرمات واجبة، فمن قطع منها حرمة فقد أشرك بالله:

الأولى: انتهاك حرمة الله في بيته الحرام.

والثانية: تعطيل الكتاب والعمل بغيره.

والثالثة: قطيعة ما أوجب الله من فرض مودتنا وطاعتنا (5).

ص: 336


1- عنه البحار: 24/359 ح 82 والبرهان: 3/85 ح 1.
2- عنه البحار: 24/360 ح 84 والبرهان: 3/90 ح 28.
3- من نسخة (م) والبرهان.
4- عنه البرهان: 3/90 ح 29.
5- عنه البحار: 24/186 ح 5 والبرهان: 3/90 ح 1.

قوله تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ [34] الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [45]

11- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود قال: قال موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): سألت أبي عن قول الله عز وجل ﴿وبشر المخبتين﴾ الآية قال: نزلت فينا خاصة (1).

قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): قوله ﴿وبشر المخبتين﴾ أي المتواضعين المطمئنين إلى الله والذين لا يظلمون، وإذ ظلموا لا ينتصرون (2) كأنهم اطمأنوا إلى يوم الجزاء ثم وصفهم فقال ﴿الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم - أي إذا خوفوا بالله خافوا – و الصابرين على ما أصابهم - من البلايا والمصائب في طاعة الله - والمقيمي الصلاة في أوقاتها بحدودها - ومما رزقناهم ينفقون﴾ من الواجب وغيره.

وهذه بعض صفاتهم صلوات الله عليهم (3).

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [38]

12- تأويله: قال محمد بن العباس رحمه الله: حدثنا، محمد بن الحسن ابن علي قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿إن الله يدافع عن الذين آمنوا﴾ قال: نحن (الذين آمنوا) والله يدافع عنا ما أذاعت عنا شيعتنا (4).

يعني إن بعض شيعتهم يذيع عنهم بعض أسرارهم إلى أعدائهم يقصد بذلك أذاهم أو لا يقصد فان الله سبحانه يدافع عنهم (إن الله لا يحب كل خوان - لمودتهم - كفور) بولايتهم.

ص: 337


1- عنه البحار: 24/401 ح 131 والبرهان: 3/92 ح 1.
2- في نسخة (م) لا ينصرون.
3- مجمع البيان: 7/84.
4- عنه البحار: 23/382 ح 75 والبرهان: 3/93 ح 1.

قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [39]

13- تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): إن هذه الآية أول آية نزلت في القتال، وفي الآية محذوف تقديره: اذن للمؤمنين أن يقاتلوا أو بالقتال من أجل أنهم ظلموا بأن أخرجوا من ديارهم وقصدوا بالايذاء والإهانة (وإن الله على نصرهم لقدير) وهذا وعد لهم بالنصر، معناه أنه سينصرهم.

وقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الذين أخرجوا من ديارهم وأخيفوا (1).

14- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: نزلت هذه الآية في آل محمد خاصة ﴿اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله - ثم تلا إلى قوله - ولله عاقبة الأمور﴾ (2).

15- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى، عن حكيم الحناط، عن ضريس، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير).

قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (3).

16- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن المثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير﴾.

ص: 338


1- مجمع البيان: 7/87 وعنه البحار: 24/227 والبرهان: 3/94 ح 8.
2- عنه البحار: 24/226 ح 20 والبرهان: 3/93 ح 2 وص 96 ح 5.
3- عنه البحار: 24/227 ح 22 والبرهان: 3/93 ح 3.

قال: هي في القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه (1).

بيان ذلك: أن قوله (اذن) ماض لكن يراد به الاستقبال وهذا يدل على الجزم بوقوعه في المستقبل، فكأنه قد مضى ومثله (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) (2) ويمكن أن يقال: إنه اذن لهم في القرآن لأنه فيه علم ما يكون وما كان، والله تعالى قد وعدهم النصر لقوله ﴿وإن الله على نصرهم لقدير﴾ وقال تعالى:

﴿وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ (3) والقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه هم المنصورون لانهم جند الله تعالى وقد قال سبحانه: ﴿وإن جندنا لهم الغالبون﴾ (4).

ثم بيّن سبحانه حال المأذون لهم في القتال فقال:

الذين أخرجوا من ديرهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله

17- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد ابن عبد الرحمان بن الفضل (5)، عن جعفر بن الحسين الكوفي، عن محمد بن زيد مولى أبي جعفر، عن أبيه قال: سألت مولاي أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت: قوله عز وجل:

﴿الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله﴾؟

قال: نزلت في علي وحمزة وجعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ثم جرت في الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

18- وقال أيضا: حدثنا مولانا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار قال: حدثنا مولانا موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله

ص: 339


1- عنه البحار: 24/227 ح 23 والبرهان: 3/93 ح 4 واثبات الهداة: 7/125 ح 640.
2- سورة الأعراف: 6.
3- سورة الروم: 47.
4- سورة الصافات: 173.
5- في نسخ (أ، ج، م) المفضل، وفى نسخة «ب» عن المفضل بن جعفر الخ، وفى البحار والبرهان: عن المفضل، وما أثبتناه انما هو بقرينة موردين آخرين بعين هذا السند راجع فهرست أعلامنا لهذا الكتاب.
6- عنه البرهان: 3/94 ح 5 وفى البحار: 24/227 ح 24 و 25 عنه وعن الكافي: 8/337 ح 534 بسند آخر، وأخرجه في البحار: 44/219 ح 9 عن تفسير فرات؟؟ 9.

عز وجل ﴿الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق﴾ قال: نزلت فينا خاصة، في أمير المؤمنين وذريته (عَلَيهِم السَّلَامُ) وما ارتكب من [أمر] (1) فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (2).

اعلم أنه لما تبين أن (الذين أخرجوا من ديارهم) أنهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال تعالى: وهم المعنيون بما قال ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾.

19- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا حميد (3) بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن حجر بن زائدة، عن حمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض﴾ إلى آخر الآية.

فقال: كان قوم صالحون هم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم فيدفع الله أيديهم عن الصالحين، ولم يأجر (4) أولئك بما يدفع بهم وفينا مثلهم (5).

20- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله عز وجل ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا﴾.

قال: هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهم الاعلام ولولا صبرهم وانتظارهم الامر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا، قال الله عز وجل ﴿ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾ (6).

بيان: معنى هذا التأويل الأول: قوله: كان قوم صالحون هم مهاجرون قوم

ص: 340


1- من البحار.
2- عنه البحار: 24/226 ح 21 والبرهان: 3/94 ح 6.
3- في نسختي (ج، م محمد.
4- في نسخة «ب» فهاجر، وفى نسخة «ج»، ولم يرض.
5- عنه البحار: 24/361 ح 85 والبرهان: 3/94 ح 2 وفيه: حجر بن زياد، عن حريز.
6- عنه البحار: 24/359 ح 83 والبرهان: 3/94 ح 3.

سوء خوفا أن يفسدوهم أي يفسدوا عليهم دينهم فهاجروهم لأجل ذلك فالله تعالى يدفع القوم السوء عن الصالحين.

وقوله: وفينا مثلهم قوم صالحون وهم الأئمة الراشدون وقوم سوء وهم المخالفون والله تعالى يدفع أيدي المخالفين عن الأئمة الراشدين والحمد لله رب العالمين.

أما معنى التأويل الثاني قوله: هم الأئمة بيانه أن الله سبحانه يدفع بعض الناس، عن بعض، فالمدفوع عنهم هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) والمدفوعون هم الظالمون (وقوله) (1) (و) (2) لولا (صبرهم وانتظارهم الامر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا معناه، ولولا) (3) صبرهم على الأذى والتكذيب وانتظارهم أمر الله أن يأتيهم الله بفرج آل محمد وقيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقاموا كما قام غيرهم بالسيف ولو قاموا (4) لقتلوا جميعا ولو قتلوا جميعا لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد، فالصوامع عبارة عن مواضع عبادة النصارى في الجبال، والبيع في القرى، والصلوات أي مواضعها وتشترك فيه المسلمون واليهود، فاليهود لهم الكنائس والمسلمون المساجد بغير مشارك فيكون قتلهم جميعا سببا لهدم هذه المواضع وهدمها سببا لتعطيل الشرائع الثلاث: شريعة موسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم لان الشريعة لا تقوم إلا بالكتاب والكتاب يحتاج إلى التأويل، والتأويل لا يعلمه (إلا الله والراسخون في العلم) (5) وهم الأئمة صلوات الله عليهم.

لانّهم يعلمون تأويل كتاب موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم.

21- لقول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتى تنطق الكتب وتقول: صدق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

ص: 341


1- ليس في نسخة «ب».
2- ليس في نسخة (م).
3- في نسخة «ج».
4- ليس في نسخة «ج» قاتلوا.
5- سورة آل عمران: 7.
6- أخرجه في البحار: 40/153 عن مناقب ابن شهرآشوب: 1/317 (باختلاف يسير) وروى نحوه في بصائر الدرجات: 132 - 134 ب 9 عدة روايات.

وقوله: وهم الاعلام، والاعلام الأدلة الهادية إلى دار السلام (1).

فعليهم من الله السلام وأفضل التحية والاكرام.

ولما علم الله سبحانه منهم الصبر وعدهم النصر فقال ﴿لينصرن الله من ينصره﴾ أي ينصر دينه إن الله لقوي في سلطانه عزيز في جبروت شأنه، ثم أبان شأن من ينصره

فقال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [41]

22- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر﴾ قال: نحن هم (2).

23- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، [عن أبيه] (3)، عن حصين بن مخارق، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد الله بن الحسن (4)، عن أمه، عن أبيها، عن (أبيه) (5) (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر﴾ قال: هذه نزلت فينا أهل البيت (6).

24- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن الامام أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: كنت عند أبي يوما في المسجد إذا أتاه رجل فوقف أمامه وقال: يا بن رسول الله أعيت علي آية في كتاب الله

ص: 342


1- في نسختي (أ، م): الاسلام.
2- عنه البحار: 24/164 ح 7 والبرهان: 3/95 ح 1.
3- ليس في الأصل وانما أثبتناه بقرينة بقية الموارد وكتب الرجال، راجع معجم رجال السيد الخوئي: 6/86 و 126.
4- في نسخة (م) عبد الله الحسين (الحسن خ ل)، وفى البرهان: عبد الله بن الحسن بن الحسين، والظاهر أنه عبد الله بن الحسن بن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأمه فاطمة بنت الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- ليس في البرهان.
6- عنه البرهان: 3/95 ح 2.

عز وجل، سألت عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك، فقال: وما هي؟ (1)

قال: قوله عز وجل ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾.

فقال أبي: (2) نعم فينا نزلت، وذلك أن فلانا وفلانا وطائفة معهم - وسماهم - اجتمعوا إلى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقالوا: يا رسول الله إلى من يصير (3) هذا الامر بعدك؟ فوالله لئن صار إلى رجل من أهل بيتك إنا لنخافهم على أنفسنا، ولو صار إلى غيرهم لعل غيرهم أقرب وأرحم بنا منهم، فغضب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من ذلك غضبا شديدا.

ثم قال: أما والله لو آمنتم بالله ورسوله ما أبغضتموهم، لان بغضهم بغضي، وبغضي هو الكفر بالله، ثم نعيتم إلى نفسي، فوالله لئن مكنهم الله في الأرض ليقيموا الصلاة لوقتها وليؤتوا (4) الزكاة لمحلها، وليأمرن بالمعروف ولينهن عن المنكر، إنما يرغم الله أنوف رجال يبغضون ويبغضون أهل بيتي وذريتي فأنزل الله عز وجل ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾ فلم يقبل القوم ذلك، فأنزل الله سبحانه ﴿وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير﴾ (5).

25- وقال أيضا: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾ قال: هذه الآية لآل محمد الإمام المهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ويميت الله عز وجل به وبأصحابه البدع والباطل، كما

ص: 343


1- في نسخة (م) ما هي.
2- في نسخة (م) أي.
3- في نسخة «ج» نصير.
4- في نسخة (م) وليؤتون.
5- عنه البحار: 24/165 ح 8 والبرهان: 3/95 ح 3.

أمات السفهة الحق، حتى لا يرى أثر من الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولله عاقبة الأمور) (1).

وقوله تعالى: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [45]

26- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد ابن الحسين، عن الربيع بن محمد، عن صالح بن سهل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قوله تعالى ﴿وبئر معطلة وقصر مشيد﴾ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) القصر المشيد، والبئر المعطلة فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وولدها (2) معطلون من الملك (3).

27- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وبئر معطلة وقصر مشيد﴾.

قال: البئر المعطلة الامام الصامت، والقصر المشيد الامام الناطق (4).

28- وروى أبو عبد الله الحسين بن جبير (رَحمَةُ اللّه) في كتابه نخب المناقب حديثا يرفعه إلى الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تفسير قوله تعالى ﴿ وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾ أنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (القصر (5) المشيد، والبئر المعطلة) علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

ص: 344


1- عنه البحار: 24/165 ح 9 والبرهان: 3/96 ح 4 واثبات الهداة: 7/125 ح 641.
2- في نسخة (م) وولديهما.
3- عنه البرهان: 3/97 ح 12، وفى البحار: 24/102 ح 9 عنه وعن معاني الأخبار: 111 ح 3.
4- الكافي: 1/427 ح 75، وفى البحار: 24/101، 102 عنه وعن معاني الأخبار: 111 ح 1 و 2 وبصائر الدرجات: 505 ح 4 ومختصر البصائر: 57، وفى البرهان: 3/96 ح 7-9 عن الکافی و المعانی.
5- فی نسخة «ج» أنا القصر.
6- عنه البحار: 34/103 ح 10، وأخرجه في البرهان: 3/97 ح 13 عن مناقب ابن شهر شهرآشوب: 2/285.

وذكر (1) علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): قوله تعالى ﴿وبئر معطلة وقصر مشيد﴾ هذا مثل لآل محمد للامام القائم دل على غيبته، فالبئر المعطلة الامام وهو معطل لا يقتبس منه العلم، وأحسن ما قيل في هذا التأويل:

بئر معطلة وقصر مشرف *** مثل لآل محمد مستطرف

فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى (2) *** والبئر علمهم الذي لا ينزف (3).

وقوله تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [50] وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [51]

29- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم﴾.

قال: أولئك آل محمد صلوات الله عليهم.

﴿والذين سعوا - في قطع مودة آل محمد - معاجزين أولئك أصحاب الجحيم﴾

قال: هم الأربعة نفر (4) التيمي والعدوي والأمويين (5).

وقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [52]

30- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زياد بن

ص: 345


1- في نسخة (م) وقال.
2- في نسخة (م) فعلى القصر المشيد منهم، وفى نسخة «ج» فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى (فعلى القصر المشيد منهم، خ ل).
3- تفسير القمي: 441 مع اختلاف وعنه البحار: 24/101 ح 5 والبرهان: 3/96 ذ ح 6.
4- في نسخة «ب» هي الأربعة نفر.
5- عنه البحار:23/381 ح 73 والبرهان: 3/98 ح 1.

سوقة، عن الحكم بن عيينة قال: قال لي علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): يا حكم هل تدري ما كانت الآية التي كان يعرف بها علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب قتله، ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟ قال: قلت: لا والله فأخبرني بها يا ابن رسول الله، قال:

هي قول الله عز وجل ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي﴾ ولا محدث.

قلت: فكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) محدثا؟ قال: نعم، وكل إمام منا أهل البيت محدث (1).

31- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد بن الحسين بن أبي (2) الخطاب عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن الحارث بن المغيرة النضري (3) قال: قال لي الحكم بن عيينة:

إن مولاي علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لي: إنما علم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كله في آية واحدة.

قال: فخرج حمران (4) بن أعين ليسأله فوجد عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد قبض، فقال لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الحكم حدثنا عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) انه قال: إن علم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كله في آية واحدة، فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): وما تدري ما هي؟ قلت: لا.

قال: هي قوله تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي﴾ ولا محدث (5).

ثم أبان شأن الرسول والنبي، والمحدث، صلوات الله عليهم.

32- فقال: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن عروة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الرسول والنبي والمحدث فقال: الرسول الذي تأتيه الملائكة ويعاينهم وتبلغه الرسالة من الله، والنبي يرى في المنام فما رأى

ص: 346


1- عنه البحار: 26/81 ح 43 والبرهان: 3/98 ح 3.
2- في نسختي (ب، م) محمد بن الحسين، عن أبيه الخطاب، وفى البحار: محمد بن الحسين عن أبيه، وفى البرهان: محمد بن الحسين، عن أبيه أبى الخطاب، والصحيح ما أثبتناه راجع كتب الرجال.
3- في نسختي (ج، م) البصري.
4- في نسخة (م) عمران.
5- عنه البحار: 26/81 ح 44 والبرهان: 3/99 ح 3 وأخرجه في البحار: 40/142 ح 44 عن بصائر الدرجات: 369 ح 5.

فهو كما رأى، والمحدث الذي يسمع كلام الملائكة وحديثهم ولا يرى شيئا بل ينقر في اذنيه (1) وينكت في قلبه (2).

وأما تأويل قوله تعالى:

﴿إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان﴾

33- قال أيضا: حدثنا محمد بن الحسن (3) بن علي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان﴾ الآية.

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقد أصابه جوع شديد فأتى رجلا من الأنصار فذبح له عناقا وقطع له عذق بسر ورطب فتمنى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة (قال) (4): فجاء أبو بكر، ثم جاء عمر، ثم جاء عثمان، ثم جاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فنزلت هذه الآية ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض - إلى قوله عز وجل - عذاب يوم عقيم﴾ (5).

34- ويؤيده: ما رواه علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) قال: وروي [عن] الخاص عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن رسول الله أصابته خصاصة، فجاء إلى رجل من الأنصار فقال له: هل عندك طعام؟ فقال: نعم يا رسول الله. فذبح له عناقا وشواها (6)، فلمّا دنا منها تمنى رسول

ص: 347


1- في نسخة (م) اذنه (اذانه خ ل).
2- عنه البحار: 26/82 ح 45 والبرهان: 3/99 ح 4 وأخرجه في البحار: 26/74 ح 25 عن بصائر الدرجات: 369 ح 1 والاختصاص: 222.
3- في نسختي (ج، م) الحسين.
4- ليس في نسختي (ب، ج).
5- عنه البرهان: 3/98 ح 1.
6- في نسخة (م) وسواها.

الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فجاء أبو بكر وعمر ثم جاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعدهما فأنزل الله عليه ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي﴾ ولا محدث ثم قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هكذا نزلت:

(إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان - بعلي حين جاء بعدهما - ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) (1).

بيان هذا التأويل: أن قوله ﴿إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته﴾ أي في ما يتمناه شيئا لا يحبه ولا يهواه وبيان ما ألقى (2) في أمنية النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه ألقى إلى أوليائه وساوسه فأوحى (3) إليهم أن محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أضافه فلان فاذهبوا إليه لتناولوا من الطعام وتحرزوا (4) فضل ذلك المقام. فأتوا قبل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليكون ذلك (فتنة للذين في قلوبهم مرض) ثم قال سبحانه ﴿فينسخ الله ما يلقي الشيطان﴾ وهو ما أضمره أولياؤه في أنفسهم من أن ما فعلوه يكون لهم فضيلة فينسخه الله بأن جعله لهم رذيلة حيث إنهم جاؤوا بغير ما تمناه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بخلاف ما أراده، ثم قال سبحانه ﴿ثم يحكم الله آياته أي أمر آياته، وآياته النبي وعلي صلوات الله عليهما والله عليم بالأشياء حكيم﴾ يضعها مواضعها وضع الدنيا للشيطان وأوليائه وحزبهم الظالمين، ووضع الآخرة لمحمد وآله الطيبين وحزبهم المفلحين والحمد لله رب العالمين.

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [58]

35- تأويله: محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدثنا (5) الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل

ص: 348


1- تفسير القمي: 441 مع اختلاف وعنه البحار: 17/85 ذ ح 14 ونور الثقلين: 3/516 ذ ح 306 والبرهان: 3/98 ذ ح 1 ومثله في التفسير المنسوب إلى الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): 275.
2- في نسخة (م) ما ألقاه.
3- في نسخة (م) وأوحى.
4- في نسخة (م) وتحوزوا (خ ل تحرزوا).
5- في نسخة (م) قال.

﴿والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا - إلى قوله - إن الله لعليم حكيم﴾.

قال: نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه (خاصة) (1).

وقوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور [60]

36- تأويله: بالاسناد المتقدم، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: سمعت أبي محمد بن علي - صلوات الله عليهم - كثيرا ما يردد هذه الآية ﴿ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله﴾ فقلت: يا أبت (2) جعلت فداك أحسب هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين خاصة؟ [قال: نعم] (3).

وقوله تعالى: ِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ [67]

37- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): بالاسناد المتقدم، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: لما نزلت هذه الآية ﴿لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك﴾ جمعهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثم قال: يا معشر المهاجرين والأنصار إن الله تعالى يقول ﴿لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه﴾ والمنسك هو الامام لكل أمة بعد نبيها حتى يدركه نبي، ألا وإن لزوم الامام وطاعته هو الدين وهو المنسك وهو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إمامكم بعدي، فإني أدعوكم إلى هداه وإنه على (هدى مستقيم).

فقام القوم يتعجبون من ذلك ويقولون: والله إذا لننازعن (4) الامر ولا نرضى طاعته أبدا، وإن كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المفتون به فأنزل الله عز وجل ﴿وادع إلى ربك

ص: 349


1- عنه البحار: 24/361 ح 86 والبرهان: 3/102 ح 2، وليست كلمة خاصة في البحار ونسخة «أ».
2- في نسخة «ج» يا أبتا.
3- عنه البحار: 24/362 ذ ح 86 والبرهان: 3/103 ح 2 وما بين المعقوفين أثبتناه من البحار.
4- في نسخة «ب» لتنازعته.

إنّك لعلى هدى مستقيم وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير﴾ (1).

وقوله تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [72]

38- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا﴾ الآية قال: كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) آية في كتاب الله فيها فرض طاعته (2) أو فضيلة فيه أو في أهله سخطوا ذلك وكرهوا حتى هموا به وأرادوا به العظيم (3) وأرادوا برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أيضا ليلة العقبة غيضا وغضبا وحسدا حتى نزلت هذه الآية (4).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ - إلى قوله تعالى - فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [78]

39- تأويله: قال علي بن إبراهيم رحمه الله: خاطب الله سبحانه الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة

ص: 350


1- عنه البحار: 24/362 ح 87 والبرهان: 3/103 ح 1.
2- في نسخة (م) طاعة.
3- في نسخة «ج» فيه العظيم، وفى نسخة (م) به العظم.
4- عنه البحار: 24/362 ح 88 والبرهان: 3/103 ح 1.

أبيكم إبراهيم هو سميكم المسلمين من قبل وفي هذا - يعني القرآن - ليكون الرسول شهيدا عليكم - يا معشر الأئمة - وتكونوا - أنتم - شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو موليكم فنعم المولى ونعم النصير﴾ (1).

40- وروى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قول الله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم﴾ قال: إيانا عني ونحن المجتبون، ولم يجعل الله تبارك وتعالى (علينا) (2) في الدين من حرج) وهو أشد من الضيق (ملة أبيكم إبراهيم) إيانا عنى خاصة (هو سميكم المسلمين) الله تبارك وتعالى سمانا المسلمين في الكتب التي مضت.

وفي هذا يعني القرآن (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) فرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله، ونحن الشهداء على الناس فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه (3).

41- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا﴾ - إلى آخرها - أمركم (4) بالركوع والسجود وعبادة الله وقد افترضها عليكم (5) وأما فعل الخير فهو طاعة الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم (وجاهدوا في الله حق جهاده

ص: 351


1- تفسير القمي: 443 مع اختلاف وعنه البرهان: 3/104 ح 4.
2- ليس في الكافي.
3- الكافي: 1/191 ح 4 وعنه البرهان: 1/159 ح 2 و ج 3/105 ح 3، وأخرجه في البحار: 23/337 ح 8 عن تفسير فرات: 97.
4- في الأصل: أمرهم، عليهم.
5- في الأصل: أمرهم، عليهم.

هو اجتباكم - يا شيعة آل محمد - وما جعل عليكم في الدين من حرج - قال: من ضيق - ملة أبيكم إبراهيم هو سميكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم (يا آل محمد يا من قد استودعكم المسلمين وافترض طاعتكم عليهم) (1) وتكونوا - أنتم - شهداء على الناس) بما قطعوا من رحمكم وضيعوا من حقكم ومزقوا من كتاب الله وعدلوا حكم غيركم بكم فالزموا الأرض وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله يا آل محمد وأهل بيته (هو موليكم - أنتم وشيعتكم - فنعم المولى ونعم النصير) (2).

«23»

(سورة المؤمنون)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [1] الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [2] - إلى اخر الآية - [[11]]

1- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن الإمام موسى بن جعفر، [عن أبيه] (3) (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلوتهم خاشعون – إلى قوله - الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ قال: نزلت في رسول الله وفي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين (4).

وقوله تعالى: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [52]

2- تأويله: قال: محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد

ص: 352


1- ليس في نسخة (م).
2- عنه البرهان: 3/105 ح 5.
3- من نسخة «أ».
4- عنه البحار: 23/382 صدر ح 74 والبرهان: 3/106 ح 1.

ابن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن أبي الورد وأبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿وإن هذه امتكم أمة واحدة) قال: آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

فعلى هذا يكون الخطاب بقوله: امتكم لآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقوله (أمة واحدة) أي غير مفترقة (2) لا في أقوال ولا في الافعال، بل على طريقة واحدة لا تفترق ولا تختلف أبدا، ولو كان المعني بها أمة محمد صلي الله عليه وآله جميعا (3) لما قال (واحدة) لان - النبي - (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال:

3- ستفترق أمتي من بعدي (على) (4) ثلاثة وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية والباقي في النار (5).

والفرقة الناجية هي الأمة الواحدة، وهم آل محمد صلوات الله عليهم وشيعتهم.

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [57] - إلى قوله - وهم لها سابقون [61]

4- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر [عن أبيه] (6) (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: نزلت في أمير المؤمنين وولده (عَلَيهِم السَّلَامُ) ﴿إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون﴾ (7).

5- وروى الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه): في تأويل قوله عز وجل ﴿والذين

ص: 353


1- عنه البحار: 24/158 ح 22 والبرهان: 3/113 ح 1.
2- في نسخة «ب» متفرقة، وفى نسخة (م) مفترقة (متفرقة خ ل).
3- في نسخة (م) جميعها.
4- ليس في نسخة «ج».
5- رواه الصدوق في الخصال: 2/585 ح 11 وعنه البحار: 28/4 ح 3 و ج 14/346 ح 3
6- من نسخة «أ».
7- عنه البحار: 23/382 ذ ح 74 و ج 35/334 ح 11 والبرهان: 3 ص 114 ح 1.

يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة انهم إلى ربهم راجعون﴾ عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاشاني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن المنقري عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك الناس، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله عز وجل.

ثم قال: قال [أبي] (1) علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا خير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا، ورجل يتدارك سيئته (2) بالتوبة وأنى له التوبة (3) والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا ومعرفة حقنا ورجاء الثواب فينا (4) ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته، وما أكن رأسه وهم والله ذلك خائفون وجلون وودوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل فقال ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾.

ثم قال: وما الذي آتوا؟ آتوا والله الطاعة مع المحبة والولاية، وهم مع ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في طاعتنا ومحبتنا وولايتنا (5).

وقوله تعالى: وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [74]

6- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن الفضل (6) الأهوازي

ص: 354


1- من الكافي.
2- في نسخة (م) شيبته، وفى الكافي: منيته.
3- في نسخة «ب» بالتوبة.
4- في الكافي هكذا: ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا الخ.
5- الكافي: 2/456 ح 15 و ج 8/128 ح 98 وعنه البرهان: 3/115 ح 7 وصدره في الوسائل: 11/376 ح 3 عنه وعن أمالي الصدوق: 531 ذ ح 2 وذيله في البحار: 24 /402 ح 132 وروى قطعة منه في الخصال: 41 ح 29 والمحاسن: 1/224 ح 142 وتنبيه الخواطر: 2/136.
6- في نسخة (م) الفضيل.

عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل قال: حدثنا زيد بن موسى، عن أبيه موسى عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون﴾ قال: عن ولايتنا أهل البيت (1).

7- ويؤيده: ما ذكره أيضا قال: حدثنا علي بن العباس، عن جعفر الرماني عن الحسين بن علوان (2)، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون﴾.

قال: عن ولايتنا (3).

وقوله تعالى: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ [93]

8- تأويله: قال أيضا: حدثنا علي بن العباس، عن الحسن بن محمد، عن العباس بن أبان العامري، عن عبد الغفار باسناد يرفعه إلى عبد الله بن عباس وعن جابر ابن عبد الله - قال جابر إني كنت لأدناهم من رسول الله - قالا: سمعنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) – وهو في حجة الوداع بمنى - يقول: لأعرفنكم بعدي ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ولأيم الله إن فعلتموها لتعرفني في كتبة يضاربونكم. قال: ثم التفت خلفه ثم أقبل بوجهه فقال: أو علي، أو علي قال: حدثنا جبرئيل غمزه وقال مرة أخرى، فرأينا أن جبرئيل قال له، فنزلت هذه الآية (4) ﴿قل رب إما تريني ما يوعدون، رب فلا تجعلني في القوم الظالمين، وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون﴾ (5).

ص: 355


1- عنه البحار: 24/22 ح 43 والبرهان: 3/117 ح 11.
2- كذا في البحار، وفى الأصل: الحسن بن الحسين بن علوان.
3- عنه البحار: 24/22 ح 44 والبرهان: 3/117 ح 12.
4- في نسخة (م) الآيات.
5- عنه البرهان: 3/118 ح 1 وأخرجه في نور الثقلين: 3/551 ح 110 عن مجمع البيان: 7/117 عن شواهد التنزيل: 1/403 ح 559 ورواه فرات في تفسيره: 102.

وهذا يدل على أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا كان في تلك الكتيبة التي تضاربهم فكأنه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لان فعله فعله وقوله قوله.

وقوله تعالى: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [102]

9- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه عن أبي جعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون﴾ قال: نزلت فينا.

ثم قال تعالى لأعدائهم: ومن خفت موازينه - إلى قوله - فكنتم بها تكذبون [105]

10- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال في قول) (1) الله عز وجل ﴿ألم تكن آياتي تتلى عليكم - في علي - فكنتم بها تكذبون﴾ (2).

معناه: أي يقال لمن (خفت موازينه): (ألم تكن آياتي تتلى عليكم - في علي - فكنتم بها تكذبون - فإذا قيل لهم ذلك - قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين - إلى قوله - هم الفائزون) وهم شيعة آل محمد، صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية دائمة إلى يوم الدين.

ص: 356


1- ما بين القوسين ليس في البحار.
2- أورد حديثي (9، في البحار: 24/258 ح 5 والبرهان: 3/121 ح 3 و 1.

«24»

(سورة النور)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض - إلى قوله - والله بكل شئ عليم [35]

المعنى: أن نور الله سبحانه هداه الذي هدى به المؤمنين إلى الايمان (كمشكاة) وهي الكوة في الحائط والمصباح الفتيلة و (الزجاجة) القنديل والكوكب الدري منسوب إلى الدر في صفائه [وضيائه] (1) أي إن نور هذه الأشياء يضئ في الهدى والدين كالكوكب الدري. وقوله تعالى ﴿يوقد من شجرة - أي من دهن شجرة – مباركة زيتونه [لا شرقية ولا غربية] (2) ﴾:

قيل لأنّه بارك فيها سبعون نبيا منهم إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولذلك سميت مباركة (لا شرقية ولا غربية) لا يقع عليها ظل شرق ولا غرب، بل هي ضاحية في الشمس (يكاد زيتها يضئ - من صفائه - ولو لم تمسسه نار).

هذا معناه الظاهر وأما الباطن فهو مثل ضربه الله سبحانه لنبيه فنور الله ذاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والمشكاة صدره والزجاجة قلبه والمصباح نبوته التي تضئ في الدنيا والدين ويهتدي بها سائر المكلفين (يوقد من شجرة مباركة) يعني شجرة النبوة، وهي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنه أصل الأنبياء الذين جاؤوا بعده وهم ولده (يكاد زيتها يضئ) أي يكاد نور محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يتبين للناس وإن لم يتكلم به.

1- وقال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): روي عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: نحن المشكاة فيها المصباح وهو محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (يهدي الله لنوره من يشاء) يهدي الله لولايتنا من

ص: 357


1- من نسختي (ب، م).
2- من نسخة (م).

أحب (1).

2- [وبمعناه الصدوق (رَحمَةُ اللّه) في التوحيد باسناد متصل إلى الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (الله نور السماوات والأرض) قال: كذلك الله عز وجل. قال: قلت: (مثل نوره) قال: محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قلت (كمشكاة) قال: صدر محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: قلت: (فيها مصباح) قال: فيه نور العلم يعني النبوة قلت: (المصباح في زجاجة) قال: علم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صدر إلى قلب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت: (كأنها) قال: لأي شئ تقرأ كأنها قلت: فكيف جعلت فداك؟ قال: (كأنه كوكب دري) قلت: (يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربيه) قال: (ذاك) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يهودي ولا نصراني، قلت: (يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار) قال: يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من قبل أن ينطق به قلت: (نور على نور) قال: الامام في إثر الامام] (2).

3- عنه (رَحمَةُ اللّه) باسناد متصل إلى (3) عيسى بن راشد عن أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (كمشكاة فيها مصباح) قال: المشكاة نور العلم في صدر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (المصباح في زجاجة) والزجاجة في صدر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صار علم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى صدر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) [علم النبي عليا صلوات الله عليهما علمه] (4) «يوقد من شجرة مباركة - قال نور - لا شرقية ولا غربية - لا يهودية ولا نصرانية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار) [قال] (5): يكاد العالم من

ص: 358


1- مجمع البيان: 7/143 وعنه البرهان: 3/136 ح 14.
2- التوحيد: 157 ح 3 ومعاني الاخبار: 15 ح 7 وعنهما البحار: 4/15 ح 4 و ج 23 /306 ح 3 والبرهان: 3/134 ح 4 والحديث نقلناه من نسخة «أ».
3- في نسخ (ب، ج، م) قال: وفى كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن بابويه رحمه الله بالاسناد عن.
4- من نسختي (أ، م)، وفى نسخة «ج» هكذا: المصباح في زجاجة صدر على، صار علم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) علمه.
5- من نسختي (ب، م) والمصدر.

آل محمد يتكلم [بالعلم] (1) قبل أن يسئل (نور على نور) يعني إماما مؤيدا بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة. فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله خلفاءه في أرضه وحججه على خلقه لا تخلو ا الأرض في كل عصر من واحد منهم (2).

4- عنه (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن عبد الله الوراق، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن (3) أبي الخطاب، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن الخطاب أبي عمر (4) ومصعب بن عبد الله الكوفيين، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة﴾.

5- قال: فالمشكاة صدر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (فيها مصباح) والمصباح هو العلم (في زجاجة) والزجاجة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عنده (5).

5- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد الحسني (6) عن إدريس ابن زياد الحناط (7)، عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله الخراساني، عن يزيد بن إبراهيم عن أبي حبيب النباجي (8)، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه، عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه

ص: 359


1- من نسختي (ب، م) والمصدر.
2- التوحيد: 158 ح 4 وعنه مجمع البيان: 7/143 والبرهان: 3/134 ح 5 ونور الثقلين: 3/604 ح 174.
3- كذا في التوحيد وهو الصحيح على ما في كتب الرجال، وفى الأصل: محمد بن الحسين أبى الخطاب وهو اشتباه.
4- في التوحيد: ابن عمر.
5- التوحيد: 159 ح 5 وعنه البرهان: 3/134 ح 6 ونور الثقلين: 3/604 ح 175، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
6- في الأصل والبحار: محمد بن جعفر الحسنى ولكن في سبعة موارد مثل ما أثبتناه فيحتمل كون محمد بن جعفر من سهو قلم النساخ.
7- في البحار: الخياط.
8- في نسخة «ج» السامي، وفى (م) الساجي، وفى البحار: الناجي، وما أثبتناه من نسخة «ب» راجع معجم رجال السيد الخوئي: 21/125.

قال: مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، فنحن المشكاة، والمشكاة الكوة ﴿فيها مصباح المصباح في زجاجة - محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كأنه - كوكب دري يوقد من شجرة مباركة - قال: علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور - القرآن -، يهدي الله لنوره من يشاء﴾، يهدي لولايتنا من أحب (1).

6- ويؤيده ما قال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن قال: حدثنا (2) أصحابنا أن أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتب إلى عبد الله ابن جندب قال: قال [لي] (3) علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إن مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة ﴿فيها مصباح - والمصباح محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) – المصباح في زجاجة - نحن الزجاجة - يوقد من شجرة مباركة - علي - زيتونة معروفة - لا شرقية ولا غربية - لا منكرة ولا دعية - يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار - نور القرآن - على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم﴾ بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا (4).

7- وقال أيضا: حدثنا العباس بن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات قال: حدثنا أبي، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم باسناده إلى صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة (5) فيها مصباح - قال: الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) - المصباح في زجاجة - الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الزجاجة كأنها كوكب دري - فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) كوكب دري بين نساء أهل

ص: 360


1- عنه البحار: 23/311 ح 16 والبرهان: 3/136 ح 11.
2- في نسخة (م حدث.
3- من نسخة (م) والبحار.
4- عنه البحار: 23/324 ح 40 وأخرجه في البرهان: 3/135 ح 10 عن تفسير القمي: 457.
5- في تفسير القمي: المشكاة فاطمة، سلام الله عليها.

الجنة (1) - يوقد من شجرة مباركة - إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - زيتونة لا شرقية ولا غربية - لا يهودية ولا نصرانية - يكاد زيتها يضئ - أي يكاد العلم ينفجر (2) منها - ولو لم تمسسه نار نور على نور - إمام منها بعد إمام - يهدي الله لنوره من يشاء - يهدي الله للأئمة من يشاء - ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم﴾ (3).

وتحقيق هذا التأويل: يقتضي أن الشجرة المباركة هي دوحة التقى والرضوان والهدى والايمان، شجرة أصلها النبوة، وفرعها الإمامة، وأغصانها التنزيل، وأوراقها التأويل، وخدامها جبرئيل وميكائيل والملائكة قبيل بعد قبيل.

فما عسى أن يقال في فضلها وما قيل، وأن تدرك ثناءها الأحاديث والأقاويل، وأن تحيط بالجملة (4) منها التفصيل.

ثم لما عرفنا المشكاة والمصباح والزجاجة وأنها أجسام ولابد لها من محل تحل فيه

فقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ - إلى قوله - وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [38]

معناه أن نور الله سبحانه الذي (كمشكاة فيها مصباح) في هذه البيوت التي أذن الله، أي أمر أن ترفع أقدارها، وأن تعظم وتبجل لان الله قد طهر أهلها وهم الأنبياء والأوصياء من الأرجاس والأدناس لقوله تعالى ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ (5) وقوله تعالى ﴿ويذكر فيها اسمه - أي يتلى فيها كتابه - يسبح له فيها بالغدو والآصال﴾ رجال وصفهم بهذه الأوصاف التي لم توجد (6) إلا فيهم وهم الأنبياء والأوصياء، على ما يأتي بيانه في تأويله.

ص: 361


1- في تفسير القمي: بين نساء أهل الدنيا ونساء أهل الجنة.
2- في نسخة (م) يتفجر.
3- عنه البرهان: 3/136 ح 12، وفى البحار: 23/305 ح 2 عنه وعن تفسير القمي: 456.
4- في نسخة «ب» بكلمة.
5- سورة الأحزاب: 33.
6- في نسخة (م) لا توجد.

8- قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا المنذر بن محمد القابوسي قال: حدثني أبي، عن عمه، عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن نفيع (1) بن الحارث، عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) فقال إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هذا البيت منها؟ - وأشار إلى بيت علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) - قال: نعم من أفضلها (2).

9- وقال أيضا: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه﴾

قال: بيوت محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ثم بيوت علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) منها (3).

10- وقال أيضا: حدثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال﴾ قال: بيوت آل محمد بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قلت (بالغدو والآصال) قال: الصلاة في أوقاتها.

[قال] (4): ثم وصفهم الله عز وجل وقال ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار﴾.

ص: 362


1- كذا في نسخة «أ» والبحار، وهو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي أبو بكرة صحابي مشهور بكنيته، أسلم بطائف، ثم نزل البصرة ومات بها سنة 51 أو 52، وفى نسخة «ب» نقيع، وفى نسختي (ج، م) بقيع.
2- عنه البحار: 23/325 ح 1 والبرهان: 3/138 ح 8، ورواه في مقصد الراغب: 110 (مخطوط).
3- عنه البحار: 23/325 ح 2 والبرهان: 3/138 ح 9.
4- من نسخة (م).

قال: هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم.

ثم قال ﴿ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله﴾ قال: ما اختصهم به من المودة والطاعة المفروضة وصير مأواهم الجنة (والله يرزق من يشاء بغير حساب) (1).

11- وذكر علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره ما رواه عن أبيه، عن عبد الله بن جندب، قال: كتبت إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن هذه الآية ﴿الله نور السماوات والأرض﴾ إلى آخرها، فأجابني: نزلت هذه الآية فينا والله يضرب لنا المثل وعندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب (2) ومولد الاسلام، وما من فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا وعندنا [علم] (3) قائدها وسائقها وتابعها إلى يوم القيامة (4).

قوله ﴿كمشكاة في مصباح﴾ الكوة التي فيها السراج، يضئ بها البيت، فكذلك مثل آل محمد في الناس يهتدي بهم إلى الطريق كمثل السراج إذا وضعته في المشكاة أضاء البيت، وكذلك مثل آل محمد في الناس أضاء الله بهم الدنيا والدين.

والدليل على أن هؤلاء هم آل محمد، وأن هذا المثل لهم قوله تعالى ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه - إلى قوله - بغير حساب﴾.

ثم ضرب الله عز وجل مثلا آخر لمن نازعهم وعاداهم

فقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [39]

12- عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية، فقال ﴿والذين كفروا - بني أمية - أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء - والظمآن نعثل، فينطلق بهم، فيقول: أوردكم الماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله

ص: 363


1- عنه البحار: 23/326 ح 4 والبرهان: 3/139 ح 10.
2- في نسخة (م) (أسباب الغيب).
3- من نسختي (ب، م).
4- تفسير القمي: 457 مع اختلاف وعنه البرهان: 3/135 صدر ح 10.

عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب﴾ (1).

ثم ضرب الله لأعدائهم مثلا آخر،

فقال: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [40]

13- تأويله: رواه [علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) أيضا عن محمد بن همام، عن جعفر ابن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسن الصايغ، عن الحسن بن علي، عن صالح ابن سهل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول قول الله ﴿أو كظلمات - فلان وفلان – في بحر لجي يغشيه موج - يعني نعثل - من فوقه موج - طلحة وزبير - ظلمات بعضها فوق بعض - معاوية، وفتن بنو أمية - إذا أخرج يده - في ظلمة فتنهم - لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا - يعني إماما من ولد فاطمة - فما له من نور﴾ فما له من إمام يوم القيامة يمشي بنوره (2).

14- ورواه] (3) الشيخ محمد بن يعقو ب الكليني (رَحمَةُ اللّه)، عن علي بن محمد، [ومحمد بن الحسن] (4)، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد الله (5) (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله تعالى ﴿أو كظلمات في بحر لجي - قال: الأول وصاحبه - يغشاه موج - الثالث - من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض - قال: معاوية وفتن بني أمية - إذا أخرج يده - أي المؤمن [في ظلمة فتنتهم] - لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا - أي إماما من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) - فما له من نور﴾

ص: 364


1- عنه البحار: 23/324 ح 41 والبرهان: 3/139 ح 2.
2- تفسير القمي: 458 وعنه البحار: 23/305 ذ ح 1 والبرهان: 3/140 ح 2 ونور الثقلين: 3/612 ح 199.
3- ما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
4- من المصدر والبرهان.
5- في نسخة «ج» أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

إمام يوم القيامة يسعى بين يديه (1).

15- وعن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الحكم (2) ابن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عز وجل ﴿أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج - (قال: فلان وفلان) (3) - من فوقه موج - قال: أصحاب الجمل وصفين والنهروان - من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض - قال: بنو أمية - إذا أخرج يده - يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ظلماتهم - لم يكد يريها - أي إذا نطق بالحكمة بينهم لم يقبلها منه أحد إلا من أقر بولايته، ثم بإمامته - ومن لم يجعل له نورا فما له من نور﴾ أي من لم يجعل الله له إماما في الدنيا فماله في الآخرة من نور: إمام يرشده ويتبعه إلى الجنة (4).

وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [41]

16- تأويله: ذكره [علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) أيضا، عن أبيه يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة (5) و] الشيخ أبو جعفر بن بابويه، عن الأصبغ بن نباتة قال: سأل ابن الكواء أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن قوله عز وجل ﴿والطير صافات كل قد علم صلوته وتسبيحه﴾ فما هذا الصف؟ وما هذه الصلاة؟ وما هذا التسبيح؟.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله سبحانه خلق الملائكة على صور شتى، وإن لله ملكا على صورة الديك أملح (6) أشهب براثنه في الأرضين السفلى، وعرفه مثني، تحت العرش (7)

ص: 365


1- الكافي: 1/195 ح 5 وعنه البرهان: 3/140 ح 1 ونور الثقلين: 3/611 ح 196.
2- في نسختي (ج، م) الحكيم.
3- ليس في البحار.
4- عنه البحار: 23/324 ح 42 والبرهان: 3/140 ح 3.
5- تفسير القمي: 459 وعنه البحار: 59/173 ح 3 والبرهان: 3/142 ح 6، وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
6- في نسخة «أ» الأملح الأشهب، وفى نسخة «ج» أبلج (أبح خ ل)، وفى نسخة (م) والبحار: أبج.
7- في نسختي (ب، م) عرش الرحمان.

له جناح بالمشرق من نار، وجناح بالمغرب من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديكة في منازلكم فلا الذي من نار يذيب الذي من الثلج، ولا الذي من الثلج يطفئ الذي من نار.

ثم ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد النبيين، وأن وصيه خير الوصيين، سبوح القدوس رب الملائكة والروح فتصفق الديكة في منازلكم فلا يبقى على وجه الأرض ديك إلا أجابه بنحو قوله (1).

وهذا معنى قوله ﴿كل قد علم صلاته وتسبيحه﴾ أي كل ديك في (2) منازلكم قد علم صلاة ذلك الديك وتسبيحه فتابعه (3) في قوله وفعله.

وقوله تعالى: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ - إلى قوله - أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)

17- علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿ويقولون آمنا بالله وبالرسول - إلى قوله - وما أولئك بالمؤمنين﴾ قال: نزلت في أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعثمان، وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ترضى (4) برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان: لا تحاكمه إليه فإنه يحكم له عليك، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي فقال عثمان: لا أرضى (5) إلا بابن شيبة.

فقال ابن شيبة: تأتمنون رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على وحي السماء وتتهمونه في الاحكام. فأنزل الله تعالى هذه الآيات - إلى قوله - ﴿هم الفائزون﴾ (6).

ص: 366


1- التوحيد: 281 ح 10 مع اختلاف وعنه البحار: 59/183 ح 24 والبرهان: 3/141 ح 1.
2- في نسختي (ب، م) (من ديكة) بدل (ديك في).
3- في نسخة «ب» فتتابعه، وفى نسخة (م) فيتابعه.
4- في نسخة «أ» نرضى.
5- في نسخة «أ» لا نرضى.
6- تفسير القمي: 460 وعنه البحار: 9/227 ح 114 و ج 22/98 ح 52 والبرهان: 3/144 ح 1 ونور الثقلين: 3/615 ح 210 والحديث نقلناه من نسخة «أ».

18- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي (1) عن أحمد بن إسماعيل، عن العباس بن عبد الرحمان، عن سليمان، عن الكلبي (رَحمَةُ اللّه)، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لما قدم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المدينة أعطى عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعثمان أرضا، أعلاها لعثمان وأسفلها لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لعثمان: إن أرضي لا تصلح إلا بأرضك، فاشتر مني أو بعني،

فقال له: أنا أبيعك. فاشترى منه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له أصحابه: أي شئ صنعت؟ بعت أرضك من علي وأنت لو أمسكت عنه الماء ما أنبتت أرضه شيئا حتى يبيعك بحكمك (2).

قال: فجاء عثمان إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال له: لا أجيز البيع. فقال له: بعت ورضيت وليس ذلك لك، قال: فاجعل بيني وبينك رجلا، قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال (عثمان): (3) هو ابن عمك ولكن اجعل بيني وبينك غيره.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا أحاكمك إلى غير النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والنبي شاهد علينا، فأبى ذلك فأنزل الله هذه الآيات إلى قوله ﴿هم المفلحون﴾ (4).

19- ويؤيده: ما قال أيضا: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر ابن عبد الله المحمدي (5)، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين - إلى قوله - وهم معرضون﴾

قال: إنّها نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أرضا ثم ندم وندمه أصحابه فقال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا حاجة لي فيها، فقال له: قد اشتريت ورضيت فانطلق أخاصمك إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال له أصحابه: لا تخاصمه إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم.

ص: 367


1- في نسخة «ب» الحميري، وفى نسخة (م) المهدى.
2- في نسخة (م) بحلمك.
3- ليس في نسخة «ج».
4- عنه البحار: 24/363 ح 89 والبرهان: 3/144 ح 1.
5- في نسخة «ب» الحميري.

فقال: انطلق أخاصمك إلى أبي بكر وعمر أيهما شئت كان بيني وبينك.

قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا والله ولكن إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيني وبينك فلا أرضى بغيره، فأنزل الله عز وجل هذه الآيات ﴿ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى - إلى قوله - وأولئك هم المفلحون﴾ (1).

قوله تعالى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [54]

20- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن همام، عن محمد ابن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن الامام أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل - من السمع (2) والطاعة والأمانة (3) والصبر - وعليكم ما حملتم﴾ من العهود التي أخذها الله عليكم في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وما بين لكم في القرآن من فرض طاعته.

فقوله (4) تعالى ﴿وإن تطيعوه تهتدوا - أي وإن تطيعوا عليا تهتدوا - وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾ هكذا نزلت (5).

قوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا

21- تأويله: قال محمد بن العباس (6) (رَحمَةُ اللّه): روى الحسين بن محمد،

ص: 368


1- عنه البحار: 24/364 ح 90 والبرهان: 3/145 ح 2.
2- في نسخة «ب» التبليغ.
3- في نسخة «ب» والإمامة.
4- في نسخة «ج» قوله.
5- عنه البحار: 23/303 ح 64 والبرهان: 3/145 ح 2.
6- كذا في البرهان ولكن في نسخ الأصل: محمد بن يعقوب، ولم نجد الحديث في الكافي بتمامه، نعم صدره موجود في الكافي: 1/193 ح 3 بهذا السند والمتن.

عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ قال: نزلت في علي بن أبي طالب والأئمة من ولده (عَلَيهِم السَّلَامُ) - وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون﴾ قال: عنى به ظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

22- وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) أن المروي عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن هذه الآية نزلت في الإمام المهدي من آل محمد صلوات الله عليهم (2).

[وذكر علي بن إبراهيم مثل ذلك] (3).

23- قال: وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قرأ هذه الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما (4).

وقال: وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (5).

فعلى هذا يكون المراد ب ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم، وتضمنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم الإمام المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) منهم، ويكون المراد بقوله تعالى ﴿كما استخلف الذين من قبلهم﴾ هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وإبراهيم

ص: 369


1- عنه البرهان: 3/146 ح 6.
2- مجمع البيان: 7/152 وعنه البرهان: 3/150 ح 10 ونور الثقلين: 3/620 ح 225.
3- تفسير القمي: 14 وعنه نور الثقلين: 3/619 ح 220، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
4- مجمع البيان: 7/152 وعنه البرهان: 3/150 ح 11.
5- مجمع البيان: 7/152 وعنه البرهان: 3/150 ح 12.

وداود وسليمان (1) وموسى وعيسى.

صلوات الله عليهم أجمعين تبقى دائمة في كل آن (2) وكل حين.

24- وروى الحافظ محمد بن مؤمن النيشابوري في تفسيره المستخرج من التفاسير الاثني عشر من طرقهم، عن محمد بن مسعود، قال: وقعت الخلافة من الله عز وجل لأربعة (3): آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى

﴿وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ (4).

ولداود (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى:

﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض﴾ (5) [يعنى بيت المقدس.

وهارون، قال موسى: (اخلفني في قومي)] (6).

ولأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في السورة التي يذكر فيها النور

﴿وعد الله الذين آمنوا منكم - يعني علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) -

ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - آدم، وداود - وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم - من أهل مكة - أمنا – يعني في المدينة - يعبدونني - يعني يوحدونني - لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك - بولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فأولئك هم الفاسقون﴾

يعني العاصين لله ولرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم (7).

ص: 370


1- في المجمع: آدم وداود وسليمان (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وبقية العبارة ليست بموجودة فيه.
2- في نسخة «ب» أوان.
3- من المناقب.
4- سورة البقرة: 30.
5- سورة ص: 26.
6- من المناقب والبحار والبرهان، والآية من سورة الأعراف: 142.
7- أخرجه في البحار: 38/153 ح 127 والبرهان: 3/150 ح 14 عن المناقب لابن شهر شهرآشوب: 2/261، والحديث نقلناه من نسخة «أ».

«25»

(سورة الفرقان)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا [8]

1- تأويله: ذكره محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): في تفسيره قال: حدثنا محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قرأ:

(وقال الظالمون - لآل محمد حقهم - إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) يعنون محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال الله عز وجل لرسوله ﴿انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون – إلى ولاية علي - سبيلا﴾ وعلى هو السبيل (1).

وقوله تعالى: لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا [14]

2- تأويله: رواه الشيخ (رَحمَةُ اللّه) في أماليه، عن محمد بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، عن العباس بن بكر، عن محمد بن زكريا، عن كثير بن طارق قال: سألت زيد بن علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴾ فقال زيد: يا كثير إنك رجل صالح ولست بمتهم، وإني خائف عليك أن تهلك (إنه) إذا كان يوم القيامة أمر الله عز وجل الناس باتباع كل إمام جائر إلى النار فيدعون بالويل والثبور، ويقولون لامامهم: يا من أهلكنا هلم الآن فخلصنا مما نحن فيه.

فعندها يقال لهم « لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ».

ص: 371


1- عنه البحار: 24/24 ح 53 والبرهان: 3/156 ح 3 ورواه السياري في التحريف و التنزيل (مخطوط) عن محمد بن علي مثله.

ثم قال زيد: حدثني أبي، عن أبيه الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنت يا علي وأصحابك في الجنة، أنت يا علي وأتباعك (1) في الجنة (2).

وقوله تعالى: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا [20]

3- تأويله: ذكره أيضا محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار قال: حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: جمع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأغلق عليه وعليهم الباب وقال: يا أهلي وأهل الله إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت يقول (3): إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟ قالوا: نصبر يا رسول الله لأمر الله وما نزل من قضائه حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله، فبكى رسول الله حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا﴾ أنهم سيصبرون (أي سيصبرون) (4) كما قالوا، صلوات الله عليهم (5).

وقوله تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [26]

4- تأويله: رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه الحسن، عن أبيه علي بن أسباط قال: روى أصحابنا في قول الله عز وجل

ص: 372


1- في نسخة (م) وأصحابك.
2- أمالي الشيخ: 1/56 و 138 مع اختلاف، وعنه البحار: 7/178 ح 14 و ج 23 /101 ح 6 و ج 24/270 ح 43 والبرهان: 3/157 ح 2 ونور الثقلين: 4/8 ح 29 وذيله في البحار: 40/27 ح 53 و ج 68/22 ح 39 وأورده في بشارة المصطفى: 94.
3- في نسختي (ج، م) ويقول.
4- ليس في نسخة «ج».
5- عنه البحار: 24/219 ح 16 و ج 28/81 ح 41 والبرهان: 3/158 ح 1.

﴿الملك يومئذ الحق للرحمن﴾ قال: إن الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ولكن إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يعبد إلا الله عز وجل بالطاعة (1).

وقوله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [27]

معنى (عض الظالم على يديه ندامة يوم القيامة):

قال في مجمع البيان: إنه يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين ثم تنبتان، ولا يزال هكذا كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل (2).

5- وأما تأويله: قال محمد بن العباس: حدثنا أحمد (3) بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قوله عز وجل ﴿يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا﴾ يعني علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

6- ويؤيده: ما رواه أيضا بالاسناد المذكور عن محمد بن خالد، عن محمد ابن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا﴾ يعني علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

ومعنى ذلك أنه هو السبيل إلى الهدى المتخذ مع الرسول، صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما.

7- وجاء في تفسير الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيان لذلك، قال العالم (عَلَيهِ السَّلَامُ): عن أبيه عن جده رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: ما من عبد ولا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 373


1- عنه البرهان: 3/162 ح 1، وأورده في الزام الناصب: 1/79 عن محمد بن الحسن عن علي بن أسباط، وفيه: لم نعبد إلا الله عز وجل.
2- مجمع البيان: 7/168 وعنه البرهان: 3/162 ح 1.
3- في نسخة «ج» محمد (خ ل - أحمد).
4- عنه البحار: 24/17 ح 28 والبرهان: 3/162 ح 2.
5- عنه البحار: 24/18 ح 29 والبرهان: 3/162 ح 3.

في الظاهر، ونكثها في الباطن، وأقام على نفاقه إلا وإذا جاءه ملك الموت لقبض روحه تمثل له إبليس وأعوانه، وتمثلت له النيران وأصناف عقاربها (1) لعينيه وقلبه ومقاعده من مضائقها، وتمثل له أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على إيمانه، ووفى بيعته.

فيقول له ملك الموت: انظر إلى تلك الجنان التي لا يقادر قدر سرائها وبهجتها وسرورها إلا الله رب العالمين كانت معدة لك، لو كنت بقيت على ولايتك لأخ محمد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء ولكن نكثت وخالفت فتلك النيران وأصناف عذابها وزبانيتها وأفاعيها الفاغرة أفواهها، وعقاربها الناصبة أذنابها، وسباعها الشائلة (2) مخالبها، وسائر أصناف عذابها هو لك، وإليها مصيرك.

فعند ذلك يقول: (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) وقبلت ما أمرني به ربي والتزمت من موالاة على ما ألزمني (3).

وقوله تعالى: يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا [28]

8- تأويله: ما رواه محمد بن إسماعيل (رَحمَةُ اللّه) باسناده، عن جعفر بن (محمد) (4). الطيار، عن أبي الخطاب (5) عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: والله ما كنى الله في كتابه حتى قال ﴿يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا﴾ وإنما هي في مصحف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (يا ويلتي ليتني لم أتخذ - الثاني - خليلا) وسيظهر يوما (6).

فمعنى هذا التأويل: أن الظالم العاض على يديه الأول والحال بين لا يحتاج إلى بيان.

9- ويؤيده: ما رواه محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن

ص: 374


1- في البحار: عفاريتها.
2- في نسخة «ب» السائلة.
3- تفسير الامام: 44 وعنه البحار: 24/18 ح 30 والبرهان: 3/165 ح 8 و ج 1/65 ح 2.
4- ليس في نسخة «ج».
5- هو محمد بن أبي زينب الأسدي.
6- عنه البحار: 8/222 (طبع الحجر) و ج: 24/18 ح 31 وفيه (في مصحف فاطمة) والبرهان: 3/162 ح 4.

رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال (يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) قال: يقول الأول للثاني (1).

10- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن رجاله، عن جابر بن يزيد قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقلت له: يا بن رسول الله أرمضني (2) اختلاف الشيعة في مذاهبها، فأجابه، إلى أن بلغ - قوله ان أمير المؤمنين خطب الناس فقال في خطبته: ولئن تقمصها دوني الأشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، ويتبرأ كل [واحد] (3) من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) (4) فيجيبه الأشقى على رثوثة (5) (يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني (6) عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا) فأنا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب.

ولئن رتعا في الحطام المنصرم، والغرور المنقطع، وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود في أخبث وقود (7)، والعن مورود يتصارخان باللعنة ويتناعقان بالحسرة، مالهما من راحة، ولا عن عذابهما مندوحة (8).

وقوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا [50]

11- تأويله: ما رواه محمد بن علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة

ص: 375


1- عنه البحار: 8/222 (طبع الحجر) و ج 24/19 ح 32 والبرهان: 3/162 ح 5.
2- أي أحرقني وأوجعني، وفى نسخة «ب» أمرضني، وفى نسخه (م) أمرضي؟
3- من نسخة «ج».
4- الزخرف: 38.
5- الرثاثة: البذاذة ومن اللباس: البالي، وفى نسخة (م) والوافي: (وثوبه).
6- في نسخة (م) اضليتني.
7- في الكافي: أخيب وفود.
8- الكافي: 8/27 ح 4 وعنه البحار: 24/19 ح 33 ونور الثقلين: 3/549 ح 99 والبرهان: 3/163 ح 7 و ج 4/143 ح 2.

عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل على محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بهذه الآية هكذا (فأبى أكثر الناس - من أمتك بولاية علي - إلا كفورا) (1).

وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا [54]

معناه وتأويله: أن الله سبحانه (خلق من الماء - الذي هو النطفة - بشرا) وهو الانسان.

وقوله ﴿فجعله نسبا وصهرا﴾ فالنسب ما يرجع إليه من ولادة قريبة، والصهر خلط يشبه القرابة، وقيل: النسب الذي لا يحل نكاحه، والصهر الذي يحل نكاحه كبنات العم والعمة والخال والخالة.

والمعني بذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهذه فضيلة عظيمة ومنقبة جسيمة تفرد بها دون غيره حيث أبان الله سبحانه فضله فيها بقوله ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا﴾ تفرد بخلقه وأفرده عن خلقه وجعله نسبا لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أخا وابن عم وصهرا وزوج ابنته (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

12- كما ورد من طريق العامة عن ابن سيرين أنه قال: نزلت هذه الآية في النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): زوجه فاطمة ابنته، وهو ابن عمه وزوج ابنته، فكان (نسبا وصهرا) (2).

13- ويؤيده: ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أحمد بن معمر (3) الأسدي، عن الحسن

ص: 376


1- عنه البرهان: 3/169 ح 1.
2- أخرجه في البحار: 43/106 ضمن ح 22 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/29 عن تفسير الثعلبي - مخطوط - في تفسير الآية باسناده عن ابن سيرين وفى فضائل الخمسة: 1/290 عن نور الابصار: 124 عن تفسير الثعلبي.
3- في نسخة «ج» أحمد بن محمد بن معمر.

ابن محمد الأسدي، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس قال: قوله عز وجل ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا﴾

نزلت في النبي وعلي (1) صلوات الله عليهما زوج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابنته وهو ابن عمه، فكان له (نسبا وصهرا) (2).

14- وقال أيضا: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة، عن نائل بن نجيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله عز وجل ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا﴾ قال: الله خلق (3) آدم وخلق نطفة (4) من الماء فمزجها (بنوره، ثم أودعها آدم، ثم أودعها ابنه شيث، ثم أنوش (5)، ثم قينان) (6) ثم أبا فأبا حتى أودعها إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ثم أودعها إسماعيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)) (7) ثم اما فاما وأبا فأبا من طاهر الأصلاب إلى مطهرات الأرحام حتى صارت إلى عبد المطلب، ففرق ذلك النور فرقتين: فرقة إلى عبد الله فولد محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وفرقة إلى أبي طالب فولد عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ثم ألف الله النكاح بينهما، فزوج الله عليا بفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

فذلك قول الله عز وجل ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ (8).

15- ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) في أماليه باسناده

ص: 377


1- في البحار: حين بدل (علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)).
2- عنه البحار: 35/361 ح 3 والبرهان: 3/170 ح 3.
3- من قوله: نزلت في حديث 13 إلى هنا ليس في نسخة «ب».
4- في البرهان هكذا: لما خلق الله آدم خلق نطفة.
5- في نسخة (م) أنونش.
6- في نسخة «ب» قينه، وفى نسخة (م) فتيان، وما بين القوسين ليس في البحار.
7- ليس في البحار.
8- عنه البحار: 35/361 ح 4 والبرهان: 3/170 ح 4.

إلى أنس بن مالك قال: ركب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان، فنزل، وقال: يا أنس خذ البغلة، وانطلق إلى موضع كذا وكذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى فاقرأه مني السلام واحمله على البغلة وأت به إلي.

قال أنس: فذهبت ووجدت عليا كما قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1) فحملته على البغلة وأتيت به إليه، فلمّا بصر برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2) قال (علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3):

السلام عليك يا رسول الله. قال: وعليك السلام يا أبا الحسن، اجلس فان هذا مكان (4) جلس فيه سبعون مرسلا، ما جلس فيه أحد من الأنبياء إلا وأنا خير منه وقد جلس في موضع كل نبي أخ له، ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه.

قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما، فمد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يده إلى السحابة فتناول (منها) (5) عنقود عنب، فجعله بينه وبين علي، وقال: كل يا أخي فهذه هدية من الله تعالى إلي ثم إليك.

قال أنس: فقلت: يا رسول الله علي أخوك؟ قال: نعم علي أخي. قلت: يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك؟ قال: إن الله عز وجل خلق ما تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في (6) غامض علمه إلى أن خلق آدم فلمّا أن خلق آدم، نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار إلى عبد المطلب فشقه الله نصفين: فصار نصفه في أبي: عبد الله، ونصفه في أبي طالب، فأنا من نصف الماء، وعلي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا والآخرة.

ص: 378


1- في نسخة «ج» (فجئته، فرأيته كما وصف لي).
2- في نسخة «ج» بصره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).
3- ليس في نسخة (م).
4- في البحار: موضع.
5- ليس في المصدر.
6- في نسخة «ج» من.

ثم قرأ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) (1).

16- وفي المعنى: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن جعفر الحائري (2) في كتابه (كتاب ما اتفق فيه من الاخبار في فضل الأئمة الأطهار) حديثا مسندا يرفعه إلى مولانا علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال:

كنت أمشي خلف عمي الحسن وأبي الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في بعض طرقات المدينة وأنا يومئذ غلام قد ناهزت (3) الحلم أو كدت، فلقيهما جابر بن عبد الله الأنصاري وأنس بن مالك وجماعة من قريش والأنصار، فسلم هنالك (4) جابر حتى انكب على أيديهما وأرجلهما يقبلهما، فقال له رجل من قريش كان نسيبا لمروان: أتصنع هذا يا أبا عبد الله وأنت في سنك وموضعك من صحبة رسول الله؟ وكان جابر قد شهد بدرا.

فقال له: إليك عني، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب.

ثم أقبل جابر على أنس، فقال: يا أبا حمزة أخبرني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيهما بأمر ما ظننت أنه يكون في بشر.

فقال له أنس: وما الذي أخبرك به يا أبا عبد الله؟ قال علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): فانطلق الحسن والحسين ووقفت أنا أسمع محاورة القوم.

فأنشأ جابر يحدث قال: بينا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم في المسجد وقد خف من حوله إذ قال لي: يا جابر ادع لي ابني حسنا وحسينا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وكان شديد

ص: 379


1- أمالي الطوسي: 1/319 وعنه البحار: 15/13 ح 16 ح 16 و ج 17/361 ح 18 و ج 39 /122 ح 6 ونور الثقلين: 4/23 ح 77 والبرهان: 3/170 ح 6.
2- في نسخة (م) الجابري، وهو تصحيف.
3- في نسختي (ب، م) باهرت.
4- في البرهان: فما تمالك.

الكلف (1) بهما، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرة وهذا مرة حتى جئته بهما فقال لي: - وأنا أعرف السرور في وجهه لما رأى من حنوني عليهما - أتحبهما يا جابر؟

قلت: وما يمنعني من ذلك فداك أبي وأمي، ومكانهما منك مكانهما؟

فقال: ألا أخبرك من فضلهما؟ قلت: بلى فداك أبي وأمي.

قال: إن الله تبارك لما أحب أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيبة فأودعها صلب آدم، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى نوح وإبراهيم (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ثم كذلك إلى عبد المطلب لم يصبني من دنس الجاهلية شئ، ثم افترقت تلك النطفة شطرين:

إلى أبي: عبد الله، وإلى أبي طالب، فولدني أبي: عبد الله، فختم الله بي النبوة وولد عمي أبو طالب عليا، فختمت به الوصية.

ثم اجتمعت النطفتان مني ومن علي (وفاطمة) (2) فولدنا (الجهر والجهيرة) (3) فختم الله بهما أسباط النبوة وجعل ذريتي منهما وأمرني بفتح مدينة - أو قال: مدائن - الكفر، وأقسم ربي ليظهرن منهما (4) ذرية طيبة تملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا فهما طهران مطهران، وهما سيدا شباب أهل الجنة.

طوبى لمن أحبهما وأباهما وأمهما وويل لمن عاداهم وأبغضهم (5).

فهذه لذوي البصائر تبصرة، ولذوي الألباب تذكرة إذا فكر فيها ذو اللب وجدها منقبة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه في المناقب فاضلة، ومنزلة في المنازل سامية عالية (6). ومن ههنا صارت نفس النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المقدسة نفسه، ولحمه لحمه، ودمه دمه، وهو شريكه

ص: 380


1- في نسخة «ب» (اللطف).
2- ليس في البرهان.
3- في نسخة «أ» الحسن والحسين بدل (الجهر والجهيرة)، وفى البرهان: الجهر والجهيرة الحسنان.
4- في نسخة «ج» منها.
5- أخرجه في البرهان: 3/171 ح 7، 8 عن كتاب ما اتفق فيه من الاخبار وعن أمالي الشيخ: 2/113 وفى البحار: 22/110 ملحق ح 76 و ج 37/44 ح 22 عن الأمالي.
6- في نسخة «ج» غالية.

في أمره، ونظيره في نجره (1) وطاهر كطهارته، ومعصوم كعصمته، وللنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) النبوة والزعامة، وله الاخوة والوصية والإمامة.

صلى الله عليهما وعلى ذريتهما صلاة دائمة إلى يوم القيامة.

وقوله تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [63]

17- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن يونس، عن المفضل (2) بن صالح، عن محمد الحلبي، عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾

قال: هذه الآيات للأوصياء إلى أن يبلغوا (حسنت مستقرا ومقاما) (3).

18- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا﴾ قال: هم الأوصياء من مخافة عدوهم (4).

ومعنى قوله ﴿وعباد الرحمن﴾ هذه (5) إضافة تخصيص وتشريف، والمراد أفاضل عباده ﴿الذين يمشون على الأرض هونا﴾ أي بالسكينة والوقار والطاعة غير أشرين ولا مرحين، ولا متكبرين ولا مفسدين.

ص: 381


1- في نسختي (ب، ج): بحره، والنجر: الطبع والأصل.
2- في نسخة «أ» الفضل، وفى نسخة (م) بن الفضل.
3- عنه البحار: 24/136 ح 10 والبرهان: 3/173 ح 4.
4- الكافي: 1/427 ح 78 وعنه البحار: 24/357 ح 74 والبرهان: 3/173 ح 1 و أخرجه في البحار: 69/260 عن تفسير القمي: 467 بسند آخر.
5- في نسختي (ب، ج) هذا تخصيص.

وقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها، لا يتكلف ولا يتبختر (1).

وهذه الصفة وما بعدها من الصفات في هذه الآيات لا توجد إلا في الأئمة الهداة، عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيات.

وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [70]

معناه: إلا من تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل صالح الأعمال وهي:

ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لما يأتي بيانه، والتبديل محو السيئة، وإثبات الحسنة بدلها. ويدل على هذا التأويل:

19- ما رواه مسلم في الصحيح، عن أبي ذر (رض) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه وتخبأ كبارها، فيقال له: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ وهو مقر لا ينكر، وهو مشفق من الكبائر، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة. فيقول الرجل حينئذ: إن لي ذنوبا ما أراها ههنا.

قال: ولقد رأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ضحك حتى بدت نواجده (2).

20- وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في أماليه حديثا يرفعه باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾ فقال عليه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه ولا يطلع على حسابه أحد من الناس، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله عز وجل لملائكته (3): بدلوها حسنات، وأظهروها للناس.

فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد من سيئة واحدة، ثم يأمر الله به إلى الجنة.

ص: 382


1- في نسخة (ب، يتجبر، وفى نسخة (م) يتختر، أخرجه في البحار: 69/26 والبرهان: 3/173 ح 5.
2- عنه البرهان: 3/176 ح 2 وأخرجه في البحار: 7/286 عن صحيح مسلم: 1/177 ح 314.
3- في نسختي (ج، م) للكتبة.

فهذا تأويل الآية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة (1).

21- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) [عن عدة من أصحابنا] (2)، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم: إن الله سبحانه مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته، وإن ربي وعدني في شيعة علي خصلة، قيل: يا رسول الله وما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم (ولم يغادر لهم صغيرة ولا كبيرة، إلا غفرها لهم ويبدل) (3) السيئات حسنات (4).

22- وفي (هذا) (5) المعنى: ما رواه الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رَحمَةُ اللّه) باسناده إلى رجاله، عن منيع، عن صفوان بن يحيى، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أهون ما يكسب زائر (6) الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كل حسنة ألف ألف حسنة والسيئة واحدة، وأين الواحدة من ألف ألف.

ثم قال: يا صفوان أبشر فإن لله ملائكة معها قضبان من نور فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سيئة، قالت الملائكة للحفظة: كفي فتكف فإذا عمل حسنة قالت لها: اكتبي (فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) (7).

ص: 383


1- أمالي الطوسي: 1/70 وعنه البحار: 7/261 ح 12 و ج 68/100 ح 4 والبرهان: 3/175 ح 3 ورواه في بشارة المصطفى: 8 والمفيد في أماليه: 298 ح 8.
2- من الكافي.
3- في الكافي: وان لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة ولهم تبدل.
4- الكافي: 1/443 ح 15 وعنه البرهان: 3/175 ح 6 والبحار: 17/154 ح 60 وفى ص 153 ح 59 عن بصائر الدرجات: 85 ح 11.
5- ليس في نسخة (م)، وفى نسخة «ج» (ويؤيده) بدل (وفى هذا المعنى).
6- في نسخة «ب» يكتب لزائر.
7- كامل الزيارات: 330 ح 5 وعنه البحار: 101/74 ح 22 والمستدرك: 2/203 ح 41 والبرهان: 3/175 ح 7.

23- وفي أمالي الطوسي (رَحمَةُ اللّه): ما نقله باسناده عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) [عن أبيه، عن جده، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)] (1) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات، وإن الله تعالى ليتحمل عن محبنا أهل البيت ما عليهم (2) من مظالم العباد، إلا ما كان منهم [فيها] على إصرار وظلم للمؤمنين، فيقول: للسيئات كوني حسنات (3).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [74]

24- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن حريث بن محمد الحارثي، عن إبراهيم بن الحكم بن (4) ظهير، عن أبيه، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس قال: قوله ﴿والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا﴾ الآية، نزلت في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

25- وقال: حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير ابن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما﴾ أي هداة يهتدى بنا، وهذه لآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خاصة (6).

26- وعن محمد بن جمهور، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز (7) عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (واجعلنا للمتقين إماما)، قال: لقد سألت ربك

ص: 384


1- من المصدر.
2- في الأصل: ما عليه.
3- أمالي الطوسي: 1/166 وعنه البحار: 68/100 ح 5 والبرهان: 3/176 ح 8 ونور الثقلين: 4/34 ح 121.
4- في نسختي (ب، م) عن، وهو تصحيف.
5- عنه البحار: 24/134 ح 6 والبرهان: 38/177 ح 4.
6- عنه البحار: 24/135 ح 7 والبرهان: 39/177 ح 5.
7- في الأصل: الحذاء، وهو تصحيف.

عظيما، إنما هي، واجعل لنا (1) من المتقين إماما، وإيانا عنى بذلك (2).

[وروى علي بن إبراهيم مثل ذلك] (3).

فعلى هذا التأويل تكون القراءة الأولى: (واجعلنا للمتقين - يعني الشيعة - إماما) (إن) (4) القائلين هم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ). والقراءة الثانية: وهو قوله عز وجل ﴿واجعل لنا من المتقين (وهم الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) - إماما﴾ نأتم به، فيكون القائل والداعي هم) (5) الشيعة الإمامية، وقد استجاب الله سبحانه من أئمتهم ومنهم بأن جعلهم أئمة لهم في الباطن والظاهر وفي الدنيا وفي اليوم الآخر.

27- وقال أيضا محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن القاسم بن سلام، عن عبيد بن كثير، عن الحسين (بن نصر) (6) بن مزاحم، عن علي بن زيد الخراساني، عن عبد الله بن وهب الكوفي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري في قول الله عز وجل ﴿ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما﴾

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لجبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ): من (أزواجنا)؟ قال: خديجة، قال (وذرياتنا)؟

قال: فاطمة، قال (قرة أعين) قال: الحسن والحسين، قال (واجعلنا للمتقين إماما)؟

قال: علي بن أبي طالب (7) صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين.

[وروى علي بن إبراهيم مثله] (8).

ص: 385


1- في نسختي (ج، م) واجعلنا.
2- عنه البحار: 24/135 ح 8 والبرهان: 3/177 ح 6، مع اختلاف متنا.
3- تفسير القمي: 468 مرسلا نحوه وعنه البرهان: 3/177 ح 1 وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
4- ليس في نسخة «ج».
5- ليس في نسخة «ج».
6- ليس في نسخة (م) والبحار.
7- عنه البحار: 24/135 ح 9 والبرهان: 3/177 ح 7.
8- تفسير القمي: 469 وعنه البحار: 24/134 ح 5 والبرهان: 3/177 ح 2 بسند آخر عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».

«26»

(سورة الشعراء)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [4]

معناه (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية) أي دلالة وعلامته تلجؤهم (1) وتضطرهم إلى الايمان، وقوله (فظلت أعناقهم) أي فظل أصحاب الأعناق لتلك الآية (خاضعين) (فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه) (2) مقامه لدلالة الكلام عليه.

1- وتأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن معمر الأسدي، عن محمد بن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عز وجل ﴿إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾ قال: هذه نزلت فينا وفي بني أمية، تكون لنا دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة، وهوان بعد عز (3).

2- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل ﴿إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾

قال: نزلت في قائم آل محمد، صلوات الله عليهم، ينادى باسمه من السماء (4).

3- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس،

ص: 386


1- في نسخة (م) تلجمهم.
2- في نسختي (ب، م) فحذف المضاف إليه وأقام المضاف.
3- عنه البحار: 52/284 ح 12 والبرهان: 3/180 ح 8 والايقاظ من الهجعة: 297 ح 126 وأخرجه في البحار: 53/109 ح 1 عن مختصر البصائر: 206 عن التأويل.
4- عنه البحار: 52/284 ح 13 والبرهان: 3/180 ح 9 واثبات الهداة: 7/126 ح 642.

بعض أصحابنا [عن أبي بصير] (1)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عز وجل: ﴿إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾ قال: تخضع لها رقاب بني أمية قال: ذلك بارز عند زوال الشمس، قال: وذلك (2) علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يبرز عند زوال الشمس وتركت الشمس على رؤوس الناس (ساعة) (3) حتى يبرز وجهه ويعرف الناس حسبه ونسبه، ثم قال: إن بني أمية ليختبأ الرجل منهم إلى جنب شجرة فتقول: خلفي رجل من بني أمية فاقتلوه (4).

[وروى علي بن إبراهيم مثله] (5).

4- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): انتظروا الفرج في ثلاث، قيل وما هن؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان.

فقيل له: وما الفزعة (6) في شهر رمضان؟ قال: أما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن ﴿إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾ قال: إنه تخرج الفتاة من خدرها ويستيقظ النائم ويفزع اليقظان (7).

وقوله تعالى: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [21]

ص: 387


1- من نسخة «ب» والبحار: 53 والمختصر، وفى الايقاظ: يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- في نسخة (م) وذاك.
3- ليس في نسخة «ج».
4- عنه البرهان: 3/180 ح 10 وأخرجه في الايقاظ من الهجعة: 382 ح 151 والبحار: 53/109 ح 2 والبرهان: 3/181 ح 13 عن مختصر البصائر: 206 عن التأويل.
5- تفسير القمي: 469 مع اختلاف وعنه البحار: 23/207 ح 6 والبرهان: 3/179 ح 2 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
6- في نسخة «ج» الفزع.
7- عنه البحار: 52/285 ح 14 والبرهان: 3/180 ح 11.

5- تأويله: ذكره الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في كتابه الغيبة: باسناد عن رجاله، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) تلا هذه الآية مخاطبا للناس ﴿ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين﴾ (1).

فمعنى قوله (فوهب لي ربي حكما) (فذلك حقيقة لان الله تعالى وهب له حكما) (2) عاما في الدنيا لم يهبه لأحد قبله، ولا لأحد بعده، وعليه تقوم الساعة.

وقوله: (وجعلني من المرسلين) على سبيل المجاز اي جعلني من أوصياء سيد المرسلين وخاتم أوصياء خاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين صلاة دائمة في كل عصر وفي كل حين متواترة إلى يوم الدين

وقوله تعالى: وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ [84]

معناه أن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل ربه أن يجعل له (لسان صدق)، أي ولدا ذا لسان (صدق) (3) يلفظ بلسانه الصدق أبدا.

والمراد أن يكون معصوما (في الآخرين) أي في آخر الأمم وهي أمة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

6- علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في قوله تعالى ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾.

قال: هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

7- وروي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه أراد به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

8- وروي عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه أراد به عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنه عرضت على إبراهيم ولاية

ص: 388


1- عنه اثبات الهداة: 7/124 ح 639 وفى البرهان: 3/183 ح 2 عن غيبة المفيد ولم نجد الرواية في غيبة المفيد الموجودة عندنا، نعم روى النعماني في غيبته: 174 ح 11،12 مسندا عن المفضل بن عمر، وعنهما البحار: 52/293 ح 39 وملحقه فيحتمل كون المراد من المفيد محمد بن إبراهيم النعماني لا محمد بن محمد بن النعمان، وأخرجه في البحار: 52/281 ح8 عن کمال الدین: 1/328 ح10.
2- لیس فی نسختة «ب».
3- لیس فی نسخة «ج».
4- تفسير القمي: 473 وعنه البحار: 36/57 ح 2 والبرهان: 3/184 ح 4، والحديث نقلناه من نسخة «أ».

علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: اللهم اجعله من ذريتي. ففعل الله ذلك (1).

وقد تقدم هذا المعنى في سورة مريم في قوله عز وجل ﴿وجعلنا لهم لسان صدق عليا﴾ (2) وهو علي، وعلى هاتين الروايتين فالفضل فيهما لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من غير شك ولامين (3) لأنه (إن) (4) كان المراد به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقد قال: والفضل بعدي لك يا علي، وإن كان هو المراد فالفضل له على كل التقادير لأنه البشير النذير، نظير ونفس وأخ مواس له ووزير وعون وناصر ومؤيد وظهير، فصلوات الله السميع العليم البصير عليهما وعلى المعصومين من ذريتهما الأول منهم والأخير.

وقوله تعالى: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ [100] وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [101]

9- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن زيدان، عن الحسن (5) بن محمد بن أبي عاصم، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه، عن جعفر بن محمد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا وذلك أن الله سبحانه يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون، فإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (6).

10- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن رجل عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (عن قول الله عز وجل ﴿فما لنا من شافعين ولا صديق حميم﴾ فقال: لما يرانا هؤلاء وشيعتنا نشفع يوم القيامة يقولون «فما لنا من شافعين ولا صديق حميم») (7)، يعني بالصديق المعرفة،

ص: 389


1- رواه في كشف الغمة: 1/320.
2- سورة مريم: 50.
3- المين: الكذب.
4- ليس في نسخة (م).
5- في نسخة «ب» الحسين.
6- عنه البحار: 24/258 ح 6 والبرهان: 3/186 ح 6.
7- ما بين القوسين ليس في نسخة «ج»، ومن قوله: لما يرانا إلى هنا ليس في البحار والبرهان.

وبالحميم القرابة (1).

11- وروى البرقي، عن ابن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: كنا عند أبي عبد الله فقرأ (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) وقال: والله لنشفعن ثلاثا، ولتشفعن شيعتنا ثلاثا حتى يقول عدونا (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (2).

[علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله وأبي جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مثله] (3).

12- وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: وروى [العياشي] (4) بالاسناد عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: والله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (فلو أن لناكرة فنكون من المؤمنين) (5).

وفي رواية أخرى حتى يقول عدونا (6).

13- وعن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم حتى يبقى خادمه، فيقول ويرفع سبابتيه: يا رب خويدمي كان يقيني الحر والبرد فيشفع فيه (7).

14- وفي خبر عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن المؤمن ليشفع لجاره، وماله حسنة

ص: 390


1- عنه البحار: 24/258 ح 7.
2- عنه البرهان: 3/186 ح 8 وأخرجه في البحار: 8/43 ح 38 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/14 إلا أن فيه: حتى يقول الناس.
3- تفسير القمي: 473 وعنه البحار: 8/37 ح 15 والبرهان: 3/187 ح 10، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
4- من مجمع البيان والبحار.
5- الشعراء: 102.
6- مجمع البيان: 7/195 وعنه البرهان: 3/187 ح 11 والبحار: 7/153، وفى مجمع البيان هكذا: لنشفعن لشيعتنا مرتين.
7- مجمع البيان: 7/195 وعنه البرهان: 3/187 ح 12 ونور الثقلين: 4/61 ح 68.

فيقول: يا رب إن جاري كان يكف عني الأذى.

فيشفع فيه، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا (1).

15- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر ابن أبان، عن عبد الحميد الوابشي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها، حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها.

فقال: سبحان الله وأعظم ذلك (2) ألا أخبرك بمن هو شر منه؟ (فقلت: بلى. فقال: الناصب لنا شر منه) (3) أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت (4) فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره، وغفر الله له ذنوبه كلها إلا أن يجئ بذنب يخرجه من الايمان وإن الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإن المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة، فبقول: يا رب جاري كان يكف عني الأذى. فيشفع فيه، فيقول الله تبارك وتعالى: أنا ربك وأنا أحق من كافئ عنك. فيدخله الجنة وماله من حسنة، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النار (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) (5).

وقوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [193] عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [194] بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [195] وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [196]

16- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن حنان بن سدير، عن أبي محمد الحناط (6) قال: قلت لأبي جعفر

ص: 391


1- مجمع البيان: 7/195 وعنه نور الثقلين: 4/61 ح 69.
2- في نسخة (م) أو عظم ذاك عليك؟
3- ليس في نسخ (م، أ، ب).
4- في نسخة «ب» أهل بيت محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).
5- الكافي: 8/101 ح 72 وعنه البحار: 8/56 ح 70 والبرهان: 3/185 ح 2.
6- في نسخة (م) الخياط.

(عَلَيهِ السَّلَامُ) قول الله عز وجل ﴿نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين﴾ قال: ولاية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

(وذكر علي بن إبراهيم مثله] (2).

معنى تأويل قوله ﴿نزل به - أي بالقرآن و - الروح الأمين - جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) – على قلبك - يا محمد - لتكون من المنذرين - أي المخوفين لقومك به - وإنه لفي زبر الأولين﴾ أي الكتب المنزلة على النبيين.

يعني أن هذا الامر الذي نزل به إليك في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) منزل في كتب الأنبياء الأولين (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما هو منزل في القرآن.

17- ويؤيد هذا: ما رواه محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن محمد، عن الحسن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم (3) يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد ووصية علي (4).

صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الأبرار صلاة باقية ما بقي الليل والنهار.

وقوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ [205] ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ [206] مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [207]

18- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن يونس، عن صفوان بن يحيى، عن أبي عثمان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون - قال: خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون﴾.

ص: 392


1- عنه البحار: 24/372 ح 95 والبرهان: 3/188 ح 6، الكافي: 1/412 ح 1.
2- تفسير القمي: 474 وعنه البحار: 37/120 ح 10 والبرهان: 3/188 ح 1 وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
3- في الكافي: ولن.
4- الكافي: 1/437 ح 6 والبرهان: 4/148 ح 7 وص 451 ح 2، وأخرجه في البحار: 26/280 ح24 عن البصائر الدرجات: 72ح1.

قال: هم بنو أميّة الذين متعوا في دنياهم (1).

وقوله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [214]

19- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد الله بن زيدان بن يزيد عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي وعلي بن محمد (بن) (2) مخلد الدهان، عن الحسن ابن علي بن عفان، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم السمسار (3)، عن محمد بن عبد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، عن أبيه، عن جده أبي رافع قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) جمع بني عبد المطلب في الشعب وهم يومئذ ولد عبد المطلب لصلبه وأولادهم أربعون رجلا، فصنع لهم رجل شاة، ثم ثرد لهم ثردة وصب عليها ذلك المرق واللحم، ثم قدمها إليهم فأكلوا منها حتى تضلعوا، ثم سقاهم عسا واحدا (من لبن) (4) فشربوا كلهم من ذلك العس حتى رووا منه.

فقال أبو لهب: والله إن منا لنفرا يأكل أحدهم الجفرة وما يسلخها (5) ولا تكاد تشبعه! ويشرب الفرق (6) من النبيذ وما يرويه! وإن ابن أبي كبشة دعانا فجمعنا على رجل شاة وعس من شراب فشبعنا وروينا منها، إن هذا لهو السحر المبين!.

قال: ثم دعاهم فقال لهم: إن الله عز وجل قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ورهطي المخلصين، وأنت عشيرتي الأقربون ورهطي المخلصون وإن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا ووارثا ووزيرا ووصيا، فأيكم يقوم يبايعني (على) (7) أنه أخي ووزيري ووارثي دون أهلي ووصيي وخليفتي في أهلي ويكون مني بمنزلة

ص: 393


1- عنه البحار: 24/372 ح 96 والبرهان: 3/189 ح 3.
2- ليس في نسخة (م)، وفى البرهان: محمد بن خالد.
3- في نسخة (م) الشمسار.
4- ليس في نسختي (م، ج).
5- في نسخة «ج» الجفنة وما يصلحها.
6- في نسخة (م) والبحار: الظرف، والفرق: مكيال، وقيل هو أربعة أرباع وقيل هو ستة عشر رطلا، لسان العرب: 10/305.
7- ليس في نسخ (أ، ج، م).

هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي؟ فأسكت القوم

فقال: والله ليقومن قائمكم أو ليكونن في غيركم، ثم لتندمن. قال: فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهم ينظرون إليه كلهم، فبايعه وأجابه إلى ما دعاه إليه، فقال له: ادن مني فدنا منه، فقال له: افتح فاك، ففتحه فنفث فيه من ريقه، وتفل بين كتفيه وبين ثدييه.

فقال أبو لهب: بئس ما حبوت (1) به ابن عمك أجابك لما دعوته إليه فملأت فاه ووجهه بزاقا، فقال رسول الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): بل ملأته علما وحكما (2) وفقها (3).

وقال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: اشتهرت هذه القصة بذلك عند الخاص والعام.

20- وفي الخبر المأثور عن البراء بن عازب أنه قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) برجل شاة فأدمها (4)، ثم قال لهم: ادنوا، بسم الله.

فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا.

ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل، فسكت (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يومئذ ولم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ثم قال: من يؤاخيني ويؤازرني على هذا الامر ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ فسكت القوم، فأعادها ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا، فقال له في المرة الثالثة: أنت هو.

فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك.

ص: 394


1- في البحار: لبئس ما جزيت.
2- في نسخة «ج» حلما وفهما.
3- عنه البحار: 38/249 ح 43 والبرهان: 3/190 ح 4 واثبات الهداة: 3/594 ح 716.
4- في البحار عن الطرائف: أن يدخل شاة، وفى نسخة «ب» فأقدمها.

أورده الثعلبي في تفسيره قال: وفي قراءة عبد الله بن مسعود وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين، وروي ذلك عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذا بلفظه (1).

21- ويؤيده: ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): عن محمد بن الحسين الخثعمي عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الأقربين ورهطك منهم المخلصين (2): علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وآل محمد.

صلوات الله عليهم أجمعين خاصة (3).

ثم قال سبحانه ﴿واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فان عصوك – من بعد (4) - فقل إني برئ مما تعملون﴾ ومعصية الرسول وهو ميت كمعصيته وهو حي.

وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [217] الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ [218] وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [219]

23- معنى تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): قوله تعالى ﴿وتوكل على العزيز الرحيم﴾ أي فوض أمرك إلى العزيز المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه (الذي يراك حين تقوم) في صلاتك، عن ابن عباس وقيل: حين تقوم بالليل لأنه لا يطلع عليه أحد غيره، وقيل: حين تقوم للانذار وأداء الرسالة (وتقلبك في الساجدين) أي ويرى تصرفك في المصلين بالركوع والسجود والقيام والقعود. عن ابن عباس، والمعنى: يراك حين تقوم إلى الصلاة منفردا وتقلبك في الساجدين، إذا صليت في جماعة (5).

ص: 395


1- مجمع البيان: 7/206 وعنه البرهان: 3/191 ح 7 و ح 8 عن تفسير الثعلبي: 3/163 وأخرجه في البحار: 38/251 ح 46 عن الطرائف: 20 ح 13 عن تفسير الثعلبي وله تخريجات اخر يلاحظ الطرائف وغيره.
2- في نسخ (أ، ب، م) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل (ورهطك منهم المخلصين) قال: على الخ.
3- عنه البحار: 25/213 ح 1 والبرهان: 3/191 ح 6.
4- في نسخة (م) بعدك.
5- مجمع البيان: 7/207 وعنه البرهان: 3/194 ح 9، 10.

23- وعلى هذا المعنى ذكر محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) تأويل (وتقلبك في الساجدين).

قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿وتقلبك في الساجدين﴾

قال: في علي وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

24- قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): وقيل معناه وتقلبك في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا. عن ابن عباس وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قالا: تقلبه في أصلاب النبيين نبي بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح، غير سفاح من لدن آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

25- ومثله ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن هارون، عن إبراهيم بن مهزيار (3)، عن أخيه، عن علي بن أسباط، عن عبد الرحمن بن حماد المقري، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وتقلبك في الساجدين﴾

قال: يرى تقلبه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح من لدن آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

[وروى علي بن إبراهيم مثله] (5).

26- ومما يؤيد أن عبد الله وأبا طالب (كانا) من الموحدين ما رواه الشيخ في أماليه: باسناده عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين):

ص: 396


1- عنه البحار: 24/372 ح 97 و ج 25/213 ح 2 والبرهان: 3/194 ح 4.
2- مجمع البيان: 7/207 وعنه البحار: 71/118 والبرهان: 3 19 ح 8 ونور الثقلين: 4/69 ح 97.
3- في البحار والبرهان: علي بن مهزيار.
4- عنه البحار: 15/3 ح 2 والبرهان: 3/193 ح 5.
5- تفسير القمي: 474 وعنه البحار: 71/118 والبرهان: 3/192 ح 1، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

قال: كان ذات يوم جالسا في الرحبة والناس حوله مجتمعون، فقال إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك الله [به] وأبوك يعذب بالنار؟!

فقال له: (مه) (1) فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم (الجنة و) (2) النار؟!

ثم قال: والذي بعث محمدا بالحق [نبيا] (3) إن نور أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد ونوري ونور فاطمة ونور الحسن ونور الحسين (4) ومن ولده من الأئمة.

لان نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام (5).

وقد جاء في ابتداء خلق نوره الكريم نبأ عظيم لا يحتمله إلا ذو القلب السليم والدين القويم، والطريق المستقيم، ينبئ عن فضله وفضل أهل بيته عليهم أفضل الصلاة والتسليم.

27- وهو ما نقله الشيخ أبو جعفر الطوسي قدس الله روحه: عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان باسناده، عن رجاله، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الامام العالم موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليهما قال: إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من نور اخترعه (6) من نور عظمته وجلاله وهو نور لاهوتيته (7) الذي تبدى (8)

ص: 397


1- ليس في نسخة (م).
2- ليس في نسخة (م).
3- من الأمالي.
4- في نسخة (م) (فاطمة ونوري الحسن والحسين) بدل (ونور فاطمة، ونور الحسن، ونور الحسين).
5- أمالي الطوسي: 1/311 و ج 2/312 وعنه البرهان: 3/231 ح 4 وفى ص 193 ح 6 عنه التأويل وفى البحار: 35/69 ح 3 عن الأمالي والاحتجاج: 1/340 ورواه في بشارة المصطفى: 249 والمأة منقبة: 98.
6- في البحار (اختراعه) بدل (نور اخترعه).
7- أصله (لاه) بمعنى اله وقد زيدت فيه الواو والتاء للمبالغة، وفى نسخة (م) لا هو
8- في نسخة «ج» ابتدأ.

(من لاه أي من إلاهيته من إنيته (1) الذي تبدئ (2) (منه) (3) وتجلى لموسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) في طور سيناء، فما استقر له ولا أطاق موسى لرؤيته، ولا ثبت له حتى خر صعقا (4) مغشيا عليه وكان ذلك النور نور محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فلمّا أراد أن يخلق محمدا منه قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا، ومن الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما خلقهما الله بيده ونفخ فيهما بنفسه من نفسه (لنفسه) (5) وصورهما على صورتهما وجعلهما امناء له وشهداء على خلقه، وخلفاء على خليقته، وعينا له عليهم، ولسانا له إليهم قد استودع فيهما علمه، وعلمهما البيان، واستطلعهما على غيبه (وعلى نفسه) (6) وجعل أحدهما نفسه والآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية وباطنهما لاهوتية، ظهروا للخلق على هياكل الناسوتية حتى يطيقوا رؤيتهما، وهو قوله تعالى ﴿وللبسنا عليهم ما يلبسون﴾ (7) فهما مقاما رب العالمين وحجابا خالق الخلائق أجمعين بهما فتح الله، بدء الخلق، وبهما يختم الملك والمقادير.

ثم اقتبس من نور محمد فاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ابنته كما اقتبس (نور علي) (8) من نوره واقتبس من نور فاطمة وعلي الحسن والحسين كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار وانتقلوا من ظهر إلى ظهر، وصلب إلى صلب، ومن رحم إلى رحم في الطبقة العليا من غير نجاسة، بل نقلا بعد نقل، لا من ماء مهين، ولا نطفة خشرة (9) كسائر خلقه، بل أنوار

ص: 398


1- في نسخة «ج» في إنيته، وفى نسخة (م) من أينيته.
2- في نسخة «ج» ابتدأ.
3- ما بين القوسين ليس في نسخة «ب» والبحار، وفى غاية المرام: 1/30 هكذا: الذي تبدى إلاه (أي من إلهيته من إنيته الذي تبدأ منه).
4- في نسخ (ب، ج، م) صاعقا.
5- ليس في نسخة «ج».
6- ليس في نسخة (م).
7- سورة الأنعام: 9.
8- في نسخة (م) نوره.
9- في نسخة (م) جشرة.

انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات، لانهم صفوة الصفوة، اصطفاهم لنفسه وجعلهم خزان علمه وبلغاء عنه إلى خلقه، أقامهم مقام نفسه، لأنه لا يرى ولا يدرك ولا تعرف كيفيته ولا إنيته (1)، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه، المتصرفون في أمره ونهيه، فبهم (2) يظهر قدرته، ومنهم ترى آياته ومعجزاته، وبهم ومنهم عرف عباده نفسه (3)، وبهم يطاع أمره، ولولاهم ما عرف الله ولا يدرى كيف يعبد الرحمان فالله يجري أمره كيف يشاء (4) فيما يشاء (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) (5).

قوله تعالى: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [224] أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ [225] وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ [226]

28- تأويله: ما رواه محمد بن جمهور، باسناده يرفعه إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون﴾ فقال: من رأيتم من الشعراء يتبع. إنما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل، فهم الشعراء الذين يتبعون (6).

29- ويؤيده: ما ذكره أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسير قال: وقيل: إنهم القصاص [الذين يكذبون في قصصهم ويقولون ما يخطر ببالهم، وفي تفسير علي بن إبراهيم: أنهم] (7) الذين يغيرون دين الله تعالى ويخالفون أمره، ولكن هل رأيتم شاعرا قط تبعه أحد؟ إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك (8).

30- وروى العياشي بالاسناد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم، فضلوا وأضلوا (كثيرا) (9) (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) أي في كل فن

ص: 399


1- في نسختي (ج، م) أينيته وفى غاية المرام: 1/30 هكذا: ولا تعرف كيفية إنيته.
2- في نسخة (أ، ب، ج) فيهم.
3- في البحار: عبادة نفسه.
4- في نسخة «أ» كيف شاء.
5- عنه البحار: 35/28 ح 24 والبرهان: 3/193 ح 7 والآية الأخيرة من سورة الأنبياء: 23.
6- عنه البرهان: 3/194 ح 2.
7- من المجمع، وفى نسختي (ب، ج) (القضاة) بدل (القصاص).
8- مجمع البيان: 7/208، تفسير القمي: 474.
9- ليس في نسخة «ب» والمصدر.

من الكذب يتكلمون، وفي (كل) (1) لغو يخوضون كالهائم على وجهه في كل واد يعن له فالوادي مثل لفنون الكلام (وإنهم يقولون مالا يفعلون)

أي يحثون على أشياء لا يفعلونها وينهون عن أشياء يرتكبونها (2).

31- ويعضده: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: وأما قوله تعالى: ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون﴾ قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت في الذين غيروا دين الله وتركوا ما أمر الله، ولكن هل رأيتم شاعر أقط تبعه أحد؟ إنما عنى بهم الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك يقولون بأفواههم مالا يفعلون ويعظون ولا يتعظون، وينهون عن المنكر ولا ينتهون ويأمرون بالمعروف وبه لا يعملون، وهم الذين حكى الله عنهم في قوله ﴿ألم تر أنهم في كل واد يهيمون - أي في كل مذهب يذهبون - وأنهم يقولون مالا يفعلون﴾.

ثم ذكر الذين ظلمهم (3) هؤلاء الشعراء فقال ﴿الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا﴾ وهم أمير المؤمنين وولده (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ثم قال تعالى ﴿وسيعلم الذين ظلموا - آل محمد حقهم - أي منقلب ينقلبون﴾ كذا نزلت من عند الله في الذين غيروا دين الله وبدلوا حكمه، وعطلوا حدوده، وظلموا آل محمد حقهم (4).

ص: 400


1- ليس في نسخة (م).
2- مجمع البيان: 7/208 عن العياشي، وعنه البرهان: 3/194 ح 3 وقطعة منه في وسائل الشيعة: 18/96 ح 24.
3- في نسخ (أ، ج، م) ظلموهم.
4- تفسير القمي: 474، إلى قوله كذا نزلت، وعنه البرهان: 3/194 ح 4، ونور الثقلين: 4/72 ح 116، وصدره في البحار: 2/298 ح 21.

«27»

(سورة النمل)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قال تعالى: قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى

معناه أن الله تبارك وتعالى أمر نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يحمده، فقال له ﴿قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى﴾

1- قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): فهم آل محمد، صلوات الله عليهم (1).

وقوله تعالى: أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [61]

2- تأويله: روى علي بن أسباط، عن إبراهيم الجعفري، عن أبي الجارود عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله ﴿أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون﴾

قال: أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد (2).

يعني كما أنه لا يجوز أن يكون إله مع الله سبحانه كذلك لا يجوز أن يكون إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد، لان الهدى والضلال لا يجتمعان في زمن من الأزمان، والزمان لا يخلو من إمام هدى من الله [يهدى الخلق] (3) عرفنا من إمام الهدى حتى نتبعه.

فقال عقيب ذلك (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض)

3- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان عن أبيه، عن عبيد (الله) (4) بن خنيس، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة (5)

ص: 401


1- تفسير القمي: 478 وعنه البحار: 23/222 ح 27 والبرهان: 3/207 ح 1.
2- عنه البحار: 23/361 ح 18 والبرهان: 3/207 ح 1.
3- من نسخ (ب، ج، م).
4- ليس في نسخة «ج»، وفى البحار: عبد الله.
5- في نسخة «ج» مغيرة، وفى نسختي (أ، م) حضيرة وكلاهما تصحيف.

عن أبي داود، عن بريدة قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى جنبه (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض)، قال: فانتفض علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) انتفاض العصفور، فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لم تجزع يا علي؟ فقال: ألا أجزع وأنت تقول: (ويجعلكم خلفاء الأرض) قال: لا تجزع فوالله لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر (1).

4- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن عثمان ابن هاشم بن الفضل، عن محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي داود السبيعي (2)، عن عمران بن حصين قال: كنت جالسا عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى جنبه (3) إذ قرأ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) قال: فارتعد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضرب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيده على كتفه وقال: مالك يا علي؟ فقال: يا رسول الله قرأت هذه الآية فخشيت أن نبتلى بها فأصابني ما رأيت، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة (4).

وجاء في تأويل آخر: أن المضطر هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ما رواه أيضا:

5- محمد بن العباس، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة، ويجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم فيقول:

ص: 402


1- عنه البحار: 39/266 ح 39 وعن أمالي المفيد: 307 ح 5 وفى البرهان: 3/207 ح 1-3 عنه وعن أمالي المفيد وأمالي الشيخ: 1/75، وأخرجه في البحار: 41/13 ح 2 عن أمالي الشيخ، ورواه في بشارة المصطفى: 12.
2- في نسختي (أ، م) السمعي.
3- في نسخة «أ» في جنبه، وفى نسخة «ج» جالسا إلى جنبه.
4- عنه البحار: 39/286 ح 79 والبرهان: 3/208 ح 4.

يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ثم يرفع يديه إلى السماء، فيدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه، وهو قوله عز وجل ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون﴾ (1).

6- وبالاسناد، عن [ابن] (2) عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3)، في قول الله عز وجل ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه﴾ قال: هذه نزلت في القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا خرج تعمم وصلى عند المقام وتضرع إلى ربه فلا ترد له راية أبدا (4).

[وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن صالح ابن عقبة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] (5).

وقوله تعالى: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ [82]

7- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد الحلبي (6) عن عبد الله بن محمد الزيات، عن محمد بن عبد الحميد (7)، عن مفضل بن صالح عن جابر بن (يزيد) (8)، عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوما فقال:

ص: 403


1- عنه البحار: 51/59 ح 56، والبرهان: 3/208 ح 5، وإثبات الهداة: 7/126 ح 643.
2- من البحار وهو الصحيح إذ السند المتقدم ينتهى إلى ابن عبد الحميد.
3- في نسخة «ب» أبى عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- عنه البحار: 51/59 ذ ح 56، والبرهان: 3/208 ح 6، واثبات الهداة: 7/126 ح 644.
5- تفسير القمي: 479 وعنه البحار: 51/48 ح 11، والبرهان: 3/208 ح 7 وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
6- في نسخة «ب» والبحار: جعفر بن محمد بن الحسين.
7- في نسخة (م) (الجنيد) بدل (عبد الحميد).
8- ليس في نسخة «ج».

أنا دابة الأرض (1).

8- وقال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي عن خالد بن مخلد (2)، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على علي بن أبي طالب فقال: ألا أحدثك ثلاثا قبل أن يدخل علي وعليك داخل؟ قلت: بلى.

قال: أنا عبد الله وأنا دابة الأرض صدقها وعدلها وأخو نبيها، ألا أخبرك بأنف المهدي وعينيه؟ قال: قلت: بلى. قال: فضرب بيده إلى صدره فقال: أنا (3).

9- وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الفقيه، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: دخلت على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يأكل خبزا وخلا وزيتا فقلت: يا أمير المؤمنين قال الله عز وجل ﴿وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾ فما هذه الدابة؟ قال: هي دابة تأكل خبزا وخلا وزيتا (4).

10- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمان، عن سماعة بن مهران، عن الفضل بن الزبير (5)، عن الأصبغ بن نباتة

ص: 404


1- عنه البحار: 39/243 ح 23 و ج 53/100 ح 120 والبرهان: 3/210 ح 6 وأخرجه في البحار: 53/110 ح 3 عن المختصر: 206 عن كتاب محمد بن العباس، وفى الايقاظ من الهجعة: 381 ح 149 عن الكنز، عن محمد بن العباس وعن المختصر.
2- في نسخة «ج» محمد.
3- عنه البرهان: 3/210 ح 7 وأخرجه في البحار: 53/110 ح 4 عن المختصر: 206 عن كتاب محمد بن العباس وفى الايقاظ من الهجعة: 383 ح 152 عن الكنز عن محمد ابن العباس وعن المختصر.
4- أخرجه في البحار: 53/112 ح 11 عن المختصر: 208 عن محمد بن العباس، وفى الايقاظ من الهجعة: 384 ح 156 عن الكنز عن محمد بن العباس وعن المختصر.
5- في نسخ (أ، ج، م) زيد، وفى نسخة «ب» المزيد. والصواب ما أثبتناه، راجع رجال السيد الخوئي: 13/311.

قال: قال لي معاوية: يا معشر الشيعة تزعمون أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) دابة الأرض؟ فقلت: نحن نقول، واليهود يقولون. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت فقال له: ويحك تجدون دابة الأرض عندكم مكتوبة؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل. فقال: أتدري ما اسمه؟ قال: نعم، اسمه إيليا (1) قال: فالتفت إلي فقال: ويحك يا أصبغ! ما أقرب إيليا (2) من علیاً (3).

ص: 405


1- في نسخة «ب» إليا وفى نسخة «ج» إليا (خ ل إيليا) وفى نسخة (م) والبرهان (أتدري ما اسمها؟ قال: نعم اسمها إيليا) بدل (فقال: رجل، فقال: أتدري ما اسمه؟ قال: نعم اسمه إليا). وإيل: من أسماء الله عز وجل، عبراني أو سرياني.
2- في نسخة «ب» إليا.
3- عنه البرهان 210٫30 ح 9 وأخرجه في البحار : 112/53 ح 12 عن مختصر البصائر : ٢٠٨ عن كتاب محمد بن العباس و في الايقاظ من الهجعة : 384 ح 157 عن الكنز عن محمد بن العباس و عن المختصر. وقد ذكر في المختصر في تأويل هذه الآية عشرة أحاديث لم تذكر في كتاب تأويل الآيات وإنما ذكرها في مختصر البصائر نقلاً من كتاب و ما نزل في القرآن » تأليف محمد ابن العباس بن مروان، وعنه البحار : 53/110 – 113ح5 – 10،13،14. ونقل الاحاديث : 2-3-6-7 في الايقاظ من الهجعة : 383 - 385 153 - 154 - 155-158 عن كنز الفوائد وعن الحسن بن سليمان بن خالد البرقی، عن محمد بن العباس. و نقل حديثي: 4-5 في البرهان : 210٫3 - 211 ح 10-11 عن الرجعة للسيد المعاصر. وأما حديثا : 9-10 فموجودان في المختصر فقط، وأما الأحاديث العشرة فهي : 1- حدثنا محمد بن الحسن بن الصباح، عن الحسين بن الحسن القاشي، عن على ابن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمان بن سيابة، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على على عليه السلام فقال : احدثك بسبعة أحاديث إلا أن يدخل علينا داخل. قال : قلت : افعل جعلت فداك. قال : أتعرف أنف المهدى وعينه ؟ قال : قلت : أنت يا أمير المؤمنين قال : وحاجبا الضلالة تبدو مخازيهما في آخر الزمان؟ قال : قلت : أظن والله يا أمير المؤمنين أنهما فلان وفلان. فقال : الدابة وما الدابة عدلها وصدقها وموقع بعثها، والله مهلك من ظلمها. وذكر الحديث. 2- حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن السلمي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية قال: أتى رجلي أمير المؤمنين عليه السلام فقال : حدثني عن الدابة قال : و ما تريد منها ؟ قال : أحببت أن أعلم علمها قال : هي دابة مؤمنة تقرأ القرآن وتؤمن بالرحمن، وتأكل الطعام، وتمشى في الاسواق. 3- حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان «مثله». وزاد في آخره قال : من هو يا أمير المؤمنين ؟ قال : هو على، ثكلتك أمك. 4- حدثنا اسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير القرشي عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم أن عباية حدثه أنه كان عند أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول : حدثني أخي أنه ختم ألف نبي، واني ختمت ألف وصى واني کلفت ما لم يكلفوا، واني لاعلم ألف كلمة ما يعلمها غيرى وغير محمد (صلى الله عليه و آله) ما منها كلمة إلا مفتاح ألف باب بعد ما تعلمون منها كلمة واحدة، غير أنكم تقرؤن منها آية واحدة في القرآن واذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون و ما تدرونها من. 5- حدثنا أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن محمد بن اسحاق الحضرمي، عن أحمد بن مستنير، عن جعفر بن عثمان - وهو عمه قال : حدثني صباح المزني و محمد بن كثير بن بشير بن عميرة الأزدى قالا : حدثنا عمران بن ميثم عن عباية بن ربعي قال: كنت جالساً عند أمير المؤمنين عليه السلام خامس خمسة. وذكر نحوه. 6- حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، عن عبد الله بن أيوب المخزومي، عن يحيى ابن أبی بکیر، عن أبي حريز، عن علي بن زيد بن جدعان، عن خالد بن أوس، عن ابي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : تخرج دابة الأرض ومعها عصاموسى علیه السلام و خاتم سليمان عليه السلام تجلو وجه المؤمن بعصا موسى عليه السلام و تسم وجه الكافر بخاتم سليمان عليه السلام. 7- حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى عن يونس، عن بعض أصحابه عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام : أي شيء يقول الناس في هذه الآية؟ وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم فقال: هو أمير المؤمنين عليه السلام. 8- حدثنا محمد بن الحسن بن الصباح، عن الحسين بن الحسن، عن على بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمان بن سيابة و يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : حدثني ! قال : فقال : أما سمعت الحديث من أبيك ؟ قلت : لا، كنت صغيراً. قال : قلت : فأقول فان أصبت قلت : نعم. وان أخطأت رددتني عن الخطأ. قال : ما أشد شرطك ؟ قال : قلت فأقول : فان أصبت سكت وان أخطأت رددتني قال : هذا أهون على. قلت : تزعم أن علياً عليه السلام دابة الارض. 9- حدثنا أحمد بن ادريس، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا الحسين بن سعيد قال : حدثنا الحسين بن بشار قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الدابة قال: أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الدابة. 10- حدثنا أحمد بن ادريس،، حدثنا أحمد بن محمد بن عیسی، حدثنا الحسين بن سعيد، عن على بن الحكم، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن مالك بن حمزة الرواسي قال : سمعت أبا ذر يقول : على (عليه السلام) داية الأرض.

11- وقال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): وأما قوله ﴿وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾

(فإنه روي في الخبر أنها نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)):

ص: 406

فروى أن رسول الله انتهى إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو راقد في المسجد وقد جمع رملا ووضع رأسه عليه، فحركه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) برجله وقال: قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله أيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هي إلا له خاصة، وهو الدابة التي ذكرها الله في كتابه، وهو قوله عز وجل ﴿وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾ ثم قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم (1) فتسم به أعداءك (2). فليس هذا الاسم إلا لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

12- قال: وروي في الخبر أن رجلا قال لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): بلغني أن العامة

ص: 407


1- الميسم : الحديدة، أو الالة التي يوسم بها أثر الوسم.
2- تفسير القمي : 479 مسنداً عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، وعنه البحار : 39/243 ح 31، وج 53/ 52ح 30 ومختصر البصائر : 42 والايقاظ من الهجمة : 342ح72.

يقرأون (1) هذا الآية هكذا: تكلمهم، أي تجرحهم (2).

فقال: كلمهم الله في نار جهنم ما نزلت إلا تكلمهم من الكلام (3).

وقال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): تكلمهم بما يسوؤهم وهو أنهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه. وقيل: تحدثهم بأن هذا مؤمن وهذا كافر. وقيل: تكلمهم بأن تقول لهم (إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) (4) والآيات: هو كلام الدابة وخروجها.

وهذا التأويل يدل على أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يرجع إلى الدنيا، إما عند ظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (أو قبله) (5) أو بعده، وقد ورد بذلك أخبار ولدت عليه آثار.

ويدل على الرجعة وصحتها قوله سبحانه ﴿ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون﴾ قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): قوله (يوزعون) أي يدفعون، وقيل: يحبس أولهم على آخرهم.

واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الامامية بأن قال: إن دخول من في الكلام يوجب التبعيض، فدل ذلك على أن اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: ﴿وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا﴾ (6) وقد تظاهرت الاخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن الله تعالى سيعيد (7) عند قيام الإمام المهدي عجل الله فرجه قوما ممن تقدم موتهم (8) من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثوابه نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته يعيد (فيها) (9) قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته، و (10) الذل والخزي لما يشاهدون من علو كلمته.

ص: 408


1- فی نسخة «ب» یقولون.
2- فی نسخة «م» تخرجهم.
3- تفسیر القمی: 479 مع اختلاف، و عنه نور الثقلین: 4/98ح104 والبرهان: 3/210.
4- مجمع البيان: 7/234.
5- ليس في نسخة «ج».
6- سورة الكهف: 47.
7- في نسختي (ب، م) يستعيد.
8- في نسخة «ب» مودتهم.
9- ليس في نسخة (م).
10- في نسخة (م) أو.

ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن (بذلك) (1) في عدة مواضع: مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه.

13- وصح عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قوله: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه (2) هذا لفظه.

14- قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): وأما قوله ﴿ويوم نحشر من كل أمة فوجا﴾ فإنها نزلت في الرجعة، فقال رجل لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن العامة يزعمون أن هذا يوم القيامة.

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): كذبوا إنما ذلك في الرجعة.

وأما آية القيامة: قوله تعالى ﴿وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا﴾ (3).

فأين هذا من قوله تعالى ﴿يوم نحشر من كل أمة فوجا﴾ لان الله لا يرد إلى الدنيا إلا من محض الايمان (4) محضا أو محض الكفر (5) محضا، وكذلك كل قرية أهلكها الله بعذاب لا ترجع إلى الدنيا لان الله قال ﴿وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون﴾ (6).

15- وروى عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الطيار عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿ويوم نحشر من كل أمة فوجا﴾ قال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلا يرجع حتى يقتل.

وهذه أدلة واضحة، وأقاويل راجحة على صحة الرجعة، والله أعلم بالصواب

ص: 409


1- ليس في نسخة (م).
2- مجمع البيان: 7/234 وعنه الايقاظ من الهجعة: 107 ح 19 ونور الثقلين: 4/100 ح 114.
3- تفسير القمي: 480 مع اختلاف وعنه البرهان: 3/210 ح 3.
4- في نسخة (م) والبرهان: بالايمان.
5- في نسخة (م) والبرهان: بالكفر.
6- سورة الأنبياء: 95.

ومنه المبدأ و (إليه) (1) المآب (2).

قوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [89] وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [90]

16- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: حدثنا المنذر (بن) (3) محمد، عن أبيه (عن الحسين بن سعيد) (4) عن، أبان بن تغلب، عن فضيل بن الزبير (5)، عن أبي الجارود، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا عبد الله هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها (فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار)؟ قلت: لا.

قال: الحسنة مودتنا أهل البيت، والسيئة عداوتنا أهل البيت (6).

17- وقال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبد الله ابن حبلة الكناني، عن سلام بن أبي عمرة (7) الخراساني، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) آلا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، والسيئة التي من جاء بها كب على وجهه في نار جهنم؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين.

قال: الحسنة حبنا أهل البيت، والسيئة بغضنا أهل البيت (8).

ص: 410


1- ليس في نسختي (ب، م).
2- تفسير القمي: 480 مع اختلاف، وعنه البرهان: 3/211 ح 17.
3- ليس في نسخة (م).
4- ليس في نسخة «ب»، وفى نسخ (ا، ج، م) عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن أبان. الخ.
5- في نسخ (أ، ب، م) الزمر.
6- عنه البحار: 24/41 ح 2 والبرهان: 3/212 ح 5.
7- في نسخ (ا، ب، م) أبى حمزة، وفى نسخة «ج» أبى عمرة (حمزة خ ل) والصحيح ما أثبتناه.
8- عنه البحار: 24/42 ح 3 والبرهان: 3/213 ح 6.

18- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسأله عبد الله بن أبي يعفور عن قول الله عز وجل ﴿من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون﴾ فقال:

وهل تدري ما الحسنة؟ إنما الحسنة معرفة الامام وطاعته، وطاعته من طاعة الله (1).

19- وبالاسناد المذكور عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: الحسنة ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

20- وقال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن بشار، عن علي بن جعفر الحضرمي، عن جابر الجعفي أنه سأل أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار﴾ قال: الحسنة ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والسيئة عداوته وبغضه (3).

[وروى علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) مثل ذلك] (4).

21- وروى الشيخ (رَحمَةُ اللّه) في أماليه عن رجاله، عن عمار بن موسى الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن أبا أمية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: لا يضر مع الايمان عمل، ولا ينفع مع الكفر عمل؟ فقال: إنه لم يسألني أبو أمية عن تفسيرها إنما عنيت بهذا أنه من عرف الامام من آل محمد وتولاه ثم عمل لنفسه ما شاء من عمل الخير قبل منه ذلك وضوعف له أضعافا كثيرة، وانتفع بأعمال الخير مع المعرفة.

فهذا ما عنيت بذلك وكذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها

ص: 411


1- عنه البحار: 24/42 ح 4 والبرهان: 3/213 ح 7.
2- عنه البحار: 24/42 ح 5 والبرهان: 3/213 ح 8.
3- عنه البحار: 24/42 ح 6 والبرهان: 3/213 ح 9.
4- تفسير القمي: 480 وعنه البحار: 36/81 ح 6، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

إذا تولوا الامام الجائر الذي ليس من الله تعالى.

فقال عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال ﴿من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون﴾ فكيف لا ينفع العمل الصالح ممن يوالي أئمة الجور؟ قال له أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): هل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟ (قال: لا. قال:) (1) هي معرفة الامام وطاعته، وقد قال الله تعالى ﴿ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون﴾

وإنما أراد بالسيئة إنكار الامام الذي هو من الله تعالى.

ثم قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله، وجاء منكرا لحقنا، جاحدا لولايتنا، أكبه الله يوم القيامة في النار (2).

22- ويؤيده: ما ذكره الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره قال: حدثنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الحميري (3) قال: حدثني جدي أحمد بن إسحاق الحميري (4)، عن جعفر بن سهيل، عن أبي زرعة وعثمان (5) بن عبد الله القرشي، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير (6)، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي لو أن أمتي صاموا حتى صاروا كالأوتار (7) وصلوا حتى صاروا كالحنايا، ثم أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار (8)

ص: 412


1- ليس في نسخة (م) والمصدر.
2- أمالي الطوسي: 2/31 وعنه البحار: 27/170 ح 11 ونور الثقلين: 4/104 ح 130 والبرهان: 3/212 ح 4، وروى قطعة منه ابن شهرآشوب في مناقبه: 3/522.
3- في شواهد التنزيل: الحبري.
4- في شواهد التنزيل: الحبري.
5- في نسخة «ج» أبى زرعة عثمان، وفى نسخة «ب» أبى زرعة عن عثمان.
6- في مجمع البيان: ابن الزبير.
7- في نسخه «ج» كالأوتاد.
8- مجمع البيان: 7/237 وعنه البرهان: 3/213 ح 12، ورواه الحاكم في شواهد التنزيل: 1/426 ح 583.

فاعتبروا يا أولي الابصار بما تضمنت هذه السورة من الاخبار في الأخيار صلى الله عليهم صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الاعصار، وتتكرر عليه تكرار الليل والنهار إنه الملك الجبار العزيز الغفار.

«28»

(سورة القصص)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ [5]

المعنى: أن ظاهر هذا الكلام يتعلق ببني إسرائيل، والباطن أن المعني به آل محمد صلى الله عليهم، يدل على ذلك قوله تعالى (ونجعلهم أئمة) أي قادة ورؤساء يقتدي بهم الناس في الخير، ويكون بعضهم حكاما يحكمون بين الناس بالعدل والانصاف، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والله تعالى لا يجعل أئمة وحكاما يحكمون بالظلم والعدوان كما فعل بنو إسرائيل من بعد موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) والامام الذي يكون من قبل الله سبحانه تجب طاعته، ولا تجب طاعة غير المعصوم، وبنو إسرائيل لم يكن فيهم معصوم غير موسى وهارون (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وليسا من الذين استضعفوا لقوله تعالى ﴿فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون﴾

فلم يبق إلا أن يكون المراد بهذا آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

1- وجاء بذلك أخبار منها: ما رواه محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي بن عبد الله ابن أسد، عن إبراهيم بن محمد، عن يوسف بن كليب (1) المسعودي، عن عمر بن عبد الغفار باسناده، عن ربيعة بن ناجد، قال سمعت عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في هذه الآية، وقرأها

ص: 413


1- في نسختي (ب، م) كلب.

قوله عز وجل ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض﴾ وقال لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها (1).

2- وقال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن صالح الجزيري باسناده، عن أبي صالح، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كذا قال في قوله عز وجل ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين﴾ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن علينا هده الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها (2).

و (الضروس) الناقة (التي) (3) يموت ولدها، أو يذبح فيحشى جلده فتدنو منه وتعطف عليه.

3- وقال الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): روى العياشي بالاسناد عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: هذا والله من الذين قال الله ﴿ونريد أن نمن

الذين استضعفوا في الأرض﴾.

4- وقال سيد العابدين علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا، إن الأبرار منا أهل البيت، وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته، وإن عدونا وأشياعه بمنزلة فرعون وأشياعه (4).

5- ويؤيده ذلك: ما ذكره علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) وهو من محاسن التأويل قال: (وروي) (5) في الخبر: أن الله تبارك وتعالى أحب أن يخبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بخبر فرعون فقال ﴿إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين﴾

ص: 414


1- عنه البحار: 24/170 ح 5 والبرهان: 3/219 ح 10 وحلية الأبرار: 2/597 ح 3.
2- عنه البحار: 24/170 ح 6 والبرهان: 3/220 ح 11 وحلية الأبرار: 2/597 ح 4.
3- ليس في نسخة (م) والضروس: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها.
4- مجمع البيان: 7/239 وعنه البحار: 24/167 والبرهان: 3/219 ح 8، ورواه الطبرسي في مشكاة الأنوار: 95.
5- ليس في نسخة «أ» والمصدر.

ثم انقطع خبر موسى، وعطف على أهل بيت محمد صلى الله عليهم، فقال ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾ وإنما عنى بهم آل محمد صلوات الله عليهم، ولو كان عنى فرعون وهامان لقال

«ونري فرعون وهامان وجنودهما - منهما (1) ما كانوا يحذرون)

فلمّا قال (منهم) علمنا أنه عنى آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذا مكن الله الأرض لهم.

وأما قوله ﴿ونري فرعون وهامان وجنودهما﴾ يعني: الذين غصبوا آل محمد حقوقهم وهو مثل قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خطبته يوم بويع له: ألا وقد أهلك الله فرعون وهامان، وخسف بقارون، وإنما أخبر الله رسوله أن ذريتك يصيبهم الفتن والشدة في آخر الزمان من عدوهم كما أصاب موسى وبني إسرائيل من فرعون.

ثم يظهر أمرهم على يدي رجل من أهل بيتك، تكون قصته كقصة موسى، ويكون بين الناس ولا يعرف حتى أذن الله له، وهو قوله تعالى:

﴿اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير﴾ (2).

وقوله تعالى: قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطنا

6- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن محمد بن يحيى الحسيني (3)، عن جده يحيى بن الحسن (4)، عن أحمد بن يحيى الأودي (5)، عن عمر ابن حامد (6) بن طلحة، عن (7) عبيد الله بن المهلب البصري، عن المنذر بن زياد الضبي (8)

ص: 415


1- كذا في نسخة «ب»، وفى بقية النسخ (منه). -
2- تفسير القمي: 482 مع اختلاف وعنه البحار: 24/168 ح 3 و ج 53/54 ح 32 و البرهان: 3/220 ح 3، والآية 39 من سورة الحج.
3- في نسخة «ب» الحسنى.
4- في البرهان: يحيى بن الحسين.
5- في نسخة «أ» الأزدي.
6- في البرهان: عمر بن خالد.
7- في نسخة «ج» بن.
8- في البرهان: الصيني.

عن أبان، عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مصدقا إلى قوم فعدوا على المصدق فقتلوه، فبلغ ذلك النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فبعث إليهم عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، فلمّا بلغ علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أدنى المدينة تلقاه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والتزمه وقبل ما بين عينيه، وقال: بأبي وأمي من شد الله به عضدي كما شد عضد موسى بهارون (1).

وقوله تعالى: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [44]

7- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن سليمان بن محمد بن (2) أبي فاطمة، عن جابر بن إسحاق البصري، عن النضر بن إسماعيل الواسطي، عن جوهر، عن (3) الضحاك، عن ابن عباس في قول الله عز وجل ﴿وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين﴾ قال: بالخلافة ليوشع بن نون من بعده.

ثم قال الله: لن أدع نبيا من غير وصي وأنا باعث نبيا عربيا وجاعل وصيه عليا فذلك قوله (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر) في الوصاية وحدثه بما هو كائن بعده.

قال ابن عباس: وحدث الله نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بما هو كائن، وحدثه باختلاف هذه الأئمة من بعده، فمن زعم أن رسول الله ما تعين وصيه (4) فقد كذب على الله عز وجل، وعلى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (5).

ص: 416


1- عنه البرهان: 3/226 ح 1، وأخرج نحوه في البحار: 38/305 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/67.
2- في نسخة «ب» سليمان بن محمد، عن أبي فاطمة جابر بن إسحاق البصري.
3- في نسخة «ج» بن (خ ل - عن).
4- في نسخ (أ، ج، م) مات بغير وصية.
5- عنه البحار: 26/295 ح 58 والبرهان: 3/227 ح 1.

8- وجاء (1) في تفسير أهل البيت، صلوات الله عليهم: قال: روى بعض أصحابنا عن سعيد بن الخطاب حديثا يرفعه إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى عز وجل ﴿وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين) ﴿قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنما ي (أو ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين)) (2).

9- قال أبو عبد الله في بعض رسائله: ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيه فيه ليشهده ويستشهده إلا ومعه أخوه وقرينه وابن عمه ووصيه ويؤخذ ميثاقهما معا.

صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين دائمة في كل أوان وحين (3).

وقوله تعالى: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك

10- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن ظاهر (4) بن مدرار، عن أخيه، عن أبي سعيد المدائني قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿وما كنت بجانب الطور إذ نادينا﴾ قال: كتاب كتبه الله عز وجل في ورقة آس (5) قبل أن يخلق الخلق بألفي عام فيها مكتوب:

يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتى منكم بولاية محمد وآل محمد أسكنته جنتي برحمتي (6).

11- ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (رَحمَةُ اللّه) بإسناده عن الفضل بن شاذان يرفعه إلى سليمان الديلمي، عن مولانا جعفر بن محمد (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت لسيدي

ص: 417


1- في نسخة «ج» يؤيده.
2- عنه البحار: 26/296 ح 59، وما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 26/296 ح 60 والبرهان: 3/227 ذ ح 1.
4- في البحار: طاهر. وفى نسخة «ب» طاهر بن مروان.
5- في نسخ (ب، ج، م) والبرهان. (أثبته فيها) بدل (آس).
6- عنه البحار: 26/296 ح 61 والبرهان: 3/227 ح 1.

أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما معنى قول الله عز وجل ﴿وما كنت بجانب الطور إذ نادينا﴾؟ قال: كتاب كتبه الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس فوضعها على العرش.

قلت: يا سيدي وما في ذلك الكتاب؟ قال: في الكتاب مكتوب:

يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تعصوني وعفوت عنكم قبل أن تذنبوا، من جاءني (1) (منكم) (2) بالولاية أسكنته جنتي برحمتي (3).

12- وجاء (4) في تفسير مولانا أبي محمد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) تأويل حسن وهو: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما بعث الله تعالى موسى بن عمران واصطفاه نجيا، وفلق له البحر ونجى بني إسرائيل، وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه من ربه عز وجل، فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي. فقال الله تعالى:

(يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي وخلقي)؟

قال موسى: يا رب فان كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عز وجل (يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على آل جميع النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين)؟

فقال: يا رب فان كان آل محمد عندك كذلك، فهل في صحابة الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟ قال الله تبارك وتعالى:

(أما علمت يا موسى أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين، وفضل محمد على جميع المرسلين)؟

فقال موسى: يا رب فان كان محمد وآله وأصحابه كما وصفت، فهل في أمم

ص: 418


1- في البحار: أتى.
2- ليس في نسخة (م).
3- عنه البحار: 26/296 ح 62 والبرهان: 3/228 ح 2، وفى البحار: 24/266 ح 30 عنه وعن تفسير فرات: 117، وأخرجه في البحار: 13/382 ح 80 عن تفسير فرات.
4- في نسخة «أ» هكذا: والصدوق (قُدِّسَ سِرُّهُ) في عيون الاخبار وغيره بإسناده إلى أبى محمد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ). الخ.

الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر؟

فقال الله تعالى (يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضلي (1) على جميع خلقي؟) فقال موسى - عند ذلك -: يا رب ليتني كنت أراهم. فأوحى الله إليه (يا موسى إنك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعمها (2) يتقلبون، وفي خيراتها يتبحبحون، أفتحب أن أسمعك كلامهم)؟ قال: نعم يا إلهي. قال: قم بين يدي واشدد مئزرك [وقم] (3) قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل. ففعل ذلك موسى.

فنادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد! فأجابوا كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك (لا شريك لك لبيك) (4) إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك [قال] (5) فجعل الله تلك الإجابة منهم شعار الحج.

ثم نادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد قضائي عليكم: إن رحمتي سبقت غضبي وعفوي قبل عقابي، وقد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني من لقيني منكم يشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله محق (6) في أفعاله وأن علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووليه يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، وأن ذريته المصطفين المطهرين المباينين (7) لغيرهم بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه أدخله جنتي ولو كان (8)

ص: 419


1- في البحار: كفضله.
2- في نسخة (م) نعيمها.
3- من نسخة «ج».
4- ليس في نسخ (أ، ج، م).
5- من المصدر، وفيه: لا شريك لبيك، وفى نسخة «ج» لا شريك لك. فيهما سقط.
6- في نسخة (م) محقق.
7- في نسخة «ج» البائنين، وفى البرهان: الميامين المتنابين.
8- في تفسير الامام: وإن كانت.

ذنوبه مثل زبد البحر.

قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): فلمّا بعث الله نبينا محمدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال:

يا محمد ﴿وما كنت بجانب الطور إذ نادينا﴾ أمتك بهذه الكرامة، ثم قال الله عز وجل:

يا محمد قل ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ (1) على ما اختصني به من هذه الفضيلة. وقال لامته: قولوا:

(الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل) (2).

وقوله تعالى: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله

13- تأويله: رواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله ﴿ومن أضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله﴾ قال: هو من يتخذ دينه برأيه بغير هدى إمام من الله من أئمة الهدى (3). صلوات الله عليهم.

وقوله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [51]

14- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن حمران، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾

قال: إمام بعد إمام (4).

ص: 420


1- الفاتحة: 1.
2- تفسير الامام: 10 وعنه البرهان: 3/228 ح 4، وأخرجه في البحار: 13/340 ح 18 و ج 99/185 ح 16 و ج 92/224 ح 2 عن علل الشرائع: 2/416 ح 3، وعيون الاخبار: 1/220 ح 30، ورواه الصدوق أيضا في من لا يحضره الفقيه: 2/326 ح 2585.
3- عنه البحار: 24/152 ح 42 والبرهان: 3/229 ح 4 وعن بصائر الدرجات: 13 ح 1 وأخرجه في البحار: 2/302 ح 36 عن البصائر.
4- عنه البحار: 23/31 ح 49 والبرهان: 3/229 ح 6.

15- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمد معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون﴾

قال: إمام إلى إمام (2).

16- وعلي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن أحمد بن محمد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى ﴿ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون﴾ قال: إمام بعد إمام (3).

ومعنى قوله ﴿وصلنا لهم القول﴾ وهو القول في الإمامة أي جعله متصلا من إمام إلى إمام من لدن آدم إلى القائم، صلوات الله عليهم.

والقول هو: قوله تعالى ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ (4) أي إنه لم يزل فيها (5) لأنه لم يخلها قط من حجته (6) لئلا يكون للناس على الله حجة ولقوله تعالى لإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ﴿إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي. قال لا ينال عهدي الظالمين﴾ (7).

وأما معنى قوله ﴿لعلهم يتذكرون﴾ من ذكري مثل قوله تعالى ﴿وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين﴾ (8).

ومعنى آخر: يتذكرون القول في الإمامة من الله بأنه متصل من إمام إلى إمام إلى

ص: 421


1- في نسخ (أ، ب، م) والبحار: أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- الكافي: 1/415 ح 18 وعنه البحار: 23/31 ح 50 والبرهان: 3/229 ح 1، و رواه ابن شهرآشوب في المناقب: 3/523.
3- تفسير القمي: 489 وعنه البحار: 23/30 ح 48 والبرهان: 3/229 ح 2، والحديث من نسخة «أ».
4- سورة البقرة: 30.
5- في نسخة (م) (وما زال لله سبحانه في الأرض خليفة).
6- في نسخة (م) حجة.
7- سورة البقرة: 124.
8- سورة الذاريات: 55.

القائم. صلوات الله عليهم.

وقوله تعالى: أفمن وعدنه وعدا حسنا فهو لقيه

17- قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن هشام بن علي عن إسماعيل بن علي المعلم، عن بدل بن المحبر (1)، عن شعبة، عن أبان بن تغلب عن مجاهد قال: قوله عز وجل ﴿أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه﴾

نزلت في علي وحمزة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (2).

18- ويؤيده: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رَحمَةُ اللّه) بإسناده عن رجاله إلى محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه﴾ قال: الموعود علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعده الله تعالى أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا، ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة (3).

وذكر أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) ما يؤيد الحديث الأول في سبب النزول قال:

وقيل: إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب وفي علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [65] فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ [66]

19- تأويله: قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): وأما قوله تعالى ﴿ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين﴾ فان العامة يزعمون أنه يوم القيامة، وأما الخاصة فإنهم رووا أنه إذا وضع الانسان في القبر فيدخل عليه منكر ونكير فيسألانه عن الله عز وجل وعن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعن الامام، فان كان مؤمنا أجاب، وإن كان كافرا قال: لا أدري

ص: 422


1- في الأصل: البحيرة والصحيح ما أثبتناه فإنه بدا، بن المحبر أبو المنير التميمي البصري أصله من واسط مات سنة بضع عشرة من التاسعة تقريب التهذيب: 1/94..
2- عنه البحار: 24/163 ح 1 و ج 36/150 ح 129 والبرهان: 3/234 ح 1.
3- عنه البحار: 24/163 ح 2 و ج 36/150 ملحق ح 129 و ج 53/76 ح 79 والبرهان: 3/234 ح 2.
4- مجمع البيان: 7/261.

وهو قوله ﴿فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لا يتسائلون﴾ (1).

وقوله تعالى: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد

20- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا حميد بن زياد، عن عبد الله ابن أحمد بن نهيك، عن عبيس (2)بن هشام، عن أبان، عن عبد الرحمان (3) بن سيابة، عن صالح بن ميثم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: حدثني. قال: أو ليس قد سمعته (4) من أبيك؟ قلت: هلك أبي وأنا صبي. قال: قلت فأقول فان أصبت قلت: نعم وإن أخطأت رددتني عن الخطأ؟ قال: ما أشد شرطك؟ (قلت) (5) فأقول: فأن أصبت سكت وإن أخطأت رددتني (عن الخطأ) (6) قال: هذا أهون.

قال: قلت: فاني (7) أزعم أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) دابة الأرض. فسكت.

فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أراك والله تقول (إن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع إلينا) وقرأ (8):

(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) قال: قلت: قد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنه فنسيتها. فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أفلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟

قوله عز وجل ﴿وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا﴾ (9).

وذلك أنه لا يبقي أرض إلا ويؤذن (10) فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وأشار بيده إلى آفاق الأرض (11).

ص: 423


1- تفسير القمي: 490 وعنه البحار: 6/224 ح 25 والبرهان: 3/234 ح 1، إلا أن هذا نقل بالمعنى.
2- في نسخة «ب» والبحار: عيسى، وفى نسخة (م) عنيس، وفى البحار: عبيد الله بن أحمد ابن نهيك.
3- في نسخة (م) أبى عبد الرحمان.
4- في نسخة «ج» سمعت.
5- ليس في نسخة «ب».
6- ليس في نسخة «ج».
7- في نسخة (م) فان.
8- في نسخ (ب، ج، م) ويقرأ، وفى نسخة «أ» وتقرأ.
9- سورة سبأ: 28.
10- في البحار: نودي.
11- عنه البرهان: 3/239 ح 6 و ح 4 عن تفسير القمي ولم نجده فيه، وأخرجه في البحار: 53/113 ح 15 عن مختصر البصائر: 209 نقلا من كتاب محمد بن العباس. وقد ذكر في المختصر نقلا من كتاب (ما نزل في القرآن) تأليف محمد بن العباس بن مروان، وعنه البحار: 53/113 ح 16 في تفسير هذه الآية رواية لم يذكرها في تأويل الآيات وهي هذه: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبان الأحمر رفعه إلى أبى جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل (ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما أحسب نبيكم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلا سيطلع عليكم اطلاعة.

21- وقال أيضا: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان (1)، عن سعيد بن عمر (2)، عن أبي مروان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ قال: فقال لي: لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالثوية فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجدا له اثنا عشر ألف باب. يعني موضعا بالكوفة (3).

22- وقال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) في تفسيره: وأما قوله ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ فان العامة رووا أنه إلى معاد (4) القيامة، وأما الخاصة فإنهم رووا أنه في الرجعة.

23- قال: وروي عن (أبي) (5) جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه سئل عن جابر بن عبد الله فقال:

ص: 424


1- في نسخة «ج» هارون (خ ل - مروان).
2- في البحار: سعيد بن عمار.
3- عنه البرهان: 3/240 ح 7، وأخرجه في البحار: 53/113 ح 17 عن مختصر البصائر: 210 نقلاً عن كتاب محمد بن العباس و في الايقاظ من الهجعة : 386ح 162 عن الكنز عن محمد بن العباس وعن المختصر، وقد ذكر في المختصر هذه الرواية بسند آخر لم نجده في نسخ التأويل و عنه البحار : 53/114 وهو هذا : حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندى، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام وذكر مثله.
4- في نسخة «ب» انه معاد.
5- ليس في نسخة (م).

رحم الله جابرا إنه كان من فقهائنا (1) إنه كان يعرف تأويل هذه الآية (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) إنه في الرجعة (2).

[وروى الكليني والكشي وغيرهم عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] (3).

24- وقال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن حمران، (4)عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾

قال: يرجع فيه إليكم نبيكم (5)وفي هذا التأويل دليل على الرجعة لمن كان يوقن بها من أهل هذا القبيل وعلى الله قصد السبيل.

وقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [88]

25- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد الله بن همام، عن عبد الله ابن جعفر، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن سلام بن المستنير (6) قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿كل

ص: 425


1- في تفسير القمي (بلغ من فقهه) بدل (انه كان من فقهائنا).
2- عنه البرهان: 3/240 ح 8، في تفسير القمي: 494 مسندا مع اختلاف وعنه البحار: 22/99 ح 53 و ج 53/61 ح 51 ومختصر البصائر: 44 ونور الثقلين: 4/144 ح 125 والبرهان: 3/239 ح 1 و 3.
3- الكشي: 43 ح 90 نحوه، وعنه البحار: 53/121 ح 159 والايقاظ من الهجعة: 349 ح 89 ولم نجده في الكافي، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
4- في نسخة «ب» (حمدان) وليس في تفسير القمي والبحار.
5- تفسير القمي: 494 وعنه البحار: 53/56 ح 33 ونور الثقلين: 4/144 ح 126، والبرهان: 3/239 ح 2. في المصدر والبرهان: يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).
6- في نسختي (أ، م) الأحول بن سلام بن المستنير.

شئ هالك إلا وجهه﴾ قال: نحن والله وجهه الذي قال، ولن نهلك (1) إلى يوم القيامة بما أمر الله من طاعتنا وموالاتنا، فذلك والله الوجه الذي هو قال ﴿كل شئ هالك إلا وجهه﴾ وليس منا ميت يموت إلا وخلفه عاقبة منه إلى يوم القيامة (2).

26- وقال أيضا: أخبرنا عبد الله بن العلاء المخاري (3)، عن محمد بن الحسن ابن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول (كل شئ هالك إلا وجهه)

قال: نحن وجه الله عز وجل (4).

27- وقال أيضا: حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى (عن يونس ابن عبد الرحمان) (5)، عن يونس بن يعقوب، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿كل شئ هالك إلا﴾ ما أريد به وجه الله، ووجه الله علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

28- ويؤيده: ما رواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: أخبرني عن قول الله عز وجل ﴿كل شئ هالك إلا وجهه﴾ فقال: أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): يهلك كل شئ ويبقى الوجه والله أعظم من أن يوصف بوجه؟ ولكن معناه (كل شئ هالك إلا دينه) ونحن الوجه الذي يؤتى الله منه، لم نزل (7) في عباد الله ما دام لله (8) فيهم روبة (9)، ثم يرفعنا إليه

ص: 426


1- في نسخة (م) يهلك.
2- عنه البحار: 24/193 ح 11 والبرهان: 3/242 ح 16.
3- في نسختي (أ، م) والبحار: عبد الله بن العلاء عن المذاري، وما أثبتناه من نسختي (ب، ج) وهو الصحيح على ما في كتب الرجال.
4- عنه البحار: 24/193 ح 12 والبرهان: 3/242 ح 17.
5- ليس في البحار.
6- عنه البحار: 36/151 ح 130 والبرهان: 3/242 ح 18.
7- في نسخة (م) لن.
8- في نسختي (ج، ب) ما دام الله. تصحيف.
9- في الأصل والبرهان والبحار: روية والصحيح ما أثبتناه إذ الروبة هي بمعنى الحاجة، لا الروية لاحظ كتب اللغة.

فيفعل بنا ما أحب.

قلت جعلت فداك: وما الروبة؟ قال: الحاجة (1) يعني الإرادة.

والصلاة والسلام على محمد وآله السادة القادة أهل النسك والعبادة والورع والزهادة، الذين لهم من الله الحسنى والزيادة.

«29»

(سورة العنكبوت)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم

ألم [1] أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [2]

1- تأويله: قال علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ قال: جاء (2) العباس إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: امش حتى نبايع (3) لك الناس. فقال له: أتراهم فاعلين؟ قال: نعم. قال:

فأين قول الله ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ (4)

2- وقال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن (5) سعيد، عن أحمد بن الحسين (6)، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عبد الله (7) بن الحسين عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن أبيه صلوات الله عليهم قال: لما نزلت ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ قال: قلت: يا رسول الله

ص: 427


1- تفسير القمي: 494 مع اختلاف وعنه البحار: 24/193 ح 13 والبرهان: 3/242 ح 15.
2- في نسخة (م) صار.
3- في نسخة «ب» يبايع.
4- تفسير القمي: 494 وعنه البحار: 22/289 ح 60 والبرهان: 3/243 ح 3 و نور الثقلين: 4/147 ح 3.
5- في نسختي (أ، م) عن وهو تصحيف.
6- في نسخة «أ» الحسن.
7- في نسختي (أ، م) والبحار: عبيد الله.

ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى بك، وإنك مخاصم فأعد للخصومة (1).

3- وقال أيضا: حدثنا جعفر بن محمد الحسيني (2)، عن إدريس بن رياد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو (3) بن ثابت، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: فسر لي قوله عز وجل لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ﴿ليس لك من الامر شئ﴾ (4) فقال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بعده على الناس، وكان عند الله خلاف ذلك، فقال:

وعنى بذلك قوله عز وجل ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾

قال: فرضي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بأمر الله عز وجل (5).

4- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن سماعة بن مهران [عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (6) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسلم ذات ليلة في المسجد، فلمّا كان قرب الصبح دخل أمير المؤمنين، فناداه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا علي. قال: لبيك. قال: هلم إلي، فلمّا دنا منه قال: يا علي بت الليلة حيث تراني فقد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي، وسألت لك مثلها فقضاها لي، وسألت ربي أن يجمع لك أمتي من بعدي، فأبى علي ربي، فقال ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ (7).

ص: 428


1- عنه في البحار: 24/228 ح 26 والبرهان: 3/243 ح 5.
2- في نسخة «ب» الحسنى.
3- في نسختي (أ ج) عمر.
4- سورة آل عمران: 128.
5- عنه في البحار: 28/81 ح 42 والبرهان: 3/243 ملحق ح 5.
6- من البحار، وفى جميع النسخ والبرهان هكذا: سماعة بن مهران قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان.
7- عنه البحار: 24/228 ح 27 والبرهان: 3/243 ح 6.

5- وقال أيضا: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي (1)، عن عيسى بن مهران، عن الحسن بن الحسين العرني (2)، عن (3) علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن حسن بن حسين بن يحيى، عن علي بن أسباط، عن السدي في قوله عز وجل ﴿ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا - قال: علي وأصحابه - وليعلمن الكاذبين﴾ أعداؤه (4).

وقوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [4] مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [5] وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [6]

6- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد ابن زكريا، عن أيوب بن سليمان، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: قوله عز وجل ﴿أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون﴾ نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وهم الذين بارزوا عليا وحمزة وعبيدة، ونزلت فيهم ﴿من كان يرجوا لقاء الله فان أجل الله لآت وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه﴾ قال: في علي وصاحبيه (5).

ص: 429


1- كذا في نسخة «ب»، وفى نسخة «ج» القبيطى (الخثعمي خ ل)، وفى نسخة «أ» القبطي وفى البحار: اليقطيني والظاهر أن الصحيح ما أثبتناه بقرينة بقية الموارد، راجع فهرست أعلام كتابنا هذا.
2- في نسخة (م) العزلي، وفى نسختي (أ، ب) العربي، وما أثبتناه من نسخة «ج» والبحار وهو الصحيح راجع كتب الرجال.
3- هكذا في جميع النسخ، لكن الصحيح: وعن. لان علي بن أحمد بن حاتم من مشايخ محمد بن العباس.
4- عنه البحار: 24/228 ح 28 والبرهان: 3/243 ح 7.
5- عنه البحار: 24/317 ح 22 والبرهان: 3/244 ح 1.

وقوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [41]

7- لهذه الآية تأويل ظاهر وباطن: فالظاهر ظاهر، وأما الباطن فهو:

ما رواه محمد بن خالد البرقي (1)، عن الحسين بن سيف (2)، عن أخيه، عن أبيه، عن سالم بن مكرم، عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عز وجل ﴿كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت﴾ قال: هي الحميراء (3).

معنى هذا التأويل: إنما كني عنها بالعنكبوت لان العنكبوت حيوان ضعيف اتخذت بيتا ضعيفا أوهن البيوت وأضعفها لا يجدي نفعا ولا ينفي ضررا، وكذلك الحميراء حيوان ضعيف لقلة حظها وعقلها ودينها، اتخذت من رأيها الضعيف وعقلها السخيف - في مخالفتها وعداوتها لمولاها - بيتا مثل بيت العنكبوت في الوهن والضعف لا يجدي لها نفعا، بل يجلب عليها ضررا في الدنيا والآخرة لأنها بنته (على شفا جرف هار فانهار) (4) بها في نار جهنم هي ومن أسس لها بنيانه وشد (5) لها أركانه وعصى في ذلك ربه وأطاع شيطانه واستغوى لها جنوده وأعوانه، فأوردهم حميم السعير ونيرانه، وذلك جزاء الظالمين والحمد لله رب العالمين.

وقوله تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [43]

8- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا الحسين بن عامر، عن محمد ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن

ص: 430


1- كذا في جميع النسخ والبحار والبرهان والظاهر أن الصحيح أحمد بن محمد بن خالد إذ هو يروى عن الحسين بن سيف لا أبيه راجع كتب الرجال.
2- كذا في البحار وهو الصحيح بحسب الطبقة، لاحظ كتب الرجال، وان كان في جميع النسخ والبرهان: سيف بن عميرة.
3- عنه البحار: 8/454 (طبع الحجر) والبرهان: 3/252 ح 1.
4- سورة التوبة: 109.
5- في نسخة «ج» وشيد.

يسار (1)، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿وما يعقلها إلا العالمون﴾ قال: نحن هم (2) صدقا، صلوات الله عليهم، لان منتهى العلم جميعه (يرجع) (3) إليهم، لانهم الراسخون في العلم، وإليهم الامر فيه والحكم.

[وذكر علي بن إبراهيم رحمه الله مثله] (4).

وقوله تعالى: فالذين آتيناهم الكتب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به

9- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به - قال: هم آل محمد. ومن هؤلاء من يؤمن به﴾ (5) يعني أهل الايمان من أهل القبلة (6).

[وذكر علي بن إبراهيم رحمه الله مثله] (7).

10- وقال أيضا: حدثنا أبو سعيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحصين ابن مخارق (8)، عن أبي الورد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به﴾ قال: هم آل محمد صلوات الله عليهم (9).

ص: 431


1- في نسخة (م) بشار وهو تصحيف.
2- عنه البحار: 24/122 ح 9 والبرهان: 3/253 ح 2
3- ليس في نسخة (م).
4- تفسير القمي: 497، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
5- في نسختي (ب، م) والذين يؤمنون به) بدل (ومن هؤلاء من يؤمن به).
6- عنه البحار: 23/188 ح 1 والبرهان: 3/254 ح 1.
7- تفسير القمي: 497 والبرهان: 3/254 ح 3، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
8- في نسختي (ج، م) والبحار: الحسين بن مخارق.
9- عنه البرهان: 3/254 ح 2 وفى البحار: 23/188 ح 2 عنه وعن المناقب لابن شهر شهرآشوب: 3/485 عن أبي الورد.

وقوله تعالى: بل هو آيات بينت في صدور الذين أوتوا العلم

11- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا علي بن سليمان الزراري (1) عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) ﴿قال إيانا عنى) (2) فقلت له: أنتم هم؟ فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): من عسى أن يكونوا، ونحن الراسخون في العلم (3).

12- وقال أيضا: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله عز وجل ﴿بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم﴾ قال: إيانا عنى (4).

13- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني، عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن أسباط (5) قال: سأل رجل أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم﴾ قال: نحن هم.

فقال الرجل (6) جعلت فداك متى (7) يقوم القائم؟

قال: كلنا قائم بأمر الله عز وجل واحد بعد واحد حتى يجئ صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف، جاء أمر (8) غير هذا (9).

14- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن

ص: 432


1- كذا في نسخة «ب» والبحار، وفى نسخة (م) المزراري، وفى نسخة «أ» المرزاري (الرازي خ ل)، وفى نسخة «ج» الرزاري، والصحيح ما أثبتناه راجع معجم رجال السيد الخوئي: 12/47 و 49.
2- ليس في نسختي (ج، م) والبحار.
3- عنه البحار: 23/189 ح 3 والبرهان: 3/256 ح 16.
4- عنه البحار: 24/122 ح 11 والبرهان: 3/256 ح 16 ومستدرك الوسائل: 3/191 ح 6.
5- في هذا السند سقط لعدم درك ابن أسباط أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- في الاثبات: قلت بدل (فقال الرجل).
7- من نسختي (ب، ج) وفى غيرهما: حتى.
8- في الاثبات: يأمر.
9- عنه البحار: 23/189 ح 4 والبرهان: 3/256 ح 17 وإثبات الهداة: 7/127 ح 645.

عبد الله بن حماد، عن عبد العزيز العبدي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عز وجل ﴿بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم﴾ قال: هم الأئمة من آل محمد.

صلوات الله عليهم أجمعين باقية دائمة في كل حين (1).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [69]

15- تأويله: قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمد بن زكي (2) عن محمد بن الفضيل، عن محمد بن شعيب، عن قيس ابن الربيع، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

يقول الله عز وجل ﴿وإن الله لمع المحسنين﴾ فأنا ذلك المحسن (3).

16- وقال أيضا: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ قال: نزلت فينا (4).

17- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، (عن أبيه) (5)، عن حصين بن مخارق، عن مسلم الحذاء، عن زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عز وجل ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ قال: نحن هم.

قلت: وإن لم تكونوا وإلا فمن (6).

ص: 433


1- عنه البحار: 23/189 ح 5 والبرهان: 3/256 ح 18 ومستدرك الوسائل: 3/191 ح 8.
2- في نسخة «أ» (زنى خ ل)، وفى «ج» زكريا.وفى أعلام الكتاب: تركي.
3- عنه البحار: 24/190 ح 11 والبرهان: 3/257 ح 3.
4- عنه البرهان: 3/257 ح 4، وفى البحار: 24/150 ح 35 عنه وعن الاختصاص: 122 مرسلا.
5- ليس في البحار.
6- عنه البحار: 24/151 ح 36 والبرهان: 3/257 ح 5.

«30»

(سورة الروم)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم

ألم [1] غلبت الروم [2] فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [3]

1- تأويله: باطن وظاهر فالظاهر ظاهر.

وأما الباطن فهو: ما رواه محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن (1) بن القاسم قراءة، عن (2) علي بن إبراهيم بن المعلى (3)، عن فضيل ابن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية (4)، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عز وجل ﴿ألم غلبت الروم﴾ هي فينا وفي بني أمية (5).

2- وقال أيضا: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي (6)، عن أبيه، عن جعفر ابن بشير الوشا (7)، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن تفسير (ألم غلبت الروم) قال: هم بنو أمية وإنما أنزلها الله عز وجل ﴿ألم غلبت الروم - بنو أمية - في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله﴾ عند قيام القائم (8).

وقوله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها

ص: 434


1- في نسخة «ج» الحسين.
2- في نسخة «ج» على بدل (عن).
3- في نسخة «ج» عن المعلى، وفى نسخة «أ» علي بن إبراهيم المعلى.
4- في نسخة «أ» عبادة (عباية خ ل)، وفى نسخة «ج» عبادة وهو تصحيف.
5- عنه البحار: 8/379 (طبع الحجر) والبرهان: 3/257 ح 1.
6- في نسخة «أ» العمى.
7- في نسخة «ب» عن الوشا، وفى البحار: جعفر بن بشير.
8- عنه البحار: 8/379 (طبع الحجر) والبرهان: 3/257 ح 2.

معنى قوله ﴿فأقم وجهك - أي قصدك - للدين حنيفا﴾ أي مائلا إليه وثابتا عليه.

وقوله ﴿فطرت الله التي فطر الناس عليها﴾ أي خلق الناس عليها وهي الاسلام والتوحيد والولاية على ما ذكره محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) قال:

3- حدثنا أحمد بن (الحسن المالكي، عن محمد بن عيسى، عن) (1) الحسن (2) ابن سعيد، عن جعفر بن بشير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال سألته عن قول الله عز وجل ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها﴾ قال: هي الولاية (3).

4- وروى محمد بن الحسن الصفار، بإسناده، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها﴾ قال: فقال: على التوحيد وأن محمدا رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين (4).

صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين صلاة دائمة إلى يوم الدين.

وقوله تعالى: فئات ذا القربى حقه

5- قال: محمد بن العباس: حدثنا علي بن العباس المقانعي (5)، عن أبي كريب (6) عن معاوية بن هشام، عن فضل بن مرزوق (7)، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت ﴿فلت ذا القربى حقه﴾ دعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وأعطاها فدكا (8)، والقصة مشهورة.

ص: 435


1- ليس في البحار.
2- في البحار والبرهان: الحسين.
3- عنه البحار: 23/365 ح 27 والبرهان: 3/262 ح 23، ورواه في الكافي: 1/418 ح 35.
4- بصائر الدرجات: 78 ح 7 وعنه البحار: 67/132 ح 4 والبرهان: 3/262 ح 24.
5- في نسختي (أ، ب) المعانقي، وفى نسختي (ج، م) المقانقي، وما أثبتناه من البحار وهو الصحيح، راجع رجال الشيخ.
6- في نسخة «ج» كريت، وفى البحار: كرب.
7- في نسخة «ب» فضيل بن مروان.
8- عنه البحار: 8/92 (طبع الحجر) والبرهان: 3/264 ح 3.

«31»

(سورة لقمان)

(وما فيها من الآيات في الأئمة الهداة)

منها: قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [14]

تأويله: قوله تعالى ﴿ووصينا الانسان بوالديه﴾.

1- قال في ذلك محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن سليمان قال: شهدت جابر الجعفي عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يحدث أن رسول الله وعليا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) الوالدان.

قال عبد الله بن سليمان: وسمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: منا الذي أحل الخمس ومنا الذي جاء بالصدق (ومنا الذي صدق به) (1) ولنا المودة في كتاب الله عز وجل وعلي ورسول الله صلى الله عليهما الوالدان، وأمر الله ذريتهما بالشكر لهما (2)

2- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن إدريس (3)، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن النضر، بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، عن عبد الواحد بن المختار قال: دخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال:

أما علمت أن عليا أحد الوالدين الذين قال عز وجل ﴿اشكر لي ولوالديك﴾؟

قال زرارة: فكنت لا أدري أي آية هي؟ التي في بني إسرائيل أو التي في لقمان؟

قال: فقضي لي أن حججت فدخلت على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخلوت به فقلت: جعلت فداك

ص: 436


1- ليس في البرهان وغاية المرام.
2- عنه البحار: 36/12 ح 14 والبرهان: 3/274 ح 3 وغاية المرام: 545 ح 2.
3- في نسخة (م) و (ج - خ ل -) درست والصحيح ما أثبتناه راجع كتب الرجال.

حديثا جاء به عبد الواحد قال: نعم. قلت:

أي آية هي؟ التي في لقمان أو التي في بني إسرائيل؟ فقال: التي في لقمان (1).

3- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن شمر، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول (ووصينا الانسان بوالديه) رسول الله وعلي. صلوات الله عليهما (2).

4- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أحد الوالدين.

قال: قلت: والآخر؟ قال: هو علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

فعلى هذا التأويل معنى قوله ﴿ووصينا الانسان بوالديه﴾ أي نوع الانسان بطاعة والديه، وهما النبي والوصي عليهما الصلاة والسلام، وإنما كني عنهما بالوالدين لان الوالد هو السبب الأقوى في إنشاء الولد، ولولا الوالد لم يكن الولد، وكذلك محمد وعلي سلام الله عليهما وآلهما - لولاهما لم يكن إنسان ولا حيوان ولا دنيا ولا آخرة.

5- لما جاء في الدعاء (سبحان من خلق الدنيا والآخرة، وما سكن في الليل والنهار لمحمد وآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) (4).

6- وجاء في الحديث القدسي (لولاك لما خلقت الأفلاك) (5).

7- وجاء في حديث آخر:

ص: 437


1- عنه البحار: 36/12 ح 15 والبرهان: 3/274 ح 4.
2- عنه البحار: 36/13 ح 16 والبرهان: 3/274 ح 5.
3- عنه البحار: 36/13 ذ ح 16 والبرهان: 3/274 ح 6.
4- عنه البحار: 24/399 ذ ح 124.
5- أخرجه في البحار: 57/199 عن كتاب الأنوار لأبي الحسن البكري: 5.

أنه سبحانه قال لآدم (عَلَيهِ السَّلَامُ): لولا شخصان أريد أن أخلقهما منك لما خلقتك (1).

والشأن في هذا البيان واضح، وله معنى آخر وهو أنهما الوالدان في العلم والهدى والدين الذي هو سبب حياة الانسان، ولولاه لكان ميتا وكان الوالد يغذي الولد بالثدي والشراب والطعام فكذلك (2) النبي والامام يغذيان الانسان بالعلم والبيان فلهذا صارا كالوالدين له البرين به فعليهما وعلى ذريتهما أفضل الصلاة والسلام ما دار في الحنك اللسان وقلبت الأنامل والأقلام.

وقوله تعالى: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة

8- تأويله: ما رواه علي بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): عن أبيه، عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن آدم عن شريك، عن جابر قال: قرأ رجل عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة) (فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذه قراءة العامة، وأما نحن فنقرأ: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) (3).

فأما النعمة الظاهرة فهو النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وما جاء به من معرفة الله وتوحيده وأما النعمة الباطنة فموالاتنا (4) أهل البيت وعقد مودتنا (5).

ويؤيده: قوله تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي﴾ (6) فالنعمة التي نتمها سبحانه النعمة الظاهرة وهي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وما جاء به كانت هذه نعمة من الله ظاهرة للناس ولكن كانت ناقصة، فلمّا فرض ولاية أمير المؤمنين وذريته الطيبين قال سبحانه ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي﴾ فكانت ولاية

ص: 438


1- أخرجه في الجواهر السنية: 273 و 292 عن مناقب الخوارزمي: 227، إلا أن فيهما كذلك: لولا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك.
2- في نسخة (م) فذلك.
3- ما بين القوسين ليس في المصدر والبحار والبرهان ونسخة «أ».
4- في المصدر: فولايتنا.
5- تفسير القمي: 509 مع اختلاف وعنه البحار: 24/52 ح 7 والبرهان: 3/276 ح 1 ونور الثقلين: 4/212 ح 83.
6- سورة المائدة: 3.

أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) النعمة الباطنة التي بها كمل الدين وتمت نعمة رب العالمين.

وقوله تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [22]

9- تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه): إن معنى (ومن يسلم وجهه إلى الله) أي ومن يخلص دينه ويقصد في أفعاله التقرب إليه، وقيل إن إسلام الوجه إلى الله هو الانقياد إليه في أوامره ونواهيه، وذلك يتضمن العلم والعمل (وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) أي الوثيقة التي لا يخشى انفصامها (1).

وتأويل (العروة الوثقى)

10- قال محمد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله عز وجل ﴿فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾ قال: مودتنا أهل البيت (2).

11- وقال أيضا: حدثنا أحمد بن محمد، (عن أحمد بن الحسين) (3)، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن هارون بن سعيد، عن زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال (العروة الوثقى) المودة لآل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (4).

وقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [27]

12- تأويله: ذكره صاحب كتاب الاحتجاج قال: إن يحيى بن أكثم سأل

ص: 439


1- مجمع البيان: 8/321 والبحار: 70/223.
2- عنه البحار: 24/85 ح 7 والبرهان: 3/278 ح 1.
3- ليس في نسخة (م).
4- عنه البحار ر: 24/85 ح 8 والبرهان: 3/278 ح 2.

مولانا (أبا الحسن العسكري) (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن مسائل منها تأويل هذه الآية فقال يحيى: ما هذه السبعة أبحر؟ وما الكلمات التي لا تنفد؟

فقال له (2) الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) أما الأبحر فهي عين الكبريت وعين اليمن وعين البرهوت وعين طبرية وعين ماسيدان وحمة (3) إفريقية وعين باجروان (4).

وأما الكلمات فنحن الكلمات التي (لا تنفد علومنا و) (5) لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى (6) ويدل على أنهم الكلمات قوله عز وجل:

﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾ (7) وقوله تعالى:

﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ﴾ (8).

فهم الكلمات التامات من إله الأرض والسماوات.

عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيات في كل الأوقات فيما غبر وما هو آت.

انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني والحمد لله رب العالمين

﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾

(السيد محمد باقر بن المرتضى الموحد الأبطحي الأصفهاني)

ص: 440


1- في نسخة «أ» أبا الحسن علي بن محمد الهادي (الحسن العسكري - خ ل -).
2- من نسختي (ج، م).
3- في الأصل: جمة، أي مكان كثير الماء.. وحمة بفتح الحاء وتشديد الميم: كل عين فيها ماء حار ينبع يستشفي بها الأعلاء، ذكره الفيروز آبادي.
4- في ضبطها اختلاف بين النسخ والكتب. و (باجروان) مدينة من نواحي باب الأبواب قرب شروان، عندها عين الحياة التي وجدها الخضر. معجم البلدان: 1/313.
5- ليس في المصدر والبرهان.
6- الاحتجاج: 2/258 وعنه البحار: 4/151 ح 3 والبرهان: 3/279 ح 4 ونور الثقلين: 4/216 ح 92 وفى البحار: 24/174 ح 1 عنه وعن المناقب: 3/508 وتحف العقول:479.
7- سورة البقرة: 37، 124.
8- سورة البقرة: 37، 124.

المجلد 2

«سورة السجدة»

وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة» (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

منها: قوله تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)

1- تأويله: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه)، عن محمّد بن الحسن ابن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن الحارث بن محمّد الأحول، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أسري به قال لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ إنّي رأيت في الجنّة نهرا أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأشدّ استقامة من السهم فيه أباريق عدد نجوم السماء على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض، فضرب جبرئيل بجناحه على (1). جانبه فإذا هو مسك أذفر.

ثمّ قال: والّذي نفس محمّد بيده إن في الجنّة لشجرا يتصفق بالتسبيح لم يسمع (2) الأولون والآخرون بمثله، يثمر ثمرا كالرمان، وتلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلّة، والمؤمنون على كراسي من نور وهم الغر المحجّلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور يضئ أمامه حيث شاء من الجنّة فبينما هو كذلك إذ أشرفت امرأة من فوقه فتقول: سبحان الله أما لك فينا دولة؟

فيقول لها: من أنت؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله عزّ وجلّ (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون).

ثمّ قال: والّذي نفس محمّد بيده وإنّه ليجيئه في كلّ يوم سبعون الف ملك

ص: 441


1- في نسختي «ب، م» إلى
2- في نسخة «م» تسمع.

يسمونه باسمه واسم أبيه (1).

2- وسبب ذلك ما ذكره الطوسي (رَحمَةُ اللّه) في أماليه: باسناده، عن جابر بن عبد الله (رَحمَةُ اللّه) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي: يا عليّ ألا أبشرك؟ ألا أمنحك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: خلقت (2) أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة فخلق الله منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة يدعى الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بآبائهم لطيب مولدهم (3).

وقوله تعالى: أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)

3- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا إبراهيم بن عبد الله، عن الحجاج ابن منهال، عن حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رَحمَةُ اللّه) قال: إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي: أنا أبسط (4) منك لسانا، وأحد منك سنانا وأملأ منك حشوا للكتيبة (5)، فقال له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): اسكت يا فاسق. فأنزل الله جلّ اسمه: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون- إلى قوله- تكذبون) (6).

ص: 442


1- عنه البحار: 8/138 ح 50 وعن المحاسن: 1/180 ح 172 باسناده عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، وأخرجه في البرهان: 3/285 ح 7 عن المحاسن وفضائل الشيعة: 35 ح 36.
2- في نسخة «ج» لما خلقت وفي «م» أنى خلقت.
3- أمالي الطوسي: 1/77 و ج 2/71 وعنه البحار: 7/238 ح 3 بكلا طريقيه والبحار: 35/25 ح 21 وفي البحار: 27/150 ح 17 عنه وعن أمالي المفيد: 311 ورواه في بشارة المصطفى: 17 عن الطوسي وكشف الغمة: 1/142.
4- في نسخة «ب» أقسط وفي نسخة «م» أنشط وفي نسخة «أ» أبشط.
5- في نسختي «ب، ج» في الكتيبة.
6- عنه البحار: 23/382 ح 77 والبرهان: 3/286 ح 2.

[عليّ بن إبراهيم باسناده إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك] (1).

4- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عمرو بن حماد، عن أبيه، عن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) قال: نزلت في رجلين أحدهما من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو المؤمن، والآخر فاسق فقال الفاسق للمؤمن: أنا والله أحد منك سنانا، وأبسط (2) منك لسانا وأملأ منك حشوا للكتيبة. فقال المؤمن للفاسق: اسكت يا فاسق. فأنزل الله عزّ وجلّ (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) ثم بين حال المؤمن فقال (أما الّذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون) وبين حال الفاسق فقال:

(وأمّا الّذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الّذي كنتم به تكذبون) (3).

5- وذكر أبو مخنف (رَحمَةُ اللّه) أنه جرى عند معاوية بين الحسن بن علي صلوات الله عليهم وبين الفاسق الوليد بن عقبة كلام، فقال [له] الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا ألومك أن تسب عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطا، وقتل أباك صبرا مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في يوم بدر، وقد سماه الله عزّ وجلّ في غير آية مؤمنا، وسماك فاسقا (4).

ثمّ قال تعالى مبيّنا ما أعدّه للفاسق وأمثاله:

وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)

ص: 443


1- تفسير القمي: 513 وعنه البحار: 35/337 ح 2 والبرهان: 3/286 ح 2، وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
2- في نسخة «ب» أقسط، وفي نسخة «م» أنشط.
3- عنه البحار: 23/383 ح 78 والبرهان: 3/287 ح 3.
4- عنه البحار: 23/383 ح 79 والبرهان: 3/287 ح 4.

6- تأويله: قال محمّد بن العباس: حدّثنا عليّ بن حاتم، عن حسن بن محمّد ابن عبد الواحد، عن حفص (1) بن عمر بن سالم، عن محمّد بن حسين بن (2) عجلان، عن مفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر) قال: الأدنى غلاء السعر، والأكبر المهدى بالسيف (3).

7- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن زيد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «العذاب الأدنى» دابّة الأرض (4).

وقد تقدّم تأويل دابّة الأرض وإنّها أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

وقوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم ابن محمّد الثقفيّ، عن عليّ بن هلال الأحمسيّ، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات الله عليهم قال: نزلت هذه الآية

ص: 444


1- في نسخة «ب» والبحار: جعفر
2- في نسخة «ج» عن، والظاهر هو الصحيح إذ لم نجد في كتب الرجال محمّد بن الحسين ابن عجلان.
3- عنه البحار: 51/59 ح 55 والبرهان: 3/288 ح 3 وإثبات الهداة: 7/127 ح 646. وقد ذكر في المختصر: 210 نقلا من كتاب ما نزل في القرآن تأليف محمّد بن العباس ابن مروان وعن البحار: 53/114 ح 18 في تفسير هذه الآية ولم يذكرها في تأويل الآيات وهي هذه: حدّثنا الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر» الرجعة.
4- عنه البرهان: 3/288 ح 4، وأخرجه في البحار: 53/114 ذ ح 18 عن مختصر البصائر210 نقلا من كتاب محمّد بن العباس وفي الايقاظ من الهجعة: 386 ح 168 عن الكنز عن محمّد بن العباس وعن المختصر.
5- راجع سورة النمل آية: 82 الأحاديث 9- 14 صفحه: 404- 409.

في ولد فاطمة سلام الله عليها خاصّة.

(وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (1).

أي لمّا صبروا على البلاء في الدنيا وعلم الله منهم الصبر، جعلهم أئمّة يهدون بأمره عباده إلى طاعته المؤدية إلى جنّته. فعليهم من ربّهم صلاته وأكمل تحيّاته.

وقوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29)

9- قال: محمّد بن العباس (2) حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين (3) بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن ابن دراج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عزّ وجلّ (قل يوم الفتح لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون)

قال: يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على القائم لا ينفع أحدا تقرب بالايمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا وبهذا الفتح موقنا، فذلك الّذي ينفعه إيمانه، ويعظم عند الله قدره وشأنه وتزخرف له يوم البعث جنانه وتحجب عنه نيرانه، وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين وذريته الطيبين، صلوات الله عليهم أجمعين (4).

ص: 445


1- عنه البحار: 24/158 ح 23 والبرهان: 3/289 ح 4.
2- في نس « أ، ج، م» والبرهان: يعقوب، وهو اشتباه إذ لم نجد الرواية في الكافي بالسند والمتن
3- في نسخة «ب» « محمّد بن الحسن بن الحسين» بدل «محمّد بن الحسين».
4- عنه البرهان: 3/289 ح 1، وأورده في إلزام الناصب: 1/83 مرسلا.

«33»

«سورة الأحزاب»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ1- معنى تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا محمّد بن الحسين بن (1) حميد بن الربيع، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه).

قال: قال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): ليس عبد من عبيد الله ممن امتحن الله قلبه للايمان إلا وهو يجد (2) مودتنا على قلبه فهو يودنا، وما عبد من عبيد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد (3) بغضنا على قلبه فهو يبغضنا، فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا ونغتفر له ونبغض (4) المبغض وأصبح محبنا ينتظر رحمة الله عزّ وجلّ، فكأن أبواب الرحمة (5) قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على شفا جرف من النار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم، وتعسا لأهل النار مثواهم.

إن الله عزّ وجلّ يقول (فلبئس مثوى المتكبرين) (6) وإنّه ليس عبد من عبيد الله يقصر في حبنا لخير جعله الله عنده (7) إذ لا يستوي من يحبنا ومن يبغضنا ولا يجتمعان في قلب رجل أبدا، إن الله لم يجعل «لرجل من قلبين في جوفه» يحب بهذا ويبغض بهذا أما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، ومبغضنا على

ص: 446


1- في البحار: عن، والظاهر ما أثبتناه هو الصحيح راجع لسان الميزان: 5/138.
2- في نسختي «أ، م» يجدد.
3- في نسختي «أ، م» يجدد.
4- في البحار: ونعرف بغض.
5- في نسخة «أ» الجنّة.
6- سورة النمل: 29.
7- في نسخة «ب» عندنا.

تلك المنزلة، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء، وأنا وصي الأوصياء، والفئة الباغية من حزب الشيطان والشيطان منهم.

فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فان شارك في حبنا عدونا فليس منا ولسنا منه والله عدوه وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين (1) (لا يجتمع الحبّ والبغض في جوف واحد وقلب واحد) (2).

2- وقال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان، إن الله عزّ وجلّ يقول (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (3).

3- وعليّ بن إبراهيم رحمه الله بإسناده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لفظ الأولى وفاق لمعنى الثانية (4).

وقوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ

4- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد ابن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (5)، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم ابن روح القصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (قال:) (6) إنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) قال: نزلت في ولد الحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قلت: جعلت فداك نزلت في الفرائض؟ قال: لا. قلت: ففي المواريث؟: قال: لا. ثمّ قال: نزلت في الامرة (7).

5- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن عبد الرحمن بن الفضل

ص: 447


1- عنه البحار: 24/317 ح 23 والبرهان: 3/290 ح 1، وفي البحار: 27/83 ح 24 عنه وعن أمالي الشيخ: 1/147، والغارات: 2/585.
2- ليس في نسختي «أ، م».
3- عنه البحار: 24/318 ح 24.
4- تفسير القمي: 514 وعنه البحار: 27/51 ح 1 والبرهان: 3/290 ح 2.
5- في نسخة «م» بصير، وهو تصحيف.
6- ليس في البحار.
7- عنه البحار: 23/257 ح 3 والبرهان: 3/293 ح 16.

عن جعفر بن الحسين الكوفي، عن أبيه، عن محمّد بن زيد مولى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألت مولاي فقلت: قوله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض)؟

قال: هو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

معناه أنه رحم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فيكون أولى به من المؤمنين والمهاجرين.

6- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد (2)، عن إبراهيم بن محمّد، عن (3) محمّد بن علي المقري (4) باسناده يرفعه إلى زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (والوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين)

قال: رحم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أولى بالإمارة والملك والايمان (5).

7- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمّد بن يحيى بإسناده عن رجاله يرفعه إلى (6) عبد الرحيم بن روح القصير قال: قلت لأبي جعفر قوله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) فيمن نزلت؟ قال: في الامرة نزلت، وجرت هذه الآية في ولد الحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) من بعده فنحن أولى بالإمرة وبرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من المؤمنين والمهاجرين [والأنصار].

قلت: فلولد جعفر بن أبي طالب [فيها] (7) نصيب؟ قال: لا. قلت: فلولد العباس [فيها] (8) نصيب؟ قال: لا. فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل ذلك يقول: لا. ونسيت ولد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فدخلت عليه بعد ذلك، فقلت: فهل لولد الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيها نصيب؟

ص: 448


1- عنه البحار: 23/258 ح 4 والبرهان: 3/293 ح 17.
2- في نسخة «ب» والبحار: راشد.
3- في نسخة «أ» إبراهيم بن محمّد بن علي المنقري.
4- في نسخ «أ، ب، ج «المنقري.
5- عنه البحار: 23/258 ح 5 والبرهان: 3/293 ح 18.
6- في نسخة «م» عن.
7- من المصدر.
8- من الكافي، وكلمة «نصيب «ليست في نسختي «ج، م».

فقال: [لا، والله] يا عبد الرحيم ما لمحمّدي فيها نصيب غيرنا (1).

وقوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أحمد بن محمّد بن يزيد، عن سهل بن عامر البجلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق،، (عن جابر بن عبد الله، عن محمّد بن الحنفية رضي الله عنه) (2) قال: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): كنت عاهدت الله عزّ وجلّ ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله فتقدّمني أصحابي وخلفت بعدهم لما أراد الله عزّ وجلّ، فأنزل الله عزّ وجلّ فينا «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه- حمزة وجعفر وعبيدة – ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) فأنا المنتظر وما بدلت تبديلا (3).

9- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن جده عبد الله (4) بن الحسن، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: وعاهد الله عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحمزة

ص: 449


1- الكافي: 1/288 ح 2 مسندا وعنه البرهان: 3/291 ح 1 ونور الثقلين: 4/239 ح 20 وأخرجه في البحار: 25/256 ح 16 عن علل الشرائع: 1/205 ح 4، ورواه في الإمامة والتبصرة: 48 وما بين المعقوفين من المصدر.
2- في نسخ «ب، ج، م»والبحار: عن جابر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن محمّد بن الحنفية، وفي البرهان: عن جابر، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن محمّد ابن الحنفية، والصحيح ما أثبتناه إذ «ابن أبي المقدام»من أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فمن البعيد أن يكون المراد من جابر: الجعفي بل المراد منه ابن عبد الله الأنصاري وهو لا يمكن أن يروى عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- عنه البحار: 35/410 ح 5 والبرهان: 3/301 ح 1.
4- كذا في نسخة «أ»، وفي نسخ «ب، ج، م»عن عبد الله، والصحيح ما أثبتناه، راجع رجال الشيخ «أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

ابن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب [وعبيدة] (1) أن لا يفروا من زحف أبدا، فتموا (2) كلهم، فأنزل الله عزّ وجلّ (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه- حمزة استشهد يوم أحد وجعفر استشهد يوم مؤتة- ومنهم من ينتظر- يعني عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وما بدلوا تبديلا) يعني الّذي عاهدوا عليه (3).

[عليّ بن إبراهيم بإسناده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك] (4).

وقوله تعالى: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عليّ بن العباس، عن أبي سعيد عباد بن يعقوب، عن فضل بن القاسم البراد (5)، عن سفيان الثوري، عن زبيد النامي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ «وكفى الله المؤمنين القتال- بعلي- وكان الله قويا عزيزا» (6).

11- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن يونس بن مبارك، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني (7)، عن يحيى بن معلى (8) الأسلمي، عن محمّد بن عمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن أبي زياد بن مطر (9) قال:

ص: 450


1- من نسخة «أ».
2- هكذا في نسخ الأصل: وهو لازم أسند إلى الجماعة مؤكدا بكلهم والمراد «تمموا ما عاهدوا الله «ف «تموا «مصحف «تمموا».
3- عنه البحار: 35/411 ح 6 والبرهان: 3/301 ح 2.
4- تفسير القمي: 527 وعنه البرهان: 3/303 ح 5 وما بين المعقوفين أثبتناه من نسخة «أ».
5- في نسخة «ب» البزاز، وفي نسخة «ج» البزار «البراد- خ ل-».
6- عنه البرهان: 3/303 ح 2، وفي البحار: 36/25 ح 10 عنه وعن كشف الغمة: 1 /317 وعن أبي نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- في نسخة «م» الجماني.
8- في نسختي «أ، م» يعلى.
9- في نسختي «أ، م» مطرب، وفي «ج» مظر.

كان عبد الله بن مسعود يقرأ «وكفى الله المؤمنين القتال «بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

قال أبو زياد، وهي في مصحفه: هكذا رأيتها.

وسبب نزول هذه الآية أن المؤمنين كفوا القتال بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) [و] أن المشركين تحزبوا واجتمعوا في غزاة الخندق، والقصة مشهورة، غير أنا نحكي طرفا منها وهو: أن عمرو بن عبد ود كان فارس قريش المشهور يعد بألف فارس وكان قد شهد بدرا ولم يشهد أحدا، فلمّا كان يوم الخندق خرج معلما ليرى الناس مقامه.

فلمّا رأى الخندق قال: مكيدة ولم نعرفها من قبل، وحمل فرسه عليه فعطفه (2) ووقف بإزاء المسلمين ونادى: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد.

فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: أنا يا رسول الله. فقال له: إنه عمرو اجلس.

فنادى ثانية، فلم يجبه أحد.

فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: أنا يا رسول الله. فقال له: إنه عمرو (اجلس.

فنادى ثالثة، فلم يجبه أحد.

فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: أنا يا رسول الله، فقال له: إنه عمرو) (3)

فقال: وإن كان عمروا، فاستأذن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في برازه فأذن له.

قال حذيفة (رَحمَةُ اللّه): فألبسه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) درعه (الفاضل وذات) (4) الفضول وأعطاه ذو الفقار وعممه عمامته (5) السحاب على رأسه تسعة أدوار، وقال له: تقدّم.

فلمّا ولى قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): برز الايمان كله إلى الشرك كله، اللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه.

ص: 451


1- عنه البحار: 36/25 ح 11 وعن كشف الغمة: 1/317 والبرهان: 3/303 ح 3 و أورده الشيخ في مصباح الأنوار: 36 بإسناده عن ابن مسعود.
2- في نسخة «ب» فطبقه.
3- ما بين القوسين ليس في نسخة «م».
4- ليس في نسختي «ج، م».
5- في نسخة «ب» عمامة. وفي المكارم: 35 «وكانت له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فكساها عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

فلمّا رآه عمرو قال له: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك أسن منك فانّي أكره أن أهرق دمك.

فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهرق دمك.

قال: فغضب عمرو، ونزل عن فرسه وعقرها وسل سيفه كأنه شعلة نار.

ثم أقبل نحو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاستقبله علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بدرقته فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، ثم إن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ضربه على حبل عاتقه فسقط إلى الأرض وثارت بينهما عجاجة فسمعنا تكبير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): قتله والّذي نفسي بيده قال: وحز رأسه وأتى به إلى (1) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ووجهه يتهلل.

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أبشر يا عليّ فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمّد لرجح عملك بعملهم، وذلك لأنه لم يبق بيت من المشركين إلا ودخله وهن، ولا بيت من المسلمين إلا دخله عز.

قال: ولما قتل عمرو بن عبد ود وخذل الأحزاب وأرسل الله عليهم ريحا وجنودا من الملائكة فولوا مدبرين بغير قتال، وسببه قتل عمرو، فمن ذلك قال سبحانه [وكفى الله المؤمنين القتال) بعلي (2). وأحق من قيل فيه هذان البيتان:

يا فارس الاسلام حين توجلت *** فرسانه وتخاذلت عن نصره

والصارم الذكر الّذي اقتضت (3) به *** من ستر النقع عدوه (4) بكره

12- وروى الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عباس قال: لما قتل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابن عبد ود عمرو دخل على رسول الله وسيفه يقطر دما، فلمّا رآه كبر وكبر المسلمون.

ص: 452


1- في نسختي «ج، م» وأقبل نحو.
2- عنه البرهان: 3/303 ح 3.
3- في نسخة «ج- اعتضت خ ل».
4- في نسخة «ب» عذره، وفي نسخة «ج» عدوة.

وقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): اللّهمّ أعط عليا فضيلة لم يعطها أحد قبله ولم يعطها أحد بعده. قال: فهبط (1) جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه من الجنّة أترجة، فقال لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله عزّ وجلّ يقرأ عليك السلام ويقول لك، حي (2) بهذه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: فدفعها إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء فيها مكتوب سطران (بخضرة) (3) «تحفة من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب» (4).

وقوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)

13- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا الحسين بن أحمد، عن (5) محمّد بن عيسى، عن يونس، عن (6) كرام، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال لي: أتدري ما الفاحشة المبينة؟ قلت: لا. قال: قتال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعني أهل الجمل (7).

14- وعليّ بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه)، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الله ابن غالب، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، [عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى] (8) (يا نساء النبيّ من يأت منكن بفاحشة مبينة) الآية

ص: 453


1- في نسخة «ب» فأهبط.
2- في نسخ «ب، ج، م»جئ.
3- ليس في نسخة «أ».
4- عنه مدينة المعاجز: 163، وفي ص 63 من طريق العامّة عن كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي وأخرجه في البرهان: 3/304 ح 6 عن الحافظ ابن شيرويه وفي مصباح الأنوار: 62 عن مناقب الخوارزمي: 105.
5- في نسخة «ب» بن.
6- في نسخ «أ، ب، م» والبحار: بن، وما أثبتناه من نسخة «أ» وهو الصحيح لعدم ذكر يونس بن كرام في كتب الرجال والأحاديث.
7- عنه البحار: 8/454 (طبع الحجر) والبرهان: 3/308 ح 3.
8- من المصدر.

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): الفاحشة الخروج بالسيف(1).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)

15- تأويله: قال أيضا: حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول تسبيح فاطمة سلام الله عليها من ذكر الله الكثير الّذي قال الله عزّ وجلّ (اذكروا الله ذكرا كثيرا) (2).

16- وقال: أيضا حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن إسماعيل بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله عزّ وجلّ (اذكروا الله ذكرا كثيرا) ما حده؟ قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) علم فاطمة سلام الله عليها أن تكبر أربعا وثلاثين تكبيرة، وتسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وتحمد (3) ثلاثا وثلاثين تحميدة. فإذا فعلت ذلك بالليل مرة وبالنهار مرة فقد ذكرت الله كثيرا (4).

ولمّا خاطب الله سبحانه المؤمنين أمرهم بالذكر والتسبيح خاطبهم عامّة ثم خاطب [أمير] (5) المؤمنين منهم خاصّة فقال (هو الّذي يصلي عليكم وملائكته) ثم عاد الخطّاب إلى المؤمنين عامّة غير الخاصّة فقال (ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما)

فأمّا المؤمنون خاصّة فالنبيّ وأهل البيت صلى الله عليهم:

17- لما روي مرفوعا عن ابن عباس انه قال في تأويل قوله تعالى (هو الّذي

ص: 454


1- تفسير القمي: 530 وعنه البحار: 8/452 (طبع الحجر) والبرهان: 3/308 ح 2 والحديث نقلناه من نسخة «أ».
2- عنه البرهان: 3/328 ح 12 ورواه العياشي في تفسيره: 1/67 ح 12.
3- في نسختي «ب، ج» وتحمده.
4- عنه البرهان: 3/328 ح 13.
5- من نسخة «ب»، وفي نسخة «م» المؤمن.

يصلي عليكم وملائكته).

قال: الصلاة على النبيّ وأهل بيته صلى الله عليهم (1) لا غيرهم فهذه الآية خاصّة لمحمّد وآله، ليس لغيرهم فيها نصيب، لان الله سبحانه لم يصل على أحد إلا عليهم، ومن زعم أن الله سبحانه صلى على أحد من هذه الأمة فقد كفر وأعظم [القول] (2).

بيان ذلك: أنه لو صلى على أحد غيرهم لكان هو والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في الفضل سواء لان الله سبحانه قال (إن الله وملائكته يصلون على النبيّ) وقال للمؤمنين: (هو الّذي يصلي عليكم وملائكته) فلم يبق حينئذ بينه وبينهم فرق، وهذا لا يجوز لقوله تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا).

فلم يبق إلا أن يكون النبيّ وأهل بيته صلى الله عليهم هم المعنيون بالصلاة خاصّة.

18- ويؤيده قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقد سأله المسلمون عند نزول قوله تعالى (إن الله وملائكته) الآية: يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟

فقال: قولوا: اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (3). فلو [لم] (4) يعلم أن الله سبحانه قد صلى عليهم كما صلى عليه لم يأمر بالصلاة عليه وعليهم.

ويؤيد هذا: أنه أوجب (5) الصلاة عليه وعليهم في جميع الصلوات، ولما أمر الله سبحانه المؤمنين بالصلاة والتسليم على النبيّ وآله صلوات الله عليهم أخبرهم بأنه قد صلى على آله وسلم أيضا في قوله (سلام على آل ياسين) (6) فقد حصلت لهم الصلاة والتسليم من الله العزيز الحكيم، كما حصلت للنبي الكريم، وما ذلك إلا أن فضلهم من فضله الباهر، وأصلهم من أصله الطاهر.

ص: 455


1- عنه البرهان: 3/328 ح 14.
2- من نسختي «ب، ج».
3- أخرجه في البحار: 94/51 ح 16 والبرهان: 4/34 ح 6 وعيون أخبار الرضا: 1/185
4- من نسختي «ب، م».
5- في نسخة «ج» واجب.
6- سورة الصافات: 130.

وأمّا توجيه قوله تعالى (ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما) فمعناه: أنه سبحانه لما صلى على محمّد وآل محمّد وسلم خاطب شيعتهم إكراما لهم فقال (ليخرجكم- يا شيعة آل محمّد- من الظلمات- ظلمات أعدائكم الفجار- إلى النور- نور أئمتكم الأبرار- وكان بالمؤمنين- منكم- رحيما)

فصلّوا على النبيّ وعلى آله وسلّموا تسليماً.

وقوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)

تأويله: قوله «إنما» هي محققة لما أثبت بعدها، نافية لما لم يثبت بعدها. وقوله «يريد» قال أبو علي الطبرسي قدس الله روحه: هل هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس؟ فلا يجوز الوجه الأول لان الله قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة فلا اختصاص لها بأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) دون سائر الخلق (1) ولان هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شك [وشبهة] (2) ولا مدح في الإرادة المجردة فثبت الوجه الثاني وفي ثبوته ثبوت العصمة لهم لاختصاص الآية بهم (3) لبطلان عصمة غيرهم (4).

وقد جاء في اختصاص الآية (بهم) (5) روايات لا تحصى كثرة.

«والرجس» عمل الشيطان، والتطهير العصمة منه، و «أهل البيت» محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، صلوات الله عليهم.

«البيت» قيل: إنه (6) بيت النبوة والرسالة.

وقيل: إنه البيت الحرام وأهله هم المتقون، لقوله تعالى (إن أولياؤه إلا المتقون) (7).

ص: 456


1- في نسخة «ج» الناس.
2- من المصدر.
3- في نسخة «م» لهم.
4- مجمع البيان: 8/357.
5- ليس في نسخة «م».
6- في المصدر: والمراد به بدل «قيل أنه».
7- سورة الأنفال: 34.

وقد روي في اختصاصهم بهذه الآية روايات:

19- منها: ما ذكره الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال: حدّثني شهر بن حوشب، عن أم سلمة (رض) قالت: جاءت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) تحمل حريرة لها فقال: ادعي لي زوجك وابنيك. فجاءت بهم فطعموا، ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقلت: يا رسول الله وأنا معهم؟ قال: أنت إلى خير (1).

20- وقال أيضا: وروى الثعلبي في تفسيره بالاسناد إلى أم سلمة: أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان في بيتها فأتته فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ببرمة فيها حريرة فقال لها: ادعي لي زوجك وابنيك. فذكرت الحديث نحو ذلك.

ثمّ قالت: فأنزل الله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قالت: فأخذ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فأدخلت رأسي البيت وقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟

قال: إنك إلى خير، إنك إلى خير (2).

21- وقال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن ابن عليّ بن بزيع، عن إسماعيل بن بشار الهاشمي، عن قتيبة (3) بن محمّد الأعشى عن هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 457


1- مجمع البيان: 8/356 وعنه البرهان: 3/320 ح 31
2- مجمع البيان: 8/357 وعنه البرهان: 3/320 ح 32 وعن تفسير الثعلبي: 3/248 (مخطوط) وفي البحار: 35/220 ح 27 عنه وعن الطرائف: 125 ح 192 والعمدة لابن البطريق: 33 و 93 عن مسند ابن حنبل: 6/292 وتفسير الثعلبي ورواه ابن حنبل في فضائله: 1/125 ح 192.
3- في نسخة «ج» قيس، وفي نسخة «أ» قنبر (قيس- خ ل-)، وفي نسخة «ب» والبرهان: قنبر وفي نسخة «م» قيير وما أثبتناه من البحار وهو الصحيح على ما في كتب الرجال.

في بيت أم سلمة فأتي بحريرة فدعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثمّ قال «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا».

فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: إنك إلى خير (1).

22- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن جعفر ابن محمّد بن عمارة قال: حدّثني أبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله عزّ وجلّ (فضلنا أهل البيت وكيف لا يكون كذلك؟! والله عزّ وجلّ ) (2) يقول في كتابه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)

فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فنحن على منهاج الحق (3).

23- وقال أيضا: حدّثنا عبد الله بن عليّ بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمّد عن عليّ بن جعفر بن محمّد، عن الحسين بن زيد، عن [عمه] (4) عمر بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: خطب الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) الناس حين قتل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون، ما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثمّ قال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن البشير النذير الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الّذي كان ينزل فيه جبرئيل ويصعد، وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (5).

ص: 458


1- عنه البحار: 25/213 ح 3 والبرهان: 3/312 ح 14.
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 25/213 ح 4 والبرهان: 3/313 ح 15.
4- من نسخة «أ».
5- عنه البحار: 25/214 ح 5 والبرهان: 3/313 ح 16.

24- وقال أيضا: حدّثنا محمّد (1) بن يونس بن مبارك، عن عبد الأعلى بن (2) حماد، عن محول (3) بن إبراهيم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار الدهني، عن عمرة بنت أفعى، عن أم سلمة

قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي البيت سبعة: جبرئيل وميكائيل ورسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.

وقالت: وكنت على الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟

قال: إنك على خير إنك من أزواج النبيّ وما قال: إنك من أهل البيت (4).

[والروايات لا تحصى كثرة عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) إنها نزلت في الخمسة أصحاب الكساء سلام الله عليهم، وفاقا للبخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة، وأحمد بن حنبل في المسند عن أم سلمة رضي الله عنها.

والقصة مشهورة، وفي مظانها من كتب الفريقين مذكورة] (5).

وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

معنى تأويله: أن الله سبحانه يصلي على النبيّ ويثني عليه الثناء الجميل ويعظمه ويبجله غاية التعظيم والتبجيل وكذلك ملائكته فأنتم»يا أيها الّذين آمنوا صلوا عليه»

ص: 459


1- في الأصل والبحار والبرهان: مظفر وإنما أثبتنا «محمّد «بقرينة بقية الموارد راجع فهرس أعلام الكتاب.
2- في نسخة «أ» عن.
3- في الأصل والبحار والبرهان: مخول والصحيح ما أثبتناه راجع معجم رجال السيد الخوئي.
4- عنه البحار: 25/214 ح 6 والبرهان: 3/313 ح 17.
5- أورده في الطرائف: 122 ح 178 عن صحيح مسلم: 4/1883 ح 61 وعن صحيح البخاري ولم نجده فيه وعنهما البحار: 35/225، 226 والروايات عن العامّة والخاصّة أكثر من أن تحصى راجع البرهان: 3 تفسير الآية الكريمة والطرائف: 122- 130 والبحار: 35 باب 5، وكتاب آية التطهير، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

أسوة بالله وملائكته ثمّ قال «وسلموا تسليما «بعد الصلاة عليه.

25- وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رَحمَةُ اللّه) بإسناده، عن أبي المغيرة قال: قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما معنى صلاة الله وملائكته والمؤمنين؟ قال: صلاة الله رحمة [من] (1) الله، وصلاة ملائكته تزكية منهم له، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له (2).

26- وقال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عليّ بن الجعد، عن شعيب، عن الحكم قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيني كعب بن عجرة (3) فقال: ألا أهدي إليك هدية؟ قلت: بلى. قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خرج إلينا.

فقلت: يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمّد وآل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (4).

27- وروي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما يؤيده، قال: لما نزل قوله عزّ وجلّ (إن الله وملائكته يصلون على النبيّ يا أيها الّذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) قالوا: يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام (عليك) (5) فكيف الصلاة عليك؟ قال: تقولون:

اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (6).

ص: 460


1- من ثواب الأعمال.
2- ثواب الأعمال: 187 ح 1 وعنه البحار: 94/58 ح 38.
3- كذا في البحار وهو الصحيح راجع أسد الغابة: 4/243، وفي نسختي «ب، م» كعب ابن أبي عجرة، وفي نسخة «أ» كعب، وفي نسخة «ج» كعب بن أبي عجرة.
4- عنه البحار: 27/259 ح 10 والبرهان: 3/335 ح 9 ورواه ابن البطريق في عمدته: 24 عن صحيح مسلم: 1/305 ب 17 وتفسير الثعلبي: 3/258 (مخطوط).
5- ليس في نسخة «م».
6- تقدّم ذكره، فراجع حديث 18 مع تخريجاته.

ومما ورد في فضل الصلاة على محمّد وآل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

28- ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه رحمه الله، بإسناده عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم: ألا أبشرك؟

قال: بلى بأبي أنت وأمي فإنك لم تزل مبشرا بكل خير. فقال: أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب. فقال أمير المؤمنين: ما الّذي أخبرك به يا رسول الله؟

قال: أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، و (إن كان مذنبا) (1) خطّاء ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق عن الشجر، ويقول الله تبارك وتعالى: لبيك عبدي وسعديك، يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة وإذا لم يتبع بالصلاة علي أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجابا، ويقول الله جل جلاله: لا لبيك (عبدي) (2) ولا سعديك، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بالنبيّ عترته. فلا يزال محجوبا حتّى يلحق بي أهل بيتي (3).

29- وروى أيضا باسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إذا ذكر النبيّ فأكثروا من الصلاة عليه فإنه من صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ مما خلق الله إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه [وصلاة ملائكته]، فلا يرغب عن هذا إلا جاهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله [وأهل بيته] (4).

ص: 461


1- في نسختي «ب، م» «انه لمذنب».
2- ليس في نسخة «م».
3- الأمالي للصدوق: 464 ح 18، ثواب الأعمال: 188 ح 1، وعنهما الوسائل: 4/1220 ح 10 وفي البحار: 94/56 ح 30 عنهما وعن جمال الأسبوع: 237.
4- ثواب الأعمال: 185 ح 1 وعنه البحار: 94/57 ح 32 وعن جمال الأسبوع: 232 وفي الوسائل: 4/1211 ح 4 عن الثواب والكافي: 2/493 ح 6 وأخرجه في البحار: 17/30 ح 11 والبرهان: 3/328 ح 9 وص 336 ح 15 عن الكافي وما بين المعقوفين من الكافي.

30- وروى أيضا عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه (1) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة علي حتّى أثقل بها حسناته (2).

وقد تقدّم البحث في أن المصلي على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعاءه محجوب حتّى يصلي على آله (3)، صلوات الله عليهم أجمعين.

31- ويؤيده: ما رواه أيضا باسناده عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): كل دعاء محجوب عن السماء حتّى يصلي على النبيّ وآله (4). صلوات الله عليهم أجمعين

32- ومما ورد في فضل الصلاة على محمّد وأهل بيته، في تفسير الامام أبي محمّد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أتى إلى جبل بالمدينة- في حديث طويل- فقال: أيها الجبل إني أسألك بجاه محمّد وآله الطيبين الّذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه، وهم خلق كثير لا يعرف عددهم إلا الله عزّ وجلّ.

وقصة ذلك: قال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): في حديث طويل قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله لما خلق العرش خلق له ثلاثمائة وستين ألف ركن، وخلق عند (كل) (5) ركن ثلاثمائة وستين ألف ملك، لو أذن الله تعالى لأصغرهم لالتقم السماوات السبع والأرضين السبع

ص: 462


1- في المصدر: عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ).
2- ثواب الأعمال: 186 ح 1 وعنه البحار: 7/304 ح 72 و ج 94/56 ح 31 ووسائل الشيعة: 4/1213 ح 11.
3- لم نجد فيما تقدّم ما يدل على ذلك الا ح 28، المتقدّم آنفا.
4- ثواب الأعمال: 186 ح 3 باسناده عن الحارث الأعور، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنه البحار: 93/310 ح 11 و ج 94/57 ح 35 ووسائل الشيعة: 4/1138 ح 18 ولم نجد الرواية بهذا السند، نعم وردت روايات مثلها ونحوها عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع الوسائل.
5- ليس في نسخة «م».

وما كان ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة (1) الفضفاضة! (2).

فقال الله تعالى لهم: يا عبادي احتملوا عرشي هذا، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه، فخلق الله عزّ وجلّ مع كل واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يحركوه (3) فخلق الله مع كل واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحركوه، (فخلق الله بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحركوه) (4).

فقال الله عزّ وجلّ لجميعهم (5): خلوه علي أمسكه بقدرتي، فخلوه فأمسكه الله عزّ وجلّ بقدرته، ثمّ قال لثمانية منهم: احملوه أنتم. فقالوا: يا ربنا لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجم الغفير، فكيف نطيقه الآن دونهم؟

فقال الله عزّ وجلّ: لأني أنا الله، المقرب للبعيد (والمذلل للعنيد) (6) والمخفف للشديد والمسهل للعسير، أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد، أعلمكم كلمات تقولونها يخف بها (7) عليكم. قالوا: وما هي يا ربنا؟

قال: تقولون «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمّد وآله الطيبين».

فقالوها فحملوه، وخف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل قوي. ثمّ قال الله عزّ وجلّ لسائر تلك الأملاك: خلوا عن هؤلاء (8) الثمانية عرشي (9) ليحملوه، وطوفوا أنتم حوله وسبحوني ومجدوني وقدسوني، فانّي أنا الله القادر

ص: 463


1- في نسخة «م» المغارة.
2- في نسخة «ج» المفضاضة «الفضفاضة- خ ل»، الفضفاضة: الواسعة.
3- في نسختي «ب، م» يزعزعوه.
4- ليس في نسختي «أ، م».
5- في نسخة «م» لجمعهم.
6- ليس في نسخة «ب»، وفي نسخة «م» للعبيد.
7- في نسخة «ب» فيها.
8- في نسخة «ج» هذه.
9- في نسخة «م» عن شئ وهو مصحف عرشي.

على ما رأيتم وعلى كل شئ قدير (1).

فقد بان لك أن بالصلاة على محمّد وآله حمل الملائكة العرش، ولولاها لم يطيقوا حمله ولا خف عليهم ثقله.

وممّا ورد في الصلاة على محمّد وآله صلى الله عليهم في يوم الجمعة

33- فمن ذلك: ما رواه الشيخ الصدوق (رَحمَةُ اللّه) بإسناده عن الباقر (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ) انه سئل ما أفضل الأعمال يوم الجمعة؟

قال: لا أعلم عملا أفضل من الصلاة على محمّد وآله (3).

34- وذكر الشيخ المفيد (رَحمَةُ اللّه) في المقنعة عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إذا كان يوم الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء ومعها أقلام الذهب وصحف الفضة لا يكتبون إلا الصلاة على محمّد وآله إلى أن تغرب الشمس من يوم الجمعة (4).

35- وذكر أيضا عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: الصدقة ليلة الجمعة ويوم الجمعة بألف (حسنة) (5) والصلاة على محمّد وآل محمّد ليلة الجمعة ويوم الجمعة بألف من الحسنات، ويحط الله فيها ألفا من السيئات، ويرفع بها ألفا من الدرجات، وإن المصلي على محمّد وآله ليلة الجمعة ويوم الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة وإن ملائكة الله في السماوات يستغفرون له والملك الموكّل بقبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يستغفر له إلى أن تقوم الساعة (6).

ص: 464


1- تفسير الامام: 48 وعنه البحار: 27/97 ح 60 و ج 58/33 ح 53.
2- كذا في نسخ الكتاب ولكن في الخصال والغايات والبحار: أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو الصحيح
3- الخصال: 394 ح 101 نحوه وعنه البحار: 94/50 ح 12 وأورده أيضا في الغايات: 72.
4- المقنعة: 26 وعنه الوسائل: 5/71 ح 1 وعن الفقيه: 1/424 ح 1251، وأخرجه في البحار: 89/309 ح 14 و ج 94/50 ح 11 عن الخصال: 393 ح 95.
5- ليس في نسخة «م».
6- المقنعة: 26 وعنه البحار: 89/314 والوسائل: 5/91 ح 4.

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)

تأويله: إنه سبحانه لما نوه بفضل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأمر (1) المؤمنين بالصلاة عليه عقب ذلك بالنهي عن أذاه.

وقال: إن الّذين يؤذون الله ورسوله «فجعل أذى رسوله أذاه سبحانه، أي كأنه يقول: لو جاز أن ينالني أذى من شئ لكان ينالني من أذى نبي.

والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) جعل أذى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أذاه:

36- لما رواه أبو علي الطبرسي (رَحمَةُ اللّه) قال: حدّثنا السيد أبو الحمد (2) قال: حدّثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده حديثا يرفعه إلى أرطاة بن حبيب قال: حدّثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني زيد بن عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهو آخذ بشعره قال: حدّثني الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو آخذ بشعره، قال: حدّثني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو آخذ بشعره، فقال: يا عليّ من آذى شعرة منك فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فعليه لعنة الله (3).

37- ويؤيده ما ذكره في تفسير الامام أبي محمّد الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بعث جيشا وأمر عليهم عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما بعث جيشا قط وفيهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلا جعله أميرهم، فلمّا غنموا رغب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يشتري من جملة الغنائم جارية وجعل

ص: 465


1- في نسخة «م» أمير.
2- هو مهدي بن نزار الحسنى.
3- مجمع البيان: 8/370 عن شواهد التنزيل: 2/97 ح 776 وفي البرهان: 3/337 ح 2 عن مجمع البيان، وأخرجه في البحار: 39/332 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3/12.

ثمنها من جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة (1) وبريدة الأسلمي وزايداه، فلمّا نظر إليهما يكايدانه ويزايدانه انتظر إلى أن بلغت (2) قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك.

فلمّا رجعا (3) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) تواطئا على أن يقولا ذلك لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فوقف بريدة قدام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال: يا رسول الله ألم تر إلى عليّ بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه [رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )] (4)، فجاء عن يمينه فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره فقالها، فأعرض عنه.

قال: فغضب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) غضبا لم ير قبله ولا بعده غضبا مثله وتغير لونه و (تزبد) (5) وانتفخت أوداجه وارتعدت أعضاؤه وقال: مالك يا بريدة آذيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) منذ اليوم؟ أما سمعت قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).

فقال بريدة: ما علمت (6) أني قصدتك بأذى.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وأن من آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟

يا بريدة أنت أعلم أم الله عزّ وجلّ ؟ وأنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟ وأنت أعلم أم ملك الأرحام؟ فقال بريدة:

بل الله أعلم، وقراء اللوح المحفوظ أعلم، وملك الأرحام أعلم.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة عليّ بن أبي طالب؟

ص: 466


1- في نسخة «ج» ربيعة.
2- في نسخة «م» بلغ.
3- كذا في البحار، وفي الأصل والمصدر: رجعوا.
4- من تفسير الامام والبحار.
5- ليس في المصدر والبحار.
6- في البحار: علمتني.

قال: بل حفظة عليّ بن أبي طالب أعلم.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم لم يكتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد، وهذا ملك الأرحام حدّثني أنه كتب قبل أن يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون منه خطيئة ابدا، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي، أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ مكتوبا «علي المعصوم من كل خطأ وزلل» (1).

فكيف تخطّئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة المقربون (2).

يا بريدة لا تتعرض (3) لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه أمير المؤمنين وسيد [الوصيّي ن وسيد] (4) الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم الجنّة والنار يقول: هذا لي، وهذا لك.

ثمّ قال: يا بريدة أترى ليس لعلي من الحق عليكم معاشر المسلمين أن لا تكايدوه ولا تعاندوه ولا تزايدوه؟ هيهات هيهات (5) إن قدر علي عند الله أعظم من قدره عندكم أولا أخبركم؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله سبحانه وتعالى يبعث يوم القيامة أقوأمّا تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات فأين الحسنات؟ وإلا فقد عطبتم (6)؟

فيقولون: يا ربنا ما نعرف لنا حسنات، فإذا النداء من قبل الله عزّ وجلّ:

«إن لم تعرفوا لأنفسكم حسنات فانّي أعرفها لكم وأوفرها (7) عليكم».

ثم تأتي الريح برقعة صغيرة تطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر

ص: 467


1- في البحار: زلة.
2- في الأصل: من المقربين.
3- كذا في البرهان وفي الأصل والبحار: لا تعرض.
4- من البحار.
5- كررت مرتين في نسخة «م».
6- في البحار: عصيتم.
7- في نسخة «م» وأوفوها، وفي البرهان: وأوفيها.

ما بين السماء والأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدانك ومعارفك فأدخلهم الجنّة.

فيقول أهل المحشر: يا ربنا أما الذنوب فقد عرفناها، فما كانت حسناتهم؟

فيقول الله عزّ وجلّ: يا عبادي إن أحدهم مشى ببقية دين عليه لأخيه إلى أخيه فقال له: خذها فانّي أحبك بحبك لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له الآخر: إني قد تركتها لك بحبك لعليّ بن أبي طالب ولك من مالي ما شئت، فشكر الله تعالى لهما فحط به خطاياهما وجعل ذلك في حشو صحائفهما وموازينهما وأوجب لهما ولوالديهما الجنّة.

ثمّ قال: يا بريدة إنّ من يدخل النار ببغض عليّ أكثر من حصى الخذف (1) الّذي يرمى عند الجمرات، فإياك أن تكون منهم (2).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)

38- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب رحمه الله، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن مروان رفعه إليهم صلوات الله عليهم في قول الله عزّ وجلّ (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله- في علي والأئمّة- كالّذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) (3).

[وروى عليّ بن إبراهيم رحمه الله مثله] (4).

ص: 468


1- في نسخة «م» «أكثر من الحذق». والخذف: رمى الحصاة من بين سبابتيه.
2- تفسير الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ): 46 وعنه البحار: 38/66 ح 6 والبرهان: 3/337 ح 3. وقال الخونساري ره (والصدوق ره بإسناده عن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)) ولكن لم نجده في كتب الصدوق.
3- الكافي: 1/414 ح 9 والبحار: 23/302 ح 61 والبرهان: 3/339 ح 2.
4- تفسير القمي: 535 وفيه بدل الآية هكذا «يا أيها الّذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )» وعنه البحار: 13/12 ح 20 والبرهان: 3/339 ح 1، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

وقوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)

39- تأويله: رواه محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد بن علي، [عن علي] (1) بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال «ومن يطع الله ورسوله- في ولاية علي والأئمّة من بعده (2)- فقد فاز فوزا عظيما» (3).

[وعليّ بن إبراهيم، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن علي ابن أسباط، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] (4).

وقوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

معنى تأويله:

قوله تعالى: «إنا عرضنا الأمانة» أي عارضنا وقابلنا، والأمانة هنا الولاية.

وقوله «على السماوات والأرض والجبال» فيه قولان:

الأول: أن العرض على أهل السماوات والأرض من الملائكة والجن والانس فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

والقول الثاني: قول ابن عباس وهو أنه عرضت على نفس السماوات والأرض والجبال، فامتنعت من حملها وأشفقت منها، لان نفس الأمانة قد حفظتها الملائكة والأنبياء

ص: 469


1- أثبتناه بحسب طبقة الرواة لعدم وجود محمّد بن عليّ بن أسباط في كتب الأحاديث و الرجال وفي نسخة «م» أبي حمزة وما أثبتناه هو الصحيح لعدم رواية أبي حمزة عن أبي بصير ورواية ابن أبي حمزة عن أبي بصير على ما في كتب الرجال والأحاديث.
2- في نسختي «ب، م» بعدي.
3- عنه البحار: 23/301 ح 56 والبرهان: 3/340 ح 2 ورواه السياري في تفسيره ح 11.
4- تفسير القمي: 535 وعنه البحار: 23/303 ح 62 والبرهان: 3/340 ح 1، وعن الكافي: 1/414 ح 8، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

والمؤمنون، وقاموا بها.

وقوله «وأشفقن منها «أي أن هذه الأمانة في جلالة موقعها وعظم شأنها لو قيست بالسماوات (1) والأرض والجبال وعرضت بها لكانت الأمانة أرجح قدرا وأثقل وزنا منها، ومع ذلك فقد حملها الانسان مع ضعفه.

ومعنى حملها: أي خانها وضيعها، وكل من حمل الأمانة فقد خانها وضيعها ومن لم يحملها فقد أداها، وليس المراد بحملها الاستقلال بها.

وأنشد بعضهم في أن حمل الأمانة بمعنى الخيانة فقال:

إذا أنت لم تبرح تؤدى أمانة *** وتحمل أخرى أفدحتك الودائع

اي تؤدي أمانة وتضيع أخرى (2).

وقوله تعالى (وحملها الانسان- وهو الكافر والمنافق- إنه كان ظلوما- لنفسه جهولا) بالثواب والعقاب المعد له يوم المآب.

40- وأمّا (3) تأويل أن الأمانة هي الولاية:

ما رواه محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين عن الحكم بن مسكين (4)، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا).

قال: يعني بها ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

41- ويؤيده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه) بطريق آخر، عن محمّد بن

ص: 470


1- في نسخة «م» السماوات.
2- مجمع البيان: 8/373.
3- في نسخة «ج» قال.
4- في نسختي «ب، م» مسكان.
5- عنه البحار: 36/150 ح 127 والبرهان: 3/342 ح 7، وفي البحار: 23/280 ح 22 عنه وعن بصائر الدرجات: 76 ح 2.

يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين (1)، عن إسحاق بن عمار، [عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (2) في قوله عزّ وجلّ (إنا عرضنا الأمانة) إلى آخر الآية قال: هي الولاية لأمير المؤمنين. (3).

صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين، باقية دأئمّة إلى يوم الدين.

«34»

«سورة سبأ»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قله تعالى: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)

لهذا تأويل ظاهر وباطن. فأمّا الظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

1- ما رواه محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين (بن علي) (4) بن زكريا البصري، عن الهيثم بن عبد الله (5) الرماني، قال: حدّثني عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى، عن أبيه جعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: دخل على أبي بعض من يفسر القرآن فقال له: أنت فلان؟ وسماه باسمه قال: نعم، قال: أنت الّذي تفسر القرآن؟ قال: نعم، قال: فكيف تفسر هذه الآية:

(وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) قال: هذه بين مكة ومنى.

فقال له أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): أيكون في هذا الموضع خوف وقطيع؟ قال: نعم، قال: فموضع يقول الله آمن يكون فيه خوف وقطيع! قال: فما هو؟ قال: ذاك نحن أهل البيت

ص: 471


1- في نسختي «ب، م» مسكان.
2- من الكافي.
3- الكافي: 1/413 ح 2 وعنه البحار: 23/280 ذ ح 22 والبرهان: 3/340 ح 1.
4- ليس في نسخة «أ».
5- في نسخة «أ» محمّد.

قد سمّاكم الله ناسا وسمانا قرى. قال: جعلت فداك أوجدت هذا في كتاب الله أن القرى رجال؟

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): أليس الله تعالى يقول (وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) (1) فللجدران والحيطان السؤال أم للناس؟ وقال تعالى (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا) (2)

فمن المعذّب؟ الرجال أم الجدران والحيطان (3).

2- ويؤيده ما رواه أيضا: عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: دخل الحسن البصري على محمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: يا أخا أهل البصرة بلغني أنك فسرت آية من كتاب الله على غير ما أنزلت، فان كنت فعلت فقد هلكت واستهلكت.

قال: وما هي جعلت فداك؟.

قال: قول الله عزّ وجلّ (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) ويحك! كيف يجعل الله لقوم أمانا ومتاعهم يسرق بمكة والمدينة وما بينهما؟ وربما أخذ عبد أو قتل وفاتت نفسه، ثم مكث مليا ثم أومأ بيده إلى صدره. وقال: نحن القرى التي بارك الله فيها.

قال: جعلت فداك أوجدت هذا في كتاب الله أن القرى رجال؟ قال: نعم، قول الله عزّ وجلّ (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا) (4) فمن العاتي على الله عزّ وجلّ ؟ الحيطان، أم البيوت، أم الرجال؟

(فقال: الرجال) (5).

ثمّ قال: جعلت فداك زدني. قال: قوله عزّ وجلّ في سورة يوسف (وسئل القرية

ص: 472


1- سورة يوسف: 82.
2- سورة الإسراء: 58.
3- عنه البحار: 24/234 ح 3 والبرهان: 3/347 ح 5.
4- سورة الطلاق: 8.
5- ليس في البرهان.

التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) (1) لمن أمروه أن يسأل؟ القرية والعير أم الرجال؟ فقال: جعلت فداك، فأخبرني عن القرى الظاهرة قال: هم شيعتنا يعني العلماء منهم (2).

وقوله تعالى: سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)

(3- روى أبو حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قال: آمنين من الزيغ أي فيما يقتبسونه منهم من العلم في الدنيا والدين (3).

وقوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)

4- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)

قال: صبار على مودتنا وعلى ما نزل به من شدة أو رخاء، صبور على الأذى فينا شكور لله على ولايتنا أهل البيت (4).

وقوله تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)

5- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن ابن (5) فضال، عن عبد الصمد بن بشير (6)، عن عطية العوفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أخذ بيد علي بغدير خم فقال «من كنت مولاه فعلي مولاه» كان إبليس لعنه الله حاضرا بعفاريته، فقالت له حيث قال «من كنت مولاه فعلي مولاه»: والله ما هكذا قلت لنا، لقد أخبرتنا أن هذا

ص: 473


1- سورة يوسف: 82.
2- عنه البحار: 24/235 ح 4 والبرهان: 3/348 ح 6 والمستدرك: 3/188 ح 18.
3- عنه المستدرك: 3/188 ح 19 والبرهان: 3/348 ح 1، وفي نسخة «أ» من العلم منهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وفي نسخة «ب» من العلم في الدين.
4- عنه البحار: 24/220 ح 17 وفيه: صبار على ما نزل به من شدة، والبرهان: 3/349 ح 1.
5- في نسخة «م» أبى.
6- في نسخة «م» بشر.

إذا مضى افترق (1) أصحابه، وهذا أمر مستقر كلما أراد أن يذهب واحد بدر آخر.

فقال: افترقوا فان أصحابه قد وعدوني أن لا يقروا له بشئ مما قال! وهو قوله عزّ وجلّ «ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) (2).

6- ويؤيده ما رواه عليّ بن إبراهيم بإسناده عن زيد الشحام قال: دخل قتادة ابن دعامّة على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسأله عن قوله عزّ وجلّ (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) قال: لما أمر الله نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ان ينصب أمير المؤمنين للناس وهو قوله عزّ وجلّ (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك- في علي- وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (3) أخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغدير خم وقال:

من كنت مولاه فعلي مولاه حثت الأبالسة التراب على رؤوسهم (4).

فقال لهم إبليس الأكبر لعنه الله: مالكم؟

قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها إنسي (5) إلى يوم القيامة.

فقال لهم إبليس كلا إن الّذين حوله قد وعدوني فيه عدة (6) ولن يخلفوني فيها.

فأنزل الله سبحانه هذه الآية (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) (يعني شيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين.) (7)

7- ويعضده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن محمّد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن صباح

ص: 474


1- في نسخة «ج» افترقت.
2- عنه البحار: 37/168 ح 45 والبرهان: 3/350 ح 3 واثبات الهداة: 3/595 ح 718.
3- سورة المائدة: 67.
4- في نسخة «م» رؤوسها.
5- كذا في البحار والبرهان، وفي نسخة «م» أنسى (شئ خ ل)، وفي نسختي «ب، ج» والمصدر: شئ.
6- في نسخة «ج» وعدة.
7- تفسير القمي: 538 وفيه: عن أبيه، عن ابن أبي عمير: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا ما يوافق نسخة «أ»، وفي البحار، 37/169، والبرهان: 3/350 ح 4 عن التأويل وما بين القوسين ليس في المصدر.

الحذّاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما أخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الغدير صرخ إبليس في (أبالسته) (1) (وجنوده) (2) صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه.

فقالوا: يا سيداه ومولاه! (3) ماذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه! فقال لهم: فعل هذا النبيّ فعلا إن تم له لم يعص الله ابدا.

فقالوا: يا سيداه (4) أنت كنت لآدم من قبل.

فلمّا قال المنافقون: إنه ينطق عن الهوى، وقال أحدهم لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران (5) في رأسه كأنه مجنون، يعنون رسول الله، صرخ إبليس صرخة بطرب (6) فجمع أولياءه.

ثمّ قال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم. قال: أما آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول.

فلمّا قبض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأقام الناس غير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الثوية (7) وجمع خيله ورجله.

ثمّ قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتّى يقوم (8) إمام.

ثم تلا أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين).

ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والظن من

ص: 475


1- ليس في نسخة «م» والكافي.
2- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «م» والكافي: جنوده.
3- في نسخة «م» والكافي: يا سيدهم ومولاهم.
4- في نسخة «م» والكافي: يا سيدهم.
5- في نسختي «ب، م» تدور.
6- في نسختي «ج، م» يطرب، وفي نسخة «ب» فطرب.
7- في نسخة «ج» والبحار: الزينة، وفي نسخة «ب» النوب.
8- في نسخة «ج» يؤم.

إبليس حين قالوا لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنه ينطق عن الهوى، فظن بهم ظنا فصدقوا ظنه (1).

وقوله تعالى: وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ

8- تأويله: قال عليّ بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه): روي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: لا يقبل الله الشفاعة يوم القيامة لأحد من الأنبياء والرسل حتّى يأذن له (2) في الشفاعة إلا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم (3) القيامة، فالشفاعة له ولأمير المؤمنين وللأئمّة من ولده، ثم بعد ذلك للأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) أجمعين (4).

9- وروى أيضا: عن أبيه (5)، عن عليّ بن مهران، عن زرعة، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن شفاعة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يوم القيامة قال: يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد فيلجمهم العرق فيقولون: إنطلقوا بنا إلى أبينا آدم يشفع لنا. فيأتون آدم فيقولون له: إشفع لنا عند ربك.

فيقول: إن لي ذنبا وخطيئة وأنا أستحيي من ربي فعليكم بنوح.

فيأتون نوحا فيردهم إلى من يليه ويردهم كل نبي إلى من يليه من الأنبياء حتّى ينتهوا إلى عيسى، فيقول: عليكم بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فيأتون محمّدا فيعرضون أنفسهم عليه ويسألونه أن يشفع لهم.

فيقول: (6) انطلقوا بنا فينطلقون حتّى يأتي باب الجنّة فيستقبل وجه (7) الرحمن سبحانه ويخر ساجدا فيمكث ما شاء الله.

ص: 476


1- الكافي: 8/344 ح 542 وعنه البحار: 8/51 «طبع الحجر «ونور الثقلين: 5/147ح 13 والبرهان: 3/349 ح 1.
2- في نسخة «ج» لهم.
3- في نسخة «ب» في يوم بدل «من قبل يوم».
4- تفسير القمي: 539 مع اختلاف وعنه البحار: 8/38 ح 16 وفي البرهان: 3/351 ح 3 عن التأويل.
5- في نسخة «ب» عبد الله بدل «عن أبيه»، والصحيح ما أثبتناه كما في البرهان.
6- في نسخة «م» فيقول لهم.
7- في نسخة «ج» وجهه.

فيقول الله: إرفع رأسك يا محمّد، واشفع تشفع وسل تعط. فيشفع فيهم (1).

وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى) قال: بالولاية.

قلت: وكيف ذلك؟ قال: إنه لما نصب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنّاس فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اغتابه رجل وقال: إن محمّدا ليدعو كل يوم إلى أمر جديد وقد بدأ بأهل بيته يملكهم رقابنا.

فأنزل الله عزّ وجلّ على نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بذلك قرآنا فقال له (قل إنما أعظكم بواحدة) فقد أديت إليكم ما افترض ربكم عليكم.

قلت: فما معنى قوله عزّ وجلّ (أن تقوموا لله مثنى وفرادى)؟

فقال: أمّا مثنى: يعني طاعة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وطاعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وأمّا فرادى: فيعني طاعة الامام من ذريتهما من بعدهما، ولا، والله يا يعقوب ما عني غير ذلك (2).

11- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشا، عن محمّد بن الفضيل (3)، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (قل إنما أعظكم بواحدة) قال: ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي الواحدة التي قال الله تعالى «إنما أعظكم بواحدة» (4).

ص: 477


1- عنه البرهان: 3/351 ح 4 ولم نجده في نسخ تفسير القمي الموجودة عندنا،
2- عنه البحار: 23/391 ح 2 والبرهان: 3/353 ح 3 ورواه فرات في تفسيره: 127 عن عمر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- في نسخة «ج» الفضل.
4- الكافي: 1/420 ح 41 وعنه البحار: 23/392 ح 4 والبرهان: 3/353 ح 2 وأخرجه في البحار: 36/143 ح 109 عن تفسير فرات: 127.

وقوله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)

12- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي [بن] (1) الصباح المدائني، عن الحسن بن محمّد بن شعيب، عن موسى بن عمر بن يزيد، (2) عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يخرج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيسير حتّى يمر بمر، فيبلغه أن عامله قد قتل فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة، ولا يزيد على ذلك شيئا، ثم ينطلق (3) فيدعو الناس حتّى ينتهي إلى البيداء، فيخرج جيشان (4) للسفياني فيأمر الله عزّ وجلّ: الأرض أنتأخذ بأقدامهم وهو قوله عزّ وجلّ (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به- يعني بقيام القائم- وقد كفروا به من قبل- يعني بقيام (قائم) (5) آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ)- ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب) (6).

«35»

«سورة فاطر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا أبو محمّد أحمد بن محمّد النوفلي (7)، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قول الله عزّ وجلّ (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)

ص: 478


1- من نسخة «ب.
2- في نسخة «ب» عن يزيد، وفي نسختي «ج، م» بن زيد.
3- في البرهان: ينطق.
4- في نسخة «ج» جيش (جيشان، خ ل).
5- ليس في البحار.
6- عنه البحار: 52/187 ح 13 والبرهان: 3/355 ح 6 واثبات الهداة: 7/127 ح 647.
7- في نسختي «ب، م» أحمد بن محمّد النوفلي، وهو أحمد بن محمّد بن موسى النوفلي.

قال: هي ما أجرى الله على لسان الامام (1).

يعني ان الّذي يجريه الله على لسان الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الكلام هو رحمة منه فتح بها على الناس (لأنه) (2) لا ينطق عن الهوى وما ينطق إلا عن الله، وكلما يكون من الله فهو رحمة، ومنه قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (3).

وكذلك أهل بيته الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين.

وقوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ

2- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رَحمَةُ اللّه)، عن عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عمار بن [أبي] (4) يقظان الأسدي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال: ولايتنا أهل البيت- وأهوى بيده إلى صدره- فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا (5).

يعني أن الولاية هي العمل الصالح الّذي يرفع الكلم الطيب إلى الله تعالى.

3- وذكر عليّ بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال «الكلم الطيب» قول المؤمن: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، علي ولي الله، وخليفة رسول الله.

«والعمل الصالح» الاعتقاد بالقلب أن هذا هو الحق من عند الله لا شك فيه (6).

4- ويؤيده: ما رواه، عن الإمام عليّ بن موسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال «الكلم الطيب» هو قول لا إله إلا الله محمّد رسول الله، علي ولي الله وخليفته حقا وخلفاؤه خلفاء الله «والعمل الصالح يرفعه»

ص: 479


1- عنه البحار: 24/66 ح 51 والبرهان: 3/357 ح 2.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الأنبياء: 107.
4- من نسخة «ج» وهو الصحيح على ما في كتب الرجال.
5- الكافي: 1/430 ح 85 وعنه البحار: 24/357 ح 75 والبرهان: 3/358 ح 1.
6- تفسير القمي: 544 وعنه البرهان: 3/359 ح 7 ونور الثقلين: 4/352 ح 37، والحديث نقلناه من نسخة «أ».

إليه، فهو دليله وعمله اعتقاده الّذي في قلبه بأن هذا الكلام الصحيح كما قلته بلساني (1).

يعني: أن قوله بلسانه غير كاف إذا لم يكن بقلبه ولسانه وجوارحه وأركانه.

وقوله تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ

5- تأويله: من طريق العامّة، ما روي عن أنس بن مالك، عن ابن شهاب عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: قوله عزّ وجلّ (وما يستوي الأعمى والبصير- قال: الأعمى أبو جهل، والبصير أمير المؤمنين (- ولا الظلمات ولا النور- فالظلمات أبو جهل والنور أمير المؤمنين) (2)- ولا الظل ولا الحرور- الظل ظل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الجنّة، والحرور يعني جهنم لأبي جهل، ثم جمعهم جميعا فقال- وما يستوي الاحياء ولا الأموات) فالأحياء علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة وخديجة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والأموات كفار مكة (3).

وقوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

6- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد (4)، عن إبراهيم بن محمّد، عن جعفر بن عمر، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) قال: يعني به عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان عالما بالله ويخشى الله عزّ وجلّ ويراقبه ويعمل بفرائضه ويجاهد في سبيله ويتبع جميع أمره برضائه ومرضاة رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (5).

ص: 480


1- أخرجه في البحار: 24/358 ح 76 والبرهان: 3/358 ح 2 عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وظاهر البرهان انه مروي في الكافي ولكن لم نجده فيه نعم رواه بعينه في تنبيه الخواطر: 2/109.
2- ما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 24/372 ح 98 وأخرجه في البحار: 35/396 ذ ح 6 عن المناقب لابن شهرآشوب: 2/278.
4- في نسخة «م» عليّ بن أبي طالب بدل «عليّ بن عبد الله بن أسد «وهو اشتباه.
5- عنه البحار: 24/112 ح 12 والبرهان: 3/361 ح 4.

وقوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)

7- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد، عن عثمان بن سعيد، عن إسحاق بن يزيد الفراء، عن غالب الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجا فلقيت محمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألته عن هذه الآية (ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا)؟

فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟- يعني أهل الكوفة-

قال: قلت: يقولون: إنها لهم، قال: فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنّة ؟

قلت: فما تقول أنت جعلت فداك؟ قال: هي لنا خاصّة يا أبا إسحاق، أما السابق بالخيرات فعلي والحسن والحسين والامام (1) منا، والمقتصد فصائم بالنهار، وقائم بالليل والظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له.

يا أبا إسحاق، بنا يفك الله رقابكم وبنا يحل الله رباق (2) الذل من (3) أعناقكم وبنا يغفر الله ذنوبكم، وبنا يفتح وبنا يختم، ونحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف ونحن سفينتكم كسفينة نوح، ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل (4).

8- وقال أيضا: حدّثنا حميد (5) بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن أبي حمزة، عن زكريا (6) المؤمن، عن أبي سلام [عن] (7) سورة بن كليب قال:

ص: 481


1- في البحار: والشهيد.
2- في نسخة «م» رقاب، وفي نسخة «ج» وثاق وما أثبتناه من البرهان.
3- في نسخة «ج» عن.
4- عنه البرهان: 3/364 ح 11، وفي البحار: 23/218 ح 19 عنه وعن سعد السعود: 107، نقلا من كتاب محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) وتفسير فرات: 128، إلا أن فيه هكذا «يا أبا إسحاق: بنا يقيل الله عثرتكم، وبنا يغفر الله ذنوبكم، وبنا يقضى الله ديونكم، وبنا فيفك الله وفاق الذل من أعناقكم، وبنا يختم وبنا يفتح لا بكم».
5- في نسخة «ب» أحمد.
6- في نسخة «ب» زياد، وفي نسخة «م» وزيا.
7- من نسخة «ج».

قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما معنى قوله عزّ وجلّ (ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا) الآية. قال الظالم لنفسه الّذي لا يعرف الامام.

قلت: فمن المقتصد؟ قال: الّذي يعرف الامام.

قلت: فمن السابق بالخيرات؟ قال: الامام.

قلت: فما لشيعتكم؟ قال: تكفر ذنوبهم، وتقضى لهم ديونهم، ونحن باب حطّتهم، وبنا يغفر لهم (1).

9- [وذكر ابن طاووس أن المراد بهذه الآية ذرية النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وأن الظالم لنفسه هو الجاهل بإمام زمانه، والمقتصد هو العارف به، والسابق هو إمام [الوقت] (2) (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: فممن روينا عنه ذلك الشيخ أبو جعفر بن بابويه [من كتاب الفرق] (3) باسناده عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وابن جمهور في كتاب الواحدة فيما رواه عن أبي الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومحمّد بن عليّ بن رياح في كتابه باسناده عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومحمّد بن مسعود بن عياش في تفسيره، ويونس بن عبد الرحمان في الجامع الصغير، وعبد الله بن حماد الأنصاري في كتابه، وإبراهيم الخزاز وغيرهم.

وقال (رَحمَةُ اللّه): ولعل الاصطفاء للظالم لنفسه في طهارة ولادته أو بأن جعله في ذريته خاصّة أو غير ذلك مما يليق بلفظ اصطفائه جلّ جلاله (4).

محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه) في هذا المقام روى عشرين رواية بأسانيدها تفيد ما هو مذكور في تأويل الآية الكريمة من المرام] (5).

10- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن الحسن بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (ثم أورثنا

ص: 482


1- عنه البحار: 23/219 ح 20 والبرهان: 3/364 ح 12.
2- من سعد السعود والبحار.
3- من سعد السعود والبحار.
4- سعد السعود: 79 وعنه البحار: 23/219.
5- سعد السعود: 108، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».

الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا- قال: فهم آل محمّد صفوة الله،- فمنهم ظالم لنفسه- وهو الهالك- ومنهم مقتصد- وهم الصالحون- ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) فهو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول الله عزّ وجلّ (ذلك هو الفضل الكبير) يعني: القرآن يقول الله عزّ وجلّ (جنات عدن يدخلونها) يعني آل محمّد يدخلون قصور جنات كل قصر من لؤلؤة واحدة، ليس فيها صدع ولا وصل، لو اجتمع أهل الاسلام فيها ما كان ذلك القصر إلا سعة لهم، له القباب من الزبرجد كل قبة لها مصراعان: المصراع طوله إثنا عشر ميلا، يقول الله عزّ وجلّ (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الّذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور).

قال: والحزن: ما أصابهم في الدنيا من الخوف والشدّة (1).

11- وقال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في هذه الآية: هم آل محمّد صلوات الله عليهم خاصّة (ليس لأحد فيها شئ أورثهم الله الكتاب الّذي أنزله على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) تاما كاملا.

وقال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ):) (2) «فمنهم ظالم لنفسه» وهو الجاحد للامام من آل محمّد «ومنهم مقتصد» وهو المقر بالامام وال «سابق بالخيرات «هو الامام.

ثمّ قال عزّ وجلّ (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الّذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الّذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب) (3).

12- وذكر الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمه الله) في تأويل قوله تعالى (الحمد لله الّذي أذهب عنا الحزن- إلى قوله- لغوب) خبرا يتضمّن بعض فضائل الزهراء صلوات الله عليها:

قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب، عن أبي الحسن أحمد بن محمّد

ص: 483


1- عنه البحار: 23/220 ح 22 والبرهان: 3/364 ح 13.
2- ما بين القوسين لم نجده في تفسير القمي.
3- تفسير القمي، 546 وعنه البحار: 23/213 ح 1 والبرهان: 3/365 ح 20.

الشعراني، عن أبي محمّد عبد الباقي، عن عمر بن سنان المنيحي، عن حاجب بن سليمان، عن وكيع بن الجراح، عن سليمان الأعمش، عن ابن ظبيان، عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: رأيت سلمان وبلال يقبلان إلي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ انكب سلمان على قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقبلها فزجره النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن ذلك.

ثمّ قال له: يا سلمان لا تصنع بي ما تصنع الأعاجم بملوكها، أنا عبد من عبيد الله، آكل مما يأكل العبيد، وأقعد كما يقعد العبيد، فقال له سلمان: يا مولاي سألتك بالله إلا أخبرتني بفضائل (1) فاطمة يوم القيامة؟

قال: فأقبل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ضاحكا مستبشرا.

ثمّ قال: والّذي نفسي بيده إنها الجارية التي تجوز في عرصة القيامة على ناقة رأسها من خشية الله، وعيناها من نور الله، وخطامها من جلال الله، وعنقها من بهاء الله وسنامها من رضوان الله، وذنبها من قدس الله، وقوائمها من مجد الله، إن مشت سبحت وإن رغت قدست، عليها هودج من نور فيه جارية إنسية حورية عزيزة جمعت فخلقت وصنعت ومثلت (من) ثلاثة أصناف: فأولها من مسك أذفر، وأوسطها من العنبر الأشهب، وآخرها من الزعفران الأحمر، عجنت بماء الحيوان، لو تفلت تفلة في سبعة أبحر مالحة لعذبت، ولو أخرجت ظفر خنصرها إلى دار الدنيا لغشي (2) الشمس والقمر، جبرئيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها، وعلي أمامها والحسن والحسين وراءها، والله يكلأها ويحفظها.

فيجوزون في عرصة القيامة فإذا النداء من قبل الله جل جلاله «معاشر الخلائق غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم، هذه فاطمة بنت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نبيكم، زوجة

ص: 484


1- في نسخ «أ، ج، م»بفضل.
2- في نسخة «ج» يغشى.

عليّ إمامكم، أم الحسن والحسين «فتجوز الصراط وعليها ريطتان (1) بيضاوان (2) فإذا دخلت الجنّة ونظرت إلى ما أعد الله لها من الكرامة قرأت:

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الّذي أذهب عنا الحزن إنّ ربنا لغفور شكور الّذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب».

قال: فيوحي الله عزّ وجلّ إليها: يا فاطمة سليني أعطك، وتمني علي أرضك.

فتقول: إلهي أنت المنى وفوق المنى، أسألك أن لا تعذب محبي ومحب عترتي بالنار.

فيوحي الله إليها: يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار (3).

إعلم أنه لما بين فيما تقدّم من الآيات أن الّذين أورثوا الكتاب علي والأئمّة من ولده صلوات الله عليهم ذكر سبحانه عقيب ذلك أعداءهم الكفار المستوجبين النار.

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ

13- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن سهل العطار، (عن عمر بن عبد الجبار، عن أبيه عن) (4) عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه، عن جده، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ ما بين من يحبّك وبين أن يرى

ص: 485


1- الريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ونسجا واحدا.
2- في نسختي «م، ب «بيضاوتان.
3- عنه البحار: 27/139 ح 144 وأخرجه في البرهان: 3/365 ح 1 عن ابن بابويه، ولم نجده في كتب الصدوق.
4- في البحار 23: عن أبيه، عن جده، وفي البحار 27: عن عمر بن عبد الجبار عن أبيه عن جده.

ما تقرّ به عينه إلا أن يعاين الموت.

ثمّ تلا «ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنا نعمل». يعني أن أعداءه (1) إذا دخلوا النار قالوا «ربنا أخرجنا نعمل صالحا- في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) غير الّذي كنا نعمل» في عداوته، فيقال لهم في الجواب «أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير- وهو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- فذوقوا (2) فما للظالمين- لآل محمّد- من نصير» ينصرهم ولا ينجيهم منه ولا يحجبهم عنه (3).

فالحمد لله رب العالمين الّذي جعلنا من المحبين لأمير المؤمنين وذريته الطيبين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين

«36»

«سور يس»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: ِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ - إلى قوله- بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)

1- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب عن الحسن بن عبد الرحمان، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون) [قال: لتنذر قوما الّذين أنت فيهم كما أنذر آباؤهم فهم غافلون] (4) عن الله وعن رسوله وعن (وعده) (5) ووعيده (لقد حق القول على أكثرهم- ممن لا يقر بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من بعده- فهم لا يؤمنون) بإمامة أمير المؤمنين والأوصياء من بعده، فلمّا لم يقروا بها كانت عقوبتهم ما ذكره الله سبحانه (إنّا جعلنا في أعناقهم

ص: 486


1- في البحار: أعداءنا.
2- في نسخة: «ج» وقرأ.
3- عنه البحار: 23/361 ح 19 و ج 27/159 ح 7 والبرهان: 3/366 ح 2.
4- من الكافي.
5- ليس في الكافي.

أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) في نار جهنّم.

ثمّ قال (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من بعده، هذا في الدنيا وأمّا في الآخرة ففي نار جهنم مقمحون.

ثمّ قال: يا محمّد (وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) بالله ولا برسوله ولا بولاية علي ومن بعده.

ثمّ قال (إنما تنذر من اتبع الذكر- يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وخشي الرحمن بالغيب فبشره- يا محمّد- بمغفرة وأجر كريم) (1).

وقوله تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)

2- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد الله بن أبي العلاء، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) قال: في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

3- ويؤيده: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الصائغ قال: حدّثنا عيسى بن محمّد العلوي قال: حدّثنا أحمد ابن سلام الكوفي قال: حدّثنا الحسين بن عبد الواحد قال: حدّثنا حرب (3) بن الحسين (4) قال: حدّثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة، عن أبي الجارود، عن محمّد بن علي الباقر صلوات الله عليهما قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) قام رجلان (5) من مجلسهما فقالا: يا رسول الله هو التوراة؟ قال: لا، قالا:

ص: 487


1- الكافي: 1/432 ذ ح 90 وعنه البحار: 24/332 ح 58 والبرهان: 4/4 ح 1.
2- عنه البحار: 24/158 ح 24 والبرهان: 4/6 ح 7.
3- في معاني الأخبار: الحارث.
4- في الأمالي والمعاني: الحسن.
5- في معاني الأخبار: أبو بكر وعمر.

هو الإنجيل؟ قال: لا. قالا: هو القرآن؟ قال: لا. قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): هو هذا، إنه الامام الّذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شئ (1).

يعني علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.

4- ويؤيد هذا التأويل: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه) في كتابه مصباح الأنوار: بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى المفضل بن عمر قال: دخلت على الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم فقال لي: يا مفضل هل عرفت محمّدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) كنه معرفتهم؟

قلت: يا سيّدي وما كنه معرفتهم؟

قال: يا مفضّل تعلم أنهم في طير عن الخلائق بجنب الروضة الخضرة، فمن عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الأعلى، قال: قلت: عرفني ذلك يا سيدي.

قال: يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق الله عزّ وجلّ وذرأه وبرأه، وإنّهم كلمة التقوى وخزان (2) السماوات والأرض والجبال والرمال والبحار، وعرفوا كم في السماء نجم وملك، ووزن الجبال، وكيل ماء البحار وإنّهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلا- علموها- ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين (3) وهو في علمهم، وقد علموا ذلك.

قلت: يا سيّدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت. قال: نعم يا مفضل، نعم يا مكرم، نعم يا محبور، نعم يا طيب، طبت وطابت لك الجنّة ولكلّ مؤمن بها (4).

5- ومما يوضحه بيانا ما جاء في الدعاء «اللّهمّ إني أسألك بالاسم الّذي به تقوم السماء وبه تقوم الأرض، وبه تفرق بين الحقّ والباطل، وبه تجمع بين المتفرّق

ص: 488


1- أمالي الصدوق: 144 ح 5، معاني الأخبار: 95 ح 1 وعنه البحار: 35/427 ح 2 والبرهان: 4/6 ح 6.
2- كذا في البحار. وفي النسخ: خزناء.
3- سورة الأنعام: 59.
4- مصباح الأنوار: 237 (مخطوط) وعنه البحار: 26/116 ح 22 والبرهان: 4/7 ح 8.

وبه تفرّق بين المجتمع وبه أحصيت عدد الرمال وزنة الجبال وكيل البحار أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، إنك على كل شئ قدير» (1).

وهذا الاسم العظيم (2) داخل في جملة الأسماء التي علموها من الاسم الأعظم

6- لما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب رحمه الله، عن محمّد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن محمّد بن الفضيل، عن شريس الوابشي (3)، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض (4) ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناوله بيده، ثم (5) عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين.

وعندنا نحن (6) من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله تبارك وتعالى استأثر به في علم الغيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (7).

7- ومن ذلك: ما رواه أيضا، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)- لم أحفظ اسمه- قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول:

إن عيسى بن مريم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعطي من الاسم الأعظم حرفين كان يعمل بهما.

وأعطي موسى بن عمران (عَلَيهِ السَّلَامُ) أربعة أحرف.

وأعطي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمانية أحرف.

وأعطى نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمسة عشر حرفا.

ص: 489


1- أخرجه في البحار: 94/88 ضمن ح 2 عن كمال الدين: 470 ورواه الشيخ في الغيبة: 156.
2- في نسخة «ج» أعظم.
3- وابش نسبة إلى قبيلة بني وابش بطن من قيس عيلان.
4- في نسخة «ج» به الأرض.
5- في نسخة «ج» حتّى.
6- في الكافي: ونحن عندنا.
7- الكافي: 1/230 ح 1 وعنه البحار: 14/113 ح 5 والبرهان: 3/203 ح 1، وأخرجه في البحار: 4/210 ح 4 عن بصائر الدرجات: 208، وفي البحار: 27/25 ح 1 عن بصائر الدرجات وكشف الغمة: 2/191.

وأعطى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) خمسة وعشرين حرفا، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وإنّ اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا، أعطى محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد.(1) استأثر به في علم الغيب.

وممّا جاء في تأويل الاحصاء نبأ حسن من الانباء وهو:

8- ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله ذكره في كتابه مصباح الأنوار قال: ومن عجائب آياته ومعجزاته ما رواه أبو ذر الغفاري رحمه الله قال: كنت سائرا في أغراض مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ مررنا بواد ونمله كالسيل الساري، فذهلت مما رأيت فقلت: الله أكبر جل محصيه.

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تقل ذلك يا أبا ذر ولكن قل جل بارؤه، فوالّذي صورك إني أحصي عددهم وأعلم الذكر منهم والأنثى بإذن الله عزّ وجلّ (2).

9- ومما ورد في علم أهل البيت: ما روى الشيخ محمّد بن يعقوب رحمه الله، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر وغيره، عن محمّد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن إبراهيم [بن عبد الحميد] (3)، عن أبيه، عن أبي الحسن الأول (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ورث النبيّين كلهم؟ قال: نعم. قلت: من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيا إلا ومحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أعلم منه.

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله قال: صدقت. قلت: وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقدر على هذه المنازل قال: فقال: إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره «فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين- حين فقده، فغضب عليه وقال- لأعذبنه عذابا شديدا

ص: 490


1- الكافي: 1/230 ح 2 وعنه البحار: 17/124 ح 11 وعن بصائر الدرجات: 208 ح 2 وأخرجه في البحار: 27/25 ح 2 عن البصائر.
2- أخرجه في البرهان: 4/7 ح 9 عن مصباح الأنوار: وأخرج نحوه في البحار: 40/176 ح 58 عن الفضائل: 135 والروضة في الفضائل لابن شاذان: 115.
3- من البصائر والبحار: 26.

أو لأذبحنّه أو ليأتيني بسلطان مبين» (1) وإنما غضب لأنه كان يدله على الماء فهذا- وهو طائر- قد أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان الطير يعرفه وإن الله سبحانه يقول (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) (2) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسير به الجبال، وتقطع به البلدان، وتحيي به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله به مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في أم الكتاب.

إن الله يقول (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) (3) ثمّ قال سبحانه (ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا) (4).

فنحن الّذين اصطفانا الله عزّ وجلّ وأورثنا هذا الّذي فيه تبيان كل شئ (5).

ومن ههنا بان أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الامام الّذي أحصى الله فيه علم كل شئ لكونه يعلم علم الكتاب الّذي فيه تبيان كل شئ، وبالله التوفيق ونسأله الهداية إلى سواء الطريق واتباع أولي التحقيق فريق محمّد، وأهل بيته خير فريق.

وقوله تعالى: قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)

10- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب رحمه الله، عن الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى جميعا، عن محمّد بن سالم بن (6) أبي سلمة، عن الحسن

ص: 491


1- سورة النمل: 20، 21.
2- سورة الرعد: 31.
3- سورة النمل: 75.
4- سورة فاطر: 32.
5- الكافي: 1/226 ح 7 وعنه البحار: 14/112 ح 4 والبرهان: 3/201 ح 1، وأخرجه في البحار: 26/161 ح 7 و ج 92/84 ح 17 عن بصائر الدرجات: 47 ح 2 وص 114 ح 3.
6- في جميع النسخ: محمّد بن مسلم، عن أبي سلمة، وهو غير صحيح، وما أثبتناه من المصدر.

ابن شاذان الواسطي قال: كتبت إلي أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أشكو جفاء أهل واسط وحملهم (1) عليّ، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقّع بخطّه:

إن الله قد أخذ ميثاق أوليائه (2) على الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربك فلو قد قام سيد الخلق لقالوا «يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون «(3) يعني ب «سيد الخلق «القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

«37»

«سورة الصافات»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)

معناه: أن الله سبحانه يقول (يوم القيامة) (4) للملائكة (أحشروا الّذين ظلموا - آل محمّد حقهم- وأزواجهم- أي أشباههم- وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم- قبل دخولهم النار- إنهم مسؤولون)

قال: عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ):

1- لما رواه أبو عبد الله محمّد بن العباس (5) رحمه الله، عن صالح بن أحمد، عن أبي مقاتل، عن الحسين بن الحسن، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن القاسم بن عبد] (6) الغفار، عن أبي الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس في قول الله

ص: 492


1- في النسخ «أ، م، ج «والبرهان: وجهلهم.
2- في المصدر: أوليائنا.
3- الكافي: 8/247 ح 346 وعنه البحار: 53/89 ح 87 والبرهان: 4/12 ح 1.
4- ليس في نسخة «ج».
5- في نسخة «ب» محمّد بن عبد الله محمّد بن العباس، وفي نسخة «م» أبو عبد الله بن العباس.
6- من نسختي «ب، م».

عزّ وجلّ (وقفوهم إنهم مسؤولون) قال: عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

2- وروي مثله من طريق العامّة عن أبي نعيم، عن ابن عباس (2).

ومثله عن أبي سعيد الخدري (3).

ومثله عن سعيد بن جبير كلهم عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (4).

3- ويؤيده: ما رواه عبد الله بن العباس، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: لا تزول قدم العبد يوم القيامة حتّى يسئل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن حبنا أهل البيت (5).

ويؤيده: معنى ما قلناه أولا وهو ما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:

أما قوله تعالى (أحشروا الّذين ظلموا وأزواجهم- قال: الّذين ظلموا آل محمّد وأزواجهم قال (العالم) (6): أشباههم- وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسؤولون) عن ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

4- ويعضده: ما رواه محمّد بن مؤمن الشيرازي (8) رحمه الله: في كتابه حديثا يرفعه باسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع، ويأمر (9) رضوان أن يزخرف الجنان الثمان، ويقول:

ص: 493


1- عنه البحار: 24/270 ح 44 والبرهان: 4/17 ح 5 ورواه فرات في تفسيره: 130.
2- رواه في شواهد التنزيل: 2/108 ح 789 باسناده عن ابن عباس.
3- رواه في شواهد التنزيل: 2/106 ح 786 باسناده عن أبي سعيد الخدري.
4- رواه في شواهد التنزيل: 2/107 ح 788 باسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
5- أخرجه في البحار: 27/311 ح 1 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/153 عن تفسير الثعلبي: 3/303 وفي البرهان: 4/18 ح 13 عن تفسير الثعلبي مع اختلاف.
6- ليس في نسخة «أ» والمصدر.
7- تفسير القمي: 555 وصدره في البحار: 24/223 ح 9 والبرهان: 4/16 ح 1، وذيله في البحار: 36/27 ح 2 والبرهان: 4/18 ح 15.
8- في نسخة «م» عن الشيرازي.
9- في البحار: وأمر.

يا ميكائيل مدّ (1) الصراط على متن جهنم ويقول: يا جبرئيل أنصب ميزان العدل تحت العرش، ويقول: يا محمّد قرب أمتك للحساب ثم يأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ، وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الأمة نساءهم ورجالهم على القنطرة الأولى عن ولاية أمير المؤمنين وحب أهل بيت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فمن أتى به جاز القنطرة (2) كالبرق الخاطف، ومن لا يحب أهل بيته سقط على أم رأسه في قعر جهنم، ولو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا (3).

5- وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مصباح الأنوار: حديثا يرفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ونصب الصراط على شفير جهنم فلم يجز عليه إلا من كانت معه براءة من عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

6- وذكر أيضا في الكتاب المذكور [حديثا يرفعه] (5) بإسناده عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذا كان يوم القيامة أقف أنا وعلي على الصراط بيد كل واحد منا سيف فلا يمر أحد من خلق الله إلا سألناه عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمن كان معه شئ منها نجا وفاز وإلا ضربنا عنقه وألقيناه في النار ثم تلا (وقفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون) (6).

ص: 494


1- في نسختي «ب، م» هذا.
2- في نسخة «م» والبحار: القنطرة الأولى.
3- عنه البحار: 7/331 ح 12 و ج 27/110 ح 82، وأخرجه في البرهان: 4/17 ح 6 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/3 عن كتاب الشيرازي مسندا عن ابن عباس.
4- مصباح الأنوار: 106، وأخرجه في البحار: 8/67 ح 11 والبرهان: 4/17 ح 4 ونور الثقلين: 4/401 ح 14 عن أمالي الشيخ: 1/296 مع اختلاف.
5- من نسختي «ب، م».
6- مصباح الأنوار: 133 (مخطوط) وعنه البرهان: 4/17 ح 8، وفي البحار: 24/273 ح 56 عن التأويل، ورواه في بشارة المصطفى: 228.

وهذا التأويل: يدل على أن ولاية أمير المؤمنين مفترضة على الخلق أجمعين وإذا كان الامر كذلك فيكون أفضل منهم ما خلا خاتم النبيّين وسيد المرسلين.

جعلنا الله وإياكم من الموالين المحبين له وذريته الطيبين، إنه أسمع السامعين وأرحم الراحمين.

وقوله تعالى: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83)

معنى تأويله: قال أبو علي الطبرسي رحمه الله: الشيعة الجماعة التابعة لرئيس لهم وصار بالعرف عبارة عن الامامية:

7- لما روي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال للراوي: ليهنئكم (1) الاسم قال: قلت: وما هو؟ قال: الشيعة قلت: إن الناس يعيرونا بذلك. قال: أوما تسمع قوله عزّ وجلّ (وإن من شيعته لإبراهيم)؟ وقوله (فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوه)؟ (2) ومعنى «إن من شيعته لإبراهيم) يعني (3) إن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من شيعة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كما قال سبحانه (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون) (4) أي ذرية من هو أب لهم، فجعلهم ذريته (5) وقد سبقوا إلى الدنيا (6).

8- وروي عن مولانا الصادق جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) انه قال: قوله عزّ وجلّ (وإن من شيعته لإبراهيم) اي إن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من شيعة النبيّ (7) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فهو من شيعة علي وكل من كان من شيعة علي فهو من شيعة النبيّ صلى الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين.

ويؤيد هذا التأويل- أن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من شيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه -:

ص: 495


1- في نسخة «أ» لهينكم، وفي نسخة «ب» ليهينكم، وفي نسخة «م» ليهنكم.
2- سورة القصص: 15.
3- في نسخة «م» أي.
4- سورة يس: 41.
5- في نسختي «أ، م»: ذرية، وفي مجمع البيان: ذرية لهم.
6- مجمع البيان: 8/448 وعنه نور الثقلين: 4/405 ح 40.
7- في نسخة «م» على.

9- ما رواه الشيخ محمّد بن العباس (1) رحمه الله، عن محمّد بن وهبان، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن رحيم، عن العباس بن محمّد قال: حدّثني أبي، عن الحسن (2) ابن عليّ بن (أبي) (3) حمزة قال: حدّثني أبي، عن أبي بصير يحيى بن (أبي) (4) القاسم قال: سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمّد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن تفسير هذه الآية: (وإن من شيعته لإبراهيم) فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش، فقال: إلهي ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمّد صفوتي من خلقي. ورأى نورا إلى جنبه فقال: إلهي وما هذا النور؟

فقيل له: هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني.

ورأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال: إلهي ما هذه الأنوار؟

فقيل له: هذا نور فاطمة فطمت محبيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين ورأى تسعة أنوار قد حفوا (5) بهم فقال: إلهي ما هذه الأنوار التسعة؟

قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد علي وفاطمة.

فقال إبراهيم: إلهي بحق هؤلاء الخمسة إلا عرفتني من التسعة؟

قيل يا إبراهيم أولهم عليّ بن الحسين وابنه محمّد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمّد وابنه علي وابنه الحسن والحجة القائم ابنه.

فقال إبراهيم: إلهي وسيدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصى عددهم إلا أنت.

قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.

ص: 496


1- في نسخة أ «والبرهان: الحسن، والسند في البحار: 36 يختلف عن هذا، وفي نسخ «ب، ج، م»الحسين والصحيح ما أثبتناه موافقا لبحار: 85 وبقية موارد الكتاب.
2- في نسختي «أ، م» أبي الحسين.
3- ليس في نسختي «أ، م».
4- ليس في نسخة «أ».
5- في نسخة «ب» أحدقوا.

فقال إبراهيم: وبم تعرف شيعته؟

قال: بصلاة إحدى وخمسين، والجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والقنوت قبل الركوع، والتختم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللّهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين قال: فأخبر الله في كتابه فقال (وإن من شيعته لإبراهيم) (1).

تنبيه: فإذا كان إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من شيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيكون أفضل منه لان المتبوع أفضل من التابع وهذا لا يحتاج إلى بيان ولا إلى دليل وبرهان.

وممّا يدلّ على أن إبراهيم وجميع الأنبياء والرسل من شيعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)

10- ما روي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ليس إلا الله ورسوله ونحن وشيعتنا، والباقي في النار.

فتعيّن أنّ جميع أهل الايمان من الأنبياء والرسل وأتباعهم من شيعتهم (والملائكة) (2).

11- ولقول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لو اجتمع الخلق على حب علي لم يخلق الله النار(3) فافهم ذلك.

وقوله تعالى: وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)

الذبح: معناه المذبوح وليس هو الكبش الّذي ذبحه إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لقوله «عظيم» ولكنما معناه ما رواه:

12- الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه رحمه الله في عيون الاخبار: باسناده عن رجاله، عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: لما أمر الله تعالى إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الّذي أنزل (4) عليه بمنى تمنى إبراهيم أن يكون

ص: 497


1- عنه البحار: 36/151 ح 131 و ج 85/80 ح 20 والبرهان: 4/20 ح 2 والمستدرك: 1/279 ب 17 ح 11 واثبات الهداة: 3/85 ح 787.
2- عنه البرهان: 4/20 ح 3، وما بين القوسين ليس في نسخة «م».
3- أخرجه في البحار: 39/248 ذ ح 10 عن كشف الغمة: 1/99 عن مناقب الخوارزمي: 28 وفي ص 249 ح 10 عن بشارة المصطفى: 91 باسناده عن ابن عباس.
4- في نسخة «ب» أنزله.

قد ذبح ابنه بيده وإنّه لم يؤمر أن يذبح مكانه الكبش ليرجع (1) إلى قلبه ما يرجع (2) إلى قلب الوالد الّذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله تعالى إليه:

يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟

فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فأوحى الله تعالى إليه يا إبراهيم هو أحب إليك أم نفسك؟ فقال: بل هو أحب إلي من نفسي قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده قال: فذبح ولده ظلما على يد أعدائه أوجع لقلبك أم ذبح ولدك في طاعتي؟ قال يا رب (بل) (3) ذبح ولده على يد أعدائه أوجع لقلبي قال: يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ستقتل ولده الحسين من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ويستوجبون [بذلك] (4) سخطي قال: فجزع (5) إبراهيم لذلك وتوجع قلبه واقبل يبكي فأوحى الله تعالى إليه:

يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

وهذا معنى قوله (وفديناه بذبح عظيم) (6).

وقوله تعالى: سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)

13- تأويله: قال محمّد بن العباس رحمه الله: حدّثنا محمّد بن القاسم، عن الحسين بن حكم (7)، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن (أبي) (8)

ص: 498


1- في نسخة «ب» ليوجع.
2- في نسخة «ب» يوجع.
3- ليس في نسخة «ج».
4- من المصدر.
5- في نسختي «ج، م» فحزن.
6- عيون الاخبار: 1/166 ح 1 وعنه الجواهر السنية: 251 وفي البحار: 12/125 ملحق ح 1 و ج 44/225 ح 6 والبرهان: 4/30 ح 6 وعنه وعن الخصال: 58 ح 79.
7- في نسخة «أ» حكيم.
8- ليس في نسخة «م».

عيّاش، عن سليم بن قيس، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) اسمه «ياسين» ونحن الّذين قال الله (سلام على آل ياسين) (1).

14- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن سهل العطار، عن الخضر بن أبي فاطمة البلخي عن وهب (2) بن نافع، عن كادح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (سلام على آل ياسين) قال: ياسين محمّد ونحن آل محمّد (3).

15- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن سهل، عن (إبراهيم بن معمر) (4)، عن إبراهيم بن داهر (5)، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب (6)، عن أبي عبد الرحمان الأسلمي، عن عمر بن الخطّاب أنه كان يقرأ سلام على آل ياسين «قال: على آل محمّد صلى الله عليه وعليهم أجمعين (7).

16- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن الحسين الخثعمي، عن عباد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (سلام على آل ياسين) قال: نحن (هم) (8) آل محمّد (9).

ص: 499


1- عنه البحار: 23/168 ح 2، والبرهان: 4/34 ح 7، وأخرجه في البحار: 16/86 ح 7 عن تفسير فرات: 131.
2- في نسخ «أ، ج، م»وهيب، وفي نسختي «أ، ب» كادح بن جعفر، وفي نسختي «ج، م» كادخ بن جعفر، وما أثبتناه من البحار والمعاني.
3- عنه البرهان: 4/34/ح 8 وأخرجه في البحار: 23/168 ح 7 عن أمالي الصدوق: 381 ح 1 ومعاني الاخبار: 132 ح 2، وفي البار: 16/87 ح 11 عن المعاني وروى في روضة الواعظين: 318.
4- ليس في نسخة «ب»، وفي نسخ «أ، ج، م»إبراهيم بن معن، وما أثبتناه من البحار والمعاني.
5- في نسخة «ب» زاهر.
6- في نسخة «ج» ثابت.
7- عنه البرهان: 4/34 ح 9، وأخرجه في البحار: 23/170 ح 11 عن معاني الأخبار: 123 ح 5 مع اختلاف.
8- ليس في نسخة «ج» والبرهان.
9- عنه البحار: 23/168 ح 3، والبرهان: 4/34 ح 10.

17- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن زريق بن مرزوق البجلي، عن داود بن علية (1)، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (سلام على آل ياسين) قال: أي على آل محمّد (2).

وإنّما ذكر الله عزّ وجلّ أهل الخير وأبناء الأنبياء وذراريهم وإخوإنّهم.

18- وجاء في عيون الاخبار: في مسائل سأل عنها المأمون الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحضرة العلماء منها قال: قال الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): وأمّا الآية السابعة قول الله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبيّ يا أيها الّذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (3). وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟

فقال: تقولون «اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد «فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ قالوا: لا. فقال المأمون (4): فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا؟ فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): نعم، أخبروني عن قول الله عزّ وجلّ (يس والقرآن الحكيم) (5) فمن عنى بقوله ياسين؟ قالت العلماء: ياسين محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لم يشك فيه أحد، فقال أبو الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ):

فان الله أعطى محمّدا وآل محمّد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله عزّ وجلّ لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (6).

فقال (سلام على نوح في العالمين) (سلام على إبراهيم) (سلام على موسى وهارون) ولم يقل: سلام على آل نوح ولا آل إبراهيم ولا (7) آل موسى وهارون

ص: 500


1- كذا في نسخ «أ، م»، وفي البرهان والبحار ونسخة «ج»: وعلية، وفي نسخة «ب» و (ج - خ ل-) وعله.
2- عنه البحار: 23/168 ح 4 والبرهان: 4/34 ح 11، وأخرجه في البحار: 23/169 ح 9 عن معاني الأخبار: 122 ح 4 وأمّالي الصدوق: 381 ح 3.
3- سورة الأحزاب: 56.
4- في المصدر هكذا، هذا مما لا خلاف فيه أصلا وعليه اجماع الأمة.
5- سورة يس: 1 و 2.
6- في نسخة «ب» آل أحد من الأنبياء بدل «أحد إلا على الأنبياء».
7- في نسخة «م» ولا على.

وقال (سلام على آل ياسين) يعني آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه (1).

والصلاة على- من أعلى الله مكانه ورفع قدره وشأنه- محمّد وآله المؤمنين (2) التابعين، أنصاره وأعوإنّه المظهرين دليل الحق وبرهانه.

وقوله تعالى: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (265) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (266)

19- تأويله: قال محمّد بن العباس رحمه الله: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن (3) عمر بن يونس الحنفي اليمامي (4)، عن داود بن سليمان المروزي، عن الربيع بن عبد الله الهاشمي، عن أشياخ من آل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالوا: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض خطبه (5): إنا آل محمّد كنا أنوار حول العرش، فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا فسبحت الملائكة (6) بتسبيحنا، ثم أهبطنا إلى الأرض فأمرنا الله بالتسبيح فسبحنا فسبحت أهل الأرض بتسبيحنا «وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون» (7).

20- ومن ذلك ما روى مرفوعا إلى محمّد بن زياد قال: سال ابن مهران عبد الله بن العباس رضي الله عنه عن تفسير قوله تعالى (وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون) فقال ابن عباس: إنا كنا عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأقبل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). فلمّا رآه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) تبسم في وجهه وقال: مرحبا بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف

ص: 501


1- عيون الاخبار: 1/185 وعنه الوسائل: 18/139 ح 34 والبحار: 16/87 ح 9 و ج 25 /229 و ج 23/167 ح 1 و ج 94/51 ح 16 ونور الثقلين: 4/300 ح 213 والبرهان: 4/34 ح 6 ورواه الصدوق في الأمالي: 426 ح 1 والطبري في بشارة المصطفى: 287.
2- في نسختي «ب، ج» والمؤمنين.
3- في نسخة «م» بن.
4- في نسخة «ج» اليماني وهو غمر بن يونس بن القاسم اليمامي راجع تقريب التهذيب: 2/64.
5- في نسختي «ج، م» خطبته.
6- في نسخة «ج» أهل السماء.
7- عنه البحار: 24/88 ح 3 والبرهان: 4/39 ح 3.

عام. فقلت: يا رسول الله أكان الابن قبل الأب؟ قال: نعم، إن الله تعالى خلقني وخلق عليا قبل أن يخلق آدم بهذه المدة خلق نورا فقسمه نصفين فخلقني من نصفه وخلق عليا من النصف الآخر قبل الأشياء كلّها.

ثم خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري ونور علي.

ثم جعلنا عن يمين العرش ثم خلق الملائكة، فسبحنا فسبحت الملائكة وهللنا فهللت الملائكة، وكبرنا فكبرت الملائكة وكان ذلك من تعليمي وتعليم علي، وكان ذلك في علم الله السابق أن لا يدخل النار محب لي ولعلي ولا يدخل الجنّة مبغض لي ولعلي. ألا وإن الله عزّ وجلّ خلق ملائكة بأيديهم أباريق اللجين مملوءة من ماء الحياة (1) من الفردوس فما أحد من شيعة علي إلا وهو طاهر الوالدين تقي نقي مؤمن بالله فإذا أراد أبو أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الّذين بأيديهم أباريق ماء الجنّة فيطرح من ذلك الماء في آنيته التي (2) يشرب منها فيشرب به فبذلك (3) الماء ينبت (4) الايمان في قلبه كما ينبت الزرع، فهم على بينة من ربهم ومن نبيهم ومن وصيه على ومن ابنتي (5) الزهراء ثم الحسن ثم الحسين ثم الأئمّة من ولد الحسين.

فقلت: يا رسول الله ومن هم الأئمّة؟ قال: أحد عشر مني وأبوهم عليّ بن أبي طالب ثمّ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الحمد لله الّذي جعل محبة علي والايمان سببين يعني سببا لدخول الجنّة وسببا للنجاة (6) من النار (7).

ص: 502


1- في نسخة «ب» الحيوان.
2- في نسخة «ب» انائه الّذي، وفي نسخة «ج» آنية التي، وفي البحار: الآنية.
3- في الأصل: ذلك.
4- في نسختي «ج، ب «فينبت.
5- في نسخة «أ» ابنته.
6- كذا في البحار، وفي نسخة «ب» للفرز وفي نسخ «أ، ج، م»للفوز.
7- عنه البحار. 24/88 ح 4 و ج 35/29 ح 25 والبرهان: 4/309 ذ ح 3 وأخرجه في البحار: 26/345 ح 18 عن ارشاد القلوب: 404 وأورده في المحتضر: 165.

«38»

«سورة ص»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ

1- تأويله: قال محمّد بن العباس رحمه الله: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد ابن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد البرقي، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (اصبر على ما يقولون) يا محمّد من تكذيبهم إياك، فانّي منتقم منهم يرجل منك، وهو قائمي الّذي سلطته على دماء الظلمة (1).

وقوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)

2- تأويله: قال محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه): حدّثنا عليّ بن عبيد ومحمّد بن القاسم بن سلام قال: حدّثنا حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن [حيان] (2) ابن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصالحات- علي وحمزة وعبيدة- كالمفسدين في الأرض- عتبة وشيبة والوليد- أم نجعل المتقين- علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه- كالفجار) فلان وأصحابه (3).

وقوله تعالى: هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)

ص: 503


1- عنه البحار: 24/220 ح 19 واثبات الهداة: 7/128 ح 648.
2- في نسخة «ب» حنان.
3- عنه البحار: 24/7 ح 20 والبرهان: 4/46 ح 2 وأخرجه في البحار: 41/79 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/311، إلى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) والوليد.

3- تأويله: قال محمّد بن العباس رحمه الله: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زكريا الزجاجي قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان فيما ولي بمنزلة سليمان بن داود إذ قال [له] (1) سبحانه (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) (2)

معنى ذلك: أن الّذي ولاه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الإمامة والخلافة والرئاسة العامّة على الجن والإنس وجميع خلق الله بمنزلة ما وليه سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الملك الموهوب والرئاسة العامّة على الجن والإنس والطير والوحش وغير ذلك، وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أعطى ما لم يعط سليمان (3) لأنه أعطي كلما أعطى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ومما أعطاه الله ما أعطي سليمان وغيره من الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) فصار ما أعطي أمير المؤمنين أعظم مما أعطي سليمان.

وقد تقدّم البحث في تأويل «وكل شئ أحصيناه في إمام مبين» (4).

وقوله تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)

معنى «مسني الشيطان «يعني: أنه يوسوس إلي بما يؤذونه به قومه، فشكا ذلك إلى الله سبحانه.

4- وجاء في بعض الاخبار شئ من قصة أيوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أحببنا ذكرها ههنا وهو ما نقلته (5) من خط الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه من كتاب مسائل البلدان رواه باسناده عن أبي محمّد الفضل بن شاذان يرفعه إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين، صلوات الله عليه، قال: دخل سلمان رضي الله عنه، على

ص: 504


1- من نسختي «ب، م».
2- عنه البحار: 39/147 ح 12 وفي البحار: 25/335 ح 14 عنه وعن بصائر الدرجات: 385 ح 9.
3- في نسخة «ب» سليمان وغيره من الأنبياء، وهو زائد ظاهرا.
4- سورة يس: 12، وقد تقدّم البحث عنها في ص 487- 491 في تأويل الآية المباركة ح 2- 9.
5- في نسختي «ج، م» ما نقله.

أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله عن نفسه.

فقال: يا سلمان أنا الّذي (إذا) (1) دعيت الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت فعذبت في النار، وأنا خازنها عليهم، حقا أقول:

يا سلمان إنه لا يعرفني أحد حق معرفتي (إلا كان معي) (2) في الملا الأعلى. قال: ثم دخل الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقال: يا سلمان هذان شنفا (3) عرش رب العالمين بهما تشرق الجنان، وأمهما خيرة النسوان، أخذ الله على الناس الميثاق بي، فصدق من صدق وكذب من كذب (أما من صدق فهو في الجنّة وأمّا من كذب) (4) فهو في النار، وأنا الحجة البالغة والكلمة الباقية، وأنا سفير (5) السفراء.

قال سلمان: يا أمير المؤمنين قد وجدتك في التوراة كذلك وفي الإنجيل كذلك بأبي أنت وأمي يا قتيل كوفان، والله لولا أن يقول الناس «وا شوقاه (6) رحم الله قاتل سلمان» لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس، لأنك حجة الله الّذي بك تاب على آدم وبك أنجى (7) يوسف من الجب، وأنت قصة أيوب وسبب تغير نعمة الله عليه.

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أتدري ما قصته (8) وسبب تغير نعمة الله عليه؟ قال:

الله أعلم وأنت يا أمير المؤمنين. قال: لما كان عند الانبعاث للمنطق (9) شك أيوب في ملكي وبكى (10) فقال: هذا خطب جليل وأمر جسيم.

قال الله عزّ وجلّ: يا أيوب أتشك في صورة أقمته أنا؟ إني ابتليت آدم بالبلاء فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين وأنت تقول: خطب جليل وأمر

ص: 505


1- ليس في البحار.
2- ليس في نسخة «م».
3- الشنف: ما علق في الاذن أو أعلاها من الحلي.
4- ليس في نسختي «ب، م».
5- في نسخة «م» سفر.
6- في نسخ «أ، ب، م» واش واه، وفي «ج» وايش واه، وما أثبتناه من نسخة «أ- خ ل-» والبحار.
7- في نسخة «ج» نجى.
8- في نسختي «ب، م» قصة أيوب.
9- في البحار: للنطق.
10- في البحار ونسخة «أ» أيوب في ملكي (أيوب وتلكأ وبكى- خ ل-)، وفي نسخة «ج» أيوب وبكى.

جسيم؟ فوعزّتي لأذيقنك من عذابي أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين (1).

صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين.

5- الصدوق (قدس سره) في الأمالي بإسناده إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: إذا كان يوم القيامة زين عرش رب العالمين بكل زينة، ثم يؤتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل، فيوضع أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يسار العرش، ثم يؤتى بالحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، فيقوم الحسن على أحدهما والحسين على الآخر، يزين الرب تبارك وتعالى عرشه (2) كما يزين المرأة قرطاها (3).

وقوله تعالى: هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) إلى قوله تعالى تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)

ذكر تأويله عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال:

وقوله (هذا وإن للطاغين لشر مآب):

6- فإنه روى في الخبر «إن للطاغين «هم الأولان وبنو أمية.

وقوله (وآخر من شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار) هم بنو فلان إذا أدخلهم النار والتحقوا بالأولين قبلهم فيقول المتقدّمون لهؤلاء اللاحقين (لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار) فيقول لهم الآخرون (بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار) أي أنتم الّذين بدأتم بظلم آل محمّد، ونحن تبعناكم ثم يقول بنو أمية وبنو فلان (ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار) يعنون فلانا وفلانا ثم يقولون (4) وهم في النار (ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)

في الدنيا وهم شيعة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 506


1- عنه البحار: 26/292 ح 52 والبرهان: 4/61 ح 12.
2- في الأصل هكذا: يزين عرش الرب تبارك وتعالى.
3- أمالي الصدوق: 98 ح 1 وعنه البحار: 43/261 ح 3، والحديث نقلناه من هامش نسخة الخونساري رحمه الله.
4- في تفسير القمي «الأولون ثم يقول أعداء آل محمّد «بدل «فلانا وفلانا، ثم يقولون».

والدليل على ذلك:

7- قول الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): والله إنكم لفي النار تطلبون وأنتم في الجنّة تحبرون.

ثمّ قال سبحانه (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) فيما بينهم.

ثمّ قال تبارك وتعالى لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون)

قال: والنبأ العظيم هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

فهذا دليل أن الآيات المتقدّمات نزلت في أعدائه.

8- وقال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): روى العياشي (2) بإسناده إلى جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إن أهل النار يقولون «ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار «يعنونكم ويطلبونكم فلا يرونكم في النار، لا والله لا يرون أحدا منكم في النار (3).

9- وروى [الكليني و] (4) الصدوق بإسنادهما إلى سليمان الديلمي قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي بصير: لقد ذكركم الله عزّ وجلّ في كتابه إذ حكى قول أعدائكم وهم في النار (وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) والله ما عنوا ولا أرادوا بها غيركم إذ صرتم [عند أهل هذا] (5) العالم شرار الناس، وأنتم [خيار الناس وأنتم] (6) والله في النار تطلبون، وأنتم والله في الجنّة تحبرون (7).

10- وفي المعنى: ما رواه الشيخ (رحمه الله) في أماليه، عن أبي محمّد الفحام،

ص: 507


1- تفسير القمي: 571 مع اختلاف وعنه البرهان: 4/62 ح 2 ونور الثقلين: 4/467 ح 74.
2- في نسختي «ب، م» العباس، وهو تصحيف.
3- مجمع البيان: 8/484 وعنه البحار: 24/260 ح 11 والبرهان: 4/63 ح 7.
4- من نسخة «أ» الا أن فيه «أبي بصير «بدل «سليمان الديلمي».
5- من الكافي، وفي نسختي «ب، م» صبرتم في العالم على شرار، وفي نسخة «ج» من شرار.
6- من نسخة «م».
7- فضائل الشيعة: 24 ح 18 وعنه البحار: 7/179 ح 17 وفي البرهان: 4/62 ح 5عنه وعن الكافي: 8/36 ذ ح 6 وفي البحار: 24/259 ح 9 عن التأويل.

عن المنصوري، عن عمّ أبيه قال: دخل (1) سماعة بن مهران على الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

فقال له: يا سماعة من شر الناس (عند الناس) (2)؟ قال: نحن يا بن رسول الله.

قال: فغضب حتّى احمرت وجنتاه، ثم استوى جالسا وكان متكئا.

فقال: يا سماعة من شر الناس عند الناس؟ فقلت: والله ما كذبتك يا بن رسول الله نحن شر الناس عند الناس، لانّهم سمونا كفارا ورافضة.

فنظر إليّ ثمّ قال: كيف بكم إذا سيق بكم إلي الجنّة، وسيق بهم إلى النار فينظرون إليكم فيقولون «ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار»؟

يا سماعة بن مهران انه من أساء منكم إسارة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه (3) فنخلصه، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات، وأكمدوا أعداءكم بالورع (4).

وقوله تعالى: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)

11- تأويله: ما رواه أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمه الله)، عن عبد الله بن محمّد ابن عبد الوهاب، عن أبي الحسن محمّد بن أحمد القواريري (5)، عن أبي الحسين

ص: 508


1- في الأمالي هكذا: باسناده قال: دخل الخ، واسناده فيما قبل هكذا: أبو محمّد الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن الرضا، عن الكاظم (عَلَيهِم السَّلَامُ).. الخ، فيحتمل أن يكون القائل هو الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما يستفاد من ظاهر الوسائل.
2- ليس في نسختي «ج، م».
3- في نسختي «م، ج- خ ل- «فيه فتشفع، وفي نسخة «ب» فنشفع فنشفع.
4- أمالي الطوسي: 1/301 وعنه الوسائل: 11/197 ح 22 والبرهان: 4/63 ح 6 ونور الثقلين: 4/468 ح 79 وفي البحار: 24/259 ح 10 عن التأويل.
5- في نسخة «ب» العرابري.

محمّد بن عمّار، عن إسماعيل بن ثويّة، عن زياد بن عبد الله البكائي (1)، عن سليمان الأعمش، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوسا عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ أقبل إليه رجل، فقال: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس (استكبرت أم كنت من العالين) من هم يا رسول الله الّذين هم أعلى من الملائكة المقربين؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين كنا في سرادق العرش نسبح الله فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق (2) الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام.

فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يؤمروا (3) بالسجود إلا لأجلنا، فسجدت الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي أن يسجد، فقال الله تبارك وتعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين) أي من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش.

فنحن باب الله الّذي يؤتى منه وبنا يهتدي المهتدون، فمن أحبنا أحبه الله وأسكنه جنته، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره، ولا يحبنا إلا من (4) طاب مولده (5).

وقوله تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)

12- تأويله: ما رواه بحذف الاسناد، مرفوعا إلى وهب بن جميع، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن إبليس وقوله (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) أي يوم هو؟ قال: يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله الناس؟ لا ولكن الله عزّ وجلّ أنظره إلى يوم يبعث قائمنا فيأخذ بناصيته

ص: 509


1- في نسخة «ج» والبحار: البكالي.
2- في نسختي «ج، م» خلق.
3- في نسخة «ج» لم يؤمروا له.
4- في نسخة «ج» مؤمن.
5- فضائل الشيعة: 7/7 وعنه البحار: 11/142 ح 9 و ج 15/21 ح 34 و ج 39/306 ح 120 والبرهان: 4/64 ح 3 وفي البحار: 26/346 ح 19 عن التأويل.

فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم (1).

وقوله تعالى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)

13- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد عن عليّ بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين) قال: ذاك أمير المؤمنين (ولتعلمن نبأه بعد حين) قال: عند خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

يعني أنّ ذكر العالمين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

«ونبأه»أي خبره وشأنه وفضله، وإنّه حجة الله، هو وولده المعصومون على العالمين إذا قام القائم من ولده بالسيف، أي ذلك الأوان تعلمون نبأه بالمشاهدة والعيان.

«39»

«سورة الزمر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ - إلى قوله تعالى- أَصْحَابِ النَّارِ (8)

ص: 510


1- عنه البحار: 63/221 ح 63 والبرهان: 2/343 ح 7 ورواه الطبري في دلائل الإمامة مسندا: 240 وذكر الخونساري (رحمه الله) هكذا: محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره باسناده إلى وهب بن جميع عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم نجد عين الحديث في تفسيره نعم روى في تفسيره: 2/242 ح 14 عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار نحوه.
2- الكافي: 8/287 ح 432 وعنه البحار: 24/313 ح 18 والبرهان: 4/66 ح 1.

1- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن رجاله، عن عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه) الآية؟

قال: نزلت في أبي الفصيل (1)، (وذلك أنه كان عنده أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ساحر) (2) فإذا مسه الضر يعني السقم»دعا ربه منيبا إليه «يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «ثم إذا خوله نعمة منه- يعني العافية- نسي ما كان يدعوا إليه من قبل) يعني التوبة مما كان يقول في رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنه ساحر، ولذلك قال الله عزّ وجلّ (3) (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار).

يعني بإمرتك على الناس بغير حق من الله ومن رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

ثمّ قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ثم إنه سبحانه عطف القول على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مخبرا بحاله وفضله عنده فقال (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما بحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الّذين يعلمون- أن محمّدا رسول الله- والّذين لا يعلمون- أن محمّدا رسول الله بل يقولون: إنه ساحر كذاب- إنما يتذكر أولوا الألباب) (وهم شيعتنا) (4).

ثمّ قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذا تأويله يا عمار (5).

ويؤيد أن قوله تعالى (أمن هو قانت) الآية: أنها في أمير المؤمنين صلوات الله عليه وإنّه المعنى بها:

2- ما رواه أبو محمّد الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله)، عن رجاله مسندا، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (أمن هو قانت

ص: 511


1- كذا في البحار والبرهان وهو الصحيح، وفي الأصل: أبي فضيل.
2- في المصدر هكذا: انه كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عنده ساحرا.
3- في نسخة «ب» قوله عزّ وجلّ.
4- ليس في المصدر.
5- الكافي: 8/204 ح 246 وعنه البحار: 8/226 (طبع الحجر) و ج 25/375 ح 2 والبرهان: 4/69 ح 1.

أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه)

قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

أخبر الله سبحانه بفضله وعبادته وعلمه وعمله وحلمه وعظيم منزلته عنده.

ثمّ قال سبحانه مخبرا عن علمه وعلم أولاده وجهل أعدائه وأضداده، وأن شيعتهم أولوا الألباب فقال عزّ وجلّ (قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب).

3- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن أحمد بن حاتم عن حسن بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن صبيح، عن سفيان بن إبراهيم، عن عبد المؤمن، عن سعد بن مجاهد، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ:

(قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)

فقال: نحن الّذين يعلمون، وعدونا الّذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب (2).

4- وقال أيضا: حدّثنا عبد الله بن زيدان بن يزيد، عن محمّد بن أيوب (3) عن جعفر بن عمر، عن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون)

قال: نحن الّذين يعلمون، وعدونا الّذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب (4).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى

ص: 512


1- أخرجه في البرهان: 4/71 عن تفسير القمي: ص 575.
2- عنهما البحار: 24/119- 121 ح1 - 7 عن بصائر الدرجات: 54-55 ح 1-9 بأسانيد مختلفة وتفسير فرات: 137 و مناقب ابن شهر اشوب: 3/343، وفي البرهان: 4/70 ح 14 و 8 - 10 عنه وعن بصائر الدرجات ح7،4،2،1.
3- في نسخة «ج» تراب، وفي نسخة «ب» نزاد.
4- عنهما البحار: 24/119- 121 ح1 - 7 عن بصائر الدرجات: 54-55 ح 1-9 بأسانيد مختلفة وتفسير فرات: 137 و مناقب ابن شهر اشوب: 3/343، وفي البرهان: 4/70 ح 14 و 8 - 10 عنه وعن بصائر الدرجات ح7،4،2،1.

5- تأويله: ما رواه بحذف الاسناد (عن أبي بصير، عن أبي عبد الله) (1)، عن أبي جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قال: أنتم الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها، ومن أطاع جبارا فقد عبده (2).

6- ويؤيده ما تقدّم (3) في أول الكتاب: أن الطاغوت من أسماء أعدائهم، وأن أولياءهم الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها، وهم المنيبون إلى الله، ولهم البشرى وهم عباد الله الّذين قال الله سبحانه لنبيه (فبشر عباد الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الّذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب).

7- تأويله: رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن عقبة، عن الحكم بن أيمن، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (فبشر عباد الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) إلى آخر الآية؟

فقال: هم المسلّمون لآل محمّد الّذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه، و لم ينقصوا منه، وجاؤوا به كما سمعوه (4).

وقوله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ

8- تأويله: ما ذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال: هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

9- وروى الواحدي في أسباب النزول قال: قال عطا في تفسيره: إنها نزلت في علي وحمزة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (6).

ص: 513


1- ليس في نسختي «ب، ج».
2- عنه البحار: 23/361 ح 20.
3- راجع ح 2 من مقدمة الكتاب ص 19.
4- الكافي: 1/391 ح 8 وعنه البرهان: 4/72 ح 4 ووسائل الشيعة: 18/57 ح 23.
5- تفسير القمي: 577 وعنه البرهان: 4/74 ذ ح 3.
6- أسباب النزول: 248 وعنه إحقاق الحق: 3/569، وأخرجه في البحار: 35/396 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/277 عن الواحدي.

وقوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)

تأويله ومعناه: أن هذا مثل ضربه الله سبحانه للمشرك والمؤمن، فمثل المشرك كمثل الرجل الّذي فيه شركاء متشاكسون، يعني مختلفون متشاجرون (لأنه يعبد آلهة) (1) مختلفة من صنم ومن (2) نجم وقمر وشمس وغير ذلك من الآلهة، وكل واحد من هذه الآلهة يأمره وينهاه ويريده لنفسه دون غيره ويكل كل منهم أمر ذلك الرجل إلى غيره، فيبقى خاليا من المنافع، ويبقى ضالا عن الهدى.

وهذا مثل ضربه الله لأعداء أهل البيت، صلوات الله عليهم لما سيأتي بيانه.

وأمّا مثل المؤمن السالم من الشرك [الّذي] لا يعبد إلا إلها واحدا- وهو الله تعالى- ويتبع رجلا واحدا- وهو رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- فذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) قال:

قوله تعالى (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون)

قال (3): هذا المثل لأعداء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والشركاء المتشاكسون: أعداؤه الّذين ظلموه وغصبوا حقه لقوله (شركاء متشاكسون) أي متباغضون له.

ثمّ قال (ورجلا سلما- يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- لرجل يعني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) (4).

10- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو (5) بن

ص: 514


1- في نسختي «ب، ج» «لا يعيد إلا آلهة».
2- في نسخة «م» ووثن و.
3- في نسخة «م» فان، وفي المصدر والبحار هكذا: فإنه مثل ضربه الله لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشركائه الّذين ظلموه.
4- تفسير القمي: 577 وعنه البحار: 24/162 ح 13 و ج 35/349 ح 33 والبرهان: 4/75 ح 9.
5- كذا في نسخة «م» وسورة العنكبوت ح 15 وسورة القلم ح 2: وفي نسخ «أ، ب، ج» عمر.

محمّد بن تركي، عن محمّد بن الفضل (1)، عن محمّد بن شعيب، عن قيس بن الربيع عن منذر الثوري، عن محمّد بن الحنفية، عن أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ورجلا سلما لرجل) قال: أنا ذلك الرجل السالم لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

11- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن ابن بكير (3)، عن حمران قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عزّ وجلّ (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما - هو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- لرجل) هو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (وشركاء متشاكسون) [أي] (4) مختلفون وأصحاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مجتمعون على ولايته (5).

12- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن عبد الرحمان بن سلام (6)، عن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن مصقلة القمي، عن بكير بن الفضل عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (ورجلا سلما لرجل) قال: الرجل السالم لرجل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته (7).

13- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) أما الرجل الّذي فيه شركاء متشاكسون فلان الأول يجمع المتفرقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا، ويتبرأ بعضهم من بعض.

ص: 515


1- في نسختي «أ، م» عن أبي محمّد الفضل، وفي البرهان: أبي محمّد بن الفضل.
2- عنه البرهان: 4/75 ح 3.
3- في نسخة «ج» ابن بكير (ابن بكر، عن عمران- خ ل-)، وفي نسخة «ب» أبي بكر، وفي نسخة «م» أبي بكير.
4- من نسخة «م» والبرهان.
5- عنه البرهان: 4/75 ح 4.
6- في نسختي «ب، ج» سالم.
7- عنه البحار: 24/160 ح 8 والبرهان: 4/75 ح 5.

وأمّا الرجل السالم لرجل فإنه أمير المؤمنين (1) حقا وشيعته (2)، أي كل رجل من شيعته سالم لرجل وهو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغير مشارك له في ولايته ومحبته وطاعته، وكذلك لذريته وعترته.

رزقنا الله الجنّة بشفاعتهم وشفاعته وحشرنا الله في زمرتهم وزمرته.

وقوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)

معناه «فمن أظلم ممن كذب على الله- بأن ادعى له ولدا أو شريكا- وكذب بالصدق إذ جاءه».

14- وهو قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما نقله ابن مردويه من الجمهور بإسناده مرفوع إلى الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قال: الّذي كذب بالصدق هو الّذي رد قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

15- ويؤيده: ما ذكره الشيخ في أماليه، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله: (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه)

قال «الصّدق» ولايتنا أهل البيت (4).

وأمّا قوله (والّذي جاء بالصدق وصدق به)

16- قال أبو علي الطبرسي (قدس الله روحه): إنّ الّذي جاء بالصدق محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وصدق به عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). عن مجاهد، ورواه الضحّاك، عن ابن

ص: 516


1- في الكافي «فأمّا رجل سلم لرجل فإنه الأول «بدل «وأمّا الرجل السالم لرجل فإنه أمير المؤمنين».
2- الكافي: 8/224 ح 283 وعنه البحار: 24/160 ح 9.
3- أخرجه في البرهان: 4/76 ح 1 من طريق المخالفين عن ابن مردويه.
4- أمالي الشيخ: 1/374 وعنه البرهان: 4/76 ح 1 وفي البحار: 24/37 ح 11 عنه وعن مناقب ابن شهر أشوب: 2/288.

عباس، وهو المرويّ عن أئمّة الهدى من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

17- ويؤيده: ما ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) قال: قوله (والّذي جاء بالصدق- يعني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- وصدق به) يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

18- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (والّذي جاء بالصدق وصدق به) قال: الّذي جاء بالصدق: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وصدق به: عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وقوله تعالى: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)

19- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن الحسين (4) عن إدريس بن زياد، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: سمعت صامتا بياع الهروي وقد سال أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المرجئة فقال:

صل معهم واشهد جنائزهم وعد مرضاهم، وإذا ماتوا فلا تستغفر لهم، فإنّا إذا ذكرنا عندهم اشمأزت قلوبهم، وإذا ذكر الّذين من دوننا «إذا هم يستبشرون» (5).

20- وروى محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه بإسناده إلى زرارة (6) قال: حدّثني أبو الخطّاب- في أحسن ما كان حالا- قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب

ص: 517


1- مجمع البيان: 8/498 وعنه البرهان: 4/76 ح 5 والبحار: 35/416.
2- تفسير القمي: 577 وعنه البرهان: 4/76 ح 2.
3- عنه البرهان: 4/76 ح 2.
4- في نسخة «ب» الحسيني، وفي نسخة «م» الحسنى، وفي البحار: محمّد الحسيني.
5- عنه البحار: 23/362 ح 21 والبرهان: 4/78 ح 3.
6- في نسخة «أ» والكافي: عن أبن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة.

الّذين لا يؤمنون بالآخرة)

فقال «وإذا ذكر الله وحده» (ووحد) (1) بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمّد «اشمأزت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين- لم يأمر الله بطاعتهم-

إذا هم يستبشرون» (2).

وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)

21- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن فضال، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يعذر الله أحدا يوم القيامة بأن يقول: يا رب لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة، وفي [شيعة] (3) ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصّة (قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) (4).

[عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن جعفر بن محمّد، عن عبد الكريم، عن محمّد ابن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): مثل ذلك] (5).

22- وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمه الله) في حديث قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن عباد بن سليمان، عن محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دخل عليه أبو بصير فقال له الامام:

يا أبا بصير لقد ذكركم الله عزّ وجلّ في كتابه إذ يقول (يا عبادي الّذين

ص: 518


1- ليس في المصدر والبحار.
2- الكافي: 8/304 ح 471 وعنه البحار: 23/368 ح 39 والبرهان: 4/77 ح 1.
3- من نسخة «أ».
4- عنه البحار: 24/258 ح 8 والبرهان: 4/78 ح 4.
5- تفسير القمي: 579 وعنه البحار: 68/14 ح 15 والبرهان: 4/78 ح 3، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) والله ما أراد بذلك غيركم!

يا أبا محمّد فهل سررتك؟ قال: نعم (1).

23- ويؤيده: ما رواه محمّد بن علي، عن عمرو بن عثمان، عن عمران بن سليمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) فقال: إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب.

قال: فقلت: ليس هكذا نقرأه (2).

فقال: يا أبا محمّد فإذا غفرت (3) الذنوب جميعا فلمن (4) يعذب؟! والله ما عنى من عباده غيرنا وغير شيعتنا، وما نزلت إلا هكذا: إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب (5).

وقوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)

معنى تأويله: أي اتقوا واحذروا يوم القيامة «أن تقول نفس يا حسرتي- أي يا ندامتي- على ما فرطت- أي ضيعت وأهملت ما يجب علي فعله- في جنب الله- اي في قرب الله وجواره- وإن كنت لمن الساخرين «- أي المستهزئين بالنبيّ وأهل بيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وبالقرآن، وبالمؤمنين.

24- وأمّا تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ:

ص: 519


1- عنه البحار: 24/260 ح 12، وأخرجه في البحار: 47/393 عن الاختصاص: 103، وفي البحار: 68/50 عن الكافي: 8/35 والاختصاص وفضائل الشيعة: 23 ح 18 وفي البرهان: 4/78 ح 5 عن فضائل الشيعة، وذكر الخونساري «ره «هكذا: الكليني والصدوق قدس سرهما باسنادهما إلى محمّد بن سليمان الديلمي.
2- في نسخة «م» والبحار: نقرأ.
3- في نسخة «م» غفر.
4- في نسخة «ج» فمن.
5- عنه البحار: 24/260 ح 13 والبرهان: 4/78 ح 6.

(يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله)

قال: خلقنا [و] الله (من نور) (1) جنب الله وذلك قوله عزّ وجلّ (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) يعني ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

25- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن العباس، عن حسن بن محمّد، عن حسين بن عليّ بن بهيس (3)، عن موسى بن أبي الغدير (4)، عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله)

قال: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا جنب الله، وأنا حسرة الناس يوم القيامة (5).

26- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي (6)، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (يا حسرتي على ما فطرت في جنب الله).

قال «جنب الله «أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك من كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع حتّى ينتهي إلى الأخير منهم، والله أعلم بما هو كائن بعده (7).

27- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول وقد سأله رجل عن قول الله عزّ وجلّ (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله)؟

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن والله خلقنا من نور جنب الله تعالى، وذلك قول

ص: 520


1- في نسخة «ب» جزاء من، وفي «ج» جزئه من، وفي «م» جزؤ من، وفي البحار: جزءا من.
2- عنه البحار: 24/192 ح 8 والبرهان: 4/80 ح 13.
3- في نسخة «ب» بهير، وفي نسخة «ج» وهبس.
4- في نسخة «ب» أبي العنبي، وفي البحار: أبي العنبر.
5- عنه البحار: 36/150 ح 128 والبرهان: 4/80 ح 14.
6- في نسخة «أ» على البنا، وفي نسخة «ب» البناني، وفي نسخة «م» على البناني، وما أثبتناه هو الصحيح.
7- عنه البحار: 24/192 ح 10 وعن بصائر الدرجات: 62 ح 6 والبرهان: 4/80، 81 ح 15، 21.

الكافر إذا استقرت به الدار «يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله».

يعني: ولاية محمّد وآل محمّد. صلوات الله عليهم أجمعين (1).

28- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فطرت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن جنب الله (2).

29- وفاقا لما رواه: الكليني والصدوق (قدس سرّهما) وفي بعضها «جنب الله» أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي بعضها الولاية (3) والمعنى واحد.

وقوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)

تأويله ومعناه:

إن الكذب على الامام الكذب على النبيّ، والكذب على النبيّ الكذب على الله:

30- لما رواه العياشي، بإسناده عن خيثمة بن عبد الرحمان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: من حدث عنا بحديث فنحن سائلوه عنه يوما، فان صدق علينا فإنما يصدق على الله وعلى رسوله، وإن كذب علينا فإنما يكذب على الله وعلى رسوله، لأنا إذا حدّثنا لا نقول: قال فلان، وقال فلان، وإنما نقول: قال الله وقال رسوله، ثم تلا هذه الآية «ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودة».

ثم أشار خيثمة إلى أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعته(4).

31- وروى محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن الحسين بن المختار قال:

ص: 521


1- عنه البحار: 24/192 ح 9 والبرهان: 4/80 ح 17.
2- تفسير القمي: 579 وعنه البحار: 24/194 ح 14 والبرهان: 4/79 ح 7.
3- الكافي: 1/145 ح 8، 9 وعنه البرهان: 4/79 ح 8، 9 ونور الثقلين: 4/494 ح 84،85، التوحيد: 164 ح 2 ومعاني الاخبار: 17 ح 14 وعنهما البحار: 24/198 ح 27 والبرهان: 4/79 ح 10 ونور الثقلين: 4/94 ح 82 والحديثان 28، 29 من نسخة «أ».
4- أخرجه في البحار: 7/159 والبرهان: 4/82 ح 9 عن العياشي، ولم نجده في تفسيره المطبوع.

قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك قوله عزّ وجلّ (ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودة «قال: كل من زعم أنه إمام وليس بإمام.

قلت: وإن كان فاطميا علويا؟ قال: وإن كان فاطميا علويا (1).

وقوله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)

32- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن مسلم، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس عن أبي موسى المشرقاني (2) قال: كنت عنده إذ حضره قوم من الكوفيين، فسألوه عن قول الله عزّ وجلّ (لئن أشركت ليحبطن عملك)؟

فقال: ليس حيث يذهبون (3)، إن الله عزّ وجلّ حيث أوحى إلى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يقيم عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) للناس علما اندس إليه معاذ بن جبل فقال: أشرك في ولايته، (أي الأول والثاني) (4) حتّى يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك. فلمّا أنزل الله عزّ وجلّ (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) شكا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى جبرئيل فقال: إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني، فأنزل الله عزّ وجلّ (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين).

ففي هذا نزلت هذه الآية، ولم يكن الله ليبعث (5) رسولا إلى العالم وهو صاحب الشفاعة في العصاة يخاف (6) أن يشرك بربه [و] كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أوثق عند الله من

ص: 522


1- الكافي: 1/372 ح 3 وعنه البرهان: 4/82 ح 8، وأخرجه في البحار: 25/111 ح 6 عن تفسير القمي: 579.
2- في نسخة ج «الشرقاني.
3- في البحار: تذهبون.
4- ليس في البحار، ولفظ «أي «ليس في نسختي «ب، ج».
5- في نسختي «ب، ج» يبعث.
6- في نسخة «ج» أن يخاف.

أن يقول له: لئن أشركت بي وهو جاء بابطال الشرك، ورفض الأصنام، وما عبد مع الله، وإنما عنى «تشرك في الولاية من الرجال» (1) فهذا معناه (2).

33- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت- في الولاية غير علي- ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين).

ثمّ قال سبحانه (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) يعني: بل الله فاعبد بالطاعة، وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك (3).

34- وعليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (لئن أشركت- في الولاية غير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- ليحبطن عملك) (4).

وقوله تعالى: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)

35- تأويله: ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) قال: وقوله عزّ وجلّ: (وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجاء بالنبيّين والشهداء)

(يعني كل نبي يجئ مع أمته) (5) والشهداء: الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

والدليل على أنهم الأئمّة قوله تعالى في سورة الحج (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) (6).

ص: 523


1- في نسخة «ج» بشرك من الرجال، وفي نسخة «ب» بشرك من الرجال في ولاية من الرجال.
2- عنه البحار: 23/362 ح 22 و ج 36/152 ح 132 والبرهان: 4/83 ح 3.
3- الكافي: 1/427 ح 76 وعنه البحار: 23/380 ح 69 والبرهان: 4/83 ح 1.
4- تفسير القمي: 580 وعنه البحار: 17/84 ح 9 والبرهان: 4/83 ح 2، والحديث من نسخة «أ».
5- ليس في المصدر.
6- تفسير القمي: 581 وعنه البحار: 23/341 ح 20 والبرهان: 4/88 ح 4، والآية من سورة الحج: 78.

وذكر أيضا [قال: و] (1) قوله تعالى (وسيق الّذين اتقوا ربهم إلى الجنّة زمرا حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) فقوله «طبتم»أي طابت موالدكم (2) في الدنيا، لأنه لا يدخل الجنّة من ولادته من فساد.

36- ودليل ذلك ما رواه عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) انه قال: إن فلانا وفلانا غصبوا حقنا واشتروا به الإماء وتزوجوا به النساء، ألا وإنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل لتطيب موالدهم (3).

37- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن الربيع، عن صباح المدائني، عن المفضل بن عمر [أنه سمع أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول:] (4) في قوله تعالى (وأشرقت الأرض بنور ربها) قال: رب الأرض (يعني) (إمام الأرض) (5)

قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟

قال: إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس والقمر، ويجتزؤون بنور الامام (6).

وقوله تعالى: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)

38- تأويله: ما ذكره الكراجكي (رحمه الله) في كنز الفوائد، بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة يقبل (7) قوم على نجائب من نور ينادون بأعلى أصواتهم: الحمد لله الّذي صدقنا وعده وأورثنا أرضه نتبوأ من الجنّة حيث نشاء.

قال: فتقول الخلائق: هذه زمرة الأنبياء. فإذا النداء من قبل الله عزّ وجلّ:

ص: 524


1- من نسخة «م».
2- في الأصل: مواليدكم.
3- تفسير القمي: 582 وعن البحار: 96/186 ح 6 والبرهان: 4/89 ح 5.
4- من المصدر.
5- في نسخة «أ» الامام.
6- تفسير القمي: 581 وعنه البحار: 7/326 ح 1 والبرهان: 4/87 ح 1، والحديث من نسخة «أ».
7- في نسختي «ج، م» تقبل.

هؤلاء شيعة عليّ بن أبي طالب، فهو صفوتي من عبادي وخيرتي من بريتي.

فتقول الخلائق: إلهنا وسيدنا بما نالوا هذه الدرجة؟

فإذا النداء من (قبل) (1) الله «بتختمهم باليمين (2) وصلاتهم إحدى وخمسين وإطعامهم المسكين، وتعفيرهم الجبين، وجهرهم ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «(3).

39- وروى عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أبيه، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن صلوات الله عليه قال: لما حضرت عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) الوفاة أغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة «الحمد لله الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنّة حيث نشاء فنعم أجر العاملين «ثم مات صلوات الله عليه (4).

وقوله تعالى: وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)

40- تأويله: ما ورد من طريق العامّة، في أحاديث عليّ بن الجعد، عن قتادة عن أنس بن مالك في تفسير قوله تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم).

قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب قائما أمامي تحت العرش يسبح الله ويقدسه.

فقلت: يا جبرئيل سبقني (5) عليّ بن أبي طالب إلى ههنا؟

قال: لا، ولكني أخبرك يا محمّد: إن الله عزّ وجلّ يكثر من الثناء والصلاة

ص: 525


1- ليس في نسخ «أ، ب، م».
2- في نسخة «م» في اليمين.
3- أخرجه في البحار: 36/69 ح 16 عن كنز الكراجكي ولم نجده فيه وفي البحار: 85/79 ح 19 والمستدرك: 1/279 ح 9 عن كنز الكراجكي وأعلام الدين: 274 (مخطوط).
4- تفسير القمي: 582 وعن البحار: 46/147 ح 1، والبرهان: 4/89 ح 1. والحديث من نسخة «أ».
5- في نسختي «أ، م» شيعني.

على عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوق عرشه، فاشتاق العرش (1) إلى رؤية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخلق (2) الله هذا الملك على صورة عليّ بن أبي طالب تحت العرش لينظر إليه العرش (3) فيسكن شوقه، وجعل الله سبحانه تسبيح هذا الملك وتقديسه وتمجيده [ثوابا] لشيعة أهل بيتك يا محمّد (4).

فعلى محمّد وأهل بيته من رب العرش العظيم أفضل الصلاة وأكمل التسليم، ما نسمت هبوب، وهب نسيم.

«40»

«سورة المؤمن»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)

1- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بإسناد يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال: إن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) انزل عليه فضلي (5) من السماء وهي هذه الآية (الّذين يحملون العرش ومن حوله

يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا) وما في الأرض يومئذ

مؤمن غير رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأنا (6).

ص: 526


1- في نسخة «ج»: حملة العرش.
2- في نسخة «ج»: فوق عرشه فخلق.
3- في نسخة «ج»: سكان العرش.
4- أخرجه في البحار: 39/97 ح 9 والبرهان: 4/89 ح 3 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/5073)
5- في نسختي «ب، ج» فضل.
6- عنه: البحار: 24/208 ح 2 والبرهان: 4/91 ح 7، وتأتي في ص 716 ح 7 رواية في تأويل صدر هذه الآية.

وهو قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): لقد استغفرت لي الملائكة قبل جميع الناس من أمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [وأنا ابن] (1) سبع سنين وثمانية أشهر.

2- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد بإسناده يرفعه (2) إلى أبي الجارود عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لقد مكثت الملائكة (سبع) (3) سنين وأشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولي، وفينا نزلت هذه الآية والتي بعدها (الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم).

فقال قوم من المنافقين: من أبو علي وذريته الّذي أنزلت فيه هذه الآية؟

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): سبحان الله أما من آبائنا إبراهيم وإسماعيل (أليس) (4) هؤلاء آباؤنا؟ (5).

3- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن حسين الأشقر (6)، عن عليّ بن هاشم، عن محمّد بن عبيد الله، عن (7) أبي رافع، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن أبيه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لقد صلت الملائكة (علي و) (8) على علي (سنتين) (9) ليس في نسخة «ج». (10).

ص: 527


1- من نسخة «ج».
2- في نسخة «أ» يرفعه باسناده، وفي نسخة «ب» رفعه باسناده.
3- ليس في نسختي «أ، م».
4- ليس في نسخة «م».
5- عنه البحار: 24/209 ح 3 والبرهان: 4/92 ح 8.
6- في نسخة «ب» الحسين بن الأشقر، وفي نسخة «ج» حسين بن الأشقر (شعيري- خ ل-).
7- في نسخة «ج» بن.
8- ليس في نسختي «أ، م».
9- لأنا كنا نصلي وليس معنا أحد غيرنا
10- عنه البحار: 24/209 ح 4 والبرهان: 4/92 ح 9.

4- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمان، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا محمّد إن لله ملائكة تسقط الذنوب عن ظهر شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الشجر أوان سقوطه.

وذلك قول الله عزّ وجلّ (ويستغفرون للذين آمنوا) واستغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمّد فهل سررتك؟ قال: فقلت: نعم (1).

5- وفي حديث آخر: بالاسناد المذكور وذلك قوله عزّ وجلّ (ويستغفرون للذين آمنوا- إلى قوله عزّ وجلّ - عذاب الجحيم).

فسبيل الله: علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والّذين آمنوا، أنتم ما أراد غيركم (2).

وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره في ذكر الملائكة قال:

6- حدّثني أبي، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد ابن عيسى، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه سئل: الملائكة أكثر أم بنو آدم؟

فقال: والّذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض، وما في السماء موضع قدم إلا وفيه ملك يسبحه ويقدسه ولا في الأرض شجرة ولا مدرة (3) إلا وبها ملك موكل يأتي الله في كل يوم بعملها (4)، والله أعلم بها.

وما منهم أحد إلا ويتقرب إلى الله بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا ويسأل الله أن يرسل العذاب عليهم إرسالا (5).

7- ومن التأويل ما روي [عن] (6) عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد قال: قال أبو جعفر

ص: 528


1- عنه البحار: 24/209 ح 5 والبرهان: 4/92 ح 10.
2- عنه البحار: 24/210 ح 6 والبرهان: 4/92 ح 10.
3- في نسخة «م» ولا شجرة ولا عودة.
4- في نسخ «أ، ب، م» يعلمها.
5- تفسير القمي: 583 وعنه البحار: 24/210 ح 7 و ج 26/339 ح 5 و ج 59/176 ح 7 و ج 68/78 ح 139 والبرهان: 4/92 ح 11، وأخرجه في البحار: 26/339 ذ ح 5 و ج 59/176 ذ ح 7 عن بصائر الدرجات: 68 ح 9.
6- من نسخة «م» والبحار والبرهان.

(عَلَيهِ السَّلَامُ): قول الله عزّ وجلّ (وكذلك حقت كلمت ربك على الّذين كفروا أنهم أصحاب النار) يعني بنو أمية (هم الّذين كفروا وهم أصحاب النار) (1).

ثمّ قال (الّذين يحملون العرش)

يعني الرسول والأوصياء من بعده (عَلَيهِم السَّلَامُ) يحملون علم الله عزّ وجلّ.

ثمّ قال (ومن حوله- يعني الملائكة- يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا- وهم شيعة آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- يقولون- ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا- من ولاية هؤلاء وبني أمية- واتبعوا سبيلك- وهو [ولاية] (2) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم [يعني من تولى عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فذلك صلاحهم المذكور بقوله ومن صلح] (3)- وقهم السيئات)

(والسيئات بنو أمية وغيرهم وشيعتهم) (4).

ثمّ قال (إن الّذين كفروا- يعني بني أمية- ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون).

ثمّ قال (ذلكم بأنه إذا دعي الله- بولاية علي- وحده كفرتم وإن يشرك به- يعني بعلي- تؤمنوا- أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا به- فالحكم لله العلي الكبير) (5).

8- وقال أيضا (رحمه الله): في قوله تعالى (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين-

ص: 529


1- ليس في المصدر.
2- من تفسير القمي.
3- من نسخة «أ».
4- ليس في تفسير القمي.
5- عنه البحار: 23/363 ح 23 والبرهان: 4/93 ح 16. وظاهر نسخة «أ» أنه نقل الحديث عن تفسير القمي فقال: قال- رحمه الله-: أيضا حدّثنا محمّد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين ومحمّد بن عبد الجبار جميعا، عن محمّد بن يسار (سنان- البحار) عن المنخل بن خليل الرقي (ابن جميل- البحار)، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ). تفسير القمي: 583 وعنه البرهان: 4/92 ح 12 والبحار: 24/210 ح 8 إلى قوله فتكفرون.

إلى قوله- من سبيل) قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): ذلك في الرجعة (1) في البحار: ظهير، وفي البرهان: عمير.(2)، عن محمّد بن حمدان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به- من ليست له ولاية - تؤمنوا) بأن له ولاية (3).

10- الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مؤمن آل فرعون الّذي حكى الله عنه بقوله (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه)

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): كان حزقيل مؤمن آل فرعون يدعو قوم فرعون إلى توحيد الله، ونبوة موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وتفضيل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على جميع رسل الله وخلقه، وتفضيل عليّ بن أبي طالب والخيار من أولاده (عَلَيهِم السَّلَامُ) على سائر أوصياء النبيّين، وإلى البراءة من ربوبية فرعون.. الحديث (4).

11- ومن التأويل: ما عن محمّد البرقي، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الحسن بن الحسين، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم- بأن لعلي ولاية- وإن يشرك به- من ليست له ولاية- تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير) (5).

12- وروى البرقي أيضا: عن عثمان (6) بن أذينة، عن زيد بن الحسن قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين

ص: 530


1- تفسير القمي: 584 وعنه نور الثقلين: 4/513 ح 19 والبحار: 53/56 ح 36 والبرهان: 4/93 ح 1 والمختصر: 45.
2- . 9- أخبرنا الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور عن جعفر بن بشير، عن الحكم بن زهير
3- تفسير القمي: 584 والبحار: 23/356 ح 7 والبرهان: 4/93 ح 3.
4- أخرجه في البحار: 13/160 ح 1 عن تفسير الامام: 121 والاحتجاج: 2/131، و الأحاديث 8- 10 من نسخة «أ».
5- عنه البحار: 23/364 ح 24.
6- في جميع نسخ الأصل والبرهان، وليس له ذكر في كتب الرجال، وظاهر البحار: عمر بن أذينة.

- فقال: فأجابهم الله تعالى- ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده- وأهل الولاية- كفرتم- بأنه كانت لهم ولاية- وإن يشرك به- من ليست لهم ولاية (1)- تؤمنوا- بأن لهم ولاية- فالحكم لله العلي الكبير) (2).

13- قال: وروى بعض أصحابنا، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (الّذين يحملون العرش ومن حوله- قال: يعني الملائكة - يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا- يعني شيعة محمّد وآل محمّد- ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا- من ولاية الطواغيت الثلاثة، ومن بني أمية- واتبعوا سبيلك) يعني ولاية علي وهو السبيل.

وقوله تعالى (وقهم السيئات- يعني الثلاثة- ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته).

وقوله تعالى (إن الّذين كفروا- يعني بني أمية- ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم أتدعون إلى الايمان- يعني ولاية علي وهي الايمان- فتكفرون) (3).

وقوله تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)

14- تأويله: ما قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد، عن عمر (4) بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (إنا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد)

قال: ذاك والله في الرجعة، أما علمت أن أنبياء (5) كثيرة قتلوا، ولم ينصروا، وأئمّة من بعدهم قتلوا، ولم ينصروا، وذلك في الرجعة (6).

ص: 531


1- في نسخه «ج» والله.
2- عنه البحار: 23/364 ح 25 والبرهان: 4/94 ح 4، وروى قطعة منه في الكافي: 1/421 ح 46 بسند اخر.
3- عنه البحار: 23/364 ح 26 و ج 24/208 ح 1 والبرهان: 4/93 ح 17.
4- في المصدر: عمير.
5- في الأصل: أنبياء الله.
6- تفسير القمي: 586 وعنه البحار:؟ 1/27 ح 15 والبرهان 4/100 ح 1، وأخرجه في البحار: 53/65 ح 57 عن المختصر: 18، والحديث من نسخة «أ».

15- وقال أيضا في قوله تعالى «ويوم يقوم الاشهاد «الاشهاد الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1)

ومعنى ذلك أن «الاشهاد «جمع شاهد وهم الّذين يشهدون بالحق على الخلق المحقين والمبطلين وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لانهم الشهداء على الناس يوم القيامة، بدليل قوله تعالى (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (2)

فإذا كانوا هم الشهداء على الناس فهل ينفع الظالمين معذرتهم في ظلمهم [لهم أم لا؟ وهو الحق لأنه قال عقيب ذلك (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم] (3) ولهم اللعنة ولهم سوء الدار).

وقوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)

16- تأويله: ما قال محمّد بن العباس: حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمّد ابن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن النعمان قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِم السَّلَامُ) يقول: إن الله عزّ وجلّ لم يكلنا إلى أنفسنا ولو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس، ولكن نحن الّذين قال الله عزّ وجلّ (أدعوني أستجب لكم) (4).

17- وقال أيضا (رحمه الله) في قوله تعالى (ويريكم آياته) يعني أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) في الرجعة (5).

وقوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84)

18- تأويله: ما قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: ذلك إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الرجعة (6).

ص: 532


1- تفسير القمي: 586 وعنه البرهان: 4/101 ح 4.
2- سورة البقرة: 143.
3- من نسخة «أ».
4- عنه البحار: 24/310 ح 14 و ج 25/209 ح 23 والبرهان: 4/102 ح 9، وأخرجه في البحار: 26/96 ح 33 عن بصائر الدرجات: 466 ح 8.
5- تفسير القمي: 589 وعنه البحار: 53/56 ح 37 والبرهان: 4/104 ح 1 والمختصر: 45، وهذا الحديث من نسخة «أ».
6- لم نجده في تفسير القمي.

«41»

«سورة فصلت»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)

1- تأويله: ما ذكره محمّد بن العباس (رحمه الله) في تفسيره قال: حدّثنا علي محمّد بن مخلد الدهان، عن الحسين بن عليّ بن أحمد العلوي قال: بلغني عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال لداود الرقي: أيكم ينال السماء؟ فوالله إن أرواحنا وأرواح النبيّين لتنال (1) العرش كل ليلة جمعة.

يا داود قرأ أبي (2) محمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حم السجدة حتّى بلغ «فهم لا يسمعون» ثمّ قال: نزل جبرئيل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بأن الامام بعده عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثم قرأ (عَلَيهِ السَّلَامُ) «حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون- حتّى بلغ- فأعرض أكثرهم- عن ولاية علي- فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون «(3).

وقوله تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (1) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)

2- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن سعدان بن مسلم

ص: 533


1- في نسخة «م» لتناول.
2- في نسختي «ج، م» قرأني.
3- عنه البحار: 26/96 ح 36 والبرهان:/106 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/144 ح 111 عن تفسير فرات: 143.

عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد تلا هذه الآية:

يا أبان هل ترى الله سبحانه طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يعبدون معه إلها غيره؟.

قال: قلت: فمن هم؟ قال «وويل للمشركين» الّذين أشركوا بالامام الأول ولم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول وهم به كافرون (1).

3- وروى أحمد بن محمّد بن سيار(2) بإسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): وويل للمشركين الّذين أشركوا مع الامام الأول غيره ولم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول، وهم به كافرون (3).

فمعنى الزكاة ههنا: زكاة الأنفس وهي طهارتها من الشرك المشار إليه، و قد وصف الله سبحانه المشركين بالنجاسة يقول (إنما المشركون نجس) (4)

ومن (أشرك بالامام فقد أشرك بالنبيّ) (5) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومن أشرك بالنبيّ فقد أشرك بالله.

وقوله تعالى (لا يؤتون الزكاة) أي أعمال الزكاة وهي ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لان بها تزكى الأعمال (6) يوم القيامة.

وقوله تعالى: فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)

4- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن أسباط، عن عليّ بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه

ص: 534


1- عنه البحار: 24/304 ح 17 والبرهان: 4/106 ح 3.
2- في نسخ «ب، ج، م»بشار، وفي نسخة «أ» يسار، وانما أثبتنا «سيار» لوجود الرواية في قراءاته فقد روى عن البرقي، عن سعدان بن مسلم، عن أبان بن تغلب مثله.
3- عنه البحار: 24/304 ملحق ح 17 والبرهان: 4/106 ح 3.
4- سورة التوبة: 28.
5- في نسخة «ب» الاشراك الاشراك بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).
6- في نسخة «م» زكاة الأعمال.

قال: قال الله عزّ وجلّ «فلنذيقن الّذين كفروا- بتركهم ولاية علي- عذابا شديدا- في الدنيا- ولنجزينهم أسوأ الّذي كانوا يعملون- في الآخرة- ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون) والآيات الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

وقوله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)

5- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن أحمد القمي، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن سنان عن حسين الجمال، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (وقال الّذين كفروا ربنا أرنا الّذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)

قال: هما هما، ثمّ قال: وكان فلان شيطانا (2).

6- وروى أيضا في هذا المعنى، عن يونس، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (ربنا أرنا الّذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) قال: يا سورة هما والله، هما، يقولها ثلاثا.

والله يا سورة إنّا لخزّان علم الله في السماء، وخزّان علم الله في الأرض (3).

توجيه هذا التأويل (أرنا الّذين أضلانا) يعني أنّهما المضّلان اللذان أضلّا الخلق من الجنّ والإنس.

وقوله (من الجن والإنس) أي ومن اتبعهما من الجن والإنس.

ص: 535


1- عنه البحار: 23/365 ح 28 والبرهان: 4/109 ح 1.
2- الكافي: 8/334 ح 523 وعنه البحار: 8/227 «طبع الحجر» ونور الثقلين: 4/545ح 33 والبرهان: 4/109 ح 1.
3- الكافي: 8/334 ح 524 وعنه البحار: 8/227 «طبع الحجر «ونور الثقلين: 4/545 ح 34 والبرهان: 4/109 ح 2.

ثمّ قال (نجعلهما تحت أقدامنا- فالضمير راجع فيه إليهما- ليكونا من الأسفلين) لقوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) (1).

وقوله: وكان فلان شيطانا يعني به الثاني يدل على ذلك قوله تعالى (يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا) (2) والشيطان هنا هو فلان المضل، وهو الثاني، والانسان هو الأول.

وقد تقدّم تأويل هذه الآيات في سورة الفرقان (ص 384، 385).

7- وذكر ابن قولويه (رحمه الله) في كامل الزيارات شيئا في هذا المعنى في حديث طويل يأتي في آخر الكتاب وهو: فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتّى تصير رمادا فيضربان بها ثم يجثو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين يدي الله عزّ وجلّ للخصومة مع الرابع ويدخل الثلاثة في جب فيطبق عليهم لا يراهم أحد ولا يرون أحدا فيقول الّذين كانوا في ولايتهم»ربنا أرنا الّذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين» (3).

ويدلّ على أنهما المضلان اللذان أضلا الإنس والجن وأن فلانا عدو آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) قوله تعالى عقيب ذلك (إن الّذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا- على ولاية آل محمّد ولم يوالوا أعداءهم- تتنزل عليهم الملائكة) كما يأتي بيانه:

وهو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر

ص: 536


1- سورة النساء: 145.
2- سورة الفرقان: 28- 29.
3- كامل الزيارات: 334 وعنه البحار: 28/61 ح 24 والبرهان: 4/109 ح 3.

(عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إن الّذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا- يقول: استكملوا طاعة الله ورسوله وولاية آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) ثم استقاموا عليها- تتنزل عليهم الملائكة- يوم القيامة- ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون)

فأولئك هم الّذين إذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون تتلقاهم الملائكة ويقولون لهم: لا تخافوا ولا تحزنوا نحن الّذين كنا معكم في الحياة الدنيا لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنّة «وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون» (1).

9- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد ابن خالد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) الآية

(قال: استقاموا) على (2) الأئمّة واحدا بعد واحد (3).

10- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) قال هو والله ما أنتم عليه [وهو قوله تعالى] (4) (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) (5).

قلت: متى «تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة»؟ فقال: عند الموت ويوم القيامة (6).

معناه عند الموت في الدنيا، ويوم القيامة في الآخرة.

11- ويؤيده: ما ذكره في تفسير الإمام الحسن العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال الامام

ص: 537


1- عنه البحار: 34/25 ح 1 والبرهان: 4/110 ح 9.
2- في نسخة: «ج» على ولاية، وما بين القوسين ليس في نسخة «ب».
3- عنه البحار: 24/26 ح 2 والبرهان: 4/110 ح 10.
4- من البحار.
5- سورة الجن: 16.
6- عنه البحار: 24/26 ح 3 والبرهان: 4/111 ح 11.

(عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع (1) روحه وظهور ملك الموت له، وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته وعظم (2) ضيق صدره بما يخلفه من أمواله و عياله وما هو عليه من اضطراب أحواله (في) (3) معامليه وعياله وقد بقيت [في] (4) نفسه حسراتها (5) واقتطع (6) دون أمانيه فلم ينلها.

فيقول له ملك الموت: مالك تتجرع غصصك؟

فيقول: لاضطراب أحوالي واقتطاعي دون أماني (7).

فيقول له ملك الموت: (وهل يجزع عاقل) (8) من فقد درهم زائف وقد اعتاض عنه بألف الف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا.

فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك.

فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني.

فيقول له ملك الموت: هذه منازلك ونعمك وأموالك وعيالك ومن كان من ذرّيّتك صالحا فهم هناك معك، أفترضى به بدلا مما ههنا؟ فيقول: بلى والله.

ثمّ يقول له ملك الموت: انظر. فينظر فيرى محمّدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليّيّن.

فيقول له: أو تراهم هؤلاء ساداتك (9) وأئمتك، هم هناك جلاسك وآناسك أفما ترضى بهم بدلا مما تفارق ههنا؟ فيقول: بلى وربي.

ص: 538


1- في الأصل: نزوع، وما أثبتناه من المصدر والبحار.
2- في نسخ «ب، ج، م»عظيم.
3- ليس في المصدر.
4- من المصدر والبحار.
5- كذا في المصدر، وفي نسخ «ب، ج، م»حزازتها.
6- في نسخة «ج» انقطع.
7- في نسختي «ج، م» آمالي.
8- ليس في نسخة «ج».
9- في نسخة «م» سادتك.

فذلك ما قال الله تعالى (إن الّذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا- فما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه- ولا تحزنوا- على ما تخلفونه من الذراري والعيال والأموال، فهذا الّذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم- وابشروا بالجنّة التي كنتم توعدون- هذه منازلكم وهؤلاء [ساداتكم] (1) آناسكم وجلاسكم- نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم) (2).

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في الآية نحو ما ذكرنا، ثمّ قال:

12- حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلا [و] (3) يحضره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فيرونه ويبشرونه، وإن كان غير موال لنا يراهم بحيث (4) يسوؤه والدليل على ذلك: قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لحارث الهمداني:

يا حار همدان من يمت يرني *** من مؤمن أو منافق قبلا (5)

والروايات في هذا لا تحصى] (6).

وقوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)

13- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي قال: حدّثنا محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن سورة بن كليب

ص: 539


1- من المصدر والبحار.
2- تفسير الامام: 80 وعنه البحار: 24/26 ح 4 والبرهان: 4/111 ح 12 وذكر سند هذه الرواية في نسخة «أ» هكذا: الصدوق باسناده إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- من المصدر والبحار.
4- في الأصل: من حيث.
5- تفسير القمي: 593 وعنه البحار: 6/180 ح 8 و ج 69/264 والبرهان: 4/110 ح 5.
6- ما بين المعقوفين من نسخة «أ».

عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أمرت بالتقية، فسار بها عشرا حتّى أمر أن يصدع بما أمر وأمر بها علي، فسار بها حتّى أمر أن يصدع بها، ثم أمر الأئمّة بعضهم بعضا فساروا بها فإذا قام قائمنا سقطت التقية وجرد السيف، ولم يأخذ من الناس، ولم يعطهم إلا بالسيف (1).

14- وقال أيضا: حدّثنا الصالح الحسين بن أحمد، عن (2) محمّد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان، عن محمّد بن فضيل، عن العبد الصالح (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة)

فقال نحن: الحسنة، وبنو أمية السيئة (3)؟

15- وقال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) إن الحسنة التقية، والسيئة الإذاعة (4).

وقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)

16- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد عن عليّ بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الأمة في الكتاب، وسيختلفون في الكتاب الّذي

ص: 540


1- عنه البحار: 24/47 ح 21 والبرهان: 4/112 ح 3 واثبات الهداة: 7/128 ح 649.
2- في نسخة «ب» بن.
3- عنه البحار: 24/47 ح 20 والبرهان: 4/112 ح 4.
4- لم نجده في تفسير القمي، نعم رواه في الكافي: 2/218 ح 6 عن علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).

مع القائم لما (1) يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير، فيقدمهم فيضرب أعناقهم (2).

وقوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)

17- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد ابن مالك، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه عن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبين لهم أنه الحق).

قال «في الآفاق- انتقاص (3) الأطراف عليهم- وفي أنفسهم- بالمسخ- حتّى يتبين لهم أنه الحق «اي أنه القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

«42»

«سورة الشورى»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم (1) عسق (2)

1- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمرو (5) ابن عبد الغفار الفقيمي، عن محمّد أبي الحكم (6) بن المختار، عن الكلبي، عن أبي

ص: 541


1- في الكافي: الّذي.
2- الكافي: 8/287 ح 432 وعنه البحار: 24/313 ح 18 و ج 51/62 ح 62 والبرهان: 4/113 ح 1.
3- في نسخة «م» انتقاض، والانتقاص لعله إشارة إلى قوله تعالى «نأتى الأرض ننقصها من أطرافها»
4- عنه البحار: 24/164 ح 3 والبرهان: 4/114 ح 2 وإثبات الهداة: 7/128 ح 650.
5- في نسخة «ج» عمر، وفي نسخة «ب» الثقفي، والصحيح ما أثبتناه، راجع «لسان الميزان: 4/369».
6- في نسخة «ج» ابن الحكم الخ، وفي البحار: عن أبي الحكم الخ، وفي لسان الميزان «محمّد بن أبي الحكم».

صالح، عن ابن عباس قال: «حم»اسم من أسماء الله عزّ وجلّ.

و «عسق» علم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بفسق (1) كل جماعة، ونفاق كل فرقة (2).

2- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أحمد بن علي وأحمد بن إدريس، عن محمّد ابن أحمد العلوي، عن العمركي، عن محمّد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة عن عبد الله بن القاسم (3)، عن يحيى بن ميسرة الخثعمي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول:

«حم عسق» عدد سني القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و «قاف «جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، فخضرة السماء من ذلك الجبل، وعلم علي كله في حمعسق (4).

3- تأويل آخر، بحذف الاسناد يرفعه إلى محمّد بن جمهور، عن السكوني عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال «حم» حتم (5)، و «عين» عذاب، و «سين» سنون كسني يوسف، و «قاف» قذف وخسف ومسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني وأصحابه وناس من كلب (6) ثلاثون الف ألف يخرجون معه وذلك حين يخرج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمكة، وهو مهدي هذه الأمة (7).

وقوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)

4- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن العباس، عن حسن بن محمّد، عن عباد بن يعقوب، عن عمر بن جبير، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)

ص: 542


1- في نسخة «ب» أنه تفسير، وفي نسخ «أ، ج، م»تفسير، وما أثبتناه من البحار.
2- عنه البحار: 24/373 ح 99 والبرهان: 4/115 ح 3.
3- في الأصل: أبي عبد الله بن القاسم.
4- تفسير القمي: 595 وعنه البحار: 60/119 ح 5 والبرهان: 4/115 ح 2، والحديث من نسخة «أ»، وفي الأصل: حمسق، وفي المصدر والبرهان «كل شئ» بدل «على كله».
5- في نسخة «ب» حميم.
6- في نسخة «ب» كليب.
7- عنه البحار: 24/373 ح 100 والبرهان: 4/115 ح 4.

في قوله عزّ وجلّ (ولكن يدخل من يشاء في رحمته- قال: الرحمة ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)- والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير) (1).

وقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا - إلى قوله- ويهدي إليه من ينيب (12)

5- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد (2) الحسني، عن إدريس بن زياد الحناط، عن أحمد بن عبد الرحمان الخراساني، عن بريد (3) بن إبراهيم، عن أبي حبيب النباحي (4)، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال في تفسير هذه الآية: نحن الّذين شرع الله لنا دينه في كتابه، وذلك قوله عزّ وجلّ (شرع لكم- يا آل محمّد- من الدين ما وصى به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين- يا آل محمّد- ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه- من ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الله- يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) أي من يجيبك إلى ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

6- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله القصباني (6) عن عبد الرحمان بن أبي نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى عبد الله بن جندب رسالة وأقرأنيها (7).

قال عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (نحن أولى الناس بالله عزّ وجلّ ) (8) (ونحن أولى بكتاب الله، ونحن أولى بدين الله) (9) ونحن الّذين شرع الله لنا دينه، فقال في كتابه

ص: 543


1- عنه البحار: 24/66 ح 52 و ج 35/425 ح 8 والبرهان: 4/117 ح 2.
2- في نسخة «ج» «محمّد بن جعفر بن محمّد» بدل «جعفر بن محمّد».
3- في نسخة «ب» والبحار: يزيد.
4- في نسخة «ب» النجاشي، وفي نسختي «ج، م» النتاجي، وما أثبتناه من نسخة «أ» وهو الصحيح، راجع معجم رجال السيد الخوئي: 21/125.
5- عنه البحار: 23/365 ح 29 والبرهان: 4/119 ح 8.
6- في الأصل: عبد الله بن العصباني.
7- في الأصل: وأقر بينهما رسالة.
8- ليس في نسخة «ب».
9- ليس في نسخة «ج»، وفي البحار: ونحن أولى الناس بدين الله.

(شرع لكم من الدين- يا آل محمّد- ما وصى به نوحا- فقد وصانا بما وصى به نوحا- والّذي أوحينا إليك- يا محمّد- وما وصينا به إبراهيم- وإسماعيل وإسحاق ويعقوب- وموسى وعيسى- فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا [علمهم] (1)، فنحن ورثة الأنبياء، ونحن ورثة أولي العزم من الرسل- أن أقيموا الدين- يا آل محمّد - ولا تتفرقوا فيه- وكونوا على جماعه- كبر على المشركين ما تدعوهم إليه- من ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- إن الله- يا محمّد- يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) من يجيبك إلى ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

7- [وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) نحو هذا، وقال فيما بعد هذه الآية «فلذلك فادع «يعني لهذه الأمور ولما تقدّم من ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم- فيه إلى أن قال- الله الّذي أنزل الكتاب بالحق والميزان»

قال: الميزان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) (3) يعني الامام إلى أن قال:

وقوله (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم) [قال] (4) الكلمة: الامام، إلى أن قال: ثمّ قال عزّ وجلّ (ترى الظالمين- يعني لآل محمّد حقهم إلى أن بلغ قوله تعالى- قل لا أسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى)] (5).

و قوله تعالی: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ

ص: 544


1- من البصائر، وفي نسخة «ب» ما استودعنا.
2- عنه البحار: 23/365 ح 30 والبرهان: 4/119 ح 9، وأخرجه في البحار: 26 /142 ح 16 عن بصائر الدرجات: 118 ح 1 عن عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمان بن الحجاج.
3- سورة الرحمن: 7.
4- من المصدر.
5- تفسير القمي: 600 وقطعة منه في البحار: 35/373 ح 22 وصدره في البرهان: 4 /120 مفصلاً وذیله فی ص 121 ح2، وما بین المعقوفین من نسخة «أ».

8- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي، عن أبي محمّد إسماعيل بن (محمّد بن) (1) إسحاق بن محمّد بن جعفر ابن محمّد قال: حدّثني عمي عليّ بن جعفر، عن الحسين بن زيد (2)، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: خطب الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) حين قتل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثمّ قال: وإنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)

فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت (3).

9- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن محمّد ابن عبد الله الخثعمي (4) عن الهيثم بن عدي، عن سعيد بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما في قوله عزّ وجلّ (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال: وإن القرابة التي أمر الله بصلتها وعظم من حقها وجعل الخير فيها، قرابتنا أهل البيت الّذين أوجب (الله) (5) حقنا على كل مسلم (6).

10- وقال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): أخبرنا مهدي بن نزار الحسيني باسناد عن رجاله، عن ابن عباس قال: لما أنزل الله (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الّذين أمرنا بمودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولدهما (7).

11- وقال أيضا: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال: حدّثني عثمان بن

ص: 545


1- ليس في نسخة «ب» وفيه أبي محمّد بن إسماعيل، وفي نسخة «ج» محمّد بن إسماعيل.
2- كذا في نسخة «ب»، وفي نسخة «أ» الحسين (الحسن) بن يزيد، وفي نسخة «ج» الحسين ابن يزيد، عن الحسن بن زيد وكذا في نسخة «م» الا ان فيه «زيد «بدل «يزيد».
3- عنه البحار: 23/251 ح 26 والبرهان: 4/124 ح 11.
4- كذا في نسخة «ب»، وفي نسخ «أ، ج، م»والبحار: الجشمي.
5- ليس في نسخة «ج».
6- عنه البحار: 23/251 ح 27 والبرهان: 4/124 ح 12.
7- مجمع البيان: 9/28، وعنه البحار: 23/230 والبرهان: 4/125 ح 20.

عمير، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حين قدم المدينة واستحكم الاسلام، قالت الأنصار فيما بينهم: نأتي رسول الله فنقول له: إنه تعروك (1) أمور، فهذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج ولا محظور. فأتوه في ذلك فنزلت (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فقرأها عليهم وقال: تودون قرابتي من بعدي، فخرجوا من عنده مسلمين لقوله، فقال المنافقون: إن هذا لشئ افتراه في مجلسه، أراد أن يذللنا لقرابته من بعده، فنزلت (أم يقولون افترى على الله كذبا) فأرسل إليهم، فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم الامر فأنزل الله (وهو الّذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون- فأرسل في أثرهم فبشرهم (2) به.

ثمّ قال سبحانه:- ويستجيب الّذين آمنوا) وهم الّذين سلموا لقوله (3).

[ومثله عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) (4) وبالجملة الاخبار في فضل مودتهم ووجوبها من طرق العامّة والخاصّة أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تسطر] (5).

ومعنى اقتراف الحسنة: أنه من فعل طاعة، يزيد الله سبحانه في تلك الطاعة حسنا يوجب ثوابا حسنا.

12- وذكر أبو حمزة الثمالي، عن السدي أنه قال: اقتراف الحسنة: المودة لآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (6).

13- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبان بن تغلب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في قوله عزّ وجلّ (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)

ص: 546


1- في نسخة «ج» ان يعروك: وفي المصدر: ان تعرك.
2- في نسخة «ج» وبشرهم.
3- مجمع البيان: 9/29 وعنه البحار: 23/231 والبرهان: 4/125 ح 17.
4- تفسير القمي: 601 وعنه البرهان: 4/124 ح 15.
5- ما بين المعقوفين من نسخة «أ».
6- مجمع البيان: 9/29 وعنه البرهان: 4/125 ذ ح 17.

قال: الاقتراف: التسليم لنا، والصدق علينا، وألا يكذب (1) علينا (2).

14- وفي المعنى ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) عن عليّ بن محمّد عن عليّ بن العباس، عن عليّ بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)

قال: من تولى الأوصياء من آل محمّد واتبع آثارهم فذلك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأولين حتّى تصل ولايتهم إلى آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قول الله عزّ وجلّ (من جاء بالحسنة فله خير منها) (3) يدخله الجنّة وهو قول الله عزّ وجلّ (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) (4) يقول: أجر المودة الّذي لم أسألكم غيره فهو لكم، تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة.

وقال لأعداء الله، أولياء الشيطان، أهل التكذيب والانكار «قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين» (5) يقول: متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله.

فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: ما يكفي محمّدا [أن يكون] (6) قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا، فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلا شئ يتقوله (7) يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا، ولئن (8) قتل محمّد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم (9) أبدا، وأراد الله- عزّ وجلّ ذكره- أن يعلم نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الّذي أخفوا في صدورهم وأسروا به.

فقال في كتابه (أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك) يقول: لو شئت حبست عنك الوحي، فلم تتكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم وقد

ص: 547


1- في نسختي «ج، م» ولا يكذب.
2- الكافي: 1/391 ح 4 وعنه البرهان: 4/122 ح 6، وأخرجه في البحار: 2/160 ح 6 عن بصائر الدرجات: 491 ح 6 بسنده عن أبان مثله، وأورده في مختصر البصائر: 72.
3- سورة النمل: 89،
4- سورة سبأ: 47.
5- سورة ص: 86.
6- من الكافي.
7- في نسخة «م» تقوله وافتراه.
8- في الأصل: وإن.
9- في الأصل: لهم.

قال الله عزّ وجلّ (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته) يقول: يحق لأهل بيتك الولاية «والله عليم بذات الصدور «يقول: عليم بما ألقوه في صدورهم من العداوة والظلم بعدك (لآلك) (1) وهو قول الله عزّ وجلّ (وأسروا النجوى الّذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) (2).

15- وقال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): ما نقله في كتاب شواهد التنزيل مرفوعا إلى أبي امامة الباهلي قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة، أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمارها، وأشياعنا ورقها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ عنه هوى.

ولو أنّ عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتّى يصير كالشنّ البالي، ثم لم يدرك محبتنا أكبه الله على منخريه في النار.

ثم تلا (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (3).

ولا شكّ أن مودتهم أجر الرسالة، وأجرها عظيم، ومودتهم كذلك عظيمة، و كل الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) جعلوا أجرهم في تبليغ الرسالة على الله إلا نبينا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فإنه جعل أجره مودة قرابته.

16- وقد جاء في مودتهم فضل كثير: منه ما روي عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنّه قال: أنا شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذرّيّتي، ورجل بذل ماله لذرّيّتي عند الضيق، ورجل أحب ذرّيّتي باللسان والقلب، ورجل سعى في

ص: 548


1- ليس في نسختي «ج، م».
2- الكافي: 8/379 ح 574 وعنه البحار: 23/252 ح 32 و ج 24/175 ح 4 وص 367 ح 94 والبرهان: 4/122 ح 5 وصدره في البرهان: 3/354 ح 1 والآية الأخيرة في سورة الأنبياء: 3.
3- شواهد التنزيل: 1/429 ح 588 و ج 2/141 ح 837، مجمع البيان: 9/28، وعنه البرهان، 4/125 ح 21: 23/230.

حوائج ذرّيّتي إذا طردوا أو شردوا (1).

17- وروي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد (2): أيها الخلائق أنصتوا، فإن محمّدا يكلمكم. فتنصت الخلائق، فيقوم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيقول: يا معاشر (3) الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتّى أكافيه.

فيقولون: بآبائنا وأمهاتنا، وأي يد وأي منة وأي معروف (4) لنا، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على الخلائق.

فيقول: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي، أو برهم، أو كساهم من عري أو أشبع جائعهم فليقم حتّى أكافيه. فيقوم أناس قد فعلوا ذلك.

فيأتي النداء من عند الله «يا محمّد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم إليك فأسكنهم من الجنّة حيث شئت «فيسكنهم في الوسيلة (5) حيث لا يحجبون عن محمّد وأهل بيته. صلوات الله عليهم (6).

وقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)

18- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن عليّ بن هلال الأحمسي، عن الحسن بن وهب، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) قال:

ص: 549


1- الكافي: 4/60 ح 9 والتهذيب: 4/111 ح 57 وعنهما الوسائل: 11/556 ح 2 ورواه الصدوق في «من لا يحضره الفقيه»: 2/65 ح 1726 والمفيد في المقنعة: 43 مرسلا.
2- في نسختي «ب، م» مناديا.
3- في نسختي «ب، م» يا معشر.
4- كذا في الفقيه، وفي الأصل: وأي يد أو منة أو معروف.
5- في نسخ «ب، ج، م»فيسكنهم معه في الوسيلة.
6- من لا يحضره الفقيه: 2/65 ح 1727، وعنه وسائل الشيعة: 11/556 ح 3.

ذلك القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام انتصر من بني أمية ومن المكذبين والنصاب (1).

وقوله تعالى: وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)

19- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي الصيرفي (2) عن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قرأ «وترى الظالمين- (3) آل محمّد حقهم- لما رأوا العذاب- وعلي هو العذاب- يقولون هل إلى مرد من سبيل»

يعني: أنه سبب العذاب، لأنه قسيم الجنّة والنار (4).

ثمّ قال سبحانه وتعالى عنهم:

وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ

20- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السياري، عن البرقي، عن محمّد بن أسلم، عن أيوب البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال قوله عزّ وجلّ (خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي) يعني إلى القائم عجل الله فرجه (5).

وقوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)

21- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن

ص: 550


1- عنه البحار: 24/229 ح 29 والبرهان 4/129 ح 1 واثبات الهداة: 7/129 ح 652 وأخرجه في البحار: 51/48 ح 12 عن تفسير القمي: 604 وتفسير فرات: 150.
2- في نسخ «أ، ب، م» الصوفي.
3- في نسختي «ج، م» ظالمي، وفي بعض نسخ قراءات السياري هكذا: قال إنه قرأ.
4- عنه البحار: 24/229 ح 30 والبرهان: 4/129 ح 1، وفي حاشية نسخة «أ» هكذا: وروى عليّ بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) باسناده مثله تفسير القمي: 654.
5- عنه البحار: 24/229 ح 32 والبرهان: 4/129 ح 2 واثبات الهداة: 7/129 ح 653.

أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور ابن يونس، عن أبي بصير وأبي الصباح الكناني قالا: قلنا لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):

جعلنا الله فداك، قوله تعالى (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)؟

قال: يا أبا محمّد الروح خلق أعظم من جبرئيل، وميكائيل، كان مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يخبره ويسدده، وهو مع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يخبرهم ويسددهم (1).

22- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن علي ابن هلال (2) (عن الحسن بن وهب العبسي) (3) عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا)

قال: ذلك عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وفي قوله (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)

قال: إلى ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

[وروى عليّ بن إبراهيم نحو ما ذكرنا] (5).

وعلى ذريته الأماجد الكرام الصفوة من الأنام وخيرة الملك العلام سلام دائم مستمر الدوام على مر الشهور والأعوام، ما سبح الرعد في الغمام ونسخ الضياء والظلام.

ص: 551


1- عنه البحار: 24/318 ح 25 والبرهان: 4/133 ح 8.
2- في نسخة «ب» حماد.
3- ليس في نسخة «ب»، وفي البحار «الحبشي «بدل «العبسي».
4- عنه البحار: 24/24 ح 54 وصدره في البرهان: 4/133 ح 9.
5- تفسير القمي: 606 وعنه البرهان: 4/133 ح 11، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

«43»

«سورة الزخرف »

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وإنّه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم (4)

إعلم أن الضمير في «إنه «يعود إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما يأتي في التأويل وإن لم نجد له ذكرا، وجاء ذلك كثيرا في القرآن وغيره ويسمى التفاتا مثل قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) (1) الآية. وقوله (حتّى توارت بالحجاب) (2).

1- ومن التأويل: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله) بإسناده عن رجاله إلى حمّاد السندي (3)، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد سأله سائل عن قول الله عزّ وجلّ (وإنّه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) قال: هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

2- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن إدريس عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عليّ بن جعفر قال: سمعت الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول: قال أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5) وقد تلا هذه الآية (وإنّه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) قال: عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

3- وروي عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه سئل أين ذكر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أم الكتاب؟

فقال: في قوله سبحانه (إهدنا الصراط المستقيم) وهو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

4- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي (عن محمّد بن حماد الشاشي) (8)

ص: 552


1- سورة الأحزاب: 33.
2- سورة ص: 32.
3- في نسخة «ب» «عن أبي حماد السمندي «بدل «إلى حماد السندي».
4- عنه البحار: 23/210 ح 16 والبرهان: 4/135 ح 8.
5- في نسخة «ب» أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
6- عنه البحار: 23/210 ح 17 والبرهان: 4/134 ح 3.
7- عنه البحار: 23/211 ح 18 والبرهان: 4/134 ح 4.
8- ليس في نسخة «ب»، وفي نسخة «م» الشاسي.

عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن عباس الصائغ عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان فإذا هو على فراشه، فلمّا رأى عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) خف له.

فقال له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تتخذن زيارتنا إياك فخرا على قومك، قال: لا يا أمير المؤمنين ولكن ذخرا وأجرا. فقال له: والله ما كنت (علمتك) (1) إلا خفيف المؤنة، كثير المعونة.

فقال صعصعة: وأنت والله يا أمير المؤمنين ما علمتك إلا أنك بالله (2) لعليم، وأن الله في عينك لعظيم، وأنك في كتاب الله لعلي حكيم، وأنك بالمؤمنين رؤوف رحيم (3).

5- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن واصل (4) بن سليمان، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى جلس عند رأسه فقال: رحمك الله يا زيد قد (5) كنت خفيف المؤنة، عظيم المعونة فرفع زيد رأسه إليه فقال: وأنت جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فوالله ما علمتك إلا بالله عليما، وفي أم الكتاب عليا حكيما، وأن الله في صدرك عظيما (6).

6- وجاء في دعاء يوم الغدير: وأشهد أنه الإمام الهادي الرشيد أمير المؤمنين الّذي ذكرته في كتابك، فإنك قلت (وإنّه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) (7).

وقوله تعالى: سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)

7- تأويله: ما قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي

ص: 553


1- ليس في البحار.
2- كذا في البحار، وفي الأصل هكذا: انك ما علمتك إلا بالله
3- عنه البحار: 23/211 ح 19 والبرهان: 4/135 ح 5.
4- في نسختي «أ، م» وأهل.
5- في نسخة ج «وقد، وفي «ب» فقد.
6- أي كان في صدرك عظيما. عنه البحار: 23/211 ح 20 والبرهان: 4/135 ح 6.
7- أخرجه في البحار: 98/304 عن اقبال الأعمال: 477.

عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): أمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أبا بكر وعمر وعليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يمضوا إلى الكهف والرقيم فيسبغ أبو بكر الوضوء ويصف قدميه ويصلي ركعتين وينادي ثلاثا فإن أجابوه وإلا فليقل (1) مثل ذلك عمر، فإن أجابوه وإلا فليقل (2) مثل ذلك علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر.

فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفعل ذلك فأجابوه وقالوا: لبيك لبيك- ثلاثا-.

فقال لهم: ما لكم لم (3) تجيبوا الصوت الأول والثاني (4) وأجبتم الثالث؟

فقالوا: إنا أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصيا.

ثم انصرفوا إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فسألهم ما فعلوا، فأخبروه، فأخرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صحيفة حمراء فقال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما (5) رأيتم وسمعتم.

فأنزل الله عزّ وجلّ (ستكتب شهادتهم ويسئلون) يوم القيامة (6).

8- [وروى ابن طاووس (رحمه الله) هذه المنقبة في كتاب «اليقين في تسمية علي بأمير المؤمنين «وفي كتاب «سعد السعود «من طريق العامّة وذكر أنه رواها من طرق متعددة وفيما ذكره زيادة أخرى هي:

أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جلس على بساط أتى به النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأمر بجلوس من جلس معه على ذلك البساط وحرك شفتيه بما لا يفهمه أحد منهم وطار بهم البساط إلى الكهف، وكان ذهابهم إليه ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت صلاة العصر.

وفي الرواية زيادة بسط وتأكيد لما يتعلق بولايته (عَلَيهِ السَّلَامُ) من التأسيس والتشييد والتمهيد. (7)]

ص: 554


1- في نسخة «ب» فليفعل.
2- في نسخة «ب» فليفعل.
3- في نسخة «ب» لا.
4- في نسخة «ج» والصوت الثاني.
5- في نسخة «ب» وبما، وفي نسخة «ج» فيما.
6- عنه البحار: 24/319 ح 26 و ج 36/153 ح 133 والبرهان: 4/137 ح 1.
7- كشف اليقين: 135، سعد السعود: 112، وعنهما البحار: 39/138 ح 5. والحديث نقلناه من نسخة «أ».

9- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن خلف، عن حماد بن عيسى (1) عن أبي بصير قال: ذكر أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) الكتاب الّذي تعاقدوا عليه في الكعبة واشهدوا فيه وختموا (2) عليه بخواتيمهم.

فقال: يا أبا محمّد إن الله أخبر نبيه بما يصنعونه قبل أن يكتبوه، وأنزل الله فيه كتابا.

قلت: أنزل الله فيه كتابا؟!

قال: نعم، ألم تسمع قوله تعالى (ستكتب شهادتهم ويسئلون) (3).

وقوله تعالى: وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن محمّد الجعفي، عن أحمد بن القاسم الأكفانّي، عن عليّ بن محمّد بن مروان، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: خرج علينا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونحن في المسجد فاحتوشنا عليه.

فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن فإن في القرآن علم الأولين والآخرين لم يدع لقائل مقالا، ولا (4) يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وليسوا (5) بواحد، ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان واحدا منهم، علمه الله سبحانه إياه، وعلمنيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثم لا يزال في بقيته (6) إلى يوم القيامة (7).

ثم قرأ «وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة» (8) فأنا (بقية) (9) من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة.

ثم قرأ (وجعلنا كلمة باقية في عقبه)، ثمّ قال: كان (10) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 555


1- كذا في الأصل، وفي البحار: 24: يونس، عن خلف، عن أبي بصير، وفي البحار: 36: يونس، عن حماد بن عيسى.
2- في نسخ «أ، ج، م»، واجتمعوا.
3- عنه البحار: 24/319 ح 27 و ج 36/153 ذ ح 133 والبرهان: 4/137 ح 2.
4- في نسخة «ب» لم.
5- في نسخة «ج» ليس.
6- في نسختي «ج، م» في عقبه.
7- في البحار: يوم تقوم الساعة.
8- سورة البقرة: 248.
9- ليس في نسختي «ج، م».
10- في نسخة «ب» لان.

عقب إبراهيم، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم، وعقب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

11- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن الحسن (2) بن عليّ بن مهزيار (3) قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن الحسين (4) بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن أبي سلام عن سورة بن كليب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال: إنها في [عقب] (5) الحسين، فلم يزل هذا الامر- منذ أفضي إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- ينتقل من والد إلى ولد لا يرجع إلى أخ ولا إلى عم، ولا يعلم أحد منهم خرج من الدنيا إلا وله ولد، وإن عبد الله بن جعفر خرج من الدنيا ولا ولد له، ولم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا (6).

12- وروى الشيخ محمّد بن بابويه (رحمه الله) في كتاب النبوة بإسناده إلي المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال:

يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى يوم القيامة.

فقلت: (7) يا بن رسول الله أخبرني كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون الحسن (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهما ولدا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنّة ؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا مفضل إن موسى وهارون نبيان مرسلان أخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون [دون صلب موسى] (8) ولم يكن لأحد أن يقول: لم فعل ذلك؟ وكذلك الإمامة، وهي خلافة الله عزّ وجلّ

ص: 556


1- عنه البحار: 24/179 ح 11 والبرهان: 4/139 ح 5.
2- في نسخ «أ، ب، م» الحسين.
3- في نسختي «أ، م» مهران.
4- في نسختي «أ، م» الحسن.
5- من الكمال وغيره.
6- عنه البحار: 24/179 ح 12 والبرهان: 4/139 ح 6، وأخرجه في البحار: 25/253 ح 12 عن كمال الدين: 2/415 ح 4 وفي ص 258 ح 18 والبرهان: 4/138 ح 2 عن علل الشرائع: 1/207 ح 6، ورواه ابن بابويه في الإمامة والتبصرة: 49 ح 32.
7- في البحار: قال: فقلت له.
8- من نسخة «ب» والمعاني والخصال والكمال.

وليس لأحد أن يقول: لم جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

لان الله عزّ وجلّ حكيم في أفعاله (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) (1).

وقال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) «وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون» يعني فإنهم يرجعون- أي الأئمّة- (عَلَيهِم السَّلَامُ) إلى الدنيا (2).

وقوله تعالى: ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون (29)

13- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبي أسلم، عن أيوب البزاز عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال «ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم- آل محمّد حقهم- أنكم في العذاب مشتركونم» (3).

وهذا جواب لمن تقدّم ذكرهم أمام هذه الآية، وهو قوله عزّ وجلّ (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنّهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين).

فيقال لهم عقيب ذلك (ولن ينفعكم اليوم- أي هذا اليوم- إذ ظلمتم آل محمّد حقهم- أنكم في العذاب مشتركون) التابع منكم والمتبوع وأصول الظلم والفروع.

وقوله تعالى: فأمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)

معناه: إذا ذهبنا بك وتوفيناك «فإنا منهم منتقمون «من أمتك من بعدك لان الله سبحانه آمن أمته من عذاب الاستئصال لقوله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت

ص: 557


1- معاني الأخبار: 126 ح 1، الخصال: 1/304 ح 84، كمال الدين: 2/358 ح 57 وعنها البحار: 25/260 ح 25، وأخرجه في البرهان: 4/39 ح 7 عن كتاب النبوة لابن بابويه، والآية الأخيرة: 23 من سورة الأنبياء.
2- تفسير القمي: 609 وعنه البحار: 53/56 ح 38 والبرهان: 4/140 ح 12، والحديث من نسخة «أ».
3- عنه البحار: 24/230 ح 33 و ج 36/153 ذ ح 133 والبرهان: 4/143 ح 3.

فيهم) (1)، ولما آمنهم من الانتقام في حياته توعدهم بالانتقام بعد وفاته على يد وصيه، لأنه قال له:

14- يا عليّ إنك تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وإنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين (2).

وقد ورد في تأويل ذلك أخبار:

15- منها: ما حكاه أبو علي الطبرسي (رحمه الله) قال: روي [عن] (3) جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: إني لأدناهم من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في حجة الوداع بمنى إذ قال: لألفينكم (4) ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ولأيم الله لئن فعلتموها لتعرفنني في الكتيبة التي تضاربكم، ثم التفت إلى خلفه وقال: أو علي أو علي- ثلاث مرات- فرأينا أن جبرئيل قد غمزه، فأنزل الله سبحانه في أثر ذلك (فأمّا نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) بعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

16- ومنها: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن محمّد بن عثمان بن (6) أبي شيبة، عن يحيى بن حسن بن فرات، عن مصبح بن الهلقام (7) العجلي، عن أبي مريم، عن المنهال بن عمر [و] (8)، عن زر بن حبيش (9)، عن حذيفة بن اليمان قال: قوله تعالى (فأمّا

ص: 558


1- سورة الأنفال: 33.
2- أخرج صدره في إحقاق الحق: 6/24- 38 عن عدة كتب وذيله في ص 62 عن مستدرك الحاكم: 3/140 وشرح النهج لابن أبي الحديد: 13/183.
3- من نسخة «م».
4- في نسخة «أ» ألقينكم، وفي نسخة «ب» لأنهيكم.
5- مجمع البيان: 9/49 وعنه البرهان: 4/144 ح 8، وأخرجه في البحار: 8/454 (طبع الحجر) والبرهان: 4/144 ح 7 عن أمالي الشيخ: 1/373.
6- في البرهان: عن.
7- في نسختي «ب، م الهلتام، وما أثبتناه هو الصحيح، راجع لسان الميزان: 6/42.
8- من البرهان وهو الصحيح راجع كتب الرجال وفي نسخة «ج» عمر (و خ ل).
9- في نسختي «أ، م» رزين بن خنيس، وما أثبتناه هو الصحيح: رجال الشيخ أصحاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

نذهبنّ بك فإنا منهم منتقمون) يعنى: بعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

17- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن موسى النوفلي، عن عيسى بن مهران، عن يحيى بن حسن (2) بن فرات بإسناده إلى حرب بن أبي الأسود الدؤلي (3) عن عمه أنه قال: إن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: لما نزلت (فأمّا نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) أي بعلي، كذلك حدّثني جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

18- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن عبد الغفار بن محمّد، عن منصور بن أبي الأسود، عن زياد بن المنذر، عن عدي بن ثابت قال: سمعت ابن عباس يقول: ما حسدت قريش عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشئ مما سبق له أشد مما وجدت يوما ونحن عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: كيف أنتم معشر قريش!! لو قد كفرتم من بعدي، فرأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم بالسيف؟

فهبط عليه جبرئيل، فقال: قل: إن شاء الله أو علي فقال: إن شاء الله أو علي (5).

19- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن (6) عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (فأمّا نذهبن بك فإنا منهم منتقمون)

ص: 559


1- عنه البرهان: 4/144 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/23 ح 6 عن تفسير فرات: 150 متنا.
2- في نسخة «م» حسن (حسين- خ ل-).
3- لم نجد له ذكرا في كتب الرجال وانما الموجود: أبو الأسود الدؤلي واسمه ظالم بن ظالم راجع «معجم رجال السيد الخوئي»: 9/171، وحرب موجود في الرجال بغير هذا العنوان فراجع.
4- عنه البرهان: 4/144 ح 3، وأخرجه في البحار: 8/153 (طبع الحجر) عن المناقب لابن شهرآشوب: 3/20 مع اختلاف.
5- عنه البرهان: 4/144 ح 4 والبحار: 8/458 (طبع الحجر) وفي ص 455 عن أمالي الشيخ: 2/117 بإسناده عن جابر الأنصاري نحوه.
6- كذا في البحار وسورة المطففين والفجر، وفي الأصل «بن «وهو تصحيف.

قال: قال الله (1): أنتقم بعلي يوم البصرة (2) وهو الّذي وعد الله رسوله (3).

20- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن علي ابن هلال، عن محمّد بن الربيع، قال: قرأت على يوسف الأزرق حتّى انتهيت في «الزخرف «إلى قوله تعالى «فأمّا نذهبن بك فإنا منهم منتقمون).

قال: يا محمّد أمسك، فأمسكت.

فقال يوسف: قرأت على الأعمش فلمّا انتهيت إلى هذه الآية، قال: يا يوسف أتدري فيمن نزلت؟ قلت: الله أعلم. قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فأمّا نذهبن بك فإنا منهم- بعلي- منتقمون)، محيت والله من القرآن، واختلست والله من القرآن (4).

وقوله تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)

21- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن عليّ بن هلال، عن الحسن بن وهب، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (فاستمسك بالّذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم)

قال: في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

22- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين، عن النضر بن شعيب بإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (فاستمسك

ص: 560


1- في نسخة «ب» فقال: والله بدل «قال: قال الله».
2- في نسختي «أ، م» النصرة.
3- عنه البحار: 8/458 (طبع الحجر) والبرهان: 4/144 ح 5، 6.
4- عنه البحار: 8/458 (طبع الحجر) والبرهان: 4/144 ح 5، 6.
5- عنه البحار: 24/25 ح 55 و ج 36/154 والبرهان: 4/54 ح 4، وأخرجه في البحار:

بالّذي أوحي إليك إنك- في ولاية علي- على صراط مستقيم) وعلي هو الصراط المستقيم (1).

قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)

23- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن القاسم عن حسين بن الحكم، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فنحن قومه، ونحن المسؤولون (2).

24- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن عبد الرحمان بن سلام، عن أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله عزّ وجلّ (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)؟

قال: إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون (3).

25- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن فضال عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي [عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (4) قال: قوله عزّ وجلّ (وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [الذكر] (5) وأهل بيته صلوات الله عليهم أهل الذكر، وهم المسؤولون، أمر الله الناس يسألونهم، فهم ولاة الناس وأولاهم بهم، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الّذي افترضه الله لهم (6).

26- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يوسف عن صفوان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله عزّ وجلّ (وإنّه لذكر لك ولقومك

ص: 561


1- الكافي: 1/417 ح 24 وعنه البحار: 24/23 ح 48 والبرهان: 4/145 ح 1.
2- عنه البحار: 23/186 ح 58 و ج 36/154 والبرهان: 4/146 ح 9.
3- عنه البرهان: 4/146 ح 10، والمستدرک: 3/178 ح7.
4- من نسخة «أ».
5- من غاية المرام.
6- في البحار: 23/187 ح 59 والبرهان: 4/146 ح 11 وغاية المرام: 385 ح 13 والمستدرك: 3/178 ح 8.

وسوف تسئلون) من هم؟ قال: نحن هم (1).

27- وروي عن محمّد بن خالد البرقي (2) عن الحسين بن سيف، عن أبيه عن ابني (3) القاسم، عن (4) عبد الله، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون)

قال: قوله (ولقومك) يعني عليا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، «وسوف تسئلون «عن ولايته (5).

ويدل على ذلك قوله تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) (6).

ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا

تأويله: جاء من طريق العامّة والخاصّة:

28- فمن ذلك: ما رواه أبو نعيم الحافظ أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ليلة أسري به إلى السماء جمع الله بينه وبين الأنبياء، ثمّ قال له: سلهم يا محمّد على ماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة: أن لا إله إلا الله، والاقرار بنبوتك، والولاية لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

29- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن جعفر بن محمّد الحسيني (8) عن عليّ بن إبراهيم القطان، عن عباد بن يعقوب (9) عن محمّد بن الفضيل، عن محمّد ابن سوقة (10) عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في حديث الاسراء: فإذا ملك قد أتاني، فقال: يا محمّد سل من أرسلنا قبلك من رسلنا: على ماذا بعثتم؟

ص: 562


1- عنه البحار: 23/187 ح 60 والبرهان: 4/146 ح 12.
2- في هذا نظر إذ لم نجد في كتب الرجال روايته عن ابن سيف فيحتمل كونه أحمد بن محمّد ابن خالد البرقي.
3- في نسخة «ب» أبى.
4- في نسخة «م» بن.
5- عنه البحار: 23/187 ح 61 والبرهان: 4/146 ح 13.
6- سورة الصافات: 24.
7- عنه البحار: 36/155 مع اختلاف. وأخرجه في البرهان: 4/148 ح 9 عن كتاب حلية الأولياء، وفي إحقاق الحق: 3/144 عن ابن عبد البر وغيره من علماء المخالفين وفي ج4/338 عن دلائل النبوة لأبي نعيم.
8- في نسخة «م» والبحار: الحسنى.
9- في نسخة «ج» ابن عياش بن يعقوب.
10- في نسخ «أ، ج، م»(سويد: خ- ل).

فقلت لهم: معاشر الرسل والنبيّين على ماذا بعثكم الله قبلي؟

قالوا: على ولايتك يا محمّد، وولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

30- ويؤيده: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله) بإسناده عن رجاله إلى محمّد بن مروان (2) قال: حدّثنا السائب بإسناده، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما عرج بي إلى السماء انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر، فقال لي جبرئيل: يا محمّد هذا البيت المعمور خلقه الله قبل أن يخلق (3) السماوات والأرض بخمسين ألف عام، فصل فيه، فقمت للصلاة وجمع الله النبيّين والمرسلين، فصفهم جبرئيل صفا، فصليت بهم.

فلمّا سلمت أتاني آت من عند ربي فقال: يا محمّد ربك يقرئك السلام، و يقول لك: سل الرسل على ماذا أرسلتم من قبلي؟

فقلت: معاشر الأنبياء والرسل على ماذا بعثكم ربي قبلي؟

قالوا: على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) (4).

31- ومن طريق العامّة عن أبي نعيم الحافظ، عن محمّد بن حميد (5) يرفعه عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما جمع الله بيني وبين الأنبياء ليلة الاسراء قال الله تعالى: سلهم يا محمّد على ماذا بعثتم؟

قالوا: بعثنا الله على شهادة: أن لا إله إلا الله، والاقرار بنبوتك، وعلى الولاية

ص: 563


1- عنه البحار: 36/154 ح 134 والبرهان: 4/147 ح 3.
2- في البحار: حمران.
3- في نسختي «ب، م» خلق بدل «أن يخلق».
4- عنه البحار: 36/155 ورواه ابن شاذان في المائة منقبة: 82.
5- في نسخة «ب» جميل، وفي نسخة «ج» حميد (جميل- خ- ل).

لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

فانظر أيها الناظر إلى ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنها مفترضة على الخلق أجمعين خصوصا على النبيّين والمرسلين.

32- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله) في سورة الإسراء عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أتى رجل إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في مسجد الكوفة وقد احتبى بحمائل سيفه، فقال:

يا أمير المؤمنين إن في القرآن آية قد أفسدت علي ديني وشككتني في ديني قال: وما ذاك؟ قال: قول الله عزّ وجلّ:

(وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) فهل كان في ذلك الزمان نبي غير محمّد فيسأله عنه؟

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): اجلس أخبرك به إن شاء الله إن الله عزّ وجلّ يقول (سبحان الّذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الّذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) (2).

فكان من آيات الله التي أراها محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه انتهى به جبرئيل إلى البيت المعمور، وهو المسجد الأقصى، فلمّا دنا منه أتى جبرئيل عينا فتوضأ منها، ثمّ قال:

يا محمّد توضأ، ثم قام جبرئيل فأذن، ثمّ قال للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): تقدّم فصل واجهر بالقراءة فإن خلفك أمما (3) من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عزّ وجلّ، وفي الصف الأول آدم ونوح وإبراهيم وهود وموسى وعيسى وكل نبي بعثه الله منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن بعث (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فصلى بهم غير هائب ولا محتشم.

ص: 564


1- مع ح 28 وله تخريجات ذكرناها هناك فلاحظ.
2- سورة الإسراء: 1.
3- في البحار: أفقا.

فلمّا انصرف أوحى الله إليه كلمح البصر (وسئل- يا محمّد- من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا) الآية فالتفت [إليهم] (1) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بجميعه فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين وصيك؟ وأنك رسول الله سيد النبيّين، وأن عليا سيد الوصيّي ن أخذت على ذلك مواثيقنا لكما بالشهادة.

فقال الرجل: أحييت قلبي، وفرجت عني يا أمير المؤمنين. وابن طاووس (رحمه الله) روى ذلك بعينه عن طريق العامّة بأسانيد متعددة في مواضع من كتبه (2).

ويؤيده ما تقدّم [ص 155] «أن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا بها».

33- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ولم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمّد، ووصية علي، صلوات الله عليهما (3).

34- وروى أيضا، عن محمّد بن يحيى (4) عن سلمة بن الخطّاب، عن علي ابن سيف، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني (5) عن محمّد بن عبد الرحمان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث الله نبيا [قط] (6) إلا بها (7).

ص: 565


1- من البحار.
2- كشف اليقين: 87 و 148 وعنه البحار: 18/394 ح 99 و ج 37/316 ح 47 ورواه في مقصد الراغب: 57 (مخطوط)، والحديث من نسخة «أ».
3- الكافي: 1/437 ح 6 وعنه البرهان: 4/148 ح 7، وأخرجه في البحار: 26/280 ح24 عن بصائر الدرجات: 72 ح 1 وتقدّم الحديث عن الكافي في سورة المائدة: ص 155 ح 15.
4- كذا في الكافي، وفي الأصل: احمد بدل «يحيى».
5- في نسختي «ج، م» العمشاني، وفي نسخة «ب» الغمسائي.
6- من الكافي.
7- الكافي: 1/437 ح 3 وعنه البرهان: 4/148 ح 6، وأخرجه في البحار: 26/281 ح 33 عن البصائر الدرجات: 75 ح9 وتقدّم الحدیث عن الکافی فی ص 155 ح 14.

35- وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في أماليه مسندا، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ما قبض الله نبيا حتّى أمره أن يوصي إلى أفضل عترته من عصبته، وأمرني أن أوصي، فقلت: إلى من يا ربي؟

فقال: أوص يا محمّد إلى ابن عمك عليّ بن أبي طالب فانّي قد أثبته في الكتبالسالفة، وكتبت فيها أنه وصيك، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، ولك يا محمّد بالنبوة، ولعليّ بن أبي طالب بالولاية (1).

فإذا كان ذلك كذلك فان المقر بولايته أفضل من المقر له، والعقل يشهد بصحة ذلك فيكون النبيّ وأمير المؤمنين أفضل من النبيّين والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين.

36- ويؤيد هذا: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد ابن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما من نبي جاء قط إلا بمعرفتنا وتفضيلنا على من سوانا (2).

ومما ورد في أن أمير المؤمنين أفضل من النبيّين صلوات الله عليهم أجمعين:

37- ما روي مسندا مرفوعا عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) أنه قال: قال لي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا جابر أي الاخوة أفضل؟ قال: قلت: البنين من الأب والامّ فقال: إنا معاشر الأنبياء إخوة وأنا أفضلهم وأحب الاخوة إلي عليّ بن أبي طالب

ص: 566


1- أمالي الطوسي: 1/102 وعنه البحار: 15/18 ح 27 و ج 26/271 ح 11 و ج38/111 ح 44 والبرهان: 4/148 ح 8 واثبات الهداة: 3/459 ح 379، ورواه في بشارة المصطفى: 39 وفيه: ولعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالوصية.
2- الكافي: 1/437 ح 4، وروى نحوه في بصائر الدرجات بأسانيد مختلفة: 74- 75 وفي الكافي: معرفة حقنا بدل «بمعرفتنا».

فهو عندي أفضل من الأنبياء، فمن زعم أن الأنبياء أفضل منه، فقد جعلني أقلهم، ومنجعلني أقلهم فقد كفر، لأني لم أتخذ عليا أخا إلا لما علمت من فضله، وأمرني ربي بذلك (1).

وبيان ذلك: أن معنى الاخوة بينهما المماثلة في فضل إلا النبوة:

38- لما روى المفضل بن محمّد المهلبي، عن رجاله مسندا، عن محمّد بن ثابت قال: حدّثني أبو الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا رسول الله المبلغ عنه، وأنت وجه الله المؤتم به (2) فلا نظير لي إلا أنت، ولا مثل لك إلا أنا (3).

فافهم ذلك، وقس عليه، هداك الله إلى سبيل معناه، والوصول إليه.

وقوله تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)- إلى قوله تعالى- فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)

39- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريا، عن نجدح بن عمير الخثعمي (4)، عن عمرو بن قائد، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بينما النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في نفر من أصحابه إذ قال: الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في أمتي.

فدخل أبو بكر فقالوا: هو هذا؟ فقال: لا. فدخل عمر، فقالوا: هو هذا؟ فقال: لا.

فدخل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقالوا: هو هذا؟ فقال: نعم.

فقال قوم: لعبادة اللات والعزى أهون (5) من هذا، فأنزل الله عزّ وجلّ (و لما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا آلهتنا خير) الآيات (6).

ص: 567


1- عنه البرهان: 4/148 ح 10.
2- في نسخة «م» والمؤتم به، وفي نسخة «ب» والمؤلم به.
3- عنه البرهان: 4/148 ذ ح 10.
4- في نسخة «ب» مخرج بن عمر الخثعمي، وفي نسخة «أ» خديج بن عمير الحنفي، وفي نسخة «م» نجدح بن عمير الحنفي، وفي البحار: يحيى بن عمير الحنفي، وفي البرهان: محمّد بن عمر الحنفي، وفي نسخة «أ» والبحار: عمر بن قائد.
5- في البحار: خير.
6- عنه البحار: 35/314 ح 2 والبرهان: 4/151 ح 4.

40- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن سهل (1) العطار قال: حدّثنا أحمد بن عمرو الدهقان، عن محمّد بن كثير الكوفي، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: جاء قوم إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقالوا: يا محمّد إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى، فأحي لنا الموتى.

فقال لهم: من تريدون؟ فقالوا: فلان، وإنّه قريب عهد بموت.

فدعا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأصغى إليه بشئ لا نعرفه، ثمّ قال له: انطلق معهم إلى الميت فادعه باسمه واسم أبيه. فمضى معهم حتّى وقف على قبر الرجل، ثم ناداه يا فلان بن فلان، فقام الميت فسألوه، ثم اضطجع في لحده، فانصرفوا وهم يقولون: إن هذا من أعاجيب بني عبد المطلب أو نحوها (2) فأنزل الله عزّ وجلّ (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) أي يضحكون (3).

41- وقال أيضا: حدّثنا عبد الله بن عبد العزيز، عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن نمير، عن شريك، عن عثمان بن عمير البجلي، عن عبد الرحمان بن أبي ليلي قال: قال لي علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): مثلي في هذه الأمة مثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فغالوا في حبه فهلكوا، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا، واقتصد فيه قوم فنجوا (4).

42- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن مخلد الدهان، عن عليّ بن أحمد العريضي (5) بالرقة، عن إبراهيم بن عليّ بن جناح، عن الحسن بن علي (بن محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)) (6) أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نظر إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه

ص: 568


1- في نسخة «ب» جميل.
2- في نسخة «ج» ونحوها.
3- عنه البحار: 35/314 ح 3 والبرهان: 4/151 ح 5، وفي نسخة «م» يضجون. أقول: ان هؤلاء لما سمعوا أن عيسى هو ابن مريم ولا أب له كانوا يضحكون استهزاء ويصدون عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
4- عنه البحار: 35/314 ح 4، وأورده في إحقاق الحق: 3/400 بطرق مختلفة.
5- في نسخة «ب» العويضي.
6- في البحار: عن محمّد بن جعفر، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ).

حوله وهو مقبل فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أما إن فيك لشبها (1) من عيسى بن مريم، ولولا مخافة أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لا تمر بملا من الناس إلا أخذوا من تحت قدميك التراب يبتغون به البركة.

فغضب من كان حوله وتشاوروا فيما بينهم وقالوا: لم يرض محمّد إلا أن جعل ابن عمه مثلا لبني إسرائيل! فأنزل الله جل اسمه (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا ألهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا- من بني هاشم- ملائكة في الأرض يخلفون).

قال: فقلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ليس في القرآن بني هاشم؟(2).

قال: محيت والله فيما محي، ولقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر: محي من كتاب الله ألف حرف، وحرف منه بألف حرف (3) وأعطيت مأتي ألف درهم على أن أمحي «إن شانئك هو الأبتر «(4).

فقالوا: لا يجوز ذلك. [قلت] (5) فكيف جاز ذلك لهم ولم يجز لي؟!

فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه: قد بلغني ما قلت على منبر مصر، ولست هناك (6).

[وروى عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أبيه، عن وكيع، عن الأعمش، عن سلمة ابن كهيل، عن أبي صادق، عن أبي الأعز، عن سلمان الفارسي (رض) نحو سابقتها] (7).

ثمّ قال تعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)

43- [وذكر (رحمه الله) في قوله تعالى بعد ذلك (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ

ص: 569


1- في نسخة «ج» شبها.
2- في البرهان: بنى هاشم ملائكة في الأرض يخلفون.
3- في نسخة «ج» بألف ألف حرف.
4- سورة الكوثر: 3.
5- من نسخة «ب».
6- عنه البحار: 35/315 والبرهان: 4/151 ح 7 وذيله في ص 515 ح 6.
7- تفسير القمي: 611 وعنه البرهان: 4/151 ح 3، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (1).

تأويله: قال أبو علي الطبرسي (قدس الله روحه): إن هاء الضمير في «إنّه» يعود إلى عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أي إنّ نزوله علم للساعة أي من أشراطها، يعلم به قربها، وذلك عند ظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

44- قال: وروى جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: ينزل عيسى بن مريم فيقول (لهم) (2) أميرهم يعني القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) [تعال] (3) صل بنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمة، أورده مسلم في الصحيح (4).

[و] في حديث آخر كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وأمّامكم منكم (5)؟.

يعني به المهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

45- وجاء في تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن الضمير في «إنه «يعود إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما روي- بحذف الاسناد- عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وإنّه لعلم للساعة) قال: عني بذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

[و] (6) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ أنت علم هذه الأمة، فمن اتبعك نجا ومن تخلف عنك هوى وهلك (7).

ولا منافاة في اختلاف التأويل بين علي وعيسى (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في أن (يكون) (8) كل واحد منهما علما للساعة.

لما تقدّم في أن مثل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه الأمة مثل عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بني إسرائيل وأن عيسى ينزل عند قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكلاهما علم للساعة، وإذا كان القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) علما

ص: 570


1- تفسير القمي: 611 وعنه البرهان: 4/152 ح 4، والحديث من نسخة «أ».
2- ليس في المصدر.
3- من المصدر.
4- صحيح مسلم: 1/137 ح 247، السنن الكبرى للبيهقي: 9/180.
5- مجمع البيان: 9/54، وأورد ذيله مسلم في صحيحه: 1/136 ح 244.
6- من نسخة «م» والبرهان.
7- عنه البرهان: 4/152 ح 3.
8- ليس في نسخة «م».

للساعة وهو ابن أمير المؤمنين، فصح أن يكون أبوه علما للساعة، وهو المطلوب.

وقد جاء في تأويل الساعة أنها ساعة ظهور القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ويأتي في تأويل (1)

قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66)

46- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله ابن أسد، عن إبراهيم بن محمّد، عن إسماعيل بن بشار، عن عليّ بن جعفر الحضرمي عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) قال: هي ساعة القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) تأتيهم بغتة (2).

وقوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)

47- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين)

قال «وما ظلمناهم- بتركهم ولاية أهل بيتك- ولكن كانوا هم الظالمين» (3)

معنى هذا التأويل: أن الله سبحانه لما حكى حال المجرمين يوم القيامة قال: مجيبا لمن يقول: أنه سبحانه قد ظلمهم (وما ظلمناهم- فيما فعلنا بهم- ولكن كانوا هم الظالمين) بما جنوا على أنفسهم بتركهم ولاية أهل بيت نبيهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فهذا سبب تعذيبهم (4) «وما ظلمناهم- بذلك- ولكن كانوا أنفسهم يظلمون «(5).

وقوله تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)

ص: 571


1- في نسخة «ج» تأويل الساعة.
2- عنه البحار: 24/164 ح 4 والبرهان: 4/152 ح 1 واثبات الهداة: 7/129 ح 654.
3- عنه البحار: 24/230 ح 34 والبرهان: 4/154 ح 1.
4- في نسخة «م» تقديم.
5- سورة النحل: 118.

48- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي (1) عن محمّد بن حماد الشاشي (2) عن الحسين بن أسد الطفاوي، عن عليّ بن إسماعيل الميثمي (3) عن الفضل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الأسلمي أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لبعض أصحابه: سلموا على علي بإمرة المؤمنين.

فقال رجل من القوم: لا والله لا تجتمع النبوة والخلافة في أهل بيت أبدا فأنزل الله عزّ وجلّ (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) (4).

[ورواه الكاتب الثقة أبو بكر محمّد بن أبي الثلج في كتاب «التنزيل «بإسناده إلى بريدة مثل ذلك وبمعناه] (5).

49- ويؤيده: ما روي عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) أنه قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أخذ عليهم الميثاق مرتين لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6):

الأولى: حين قال: أتدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: صالح المؤمنين،- وأشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وقال: هذا وليكم من بعدي.

والثانية: يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وكانوا قد أسروا في أنفسهم وتعاقدوا أن لا نرجع إلى أهله (7) هذا الامر، ولا نعطيهم الخمس فاطلع الله نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على أمرهم، وأنزل عليه (8) (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم

ص: 572


1- في البحار: المتولي.
2- في نسختي «ب، م» الساسي، وفي نسخة «أ» الشاسي، وفي البحار: الشامي، والصحيح ما أثبتناه راجع رجال الكشي ترجمة «سلمان».
3- في البحار: المثنى.
4- عنه البحار: 36/157 ح 136 والبرهان: 4/155 ح 3.
5- أخرج نحوه ابن طاووس في كشف اليقين: 75 عن بريدة وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
6- في نسختي «أ، ج «لأمير المؤمنين في مواطن.
7- في البحار: آل محمّد.
8- في نسخة «ج» عليهم.

يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) (1).

«44»

«سورة الدخان»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)

1- تأويله: رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) عن أحمد بن مهران وعليّ بن إبراهيم جميعا قالا: حدّثنا محمّد بن علي بإسناده عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد أتاه رجل نصراني وسأله عن مسائل منها: أنه قال له: إني أسألك أصلحك الله؟ قال: سل:

قال: أخبرني عن كتاب الله عزّ وجلّ الّذي أنزل (2) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ونطق به ثم وصفه بما وصفه (وإن له تفسيرا ظاهرا وباطنا، فقوله عزّ وجلّ ) (3) (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم) ما تفسيرها في الباطن؟

فقال: أما حم: فمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو في كتاب هود الّذي أنزل عليه، وهو منقوص الحروف، وأمّا الكتاب المبين: فهو أمير المؤمنين، وأمّا الليلة المباركة: فهي فاطمة وقوله (فيها يفرق كل أمر حكيم) يقول: يخرج منها خير كثير (فرجل حكيم، ورجل حكيم) (4) ورجل حكيم (5).

وقوله تعالى: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)

ص: 573


1- عنه البحار: 36/157 ح 136 والبرهان: 4/155 ح 4. متحد مع صدر ح 12 من سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).
2- في نسخة «ج» نزل.
3- في الكافي: بدل ما بين القوسين «به فقال».
4- ليس في نسختي «ب، ج».
5- الكافي: 1/479 وعنه البحار: 16/88 ح 12 و ج 24/319 ح 28 و ج 48/87 والبرهان: 4/158.

2- تأويله: روي (1) عن محمّد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن الفضيل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (ولقد اخترناهم على علم على العالمين)

قال: الأئمّة من المؤمنين (و) فضلناهم (2) على من سواهم (3).

وقوله تعالى: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)

يعنى: إن يوم الفصل «لا يغني مولى «وهو السيد والصاحب «عن مولى» وهو العبد وهو كناية عن التابع والمتبوع «شيئا «من أهوال يوم الفصل.

ثمّ استثنى قوما فقال «إلا من رحم الله» وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

فهم الموالي الّذين يغنون عن مواليهم، لما جاء في التأويل:

3- روى (4) محمّد بن العباس (رحمه الله) عن حميد بن زياد، عن عبد الله ابن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي أسامة زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليلة جمعة فقال لي: إقرأ. فقرأت، ثمّ قال لي: إقرأ فقرأت، ثمّ قال لي: يا شحام إقرأ، فإنها ليلة قرآن.

فقرأت حتّى إذا بلغت (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون) قال: هم.

قلت «إلا من رحم الله»؟ قال: نحن القوم الّذين رحم الله، ونحن القوم الّذين استثنى الله، وإنا والله نغني عنهم (5).

4- وروى أيضا: عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن محمّد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن يعقوب بن شعيب، عن

ص: 574


1- في نسخ «ب، ج، م»روى عمن رواه، وفي البحار: محمّد بن العباس عمن رواه.
2- ليس في البحار
3- عنه البحار: 23/228 ح 50، والبرهان: 4/162 ح 1.
4- في نسخة «ج» تأويله عن بدل «روى».
5- عنه البحار: 24/206 ح 6 و ج 89/311 ح 15 والبرهان: 4/163 ح 3، وأخرجه في البحار: 24/205 ح 3 و ج 47/55 ح 93 عن الكافي: 1/423 ح 56 مع اختلاف وذيله في البحار: 24/257 ح 3 عن المناقب لابن شهرآشوب: 3/504.

أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله) قال: نحن أهل الرحمة (1).

5- وروى أيضا: عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن إسحاق بن عمار، عن شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ)

قال: نحن والله الّذين رحم الله، والّذين استثنى، والّذين تغني ولايتنا.

«45»

«سورة الجاثية»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)

1- تأويله: ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال: قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) أي قل لأئمّة العدل: لا تدعوا على أئمّة الجور حتّى يكون الله هو الّذي ينتقم لهم منهم (2).

2- قال: (3) وروي أن الإمام عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أراد أن يضرب غلاما له فقرأ « قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» ووضع السوط من يده، فبكى الغلام.

فقال له: ما يبكيك؟ قال: وإني عندك يا مولاي ممن لا يرجو أيام الله؟

فقال له: أنت ممن يرجو أيام الله؟ قال: نعم يا مولاي.

ص: 575


1- عنه البحار: 24/205 ح 5، 4 والبرهان: 4/163 ح 4، 5.
2- تفسير القمي: 618 مع اختلاف، وعنه البرهان: 4/167 ح 3.
3- ظاهر العبارة أن القائل هو عليّ بن إبراهيم ولكن لم نجده في تفسيره وقد رواه في البحار بعنوان «كنز «وفي البرهان عن شرف الدين النجفي.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا أحب أن أملك من يرجو أيام الله، قم فأت قبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقل: اللّهمّ اغفر لعليّ بن الحسين خطيئته يوم الدين وأنت حر لوجه الله تعالى (1).

3- وروي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: أيام الله المرجوة ثلاثة [أيام] (2): يوم قيام القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة (3).

4- عليّ بن إبراهيم، عن أبي القاسم، عن محمّد بن عباس، عن عبد الله بن موسى، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن عمر بن رشيد، عن داود بن كثير عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ) الآية قال: قل للذين مننا عليهم بالايمان، يعني بمعرفتنا: أن يعرفوا الّذين لا يعلمون، فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم (4).

وقوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)

5- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبيد، عن حسين ابن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (أم حسب الّذين اجترحوا السيئات) الآية.

قال «الّذين آمنوا وعملوا الصالحات «بنو هاشم وبنو عبد المطلب «والّذين اجترحوا السيئات «بنو عبد شمس(5).

ص: 576


1- عنه البحار: 23/384 ح 81 والبرهان: 4/168 ح 2 وحلية الأبرار: 2/32.
2- من نسخة «ج».
3- عنه البرهان: 4/168 ح 3، وأخرجه في البحار: 53/63 ح 53 عن مختصر البصائر: 18 والخصال: 108 ح 75 ومعاني الاخبار: 365 ح 1.
4- تفسير القمي: 618 وعنه البحار: 23/383 ح 80 و ج 2/15 ح 28 والمستدرك: 2/370 ح 8 والبرهان: 4/167 ح 1، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
5- عنه البحار: 23/384 ح 82 والبرهان: 4/168 ح 1 ورواه الحسين بن الحكم الكوفي في «ما نزل من القرآن «83، وأخرجه في البحار: 23/358 ح 14 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3/444 مختصرا.

6- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أيوب ابن سليمان (1) عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (أم حسب الّذين اجترحوا السيئات) الآية.

قال: إن هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث هم الّذين آمنوا، وفي ثلاثة من المشركين: عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة، وهم»الّذين اجترحوا السيئات» (2).

وقوله تعالى: هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ

7- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد ابن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سليمان، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) قال: إن الكتاب لا ينطق، ولكن محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم- هم الناطقون بالكتاب (3)

وهذا على سبيل المجاز تسمية المفعول باسم الفاعل، إذ جعل الكتاب هو الناطق والناطق غيره.

«46»

«سورة الأحقاف»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)

1- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال:

ص: 577


1- في نسخة «أ» أيوب بن سليم، وفي نسخة «ج» أيوب سليمان.
2- عنه البحار: 23/384 ح 83 والبرهان: 4/168 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/121 عن كشف الغمة: 1/304.
3- عنه البحار: 23/197 ح 29 والبرهان: 4/169 ح 3.

سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم) قال: عنى بالكتاب التوراة والإنجيل.

وأمّا الإثارة من العلم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء (1).

وقوله تعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ

2- تأويله: روي مرفوعا، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر عن أبي مريم (عن بعض أصحابنا) (2) رفعه إلى أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: لما نزلت على رسول الله (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ)

يعني في حروبه. قالت قريش: فعلى ما نتبعه وهو لا يدري ما يفعل به ولا بنا؟

فأنزل الله (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) (3).

قال: وقوله (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) في علي، هكذا أنزلت (4).

وقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ - إلى قوله تعالى- وإني من المسلمين (15)

3- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن إبراهيم بن يوسف العبدي عن إبراهيم بن صالح، عن الحسين بن زيد، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا محمّد إنه يولد لك مولود تقتله أمتك من بعدك.

فقال: يا جبرئيل لا حاجة لي فيه. فقال: يا محمّد إن منه الأئمّة والأوصياء.

قال: وجاء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقال لها: إنك تلدين ولدا تقتله أمتي من بعدي. قالت: لا حاجة لي فيه، فخاطبها ثلاثا، ثمّ قال لها: إن منه الأئمّة والأوصياء

فقالت: نعم يا أبت.

ص: 578


1- الكافي: 1/426 ح 72، وعنه البحار: 24/212 ح 4 والبرهان: 4/171 ح 1 ونور الثقلين: 5/9 ح 6.
2- ليس في البحار.
3- سورة الفتح: 1.
4- عنه البحار: 24/320 ح 30، والبرهان: 4/172 ح 4.

فحملت بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحفظها الله وما في بطنها من إبليس فوضعته لستة أشهر ولم يسمع بمولود ولد لستة أشهر إلا الحسين ويحيى بن زكريا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

فلمّا وضعته وضع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لسانه في فيه، فمصه، ولم يرضع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أنثى حتّى نبت لحمه ودمه من ريق رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو قول الله عزّ وجلّ (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (1).

4- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد ابن محمّد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما حملت فاطمة بالحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) جاء جبرئيل إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: إن فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ستلد مولودا تقتله أمتك من بعدك. فلمّا حملت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه.

ثمّ قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): لم تر في الدنيا أم تلد غلاما تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل، وفيه نزلت هذه الآية (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (2).

5- وروى أيضا: عن محمّد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو الزيات (3) عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن جبرئيل نزل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: إن الله يقرئك السلام ويبشرك بمولود يولد لك من فاطمة تقتله أمتك من بعدك.

فقال: يا جبرئيل، وعلى ربي السلام، لا حاجة لي بمولود يولد من فاطمة

ص: 579


1- عنه البحار: 23/272 ح 23 و ج 36/158 ح 137، والبرهان: 4/174 ح 10.
2- الكافي: 1/464 ح 3 وعنه البرهان: 4/172 ح 1 ونور الثقلين: 5/13 ح 17 وأخرجه في البحار: 44/231 ح 16 عن كامل الزيارات: 55 ح 2 وصدره في اثبات الهداة: 1/414.
3- كذا في الكافي، وفي الأصل: محمّد بن عمر الزيات، عن رجل من أصحابه.

تقتله أمتي من بعدي، فعرج إلى السماء ثم هبط وقال مثل ذلك.

فقال: يا جبرئيل، وعلى ربي السلام لا حاجة لي بمولود تقتله أمتي، فعرج إلى السماء ثم هبط فقال له: يا محمّد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فقال: قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وقال لها: إن الله يبشرني بمولود يولد لك، تقتله أمتي من بعدي، فأرسلت إليه أن لا حاجة لي بمولود تقتله أمتك من بعدك، فأرسل إليها: إن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية، فأرسلت إليه: إني قد رضيت (فحملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتّى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي).

فلو [لا] (1) أنه قال: وأصلح لي [في] (2) ذرّيّتي لكانت ذريته كلهم أئمّة.

ولم يرضع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ولا من أنثى، ولكن كان يؤتى به إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيضع إصبعه ولسانه (3) في فيه فيمص منه ما يكفيه اليومين والثلاثة فنبت لحم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من لحم رسول الله- صلوات الله عليهما- ودمه (من دمه) (4).

ولم يولد مولود لستة أشهر إلا يحيى بن زكريا (5) والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (6).

بيان معنى هذا التأويل: أن قوله سبحانه (ووصينا الانسان- يعني الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- بوالديه- يعني علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)- إحسانا) أي يحسن إليهما في الطاعة والمودة والشفقة ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة، ومثله «بالوالدين إحسانا».

ص: 580


1- من الكافي.
2- من الكافي.
3- في الكافي: ابهامه بدل «إصبعه ولسانه».
4- ليس في الكافي ونسخة «أ».
5- في البرهان والكافي: عيسى بن مريم بدل «يحيى بن زكريا».
6- الكافي: 1/464 ح 4 وعنه البرهان: 4/172 ح 3 ونور الثقلين: 5/13 ح 18 وذيله في البحار: 14/207 ح 2 و ج 44/198 ح 14.

وقوله (حملته أمه كرها ووضعته كرها) مر بيانه في التأويل.

وقوله (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) فقد جاء في معنى ذلك حكومة وقعت لعمر بن الخطّاب وقضى فيها أمير المؤمنين بالحكمة (1) وفصل الخطّاب وهي:

6- ما رواه أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله ابن حماد الأنصاري، عن نصر بن يحيى (عن) (2) المقتبس بن عبد الرحمان، عن أبيه عن جده قال: كان رجل من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مع عمر بن الخطّاب فأرسله في جيش فغاب ستة أشهر ثم قدم وكان مع أهله ستة أشهر فعلقت منه فجاءت بولد لستة أشهر فأنكره. فجاء بها إلى عمر.

فقال: يا أمير المؤمنين كنت في البعث الّذي وجهتني فيه وتعلم أني قدمت منذ ستة أشهر وكنت مع أهلي وقد جاءت بغلام وهوذا، وتزعم أنه منّي.

فقال لها عمر: ماذا تقولين أيتها المرأة؟ فقالت: والله ما غشيني رجل غيره وما فجرت وإنّه لابنه. وكان اسم الرجل الهيثم، فقال لها عمر: أحق ما يقول زوجك؟ قالت: قد صدق يا أمير المؤمنين.

فأمر بها عمر أن ترجم فحفر لها حفيرة ثم (3) أدخلها فيها، فبلغ ذلك علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فجاء مسرعا حتّى أدركها وأخذ بيديها (4) وسلّها من الحفيرة.

ثمّ قال لعمر: إربع (5) على نفسك إنها قد صدقت، إن الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال في الرضاع (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (6).

فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا وهذا الحسين ولد لستّة أشهر.

ص: 581


1- في نسخة «ج» بالحكومة.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في البحار: و.
4- في نسخة «ج» بيدها.
5- إربع: أي أرفق بنفسك وكف وتمكث ولا تعجل، وفي المناقب: «بدله «بدل «أربع».
6- سورة البقرة: 233.

فعندها قال عمر: لولا علي لهلك عمر (1).

وقوله سبحانه (حتّى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة- يعني أن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا بلغ من العمر أربعين سنة يقول- رب أوزعني- أي ألهمني- أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي- من الإمامة والولاية والوصية- وعلى والدي- فأمّا أبوه فنعمته، كنعمته وأمّا أمه فلها فرض الولاية، والمودة المحبة وهي النعمة العظمى والمنة الكبرى- وأن أعمل صالحا ترضاه- أي وفقني للعمل الصالح واعصمني من العمل الطالح (2)- وأصلح لي في ذرّيّتي- يعني الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) كما أصلحت لي عملي أصلح عمل ذرّيّتي الّذين عصمتهم كعصمتي وجعلت منزلتهم منك كمنزلتي- إني تبت إليك وإني من المسلمين).

صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه المعصومين دأئمّة باقية إلى يوم الدين.

«47»

«سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله) في تأويلها: ما رواه عن أحمد بن محمّد ابن سعيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن سعد بن ظريف وأبي حمزة، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال:

سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) آية فينا وآية في بني أمية (3).

2- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن العباس البجلي، عن عباد بن يعقوب، عن عليّ بن هاشم، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) آية فينا وآية

ص: 582


1- عنه البحار: 8/202 (طبع الحجر) والبرهان: 4/174 ح 11، وأخرجه في البحار: 40/232 ح 12 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/187 مختصرا.
2- في نسخة «ج» في الصالح بدل «من العمل الطالح».
3- عنه البحار: 23/384 ح 84 والبرهان: 4/180 ح 3.

في بني أمية (1).

3- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد الكاتب، عن حميد بن الربيع، عن عبيد (2) بن موسى قال: أخبرنا قطر، عن (3) إبراهيم، عن (4) أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: من أراد [أن يعلم] (5) فضلنا على عدونا فليقرأ هذه السورة التي يذكر فيها (الّذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) فينا آية وفيهم آية إلى آخرها (6).

4- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن المعلى بن محمّد بإسناده عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (والّذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمّد- (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) هكذا نزلت (7).

5- عنه (رحمه الله)، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: في سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) آية فينا وآية في عدوّنا (8).

قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)

6- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد (9) بن خالد، عن محمّد بن علي، عن ابن فضيل، عن أبي حمزة عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قوله تعالى «ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله - في علي- فأحبط أعمالهم) (10).

ص: 583


1- عنه البحار: 23/384 ح 85 والبرهان: 4/180 ح 5.
2- في نسخة «ج» عبيدة.
3- في نسخة «ج» نظر بن، وفي نسخة «أ» قطرب بن.
4- في نسخة «م» بن.
5- من البرهان.
6- عنه البحار: 23/385 ح 86 والبرهان: 4/180 ح 4، والحديث ليس في نسخة «أ».
7- تفسير القمي: 625 وعنه البحار: 36/86 ح 14 والبرهان: 4/180 ح 1.
8- تفسير القمي: 625 وعنه نور الثقلين: 5/27 ح 12 والبرهان: 4/181 ح 1، وأحاديث 4- 5 من نسخة «أ».
9- في نسختي «ب، م» أحمد.
10- عنه البحار: 23/385 ح 87 و ج 36/158 ح 138 والبرهان: 4/182 ح 2.

7- وروى عليّ بن إبراهيم، عن جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحمان، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزل جبرئيل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بهذه الآية هكذا (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله- في علي إلا أنه كشط الاسم- فأحبط أعمالهم) (1).

8- قال جابر: ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزل جبرئيل بهذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هكذا (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله- في علي- بأحبط أعمالهم).

9- وقال جابر: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (عن قول الله عزّ وجلّ (أفلم يسيروا في الأرض). فقرأ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) «الّذين كفروا- حتّى بلغ إلى- أفلم يسيروا في الأرض».

ثمّ قال: هل لك في رجل يسير بك فيبلغ بك من المطلع إلى المغرب في يوم واحد؟.

قال: فقلت: يا بن رسول الله- جعلني الله فداك- ومن لي بهذا؟.

فقال: ذاك أمير المؤمنين، ألم تسمع قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لتبلغن الأسباب والله لتركبن السحاب، والله لتؤتن عصا موسى، والله لتعطن خاتم سليمان.

ثمّ قال: هذا قول رسول الله. (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الطيبين صلاة باقية إلى يوم الدين (3)

قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي عن محمّد بن عيسى العبيدي، عن أبي محمّد الأنصاري- وكان خيرا- عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة (4) عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: كنا (نكون) (5) عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيخبرنا بالوحي، فأعيه أنا دونهم، والله ما يعونه هم

ص: 584


1- تفسير القمي: 626 وعنه نور الثقلين: 5/31 ح 21 والبرهان: 4/182 ح 1 والحديث نقلناه من نسخة «أ».
2- ما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
3- حديثي 8- 9 في البحار: 24/320 ح 31 بعنوان كنز وفي البرهان: 4/190 عن شرف الدين وحديث 9 في مدينة المعاجز: 89 عنه.
4- في نسختي «أ، م» خطيرة، وفي نسخة «ج» حضيرة.
5- ليس في نسخة «ج».

و «إذا خرجوا» قالوا لي «ماذا قال آنفا» (1)؟.

يعني أن المراد ب «الّذين أوتوا العلم» علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقوله «آنفا» أي الساعة.

11- وقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وكان يدعو أصحابه: من أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه، ومن أراد به سوء أطبع الله على قلبه فلا يسمع ولا يعقل، وهو قول الله عزّ وجلّ (حتّى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الّذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم).

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يخرج من شيعتنا أحد إلا أبدلنا الله به من هو خير منه وذلك لان الله يقول (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (2).

وقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)

12- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن أحمد (3). الكاتب عن حسين بن خزيمة الرازي، عن عبد الله بن بشير، عن أبي هوذة، عن إسماعيل بن عياش (4) عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) الآية قال: نزلت في بني هاشم وبني أمية (5).

13- ومنه ما رواه مرفوعا عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن محمّد الحلبي قال: قرأ أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ - وسلطتم وملكتم- أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ).

ثمّ قال: نزلت هذه الآية في بني عمنا بني العباس وبني أمية.

ص: 585


1- عنه البحار: 23/385 ح 88 والبرهان: 4/183 ح 3.
2- عنه البحار: 23/387 ح 94 والبرهان: 4/189 ذ ح 4، وأخرج صدره في البرهان: 4/183 ح 1 عن تفسر القمي: 627 مسندا مع اختلاف.
3- في نسخة «ج» أحمد بن محمّد.
4- في نسخة «أ» عباس.
5- عنه البحار: 23/285 ح 89 و ج 36/159: والبرهان 4/186 ح 4.

ثم قرأ «أولئك الّذين لعنهم الله فأصمهم- عن الدين- وأعمى أبصارهم»عن الوصي.

ثم قرأ «إن الّذين ارتدوا على أدبارهم- بعد ولاية علي- من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم».

ثم قرأ «والّذين اهتدوا- بولاية علي- زادهم هدى- حيث عرفهم الأئمّة من بعده والقائم- وآتاهم تقواهم»أي ثواب تقواهم أمانا من النار.

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وقوله عزّ وجلّ (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين- وهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه- والمؤمنات) وهن خديجة وصويحباتها.

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وقوله (والّذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمّد- في علي- وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم).

ثمّ قال (والّذين كفروا- بولاية علي- يتمتعون- بدنياهم- ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم).

ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) «مثل الجنّة التي وعد المتقون «وهم آل محمّد وأشياعهم.

[ثمّ قال] (1) قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أما قوله (فيها أنهار) فالأنهار رجال.

وقوله (ماء غير آسن) فهو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الباطن.

وقوله (وإنّهار من لبن لم يتغير طعمه) فإنه الامام.

وأمّا قوله (وإنّهار من خمر لذة للشاربين) فإنه علمهم يتلذذ منه شيعتهم وإنما كني عن الرجال بالأنهار على سبيل المجاز أي أصحاب الانهار، ومثله «وسئل القرية» (2) فالأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم أصحاب الجنّة وملاكها.

ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وأمّا قوله (ومغفرة من ربهم) فإنها ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أي من والى أمير المؤمنين مغفرة له، فذلك قوله «ومغفرة من ربهم».

ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وأمّا قوله (كمن هو خالد في النار) أي إن المتقين كمن هو خالد داخل في ولاية عدو آل محمّد، وولاية عدو آل محمّد هي النار من دخلها

ص: 586


1- من البحار.
2- سورة يوسف: 82.

فقد دخل النار.

ثم أخبر سبحانه عنهم (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) (1).

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)

14- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن سليمان الزراري (2) عن محمّد بن الحسين، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) (قال: الهدى (3) هو سبيل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

15- ومنه ما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن أورمة و (5) عليّ بن عبد الله، عن عليّ بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال: قلت: قوله تعالى (ذلك بأنهم قالوا بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر) قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عزّ وجلّ الّذي نزل به جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [(ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله- في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- سنطيعكم في بعض الامر).

قال:] (6) دعوا بني أمية إلى ميثاقهم الّذي عقدوه أن لا يصيروا الامر فينا بعد

ص: 587


1- عنه البحار: 24/320 ح 31 بعنوان كنز وفي البرهان: 4/190 عن شرف الدين.
2- كذا في نسخة «ب» وفي نسختي «أ، ج «والبحار: الرازي، وفي نسخة «م» الزراي والصحيح ما أثبتناه راجع معجم رجال السيد الخوئي: 12/47 و 49.
3- ليس في نسخة «ج».
4- عنه البحار: 23/386 ح 90 و ج 36/159 والبرهان: 4/187 ح 3.
5- كذا في الكافي، وفي نسخ الأصل: عن بدل «و».
6- من الكافي، وفي الأصل بدله هكذا: وذلك لما.

النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ، ولم يبالوا أن (لا) (1) يكون الامر فيهم فقال لبني أمية (2) «سنطيعكم في بعض الامر «الّذي دعوتمونا إليه، وهو الخمس ولا نعطيهم شيئا (3).

وقوله (كرهوا ما نزل الله) فالّذي «نزل الله «عزّ وجلّ ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان معهم أبو عبيدة، وكان كاتبهم، فأنزل الله عزّ وجلّ (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) (4)

16- وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره في تأويل هذه السورة قال: حدّثني أبي، عن إسماعيل بن مرار، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر والله يعلم إسرارهم) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أخذ الميثاق لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أتدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: إن الله يقول (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) (5) يعني عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، هو وليكم من بعدي.

هذه الأولى، وأمّا المرة الثانية لما أشهدهم يوم غدير خم وقد كانوا يقولون: لئن قبض الله محمّدا لا نرجع هذا الامر في آل محمّد، ولا نعطيهم من الخمس شيئا.

فأطلع الله نبيه على ذلك، وأنزل عليه (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا يكتبون) (6).

ص: 588


1- ليس في الكافي.
2- في الكافي: فقالوا بدل «فقال لبني أمية».
3- في الكافي: ان لا نعطيهم منه شيئا.
4- الكافي: 1/420 ح 43 وعنه البحار: 8/226 (طبع الحجر) و ج 23/375 ح 58 والبرهان: 4/186 ح 1، والآية الأخيرة في سورة الزخرف: 79، 80.
5- سورة التحريم: 4.
6- سورة الزخرف: 80، وإلى هنا متحد مع ح 49 من سورة الزخرف.

وقال أيضا فيهم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إن الّذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى - والهدى سبيل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- الشيطان سول لهم وأملى لهم).

قال: وقرأ أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية هكذا «فهل عسيتم إن توليتم- وسلطتم وملكتم- أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم»نزلت في بني عمنا بني أمية و فيهم يقول الله (أولئك الّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن- فيقضوا ما عليهم من الحق- أم على قلوب أقفالها) (1).

وقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)

17- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم ابن محمّد، عن إسماعيل بن بشار، عن عليّ بن جعفر الحضرمي (2) عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ).

قال: كرهوا عليا وكان علي رضي الله ورضي رسوله، أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة، ويوم التروية، نزلت فيه اثنتان وعشرون آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن المسجد الحرام بالجحفة (3) وبخمّ (4).

ثمّ قال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)

ص: 589


1- عنه البحار: 23/386 ح 93 بعنوان كنز، وفي البرهان: 4/189 ح 4 عن شرف الدين النجفي وفيه: حدّثني أبي، عن ابن مهران، عن إسماعيل بن مرار الخ، ولم نجده في تفسير القمي.
2- في نسخة «م» الحصرمي.
3- في البرهان: والجحفة.
4- عنه البحار: 36/159 ح 139 والبرهان: 4/187 ح 6 وفي البحار: 24/92 ح 2 عنه وعن روضة الواعظين: 128.

18- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة قال: حدّثني أبي، عن جابر، عن أبي جعفر (محمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه) (1) قال: لما نصب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم غدير خم قال قوم: ما يألو برفع (2) ضبع ابن عمّه.

فأنزل الله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) (3).

ثمّ قال سبحانه مخبرا عن حالهم:

وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)

19- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن جرير، عن (4) عبد الله بن عمر، عن الحمامي، عن محمّد بن مالك، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: قوله عزّ وجلّ (ولتعرفنهم في لحن القول) قال: بغضهم لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

20- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن (ابن) (6) بكير قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن الله عزّ وجلّ أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية فنحن نعرفهم في لحن القول (7).

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله): في تفسير هذه السورة كثيرا مما ذكرنا وغير ما ذكرناه مما يتعلق بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأعدائه لعنهم الله، فارجع إليه] (8).

ص: 590


1- ليس في نسخة «أ».
2- في البحار: يرفع، وفي نسخة «أ» ما باله يرفع بضبع.
3- عنه البحار: 23/386 ح 91 والبرهان: 4/188 ح 1.
4- في نسخة «أ» بن، وفي نسخ «ب، ج، م»«حريز «بدل «جرير».
5- عنه البحار: 23/386 ح 92 والبرهان: 4/188 ح 2.
6- ليس في البحار.
7- عنه البحار: 26/132 ح 40 والبرهان: 4/188 ح 3.
8- تفسير القمي: 624- 631، وما بين المعقوفين من نسخة «أ». اعلم أنما رتبنا أحاديث هذه السورة على ترتيب الآيات

«48»

«سورة الفتح»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تقدّم مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأخّر

1- تأويله: قال أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمه الله): حدّثنا سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن مهران (1) عن عليّ بن عبد الغفار، عن صالح ابن حمزة ويكنى بأبي شعيب (2) عن محمّد بن سعيد المروزي، قال: قلت لرجل: أذنب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قط؟ قال: لا.

قلت: فقول الله عزّ وجلّ (ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر) ما معناه؟.

قال: إن الله سبحانه حمل محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذنوب شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثم غفر له ما تقدّم منها وما تأخّر (3).

2- عنه (رحمه الله) «في كتاب العلل «باسناده عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في علة عدم إطاقة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حمل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أراد حط الأصنام من سطح الكعبة مع قوته (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشدته وما ظهر منه في قلع باب خيبر وغيره، أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شرف وارتفع و وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود من دون الله، ولو كان المحمول هو

ص: 591


1- في نسخة «أ» مهزيار.
2- لم نجد في كتب الرجال والأحاديث ذكرا له، نعم ذكر النجاشي بعنوان صالح بن خالد المحاملي أبو شعيب، وفي نسخة «ب» سعيد.
3- أخرجه في البرهان: 4/195 ح 7 عن ابن بابويه ولم نجده في كتبه.

النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أفضل منه. صلوات الله عليهما.

ألا ترى أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما كان على ظهره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: شرفت وارتفعت حتّى لو شئت أن أنال السماء لنلتها.

أما علمت أن المصباح [هو] (1) الّذي يهتدى به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله و [قد] (2) قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) «أنا من أحمد كالضوء من الضوء»!.

أو ما علمت أن محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانا نورا بين يدي الله عزّ وجلّ قبل خلق الخلق بألفي عام، وأن الملائكة لما رأت ذلك النور أن له أصلا قد انشق منه شعاع لامع قالت: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟

فأوحى الله تعالى إليهم هذا نور [من نوري] (3) أصله نبوة، وفرعه إمامة أما النبوة فلمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عبدي ورسولي، وأمّا الإمامة فلعلي حجتي (4) ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي.

أو ما علمت أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) رفع يد (5) علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغدير خم [حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، فجعله مولى المسلمين، وأمّامهم وقد] (6) احتمل الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يوم حضيرة بنى النجار، فقال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): نعم المحمولان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما، وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يصلي بأصحابه، فأطال سجدة من سجداته، فلمّا سلم قيل له في ذلك.

فقال: رأيت ابني الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد علا ظهري فكرهت أن أعاجله حتّى ينزل من قبل نفسه. فأراد بذلك رفعهم وتشريفهم، فالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) رسول. نبي (7).

ص: 592


1- من المصدر.
2- من المصدر، وفي الأصل هكذا: في الظلم واتباع فرعه عن أصله.
3- من المصدر.
4- في الأصل: نجيي.
5- في الأصل: بيد.
6- من المصدر، وفي الأصل: وحمل بدل «احتمل».
7- في العلل: امام ونبي، وفي المعاني: فالنبيّ رسول بني آدم.

ثم ذكر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجوها أخر، آخرها أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حمله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليعلم أنه ما حمله إلا لأنه معصوم، فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا.

وقد قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي، وذلك قوله تعالى (ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر) (1) الحديث.

3- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن الحسين، عن عليّ بن النعمان، عن عليّ بن أيوب، عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قول الله تعالى في كتابه (ليغفر لك الله ما تقدّم..) الآية؟

قال: ما كان له ذنب ولا هم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب شيعته، ثم غفرها له (2).

4- ويؤيده: ما روي مرفوعا عن أبي الحسن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ (ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر) فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): وأي ذنب كان لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) متقدّما أو متأخّرا؟ وإنما حمله الله ذنوب شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممن مضى منهم ومن بقي، ثم غفرها الله له (3).

5- ويؤيد هذا «أن شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مغفور لهم»ما روي مرفوعا عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ):

يا عليّ إني سألت الله عزّ وجلّ أن لا يحرم شيعتك التوبة حتّى تبلغ نفس أحدهم حنجرته فأجابني إلى ذلك وليس ذلك لغيرهم (4) (لان شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) تمحص عنهم الذنوب بأشياء في الدنيا، ولا يخرج أحدهم وعليه ذنب)

ص: 593


1- العلل: 173 ح 1، في البحار: 38/79 ح 2 والبرهان: 4/195 ح 5 عنه وعن معاني الأخبار: 350 ح 1.
2- تفسير القمي: 635 وعنه البحار: 17/89 ح 19 والبرهان: 4/195 ح 6 ونور الثقلين: 5/54 ح 13 وحديثا: 2، 3 نقلناهما من نسخة «أ».
3- عنه البحار: 24/273 ح 57 والبرهان: 4/195 ح 8.
4- عنه البحار: 27/137، وما بين القوسين ليس في نسخة «م».

6- وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه) عن رجاله، عن زيد بن يونس الشحام، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): الرجل من مواليكم عاق (1) يشرب الخمر، ويرتكب الموبق من الذنب نتبرأ منه؟

فقال: تبرؤوا (2) من فعله ولا تتبرؤوا (3) من خيره وابغضوا عمله.

فقلت: يتسع لنا أن نقول: فاسق فاجر؟ فقال: لا، الفاسق الفاجر الكافر الجاحد لنا ولأوليائنا، أبى الله أن يكون ولينا فاسقا فاجرا، وإن عمل ما عمل، ولكنكم قولوا: فاسق العمل فاجر العمل مؤمن النفس، خبيث الفعل طيب الروح والبدن لا والله لا يخرج ولينا من الدنيا إلا والله ورسوله ونحن عنه راضون، يحشره الله على ما فيه من الذنوب مبيضا وجهه، مستورة عورته، آمنة روعته، لا خوف عليه ولا حزن.

وذلك أنه لا يخرج من الدنيا حتّى يصفى من الذنوب، إما بمصيبة في مال أو نفس أو ولد أو مرض، وأدنى ما يصنع بولينا أن يريه الله رؤيا مهولة فيصبح حزينا لما رآه، فيكون ذلك كفارة له، أو خوفا يرد عليه من أهل دولة الباطل، أو يشدد عليه عند الموت، فيلقى الله عزّ وجلّ طاهرا من الذنوب، آمنة روعته بمحمّد وأمير المؤمنين، صلوات الله عليهما.

ثم يكون أمامه أحد الامرين: رحمة الله الواسعة التي هي أوسع من أهل الأرض جميعا، أو شفاعة محمّد وأمير المؤمنين، صلوات الله عليهما، إن أخطأته رحمة الله أدركته شفاعة نبيه وأمير المؤمنين، صلوات الله عليهما، فعندها تصيبه رحمة الله الواسعة، وكان أحق بها وأهلها وله إحسانها وفضلها (4).

وقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ

ص: 594


1- في البحار: 27 عاص، وفي البحار: 68 يكون عارفا.
2- في نسخة «ب» نتبرأ.
3- في نسخة «ب» نتبرأ.
4- عنه البحار: 27/137 ح 139، وأخرجه في البحار: 68/147 ح 96 عن كتاب زيد النرسي: 51.

السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)

7- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن أحمد الواسطي عن زكريا بن يحيى، عن إسماعيل بن عثمان، عن عمار الدهني (1) عن أبي الزبير عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قول الله عزّ وجلّ (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) كم كانوا؟ قال: ألفا ومائتين.

قلت: هل كان فيهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ قال: نعم، علي سيدهم وشريفهم (2).

وقوله تعالى: وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا

8- تأويله: رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله) بإسناده عن رجاله، عن مالك بن عبد الله قال: قلت لمولاي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا) قال: هي ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

فالمعنى: أن الملزمين بها هم شيعته «وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا».

9- وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال: قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما عرج بي إلى السماء فسح في (4) بصري غلوة كما يرى الراكب خرق الإبرة من مسيرة يوم، فعهد إلي ربي في علي كلمات

فقال: اسمع يا محمّد «إن عليا إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الكملة التي ألزمتها المتقين وكانوا أحق بها وأهلها فبشره بذلك».

قال: فبشّره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بذلك، فألقي علي ساجدا شكرا لله.

ثمّ قال: يا رسول الله وإني لأذكر هناك؟

ص: 595


1- في نسخ «أ، ب، م» الذهبي.
2- عنه البحار: 24/93 ح 4 و ج 36/55 ح 1 والبرهان: 4/196 ح 2.
3- عنه البحار: 24/180 ح 13 و ج 36/55 ذ ح 1 والبرهان: 4/199 ح 3.
4- في نسخة «ب» عن.

فقال: نعم، إن الله ليعرفك هناك، وإنك لتذكر في الرفيق الأعلى (1).

10- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن محمّد بن هارون، عن محمّد بن مالك، عن محمّد (2) بن الفضيل، عن غالب (3) الجهني، عن أبي جعفر محمّد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال لي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما أسري بي إلى السماء ثم إلى سدرة المنتهى أوقفت بين يدي ربي عزّ وجلّ فقال لي: يا محمّد. فقلت: لبيك ربي وسعديك.

قال: قد بلوت خلقي فأيهم وجدت أطوع لك؟ قلت: ربي (4)، علياً.

قال: صدقت يا محمّد فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال: قلت: لا، فاختر لي فإن خيرتك خير لي (5).

قال: قد اخترت لك عليا، فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا، وقد نحلته علمي وحلمي وهو أمير المؤمنين حقا لم ينلها أحد قبله، وليست لأحد بعده.

يا محمّد! علي راية الهدى وأمّام من أطاعني، ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمّد.

قال: فبشره بذلك، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا عبد الله وفي قبضته، إن يعاقبني فبذنبي لم يظلمني، وإن يتم لي ما وعدني فالله أولى بي.

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): اللّهمّ أجل قلبه، واجعل ربيعه الايمان بك.

ص: 596


1- عنه البرهان: 4/199 ح 4، ولم نجده في تفسير القمي.
2- كذا في البرهان، وفي نسخة «ج» محمّد (أحمد- خ ل-)، وفي نسخة «ب» والبحار: 36 أحمد، وفي نسختي «أ، م» والبحار: 24 نعمة بدل «محمّد»، والصحيح ما أثبتناه لعدم ذكر نعمة في كتب الرجال والأحاديث، ولوجود محمّد بن الفضيل بن موارد كثيرة.
3- في رجال الشيخ: غانم الجهني.
4- في نسخة «ج» يا ربي.
5- في نسخة «ج» خيرتي.

قال الله سبحانه: قد فعلت ذلك به يا محمّد، غير أني مختصه من البلاء بما لا أختص به أحدا من أوليائي. قال:: قلت: ربي، أخي وصاحبي. قال: إنه قد سبق في علمي أنه مبتلى (ومبتلى) (1) به ولولا علي لم تعرف أوليائي ولا أولياء رسلي (2).

11- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن الحسين، عن عليّ بن منذر، عن مسكين الرجل (3) العابد- وقال ابن المنذر عنه: وبلغني أنه لم يرفع رأسه إلى السماء منذ أربعين سنة!-.

قال: حدّثنا فضيل (4) الرسان، عن أبي داود، عن أبي برزة (5) قال:

سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: إن الله عهد إلي في علي عهدا. فقلت: اللّهمّ بين لي.

فقال لي: أسمع. فقلت: اللّهمّ قد سمعت.

فقال الله عزّ وجلّ: أخبر عليا بأنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين (6) وأولى الناس بالناس، والكلمة التي ألزمتها المتقين (7).

فيكون المراد بالمتقين شيعته الّذين ألزمهم كلمته، وفرض عليهم ولايته فقبلوها ووالوا بولايته ذرية (8) الّذين أكمل بهم دينه وأتم نعمته، ومنحهم فضله، وجعل عليهم صلاته وسلامه وتحيته وبركاته التامة العامّة ورحمته.

ص: 597


1- ليس في البحار.
2- في نسخة «م» رسولي، عنه البحار: 24/181 ح 14 و ج 36/159 ح 140 والبرهان: 4/199 ح 6.
3- في نسخة «م» الرحال، وفي كشف اليقين والبحار: 37 عن سكين الرحال.
4- كذا في الكشف والبحار: 37 عنه، وفي نسخة «أ» وعن فضل الرسان، وفي نسختي «ج، م» «وقال أيضا: حدّثنا فضل»، وفي البحار: 24 وكتب الرجال وسورة التوبة ح 11 فضيل.
5- في نسخة «ج» أبي بردة.
6- في نسخة «ج» المرسلين.
7- عنه البحار: 24/181 ح 15 والبرهان: 4/200 ح 8، وأخرجه في البحار: 37/306 عن كشف اليقين: 50 ب 74 وص 88 ب 107.
8- في الأصل: بولايته.

وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) محمّد رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)

بيان تأويله مجملا ومفصلا:

فقوله «ليظهره على الدين كله» وهو دين الاسلام المفضل على سائر الأديان بالحجة والبرهان والغلبة والقهر والسلطان في جميع البلدان، ولا يكون ذلك إلا في ولاية دولة القائم صاحب الزمان، صلى الله عليه وعلى آبائه في كل عصر وأوان «وكفى بالله شهيدا» بذلك.

ثم بين سبحانه من الرسول المرسل إلى الإنس والجان فقال «محمّد رسول الله» ثم أثنى على أصحابه الّذين معه على دينه ونبه على فضلهم فقال «والّذين معه أشداء على الكفار» أي يلقون الكفار بالشدة والغلظة والبأس الشديد والسيف الحديد «رحماء بينهم» أي أن المؤمنين يظهرون التراحم والمودة بينهم حتّى بلغ من تراحمهم أن المؤمن إذا رأى المؤمن صافحه وعانقه.

ومثل ذلك قوله تعالى (َذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (1).

وقوله (تراهم ركعا سجدا- أخبر الله سبحانه عن (2) كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها- يبتغون- بذلك- فضلا من الله ورضوانا)

أي يلتمسون زيادة فضل في الدنيا ورضوانا في الآخرة.

وقوله (سيماهم في وجوههم- أي علاماتهم في جباههم- من أثر السجود).

قيل: إنه يكون في الدنيا مثل ركب المعزى (3)، وفي الآخرة يكون موضع سجودهم

ص: 598


1- سورة المائدة: 54.
2- في نسخة «ج» من.
3- أي مثل ركبة العنز

كالقمر ليلة البدر.

وقوله (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) أي أن هذا الوصف الّذي وصفوا به في القرآن، وصفوا به في التوراة والإنجيل.

وقوله (كزرع أخرج شطئه- أي فراخه- فآزره- أي الفرخ، آزر الزرع (1) أي قواه- فاستغلظ- أي غلظ الزرع بفراخه- فاستوى على سوقه- أي قام على ساقه أي أصوله وبلغ الغاية في الاستواء- يعجب الزراع- الّذين زرعوه زرعه- ليغيظ بهم الكفار) وهذا مثل ضربه الله سبحانه لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وللمؤمنين الّذين معه فقيل: الزرع: كناية عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وشطئه: كناية عن المؤمنين حيث كانوا في ضعف وقلة كما يكون أول الزرع دقيقا ثم يغلظ ويقوى ويتلاحق بعضه ببعض، وكذلك المؤمنون قوى بعضهم بعضا حتّى استغلظوا واستووا.

«ليغيظ بهم الكفار «أي إنما كثرهم الله وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن المعني بقوله «والّذين معه «هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لان هذه الصفات المذكورة لا توجد إلا فيه، وإن قيل إنه ذكر الّذين وهو جمع فقد جاء في القرآن كثير في معناه خصوصا مثل قوله (إنما وليكم الله ورسوله والّذين آمنوا) (2) ومثل قوله (هو الّذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (3) وإنما يذكر الجمع ويراد به الافراد.

وقد ورد من طريق العامّة أن بعض هذه الصفات فيه، وذكر البعض يستلزم ذكر الكل لان الآيات بعضها مرتبط ببعض وهي ختام السورة.

12- فالأول ما نقله ابن مردويه الحافظ وأخطب خوارزم قال: قوله تعالى (تراهم ركعا سجدا) نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 599


1- في نسخته «ج» الزراع.
2- سورة المائدة. 55.
3- سورة الأنفال: 62.

ومثله روي عن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

وقوله (فاستوى على سوقه) نقل ابن مردويه عن الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: استوى الاسلام بسيف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

13- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن أحمد (3) بن عيسى ابن إسحاق، عن الحسن بن الحارث بن طليب (4) عن أبيه، عن داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار)؟

قال: قوله (كزرع أخرج شطئه- أصل الزرع عبد المطلب و- شطئه- محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) و- يعجب الزراع) قال: عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

14- وجاء في تأويل قوله تعالى (وعد الله الّذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) خبر من (6) محاسن الاخبار ورد من طريق العامّة، نقله أخطب خوارزم بإسناد يرفعه إلى ابن عباس (رضي الله عنه) قال:

سأل قوم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيمن نزلت هذه الآية؟

طال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض، ونادى مناد: ليقم سيد المؤمنين ومعه الّذين آمنوا بعد بعث محمّد، فيقوم عليّ بن أبي طالب فيعطى اللواء من النور الأبيض بيده، وتحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لا يخالطهم

ص: 600


1- أخرجه في البحار: 36/187 ح 188 عن كشف الغمة: 1/322، وأخرجه الآلوسي في روح المعاني: 26/117 عن ابن مردويه.
2- رواه في كشف الغمة: 1/316 مرسلا، وأخرجه في البرهان: 4/201 ح 4 عن ابن مردويه وفي خصائص الوحي المبين: 139 عن أبي نعيم.
3- في نسخة «ج» أحمد بن محمّد، وفي نسخته «م» محمّد بن أحمد، عن عيسى بن إسحاق.
4- في نسخة «أ» طلبة، وفي نسخة «م» طلبت.
5- عنه البحار: 24/322 ح 32 والبرهان: 4/201 ح 5.
6- في نسخة «ج» في.

غيرهم حتّى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطيه أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم صفتكم (1) ومنازلكم في الجنّة، إن ربكم يقول: إن لكم عندي مغفرة وأجرا عظيما. يعني الجنّة.

فيقوم علي والقوم تحت لوائه معه حتّى يدخل بهم الجنّة.

ثم يرجع إلى منبره، فلا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنّة، وينزل (2) أقوأمّا على النار.

فذلك قوله تعالى (والّذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) يعني السابقين الأولين والمؤمنين وأهل الولاية له. (والّذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) (3)

يعني كفروا وكذبوا بالولاية وبحق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا ذكره الشيخ في أماليه (4).

وحق علي هو الواجب على جميع العالمين.

صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين صلاة باقية إلى يوم الدين.

ص: 601


1- في الأمالي: موضعكم.
2- في الأمالي: ويترك.
3- سورة الحديد: 19.
4- عنه البحار: 23/388 ح 95 وفيه (روى شيخ الطائفة باسناده عن أخطب خوارزم) وقال في حاشية البحار (هذا وهم واضح فان الشيخ متقدّم على أخطب خوارزم زمانا ولا يصح روايته عنه، إذ توفى الشيخ في سنة 460، وأخطب خوارزم في سنة 658 ومنشأ الوهم ان الشولستاني نقل الحديث عن أخطب خوارزم ثمّ قال بعد تمام الحديث: وهذا ذكره الشيخ في أماليه ومراده أن الشيخ ذكره أيضا في أماليه. فتوهم المصنف أنه رواه فيه عن أخطب خوارزم)، وأخرجه في البحار: 8/4 ح 6 والبرهان: 4/202 ح 6 عن أمالي الشيخ: 1/387 وفي آخره: هم الّذين قاسم عليهم فاستحقوا الجحيم، وفي البحار: 39/213 عن مناقب ابن شهر اشوب: 3/27 و فی البرهان: 4/202 ح7 عن موفق بن أحمد، و رواه ابن المغازلی فی مناقبه: 322ح369.

«49»

«سورة الحجرات»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: إن الّذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الّذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم (3)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن محمّد بن أحمد، عن المنذر بن جفير (1) قال: حدّثني أبي جفير (2) بن الحكيم، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش قال:

خطبنا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الرحبة ثمّ قال: إنه لما كان في زمان الحديبية خرج إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أناس من قريش من أشراف أهل مكة فيهم سهيل بن عمرو قالوا: يا محمّد أنت جارنا وحليفنا وابن عمنا وقد لحق بك أناس من أبنائنا وإخواننا وأقاربنا ليس بهم (3) التفقه في الدين، ولا رغبة فيما عندك، ولكن إنما خرجوا فرارا من ضياعنا وأعمالنا و أموالنا فارددهم علينا.

فدعا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أبا بكر فقال له: انظر ما يقولون؟

فقال: صدقوا يا رسول الله أنت جارهم فارددهم عليهم.

قال: ثم دعا عمر فقال: مثل قول أبي بكر.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عند ذلك: لا تنتهوا يا معشر قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للتقوى يضرب رقابكم على الدين.

فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، فقام عمر فقال: أنا هو يا رسول الله؟

ص: 602


1- في نسخة «أ»: والبرهان: خنفر، وفي نسخة «م» خنف.
2- في نسختي «أ، م» والبرهان: خنفر، وفي الأصل: الحكم، والصحيح ما أثبتناه موافقالكتب الرجال.
3- في البرهان واللوامع: فيهم.

قال: لا، ولكنه خاصف النعل. وكنت أخصف نعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: ثم التفت إلينا علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول:

من كذّب علي متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار (1).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)

2- تأويله: ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره صورة لفظه قال: سألته عن هذه الآية فقال: إن عائشة قالت للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن إبراهيم بن مارية ليس هو منك وإنما هو من جريح القبطي فإنه يدخل إليها [في] (2) كل يوم، فغضب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): خذ السيف وأتني برأس جريح القبطي. فأخذ السيف ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنك إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالسفود المحمى في الوبر (فكيف تأمرني فيه أثبت فيه أم أمضي؟) (3).

فقال (له) (4) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): بل تثبت. فجاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى مشربة أم إبراهيم (فرأى الباب مغلقا) (5) فتسلق عليها وهرب جريح وصعد النخلة [فدنا] (6) أمير المؤمنين فقال له: انزل.

فقال: يا عليّ اتّق الله ما هاهنا بأس (7) إني مجبوب. وكشف عن عورته [فإذا هو مجبوب] (8) وأتى به إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فقال له: ما شأنك يا جريح؟ فقال: إن القبط يجبون حشمهم ومن يدخل على أهاليهم، والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطي (9) فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأؤنسها.

ص: 603


1- عنه البرهان: 4/204 ح 2 واللوامع: 399.
2- من المصدر.
3- في الأصل هكذا: أفأمضي على ذلك يا رسول الله أم أثبت.
4- ليس في المصدر.
5- ليس في المصدر.
6- من المصدر.
7- في المصدر: أناس.
8- من المصدر.
9- في المصدر بالقبطيين.

(فتهلل وجه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال: الحمد لله الّذي لم يزل يعافينا أهل البيت من سوء ما يلطخونا) (1) فأنزل الله عزّ وجلّ الآية (2).

3- قال زرارة [لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (3): إن العامّة يقولون: نزلت هذه الآية في الوليد ابن عقبة بن أبي معيط حين جاء (إلى) (4) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأخبره عن بني خزيمة أنهم كفروا بعد إسلامهم.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا زرارة أو ما علمت أنه (5) ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر و بطن؟ فهذا الّذي في أيدي الناس ظهرها والّذي حدثتك به بطنها (6).

ولمّا نهاهم الله سبحانه عن اتباع قول الفاسق وأمرهم بالتثبت في الامر نبههم على أن فيهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأن أخبار الأرض والسماء عنده فخذوا عنه ودعوا قول الفاسق.

4- وفي رواية عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن راشد، عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمر بقتل القبطي وقد علم أنها كذبت عليه، أو لم يعلم؟! وإنما رفع (7) الله القتل عن القبطي بتثبت علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال: بلى (8) كان والله علم (9)، ولو كانت عزيمة من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ما انصرف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لترجع عن ذنبها، فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها عليه. (10) انتهى.

ص: 604


1- لم نجده في المصدر.
2- إلى هنا نقلنا الحديث على نسخة «أ» الموافقة للمصدر وعبارات بقية النسخ تختلف عن هذا.
3- من نسخة «أ».
4- ليس في نسخة «أ».
5- في الأصل: أن.
6- تفسير القمي: 639- إلى قوله: قال زرارة، وعنه البحار: 22/153 ح 8 والبرهان: 4/205 ح 2 وأخرج تمامه في البرهان: 4/205 ح 5 عن شرف الدين النجفي.
7- في المصدر: «يدفع».
8- كذا في المصدر، وفي الأصل: بل.
9- في المصدر: «أعلم».
10- تفسير القمي: 640 وعنه البحار: 22/154 ح 9 ونور الثقلين: 5/81 ح 9 والبرهان: 4/205 ح 4، وهذه الرواية نقلناها من نسخة «أ».

قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)

5- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن أورمة، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم- قال: يعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان)

قال: الأول والثاني والثالث.(1)

[عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] (2).

وبيان ذلك: إنّما كنّى عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالايمان لأنه لا إيمان إلّا به وبولايته فهو أصل الايمان، والثلاثة أصل الكفر والفسوق والعصيان.

ثم أخبر سبحانه عن الّذين يحبون أصل الايمان ويقلون أصل الكفر والفسوق والعصيان (3) أن: أولئك هم الراشدون.

وقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)

تأويله: ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسير قال: قال عزّ وجلّ: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الآية.

ص: 605


1- الكافي: 1/426 ذ ح 71 وعنه نور الثقلين: 5/82 ح 15 والبحار: 22/125 ح 96 و ج 23/380 ح 67 و ج 67/51 والبرهان: 4/206 ح 2.
2- تفسير القمي: 640 وعنه البحار: 8/210 (طبع الحجر) والبحار: 35/335 ح 1 والبرهان: 4/206 ح 6، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
3- ليس في نسخة «ج».

6- قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن منكم من يقاتل على التأويل من بعدي، كما قاتلت على التنزيل. فسئل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من هو؟

فقال: خاصف النعل. (1) وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يخصف نعل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [وهو من جملة حديث طويل رواه عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان ابن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (2).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)

7- تأويله: ذكره أبو علي الطبرسي (رحمه الله) قال: روى أبو بكر البيهقي بإسناده إلى عباية بن ربعي (3) عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الله عزّ وجلّ جعل الخلق قسمين فجعلني في (4) خيرهم قسما وذلك قوله (وأصحاب اليمين) (وأصحاب الشمال) (5) فأنا من أصحاب اليمين وأنا (6) خير أصحاب اليمين.

ثمّ جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلاثا وذلك قوله (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون السابقون) (7) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين.

ثمّ جعل الا ثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فأنا أتقى ولد آدم ولا فخر.

ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في (8) خيرها بيتا، وذلك قوله عزّ وجلّ (إِنَّمَا

ص: 606


1- في نسخة «ب» خاصف النعل بالحجرة.
2- تفسير القمي: 641 وعنه البحار: 100/17 ح 1 والبرهان: 4/207 ح 3 وأخرجه في البحار: 19/181 ح 30 والبرهان: 4/207 ح 2 عن الكافي: 5/11 ح 2 وفي البحار: 78/166 ح 3 عن تحف العقول: 289، وفي نور الثقلين: 5/28 ح 13 عن الخصال: 275، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
3- في نسخة «م» ربيعي.
4- في نسخة «ج» من.
5- سورة الواقعة: 27، 41.
6- في نسخة «ج» وأنا من خير.
7- سورة الواقعة: 8- 10.
8- في نسخة «ج» من.

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (1).

فأنا وأهل بيتي مطهرون من الرجس والذنوب. (2)

[ورواه عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عليّ بن الحسين العبدي، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )] (3).

وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن حفص بن غياث، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال: في قول الله عزّ وجلّ (إنما المؤمنون الّذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)

قال ابن عباس: ذهب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشرفها وفضلها (4).

وقال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله): نزلت في أمير المؤمنين. (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5)

وقوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)

9- تأويله: ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في كتابه مصباح الأنوار، بإسناده عن رجاله يرفعه إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله

ص: 607


1- سورة الأحزاب 33.
2- مجمع البيان: 9/138 وعنه نور الثقلين: 5/97 ح 87، وأخرجه في البحار: 16 /315 ح 4 عن أمالي الصدوق: 503 ح 1.
3- تفسير القمي: 661 وعنه نور الثقلين: 5/96 ح 84 والبحار: 16/315 ح 5 والبرهان: 4/273 ح 1، وما بين المعقوفين نقلناه من نسخة «أ».
4- عنه البحار: 23/389 ح 96 و ج 36/160 ح 141 والبرهان: 4/215 ح 1.
5- تفسير القمي: 642 وعنه نور الثقلين: 5/103 ح 111 والبرهان: 4/215.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في حفر الخندق، وقد حفر الناس وحفر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): بأبي من يحفر وجبرئيل يكنس التراب بين يديه ويعينه ميكائيل ولم يكن يعين أحدا قبله من الخلق.

ثمّ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعثمان بن عفّان: احفر.

فغضب عثمان وقال: لا يرضى محمّد أن أسلمنا على يده حتّى يأمرنا بالكد.

فأنزل الله على نبيه (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين) (1).

«50»

«سورة ق»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)

1- تأويله: جاء في تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو ما روي عن محمّد بن جمهور عن فضالة، عن أبان (2) عن عبد الرحمان، عن ميسر، عن بعض آل محمّد، صلوات الله عليهم في قوله (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه) قال: هو الأول.

وقال في (3) قوله تعالى (قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد) قال: هو زفر (4) وهذه الآيات إلى قوله (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) فيهما وفي أتباعهما، وكانوا أحق بها وأهلها (5).

ص: 608


1- (عنه البحار: 8/227 (طبع الحجر) و ج 39/113 ح 22 وأخرجه في البرهان: 4 /215 ح 1 عن مصباح الأنوار: 325 (مخطوط).
2- في البحار: أيوب.
3- في نسخة «ج» في الثاني.
4- في نسخة «أ» الثاني.
5- عنه البحار: 8/224 (طبع الحجر) والبرهان: 4/219 ح 1.

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) مثله] (1).

وقوله تعالى: وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)

2- تأويله: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله) بإسناده، عن رجاله، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) قال: السائق: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والشهيد: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (2).

ويؤيد هذا التأويل: قوله تعالى لهما: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)

3- بيان ذلك ما ذكره أبو علي الطبرسي (رحمه الله) قال: روى أبو القاسم الحسكاني (3) بإسناده عن الأعمش قال: حدّثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسو ل الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إذا كان يوم القيامة يقول الله لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما وأدخلا الجنّة من أحبكما، وذلك قوله تعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (4).

4- وذكر الشيخ في أماليه: بإسناده عن رجاله، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في قوله عزّ وجلّ (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)

قال: نزلت في وفي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي، وشفعك يا عليّ وكساني وكساك يا علي، ثمّ قال لي ولك «ألقيا في جهنم كل» من أبغضكما وأدخلا الجنّة من أحبكما، فان ذلك هو المؤمن (5).

5- ويؤيده: ما روي بحذف الاسناد عن محمّد بن حمران قال: سألت

ص: 609


1- تفسير القمي: 643، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
2- عنه البحار: 23/352 ح 72 و ج 36/71 ح 20، وأخرجه في البرهان: 4/222 ح 2 عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي.
3- شواهد التنزيل: 2/190 ح 896.
4- مجمع البيان 9/147 وعنه البحار: 36/75 ونور الثقلين: 5/113 ح 35.
5- عنه البرهان: 4/227 ح 4 وأخرجه في البحار: 7/338 ح 26 و ج 39/253 ح 23 و ج 68/117 ح 43 عن أمالي الطوسي: 1/378.

أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)؟

فقال: إذا كان يوم القيامة وقف محمّد وعلي- صلوات الله عليهما وآلهما- على الصراط فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة.

قلت: وما براءة؟ قال: ولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وينادي مناد: يا محمّد يا عليّ «ألقيا في جهنم كل كفار- بنبوتك (1)- عنيد» لعليّ بن أبي طالب وولده (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

6- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله) عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم ابن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن شريك قال:

بعث إلينا الأعمش وهو شديد المرض، فأتيناه، وقد اجتمع عنده أهل الكوفة وفيهم أبو حنيفة وابن قيس الماصر (3) فقال لابنه: يا بني أجلسني. فأجلسه، فقال: يا أهل الكوفة إن أبا حنيفة وابن قيس الماصر (4) أتياني فقالا: إنك قد حدثت في علي ابن أبي طالب أحاديث فارجع عنها، فإن التوبة مقبولة ما دامت الروح في البدن.

فقلت لهما: مثلكما يقول لمثلي هذا؟ أشهدكم يا أهل الكوفة، فانّي في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة: إني سمعت عطاء بن رياح يقول: سألت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن قول الله عزّ وجلّ (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنا وعلي نلقي في جهنم كل من عادانا.

فقال أبو حنيفة لابن قيس: قم بنا لا يجئ ما هو أعظم من هذا. فقاما وانصرفا (5).

7- وورد في هذا التأويل خبر حسن وهو: ما روي بحذف الأسانيد عن عبد الله ابن مسعود أنه قال: دخلت على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فسلمت، وقلت: يا رسول الله أرني الحق أنظر إليه عيانا.

ص: 610


1- ليس في نسخة «ب» والبحار.
2- عنه البحار: 36/72 ح 23 والبرهان: 4/227 ح 5.
3- في نسخة «م» الماضي.
4- في نسخة «م» الماضي.
5- عنه البرهان: 4/226 ح 13.

فقال: يا بن مسعود لج المخدع، فانظر ماذا ترى؟

قال: فدخلت فإذا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) راكعا وساجدا وهو يخشع في ركوعه وسجوده وهو يقول «اللّهمّ بحق محمّد نبيك إلا ما غفرت للمذنبين من شيعتي» فخرجت لأخبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بذلك فوجدته راكعا وساجدا وهو يخشع في ركوعه وسجوده ويقول «اللّهمّ بحق علي وليك إلا ما غفرت للمذنبين من أمتي».

فأخذني الهلع، فأوجز (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في صلاته وقال:

يا بن مسعود أكفر بعد إيمان؟ فقلت: لا وعيشك يا رسول الله، غير أني نظرت إلى علي وهو يسأل الله تعالى بجاهك، ونظرت إليك وأنت تسأل الله تعالى بجاهه، فلا أعلم أيكما أوجه عند الله تعالى من الآخر؟ فقال:

يا بن مسعود إن الله خلقني وخلق عليا والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) من نور قدسه، فلمّا أراد أن ينشئ الصنعة (1)

فتق نوري وخلق منه السماوات والأرض، وأنا والله أجل من السماوات والأرض وفتق نور علي وخلق منه العرش والكرسي، وعلي والله أجل من العرش والكرسي وفتق نور الحسن وخلق منه الحور العين والملائكة، والحسن والله أجل من الحور العين والملائكة.

وفتق نور الحسين وخلق منه اللوح والقلم، والحسين والله أجل من اللوح والقلم، فعند ذلك أظلمت المشارق والمغارب.

فضجت الملائكة ونادت:

إلهنا وسيدنا بحقّ الأشباح التي خلقتها إلّا ما فرجت عنا هذه الظلمة.

فعند ذلك تكلم الله بكلمة أخرى، فخلق منها روحا، فاحتمل النور الروح، فخلق منه الزهراء فاطمة فأقامها أمام العرش، فأزهرت المشارق والمغارب، فلأجل

ص: 611


1- في البحار: خلقه.

ذلك سمّيت الزهراء.

يا بن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عزّ وجلّ لي ولعلي: أدخلا الجنّة من أحبكما (1) وألقيا في النار من أبغضكما (2).

والدليل على ذلك قوله تعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ).

فقلت: يا رسول الله من الكفار العنيد؟

قال: الكفّار من كفر بنبوتي، والعنيد من عاند عليّ بن أبي طالب (3).

صلى الله عليهما وعلى ذريتهما في كل شارق وغارب صلاة باقية بقاء المشارق والمغارب.

وقوله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)

8- جاء في تأويله حديث لطيف وخبر طريف، وهو ما نقله ابن شهرآشوب في كتابه مرفوعا، عن رجاله، عن ابن عباس أنه قال: أهدى رجل إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ناقتين عظيمتين سمينتين، فقال للصحابة (4): هل فيكم أحد يصلي ركعتين بوضوئهما وقيامهما وركوعهما وسجودهما وخشوعهما ولم يهتم فيهما بشئ من أمور الدنيا ولا يحدث قلبه بفكر الدنيا، أهدي إليه إحدى هاتين الناقتين.

فقالها مرة ومرتين وثلاثا فلم يجبه أحد من أصحابه (5).

فقام إليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: أنا يا رسول الله أصلي ركعتين أكبر التكبيرة (6) الأولى إلى أن أسلم منها (7) لا أحدث نفسي بشئ من أمر الدنيا.

ص: 612


1- في نسختي «ب، م» أحببتما.
2- في نسختي «ب، م» أبغضتما.
3- عنه البحار: 36/73 ح 24 وأخرجه في البرهان: 4/226 ح 14 عن السيد الرضى في المناقب الفاخرة، وفي البحار: 40/43 ح 81 عن الفضائل لابن شاذان: 128 والروضة له: 135 نحوه.
4- في نسخة «ج» لأصحابه.
5- في البرهان: «الصحابة».
6- كذا في البحار، وفي الأصل: تكبيرة.
7- في نسخة «ب» منهما.

فقال: يا عليّ صل، صلى الله عليك. قال: فكبر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ودخل في الصلاة، فلمّا سلم من الركعتين هبط جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا محمّد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: أعطه إحدى الناقتين.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنا شارطته على أن يصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشئ من أمر الدنيا أن أعطيه إحدى الناقتين، وإنّه جلس في التشهد فتفكر (1) في نفسه أيهما يأخذ؟

فقال جبرئيل: يا محمّد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: تفكر أيهما يأخذ أسمنهما فينحرها في سبيل الله ويتصدق بها لوجه الله تعالى، وكان تفكره لله عزّ وجلّ لا لنفسه ولا للدنيا.

فبكى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأعطاه كلتيهما، فنحرهما وتصدق بهما، فأنزل الله تعالى فيه (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) يعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه خاطب نفسه في صلاته لله تعالى، لم يتفكر فيها بشئ من أمر الدنيا (2).

وهذا هو سبيل الاخلاص والعصمة، لم تتفق هاتان الخصلتان في أحد من الصحابة والقرابة إلا فيه وفي المعصومين من بنيه.

صلوات الله وسلامه عليهم في كل زمان وما يليه، ما دار الفلك الجاري على مجاريه وسبحه موحدا هو والحلول فيه.

ص: 613


1- في نسخة «ج» ففكر.
2- عنه البحار: 36/161 ح 142، وأخرجه في البرهان: 4/228 ح 3 عن مناقب ابن شهرآشوب: 1/302.

«51»

«سورة الذاريات»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: إنما توعدون لصادق (5)

1- تأويله: ما روي باسناد متصل إلى أحمد بن محمّد بن (1) خالد البرقي عن [(حسين بن) سيف بن عميرة] (2)، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (إنما توعدون لصادق) في علي، هكذا نزلت (3).

2- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) عن جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمّد بن علي، عن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قوله تعالى (إنما توعدون لصادق) يعني في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

وقوله تعالى (وإن الدين لواقع) يعني عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعلي هو الدين.

وقوله تعالى (والسماء ذات الحبك) قال: إن السماء رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات الحبك.

وقوله تعالى (إنكم لفي قول مختلف) يعني مختلف في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) اختلفت هذه الأمة في ولايته] (5) فمن استقام على ولايته دخل الجنّة ومن خالف دخل النار.

ص: 614


1- كذا نسخة «أ» وهو الصحيح، وفي نسخة «ب» محمّد بن خالد البرقي، وفي نسختي «ج، م» أحمد بن خالد البرقي.
2- في الأصل والبحار: سيف بن عميرة ولكنه اشتباه إذ ان ابنه يروى عن أخيه عن أبيه لا نفسه على أن السياري رواه في كتاب القراءات عن ابن السيف.
3- عنه البحار: 36/162 ح 143 والبرهان: 4/230 ح 2.
4- تفسير القمي: 647 وعنه البحار: 35/351 ح 37 والبرهان: 4/230 ح 2 ونور الثقلين: 5/121 ح 6.
5- من المصدر.

وقوله (يؤفك عنه من أفك) يعني من أفك عن ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أفك عن الجنّة (1).

وقوله تعالى: والسماء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8) يؤفك عنه من أفك (9)

3- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين (2) بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إنكم لفي قول مختلف) قال: في أمر الولاية.

(يؤفك عنه من أفك) [قال: من أفك] (3) عن الولاية فقد أفك عن الجنّة (4).

ومعنى «أفك»: صرف.

وقوله تعالى: فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)

4- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان بن إبراهيم، عن عمرو بن هاشم (5) عن إسحاق بن عبد الله، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ

(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)

قال: قوله (إنه لحق) هو قيام القائم. وفيه نزلت (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) (6).

ص: 615


1- تفسير القمي: 647 وفيه: فإنه على من أفك عن ولايته أفك عن الجنّة بدل (يعني من أفك الخ)، وعنه البحار: 36/169 ح 156 والبرهان: 4/231 ح 4 ونور الثقلين: 5 /122 ح 10، والحديث من نخسة «أ».
2- في نسخة «ب» والكافي: الحسن، وفي نسخة «ج» الحسين بن يوسف (سيف خ ل).
3- من الكافي.
4- الكافي: 1/422 ح 48 وعنه البرهان: 4/231 ح 2، وأخرجه في البحار: 23/368 ح 38 عن مناقب ابن شهرآشوب: 2/292.
5- في البحار: عمير بن هاشم الطائي، وفي «الرجال»: عمرو بن هشام الطائي.
6- عنه البرهان: 4/232 ح 2، وفي البحار: 51/53 ح 34 عنه وعن غيبة الطوسي: 110 والآية الأخيرة من سورة النور: 55.

«52»

«سورة الطور»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالطُّور (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)

1- تأويله: روي باسناد متصل عن عليّ بن سليمان عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ)

قال: كتاب كتبه الله عزّ وجلّ في ورقة (آس) (1) ووضعه على عرشه قبل خلق الخلق بألفي عام»يا شيعة آل محمّد إني أنا الله أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني» (2).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)

تأويله: أن ذرية المؤمنين تتبعهم في الايمان فإذا اتبعتهم في الايمان الحقوا بهم في الجنان. عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أبي العباس، عن يحيى بن زكريا، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال «والّذين آمنوا» النبيّ وأمير المؤمنين وذريتهما (3)، الأئمّة والأوصياء، صلوات الله عليهم.

«اتّبعتهم ذرّيّتهم» أي ألحقنا بهم ذريتهم»وما ألتناهم من عملهم من شئ «أي

ص: 616


1- ليس في نسخة «ب» وفيها ورق.
2- عنه البحار: 27/138 ح 140 والبرهان: 4/240 ح 1.
3- في المصدر: والذرية.

لم تنقص ذريتهم من الحجة التي جاء بها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة (1).

3- وفي تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد ابن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان ابن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (والّذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ)

قال «الّذين آمنوا «النبيّ وأمير المؤمنين، وذريتهما (2) الأئمّة والأوصياء. صلوات الله عليهم.

«واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ» (3) أي لم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وحجتهم واحدة، وطاعتهم واحدة (4)

4- وروى الشيخ في أماليه عن رجاله، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقولان (5): إن الله تعالى عوض الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائره جائيا و (لا) (6) راجعا من عمره. قال محمّد بن مسلم:

قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذا الجلال ينال زوار الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فما له هو في نفسه؟

قال: إن الله تعالى ألحقه بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فكان معه في درجته ومنزلته، ثم تلا

ص: 617


1- تفسير القمي: 649 مع اختلاف وتقديم وتأخير وعنه البحار: 23/355 ح 4 والبرهان: 4/241 ح 4 والحديث من نسخة «أ».
2- في المصدر والبحار: وذريته.
3- الآية ليست في الكافي بل فيه: ألحقنا بهم ولم تنقص، وفي نسختي «ج، م» تنقص.
4- الكافي: 1/275 ح 1 وعنه البحار: 16/360 ح 58 والبرهان: 4/241 ح 1 و نور الثقلين: 5/139 ح 20.
5- في نسخة «ج» أبا عبد الله جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول.
6- ليس في المصدر.

أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (والّذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) الآية (1).

5- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن عيسى ابن مهران، عن داود بن المجير، عن الوليد بن محمّد، عن زيد بن جدعان، عن عمه عليّ بن زيد قال: قال عبد الله بن عمر: كنا نفاضل (2) فنقول: أبو بكر، وعمر وعثمان ويقول: قائلهم فلان وفلان.

فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمان فعلي؟ قال: علي من أهل بيت لا يقاس بهم أحد من الناس، علي مع النبيّ في درجته، إن الله عزّ وجلّ يقول (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ).

ففاطمة ذرية النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هي معه في درجته وعلي مع فاطمة (3) صلى الله عليهما.

6- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمّد، عن علي ابن نصير، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)

قال: نزلت في النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) (4).

7- وقال أيضا: حدّثنا أبو عبد الله جعفر (5) بن محمّد الحسيني، عن محمّد ابن الحسين، عن حميد بن والق (6) عن محمّد بن يحيى المازني، عن الكلبي عن

ص: 618


1- أمالي الطوسي: 1/324 وعنه البحار: 44/221 ح 1 و ج 101/69 ح 2 والبرهان: 4/242 ح 7 واثبات الهداة: 2/483 ح 405 وصدره في وسائل الشيعة: 10/329 ح 34.
2- في نسخة «ج» نتفاضل، وفي البحار: قال: كنا عند عبد الله بن عمر نفاضل.
3- عنه البحار: 24/274 ح 59 والبرهان: 4/241 ح 4، وأورده في مقصد الراغب: 111 (مخطوط) عن محمّد بن جذعان:
4- عنه البحار: 25/241 ح 22 والبرهان: 4/241 ح 5.
5- في نسخة «م» أبو عيد عباد جعفر، وفي نسختي «أ، ج» أبو عبد الله عباد بن جعفر الخ و لكن لم نجد له نظيرا ولا ذكرا في كتب الاخبار والرجال.
6- في هامش البحار ما لفظه: في النسخة المصححة التي قوبلت على المصنف: حميد بن وافق.

الإمام جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)

قال: إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من لدن العرش: يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتّى تمر فاطمة بنت محمّد، فتكون أول من يكسى ويستقبلها من الفردوس اثنتا عشرة ألف حوراء معهن خمسون ألف ملك على نجائب من ياقوت أجنحتها وأزمتها (1) اللؤلؤ الرطب والزبرجد، عليها رحائل من در، على كل رحل نمرقة من سندس حتّى تجوز بها الصراط، ويأتون الفردوس فيتباشر بها أهل الجنّة وتجلس على عرش من نور ويجلسون حولها.

وفي بطنان العرش قصران: قصر أبيض وقصر أصفر من لؤلؤ (2) من عرق واحد.

وأنّ في القصر الأبيض سبعين ألف دار مساكن محمّد وآل محمّد.

وأنّ في القصر الأصفر سبعين ألف دار مساكن إبراهيم وآل إبراهيم، ويبعث الله إليها ملكا لم يبعث إلى أحد قبلها، ولا يبعث إلى أحد بعدها.

فيقول لها: إن ربك عزّ وجلّ يقرأ عليك السلام ويقول لك: سليني أعطك

فتقول: قد أتم علي نعمته، وأباحني جنته وهنأني كرامته، وفضلني على نساء خلقه أساله أن يشفعني في ولدي وذرّيّتي ومن ودهم بعدي وحفظهم بعدي.

قال: فيوحي الله إلى ذلك الملك من غير أن يتحول من مكانه: أن خبرها أني قد شفعتها في ولدها وذريتها ومن ودهم وأحبهم وحفظهم بعدها.

قال: فتقول: الحمد لله الّذي أذهب عني الحزن وأقر عيني.

ثمّ قال جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): كان أبي إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (3).

ص: 619


1- في نسخة «م» ألزمتها، وفي البحار هكذا: أجنحتها من زبرجد وأزمتها من اللؤلؤ.
2- في الأصل: لؤلؤة.
3- عنه البحار: 24/274 ح 60، والبرهان: 4/241 ح 6.

فانظر أيها الناظر إلى شأن قدر سيدة نساء العالمين وما أعد الله لها من الكرامة يوم الدين، ولذريتها المؤمنين، ولشيعتها المحبين الموالين.

صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها الطيبين صلاة دأئمّة [في] (1) كل حين.

وقوله تعالى: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن ابن فضيل (2) عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وإن للذين ظلموا) الآية

قال «وإن للذين ظلموا- آل محمّد حقهم- عذابا دون ذلك» (3).

«53»

«سورة النجم»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)

1- تأويله: جاء من طريق العامّة والخاصّة، فمن العامّة ما رواه الفقيه علي (4) بن المغازلي بإسناده إلى (5) ابن عباس قال: كنت جالسا مع فتية (6) من بني هاشم عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ انقض كوكب، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي.

قال: فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل عليّ بن أبي

ص: 620


1- من نسخة «م».
2- في نسخة «ب» ابن فضال.
3- عنه البحار: 24/229 ح 31 والبرهان: 4/243 ح 1.
4- في نسخة «م» عن علي.
5- في نسخة «ج» عن.
6- في نسختي «ب، ج» فئة.

طالب، فقالوا يا رسول الله قد غويت في حب ابن عمك فأنزل الله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (1)

2- روى الشيخ الصدوق محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في أماليه حديثا يرفعه بإسناده إلى جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: لما مرض النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مرضه الّذي قبضه الله فيه اجتمع إليه أهل بيته وأصحابه، فقالوا: يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك؟ ومن القائم فينا بأمرك؟ فلم يجبهم جوابا وسكت عنهم.

فلمّا كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول، فلم يجبهم عن شئ مما سألوه.

فلمّا كان اليوم الثالث قالوا له: يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك؟ ومن القائم فينا بأمرك؟

فقال لهم: إذا كان غدا يهبط نجم من السماء في منزل رجل من أصحابي، فانظروا من هو؟ فهو خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمري. ولم يكن فيهم أحد إلا وهو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي.

فلمّا كان اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم، إذا انقض نجم من السماء وقد غلب ضوءه على ضوء الدنيا حتّى وقع في حجرة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهاج القوم وقالوا: والله قد ضل هذا الرجل وغوى، وما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) إلى آخر السورة (2).

ص: 621


1- مناقب ابن المغازلي: 310 ح 353 وعنه الطرائف: 22 ح 16 وعمدة ابن بطريق: 78 ح 95 والبرهان: 4/246 ح 15، وأخرجه في إحقاق الحق: 15/136 عن ترجمة ابن عساكر: 3/10 ح 1023، وفي البحار: 35/283 ح 11 عن الكنز والطرائف ورواه فرات في تفسيره: 175.
2- أمالي الصدوق. 468 ح 1 وعنه المناقب لابن شهرآشوب: 2/214 والبحار: 35/ 273 ح 2 والبرهان: 4/244 ح 3.

3- وروى أيضا: عن الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي (الكوفي قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدّثني محمّد بن أحمد بن علي الهمداني قال: حدّثني الحسين بن علي، قال: حدّثني عبد الله بن سعيد الهاشمي، قال: حدّثني عبد الواحد بن غياث، قال: حدّثنا ) (1) عاصم بن سليمان، قال: حدّثنا جويبر، عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه قال:

صليت (2) العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلمّا سلم أقبل علينا بوجهه ثمّ قال: إنه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيّي وخليفتي والامام (عليكم) (3) بعدي.

فلمّا كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط النجم وكان أطمع القوم في ذلك أبي «العباس بن عبد المطلب «فلمّا طلع الفجر انقض الكوكب من الهواء فسقط في دار عليّ بن أبي طالب.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ والّذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والامام والخلافة بعدي.

فقال المنافقون: عبد الله بن أبي وأصحابه: لقد ضل محمّد في محبته لابن (4) عمه وغوى وما ينطق في شأنه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك وتعالى (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم- يقول الله عزّ وجلّ: خالق النجم إذا هوى ما ضل صاحبكم في محبة (5) عليّ بن أبي طالب- وما غوى وما ينطق عن الهوى- يعني في شأنه- إن هو إلا وحي يوحى) (6).

ص: 622


1- في الأصل بدل ما بين القوسين هكذا «حديثا يرفعه باسناده إلى جعفر بن عبد الله».
2- في نسخة «م» صليت (صلينا خ ل).
3- ليس في نسخة «م».
4- في المصدر والبحار: محبة ابن.
5- في نسخة «م» محبته.
6- أمالي الصدوق: 453 ح 4 وعنه البحار: 35/272 ح 1 والبرهان: 4/244 ح 4. ورواه الطبري في بشارة المصطفى: 231.

4- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن جعفر بن محمّد العلوي، عن عبد الله بن محمّد الزيات، عن جندل بن والق، عن محمّد بن أبي عمير (1) عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا سيد الناس ولا فخر، وعلي سيد المؤمنين، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال رجل من قريش: والله ما يألوا يطري ابن عمه. فأنزل الله سبحانه (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وما هذا القول الّذي يقوله بهواه في ابن عمه «إن هو إلا وحي يوحى» (2).

5- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن خالد [عن محمّد بن خالد] (3) الأزدي [عن عمرو بن شمر] (4) عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (والنجم إذا هوى- ما فتنتم إلا ببغض آل محمّد إذا مضى- ما ضل صاحبكم- بتفضيله أهل بيته- وما غوى- إلى قوله- إن هو إلا وحي يوحى) (5).

6- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن منصور بن العباس (عن الحصين (6) عن العباس القصباني) (7) عن داود بن الحصين، عن فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

لمّا أوقف رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الغدير افترق الناس ثلاث فرق، فقالت فرقة: ضل محمّد، وفرقة قالت: غوى، وفرقة قالت: بهواه يقول في

ص: 623


1- في البحار: «محمّد بن يحيى «بدل «محمّد بن أبي عمير».
2- عنه البحار: 24/322 ح 33 والبرهان: 4/245 ح 8.
3- من نسختي «أ، م» والبحار في نسخة «أ» أحمد بن محمّد بن خالد بدل «أحمد بن محمّد عن أحمد بن خالد».
4- من البحار، وفي نسخة «أ» عمر بن شمر، وفي نسخة «م» عمرو بن جابر.
5- عنه البحار: 24/223 ح 34 والبرهان: 4/245 ح 9.
6- کذا فی نسخة «ج» و البرهان، و فی نسختی «أ، م» منصور بن العباس الحصین.
7- ليس في البحار، وفي نسختي «أ، م» القصباني وهو العباس بن عامر القصباني. راجع رجال السيد الخوئي: 9/238.

أهل بيته وابن عمه، فأنزل الله سبحانه (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (1).

7- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جده، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

ليلة أسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى، فقال لي جبرئيل: تقدّم يا محمّد فدنوت دنوة- والدنوة: مد البصر- فرأيت نورا ساطعا فخررت لله ساجدا فقال لي: يا محمّد من خلفت (2) في الأرض؟

قلت: يا رب أعدلها وأصدقها وأبرها وأسنمها (3) عليّ بن أبي طالب وصيّي ووارثي وخليفتي في أهلي.

فقال لي: أقرئه مني السلام وقل له: إن غضبه عز ورضاه حكم.

يا محمّد إني أنا الله لا إله إلا أنا العلي الأعلى وهبت لأخيك اسما من أسمائي فسميته عليا، وأنا العلي الأعلى.

يا محمّد إني أنا الله لا إله إلا أنا فاطر السماوات والأرض وهبت لابنتك اسما من أسمائي فسميتها فاطمة، وأنا فاطر كل شئ.

يا محمّد إني أنا الله لا إله إلا أنا الحسن البلاء وهبت لسبطيك اسمين من أسمائي فسميتهما الحسن والحسين، وأنا الحسن البلاء.

قال: فلمّا حدث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قريشا بهذا الحديث قال قوم: ما أوحى الله إلى محمّد بشئ وإنما تكلم عن هوى نفسه فأنزل الله تبارك وتعالى تبيان ذلك (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه

ص: 624


1- عنه البحار: 24/323 ح 35 والبرهان: 4/245 ح 10.
2- في نسخة «ج» خلف.
3- في نسخة «أ» وأسمحها، وفي «ب» وأشملها، وفي «م» وأسمها، وفي البرهان: وأئمنها.

شديد القوى) (1).

وقوله تعالى: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)

معناه: أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «دنا «في القرب إلى كرامة الله وعظمته وعزه وجلاله حتّى بلغ «قاب- أي مقدار- قوسين «قيل: إنها القوس التي يرمى بها السهام. وقيل: مقدار ذراعين «أو أدنى» من ذلك القرب إلى ربه تبارك وتعالى «فأوحى إلى عبده ما» شاء أن يوحي إليه.

8- وأمّا تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن بكير، عن حمران بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ في كتابه (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى)؟

فقال: أدنى الله محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) منه فلم يكن بينه وبينه إلا قفص من لؤلؤ فيه فراش من ذهب يتلألأ فأري صورة.

فقيل (له) (2): يا محمّد أتعرف هذه الصورة؟ قال: نعم هذه صورة عليّ بن أبي طالب. فأوحى الله إليه أن زوجه فاطمة واتخذه وصيا (3).

9- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن همام [عن محمّد بن إسماعيل] (4) عن عيسى ابن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي (عَلَيهِم السَّلَامُ) في

ص: 625


1- عنه البحار: 24/323 ح 36 والبرهان: 4/245 ح 11.
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 18/410 ح 122 والبرهان: 4/250 ح 11، وأخرجه في البحار: 18/ 302 ح 6 عن المحتضر: 125.
4- من كشف اليقين والبحار: 89، وفي الأصل بعد عيسى بن داود «باسناد يرفعه إلى «وهذا اشتباه إذ هو يروى عن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بلا واسطة.

قوله عزّ وجلّ (إذ يغشى السدرة ما يغشى)

(فإن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أسري به إلى ربه قال) (1): وقف بي جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أر مثلها، على كل غصن منها ملك، وعلى كل ورقة منها ملك، وعلى كل ثمرة منها ملك، وقد تجللها نور من نور الله عزّ وجلّ.

فقال جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذه سدرة المنتهى، كان ينتهي الأنبياء قبلك إليها، ثم لم (2) يتجاوزوها وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن أيدك الله بالثبات حتّى تستكمل كرامات [الله] (3) وتصير إلى جواره.

ثم صعد بي إلى تحت العرش فدلي إليّ (4) رفرف أخضر (ما أحسن أصفه) (5) فرفعني الرفرف بإذن الله [إلى] (6) ربي فصرت عنده وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم، وذهبت المخاوف والروعات (7) وهدأت (8) نفسي واستبشرت وجعلت أمتد وأنقبض، ووقع علي السرور والاستبشار، وظننت أن جميع الخلق قد ماتوا ولم أر غيري أحدا من خلقه، فتركني ما شاء الله.

ثم ردّ عليّ روحي فأفقت، وكان توفيقا من ربّي أن غمضت عيني وكلّ (9) بصري وغشي (10) عن النظر فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ، وذلك قوله (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) وإنما كنت (أبصر مثل خيط الإبرة نورا بيني وبين ربي ونور ربي) (11) لا تطيقه الابصار.

فناداني ربّي فقال تبارك وتعالى: يا محمّد قلت: لبيك ربّي وسيّدي وإلهي لبيك.

ص: 626


1- بدل ما بين القوسين في نسخة «ب» قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما أسرى بي إلى السماء.
2- في نسخة «م» وكشف اليقين: لا.
3- من كشف اليقين.
4- في كشف اليقين: فدنا لي، وفي البحار: 36: فدنا إلي.
5- ليس في البحار.
6- من كشف اليقين.
7- ليس في كشف اليقين: النزعات بدل «الروعات».
8- في نسختي «ب، م» وهدت.
9- في نسختي «ب، م» فكل.
10- في كشف اليقين: غشيني.
11- في كشف اليقين هكذا: أرى في مثل مخيط الإبرة ونور بين يدي ربي.

قال: هل عرفت قدرك عندي وموضعك ومنزلتك. قلت: نعم يا سيدي.

قال: يا محمّد هل عرفت موقعك مني وموقع ذريتك؟ قلت: نعم يا سيدي.

قال: فهل تعلم يا محمّد فيم اختصم الملا الأعلى؟ قلت: يا رب أنت أعلم وأحكم وأنت علام الغيوب.

قال: اختصموا في الدرجات والحسنات، فهل تدري ما الدرجات والحسنات؟

قلت: أنت أعلم سيدي وأحكم.

قال: إسباغ الوضوء في المفروضات، والمشي على الاقدام إلى الجماعات معك ومع الأئمّة من ولدك، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والتهجد بالليل والناس نيام.

ثمّ قال «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربّه»

قلت «والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»

قال: صدقت يا محمّد «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت»

فقلت «ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الّذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين» (1) قال: ذلك لك ولذريتك، يا محمّد.

قلت: لبيك ربي وسعديك سيدي وإلهي.

قال: أسالك عما أنا أعلم به منك، من خلفت في الأرض بعدك؟

قلت: خير أهلها (لها) (2) أخي وابن عمي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلت، ولنبيك (3) غضب النمر إذا أغضب (4) «عليّ بن أبي طالب».

ص: 627


1- سورة البقرة: 285، 286.
2- ليس في البحار.
3- في البحار: هتكت.
4- من البحار، وفي الأصل: غضب، النمر ضرب من السباع، لا يملك نفسه عند الغضب حتّى يبلغ من شدة غضبه أن يقتل نفسه، حياة الحيوان: 2/371.

قال: صدقت يا محمّد إني اصطفيتك بالنبوة، وبعثتك بالرسالة وامتحنت عليا بالبلاغ والشهادة على أمتك، وجعلته حجة في الأرض معك وبعدك، وهو نور أوليائي وولي من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين.

يا محمّد وزوجته فاطمة، فإنه وصيك ووارثك ووزيرك، وغاسل عورتك وناصر دينك، والمقتول على سنتي وسنتك، يقتله شقي هذه الأمة.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ثم إن ربي أمرني بأمور وأشياء، وأمرني أن أكتمها ولم يؤذن لي في إخبار أصحابي بها، ثم هوى بي الرفرف.

فإذا أنا بجبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتناولني منه حتّى صرت إلى سدرة المنتهى، فوقف بي تحتها ثم أدخلني جنة المأوى فرأيت مسكني ومسكنك يا عليّ فيها، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني (1) نور من نور الله، فنظرت إلى مثل مخيط الإبرة إلى ما كنت نظرت إليه في المرة الأولى.

فناداني ربي جل جلاله: يا محمّد. قلت: لبيك ربي وإلهي وسيدي.

قال: سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك، أنت صفوتي من خلقي، وأنت أميني وحبيبي ورسولي، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصوك أو ينتقصوا (2) صفوتي من ذريتك، لأدخلنهم ناري ولا أبالي.

يا محمّد علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، أبو السبطين سيدي شباب جنتي المقتولين (بي) (3) ظلما.

ثم فرض علي الصلاة وما أراد تبارك وتعالى، وقد كنت قريبا منه في المرة الأولى مثل ما بين كبد القوس (4) إلى سيته، فذلك قوله تعالى (قاب قوسين أو

ص: 628


1- في كشف اليقين: «تجلى لي» بدل «علاني».
2- في البحار: ينقصونك أو ينقصون، وفي كشف اليقين: بدلهما أو يبغضوا.
3- ليس في البحار وكشف اليقين.
4- في البحار: القوسين، وكبد القوس مقبضها، و «سيته «ما عطف من طرفيها.

أدنى) من ذلك (1). صلى الله عليه وعلى أهل بيته السالكين بنا أهدى المسالك ما أظلم نهار مضئ وأضاء ليل حالك.

«54»

«سورة القمر»

«وفيها آية واحدة»

وهي: قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)

1- تأويله: قال أبو جعفر الطوسي (رحمه الله): روينا بالاسناد إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ من أحبك وتولاك أسكنه الله معنا في الجنّة، ثم تلا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) (2).

2- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن محمّد بن عمر بن أبي شيبة، عن زكريا بن يحيى، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن عاصم بن ضمرة (3) قال: إن جابر بن عبد الله قال: (4) كنا عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في المسجد فذكر بعض أصحابه الجنّة فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن أول أهل الجنّة دخولا إليها عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال أبو دجانة الأنصاري: يا رسول الله [أليس] (5) أخبرتنا أن الجنّة محرمة على الأنبياء حتّى تدخلها، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمتك؟

ص: 629


1- عنه البحار: 36/162 ح 144 والبرهان: 4/250 ح 12 وكشف اليقين: 89 وعنه المستدرك: 1/408 ح 6 و ج 2/247 ح 3 والبحار: 89/196 ح 41 وأورده أبو الفتوح الرازي في تفسيره: 7/178.
2- عنه البحار: 36/65 والبرهان: 4/262 ح 3، ورواه في مصباح الأنوار: 58 (مخطوط)، ورواه الخوارزمي في مناقبه: 195.
3- في نسخة «ب» حمزة.
4- في نسخة «ب» أنا وجابر بن عبد الله.
5- من تفسير فرات.

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): بلى يا أبا دجانة أما علمت أن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقهما الله قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، مكتوب على ذلك اللواء «لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، خير البرية آل محمّد».

صاحب اللواء علي وهو إمام القوم.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): الحمد لله الّذي هدانا بك يا رسول الله وشرفنا.

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أبشر يا عليّ ما من عبد ينتحل مودتك إلا بعثه الله معنا يوم القيامة.

وجاء في رواية أخرى: يا عليّ أما علمت أنه من أحبنا وانتحل محبتنا أسكنه الله معنا؟ وتلا هذه الآية (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) (1).

«55»

«سورة الرحمن»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الرحمن (1 ) علم القرآن (2) خلق الانسان (3) علمه البيان (4)

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سورة الرحمن نزلت فينا من أولها إلى آخرها (2)

2- وأمّا تأويله: رواه أيضا عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي

ص: 630


1- عنه البرهان: 4/262 وفي البحار: 36/64 ح 3 عنه وعن كشف الغمة: 1/321 عن الحافظ ابن مردويه، عن جابر ن عبد الله، وأخرجه في البحار: 39/218 ح 11 عن تفسير فرات: 175 وفي ج 27/129 ح 120 عن المحتضر: 97.
2- عنه البحار: 36/164 ح 135 والبرهان: 4/264 ح 1.

الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (الرحمن علم القرآن)؟

قال: الله علم القرآن.

قلت: فقوله (خلق الانسان علمه البيان)؟

قال: ذاك أمير المؤمنين علمه الله سبحانه بيان كل شئ يحتاج إليه الناس (1).

3- ويؤيد هذا التأويل: ما رواه صاحب كتاب الاحتجاج بإسناده إلى عبد الله بن جعفر الحميري ذكر حديثا مسندا يرفعه إلى حماد اللحام قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن والله نعلم ما في السماوات والأرض، وما في الجنّة وما في النار، وما بين ذلك.

قال حماد: فنهنهت (2) إليه النظر.

فقال: يا حماد إن ذلك في كتاب الله يقولها ثلاثا، ثم تلا هذه الآية (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (3).

إنه من كتاب الله الّذي فيه تبيان كل شئ (4).

فمعنى قوله: إنه من كتاب الله (أي أن الّذي نعلمه من كتاب الله) (5) الّذي فيه تبيان كل شئ يحتاج الناس إليه.

4- ويعضده: ما رواه بحذف الاسناد مرفوعا إلى أبي حمزة الثمالي قال: قلت لمولاي عليّ بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أسألك عن شئ تنفي (6) به عني ما خامر

نفسي. قال: ذاك إليك، قلت: أسالك عن الأول والثاني فقال: عليهما لعائن الله كلها (7)

ص: 631


1- عنه البحار: 36/164 ذ ح 145 والبرهان: 4/264 ح 2.
2- في تفسير العياشي والبحار: فبهت، وفي نسخة «م» فنهضت، وفي نسخة «ج» فنهضت (فنهنهت- خ ل-).
3- سورة النحل: 89.
4- لم نجده في الاحتجاج، نعم رواه العياشي في تفسيره: 2/266 ح 57 «عن منصور، عن حماد اللحام» وعنه البحار: 92/101 ح 77 والبرهان: 2/380 ح 15.
5- ليس في نسختي «ج، م».
6- في نسختي «ج، م» أنفى.
7- في نسخة «ب» كلاهما.

مضيا والله مشركين كافرين بالله العظيم.

قال: قلت: يا مولاي والأئمّة منكم يحيون الموتى ويبرؤون الأكمه والأبرص ويمشون على الماء؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما أعطى الله نبيا شيئا إلا أعطى محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مثله، وأعطاه ما لم يعطهم وما لم يكن عندهم، وكلما كان عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقد أعطاه أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين، ثم إماما بعد إمام إلى يوم القيامة، مع الزيادة التي تحدث في كل سنة وفي كل شهر وفي كل يوم (1).

وقوله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ

5- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن عليّ بن مهران (2) عن سعيد بن عثمان، عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ)؟

قال: يا داود سالت عن أمر فاكتف بما يرد عليك، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره، ثم إن الله ضرب ذلك مثلا لمن وثب علينا وهتك حرمتنا وظلمنا حقنا، فقال: هما بحسبان، قال: هما في عذابي.

قال: قلت (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) قال: النجم رسول الله، والشجر أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، لم يعصوا الله طرفة عين.

قال: قلت: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ).

قال: «السماء» رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قبضه الله ثم رفعه إليه.

ص: 632


1- عنه البحار: 8/224 (طبع الحجر)، وأخرجه في البحار: 27/29 ح 1 عن بصائر الدرجات: 269 ح 2 مع اختلاف.
2- في نسخ «أ، ج، م»مروان وما أثبتناه هو الصحيح، راجع معجم رجال السيد الخوئي: 5/58.

«ووضع الميزان» والميزان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونصبه (1) لهم من بعده.

قلت (ألا تطغوا في الميزان) قال: لا تطغوا في الامام بالعصيان والخلاف.

قلت (وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان).

قال: أطيعوا الامام بالعدل ولا تبخسوه من حقه (2).

معنى قوله: هما «بحسبان «أي هما في عذابي. فالحسبان بالضم لغة العذاب ومنه قوله تعالى (ويرسل عليها حسبانا من السماء) (3) الآية.

والضمير في قوله هما، راجع إلى من وثب عليهم وهما الأول والثاني (4).

وقوله تعالى: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)

6- تأويله: بالاسناد المتقدّم قال: قوله تعالى (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) أي بأي نعمتي تكذبان؟ بمحمّد أم بعلي؟ فبهما (5) أنعمت على العباد (6).

7- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك وبمعناه، وفيه قلت «الشمس والقمر بحسبان «قال: هما يعذبان.

قلت: الشمس والقمر يعذبان؟!

قال: إن سألت عن شئ فاتقنه، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره، مطيعان له، ضوءهما من نور عرشه، وحرهما من جهنم، فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما، وعاد إلى النار حرهما، فلا يكون شمس ولا قمر، وانما عناهما لعنهما الله.

أو ليس قد روى الناس أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: إن الشمس والقمر نوران

ص: 633


1- في نسخة «ب» نصبه.
2- عنه البحار: 24/309 ح 12 والبرهان: 4/264 ح 3 وقطعة منه في البحار: 8 /225 (طبع الحجر).
3- سورة الكهف: 40.
4- في نسخة «ج» الّذين خالفاكم بدل «الأول والثاني».
5- في نسختي «ب، م» فيهما.
6- عنه البحار: 24/59 ح 34 وص 309 ذ ح 12 والبرهان: 4/264 ح 4.

في النار؟ قلت: بلى.

قال: أو ما سمعت قول الناس فلان وفلان شمسا هذه الأمة، وقمرا هذه الأمة؟

قلت: بلى. قال: وهما في النار، والله ما عنى غيرهما.

قلت (والنجم والشجر يسجدان)؟

قال: النجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقد سماه في غير هذا الموضع بذلك فقال (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (1) العلامات هم الأوصياء، والنجم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).. إلى آخر الحديث (2).

8- الصدوق (قدس سره) في العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن أحمد بن محمّد، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة أتي بالشمس والقمر بصورة ثورين عقيرين، فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار، وذلك لأنهما عبدا، فرضيا (3).

9- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم (4) عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى (فبأي آلاء ربكما تكذبان «قال: قال الله تعالى: فبأي النعمتين تكفران؟ برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أم بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ (5)

10- ويؤيده: ما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد

ص: 634


1- سورة النحل: 16.
2- تفسير القمي: 658 وعنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/263 ح 3.
3- علل الشرائع: 2/605 ح 78 وعنه البحار: 7/177 ح 12 و ج 58/159 ح 12 (وفيه: أخرجه من العيون وهو اشتباه)، ونور الثقلين: 3/459 ح 171.
4- في الأصل محمّد بن مسلم.
5- تفسير القمي: 659 وعنه البحار: 36/173 ح 161 والبرهان: 4/264 ح 5 ونور الثقلين: 5/189 ح 12، وأثبتنا الأحاديث «7- 9 «من نسخة «أ».

عن معلى بن محمّد (يرفعه إلى جعفر بن محمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ)) (1) في قوله عزّ وجلّ (فبأيآلاء ربكما تكذبان)

(قال: (2) فبالنبيّ أم بالوصي تكذبان؟ نزلت في سورة الرحمن (3).

وقوله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)

11- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن أحمد، عن محفوظ بن بشر، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4) في قوله عزّ وجلّ (مرج البحرين يلتقيان- قال: علي وفاطمة- بينهما برزخ لا يبغيان) قال: لا يبغي علي على فاطمة، ولا تبغي فاطمة على علي.

(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

[من رأى مثل هؤلاء الأربعة: علي وفاطمة والحسن والحسين؟ صلوات الله عليهم لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا كافر، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، ولا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت، فتلقوا في النار] (5).

[عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن عبد الله، عن سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله] (6).

ص: 635


1- في الكافي: رفعه.
2- ليس في الكافي وفيه: أبا لنبي.
3- الكافي: 1/217 ح 2 وعنه البحار: 24/9 ذ ح 36 والبرهان: 4/264 ح 6 ونور الثقلين: 5/190 ح 13.
4- في نسخة «ب» أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- عنه البحار: 24/97 ح 1 والبرهان: 4/265 ح 3 وفي ج 37/96 ح 63 عنه وعن تفسير فرات: 177، وما بين المعقوفين من البحار: 37 وظاهر نسخة «ب» راجع ح 14.
6- تفسير القمي: 659 إلى قوله «والحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «مع اختلاف وعنه البحار: 37/95 ح 61 والبرهان: 4/265 ح 1 وفي البحار: 24/98 ح 5 عنه وعن الخصال: 65 ح 96 و ما بين المعقوفين من نسخة «أ».

12- وقال أيضا: حدّثنا جعفر بن سهل، عن أحمد بن محمّد، عن (1) عبد الكريم عن يحيى بن عبد الحميد، عن قيس بن (2) الربيع، عن (أبي) (3) هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري في قوله عزّ وجلّ (مرج البحرين يلتقيان) قال: علي وفاطمة قال: لا يبغي هذا على هذه، ولا هذه على هذا.

(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) قال: الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين (4).

13- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن محمّد ابن الصلت (5) عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) قال «مرج البحرين «علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) «بينهما برزخ لا يبغيان «قال: النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

«يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان «قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (6).

14- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن مخلد (7) الدهان، عن أحمد بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش، عن كثير بن هشام، عن كهمش بن الحسن، عن أبي السليل (8) عن أبي ذر (رضي الله عنه) في قوله عزّ وجلّ (مرج البحرين يلتقيان- قال: علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)- يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)

فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة: علي وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ)؟ لا يحبهم

ص: 636


1- في نسختي «ج، م» بن.
2- في نسختي «أ، م» عن.
3- ليس في نسختي «أ، م»، وفي نسخة «أ» مروان بدل «هارون».
4- عنه البحار: 24/97. ح 2 والبرهان: 4/265 ح 4.
5- في نسخ «ب، ج، م»، الصلة وفي البحار: محمّد بن سنان، وذكر في هامش البحار أن في المصدر «محمّد بن صلة «ثمّ قال: ولعله مصحف، والظاهر بقرينة أبي الجارود أن الرجل هو محمّد بن سنان الباهلي أبو بكر البصري المعروف بالعوقي. والعوقة حي من الأزد، نزل فيهم.
6- عنه البحار: 24/97 ح 3 والبرهان: 4/165 ح 5.
7- هو عليّ بن محمّد بن مخلد.
8- أبو السليل هو ضريب بن نقير القبسي الجريري.

إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا كافر، فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، ولا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار (1).

15- وروى أيضا عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير عن (2) أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن «المشرقين «رسول الله وأمير المؤمنين، صلوات الله عليهما و «المغربين» الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (3).

16- وقال أبو علي الطبرسي (قدس الله روحه): روي عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، وسعيد بن جبير، وسفيان الثوري: أن «البحرين- علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)- بينهما برزخ- محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان «الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). ولا غرو أن يكونا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بحرين لسعة فضلهما (وعلمهما) (4) وكثرة خيرهما فان البحر إنما سمي بحرا لسعته (5).

وقوله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31)

فمعنى قوله (سنفرغ لكم) والفراغ من صفة الأجسام التي تحلها الاعراض والله سبحانه منزه عن ذلك، وإنما جاء هنا مجازا، ومعناه: سنقصد قضاء أشغالكم والسؤال عن أحوالكم، ونرد المظالم وننتصف للمظلوم من الظالم، وذلك يوم القيامة عند حلول الطامة.

17- وأمّا تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن هارون بن (6) خارجة، عن يعقوب بن

ص: 637


1- عنه البحار: 24/98 ح 4 والبرهان: 4/265 راجع ح 11.
2- في المصدر: سألت بدل «عن».
3- تفسير القمي: 659 وعنه البحار: 24/69 ح 2 والبرهان: 4/265 ح 2، والحديث من نسخة «أ».
4- ليس في المصدر.
5- مجمع البيان: 9/201 وعنه البحار: 24/98 و ج 37/97 والبرهان: 4/266 ح 8.
6- في نسخة «م» عن.

شعيب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (سنفرغ لكم أيه الثقلان)

قال «الثقلان «نحن والقرآن (1).

18- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن السندي بن محمّد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (سنفرغ لكم أيه الثقلان) قال: كتاب الله ونحن (2).

19- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن عبد الله بن محمّد بن ناجية، عن مجاهد ابن موسى (3) عن ابن مالك، عن حجام (4) عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض (5).

وإنّما سمّاهما الثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما.

[وهذه الرواية لا يبعد أنها متواترة وفيها نوع تأييد للتأويل المذكور قبلها في الروايتين، ولذلك أوردناها في هذا المقام وإن لم يتعرض فيها للآية كما في السابقتين] (6).

وقوله تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)

20- تأويله: رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمه الله) قال: حدّثنا

ص: 638


1- عنه البحار: 24/324 ح 37 والبرهان: 4/267 ح 1.
2- عنه البحار: 24/3254 ح 38 والبرهان: 4/267 ح 2.
3- هو مجاهد بن موسى بن فروخ الحافظ الإمام الزاهد أبو على الخوارزمي نزيل بغداد: سير أعلام النبلاء: 11/495.
4- في نسخة «ج» عن مالك بن حجام.
5- عنه البرهان: 4/267 ح 3 وفي ج 1/26 ح 5 عن تفسير الثعلبي يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، ورواه ابن بطريق في العمدة: 34، وتقدّم الحديث في سورة «آل عمران «ح 1 عن الطبرسي بإسناده إلى أبي سعيد الخدري.
6- ما بين المعقوفين من نسخة «أ».

محمّد بن علي ماجيلويه باسناده، عن رجاله، عن حنظلة، عن ميسرة قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: والله لا يرى منكم في النار اثنان، لا والله ولا واحد.

قال: قلت: فأين ذلك من كتاب الله؟

قال: أمسك عني سنة. قال: فانّي معه ذات يوم في الطواف إذ قال لي: يا ميسرة اليوم أذن لي في جوابك عن مسألة كذا.

قال: فقلت: فأين هو من القرآن؟ قال: في سورة الرحمن، وهو قول الله عزّ وجلّ (فيؤمئذ لا يسئل عن ذنبه- منكم- إنس ولا جان).

فقلت له: ليس فيها «منكم»قال: إن أول من غيرها «ابن أروى «وذلك أنها حجة عليه وعلى أصحابه، ولو لم يكن فيها منكم لسقط عقاب الله عن خلقه، إذ لم يسئل عن ذنبه إنس ولا جان، فلمن يعاقب إذا يوم القيامة؟ (1).

فمعنى «منكم» أي من الشيعة.

وقوله: «ابن أروى (يعني: أحد أئمّة الضلال عليهم النكال والوبال.

وقوله تعالى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)

21- تأويله: ما رواه الشيخ المفيد (رحمه الله) بإسناده عن رجاله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) قال: الله سبحانه يعرفهم، ولكن هذه نزلت في القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطا (2).

ما يعرف به سيماهم أي علاماتهم بأنهم مجرمون.

ص: 639


1- فضائل الشيعة: 40 ح 43 وعنه البحار: 7/273 ح 45 و ج 8/360 ح 28 وفي البحار: 24/275 ح 61 و ج 68/144 ح 91 عن التأويل، وأخرجه في البحار: 8/353 ح 3 و ج 92/56 ح 31 عن تفسير فرات: 177.
2- أخرجه في البحار: 51/58 ح 54 واثبات الهداة: 7/82 ح 515 عن غيبة النعماني: 242 ح 39، وفي البرهان: 4/269 ح 5 عن الشيخ المفيد محمّد بن إبراهيم النعماني لا محمّد بن محمّد بن النعمان.

وقوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)

22- تأويله: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) مسندا عن رجاله عن الحسين بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الرجل للرجل: جزاك الله خيرا. ما يعني به؟

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن خيرا نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم، وعلى حافتي ذلك النهر جواري نابتات كلما قلعت واحدة نبتت أخرى (سمين تلك الجواري باسم ذلك) (1) النهر، وذلك قوله عزّ وجلّ في كتابه (فيهن خيرات حسان) فإذا قال الرجل لصاحبه: جزاك الله خيرا فإنما يعني تلك المنازل التي أعدها الله عزّ وجلّ لصفوته وخيرته من خلقه (2).

23- وروى أيضا باسناده عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (فيهن خيرات حسان) قال: هن صوالح المؤمنات العارفات.

قال: قلت (مقصورات في الخيام) قال: هن البيض المضمومات (3) المخدرات في الخيام: الدر والياقوت والمرجان، لكل خيمة أربعة أبواب، على (4) كل باب سبعون [كاعبا] (5) حجابا لهن، ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عزّ وجلّ ليسر الله (6) بهن المؤمنين (7).

ص: 640


1- في المصدر بدل ما بين القوسين «سمى بذلك» قال في مرآة العقول: كذا في أكثر النسخ والظاهر سمين ويمكن أن يقرأ على البناء للمعلوم أي سماهن الله بها في قوله «خيرات» ويحتمل أن يكون المشار إليه النابت أي سمى النهر باسم ذلك النابت أي الجواري لان الله سماهن خيرات.
2- الكافي: 8/330 ح 298 وعنه البحار: 8/162 ح 101 والبرهان: 4/272 ح 2 وأخرجه في البحار: 75/139 ح 3 ونور الثقلين: 5/681 ح 9 عن معاني الأخبار: 182 ح 1.
3- في نسخ الأصل: المصونات.
4- في نسخ الأصل: في.
5- من الكافي.
6- في الكافي: [ل] يبشر الله.
7- الكافي: 8/156 ح 147 وعنه البحار: 8/161 ح 100 والبرهان: 4/271 ح 1 ونور الثقلين: 5/201 قطعة.

«56»

«سورة الواقعة»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ 10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)

تأويله: ورد من طريق العامّة والخاصّة: فأمّا العامّة فهو:

1- ما رواه أبو نعيم الحافظ، عن رجاله مرفوعا إلى ابن عباس (رضي الله عنه) قال: إن سابق هذه الأمة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) ومن كان إلى الاسلام أسبق كان أولى بنبيه السابق إليه، وأحرى بخصائص المثنى عليه.

وأمّا ما ورد عن الخاصّة فهو:

2- ما رواه محمّد بن العباس رحمه الله، عن أحمد بن محمّد الكاتب، عن حميد ابن الربيع، عن حسين بن الحسن الأشقر (2) عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح عن عامر، عن ابن عباس قال: سبق الناس ثلاثة: يوشع صاحب موسى إلى موسى وصاحب ياسين إلى عيسى، وعليّ بن أبي طالب إلى النبيّ، صلوات الله عليهم أجمعين (3).

3- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن علي المقري (4) عن أبي بكر محمّد بن إبراهيم الجواني (5) عن محمّد بن عمرو الكوفي، عن حسين الأشقر، عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس قال: السباق (6) ثلاثة:

ص: 641


1- عنه البحار: 35/332 ح 4 والبرهان: 4/276 ح 14، وأخرجه في البحار: 38/225 ح 25 عن تفسير فرات: 177.
2- في البحار والبرهان: الأشعري.
3- عنه البحار: 35/333 ح 5 والبرهان: 4/276 ح 8، وأخرجه في إحقاق الحق: 5/588 وغاية المرام: 386 ح 7 وص 501 ح 23 عن مناقب الخوارزمي: 19 بإسناده عن حسين الأشقر مع اختلاف ورواه في كشف الغمة: 1/83.
4- في نسخة «أ» المنقري، وفي البرهان: عليّ بن الحسين بن علي المقري.
5- في نسخة «م» الجوابى.
6- في نسخة «ج» السابق.

حزقيل مؤمن آل فرعون إلى موسى، وحبيب صاحب ياسين إلى عيسى، وعليّ بن أبي طالب إلى محمّد، وهو أفضلهم (1). صلوات الله عليهم أجمعين.

4- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بإسناده، عن رجاله، عن سليم (2) بن قيس، عن الحسن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (والسابقون السابقونأولئك المقربون)

قال: أبي (3) أسبق السابقين إلى الله والى رسوله، وأقرب المقربين إلى الله وإلى رسوله (4).

5- وروى المفيد (قدس الله روحه) قال: أخبرنا عليّ بن الحسين (5) باسناده إلى داود الرقي قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (والسابقون السابقون أولئك المقربون).

فقال: نطق الله بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق قبل أن يخلق الخلق بألفي عام.

فقلت: فسّر لي ذلك.

فقال: إن الله عزّ وجلّ لما أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين، ورفع لهم نارا وقال: أدخلوها. فكان أول من دخلها محمّد وأمير المؤمنين والحسن والحسين والتسعة الأئمّة (6) (عَلَيهِم السَّلَامُ)، إماما بعد إمام (ثم) (7) اتبعتهم شيعتهم، فهم والله السابقون (8).

ص: 642


1- عنه البحار: 24/7 ح 21 والبرهان: 4/276 ح 9.
2- في نسختي «ج، م» سليمان.
3- في نسختي «أ، م» انى.
4- عنه البحار: 24/8 ح 22 وفيه: الحسن بن علي، عن أبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، والبرهان: 4/276 ح 10.
5- في نسخة «أ» عن الصدوق بدل «قال: أخبرنا عليّ بن الحسين».
6- في الأصل: وتسعة الأئمّة، وفي غيبة النعماني: وتسعة من الأئمّة.
7- ليس في نسخة «م».
8- عنه البحار: 35/333 ح 6 ورواه النعماني في غيبته: 90 ح 20 وعنه مختصر البصائر: 175 والبحار: 36/401 ح 11 والبرهان: 4/275 ح 6، ولم نجده في كتب المفيد فالظاهر أن المراد من المفيد محمّد بن إبراهيم النعماني، لا محمّد بن محمّد بن النعمان.

6- وفي أمالي الشيخ (1) عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن قول الله عزّ وجلّ (والسابقون السابقون أولئك المقربون) فقال: قال لي جبرئيل:

ذاك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنّة، المقربون من الله بكرامته لهم (2).

وقوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)

7- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن جرير عن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن الحسين، عن محمّد بن الفرات، عن جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين)

قال «ثلة من الأولين «ابن آدم الّذي قتله أخوه، ومؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب ياسين «وقليل من الآخرين «عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وقوله تعالى. ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسن (4) بن علي التميمي عن سليمان بن داود الصيرفي، عن أسباط، عن أبي سعيد المدائني قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) قال:

«ثلة من الأولين» حزقيل مؤمن آل فرعون «وثلة من الآخرين» عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

ومعنى الثلّة الجماعة وإنما ذكر الواحد بمعنى الجمع تفخيما لشأنه وإجلالا

ص: 643


1- في نسخة «أ» والصدوق في أماليه، والظاهر أنه اشتباه إذ لم نجده في أماليه.
2- في نسختي «أ، م» حريز، وفي نسخة «ب» حذين.
3- عنه البحار: 35/333 ح 7 والبرهان: 4/276 ح 1 وأخرجه في البحار: 38/225 ح 26 عن تفسير فرات: 177.
4- في نسختي «أ، ج» الحسين.
5- عنه البحار: 35/333 ح 8 والبرهان: 4/281 ح 2.

لقدره، كما قال سبحانه (إنّ إبراهيم كان أمة) (1).

والأمة الجماعة، وهذا كثير في القرآن المجيد وغيره.

وقول تعالى: فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85)

9- جاء في تأويل أهل البيت الباطن في حديث أحمد بن إبراهيم عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وتجعلون رزقكم- أي شكركم النعمة التي رزقكم الله وما من عليكم بمحمّد وآل محمّد- أنكم تكذبون- بوصيه- فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون- إلى وصيه أمير المؤمنين، يبشر وليه بالجنّة وعدوه بالنار- ونحن أقرب إليه منكم- يعني (أقرب) (2) إلى أمير المؤمنين منكم- ولكن لا تبصرون) أي لا تعرفون (3).

10- ويؤيد هذا التأويل: ما جاء في تأويل الامام أبي محمّد العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال: فقيل له: يا (4) رسول الله ففي القبر نعيم وعذاب؟

قال: إي والّذي بعث محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالحق نبيا وجعله زكيا هاديا مهديا وجعل أخاه عليا بالعهد وفيا، وبالحق مليا، ولدى الله مرضيا وإلى الجهاد سابقا ولله في أحواله موافقا، وللمكارم حائزا وبنصر الله له على أعدائه فائزا، وللعلوم حاويا ولأولياء الله مواليا ولأعدائه مناويا وبالخيرات ناهضا وللقبائح رافضا وللشيطان مخزيا وللفسقة المردة مغضبا (5) ولمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) نفسا (6) وبين يديه لدى المكاره جنة وترسا، آمنت به (أنا وأخي) (7) عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) عبد رب الأرباب، المفضل على أولي الألباب

ص: 644


1- سورة النحل: 120.
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 24/66 ح 53 و ج 27/159 ح 8 والبرهان: 4/283 ح 2.
4- كذا في التفسير المطبوع، وفي نسخة الخونساري ونسخ الأصل والبحار ومدينة المعاجز: يا بن.
5- كذا في نسخة «ب» ونسخة الخونساري من المصدر ومدينة المعاجز، وفي نسختي «ج، م» والبحار والمطبوع من المصدر: مقصيا.
6- في مدينة المعاجز: نقيبا.
7- كذا في المصدر المطبوع، وفي نسخة «ج» وهو، وفي نسختي «ب، م» وهو أبى، وفي نسخة الخونساري من المصدر ومدينة المعاجز والبحار: «وأبي» بدل «وأخي».

الحاوي لعلوم الكتاب، زين من يوافي يوم القيامة عرصات الحساب بعد محمّد، صفي الكريم العزيز الوهّاب.

إن في القبر نعيما يوفر الله به حظوظ أوليائه وإن في القبر عذابا يشدد الله به شقاء (1) أعدائه، إن المؤمن الموالي لمحمّد وآله الطيبين المتخذ لعلي بعد محمّد إمامه الّذي يحتذي مثاله، وسيده الّذي يصدق أقواله ويصوب أفعاله ويطيعه بطاعة من يندبه (2) من أطائب ذريته لأمور الدين وسياسته، إذا حضره من أمر الله ما لا يرد، ونزل به من قضائه ما لا يصد، وحضره ملك الموت وأعوإنّه وجد عند رأسه محمّدا رسول الله [من جانب] (3) آخر عليا سيد الوصيّي ن، وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيّين، ومن جانب آخر [الحسين] (4) سيد الشهداء أجمعين، وحواليه بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم، الّذين هم سادة هذه الأمة بعد ساداتهم من آل محمّد.

فينظر إليهم العليل المؤمن فيخاطبهم بحيث يحجب الله صوته عن آذان (5) حاضريه، كما يحجب رؤيتنا أهل البيت (و) (6) رؤية خواصنا عن عيونهم، ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا، لشدة المحنة عليهم فيه.

فيقول المؤمن: بأبي أنت وأمي يا رسول (7) رب العزة، بأبي أنت وأمي يا وصي رسول الرحمة، بأبي أنتما وأمي يا شبلي محمّد وضرغاميه، يا ولديه وسبطيه، ويا سيدي شباب أهل الجنّة المقربين من الرحمة والرضوان، مرحبا بكم [معاشر] (8) خيار أصحاب محمّد وعلي وولديه، ما كان أعظم شوقي إليكم و [ما] (9) أشد سروري الآن

ص: 645


1- في المصدر أشقاء، وفي البحار: على أشقياء.
2- في المصدر المطبوع: بيده.
3- من المصدر.
4- من المصدر.
5- كذا في المصدر والبحار:، وفي نسخ الأصل: أسماع.
6- ليس في نسخة «م».
7- في نسختي «ب، م» يا رسول الله.
8- من المصدر، وفي نسخة «ج» يا خيار.
9- من المصدر والبحار.

بلقائكم! (1)

يا رسول الله هذا ملك الموت قد حضرني ولا أشك في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك مني.

فيقول (رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): كذلك هو.

ثم يقبل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على ملك الموت فيقول:) (2) يا ملك الموت استوص بوصية الله في الاحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا.

فيقول ملك الموت: يا رسول الله مره أن ينظر إلى ما أعد (3) له في الجنان.

فيقول له رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنظر إلى العلو فينظر إلى ما لا تحيط به الألباب، ولا يأتي عليه العدد والحساب.

فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمّد وعترته (4) زواره؟!

يا رسول الله لولا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبك هذا أسوة بك وبسائر أنبياء الله ورسله وأوليائه الّذين أذيقوا الموت بحكم (5) الله.

ثم يقول محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه (6) إليك فاستوص به خيرا.

ثم يرتفع هو ومن معه إلى روض (7) الجنان وقد كشف [من] (8) الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم هناك بعد ما كانوا حول فراشه.

ص: 646


1- في نسخة «ج» بلقياكم، وفي نسخة «م» بلقاكم، وفي الأصل: أشد الان سروري.
2- ليس في المصدر.
3- في نسختي «ج، م» أعده.
4- في نسختي «ب، م» وأعزته.
5- كذا في المصدر ومدينة المعاجز، وفي الأصل والبحار: لحكم.
6- في نسختي «ج، م» أسلمناه.
7- في نسخة «م» ريض، وما أثبتناه من البحار.
8- في المصدر: ومدينة المعاجز: عن، وفي نسخة الخونساري من المصدر: عنه.

فيقول: يا ملك الموت الوحي الوحي (1) تناول روحي ولا تلبثني ههنا، فلا صبر لي عن محمّد وعترته (2) وألحقني بهم، فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس في شدة بل هو في رخاء ولذة، فإذا أدخل (3) قبره وجد جماعتنا هناك.

وإذا جاء منكر ونكير قال أحدهما للآخر: هذا محمّد وعلي والحسن والحسين وخيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع (4) لهم، فيأتيان ويسلّمان على محمّد سلاما منفردا (5) ثم يسلّمان على علي سلاما منفردا (ثم يسلّمان على الحسن والحسين سلاما بجمعانهما فيه) (6) ثمّ يسلّمان على سائر من معنا من أصحابنا.

ثم يقولان: قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك، ولولا أن الله يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة (7) من أملاكه ومن يسمعنا (8) من ملائكته بعدهم (9) لما سألناه، ولكن أمر الله لا بد من امتثاله.

ثم يسألانه فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟ وما قبلتك؟ ومن إخوانك؟

فيقول: الله ربي (والاسلام ديني) (10) ومحمّد نبيي، وعلي وصي محمّد إمامي، والكعبة قبلتي، والمؤمنون الموالون لمحمّد وعلي وأوليائهما والمعادون

ص: 647


1- كلمة تقال في الاستعجال والمعنى: البدار، البدار.
2- في نسخة «ب» والبحار أعزته.
3- في نسختي «ج، م» دخل.
4- أي فلنتذلل ولنتخشع.
5- كذا في المصدر، وفي الأصل والبحار: مفردا، وكذا فيما بعد.
6- ليس في المصدر المطبوع.
7- في نسخة «ب» الحفيرة، وفي نسخة «ج» الحفرة، وفي البحار: ملائكة بدل «أملاكه».
8- في نسخة «م» من سمعنا.
9- في نسخة «ج» بعده.
10- ليس في المصدر والمحتضر ومدينة المعاجز.

لأعدائهما إخواني وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، وأن أخاه عليا ولي الله، وأن من نصبهم للإمامة من أطايب عترته وخيار دريته خلفاء الله (1) وولاة الحق والقوامون بالصدق.

فيقولان: على هذا حييت، وعلى هذا مت، وعلى هذا تبعث إن شاء الله وتكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته.

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): وإن كان لأوليائنا معاديا ولأعدائنا مواليا ولأضدادنا بألقابنا ملقبا فإذا جاءه ملك الموت لنزع (2) روحه مثل الله عزّ وجلّ لذلك الفاجر سادته الّذيناتخذهم أربابا من دون الله (و) (3) عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه فلا (4) يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به.

فيقول له ملك الموت: يا أيها الفاجر الكافر تركت أولياء الله تعالى (وملت) (5) إلى أعدائه، فاليوم لا يغنون عنك شيئا، ولا تجد إلى مناص سبيلا.

فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لأهلكهم.

ثم إذا أدلي (6) في قبره رأى بابا من الجنّة مفتوحا إلى قبره يرى من خيراتها فيقول له منكر ونكير: انظر إلى ما حرمته من (تلك) (7) الخيرات.

ثم يفتح له في قبره باب من النار يدخل عليه منه عذابها فيقول: يا رب لا تقم الساعة، يا رب لا تقم الساعة (8).

ص: 648


1- في المصدر المطبوع والبحار: الأمة.
2- في نسخة «ج» لنزوع، وفي نسخة الخونساري من المصدر: لينزع.
3- ليس في المصدر والبحار ومدينة المعاجز.
4- في المصدر: الا، وفيه: نصلى، وفي البحار، والمحتضر: ولا.
5- ليس في البحار والمطبوع من المصدر، وفي نسخة الخونساري من المصدر: جئت.
6- في نسختي «ب، م» والبحار: دلي.
7- ليس في المصدر المطبوع.
8- تفسير الامام: 71 وعنه مدينة المعاجز: 186 ذ ح 512 وصدره إلى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أعدائه» في ص 645 في البحار: 6/236 ذ ح 54 وبعده في ص 173 ح 1 والمحتضر: 20.

11- ويعضده ما رواه الأصبغ بن نباتة (رحمه الله) قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نفر من الشيعة وكنت معه فيمن دخل فجعل الحارث يتأود في مشيته، ويخبط الأرض بمحجنه (1) وكان مريضا.

فأقبل عليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكانت له منه منزلة فقال: كيف نجدك يا حار؟ قال: نال الدهر مني يا أمير المؤمنين وزادني- أدواءا (2) وعللا- اختصام أصحابك ببابك. قال: فيم؟

قال: في شأنك والبلية من قبلك، فمن مفرط غال، ومبغض قال، ومن متردد مرتاب فلا يدري أيقدم؟ أم يحجم؟!

قال: فحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي (3) قال:

لو كشفت- فداك أبي وأمي- الريب (4) عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا قال: فذكر (5) فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق (والآية: العلامة) (6) فاعرف الحق تعرف أهله.

يا حار إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك، فأرعني سمعك، ثم أخبر به من كانت له خصاصة من أصحابك.

ألا إنّي عبد الله وأخو رسوله، وصديقه الأول صدقته وآدم بين الروح والجسد ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا فنحن الأولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته يا حار وخالصته وصفوته (7) ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب

ص: 649


1- في نسختي «ب، م» بمحجته.
2- أي آلاما وأسقاما، وفي نسخة «ج» أوارا (أوداد- خ ل-)، وفي نسخة «م» والبحار: أودا وغليلا أي عيشا ضيقا ولهبا.
3- في نسخة «ب» القالي.
4- في نسخة «ب» الرين.
5- في نسخة «ب» فدك، وفي نسخة «ج» وأمّالي الطوسي والمفيد وبشارة المصطفى والبحار: عنها: قدك.
6- ليس في نسخة «ج».
7- في نسخة «م» صفوه، وفي نسخة «ج» صفوة وصيه.

وفصل الخطّاب وعلم القرآن (1) والأسباب، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف (2) باب، يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيدت أو قال:

أمددت بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذرّيّتي ما جرى الليل والنهار حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.

وأبشرك يا حار ليعرفني- والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة- وليي وعدوي في مواطن شتى: عند الممات، وعند الصراط، وعند المقاسمة.

قال: وما المقاسمة؟

قال: مقاسمة النار أقسمها [قسمة] (3) صحاحا أقول: هذا وليي، وهذا عدوي.

ثم أخذ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيد الحارث وقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ بيدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال لي وقد اشتكيت إليه حسدة قريش والمنافقين: إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة من ذي العرش تعالى، وأخذت [أنت] (4) يا عليّ بحجزتي وأخذت ذريتك بحجزتك، وأخذت شيعتكم بحجزتكم (5) فماذا يصنع الله بنبيه؟ وماذا يصنع نبيه بوصيه؟ وماذا يصنع وصيه بأهل بيته وشيعتهم؟ خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت. قالها ثلاثا.

فقال الحارث وقام يجر رداءه جذلا (6): ما أبالي وربي بعد هذا ألقيت الموت أو لقيني (7).

ص: 650


1- في نسختي «ب، ج» القرون.
2- في نسختي «ب، ج» ألف ألف.
3- من نسخة «ب».
4- من نسخة «ب».
5- في نسختي «ج «م» والبحار: بحجزكم.
6- في نسخة «ب» جذلان.
7- عنه البحار: 27/159 ح 9، وأخرجه في البحار: 6/178 ح 7 عن أمالي الشيخ: 2/238 وأمّالي المفيد: 3 ح 3 وفي البحار: 68/120 ح 49 عنهما وعن بشارة المصطفى: 4، و في ج 39/239ح 28 و مدينة المعاجز: 185 عن أمالي الطوسي و رواه في المحتضر: 29 عن كشف الغمة: 1/411.

وقوله تعالى: فأمّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وأمّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وأمّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)

معناه: أن المحتضر يكون على حالات ثلاث: فالأولى: أن يكون من المقربين والثانية: من أصحاب اليمين، والثالثة: من المكذبين، فالأولى والأخيرة يأتي تأويلهما، وأمّا الثانية:

وهي أصحاب اليمين وهم الّذين يعطون كتبهم بأيمانهم ويؤخذ بهم ذات اليمين.

12- وأمّا تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن العباس عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن زياد، عن عنبسة (1) العابد، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (فسلام لك من أصحاب اليمين)

قال: هم الشيعة، قال الله سبحانه لنبيه (فسلام لك من أصحاب اليمين).

يعني أنك تسلم منهم، لا يقتلون ولدك (2).

13- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن عمران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وأمّا إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين)

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): هم شيعتنا ومحبونا (3).

14- ويؤيد هذا التأويل: ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه) باسناده عن رجاله، عن أبي محمّد الفضل بن شاذان النيسابوري مرفوعا إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: ما توجه إلي أحد من خلقي أحب (إلي من

ص: 651


1- في نسختي «أ، م» عقبة.
2- عنه البحار: 24/1 ح 1 و ج 68/53 ح 94 والبرهان: 4/285 ح 7.
3- عنه البحار: 24/1 ح 2 و ج 69/53 ملحق ح 94 والبرهان: 4/285 ح 8.

داع دعاني) (1) يسأل بحق محمّد وأهل بيته، وإن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال: اللّهمّ أنت وليي (في) (2) نعمتي، والقادر على طلبتي وقد تعلم حاجتي فأسألك بحق محمّد وآل محمّد إلا ما رحمتني وغفرت زلتي.

فأوحى الله إليه: يا آدم أنا ولي نعمتك، والقادر على طلبتك، وقد علمت حاجتك فكيف سألتني بحق هؤلاء؟

فقال: يا رب إنك لما نفخت في الروح رفعت رأسي إلى عرشك، فإذا حوله مكتوب «لا إله إلا الله محمّد رسول الله «فعلمت أنه أكرم خلقك عليك، ثم عرضت علي الأسماء، فكان ممن مر بي من أصحاب اليمين آل محمّد وأشياعهم، فعلمت أنهم أقرب خلقك إليك. قال: صدقت يا آدم (3).

15- وفي المعنى ما ذكره الشيخ في أماليه: عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنت الّذي احتج الله بك في ابتدائه (4) الخلق حيث أقامهم أشباحا. فقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى.

قال: ومحمّد رسولي؟ قالوا: بلى.

قال: وعلي أمير المؤمنين (5)؟ فأبى الخلق كلهم جميعا إلا استكبارا وعتوا عن ولايتك إلا نفر قليل، وهم أقل القليل، وهم أصحاب اليمين (6).

16- وأمّا تأويل الآية الأولى فهو: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن (7) عبد الرحمان بن الفضل، عن جعفر

ص: 652


1- في نسخة «ب» من دعاني، وفي نسخة «م» إلى من داع دعاني وليي.
2- ليس في نسخة «ب».
3- عنه البحار: 24/1 ح 3.
4- في نسخة «ج» ابتداء.
5- في المصدر: وعليّ بن أبي طالب وصيّي.
6- أمالي الطوسي: 1/237 وعنه البحار: 24/2 ح 4 و ج 26/272 ح 12 والجواهر السنية: 288 والبرهان: 4/284 ح 1 ورواه في بشارة المصطفى: 144 باسناده عن الشيخ الطوسي.
7- في نسخة «م» عن.

ابن الحسين (1) عن أبيه، عن محمّد بن زيد، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم)

فقال: هذا (في) (2) أمير المؤمنين والأئمّة من بعده. صلوات الله عليهم أجمعين (3).

17- وأمّا تأويل الآية الأولى والثالثة فهو: ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه): بإسناده عن رجاله مرفوعا إلى الصادق جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا، وأهل عداوتنا و (هي قوله عزّ وجلّ ) (4) (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان- يعني في قبره- وجنت نعيم) يعني في الآخرة.

(وأمّا إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم- يعني في قبره- وتصلية جحيم) يعني في الآخرة (5).

18- ومما جاء في تأويل الآيات الثلاث: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن فضيل، عن محمّد بن عمران (6) قال: قلت لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فقوله عزّ وجلّ (فأمّا إن كان من المقربين)

قال: ذاك من كانت (7) له منزلة عند الامام.

قلت: (وأمّا إن كان من أصحاب اليمين) قال: ذاك من وصف بهذا الامر.

ص: 653


1- في نسخة «ب» الحسن.
2- ليس في نسختي «ب، ج».
3- عنه البحار: 24/4 ح 14 والبرهان: 4/285 ح 9.
4- ليس في المصدر والبرهان.
5- أمالي الصدوق: 383 ح 11 وعنه البحار: 68/9 ح 6 والبرهان: 4/284 ح 3 ورواه في بشارة المصطفى: 247 وروضة الواعظين: 323.
6- في نسخة «ب، ج، م»محمّد بن حمران ولم نجد روايته وكذا رواية محمّد بن عمران، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، نعم عد البرقي محمّد بن عمران من أصحاب الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو محمّد ابن عمران مولى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).
7- في نسخة «أ، ج، م»كان.

قلت (وأمّا إن كان من المكذبين الضالين) قال: الجاحدين للامام (1). عليه وعلى آبائه وأبنائه أفضل التحية والسلام.

«57»

«سورة الحديد»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)

جاء في الآثار: أن الشمس كلمت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونادته بهذه الكلمات الأربع، وأن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فسرها له:

1- فمن ذلك ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن محمّد بن سهل العطار عن أحمد بن محمّد، عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم (2) عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان ابن يحيى، عن جابر بن عبد الله قال: لقيت عمارا في بعض سكك المدينة، فسألته عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأخبر أنه في مسجده في ملا من قومه، وإنّه لما صلى الغداة، أقبل علينا فبينا نحن كذلك وقد بزغت الشمس إذ أقبل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقام إليه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقبل بين عينيه وأجلسه إلى جنبه حتّى مست ركبتاه ركبتيه ثمّ قال: يا عليّ قم للشمس فكلمها فإنها تكلمك. فقام أهل المسجد وقالوا: أترى عين الشمس تكلم عليا؟ وقال بعض: لا يزال يرفع (حسيسة) (3) ابن عمه وينوه باسمه! إذ خرج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال للشمس: كيف أصبحت يا خلق الله؟

فقالت: بخير يا أخا رسول الله يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شئ عليم.

ص: 654


1- عنه البحار: 24/4 ح 25 والبرهان: 4/285 ح 10.
2- في نسخة «ج» أبى زرعة عن عبد الكريم، وهو تصحيف راجع سير أعلام النبلاء: 13/65.
3- ليس في نسخة «أ»، وفي نسخ «أ، ب، م» خسيسة، وما أثبتناه من البحار.

فرجع علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فتبسم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا عليّ تخبرني أو أخبرك؟

فقال: منك أحسن يا رسول الله.

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أما قولها لك: يا أول فأنت أول من آمن بالله، وقولها: يا آخر فأنت آخر من يعاينني (1) على مغسلي، وقولها: يا ظاهر فأنت آخر (2) من يظهر على مخزون سري، وقولها: يا باطن فأنت المستبطن لعلمي، وأمّا العليم بكل شئ فما أنزل الله تعالى علما من الحلال والحرام والفرائض والاحكام والتنزيل والتأويل والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمشكل إلا وأنت به عليم.

ولولا أن تقول فيك طائفة من أمتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك مقالا لا تمر بملا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به.

قال جابر: فلمّا فرغ عمار من حديثه أقبل سلمان، فقال عمار:

وهذا سلمان كان معنا. فحدّثني سلمان كما حدّثني عمار (3).

2- ومن ذلك: ما رواه أيضا، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا عن عليّ بن حكيم، عن الربيع بن عبد الله، عن عبد الله بن حسن، عن أبي جعفر محمّد ابن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: بينا (4) النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم ورأسه في حجر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ نام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ولم يكن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) صلى العصر، فقامت الشمس تغرب فانتبه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فذكر له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) شأن صلاته، فدعا الله، فرد عليه الشمس كهيئتها في وقت العصر، وذكر حديث رد الشمس فقال له: يا عليّ قم فسلم على الشمس وكلمها فإنها ستكلمك.

فقال له: يا رسول الله كيف أسلم عليها؟ قال: قل: السلام عليك يا خلق الله.

فقام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال: السلام عليك يا خلق الله. فقالت: وعليك السلام يا أول يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا من ينجي محبيه ويوثق (5) مبغضيه.

ص: 655


1- في نسختي «ج، م» يعايني.
2- في نسخة «ج» آخر (أول- خ ل-).
3- عنه البحار: 41/181 ح 17 والبرهان: 4/287 ح 7.
4- في البرهان: بينما.
5- في نسخة «أ» والبحار: يوبق.

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ما ردّت عليك الشمس؟ (وكان علي كاتما عنه.

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): قل ما قالت لك الشمس) (1) فقال له ما قالت. فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن الشمس قد صدقت وعن أمر الله نطقت، أنت أول المؤمنين إيمانا وأنت آخر الوصيّي ن، ليس بعدي نبي ولا بعدك وصي، وأنت الظاهر على أعدائك، وأنت الباطن في العلم الظاهر عليه، ولا فوقك فيه أحد، أنت عيبة علمي وخزانة وحي ربي وأولادك خير الأولاد، وشيعتك هم النجباء يوم القيامة (2).

[أما خبر رد الشمس عليه فهو مشهور وفي زبر الخاصّة والعامّة مذكور وأمّا تكلمها له فروي أيضا من طريق الخاصّة.

3- في أمالي الصدوق باسناده إلى ابن عباس (3).

ومن طريق العامّة: رواه الخوارزمي بسنده إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلنذكره تحقيقا لخصوص هذه المنقبة التامة:

4- قال الصدر الكبير والبحر المتلاطم الغزير أخطب الخطباء ضياء الدين أبو العزيز المؤيد الموفق بن أحمد البكري المكي الخوارزمي، أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي، فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدّثنا الشيخ أبو الفرج محمّد (4) بن سهل، حدّثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم [بن] (5) تركان، حدّثنا زكريا بن عثمان بن هاني أبو القاسم ببغداد، حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، حدّثنا الحسن بن موسى بن محمّد بن عباد الخزاز حدّثنا عبد الرحمان بن القاسم الهمداني، حدّثنا أبو حاتم محمّد بن محمّد الطالقاني حدّثنا أبو مسلم، عن الخالص الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن

ص: 656


1- ليس في نسختي «أ، ج».
2- عنه البحار: 41/181 ح 18 والبرهان: 4/287 ح 8.
3- أمالی الصدوق: 472 ح 14 و عنه البحار: 41/177 ح 12.
4- كذا في المناقب، وموردين من غاية المرام، وفي المقتل «أحمد «وفي الأصل وفرائد السمطين: حمد.
5- من المناقب.

محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عليهم أفضل الصلاة والسلام

عن الناصح عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن الثقة محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)، عن الرضا عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن الأمين موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن الصادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن الباقر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن الزكي زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن البر الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ)

عن المرتضى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)

عن المصطفى محمّد الأمين سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليهم أجمعين أنه قال لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا الحسن كلم الشمس، فإنها تكلّمك.

قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): السلام عليك أيها العبد المطيع لربه (1).

فقالت الشمس: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وأمّام المتقين وقائد الغر المحجلين.

يا عليّ أنت وشيعتك في الجنّة.

يا عليّ أول من تنشق عنه الأرض محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثم أنت، وأول من يحيى محمّد ثم أنت، وأول من يكسى محمّد، ثم أنت.

ثم انكب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ساجدا، وعيناه تذرفان بالدموع، فانكب عليه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 657


1- في مناقب الخوارزمي: يا أيتها العبدة الصالحة المطيعة لله.

فقال: يا أخي وحبيبي إرفع رأسك، فقد باهى الله بك أهل سبع سماوات] (1).

وقوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)

5- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا).

قال: ذاك في صلة الرحم، والرحم رحم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خاصّة (2).

6- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضل بن عمر عن [الخيبري و] (3) يونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما من شئ أحب إلى الله عزّ وجلّ من إخراج الدرهم إلى الامام، وإن الله عزّ وجلّ ليجعل له الدرهم يوم القيامة في الجنّة مثل جبل أحد، ثمّ قال: إن الله سبحانه يقول (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (4).

قال: هو والله في صلة الامام خاصّة (5).

7- وروى أيضا بهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان (6) عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ صاحب الأكسية قال: سمعنا أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول:

ص: 658


1- مناقب الخوارزمي: 63، ومقتله: 49، ورواه في فرائد السمطين: 1/184 وغاية المرام: 138 ح 11 وص 632 ح 3. وأخرجه في البحار: 41/169 ح 5 عن كشف اليقين: 25 وفي إحقاق الحق: 6/96 عن مناقب الخوارزمي، وفرائد السمطين، ومن قوله: أما خبر رد الشمس- في ص 656- إلى هنا من نسخة «أ».
2- عنه البحار: 24/279 ح 6، والبرهان: 4/288 ح 4.
3- من الكافي.
4- في نسخة «أ» والمصدر «فيضاعفه له أضعافا كثيرة «فعليه الآية من البقرة: 244.
5- الكافي: 1/537 ح 2 وعنه البحار: 24/279 ح 7 والبرهان: 1/234 ح 1.
6- في نسخة «أ» سنان (سليمان- خ ل-)، وفي نسختي «ج، م» أحمد بن محمّد بن سليمان.

إن الله عزّ وجلّ لم يسأل خلقه عما (1) في أيديهم قرضا من حاجة [به] (2) إلى ذلك وما كان لله من حق فإنما هو لوليه (3).

8- وروى (4) أيضا: عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم (5) عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)؟

قال: نزلت في صلة الامام (6). عليه أفضل التحية والسلام.

ويدل على صحة هذا التأويل أن من وصل الامام كان قد أقرض الله قرضا حسنا وأن له إذا فعل ذلك أجرا كريما، وعلم الله سبحانه وتعالى أن ذلك لا يفعله إلا المؤمنون والمؤمنات، فلمّا علم وقوع ذلك منهم ومتى يكون، جزاهم عليه، في أي يوم هو؟

قال سبحانه وتعالى لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)

9- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن همام (عن عبد الله بن العلاء، عن محمّد بن الحسن) (7) عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يقول (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ).

قال: نور أئمّة المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتّى

ص: 659


1- في نسخة «م» مما، وفي الكافي: ما.
2- من الكافي.
3- الكافي: 1/537 ح 3 وعنه البرهان: 4/288 ح 5 وجامع أحاديث الشيعة: 8/589 ح 1.
4- في نسخة «ج» وقال.
5- في نسختي «ج، م» عن عليّ بن أحمد، عن محمّد بن عليّ بن الحكم.
6- الكافي: 1/537 ح 4 وعنه البرهان: 4/288 ح 1 ونور الثقلين: 5/239 ح 49.
7- ليس في البحار، وأشار في هامشه أنهما موجودان في نسخة الكمباني.

ينزلوا بهم منازلهم من الجنّة (1).

10- وروى الشيخ الصدوق محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب الخصال (2) مرفوعا إلى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: كنت ذات يوم عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ أقبل بوجهه على (3) عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له: ألا أبشرك يا أبا الحسن؟ فقال: بلى يا رسول الله.

قال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه أعطى شيعتك ومحبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والامن عند الفزع (الأكبر) (4) والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنّة قبل سائر الناس «نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم» (5).

ولما بين حال المؤمنين والمؤمنات، بين بعده حال المنافقين والمنافقات فقال تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(15)

11- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار (6) عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، عن

ص: 660


1- عنه البحار: 23/317 ح 28 والبرهان: 4/289 ح 3.
2- رواه تارة في باب السبعة ص 402 وأخرى في باب التسعة ص 413 بنفس السند والمتن.
3- في نسخة «ج» إلى.
4- ليس في الخصال.
5- الخصال: 2/402 ح 112 وص 413 ح 2 وعنه البحار: ح 9 والبرهان: 4/289 ح 4، وأخرجه في البحار: 68/9 ح 4 عن أمالي الصدوق: 276 ح 15 وفي ج 27/162 ح 13 عن أعلام الدين: 276 (مخطوط) والطبري في بشارة المصطفى: 67 عن الصدوق.
6- في نسختي «ب، م» والبحار: مهران.

سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله تبارك وتعالى (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ)؟

قال: فقال: أما إنها نزلت فينا وفي شيعتنا وفي (المنافقين) (1) الكفار، أما إنه إذا كان يوم القيامة وحبس الخلائق في طريق المحشر ضرب الله سورا من ظلمة فيه باب «باطنه فيه الرحمة» يعني النور «وظاهره من قبله العذاب» يعني الظلمة فيصيرنا الله وشيعتنا في باطن السور الّذي فيه الرحمة والنور، ويصير عدونا والكفار في ظاهر السور الّذي فيه الظلمة، فيناديكم عدونا وعدوكم من الباب الّذي في السور من ظاهره:

ألم نكن معكم في الدنيا؟ نبيا ونبيكم واحد، وصلاتنا وصلاتكم وصومنا وصومكم وحجنا وحجكم واحد؟

قال: فيناديهم الملك من عند الله «بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم بعد نبيكم ثم توليتم وتركتم اتباع من أمركم به نبيكم- وتربصتم- به الدوائر وارتبتم فيما قال فيه نبيكم- وغرتكم الأماني» وما اجتمعتم عليه من خلافكم لأهل (2) الحق وغركم حلم الله عنكم في تلك الحال، حتّى جاء الحق.

ويعني بالحق ظهور عليّ بن أبي طالب ومن ظهر من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بعده بالحق.

وقوله (وغركم بالله الغرور- يعني الشيطان فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الّذين كفروا- أي لا توجد (لكم) (3) حسنة تفدون بها أنفسكم- مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير» (4).

12- وروى أيضا تأويل آخر: عن أحمد بن محمّد الهاشمي، عن محمّد بن عيسى العبيدي قال: حدّثنا أبو محمّد الأنصاري- وكان خيرا- عن شريك، عن

ص: 661


1- ليس في نسخة «م».
2- في نسخة «ب» على أهل.
3- ليس في البحار: 24، وفي البحار: 7 «لا تؤخذ».
4- عنه البحار: 7/227 ح 147 و ج 24/276 ح 62 والبرهان: 4/290 ح 4.

الأعمش، عن عطاء، عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن قول الله عزّ وجلّ

(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ).

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنا السور، وعلي الباب (1).

13- ويؤيده ما رواه أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن (2) عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: سئل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن قول الله عزّ وجلّ (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)؟

فقال: أنا السور، وعلي الباب، ليس يؤتى السور إلا من قبل الباب (3).

قوله تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)

14- تأويله: ما رواه الشيخ المفيد «قدس الله روحه) باسناده عن محمّد ابن همام، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: نزلت هذه الآية (وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) في أهل زمان الغيبة و «الأمد «أمد الغيبة كأنه (4) أراد عزّ وجلّ: يا أمة محمّد أو يا معشر الشيعة لا تكونوا « كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ».

فتأويل هذه الآية جار في أهل زمان الغيبة وأيامها دون غيرهم من أهل الأزمنة لان الله سبحانه نهى الشيعة عن الشك في حجة الله، وأن يظنوا أن الله عزّ وجلّ يخلي الأرض منها طرفة عين.

ص: 662


1- عنه البحار: 7/227 ح 148 و ج 24/277 ح 63 والبرهان: 4/290 ح 5.
2- في نسخ الأصل والبرهان: بن، وما أثبتناه هو الصحيح، راجع كتب الرجال.
3- عنه البحار: 24/277 ح 64 والبرهان: 4/290 ح 6.
4- في نسخة «ج» كأن.

قال: ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): ألا تسمعوا إلى قوله عزّ وجلّ في الآية التالية لهذه الآية (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

أي يحييها بعدل القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد موتها بجور أئمّة الظلم والضلال (1).

15 ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة [عن أحمد بن الحسن الميثمي] (2) عن الحسن بن محبوب عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها) يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميت فيحييها الله بالقائم (عج) فيعدل فيها، فتحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتهم (3).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ

(وممّا جاء في تأويل الصديقين وهو) (4):

16- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم ابن إسحاق، عن الحسن بن عبد الرحمان يرفعه إلى عبد الرحمان بن أبي ليلى قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): «الصديقون» ثلاثة:

حبيب النجار وهو مؤمن آل ياسين، وحزقيل (وهو) (5) مؤمن آل فرعون

ص: 663


1- لم نجده في غيبة المفيد الموجودة عندنا، نعم ذكره النعماني في مقدمة غيبته: 24، فالظاهر أن المراد بالمفيد محمّد بن إبراهيم النعماني لا محمّد بن محمّد بن النعمان كما تقدّم مرارا.
2- من كمال الدين.
3- عنه البحار: 24/325 ح 39 والبرهان: 4/291 ح 4، وأخرجه في البحار: 51/54 ح 37 عن كمال الدين: 668 ح 13 مع اختلاف.
4- في نسخة «ج» ويؤيده وهو، وفي نسخة «ب» والبحار ذكر السند هكذا: محمّد بن العباس عن الرجال الثقات، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى.. الخ.
5- ليس في نسخة «م»، وفي نسخة «ب» والبحار: 35 «حزبيل».

وعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) [وهو أفضل الثلاثة] (1).

17- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن الحسن بن علي المقري (2 باسناده عن رجاله مرفوعا إلى أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «الصديقون «ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب صاحب ياسين، وعليّ بن أبي طالب وهو أفضل الثلاثة (2).

18- وروى أيضا: (3) عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن عمرو عن عبد الله بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عمر (4) بن الفضل البصري عن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال:

هبط على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ملك له عشرون ألف رأس، فوثب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ليقبل يده فقال له الملك: مهلا مهلا يا محمّد، فأنت والله أكرم على الله من أهل السماوات وأهل الأرضين أجمعين. والملك يقال له: محمود، فإذا بين منكبيه مكتوب: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، علي الصديق الأكبر.

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): حبيبي محمود! منذ كم هذا مكتوب بين منكبيك؟

قال: من قبل أن يخلق آدم أباك بإثني عشر ألف عام (5).

وأمّا تأويل قوله عزّ وجلّ (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)

يعني لهم (عند ربهم) (6) أجر طاعتهم، ونور إيمانهم وبه يهتدون إلى طريق الجنّة.

ص: 664


1- عنه البحار: 35/410 ح 4 والبرهان: 4/292 ح 4، وأخرجه في البحار: 40/76 عن فردوس الاخبار (عن داود بن بلال بن أحيحة، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). وما بين المعقوفين من نسخة «ب» والبحار.
2- عنه البحار: 24/38 ح 12 والبرهان: 4/292 ح 5.
3- في نسخة «ب» وروى أيضا بحذف الأسانيد، وفي نسخة «ج» قال أيضا.
4- في البحار: عمرو، والصحيح ما أثبتناه، راجع تقريب التهذيب: ج 2/61.
5- عنه البحار: 24/38 ح 13 و ج 35/410 ذ ح 4 والبرهان: 4/292 ح 6.
6- ليس في نسخة «ب».

والشهيد يطلق على المستشهد بين يدي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أو الامام (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعلى الشيعة الموالين لهما، فهم الشهداء عند الله الكرام.

وقد روي في ذلك أخبار منها:

19- ما ذكره أبو علي الطبرسي (قدس الله روحه) قال: روى العياشي بالاسناد عن منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ادع الله أن يرزقني الشهادة.

فقال: [إن] (2) المؤمن شهيد، ثم تلا (والّذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) (3).

20- وذكر أيضا عن الحارث بن المغيرة قال: كنا عند أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: العارف منكم هذا الامر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير كمن جاهد والله مع قائم آل محمّد بسيفه ثمّ قال: بل والله كمن جاهد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بسيفه ثمّ قال: بل والله كمن استشهد مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في فسطاطه، وفيكم [نزلت] (4) آية من كتاب الله.

قلت: وأي آية؟ جعلت فداك.

قال: قول الله عزّ وجلّ (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).

ثمّ قال: صرتم والله صادقين، شهداء عند ربكم (5).

21- ويؤيده: ما رواه صاحب كتاب البشارات مرفوعا إلى الحسين بن أبي حمزة، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): جعلت فداك قد كبر سني

ص: 665


1- في نسخة «م» والامام.
2- من المصدر.
3- مجمع البيان: 9/238 وعنه البحار: 24/38 ح 14 و ج 68/141 ح 85 والبرهان: 4/292 ح 7، ورواه البرقي في المحاسن: 1/164 ح 117.
4- من نسخة «ب».
5- مجمع البيان: 9/238 وعنه البحار: 24/38 ح 15 و ج 68/141 ذ ح 75 والبرهان: 4/292 ح 8.

ودقّ عظمي، واقترب أجلي، وقد خفت أن يدركني قبل هذا الامر الموت.

قال: (فقال لي: يا أبا حمزة أو ما ترى الشهيد إلا من قتل؟ قلت: نعم جعلت فداك) (1).

فقال لي: يا أبا حمزة من آمن بنا وصدق حديثنا، وانتظر [أمرنا] (2) كان كمن قتل تحت راية القائم، بل والله تحت راية رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (3).

22- وعن أبي بصير قال: قال لي الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا محمّد إن الميت [منكم] (4) على هذا الامر شهيد.

قال: قلت: جعلت فداك وإن مات على فراشه؟!

قال: وإن مات على فراشه، فإنه حي يرزق (5).

23- ويعضده: ما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، باسناده عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت (لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)) (6): جعلت فداك أرأيت الراد علي هذا الامر فهو كالراد عليكم؟

فقال: يا أبا محمّد من رد عليك (7) هذا الامر فهو كالراد على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلى الله تبارك وتعالى.

يا أبا محمّد إن الميت منكم على هذا الامر شهيد. قلت: وإن مات على فراشه؟!

فقال: إي والله وإن مات على فراشه، حي [عند ربه] (8) يرزق (9).

24- وروى أيضا باسناده عن عبد الله بن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة وتكفوا

ص: 666


1- ليس في نسخة «ب» والبرهان.
2- من البحار: 68 والبرهان.
3- عنه البحار: 27/138 ح 141 و ج 68/141 ح 86 والبرهان: 4/293 ح 9.
4- من نسخة «ب».
5- عنه البحار: 27/138 ح 142 و ج 68/142 ذ ح 86 والبرهان: 4/293 ذ ح 9.
6- ليس في الكافي.
7- في نسخة «ج» عليكم.
8- من الكافي.
9- الكافي: 8/146 ح 120 وعنه البرهان: 4/293 ح 10، وأخرجه في البحار: 27/238 ح58 ووسائل الشیعة: 1/26 ح 20 عنه و عن المحاسن: 1/185 ح 194.

(أيديكم وألسنتكم) (1) وتدخلوا الجنّة ؟

يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بامام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم، ومن كان على مثل حالكم.

يا مالك إن الميت منكم والله على هذا الامر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله (2).

25- وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه)، عن أبيه بإسناد يرفعه إلى أبي بصير ومحمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله: حدّثني أبي، عن جدي، عن آبائه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين علم أصحابه. في يوم واحد أربعمائة باب من العلم منها قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) «إحذروا السفلة فان السفلة [من] (3) لا يخاف الله عزّ وجلّ (لان) (4) فيهم قتلة الأنبياء، وفيهم أعداؤنا.

إن الله تبارك وتعالى اطلع على الأرض (5) فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا (أولئك منا) (6) وإلينا، وما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فلا يموت حتّى يبتلى ببلية تمحص فيها ذنوبه، إما في ماله، أو في ولده، أو في نفسه حتّى يلقى الله وما له ذنب، وإنّه ليبقى عليه شئ (7) من ذنوبه فيشدد عليه عند موته.

والميت من شيعتنا صديق شهيد، صدق بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا، يريد بذلك وجه الله عزّ وجلّ، مؤمن بالله وبرسله، قال الله عزّ وجلّ (والّذين آمنوا بالله ورسله

ص: 667


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 8/146 ح 122 وعنه البرهان: 4/293 ح 11، وأخرجه في البحار: 68/68 صدر ح 124 وقطعة منه في ج 7/180 ح 21 عن فضائل الشيعة: 37 ح 37.
3- من الخصال.
4- ليس في الخصال.
5- في نسخة «ج» اطلع على الأرض اطلاعة، وفي الخصال: اطلع إلى الأرض.
6- ليس في نسخة «أ، ب، م».
7- في نسخة «ب، ج، م»الشئ.

أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) (1).

26- وجاء في خطبة له (عَلَيهِ السَّلَامُ) في «النهج «ما يؤيد هذه الأحاديث وهو قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأصحابه» إلزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم (2) ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى (3) من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلاته (4) لسيفه» (5).

وفي هذا مقنع لمتدبر ومغني لمتفكر، فاستمسك أيها الموالي بولاية السادات والموالي تكن في الدنيا من الشهداء، وفي الآخرة من السعداء، فهم سبيل النجاة في الحياة والممات، فعليهم من رب البريات أفضل التحيات وأكمل الصلوات.

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)

27- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا [عليّ بن عبد الله، عن] (6) إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن عليّ بن صقر (7) الحضرمي، عن جابر ابن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (يا أيها الّذين آمنوا

ص: 668


1- الخصال: 2/635 وعنه البحار: 75/300 ح 10 و ج 44/287 ح 26 و ج 6/157 ح 14 بالترتيب إلى قوله ((عَلَيهِ السَّلَامُ)) «عند موته «وتمامه في البحار: 10/114 والبرهان: 4/293 ح 12.
2- في نسخة «ج» وبسيوفكم وأسنتكم، وفي نسخة «ب» وسننكم وسيوفكم، وفي نسخة «أ» وكفوا بدل «في هوى».
3- في الأصل: نواه.
4- في نسخة «ب» أصلابه.
5- نهج البلاغة: 282 خطبة: 190 وعنه البحار: 52/144 ح 63 والبرهان: 4/293 ذ ح 12 والوسائل: 11/40 ح 15، وفي نسخة «ب، ج، م»بسيفه، وفي نسخة «أ» سيفه.
6- من نسخة «ج».
7- في نسخة «ج» والبرهان: جعفر، وعلى أي حال لم نجده في كتب الرجال.

اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته)؟ قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

قلت (ويجعل لكم نورا تمشون به) قال: يجعل لكم إماما تأتمون به (1).

28- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أحمد ابن عيسى بن زيد، قال: حدّثني عمي الحسين بن زيد، قال: حدّثني شعيب بن واقد قال: سمعت الحسين بن زيد يحدث، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في قوله تعالى (يؤتكم كفلين من رحمته)

قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

(ويجعل لكم نورا تمشون به) قال: علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

29- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن إبراهيم ابن ميمون، عن ابن أبي شيبة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (يؤتكم كفلين من رحمته) قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

(ويجعل لكم نورا تمشون به) قال: إمام عدل تأتمون به، وهو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

30- وقال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن حسين ابن حسن المروزي، عن الأحول بن حوأب (4) عن عمار بن زريق، عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان، عن كعب بن عياض قال: طعنت على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين يدي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فوكزني في صدري، ثمّ قال:

ص: 669


1- عنه البحار: 23/319 ح 31 والبرهان: 4/300 ح 4 وفي البحار: 67/54 مرسلا عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- عنه البحار: 23/319 ح 32 والبرهان: 4/300 ح 6، وأخرجه في البحار: 23/317 ح 26 و ج 43/307 ح 70 عن تفسير فرات: 180 معنعنا عن ابن عباس.
3- عنه البحار: 23/319 ح 33 والبرهان: 4/300 ح 5.
4- في البرهان: جولب، وفي نسخة «ج» جوأب.

يا كعب إنّ لعلي نورين: نور في السماء، ونور في الأرض، فمن تمسك بنوره أدخله الله الجنّة، ومن أخطأه أدخله الله النار، فبشر الناس عني بذلك (1).

31- وروي في معنى نوره (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما روي مرفوعا عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): خلق الله من نور وجه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة (2).

صلوات الله عليه وعلى ذريته أهل الخلافة والوصية والإمامة وأولى السيادة والرئاسة والزعامّة صلاة دأئمّة باقية إلى يوم حلول الطامة.

«58»

«سورة المجادلة»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)

لهذه الآية تأويل ظاهر وباطن: فالظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

1- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن عبد الرحمان، عن محمّد بن سليمان بن بزيع، عن جميع (3) بن المبارك، عن إسحاق بن محمّد، قال: حدّثني أبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنه قال:

إن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لفاطمة سلام الله عليها: إن زوجك يلاقي بعدي كذا، ويلاقي بعدي كذا. فخبرها بما يلقى بعده.

ص: 670


1- عنه البحار: 23/319 ح 34 والبرهان: 4/300 ح 7.
2- عنه البحار: 23/320 ح 35 و ج 68/142 ح 87 والبرهان: 4/300 ح 8.
3- في البرهان: جميل

فقالت: يا رسول الله ألا تدعوا الله أن يصرف ذلك عنه؟!

فقال: قد سألت الله ذلك له، فقال: إنه مبتلى ومبتلى به. فهبط جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) وشكواها له، لا منه، ولا عليه (1).

صلوات الله عليهما وعليه، وجعل صلواتنا هديّة منا إليها وإليه.

وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)

2- تأويله: قال الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه): نبأنا (2) الشيخ (أبو جعفر الطبري) (3) باسناده، عن ابن عباس قال: أضمرت قريش قتل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكتبوا صحيفة ودفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح.

فأنزل الله جبرئيل على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فخبره بخبرهم.

فقالوا له: أنى له علم ذلك؟! ولم يشعر به أحد.

فأنزل الله سبحانه على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هذه الآية (4).

3- ومن ذلك ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد، عن عليّ بن الحسين (5) عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله

ص: 671


1- عنه البحار: 24/230 ح 35 و ج 36/164 ح 146 والبرهان: 4/301 ح 1.
2- في نسخة «ج» حدّثنا.
3- ليس في نسخة «أ»، وفي نسختي «ج، م» الطبرسي، والصحيح ما أثبتناه لان الطبرسي من أعلام القرن السادس وتوفى الطوسي ««ره «في سنه 460 فلعله مصحف الطبري وهو أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري المتوفى سنة «310 ه- ق «كما أنه روى في «إحقاق الحق»:3/578 عن غاية المرام: 439 ب 225 أبسط من هذا عن أبي جعفر الطبري.
4- أورده في الصراط المستقيم: 1/296 عن أبي جعفر الطبري.
5- في الأصل: الحسن بن عليّ بن محمّد بدل «عليّ بن الحسين».

(عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

قال: نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمان ابن عوف، وسالم مولى (أبي) (1) حذيفة والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا، وتوافقوا: لئن مضى محمّد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية (2).

قال: قلت: قوله عزّ وجلّ (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) (3).

قال: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم.

(و) (4) قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟! وهكذا كان في سابق علم الله عزّ وجلّ الّذي أعلمه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين وخرج الملك من بني هاشم، وقد كان ذلك كله (5).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ

تأويله: قال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): إن هذه الآية نزلت في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيكثرون مناجاته فأمر الله سبحانه بالصدقة عند المناجاة.، فلمّا علموا ذلك انتهوا عن مناجاته، فنزلت آية الرخصة (6).

وهذه فضيلة لم يدركها إلا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 672


1- ليس في نسخة «ج».
2- في الكافي: فيهم هذه الآية.
3- سورة الزخرف: 79، 80.
4- ليس في الكافي.
5- الكافي: 8/179 ح 202 وعنه البحار: 24/365 ح 92 و ج 28/123 ح 6 والبرهان: 4/303 ح 3.
6- مجمع البيان: 9/252.

وقد ورد في ذلك روايات منها:

4- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) عن عليّ بن عقبة (1) ومحمّد بن القاسم قالا: حدّثنا الحسين بن الحكم، عن حسن بن حسين، عن حيان (2)- بن علي عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (يا أيها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)

قال: نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة، كان له دينار فباعه بعشرة دراهم، فكان كلما ناجاه قدم درهما حتّى ناجاه عشر مرات، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد قبله ولا بعده (3).

5- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عباس، عن محمّد بن مروان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السدي، عن عبد خير (4) عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كنت أول من ناجى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، وكلمت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عشر مرات، كلما أردت أن أناجيه تصدقت بدرهم، فشق ذلك على أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

فقال المنافقون: ما يألوا ما ينجش (5) لابن عمه! حتّى نسخها الله عزّ وجلّ فقال (أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجويكم صدقات) إلى آخر الآية.

ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): فكنت أول من عمل بهذه الآية، وآخر من عمل بها، فلم يعمل بها أحد قبلي ولا بعدي (6).

6- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريا، عن أيوب

ص: 673


1- في نسختي «ج، م» عتبة.
2- في الأصل والبحار: حنان «ولكن لم نجد له ذكر في كتب الرجال على أن حيان يمكن أن يروى عن الكلبي ولوجود حيان في موردين آخرين فراجع فهرست أعلامنا لهذا الكتاب.
3- عنه البحار: 35/380 ح 6 والبرهان: 4/309 ح 9.
4- في نسخة «ج» عبد الله بن جبير بدل «عبد خير»، والصحيح ما أثبتناه، لأنه من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- ما يألوا: ما يقصر. والنجش: هو أن يمدح السلعة في البيع لينفقها ويروجها أو يزيد في قيمتها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها.
6- عنه البحار: 35/380 ح 7 والبرهان: 4/309 ح 10، وروى الخوارزمي في مناقبه: 196 مرسلا مثله.

ابن سليمان، عن محمّد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً)

قال: إنه حرم كلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ثم رخص لهم في كلامه بالصدقة، فكان إذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم، ثم كلمه بما يريد.

قال: فكف الناس عن كلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه فتصدق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بدينار كان له، فباعه بعشرة دراهم في عشر كلمات سألهن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره، وبخل أهل الميسرة أن يفعلوا ذلك.

فقال المنافقون: ما صنع عليّ بن أبي طالب الّذي صنع من الصدقة إلا أنه أراد أن يروج (1) لابن عمه! فأنزل الله تبارك وتعالى (يا أيها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ذلك خير لكم- من إمساكها- وأطهر- يقول: وأزكى لكم من المعصية- فإن لم تجدوا- الصدقة- فإن الله غفور رحيم * أأشفقتم- يقول الحكيم: أأشفقتم يا أهل الميسرة- أن تقدّموا بين يدي نجويكم- يقول: قدام نجواكم يعني كلام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صدقة على الفقراء؟ - فإذ لم تفعلوا- يا أهل الميسرة- وتاب الله عليكم- يعني تجاوز عنكم إذ (2) لم تفعلوا- فأقيموا الصلاة- يقول: أقيموا الصلوات الخمس- وآتوا الزكاة- يعني أعطوا الزكاة يقول: تصدقوا. فنسخت ما أمروا به عند المناجاة باتمام الصلاة وإيتاء الزكاة- وأطيعوا الله ورسوله- بالصدقة في الفريضة والتطوع- والله خبير بما تعملون) أي بما تنفقون خبير.

إعلم أن محمّد بن العباس (رحمه الله) ذكر في تفسيره هذا المنقول منه في آية المناجاة سبعين حديثا من طريق الخاصّة والعامّة، يتضمن أن المناجي للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) هو أمير المؤمنين دون الناس أجمعين.

ص: 674


1- في نسخة «م» إذا أراد أن يتزوج.
2- في نسختي «ج، م» إذا.

اخترنا منها هذه الثلاثة أحاديث، ففيها غنية (1).

7- ونقلت من مؤلف شيخنا أبي جعفر الطوسي (قدس الله روحه) هذا الحديث ذكره أنه في جامع الترمذي وتفسير الثعلبي باسناده عن [عليّ بن] (2) علقمة الأنماري يرفعه إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: بي (3) خفف الله عن هذه الأمة، لان الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا [كلهم] (4) عن مناجاة الرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وكان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد إلا من تصدق بصدقة، وكان معي دينار فتصدقت به، فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية.

ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب [عند] (5) امتناع الكل من العمل بها (6).

صدق، صلوات الله عليه، لأنه ما زال سببا لكل خير يعزى إليه، وإن الله سبحانه أراد أن ينوه بفضله، ويجعل هذه الآية منقبة له دون غيره، إذ لم يجعل للصدقة مقدارا معينا، ولو جعل لأمكن أكثر الناس أن يتصدقوا، ففي ترك عملهم بها ونسخها دليل على أنها كانت منقبة له خاصّة، لأنه سبحانه عالم بما يكون قبل كونه، وعلم صدقات علي- صلوات الله عليه- وتقاعس غيره عنها، فأراد الله سبحانه إظهار فضله عند تقاعس غيره و «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم» (7).

ص: 675


1- عنه البحار: 35/380 ح 8 والبرهان: 4/309 ح 11 و 12.
2- من صحيح الترمذي وتفسير الثعلبي: والمناقب، وفي نسخة «ج» الأنباري بدل «الأنماري».
3- في نسخة «ج» لي، وفي الترمذي والثعلبي والمناقب: فبي.
4- من المناقب.
5- من المناقب، وفيه «ولو لم أعمل بها- حين كان عملي بها سببا للتوبة عليهم- «بدل «ولو لم يعمل بها أحد».
6- عنه البحار: 35/381 والبرهان: 4/310 ح 13، وأخرجه في البحار: 41/26 عن مناقب ابن شهرآشوب: 1/346 الا أن فيه قال: وزاد أبو القاسم الكوفي في الرواية: أن الله.. الخ، و أورد صدره الترمذي في سننه: 5/406 ح 3300.
7- سورة الحديد: 21.

وقوله تعالى: أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا المنذر بن محمّد، عن أبيه قال: حدّثني عي؟ الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن عليّ بن محمّد بن بشر قال: قال محمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)- ابن الحنفية-: إنما حبنا أهل البيت شئ يكتبه الله في أيمن قلب العبد (1) ومن كتبه الله في قلبه لا يستطيع أحد محوه، أما سمعت الله سبحانه يقول (أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه) إلى آخر الآية؟

فحبنا أهل البيت الايمان (2).

9- وجاء من (3) طريق العامّة ما رواه أبو نعيم الحافظ قال: حدّثنا محمّد بن حميد باسناده عن عيسى بن عبد الله بن محمّد (4) بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: حدّثني أبي، عن جده، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قال سلمان الفارسي:

يا أبا الحسن ما طلعت على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلا وضرب بين كتفي وقال: يا سلمان هذا وحزبه «هم المفلحون» (5).

ص: 676


1- في البحار: المؤمن.
2- عنه البحار: 23/366 ح 31، وص 389 ح 97 والبرهان: 4/312 ح 8.
3- في نسختي «ب، م» في.
4- في الأصل والبحار: 24: «عبيد الله» وما أثبتناه هو الصحيح، راجع كتب الرجال.
5- عنه البحار: 24/213 ح 5 و ج 68/142 ذ ح 87، وأورده في البرهان: 4/312 ح 1 عن أبي نعيم.

«59»

«سورة الحشر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع جميعا عن منصور بن حازم، عن زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال قلت له: جعلت فداك قول الله عزّ وجلّ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)؟

قال: القربى هي والله قرابتنا (1).

2- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق (2) عن عبد الله بن حماد، عن عمرو (3) بن أبي المقدام، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)؟

فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): هذه الآية نزلت فينا خاصّة، فما كان لله وللرسول فهو لنا.

ونحن ذو القربى، ونحن المساكين لا تذهب مسكنتنا من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أبدا ونحن أبناء السبيل فلا يعرف سبيل إلا بنا، والامر كله لنا (4).

ص: 677


1- عنه البحار: 23/258 ح 6 والبرهان: 4/314 ح 4.
2- كذا في نسخة «ج» وهو الصحيح بقرينة بقية الموارد، فراجع فهرس أعلام كتابنا هذا وفي نسخ «أ، ب، م» والبحار والبرهان: إسحاق بن إبراهيم.
3- في نسخة «م» عمر.
4- عنه البحار: 23/258 ح 7 والبرهان: 4/314 ح 5.

وقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)

3- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين (1) بن أحمد المالكي، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبان ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (أنه) (2) قال: قوله عزّ وجلّ (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله- وظلم آل محمّد- إن الله شديد العقاب) لم ظلمهم (3).

وقوله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)

4- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن سهل (4) العطار، عن أحمد بن عمرو (5) الدهقان (6) عن محمّد بن كثير، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: إن رجلا جاء إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فشكا إليه الجوع فبعث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلا الماء.

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من لهذا الرجل الليلة؟

فقال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا يا رسول الله، فأتى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فأعلمها، فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية ولكنا نؤثر به ضيفنا. فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): نومي الصبية واطفئي السراج، فلمّا أصبح غدا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فنزلت هذه الآية (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (7).

ص: 678


1- كذا في نسخة «ب» وهو الصحيح بقرينة بقية الموارد، فراجع فهرس أعلام كتابنا هذا وفي نسخة «أ، ج، م»والبحار والبرهان: الحسن
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 24/222 ح 6 والبرهان: 4/316 ح 15.
4- في جميع النسخ والبحار: سهل بن محمّد، ولم نجده في كتب الرجال، وما أثبتناه موافق لاحقاق الحق وشواهد التنزيل.
5- في نسخة «أ»: عمر.
6- في نسخة «ج» وشواهد التنزيل: الدهان.
7- عنه البحار: 36/59 ح 1 والبرهان: 4/317 ح 9، وأورده في إحقاق الحق: 14 /542 عن شواهد التنزيل: 2/246 ح 970.

5- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

قال: بينما علي عند فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) إذ قالت له: يا عليّ إذهب إلى أبي فابغنا منه شيئا. فقال: نعم. فأتى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأعطاه دينارا، وقال له: يا عليّ إذهب فابتع به لأهلك طعاما.

فخرج من عنده فلقيه المقداد بن الأسود (رحمه الله)، وقاما ما شاء الله أن يقوما وذكر له حاجته، فأعطاه الدينار وانطلق إلى المسجد، فوضع رأسه فنام، فانتظره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فلم يأت، ثم انتظره فلم يأت، فخرج يدور في المسجد، فإذا هو بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) نائم في المسجد فحركه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقعد.

فقال له: يا عليّ ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خرجت من عندك فلقيني المقداد بن الأسود، فذكر لي ما شاء الله أن يذكر، فأعطيته الدينار.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أما إن جبرئيل قد أنبأني بذلك، وقد أنزل الله فيك كتابا (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (1).

6- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت، عن القاسم بن إسماعيل عن محمّد بن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: أوتي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بمال وحلل، وأصحابه حوله جلوس، فقسمه عليهم حتّى لم تبق منه حلة ولا دينار.

فلمّا فرغ منه جاء رجل من فقراء المهاجرين وكان غائبا، فلمّا رآه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 679


1- عنه البحار: 36/59 ح 2 والبرهان: 4/317 ح 10.

قال: أيّكم يعطي هذا نصيبه ويؤثره على نفسه؟

فسمعه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال: نصيبي. فأعطاه إياه، فأخذه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأعطاه الرجل ثمّ قال: يا عليّ إن الله جعلك سباقا للخيرات سخاء بنفسك عن المال، أنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، والظلمة هم الّذين يحسدونك ويبغون عليك ويمنعونك حقك بعدي (1).

7- وبالاسناد، عن القاسم بن إسماعيل، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو ابن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) جالس ذات يوم وأصحابه جلوس حوله فجاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعليه سمل(2) ثوب منخرق عن بعض جسده فجلس قريبا من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فنظر إليه ساعة، ثم قرأ (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

ثمّ قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أما إنك رأس الّذين نزلت فيهم هذه الآية وسيدهم وأمّامهم. ثمّ قال رسول الله لعلي: أين حلتك التي كسوتكها (3) يا علي؟

فقال: يا رسول الله إن بعض أصحابك أتاني يشكو عريه وعري أهل بيته فرحمته وآثرته بها على نفسي، وعرفت أن الله سيكسوني خيرا منها.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): صدقت، أما إن جبرئيل قد أتاني يحدّثني أن الله اتخذ لك مكانها في الجنّة حلة خضراء من إستبرق، وصنفتها (4) من ياقوت وزبرجد، فنعم الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك، وصبرك على سملتك (5) هذه المنخرقة، فأبشر يا علي. فانصرف علي فرحا مستبشرا بما أخبره به رسول الله (6).

صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته.

ص: 680


1- عنه البحار: 36/60 ح 3 والبرهان: 4/318 ح 11.
2- في نسخة «ج» شمل، سمل الثوب: أخلق.
3- في نسخة «ج» كسوتها.
4- كذا في البحار، ومعناه جانب الثوب وحاشيته، وفي نسخة «ج» صفتها، وفي نسخة «أ» صبغتها (ضيفتها- خ ل-)، وفي نسخة «م» ضيفتها.
5- في نسخة «ج» شملتك.
6- عنه البحار: 36/60 ح 4 والبرهان: 4/318 ح 12.

ثمّ قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)

8- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن يحيى بن صالح، عن الحسين الأشقر (1) عن عيسى بن راشد عن أبي بصير، عن عكرمة، عن ابن عباس (2) قال: فرض الله الاستغفار لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في القرآن على كل مسلم، وهو قوله تعالى (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) وهو سابق الأمة (3).

وأمّا معناه فقوله (والّذين جاءوا من بعدهم- أي من بعد المؤثرين على أنفسهم من المؤمنين- يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الّذين سبقونا بالايمان يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

- ولا تجعل في قلوبنا غلا) له، لأنه المعني بالّذين آمنوا.

وقد جاء في القرآن من ذلك كثير: منه (إنما وليكم الله ورسوله والّذين آمنوا) (4).

ولما كان هو المؤثر على نفسه فرض الله سبحانه على كل مسلم الاستغفار لأنه أصل الاسلام. فعليه وعلى ذريته أفضل الصلاة والسلام.

وقوله تعالى: لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)

9- تأويله: ما رواه أصحابنا بحذف الاسناد مرفوعا عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) تلا هذه الآية (لا يستوي أصحاب النار) إلى آخرها.

ص: 681


1- في نسخة «أ» الأشعري.
2- في نسخة «أ» ابن عباس عنه. قال، ولعله كان في الأصل: ابن عباس رضي الله عنه.
3- عنه البحار: 35/334 ح 9 والبرهان: 4/319 ح 2.
4- سورة المائدة: 55.

فقال: «أصحاب الجنّة «من أطاعني، وسلم لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (العهد من) (1) بعدي (وأقر بولايته.

و «أصحاب النار» من أنكر الولاية ونقض العهد من بعدي) (2).

10- وذكر الشيخ في أماليه، عن محدوج (3) بن زيد الهذلي وكان في وفد قومه إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فتلا هذه الآية (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ).

قال: فقلنا: يا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من أصحاب الجنّة ؟ قال: من أطاعني وسلم لهذا من بعدي قال: وأخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بكف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يومئذ إلى جنبه فرفعها وقال: ألا إن عليا مني وأنا منه، فمن حاده فقد حادني ومن حادني (4) فقد أسخط الله عزّ وجلّ.

ثمّ قال: يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت العلم بيني وبين أمتي (5).

ص: 682


1- ليس في نسخة «م» والأمالي.
2- رواه الشيخ في أماليه: 1/373 والصدوق في عيون الاخبار: 1/218 ح 22 وعنهما البحار: 38/110 ح 42 والبرهان: 4/319 ح 1، 2، وفي البحار: 8/358 ح 21 عن العيون وفي ج 27/203 ح 2 عن أمالي الشيخ، وما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
3- كذا في أسد الغابة، وفي الأمالي: مجدوح، وفي نسختي «ج، م» مجروح، وفي نسخة «أ» والبحار: مخدوج.
4- في نسخة «ج» «أسخطه فقد أسخطني ومن أسخطني «بدل «حادني».
5- أمالي الطوسي: 2/100 وعنه البحار: 38/118 ح 62 والبرهان: 4/319 ح 3.

«60»

«سورة الممتحنة»

«وفيها آيتان»

الأولى: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ... الآية

1- التأويل وسبب النزول: ذكر [عليّ بن إبراهيم و] (1) أبو علي الطبرسي (رحمه الله) ما مختصره أن حاطب بن أبي بلتعة أنفذ جارية يقال لها «سارة» (2) إلى أهل مكة تخبرهم أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يأتيهم في هذا العام.

فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأخبره بذلك، فأرسل عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و [معه] (3) عمارا وعمر وطلحة والزبير والمقداد بن الأسود وأبا مرثد (4) وكانوا كلهم فرسانا، وقال لهم: انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ (5) فان بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها.

فخرجوا حتّى أدركوها في ذلك المكان، فقالوا: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب فنحوها، وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا، فهموا بالرجوع.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): والله ما كذبنا ولا كذبنا، وقال لها: أخرجي الكتاب وإلا والله لأضربن عنقك. فلمّا رأت الجد أخرجته من ذؤابتها (6) فرجعوا بالكتاب إلى

ص: 683


1- من نسخة «أ».
2- في تفسير القمي: صفية.
3- من نسختي «ج، م».
4- في نسخة «ج» أبا بريدة، وفي نسخة «م» أبا مريد، وما أثبتناه من المجمع، راجع أسد الغابة: 5/294.
5- موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة.
6- كذا في المجمع، وفي نسخة «ج» ذوائبها، وفي نسخة «م» ذوابتها، وفي تفسير القمي: قرونها.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

وفي هذه منقبة وفضيلة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ لولاه لرجعوا بلا كتاب وكان في ذلك تكذيب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

والآية الثانية: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (12)

2- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم ابن محمّد الثقفي قال: سمعت محمّد بن صالح بن مسعود قال: حدّثني أبو الجارود زياد بن المنذر، عمن سمع عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول «العجب كل العجب بين جمادى ورجب» فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الّذي لا تزال تعجب (2) منه؟

فقال: ثكلتك أمك! وأي عجب أعجب من أموات يضربون (3) كل عدو لله و لرسوله ولأهل بيته، وذلك تأويل هذه الآية (يا أيها الّذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) فإذا اشتد القتل (4) قلتم: مات أو هلك أو أي واد سلك. وذلك تأويل هذه الآية (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (5).

وهذا التأويل يدل على الرجعة.

ص: 684


1- مجمع البيان: 9/269، تفسير القمي: 674 وعنه البحار: 21/112 ح 5 و ج 75 /388 ح 1 والبرهان: 4/323 ح 1. ورواه في معجم البلدان: 2/335 في ترجمة: خاخ إلى قوله فخذوه. وفيه: فأتوني به بدل «منها».
2- في البرهان وإلزام الناصب: تتعجب.
3- في نسخة «م» يتولون.
4- في نسخة «ج» استدار الفلك «اشتد القتل. خ ل».
5- عنه البحار: 53/60 ح 48 والبرهان: 4/327 ح 1 وأورده في الزام الناصب: 1/96 مرسلا، والآية الأخيرة في سورة الإسراء: 6.

وقوله: «قلتم مات أو هلك» يعني القائم.

صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين صلاة باقية إلى يوم الدين.

«61»

«سورة الصف»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبيد ومحمّد بن القاسم قالا جميعا: حدّثنا حسين بن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي (عن) (1) الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) قال: نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة (2) وأبي دجانة رضي الله عنهم (3).

2- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن محمّد، عن حجاج بن يوسف، عن بشر ابن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك، عن ابن عباس ((رَضِیَ اللهُ عَنهُ)) في قوله عزّ وجلّ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)

قال: قلت له: من هؤلاء؟ قال: عليّ بن أبي طالب، وحمزة «أسد الله وأسد رسوله»

ص: 685


1- ليس في نسخة «ج».
2- في نسختي «ج، م» الصرة، وفي تفسير فرات: من بني ضمة. وكلاهما تصحيف، ترجم له في أسد الغابة: 1/333.
3- عنه البرهان: 4/328 ح 1، وفي البحار: 36/24 ح 7 عنه وعن تفسير فرات: 184.

وعبيدة بن الحارث والمقداد بن الأسود، (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

3- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن ميسرة بن محمّد، عن إبراهيم ابن محمّد، عن ابن فضيل، عن حسان (2) بن عبد الله، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس قال: [كان] علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا صف في (3) القتال كأنه بنيان مرصوص، يتبع ما قال الله فيه. فمدحه الله، وما قتل [من] (4) المشركين كقتله، (أحد) (5).

وقوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)

4- تأويله: قال: محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق، عن يحيى بن هاشم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره» والله لو تركتم هذا الامر ما تركه الله (6).

5- ويؤيده: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ).

قال «يريدون ليطفئوا» ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأفواههم.

قلت «والله متم نوره»؟ قال: والله متم الإمامة لقوله عزّ وجلّ (فآمنوا بالله

ص: 686


1- عنه البحار: 36/25 ح 8 والبرهان: 4/328 ح 2.
2- في نسخة «ج» حيان، وفي البحار: حنان.
3- كذا في البحار، وفي نسختي «ج، م» لي بدل «في»، وفي نسخة «أ» إذا صف بهم في.
4- من نسخة «ج».
5- عنه البحار: 36/25 ح 9، وما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
6- عنه البحار: 23/320 ح 36 و ج 51/59 ح 57 والبرهان: 4/329 ح 2.

ورسوله والنور الّذي أنزلنا) (1) والنور هو الامام.

قلت له «هو الّذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق»؟

قال: هو الّذي أمر رسوله (2) بالولاية لوصيه، والولاية هي دين الحق.

قلت «ليظهره على الدين كله»؟ قال: ليظهره على جميع الأديان عند قيام

القائم لقول الله عزّ وجلّ (والله متم نوره- بولاية القائم- ولو كره الكافرون) لولاية (3) علي.

قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم. أما هذا الحرف فتنزيل، وأمّا غيره فتأويل (4).

6- وفي المعنى: ما رواه محمّد بن الحسين، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد (5) ابن جعفر الصولي، عن عليّ بن الحسين، عن حميد بن الربيع، عن هشيم (6) بن بشير عن أبي إسحاق الحارث بن عبد الله الحاسدي، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

صعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المنبر، فقال:

إن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم.

ثم نظر ثانية فاختار عليا أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي. من تولاه تولى الله، ومن عاداه عادى الله، ومن أحبه أحبه الله ومن أبغضه أبغضه الله، والله لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر، وهو نور الأرض بعدي وركنها، وهو كلمة التقوى والعروة الوثقى، ثم تلا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «يريدون

ص: 687


1- سورة التغابن: 8.
2- في نسخة «م» أمر الله ورسوله.
3- في الكافي: بولاية.
4- الكافي: 1/432 صدر ح 91 وعنه البحار: 23/318 ح 29 و ج 24/336 صدر ح59 والبرهان: 4/328 ح 3.
5- في اثبات الهداة: محمّد.
6- في نسخة «أ» ميثم، وفي نسخ «ب، ج، م»هيثم، وما أثبتناه هو الصحيح وهو هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي حازم. راجع «تقريب التهذيب «وغيره

ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون» (1).

يا أيها الناس ليبلغ مقالتي هذه شاهدكم غائبكم، اللّهمّ إني أشهدك عليهم.

أيها الناس وإن الله نظر ثالثة واختار بعدي وبعد أخي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) أحد عشر إماما، واحدا بعد واحد، كلما هلك واحد قام واحد مثله، مثلهم كمثل نجوم السماء، كلما غاب نجم طلع نجم، هداة مهديون، لا يضرهم كيد من كادهم و (لا خذلان من) (2) خذلهم، هم حجة الله في أرضه وشهداؤه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه حتّى يردوا علي الحوض (3).

7- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق (4) عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ في كتابه (هو الّذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فقال: والله ما نزل تأويلها بعد.

قلت: جعلت فداك، ومتى ينزل تأويلها؟ قال: حين (5) يقوم القائم- إن شاء الله- فإذا خرج القائم، لم يبق كافر ولا مشرك إلا كره خروجه حتّى لو أن كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة: يا مؤمن! في بطني كافر أو مشرك فاقتله.

قال: فيجيئه (6) فيقتله (7).

ص: 688


1- تلفيق من سورة التوبة: 32 والصف: 8.
2- ليس في نسختي «أ، م».
3- عنه البحار: 23/320 ح 37 والبرهان: 4/329 ح 3 وقطعة منه في اثبات الهداة: 3/86 ح 789.
4- في نسخ «أ، ج، م»إسحاق بن إبراهيم، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصحيح بقرينة بقية الموارد راجع فهرس أعلام كتابنا هذا.
5- في نسخة «ب» حتّى.
6- في البحار: فينحيه الله.
7- عنه البحار: 51/60 ح 58 وعن تفسير فرات: 184، وقطعة منه في اثبات الهداة: 7/ 130 ح 657، وأخرجه في البحار: 52/324 ح 36 والبرهان: 2/121 ح 1 عنكمال الدين: 670 ح 16.

8- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمّد عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي أنه سمع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول «هو الّذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون «أظهر ذلك بعد؟ كلا والّذي نفسي بيده حتّى لا يبقى قرية إلا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله بكرة وعشيا (1).

9- وقال أيضا: حدّثنا يوسف بن يعقوب، عن محمّد بن أبي بكر المقري، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)

قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا [دخل في] (2) الاسلام، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والانسان والحية، وحتّى لا تقرض فأرة جرابا، وحتّى توضع الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير.

وقوله تعالى (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) وذلك يكون عند قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)

10- تأويله: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله)، عن رجاله باسناد متصل إلى النوفلي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم التي دل الله عليها في كتابه فقال:

ص: 689


1- عنه البحار: 51/60 ح 59 والبرهان: 4/329 ح 1 وفي مجمع البيان: 9/280 عن العياشي وفيه: أظهر بعد ذلك؟ قالوا: نعم. قال: كلا، فوالّذي... الخ.
2- من البحار.
3- عنه البحار: 51/61 ذ ح 59 والبرهان: 4/329 ح 2 وقطعة منه في اثبات الهداة: 7/130 ح 658.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (1).

توجيه هذا التأويل: أن حبه وولايته هي التجارة المربحة.

وجاء بذلك على سبيل المجاز، ومثله «وسئل القرية «(2) أي أهل القربة.

11- ويؤيده: ما رواه الشيخ الطوسي (قدس الله روحه)، عن عبد الواحد بن الحسن، عن محمّد بن محمّد الجويني (قال: قرأت على عليّ بن أحمد الواحدي) (3) حديثا مرفوعا إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: لمبارزة علي لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.

وهي التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم، يقول الله تعالى (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (4).

فتكون حينئذ التجارة الرابحة المربحة هي مبارزته لعمرو، ومن ههنا قال: أنا التجارة المربحة. أي أنا صاحب التجارة المربحة.

وممّا ورد في المساكن الطيبة:

12- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن عبد الله الدقاق، عن أيوب بن محمّد الوراق (5) عن الحجاج بن محمّد، عن الحسن بن جعفر، عن الحسن [بن الحسين] (6) قال: سألت عمران بن الحصين وأبا هريرة، عن تفسير قوله

ص: 690


1- عنه البحار: 24/330 ح 52، وأخرجه في البرهان: 4/330 ح 1 عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي.
2- سورة يوسف: 82.
3- ليس في نسخة «ج».
4- عنه البحار: 36/165 ح 147، مصباح الأنوار: 129 و 161 وعنه البرهان: 4/330 ح 2 ورواه الخوارزمي في مناقبه: 58 إلى قوله «ع «يوم القيامة.
5- لم نجده في كتب الرجال، نعم في تقريب التهذيب: أيوب بن محمّد بن زياد الوزان أبو محمّد الرقي فلاحظ.
6- من نسخة «ج».

تعالى (ومساكن طيّبة في جنّات عدن) فقالا: على الخبير سقطت، سألنا عنها رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: قصر من لؤلؤ في الجنّة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة.

قال: فيعطي الله المؤمن من القوة في غداة واحدة أن يأتي على ذلك كله (1).

[إعلم أن المؤمن من ملة الاسلام وغيرها من ملل الأنبياء العظام لا يكون إلا من شيعتهم، عليهم الصلاة والسلام] (2).

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)

13- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن عبد الله بن سابق، عن محمّد بن عبد الملك بن زنجويه (3)، عن عبد الرزاق، عن معمر قال: تلا قتادة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ).

قال: كان (4) محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بحمد الله قد جاءه حواريون فبايعوه ونصروه حتّى أظهر الله دينه، والحواريون كلهم من قريش.

فذكر عليا وحمزة وجعفر وعثمان بن مظعون وآخرين (رَضِیَ اللهُ عَنهُم) (5).

ص: 691


1- عنه البحار: 8/149 ح 84 والبرهان: 4/330 ح 1.
2- من نسخة «أ».
3- في نسخة «ج» رنجويه والصحيح ما أثبتناه راجع (تقريب التهذيب: 2/186).
4- في الأصل: قد كان.
5- عنه البرهان: 4/331 ح 2.

«62»

«سورة الجمعة»

«وفيها آيات»

الأولى: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (3)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم (1) (4، 5) (2) عنه البحار: 24/330 ح 53 والبرهان: 4/332 ح 7.(3) من الكافي، وفي الأصل: أحمد بن علي المستورد النخعي، ولم نجد له ذكرا في كتب الرجال والأحاديث.(4) من الكافي، وفي الأصل «فيقولون «بدل «فتقول».(5) من الكافي، وفي الأصل «فيقولون «بدل «فتقول».(6) من الكافي.


1- في نسخة «م» سليمان.
2- بن قيس الهلالي، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نحن الّذين بعث الله فينا رسولا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة
3- . وقوله تعالى: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (4) 2- جاء في تأويل هذه الآية: ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن [محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم]
4- عن المستورد النخعي، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن من الملائكة الّذين في سماء الدنيا ليطلعون إلى الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ). [قال]
5- فتقول: أما ترون [إلى]
6- هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوهم يصفون فضل آل محمّد؟ فتقول الطائفة الأخرى [من الملائكة]

والله ذو الفضل العظيم» (1).

وقوله تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (2) في نسخة «ج» بن.(3) في البرهان: وضحكوا. (4) عنه البرهان: 4/335 ح 2.(5) في نسختي «أ، م» أحمد بن محمّد بن سيار عن محمّد بن سيار.(6) في نسخة «ج» الحسين.(7) كذا في البرهان وهو الصحيح وان كان في جميع النسخ عمر، راجع كتب الرجال.(8) ليس في نسخة «ج».(9) عنه البرهان: 4/335 ح 3، وما بين القوسين ليس في نسخة «أ».


1- الكافي: 2/187 ح 4 و ج 8/334 ح 521 وعنه الوسائل: 11/567 ح 4 والبحار: 74/260 ح 58 والبرهان: 4/333 ح 1.
2- 3- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن عبد الغفار بن محمّد، عن قيس بن الربيع، عن حصين، عن
3- سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله قال: ورد المدينة عير فيها تجارة من الشام، فضرب أهل المدينة بالدفوف، وفرحوا وضجوا
4- ودخلت والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على المنبر يخطب يوم الجمعة، فخرج الناس من المسجد وتركوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قائما، ولم يبق معه في المسجد إلا إثنا عشر رجلا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) منهم
5- . 4- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بن سيار
6- عن محمّد بن خالد، عن الحسن
7- بن سيف بن عميرة، عن عبد الكريم بن عمرو
8- عن جعفر بن الأحمر بن سيار، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) قال: انفضّوا (عنه)
9- إلا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فأنزل الله عزّ وجلّ (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)

«63»

«سورة المنافقون»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة» (1)

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ - إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)

1- ذكر الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)- في تأويل قوله تعالى «إذا جاءك المنافقون- إلى قوله- إن الله لا يهدي القوم الفاسقين)

قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم)؟

قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه- صلوات الله عليهما- منافقا، وجعل من جحد إمامته كمن جحد نبوة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأنزل بذلك قرآنا فقال: يا محمّد (إذا جاءك المنافقون- بولاية وصيك- قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسول الله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون- بولاية وصيك- اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله- والسبيل هو الوصي- إنهم ساء ما كانوا يعملون ذلك بأنهم آمنوا- برسالتك- ثم كفروا- بولاية وصيك- فطبع- الله (2)- على قلوبهم فهم لا يفقهون)

قلت: ما معنى «(لا) (3) يفقهون-؟ قال: (لا) (4) يعقلون بنبوتك [قلت] (5)- وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم- يعني (6) إذا قيل لهم: ارجعوا إلى

ص: 694


1- ليس في نسخة «م»، وفي نسخة «ج» وفيها آيات.
2- ليس في نسختي «أ، م».
3- ليس في نسخة «م».
4- ليس في نسخة «م».
5- من الكافي والبحار.
6- في الكافي «قال: و» بدل «يعنى».

ولاية عليّ، يستغفر لكم رسول الله من ذنوبكم لووا رؤوسهم- ورأيتهم يصدون- عن ولاية علي- وهم مستكبرون» عليه.

ثم عطف [القول من] (1) الله عزّ وجلّ بمعرفته(2) بهم فقال (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) يقول: الظالمين لوصيك (3).

وجاء في تأويل وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ

2- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أبي الأزهر، عن الزبير بن بكار عن بعض أصحابه قال: قال رجل للحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن فيك كبرا.

فقال: كلFا، الكبر لله وحده، ولكن في عزة، قال الله عزّ وجلّ (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (4).

«64»

«سورة التغابن»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)

1- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد (عن الحسن بن محبوب) (5) عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ (فمنكم كافر ومنكم مؤمن)؟

ص: 695


1- من الكافي.
2- في نسختي «ب، ج» معرفته.
3- الكافي: 1/432 قطعة من ح 91، وعنه البحار: 24/446 ح 59 والبرهان: 4/337 ح 1.
4- عنه البحار: 24/325 ح 40، و ج 44/198 ح 13 والبرهان: 4/339 ح 7.
5- ليس في نسخة «ج».

قال: عرف الله إيمانهم بولايتنا، وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر

في صلب آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

وقوله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)

2- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله) عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس، قال: حدّثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (فأمنوا بالله ورسوله والنور الّذي أنزلنا).

فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمّة من آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الّذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات والأرض.

والله يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله عزّ وجلّ نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم.

والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد و [لا] (2) يتولانا حتّى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتّى يسلم [لنا] (3) ويكون سلما [لنا] (4) فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة (5) الأكبر (6).

وقوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)

3- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال:

سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ

ص: 696


1- الكافي: 1/413 ح 4 وعنه البحار: 23/380 ح 68 والبرهان: 4/340 ح 1 وأخرجه في البحار: 60/284 عن الكافي وتفسير القمي: 682 ورواه في مختصر البصائر: 169 نقلا من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب.
2- من نسخة «أ، ج، م».
3- من الكافي.
4- من الكافي.
5- كذا في الكافي، وفي الأصل: يوم الفزع.
6- الكافي: 1/194 ح 1 وعنه البرهان: 4/341 ح 2، وفي البحار: 23/308 ح 5 عنه وعن تفسير القمي: 673، وأورده في مختصر البصائر: 96 مثله.

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).

فقال: أما والله ما هلك من (كان قبلكم، وما هلك من هلك) (1) حتّى يقوم قائمنا إلا في ترك ولايتنا وجحد (2) حقنا، و (أيم الله) (3) ما خرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من الدنيا حتّى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا «والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم»(4).

«66»

«سورة التحريم»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النبيّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)

سبب نزول هذه الآيات: أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أسر إلى عائشة وحفصة حديثا وهو: أن أبا بكر وعمر يليان الامر من بعده بالقهر والغلبة، فلمّا أسر إليهما ذلك عرفت كل واحدة أباها وأفشت سر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

فأنزل الله على رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يخبره بما فعلتا ويعرفهما بأنهما إن تابتا مما فعلتاه.

(فقد صغت قلوبهما (5)- أي مالت إلى الهدى وعدلت إلى الرشاد- وإن تظاهرا عليه- أي على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أي تتقويا- فإن الله هو مولاه- أي ناصره ومؤيده- وكذلك- جبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير).

ص: 697


1- كذا في الكافي، وفي الأصل هكذا: من هلك قبلكم ولا يهلك من يهلك.
2- في الكافي: جحود.
3- ليس في الكافي.
4- الكافي: 1/426 ح 74 وعنه البحار: 23/370 ح 68 والبرهان: 4/340 ح 2 والآية الأخيرة من سورة البقرة: 213.
5- في نسخة «ج» قلوبكما.

وصالح المؤمنين: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما رواه:

محمّد بن العباس (رحمه الله)- من طريق العام والخاص أورد في تفسيره هذا المنقول (منه) (1) اثنين وخمسين حديثا اخترنا منها بعضها- قال:

1- حدّثنا جعفر بن محمّد الحسيني، عن عيسى بن مهران، عن محول (2) بن إبراهيم، عن عبد الرحمان بن الأسود، عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبد الله بن أبي رافع، قال:

لما كان اليوم الّذي توفي فيه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) غشي عليه ثم أفاق، وأنا أبكي واقبل يديه وأقول: من لي ولولدي بعدك يا رسول الله؟

قال: لك الله بعدي ووصيّي صالح المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

2- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن سهل القطان، عن عبد الله بن محمّد البلوي عن إبراهيم بن عبيد الله [بن] (4) العلا، عن سعيد بن يربوع (5) عن أبيه، عن عمّار

ابن ياسر (رضي الله عنه) قال: سمعت عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول:

دعاني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: ألا أبشرك؟ قلت: بلى يا رسول الله وما زلت مبشرا

بالخير. قال: لقد أنزل الله فيك قرآنا.

قال: قلت: وما هو؟ يا رسول الله! قال: قرنت (6) بجبرئيل، ثم قرأ «وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير» فأنت والمؤمنون من بنيك الصالحون (7).

ص: 698


1- ليس في نسختي «ب، م».
2- في نسختي «أ، ب» محلول، وفي نسختي «ج، م» مخلول، وفي البحار: مخول، وماأثبتناه هو الصحيح، راجع معجم رجال السيد الخوئي.
3- عنه البحار: 36/29 ح 5 والبرهان: 4/353 ح 3.
4- في نسختي «ب، م» عبيد الله القلا، وفي نسخة «ج» عبيد القلا، وفي نسخة «أ» عبد الله القلا، وما أثبتناه من رجال السيد الخوئي.
5- في نسخة «م» مربوع.
6- في نسخة «م» قريت، وفي نسخة «ب» قرأت.
7- عنه البحار: 36/29 ح 6 والبرهان: 4/353 ح 4.

3- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عرف أصحابه (1) أمير المؤمنين مرتين:

وذلك أنه قال لهم: أتدرون من وليكم بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم (قال) (2): فان الله تبارك قد قال (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين)- يعني أمير المؤمنين- وهو وليكم بعدي.

والمرة الثانية: يوم غدير خم حين قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (3).

4- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبيد ومحمّد بن القاسم قالا: حدّثنا حسين ابن حكم، عن حسن بن حسين، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح (4) عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين)

قال: نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصّة (5).

وإنما أفرد جبرئيل من بين الملائكة وأمير المؤمنين من بين الناس لعلو شأنهما فأمّا جبرئيل فعطف الملائكة عليه، وأمّا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يشرك معه أحدا من الناس، فتلك فضيلة لم يسبق إليها، ولا قدر أحد من البشر عليها.

وهذا مثل قوله تعالى (هو الّذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (6).

والمؤمنون عبارة عنه لأنه أميرهم، وكما قيل: الناس ألف منهم بواحد، وواحد كألف إن أمر عنا، وقال الآخر: وليس لله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد.

ص: 699


1- أي لأصحابه.
2- ليس في نسخة «م».
3- عنه البحار: 36/29 ح 7 والبرهان: 4/353 ح 5 وكشف اليقين: 91.
4- في نسختي «أ، م» صالح وما أثبتناه هو الصحيح بقرينة بقية الموارد راجع فهرس أعلام كتابنا هذا والحديث ساقط من نسخة «ب».
5- عنه البحار: 36/30 ذ ح 7، والبرهان: 4/353 ح 6، وأخرجه في البحار: 36/30 ح 8 عن تفسير فرات: 185.
6- سورة الأنفال: 62.

5- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد ابن مالك، عن محمّد بن الحسين الصائغ، عن الحسن (1) بن عليّ بن أبي عثمان، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم)

قال: أئمّة المؤمنين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتّى ينزلوا منازلهم (2).

قوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)

6- قال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): هذا مثل ضربه الله سبحانه لأزواج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (اللواتي أفشين سره) حثا لهن على (التوبة و) الطاعة، وبيانا لهن أن مصاحبة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (ومماسته) مع مخالفته وإفشاء سره لا ينفعهن ذلك (3).

7- ويؤيده: ما روي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قوله تعالى (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين) الآية، مثل ضربه الله سبحانه لعائشة وحفصة، إذ تظاهرا على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأفشتا سره (4).

ولمّا بين سبحانه حالهما وعاقبة أمرهما في المثل الّذي ضربه لهما وللذين كفروا، ضرب الله مثلا آخر للذين آمنوا فقال سبحانه:

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

8- تأويله: جاء في رواية (5) محمّد بن علي عن عليّ بن الحكم، عن سيف

ص: 700


1- كذا في المصدر وهو الصحيح راجع كتب الرجال، وفي الأصل: الحسين.
2- تفسير القمي: 689 وعنه نور الثقلين: 5/375 ح 35، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
3- مجمع البيان: 10/319، وكل ما بين الأقواس ليس في المجمع.
4- عنه البرهان: 4/358 ح 2.
5- ذكر الخونساري سند الحديث عن الكليني (رحمه الله) ولم نجده في الكافي.

ابن عميرة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) الآية، أنه قال:

هذا مثل ضربه الله لرقية بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) التي تزوجها عثمان بن عفان قال: وقوله (ونجني من فرعون وعمله) يعني من الثالث وعمله.

وقوله (ونجني من القوم الظالمين) يعني به بني أمية (1).

ولما تمّ القول على المثل المضروب للذين آمنوا قال سبحانه وتعالى:

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)

9- تأويله: بالاسناد المتقدّم، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال:

«ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها» هذا مثل ضربه الله لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).

وقال: إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذريتها على النار (2).

10- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمّد السياري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها) قال:

هذا مثل ضربه الله لفاطمة بنت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلى أهل بيته وسلم تسليما (3).

ص: 701


1- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/358 ح 1.
2- عنه البرهان: 4/358 ح 2،
3- عنه البرهان: 4/358 ح 3.

«67»

«سورة الملك»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)

تأويله: أن هذا مثل ضربه الله سبحانه للعقلاء يقول تعالى: أي الرجلين أهدى إلى سبيل الحق الموصل إلى الجنّة، الّذي «يمشى مكبا على وجهه» بولاية الظالمين، أو الّذي «يمشي سويا على صراط مستقيم» بولاية أمير المؤمنين.

صلوات الله عليه وعلى ذريته المعصومين.

1- لما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد (1) عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم)؟

قال: إن الله سبحانه ضرب مثلا: من حاد عن ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كمن يمشي (مكبا) (2) على وجهه لا يهتدي لامره، وجعل من تبعه (كمن يمشي) (3) سويا على صراط مستقيم.

والصراط (المستقيم) (4) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

2- ويؤيده ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمّد بن سماعة، عن صالح بن خالد (6) عن منصور، عن حريز (7) عن فضيل بن

ص: 702


1- كذا في الكافي، وفي الأصل: محمّد بن علي.
2- ليس في الكافي.
3- ليس في الكافي.
4- ليس في نسخة «م».
5- الكافي: 1/433 ذ ح 91 وعنه البحار: 67/57 والبرهان: 4/363 ح 1.
6- في نسخة «ج» ميثم.
7- في نسختي «أ، م» والبحار: منصور بن جرير.

يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: تلا هذه الآية (وهو ينظر إلى الناس) (1) (أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم).

يعني والله عليا والأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

3- ويعضده ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) [عن عليّ بن محمّد] عن عليّ بن الحسن، عن منصور، عن حريز (3) بن عبد الله، عن الفضيل قال: دخلت مع أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) المسجد الحرام وهو متكئ علي فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة، فقال:

يا فضيل هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، لا يعرفون حقا ولا يدينون دينا.

يا فضيل أنظر إليهم فإنهم منكبون على وجوههم لعنهم الله من خلق ممسوخ (4) بهم منكبين على وجوههم، ثم تلا هذه الآية (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) يعني والله عليا والأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) (من ولده) (5) ثم تلا هذه الآية (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون) أمير المؤمنين.

يا فضيل لم يسم بهذا الاسم غير علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلا مفتر كذاب إلى يوم القيامة (6). أما والله يا فضيل ما لله حاج غيركم ولا يغفر الذنوب إلا لكم ولا يتقبل إلا منكم وإنكم لأهل هذه الآية (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) (7).

يا فضيل أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا (أيديكم) (8)

ص: 703


1- ليس في البحار.
2- عنه البحار: 24/22 ح 45 والبرهان: 4/363 ح 2.
3- في نسخة «م» جرير.
4- في الكافي: مسخور.
5- ليس في الكافي.
6- في الكافي «يوم البأس هذا «بدل «يوم القيامة»، وفي نسخة «ب» إلى يوم الناس فهومصحف البأس.
7- سورة النساء: 31.
8- ليس في الكافي.

وألسنتكم وتدخلوا الجنّة ؟ ثم قرأ (ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (1) أنتم والله أهل هذه الآية (2).

أي الّذي (3) يتبعهم ويتولاهم ويهتدي بهداهم هو الّذي «يمشي سويا على صراط مستقيم»، يوصله إلى جنات النعيم.

وقوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)

معناه: أن الكفار لما رأوا قرب الوصي من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) سيئت وجوههم، أي اسودت وظهر عليها آثار الحزن والكآبة.

4- وأمّا تأويله: فهو ما رواته محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن حسن (4) بن محمّد، عن محمّد بن علي الكناني، عن حسين بن وهب الأسدي، عن عبيس بن هشام (5) عن داود بن سرحان قال: سألت جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون)؟

قال: ذلك علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا رأوا منزلته ومكانه من الله أكلوا أكفهم على ما فرطوا في ولايته (6).

5- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن يزيد، عن إسماعيل بن عامر، عن شريك، عن الأعمش في قوله عزّ وجلّ (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون)

ص: 704


1- سورة النساء: 77.
2- الكافي: 8/288 ح 434 وعنه البحار: 24/315 ح 19 والبرهان: 4/363 ح 3 انظر حديث 7.
3- في نسختي «ب، م» الّذين، وفي نسخة «ج» والّذي.
4- في نسخة «ب» حسين
5- في نسخة «أ» عنبس بن هاشم، وفي نسخة «م» عنيس بن هاشم، وفي البحار: عيسى بن هشام.
6- عنه البحار: 36/165 ح 148 والبرهان: 4/365 ح 4 ورواه فرات في تفسيره: 186 وعنه البحار: 36/67 ح 11.

قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

6- وقال أيضا: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن زكريا بن يحيى الساجي عن عبد الله بن الحسين الأشقر (2) عن ربيعة الخياط، عن شريك، عن الأعمش في قوله عزّ وجلّ (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا)

قال: لما رأوا ما لعليّ بن أبي طالب من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من قرب المنزلة «سيئت وجوه الّذين كفروا» (3).

7- وقال أيضا: حدّثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن صالح بن خالد عن منصور عن (4) حريز، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: تلا هذه الآية (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون).

ثمّ قال: أتدري ما رأوا؟ رأوا والله عليا مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقربه منه.

(وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون)؟ أي تسمون بأمير المؤمنين (5) (عَلَيهِ السَّلَامُ).

يا فضيل لم يتسمّ بها (6) أحد غير أمير المؤمنين إلا مفتر كذاب إلى يوم البأس (7) هذا (8).

8- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن إسماعيل بن سهل، عن القاسم بن عروة عن أبي السفاتج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (فلمّا رأوه زلفة

ص: 705


1- عنه البحار: 36/68 ح 12 والبرهان: 4/365 ح 5.
2- في نسخة «ج» الأشعري.
3- عنه البحار: 36/68 ح 13 والبرهان: 4/365 ح 6 واللوامع: 464.
4- في نسختي «أ، م» بن، والصحيح ما أثبتناه.
5- في نسختي «أ، م» يتسمون به أمير المؤمنين.
6- في البحار: بهذا.
7- في نسختي «ج، م» الناس وهو مصحف البأس، وفي نسخة «أ» القيامة.
8- عنه البحار: 36/68 ح 14 والبرهان: 4/365 ح 7، وأخرجه في البحار: 37/318 ح52 عن كشف اليقين: 92 وعنه المستدرك: 2/234 ح 7 انظر حديث 3.

سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون)

قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الّذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أغبط الأماكن لهم فيسئ (1) وجوههم فيقال «هذا الّذي كنتم به تدعون «(قال): (2) هذا الّذي انتحلتم اسمه (3).

فقوله «أصحابه الّذين عملوا ما عملوا» يعني أعداءه الّذين انتحلوا اسمه.

9- وروى أيضا: عن رجاله باسناده مرفوعا عن يوسف بن أبي سعيد (4) قال: كنت عند أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذات يوم فقال:

إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق كان نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) أول من يدعى فيقال له: هل بلغت؟ فيقول نعم. فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: فيخرج نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيتخطّى الناس حتّى يجئ إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو على كثيب المسك ومعه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قوله تعالى (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدعون).

فيقول نوح (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا محمّد إن الله تبارك وتعالى سألني: هل بلغت؟

فقلت: نعم. فقال: من يشهد لك؟ قلت: محمّد.

فيقول محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا جعفر ويا حمزة اذهبا فاشهدا أنه قد بلّغ.

[فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):] (5) فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) إنهم قد بلغوا.

فقلت: (6) جعلت فداك، فعلي أين هو؟ فقال: هو أعظم منزلة من ذلك (7).

ص: 706


1- كذا في الكافي، وفي نسخ الأصل: فتسود.
2- ليس في نسخة «ج».
3- الكافي: 1/425 ح 68 وعنه البحار: 24/268 ح 36 والبرهان: 4/364 ح 1 وأخرجه في البحار: 39/227 عن المناقب لابن شهرآشوب: 3/34.
4- كذا في الكافي، وفي نسخة «أ» سيف بن أبي سعيدة، وفي نسخة «ج» سيف بن أبي سعيد، وفي نسخة «ب» يوسف بن سعيد، وفي نسخة «م» يوسف بن أبي سعيدة.
5- من الكافي.
6- كذا في الكافي، وفي نسخ الأصل: قال: قلت.
7- الكافي: 8/267 ح 392 وعنه البحار: 7/282 ح 4 والبرهان: 4/364 ح 2.

وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)

10- تأويله: ما روي عن عليّ بن أسباط (عن عليّ بن أبي حمزة) (1) عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا)؟

قال: هذه الآية مما غيروا وحرفوا، ما كان الله ليهلك محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- ولا من كان معه من المؤمنين- وهو خير ولد آدم، ولكن قال الله عزّ وجلّ «قل أرأيتم إن أهلككم الله جميعا ورحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم»(2).

11- ويؤيده: ما روى عن محمّد البرقي يرفعه عن عبد الرحمان بن سالم الأشل (3) قال: قيل لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) «قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا».

قال: ما أنزل [ها] (4) الله هكذا «وما كان الله ليهلك نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومن معه» ولكن أنزلها «قل أرأيتم إن أهلككم الله ومن معكم ونجاني ومن معي فمن يجير الكافرين من عذاب اليم». (5).

ثمّ قال سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يقول لهم: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29)

12- تأويله: رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (فستعلمون من هو في ضلال مبين) (قال «فستعلمون») (6) يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم برسالة ربي و [في] (7)

ص: 707


1- سقط من نسخة «ج».
2- عنه البحار: 92/55 ح 27 والبرهان: 4/365 ح 2.
3- في نسخة «أ» الأسل، وفي نسخة «ب» الأشهل، وفي الأصل والبحار: سلام، وما أثبتناه هو الصحيح راجع رجال السيد الخوئي: 9/341.
4- من البحار.
5- عنه البحار: 92/56 ح 28 والبرهان: 4/365 ح 3.
6- ليس في الكافي
7- من الكافي.

ولاية عليّ والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من بعده (فأبيتم وكذبتم «فستعلمون) (1) من هو في ضلال مبين» [كذا أنزلت] (2).

ولمّا نبأهم أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو الامام وأن ولايته مفترضة على سائر الأنام، قال لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن يقول لهم: إنهم إذا فقدوه من يأتيهم بإمام غيره؟ على ما رواه:

13- المفيد (قدس الله روحه) عن رجاله باسناده، عن [موسى بن القاسم بن] (3) معاوية البجلي، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: ما تأويل هذه الآية (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين)؟

فقال: تأويله: إن فقدتم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد؟ (4).

14- عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) [عن محمّد بن جعفر] (5) عن محمّد بن أحمد، عن القاسم بن العلا (6) عن إسماعيل بن علي الفزاري، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة ابن أيوب، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال «ماؤكم»أبوابكم. أي الأئمّة (والأئمّة) (7) أبواب الله بينه وبين خلقه.

«فمن يأتيكم بماء معين» يعني بعلم الامام (8).

15- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن القاسم

ص: 708


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 1/421 ح 45 وعنه البحار: 23/378 ح 60 والبرهان: 4/365 ح 1، وأخرجه في البحار: 35/57 ح 12 عن المناقب لابن شهرآشوب: 2/301 وما بين المعقوفين من الكافي.
3- من الكافي.
4- عنه البرهان: 4/367 ح 7 و ح 4 عن الكافي: 1/339 ح 14 مع اختلاف، وأورده محمّد ابن إبراهيم النعماني في غيبته 176 ح 17 (بنفس السند) فهو المراد بالمفيد في المتن.
5- من تفسير القمي والبرهان.
6- كذا في القمي والبرهان والرجال، وفي الأصل «محمّد».
7- ليس في القمي.
8- تفسير القمي: 690 وعنه البحار: 24/100 ح 1 و ج 51/50 ح 21 والبرهان: 4/366 ح 3، ونقلنا هذه الرواية من نسخة «أ».

عن أحمد بن محمّد بن سيار (1) عن محمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ «قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين)

قال: إن غاب إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد (2).

بيان: معنى تأويل هذه الآيات: أن الله سبحانه لما قال (فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا) يعني لما رأوا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قريبا من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (حسدوه وتربصوا بهما الهلاك جميعا فقال سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) (3) (قل أرءيتم إن أهلكني الله ومن معي- يعني أمير المؤمنين- أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم) في الدنيا (من) (4) القتل وفي الآخرة (من) (5) النار.

ثمّ قال له: قل لهم (هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا- أنا وعلي- فستعلمون من هو في ضلال مبين) أنحن أم أنتم معشر المكذبين؟

ثمّ قال له: قل لهم (أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورا- أي غائرا غائبا- فمن يأتيكم بماء معين) يعني بإمام جديد غيره، وإنما كنى به عن الماء على سبيل المجاز.

16- وجاء في الزيارة الجامعة: يا من حبّهم (6) كالماء العذب على الظماء (7).

ولقوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شئ حي) (8) والأئمّة يحيى بهم كل شئ ومن أجلهم خلق الله كل شئ كما جاء في الدعاء:

«سبحان من خلق الدنيا والآخرة وما سكن في الليل والنهار لمحمّد وآل

ص: 709


1- في نسختي «أ، م» يسار، وفي البرهان: سنان.
2- عنه البحار: 24/100 ح 3 والبرهان: 4/367 ح 6 ورواه السياري في قراءاته عن النضر بن سويد.
3- ليس في نسخة «ج».
4- ليس في نسخة «م».
5- ليس في نسخة «م».
6- كذا في مصباح الزائر والبحار، وفي الأصل: هم.
7- مصباح الزائر: 599 (مخطوط) الزيارة الثامنة وعنه البحار: 102/188.
8- سورة الأنبياء 30.

محمّد» (1)، صلوات الله عليهم أجمعين في كل زمان وكل حين.

«68»

«سورة القلم»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيْيِكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)

تأويله: إن الله سبحانه وتعالى أقسم بنون والقلم، ونون اسم للنبي.

والقلم اسم لعلي- صلى الله عليهما وعلى ذريتهما-:

1- لما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي (رحمه الله) عن رجاله باسناده (ه) (2) يرفعه إلى محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (ن والقلم وما يسطرون)؟

فالنون اسم لرسول الله و «القلم»اسم لأمير المؤمنين. (3) صلوات الله عليهما وعلى ذرّيتهما.

وهذا موافق لما جاء من أسمائه في القرآن مثل «طه «و «يس «و «ص «و «ق «وغير ذلك وسمي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالقلم لما في القلم من المنافع للخلق، إذ هو أحد لساني (4) الانسان يؤدي عنه ما في جنانه ويبلغ البعيد (عنه) (5) ما يبلغ القريب بلسان وبه تحفظ أحكام الدين، وتستقيم أمور العالمين، وكذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 710


1- عنه البحار: 24/399، ويأتي في سورة الليل ح 6، وفي الخاتمة ح 10.
2- ليس في نسختي «ج، م».
3- عنه البحار: 36/165 ح 149، وأخرجه في البرهان: 4/368 ح 8 عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي.
4- في نسختي «ج، م» لسان.
5- ليس في نسخة «ب».

وقيل: إن قوام الدنيا والدين بشيئين: القلم والسيف، والسيف يخدم القلم.

وقد نظم بعض الشعراء فأحسن فيما قال:

إن يخدم القلم السيف الّذي خضعت *** له الرقاب ودانت (1) حذره الأمم

فالموت- والموت لا شئ بغالبه- *** ما زال يتبع ما يجري به القلم

وإن شئت جعلت تسميته مجازا، أي صاحب القلم وصاحب السيف، اللذان بهما قوام الدين والدنيا، كما تقدّم وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كذلك.

2- تأويل آخر: رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) عن عبد العزيز بن يحيى عن عمرو بن محمّد بن تركي (2) عن محمّد بن الفضل، عن محمّد بن شعيب، عن دلهم ابن صالح، عن الضحاك بن مزاحم قال: لما رأت قريش تقديم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و إعظامه له، نالوا من علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقالوا: قد افتتن [به] (3) محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأنزل الله تبارك و تعالى (ن والقلم وما يسطرون- قسم أقسم الله تعالى به- ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).

و «سبيله» عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

3- وروى أيضا، عن عليّ بن العباس، عن حسن بن محمّد، عن يوسف بن كليب، عن خالد، عن حفص بن عمر، عن حنان، عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما أخذ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فرفعها وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال أناس: (5)

ص: 711


1- في نسخة «ج» وذلت.
2- لم نجده في الرجال، وفي ص 433: زكى، وفي ص 515: عمر، وفي غاية المرام: عمرو بن محمّد بن الفضيل وفيه سقط.
3- من نسخة «م» والبحار.
4- عنه البحار: 24/25 ح 56 والبرهان: 4/370 ح 2.
5- في البحار: الناس.

إنما افتتن بابن عمه، فنزلت الآية (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) (1).

فعلى هذا التأويل تكون الآيات الآتية عقيب هذه الآيات المتقدّمة نزلت فيمن قال «قد افتتن بابن عمه» وهي قوله تعالى (فلا تطع المكذبين ودوا لو تدهن فيدهنون ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم).

وجاء في تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن أعداءهم المعنيون بذلك وهو:

4- ما روي عن محمّد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ولا تطع كل حلاف مهين- [الثاني] (2)- هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم)

قال: العتل: الكافر العظيم الكفر، والزنيم: ولد الزنا (3).

5- وروى محمّد البرقي، عن الأحمسي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله، إلا أنه زاد فيه: وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون).

فلقيه الثاني فقال له: (أنت الّذي تقول: كذا وكذا) (4) تعرض بي وبصاحبي؟

فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- ولم يعتذر إليه-: ألا أخبرك بما نزل في بني أمية؟

نزل فيهم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) (5)؟

قال: فكذّبه وقال له: هم (6) خير منك، وأوصل للرحم (7).

ص: 712


1- عنه البحار: 36/165 ح 150 والبرهان: 4/380 ح 3.
2- من نسخة «ج»، وفي نسخة «أ» يعنى الثاني.
3- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/370 ح 6.
4- ليس في البحار.
5- سورة محمّد «ص»: 22.
6- في نسخة «ج» وهم، وفي البحار: منكم بدل «منك».
7- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/370 ح 7.

[وروى عليّ بن إبراهيم مثل ذلك وبمعناه] (1).

كذب، عليه من الله ما يستحق جزاء مستمرا سرمدا بكرة ومساءا.

وقوله تعالى: وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)

6- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا حسن (2) بن أحمد المالكي، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن سنان عن حسان (3) الجمال قال: حملت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المدينة إلى مكة، فلمّا بلغ غدير خم نظر إلي. وقال: هذا موضع قدم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حين أخذ بيد علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال «من كنت مولاه فعلي مولاه» وكان عن يمين الفسطاط أربعة نفر من قريش - سماهم لي-.

فلمّا نظروا إليه وقد رفع يده حتّى بان بياض إبطيه، قالوا:

انظروا إلى عينيه قد انقلبتا كأنهما عينا مجنون! فأتاه جبرئيل فقال: اقرأ (وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين) والذكر: عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقلت: الحمد لله الّذي أسمعني هذا منك. فقال:

لولا أنك جمالي (4) لما حدّثتك بهذا، لأنك لا تصدق إذا رويت عني (5).

ص: 713


1- تفسير القمي: 690، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
2- في نسخة «ج» (حسين- خ ل).
3- في نسخ «أ، ب، م» الحسين، وفي نسخة «ج» الحسان (الحسين- خ ل-).
4- في نسختي «أ، م» جمال.
5- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) و ج 37/221 ح 89 والبرهان: 4/374 ح 2 وأخرجه في الوسائل: 3/548 ح 1 عن الكافي: 4/566 ح 2 والتهذيب: 3/263 ح 66 مع اختلاف يسير.

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) ما يقارب ذلك، وبمعناه] (1).

«69»

«سورة الحاقة»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)

1- تأويله: ما رواه محمّد البرقي، عن [الحسين بن] (2) سيف بن عميرة، عن أخيه، عن منصور بن حازم، عن حمران قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ «وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة».

قال «وجاء فرعون- يعني الثالث- ومن قبله- الأولين- والمؤتفكات- أهل البصرة- بالخاطئة «الحميراء (3).

2- وبالاسناد عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله، قال «وجاء فرعون- يعني الثالث- ومن قبله- يعني الأولين- والمؤتفكات بالخاطئة «يعني ع أي ش ة (4).

فمعنى قوله (وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة) (أي المخطئة) (5) في أقوالها وأفعالها وكل خطأ وقع فإنه منسوب إليها، وكيف جاؤوا بها بمعنى أنهم وثبوا بها (6) وسنوا لها الخلاف لمولاها، ووزر ذلك عليهم وفعل من تابعها (7) إلى يوم القيامة.

ص: 714


1- تفسير القمي: 693، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
2- أثبتناه بحسب طبقة الرواة فإنه لم يرو البرقي عن سيف، بل روى عن الحسين، على أن «سيف» لم يرو عن أخيه، بل الحسين روى عن أخيه.
3- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/375 ح 1.
4- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر).
5- ليس في نسخة «ب» والبحار.
6- في نسختي «ج، م» وثبوها.
7- في نسخة «م» بايعها.

وقوله «والمؤتفكات» أهل البصرة.

فقد جاء في كلام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأهل البصرة: يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا (1) وعلى الله تمام الرابعة، ومعنى إئتفكت بأهلها أي خسفت بهم (2).

وقوله تعالى: وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (1)

تأويله: أورد فيه محمّد بن العباس ثلاثين حديثا عن الخاص والعام فمما اخترناه:

3- ما رواه عن محمّد بن سهل القطان، عن أحمد بن عمر الدهقان، عن محمّد ابن كثير، عن الحارث بن حصيرة (3)، عن أبي داود، عن أبي بريدة قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إني سالت الله ربي أن يجعل لعلي أذنا واعية.

فقيل لي: قد فعل ذلك به (4).

4- ومنها ما رواه عن محمّد بن جرير الطبري، عن عبد الله بن أحمد المروزي، عن يحيى بن صالح، عن عليّ بن حوشب الفزاري، عن مكحول في قوله عزّ وجلّ (وتعيها أذن واعية)؟ قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): سألت الله أن يجعلها أذن علي. قال: وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما سمعت من رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شيئا إلا حفظته ولم أنسه (5).

5- ومنها ما رواه عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمان، عن سالم الأشل، عن سعد (6) بن طريف، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وتعيها أذن واعية) قال: الاذن الواعية: أذن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (وعى قول

ص: 715


1- في نسخة «ب» والبحار: ثلاث مرات.
2- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/375 ح 1، وأخرجه في البحار: 8 /447 و ج 60/39 ح 3 عن شرح النهج لابن ميثم: 1/289.
3- في نسخة «ب» حضيرة.
4- عنه البحار: 35/329 ح 7 والبرهان: 4/376 ح 4.
5- عنه البحار: 35/329 ح 8 والبرهان: 4/376 ح 5.
6- في نسخ «أ، ج، م»سالم، وفي نسخة «ب» سالم بن ظريف.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو حجة الله على خلقه، من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصى الله) (1).

6- ومنها ما رواه أيضا عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن إسماعيل بن بشار، عن عليّ بن جعفر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد ابن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: جاء رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو في منزله فقال: يا عليّ نزلت علي الليلة هذه الآية (وتعيها أذن واعية) وإني سألت ربي أن يجعلها أذنك - اللّهمّ اجعلها أذن علي- ففعل (2).

وقوله تعالى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)

التأويل: جاء في قوله تعالى (الّذين يحملون العرش ومن حوله) (3):

7- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن أحمد ابن الحسين العلوي، عن محمّد بن حاتم (4) عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت (5) أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قول الله عزّ وجلّ (الّذين يحملون العرش ومن حوله) قال: يعني محمّدا وعليا والحسن والحسين ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، صلوات الله عليهم أجمعين (6) يعني أن هؤلاء الّذين حول العرش.

8- وذكر الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في «كتاب الاعتقاد» قال: وأمّا العرش الّذي هو العلم فحملته أربعة من الأولين، وأربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة من الأولين، فنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وأمّا الأربعة من الآخرين: فمحمّد، وعلى، والحسن، والحسين، صلوات الله عليهم.

ص: 716


1- عنه البحار: 35/329 ح 9 والبرهان: 4/376 ح 6، وما بين القوسين ليس في البحار ونسخة «أ».
2- عنه البحار: 35/329 ح 10 والبرهان: 4/376 ح 7.
3- سورة المؤمن (غافر) 7.
4- في نسختي «ب، م» خاتم.
5- في نسخة «ج» سمعت (سألت- خ ل-).
6- عنه البحار: 24/90 ح 8 و ج 58/35 ح 56 والبرهان: 4/91 ح 6 وص 377 ح 4.

هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

وقوله تعالى: فأمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)

9- تأويله: نقله ابن مردويه عن رجاله، عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: في قوله عزّ وجلّ (فأمّا من أوتي كتابه بيمينه- إلى قوله- الخالية) هو علي ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

وقال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

10- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن كثير بن عياش (4) عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (فأمّا من أوتي كتابه بيمينه) إلى آخر الكلام نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجرت لأهل الايمان مثلا (5).

11- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد، عن عمرو (6) بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه)

ص: 717


1- الاعتقادات المطبوع في آخر باب حادي عشر: 75 وعنه البحار: 24/91 ح 11 والبرهان: 4/377 ح 5، وأخرجه في البحار: 58/27 ح 43 والبرهان: 4/377 ح 7 عن تفسير القمي: 694 مثله.
2- عنه البحار: 36/130 ح 79، وفي ص 70 ح 18 عن كشف الغمة: 1/324، وأخرجه في البرهان: 4/378 ح 6 عن ابن مردويه.
3- عنه البرهان: 4/378 ح 5، ولم نجده في تفسير القمي.
4- في نسخة «ب» عباس.
5- عنه البحار: 36/65 ح 5 وص 130 ح 79 والبرهان: 4/377 ح 1.
6- في نسخة «أ» عمر.

قال: هذا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

ومعنى قوله «هاؤم اقرأوا كتابيه «هذا أمر منه للملائكة، معناه: هاكم أي خذوا كتابي، اقرأوه فإنكم لا ترون فيه شيئا غير الطاعات.

12- ويؤيده: ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) باسناده يرفعه إلى محمّد بن عمار بن ثابت، عن أبيه قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: إن حافظي عليّ بن أبي طالب ليفتخران على سائر الحفظة لكونهما مع علي (وذلك أنهما لم يصعدا) (2) إلى الله بشئ [منه] (3) يسخطه (4).

قوله تعالى: وأمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27 مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)

معناه: ذكره أبو علي الطبرسي (رحمه الله) قال «وأمّا من أوتي كتابه بشماله - أي صحيفة أعماله- فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه- لما يرى فيه من قبيح (5) أعماله التي يسود منها وجهه- ولم أدر ما حسابيه- أي: أي شئ هو، إذ هو عليه، لا له- يا ليتها كانت القاضية- يتمنى أن الموتة الأولى قضت بعدم الإعادة وأن لم يبعث للحساب- هلك عني سلطانيه «أي حجتي، وما كنت أعتقده حجة، وسلطاني وملكي

ص: 718


1- عنه البحار: 36/65 ح 6 وص 130 ذ ح 79 والبرهان: 4/377 ح 2.
2- كذا في المصباح، وفي نسختي «ج، م» ولأنهما لا يصعدان.
3- من مناقب الخوارزمي والبحار والبرهان.
4- مصباح الأنوار: 89 (مخطوط)، وأخرجه في البحار: 38/65 ح 3 عن علل الشرائع: 1/ 8 ح 5 والطرائف: 79 ح 111 وفي البرهان: 4/378 ح 7 و 8 عن العلل ومناقبالخوارزمي: 225، وفي البحار: 40/43 ملحق ح 80 عن الروضة لابن شاذان: 25وأورده في إحقاق الحق: 6/97 من عدة طرق.
5- في المجمع: قبائح.

في الدنيا قد ذهب عني فلا سلطان لي اليوم.

ثم أخبر سبحانه ما جواب كلامه وهو أن يقال للزبانية «خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه- أي أدخلوه النار العظيمة وألزموه إياها- ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه «أي اجعلوه فيها. قيل: إنها تدخل في فيه وتخرج من دبره.

فعلى هذا إن السلسلة تسلك فيه وذلك سبيل القلب.

وقال نوف البكالي: إن كل ذراع من السلسلة سبعون باعا، والباع أبعد مما بيني وبين مكة. وكان في رحبة الكوفة.

قال سويد بن نجيح: إن جميع أهل النار في تلك السلسلة، ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرها (1).

13- وأمّا التأويل. ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره أن قوله عزّ وجلّ (وأمّا من أوتي كتابه بشماله) والآيات التي بعدها نزلت في معاوية (2).

وقال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن معاوية صاحب السلسلة، وهو فرعون هذه الأمة (3).

14- وروي عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مسكان (4) عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: نزلت سورة الحاقة في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي معاوية. عليه من الله جزاء ما عمله (5)

15- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن رجل، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: قوله عزّ وجلّ

ص: 719


1- مجمع البيان: 10/347 مع اختلاف، وعنه البحار: 7/83.
2- تفسير القمي: 694، وعنه البرهان: 4/379 ذ ح 1.
3- لم نجد الحديث في تفسير القمي بل وجدناه في الكافي: 4/243 ح 1 وعنه البحار: 8 /562 (طبع الحجر) والبرهان: 4/379 ح 1.
4- لم نجد في هذه الطبقة هذا الاسم في كتب الرجال والأحاديث وانما الموجود في الكشي هو من أصحاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
5- عنه البحار: 8/561 (طبع الحجر)، وفي نسختي «ج، م» جزاء عمله المعزى إليه.

(فأمّا من أوتي كتابه بيمينه) إلى آخر الآيات، وهو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

(وأمّا من أوتي كتابه بشماله) فالشامي لعنه الله (1).

وقوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)

16- تأويله: رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (إنه لقول رسول كريم) قال: يعني قول جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الله في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قلت «وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون «قال: قالوا: إن محمّدا كذب (2) على ربه وما أمره الله بهذا في علي، فأنزل الله عزّ وجلّ بذلك قرآنا فقال: إن ولاية علي (تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا- محمّد- بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).

ثم عطف القول فقال: إن ولاية علي (لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين- وإن عليا- لحسرة على الكافرين- وان ولايته- لحق اليقين فسبح- [يا محمّد] (3)- باسم ربك العظيم) يقول: اشكر ربك العظيم الّذي أعطاك هذا الفضل الجسيم (4).

17- وذكر محمّد بن العباس (رحمه الله)، في تأويل «فسبح باسم ربك العظيم»

ص: 720


1- عنه البحار: 8/561 (طبع الحجر) والبرهان: 4/377 ح 3.
2- في الكافي: كذاب.
3- من الكافي.
4- الكافي: 1/433 قطعة من ح 91 وعنه البحار: 24/337، وأورده في البرهان: 4/380 ح 1 عن الكليني بسند آخر إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولم نجده في الكافي.

تأويلا حسنا وهو: ما رواه عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير [عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري] (1) عن أم المقدام، عن جويرية بن مسهر قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد قتل الخوارج حتّى إذا صرنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر.

فنزل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونزل الناس فقال أمير المؤمنين: أيها الناس إن هذه أرض ملعونة وقد عذبت من الدهر ثلاث مرات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أول أرض عبد فيها وثن، إنه لا يحل لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها (2) فأمر الناس فمالوا إلى جنبي (3) الطريق يصلون، وركب بغلة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فمضى عليها.

قال جويرية: فقلت: والله لأتبعن أمير المؤمنين ولأقلدنه صلاتي اليوم.

قال: فمضيت خلفه، والله ما جزنا جسر سور حتّى غابت الشمس.

قال: فسببته أو هممت أن أسبه. قال:

فالتفت إلي وقال: يا جويرية! قلت: نعم يا أمير المؤمنين.

قال: فنزل ناحية فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا أحسبه إلا بالعبرانية.

ثم نادى بالصلاة قال: فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلى العصر وصليت معه، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان.

فالتفت إلي فقال: يا جويرية إن الله تبارك وتعالى يقول (فسبح باسم ربك العظيم) وإني سألت الله باسمه الأعظم فرد الله (4) علي الشمس (5).

ص: 721


1- من البحار، وهو موافق لما في كتب الرجال، وفي نسخة «ب» ابن أبي المقدام، وفي نسختي «ج، م» أبى المقدام.
2- في نسختي «ب، م» بها.
3- في نسختي «ج، م» جنب.
4- في نسختي «ب، م» فرد، وفي نسختي «أ، ج «فردت، وما أثبتناه من العلل والبصائر.
5- عنه البحار: 41/167 ح 3 وعن علل الشرائع: 352 ح 4 وبصائر الدرجات: 219 ح14 باسنادهما عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الانصاري عن ام المقدام الثقفية والفضائل الشاذان: 90 مرسلاً والروضة له: 30 يرفعه عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وله تخريجات أخر تركناها للاختصار.

«70»

«سورة المعارج»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن محمّد بن مخلد، عن الحسن بن القاسم، عن عمر بن الحسن، عن آدم بن حماد، عن حسين ابن محمّد قال: سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عزّ وجلّ (سأل سائل) فيمن نزلت؟

فقال: يا بن أخي لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) عن مثل الّذي سألتني (1) فقال: أخبرني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لما كان يوم غدير خم قام رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خطيبا.

[فأوجز في خطبته] (2) ثم دعا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ بضبعيه ثم رفع بيده حتّى رئي بياض إبطيه وقال للناس: ألم أبلغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللّهمّ نعم. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: ففشت هذه في الناس، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فرحل راحلته، ثم استوى عليها ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إذ ذاك في الأبطح (3) فأناخ ناقته ثم عقلها ثم أتى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فسلم ثمّ قال:

يا عبد الله إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله فقلنا (4) ثم دعوتنا إلى أن نقول: إنك رسول الله فقلنا (5) وفي القلب ما فيه، ثم قلت لنا: صلوا فصلينا، ثم

ص: 722


1- في نسختي «ج، م» قلت.
2- من نسخة «ب».
3- في نسختي «ب، م» بالأبطح.
4- في نسختي «ج، م» ففعلنا.
5- في نسختي «ج، م» ففعلنا.

قلت لنا: صوموا فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهمّ وال من ولاه وعاد من عاداه، فهذا عنك أو (1) عن الله؟!

فقال له: بل عن الله. فقالها «ثلاثا».

فنهض وإنّه لمغضب وإنّه يقول: اللّهمّ إن كان ما يقول محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا، وإن كان ما يقول (محمّد) (2) كذبا فأنزل به نقمتك. ثم استوى على ناقته فأثارها [فلمّا خرج من الأبطح] (3) رماه الله بحجر على رأسه [فخرج من دبره] (4) فسقط ميتا [إلى لعنة الله] (5).

فأنزل الله تبارك وتعالى (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) (6).

2- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السياري، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه تلا «سأل سائل بعذاب واقع للكافرين- بولاية علي- ليس له دافع» ثمّ قال: هكذا (هي) (7) في مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (8).

3- ويؤيده: ما رواه محمّد البرقي (9) عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين- بولاية علي- ليس له دافع) ثمّ قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )

ص: 723


1- في نسختي «ب، م» أم.
2- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «ب» قال بدل «يقول».
3- من نسخة «ب» وفي نسختي «ج، م» ثم أثار ناقته واستوى عليها فرماه، وفي البرهان «ركب «بدل «أثار».
4- من نسخة «ب» والبحار، الا أن في البحار: خرج.
5- من نسخة «ب».
6- عنه البرهان: 4/381 ح 3 وفي البحار: 37/175 ح 62 عنه وعن تفسير فرات: 190 والطرائف: 152 ح 235 عن تفسير الثعلبي: 4/234 (مخطوط).
7- ليس في نسخة «ج».
8- عنه البحار: 37/176 ذ ح 63 والبرهان: 4/382 ح 4.
9- كذا في الكافي والبحار والحديث الّذي قبله، وفي نسخ الأصل: باسناد يرفعه إلى محمّد بن سليمان.

وهكذا هو مثبّت في مصحف فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) (1).

إعلم أيدك الله بتأييده: أن هذا التأويل يقضي بصحة هذا التأويل، لان السائل كان من الكافرين بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنزلت هذه الآية بعد كفره بها، وسؤاله إن كانت حقا أن يقع عليه العذاب، فنزل عليه العذاب عقيب سؤاله، وذلك يدل على أن ولايته حق وإنّها من عند الله وإنّها كذا (2) نزلت لانتظام الكلام، والسلام.

وقوله تعالى: إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)

4- تأويله: رواه الصدوق أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه)، عن رجاله، عن محمّد بن موسى بن المتوكل باسناده، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ)

قال: أولئك والله أصحاب الخمسين من شيعتنا.

(قال: قلت « وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ »؟

قال: أولئك هم أصحاب الخمس صلوات من شيعتنا) (3).

قال: قلت «وأصحاب اليمين» (4) قال: هم والله من شيعتنا (5).

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)

تأويله: ظاهر وباطن فالظاهر ظاهر وأمّا الباطن فهو ما رواه:

5- محمّد بن العباس (رحمه الله) عن (محمّد بن) (6) أبي بكر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أبيه: أن

ص: 724


1- عنه البحار: 37/176 ملحق ح 63 والبرهان: 4/382 ح 5، وأخرجه في البحار: 23/ 378 ح 62 عن الكافي: 1/422 ح 47 وفي البحار: 35/57 عن المناقب لابن شهرآشوب: 2/301.
2- في نسخة «م» هكذا.
3- ما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
4- سورة الواقعة: 27.
5- عنه البحار: 27/139 ح 143 و ج 87/46 ذ ح 40 والبرهان: 4/384 ح 2، وأخرجه في البحار: 82/292 ح 20 و ج 83/5 عن مجمع البيان: 10/357.
6- ليس في نسخة «ج».

رجلا سأل أباه محمّد بن علي أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله عزّ وجلّ (والّذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).

فقال له أبي: إحفظ يا هذا، وانظر كيف تروي عني، إن السائل والمحروم شأنهما عظيم: أما السائل: فهو رسول الله في مسألته الله لهم حقه، والمحروم: هو من حرم (1) الخمس أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وذريته الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

هل سمعت وفهمت؟ ليس هو كما يقول الناس (2).

فعلى هذا التأويل يكون «الّذين في أموالهم حق معلوم»- وهو الخمس- هم شيعة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الّذين يخرجونه (3) إلى أربابه.

وأمّا غيرهم فلا يخرجه ولا يوجبه، فاعلم ذلك.

وقوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ

6- تأويله: رواه محمّد بن خالد البرقي (4) عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) قال: «المشارق «الأنبياء، «والمغارب «الأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ) (5).

توجيه: (6)إنما كنى عن المشارق بالأنبياء لان أنوار هدايتهم وعلومهم تشرق على أهل الدنيا كاشراق الشمس، وكنى عن المغارب بالأوصياء لان علوم الأنبياء إذا أشرقت في أيام حياتهم تغرب عند وفاتهم في حجب قلوب الأوصياء.

عليهم صلوات رب الأرض والسماء.

ص: 725


1- كذا في البحار، وفي نسخ الأصل: أحرم.
2- عنه البحار: 24/279 ح 8 و ج 96/189 ح 21 والبرهان: 4/385 ح 7.
3- في نسخة «م» يخرجوه.
4- كذا في البحار، وهو الصحيح على حسب طبقة الرواة، وان كان في الأصل: باسناده يرفعه إلى محمّد بن سليمان.
5- عنه البحار: 24/77 ح 16 والبرهان: 4/386 ح 3.
6- في نسخة «م» توجيهه.

وقوله تعالى: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)

7- تأويله: ما روي (مرفوعا بالاسناد) (1) عن سليمان (2) بن خالد، عن ابن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن محمّد بن يحيى، عن ميسر (3) عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)

قال: يعني يوم خروج القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

وهذا ممّا يدلّ على الرجعة في أيّامه.

عليه وعلى آبائه أفضل صلوات ربّه وسلامه.

«71»

«سورة نوح»

«فيها آية واحدة»

وهي: قوله تعالى: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)

تأويله ومعناه: أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأل ربه المغفرة له ولوالديه. وهذا (مما) (5) يدّل على أنّهما كانا مؤمنين، وإلّا لم يجز الاستغفار لهما، وقيل: أراد آدم وحواء.

وقوله «بيتي» أراد بيته الّذي يسكنه- مسجده- (وقيل: سفينته) (6).

ص: 726


1- ليس في نسخة «أ».
2- في البحار «محمّد «بدل «سليمان «ولكن لم نجد سليمان بن خالد في هذه الطبقة في كتب الرجال، ومحمّد بن خالد انما روى عن عبد الله بن القاسم بلا واسطة، ولم نعثر على روايته عن ابن سماعة.
3- كذا في البحار، وفي الأصل: يحيى بن ميسر، ولم نجده في الرجال.
4- عنه البحار: 53/120 ح 157 والبرهان: 4/386 ح 1.
5- ليس في نسخة «م».
6- ليس في نسخة «ج».

وقيل: أراد بيت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو بيت الولاية، وهو الصحيح:

1- لما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل بن صالح، عن محمّد ابن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا) (قال:) (1) يعني الولاية. فمن دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء (2).

(عَلَيهِم السَّلَامُ) ما اختلف الضياء والظلام.

«72»

«سورة الجن»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: في قول الله عزّ وجلّ (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) قال: يعني استقاموا على الولاية في الأصل عند الأظلة حين أخذ الله الميثاق على ذرية آدم.

«لأسقيناهم ماء غدقا «يعني لكنا أسقيناهم من الماء الفرات العذب (3).

2- وبالاسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا).

ص: 727


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 1/423 ح 54 وعنه البحار: 23/330 ح 12 والبرهان: 4/390 ح 1.
3- عنه البحار: 24/28 ح 5 والبرهان: 4/392 ح 2، وأورده في مختصر بصائر الدرجات: 174.

(يعني لأمددناهم علما كي يتعلمونه من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

3- ويؤيده: ما رواه أيضا عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن مسلم، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وألو استقاموا على الطريقة)؟

قال: يعني على الولاية.

(لأسقيناهم ماء غدقا) (2) قال: لأذقناهم علما كثيرا يتعلمونه من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قلت: قوله (لنفتنهم فيه) قال: إنما هؤلاء بفتنهم فيه، يعني المنافقين (3).

4- وروى أيضا، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن إسماعيل ابن يسار، عن عليّ بن جعفر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه)

قال: قال الله: لجعلنا أظلتهم في الماء العذب.

«لنفتنهم فيه» وفتنهم في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وما فتنوا فيه وكفروا إلا بما أنزل في ولايته (4).

5- [وروى عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابرعن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك وبمعناه] (5).

ولمّا عرفهم أنّ ولايته هي الطريقة المستقيمة، وأنّ الاستقامة عليها هي الموصلة إلى الجنّة، جعله هو ذكره على ما يأتي بيانه.

فقال سبحانه: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)

ص: 728


1- عنه البحار: 24/28 ح 6 والبرهان: 4/392 ح 3.
2- ما بين القوسين ليس في نسخة «ج».
3- عنهما البحار 24/29 ح 7، 8 والبرهان: 4/393 ح 4، 5.
4- عنهما البحار 24/29 ح 7، 8 والبرهان: 4/393 ح 4، 5.
5- تفسير القمي: 700 وعنه البحار: 5/234 ح 9 والبرهان: 4/393 ح 6، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

6- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن عبد الله بالاسناد المتقدّم، عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا)؟

قال: من أعرض عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسلكه العذاب الصعد، وهو أشد العذاب (1).

ومعناه: أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) هو ذكر الله عزّ وجلّ، يعني: أن من تولاه فقد ذكر ربه وأدى ما يجب عليه، ومن لا يتولاه فقد أعرض عن ذكر ربه، فيسلكه العذاب الشديد، وما الله بظلام للعبيد.

وقوله (2) تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)

تأويله: باطن وظاهر: فالظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

7- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وأن المساجد لله) قال: هم الأوصياء (3).

8- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن محمّد بن أبي بكر، عن محمّد بن إسماعيل عن عيسى بن داود النجار، عن الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) قال: سمعت أبي «جعفر بن محمّد «(عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول: هم الأوصياء [و] (4) الأئمّة منا واحدا فواحدا، فلا تدعوا إلى غيرهم، فتكونوا كمن دعا مع الله (5) أحدا، هكذا نزلت (6).

ص: 729


1- عنه البحار: 35/395 ح 4 والبرهان: 4/394 ح 2.
2- في نسخة «م» ثمّ قال.
3- عنه البحار: 23/330 ح 13 والبرهان: 4/395 ح 4.
4- من البحار.
5- في نسخة «ج» مع رسول الله.
6- عنه البحار: 23/330 ح 14 والبرهان: 4/395 ح 5.

9- وروى (1) عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قوله تعالى (وأن المساجد لله) قال: هم الأوصياء لله (2).

يعني: أنهم عباد، أوصياء، وأئمّة، هداة لله وحده، مخلصين خالصين، و إنما كنى بهم عن المساجد لله على سبيل المجاز بحذف المضاف أي أهل المساجد ومثله «وسئل القرية «(3) أي أهل القرية.

وذكر الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) تأويل آيات غير متواليات قال:

10- روى عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله عزّ وجلّ (وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به) قال «الهدى «الولاية، «آمنا به «أي بمولانا، فمن آمن بولاية مولاه «فلا يخاف بخسا ولا رهقا».

قلت: هذا تنزيل؟ قال: لا، تأويل.

قلت: قوله (إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا).

قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعا الناس إلى ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فاجتمعت إليه قريش وقالوا: يا محمّد اعفنا من هذا. فقال لهم رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): هذا إلى الله ليس إلي.

فاتّسهموه وخرجوا من عنده، فأنزل الله عزّ وجلّ (قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله- إن عصيته- أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته) في عليّ (4).

ص: 730


1- ذكر الخونساري رحمه الله «في نسخته ما لفظه: وروى عليّ بن إبراهيم»ره «عن أبيه عن الحسن بن خالد، عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله.
2- تفسير القمي: 700 وفيه (قال: المساجد: الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)) وعنه البرهان: 4/395 ح 3 وفيه الحسين (الحسن- خ-) بن خالد وهو الصحيح لان الحسين هو الّذي يروى عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- سورة يوسف: 82.
4- في نسخة «م» في وفي علي.

قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم. ثمّ قال: توكيدا «ومن يعص الله ورسوله- في ولاية علي- فإنّ له نار جهنّم خالدين فيها أبدا».

قلت «حتّى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقلّ عددا»

(قال:) (1) يعني بذلك القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنصاره (2).

صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين وسلم تسليما.

«73»

«سورة المزمل»

«وفيها آيتان» (3)

قوله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)

1- تأويله: رواه أيضا بالاسناد المتقدّم قال: قلت له: قوله تعالى (واصبر على ما يقولون- [أي يقولون فيك] (4)- واهجرهم هجرا جميلا وذرني- يا محمّد- والمكذبين- بوصيك- أولي النعمة ومهّلهم قليلا).

قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم (5).

ص: 731


1- ليس في الكافي.
2- الكافي: 1/433 قطعة من حديث 91 وعنه البحار: 67/58 ونور الثقلين: 5/441 ذ ح 45.
3- ليس في نسختي «أ، ب»، وفي نسخة «م» وفيها.
4- من الكافي ونسخة «م».
5- الكافي: 1/434 قطعة من ح 91 وعنه البرهان: 4/398 ح 1.

«74»

«سورة المدثر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها (1):

قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)

1- تأويله: رواه الشيخ المفيد (قدس الله روحه)، عن محمّد بن يعقوب باسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

إنّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ)؟

قال: إن منا إماما يكون مستترا، فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر وقام بأمر الله عزّ وجلّ (2).

2- وفي حديث آخر عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا نقر في أذن الإمام القائم أذن له في القيام (3).

3- وروي عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (فإذا نقر في الناقور).

(قال: الناقور) (4) هو النداء من السماء: ألا إن وليكم فلان (بن فلان) (5) القائم بالحق ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم، فذلك «يوم عسير على

ص: 732


1- في نسخة «أ» عن عليّ بن إبراهيم (رَحمَةُ اللّه) «قم فأنذر «قال: هو قيامه في الرجعة. تفسير القمي: 702 وعنه البحار: 9/244 ح 147 و ج 16/96 ح 34 و ج 53/103 ح 129 والبرهان: 4/399 ح 1.
2- لم نعثر عليه في غيبة المفيد، نعم رواه النعماني في غيبته: 187 ح 40 وعنه البحار: 51/57 ح 49، فالظاهر أن المراد من المفيد محمّد بن إبراهيم النعماني لا محمّد بن محمّد بن النعمان، وأخرجه في البحار: 52/284 ح 11 عن غيبة الطوسي: 13 والكشي: 192 ح 338 وفي البرهان: 4/400 ح 1، 2، 4 عن الشيخ المفيد والكافي: 1/343 ح 30 وكمال الدين: 349 ح 42 ورواه في الإمامة والتبصرة: 123 ح 121.
3- عنه البرهان: 4/400 ذ ح 2، والمحجة: 238.
4- لیس فی نسخة «ج».
5- لیس فی نسخة «ج».

الكافرين غير يسير»، يعني بالكافرين: المرجئة الّذين كفروا بنعمة الله، وبولاية علي ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

4- عن ابن إبراهيم (رحمه الله)، عن أبي العباس، عن يحيى بن زكريا، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (ذرني ومن خلقت وحيدا- قال «الوحيد «ولد الزنا [وهو] (2) زفر- وجعلت له مالا ممدودا- [قال:] (3) أجل [ممدود] (4) إلى مدة-

وبنين شهودا- [قال:] (5) أصحابه الّذين شهدوا أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لا يورث.

- ومهّدت له تمهيدا- ملكه الّذي ملكته [مهدته له] (6)- ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا-.

[قال:] (7) لولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، جاحدا عاندا لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيها.

- سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر- فيما (8) أمر به من الولاية وقد ر أن مضى (9) رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن لا يسلم (10) لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) البيعة التي بايعه بها على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

- فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر- قال: عذاب بعد عذاب، يعذبه القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - ثم نظر- إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- وبسر- مما أمر به - ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر-

قال زفر: إنّ النبيّ سحر الناس لعليّ- إن هذا إلا قول البشر- ليس هو وحي من الله عزّ وجلّ - سأصليه سقر) إلى آخر الآيات نزلت فيه (11).

ص: 733


1- 1) عنه البرهان: 4/400 ح 3 والمحجة: 238.
2- من تفسير القمي.
3- من تفسير القمي.
4- من تفسير القمي.
5- من تفسير القمي.
6- من تفسير القمي.
7- من تفسير القمي.
8- في الأصل فيما قدر بدل «وقدر فيما».
9- في الاصل «عصی» بدل «ان مضى».
10- في الأصل: أن يسلم.
11- تفسير القمي: 703 وعنه البحار: 8/210 طبع الحجر والبرهان: 4/401 ح 1 وأورده في الزام الناصب: 1/101 مرسلاً عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والحديث من نسخة «أ».

وقوله تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16)

5- تأويله: جاء في تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) رواه الرجال، عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ذرني ومن خلقت وحيدا) قال: يعني بهذه الآية إبليس اللعين خلقه وحيدا من غير أب ولا أم. وقوله (وجعلت له مالا ممدودا- يعني هذه الدولة إلى يوم الوقت المعلوم، يوم يقوم القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا).

يقول: معاندا للأئمّة، يدعو إلى غير سبيلها ويصد الناس عنها، وهي آيات الله.

وقوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)

6- قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) «صعودا «جبل في النار من نحاس يحمل (1) عليه حبتر ليصعده كارها، فإذا ضرب رجليه (2) على الجبل ذابتا حتّى تلحق بالركبتين، فإذا رفعهما عادتا، فلا يزال هكذا ما شاء الله.

وقوله تعالى: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

قال: يعني (3) تدبيره ونظره وفكرته واستكباره في نفسه، وادعاؤه الحق لنفسه دون أهله.

ثمّ قال الله (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29))

قال: يراه أهل الشرق كما يراه أهل الغرب إنه إذا كان في سقر يراه أهل الشرق والغرب ويتبين حاله، والمعني في هذه الآيات جميعها: حبتر.

قال: قوله (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)) أي تسعة عشر رجلا، فيكونون من الناس كلهم

ص: 734


1- كذا في البحار: وفي الأصل والبرهان: يعمل.
2- كذا في نسخة «ب»، وفي نسخة «ج» والبرهان: بيده، وفي نسخة «م» والبحار: بيديه.
3- كذا في نسخة «ب» والبرهان، وفي نسختي «ج، م» قال: هذا يعني.

في (1) الشرق والغرب.

وقوله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً)

قال: فالنار هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) الّذي قد أنار ضوءه وخروجه لأهل الشرق والغرب.

و «الملائكة» هم الّذين يملكون علم آل محمّد، صلوات الله عليهم.

وقوله (وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) قال: يعني المرجئة.

وقوله (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) قال: هم الشيعة، وهم أهل الكتاب (وهم الّذين أوتوا الكتاب) (2) والحكمة والنبوة.

وقوله (ويزداد الّذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الّذين أتوا الكتاب) أي لا يشك الشيعة في شئ من أمر القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقوله (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ - يعني بذلك الشيعة وضعفاء ها- وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا - فقال الله عزّ وجلّ لهم- كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)

فالمؤمن يسلّم والكافر يشكّ.

وقوله (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) فجنود ربك هم الشيعة، وهم شهداء الله في الأرض.

وقوله (وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتقدّم أَوْ يَتأخّر (37)) قال: يعني اليوم قبل خروج القائم من شاء قبل الحق وتقدّم إليه، ومن شاء تأخّر عنه.

وقوله (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) قال: هم أطفال المؤمنين قال الله تبارك وتعالى [(وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ] أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (3) قال: يعني أنّهم آمنوا بالميثاق (4).

ص: 735


1- في نسخة «ج» من.
2- ليس في نسخة «ج».
3- سورة الطور: 21، وما بين المعقوفين من البحار.
4- في نسخة «م» والبحار: في الميثاق.

وقوله (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) قال: بيوم خروج (1) القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقوله (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49)) قال: يعني بالتذكرة ولاية أمير

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

وقوله (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ( (51)) قال: يعني كأنهم حمر (3) وحش فرت من الأسد حين رأته، وكذا أعداء آل محمّد (4) إذا سمعت بفضل آل محمّد- صلوات الله عليهم- نفرت عن الحق.

ثمّ قال الله تعالى (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)).

قال: يريد كل رجل من المخالفين أن ينزل عليه كتاب من السماء.

ثمّ قال تعالى (كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53)) قال: هي دولة القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ثمّ قال تعالى بعد أن عرّفهم التذكرة أنها الولاية (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)).

قال: فالتقوى في هذا الموضع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، والمغفرة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)(5).

7- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) في هذا التأويل، عن علي ابن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت قوله عزّ وجلّ (ليستيقن الّذين أوتوا الكتاب)؟ قال: يستيقنون (6) أن الله ورسوله ووصيه حق.

قلت (ويزداد الّذين آمنوا إيمانا)؟ قال: يزدادون بولاية الوصي إيمانا.

ص: 736


1- في نسخة «م» والبحار: بيوم الدين خروج.
2- في نسخة «ج» التذكرة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- في نسخة «ج» «كل حمير «بدل «كأنهم حمر».
4- كذا في نسخة «ب»، وفي نسختي «ج، م» وكذلك المرجئة.
5- من أول ح «5» إلى هنا في البحار: 24/325 ح 41 والبرهان: 4/402 ح 9.
6- في نسختي «ب، ج» ليستيقن، وفي نسخة «م» ليتيقنون.

قلت (ولا يرتاب الّذين أوتوا الكتاب والمؤمنون)؟ قال: المؤمنون بالولاية (1).

قلت: ما هذا الارتياب؟ قال: يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الّذين

ذكر (هم) (2) الله عزّ وجلّ، فقال: ولا يرتابون في الولاية.

قلت (وما هي إلا ذكرى للبشر)؟ قال: ولاية علي.

قلت (إنها لإحدى الكبر)؟ قال: الولاية.

قلت (لمن شاء منكم أن يتقدّم أو يتأخّر)؟ قال: من تقدّم إلى (3) ولايتنا تأخّر (4) عن سقر، ومن تأخّر عنها (5) تقدّم إلى سقر.

قلت (إلّا أصحاب اليمين)؟ قال: هم والله [نحن و] (6) شيعتنا.

قلت (لم نك من المصلين)؟

قال: لم نكن نتولى (7) وصي محمّد والأوصياء من بعده، ونصلّي (8) عليهم.

قلت (فما لهم عن التذكرة معرضين)؟ قال: عن الولاية معرضين (9).

وجاء في تأويل أصحاب اليمين:

8- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن محمّد بن يونس، عن عثمان ابن أبي شيبة، عن عتبة بن [أبي] (10) سعيد، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ)

قال: هم شيعتنا أهل البيت (11).

ص: 737


1- في الكافي ونسخة «ب» بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفي نسخة «م» «بولاية» بدل «المؤمنون بالولاية».
2- ليس في الكافي.
3- في نسختي «ب، م» عن.
4- في الكافي: اخر.
5- في الكافي: عنا.
6- من نسخة «ج».
7- في الكافي: ان لم نتول.
8- في الكافي والبحار: ولا يصلون.
9- الكافي: 1/434 قطعة من ح 91 وعنه البحار: 24/338 والبرهان: 4/402 ح 1.
10- من نسخة «ب».
11- عنه البحار: 7/192 ح 55 و ج 24/8 ح 23 والبرهان: 4/403 ح 3.

9- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن موسى النوفلي، عن محمّد بن عبد الله، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن زكريا (1) الموصلي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ):

يا عليّ قوله عزّ وجلّ (كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر- والمجرمون هم المنكرون لولايتك- قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين) فيقول لهم أصحاب اليمين: ليس من هذا أوتيتم، فما الّذي سلككم في سقر يا أشقياء؟ قالوا «وكنا نكذب بيوم الدين حتّى أتانا اليقين».

فقالوا لهم: هذا الّذي سلككم في سقر يا أشقياء.

ويوم الدين يوم الميثاق حيث جحدوا وكذبوا بولايتك وعتوا عليك واستكبروا (2).

10- وقال أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في تفسيره:

قال الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): نحن وشيعتنا أصحاب اليمين (3).

فمن كان من شيعتهم فليقل الحمد لله رب العالمين.

[عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) وغيره ذكروه في هذه السورة زيادات من هذا القبيل، وفيما ذكرناه كفاية] (4).

ص: 738


1- في نسختي «أ، م» ابن زكريا، وفي نسخة «ب» أبي زكريا.
2- عنه البحار: 7/193 ح 56 و ج 24/8 ح 24 والبرهان: 4/404 ح 4.
3- مجمع البيان: 10/391 وعنه البرهان: 4/404 ح 5.
4- راجع تفسير القمي: 702- 704، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

«75»

«سورة القيامة»

«وفيها آيتان»

قوله تعالى: بل يريد الانسان ليفجر أمامه (5)

1- تأويله: ما رواه [عن محمّد] (1) البرقي، عن خلف بن حمّاد، عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقرأ (2) (بل يريد الانسان ليفجر أمامه) أي يكذبه (3).

2- وقال بعض أصحابنا عنهم صلوات الله عليهم: إن قوله عزّ وجلّ (بل يريد الانسان ليفجر أمامه) قال: يريد أن يفجر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يعني يكيده (4).

3- ابن طاووس (رحمه الله) في كتاب «اليقين في تسمية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمير المؤمنين» باسناد متصل بأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: لما نزلت (5) هذه الآية (بل يريد الانسان ليفجر أمامه) دخل أبو بكر على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال (له) (6): سلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقال: من الله ومن رسوله؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من الله ومن رسوله.

(ثمّ دخل عمر، فقال: سلم على علي بإمرة المؤمنين.

فقال: من الله ومن رسوله؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من الله ومن رسوله.

قال): (7) ثم نزلت (ينبؤا الانسان يومئذ بما قدم وأخر) قال: ما قدم مما أمر به، وما أخر مما لم يفعله لما أمر به من السلام على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإمرة المؤمنين (8).

وقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)

4- تأويله: رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن هاشم الصيداوي قال: قال لي أبو

ص: 739


1- من نسختي «ب، م».
2- في البحار: يقول.
3- عنهما البحار: 24/327 ح 42، 43 والبرهان: 4/406 ح 1.
4- عنهما البحار: 24/327 ح 42، 43 والبرهان: 4/406 ح 1.
5- في المصدر والبحار. أنزلت.
6- ليس في المصدر.
7- ليس في المصدر.
8- كشف اليقين: 149 ب 149 وعنه البحار: 37/328 ح 62، وهذا الحديث من نسخة «أ».

عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا هاشم حدّثني أبي وهو خير مني، عن جدي، عن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال:

ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا وليس عليه تبعة.

قلت: جعلت فداك وما التبعة؟ قال: من الإحدى والخمسين ركعة، ومن صوم ثلاثة أيام من الشهر، فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم ووجوههم مثل القمر ليلة البدر، فيقال للرجل منهم: (1) سل تعط. فيقول: اسأل ربي النظر إلى وجه محمّد(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). قال: فيأذن الله عزّ وجلّ لأهل الجنّة أن يزوروا محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قال: فينصب لرسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) منبر من نور على درنوك من درانيك الجنّة، له الف مرقاة بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس، فيصعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال: فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ).

فينظر الله إليهم (2) وهو قوله (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) قال: فيلقىعليهم (من) (3) النور حتّى أن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحوراء تملأ بصرها منه.

قال: ثمّ قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا هاشم»لمثل هذا فليعمل العاملون» (4).

5- وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في قوله تعالى (فلا صدق ولا صلى) أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) دعا إلى بيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم غدير خم، فلمّا بلغ الناس وأخبرهم في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ما أراد الله [به] (5) أن يخبر [هم به] (6) رجع الناس فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري ثم أقبل يتمطى نحو أهله ويقول: [والله لا] (7) نقر لعلي بالولاية [أبدا] (8) ولا نصدق محمّدا بمقالته فيه. فنزلت الآيات (9).

ص: 740


1- في نسخة «م» منهم ثلاثة أيام من الشهر، وفي نسخة «ج» أنت كنت تصوم ثلاثة أيام من الشهر.
2- في نسخة «أ» إليه.
3- ليس في نسخة «ب».
4- عنه البحار: 7/193 ح 57 و ج 24/261 ح 16 و ج 87/46 ح 40 و ج 94/107 ح 45 و المستدرک: 1/591 ح 8، و الایة الاخیرة فی سورة الصافات:61.
5- من المصدر.
6- من المصدر.
7- من المصدر، وفي الأصل: ما.
8- من تفسير القمي.
9- تفسر القمي: 705 وعنه البحار: 8/560 (طبع الحجر) والبرهان: 4/409 ح 1، وهذا الحديث من نسخة «أ».

«76»

«سورة الانسان» «الدهر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (1) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (2) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (3) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (4) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (5) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (6) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (7) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (8) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (9) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)

بيان المعنى واللغة:

فقوله «الأبرار» جمع بر: وهو المطيع لله في أقواله وأفعاله، والكأس: الاناء والكافور: اسم عين ماء في الجنّة.

وعباد الله- هنا هم-: الأبرار المذكورون وخصهم بأنهم عباده تشريفا لهم وتبجيلا «يفجرونها تفجيرا» أي يجرونها إلى حيث شاءوا من الجنّة «يوفون بالنذر» في الدنيا، وهم مع ذلك «يخافون يوما كان شره مستطيرا» أي فاشيا منتشرا في الآفاق.

«وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا» أي على حب الطعام

ص: 741

وشهوته، وأشد ما يكون حاجتهم إليه «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» لنا على فعلنا.

«إنّا نخاف من ربّنا يوما عبوسا» أي مكفهرّا تعبس فيه الوجوه، «قمطريرا» أي صعبا شديدا تقلص فيه الوجوه وتقبض الجباه، وما بين الأعين من شدته.

«فوقاهم الله شر ذلك اليوم»أي كفاهم ومنعهم»ولقاهم نضرة وسرورا» أي استقبلهم.

«وجزاهم بما صبروا» على طاعته، وعلى محن الدنيا وشدائدها «جنة» يسكنونها «وحريرا» يلبسونه «متكئين «أي جالسين جلوس الملوك «فيها على الأرائك» وهي الأسرة «لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا» أي لا يتأذون بحر ولا برد.

«ودانية عليهم ظلالها» أي ظلال تلك الأشجار قريبة لا تنسخها (1) الشمس دائما أبدا «وذللت قطوفها» أي سخرت وسهلت ثمارها حتّى أن الانسان إذا قام ارتفعت بقدرة الله وإذا قعد نزلت عليه حتّى يتناولها، وإذا اضطجع نزلت عليه حتّى ينالها بيده.

«ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب» وهي أواني الشرب التي ليس لها عرى «قواريرا» أي يشبه صفاء تلك الأواني صفاء قوارير الزجاج «قدروها تقديرا» أي أن السقاة والخدم قدروا تلك الأواني على قدر ما يكفي الشارب، لا يزيد ولا ينقص.

«وكان مزاجها زنجبيلا» وليس هو الزنجبيل المعهود، وإنما سمّي باسمه تقريبا للفهم «عينا فيها تسمى سلسبيلا» والسلسبيل: السلس في الحلق.

وقيل: إنها عين تنبع من أصل العرش في (2) جنة عدن وتسيل إلى أهل الجنّة.

«ويطوف عليهم ولدان «أي وصفاء، وغلمان للخدمة.

«مخلّدون» أي باقون دائمون لا يهرمون، ولا يتغيرون، ولا يموتون (3).

1- وروي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: الولدان: أولاد أهل الدنيا لم يكن

ص: 742


1- كذا في المجمع، وفي نسخة «ج» لا تنسخه، وفي نسخة «ب» لا يسخنه.
2- في نسخة «ج» و.
3- من قوله «المعنى «إلى هنا خلاصة ما في مجمع البيان: 10/407- 411.

لهم حسنات فيثابون عليها، ولا سيئات فيعاقبون عليها، فأنزلوا هذه المنزلة (1).

2- وروي عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: خدم أهل الجنّة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل (2) الجنّة (3).

«حسبتهم لؤلؤا منثورا» لصفاء ألوإنّهم وحسن منظرهم «منثورا» لانتشارهم في الخدمة، ولو (4)كانوا صفا لشبهوا باللؤلؤ المنظوم.

«وإذا رأيت ثم رأيت- يعني في الجنّة وما أعد لهم فيها رأيت- نعيما- خطيرا - وملكا كبيرا».

والملك الكبير: استئذان الملائكة إياهم في الدخول عليهم وتحيتهم بالسلام.

وقيل: إن الملك الكبير: إنهم لا يريدون (5) شيئا إلا قدروا عليه.

وقيل: إن أدناهم منزلة ينظر في ملكه من مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه.

وقيل: إنه الملك الدائم الأبدي (6) في نفاذ الامر (7) وحصول الأماني.

«عاليهم ثياب سندس خضر- هي ما رق من الثياب- واستبرق- وهي ما ثخن منها- وحلوا أساور من فضة» شفافة يرى ما وراءها مثل البلور، والفضة أفضل من الذهب والدر والياقوت في الجنّة.

«وسقاهم ربهم شرابا طهورا» أي طاهرا من الأقذار والأكدار.

وقيل: لا يصير بولا ولا نجسا، بل ترشح أبدانهم عرقا كرائحة المسك.

وإن الرجل من أهل الجنّة يعطى شهوة مائة رجل من أهل الدنيا، فإذا أكل

ص: 743


1- مجمع البيان: 9/216 وعنه البرهان: 4/277 ح 2 وفي البحار: 5/391 ح 5 عن كنز.
2- في نسخة «ج» للخدمة لأهل.
3- مجمع البيان: 9/216 وعنه البرهان: 4/277 ح 3 ونور الثقلين: 5/221 ملحق ح29، وفي البحار: 5/291 ملحق ح 5 عن كنز.
4- في نسختي «ب، م» فلو.
5- في نسخة «ب» لا يرون.
6- في نسخة «ج» الّذي.
7- في نسخة «ب» الأمور.

سقى (1) شرابا فتطهر بطنه وترشح عرقا كالمسك الأذفر، ثم تضمر بطنه وتعود شهوته.

ثمّ قال سبحانه مخاطبا للأبرار: إن هذا الّذي وصفناه في الجنّة من النعيم (كان لكم جزءا- أي مكافأة على أعمالكم وطاعاتكم في الدنيا- وكان سعيكم مشكورا) فيها مقبولا مبرورا (2).

وممّا ورد في هذا المعنى ما أعد الله سبحانه للأبرار: الأئمّة الأطهار وشيعتهم الأخيار وهو:

3- ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن إبراهيم (، عن أبيه،) (3) عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: يا رسول الله أخبرنا عن قول الله عزّ وجلّ (غرف من فوقها غرف مبنية) (4) بماذا بنيت يا رسول الله؟

فقال: يا عليّ [تلك غرف] (5) بناها الله لأوليائه بالدرّ والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضّة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كلّ باب منها ملك موكّل به، وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قول الله عزّ وجلّ (وفرش مرفوعة) (6).

إذا أدخل (7) المؤمن إلى منازله في الجنّة ووضع على رأسه تاج الملك

ص: 744


1- في نسخة «ج» يسقى.
2- من قوله تعالى «حسبتهم»إلى هنا خلاصة ما في مجمع البيان: 10/411، 412.
3- سقط من نسختي «ب، م».
4- سورة الزمر: 20.
5- من البحار.
6- سورة الواقعة: 34.
7- كذا في المصدر، وفي نسخة «م» وإذا، وفي نسخة «ج» إذا دخل، وفي نسخة «ب» فإذا.

والكرامة (و) (1) البس حلل الذهب والفضة والدر المنظوم في الإكليل تحت التاج والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر، فذلك قوله تعالى:

(يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) (2).

فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا.

فإذا استقر لولي (3) الله عزّ وجلّ منازله في الجنان استأذن عليه الملك الموكّل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له الخدّام من الوصفاء والوصائف: مكانك فان ولي الله قد اتكى على أريكته وزوجته الحوراء تهيأت له فاصبر لولي الله.

قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها

(ووصفائها) (4) وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وهي من مسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي قدميها نعلان من الذهب (5) مكللتان

بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر.

فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا، فتقول له:

يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم، أنا لك، وأنت لي.

قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب [من] (6) ياقوت أحمر وسطها لوح صفحته درة مكتوب فيها: أنت يا ولي (الله) (7) حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي، وإلي تناهت نفسك.

ص: 745


1- ساقط في الكافي.
2- سورة الحج: 23، وفاطر 33.
3- كذا في الكافي، وفي نسخ الأصل: بولي.
4- ليس في الكافي.
5- في الكافي: ذهب.
6- من الكافي.
7- ليس في نسخة «م».

ثم يبعث (1) الله [إليه] (2) ألف ملك يهنئونه بالجنّة ويزوجونه بالحوراء (3).

قال: فينتهون إلى أوّل باب من جنانه، فيقولون للملك الموكّل بأبواب جنانه: استأذن لنا على ولي الله فان الله بعثنا إليه نهنئه.

فيقول لهم الملك: حتّى أقول للحاجب، فيعلمه بمكانهم (4).

قال: فيدخل الملك [إلى] (5) الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتّى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين تبارك وتعالى، ليهنئوا ولي الله وقد سألوني أن آذن لهم عليه، فيقول الحاجب: (إنه ليعظم علي [أن] (6) أستأذن لأحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء.

قال:) (7) وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان.

قال: فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله، فأستأذن لهم، فيتقدّم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة، وهم ألف ملك أرسلهم يهنئون ولي الله فأعلموه بمكانهم.

قال: فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة، ولها ألف باب، وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الموكّل به، فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة.

قال: فيبلغونه رسالة الجبار جل جلاله، وذلك قول الله عزّ وجلّ (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (8).

ص: 746


1- في نسخة «ج» قال فيبعث.
2- من البحار.
3- كذا في الكافي، وفي نسخ الأصل: بزوجته الحوراء.
4- في نسخة «م» والكافي: بمكانكم.
5- من نسخة «م» والكافي.
6- من البحار.
7- ليس في نسخة «ج»، وفيها «بينه» بدل «بين الحاجب».
8- سورة الرعد: 23، 24.

[قال] (1) وذلك قوله عزّ وجلّ (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم.

والملك العظيم الكبير: أن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم الكبير.

قال: والأنهار تجري من تحت مساكنهم، وذلك قول الله عزّ وجلّ (تجري من تحتهم الانهار) والأثمار (2) دانية منهم وهو قوله عزّ وجلّ (ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الّذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ، وإن الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا ولي الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي.

قال: وليس من مؤمن في الجنّة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وإنّهار من خمر، وإنّهار من ماء، وإنّهار من لبن، وإنّهار من عسل.

فإذا دعا ولي الله بغذائه أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته، ثم يتخلى مع إخوإنّه ويزور بعضهم بعضا، ويتنعمون في جناتهم (3) في ظل ممدود مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وأطيب من ذلك.

(و) (4) لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء وأربع نسوة من الآدميين، وللمؤمن ساعة مع (5) الحوراء، وساعة مع (6) الآدمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعضهم إلى بعض.

وإن المؤمن ليغشاه نور وهو على أريكته.

ص: 747


1- من الكافي.
2- في الكافي ونسخة «ب»: الثمار.
3- في نسخة «ج» جنانهم، وفي البحار: جنات.
4- ليس في الكافي.
5- في نسختي «ب، ج» من.
6- في الكافي ونسخة «ج» من.

فيقول (1) لخدّامه: ما هذا الشعاع اللامع لعل الجبار لحظني؟ فيقول (2) له خدامه: قدوس قدوس جل جلاله بل هذه حوراء من أزواجك ممن لم تدخل بها بعد، أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك وقد تعرضت (3) لك وأحبت لقاءك، فلمّا رأتك متكئا على سريرك تبسمت نحوك شوقا إليك، فالشعاع الّذي رأيت والنور الّذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقّته.

قال: فيقول ولي الله [لخدمه] (4): إئذنوا لها فتنزل إلي. فيبتدر (5) إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك، فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة مكللة بالياقوت والدر والزبرجد صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة مضمومة سوقاء (6) يرى مخ ساقيها (7) من وراء سبعين حلة، طولها سبعون ذراعا، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع.

فإذا دنت من ولي الله أقبل الخدام بصحائف الذهب والفضة فيها الدر والياقوت والزبرجد، فينثرونها عليها، ثم يعانقها وتعانقه لا تمل ولا يمل (8).

وأمّا التأويل وسبب التنزيل: فهو ما ذكره أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في تفسيره مختصرا قال:

4- وروى العام والخاص أن هذه الآيات من قوله عزّ وجلّ (إن الأبرار

ص: 748


1- في الكافي: ويقول.
2- في نسخة «ج» فيقولون.
3- في نسخة «ج» فتعرضت.
4- من نسخة «ج».
5- في نسخة «ج» إليه يبدر.
6- في نسختي «أ، ج «شوقا، وفي نسخة «م» سوقا على وزن مولى، الا أن الكاتب رسم فوق ألفها علامة المد بمعنى أنها ممدودة، فعلى هذا تقرأ سوقاء وهي: امرأة حسنة الساق وقوله «يرى مخ ساقيها» يشير إليها.
7- في نسخة «ج» والمصدر: ساقها.
8- الكافي: 8/97 وعنه البحار: 8/157 ح 98 والبرهان: 3/22 ح 1 وصدره في البرهان: 4/73ح 1 وص 279 ج 1 ورواه القمي في تفسيره: 575 و عنه البحار: 8/128 ج 29 والبرهان: 4/73 ج 2.

يشربون- إلى قوله- إن هذا كان لكم جزءا وكان سعيكم مشكورا)

نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفي جارية لهم تسمّى: فضّة.

وهو المروي عن ابن عباس وغيره.

والقصة طويلة مجملها: أنّهم قالوا: مرض الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فعادهما جدّهما (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ووجوه العرب، وقالوا لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا.

فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهم الله سبحانه ونذرت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) مثله، وكذلك فضة فبرءا، وليس عندهما شئ فاستقرض علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثلاثة أصوع من شعير وجاء بها إلى فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فطحنت (فضة) (1) صاعا منها فاختبزته.

فلمّا صلّى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) المغرب قربته إليه فأتاهم مسكين ودعا لهم وسألهم فأعطوه إياه، ولم يذوقوا إلّا الماء.

فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعا وطحنته واختبزته وقدمته إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتاهم يتيم بالباب يستطعم فأطعموه إياه ولم يذوقوا إلا الماء.

فلمّا كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدمته إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتاهم أسير يستطعم فأعطوه إياه ولم يذوقوا إلا الماء.

فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى علي ومعه الحسن والحسين إلى النبيّ (صلى الله عليه وعليهم) وبهما ضعف، فلمّا رآهم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بكى، فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بسورة «هل أتى» (2).

[الصدوق (قدس سره) في أماليه بطريقين يتصل أحدهما بالصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) والآخر بابن عباس (رحمه الله) مثل ذلك وبمعناه مع زيادات اخر شعرا ونثرا بين علي

ص: 749


1- ليس في نسخة «م».
2- مجمع البيان: 1/404 مع اختلاف وعنه وسائل الشيعة: 16/190 ح 6 ونور الثقلين: 5/ 469 ح 18، وأخرجه في البحار: 35/246 ح 2 من مناقب ابن شهرآشوب: 3/146.

وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ومعظم محدّثي العامّة ومفسّريهم ومنهم الخطيب الخوارزمي بطرق ثلاثة عن ابن عباس (رحمه الله) كسابقته بالطريقين الأوّلين.

وبالطريق الثالث ما يقارب مضمون الأولى ويناسبه] (1):

5- عن ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): وفيها إيثارهم بثلث القوت أولا، ثم بثانية، ثم بثالثة (2).

6- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن أحمد الكاتب عن الحسن بن بهرام، عن عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث المكتب، عن أبي كثير الزبيدي (3) عن عبد الله ابن العباس (رضي الله عنه) قال: مرض الحسن والحسين فنذر علي وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) والجارية نذرا «إن برءا صاموا ثلاثة أيام شكرا لله» فبرءا فوفوا بالنذر وصاموا.

فلمّا كان أوّل يوم قامت الجارية [و] (4) جرشت شعيرا لها (5) فخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، فلمّا كان وقت الفطور جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم، فلمّا مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا مسكين بالباب وهو يقول: يا أهل بيت محمّد! مسكين (من) (6) آل فلان بالباب.

فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تأكلوا. وآثروا المسكين.

فلمّا كان اليوم الثاني فعلت الجارية ما فعلت في اليوم الأول، فلمّا وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا، فإذا يتيم بالباب وهو يقول: يا أهل بيت النبوة ومعدن

ص: 750


1- أم إلى الصدوق: 212 ح 11 وعنه البحار: 35/237 ح 1 والبرهان: 4/412 ح 6 والمستدرك: 1/96 ح 25، مناقب الخوارزمي: 188 وعنه إحقاق الحق: 9/114 وأورده الحمويني في فرائد السمطين: 2/53 وفرات في تفسيره: 196 والفارسي في روضة الواعظين: 192، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
2- تفسير القمي: 707 وعنه البحار: 35/243 ح 2 والبرهان: 4/411 ح 2، والرواية من نسخة «أ».
3- في نسخة «م» والبرهان: الزبيري.
4- من نسخة «م».
5- في نسخه «ج» لهما.
6- ليس في نسخة «م».

الرسالة! يتيم آل فلان بالباب.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا تأكلوا شيئا وأطعموه اليتيم. قال: ففعلوا.

فلمّا كان اليوم الثالث وفعلت الجارية كما فعلت في اليومين. جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها، فلمّا مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا شيخ كبير يصيح بالباب: يا أهل بيت محمّد تأسرونا ولا تطعمونا؟

قال: فبكى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكاء شديدا وقال: يا بنت محمّد! إني أحب أن يراك الله وقد آثرت هذا الأسير على نفسك وأشبالك.

فقالت: سبحانه الله ما أعجب ما نحن فيه معك، ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الّذين صنعت بهم ما صنعت، وهؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا.

فقال لها عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): فان الله (1) يصبرك ويصبرهم ويأجرنا إن شاء الله وبه نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل، اللّهمّ بدلنا بما (2) فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه، واشكر لنا صبرنا ولا تنسه لنا، إنك رحيم كريم. فأعطوه الطعام.

وبكّر إليهم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في اليوم الرابع فقال: ما كان من خبركم في أيامكم هذه؟

فأخبرته فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) بما كان، فحمد الله وشكره وأثنى عليه وضحك إليهم، وقال: خذوا هناكم الله وبارك لكم وبارك عليكم، قد هبط علي جبرئيل من عند ربي وهو يقرأ عليكم السلام، وقد شكر ما كان منكم وأعطى فاطمة سؤلها، وأجاب دعوتها وتلا عليهم (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا- إلى قوله- إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا).

قال: وضحك النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد، وقرة عين أبد الآبدين، هنيئا لكم يا بيت النبيّ بالقرب من الرحمن، يسكنكم (3) معه في دار

ص: 751


1- في نسخة «م» فالله.
2- في نسخة «ج» بمائدة ما.
3- في نسختي «ب، ج» مسكنكم.

الجلال والجمال، ويكسوكم من السندس والاستبرق والأرجوان، ويسقيكم الرحيق المختوم من الولدان، فأنتم أقرب الخلق من الرحمن، تأمنون إذا فزع الناس وتفرحون إذا حزن الناس، وتسعدون إذا شقي الناس، فأنتم في روح وريحان وفي جوار الرب العزيز الجبار (و) (1) هو راض عنكم غير غضبان، قد أمنتم العقاب ورضيتم الثواب، تسألون فتعطون، وتخفون فترضون، وتشفعون فتشفعون.

طوبى لمن كان معكم، وطوبى لمن أعزكم إذا خذلكم الناس، وأعانكم إذا جفاكم الناس، وآواكم إذا طردكم الناس، ونصركم إذا قتلكم الناس، الويل لكم من أمتي، والويل لامتي من الله.

ثم قبل فاطمة وبكى، وقبل جبهة علي وبكى، وضم الحسن والحسين إلى صدره وبكى وقال: الله خليفتي عليكم في المحيا والممات، وأستودعكم الله وهو خير مستودع، حفظ الله من حفظكم، ووصل الله من وصلكم، وأعان الله من أعانكم، وخذل الله من خذلكم وأخافكم (و) (2) أنا لكم سلف وأنتم عن قليل بي لاحقون، والمصير إلى الله والوقوف بين يدي الله، والحساب على الله «ليجزي الّذين أساؤا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى» (3).

نكتة:

7- ذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه) في أماليه قال: قال ابن عباس: فبينا أهل الجنّة في الجنّة إذ (4) رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان.

فيقول أهل الجنّة: يا رب إنك قلت في كتابك (لا يرون فيها شمسا).

(قال) (5): فيرسل الله جلّ اسمه إليهم جبرئيل فيقول: ليس هذه بشمس، ولكن عليّاً وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت فيهم (هل أتى

ص: 752


1- ليس في نسخة «م».
2- ليس في نسخة «م».
3- عنه البرهان: 4/414 ح 9، والآية الأخيرة من سورة النجم: 31.
4- في نسخة «م» إذا.
5- ليس في الأمالي.

- إلى قوله- كان سعيكم مشكورا) (1)

8- وذكر الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله) تأويل هذه الآيات وهو قوله تعالى (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) إلى آخر السورة، وهو ما رواه: عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله تعالى (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا)

قال «نزلنا عليك القرآن- بولاية علي- تنزيلا».

قلت: هذا تنزيل؟ قال: لا، تأويل.

قلت «إن هذه تذكرة «قال: الولاية.

قلت «يدخل من يشاء في رحمته «قال: في ولايتنا. ثمّ قال:

«والظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما» [قال] (2): أي الظالمين لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).

«77»

«سورة المرسلات»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)

قال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) [في تفسيره] (4): هي الملائكة (5) تلقي الذكر

على الرسول والامام، عليهما الصلاة والسلام.

وقال: قوله عزّ وجلّ: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17)

قال «نهلك الأولين» أي الأمم الماضية قبل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «ثم نتبعهم الآخرين»

ص: 753


1- أمالي الصدوق: 216 وعنه البحار: 35/241.
2- من نسخة «ج».
3- الكافي: 1/435 قطعة من ح 91 وعنه البرهان: 4/415 ح 1، وأخرج صدره في البحار:35/58 عن المناقب لابن شهرآشوب: 2/302.
4- من نسخة «ج».
5- تفسير القمي: 708 وعنه البحار: 7/45 ح 27 والبرهان: 4/417 ح 1.

الّذين خالفوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «كذلك نفعل بالمجرمين» يعني بني أمية وبني فلان (1).

1- وروي بحذف الاسناد مرفوعا إلى العباس بن إسماعيل، عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ألم نهلك الأولين- قال: يعني الأول والثاني- ثم نتبعهم الآخرين- قال: الثالث والرابع والخامس- كذلك نفعل بالمجرمين) من بني أمية.

وقوله (ويل يومئذ للمكذبين) بأمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

2- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد باسناده عن محمّد بن فضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين)

قال: «الأولين» الّذين كذبوا الرسل في طاعة الأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ).

(قلت: قوله) (3) (كذلك نفعل بالمجرمين)؟ قال:

من أجرم إلى آل محمّد- صلوات الله عليهم- وركب من وصيه ما ركب.

قلت: قوله (ويل يومئذ للمكذبين)؟ قال: يقول «ويل للمكذبين» يا محمّد بما أوحيت إليك في (4) ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)

3- تأويله: رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه)، عن أحمد بن يونس، عن أحمد بن سيار [عن بعض أصحابنا] (6) عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا لاذ الناس من العطش قيل لهم»انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون «يعني [إلى] (7)

ص: 754


1- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر).
2- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/417 ح 1.
3- ليس في الكافي.
4- في الكافي والبرهان: من.
5- الكافي: 1/435 قطعة من حديث 91، وعنه البحار: 24/339 ح 59 والبرهان: 4 /418 ح 1.
6- من قراءات السياري.
7- من نسخة «أ».

أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال: فإذا أتوه قال لهم «انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب» يعني من لهب العطش (1).

4- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن القاسم عن [أحمد بن] (2) محمّد بن سيار، عن بعض أصحابنا- مرفوعا- إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إذا لاذ الناس من العطش قيل لهم «انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون» يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيقول لهم «انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب».

قال: يعني الثلاثة فلان وفلان وفلان(3).

معنى هذا أن أعداء آل محمّد صلوات الله عليهم يوم القيامة يأخذهم العطش فيطلبون الماء فيقال لهم»انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون «أي بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4) وأمّامته، فإنه على حوض الكوثر يسقي أولياءه، ويمنع أعداءه، فيأتون إليه ويطلبون (5) منه الماء فيقول لهم»انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب».

ويعني بالظل- هنا- ظلم أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، ولهذا الظل ثلاث شعب، لكل شعبة منها رب وهم أصحاب الرايات الثلاثة، وهم أئمّة الضلال، ولكل راية منها ظل يستظل به أهله.

ثم أوضح لهم الحال فقال: إن هذا الظل المشار إليه لا ظليل (6) يظلكم ولا يغنيكم من اللهب أي العطش، بل يزيدكم عطشا، وإنما يقال لهم هذا استهزاء بهم وإهانة لهم، وكانوا أحق بها وأهلها.

ص: 755


1- مصباح الأنوار: 50 (مخطوط) وعنه البرهان: 4/418 ح 1 ورواه السياري في تفسيره.
2- سقط في الأصل، وما أثبتناه هو الصحيح بقرينة بقية الموارد من التأويل على أن الرواية موجودة في قراءات السياري، واسمه أحمد بن محمّد بن سيار السياري.
3- عنه البحار: 8/225 (طبع الحجر) والبرهان: 4/418 ح 2.
4- في نسخة «م» «بولايته «بدل «بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)».
5- في نسخة «م» فيطلبون.
6- في نسخة «م» لا ظليل لهم.

وقوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

قال عليّ بن إبراهيم في قوله (في ظلال وعيون) قال: في ظلال من نور (1). ويقال لهم «كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون» من الأعمال الحسنة بعد المعرفة.

ثمّ عطف على أعداء آل محمّد فقال لهم»كلوا وتمتعوا قليلا- في الدنيا- إنكم مجرمون».

5- وروى محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد باسناده، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قول الله عزّ وجلّ (إن المتقين في ظلال وعيون) قال: هم نحن والله وشيعتنا، ليس على ملة إبراهيم غيرنا، وسائر الناس منها براء (2).

وقوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)

قال عليّ بن إبراهيم (رحمه الله): «وإذا قيل لهم» والوا (3) الامام لا يوالونه.

ثمّ قال سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (فبأي حديث- بعد الّذي أخبرتك به- يؤمنون) (4).

6- وروى الحسن بن عليّ الوشّاء، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) قال: هي في بطن القرآن، وإذا قيل للنصاب: تولّوا عليّاً لا يفعلون (5).

لما سبق لهم ن الله عزّ وجلّ من الشقاء، لمعاداتهم لسيّد الأوصياء وصي

ص: 756


1- تفسير القمي: 709 وفيه «ظلال من نور أنور من الشمس» وعنه البرهان: 4/418 ذ ح 1 ونور الثقلين: 5/490 ح 23.
2- الكافي: 1/435 قطعة من ح 91، وعنه البحار: 24/339 قطعة من ح 59 والبرهان: 4/418 ذ ح 1.
3- في البرهان: توالوا، وفي القمي: تولوا، وفيه: لم يوالوه بدل «لا يوالونه».
4- تفسير القمي: 709 مع اختلاف، وعنه البرهان: 4/418 ذ ح 1.
5- عنه البحار: 36/131 ح 81 و البرهان: 4/418 ح1.

سيّد الأنبياء (و) (1) أبي السادة النجباء.

صلى الله عليهم صلاة تملأ الأرض والسماء، ما اختلف الصبح والمساء والظلام والضياء.

«78»

«سورة النبأ»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)

فمعنى النبأ: الخبر والشأن.

وأمّا التأويل: فقد ورد فيه روايات كثيرة تتضمن أن النبأ العظيم هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) منها:

1- ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى باسناده عن رجال، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية (2) (عم يتساءلون عن النبأ العظيم) فقال: ذاك إلي، ان شئت أخبرتهم، وإن شئت لم أخبرهم.

[ثمّ قال:] (3) لكني أخبرك (4) بتفسيرها.

قلت «عمّ يتساءلون «قال: [فقال]: (5) هي في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان صلوات الله عليه يقول: ما لله عزّ وجلّ آية هي أكبر مني، ولا لله [من] (6) نبأ (هو) (7) أعظم مني (8).

ص: 757


1- ليس في نسخة «ج».
2- في الأصل هذه الآية: قوله تعالى.
3- من الكافي، وفي الأصل بدله «و».
4- هكذا في الكافي، وفي الأصل: أخبرهم.
5- من الكافي.
6- من الكافي.
7- ليس في الكافي.
8- الكافي: 1/207 ح 3 وعنه البرهان: 4/419 ح 1، ورواه في بصائر الدرجات: 76 ح 3.

2- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم باسناده، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (عم يتساءلون عن النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون) قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: ما لله نبأ هو أعظم مني، ولقد عرض فضلي على الأمم الماضية باختلاف ألسنتها (1).

3- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (عم يتساءلون عن النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون)؟

قال (2): هو علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ليس فيه خلاف (3).

وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال «النبأ العظيم»هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

4- وذكر صاحب كتاب النخب حديثا مسندا عن محمّد بن مؤمن الشيرازي باسناده إلى السدي في تفسير قوله عزّ وجلّ (عم يتساءلون عن النبأ العظيم).

قال: أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: يا محمّد هذا الامر بعدك لنا أم لمن؟ قال: يا صخر! الامر من بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى فأنزل الله سبحانه (عم يتساءلون عن النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون) يعني:

أهل مكة يتساءلون عن خلافة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) «النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون» (منهم المصدق بولايته وخلافته، ومنهم المكذب بهما.

ص: 758


1- عنه البحار: 36/1 ح 2 وعن تفسير القمي: 709 عن الرضا «ع «وفيه على اختلاف ألسنتها فلم تقر بفضلي، وفي البرهان: 4/419 ح 4 عن القمي.
2- في نسخة «م» فقال.
3- عنه البحار: 36/2 ح 4 والبرهان: 4/420 ح 6.
4- تفسير القمي: 572 وعنه البحار: 36/1 ح 1 والبرهان: 4/63 ح 3.

ثمّ قال «كلا سيعلمون» بعدك أن ولايته حق، ثمّ قال توكيدا «ثم كلا سيعلمون» (أن ولايته حق إذا سئلوا) (1) عنها في قبورهم، فلا يبقى ميت في مشرق ولا في مغرب ولا بر ولا بحر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد الموت، يقولان للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟ (2).

[ورواه ابن طاووس (رحمه الله) في كتاب اليقين، والعلامة (رحمه الله) في نهج الحق عن الحافظ محمّد بن مؤمن المذكور] (3)

5- وذكر أيضا حديثا باسناده (4) من قوله «ع- «في آخر صفحة: 758- «منهم المصدق «إلى هنا ليس في نسخة «ج». (5) ليس في البحار.(6) قال: لا فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا والله النبأ العظيم الّذي في (7) اختلفتم، وعلى ولايتي تنازعتم، وعن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم، وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم، ويوم الغدير قد علمتم، ويوم القيامة تعلمون ما عملتم (8) ثم علاه بسيفه، فرمى برأسه ويده (9).

6- ويؤيده: ما رواه (10) الأصبغ بن نباتة أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: والله أنا «النبأ

ص: 759


1- في البحار: يقول: يعرفون ولايته وخلافته إذ يسألون.
2- عنه البحار: 36/2 ضمن ح 4 مع اختلاف، وأخرجه في البرهان: 4/420 ح 8 من طريق العامّة عن الحافظ محمّد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من تفاسير الاثني عشر.
3- كشف اليقين: 151 وعنه البحار: 37/258 ح 16 وإحقاق الحق: 3/484، وما بين المعقوفين من نسخة «أ» وفيها الحافظ محمّد بن موسى، والظاهر أنه اشتباه.
4- في البحار: وروى أيضا: حدّثنا أحمد باسناده.
5- إلى علقمة أنه قال: خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام وعليه سلاح وفوقه مصحف وهو يقرأ «عم يتساءلون عن النبأ العظيم» فأردت البراز إليه، فقال (لي)
6- علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): مكانك. وخرج بنفسه فقال له: أتعرف النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون؟)
7- في البحار: فيه.
8- في نسختي «ب، م» ما علمتم.
9- عنه البحار: 36 2 ذ ح 4، وأورده في البرهان: 4/420 ح 9 عن كتاب النخب.
10- في نسختي «ب، م» وفي رواية.

العظيم الّذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون «حين أقف بين الجنّة والنار، وأقول: هذا لي، وهذا لك (1).

7- [وذكر كثير من العامّة أيضا كالخوارزمي وغيره في قوله تعالى (عم يتساءلون عن النبأ العظيم) أن المراد به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (2).

وقوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)

معناه: أنه إذا كان يوم القيامة «يقوم الروح «وهو خلق ما خلق الله تعالى أعظم منه وحده صفّا، وتقوم الملائكة كلهم صفا، فيكون خلفه مثل صفهم»لا يتكلّمون- أي الروح والملائكة في ذلك اليوم- إلا من أذن له الرحمن- في الكلام- وقال صوابا «في كلامه، وهم النبيّ والأئمّة، صلوات الله عليهم لما رواه:

8- محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة، والقائلون صوابا.

قال: قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قالوا: نحمد ربنا ونصلي على نبينا ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا.

وروي عن الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثله (3).

وذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره مثله.

ص: 760


1- عنه البحار: 36/3 ح 6 وعن مناقب ابن شهرآشوب: 2/277، وأورده في البرهان: 4/420 ح 10 عن الأصبغ بن نباتة.
2- راجع إحقاق الحق: 3/484- 502، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- عنه البحار: 24/262 ح 17 والبرهان: 4/422 ح 3 وفي البحار: 8/41 ح 28، 29 عنه وعن المحاسن: 1/183 والكافي: 1/435 قطعة من ح 91، وأخرجه في البحار: 24/257 ح 1 عن مناقب ابن شهرآشوب: 3/404.

9- وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي خالد القماط، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: قال: إذا كان يوم القيامة، وجمع الله الخلائق من الأولين والآخرين في صعيد واحد، خلع قول «لا إله إلا الله» من جميع الخلائق إلا من أقر بولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قوله تعالى (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) (1).

وقوله تعالى: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن يونس بن يعقوب [و] (2) عن خلف ابن حماد، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن سعيد (3) السمّان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله تعالى (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) يعني علويا يوالي أبا تراب. وروى محمّد بن خالد البرقي، عن يحيى الحلبي (عن هارون بن خارجة وخلف بن حمّاد) (4) عن أبي بصير مثله (5).

11- وجاء في باطن تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ما يؤيد هذا التأويل في تأويل قوله تعالى (أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا) (6)قال: هو يرد إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «فيعذبه عذابا نكرا- حتّى يقول- يا ليتني كنت ترابا «أي من شيعة أبي تراب. ومعنى «ربّه» أي صاحبه.

يعني أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قسيم الجنّة والنار، وهو يتولّى العذاب والثواب

ص: 761


1- عنه البحار: 24/262 ح 18 والبرهان: 4/422 ح 4.
2- هذا هو الظاهر حفظا لطبقة خلف.
3- في نسختي «ج، م» سعد «وهو اشتباه.
4- هكذا ولكن الظاهر: وخلف عن هارون عطفا لخلف على يحيى للسند المتقدّم، ولان رواية يحيى عن هارون ورواية محمّد بن خالد، عن خلف، ورواية هارون عن أبي بصير ثابتة كثيرا ولم نعثر على رواية خلف عن أبي بصير ولا محمّد بن خالد، عن هارون فراجع.
5- عنه البحار: 7/194 ح 58 و ج 24/262 ح 19 والبرهان: 4/423 ذ ح 1.
6- سورة الكهف: 87.

وهو الحاكم في الدنيا ويوم المآب (1).

صلوات الله عليه وعلى ذرّيّته الأنجاب ما هبت رياح وثارت سحاب.

«79»

«سورة النازعات»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل، عن عليّ بن خالد العاقولي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي (2) عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله عزّ وجلّ (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة).

قال «الراجفة» الحسين بن علي صلوات الله عليهما و «الرادفة «عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في خمسة وسبعين ألفا وهو قوله عزّ وجلّ (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (3).

وهذا ممّا يدلّ على الرجعة إلى الدنيا، ولله الآخرة والأولى.

وقوله تعالى: قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)

2- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن

ص: 762


1- عنه البحار: 7/194 ح 59 و ج 24/262 ح 20 والبرهان: 4/423 ح 2.
2- كذا في نسخة «ب» والبرهان وظاهر البحار وهو الصحيح على ما في كتب الرجال، وفي نسخ «أ، ج، م»عمر الجعفي.
3- عنه البرهان: 4/424 ح 1 وفي البحار: 53/106 ح 134 عنه وعن تفسير فرات: 203 معنعنا عن أبي عبد الله «ع «وفيه: خمسة وتسعون ألف، وفضائل شاذان: 139 والروضة في الفضائل: 139 وفيه: أو ستين ألفا. والآية الأخيرة في سورة المؤمن: 52.

أحمد، عن القاسم بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، عن سماعة بن مهران، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الكرة المباركة النافعة لأهلها يوم الحساب ولايتي واتباع أمري، وولاية علي والأوصياء من بعده (واتّباع أمرهم، يدخلهم الله الجنّة بها معي ومع علي وصيّي والأوصياء من بعده) (1).

والكرّة الخاسرة: عداوتي وترك أمري، وعداوة عليّ والأوصياء من بعده يدخلهم الله بها النار في أسفل السافلين (2).

والحمد لله ربّ العالمين.

«80»

«سورة عبس»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)

تأويله: ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال: نزلت في الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (3).

1- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد المالكيّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن خلف بن حماد، عن أبي أيوب الخزّاز (4) عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (بأيدي سفرة كرام بررة) قال: هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (5).

ص: 763


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 24/263 ح 21 والبرهان: 4/425 ح 2.
3- تفسير القمي: 712، وعنه البرهان: 4/428 ملحق ح 2.
4- في نسخ الأصل والبحار والبرهان «الحذاء «والظاهر أن ما أثبتناه هو الصحيح إذ لم نجد له ذكرا في كتب الرجال والأحاديث.
5- عنه البحار: 24/90 ح 6 والبرهان: 4/428 ح 1.

ومعنى هذا التأويل: فقوله سبحانه (فمن شاء ذكره- أي القرآن- في صحف مكرمة) وهي الصحف المنزلة على الأنبياء، مثل صحف إبراهيم، وموسى «مكرمة» أي عند الله سبحانه «مرفوعة» عنده في اللوح المحفوظ «مطهرة» من دنس الأنجاس لا يمسها إلا المطهرون من الناس.

«بأيدي سفرة» وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لانّهم السفراء (1) بين الله وبين خلقه، ثم وصفهم بأنهم كرام عليه بررة مطيعون لامره لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.

وقوله تعالى: قتل الانسان ما أكفره (17) من أي شئ خلقه (18) من نطفة خلقه فقدره (19) ثم السبيل يسره (20) ثم أماته فاقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22) كلا لما يقض ما أمره (23)

تأويله: ظاهر وباطن، فالظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

2- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (2) عن جميل بن دراج، عن أبي أسامة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (كلا لما يقض ما أمره) قلت [له]: (3) جعلت فداك متى ينبغي له أن يقضيه؟

قال: نعم، نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقوله تعالى (قتل الانسان- يعني أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- ما أكفره) يعني قاتله بقتله إياه.

ثمّ نسب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنسب خلقه وما أكرمه الله به، فقال (من أيّ شئ خلقه من نطفة- الأنبياء- (خلقه فقدّره- للخير- ثمّ السبيل يسّره- يعني سبيل الهدى- ثمّ أماته- ميتة الأنبياء) (4)- ثمّ إذا شاء أنشره).

قلت: ما معنى قوله (إذا شاء أنشره)؟

قال: يمكث بعد قتله ما شاء الله، ثم يبعثه الله وذلك قوله (إذا شاء أنشره)

ص: 764


1- في نسخة «ج» السفرة.
2- في تفسير القمي: عن أبي بصير.
3- من نسخة «م».
4- ليس في نسخة «ج».

وقوله (لما يقض ما أمره) في حياته بعد قتله في الرجعة (1).

وفي هذا التأويل صرح بالرجعة.

وقال عليّ بن إبراهيم في تفسيره: قوله عزّ وجلّ (قتل الانسان- يعني به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- ما أكفره) يعني قاتله حتّى قتله (2).

ومعنى قوله «قتل «أنه قد سبق في علمه تعالى بأنه يقتل، وإخباره بالفعل الماضي عن المستقبل يدل على صحة وقوعه، وإنّه قد وقع، كما أخبر عن أهل الجنّة والنار بقوله (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنّة ) (3) ولله الحمد والمنة.

«81»

«سورة التكوير»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (4)

1- قال أبو علي الطبرسي (رحمه الله): روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) «وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت» بفتح الميم والواو (5) والدال.

وكذلك عن ابن عباس وهي المودّة في القربى، وإنّ قاطعها يسأل بأيّ

ص: 765


1- عنه البرهان: 4/428 ح 2 وذيله في البحار: 53/99 ذ ح 119 عنه وعن تفسير القمي: 712.
2- تفسير القمي: 712، وعنه البحار: 53/99 ح 119 والبرهان: 4/428.
3- سورة الأعراف: 50.
4- بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
5- في البرهان وتفسير روح المعاني: بفتح الميم والواو. وفي مجمع البيان: وأمّا من قرأ المودة بفتح الميم والواو فالمراد بذلك الرحم والقرابة وعن أبي جعفر «ع «قال: يعني قرابة رسول الله «ص». ولا يخفى أن الوأد إذا كان مقلوبا من الأود فهو آئد وذاك مؤود مثل مقول، ومعنى الأود: الإثقال أو الامر العظيم، والمقلوبات في كلام العرب كثيرة، فعلى هذا «المأودة «مصدر ميمي تطابق نسخة «ج» حيث رسمت فيها بفتح الميم والواو والدال، راجع «لسان العرب».

ذنب قطعها (1).

2- وروي عن ابن عباس أنه قال: من قتل في مودتنا وولايتنا (2).

ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها، فيكون القاتل هنا هو المسؤول على الحقيقة لا المقتولة.

3- ويؤيده: ما ذكره عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره قال: سألته عن قوله عزّ وجلّ (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)؟ قال: هي مودتنا، وفينا نزلت (3).

4- وروي عن سليمان (4) بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي الحسن الأزدي، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن ابن عباس أنه قال: هو من قتل مودتنا أهل البيت (5).

5- وعن منصور بن حازم، عن رجل، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)؟ قال: هي مودتنا، وفينا نزلت (6).

6- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم عن زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: جعلت فداك قوله عزّ وجلّ (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت) قال: هي والله مودتنا، وهي والله فينا خاصّة (7).

7- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن إسماعيل

ص: 766


1- مجمع البيان: 10/442 وعنه البرهان: 4/431 ح 1، وأورده في روح المعاني: 30/ 53 عن مجمع البيان.
2- مجمع البيان: 10/442 وعنه البرهان: 4/431 ح 2.
3- تفسير القمي: 713 وعنه البحار: 23/254 ح 1 والبرهان: 4/432 ح 8 وفيه: قال «من قتل في مودّتنا».
4- كذا في البحار والبرهان وهو الصحيح راجع كتب الرجال، وفي الأصل: سلمان.
5- عنه البحار: 23/255 ح 7 والبرهان: 4/432 ح 15.
6- عنه البحار: 23/255 ح 8 والبرهان: 4/432 ح 16.
7- عنه البحار: 23/254 ح 2 والبرهان: 4/432 ح 9.

ابن يسار، عن عليّ بن جعفر الحضرمي، عن جابر الجعفي قال: سألت أبا عبد الله

(عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)؟

قال: من قتل في مودتنا سئل قاتله عن قتله (1).

8- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن محمّد ابن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: «وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت» قال: من قتل في مودتنا (2).

9- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين الأنصاري، عن عمرو بن ثابت، عن عليّ بن القاسم قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)؟

قال: شيعة آل محمّد تسأل «بأي ذنب قتلت» (3).

10- وعن عليّ بن جمهور، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت: قوله عزّ وجلّ (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)

قال: يعني الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

معناه أن قاتله يسأل عن مودة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلا يقبل منه الاعتذار ويؤمر به إلى النار وبئس القرار:

11- كما روي عن عليّ بن محمّد بن مهرويه، عن داود بن سليمان قال: حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إنّ موسى سأل ربه: إنّ هارون مات، فاغفر له، فأوحى الله إليه:

ص: 767


1- عنه البحار: 23/254 ح 3 والبرهان: 4/432 ح 10.
2- عنه البحار: 23/254 ح 4 والبرهان: 4/432 ح 11.
3- عنه البحار: 23/255 ح 5 والبرهان: 4/432 ح 12.
4- عنه البحار: 23/255 ح 6 والبرهان: 4/432 ح 13.

يا موسى لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك، ما خلا قاتل الحسين، فانّي

أنتقم [له] (1) من قاتله (2).

12- وبه قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): حرم الله الجنّة على من ظلم أهل بيتي و [على] (3) قاتلهم و [على] (4) المعين عليهم، و [على] (5) من سبهم «أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم»(6).

13- وبه قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): الويل لظالمي أهل بيتي (عذابهم غدا) (7) مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار (8).

14- وروى صاحب عيون الاخبار باسناد يرفعه إلى الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إنه قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن قاتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدنيا [و] (9) قد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار، منكس (10) في النار، حتّى (لا) (11) يقع في قعر جهنم [و] (12) له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم، مع جميع من شايع على قتله «كلّما نضجت جلودهم- بدّل الله عزّ وجلّ (عليهم) (13) - جلودا غيرها» (14) ليذوقوا العذاب

ص: 768


1- من العيون والبحار.
2- عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 2/47 وعنه البحار: 13/345 ح 30، وفي البحار: 44/300 ح 4 عن العيون وصحيفة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 44، وأورده في فرائد السمطين: 2/263 ح 531.
3- من العيون.
4- من العيون.
5- من العيون.
6- عيون أخبار الرضا: 2/33 ح 65 وعنه البحار: 27/222 ح 10 ونور الثقلين: 1 /295 ح 196، والآية الأخيرة من سورة آل عمران: 77.
7- في العيون: كأني بهم.
8- أخرجه في البحار: 27/205 ح 10 عن العيون: 2/46 ح 177.
9- من العيون.
10- في المصدر: فيركس.
11- ليس في نسخة «ج».
12- من العيون.
13- ليس في نسخة «ج».
14- اقتباس من سورة النساء: 56.

(الأليم) (1) لا يفتّر عنهم ساعة، ويسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب الله في النار (2).

وقوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)

15- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عبد الله بن العلا، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عثمان بن أبي شيبة، عن الحسين بن عبد الله الأرجاني عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

سأله ابن الكوا عن قوله عزّ وجلّ (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ)؟

فقال: إن الله لا يقسم بشئ من خلقه، فأمّا قوله «الْخُنَّسِ» فإنه ذكر قوما خنسوا علم الأوصياء، ودعوا الناس إلى غير مودتهم، ومعنى خنسوا: ستروا.

فقال له و (الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)؟ قال: يعني الملائكة جرت بالعلم (3) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فكنسه عنه الأوصياء من أهل بيته، لا يعلمه أحد غيرهم، ومعنى كنسه: رفعه وتوارى به.

فقال (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ)؟ قال: يعني ظلمة الليل، وهذا ضربه الله مثلا لمن ادعى الولاية لنفسه، وعدل عن ولاة الامر.

قال: فقوله (والصبح إذا تنفس)؟ قال: يعني بذلك الأوصياء يقول: إن علمهم أنور وأبين من «وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ» (4).

16- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن إسماعيل بن السمان، عن موسى بن جعفر بن وهب، عن وهب بن شاذان عن الحسن بن الربيع، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدثتني أم هاني قالت: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)؟

ص: 769


1- ليس في نسخة «ج».
2- عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 2/46 ح 178 وعنه البحار: 44/300 ح 3 وعن صحيفة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 23، وأورده في فرائد السمطين: 2/264 باسناده إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- في نسخة «م» بالقلم.
4- عنه البحار: 24/77 ح 17 والبرهان: 4/433 ح 4.

فقال: يا أمّ هاني إمام يخنس نفسه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يظهر كالشهاب

الثاقب في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرت عينك يا أم هاني (1).

وقوله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)

17- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا عليّ بن العباس، عن حسين بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن سعيد بن خثيم (2) عن مقاتل، عمن حدثه، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين) قال: يعني رسول الله (3) (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع «عند رضوان خازن الجنّة، وعند مالك خازن النار «ثم أمين «فيما استودعه الله إلى خلقه وأخوه علي أمير المؤمنين أمين (أيضا) (4) فيما استودعه محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إلى أمته (5)

«82»

«سورة الانفطار»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)

ذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره: أنها نزلت في الثاني، يعني ما قدمت من ولاية أبي فلان ومن ولاية نفسه، وما أخرت من ولاة الامر من بعده (6).

وذكر أيضا قال: وقوله عزّ وجلّ (بل تكذبون بالدين) أي بالولاية، فالدين

ص: 770


1- عنه البحار: 24/78 ح 18 والبرهان: 4/433 ح 1 واثبات الهداة: 7/131 ح 659 وأخرجه في البحار: 51/51 ح 26 عن كمال الدين: 1/324 ح 1 وغيبة الطوسي: 101 وغيبة النعماني: 149 ح 6 مثله.
2- في نسختي «ب، ج» خيثم، والصحيح ما أثبتناه، راجع لسان الميزان: 7/228.
3- في نسخة «م» والبرهان: يعنى رسول كريم رسول الله.
4- من نسختي «ب، م» والبرهان.
5- عنه البرهان: 4/434 ح 1.
6- عنه البحار: 8/238 (طبع الحجر) والبرهان: 4/236 ح 4.

هو الولاية (1).

قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)

قال: (إن) (2) الأبرار نحن هم، والفجّار: هم عدونا (3).

«83»

«سورة المطففين»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)

1- تأويله: ما رواه أحمد بن إبراهيم بن عباد باسناده إلى عبد الله بن بكير يرفعه إلى أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ويل للمطففين- يعني الناقصين (4) لخمسك يا محمّد- الّذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) أي إذا صاروا (5) إلى حقوقهم من الغنائم يستوفون.

«وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون» أي إذا سألوهم خمس آل محمّد نقصوهم.

ص: 771


1- عنه البحار: 8/238 (طبع الحجر) والبرهان: 4/236 ح 5.
2- ليس في نسخة «م» والبحار.
3- عنه البحار 24/2 ح 5 والبرهان: 4/436 ح 3.
4- في نسخة «ج» المناقصين.
5- في البحار: ساروا.

وقوله تعالى (ويل يومئذ للمكذبين) بوصيك يا محمّد، وقوله تعالى (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين) قال: يعني تكذيبه بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ يقول له:

لسنا نعرفك، ولست من ولد فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، كما قال المشركون لمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (1).

وقوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)

2- تأويله: رواه الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن عليّ بن محمّد (عن بعض أصحابنا) (2) عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قلت له: قوله عزّ وجلّ (كلّا إن كتاب الفجّار لفي سجّين) (قال: هم الّذين فجروا في حق الأئمّة واعتدوا عليهم) (3).

قال: فقلت [له]: (4) ثمّ يقال «هذا الّذي كنتم به تكذّبون» قال: يعني (به) (5) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (قال) (6): قلت: (هذا) (7) تنزيل؟ قال: نعم (8).

وقوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عليّيّن (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)

3- تأويله: رواه أيضا محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد [وغيره،] (9) عن محمّد بن خالد (10) عن أبي نهشل، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: إن الله تعالى خلقنا من أعلى عليّيّن، وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لأنّها خلقت مما خلقنا منه.

ثمّ تلا [هذه الآية] (11) (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عليّيّن وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ِتَابٌ مَرْقُومٌ).

ص: 772


1- عنه البحار: 24/280 ح 9 والبرهان: 4/437 ح 1 وصدره في البحار: 96/188 ح 19.
2- ليس في نسخة «م».
3- ليس في نسخة «م».
4- من نسخة «م»، وكلمة «قال «ليست في الكافي وفيه: قلت بدل «فقلت».
5- ليس في الكافي.
6- ليس في الكافي.
7- ليس في الكافي.
8- الكافي: 1/435 قطعة من حديث 91 وعنه البحار: 24/340 والبرهان: 4/438 ح 1.
9- من الكافي.
10- في الكافي: خلف.
11- من الكافي.

وخلق عدوّنا من سجّين، وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلقوا (1) من الكافي.(2) أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم لأنّها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا [هذه الآية] (3) (كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدريك ما سجين كتاب مرقوم) (4)

وممّا ورد في هذا المعنى، أنّ النبيّ والأئمّة صلى الله عليهم خلقوا من طينة عليّيّن هو:

4- ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في كتاب «المعراج» - عن رجاله مرفوعا- عن عبد الله بن العباس (رَضِیَ اللهُ عَنهُ) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو يخاطب عليّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول:

يا عليّ إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله، وكنا أمام عرش رب العالمين نسبّح الله ونقدسه، ونحمده ونهلّله، وذلك قبل أن خلق السماوات والأرضين.

فلمّا أراد أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة واحدة، من طينة عليّيّن وعجننا بذلك النور، وغمسنا في جميع الأنوار وإنّهار الجنّة، ثم خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة (5) والنور، فلمّا خلقه استخرج ذريته من ظهره، فاستنطقهم وقررهم بربوبيته (6).

فأول خلق أقرّ (7) له بالربوبية أنا وأنت والنبيّون على قدر منازلهم وقربهم من الله عزّ وجلّ.

فقال الله تبارك وتعالى: صدقتما وأقررتما- يا محمّد ويا عليّ- وسبقتما خلقي إلى طاعتي، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما، فأنتما صفوتي من خلقي

ص: 773


1- في الكافي: خلقهم.
2- منه و (خلق)
3- الكافي: 2/4 ح 4 وعنه البحار: 67/127 ح 32 والبرهان: 4/438 ح 2.
4- ليس في الكافي.
5- في نسخة «ج» النطفة.
6- في نسخة «ب» بدينه.
7- في نسخة «ب» فأول من خلقه فأقر.

والأئمّة من ذريّتكما وشيعتكما، وكذلك خلقتكم.

ثمّ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ فكانت الطينة في صلب آدم ونوري ونورك بين عينيه، فما زال ذلك النور ينتقل بين أعين النبيّين والمنتجبين حتّى وصل النور والطينة إلى صلب عبد المطلب، فافترق نصفين، فخلقني الله من نصف (1) واتخذني نبيا ورسولا، وخلقك من النصف الآخر فاتخذك خليفة ووصيّا ووليّا.

فلمّا كنت من عظمة ربي كقاب قوسين أو أدنى قال لي: يا محمّد من أطوع خلقي لك؟ فقلت: عليّ بن أبي طالب.

فقال عزّ وجلّ: فاتخذه خليفة ووصيا،، فقد اتخذته صفيّا ووليّا.

يا محمّد كتبت اسمك واسمه على عرشي من قبل أن أخلق (أحدا) (2) محبة مني لكما ولمن أحبكما وتولاكما وأطاعكما، فمن أحبكما وأطاعكما وتولاكما كان عندي من المقربين، ومن جحد ولايتكما وعدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين.

ثمّ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا علي، فمن ذا يلج بيني وبينك (و) (3) أنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة؟ فأنت أحق الناس بي في الدنيا والآخرة، وولدك ولدي وشيعتكم (4) شيعتي وأولياؤكم أوليائي، وأنتم معي غدا في الجنّة (5).

وهذا يدلّ على أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أفضل من الأنبياء والمرسلين (عَلَيهِم السَّلَامُ) لأنّه سبقهم إلى الاقرار هو والنبيّ المختار، صلى الله عليهما وعلى ذريّتهما الأطهار ما اطّرد الليل والنهار.

ص: 774


1- في نسختي «ب، م» نصفه.
2- ليس في نسخة «أ».
3- ليس في نسخة «م».
4- في نسختي «أ، ج «شيعتك.
5- أخرجه في البرهان: 4/439 ح 6، وقطعة منه في اثبات الهداة: 3/87 ح 791 عن كتاب المعراج لابن بابويه.

5- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم ابن محمّد، عن سعيد بن عثمان الخزاز (1) قال: سمعت أبا سعيد المدائني يقول: «كلا إن كتاب الأبرار لفي عليّيّن وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم» بالخير، مرقوم بحب محمّد وآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

ثمّ قال «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدريك ما سجين كتاب مرقوم» (بالشر مرقوم ببغض محمّد وآل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومعنى سجين كتاب مرقوم) (3)

وسجين: موضع في جهنم، وإنما سمي به الكتاب مجازا تسمية الشئ باسم مجاورة ومحله، أي كتاب أعمالهم في سجين.

6- وروي عن البراء بن عازب أنه قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «سجين «أسفل سبع أرضين (4).

7- وروي أن عبد الله بن العباس جاء إلى كعب الأحبار وقال له: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (كلا إن كتاب الفجار لفي سجين).

فقال له: إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها، فيهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها، فتنزل [إلى] (5) سبع أرضين حتّى ينتهي بها إلى سجين، وهو موضع جنود إبليس اللعين (6).

فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وأمّا معنى عليّيّن: فإنه مراتب عالية محفوفة بالجلالة، وقيل: هي في السماء

ص: 775


1- في نسخة «م» الجزار.
2- عنه البحار: 24/3 ح 6 وص 327 ح 44 وفي البرهان: 4/438 ح 3 إلى قوله «في سجين».
3- ما بين القوسين ليس في نسخة «م».
4- عنه البرهان: 4/439 ح 4، وأخرجه في البحار: 58/50 عن مجمع البيان: 10/453.
5- من البرهان.
6- عنه البرهان: 4/439 ح 5، وأخرجه في البحار: 58/50 عن مجمع البيان: 10/453 وفي البحار: 50/52 ح 5 عن الدر المنثور: 6/334.

السابعة وفيها أرواح المؤمنين، وقيل: هي في سدرة المنتهى، وهي التي ينتهى إليها كل شئ من أمر الله تعالى، وقيل «عليون «الجنّة، وقيل: هي لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش، أعمالهم- مكتوبة مرقومة (1)- فيه طاعاتهم وما تقر به أعينهم ويوجب سرورهم بضد كتاب الفجار.

ومما ورد أن في عليّيّن منزل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) والأئمّة صلوات الله عليهم ومنزل شيعتهم.

8- هو ما رواه أبو طاهر المقلد بن غالب (رحمه الله)، عن رجاله، باسناد متصل إلى (عليّ بن شعبة الوالبي (2) عن الحارث الهمداني قال: دخلت على أمير المؤمنين (3) عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو ساجد يبكى حتّى علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء، فقلنا: يا أمير المؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك وأمضنا وأشجانا، وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط!

فقال: كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرة (4) في سجدتي، فغلبتني عيني فرأيت رؤيا هالتني وأفظعتني، رأيت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قائما وهو يقول: يا أبا الحسن طالت غيبتك عني، وقد اشتقت إلى رؤيتك، وقد أنجز لي ربي ما وعدني فيك.

فقلت: يا رسول الله وما الّذي أنجز لك في؟ قال: أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريتك في الدرجات العلى في عليّيّن.

فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فشيعتنا؟ قال: شيعتنا معنا وقصورهم بحذاء قصورنا، ومنازلهم مقابل منازلنا.

فقلت: يا رسول الله فما لشيعتنا في الدنيا؟ قال: الامن والعافية.

قلت: فما لهم عند الموت؟ قال: يحكم الرجل في نفسه، ويؤمر ملك الموت بطاعته (وأيّ ميتة شاء ماتها، وإنّ شيعتنا ليموتون على قدر حبّهم لنا) (5).

قلت: فما لذلك حدّ يعرف به؟ قال: بلى إنّ أشدّ شيعتنا لنا حبّاً يكون

ص: 776


1- في نسخة «ب» مرفوعة.
2- في نسختي «أ، ب» الوالي، وفي نسخة «ج» الوابشي.
3- ليس في البحار.
4- في البحار: الخيرات.
5- ليس في البحار.

خروج نفسه كشرب أحدكم في اليوم الصائف الماء البارد الّذي ينتفع منه القلب، وإنّ سائرهم ليموت كما يغطّ أحدكم على فراشه كأقرّ ما كانت عينه بموته (1).

وقوله تعالى: يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ

9- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد مولى بني هاشم، عن جعفر بن عنبسة، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن (2) بن بكر عن عبد الله بن محمّد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: قام فينا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأخذ بضبعي (3) عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى رؤي بياض إبطيه وقال له:

إن الله ابتدأني فيك بسبع خصال، قال جابر: فقلت:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وما السبع التي ابتدأك (الله) (4) بهنّ؟

قال: أنا أول من يخرج من قبره وعلي معي، وأنا أول من يجوز [على] (5) الصراط وعلي معي، وأنا أول من يقرع باب الجنّة وعلي معي، وأنا أول من يسكن عليّيّن وعلي معي، وأنا أول من يزوج من الحور العين وعلي معي، وأنا أول من يسقى من الرحيق المختوم الّذي ختامه مسك وعلي معي (6).

وقوله تعالى: وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)

10- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد عن أحمد بن الحسن قال: حدّثني أبي، عن حصين (7) بن مخارق، عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن أبيه عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، عن جابر بن عبد الله ((رَضِیَ اللهُ عَنهُ))

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: قوله تعالى (ومزاجه من تسنيم) قال: هو أشرف شراب في

ص: 777


1- عنه البحار: 42/194 ح 11 والبرهان: 4/439 ح 5، وما بين هذه العبارة وعبارة البحار ونسخة «م» اختلافات يسيرة.
2- في البحار: الحسين.
3- في البحار: بعضد.
4- ليس في نسخة «ج».
5- من نسخة «م».
6- عنه البحار: 39/230 ح 7 والبرهان: 4/440 ح 8.
7- كذا في نسخة «أ» وهو الصحيح بقرينة بقية الموارد، وفي بقية النسخ والبحار: حسين.

الجنّة يشربه محمّد وآل محمّد، وهم المقرّبون السابقون: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلي ابن أبي طالب والأئمّة وفاطمة وخديجة (1).

صلوات الله عليهم وعلى ذريتهم الّذين اتبعوهم بإيمان يتسنم عليهم من أعالي دورهم (2)

11- محمّد بن أبي القاسم في «البشارة «بإسناده إلى أبي العباس الضرير الدمشقي عن أبي الصباح، عن همام بن أبي علي (3) قال: قلت لكعب الأحبار:

ما تقول في هذه الشيعة شيعة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟ فقال:

يا همام إنّي أجد صفتهم في كتاب الله المنزل، أنّهم حزب الله [ورسوله] (4) وأنصار دينه، وشيعة وليه، وهم خاصّة الله من عباده، نجباؤه من خلقه، اصطفاهم لدينه، وخلقهم لجنته، مسكنهم جنة الفردوس الأعلى في قباب الدر وغرف اللؤلؤ وهم المقربون الأبرار، يشربون من الرحيق المختوم، وتلك عين يقال لها «تسنیم» لا يشرب فيها غيرهم فإن تسنيما عين وهبها الله لفاطمة بنت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) زوجة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) تخرج من تحت قأئمّة (العرش) (5).

قبّتها على برد الكافور، وطعم الزنجبيل، وريح المسك، ثمّ تسنّم (6) فيشرب منها شيعتها وأحبّاؤها.

ولقبّتها أربع (7) قوائم: قأئمّة من لؤلؤة بيضاء، تخرج من تحتها عين تسيل في سبل أهل الجنّة، يقال لها «السّلسبيل».

وقأئمّة من درّة صفراء تخرج من تحتها عين يقال لها «طهور «وهي الّتي قال الله تعالى (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) (8).

ص: 778


1- عنه البحار: 8/150 ح 85 و ج 24/3 ح 7 والبرهان: 4/440 ح 9.
2- في نسخة «أ» تنسم، وفي نسخة «م» تبسم.
3- كذا في البحار والمصدر، وفي الأصل: همام بن أبي طالب.
4- من المصدر.
5- ليس في البحار والمصدر.
6- في البحار: تسيل.
7- ولكن المعدود ثلاث.
8- سورة الدهر: 21.

وقأئمّة من درّة خضراء، تخرج من تحتها عينان نضاختان من خمر وعسل.

وكلّ عين منها تسيل إلى الجنان إلا التسنيم، فإنها تسنّم إلى عليّيّن، فيشرب منها خاصّة أهل الجنّة وهم شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأحباؤه وذلك قول الله عزّ وجلّ (يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون) فهنيئا لهم.

قال كعب: والله لا يحبّهم إلا من أخذ الله عزّ وجلّ منه الميثاق (1).

12- وروي عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: تسنيم أشرف شراب في الجنّة يشربه محمّد وآل محمّد صرفا، ويمزج لأصحاب اليمين ولسائر أهل الجنّة (2)

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)

معناه: قوله سبحانه (إن الّذين أجرموا) وهم منافقو قريش، كانوا إذا مر بهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه يضحكون منهم ويتغامزون عليهم (وإذا انقلبوا - المنافقون إلى أهليهم- انقلبوا فكهين- أي متفكهين بذكرهم مسرورين بما هم فيه- وإذا رأوهم- أي المنافقون المؤمنين- قالوا هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين) (أي يقول المنافقون: إن المؤمنين ضالون وبعد ذلك إن المنافقين لم يرسلوا من قبل الله على المؤمنين حافظين) (3) بما كلّفوا به، شاهدين عليهم يوم القيامة، بل المؤمنون هم الحافظون الشاهدون على المنافقين بما كانوا يعملون.

ص: 779


1- بشارة المصطفى: 60 مع اختلاف يسير، وعنه البحار: 68/128 ح 59، والحديث نقلناه من نسخة «أ».
2- عنه البحار: 8/150 ح 86 و ج 24/3 ح 8 والبرهان: 4/440 ذ ح 9.
3- ليس في نسخة «ج».

ثمّ قال سبحانه «فاليوم- أي يوم القيامة- الّذين آمنوا- يعني أمير المؤمنين وأصحابه- من الكفار- المنافقين- يضحكون على الأرائك ينظرون «إلى المنافقين وهم في النار يعذبون.

ثمّ قال سبحانه (هل ثوب الكفار- الّذين ضحكوا من المؤمنين أي هل حصل لهم من الثواب والعقاب والجزاء- ما كانوا يفعلون) في الدنيا من الافعال القبيحة ثوابا وجزاء غير الخزي والفضيحة؟

13- وأمّا تأويله: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه كان يمر بالنفر من قريش فيقولون: انظروا إلى هذا الّذي اصطفاه محمّد واختاره من بين أهله، ويتغامزون فنزلت هذه الآيات (إن الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) إلى آخر السورة (1).

14- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحكم بن سليمان، عن محمّد بن كثير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى (إن الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون) قال: ذاك هو الحارث بن قيس وأناس معه، كانوا إذا مر بهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالوا: أنظروا إلى هذا الّذي اصطفاه محمّد، واختاره من بين أهل بيته، فكانوا يسخرون ويضحكون، فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنّة والنار باب، فعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يومئذ على الأرائك متكئ ويقول لهم: هلم لكم، فإذا جاؤوا سد بينهم الباب، فهو كذلك يسخر منهم ويضحك، وهو قوله تعالى (فاليوم الّذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل

ص: 780


1- عنه البحار: 36/66 ح 7 والبرهان: 4/440 ح 1.

ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) (1).

15- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن محمّد الواسطي باسناده إلى مجاهد في قوله تعالى (إن الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون)

قال: إن نفرا من قريش كانوا يقعدون بفناء الكعبة فيتغامزون بأصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ويسخرون منهم، فمر بهم، ماء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في نفر من أصحاب رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فضحكوا منهم وتغامزوا عليهم، وقالوا: هذا أخو محمّد! فأنزل الله عزّ وجلّ (إن الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون) فإذا كان يوم القيامة أدخل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (و) (2) من كان معه الجنّة فأشرفوا على هؤلاء الكفار ونظروا إليهم، فسخروا منهم وضحكوا، وذلك قوله تعالى (فاليوم الّذين آمنوا من الكفار يضحكون) (3).

16- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الرحمان بن سالم (4) عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إن الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون) إلى آخر السورة نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي الّذين استهزؤا به من بني أمية، وذلك أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) مر على قوم من بني أمية والمنافقين فسخروا منه (5).

17- وأحسن ما قيل في هذا التأويل:

ما رواه أيضا [عن] (6) محمّد بن القاسم، عن أبيه باسناده، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة أخرجت أريكتان من الجنّة فبسطتا على شفير جهنم، ثم يجئ علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى يقعد فإذا قعد ضحك وإذا ضحك انقلبت جهنم فصارت عاليها سافلها، ثم يخرجان فيوقفان بين يديه، فيقولان:

ص: 781


1- عنه البحار: 35/339 ح 9 والبرهان: 4/440 ح 2، وأخرجه في البحار: 36/69 ح15 عن تفسير فرات: 204 مثله.
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 36/66 ح 8 والبرهان: 4/441 ح 1.
4- في البحار: مسلم.
5- عنه البحار: 35/339 ح 10 والبرهان: 4/441 ح 2.
6- من نسخة «م».

يا أمير المؤمنين يا وصي رسول الله ألا ترحمنا؟ ألا تشفع لنا عند ربك؟ قال: فيضحك منهما، ثم يقوم فيدخل (وترفع) (1) الأريكتان ويعادان إلى موضعهما.

فذلك قوله عزّ وجلّ (فاليوم الّذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) (2).

«84»

«سورة الانشقاق»

«وفيها آية واحدة»

وهي: قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)

1- تأويله: رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يوسن، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: [سألته عن] (3) قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا).

[فقال:] (4) هو عليّ وشيعته، يؤتون كتبهم بأيمانهم (5).

ص: 782


1- ليس في نسختي «ج، م».
2- عنه البحار: 8/228 (طبع الحجر) و ج 36/66 ذ ح 8 والبرهان: 4/441 ح 3.
3- من البحار.
4- من البحار.
5- عنه البحار: 36/67 ح 9 والبرهان: 4/443 ح 2.

«85»

«سورة البروج»

«وفيها ثلاث آيات»

1- محمّد بن عليّ بن شهرآشوب في كتاب المناقب باسناده عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في خبر: ولقد سئل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأنا عنده عن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)؟

فقال «والسّماء ذات البروج» إن عدّتهم عدّة (1) البروج، ورب الليالي والأيام والشهور (عددهم كعدة الشهور) (2).

وقوله تعالى: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)

2- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وشاهد ومشهود)

قال: (هو) (3) النبيّ وأمير المؤمنين، صلوات الله عليهما (4).

وبيانه: أن الشاهد هو النبيّ، والمشهود هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بدليل قوله تعالى (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) (5).

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): رسول الله الشاهد (6) علينا بما بلغنا عن الله، ونحن الشهداء

ص: 783


1- في المناقب: عددهم بعدد.
2- مناقب ابن شهرآشوب: 1/244 وعنه البحار: 36/265 ح 86 واثبات الهداة: 3/132 ح 894، وما بين القوسين ليس في المناقب، و «الحديث من نسخة «أ».
3- ليس في الكافي.
4- الكافي: 1/425 ح 69 وعنه البحار: 23/352 ح 71 والبرهان: 4/445 ح 1، وفي البحار: 35/386 ح 1 عنه وعن معاني الأخبار: 299 ح 71.
5- سورة الحج: 78.
6- في الكافي: فرسول الله الشهيد.

على الناس (1).

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)

3- تأويله: رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن مقاتل، عن عبد الله بن بكير، عن صباح الأزرق قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول في قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار ذلك الفوز الكبير):

هو أمير المؤمنين وشيعته (2). صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ورحمته.

«86»

«سورة الطارق»

«سورة الطارق» (3)

1- عن ابن إبراهيم، عن جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن الحسن (4) ابن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (والسماء والطارق) قال: السماء في هذا الموضع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «والطارق «الّذي يطرق الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من عند ربهم فيما يحدث بالليل والنهار، وهو الروح الّذي مع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قلت «والنجم الثاقب»؟ قال: ذاك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (5).

2- وبهذا الاسناد، قلت «إنهم يكيدون كيدا»؟ قال:

كادوا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وكادوا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكادوا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فقال الله تعالى:

ص: 784


1- الكافي: 1/191 قطعة من ح 4 وعنه البرهان: 3/105 ح 3، وأخرجه في البحار: 23/337 قطعة من ح 8 عن تفسير فرات: 97.
2- عنه البحار: 23/389 ح 98 والبرهان: 4/447 ح 1.
3- كل ما في هذه السورة من نسخة «أ».
4- في المصدر والأصل: الحسين وهو تصحيف، إذ ليس له ذكر في كتب الرجال.
5- تفسير القمي: 720 مع اختلاف وعنه البحار: 24/70 ح 3 والبرهان: 4/448 ح 3.

(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين- يا محمّد- أمهلهم رويدا) لو قد بعثت القائم فينتقم [لي] (1) من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس (2).

«87»

«سورة الأعلى»

«وفيها أربع آيات»

وهي قوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)

1- تأويله: رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (بل تؤثرون الحياة الدنيا-

قال: (يعني) (3) ولايتهم.

- والآخرة خير وأبقى- قال: ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

- إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) (4).

2- وروى حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (5) قال: يا أبا محمّد، إن عندنا الصحف التي قال الله سبحانه (صحف إبراهيم وموسى).

ص: 785


1- من تفسير القمي.
2- تفسير القمي: 721 وعنه البحار: 51/49 ح 19.
3- ليس في الكافي.
4- الكافي: 1/418 ح 30 وعنه البحار: 23/374 ح 53 والبرهان: 4/451 ح 1واثبات الهداة: 3/293 ح 13.
5- سورة الحشر: 7.

قال: قلت: جعلت فداك وإن الصحف هي الألواح؟ قال: نعم (1).

«88»

«سورة الغاشية»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)

1- تأويله: ذكره الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) في أماليه في حديث يرفعه إلى أبي جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لقنبر (رضي الله عنه): يا قنبر أبشر وبشر واستبشر لقد مات رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإن لكل شئ عروة، وعروة الاسلام الشيعة.

ألا وإن لكل شئ دعامّة، ودعامّة الاسلام الشيعة.

ألا وإن لكل شئ شرفا، وشرف الاسلام الشيعة.

ألا وإن لكل شئ سيدا، وسيد المجالس مجلس الشيعة.

ألا وإن لكل شئ إماما، وأمّام الأرض أرض يسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم لما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات مالهم في الدنيا ولا لهم في آخرة من نصيب، و (إن) (3) كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى

ص: 786


1- عنه البرهان: 4/451 ح 3، ورواه في الكافي: 1/225 ح 5 (عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان مثله) وعنه البحار: 13/225 ح 20 و ج 17/133 ح 9. ورواه الصفّار في بصائر الدرجات: 137 ح 8 (عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن ابن مسكان مثله) وعنه البحار: 26/185 ح 17.
2- في الأمالي: أبي عبد الله الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- ليس في الأمالي.

هذه الآية (عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع) الحديث (1).

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في هذه الآية مثل ذلك] (2).

2- وروي عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) حديثا [مسندا] (3) في قوله عزّ وجلّ (وجوه يؤمئذ خاشعة عاملة ناصبة) أنها التي نصبت العداوة لآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وأمّا (وجوه يؤمئذ ناعمة لسعيها راضية) الآية، فهم شيعة آل محمّد، صلوات الله عليهم (4).

3- وروى الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن سهل عن (5) محمّد، عن أبيه عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

قلت (له) (6) «هل أتاك حديث الغاشية «قال: يغشاهم الإمام القائم بالسيف.

قال: قلت «وجوه يومئذ خاشعة «قال: [خاضعة] (7) لا تطيق الامتناع.

قال: قلت «عاملة «قال: عملت بغير ما أنزل الله.

قال: قلت «ناصبة «قال: نصبت غير ولاة الامر.

قال: قلت «تصلى نارا حامية».

قال: تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم، وفي الآخرة [نار] جهنم (8).

وقوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)

(جاء في تأويله الباطن ما رواه:) (9)

ص: 787


1- أمالي الصدوق: 500 قطعة من ح 4 وعنه البرهان: 4/453 ح 6 وأخرجه في البحار: 68/80 قطعة من ح 141 عن الكافي: 8/212 قطعة من ح 259 وفي البحار: 7/204 و ج 27/109 عن تفسير فرات: 208 وله تخريجات أخر تركناها للاختصار.
2- لم نعثر عليه في تفسير القمي، بل وجدناه في روضة الكافي مرويا عنه، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- من نسخة «م».
4- عنه البرهان: 4/454 ح 7.
5- في الأصل: بن.
6- ليس في الكافي.
7- من الكافي.
8- الكافي: 8/50 ح 13 وعنه البحار: 24/310 ح 16 والبرهان: 4/453 ح 1، واثبات الهداة: 6/372 ح 63، وما بين المعقوفين من الكافي.
9- سقط من نسخة «أ».

4- محمّد بن العباس (رَحمَةُ اللّه)، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا، فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان للآدميين سألنا الله أن يعوضهم بدله فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم ثم قرأ «إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم»(1).

5- وبهذا الاسناد إلى عبد الله بن حماد، عن محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن جده (عَلَيهِم السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم) قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا، فما كان لله سألناه أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان لمخالفيهم (2) فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثمّ قال: هم معنا حيث كنا (3).

6- وروي عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم) قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إذا حشر الله الناس في صعيد واحد أجل الله أشياعنا أن يناقشهم في الحساب فنقول: إلهنا هؤلاء شيعتنا. فيقول الله تعالى: قد جعلت أمرهم إليكم، وقد شفعتكم فيهم وغفرت لمسيئهم، أدخلوهم الجنّة بغير حساب (4).

7- وقال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد ابن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ): أحدثهم بتفسير جابر؟ قال: لا تحدث به السفلة فيذيعوه، أما تقرأ (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم) قلت: بلى.

قال: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين والآخرين ولانا حساب شيعتنا

ص: 788


1- عنه البحار: 24/267 ح 32 والبرهان: 4/455 ح 4، وأخرجه في البحار: 7/264 ح 19 والبرهان: 4/456 ح 9 عن أمالي الشيخ: 2/520 وفي البحار: 24/272 ح 5 عن المناقب لابن شهرآشوب: 2/5.
2- في نسخة «ب» لمن خالفهم.
3- عنه البحار: 24/267 ح 33 والبرهان: 4/455 ح 5.
4- عنه البرهان: 4/456 ح 7.

فما كان بينهم وبين الله حكمنا على الله فيه فأجاز حكومتنا، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه فوهبوه لنا، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحق من عفا وصفح (1).

8- ويؤيد ذلك ما جاء في الزيارة الجامعة المروية عن الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قوله: وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم (2).

ومعنى هذا التأويل: الظاهر: أن الضمير في إلينا وعلينا راجع إلى الله تعالى.

وأمّا الباطن: فإنه راجع إليهم، صلوات الله عليهم، وذلك لانهم ولاة أمره ونهيه في الدنيا والآخرة، والامر كله لله، فلمن شاء من خلقه جعله إليه، ولا شك أن رجوع الخلق يوم القيامة إليهم، وحسابهم عليهم، فيدخلون وليهم الجنّة، وعدوهم النار كما ورد في كثير من الاخبار أن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قسيم الجنّة والنار.

9- (ويؤيده: ما ذكره) (3) الشيخ محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، [قال:] (4) روى عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:: قال لي: يا جابر إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين والآخرين لفصل الخطّاب، دعي برسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )،، ودعي بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيكسى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حلة خضراء تضئ ما بين المشرق والمغرب، ويكسى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثلها (ويكسى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حلة وردية تضئ (5) ما بين المشرق والمغرب، ويكسى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثلها، ثم يصعدان عندهما) (6) ثم يدعى بنا، فيدفع إلينا حساب الناس، فنحن والله ندخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار.

ثمّ يدعى بالنبيّين (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فيقامون صفين عند عرش الله عزّ وجلّ حتّى نفرع

ص: 789


1- عنه البحار: 24/267 ح 34 و ج 8/50 ح 57 والبرهان: 4/456 ح 6.
2- راجع عيون الاخبار: 2/279 وعنه البحار: 102/129.
3- في نسخة «م» ويؤيد ما ذكرنا ما رواه، وفي نسخة «ب» وروى.
4- من نسخة «م».
5- في الكافي: يضئ لها.
6- في الكافي والبحار: عندها، وفي نسخة «ج» بدل ما بين القوسين «فيصعدان الوسيلة».

من حساب الناس فإذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار، بعث رب العزة تبارك وتعالى عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأنزلهم منازلهم من الجنّة وزوجهم، فعلي- والله- الّذي يزوج أهل الجنّة في الجنّة، وما ذاك إلى أحد غيره، كرامة من الله عز ذكره، وفضلا فضله به ومن به عليه، وهو- والله- يدخل أهل النار النار، وهو الّذي يغلق على أهل الجنّة أبوابها، لان أبواب الجنّة إليه، وأبواب النار إليه (1).

ومن أجل ذلك أنه قسيم الجنّة والنار.

ومما ورد في أنه قسيم الجنّة والنار وما العلة في ذلك:

10- ما روي مسندا عن المفضل بن عمر (2) قال: قلت للامام أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).

لم صار أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قسيم الجنّة والنار؟ قال: لان حبه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنّة لأهل الايمان، و [خلقت] (3) النار لأهل الكفر، فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) قسيم الجنّة والنار لهذه العلة، فالجنّة لا يدخلها إلا أهل محبته، والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه.

قال المفضّل: فقلت: يا بن رسول الله فالأنبياء والأوصياء كانوا يحبونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه؟ قال: نعم. قلت: وكيف ذاك (4)؟ قال: أما علمت أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله لا (5) يرجع حتّى يفتح الله على يديه «ودفع الراية إلى علي ففتح الله عزّ وجلّ على يديه؟ قلت: بلى.

ص: 790


1- الكافي: 8/159 ح 154 وعنه البحار: 7/337 ح 24 والبرهان: 4/455 ح 1، وأخرجه في البحار: 27/316 ح 14 عن المحتضر: 155 عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- السند في العلل هكذا: حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو العباس القطان قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي قال: حدّثنا عبد الله بن داهر قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر.
3- من نسخة «أ» والعلل.
4- في العلل: فكيف ذلك.
5- في البحار والبرهان والعلل: ما.

قال (1): أما (2) علمت أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لما أتي بالطائر المشوي قال: اللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك [وإلي] (3) يأكل معي [من هذا الطائر] (4) وعنى به عليا؟ قلت: بلى. قال: فهل يجوز أن لا يحب أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؟ (فقلت [له] (5): لا. قال: فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أممهم لا يحبون حبيب الله وحبيب رسوله) (6) وأنبيائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)؟ قلت: لا.

قال: فقد ثبت أن جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين محبون له، وثبت أن أعداءهم والمخالفين لهم كانوا له ولجميع أهل محبته مبغضين؟ قلت: نعم.

قال: فلا يدخل الجنّة إلا من أحبه من الأولين والآخرين، [ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين] (7) فهو إذا قسيم الجنّة والنار.

قال المفضل: (فقلت): (8) يا بن رسول الله فرّجت عنّي فرّج الله عنك (9).

11- الصدوق (رحمه الله) في «علل الشرائع»، عن محمّد بن الحسن (رضي الله عنه) عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه جميع الخلائق [يقف] (10)

عليه رجل، ويقوم ملك عن يمينه وملك عن يساره [ف] ينادي الّذي عن يمينه يقول: يا معشر الخلائق، هذا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) صاحب الجنّة، يدخل الجنّة من شاء.

وينادي الّذي عن (11) يساره: يا معشر الخلائق، هذا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 791


1- في نسختي «ب، م» فقال.
2- في نسخة «م» أوما.
3- من العلل.
4- من العلل.
5- من العلل.
6- ليس في نسخة «ج».
7- من العلل.
8- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «أ» قلت له، وفي العلل: فقلت له.
9- علل الشرائع: 1/161 ح1، و عنه المختصر 216 و المحتضر: 69 والبخار39/194 ح5 والبرهان: 4/224 ح7.
10- من العلل.
11- في الأصل: من.

صاحب النار يدخلها من شاء (1).

«89»

«سورة الفجر»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)

معناه: أقسم الله سبحانه بهذه الأقسام لاجلال قدرها ولهذا قال (هل في ذلك قسم لذي حجر) أي عقل.

ولهذا تأويل ظاهر وباطن: فالظاهر ظاهر.

أما الباطن فهو:

1- ما روي بالاسناد مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: (2) قوله عزّ وجلّ (والفجر- هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وليال عشر- الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) من الحسن إلى الحسن- والشفع- أمير المؤمنين وفاطمة (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) - والوتر- هو الله وحده لا شريك له.

- والليل إذا يسر) هي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

2- [وروي ابن شهرآشوب في المناقب هذه الرواية عن جابر الجعفي عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، إلا أن الوتر هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولم يذكر الباقي] (4).

3- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد

ص: 792


1- علل الشرائع: 164 ح 4 وعنه البحار: 39/198 ح 10، وأخرجه في البحار: 7/329 ح 4 عن بصائر الدرجات: 414 ح 1، والحديث من نسخة «أ».
2- في نسخة «ج» في.
3- عنه البحار: 24/78 ح 19 والبرهان: 4/457 ح 1.
4- المناقب: 1/241 وعنه اثبات الهداة: 3/131 ح 888، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».

ابن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال «الشفع «هو رسول الله وعلي، صلوات الله عليهما، «والوتر «هو الله الواحد عزّ وجلّ (1).

توجيه التأويل (2) الأول:

أما قوله «إن الفجر هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) «انما سمي بالفجر مجازا تسمية الشئ باسم غايته، لان الفجر انفجار الصبح عن (3) الليل، والليل كناية عن اختفائه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإذا ظهر انجاب ظلام ليل الظلم، وطلع فجر العدل، وبزغت شمس الدين، وظهرت أعلام اليقين.

وأمّا قوله «وليال عشر الأئمّة «إنما كناهم عن الليالي مجازا أيضا، أي أهل الليالي اللواتي هن ليالي القدر كل ليلة منها «خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتّى مطلع الفجر» (4).

والفجر هو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما مر بيانه.

وأمّا قوله «والليل إذا يسر هي دولة حبتر»، وإنما شبهها بالليل لأنها مظلمة بالظلم كالليل المظلم المقتم الّذي «إذا أخرج- الانسان- يده لم يكد يريها» (5) وانما أقسم الله سبحانه بهذه الأقسام مجازا بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه قوله (والفجر) أي صاحب الفجر.

وقوله (وليال عشر والشفع والوتر «- أي وأهل ذلك.

- والليل إذا يسر) ورب ذلك وهو الله سبحانه الملك العلام ذو الجلال والاكرام، فعلى نبيه وأهل بيته منه أفضل التحية والسلام.

ص: 793


1- عنه البحار: 24/350 ح 63 والبرهان: 4/457 ح 4.
2- في نسخة «ج» هذا التأويل.
3- في نسخة «ج» من.
4- سورة القدر: 4- 5.
5- سورة النور: 40.

قوله تعالى: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)

ذكر أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في تفسيره معناه قال: قوله عزّ وجلّ: (وجاء يومئذ بجهنم يومئذ) أي أحضرت ليراها أهل الموقف بعظم منظرها عيانا عين اليقين.

4- قال: وروي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية تغير وجه رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعرف (ذلك) (1) في وجهه، حتّى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله انطلق بعضهم إلى عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقالوا: يا عليّ لقد حدث أمر [قد] (2) رأيناه في وجه نبي الله.

قال: فجاء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فاحتضنه من خلفه، وقبل بين عاتقيه ثمّ قال: يا نبيّ الله بأبي أنت وأمّي ما الّذي حدث اليوم؟ قال: جاء جبرئيل فأقرأني (وجاء يومئذ بجهنم) [قال] (3) فقلت: وكيف يجاء بها؟ قال: يجئ بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع، ثم أتعرض (أنا) (4) لها فتقول: مالي ولك يا محمّد! فقد حرم الله لحمك علي، فلا يبقى يومئذ أحد إلا قال: نفسي نفسي، وإن محمّدا يقول: رب أمتي أمتي (5).

ثمّ قال سبحانه (يومئذ يتذكّر الانسان وأنّى له الذّكرى- في موضع لا

ينتفع بها- يقول يا ليتني قدّمت لحياتي- الدأئمّة عملا صالحا- فيومئذ لا يعذّب عذابه- أي ذلك الانسان- أحد- من خلق- ولا يوثق وثاقه أحد).

تأويله: جاء في تفسير عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) أن الانسان يعني به الثاني (6).

ص: 794


1- ليس في المجمع.
2- من المجمع.
3- من المجمع.
4- ليس في نسخة «ج» والمجمع، وفي المجمع بدل «لها «لجهنم.
5- مجمع البيان: 10/489 وعنه البحار: 7/124 والبرهان: 4/459 ح 7.
6- تفسير القمي: 725 وعنه البحار: 8/210 (طبع الحجر).

5- ويؤيده: ما روي عن عمر بن أذينة، عن معروف بن خربوذ قال: قال لي أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا بن خربوذ أتدري ما تأويل هذه الآية (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقة أحد)؟ قلت: لا. قال: ذاك الثاني لا يعذب [و] (1) الله يوم القيامة عذابه أحد (2).

ولمّا ذكر سبحانه مما أعد (ه] (3) للانسان من الذل والهوان، عقبه بذكر النفس المطمئنة وما أعد [ه] (4) لها من الكرامة في دار المقامة، فقال مخاطبا لها (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).

المعنى: فقوله «يا أيتها النفس «فيكون الخطّاب إما للنفس وأمّا لصاحبها والمطمئنة: هي الساكنة (الآمنة) (5) المبشرة بالجنّة عند الموت ويوم البعث، التي يبيض وجهها، ويعطى كتابها بيمينها.

وقوله «ارجعي إلى ربك- أي يقال لها عند الموت: ارجعي إلى ثواب ربك وما أعده لك من النعيم المقيم والرزق الكريم- راضية- بذلك- مرضية- أعمالك - فادخلي في عبادي- أي فزمرة عبادي الصالحين الّذين رضيت عنهم وأرضيتهم عني- وادخلي جنتي «التي وعدتكم بها، وأعددتها لكم بسلام آمنين.

6- وأمّا تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الرحمان بن سالم عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله عزّ وجلّ (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) قال نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6).

ص: 795


1- من نسخة «ب».
2- عنه البحار: 8/238 (طبع الحجر) والبرهان: 4/460 ح 1.
3- من نسخة «م».
4- من نسخة «م».
5- ليس في نسخة «ج».
6- عنه البحار: 24/93 ح 5 و ج 36/131 ح 83 والبرهان: 4/461 ح 8، وأخرجه في البحار: 8/154 (طبع الحجر) عن تفسير فرات: 210.

وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) أنها نزلت في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

7- [ثم روى عن جعفر بن أحمد، عن عبد الله (2) بن موسى، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن المعني بها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] (3).

8- وروى، عن الحسن بن محبوب باسناده، عن صندل (4) عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين بن علي، وارغبوا فيها رحمكم الله.

فقال له أبو أسامة- وكان حاضرا المجلس-: كيف صارت هذه السورة للحسين خاصّة؟

فقال: ألا تسمع إلى قوله تعالى (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)؟ (إنما) (5) يعني الحسين بن علي صلوات الله عليهما، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية، وأصحابه من آل محمّد صلوات الله عليهم الراضون عن الله يوم القيامة وهو راض عنهم.

وهذه السورة [نزلت] (6) في الحسين بن علي وشيعته وشيعة آل محمّد خاصّة، من أدمن قراءة «الفجر «كان مع الحسين في درجته في الجنّة، إن الله عزيز حكيم (7).

9- وروى أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن عباد بن سليمان، عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ص: 796


1- تفسير القمي: 725 وعنه البحار: 6/182 ح 11 والبرهان: 4/460 ح 1.
2- في تفسير القمي: عبيد الله.
3- تفسير القمي: 725 وعنه البحار: 24/350 ح 62 و ج 44/219 ح 11 والبرهان: 4/ 460 ح 1، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
4- في نسخة «ب» مندل.
5- ليس في نسخة «ج».
6- من نسخة «ب».
7- عنه البحار: 24/93 ح 6 و ج 44/218 ح 8 والبرهان: 4/461 ح 9.

جعلت فداك يا بن رسول الله، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا، إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع لذلك، فيقول له ملك الموت: يا ولي الله لا تجزع فوالّذي بعث محمّدا بالحق لأنا أبر بك وأشفق عليك من الوالد البر الرحيم بولده إفتح عينيك وانظر.

قال: فيتمثل (1) له رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة صلوات الله عليهم فيقول (له): (2) هؤلاء رفقاؤك، فيفتح عينيه وينظر إليهم، ثم تنادى نفسه «أيتها النفس المطمئنة- إلى محمّد وأهل بيته- إرجعي إلى ربك راضية - بالولاية- مرضية- بالثواب- فادخلي في عبادي- يعني محمّدا وأهل بيته-

- وادخلي جنتي «فما من شئ أحب إليه من انسلال (3) روحه واللحوق بالمنادي (4).

«90»

«سورة البلد»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

منها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13)

ولهذا تأويل ومعنى: فأمّا تأويل قوله (ووالد وما ولد) فهو

1- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم

ص: 797


1- في نسخة «ج» فيمثل.
2- ليس في نسخة «م».
3- في نسخة «أ» انسلاخ.
4- فضائل الشيعة: 29 وعنه البحار: 24/94 ح 7 والبرهان: 4/461 ح 10، وأخرجه في البحار: 6/196 ح 49 و ج 61/48 ح 24 عن الكافي: 3/127 ح 2.

ابن إسحاق، عن عبد الله بن حضيرة (1) عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (ووالد وما ولد).

قال: يعني عليا وما ولد من الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (2).

2- وروى أيضا، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن إبراهيم بن صالح الأنماطي، عن منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (وأنت حل بهذا البلد) قال: يعني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قلت (ووالد وما ولد) قال: يعني علي وما ولد (3).

3- وروى أيضا، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس ابن يعقوب، عن عبد الله بن محمّد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال (لي): (4) يا أبا بكر قول الله عزّ وجلّ (ووالد وما ولد) هو عليّ بن أبي طالب وما ولد الحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) (5).

وأمّا تأويل قوله تعالى (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين) فهو:

4- ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي في تفسيره حديثا مسندا يرفع إلى أبي يعقوب الأسدي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين) قال (6): العينان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، واللسان: أمير المؤمنين، والشفتان: الحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) (وهديناه النجدين) إلى ولايتهم جميعا، وإلى البراءة من

ص: 798


1- في نسخة «ب» حصيرة، وفي البحار: خضيرة.
2- عنه البحار: 23/269 ح 16 و ج 36/13 ح 17 والبرهان: 4/462 ح 5، وأخرجه في البحار: 24/285 ح 13 و ج 23/269 ح 21 عن الكافي: 1/414 ح 11 متنا.
3- عنه البحار: 23/269 ح 17 والبرهان: 4/462 ح 4.
4- ليس في البحار.
5- عنه البحار: 23/269 ح 18 والبرهان: 4/463 ح 6.
6- في نسخة «م» قال: قال.

أعدائهم جميعا (1) [ومثله روى عليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن عباد، عن الحسين بن أبي يعقوب، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفيها زيادات أخر] (2).

وأمّا قوله عزّ وجلّ: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13)

5- تأويله: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن الحسين بن أحمد عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن يونس بن زهير، عن أبان قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن هذه الآية (فلا اقتحم العقبة)؟

فقال: يا أبان هل بلغك من أحد فيها شئ؟ فقلت: لا. فقال: نحن العقبة، فلا يصعد إلينا إلا من كان منّا.

ثمّ قال: يا أبان ألا أزيدك فيها حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟ قلت: بلى.

قال «فك رقبة «الناس مماليك النار كلهم (غيرك و) (3) غير أصحابك ففككم الله منها (قلت: بما فكنا منها؟

قال:) (4) بولايتكم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

6- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عمر، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (فك رقبة) قال: الناس كلهم عبيد النار إلا من دخل في طاعتنا وولايتنا، فقد فك رقبته من النار، والعقبة: ولايتنا (6).

ص: 799


1- عنه البحار: 24/280 ح 1، وأخرجه في البرهان: 4/464 ح 4.
2- تفسير القمي: 716 وعنه البحار: 9/251 ملحق ح 157 والبرهان: 4/463 ح 1 وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- ليس في نسخة «ج».
4- ليس في نسخة «ب»، وفي نسخة «ج» «كما «بدل «قلت بما».
5- عنه البرهان: 4/465 ح 8 وفي البحار: 24/281 ح 2 عنه وعن تفسير فرات: 211.
6- عنه البحار: 24/281 ح 3 والبرهان: 4/465 ح 9.

7- وقال أيضا: حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد الطبري (1) باسناده عن محمّد ابن فضيل، عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول الله عزّ وجلّ (فلا اقتحم العقبة)- فضرب بيده إلى صدره- وقال: نحن العقبة التي من اقتحمها نجا، ثم سكت ثمّ قال لي:

ألا أفيدك (2) كلمة هي خير لك من الدنيا وما فيها؟ وذكر الحديث الّذي تقدّم (3).

8- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن الفضيل، عن أبان بن تغلب، عن الإمام جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (فلا اقتحم العقبة) قال:

نحن العقبة، ومن اقتحمها نجا، وبنا فك الله رقابكم من النار (4).

[وروى عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) مثل ذلك وبمعناه مع زيادات أخر] (5).

وأمّا المعنى وتوجيه التأويل: قوله عزّ وجلّ (لا أقسم بهذا البلد- وهو البلد الحرام- وأنت حل بهذا البلد) أي حال فيه، ولأجل حلولك فيه شرفته وعظمته وأقسمت به.

وإن كانت نافية فالتقدير «لا أقسم بهذا البلد وأنت حل فيه «أي حلال فيه منتهك الحرمة مستباح العرض والدم.

9- ويؤيده: ما روي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: كانت قريش تعظم البلد الحرام وتستحل محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال تعالى (لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد)

يريد أنهم استحلوك وكذبوك (6) وشتموك، فعاب الله ذلك عليهم.

ص: 800


1- في البحار: الطبرسي.
2- في البحار: أزيدك.
3- عنه البرهان: 4/465 ح 10 وفي البحار: 24/281 ح 4 عنه وعن تفسير فرات: 211 مثله إلى قوله «نجا».
4- عنه البحار: 24/282 ح 5 والبرهان: 4/465 ح 11
5- تفسير القمي: 725 وعنه البحار: 24/282 ح 5 والبرهان: 4/465 ح 7، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
6- في مجمع البيان: فيه فكذبوك.

ثمّ ابتدأ قسما ثانيا فقال (ووالد وما ولد) (1).

وعلى القولين أن «ووالد وما ولد «مقسم بهم، وهم علي والحسن والحسين (عَلَيهِم السَّلَامُ) وحالهم في انتهاك الحرمة واستباحة العرض والدم كحال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

وقوله (لقد خلقنا الانسان- وهو عدو آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ)- في كبد- يكابد مصائب الدنيا وشدائدها وأهوال الآخرة- (أيحسب- هذا الانسان إذا عصى وكفر- أن لن يقدر عليه أحد- في عذابه في الدنيا وعقابه في الآخرة) (2)- يقول أهلكت مالا لبدا- أي كثيرا في عداوة محمّد وأهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ)- أيحسب أن لم يره أحد) فيسأله عن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن ولايتنا أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ثمّ وبّخه وعدد النعم الّتي أنعم بها عليه فقال (ألم نجعل له عينين) يبصر بهما الضلال من الهدى، وهو كناية عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كما تقدّم (3).

(ولسانا) ينطق به وهو كناية عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ويدل على ذلك قوله تعالى (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) (4).

وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (واجعل في لسان صدق في الآخرين) (5)

والمعني في القولين: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقوله (وشفتين) لان بهما يحصل النطق والذوق، وفيهما حكم كثيرة وهما كناية عن الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) كما تقدّم، لأنهما قوام الدين ونظام الاسلام والمسلمين.

وقوله تعالى (وهديناه النجدين) أي السبيلين، سبيل ولاية محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم وسبيل عداوتهم، وعرفناه غاية السبيلين. والنجد: ما علا من الأرض والعقبة: الثنية الضيقة التي ترتقى بصعوبة وشدة، وقد ذكر أن العقبة: هي الولاية.

ص: 801


1- مجمع البيان: 10/493 وعنه البحار: 24/284.
2- ليس في نسخة «ج».
3- ص 798 ح 4.
4- سورة مريم: 50.
5- سورة الشعراء: 84.

فلمّا عرف ذلك قال (فلا اقتحم العقبة) عقبة الولاية، والتقدير [أ] (1) فلا اقتحم العقبة في الدنيا لينجو من العقبة في الآخرة؟

وإنّما شبّه الولاية بالعقبة لان العقبة لا ترقى إلا بصعوبة وشدّة (وكذلك الولاية لا يرتقى إليها إلا بصعوبة وشدّة) (2) ومحن، لقولهم (عَلَيهِم السَّلَامُ): من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء.

ولقول عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): من أحبّني فليتجلبب للفقر جلبابا (3).

ولقوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): لو أحبني جبل لتهافت (4).

ثمّ وصف الّذي اقتحم العقبة فقال (ثم كان من الّذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة) وهم (محمّد و) (5) آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وشيعتهم.

ثمّ وصف الّذين لم يقتحموا العقبة فقال (والّذين كفروا بآياتنا- والآيات هم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)- هم أصحاب المشئمة عليهم نار مؤصدة).

ص: 802


1- من نسخة «م».
2- ليس في نسخة «ج».
3- نهج البلاغة: 488 حكمة 112، وفيه: فليستعد للفقر، وعنه البحار: 8/727 (طبع الحجر) و ج 67/247 ملحق ح 88.
4- نهج البلاغة: 488 حكمة 111 وعنه البحار: 8/727 (طبع الحجر) و ج 67/247 ح 88.
5- ليس في نسخة «ج».

«91»

«سورة الشمس»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

قال الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)

لهذه تأويل ظاهر وباطن: فالظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

1- ما رواه عليّ بن محمّد، عن أبي جميلة، عن الحلبي.

ورواه (أيضا) (1) عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن العباس عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) (أنه) (2) قال (والشمس وضحاها) الشمس: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «وضحاها» قيام القائم (3) (عَلَيهِ السَّلَامُ) (لان الله سبحانه قال (وأن يحشر الناس ضحى) (4).

(والقمر إذا تلاها) الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

(والنهار إذا جلاها) هو قيام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

(والليل إذا يغشاها) حبتر (ودولته قد غشى) (5) عليه الحق.

وأمّا قوله (والسماء وما بناها) قال:

هو محمّد- عليه وآله السلام- هو السماء الّذي يسموا إليه الخلف في العلم.

ص: 803


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «م» القيام.
4- سورة طه: 59، وما بين القوسين ليس في البحار.
5- في البحار «ودلام، غشيا».

وقوله (والأرض وما طحاها- قال «الأرض «الشيعة.

- ونفس وما سواها-) قال: هو المؤمن المستور (1) وهو على الحق.

وقوله (فألهمها فجورها وتقواها- قال: عرفه الحق من الباطل، (فذلك قوله - ونفس وما سواها-) (2).

- قد أفلح من زكاها- قال: قد أفلحت نفس زكاها الله- وقد خاب من دسّاها) الله.

وقوله (كذبت ثمود بطغواها) قال: ثمود رهط من الشيعة فانّ الله سبحانه يقول (وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) (3) وهو (4) السيف إذا قام القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقوله تعالى (فقال لهم رسول الله- هو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

- ناقة الله وسقيها) قال: الناقة الامام الّذي (فهم عن الله وفهم عن رسوله) (5) «وسقيها» أي عنده مستقى العلم.

- فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها- قال: في الرجعة.

- ولا يخاف عقباها) قال: لا يخاف من مثلها إذا رجع (6). بيان (7) قوله «والأرض الشيعة «يعني بذلك قوله تعالى (الأرض التي باركنا فيها) (8) وقوله تعالى (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) (9).

«والبلد» هو الأرض الطيبة التي تنبت طيبا، وكذلك الشيعة الإمامية.

وقوله «ثمود رهط من الشيعة» وهم البلد الخبيث الّذي لا يخرج نباته إلا نكدا

ص: 804


1- في نسخة «ج» المستوري.
2- ليس في البحار.
3- سورة فصلت: 17.
4- في نسخة «م» والبحار: فهو.
5- في نسخة «ب» فهم عن الله وفهمهم عن الله، وفي البحار: فهمهم عن الله.
6- عنه البحار: 24/72 ح 6 والبرهان: 4/467 ح 11 وصدره مع قطعة منه في اثبات الهداة: 7/131 ح 660 وذيله في البحار: 53/120 ح 155.
7- في نسختي «ب، م» توجيه.
8- سورة الأنبياء: 81.
9- سورة الأعراف: 58.

وهم الزيديّة وباقي فرق الشيعة.

وقوله «ناقة الله» يعني أمير المؤمنين والأئمّة بعده (عَلَيهِم السَّلَامُ).

2- وقد جاء في الزيارة الجامعة: أنهم»الناقة المرسلة» (1).

وقوله «فكذّبوه» أي رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

«فعقروها» أي الناقة يعني قتلوا أمير المؤمنين والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) بالسيف والسمّ.

«فدمدم عليهم ربهم» أي أهلكهم بعذاب الاستئصال في الدنيا والآخرة.

3- وروى محمّد بن العباس (رحمه الله) في المعنى، عن محمّد بن القاسم، عن جعفر بن عبد الله، عن محمّد بن عبد الرحمان، عن محمّد بن عبد الله، عن أبي جعفر القمي، عن محمّد بن عمر، عن سليمان (2) الديلمي عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (والشمس وضحيها)؟

قال: الشمس رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، أوضح للناس دينهم.

قلت (والقمر إذا تلاها)؟ قال: ذاك أمير المؤمنين تلا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

قلت (والنّهار إذا جلاها)؟ قال: ذاك الامام من ذرية فاطمة (نسل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيجلي ظلام الجور والظلم) (3) فحكى الله سبحانه عنه فقال (والنهار إذا جلاها) يعني به القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قلت (والليل إذا يغشاها)؟ قال: ذاك أئمّة الجور الّذين استبدوا بالأمور (4) دون آل الرسول، وجلسوا مجلسا كان آل محمّد أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور والظلم، فحكى الله سبحانه فعلهم فقال (والليل إذا يغشاها) (5).

ص: 805


1- لم نعثر عليه في الزيارة الجامعة، بل في دعاء يوم الغدير، راجع اقبال الأعمال: 492وعنه البحار: 98/320.
2- في نسخة «ج» عن سليمان بن محمّد، عن عمر بن سليمان.
3- في تفسير القمي والبحار: يسال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فيجلى لمن يسأله.
4- في نسخة «ج» بأمور.
5- عنه البحار: 24/71 ملحق ح 4 والبرهان: 4/467 ح 1 واثبات الهداة: 7/141 ح 661.

[وعليّ بن إبراهيم (رحمه الله)، عن أبيه، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) كسابقتها وبمعناها] (1).

4- وعن محمّد بن القاسم بن عبيد الله، عن الحسن بن جعفر [، عن عثمان ابن عبيد الله،] (2) عن عبد الله بن عبيد الفارسي، عن محمّد بن علي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

[في قوله تعالى: (قد أفلح من زكاها) قال: أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) زكاه ربه] (3)

(وقد خاب من دساها) قال: هو الأول والثاني في بيعته إياه حيث مسح على كفه (4).

5- وروي (أيضا) (5) عن محمّد بن أحمد الكاتب، عن الحسين بن بهرام، عن ليث عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): مثلي فيكم مثل الشمس، ومثل علي مثل القمر، فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر (6).

6- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن حماد باسناده إلى مجاهد، عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ (والشمس وضحاها- قال: هو النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- والقمر إذا تلاها- قال: عليّ بن أبي طاب (عَلَيهِ السَّلَامُ)- والنهار إذا جلاها- قال: الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)- والليل إذا يغشاها) بنو أميّة.

ثمّ قال ابن عباس: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): بعثني الله نبيّاً، فأتيت بني أميّة فقلت: يا بني أمية إني رسول الله إليكم، قالوا: كذبت ما أنت برسول.

ثمّ أتيت بني هاشم فقلت: إنّي رسول الله إليكم. فآمن بي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) سرا وجهرا، وحماني أبو طالب جهرا، وآمن بي سرا.

ثمّ بعث الله جبرئيل بلوائه فركزه في بني هاشم، وبعث إبليس بلوائه فركزه

ص: 806


1- تفسير القمي: 726 وعنه البحار: 24/70 ح 4 والبرهان: 4/467 ح 2 وما بين المعقوفينمن نسخة «أ».
2- من تفسير القمي.
3- من تفسير القمي.
4- تفسير القمي: 727 وفيه: بيعتهما مسحا، وعنه البحار: 36/175 ح 165 والبرهان: 4/ 468 ح 3، والحديث من نسخة «أ».
5- ليس في نسخة «ج».
6- عنه البحار: 24/76 ح 13 والبرهان: 4/467 ح 4.

في بني أميّة، فلا يزالون أعداءنا، وشيعتهم أعداء شيعتنا إلى يوم القيامة (1).

«92»

«سورة الليل»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة الهداة»

قال الله سبحانه وتعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)

1- تأويله: جاء مرفوعا عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (والليل إذا يغشى) قال: دولة إبليس إلى يوم القيامة، وهو (يوم) (2) قيام القائم (والنهار إذا تجلى) وهو القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام.

وقوله (فأمّا من أعطى واتقى) [أي] (3) أعطى نفسه الحق واتقى الباطل (فسنيسره لليسرى) أي الجنّة.

(وأمّا من بخل واستغنى) يعني بنفسه عن الحقّ، واستغنى بالباطل عن الحق (وكذب بالحسنى) بولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة من بعده صلوات الله عليهم (فسنيسره للعسرى) يعني النار.

وأمّا قوله (إن علينا للهدى) يعني إن عليا هو الهدى، وإن له الآخرة والأولى.

(فأنذرتكم نارا تلظى) قال: هو القائم إذا قام بالغضب، فيقتل من كل

ص: 807


1- عنه البحار: 24/76 ح 14 والبرهان: 4/467 ح 10.
2- ليس في نسخة «ج».
3- من نسخة «ج».

ألف تسعمائة وتسعة وتسعين.

(لا يصليها إلا الأشقى) قال: (هو) (1) عدو آل محمّد (وسيجنبها الأتقى) قال: ذاك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته (2).

2- وروي باسناد متصل إلى سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى- الله- خلق الزوجين الذكر والأنثى» (3) ولعلي الآخرة والأولى (4).

3- وروى محمّد بن خالد البرقي، عن يونس بن ظبيان، عن عليّ بن أبي حمزة، عن فيض بن مختار، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قرأ «إن عليا للهدى وإن له الآخرة والأولى «وذلك حيث سئل عن القرآن قال: فيه الأعاجيب:

فيه «وكفى الله المؤمنين القتال» (5) بعلي.

وفيه: إن عليا للهدى وإن له الآخرة والأولى (6).

4- ويؤيده: ما رواه مرفوعا باسناده، عن محمّد بن أورمة (7) عن الربيع بن بكر، عن يونس بن ظبيان قال: قرأ أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى» الله خالق (الزوجين) (8) الذكر والأنثى، ولعلي الآخرة والأولى.

5- ويعضده ما رواه إسماعيل بن مهران، عن أيمن (9) بن محرز، عن سماعة [، عن أبي بصير،] (10) عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: نزلت هذه الآية هكذا والله

ص: 808


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 24/398 ح 120 والبرهان: 4/471 ح 7.
3- سورة النجم: 45.
4- عنه البحار: 24/398 ح 121، والبرهان: 4/471 ح 3.
5- سورة الأحزاب: 25.
6- عنه البحار: 24/398 ح 122 والبرهان: 4/471 ح 4.
7- في نسخة «م» أرومة.
8- ليس في نسخة «ج».
9- في نسختي «أ، م» أمين.
10- من نسخة «أ».

«الله خالق الزوجين الذكر والأنثى ولعلي الآخرة والأولى» (1).

6- ويدل على ذلك ما جاء في الدعاء «سبحانه من خلق الدنيا والآخرة وما سكن في الليل والنهار لمحمّد وآل محمّد (2).

7- وروى أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أيمن بن محرز عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: فأمّا من أعطى- الخمس- واتقى- ولاية الطواغيت- وصدق بالحسنى- بالولاية- فسنيسره لليسرى «فلا يريد شيئا من الخير إلا تيسر له.

«وأمّا من بخل- بالخمس- واستغنى- برأيه عن أولياء الله- وكذب بالحسنى- بالولاية- فسنيسره للعسرى «فلا يريد شيئا من الشرّ إلا تيسّر له.

وأمّا قوله (وسيجنبها الأتقى) قال: رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومن تبعه.

و (الّذي يؤتي ماله يتزكى) قال: ذاك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو قوله تعالى: (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (3).

وقوله (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) فهو رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الّذي ليس لأحد عنده (من) (4) نعمة تجزى، ونعمته جارية على جميع الخلق (5).

صلوات الله عليه وعلى أهل بيته أولي الحق المبين صلاة باقية إلى يوم الدين.

ص: 809


1- عنه البحار: 24/399 ح 124.
2- عنه البحار: 24/399 ملحق 124، وتقدّم في سورة الملك ح 17، ويأتي في الخاتمة ملحق ج 9.
3- سورة المائدة: 55.
4- ليس في نسخة «م» والبحار.
5- عنه البحار: 24/46 ح 19 والبرهان: 4/471 ح 6.

«93»

«سورة الضحى»

«وما فيها [من الآيات في الأئمّة الهداة]»

قوله تعالى: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى(4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (4)

1- تأويله: ما رواه (1) محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أبي داود، عن بكار، عن (2) عبد الرحمان، عن إسماعيل بن عبد الله (3) عن عليّ بن عبد الله (4) بن العباس قال: عرض على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ما هو مفتوح على أمته من بعده كفراً كفراً.

فسرّ بذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ (وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى).

قال: فأعطاه الله عزّ وجلّ ألف قصر في الجنّة ترابه المسك، وفي كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم (5).

وقوله: كفرا كفرا أي قرية، والقرية تسمى كفرا.

2- وروى (6) أيضا، عن محمّد بن أحمد بن الحكم، عن محمّد بن يونس عن حماد بن عيسى، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه صلى الله عليهما، عن جابر ابن عبد الله قال: دخل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وهي تطحن بالرحى وعليها

ص: 810


1- في نسخة «ج» قال.
2- في نسخة «ب» بن، ولم نعثر عليه في كتب الرجال.
3- في نسختي «ب، م» عبيد الله، ولم نعثر عليه في كتب الرجال.
4- في نسخة «ب» والبحار: عبيد الله، والصحيح ما أثبتناه، وهو ولد في سنة: 41 وقيل: في سنة وفاة عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومات في سنة: 118 راجع (الكامل لابن الأثير: 3/ 419 و ج 5/198) فعلى هذا لم يدرك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فالرواية اما مرسلة أو أن لفظ «عن أبيه «ساقط منه.
5- عنه البحار: 16/143 ح 8 والبرهان: 4/472 ح 2.
6- في نسخة «ج» وقال.

كساء من أجلة الإبل، فلمّا نظر إليها بكى وقال لها: يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة (غدا) (1) فأنزل الله عليه (وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى) (2).

3- وروى أيضا، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن محمّد الكاتب عن عيسى بن مهران باسناده إلى زيد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ (ولسوف يعطيك ربك فترضى).

قال: إن رضى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) إدخال الله أهل بيته وشيعتهم الجنّة (3).

وكيف لا وإنما خلقت الجنّة لهم، والنار لأعدائهم.

فعلى أعدائهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

«94»

«سورة الانشراح»

قال الله تبارك وتعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان، عن أبي عبد الله جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال الله سبحانه وتعالى (ألم نشرح لك صدرك- بعلي- ووضعنا عنك وزرك الّذي أنقض ظهرك فإذا فرغت- من نبوتك فانصب عليا

ص: 811


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 16/143 ح 9 والبرهان: 4/472 ح 3، وأورده في مقتل الخوارزمي: 64 ومقصد الراغب: 116 «مخطوط».
3- عنه البحار: 16/143 ح 10 والبرهان: 4/473 ح 4، وفي نسخة «ج» شيعته.

وصيّا- وإلى ربّك فارغب) في ذلك (1).

2- [وعن ابن إبراهيم (رحمه الله)، عن محمّد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) مثل ذلك وبلفظه] (2).

3- وقال أيضا: حدّثنا محمّد بن همام باسناده، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن المهلبي، عن سلمان (3) قال قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): قوله تعالى (ألم نشرح لك صدرك) قال: بعلي فاجعله وصيا.

قلت: وقوله (فإذا فرغت فانصب).

قال: إن الله عزّ وجلّ أمره بالصلاة والزكاة والصوم والحجّ، ثم أمره إذا فعل ذلك أن ينصب عليا وصيا («وإلى ربك فارغب «في ذلك) (4).

4- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد (بن محمّد) (5) بن خالد عن محمّد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله تعالى (فإذا فرغت فانصب) كان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حاجا فنزلت (فإذا فرغت- من حجك(6)- فانصب) عليا للناس (7).

5- وقال أيضا: [حدّثنا ] (8) أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد باسناده، إلى (9)

المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «فإذا فرغت فانصب «عليا بالولاية (10).

ص: 812


1- عنه البحار: 36/135 ح 91 والبرهان: 4/474 ح 2.
2- تفسير القمي: 730 وعنه البحار: 36/133 ح 87 والبرهان: 4/475 ح 13، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- في نسخة «ب» والبحار: سليمان.
4- عنه البحار: 36/135 ملحق ح 91 والبرهان: 4/475 ح 3، وما بين القوسين ليس في نسخة «م» والبحار، وفيهما «وصيه».
5- ليس في نسخة «ب».
6- في نسخة «م» حجتك.
7- عنه البحار: 36/135 ذ ح 91 والبرهان: 3/475 ح 4.
8- من نسختي «ب، م» والبحار.
9- في نسخ «أ، ب، ج «عن.
10- عنه البحار: 36/135 ذ ح 91 والبرهان: 4/475 ح 5.

«95»

«سورة التين»

قال الله تبارك وتعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن محمّد بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن البطل عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: قوله عزّ وجلّ (والتين والزيتون) «التين» الحسن، «والزيتون» الحسين، صلوات الله عليهما (1).

2- وقال أيضا: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عن (2) يحيى الحلبي، عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين).

قال «التّين والزّيتون «الحسن والحسين، «وطور سينين «عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ).

قلت: (3) قوله (فما يكذبك بعد بالدين)؟

قال «الدين» ولاية عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4).

3- ويؤيده: ما رواه عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في تفسيره، عن يحيى الحلبي

ص: 813


1- عنه البحار: 24/105 ح 14 والبرهان: 4/477 ح 3.
2- في نسختي «أ، م» بن، وهو تصحيف، ويدل عليه ما في ح 3.
3- من البحار، وفي الأصل: قال.
4- عنه البحار: 24/105 ح 13 والبرهان: 4/477 ح 2.

عن عبد الله بن مسكان (1) عن أبي الربيع الشاميّ، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (والتين والزيتون وطور سينين).

قال «التين والزيتون» الحسن والحسين، «وطور سينين» علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وقوله (فما يكذبك بعد بالدين) قال: الدين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

وأحسن ما قيل في هذا التأويل:

4- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) (، عن محمّد بن القاسم،) (3) عن محمّد ابن زيد، عن إبراهيم بن محمّد بن سعيد (4) عن محمّد بن الفضيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (والتين والزيتون) إلى آخر السورة.

فقال «التين والزيتون» الحسن والحسين.

قلت (وطور سينين) قال: ليس هو طور سينين، ولكنه طور سيناء.

قال: فقلت: وطور سيناء. فقال: نعم، هو أمير المؤمنين.

قلت (وهذا البلد الأمين) قال: هو رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أمن الناس به من النار إذا أطاعوه.

قلت (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم).

قال: ذاك أبو فصيل حين أخذ الله الميثاق له بالربوبية، ولمحمّد بالنبوة ولأوصيائه بالولاية فأقر، وقال: نعم، ألا ترى أنه قال «ثم رددناه أسفل سافلين» يعني الدرك الأسفل حين نكص وفعل بآل محمّد ما فعل.

قال: قلت (إلا الّذين آمنوا وعملوا الصالحات-

قال: والله هو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته- فلهم أجر غير ممنون).

ص: 814


1- في نسخة «ب» سنان، وفي الأصل والبرهان «باسناده عن أبي الربيع الشامي «ولكن بما أن ابن مسكان وابن سنان هما من أصحاب أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيمكن أن يرويا عن أبي الربيع لاتحاد طبقتهما.
2- عنه البرهان: 4/477 ح 5، ولم نعثر على هذا النص في تفسير القمي المطبوع.
3- ليس في نسخة «ج».
4- في نسخ «أ، ب، م» والبحار: سعد، ولم نعثر عليه في الرجال.

قال: قلت (فما يكذبك بعد بالدين) قال:

مهلا مهلا، لا تقل هكذا، هذا هو الكفر بالله، لا والله ما كذب رسول الله بالله طرفة عين.

قال: قلت: فكيف هي؟ قال «فمن (1) يكذبك بعد بالدين» والدين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) «أليس الله بأحكم الحاكمين»؟! (2).

توجيه معنى هذا التأويل:

أما قوله «والتين والزيتون» الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إنما كنى بهما عنهما لان التين فاكهة خالصة من شوائب التنغيص، ولأنه سبحانه جعل الواحدة على مقدار اللقمة، وفي ذلك نعم جم على عباده.

5- وروي عن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه قال في التين: لو قلت أن فاكهة نزلت من الجنّة لقلت: هذه (هي) (3) لان فاكهة الجنّة بلا عجم، فكلوها فإنها تنفع البواسير (4).

وأمّا الزيتون: وهو الّذي يخرج منه الزيت قال الله تعالى (يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور) (5) وفيه منافع كثيرة في الدنيا.

وأمّا الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فمنافعهما لا تحصى كثرة في الدين والدنيا، والامر في ذلك واضح لا يحتاج إلى بيان.

وأمّا قوله «وطور سينين» وهو الجبل الّذي أقسم الله سبحانه به، وكلم عليه

ص: 815


1- في نسخة «ب، ج، م»أفمن.
2- عنه البحار: 24/105 ح 15 والبرهان: 4/477 ح 4.
3- ليس في نسخة «ج».
4- مجمع البيان: 10/510، وفيه «تقطع البواسير وتنفع من النقرس «وعنه نور الثقلين: 5/607 ح 8، وأخرجه في البحار: 66/186 ح 5 عن الفردوس.
5- سورة النور: 35.

موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وسينين وسيناء معناهما واحد: وهو المبارك، أي الجبل المبارك، وكني به عن أمير المؤمنين مجازا، أي صاحب طور سينين، وإنما كان صاحبه لان الله سبحانه عرف موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) فضل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفضل شيعته كما تقدّم بيانه في قوله تعالى (وما كنت بجانب الغربي) (1).

وأمّا قوله «والبلد الأمين «وهو مكة شرفها الله لقوله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) (2) أي وصاحب البلد الأمين وهو رسول الله.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صلاة بإزاء فضله وإفضاله وغامر إحسانه ووافر نواله.

«97»

«سورة القدر»

«وما فيها من التأويل في فضائل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)» (3)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

المعنى قوله (إنا أنزلناه) الضمير راجع إلى القرآن، وإن لم يجز له ذكر لان الحال لا يشتبه فيه.

وقوله (في ليلة القدر) أي ذات القدر العظيم والخطر الجسيم.

وممّا ورد في شرف قدرها:

1- عن ابن عباس، عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أنه قال: إذا كانت ليلة القدر تنزل الملائكة - الّذين هم سكان سدرة المنتهى وفيهم جبرئيل- ومعهم ألوية فتنصب (4) لواء منها على قبري، ولواء في المسجد الحرام، ولواء على بيت المقدس، ولواء على طور

ص: 816


1- سورة القصص: 44.
2- سورة العنكبوت: 67.
3- في نسخة «ب» وما ورد في تأويلها من فضائل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).
4- في نسخة «م» والمجمع: فينصب.

سيناء، ولا يدع مؤمنا ولا مؤمنة إلا ويسلم عليه، إلا مدمن الخمر وآكل لحم الخنزير المضمخ بالزعفران (1).

وورد أنها الليلة المباركة التي «فيها يفرق كل أمر حكيم»(2).

واختلف في أي ليلة هي؟ والمتفق عليه أنها في رمضان (وإنّها) (3)في إحدى الليلتين: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين منه.

وقوله (خير من ألف شهر) وهو ملك بني أمية، وضبط ذلك أصحاب التواريخ فكان ألف شهر لا يزيد ولا ينقص.

وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها) قيل: إنه جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقيل:

إن الروح طائفة من الملائكة يسمون الروح لا يراهم الملائكة إلا في تلك الليلة، وقيل: إنه ملك أعظم من جبرئيل، وهو الّذي كان مع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ومن بعده مع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقوله (بإذن ربهم- أي بأمر ربهم- من كل أمر) أي بكل أمر يكون في تلك السنة من الرزق والأجل إلى مثلها في السنة الآتية.

ثمّ قال (سلام هي حتّى مطلع الفجر) أي هي هذه الليلة من أولها إلى آخرها- مطلع فجرها- «سلام»سالمة من الشرور والبلايا، ومن الشيطان وحزبه.

وقيل: سلام على أولياء الله وأهل طاعته، فكلما لقيهم الملائكة سلموا عليهم من الله تعالى.

2- وروي عن محمّد بن جمهور، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قوله عزّ وجلّ (خير من ألف شهر) (هو سلطان بني أمية، وقال: ليلة من إمام عدل خير من ألف شهر) (4) ملك بني أمية.

ص: 817


1- عنه البرهان: 4/488 ح 27، وأورده في مجمع البيان: 10/520.
2- سورة الدخان: 4.
3- لیس فی نسخة «ج».
4- لیس فی نسخة «ج».

وقال «تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) (أي من عند ربهم) (1) على محمّد وآل محمّد بكل أمر سلام (2).

3- وروي أيضا (3) عن محمّد بن جمهور، عن موسى بن بكر، عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر الله فيها؟

قال: لا توصف قدرة الله إلا أنه قال (فيها يفرق كل أمر حكيم) (4) فكيف يكون حكيما إلا ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه، لأنّه يحدث ما يشاء.

وأمّا قوله (ليلة القدر خير من ألف شهر) يعني فاطمة سلام الله عليها.

وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) «والروح» روح القدس وهو في فاطمة، سلام الله عليها (من كل أمر سلام) يقول: من كل أمر مسلمة.

(حتّى مطلع الفجر) حتّى يقوم القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

4- وفي هذا المعنى ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس الله روحه)، عن رجاله، عن عبد الله بن عجلان السكوني قال: سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وسقف بيتهم عرش رب العالمين، وفي قعر (6) بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحا ومساء، وفي كل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم، فوج ينزل وفوج يصعد.

وإن الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن السماوات حتّى أبصر العرش وزاد في قوة ناظره.

ص: 818


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 25/96 والبرهان: 4/487 ح 23.
3- في نسخة «ج» وفي هذا المعنى.
4- سورة الدخان: 4.
5- عنه البحار: 25/97 ح 70 والبرهان: 4/487 ح 24.
6- في نسخة «ج» قرب.

وإن الله زاد في قوة ناظر (1) محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وكانوا يبصرون (العرش) (2) ولا يجدون لبيوتهم سقفا غير العرش فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن، ومعارج: معراج الملائكة، والروح فوج بعد فوج لا انقطاع لهم.

وما من (بيت من) (3) بيوت الأئمّة منا إلا وفيه معراج الملائكة لقول الله عزّ وجلّ «تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم بكل أمر سلام».

قال: قلت: «من كل أمر»؟ قال: بكل أمر. قلت: هذا التنزيل؟ قال: نعم (4).

والمهم في هذا البحث، أن ليلة القدر هل كانت على عهد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وارتفعت؟ أم هي باقية إلى يوم القيامة؟ والصحيح أنها باقية إلى يوم القيامة:

5- لما روي عن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه قال: قلت: يا رسول الله ليلة القدر شئ يكون على عهد الأنبياء ينزل فيها عليهم الامر، فإذا مضوا رفعت؟

قال: لا، بل هي إلى يوم القيامة (5).

6- وجاء في حديث المعراج عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال:

لما عرج بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعلمه الله سبحانه الأذان والإقامة والصلاة، فلمّا صلى أمره سبحانه أن يقرأ في الركعة الأولى: الحمد لله (6) والتوحيد وقال له: هذه نسبتي وفي الثانية: بالحمد وسورة القدر، وقال: يا محمّد هذه نسبتك، ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة (7).

7- وعن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: إنها باقية إلى يوم القيامة، لأنّها لو رفعت

ص: 819


1- في البحار: ناظرة.
2- ليس في نسخة «ج».
3- ليس في نسخة «ج».
4- عنه البحار: 25/97 ح 71 والبرهان: 4/487 ح 25.
5- عنه البحار: 25/97 ح 72 والبرهان: 4/488 ح 26.
6- في نسخة «م» والبحار: بالحمد.
7- عنه البحار: 25/98 ح 73.

لارتفع القرآن بأجمعه، لانّ فيها «تنزل الملائكة والروح» (1).

وقال سبحانه بلفظ المستقبل، ولم يقل «نزل «بلفظ الماضي.

وذلك حقّ، لأنّها لا تجئ لقوم دون قوم، بل لسائر الخلق، فلا بدّ من رجل تنزّل عليه الملائكة والروح فيها بالامر المحتوم في ليلة القدر في كل سنة، ولو لم يكن كذلك لم يكن بكل أمر.

ففي زمن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) كان هو المنزل عليه، ومن بعده على أوصيائه أولهم أمير المؤمنين وآخرهم القائم (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهو المنزل عليه إلى يوم القيامة، لان الأرض لا تخلو من حجة الله عليها، وهو الحجة الباقية إلى يوم القيامة.

عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة التامة.

8- ويؤيد هذا التأويل: ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله) (عن أحمد بن القاسم) (2) عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (خير من ألف شهر)

قال: من ملك بني أمية.

قال: وقوله (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم)

أي من عند ربهم على محمّد وآل محمّد بكل أمر سلام (3).

9- وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعته يقول: قال لي أبي «محمّد»: قرأ عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) «إنا أنزلناه في ليلة القدر «وعنده الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا أبتاه كأن بها من فيك حلاوة.

فقال له: يا بن رسول الله وابني إني أعلم فيها ما لا تعلم، إنها لما نزلت (4)

ص: 820


1- عنه البحار: 25/98 ح 74.
2- ليس في نسخة «ج».
3- عنه البحار: 25/70 ح 59 والبرهان: 4/487 ح 20.
4- في نسخة «م» أنزلت.

بعث إلي جدك رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقرأها علي، ثم ضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيّي وولي (1) أمتي بعدي، وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي، ولولدك من بعدك، إن جبرئيل أخي من الملائكة حدث إلي أحداث أمتي في سنتها، وإنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

ومما جاء في تأويل هذه السورة هو:

10- ما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه الله)، عن محمّد بن أبي عبد الله (ومحمّد ابن الحسن) (3) عن سهل بن زياد (ومحمّد بن يحيى) (4) عن أحمد بن محمّد (جميعا) (5) عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال [والله] (6) عزّ وجلّ:

في ليلة القدر (فيها يفرق كل أمر حكيم) (7) [يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم] (8) والمحكم ليس بشيئين، إنما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عزّ وجلّ، ومن حكم بما (9) فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر (10) نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنّه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك [كل يوم] (11) علم من الله عزّ وجلّ الخاص والمكنون (و) (12) العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ «ولو أنما في الأرض

ص: 821


1- في البحار: والى.
2- عنه البحار: 25/70 ح 60 والبرهان: 4/487 ح 21.
3- ليس في نسختي «ج، م».
4- ليس في نسختي «ج، م».
5- ليس في نسختي «ج، م».
6- من الكافي.
7- سورة الدخان: 4.
8- من الكافي.
9- في الكافي: بأمر.
10- كذا في الكافي، وفي الأصل: بأمر.
11- من الكافي، ولفظ «من «ليس فيه، وفي نسخة «أ» في كل يوم من علم الله.
12- ليس في الكافي.

من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم» (1)

11- وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان عليّ بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إذا تلا (إنا أنزلناه في ليلة القدر) يقول: صدق الله، أنزل [الله] (2) القرآن في ليلة القدر.

(وما أدراك ما ليلة القدر) (3).

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لا أدري.

قال الله عزّ وجلّ (ليلة القدر خير من ألف شهر) ليس فيها ليلة القدر.

وقال الله لرسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): هل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا.

قال: لأنها (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) وإذا أذن الله بشئ فقد رضيه.

(سلام هي حتّى مطلع الفجر) يقول: تسلم (4) عليك يا محمّد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون، إلى مطلع الفجر.

ثمّ قال في (بعض) (5) كتابه (واتقوا فتنة لا تصيبن الّذين ظلموا منكم خاصّة) (6) في «إنا أنزلناه في ليلة القدر».

وقال [في بعض كتابه] (7) (وما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (8) يقول: إن محمّدا حين يموت، يقول أهل الخلاف لأمر الله عزّ وجلّ «مضت ليلة القدر مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) «فهذه فتنة أصابتهم خاصّة، وبها انقلبوا (9) على أعقابهم، لانهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بد أن يكون

ص: 822


1- الكافي: 1/248 ح 3 وعنه البحار: 25/79 ح 66 والبرهان: 4/483 ح 4، وقطعة منه في البحار: 24/183 ح 21، والآية الأخيرة من سورة لقمان: 27.
2- من الكافي.
3- الآية ليست في نسختي «ج، م».
4- كذا في الكافي، وفي الأصل: يسلمون.
5- ليس في نسختي «ج، م».
6- سورة الأنفال: 25.
7- من الكافي.
8- سورة آل عمران: 144، وفي الكافي «يقول في الآية الأخيرة:».
9- في الكافي والبحار: ارتدوا.

لله عزّ وجلّ فيها أمر، وإذا أقروا بالامر لم يكن له من صاحب بد (1).

12- (وعن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: كان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثيرا ما (2) يقول: ما اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو يقرأ «إنا أنزلناه في ليلة القدر «بتخشّع وبكاء إلا ويقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة؟

فيقول لهما رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لما رأت عيني ووعاه قلبي، ولما يلقى (3)

قلب هذا من بعدي. فيقولان: وما الّذي رأيت؟ وما الّذي يلقى (4)؟

قال: فيكتب لهما في التراب «تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر».

قال: ثم يقول لهما: هل بقي شئ بعد قوله عزّ وجلّ «من كل أمر»؟ فيقولان: لا.

فيقول: فهل تعلمان من المنزل إليه ذلك الامر؟ فيقولان: أنت يا رسول الله. فيقول: نعم

فيقول: هل تكون (5) (ليلة القدر من بعدي؟ وهل يتنزل (6) ذلك الامر فيها؟ فيقولان:

نعم. فيقول: فإلى من؟ فيقولان: لا ندري.

فيأخذ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) برأسي، ويقول: إن لم تدريا، فادريا: هو هذا من بعدي.

قال: وإنّهما كانا ليعرفان تلك الليلة (بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) من شدة ما تداخلهما من الرعب (7).

ص: 823


1- الكافي: 1/248 ح 4 وعنه البحار: 25/80 ح 67 والبرهان: 4/483 ح 5.
2- في نسختي «ج، م» وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفي البحار: 25/71 «وروى عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)».
3- في الكافي «يرى «بدل «يلقى».
4- في الكافي «يرى «بدل «يلقى».
5- في نسختي «ج، م» يكون.
6- في نسخة «أ» والكافي: فهل ينزل، وفي نسخة «ب» تنزل.
7- الكافي: 1/249 ح 5، وفيه وفي نسخة «ب» يداخلهما، وعنه البحار: 25/80 ح 68والبرهان: 4/483 ح 6، وفي البحار 25/71 ح 61 عن الكنز، وأخرجه في البحار: 97 /21 ح 47 عن بصائر الدرجات: 224 ح 16 عن أحمد بن محمّد وأحمد بن إسحاق عن القاسم بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) باختلاف يسير.

13- وروى بهذا الاسناد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال:

يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة «إنا أنزلناه «تفلجوا (1) فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، وإنّها لسيدة دينكم، وإنّها لغاية علمنا.

يا معشر الشيعة، خاصموا ب «حم والكتاب المبين إنا أنزلنا في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم»(2) فإنها لولاة الامر خاصّة بعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ).

يا معشر الشيعة، إن الله تبارك وتعالى يقول (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (3).

فقيل: يا أبا جعفر نذير هذه الأمة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). قال: صدقت. فهل كان (نذير وهو حي) (4) من البعثة في أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا.

فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): أرأيت بعيثه، أليس نذيره كما أن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في بعثته من الله عزّ وجلّ نذير؟ [فقال: بلى. قال: فكذلك لم يمت محمّد إلا وله

بعيث نذير، قال:] (5)

فان قلت: لا. فقد ضيع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) من في أصلاب الرجال من أمته.

فقال السائل: أولم يكفهم القرآن؟ قال: بلى، إن وجدوا له مفسرا.

قال: أو ما فسره رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )؟ قال: بلى، ولكن فسره لرجل واحد وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال السائل: يا أبا جعفر كأن هذا أمر خاص لا يحتمله العامّة؟ قال: نعم، أبى الله أن يعبد إلا سرا حتّى يأتي أبان (6) أجله الّذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان

ص: 824


1- الفلج: الظفر والفوز.
2- سورة الدخان: 1- 4.
3- سورة فاطر: 24.
4- في نسخ «ب، ج، م»بد، وفي نسخة «أ» (له بد وهو حي- خ ل-).
5- من الكافي.
6- أبان: أوله، حينه.

رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) مع خديجة مستترا حتّى أمر بالإعلان. قال السائل: (أ) (1) ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم أسلم مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حتّى أظهر أمره؟ قال: بلى. قال: فكذلك أمرنا «حتّى يبلغ الكتاب أجله» (2).

14- وروي أيضا بهذا الاسناد عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال: لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، فمن جحد ذلك فقد رد على الله عزّ وجلّ علمه لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدثون إلا أن يكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجة التي تأتيهم مع (3) جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ).

[قال] (4) قلت: والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟ قال: أمّا الأنبياء والرسل فلا شك في ذلك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا من أن يكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك الامر في تلك الليلة إلى من أحب من عباده (وهو الحجة) (5).

وأيم الله لقد نزل الملائكة والروح بالامر في ليلة القدر على آدم.

وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الامر فيها ووضعه (6) لوصيه من بعده.

ص: 825


1- ليس في نسخة «أ» والكافي.
2- الكافي: 1/249 ح 6 وعنه البحار: 25/80 ح 68 والبرهان: 4/483 ح 7 وفى البحار: 25/71 ح 62 عن الكنز، والآية الأخيرة من سورة آل عمران: 235.
3- في نسخة «أ» والكافي: يأتيهم بها بد.
4- من نسختي «ب، م» والبحار.
5- ليس في نسخة «أ» والكافي.
6- في نسخة «أ» والكافي: ووضع، وفي البحار: ووصفه.

وأيم الله إنه كان ليؤمر النبيّ فيما يأتيه من الامر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن أوص إلى فلان، ولقد قال الله عزّ وجلّ في كتابه لولاة الامر [من] (1) بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خاصّة «وعد الله الّذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم- إلى قوله- هم الفاسقون) (2) يقول: أستخلفكم (3) لعلمي وديني وعبادتي، بعد نبيكم كما استخلف (4) وصاة آدم من بعد حتّى يبعث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الّذي يليه «يعبدونني لا يشركون بي شيئا «يقول: يعبدونني بايمان أن لا نبي بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فمن قال غير ذلك «فأولئك هم الفاسقون».

فقد مكّن ولاة الامر بعد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالعلم ونحن هم، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين، أما علمنا فظاهر، وأمّا إبان أجلنا الّذي يظهر فيه الدين منا حتّى لا يكون بين الناس اختلاف، فان له أجلا من ممر الليالي والأيام، إذا أتى ظهر الدين وكان الامر واحدا.

وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم الله شهداء على الناس ليشهد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) علينا، ولنشهد نحن على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على الناس، أبي الله أن يكون في حكمه اختلاف أو (5) بين أهل علمه تناقض.

ثمّ قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): فضل إيمان المؤمن بحمله «إنا أنزلناه «وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم، وإن الله عزّ وجلّ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها (في الدنيا) (6) لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، ولا أعلم في هذا الزمان جهادا الا

ص: 826


1- من البحار
2- سورة النور: 55.
3- في نسخة «ج» استخلفنكم.
4- في نسختي «ب، م» استخلفت.
5- في نسخة «ج» و.
6- ليس في نسخة «م».

الحجّ والعمرة والجوار (1).

15- محمّد بن الحسن الصفّار (رحمه الله) في بصائر الدرجات، عن عباد ابن سليمان [عن محمّد بن سليمان] (2) الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن نطفة الامام من الجنّة، فإذا (3) وقع من بطن أمه إلى الأرض وقع وهو واضع يديه على الأرض رافعا (4) رأسه إلى السماء.

قلت: جعلت فداك ولم ذاك؟ قال: لان مناديا ينادي في (5) جو السماء من بطنان العرش من الأفق الأعلى: يا فلان بن فلان تثبت (6) فإنك صفوتي من خلقي وعيبة علمي [لك ولمن تولاك] (7) أوجبت رحمتي، وفتحت جناتي (8) وأحللت جواري.

ثمّ وعزتي وجلالي لأصلين من عداك أشد عذابي، وإن أوسعت عليهم في دنياي من سعة رزقي.

قال: فإذا انقضى صوت المنادي، أجابه هو «شهد الله أنه لا إله إلا هو- إلى قوله- العزيز الحكيم»(9) فإذا قالها أعطاه (الله) (10) العلم الأول والعلم الآخر، واستحق زيارة الروح في ليلة القدر (11).

16- وعن الحسن بن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن العباس بن حريش أنه عرضه على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأقر به.

ص: 827


1- الكافي: 1/250 ح 7 وعنه البحار: 25/80 ح 68 والبرهان: 4/484 ح 7 وفى البحار: 25/73 ح 63 عن الكنز، وذيله في الوسائل: 11/33 ح 4 عن الكافي.
2- من البصائر.
3- في البصائر: وإذا.
4- في البصائر: يده إلى الأرض رافع.
5- في البصائر: يناديه من.
6- في البصائر: أثبت.
7- من البصائر.
8- في البصائر: جناني.
9- سورة آل عمران: 18.
10- ليس في البصائر.
11- بصائر الدرجات: 223 ح 13 وعنه البحار: 25/37 ح 4، ونور الثقلين: 5/639 ح 107.

قال: وقال (1) أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن القلب الّذي يعاين ما ينزل في ليلة القدر لعظيم الشأن. قيل (2): كيف ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: يشق (3) والله بطن ذلك الرجل ثم يؤخذ قلبه، فيكتب (4) عليه بمداد النور ذلك (5) العلم، ثم يكون القلب مصحفا للبصر (وتكون الاذن واعية للبصر) (6) ويكون اللسان مترجما للآذان (7) إذا أراد ذلك الرجل علم شئ نظر ببصره وقلبه فكأنه ينظر في كتاب.

فقلت (8) له بعد ذلك: فكيف (9) العلم في غيرها؟ أيشق القلب فيه أم لا؟

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): لا يشق ولكن الله يلهم ذلك الرجل بالقذف في القلب حتّى يخيل إلى الآذان أنها (10) تكلم (لكم كذا) (11) بما شاء الله (من) (12) علمه والله واسع عليم (13).

وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) بعض ما ذكرناه (14).

إعلم أنّ حاصل هذا التأويل، أنّ ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، لانّ الأرض لا تخلو من حجّة الله سبحانه وتعالى عليها، تنزل فيها عليه الملائكة والروح من عند ربّهم من كل (15) أمر إلى الليلة الآتية في (16) السنة المقبلة، من لدن آدم إلى أن بعث الله سبحانه نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فكان هو الحجة المنزلة عليه، ثم من بعده

ص: 828


1- في البصائر: فقال.
2- في البصائر: قلت و.
3- في البصائر: ليشق.
4- في البصائر: إلى قلبه ويكتب.
5- في البصائر: فذلك جميع.
6- ليس في البصائر.
7- في البصائر: للاذن.
8- في البصائر: قلت.
9- في البصائر: وكيف.
10- في البصائر: الاذن أنه.
11- ليس في البصائر.
12- ليس في البصائر.
13- بصائر الدرجات: 223 ح 14 وعنه البحار: 97/20 ح 45 ونور الثقلين: 5/639 ح 108.
14- تفسير القمي: 731- 732، ومن أول ح 15 إلى هنا نقلناه من نسخة «أ».
15- في نسختي «ب، م» بكل.
16- في نسخة «ج» من.

أمير المؤمنين ثم الحسن، ثم الحسين، ثم الأئمّة واحد بعد واحد إلى أن انتهت الحجة إلى القائم. صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين.

«98»

«سورة البينة»

«وما فيها من الآيات في الأئمّة «الهداة»

وهي: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ

لهذه السورة تأويل ظاهر وباطن، فالظاهر ظاهر، وأمّا الباطن فهو:

1- ما رواه محمّد بن خالد البرقي مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في قوله عزّ وجلّ (لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب) قال: هم مكذبوا الشيعة، لان الكتاب هو الآيات، وأهل الكتاب الشيعة.

وقوله (والمشركين منفكين) يعني المرجئة.

(حتّى تأتيهم البينة) قال: يتضح لهم الحق.

وقوله (رسول من الله- يعني محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- يتلوا صحفا مطهرة)

ص: 829

يعني يدل على أولي الامر من بعده وهم الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وهم الصحف المطهرة.

وقوله (فيها كتب قيمة) أي عندهم الحق المبين.

وقوله (وما تفرق الّذين أوتوا الكتاب) يعني مكذبوا الشيعة.

وقوله (إلا من بعد ما جائتهم البينة- أي من بعد ما جاءهم الحق.

- وما أمروا- هؤلاء الأصناف- إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)

والاخلاص: الايمان بالله ورسوله والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقوله (ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة- فالصلاة والزكاة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وذلك دين القيمة) قال: هي فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).

وقوله (الّذين آمنوا وعملوا الصالحات) قال: الّذين آمنوا بالله ورسوله (1) وبأولي الامر، وأطاعوهم بما أمروهم به، فذلك هو الايمان والعمل الصالح.

وقوله (رضي الله عنهم ورضوا عنه) قال: قال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): الله راض عن المؤمن في الدنيا والآخرة، والمؤمن وإن كان راضيا عن الله فان في قلبه ما فيه، لما يرى في هذه الدنيا من التمحيص، فإذا عاين الثواب يوم القيامة رضي عن الله الحق حق الرضا، وهو قوله (ورضوا عنه).

وقوله (ذلك لمن خشي ربه) أي أطاع ربه (2).

وقد تقدّم أن الشيعة هم الّذين آمنوا بالله ورسوله وبأولي الامر وأطاعوهم.

وقوله «إن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم الصحف المطهرة «أي: أهل الصحف المطهرة.

وقوله «الصلاة والزكاة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

فقد تقدّم في مقدمة الكتاب عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد سأله داود بن كثير فقال له: أنتم الصلاة في كتاب الله عزّ وجلّ.

فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزّ وجلّ، ونحن الزكاة. الحديث (3)؟

ص: 830


1- في البحار: برسوله.
2- عنه البحار: 23/369 ح 43 والبرهان: 4/489 ح 1.
3- راجع المقدمة ح 2.

ومعنى آخر أن بولايتهم تقبل الصلاة والزكاة وجميع الأعمال.

وقوله «دين القيمة «فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) أي صاحبة الدين، القيمة أي الملة المستقيمة.

2- وروى عليّ بن أسباط، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (وذلك دين القيمة) قال: إنما هو ذلك دين القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

وقد جاء في تأويل (أولئك هم خير البرية) أحاديث منها:

3- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن الهيثم (2) عن الحسن بن عبد الواحد، عن حسن بن حسين، عن يحيى بن مساور، عن إسماعيل بن زياد، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يزيد بن شراحيل كاتب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعت عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: (حدّثني رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )) (3) وأنا مسنده إلى صدري وعائشة (عند أذني، فأصغت عائشة) (4) لتسمع ما يقول.

فقال: أي أخي ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ (إن الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) [هم] (5) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت (6) الأمم تدعون غرا محجلين، شباعا مرويين (7).

4- ومنها: ما رواه أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن أبي مخنف، عن يعقوب بن ميثم، أنه وجد في كتب أبيه: أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول «إن الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية «ثم التفت إلي فقال: هم أنت يا

ص: 831


1- عنه البحار: 23/370 ح 44 والبرهان: 4/489 ح 1، وفي نسختي «أ، م» وذلك.
2- في نسخة «أ» الهشيم.
3- في البحار: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول.
4- ليس في نسخة «ج»، وفي البحار «ظهري «بدل «صدري».
5- من نسخة «ب».
6- في نسخة «ب» جئت.
7- عنه البحار: 23/389 ح 99 و ج 68/53 ح 95 والبرهان: 4/489 ح 1 وحلية الأبرار: 1/464.

عليّ وشيعتك، وميعادك وميعادهم الحوض، تأتون غرّا محجّلين متوجّين.

قال يعقوب: فحدّثت به أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال: هكذا هو عندنا في كتاب عليّ صلوات الله عليه (1).

5- ومنها: ما رواه أيضا، عن أحمد بن محمّد الوراق، عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن أبي عبد الله، عن مصعب بن سلام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في مرضه الّذي قبض فيه لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ): يا بنية بأبي أنت وأمي أرسلي إلى بعلك فادعيه إلي.

فقالت فاطمة للحسن (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): إنطلق إلى أبيك فقل له: إن جدّي يدعوك.

فانطلق إليه الحسن فدعاه، فأقبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى دخل على رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وفاطمة عنده وهي تقول: وا كرباه لكربك يا أبتاه!

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لا كرب على أبيك بعد اليوم، يا فاطمة إن النبيّ لا يشق عليه الجيب، ولا يخمش عليه الوجه، ولا يدعى عليه بالويل، ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم»تدمع العين وقد يوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون «ولو عاش إبراهيم لكان نبيا.

ثمّ قال: يا عليّ ادن مني. فدنا منه، فقال: أدخل أذنك في فمي. ففعل، فقال: يا أخي ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ في كتابه (إن الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: هم أنت وشيعتك، تجيؤون غرا محجلين، شباعا مرويين، ألم تسمع قول الله عزّ وجلّ في كتابه (إن الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)؟

ص: 832


1- عنه البحار: 23/390 ح 100 و ج 27/130 ح 121 وفيه: محجلين مكحلين متوجين و ج 68/53 ح 96 والبرهان: 4/490 ح 2 وحلية الأبرار: 1/465.

قال: بلى يا رسول الله، قال:

هم أعداؤك وشيعتهم، يجيؤون يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين أشقياء معذبين، كفارا منافقين، ذاك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك وشيعتهم (1).

6 - ومنها ما رواه أيضا، عن جعفر بن محمّد الحسني ومحمّد بن أحمد الكاتب قالا: حدّثنا محمّد بن عليّ بن خلف، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية، عن عبد الله ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع (2) أن عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال لأهل الشورى: أنشدكم بالله هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: هذا أخي قد أتاكم، ثم التفت إلى الكعبة وقال: ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم أقبل عليكم وقال: أما إنه أولكم إيمانا وأقومكم بأمر الله وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأعدلكم في الرعية (وأقومكم) (3) وأقسمكم بالسويّة، وأعظمكم عند الله مزية، فأنزل الله سبحانه (إن الّذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فكبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وكبرتم، وهنأتموني بأجمعكم، فهل تعلمون أن ذلك كذلك؟

قالوا: اللّهمّ نعم (4).

ولا شك أن من نظر بعين البصيرة رأى عين اليقين، أن محمّدا وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين هم خير البرية وقد قامت بذلك الأدلة الواضحة (و) (5) البراهين، ولو لم يكن إلا هذه الآية الكريمة لكفت فضلا، دع سائر الآيات

ص: 833


1- عنه البحار: 24/263 ح 22 و ج 68/64 ح 97 والبرهان: 4/490 ح 3 وحليةالأبرار: 1/465.
2- في نسخة «أ» عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى تمام ست وعشرين رواية متصلة الاسناد مفيدة المراد.
3- ليس في نسختي «ب، م».
4- عنه البحار: 35/346 ح 21 و ج 68/55 ح 98 والبرهان: 4/490 ح 4 وحليةالأبرار: 1/466.
5- ليس في نسختي «ب، م».

المنزلة في الكتاب المبين.

هذا مع ما ورد في (1) الاخبار في أنهم أفضل الخلق ما لا يحصى كثرة، ولنورد الآن منها خبرا فيه كفاية عنها وهو:

7- ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) باسناد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول: افتخر إسرافيل على جبرئيل فقال: أنا خير منك. فقال: ولم أنت خير مني؟ قال: لأني صاحب الثمانية حملة العرش، وأنا صاحب النفخة في الصور، وأنا أقرب الملائكة إلى الله عزّ وجلّ.

فقال له جبرئيل: أنا خير منك. فقال إسرافيل: وبماذا أنت خير مني؟

فقال (2): لأني أمين الله على وحيه ورسوله إلى الأنبياء والمرسلين، وأنا صاحب الخسوف والقرون (3) وما أهلك الله أمة من الأمم إلا على يدي.

قال: فاختصما إلى الله تبارك وتعالى، فأوحى إليهما: اسكتا، فوعزتي وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما. قالا: يا رب وتخلق من هو خير منا، ونحن (خلقتنا) (4) من نور! فقال الله: نعم. وأوحى إلى حجب القدرة: انكشفي. فانكشفت فإذا على ساق العرش (مكتوب) (5): لا إله إلا الله محمّد [رسول الله] (6) وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله.

فقال جبرئيل: يا رب فأسألك بحقهم عليك أن تجعلني خادمهم.

فقال الله تعالى: قد فعلت. فجبرئيل من أهل البيت، وإنّه لخادمنا (7).

فإذا علمت ذلك فاستمسك أيها الولي بولايتهم، وتقرب إلى الله سبحانه

ص: 834


1- في نسخة «م» من.
2- في نسخة «م» والبحار: قال.
3- في ارشاد القلوب: الكسوف، وفي البحار: والقذوف.
4- ليس في نسخة «ج».
5- ليس في نسختي «ج، م»، وفي نسخة «ج» هو بساق بدل «على ساق».
6- من نسخة «ب» وارشاد القلوب.
7- عنه البحار: 26/344 ح 17 وعن ارشاد القلوب: 2/403.

بمودّتهم، لتكون من مواليهم وشيعتهم، وتنزل يوم القيامة منزلتهم السامية العلية، وتسمو الدرجة الرفيعة السنية، وتدخل في زمرة شيعتهم الّذين هم بولايتهم خير البرية فعليهم من الله أفضل السلام وأوفر التحية وأكمل الصلاة الطيبة الزكية ما زهرت النجوم الفلكية وبزغت الشمس المضيئة.

«99»

«سورة الزلزلة»

قال الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ

جاء في معنى تأويلها أحاديث ظهر منها فضل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإنّه هو الانسان الّذي يكلم الأرض إذا زلزلت فمنها:

1- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم ابن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن الصباح المزني، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يطوف في السوق فيأمرهم بوفاء الكيل والوزن حتّى إذا انتهى إلى باب القصر ركض (1) الأرض برجله (فتزلزت) (2) فقال: هي هي الآن مالك اسكني، أما والله إني [أنا] (3) الانسان الّذي تنبئه الأرض أخبارها أو رجل مني (4).

2- وروى أيضا، عن عليّ بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي

ص: 835


1- في البحار: ركز.
2- ليس في نسخة «ج».
3- من البحار والبرهان.
4- عنه البحار: 41/271 ح 25 والبرهان: 4/494 ح 3.

عن عبد الله (1) بن سليمان النخعي، عن محمّد بن الخراساني، عن فضيل (2) بن الزبير قال: إن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان جالسا في الرحبة، فتزلزت الأرض فضربها علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيده.

ثمّ قال لها: قري إنه ما هو قيام، ولو كان ذلك (3) لأخبرتني، وإني أنا الّذي تحدثه الأرض أخبارها، ثم قرأ (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الانسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها).

أما ترون أنها تحدث عن ربها (4).

3- وروى أيضا، عن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن يحيى الحلبي، عن عمر بن أبان، عن جابر الجعفي قال: حدّثني تميم بن خزيم (5) قال: كنا مع علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيث توجهنا إلى البصرة فبينا نحن نزول إذ اضطربت الأرض، فضربها علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيده.

ثمّ قال لها: مالك؟ [اسكني] (6) فسكنت، ثم أقبل علينا بوجهه [الشريف] (7)

ثمّ قال لنا: أما إنها لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله في كتابه لأجابتني ولكنها ليست تلك (8).

4- وروى محمّد بن هارون البكري باسناده إلى هارون بن خارجة حديثا يرفعه إلى سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها قالت: أصاب الناس زلزلة

ص: 836


1- في نسختي «أ، م» والبحار: عبيد الله.
2- في نسخة «ج» فضل، وهو من أصحاب الصادق والباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
3- في نسخة «ج» كذلك.
4- عنه البحار: 41/271 ملحق ح 25 والبرهان: 4/494 ح 4.
5- في نسختي «أ، م» حزيم، وفي البحار والعلل: جذيم، وهو تميم بن حذيم»حذلم»«خذيم» الناجي من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، راجع رجال السيد الخوئي: 3/373.
6- من نسخة «ب».
7- من البرهان.
8- عنه البرهان: 4/494 ح 5 وفي البحار: 41/254 ح 13 عنه وعن علل الشرائع: 2/555 ح 5.

على عهد أبي بكر وعمر، ففزع الناس إليهما، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فتبعهما الناس حتّى انتهوا إلى باب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فخرج إليهم غير مكترث لما هم فيه، ثم مضى وأتبعه الناس حتّى انتهوا إلى تلعة، فقعد عليها وقعدوا حوله، وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة. فقال لهم (عَلَيهِ السَّلَامُ): كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا: (و) (1) في كيف لا يهولنا ولم نر مثلها زلزلة!

قالت: فحرك شفتيه، ثم ضرب الأرض (بيده) (2) وقال: مالك؟ اسكني. فسكنت، فتعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حتّى خرج (3) إليهم فقال (4) لهم: كأنكم قد عجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم. قال: أنا الانسان الّذي قال الله عزّ وجلّ في كتابه (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الانسان ما لها- فأنا الانسان الّذي أقول (لها) (5) مالك؟- يومئذ تحدث أخبارها (لإياي تحدث أخبارها) (6).

5- ويؤيده: ما ذكره أبو علي الحسن بن محمّد بن جمهور العمّي قال: حدّثنا الحسن بن عبد الرحيم التمار قال: انصرفت من مجلس بعض الفقهاء، فمررت (على سلمان) (7) الشاذكوني، فقال لي: من أين جئت؟ فقلت: جئت من مجلس فلان (يعني أنا واضع كتاب الواحدة) (8) فقال لي: ماذا قوله فيه؟ قلت: شئ من فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال: والله لأحدثنك (9) بفضيلة حدّثني بها

ص: 837


1- ليس في نسخة «ج».
2- نسخة «ج» قام.
3- في نسخ «أ، ج، م»قال.
4- في نسخة «ج» وقال.
5- ليس في نسخة «ج».
6- عنه البرهان: 4/494 ح 6 وفي البحار: 41/254 ح 14 عنه وعن علل الشرائع: 2/556 ح 8 وفي البرهان: 4/493 ح 1 عن العلل، وما بين القوسين ليس في نسختي «ب، م».
7- في البحار: بسلمان.
8- ليس في البحار.
9- في البحار: أحدثك.

قرشيّ، عن قرشيّ (1) إلى (أن) (2) بلغ ستة نفر منهم.

(ثم) (3) قال: رجفت قبور البقيع على عهد عمر بن الخطّاب فضج أهل

المدينة من ذلك، فخرج عمر وأصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يدعون لتسكن الرجفة، فما زالت تزيد إلى أن تعدى ذلك إلى حيطان المدينة، وعزم أهلها على الخروج عنها فعند ذلك قال عمر: علي بأبي الحسن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فحضر فقال: يا أبا الحسن ألا ترى إلى قبور البقيع ورجفها حتّى تعدى ذلك إلى حيطان المدينة، وقد هم أهلها بالرحلة عنها. فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) البدريين، فاختار من المائة عشرة، فجعلهم خلفه، وجعل التسعين من ورائهم، ولم يبق بالمدينة سوى هؤلاء إلا حضر، حتّى لم يبق بالمدينة ثيب و (لا) (4) عاتق إلا خرجت.

ثم دعا بأبي ذر وسلمان والمقداد وعمار فقال (5) لهم: كونوا بين يدي حتّى توسط البقيع والناس محدقون به، فضرب الأرض برجله، ثمّ قال: (مالك) (6) مالك؟- ثلاثا- فسكنت.

فقال: صدق الله وصدق رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لقد أنبأني بهذا الخبر وهذا اليوم وهذه الساعة وباجتماع الناس له، إن الله عزّ وجلّ يقول في كتابه (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الانسان مالها) أما لو كانت هي هي لقالت مالها وأخرجت إلي (7) أثقالها. ثم انصرف وانصرف (8) الناس معه وقد سكنت الرجفة (9).

ص: 838


1- في البحار: قريشي عن قريشي.
2- ليس في نسخة «ج».
3- ليس في نسخة «ج».
4- ليس في البحار:، و «عاتق «الجارية أول ما أدركت.
5- في نسخة «ج» وقال.
6- ليس في نسخة «ج» والبحار.
7- في نسخة «م» والبحار: لي.
8- في نسختي «أ، م» انصرفت.
9- عنه البحار: 41/272 ح 27 والبرهان: 4/494 ح 7 وأورده في ثاقب المناقب: 240 (مخطوط).

«100»

«سورة العاديات»

«وما فيها من الآيات»

وهي قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا

المعنى «والعاديات» (1) أن الله سبحانه أقسم بالخيل العاديات (2) التي تعدو بركابها في سبيل الله، و «ضبحا «هو نفسها العالي عند العدو.

«فالموريات قدحا» والموري هو القادح النار.

ومعناه: أن هذه الخيل تقدح النار (3) من الحجارة بحوافرها في عدوها.

«فالمغيرات صبحا «أي هذه الخيل قد أغارت على القوم وقت الصبح.

«فأثرن به نقعا» [أي] (4) أنها أثارت النقع وهو الغبار المثار من حوافرها.

«فوسطن به جمعا» أي بالوادي الّذي فيه القوم فصرن (5) في وسطه وهو مجمع القوم، وفي ذلك إشارة إلى الظفر بهم.

وإنما أقسم سبحانه بالخيل على سبيل المجاز أي بركاب الخيل وأصحاب الخيل، مثل «وسئل القرية» (6) أي أصحاب القرية.

وإنما أقسم بها لفضل ركابها، وهم المؤمنون خاصّة.

وإنما فضلوا لفضل أميرهم [و] (7) المؤمر عليهم، والفتح والظفر منسوب إليه، وهو أمير المؤمنين حقا حقا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهذه الغزاة تسمى

ص: 839


1- ليس في نسخة «ج».
2- في نسختي «ب، م» العادية.
3- في نسخة «ج» بالنار.
4- من نسخة «ب».
5- في نسختي «ب، م» وصرن.
6- سورة يوسف: 82.
7- من نسخة «ج».

«ذات السلاسل» باسم ماء الوادي.

والقصّة مشهورة ذكرها أصحاب السير [والتواريخ] (1) وغيرهم.

1- [و] (2) قيل: جاء أعرابي إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال له: إن جماعة من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل على أن يبيتوك في المدينة (3).

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لأصحابه: من لهؤلاء؟ فقام جماعة من أهل الصفّة.

وقالوا: نحن يا رسول الله، فول علينا من شئت، فاقرع بينهم، فخرجت القرعة على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم.

فأمر عليهم أبا بكر، وأمره بأخذ اللواء والمضي (4) إلى بني سليم وهم ببطن الوادي، فلمّا وصلوا إليهم قتلوا جمعا كثيرا من المسلمين وإنّهزموا.

فلمّا وصلوا إلى المدينة أمر على المسلمين عمر وبعثه إليهم، فهزموه وقتلوا جماعة من أصحابه فساء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذلك.

فقال عمرو بن العاص: إبعثني يا رسول الله إليهم، فأنفذه، فهزموه وقتلوا جماعة من أصحابه، وبقي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أياما يدعو عليهم.

ثم دعا بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبعثه إليهم، ودعا له وخرج (معه) (5) مشيعا إلى مسجد الأحزاب، وأنفذ معه جماعة منهم: أبو بكر، وعمر، وعمرو بن العاص فسار الليل وأكمن النهار، حتّى استقبل الوادي من فمه، فلم يشك عمرو بن العاص بالفتح (فقال) (6) لأبي بكر: إن هذه الأرض ذات ضباع وذئاب، وهي أشد علينا من بني سليم، والمصلحة أن نعلوا (7) الوادي. وأراد فساد الحال، وأمره أن يقول ذلك لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 840


1- من نسخة «ب».
2- من نسخة «ج».
3- في نسختي «ب، م» بالمدينة.
4- في نسخة «ج» ومضى.
5- ليس في نسخة «م».
6- ليس في نسخة «ج».
7- في نسخة «م» تعلوا، وفي نسخة «ب» يغلوا.

فقال له أبو بكر ذلك، فلم يجبه بحرف واحد.

فرجع إليهم وقال: والله ما أجابني حرفا واحدا (1). فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطّاب: إمض أنت إليه فخاطبه. ففعل، فلم يجبه بشئ فلمّا طلع الفجر كبس على القوم فأخذهم وظفر بهم، ونزل على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) الحلف بخيله. فقال سبحانه (والعاديات ضبحا) فاستبشر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (بذلك) (2).

فلمّا قدم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) استقبله النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، فلمّا رآه نزل عن فرسه.

فقال له النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملا منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، إركب، فان الله ورسوله عنك راضيان (3).

2- ويؤيده: ما رواه محمّد بن العباس (4) (رحمه الله)، عن محمّد (5) بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن أبان بن عثمان، عن عمر بن دينار، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أقرع بين أهل الصفة، فبعث منهم ثمانين رجلا إلى بني سليم، وأمر عليهم أبا بكر، فسار إليهم، فلقيهم قريبا من الحرة وكانت أرضهم أسنة (6) كثيرة الحجارة والشجر ببطن الوادي، والمنحدر إليهم صعب، فهزموه وقتلوا (7) من أصحابه مقتلة عظيمة.

فلمّا قدموا على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عقد لعمر بن الخطّاب وبعثه، فكمن له بنو سليم بين الحجارة وتحت الشجر، فلمّا ذهب ليهبط خرجوا عليه ليلا، فهزموه حتّى بلغ جنده سيف البحر، فرجع عمر منهم منهزما.

ص: 841


1- في نسخة «ب» بحرف واحد.
2- ليس في نسخة «ج».
3- راجع ارشاد المفيد: 94 وعنه البحار: 21/77 ح 5 مفصلا مع اختلاف.
4- في نسخة «أ» الحسن.
5- في نسخة «ج» أحمد.
6- في نسختي «أ، م» أشنة.
7- في نسخة «ج» فهزموا وقتل.

فقام عمرو بن العاص إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: أنا لهم يا رسول الله، إبعثني إليهم. فقال له: خذ في شأنك. فخرج إليهم فهزموه وقتل (1) من أصحابه ما شاء الله.

قال: ومكث رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أياما يدعو عليهم، ثم أرسل بلالا وقال: ائتني ببردي النجراني وقبائي (2) الخطية.

ثمّ دعا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقعد له، ثمّ قال: أرسلته (3) كرارا غير فرار.

ثمّ قال: اللّهمّ إن كنت تعلم أني رسولك فاحفظني فيه، وافعل به وافعل.

فقال له من ذلك ما شاء الله.

قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): وكأني أنظر إلى رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) شيع عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند مسجد الأحزاب وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على فرس أشقر مهلوب (4) وهو يوصيه.

قال: فسار وتوجه نحو العراق حتّى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، فسار بهم حتّى استقبل الوادي من فمه، وجعل يسير [في] (5) الليل ويكمن النهار، حتّى إذا دنا من القوم أمر أصحابه أن يطعموا الخيل، وأوقفهم مكانا وقال: لا تبرحوا مكانكم.

ثم سار أمامهم، فلمّا رأى عمرو بن العاص ما صنع، وظهرت آية الفتح، قال لأبي بكر: (إن) (6) هذا شاب حدث، وأنا أعلم بهذه البلاد منه، وههنا عدو هو أشد علينا من بني سليم- الضباع والذئاب- فان خرجت علينا نفرت بنا وخشيت أن تقطعنا، فكلمه يخلي عنا نعلوا الوادي. قال: فانطلق [أبو بكر] (7) فكلمه وأطال، فلم يجبه حرفا فرجع إليهم فقال: لا والله ما أجاب إلي (8) حرفا.

فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطّاب: انطلق إليه لعلك أقوى عليه من أبي بكر.

قال: فانطلق عمر، فصنع به ما صنع بأبي بكر، فرجع، فأخبرهم أنه لم يجبه حرفا.

ص: 842


1- في نسخة «ج» فهزموهم وقتلوا.
2- في نسخة «م» وقباي.
3- في نسخة «ج» أرسلت.
4- فرس مهلوب أي مستأصل شعر الذنب.
5- من البرهان.
6- ليس في نسختي «أ، ج».
7- من البرهان.
8- في نسخة «ج» لي.

فقال أبو بكر: لا والله لا نزول من مكاننا، أمرنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أن نسمع لعلي ونطيع.

قال: فلمّا أحس علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالفجر أغار عليهم، فأمكنه الله من ديارهم، فنزلت (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا).

قال: فخرج رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وهو يقول: صبح (1) علي- والله- جمع القوم، ثمّ صلّى وقرأ بها. فلمّا كان اليوم الثالث قدم عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) المدينة وقد قتل من القوم عشرين ومائة فارس، وسبى عشرين ومائة ناهد (2).

3- وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ (والعاديات ضبحا)؟ قال: ركض الخيل في قتالها (3).

(فالموريات قدحا)؟ قال: توري قدح (4) النار من حوافرها.

(فالمغيرات صبحا)؟ قال: أغار علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (عليهم) (5) صباحا.

(فأثرن به نقعا)؟ قال: أثر بهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه الجراحات حتّى استنقعوا في دمائهم.

(فوسطن به جمعا)؟ قال: توسط علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه ديارهم.

(إن الانسان لربه لكنود)؟ قال: إن (6) فلانا لربه لكنود.

(وإنّه على ذلك لشهيد)؟ قال: إن الله شهيد عليه.

(وإنّه لحب الخير لشديد)؟ قال: ذاك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (7).

4- وروى ابن أورمة (8) عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمان بن كثير، عن

ص: 843


1- في نسخة «ج» صنع.
2- عنه البرهان: 4/498 ح 1 مع اختلاف.
3- في نسختي «أ، م» قفالها، وفي البرهان: ضباحها.
4- في نسختي «أ، م» والبرهان «وقد».
5- ليس في نسخة «ج».
6- في نسخة «ج» لان.
7- عنه البرهان: 4/498 ح 2.
8- في نسخة «م» أرومة.

أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (إن الانسان لربه لكنود)

قال: كفور (1) بولاية أمير المؤمنين(2). صلوات الله عليه وعلى ذريته الطيبين.

5- وعن جعفر بن أحمد، عن عبيد [الله] (3) بن موسى، عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة [، عن أبيه] (4)، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) [في قوله (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا) قال: هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس.

قال: قلت: وما كان حالهم وقصتهم؟] (5) قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن أهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر ألف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا (6) أن لا يتخلف رجل عن رجل ولا يخذل أحد أحدا، ولا يفر رجل عن صاحبه حتّى يموتوا كلهم على حلف واحد ويقتلوا محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فأخبره بقصتهم، وما تعاقدوا عليه [وتوافقوا] (7)، وأمره أن يبعث أبا بكر إليهم بأربعة (8) آلاف فارس من المهاجرين والأنصار.

فصعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، إن جبرئيل [قد] (9) أخبرني أن أهل وادي اليابس اثنا عشر ألف فارس قد استعدوا وتعاهدوا وتعاقدوا [على] (10) أن لا يغدر رجل [منهم] (11) بصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتّى يقتلوني وأخي عليّ بن أبي طالب، وأمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس، فخذوا في أمركم، واستعدوا لعدوكم، وإنّهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى.

ص: 844


1- في نسخة «أ» كفور (كنود- خ ل-) وفي البرهان: كنود.
2- عنه البرهان: 4/498 ح 3.
3- من تفسير القمي.
4- من تفسير القمي.
5- من تفسير القمي.
6- في تفسير القمي: توافقوا.
7- من تفسير القمي.
8- في تفسير القمي: في الأربعة.
9- من تفسير القمي.
10- من تفسير القمي.
11- من تفسير القمي.

فأخذ المسلمون [ في] (1) عدتهم وتهيأوا، وأمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [أبا بكر] (2) بأمره وكان فيما أمره به [أنه] (3) إذا رآهم أن يعرض عليهم الاسلام، فان بايعوك وإلا واقعهم، فاقتل مقاتليهم، واسب ذراريهم، واستبح أموالهم، وخرب ضياعهم وديارهم. فمضى أبو بكر ومن معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدة وأحسن هيئة، يسير بهم سيرا رفيقا، حتّى انتهوا إلى أهل وادي اليابس.

فلمّا بلغ القوم نزول القوم عليهم، ونزل أبو بكر وأصحابه قريبا منهم، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مائتي رجل مدججين بالسلاح، فلمّا صادفوهم قالوا لهم: من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتّى نكلمه.

فخرج إليهم أبو بكر في نفر من أصحابه المسلمين، فقال لهم أبو بكر:

أنا صاحب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )! قالوا: وما أقدمك علينا؟

قال: أمرني رسول الله أن أعرض عليكم الاسلام، وأن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، ولكم ما لهم وعليكم ما عليهم، وإلا فالحرب بيننا وبينكم.

قالوا: أما واللات والعزّى، لولا رحم ماسة وقرابة قريبة لقتلناك وجميع من معك حتّى تكون حديثا لمن يكون بعدك (4)، فارجع أنت ومن معك وارتجوا العافية فانا إنما نريد صاحبكم بعينه وأخاه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فقال أبو بكر لأصحابه: يا قوم، القوم أكثر منكم أضعافا وأعد منكم، وقد نأت (5) داركم عن إخوانكم من المسلمين، فارجعوا نعلم رسول الله بحال القوم.

فقالوا له جميعا: خالفت يا أبا بكر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وما أمرت به، فاتق الله وواقع القوم، [و] (6) لا تخالف قول رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ). فقال: إني أعلم ما لا تعلمون، ويرى الشاهد ما لا يرى الغائب. فانصرف وانصرف الناس أجمعون، وأخبر النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بمقالة القوم [له] (7) وما رد عليهم أبو بكر.

ص: 845


1- من تفسير القمي.
2- من تفسير القمي.
3- من تفسير القمي.
4- في تفسير القمي والبحار: بعدكم.
5- أي بعدت.
6- من تفسير القمي.
7- من تفسير القمي والبحار.

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) خالفت يا أبا بكر أمري، ولم تفعل ما أمرتك [به] (1)، وكنت لي- والله- عاصيا فيما أمرتك.

فقام النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وصعد المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

يا معشر المسلمين إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس، وأن يعرض عليهم الاسلام، ويدعوهم إلى الله، فان أجابوه (2) وإلا واقعهم، وإنّه سار إليهم وخرج منهم [إليه] (3) مائتا رجل.

فلمّا سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم، وترك قولي إليه ولم يطع أمري، وإن جبرئيل أمرني عن الله أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس، فسر يا عمر على اسم الله ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك، فإنه قد عصى الله وعصاني، وأمره بما أمر به أبا بكر.

فخرج عمر والمهاجرون والأنصار الّذين كانوا مع أبي بكر يقتصد بهم في سيرهم حتّى شارف القوم، وكان قريبا بحيث يراهم ويرونه، وخرج إليهم مائتا رجل فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر، فانصرف وانصرف الناس معه وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم، ورجع يهرب منهم.

فنزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبر محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بما صنع عمر، وإنّه قد انصرف وانصرف المسلمون معه.

فصعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر [هم] (4) بما صنع عمر وما كان منه، وإنّه قد انصرف وانصرف المسلمون مخالفا لامري عاصيا لقولي.

فقدم عليه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عمر عصيت الله في عرشه، وعصيتني (5) وخالفت قولي، وعملت برأيك، لا قبح الله إلا رأيك

ص: 846


1- من تفسير القمي والبحار.
2- في الأصل: أجابوهم.
3- من تفسير القمي والبحار.
4- من تفسير القمي والبحار.
5- في الأصل: عصيتم.

وإنّ جبرئيل قد أمرني أن أبعث عليّ بن أبي طالب في هؤلاء المسلمين، وأخبرني أن يفتح الله عليه وعلى أصحابه.

فدعا عليّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأوصاه بما أوصى به أبا بكر وعمر وأصحابه الأربعة آلاف فارس، وأخبره أن الله سيفتح عليه و [على] (1) أصحابه.

فخرج علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعه المهاجرون والأنصار، فسار بهم سيرا غير سير أبي بكر وعمر، وذلك أنه أعنف بهم في السير حتّى خافوا أن ينقطعوا من التعب وتحفى دوابهم، فقال لهم: لا تخافوا، فان رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قد أمرني بأمر وأخبرني أن الله سيفتح علي وعليكم، فابشروا، فإنكم على خير وإلى خير.

فطابت نفوسهم وقلوبهم، وساروا على ذلك السير [و] (2) التعب حتّى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم ويراهم، أمر أصحابه أن ينزلوا، وسمع أهل وادي اليابس بمقدم عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه.

فخرج منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح، فلمّا رآهم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) [خرج إليهم] (3) في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم؟ ومن أين أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟

قال: أنا عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله وأخوه ورسوله إليكم أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا عبده ورسوله، ولكم إن آمنتم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين [من خير وشر] (4).

فقالوا له: إياك أردنا وأنت طلبتنا، قد سمعنا مقالتك فخذ حذرك واستعد للحرب العوان، واعلم أنا قاتليك وقاتلي أصحابك، والموعد فيما [بيننا و] (5) بينك غدا ضحوة، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينك.

ص: 847


1- من تفسير القمي والبحار.
2- من تفسيري القمي وفرات.
3- من تفسير القمي والبحار.
4- من تفسير القمي والبحار.
5- من تفسير القمي والبحار، وفيهما «الموعود «بدل «الموعد».

فقال لهم عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم، وأنا (1) أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فانصرفوا إلى مراكزهم، وانصرف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى مركزه.

فلمّا جن الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم ويعصموا [ويحسوا] (2) ويسرجوا، فلمّا انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس، ثم غار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتّى وطأتهم الخيل، فما أدرك آخر أصحابه حتّى قتل مقاتليهم، وسبي ذراريهم، واستباح أموالهم، وخرب ديارهم، واقبل بالأسارى والأموال معه.

ونزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخبر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بما فتح الله على علي وجماعة المسلمين.

فصعد رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين، وأعلمهم أنه لم يصب منهم إلا رجلان، ونزل، فخرج يستقبل عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في جميع أهل المدينة [من المسلمين حتّى لقيه على أميال من المدينة] (3)، فلمّا رآه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مقبلا نزل عن دابته، ونزل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) حتّى التزمه، وقبل ما بين عينيه فنزل جماعة المسلمين إلى علي حيث نزل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأقبل بالغنيمة والأسارى وما رزقهم الله من أهل وادي اليابس.

ثمّ قال جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن تكون من خيبر، فإنها مثلها.

فأنزل (4) الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم هذه السورة (والعاديات ضبحا) يعني بالعاديات: الخيل تعدو بالرجل، والضبح: ضبحها (5) في أعنتها ولجمها.

(فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا) فقد أخبرك أنها غارت عليهم صبحا.

قلت: قوله تعالى (فأثرن به نقعا) قال: يعني الخيل ويأثرن بالوادي نقعا

ص: 848


1- في تفسير القمي والبحار: فأنا.
2- من تفسير القمي والبحار، وفيهما «يقضموا «بدل «يعصموا».
3- من تفسير القمي والبحار.
4- في الأصل: وأنزل.
5- في الأصل: ضبحا.

فوسطن به جمعا.

[قلت: قوله (إن الانسان لربه لكنود- قال: لكفور- وإنّه على ذلك لشهيد) قال: يعنيهما جميعا] (1) قد شهدا جميعا وادي اليابس، وكانا لحب الحياة لحريصين.

قلت: قوله (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إنّ ربهم بهم يومئذ لخبير) قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): نزلت الآيتان فيهما خاصّة، كانا يضمران ضمير السوء ويعملان به، فأخبر الله عزّ وجلّ خبرهما وفعالهما، هذا آخر الحديث] (2).

[ثم ذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) ما سبق في الرواية الأولى من قول عمرو بن العاص وفعله وغير ذلك] (3).

«101»

«سورة القارعة»

«وتأويل ما فيها»

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريا بن عاصم (اليمني) (4)، عن الهيثم بن عبد الرحمان قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن موسى ابن جعفر، عن أبيه، عن جده صلوات الله عليهم في قوله عزّ وجلّ:

(فأمّا من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية- قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وأمّا من خفت موازينه فأمه هاوية) قال: نزلت في (ثلاثة، يعني) (5) الثلاثة (6).

ص: 849


1- من تفسير القمي والبحار.
2- تفسير القمي: 733 مع اختلاف، وعنه البرهان: 4/495 ح 1، وفي البحار: 21/67 ح 2 عنه وعن تفسير فرات: 226، والحديث بطوله من نسخة «أ».
3- تفسير القمي: 737 وعنه البحار: 21/74 والبرهان: 4/497 ح 1، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
4- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «ب» الحسين بن عليّ بن عاصم اليمنى، ولم نجده في كتب الرجال.
5- ليس في نسخة «ب».
6- عنه البحار: 36/67 ح 10 والبرهان: 4/499 ح 3.

«102»

«سورة التكاثر»

جاء في تأويل قوله تعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)

1- في تفسير أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال: حدّثنا بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي عن عمر (1) بن عبد العزيز، (عن عبد الله) (2) بن نجيح اليماني قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله عزّ وجلّ (كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون).

قال: يعني مرة في الكرة، ومرة أخرى يوم (3) القيامة (4).

(وجاء) (5) في تأويل قوله عزّ وجلّ (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم):

2- ما ذكره محمّد بن العباس (رحمه الله) قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن حاتم، عن حسن (6) بن عبد الواحد، عن القاسم بن الضحاك، عن أبي حفص الصائغ عن الإمام جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنه قال: «ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم» والله ما هو الطعام والشراب، ولكن ولايتنا أهل البيت (7).

3- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد الوراق، عن جعفر بن عليّ بن نجيح عن حسن بن حسين، عن أبي حفص الصائغ، عن الإمام جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قوله تعالى (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال: نحن النعيم (8).

4- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، (عن محمّد) (9)

ص: 850


1- في نسختي «أ، م» عمرو، وفي نسخة «ج»: عمر بن عبد الله.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ج» في.
4- عنه البحار: 53/120 ح 156 والبرهان: 4/501 ح 2.
5- ليس في نسخة «ج».
6- في البحار: أحمد، والظاهر أنه اشتباه.
7- عنه البحار: 24/56 ح 25 والبرهان: 4/502 ح 6.
8- عنه البحار: 24/56 ح 26 والبرهان: 4/503 ح 7.
9- ليس في نسخة «ج».

ابن خالد، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن نجيح اليماني قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما معنى قوله عزّ وجلّ (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)؟ قال: النعيم الّذي أنعم الله به عليكم من ولايتنا، وحب محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم (1).

5- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد (عن محمّد بن خالد) (2)، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي الحسن موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال: نحن نعيم المؤمن وعلقم الكافر (3).

6- وقال أيضا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم، عن محمّد بن عبد الله بن صالح، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن طريف (4) عن الأصبغ

ابن نباتة، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه قال «ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم» نحن النعيم (5).

7- وقال أيضا: حدّثنا عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار، عن عليّ بن عبد الله بن غالب، عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على محمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فقدم [لي] (6) طعاما لم آكل أطيب منه.

فقال لي: يا أبا خالد كيف رأيت طعامنا؟

فقلت: جعلت فداك ما أطيبه، غير أني ذكرت آية في كتاب الله فنغصته (7).

قال: وما هي؟ قلت (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم).

فقال: والله لا تسأل عن هذا الطعام أبدا، ثم ضحك حتّى افتر ضاحكاه وبدت أضراسه، وقال: أتدري ما النعيم؟ قلت: لا.

ص: 851


1- عنه البحار: 24/56 ح 27 والبرهان: 4/503 ح 8.
2- ليس في نسخة «ب».
3- عنه البحار: 24/57 ح 28 والبرهان: 4/503 ح 10.
4- في نسخة «أ» سعيد بن طريف، وفي نسخ «ب، ج، م»سعد بن عبد الله، وفي البحار: سعيد بن عبد الله، والصحيح ما أثبتناه إذ الراوي عن الأصبغ هو «سعد بن طريف» فراجع كتب الرجال.
5- عنه البحار: 24/57 ح 29 والبرهان: 4/503 ح 9.
6- من البحار.
7- في نسخة «ب» فتعضتنيه، وفي نسخة «م» بغضته.

قال: نحن النعيم الّذي تسألون عنه (1).

8- وروى الشيخ المفيد (قدس الله روحه) باسناده إلى محمّد بن السائب الكلبي قال: لما قدم الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) العراق نزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله [عن] (2) مسائل، وكان مما سأله أن قال له: جعلت فداك ما الامر بالمعروف؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) المعروف يا أبا حنيفة المعروف في أهل السماء، المعروف في أهل الأرض، وذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال: جعلت فداك فما المنكر؟ قال: اللذان ظلماه حقه، وابتزاه أمره، وحملا الناس على كتفه. قال: ألا ما هو أن ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها؟

فقال أبو عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ): ليس ذاك أمرا (3) بمعروف ولا نهيا عن منكر، إنما ذاك خير قدمه.

قال: أبو حنيفة: أخبرني جعلت فداك عن قول الله عزّ وجلّ (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال: فما هو عندك يا أبا حنيفة؟

قال: الامن في السرب، وصحة البدن، والقوت الحاضر.

فقال: يا أبا حنيفة لئن وقفك (4) الله وأوقفك يوم القيامة حتّى يسألك عن كل أكلة أكلتها، وشربة شربتها ليطولن وقوفك.

قال: فما النعيم جعلت فداك؟ قال: النعيم نحن الّذين أنقذ الله الناس بنا من الضلالة، وبصّر (هم) (5) بنا من العمى، وعلمهم بنا من الجهل.

قال: جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا؟

قال: لأنه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه الأيام، ولو كان كذلك لفني

ص: 852


1- عنه البحار: 24/57 ح 30 والبرهان: 4/503 ح 11.
2- من البحار.
3- في البحار: بأمر، وفي نسخة «أ» أمرا بالمعروف ولا نهيا عن المنكر.
4- في نسخة «م» وفقك، وفي نسخة «ج» أوقفك الله بدل «وقفك الله وأوقفك».
5- ليس في نسختي «ج، م».

القرآن قبل فناء العالم (1)

9- [وعليّ بن إبراهيم (رحمه الله) عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد عن سلمة (2) بن عطا، عن جميل، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، [قلت: قوله (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)] (3).

قال: تسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها (4) برسوله، ثم بأهل بيته.

صلوات الله عليهم أجمعين] (5).

واعلم أنما كني بهم عن النعيم على سبيل المجاز، أي هم سبب النعيم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (6). ويدل على صحة ذلك- أنهم المسؤولون عنهم وعن ولايتهم- قوله تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) (7) أي عن ولاية أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

«103»

«سورة العصر»

قال السميع العليم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)

1- تأويله: قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن القاسم بن سلمة، عن جعفر بن عبد الله المحمّدي، عن أبي صالح الحسن بن إسماعيل، عن

ص: 853


1- عنه البحار: 10/208 ح 10 و ج 24/58 ح 34 والبرهان: 4/503 ح 12.
2- في تفسير القمي والبحار: مسلمة.
3- من تفسير القمي والبحار.
4- في تفسير القمي والبحار: عليهم.
5- تفسير القمي: 738 وعنه البحار: 24/52 ذ ح 6 والبرهان: 4/502 ح 2. والحديث من نسخة «أ».
6- في نسخة «م» فحذف المضاف إليه وأقيم المضاف مقامه.
7- الصافات: 24.

عمران بن عبد الله المشرقاني، عن عبد الله بن عبيد، عن محمّد بن علي، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول الله عزّ وجلّ:

(إلا الّذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

قال: استثنى الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حيث قال (إن الانسان لفي خسر إلا الّذين آمنوا- بولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)- وعملوا الصالحات- أي أدوا الفرائض- وتواصوا بالحق- أي بالولاية- وتواصوا بالصبر) أي وصوا ذراريهم ومن خلفوا من بعدهم بها، وبالصبر عليها (1).

[وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) نحو ذلك] (2).

«104»

«سورة الهمزة»

وفيها: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد النوفلي، عن محمّد بن عبد الله بن مهران، عن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سليمان الديلمي (عن أبيه سليمان) (3) قال: قلت لأبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ما معنى قوله عزّ وجلّ (ويل لكل مزة لمزة)؟ قال: الّذين همزوا آل محمّد حقهم ولمزوهم، وجلسوا مجلسا كان آل محمّد أحق به منهم (4).

ص: 854


1- عنه البرهان: 4/504 ح 1 وفي البحار: 24/215 ح 4 و ج 36/183 ح 181 عنه وعن تفسير فرات: 230.
2- تفسير القمي: 738، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- ليس في البحار.
4- عنه البحار: 24/309 ح 13 والبرهان: 4/505 ح 1.

«107»

«سورة الماعون»

تأويل قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)

1- قال محمّد بن العباس (رحمه الله): حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريا ابن عاصم، عن الهيثم، عن عبد الله الرمادي قال: حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر عن أبيه، عن جده صلوات الله عليهم في قوله عزّ وجلّ (أرأيت الّذي يكذب بالدين) قال بولاية أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

2- وروي محمّد بن جمهور، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله عزّ وجلّ (أرأيت الّذي يكذب بالدين)

قال: بالولاية (2). يعني إن الدين هو الولاية.

ويؤيده: قوله تعالى (إن الدين عند الله الاسلام) (3) وهولا يتم إلا بالولاية، لأنه سبحانه يوم فرض الولاية قال:

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (4).

فلولا الولاية لم يكمل الدين، ولم تتم النعمة، ولم يرض الله سبحانه لنا دين الاسلام، فلأجل ذلك صار الدين الولاية، فتمسك بها تكن من أهلها الموالين وقل عند لك: الحمد لله رب العالمين.

ص: 855


1- عنه البحار: 23/367 ح 33 والبرهان: 4/510 ح 1.
2- عنه البحار: 23/367 ح 34 والبرهان: 4/510 ح 2.
3- سورة آل عمران: 19.
4- سورة المائدة: 3.

«108»

«سورة الكوثر»

قال السميع العليم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

ومما جاء في معنى تأويل الكوثر:

1- ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن سعيد العماري (من ولد عمار بن ياسر) (1)، عن إسماعيل بن زكريا، عن محمّد بن عون، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله (إنا أعطيناك الكوثر) قال:

نهر في الجنّة عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، خص الله تعالى به نبيه وأهل بيته- صلوات الله عليهم- دون الأنبياء (2).

2- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن أحمد بن محمّد (عن أحمد بن الحسن عن أبيه) (3) عن حصين بن مخارق، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

أراني جبرئيل منازلي (في الجنّة ) (4)، ومنازل أهل بيتي على الكوثر (5).

3- ويعضده أيضا: ما رواه عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن

ص: 856


1- ليس في البحار، وفي نسخة «ب» عن عمار بن ياسر.
2- عنه البحار: 8/25 ح 24 والبرهان: 4/513 ح 4.
3- ليس في نسخة «ب» والبحار والبرهان، وفي نسخ «أ، ج، م»أحمد بن محمّد بن الحصين، والصحيح ما أثبتناه، أولا بقرينة بقية الموارد التي تبلغ أكثر من عشرة موارد «وثانيا» بحسب طبقة الرواة، فراجع اعلام روايات الكتاب.
4- ليس في نسخة «ب» والبحار.
5- عنه البحار: 8/25 ح 25 والبرهان: 4/513 ح 5.

مسمع بن أبي سيار (1)، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقول:

لمّا أسري بي إلى السماء السابعة قال لي جبرئيل:

تقدّم يا محمّد أمامك- وأراني الكوثر- وقال: يا محمّد هذا الكوثر لك دون النبيّين. فرأيت عليه قصورا كثيرة من اللؤلؤ والياقوت والدر، وقال:

يا محمّد هذه مساكنك ومساكن وزيرك ووصيك عليّ بن أبي طالب وذرّيّته الأبرار.

قال: فضربت بيدي على (2) بلاطه فشممته، فإذا هو مسك، وإذا أنا بالقصور لبنة ذهب، ولبنة فضة (3).

4- وروى أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله ابن حماد، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) صلى الغداة، ثم التفت إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: يا عليّ ما هذا النور الّذي أراه قد غشيك؟

قال: يا رسول الله أصابتني جنابة في هذه الليلة، فأخذت بطن الوادي فلم أصب الماء، فلمّا وليت ناداني مناد: يا أمير المؤمنين!

فالتفت فإذا خلفي إبريق مملوء من ماء (وطشت من ذهب مملوء من ماء) (4) فاغتسلت فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ أما المنادي فجبرئيل، والماء من (نهر يقال له: الكوثر) (5) عليه إثنا عشر ألف شجرة، (كل شجرة لها ثلاث مائة وستون غصنا، فإذا أراد أهل الجنّة الطرب هبت ريح، فما من شجرة ولا غصن) (6) إلا وهو أحلى صوتا من الآخر.

ص: 857


1- في نسختي «أ، م» مسمع بن أبي سيرة، وفي نسخة «ج» مسمع، عن أبي سيرة.
2- في نسخ «أ، ب، م» إلى.
3- عنه البحار: 8/26 ح 26 والبرهان: 4/513 ح 6، وفي نسخة «م» لبنة من ذهب ولبنة من فضة.
4- ليس في نسخة «ب» والبحار.
5- في نسخة «ج» نهر الكوثر ونهر الكوثر.
6- في نسخة «ج» بدل ما بين القوسين: وكل غصن من ذلك الشجرة له صوت وما من غصن.

ولولا أن الله تبارك وتعالى كتب على أهل الجنّة أن لا يموتوا، لماتوا فرحا من شدة حلاوة تلك الأصوات، وهذا النهر في جنة عدن، وهو لي ولك ولفاطمة والحسن والحسين، وليس لأحد فيه شئ (1).

[ورواه الخوارزمي مع أدنى تغيير وزيادة تقرير] (2).

فانظروا إلى هذا التأويل، وما فيه من الفضل المبين لمولانا أمير المؤمنين وذريته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين.

5- وروى محمّد بن أبي القاسم الطبري في «البشائر «بإسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت [على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )] (3) (إنا أعطيناك الكوثر) قال [له] (4) علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما هذا الكوثر يا رسول الله؟ قال: نهر أكرمني الله تعالى به.

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): إن هذا النهر لشريف (5) فانعته [لنا] (6) يا رسول الله.

قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): نعم يا علي، الكوثر نهر يجري (من) (7) تحت عرش الله، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حصباؤه الزبرجد والياقوت والمرجان، (و) (8) حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر، قواعده تحت عرش الله عزّ وجلّ.

قال: و (9) ضرب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) [يده] (10) على جنب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال:

يا عليّ إن [هذا] (11) النهر لي ولك ولمحبيك بعدي (12).

ص: 858


1- عنه البحار: 8/26 ح 27 والبرهان: 4/513 ح 7.
2- مناقب الخوارزمي: 216، وما بين المعقوفين من نسخة «أ».
3- من المصدر والبحار.
4- من المصدر والبحار.
5- في المصدر والبحار: شريف.
6- من البحار، وفي المصدر: لي.
7- ليس في المصدر والبحار.
8- ليس في المصدر والبحار.
9- في المصدر والبحار: ثم بدل «قال: و».
10- من المصدر والبحار، وفي البحار «في «بدل «على».
11- من المصدر والبحار.
12- بشارة المصطفى: 6 وعنه البحار: 8/18 ح 2 وعن أمالي الطوسي: 1/67 وأمّالي المفيد: 294 ح 5 ومناقب ابن شهرآشوب: 2/12، وأخرجه في البحار: 39/299 ح 104 عن أمالي المفيد، وفي البرهان: 4/512 ح 1 عن أمالي الطوسي والمفيد.

6- وذكر عليّ بن إبراهيم (رحمه الله) في هذه السورة أن الكوثر نهر في الجنّة أعطاه الله تعالى محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عوضا من ابنه إبراهيم.

قال: دخل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) المسجد وفيه عمرو بن العاص، والحكم بن [أبي] (1) العاص فقال عمرو: يا أبا الأبتر، وكان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي (2) أبترا ثمّ قال عمرو: إني لأشنأ محمّدا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )- أي أبغضه-.

فأنزل الله على رسوله (إنا أعطيناك الكوثر- إلى قوله تعالى- إن شانئك هو الأبتر) أي مبغضك عمرو بن العاص هو الأبتر، يعني لا دين له ولا نسب (3).

«110»

«سورة النصر»

وقال أيضا (رحمه الله): لما نزل بمنى في حجة الوداع (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): نعيت إلي نفسي، فجاء إلى مسجد الخيف، فجمع الناس ثمّ قال: نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه (4)، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

ثلاث لا يغل عليه قلب امرء مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمّة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم.

أيها الناس إني تارك فيكم [الثقلين] (5) ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا «كتاب الله، وعترتي أهل بيتي» فإنه [قد] (6) نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتّى

ص: 859


1- من المصدر والبحار.
2- في المصدر والبحار: يسمى.
3- تفسير القمي: 741 وعنه البحار: 17/209 ح 14 والبرهان: 4/515 ح 3، وصدره في البحار: 8/135 ح 45، والحديثان: 5، 6 من نسخة «أ».
4- في المصدر: ليس بفقيه.
5- من المصدر وفي الأصل: به بدل بهما.
6- من تفسير القمي والبحار.

يردا عليّ الحوض كإصبعيّ هاتين- وجمع بين سبّابتيه- ولا أقول: كهاتين- وجمع بين سبابته والوسطى- فتفضل هذه على هذه (1).

«112»

«سورة الاخلاص»

وما جاء في معنى تأويلها:

إن مثل قراءتها (في القرآن) (2) كمثل حب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (في الايمان) (3):

1- فمن ذلك ما نقله أخطب خطباء خوارزم باسناد يرفعه إلى عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ ما مثلك في الناس إلا كمثل «قل هو الله أحد «في القرآن، من قرأها مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.

وكذلك (4) أنت يا علي، من أحبك بقلبه فقد أحب ثلث الايمان، ومن أحبك بقلبه ولسانه فقد أحب ثلثي الايمان، ومن أحبك بقلبه ولسانه ويده فقد أحب الايمان كله.

والّذي بعثني بالحق نبيا لو أحبك أهل الأرض كما يحبك أهل السماء لما عذب الله أحدا منهم بالنار (5).

2- ومن ذلك ما رواه محمّد بن العباس (رحمه الله)، عن سعيد بن عجب الأنباري، عن سويد بن سعيد (6)، عن عليّ بن مسهر، عن حكيم بن جبير، عن ابن

ص: 860


1- تفسير القمي: 742 وعنه البحار: 27/68 ح 5 والبرهان: 4/517 ح 4، والسورة بتمامها من نسخة «أ».
2- ليس في نسخة «ج».
3- ليس في نسخة «ج».
4- في نسختي «ب، م» وكذا.
5- عنه البحار: 39/270 ح 46 وعن معاني الأخبار: 235 ذ ح 1، وأخرجه في البرهان: 4/522ح 24 عن أخطب خوارزم، وفي احقاق الحق: 5/621 عن ينابيع المودة: 125 عن موفق بن أحمد، ولم نجده في كتابه.
6- في نسخة «أ» سويد بن غفلة، وهو من أصحاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يناسب المقام، وفي البحار: سعيد بن سويد. وهو سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمّد الهروي ثم الحدثاني الأنباري راجع سير أعلام النبلاء: 11/410.

عبّاس قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): إنما مثلك مثل «قل هو الله أحد «فان من قرأها مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.

وكذلك (أنت) (1) من أحبك بقلبه كان له ثلث ثواب العباد، ومن أحبك بقلبه ولسانه كان له ثلثا ثواب العباد، ومن أحبك بقلبه ولسانه ويده كان له ثواب العباد أجمع (2).

3- ويؤيده: ما رواه أيضا، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد عن إسحاق بن بشر (3) الكاهلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): من قرأ (قل هو الله أحد) مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات (4) فكأنما قرأ القرآن كله.

وكذلك من أحب عليا بقلبه أعطاه الله ثلث ثواب هذه الأمة، ومن أحبه بقلبه ولسانه أعطاه الله ثلثي ثواب (5) هذه الأمة، ومن أحبه بقلبه ولسانه ويده أعطاه الله ثواب هذه الأمة كلها (6).

4- ويعضده: ما رواه أيضا، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد عن الحكم بن سليمان، عن محمّد بن كثير، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا عليّ إن فيك مثلا من «قل هو الله أحد «من قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثا فقد قرأ القرآن

ص: 861


1- ليس في نسخة «ج».
2- عنه البحار: 39/288 ح 81 والبرهان: 4/521 ح 19، وأخرجه في البحار: 27 /94 ح 54 عن المحاسن: 1/153 ح 77 بسند آخر عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
3- في نسختي «أ، ب» بشير.
4- في نسختي «ج، م» ثلاثا بدل «ثلاث مرات».
5- في نسخة «م» ثواب ثلثي.
6- عنه البحار: 39/228 ح 82 والبرهان: 4/522 ح 20.

[كله] (1).

يا عليّ ومن أحبك بقلبه كان له مثل أجر ثلث هذه الأمة، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه كان له مثل أجر ثلثي هذه الأمة، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بسيفه كان له مثل أجر هذه الأمة (2)

اعلم- وفقك الله لمحبته، وجعلك من أهل مودته- أن في هذا التأويل عبرة لذوي الاعتبار وتبصرة لأولي (3).

«113، 114»

«المعوذتان»

1- عبد الله والحسين ابنا بسطام في كتاب «طب الأئمّة «باسناده عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وأخبره: إن فلانا سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان فابعث إليه- يعني إلى البئر- أوثق الناس عندك وأعظمهم في عينك، وهو عديل نفسك حتّى يأتيك بالسحر.

قال: فبعث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فاستخرج حقا وأتى به إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فقال: افتحه. ففتحه، فإذا فيه قطعة كرب النخل في جوفه، وتر عليها إحدى عشرة (4) عقدة وكان جبرئيل أنزل يومئذ على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بالمعوذتين.

قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): اقرأهما على الوتر. فجعل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كلما قرأ آية انحلت عقدة حتّى فرغ منها، وكشف الله عن نبيه ما سحر به وعافاه (5).

رزقنا الله سبحانه الفوز بمحبته التي هي نعم الذخر لدار القرار، ووفقنا للعمل بطاعته في آناء الليل وأطراف النهار(6).

ص: 862


1- من نسخة «ب»، وفي البحار: من قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.
2- عنه البحار: 39/288 ح 83 والبرهان: 4/522 ح 21.
3- في نسخة «ج» لذوي.
4- في المصدر: إحدى وعشرين.
5- طب الأئمّة: 118 مفصلا وعنه البحار: 18/69 ح 25 وفيه بيان فراجع، و ج 63/23 ح 16 و ج 92/364 ح 6 و ج 95/125 ح 3 والبرهان: 4/529 ح 1.
6- السورة بتمامها من نسخة «أ».

«خاتمة الكتاب»

ولنورد لك في فضل محبته، وفضل محبيه وشيعته

ما تقر به عينك ويثبت (1) به فؤادك على محبته وولايته

1- فمن ذلك: ما ذكره الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه) عن أبيه قال: حدّثني عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصفهاني عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن أسلم الطوسي قال: حدّثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد قال: حدّثني عبد الرحمان السراج، عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: سألنا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فغضب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وقال: ما بال أقوام يذكرون (من له عند الله منزلة ومقام كمنزلتي ومقامي إلا النبوة) (2)؟

ألا ومن أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني رضي الله عنه، ومن رضي الله عنه كافأه بالجنّة.

ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر، ويأكل من طوبى، ويرى مكانه من الجنّة.

ألا ومن أحب عليا قبل الله منه صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب الله دعاءه.

ألا ومن أحب عليا استغفرت له الملائكة، وفتحت له أبواب الجنّة (3) الثمانية يدخلها من أي باب شاء بغير حساب.

ألا ومن أحب عليا أعطاه الله كتابه بيمينه، وحاسبه حساب الأنبياء.

ألا ومن أحب عليا هون الله عليه سكرات الموت، وجعل قبره روضة من رياض الجنّة.

ص: 863


1- في نسخة «م» تثبت.
2- في فضائل الشيعة: من، منزلته من الله كمنزلتي.
3- في نسخة «ج» الجنان.

ألا ومن أحب عليا أعطاه (الله) (1) بكل عرق في بدنه حوراء، وشفع في ثمانين من أهل بيته، وله بكل شعرة في بدنه مدينة في الجنّة.

ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت كما يبعثه للأنبياء، ودفع الله عنه هول منكر ونكير، ونور قبره (وفسحه مسيرة سبعين عاما) (2)، وبيض وجهه يوم القيامة وكان مع حمزة سيد الشهداء.

ألا ومن أحب عليا أظله الله في ظل (3) عرشه مع الصديقين والشهداء والصالحين، وآمنه يوم الفزع الأكبر من أهوال الصاخة.

ألا ومن أحب عليا أثبت (4) الله الحكم (5) في قلبه، وأجرى على لسانه الصواب، وفتح الله عليه أبواب الرحمة.

ألا ومن أحب عليا سمي في السماوات أسير الله في الأرض (6)، وباهى به ملائكة السماوات وحملة العرش.

ألا ومن أحب عليا ناداه ملك من تحت العرش: (يا عبد الله) (7) استأنف العمل، فقد غفر الله لك الذنوب كلها.

ألا ومن أحب عليا جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.

ألا ومن أحب عليا وضع الله على رأسه تاج الملك، وألبسه حلة العز والكرامة.

ألا ومن أحب عليا مر على الصراط كالبرق الخاطف (ولم ير صعوبة المرور) (8).

ألا ومن أحب عليا كتب الله له براءة من النار، وجوازا على الصراط، وأمّانا من العذاب، ولم ينشر له ديوان، ولم ينصب له ميزان، وقيل له: ادخل الجنّة

ص: 864


1- ليس في نسخة «م».
2- ليس في فضائل الشيعة والبحار، وفي نسخة «ج» مسير بدل «مسيرة».
3- في نسخة «م» ظلل.
4- في نسختي «ب، م» أنبت.
5- في نسخة «ب» الحكمة.
6- في نسخة «ب» أمير الله.
7- ليس في نسخة «ج»، وفي البحار: أن يا عبد الله.
8- ليس في نسخة «ب» والفضائل والبحار، وفي نسخة «ج» مؤنة، وفي نسخة «م» موتة بدل «صعوبة «وما أثبتناه من المائة منقبة.

بلا (1) حساب.

ألا ومن أحب عليا (ومات على حبه) (2) صافحته الملائكة وزاره الأنبياء وقضى الله عزّ وجلّ له كل حاجة.

ألا ومن أحب آل محمّد (أمن من الحساب والميزان والصراط.

ألا ومن مات على حب آل محمّد) (3) أنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء.

ألا ومن أبغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله.

ألا ومن مات على بغض (4) آل محمّد مات كافرا.

ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة.

قال أبو رجاء: كان حماد بن زيد يفتخر بهذا الحديث ويقول: هذا هو الأصل (5).

انظر (6) ببصر البصيرة إلى راوي هذا الحديث الشريف كيف عدل عن حب أهل الاجلال والتشريف، واتبعه (على ذلك) (7) أهل الشقاق والنفاق والتبديل والتحريف وجنود إبليس أجمعون، فهو ممن قال الله سبحانه فيه (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)؟! (8).

2- ومن ذلك ما رواه أيضا، عن الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن محمّد ابن أحمد بن حمدان القشيري، عن المغيرة بن محمّد بن المهلب، عن عبد الغفار

ص: 865


1- في نسخة «ج» بغير.
2- ليس في نسخة «ج».
3- ليس في نسخة «ج».
4- في نسخة «ج» ألا ومن أبغض.
5- فضائل الشيعة: 2 ح 1 وفيه: الامل (الأصل- خ ل-) وعنه البحار: 39/277 ح 55 وعن كتاب الأربعين عن الأربعين للشامي، وفي البحار: 68/124 ح 53 عن الفضائل وبشارة المصطفى: 43، ورواه الخزاعي في أربعينه ح 1 (مخطوط)، وأخرجه في البحار: 27 114 ح 89 عن المائة منقبة، منقبة: 37.
6- في نسخة «ج» انظروا.
7- ليس في نسخة «ج».
8- سورة الجاثية: 23.

ابن محمّد بن كثير الكلابي الكوفي، عن عمرو بن ثابت، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): حبّي وحبّ أهل بيتي نافع في سبعة (1) مواطن أهوالهن عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، (وعند الحساب) (2)، وعند الميزان، وعند الصراط (3).

3- ومن ذلك ما رواه أيضا، عن الحسين بن إبراهيم، (عن أحمد بن يحيى عن بكر بن عبد الله، عن محمّد بن عبد الله، عن عليّ بن الحكم) (4) عن هشام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن علي، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ) قال:

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ ما ثبت حبك في قلب امرئ (مؤمن) (5) فزلّت به قدم على الصراط إلا وثبت له قدم حتّى يدخله الله بحبك الجنّة (6).

4- ومن ذلك ما رواه أيضا، عن عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب باسناده عن عطاء، عن ابن عباس قال:

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): حب علي يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب (7).

5- ومن ذلك ما رواه أيضا، عن محمّد بن القاسم الاسترآبادي قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن هارون قال: حدّثنا عمار بن رجاء قال: حدّثنا (يزيد بن هارون قال: أخبرنا) (8) محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:

ص: 866


1- في نسختي «ج، م» ستة.
2- ليس في نسختي «ج، م».
3- الخصال: 2/360 ح 3 والأمالي للصدوق: 18 ح 3 وعنهما البحار: 27/158 ح 3 وعن فردوس الاخبار (مخطوط) ورواه في فضائل الشيعة: 5 ح 2.
4- سقط من الفضائل.
5- ليس في نسخة «ج».
6- أمالي الصدوق: 467 ح 28 وعنه البحار: 27/77 ح 8، وأخرجه في البحار: 8 /69 ح 17 و ج 27/158 ح 6 و ج 39/305 ح 119 عن فضائل الشيعة: 5/ح 4.
7- فضائل الشيعة: 11/10 مع اختلاف السند وعنه البحار: 27/136 ح 135 و ج 39 /306 ح 121، وأورده في مقصد الراغب: 31 (مخطوط).
8- ليس في نسخة «ب».

إن رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) جاءه رجل فقال: يا رسول الله أما رأيت فلانا ركب (1) البحر ببضاعة يسيرة وخرج إلى الصين، فأسرع الكرة وآب (2) بالغنيمة، وقد حسده أهل وده، وأوسع على أقربائه (3) وجيرانه؟

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن مال الدنيا كلما ازداد كثرة وعظما ازداد صاحبه بلاء فلا تغبطوا أصحاب المال إلا من جاد بماله في سبيل الله، ولكن [ألا] (4) أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة، وأسرع منه كرة، وأعظم منه غنيمة، وما أعد له من الخيرات محفوظ [له] (5) في خزائن عرش الرحمن؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): أنظروا إلى هذا المقبل، إليكم، فنظروا، فإذا (6) برجل من الأنصار، رث الهيئة.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إن [هذا] (7) قد صعد له اليوم إلى العلو من الخيرات والطاعات ما لو قسم على جميع أهل [السماوات و] (8) الأرض لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه ووجوب الجنّة. قالوا: يا رسول الله بماذا استوجب هذا؟

قال: سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم.

قال: فأقبل أصحاب رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) على ذلك الرجل فقالوا (له) (9): هنيئا لك

بما بشرك به رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) فماذا صنعت في يومك هذا حتّى قد كتب لك ما قد كتب؟

فقال الرجل: ما أعلم أني [قد] (10) صنعت شيئا، غير أني خرجت من بيتي وأردت حاجة كنت أبطأت عنها فخشيت أن تكون [قد] (11) فاتتني، فقلت في نفسي لأعتاضن (12) عنها بالنظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقد سمعت رسول الله

ص: 867


1- في نسخة «ج» راكب.
2- في الأمالي: أعظم بدل «آب».
3- في نسختي «ب. م»قراباته.
4- من الأمالي والبحار.
5- من الأمالي والبحار، وفي نسخة «ج» محفوظة.
6- في نسختي «ب، م» وإذا.
7- من الأمالي والبحار.
8- من الأمالي.
9- ليس في نسخة «ج»، وفي الأمالي: وقالوا.
10- من نسخة «ج».
11- من نسخة «ج».
12- في نسخة «ج» لأعتاض.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (يقول:) (1) النظر إلى وجه علي عبادة.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): إي والله عبادة، (وأي عبادة) (2) إنك يا عبد الله ذهبت (تبتغي) (3) أن تكسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك، فاعتضت عنه بالنظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب وأنت له محب ولطاعته (4) معتقد، وذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله، ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مصيرك إليه في ألف رقبة يعتقها الله من النار بشفاعتك (5).

6- ومن ذلك ما رواه أيضا قال: حدّثني أبي (رحمه الله) قال: حدّثنا سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن جمهور، عن يحيى ابن صالح، عن عليّ بن أسباط، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: بينا رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في ملا من أصحابه وإذا بأسود (على جنازة) (6) تحمله أربعة من الزنوج، ملفوف في كساء، يمضون به إلى قبره، فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): علي بالأسود، فوضع بين يديه، فكشف عن وجهه.

ثمّ قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): يا عليّ هذا رياح غلام آل النجار.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): والله ما رآني قط إلا وحجل في قيوده، وقال: يا عليّ إني أحبّك.

قال: فأمر رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بغسله، وكفنه في ثوب من أثوابه (7)، وصلى عليه وشيعه [رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )] (8) والمسلمون إلى قبره، وسمع (الناس) (9) دويا شديدا في السماء.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): (إنّه) (10) قد شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة، كلّ

ص: 868


1- ما بين الأقواس ليس في نسخة «ج».
2- ما بين الأقواس ليس في نسخة «ج».
3- ما بين الأقواس ليس في نسخة «ج».
4- في الأمالي: لفضله.
5- أمالي الصدوق: 296 ح 1 وعنه البحار: 38/197 ح 5، وأورده في بشارة المصطفى: 68 باسناده عن الصدوق.
6- ليس في البحار، وفيه وفي نسخة «م» أسود.
7- في نسخة «م» والبحار: ثيابه.
8- من نسخة «ج».
9- ليس في نسخة «ج».
10- ليس في نسخة «ج».

قبيل سبعون ألف ملك، والله ما نال ذلك إلّا بحبّك يا عليّ.

قال: ونزل رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في لحده، ثم أعرض عنه، ثم سوى عليه اللبن فقال له أصحابه: يا رسول الله رأيناك قد أعرضت عن الأسود ساعة ثم سويت عليه اللبن!

فقال: نعم إن ولي الله خرج من الدنيا عطشانا، فتبادر إليه أزواجه من الحور العين بشراب من الجنّة، وولي الله غيور، فكرهت أن أحزنه بالنظر إلى أزواجه

فأعرضت عنه (1).

7- ومن ذلك ما رواه الشيخ أبو جعفر محمّد الكراجكي (رحمه الله) في كتاب «كنز الفوائد» حديثا مسندا يرفعه إلى سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: كنا عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) في مسجده إذ جاءه أعرابي فسأله عن مسائل في الحج وغيره، فلمّا أجابه قال (له) (2): يا رسول الله إن حجيج قومي ممن شهد ذلك معك أخبرنا أنك قمت بعليّ بن أبي طالب بعد قفولك (3) من الحج، ووقفته بالشجرات من (4) خم، فافترضت على المسلمين طاعته ومحبته، وأوجبت عليهم جميعا ولايته، وقد أكثروا علينا في (5) ذلك، فبين لنا يا رسول الله أذلك فريضة (علينا) (6) من الأرض لما أدنته الرحم والصهر منك؟ أم من الله (افترضه) (7) علينا وأوجبه من السماء؟

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): بل الله افترضه [علينا] (8) وأوجبه من السماء، وافترض ولايته على أهل السماوات و [على] (9) أهل الأرض جميعا.

يا أعرابي إن جبرئيل هبط علي (10) يوم الأحزاب وقال: إن ربك يقرؤك

ص: 869


1- عنه البحار: 39/289 ح 84 وفي ص 254 ح 25 عن المحاسن: 1/150 ح 70 بسند آخر عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- ليس في نسختي «ج، م».
3- في نسخة «ج» وقوفك، وقفل قفلا وقفولا: رجع من السفر.
4- في نسخة «ج» في.
5- في نسخة «ب» والبحار: من.
6- ليس في نسخة «ج».
7- ليس في نسخة «ج».
8- من نسخة «ج».
9- من نسخة «ج».
10- في نسخة «م» على (إلى- خ ل-).

السلام، ويقول (لك) (1) إني قد افترضت حب عليّ بن أبي طالب ومودته على أهل السماوات وأهل الأرض، فلم أعذر في محبته أحدا، فمر أمتك بحبه، فمن أحبه فبحبي وحبك أحبه، ومن أبغضه فببغضي وبغضك أبغضه.

أما إنه ما أنزل الله عزّ وجلّ كتابا، ولا خلق خلقا إلا وجعل له سيدا، فالقرآن سيد الكتب المنزلة، وشهر رمضان سيد الشهور، وليلة القدر سيدة الليالي والفردوس سيد الجنان، وبيت الله الحرام سيد البقاع، وجبرئيل سيد الملائكة وأنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ولكل امرئ من عمله سيد (وحبي) (2) وحب عليّ بن أبي طالب سيد الأعمال وما تقرب (به) (3) المتقربون من طاعة ربهم [إلا بحب علي] (4).

يا أعرابي إذا كان يوم القيامة نصب لإبراهيم منبر عن يمين العرش، ونصب لي منبر عن شمال العرش، ثم يدعى بكرسي عال يزهر نورا فينصب بين المنبرين فيكون إبراهيم على منبره وأنا على منبري، ويكون أخي (علي) (5) على ذلك الكرسي، فما رأيت أحسن منه حبيبا بين خليلين.

يا أعرابي ما هبط علي جبرئيل إلا وسألني عن علي، ولا عرج إلا وقال: إقرأ على علي منّي السلام (6).

ص: 870


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسختي «ج، م».
3- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «ب» يقرب.
4- من نسخة «ب».
5- ليس في نسختي «ج، م».
6- عنه البحار: 40/54 ح 89.

نبأ عظيم

يشتمل على شئ من فضائله، وأن الملائكة تحبه وتشتاق إليه وتسلم عليه وهو:

8- ما رواه- صاحب كتاب الواحدة- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن جمهور (رحمه الله)، عن الحسن بن عبد الله الأطروش (1) قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسي السراج قال: حدّثنا وكيع بن الجراح قال: حدّثنا الأعمش، عن مورّق (2) العجلي، عن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) قال:

كنت جالسا عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) ذات يوم في منزل أم سلمة ورسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يحدّثني وأنا أسمع، إذ دخل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأشرق وجهه نورا [و] (3) فرحا بأخيه وابن عمّه، ثمّ ضمّه إليه وقبل [ما] (4) بين عينيه.

ثم التفت إلي وقال (5): يا أبا ذر أتعرف هذا الداخل علينا حق معرفته؟

قال أبو ذر: فقلت: يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك وزوج فاطمة البتول وأبو الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة.

فقال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): يا أبا ذر هذا الامام الأزهر، ورمح الله الأطول، وباب الله الأكبر، فمن أراد الله فليدخل الباب.

يا أبا ذر هذا القائم بقسط الله، والذاب عن حريم الله، والناصر لدين الله وحجة الله على خلقه، إن الله عزّ وجلّ لم يزل يحتج على خلقه في الأمم، كل أمة يبعث فيها نبيا.

يا أبا ذر إن الله عزّ وجلّ جعل على كل ركن من أركان عرشه سبعين ألف ملك

ص: 871


1- في نسخة «ب» الأطرش.
2- هو مورق بن مشمر ج بن عبد الله العجلي، أبو المعتمر البصري (تقريب التهذيب: 2/280).
3- من نسخة «ج».
4- من نسخة «ج».
5- في نسختي «ب، م» والبحار: فقال

ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلا الدعاء لعلي وشيعته، والدعاء على أعدائه.

يا أبا ذر لولا علي ما بان حق من باطل، ولا مؤمن من كافر، ولا عبد الله لأنه ضرب رؤوس المشركين حتّى أسلموا وعبدوا الله، ولولا ذلك لم يكن ثواب ولا عقاب ولا يستره من الله ستر، ولا يحجبه من الله حجاب، وهو الحجاب والستر.

ثم قرأ رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب (1).

يا أبا ذر إن الله تبارك وتعالى تفرد بملكه، ووحدانيته (وفردانيته في وحدانيته) (2) فعرف عباده المخلصين لنفسه، وأباح لهم جنته، فمن أراد أن يهديه عرفه ولايته، ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفته.

يا أبا ذر هذا راية الهدى، وكلمة التقوى، والعروة الوثقى، وأمّام أوليائي ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها الله المتقين، فمن أحبه كان مؤمنا ومن أبغضه كان كافرا، ومن ترك ولايته كان ضالا مضلا، ومن جحد ولايته كان مشركا.

يا أبا ذر يؤتى بجاحد ولاية علي يوم القيامة أصم [و] (3) أعمى (و) (4) أبكم فيكبكب (5) في ظلمات القيامة [ينادي: يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله] (6) وفي عنقه طوق من نار، لذلك الطوق ثلاثمائة شعبة، على كل شعبة منها شيطان يتفل في وجهه ويكلح من (7) جوف قبره إلى النار.

ص: 872


1- سورة الشورى: 13.
2- ليس في البحار، وفي نسخة «ج» اكتفى بكلمة «فردانيته».
3- من البحار.
4- ليس في نسختي «ج، م».
5- كبكب الشئ: قلبه وصرعه، وفي نسخة «ب» فيكب.
6- من البحار.
7- كذا في البحار، وفي الأصل: في.

قال أبو ذر: فقلت: (زدني بأبي أنت وأمي يا رسول الله) (1).

فقال: نعم، إنه لما عرج بي إلى السماء (فصرت إلى السماء) (2) الدنيا أذن ملك من الملائكة وأقام الصلاة، فأخذ بيدي جبرئيل فقدمني وقال لي:

يا محمّد صل [بالملائكة فقد طال شوقهم إليك، فصليت] (3) بسبعين صفا من الملائكة الصف ما بين المشرق والمغرب لا يعلم عددهم إلا [الله] (4) الّذي خلقهم عزّ وجلّ فلمّا قضيت الصلاة أقبل إلي شرذمة من الملائكة يسلمون علي ويقولون: لنا إليك حاجة، فظننت أنهم يسألوني الشفاعة لان الله عزّ وجلّ فضلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء.

فقلت: ما حاجتكم [يا] (5) ملائكة ربي؟ قالوا:

إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليا منا السلام، وأعلمه بأنا (6) قد طال شوقنا إليه.

فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا حق معرفتنا؟

فقالوا: يا رسول الله (و) (7) لم لا نعرفكم وأنتم أول خلق خلقه الله (من نور) (8) خلقكم الله أشباح نور (من نور) (9) في نور من نور الله، وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح (10) وتقديس وتكبير له، ثم خلق الملائكة مما أراد من أنوار شتى وكنا نمر بكم وأنتم تسبحون الله وتقدسون وتكبرون وتحمدون وتهللون فنسبح ونقدس ونحمد ونهلل ونكبر بتسبيحكم وتقديسكم وتحميدكم وتهليلكم وتكبيركم، فما نزل من الله عزّ وجلّ فإليكم، وما صعد إلى الله تبارك وتعالى فمن عندكم، فلم لا نعرفكم؟

ص: 873


1- في البحار: فداك أبي وأمي يا رسول الله ملأت قلبي فرحا وسرورا فزدني.
2- ليس في البحار، وفي نسخة «ج» في السماء.
3- من البحار.
4- من نسخة «ج».
5- من نسخة «ج».
6- في نسخة «ب» أنا، وفي نسخة «ج» بأننا.
7- ما بين الأقواس ليس في البحار.
8- ما بين الأقواس ليس في البحار.
9- ما بين الأقواس ليس في البحار.
10- في نسخة «ج» في تسبيح.

ثم عرج بي إلى السماء الثانية، فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت: ملائكة ربي! هل تعرفوننا حق معرفتنا؟ قالوا: ولم لا نعرفكم وأنتم صفوة الله من خلقه، وخزان علمه، والعروة الوثقى، والحجة العظمى، وأنتم الجنب والجانب وأنتم الكرسي (1) وأصول العلم؟ فاقرأ عليا منا السلام.

ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم، فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا حق معرفتنا؟ قالوا: ولم لا نعرفكم وأنتم باب المقام، وحجة الخصام، وعلي دابة الأرض، وفاصل القضاء، وصاحب العصا، وقسيم النار، غدا وسفينة النجاة من ركبها نجا، ومن تخلف عنها في النار يتردى يوم (2) القيامة، أنتم الدعائم من تخوم (3) (الأقطار والأعمدة، وفساطيط السجاف الأعلى (على) (4) كواهل أنواركم) (5) فلم لا نعرفكم فاقرأ عليا منا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء الرابعة فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم، فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا حق معرفتنا؟

فقالوا: ولم لا نعرفكم وأنتم شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، وعليكم ينزل جبرئيل بالوحي من السماء، فاقرأ عليا منا السلام.

ثم عرج بي إلى السماء الخامسة، فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا (حق معرفتنا) (6)؟ فقالوا: ولم لا نعرفكم ونحن نمر عليكم بالغداة والعشي بالعرش، وعليه مكتوب «لا إله إلا الله محمّد رسول الله أيدته بعليّ بن أبي طالب [وليي] (7)».

فعلمنا عند ذلك أن عليا ولي من أولياء الله تعالى، فاقرأه منا السلام.

ص: 874


1- في نسخة «م» الكراسي.
2- في نسختي «ج، م» ثم يوم، وفي البحار: تردى.
3- في نسخة «م» نجوم، وفي البحار: ونجوم.
4- ليس في نسخة «ج».
5- ليس في البحار
6- ليس في نسختي «ب، ج».
7- من نسخة «ج».

ثم عرج بي إلى السماء السادسة، فقالت [لي] (1) الملائكة مثل مقالة أصحابهم

فقلت: ملائكة ربي! تعرفوننا [حق معرفتنا]؟ (2) فقالوا ولم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة وليس فيها ورقة إلا وعليها سطر (3) مكتوب بالنور «لا إله إلا الله محمّد رسول الله عليّ بن أبي طالب عروة الله الوثقى، وحبل الله المتين، وعينه على الخلائق أجمعين» فاقرأه منا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء السابعة، فسمعت الملائكة يقولون: الحمد لله الّذي صدقنا وعده.

فقلت: (و) (4) بماذا وعدكم؟ قالوا: يا رسول الله لما خلقتم (5) أشباح نور في نور من نور الله عرضت علينا ولايتكم فقبلناها، وشكونا محبتكم إلى الله تعالى فأمّا أنت فوعدنا بأن يريناك معنا في السماء وقد فعل.

وأمّا عليّ فشكونا محبته إلى الله عزّ وجلّ، فخلق لنا في (6) صورته ملكا وأقعده عن يمين عرشه على سرير من ذهب مرصع بالدر والجوهر عليه (7) قبة من لؤلؤة بيضاء، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، بلا دعامّة من تحتها ولا علاقة من فوقها، قال لها صاحب العرش: قومي بقدرتي، فقامت، فكلما اشتقنا إلى رؤية علي نظرنا إلى ذلك الملك في السماء، فاقرأ عليا منا السلام (8).

ونحن أيضا نسلم على من سلمت عليه الملائكة (9) ونهدي منا التحية الحسنة الوافرة إليه، صلى الله عليه وعلى ذريته الطيبين صلاة دأئمّة إلى يوم الدين.

ص: 875


1- من نسخة «م»
2- من البحار.
3- في نسختي «ب، م» والبحار: حرف بدل «سطر».
4- ليس في نسخة «ب» والبحار.
5- في نسخة «ب» والبحار: خلقكم.
6- في نسخة «ج» مثل بدل «في»، وفي نسخة «ب» «فحول «بدل «فخلق».
7- في نسخة «ج» على.
8- عنه البحار: 40/55 ح 90 ومدينة المعاجز: 156، وأورده في المحتضر: 77 باسناده عن أبي ذر، وأخرج قطعة منه في البحار: 8/174 ح 122 عن تفسير فرات: 133.
9- في نسخة «م» الملائكة عليه.

[خاتم الأحاديث في فضل عليّ وذرّيّته (عَلَيهِم السَّلَامُ)]

وبعد فلنختم هذه الأحاديث بحديث جامع

لفضله وفضل ذريته الطيبين، وإنّهم أفضل الخلق الأفاضل أجمعين وهو:

9- ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن بابويه (رحمة الله عليه)، عن الحسن ابن محمّد بن سعيد الهاشمي قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدّثنا محمّد ابن أحمد بن علي الهمداني قال: حدّثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر (بن أبي قحافة) (1) قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن الإمام علي ابن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال:

قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ): ما خلق الله خلقا أفضل مني، ولا أكرم عليه مني.

قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

يا عليّ إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيّين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا عليّ وللأئمّة من بعدك، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبّينا.

يا عليّ «الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا» (2) بولايتنا.

يا عليّ لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء، ولا الجنّة ولا النار، ولا السماء ولا

ص: 876


1- ليس في نسخة «ب».
2- سورة المؤمن: 7.

الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا عزّ وجلّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لان أول ما خلق الله أرواحنا، فأنطقها الله بتوحيده وتمجيده.

ثم خلق الملائكة، فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظمت أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون، وإنّه تعالى منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة لتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلمّا شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله (وأنا عبيد لسنا بآلهة يجب أن نعبد معه، أو دونه، فقالوا: لا إله إلا الله) (1).

فلمّا شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به.

فلمّا شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة قلنا: لا حول ولا قوة إلا بالله (العلي العظيم) (2) لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله.

(فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (3).

فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة:

الحمد لله، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.

ثم إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم أودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما، وكان سجودهم لله عزّ وجلّ عبودية، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا (لآدم) (4) كلهم أجمعون وإنّه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى.

ثمّ قال: تقدّم يا محمّد. فقلت له: يا جبرئيل أتقدّم عليك؟! فقال: نعم، إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك (5) خاصّة، فتقدّمت

ص: 877


1- ليس في نسختي «ب، م».
2- ليس في البحار والعيون والعلل.
3- ليس في البحار والعلل والاكمال والعيون، وجملة «العلى العظيم»ليست في نسختي «ب، م».
4- ليس في نسختي «ب، م».
5- في نسختي «أ، ج «فضلكم.

فصلّيت بهم ولا فخر، فلمّا انتهينا إلى حجب النور. قال (لي) (1) جبرئيل:

تقدّم يا محمّد، وتخلف عني. فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟

فقال: يا محمّد إن انتهاء حدي الّذي وضعني الله عزّ وجلّ (فيه) (2) هو هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزجني في النور زجة حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزّ وجلّ من ملكوته.

فنوديت: يا محمّد. فقلت: لبيك يا ربي وسعديك تباركت وتعاليت.

فنوديت: يا محمّد أنت عبدي وأنا ربك، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي على بريتي، لمن اتبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت: يا ربي ومن أوصيائي؟

فنوديت: يا محمّد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش (3)، فنظرت وأنا بين يدي ربي إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطرا أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي، أولهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم مهدي أمتي.

فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي؟

فنوديت: يا محمّد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهّرن بهم ديني ولأعلّين بهم كلمتي، ولأطهّرن الأرض بآخرهم (4) من أعدائي، ولأمكّنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخّرن له الرياح، ولأذلّلنّ له الصعاب، ولأرقيّنّه في الأسباب، ولأنصرنّه بجندي، ولأؤيّدنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق

ص: 878


1- ليس في نسخة «ج».
2- ليس في نسخة «ج».
3- في نسخة «ب» المكتوب على سرادق عرشي.
4- في نسخة «ب» بأضربهم.

على توحيدي، ولأديمن ملكه، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة (1).

إعلم أيدك الله بتسديده وسددك بتأييده أنه قد بان لك من هذا الحديث الصحيح والمعنى الواضح الصريح بأن محمّدا وآله الطيبين عند رب العالمين أفضل من النبيّين والمرسلين والملائكة المقربين والخلق أجمعين، ولولاهم لم يخلق الله سبحانه آدم ولا حواء، ولا الجنّة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض.

10- وقد جاء في الدعاء «سبحان من خلق الدنيا والآخرة وما سكن في الليل والنهار لمحمّد وآل محمّد» (2).

فإذا عرفت ذلك فتمسك أيها الولي بولايتهم وودهم في الله حق مودتهم لتكون من مواليهم المحبين وشيعتهم، وتحشر يوم القيامة في زمرتهم.

وبعد، فحيث ختمنا

هذه الأحاديث بهذا الحديث؟ الجامع لفضلهم، الظاهر الشائع رأينا أن نأتي بعده بحديث يتضمن ما خصهم الله سبحانه به من البلاء العظيم، وما أعد (الله) (3) لهم من الجزاء على صبرهم في جنات النعيم، وما أعده لأعدائهم من العذاب الأليم في دركات الجحيم، وذلك مما تفرح به قلوب المؤمنين، ويتيقن أنها على الحق المبين بموالاتهم لخاتم النبيّين وأهل بيته الطيبين، وبالبراءة من أعدائهم الظالمين من الأولين والآخرين وهو:

11- ما نقله الشيخ أبو القاسم جعفر بن قولويه (رحمة الله عليه) قال: حدّثني محمّد

ص: 879


1- اكمال الدين: 254 ح 4، علل الشرائع: 5 ح 1، عيون أخبار الرضا: 1/204 ح22 وعنها البحار: 26/335 ح 1 و ج 60/303 ح 16، وفي ج 11/139 ح 6 و ج 57/58 ح 29 ومستدرك الوسائل: 1/331 ح 4 عن العيون، وفي البحار: 18/345 ح 56 عن العيون والعلل.
2- البحار: 24/399، وقد تقدّم في سورة الملك ح 17 وسورة الليل ح 6.
3- ليس في نسخة «م»، وفي نسخة «ب» أعده.

ابن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، (عن عبد الله بن حماد البصري) (1)، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن حماد ابن عثمان، عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال:

لما أسري بالنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قيل له: إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك.

قال: أسلم لأمرك يا رب وأصبر، ولا قوة لي على الصبر إلا بك، فما هن؟

قيل له: أولهن: الجوع والإثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة.

قال: قبلت يا رب ورضيت وسلمت، ومنك التوفيق للصبر.

وأمّا الثانية: فالتكذيب والخوف الشديد، وبذلك مهجتك في (و) (2) محاربتك الكفار بمالك ونفسك، والصبر على ما يصيبك منهم من الأذى من أهل النفاق والألم في الحرب والجراح. فقال: يا رب قبلت ورضيت وسلمت، ومنك التوفيق والصبر (3).

وأمّا الثالثة: فما يلقى (4) أهل بيتك من بعدك من القتل:

أما أخوك: فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجهد والظلم وآخر ذلك القتل. فقال: يا رب سلمت وقبلت، ومنك التوفيق والصبر (5).

وأمّا ابنتك: فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الّذي تجعله لها، وتضرب وهي حامل، ويدخل عليها (6) حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعا وتطرح ما في بطنها من الضرب، وتموت (7) من ذلك الضرب.

قال: (فقلت): (8) إنا لله وإنا إليه راجعون، قبلت يا رب وسلمت ومنك

ص: 880


1- ليس في نسخة «ب».
2- ليس في نسختي «ب، ج».
3- في نسختي «ج، م» للصبر.
4- في نسخة «ج» يلقاه، وفي نسخة «ب» تلقى.
5- في نسختي «ب، م» للصبر.
6- في البحار: على، وفي نسخة «ج» بحريمها.
7- في نسخه «م» يموت.
8- ليس في البحار، وفي نسخة «ب» «قلت «بدل «قال: فقلت».

التوفيق والصبر (1).

ويكون لها من أخيك ابنان يقتل أحدهما غدرا [ويسلب] (2)، ويطعن، ويسم تفعل به ذلك أمتك.

قال: قبلت يا رب وإنا لله وإنا إليه راجعون، وسلمت، ومنك التوفيق والصبر (3).

وأمّا ابنها الآخر: فتدعوه أمتك إلى الجهاد، ثم يقتلونه صبرا ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته، ثم يسلبون حريمه، فيستعين بي وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له، ولمن معه، ويكون قتله حجة على (من) (4) بين قطريها، فيبكيه أهل السماوات (وأهل الأرض) (5) جزعا عليه، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته.

ثم أخرج من صلبه ذكرا به أنصرك، وأن شبحه عندي تحت العرش، يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط، يسير معه الرعب (و) (6) يقتل حتّى يشك فيه.

فقلت: إنا لله [وإنا إليه راجعون] (7).

فقيل لي: ارفع رأسك، فنظرت إلى رجل من أحسن الناس صورة وأطيبهم ريحا، والنور يسطع من فوقه ومن تحته، فدعوته فأقبل إلي وعليه ثياب النور، وسيماء كل خير حتّى قبل بين عيني، ونظرت (إلى) (8) ملائكة قد حفوا به لا يحصيهم إلا الله عزّ وجلّ.

فقلت: يا رب لمن يغضب (هذا) (9) ولمن أعددت هؤلاء الملائكة وقد وعدتني النصر فيهم فأنا أنتظره منك وهؤلاء (10) أهلي وأهل بيتي، وقد أخبرتني

ص: 881


1- في نسختي «ب، م» للصبر.
2- من البحار.
3- في نسختي «ب، م» للصبر.
4- ليس في نسخة «ج».
5- في البحار: والأرضين
6- ليس في البحار، وفيه «يسأل «بدل «يشك».
7- من نسخة «ج».
8- ليس في نسخة «ب».
9- ليس في نسخة «ج»، وفيها وفي نسخة «م» أمددت بدل «أعددت».
10- في نسخة «م» هؤلاء، وفي البحار: فهؤلاء.

بما يلقون من بعدي، ولو شئت لأعطيتني النصر [فيهم] (1) على من بغى عليهم، وقد سلمت وقبلت [ورضيت] (2) ومنك التوفيق والرضا والعون على الصبر.

فقيل لي: أمّا أخوك: فجزاؤه عندي جنّة المأوى نزلا بصبره (و) (3) أفلج حجته على الخلائق يوم البعث، وأوليه حوضك يسقي منه أولياءكم، ويمنع (منه) (4) أعداءكم، وأجعل جهنم عليه بردا وسلاما يدخلها فيخرج (منها) (5) من كان في قلبه [مثقال] (6) ذرة من المودة لكم، وأجعل منزلتكم في درجة واحدة من الجنّة.

وأمّا ابنك المقتول المخذول (المسموم) (7)، وابنك المغدور المقتول صبرا: فإنّهما ممّا أزين بهما عرشي، ولهما من الكرامة سوى ذلك ما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء.

(وعلي لكل من زار قبره من الخلائق الكرامة) (8) لان زواره زوارك وزوارك زواري، وعلي كرامة زائري (و) (9) أن أعطيه ما سأل، وأجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى عطيتي إياه (10) وما أعددت له من كرامتي [إياه] (11).

وأمّا ابنتك: فانّي أوقفها عند عرشي فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت، فانّي أجيز حكومتك فيهم، فتشهد العرصة (12)

فإذا أوقف (13) من ظلمها أمرت به (14) إلى النار.

فيقول الظالم: وا حسرتاه «على ما فرطت في جنب الله»، ويتمنى الكرة «ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم.

ص: 882


1- من البحار.
2- من البحار.
3- ليس في البحار.
4- ليس في نسختي «ج، م».
5- ليس في البحار.
6- من البحار.
7- ليس في البحار.
8- في البحار: ولكل من أتى قبره من الخلق. هل يرجع ضمير «قبره «إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيكون سقط في الكلام أو إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيكون تأخيرا عن محله؟
9- ليس في نسخة «ج»، وفي البحار: وأنا.
10- في البحار: تعظيمي له.
11- من نسخة «ج».
12- في نسختي «ج، م» العرض، وفي نسخة «ب» الأرض.
13- في نسخة «ج» وإذا وقف، وفي نسخة «م» وإذا.
14- في نسخة «ب» أمر ربه

أتّخذ فلانا خليلا» (1)

وقال «حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون» (2).

فيقول الظالم»أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون» (3) [أو الحكم لغيرك] (4).

فيقال لهما: ألا «لعنة الله على الظالمين الّذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون» (5).

فأول من يحكم فيهما (6) محسن بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قاتله، ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه ويضربان (7) بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وضع على جبال الدنيا لذابت حتّى تصير رمادا، فيضربان بها.

ثم يجثو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بين يدي الله للخصومة مع الرابع، ويدخل (8) الثلاثة في جب (فيطبق عليهم) (9) لا يراهم (أحد) (10) ولا يرون أحدا، فعندها يقول الّذين في ولايتهم»ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين» (11).

فيقول الله عزّ وجلّ (لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) فعند ذلك ينادون بالويل والثبور، ويأتيان الحوض يسألان عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعهما حفظة فيقولان: اعف عنا واسقنا وخلصنا.

فيقال لهما «فلمّا رأوه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي

ص: 883


1- سورة الفرقان: 27- 28.
2- سورة الفرقان: 38- 39.
3- سورة الزمر: 46.
4- من البحار.
5- سورة الأعراف: 44- 45.
6- في البحار: وأول من يحكم فيه.
7- في البحار: فيضربان.
8- في البحار: وتدخل.
9- ليس في نسخة «ج»، وفي نسخة «ب» فتطيع.
10- ليس في نسخة «م».
11- سورة فصلت: 29.

كنتم به تدعون» (1) (يعني) بإمرة المؤمنين، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النار، فما شرابكم إلا الحميم والغسلين، وما تنفعكم شفاعة الشافعين (2).

12- ومما نقله في هذا المعنى بهذا الاسناد، عن عبد الله الأصم، عن عبد الله ابن بكير (3) الأرجاني قال: صحبت أبا عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في طريق مكة إلى (4) المدينة فنزلنا منزلا يقال له «عسفان «ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق وحش (5)

فقلت: له: يا بن رسول الله ما أوحش هذا الجبل؟ ما رأيت في الطريق مثل هذا.

فقال لي: يا بن بكير أتدري أي جبل هذا؟

فقلت: لا. قال: هذا جبل يقال له: الكمد (6)، وهو على واد من أودية جهنم وفيه قتلة أبي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) استودعهم الله فيه، تجري من تحته مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم، وما يخرج من جب الخزي (7)، وما يخرج من الفلق، [وما يخرج] (8) من آثام، وما يخرج من طينة الخبال، (وما يخرج) (9) من جهنم، وما يخرج من لظى (و) (10) من الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الحميم (11)، وما يخرج (من الهاوية، وما يخرج من السعير) (12)، وما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت

ص: 884


1- سورة الملك: 27، وما بين القوسين ليس في البحار.
2- كامل الزيارات: 332 ح 11 وعنه البحار: 28/61 ح 24 والبرهان: 4/143 ح 1.
3- في نسخة «ب» والبحار: بكر.
4- في نسخة «ب» والبحار: من.
5- في الكامل: موحش.
6- في نسخة «ب» أكمل.
7- في الكامل: الجوى، أي المتغير المنتن، وفي الاختصاص: الان وما يخرج من جهنم وفي نسخة البحار: الحوى، وذكر المجلسي (رحمه الله) في البحار: 6 ان جب الحوى لعله تصحيف جب الحزن، لما روى أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) قال: تعوذوا بالله من جب الحزن، وهو اسم جب في جهنم.
8- من البحار.
9- ليس في نسخة «ج».
10- ليس في نسخة «م».
11- في نسختي «ب، م» الجحيم.
12- في نسخة «ج» وما يخرج من جهنم السعير، وفي نسخة «ب» ويخرج من السعير.

فيه (1) إلا رأيتهما يستغيثان إلي (وإني لأنظر إلى قتلة أبي) (2).

فأقول لهما: (هؤلاء إنما فعلوا ما فعلوا بما أسستما لهم) (3) لم ترحمونا إذ وليتم وحرمتمونا وقتلتمونا، ووثبتم على حقنا، واستبددتم بالامر دوننا، فلا رحم الله من يرحمكما، ذوقا وبال ما قدمتما، وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليسلي (4) عني بعض ما في قلبي، وربما طويت الجبل الّذي هما فيه، وهو جبل الكمد (5).

قال: قلت له: جعلت فداك إذا طويت الجبل فما تسمع؟ قال: أسمع أصواتهما ينادياني: عرج علينا نكلمك فانا نتوب، وأسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما، وقل لهما «اخسؤا فيها ولا تكلمون» (6).

قال: قلت جعلت فداك ومن معهم؟

قال: كل فرعون عتا على الله وحكى عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر.

قلت (7): من هم؟

قال: «بولس «الّذي علّم اليهود أنّ يد الله مغلولة.

ونحو «بسطور» (8) الّذي علم النصارى أن المسيح ابن الله، وقال لهم:

(إني ثالث ثلاثة) (9)، ونحو فرعون موسى الّذي قال: أنا ربكم الأعلى.

ونحو نمرود الّذي قال: قهرت أهل الأرض وقتلت من في السماء، وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة، وقاتل الحسن والحسين ومحسن (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 885


1- في نسخة «ب» به.
2- ليس في نسخة «ج».
3- في الكامل: انما هؤلاء فعلوا ما أسستما.
4- في الكامل والبحار: ليتسلى
5- في نسخة «ب» أكمل.
6- سورة المؤمنون: 108.
7- في نسخة «ج» فقلت.
8- في الكامل والبحار: نسطور، وفي نسخة «ب» لنسطور.
9- في الكامل: هم ثلاثة، وفي نسختي «ب، م» أنه ثالث ثلاثة.

وأمّا معاوية وعمرو بن العاص فلا يطمعان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة، وأعان علينا بيده ولسانه وماله.

قلت له: جعلت فداك فإنك تسمع هذا كله ولا تفزع؟

قال: يا بن بكير إن قلوبنا غير قلوب الناس، إنا مصفون مصطفون، نرى ما لا يرى الناس، ونسمع ما لا يسمعون، وإن الملائكة تنزل علينا في رحالنا، وتتقلب على فرشنا وتشهد طعامنا، وتحضر موتانا، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلي معنا وتدعو لنا، وتلقي علينا أجنحتها، وتتقلب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدواب أن تصل إلينا، وتأتينا مما في الأرضين من (كل) (1) نبات في زمانه، وتسقينا من ماء كل أرض، نجد ذلك في آنيتنا.

وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلا وهي تنبّهنا لها.

وما من ليلة تأتي علينا إلا وأخبار كل أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجن، وأخبار أهل الهواء من الملائكة.

وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره مقامه إلا (و) (2) أتتنا بخبره، وكيف سيرته في الّذين قبله.

وما من أرض من ستة أرضين إلى الأرض السابعة إلا نحن نؤتى بخبرها.

فقلت له: جعلت فداك أين منتهى هذا الجبل؟

قال: إلى الأرض السابعة (3)، وفيها جهنم على واد من أوديتها، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء، وقطر المطر، وعدد ماء البحار، وعدد الثرى [و] (4) قد وكل كل ملك منهم بشئ، وهو مقيم عليه لا يفارقه.

ص: 886


1- ليس في نسخة «م».
2- ليس في نسختي «ب، م»، وفي نسخة «ب» أتينا.
3- في نسخة «م» والبحار: السادسة، وفي هامش الكامل «السادسة- خ ل-».
4- من نسخة «ج».

قلت: جعلت فداك إليكم جميعا يلقون الاخبار؟

قال: لا، إنما يلقى ذلك إلى صاحب الامر [منا] (1) وإنا لنحمل ما لا يقدر العباد على (حمله، ولا على) (2) الحكومة فيه، فمن لم يقبل حكومتنا جبرته الملائكة على قولنا، وأمرت الّذين يحفظون ناحيته أن يقصروه (3) على قولنا، فان كان من الجن (من) (4) أهل الخلاف والكفر أوثقته وعذبته حتّى يصير إلى (ما) (5) حكمنا به.

قلت: جعلت فداك فهل يرى الامام ما بين المشرق والمغرب؟

فقال: يا بن بكير فكيف يكون حجة على ما بين قطريها، وهو لا يراهم ولا يحكم فيهم؟ وكيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم ولا يقدرون عليه؟ وكيف يكون مؤديا عن الله شاهدا على الخلق وهو لا يراهم؟ وكيف يكون حجة عليهم وهو محجوب عنهم؟ وقد حيل بينهم وبينه أن يقوم بأمر ربه فيهم والله يقول (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (6) يعني به من على الأرض، والحجة بعد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) يقوم مقامه، وهو الدليل على ما تشاجرت فيه الأمة، والآخذ بحقوق الناس، والقائم بأمر الله والمنصف بعضهم من بعض، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله تعالى وهو يقول: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) (7) فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق وقال تعالى (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) (8) فأي آية أكبر منا (9).

بعد، فحيث بان لك من هذا الحديث فضل أئمتك القديم منه والحديث وعرفت صفاتهم الخاصّة، وكيف ينبغي أن يكون الامام منهم، وإنّه يعلم ما في المشرق

ص: 887


1- من نسخة «ج».
2- ليس في الكامل.
3- في الكامل: يقسروه، وفي نسخة «ب» يتصوره.
4- ليس في نسختي «ب، م».
5- ليس في نسخة «م».
6- سورة سبأ: 28.
7- سورة فصلت: 53.
8- سورة الزخرف: 48، وفي نسخة «م» قال: أي بدل «فأي».
9- كامل الزيارات: 326 وعنه البرهان: 4/148 ح 1، وفي البحار: 25/372 ح 24 عنه وعن الاختصاص: 340 مثله إلى قوله «وهو مقيم عليه لا يفارقه»، وصدره في البحار: 6/288 ح 10.

والمغرب، وما فوق الأرض وما تحتها، ويعلم أشياء أخر تقدّم ذكرها، وأن علمه مستفاد من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ )، عن جبرئيل، عن الله عزّ وجلّ في كبريائه وجلاله، وعرفت جهل عدوهم وقبيح (1) فعاله، وتيهه في الباطل وسبل ضلاله، وما أعد (الله) (2) له في معاده، وماله من سوء العذاب ووبال نكاله، فإذا عرفت ذلك بالدليل والبرهان بان لك (بأن ذلك) (3) نهج الايمان، فحينئذ وال أئمتك بصدق الولاء، وتبرأ بصدق ولائك من الأعداء لتعد غدا من السعداء، وتفوز بالنعيم في دار البقاء.

واعلم أن هذا نهاية ما وفقنا الله سبحانه بجميل صنعه لتأليفه وجمعه، وهذا الّذي عثرنا عليه، وسهل الله سبحانه لنا الوصول إليه، وهو قليل من كثير ونزر من غزير، لان فضلهم مما نطق به الكتاب الكريم ونبأ به النبيّ عليه وعلى آله الصلاة والتسليم فمن أجل ذلك أنه لا يحصى كثرة ولا يعلمه إلا الله العظيم

13- لما رواه الثقات من الناس، عن الحبر عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ):

لو أن الغياض (4) أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والانس كتاب لما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (5).

ولكن الغرض في هذا الباب (من) (6) تأليف هذا الكتاب التقرب إلى رب الأرباب العزيز الوهاب، لان في ذكرها فضلا جسيما وأجرا عظيما (7)

14- لما ذكره الخوارزمي في كتاب الأربعين باسناد يرفعه عن الإمام جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين أنه قال:

ص: 888


1- في نسختي «ب، م» قبح.
2- ليس في البحار.
3- ليس في نسختي «ب، ج».
4- في البحار: الرياض.
5- رواه الخوارزمي في مناقبه: 2 و 235 وعنه المحتضر: 96 وحلية الأبرار: 1/289 وأخرجه في البحار: 38/197 عن كشف الحق.
6- ليس في نسخة «ج».
7- في نسختي «ب، م» فضل جسيم وأجر عظيم.

إن الله تعالى جعل لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا يحصى عددها كثرة (1) فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر (ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين) (2)

ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها (بالاستماع ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها) (3) بالنظر (4).

والآن، حيث وفقنا الله بحسن توفيقه وسداده لموالاته وموالاة الطيّبين من أولاده، فلنقل بعده (5): شكرا لله على نعمائه (6) السابغات على من يحبه ويتولاه:

(الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (7).

ونسأله بعد موالاتهم- بجاههم العريض، وفضلهم المستفيض، وقدرهم العالي وجود أياديهم المتتالي، وبر إحسانهم المتوالي- أن يثبتنا على موالاتهم ومودتهم وأن يتوفانا على دينهم وملتهم، وينجينا (8) من أهوال يوم القيامة بشفاعتهم ويدخلنا الجنّة في زمرتهم، إنه بالإجابة جدير، وهو على كل شئ قدير والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمّد خاتم النبيّين وآله الطاهرين صلاة كثيرة طيبة نامية باقية إلى يوم الدين.

ص: 889


1- في مناقب الخوارزمي: كثيرة.
2- ليس في مناقب الخوارزمي.
3- ليس في نسخة «م».
4- رواه الخوارزمي في مناقبه: 2 وعنه المحتضر: 98 وحلية الأبرار: 1/290، وأخرجه في البحار: 38/196 ح 4 عن أمالي الصدوق: 119 ح 9 وكشف الغمة: 1/112.
5- في نسخة «م» بعد.
6- في نسخة «م» نعمة.
7- سورة الأعراف: 43.
8- في نسخة «م» وسنتهم ويجنبنا.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

نحمده ونشكره تعالى على ما وفقنا إليه من تحقيق هذا السفر النفيس الموسوم ب «تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة «بما ورد من الاخبار عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وعترته الأئمّة الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ) من طرق عديدة، ومنها طريق الشيخ الأجل المفسر» محمّد بن العباس بن الماهيار « الّذي لم نعثر على كتابه، ولا على شطر منه (في غير هذا الكتاب) إلا ما وجدناه من نزر يسير في كتاب سعد السعود للسيد الاجل ابن طاووس أو ما روي عن تأويل الآيات في البحار، والبرهان وغيرهما.

وقد تصدت مؤسسة الإمام المهدي (عج) لهذا العمل الجليل، فكانت جهود متواضعة، سبرنا خلالها غور ما توفر لدينا من نسخ- ذكرناها في المقدمة – وكان إخراج الكتاب بهذه الصورة خدمة لتراث أهل بيت الوحي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فان أصبنا فذاك فضل الله تعالى علينا.

ومع ذلك فإنّنا نأمل من السادة العلماء والأفاضل ورجال التحقيق أن يتحفونا بملاحظاتهم القيّمة لكي نسير على ضوئها في المستقبل إن شاء الله.

ولهم منّا الشكر سلفا، ومن الله سبحانه نسأل- لنا ولهم- جزاء المحسنين.

ونسأله تعالى التوفيق للحصول في المستقبل على نسخ قديمة، يكون الاعتماد عليها أكثر لتكون الفائدة أعم، وليزدان بها روعة.

وأخيرا- وليس آخرا- نشكر الاخوة الفضلاء القائمين بإدارة تحقيقات مؤسسة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) على ما تحمّلوه من عناء في هذا السبيل، لهم من الله خير الجزاء عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين.

السيد محمّد باقر بن المرتضى

الموحد الأبطحي الأصفهاني

قم المقدسة

شوال 1407/ه- ق

ص: 890

صورة

ص: 891

صورة

ص: 892

صورة

ص: 893

صورة

ص: 894

صورة

ص: 895

صورة

ص: 896

صورة

ص: 897

صورة

ص: 898

صورة

ص: 899

صورة

ص: 900

صورة

ص: 901

صورة

ص: 902

صورة

ص: 903

صورة

ص: 904

صورة

ص: 905

صورة

ص: 906

صورة

ص: 907

صورة

ص: 908

صورة

ص: 909

صورة

ص: 910

صورة

ص: 911

صورة

ص: 912

صورة

ص: 913

صورة

ص: 914

صورة

ص: 915

صورة

ص: 916

صورة

ص: 917

صورة

ص: 918

صورة

ص: 919

صورة

ص: 920

صورة

ص: 921

صورة

ص: 922

صورة

ص: 923

صورة

ص: 924

صورة

ص: 925

صورة

ص: 926

صورة

ص: 927

صورة

ص: 928

صورة

ص: 929

صورة

ص: 930

صورة

ص: 931

صورة

ص: 932

صورة

ص: 933

صورة

ص: 934

صورة

ص: 935

صورة

ص: 936

صورة

ص: 937

صورة

ص: 938

صورة

ص: 939

صورة

ص: 940

صورة

ص: 941

صورة

ص: 942

صورة

ص: 943

صورة

ص: 944

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.