الكتاب
الكتاب:... الفضائل
المؤلّف:... شاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّيّ
تحقيق:... السيّد محمّد الموسويّ - الشيخ عبد اللّه الصالحيّ
المشرف على التحقيق:... السيّد محمّد الحسينيّ القزوينيّ
الناشر:... مؤسّسة وليّ العصر علیه السلام للدراسات الإسلاميّة - قم المشرّفة.
الطبعة:... الاولى - ذي الحّجة 1422.
المطبعة:... الشريعة
فوتوكرافى:... الكوثر
الكميّة:... 5000 نسخة.
السعر:... 27000 ريال.
مركز النشر:
نشر مؤسّسه وليّ العصر علیه السلام للدراسات الإسلاميّة - قم، تلفون: 7735831
-------------------------------------------------
ساعدت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي على طبعه
-------------------------------------------------
شابك 4 - 8 - 90137 - 964ISBN 964 - 90137 - 8 - 4
ص: 1
ص: 2
«قال أنس بن مالك: سمعت بأُذنيّ
أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم » يقول في حقّ
عليّ بن أبي طالب علیه السلام :
عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة
حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام
ص: 3
ص: 4
الحمد للّه الذي يؤتي الفضل من يشاء، وهو «ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»(1)
والشكر للّه الذي منّ على المؤمنين «إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَتِهِى وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَبَ وَالْحِكْمَةَ »(2)وجعل خلائف في الأرض؛ ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه«لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةُ بَعْدَ الرُّسُلِ»(3).
ثمّ الصلاة والسلام على البشير النذير، الذى أرسله الله «بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُو عَلَى الدِّينِ كُلِّهِى وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »(4).
وعلى آله الأطيبين، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا(5)، وكيف لا وهم من بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه(6)، وهم بعرشه
ص: 5
محدقون، وقد جعل مودّتهم أجر نبيّه(1) وولايتهم إكمالاً لدينه(2).
وصلواته وبركاته الدائمة على حجّة اللّه على خلقه، والناطق بحكمته، والشاهد على بريّته، وارث الأنبياء، وخاتِم الأوصياء، والقائم المنتظر، والسيف المشتهر، ربيع الأنام، ونضرة الأيّام، الذي وعد اللّه عزّ وجلّ به الأمم أن يجمع به الكلم، ويلمّ به الشعث، ويملأ الأرض قسطا وعدلاً بعد ما ملئت ظلما وجورا.
جعلنا اللّه من أعوانه وأنصاره، ومقويّة سلطانه، والمؤتمرين بأمره، والراضين بفعله، والمسلّمين لأحكامه.
* * *
أمّا بعد فنقول: إنّ الكلام في الذين «خلقهم اللّه من نور جلاله وعظمته، فجعلهم أمام عرشه، يسبّحونه ويقدّسونه قبل خلقه السماوات والأرضين»(3)، أمر صعب لمن لم يشرب من ثدي الوحي، ولم يكن له نصيب من علم الكتاب؛ لأنّهم «أجلّ قدرا، وأعظم شأنا، وأعلا مكانا، وأمنع جانبا، وأبعد غورا» من أن يبلغهم الناس بعقولهم، أو ينالوهم بآرائهم ... .
وأنّهم «كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم، وهي في الأفق، بحيث لاتنالها الأيدي والأبصار»(4).
بل كلّ من تكلّم فيهم، فهو على قدر ما عنده من العلم والمعرفة؛ «لأنّ اللّه
ص: 6
عزّ وجلّ قد أعطاهم أكبر و أعظم ممّا يخطر على قلب أحد من الخلق»(1).
وأمرنا الأئمّة الأطهار علیهم السلام بأن لانغلوا فيهم، وأن نجعلهم عبادا للّه، ثمّ نقول ما شئنا في فضلهم؛ كما صرّح بذلك أمير المؤمنين علیه السلام في كلامه لأبي ذر: «أنا عبد اللّه عزّ وجلّ، وخليفته على عباده، لا تجعلونا أربابا، وقولوا في فضلنا ما شئتم؛ فإنّكم لا تبلغون كنه مافينا ولا نهايته؛ فإنّ اللّه عزّوجلّ، قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم، أو يخطر على قلب أحدكم»(2).
ولولا الأمر على ذكر فضائلهم ونشر مناقبهم، وخوف الوعيد للكاتمين فضائلهم، والاّ فهم أعظم ممّا نقول فيهم، وأجلّ ممّا نتفوّه به من خصالهم وفضائلهم؛ فقد ورد فيهم: «ضلّت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسئت العيون، وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وخصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وكلّت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنهم، أو فضيلة من فضائلهم»(3)فما عسانا أن نقول فيهم؟!
ومعرفتهم واجبة علينا، ولو لا رحمة اللّه تعالى بنا حيث جعل معرفتهم على قدر ما آتانا من العلم، فقال: «لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها»(4).
جاء في صحيحةٍ عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر علیه السلام : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟
ص: 7
فقال: إنّ اللّه عزّ وجلّ بعث محمدا صلی الله علیه و آله وسلم إلى الناس أجمعين رسولاً وحجّةً على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن باللّه و بمحمد صلی الله علیه و آله وسلم رسول اللّه، واتّبعه وصدّقه، فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة(1).
ولم يُعذر أحد في ترك معرفتهم؛ كما ورد عن الفضيل أنّه قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول: «... ولا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم، ومن مات وهو عارف لإمامه، لا يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّره، و من مات عارفا لإمامه، كان كمن هو مع القائم علیه السلام فى فسطاطه»(2).
وقد حكم فيمن مات من دون معرفة إمامه؛ بأنّه مات ميتة جاهليّة وكفر وضلال ونفاق.
كمافي صحيحة أبي العلاء، قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن قول رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : «من مات ليس له إمام مات ميتة جاهليّة»؟ قال: نعم، إلى أن قال:من مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهليّة، ميتة كفر؟
فقال علیه السلام : لا! ميتة ضلال»(3).
وفي صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر علیه السلام : واللّه يا محمد! من أصبح من هذه الأمّة، لا إمام له من اللّه عزّ وجلّ، ظاهر عادل، أصبح ضالاًّ تائها، وإن مات على هذه الحالة، مات ميتة كفر ونفاق(4).
وقد اشترط قبول العمل بولايتهم، بحيث لا يقبل اللّه من أحد عملاً قليلاً كان
ص: 8
أو كثيرا، إلاّ بعد قبول ولايتهم؛ كما عن أبي عبد اللّه علیه السلام في قول اللّه تعالى:
«وللّه الأسماء الحسنى»، نحن واللّه الأسماء الحسنى، التي لايقبل اللّه من العباد إلاّ بمعرفتنا(1).
كما أنّه جعل ثمن الجنّة معرفتهم؛ لما ورد عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال لعليّ: «ثلاث أقسم أنّهنّ حقّ: ... لايدخل الجنّة إلاّ من عرفكم ...»(2).
ولوكان لأحد من الأعمال ما بلغ، ولم يكن مواليا لهم، لم يشمّ رائحة الجنّة.
وهو ما نقله الخوارزمي في مناقبه عن عليّ علیه السلام عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال: «يا عليّ! لو أنّ عبدا عبد اللّه مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أُحد ذهبا، فأنفقه في سبيل اللّه، ومُدّ في عمره حتّى حجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوما، ثمّ لم يوالك يا عليّ، لم يشمّ رائحة الجنّة، ولم يدخلها»(3).
وكفى في فضلهم أنّ إجابة دعاء الأنبياء وكشف كربهم، كانت بالتوسّل إليهم.
ففي رواية الصدوق، عن النقاش، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن الرضا علیه السلام : «قال: لمّا أشرف نوح علیه السلام على الغرق، دعا اللّه بحقّنا، فدفع اللّه عنه الغرق، ولمّا رمي إبراهيم علیه السلام في النار، دعا اللّه بحقّنا، فجعل اللّه النار عليه بردا وسلاما، وإنّ موسى علیه السلام لمّا ضرب طريقا في البحر، دعا اللّه بحقّنا، فجعله يبسا، وإنّ عيسى علیه السلام لمّا أراد اليهود قتله، دعا اللّه بحقّنا، فنجّي من القتل، فرفعه إليه»(4).
ص: 9
وما خفي عنهم علم السماوات والأرض، ولم يعزب عنهم شيء من أخبار الإنس والجنّ، كما ورد فيما سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم (العسكري) علیه السلام عن قوله تعالى: «و لو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه»(1) فقال علیه السلام : «... ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا، ولا تستقصى»(2).
عن أبي جعفر علیه السلام أنّه قال: «أترون أنّ اللّه تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثمّ يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ؟!(3)».
وورد في توقيع مولانا الحجّة أرواحنا لتراب مقدمه الفداء: «فإنّا يحيط علمنا بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم»(4).
حيث كانت قلوبهم أوعية لمشية اللّه، كما ورد عنه عجلّ اللّه تعالى فرجه الشريف: «قلوبنا أوعية لمشيّة اللّه، فإذا شاء اللّه شئنا»(5).
وإرادة الربّ فيما يتعلّق بالوجود تهبط إليهم، وتصدر من بيوتهم؛ بحيث لاينفّس الهمّ، ولايكشف الضرّ من أحد إلاّ بهم، ولا تنزل رحمة من السماء، ولايغفر لعبد إلاّ بهم، كما نقرأ في زيارة الجامعة المنقولة عن مولانا الهادي علیه السلام :
«بِكم فتح اللّه، وبكم يختم، وبكم ينزِّل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبكم ينفّس الهمّ، ويكشف الضرّ ... وأشرقت الأرض
ص: 10
بنوركم، وفاز الفآئزون بولايتكم، بكم يسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن ... وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة، إنّ بيني وبين اللّه عزّ وجلّ ذنوبا، لايأتي عليها إلاّ رضاكم(1).
بكم فتح اللّه، وبكم يختم، وبكم يمحو مايشاء، وبكم يثبت، ... وبكم تنبت الأرض أشجارها، وبكم تخرج الأشجار ثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها، وبكم يكشف اللّه الكرب ... وإرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم، وتصدر من بيوتكم(2).
* * *
وختاما نشير إلى بعض ما وصل إلينا من أقوال العلماء الكرام والفقهاء العظام في مقام الأئمّة علیهم السلام .
قال آية الحقّ، الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه الله: «مايستفاد من الأدلّة الأربعة بعد التّتبع والتّأمّل، أنّ للإمام سلطنة مطلقة على الرعيّة من قِبَل اللّه تعالى، وأنّ تصرّفهم نافذ على الرعيّة، ماضٍ مطلقا»(3).
قال العلاّمة الفقيه، الفيلسوف، العارف، الشيخ محمّد حسين الإصفهاني قدس سره:
«لهم الولاية المعنويّة، والسلطنة الباطنيّة، على جميع الأمور التّكوينيّة
ص: 11
والتّشريعيّة، فكما أنّهم مجارى الفيوضات التّكوينيّة، كذلك مجاري الفيوضات التّشريعيّة، فهم وسايط التكوين والتشريع ... الّتي هي لازم ذاتهم النوريّة، نظير ولايته تعالى»(1).
قال المحقّق الفقيه الآخوند الخراساني رحمه الله: «يجب تحصيل العلم في بعضالاعتقادات، كمعرفة الواجب تعالى وصفاته، أداءً لشكر بعض نعمائه، وآلائه، ومعرفة أنبيائه؛ فإنّهم وسائط نعمه، وآلائه؛ بل كذا معرفة الإمام على وجه صحيح، فالعقل يستقلّ بوجوب معرفة النبىّ ووصيّه لذلك»(2).
قال المحقّق الفقيه العارف الشيخ محمدرضا القمشه اى رحمه الله: «فالحقيقة المحمّديّة هي الّتي تجلّت في صورة العالم، والعالم من الذرّة إلى الدرّة، ظهورها وتجلّيها»(3).
ومؤسّسة ولي العصر، إذ تضع بين أيدي القرّاء الأعزّاء من علماء وفضلاء ومثقّفين هذا السفر القيّم، لا تنسى أن تقدّم عظيم شكرها، وجزيل امتنانها لكلّ الإخوة، الذين ساهموا بعطائهم العلمي وجهودهم الطيّبة في تحقيقه وتقويم نصّه وطباعته ونشره، ونخصّ بالذكر الاستاذ الفاضل أحمد مسجدجامعي، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، نسأله تعالى أن يمنّ عليهم جميعا بمزيد من العطاء، ليبقى وتبقى هذه البضاعة المزجاة ذخرا ليوم لا ينفع مال ولا بنون. إنّه سميع مجيب
الدعاء
مؤسّسة ولي العصر للدراسات الإسلاميّة
السيد محمد الحسيني القزويني
ص: 12
فكرة تحقيق الكتاب
أسم المؤلّف رحمه الله وحياته
آثاره العلميّة
التعريف بالكتاب
مكانته عند العلماء
مشايخه ومن روى عنهم
تلاميذه والراوون عنه
منهجنا في التحقيق
ص: 13
ص: 14
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد والثناء للّه، والصلوة والسلام على رسول اللّه، وعلى آله
آل اللّه، واللعن على أعدائهم أعداء اللّه إلى يوم لقاء اللّه.
أمّا بعد، فإن ّ العام الذي نعيش فيه هو «عام الولاية» كما وصفه بذلك قائد الثورة الاسلاميّة، لأنّه تكّرر فيه عيد الغدير الأعظم، وهو اليوم الذي أكمل اللّه فيه دينه وأتمّ على عباده نعمته، ورضي لهم الإسلام دينا بدعامته الخالدة التي لا تنفصم، وهي الولاية المنجاة للمتمسّكين بها، وخصّ اللّه بها مولى الموحّدين، أمير المؤمنين علیه السلام ، وخليفة رسول ربّ العالمين، ووصىّ خاتم النبيّين صلی الله علیه و آله وسلم .
ولهذا كنّا نفكّر في أنّه كيف يمكن لنا الخدمة بساحة الولاية الكبرى؟
وكنّا بصدد التحقيق في كتاب يحتوي فضائله، فوقفنا على هذا الكتاب الذي كانت العمدة فيه فضائل مولانا وسيّدنا الإمام عليّ أمير المؤمنين علیه السلام ، وبعد الفحص حوله عن مظانّه، وصل إلينا أنّ الكتاب لم ينل إليه يد التحقيق بعد، فعزمنا على تحقيقه بجدّ وجهد، وفي مجال لم يكن بواسع، وصرفنا عمدة أوقاتنا في الليل والنهار حول الكتاب، حتّى صادف الختام في شهر رمضان المبارك سنة 1421 ه مع أيّام استشهاد مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين، وهذه بضاعة مزجاة لصاحب الولاية العظمى راجين منه القبول.
ص: 15
ونقدّم شكرنا الجزيل الخالص للذين ساعدونا في تسهيل الطريق للمقابلة والتحقيق على النسخ المخطوطة، ونخصّ بالذكر سماحة الحجّة السيّد محمود المرعشيّ، مدير المكتبة العامّة للمرحوم آية اللّه العظمى السيّد شهاب الدين النجفيّ المرعشيّ طاب ثراه بقمّ المقدّسة.
ونحن وإن بذلنا ما استطعنا من مساع جَمّة في تحرير مادّة هذا الكتاب وتحقيقه، بُغية أن لا يتعرّض لتصحيف، أو وهم، ينشأ من زلل القلم، أو الغفلة نعتذر لأهل العلم والفضيلة إن وقع شيء من ذلك في ثنايا الكتاب، أو خلال تحقيقه، آملين أن يتلطّفوا علينا بإخبارنا بذلك، حتّى نستفيد منه في الطبعات الآتية، إن شاء اللّه تعالى.
وفي الختام نشكر الباري تعالى على هذا التوفيق، ونرجو منه أن يجعل عاقبة أمورنا خيرا، وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.
ص: 16
قال الشهيد رحمه الله: الشيخ أبو الفضل، شاذان بن جبرئيل القمّيّ(1).
وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: الشيخ سديد الدين أبو الفضل شاذان بن جبرئيل ابن إسماعيل القمّيّ(2).
وقال الشيخ الحرّ العامليّ رحمه الله: الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمّيّ(3).
وقال السيّد الأمين رحمه الله: الشيخ سديد الدين أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّيّ(4).
وقال النمازيّ رحمه الله: شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّيّ، أبو الفضل(5).وأمّا المثبت في النسخ المخطوطة، والمطبوعة من هذا الكتاب، هو: الشيخ الفقيه شاذان بن جبرئيل القمّيّ.
ص: 17
وجدير بالذكر أنّ ما ورد في بعض كتب التراجم، ولا سيّما في النسخة المطبوعة من منشورات المطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف من تكنيته ب«ابن شاذان» كان سهواً وخطأً، وربما يوهم في الأذهان بأنّ المراد منه هو فضل بن شاذان النيسابوريّ من أصحاب الرضا علیه السلام .
ومن المؤسف له حقّا، أنّه قد أهمل المؤرّخون والباحثون ذكر تاريخ ولادة كثير من أعلام الفكر الإسلامي ووفاتهم؛ بل وأغفلوا ذكر جوانب عديدة من حياتهم العلميّة والأدبيّة والاجتماعيّة.
ومن جملة هؤلاء، الشيخ المترجم له، حيث لم نقف على تاريخ ولادته ولا وفاته، ولكن من خلال تتبّعنا لكتب التراجم، عرفنا أنّه من أعلام القرن السادس، وكان رحمه الله نزيل المدينة المنوّرة، دار هجرة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم (1).
ويستفاد من بعض العبارات أنّه كان مدّة في مدينة دمشق، وقرأ عليه بعض الأعلام، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة(2).
قال السيّد الأمين: الشيخ سديد الدين أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّيّ، نزيل المدينة المنوّرة، كان حيّا سنة 584.
ونقل عن محمّد بن عبد اللّه بن عليّ بن زهرة الحسينيّ كلاما يستفاد منه أنّ شاذان بن جبرئيل توفّي قبل سنة 604(3)، ولقد سجّل في أوّل كتاب الفضائل
من منشورات الرضيّ أنّه توفّي حدود سنة 660 ه
ص: 18
1 - كتاب إزاحة العلّة في معرفة القبلة من سائر الأقاليم.
2 - كتاب تحفة المؤلّف الناظم، وعُمْدة المكلّف الصائم.
3 - كتاب درر المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
4 - كتاب الروضة.
5 - كتاب الفضائل.
أقوال العلماء والأعلام حول آثار المؤلّف:
قال صاحب الذريعة رحمه الله: إزاحة العلّة في معرفة القبلة من سائر الأقاليم(1)
للشيخ سديد الدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّيّ، نزيل المدينة.
وعدّ من كتبه أيضا: تحفة المؤلّف الناظم وعمدة المكلّف الصائم - هو في أحكام الصوم -، ودرر المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، والروضة في المعجزات والفضائل، وكتاب الفضائل (2).
وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: ولنختم الباب [ أي باب الصلاة] بذكر رسالة كتبها الشيخ الجليل أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمّيّ قدّس اللّه روحه، في القبلة [ في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة]، وكثيرا ما يذكر الأصحاب عنه، ويعوّلون
ص: 19
عليه، وهو داخل في إجازات أكثر الأصحاب ...، ثمّ روى ما في أوّل هذا الكتاب، حيث قال قدّس سرّه: سألني الأمير فرامرز بن عليّ الجرجانيّ إملاء مختصر، يشتمل على ذكر معرفة القبلة من جميع أقاليم الأرض ...، فامتثلت مرسومه ...(1).
وقال أيضا: كتاب الفضائل وكتاب إزاحة العلّة للشيخ الجليل أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّيّ ...، كذا ذكره أصحاب الإجازات(2).
قال الشيخ الحرّ العامليّ رحمه الله: له كتب، منها: كتاب إزاحة العلّة في معرفة القبلة، عندنا منه نسخة، ذكره الشهيد في الذكرى، وكتاب تحفة المؤلّف الناظم وعمدة المكلّف الصائم، وقد ذكرهما الشيخ حسن في إجازته، وله أيضا كتاب الفضائل حسن، عندنا منه نسخة(3).
وكذا ذكر مثله صاحب رياض العلماء(4).
وأورد الشيخ من أحاديث كتاب الفضائل في كتابه «إثبات الهداة» في أبواب مختلفة، وقال في ذكر المصادر من كتب الشيعة: كتاب الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمّيّ(5).
وقال المحدّث النوريّ رحمه الله: هو صاحب المؤلّفات البديعة التي منها رسالة إزاحة العلّة في معرفة القبلة، وقد أدرجها العلاّمة المجلسيّ بتمامها في البحار،
ص: 20
وكتاب الفضائل المعروف الدائر، ومختصره المسمّى بالروضة، وغيرها(1).
وقال السيّد الأمين رحمه الله: له من المؤلّفات:
1 - إزاحة العلّة في معرفة القبلة، ألّفه سنة 558، كما صرّح به في ديباجته، وأدرجه المجلسيّ رحمه الله بتمامه في باب القبلة من مجلّدات صلاة البحار، وذكره الشهيد رحمه الله في الذكرى.
2 - تحفة المؤلّف الناظم، وعمدة المكلّف الصائم(2) في أحكام الصوم، ذكره
صاحب المعالم في إجازته الكبيرة.
3 - الفضائل، المعروف بالمناقب(3).
وعدّ الشهيد رضى الله عنه، كتاب إزاحة العلّة في معرفة القبلة من جملة كتب شاذان بن جبرئيل القمّيّ(4).
إنّ هذا الكتاب الذي بين يديك، كتاب تاريخيّ روائيّ، يحتوي على الاحتجاجات والمعجزات والمناقب لنبيّنا المكرّم، سيّد الكونين، محمّد المصطفىوأهل بيته البررة الكرام، لا سيّما ابن عمّه ووصيّه مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين.
ونحن نشير إلى بعض مواضيعها الهامّة تحت العناوين التالية:
زواج عبد اللّه بآمنة، وكيفيّة مولد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ونشوه، وخبر مولد الإمام
ص: 21
عليّ علیه السلام ، وتكلّمه مع الموتى، ورجوع الشمس له، ومفاخرته مع فاطمة الزهراء وابنه الحسين عند النبيّ علیهم السلام .
وكذا كلامه علیه السلام مع الثعبان في جامع الكوفة، ومحاربته مع الجنّ، وتسميته بأمير المؤمنين قبل خلق آدم علیه السلام ، وأساميه المتعدّدة عن الكتب السماويّ، وعند الأقوام والملل السالفة، وغيرها.
ومن لاحظ ما مضى من كلمات الأعلام يحصل له العلم بأنّ «كتاب الفضائل»، و«الروضة» من جملة مؤلّفات الشيخ الفقيه شاذان بن جبرئيل القمّيّ، ولكن استبعد صاحب الذريعة كونهما من مؤلّفاته حيث قال بعد كلام طويل:
وتاريخ كليهما ينافي كونهما لشاذان(1).
نقول: بعد ملاحظة الاختلاف في سنة وفاة «شاذان بن جبرئيل» من كونها في حوالى سنة 600، أو حوالى 660، ومع اللحاظ إلى مشايخه وتلاميذه، وإلى تفاوت أنظار الأعلام حول بعضهم وفي سنة وفاتهم، يبدو في النظر أحد الاحتمالين:
الأوّل: أنّ شاذان كان من المعمّرين(2).
وأيضا كما قال بعض الأعلام من أنّه كان حيّا إلى سنة ستّمائة وستّين، فلا ينافي حضوره في جامع دمشق كما صرّح المؤلّف به في هذا الكتاب.
الثاني: أنّ ما تمسّك به صاحب الذريعة من كون تاريخ تأليف كتاب الفضائل حوالى سنة 651 - لتصريحه في كتابه بهذا الأمر - مصحّف عدد 561.
ص: 22
والذي يؤيّد هذا الاحتمال كلام السيّد محيي الدين حيث نقل عنه العلاّمة المجلسيّ في البحار:
إنّ الشيخ شاذان بن جبرئيل أجاز له رواية جميع مصنّفاته بعد أن قرأ عليه منها بدمشق سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كتاب إزاحة العلّة في معرفة القبلة، قال:
وقرأت عليه أيضا بدمشق في سنة أربع وثمانين وخمسمائة كتاب تحفة المؤلّف الناظم وعمدة المكلّف الصائم(1).
ويؤيّده أيضا أنّه يروي العلاّمة عن والده، عن السيّد فخّار - المتوفّى سنة 630 -(2) عن الشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل جميع مصنّفاته ورواياته(3).
كان المؤلّف عند علمائنا الماضين رضى الله عنه عظيم الشأن والمنزلة، ومن أصحاب الإجازات، ونجد في كتب التراجم وغيرها ذكر المؤلّف مقرونا بالتجليل والتبجيل، وإليك نبذة من إطرائهم له:
قال الشهيد رحمه الله: هو من أجلاّء فقهائنا(4).
وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: الشيخ الأجلّ السعيد(5)، الإمام العالم(6)، هو
ص: 23
رئيس الحفّاظ والمحدّثين(1).
قال الشيخ الحرّ العامليّ رحمه الله: الشيخ الجليل الثقة، أبو الفضل، شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمّيّ، كان عالما، فاضلاً، فقيها، عظيم الشأن، جليل القدر، له كتب (2).
وقال المحدّث النوريّ رحمه الله: العالم الفقيه الجليل المعروف، صاحب المؤلّفات البديعة ...(3).
وقال العلاّمة العلياريّ رحمه الله: هو الفاضل الكامل المحدّث البارع الثقة الجليل، المعاصر لصاحب السرائر رحمه الله(4).
ولقد وقع المؤلّف في طريق، عبّر عنه المجلسيّ بأعلى الطرق، حيث قال:
ولنذكر طريقا واحدا هو أعلى ما اشتملت عليه هذه الطرق إلى مولينا وسيّدنا وسيّد الكائنات رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ويعلم منه أيضا مفصّلاً أعلى ما عندنا من السند إلى كتب الحديث ...
الشيخ شمس الدين بن مكّيّ، عن محمّد بن الكوفيّ، عن نجم الدين بن سعيد، عن السيّد فخّار، عن شاذان بن جبرئيل، عن جعفر الدوريستيّ، عن المفيد ...، عن عليّ علیه السلام ، قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ...(5).
ص: 24
وقد روى المؤلّف عن عدّة من الفقهاء والعلماء الكبار، منهم:
1 - السيّد أحمد بن محمّد الموسويّ(1).
صرّح العلاّمة المجلسيّ رحمه الله بأنّ شاذان بن جبرئيل القمّيّ كان يروي عن السيّد أحمد بن محمّد الموسويّ(2).
ولكن يستفاد من كلام الشيخ الحرّ العامليّ رحمه اللهأنّ شاذان كان من مشايخ السيّد أحمد بن محمّد، لا من تلاميذه(3)، ولعلّه اشتبه عليه الأمر، أو وقع الخطأ أوالتصحيف من النسّاخ.
2 - أبوه الفاضل، جبرئيل بن إسماعيل القمّيّ(4).
3 - جعفر الدوريستيّ(5).
وقال السيّد الأمين رحمه الله: الشيخ جعفر بن محمّد بن أحمد بن صالح (العبسيّ الدوريستيّ) ...، تلاميذه: شاذان بن جبرئيل القمّيّ، كما يفهم من إجازة العلاّمةالكبيرة، فإنّه ذكر أنّه يروي كتب المفيد ورواياته بالإسناد عن شاذان بن جبرئيل القمّيّ، عن الشيخ بن عبد اللّه الدوريستيّ ...(6).
ص: 25
وقال الشيخ الحرّ العامليّ رحمه الله في جعفر الدوريستيّ: ثقة، عين، عظيم الشأن، معاصر للشيخ الطوسيّ، وقد ذكره في رجاله(1)، ووثّقه(2).
وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: أبو عبد اللّه الدوريستيّ(3)، و في موضع آخر:
جعفر بن محمد الدوريستيّ(4).
والظاهر أنّه لا يكون من مشايخ شاذان بلا واسطة، كما نقل العلاّمة المجلسيّ عن المحقّق صاحب المعالم، وصرّح بكون رواية شاذان عن أبي جعفر محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد الدوريستيّ، عن جدّه الشيخ أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن الشيخ المفيد، فوقع التوهّم من أبي جعفر إلى جعفر، ولم يتّفق لهذا التوهّم متدبّر يكشفه، وقد بان بحمد اللّه وجه الصواب فيه(5).
وأورد المحدّث النوريّ نحوه، وكذا أشار إلى كلام المحقّق صاحب المعالم، بأنّ كلّ من في طبقة شاذان كابن إدريس، والشيخ منتجب الدين، وعربيّ بن مسافر، يروي عن أبي عبد اللّه الدوريستيّ المذكور بواسطتين، فكيف يروي شاذان عنه بغير واسطة؟! وهو كلام متين(6).
4 - الحسين بن رطبة(7).
ص: 26
5 - السيّد عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن عليّ بن زهرة الحسينيّ الحلبيّ(1).
6 - الشيخ أبو طالب عبد القاهر بن حمويه القمّيّ، عالم، جليل، يروي عنه شاذان بن جبرئيل(2).
7 - الشيخ الفقيه أبو محمّد ريحان بن عبد اللّه الحبشيّ(3).
8 - أبو محمّد عبد اللّه بن عبد الواحد(4).
9 - الشيخ الفقيه، عبد اللّه بن عمر العمريّ الطرابلسيّ، فاضل، جليل القدر(5).
10 - القاضي جمال الدين عليّ بن عبد الجبّار بن محمّد الطوسيّ، فقيه، وجه، ثقة ...، وهذا يكنّى أبا الفتح(6).
11 - عربيّ بن مسافر(7).
12 - الشيخ الفقيه، محمّد بن الحسن بن حَسّولة بن صالحان القمّيّ الخطيب،
ص: 27
فاضل، جليل(1).
13 - السيّد محمّد بن شراهتك الحسنيّ الجرجانيّ(2).
وفي التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد الحسن العسكريّ علیه السلام : السيّد محمّد ابن شراهتك الحسينيّ الجرجانيّ(3).
وقال المحدّث النوريّ رحمه الله: الشيخ محمّد بن سراهنك(4).
وقال السيّد عبد الكريم بن طاووس رحمه الله: الفقيه، محمّد بن سراهنك(5).
14 - الشيخ عماد الدين، أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ ابن رستم بن نردبان الطبريّ الآمليّ الكحّي العالم الجليل، ، المعمّر، الواسع الرواية، من أهل المائة السادسة، له كتاب الزهد والتقوى، وكتاب بشارة المصطفى(6).
وقال النمازيّ رحمه الله: أبو القاسم عماد الدين الطبريّ (صاحب كتاب بشارة المصطفى)(7).
15 - الكراجكيّ(8)، الظاهر أنّه أبو الفتح محمّد بن عليّ الكراجكيّ صاحب
ص: 28
كتاب كنز الفوائد.
قال السيّد الأمين رحمه الله: من أجلّة العلماء والفقهاء والمتكلّمين، رأس الشيعة، صاحب التصانيف الجليلة ...، توفّي بصور، ثاني ربيع الآخر، سنة أربعمائة وتسع وأربعين، وكتابه «كنز الفوائد»(1).
ولكنّه من البعيد كونه من مشايخ شاذان بلا واسطة، لأنّ سنة وفاة الكراجكيّ لا تلائم سنة وفاة شاذان.
16 - الشريف محمّد، المعروف بابن الشريف(2).
قرأ على الشيخ الإمام العالم سديد الدين، شاذان بن جبرئيل القمّيّ في شهر رمضان، سنة 573(1).
5 - محيي الدين بن الزهرة، ابن أخ السيّد عزّ الدين أبي المكارم، ابن زهرة، صاحب كتاب الأربعين في قضاء حقوق المؤمنين(2).قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: أخبر السيّد محيي الدين: أنّ الشيخ شاذان بن جبرئيل أجاز له رواية جميع مصنّفاته بعد أن قرأ عليه منها بدمشق، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، كتاب إزاحة العلّة في معرفة القبلة، قال: وقرأت عليه أيضا بدمشق في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، كتاب تحفة المؤلّف الناظم وعمدة المكلّف الصائم(3).
* - لقد تحصّل لنا خمس نسخ من نسخ الكتاب، ثلاث منها مخطوطة، واثنتان منها مطبوعة، واعتمدنا على أقدم النسخ الخطيّة المحفوظة في المكتبة العامّة لآية اللّه المرعشيّ قدّس سرّه الشريف، وجعلناها الأصل وأخذنا متن الكتاب منها، وأثبتنا موارد اختلاف سائر النسخ في الهامش، إلاّ في موارد خاصّة التي أشرنا اليها في الهامش.
وإليك رموز النسخ مع وصفها:
1 - النسخة الخطّيّة المحفوظة في المكتبة العامّة لآية اللّه النجفيّ المرعشيّ رحمه الله في
ص: 30
مدينة قمّ المقدّسة، تحت الرقم 3699، المحرّرة سنة 1065، وهي التي أخذنا متن الكتاب منها، وقد رمزنا إليها بالحرف «ألف».
2 - النسخة الخطيّة المحفوظة أيضا في المكتبة العامّة المذكورة، تحت الرقم 2056، المحرّرة سنة 1265، وقد رمزنا إليها بالحرف «ب».
3 - النسخة الخطيّة المحفوظة في خزانة المكتبة الرضويّة في مشهد الإمام الرضا علیه السلام ، وقابلها أحد الفضلاء الكرام بالكتاب، واكتفينا بتلك المقابلة، تحت الرقم 1287، المحرّرة سنة 2097، وقد رمزنا إليها بالحرف «ض».
4 - النسخة المطبوعة بالطبع الحجريّ الموجودة في المكتبة العامّة لآية اللّه النجفيّ المرعشيّ رحمه الله، المحرّرة سنة 1340، وقد رمزنا إليها بالحرف «ت».
5 - النسخة المطبوعة في المطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف 1381 ه، من منشورات الرضيّ، تحت الرقم 102043، وقد رمزنا إليها بالحرف «ج».
ونضع صفحات فتوغرافيّة منها في آخر هذا القسم.
* - قمنا بتوضيح بعض اللغات والكلمات الغامضة في المتن، وذكرناها في الهامش.
* - تخريج جميع النصوص من مصادرها التي بأيدينا - من كتب الخاصّة والعامّة - مع ذكر الاختلافات، أو الإشارة إليها.
* - كان أكثر الأحاديث في نسخة «ألف » و«ب » مصدّرا بالكلمة المباركة
«بسم اللّه الرحمن الرحيم»، فحذفناها، واكتفينا بذكرها في أوّل الكتاب.
* - جعلنا في صدر كلّ حديث، أو مجموعة أحاديث مرتبطة، عنوانا متّخدا من مضامين الأحاديث.
* - قمنا - على حسب الوسع، إكمالاً للعمل وتتميما للجهد - بجمع كلّ ما نقل في بعض المصادر الروائيّة عن كتاب الفضائل، ولم يكن موجودا في النسخ التي
ص: 31
بأيدينا من المخطوطة وغيرها، وأوردناها تحت عنوان «مستدركات الفضائل».
* - وضعنا في خاتمة الكتاب فهارس للآيات القرآنيّة، والأحاديث، والأبيات الشعريّة، والأعلام، والأمكنة، وعناوين الكتاب، ومصادر التحقيق وغيرها، تسهيلاً على القارى ء الكريم.
والحمد للّه على حسن توفيقه راجين منه القبول «يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَ لاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(1).
وفي الختام نقدّم تحيّاتنا الوافرة لمولانا وسيّدنا الحجّة بن الحسن العسكريّ، ونسأل اللّه تعالى التعجيل في ظهوره الشريف، صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين.
قمّ المقدّسة - مؤسّسة وليّ العصر (عجّ)
رمضان المبارك سنة 1421 ه
ص: 32
ص: 33
ص: 34
الصورة (1)
للنسخة الخطّيّة، تحت الرقم 3699، المحرّرة سنة 1065، وقد أخذنا منها متن
الكتاب، ورمزنا إليها بالحرف «ألف».
ص: 35
الصورة (2)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 3699، المحرّرة سنة 1065، وقد أخذنا منها متن
الكتاب، ورمزنا إليها بالحرف «ألف».
ص: 36
الصورة (3)
للنسخة الخطّيّة، تحت الرقم 3699، المحرّرة سنة 1065، وقد أخذنا منها متن
الكتاب، ورمزنا إليها بالحرف «ألف».
ص: 37
الصورة (4)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 2056، المحرّرة سنة 1265، ورمزنا إليها بالحرف «ب».
ص: 38
الصورة (5)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 2056، المحرّرة سنة 1265، ورمزنا إليها بالحرف «ب».
ص: 39
الصورة (6)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 1287، المحرّرة سنة 2097، ورمزنا إليها بالحرف «ض».
ص: 40
الصورة (7)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 1287، المحرّرة سنة 2097، ورمزنا إليها بالحرف «ض».
ص: 41
الصورة (8)
للنسخة الخطّيّة تحت الرقم 1287، المحرّرة سنة 2097، ورمزنا إليها بالحرف «ض».
ص: 42
الصورة (9)
للنسخة الخطّيّة، المحرّرة سنة 1340، ورمزنا إليها بالحرف «ت».
ص: 43
الصورة (10)
للنسخة الخطّيّة، المحرّرة سنة 1340، ورمزنا إليها بالحرف «ت».
ص: 44
الصورة (11)
للنسخة الخطّيّة، المحرّرة سنة 1340، ورمزنا إليها بالحرف «ت».
ص: 45
الصورة (12)
للنسخة المطبوعة في المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف سنة 1381 ه ، تحت
الرقم 102043، ورمزنا إليها بالحرف «ج».
ص: 46
الصورة (13)
للنسخة المطبوعة في المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف، سنة 1381 ه ، تحت
الرقم 102043، ورمزنا إليها بالحرف «ج».
ص: 47
الصورة (14)
للنسخة المطبوعة في المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف، سنة 1381 ه ، تحت
الرقم 102043، ورمزنا إليها بالحرف «ج».
ص: 48
تأليف
الشيخ الفقيه أبي الفضل سديد الدين
شاذان بن جبرئيل بن أبي طالب القمّيّ
من أعلام القرن السادس الهجريّ
تحقيق
السيّد محمّد الموسويّ - الشيخ عبد اللّه الصالحيّ
بإشراف
سماحة الحجّة السيّد محمّد الحسينيّ القزوينيّ
مؤسّسة وليّ العصر علیه السلام للدراسات الإسلاميّة - قم المشرّفة.
ص: 1
ص: 2
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، والصلوة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين، من الآن إلى يوم الدين.
1 - حدّثني الشيخ الفقيه «أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمّيّ»، قال: حدّثني محمّد بن (أبي)(1) مسلم بن أبي الفوارس الدارميّ(2)، وقد رواه كثير من الأصحاب، حتّى انتهى إلى أبي جعفر ميثم التمّار رضى الله عنه، قال:
بينا نحن بين يدي مولانا عليّ بن أبي طالب علیه السلام بالكوفة، وجماعة من
ص: 3
أصحاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم محدقين به، كأنّه البدر(1) بين الكواكب في السماء الصاحية(2).
إذ دخل عليه من الباب رجل(3) عليه قباء خزّ أدكن(4)، متعمّم بعمامة صفراء، متقلّد بسيفين، فنزل من غير سلام، ولم ينطق بكلام.
فتطاول الناس بالأعناق، ونظروا إليه بالآماق(5)، وشخصوا إليه بالأحداق،ومولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام لا يرفع رأسه إليه، فلمّا هدأت(6)
من الناس الحواسّ، فحينئذ أفصح(7) عن لسانه، كأنّه حُسام(8) جذب من غِمْده.
ثمّ قال: أيّكم المجتبى في الشجاعة، والمعمّم بالبراعة(9)، والمدرّع بالقناعة؟
أيّكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم(10)، والموصوف بالكرم؟
ص: 4
أيّكم الرأس(1)، والثابت الأساس، والبطل الدَعّاس(2)، والآخذ بالقصاص، والمضيّق للأنفاس؟ أيّكم (غُصن)(3) أبي طالب الرطيب، وبطله المهيب، والسهم المصيب، والقسم النجيب؟
أيّكم خليفة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (الذي نصر به)(4) في زمانه، وأعزّ به(5) سلطانه، وعظم به شأنه؟
أيّكم (قاتل العمروين وآسر العمروين؟)(6).
فعند ذلك رفع أمير المؤمنين علیه السلام رأسه إليه، فقال له(7): يا مالك! يا أبا سعد ابن الفضل بن الربيع بن مدركة بن نجيبة بن الصلت بن الحارث بن الأشعث بن السمعمع الدوسيّ!(8) سل عمّا بدا لك؟! فأنا كنز الملهوف، وأنا الموصوف
ص: 5
بالمعروف، وأنا الذي فرغتني(1) الصمّ(2) الصلاب، وأنا المنعوت في كلّ كتاب، أنا الطود والأسباب، أنا «ق وَ الْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ»(3)، أنا «النَّبَإِ الْعَظِيمِ»(4)، أنا «الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ»(5)، أنا عليّ، مواخي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وزوج ابنته، ووارث علمه، وعيبة حكمه(6)، والخليفة من بعده.
فقال الأعرابيّ: بلغنا عنك: أنّك معجز النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، والإمام الوليّ، ليس لك مطاول فيطاولك، ولا ممانع فيصاولك(7)، أ هو كما بلغنا عنك يا فتى قومه؟!
فقال عليّ علیه السلام : قل ما بدا لك!
فقال: إنّي رسول إليك من ستّين ألف رجل يقال لهم: العقيمة(8)، وقد حملوا معي ميّتا قد مات منذ مدّة(9)، وقد اختلف في سبب موته، وهو على باب المسجد، فإن أحييته علمنا أنّك وصيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، صادق، نجيب الأصل، وتحقّقنا أنّك حجّة اللّه في أرضه(10)، و إن لم تقدر على ذلك رددته على قومه،
ص: 6
وعلمنا أنّك (تدّعي غير الصواب و)(1) تظهر من نفسك ما لا تقدر عليه.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : يا أبا جعفر! (وهو ميثم التمّار) اركب بعيرا، وطُف في شوارع الكوفة ومحلاّتها(2)، وناد من أراد أن ينظر إلى ما أعطى اللّه عليّا أخا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، بعل فاطمة عليهاالسلام ممّا أودعه رسول اللّه من العلم، فليخرج إلى النجف غدا، (فهرع الناس إلى النجف)(3).
فلمّا رجع ميثم من النداء، قال له عليّ علیه السلام : خذ الأعرابيّ إلى ضيافتك، فغداة غد سيأتيك اللّه بالفرج.
فقال ميثم: فأخذت الأعرابيّ ومعه محمل فيه ميّت، فأنزلته منزلي، وأخدمته أهلي(4).
فلمّا صلّى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام الفجر، خرج وخرجت معه، ولم يبق في الكوفة برّ ولا فاجر إلاّ وخرج إلى النجف.
قال علیه السلام : يا أبا جعفر! عليّ بالأعرابيّ والميّت(5).
فخرجت من عنده و إذا أنا بالأعرابيّ، وهو راجل(6) تحت القبّة التي فيها الميّت، فأتي بها إلى النجف، ثمّ قال علیه السلام (7): يا أهل الكوفة! قولوا فينا ما ترونه، وارووا عنّا ما تسمعونه منّا(8)، ثمّ قال: يا أعرابيّ! برّك جملك(9)، وأخرج
ص: 7
صاحبك أنت وجماعة من المسلمين.
قال ميثم: فأخرج من قصب ديباج أخضر، و إذا تحته بدنة(1) من اللؤلؤ، فيها غلام(2) قد تمّ عذاره بذوائب كذوائب المرأة الحسناء.
فقال علیه السلام : يا أعرابيّ! كم لميّتك(3)؟
فقال: أحد وأربعون يوماً(4)، فقال: ما كان سبب موته؟(5)
فقال الأعرابيّ: يريدون أهله أن تحييه ليعلموا من قتله(6)، لأنّه بات سالماً
وأصبح مذبوحاً من الأذن إلى الأذن.
فقال له: من يطلب بدمه؟
قال: خمسون(7) رجلاً من قومه يعضد بعضهم بعضاً في طلب دمه، فاكشف الشكّ والريب، يا أخا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم !.
فقال علیه السلام : هذا الميّت قتله عمّه، لأنّه تزوّج ابنته، فخلاها وتزوّج غيرها، فقتله حنقاً(8) عليه.
ص: 8
فقال الأعرابيّ: لسنا نرضى بقولك، و إنّما نريد أن يشهد هذا الغلام بنفسه عند أهله من قتله حتّى لا يقع بينهم السيف والفتنة.
فقام عليّ علیه السلام (1)، فحمد اللّه وأثنى عليه، وذكر النبيّ فصلّى عليه، ثمّ قال:
يا أهل الكوفة! ما بقرة بني إسرائيل بأجلّ من عليّ أخي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، و إنّها أحيَت ميّتاً بعد سبعة أيّام، ثمّ دنا إلى الميّت، فقال: إنّ بقرة بني إسرائيل ضرب ببعضها الميّت فعاش، وأنا أضربه ببعضي، فإنّ بعضي عند اللّه(2) خير من البقرة كلّها، ثمّ هزّه برجله اليمنى، وقال: قم بإذن اللّه تعالى، يا مدرك بن حنظلة(3) بن غسّان بن يحيى بن سلامة بن الطيّب(4) بن الأشعث! فها قد أحياك
اللّه تعالى على يدي عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
قال ميثم التمّار: فنهض غلام أحسن من الشمس أوصافاً، ومن القمر أضعافاً،
وقال: لبيّك لبيّك! يا حجّة اللّه تعالى في الأنام، والمتفرّد بالفضل والإنعام!
فقال له عليّ علیه السلام : من قاتِلُك؟
فقال: قاتلي عمّي(5) حبيب بن غسّان.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : انطلق إلى أهلك يا غلام!
قال: لا حاجة لي إلى أهلي.
فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : ولِمَ؟
قال: أخاف أن أقتل ثانية، ولا تكون أنت، فمن يحييني؟ فالتفت الإمام علیه السلام
إلى الأعرابيّ، وقال له: امض أنت إلى أهلك وأخبرهم بما رأيت.
فقال الأعرابيّ: وأنا أيضاً قد اخترت المقام معك إلى أن يأتي الأجل، فلعن
ص: 9
اللّه تعالى من اتّجه له الحقّ ووضح، وجعل بينه وبين الحقّ ستراً.
فأقاما مع عليّ علیه السلام إلى أن قتلا معه بصفّين، وسار(1) أهل الكوفة إلى منازلهم اختلفوا في أقاويلهم فيه، عليه السلام ورحمة اللّه وبركاته(2).
ص: 10
2 - خبر آخر: عن ابن عبّاس رضى الله عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول:
أعطاني اللّه تعالى خمساً، وأعطى عليّاً علیه السلام خمساً:
أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليّا جوامع العلم.
وجعلني نبيّاً، وجعله وصيّاً.
وأعطاني الكوثر، وأعطاه السلسبيل.
وأعطاني الوحي، وأعطاه الإلهام، وأسرى بي إليه، وفتح له أبواب السماوات والحجب حتّى نظر إليّ ونظرت إليه.
قال: ثمّ بكى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقلت له: ما يبكيك؟ يا رسول اللّه! فداك أبي وأُمّي.
قال: يا ابن عبّاس! إنّ أوّل ما كلّمني به ربّي قال: يا محمّد! انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت و إلى أبواب السماء قد انفتحت، ونظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إليّ، (فكلّمني)(1) فكلّمته، وكلّمني ربّي عزّ وجلّ.
قال: (فقلت:)(2) يا رسول اللّه! بما كلّمك ربّك؟
قال: قال لي: يا محمّد! إنّي جعلت عليّا وصيّك ووزيرك وخليفتك من بعدك، فأعلمه! فها هو يسمع كلامك.
فأعلمته وأنا بين يدي ربّي عزّ وجلّ، فقال لي: قد قبلت وأطعت، فأمر اللّه
ص: 11
تعالى الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملأ من ملائكة السماوات إلاّ هنّأوني(1)، وقالوا: يا محمّد! والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف اللّه عزّ وجلّ ابن عمّك.
ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل!
لِمَ نكس حملة العرش(2) رؤوسهم؟
قال: يا محمّد! ما من ملك من الملائكة إلاّ وقد نظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب علیه السلام استبشاراً به، ما خلا حملة العرش، فإنّهم استأذنوا اللّه عزّ وجلّ في هذه الساعة، فأذن لهم، فنظروا إلى عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فلمّا هبطتُ جعلت أخبره بذلك، وهو يخبرني (به)(3)، فعلمت أنّي لم أطأ(4)،
موطئا إلاّ وقد كشف لعليّ عنه(5) حتّى نظر إليه.
فقال ابن عبّاس رضى الله عنه: فقلت: يا رسول اللّه، أوصني!
فقال: عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً! لا يقبل اللّه تعالى من عبد حسنة، حتّى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وهو يقول: اعلم! فمن مات على ولايته، قبل عمله (على)(6) ما كان منه، و إن لم يأت بولايته، لا يقبل من عمله شيء، ثمّ يؤمر به إلى النار.
ص: 12
يا ابن عبّاس! والذي بعثني بالحقّ نبيّاً! إنّ النار لأشدّ غضباً على مبغض عليّ علیه السلام منهم(1) على من زعم أنّ للّه ولداً.
يا ابن عبّاس! لو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين اجتمعوا على بغضعليّ بن أبي طالب مع ما يقع من عبادتهم في السماوات، لعذّبهم اللّه تعالى في النار، قلت: يا رسول اللّه! وهل يبغضه أحد؟!
قال: يا ابن عبّاس! نعم، يبغضه قوم يذكرون أنّهم من أُمّتي، لم يجعل اللّه لهم في الإسلام نصيباً.
يا ابن عبّاس! إنّ من علامة بغضهم له: تفضيلهم لمن هو دونه عليه(2)، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، ما بعث اللّه نبيّاً أكرم عليه منّي، ولا وصيّاً أكرم عليه من وصيّي.
قال ابن عبّاس: فلم أزل له كما أمرني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأوصاني بمودّته، و إنّه لأكبر عملي عندي.
قال ابن عبّاس: ثمّ مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم الوفاة، قلت: فداك أبي وأُمّي يا رسول اللّه! قد دنا أجلك، فما تأمرني؟
قال: يا ابن عبّاس! خالف من خالف عليّا، ولا تكوننّ لهم ظهيراً ولا وليّاً.
قلت: يا رسول اللّه! ولِمَ لا تأمر الناس بترك مخالفته؟!
قال: فبكى صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ قال: يا ابن عبّاس! سبق فيهم علم ربّي، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً! لا يخرج أحد ممّن خالفه من الدنيا وأنكر حقّه حتّى يغيّر اللّه تعالى ما
ص: 13
به من نعمة(1).
يا ابن عبّاس! إذا أردت أن تلقى اللّه تعالى وهو عنك راض، فاسلك طريقة عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، ومِلْ معه حيث مال، وارض به إماماً، وعاد من عاداه، ووال من والاه.
يا ابن عبّاس! احذر (من أن)(2) يدخلك شكّ فيه، فإنّ الشكّ في عليّ كفر باللّه تعالى(3)
ص: 14
ص: 15
3 - خبر آخر: عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر علیهماالسلام ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ رضى الله عنه، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (1): إنّ جبرئيل علیه السلام نزل عليّ، وقال: يا محمّد! إنّ اللّه تبارك وتعالى يأمرك أن تقوم بتفضيل عليّ بن أبي طالب علیه السلام خطيباً على المنبر، ليبلّغوا من بعدهم ذلك عنك، ويأمر جميع الملائكة، أن يسمعوا ما تذكره(2).
واللّه يوحي إليك: يا محمّد! إنّ من خالفك في أمرك فله النار، ومن أطاعك فله الجنّة.
فأمر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم منادياً نادى بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ورقي المنبر، وكان أوّل ما تكلّم به:
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم، ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم :
أيّها الناس! أنا البشير، أنا النذير، أنا النبيّ الأُمّيّ، وأنا مبلّغكم عن اللّه عزّ وجلّ في رجل، لحمه لحمي، ودمه دمي، وهو عيبة(3) علمي، وهو الذي انتخبه اللّه(4)
ص: 16
تعالى من هذه الأُمّة، واصطفاه وهداه(1) وتولاّه، وخلقني و إيّاه من نور واحد، وفضّلني بالرسالة، وفضّله بالإمامة والتبليغ عنّي، وجعلني مدينة العلم، وجعله الباب، خازن العلم، والمفتّش منه الأحكام، وخصّه بالوصيّة، وأبان أمره، وخوّف من عداوته(2)، وأزلف(3) لمن والاه، وغفر لشيعته، وأمر الناس جميعا بطاعته.
وأنّه عزّ وجلّ يقول: من عاداه عاداني، ومن والاه والاني، ومن آذاه آذاني،ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن أبغضه أبغضني(4)، ومن أحبّه أحبّني، ومن أراده أرادني، ومن كاده كادني(5)، ومن نصره نصرني.
أيّها الناس! اسمعوا لما أمركم به، وأطيعوه! فأنا أخوّفكم عقاب اللّه تعالى «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُو أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ»(6).
فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب علیه السلام وقال: معاشر الناس! هذا مولى المؤمنين، وحجّة اللّه على الخلق أجمعين.
اللّهمّ إنّي قد بلّغت وهم عبادك، وأنت القادر على صلاحهم، فأصلحهم برحمتك يا أرحم الراحمين، أستغفر اللّه لي ولكم.
ص: 17
ثمّ نزل عن المنبر، فأتاه جبرئيل علیه السلام فقال: يا محمّد! إنّ اللّه تعالى يقرئك السلام، ويقول (لك)(1): جزاك اللّه تعالى عن تبليغك خيراً، فقد بلّغت رسالات ربّك، ونصحت لأُمّتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين.
يا محمّد! ابن عمّك(2) مبتلى ومبتلى به، يا محمّد! قل في كلّ أوقاتك(3): الحمد
للّه ربّ العالمين «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»(4).
والحمد للّه حقّ حمده(5).
ص: 18
4 - خبر آخر: عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: خدمت سيّد الأنام عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب علیهم السلام (1) وودّعته، وقلت: أفدني!
فقال(2): يا جابر! بلّغ شيعتي منّي السلام، وأعلمهم! أنّه(3) لا قرابة بيننا وبين اللّه عزّ وجلّ، ولا يتقرّب إليه إلاّ بالطاعة له.
يا جابر! من أطاع اللّه وأحبّنا(4) فهو وليّنا، ومن عصى اللّه لم ينفعه إلاّ حبّنا(5)، ومن أحبّنا وأحبّ عدوّنا فهو في النار، يا جابر! من هذا الذي يسأل اللّه تعالى فلم يعطه، وتوكّل عليه ولم يكفه، ووثق به فلم ينجه، يا جابر! أنزل الدنيا منك كمنزل نزلته، فإنّ الدنيا التحويل(6)، وهل الدنيا إلاّ دابّة ركبتها في منامك فاستيقظت وأنت على فراشك، هي عند(7) ذوي الألباب كفيء الظلال.
ص: 19
لا إله إلاّ اللّه إعذار لأهل دعوة الإسلام(1)، (والصلاة)(2) تثبيت للإخلاص وتنزيه عن الكبر، والزكاة تزيد(3) في الرزق، والصيام والحجّ تسكين القلوب(4)، والقصاص والحدود لحقن الدماء، فإنّ أهل البيت نظام الدين، جعلنا اللّه و إيّاكم من «الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَ هُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ»(5)(6).
ص: 20
5 - وممّا قاله النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في فضل عليّ وأهل بيته: عن ابن عبّاس رضى الله عنه، قال:
كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ذات يوم جالساً إذ أقبل الحسن علیه السلام فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ، إليّ، يا بنيّ! فمازال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه الأيمن.
ثمّ أقبل الحسين علیه السلام فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ، إليّ، يا بنيّ! فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه الأيسر.
ثمّ أقبلت فاطمة عليهاالسلام فلمّا رآها بكى، ثمّ قال: إليّ، إليّ، يا بنيّة!(1) فما زال يدنيها حتّى أجلسها بين يديه.
ثمّ أقبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ، إليّ، يا أخي! فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جانبه الأيمن.
فقال له أصحابه: (يا رسول اللّه!)(2) ما ترى أحداً من هؤلاء إلاّ بكيت؟!
أ وَ ما فيهم من تسرّ برؤيته؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : والذي بعثني بالحقّ نبيّاً وبشيراً ونذيراً! واصطفاني على جميع البريّة! إنّي و إيّاهم لأكرم الخلق على اللّه عزّ وجلّ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم.
أمّا عليّ بن أبي طالب علیه السلام فإنّه أخي وشقيقي، وصاحب الأمر بعدي، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولى كلّ
ص: 21
مؤمن(1)، وقائد كلّ تقيّ، وهو وصييّ وخليفتي على أُمّتي في حياتي وبعد مماتي، محبّه محبّي، ومبغضه مبغضي(2)، وبولايته صارت أُمّتي مرحومة، وبعد وفاتي صارت بالمخالفة له ملعونة.
فإنّي بكيت حين أقبل، لأنّي ذُكرت غدر الأُمّة به بعدي حتّى أنّه ليزال عن مقعدي، وقد جعله (اللّه)(3) له بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنهضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور، وهو: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ
فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»(4).
وأمّا ابنتي فاطمة عليهاالسلام، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين(5) والآخرين،
وهي بضعة منّي، وهي نور عيني وثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها(6)
للملائكة في السماء، كما يزهر(7) نور الكواكب لأهل الأرض.
فيقول اللّه عزّ وجلّ للملائكة: يا ملائكتي! انظروا أمتي فاطمة سيّدة نساء خلقي، قائمة بين يديّ، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أُشهدكم أنّي قد أمّنتُ شيعتها من النار.
ص: 22
و إنّي لمّا رأيتها تذكّرت ما يصنع بها بعدي، وكأنّي بها وقد دخل عليها الذلّ في بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقّها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وسقط جنينها، وهي تنادي: وامحمّداه! فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث.
فلا تزال بعدي محزونة، مكروبة، باكية، فتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة، وتذكر فراقي أخرى(1)، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقدي، وفقد صوتي الذي كانت تأوى إليه إذا لهجت(2) بالقرآن، ثمّ ترى ذليلة بعد أن كانت عزيزة.
فعند ذلك يؤنسها اللّه تعالى ذكره بملائكته، فتناديها بمانادت مريم ابنة عمران: يا فاطمة! «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَلكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَلكِ عَلَىنِسَآءِ
الْعَلَمِينَ» يا فاطمة! «اقْنُتِى لِرَبِّكِ وَاسْجُدِى وَارْكَعِى مَعَ الرَّ كِعِينَ»(3).
ثمّ يبتدى ء بها الوجع فتمرض، ويبعث اللّه عزّ وجلّ إليها مريم ابنة عمران فتمرّضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: يا ربّ! إنّي قد سأمت الحياة، وتبرّمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي.
فيلحقها اللّه عزّ وجلّ، فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم عليّ محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة.
فأقول عند ذلك: «اللّهمّ العن ظالمها، وعاقب من غصبها حقّها، وأذلّ من أذلّها، وخلّد في النار من ضربها على جنبها حتّى ألقت ولدها».
فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.
وأمّا الحسن: فإنّه ابني، وولدي، ومنّي، وقرّة عيني، وضياء قلبي، وثمرة
ص: 23
فؤادي، وهو سيّد شباب أهل الجنّة، وحجّة اللّه تعالى على الأُمّة، أمره أمري وقوله قولي، فمن تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي.
و إنّي نظرت إليه، فذكرت ما يجرى عليه من الذلّ بعدي، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسمّ ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد بموته، ويبكيه كلّ شيء، حتّى الطير في جوّ السماء، والحيتان في جوف الماء.
فمن بكاه لم تعم عيناه يوم(1) تعمى الأعين، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في البقيع ثبتت قدماه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، وأمّا الحسين: فإنّه منّي، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أبيه(2)، وهو
إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، (وغياث المستغيثين)(3)، وكهف المتحيّرين(4)، وحجّة اللّه تعالى على الخلق أجمعين، وهو سيّد (شباب)(5) أهل الجنّة، وباب نجاة الأُمّة، أمره أمري، وطاعته طاعتي، ومن تبعه فإنّه منّي، ومن عصاه فليس منّي.
و إنّي لمّا رأيته تذكّرت ما يصنع به بعدي، وكأنّي به وقد استجار بحرمي فلا يجار، فأضمّه في منامي إلى صدري، وآمره بالرحلة(6) من دار هجرتي،فأبشّره بالشهادة، فيرتحل إلى أرض مقتله، وموضع مصرعه لأرض كرب
ص: 24
وبلاء، وقتل، وفناء، فتنصره عصابة من المسلمين، أولئك سادات شهداء(1)
أُمّتي يوم القيامة، وكأنّي أنظر إليه وقد رمي بسهم فخرّ عن فرسه صريعاً، ثمّ يذبح كما يذبح الكبش(2) مظلوماً.
ثمّ بكى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وبكى من حوله، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، ثمّ قام صلی الله علیه و آله وسلم وهو يقول: «اللّهمّ إنّي أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي».
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم : إذا كان يوم القيامة زيّن العرش بكلّ زينة، ثمّ يؤتى بمنبرين من نور، طولهما مائة ميل، فيوضع أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يسار العرش، ثمّ يؤتى بالحسن والحسين علیهماالسلام ، فيقوم الحسن على أحدهما، والحسين على الآخر، يزيّن الربّ تبارك وتعالى بهما عرشه، كما تزيّن المرأة قُرطاها.
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم : إذا كان يوم القيامة تأتي ابنتي فاطمة عليهاالسلام على ناقة من نوق الجنّة مدبّجة الجنبين(3)، خِطامها(4) من اللؤلؤ الرطب، قوائمها من الزمرّد الأخضر، ذنبها من المسك الأذفر، عيناها من ياقوت أحمر، عليها قبّة من نور، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، وباطنها من عفواللّه، وظاهرها من رحمة اللّه، على رأسها تاج من نور، وللتاج سبعون ركناً، كلّ ركن مرصّع بالدرّ والياقوت، يضيى ء لأهل الجنّة كما تضيى ء الكوكب الدرّيّ في أفق السماء، عن يمينها سبعون ألف ملك. وجبرئيل آخذ بخطام الناقة، وهو ينادي بأعلى
ص: 25
صوته: يا أهل الموقف! غضّوا أبصاركم! حتّى تجوز فاطمة بنت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
فلا يبقى يومئذ نبيّ، ولا كريم، ولا صدّيق، ولا شهيد إلاّ غضّوا أبصارهم، حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء العالمين، فتجوز حتّى تحاذي عرش ربّها جلّ جلاله، فتنزل بنفسها عن ناقتها، فتقول: «إلهي وسيّدي! احكم بيني وبين من ظلمني! واحكم بيني وبين من قتل ولدي!».
فإذا النداء من قبل اللّه تعالى: يا حبيبتي وبنت حبيبي! سلي تعطى! واشفعيتشفعّي! وعزّتي وجلالي! لايجاوزني(1) ظلم ظالم. فتقول: إلهي! ذرّيّتي وشيعة ذرّيّتي، ومحبّي ذرّيّتي. فإذا النداء من قبل اللّه عزّ وجل: أين ذرّيّة فاطمة، وشيعتها، وشيعة ذرّيّتها، ومحبّي ذرّيّتها؟
فتقوم وقد أحاطت بهم ملائكة الرحمة، فتقدّمهم حتّى تدخل الجنّة(2).
وصلّى اللّه عليها وعلى أبيها(3)
ص: 26
ص: 27
6 - خبر آخر: قال سماعة بن مهران: إنّ الصادق علیه السلام قال له: يا سماعة! من شرّ الناس؟
قال: نحن، يا ابن رسول اللّه! قال: فغضب علیه السلام حتّى احمرّت وجنتاه، ثمّ استوى جالساً، وكان متّكئاً، وقال: يا سماعة! من شرّ الناس عند الناس؟
فقلت: واللّه! ما كذبتك، يا ابن رسول اللّه! نحن شرّ الناس، لأنّهم سمّونا كفّارا ورفضة. فنظر إليّ ثمّ قال: كيف بكم وبهم إذا سيق بكم إلى الجنّة، وسيق بهم إلى النار؟
فينظرون إليكم فيقولون: «مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ»(1).
يا ابن مهران! إنّه من أساء منكم إساءة مشينا إلى اللّه تعالى بأقدامنا يوم القيامة فنشفع فيه، واللّه! لا يدخل النار منكم عشرة رجال، ولا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، واللّه! لا يدخل النار منكم رجل واحد، (فتنافسوا)(2)
في الدرجات، وأكمدوا(3) عدوّكم بالفزع(4)
ص: 28
ص: 29
7 - قال الواقديّ(1): أوّل ما افتتح به عقيل بن أبى وقّاص (حين خطب آمنة
ص: 30
ص: 31
لعبد اللّه بن عبد المطّلب)(1) أن قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه الذي جعلنا من نسل إبراهيم، ومن شجرة إسماعيل، من غصن نزار(2)، ومن ثمرة عبد مناف.
ثمّ أثنى على اللّه تعالى ثناء بليغاً، وقال فيه جميلاً، وأثنى على اللات والعزّى(3)، وذكرهم بالجميل، وقال: لا يستغني(4) عنكم مع هذا كلّه، وعقد النكاح، ونظر إلى وهب، وقال: يا أبا الوداخ! زوّجت كريمتك آمنة من ابن سيّدنا عبد المطّلب على صداق أربعة آلاف درهم بيض هجريّة جياد، وخمس مائة مثقال ذهب أحمر،قال: نعم.
ص: 32
ثمّ قال: يا عبد اللّه! قبلت بهذا الصداق؟ يا أيّها السيّد الخاطب!
قال: نعم، ثمّ دعا لهما بالخير والكرامة.
ثمّ أمر وهب أن تقدّم المائدة، فقدّمت مائدة خضرة، فأتي من الطعام الحارّ والبارد والحلو والحامض، فأكلوا وشربوا.
قال: ونثر عبد المطّلب على ولده قيمة ألف درهم من النثار، وكان متّخذاً من مسك بنادق، ومن عنبر، ومن سكّر، ومن كافور، ونثَرَ وهب(1) بقيمة ألف درهم عنبر، وفرح الخلق بذلك فرحاً شديداً(2).
ص: 33
8 - قال الواقديّ: فلمّا فرغوا من ذلك نظر عبد المطّلب إلى وهب، وقال:
وربّ السماء! إنّي لا أفارق هذا السقف أو أؤلّف(1) بين ولدي عبد اللّه وحليلته.
فقال وهب: بهذه السرعة لا يكون.
فقال عبد المطّلب: لابدّ من ذلك.
فقام وهب ودخل على امرأته برّة، وقال لها: اعلمي! أنّ عبد المطّلب قد حلف بربّ السماء! إنّه لا يفارق هذا السقف أو يؤلّف بين ولده عبد اللّه وبين زوجته آمنة.
فقامت المرأة من وقتها ودعت بعشر(2) من المشّاطات، وأمرتهنّ أن يأخذن في زينة آمنة، فقعدن حول آمنة فواحدة منهنّ تنقش يديها، وواحدة تخضب (رجليها)(3)، وواحدة تسرّح ذوائبها، وواحدة تمسحها بالملاء(4)، فلمّا كان عندغروب الشمس وقد فرغن من زينتها نصبوا سريراً من الخيزران، وقد فرشوا عليه من ألوان الديباج والوشي، وقعدت الجارية(5) على السرير، وعقدن على
ص: 34
رأسها تاجاً وعلى جبينها إكليلاً، وعلى عنقها مخانق(1) الدرّ والجواهر،
وتختّمت(2) بأنواع الخواتيم.
وجاء وهب، وقال لعبد المطّلب: يا سيّدي! قم إلى العروس(3)، فقام
عبد المطّلب إلى العروس، وهي كأنّها فلقة قمر من حسنها.
وتقدّم عبد المطّلب إلى السرير وقبّله وقبّل عين العروس، فقال عبد المطّلب لولده عبد اللّه: اجلس يا ولدي! معها على السرير، وافرح برؤيتها!
قال: فرفع عبد اللّه قدمه وصعد إلى السرير، وقعد إلى جنب العروس، وفرح عبد المطّلب، وكان من عبد اللّه إلى أهله ما يكون من الرجال إلى النساء، فواقعها، فحملت بسيّد المرسلين وخاتم النبيّين.
وقام من عندها إلى عند أبيه، فنظر إليه أبوه، و إذا النور قد فارق من بين عينيه، وبقي عليه من أثر النور كالدرهم الصحيح، وذهب النور إلى ثدي آمنة.
فقام عبد المطّلب إلى عند آمنة، ونظر إلى وجهها، فلم يكن النور كما كان في عبد اللّه، بل أنور، فذهب عبد المطّلب إلى عند حبيب الراهب، فسأله عن ذلك؟
فقال حبيب: اعلم! أنّ هذا النور هو صاحب النور بعينه، وصار في بطن أُمّه.
فقام عبد المطّلب وخرج مع الرجل، وبقي عبد اللّه عند أهله إلى أن ذهبت الصفرة من يديه، وذلك أنّ العرب كانوا إذا دخلوا بأهلهم يخضبون(4) أيديهم بالحنّاء، ولا يخرجون من عندهم وعلى أيديهم أثر من الحنّاء.
ص: 35
فبقي عبد اللّه أربعين يوماً، وخرج ونظر(1) أهل مكّة إلى عبد اللّه، والنور قد فارق موضعه، فرجع عبد المطّلب من عند حبيب وقد أتى(2) على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم شهراً واحداً(3) في بطن أُمّه.
ونادت الجبال بعضها (بعضاً)(4)، والأشجار بعضها بعضاً، والسماوات بعضها بعضا، يستبشرون ويقولون: ألا إنّ محمّداً قد وقع في رحم أُمّه آمنة، وقد أتى عليه شهر ففرحت بذلك(5) الجبال والبحار والسماوات والأرضون فرحاً برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ إنّ اللّه تعالى أراد قضاه على فاطمة بنت عبد المطّلب، فورد عليه كتاب من يثرب بموت فاطمة، وكان في الكتاب: أنّها ورّثت مالاً كثيراً خطيراً، فاخرج إلى عنده أسرع(6) ما تقدر عليه.
قال عبد المطّلب لولده عبد اللّه: يا ولدي! لابدّ لك أن تجيء معي إلى المدينة، فسافر مع أبيه ودخلا مدينة يثرب، وقبض عبد المطّلب المال.
ولمّا انتهيا من دخولهما المدينة بعشر أيّام، اعتلّ عبد اللّه علّة شديدة، وبقي خمسة عشر يوماً، فلمّا كان اليوم السادس عشر مات عبد اللّه، فبكى عليه أبوه عبد المطّلب بكاءً شديداً، وشقّ سقف البيت لأجله في دار فاطمة بنت عبد المطّلب، و إذا بهاتف يهتف ويقول: قد مات من كان في صلبه خاتم النبيّين،
ص: 36
وأيّ نفس لا يموت(1)، فقام عبد المطّلب فغسّله وكفّنه في سكّة، يقال لها: «شين»، وبنى على قبره قبّة عظيمة من جصّ وآجر، وأحكمه ورجع إلى مكّة، واستقبله(2) رؤساء قريش وبنو هاشم.
واتّصل الخبر إلى آمنة بوفاة زوجها فبكت، ونفشت(3) شعرها، وخدشت وجهها، ومزقت جيبها، ودعت بالنائحات، ينحن على عبد اللّه.
فجاء بعد ذلك عبد المطّلب إلى دار آمنة، (وطيب قلبها، ووهب لها في ذلك الوقت ألف درهم بيض، وتاجين قد اتّخذهما(4) عبد مناف لبعض بناته، وقال لها: يا آمنة! لا تحزني، فإنّك عندي جليلة لأجل من في بطنك ورحمك، فلا يهمّك أمرك، فسكتت)(5) وطيب قلبها(6).
9 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بطن أُمّه شهران أمر اللّه تعالى منادياً في سماواته وأرضه أن ناد(7) في السماوات والأرض والملائكة: أن استغفروا لمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم وأُمّته، كلّ هذا ببركة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (8).
ص: 37
10 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بطن أُمّه ثلاثة أشهر كان أبو قحافة راجعاً من الشام، فلمّا بلغ قريباً من مكّة وضعت ناقته جمجمتها على الأرض ساجدة، وكان بيد أبي قحافة قضيب، فضربها بأوجع ضرب، فلم ترفع رأسها، فقال أبو قحافة: ما أرى ناقة تركت صاحبها!
و إذا بهاتف يهتف ويقول: لا تضرب يا أبا قحافة! من لا يطيعك، ألا ترى أنّ الجبال والبحار والأشجار سوى الآدميّين سجدوا للّه.
فقال أبو قحافة: (يا هاتف! وما السبب في ذلك؟
قال: اعلم! أنّ النبيّ الأُمّيّ قد أتى عليه في بطن أُمّه ثلاثة أشهر.
قال أبو قحافة:)(1) ومتى يكون خروجه؟
قال: سترى يا أبا قحافة! إن شاء اللّه تعالى، فالويل كلّ الويل لعبدة الأصنام من سيفه وسيف أصحابه.
فقال أبو قحافة: فوقفت ساعة حتّى رفعت الناقة رأسها(فركبتها)(2) وجئت إلى عبد المطّلب(3).
ص: 38
11 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أربعة أشهر كان زاهد على الطريق من الطائف، وكان له صومعة بمكّة على مرحلة(1)، قال: فخرج الزاهد، وكان اسمه حبيباً، فجاء إلى بعض أصدقائه بمكّة، فلمّا بلغ أرض الموقف و إذا بصبيّ قد وضع جبينه على الأرض، وقد سجد على جبهته(2).
قال حبيب: فدنوت منه فأخذته، و إذا بهاتف يهتف ويقول: خلّ عنه يا حبيب! ألا ترى إلى الخلائق من البرّ والبحر والسهل والجبل قد سجدوا للّه شكراً، لما أتى على النبيّ الزكيّ الرضيّ المرضيّ في بطن أُمّه خمسة أشهر، وهذا الصبيّ قد سجد للّه (شكراً)(3).
قال حبيب: فتركت الصبيّ ودخلت مكّة وبيّنت ذلك لعبد المطّلب، وعبد المطّلب يقول: اكتم هذا الاسم، فإنّ لهذا الاسم أعداء.
قال: وذهب حبيب إلى صومعته، فإذا الصومعة تهتزّ ولا تستقرّ، و إذا على محرابه مكتوب، وعلى محراب كلّ راهب: يا أهل البيع والصوامع! آمنوا باللّه وبرسوله محمّد بن عبد اللّه فقد آن خروجه، فطوبى ثمّ طوبى لمن آمن به، والويل كلّ الويل لمن كفر به، ورّد عليه حرفا ممّا يأتي به من عند ربّه.
قال حبيب: فقلت: السمع والطاعة، إنّي لمؤمن وطائع غير منكر(4).
ص: 39
12 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه ستّة أشهر خرج أهل المدينة واليمن إلى العيد، وكان رسمهم أنّهم كانوا يجعلون(1) في كلّ سنة ستّةأعياد، وكانوا يذهبون عند شجرة عظيمة، يقال لها: ذات أنواط(2).وهي التي سمّاها اللّه في كتابه: «وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى»(3)، فذهبوا في ذلك (العيد)(4) وأكلوا وشربوا وفرحوا وتقاربوا من الشجرة، و إذا بصيحة عظيمة من وسط الشجرة، وهو هاتف يقول: «يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَ ءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ»(5) الآية(6).
وقال: يا أهل اليمن! ويا أهل اليمامة! ويا أهل البحرين! ويا من عبد الأصنام! ويا من سجد للأوثان! «جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(7)، يا قوم! قد جاءكم الهلاك، قد جاء كم التلف، قد جاءكم الويل
ص: 40
والثبور، قال: ففزعوا من ذلك، وانهزموا راجعين إلى منازلهم (متحيّرين)(1)
متعجّبين من ذلك(2).
13 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بطن أُمّه سبعة أشهر، جاء سواد بن قارب إلى عبد المطّلب، فقال له: اعلم، يا أبا الحارث! أنّي كنت البارحة بين النوم واليقظة، فرأيت أبواب السماء مفتّحة، ورأيت الملائكة ينزلون إلى الأرض معهم ألوان الثياب، يقولون: زيّنوا الأرض فقد قرب خروج من اسمه محمّد، وهو نافلة(3) عبد المطّلب، رسول اللّه إلى الأرض، و إلى الأسود والأحمر والأصفر، و إلى الصغير والكبير، والذكر والأنثى، صاحب السيف القاطع والسهم النافذ.
فقلت لبعض الملائكة: من هذا (الذي)(4) تزعمون؟!
فقال: ويحك! هذا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف.
فهذا ما رأيت، فقال له عبد المطّلب: اكتم الرؤيا! ولا تخبر به أحداً لننظر ما يكون(5).
14 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في بطن أُمّة ثمانية أشهر كان في بحر الهواء حوتة(6) يقال لها: طينوسا، وهي سيّدة الحيتان.
ص: 41
(فتحرّكت الحيتان)(1)، وتحرّكت الحوتة واستوت قائمة على ذنبها، وارتفعت وارتفع الأمواج عنها.
فقالت الملائكة: إلهنا وسيّدنا! ترى ما تفعل طينوسا ولا تطيعنا، وليس لنا بها قوّة؟!
قال: فصاح استحيائيل الملك صيحة عظيمة، وقال لها: قرّي يا طينوسا!
ألا تعرفين(2) من تحتك؟!
فقالت طينوسا: يا استحيائيل! أمر ربّي يوم خلقني: أن إذا ولد محمّد بن عبد اللّه، استغفري له ولأُمّته، والآن سمعت الملائكة يبشّر بعضهم بعضاً، فلذلك قمت وتحرّكت.
فناداها استحيائيل: قرّي(3) واستغفري، فإنّ محمّداً قد ولد، فلذلك انبطحت في البحر وأخذت في التسبيح والتهليل والتكبير والثناء على ربّ العالمين(4).
ص: 42
15 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بطن أُمّه تسعة أشهر، أوحى اللّه إلى الملائكة في كلّ سماء: أن اهبطوا إلى الأرض!
فهبط عشرة آلاف ملك، بيد كلّ ملك قنديل (يشتعل بالنور بلا دهن، مكتوب على كلّ قنديل:)(1) لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه.
يقرؤه كلّ عربيّ كاتب، ووقفوا حول مكّة في المفاوز، و إذا بهاتف يهتف ويقول: هذا نور محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فأورد الخبر إلى عبد المطّلب، فأمر بكتمانه إلى أن يكون(2).
16 - قال الواقديّ: فلمّا كملت تسعة أشهر لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم صار لا يستقرّ كوكب في السماء إلاّ ينتقل من موضع إلى موضع، يبشّرون(3) بعضهم بعضاً.
والناس ينظرون إلى الكواكب في السماء مسيّرات لا يستقرّون(4)، فأقام ذلك ثلاثين يوماً(5).
ص: 43
17 - قال الواقديّ: فلمّا تمّ لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم تسعة أشهر، نظرت أُمّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم آمنة إلى أُمّها برّة، وقالت: يا أُمّاه! إنّي أحبُّ أن أدخل البيت فأبكي على زوجي ساعة، وأقطر دمعي على شبابه وحسن وجهه، فإذا دخلت البيت وحدي فلا يدخل عليّ أحد.
فقالت لها برّة: ادخلي يا آمنة! فابكي، فحقّ لك البكاء.
قال: فدخلت آمنة البيت وحدها، (وقعدت وبكت)(1) وبين يديها شمعيشتعل، وبيدها مغزل(2) من آبنوس، وعلى مغزلها فلقة من عقيق أحمر، وآمنة تبكي وتنوح، إذا أوجعت من طلقها(3)، فوثبت إلى الباب لتفتحه فلم ينفتح، فرجعت إلى مكانها.
وقالت: وا وحدتاه، وأخذها الطلق والنفاس، وما شعرت بشيء حتّى انشقّ السقف، ونزلت من فوق أربع حوريّات، وأضاء البيت لنور وجوههنّ، وقلن لآمنة: لا بأس عليك يا جارية! إنّا جئناك لخدمتك فلا يهمّنّك(4) أمرك.
ص: 44
وقعدت الحوريّات واحدة على يمينها، وواحدة على شمالها، وواحدة بين يديها، وواحدة من ورائها، فهوّمت(1) عين(2) آمنة، وغفت غفوة(3).18 - قال ابن عبّاس: ما كان من أُمّ الصبيّ(4) (إلاّ أنّها كانت نائمة عند خروج ولدها من بطنها.
فانتبهت أُمّ النبيّ(5)، فإذا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم تحت ذيلها قد وضع جبينه على الأرض، ساجدا للّه، ورفع سبّابتيه مشيراً بهما: لا إله إلاّ اللّه(6).
ص: 45
19 - قال الواقديّ: ولد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في ليلة الجمعة، قبل طلوع الفجر،في شهر ربيع الأوّل، (ليلة)(1) سبعة عشر منه، في سنة تسعة آلاف وتسعمائة وأربعة أشهر وسبعة أيّام من وفاة آدم علیه السلام (2).
20 - قال الواقديّ: ونظرت أُمّه آمنة وجه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فإذا هو مكحّل(3) العينين، منقّط الجبين(4) والذقن.
وأشرق في وجنتي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم نور ساطع في ظلمة الليل، ومرّ في سقف البيت وشقّ السقف، ورأت آمنة من نور وجهه صلی الله علیه و آله وسلم كلّ منظر حسن، وقصر بالحرم.
وسقط في تلك الليلة أربع وعشرون شرفاً من إيوان كسرى، وأخمدت في تلك الليلة نيران فارس.
وأبرق في تلك الليلة برق ساطع في كلّ بيت وغرفة في الدنيا ممّن قد علم اللّه
ص: 46
تعالى(1)، وسبق في علمه أنّهم يؤمنون باللّه ورسوله محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، ولم يسطع(2)
في بقاع الكفر بأمر اللّه تعالى.
وما بقي في مشارق الأرض ومغاربها صنم ولا وثن إلاّ وخرّت على وجوهها ساقطة، على جباهها خاشعة.
وذلك كلّه إجلالاً للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (3).
ص: 47
21 - قال الواقديّ: فلمّا رأى إبليس لعنه اللّه تعالى وأخزاه ذلك، وضع التراب على رأسه، وجمع أولاده، وقال لهم: يا أولادي، اعلموا! أنّني ما أصابني منذ خلقت مثل هذه المصيبة.
قالوا: وما هذه المصيبة؟
قال: اعلموا! أنّه قد ولد في هذا الليلة مولود اسمه محمّد بن عبد اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، يبطل عبادة الأوثان، ويمنع السجود للأصنام، ويدعوا(1) إلى عبادة الرحمن.
قال: فنثروا التراب على رؤوسهم، ودخل إبليس لعنه اللّه تعالى في البحر الرابع، وقعد فيه للمصيبة هو وأولاده مكروبين(2) أربعين (يوما)(3)(4).
ص: 48
22 - قال الواقديّ: فعند ذلك أخذت الحوريّات محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم ولفّفنه في منديل روميّ، ووضعنه بين يدي آمنة، ورجعن إلى الجنّة يبشّرن الملائكة في السماوات بمولد(1) النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
ونزل جبرئيل وميكائيل علیهماالسلام ، ودخلا البيت على صورة آدميّين وهما شابّان، ومع جبرئيل طست من ذهب، و(مع)(2) ميكائيل إبريق من عقيق أحمر، فأخذ جبرئيل رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وغسّله، وميكائيل يصبّ الماء عليه، فغسّلاه، وآمنة في زاوية البيت قاعدة فزعة مبهوتة.
قال لها جبرئيل: يا آمنة! لا تغسّليه من النجاسة فإنّه لم يكن نجساً، ولكن غسّلناه(3) من ظلمات بطنك.
وفرغوا من غسله، وكحلوا عينيه، ونقطوا جبينه بورقة(4) كانت معهم ومسك وعنبر وكافور مسحوق بعضه ببعض، فذروه فوق(5) رأسه صلی الله علیه و آله وسلم .
قالت آمنة: وسمعت جلبة(6) وكلاماً على الباب، فذهب جبرئيل إلى عند
ص: 49
الباب فنظر ورجع إلى البيت، وقال: ملائكة سبع سماوات على الباب يريدون السلام على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فاتّسع البيت مدّة(1)، ودخلوا عليه موكباً بعد موكب، وسلّموا عليه، وقالوا: السلام عليك يا محمّد! السلام عليك يا محمود! السلام عليك يا أحمد! السلام عليك يا حامد!(2).
ص: 50
23 - قال الواقديّ: فلمّا دخل من الليل ثلثه أمر اللّه تعالى جبرئيل علیه السلام أن يحمل من الجنّة أربعة أعلام.
فحمل جبرئيل الأعلام ونزل إلى الدنيا، ونصب علماً أخضر(1) على جبل قاف، مكتوب عليه بالبياض سطران: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
ونصب علماً آخر على جبل أبي قبيس، له ذؤابتان، مكتوب على واحدة
منهما: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وفي الثانية: لا دين إلاّ دين محمّد بن عبد اللّه.
ونصب علماً آخر على سطح بيت اللّه الحرام، له ذؤابتان، مكتوب على واحدة منهما: طوبى لمن آمن باللّه وبمحمّد، والويل لمن كفر به وردّ عليه حرفاً ممّا يأتي به من عند ربّه.
ونصب علماً آخر على ضريح(2) بيت اللّه المقدس وهو أبيض، عليه خطّان مكتوبان بالسواد: لا غالب إلاّ اللّه، والثاني: النصر للّه ولمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم (3).
ص: 51
24 - قال الواقديّ: وذهب إستحيائيل ووقف على ركن جبل أبي قبيس، ونادى بأعلى صوته: يا أهل مكّة! «أمِنُواْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِى وَ النُّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا »(1).
وأمر اللّه تعالى غمامة أن ترفع فوق بيت اللّه الحرام، وتنثر على البيت الحرام ريش الزعفران والمسك والعنبر يمطر على البيت، فارتفعت الغمامة، وأمطرت على ذلك البيت، فلمّا أصبحوا رأوا ريش الزعفران والمسك والعنبر يمطر على البيت(2).
وخرجت الأصنام من بيت اللّه الحرام، وجاؤوا إلى عند الحجر، وانكبّوا على وجوههم(3).
وجاء جبرئيل بقنديل أحمر له سلسلة من جزع(4) أصفر، وهو يشتعل بلا دهن بقدرة اللّه تعالى(5).
ص: 52
25 - قال الواقديّ: وأبرق من وجه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم برق وذهب في الهواء حتّى التزق بعنان السماء، وما بقي بمكّة دار ولا منظر إلاّ ودخله(1) ذلك النور ممّن سبق في قدرة اللّه تعالى وعلمه أنّه يؤمن باللّه وبرسوله محمّد صلی الله علیه و آله وسلم .
وما بقي في تلك الليلة كتاب من التوراة والإنجيل والزبور، وممّا كان فيه اسمه صلی الله علیه و آله وسلم ، أو نعته إلاّ وقطر تحت اسمه قطرة دم.
قال: لأنّ اللّه تعالى بعثه بالسيف.
وما بقي في تلك الليلة دير ولا صومعة إلاّ وكتب على محاريبها اسم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فبقيت الكتابة إلى الصباح حتّى قرأها الرهبانيّة(2) والديرانيّة وعلموا أنّ النبيّ الأُمّيّ قد ولد(3).
26 - قال الواقديّ: فعندها قامت آمنة (رضي اللّه عنها)(4) وفتحت الباب، وصاحت صيحة وغشي عليها، ثمّ دعت بأُمّها برّة وأبيها وهب، وقالت: ويحكما!
أين أنتما؟ فما رأيتما ما جرى عليّ؟ إنّي وضعت ولدي، وكان كذا وكذا، تصف لهما ما رأته، قال: فقام وهب ودعا بغلام، وقال: اذهب إلى عند عبد المطّلب وبشّره.
وأهل مكّة على المنابر وقد صعدوا الصروح(5) ينظرون إلى الذي رأوا من
ص: 53
العجائب(1) ولا يدرون ما الخبر.
كذلك عبد المطّلب قد صعد مع أولاده، فما شعروا بشيء حتّى قرع الغلام الباب، ودخل على عبد المطّلب، وقال: يا سيّدنا! أبشر، فإنّ آمنة قد وضعت ذكراً، فاستبشر بذلك، وقال: قد علمت أنّ هذه(2) براهين، ودلائل لمولودي.
فذهب عبد المطّلب إلى آمنة مع أولاده، ونظروا إلى وجه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ووجهه كالقمر ليلة البدر يسبّح ويكبّر في نفسه، فتعجّب منه عبد المطّلب(3).
27 - قال الواقديّ: فأصبح أهل مكّة يوم الثاني صبيحة يوم الثلثاء(4)،
ونظروا إلى القنديل و إلى السلسلة و إلى ريش الزعفران والعنبر ينزل من الغمامة، وينظرون إلى الأصنام وقد خرّوا أكثرهنّ منكبّات على وجوههنّ وبقي الخلق على ذلك متحيّراً(5).
وجاء إبليس أخزاه اللّه على صورة شيخ زاهد، وقال: يا أهل مكّة!
ص: 54
لا يهمّنّكم أمر هذا، فإنّما أخرج الأصنام بهذا الميل(1) العفاريت والمردة وسجدوا لهنّ (فلا يهمّنّكم)(2)، وأمر إبليس لعنه اللّه تعالى أن تدخل الأصنام(3) إلى جوف بيت اللّه الحرام، ففعلوا ذلك، و إذا بهاتف يهتف ويقول:
«جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(4)(5).
28 - قال الواقديّ: فأرسل اللّه تعالى إلى البيت حللاً(6) من الديباج الأبيض مكتوب عليها بخطّ أسود:
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ »، «يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ شَهِدًا وَ مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا * وَ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِى وَ سِرَاجًا مُّنِيرًا»(7)(8).
29 - قال الواقديّ: فتعجّب الناس من ذلك، فبقيت الحلل (على البيت أربعين يوماً، فذهب رجل من آل إدريس كان بالثعلبان وأتى وكانت يده دسمة، فتمسّحبتلك الحلل)(9) والتحف بها، فارتفعت الحلل من ليلتها، ولو لم يلتحف بها
ص: 55
لبقيت(1) على بيت اللّه الحرام هو والديباج إلى يوم القيامة(2).
30 - قال الواقديّ: فاجتمع رؤساء بني هاشم وذهبوا إلى حبيب الراهب، وقالوا: يا حبيب! بيّن لنا خبر هذه الحلل، و إخراج الأصنام من جوف بيت اللّه الحرام، والكواكب السائرات(3)، والبرق الذي برق في هذه الليلة، والجلبات(4)
التي سمعنا فما هي؟
فقال حبيب: أنتم تعلمون أنّ ديني ليس دينكم، وأنا أقول الحقّ، إن شئتم فاقبلوا، و إن شئتم لا تقبلوا، ما هذه العلامات إلاّ علامات نبيّ مرسل في زمانكم (هذا)(5)، ونحن وجدنا في التوراة ذكر وصفه، وفي الإنجيل نعته، وفي الزبور اسمه، واسمه في الصحف.
وهو الذي يبطل عبادة الأوثان والأصنام، ويدعوا إلى عبادة الرحمن، ويكون على العلم(6)، قاطع السيف، طاعن بالرمح، نافذ السهم، تخضع له ملوك الدنيا وجبابرتها، فالويل، الويل لأهل الكفر والطغيان وعبدة الأوثان من سيفه
ص: 56
ورمحه (وسهمه)(1)، فمن آمن به نجا، ومن كفربه هلك.
فقام الخلق من عنده مغمومين مكروبين، ورجعوا إلى مكّة محزونين(2).
ص: 57
31 - قال الواقديّ: وأصبح عبد المطّلب يوم الثاني ودعا بآمنة، وقال لها:
هاتي ولدي، وقرّة عيني، وثمرة فؤادي!
فجاءت آمنة ومحمّد صلی الله علیه و آله وسلم على ساعدها، فقال عبد المطّلب: اكتميه يا آمنة!
ولا تبديه لأحد، فإنّ قريشاً وبني أُميّة يرصدون في أمره.
قالت آمنة: السمع والطاعة.
فجاء عبد المطّلب ومحمّد صلی الله علیه و آله وسلم على ساعده وأتى به إلى بيت اللّه الحرام، وأراد أن يمسح بدنه باللات والعزّى لتسكن دمدمة قريش وبني هاشم، ودخل عبد المطّلب بيت اللّه الحرام، فلمّا وضع رجله في البيت سمع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يقول(1): «بسم اللّه وباللّه ».
و إذا البيت يقول: السلام عليك يا محمّد! ورحمة اللّه وبركاته.
و إذا بهاتف يهتف ويقول: «جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(2).
فتعجّب عبد المطّلب من صغر سنّه وكلامه، وممّا قال له البيت.
فقال عبد المطّلب(3) لخزنة البيت وأمرهم أن يكتموا ما سمعوا من البيت،
ص: 58
ومن محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (1).
32 - قال الواقديّ: فتقدّم عبد المطّلب إلى اللات والعزّى، وأراد أن يمسح بدن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم باللات والعزّى، فجذب من ورائه.
فالتفت إلى ورائه فلم ير أحداً، فتقدّم ثانية فجذبه من ورائه الجاذب(2)، فنظر إلى ورائه فلم ير أحداً، ثمّ تقدّم ثالثة فجذبه الجاذب جذبة شديدة حتّى أقعده على عجزه، وقال:(مه)(3) يا أبا الحارث! أ تمسح(4) بدناً طاهراً ببدننجس؟!(5).
33 - قال الواقديّ: فعند ذلك وقف عبد المطّلب على باب بيت اللّه الحرام، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على ساعده، وأنشأ يقول:
الحمد للّه الذي أعطاني *** هذا الغلام، طيّب(6) الأردان
قد ساد في المهد على الغلمان *** أعيذه بالبيت ذي الأركان
حتّى أراه مبلغ الفتيان *** أعيذه من كلّ ذي شنان(7)
ص: 59
حتّى يكون بلغة الغشيان(1) *** من حاسد ذي طرف العينان(2)(3)
34 - قال الواقديّ: وخرج عبد المطّلب متفكّراً(4) ممّا سمع ورأى من محمّد صلی الله علیه و آله وسلم إلى أُمّه، وقد وقعت الدمدمة بين قريش وبني هاشم بسبب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (5).
ص: 60
35 - قال الواقديّ: فلمّا كان اليوم الثالث اشترى عبد المطّلب مهداً من خيزران أسود، له مشبّكات من عاج(1) مرصّع بالذهب الأحمر، وله بكرتان(2)
من فضّة بيضاء، ولونه من جزع(3) أصفر، وغشّاه بجلال ديباج أبيض، مكوكب بالذهب(4).
وبعث إليها من الدرّ واللؤلؤ الكبار الذي تلعب به الصبيان في المهد بألوانالفرش.
وكان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إذا انتبه من نومه يسبّح اللّه تعالى بذلك الخرز(5)(6).
ص: 61
36 - قال الواقديّ: فلمّا كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب إلى عبد المطّلب(1).
وكان عبد المطّلب قاعداً على باب بيت اللّه الحرام، وقد حفّ به قريش وبنو هاشم، فدنا سواد بن قارب، وقال: يا أبا الحارث! اعلم أنّي قد سمعت أن قد ولد(2) لعبد اللّه ذكر، وأنّهم يقولون فيه عجائب، فأريد أن أنظر إلى وجهه هنيئة، وكان سواد بن قارب رجلاً إذا تكلّم سمع منه، وكان رجلاً صدوقاً.
فقام عبد المطّلب ومعه سواد بن قارب، وجاء إلى دار آمنة رضي اللّه عنها، ودخلا جميعاً، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم كان نائماً، فلمّا دخلا القبّة قال عبد المطّلب: اسكتيا سواد! حتّى ينتبه من نومه، فسكت، فدخلا قليلاً، قليلاً حتّى دخلا القبّة ونظرا(3) إلى وجه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وهو في مهده نائم، وعليه هيبة الأنبياء.
فلمّا كشف الغطاء عن وجهه برق من وجهه برق(4) شقّ السقف بنوره، والتزق بأعنان(5) السماء، فألقى عبد المطّلب وسواد أكمامهما على وجهيهما من شدّة الضوء، فعندها انكبّ سواد على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقال لعبد المطّلب: أُشهدك
ص: 62
على نفسي أنّي آمنت بهذا الغلام وبما يأتي به من عند ربّه، ثمّ قبّل وجنات النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وخرجا جميعا، ورجع سواد إلى موضعه وبقي عبد المطّلب فرحا نشيطا(1).
37 - قال محمّد بن عمر الواقديّ: فلمّا أتى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم شهر كان إذا نظر إليه الناظر يتوهّم أنّه من أبناء سنة، لوقارة(2) جسمه وتمام فهمه صلوات اللّه عليه وآله.
وكانوا يسمعون من مهده التسبيح، والتحميد(3)، والثناء على اللّه تعالى(4).
ص: 63
38 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم شهران مات وهب جدّه، أبو أُمّه آمنة، وجاء عبد المطّلب وجماعة من قريش وبني هاشم وغسّلوا وهبا، وحنّطوه، وكفّنوه، ودفنوه على ذيل الصفا(1).
39 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أربعة أشهر، ماتت أُمّه آمنة رضي اللّه عنها، فبقي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بلا أُمّ ولا أب، وهو من أبناء أربعة أشهر،فبقي يتيماً في حجر جدّه عبد المطّلب أبو أبيه رضى الله عنه.
فاشتدّ على عبد المطّلب موت آمنة ليتم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فلم يأكل ولم يشرب ثلاثة أيّام.
فبعث عبد المطّلب إلى عند بناته عاتكة وصفيّة، وقال لهما: خذا محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم ، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لا يزداد إلاّ بكاءً ولايسكن، وكانت عاتكة تلعق النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عسلاً صافياً مع الثريد(2)، ولا يزداد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلاّ تمادياً في البكاء(3).
40 - قال الواقديّ: فضجر عبد المطّلب ولا يتهنّأ(4) أن ينظر إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم
ص: 64
وهو في تلك الحالة، فقال لابنته عاتكة: (احضري نساء قريش)(1) فلعلّه أن يقبل ثدي واحدة منهنّ، ويرضعن ولدي وقرّة عيني محمّداً.
فقالت ابنته عاتكة: السمع والطاعة يا أبتي! فبعثت عاتكة بالجواري والعبيد نحو نساء بني هاشم وقريش، ودعتهنّ إلى إرضاع(2) النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فجئن إلى عاتكة، واجتمعن عندها في أربعمائة وستّين جارية من بنات صناديد قريش وأصل بني هاشم، فتقدّمت كلّ واحدة منهنّ ورفعن أكمامهنّ(3) عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ووضعن خِلف(4) ثديهنّ في فم رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فما قبل منهنّ أحداً وبقين متحيّرات.
وكان عبد المطّلب جالساً، فأمر بإخراجهنّ، فخرجن والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لا يزداد إلاّ بكاءاً وحزناً لغيبة اللبن عنه صلی الله علیه و آله وسلم ، فخرج عبد المطّلب من الدار مهموماً مغموماً، وقرّ عند الكعبة وقعد عند أستارها(5)، ورأسه بين ركبتيه كأنّه امرأة ثكلى، و إذا بعقيل بن أبي وقّاص وقد أقبل، وهو شيخ قريش وأسنّهم، فلمّا رأى عبد المطّلب مغموماً قال له: يا أبا الحارث! ما لي أراك مغموماً؟
فقال له عبد المطّلب: يا سيّد قريش، اعلم! أنّ نافلتي يبكي، ولا يسكن شوقاً إلى اللبن من حين ماتت أُمّه، وأنا لا أتهنّأ بطعام ولا بشراب محزوناً على ولدي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، وعرضت عليه نساء قريش وبني هاشم، فلم يقبل ثدي أحد
ص: 65
منهنّ، وذلك أنّه ما من امرأة إلاّ وبها عيب، وأنّ محمّداً لايقبل ثدي من بها عيب، فلهذا امتنع، فتحيّرت وانقطعت حيلتي.
فقال عقيل: يا أبا الحارث! إنّي لأعرف في أربعة وأربعين صنديد من صناديد العرب امرأة عاقلة، وأفصح لساناً، وأصبح وجهاً، وأرفع حسباً ونسباً، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب، وأبو ذؤيب هو عبد اللّه بن الحارث بن شِجْنَة بن جابر ابن رِزام بن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة ابن غيلان بن مضر(1) بن نزار بن معد بن عدنان بن أكدد بن يشخب(2) بنيعرب بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمان(3).
41 - قال الواقديّ: فقال عبد المطّلب: يا سيّدي وسيّد قريش! لقد نبّهتني لأمر عظيم، وفرّجت عنّي، ثمّ دعا عبد المطّلب بغلام اسمه شمردل(4)، وقال له:
قم يا غلام! واركب ناقتك، واخرج نحو حيّ بني سعد بن بكر، وادع لي أبا ذؤيب عبد اللّه(5) بن الحارث السعداويّ(6).
ص: 66
فذهب الغلام (واستوى على ظهر ناقته، وكان حيّ بني سعد من مكّة على ثمانية عشر ميلاً في طريق جدّة.
قال: فذهب الغلام)(1) نحو حيّ بني سعد فلحق بهم، و إذا خيمهم(2) من
مسح وخوص(3)، وكذلك خيم الأعراب والبوادي، فدخل شمردل الحيّ وسأل عن خيمة عبد اللّه بن الحارث، فأعطوه الأثر.
فذهب شمردل إلى الخيمة، فإذا بخيمة عظيمة وضيمة(4) زاجة في الهواء من خوص، و إذا (على)(5) باب الخيمة غلام أسود.
فاستأذن شمردل في الدخول، فدخل الغلام، وقال: أنعم صباحاً يا أبا ذؤيب!
قال: فحيّاه عبد اللّه، وقال له: ما الخبر؟ يا شمردل!
فقال: اعلم يا سيّدي! أنّ مولاي أبا الحارث عبد المطّلب قد وجّهني نحوك وهو يدعوك، فإن رأيت يا سيّدي! أن تجيبه، فافعل.
قال عبد اللّه: السمع والطاعة، وقام عبد اللّه من ساعته ودعا بمفتاح الخزانة، فأعطي المفتاح(6)، ففتح باب الخزانة وأخرج منها جوشنه، فأفرغها على نفسه،
ص: 67
فأخرج بعد ذلك درعاً فاضلاً فأفرغه على نفسه فوق جوشنه، واستخرج بيضة عادية فأقلبها على رأسه، وتقلّد بسيفين واعتقل رمحا(1)، ودعا بنجيب فركبه كالدكّة، وجاء نحو عبد المطّلب.
فلمّا دخل، تقدّم شمردل وأخبر عبد المطّلب، وكان جالساً مع رؤساء مكّة مثل عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وعقبة بن أبي معيط وجماعة من قريش.
فلمّا رأى عبد المطّلب عبد اللّه قام على قدميه، واستقبله وعانقه وصافحه وأقعده إلى جنبه، وألزق ركبتيه بركبتيه ولم يتكلّم حتّى استراح.
ثم قال له عبد المطّلب: يا أبا ذؤيب! أ تدري بمإذا دعوتك؟
قال: يا سيّدي وسيّد قريش ورئيس بني هاشم! حتّى تقول، فأسمع منك وأعمل بأحسنه.
قال: اعلم، يا أبا ذؤيب! أنّ نافلتي محمّد بن عبد اللّه مات أبوه ولم يبن عليه أثره، ثمّ ماتت أُمّه وهو ابن أربعة أشهر، وهو لا يسكن من البكاء عيمة(2) إلى اللبن، وقد عرضت عليه(3) أربعمائة وستّين جارية من أشرف وأجلّ بني هاشم، فلم يقبل لواحدة منهنّ لبناً، والآن سمعنا أنّ لك بنتاً ذات لبن، فإن رأيت أن تنفذها لترضع ولدي محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم ، فإن قبل لبنها فقد جاءتك الدنيا بأسرها وعليّ غناك وغنى أهلك وعشيرتك، و إن كان غير ذلك ترى ممّا رأيت من النساء غيرها فافعل.
ففرح عبد اللّه فرحاً شديداً، ثمّ قال: يا أبا الحارث! إنّ لي بنتين، فأيّهما تريد؟
ص: 68
قال عبد المطّلب: أريد أكملهما عقلاً، وأكثر لبناً، وأصون عرضاً.
فقال عبد اللّه: هاتيك حليمة لم تكن كأخواتها، بل خلقها اللّه تعالى أكمل عقلاً، وأتمّ فهماً، وأفصح لساناً، وأثجّ لبناً(1)، وأصدق لهجة، وأرحم قلباً منهنّ جميعاً(2).
42 - قال الواقديّ: فقال عبد المطّلب: إنّي وربّ السماء! ما أريد إلاّ تلك(3).
فقال عبد اللّه: السمع والطاعة، فقام من ساعته، واستوى على متن جواده وأخذ نحو بني سعد بعد أن أضافه، فلمّا أن وصل إلى منزله دخل على ابنته حليمة، وقال لها: أبشري! فقد جاءتك الدنيا بأسرها.
فقالت حليمة: ما الخبر؟
قال عبد اللّه: اعلمي! أنّ عبد المطّلب رئيس قريش وسيّد بني هاشم، سألني إنفاذك إليه لترضعي ولده، وتبشّري بالعطاء الجزيل والسير الجميل.
قال: ففرحت حليمة بذلك وقامت من وقتها وساعتها، واغتسلت وتطيّبت وتبخّرت وفرغت من زينتها.
فلمّا ذهب من الليل نصفه قام عبد اللّه، وزيّن ناقته وكانت مشرفة جليلة فركبت عليها حليمة، وركب عبد اللّه فرسه، وكذلك زوجها بكر بن سعد السعدي، وخرجوا من دارهم في داج من الليل.
فلمّا أصبحوا كانوا على باب مكّة ودخلوها وذهبت (حليمة)(4) إلى دار
ص: 69
عاتكة، وكانت تلاطف محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم وتلعقه العسل والزبد الطريّ، فلمّا دخلت الدار وسمع عبد المطّلب بمجيئها جاء من ساعته ودخل الدار، ووقف بين يدي حليمة.
ففتحت حليمة جيبها، وأخرجت ثديها الأيسر، وأخذت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فوضعته في حجرها، ووضعت ثديها (في فمه، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يترك(1) ثديها الأيسر، ويضطرب إلى ثديها الأيمن، فأخذت حليمة ثديها الأيمن من يد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ووضعت ثديها)(2) الأيسر في فمه.
وذلك أنّ ثديها الأيمن كان جهاماً(3)، لم يكن فيه لبن، وخافت حليمة أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إذا مصّ الثدي الأيمن ولم يجد فيه شيئاً لايأخذ بعده الأيسر، فيأمر عبد المطّلب بإخراجها من الدار.فلمّا ألحّت على النبيّ أن يأخذ الأيسر والنبيّ يميل إلى الأيمن، فصاحت عليه:
يا ولدي! مصّ الأيمن حتّى تعلم أنّه (يكون)(4) جهاماً يابساً لا شيء فيه.
قال: فضبط النبيّ على ثديها، وأخرج خلف الأيمن حتّى امتلأ(5) فانفتح باللبن حتّى امتلأ شدقيه كفم رأس الزقّ(6) بأمر اللّه تعالى وببركته صلی الله علیه و آله وسلم (7)
ص: 70
فضجّت حليمة، وقالت: واعجباً منك يا ولدي! وحقّ ربّ السماء! ربّيت بثدي الأيسر اثني عشر ولداً، وما ذاقوا من ثدي الأيمن شيئاً، والآن قد انفتح ببركتك، وأخبرت بذلك عبد اللّه، فأمرها بكتمان ذلك.
فلمّا شبع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ترك الخلف من ساعته، فقال عبد المطّلب: تكونين عندي نأمرلك بإفراغ قصر بجنب قصري(1)، وأعطيك كلّ شهر ألف درهم بيض، ودست ثياب روميّة، وكلّ يوم عشرة أمنان خبز حوّارى(2) ولحماً
مشويّاً.
قال: فلمّا سمع أبوها عبد اللّه ذلك، أوحى(3) لها: أن لا تقيمي(4) عنده.
قالت: يا أبا الحارث! لو جعلت لي مال الدنيا ما أقمت عندك، ولا تركت الزوج والأولاد.
قال عبد المطّلب: فإن كان هكذا فأدفع إليك محمّداً على شرطين.
قالت: وما الشرطين؟
قال عبد المطّلب: أن تحسّني إليه، تنوّميه إلى جنبك، وتدثّريه بيمينك، وتوسّديه بيسارك، ولا تنبذيه وراء ظهرك(5).
قالت حليمة: وحقّ ربّ السماء! إنّي منذ وقع عليه نظري، قد ثبت حبّه في فؤادي، فلك السمع والطاعة، يا أبا الحارث!
ص: 71
ثمّ قال: وأمّا الشرط الثاني أن تحمليه إليّ في كلّ جمعة حتّى أتمتّع برؤيته، فإنّي لا أقدر على مفارقته، قالت: أفعل ذلك، إن شاء اللّه تعالى.
فأمر عبد المطّلب أن تغسل رأس محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فغسلت رأسه، وزرقت جبينه ولفّفته(1) في خرق السندس.
ثمّ إنّ عبد المطّلب دفعه إليها، وأخذ أربعة آلاف درهم وقال لها: تعالي يا حليمة! نمضي إلى بيت اللّه الحرام حتّى أسلّمه إليك فيه، فحمله على ساعده ودخل وطاف بالنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم سبعاً، وهو على ساعده ملفّف(2) بخرق السندس، ثمّ إنّه دفعه إليها وأربعة آلاف درهم بيض، وأربعين ثوباً من خواصّ كسوته، ووهب لها أربع جوار روميّة وحلل سندس.
ثمّ إنّ عبد اللّه بن الحارث أتى بالناقة فركبتها حليمة، وأخذت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في حجرها، وشيّعه(3) عبد المطّلب إلى خارج مكّة، ثمّ أخذت حليمة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى جنبها من داخل خمارها.
فلمّا بلغت(4) حليمة إلى حيّ بني سعد كشفت عن وجه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فأبرق من وجناته نور، فارتفع في الهواء طولاً وعرضاً حتّى التزق(5)
بعنان السماء(6).
ص: 72
43 - قال الواقديّ: فلمّا رأى الخلق ذلك لم يبق في حيّ بني سعد صغير ولا كبير، ولا شيخ ولا شابّ إلاّ استقبلوا حليمة، وهنّأوها بما رزقها اللّه تعالى من الكرامة الكبرى.
فذهبت حليمة إلى باب خيمتها وبركت الناقة، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في حجرها، فما وضعته عند الصغير إلاّ وحمله الكبير، وما وضعته عند الكبير إلاّ وأخذه الصغير، وذلك كلّه لمحبّة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (1).
44 - قال الواقديّ: فبقي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عند حليمة ترضعه، وكانت تقول:
يا ولدي! وربّ السماء! إنّك لعندي أعزّ من ولدي ضمرة، وقرّة عيني(2)! أ ترى
أعيش حتّى(3) أراك كبيراً كما رأيتك (صغيراً، وكانت تؤثر)(4) محمّداً على
أولادها جدّاً، ولا تفارق محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم عن عينيها(5).
ص: 73
45 - قال الواقديّ: قالت حليمة:
واللّه! ما غسلت لمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم ثوباً من بول ولا غائط، بل كان إذا جاء وقت حاجته ينقلب من جنب إلى جنب حتّى تعلم حليمة بذلك وتأخذه وتخدمه حتّى يقضي حاجته.
ولا شممت وربّ السماء! من محمّد رائحة نتنة(1) قطّ.
ولا شممت منه (شيئا)(2) أبداً، بل كان إذا خرج من قبله أو دبره شيء، يفوح منه(3) رائحة المسك والكافور.
قالت حليمة: فلمّا أتى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم تسعة أشهر ما رأيت ما يخرج من دبره نتناً البتّة، لأنّ الأرض تبتلع(4) ما يخرج منه، فلهذا لم أره(5).
ص:74
46 - قال الواقديّ: وكان من حليمة أن تحمل محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم حين كملت له عشرة أشهر، فقامت حليمة يوم الخميس وقعدت على باب الخيمة منتظرة لانتباه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لتزيّنه وتحمله إلى عند جدّه عبد المطّلب.
قال: فلم ينتبه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وأبطأ الخروج من الخيمة إلى حليمة، فلم يخرج إلاّ بعد أربع ساعات.
فخرج رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم مغسول الرأس، مسرّح الذوائب(1)، وقد زوّق(2)
جبينه وذقنه، وعليه ألوان الثياب من السندس والإستبرق.
فتعجّبت حليمة من زينة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ومن لباسه ممّا رأت عليه، فقالت:
يا ولدي! من أين لك هذه الثياب الفاخرة، والزينة الكاملة؟!
فقال لها محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : أمّا الثياب فمن الجنّة، وأمّا الزينة فمن أفعال الملائكة.
قال: فتعجّبت حليمة من ذلك عجباً شديداً، ثمّ حملته إلى عند جدّه في يوم الجمعة.
فلمّا نظر إليه عبد المطّلب قام إليه، واعتنقه وأخذه إلى حجره، فقال له:
يا ولدي! من أين لك هذه الثياب الفاخرة، والزينة الكاملة؟!
ص: 75
فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا جدّ! فاستخبر ذلك من حليمة، فكلّمته (حليمة)(1)،
وقالت: ليس ذلك من أفعالنا.
فأمر عبد المطّلب حليمة أن تكتم ذلك، وأمرلها بألف درهم بيض وعشرة دسوت(2) ثياب وجارية روميّة، فخرجت حليمة من عنده فرحة مسرورة إلى حيّها(3).
47 - قال الواقديّ: فلمّا أتى على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم خمسة عشر شهراً كان إذا نظر إليه الناظر يتوهّم أنّه من أبناء خمس سنين لتمام نموّ(4) جسمه وملاحة بدنه(5).
ص: 76
48 - قال الواقديّ: فلمّا حملت حليمة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى حيّها حين أخذته من عند عبد المطّلب.
وكان لها اثنان وعشرون رأساً من المواشي، فوضعت في تلك السنة كلّ شاة بتوأم(1) ببركة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وخرج من عندها ولها (ألف و)(2) ثلاثون رأساً
49 - قال الواقديّ: وكان لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إخوة من الرضاعة يخرجون بالنهار إلى الرعاء(5) ويعودون بالليل إلى منازلهم، فرجعوا ذات ليلة مغمومين، فلمّا دخلوا الدار، قالت لهم حليمة: ما لي أراكم مغمومين؟
قالوا: يا أُمّنا! إنّ في هذا اليوم جاء ذئب وأخذ شاتين من شياتنا وذهب بهما(6)، فقالت حليمة: الخلف والخير في اللّه تعالى.
فسمع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قولهم، فقال لهم: لا عليكم، فإنّي أسترجع الشاتين(7) من
ص: 77
الذئب بمشيئة اللّه تعالى.
فقال ضمرة: واعجباً منك يا أخي! قد أخذهما بالأمس، فكيف تسترجعهما باليوم؟! فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : إنّه صغير في قدرة اللّه تعالى، فلمّا أصبحوا قام ضمرة وأخذ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم على كتفه، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : مرّ بي إلى الموضع الذي أخذ الذئب فيه الشاتين(1).
قال: فذهب برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى ذلك الموضع، فعند ذلك نزل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عن كتف أخيه ضمرة، وسجد سجدة للّه تعالى، وقال: «إلهي وسيّدي ومولاي!
تعلم حقّ حليمة عليّ، وقد تعدّى ذئب على مواشيها، فأسألك أن تلزم الذئب بردّ المواشي إلى عندي».
قال: فما استتمّ دعاؤه حتّى أوحى اللّه تعالى إلى جبرئيل أن قل للذئب: أن يردّ المواشي إلى صاحبها(2).
50 - قال الواقديّ: إنّ الذئب لمّا ذهب بالشاتين حين أخذهما(3) نادى مناد:
أيّها الذئب! احذر اللّه وبأسه وعقوبته، واحفظ الشاتين اللتين أخذتهما حتّى تردّهما على خير الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب.
فلمّا سمع الذئب النداء تحيّر ودهش، ووكّل بذلك المواشي(4) راعياً يرعاهما(5) إلى الصباح.
ص: 78
فلمّا حضر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ودعا بدعائه قام الذئب وردّ الشاتين وقبّل قدم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (1)، وقال: يا محمّد! أعذرني، فإنّي لم أعلم أنّها لك.
فأخذ ضمرة الشاتين ولم ينقص منهما شيء، فقال ضمرة: يا محمّد! ما أعجب شأنك، وأنفذ أمرك!
فبلغ ذلك إلى عبد المطّلب، فأمرهم بكتمانه، فكتموه مخافة أن تأخذه(2)
قريش، ويعملون في دمه(3).
ص: 79
51 - قال الواقديّ: فبقي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم سنتين، ونظر إلى حليمة وقال لها:
ما لي لا أري إخوتي بالنّهار، وأراهم بالليل؟
فقالت له: يا سيّدي! سألتني عن إخوتك هم يخرجون في النهار إلى الرعاء.
فقال لها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا أُمّاه! أحبّ أن أخرج معهم إلى الرعاء، وأنظر إلى البرّ والسهل والجبل، وأنظر إلى الإبل كيف تشرب اللبن(1) من أُمّهاتها، وأنظرإلى القطائع و إلى عجائب اللّه تعالى في أرضه، وأعتبر من ذلك، وأعرف المنفعة من المضرّة، فقالت له حليمة: أفتحبّ يا ولدي ذلك؟!
قال: نعم، فلمّا أصبحوا اليوم الثاني قامت حليمة، فغسلت رأس محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، وسرحت شعره ودهّنته ومشّطته، وألبسته ثياباً فاخرة، وجعلت في رجليه نعلين من حذاء(2) مكّة وعمدت إلى سلّة، وأخذت منها (أطعمة)(3) جيّدة، وبعثته مع
أولادها، وقالت لهم: يا أولادي! أوصيكم بسيّدي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم أن تحفظوه، و إذا جاع فأطعموه، و إذا عطش فاسقوه، و إذا عيّى(4) فأقعدوه حتّى يستريح.
فقبلوا وصيّتها أولادها، وقالوا لها: يا أُمّنا! إنّ محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم لأعزّنا، وهو
ص: 80
أخونا، وأنفذت(1) معهم عبد اللّه بن الحارث وعن يساره زوجها بكر بن سعد.
فخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وعلى يمينه عبد اللّه بن الحارث، وعن يساره (زوجها بكر بن سعد و)(2) ضمرة وقرّة قدّامه، والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بينهم كالبدر بين النجوم.
فما بقي حجر ولا مدر(3) إلاّ وهم ينادون: السلام عليك (يا محمّد! السلام عليك)(4) يا أحمد! السلام عليك يا حامد! السلام عليك يا محمود! السلام عليك يا صاحب القول العدل(5) مخلصاً بالرضا، لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، طوبى لمن آمن بك، والويل لمن كفر بك وردّ عليك حرفاً تأتي(6) به من عند ربّك.
فالنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يردّ عليهم، السلام، وقد تحيّر الذين معه ممّا يرون من العجائب.
ثمّ إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أصابه حرّ الشمس، فأوحى اللّه تعالى إلى إستحيائيل: أن مدّ فوق رأس محمّد صلی الله علیه و آله وسلم سحابة(7) بيضاء، فمدّها فأرسلت غرايبها(8) كأفواه
القرب، ورشّ القطر على السهل والجبل، ولم يقطر على رأس محمّد صلی الله علیه و آله وسلم قطرة.
وسالت من ذلك المطر الأودية، وصار الوحل في الأرض ما خلا طريق محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (فإنّه ينشر فيه)(9) من تلك السحابة ريش الزعفران وسنابل
ص: 81
المسك.
وكان في تلك البرّيّة شجرة طويلة عادية قد يبست(1) أغصانها، وتناثرت أوراقها منذ سنين(2).
فاستند النبيّ إليها، فأورقت وأزهرت وأثمرت وأرسلت ثمارها من ثلاثة أجناس أخضر وأحمر وأصفر، وقعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم هنالك يكلّم إخوته، ورأى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم روضة خضراء، فقال: يا إخوتي! أريد أن أمرّ بهذه الروضة، وكان وراء الروضة تلّ كؤود(3) وعليه ألوان النباتات(4)، فقال: إخوتى! ما ذلك التلّ؟
فقالوا: يا محمّد! وراء ذلك التلّ البراري والمفاوز.
فقال النبيّ: إنّي قد اشتهيت أن أنظر إليه.
فقال القوم: نحن نمضي معك إليه.
فقال لهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : بل اشتغلوا أنتم بأعمالكم، وأنا أمضي وحدي وأرجع إليكم سريعاً، إن شاء اللّه تعالى.
فقالوا جميعاً: مرّ يا محمّد! فإنّ قلوبنا متفكّرة بسببك(5).
52 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم مرّ في تلك الروضة وحده، ونظر إلى
ص: 82
تلك البراري والمفاوز، وهو يعتبر ويتعجّب من الروضة حتّى بلغ التلّ، فنظر إلى جبل شاهق في الهواء كالحائط، ولا يتهيّأ له صعود لاعتداله وارتفاعه في الهواء.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في نفسه: إنّي أريد أن أسعد هذا التلّ، فأنظر إلى ما ورائه من العجائب(1).
53 - قال الواقديّ: فأراد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أن يصعد الجبل فلم يتهيّأ له ذلك لاستوائه في الهواء، فصاح إستحيائيل في الجبل صيحة أرعشته فاهتزّ اهتزازاً، وقال له: أيّها الجبل! ويحك! أطع محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم (2) خير المرسلين، فإنّه يريد (الصعود)(3) عليك، ففرح الجبل وتراكم بعضه إلى بعض كما يتراكم الجلد في النار، فصعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أعلاه، وكان تحت تلك (الجبل)(4) حيّات كثيرة منألوان شتّى، وعقارب كالبغال، فلمّا همّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بالنزول إلى تحت الجبل صاح بها الملك إستحيائيل صيحة عظيمة، وقال: أيّتها الحيّات والعقارب! غيّبوا أنفسكم في جحوركم، وتحت (صخوركم لا يراكم(5) سيّد المرسلين، وسيّدالأوّلين والآخرين، فسارعت الحيّات(6) والعقارب إلى ما أمرهما إستحيائيل،
وغيّبوا أنفسهم(7) في كلّ جحر وتحت)(8) كلّ حجر.
ص: 83
ونزل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم من الجبل فرأى عين ماء بارد أحلى من العسل وألين من الزبد، فقعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم عند العين، فنزل جبرئيل علیه السلام في ذلك الموضع وميكائيل و إسرافيل ودردائيل.
فقال جبرئيل: «السلام عليك يا محمّد! السلام عليك يا أحمد! السلام عليك
يا حامد! السلام عليك يا محمود! السلام عليك يا طه! السلام عليك يا أيّها
المدّثّر! السلام عليك يا أيّها المليح! السلام عليك يا طاب، يا طاب! السلام
عليك يا سيّد يا سيّد! السلام عليك يا فارقليط! السلام عليك ياطس! السلام
عليك يا طسم! السلام عليك يا شمس الدنيا! السلام عليك يا قمر الآخرة!
السلام عليك يا نور الدنيا والآخرة! السلام عليك يا شمس القيامة!
السلام عليك يا خاتم النبيّين! السلام عليك يا زهرة الملائكة! السلام عليك يا شفيع المذنبين!
السلام عليك يا صاحب التاج والهراوة! السلام عليك يا صاحب القرآن والناقة!
السلام عليك يا صاحب الحجّ والزيارة! السلام عليك يا صاحب الركن والمقام!
السلام عليك يا صاحب السيف القاطع! السلام عليك يا صاحب الرمح الطاعن!
السلام عليك يا صاحب السهم النافذ! السلام عليك يا صاحب المساعي!
السلام عليك يا أبا القاسم! السلام عليك يا مفتاح الجنّة! السلام عليك يا مصباح الدين! السلام عليك يا صاحب الحوض المورود!(1) السلام عليك يا قائد المسلمين! السلام عليك يا مبطل عبادة الأوثان! السلام عليك يا قائد المرسلين!
السلام عليك يا مظهر الإسلام! السلام عليك يا صاحب لا إله الاّ اللّه، محمّد رسول اللّه قولاً عدلاً(2)، طوبى لمن آمن بك، والويل لمن كفر بك وردّ عليك
ص: 84
حرفاً ممّا تأتي به من عند ربّك».
والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يردّ عليه السلام(1)، فقال لهم: من أنتم؟
قالوا: نحن عباداللّه، وقعدوا حوله.
قال: فنظر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى جبرئيل علیه السلام ، قال له: ما اسمك؟
قال: عبد اللّه، ونظر إلى إسرافيل، وقال له: ما اسمك؟
قال: اسمي عبد اللّه، ونظر إلى ميكائيل وقال له: ما اسمك؟
قال: عبد الجبّار، ونظر إلى دردائيل وقال له: ما اسمك؟
قال: عبد الرحمن، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : كلّنا عباد اللّه تعالى.
وكان مع جبرئيل طست من ياقوت أحمر، ومع ميكائيل إبريق من ياقوت أخضر، وفي الإبريق ماء من الجنّة، فتقدّم جبرئيل علیه السلام ووضع فمه على فم محمّد إلى أن ذهبت ثلاث ساعات من النهار.
ثمّ قال: يا محمّد! اعلم! وافهم! ما بيّنته لك.
قال: نعم، إن شاء اللّه تعالى، وقد ملأ جوفه علماً وفهماً وحكماً وبرهاناً، وزاد اللّه تعالى في نور وجهه سبعة وسبعين ضعفاً، فلم يتهيّأ لأحد أن يملأ بصره من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقال له جبرئيل علیه السلام : لا تخف، يا محمّد!
فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ومثلي من يخاف، وعزّة ربّي وجلاله وجوده وكرمه وارتفاعه في علوّ مكانه! لو علمت شيئاً دون جلال عظمته لقلت: لم أعرف ربّي قطّ.
قال: ونظر جبرئيل إلى ميكائيل، وقال: حقّ لربّنا أن يتّخذ مثل هذا حبيباً، ويجعله سيّد ولد آدم علیه السلام .
ص: 85
ثمّ إنّ جبرئيل ألقى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم على قفاه ورفع أثوابه.
قال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ما تريد تصنع؟ يا أخي جبرئيل!
فقال جبرئيل صلی الله علیه و آله وسلم : لا بأس عليك، فأخرج جناحه الأخضر(1) وشقّ بطن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ببندقة، وأدخل جناحه في بطنه، وخرق قلبه، وشقّ المقلبة(2)،
وأظهر نكتة سوداء فأخذها جبرئيل فغسّلها، وميكائيل يصبّ الماء عليه.
فنادى مناد من السماء يقول: يا جبرئيل! لا تقشر قلب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم فتوجعه، ولكن اغسله بزغبك(3)، فأخذ جبرئيل زغبة وغسل بها قلب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ ردّ المقلبة إلى القلب، والقلب إلى الصدر.
فقال عبد اللّه بن العبّاس(4) ذات يوم والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قد بلغ مبلغ الرجال:
سألت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بأيّ شيء غسل قلبك يا رسول اللّه؟ ومن أيّ شيء؟.
قال: غسل من الشكّ باليقين(5) لا من الكفر، فإنّي لم أكن كافراً قطّ، لأنّي كنت مؤمناً باللّه من قبل أن أكون في صلب آدم صلی الله علیه و آله وسلم .
فقال له عمر بن الخطّاب: متى نبّئت يا رسول اللّه؟!
ص: 86
قال: يا أبا حفص! نبّئت وآدم علیه السلام بين الروح والجسد(1).
54 - قال الواقديّ: وأمّا ما كان من أمر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فإنّ جبرئيل علیه السلام قام وصبّ الماء على أرض قزوين، فحصل من ذلك لأرض قزوين أمر عظيم.
قال: وعرج(2) جبرئيل وميكائيل إلى السماء، فقال إسرافيل لمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم : ما اسمك يا فتى؟!
ص: 87
فقال النبىّ صلی الله علیه و آله وسلم : أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، ولي اسم غير هذا.
قال إسرافيل: صدقت يا محمّد! ولكنّي أمرت بأمر، فأفعل(1)؟قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : افعل ما أمرت به، فقام إسرافيل إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وحلّ أزرار قميصه، وألقاه على قفاه، وأخرج خاتماً كان معه وعليه سطران:
الأوّل: لا إله إلاّ اللّه، والثاني: محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
وذلك خاتم النبوّة.
فوضع الخاتم بين كتفي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فصار الخاتم بين كتفيه كالهلال الطالع بجسمه، واستبان السطران بين كتفيه كالشامّة، يقرؤهما(2) كلّ عربيّ كاتب، وفرغ إسرافيل من عمله وجاء بين (يدي)(3) النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
ثمّ دنا دردائيل، وقال: يا محمّد! تنام الساعة؟
فقال له: نعم، فوضع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم رأسه في حجر دردائيل وغفى غفوة، فرأى في المنام كأنّ شجرة نابتة(4) فوق رأسه، وعلى الشجرة أغصان غلاظ مستويات كلّها، وعلى كلّ غصن من أغصانها غصن وغصنان وثلاثة وأربعة أغصان، ورأى عند ساق الشجرة من الحشيش مالا يتهيّأ وصفه. وكانت الشجرة عظيمة غليظة الساق، زاجة في الهواء، ثابتة الأصل، باسقة(5) الفرع، فنادى مناد: يا
ص: 88
محمّد! أ تدري ما هذه الشجرة؟
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : لا، يا أخي!
قال: اعلم! أنّ هذه الشجرة أنت، والأغصان أهل بيتك، والذي تحته محبوّك ومُوالوك(1)، فأبشر يا محمّد! بالنبوّة الأثيرة، والرياسة الخطيرة(2).
ثمّ إنّ دردائيل أخرج ميزاناً عظيماً، كلّ كفّة منه ما بين السماء والأرض فأخذ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فوضعه في كفّة ووضع أصحابه في الكفّة الثانية(3).
فرجح بهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (ثمّ عمد إلى ألف رجل من خواصّ أُمّته، فوضعهم في الكفّة الثانية، فرجح بهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم )(4).
ثمّ عمد إلى أربعة آلاف رجل من أُمّته، فوضعهم في الكفّة، فرجح بهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ عمد إلى نصف أُمّته، فرجح بهم النبىّ صلی الله علیه و آله وسلم .
ثمّ عمد إلى أُمّته كلّهم، ثمّ الأنبياء والمرسلين، ثمّ الملائكة كلّهم أجمعين، ثمّ الجبال والبحار(5)، ثمّ الرمال، ثمّ الأشجار، ثمّ الأمطار، ثمّ جميع ما خلق اللّه تعالى، فوزنهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فلم يعدلوه ورجح النبيّ بهم.
فلهذا قيل(6): خير الخلق محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، لأنّه رجح بالخلق أجمعين، وهذا كلّه يراه بين النوم واليقظة.
فقال دردائيل: يا محمّد! طوبى لك، ثمّ طوبى لك ولأُمّتك وحسن مآب،
ص: 89
والويل كلّ الويل لمن كفر بك وردّ عليك حرفاً ممّا تأتي به من عند ربّك.
ثمّ عرجت الملائكة(1) إلى السماء.
فأنت واللّه تلك الشجرة التي رآها في النوم(2) على وصفها ونشرت أغصانها، وخرجت(3) أوراقها، وأرسلت أثمارها بأمر اللّه تعالى، وعليها كلّ ثمرة من لون، واجتمع صفرة الشمس واختلطت بحمرة الورق، والألوان مختلطة بعضها ببعض(4).
ص: 90
55 - قال الواقديّ: فلمّا طال مكث النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم طلبوه في تلك المفاوز إخوته أولاد حليمة، فلم يجدوه (فرجعوا)(1) إلى حليمة وأعلموها بقصّته، فقامت ذاهلة العقل تصيح في حيّ بني سعد، فوقعت الصيحة في حيّ بني سعد: أنّ محمّداً قد افتقد(2).
فقامت حليمة ومزقّت أثوابها، وخدشت وجهها(3)، ونفشت شعرها، وهي تعدو في البراري والمفاوز والقفار حافية القدم، والشوك يدخل في رجليها، والدم يسيل منها، وهي تنادي: وا ولداه! وا قرّة عيناه! وا ثمرة فؤاداه! ومعها نساء بني سعد يبكين معها، مكشّفات الشعور، مخدوشات الوجوه(4)، وحليمة تسقط مرّة وتقوم أُخرى.
وما بقي في الحيّ شيخ ولا شابّ ولا حرّ ولا عبد إلاّ يعدو في البرّيّة في طلب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، وهم يبكون كلّهم بقلب محترق.
وركب عبد اللّه بن الحارث، وركب معه آل بني سعد وحلف إذا ما وجدت محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم الساعة وضعت سيفي(5) في آل بني سعد وغطفان وأقتلهم عن
ص: 91
آخرهم، وأطلب بدم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم .
وذهبت حليمة على حالتها مع نساء بني سعد نحو مكّة ودخلتها(1)، وكان عبد المطّلب قاعداً عند ستار الكعبة(2) مع رؤساء قريش وبني هاشم، فلمّا نظر إلى حليمة على تلك الحالة ارتعدت فرائصه وصاح، وقال: ما الخبر؟
فقالت حليمة: اعلم! أنّ محمّداً قد فقدناه منذ أمس، وقد تفرّق آل سعد في طلبه، قال فغشي عليه ساعة ثمّ أفاق وقال كلمة لا يخذل قائلها: «لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم».
ثمّ قال: يا غلام! هات فرسي وسيفي وجوشني، فقام عبد المطّلب وصعد إلى أعلى الكعبة(3)، ونادى: يا آل غالب! يا آل عدنان! يا آل فهر! يا آل نزار! يا آل كنانة! يا آل مضر! يا آل مالك!
فاجتمع عليه بطون العرب ورؤساء بني هاشم، وقالوا له: ما الخبر؟ يا سيّدنا!فقال لهم عبد المطّلب: إنّ محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم لا يرى منذ أمس، فاركبوا وتسلّحوا!
فركب ذلك(4) اليوم مع عبد المطّلب عشرة آلاف رجل، فبكى الخلق كلّهم رحمة لعبد المطّلب، وقامت الصيحة والبكاء في كلّ جانب، حتّى المخدّرات خرجن من الستور رقّة(5) لعبد المطّلب مع القوم إلى حيّ بني سعد وسائر الأطراف، وانجذب عبد المطّلب نحو حيّ عبد اللّه بن الحارث وأصحابه باكي
ص: 92
العيون، ممزّقي الثياب(1)، وكلّهم بتمام الأسلحة.
فلمّا نظر عبد اللّه إلى عبد المطّلب رفع صوته بالبكاء، وقال: يا أبا الحارث!
واللات والعزّى و إساف ونائلة!(2) إن لم أجد محمّداً وضعت سيفي في حيّ بنيسعد وغطفان وأقتلهم عن آخرهم.
قال: فرقّ قلب عبد المطّلب على حيّ آل سعد، وقال: ارجعوا أنتم إلى حيّكم، وحلف إن لم أجد(3) محمّدا الساعة، و إلاّ رجعت إلى مكّة، ولا أدع فيها يهوديّاً ولا يهوديّة ولا أحداً ممّن أتّهمه به(4)، فأمدّهم تحت سيفي مدّاً ولأجعلنّ مكّة طلباً لدم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (5).
ص: 93
56 - قال الواقديّ: وأقبل من اليمن أبو مسعود الثقفيّ(1) وورقة بن نوفل وعقيل بن أبي وقّاص، وجازوا على الطريق(2) الذي فيه محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، و إذا بشجرة نابتة(3) في الوادي، فقال ورقة لأبي مسعود: إنّي سلكت هذا الطريق منذ ثلاثين مرّة، ما رأيت قطّ هاهنا هذه الشجرة؟!
قال عقيل: صدقت، فمرّوا بنا حتّى ننظر ما هي.
قال: فذهبوا جميعاً وتركوا الطريق الأوّل، فلمّا قربوا(4) من الشجرة رأوا تحت الشجرة غلاماً أمرد ما رأى الرائون مثله، كأنّه قمر.
فقال عقيل وورقة: ما هو إلاّ جنّي، فقال أبو مسعود: ما هو إلاّ من الملائكة، وهم يقولون والنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يسمع كلامهم، فاستوى قاعداً فرأى القوم ورأوه.
فقال أبو مسعود: من أنت يا غلام! أ جنّي أنت أم إنسيّ؟
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : بل أنا إنسيّ.
فقال: ما اسمك؟
قال: محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف.
فقال أبو مسعود: أنت نافلة عبد المطّلب؟
قال: نعم، قال: كيف وقعت هاهنا؟
فقصّ عليهم القصّة من أوّلها إلى آخرها، فنزل أبو مسعود عن ظهر ناقته،
وقال له: أ تريد أن أمرّ بك إلى جدّك؟
ص: 94
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : نعم، فأخذه على قربوس سرجه، ومرّوا جميعاً حتّى بلغوا قريباً من حيّ بني سعد(1) فنظر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في البرّيّة فرأى جدّه عبد المطّلب، وأصحابه لا يرونه، فقالوا: يا محمّد! إنّا لا نرى(2)، وذلك أنّ نظرته نظرة الأنبياء علیهم السلام .
فقال لهم: مرّوا حتّى أريكم، فمرّوا، و إذا عبد المطّلب مقبل هو وأصحابه، فلمّا نظر عبد المطّلب إلى محمّد صلی الله علیه و آله وسلم وثب عن فرسه وأخذ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلىسرجه، وقال له: أين كنت يا ولدي؟ وقد كنت عزمت أن أقتل أهل مكّة جميعاً.
فقصّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على جدّه القصّة من أوّلها إلى آخرها.
ففرح عبد المطّلب فرحاً شديداً، وخرج من خيله ورجله ودخل إلى مكّة، ودفع إلى أبي مسعود خمسين ناقة، و إلى ورقة بن نوفل وعقيل ستّين ناقة.
قال: وذهبت حليمة إلى عبد المطّلب وقالت له: إدفع إليّ محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم فقال عبد المطّلب: يا حليمة! إنّي أحببت أن تكوني معنا بمكّة و إلاّ ما كنت (بالذي)(3) أسلّمه إليك مرّة أخرى، فوهب لعبد اللّه بن الحارث أبيها ألف مثقال ذهب أحمر وعشرة آلاف درهم أبيض، ووهب لبكر بن سعد جملة بغير وزن، ووهب لإخوان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أولاد حليمة وهما ضمرة وقرّة أخواه من الرضاعة مأتي ناقة، وأذن لهم بالرجوع إلى حيّهم(4).
ص: 95
57 - قال الواقديّ: وكان في زمان عبد المطّلب رجل يقال له: سيف بن ذي يزن المازنيّ، وكان من ملوك اليمن، وقد أنفذ ابنه إلى مكّة والياً من قبله، وتقدّم إليه باستعمال العدل والإنصاف، ففعل ما أمره به أبوه.
ثمّ إنّ عبد المطّلب دعا برؤساء قريش مثل عُتبة بن ربيعة ومثل الوليد بن المغيرة وعُقبة بن أبي معيط(1)، وأُميّة بن خلف ورؤساء بني هاشم، فاجتمعوا في دار الندوة، وهي الدار الموصلة في المسجد الحرام، فلمّا قعدوا وأخذوا مراتبهم، فتكلّم عبد المطّلب، وقال: اعلموا! أنّي قد دبّرت تدبيراً.
فقال المشايخ(2): وما دبّرت يا رئيس قريش وكبير بني هاشم؟!
فقال: يا قوم! إنّكم تحتاجون أن تخرجوا معي نحو سيف بن ذي يزن لتهنئته في ولايته، وهلاك عدوّه ليكون أرفق بنا وأميل إلينا.
فقالوا له بأجمعهم: نعم ما رأيت، ونعم ما دبّرت.
ثمّ أمر عبد المطّلب أن يستحكموا آلات السفر(3) ففرغوا من ذلك.قال: فخرج عبد المطّلب ومعه سبعة وعشرون رجلاً على نوق جياد نحو اليمن، فلمّا وصلوا إلى سيف بن ذي يزن بعد أيّام سألوا عن الوصول إليه؟
ص: 96
قالوا لهم: إنّ الملك في القصر الورديّ(1)، وكان من عاداته في أوان الورد أن يدخل قصر غُمدان ولا يخرج إلاّ بعد نيّف وأربعين يوماً، ولا يصل إليه ذو حاجة ولا زائر، وأنتم قصدتم الملك في أيّام الورد.
فذهب عبد المطّلب إلى باب بستانه، وكان لقصر غُمدان(2) في وسط البستان
أبواب، وكان لهذا البستان باب يفتح إلى البريّة، وقد وكّل بذلك البستان بوّاباً واحداً(3)، فقال عبد المطّلب لأصحابه: لعلّنا يتهيّأ لنا الدخول بحيلة ولا يتهيّأ لنا إلاّ بها(4)، فقال القوم: صدقت(5).
ص: 97
58 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ عبد المطّلب نزل واتّجه نحو الباب(1)، (فنظر إلى البوّاب)(2) وسلّم عليه (وضحك في وجهه، ولم يظهر للبوّاب شيئاً ولم يقعد إلاّ إلى جانبه)(3)، فقال له: يا بوّاب! دعني أن أدخل البستان فقال البوّاب له: واعجبا منك ما أقلّ فهمك! وأضعف رأيك، أ مصروع أنت؟!
فقال له عبد المطّلب: ما رأيت من جنوني؟
فقال له البوّاب: أما علمت أنّ سيف بن ذي يزن في القصر مع جواريه(4)
وخدمه قاعد، فإن أبصرك(5) في بستانه أمر بقتلك، وأنّ سفك دمك(6) عنده
أهون من شربة ماء.
فقال له عبد المطّلب: دعني أدخل ويكون من الملك إليّ ما يكون!
فقال له البوّاب: يا مغلوب العقل! إنّ الملك في القصر، وعيناه للباب والبوّاب،
ص: 98
و إنّه قدر ما يرفق أن يأمر بقتلك.
فقال عقيل بن أبي وقّاص: يا أبا الحارث! أما علمت أنّ المسارج لا تضيء إلاّ بالدهن؟! فقال عبد المطّلب: صدقت(1).
59 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ عبد المطّلب دعا بكيس من أديم فيه ألف دينار، وقال بعد أن صبّ الكيس بين يدي البوّاب: يا هذا! إن تركتني أدخل البستان جعلت هذا برّي إليك، (فاقبل صلتي، وخلّ سبيلي.
فلمّا نظر البوّاب إلى الدراهم خرّ مبهوتاً، وقال له البوّاب: يا شيخ! إن دخلت ونظر إليك الملك و)(2) سألك عن كيفيّة دخولك ما أنت قائلاً له؟
قال عبد المطّلب: أقول له: كان البوّاب نائماً، وشرط عليه عبد المطّلب أن لا يكذّبه إن دعاه الملك للمسائلة، فيقول: غفوت وليس لي بدخوله علم.
قال: نعم.
فقال عبد المطّلب: إن كذّبتني في هذا صدّقت الملك عن الصلة التي وصلتك بها، فقال له البوّاب: ادخل يا شيخ!.
فدخل عبد المطّلب البستان، وكان قصر غُمدان في وسط الميدان والبستان كأنّه جنّة من الجنان، قد حفّ بالورد والياسمين وأنواع الرياحين والفواكه، وفيه أنهار جارية في وسطه، و إذا سيف بن ذي يزن قد اتكّأ على عمود المنظرة من قصره، وفي قصره يقول الشاعر(3) شعراً:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا
في رأس غمدان دار منك محلالاً(4)
ص: 99
اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم(1)واسأل اليوم في نوديك(2) أسبالاً قال(3) فلمّا نظر سيف بن ذي يزن عبد المطّلب غضب، وقال لغلمانه: من ذا الذي دخل عليّ بغير إذني، آتوني به(4) سريعاً، فسعى إليه الغلمان والخدم، فاختطفوه من البستان، فلمّا دخل عبد المطّلب عليه رأى قصراً مبنيّاً على حجر مطلّى بطلاء الورد، منقّشاً بنقش اللازورد، وورد(5) على أمثال الورد، ورأى عن يمين الملك وعن شماله وبين يديه من الجواري(6) ما لا عدد لهنّ، ورأىقريب الملك عمودا(7) من عقيق أحمر، وله رأس من ياقوت أزرق، مجوّف محشّى بالمسك، ورأى عن يساره تَوْراً(8) من ذهب أحمر، وعلى فخذه سيف نقمته، مكتوب عليه بماء الذهب شعراً!
ربّ ليث مدجّج(9) كان يحمي *** ألف قرن مغّمد(10) الأغماد
وخميس ملفّف بخميس *** بدّد الدهر جمعهم في البلاد(11)
ص: 100
60 - قال الواقديّ: فوقف عبد المطّلب بين يدي سيف، ولم يتكلّم الملك ولا عبد المطّلب حتّى كرع(1) الملك في التَور(2) الذي بين يديه، فلمّا فرغ من شربه نظر إليه، وكان سيف قد شاهد عبد المطّلب قبل هذا، ولكنّه أنكره حتّى استنطقه، فقال له الملك: من الرجل؟
فقال: أنا عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان حتّى بلغ آدم علیه السلام .
فقال له الملك: أنت ابن أختي؟ فقال: نعم، أيّها الملك! أنا ابن أختك.
وذلك أنّ سيف بن ذي يزن كان من آل قحطان، وآل قحطان من الأخ، وآل إسماعيل من الأخت، فعلم سيف بن ذي يزن أنّ عبد المطّلب ابن أخته.
فقال سيف (بن ذي يزن)(3): أهلاً وسهلاً وناقةً ورحلاً(4)، ومدّالملك يده إلى عبد المطّلب، وكذلك عبد المطّلب إلى نحو الملك، فأمره الملك بالقعود، وكنّاه بأبي الحارث (وقال:)(5) أنتم معاشر أهل الشام رجال الليل والنهار، وغيوث الجدب والغلاء، وليوث الحرب بضرب الطلي(6).
ص: 101
ثمّ قال: يا أبا الحارث! فيم جئت؟
فقال له عبد المطّلب: (أيّها الملك! السعيد جدّه، الرفيع مجده، المطاع أمره، المحذور آفته، المدرك رأفته)(1)، نحن جيران بيت اللّه الحرام وسدنة البيت(2)،
وقد جئت إليك وأصحابي بالباب لنهنّئك بولايتك، وما فوضّه اللّه تعالى من النصر لك، وأجراه على يديك من هلاك عدوّك.
فالحمد للّه الذي نصرك، وأقرّ عينيك، وأفلح(3) حجّتك، وأقرّ عيوننا بخذلان عدوّك، فأطال اللّه تعالى في سوابغ نعمه مدّتك، وهنّأك بما منحك، ووصلها بالكرامة الأبديّة، فلا خيّب دعائي فيك أيّها الملك!.
ففرح سيف بدعائه، وازداد له محبّة(4) بما سمع من تهنئته، ثمّ أمره أن يصير هو ومن معه بالباب من أصحابه إلى دار الضيافة إلى أن يؤمر بإحضارهم بعد هذا اليوم إلى مجلسه، فمضى وحجابه وخدمه بين يديه إلى حيث أمرهم.
وخرج عبد المطّلب واستوى على جمله، وأتبعه أصحابه، وبين يديه غلمان الملك حوله حتّى أنزلوه وأصحابه الدار، وبالغوا بالتوصية به وبأصحابه.
فأمر الملك أن يجري عليهم في كلّ يوم ألف درهم بيض، فبقي عبد المطّلب في دار الضيافة سِرّيرا(5) حتّى تصرّمت أيّام الورد.
ص: 102
فلمّا كان في اليوم الذي أراد فيه مجلسه للتسليم عليه والنظر في أمره ذكر عبد المطّلب في شطر من ليلته، فأمر بإحضاره (وحده)(1)، فدخل عليه الرسول،فأمره وأعلمه بمراد الملك منه، فقام معه إليه، فإذا الملك في مجلسه وحده، فقال لخدمه: تباعدوا عنّا.
فلم يبق في المجلس غير الملك وعبد المطّلب وثالثهم ربّ العزّة تبارك وتعالى، فقال له الملك: يا أبا الحارث! إنّ من آرائي أن أفوّض إليك علماً كنت كتمته عن غيرك، وأريد أن أضعه عندك فإنّك موضع ذلك، وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره اللّه تعالى.
فقال عبد المطّلب: السمع والطاعة للملك، وكذا الظنّ بك.
فقال الملك: اعلم، يا أبا الحارث! أنّ بأرضكم غلاماً حسن الوجه والبدن، جميل القدّ والقامة، بين كتفيه شامّة، المبعوث من تهامة، أنبت اللّه تعالى على رأسه شجرة النبوّة، وظلّلته الغمامة صاحب الشفاعة يوم القيامة، مكتوب بخاتم النبوّة على كتفيه سطران: (الأوّل)(2)
«لا إله إلاّ اللّه»، والثاني «محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ».
واللّه تعالى أمات(3) أُمّه وأباه، وتكون تربيته على (يدي)(4) جدّه وعمّه، و إنّي وجدت في كتب بني إسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب، و إنّي أراك جدّه.
ص: 103
فقال عبد المطّلب: أنا جدّه، أيّها الملك!
فقال الملك: مرحباً بك وسهلاً، يا أبا الحارث! ثمّ قال له الملك: إنّي أشهد على نفسي يا أبا الحارث! إنّي مؤمن به وبما يأتي به من عند ربّه.
ثمّ تأوّه سيف ثلاث مرّات بأن يراه، فكان ينصره وينظره فيتعجّب منه الطير في الهواء، ثمّ قال: يا أبا الحارث! عليك بكتمان ما ألقيت عليك ولا تظهره إلى أن يظهره اللّه تعالى.
فقال عبد المطّلب: السمع والطاعة للملك، ونظر عبد المطّلب في لحية سيف بن ذي يزن سواداً وبياضاً، وخرج من عنده وقد وعده في الحنّاء(1) في غد ليرحلوا إلى أرض الحرم، إن شاءاللّه تعالى، فلمّا رجع إلى أصحابه وجدهم وجلين شاحنين(2)، وقد أكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التي دعاه فيها، فقالوا له(3): ما كان يريد الملك منك.
قال عبد المطّلب: يسألني عن رسوم مكّة وآثارها، ولم يخبر عبد المطّلب أحداً بما كان بينه وبين الملك، وغدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه، فتطيّبوا(4) وتزّينوا ودخلوا القصر، وعبد المطّلب يقدمهم، فدخلوا عليه فنظر عبد المطّلب فإذا برأسه ولحيته سواد حالك(5)، فقال له عبد المطّلب: إنّي تركتك
ص: 104
أبيض اللحية، فما هذا؟
فقال له الملك: إنّي أستعمل الخضاب.
فقال أصحاب عبد المطّلب: إن رأى الملك أن يرانا أهلاً لذلك الخضابفليفعل.
قال: فأمر الملك أن يؤخذ بهم إلى الحمّام، وكان القوم بيض الرؤوس واللحى، فخضبوا هناك فخرجوا ولشعورهم بريق كأسود مايكون من الشعر.
ويقال: إنّ سيفاً أوّل من خضب رأسه ولحيته(1).
ص: 105
61 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ الملك أمر لكلّ واحد منهم ببدرة (دراهم)(1)
بيض، فحمل كلّ واحد منهم على دابّة(2) وبغل، وأمر لكلّ واحد منهم بجارية وغلام، وبتخت وثياب فاخرة، و(وهب)(3) لعبد المطّلب ضعفي ما وهب لهم، ثمّ دعا الملك بفرسه العقاب وبغلته الشهباء وناقته العضباء، وقال: يا أبا الحارث! إنّ الذي أسلّمه إليك أمانة في عنقك تحفظها إلى أن تسلّمها إلى محمّد صلی الله علیه و آله وسلم إذا بلغ مبلغ الرجال.
فقال له: اعلم! أنّي ما طلبت على ظهر هذه الفرس شيئاً إلاّ وجدته، وما قصدني عدوّ وأنا راكب عليها إلاّ نجّاني اللّه تعالى منه.
وأمّا البغلة فإنّي كنت أقطع بها الدكادك(4) والجبال لحسن سيرها، ولا أنزل عنها ليلي ونهاري، فأمره أن يتحفّظ ويجعلها لي تذكرة، وبلّغه عنّي التحيّة الكثيرة، فقال عبد المطّلب: السمع والطاعة لأمر الملك.
ثمّ ودّعوه وخرجوا نحو الحرم حتّى دخلوا مكّة، فوقعت الصيحة في البلد
ص: 106
بقدومهم، فخرج الناس يستقبلونهم، وخرج أولاد عبد المطّلب، وقعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على صخرة، وقد ألقى كمّه على وجهه لئلاّ تناله الشمس حتّى تقارب عبد المطّلب، فنظر أولاده إليه وقالوا: يا أبانا! خرجت إلى اليمن شيخاً ورجعت شابّاً؟!
قال: نعم، أيّها الفتيان! سأخبركم بما ذكرتم (فأخبرهم)(1)، ثمّ قال لهم: أين سيّدي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ؟
فقالوا: إنّه قعد في بعض الطريق ينتظركم، ثمّ إنّ عبد المطّلب سار نحوه حتّى وصل إليه مع أصحابه، فنزل عن مركوبه وعانقه وقبّل ما بين عينيه، وقال له: إنّ هذا الفرس والبغلة والناقة أهداها(2) إليك سيف بن [ذي] يزن، ويقرأ عليك التحيّة الطيّبة، ثمّ أمر أن يحمل رسول اللّه محمّد صلی الله علیه و آله وسلم على الفرس، فلمّا استوىالنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على ظهرالفرس نشط(3) وصهل صهيلاً شديداً فرحاً برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ونسب هذا الفرس أنّه عقاب بن ينزوب(4) بن قابل بن بطّال بن زاد الراكب ابن الكفاح بن الجنح بن موج(5) بن ميمون بن ريح، أمره اللّه(6) قال: كن، فكان بأمره(7).
ص: 107
62 - قال الواقديّ: وأخذ أبو طالب بلجام فرسه وحفّ برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أعمامه، فقال صلی الله علیه و آله وسلم : خلّوا عنّي فإنّ ربّي يحفظني ويكلأني، (فخلّوا عنه)(1)، فرفّ الفرس(2) برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى اليمن، فمال النبيّ ليسقط، فمال الفرس معه لئلاّ يسقط.
فدخل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى مكّة على حالته، فشاع خبره في قريش وبني هاشم، فتعجّب من أمره الخلق وبقي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فرحاً مسروراً عند عبد المطّلب(3).
ص: 108
63 - قال الواقديّ: ودبّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ودرج وأتى عليه ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيّام، فعندها اعتلّ عبد المطّلب علّة شديدة، فأمر أن يحمل سريره إلى عند بيت اللّه الحرام وينصب هناك عند أستار الكعبة(1).
وكان لعبد المطّلب سرير من خيزران أسود ورثه من جدّه عبد مناف، وكان السرير له شبكات(2) من عاج وآبنوس وصندل وعمود أحسن ما يكون إحكاما وهيئة.
وأمر عبد المطّلب أن يزيّن السرير بألوان الفرش والديباج والرفاف(3)، وأمر أن ينصب فوق سريره فسطاط ديباج أحمر.
ففعل ذلك وحمل عبد المطّلب إلى بيت اللّه الحرام، ونام على ذلك السرير المزيّن وقعد حوله أولاده.
وكان له من البنين عشرة أنفس، فمات منهم عبد اللّه وبقي بعده تسعة أنفس شجعان، يعدّ كلّ واحد منهم بألف، وقعدوا حوله وحفّوا بعبد المطّلب يبكونودموعهم تتقاطر (على خدودهم)(4) كالمطر، وقعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
ص: 109
واجتمعت عند عبد المطّلب بطون العرب وكبار قريش مصطفون(1) ما منهم أحد إلاّ وعيناه تملآن(2) بالدموع.
فعند ذلك ظهر أبو لهب لعنه اللّه تعالى وأخزاه، وأخذ برأس رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ليحنّيه وينحّيه عن عبد المطّلب، فصاح عبد المطّلب وانتهره، وقال له: مه يا عبد العزّى! أنت من عداوتك لا تنفكّ من إظهارك ببغضك لولدي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (3)، اقعد مكانك، واسكت عنه.
فقام أبو لهب وقعد عند رجل(4) عبد المطّلب خجلاً مخذولاً، لأنّ أبا لهب كان من الفراعنة المبغضين لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
ثمّ انقلب(5) عبد المطّلب إلى جنبه، وأقبل بوجهه على أبي طالب (وألقى إليه النبيّ(6) لأنّه لم يكن في أولاد عبد المطّلب أرفق منه برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ولا أميل منه، ثمّ أنشأ عبد المطّلب)(7) يقول شعراً:
أوصيك عبد مناف بعدي *** بموحّد(8) بعد أبيه فرد
فارقه وهو ضجيع المهد *** فكنت كالأُمّ له في الوحد(9)
ص: 110
قد كنت ألصقه بين الحشى(1) والكَبْد *** حتّى إذا خفت فراق الوجد(2)
أوصيك أرجي أهلنا بالرفد(3) *** يا ابن الذي غيّبه في اللحد(4)
بالكره منّي ثمّ لا بالعمد *** وخيرة اللّه يشأ في العبد
ثمّ قال عبد المطّلب: يا أبا طالب! إنّني ألقى إليك بعد وصيّتي.
قال أبو طالب: وما هي؟
قال: يا بنيّ! أوصيك بعدي بقرّة عيني محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فأنت تعلم محلّه منّي ومقامه لديّ، فأكرمه بأجلّ الكرامة، ويكون عندك ليله ونهاره ومادمت في الدنيا، اللّه! ثمّ اللّه! في حبيبه.
ثمّ قال لأولاده: أكرموا وجلّلوا(5) محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم ، وكونوا عند إعزازه و إكرامه، فسترون منه أمراً عظيماً عليّاً، وسترون آخر أمره ما أنا أوصفه لكم عند بلوغه، فقالوا بأجمعهم: السمع والطاعة، يا أبانا! نفديه بأنفسنا وأموالنا ونحن له فدية، قال أبو طالب: قد أوصيتنا بمن هو أفضل منّي(6) ومن إخواني.
قال: نعم.
ولم يكن في أعمام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أرفق من أبي طالب قديماً وحديثا في أمر محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، (ثمّ قال)(7) إنّ نفسي ومالي دونه فداء، أنازع معاديه وأنصر
ص: 111
مواليه، فلا يُهمّنّك(1) أمره(2).
64 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ عبد المطّلب (غمض عينيه وفتحهما ونظر قريشاً، وقال: يا قوم! أليس حقّي عليكم واجبا؟
فقالوا بأجمعهم: نعم، حقّك على الكبير والصغير واجب، فنعم القائد ونعم السائق فينا كنت، فجزاك اللّه تعالى عنّا خيراً، ويهوّن عليك سكرات الموت، وغفرلك ما سلف من ذنوبك.
فقال عبد المطّلب:)(3) أوصيكم بولدي محمّد بن عبد اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فأحلّوه محلّ الكرامة(4) فيكم وبرّوه، ولا تجفوه(5)، ولا تستقبلوه بما يكره.
فقالوا بأجمعهم(6): قد سمعنا منك وأطعناك فيه.
ثمّ قال لهم عبد المطّلب: إنّ الرئيس عليكم من بعدي الوليد بن المغيرة أبو عبد الشمس بن أبي العاص بن نقيّة بن عبد الشمس بن عبد مناف، (فإنّه أهل لأن يجمعنّكم على الخير، ويلمّ شملكم)(7).
فضجّت الخلق بأجمعهم وقالوا: قبلنا أمرك، فنعم ما رأيته رئيساً، ونعم ما
ص: 112
خلّفته فينا بعدك.
وصارت قريش وبنو هاشم تحت ركاب الوليد بن المغيرة لعنه اللّه تعالى، فعند ذلك تغيّر وجه عبد المطّلب، واخضرّت أظافير يديه ورجليه، ووقع على وجنتيه غبار الموت، ويكثر التقلّب(1) من جنب إلى جنب(2) ومرّة يقبض رجلاً، ويبسط أخرى، والخلائق من قريش وبني هاشم حاضرون.
وقد صارت مكّة في ضجّة واحدة.
وأراد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أن يقوم من عنده ففتح عبد المطّلب عينيه، وقال: يا محمّد!
تريد أن تقوم؟ قال: نعم.
فقال عبد المطّلب: يا ولدي! فإنّي وحقّ ربّ السماء! لفي راحة ما دمت عندي.
قال: فقعد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فما كان إلاّ عن قليل حتّى قضى نحبه(3).
65 - قال الواقديّ: ثمّ قاموا في تغسيله فغسّلوه، وحنّطوه، وكفّنوه، وجعلوه في أعواد المنايا، وحملوه إلى ذيل الصفا.
وما بقي في مكّة شيخ ولا شابّ ولا حرّ ولا عبد من الرجال والنساء إلاّ وقد ذهبوا إلى جنازته، وعظّموها ودفنوه، فرجع الخلق من جنازته باكين عليه لفقده من مكّة.
فقالت عاتكة بنت عبد المطّلب ترثي أباها شعراً، وتقول:
ألا يا عين ويحك اسعديني *** بدمع واكف هطل غزير(4)
ص: 113
على رجل أجلّ الناس أصلاً *** وفرعاً في المعالي والظهور
طويل الباع أروع(1) شيظميّ(2) *** أغرّ كغرّة القمر المنير
وأبكى هاشماً وبني أبيه *** فقد فارقت ذاكرم وخير(3)
وغيث للقرى(4) في كلّ أرض *** إذا ضنّ(5) الغنى على الفقير
فقدنا من قريش في البرايا *** سحاب الناس في السنة الترور(6)
وقالت صفيّة ترثي أباها شعراً، وتقول:
أعينَيّ جوداً بالدموع السواكب *** على خيرشخص من لويّ بن غالب
ص: 114
أعينَيّ لا تستحسرا من بكاكما *** على ماجد العرّاف عفّ المكاسب(1)
أعينَيّ جوداً عبرة بعد عبرة *** على الأسد الضرغام محض الضرائب
أبا الحارث الفيّاض ذي الحلم والبها *** وذي الباع والباعون زين المناسب(2)
وذي المجد والعزّ الرفيع وذي الندا *** وذي العون عند المعضلات النوائب(3)
فإن تبكياه تبكيا ذا مهابة *** كريم المساعي حلمه غير ذاهب(4)
وقالت برّة بنت عبد المطّلب تبكي أباها وترثيه شعراً، وتقول:
أعينَيّ جوداً بالدموع الهواطل *** على النحر(5) منّي مثل فيض الجداول
ولا تسئما أن تبكيا كلّ ليلة *** ويوم على مولى كريم الشمائل
ص: 115
أعينَيّ لا يغني وجيع بكاكما *** على خير حاف من مَعدّ وناعل
على رجل لم يورث اللؤم جدّه *** أشمّ(1) طويل الساعدين حلاحل
أبا ثقة ماتى العزيمة(2) ماجد *** له بيت مجد ثابت غير فاصل
أبا الحارث الفيّاض ذوالباع والندا *** رئيس قريش كلّها في القبائل
فأسقى مليك الناس موضع قبره *** بنو(3) الثريّا ديمة بعد وابل
وقالت أروى بنت عبد المطّلب ترثي أباها شعراً، وتقول:
ألا يا عين ويحك فاسعديني *** بوبل واكفٍ من بعد وبل
بدمع من دموعك ذو غروب(4) *** فقد فارقت ذا كرم ونيل(5)
طويل الباع أروع ذي المعالي *** أبوك الخير وارث كلّ فضل
وقالت آمنة بنت عبد المطّلب تبكي أباها وترثيه شعراً، وتقول:
بكت عيني وحقّ لها البكاء *** على سمح السجيّة(6) والحياء
ص: 116
على سمح الخليقة أبطحيّ *** كريم الخيم يُنميه العلاء
على الفيّاض شيبة ذي المعالي *** أبيك الخير ليس له كفاء(1)
أقبّ الكشح(2) أروع ذي أصول *** له المجد المقدّم والثناء
وكان هو الفتى كرما وجوداً *** وبأسا حين يشتبك القناء(3)
إذا هاب الكماة الموت حينا *** تكون قلوب أكثرهم هواء(4)
مضى قدما بذي حسب(5) *** عليه حين تبصره بهاء(6)
ص: 117
66 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ الوليد بن المغيرة ترأّس(1) من بعد عبد المطّلب واستقام أمره، وكان - لعنه اللّه سبحانه وتعالى - معانداً لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وكان أبو طالب يحبّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم محبّة لم ير مثله، وكان ينوّمه بجنبه، ويوسّده يمينه، ويدثّره يساره، و إذا قام إلى البول بالليل قام معه، و إذا أراد أن ينام ينزعه ثيابه ويعريه ويأخذه في فراشه، وكان يحبّ أن يلتزق(2) جلده
بجلده لمحبّته له ويرضي اللّه تعالى بذلك.
وكان إذا دخل جوف الفراش لا يصير بينه وبين النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم حاجز حتّى يختلط بدنه (ببدنه)(3)، فعند ذلك رمدت عين النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم رمداً شديداً، وأصابه منه وجع حتّى أنّه كان يأخذ خرقة سوداء ويضعها على عيني النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ولا يقدر أن يفتح بصره لما كان به من الأذى والألم، فعالجوه.فتمادت به العلّة وطالت به، فدخل(4) على أبي طالب من ذلك غمّ شديد وأحضر الأطبّاء، فما ازداد إلاّ ألماً فأشارت عليه قريش وبنو هاشم أن يحمله إلى عند حبيب الراهب(5) ليدعو له ربّه بالعافية والرحمة، وكان ذلك لهم (باباً،
ص: 118
فقال)(1) أبو طالب: نعم ما دبّرتم(2)، ثمّ جاء إلى منزله، فأخبر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم
بذلك، فقال له صلی الله علیه و آله وسلم : الرأي رأيك(3).
67 - قال الواقديّ: فلمّا كان في اليوم الثاني غسّل رأس النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وزيّن لباسه وجمّله بأحسن زينة(4)، وأركبه ناقة جليلة، وكان حبيب على ثلاث مراحل من مكّة في صومعته على طريق الطائف.
فأخرج أبو طالب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم بالليل عن وهج(5) الشمس، فلمّا بلغ
الصومعة نادى الغلام: يا حبيب! فأجابه، فقال: إنّ أبا طالب بن عبد المطّلب بالباب، فأمر أن يدخلا، فدخلا وقعد أبو طالب إلى جنب حبيب، ولم يتكلّم (حبيب)(6) حتّى سكنا جميعاً.
ثمّ قال أبو طالب: يا سيّدي! إنّ هذا ابن أخي النبيّ محمّد صلی الله علیه و آله وسلم به رمد، وقد داويناه بكلّ دواء فلم ينتفع ولم يبرأ رمده، وقد جئتك لتدعو له ربّ السماء أن يعافيه ممّا به.
ص: 119
فقال له حبيب: تعال إلى عندي، يا محمّد!
فقال له محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : تعال أنت إلى عندي.
فقال أبو طالب: واعجباً منك يا سيّدي! أنت الشاكي.
فقال له رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : بل حبيب الشاكي، فغضب حبيب، وقال:
يا محمّد! فما أشكو؟
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : أنت تشكو البرص الذي على جسدك، وقد دعوت ربّ السماء ثلاثين سنة أن يعافيك، فلم يجبك.
فقال حبيب: وكيف علمت؟ يا محمّد! وأنت صبيّ صغير.
فقال: رأيته في النوم، فقال: يا محمّد! تفضّل عليّ وادع لي (بالعافية)(1)، فكشف عن وجهه صلی الله علیه و آله وسلم ، فبرق من وجهه برق حتّى أضاءت الصومعة من النور، وشقّ سقف الصومعة، ومرّ كالعمود حتّى التزق بعنان السماء، و إذا بهاتف يهتف ويقول: يا أهل الديرانيّة! ويا أهل الرهبانيّة! ويا أصحاب الكتب! آمنوا باللّه وبرسوله محمّد صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فوثب (حبيب)(2) من صومعته وتعلّق بالنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وقال: أُشهدك يا محمّد على نفسي! أنّي مؤمن بما تأتي به من عند ربّك صغيراً وكبيراً قديماً وحديثاً، فاعتبر الخلق من ذلك ممّا عاينوه وسمعوه.
ثمّ قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا حبيب! ارفع ثيابك لتنظر الخلائق ما قلت، ويكون صدقاً لكلامي.
فنظر الخلائق بعد ما رفع أذياله إلى ذلك البرص الأبيض كالدرهم، وعليه
ص: 120
نقطة سوداء، فدعا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بدعوات مستجابات، ومسح يده عليه، فذهبت العلامة بإذن اللّه تعالى وبدعاء النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
ثمّ قال: يا عمّ! لو أحببت أن يعافيني اللّه تعالى لدعوت اللّه سبحانه وتعالى أن يعافيني ولم أجى ء إلى هاهنا، ولكن قلت(1): يا عمّ! حتّى تدري أنّي عند اللّه أجلّ من مثلك(2) ومن مثل حبيب وغيره من أهل الأرض جميعاً.
ثمّ دعا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لنفسه فبرأ من وقته من رمده، فصارت عيناه أحسن ما يكون بمشيئة اللّه تعالى.
فقال حبيب! يا أبا طالب! احتفظ على هذا الغلام(3) الذي وجدنا اسمه في التوراة لأشهر من القمر في كبد السماء، وكذلك اسمه في الإنجيل في سورة يقال لها:
المبرهنة، لأنور وأبهى من كوكب الصبح.
وأنّ لهذا الغلام شأنا عظيما(4) وسترى أمره عن قريب(5) وتفرح به يا أبا طالب! أشدّ ما يكون من الفرح.
واعلم! أنّه نبيّ مرسل.
فطوبى(6) لمن آمن به، والويل لمن كفر به وردّ عليه حرفا ممّا يأتي به من عند ربّه، فإنّ له من الأعداء عدد نجوم السماء مع أنّ له حافظا يحفظه وناصراً ينصره،
ص: 121
فطب نفساً وقرّ عيناً فإنّك تفرح به.
ثمّ قام أبو طالب من عند حبيب واستوي على الناقة، فكتم أبو طالب ذلك ولم يخبر به أحداً، وقد رجعت عينا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (1) إلى حال العافية(2).
ص: 122
68 - [قال الواقديّ:] قال عمر بن الخطّاب: سألت أبي وقلت: يا أبت!
وكيف صار مفتاح بيت اللّه الحرام إلى بني شيبة؟
قال: اعلم! أنّ إبراهيم الخليل علیه السلام لمّا فرغ من بنائه حفر وهدة(1) صغيرة في جوف(2) هذا البيت يعني الكعبة عن يمين الباب، وقال: إنّي حكمت على كلّ من يدخل جوف بيت اللّه الحرام أن يطرح في هذه الوهدة شيئاً من الدراهم والدنانير وغير ذلك من صنوف الأموال ليكون ذلك برّاً لسدنة البيت ولخدمه(3)من درهم إلى ما كان.
ولم يكن بهذا الرسم لأحد(4) من الملوك والفراعنة نصيب، وكان مفتاح بيت اللّه الحرام بين يدي بني أُميّة يرثون إمساك المفتاح عقباً بعد عقب، فلم يزالوا على عهده حتّى وصل مفتاح بيت اللّه الحرام إلى أبي العاص بن أُميّة ابن عبد شمس بن عبد مناف، وكان يفتح بيده، وكان لهم بذلك عزّ وشرف ونيل.
ثمّ إنّ أبا العاص بن أُميّة اتّخذ دعوة جليّة وضيافة خطيرة، واتّخذ الدعوة في بيت الخمّار، وكثيراً ممّا كانوا ينفقون بنو أُميّة(5) في دار الخمّار ويأكلون
ص: 123
ويشربون فيها.
فلمّا اتّخذ أبو العاص الضيافة وأكل الناس الطعام وغسلوا أيديهم وشربوا حتّى فني شرابهم، ولم تكن لهم حيلة في ابتياع الشراب ولم يكن معهم شيء من الدراهم والدنانير ولا من الرهون، فرهنوا مفتاح بيت اللّه الحرام عند الخمّار(1)،
وأخذوا الخمر وشربوا وسكر القوم وناموا، فسمع بذلك عامر بن شيبة فحمل زقّاً(2) من خمر وردّها إلى الخمّار، واسترجع المفتاح من الخمّار وذهب به إلى بيته،
وغسّله بماء الكافور، وطلاه بالغالية المتّخذة من مسك أذفر، فلفّه في خرقة الديباج، وكان المفتاح من ذهب أحمر، وهكذا كان حقّه، لأنّه مفتاح بيت اللّه الحرام(3).
69 - قال الواقديّ: فأفاق القوم من سكرتهم، فقام أبو العاص وذهب نحو الخمّار ليسترجع المفتاح وقد استرجعه عامر بن شيبة، فغضب أبو العاص وذهب بجماعة من أهل بيته إلى باب دار عامر، فضربوه واعتدوا عليه واسترجعوا منه المفتاح على الكره(4)، فانصرف أبو العاص فرحاً مسروراً.
فغضب عامر وذهب إلى مقام إبراهيم الخليل علیه السلام ورفع رأسه إلى السماء، وقال: «يا ربّ البيت العتيق! والركن الوثيق! والحجر الغريق! وزمزم الدقيق!
أنت تعلم أنّ أبا العاص رهن المفتاح في ثمن الشراب واستخفّ ببيتك، ولم يعرف حقّ بيتك، وأنا استرجعته وغسّلته وفعلت به ما فعلت.
ص: 124
اللّهمّ إنّي أسألك أن تسلب هذا العزّ من أبي العاص ومن أهل بيته».
ثمّ رجع إلى منزله(1).
70 - قال الواقديّ: فأصبح أهل مكّة يوم الثاني، وكان في الحرم واجتمع الخلق بباب بيت اللّه الحرام يزورونه(2)، فما كان إلاّ هنيئة حتّى جاء أبو العاص ومعه المفتاح، والناس (يتأخّرون)(3) عن طريقه تعظيماً له، إذ كان هو صاحب مفتاح بيت اللّه الحرام، فدنا أبو العاص إلى فتح الباب، فأدخل المفتاح في مجرى القفل، فلم يدخل فيه (المفتاح، فاحتال أبو العاص كلّ حيلة أن ينبعث المفتاح في القفل فلم يدخل فيه)(4) بأمر اللّه وقدرته، فانتفخت يد أبي العاص من مداومة نفسه(5) من الشدّة، فوقعت الصيحة في العرب: أنّ باب بيت اللّه الحرام قد انغلق حتّى ما عاد أن ينفتح، فتعجّب الخلق من ذلك وبقي الباب مغلوقاً، والناس في مصيبة عظيمة من أمره، فلمّا أتى على الناس شهر اجتمع بمكّة زُهاء ألف(6) رجل على أن يزوروا بيت اللّه الحرام، وقد نالهم الضجر لتطاول الأمر عليهم.
فلمّا أصبحوا يوم الاثنين هتف بهم هاتف، يقول: إنّ باب بيت اللّه لا ينفتح على يد من يرهن المفتاح عند الخمّار، وليس لكم حيلة دون أن تصدروا(7) كلّكم
ص: 125
إلى عامر بن شيبة وتدفعوا إليه المفتاح، فإنّ اللّه قد سلب من بني أُميّة هذا العزّ.
فصار الناس كلّهم إلى عامر بن شيبة وأخبروه ممّا كان من قول الهاتف، فسمع عامر منهم ذلك فسار إلى باب بيت اللّه الحرام ومعه المفتاح، فقال:
بسم اللّه ربّ السماء، وأدخل المفتاح(1) في مجرى القفل، فانفتح بأمر اللّه تعالى فدخل الخلق إلى بيت اللّه الحرام، وسلب اللّه تعالى من بني أُمية عزّهم وجعله إلى عامر بن شيبة، وجعله عقباً بعد عقب. ثمّ إنّه لا ينفتح إلى الساعة إلاّ على يدي عامر وأولاده، فبقي عنده المفتاح إلى يوم فتح مكّة.
فلمّا فتح رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (مكّة)(2) وكان في أيّام الحجّ فجعل غزوه سبباً لحجّه(3)، فلمّا دخلها ذهب إلى بيت اللّه الحرام، و إذا الباب مغلق.
وكان عامر قد توارى مع المفتاح، فبعث النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في طلبه فوقع به عليّ ابن أبي طالب علیه السلام ، وقال: يا عامر! أين المفتاح؟
فقال: هو ليس معي، ففتشّه فلم يكن معه، فذهب إلى امرأته، وقال لها:
ويلك، أين المفتاح؟ فإنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم واقف.
قالت: يا ابن أبي طالب! ما لي به علم، فعلاها بسيفه وأراد ضربها، فرفعت الامرأة يدها لتتّقي السيف(4) فسقط من تحت ذيلها المفتاح، فوثب عامر بن شيبة وأخذه، وقال: يا عليّ! أنا أسير به معك.
فذهب عامر بن شيبة بالمفتاح إلى النبيّ، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : (إنّي قادر على
ص: 126
فتحه دون المفتاح غير أنّي أحببت أن أفتحه به، فأخذ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم المفتاح وفتحه، وقد كان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم )(1) يريد أن ينزع هذا الشرف من عامر(2).
فاغتمّ لذلك عامر، فأنزل اللّه تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الْأَمَنَتِ إِلَى أَهْلِهَا»(3)، فردّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم المفتاح إلى عامر بن شيبة وبقي ذلك(4) في يده
وبيد عقبه إلى الآن(5).
71 - قال الواقديّ: ثمّ إنّ المفتاح قرّ عند عامر إلى أيّام بني هاشم، فلمّا كان في أيّامهم زار الخلق بيت اللّه الحرام، وطرحوا في تلك الوهدة من العجائب من ذهب وفضّة ودرّ(6) ومرجان وزبرجد، فلمّا أمر خزنة البيت وهمّوا بغلقه فعمد رجل منهم إلى البيت فقبض على ما اجتمع في الوهدة وسرق منه ولم يعلم به أحدوغلقوا الباب، وفرّ السارق بالمال فغبّاه عن أصحابه(7)، قال: فلمّا كان صبيحة اليوم الثاني اجتمعت خزنة البيت واعترفوا على أخذ باقي المال ليتقاسموه بينهم، ففتحوا الباب، فإذا بحيّة قد جمعت نفسها في الوهدة، وهي حمراء كأنّها قطعة دم ولها رأسان وهي تنفخ(8) وتصفر، فنظر الخزنة فلم يجسر أحد أن يتقدّم إلى
ص: 127
الوهدة لصوتها(1) وهيبتها، وكانت منطوية في الوهدة(2)، ولها رأسان، رأس عند ذنبها ورأس عند عنقها، فبقي الخلق متعجّبين منها، وممّا عاينوا منها.
فقالوا: يا قوم! من كان منكم أذنب فليتب إلى ربّه وليقرّ بذنبه، فما ظهرت هذه الحيّة في بيت اللّه الحرام إلاّ لأحد قد أحدث خطيئة(3).
72 - قال الواقديّ: فجاءهم الرجل السارق فأقرّ بما فعل، فقالوا كلّهم:
ويلك! أما علمت أنّ بيت اللّه الحرام لا يحتمل الغشّ والخيانة؟!
فأمروه بردّ ما سرق، فرّد جميع ذلك، فأخذوه وألقوه في الوهدة، ثمّ(4) قالت الحيّة: أيّها العرب وجيران بيت اللّه الحرام! إيّاكم والغشّ والخيانة! فإنّ اللّه تعالى لا يرضى بذلك.
وتأخّرت الحيّة إلى عند الميزاب، وغابت في الأرض إلى الساعة. قال محمّد ابن إسحاق: بل جاءت حمامة طائرة ودخلت بيت اللّه الحرام، وهي عظيمة الحلق، وأخذت الحيّة بمنقارها، وخرجت نحو سُكّ الحنّاطين(5) فغابت، وما ظهرت بعد ذلك إلى أيّام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وهو بعد ثلاثين سنة.
وهذا ما وجدناه من الخبر بالتمام والكمال(6).
ص: 128
خبر مولد أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1)
73 - أخبرنا الشيخ الإمام العالم الورع الناقل ضياء الدين شيخ الإسلام أبو العلاء الحسن بن أحمد بن يحيى العطّار الهمدانيّ قدّس اللّه روحه ونوّر ضريحه، في همدان في مسجده، في الثاني والعشرين من شعبان، سنة ثلاث وثلاثين وستّمائة(2)، قال: حدّثنا الإمام ركن الدين أحمد بن محمّد بن إسماعيل الفارسيّ، قال: حدّثنا عمر بن روق الخطابيّ، قال: حدّثنا الحجّاج بن منهال، عن الحسن بن عمران، عن شاذان بن العلاء، قال: حدّثنا عبد العزيز، عن عبد الصمد، عن سالم، عن خالد، عن أبي السريّ(3)، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، قال:
سألت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم عن ميلاد عليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟
ص: 129
فقال: آه، آه! سألت عجباً، يا جابر! عن خير مولود ولد (بعدي على سنّة المسيح)(1)، إنّ اللّه تعالى خلق نوراً من نوري وخلقني نوراً من نوره، وكلانا من نور واحد، وخلقنا من قبل أن يخلق سماءً مبنيّة، وأرضاً مدحيّة، ولا (كان)(2)
طول ولا عرض، ولا ظلمة ولا ضياء، ولا بحر ولا هواء بخمسين ألف عام.
ثمّ إنّ اللّه عزّ وجلّ سبّح نفسه فسبّحناه، وقدّس ذاته فقدّسناه، ومجّد عظمته فمجّدناه، فشكر اللّه تعالى ذلك لنا فخلق من تسبيحي السماء فسمكها(3)
والأرض فبطحها(4)، والبحار فعمّقها.
وخلق من تسبيح عليّ علیه السلام الملائكة المقرّبين إلى أن تقوم السماء السابعة
(فجميع ما سبّحت الملائكة)(5) فهو لعليّ علیه السلام وشيعته.
يا جابر! إنّ اللّه تعالى عزّ وجلّ نقلنا فقذف بنا في صلب آدم علیه السلام ، فأمّا أنا فاستقررت(6) في جانبه الأيمن، وأمّا عليّ فاستقرّ في جانبه الأيسر.
ثمّ إنّ اللّه عزّ وجلّ نقلنا من صلب آدم علیه السلام في الأصلاب الطاهرة، فما نقلني من صلب إلاّ نقل عليّا معي، فلم نزل كذلك حتّى أطلعنا اللّه تعالى من ظهر طاهر وهو ظهر عبد المطّلب، ثمّ نقلني من ظهر طاهر وهو (ظهر)(7) عبد اللّه، واستودعني خير رحم، وهي آمنة.
ص: 130
فلمّا ظهرت ارتجّت الملائكة وضجّت، وقالت: إلهنا وسيّدنا! ما بال وليّك عليّ علیه السلام لا نراه مع النور الأزهر(1)؟ يعنون بذلك محمّداً صلی الله علیه و آله وسلم .
فقال اللّه عزّ وجلّ: إنّي أعلم بوليّي وأشفق عليه منكم، فأطلع اللّه عزّ وجلّ عليّا من ظهر طاهر من بني هاشم.
فمن قبل أن يصير(2) في الرحم، كان رجل في ذلك الزمان، وكان زاهداً عابداً يقال له: المبرم بن زغيب الشقبان(3)، وكان من أحد العبّاد قد عبد اللّه تعالى مأتين وسبعين سنة لم يسأل حاجة (إلاّ أجابه)(4).
إنّ اللّه عزّ وجلّ أسكن في قلبه الحكمة، وألهمه بحسن طاعته لربّه، فسأل اللّه تعالى أن يريه وليّاً له، فبعث اللّه تعالى أبا طالب، فلمّا بصر به المبرم قام إليه وقبّل رأسه وأجلسه بين يديه، ثمّ قال له: من أنت يرحمك اللّه تعالى؟
فقال له: رجل من تهامة.
فقال: أيّ تهامة؟
فقال: من عبد مناف، ثمّ قال: من هاشم.
فوثب العابد وقبّل رأسه ثانية، وقال: الحمد للّه الذي لم يمتني حتّى أراني وليّه، ثم قال: أبشر يا هذا! فإنّ العليّ الأعلى ألهمني إلهاماً فيه بشارتك.
فقال أبو طالب: وما هو؟
ص: 131
قال: ولد يولد من ظهرك هو وليّ اللّه عزّ وجلّ، إمام المتّقين ووصيّ رسولربّ العالمين، فإن أنت أدركت ذلك الولد، فأقرئه منّي السلام، وقل له: إنّ المبرم يقرأ عليك السلام ويقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، به تتمّ النبوّة، وبعليّ تتمّ الوصيّة.
قال: فبكى أبو طالب، وقال: ما اسم هذا المولود؟
قال: اسمه عليّ، قال أبو طالب: إنّي لا أعلم حقيقة ما تقول إلاّ ببرهان ودلالة واضحة.
قال المبرم: ما تريد؟
قال: أريد أن أعلم ما تقوله حقّ من ربّ العالمين، ألهمك ذلك؟!
قال: فما تريد أن أسأل لك اللّه تعالى أن يطعمك في مكانك (هذا)(1)؟
قال أبو طالب: أريد طعاماً من الجنّة في وقتي هذا.
قال: فدعا الراهب ربّه.
قال جابر: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : فما استتمّ المبرم الدعاء حتّى أوتي بطبق عليه فاكهة من الجنّة، وعذق رطب وعنب ورمّان، فجاء به المبرم إلى أبي طالب فتناول منه رمّانة.
فنهض(2) من ساعته إلى فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها، فلمّا أنّه استودعها النور ارتجّت الأرض، وتزلزلت بهم سبعة أيّام حتّى أصاب قريشاً من ذلك شدّة، ففزعوا فقالوا: مروا بآلهتكم إلى ذروة جبل أبي قبيس (حتّى نسألهم يسكّنون لنا ما نزل بنا وحلّ بساحتنا.
ص: 132
قال: فلمّا اجتمعوا على جبل أبي قبيس)(1)، وهو يرتجّ ارتجاجاً، ويضطرب اضطراباً، فتساقطت الآلهة على وجهها، فلمّا نظروا إلى ذلك قالوا: لاطاقة لنا.
ثمّ صعد أبو طالب الجبل، وقال لهم: أيّها الناس! اعلموا أنّ اللّه تعالى عزّ وجلّ، قد أحدث في هذا الليلة حادثاً، وخلق فيها خلقاً، فإن لم تطيعوه وتقرّوا له بالطاعة وتشهدوا له بالإمامة المستحقّة، و إلاّ لم يكن(2) ما بكم حتّى لا يكون بتهامة سكن.
قالوا: يا أبا طالب! إنّا نقول بمقالتك، فبكى ورفع يديه وقال: «إلهي وسيّدي!
أسألك بالمحمّدية المحمودة، والعليّة العلويّة(3)، والفاطميّة البيضاء إلاّ تفضّلت عليّ بتهامة بالرأفة والرحمة».
قال جابر: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : فواللّه الذي خلق الحبّة، وبرأ النسمة! قد كانت العرب تكتب هذه الكلمات، فيدعون بها عند شدائدهم في الجاهليّة، وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها حتّى ولد عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فلمّا كان في الليلة التي ولد فيها علیه السلام أشرقت الأرض، وتضاعفت النجوم فأبصرت من ذلك عجباً، فصاح بعضهم في بعض، وقالوا: إنّه قد حدث في السماء حادث ألا ترون(4) من أشراق السماء وضياءها وتضاعف النجوم بها؟!
قال: فخرج أبو طالب، وهو يتخلّل سكك مكّة ومواقعها وأسواقها، وهو يقول لهم: أيّها الناس! ولد الليلة في الكعبة حجّة اللّه تعالى، ووليّ اللّه.
ص: 133
فبقي الناس يسألونه عن علّة ما يرون من إشراق السماء؟
فقال لهم: أبشروا فقد ولد في هذه الليلة وليّ من أولياء اللّه عزّ وجلّ يختم به جميع الخير ويذهب به جميع الشرّ(1)، يتجنّب الشرك والشبهات، ولم يزل يلزم(2) هذه الألفاظ حتّى أصبح، فدخل الكعبة، وهو يقول هذه الأبيات شعراً:
يا ربّ ربّ الغسق الدجيّ(3) *** والقمر المنبلج المضيّ(4)
بيّن لنا من حكمك المقضيّ *** ما ذا ترى لي(5) في اسم ذا الصبيّ
قال: فسمع هاتفا يقول:
خصّصتما بالولد الزكيّ *** والطاهر المطهّر المرضيّ
إنّ اسمه من شامخ عليّ *** عليّ اشتقّ من العليّ
فلمّا سمع هذا خرج من الكعبة، وغاب عن قومه أربعين صباحاً.
قال جابر: فقلت: يا رسول اللّه! عليك السلام، أين غاب؟
قال: مضى إلى المبرم ليبشّره بمولد عليّ بن أبي طالب علیه السلام في جبل لكام(6)
ص: 134
فإن وجده(1) حيّا بشّره، و إن وجده ميّتاً أنذره.
فقال جابر: يا رسول اللّه! فكيف يعرف قبره وكيف ينذره؟
فقال: يا جابر! اكتم ما تسمع، فإنّه من سرائر اللّه تعالى المكنونة، وعلومه المخزونة، إنّ المبرم كان قد وصف لأبي طالب كهفاً في جبل لكام، وقال له: إنّك تجدني هناك حيّاً أو ميّتاً.
فلمّا أن مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخله فإذا هو بالمبرم ميّتاً جسده ملفوف في مدرعتين مسجّى بهما، و إذا بحيّتين إحداهما أشدّ بياضاً من القمر والأخرى أشدّ سواداً من الليل المظلم، وهما يدفعان عنه الأذى، فلمّا أبصرتا أبا طالب غابتا في الكهف، فدخل أبو طالب، وقال: السلام عليك يا وليّ اللّه!
ورحمة اللّه وبركاته، فأحيى اللّه تعالى بقدرته المبرم، فقام قائماً وهو يمسح وجهه وهو يشهد(2): «أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وأنّ عليّا وليّ اللّه»، وهو الإمام من بعده، ثمّ قال له المبرم: بشّرني يا أبا طالب! فقد كان قلبي متعلّقاً حتّى منّ اللّه تعالى (عليّ بك و)(3) بقدومك.
فقال له أبو طالب: أبشر! فإنّ عليّا قد طلع إلى الأرض.
قال: فما كان علامة الليلة التي ولد فيها؟ حدّثني بأتمّ ما رأيت في تلك الليلة.
ص: 135
قال أبو طالب: نعم، (أخبرك بما)(1) شاهدته: لمّا مرّ من الليل الثلث أخذ فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها ما يأخذ النساء عند ولادتها، فقرأت عليها الأسماء التي فيها النجاة، فسكن بإذن اللّه تعالى، فقلت لها: أنا آتيك بنسوة من أحبّائك ليعينوك على أمرك؟
قالت: الرأي لك، فاجتمعت النسوة عندها، فإذا أنا بهاتف يهتف من وراء البيت: أمسك عنهنّ يا أبا طالب! فإنّ وليّ اللّه لا تمسّه إلاّ يد مطهّرة، فلم يتمّ الهاتف (كلامه)(2) فإذا قد أتى محمّد بن عبد اللّه ابن أخي فطرد تلك النسوة وأخرجهنّ من البيت، و إذا أنا بأربع نسوة فدخلن عليها وعليهنّ ثياب حرير بيض، و إذا روائحهنّ أطيب من المسك الأذفر، فقلن لها: السلام عليك يا وليّة اللّه! فأجابتهنّ بذلك.
فجلسن بين يديها، ومعهنّ جونة من فضّة، فما كان إلاّ قليلاً حتّى ولد أمير المؤمنين علیه السلام .
فلمّا أن ولد أتيتهنّ فإذا أنا به قد طلع علیه السلام فسجد على الأرض، وهو يقول:
«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه (وحده لا شريك له)(3)، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه، تختم به النبوّة، وتختم بي الوصيّة».
فأخذته إحداهنّ من الأرض ووضعته في حجرها، فلمّا حملته نظر إلى وجهها ونادى بلسان طلق ويقول: السلام عليك يا أُمّاه! فقالت: وعليك السلام يا بنيّ!،
فقال: كيف والدي؟
ص: 136
قالت: في نعم اللّه عزّ وجلّ.
فلمّا أن سمعت ذلك لم أتمالك أن قلت: يا بنيّ! أ ولست أباك؟!
فقال: بلى، ولكن أنا وأنت من صلب آدم(1)، فهذه أُمّي حوّاء، فلمّا سمعت ذلك غضضت وجهي ورأسي وغطّيته بردائي، وألقيت نفسي حياء منها عليهاالسلام.
ثمّ دنت أخرى ومعها جونة(2) مملوءة من المسك، فأخذت عليّا علیه السلام ، فلمّا نظر إلى وجهها قال: السلام عليك يا أختي! فقالت: وعليك السلام يا أخي!
فقال: ما حال(3) عمّي؟
قالت: بخير فهو يقرأ عليك السلام، فقلت: يا بنيّ! من هذي، ومن عمّك؟
فقال: هذه مريم ابنة عمران، وعمّي عيسى علیه السلام ، فضمّخته(4) بطيب كان معها من الجنّة، ثمّ أخذته أخرى، فأدرجته في ثوب كان معها.
قال أبو طالب: لو طهّرناه كان أخفّ عليه، وذلك أنّ العرب تطهّر مواليدها في يوم ولادتها(5)، فقلن: إنّه ولد طاهرٌ مطهّرٌ، لأنّه لا يذيقه اللّه حرّ الحديد إلاّ على يدي رجل يبغضه اللّه تعالى وملائكته والسماوات والأرض والجبال، وهو أشقى الأشقياء، فقلت لهنّ: من هو؟
قلن: هو عبد الرحمن بن ملجم(6)، لعنه اللّه تعالى، وهو قاتله بالكوفة سنة
ص: 137
ثلاثين من وفاة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم .
قال أبو طالب: فأنا كنت أستمع(1) قولهنّ، ثمّ أخذه محمّد بن عبد اللّه ابن أخي من يدهنّ ووضع يده في يده وتكلّم معه وسأله عن كلّ شيء، فخاطب محمّد صلی الله علیه و آله وسلم عليّا، وخاطب عليّ محمّداً(2) بأسرار كانت بينهما، ثمّ غابت النسوة، فلم أرهنّ، فقلت في نفسي: ليتني كنت أعرف الامرأتين الأخيرتين(3) وكان عليّ علیه السلام أعلم بذلك، فسألته عنهنّ؟
فقال لي: يا أبت! أمّا الأولى، فكانت أُمّي حوّاء.
وأمّا الثانية التي ضمّختني بالطيب، فكانت مريم ابنة عمران.
وأمّا التي أدرجتني في الثوب، فهي آسية.
وأمّا صاحبة الجونة، فكانت أُمّ موسى علیه السلام .
ثمّ قال عليّ علیه السلام : إلحق بالمبرم يا أبا طالب! وبشّره وأخبره بما رأيت، فإنّك تجده في كهف كذا، في موضع كذا وكذا.
فلمّا فرغ من المناظرة مع محمّد ابن أخي ومن مناظرتي عاد إلى طفوليّته الأولى (فأنبئتك)(4) وأخبرتك ثمّ شرحت لك القصّة بأسرها بما عاينت يا مبرم!
قال أبو طالب: فلمّا سمع المبرم ذلك منّي بكى بكاءً شديداً في ذلك، وفكّر ساعة ثمّ سكن وتمطّى، ثمّ غطّى رأسه، وقال: بل غطّني بفضل مدرعتي، فغطّيته بفضل مدرعته، فتمدّد فإذا هو ميّت كما كان، فأقمت عنده ثلاثة أيّام أكلّمه، فلم يجبني فاستوحشت لذلك فخرجت الحيّتان، وقالتا: إلحق بوليّ اللّه، فإنّك أحقّ
ص: 138
بصيانته وكفالته من غيرك(1)فقلت لهما: من أنتما؟
قالتا: نحن عمله الصالح، خلقنا اللّه عزّ وجلّ على الصورة التيترى، ونذبّ عنه الأذى ليلاً ونهاراً إلى يوم القيامة، فإذا قامت الساعة كانت أحدنا قائدته والأخرى سائقته، ودليله إلى الجنّة، ثمّ انصرف أبو طالب إلى مكّة.
قال جابر بن عبد اللّه: قال لي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : شرحت لك ما سألتني، ووجب عليك له الحفظ، فإنّ لعليّ عند اللّه من المنزلة الجليلة، والعطايا الجزيلة مالم يعط أحد(2) من الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين، وحبّه واجب على كلّ مسلم، فإنّه قسيم الجنّة والنار، ولا يجوز أحد على الصراط إلاّ ببراءة من أعداء عليّ علیه السلام . تمّ الخبر والحمداللّه ربّ العالمين(3).
ص: 139
ص: 140
خبر عرفطة الجنّي(1)
74 - من دلائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام مارواه زاذان(2)، عن سلمان، قال:
كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يوماً جالساً بالبطحاء(3) وعنده جماعة من أصحابه، وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظر إلى زوبعة(4) وقد ارتفعت وأثارت الغبار.
فما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقفت بحيال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (5) وفيها
شخص، فقال: يا رسول اللّه! السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، اعلم! أنّي وافد قومي وقد استجرنا بك فأجرنا، وابعث معي من قبلك من يشرف على قوم منّا، فإنّ بعضهم قد بغى على بعض.
فابعث عليّا ليحكم بيننا وبينهم بحكم اللّه تعالى وكتابه، (وخذ)(6) عليّ
ص: 141
العهود، والمواثيق المؤكّدة لأردّه إليك (سالماً في)(1) غداة غد إلاّ أن يحدث عليّ حادث من عند اللّه.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : من أنت؟ ومن قومك؟
قال: أنا عرفطة بن شرماخ(2) أحد بني كاخ، أنا وجماعة من أهلي كنّا نسترق السمع، فلمّا منعنا من ذلك وبعثك اللّه نبيّاً آمنّا بك وصدّقناك، وقد خالفنا بعض القوم، وأقاموا على ما كانوا عليه، فوقع بيننا وبينهم الخلاف، وهم أكثر منّا عددا، وأشدّ قوّة(3).
وقد غلبوا على الماء والمرعى، وأضرّوا بنا وبدوابّنا، فابعث إليهم معي من يحكم بيننا بالحقّ.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : اكشف لنا عن وجهك حتّى نراك على هيئتك التي أنت عليها، فكشف لنا عن صورته، فنظرنا إلى شيخ عليه شعر كثير، ورأسه طويل، وهو طويل العينين، وعيناه في طول رأسه صغير الحدقتين، في فيه أسنان(4)
كأسنان السباع.
ثمّ إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أخذ عليه العهد والميثاق على أن يردّ عليه من يتبعه(5)
في غداة غد.
ص: 142
قال: فلمّا فرغ من كلامه التفت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى أبي بكر وعمر وعثمان، وقال:
من يمضي منكم مع عرفطة(1)، ولينظر ماهم عليه، وليحكم بالحقّ بينهم؟
قالوا: وأين هم؟
فقال: هم تحت الأرض، فقالوا: كيف نطيق النزول إلى الأرض؟ وكيف نحكم بينهم، ولا نحسن كلامهم؟!
فلم يردّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم جواباً، ثمّ التفت إلى عليّ علیه السلام (2) فدعا به، وقال له: يا
عليّ ! امض مع أخينا عرفطة وأشرف على قومه، وانظر ماهم عليه، واحكم بينهم بالحقّ، فقام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وقال: السمع والطاعة، ثمّ تقلّد سيفه.
قال سلمان: فتبعته(3) إلى أن صار إلى الوادي، فلمّا توسّطه نظر أمير المؤمنين علیه السلام وقال لي: شكر اللّه سعيك يا أبا عبد اللّه! فارجع.
فرجعت ووقفت أنظر إليه ممّا يقع منه، فانشقّت الأرض فدخل فيها وعادت إلى ما كانت، فدخلني من الحسرة مااللّه أعلم به، كلّ ذلك أسفاً(4) على
ص: 143
أمير المؤمنين.
فأصبح النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وصلّى بالناس صلاة الغداة، ثمّ جلس على الصفا وحفّ به أصحابه، فتأخّر أمير المؤمنين علیه السلام عن وقت ميعاده حتّى ارتفع النهار، وأكثر الناس الكلام فيه إلى أن زالت الشمس، وقالوا: إنّ الجنّ احتالوا على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فقد أراحنا اللّه تعالى من أبي تراب، وذهب افتخاره بابن عمّه، وظهرت شماتة المنافقين، وأكثروا الكلام إلى أن صلّى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (صلاة)(1)
الظهر والعصر، وعاد إلى مكانه، وأظهر الناس الكلام وآيسوا من أمير المؤمنين علیه السلام ، هذا، وكادت الشمس(2) تغرب، فأيقن القوم أنّه هلك، وظهر نفاقهم، فلم ينظروا إلاّ والصفاء قد انشقّ وظهر أمير المؤمنين علیه السلام (3)، وسيفهيقطر دماً، ومعه عرفطة، فقام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقبّل بين عينيه (وجبينه)(4)، وقال له: ما الذي حبسك عنّي إلى هذا الوقت؟
فقال عليّ علیه السلام سرت إلى خلق كثير قد بغوا على عرفطة وعلى قومه، فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا ذلك منّي، فدعوتهم إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، والإقرار بك، فأبوا ذلك منّي، فدعوتهم إلى أداء الجزية، فأبوا، فسألتهم أن يصلحوا مع عرفطة(5) وقومه ليكون المراعي والمياه يوماً لعرفطة ويوماً لهم(6)
ص: 144
فأبوا ذلك، فوضعت سيفي فيهم، فقتلت منهم زُهاء ثمانين(1) ألف فارس، فلمّا نظروا إلى ما حلّ بهم منّي، صاحوا: الأمان، الأمان.
فقلت: لا أمان لكم إلاّ بالإيمان، فآمنوا باللّه وبك، ثمّ إنّي أصلحت بينهم وبين عرفطة وقومه، فصاروا إخواناً وزال من بينهم الخلاف(2)، ومازلت معهم إلى هذه الساعة.
فقال عرفطة: جزاك اللّه خيراً يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم عن الإسلام! وجزى اللّه ابن عمّك عليّا منّا خيراً! ثمّ انصرف عرفطة إلى حيث شاء(3).
ص: 145
ص: 146
75 - خبر آخر: روي عن الصادق علیه السلام : أنّ أمير المؤمنين علیه السلام بلغه عن عمر ابن الخطّاب أمر، فأرسل إليه سلمان رضى الله عنه وقال: قل له: قد بلغني عنك كيت وكيت، وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن لا تذكر فيّ إلاّ الحقّ فقد أغضيت على القذى(1)، وصبرت حتّى يبلغ الكتاب أجله.
فنهض سلمان رضى الله عنه وبلّغه ذلك وعاتبه، وذكر مناقب أمير المؤمنين علیه السلام ، وذكر فضائله وبراهينه.
فقال عمر: عندي الكثير من فضائل عليّ علیه السلام ، ولست بمنكر فضله إلاّ أنّه يتنفّس الصعداء، ويظهر البغضاء.
فقال له سلمان رضى الله عنه: حدّثني بشيء ممّا رأيته منه؟
فقال عمر: يا أبا عبد اللّه! نعم، خلوت به ذات يوم في شيء من أمر الجيش(2) فقطع حديثي وقام من عندي، وقال: مكانك حتّى أعود إليك فقد
عرضت لي حاجة، فما كان أسرع (من)(3) أن رجع عليّ ثانية، وعلى ثيابه
ص: 147
وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟
فقال: أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يريدون مدينة بالمشرق ويريدون مدينة صحون(1)، فخرجت لأسلّم عليه، وهذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي.
فقال عمر: فضحكت متعجّباً حتّى استلقيت على قفاي، وقلت له:
النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قد مات وبلي، وتزعم أنّك لقيته الساعة وسلّمت عليه، فهذا من العجائب، وممّا لا يكون؟!
فغضب عليّ علیه السلام ونظر إليّ، وقال: تكذّبني يا ابن الخطّاب؟!
فقلت: لا تغضب وعد إلى ما كنّا فيه، فإنّ هذا ممّا لا يكون أبداً.
قال: فإن أنت رأيته حتّى لا تنكر منه شيئاً استغفرت اللّه ممّا قلت، وأضمرت وأحدثت (توبة ممّا أنت عليه وتركت حقّا لي؟.
فقلت: نعم، فقال: قم! فقمت معه)(2) فخرجنا إلى طرف المدينة، وقال لي:
غمّض عينيك! فغمّضتها، ثمّ قال لي: افتحهما! ففعلت ذلك، فإذا(3) أنا برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ومعه نفر من الملائكة (لم أنكر منه شيئاً، فبقيت واللّه! متحيّراً
ص: 148
أنظر إليه)(1) فلمّا أطلت النظر، قال لي: هل رأيته؟
فقلت: نعم، قال: غمّض عينيك، فغمّضتهما.
ثمّ قال: افتحهما، ففتحتهما فإذا لا عين ولا أثر.
فقلت له: هل رأيت من عليّ علیه السلام غير ذلك؟قال: نعم، لا أكتم عنك خصوصاً أنّه استقبلني يوماً وأخذ بيدي ومضى بي إلى الجبّانة(2).
وكنّا نتحدّث في الطريق وكان بيده قوس، فلمّا صرنا في الجبّانة، رمي بقوسه من يده، فصار ثعباناً عظيماً مثل ثعبان موسى علیه السلام وفتح فاه وأقبل (نحوي)(3)
ليبتلعني.
فلمّا رأيت ذلك طار قلبي من الخوف وتنحّيت وضحكت في وجه عليّ علیه السلام وقلت: الأمان يا عليّ بن أبي طالب! واذكر ما كان بيني وبينك من الجميل.
فلمّا سمع هذا القول استفرغ ضاحكاً، وقال: لطفت في الكلام، فنحن أهل بيت نشكر القليل، فضرب بيده إلى الثعبان وأخذه بيده، و إذا هو قوسه الذي كان بيده.
ثمّ قال عمر: يا سلمان! إنّي كتمت ذلك عن كلّ أحد، وأخبرتك به يا أبا عبد اللّه! فإنّهم أهل بيت يتوارثون هذه الأعجوبة كابر عن كابر، ولقد كان إبراهيم يأتي بمثل ذلك، وكان أبو طالب وعبد اللّه يأتيان بمثل ذلك في الجاهليّة،
ص: 149
وأنا لا أنكر فضل عليّ علیه السلام وسابقته ونجدته وكثرة علمه، فارجع إليه واعتذر عنّي إليه، واثن عنّي عليه بالجميل(1).
ص: 150
76 - خبر آخر: روي أنّ امرأة تركت طفلاً ابن ستّة أشهر على سطح فمشى الطفل يحبو حتّى خرج من السطح وجلس على رأس الميزاب، فجاءت أُمّه على السطح فما قدرت عليه.
فجاؤوا بسلّم ووضعوه على الجدار، فما قدروا على الطفل من أجل طول الميزاب وبعده عن السطح، والأُمّ تصيح، وأهل الصبيّ (كلّهم)(1) يبكون.
وكان في أيّام عمر بن الخطّاب، فجاؤوا إليه، فحضر مع القوم فتحيّروا فيه، وقالوا: ما لهذا إلاّ عليّ بن أبي طالب، فحضر عليّ علیه السلام ، فصاحت أُمّ الصبيّ في وجهه، فنظر أمير المؤمنين إلى الصبيّ، فتكلّم الصبيّ بكلام لا يعرفه أحد، فقال علیه السلام : أحضروا هاهنا طفلاً مثله، فأحضروه، فنظر بعضهم إلى بعض(2)
وتكلّم الطفلان بكلام الأطفال.
فخرج الطفل من الميزاب إلى السطح، فوقع فرح في المدينة لم ير مثله.
ثمّ سألوا أمير المؤمنين علیه السلام عن كلامهما؟
فقال: أمّا خطاب الطفل الأوّل فإنّه سلّم عليّ بإمرة المؤمنين، فرددت عليه، وما أردت خطابه لأنّه لم يبلغ حدّ الخطاب والتكليف.
فأمرت بإحضار طفل مثله حتّى يقول له بلسان الأطفال: يا أخي! ارجع إلى
ص: 151
السطح ولا تحرق قلب أُمّك (وأبيك)(1) وعشيرتك بموتك.
فقال: دعني يا أخي قبل أن أبلغ! فيستولي عليّ الشيطان.
فقال: ارجع إلى السطح، فعسى أن تبلغ ويجيء من صلبك ولد يحبّ اللّه ورسوله، ويوالي هذا الرجل.
فرجع إلى السطح بكرامة اللّه تعالى على يد أمير المؤمنين علیه السلام (2).
ص: 152
77 - خبر آخر: روي أنّ امرأتين جاءتا إلى عمر بن الخطّاب، ومعهما صبيّ صغير، فادّعت كلّ واحدة منهما: أنّ الولد ولدها.
ولم يكن لواحدة منهما(1) بيّنة، فتحيّر في ذلك عمر بن الخطّاب، وقال: ما لهذا
إلاّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فأحضر علیه السلام ، فقصّوا عليه القصّة، فأشار إلى قنبر، فقال: سلّ سيفك، واقسم الصبيّ نصفين متساويين، وأعط كلّ واحدة منهما نصفه.
فبكت الأُمّ، وقالت: لا تقتله، فإنّي رضيت بأن يكون لها جميعاً، وسكتت الأخرى.
فأمر علیه السلام بردّ الصبيّ إلى أُمّه(2).
ص: 153
78 - خبر آخر: روي عن عمّار بن ياسر رضى الله عنه قال: كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين علیه السلام (و إذا بصوت عظيم)(1) قد أخذ بجامع الكوفة، فقال عليّ علیه السلام :
اخرج يا عمّار! وأتني بذي الفقار البتّار للأعمار.
فجئت به إليه، فقال: يا عمّار! اخرج وامنع الرجل عن ظُلامة(2) المرأة، فإن انتهى، و إلاّ منعته بذي الفقار.قال عمّار: فخرجت فإذا أنا برجل وامرأة، وقد تعلّق الرجل بزمام جملها، والمرأة تقول: إنّ الجمل جملي، والرجل يقول: إنّ الجمل جملي.
فقلت له: إنّ أمير المؤمنين ينهاك عن ظُلامة المرأة.
فقال: يشتغل عليّ بشغله، ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة، يريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة.
فقال عمّار رضى الله عنه: فرجعت لأخبر مولاي و إذا به قد خرج و(لاح)(3) الغضب في وجهه، فقال له: يا ويلك! خلّ جمل هذه المرأة.
فقال: هو لي، فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : كذبت يا لعين!.
قال: فمن يشهد للإمرأة يا عليّ؟!
ص: 154
فقال: الشاهد الذي لا يكذبه أحد من أهل الكوفة.
فقال الرجل: إذا شهد شاهد(1)، وكان صادقاً سلّمته إلى المرأة.
فقال عليّ علیه السلام : تكلّم أيّها الجمل! لمن أنت؟
فقال الجمل بلسان فصيح: (يا أمير المؤمنين!)(2) عليك السلام(3)، أنا لهذه
المرأة منذ تسع عشرة سنة(4).
فقال علیه السلام : خذي جملك، وعارض الرجل بضربة، قسّمه نصفين(5).
ص: 155
ص: 156
79 - خبر آخر(1): قال بعض الثقاة: اجتمع أصحاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم
فيعام فتح مكّة، فقالوا: يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (2): إنّ من شأن الأنبياء علیهم السلام إذا استقام أمرهم أن يدلّوا على وصيّ من بعدهم، فيقوم بأمرهم.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ اللّه تعالى قد وعدني أن يبيّن لي هذه الليلة وصيّاً من بعدي، والخليفة الذي يقوم بأمري بآية تنزل من السماء.
فلمّا فرغ الناس من صلاة العشاء الآخرة من تلك الليلة ودخلوا البيوت(3)، وكانت ليلة ظلماء لا قمر فيها(4)، فإذا نجم قد نزل من السماء بدويّ عظيم وشعاع
هائل حتّى وقف على ذروة حجرة عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وصارت الحجرة كالنهار أضاءت الدور بشعاعه.
ففزع الناس وجاؤوا يهرعون إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ويقولون: إنّ الآية التي وعدتنا بها قد نزلت وهو نجم، وقد نزل على ذروة دار عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : فهو الخليفة من بعدي، (والقائم من بعدي)(5)، والوصيّ من بعدى، والوليّ بأمر اللّه تعالى، فأطيعوه ولا تخالفوه.
ص: 157
فخرجوا من عنده، فقال الأوّل للثاني: ما يقول في ابن عمّه إلاّ بالهوى، وقد ركبته الغواية فيه حتّى لو أراد(1) أن يجعله نبيّاً من بعده لفعل.
فأنزل اللّه تعالى: «وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى * وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى * عَلَّمَهُو شَدِيدُ الْقُوَى »(2)
السورة.
وقال في ذلك العيوني شعراً:
من صاحب الدار التي انقضّ بها *** نجم من الأفق أنكرتم لها(3)(4)
ص: 158
ص: 159
80 - خبر آخر: روي عن الإمام الصادق علیه السلام (1): أنّه كان جالساً في الحرم في مقام إبراهيم علیه السلام فجاء رجل(2) شيخ كبير قد فنى عمره في المعصية، فنظر (إلى) الصادق علیه السلام فقال: نعم الشفيع إلى اللّه للمذنبين.
فأخذ بأستار الكعبة، وأنشأ يقول:
بحقّ جلاء وجهك يا وليّي(3) *** بحقّ الهاشميّ الأبطحيّ
بحقّ الذكر إذ يوحى إليه *** بحقّ وصيّه البطل الكميّ
بحقّ الطاهرين ابني عليّ *** وأُمّهما ابنة البرّ الزكيّ(4)
بحقّ ائمّة سلفوا جميعاً *** على منهاج جدّهم النبيّ بحقّ القائم المهديّ(5) إلاّ *** غفرت خطيئة العبد المسيء قال: فسمع هاتفاً يقول: يا شيخ! كان ذنبك عظيماً، ولكن غفرنا لك جميع ذنوبك لحرمة شفعائك، فلو سألتنا ذنوب أهل الأرض لغفرنا لهم غير عاقر الناقة وقتلة الأنبياء والأئمّة الطاهرين(6).
ص: 160
81 - خبر آخر، معجزة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام :
روي أنّ جماعة (من أصحاب رسول اللّه)(1) أتوه، وقالوا: يا رسول اللّه!
عليك السلام، إنّ اللّه اتّخذ إبراهيم علیه السلام خليلاً، وكلّم موسى علیه السلام تكليماً، وكان عيسى علیه السلام يحيي الموتى، فما صنع ربّك بك؟
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ اللّه سبحانه وتعالى إن كان اتّخذ إبراهيم خليلاً، فقد اتّخذني حبيباً.
و إن كان كلّم موسى من وراء حجاب، فقد رأيت جلال ربّي وكلّمني مشافهة
- أي بغير واسطة - .
و إن كان عيسى يحيي الموتى بإذن اللّه تعالى، فإن شئتم(2) أحييت لكم موتاكم بإذن اللّه تعالى؟
فقالوا: قد شئنا، فأرسل معهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام بعد أن ردّاه بردائه، وكان اسم الرداء المستجاب، وأخذ منطقته فجعلها على كتفيه
ورأسه(3)، ثمّ أمر لهم أن يسيروا مع عليّ علیه السلام إلى المقابر.
فلمّا أتوا المقابر، سلّم علیه السلام على أهل القبور، ودعا وتكلّم بكلام لا يفهمونه(4).
ص: 161
فاضطربت الأرض وارتجّت وقام الموتى، وقالوا بأجمعهم: على رسول اللّه السلام، ثمّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
فداخلهم رعب شديد، فقالوا: حسبك يا أبا الحسن! أقلنا، أقالك اللّه، فأمسك عن استمرار كلامه ودعائه.
فرجعوا إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وقالوا: يا رسول اللّه! أقلنا، أقالك اللّه.
فقال لهم: إنّما رددتم على اللّه، لا أقالكم اللّه يوم القيامة(1).
ص: 162
82 - خبر آخر: روي عن الإمام عليّ علیه السلام أنّه كان يطلب قوماً من الخوارج، فلمّا بلغ الموضع المعروف اليوم بساباط(1) وكان هو ومن تابعه من الخوارج منهم عبد اللّه بن وهب وعمرو بن جرموز(2).
فلمّا أن وصل إلى الموضع المعروف بساباط توران(3) أتاه رجل من شيعته، وقال: يا أمير المؤمنين! أنا لك شيعيّ ومحبّ، ولي أخ وكنت شفيقاً عليه، فبعثه عمر في جنود سعد بن أبي وقّاص إلى قتال أهل المدائن، فقتل هناك، وكان من وقت مقتله إلى ذلك عدّة سنين(4) كثيرة.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : فما الذي تريد منه؟
قال: أريد أن تحييه لي.
قال عليّ علیه السلام لا فائدة لك في حياته، قال: لابدّ من ذلك(5) يا أمير المؤمنين!
ص: 163
قال له: إذا أبيت (إلاّ)(1) ذلك فأرني قبره ومقتله، فأراه إيّاه، فمدّ الرمح وهو راكب بغلته الشهباء، فركز القبر بأسفل الرمح، فخرج رجل أسمر طويل يتكلّم بالعجميّة، فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : لم تتكلّم بالعجميّة وأنت رجل من العرب؟
قال: إنّي كنت أبغضك وفيّ محبّة أعدائك، فانقلب لساني في النار.فقال الرجل: يا أمير المؤمنين! ردّه من حيث جاء فلا حاجة لنا فيه.
فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : ارجع! فرجع إلى القبر، وانطبق عليه، أعاذنا اللّه من ذلك الحال، والحمد للّه على ولاية عليّ وأهل بيته علیهم السلام (2).
ص: 164
83 - خبر ردّ الشمس لأمير المؤمنين علیه السلام ، وهو مشهور عند جميع العرب(1):
قالوا: إنّه لمّا رجع أمير المؤمنين علیه السلام من قتال أهل النهروان، فأخذ على النهروان(2) وأعمال العراق، ولم يكن يومئذ يبقى بيت ببغداد.
فلمّا وافى ناحية براثا(3) صلّى بالناس الظهر، فرحلوا ودخلوا(4) أرض بابل، وقد وجبت صلاة العصر، فصاح الناس: يا أمير المؤمنين! هذا وقت العصر.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : هذه أرض مخسوف بها، وقد خسف بها ثلاث مرّات ويخشى عليها تمام الرابعة(5)، فلا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ أن يصلّي بها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ، فقال المنافقون منهم: نعم، هو لا يصلّي ويقتل من يصلّي - يعنون بذلك أهل النهروان -.
قال جويريّة بن مسهر العبديّ(6): فتبعته في مائة فارس، وقلت: واللّه
ص: 165
لا أصلّي أو يصلّي هو، و إلاّ قلّدته(1) صلاتي اليوم.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : «اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُو بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»(2).
فسار علیه السلام إلى أن قطع أرض بابل، وقد تدلّت الشمس للغروب، ثمّ غابت واحمرّ الأفق(3).
قال: فالتفت إليّ وقال: يا جويريّة! هات الماء.
قال فقدّمت إليه الإناء، فتوضّأ، ثمّ قال: أذّن يا جويريّة!
فقلت: يا أمير المؤمنين! ما وجب وقت العشاء بعد!
فقال علیه السلام : قم وأذّن للعصر! فقلت في نفسي: كيف يقول: أذّن للعصر وقد غربت الشمس! ولكن عليّ الطاعة(4)، فأذّنت.
فقال لي: أقم، ففعلت، و إذا أنا في الإقامة إذ تحرّكت شفتاه بكلام كأنّه منطق خطاطيف(5) لا يفقه(6)،
فرجعت الشمس بصرير(7) عظيم حتّى وقفت في مركزها من العصر،
فقام علیه السلام وكبّر وصلّى، وصلّينا ورائه.
فلمّا فرغ من صلاته وقعت الشمس كأنّها سراجة في وسط ماء، وغابت
ص: 166
ص: 168
84 - قال: وردّت له علیه السلام في حياة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بمكّة، وقد كان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم
قد غشيه الوحي، فوضع رأسه في حجر أمير المؤمنين علیه السلام وحضر وقت العصر، فلم يبرح من مكانه وموضعه حتّى غربت الشمس.
فاستيقظ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقال: «اللّهمّ إنّ عليّا كان في طاعتك فردّ عليه الشمس ليصلّي العصر»، فردّها اللّه عليه بيضاء نقيّة حتّى صلّى(1)، ثمّ غابت.
وقال السيّد الحميريّ في ذلك شعراً من القصيدة المعروفة بالمذهّبة، يقول:
خير البريّة بعد أحمد من له *** منّي الهوى و إلى بنيه تطربي(2)
أمسى وأصبح معصماً منّي له *** يهوى وحبل ولائه لم يقضب(3)
ردّت عليه الشمس لمّا فاته *** وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
حتّى تبلّج نورها في وقتها *** للعصر ثمّ هوت هويّ الكوكب
وعليه قد ردّت ببابل مرّة *** أخرى وما ردّت لخلق مغرب(4)
ص: 169
إلاّ ليوشع أوّلاً ولحبسها *** ولردّها تأويل أمر معجب(1)
ص: 170
ص: 171
85 - خبر كلام الشمس معه علیه السلام : عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم لعليّ علیه السلام : إذا كان غداً وقت طلوع الشمس سر إلىجبّانة(1) البقيع وقف على نشز(2) من الأرض، فإذا بزغت الشمس سلّم عليها، فإنّ اللّه تعالى أمرها أن تجيبك بما فيك.
فلمّا كان من الغد خرج أمير المؤمنين علیه السلام ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار حتّى أتى البقيع ووقف على نشز من الأرض، فلمّا طلعت الشمس قال صلوات اللّه عليه: السلام عليك يا خلق اللّه الجديد المطيع له!
فسمع دويّ من السماء قائلاً يقول: وعليك السلام يا أوّل يا آخر! يا ظاهر ياباطن! يا من هو بكلّ شيء عليم، فسمع الاثنان الأوّل والثاني والمهاجرون والأنصار كلام الشمس، فصعقوا ثمّ أفاقوا بعد ساعة، وقد انصرف أمير المؤمنين علیه السلام عن ذلك المكان، فقاموا وأتوا إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم مع الجماعة، فقالوا: يا رسول اللّه إنّك نقول(3): إنّ عليّا بشر مثلنا، والشمس خاطبته(4) بما
ص: 172
يخاطب به الباري نفسه؟!
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : فما سمعتموه؟
قالوا: سمعنا الشمس تقول: السلام عليك يا أوّل!
فقال: قالت الصدق، هو أوّل من آمن بي، فقالوا: سمعناها تقول: يا آخر!
فقال: قالت الصدق، هو آخر الناس عهداً بي يغسّلني ويكفّنني ويدخلني قبري، فقالوا: سمعناها تقول: يا ظاهر!
فقال: قالت الصدق، هو الذي أظهر علمي، فقالوا: سمعناها تقول: (يا باطن!
فقال: قالت الصدق، هو الذي بطن سرّي كلّه.
فقالوا: سمعناها تقول:)(1) يا من هو بكلّ شيء عليم!
فقال: قالت الصدق، هو أعلم بالحلال والحرام، والسنن والفرائض، وما يشاكل ذلك، فقاموا وقالوا: لقد أوقعنا محمّد في طخياء(2)، وخرجوا من باب المسجد، فقال في ذلك أبو محمّد العونيّ رضى الله عنه(3):
إمامي كليم الشمس راجع نورها *** فهل لكليم الشمس في القوم من مثل(4)
ص: 173
ص: 174
ص: 175
86 - خبر الجام: روي أنّ جبرئيل علیه السلام نزل على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بجام من الجنّة فيه فاكهة كثيرة، فدفعه إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فسبّح الجام وكبّر وهلّل في يده (ثمّ دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام، ثمّ دفعه إلى عمر فسكت الجام)(1).
ثمّ دفعه إلى أمير المؤمنين علیه السلام فسبّح الجام، وكبّر وهلّل في يده، ثمّ قال الجام:
إنّي أمرت أن لا أتكلّم إلاّ في يد نبيّ أو وصيّ.
ثمّ عرج إلى السماء، وهو يقول بلسان فصيح يسمعه كلّ أحد: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(2)(3).
ص: 176
87 - خبر كلام الثعبان: روي عن أمير المؤمنين علیه السلام أنّه كان يخطب يوم الجمعة على منبر الكوفة، إذ سمع صيحة(1) وعدواً، والرجال يتواقعون بعضهم على بعض، فقال لهم: ما لكم؟
قالوا: يا أمير المؤمنين! إنّ ثعباناً عظيماً قد دخل من باب المسجد، ونحن نفزع منه فنريد أن نقتله.
فقال علیه السلام : لا يقرّبه أحد منكم أبداً، وطرّقوا له فإنّه رسول قد جائني في حاجة، فطرّقوا له، فما زال يخترق الصفوف صفّاً بعد صفّ حتّى صعد المنبر، فوقع فمه في أذن عليّ بن أبي طالب علیه السلام فنقّ نقيقاً(2)، وتطاول.
وأمير المؤمنين علیه السلام يحرّك رأسه، ثمّ نقّ أمير المؤمنين علیه السلام مثل نقيقه، ونزل عن المنبر، فانساب بين الجماعة، فالتفتوا فلم يروه(3)، فقالوا: يا أمير المؤمنين علیه السلام ! ما خبر هذا الثعبان؟
فقال علیه السلام : هذا درجان بن مالك، خليفتي على المسلمين من الجنّ(4)، وذلك
أنّهم اختلفوا في أشياء فأنفذوه إليّ(5) وسألني عنها، فأخبرته بجواب مسائله،
ص: 177
فرجع إلى قومه(1).
ص: 178
ص: 179
88 - خبر الجمجمة: عن أبي الأحوص(1)، عن أبيه، عن عمّار الساباطيّ،
قال: قدم أمير المؤمنين علیه السلام المدائن فنزل بإيوان كسرى، وكان معه دُلَف بن مجير، فلمّا صلّى قام، وقال لدُلَف: قم معي! وكان معهم جماعة من أهل ساباط، فما زال يطوف منازل كسرى ويقول لدلف: كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا، ويقول دُلَف: هو واللّه! كذلك، فما زال كذلك حتّى طاف المواضع وأخبر عن جميع ما كان فيها(2)، ودُلَف يقول: يا سيّدي ومولاي! كأنّك وضعت هذهالأشياء في هذه المساكن(3).
ثمّ نظر علیه السلام إلى جمجمة نخرة، فقال لبعض أصحابه: خذ هذه الجمجمة (وكانت مطروحة)(4)، ثمّ جاء علیه السلام إلى الإيوان وجلس فيه ودعا بطست فيه ماء، فقال للرجل: دع هذه الجمجمة في الطست.
ثمّ قال علیه السلام : أقسمت عليك يا جمجمة! لتخبريني من أنا ومن أنت؟
فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أمّا أنت، فأمير المؤمنين، وسيّد الوصيّين،
و إمام المتّقين، وأمّا أنا فعبدك، وابن عبدك، وابن أمتك كسرى أنو شيروان.
فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : كيف حالك؟
ص: 180
فقال: يا أمير المؤمنين! إنّي كنت ملكاً عادلاً شفيقاً على الرعايا، رحيماً لا أرضى بظلم، ولكن كنت على دين المجوس، وقد ولد محمّد صلی الله علیه و آله وسلم في زمان ملكي، فسقط من شرفات قصري ثلاثة وعشرون شرفة(1) ليلة ولد، فهممت أن أؤمن(2) به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزّه في السماوات والأرض، ومن شرف أهل بيته.
ولكنّي تغافلت عن ذلك، وتشاغلت عنه في الملك(3)، فيالها من نعمة ومنزلة ذهبت منّي حيث لم أؤمن به، فأنا محروم من الجنّة لعدم إيماني به، ولكنّي مع هذا الكفر خلّصني اللّه تعالى من عذاب النار ببركة عدلي و إنصافي بين الرعيّة، فأنا في النار، والنّار محرّمة(4) عليّ، فوا حسرتاه لو آمنت به لكنت معك، يا سيّد أهلبيت محمّد، ويا أمير المؤمنين(5).
قال: فبكى الناس، وانصرف القوم الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهليهم، وأخبروهم بما كان وبما جرى (من الجمجمة)(6).
فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين علیه السلام ، فقال المخلصون منهم: إنّ أمير المؤمنين علیه السلام عبد اللّه، ووليّه، ووصيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
ص: 181
وقال بعضهم: بل هو (النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وقال بعضهم: بل هو)(1) الربّ، وهم مثل عبد اللّه بن سبا وأصحابه، وقالوا: لو لا أنّه الربّ، و إلاّ كيف يحيي الموتى؟!
قال: فسمع بذلك أمير المؤمنين علیه السلام ، وضاق صدره وأحضرهم، وقال:
يا قوم! غلب عليكم الشيطان، إن أنا إلاّ عبد اللّه، أنعم عليّ بإمامته وولايته ووصيّة رسوله صلی الله علیه و آله وسلم ، فارجعوا عن الكفر، فأنا عبد اللّه وابن عبده،
ومحمّد صلی الله علیه و آله وسلم خير منّي، وهو أيضا عبد اللّه، و«إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ »(2).
فخرج بعضهم من الكفر(3) وبقي قوم على الكفر مارجعوا، فألحّ عليهم أمير المؤمنين علیه السلام بالرجوع فما رجعوا فأحرقهم بالنار، وتفرّق منهم قوم في البلاد، وقالوا: لولا أنّ فيه الربوبيّة، و إلاّ فما كان أحرقنا في النار(4).
فنعوذ باللّه من الخذلان(5).
ص: 182
89 - خبر جمجمة أخرى: روى أبو رواحة الأنصاريّ، عن المغربيّ، قال:
كنت مع أمير المؤمنين علیه السلام وقد أراد حرب معاوية، فنظر إلى جمجمة في جانب الفرات وقد أتت عليها الأزمنة، فمرّ عليها أمير المؤمنين فدعاها، فأجابته بالتلبية، وتدحرجت بين يديه وتكلّمت بكلام فصيح، فأمرها بالرجوع، فرجعت إلى مكانها (كما كانت)(1)، فلمّا فرغ من حرب النهروان أبصرنا جمجمة نخرة بالية، فقال: هاتوها، فحركّها بسوطه، وقال: أخبريني من أنت؟ فقيرة أم غنيّة، شقيّة أم سعيدة(2)، ملك أم رعيّة؟
فقالت بلسان فصيح: السلام عليك يا أمير المؤمنين! كنت ملكا ظالما أنا، وأنا پرويز بن هرمز، ملك الملوك(3) فملكت مشارقها ومغاربها، سهلها وجبلها، برّها وبحرها، أنا الذي أخذت ألف مدينة في الدنيا، وقتلت ألف ملك من ملوكها.
يا أمير المؤمنين! أنا الذي بنيت خمسين مدينة، وفضضت خمسمائة ألف جارية(4) بكر، واشتريت ألف عبد تركيّ وألف أرمنيّ وألف روميّ وألف زنجيّ، وتزوّجت بسبعين من بنات الملوك(5)، وما ملك في الأرض إلاّ غلبته وظلمت
ص: 183
أهله، فلمّا جاءني ملك الموت، قال لي: يا ظالم يا طاغي! خالفت الحقّ، فتزلزلت أعضائي، وارتعدت فرائصي، وعرض عليّ أهل حبسي، فإذا هم سبعون ألفاً من أولاد الملوك قد شقوا من حبسي(1).
فلمّا رفع ملك الموت روحي سكن أهل الأرض من ظلمي، فأنا معذّب في النار أبد الآبدين.
فوكّل اللّه بي سبعين ألف (ألف من)(2) الزبانية، فى يد كلّ واحد منهم مرزبة(3) من نار لو ضربت جبال الأرض لاحترقت الجبال وتدكدكت، وكلّما ضربني الملك بواحدة من تلك المرازيب اشتعل فيّ النار واحترق، فيحييني اللّه
تعالي ويعذّبني بظلمي على عباده أبد الآبدين.
وكذلك وكّل اللّه تعالى بعدد كلّ شعرة في بدني حيّة تلسعني، وعقرباً تلدغني، وكلّ ذلك أحسّ به(4) كالحيّ في دنياه.
فتقول لي الحيّات والعقارب: هذا جزاء ظلمك على عباده.
ثمّ سكتت الجمجمة، فبكى جميع عسكر أمير المؤمنين علیه السلام ، وضربوا على رؤوسهم، وقالوا: يا أمير المؤمنين! جهلنا حقّك بعد ما أعلمنا رسول اللّه علیه السلام ، و إنّما خسرنا حقّنا ونصيبنا فيك، و إلاّ فأنت ما ينقص منك شيء، فاجعلنا في حلّ ممّا فرّطنا فيك ورضينا بغيرك على مقامك، فإنّا نادمون(5).
ص: 184
فأمر علیه السلام بتغطية الجمجمة. فعند ذلك وقف ماء النهر(1) من الجري، وصعد على وجه الماء كلّ سمك وحيوان كان في النهر، فتكلّم كلّ واحد منهم مع أمير المؤمنين علیه السلام ، ويدعو له وشهد له بإمامته. وفي ذلك يقول بعضهم شعراً:
سلامي على زمزم والصفا *** سلامي على سدرة المنتهى
لقد كلّمتك لدى النهروان *** نهاراً جماجم أهل الثرى
وقد بدت(2) لك حيتانها *** تناديك مذعنة بالولا(3)
ص: 185
90 - خبر آخر: قال عمّار بن ياسر رضى الله عنه: كنت مع مولاي عليّ بن أبي طالب علیه السلام وقد خرج(1) من الكوفة، إذ عبر بضيعته التي يقال لها: النخلة، على بعد فرسخين من الكوفة.
فخرج منها خمسون رجلاً من اليهود، وقالوا: أنت عليّ بن أبي طالب الإمام؟
فقال علیه السلام : أنا هو.
فقالوا: لنا صخرة مذكورة في كتبنا، عليها اسم ستّة من الأنبياء، ونحن نطلب الصخرة (فلم نجدها، فإن كنت إماماً فأوجدنا الصخرة)(2).
فقال علیه السلام : اتّبعوني، فسار علیه السلام بهم والقوم خلفه(3) إلى أن توسّط بهم البرّ، و إذا بجبل من الرمل عظيم، فقال علیه السلام : أيّتها الريح! انسفي الرمل عن الصخرة، فما كان إلاّ ساعة حتّى نسفت الرمل عن الصخرة، وظهرت الصخرة(4).
فقال علیه السلام : هذه الصخرة صخرتكم؟
ص: 186
فقالوا: إنّ عليها اسم ستّة من الأنبياء على ما سمعنا وقرأنا في كتبنا، ولسنا نرى عليها الأسماء(1).
فقال علیه السلام : أمّا الأسماء التي عليها، فهي في وجهها الذي على الأرض، فأقلبوها فاعصوصبوا(2) عليها، وهم جماعة زهاء ألف رجل(3) فما قدروا على قلبها.
فقال علیه السلام : تنحّوا عنها، فمدّ يده إليها وهو راكب، فقلّبها، فوجدوا فيها أسماء الأنبياء الستّة علیه السلام ، وهم أصحاب الشرائع، وهم آدم ونوح و إبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله وعليهم.
فقال نفر اليهود: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأنّكأمير المؤمنين، وسيّد الوصيّين، والحجّة على أهل الأرض أجمعين.
من عرفك فقد سعد ونجا، ومن أنكرك فقد ضلّ وغوى و إلى الجحيم هوى، جلّت مناقبك عن التحديد، وكثرت آثار نعمتك عن التعديد، وحظّك من اللّه حظّ سعيد، وخيرك منه خير مزيد(4).
ص: 187
ص: 188
91 - خبر آخر: روى عمّار(1) بن ياسر رضى الله عنه أنّه قال: كان أمير المؤمنين علیه السلام جالساً في دكّة القضاء، إذ نهض إليه رجل يقال له: صفوان الأكحل(2)، وقال له:
أنا رجل من شيعتك وعليّ ذنوب، فأريد أن تطهّرني منها في الدنيا لأصل إلى الآخرة وما معي ذنب(3).
فقال الإمام علیه السلام : قل لي بأعظم ذنوبك ما هي(4)؟
فقال: أنا ألوط الصبيان.
فقال علیه السلام أيّما أحبّ إليك: ضربة بذي الفقار، أو أقلّب عليك جداراً، أو أرمي عليك ناراً(5)، فإنّ ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته(6).
فقال: يا مولاي! أحرقني بالنار لأنجو من نار الآخرة.
فقال عليّ علیه السلام : يا عمّار! اجمع ألف حزمة قصب لنضرمه(7) غداة غد بالنار،
ص: 189
ثمّ قال للرجل: انهض وأوص بما لك وبما عليك.
قال: فنهض الرجل وأوصى بما له وما عليه، وقسّم أمواله على أولاده، وأعطى كلّ ذي حقّ حقّه، ثمّ بات على حجرة(1) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام في بيت نوح علیه السلام شرقيّ جامع الكوفة.
فلمّا صلّى أمير المؤمنين علیه السلام قال: يا عمّار! ناد بالكوفة: اخرجوا وانظروا حكم أمير المؤمنين.
فقال جماعة(2) منهم: كيف يحرق رجلاً من شيعته ومحبّيه، وهو الساعة يريد حرقه بالنار فتبطل(3) إمامته، فسمع بذلك أمير المؤمنين علیه السلام .
قال عمّار رضى الله عنه: فأخذ الإمام علیه السلام الرجل ورمى عليه ألف حزمة من القصب فأعطاه مقدحة(4) وكبريتاً، وقال: اقدح وأحرق نفسك، فإن كنت من شيعتي ومحبّيّ وعارفيّ(5) فإنّك لا تحترق في النار، و إن كنت من المخالفين المكذّبين، فالنار تأكل لحمك، وتكسر عظمك.قال: فقدح الرجل على نفسه واحترق القصب، وكان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار ولم يقربها الدخان.
ص: 190
فاستفتح الإمام علیه السلام وقال: كذب العادلون باللّه، وضلّوا ضلالاً بعيداً.
ثمّ قال: إنّ شيعتنا أُمناء، وأنا قسيم الجنّة والنار، وشهد لي بذلك رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في مواطن كثيرة(1).
ص: 191
92 - خبر مالك بن نويرة: قال البراء بن عازب(1): بينا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم جالس في أصحابه إذ أتاه وفد من بني تميم، (فمنهم)(2) مالك بن نويرة، فقال:
يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ! علّمني الإيمان.
فقال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : تشهد أن لا إله الاّ اللّه وحده لا شريك له، وأنّي رسول اللّه، وتصلّي الخمس، وتصوم شهر رمضان، وتؤدّي الزكاة، وتحجّ البيت، توالي وصيّي هذا من بعدي، وأشار إلى عليّ علیه السلام بيده، ولا تسفك دماً، ولا تسرق، ولا تخون، ولا تأكل مال اليتيم، ولا تشرب الخمر، وتوفي بشرائعي، وتحلّل حلالي، وتحرّم حرامي، وتعطي الحقّ من نفسك للضعيف والقويّ والكبير والصغير، حتى عدّ عليه شرائع الإسلام.
فقال: يا رسول اللّه! أعد عليّ فإنّي رجل نسّاء.
فأعاد عليه فعقدها بيده، وقام وهو يجرّ إزاره، وهو يقول: تعلّمت الإيمان وربّ الكعبة!
فلمّا بعد من رسول اللّه، قال صلی الله علیه و آله وسلم : من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا الرجل.
فقال أبو بكر وعمر: إلى من تشير يا رسول اللّه؟
ص: 192
فأطرق إلى الأرض، فاتّخذا في السير(1)، فلحقاه فقالا له: البشارة من اللّه
ورسوله بالجنّة.
فقال: أحسن اللّه تعالى بشارتكما إن كنتما ممّن يشهد بما شهدت به، فقد علمتما ما علّمني(2) النبيّ محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، (و إن لم تكونا كذلك فلا أحسن اللّه بشارتكما.
قال أبو بكر: لا تقل، فأنا أبو عائشة زوجة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم )(3).
قال: قلت ذلك، فما حاجتكما؟
قالا: إنّك من أصحاب الجنّة، فاستغفر لنا.
فقال: لا غفر اللّه لكما، تتركان رسول اللّه صاحب الشفاعة(4)، وتسألاني أستغفر لكما؟!
فرجعا والكآبه لائحة في وجهيهما، فلمّا رآهما رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم تبسّم، وقال: أ في الحقّ مغضبة(5)؟
فلمّا توفّي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ورجع بنو تميم إلى المدينة ومعهم مالك بن نويرة فخرج لينظر من قام مقام رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فدخل يوم الجمعة وأبو بكر على المنير يخطب الناس، فنظر إليه، وقال: أخو تيم؟!
قال: نعم !
ص: 193
قال: فما فعل وصيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم الذي أمرني بموالاته؟
قالوا: يا أعرابيّ! الأمر يحدث بعده الأمر(1).
قال: تاللّه! ما حدث شيء، و إنّكم لخنتم(2) اللّه ورسوله، ثمّ تقدّم إلى أبي بكر، وقال له: (من أرقاك هذا المنبر، ووصيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم جالس؟!
فقال أبو بكر)(3): أخرجوا الأعرابيّ البوّال على عقبيه من مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ،
فقام إليه قنفذ بن عمير وخالد بن الوليد، فلم يزالا يلكدان عنقه(4) حتّى أخرجاه.
فركب راحلته، وأنشأ يقول شعراً:
أطعنا رسول اللّه ما كان بيننا *** فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر
إذا مات بكر قام عمر مقامه(5) *** فتلك وبيت اللّه قاصمة الظهر
يدبّ ويغشاه العشار كأنّما *** يجاهد جمّا أو يقوم على قبر(6)
ص: 194
فلو قام(1) فينا من قريش عصابة *** أقمنا ولوكان(2) القيام على جمر
قال: فلمّا استتمّ الأمر لأبي بكر وجّه خالد بن الوليد وقال له: قد علمت ما قال مالك على رؤوس الأشهاد، ولست آمن أن يفتق علينا فتقاً لا يلتئم، فاقتله.
فحين أتاه خالد ركب جواده، وكان فارساً يعدّ بألف فارس، فخاف خالد منه فآمنه وأعطاه المواثيق، ثمّ غدر به بعد أن ألقى سلاحه، فقتله وعرّس بامرأته في ليلته، وجعل رأسه في قدر فيها لحم جزور لوليمة عرسه لامرأته (وبات)(3)
ينزو عليها نزو الحمار.
والحديث طويل(4).
ص: 195
93 - خبر الشيخ معاذ بن جبل مع معاوية بن أبي سفيان: قال جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ رضى الله عنه: كنت أنا ومعاوية بن أبي سفيان بالشام، فبينا نحن ذات يوم إذ نظرنا إلى شيخ، وهو مقبل من صدر البرّيّة من ناحية العراق.
فقال معاوية: عرجوا بنا إلى هذا الشيخ لنسأله من أين أقبل؟ و إلى أين يريد؟، وكان عند معاوية، (أبو)(1) الأعور السلميّ(2) وولدا معاوية، خالد ويزيد وعمرو بن العاص.
قال: فعرجنا إليه، فقال له معاوية: من أين أقبلت يا شيخ! و إلى أين تريد؟
فلم يجبه الشيخ.
فقال عمرو بن العاص: لم لا تجيب أمير المؤمنين؟!
فقال الشيخ: إنّ اللّه جعل التحيّة غير هذه.
فقال معاوية: صدقت يا شيخ! وأخطأنا، وأحسنت وأسأنا، السلام عليك يا شيخ! قال: وعليك السلام.
فقال معاوية: ما اسمك؟ يا شيخ!
ص: 196
فقال: اسمي (معاذ بن)(1) جبل، وكان ذلك الشيخ طاعنا في السنّ، بيده شيء من الحديد، ووسطه مشدود بشريط من ليف المُقْل، وفي (رجليه نعلان من ليف المُقل)(2)، وعليه كساء قد سقطت لحمته وبقيت سَداته(3)، وقد بانت شراسيف(4) خدّيه، وقد غطّت حواجبه على عينيه.
فقال معاوية: يا شيخ! من أين أقبلت؟ و إلى أين تريد؟
قال الشيخ: أتيت من العراق، أريد بيت المقدس.
قال معاوية: كيف تركت العراق.
قال: على الخير والبركة والإتّفاق(5).
قال: لعلّك أتيت من الكوفة من الغريّ؟
قال الشيخ: وما الغريّ؟
قال معاوية: الذي فيه أبو تراب.
قال الشيخ: من تعني بذلك، ومن هو أبو تراب؟
قال: عليّ بن أبي طالب، قال له الشيخ: أرغم اللّه أنفك، ورضّ اللّه فاك!
ص: 197
ولعن اللّه أُمّك وأباك! ولم لا تقول: الإمام العادل، والغيث الهاطل، يعسوب الدين، وقاتل المشركين (والناكثين)(1) والقاسطين والمارقين، سيف اللّه المسلول وابن عمّ الرسول، وزوج البتول، تاج الفقهاء، وكنز الفقراء، وخامس أهل العباء، والليث الغالب، أبا الحسنين عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
فعندها قال معاوية: يا شيخ! إنّي أرى لحمك ودمك قد خالط لحم عليّ بن أبي طالب ودمه حتّى لو مات عليّ ما أنت فاعل؟
قال لا أتّهم في فقده ربّي، وأجلّل في بعده حزني، وأعلم أنّ اللّه لا يميت سيّدي و إمامي حتّى يجعل من ولده حجّة قائمة إلى يوم القيامة.
فقال: يا شيخ! هل تركت من بعدك امرءاً تفتخر به؟
قال: وكيف ذلك، وقد نزل الفرس الأشقر، والحجر، والمدر(2)، والمنهاج لمن أراد المعراج.
قال عمرو بن العاص: لعلّه لا يعرفك يا أمير المؤمنين! فسأله معاوية، فقال له: يا شيخ! أ تعرفني؟ قال: من أنت؟
فقال: أنا معاوية بن أبي سفيان، أنا الشجرة الزكيّة، والفروع العليّة، أنا سيّد بني أُميّة.
فقال له الشيخ: بل أنت اللعين (ابن اللعين)(3) على لسان نبيّه في كتابه المبين، إنّ اللّه قال في قوله تعالى: «وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ»(4) والشجرة
ص: 198
الخبيثة والعروق المحشيّة(1) الخسيسة الذي ظلم نفسه و ربّه.
وقال فيه نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الزنيم(2) ابن الزنيم،
ابن آكلة(3) الأكباد الفاشي ظلمه في العباد.
فعندها اغتاظ معاوية وحنق عليه، فردّ يده إلى قائم سيفه وهمّ بقتل الشيخ، ثمّ قال: لولا أنّ العفو حسن لأخذت رأسك، ثمّ قال له: أ رأيت لو كنت فاعلاً ذلك؟
قال الشيخ: إذا واللّه! أفوز بالسعادة، وتفوز أنت بالشقاوة، وقد قتل من هو شرّ منك من هو خير منّي.(فقال معاوية: ومن ذلك؟
قال الشيخ: عثمان نفى أبا ذرّ وضربه حتّى مات، وهو خير منّي)(4)، وعثمان شرّ منك، قال معاوية: يا شيخ! هل كنت حاضراً يوم الدار؟
قال: وما يوم الدار؟
قال معاوية: يوم قتل (عليّ)(5) عثمان.
فقال الشيخ: باللّه! ما قتله، ولو فعل ذلك لأعلاه(6) بأسياف حداد وسواعد شداد، وكان يكون في ذلك مطيعا للّه ولرسوله.
ص: 199
قال معاوية: يا شيخ! هل حضرت يوم صفّين؟
قال: وما غبت عنها، قال: كيف كنت فيها؟
قال الشيخ: أيتمت منك أطفالاً، وأرملت منك نسواناً، كنت كالليث أضرب بالسيف تارة وبالرمح أخرى.
قال معاوية: هل ضربتني بشيء قطّ؟
قال الشيخ: ضربتك بثلاثة وسبعين سهماً، فأنا صاحب السهمين اللذين وقعا في بردتك، وصاحب السهمين (اللذين وقعا في مسجدك، وصاحب السهمين)(1) اللذين وقعا في عضدك، ولو كشفت الآن لأريتك مكانهما.
فقال معاوية للشيخ: هل حضرت يوم الجمل؟
قال: وما يوم الجمل؟
قال معاوية: يوم قاتلت عائشة عليّا.
(قال: وما غبت عنه)(2)، قال معاوية: يا شيخ! الحقّ مع عليّ أم مع عائشة؟
قال الشيخ: بل مع عليّ.
قال معاوية: يا شيخ! أ لم يقل اللّه: «وَ أَزْوَ جُهُو أُمَّهَتُهُمْ»(3)، وقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : هي أُمّ المؤمنين؟
قال الشيخ: أ لم يقل اللّه تعالى: «يَنِسَآءَ النَّبِىِّ - إلى قوله - وَ قَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَ لاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَهِلِيَّةِ الْأُولَى»(4)، وقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : أنت يا
ص: 200
عليّ خليفتي على نسواني وأهلي وطلاقهنّ بيدك؟
أفتراها (خالفت اللّه تعالى في ذلك، عاصية اللّه ورسوله، خارجة من بيتها وهي)(1) في ذلك معها حقّ حتّى سفكت دماء المسلمين، وأذهبت أموالهم، فلعنة اللّه على القوم الظالمين، وهي كامرأة نوح في النار، ولبئس مثوى الكافرين.
قال معاوية: يا شيخ! ما جعلت لنا شيئاً نحتجّ به عليك، فمتى ظلمت الأُمّة وطفيت عنهم قناديل الرحمة؟
قال: لمّا صرت أميرها، وعمرو بن العاص وزيرها.
قال: فاستلقى معاوية على قفاه من الضحك، وهو على ظهر فرسه، فقال:
يا شيخ! هل لك من شيء نقطع به لسانك؟
قال: وما عندك(2)؟
قال: عشرون ناقة حمراء محمّلة عسلاً وبرّا وسمنا، وعشرة آلاف درهم تنفقها على عيالك، وتستعين بها على زمانك.
قال الشيخ: لست أقبلها.
قال: ولم ذلك؟
قال الشيخ: لأنّي سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: درهم حلال خير من ألف درهم حرام (في حرام)(3).
قال معاوية: لإن أقمت معي في دمشق لأضربنّ عنقك.
قال: ما أنا مقيم معك فيها.
ص: 201
قال معاوية: ولم ذلك؟
قال الشيخ: لأنّ اللّه تعالى يقول: «وَ لاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ »(1)، وأنت أوّل ظالم وآخر ظالم، ثمّ توجّه الشيخ إلى بيت المقدس.
وهذا آخر الحديث(2).
ص: 202
94 - خبر مفاخرة عليّ بن أبي طالب وفاطمة الزهراء علیهماالسلام : روي أنّه جاء
في الخبر: أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام كان ذات يوم هو وزوجته
فاطمة عليهاالسلاميأكلان تمراً في الصحراء، إذ تداعيا بينهما بالكلام، فقال عليّ علیه السلام :
يا فاطمة! إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يحبّني أكثر منك.
فقالت: واعجباه! يحبّك أكثر منّي! وأنا ثمرة فؤاده (وعضو من أعضائه)(1)،
وغصن من أغصانه، وليس له ولد غيري.
فقال لها عليّ علیه السلام : يا فاطمة! إن لم تصدّقيني فامضي بنا إلى أبيك محمّد صلی الله علیه و آله وسلم . قال: فمضيا إلى حضرته صلی الله علیه و آله وسلم فتقدّمت، وقالت: يا رسول اللّه!
أيّنا أحبّ(2) إليك أنا، أم عليّ علیه السلام ؟
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : أنت أحبّ إليّ، وعليّ أعزّ عليّ منك.
فعندها قال سيّدنا ومولانا الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام : أ لم أقل لك: إنّي ولد فاطمة ذات التقى.
قالت فاطمة: وأنا بنت خديجة الكبرى.
قال عليّ علیه السلام : وأنا ابن الصفا.
قالت فاطمة: وأنا ابنة سدرة المنتهي.
ص: 203
قال عليّ: وأنا فخر الورى(1).
قالت فاطمة: وأنا ابنة من دنى فتدلّى، وكان من ربّه كقاب قوسين أو أدنى.
قال عليّ: وأنا ولد المحصنات.
قالت فاطمة: أنا بنت الصالحات والمؤمنات.
قال عليّ: وأنا خادمي جبرئيل.
قالت فاطمة: وأنا خاطبني في السماء راحيل، وخدمتني الملائكة جيلاً
بعد جيل.
قال عليّ: وأنا ولدت في المحلّ البعيد المرتقى.
قالت فاطمة: وأنا زوّجت في الرفيع الأعلى، وكان ملاكي(2) في السماء.
قال عليّ: أنا حامل اللواء.
قالت فاطمة: وأنا ابنة من عرج به إلى السماء.
قال عليّ: وأنا ابن صالح المؤمنين.
قالت فاطمة: وأنا ابنة خاتم النبيّين.
قال عليّ: وأنا الضارب على التنزيل.
قالت فاطمة: وأنا جنّة التأويل(3).
قال عليّ: وأنا شجرة تخرج من طور سينين.
(قالت فاطمة: وأنا الشجرة التي «تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينِ»(4).
ص: 204
قال عليّ: وأنا مكلّم الثعبان)(1).
قالت فاطمة: وأنا الشجرة التي تخرج أكلها، يعني الحسن والحسين علیهماالسلام (2).
قال عليّ: وأنا المثاني والقرآن الحكيم(3).
قالت فاطمة: وأنا ابنة النبيّ الكريم صلی الله علیه و آله وسلم .
قال عليّ: وأنا النبأ العظيم.
قالت فاطمة: وأنا ابنة الصادق الأمين.
قال عليّ: وأنا الحبل المتين.
قالت فاطمة: وأنا ابنة خير الخلق أجمعين.
قال عليّ: أنا ليث الحروب.
قالت فاطمة: وأنا ابنة من يغفر اللّه به الذنوب(4).
قال عليّ: وأنا المتصدّق بالخاتم.
قالت فاطمة: وأنا ابنة سيّد العالم.
قال عليّ: أنا سيّد بني هاشم.
قالت فاطمة: أنا ابنة محمّد المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم .
قال عليّ: (أنا الإمام المرتضى.
قالت فاطمة: وأنا ابنة سيّد المرسلين.
قال عليّ:)(5) أنا سيّد الوصيّين.
ص: 205
قالت فاطمة: وأنا ابنة النبيّ العربيّ.
قال عليّ: وأنا الشجاع الكميّ(1).
قالت فاطمة: وأنا ابنة أحمد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
قال عليّ: أنا البطل الباطل الأروع(2).
قالت فاطمة: أنا ابنة الشفيع المشفّع(3).
قال عليّ: أنا قسيم الجنّة والنار.
قالت فاطمة: أنا ابنة محمّد المختار.
قال عليّ: وأنا قاتل الجانّ.
قالت فاطمة: وأنا ابنة رسول الملك الدّيان.
قال عليّ: أنا خيرة الرحمن.
قالت فاطمة: وأنا خيرة النسوان.
قال عليّ: وأنا مكلّم أصحاب الرقيم.
قالت فاطمة: وأنا ابنة من أرسل رحمة للمؤمنين، وبهم رؤف رحيم.
قال عليّ: وأنا الذي جعل اللّه نفسي نفس محمّد صلی الله علیه و آله وسلم حيث يقول في كتابه العزيز: «وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ»(4).
قالت فاطمة: وأنا (الذي قال فيّ: «أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا
ص: 206
وَنِسَآءَكُمْ»(1).
قال عليّ: أنا علّمت شيعتي القرآن.
قال فاطمة: وأنا)(2) [ التي] يعتق اللّه من أحبّني من النار(3).
قال عليّ: أنا شيعتي من علمي يسطرون.
قالت فاطمة: وأنا من بحر علمي يغترفون.
قال عليّ: أنا الذي اشتقّ اللّه تعالى اسمي من اسمه، فهو العالي وأنا عليّ.
قالت فاطمة: وأنا كذلك، فهو الفاطر، وأنا فاطمة.
قال عليّ علیه السلام : أنا حياة العارفين.
قالت فاطمة: وأنا ملك(4) نجاة الراغبين.
قال عليّ: أنا الحواميم.
قالت فاطمة: وأنا ابنة الطواسين.
قال عليّ: وأنا كنز الغنى.
قالت فاطمة: وأنا الكلمة الحسنى.
قال عليّ: أنا بي تاب اللّه على آدم في خطيئته.قالت فاطمة: وأنا بي قبل اللّه توبته.
قال عليّ: وأنا كسفينة نوح من ركبها نجا.
ص: 207
قالت فاطمة: وأنا أشاركك في الدعوى(1).
قال عليّ: أنا طوفانه.
قالت فاطمة: وأنا سورته.
قال عليّ: وأنا النسيم المرسل لحفظه(2).
قالت فاطمة: وأنا منّي أنهار الماء واللبن والخمر والعسل في الجنان.
(قال عليّ: وأنا الطور.
قالت فاطمة: وأنا الكتاب المسطور.
قال عليّ: وأنا الرّق المنشور.
قالت فاطمة: وأنا البيت المعمور.
قال عليّ: وأنا السقف المرفوع.
قالت فاطمة: وأنا البحر المسجور)(3).
قال عليّ: أنا علمي علم النبيّين.
قالت فاطمة: أنا ابنة سيّد المرسلين من الأوّلين والآخرين.
قال عليّ: أنا البئر والقصر المشيد.
قالت فاطمة: أنا منّي شبّر وشبير.
قال عليّ: وأنا بعد الرسول خير البريّة.
قالت فاطمة: أنا البرّة الزكيّة.
فعندها قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : لا تكلّمي عليّا، فإنّه ذو البرهان.
ص: 208
قالت فاطمة: أنا ابنة من أنزل عليه القرآن.
قال عليّ: أنا الأمين الأصلع(1).
قالت فاطمة: أنا الكوكب الذي يلمع.
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : فهو الشفاعة يوم القيامة.
قالت فاطمة: وأنا خاتون يوم القيامة، فعند ذلك قالت فاطمة:
يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم لا تحام لابن عمّك، ودعني و إيّاه.
قال عليّ: يا فاطمة! أنا من محمّد عصبة ونخبة(2).
قالت فاطمة: وأنا لحمه ودمه.
قال عليّ: وأنا الصحف.
قالت فاطمة: وأنا الشرف.
قال عليّ: وأنا وليّ الزلفى(3).
قالت فاطمة: وأنا الخمصاء(4) الحسناء.
قال عليّ: وأنا نور الورى.
قالت فاطمة: وأنا فاطمة الزهراء، فعندها قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لفاطمة: يا فاطمة! قومي وقبّلي رأس ابن عمّك، فهذا جبرئيل وميكائيل و إسرافيل وعزرائيل مع أربعة آلاف من الملائكة يحامون مع عليّ علیه السلام ، وهذا أخي راحيل
ص: 209
وروائيل(1) مع أربعة آلاف من الملائكة ينظرون بأعينهم.
قال: فقامت فاطمة الزهراء فقبّلت رأس الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام بين يدي النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وقالت: يا أبا الحسن! بحقّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم معذرة إلى اللّه
عزّ وجلّ و إليك و إلى ابن عمّك.
قال: فوهبها الإمام علیه السلام (وقبّلت)(2) يد أبيها عليه وعليهم السلام.
وهذا ما وجدناه في النسخة من الحديث على التمام والكمال، ونستغفر اللّه العظيم من الزيادة والنقصان، ونعوذ باللّه من سخط الرحمن(3).
ص: 210
95 - قال: حدّثنا سليمان بن مهران، قال: حدّثنا جابر، عن مجاهد، قال:
حدّثنا عبد اللّه بن عبّاس، قال: حدّثنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، قال:
لمّا عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوباً: لا إله الاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، والحسن والحسينسبطا رسول اللّه، وفاطمة الزهراء صفوة اللّه، وعلى ناكرهم وباغضهم لعنة اللّه تعالى(1).
ص: 211
ص: 212
96 - قيل: إنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم كان جالساً ذات يوم، وعنده الإمام عليّ ابن أبي طالب علیه السلام ، إذ دخل الحسين بن عليّ فأخذه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وأجلسه في حجره، وقبّل بين عينيه وقبّل شفتيه، وكان للحسين علیه السلام ستّ سنين.
فقال عليّ علیه السلام : يا رسول اللّه! أ تحبّ ولدي الحسين؟
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : وكيف لا أحبّه؟! وهو عضو من أعضائي.
فقال عليّ علیه السلام : يا رسول اللّه! أيّما أحبّ إليك، أنا أم الحسين؟
فقال الحسين: يا أبت! من كان أعلى شرفاً كان أحبّ إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وأقرب إليه منزلة.
قال عليّ علیه السلام لولده: أ تفاخرني؟ يا حسين!
قال: نعم، يا أبتاه! إن شئت.
فقال له الإمام عليّ علیه السلام : يا حسين! أنا أمير المؤمنين، أنا لسان الصادقين، أنا وزير المصطفى، أنا خازن علم اللّه ومختاره من خلقه، أنا قائد السابقين إلى الجنّة، أنا قاضي الدين عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، أنا الذي عمّه سيّد الشهداء في الجنّة، أنا الذي أخوه جعفر الطيّار في الجنّة عند الملائكة، أنا قاضي الرسول، أنا آخذ له باليمين، أنا حامل سورة التنزيل إلى أهل مكّة بأمر اللّه تعالى، أنا الذي اختارني اللّه تعالى من خلقه، أنا حبل اللّه المتين الذي أمر اللّه تعالى خلقه أن يعتصموا به في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا»(1).
ص: 213
أنا نجم اللّه الزاهر، أنا الذي تزوره ملائكة السماوات، أنا لسان اللّه الناطق، أنا حجّة اللّه تعالى على خلقه، أنا يد اللّه القويّ(1)، أنا وجه اللّه تعالى في السماوات، أنا جنب اللّه الظاهر، أنا الذي قال اللّه سبحانه وتعالى فيّ وفي حقّي:
«بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُو بِالْقَوْلِ وَ هُم بِأَمْرِهِى يَعْمَلُونَ »(2).
أنا عروة اللّه الوثقي التي لا انفصام لها واللّه سميع عليم، أنا باب اللّه الذي يؤتى منه، أنا علم اللّه على الصراط، أنا بيت اللّه من دخله كان آمناً.
فمن تمسّك بولايتي ومحبّتى أمن من النار.
أنا قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أنا قاتل الكافرين، أنا أبو اليتامى، أنا كهف الأرامل، أنا «عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ»(3) عن ولايتي يوم القيامة.
وقوله تعالى «ثُمَّ لَتُسْٔلُنَّ يَوْمَلءِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»(4)، أنا نعمة اللّه تعالىالتي(5) أنعم اللّه بها على خلقه. أنا الذي قال اللّه تعالى فيّ وفي حقّي: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلَمَ دِينًا»(6)، فمن أحبّني كان مسلماً مؤمنا كامل الدين.
أنا الذي بي اهتديتم، أنا الذي قال اللّه تبارك وتعالى فيّ وفي عدوّي:
«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْٔولُونَ»(7)، أي عن ولايتي يوم القيامة.
ص: 214
أنا «النَّبَإِ الْعَظِيمِ»(1)، أنا الذي أكمل اللّه تعالى بي الدين يوم غدير خمّ وخيبر.
أنا الذي قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فيّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه.
أنا صلاة المؤمن، أنا حيّ على الصلاة، أنا حيّ على الفلاح، أنا حيّ على خير العمل، أنا الذي نزل على أعدائي: «سَأَلَ سَآلءِلُم بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَفِرِينَ لَيْسَ لَهُو دَافِعٌ»(2)، بمعنى من أنكر ولايتي، وهو النعمان بن الحارث اليهوديّ لعنه اللّه تعالى، أنا داعي الأنام إلى الحوض، فهل داعي المؤمنين إلى الحوض غيري؟
أنا أبو الأئمّة الطاهرين من ولدي، أنا ميزان القسط ليوم القيامة، أنا يعسوب الدين، أنا قائد المؤمنين إلى الخيرات والغفران إلى ربّي، أنا الذي أصحابي يوم القيامة من أوليائي المبرّؤون من أعدائي، وعند الموت لا يخافون ولا يحزنون، وفي قبورهم لا يعذّبون، وهم الشهداء والصدّيقون، وعند ربّهم يفرحون.
أنا الذي شيعتي متوثّقون أن لا يوادّوا من حادّ اللّه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم، أنا الذي شيعتي يدخلون الجنّة بغير حساب، أنا الذي (عندى)(3)
ديوان الشيعة بأسمائهم، أنا عون المؤمنين وشفيع لهم عند ربّ العالمين.
أنا الضارب بالسيفين، أنا الطاعن بالرمحين، أنا قاتل الكافرين يوم بدر وحنين، أنا مردي(4) الكماة يوم أحد، أنا ضارب ابن عبدودّ لعنه اللّه تعالى يوم الأحزاب، أنا قاتل عنترة ومرحب، أنا قاتل فرسان خيبر.
ص: 215
أنا الذي قال فيّ الأمين جبرئيل علیه السلام : لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فتى إلاّ عليّ.
أنا صاحب فتح مكّة، أنا كاسر اللات والعزّى، أنا الهادم الهبل الأعلى ومنوة الثالثة الأخرى، أنا علوت على كتف النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وكسرت الأصنام، أنا الذي كسرت يغوث ويعوق ونسراً (عليهم لعنة اللّه)(1).أنا الذي قاتلت الكافرين في سبيل اللّه، أنا الذي تصدّق بالخاتم، أنا الذي نمت(2) على فراش النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ووقيته بنفسي من المشركين(3).
أنا الذي يخاف الجنّ من بأسي، أنا الذي به يعبد اللّه، أنا ترجمان اللّه، أنا خازن علم اللّه(4)، أنا (عيبة)(5) علم رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، أنا قاتل أهل الجمل وصفّين بعد رسول اللّه، أنا قسيم الجنّة والنار.
فعندها سكت عليّ علیه السلام ، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم (للحسين علیه السلام )(6): أ سمعت يا أبا عبد اللّه ما قاله أبوك؟ وهو عشر عشير معشار ما قاله من فضائله، ومن ألف ألف فضيلة، وهو فوق ذلك أعلى.
فقال الحسين علیه السلام : «الحمدللّه الذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين وعلى جميع المخلوقين، وخصّ جدّنا بالتنزيل والتأويل والصدق ومناجاة الأمين جبرئيل علیه السلام ، وجعلنا خيار من اصطفاه الجليل، ورفعنا على الخلق أجمعين».
ص: 216
ثمّ قال الحسين علیه السلام : أمّا ما ذكرت يا أمير المؤمنين! فأنت فيه صادق أمين.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : اذكر أنت يا ولدي! فضائلك.
فقال الحسين علیه السلام : يا أبت! أنا الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وأُمّي فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، وجدّي محمّد المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم سيّد بني آدم أجمعين.
لا ريب فيه يا عليّ! أُمّي أفضل من أُمّك عند اللّه وعند الناس أجمعين.
وجدّي خير من جدّك وأفضل عند اللّه وعند الناس أجمعين.
وأنا في المهد ناغاني جبرئيل(1) وتلقّاني إسرافيل، يا عليّ! أنت عند اللّه تعالى أفضل منّي، وأنا أفخر منك بالآباء والأُمّهات والأجداد.
قال: ثمّ إنّ الحسين علیه السلام اعتنق أباه، وجعل(2) يقبّله، وأقبل عليّ علیه السلام يقبّل ولده الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وهو يقول: زادك اللّه تعالى شرفاً وفخراً ( وتعظيما)(3) وعلماً وحلماً، ولعن اللّه تعالى ظالميك، يا أبا عبد اللّه!
ثمّ رجع الحسين علیه السلام إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
وهذا ما وجدناه مكتوباً على التمام والكمال، ونستغفر اللّه من الزيادة والنقصان، ونعوذ باللّه من سخط الرحمن(4).
ص: 217
97 - حكاية وفاة سلمان الفارسيّ رضي اللّه عنه:
حدّثنا الإمام شيخ الإسلام أبو الحسن بن عليّ بن محمّد المهديّ، وبالإسناد الصحيح عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال:
كنت مع سلمان الفارسيّ رحمه الله وهو أمير المدائن في زمان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وذلك أنّه قد ولاّه المدائن عمر بن الخطّاب، فقام إلى أن ولّي الأمر عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
قال الأصبغ: فأتيته يوما (زائراً)(2) وقد مرض مرضه الذي مات فيه.
ص: 218
قال: فلم أزل أعوده في مرضه حتّى اشتدّ به الأمر، وأيقن بالموت.
قال: فالتفت إليّ، وقال لي: يا أصبغ! عهدي برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (وقد أردفني يوماً وراءه، فالتفت إليّ و قال لي:)(1) يا سلمان! سيكلّمك ميّت إذا دنت وفاتك، وقد اشتهيت أن أدري وفاتي دنت أم لا؟
فقال الأصبغ: بماذا تأمر به؟ يا سلمان يا أخي!
قال له: تخرج وتأتيني بسرير وتفرش عليه ما يفرش للموتى، ثمّ تحملني بين أربعة، فتأتون بي إلى المقبرة.
فقال الأصبغ: حبّاً وكرامة.
فخرجت مسرعاً وغبت ساعة وأتيته بسرير، وفرشت عليه ما يفرش للموتى، ثمّ أتيته بقوم حملوه حتّى أتوا به إلى المقبرة.
فلمّا وضعوه فيها، قال لهم: يا قوم! استقبلوا بوجهي القبلة، (فلمّا استقبل القبلة بوجهه)(2) نادى بعلوّ صوته: السلام عليكم يا أهل عرصة البلاء!(3) السلام عليكم يا محتجبين عن الدنيا!
قال: فلم يجبه أحد، فنادى ثانية: السلام عليكم يا من جعلت المنايا لهم غذاء! السلام عليكم يا من جعلت الأرض عليهم غطاء! السلام عليكم يا من لقوا أعمالهم في دار الدنيا! السلام عليكم يا منتظرين النفخة الأولى! سألتكم باللّه العظيم، والنبيّ الكريم! إلاّ أجابني منكم مجيب، فأنا سلمان الفارسيّ مولى
ص: 219
رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فإنّه قال لي: يا سلمان! إذا دنت وفاتك سيكلّمك ميّت، وقد اشتهيت أن أدري دنت وفاتي أم لا؟
فلمّا سكت سلمان من كلامه، فإذا هو بميّت قد نطق من قبره، وهو يقول:
السلام عليك(1) ورحمة اللّه وبركاته، يا أهل البناء والفناء المشتغلون بعرصة الدنيا! ها نحن لكلامك(2) مستمعون، ولجوابك مسرعون، فسل عمّا بدالك، يرحمك اللّه تعالى. قال سلمان: أيّها الناطق بعد الموت! المتكلّم بعد حسرة الفوت، أ من أهل الجنّة (أنت بعفوه)(3)؟ أم من أهل النار (بعدله)(4)؟فقال: يا سلمان! أنا ممّن أنعم اللّه تعالى عليه بعفوه وكرمه، وأدخله جنّته برحمته، فقال له سلمان: الآن يا عبد اللّه! صف لي الموت كيف وجدته؟ وماذا لقيت منه؟ وما رأيت؟ وما عاينت؟
قال: مهلاً، يا سلمان! فواللّه، إنّ قرضاً بالمقاريض ونشراً بالمناشير، لأهون عليّ من غصّة الموت(5)، (ولسبعون ضربة بالسيف أهون عليّ من نزعة من نزعات الموت.
فقال سلمان: ما كان حالك في دار الدنيا؟ قال:)(6) اعلم! أنّي كنت في دار
ص: 220
الدنيا ممّن ألهمني اللّه تعالى الخير، وكنت أعمل به وأؤدّي فرائضه، وأتلو كتابه، وأحرص في برّ الوالدين، وأجتنب الحرام والمحارم، وأنزع عن المظالم(1)، وأكُدُّ الليل والنهار في طلب الحلال، خوفاً من وقفة السؤال.
فبينا أنا في ألذّ عيش، وغبطة، وفرح، وسرور، إذ مرضت وبقيت في مرضي أيّاماً حتّى انقضت من الدنيا مدّتي (وقرب موتي)(2)، فأتاني عند ذلك شخص عظيم الخلقة، فظيع المنظر، فوقف مقابل وجهي، لا إلى السماء صاعداً ولا إلى الأرض نازلاً، فأشار إلى بصري فأعماه، و إلى سمعي فأصمّه، و إلى لساني فأخرسه(3).
فصرت لا أبصر ولا أسمع، فعند ذلك بكوا أهلي وأعواني، وظهر خبري إلى إخواني وجيراني.
فقلت له عند ذلك: من أنت يا هذا الذي أشغلتني عن مالي وأهلي وولدى؟
فقال: أنا ملك الموت، أتيتك لأنقلك من دار الدنيا إلى دار الآخرة، فقد انقضت مدّتك(4) وجاءت منيّتك، فبينا هو كذلك يخاطبني إذ أتاني شخصان، وهما أحسن خلق اللّه ما رأيت أحسن منهما، فجلس(5) أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي، فقالا لي: السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، قد جئناك
ص: 221
بكتابك فخذه الآن، وانظر ما فيه، فقلت لهم: أيّ كتاب لي أقرؤه؟
قالا: نحن الملكان اللذان كنّا معك في دار الدنيا، نكتب مالك وما عليك، فهذا كتاب عملك، فنظرت في كتاب الحسنات، وهو بيد الرقيب، فسرّني ما فيه، وما رأيت من الخبر فضحكت عند ذلك، وفرحت فرحاً شديداً.
ونظرت إلى كتاب السيّئات وهو بيد العتيد، فساءني (ما رأيت)(1) وأبكاني، فقالا لي: أبشر! فلك الخير.
ثمّ دنا منّي الشخص الأوّل، فجذب الروح، فليس من جذبة يجذبها إلاّ وهي تقوم مقام كلّ شدّة من السماء إلى الأرض، فلم يزل كذلك حتّى صارت الروح في صدري، ثمّ أشار إليّ بحربة(2) لو أنّها وضعت على الجبال لذابت، فقبض روحي من عرنين أنفي، فعلا من أهلي عند ذلك(3) الصراخ، وليس من شيء يقال ويفعل إلاّ وأنا به عالم، فلمّا اشتدّ صراخ القوم وبكاؤهم جزعاً عليّ، فالتفت إليهم ملك الموت بغيظ وقنوط، وقال: معاشر القوم! ممّ بكاؤكم، فواللّه! ما ظلمناه فتشكوا، ولا اعتدينا عليه فتصيحوا وتبكوا(4)، ولكن نحن وأنتم عبيد ربّ واحد، ولو أمرتم فينا كما أمرنا فيكم لامتثلتم فينا كما امتثلنا فيكم.
واللّه! ما أخذناه حتّى فنى رزقه، وانقطعت مدّته، وصار إلى ربّ كريم يحكم فيه ما يشاء، وهو على كلّ شيء قدير، فإن صبرتم أُجرتم، و إن جزعتم أثمتم،
ص: 222
كم لي من رجعة إليكم آخذ البنين والبنات والآباء والأُمّهات.
ثمّ انصرف عند ذلك عنّي، والروح معه.
فعند ذلك أتاه ملك آخر فأخذها منه وتركها في ثوب (أخضر)(1) من حرير وصعد بها، ووضعها بين يدي اللّه في أقلّ من طبقة جَفْن (على جفن)(2)، فلمّا حصلت الروح بين يدي ربّي سبحانه وتعالى، وسألها عن الصغيرة والكبيرة، وعن الصلاة، والصيام في شهر رمضان، وحجّ بيت اللّه الحرام، وقراءة القرآن، والزكاة، والصدقات، وسائر الأوقات والأيّام، وطاعة الوالدين، وعن قتل النفس بغير الحقّ، وأكل مال اليتيم، وعن مظالم العباد، وعن التهجّد بالليل والناس نيام، وما يشاكل ذلك.
ثمّ من بعد ذلك ردّت الروح إلى الأرض بإذن اللّه تعالى.
فعند ذلك أتاني غاسل فجرّدني من أثوابي، وأخذ في تغسيلي، فنادته الروح:
يا عبد اللّه! رفقاً بالبدن الضعيف، فواللّه! ما خرجت من عرق إلاّ انقطع، ولا عضو إلاّ انصدع، فواللّه! لو سمع الغاسل ذلك القول ما غسّل ميّتاً أبداً.
ثمّ إنّه أجرى عليّ الماء وغسّلني ثلاثة أغسال، وكفّنني في ثلاث أثواب، وحنّطني في حنوط، وهو الزاد الذي خرجت به إلى دار الآخرة.
ثمّ جذب الخاتم من يدي اليمنى بعد فراغه من الغسل، ودفعه إلى الأكبر من ولدي، وقال: آجرك اللّه تعالى في أبيك، وأحسن لك الأجر والعزاء، ثمّ أدرجني في الكفن ولفّني، ونادى أهلي وجيراني، وقال: هلمّوا إليه بالوداع، فأقبلوا عند
ص: 223
ذلك لوداعي، فلمّا فرغوا من وداعي حملت على سرير من خشب.
والروح(1) عند ذلك بين وجهي وكفني حتّى وضعت للصلاة، فصلّوا عليّ، فلمّا فرغوا من الصلاة وحملت إلى قبري ودلّيت فيه فعاينت هولاً عظيماً.
يا سلمان! يا عبد اللّه! اعلم أنّي (لمّا وقعت من سريري إلى لحدي تخيّل لي، أنّي)(2) قد سقطت من السماء إلى الأرض في لحدي، وشرج عليّ اللبن، وحثى التراب عليّ (وواروني)(3).
فعند ذلك سلبت الروح من اللسان، وانقلب السمع والبصر، فلمّا نادىالمنادي بالانصراف أخذت بالندم، (وبكيت من القبر وضيقه وضغطه)(4)،
وقلت: ياليتني كنت من الراجعين(5)!
فجاوبني مجيب من(6) جانب القبر: «كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآلءِلُهَا وَ مِن وَرَآلءِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ »(7).
فقلت له: من أنت يا هذا الذي تكلّمني وتحدّثني؟!
ص: 224
فقال: أنا منبّه، (فقلت له: من أنت يا منبّه؟)(1).
قال: أنا ملك وكّلني اللّه عزّ وجلّ بجميع خلقه لأنبّههم بعد مماتهم ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم بين يدي اللّه عزّ وجلّ، ثمّ إنّه جذبني وأجلسني، وقال لي:
اكتب عملك، فقلت: إنّي لا أحصيه.
فقال لي: أما سمعت قول ربّك: «أَحْصَلهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ»(2)، ثمّ قال لي:
اكتب وأنا أملي عليك، فقلت: أين البياض؟
فقال: رقّ، فجذب جانباً من كفني، فإذا هو رقّ، فقال(3): هذه صحيفتك.
فقلت: من أين القلم؟
قال: سبّابتك، فقلت: من أين المِداد؟
قال: ريقك، ثمّ أملى عليّ ما فعلته في دار الدنيا، فلم يبق من أعمالي صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها، (ثمّ تلا عليّ: «لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَلهَا)(4) وَ وَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا»(5).
ثمّ إنّه أخذ الكتاب، وختمه بخاتم، وطوّقه في عنقي، فخيّل لي أنّ جبال الدنيا جميعاً قد طوّقوها في عنقي(6).
فقلت له: يا منبّه! ولم تفعل بي هكذا؟
ص: 225
قال: ألم تسمع قول ربّك: «وَ كُلَّ إِنسَنٍ أَلْزَمْنَهُ طَلءِرَهُو فِى عُنُقِهِى وَ نُخْرِجُ لَهُو يَوْمَ الْقِيَمَةِ كِتَبًا يَلْقَلهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَبَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا»(1)؟
فهذا تخاطب به يوم القيامة ويؤتى بك وبكتابك بين عينيك منشوراً، تشهد فيه على نفسك، ثمّ انصرف عنّي، فأتاني منكر بأعظم منظر، وأوحش شخص، وبيده عمود من الحديد، لو اجتمعت عليه أهل الثقلين ما حرّكوه (من ثقله، فروّعني، وأزعجني وهدّدني، ثمّ إنّه قبض بلحيتي وأجلسني)(2)، ثمّ إنّه صاح بي صيحة لو سمعها أهل الأرض لماتوا جميعاً.
ثمّ قال لي: يا عبد اللّه! أخبرني من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ وما أنت عليه؟ وما قولك في دار الدنيا؟
فاعتقل لساني من فزعه وتحيّرت في أمري، وما أدري ما أقول، وليس في جسمي عضو إلاّ فارقني من (الفزع، وانقطعت أعضائي، وأوصالي)(3)
من الخوف، فأتتني رحمة من ربّي فأمسك بها قلبي، وأطلق بها لساني، فقلت له:
يا عبد اللّه! لما تفزعني، وأنا (مؤمن)(4)، اعلم! أنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأنّ اللّه ربّي، ومحمّد نبيّي، والإسلام ديني، والقرآن كتابي، والكعبة قبلتي، و عليّ إمامي، والمؤمنون إخواني، (وأنّ الموت حقّ،
ص: 226
والسؤال حقّ، والصراط حقّ، والجنّة حقّ، والنار حقّ، وأنّ الساعة لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور)(1).
فهذا قولي واعتقادي، وعليه ألقى ربّي في معادي.
فعند ذلك قال لي: الآن أبشر يا عبد اللّه! بالسلامة، فقد نجوت ومضى عنّي، وأتاني نكير وصاح بي صيحة هائلة أعظم من الصيحة الأولى، فاشتبكت أعضائي بعضها في بعض كاشتباك الأصابع، ثمّ قال: هات الآن عملك، يا عبد اللّه!
فبقيت حائراً متفكّراً في ردّ الجواب، فعند ذلك صرف اللّه عنّي شدّة الروع والفزع، وألهمني حجّتي، وحسن اليقين والتوفيق.
فقلت عند ذلك: يا عبد اللّه! رفقاً بي (ولا تُزْعجني)(2)، فإنّي قد خرجت من الدنيا، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده و رسوله، (وأنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، والأئمّة الطاهرين من ذرّيّته أئمّتي، وأنّ الموت حقّ)(3)، وأنّ الجنّة حقّ، والنار حقّ، والصراط حقّ، والميزان حقّ، (والحساب حقّ)(4)، ومساءلة منكر ونكير حقّ، والبعث حقّ، وأنّ الجنّة وما وعد اللّه فيها من النعيم حقّ، وأنّ النار وما وعد اللّه فيها من العذاب حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور.
ص: 227
ثمّ قال: يا عبد اللّه! أبشر بالنعيم الدائم، والخير المقيم.
(ثمّ إنّه أضجعني وقال: نم نومة العروس، ثمّ إنّه فتح لي باباً من عند رأسي إلى الجنّة، وباباً من عند رجلى إلى النار)(1)، ثمّ قال: يا عبد اللّه! انظر إلى ما صرت إليه من الجنّة والنعيم، و إلى ما نجوت به من نار الجحيم.
ثمّ سدّ الباب التي من عند رجلي، وأبقى الباب الذي من عند رأسي مفتوحا إلى الجنّة، فجعل يدخل عليّ من روح الجنّة ونعيمها، وأوسع لحدي مدّ البصر (وأسرج لي سراجاً أضوأ من الشمس والقمر)(2) ومضى عنّي.
فهذه صفتي وحديثي وما لقيته من شدّة الأهوال، (وأنا أشهد أنّ مرارة الموت في حلقي إلى يوم القيامة)(3)، (وأنا أشهد أن لا إله الاّ اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ الموت حقّ على طرف لساني)(4)، فراقب اللّه أيّها السائل! خوفا من وقفة المسائل، (وخف من هول المطلع، وما قد ذكرته لك هذا الذي لقيته وأنا من الصالحين)(5).
قال: ثمّ انقطع عند ذلك كلامه. (فقال سلمان للأصبغ ومن كان معه: هلمّوا إليّواحملوني، فلمّا وصل إلى المنزل)(6) قال(7): حطّوني رحمكم اللّه!
ص: 228
فحطّيناه(1) إلى الأرض، فقال: أسندوني، فأسندناه.
ثمّ رمق بطرفه إلى السماء، وقال: يا من بيده ملكوت كلّ شيء و إليه ترجعون، وهو يجير ولا يجار عليه، بك آمنت، ولنبيّك اتّبعت، وبكتابك صدّقت، وقد أتاني(2) ما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد! أقبضني إلى رحمتك، وأنزلني كرامتك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك، وأشهد أنّ محمّداً عبدك ورسولك(3)، (وأنّ عليّا أمير المؤمنين و إمام المتّقين والأئمّة من ذرّيّته أئمّتي وسادتي)(4).
فلمّا كمل شهادته قضى نحبه، ولقي ربّه رضى الله عنه.
قال: فبينا نحن كذلك إذ أتى رجل على بغلة شهباء ملتثماً(5)، فسلّم علينا، فرددنا السلام عليه.
فقال: يا أصبغ! جدّوا في أمر سلمان، فأخذنا في أمره فأخذ معه حنوطاً وكفنا، فقال: هلمّوا! فإنّ عندي ماينوب عنه، فأتيناه بماء ومغسل فلم يزل يغسّله بيده حتّى فرغ، وكفّنه، وصلّينا عليه، ودفنّاه ولحّده عليّ بيده(6).
ص: 229
فلمّا فرغ من دفنه وهمّ بالانصراف، تعلّقت بثوبه، فقلت له(1): يا أمير المؤمنين! كيف كان مجيئك؟ ومن أعلمك بموت سلمان؟.
قال: فالتفت إليّ علیه السلام ، وقال: آخذ عليك يا أصبغ عهداً للّه وميثاقه أنّك لا تحدّث بها أحداً مادمت حيّاً في دار الدنيا.
فقلت: يا أمير المؤمنين! أموت قبلك؟
فقال: لا، يا أصبغ! بل يطول عمرك.
قلت له: يا أمير المؤمنين! خذ عليّ عهداً وميثاقا، فإنّي لك سامع مطيع، إنّي لا أحدّث به أحداً حتّى يقضي اللّه من أمرك ما يقضي، وهو على كلّ شيء قدير.
فقال لي: يا أصبغ! بهذا عهدني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (2)، فإنّي قد صلّيت هذه الساعة بالكوفة وقد خرجت اُريد منزلي.
فلمّا وصلت إلى منزلي انضجعت(3) فأتاني آت في منامي، وقال: يا عليّ! إنّ سلماناً قد قضى، فركبت بغلتي وأخذت معي ما يصلح للموتى، فجعلت أسير فقرّب اللّه لي البعيد، فجئت كما تراني.
وبهذا أخبرني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ إنّه دفنه وواراه، فلم أدر(4) أ صعد إلى
ص: 230
السماء أم في الأرض نزل.
فأتينا الكوفة(1) والمنادي ينادي لصلاة المغرب، فحضر عندهم عليّ علیه السلام .
وهذا ما كان من حديث وفاة سلمان الفارسيّ رضى الله عنه على التمام والكمال والحمد للّه حقّ حمده(2).
ص: 231
98 - خبر آخر: قال جامع هذا الكتاب: حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع عشر ذي القعدة، سنة إحدى وخمسين وستّمائة، وتاج الدين نقيب الهاشميّين يخطب بالناس على أعواده، فقال بعد حمد اللّه تعالى والشكر عليه، وذكر الخلفاء بعد الرسول.
وقال في حقّ عليّ علیه السلام : إنّ جبرئيل علیه السلام نزل على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وبيده أُترجّة(1) فقال له: يا رسول اللّه! الحقّ يقرئك السلام، ويقول: قد أتحفت ابن عمّك عليّ بن أبي طالب علیه السلام بهذه التحفة، فسلّمها إليه.
(فسلّمها إلى عليّ علیه السلام )(2)، فأخذها بيده وشقّها نصفين، فظهر في نصف منها حريرة من سندس الجنّة عليها مكتوب: تحفة من الطالب (الغالب)(3) إلى عليّ ابن أبي طالب. وهو خبر مليح(4).
ص: 232
ص: 233
99 - وعن القارونيّ(1) حكاية عنه: أنّه قام يوماً على منبره، ومجلسه يومئذ مملوّ بالناس في جمادي الآخرة من سنة اثنين وخمسين وستّمائة بواسط، فذكر ما رواه عن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّه قال: كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في مسجده، وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار إذ نزل عليه جبرئيل علیه السلام وقال له: يا محمّد!
الحقّ يقرئك السلام، ويقول لك: أحضر عليّا علیه السلام واجعل وجهك مقابل وجهه، ثمّ عرج إلى السماء، فدعا رسول اللّه بعليّ علیه السلام فأحضره وجعله مقابل وجهه.
فنزل جبرئيل ثانية ومعه طبق فيه رطب، فوضعه بينهما، ثمّ قال: كُلا، فأكلا، ثمّ أحضر طستاً و إبريقاً، وقال: يا رسول اللّه! قد أمرك اللّه أن تصبّ الماء على يد عليّ بن أبي طالب. فقال النبيّ: السمع والطاعة للّه ولما أمرني به ربّي، ثمّ أخذ الإبريق، وقام يصبّ الماء على يد عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فقال له عليّ علیه السلام : يا رسول اللّه! أنا أولى بأن أصبّ (الماء)(2) على يدك، فقال له: يا عليّ! اللّه سبحانه أمرني بذلك. وكان كلّما صبّ على يد عليّ الماء لا يقع منه قطرة في الطست، فقال: يا رسول اللّه! ما أرى تقع قطرة من الماء في الطست؟!
فقال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! إنّ الملائكة علیهم السلام يتسابقون على أخذ الماء الذي يقع من يدك، فيغسلون به وجوههم ويتباركون به(3).
ص: 234
100 - وعنه رضى الله عنه قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
من قال: لا إله إلاّ اللّه فتحت له أبواب السماء.
ومن تلاها بمحمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم تهلّل وجه الحقّ سبحانه وتعالى فاستبشر بذلك.
ومن تلاها بعليّ وليّ اللّه غفر اللّه له ذنوبه، ولو كانت بعدد قَطْر المطر(1)(2).
101 - وعنه رضى الله عنه قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
عليّ خير من أترك بعدي(3)، فمن أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني(4).
ص: 235
102 - وعن ابن مسعود، قال: كنت عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ليلة وفد الجنّ، فتنفّس الصُعَداء(1)، فقلت: خيرا، يا رسول اللّه!
قال: نعيت(2) إلى نفسي.
فقلت: أ لا توصي يا رسول اللّه؟
فقال: إلى من؟ يا ابن مسعود!
فقلت: إلى أبي بكر، فأطرق هنيئة ثمّ رفع رأسه، فتنفّس الصُعَداء.
فقلت: خيراً يا رسول اللّه!
فقال: نعيت إلى نفسي.
فقلت: أ لا توصي؟
فقال: إلى من؟ يا ابن مسعود!
فقلت: إلى عمر، فأطرق رأسه هنيئة، ثمّ رفع رأسه، فتنفّس الصعداء.
فقلت: خيراً يا رسول اللّه!
فقال: (نعيت إلى نفسي.
ص: 236
فقلت: أ لا توصي يا رسول اللّه!
فقال: إلى من؟ يا ابن مسعود!
فقلت: إلى عثمان، فأطرق رأسه هنيئة، ثمّ رفع رأسه، وتنفّس الصعداء.
فقلت: يا رسول اللّه فداك أبي وأُمّي! ممّ تتنفّس؟
قال: يا ابن مسعود! نعيت إلى نفسي.
فقلت: أ لا توصي يا رسول اللّه!
فقال:)(1) إلى من؟ يا ابن مسعود!
فقلت: إلى عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فقال: يا ابن مسعود! والذي(2) نفسي بيده، لو اتّبعوا آثار قدميه لدخلوا الجنّة أجمعين(3).
ص:237
ص: 238
103- خبر آخر مليح: قيل: لمّا آخى اللّه سبحانه وتعالى بين الملائكة، آخى بين جبرئيل وميكائيل، فقال سبحانه وتعالى: إنّي (قد)(1) آخيت بينكما وجعلت عمر أحد كما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر أخاه بالحياة دون نفسه؟
فاختار كلّ منهما الحياة.
فقال عزّ وجلّ: أفلا تكونان مثل عليّ بن أبي طالب حيث آخيت بينه وبين حبيبي محمّد، وقد آثره بالحياة على نفسه في هذه الليلة، وقد بات على فراشه يفديه بنفسه، اهبطا فاحفظاه من عدوّه.
فهبطا إلى الأرض، فجلس جبرئيل علیه السلام عند رأسه وميكائيل علیه السلام عند رجليه، وهما يقولان: بخّ بخّ لك يا ابن أبي طالب! من مثلك؟! وقد باهى اللّه تعالى بك ملائكة السماوات، وفاخر بك(2).
ص: 239
ص: 240
104 - خبر آخر: عن عمّار بن ياسر رضى الله عنه قال: كنت عند أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب علیه السلام في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوّ نملاً(1)، فقلت:
يا أمير المؤمنين! أ ترى يكون أحد من خلق اللّه تعالى يعلم (كم)(2) عدد هذا النمل؟
قال: نعم، يا عمّار! أنا أعرف رجلاً يعلم عدده، وكم فيه ذكر، وكم فيه أنثى.
فقلت: من ذلك الرجل، يا مولاى!
فقال: يا عمّار! (أ ما)(3) قرأت في سورة يس: «وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ»(4)؟
فقلت: بلى، يا مولاي!
فقال: أنا ذلك الإمام المبين(5).
ص: 241
ص: 242
105 - خبر آخر: قيل: جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبيها رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وهي باكية، فقال لها: ما يبكيك؟ يا قرّة عينى! لا أبكى اللّه لك عيناً.
قالت: يا أبي: إنّ نساء قريش يعيّرنني(1) ويقلن: إنّ أباك زوّجك بفقير لا مال له!
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : يا فاطمة! اعلمي أنّ اللّه اطّلع على الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك، ثمّ اطّلع اطّلاعة ثانية، فاختار منها بعلك ابن عمّك، ثمّ أمرني أن أزوّجك به، أفلا ترضين أن تكوني زوجة من اختاره اللّه، وجعله لك بعلاً؟
فقالت علیه السلام : رضيت وفوق الرضا يا رسول اللّه! صلّى اللّه عليك(2).
ص: 243
ص: 244
106 - خبر آخر: وعن أبي سعيد الخدريّ، (عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم )(1) في قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(2).
قال: نزلت في محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (3) وأهل بيته حين جمع عليّا وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، ثمّ أدار عليهم الكساء وقال: «إنّ هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
وكانت أُمّ سلمة قائمة في الباب، فقالت: يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ! وأنا منهم؟
فقال لها: يا أُمّ سلمة! أنت على خير، أنت على خير(4).
ص: 245
ص: 246
107 - خبر آخر: وعن إبراهيم بن مهران، أنّه قال: كان بالكوفة رجل (تاجر)(1) يكنّى بأبي جعفر، وكان حسن المعاملة مع اللّه تعالى، ومن أتاه من العلويّين يطلب منه شيئاً أعطاه، ويقول(2): لغلامه: يا هذا! اكتب هذا ما أخذ عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
وبقي على ذلك زماناً ثمّ قعد به الوقت وافتقر، فنظر يوماً في حسابه فجعل كلّ ما هو عليه اسم حيّ من غرمائه بعث إليه يطالبه، ومن مات ضرب(3) على اسمه، فبينا هو جالس على باب داره، إذ مرّ به رجل فقال: ما فعل(4) بمالك، عليّ ابن أبي طالب علیه السلام .
فاغتمّ لذلك غمّاً شديداً ودخل منزله، فلمّا جنّه الليل رأى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وكان الحسن والحسين علیهماالسلام يمشيان أمامه، فقال لهما النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ما فعل أبوكما؟
فأجابه عليّ علیه السلام من ورائهما: ها أنا، يا رسول اللّه!
فقال له: لم لا تدفع إلى هذا الرجل حقّه؟
ص: 247
فقال عليّ علیه السلام : يا رسول اللّه! هذا (حقّه قد جئت به.
فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ادفعه إليه، فأعطاه كيسا من صوف أبيض، فقال: إنّ هذا)(1) حقّك، فخذه فلا تمنع من جاء إليك(2) من ولدي يطلب شيئاً، فإنّه لا فقر عليك بعد هذا.
قال الرجل: فانتبهت والكيس في يدي، فناديت زوجتي وقلت لها: هاك(3)،
فناولتها الكيس، و إذا فيه ألف دينار.
فقالت لي: يا ذا الرجل! اتّق اللّه تعالى، ولا يحملك الفقر (والشيطان)(4) على أخذ ما لا تستحقّه، و إن كنت خدعت بعض التجّار على ماله فاردده إليه.
فحدّثتها بالحديث، فقالت: إن كنت صادقاً فأرني حساب عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فأحضر الدستور وفتحه فلم يجد فيه شيئاً من الكتابة بقدرة اللّه تعالى(5).
ص: 248
108 - خبر آخر: عن عبد اللّه بن عبّاس أنّه قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : حبّ عليّ علیه السلام حسنة لا تضرّ معها سيّئة، وبغضه سيّئة لا تنفع معها حسنة(1).
109 - وعنه صلی الله علیه و آله وسلم قال: خلقت أنا وعليّ من نور واحد، فمحبيّ محبّ عليّ، ومبغضي مبغض عليّ(2)(3).
ص: 249
110 - وعن ابن عبّاس رضى الله عنه برواية عكرمة مولاه، قال:
مررنا بجماعة وقد أخذوا في سبّ عليّ علیه السلام ، فقال لي مولاي عبد اللّه بن عبّاس: أدنني من القوم، فأدنيته منهم.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : يا قوم! من السابّ للّه تعالى؟!
فقالوا: معاذ اللّه، يا ابن عمّ رسول اللّه!
فقال من السابّ لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟!
فقالوا: ما كان ذلك.
قال: فمن السابّ لعليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟!
قالوا: كان ذلك.
فقال: واللّه! لقد سمعت رسول اللّه بهاتي أُذنيّ(1) و إلاّ صمّتا، أنّه قال:
ص: 250
من سبّ عليّا فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ اللّه تعالى، ومن سبّ اللّه تعالى ألقاه اللّه على منخريه في النار(1).
ص: 251
111 - وقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم :
أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب(1).
ص: 252
ص: 253
112 - قيل: دخل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو في منزل أُمّ سلمة، ورأسه في حجر جبرئيل، وهو في صورة دحية الكلبيّ، فسلّم وجلس.
فقال له جبرئيل: وعليك السلام، ورحمة اللّه وبركاته، يا أمير المؤمنين! خذ رأس ابن عمّك وضعه في حجرك، فأنت أولى به منّي، فأخذ رأس(1)
رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ووضعه في حجره.
فاستيقظ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فرأى رأسه في حجر ابن عمّه عليّ علیه السلام ، فقال له:
يا عليّ! وأين الرجل (الذي كان رأسي في حجره)(2)؟
فقال له: يا رسول اللّه! ما رأيت إلاّ دحية الكلبيّ.
فقال له: ما قال لك عند دخولك؟
فقال: لمّا دخلت سلّمت عليه، فقال: وعليك السلام يا أمير المؤمنين!
قال: هنيئا لك يا عليّ!(3)، فإنّه الروح الأمين أخي جبرئيل، وهو أوّل من
ص: 254
سلّم عليك بإمرة المؤمنين(1).
ص: 255
113 - وعنه علیه السلام قال: دعاني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ذات ليلة من الليالي، وهي ليلة مدلهمّة سوداء، فقال لي: خذ سيفك ومرّ في جبل أبي قبيس، فكلّ من رأيته على رأسه، فاضربه بهذا(1) السيف.
فقصدت الجبل(2)، فلمّا علوته وجدت عليه رجلاً أسود هائل المنظر، كأنّ عيناه جمرتان(3) فهالني منظره.
فقال: إليّ يا عليّ! فدنوت إليه وضربته بالسيف فقطعته نصفين، فسمعت الضجيج من بيوت مكّة بأجمعها.
ثمّ أتيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو بمنزل خديجة رضى الله عنه فأخبرته بالخبر، فقال:
أ تدري من قتلت؟ يا عليّ!
قلت: اللّه ورسوله أعلم، فقال: قتلت اللات والعزّى، واللّه! لا عادت تعبد بعدها أبداً(4).
ص: 256
114 - وعنه علیه السلام قال: دعاني رسول اللّه وهو بمنزل خديجة رضى الله عنه ذات ليلة، فلمّا صرت(1) إليه قال: اتّبعني يا عليّ!
فما زال يمشي وأنا خلفه، ونحن نخرق دروب مكّة حتّى أتينا الكعبة، وقد أنام اللّه تعالى كلّ عين، فقال لي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ!
قلت: لبّيك، يا رسول اللّه! قال: اصعد على كتفي، ثمّ انحنى النبيّ، فصعدت على كتفه، فقلّبت الأصنام على رؤوسها(2) ونزلت وخرجنا من الكعبة - شرّفها اللّه تعالى - حتّى أتينا منزل خديجة رضى الله عنه، فقال لي: إنّ أوّل من كسر الأصنام جدّك إبراهيم علیه السلام ، ثمّ أنت يا عليّ! آخر من كسر الأصنام.
فلمّا أصبحوا أهل مكّة وجدوا الأصنام منكوسة مكبوبة على رؤوسها، فقالوا: ما فعل هذا (بآلهتنا)(3) إلاّ محمّد وابن عمّه.
ثمّ لم يقم بعدها في الكعبة صنم(4).
ص: 257
ص: 258
115 - وقيل: دخل ضرار صاحب أمير المؤمنين عليّ علیه السلام على معاوية بن أبي سفيان بعد وفاته علیه السلام .
فقال معاوية لضرار: صف لي عليّا، وأخلاقه الرضيّة.
فقال ضرار: كان عليّ واللّه! شديد البأس والقوى(1)، بعيد المدى، يتفجّر الإيمان من جوانبه، وتنطق الحكمة على لسانه(2) فيقول فصلاً، ويحكم عدلاً.
فأقسم باللّه! فقد شاهدته في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله(3).
وهو قائم قابض على لحيته، يتململ تململ السليم(4)، ويإنّ أنين الحزين،
ويقول: يا دنيا! إليّ تعرّضت، أم إليّ تشوّقت، فغرّي غيري، لا حان حينك، أجلك قصير، وعيشك حقير، وفي قليلك حساب، وفي كثيرك عقاب، قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي إليك، آه! من بعد الطريق، وقلّة الزاد (وطول السفر)(5).
فقال معاوية: كان واللّه! عليّ أمير المؤمنين كذلك، فكيف حزنك عليه
ص: 259
يا ضرار؟ !
قال: حزن المرأة إذا ذبح ولدها في حجرها، (فلا ترقى عبرتها ولا ينفد حزنها)(1)قال: فلمّا سمع معاوية بكى، وبكى الحاضرون(2).
ص: 260
ص: 261
116 - وقيل: إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام صعد المنبر يوماً في البصرة بعد الظفر بأهلها، وقال: أقول قولاً، لا يقوله أحد غيري إلاّ كان كافراً:
أنا أخو نبيّ الرحمة، وابن عمّه، وزوج ابنته، وأبو سبطيه.
فقام إليه رجل من أهل البصرة، وقال: أنا أقول مثل قولك هذا: أنا أخو الرسول، وابن عمّه، ثمّ لم يتمّ كلامه حتّى إذا أخذته الرجفة، فمازال يرجف حتّى سقط ميّتاً، لعنه اللّه(1).
ص: 262
117 - وعنه علیه السلام : أنّه كان ذات يوم على منبر البصرة، إذ قال:
أيّها الناس! سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن طرق السماوات، فإنّي أعرف بها من طرق الأرض.
فقام إليه رجل من وسط القوم، وقال: أين جبرئيل في هذه الساعة؟
فرمق بطرفه إلى السماء، ثمّ رمق بطرفه إلى المشرق، ثمّ رمق بطرفه إلى المغرب فلم يجد موطناً، فالتفت إليه وقال: يا ذا الشيخ! أنت جبرئيل.
قال: فصفق طائراً من بين الناس.
فصيّح(1) عند ذلك الحاضرون، وقالوا: نشهد أنّك خليفة رسول اللّه حقّاً
صلوات اللّه عليه(2).
ص: 263
118 - وعن مقاتل بن سليمان، قال: قال جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام :
كان وصيّ آدم علیه السلام شيث بن آدم هبة اللّه، وكان وصيّ نوح علیه السلام سام، وكان وصيّ إبراهيم علیه السلام إسماعيل، وكان وصيّ موسى علیه السلام يوشع بن نون، وكان وصيّ داود علیه السلام سليمان، وكان وصيّ عيسى علیه السلام شمعون، وكان وصيّ محمّد صلی الله علیه و آله وسلم عليّ ابن أبي طالب علیه السلام ، وهو خير الأوصياء(1).
ص: 264
119 - حدّثنا محمّد بن عبد الجبّار العطّار مرفوعاً، روى عن زيد بن الحارث، عن سليمان الأعمش(1)، عن إبراهيم التميميّ، عن أبيه، عن أبي ذرّ الغفاريّ، قال:
بينا أنا (ذات يوم)(2) بين يدي رسول اللّه، إذ قام ثمّ ركع وسجد شكراً للّه تعالى، ثمّ قال: يا جندب! من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، و إلى نوح في فهمه، و إبراهيم في خلّته، وموسى في مناجاته، وعيسى في سياحته(3)، وأيّوب في صبره ببلائه.
فلينظر إلى هذا الرجل المقبل الذي هو الشمس والقمر الساري، والكوكب الدرّيّ، أشجع الناس قلباً، وأسخاهم كفّاً، فعلى مبغضيه لعنة اللّه تعالى.
ص: 265
قال: فالتفت الناس لينظرون من هو المقبل، و إذا بعليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
ص: 266
ص: 267
120 - قال: حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد المدنيّ(1)، قال: حدّثني
عبد اللّه بن هاشم، عن الكلبيّ، قال: أخبرني ميمون بن مصعب المكّيّ بمكّة، قال:
كنّا عند أبي العبّاس بن سابور المكّيّ، فأخرجنا(2) حديث أهل الردة فذكرنا
خولة الحنفيّة ونكاح أمير المؤمنين علیه السلام لها.
فقال أخبرني (أبو الحسن)(3) عبد اللّه بن أبي الخير الحسينيّ(4)، قال: بلغني أنّ الباقر محمّد بن عليّ علیهماالسلام كان جالساً ذات يوم إذ جاءه رجلان فقالا:
يا أبا جعفر! أ لست القائل: إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب لم يرض بإمامة من تقدّم؟
قال: بلى.
فقالا له: هذه خولة الحنفيّة نكحها من سبيهم (وقبل هديّتهم)(5)، ولم يخالفهم عن أمرهم مدّة حياتهم.
فقال الباقر علیه السلام : من فيكم يأتيني بجابر بن (عبد اللّه بن)(6) حزام.
ص: 268
وكان محجوباً قد كفّ بصره، فحضر فسلّم على الباقر علیه السلام ، (فردّ عليه السلام)(1) وأجلسه إلى جانبه، وقال له: يا جابر! عندي رجلان ذكرا: أنّ أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب علیه السلام رضي بإمامة من تقدّم عليه.
فسألهما الحجّة في ذلك، فذكرا له خولة.
فبكى جابر حتّى اخضلّت لحيته(2) بالدموع، ثمّ قال: واللّه يا مولاي! لقد خشيت أن أخرج من الدنيا ولا أُسأل عن هذه المسألة، و إنّي واللّه! كنت جالساً إلى جانب أبي بكر، وقد سبوا بني حنفيّة (بعد قتل)(3) مالك بن نويرة من قبل خالد بن الوليد، وبينهم جارية مراهقة.
فلمّا دخلت المسجد قالت: أيّها الناس! ما فعل محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
قالوا: قبض، فقالت: هل له بنية نقصدها؟
فقالوا: نعم، هذه تربته صلی الله علیه و آله وسلم .
فنادت: السلام عليك يا رسول اللّه! أشهد أن لا إله الاّ اللّه، وأشهد أنّك عبده ورسوله، وأنّك تسمع كلامي وتقدر على ردّ جوابي، وأنّنا سبينا من بعدك، ونحن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك محمّد رسول اللّه، ثمّ جلست.
فوثب رجلان من المهاجرين والأنصار أحدهما طلحة، والآخر الزبير، فطرحا عليها ثوبيهما (فقالت: ما بالكم يا معاشر العرب! تصونون حلائلكم وتهتكون حلائل غيركم، فقيل لها: لمخالفتكم اللّه ورسوله حين قلتم(4): لا نزكّي
ص: 269
ولا نصلّي، (أو نصلّي فلا نزكّي؟
فقالت لهما: واللّه! ما قالها أحد من بني حنفيّة، و إنّا نضرب صبياننا على الصلاة من التسع، وعلى الصيام من السبع، و إنّا لنخرج الزكاة من حيث يبقى في جمادي الآخرة عشرة أيّام، ويوصي مريضنا بها لوصيّة، واللّه يا قوم! ما نكثنا ولا غيّرنا، ولا بدّلنا حتّى تقتلوا رجالنا وتسبوا حريمنا، فإن كنت يا أبا بكر بحقّ! فما بال عليّ لم يكن سبقك علينا؟ و إن كان راضياً بولايتك فلم لا ترسله إلينا يقبض الزكاة منّا ويسلّمها إليك؟
واللّه! ما رضي ولا يرضى، قتلت الرجال، ونهبت الأموال، وقطعت الأرحام، فلا نجتمع معك في الدنيا ولا في الآخرة، افعل ما أنت فاعله.
فضجّ الناس)(1)، وقال الرجلان اللذان طرحا عليها ثوبيهما:)(2) إنّا لمغالون في ثمنك.
فقالت: أقسمت باللّه! وبمحمّد رسول اللّه! إنّه لا يملكني ويأخذ رقّي(3) إلاّ من يخبرني (بما رأت أُمّي وهي حامل بي؟، وأيّ شيء قالت لي عند ولادتي؟، وما العلامة التي بيني وبينها؟ و إلاّ فإن ملكني منكم أحد، ولم يخبرني)(4) بذلك بقرت(5) بطني بيدي، فيذهب ثمني و لا يطالب بدمي(6).
ص: 270
فقالوا لها: أ تدري بالرؤيا؟ حتّى نذكر و نقول عبارتها.
فقالت(1): الذي يملكني هو أعلم بالرؤيا منّي، وبالعبارة من الرؤيا.
فأخذ طلحة والزبير ثوبيهما وجلسا، فدخل أمير المؤمنين علیه السلام ، وقال: ما هذا الرجف في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
فقالوا: يا أمير المؤمنين! امرأة من حنفيّة(2) حرّمت نفسها(3) على المؤمنين، وقالت: من أخبرني بالرؤيا التي رأت أُمّي، وهي حامل بي(4) وعدّها لي، فهو يملكني.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : ما ادّعت باطلاً، أخبروها تملكوها.
فقالوا: يا أبا الحسن! ما فينا من يعلم الغيب، أما علمت أنّ ابن عمّك رسول اللّه قبض، وأنّ أخبار السماء انقطعت من بعده.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : ما ادّعت باطلاً، أخبرها أملكها بغير اعتراض.
قالوا: نعم.
فقال علیه السلام : يا حنفيّة! أخبرك أملكك؟
فقالت: من أنت؟ أيّها المخبر(5) دون أصحابه!.
فقال: أنا عليّ بن أبي طالب.
ص: 271
فقالت: لعلّك الرجل الذي نصبه لنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم صبيحة يوم الجمعة بغدير خمّ(1) علماً للناس؟
فقال: أنا ذلك الرجل.قالت: من أجلك أصبنا، ومن نحوك أتينا، لأنّ رجالنا قالوا: لا نسلّم صدقات أموالنا، ولا طاعة نفوسنا إلاّ إلى من نصبه(2) محمّد صلی الله علیه و آله وسلم فينا وفيكم علماً.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : إنّ أجركم غير ضائع، و إنّ اللّه تعالى يؤتي كلّ نفس ما أتت من خير، ثمّ قال: يا حنفيّة! أ لم تحمل بك أُمّك في زمان قحط منعت السماء قطرها، والأرض نباتها، و غارت العيون حتّى أنّ البهائم كانت تريد المرعى فلا تجد، وكانت أُمّك تقول: إنّك حمل ميشوم في زمان غير مبارك.
فلمّا كان بعد تسعة أشهر رأت في منامها كأن وضعتك، وأنّها تقول: إنّك حمل ميشوم وفي زمان غير مبارك، وكأنّك تقولين: يا أُمّي! لا تطيّرين بي، فإنّي حمل(3) مبارك، نشوت نشوا صالحا، ويملكني سيّد، وأرزق منه ولدا يكون لحنفيّة عزّا.
فقالت: صدقت، يا أمير المؤمنين! فإنّه كذلك.
فقال: وبه أخبرني ابن عمّي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
فقالت: ما العلامة بيني وبين أُمّي؟
ص: 272
فقال: إنّها لمّا وضعتك كتبت كلامك والرؤيا التي رأتها في لوح(1) من نحاس وأودعته عَتَبة الباب، فلمّا كان بعد حولين عرضته عليك فأقررت به، فلمّا كانت ستّ سنين(2) عرضته عليك فأقررت به، ثمّ جمعت بينك وبين اللوح.
فقالت: لك يا بنيّة! إذا نزل بساحتكم(3) سافك لدمائكم، وناهب لأموالكم،
وسابّ لذراريكم، وسبيت فيمن سبي، فخذي اللوح معك، واجتهدي أن لا يملكك من الجماعة إلاّ من يخبرك بالرؤيا، وبما في هذا اللوح.
قالت: صدقت، يا أمير المؤمنين! فأين اللوح؟
قال: في عقيصتك(4).
فعند ذلك دفعت اللوح إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام فملكها(5)،
(ثمّ قالت: يا معاشر الناس! اشهدوا أنّي قد جعلت نفسي له عبدة.
فقال علیه السلام : بل قولي: زوجة، فقالت: اشهدوا أن قد زوّجت نفسي كما أمرني، بعليّ علیه السلام .
فقال علیه السلام : قد قبلتك زوجة، فماج الناس.
فقال جابر:)(6) واللّه! يا أبا جعفر! ملّكها بما ظهر من حجّة و
ص: 273
121 - وعن عبد اللّه بن عبّاس رضى الله عنه، قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام :
علّمني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ألف باب من العلم، ففتح لي من كلّ باب ألف باب.
قال: فبينا(1) أنا معه علیه السلام بذي قار(2).
وقد أرسل ولده الحسن علیه السلام إلى الكوفة ليستنفر أهلها، فيستعين بهم على حرب الناكثين من أهل البصرة، إذ قال لي: يا ابن عبّاس!
قلت: لبّيك، يا أمير المؤمنين!.
قال: فسوف يأتي ولدي الحسن من هذه الكور(3) ومعه عشرة آلاف فارس وراجل، لا يزيد فارس ولا ينقص فارس(4).
قال ابن عبّاس رضى الله عنه: فلمّا طالعنا الحسن علیه السلام (5) بالجند لم يكن لي همّ إلاّ
مسائلة الكاتب عن كميّة الجند.
فقال لي: عشرة آلاف فارس وراجل.
ص: 275
قال: فعلمت أنّ ذلك العلم من تلك الأبواب التي علّمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (1)
ص: 276
122 - وقيل: لمّا ماتت فاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين علیه السلام أقبل عليّ علیه السلام ، وهو باك، فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ما يبكيك؟، لا أبكى اللّه لك عينا.
قال: توفّيت أُمّي(1)، يا رسول اللّه!
فقال له النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : بل والدتي يا عليّ! فلقد كانت تجوع أولادها وتشبعني، وتشعث أولادها وتدهنني.
واللّه! لقد كانت في دار أبي طالب نخلة، وكنّا نتسابق إليها من الغداة(2) لنلتقط ما يقع منها في الليل، وكانت رضى الله عنه تأمر جاريتها و تلتقط ماتحتها(3) من الغلس ثمّ تجنيه(4)، فيخرج بنو عمّي فتناولني ذلك.
ثمّ نهض صلی الله علیه و آله وسلم وأخذ في جهازها، وكفّنها بقميصه، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدماً ويتأنّى في الآخر، وهو حافي القدم، فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرة، ثمّ وسّدها في اللحد بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها، و لقّنها الشهادتين(5).
ص: 277
فلمّا أهيل عليها التراب، وأراد الناس الانصراف جعل يقول صلی الله علیه و آله وسلم : ابنك ابنك، لا جعفر ولا عقيل، عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فقالوا له: يا رسول اللّه! فعلت فعلاً ما رأينا قطّ مثله، مشيت متأنّياً حافي القدم(1)، وكبّرت سبعين تكبيرة، ونومك في لحدها، وجعلت قميصك عليها، وقولك لها ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل؟!
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : أمّا التأنّي في وضع أقدامي في حال تشييع الجنازة فلكثرة ازدحام الملائكة.
(وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة، فإنّها صلّى بها سبعون(2) صفّاً من الملائكة)(3).
وأمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرت لها في حال حياتها ضغطة القبر، فقالت:
واضعفاه، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك.
وأمّا تكفينها بقميصي فإنّي ذكرت لها القيامة وحشر الناس عراة، فقالت:
واسوأتاه(4)، فكفّنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة(5).
وأمّا قولي لها: ابنك، ابنك، فإنّه لمّا نزل عليها الملكان(6) وسألاها عن ربّها، فقالت: اللّه ربّي، وقالا لها: من نبيّك؟
ص: 278
فقالت: محمّد نبيّي، وقالا لها: من وليّك و إمامك؟
فاستحيت أن تقول ولدي، فقلت لها: قولي ولدك عليّ بن أبي طالب، ابنك ابنك، فأقرّ اللّه تعالى بذلك عينها(1).
ص: 279
123 - وقيل: كان مولانا أمير المؤمنين علیه السلام يخرج من الجامع بالكوفة فيجلس معه ميثم التمّار رضى الله عنه يحادثه، فقال له ذات يوم: أ لا أبشرّك يا ميثم؟
(قال: بماذا يا أمير المؤمنين!؟
فقال: إنّك تموت مصلوبا، فقال: يا مولاى! وأنا على دين الإسلام؟
ثمّ قال له: أتريد يا ميثم!)(1) أن أريك(2) الموضع الذي تصلب فيه، والنخلة
التي تعلّق عليها و على جذعها؟
فقال: نعم، يا أمير المؤمنين! فجاء به إلى رحبة الصيارفة(3)، وقال له: ههنا، ثمّ أراه نخلة، فقال له: يا ميثم! على جذع هذه النخلة.
فما زال ميثم رضى الله عنه يتعاهد النخلة حتّى قطعت وشقّت نصفين فسقف بنصف منها و بقي النصف الآخر، فما زال يتعاهد النصف في الموضع، ويقول لبعض جوار الموضع: يا فلان! إنّي مجاورك عن قريب فأحسن جواري.
فيقول ذلك في نفسه: يريد ميثم أن يشتري داراً في جواري، ولا يعلم ما يريد بقوله حتّى قبض أمير المؤمنين علیه السلام ، وظفر(4) معاوية بأصحابه، فأخذ ميثم التمّار
ص: 280
فيمن أخذ، فأمر معاوية بصلبه(1)، فصلب على تلك الخشبة في ذلك المكان.
فلمّا رأى ذلك الرجل أنّ ميثم قد صلب في جواره قال: «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ»(2)، ثمّ أخبر الناس بقصّة ميثم وبما قال له في حال حياته.
وما زال ذلك الرجل يكنس تحت تلك الخشبة، ويبخرها ويصلّي عندها(3)
ويكرّر الرحمة عليه رضى الله عنه(4).
ص: 281
124 - وممّا رواه ابن عبّاس، أنّه قال:
كنت في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وقد قرأ القارى ء: «فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُو يُسَبِّحُ لَهُو فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَ الْأَصَالِ»(1).
فقلت: يا رسول اللّه! ما البيوت؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : بيوت الأنبياء علیهم السلام ، وأومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء عليهاالسلام(2).
ص: 282
125 - وعنه رضى الله عنه قال: وقد أقبل عليّ بن أبي طالب علیه السلام (إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم )(1)، فقالوا له: يا رسول اللّه! جاء أمير المؤمنين علیه السلام .
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ عليّا سمّي بأمير المؤمنين(2) قبلي.
فقيل: قبلك، يا رسول اللّه؟!
فقال: وقبل موسى وعيسى. قالوا: وقبل موسى وعيسى، يا رسول اللّه؟!
قال: وقبل سليمان وداود(3)، ولم يزل يعدّ حتّى عدّ الأنبياء كلّهم إلى آدم علیهم السلام ، ثمّ قال علیه السلام : إنّه لمّا خلق اللّه آدم طيناً خلق بين عينيه درّة(4) تسبّح اللّه وتقدّسه.
فقال عزّ وجلّ: لأسكننّك رجلاً أ جعله أمير الخلق أجمعين، فلمّا خلق اللّه تعالى عليّ بن أبي طالب علیه السلام أسكن الدرّة فيه، فسمّي أمير المؤمنين علیه السلام قبل خلق آدم علیه السلام (5).
ص: 283
126 - وقال أمير المؤمنين علیه السلام ، لمّا بايعه الملعون عبد الرحمن بن ملجم:
تاللّه! إنّك غير وفّي ببيعتي(1) ولتخضبنّ هذه من هذه، وأشار (بيده)(2) إلى كريمته (ورأسه)(3)فلمّا أهلّ شهر رمضان جعل يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين علیهماالسلام . فقال علیه السلام في بعض الليالي: كم مضى من الشهر؟
فقالا له: كذا وكذا يوماً.
فقال لهما: في العشر الآخر(4) تفقدان أباكما، فكان كما قال علیه السلام (5).
ص: 284
ص: 285
127 - ومن فضائله علیه السلام : انّه لمّا سار إلى صفّين أعوز أصحابه الماء (فشكو إليه الماء)(1)، فقال: سيروا في هذه البرّيّة، واطلبوا الماء!
فساروا يميناً وشمالاً وطولاً وعرضاً، فلم يجدوا ماءً، فوجدوا صومعة وبها راهب، فنادوه وسألوه عن الماء، فذكر: أنّه يجلب إليه في كلّ أسبوع مرّة واحدة، فرجعوا إلى أمير المؤمنين فأخبروه بما قال الراهب.
فقال علیه السلام : الحقوا بي(2)، ثمّ سار غير بعيد، فقال: احفروا هاهنا، فحفروا فوجدوا صخرة عظيمة، فقال: أقلبوها تجدوا تحتها الماء.فتقدّم إليها أربعون رجلاً فلم يحرّكوها، فقال علیه السلام : إليكم عنها، فتقدّم وحرّك شفتيه بكلام لم يعلم ما هو، ثمّ دحاها بالهواء كالكرة في الميدان.
فقال الراهب وهو ينظر إليه، و قد أشرف عليه: من أين أنت يا فتى! فنحن أنزل في كتابنا: أنّ هذا الدير بني على البئر والعين، وأنّها لا يظهرها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ، فأيّهما أنت؟
قال: أنا وصيّ خير الأنبياء، أنا وصيّ سيّد الأنبياء، أنا وصيّ خاتم النبيّين، أنا ابن عمّ قائد الغرّ المحجّلين، أنا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين.
قال: فلمّا سمع الراهب نزل من الصومعة، وخرج ومشى، وهو يقول: مدّ يدك،
ص: 286
فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه، وأنّ عليّ بن أبي طالب وصيّه وخليفته من بعده.
قال: ثمّ شرب المسلمون من العين، وماؤها أبيض من الثلج وأحلى من العسل، فرووا منه، وسقوا خيولهم، وملؤوا رواياهم.
ثمّ أعاد صلوات اللّه عليه وآله الصخرة إلى موضعها، ثمّ ارتحل من نحوها إلى ديارهم(1) .
ص: 287
ص: 288
128 - قال: أخبرنا الواقديّ(1) عن جابر، عن سلمان الفارسيّ رضى الله عنه، قيل:
جاء إلى عمر بن الخطّاب غلام يافع، فقال له: إنّ أُمّي جحدت حقّي من ميراث أبي وأنكرتني، وقالت: لست بولدي.
فأحضرها، وقال لها: لم جحدت ولدك هذا الغلام، وأنكرتيه؟(2)
قالت: إنّه كاذب في زعمه، ولي شهود بأنّي بكر عاتق ما عرفت بعلاً.
وكانت قد رشت سبعة نفر(3) كلّ واحد بعشرة دنانير (وقالت لهم:
اشهدوا)(4)، بأنّي بكر لم أتزوّج ولا أعرف بعلاً(5).
فقال لها عمر بن الخطّاب: أين شهودك؟
فأحضرتهم بين يديه، فقال: بم تشهدون؟ فقالوا له: نشهد أنّها بكر(6)
لم يمسّها ذكر ولا بعل.
فقال الغلام: بيني وبينها علامة أذكرها لها عسى تعرف ذلك.
ص: 289
فقال له: قل مابدا لك.
فقال الغلام: فإنّه كان والدي شيخ سعد بن مالك يقال له: الحارث المزنيّ و إنّي رزقت في عام شديد المَحل(1)، وبقيت عامين كاملين أرضع شاة، ثمّ إنّني كبرت وسافر والدي مع جماعة في تجارة، فعادوا ولم يعد والدي معهم، فسألتهم عنه؟
فقالوا: إنّه درج، فلمّا عرفت والدتي الخبر أنكرتني وأبعدتني، وقد أخّرتني الحاجة(2).
فقال عمر: هذا مشكل لا يحلّه إلاّ(3) نبيّ أو وصيّ نبيّ، فقوموا بنا إلى أبي الحسن عليّ علیه السلام ، فمضى الغلام وهو يقول: أين منزل كاشف الكروب؟ أين خليفة هذه الأُمّة حقّاً؟
فجاؤوا به إلى منزل عليّ بن أبي طالب كاشف الكروب، ومحلّ المشكلات، فوقف هناك يقول: يا كاشف الكروب عن هذه الأُمّة.
فقال له الإمام: (وما لك؟ يا غلام!
فقال: يا مولاي! أُمّي جحدتني حقّي وأنكرتني، وزعمت أنّي لم أكن ولدها.
فقال الإمام علیه السلام )(4): أين قنبر؟ فأجابه لبّيك يا مولاي!
ص: 290
فقال له: امض واحضر الامرأة إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله،فمضى قنبر وأحضرها بين يدي الإمام، فقال لها: ويلك لم جحدت ولدك؟
فقالت: يا أمير المؤمنين! أنا بكر ليس لي ولد، ولم يمسسني بشر(1).
فقال لها: لا تطيلي الكلام(2) بابن عمّ بدر التمام ومصباح الظلام.
(فقال: و إنّ جبرئيل أخبرني بقصتّك)(3).
قالت: يا مولاي! احضر قابلة تنظرني، أنا بكر عاتق أم لا.
فاحضروا قابلة أهل الكوفة(4)، فلمّا خلت بها(5) أعطتها سواراً كان في عضدها، وقالت لها: اشهدي بأنّي بكر، فلمّا خرجت من عندها قالت له: يا مولاي! إنّها بكر.
فقال علیه السلام : كذبت العجوز، يا قنبر! عرّينّ العجوز(6) وخذ منها السوار.
قال قنبر: فأخرجته من كتفها، فعند ذلك ضجّ الخلائق.
فقال الإمام علیه السلام : اسكتوا! فأنا عيبة علم النبوّة.
ثمّ أحضر الجارية، وقال لها: يا جارية! أنا زين الدين، أنا قاضي الدين، أنا أبو الحسن والحسين علیهماالسلام إنّي أريد أن أزوّجك من هذا الغلام المدّعي عليك،
ص: 291
فتقبليه منّي زوجاً؟
فقالت: لا، يا مولاي! أ تبطل شرع محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ؟!
فقال لها: بما ذا؟
فقالت: تزوّجني بولدي، كيف يكون ذلك؟!
فقال الإمام: «جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(1)، لم لا يكون هذا منك قبل هذه الفضيحة؟
فقالت: يا مولاي! خشيت على الميراث(2).
فقال لها علیه السلام : استغفري اللّه تعالى وتوبي إليه.
ثمّ إنّه علیه السلام أصلح بينهما وألحق الولد بوالدته وبإرث أبيه، وصلّى اللّه على محمّد وآله(3).
ص: 292
ص: 293
129 - وممّا روي عنه علیه السلام : أنّه كان جالساً في جامع الكوفة إذ أتاه جماعة من أهل الكوفة، فشكوا إليه زيادة الفرات وطغيان الماء.
فنهض علیه السلام وقصد الفرات حتّى وقف عليه بموضع يقال: باب المروحة، وأخذ القضيب بيده اليمني وحرّك شفتيه بكلام لا نعلمه، وضرب(1) بالقضيب الماء
ضربة، فهبط نصف ذراع، فقال لهم: يكفي هذا؟
فقالوا: لا، يا أمير المؤمنين! ثمّ ضرب ثانية فهبط نصف ذراع آخر، فقال لهم:
يكفي هذا؟
فقالوا: لا، يا أمير المؤمنين!
فقال بكلام لا نعرفه، وضربه ثالثة، فنقص ذراع آخر، فقال: يكفي هذا؟
فقالوا: نعم، يا أمير المؤمنين، فقال: والذي فلق الحبّة(2) وبرى ء النسمة! لو شئت لبيّنت لكم(3) الحيتان في قراره.
وهذه فضيلة لا يقدر عليها أحد سواه، ولا نقل مثلها عن غيره علیه السلام (4).
ص: 294
ص: 295
130 - وممّا روي: أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم كان يقول: تفوح روائح الجنّة من قبل قرن(1)، واشوقاه إليك يا أويس القرنيّ! ألا ومن لقيه فليقرئه عنّي السلام.
فقيل: يا رسول اللّه! ومن أويس قرن؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إن غاب لم يفقدوه، و إن ظهر لم يكترثوا به، يدخل في شفاعته إلى الجنّة مثل ربيعة ومضر (آمن بي)(2) وما رآني، ويقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين في صفّين(3).
تأمّل أيّها الطاعن بقلبك، وانظر بعينك هذه الآيات التي خصّه اللّه بها، والمعجزات التي شرّف اللّه بها هذا الإمام، وجعلها دالّة عليه وهداية إليه، «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنم بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَنم بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌعَلِيمٌ »(4)(5).
ص: 296
131 - وممّا روي من فضائله علیه السلام ، من حديث المقدسيّ ما يغني سامعه عمّا سواه، وهو ما حكي لنا:
أنّه كان رجل من أهل بيت المقدس ورد إلى مدينة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو حسن الثياب، مليح الصورة، فزار حجرة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقصد المسجد، ولم يزل ملازماً له مشتغلاً بالعبادة صائم النهار، قائم الليل.
وذلك في زمان عمر بن الخطّاب حتّى كان أعبد الخلق، والخلق يتمنّون أن يكونوا مثله، وكان عمر يأتي إليه ويسأله حاجة، فيقول المقدسيّ: الحاجة إلى اللّه تعالى.
ولم يزل على ذلك حتّى عزم الناس على الحجّ، فجاء المقدسيّ إلى عمر، وقال له: يا أبا حفص! قد عزمت على الحجّ، ومعي وديعة أحبّ أن تستودعها منّي إلى حين عودي من الحجّ.
فقال له عمر: هات الوديعة، فأحضر حُقّة(1) من عاج عليها قفل من حديد مختوم بخاتم الشابّ، (فتسلّمه عمر وخرج الشابّ)(2) مع الوفد.
ص: 297
وخرج عمر إلى الوفد، وقال للمتقدّم على الوفد: أوصيك بهذا الشابّ(1)
(خيرا، فرجع عمر.
وكان في الوفد(2) امرأة من الأنصار، فما زالت تلاحظ المقدسيّ)(3)، وتنزل
بقربه حيث نزل.
فلمّا كان في بعض الأيّام دنت منه، وقالت: يا شابّ! إنّي أرقّ واللّه! لهذا الجسم الناعم المترف(4)، كيف يلبس الصوف؟!
فقال لها: هذا جسم يأكله الدود، ومصيره إلى التراب، هذا له كثير.
فقالت: إنّي أغار على هذا الوجه المضيء كيف تشعثه (الشمس)(5)؟!
فقال لها: يا هذه! اتّقي اللّه وكفّي، فقد أشغلني كلامك عن عبادة ربّي.
فقالت له: لي إليك حاجة فإن قضيتها فلا كلام، و إن لم تقضها لي فما أنا بتاركتك حتّى تقضيها لي.
فقال لها: ما حاجتك؟
قالت: حاجتي أن تواقعني، فزجرها وخوّفها من اللّه تعالى.
ص: 298
فلم يردّها ذلك، وقالت: واللّه! لئن لم تفعل ما أمرتك به لأرمينّك بداهية من دواهي النساء ومكرهنّ لا تنجوا منها، فلم يلتفت إليها ولم يعبأ بكلامها.
فلمّا كان في بعض الليالي وقد سهر أكثر ليلته من عبادة ربّه ثمّ رقد في آخر الليل، وغلب عليه النوم فأتته، وتحت رأسه مزادة(1) فيها زاده، فانتزعتها من
تحت رأسه، وطرحت فيها كيساً فيه خمسمائة دينار، ثمّ عادتها إلى تحت رأسه.
فلمّا ثوّر(2) الوفد قامت الملعونة، وقالت: يا للّه! ويا للوفد! يا وفد اللّه! امرأة مسكينة، وقد سرقت نفقتها، وما لي إلاّ اللّه وأنتم.
فحبس المتقدّم الوفد وأمر رجالاً من الأنصار والمهاجرين أن يفتّشوا رحل الأنصار ( والمهاجرين)(3)، ففتّشوا الفريقين، فلم يجدوا شيئا، ولم يبق من الوفد إلاّ من فتّش رحله، ولم يبق إلاّ المقدسيّ.
فأخبروا متقدّم الوفد بذلك، فقال: يا قوم ما ضرّكم لو فتّشتموه، فله أسوة بالمهاجرين والأنصار، وما يدريكم أن يكون ظاهره مليحا وباطنه قبيحا(4)، ولم تزل لهم الإمرأة حتّى حملتهم على تفتيش رحله، فقصده جماعة من الوفد وهو قائم يصلّي، فلمّا رآهم أقبل عليهم، قال لهم: ما بالكم وما خبركم؟
قالوا: هذه الإمرأة الأنصاريّة ذكرت أنّها قد سرق لها نفقة كانت معها، وقد
ص: 299
فتّشنا رجال الوفد بأسرها، ونحن لا نتقدّم إلى رحلك إلاّ بإذنك لمّا سبق من وصيّة عمر بن الخطّاب فيما يعود إليك.
فقال: يا قوم! ما يضرّني ذلك، فتّشوا ما أحببتم، وهو واثق من نفسه، فأوّل ما نفضوا المزادة التي فيها زاده، فوقع منها الهميان.فصاحت الملعونة: اللّه أكبر! هذا واللّه! كيسي ومالي، وهو كذا دينار، وفيه عقد لؤلؤ، وزنه كذا وكذا مثقالاً، فاختبروه فوجدوه كما قالت الملعونة.
فمالوا عليه بالضرب الموجع والسبّ والشتم، وهو لا يجيب جوابا، فسلسلوه(1) وقادوه راجلاً إلى مكّة، فقال لهم: يا وفد اللّه! بحقّ هذا البيت إلاّ تصدّقتم عليّ وتركتموني حتّى أقضي الحجّ، وأشهد اللّه تعالى عليّ ورسوله بأنّي إذا قضيت الحجّ عدت إليكم (وتركت يدي في أيديكم، فأوقع اللّه الرحمة في قلوبهم فأطلقوه، فلمّا قضى مناسك الحجّ وما وجب عليه من الفرائض عاد إلى القوم، وقال لهم: ها أنا عدت إليكم)(2)، فافعلوا بي ما تريدون.
فقال بعضهم لبعض: لو أراد المفارقة لما عاد إليكم، اتركوه، فتركوه فرجع الوفد طالبا مدينة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم .
فأعوز تلك الملعونة زادها في بعض الطريق، فوجدت راعيا، فسألته الزاد؟
فقال لها: عندي ما تريدين غير أنّي لا أبيعه، فإن آثرت تمكّنيني(3) من
ص: 300
نفسك، ففعلت وأخذت منه زادا، فلمّا انحرفت عنه عرض لها إبليس لعنه اللّه، فقال لها: يا فلانة! أنت حامل، فقالت: ممّن؟
فقال لها: من الراعي، فقالت: وافضيحتاه!
فقال لها: لا تخافي مع رجوعك إلى الوفد قولي لهم: إنّي سمعت قرائة المقدسيّ(1) فقربت منه، فلمّا غلبني النوم دنا منّي وواقعني، ولم أتمكّن من الدفع عن نفسي بعد الفوات، وقد حملت منه، وأنا إمرأة من الأنصار، وما معي جماعة من أهلي، ففعلت الملعونة ما أشار عليها اللعين(2) إبليس، فلم يشكّوا في قولها لما عاينوه أوّلاً من وجود المال في رحله، فعكفوا على الشابّ، وقالوا له: يا هذا! ما كفاك السرقة حتّى فسقت، فأوجعوه ضربا، وأوسعوه شتما وسبّا، وأعادوه إلى السلسلة، وهو لا يردّ جوابا.
فلمّا قربوا من المدينة على ساكنها السلام، خرج عمر ومعه جماعة من المسلمين للقاء الوفد، فلمّا قربوا منه لم يكن له همّ إلاّ السؤال عن المقدسيّ(3)؟
فقالوا: يا أبا حفص! ما أغفلك عنه، وقد سرق وفسق، وقصّوا عليه القصّة.
فأمر بإحضاره بين يديه وهو مسلسل، فقال: ويلك، يا مقدسيّ! أ تظهر خلاف ما يظنّ فيك حتّى فضحك اللّه تعالى، واللّه! لأنكلنّ بك أشدّ نكال، وهو لا يردّ جوابا.
فاجتمع الخلق عليه، وازدحم الناس إليه لينظروا ما يفعل به، و إذا بنور قد
ص: 301
سطح، فتأمّله الحاضرون، و إذا عيبة(1) علم النبوّة عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فقال: ما هذا الرهج(2) في مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟!
فقالوا له: يا أمير المؤمنين! الشابّ المقدسيّ الزاهد، (قد سرق وفسق .
فقال علیه السلام : واللّه! ما سرق ولا فسق ولا حجّ أحد غيره.
قال: فلمّا أخبروا عمر قام قائما على قدميه فأجلسه مكانه، فنظر إلى الشابّ المقدسيّ)(3) مسلسلاً مطرقا إلى الأرض والإمرأة قائمة.
فقال لها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام : أنا محلّ المشكلات، وكاشف الكربات، ويلك! قصّي عليّ قصّتك، فأنا باب مدينة علم رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
فقالت: يا أمير المؤمنين! إنّ هذا الشابّ سرق مالي وقد شاهده الوفد في مزادته، وما كفاه ذلك حتّى كنت ليلة من الليالي قربت منه فاستغرقني بقراءته(4)، واستنامني ووثب إليّ فواقعني، وما تمكّنت من المدافعة عن نفسي خوفا من الفضيحة، وقد حملت منه.
فقال لها أمير المؤمنين علیه السلام : كذبت، يا ملعونة! فيما ادّعيت عليه.
يا أبا حفص! اعلم! أنّ هذا الشابّ مجبوب، ليس له إحليل، و إحليله في حُقّ من عاج، ثمّ قال: يا مقدسيّ أين الحُقّ؟
فعند ذلك رفع طرفه إلى السماء، وقال: يا مولاي! من علم بذلك علم
ص: 302
أين الحُقّ(1)؟
فالتفت علیه السلام إلى عمر وقال: يا أبا حفص! قم، هات وديعة هذا الرجل، فأرسل عمر وأحضر الحقّ ففتحوه، فإذا فيه خرقة من حرير وبها إحليله.
فعند ذلك قال الإمام: قم يا مقدسيّ! فقام، فقال: جرّدوه عن ثيابه لينظر ويتحقّق حاله(2) ممّن اتّهمه بالفسق، فجردّوه من ثيابه و إذا هو مجبوب، فضجّ العالم، فقال لهم: اسكتوا واسمعوا منّي حكومة أخبرني ابن عمّي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ قال: يا ملعونة! لقد تجرّيت على اللّه، ويلك! أ لم تأتي
إليه(3) وقلت له: كيت وكيت فلم يجبك إلى ذلك، فقلت له: واللّه! لأرمينّك بحيلة من حيل النساء لا تنجوا منها؟
فقالت: بلى، يا أمير المؤمنين! كان ذلك.
فقال علیه السلام : ثمّ إنّك استنمتيه فجئت بالكيس(4) فتركتيه في مزادته، أقرّي؟
فقالت: نعم، يا عليّ!
فقال علیه السلام : أشهدوا عليها، ثمّ قال لها: وهذا حملك من الراعي الذي طلبت منه الزاد، قال لك: إنّي لا أبيع الزاد ولكن مكّنيني من نفسك(5) وخذي حاجتك،
ص: 303
ففعلت ذلك وأخذت الزاد، وهو كذا وكذا، قالت: صدقت، يا عليّ!
وضجّ العالم فسكتهم، وقال لها: فلمّا خرجت من الراعي عرض لك شيخ صفته كذا وكذا فناداك، وقال لك: يا فلانة! لا بأس عليك، أنت حامل من الراعي، فصرخت وقلت: وا سوأتاه!
فقال: لا تخافي وقولي للوفد: استنامني وواقعني المقدسيّ، وقد حملت منه، فيصدّقوك لما قد ظهر(1) لهم من سرقته، ففعلت ذلك كما قال لك الشيخ؟فقالت: كان ذلك، يا أمير المؤمنين!
فقال ( علیه السلام : أ تعرفون ذلك الشيخ؟ فقالوا: لا، يا أمير المؤمنين!
فقال: هو)(2) اللعين إبليس، فعجب الناس من ذلك.
فقال عمر: يا أبا الحسن! ما تريد أن تصنع بها؟
فقال: يحفر لها في مقابر اليهود، وتدفن إلى نصفها، وترجم بالحجارة.
ففعل بها ذلك كما أمر مولانا أمير المؤمنين علیه السلام ، وأمّا المقدسيّ فلم يزل ملازم مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى أن قبض رضى الله عنه.
فعند ذلك قام عمر وهو يقول: لولا عليّ لهلك عمر، ولم يصدق إلاّ في ذلك، ثمّ انصرف الناس وقد عجبوا من حكومة عليّ بن أبي طالب علیه السلام (3).
ص: 304
132 - ومن فضائله علیه السلام ، قيل: إنّه كان في بعض غزواته، وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء، فرمق بطرفه إلى السماء، والناس قيام ينظرون.
فنزل جبرئيل وميكائيل علیهماالسلام ومع جبرئيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل، ووضعا السطل والمنديل بين يدي أمير المؤمنين علیه السلام ، فأسبغ الوضوء من ذلك الماء، ومسح وجهه الكريم بالمنديل.
فعند ذلك عرجا إلى السماء، والخلق ينظرون إليهما(1).
133 - ومن فضائله علیه السلام ، ما ورد عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال:
أعطيت ثلاثا وعليّ مشاركي فيها، وأعطي عليّ ثلاثة ولم أشاركه فيها.
فقيل: يا رسول اللّه! وما الثلاث التي شاركك فيها عليّ علیه السلام ؟
فقال: لواء الحمد لي وعليّ حامله، والكوثر لي وعليّ ساقيه، والجنّة لي وعليّ قاسمها. وأمّا الثلاث التي أعطي عليّا(2) ولم أشاركه فيها، فإنّه أعطي رسول اللّه صهرا ولم أعط مثله، وأعطي زوجته فاطمة الزهراء ولم أعط مثلها، وأعطي
ص: 305
ولديه الحسن والحسين علیهماالسلام ولم أعط مثلهما(1).
134 - ومن فضائله علیه السلام : أنّه كان هو وفاطمة علیهماالسلام ، فدخل عليهما رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهما يطحنان في الجاروش(2).
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : أيّكما أعيي؟
فقال عليّ علیه السلام : فاطمة، يا رسول اللّه! فقال: قومي يا بنيّة! فقامت، فجلس النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في موضعها مع عليّ علیه السلام ، فواساه بنفسه في الطحن للحبّ(3).
ص: 306
136 - ومن فضائله علیه السلام التي خصّه اللّه تعالى بها دون غيره: ما رواه من أثق إليه، وهو عمّار بن ياسر رضى الله عنه أنّه قال:
أتيت عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فقلت له: يا أمير المؤمنين! لي ثلاثة أيّام مكفل(1) أصوم وأطوي(2)، وما أقتات بيومي هذا(3)، وهو اليوم الرابع.
فقال لي عليّ علیه السلام : اتّبعني يا عمّار!، فطلع مولاي إلى الصحراء (وأنا خلفه إذ وقف بموضع واحتفر فظهر حُبّا(4) مملوّا دراهم، فأخذ من تلك الدراهم درهمين فناولني منهما درهما وأخذ واحدا، فقال له عمّار: يا أمير المؤمنين!)(5) لو أخذتمن ذلك(6) ما تستغنى به وتتصدّق منه، فما كان بذلك بأس.
فقال علیه السلام : يا عمّار! هذا بقدر(7) كفايتنا هذا اليوم.
ص: 308
ثمّ غطّاه وردمه(1) وانصرف عنه.
ثمّ انفصل عنه عمّار، وغاب مليّا ثمّ عاد (إلى الكنز وتطلّبه ولم يجده فجاء)(2)
إلى أمير المؤمنين علیه السلام فقال: يا عمّار! كأنّي بك وقد مضيت إلى الكنز تطلبه؟
فقال: يا أمير المؤمنين! واللّه، إنّي قصدت الموضع لآخذ من الكنز شيئا، فما وجدت له أثرا.
فقال علیه السلام : يا عمّار! لمّا علم اللّه تعالى أن لا رغبة لنا في الدنيا أظهرها لنا، ولمّا علم اللّه عزّ وجلّ أنّ لكم إليها رغبة أبعدها عنكم(3).
ص: 309
137 - «وعنه صلی الله علیه و آله وسلم » أنّه قال: أخبرني جبرئيل علیه السلام أنّه قال لي: مثل حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الناس مثل سورة(1) «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» في القرآن، فمن قرأها مرّة واحدة كان له ثواب ثلث القرآن.
ومن قرأها مرّتين كان له ثواب ثلثي القرآن.
ومن قرأها ثلاثا كان له ثواب (من قرأ القرآن كلّه.
وكذا حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام فمن أحبّه بلسانه كان له ثواب)(2) ثلث أُمّتك.
ومن أحبّه بلسانه وقلبه (كان له ثواب ثلثي أُمّتك.
ومن أحبّه بلسانه وقلبه)(3) وعمله كان له ثواب أُمّتك بأسرها(4).
ص: 310
ص: 311
138 - وفي ذكر اللوح المحفوظ الذي نزل به جبرئيل على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فيه ما ينفع للمستبصرين، وهو محذوف الأسانيد يرفع إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ رضى الله عنه، أنّه قال: قال أبو بصير، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام ، عن محمّد الباقر علیه السلام ، (أنّه)(1) قال لجابر: إنّ لي إليك حاجة، متى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك(2) عنها؟
فقال له جابر: أيّ الأوقات شئت، يا مولاي!(3).
فخلا به أبو جعفر علیه السلام ، فقال له: يا جابر! أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أُمّي فاطمة عليهاالسلام؟ وما أخبرتك به أُمّي أنّه كان في ذلك اللوح مكتوبا؟
قال جابر: أشهد باللّه لقد دخلت على أُمّك فاطمة عليهاالسلام في حال حياة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أهنّيها بولادة الحسين علیه السلام ، فرأيت في يدها لوحا أخضر، فظننت أنّه زمرّد، ورأيته مكتوبا بالنور الأبيض، فقلت لها: بأبي أنت وأُمّي يا بنت رسول اللّه! ما هذا اللوح؟
فقالت: هذا اللوح أهداه اللّه تعالى إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فيه اسم أبي واسم
ص: 312
بعلي واسم ابنيّ وأسماء الأوصياء(1) من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرّني به(2).
قال: فقلت لها: أرينيه يا ابنة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ! فأعطتنيه ونسخته.
فقال أبو جعفر علیه السلام : يا جابر! هل لك أن تعرضه عليّ؟
قال: نعم، يا ابن رسول اللّه! فأنت أحقّ به منّي.
قال أبو جعفر علیه السلام : فمشينا إلى منزل جابر رضى الله عنه(3)، قال أبو جعفر علیه السلام :
فأخرج لي صحيفة من رقّ فيها ما هذه صورته:بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللّه العزيز الرحيم إلى محمّد نبيّه ونوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين.
عظّم يا محمّد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، (إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، قاصم الجبّارين ومزيل الظالمين، وديّان يوم الدين)(4)، أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، فمن رجا فضل غيري وخاف غير عذابي أعذّبه عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين(5).
فإيّاي فاعبد، وعليّ فتوكّل، إنّي لم أبعث نبيّا وكملت أيّامه وانقضت مدّته إلاّ جعلت له وصيّا، و إنّي فضّلتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك(6) وسبطيك (حسنا وحسينا.
ص: 313
وجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه،)(1) وحسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد فيّ وأرفع الشهداء عندي درجة، وجعلت الكلمة التامّة معه والحجّة البالغة عنده، وبعترته أثيب وأعاقب.
أوّلهم عليّ بن الحسين سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين(2)، وابنه شبه جدّه المحمود محمّد الباقر علمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر الرادّ عليه كالرادّ عليّ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ولأسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، انتجبت(3) بعده موسى فتنة عمياء حندس لأنّ خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى.
وأنّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفي، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ.
ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في عليّ وليّي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوّة وأمتحنه بالاضطلاع بها، يقتله عفريت مستكبر، يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح(4) إلى جنب شرّ خلقي.
حقّ القول منّي لأسرّنّه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي، وموضع سرّي، وحجّتي على خلقي، لا يؤمن عبد به إلاّ جعلت الجنّة
ص: 314
مثواه، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار.
وأختم بالسعادة لابنه عليّ وليّي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، وأكمّل ذلك بابنه «م ح م د» رحمة للعالمين، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيّوب.
فيذلّ أوليائي في زمانه، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرنّ في نسائهم.
أولئك أوليائي حقّا، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس(1)، وبهم أكشف
الزلازل وأدفع الآصار(2) والأغلال.
«أُوْلَلءِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَ تٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُوْلَلءِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ»(3)، (عليهم صلواتي أجمعين، فهم حبلي الممدود الذي يخلفهم رسولي لوجود الكتاب معهم لا يفارقهم، ولا يفارقونه حتّى يردوا على رسولي في اليوم المعهود، وذلك يوم مشهود)(4).
قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك، إلاّ هذا
ص: 315
الحديث لكفاك، فصنه إلاّ عن أهله(1).
ص: 316
ص: 317
139 - «وروى أنس بن مالك قال:
سمعت بأُذنيّ أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم » يقول في حقّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام :
عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
ص: 318
140 - وعن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّه قال:
كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بيته، فغدا عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وكان يحبّ أن لا يسبقه أحد إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فدخل و إذا النبيّ في صحن داره، و إذا رأسه الكريم في حجر دحية بن حليفة الكلبيّ.
فقال له عليّ علیه السلام : كيف أصبح رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
فقال: بخير، يا أخا رسول اللّه!
فقال عليّ علیه السلام : جزاك اللّه تعالى عنّا خيرا أهل البيت.
فقال له دحية الكلبيّ: إنّي أحبّك، ولك عندي فرحة أزفّها إليك: أنت أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين، أنت سيّد ولد آدم ما خلا النبيّين والمرسلين، لواء الحمد بيدك يوم القيامة، أنت وشيعتك مع محمّد وحزبه تزفّون زفّا زفّا، وقد أفلح من والاك، وخسر من تخلّي عنك.
فمحبّ محمّد محبّك، (ومبغض محمّد مبغضك)(1)، ومبغضك لن تناله الشفاعة من محمّد، أدن منّي يا صفوة اللّه! فأنت أحقّ بأخيك منّي.
قال: فأخذ رأس رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في حجره، فاستيقظ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وقال: ما هذه الهمهمة؟!
فأخبره بالحديث، فقال صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! لم يكن دحية الكلبيّ، بل هو
ص: 319
جبرئيل، سمّاك بما سمّاك به اللّه عزّ وجلّ، وقد أمر بمحبّتك(1) في قلوب المؤمنين،
وبغضك في قلوب الكافرين(2).
ص: 320
141 - وعن عباية الأسديّ(1)، قال: بينا عبد اللّه بن عبّاس يحدّث الناس على زمزم إذ جاءه رجل، فقال: يا ابن عبّاس! ما تقول فيمن قال: لا إله إلاّ اللّه ثمّ لم يكفر ولا أتى بصوم(2) ولا صلاة ولا حجّ ولا قبلة ولا جهاد؟
فقال له ابن عبّاس: ويحك! سل عمّا يغنيك(3) ودع عنك ما لا يغنيك.
فقال له الرجل: ما جئت إلاّ لهذا الأمر، فقال: ممّن الرجل؟
قال: من الشام، قال: فأخبرني بما سألتك عنه؟
قال: ويحك، اسمع منّي! أنّ مثل عليّ بن أبي طالب علیه السلام كمثل موسى بن عمران علیهماالسلام إذ آتاه اللّه التوراة، فظنّ أنّه قد استوجب العلم كلّه حتّى صحب الخضر علیه السلام فأمر له وعلّمه ولم يحسده، وأنّكم حسدتم عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
وأمّا الغلام الذي قتله الخضر علیه السلام وكان قتله للّه تعالى رضىً ولموسى علیه السلام سخطا(4)، وخرق السفينة وكان خرقها للّه رضىً ولموسى سخطا.
وأنّ عليّا قتل الخوارج وكان قتلهم للّه رضىً ولأهل الضلالة سخطا، اسمع منّي! أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم تزوّج بزينب بنت جحش فأولم وليمة، وكان يدخل
ص:321
عليه عشرة عشرة، فلبث عندها أيّاما وليالي وتحوّل إلى بيت أُمّ سلمة رضى الله عنه.
فجاء عليّ علیه السلام وقام بالباب، (فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ بالباب رجلاً ليس برقّ ولا بخرق(1)، يحبّ اللّه تعالى ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله، قومي يا أُمّ سلمة!
فافتحي له الباب)(2).
(فقالت: أُمّ سلمة مجيبة لرسول اللّه: من الذي بلغ حظّه أن أقوم إليه بمحاسني ومحامدي ومعاضدي؟
فقال لها رسول اللّه كالمغضب: إيه! من يطع الرسول فقد أطاع اللّه، قومي فافتحي له الباب)(3).
فقامت وفتحت له الباب، فأخذ بعضدي الباب حتّى لم يسمع حسيسا، وعلم أنّها وصلت لمخدعها(4)، فدخل الإمام علیه السلام عند ذلك، وقال: السلام عليك يا رسول اللّه! ورحمة اللّه وبركاته.
(فقال صلی الله علیه و آله وسلم : وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته)(5)، يا قرّة عيني!
فقال صلی الله علیه و آله وسلم لها: يا أُمّ سلمة! أما تعرفيه؟
فقالت: بلى يا رسول اللّه! هذا عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
فقال: يا أُمّ سلمة! اشهدي له أنّه وصيّي، وولديه قرّة عيني وريحانتاي في
ص: 322
الدنيا والآخرة، (واشهدي)(1) يا أُمّ سلمة! أنّه خليفتي في أهلي، واشهدي أنّ لحمه لحمي ودمه دمي.
واشهدي يا أُمّ سلمة! (أنّه أوّل من يرد عليّ حوضي، وأنّه إمام المتّقين، وأنّه وليّي في الدنيا والآخرة، واشهدي يا أُمّ سلمة!)(2) أنّه قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي(3).
ص: 323
142 - وروى عبد اللّه بن محمّد بن أبي ذرّ، قال: حدّثني عيسى بن عبد اللّه مولى تميم، عن شيخ من قريش من بني هاشم، قال:
رأيت رجلاً بالشام قد اسودّ وجهه، وهو يغطّيه، فسألته عن سبب ذلك؟
فقال: نعم، قد جعلت للّه عليّ أن لا يسألني أحد عن ذلك إلاّ أجبته وأخبرته(1).
قال: كنت شديد الوقيعة في عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، كثير الذكر له، بينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني آت في منامي، فقال: أنت صاحب الوقيعة في عليّ؟!
فقلت: بلى، فضرب وجهي، وقد اسودّ فبقي كما ترى(2).
ص: 324
143 - وبهذا الإسناد يرفعه إلى بشير بن جنادة(1)، قال: كنت عند أبي بكر وهو في الخلافة، فجاء رجل فقال له: أنت خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
قال: نعم، قال: أعطني عدتي، قال: وما عدتك؟
فقال: ثلاث حثواث (يحثو لي رسول اللّه، فحثا له ثلاث حثواث)(2) من التمر الصيحاني، وكانت رسما على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فأخذها وعدّها فلم يجدها مثل ما يعهد من (رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فجاء وحذف بها عليه، فقال له أبو بكر: ما لك؟!
قال:)(3) خذها فما أنت خليفته، (فلمّا سمع ذلك)(4) قال: أرشدوه إلى أبي الحسن، قال: فلمّا دخلوا به على عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، ابتدأه الإمام بما يريده منه، وقال له: تريد حثواتك من رسول اللّه؟
قال: نعم، يا فتى، فحثا له عليّ علیه السلام ثلاث حثوات في كلّ حثوة ستّون(5) تمرة
لا تزيد واحدة على الأخرى.
ص: 325
فعند ذلك قال له الرجل: أشهد أنّك خليفة اللّه وخليفة رسوله حقّا، وأنّهم ليسوا بأهل لما جلسوا فيه.
قال: فلمّا سمع ذلك أبو بكر قال: صدق اللّه وصدق رسوله حيث يقول: ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكّة إلى المدينة: كفّي وكفّ عليّ في العدد سواء.
فعند ذلك كثر القيل والقال، فخرج عمر فسكتهم(1).
ص: 326
144 - وبالإسناد يرفعه إلى أنس بن مالك، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ اللّه تعالى خلق خلقا لا هم من الجنّ ولا هم من الإنس، يلعنون مبغضي عليّ بن أبي طالب.
قيل: يا رسول اللّه! من هم؟
قال: القنابر(1) ينادون في السحر على رؤوس الأشجار(2): ألا لعنة اللّه علىأعداء عليّ بن أبي طالب علیه السلام (3).
ص: 327
ص: 328
145 - وعن أبي طالب أحمد بن الفرج بن الأزهر، رفعه عن رجل له إلى سليمان بن سالم(1)، قال: أخبرني سليمان بن الأعمش(2) قال:
وجّه إليّ المنصور في جوف الليل أن أجب الخليفة، قلت: ما بعث إليّ إلاّ ليسألني عن بعض(3) فضائل عليّ بن أبي طالب علیه السلام (ولعلّي إن أخبرته قتلني)(4)، فتطهّرت وتكفّنت وتحنّطت، ثمّ كتبت وصيّتي وصرت إليه، فوجدت عنده عمرو بن عبيد(5)، فحمدت اللّه على ذلك فقلت في نفسي: وجدت عنده عونا صديقا من أهل البصرة.
فسلّمت عليه، فقال: ادن منّي يا سليمان! فدنوت منه، وأقبلت على عمرو بن عبيد أسأله مثل ما يعهد من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ففاح منّي رائحة الحنوط.
ص: 329
فقال: المنصور: يا سليمان! ما هذه الرائحة، واللّه! إن لم تصدّقني قتلتك(1).
فقلت: يا أمير المؤمنين! أتاني رسولك في جوف الليل، فقلت في نفسي: ما بعث إليّ في هذه الساعة إلاّ ليسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالب، فإن أخبرته قتلني، فكتبت وصيّتي ولبست كفني وتحنّطت.
قال: وكان متّكئا، فاستوى جالسا، وهو يقول: «لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم»، ثمّ قال: أ تكفرني يا سليمان! ما اسمي؟
قلت: أمير المؤمنين، قال: دعنا في هذه الساعة من هذا، ما اسمي؟
قلت: عبد اللّه بن [محمّد بن] عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب، قال:
صدقت، فأخبرني باللّه وبقرابتي من رسول اللّه! كم رويت من حديث في عليّ ابن أبي طالب علیه السلام ؟ وكم فضيلة سمعت من جميع الفقهاء؟
قال: قلت: شيئا يسيرا، يا أمير المؤمنين! مقدار عشرة آلاف حديثا، وما يزداد.
قال: يا سليمان! ألا أحدّثك بحديث في فضائل عليّ علیه السلام يأكل كلّ حديث رويته عن جميع الفقهاء، فإن حلفت لي أن لا ترويها إلى أحد من الشيعة، حدّثتك به.
قلت: لا أحلف، ولا أحدّث به.
قال: اسمع! كنت هاربا من بني مروان، وكنت أدور في البلدان أتقرّب إلى الناس بحبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام وفضائله، وكانوا يشرّفوني ويكرّموني
ص: 330
ويعطوني، حتّى وردت بلاد الشام، وأهل الشام(1) كلّما أصبحوا لعنوا عليّا بمساجدهم لأنّهم كلّهم خوارج وأصحاب معاوية، فدخلت مسجدا وفي نفسي منهم ما فيها، فأقيمت الصلاة(2) فصلّيت الظهر، وعليّ كساء خلق.
فلمّا سلّم الإمام اتّكأ على الحائط، وأهل المسجد حضور، وجلست ولم أرأحدا منهم يتكلّم توقيرا(3) منهم لإمامهم، فإذا بصبّيين قد دخلا المسجد.
فلمّا نظر الإمام إليهما قام، ثمّ قال: ادخلا، فمرحباً بكما ومرحباً بمن سمّيتما باسمهما، واللّه! ما سمّيتكما باسمهما إلاّ لأجل حبّي لمحمّد وآل محمّد.
فإذا اسم أحدهما الحسن، والآخر الحسين.
فقلت في نفسي: قد أصبت حاجتي، ولا قوّة إلاّ باللّه، وكان إلى جانبي شابّ فسألت منه من هذا الشيخ؟ ومن هذان الغلامان؟
فقال: الشيخ جدّهما، وليس في هذه المدينة أحد يحبّ عليّا سواه، فلذلك سمّاهما الحسن والحسين.
ففرحت فرحا شديدا، وكنت لا أخاف الرجال، فدنوت من الشيخ، وقلت:
هل لك في حديث أقرّ به عينك ؟
قال: ما أحوجني إلى ذلك، و إن أقررت عيني أقررت عينك، فعند ذلك قلت:
حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبيه، عن جدّه، عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال لي: من والدك؟ ومن جدّك؟
ص: 331
فعلمت أنّه يريد نسبي، فقلت: أنا عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس(1).
إنّه قال: كنّا مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم و إذا بفاطمة عليهاالسلام قد أقبلت تبكي، فقال لها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ما يبكيك؟، لا أبكى اللّه لك عينا.
فقالت: يا أبت! إنّ الحسن والحسين قد غربا وذهبا منذ اليوم، ولم أعلم أين ذهبا، و إنّ عليّا مشى على الدالية(2) منذ خمسة أيّام يسقي البستان، و إنّي قد استوحشت لهما، قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا أبا بكر! اذهب فاطلبهما، ويا عمر! اذهب فاطلبهما، وأنت يا فلان ويا فلان! فوجّه سليمان.
قال: ولم يزل يوجّه حتّى مضى سبعون رجلاً في طلبهما، فرجعوا ولم يصيبوهما.
فاغتمّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ثمّ قام فوقف على باب المسجد، وقال: «إلهي بحقّ إبراهيم خليلك، وبحقّ آدم صفوتك! إن كان قرّتا عيني في برّ أو بحر أو سهل أو جبل فاحفظهما وسلّمهما على قلب فاطمة سيّدة نساء العالمين».
قال: و إذا باب من السماء قد فتح، و إذا بجبرئيل قد نزل من عند ربّ العالمين(3)، وقال: السلام عليك يا رسول اللّه، الحقّ يقرئك السلام، ويقول لك:
لا تحزن ولا تغتمّ، الغلامان (هما)(4) الفاضلان في الدنيا والآخرة، وهما سيّدا
ص: 332
شباب أهل الجنّة، و إنّهما في حظيرة «أو حديقة» بني النجّار، وقد وكّلت بهما ملكا(1) يحفظهما إن قاما أو قعدا، أو ناما أو استيقظا.
قال: فعند ذلك فرح النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فرحا شديدا، فقام ومضى وجبرئيل علیه السلام عن يمينه والمسلمون حوله حتّى دخل حظيرة بني النجّار، فسلّم عليه ذلك الملك الموكّل بها، فردّ عليه السلام، والحسن والحسين نائمان، وهما متعانقان، وذلك الملك قد جعل جناحه تحتهما وجناحه الآخر فوقهما، وكلّ واحد منهما عليه درّاعة من شعر (أو صوف) والمداد على شفتيهما، فجثا النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على ركبتيه وانكبّ عليهما يقبّلهما، ويقول لهما: حبيبيّ!، حبيبيّ! حتّى استيقظا فرأيا جدّهما، فحمل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الحسن وحمل جبرئيل الحسين.
فخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم من الحظيرة.
قال: فحدّث من كان حاضرا عن ابن عبّاس، قال: كان يقول: كلّما قبّلهما وهما على كتفه وكتف جبرئيل علیه السلام : ومن أحبّكما فقد أحبّني، ومن أبغضكما فقد أبغضني، فقال أبو بكر: أعطني أحمل أحدهما يا رسول اللّه!
قال صلی الله علیه و آله وسلم : نعم المحمول، ونعم المطيّة، ونعم الراكبان هما، وأبوهما وأُمّهما خير منهما، ونعم من أحبّهما.
فلمّا خرجا ومضيا إذ تلقّاهما عمر، فقال: (يا رسول اللّه! أعطني حتّى أحمل أحدهما، فقال صلی الله علیه و آله وسلم : نعم المحمول، ونعم المطيّة، و)(2)نعم من أحبّهما.
قال: ولم يزل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم سائرا حتّى دخل المسجد، وقال: واللّه! لأشرّفنّ اليوم ولديّ كما شرّفهما اللّه تعالى، ثمّ قال: يا بلال! ناد في الناس: أن يجتمعوا،
ص: 333
فاجتمع الناس، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : معاشر المسلمين! بلّغوا عن نبيّكم ما تسمعونه منه اليوم، أ لا أدلّكم اليوم على خير الناس جدّا وجدّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه!
قال: الحسن والحسين، جدّهما محمّد رسول اللّه، وجدّتهما خديجة بنت خويلد سيّدة نساء أهل الجنّة، أيّها الناس! أ لا أدلّكم على خير الناس أبا وأُمّا؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه!
قال: الحسن والحسين، فإنّ أبوهما عليّ بن أبي طالب، وأُمّهما فاطمة بنت رسول اللّه (و إنّ أباهما خير منهما، يحبّ اللّه ويحبّ رسوله، ويحبّه اللّه ورسوله، سيّد العابدين وسيّد الأوصياء.
أيّها الناس!)(1) أ لا أدلّكم على خير الناس عمّا وعمّة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه!
قال: الحسن والحسين، عمّهما جعفر الطيّار يطير مع الملائكة بجناحين مكلّلين بالدرّ والياقوت، وعمّتهما أُمّ هاني بنت أبي طالب.
(معاشر الناس! هل أدلّكم على خير الناس خالاً وخالة؟
قالوا: بلى، يا رسول اللّه!
قال: الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول اللّه، وخالتهما زينب)(2)، ثمّ قال: «اللّهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنّة، وأنّ جدّهما وجدّتهما في الجنّة، وأنّ أباهما وأُمّهما في الجنّة (، وخالهما وخالتهما في الجنّة، وعمّهما وعمّتهما في الجنّة،
ص: 334
ومحبّيهم في الجنّة، ومبغضيهم في النار)(1).
وأنّ من كرامتهما على اللّه أن سمّاهما في التوراة: شبّرا وشبيرا، فهما صلّى اللّه عليهما سبطاي وريحانتاي(2) في الدنيا والآخرة».
قال: فلمّا سمع الشيخ ذلك منّي حملني وأتاني بخلعة وبغلة(3)، بعتها بمائة دينار،
وقال: هل أدلّك على أخوين لي في هذه المدينة، أحدهما كان إماما وكان يلعن عليّا علیه السلام كلّ يوم ألف مرّة، وكان يلعنه يوم الجمعة أربعة آلاف مرّة فغيّر اللّه ما به من نعمة وصار آية للسائلين فهو هذا اليوم يحبّه.
وأخ لي يحبّ عليّا منذ خرج من بطن أُمّه، فقم إليه ولا تحتبس عنده.
واللّه! يا سليمان! لقد ركبت البغلة، و إنّي يومئذ لجائع فقام معي الشيخ وأهل المسجد حتّى صرنا إلى الدار، قال الشيخ: انظر لا تحتبس عنده، فدقّقت الباب وقد ذهب ما كان معي، فإذا بشابّ قد خرج إليّ، فلمّا رأني والبغلة تحتي قال:
مرحبا بك، واللّه! ما كساك أبو فلان خلعته، ولا أركبك بغلته إلاّ وأنت رجل تحبّ اللّه ورسوله ولئن أقررت عيني لأقرّنّ عينيك، واللّه! يا سليمان! إنّي لآنس بهذا الحديث الذي سمعته وتسمعه.
ثمّ قال: فقلت: أخبرني أبي عن جدّي، عن أبيه، قال: كنّا مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم جلوسا بباب داره، و إذا بفاطمة عليهاالسلام قد أقبلت وهي حاملة الحسن وهي تبكي بكاءً شديدا، فاستقبلها صلی الله علیه و آله وسلم وقال: وما يبكيك ؟
ص: 335
لا أبكى اللّه لك عينا، ثمّ تناول الحسن من يدها، فقالت: يا أبة! إنّ نساء قريش يعيّرنني ويقلن: قد زوّجك أبوك بفقير لا مال له.
فقال لها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا فاطمة! ما زوّجتك أنا، ولكنّ اللّه تعالى زوّجك في السماء وشهد لك جبرئيل وميكائيل و إسرافيل، اعلمي يا فاطمة! إنّ اللّه تعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع اطّلاعة ثانية فاختار من الخلائق بعلك(1) فجعله وصيّا ثمّ زوّجك به من فوق سبع سماوات، وأمرني أن أزوّجك به وأتّخذه وصيّا ووزيرا.
فعليّ أشجعهم قلبا، وأعلم الناس علما، وأحلم الناس حلما، وأحكم الناس حكما، وأقدم الناس إيمانا، وأسمحهم كفّا، وأحسن الناس خلقا.
يا فاطمة! إنّي آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنّة بيدي وأدفعها إلى عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فيكون آدم ومن دونه تحت لوائه، يا فاطمة! إنّي مقيم غدا عليّا على حوضي يسقي من يرد عليه من أُمّتي، يا فاطمة! ابناك الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وكان قد سبق اسمهما في التوراة مع موسى بن عمران علیه السلام شبّر وشبير لكرامتهما عند اللّه.
يا فاطمة! يكسى أبوك حلّة من حلل الجنّة ولواء الحمد بين يديّ، وأُمّتي تحت لوائي، فأناوله عليّا علیه السلام لكرامته على اللّه.
قال: وينادي مناد: يا محمّد! نعم الجدّ جدّك، ونعم الأخ أخوك فالجدّ إبراهيم، والأخ عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، و إذا دعاني ربّ العالمين دعا عليّا معي، و إذا حيّاني حيّى عليّا معي، و إذا شفّعني ربّي شفّع عليّا (معي، و إذا أجبت أجيب عليّ
ص: 336
معي)(1)، و إنّه في المقام عوني على مفاتيح الجنّة، فقومي يا فاطمة! إنّ عليّا وشيعته هم الفائزون غدا يوم القيامة.
وبالإسناد أنّه قال: بينا فاطمة عليهاالسلام جالسة إذ أقبل أبوها صلی الله علیه و آله وسلم حتّى جلسإليها، فقال لها: ما لي أراك حزينة؟
قالت: بأبي أنت وأُمّي، يا رسول اللّه! وكيف لا أبكي ولا أحزن، وتريد أن تفارقني، فقال لها: يا فاطمة! لا تبكي ولا تحزني فلا بدّ من فراقك.
قال: فاشتدّ بكاؤها، وقالت: يا أبت! أين ألقاك؟
قال: تلقيني على تلّ الحمد، أشفع لأُمّتي.
قالت: يأ أبت! و إن لم ألقاك؟(2)
قال: تلقيني عند الصراط، وجبرئيل عن يميني، وميكائيل عن شمالي، و إسرافيل آخذ بحجزتي، والملائكة من خلفي، وأنا أنادي: أُمّتي، أُمّتي، فيهوّن عليهم الحساب ثمّ أنظر يمينا وشمالاً إلى أُمّتي، وكلّ نبيّ يوم القيامة مشتغل بنفسه يقول: يا ربّ نفسي نفسي! وأنأ أقول: يا ربّ أُمّتي أُمّتي!
فأوّل من يلحق بي أنت وعليّ والحسن والحسين، فيقول الربّ عزّ وجلّ يا محمّد! إنّ أُمّتك لو أتوني بذنوب كأمثال الجبال لغفرت لهم، ما لم يشركوا بي شيئا ولم يوالوا عدوّا، قال: فلمّا سمع الشابّ هذا منّي أمر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوبا.
ثمّ قال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة.
ص: 337
قال: أ عربيّ أم مولى؟ قلت: بل عربيّ.
قال: فكما أقررت عيني أقررت عينك، ثمّ قال: ائتني غدا في المسجد (الذي لأبي فلان، و إيّاك أن تخطي، فذهبت إلى الشيخ وهو جالس ينتظرني في المسجد)(1) فلمّا رآني استقبلني، وقال: ما أعطاك أبو فلان؟
قلت: كذا وكذا، قال: جزاه اللّه تعالى خيرا، وجمع بيننا وبينه في الجنّة.
فلمّا أصبحت يا سليمان! ركبت البغلة وأخذت في الطريق الذي وصفه لي فما لبثت إلاّ قليلاً(2) حتّى رأيت بستانة على الطريق، وسمعت إقامة الصلاة من مسجد، فقلت: واللّه! لأصلّينّ مع هؤلاء القوم فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد فوجدت رجلاً قامته مثل قامة صاحبي فصرت عن يمينه، فلمّا صرنا في الركوع والسجود، و إذا عمامته قد رمى بها من رأسه فنظرت في وجهه و إذا وجهه وجه خنزير ورأسه رأس خنزير(3).
فلم أعلم ما صلّيت ولا ما قلت في صلاتي متفكّرا في أمره، فسلّم الإمام فتنفّس الرجل في وجهي، وقال: أنت الذي أتيت أخي بالأمس فأمر لك(4)
بكذا وكذا.
فقلت: نعم، فأخذ بيدي وأقامني فلمّا رأونا أهل المسجد تبعونا، فقال لغلامه:
أغلق عليهم الباب، ولا تدع أحدا يدخل علينا، ثمّ ضرب بيده إلى قميصه
ص: 338
فنزعها و إذا جسده جسد خنزير، فقلت: يا أخي! ما هذا الذي أرى بك؟!
قال: كنت مؤذّن القوم، وكنت في كلّ يوم إذا أصبحت ألعن عليّا علیه السلام ألف مرّة بين الأذان والإقامة، قال: فخرجت من المسجد ودخلت داري هذه وهو يوم الجمعة، فلعنته ألف مرّة(1)، ولعنت أولاده زمرة، فاتّكأت على هذه الدكّة فذهب بي النوم، فرأيت في منامي كأنّ الجنّة قد أقبلت و إذا عليّ علیه السلام فيها متّكى ء(2)
والحسن والحسين معه متّكآن، بعضهم ببعض مسرورين تحتهم مصلّيات من نور، و إذا أنا برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم جالسا والحسن والحسين قدّامه، وبيد الحسن إبريق، وبيد الحسين كأس، فقال صلی الله علیه و آله وسلم : اسقني، فشرب وقال للحسين: اسق أباك عليّا علیه السلام ، فشرب وقال: اسق أخاك الحسن، فسقاه، ثمّ قال: اسق الجماعة، فشربوا، ثمّ قال: اسق المتّكى ء على الدكّان، فولّى الحسن بوجهه عنّي، وقال: يا جدّاه! كيف أسقيه وهو يلعن أبي ويشتم أخي في كلّ يوم ألف مرّة؟
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم لي: لعنك اللّه، أ تلعن عليّا وتشتم أخي؟ ما لك! لعنك اللّه، تشتم ولديّ الحسن والحسين، ثمّ بصق النبيّ عليّ، فملأ وجهي وجسدي.
فلمّا انتبهت من منامي رأيت موضع بصاق النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قد مسخ كما ترى وصرت آية للسائلين، ثمّ قال لي: يا سليمان! هل سمعت من فضائل عليّ علیه السلام أعجب من هذين الحديثين؟!
يا سليمان! حبّ عليّ علیه السلام إيمان وبغضه نفاق، فلا يحبّ عليّا إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ كافر، فقلت: يا أمير المؤمنين! الأمان، قال: لك الأمان، فقلت: يا
ص: 339
أمير المؤمنين (فما حال)(1) من قتل هؤلاء؟
قال: النار، ولا أشكّ، فقلت: ولمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟
قال: فنكس رأسه، ثمّ قال: يا سليمان! إنّ الملك عقيم، ولكن حدّثني عن فضائل عليّ بن أبي طالب علیه السلام بما شئت. قال: قلت: فمن قتل ولده في النار.
فقال عمرو بن عبيد: صدقت يا سليمان! الويل، ثمّ الويل لمن قتل ولده!
فقال: قال المنصور: يا عمرو! أشهد عليه أنّه في النار.
فقال: قلت: أخبرني الشيخ الصدوق يعني الحسن بن أنس(2): إنّ من قتل أولاد عليّ لا يشمّ رائحة الجنّة.
قال: فوجدت المنصور قد غمض وجهه، فخرجنا، فقال أبو جعفر: لولا مكان عمرو ما خرج سليمان إلاّ مقتولاً(3).
ص: 340
ص: 341
146 - وعن الإمام فخر الدين الطبريّ: يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال: بينا نحن بين يدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في مسجده بالمدينة، فذكر بعض الصحابة الجنّة. فقال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ للّه لواء من نور وعموده من زبرجد خلقه اللّه تعالى(1) قبل أن يخلق السماء بألفي عام، مكتوب عليه: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، وآل محمّد خير البريّة، وأنت يا عليّ أكرم القوم.
فعند ذلك قال عليّ: «الحمد للّه الذي هدانا لهذا وأكرمنا بك وشرّفنا بك».
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! أ ما علمت أنّ من أحبّنا واتّخذ محبّتنا أسكنه اللّه تعالىمعنا، وتلا هذه الآية: «مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِم(2)»(3).
ص: 342
ص: 344
148 - وعن القاضي الكبير (أبي عبد اللّه)(1) محمّد بن عليّ بن المغازليّ،
يرفعه إلى حارثة بن زيد، قال: شهدت مع عمر بن الخطّاب حجّة في خلافته،
فسمعته يقول: اللّهمّ قد عرفت بحبّي لنبيّك، وكنت مطّلعا على سرّي(2).
قال: فلمّا رآني أمسك، وحفظت الكلام فلمّا انقضي الحجّ وانصرفت إلى المدينة، تعمّدت الخلوة به فرأيته يوما على راحلته وحده، فقلت له: يا أمير المؤمنين! بالذي هو أقرب إليك من حبل الوريد إلاّ أخبرتني عمّا أريد أن أسألك عنه، قال: سل عمّا شئت؟
قلت له: سمعتك يوم كذا وكذا، تقول: كذا وكذا، قال: فكأنّي ألقمته حجرا، فقلت: لا تغضب، فو الذي أنقذني من الجاهليّة وأدخلني في الإسلام! ما أردت بسؤالي لك إلاّ وجه اللّه عزّ وجلّ.
قال: فعند ذلك ضحك، وقال: يا حارثة دخلت على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وقد اشتدّ وجعه، فأحببت الخلوة به، وكان عنده عليّ بن أبي طالب علیه السلام والفضل بن العبّاس، فجلست حتّى نهض ابن العبّاس، فبقيت أنا وعليّ علیه السلام فتبيّن لرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ما أردت، فالتفت إليّ وقال: يا عمر! جئت تسألني إلى من
ص: 345
يصير هذا الأمر؟
فقلت: صدقت، يا رسول اللّه! فقال: يا عمر! هذا وصيّي وخليفتي من بعدي وخازن سرّي، فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن تقدّم عليه فقد كذّب بنبوّتي، ثم أدناه(1) وقبّل ما بين عينيه وأخذه وضمّه إلى صدره، ثمّ قال: اللّه وليّك، اللّه ناصرك، والى اللّه من والاك، وعادى اللّه من عاداك، أنت وصيّي وخليفتي من بعدي في أُمّتي، ثم علا بكاؤه وانهملت عيناه بالدموع حتّى سالت على خدّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وعلى خدّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام (2)، فوالذي منّ عليّ بالإسلام! لقد تمنّيت في تلك الساعة أن أكون مكانه على الأرض، ثمّ التفت اليّ، وقال: يا عمر! إذا نكث الناكثون، وقسط القاسطون، ومرق المارقون قام هذا مقامي حتّى يفتح اللّه تعالى عليه، وهو خير الفاتحين. قال حارثة: فتعاظمني ذلك، فقلت: ويحك يا عمر!(3) فكيف تقدّمتموه وقد سمعت ذلك من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟!
فقال: يا حارثة! بأمر كان، فقلت: من اللّه، أم من رسوله، أم من عليّ؟
فقال: لا، بل الملك عقيم، والحقّ لابن أبي طالب من دوننا(4).
ص: 346
149 - وبالإسناد: يرفعه إلى ابن عبّاس أنّه قال: أخذ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم بيد عليّ بن أبي طالب (إلى المسجد)(1) فصلّيا أربع ركعات، فلمّا سلّم رفع يده إلى السماء، وقال: «اللّهمّ سألك موسى بن عمران أن تشرح له صدره، وتيسّر له أمره، وتحلّل عقدة من لسانه يفقهوا قوله، وتجعل له وزيرا من أهله يشدّ به أزره، وأنا محمّد، أسألك أن تشرح لي صدري، وتيسّر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي أخي، أشدد به أزري وأشركه في أمري»، قال ابن عبّاس: فسمعت مناديا ينادي: يا محمّد! قد أوتيت سؤلك.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : ادع، يا أبا الحسن! وارفع يدك إلى السماء، وقل: «اللّهمّ اجعل لي عندك (عهدا معهودا واجعل لي عندك)(2) ودّا».
قال: فلمّا دعانزل الأمين جبرئيل من عند ربّ العالمين، وقال: اقرأ يا محمّد!
«إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّلِحَتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا»(3).
فتلاها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فعجب الصحابة والناس من سرعة استجابة دعائهما، فقال صلی الله علیه و آله وسلم : أ تعجبون؟
اعلموا! أنّ القرآن أربعة أرباع: ربع فينا أهل البيت، وربع قصص وأمثال،
ص: 347
وربع فرائض و إنذار، وربع أحكام، واللّه أنزل في عليّ كرائم القرآن(1).
ص: 348
150 - وقال الصادق علیه السلام : ولايتي لعليّ بن أبي طالب أحبّ إليّ من ولادتي منه، لأنّ ولايتي له فرض، وولادتي منه فضل(1)(2).
151 - وبالإسناد يرفعه عن زين العابدين علیه السلام قال: كان الحسين علیه السلام عند جدّه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وهو جالس بين أصحابه(3) في المسجد، فقال:
أيّها الناس يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنّة يسأل عمّا يعنيه.
قال: فنظر الناس إلى الباب فطلع رجل(4) يشبه رجال مصر، فتقدّم وسلّم
على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وجلس ثمّ قال: يا رسول اللّه! سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ»(5) فما الحبل الذي أمر اللّه تعالى بالاعتصام به؟
فأطرق رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم مليّا، ثمّ رفع رأسه وأشار بيده إلى عليّ أمير المؤمنين علیه السلام ، وقال: هذا حبل اللّه الذي من تمسّك واعتصم به نجا بعصمته
ص: 349
في دنياه، ولم يضلّ به في آخرته.
فوثب الرجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام واحتضنه من ورائه، وهو يقول:
اعتصمت بحبل اللّه وحبل رسوله وهذا أمير المؤمنين.
ثمّ قام وخرج، فقام رجل من الناس، وقال(1): يا رسول اللّه! ألحقه وأسأله أن يستغفر لي؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إذا تجده (موفّقا)(2).
قال: [فقال:] فلحقت الرجل فسألته أن يستغفر لي، فقال: أ فهمت ما قاله لي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : وما قلته له؟
قال: [فقلت:] نعم.
قال له الرجل: إن كنت تمسّكت بذلك الحبل(3) يغفر اللّه تعالى لك و إلاّ
فلا غفر اللّه لك، قال: فرجعت وسألته عن ذلك الرجل؟ فقال صلی الله علیه و آله وسلم : هو أبو العبّاس (يعني)(4) الخضر علیه السلام (5).
ص: 350
ص: 351
152 - وبالإسناد، يرفعه إلى عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، قال: قال لي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! أ لا ترضى إذا جمع اللّه الناس يوم القيامة في صعيد واحد حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش، فيكون أوّل من يدعى إبراهيم علیه السلام فيكسى ثوبين أبيضين، ثمّ يقوم عن يمين العرش.
ثمّ يفتح اللّه لي شِعبا من الجنّة، إلى الحوض(1) مثل ما بين صنعاء إلى البصرة(2)، وفيه عدد نجوم السماء أقداح من فضّة فأشرب وأتوضّأ(3)، ثمّ أكسى ثوبين أبيضين، ثمّ أقوم عن يمين العرش.
(ثمّ تدعى فتشرب وتتوضّأ، ثمّ تكسى ثوبين أبيضين، وما دعيت لخير إلاّ دعيت له(4)، وتشفّع)(5) إذا شفّعت(6).
ص: 352
ص: 353
153 - ومن فضائله علیه السلام : ما رواه سلمان، والمقداد بن الأسود الكنديّ، وعمّار بن ياسر العنسيّ(1)، وأبو ذرّ الغفاريّ، وحذيفة بن اليمان، وأبو الهيثم بن التيهان(2)، وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين، وأبو الطفيل عامر بن واثلة(3)
رضي اللّه عنهم أنّهم دخلوا على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فجلسوا بين يديه، والحزن ظاهر في وجوههم، فقالوا: نفديك يا رسول اللّه! بأموالنا (وأولادنا)(4) وأنفسنا وبالآباء والأُمّهات، إنّا نسمع في أخيك عليّ بن أبي طالب علیه السلام ما يحزننا، أ تأذن لنا بالردّ عليهم؟
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : وما عساهم أن يقولوا في أخي (عليّ)(5)؟
فقالوا: يا رسول اللّه! يقولون: أيّ فضل لعليّ بن أبي طالب في سبقه الإسلام، و إنّما أدركه طفلاً، ونحو من ذلك، فهذا يحزننا.
ص: 354
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : هذا يحزنكم؟!
قالوا: نعم، يا رسول اللّه!
فقال: باللّه عليكم! هل علمتم من الكتب المتقدّمة أنّ إبراهيم الخليل علیه السلام ذهب أبوه وهو حمل في بطن أُمّه، فخافت عليه من النمرود بن كنعان لعنه اللّه لأنّه كان يقتل الأولاد ويبقر بطون الحوامل، فجاءت به فوضعته بين أثيلات(1)
بشاطى ء نهر يتدفّق، يقال له: خروان(2) بين غروب الشمس إلى إقبال الليل.
فلمّا وضعته واستقرّ على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من الشهادة بالوحدانيّة(3)، ثمّ أخذ ثوبا فاتّشح به(4) وأُمّه ترى ما يصنع وقد ذعرت منه ذعرا شديدا(5)، فهرول من يدها مادّا عينه إلى السماء (وكان منه أنّه عند ما نظر الكواكب سبّح اللّه وقدّسه، وقال: «سبحان الملك القدّوس» )(6) فقال اللّه فيه: «وَكَذَ لِكَ نُرِى إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ
ص: 355
وَالْأَرْضِ»، الآية(1).
وعلمتم أنّ موسى بن عمران كان قريبا من فرعون، وكان فرعون في طلبه، وكان يبقر بطون الحوامل من أجله، فلمّا ولدته أُمّه فزعت عليه فأخذته من تحتها وطرحته في التابوت، وكان يقول لها: يا أُمّي! ألقيني في اليمّ، فقالت له: وهي مذعورة من كلامه: إنّي أخاف عليك الغرق.
قال لها: لا تخافي ولا تحزني، إنّ اللّه تعالى رادّي إليك(2)، ثمّ ألقته (في اليمّ)(3)
كما ذكر لها، ثمّ بقي في اليمّ لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما مدّة إلى أنردّ على أُمّه، وقيل: إنّه بقي سبعين(4) يوما.
فأخبر اللّه تعالى عنه: «إِذْ تَمْشِى أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُو»، الآية(5)، وعيسى بن مريم علیه السلام إذ تكلّم (مع أُمّه)(6) عند ولادته(7).
وقصّته مشهورة فناداها من تحتها: «أَلاَّ تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا»
ص: 356
الآية(1)«وَالسَّلَمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا»(2).
وقد علمتم جميعا أنّي أفضل الأنبياء، قد خلقت أنا وعليّ(3) من نور واحد،
وأنّ نورنا كان يسمع تسبيحه من أصلاب آبائنا وبطون أُمّهاتنا في كلّ عصر وزمن إلى عبد المطّلب، فكان نورنا يظهر في وجوه آبائنا.
فلمّا وصل إلى عبد المطّلب انقسم النور نصفين، نصف إلى عبد اللّه ونصف إلى أبي طالب عمّي، وأنّهما كانا إذا جلسا في ملأ من الناس يتلألأ نورنا في وجهيهما من دونهم حتّى(4) أنّ السباع والهوامّ كانت تسلّم عليهما لأجل نورنا، حتّى خرجنا إلى دار الدنيا.
وقد نزل عليّ جبرئيل عند ولادة ابن عمّي عليّ، وقال: يا محمّد! ربّك يقرئك السلام، ويقول لك: ألآن ظهرت نبوّتك و إعلان وحيك وكشف رسالتك إذ أيّدك اللّه تعالى بأخيك ووزيرك وخليفتك من بعدك، والذي أشدّ به أزرك وأعلن به(5) ذكرك، عليّ أخيك وابن عمّك، فقم إليه، واستقبله بيدك اليمنى، فإنّه من أصحاب اليمين، وشيعته الغرّ المحجّلين.
قال: فقمت فوجدت أُمّي بين النساء، والقوابل من حولها، و إذا بسجاف(6)
ص: 357
قد ضربه جبرئيل بيني وبين النساء وقال: إذا وضعته فاستقبله، قال: ففعلت ما أمرني به جبرئيل(1) ومددت يدي اليمنى نحو أُمّه فإذا بعليّ مائل على يدي واضعا يده اليمنى في أذنه يؤذّن ويقيم بالحنيفيّة(2)، ويشهد بالوحدانيّة للّه وبرسالتي ثمّ انثنى إليّ(3) وقال: السلام عليك يا رسول اللّه! فقلت له: (وعليك السلام يا أمير المؤ منين!)(4) اقرأ يا أخي!
فو الذي نفسي بيده! قد ابتدأ بالصحف التي أنزلها اللّه تعالى على آدم وقام بها ابنه شيث، فتلاها(5) من أوّلها إلى آخرها حتّى لو حضر آدم لأقرّ له أنّه أحفظ لها(6) منه، (ثمّ تلا صحف نوح، ثمّ صحف إبراهيم، ثمّ قرء التوراة حتّى لو حضر موسى لشهد له أنّه أحفظ لها منه)(7)، ثمّ قرأ الإنجيل حتّى لو حضر عيسى لأقرّ له أنّه احفظ لها منه، ثمّ قرأ القرآن الذي أنزله اللّه عليّ، من أوّله إلى آخره.
ثمّ خاطبني وخاطبته بما يخاطب به الأنبياء، ثمّ عاد إلى طفوليّته، وهكذا أحد عشر إماما من نسله يفعل في ولادته مثل ما فعل الأنبياء علیهم السلام ، فما يحزنكم وما
ص: 358
عليكم من قول أهل الشرك؟!
فباللّه تعالى! هل تعلمون أنّي أفضل الأنبياء وأنّ وصيّي أفضل الأوصياء، وأنّ أبي آدم لمّا رأى اسمي واسم أخي مكتوبا وأسماء فاطمة والحسن والحسين مكتوبين(1) على ساق العرش بالنور، فقال: إلهي! هل خلقت خلقا قبلي وهو أكرم عليك منّي؟
فقال اللّه تعالى: يا آدم! لولا هذه الأسماء لما خلقت سماء مبنيّة، ولا أرضا مدحيّة، ولا ملكا مقرّبا، ولا نبيّا مرسلاً، ولولا هم لما خلقتك.
فقال: «إلهي وسيّدي! فبحقّهم عليك! إلاّ غفرت لي خطيئتي».
ونحن كنّا الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه.
فقال: أبشر يا آدم! فإنّ هذه الأسماء من ولدك وذرّيّتك، فعند ذلك حمد اللّه تعالى آدم علیه السلام وافتخر على الملائكة، (فإذا كان هذا فضلنا عند اللّه تعالى على الملائكة) إنّه لم يعط نبيّا شيئا من الفضل إلاّ أعطاه لنا.
فقام سلمان وأبو ذرّ ومن معهما، وهم يقولون: نحن الفائزون، فقال صلی الله علیه و آله وسلم :
أنتم الفائزون، ولكم خلقت الجنّة، ولعدوّكم خلقت النار(2).
ص: 359
154 - وممّا رواه ابن مسعود رضى الله عنه(1) قال: دخلت يوما على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فقلت: يا رسول اللّه! أرني الحقّ لأتّصل إليه(2).
فقال: يا عبد اللّه! ألج المخدع!(3)، قال: فولجت المخدع وعليّ بن أبي طالب يصلّي(4)، وهو يقول في ركوعه وسجوده: «اللّهمّ بحقّ محمّد عبدك ورسولك!
اغفر للخاطئين من شيعتي»، فخرجت حتّى أُخبر به رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فرأيته وهو يصلّي، ويقول: «اللّهمّ بحقّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام عبدك!(5) اغفر للخاطئين من أُمّتي»، قال: فداخلني من ذلك الهلع العظيم، فأوجز النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في صلاته، وقال(6) يا ابن مسعود! أ كفرا بعد إيمان؟!
فقلت: حاشا وكلاّ، يا رسول اللّه! ولكنّي رأيت عليّا يسأل اللّه تعالى بك، ورأيتك تسأل اللّه به، فلم أعلم أيّكم أفضل عند اللّه؟
ص: 360
فقال: اجلس، يا ابن مسعود! فجلست بين يديه، فقال لي: اعلم! أنّ اللّه
تعالى خلقني وخلق عليّا من نور عظمته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام حين(1)،
لا تقديس ولا تسبيح، ففتق نوري فخلق منه السماوات والأرض، وأنا واللّه!
أجلّ من السماوات والأرض.
وفتق نور عليّ بن أبي طالب علیه السلام فخلق منه العرش والكرسيّ، وعليّ بنأبي طالب أفضل من العرش والكرسيّ، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم
(والحسن أفضل من اللوح والقلم)(2)، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان
والحور العين، والحسين واللّه! أفضل من الجنان والحور العين.
ثمّ أظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى اللّه تعالى أن يكشف
عنهم تلك الظلمة، فتكلّم اللّه جلّ جلاله بكلمة فخلق منها روحا.
ثمّ تكلّم بكلمة فخلق من تلك الروح نورا، فأضاف النور إلى تلك الروح
وأقامها أمام العرش فزهرت المشارق والمغارب، فهي فاطمة الزهراء عليهاالسلام،
ولذلك سمّيت الزهراء عليهاالسلام (لأنّ نورها زهرت به السماوات)(3).
يا ابن مسعود! إذا كان يوم القيامة يقول اللّه جلّ جلاله لعليّ بن أبي طالب
ولي: أدخلا الجنّة من شئتما (وأدخلا النار من شئتما)(4).
وذلك قوله تعالى: «أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ»(5).
ص: 361
فالكافر من جحد نبوّتي، والعنيد من جحد ولاية عليّ بن أبي طالب، فالنار
لعدوّه، والجنّة لشيعته ومحبّيه(1).
ص: 362
155 - قال أبو هاشم، بن أبي عليّ(1)، يرفعه بالأسانيد أنّ الروايات صحّت:
لمّا بلغ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام أنّ الناس تحدّثوا فيه، وقالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير وعائشة؟!
قال: واجتمع الناس، فخرج علیه السلام مرتديا بردائه، فرقى المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، وذكر النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم فصلّى عليه، ثمّ قال: يا معاشر المسلمين قد بلغني أنّ قوما قالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير وعائشة، فما كنت بعاجز(2) ولكنّ لي في سبعة من الأنبياء أسوة:
أوّلهم: نوح علیه السلام حيث قال اللّه تعالى مخبرا عنه: «أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ »(3)، فإن قلتم: إنّه ما كان مغلوبا فقد كفرتم بتكذيب القرآن، و إن قلتم: إنّه كان مغلوبا فعليّ أعذر.
والثاني: إبراهيم علیه السلام حيث أخبر اللّه تعالى عنه في قوله لقومه: «وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ مَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ»(4)، فإن قلتم: إنّه اعتزلهم من غير مكروه فقد كذّبتم القرآن، و إن قلتم: رأى المكروه فاعتزلهم، فعليّ أعذر.
ص: 363
والثالث: لوط حيث أخبر اللّه تعالى عنه في قوله لقومه: «لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ»(1)، فإن قلتم: كان له (بهم)(2) قوّة فقد كذّبتم القرآن، و إن قلتم: إنّه لم يكن له بهم قوّة فعليّ أعذر.
والرابع: يوسف علیه السلام حيث قال: «رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ»(3) فإن قلتم: إنّه ما دعي لمكروه يسخط اللّه فقد كفرتم، و إن قلتم: إنّه دعي إلى ما يسخط اللّه تعالى (فاختار السجن)(4) فعليّ أعذر.
والخامس: موسى بن عمران علیه السلام حيث أخبر اللّه تعالى عنه: «فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِى رَبِّى حُكْمًا وَ جَعَلَنِى مِنَ الْمُرْسَلِينَ»(5)، فإن قلتم: إنّه فرّ منهم من غير خوف فقد كذّبتم القرآن، و إن قلتم: إنّه فرّ خوفا على نفسه فعليّ أعذر.
والسادس: أخوه هارون حيث أخبر اللّه تعالى عنه: يا«ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأَْعْدَآءَ»(6)، فإن قلتم: ماكادوا يقتلونه(7) فقد كذّبتم القرآن، و إن قلتم: كادوا يقتلونه فعليّ أعذر.
والسابع: ابن عمّي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم حيث هرب من الكفّار إلى الغار، فإن قلتم:
ص: 364
إنّه ما هرب من خوف على نفسه فقد كذّبتم، و إن قلتم: هرب من خوف على نفسه فالوصيّ أعذر.
أيّها الناس ما زلت مظلوما مذ ولدتني أُمّي حتّى أنّ أخي عقيلاً كان إذا رمدت عينه يقول: لا تذرّوا(1) عيني حتّى تذرّوا عين عليّ، فيذرّوني وما بي من رمد(2).
ص: 365
156 - وروي بالإسناد(1): عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، أنّه قال: قدم على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم حبر من أ حبار اليهود فقال: يا رسول اللّه! قد أرسلوني إليك قومي، وقالوا: عهد إلينا نبيّنا موسى بن عمران علیه السلام أنّه قال: إذا بعث بعدي نبيّ اسمه محمّد، وهو عربيّ، فامضوا إليه واسألوه أن يخرج لكم من جبل هناك سبع نوق حمر الوبر سود الحَدَق(2)، فإن أخرجها لكم فسلّموا عليه وآمنوا به واتّبعوا النور الذي أنزل معه، فهو سيّد الأنبياء، ووصيّه سيّد الأوصياء فهو منه كمثل أخي هارون منّي.
فعند ذلك قال: اللّه أكبر! قم بنا، يا أخا اليهود!
قال: فخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم والمسلمون حوله إلى ظاهر المدينة، وجاء إلى جبل فبسط البردة، وصلّى ركعتين، وتكلّم بكلام خفيّ، و إذا الجبل يصرّ صريرا(3)
عظيما، فانشقّ وسمع الناس حنين النوق.
فقال اليهوديّ: مدّ يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأنّ جميع ما جئت به صدق وعدل(4)، يا رسول اللّه!
ص: 366
فأمهلني حتّى أمضي إلى قومي وأخبرهم ليقضوا عدتهم منك(1) ويؤمنوا بك.
قال: فمضى الحبر إلى قومه فأخبرهم بذلك، فنفروا بأجمعهم وتجهّزوا للمسير، وساروا يطلبون المدينة ليقضوا عدتهم، فلمّا دخلوا المدينة وجدوها مظلمة مسوّدة بفقد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وقد انقطع الوحي من السماء، وقد قبض صلی الله علیه و آله وسلم وجلس مكانه أبو بكر، فدخلوا عليه وقالوا: أنت خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
قال: نعم، قالوا: أعطنا عدتنا من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: وما عدتكم؟
قالوا: أنت أعلم منّا بعدتنا إن كنت خليفته حقّا، و إن لم تكن خليفته فكيف جلست مجلس نبيّك بغير حقّ لك، ولست له أهلاً.
قال: فقام وقعد وتحيّر في أمره ولم يعلم ما ذا يصنع، و إذا برجل من المسلمين قد قام، وقال: اتّبعوني حتّى أدلّكم على خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فخرج اليهود من بين يدي أبي بكر وتبعوا الرجل حتّى أتوا إلى منزل فاطمة الزهراء عليهاالسلام فطرقوا الباب، و إذا الباب قد فتح وخرج إليهم عليّ، وهو شديد الحزن على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فلمّا رآهم قال: أيّها اليهود تريدون عدتكم من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (2)؟
قالوا: نعم، فخرج معهم إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلّى عنده رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فلمّا رأى مكانه تنفّس الصعداء، وقال: بأبي وأُمّي من كان
ص: 367
بهذا الموضع منذ هنيئة، ثمّ صلّى ركعتين، و إذا بالجبل قد انشقّ وخرجت النوق، وهي سبع نوق.
فلمّا رأوا ذلك قالوا بلسان واحد: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأنّ ما جاء به النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم من عند ربّنا هو الحقّ، وأنّك خليفته حقّا ووصيّه ووارث علمه، فجزاه اللّه تعالى وجزاك عن الإسلام خيرا.
ثمّ رجعوا إلى بلادهم(1) مسلمين موحّدين(2).
ص: 368
157 - وبالإسناد يرفعه إلى أنس بن مالك، قال: دخل يهوديّ في زمن خلافة أبي بكر، فقال: أريد خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فجاؤوا به إلى أبي بكر، فقال له اليهوديّ: أنت خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
قال: نعم، أما تنظرني في مقامه(1) ومحرابه؟
فقال له: إن كنت كما تقول يا أبا بكر! أسألك عن أشياء، فإن كنت تجيب صدّقتك، قال: سل(2) عمّا بدا لك، وعمّا تريد.
فقال اليهوديّ: أخبرني عمّا ليس للّه، وعمّا ليس عند اللّه، وعمّا لا يعلمه اللّه ؟
قال: فعند ذلك قال أبو بكر: هذه مسائل الزنادقة، يا يهوديّ!
قال: فعندها همّ المسلمون بقتل اليهوديّ، فكان ممّن حضر ذلك ابن عبّاس، فزعق بالناس(3)، وقال: يا أبا بكر! ما أنصفتم الرجل.
فقال: أ ما سمعت ما تكلّم به!؟
فقال ابن عبّاس رضى الله عنه: فإن كان عندكم جوابه، و إلاّ أخرجوه حيث شاء.
ص: 369
قال: فأخرجوه وهو يقول: لعن اللّه قوما جلسوا في غير مراتبهم يريدون قتل النفس التي حرّم اللّه تعالى بغير علم.
قال: فخرج وهو يقول: أيّها الناس! ذهب الإسلام حتّى لا تجيبوا عن مسألة واحدة، وأين رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟ وأين خليفته؟
قال: فتبعه ابن عبّاس، وقال له: ويلك! اذهب إلى عيبة علم رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، إلى منزل عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فعند ذلك أقبل وقد خرج أبو بكر والمسلمون في طلبه، فلحقوه في بعض الطريق فأخذوه، وجاؤوا به إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام فاستأذنوه للدخول(1) ثمّ دخلوا عليه، وقد
أزدحم الناس (قوم)(2) يبكون، وقوم يضحكون .
قال: فقال له أبو بكر: يا أبا الحسن! إنّ هذا اليهوديّ سألني عن مسائل الزنادقة.
فقال عليّ علیه السلام : ما تقول يا يهوديّ؟
قال: أسألك ويفعلون بي ما يريدون هؤلاء(3) القوم، قال: وأيّ شيء أرادوا
أن يفعلوا بك ؟
قال: أرادوا أن يذهبوا بدمي، لأنّهم ما أجابوني(4) عن مسائلي؟
قال له الإمام علیه السلام : دع هذا وسل عمّا بدا لك يا يهوديّ! وعمّا شئت؟
ص: 370
قال: مولاي! سؤالي لا يعلمه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ، قال: سل عمّا تريد.
فعند ذلك قال اليهوديّ: أخبرني عمّا ليس للّه، وعمّا ليست عند اللّه، وعمّا لا يعلمه اللّه؟
فقال له عليّ علیه السلام : على شرط، يا أخا اليهود!، قال: وما الشرط؟
قال: تقول معي قولاً عدلاً مخلصا بالرضا: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه.
قال: نعم، يا عليّ! كيف ما أقول؟!
فقال عليّ علیه السلام : يا أخا اليهود! سألت عمّا ليس عند اللّه، فليس عند اللّه ظلم، فقال: صدقت يا مولاي!
وأمّا قولك عمّا ليس للّه، فليس له ولد ولا صاحبة ولا شريك، قال: صدقت.
وأمّا قولك عمّا ليس يعلمه اللّه، ما يعلم أنّ للّه صاحبة ولا وزيرا ولا مشيرا، وهو قادر على ما يريد.
فعند ذلك قال: مدّ يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّك خليفته حقّا ووصيّه ووارث علمه، فجزاك اللّه عن الإسلام خيرا.
قال: فضحك الناس عند ذلك.
فقال أبو بكر: أنت يا عليّ! كاشف الكربات، أنت يا عليّ! فارج الهمّ والغمّ، فعند ذلك خرج أبو بكر فرقي المنبر، وقال: أقيلوني ثلاث مرّات، فلست بخيركم وعليّ فيكم.
قال: فخرج عليه عمر، وقال: كفّ يا أبا بكر!(1) قد رضيناك لأنفسنا، فأنزله
ص: 371
158 - وبالإسناد: يرفعه إلى أبي ذرّ رضى الله عنه قال:
أمرنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أن نسلّم على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وقال: سلّموا على أخي ووارثي وخليفتي في قومي، ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعدي، سلّموا عليه بإمرة المؤمنين، فإنّه وليّ كلّ من يسكن الأرض إلى يوم القيامة، ولو قدّمتموه لأخرجت الأرض بركاتها، فإنّه أكرم من عليها من أهلها.
قال أبو ذرّ: فرأيت عمر قد تغيّر لونه، وقال: أ حقّ من اللّه؟ يا رسول اللّه!
قال: نعم، يا عمر! حقّ من اللّه تعالى أمرني به، وبذلك أمرتكم.
قال: فقام وسلّم عليه بإمرة المؤمنين (وكذلك أبو بكر)(1)، ثمّ أقبلا على أصحابهما وقالا ما قالاه(2).
ص: 373
ص: 374
160 - وعن سليم بن قيس(1)، يرفعه إلى أبي ذرّ والمقداد وسلمان رضى الله عنه قالوا:
قال لنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام : إنّي مررت بالصهّاكيّ يوما، فقال لي: ما مثل محمّد في أهل بيته إلاّ كمثل نخلة نبتت في كناسة.
قال: فأتيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فذكرت ذلك له، (فغضب غضبا شديدا، فقام ففزعت الأنصار ولبسوا السلاح لما رأوا من غضبه، فخرج مغضبا وصعد المنبر، ثمّ قال:)(2) ما بال أقوام يعيّرون أهل بيتي وقد سمعوني أقول في فضلهم ما أقول، وخصّصتهم بما خصّهم به اللّه تعالى، وفضل عليّ علیه السلام عند اللّه عليهم لإكرامه وسبقه إلى الإسلام وبلائه، و إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.
ثمّ إنّهم يزعمون أنّ مثلي(3) في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة، ألا إنّ اللّه سبحانه وتعالى خلق خلقه وفرّقهم فرقتين وجعلني في خيرها شعبا، وخيرها قبيلة، ثمّ جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا حتّي حصلت في أهل بيتي وعشيرتي وبني أبي [و]أبناء أخي عليّ بن أبي طالب(4).
ص: 376
ثمّ إنّ اللّه اطّلع إلى الأرض إطّلاعة فاختارني منهم، ثمّ اطّلع عليهم ثانية فاختار أخي وابن عمّي وزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أُمّتي، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة من بعدي.
فمن والاه والى اللّه، ومن عاداه عادى اللّه، ومن أحبّه أحبّ اللّه(1) تعالى، ومن أبغضه فقد أبغض اللّه تعالى، فلا يحبّه إلاّ مؤمن، ولا يبغضه إلاّ كافر، فهو زين الأرض بعدي وسكنتها(2)، وهو كلمة اللّه التقوى وعروته الوثقى.
ثمّ قال: «يُرِيدُونَ أَن يُطْفِٔواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ هِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُو»(3)، أيّها الناس ليبلّغ مقالتي الشاهد منكم الغائب، اللّهمّ اشهد عليهم.
إنّ اللّه عزّ وجلّ نظر إلى أهل الأرض نظرة ثالثة فاختار منها أحد عشر إماماً، وهم من أهل بيتي خيار أُمّتي وهم أحد عشر إماما بعد أخي عليّ، كلّما هلك منهم أحد قام آخر، كمثل نجوم السماء كلّما غاب نجم طلع نجم آخر، وهم أئمّة هادين مهديّين(4)، لا يضرّهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم، لعن اللّه من كادهم ومن خذلهم، هم حجج اللّه تعالى في أرضه، وشهداؤه على خلقه، من أطاعهم فقد أطاع اللّه تعالى، ومن عصاهم فقد عصى اللّه تعالى، ثمّ هم مع القرآن، والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه(5) حتّى يردوا عليّ الحوض، أوّلهم ابن عمّي عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وهو خيرهم وأفضلهم، ثمّ ابني
ص: 377
الحسن، ثمّ ابني الحسين، وأُمّهما فاطمة ابنتي، ثمّ تسعة من ولد الحسين، ثمّ بعدهم جعفر بن أبي طالب، ابن عمّي، ثمّ عمّي حمزة بن عبد المطّلب.
أنا خير النبيّين والمرسلين، وعليّ خير الوصيّين، وأهل بيتي خير بيوت أهل النبيّين، وفاطمة ابنتي سيّدة نساء أهل الجنّة أجمعين.
أيّها الناس! أ ترجون شفاعتي لكم، وأعجز عن أهل بيتي؟!
أيّها الناس! ما من أحد (غدا)(1) يلقى اللّه تعالى مؤمنا لا يشرك به شيئا إلاّ أدخله الجنّة(2) ولو أنّ ذنوبه كتراب الأرض.
أيّها الناس! لو أخذت بحلقة باب الجنّة ثمّ تجلّى إليّ اللّه عزّ وجلّ فسجدت بين يديه، ثمّ أذن لي في الشفاعة لم أؤثر على أهل بيتي أحدا.
أيّها الناس! عظّموا أهل بيتي في حياتي وبعد مماتي، وأكرموهم وفضّلوهم، لا يحلّ لأحد أن يقوم لأحد غير أهل بيتي، فأنسبوني من أنا؟
قال: فقام الأنصار وقد أخذوا بأيديهم السلاح، وقالوا: نعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله، أخبرنا يا رسول اللّه!(3)، من الذي آذاك في أهل بيتك حتّى نضرب عنقه؟ قال: أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب، ثمّ انتهى بالنسب إلى نزار، ثمّ مضى إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه، ثمّ مضى منه إلى نوح علیه السلام ، ثمّ قال: أنا وأهل بيتي كطينة آدم علیه السلام نكاح غير سفاح، سلوني فو اللّه! لا يسألني رجل إلاّ أخبرته عن نسبه وعن أبيه، فقام إليه رجل فقال: من أنا، يا رسول
اللّه! فقال: أبوك فلان الذي تدعى إليه، قال: فارتدّ الرجل عن الإسلام.
ص: 378
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم ، والغضب ظاهر في وجهه: ما يمنع هذا الرجل الذي يعيب على أهل بيتي(1) وأهلي وأخي ووزيري وخليفتي من بعدي، ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي أن يقوم ويسألني عن أبيه، وأين هو في جنّة أم في نار؟
قال: فعند ذلك خشي عمر على نفسه أن يذكره رسول اللّه ويفضحه بين الناس، فقام وقال: نعوذ باللّه من سخط اللّه تعالى وسخط رسوله، ونعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله، اعف عنّا عفى اللّه عنك، أقلنا أقالك اللّه، استرنا سترك اللّه، اصفح عنّا جعلنا اللّه فداك، قال: فاستحى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وسكت، فإنّه كان من أهل الحلم وأهل الكرم وأهل العفو، ثمّ نزل صلی الله علیه و آله وسلم (2).
ص: 379
161 - وممّا رواه عن الحكم بن مروان(1): أنّ عمر بن الخطّاب نزلت قضيّة في زمان خلافته، فقام لها وقعد وارتجّ لها ونظر من حوله، فقال: معاشر الناس والمهاجرين والأنصار! ما تقولون في هذا الأمر؟
فقالوا: أنت أمير المؤمنين، وخليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (2)، والأمر بيدك.
فغضب من ذلك، وقال: «يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَ قُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا»(3)، ثمّ قال: واللّه! لتعلمنّ من صاحبها، ومن هو أعلم بها، فقالوا:
يا أمير المؤمنين! كأنّك أردت عليّ بن أبي طالب؟
قال: إنّا نعدل عنه، وهل لقحت حرّة بمثله؟!
قالوا: أ نأتيك به(4)، يا أمير المؤمنين!.
قال: هيهات، هناك شمخ(5) من هاشم، ونسب من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ولا يأتي، فقوموا بنا إليه. قال: فقام عمر ومن معه، وهو يقول: «أَيَحْسَبُ
ص: 380
الاْءِنسَنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى»(1)، ودموعه تهمل على خدّيه.
قال: فأجهش(2) القوم(3) لبكائه، ثمّ سكت فسكتوا، وسأله عمر عن مسألته فأصدر لها جوابا. فقال: أما واللّه! يا أبا الحسن! لقد أرادك اللّه للحقّ، ولكن أبى قومك فقال له أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام : يا أبا حفص! عليك من هنا ومن هنا: «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَتًا»(4).
قال: فضرب عمر بإحدى يديه على الأخرى، وخرج مربدّ اللون(5) كأنّما ينظر في سواد.
وهذا الحديث من كتاب إعلام النبوّة في القائمة الأولى، وفي وقف الأخلاطيّة(6).
ص: 381
162 - وممّا روي عن جماعة ثقات: أنّه لمّا وردت حرّة بنت حليمة السعديّة رضى الله عنه على الحجّاج بن يوسف الثقفيّ فمثّلت بين يديه، (فقال لها: أنت حرّة بنت حليمة السعديّة؟ قالت له: فراسة من غير مؤمن)(1).
فقال لها: اللّه جاء بك، فقد قيل عنك إنّك تفضّلين(2) عليّا على أبي بكر وعمروعثمان؟ فقالت: لقد كذب الذي قال: إنّي أفضّله على هؤلاء خاصّة.
قال: وعلى من غير هؤلاء؟
قالت: أفضّله على آدم ونوح ولوط و إبراهيم وعلى موسى وداود(3) وسليمان وعيسى بن مريم علیهم السلام .
فقال لها: ويلك! أقول لك: إنّك تفضّلينه على الصحابة، وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل، إن لم تأتي ببيان ما قلت، و إلاّ ضربت عنقك.
فقالت: ما أنا مفضّلته على هؤلاء الأنبياء، ولكنّ اللّه عزّ وجلّ فضّله عليهم في القرآن بقوله عزّ وجلّ في حقّ آدم: «وَ عَصَى ءَادَمُ رَبَّهُو فَغَوَى»(4)، وقال
ص: 382
في حقّ عليّ: وَ كَانَ سَعْيُهُ مَشْكُورًا(1).
فقال: أحسنت يا حرّة! فبما(2) تفضّلينه على نوح ولوط؟
فقالت: اللّه عزّ وجلّ فضّله عليهما بقوله:
«ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَئْا وَ قِيلَادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّ خِلِينَ»(3)، وعليّ بن أبي طالب علیه السلام كان ملاكه تحت(4)
سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزهراء التي يرضى اللّه تعالى لرضاها ويسخط لسخطها.
فقال الحجّاج: أحسنت يا حرّة! فبما تفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل اللّه؟
فقالت: اللّه عزّ وجلّ فضّله بقوله: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَ هِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَلءِنَّ قَلْبِى»(5)، ومولاي
ص: 383
أمير المؤمنين قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين: لو كشف الغطاء ما أزددت يقينا، وهذه كلمة ماقالها أحد قبله ولا بعده.
قال: أحسنت يا حرّة! فبما تفضّلينه على موسى كليم اللّه؟
قالت: بقول اللّه عزّ وجلّ: «فَخَرَجَ مِنْهَا خَآلءِفًا يَتَرَقَّبُ»(1)، وعليّ بن أبي طالب بات على فراش رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم لم يخف حتّى أنزل اللّه تعالى في حقّه:
«وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ»(2).
قال الحجّاج: أحسنت يا حرّة! فبما تفضّلينه على داود وسليمان؟
قالت: اللّه تعالى فضّله عليهما بقوله عزّ وجلّ: «يَدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ»(3)، قال لها: في أيّ شيء كانت حكومته؟
قالت: في رجلين رجل كان له كرم والآخر له غنم، فوقعت الغنم بالكرم فرعته، فاحتكما إلى داود علیه السلام فقال: تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتّى يعود إلى ما كان عليه، فقال له ولده: لا، يا أبت! بل يؤخذ من لبنها وصوفها، قال اللّه تعالى: «فَفَهَّمْنَهَا سُلَيْمَنَ»(4).
و إنّ مولانا أمير المؤمنين علیه السلام قال: سلوني عمّا فوق العرش، سلوني عمّا تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني، و إنّه علیه السلام دخل على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يوم
ص: 384
فتح خيبر، فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم للحاضرين: أفضلكم، وأعلمكم، وأقضاكم عليّ.
فقال لها: أحسنت! فبما تفضّلينه على سليمان؟
فقالت: اللّه تعالى فضّله عليه بقوله تعالى: «وَهَبْ لِى مُلْكًا لاَّ يَنمبَغِى لِأَحَدٍ مِّنم بَعْدِى»(1)، ومولانا عليّ قال: طلّقتك يا دنيا! ثلاثا، لا حاجة لي فيك، فعند ذلك أنزل اللّه تعالى فيه: «تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا»(2).
فقال: أحسنت يا حرّة! فبما تفضّلينه على عيسى بن مريم علیه السلام ؟
قالت: اللّه عزّ وجلّ فضلّه بقوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَنَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُو فَقَدْ عَلِمْتَهُو تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِى بِهِى»(3)
الآية، فأخّر الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ بن أبي طالب علیه السلام لمّا ادّعى النُصيريّة فيه ما ادّعوه، وهم أهل النهروان قاتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لم تعدّ بفضائل غيره.
قال: أحسنت يا حرّة! خرجت من جوابك، ولولا ذلك لكان ذلك، ثمّ أجازها وأعطاها وسرّحها سراحا حسنا، رحمة اللّه عليها(4).
ص: 385
164 - وبالإسناد: يرفعه إلى جابر رضى الله عنه في قوله تعالى: «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِى وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ»(1)، قال: البيّنة رسول اللّه والشاهد عليّ ابن أبي طالب علیه السلام (2).
وفي تفسير(3) قوله تعالى: «وَنَادَى أَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبَ النَّارِ - الآية -فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُم بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّلِمِينَ»(4).
فيه حديث طويل.
ص: 387
وقد ذكر أنّ عليّا علیه السلام هو المنادي وهو المؤذّن(1).
وكذلك في قوله تعالى: «وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَ لِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ»(2)، وفي قوله تعالى: «وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ»(3) بعليّ علیه السلام ، وقد ذكروا فيه روايات كثيرة (فيها الأعاجيب(4))(5).
ص: 388
165 - وسئل الصادق علیه السلام عن القرآن فيه الأعاجيب في قوله تعالى(1):
«إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَ إِنَّ لَنَا لَلْأَخِرَةَ وَ الْأُولَى»(2)، فذكر أنّها أفواه نقلت عنّا إن كان أقرّ بها الجاحدون(3).
166 - وعن أبي عبد اللّه علیه السلام في قوله تعالى:
«يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ»(4): الراجفة للحسين ومأتمه، والرادفة لعليّ ابنه علیهماالسلام ، وهو أوّل من ينفض رأسه من التراب مع الحسين(5) في خمسة وسبعين ألف.
ص: 389
وهو قوله عزّ وجلّ: «إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَدُ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (1)»(2).
167 - وعن عليّ بن الحسين زين العابدين علیهماالسلام أنّه قال: لجدّي عليّ بن أبي طالب علیه السلام في كتاب اللّه تعالى أسماء كثيرة (ولكن)(3) لا تعرفونها، فقلت:
وما هي؟
قال: أ لم تسمع قول اللّه عزّ وجلّ: «وَأَذَ نٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِى إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ»(4)، وهو واللّه الأذان(5)(6).
ص: 390
168 - وقال أبو عبد اللّه علیه السلام : وانّ الرجل إذا صارت نفسه عند صدره وقت موته يرى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو يقول له: أنا نبيّك رسول اللّه البشير، ثمّ(1)
يرى عليّ بن أبي طالب، فيقول: أنا عليّ بن أبي طالب الذي كنت تحبّني أنا أنفعك، قال: فقلت: يا مولاي! من يرى هذا يرجع إلى الدنيا؟
قال: إذا رأى هذا مات، قال: وذلك في القرآن: «الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ كَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ فِى الْأَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَتِ اللَّهِ ذَ لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(2).
ص: 391
قال: يبشّره لمحبّته إيّاه بالجنّة في الدنيا والآخرة، وهي بشارة إذا رآه أمن من الخوف(1).
169 - قال أبو تمامة بعد الإسناد(2): كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام في ليلة جمعة، فقال لي: اقرأ، فقرأت حتّى بلغت إلى «يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَئْا وَ لاَ هُمْ يُنصَرُونَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ»(3).
فقال علیه السلام : نحن الذين يرحم اللّه تعالى عباده بنا، نحن الذين استثنى اللّه تعالى(4).
ص: 392
170 - وبالإسناد: يرفعه عن المغيرة، عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : من مات وهو محبّك(1) بعد موتك يختم اللّه تعالى له
بالإيمان، ومن مات وهو مبغضك مات ميتة جاهليّة، وحوسب بما عمله(2).
ص: 393
171 - وبالإسناد: يرفعه عن عمّار بن ياسر رضى الله عنه أنّه قال: لمّا سار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام إلى صفّين وقف بالفرات، وقال لأصحابه:
أين المخاض(1)؟
قالوا: يا مولانا ما نعلم أين المخاض، (قال لبعض أصحابه: امض إلى هذا التلّ وناد: يا جلنديّ(2)! أين المخاض)؟(3)
(فسار حتّى وصل إلى التلّ، ونادى: يا جلنديّ! أين المخاض؟
قال: فأجابه من تحت الأرض خلق كثير)(4)، فبهت ولم يعلم ما يصنع، فأتى إلى الإمام علیه السلام وقال: يا مولاي! جاوبني خلق كثير؟!
فقال علیه السلام : يا قنبر! امض وقل: يا جلنديّ بن كركر! أين المخاض؟
(قال: فمضى قنبر، وقال: يا جلنديّ بن كركر! أين المخاض؟)(5)
فكلّمه واحد، وقال: ويلكم من قد عرف اسمي واسم أبي وأنا في هذا المكان
ص: 394
قد صرت ترابا، وقد بقي قِحف(1) رأسي عظم نخر رميم، ولي ثلاثة آلاف عام(2)، ما يعلم أين المخاض؟!
فهو واللّه! أعلم بالمخاض منّي، ويلكم! ما أعمى قلوبكم، وأضعف يقينكم، ويلكم! امضوا إليه واتّبعوه، فأين خاض خوضوا معه، فإنّه أشرف الخلق على اللّه بعد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
فاعتبر أيّها المعتبر! وانظر بعين اليقين إلى هذه المعجزات، والفضائل التي ما جمعت في بشر سواه(3).
ص: 395
172 - وبالإسناد: يرفعه إلى سليم بن قيس، قال: دخلت على عليّ بن أبي طالب علیه السلام وهو في مسجد الكوفة والناس حوله، إذ دخل عليه رأس اليهود ورأس النصارى فسلّما عليه وجلسا، فقال الجماعة: باللّه عليك، يا مولانا!
اسألهم حتّى ننظر ما يعلمون.
فقال علیه السلام لرأس اليهود: يا أخا اليهود! قال: لبّيك يا عليّ علیه السلام !
قال عليّ علیه السلام : كم اقتسمت أُمّة نبيّكم؟
قال: هو عندي في كتاب مكتوب.
فقال علیه السلام : قاتل اللّه قوما أنت زعيمهم، يسأل عن أمر دينه، فيقول: هو عندي في كتاب مكتوب، ثمّ التفت إلى رأس النصارى، وقال له: كم اقتسمت أُمّةنبيّكم؟
قال: على كذا وكذا، فقال علیه السلام : لو قلت مثل ما قال صاحبك لكان خيرا لك من أن تقول وتخطيء ولا تعلم.
ثمّ أقبل على الناس(1) وقال: أيّها الناس! أنا أعلم من أهل التوراة بتوراتهم، ومن أهل الإنجيل بإنجيلهم، ومن أهل القرآن بقرآنهم(2)، فأنا أخبركم على كم
ص: 396
اقتسمت الأُمم.
أخبرني به حبيبي وقرّة عيني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم حيث قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، ففي النار سبعون فرقة منها، وواحدة في الجنّة، وهي التي اتّبعت وصيّه.
وتفرّقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنّة، وهي التي اتّبعت وصيّ عيسى علیه السلام .
وافترقت أُمّتي ثلاثة وسبعين فرقة، اثنان وسبعون (فرقة)(1) في النار، وواحدة في الجنّة، فهي التي اتّبعت وصيّي، وضرب بيده على منكبي، ثمّ قال:
اثنان وسبعون فرقة حلّت عقد اللّه فيك، وواحدة في الجنّة، وهي التي اتّخذت محبّتك وهم شيعتك(2).
ص: 397
ص: 398
ص: 399
173 - وبالإسناد: يرفعه إلى سليم بن قيس أنّه قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ علیه السلام بكى ابن عبّاس بكاءً شديدا، ثمّ قال: ما لقيت هذه الأُمّة بعد نبيّها، اللّهمّ! إنّي أشهدك أنّي لعليّ بن أبي طالب علیه السلام ولولده وليّ، ومن عدوّه وعدوّ ولده بريء، فإنّي مسلّم لأمرهم.
ولقد دخلت على عليّ بن أبي طالب علیه السلام ابن عمّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم بذي قار فأخرج لي صحيفة، وقال لي: يا ابن عبّاس! هذه الصحيفة إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وخطّي بيدي.
قال: فأخرج الصحيفة، فقلت: يا أمير المؤمنين! اقرأها عليّ، فقرأها، و إذا فيها كلّ شيء منذ قبض رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى (يوم)(1) قتل الحسين علیه السلام ، وكيف يقتل، ومن يقتله، (ومن ينصره، ومن يستشهد معه، ثمّ بكى بكاءً شديدا وأبكاني، وكان فيما قرأه: كيف يصنع به، وكيف تستشهد فاطمة عليهاالسلام، وكيفيستشهد الحسن علیه السلام (2)، وكيف تغدر به الأُمّة، فلمّا قرأ مقتل الحسين ومن يقتله)(3) أكثر من البكاء، ثمّ أدرج الصحيفة وقد بقي ما يكون إلى يوم القيامة.
ص: 400
وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان، وكم يملك كلّ إنسان منهم، وكيف بويع عليّ بن أبي طالب، ووقعة الجمل، ومسير عائشة وطلحة والزبير، ووقعة صفّين، ومن يقتل في وقعة النهروان وأمر الحكمين، وملك معاوية، ومن يقتل من الشيعة، وما يصنع الناس بالحسن، وأمر يزيد بن معاوية حتّى انتهى إلى قتل الحسين علیه السلام ، فسمعت ذلك.
ثمّ كان كلّما قرأ لم يزد ولم ينقص، ورأيت خطّه، وأعرفه في صحيفة لم يتغيّر ولم يظفر.
(فلمّا أدرج الصحيفة قلت: يا أمير المؤمنين! لو كنت قرأت عليّ بقيّة الصحيفة.
قال: لا،)(1) ولكنّي محدّثك ما يمنعني فيها ما نلقاه(2) من أهل بيتك(3) وولدك أمرا فظيعاً من قتلهم لنا، وعداوتهم لنا وسوء ملكهم ويوم قدرتهم، فأكره أن تسمعه، فتغتمّ ويحزنك، ولكنّي أحدّثك بأنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أخذ عند موته بيدي ففتح لي ألف باب من العلم تنفتح(4) من كلّ باب ألف باب، وأبو بكر وعمر ينظران(5) إليّ، وهو يشير إليّ بذلك.
ص: 401
فلمّا خرجت قالا لي: ما قال لك؟(1)
قال: فحدّثتهم بما قال، فحرّكا أيديهما ثمّ حكيا قولي، ثمّ ولّيا يردّدان قولي ويخطران بأيديهما.
فقال: يا ابن عبّاس! إنّ ملك بني أُميّة إذا زال فأوّل ما يملك من بني هاشم ولدك، فيفعلون الأفاعيل.
فقال ابن عبّاس: لأن يكون نسختي ذلك الكتاب(2) أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس(3).
ص: 402
174 - وعن سليم بن قيس، أنّه قال: أقبلنا من صفّين مع عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فنزل العسكر قريبا من دير نصرانيّ، قال: فخرج إلينا من الدير شيخ جميل الوجه حسن الهيئة والسمت، ومعه كتاب في يديه.
قال: فجعل يتصفّح الناس حتّى أتى عليّا علیه السلام ، فسلّم عليه بالخلافة، ثمّ قال:
إنّي رجل من نسل رجل من حواريّ عيسى بن مريم علیه السلام ، وكان من أفضل حواريّه الاثنى عشر، وأحبّهم إليه وآثرهم عنده، و إليه أوصى عيسى بن مريم وأعطاه كتبه وعلمه وحكمته، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين(1) بملّته لم يبدّل ولم يزد ولم ينقص، وتلك الكتب عندي، و إملاء عيسى، وخطّ الأنبياء بأيديهم، فيه كلّ شيء يفعل الناس، كم ملك وكم يملك منهم، وكم يكون في كلّ زمان كلّ ملك منهم.
ثمّ إن اللّه تعالى يبعث رجلاً من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن من أرض تهامة من قرية يقال لها: مكّة، يقال له: أحمد، وله اثنا عشر إسما، فذكر مبعثه ومولده ومهاجرته، ومن يقاتله، ومن ينصره، ومن يعاديه، وكم يعيش، وما تلقى أُمّته بعده من الفرقة والاختلاف، وفيه تسمية كلّ إمام هدىً، وتسمية كلّ إمام ضلال إلى أن ينزل المسيح علیه السلام من السماء.
ص: 403
في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلاً(1) من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن خيرة اللّه تعالى من خلقه إلى اللّه، واللّه وليّ من والاهم، وعدوّ من عاداهم.
فمن أطاعهم أطاع اللّه، ومن أطاع اللّه فقد اهتدى، ومن عصاهم ضلّ، طاعتهم للّه رضى(2)، ومعصيتهم للّه معصية، مكتوبين بأسمائهم ونسبهم
ونعوتهم، وكم يعيش كلّ واحد منهم بعد واحد، وكم رجل منهم يستر دينه ويكتمه من قومه وما يظهر منهم، ومن يملك وتنقاد له الناس حتّى ينزل عيسى علیه السلام على آخرهم، فيصلّي عيسى خلفه في الصفّ (ويقول: إنّكم الأئمّة، لا ينبغي لأحد أن يتقدّمكم، فيتقدّم ويصلّي بالناس وعيسى خلفه)(3).
فأوّلهم أفضلهم، وآخرهم له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم، واهتدى بهديهم، فأوّلهم محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، واسمه أحمد، وعبد اللّه(4)، ويس، وطه، ون، والفاتح، والخاتم، والحاشر، والعاقب، والشامخ، والعابد(5).
وهو نبيّ اللّه، وخليل اللّه، وحبيب اللّه، وصفوته وخيرته، يراه بعينه(6)
ويكلّمه بلسانه، فلسنا نذكره إذا ذكر اللّه تعالى(7).
ص: 404
فهو أكرم خلق اللّه على اللّه، وأحبّهم إلى اللّه، فلم يخلق اللّه تعالى نبيّاً مرسلاً ولا ملكاً مقرّباً من عصر آدم (إلى من سواه خيراً عند اللّه)(1)، ولا أحبّ إلى اللّه منه.
فيقعده اللّه تعالى يوم القيامة بين يدي عرشه، ويشفّعه في كلّ من شفّع له، وباسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ، وفي أُمّ الكتاب يذكره محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وصاحب اللواء يوم القيامة بين يدي عرشه يوم الحشر الأكبر، وأخوه ووصيّه وزيره وخليفته في أُمّته.
وأحبّ خلق اللّه إليه بعده عليّ بن أبي طالب علیه السلام ابن عمّه لأبيه وأُمّه، ووليّكلّ مؤمن ومؤمنة بعده، ثمّ أحد عشر رجلاً من بعده من ولد محمّد صلی الله علیه و آله وسلم من ابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
أوّل ولدهم مثل ابني هارون شبّر وشبير، وتسعة من ولده أصغرهما، وهو الحسين واحد بعد واحد فآخرهم(2) الذي يؤمّ بعيسى بن مريم علیهماالسلام (3)، وفيه تسمية من أرضاه ومن يظهر منكم، ثمّ يملأ الأرض قسطا وعدلاً(4) كما ملئت ظلما وجورا، يملك ما بين المشرق والمغرب حتّى يظهره(5) اللّه تعالى على أهل
ص: 405
الأرض كلّها.
فلمّا بعث هذا النبيّ وأبي حيّ آمن به(1) وصدّقه، وكان شيخا كبيرا.
فلمّا مات قال لي: إنّ خليفة محمّد الذي في هذا الكتاب اسمه ونعته(2) سيمرّ بك إذا مضى ثلاث أئمّة من أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار، وهم عندي مسمّون بأسمائهم(3) وقبائلهم وهم فلان وفلان وفلان، وكم يملك كلّ واحد منهم.
فإذا جاء بعدهم الذي كان له الحقّ عليهم فأخرج إليه وبايعه وقاتل معه، فإنّ الجهاد معه مثل الجهاد مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، والموالي له كالموالي للّه ولمحمّد،والمعادي له كالمعادي للّه ولمحمّد، يا أمير المؤمنين! مدّ يدك حتّى أبايعك، فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّك خليفته في أُمّته، وشاهده على خلقه، وحجّته على عباده، وأنّ الإسلام دين اللّه، وأنا أبرأ إلى اللّه من كلّ دين خالف الإسلام، وأنّه دين اللّه تعالى الذي اصطفاه ورضيه(4) لأوليائه، وأنّه دين عيسى بن مريم علیهماالسلام ومن كان قبله من الأنبياء والمرسلين الذين دان لهم من مضى من آبائي.
و إنّي أتولّى وليّك، وأبرأ من عدوّك، وأتولّى الأئمّة الأحد عشر من ولدك، وأبرأ من عدوّهم ومن خالفهم، وأبرأ منهما وممّن ظلمهم وجحد حقّهم من الأوّلين والآخرين.
ص: 406
فعند ذلك ناوله علیه السلام يده المباركة وبايعه، فقال له: أرني كتابك، فناوله إيّاه، فقال لرجل من أصحابه: قم مع هذا الرجل! فانظر ترجمانا يفهم كلامه فينسخه لك بالعربيّة مفسّرا فأتي به مكتوبا بالعربيّة.
فلمّا أن أتوه به، قال لولده الحسن علیه السلام (1): ائتني بذلك الكتاب الذي بعثه إليك
فأتاه به، فقال: اقرأه وانظر أنت يا فلان الذي أنت مستجهل في هذا(2)(الكتاب)(3) فإنّه خطّي بيدي إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم على قوله، فقرأه فما خالف حرفا حرفا، ما فيه تقديم ولا تأخير، كأنّه إملاء رجل واحد على رجل واحد(4).
فعند ذلك حمد اللّه الإمام عليّ علیه السلام وأثنى عليه، فقال: «الحمد للّه الذي (لو شاء لم تختلف الأُمّة، ولم تفترق.
والحمد للّه الذي لم ينسني ولم يضيّع أجري، ولم يخمل)(5) ذكري عنده(6)
وعند أوليائه ورسله ولم يجعله(7) عند أولياء الشياطين وحزبهم».
قال: ففرح بذلك من حضر من شيعته من المؤمنين، وساء ذلك كثيرا ممّن كان
ص: 407
175 - وبالإسناد: يرفعه عن سلمان والمقداد وأبي ذرّ، قالوا: إنّ رجلاً فاخر عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فقال له رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! فاخر أهل الشرقوالغرب والعجم (والعرب)(1) فأنت أكرمهم، وابن عمّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وأكرمهم نفسا، وأكرمهم زوجة، وأكرمهم ولدا، وأكرمهم أخا، وأكرمهم عمّاً، وأعظمهم حزما وحلما، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم غنىً في نفسك ومالك.
وأنت أقرؤهم لكتاب اللّه عزّ وجلّ، وأعلمهم بسنّتي(2)، وأشجعهم قلبا في لقاء الحرب، وأجودهم كفّا، وأزهدهم في الدنيا، وأشدّهم جهادا، وأحسنهم خلقا، وأصدقهم لسانا، وأحبّهم إلى اللّه و إليّ.
وستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد اللّه تعالى، وتصبر على ظلم قريش لك، ثمّ تجاهد في سبيل اللّه إذا وجدت أعوانا، فقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، ثمّ تقتل شهيدا فتخضب لحيتك من دم رأسك، وقاتلك يعدل (عاقر)(3)ناقة صالح في البغضاء للّه والبعد من اللّه. يا عليّ! إنّك من بعدي في كلّ
ص: 409
أمر مغلوب(1) مغصوب تصبر على الأذى في اللّه، وفي رسوله محتسبا، أجرك غير ضائع عند اللّه، فجزاك اللّه عن الإسلام بعدي خيرا(2)(3).
ص: 410
176 - وبالإسناد: يرفعه عن سلمان وأبي ذرّ والمقداد، أنّهم أتاهم رجل مسترشد في زمن خلافة عمر بن الخطّاب، وهو رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم (مسترشدا)(1)، فقالوا له: عليك بكتاب اللّه، فالزمه! وبعليّ بن أبي طالب علیه السلام فإنّه مع الكتاب لا يفارقه، فإنّا نشهد أنّا سمعنا من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه يقول: إنّ عليّا مع الحقّ والحقّ معه (يدور معه)(2) كيفما
دار به، و إنّه أوّل من آمن بي وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر والفاروق بين الحقّ والباطل، وهو وصيّي ووزيري وخليفتي في أُمّتي من بعدي، فيقاتل على سنّتي.
فقال لهم الرجل: فما بال الناس يسمّون أبا بكر الصدّيق وعمر الفاروق؟!
فقالوا له: يجهل الناس حقّ عليّ كما جهلا خلافة(3) رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ،
وجهلا حقّ أمير المؤمنين علیه السلام وما هو لهما باسم، لأنّه اسم غيرهما، واللّه! إنّ عليّا هو الصدّيق الأكبر، والفاروق الأزهر.
ص: 411
واللّه! إنّ عليّا لخليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، و إنّه أمير المؤمنين، أمرنا وأمرهم بهرسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فسلّمنا عليه جميعا، (وهما معنا)(1) بإمرة المؤمنين (يوم بايعناه في غدير خمّ)(2)(3).
ص: 412
ص: 413
177 - وبالإسناد: يرفعه عن جابر، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، إنّه قال:
خرجت أنا ورسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى صحراء المدينة، فلمّا صرنا في الحدائق بين النخل صاحت نخلة بنخلة: هذا النبيّ المصطفى، وذا عليّ المرتضى.
ثمّ صاحت ثالثة برابعة: هذا موسى، وذا هارون.
ثمّ صاحت خامسة بسادسة: هذا خاتم النبيّين، وذا خاتم الوصيّين.
فعند ذلك نظر إليّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم متبسّما، وقال لي: يا أبا الحسن! أما سمعت؟ قلت: بلى، يا رسول اللّه، قال: ما تسمّي هذه النخيل؟
قلت : اللّه ورسوله أعلم، قال: نسمّيها الصيحانيّ لأنّها صاحت(1) بفضلي وفضلك يا عليّ(2).
ص: 414
ص: 415
178 - وبالإسناد: يرفعه إلى جعفر بن محمّد الصادق علیهماالسلام ، عن أبيه، عن جدّه الحسين، عن عليّ علیهم السلام أنّه قال: حدّثني عمر بن الخطّاب، قال:
سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، يقول: فضل عليّ علیه السلام على هذه الأُمّة كفضل شهر(1) رمضان على سائر الشهور، ثمّ فضل عليّ علیه السلام (كفضل ليلة القدر على سائر الليالي، ثمّ فضل عليّ)(2) على هذه الأُمّة كفضل يوم الجمعة على سائر الأيّام.
فطوبى لمن أحبّه وآمن به وصدّق بولايته، والويل كلّ الويل لمن جحده وجحد حقّه، (إنّ)(3) حقّا على اللّه أن لا ينيله شيئا من روحه يوم القيامة، ولا تناله شفاعة محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (4).
ص: 416
179 - وبالإسناد: عن الإمام جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه الحسين علیهم السلام ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم :
فاطمة (بهجة)(1) قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمّة من ولدها أُمنائي وحبلها الممدود.
فمن اعتصم بهم نجا، ومن تخلّف عنهم هوى(2).
ص: 417
181 - وبالإسناد: يرفعه إلى سلمان الفارسيّ رضى الله عنه أنّه قال:
كنّا عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إذ دخل أعرابيّ، فوقف وسلّم علينا، فرددنا عليه السلام، فقال: أيّكم بدر التمام، ومصباح الظلام، محمّد صلی الله علیه و آله وسلم رسول اللّه، الملك العلاّم، أ هو هذا الصبيح الوجه؟(1)
فقلنا: نعم، يا أخا العرب، اجلس! فجلس، فقال له: يا محمّد! آمنت بك ولم أرك، وصدّقتك قبل أن ألقاك غير أنّه بلغني عنك أمر!
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : وأيّ شيء هو الذي بلغك عنّي؟
فقال: دعوتنا إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فأجبناك، ثمّ دعوتنا إلى الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد فأجبناك، ثمّ لم ترض عنّا حتّى دعوتنا إلى موالاة ابن عمّك عليّ بن أبي طالب علیه السلام ومحبّته، أ أنت فرضته في الأرض؟ أم اللّه تعالى فرضه في السماء؟فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : بل فرضه اللّه على أهل السماوات و الأرض(2).
فلمّا سمع الأعرابيّ كلامه، قال: سمعا(3) لما أمرتنا به يا نبيّ اللّه! فإنّه الحقّ من
ص: 419
عند ربّنا، قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا أخا العرب! أعطي عليّ خمس(1) خصال، فواحدة منهنّ خير من الدنيا وما فيها، أ لا أُنبّئك بها يا أخا العرب؟!
قال: بلى، يا رسول اللّه!
قال: يا أخا العرب! كنت جالسا يوم بدر فقد انقضت عنّا الغزاة، فهبط عليّ جبرئيل علیه السلام ، وقال لي: إنّ اللّه يقرئك السلام، ويقول لك: يا محمّد! آليت على نفسي بنفسي وأقسمت عليّ بي، أنّي لا ألهم حبّ عليّ إلاّ من أحببته(2) أنا، فمن أحببته(3) ألهمته حبّ عليّ علیه السلام ، (ومن أبغضته ألهمته بغض عليّ)(4).
ثمّ قال علیه السلام يأ أخا العرب! ألا أُنبّئك بالثانية؟
قلت: بلى، يا رسول اللّه!
(فقال صلی الله علیه و آله وسلم : كنت جالسا بعد ما فرغت من جهاز عمّي حمزة إذ هبط جبرئيل، فقال: يا محمّد! إنّ اللّه تعالى يقرئك السلام، ويقول لك: قد فرضت الصلاة ووضعتها عن المعتلّ(5) (وفرضت الصوم ووضعته عن المسافر، وفرضت الحجّ ووضعته عن المعتلّ)(6)، وفرضت الزكاة ووضعتها عن المعدم، وفرضت حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام على أهل السماوات والأرض، فلم أعط فيه رخصة.
ثمّ قال علیه السلام : أ لا أُنبّئك بالثالثة؟
ص: 420
قلت: بلى، يا رسول اللّه! قال: ما خلق اللّه خلقا إلاّ وجعل لهم سيّدا، فالنسر سيّد الطيور، والثور سيّد البهائم، والأسد سيّد السباع، والجمعة سيّد الأيّام، ورمضان سيّد الشهور، و إسرافيل سيّد الملائكة، وآدم سيّد البشر، وأنا سيّد الأنبياء، وعليّ سيّد الأوصياء، ثمّ قال علیه السلام : أ لا أنبّئك يا أخا العرب! بالرابعة؟
قلت: بلى، يا رسول اللّه!)(1).
قال: حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام شجرة أصلها في الجنّة وأغصانها في الدنيا، فمن تعلّق بها في الدنيا (أدخله الجنّة، وبغضه شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا، فمن تعلّق به في الدنيا)(2) أدّاه إلى النار(3).
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا أعرابيّ! أ لا أُنبّئك بالخامسة؟.
قلت: بلى، يا رسول اللّه!
قال صلی الله علیه و آله وسلم : إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر(4) على يمين العرش، ثمّ نصب لإبراهيم علیه السلام منبر محاذي منبري عن يمين العرش، ثمّ يؤتى بكرسيّ عال مشرق زاهر يعرف بكرسيّ الكرامة فينصب بينهما، فأنا على منبري و إبراهيم على منبره وابن عمّي عليّ بن أبي طالب علیه السلام (على كرسيّ الكرامة)(5)، فما رأت عيناي بأحسن من حبيب بين خليلين.
ص: 421
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا أعرابيّ! حبّ عليّ حقّ، فإنّ اللّه تعالى يحبّ محبّه، وعليّ علیه السلام معي في قصر واحد، فعند ذلك قال الأعرابيّ: سمعا وطاعة للّه ولرسوله ولابن عمّك عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
ص: 422
182 - وبالإسناد: يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ رضى الله عنه، قال:
كنّا جلوسا عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إذ ورد علينا أعرابيّ أشعث الحال، عليه ثياب رثّة(1)، الفقر ظاهر بين عينيه، ومعه عياله(2).
فلمّا دخل المسجد سلّم على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ومن معه، وأنشد يقول شعرا:
أتيتك والعذراء تبكي برنّة(3) *** وقد ذهبت أُمّ الصبيّ عن الطفل
وأخت وبنتان وأُمّ كبيرة *** وقد كدت من فقري أخالط في عقلي
وقد مسّني ضرّ وعري وفاقة *** وليس لنا مال يمرّ ولا يحلي
ولا المنتهى إلاّ إليك مفرّنا *** وأين فرار الناس إلاّ إلى الرسل(4)
ص: 423
قال: فلمّا سمع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم كلامه بكى بكاءً شديدا، ثمّ قال لأصحابه:
معاشر الناس! إنّ اللّه ساق إليكم ثوابا وقاد إليكم أجرا، والجزاء من اللّه غرف في الجنّة تضاهي غرف إبراهيم الخليل علیه السلام ، فمن منكم يواسي هذا الفقير، قال: فلم يجبه أحد.
وكان في ناحية المسجد عليّ بن أبي طالب علیه السلام يصلّي ركعات تطوّعا، وكانقائما فأومأ بيده إلى الأعرابيّ، فدنا منه فدفع الخاتم من يده إليه وهو في صلاته، فأخذه الأعرابيّ وانصرف، وهو يقول هذه الأبيات شعرا(1):
أنت مولى ترتجى به من ال *** لّه في الدنيا إقامة الدين
خمسة في الأنام جمعا *** لأنّهم في الورى ميامين(2)
ثمّ إنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم غشيه الوحي إذ هبط عليه جبرئيل علیه السلام (3) ونادى:
السلام عليك يا محمّد! ربّك يقرئك السلام، ويقول لك: اقرأ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ
ص: 424
رَ كِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُالْغَلِبُونَ»(1).
فعند ذلك قام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قائماً، وقال: معاشر المسلمين! أيّكم اليوم عمل خيراً حتّى جعله اللّه وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة؟
قالوا: يا رسول اللّه! ما فينا من عمل اليوم خيراً سوى ابن عمّك عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، فإنّه تصدّق على الأعرابيّ بخاتمه وهو في صلاته.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : وجبت الولاية لابن عمّي عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، ثمّ قرأ عليهم الآية. قال: فتصدّق الناس على الأعرابيّ ذلك اليوم بخمسمائة خاتم فأخذها الأعرابيّ وولّى، وهو يقول هذه الأبيات شعرا:
أنا مولى الخمسة *** نزلت فيهم السور
أهل طه وهل أتى *** فأقرّوا واعرفوا الخبر(2)
والطواسين بعدها *** والحواميم والزمر
أنا مولى لهؤلاء *** وعدوّ لمن كفر(3)
ص: 425
ص: 426
183 - وبالإسناد: يرفعه إلى أنس بن مالك أنّه قال: وفد الأسقف النجرانيّ(1) على عمر بن الخطّاب لأجل أداء الجزية(2)، فدعاه عمر إلى الإسلام، فقال له الأسقف: أنتم تقولون: إنّ للّه جنّة عرضها السماوات والأرض، فأين تكون النار؟
قال: فسكت عمر ولم يردّ جوابا.
قال: فقال له الجماعة الحاضرون: أجبه، يا أمير المؤمنين! حتّى لا يطعن في الإسلام.
قال: فأطرق خجلاً من الجماعة الحاضرين ساعة لا يردّ جوابا، فإذا بباب المسجد رجل قد سدّه بمنكبيه، فتأمّلوه و إذا به عيبة علم النبوّة عليّ بن أبي طالب علیه السلام قد دخل، قال: فضجّ الناس عند رؤيته.
قال: فقام عمر بن الخطّاب والجماعة على أقدامهم، وقال: يا مولاي! أين كنت عن هذا الأسقف الذي قد علانا منه الكلام، أخبره يا مولانا قبل أن يرتدّ الإسلام، فأنت(3) بدر التمام، ومصباح الظلام، وابن عمّ رسول الأنام.
فقال الإمام عليّ علیه السلام : ما تقول يا أسقف؟
ص: 427
قال: يا فتى! أنتم تقولون: إنّ الجنّة عرضها (كعرض)(1) السماوات والأرض، فأين تكون النار؟
قال له الإمام علیه السلام : إذا جاء الليل أين يكون النهار؟
فقال له الأسقف: من أنت يا فتى! دعني حتّى أسأل هذا(2) الفظّ الغليظ،
أنبئني يا عمر! عن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرّة أخرى؟
قال عمر: اعفني عن هذا، واسأل عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، ثمّ قال: أخبره يا أبا الحسن!فقال عليّ علیه السلام : هي أرض البحر التي فلقها اللّه لموسى حتّى عبر هو وجنوده فوقعت الشمس عليها تلك الساعة، ولم تطلع قبل ولا بعد، وانطبق البحر على فرعون وجنوده.
فقال الأسقف: صدقت، يا فتى قومه وسيّد عشيرته! أخبرني عن شيء هو في أهل الدنيا تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ينقص بل يزداد؟
قال عليّ علیه السلام : هو القرآن والعلوم، فقال: صدقت، أخبرني عن أوّل رسول أرسله اللّه، لا من الجنّ ولا من الإنس؟
فقال علیه السلام : ذلك الغراب الذي بعثه اللّه تعالى لمّا قتل قابيل هابيل أخاه، فبقي متحيّرا لا يعلم ما يصنع به، فعند ذلك «فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُو كَيْفَ يُوَ رِى سَوْءَةَ أَخِيهِ»(3).
ص: 428
قال: صدقت، يا فتى! فقد بقي لي مسألة واحدة أريد أن يخبرني عنها هذا، وأومأ بيده إلى عمر، فقال: يا عمر! أخبرني أين هو اللّه؟
قال: فغضب عند ذلك عمر وأمسك ولم يردّ جوابا، قال: فالتفت الإمام عليّ علیه السلام ، وقال: لا تغضب، يا أبا حفص! حتّى لا يقول إنّك قد عجزت، فقال:
فأخبره أنت، يا أبا الحسن!
فعند ذلك، قال الإمام علیه السلام : كنت عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إذ أقبل إليه ملك فسلّم عليه، فردّ عليه السلام، فقال: أين كنت؟
قال: عند ربّي فوق سبع سماوات، قال: ثمّ أقبل ملك آخر، فقال: أين كنت؟
قال: كنت عند ربّي (في تخوم الأرض السابعة السفلى، ثمّ أقبل ملك ثالث، فقال: أين كنت؟
قال: كنت عند ربّي)(1) في مطلع الشمس، ثمّ جاء ملك آخر، فقال: أين كنت؟
قال: كنت عند ربّي في مغرب الشمس، فإنّ اللّه لا يخلو منه مكان، ولا هو في شيء، ولا على شيء، ولا من شيء.
«وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَ تِ وَالْأَرْضَ»(2)، «لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ»(3)، «لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَوَ تِ وَ لاَ فِى الْأَرْضِ وَ لاَ أَصْغَرُ مِن ذَ لِكَ وَ لاَ أَكْبَرُ»(4)، «يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ
ص: 429
وَ لاَ أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ»(1).
قال: فلمّا سمع الأسقف قوله، قال له: مدّ يدك فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّك خليفة اللّه في أرضه ووصيّ رسوله، وأنّ هذا الجالس الغليظ الكفل الحبنطى(2)، ليس هو لهذا المكان بأهل و إنّما أنت أهله، فتبسّم الإمام علیه السلام (3).
ص: 430
184 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى المقداد بن الأسود الكنديّ رضى الله عنه، قال:
كنّا مع سيّدنا رسول اللّه، وهو متعلّق بأستار الكعبة، وهو يقول: «اللّهمّ اعضدني واشدد أزري واشرح صدري وارفع ذكري».
فنزل عليه جبرئيل عليه السلام، وقال: اقرأ (يا محمّد! قال: وما أقرأ؟
قال اقرأ)(2): «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَ وَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ»(3) مع عليّ بن أبي طالب صهرك، فقرأها النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم .
وأثبتها (عبد اللّه) بن مسعود (في مصحفه)، فأسقطها عثمان (بن عفّان حين وحّد المصاحف(4))(5).
ص: 431
185 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه، عن جدّه الشهيد علیهم السلام أنّه قال:
لمّا رجع عليّ بن أبي طالب علیه السلام من قتال أهل النهروان وصل إلى أعمال العراق، ولم يكن بنية يومئذ ببغداد.
فلمّا وصل ناحية براثا صلّى الناس الظهر، ودخل أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر، فصاح المسلمون: يا أمير المؤمنين! وجبت صلاة العصر، وقد دخل وقتها.
فعند ذلك قال أمير المؤمنين: أيّها الناس! هذه أرض قد خسف اللّه بها ثلاث مرّات، وعليه تمام الرابعة، فلا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يصلّي فيها لأنّها أرض مسخوط عليها، فمن أراد منكم الصلاة فليصلّ.
قال جويرة بن مسهر العبديّ: فتبعته بمائة فارس، وقلت: أنا لأقلّدنّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام صلاتي اليوم.
قال: وسار أمير المؤمنين علیه السلام إلى أن قطع أرض بابل، فتدلّت الشمس للغروب، ثمّ غابت واحمرّ الأفق.قال: فالتفت أمير المؤمنين علیه السلام إليّ، وقال: يا جويرة! هات الماء، قال:
ص: 432
فقدّمت إليه الإداوة(1)، فتوضّأ ثمّ قال: أذّن.
فقلت: يا مولاي! ما وجبت العشاء بعد.
فقال: أذّن للعصر، فقلت في نفسي: قد غربت الشمس ويقول: أذّن للعصر، ولكن عليّ الطاعة(2)، فأذّنت، فقال لي: أقم الصلاة، ففعلت.
فجعل علیه السلام يحرّك شفتيه بكلام يشبه كلام الخطاطيف لم يفهم، و إذا بالشمس قد رجعت بصرير عظيم حتّى وقفت في مركزها من العصر.
فقام علیه السلام : وكبّر، وصلّى العصر وصلّينا وراءه.
فلمّا أدّيناها وسلّم وقعت إلى الأرض كأنّها وقعت في طشت ماء وغابت وأزهرت النجوم، فالتفت إليّ وقال: أذّن الآن للعشاء، يا ضعيف اليقين!
قال: فأذّنت، وأقمت وصلّينا العشاء.
فهو علیه السلام آية اللّه في أرضه وسمائه(3)(4).
ص: 433
187 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى عمر بن الخطّاب أنّه قال: أعطي عليّ بن أبي طالب علیه السلام خمس خصال، فلو كان لي واحدة منهنّ، لكان أحبّ لي من الدنيا والآخرة، قالوا: وما هي؟ يا عمر!
قال: تزوّجه(2) بفاطمة عليهاالسلام، وفتح بابه إلى المسجد حين سدّت أبوابنا، وانقضاض(3) الكوكب في حجرته، ويوم خيبر.
وقول رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لأعطينّ الراية غدا رجلاً يحبّه اللّه ورسوله ويحبّ اللّه(4) ورسوله، كرّارا غير فرّار يفتح اللّه تعالى على يديه بالنصر (وقوله صلی الله علیه و آله وسلم له: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي)(5).
واللّه! لقد كنت أرجوا أن يكون فيّ من ذلك واحدة(6)(7).
ص: 435
ص: 436
188 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى عليّ بن محمّد الهادي علیهماالسلام إلى أبيه، إلى جدّه، إلى النسب الطاهر(2)، إلى زين العابدين علیهم السلام ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، أنّه قال:
اجتمع أصحاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ليلة في عام الذي فتح مكّة، وقالوا: يا رسول اللّه! من شأن الأنبياء(3) أنّهم إذا استقام أمرهم أن يوصوا إلى وصيّ، أو من يقوم مقامهم بعدهم، ويأمر بأمرهم، ويسير في الأُمّة كسيرتهم.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : قد وعدني ربّي بذلك أن يبيّن ربّي عزّ وجلّ من يختاره من الأُمّة بعدي، ومن هو الخليفة على أُمّتي بآية تنزل من السماء ليعلموا الوصيّ بعدي.
قال: فلمّا صلّى بهم صلاة العشاء الآخرة في تلك الساعة نظر الناس إلى السماء لينظروا ما يكون، وكانت ليلة ظلماء لا قمر فيها، و إذا بضوء عظيم قد أضاء له
ص: 437
المشرق والمغرب، وقد نزل نجم من السماء إلى الأرض، وجعل يدور على الدور حتّى وقف على حجرة عليّ بن أبي طالب علیه السلام وله شعاء هائل، وصار على الحجرة كالغطاء على التنور، وقد أظلّ شعاعه الدور(1)، وقد فرغ الناس.
قال: فجعلوا الناس يهلّلون ويكبّرون، وقالوا: يا رسول اللّه! نجم قد نزل من السماء على ذروة حجرة عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
قال: فقام وقال: هو واللّه! الإمام من بعدي، والوصيّ القائم بأمري، فأطيعوه ولا تخالفوه وقدّموه ولا تؤخّروه، فهو خليفة اللّه في أرضه من بعدي.
قال: فخرج الناس من عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقال واحد من المنافقين: ما يقول في ابن عمّه إلاّ بالهوى، وقد ركبته الغواية(2) حتّى لو تمكّن أن يجعله نبيّا لفعل، قال: فنزل جبرئيل علیه السلام ، وقال: يا محمّد! العليّ الأعلى يقرئك السلام ويقول: اقرء: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى * وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى»(3).
ص: 438
189 - وبالإسناد: يرفعه إلى ابن مسعود أنّه قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
لمّا خلق اللّه تعالى آدم علیه السلام ونفخ فيه الروح عطس، فقال: الحمد للّه، فأوحى اللّه تعالى إليه: حمدتَني عبدي، وعزّتي وجلالي(1) لولا عباد أريد أن أخلقهم من ظهرك لما خلقتك، فارفع رأسك يا آدم! وانظر.
فرفع رأسه فرأى في العرش مكتوبا: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه نبيّ الرحمة، وعليّ أمير المؤمنين مقيم الحجّة، فمن عرف حقّه زكى وطاب، ومن أنكر حقّه كفر وخاب، أقسمت على نفسي بنفسي، وعلى عزّتي بعزّتي وجلالي! إنّي أُدخل الجنّة من أطاعه و إن عصاني، وآليت على نفسي أن أدخل النار(2) من عصاه و إن أطاعني(3).
ص: 439
ص: 440
190 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى جعفر الصادق علیه السلام ، عن أبيه، عن جدّه
الشهيد علیهم السلام أنّه قال: كان أبي عليّ بن أبي طالب علیه السلام يخطب الناس يوم الجمعة على منبر الكوفة، إذ سمع صيحة عظيمة(2) وعدواً، والرجال يتواقعون بعضهم على بعض.
فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام : ما لكم، يا قوم؟!
قالوا: ثعبان دخل المسجد كأنّه نخلة، ونحن نفزع منه، ونريد أن نقتله فلا نقدر عليه.
فقال لهم علیه السلام : لا تقربوه، وطرّقوا له فإنّه رسول إليّ، قد جاءني في حاجة.
قال: فعند ذلك انفرج الناس له، وما زال يخترق الصفوف(3) صفّاً بعد صفّ إلى أن وصل إلى تحت المنبر، ثمّ جعل يرقى المراقي إلى أن وصل إلى عيبة علم النبوّة، فوضع فاه في أذن الإمام علیه السلام ، وجعل ينقّ له نقيقاً طويلاً.
ثمّ التفت الإمام إلى الثعبان، وجعل ينقّ له مثل ما ينقّ له، ثمّ نزل عن المنبر، وانسلّ من بين الجماعة، فما كان بأسرع أن غاب عنهم، فلم يروه.
ص: 441
فقال الجماعة: يا أمير المؤمنين! ما هذا الثعبان؟
قال: هذا درجان بن مالك(1) خليفتي على الجنّ المؤمنين، وذلك أنّهم اختلف عليهم شيء من أمور دينهم، فأنفذوه إليّ فسألني عنه، فأجبته، فعلم جوابها(2)
الذي اختلفوا فيه ثمّ رجع(3).
ص: 442
191 - وبالإسناد: يرفعه إلى ابن مسعود، أنّه قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل علیه السلام : قد أُمرت بعرض الجنّة والنار عليك.
قال: فرأيت الجنّة وما فيها من النعيم، ورأيت النار وما فيها من عذاب أليم.والجنّة لها ثمانية أبواب، على كلّ باب منها أربع كلمات، كلّ كلمة منها خير من الدنيا وما فيها، لمن يعرفها ويعمل بها.
وللنّار سبعة أبواب على كلّ باب منها ثلاث كلمات، كلّ كلمة منها خير من الدنيا وما فيها، لمن يعرفها ويعمل بها، قال: قال لي جبرئيل علیه السلام : اقرأ يا محمّد!
ما على الأبواب، قال: قلت له: قرأت ذلك.
أمّا أبواب الجنّة، فعلى الباب الأوّل منها مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، لكلّ شيء حيلة، وحيلة العيش أربع خصال: القناعة، ونبذ الحقد، وترك الحسد، ومجالسة أهل الخير.
وعلى الباب الثاني مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، لكلّ شيء حيلة وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامى، والتعطّف على الأرامل، والسعي في حوائج المسلمين، وتفقّد الفقراء والمساكين.
وعلى الباب الثالث مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه،
ص: 443
كلّ شيء هالك إلاّ وجهه، لكلّ شيء حيلة، وحيلة الصحّة في الدنيا أربع خصال:
قلّة الكلام، وقلّة المنام، وقلّة المشي، وقلّة الطعام.
وعلى الباب الرابع مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، فمن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم والديه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
وعلى الباب الخامس مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، فمن أراد أن لا يشتم لا يشتم، ومن أراد أن لا يذلّ لا يذلّ، ومن أراد أن لا يظلم لا يظلم، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة فليقل: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه.
وعلى الباب السادس مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، فمن أحبّ أن يكون قبره وسيعا(1) فسيحا فليبن المساجد، ومن أحبّ أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد، وليكس المساكين، ومن أحبّ أن يبقى طرّيا نضرا(2) لا يبلى فليكس المساجد(3) بالبسط، ومن أراد أن يرى موضعه في الجنّة فليسكن في المساجد.
وعلى الباب السابع مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، وبياض القلوب في أربع خصال: عيادة المرضى، واتّباع الجنائز، وشراء أكفان
ص: 444
الموتى(1)، وردّ القرض.
وعلى الباب الثامن مكتوب: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، فمن أراد الدخول في هذه الأبواب الثمانية فليتمسّك(2) بأربع خصال، وهي:
الصدقة، والسخاء، وحسن الخلق، وكفّ الأذى عن عباد اللّه(3).
ثمّ رأيت على أبواب جهنّم، فإذا على الباب الأوّل منها مكتوب ثلاث كلمات، وهي: من رجا اللّه تعالى سعد، ومن خاف اللّه تعالى أمن، والهالك المغرور من رجا غير اللّه تعالى وخاف سواه.
وعلى الباب الثاني مكتوب ثلاث كلمات: من أراد أن لا يكون عرياناً يوم القيامة فليكس الجلود العارية في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون عطشاناً يوم العطش (الأكبر)(4) فليسق العطشان في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون جائعا (في القيامة)(5) فليطعم البطون الجائعة في الدنيا.
وعلى الباب الثالث مكتوب ثلاث كلمات: لعن اللّه الكاذبين، لعن اللّه الباخلين، لعن اللّه الظالمين.
وعلى الباب الرابع مكتوب ثلاث كلمات: أذلّ اللّه من أهان الإسلام أذلّ اللّه من أهان أهل بيت النبيّ، لعن اللّه من أعان الظالمين على ظلم المخلوقين.
ص: 445
وعلى الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات: لا تتّبع الهوى فإنّ الهوى مجانب الإيمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتقنط من رحمة اللّه، ولا تكن عوناً للظالمين.
وعلى الباب السادس مكتوب: أنا حرام على المتهجّدين، (أنا حرام على المتصدّقين،)(1) أنا حرام على الصائمين.
وعلى الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وبّخوا أنفسكم قبل أن توبّخوا، ادعوا اللّه عزّ وجلّ قبل أن تردوا عليه ولا تقدروا على ذلك(2)(3).
ص: 446
192 - وبالإسناد: يرفعه إلى محمّد بن جعفر الصادق علیه السلام (1) يرويه عن
النسب الطاهر إلى جدّه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال:
إنّ اللّه تعالى جعل ذرّيّة كلّ نبيّ من صلبه، وجعل ذرّيّتي من صلب عليّ بن أبي طالب علیه السلام (مع ابنتي فاطمة عليهاالسلام)(2).
و إنّ اللّه اصطفاهم كما«اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ نَ عَلَى الْعَلَمِينَ»(3).
فاتّبعوهم يهدوكم إلى صراط مستقيم، فقدّموهم ولا تتقدّموا عليهم، فإنّهمأحلمكم صغاراً(4) وأعلمكم كباراً، فاتّبعوهم (فإنّهم)(5) لا يدخلونكم في
ضلال، ولا يخرجونكم من هدى(6).
ص: 447
ص: 448
193 - وبالإسناد: يرفعه إلى أنس بن مالك، والزبير بن العوامّ، أنّهما قالا:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : أنا ميزان العلم، وعليّ كفّتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته، والأئمّة من ولدهم عموده.
فينصب يوم القيامة فيوزن فيها أعمال المحبّين لنا، والمبغضين لنا(1).
ص: 449
194 - وبالإسناد: يرفعه إلى سعد بن أبي وقّاص، أنّه قال: إنّه بينا نحن بفناء الكعبة، ورسول اللّه معنا إذ خرج علينا من الركن اليمانيّ شيء على هيئة الفيل أعظم ما يكون من الفيلة(1).
فتفل رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وقال: لعنت وخزيت يا ملعون! فشكّ سعد، فعند ذلك قام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وقال: ما هذا؟ يا رسول اللّه!
قال: أ و ما تعرفه، يا عليّ؟! قال: اللّه ورسوله أعلم.
فقال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : هذا إبليس.
فوثب أمير المؤمنين علیه السلام من مكانه، كأنّه أسد وأخذ بناصيته وجذبه من مكانه، ثمّ قال: أقتله، يا رسول اللّه!
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : أ وما علمت أنّه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم؟
فجذبه وتنحّى به خطوات.
فقال له إبليس: ما لي وما لك، يا ابن أبي طالب! دعني من يدك، فوعزّة ربّي ما يبغضك(2) أحد إلاّ من شاركت(3) أباه في أُمّه، فخلاّه من يده.
ص: 450
فأنزل اللّه في ذلك:«وَ شَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوَ لِ وَ الْأَوْلَدِ وَعِدْهُمْ وَ مَا يَعِدُهُمُالشَّيْطَنُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَنٌ»(1)؛ يعني: بذلك شيعة عليّ بن أبي طالب علیه السلام (2).
ص: 451
195 - وبالإسناد: يرفعه إلى عمّار بن ياسر وزيد بن أرقم رضى الله عنه أنّهما قالا:
كنّا بين يدي أمير المؤمنين علیه السلام ، وكان يوم الإثنين لسبع عشرة(1) ليلة خلت من صفر، و إذا بزعقة(2) عظيمة قد ملأت المسامع، وكان عليّ علیه السلام بدكّة القضاء.
فقال: يا عمّار! ائتني بذي الفقار، وكان وزنه سبعة أمنان، وثلث منّ بالمكّيّ، فجئت به ثمّ انتضاه(3) من غمده، وتركه على فخذه، وقال: يا عمّار! هذا اليوم
أكشف لأهل الكوفة فيه الغمّة، ليزداد المؤمن وفاقاً والمخالف نفاقا، يا عمّار! ائت بمن في الباب(4).
قال عمّار: فخرجت، و إذا على الباب امرأة في قبّة على جمل، وهي تبكي
ص: 452
وتصيح: يا غياث المستغيثين! يا بغية الطالبين! ويا كنز الراغبين! ويا ذا القوّة المتين! ويا مطعم اليتيم، ويا رازق العديم! ويا محيي كلّ عظم رميم! ويا قديما سبق قدمه كلّ قديم! ويا عون من ليس له عون ولا معين! ويا طود من لا طود له!
ويا كنز من لا كنز له! إليك توجّهت، وبوليّك توسّلت، ولخليفة رسولك قصدت، فبيّض وجهي، وفرّج عنّي كربي.
قال عمّار: وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة، فقَوْم لها، وقَوْم عليها، فقلت أجيبوا أمير المؤمنين علیه السلام ، أجيبوا عيبة علم النبوّة.
قال: فنزلت من القبّة ونزل القوم معها، ودخلوا المسجد، فوقفت الامرأة بين يدي أمير المؤمنين علیه السلام ، وقالت: يا مولاي، يا إمام المتّقين! إليك أتيت، و إيّاك قصدت، فاكشف ما بي من غمّة، فإنّك قادر عليه، وعالم بما كان وما يكون إلى يوم الوقت المعلوم.
فعند ذلك، قال علیه السلام : يا عمّار! ناد في الكوفة: ألا من أراد أن ينظر إلى ما أعطى اللّه عليّا أخا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فليأت المسجد.
قال: فاجتمع الناس حتّى امتلأ المسجد بالناس، وصار القدم على القدم، فعند ذلك قال مولاي علیه السلام : سلوا ما بدا لكم، يا أهل الشام!
فنهض من بينهم شيخ كبير قد لبس عليه بردة يمانيّة وحلّة عريشيّة(1)،
ص: 453
وعمامة خراسانيّة، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين! ويا كنز الطالبين!
ويا مولاي! هذه الجارية ابنتي قد خطبوها ملوك العرب منّي، وقد نكست رأسي بين عشيرتي، وأنا موصوف بين العرب، وقد فضحتني في أهلي ورجالي لأنّها عاتق حامل، فأنا قلميس بن عفريس، لا تخمد(1) لي نار، ولا يضام(2) لي جار، وقد بقيت حائرا في أمري، فاكشف عنّي هذه الغمّة، فإنّ الإمام ترتجيه الأُمّة، وهذه الغمّة عظيمة لم أر مثلها ولا أعظم منها.
فقال أمير المؤمنين علیه السلام : ما تقولين يا جارية! فيما قال أبوك؟
فقالت: يا مولاي! أمّا قوله: إنّي عاتق، فقد صدق، وأمّا قوله: إنّي حامل، فوحقّك يا مولاي! ما علمت من نفسي خيانة قطّ، و إنّي أعلم أنّك أعلم بي منّي، و إنّي ما كذبت، ففرّج عنّي يا مولاي!
قال عمّار: فعند ذلك أخذ ذا الفقار وصعد المنبر، وقال: اللّه أكبر! «جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا»(3)، ثمّ قال: عليّ: بقابلة الكوفة.
فجاءت امرأة، يقال لها: لبنة(4)، وهي قابلة نساء أهل الكوفة، فقال لها:
اضربي بينك وبين الناس حجابا، وانظري هذه الجارية عاتق أم حامل.
ص: 454
ففعلت ما أمرها به، ثمّ خرجت وقالت: نعم، يا مولاي! هي عاتق حامل،
وحقّك يا مولاي!
فعند ذلك التفت الإمام علیه السلام إلى أبي الجارية، وقال: يا أبا الغضب! أ لست من قرية كذا وكذا من أعمال دمشق؟
قال: وما هي القرية؟ قال: قرية يقال لها: أسعار.
فقال: بلى، يا مولاي!
فقال: من منكم يقدر هذه الساعة على قطعة من الثلج؟
فقال: يا مولاي! الثلج في بلادنا كثير، ولكن ما نقدر عليه ههنا.
فقال: بيننا وبين بلدكم مائتان وخمسون فرسخا.
قال: نعم، يا مولاي!
ثمّ قال علیه السلام : أيّها الناس! انظروا إلى ما أعطى اللّه عليّا من العلم النبويّ الذي أودعه اللّه رسوله من العلم الربّانيّ.
فقال عمّار بن ياسر: فمدّ يده علیه السلام من أعلى منبر(1) الكوفة، وردّها وفيهاقطعة من الثلج يقطر الماء منها. فعند ذلك ضجّ الناس، وماج الجامع بأهله، فقال علیه السلام : اسكتوا! ولو شئت أتيته بجباله(2)، ثمّ قال: يا قابلة! خذي هذا الثلج واخرجي بالجارية من المسجد(3)، واتركي تحتها طشتاً، وضعي هذه القطعة ممّا
ص: 455
يلي الفرج، فسترى علقة(1) وزنها سبعة وخمسون درهما ودانقان.
قال: فقالت له: سمعا وطاعة للّه، ولك يا مولاي! ثمّ أخذتها وخرجت بها من الجامع، وجاءت بطشت ووضعت الثلجة على الموضع كما أمرها علیه السلام ، فرمت علقة كبيرة، فوزنتها القابلة فوجدتها كما قال علیه السلام ، وأقبلت القابلة والجارية فوضعت العلقة بين يديه.
ثمّ قال علیه السلام : قم يا أبا الغضب! خذ ابنتك، فو اللّه! ما زنت، و إنّما دخلت الموضع الذي فيه الماء وهذه العلقة دخلت في جوفها، وهي بنت عشر سنين وكبرت إلى الآن في بطنها.
فنهض أبوها، وهو يقول: أشهد أنّك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر، وأنّك باب الدين وعموده.
قال: فضجّ الناس عند ذلك! وقالوا: يا أمير المؤمنين! لنا اليوم خمس سنين لم تمطر السماء علينا غيثاً، وقد أمسك المطر عن الكوفة هذه المدّة وقد مسّنا وأهلنا الضرّ، فاستسق لنا بماء يا وارث(2) علم محمّد صلی الله علیه و آله وسلم !
فعند ذلك قام في الحال، وأشار بيده إلى السماء ودمدم(3)، فإذا الغيث قد انسجم، وهمل(4) مزنا وسال الغيث حتّى صارت الكوفة غدرانا.
ص: 456
فقالوا: يا أمير المؤمنين! كفينا من الماء وروينا، فتكلّم بكلام فمضى الغيث،وانقطع المطر وطلع الشمس.
فلعن اللّه الشاكّ في فضل عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
ص: 457
196 - وبالإسناد: يرفعه إلى عبد اللّه بن أبي أوفى(1)، عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه قال: لمّا خلق اللّه إبراهيم الخليل كشف له عن بصره، فنظر إلى جانب العرش فرأى نورا(2)، فقال: إلهي وسيّدي! ما هذا النور؟
قال: يا إبراهيم! هذا محمّد صفيّي.
فقال: إلهي وسيّدي! إنّي أرى بجانبه(3) نورا (آخر)(4)؟!
قال: يا إبراهيم! هذا عليّ ناصر ديني.
قال: إلهي وسيّدي! إنّي أرى بجانبهما نورا آخر ثالثا يلي النورين!
قال: يا إبراهيم! هذه فاطمة تلي أباها وبعلها، فطمت محبّيها من النار.
قال: إلهي وسيّدي! إنّي أرى نورين يليان الثلاثة الأنوار(5)؟!
ص: 458
قال: يا إبراهيم! هذان الحسن والحسين يليان أباهما وأُمّهما وجدّهما.
قال: إلهي وسيّدي! إنّي أرى تسعة أنوار قد أحدقوا بالخمسة الأنوار؟!
قال: يا إبراهيم! هؤلاء الأئمّة من ولدهم.
قال: إلهي وسيّدي! وبمن يعرّفون؟
قال: يا إبراهيم! أوّلهم عليّ بن الحسين، ومحمّد ولد عليّ، وجعفر ولد محمّد، وموسى ولد جعفر، وعليّ ولد موسى، ومحمّد ولد عليّ، وعليّ ولد محمّد، والحسن ولد عليّ، ومحمّد ولد الحسن القائم المهديّ.
قال: إلهي وسيّدي! وأرى عدّة أنوار حولهم، لا يحصي عدّتهم إلاّ أنت؟!
قال: يا إبراهيم! هؤلاء شيعتهم ومحبّوهم(1).
قال: إلهي وسيّدي! بم يعرف شيعتهم ومحبّوهم؟
قال: يا إبراهيم! بصلاة الإحدى والخمسين، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وسجدتي الشكر، والتختّم باليمين.
قال إبراهيم: اجعلني إلهي! من شيعتهم ومحبّيهم.
قال: قد جعلتك منهم، فأنزل اللّه تعالى فيه: «وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِى لاَءِبْرَ هِيمَ * إِذْ جَآءَ رَبَّهُو بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(2)، صدق اللّه تعالى ورسوله.
قال المفضّل بن عمر(3): إنّ إبراهيم علیه السلام لمّا أحسّ بالموت(4) روى هذا الخبر،
ص: 459
وسجد فقبض في سجدته(1).
ص: 460
197 - وبالإسناد: يرفعه إلى عبد اللّه بن عبّاس، قال:
لمّا رجعنا من حجّ بيت اللّه للوداع مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فجلسنا حوله وهو في مسجده، إذ ظهر الوحي عليه، فتبسّم صلی الله علیه و آله وسلم تبسّما شديدا حتّى بانت ثناياه، فقلنا: يا رسول اللّه! ممّ تبسّمت؟
فقال: من إبليس اجتاز بنفر، وهم ينالون عليّا(1)، فوقف أمامهم فقالوا: من ذا الذي أمامنا؟
فقال: أنا أبو مرّة، فقالوا: تسمع كلامنا، فقال: نعم، سوأة على وجوهكم(2)
ويلكم! أ تسبّون مولاكم عليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟
فقالوا له: يا أبا مرّة! من أين علمت أنّه مولانا؟
فقال: ويلكم! أ نسيتم قول نبيّكم بالأمس: من كنت مولاه فعليّ مولاه؟
فقالوا: يا أبا مرّة! أنت من شيعته ومواليه.
فقال: ما أنا من شيعته ولا من مواليه(3)، ولكن أُحبّه لأنّه ما أبغضه(4) أحد منكم إلاّ شاركته في ولده وماله، وذلك قول اللّه تعالى:
ص: 461
«وَ شَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوَ لِ وَ الْأَوْلَدِ»(1).
فقالوا: يا أبا مرّة! أ تقول في عليّ شيئا؟
قال: وما تريدون أن أقول فيه، اسمعوا منّي، ويلكم! اعلموا أنّي عبدت اللّه تعالى في الجانّ اثني عشر ألف سنة، فلمّا أهلك اللّه الجانّ شكوت إلى اللّه تعالى عزّ وجلّ الوحدة، فأرقي بي إلى السماء (الدنيا)(2)، فعبدت اللّه تعالى فيها إثنيعشر ألف سنة أخرى (مع الملائكة)(3)، فبينا نحن كذلك نسبّح اللّه تعالى ونقدّسه إذ مرّ علينا نور شعشعانيّ، فخرّت الملائكة عند ذلك سجّدا. فقلنا: نور نبيّ مرسل، أو نور ملك مقرّب، فإذا النداء من قبل اللّه عزّ وجلّ: لا نبيّ مرسل ولا ملك مقرّب، هذا نور طينة عليّ بن أبي طالب علیه السلام أخي محمّد صلی الله علیه و آله وسلم (4).
ص: 462
198 - وبالإسناد: يرفعه إلى ابن عبّاس أنّه قال: صلّى بنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم صلاة الغداة، واستند إلى محرابه، والناس حوله منهم المقداد وحذيفة وأبو ذرّ وسلمان الفارسيّ، و إذا بأصوات(1) عالية قد ملأت المسامع.
فعند ذلك، قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا حذيفة! يا سلمان! انظروا ما الخبر؟
قال: فخرجا(2) فإذا هما بنفر، وهم على رواحلهم وهم أربعون رجلاً بأيديهم الرماح الخطّيّة، وعلى رؤوس الرماح أسنّة من العقيق الأحمر، وعلى كلّ واحد منهم بدنة(3) من اللؤلؤ على رؤوسهم قلانس مرصّعة بالدرّ والجواهر، يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه كأنّه فلقة قمر، وهم ينادون: الحذار الحذار، البدار البدار إلى محمّد المختار المنعوت(4) في الأقطار.
ص: 463
قال حذيفة: فأخبرت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بذلك، فقال: يا حذيفة! انطلق إلى حجرة كاشف الكروب، وعبد علاّم الغيوب، الليث العقور، واللسان الشكور، والهِزَبْر(1) الغيور، والبطل الجسور، العالم الصبور الذي جرى اسمه في التوراة والإنجيل والفرقان والزبور، وانطلق إلى حجرة ابنتي فاطمة وائتني ببعلها عليّ ابن أبي طالب علیه السلام .
قال: فمضيت و إذا به قد تلقّاني، وقال: يا حذيفة، قد جئت لتخبرني عن قوم أنا عالم بهم منذ خلقوا، ومنذ ولدوا، وفي أيّ شيء جاؤوا؟!
فقال حذيفة: فقلت: زادك اللّه تعالى يا مولاي! علما وفهما، ثمّ أقبل علیه السلام إلى المسجد والقوم محدقون برسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فلمّا رأوا الإمام علیه السلام نهضوا قياما على أقدامهم.
فقال لهم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : كونوا على مجالسكم، فقعدوا فلمّا استقرّ بهم المجلس قام الغلام الأمرد قائما دون أصحابه، وقال: أيّها الناس! أيّكم الراهب إذ انسدل(2)
الظلام، أيّكم المنزّه عن عبادة الأوثان، أيّكم مكسّر الأصنام، أيّكم الساتر عورات النسوان، أيّكم الشاكر لما أولاه الرحمان، أيّكم الصابر(3) يوم الضرب والطعان، أيّكم منكّس الأقران والفرسان، أيّكم أخو محمّد معدن الإيمان، أيّكم وصيّه الذي نصر به دينه على ساير الأديان، أيّكم عليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟
ص: 464
فعند ذلك قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : يا عليّ! أجب الغلام الذي هو في وصفك علاّم، وقم بحاجته!
فقال عليّ علیه السلام : اُدن منّي يا غلام! إنّي أعطيك سؤلك والمرام، وأشفيك من الأسقام والآلام(1) بعون ربّ الأنام(2)، فانطق بحاجتك! فإنّي أبلّغك أُمنيّتك ليعلم المسلمون أنّي سفينة النجاة، وعصا موسى، والكلمة الكبرى، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم.
فقال الغلام: إنّ معي أخا لي، وكان مولعاً بالصيد فخرج في بعض أيّامه متصيّدا، فعارضته بقرات وحش عشر(3) فرمى إحداهنّ فقتلها فانفلج من نصفه(4) في الوقت والحال، وقلّ كلامه حتّى لا يكلّمنا(5) إلاّ بالإيماء قد بلغنا أنّ
صاحبكم يدفع عنه ما يجد وما قد نزل به(6) فإن شفى صاحبكم علّته(7) آمنّا به،
ففينا النجدة والبأس والقوّة والشدّة والمراس، ولنا الخيول، والإبل والفضّة، والذهب، والمضارب العالية، ونحن سبعون ألف فارس بخيول جياد، وسواعد شداد، ونحن بقايا قوم عاد.
ص: 465
فعند ذلك قال أمير المؤمنين علیه السلام : أين أخوك يا عجاج بن الجلاجل بن أبي الغضب بن سعد بن المقنّع بن عملاق(1) بن ذهل بن صعب العادي.
قال: فلمّا سمع الغلام نسبه، قال: ها هو في هودج سيأتي مع جماعة منّا، يا مولاي! إن شفيت علّته رجعنا عن عبادة الأوثان، واتّبعنا ابن عمّك صاحب البردة والقضيب والحسام.
قال: فبينا هم في الكلام و إذا قد أقبلت امرأة عجوز بجنب محمل على جمل فأبركته(2) بباب المسجد، فقال الغلام: جاء أخي، يا فتى!
فنهض أمير المؤمنين علیه السلام ودنا من المحمل فإذا فيه غلام له وجه صبيح ففتح عينه ونظر إلى وجه عليّ المرتضى، فبكى وقال بلسان ضعيف وقلب حزين:
إليكم المشتكى والملتجى، يا أهل العبا!
فقال له عليّ علیه السلام : لا بأس عليك بعد اليوم، ثمّ نادى: أيّها الناس! اخرجوا الليلة إلى البقيع، فسترون من عليّ عجبا.
قال حذيفة: فاجتمع في البقيع من العصر إلى أن هدأ الليل، فخرج إليهم أمير المؤمنين علیه السلام ومعه ذو الفقار، وقال: اتّبعوني حتّى أريكم عجباً، فتبعوه فإذا هو بنارين متفرّقتين، نار قليلة ونار كثيرة.فدخل علیه السلام في النار القليلة، وأقلبها على النار الكثيرة.
ص: 466
قال حذيفة: فسمعت زمجرة(1) كزمجرة الرعد، وقد تقلّبت النار في بعضها
بعضا(2)، ثمّ دخل فيها ونحن بالبعد عنه وقد تداخلنا الرعب من كثرة زمجرة الرعد، ونحن ننظر ما يصنع بالنار ولم يزل كذلك إلى أن أسفر الصبح.
ثمّ خمدت النار، ثمّ طلع منها، وقد كنّا قد آيسنا منه(3)، فوصل إلينا وبيده رأس ذروته إحدى عشر إصبعا(4) له عين واحدة في جبهته، وهو ماسك بشعره، وله شعر مثل شعر الدبّ، فقلنا له: عين اللّه تعالى عليك ثمّ أتى به إلى المحمل الذي فيه الغلام، وقال: قم بإذن اللّه تعالى، يا غلام! فما بقي عليك بأس.
فنهض الغلام، ويداه صحيحتان ورجلان سليمتان فانكبّ على رجل الإمام علیه السلام يقبّلها، وهو يقول: مدّ يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده، (وأشهد)(5) أنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّك وليّ اللّه وناصر دينه، ثمّ أسلم القوم الذي كانوا معه.
قال: فبقي الناس متحيّرين لا يتكلّمون، وقد بهتوا لمّا رأوا الرأس وخلقته، فألتفت إليهم عليّ علیه السلام وقال: يا أيّها الناس! هذا رأس عمرو بن الأخيل(6) بن الأقبس بن إبليس اللعين، كان في اثني عشر ألف فَيْلَقٌ(7) من الجنّ، وهو الذي
ص: 467
فعل بالغلام ما شاهدتموه، فضربتهم بسيفي هذا وقاتلتهم بقلبي هذا، فماتوا كلّهم باسم اللّه الذي كان في عصا موسى بن عمران الذي ضرب به البحر، فانفلق اثني عشر فريقاً(1)، فاعتصموا بطاعة اللّه وطاعة رسوله صلی الله علیه و آله وسلم ترشدوا(2).
ص: 468
199 - وبالإسناد: يرفعه إلى محمّد بن عليّ الباقر علیهماالسلام ، أنّه قال: سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، عن عليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟
قال: ذلك واللّه! أمير المؤمنين، ومخزي المنافقين(1)، وبوار الكافرين، وسيف اللّه على القاسطين والناكثين والمارقين.
وأنا سمعت بأذني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: عليّ بعدي خير البشر، فمن شكّ فيه فقد كفر(2).
ص: 469
ص: 470
200 - وبالإسناد: يرفعه عن الحسن العسكريّ علیه السلام (1)، عن النسب الطاهر إلى الحسين علیه السلام ، قال: كنت مع أبي عليّ بن أبي طالب علیه السلام يوما على الصفا، و إذا هو بدرّاج (يدرج)(2) على وجه الأرض في الصفا، فوقف مولاي بإزائه(3)، فقال: السلام عليك أيّها الدرّاج!
فأجابه، يقول: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته، يا أمير المؤمنين!
فقال له أمير المؤمنين علیه السلام : أيّها الدرّاج! ما تصنع في هذا المكان؟
فقال: يا أمير المؤمنين! أنا في هذا المكان منذ أربعمائة عام أسبّح اللّه تعالى وأقدّسه وأحمّده وأهلّله وأكبّره، وأعبده حقّ عبادته.
فقال علیه السلام : إنّ هذا الصفا لا مطعم فيه ولا مشرب، فمن أين مطعمك ومشربك؟
فقال له: يا مولاي! وحقّ من بعث ابن عمّك بالحقّ نبيّا! وجعلك وصيّا، إنّي كلّما جعت دعوت اللّه لشيعتك ومحبّيك، فأشبع، و إذا عطشت دعوت اللّه على مبغضيك و(منقصيك)(4) وظالميك، فأروى.
ثمّ أنشد شعرا، وهو هذه الأبيات:
ص: 471
أيّها السائل عمّا *** دونه النجم العليّ(1)
خير خلق اللّه من *** بعد النبيّين عليّ
هكذا أخبرنا عن *** ربّه الهادي النبيّ
إنّ ما استخبرت عنه *** واضح الأمر جليّ
وبه فاز الموالي *** وبه ضلّ الغويّ
لم يمل عنه وعن *** أبنائه إلاّ الشقيّ (2)
ص: 472
201 - وبالإسناد(1): عن أنس بن مالك أنّه قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
اتّبعوا الشمس حتّى تغرب فإذا غابت فاتّبعوا القمر حتّى يغرب، فإذا غرب فاتّبعوا الزهرة(2) حتّى تغرب، فإذا غربت فاتّبعوا الفرقدين(3).
قيل: يا رسول اللّه! وما الشمس؟ وما القمر؟ وما الزهرة؟ وما الفرقدين؟(4)
قال صلی الله علیه و آله وسلم : الشمس أنا، والقمر عليّ، والزهرة ابنتي، والفرقدان الحسن والحسين(5).
ص: 473
ص: 474
202 - وبالإسناد(1): يرفعه إلى سلمان الفارسيّ رضى الله عنه أنّه قال:
صلّى بنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم صلاة الصبح، فلمّا سلّم قام وقال: أين ابن عمّي عليّ، والذي يقضي ديني وينجز عدتي؟
فأجابه: لبّيك لبّيك(2)، يا رسول اللّه! ها أنا بين يديك، قال: يا عليّ، أ تريد أن أعرّفك بفضلك من اللّه عزّ وجلّ؟
فقال: نعم، يا حبيبي!
فقال: يا عليّ ! اخرج إلى صحن المسجد، فإذا طلعت الشمس فكلّمها حتّى تكلّمك(3).
قال سلمان: فخرج عليّ علیه السلام إلى صحن المسجد، فلمّا طلعت الشمس، قال لها:
السلام عليك أيّتها الشمس، قالت: وعليك السلام، يا أوّل يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا من هو بكلّ شيء عليم!
قال: فضجّت الصحابة بأجمعهم.
وقالوا: يا رسول اللّه! بالأمس تقول لنا: الأوّل والآخر صفات اللّه تعالى.
قال: نعم، تلك(4) صفات اللّه، وهو اللّه وحده لا شريك له، يحيي ويميت،
ص: 475
وهو حيّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كلّ شيء قدير.
قالوا: فما لنا سمعنا الشمس تقول: لعليّ هذا الكلام! أ صار عليّ ربّا يعبد؟!
فقال: «أستغفر اللّه! لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه»، (إنّ)(1) لكلّ مقام مقالاً، فاستغفروا اللّه وتوبوا إليه.
أمّا قولها: يا أوّل! فهو أوّل من آمن بي وصدّقني، وأمّا قولها: يا آخر! فهو واللّه! آخر من يواريني ويلحدني.
وأمّا قولها: يا ظاهر! فهو واللّه! أظهر دين اللّه بالسيف، وأمّا قولها: يا باطن!
فهو واللّه! باطن لعلمي(2).
وأمّا قولها: يا من هو بكلّ شيء عليم! فوعزّة ربّي! ما علّمني ربّي شيئا إلاّ علّمته عليّا، و إنّه بطرق السماء أعرف به من طرق الأرض(3).
ثمّ قال: يا عليّ ادخل وافتخر، فدخل (وهو يقول: ثمّ الصلوة على الرسول)(4).
وهو ينشد ويقول(5):
أنا للحرب إليها وبنفسي أصطليها *** نعمة من خالق العرش بها قد خصّنيها
ص: 476
وأنا مخمد(1) نار الحرب في يوم أجبها(2) *** ولي السبقة في الإسلام طفلاً ووجيها
لي الفضل على الناس بزوجي وبنيها *** ثمّ فخري برسول اللّه إذ زوّجنيها
فإذا أنزل ربّي آية علّمنيها *** ولقد أورثنى العلم وقد صرت فقيها(3)(4)
ص: 477
203 - وبالإسناد: يرفعه إلى أبي سعيد الخدريّ أنّه قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، والحجّ إلى بيت اللّه الحرام، والجهاد، وولاية عليّ بن أبي طالب.
قال: قلت: يا رسول اللّه! ما أظنّ القوم إلاّ هلكوا إذ تركوا الولاية؟(1)
قال: فما تصنع يا أبا سعيد! إذ هلكوا(2).
ص: 478
204 - وبالإسناد: يرفعه إلى سالم بن أبي جعدة أنّه قال: حضرت مجلس أنس بن مالك بالبصرة وهو يحدّث، فقام إليه رجل من القوم، فقال: يا صاحب رسول اللّه! ما هذه النشمة(1) التي أراها بك! فأبي حدّثني عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم
أنّه قال: البرص والجذام لا يبلو اللّه تعالى به مؤمنا.
قال: فعند ذلك أطرق أنس بن مالك إلى الأرض، وعيناه تذرفان بالدموع، ثمّ رفع رأسه، وقال(2): دعوة العبد الصالح عليّ بن أبي طالب علیه السلام نفذت فيّ.
فعند ذلك قام الناس من حوله وقصدوه، وقالوا: يا أنس! حدّثنا ما كان السبب؟
(فقال لهم: الهوا عن هذا، فقالوا: لابدّ أن تخبرنا بذلك! فقال: اجلسوا مواضعكم واسمعوا منّي حديثاً كان هو السبب)(3) لدعوة عليّ علیه السلام ، اعلموا! أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم كان قد أهدي إليه بساط شعر من قرية كذا وكذا من قرى المشرق، يقال لها: هندف(4)، فأرسلني رسول اللّه إلى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف الزهريّ، فأتيته بهم، وعنده أخوه
ص: 479
وابن عمّه عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
وقال صلی الله علیه و آله وسلم : يا أنس! أبسط البساط، واجلس حتّى تخبرني بما يكون منهم، ثمّ قال: يا عليّ! قل: يا ريح! احملينا.
قال: فقال الإمام عليّ علیه السلام : يا ريح! احملينا، فإذا نحن في الهواء، فقال: سيروا على بركة اللّه.
قال: فسرنا ما شاء اللّه تعالى، ثمّ قال: يا ريح! ضعينا، فوضعتنا، فقال:
أ تدرون أين أنتم؟
قلنا: اللّه ورسوله ووليّه أعلم، فقال: هؤلاء أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات اللّه عجبا، قوموا بنا يا أصحاب رسول اللّه! حتّى نسلّم عليهم(1)، فعند ذلك قام أبو بكر وعمر، وقالا: السلام عليكم يا أهل الكهف(2)
والرقيم!
قال: فلم يجبهما أحد، قال: فقام طلحة والزبير، فقالا: السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم!
قال: فلم يجبهما أحد، قال أنس: فقمت أنا وعبد الرحمن بن عوف، وقلت: أنا أنس بن مالك خادم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، يا أصحاب الكهف والرقيم! (السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته)(3).
قال: فلم يجبنا أحد، قال: فعند ذلك قام الإمام علیه السلام ، وقال: السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات اللّه عجبا!
ص: 480
فقالوا: وعليك السلام، يا وصيّ رسول اللّه! ورحمة اللّه وبركاته.
فقال: يا أصحاب الكهف! لم لا رددتم على أصحاب رسول اللّه؟
فقالوا بأجمعهم: يا خليفة رسول اللّه! إنّنا فتية آمنوا بربّهم، وزادهم اللّه هدى، وليس معنا إذن أن نردّ السلام إلاّ على نبيّ أو وصيّ نبيّ، فأنت وصيّ خاتم النبيّين، وأنت سيّد الوصيّين.
ثمّ قال: أ سمعتم؟ يا أصحاب رسول اللّه! قالوا: نعم، يا أمير المؤمنين علیه السلام !
قال: فخذوا مواضعكم واقعدوا في مجالسكم(1)، قال: فقعدنا في مجالسنا، ثمّ قال: يا ريح! احملينا، فحملتنا فسرنا ما شاء اللّه إلى أن غربت الشمس، ثمّ قال:
يا ريح! ضعينا، فإذا نحن في روضة(2) كالزعفران ليس بها حسيس، ولا أنيس، نباتها القيصوم والشيح، وليس بها ماء(3).فقلنا له: يا أمير المؤمنين! دنت الصلاة، وليس عندنا ماء نتوضّأ به(4)، فقام وجاء إلى موضع من تلك الأرض فرفس برجله، فنبعت عين ماء عذب، فقال:
دونكم و ما طلبتم، ولولا طلبتكم لجاء جبرئيل علیه السلام بماء من الجنّة.
قال: فتوضّأنا به، وصلّينا ووقف يصلّي علیه السلام إلى أن انتصف الليل، ثمّ قال:
خذوا مواضعكم ستدركون الصلاة مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، أو بعضها.
ثمّ قال: يا ريح! احملينا، فحملتنا، فإذا نحن(5) في الهواء، ثمّ سرنا ما شاء اللّه،
ص: 481
فإذا نحن بمسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وقد صلّى صلاة الغداة ركعة واحدة، فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
ثمّ التفت إلينا، وقال لي: يا أنس! تحدّثني أم أنا أحدّثك بما وقع من المشاهدة التي شاهدتها أنت؟ قلت: بل من فيك أحلى، يا رسول اللّه!
قال: فابتدأ بالحديث من أوّله إلى آخره، كأنّه كان معنا، قال: يا أنس! تشهد لابن عمّي بها إذا استشهدك بها؟
قلت: نعم، يا رسول اللّه!
قال: فلمّا ولّي أبو بكر الخلافة بالقهر والعدوان أتى عليّ بن أبي طالب علیه السلام إليّ وكنت حاضرا عند أبي بكر والناس حوله، فقال لي: يا أنس! أ لست تشهد لي بفضيلة البساط، ويوم العين، ويوم الجبّ؟(1)
فقلت له: يا عليّ! قد نسيت لكبري، فعندها قال لي: يا أنس! إن كنت كتمته مداهنة بعد وصيّة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم لك فرماك اللّه ببياض في وجهك، ولظي في جوفك، وعمي في عينيك، فما قمت من مقامي حتّى برصت وعميت، وأنا الآن لا أقدر على الصيام في شهر رمضان ولا غيره لأنّ الزاد لا يبقى في جوفي.
ولم يزل على ذلك حتّى مات بالبصرة(2).
ص: 482
ص: 483
ص: 484
205 - وبالإسناد: يرفعه إلى عليّ بن موسى الرضا علیهماالسلام يرفعه إلى النسب الطاهر الزكيّ، إلى سيّد الشهداء الحسين بن عليّ علیهم السلام قال: قال لي أبي: قال لي أخي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
من سرّه أن يلقى اللّه تعالى (مقبلاً عليه غير معرض عنه، فليوال عليّا.
ومن سرّه أن يلقى اللّه تعالى)(1) وهو عنه راض، فليوال ابنك الحسن علیه السلام (2).ومن أحبّ أن يلقى اللّه تعالى وهو لا خوف عليه، فليوال ابنك الحسين علیه السلام ومن أحبّ أن يلقى اللّه وهو يمحّص عنه ذنوبه، فليوال عليّ بن الحسين السجّاد علیهماالسلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وهو قرير العين، فليوال محمّد الباقر علیه السلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وكتابه بيمينه، فليوال(3) جعفر الصادق علیه السلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وهو طاهر مطهّر، فليوال موسى الكاظم علیه السلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وهو ضاحك مستبشر، فليوال عليّ بن موسى الرضا علیهماالسلام .
ص: 485
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وقد رفعت درجاته وبدّلت سيّئاته (حسنات)(1)، فليوال محمّد الجواد علیه السلام .
ومن أحبّ أن يحاسبه اللّه حسابا يسيرا، فليوال عليّ الهادي علیه السلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وهو من الفائزين، فليوال الحسن العسكريّ علیه السلام .
ومن أحبّ أن يلقى اللّه وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه، فليوال الحجّة، صاحب الزمان، القائم المنتظر المهديّ، م ح م د بن الحسن علیهماالسلام .
فهؤلاء مصابيح الدجى، وأئمّة الهدى، وأعلام التقى، فمن أحبّهم وتولاّهم كنت ضامنا له على اللّه الجنّة(2).
ص: 486
206 - وبالإسناد: يرفعه عنهم علیه السلام : إنّ الحسين علیه السلام قال:
إنّ ثورا قتل حمارا على عهد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وكان في جماعة من أصحابه، منهم أبو بكر وعمر (وعثمان)(1)
والزبير وسلمان وحذيفة، فالتفت النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى أبي بكر، وقال: يا أبا بكر!
اقض بينهم. قال: بأيّ شيء نحكم بين الدوابّ؟ ثمّ قال: يا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم !
بهيمة قتلت بهيمة، فما عليها شيء.
قال صلی الله علیه و آله وسلم : فالتفت إلى عمر، فقال: يا عمر! احكم بينهم، قال: بأيّ شيء أحكم بين الدوابّ؟
فالتفت إلى عليّ علیه السلام ، وقال: يا أبا الحسن! احكم بينهم، فقال: أجل، يا رسول اللّه! إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن صاحب الثور(2)، و إن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان على صاحب
الثور، فرفع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يده إلى السماء، وقال: «الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى رأيتك تقضي بقضاء الأنبياء(3)»(4).
ص: 487
ص: 488
207 - وبالإسناد: يرفعه إلى صعصعة بن صوحان أنّه قال:
أمطرت المدينة مطرا شديدا، ثمّ ضجّت الناس، فخرج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم إلى صحرائها ومعه أبو بكر، فلمّا خرجا و إذا بعليّ علیه السلام مقبل، فلمّا رآه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم قال: مرحبا بالحبيب القريب.
ثمّ تلا هذه الآية: «وَ هُدُواْ إِلَى صِرَ طِ الْحَمِيدِ»(1)، هو أنت يا عليّ! منهم، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وأومى بيده إلى الهواء، و إذا برمّانة تهوي عليه من السماء، أشدّ بياضا من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك.
فأخذها رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ومصّها حتّى روى، ثمّ ناولها لعليّ علیه السلام ومصّها حتّى روى. ثمّ التفت إلى أبي بكر، وقال: يا أبا بكر! لولا أنّ طعام أهل الجنّةلا يأكله إلاّ نبيّ، أو وصيّ نبيّ لأطعمناك، فإنّ طعام الجنّة لا يأكله أهل النار(2).
ص: 489
208 - وبالإسناد: يرفعه إلى أبي الحمراء، أنّه قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا أسري بي إلى السماء رأيت مكتوبا على قائمة العرش: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فاعبدني وحدي، خلقت جنّة عدن بيدي، محمّد صفوتي من خلقي، أيّدته بعليّ، ونصرته به(1).
ص: 490
209 - وبالإسناد: يرفعه إلى عبد اللّه بن مسعود وابن عبّاس، أنّهما قالا:
سمعنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: أعطاني اللّه عزّ وجلّ خمسا، وأعطى عليّا مثلها.
أعطاني جوامع الكلم، وأعطا عليّا جوامع العلم، وجعلني نبيّا، وجعله وصيّا، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل، وأعطاني الوحي، وأعطاه الإلهام، وأسري بي إليه، وفتح لعليّ علیه السلام أبواب السماء حتّى نظر إلى ما نظرت إليه.
قال: ثمّ بكى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقلنا له: فداك آباؤنا وأُمّهاتنا يا رسول اللّه!
فما يبكيك؟(1)
قال: يا ابن عبّاس! أوّل ما كلّمني به ربّي عزّ وجلّ، قال: يا محمّد! انظر إلى (ما)(2)تحتك.
فنظرت و إذا بالحجب قد اخترقت وأبواب السماء قد فتحت حتّى نظرت إلى عليّ، وهو رافع رأسه إلى السماء، فكلّمني وكلّمته.
فقال: يا رسول اللّه! أخبرني بما قال لك ربّك؟
قال: قال لي ربّي: إنّي جعلت عليّا وصيّك، وخليفتك من بعدك، فأعلمه بذلك وأنت بين يديّ.
ص: 491
قال: فحططت رأسي إلى عليّ علیه السلام وأعلمته بما قال لي ربّي، فسجدت للّه وسجد للّه معي، وقال علیه السلام (1): قد قبلت ذلك.
فعند ذلك أمر اللّه الملائكة: أن تسلّم على عليّ، ففعلت، فردّ عليهم السلام، وجعلت الملائكة يتباشرون.
ثمّ ما مررت بصفّ من الملائكة إلاّ وهم يهنّئوني ويقولون: يا محمّد! والذي بعثك بالحقّ نبيّا! لقد دخل السرور علينا بعليّ ابن عمّك.
ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم، فقلت: يا جبرئيل! ما لي أرى حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم؟!
قال: يا محمّد! لم يبق في السماوات ملك إلاّ وسلّم على عليّ علیه السلام إلاّ حملة العرش، فاستأذنت اللّه عزّ وجلّ في النظر إلى عليّ علیه السلام ، فأذن لها(2) لينظروا إلى
عليّ علیه السلام .
قال: فلمّا هبطت إلى الأرض جعلت أعلمه بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أنّي ما وطئت موطئا إلاّ قد كشف له حتّى نظر إلى ما نظرت إليه.
فعند ذلك قال ابن عبّاس: يا رسول اللّه! أحبّ أن توصيني بشيء.
قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا ابن عبّاس! اعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ لا يتقبّل من أحد حسنة حتّى يسأل عن حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام وهو أعلم بذلك، فإن كان من أهل
ص: 492
ولايته (قبل عمله على ما كان فيه، و إن لم يكن من أهل ولايته)(1) فلا يسأله(2)
عن شيء حتّى يؤمر به إلى النار.
و إنّ النار لأشدّ غضبا على مبغضي عليّ ممّن زعم أنّ للّه ولدا.
يا ابن عبّاس! لو أنّ الملائكة والأنبياء والمرسلين اجتمعوا على بغضه لعذّبهم اللّه تعالى في جهنّم وما كانوا ليفعلوا، قلت: يا رسول اللّه! فكيف يبغضونه؟(3)
قال صلی الله علیه و آله وسلم : يا ابن عبّاس! يكون(4) قوم يذكرون أنّهم من أُمّتي لم يجعل اللّه تعالى لهم في الإسلام نصيبا، يفضّلون عليه غيره، فوالذي بعثني بالحقّ نبيّا! ما خلق اللّه نبيّا أكرم على اللّه منّي، ولا وصيّا أكرم على اللّه من عليّ علیه السلام .
قال ابن عبّاس: فلم أزل له محبّا كما أمرني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (5).
ص: 493
210 - بالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس أنّه قال:
لمّا حضرت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم الوفاة أتيت إليه وسلّمت عليه، وقلت: ما تأمرني به؟ يا رسول اللّه!(1)
فقال: يا ابن عبّاس! خالف من خالف عليّاً، ولا تكن لهم وليّاً.
قلت: يا رسول اللّه! لم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟
قال: فبكى حتّى أغمي عليه(2)، ثمّ أفاق، وقال: يا ابن عبّاس! سبق فيهم علم ربّي، (فواللّه!)(3) لا يخرج أحد من الدنيا وقد خالفه، وأنكر حقّه حتّى يغيّر اللّه خلقه.
يا ابن عبّاس! إذا أردت أن تلقى اللّه تعالى وهو عنك راض فاسلك طريقة عليّ علیه السلام ، ومل معه حيث مال، وارض به إماماً، وعاد من عاداه، ووال من والاه، ولا يداخلك فيه شكّ، فإنّ اليسير من الشكّ فيه كفر(4).
ص: 494
211 - وبالإسناد: يرفعه عن عائشة، أنّها قالت:
كنت عند رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فذكرت عليّا، فقال: يا عائشة! لم يكن قطّ في الدنيا أحد أحبّ إلى اللّه منه، و(أحبّ)(1) إليّ منه، ومن زوجته فاطمة ابنتي، ومن ولديه الحسن والحسين علیهم السلام .
يا عائشة! تعلمين أيّ شيء رأيت لابنتي فاطمة، ولبعلها؟
(قالت: لا، فأخبرني يا رسول اللّه!
قال: يا عائشة! إنّ ابنتي سيّدة نساء العالمين)(2).
و إنّ بعلها لا يقاس بأحد من الناس، و إنّ ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدنيا والآخرة.
يا عائشة! أنا وفاطمة والحسن والحسين وابن عمّي عليّ في غرفة من درّة بيضاء أساسها من(3) رحمة اللّه تعالى، وأطرافها من عفو اللّه تعالى ورضوانه، وهي تحت عرش اللّه تعالى.
وبين عليّ وبين نور اللّه باب ينظر إلى اللّه وينظر اللّه إليه، وذلك وقد يلحم
ص: 495
اللّه الناس الغرف، وعلى رأسه(1) تاج قد أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب، وهو يرفّل(2) في حلّتين حمراوتين.
يا عائشة! خلقت ذريّة محبّينا من طينة تحت العرش، وخلقت ذرّيّة مبغضينا(3) من طينة الخبال، وهي (طينة)(4) في جهنّم(5).
ص: 496
212 - وبالإسناد: يرفعه إلى منقذ بن الأبقع، وكان رجلاً من خواصّ مولانا أمير المؤمنين علیه السلام قال: كنت مع مولانا عليّ بن أبي طالب علیه السلام في النصف من شعبان، وهو يريد أن يمضي إلى موضع له كان يأوي إليه بالليل، فمضى وأنا معه حتّى أتى الموضع، ونزل عن بغلته ومضى لشأنه.
قال: فحمحمت البغلة، ورفعت أذنيها، قال: فحسّ بذلك مولاي، فقال لي: ما وراءك(1) يا أخا بني أسد؟!
فقلت: يا مولاي! البغلة تنظر شيئا وقد شخصت، وهي تحمحم(2)، وما أدري ما دهمها(3)؟!
قال: فنظر أمير المؤمنين علیه السلام إلى البرّ، فقال: هو سبع، وربّ الكعبة!
فقام من محرابه متقلّدا ذا الفقار، وجعل يخطو نحو السبع، ثمّ صاح به، فحفّ ووقف(4) يضرب بذنبه خواصره، قال: فعند ذلك استقرّت البغلة فجهمت.
ص: 497
فقال له: يا ليث! أ ما علمت أنّي الليث، وأبو الأشبال(1)، وأنّي قسور(2)
وحيدر، فما جاء بك؟ أيّها الليث!، ثمّ قال: «اللّهمّ انطق لسانه».
فعند ذلك قال السبع: يا أمير المؤمنين! ويا خير الوصيّين! ويا وارث علم النبيّين! إنّ لي اليوم سبعة أيّام ما افترست شيئا، وقد أضرّني الجوع(3) وقد
رأيتكم من مسافة فرسخين فدنوت منكم، فقلت: أذهب وأنظر ما هؤلاء القوم؟
ومن هم؟ فإن كان لي بهم مقدرة أخذت منهم نصيبي.
فقال علیه السلام مجيبا له: يا ليث! إنّي أبو الأشبال الأحد عشر، ثمّ مدّ الإمام علیه السلام إليه يده فقبض بيده صوف قفاه، وجذبه إليه.
فامتدّ السبع بين يديه، فجعل علیه السلام يمسح عليه من هامته إلى كتفيه، ويقول: يا ليث! أنت كلب اللّه في أرضه، فقال له السبع: الجوع، الجوع، يا مولاي!
فقال الإمام: «اللّهمّ آتيه برزقه بحقّ محمّد وأهل بيته».
قال: فالتفت، و إذا بالسبع(4) يأكل شيئا على هيئة الجمل حتّى أتى على آخره، فلمّا فرغ من أكله قام يلهث بين يديه(5)، وقال:
يا أمير المؤمنين! نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم محبّيك ومحبّي عترتك، فنحن أهل بيت نتّخذ محبّة الهاشميّين (وعترتهم.
فقال له: أيّها السبع! أين تأوي؟ وأين تكون؟
ص: 498
قال: يا مولاي! إنّي مسلّط على أعدائك كلاب أهل الشام)(1) أنا وأهل بيتي وهم فريستنا، ونحن نأوي النيل.
قال: فما جاء بك إلى الكوفة؟
قال: يا أمير المؤمنين! أتيت الكوفة(2) لأجلك فلم أصادفك فيها، وأتيت
الفيافي والقفار حتّى وقفت بك وبلّلت شوقي، و إنّي منصرف ليلتي هذه إلى القادسيّة إلى رجل يقال له: سنان بن مالك بن وائل، وهو ممّن انفلت(3) من حرب صفّين وهو من أهل الشام، ثمّ همهم(4) وولّي.
قال منقذ بن الأبقع الأسديّ: فعجبت من ذلك، فقال لي عليّ علیه السلام : أ تعجب
من هذا! فالشمس أعجب من رجوعها، أم العين في نبعها، أم الكواكب في انقضاضها، أم الجمجمة، أم سائر ذلك؟!
فو الذي فلق الحبّه، وبرئالنسمة! لو أحببت أن أرى الناس ممّا علّمني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم من الآيات والعجائب والمعجزات لكانوا يرجعون كفّارا.
ثمّ رجع إلى مصلاّه، ووجّه بي من ساعتي إلى القادسيّة، فوصلت قبل أن يقيم المؤذّن الصلاة(5) فسمعت الناس يقولون: افترس سنان السبع،
ص: 499
فأتيت إليه مع من ينظر إليه، فرأيته لم يترك السبع منه سوى أطراف أصابعه وأُنبوبي الساق(1) ورأسه.
فحملوا عظامه ورأسه إلى أمير المؤمنين علیه السلام .
فبقي متعجّبا، فحدّثت بحديث السبع وما كان منه مع أمير المؤمنين علیه السلام ، قال:
فجعل الناس يرمون التراب تحت قدميه فيأخذونه ويتشرّفون به.
قال: فلمّا(2) رأى ذلك قام خطيبا فيهم، فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه، ثمّ قال:
معاشر الناس! ما أحبّنا رجل ودخل النار، ولا أبغضنا رجل ودخل الجنّة، وأنا قسيم الجنّة والنار، هذا إلى الجنّة يمينا، وهم من يحبّني، وهذا إلى النار شمالاً وهم من يبغضني(3).
ثمّ إنّ يوم القيامة أقول لجهنّم:
هذا لي وهذا لك حتّى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف، والرعد العاصف، والطير المسرع، والجواد السابق.
قال: فعند ذلك قام الناس بأجمعهم، وقالوا: الحمد للّه الذي فضلّك على كثير من خلقه، ثمّ تلا هذه الآية:
«الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَنًاوَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ
ص: 500
213 - وبالإسناد: يرفعه عن الأصبغ بن نباتة، أنّه قال:
كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، وهو يقضي بين الناس إذ أقبل جماعة، ومعهم أسود مشدود الأكتاف، فقالوا: هذا سارق، يا أمير المؤمنين!
فقال علیه السلام : يا أسود! سرقت؟
قال: نعم، يا مولاي، يا أمير المؤمنين!
قال: ويلك!(1) انظر ما ذا تقول(2)، أ سرقت؟
قال: نعم، فقال له: ثكلتك أُمّك، إن قلتها ثانية قطعت يدك، سرقت؟
قال: نعم، فعند ذلك قال علیه السلام : اقطعوا يده، فقد وجب عليه القطع.
قال: فقطع يمينه، فأخذها بشماله وهي تقطر دما، فاستقبله رجل، يقال له:
ابن الكوّاء، فقال له: يا أسود! من قطع يمينك؟
قال له: قطع يميني سيّد الوصيّين، وقائد الغرّ المحجّلين، وأولى الناس باليقين(3)
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام إمام الهدى، وزوج فاطمة الزهراء ابنة
ص: 502
محمّد المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم ، أبو الحسن المجتبى والحسين المرتضى، السابق إلى جنّات النعيم، مصادم الأبطال، المنتقم من الجهّال، زكى الزُكاة(1)، منيع الصيانة(2)، من هاشم القمقام، ابن عمّ رسول الأنام، الهادي إلى الرشاد، الناطق بالسداد، شجاع مكّيّ جحجاح(3) وفيّ.
فهو نورانيّ(4) بطين أنزع، أمين من آل حم، ويس، وطه، والميامين، محلّ الحرمين، ومصلّي القبلتين، خاتم الأوصياء، وصفوة الأنبياء، القسورة الهمام(5)، والبطل الضرغام، المؤيّد بجبرئيل، والمنصور بميكائيل، المبيّن فرض ربّ العالمين، المطفيء نيران الموقدين، وخير من نشأ(6) من قريش أجمعين، المحفوف بجند من السماء، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام ، راغم(7) أنف الراغمين ومولىالخلق أجمعين.
قال: فعند ذلك، قال له ابن الكوّاء: ويلك، يا أسود! قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كلّه.
ص: 503
قال: وما لي لا أثني عليه، وقد خالط حبّه لحمي ودمي، واللّه! ما قطع يميني إلاّ بحقّ أوجبه اللّه تعالى عليّ.
قال (ابن الكوّاء)(1): فدخلت إلى أمير المؤمنين علیه السلام وقلت له: يا سيّدي!
رأيت عجبا! فقال: وما رأيت؟
قلت: صادفت الأسود، وقد قطعت يمينه وقد أخذها بشماله وهي تقطر دماً،فقلت له: يا أسود! من قطع يمينك؟
فقال: سيّدي أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين علیه السلام (2)، فأعدت عليه القول وقلت له: ويحك! قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كلّه.
فقال: ما لي لا أثني عليه، وقد خالط حبّه لحمي ودمي، واللّه! ما قطعها إلاّ بحقّ أوجبه اللّه تعالى عليّ.
قال: فالتفت أمير المؤمنين علیه السلام إلى ولده الحسن، وقال له: قم، وهات عمّك الأسود.
قال: فخرج الحسن علیه السلام في طلبه فوجده في موضع يقال له: كندة، فأتى به إلى أمير المؤمنين، فقال له: يا أسود! قطعت يمينك وأنت تثني عليّ؟
فقال: يا مولاي يا أمير المؤمنين! وما لي لا أثني عليك، وقد خالط حبّك لحمي ودمي، فواللّه! ما قطعتها إلاّ بحقّ كان عليّ ممّا ينجي من عقاب الآخرة(3).
ص: 504
فقال علیه السلام : هات يدك، فناوله إيّاها فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه ثمّ غطّاها بردائه وقام فصلّى علیه السلام ودعا بدعوات لم تردّ، وسمعناه يقول في آخر دعائه: «آمين»، ثمّ شال الرداء، وقال: اتّصلي أيّتها العروق! كما كنت(1).
قال: فقام الأسود، وهو يقول: آمنت باللّه، وبمحمّد رسوله، وبعليّ الذي ردّ اليد بعد القطع وتخليتها من الزند، ثمّ انكبّ على قدميه علیه السلام ، وقال: بأبي أنت وأُمّي يا وارث علم النبوّة!(2).
ص: 505
214 - وبالإسناد: يرفعه عن جعفر بن محمّد الصادق علیهماالسلام ، قال:
مرّ بامرأة(1) بمنى تبكي وحولها صبيان يبكون، فقال لها(2): يا أمة اللّه! ما
يبكيك؟
قالت: يا عبد اللّه! إنّ لي صبية أيتام، وكانت لي بقرة ماتت، وقد كانت لنا كالأُمّ الشفيقة نعمل عليها ونأكل منها، وقد بقيت بعدها مقطوعاً بي وبأولادي لا حيلة لنا عليها.
فقال: يا أمة اللّه! أ تحبّين أن أحييها لك؟
فألهمها اللّه تعالى أن قالت: نعم، يا عبد اللّه!
قال: فتنحّى عنها وصلّى ركعتين، ثمّ رفع يده هنيئة وحرّك شفتيه، ثمّ قام فمرّ بالبقرة فنخسها نخسة برجله، وقال لها: قومي! بإذن اللّه تعالى.
فاستوت قائمة بإذن اللّه تعالى (على الأرض)(3).
فلمّا نظرت الامرأة إلى البقرة قد قامت، صاحت: وا عجباه من ذلك! من تكون(4) يا عبد اللّه؟!
ص: 506
قال: فجاء الناس فاختلط بينهم ومضى علیه السلام (1).
ص: 507
215 - وبالإسناد: يرفعه إلى أبي وائل(1)، قال: مشيت خلف عمر بنالخطّاب فبينا أنا أمشي معه، إذ أسرع(2) في مشيه، فقلت له: على مشيتك يا أبا حفص!
فالتفت إليّ مغضبا، وقال: أ وما ترى الرجل خلفي، ثكلتك أُمّك! أ ما ترى عليّ بن أبي طالب؟
فقلت: يا أبا حفص! هذا أخو الرسول، وأوّل من آمن وصدّق به وشقيقه(3).
قال: لا تقل هذا، يا أبا وائل! لا أُمّ لك، فو اللّه! لا يخرج رعبه من قلبي أبدا.
قلت: ولم ذلك، يا أبا حفص!
قال: واللّه! لقد رأيته يوم أحد يدخل بنفسه في جمع المشركين كما يدخلالأسد بنفسه في زَريبة(4) الغنم فيقتل منها ويخلّي ما يشاء، فما زال ذلك دأبه حتّى
ص: 508
أفضى إلينا ونحن منهزمون عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم (وهو ثابت، فلمّا وصل إلينا قال لنا: ويلكم، أ ترغبون بأنفسكم عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم )(1) بعد أن بايعتموه؟!
فقلت له من بين القوم: يا أبا الحسن! إنّ الشجاع قد ينهزم، و إنّ الكرّة تمحو الفرّة(2)، فما زلت أخدعه حتّى انصرف بوجهه عنّي، يا أبا وائل! واللّه لا يخرج رعبه من قلبي أبدا(3).
ص: 509
216 - وبالإسناد: يرفعه إلى الثقاة الذين كتبوا الأخبار، أنّهم أوضحوا ما وجدوا وبان لهم(1) من أسماء أمير المؤمنين علیه السلام .
فله ثلثمائة اسم في القرآن: منها ما رواه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود، قوله تعالى: «وَ إِنَّهُو فِى أُمِّ الْكِتَبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ»(2).
وقوله تعالى: «وَ جَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا»(3).
ص: 510
وقوله تعالى: «وَ اجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْأَخِرِينَ»(1).
وقوله تعالى: «إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُو وَ قُرْءَانَهُو * فَإِذَا قَرَأْنَهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُو * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُو»(2).
وقوله تعالى: «إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»(3)، فالمنذر رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، والهادي(4) عليّ بن أبي طالب علیه السلام (5).
وقوله تعالى: «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِى وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ»(6)، فالبيّنة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، والشاهد عليّ بن أبي طالب علیه السلام (7).
ص: 511
وقوله تعالى: «إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَ إِنَّ لَنَا لَلْأَخِرَةَ وَ الْأُولَى»(1).
وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَلءِكَتَهُو يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْصَلُّواْ عَلَيْهِ وَ سَلِّمُواْ تَسْلِيمًا»(2).
وقوله تعالى: «أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنمبِ اللَّهِ وَ إِن كُنتُ لَمِنَ السَّخِرِينَ»(3)، جنب اللّه عليّ بن أبي طالب علیه السلام (4).
ص: 512
وقوله تعالى: «وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ»(1)، معناه عليّ بن أبي طالب علیه السلام (2).
وقوله تعالى: «فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ» (3).
ص: 513
وقوله تعالى: «ثُمَّ لَتُسْٔلُنَّ يَوْمَلءِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»(1)، ومعناه عن حبّ عليّ ابن أبي طالب علیه السلام (2).
وقد ذكروا أسماء كثيرة ولا نطيل بذكرها هنا، وهي أشهر من أن تخفى وأكثر من ثلاثمائة اسم وما بيّنتها هاهنا، ونذكر ألقابه وكنيته(3).
ص: 514
كنيته: أبو الحسن، وأبو الحسين، وأبو شبّر، (وأبو شبير،)(1) وأبو تراب، وأبو النورين.
وألقابه: أمير المؤمنين، وسيّد الوصيّين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقامع المارقين، وصالح المؤمنين، والصدّيق الأعظم، والفاروق الأكبر(2)، وقسيم الجنّة والنار، والوصيّ، والوليّ، والخليفة(3)، وقاضي الدين، ومنجز الوعد، والمنحة الكبرى، وحيدرة الورى، وصاحب اللواء، والذائد عن الحوض، وأمير الإنس والجانّ(4)، والذابّ عن النسوان، والأنزع البطين، والأشرف المكين، وكاشف الكروب، ويعسوب الدين، وباب حطّة، وباب التقادم، وحجّة الخصام، ودابّة الأرض، وصاحب العصا، وفاصل القضاء، وفاضل الفضلاء، وسفينة النجاة، والمنهج الواضح، والمحجّة البيضاء، وقصد السبيل(5).
ص: 515
217 - وقد روي عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، أنّه قال: لعليّ سبعة عشر اسما، فقال ابن عبّاس: أخبرنا ما هي؟ يا رسول اللّه!
فقال علیه السلام : اسمه عند العرب: عليّ، وعند أُمّه: حيدرة(1)، وفي التوراة: إليّا،وفي الإنجيل: بريّا(2)، وفي الزبور: قويّا(3)، وعند الروم: بظرسيّا(4)، وعند الفرس: حبرسيا(5)، وعند العجم: شبعيا(6)، وعند الديلم: فرتقيا(7)، وعند البربر: شيعيا(8)، وعند الزنج: حيم، وعند الحبشة: بريك(9)، وعند الترك: حميرا،وعند الأرمن: كركر(10).
ص: 516
وعند المؤمنين: (السحاب،)(1) وعند الكافرين: الموت (الأحمر)(2)، وعند
المسلمين: وعد(3)، وعند المنافقين: وعيد.
وعند النبيّ: طاهر مطهّر، وهو جنب اللّه، ونفس اللّه، ويمين اللّه عزّ وجلّ.
قوله: «وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ »(4)، وقوله:(يمين اللّه)(5)، «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ (6)»(7).
ص: 517
ص: 518
ص: 519
ص: 520
218/1- [ شاذان بن جبرئيل رحمه الله:] بالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس، أنّه قال: لمّا رجعنا من حجّة الوداع جلسنا مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في مسجده، فقال:
أ تدرون ما أقول لكم؟
قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: اعلموا! أنّ اللّه عزّ وجلّ منّ على أهل الدين إذ هداهم بي، وأنا أمُنّ على أهل الدين إذ أهديهم بعليّ بن أبي طالب ابن عمّي وأبي ذرّيّتي.
ألا ومن اهتدى بهم نجا، ومن تخلّف عنهم ضلّ وغوى.أيّها الناس! اللّه، اللّه، في عترتي وأهل بيتي، فإنّ فاطمة بضعة منّي، و ولديها عضداي، وأنا وبعلها كالضوء.
«اللّهمّ ارحم من رحمهم، ولا تغفر لمن ظلمهم»، ثمّ دمعت عيناه، وقال: كأنّي أنظر الحال(1).
ص: 521
219/2 - بالإسناد يرفعه إلى ابن مسعود، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا خلق آدم فسأل ربّه أن يريه ذرّيّته من الأنبياء والأوصياء المقرّبين إلى اللّه عزّ و جلّ فأنزل اللّه عليه صحيفة، فقرأها كما علّمه اللّه تعالى إلى أن انتهى إلى محمّد النبيّ العربيّ عليه أفضل الصلوة و السلام، فوجد عند اسمه اسم عليّ ابن أبي طالب علیه السلام .
فقال آدم: هذا نبيّ بعد محمّد؟
فهتف به هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه، يقول: هذا وارث علمه، و زوج ابنته، ووصيّه، وأبو ذرّيّته علیهم السلام .
فلمّا وقع آدم في الخطيئة جعل يتوسّل إلى اللّه تعالى بهم علیهم السلام .
فتاب اللّه عليه(1).
ص: 522
220/3 - من كتاب الفردوس، قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
لمّا عرج بي إلى السماء وعرضت عليّ الجنّة، وجدت على أوراق الجنّة مكتوباً:
لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب وليّ اللّه، الحسن و الحسين صفوة اللّه(1).
ص: 523
221/4 - بالإسناد يرفعه إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، أنّه قال:
كان رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم جالساً في المسجد إذ أقبل عليّ علیه السلام والحسن عن يمينه والحسين عن شماله، فقام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقبّل عليّاً، وألزمه إلى صدره، وقبّل الحسن و أجلسه إلى فخذه الأيمن، وقبّل الحسين وأجلسه إلى فخذه الأيسر، ثمّ جعل يقبّلهما ويرشف(1) شفتيهما، ويقول: بأبي أبوكما، و بأبي أُمّكما!
ثمّ قال: أيّها الناس! إنّ اللّه سبحانه و تعالى باهى بهما وبأبيهما وبأُمّهما و بالأبرار من ولدهما الملائكة جميعاً، ثمّ قال:
«اللّهمّ إنّي أحبّهم و أحبّ من يحبّهم، اللّهمّ من أطاعني فيهم و حفظ وصيّتي فارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين!».
فإنّهم أهلي، والقوّامون بديني، والمحيون لسنّتي، والتالون لكتاب ربّي، فطاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي(2).
ص: 524
222/5 - بالإسناد يرفعه إلى أبي هريرة، قال:
مرّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام بنفر من قريش في المسجد فتغامزوا عليه، فدخل على رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم فشكاهم إليه.
فخرج صلی الله علیه و آله وسلم وهو مغضب، فقال لهم: أيّها الناس! ما لكم إذا ذكر إبراهيم
وآل إبراهيم أشرقت وجوهكم، و إذا ذكر محمّد وآل محمّد قست قلوبكم، وعبست وجوهكم؟!
والذي نفسي بيده! لو عمل أحدكم عمل سبعين نبيّاً لم يدخل الجنّة حتّى يحبّ هذا أخي عليّاً وولده.
ثمّ قال صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ للّه حقّاً لا يعلمه إلاّ أنا و عليّ، و إنّ لي حقّاً لا يعلمه إلاّ اللّه وعليّ، وله حقّ لا يعلمه إلاّ اللّه وأنا(1).
ص: 525
ص: 526
223/6 - بالإسناد يرفعه إلى ابن عبّاس، قال:
ما حسدت عليّا علیه السلام بشيء ممّا سبق من سوابقه بأفضل من شيء سمعته من رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، وهو يقول:
يا معاشر قريش! أنتم كفرتم، فرأيتموني في كتيبة أضرب بها وجوهكم، فأتى جبرئيل علیه السلام فغمزه، وقال: يا محمّد! قل: إن شاء اللّه أو عليّ بن أبي طالب.
فقال محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : إن شاء اللّه أو عليّ بن أبي طالب(1).
ص: 527
224/7 - بالإسناد يرفعه إلى عبد اللّه بن أبي أوفى، عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أنّه لمّا فتحت خيبر، قالوا له: إنّ بها حبراً(1) قد مضى له من العمر مائة سنة، وعنده علم التوراة، فأحضر بين يديه، وقال له: أصدقني بصورة ذكري في التوراة، و إلاّ ضربت عنقك.
قال: فانهملت عيناه بالدموع، وقال له: إن صدّقتك قتلتني قومي، و إن كذّبتك قتلتني.
قال له: قل وأنت في أمان اللّه وأماني.
قال له الحبر: أريد الخلوة بك.
قال له: أريد أن تقول جهراً.
قال: إنّ في سفر من أسفار التوراة اسمك ونعتك وأتباعك، وأنّك تخرج من جبل فاران، وينادى بك باسمك على كلّ منبر فرأيت في علامتك بين كتفيك خاتماً تختم به النبوّة، أي لا نبيّ بعدك.
ومن ولدك أحد عشر سبطاً يخرجون من ابن عمّك، واسمه عليّ، ويبلغ ملكك المشرق والمغرب وتفتح خيبر وتقلع بابها، ثمّ تعبر الجيش على الكفّ والزند، فإن كان فيك هذه الصفات آمنت بك وأسلمت على يدك.
ص: 528
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : أيّها الحبر! أمّا الشامة(1) فهي لي، وأمّا العلامة فهيلناصري عليّ بن أبي طالب علیه السلام .
قال: فالتفت إليه الحبر و إلى عليّ، وقال: أنت قاتل مرحب الأعظم.
قال عليّ علیه السلام : بل الأحقر، أنا جدلته بقوّة اللّه وحوله، وأنا معبّر الجيش على زندي وكفّي.
فعند ذلك قال: مدّ يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه، وأنّك معجزه، وأنّه يخرج منك أحد عشر نقيباً، فاكتب لي عهداً لقومي فإنّهم نقباء بني إسرائيل أبناء داود علیه السلام .
فكتب له بذلك عهدا(2).
ص: 529
225/8 - بالأسانيد يرفعه إلى عمّار بن ياسر، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا أسري بي إلى السماء أوحى اللّه إليّ: يا محمّد! على من تخلّف أُمّتك؟
قلت: اللّهمّ! عليك، قال: صدقت، أنا خلّفتك على الناس أجمعين، يا محمّد!
قلت: لبّيك وسعديك.
قال: يا محمّد! إنّي اصطفيتك برسالاتي، وأنت أميني على وحيي، ثمّ خلقت من طينتك الصدّيق الأكبر سيّد الأوصياء، وجعلت له الحسن و الحسين، أنت يا محمّد! الشجرة، وعليّ غصنها، وفاطمة ورقها، والحسن و الحسين ثمرها، وجعلت شيعتكم من بقيّة طينتكم، فلذلك قلوبهم و أجسادهم تهوى إليكم(1).
ص: 530
226/9 - بالإسناد يرفعه إلى الحسن، عن أبيه، عن جدّه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، قال: بينا أنا ذات يوم جالس إذ دخل علينا رجل طويل كأنّه النخلة، فلمّا قلع رجله عن الأخرى تفرقعا(1)، فعند ذلك قال لى الله عليه و آله وسلم: أمّا هذا، فليس من ولد آدم، فقالوا: يا رسول اللّه! وهل يكون أحد من غير ولد آدم؟
قال: نعم، هذا أحدهم، فدنا الرجل، فسلّم على النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فقال: من تكون، قال: أنا الهام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس.
قال صلی الله علیه و آله وسلم : بينك و بين إبليس أبوان، قال: نعم، يا رسول اللّه!
قال: وكم تعدّ من السنين؟
قال: لمّا قتل قابيل هابيل كنت غلاماً بين الغلمان أفهم الكلام، وأدور الآجام(2)، وآمر بقطيعة الأرحام.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : بئس السيرة التي تذكر إن بقيت عليها، فقال: كلاّ يا رسول اللّه!
إنّي لمؤمن تائب.
ص: 531
قال: وعلى يد من تبت، وجرى إيمانك؟
قال: على يد نوح، وعاتبته على ما كان من دعائه على قومه، قال: إنّي على ذلك من النادمين، وأعوذ باللّه أن أكون من الجاهلين.
وصاحبت بعده هودا، فكنت أصلّي بصلاته وأقرأ الصحف التي علّمنيها ممّا أنزل على جدّه إدريس، فكنت معه إلى أن بعث اللّه الريح العقيم على قومه فنجّاه ونجّاني معه.
وصحبت صالحا من بعده، فلم أزل معه إلى أن بعث اللّه على قومه الراجفة فنجّاه ونجّاني معه.
ولقيت من بعده أباك إبراهيم، فصحبته وسألته أن يعلّمني من الصحف التي أنزلت عليه، فعلّمني وكنت أصلّي بصلاته، فلمّا كاده قومه وألقوه في النار جعلها اللّه عليه بردا وسلاما، فكنت له مونسا حتّى توفّي.
فصحبت بعده ولديه إسماعيل و إسحاق من بعده ويعقوب، ولقد كنت مع أخيك يوسف في الجُبّ مونسا وجليسا حتّى أخرجه اللّه وولاّه مصر، وردّ عليه أبواه، ولقيت أخاك موسى، وسألته أن يعلّمني من التوراة التي أنزلت عليه فعلّمني، فلمّا توفّي صحبت وصيّه يوشع، فلم أزل معه حتّى توفّي.
ولم أزل من نبيّ إلى نبيّ إلى أخيك داود، وأعنته على قتل الطاغية جالوت، وسألته أن يعلّمني من الزبور الذي أنزله اللّه إليه، فعلّمت منه.
وصحبت بعده سليمان، وصحبت بعده وصيّه آصف بن برخيا بن سمعيا، ولقد لقيت نبيّاً بعد نبيّ، فكلّ يبشّرني، ويسألني أن أقرأ عليك السلام، حتّى صحبت عيسى، وأنا أقرئك يا رسول اللّه! عمّن لقيت من الأنبياء السلام، ومن عيسى
ص: 532
خاصّة، أكثر سلام اللّه وأتمّه.
فقال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : على جميع أنبياء اللّه ورسله وعلى أخي عيسى منيّ السلام، ورحمة اللّه وبركاته ما دامت السماوات والأرض، وعليك يا هام!
السلام، ولقد حفظت الوصيّة وأدّيت الأمانة، فاسأل حاجتك؟.
قال: يا رسول اللّه! حاجتي أن تأمر أُمّتك أن لا يخالفوا أمر الوصيّ، فإنّي رأيت الأُمم الماضية إنّما هلكت بتركها أمر الوصيّ.
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : وهل تعرف وصييّ؟ يا هام!
قال: إذا نظرت إليه عرفته بصفته واسمه التي قرأته في الكتب.
قال: انظر هل تراه ممّن حضر؟
فالتفت يميناً وشمالاً، فقال: ليس هو فيهم، يا رسول اللّه!
فقال: يا هام! من كان وصيّ آدم؟
قال: شيث، قال: فمن وصيّ شيث؟
قال: أنوش، قال: فمن وصيّ أنوش؟
قال: قينان، قال: فوصيّ قينان؟
قال: مهلائيل، قال: فوصيّ مهلائيل؟
قال: برد، قال: فوصيّ برد؟
قال: النبيّ المرسل إدريس، قال: فمن وصيّ إدريس؟
قال: متوشلخ، قال: فمن وصيّ متوشلخ؟
قال: لمك، قال: فمن وصيّ لمك؟
قال: أطول الأنبياء عمراً، وأكثرهم لربّه شكراً، وأعظمهم أجراً، ذاك أبوك
ص: 533
نوح، قال: فمن وصيّ نوح؟
قال: سام، قال: فمن وصيّ سام؟
قال: أرفحشذ، قال: فمن وصيّ أرفحشذ؟
قال: عابر، قال: فمن وصيّ عابر؟
قال: شالخ، قال: فمن وصيّ شالخ؟
قال: قالع، قال: فمن وصيّ قالع؟
قال: أشروغ، قال: فمن وصيّ أشروغ؟قال: روغا، قال: فمن وصيّ روغا؟
قال: ناخور، قال: فمن وصيّ ناخور؟
قال: تارخ، قال: فمن وصيّ تارخ؟
قال: لم يكن له وصيّ، بل أخرج اللّه من صلبه إبراهيم خليل اللّه.
قال: صدقت يا هام! فمن وصيّ إبراهيم؟
قال: إسماعيل، قال: فمن وصيّه؟
قال: نبت، قال: فمن وصيّ نبت؟
قال: حمل، قال: فمن وصيّ حمل؟
قال: قيدار، قال: فمن وصيّ قيدار؟
قال: لم يكن له وصيّ حتّى خرج من إسحاق يعقوب.
قال: صدقت يا هام! لقد صدقت الأنبياء و الأوصياء، فمن وصيّ يعقوب؟
قال: يوسف، قال: فمن وصيّ يوسف؟
قال: موسى، قال: فمن وصيّ موسى؟
ص: 534
قال: يوشع بن نون، قال: فمن وصيّ يوشع؟
قال: داود، قال: فمن وصيّ داود؟
قال: سليمان، قال: فمن وصيّ سليمان؟
قال: آصف بن برخيا، قال: ووصيّ عيسى شمعون بن الصفا.
قال: هل وجدت صفة وصييّ وذكره في الكتب؟
قال: نعم، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً! إنّ اسمك في التوراة: ميدميد، واسم وصيّك إليا، واسمك في الإنجيل حمياطا، واسم وصيّك فيها هيدار، و اسمك في الزبور ماح ماح محي بك كلّ كفر و شرك، واسم وصيّك قاروطيا.
قال: فما معنى اسم وصييّ في التوراة إليا؟
قال: إنّه الوليّ من بعدك، قال: فما معنى اسمه في الإنجيل هيدار؟
قال: الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم، قال: فما معنى اسمه في الزبور قاروطيا؟
قال: حبيب ربّه، قال: يا هام! إذا رأيته تعرفه؟
قال: نعم، يا رسول اللّه! فهو مدوّر الهامة(1)، معتدل القامة، بعيد من
الدمامة(2)، عريض الصدر، ضرغامة، كبير العينين، آنف الفخذين، أخمص الساقين، عظيم البطن، سويّ المنكبين.
قال: يا سلمان! ادع لنا عليّاً، فجاء حتّى دخل المسجد، فالتفت إليه الهام و قال: ها هو يا رسول اللّه! بأبي أنت و أُمّي! هذا واللّه! وصيّك، فأوص أُمّتكأن
ص: 535
لا يخالفوه، فإنّه هلك الأُمم بمخالفة الأوصياء.
قال: قد فعلنا ذلك، يا هام! فهل من حاجة؟ فإنّي أحبّ قضاءها لك.
قال: نعم، يا رسول اللّه! أحبّ أن تعلّمني من هذا القرآن الذي أنزل عليك، تشرح لي سنّتك وشرائعك لأصلّي بصلاتك.
قال: يا أبا الحسن! ضمّه إليك وعلّمه، قال عليّ علیه السلام : فعلّمته «فاتحة الكتاب»، و«المعوّذتين»، و«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، و«آية الكرسيّ»، و«آيات من آل عمران»، و«الأنعام»، و«الأعراف»، و«الأنفال»، وثلاثين سورة من المفصّل، ثمّ إنّه غاب فلم يُرَ إلاّ يوم صفّين، فلمّا كان ليلة الهرير نادى: يا أمير المؤنين! اكشف عن رأسك، فإنيّ أجده في الكتاب أصلعاً.
قال: أنا ذلك، ثمّ كشف عن رأسه، وقال: أيّها الهاتف! أظهر لي رحمك اللّه، قال: فظهر له، فإذا هو الهام بن الهيم، قال: من تكون؟
قال: أنا الذي مَنَّ عليّ بك ربّي وعلّمتني كتاب اللّه، وآمنت بك و بمحمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فعند ذلك سلمّ عليه وجعل يحادثه ويسأله، ثمّ قاتل إلى الصبح، ثمّ غاب، قال الأصبغ بن نباتة: فسألت أمير المؤنين علیه السلام بعد ذلك عنه؟
قال: قتل الهام بن الهيم رحمة اللّه عليه(1).
ص: 536
ص: 537
227/10 - بالإسناد عن أنس بن مالك، قال:
بينما نحن بين يدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إذ قال: الساعة يدخل عليكم من البابرجل هو سيّد الوصيّين، وقائد الغرّ المحجّلين، وقبلة العارفين، ويعسوب الدين، ونور المؤنين، ووارث علم النبيّين.
قال: قلت: اللّهمّ! اجعله من الأنصار، فإذا به عليّ بن أبي طالب قد أقبل(1).
ص: 538
228/11 - بالإسناد يرفعه إلى ابن عمر، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ذات يوم على منبره - وقد أقام عليّا على جانبه، وحطّ يده اليمنى على يده حتّى بان بياض إبطيهما - وقال: أيّها الناس! ألا إنّ اللّه ربّي وربّكم، ومحمّد نبيّكم، والإسلام دينكم، و عليّ هاديكم، وهو وصيّي وخليفتي من بعدي، ثمّ قال: يا أبا ذرّ! عليّ أخي، وأميني على وحي ربّي، وما أعطاني ربّي فضيلة إلاّ وقد خصّ عليّا بمثلها.
يا أبا ذرّ! لن يقبل اللّه لعبد فرضا إلاّ بحبّ عليّ بن أبي طالب.
يا أبا ذرّ! لمّا أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فإذا أنا بحجاب من الزبرجد الأخضر، و إذا مناد ينادي: يا محمّد! ارفع الحجاب، فرفعته و إذا أنا بملك، والدنيا بين عينيه وبين يديه لوح ينظر فيه.
فقلت: حبيبي جبرئيل! ما هذا الملك الذي لم أر في ملائكة ربّي ملكا أعظم منه خلقة؟
قال: يا محمّد! سلّم عليه، فإنّه عزرائيل ملك الموت.
فقلت: السلام عليك، يا حبيبي ملك الموت!
فقال: وعليك السلام، يا خاتم النبيّين! كيف ابن عمّك عليّ بن أبي طالب؟
فقلت: حبيبي ملك الموت! أ تعرفه؟
فقال: كيف لا أعرفه يا محمّد! والذي بعثك بالحقّ نبيّا، واصطفاك رسولاً!
ص: 539
إنّي أعرف ابن عمّك وصيّا كما أعرفك نبيّا، وكيف لا يكون ذلك! وقد وكّلني اللّه بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح ابن عمّك عليّ.
فإنّ اللّه يتولاّهما بمشيّته كيف يشاء و يختار(1).
ص: 540
229/12 - بالإسناد يرفعه عن أُمّ المؤنين أُمّ سلمة رضي اللّه عنها، أنّها قالت: سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل عليّ بن أبي طالب إلاّ هبطت عليهم ملائكة السماء حتّى تحفّ بهم، فإذا تفرّقوا عرجت الملائكة إلى السماء.
فيقول لهم الملائكة: إنّا نشمّ من رائحتكم ما لا نشمّه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها.
فيقولون: كنّا عند قوم يذكرون محمّدا وأهل بيته علیهم السلام ، فعلق فينا من ريحهم، فتعطّرنا.
فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرّقوا ومضى كلّ واحد منهم إلى منزله.
فيقولون: اهبطوا بنا حتّى نتعطّر بذلك المكان(1).
ص: 541
230/13 - بالإسناد يرفعه إلى أبي الحمراء، قال:
سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: إنّ وجه عليّ بن أبي طالب علیه السلام يزهر(1) في الجنّة ، كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا(2).
231/14 - بالإسناد إلى حسين بن سعيد الساعديّ، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ اللّه يبغض من عباده المائلين عن الحقّ، و الحقّ مع عليّ، وعليّ مع الحقّ، فمن استبدل بعليّ غيره هلك، وفاتته الدنيا والآخرة(3).
ص: 542
232/15 - بالإسناد يرفعه إلى سعد بن عبادة، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا عرج بي إلى السماء وقفت عن ربّي كقاب قَوْسَين أو أدنى، سمعت النداء من قبل اللّه: يا محمّد! من تحبّ ممّن معك في الأرض؟
فقلت: يا ربّ! أحبّ من تحبّه وتأمرني بمحبّته.
فقال: يا محمّد! أحبّ عليّا، فإنّي أحبّه وأحبّ من يحبّه.
فلمّا رجعت إلى السماء الرابعة تلقّاني جبرئيل، فقال لي: ما قال لك ربّ العزّة؟ وما قلت له؟
فقلت: حبيبي جبرئيل! قال لي: كيت وكيت، وقلت له: كيت وكيت.
قال: فبكى جبرئيل، وقال: يا محمّد! والذي بعثك بالحقّ نبيّا! لو أنّ أهل الأرض يحبّون عليّا كما يحبّه أهل السماوات لما خلق اللّه نارا يعذّب بها أحدا(1).
ص: 543
233/16 - روي عن عمر بن الخطّاب، قال:
كنّا بين يدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في مسجده، وقد صلّى بالناس صلاة الظهر، واستند إلى محرابه، كأنّه البدر في تمامه، وأصحابه حوله إذ نظر إلى السماء وأطال النظر إليها، ونظر إلى الأرض وأطال النظر إليها.
ثمّ نظر سهلاً وجبلاً، وقال: معاشر المسلمين! أنصتوا يرحمكم اللّه، واعلموا! أنّ في جهنّم واديا يعرف بوادي الضباع، وفي ذلك الوادي بئر، وفي تلك البئر حيّة، فشكت جهنّم من ذلك الوادي إلى اللّه عزّ وجلّ.
وشكا الوادي من تلك البئر، وشكا تلك البئر من تلك الحيّة إلى اللّه تعالى في كلّ يوم سبعين مرّة.
فقيل: يا رسول اللّه! ولمن هذا العذاب المضاعف الذي يشكو بعضه عن بعض؟
قال: هو لمن يأتي يوم القيامة وهو غير ملتزم بولاية عليّ بن أبي طالب علیه السلام (1).
234/17 - عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم :
ص: 544
حبّ عليّ بن أبي طالب يحرق الذنوب كما تحرق النار الحطب(1).
ص: 545
235/18 - ابن مردويه(1)، عن أحمد بن عبد اللّه بن الحسين، عن عبد العزيز بن يحيى البصريّ، عن مغيرة بن محمّد المهلّبيّ، عن عبد الرحمان بن صالح، عن عليّ ابن هاشم بن البريد، عن جابر الجعفيّ، عن صالح بن ميثم، عن أبيه، قال: سمعت ابن عبّاس، يقول:
سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: من لقي اللّه تعالى وهو جاحد ولاية عليّ بن أبي طالب علیه السلام لقي اللّه وهو عليه غضبان، لا يقبل اللّه منه شيئا من أعماله، فيوكّل به سبعون ملكا يتفلون في وجهه، و يحشره اللّه أسود الوجه، أزرق العين.
قلنا: يا ابن عبّاس! أينفع حبّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام في الآخرة؟
قال: قد تنازع أصحاب رسول اللّه في حبّه حتّى سألنا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ؟
فقال: دعوني حتّى أسأل الوحي، فلمّا هبط جبرئيل علیه السلام سأله؟
فقال: أسأل ربّي عزّ وجلّ عن هذا، فرجع إلى السماء ثمّ هبط إلى الأرض، فقال: يا محمّد! إنّ اللّه تعالى يقرأ عليك السلام، ويقول: أحبّ عليّا، فمن أحبّه فقد أحبّني، ومن أبغضه فقد أبغضني، يا محمّد! حيث تكن يكن عليّ، وحيث يكن عليّ يكن محبّوه،[و إن اجترحوا، و إن اجترحوا(2)].
ص: 546
236/19 - عن ابن عبّاس، قال:
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لمّا عرج بي إلى السماء فلمّا وصلت إلى السماء الدنيا، قال لي جبرئيل علیه السلام : يا محمّد! صلّ بملائكة السماء الدنيا، فقد أمرت بذلك.
فصلّيت بهم، وكذلك في السماء الثانية والثالثة، فلمّا صرت في السماء الرابعة رأيت بها مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف نبيّ.
فقال جبرئيل علیه السلام : تقدّم وصلّ بهم.
فقلت: يا أخي جبرئيل! كيف أتقدّم بهم؟ وفيهم أبي آدم وأبي إبراهيم!
فقال: إنّ اللّه تعالى قد أمرك أن تصلّي بهم، فإذا صلّيت بهم فاسألهم بأيّ شيء بعثوا في وقتهم وفي زمانهم، ولم نشرتم قبل أن ينفخ في الصور؟
فقال: سمعا وطاعة للّه، ثمّ صلّى بالأنبياء علیهم السلام ، فلمّا فرغوا من صلاتهم، قال لهم جبرئيل: بم بعثتم، ولم نشرتم الآن؟ يا أنبياء اللّه!
قالوا بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقرّ لك يا محمّد! بالنبوّة ولعليّ بنأبي طالب علیه السلام بالإمامة(1).
ص: 547
ص: 548
237/20 - وعن قيس بن عطاء بن رياح، عن ابن عبّاس رضى الله عنه، قال:
دعا رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ذات يوم، فقال: «اللّهمّ آنس وحشتي، و اعطف على ابن عمّي عليّ علیه السلام »، فنزل جبرئيل علیه السلام وقال: يا محمّد! إنّ اللّه يقرئك السلام، ويقول لك: قد فعلت ما سألت، وأيّدتك بعليّ، وهو سيف اللّه على أعدائي، و سيبلّغ دينك ما يبلغ الليل والنهار(1).
238/21 - عن ابن عبّاس رضى الله عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول يوم خيبر لأمير المؤنين عليّ بن أبي طالب علیه السلام :
و اللّه! ما هبّت صباء لولا أنّ طائفة من أُمّتي يقولون فيك ما قالت النصارى في أخي المسيح لقلت فيك قولاً ما مررت على ملأ من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك، والماء من فاضل طهورك، فيستشفون به.
ولكن حسبك أنّك منّي وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، وأنّ حربك حربي، وسلمك سلمي(2).
ص: 549
ص: 550
239/22 - بالإسناد يرفعه إلى كعب الأحبار، قال:
قضى عليّ علیه السلام قضيّة في زمن عمر بن الخطّاب، قالوا: إنّه اجتاز عبد مقيّد على جماعة، فقال أحدهم: إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا، فقال الآخر: إن كان فيه كما قلت فامرأته طالق ثلاثا.
قال: فقاما فذهبا مع العبد إلى مولاه، فقالا له: إنّا حلفنا بالطلاق ثلاثا على قيد هذا العبد، فحلّه نزنه.
فقال سيّده: امرأته طالق ثلاثا إن حلّ قيده، فطلّق الثلاثة نساءهم فارتفعوا إلى عمر بن الخطّاب وقصّوا عليه القصّة.
فقال عمر: مولاه أحقّ به، فاعتزلوا نساءهم.
قال: فخرجوا وقد وقعوا في حيرة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى أبي الحسن علیه السلام لعلّه أن يكون عنده شيء في هذا، فأتوه فقصّوا عليه القصّة، فقال لهم: ما أهون هذا، ثمّ إنّه علیه السلام أخرج جفنة(1) وأمر أن يحطّ العبد رجله في الجفنة وأن يصبّ الماء عليها.
ثمّ قال: ارفعوا قيده من الماء فرفع قيده و هبط الماء فأرسل عوضه زبراً(2)
ص: 551
من الحديد إلى أن صعد الماء إلى موضع كان فيه القيد ثمّ قال: أخرجوا هذا الحديد وزنوه، فإنّه وزن القيد.
قال: فلمّا فعلوا ذلك و انفصلوا، وحلّت نساؤهم عليهم خرجوا وهم يقولون:
نشهد أنّك عيبة علم النبوّة، وباب مدينة علمه، فعلى من جحد حقّك لعنة اللّهوالملائكة والناس أجمعين(1).
ص: 552
240/23 - بالإسناد يرفعه إلى الأصبغ، قال: لمّا ضرب أمير المؤنين علیه السلام الضربة التي كانت وفاته فيها، اجتمع إليه الناس بباب القصر، وكان يراد قتل ابن ملجم لعنه اللّه.
فخرج الحسن علیه السلام ، وقال: معاشر الناس! إنّ أبي أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته، فإن كان له الوفاة، و إلاّ نظر هو في حقّه، فانصرفوا يرحمكم اللّه.
قال: فانصرف الناس ولم أنصرف، فخرج ثانية وقال لي: يا أصبغ! أ ما سمعت قولي عن قول أمير المؤنين؟
قلت: بلى، ولكنّي رأيت حاله، فأحببت أن أنظر إليه، فأستمع منه حديثا، فاستأذن لي، رحمك اللّه!
فدخل و لم يلبث أن خرج، فقال لي: ادخل.
فدخلت فإذا أمير المؤنين علیه السلام معصّب بعصابة، وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة، و إذا هو يرفع فخذا ويضع أخرى من شدّة الضربة و كثرة السمّ.
فقال لي: يا أصبغ! أ ما سمعت قول الحسن، عن قولي؟
قلت: بلى، يا أمير المؤنين! ولكنّي رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك، وأن أسمع منك حديثا.
فقال لي: اقعد فما أراك تسمع منّي حديثا بعد يومك هذا، اعلم يا أصبغ! أنّي أتيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم عائدا كما جئت الساعة، فقال: يا أبا الحسن! اخرج فناد
ص: 553
في الناس الصلاة جامعة، واصعد المنبر وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس: ألا من عقّ والديه فلعنة اللّه عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة اللّه عليه، ألا من ظلم أجيرا أجرته فلعنة اللّه عليه.
يا أصبغ! ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقام من أقصى المسجد رجل فقال: يا أبا الحسن تكلّمت بثلاث كلمات وأوجزتهنّ، فاشرحهنّ لنا، فلم أردّ جوابا حتّى أتيت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، فقلت ما كان من الرجل.
قال الأصبغ: ثمّ أخذ علیه السلام بيدي، وقال: يا أصبغ! ابسط يدك، فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابع يدي، وقال: يا أصبغ! كذا تناول رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إصبعا من أصابع يدي كما تناولت إصبعا من أصابع يدك، ثمّ قال: يا أبا الحسن!
ألا و إنّي وأنت أبوا هذه الأُمّة.
فمن عقّنا فلعنة اللّه عليه، ألا و إنّي وأنت موليا هذه الأمّة فعلى من أبق عنّا لعنة اللّه، ألا و إنّي وأنت أجيرا هذه الأُمّة فمن ظلمنا أجرتنا فلعنة اللّه عليه، ثمّ قال: آمين، فقلت: آمين.
قال الأصبغ: ثمّ أغمي عليه، ثمّ أفاق فقال لي: أ قاعد أنت؟ يا أصبغ!
قلت: نعم، يا مولاي!
قال: أزيدك حديثا آخر؟
قلت: نعم، زادك اللّه من مزيدات الخير.
قال: يا أصبغ! لقيني رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد تبيّن الغمّ في وجهي، فقال لي: يا أبا الحسن! أراك مغموما، ألا أحدّثك بحديث لا تغتمّ بعده أبدا؟
ص: 554
قلت: نعم.
قال: إذا كان يوم القيامة نصب اللّه منبرا يعلو منابر النبيّين والشهداء، ثمّ يأمرني اللّه أصعد فوقه، ثمّ يأمرك اللّه أن تصعد دوني بمرقاة، ثمّ يأمر اللّه ملكين فيجلسان دونك بمرقاة، فإذا استقللنا على المنبر لا يبقى أحد من الأوّلين والآخرين إلاّ حضر.
فينادي الملك الذي دونك بمرقاة:
معاشر الناس! ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي، أنا رضوان، خازن الجنان.
ألا إنّ اللّه بمنّه وكرمه وفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنّة إلى محمّد، و إنّ محمّدا أمرني أن أدفعها إلى عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا لي عليه.
ثمّ يقوم ذلك الذي تحت ذلك الملك بمرقاة مناديا يسمع أهل الموقف: معاشر الناس! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي، أنا مالك، خازن النيران.
ألا إنّ اللّه بمنّه وفضله وكرمه وجلاله قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلى محمّد، و إنّ محمّدا قد أمرني أن أدفعها إلى عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا لي عليه،
فآخذ مفاتيح الجنان والنيران.
ثمّ قال: يا عليّ! فتأخذ بحجزتي وأهل بيتك يأخذون بحجزتك وشيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك.
قال: فصفقت بكلتا يديّ، و إلى الجنّة يا رسول اللّه؟!
قال: إي، وربّ الكعبة!
ص: 555
قال الأصبغ: فلم أسمع من مولاي غير هذين الحديثين، ثمّ توفّيصلوات اللّه عليه(1).
ص: 556
241/24 - بالإسناد يرفعه إلى عبد الملك بن سليمان:
وجد في قبر الزمازميّ رقّ فيه مكتوب، تاريخه ألف و مائتا سنة، بالخطّ السريانيّة، وتفسيره بالعربيّة، قال: لمّا وقعت المشاجرة بين موسى بن عمران والخضر علیهماالسلام في قوله عزّ وجلّ في سورة الكهف، في قصّة السفينة، والغلام والجدار، ورجع إلى قومه فسأله أخوه هارون عمّا استعلمه من الخضر؟
فقال: علم لا يضرّ جهله، ولكن كان ما هو أعجب من ذلك.
قال: و ما أعجب من ذلك؟
قال: بينما نحن على شاطى ء البحر وقوف، إذ قد أقبل طائر على هيئة الخطّاف، فنزل على البحر فأخذ بمنقاره فرمى به إلى الشرق، ثمّ أخذ ثانية فرمى به إلى الغرب، ثمّ أخذ ثالثة فرمى به إلى الجنوب، ثمّ أخذ رابعة فرمى به إلى الشمال، ثمّ أخذ فرمى به إلى السماء، ثمّ أخذ فرمى به إلى الأرض، ثمّ أخذ مرّة أخرى فرمى به إلى البحر، ثمّ جعل يرفرف وطار.
فبقينا متحيّرين لا نعلم ما أراد الطائر بفعله، فبينما نحن كذلك إذ بعث اللّه علينا ملكا في صورة آدميّ، فقال: ما لي أراكم متحيّرين؟!
قلنا: فيما أراد الطائر بفعله، قال: ما تعلمان ما أراد؟
قلنا: اللّه أعلم.
ص: 557
قال: إنّه يقول: وحقّ من شرّق الشرق، وغرّب الغرب، ورفع السماء، و دحا الأرض! ليبعثنّ اللّه في آخر الزمان نبيّا اسمه محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ، له وصيّ اسمه عليّ علیه السلام ، علمكما جميعا في علمهما مثل هذه القطرة في هذا البحر(1).
ص: 558
242/25 - بالإسناد يرفعه إلى أبي هريرة أنّه قال:
صلّينا الغداة مع رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، وأخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من الأنصار وقال: يا رسول اللّه! كلب فلان الذمّيّ خرق ثوبي، وخدش ساقي فمنعت من الصلاة معك.
فلمّا كان في اليوم الثاني أتاه رجل آخر من الصحابة، وقال: يا رسول اللّه!
كلب فلان الذمّيّ خرق ثوبي، وخدش ساقي فمنعني من الصلاة معك.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : إذا كان الكلب عقورا وجب قتله، ثمّ قام صلی الله علیه و آله وسلم وقمنا معه حتّى أتى منزل الرجل فبادر أنس فدقّ الباب، فقال: من بالباب؟
فقال أنس: النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ببابكم.
قال: فأقبل الرجل مبادرا ففتح بابه، وخرج إلى النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وقال: بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه! ما الذي جاء بك إليّ؟ ولست على دينك، ألا كنت وجّهت إليّ كنت أجيبك.
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : لحاجة إلينا، أخرج كلبك فإنّه عقور وقد وجب قتله، فقد خرق ثياب فلان، وخدش ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان.
فبادر الرجل إلى كلبه وطرح في عنقه حبلاً وجرّه إليه، وأوقفه بين يدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
ص: 559
فلمّا نظر الكلب إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم قال بلسان فصيح بإذن اللّه تعالى:
السلام عليك يا رسول اللّه! ما الذي جاء بك، ولم تريد قتلي؟
قال صلی الله علیه و آله وسلم : خرقت ثياب فلان وفلان، وخدشت ساقيهما.قال: يا رسول اللّه! إنّ القوم الذين ذكرتهم منافقون نواصب، يبغضون ابن عمّك عليّ بن أبي طالب، ولولا أنّهم كذلك ما تعرّضت لهم، ولكنّهم جازوا يرفضون عليّا، ويسبّونه، فأخذتني الحميّة الأبيّة، والنخوة العربيّة، ففعلت بهم.
قال: فلمّا سمع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ذلك من الكلب أمر صاحبه بالالتفات إليه و أوصاه به، ثمّ قام ليخرج و إذا صاحب الكلب الذمّيّ قد قام على قدميه، و قال: أ تخرج يا رسول اللّه! و قد شهد كلبي بأنّك رسول اللّه، وأنّ ابن عمّك عليّا وليّ اللّه.
ثمّ أسلم وأسلم جميع من كان في داره(1).
ص: 560
243/26 - بالإسناد يرفعه إلى سليم بن قيس، أنّه قال:
لقيت سعد بن أبي وقّاص، فقلت: إنّي سمعت عليّا علیه السلام يقول: سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم يقول: اتّقوا فتنة الأخنس، اتّقوا فتنة سعد، فإنّه يدعو إلى خذلان الحقّ وأهله.
فقال سعد: اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أبغض عليّا، أو يبغضني، أو أقاتل عليّا، أو يقاتلني، أو أعادي عليّا، أو يعاديني، إنّ عليّا كان له خصال لم يكن لأحد من الناس مثلها، إنّه صاحب براءة حتّى قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : لا يبلغ عنّي إلاّ رجل منّي، وقال له يوم تبوك: أنت وصيّي، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير النبوّة، ويوم أمر بسدّ الأبواب إلى المسجد ولم يبق غير بابه، فسأل عمر أن يجعل له روزنة صغيرة قدر عينيه، فأبى رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم .
قال: فعند ذلك قال: سددت أبوابنا وتركت باب عليّ؟!
فقال: ما سددتها لكم أنا، ولا فتحت بابه، ولكنّ اللّه سدّها وفتح بابه.
ويوم آخى رسول اللّه بين الصحابة كلّ رجل مع صاحبه، وبقي هو فآخاه من نفسه وقال له: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة.
ويوم خيبر حين انهزم أبو بكر وعمر، فغضب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وقال:
ما بال قوم يلقون المشركين ثمّ يفرّون، لأعطينّ الراية غدا رجلاً يحبّ اللّه و رسوله، ويحبّه اللّه ورسوله، كرّار غير فرّار، يفتح اللّه على يديه، فلمّا كان من الغد
ص: 561
قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : عليّ بعليّ، فجاءه أرمد العين فوضع كريمه في حجره وتفل في عينيه وعقد له راية ودعا له.
فما انثنى حتّى فتح خيبرا، وأتاه بصفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب، فأعتقها رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ثمّ تزوّجها وجعل عتقها صداقها.
وأعظم من ذلك يوم غدير خمّ أخذ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم بيده، وقال:
«من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، ألا فليبلّغ الشاهد منكم الغائب، والحرّ العبد(1).
ص: 562
244/27 - عن ابن عبّاس يرفعه إلى سلمان الفارسيّ رضى الله عنه، قال(1):
كنت واقفا بين يدي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أسكب الماء على يديه، إذ دخلت فاطمة عليهاالسلام و هي تبكي، فوضع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم يده على رأسها وقال: ما يبكيك؟
لا أبكى اللّه عينيك، يا حوريّة!
قالت: مررت على ملأمن نساء قريش، وهنّ مخضّبات، فلمّا نظرن إليّ وقعوا فيّ وفي ابن عمّي، فقال لها: وما سمعت منهنّ؟
قالت: قلن: كان قد عزّ على محمّد أن يزوّج ابنته من رجل فقير قريش، وأقلّهم مالاً، فقال لها: واللّه! يا بنيّة! ما زوّجتك ولكنّ اللّه زوّجك من عليّ، فكان بدوه منه، وذلك أنّه خطبك فلان وفلان، فعند ذلك جعلت أمرك إلى اللّه تعالى وأمسكت عن الناس.
فبينا صلّيت يوم الجمعة صلاة الفجر إذ سمعت حفيف الملائكة، و إذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفّا من الملائكة متوّجين مقرّطين مدملجين(2)فقلت: ما هذه القعقعة(3) من السماء؟ يا أخي جبرئيل!
ص: 563
فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ وجلّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة، فاختار منها من الرجال عليّا علیه السلام ومن النساء فاطمة رضى الله عنه، فزوّج فاطمة من عليّ.
فرفعت رأسها وتبسّمت بعد بكائها، وقالت: رضيت بما رضي اللّه ورسوله.
فقال صلی الله علیه و آله وسلم : ألا أزيدك يا فاطمة! في عليّ رغبة؟
قالت: بلى، قال: لا يرد على اللّه عزّ وجلّ ركبان أكرم منّا أربعة: أخي صالح على ناقته، و عمّي حمزة على ناقتي العضباء، وأنا على البراق، وبعلك عليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة.
فقالت: صف لي الناقة من أيّ شيء خلقت؟
قال: ناقة خلقت من نور اللّه عزّ وجلّ، مدبّجة(1) الجنبين، صفراء، حمراءالرأس، سوداء الحدق، قوائمها من الذهب، خِطامها من اللؤؤالرطب، عيناها من الياقوت، وبطنها من الزبرجد الأخضر، عليها قبّة من لؤؤة بيضاء، يرى باطنها من ظاهرها و ظاهرها من باطنها.
خلقت من عفو اللّه عزّ و جلّ، تلك الناقة من نوق اللّه، لها سبعون ألف ركنا بين الركن والركن سبعون ألف ملك يسبّحون اللّه عزّ وجلّ بأنواع التسبيح.
لا يمرّ على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا: من هذا العبد؟ ما أكرمه على اللّه عزّ وجلّ! أ تراه نبيّا مرسلاً، أو ملكا مقرّبا، أو حامل عرش، أو حامل كرسيّ؟
فينادي مناد من بطنان العرش: أيّها الناس! ليس هذا بنبيّ مرسل، ولا ملك
ص: 564
مقرّب، هذا عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه وسلامه عليه.
فيبدرون رجالاً رجالاً، فيقولون: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، حدّثونا فلم نصدّق، ونصحونا فلم نقبل.
والذين يحبّونه تعلّقوا بالعروة الوثقى، كذلك ينجون في الآخرة.
يا فاطمة! ألا أزيدك في عليّ رغبة؟
قالت: زدني، يا أبتاه!
قال النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : إنّ عليّا أكرم على اللّه من هارون لأنّ هارون أغضب موسى، وعليّ لم يغضبني قطّ.
والذي بعث أباك بالحقّ نبيّا! ما غضبت عليه يوما قطّ، وما نظرت في وجه عليّ إلاّ ذهب الغضب عنّي، يا فاطمة! ألا أزيدك في عليّ رغبة؟
قالت: زدني، يا نبيّ اللّه! قال: هبط عليّ جبرئيل، وقال: يا محمّد! أقرء عليّا من السلام، السلام.
فقامت، وقالت فاطمة عليهاالسلام: رضيت باللّه ربّا، وبك يا أبتاه! نبيّا، وبابن عمّي بعلاً ووليّاً(1).
ص: 565
ص: 566
245/28 - عن عبد الملك بن عمير، عن أبيه، عن ربعيّ، عن خراش، قال:
سأل معاوية ابن عبّاس، قال: فما تقول في عليّ بن أبي طالب علیه السلام ؟
قال: عليّ أبو الحسن علیه السلام ، عليّ كان واللّه! علم الهدى، وكهف التقى، و محلّ الحجى، ومحتد الندى(1)، وطود النهى(2)، و علم الورى، و نورا في ظلمة الدجى، وداعيا إلى المحجّة العظمى، ومستمسكا بالعروة الوثقى، وساميا إلى المجد والعلى، وقائد الدين والتقى، وسيّد من تقمّص وارتدى، بعل بنت المصطفى، وأفضل من صام وصلّى، وأفخر من ضحك وبكى، صاحب القبلتين.
فهل يساويه مخلوق كان أو يكون، كان واللّه! كالأسد مقاتلاً، ولهم في الحروب حاملاً، على مبغضيه لعنة اللّه والملائكة و الناس أجمعين إلى يوم التناد(3).
ص: 567
246/29 - ابن الوليد، عن الصفّار، عن ابن معروف، عن عبد اللّه الأصمّ، عن جدّه(1)، قال:قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : جعلت فداك! أيّما أفضل، الحجّ أو الصدقة؟ قال: هذه مسألة فيها مسألتان، قال علیه السلام : كم المال؟ يكون ما يحمل صاحبه إلى الحجّ؟
قال: قلت: لا.
قال: إذا كان مالاً يحمل إلى الحجّ فالصدقة لا تعدل الحجّ، الحجّ أفضل، و إن كانت لا تكون إلاّ القليل فالصدقة.
قلت: فالجهاد؟
قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض في وقت الجهاد، ولا جهاد إلاّ مع الإمام، قلت: فالزيارة؟
قال: زيارة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، وزيارة الأوصياء، وزيارة حمزة، وبالعراق زيارة الحسين علیه السلام .
قال: (قلت:)(2) فما لمن زار الحسين علیه السلام ؟
ص: 568
قال: يخوض في الرحمة، ويستوجب الرضا، ويصرف عنه السوء، و يدرّ(1)
عليه الرزق، وشيّعه الملائكة، ويلبس نورا تعرفه به الحفظة، فلا يمرّ بأحد من الحفظة إلاّ دعا له(2).
ص: 569
247/30 - بالإسناد يرفعه إلى صفوان الجمّال، قال:
دخلت على أبي عبد اللّه علیه السلام ، فقلت: جعلت فداك! سمعتك تقول: شيعتنا في الجنّة، و فيهم أقوام مذنبون يركبون الفواحش، و يأكلون أموال الناس، و يشربون الخمور، ويتمتّعون في دنياهم.
فقال علیه السلام : هم في الجنّة.
اعلم! أنّ المؤن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتّى يبتلي بدين أو بسقم أو بفقر، فإن عفى عن هذا كلّه، شدّد اللّه عليه في النزع عند خروج روحه حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب عليه.
قلت: فداك أبي وأُمّي! فمن يردّ المظالم؟
قال: اللّه عزّ وجلّ يجعل حساب الخلق إلى محمّد وعليّ علیهماالسلام .
فكلّ ما كان على شيعتنا حاسبناهم ممّا كان لنا من الحقّ في أموالهم، وكلّ ما بينه و بين خالقه استوهبناه منه، ولم نزل به حتّى ندخله الجنّة برحمة من اللّه
ص: 570
وشفاعة من محمّد وعليّ علیهماالسلام (1).
* * * * * قد تمّت المقابلة والتصحيح بعون اللّه وحسن توفيقه، يوم ميلاد الإمام عليّ
ابن أبي طالب أمير المؤمنين عليه آلاف التحيّة والسلام، سنة 1421 «ق»، والحمد للّه ربّ العالمين الذي هدانا لولايته وولاية أولاده المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين.
ص: 571
ص: 572
1 - فهرس الآيات القرآنيّة... 575
2 - فهرس الأدعية والأذكار... 585
3 - فهرس الأحاديث... 587
4 - فهرس الآثار... 598
5 - فهرس المعصومين ( النبيّ وعترته علیهم السلام )... 602
6 - فهرس الأنبياء والأوصياء علیهم السلام ... 611
7 - فهرس الملائكة علیهم السلام ... 614
8 - فهرس أعلام الرجال... 616
9 - فهرس أعلام النساء... 624
10 - فهرس الملوك والخلفاء... 626
11 - فهرس الفرق والمذاهب والقبائل... 628
12 - فهرس الأمكنة والبلدان... 635
13 - فهرس الوقائع والأيّام... 644
14 - فهرس الكتب السماويّة... 647
15 - فهرس الأشعار... 648
ص: 573
16 - فهرس الأوائل... 651
17 - فهرس الحيوانات... 65318 - فهرس الأطعمة والأشربة... 656
19 - فهرس الألبسة والزينة والألوان... 658
20 - فهرس النجوم والكواكب... 664
21 - فهرس الأصنام والأوثان... 665
22 - فهرس مصادر التحقيق... 666
23 - فهرس الموضوعات والعناوين... 685
24 - فهرس الفهارس... 695
ص: 574
رقم الآية الصفحة
سورة الفاتحة: 1
(6) الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ... 6
سورة البقرة: 2
(156 ) إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ... 281
(157 ) أُوْلَلءِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَ تٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ... 315
(185 ) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ... 22
(207 ) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ... 384
(255 ) وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَ تِ وَالْأَرْضَ... 429
(260 ) وَإِذْ قَالَ إِبْرَ هِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ... 384
سورة آل عمران: 3
(28 ) وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُو... 517
(30 ) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا... 17
(33 ) اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَ نَ... 447
ص: 575
(42 ) إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَلكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَلكِ عَلَى نِسَآءِ... 23
(43 ) يَمَرْيَمُ اقْنُتِى لِرَبِّكِ وَاسْجُدِى وَارْكَعِى... 23
(61 ) وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ... 206
(103 ) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا... 213
(173 ) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ... 500
سورة النساء: 4
(58 ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الْأَمَنَتِ... 127
سورة المائدة: 5
(3 ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ... 214
(31 ) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُو... 428
(55 ) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ... 424
(56 ) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ... 424
(64 ) بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ... 517
(116) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ... 385
(117) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِى بِهِى... 385
سورة الأنعام: 6
(75 ) وَكَذَ لِكَ نُرِى إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَ تِ... 355
سورة الأعراف: 7
(44 ) وَنَادَى أَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبَ النَّارِ... 387
(150 ) ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى... 364
ص: 576
سورة الأنفال: 8
(42 ) لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنم بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَنم بَيِّنَةٍ... 296
سورة التوبة: 9
(3 ) وَأَذَ نٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِى إِلَى النَّاسِ... 391
(32 ) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِٔواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ هِهِمْ... 378
(119 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ... 380
سورة يونس: 10
(64 ) الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ كَانُواْ يَتَّقُونَ ... 391
(65 ) لَهُمُ الْبُشْرَى فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ فِى الْأَخِرَةِ... 391
سورة هود: 11
(17 ) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِى... 387، 511
(80 ) لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ... 364
(113) وَ لاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ... 202
سورة يوسف: 12
(33 ) رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ... 364
سورة الرعد: 13
(7 ) إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ... 343، 511
سورة إبراهيم: 14
(11 ) إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ... 182
ص: 577
(25 ) تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ... 204
سورة الإسراء: 17
(13 ) وَ كُلَّ إِنسَنٍ أَلْزَمْنَهُ طَلءِرَهُو فِى عُنُقِهِى... 226(14 ) اقْرَأْ كِتَبَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ... 226
(60 ) وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ... 198
(64 ) وَ شَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوَ لِ وَ الْأَوْلَدِ وَعِدْهُمْ... 451، 462
(65 ) إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَنٌ... 451، 462
(81 ) جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ... 40، 55، 58، 292، 454
سورة الكهف: 18
(49 ) لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً... 225
سورة مريم: 19
(24 ) أَلاَّ تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا... 356
(33 ) وَالسَّلَمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَ يَوْمَ أَمُوتُ... 356
(48 ) وَ مَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ... 363
(50 ) وَ جَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ... 510
(96 ) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّلِحَتِ سَيَجْعَلُ... 347
سورة طه: 20
(40 ) إِذْ تَمْشِى أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى... 356
(121 ) وَ عَصَى ءَادَمُ رَبَّهُو فَغَوَى... 382
ص: 578
سورة الأنبياء: 21
(26 ) بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ... 214
(27 ) لاَ يَسْبِقُونَهُو بِالْقَوْلِ وَ هُم بِأَمْرِهِى يَعْمَلُونَ... 214
(49 ) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَ هُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ... 20
(79 ) فَفَهَّمْنَهَا سُلَيْمَنَ... 384
سورة الحجّ: 22
(24 ) وَ هُدُواْ إِلَى صِرَ طِ الْحَمِيدِ... 489
سورة المؤمنون: 23
(100 ) كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآلءِلُهَا... 225
سورة النور: 24
(36 ) فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا... 283
سورة الشعراء: 26
(21 ) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِى رَبِّى... 364
(84 ) وَ اجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْأَخِرِينَ... 511
(227 ) وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ... 18
سورة القصص: 28
(21 ) فَخَرَجَ مِنْهَا خَآلءِفًا يَتَرَقَّبُ... 384
(83 ) تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ... 385
سورة الأحزاب: 33
(6 ) وَ أَزْوَ جُهُو أُمَّهَتُهُمْ... 200
ص: 579
(25 ) وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ... 388
(32 ) يَنِسَآءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ... 200
(33 ) وَ قَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَ لاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ... 200
(33 ) إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ... 176، 245
(45 ) يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ شَهِدًا وَ مُبَشِّرًا... 55
(46 ) وَ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِى وَ سِرَاجًا مُّنِيرًا... 55
(56 ) إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَلءِكَتَهُو يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ... 512
(70 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَ قُولُواْ... 380
سورة سبأ: 34
(3 ) لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَوَ تِ... 429
سورة يس: 36
(12 ) وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ... 241، 513
سورة الصافّات: 37
(24 ) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْٔولُونَ... 214
(84 ) وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِى لاَءِبْرَ هِيمَ... 459
(85 ) إِذْ جَآءَ رَبَّهُو بِقَلْبٍ سَلِيمٍ... 459
سورة ص: 38
(26 ) يَدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ... 384
(35 ) وَهَبْ لِى مُلْكًا لاَّ يَنمبَغِى لِأَحَدٍ... 385
(62 ) مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ... 28
ص: 580
سورة الزمر: 39
(56 ) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ... 512
سورة غافر (المؤمن): 40
(51 ) إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ... 390
سورة فصّلت: 41
(40 ) اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُو بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ... 166
سورة الشورى: 42
(11 ) لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ... 429
سورة الزخرف: 43
(4 ) وَ إِنَّهُو فِى أُمِّ الْكِتَبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ... 510
(43 ) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ... 513سورة الدخان: 44
(41 ) يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَئْا... 392
(42 ) إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُو هُوَ الْعَزِيزُ... 392
سورة ق: 50
(1 ) ق وَ الْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ... 6
(24 ) أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ... 361
(41 ) وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ... 388
(42 ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ... 388
ص: 581
سورة النجم: 53
(1 ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى... 158، 438
(2 ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى... 158، 438
(3 ) وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى... 158، 438
(4 ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى... 158، 438
(5 ) عَلَّمَهُو شَدِيدُ الْقُوَى... 158
(20 ) وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى... 40
سورة القمر: 54
(10 ) أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ... 363
(55 ) فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِم... 342
سورة الحديد: 57
(28 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ... 40
سورة المجادلة: 58
(6 ) أَحْصَلهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ... 225
(7 ) يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ... 429
سورة تغابن: 64
(8 ) ءَامِنُواْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِى وَ النُّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا... 52
سورة التحريم: 66
(10) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوحٍ... 383
ص: 582
سورة المعارج: 70
(2 ) سَأَلَ سَآلءِلُم بِعَذَابٍ وَاقِعٍ... 215
سورة القيامة: 75
(17 ) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُو وَ قُرْءَانَهُو... 511
(18 ) فَإِذَا قَرَأْنَهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُو... 511
(19 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُو... 511
(36 ) أَيَحْسَبُ الاْءِنسَنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى... 381
(37 ) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى... 381
(38 ) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى... 381
سورة النبأ: 78
(1 ) عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ... 214
(2 ) النَّبَإِ الْعَظِيمِ... 6، 215
(17 ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَتًا... 381
سورة النازعات: 79
(6 ) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ... 389
(7 ) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ... 389
سورة الليل: 92
(12 ) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى... 389، 512
(13 ) وَ إِنَّ لَنَا لَلْأَخِرَةَ وَ الْأُولَى... 389، 512
ص: 583
سورة الشرح: 94
(1 ) أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ... 431
(2 ) وَ وَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ... 431
(3 ) الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ... 431
(4 ) وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ... 431
سورة التكاثر: 102
(8 ) ثُمَّ لَتُسْٔلُنَّ يَوْمَلءِذٍ عَنِ النَّعِيمِ... 214، 514
سورة الإخلاص: 112
(1) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ... 310، 536
ص: 584
أستغفر اللّه! لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه... 476
أشهد أن لا إله إلاّ اللّه (وحده لا شريك له)... 136
اللّهمّ آتيه برزقه بحقّ محمّد وأهل بيته... 498
اللّهمّ آنس وحشتي، و اعطف على ابن عمّي عليّ... 549
اللّهمّ اجعل لي عندك عهدا معهودا واجعل لي عندك... 347
اللّهمّ ارحم من رحمهم، ولا تغفر لمن ظلمهم... 521
اللّهمّ اعضدني واشدد أزري واشرح صدري... 431
اللّهمّ العن ظالمها، وعاقب من غصبها حقّها، وأذلّ من... 23اللّهمّ انطق لسانه... 498
اللّهمّ إنّ عليّا كان في طاعتك فردّ عليه الشمس... 169
اللّهمّ إنّك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنّة... 334
اللّهمّ إنّي أحبّهم و أحبّ من يحبّهم... 524
اللّهمّ إنّي أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي... 25
اللّهمّ بحقّ عليّ بن أبي طالب عبدك! اغفر للخاطئين... 382
ص: 585
اللّهمّ بحقّ محمّد عبدك ورسولك! اغفر للخاطئين... ... 382
اللّهمّ سألك موسى بن عمران أن تشرح له صدره... 369
إلهي بحقّ إبراهيم خليلك، وبحقّ آدم صفوتك!... 357
إلهي وسيّدي! احكم بيني وبين من ظلمني! واحكم... 26
إلهي وسيّدي! أسألك بالمحمّدية المحمودة... 133
إلهي وسيّدي! فبحقّهم عليك! إلاّ غفرت لي خطيئتي... 359
إلهي وسيّدي ومولاي! تعلم حقّ حليمة عليّ... 78
بسم اللّه وباللّه... 58
الحمدللّه الذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين... 216
الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى... 487
الحمد للّه الذي لو شاء لم تختلف الأُمّة، ولم تفترق... 407
الحمد للّه الذي هدانا لهذا... 342
سبحان الملك القدّوس... 355
لا إله إلاّ اللّه... 103
لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم... 92، 330
من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه... 562
يا ربّ البيت العتيق! والركن الوثيق! والحجر الغريق!... 124
ص: 586
حرف الألف
آه، آه! سألت عجباً، يا جابر! عن خير ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 130
اتّبعني يا عمّار!، فطلع مولاي إلى الصحراء ... الإمام عليّ علیه السلام 308
اتّبعوا الشمس حتّى تغرب فإذا غابت ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 473
أتدرون ما أقول لكم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 521
أحضروا هاهنا طفلاً مثله ... الإمام عليّ علیه السلام 151
أخبرني جبرئيل أنّه قال لي: مثل حبّ عليّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 310
اخرج يا عمّار! وأتني بذي الفقار البتّار ... الإمام عليّ علیه السلام 154
إذا كان الكلب عقورا وجب قتله ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 559
إذا كان غداً وقت طلوع الشمس سر إلى جبّانة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 172
أصدقني بصورة ذكري في التوراة، و إلاّ ضربت ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 528
أعطاني اللّه تعالى خمساً، وأعطى عليّاً ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 11، 491
أعطيت ثلاثا وعليّ مشاركي فيها ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 305
أقول قولاً، لا يقوله أحد غيري ... الإمام عليّ علیه السلام 262
ص: 587
اقرأ، فقرأت حتّى بلغت إلى يَوْمَ لا يُغْنِي ... الإمام الصادق علیه السلام 392
اللّهمّ آنس وحشتي، و اعطف على ابن عمّي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 549
اللّهمّ اعضدني واشدد أزري واشرح صدري ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 431
اللّهمّ إنّ عليّا كان في طاعتك فردّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 169
اللّهمّ سألك موسى بن عمران أن تشرح له ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 347
ألا أبشرّك يا ميثم ... الإمام عليّ علیه السلام 280
إليّ إليّ يا بنيّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 21
أمّا الثياب فمن الجنّة، وأمّا الزينة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 75
أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 88
أنا مدينة العلم وعليّ بابها ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 252
أنا ميزان العلم، وعليّ كفّتاه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 449
أنا هو ... الإمام عليّ علیه السلام 186
إنّ اللّه تعالى جعل ذرّيّة كلّ نبيّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 447
إنّ اللّه تعالى خلق خلقا لا هم من الجنّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 327
إنّ اللّه تعالى قد وعدني أن يبيّن لي هذه الليلة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 157
إنّ اللّه خلقني وعليّا من شجرة واحدة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 375
إنّ اللّه سبحانه وتعالى إن كان اتّخذ إبراهيم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 161
إنّ اللّه يبغض من عباده المائلين عن الحقّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 542
إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب لم يرض ... الإمام الباقر علیه السلام 268
أنّ أمير المؤمنين بلغه عن عمر بن الخطّاب أمر ... الإمام الصادق علیه السلام 147
ص: 588
إنّ بالباب رجلاً ليس برقّ ولا بخرق ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 322
إنّ ثورا قتل حمارا على عهد رسول اللّه ... الإمام الحسين علیه السلام 487
إنّ جبرئيل نزل عليّ، وقال: يا محمّد! ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 16
إنّ عليّا سمّي بأمير المؤمنين قبلي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 283
إنّ عليّا مع الحقّ والحقّ معه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 411
إنّ للّه لواء من نور وعموده من زبرجد ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 342إنّ لي إليك حاجة متى يخفّ عليك أن أخلو بك ... الإمام الباقر علیه السلام 312
إنّ وجه عليّ بن أبي طالب يزهر في الجنّة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 542
إنّ هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ، اذهب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 245
أنّها أفواه نقلت عنّا إن كان أقرّ بها الجاحدون ... الإمام الصادق علیه السلام 389
أنّه كان جالساً في الحرم في مقام إبراهيم ... الإمام الصادق علیه السلام 160
إنّي أريد أن أسعد هذا التلّ، فأنظر ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 83
إنّي (قد) آخيت بينكما وجعلت عمر أحد كما ... اللّه تعالى 239
إنّي مررت بالصهاكي يوما ... الإمام عليّ علیه السلام 376
أيّكما أعيي؟ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 306
أين ابن عمّي عليّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 475
أين المخاض؟ ... الإمام عليّ علیه السلام 494
أيّها الناس ألا إنّ اللّه ربّي وربّكم، ومحمّد ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 539
أيّها الناس! سلوني قبل أن تفقدوني ... الإمام عليّ علیه السلام 263
ص: 589
أيّها الناس! ما لكم إذا ذكر إبراهيم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 525
حرف الباء
بأبي أبوكما، و بأبي أُمّكما ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 524
البرص والجذام لا يبلو اللّه تعالى به مؤمنا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 479
بسم اللّه وباللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 58
بل أنا إنسيّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 94
بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 478
بينا أنا ذات يوم جالس إذ دخل علينا رجل ... الإمام عليّ علیه السلام 531
بيوت الأنبياء ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 282
حرف التاء
تاللّه! إنّك غير وفّي ببيعتي ... الإمام عليّ علیه السلام 284
تشهد أن لا إله الاّ اللّه وحده لا شريك له ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 192
تعال أنت إلى عندي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 120
تفوح روائح الجنّة من قبل قرن ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 296
حرف الحاء
حبّ عليّ بن أبي طالب يحرق الذنوب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 545
حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 249
حرف الخاء
خرجت أنا ورسول اللّه إلى صحراء المدينة ... الإمام عليّ علیه السلام 414
الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الزنيم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 199
ص: 590
خلقت أنا وعليّ من نور واحد ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 249
خلّوا عنّي فإنّ ربّي يحفظني ويكلأني ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 108
حرف الدال
دعاني رسول اللّه ذات ليلة من الليالي ... الإمام عليّ علیه السلام 256
دعاني رسول اللّه وهو بمنزل خديجة ذات ليلة ... الإمام عليّ علیه السلام 257
حرف الراء
الراجفة للحسين ومأتمه، والرادفة لعليّ ... الإمام الصادق علیه السلام 389
الرأي رأيك ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 119
حرف السين
سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، عن عليّ ... الإمام الباقر علیه السلام 469
الساعة يدخل عليكم من الباب رجل هو سيّد ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 538
سلّ سيفك، واقسم الصبيّ نصفين متساويين ... الإمام عليّ علیه السلام 153
سلّموا على أخي ووارثي وخليفتي في قومي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 373
سمعت رسول اللّه يقول: اتّقوا فتنة الأخنس ... الإمام عليّ علیه السلام 561
السمع والطاعة للّه ولما أمرني به ربّي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 234
سيروا في هذه البرّيّة، واطلبوا الماء! ... الإمام عليّ علیه السلام 286
حرف العين
علم لا يضرّ جهله، ولكن كان ما هو أعجب من ... الخضر النبيّ علیه السلام 557
علّمني رسول اللّه ألف باب من العلم ... الإمام عليّ علیه السلام 275
عليّ خير من أترك بعدي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 235
ص: 591
عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 318
حرف الفاء
فاطمة (بهجة) قلبي، وابناها ثمرة فؤادي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 417
فضل عليّ على هذه الأُمّة كفضل شهر رمضان ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 416
فما الذي تريد منه ... الإمام عليّ علیه السلام 163
حرف القاف
قال لي رسول اللّه: يا عليّ! ألا ترضى ... الأمام عليّ علیه السلام 352
قدم على رسول اللّه حبر من أ حبار اليهود ... الإمام عليّ علیه السلام 366
قد وعدني ربّي بذلك أن يبيّن ربّي عزّ وجلّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 437
قل لي بأعظم ذنوبك ما هي ... الإمام عليّ علیه السلام 189
قم معي! وكان معهم جماعة من أهل ساباط ... الإمام عليّ علیه السلام 180
حرف الكاف
كان الحسين عند جدّه ... الأمام السجّاد علیه السلام 349
كان أبي عليّ بن أبي طالب يخطب الناس يوم ... الإمام الحسين علیه السلام 441كان وصيّ آدم شيث بن آدم هبة اللّه ... الإمام الصادق علیه السلام 264
كفّي وكفّ عليّ في العدد سواء ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 326
كنت مع أبي عليّ بن أبي طالب يوما على الصفا ... الإمام الحسين علیه السلام 471
كيف أصبح رسول اللّه ... الإمام عليّ علیه السلام 319
حرف اللام
لا إله إلاّ اللّه ... رسول اللّه علیه السلام 45
ص: 592
لأعطينّ الراية غدا رجلاً يحبّه اللّه ورسوله ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 435
لا عليكم، فإنّي أسترجع الشاة من الذئب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 77
لا يقرّبه أحد منكم أبداً، وطرّقوا له فإنّه رسول ... الإمام عليّ علیه السلام 177
لجدّي عليّ بن أبي طالب في كتاب اللّه تعالى ... الإمام السجّاد علیه السلام 390
لعليّ علیه السلام سبعة عشر اسما ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 516
لعنت وخزيت يا ملعون! ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 450
لمّا أسري بي إلى السماء أوحى اللّه إليّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 530
لمّا أسري بي إلى السماء رأيت مكتوبا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 490
لمّا أسري بي إلى السماء، قال لي جبرئيل ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 443
لمّا خلق آدم فسأل ربّه أن يريه ذرّيّته ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 522
لمّا خلق اللّه إبراهيم الخليل كشف له ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 458
لمّا خلق اللّه تعالى آدم ونفخ فيه الروح ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 439
لمّا رجع عليّ بن أبي طالب من قتال أهل ... الإمام الحسين علیه السلام 432
لمّا عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 211
لمّا عرج بي إلى السماء فلمّا وصلت إلى ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 547
لمّا عرج بي إلى السماء وعرضت عليّ الجنّة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 523
لمّا عرج بي إلى السماء وقفت عن ربّي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 543
لو اجتمعت الخلائق على حبّ عليّ بن أبي طالب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 307
حرف الميم
ما أهون هذا، ثمّ إنّه أخرج جفنة وأمر أن يحطّ ... الإمام عليّ علیه السلام 551
ص: 593
ما تقول يا أسقف؟ ... الإمام عليّ علیه السلام 427
ما تقول يا يهوديّ؟ ... الإمام عليّ علیه السلام 370
ما فعل أبوكما؟ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 247
ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل عليّ علیه السلام ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 541
ما لي لا أري إخوتي بالنّهار، وأراهم بالليل ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 80
ما وراءك يا أخا بني أسد؟! ... الإمام عليّ علیه السلام 497
ما هذا الرهج في مسجد رسول اللّه ... الإمام عليّ علیه السلام 302
ما يبكيك؟، لا أبكى اللّه عينيك، يا حوريّة ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 563
ما يبكيك؟، لا أبكى اللّه لك عينا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 277
ما يبكيك؟، لا أبكى اللّه لك عينا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 332
ما يبكيك؟ يا قرّة عينى! لا أبكى اللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 243
مرحبا بالحبيب القريب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 489
معاشر المسلمين! أنصتوا يرحمكم اللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 544
معاشر الناس! إنّ اللّه ساق إليكم ثوابا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 424
معاشر الناس! إنّ أبي أوصاني أن أترك أمره ... الإمام المجتبى علیه السلام 553
من إبليس اجتاز بنفر، وهم ينالون عليّا ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 461
من أنت؟ ومن قومك؟ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 142
المنذر أنا، والهادي عليّ بن أبي طالب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 343
من سبّ عليّا فقد سبّني ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 251
من سرّه أن يلقى اللّه تعالى مقبلاً عليه غير ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 485
ص: 594
من قال: لا إله إلاّ اللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 235
من لقي اللّه تعالى وهو جاحد ولاية ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 546
من مات وهو محبّك بعد موتك يختم اللّه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 393
حرف النون
نعم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 113
نعم، يا عمّار! أنا أعرف رجلاً يعلم عدده ... الإمام عليّ علیه السلام 241
نعيت إلى نفسي ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 236
حرف الواو
و اللّه! ما هبّت صباء لولا أنّ طائفة من ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 549
وانّ الرجل إذا صارت نفسه عند صدره ... الإمام الصادق علیه السلام 391
وأيّ شيء هو الذي بلغك عنّي؟ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 419
وعليك السلام، ورحمة اللّه وبركاته، يا أمير ... جبرئيل علیه السلام 254
ولايتي لعليّ بن أبي طالب أحبّ إليّ ... الأمام الصادق علیه السلام 349
وما عساهم أن يقولوا في أخي عليّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 354
ومالك؟ يا غلام! ... الإمام عليّ علیه السلام 280
حرف الهاء
هاتوها، فحركّها بسوطه، وقال: أخبريني من ... الإمام عليّ علیه السلام 183
هذه أرض مخسوف بها، وقد خسف بها ثلاث ... الإمام عليّ علیه السلام 165
هذه مسألة فيها مسألتان ... الإمام الصادق علیه السلام 568
ص: 595
هم في الجنّة، اعلم! أنّ المؤن من شيعتنا ... الإمام الصادق علیه السلام 570
حرف الياء
يا آمنة! لا تغسّليه من النجاسة فإنّه لم يكن ... جبرئيل علیه السلام 49
يا ابن عبّاس! خالف من خالف عليّاً ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 494
يا ابن عبّاس! هذه الصحيفة إملاء ... الإمام عليّ علیه السلام 400
يا أبا حفص! عليك من هنا ... الإمام عليّ علیه السلام 381
يا أخا اليهود! ... الإمام عليّ علیه السلام 396
يا أمة اللّه! ما يبكيك؟ ... الإمام الصادق علیه السلام 506
يا جابر! بلّغ شيعتي منّي السلام ... الإمام السجّاد علیه السلام 19
يا جندب! من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 265
يا حذيفة! يا سلمان! انظروا ما الخبر ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 463
يا دنيا! إليّ تعرّضت، أم إليّ تشوّقت ... الإمام عليّ علیه السلام 259
يا رسول اللّه! الحقّ يقرئك السلام، ويقول: قد ... جبرئيل علیه السلام 232
يا رسول اللّه! أتحبّ ولدي الحسين ... الإمام عليّ علیه السلام 213
يا سلمان! سيكلّمك ميّت ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 219
يا سماعة! من شرّ الناس؟ ... الأمام الصادق علیه السلام 28
يا عائشة! لم يكن قطّ في الدنيا أحد أحبّ ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 495
يا عامر! أين المفتاح؟ ... الإمام عليّ علیه السلام 126
يا عبد اللّه! ألج المخدع ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 360
يا عليّ! فاخر أهل الشرق والغرب والعجم ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 409
ص: 596
يا عمّار! ائتني بذي الفقار ... الإمام عليّ علیه السلام 452
يا عمر! جئت تسألني إلى من يصير هذا الأمر ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 346
يا فاطمة! إنّ النبيّ يحبّني أكثر منك ... الإمام عليّ علیه السلام 203
يا مالك يا أبا سعد ابن الفضل بن الربيع ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 5
يا معاشر المسلمين قد بلغني أنّ قوما ... الإمام عليّ علیه السلام 363
يا معاشر قريش! أنتم كفرتم، فرأيتموني في ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 527
يدخل الجنّة سبعون ألفا من أُمّتي لا حساب ... رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 434
يكفي هذا؟ ... الإمام عليّ علیه السلام 294
ص: 597
حرف الألف
احضري نساء قريش، فلعلّه أن يقبل ثدي عبد المطّلب 65
أنّ جبرئيل نزل على النبيّ بجام من الجنّة روي 176
إنّه كان في بعض غزواته، وقد دنت الفريضة قيل 305
إنّي وربّ السماء! ما أريد إلاّ تلك عبد المطّلب 69
أيّها الذئب! احذر اللّه وبأسه وعقوبته مناد 78
حرف الباء
البيّنة رسول اللّه والشاهد عليّ جابر بن عبد اللّه 387
حرف التاء
ثمّ إنّ المفتاح قرّ عند عامر إلى أيّام بني الواقديّ 127
ثمّ إنّ عبد المطّلب دعا بكيس من أديم فيه ألف الواقديّ 99
ثمّ إنّ عبد المطّلب غمض عينيه وفتحهما ونظر الواقديّ 112
ثمّ إنّ عبد المطّلب نزل واتّجه نحو الباب الواقديّ 98
ص: 598
ثمّ قاموا في تغسيله فغسّلوه، وحنّطوه، وكفّنوه الواقديّ 113
حرف الحاء
الحمد للّه الذي أعطاني عبد المطّلب 59
الحمد للّه الذي جعلنا من نسل إبراهيم عقيل بن أبي وقّاص 32
حرف الراء
رأيت رجلاً بالشام قد اسودّ وجهه، وهو يغطّيه شيخ من قريش 324
رفع القطر عن بني إسرائيل ابن عبّاس 418
حرف السين
الصادقون هم محمّد وأهل بيته علیهم السلام جابر بن عبد اللّه 386
حرف العين
عليّ أبو الحسن، عليّ كان واللّه! علم الهدى ابن عبّاس 567
حرف الفاء
فاجتمع رؤساء بني هاشم وذهبوا إلى حبيب الواقديّ 56
فأرسل اللّه تعالى إلى البيت حللاً من الديباج الواقديّ 55
فأصبح أهل مكّة يوم الثاني صبيحة يوم الثلثاء الواقديّ 54
فأفاق القوم من سكرتهم، فقام أبو العاص الواقديّ 124
فبقي النبيّ عند حليمة ترضعه، وكانت تقول الواقديّ 73
فتعجّب الناس من ذلك، فبقيت الحلل على الواقديّ 55
فتقدّم عبد المطّلب إلى اللات والعزّى الواقديّ 59
فجاءهم الرجل السارق فأقرّ بما فعل الواقديّ 128
ص: 599
فلمّا أتى على النبيّ خمسة عشر شهراً كان الواقديّ 76
فلمّا أتى على النبيّ شهر الواقديّ 63فلمّا أتى على النبيّ في بطن أُمّة ثمانية الواقديّ 41
فلمّا أتى على رسول اللّه أربعة أشهر الواقديّ 39، 64
فلمّا أتى على رسول اللّه شهران الواقديّ 64
فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه تسعة الواقديّ 43
فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه ثلاثة الواقديّ 38
فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه سبعة الواقديّ 41
فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه ستّة أشهر الواقديّ 40
فلمّا أتى على رسول اللّه في بطن أُمّه شهران الواقديّ 37
فلمّا تمّ لرسول اللّه تسعة أشهر الواقديّ 44
فلمّا حملت حليمة النبيّ إلى حيّها الواقديّ 77
فلمّا دخل من الليل ثلثه أمر اللّه تعالى جبرئيل الواقديّ 51
فلمّا رأى إبليس لعنه اللّه تعالى وأخزاه الواقديّ 48
فلمّا رأى الخلق ذلك لم يبق في حيّ بني سعد الواقديّ 73
فلمّا طال مكث النبيّ طلبوه في تلك المفاوز الواقديّ 91
فلمّا كان اليوم الثالث اشترى عبد المطّلب مهداً الواقديّ 61
فلمّا كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب إلى الواقديّ 62
فلمّا كملت تسعة أشهر لرسول اللّه الواقديّ 44
ص: 600
فوقف عبد المطّلب بين يدي سيف، ولم يتكلّم الواقديّ 101
حرف القاف
قالت حليمة: واللّه! ما غسلت لمحمّد ثوباً الواقديّ 74
قال عمر بن الخطّاب: سألت أبي وقلت: يا أبت! الواقديّ 123
حرف الواو
وأبرق من وجه النبيّ برق وذهب في الهواء الواقديّ 53
وجدوا وبان لهم من أسماء أمير المؤمنين، فله الثقاة 510
وخرج عبد المطّلب متفكّراً ممّا سمع ورأى الواقديّ 61
ودبّ النبيّ ودرج وأتى عليه ثمان سنين الواقديّ 109
وذهب إستحيائيل ووقف على ركن جبل أبي الواقديّ 52
وربّ السماء! إنّي لا أفارق هذا السقف عبد المطّلب 34
وكان في زمان عبد المطّلب رجل يقال له الواقديّ 96
ولد رسول اللّه في ليلة الجمعة الواقديّ 46
ونظرت أُمّه آمنة وجه رسول اللّه، فإذا هو الواقديّ 46
ويحكما! أين أنتما؟ فما رأيتما ما جرى عليّ آمنة 54
ص: 601
محمّد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 43، 51،
81، 84، 88، 103، 135، 138،
139، 187، 211، 235، 269،
270، 334، 343، 346، 367،
369، 471، 404، 405، 416،
419، 430، 439، 443، 444،
445، 467، 478، 523، 529.
محمّد بن عبد اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 39، 41،
42، 48، 51، 68، 78، 88، 94،
112، 136، 138، 378.
رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 5، 6، 7، 8، 9،
11، 12، 13، 15، 16، 21، 25،
26، 28، 36، 37، 38، 39، 40،
41، 43، 46، 49، 54، 64، 65،
70، 72، 75، 77، 78، 80، 85،
86، 88، 95، 107، 108، 110،
118، 119، 120، 126، 129،
132، 133، 134، 139، 141،
145، 148، 157، 162، 172،
181، 184، 187، 191، 192،
193، 201، 203، 209، 210،
211، 213، 215، 216، 219،
226، 230، 231، 233، 234،
235، 236، 242، 244، 246،
248، 249، 253، 255، 256،
264، 269، 271، 272، 275،
276، 277، 278، 283، 287،
296، 297، 302، 303، 305،
306، 307، 312، 318، 319،
321، 322، 325، 327، 329،
330، 331، 332، 333، 334،
335، 337، 339، 342، 343،
ص: 602
345، 346، 347، 349، 350،
351، 354، 355، 358، 360،
366، 367، 369، 370، 373،375، 376، 378، 379، 380،
384، 387، 391، 393، 395،
397، 400، 401، 404، 406،
407، 409، 411، 412، 414،
416، 417، 419، 420، 421،
423، 425، 429، 431، 434،
435، 437، 438، 439، 443،
447، 449، 450، 453، 458،
461، 463، 464، 470، 473،
475، 477، 479، 480، 481،
482، 485، 487، 489، 490،
491، 493، 494، 495، 499،
509، 511، 516، 521، 522،
523، 524، 525، 527، 528،
529، 530، 531، 532، 533،
535، 538، 539، 541، 542،
543، 544، 546، 547، 549،
553، 554، 555، 556، 560،
561، 562، 563.
محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : 5، 11، 16، 18، 23،
36، 41، 46، 47، 49، 50، 64،
65، 68، 70، 71، 73، 74، 75،
79، 80، 81، 82، 83، 84، 85،
86، 88، 89، 91، 92، 93، 95،
106، 107، 110، 111، 112،
113، 120، 131، 138، 173،
181، 182، 187، 203، 206،
209، 227، 228، 234، 239،
245، 257، 264، 272، 279،
292، 313، 319، 331، 336،
337، 347، 357، 364، 366،
376، 383، 386، 406، 420،
431، 438، 439، 443، 456،
458، 490، 491، 505، 511،
530، 536، 539، 541، 543،
546، 547، 549، 555، 563،
564، 565، 570.
محمّد المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم : 205، 213،
217، 503.
ص: 603
أحمد صلی الله علیه و آله وسلم : 51، 81، 84، 169،
206، 403، 404.
النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : 6، 9، 16، 21، 37،
38، 39، 41، 45، 46، 47، 49،
50، 53، 58، 59، 61، 62، 63،
64، 65، 86، 70، 71، 73، 74،
75، 76، 77، 78، 79، 80، 81،
82، 83، 84، 85، 86، 87، 89،
91، 94، 95، 97، 98، 99، 110،
112، 113، 118، 119، 120،
121، 122، 126، 127، 128،
141، 142، 143، 144، 148،
157، 160، 161، 169، 173،
176، 182، 193، 200، 203،
205، 206، 208، 209، 210،
213، 216، 217، 219، 232،
234، 245، 247، 252، 257،
277، 283، 297، 306، 312،
319، 332، 333، 334، 336،
339، 347، 354، 363، 366،
368، 379، 385، 406، 419،
420، 423، 424، 425، 431،
450، 464، 465، 472، 479،
487، 489، 516، 517، 524،
531، 533، 559، 560، 563،
565، 568.
النبيّ المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم : 415.
النبيّ الأُمّيّ صلی الله علیه و آله وسلم : 16، 38، 53.
النبيّ الزكيّ صلی الله علیه و آله وسلم : 39.
نبيّ الرحمة صلی الله علیه و آله وسلم : 262، 439.
نبيّ اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 404، 419، 565.
نبيّ مرسل صلی الله علیه و آله وسلم : 56، 121.خير الأنبياء علیهم السلام : 286.
خاتم النبيّين علیهم السلام : 35، 36، 84،
204، 414، 528.
رسول الأنام صلی الله علیه و آله وسلم : 427، 503.
سيّد المرسلين علیهم السلام : 35، 83، 205،
208.
سيّد الأنبياء علیهم السلام : 287، 366،
421.
حمياطا: 535.
ماح ماح: 535.
ص: 604
ميدميد: 535.
* * * * *
أمير المؤمنين عليّ بن أبي
طالب علیه السلام : 8، 21، 143، 161،
162، 218، 227، 241، 254،
259، 261، 268، 269، 273،
302، 363، 370، 381، 394،
414، 450، 502.
أمير المؤمنين علیه السلام : 4، 5، 7، 9،
136، 141، 143، 144، 147،
151، 152، 154، 155، 163،
164، 165، 166، 169، 172،
176، 177، 180، 181، 182،
183، 184، 187، 189، 190،
196، 198، 213، 217، 218،
229، 230، 241، 254، 259،
268، 271، 272، 273، 275،
277، 280، 283، 284، 286،
291، 294، 296، 302، 303،
304، 305، 308، 309، 319،
330، 339، 349، 350، 372،
373، 375، 380، 384، 400،
401، 406، 411، 412، 427،
432، 439، 441، 442، 450،
452، 453، 456، 457، 466،
469، 471، 481، 497، 498،
499، 500، 502، 503، 504،
510، 515، 536، 553.
عليّ بن أبي طالب علیه السلام : 3، 4، 9،
12، 13، 14، 16، 17، 21، 129،
133، 134، 141، 149،
151، 153، 157، 161، 177،
186، 197، 198، 203، 210،
218، 232، 234، 236، 239،
247، 249، 250، 266، 271،
278، 279، 283، 286، 287،
290، 302، 304، 307، 308،
310، 318، 319، 321، 322،
324، 325، 327، 329، 330،
334، 336، 340، 343، 345،
346، 347، 349، 352، 354،
360، 361، 362، 366، 370،
ص: 605
376، 380، 383، 384، 385،
387، 390، 391، 393، 394،
400، 401، 403، 405، 409،
411، 418، 419، 420، 421،
422، 424، 425، 427، 428،
431، 432، 435، 438، 441،
447، 451، 457، 461، 462،
469، 471، 478، 479، 480،
482، 492، 496، 502، 503،
508، 511، 512، 513، 514،
521، 522، 523، 525، 527،
528، 538، 539، 541، 542،
544، 545، 546، 547، 549،
555، 560، 564، 565، 567.
عليّ علیه السلام : 6، 7، 9، 10، 11، 13،
14، 16، 21، 126، 130، 131،
132، 134، 138، 139، 141،143، 144، 148، 149، 150،
154، 155، 157، 160، 161،
162، 163، 164، 172، 191،
192، 198، 199، 200، 203،
204، 205، 206، 207، 208،
209، 213، 215، 216، 217،
226، 230، 232، 234، 235،
245، 247، 248، 249، 250،
252، 254، 256، 257، 259،
270، 277، 290، 303، 304،
306، 308، 319، 321، 322،
324، 325، 326، 327، 330،
332، 335، 336، 337، 339،
340، 342، 345، 346، 352،
354، 357، 358، 363، 364،
365، 367، 370، 371، 375،
376، 377، 382، 383، 385،
387، 389، 396، 407، 409
411، 414، 416، 420، 421،
422، 427، 428، 429، 734،
445، 450، 452، 454، 458،
459، 461، 462، 465، 466،
467، 469، 472، 473، 475،
476، 479، 480، 482، 485،
487، 489، 490، 491، 492،
ص: 606
493، 494، 495، 499، 505،
516، 524، 525، 527، 528،
527، 530، 535، 536، 539،
540، 541، 542، 543، 544،
546، 549، 551، 555، 558،
561، 562، 563، 564، 565،
567، 570، 571.
عليّ وليّ اللّه علیه السلام : 135، 211،
235، 443، 444، 445، 560.
عليّ أمير المؤمنين علیه السلام : 229، 259،
349، 373، 439.
عليّ خير الوصيّين علیهم السلام : 378.
عليّ المرتضى علیه السلام : 206، 414،
466.
أبو الحسن علیه السلام : 162، 210، 271،
291، 304، 325، 347، 370،
381، 414، 428، 429، 487،
503، 509، 515، 536، 551،
553، 555، 568.
أبو تراب: 144، 197، 515.
إمام المتّقين: 132، 180، 229،
323، 453.
خاتم الأوصياء: 503.
خاتم الوصيّين: 413.
خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 262،
366، 368، 379، 411، 480.
خليفة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : 5، 405.
خير الأوصياء: 263.
سيّد الأوصياء: 333، 530.
سيّد الوصيّين: 180، 187، 205،
480، 501، 503، 514، 538.
وصيّ خاتم النبيّين علیهم السلام : 285،
480.
وصيّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 6، 181،
194، 480.
يعسوب الدين: 198، 215، 514،
538.
إليا: 535.
قاروطيا: 535.
هيدار: 535.
* * * * *
فاطمة الزهراء عليهاالسلام: 203، 209،
ص: 607
210، 211، 217، 281، 304،
360، 366، 382، 404، 501.فاطمة عليهاالسلام: 7، 21، 22، 23، 25،
202، 203، 204، 205، 206،
207، 208، 209، 210، 217،
243، 245، 306، 312، 332،
335، 336، 337، 359، 378،
400، 417، 435، 447، 449،
458، 473، 495، 522، 530،
560، 564، 565.
فاطمة بنت محمّد صلی الله علیه و آله وسلم : 26.
البتول: 198.
بنت رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 312.
بنت المصطفى: 567.
الحوراء الإنسيّة: 22.
سيّدة نساء العالمين: 22، 26، 217،
495.
* * * * *
الحسن المجتبى علیه السلام : 503.
الحسن علیه السلام : 21، 23، 25، 205،
211، 245، 247، 275، 284،
306، 331، 332، 333، 334،
335، 336، 337، 339، 359،
361، 375، 378، 400، 401،
407، 449، 459، 473، 485،
496، 504، 523، 524، 530،
531، 553.
شبّر: 208، 335، 336، 405.
* * * * *
الحسين بن عليّ علیهماالسلام : 213، 217،
400، 485.
الحسين علیه السلام : 21، 24، 25، 205،
211، 216، 217، 245، 247،
284، 306، 312، 313، 314،
331، 332، 333، 334، 336،
337، 339، 349، 359، 361،
375، 378، 389، 400، 401،
405، 416، 417، 449، 459،
471، 473، 485، 487، 495،
523، 524، 530، 568.
الحسين المرتضى علیه السلام : 503.
الشهيد: 432، 441.
ص: 608
سيّد الشهداء: 485.
أبا عبد اللّه: 216، 217.
شبير: 208، 334، 336، 405.
* * * * *
عليّ بن الحسين علیهماالسلام : 19، 314،
391، 359، 385.
عليّ علیه السلام : 390.
زين العابدين: 349، 390، 437.
* * * * *
محمّد بن عليّ الباقر علیهماالسلام : 16، 268،
432، 469.
محمّد الباقر علیه السلام : 312، 314، 485.
أبو جعفر: 16، 273، 312، 313.
محمّد علیه السلام : 459.
الباقر: 269.
* * * * *
جعفر بن محمّد علیهماالسلام : 264، 312،
416، 417، 506.
جعفر الصادق علیه السلام : 314، 441،
485.
جعفر علیه السلام : 459.
أبو عبد اللّه: 389، 391، 392،
568، 570.
الصادق: 28، 147، 160، 349،
389.
* * * * *
موسى الكاظم علیه السلام : 485.
موسى علیه السلام : 314، 459.
* * * * *
عليّ بن موسى الرضا علیهماالسلام :
485.عليّالرضا علیه السلام : 314.
عليّ علیه السلام : 459.
* * * * *
محمّد الجواد علیه السلام : 487.
محمّد علیه السلام : 314، 459.
* * * * *
عليّ بن محمّد الهادي علیهماالسلام : 437.
عليّ الهادي علیه السلام : 315، 486.
عليّ علیه السلام : 459.
* * * * *
الحسن العسكريّ علیه السلام : 471، 486.
ص: 609
الحسن علیه السلام : 314، 459.
* * * * *
صاحب الزمان القائم المنتظر علیه السلام :
486.
القائم المهديّ علیه السلام : 160، 459.
«م ح م د» علیه السلام : 315.
* * * * *
آل محمّد علیهم السلام : 331، 342، 525.
الأئمّة علیهم السلام : 160، 215، 227،
229، 377، 404، 406، 417،
449، 459، 486.
أهل البيت علیهم السلام : 20، 21، 23، 89،
149، 164، 180، 181، 245،
347، 376، 377، 378، 379،
386، 445، 521.
الأوصياء: 313، 319، 359، 366،
420، 530، 541، 568.
أهل العبا: 466.
ص: 610
آدم: 46، 86، 87، 101، 130،
137، 187، 207، 264، 265،
283، 332، 336، 358، 359،
378، 382، 405، 421، 439،
447، 522، 531، 533، 547.
آصف بن برخيا: 532، 535.
إبراهيم: 32، 149، 160، 187،
257، 264، 266، 332، 336،
352، 355، 358، 363، 382،
383، 421، 459، 525، 532،
547.
إبراهيم الخليل: 124، 161، 424،
458، 534.
إدريس: 532، 533.
أرفحشذ: 534.
إسحاق: 532، 534.
إسماعيل: 32، 66، 264، 532،
534.
إسماعيل بن إبراهيم: 378، 403،
404.
أشروغ: 534.
أنوش: 532.
أيّوب: 265، 315.
برد: 532.
تارخ: 534.
حمل: 534.
الخضر، أبو العبّاس: 321، 350،
557.
داود: 264، 283، 382، 384،
529، 532، 535.
ص: 611
روغا: 534.
سام: 264، 534.
سليمان: 264، 283، 382، 384،
385، 529، 532، 535.
شالخ: 534.
شمعون بن الصفا: 264، 535.شيث: 264، 358، 533.
صالح: 409، 532، 564.
عابر: 534.
العبد الصالح (ذوالقرنين): 314.
عيسى: 137، 161، 187، 264،
265، 283، 315، 358، 397،
404، 532، 535.
عيسى بن مريم: 356، 382، 385،
403، 405، 406.
قالع: 534.
قيدار: 534.
قينان: 532.
لمك: 532.
لوط: 364، 382، 383.
متوشلخ: 532.
المسيح: 130، 403، 549.
موسى: 149، 161، 187، 264،
265، 283، 315، 358، 376،
382، 414، 428، 435، 465،
532، 534، 549، 561، 565.
موسى بن عمران: 321، 336،
3747، 364، 366، 468، 557.
موسى كليم اللّه: 384.
مهلائيل: 533.
ناخور: 534.
نبت: 534.
نوح: 178، 207، 264، 265،
358، 363، 378، 382، 383،
532، 534.
هارون: 364، 366، 376، 405،
414، 435، 547، 557، 561،
565.
هود: 532.
يعقوب: 532، 534.
يوسف: 364، 532، 534.
يوشع: 170، 532.
ص: 612
يوشع بن نون: 265، 535.
الأنبياء: 13، 62، 78، 89، 139،
157، 160، 186، 282، 283،
313، 35، 357، 358، 359، 363،
366، 382، 383، 403، 406،
418، 421، 437، 487، 493،
503، 522، 532، 533، 534،
547.
المرسلين: 13، 84، 89، 205، 319،
378، 406، 493.
النبيّين: 208، 319، 378، 472،
498، 538، 539، 555.
ص: 613
إستحيائيل: 42، 52، 81، 83.
إسرافيل: 83، 85، 209، 217، 336،
337 ، 421.
جبرئيل: 12، 16، 18، 25، 49، 51،
52، 78، 84، 85، 86، 87، 176،
204، 209، 216، 217، 232، 234،
239، 254، 255، 263، 292، 305،
310، 312، 320، 332، 333، 336،
337، 347، 357، 358، 420، 424،
431، 438، 443، 481، 492، 503،
527، 539، 543، 546، 547، 549،
563، 565.
الحوريّات: 44، 45، 49.
الحور العين: 361.
حملة العرش: 12، 492.
خازن الجنان: 555.
خازن النيران: 555.
دردائيل: 84، 85، 86، 88، 89.
راحيل: 204، 209.الرقيب: 222.
روائيل: 210.
الروح الأمين: 254، 313.
عبد الجبّار: 85.
عبد الرحمن: 85.
عبد اللّه: 85.
العتيد: 222.
عزرائيل، ملك الموت: 184، 209،
221، 222، 223، 537.
الملائكة: 12، 13، 16، 22، 23، 24،
37، 41، 42، 43، 49، 50، 75، 84،
89، 90، 130، 131، 137، 138،
148، 204، 209، 213، 239، 279،
334، 337، 360، 421، 462، 492،
493، 524، 540، 541، 547، 552،
ص: 614
563، 564، 567، 569.
ملائكة الرحمة: 27.
الملائكة المقرّبين: 132.
ملائكة السماوات: 214، 240.
ميكائيل: 49، 84، 85، 87، 209،
239، 305، 336، 337، 503.
ملك: 223، 225، 333، 359.
منبّه: 225، 226.
منكر: 226، 227.
نكير: 227.
ص: 615
حرف الألف
إبراهيم التميميّ: 265.
إبراهيم بن مهران: 247.
إبليس، أبو مرّة: 48، 54، 55، 301،
304، 450، 461، 467، 529.
ابن الكوّاء: 502، 503، 504.
ابن الوليد: 568.
ابن عبدودّ: 238.
ابن عمر: 566.
ابن مردويه: 546.
ابن معروف: 568.
أبو الأحوص: 180.
أبو الأعور السلميّ: 196.
أبو الحارث (عبد المطّلب): 41، 59،
62، 65، 66، 67، 68، 71، 93، 99،
101، 102، 103، 104، 106، 115،
116.
أبو الحسن بن عليّ بن محمّد ...: 218.
أبو الحمراء: 490، 542.
أبو السريّ: 129.
أبو الطفيل عامر بن واثلة: 354.
أبو العاص بن أُميّة: 123، 124، 125.
أبو العبّاس بن سابور المكّيّ: 268.
أبو العلاء الحسن بن أحمد بن يحيى
العطّار الهمدانيّ: 129.
أبو الهيثم بن التيهان: 354.
أبو أمامة الباهليّ: 375.
أبو بصير: 312، 315.
ص: 616
أبو تمامة: 392.
أبو ذرّ، أبو ذرّ الغفاريّ: 172، 199،
265، 354، 359، 373، 376، 409،
411، 463، 539.
أبو ذؤيب عبد اللّه بن الحارث
السعداويّ: 66، 67، 68.
أبو رواحة الأنصاريّ: 183.
أبو سعد ابن الفضل بن الربيع: 6.
أبو سعيد الخدريّ: 245، 478.
أبو طالب: 5، 108، 110، 111، 112،
118، 119، 121، 122، 131، 132،
133، 135، 137، 138، 139، 149،357.
أبو قحافة: 38.
أبو لهب: 110.
أبو محمّد العونيّ: 173.
أبو مسعود الثقفيّ: 94، 95
أبو وائل: 508، 509.
أبو هاشم: 363.
أبو هريرة: 525، 559.
أحمد بن عبد اللّه بن الحسين: 546.
أبو طالب بن عبد المطّلب: 142.
أحمد بن محمّد بن إسماعيل: 129.
الأُسقف النجرانيّ: 427، 428، 430.
أسود: 502، 503، 504، 505.
أصبغ، الأصبغ بن نباتة: 218، 219،
228، 229، 230، 502، 536، 553،
554، 556.
أُميّة بن خلف: 96.
أنس، أنس بن مالك: 318، 327،
369، 427، 449، 473، 479، 480،
482، 538، 559.
أويس القرنيّ: 296.
حرف الباء
البراء بن عازب: 192.
بشير بن جنادة: 325.
بكر بن سعد: 81، 95.
بكر بن سعد السعديّ: 69.
ص: 617
بلال: 333.
حرف التاء
تاج الدين نقيب الهاشميّين: 232.
(تاجر) يكنّى بأبي جعفر: 247.
حرف الجيم
جابر: 19، 130، 132، 133، 134،
135، 211، 269، 273، 289، 312،
313، 342، 387، 414.
جابر الجعفيّ، جابر بن يزيد الجعفيّ: 16،
19، 546.
جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ: 16،
129، 139، 196، 312، 386، 417،
423، 437، 469، 524.
جابر بن (عبد اللّه بن) حزام: 269
جعفر بن أبي طالب: 378.
جعفر الطيّار: 213، 278، 334.
جلنديّ بن كركر: 394.
الجمهور: 307.
جويريّة بن مسهر العبديّ: 165، 166،
432.
حرف الحاء
الحارث المزنيّ: 312.
حارثة بن زيد: 367، 368.
الحبر: 528، 529.
حبيب بن غسّان: 31.
حبيب، حبيب الراهب: 58، 59، 62،
79، 141، 143، 144، 145.
الحجّاج بن منهال: 129.
الحجّاج بن يوسف الثقفيّ: 404، 405،
406.
حذيفة، حذيفة بن اليمان: 376، 485،
486، 488، 489، 509.
الحسن بن أنس: 362.
الحسن بن عمران: 129.
الحسين بن أحمد المدنيّ: 290.
حسين بن سعيد الساعديّ: 544
الحكم بن مروان: 402.
حمزة: 442، 564، 568.
ص: 618
حمزة بن عبد المطّلب: 400.
حرف الخاء
خالد: 129.
خالد بن الوليد: 217، 218، 291.
خالد بن معاوية: 219.خراش: 567.
خزيمة بن ثابت ذوالشهادتين: 376.
حرف الدال
دحية الكلبيّ، دحية بن حليفة الكلبيّ:
276، 341.
درجان بن مالك: 200، 464.
دُلَف بن مجير: 180.
حرف الراء
الراهب: 39، 56، 132، 286، 464.
رأس النصارى: 396.
رأس اليهود: 396.
ربعيّ: 567.
حرف الزاء
زاذان: 142.
الزبير: 269، 271، 363، 401، 479،
480، 479.
زبير بن العوام: 449.
الزمازميّ: 557.
زيد بن الحارث: 265.
زيد بن أرقم: 452.
حرف السين
سالم: 129.
سالم بن أبي جعدة: 479.
سعد: 479.
سعد بن أبي وقّاص: 163، 450، 561.
سعد بن عبادة: 543.
سعد بن مالك: 290.
سعيد: 479.
سلمان، سلمان الفارسيّ: 141، 143،
147، 149، 218، 219، 220، 224،
228، 229، 230، 289، 354، 359،
376، 409، 411، 419، 463، 475،
487، 535، 563.
سليمان الأعمش: 265، 329.
سليمان بن سالم: 329، 330، 332،
ص: 619
338، 339، 340.
سليمان بن مهران: 211.
سليم بن قيس: 376، 297، 400،
403، 561.
سماعة بن مهران: 28.
سنان بن مالك بن وائل: 499.
سواد بن قارب: 41، 62، 63.
السيّد الحميريّ: 169.
سيّد الشهداء (حمزه): 213.
حرف الشين
شاذان بن جبرئيل القمّيّ: 3.
شاذان بن العلاء: 129.
شمردل: 66، 67، 68.
الشيطان: 16، 152، 182، 248.
حرف الصاد
صالح بن ميثم: 546.
صعصعة بن صوحان: 489.
الصفّار: 568.
صفوان الأكحل: 189.
صفوان الجمّال: 570.
الصهاكيّ: 376.
حرف الضاد
ضرار صاحب أمير المؤمنين علیه السلام :
259.
ضمرة: 73، 78، 79، 81، 95.
حرف الطاء
طلحة: 269، 271، 363، 401، 479،
480.
حرف العين
عامر بن شيبة: 124، 126، 127.
عبد الرحمان بن صالح: 546.
عبد الرحمن بن سالم: 315.
عبد الرحمن بن عوف: 479، 480.
عبد الرحمن بن ملجم، ابن ملجم: 137،
284، 553.
عبد الصمد: 129.عبد العزّى: 110.
عبد العزيز: 129.
عبد العزيز بن يحيى البصريّ: 546.
عبد اللّه: 34، 35، 36، 37، 62، 68،
ص: 620
69، 71، 130، 149.
عبد اللّه الأصمّ: 568.
عبد اللّه بن الحارث: 67، 72، 81، 91،
92، 95.
عبد اللّه بن أبي أوفى: 458، 528.
عبد اللّه بن أبي الخير: 268.
عبد اللّه بن سبا: 181.
عبد اللّه بن عبّاس ، ابن عبّاس: 11،
12، 13، 14، 21، 45، 86، 211،
249، 234، 250، 275، 282، 319،
321، 333، 343، 347، 369، 370،
400، 402، 418، 434، 491، 463،
491، 492، 493، 494، 516، 521،
527، 544، 546، 547، 549، 563،
567.
عبد اللّه بن عبد المطّلب: 32، 109،
357.
عبد اللّه بن محمّد بن أبي ذرّ: 324.
عبد اللّه بن مسعود، ابن مسعود: 236،
237، 360، 431، 439، 443، 491،
510، 522.
عبد اللّه بن وهب: 163.
عبد اللّه بن هاشم: 268.
عبد المطّلب: 32، 33، 34، 35، 36،
37، 38، 39، 41، 43، 53، 54، 58،
59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66،
68، 69، 70، 71، 72، 75، 77، 79،
92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99،
100، 101، 102، 103، 104، 105،
106، 107، 108، 109، 110، 111،
112، 113، 118، 130، 357.
عبد الملك بن سليمان: 557.
عبد الملك بن عمير: 567.
عبد مناف: 32، 37، 109، 110،
131.
عتبة بن ربيعة: 68، 96.
عجاج بن الجلاجل: 466.
عرفطة، عرفطة بن شرماخ: 142،
143، 144.
عقبة بن أبي معيط: 68، 96.
ص: 521
عقيل: 66، 94، 95، 278، 365.
عقيل بن أبى وقّاص: 30، 65، 94،
99.
عكرمة: 250.
عليّ بن هاشم بن البريد: 544.
عمّار: 189، 309، 453، 454.
عمّار الساباطيّ: 180.
عمّار بن ياسر: 154، 186، 189،
241، 308، 394، 452، 455، 530.
عمر بن روق الخطابيّ: 129.
عمرو بن الأخيل: 467.
عمرو بن العاص: 196، 198، 201.
عمرو بن جرموز: 163.
عمرو بن عبيد: 329، 340.
العمروين: 5.
عنترة: 216.
عيسى بن عبد اللّه مولى تميم: 324.
حرف الفاء
فخر الدين الطبريّ: 342.
الفضل بن العبّاس: 345.
حرف القاف
قابيل: 428، 532.
القارونيّ: 234.
القاسم بن رسول اللّه: 334.
قرّة: 81، 95.قلميس بن عفريس: 454.
قنبر: 153، 290، 291، 394.
قنفذ بن عمير: 194.
قيس بن عطاء بن رياح: 549.
حرف الكاف
كعب الأحبار: 551.
الكلبيّ: 268.
حرف اللام
لويّ بن غالب: 114.
حرف الميم
مالك بن نويرة: 192، 193، 269.
المبرم، المبرم بن زغيب الشقبان: 131،
132، 134، 135، 138.
مجاهد: 211.
محمّد المختار: 463.
ص: 622
محمّد بن إسحاق: 128.
محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس: 3.
محمّد بن جعفر الصادق: 447.
محمّد بن عبد الجبّار العطّار: 265.
محمّد بن عليّ بن المغازليّ: 345.
محمّد بن عمر الواقديّ: 63.
مدرك بن حنظلة: 9.
مرحب: 215، 529.
معاذ بن جبل: 196، 197.
المغربيّ: 183.
المغيرة: 393.
مغيرة بن محمّد المهلّبيّ: 546.
المفضّل بن عمر: 459.
مقاتل بن سليمان: 264.
المقداد: 354، 376، 409، 411، 431،
463.
المقدسيّ: 297، 298، 299، 301،
302، 303.
منقذ بن الأبقع الأسديّ: 497، 499.
ميثم التمّار: 7، 8، 9، 280، 281.
ميمون بن مصعب المكّيّ: 268.
نزار: 378.
النعمان بن الحارث اليهوديّ: 215.
الواقديّ: 30، 34، 37، 38، 39، 40، 41،
43، 44، 46، 48، 49، 51، 52، 53، 54،
55، 56، 58، 59، 60، 61، 62، 64، 66،
69، 73، 74، 75، 76، 77، 78، 80، 82،
83، 87، 91، 94، 96، 98 99، 101،
106، 108، 109، 112، 113، 118،
119، 123، 124، 125، 127، 128،289.
ورقة بن نوفل: 94، 95.
الوليد بن المغيرة: 96، 112، 113،
118.
الوليد بن عتبة: 68.
وهب: 32، 33، 34، 35، 53، 64.
حرف الهاء
هابيل: 428، 531.
هاشم: 131، 380.
الهام بن الهيم: 529، 531، 533، 534،
535، 536.
ص: 623
آسية: 138.
آمنة: 30، 32، 34، 35، 36، 37، 44،
45، 46، 49، 53، 54، 58، 64، 130.
آمنة بنت عبد المطّلب: 116.
أروى بنت عبد المطّلب: 116.
امرأة نوح علیه السلام : 201.
أُمّ سلمة: 245، 254، 322، 323،
541.
أُمّ موسى علیه السلام : 138.
أُمّ هاني بنت أبي طالب: 334.
برّة، برّة بنت عبد المطّلب: 34، 44، 53،
115.حرّة، حرّة بنت حليمة السعديّة: 382،
383، 384، 385.
حليمة، حليمة بنت أبي ذؤيب: 66، 69،
71، 72، 73، 74، 75، 76، 77، 78،
80، 91، 92، 95.
حوّاء: 137، 138.
خديجة: 203، 256، 257، 334.
خولة، خولة الحنفيّة: 268، 269.
زينب، زينب بنت جحش: 321، 334.
صفيّة: 64، 114.
صفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب: 560.
عائشة: 193، 200، 363، 401، 495،
496.
عاتكة، عاتكة بنت عبد المطّلب: 64،
65، 113.
عباية الأسديّ: 321.
فاطمة بنت أسد: 132، 136، 277.
فاطمة بنت عبد المطّلب: 36.
لبنة: 454.
مريم، مريم ابنة عمران: 23،
ص: 624
137، 138، 356.
نساء أهل الجنّة: 334، 378.
نساء أهل الكوفة: 454.
نساء بني سعد: 91، 92.
نساء بني هاشم: 65.
نساء قريش: 65، 243، 336، 563.
النسوان: 206.
ص: 625
أبو بكر: 143، 172، 176، 192،
193، 194، 195، 236، 269، 270،
325، 326، 332، 333، 363، 367،
369، 370، 371، 373، 382، 401،
411، 479، 480، 482، 487، 489، 561.
پرويز بن هرمز: 183.
جالوت: 532.
سيف، سيف بن ذي يزن: 96، 98، 99،
100، 101، 104، 107.
عثمان: 143، 199، 237، 363، 382،
401، 431، 479، 487.
عمر: 143، 172، 176، 192، 194،
236، 290، 298، 301، 302، 303، 304،
326، 332، 333، 345، 346، 363، 371،
373، 379، 380، 381، 382، 401، 427،
428، 429، 479، 480، 508، 561.
عمر بن الخطّاب: 86، 123، 147،
148، 151، 153، 218، 289، 297،
300، 345، 380، 411، 416، 427،
435، 508، 542، 549.
فرعون: 356، 428.
كسرى أنو شيروان: 180.
معاوية، معاوية بن أبي سفيان: 183،
196، 197، 198، 199، 200، 201،
259، 260، 280، 281، 331، 401، 567.
المنصور: 329، 330، 340.
المنصور عبد اللّه بن محمّد: 330، 332.
النمرود بن كنعان: 355.
يزيد، يزيد بن معاوية: 196، 401.
أئمّة الضلالة: 406.
ص: 626
الخلفاء: 232.
الفراعنة: 110، 123.
الملوك: 123، 183.
ملوك الدنيا: 56.
ملوك العرب: 454.
ملوك اليمن: 96.
ص: 627
حرف الألف
آل إبراهيم علیه السلام : 525.
آل إدريس علیه السلام : 55.
آل إسماعيل علیه السلام : 101.
آل أبي سفيان: 199.
آل بني سعد: 91.
آل سعد: 92.
آل عدنان: 92.
آل غالب: 92.
آل غطفان: 91.
آل فهر: 92.
آل قحطان: 101.
آل كنانة: 92.
آل مالك: 92.
آل مضر: 92.
آل نزار: 92.
إخوان النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : 95.
أهل الكوفة: 7، 9، 10، 155، 291،
411، 452.
أبناء داود علیه السلام : 529.
أحبار اليهود: 366.
الأخلاطيّة: 381.
الأديان: 4864.
الأرامل: 214، 443.
الأرمن: 516.
أرواح الخلائق: 540.
الإسلام: 13، 20، 84، 145، 192،
226، 345، 354، 368، 370، 371،
376، 378، 406، 410، 427، 445،
477، 478، 493، 539.
ص: 628
أصحاب الكتب: 120.
أصحاب الكهف: 480، 481.
أصحاب اليمين: 357.
أصحاب الجنّة: 193.
أصحاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 4، 157،
161، 437، 480، 481، 546.
أصحاب الرقيم: 206.
أصحاب الشرائع: 187.
أصحاب عبد المطّلب: 105.
أصحاب معاوية: 331.
أصحابه (النبي صلی الله علیه و آله وسلم ): 349.
الأطبّاء: 118.
أعداء عليّ علیه السلام : 327.
الأعراب: 68.
أعمام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم : 111.
الأُمّة، أُمّة: 17، 22، 24، 201، 290،
396، 400، 407، 416، 418، 437،
454، 554.
أُمّتك: 528، 531، 533.
أُمّتي: 13، 22، 25، 336، 337، 346،
360، 377، 411، 434، 493، 547.
أُمّته (النبي صلی الله علیه و آله وسلم ): 37، 89، 403،
405، 406.
أُمم: 397، 531، 536.
الأنصار: 172، 234، 269، 298،
299، 301، 376، 378، 380، 538،
559.
أولاد الملوك: 184.
أولاد عبد المطّلب: 110، 111
أهل الإنجيل: 396.
أهل البحرين: 40.
أهل البصرة: 262، 275، 329.
أهل البيع والصوامع: 39.
أهل التوراة: 396.
أهل الثرى: 185.
أهل الثقلين: 226.
أهل الجمل: 216.
أهل الجنّة: 24، 25، 192، 220، 333،
336، 349، 489.أهل الخير: 443.
ص: 629
أهل الدنيا: 428، 542.
أهل الديرانيّة: 120.
أهل الدين: 521.
أهل الردة: 268.
أهل الرهبانيّة: 143.
أهل السماوات والأرض: 419، 420،
543.
أهل الشام: 101، 331، 453، 499.
أهل الشرق: 409.
أهل الشرك: 359.
أهل العباء: 198.
أهل القبور: 161.
أهل القرآن: 396.
أهل الكفر: 56.
أهل الكوفة: 7، 9، 10، 155.
أهل الكهف والرقيم: 480.
أهل المدائن: 163.
أهل المدينة: 40.
أهل المسجد: 331، 335، 338.
أهل الموقف: 26، 555.
أهل النار: 220، 489.
أهل النهروان: 165، 385، 432.
أهل اليمامة: 40.
أهل اليمن: 40.
أهل بيت النبيّين علیهم السلام : 378.
أهل ساباط: 180، 181.
أهل عرصة البلاء: 219.
أهل مكّة: 36، 52، 53، 54، 95، 125،
213، 257.
حرف الباء
البربر: 516.
البريّة: 208.
بطون العرب: 92، 110.
بنو آدم: 217.
بنو إسرائيل: 9، 103، 418.
بنو النجّار: 333.
بنو أسد: 497.
بنو أُميّة: 58، 123، 126، 198، 402.
بنو تميم: 192.
بنو حنفيّة: 269، .27.
ص: 630
بنو سعد، بنو سعد بن بكر: 66، 69.
بنو شيبة: 123.
بنو كاخ: 165.
بنو مروان: 330.
بنو هاشم: 37، 62، 58، 60، 64، 65،
68، 69، 92، 96، 108، 113، 118،
127، 131، 205، 324، 402.
البوادي: 67.
حرف التاء
الترك: 315، 516.
حرف الجيم
الجانّ: 206، 462.
الجنّ: 144، 177، 216، 236، 327،
428، 442، 467.
الجيش: 147، 528، 529.
حرف الحاء
الحبشة: 516.
حنفيّة: 271، 272.
الحنيفيّة: 358.
حواريّ عيسى علیه السلام : 403.
حرف الخاء
خزنة البيت: 127.
الخلائق: 39، 113، 120، 291، 307،
336، 540.
الخوارج: 163، 321، 331.
حرف الدال
الديلم: 315، 516.
دين الإسلام: 280.حرف الراء
ربيعة: 296.
رفضة: 28.
الروم: 516.
رؤساء بني هاشم: 56، 92، 96.
رؤساء قريش: 37، 92، 96.
رؤساء مكّة: 68.
حرف الزاء
الزنادقة: 369، 370.
الزنج: 516.
حرف الشين
الشهداء: 25، 215، 555.
ص: 631
الشياطين: 407.
شيعة: 130، 163، 190، 330، 337،
357، 360، 375، 401، 434، 451، 459،
461، 471، 484، 486، 496، 555.
شيعته (عليّ علیه السلام ): 17.
شيعتك (عليّ علیه السلام ): 319.
شيعتها(فاطمة عليهاالسلام): 27.
شيعتي: 19، 207، 215، 500.
شيعتنا: 191، 570.
حرف الصاد
الصائمون: 446.
الصحابة: 342، 347، 82، 559، 561.
الصالحات: 204.
الصدّيقون: 215.
صناديد العرب: 66.
صناديد قريش: 65.
حرف الطاء
الطالبون: 454.
حرف العين
عبدة الأوثان: 56.
العجم: 409، 516.
العرب: 35، 125، 128، 133، 137،
164، 165، 403، 419، 420، 421،
454، 516.
عسكر أمير المؤمنين علیه السلام : 184
عشيرة: 454.
العفاريت والمردة: 55.
العقيمة: 6.
العلويّون: 247.
حرف الغين
غطفان: 93.
حرف الفاء
الفتيان: 107.
الفُرس: 516.
فرسان خيبر: 215.
الفقراء: 443.
الفقهاء: 198، 333.
حرف القاف
القاسطون: 198، 214، 323، 346،
469.
ص: 632
القبائل: 116.
قبيلة: 376.
قريش: 58، 60، 62، 64، 65، 66،
68، 69، 79، 96، 108، 112، 113،
114، 116، 118، 132، 195، 334،
409، 503، 525، 527، 563.
القوابل: 353.
القوّامون: 524.
قوم عاد: 465.
حرف الكاف
الكاذبون: 445.
الكافرون: 18، 214، 215، 216،
320، 469، 517.
كبار قريش: 110.
الكفّار: 28، 364.
حرف الميم
المارقون: 198، 214، 323، 469، 515.المتّقون: 132، 180، 229، 323، 453.
المجوس: 181.
المحصنات: 204.
المخدّرات: 92.
المخالفون: 190.
المساكين: 443، 444.
المسلمون: 8، 24، 25، 84، 154،
177، 201، 287، 301، 333، 334،
363، 366، 367، 368، 369، 370،
384، 432، 465، 517، 544، 549.
المشركون: 198، 216، 508، 561.
مضر: 296.
معاشر العرب: 269.
معاشر المسلمين، 425.
المعاندون: 408.
المكذّبون: 190.
المنافقون: 144، 165، 438، 469،
517، 560.
المهاجرون: 172، 234، 269، 299،
380.
المؤمنات: 204.
ص: 633
المؤمنون: 17، 18، 24، 204، 215،
225، 256، 271، 320، 373، 407،
412، 442، 515، 517، 538.
حرف النون
الناكثون: 198، 214، 275، 323،
346، 469.
نزار: 32.
النصارى: 396، 397، 549.
النُصيريّة: 385.
نقباء بني إسرائيل: 529.
نواصب: 560.
حرف الواو
الوفد: 226، 297، 298، 299، 300،
301، 302، 304.
حرف الهاء
الهاشميّون: 498.
حرف الياء
اليتامى: 443.
اليهود: 186، 187، 304، 366، 367،
369، 371، 396، 397.
ص: 634
حرف الألف
الآجام: 529.
الآخرة: 21، 84، 198، 221، 270،
323، 332، 335، 392، 435، 443،
444، 495، 504، 542، 546، 561،
565.
الأبواب الثمانية: 445.
أبواب الجنّة: 443.
أبواب جهنّم: 445.
الأرض: 12، 21، 37، 39، 41، 43،
45، 74، 80، 81، 89، 130، 132،
133، 135، 136، 137، 143، 162،
165، 172، 181، 183، 187، 193،
219، 221، 222، 223، 224، 228،
230، 239، 243، 263، 272، 302،
315، 336، 346، 355، 359، 361،
373، 377، 378، 394، 405، 419،
427، 428، 432، 433، 438، 444،
471، 476، 479، 481، 492، 506،
515، 533، 543، 544، 546، 557،
558، 564.
أرض البحر: 428.
أرض الحرم: 104.
الأرض السابعة: 429.
أرض الموقف: 39.
أرض بابل: 166، 432.أرض كرب وبلاء: 24.
أرض مدحيّة: 130.
الأرضون: 36.
أنهار: 99، 208.
ص: 635
الأودية: 81.
الإيوان: 180.
إيوان كسرى: 46، 180.
حرف الباء
بئر: 544.
باب الجنّة: 211، 378.
باب القصر: 553.
باب المروحة: 294.
باب المسجد: 6، 332.
باب دار عامر: 124.
باب عليّ علیه السلام : 561.
بابل: 165، 169، 432.
البحار: 38، 98، 130.
البحر: 39، 42، 428، 469، 557،
558.
البحر الرابع: 48.
البحر المسجور: 208.
بحر الهواء: 41.
البحرين: 40.
البرّ: 39، 80، 186، 497.
براثا: 165، 432.
البراري: 82، 83، 91.
البرّيّة: 196، 386.
البستان: 97، 98، 99، 100، 333.
البصرة: 154، 262، 275، 329،
352، 479، 482.
البطحاء: 141.
بغداد: 165، 432.
البقيع: 24، 141، 466.
بلاد الشام: 331.
البيت: 300.
البيت الحرام: 192.
بيت الخمّار: 123.
البيت العتيق: 124.
بيت اللّه الحرام: 51، 52، 55، 56، 68،
62، 72، 102، 109، 194، 123،
124، 125، 126، 127، 128، 214،
223، 461، 478.
بيت اللّه المقدس: 51.
البيت المعمور: 208.
بيت المقدس: 197، 202، 297.
بيت أُمّ سلمة: 3422.
ص: 636
بيت فاطمة الزهراء عليهاالسلام: 282.
بيت نوح علیه السلام : 190.
بيوت الأنبياء علیهم السلام : 282.
بيوت مكّة: 256.
حرف التاء
التلّ: 394.
تلّ الحمد: 337.
التنور: 438.
تهامة: 103، 131، 133، 403.
حرف الثاء
الثعلبان: 55.
حرف الجيم
جامع الكوفة: 154، 190، 294.
الجامع بالكوفة: 280.
الجامع بواسط: 232.
الجبال: 36، 38، 89، 106، 137،
222، 337.
جبال الأرض: 184.
الجبّانة: 149.
جبل أبي قبيس: 51، 52، 132، 256.
جبل فاران: 528.
جبل قاف: 51.
جبل لكام: 134.الجحيم: 187، 228.
جدّة: 67.
جنّات النعيم: 503.
الجنان: 99، 208، 361، 555.
الجنّة: 16، 24، 25، 26، 28، 49، 51،
75، 84، 85، 132، 137، 139، 176،
181، 191، 192، 193، 206، 213،
215، 216، 220، 226، 227، 232،
237، 296، 305، 314، 334، 336،
338، 339، 340، 342، 349، 352،
359، 361، 362، 378، 379، 392،
397، 421، 424، 427، 428، 434،
443، 444، 481، 486، 500، 515،
523، 525، 542، 555، 564، 570.
جنّة عدن: 490.
جهنّم: 493، 96، 500، 544.
حرف الحاء
الحِجْر: 52.
حجرة أمير المؤمنين علیه السلام : 190.
ص: 637
حجرة عليّ علیه السلام : 157، 438.
حجرة فاطمة عليهاالسلام: 464.
حجرة كاشف الكروب: 464.
الحرم (الكعبة): 4، 46.
الحرمين: 503.
حظيرة بني النجّار: 333.
الحمّام: 105.
الحوض: 21، 215، 323، 336، 352،
377، 515.
الحوض المورود: 84.
حيّ بني سعد: 66، 72، 73، 91، 92،
93، 95.
حيّ عبد اللّه بن الحارث: 92.
حرف الخاء
الخزانة: 67.
خيبر: 528، 562.
الخيمة: 67، 75.
حرف الدال
دار آمنة: 37، 62.
دار الآخرة: 223.
دار الدنيا: 219، 220، 221، 225،
226، 230، 357.
دار الضيافة: 102.
دار الندوة: 96.
دار أبي طالب: 277.
دار عاتكة: 70.
دار عليّ علیه السلام : 157.
دار فاطمة بنت عبد المطّلب: 36.
الدالية: 332.
دكّة القضاء: 189، 452.
دمشق: 201، 455.
الدنيا: 13، 19، 21، 46، 51، 68، 69،
71، 84، 111، 183، 189، 219،
221، 227، 259، 269، 270، 309،
323، 332، 335، 350، 385، 391،
409، 420، 421، 435، 443، 444،
445، 462، 494، 495، 539، 542،
547، 561، 570.
الدير: 53، 286.
دير نصرانيّ: 403.
حرف الذال
ذي قار: 275، 400.
ص: 638
حرف الراء
رحبة الصيارفة: 280.
الرعاء: 80.
الركن: 84.
الركن اليمانيّ: 450.
الروضة: 82، 481.
روضة خضراء: 82.
حرف الزاءزمزم: 124، 185، 321.
حرف السين
ساباط: 163، 180، 181.
ساباط توران: 163.
السجن: 364.
سدرة المنتهى: 185، 203، 383.
السقف المرفوع: 208.
سُكّ الحنّاطين: 128.
سكك مكّة: 133.
سكّة «شين»: 37.
السلسبيل: 11، 491.
السماء: 4، 22، 24، 25، 34، 43، 53،
62، 69، 71، 72، 73، 74، 86، 87،
89، 90، 113، 119، 120، 121،
124، 126، 130، 133، 157، 172،
176، 204، 211، 221، 222، 229،
230، 234، 263، 271، 272، 302،
305، 332، 336، 342، 347، 352،
255، 359، 367، 377، 403، 419،
433، 437، 438، 443، 456، 462،
476، 487، 489، 490، 491، 503،
523، 530، 539، 541، 543، 545،
546، 547، 557، 563.
السماوات: 12، 13، 36، 37، 49، 50،
137، 181، 214، 239، 263، 361،
363، 361، 419، 427، 428، 492،
533.
السماء الثالثة: 547.
السماء الثانية: 547.
السماء الدنيا: 547.
السماء الرابعة: 543، 547.
السماء السابعة: 130.
سماء مبنيّة: 130.
السهل: 39، 80، 81.
ص: 639
حرف الشين
شاطى ء البحر: 557.
شاطى ء نهر: 355.
الشام: 38، 196، 321، 324، 499.
حرف الصاد
الصحراء: 203، 308.
صحراء المدينة: 414.
صحن المسجد: 475.
الصخرة: 186
الصراط: 24، 139، 214، 226،
227، 337، 500.
الصفا: 64، 113، 144، 185، 203،
471.
صنعاء: 352.
الصومعة: 39، 53، 119، 120، 286.
حرف الطاء
الطائف: 39، 119.
الطور: 208.
طور سينين: 204.
حرف العين
العراق: 165، 196، 197، 432، 566.
العرش: 26، 25، 352، 359، 361،
384، 405، 421، 439، 458، 477،
490، 492، 495، 496، 539، 564.
عين ماء: 84، 481.
حرف الغين
الغار: 364.
الغرف: 424، 489.
غرفة من درّة بيضاء: 495.
الغريّ: 197.
حرف الفاء
الفرات: 183، 294، 394.
الفردوس: 523.
الفيافي: 499.
حرف القاف
القادسيّة: 499.
قبر الزمازميّ: 557.قرى المشرق: 479.
قرية أسعار: 455.
قزوين: 87.
القصر: 71، 104.
القصر المشيد: 208.
ص: 640
القصر الورديّ: 97.
قصر غُمدان: 97، 99.
القفار: 91، 499.
حرف الكاف
الكعبة: 65، 92، 109، 123، 133،
134، 160، 192، 226، 257، 300،
431، 450، 497، 555.
كناسة: 376.
كندة: 504.
الكوثر: 11، 305، 491.
الكور: 275.
الكوفة: 3، 7، 9، 10، 137، 155،
177، 186، 190، 197، 230، 275،
291، 294، 337، 411، 441، 452،
453، 456، 499، 500.
الكهف: 135، 138، 480، 481،
557.
حرف الميم
محراب: 23، 39، 259، 369، 463،
497، 544.
المخاض: 394، 395.
مخدع: 322.
المدائن: 163، 180، 218.
المدينة: 36، 40، 148، 151، 193،
301، 326، 331، 335، 342، 345،
366، 367، 489، 554.
المدينة (الخراسان): 314.
مدينة الرسول صلی الله علیه و آله وسلم : 300.
مدينة بالمشرق: 148.
مدينة صحون: 148.
مدينة يثرب: 36.
المراعي: 144.
المرعى: 142، 272.
المساجد: 444.
المسجد الحرام: 96.
مسجد الكوفة: 396.
مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم : 194، 271،
282، 291، 302، 304، 482.
ص: 641
مشرب: 471.
مصر: 349، 532.
مطعم: 471.
مطلع الشمس: 429.
مغرب الشمس: 429.
المفاوز: 43، 82، 83، 91.
المقابر: 161.
مقابر اليهود: 304.
المقام: 84.
مقام إبراهيم علیه السلام : 124، 160.
المقبرة: 219.
مقتل الحسين علیه السلام : 400.
مكّة: 36، 37، 38، 39، 43، 52، 53،
54، 57، 67، 69، 72، 80، 92، 93،
95، 96، 104، 106، 108، 113،
119، 125، 126، 139، 157، 169،
213، 216، 257، 268، 300، 326،
403، 437.
منابر النبيّين علیهم السلام : 555.
منازل كسرى: 180.
منبر البصرة: 263.
منبر الكوفة: 177، 441، 455.
منزل أُمّ سلمة: 254.
منزل جابر: 313.
منزل فاطمة الزهراء عليهاالسلام: 367.
مِنى: 506.الموقف: 26.
الميدان: 99، 286.
الميزاب: 128، 151.
حرف النون
النار: 12، 13، 16، 19، 22، 23، 28،
83، 139، 164، 181، 191، 201، 206،
207، 214، 216، 226، 227، 307، 315،
335، 340، 359، 361، 397، 406، 421،
427، 428، 439، 443، 458، 489، 493،
500، 515، 532، 545، 555.
النجف: 7.
النهر: 85، 185.
ص: 642
نهر خروان: 355.
النهروان: 165، 183، 185.
النيران: 555.
نيران فارس: 46.
النيل: 499.
حرف الواو
الوادي: 143، 544.
واسط: 234.
الوهدة: 123، 127، 128.
حرف الهاء
همدان: 129.
هندف: 479.
حرف الياء
اليمّ: 356.
اليمامة: 40.
اليمن: 40، 94، 96، 107، 108.
ص: 643
أيّام الحجّ: 126.
أيّام الورد: 97، 102.
البرق الخاطف: 500.
جمادي الآخرة: 234، 270.
الحرب: 409.
حرب الناكثين: 275.
حرب النهروان: 183.
حرب صفّين: 499.
حرب معاوية: 183.
حنين: 215.
خيبر: 215، 435.
ذي القعدة: 232.
الراجفة: 532.
ربيع الأوّل: 46.
الرعد العاصف: 500.
الريح العقيم: 532.
زعقة عظيمة: 452.
الزلازل: 315.
زمجرة الرعد: 467.
زوبعة: 142.
شعبان: 129، 497.
شهر رمضان: 221، 223، 284، 416،
478، 482.
صفر: 452.
صفّين: 10، 216، 286، 296، 394،
403.
الصور: 547.
العيد: 40.
ص: 644
غدير خمّ: 272، 412، 560.
فتح مكّة: 126، 157، 216، 437.
قتال أهل النهروان: 432.
القعقعة: 563.
ليلة البدر: 54.
ليلة الجمعة: 46، 392.
ليلة القدر: 416.
ليلة الهجرة: 326.
ليلة الهرير: 536.ليلة مدلهمّة سوداء: 256.
ليلة وفد الجنّ: 236.
النفخة الأُولى: 219.
وقعة الجمل: 401.
وقعة النهروان: 401.
وقعة صفّين: 401.
يوم الاثنين: 125، 452.
يوم الأحزاب: 215.
يوم التناد: 567.
يوم الثلثاء: 54.
يوم الجبّ: 482.
يوم الجمعة: 75، 177، 193، 232،
272، 335، 339، 416، 421، 441،
563.
يوم الجمل: 200.
يوم الحشر الأكبر: 405.
يوم الخميس: 75.
يوم الدار: 199.
يوم الدين: 313.
يوم الضرب: 465.
يوم العطش الأكبر: 445.
يوم العين: 482.
يوم القيامة: 25، 28، 56، 103، 139،
162، 198، 209، 214، 215، 226،
228، 278، 318، 319، 337، 352، 362،
373، 385، 400، 405، 411، 416، 421،
445، 449، 500، 544، 555.
اليوم المعهود: 315.
يوم الوقت المعلوم: 450، 453.
يوم أُحد: 215.
يوم بدر: 215، 420.
ص: 645
يوم تبوك: 561.
يوم تحزن القلوب: 24.
يوم خيبر: 549، 561.
يوم صفّين: 200، 536.
يوم غدير خمّ: 215.
يوم فتح خيبر: 385.
يوم قتل الحسين: 400.
يوم مشهود: 315.
ص: 646
الإنجيل: 53، 56، 121، 396، 464، 516، 535.
التوراة: 53، 56، 121، 321، 335، 336، 358، 396، 464، 516، 528،
532، 535.
الزبور: 53، 56، 416، 516، 532، 535.
الصحف: 56، 209، 358، 532.
صحف إبراهيم: 358.
صحف نوح: 358.
الفرقان: 464.
القرآن: 23، 84، 207، 205، 209، 223، 226، 310، 347، 348، 358،
363، 364، 377، 382، 389، 391، 396، 409، 428، 510، 536.
ص: 647
أتيتك والعذراء تبكي برنّة
وقد ذهبت أُمّ الصبيّ عن الطفل
أعرابيّ/423
أشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا
في رأس غمدان دار منك محلالاً
أبو زمعة، جدّ أُمّية بن أبي الصلت الثقفيّ/99
أطعنا رسول اللّه ما كان بيننا
فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر
مالك بن نويرة/194
أعينَيّ جوداً بالدموع الهواطل
على النحر منّي مثل فيض الجداول
برّة بنت عبد المطّلب/115
أعينَيّ جودا بالدموع السواكب
على خير شخص من لويّ بن غالبصفيّة بنت عبد المطّلب/114
الا يا عين ويحك اسعديني
بدمع واكف هطل غزير
عاتكة بنت عبد المطّلب/113
الا يا عين ويحك فاسعديني
بوبل واكفٍ من بعد وبل
أروى بنت عبد المطّلب/116
إمامي كليم الشمس راجع نورها
فهل لكليم الشمس في القوم من مثل
ص: 648
أبو محمّد العونيّ/173
أنا للحرب إليها وبنفسي أصطليها
نعمة من خالق العرش بها قد خصّنيها
الأمام عليّ علیه السلام /476
أنا مولى الخمسة
نزلت فيهم السور
الأعرابيّ/425
أنت مولى ترتجى به من ال
لّه في الدنيا إقامة الدين
الأعرابيّ/424
أوصيك عبد مناف بعدي
بموحّد بعد أبيه فرد
عبد المطّلب/110
أيّها السائل عمّا
دونه النجم العليّ
الدرّاج/472
بحقّ جلاء وجهك يا وليّي
بحقّ الهاشميّ الأبطحيّ
شيخ كبير/160
بكت عيني وحقّ لها البكاء
على سمح السجيّة والحياء
آمنة بنت عبد المطّلب/116
الحمد للّه الذي أعطاني
هذا الغلام، طيّب الأردان
عبد المطّلب/59
خصّصتما بالولد الزكيّ
والطاهر المطهّر المرضيّ
هاتف/134
خير البرّية بعد أحمد من له
منّي الهوى و إلى بنيه تطربي
ص: 649
السيّد الحميريّ/169
ربّ ليث مدجّج كان يحمي
ألف قرن مغّمد الأغماد
مجهول؟/100
سلامي على زمزم والصفا
سلامي على سدرة المنتهى
مجهول؟/185
من صاحب الدار التي انقضّ بها
نجم من الأفق أنكرتم لها
العيوني/158
يا ربّ ربّ الغسق الدجيّ
والقمر المنبلج المضيّ
أبو طالب/134
ص: 650
أوّل رسول أرسله اللّه، لا من الجنّ ولا من الإنس (الغراب)... 428
أوّل ظالم وآخر ظالم (معاوية) 202
أوّل ما افتتح به عقيل بن أبى وقّاص (بسم اللّه ...)... 30
أوّل ما تكلّم به (النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ): أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم... 16
أوّل (ما كتب على كتفي رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ): لا إله إلاّ اللّه، 103
أوّل ما كلّمني به ربّي عزّ وجلّ، قال: يا محمّد!... 11، 491
أوّل ما يملك من بني هاشم (ولد العبّاس) 402
أوّل من آمن بي (عليّ علیه السلام )... 173
أوّل من آمن بي وأوّل من يصافحني يوم القيامة (عليّ علیه السلام )... 411
أوّل من آمن بي وصدّقني (عليّ علیه السلام )... 476
أوّل من آمن وصدّق به وشقيقه... 508
أوّل من خضب رأسه ولحيته (سيف بن ذي يزن)... 105
أوّل من سلّم عليك بإمرة المؤمنين (جبرئيل علیه السلام )... 255أوّل من كسر الأصنام جدّك إبراهيم... 257
ص: 651
أوّل من يدعى إبراهيم، فيكسى ثوبين أبيضين... 352
أوّل من يرد عليّ حوضي (عليّ علیه السلام )... 323
أوّل من يلحقني من أهل بيتي (فاطمة عليهاالسلام)... 23
أوّل من ينفض رأسه من التراب، الحسين علیه السلام ... 389
أوّل ولد (النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ) مثل ابني هارون شبّر وشبير... 405
أوّلهم (الأئمّة الذين يردون الحوض) ابن عمّي عليّ بن أبي طالب علیه السلام ،377
أوّلهم (ولد إسماعيل) أفضلهم، وآخرهم له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم ... 404
أوّلهم (الأوصياء من ولد الحسين علیهم السلام ) عليّ بن الحسين سيّد العابدين وزين
أوليائي... 314
أوّلهم (الأئمّة من ولد الحسين علیهم السلام ) عليّ بن الحسين، ومحمّد ولد عليّ... 459
أوّلهم (الذين من أطاعهم أطاع اللّه) محمّد رسول اللّه... 404
أوّلهم (الأنبياء الذين كانوا أسوة لعليّ:) نوح حيث قال اللّه تعالى مخبرا عنه... 363
ص: 652
الإبل: 80، 465.
الأسد: 115، 421، 508، 519.
البراق: 564.
بعير: 7.
البغال: 83.
بغل: 106.
البغلة: 106، 107، 164، 229، 230،
335، 338، 497.
بقرات: 465.
بقرة: 9، 506.
البهائم: 272، 421.
بهيمة: 487.
الثاغية: 77.
الثعبان: 149، 177، 205، 441.
الثور: 421، 487.
الجري: 185.
جزور: 195.
الجمل: 7، 102، 154، 155، 200،
216، 401، 452، 466، 498.
الجواد: 69، 500.
الحمار: 195، 487.
حمامة: 128.
حوتة: 41.
الحيّات: 83، 184.
الحيّتان: 138، 135.
الحيتان: 294.
حيوان: 185.
الحيّة: 128، 127، 184، 544.
ص: 653
الخطاطيف: 166، 433.
الخطّاف: 557.
خنزير: 338، 339.
الخيول: 287، 465.
خيول جياد: 465.
دابّة: 19، 106.
الدبّ: 467.
الدرّاج: 471.
الدوابّ: 487.
الدود: 298.
الذئب: 77، 78، 79.
الراغية: 77.
السباع: 142، 357، 421.
السبع: 497، 498، 499.
سمك: 185.
الشاتين: 77، 78، 79.
شاة: 77، 290.
الضباع: 544.
الضرغام: 503، 535.
الطائر: 557.
الطير: 24، 104، 500.
طينوسا: 41، 42.
الطيور: 421.
العقاب ( فرس النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ): 106.عقاب بن ينزوب: 107.
العقارب: 83، 184.
عقرب: 184.
العلقة: 456.
الغراب: 428.
الغنم: 384، 508.
الفرس: 25، 92، 95، 108، 106،
107، 201، 516.
الفيلة: 450.
القسورة: 503.
القنابر: 327.
الكبش: 25.
كلاب: 499.
الكلب: 498، 559، 560.
الليث: 198، 200، 205، 464، 498.
ليوث: 101.
ص: 654
المطيّة: 333.
المواشي: 77، 78.
الناقة: 25، 26، 38، 67، 69، 72، 73،
84، 94، 95، 101، 107، 119، 122،
160، 409، 564.
ناقة حمراء: 201.
ناقة العضباء: 106، 564.
نجيب: 68.
النسر: 421.
النمل: 241.
النوق: 96، 366، 368.
نوق الجنّة: 25، 564.
الوحوش: 498.
الهوامّ: 357.
ص: 655
أُترجّة: 232.
أثمار: 90.
أطعمة: 80.
برّ: 201.
تمر: 203، 325.
التمر الصيحانيّ: 325.
الثريد: 87.
الثلج: 287، 455، 456، 489.
ثمار: 82.
الحامض: 33.
الحبّ: 306.
الحبّة: 133.
الحلو: 33.
خبز حوّارى: 71.
الخمر: 124، 192، 208.
الخمور: 570.
دواء: 119.
الدهن: 43، 52، 98.
رُطب: 132، 234.
رمّان: 132، 489.
الزبد: 70، 84.
الزعفران: 52، 54، 81، 481.
سكّر: 33.
السمّ: 24، 553.
سمن: 201.
الشراب: 85، 124.
الطعام: 33، 65، 124، 132، 356،
444، 489، 514.
ص: 656
العسل: 33، 64، 70، 84، 201، 208،
287، 489.
عنب: 132.
فاكهة: 132، 176.
الفواكه: 99.
اللبن: 65، 68، 70، 80، 208، 384.
لحم: 71، 195، 498.الماء: 49، 85، 86، 87، 98، 142،
124، 166، 185 ، 208، 223، 229،
234، 286، 287، 294، 432، 305،
455، 456، 481، 549، 551،
563.
المياه: 144.
وليمة: 196، 321.
ص: 657
آبنوس: 44، 109.
الإبريق: 49، 85، 234، 339.
الإداوة: 433.
الإستبرق: 75.
إكليل: 35.
الإناء: 166.
الأبيض: 51، 55، 61، 95، 312.
أثواب: 91، 246.
الأحمر: 41، 52، 61، 82، 95، 517.
الأخضر: 51، 82، 86، 223، 312.
أزرق: 546.
أستار: 65، 109، 160، 431.
أسمر: 187.
الأسود: 41، 55، 91، 97، 109، 546.
أسياف: 199.
الأصفر: 41، 52، 61، 82.
أقداح من فضّة: 352.
ألوان الثياب: 41، 75.
البردة: 366، 466.
بردة يمانيّة: 453.
البساط: 480، 482.
بساط شعر: 479.
بندقة: 86.
البياض: 51، 104، 135، 225.
بيض: 71، 72، 76، 102، 136.
البيضاء: 61، 81، 169، 495، 515.
بيضة عادية: 68.
التاج: 25، 35، 84، 496.
ص: 658
التحف: 55.
تخت: 106.
ثوب: 72، 74، 137، 138، 337،
355.
ثوبين أبيضين: 352.
الثياب: 75، 93، 147، 297، 303،
559، 560.
ثياب بيض: 190.
ثياب حرير بيض: 136.
ثياب رثّة: 423.
ثياب فاخرة: 80، 106.
الجام: 176.
جزع أصفر: 61.
جفنة: 551.
الجواهر: 463.
جوشن: 67.
جونة: 136، 137.
حُبّ: 308.
حذاء: 80.
حرير: 223.
حريرة: 232.
حسام: 4، 466.
حُقّ من عاج: 302.
حُقّة من عاج: 297.
حلّتين حمراوتين: 496.
الحلل: 55.
حلل سندس: 72.
حلل من الديباج: 55.
حلّة عريشيّة: 453.
حمر الوبر: 366.
حمراء: 127، 201، 564.
حمرة الورق: 90.الحنّاء: 35، 104.
الحنوط: 223، 229، 329.
الخاتم: 88، 216، 223، 424، 425.
خاتم النبوّة: 88، 103.
الخرز: 61.
خرق السندس: 72.
خرقة الديباج: 124.
خرقة من حرير: 303.
ص: 659
الخضاب: 125.
خلعة: 335.
خمار: 72.
الخواتيم: 35.
الدرّ: 61، 1127، 334، 463.
درّاعة: 333.
درعاً فاضلاً: 68.
درّة بيضاء: 495.
دست ثياب روميّة: 71.
دسوت ثياب: 76.
الديباج: 34، 56، 109.
ديباج أبيض: 61.
ديباج أخضر: 8.
ذوالفقار: 216، 452، 454، 466،
497.
الذهب: 61، 95، 100، 123، 127،
465، 564.
الذهب الأحمر: 32، 61، 100، 124.
الراية، 561.
الرداء: 161، 505.
الرفاف: 109.
الرماح: 463.
الرمح: 56، 68، 164، 200.
الرياحين: 99.
زبرجد: 150، 367.
الزبرجد الأخضر: 539، 564.
الزقّ: 70، 124.
زمرّد: 312.
الزمرّد الأخضر: 25.
ستار: 92.
الستور: 92.
السرير: 34، 35، 109، 219، 224.
سرير من الخيزران: 34.
السطل: 305.
السلاح: 376، 378.
السلسلة: 54، 301.
سلسلة من جزع أصفر: 52.
سلّة: 80.
سنابل المسك: 82.
السندس: 75.
ص: 660
سندس الجنّة: 232.
السواد: 51، 104، 105، 135، 381.
السوار: 291.
سود الحَدَق: 366.
سوداء: 86، 118، 121، 256، 564.
السهم: 56.
السهم النافذ: 41، 84.
السيف: 9، 38، 53، 56، 100، 126،
199، 200، 216، 220، 256.
السيف القاطع: 41، 84.
سيفي وجوشني: 92.
سيوف مسلولة: 453.
شعر: 333.
الصروح: 53.
صفراء: 4، 564.
صفرة: 90، 553.
صندل: 109.
الصوف: 298، 333، 384.
طبق: 234.
طست: 85، 180، 234، 433، 455.
طست من ذهب: 49.عاج: 109.
عصا: 468.
عصابة: 553.
عقد لؤلؤ: 300.
العقيق الأحمر: 44، 100، 463.
عَلَم: 51.
عمامة: 4، 148، 454.
العنبر: 33، 52، 54.
الفراش: 19، 118، 216، 239، 384.
الفرش: 61، 109.
فسطاط ديباج أحمر: 109.
الفضّة: 127، 465.
فضّة بيضاء: 61.
قباء خزّ أدكن: 4.
القبّة: 8، 62، 453، 452.
القرب: 81.
قرطاها: 25.
القضيب: 294، 466.
قلانس مرصّعة: 463.
ص: 661
القلم: 225.
القنديل: 43، 54.
قنديل أحمر: 52.
قوس: 149.
الكافور: 33، 49، 74، 124.
كأس: 339.
كرسيّ الكرامة: 421.
الكرة: 286.
الكساء: 197، 245، 331.
كسوة: 72.
الكفن: 229، 223.
كنز: 453.
الكيس: 99، 248، 299، 303.
كيس من صوف أبيض: 248.
لباس: 75، 119.
اللواء: 204.
لوح من نحاس: 273.
اللؤؤ 8، 25، 61، 463، 564.
ليف المُقْل: 197.
المائدة: 33.
المحمل: 466، 467.
مخانق الدرّ والجواهر: 35.
المِداد: 225 ، 333.
مدرعتين: 135.
مدرعة: 138.
مرجان: 127.
مرصّع بالدرّ والياقوت: 25.
المزادة: 299، 300.
مسح وخوص: 67.
المسك: 25، 52، 74، 100، 136،
137، 489.
مسك أذفر: 124.
مسك بنادق: 33.
مسك وعنبر: 49.
مسوّدة: 367.
المضارب العالية: 465.
المقاريض: 220.
الملاء: 34.
المناشير: 220.
المنديل: 305.
ص: 662
منطقة: 161.
المهد: 61، 63، 217.
النثار: 33.
نعلان من ليف المُقل: 197.
نعلين: 80.
نقش اللازورد: 100.
الورد والياسمين: 99.
الوشي: 34.
الهميان: 300.
هودج: 466.الياقوت: 334، 564.
ياقوت أحمر: 25، 85.
ياقوت أخضر: 85.
ياقوت أزرق: 100.
ص: 663
البدر: 4، 81، 544.
الزهرة: 473.
الشمس: 9، 34، 81، 84، 90، 107، 119، 144، 165، 166، 169، 172،
173، 228، 265، 298، 355، 402، 428، 432، 433، 457، 473، 475،
481، 499.
القمر: 9، 35، 54، 84، 94، 103،121، 134،135، 157، 228، 265،
437، 463.
الكواكب: 4، 22، 43، 56، 103، 355، 499.
الكوكب: 26، 43، 169، 209، 265،.
كوكب الصبح: 121، 542.
النجم: 157، 377، 438، 472.
النجوم: 81، 121، 133، 167، 352، 433.
الهلال: 88.
ص: 664
الآلهة: 133.
إساف: 93.
الأصنام: 38، 40، 48، 52، 54، 55، 56، 216، 257، 464.
الأوثان: 40، 56، 84، 464، 466.
صنم: 47، 257.
العزّى: 32، 58، 59، 93، 216، 256.
اللات: 32، 58، 59، 93، 216، 256.
منوة الثالثة الأخرى: 216.
نائلة: 93.
نسر: 216.
وثن: 47.
الهبل الأعلى: 216.
يعوق: 216.
يغوث: 216.
ص: 665
1 - القرآن الكريم: بخطّ عثمان طه
2 - إثبات الوصيّة للإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام : لأبي الحسن عليّ بن الحسين ابن عليّ الهذليّ المسعوديّ رحمه الله(ت 346 ه )، مؤسّسة أنصاريان - قمّ المقدّسة - 1417 ه.
3 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: لمحمّد بن الحسن الحرّ العامليّ رحمه الله (ت 1104 ه )، تعليق: أبو طالب تجليل التبريزيّ، 3 ج، 3 مج، المطبعة العلميّة - قمّ المقدّسة.
الإحتجاج: لأبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ رحمه الله (من علماء القرن السادس)، تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادريّ، والشيخ محمّد هادي به، 2 ج، 2 مج، الطبعة الأُولى، انتشارات أسوة - ايران - 1413ه .
4 - إحقاق الحقّ و إزهاق الباطل: للقاضي السيّد نور اللّه الحسينيّ المرعشيّ التستريّ رحمه الله (ت 1019 ه )، 38 ج، 38 مج، مطبعة الإسلاميّة - تهران - سنة 1393 ق.
5 - الإختصاص: للشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ
ص: 666
البغداديّ، الملقّب بالشيخ المفيد رحمه الله (ت 413 ه )، تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفّاريّ، منشورات: جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة - قمّ المقدّسة - 1413 ه ، نشر وتصوير: المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد.
6 - اختيار معرفة الرجال، (المعروف برجال الكشّيّ): لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ رحمه الله(ت 460 ه)، تصحيح وتعليق: حسن المصطفويّ، طبعة: جامعة مشهد، 1348 ه ش.
7 - إرشاد القلوب: لأبي محمّد الحسن بن محمّد الديلميّ رحمه الله، 2 ج، 1 مج، منشورات الشريف الرضيّ - قمّ المشرّفة.
8 - الإرشاد: للشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد رحمه الله (ت 413 ه )، الطبعة الثالثة: منشورات مؤسّسة الأعلميّ - بيروت - 1399 ه.
9 - الإستبصار فيما اختلف من الأخبار: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمه الله (ت 460 ه )، 4 ج، 4 مج، تحقيق وتعليق: السيّد حسن الخرسان، الطبعة الثالثة، دار الأضواء - بيروت - 1406 ه.
10 - الإستيعاب في معرفة الأصحاب: لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بنعبد البرّ القرطبيّ (ت 463 ه )، 4 ج، 4 مج، تحقيق وتعليق: الشيخ عليّ محمّد
معوض الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلميّة - بيروت - الطبعة الأُولى 1415 ه.
11 - الإصابة في تمييز الصحابة: لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن محمّد ابن محمّد بن عليّ الكنانيّ العسقلانيّ المصريّ الشافعيّ، المعروف بابن حجر (ت 852 ه)، 8 ج، 4 مج، دار الكتب العلميّة، - بيروت -.
ص: 667
12 - إعلام الورى بأعلام الهدى: للشيخ أبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ رحمه الله (ت 548 ه )، 2 ج، 2 مج، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قمّ المشرّفة - الطبعة الأُولى 1417ه .
13 - أعيان الشيعة: للسيّد محسن الأمين رحمه الله (ت 1371 ه )، 10 ج، 10 مج، تحقيق: السيّد حسن الأمين، الطبعة الأُولى، دار التعارف للمطبوعات - بيروت - 1406 ه
14 - إكمال الدين و إتمام النعمة «كمال الدين وتمام النعمة»: لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ الصدوق رحمه الله (ت 381 ه )، 2 ج، 1 مج، تحقيق وتعليق: علي أكبر الغفّاريّ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ - قم المقدّسة - 1405 ه.
15 - ألقاب الرسول وعترته علیهم السلام : بعض قدماء المحدّثين والمؤخّرين، المطبوع ضمن كتاب «مجموعة نفيسة».
16 - الأمالي: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمه الله (ت 460 ه)، تحقيق: مؤسّسة البعثة، الطبعة الأُولى، دارالثقافة - قمّ المقدّسة - 1414 ه .
17 - الأمالي: للشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413)، تحقيق: الحسين استاد وليّ + علي أكبر الغفّاريّ، جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة - قمّ المقدّسة - 1403 ه
18 - أمالي الصدوق: للشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ (ت 381 ه )، الطبعة الخامسة، مؤسّسة الأعلميّ - بيروت - 1400 ه.
19 - الإمامة والتبصرة من الخيرة: لأبي الحسن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ (ت 329 ه )، تحقيق: مدرسة الإمام المهديّ علیه السلام - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى،
ص: 668
1404 ه .
20 - أمل الآمل: للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ رحمه الله (ت 1104ه )، تحقيق: السيّد أحمد الحسينيّ، 2 ج، 2 مج، مطبعة الآداب - النجف الأشرف.
21 - الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميميّ السمعانيّ (ت 562 ه )، 5 ج، 5 مج، الطبعة الأُولى 1408 ه ، دار الفكر - بيروت -.
22 - بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار علیهم السلام : للشيخ محمّد باقر ابن محمّد تقيّ المجلسيّ رحمه الله(ت 1110 ه )، 110 ج، 110 مج، نشر وتصوير: مؤسّسة الوفاء - بيروت - الطبعة الثانية 1403 ه.
23 - البرهان في تفسير القرآن: للسيّد هاشم بن سليمان البحرانيّ رحمه الله (ت 1107 ه )، تصحيح: محمود بن جعفر الموسويّ الزرنديّ، 5 ج، 5 مج، الطبعة الثانية، مطبعة آفتاب - طهران - نشر وتصوير مؤسّسة إسماعيليان - قمّ المقدّسة.
24 - بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: لأبي جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبريّ رحمه الله (من علماء القرن السادس)، الطبعة الثانية، المطبعة الحيدريّة، النجف الأشرف 1383 ه.
25 - بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمّد علیهم السلام : للشيخ أبي جعفر محمّد ابن الحسن بن فروخ الصفّار رحمه الله(ت 290 ه )، تقديم وتعليق: حاجّ ميرزا محسن كوچه باغي، مؤسّسة الأعلميّ - طهران - 1404 ه .
26 - بناء المقالة الفاطميّة في نقض الرسالة العثمانيّة: للسيّد أحمد بن موسى بن طاووس، (ت 673 ه )، تحقيق: السيّد عليّ العدنانيّ الغريفيّ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قمّ المشرّفة - الطبعة الأولى، محرّم 1411 ه .
ص: 669
27 - تاريخ الأُمم والملوك (تاريخ الطبريّ): لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ، (ت 310 ه )، 5 ج، 5 مج، الطبعة الثانية، دار الكتب العلميّة - بيروت - 1408 ه.
28 - تاريخ بغداد أو مدينة السلام: للحافظ أبي بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغداديّ (ت 463 ه )، 14 ج، 14 مج، دار الكتب العلميّة - بيروت .
29 - تاريخ دمشق، لابن عساكر: لمحمّد بن مكرّم المعروف بابن منظور (ت 711 ه )، 22 ج، 12 مج، الطبعة الأُولى 1404، دار الفكر - دمشق -.
30 - تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: للسيّد شرف الدين عليّ الحسينيّ الأستراباديّ رحمه الله(من علماء القرن العاشر)، الطبعة الثانية، مؤسّسة النشر الإسلاميّ - قمّ المشرّفة - 1417 ه .
31 - التحصين: المطبوع ضمن الكتاب المسمّى ب«اليقين»، للسيّد رضيّ الدين عليّ بن الطاووس الحليّ (ت 589 ه )، المحقّق: الأنصاريّ، دار الكتاب الجزائريّ - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى 1413 ه .
32 - ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام : من تاريخ مدينة دمشق، لأبي القاسم عليّ بن الحسن بن هبة اللّه الشافعيّ، المعروف بابن عساكر (ت 570 ه )، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحموديّ، 3 ج، 3 مج، مؤسّسة المحموديّ للطباعة والنشر - بيروت -.
33 - تفسير العيّاشيّ:لأبي النضر محمّد بن مسعود بن عيّاش السلميّ السمرقنديّ رحمه الله(من أعلام الغيبة الصغرى) تحقيق: السيّد هاشم الرسوليّ المحلاّتيّ، 2 ج، 2 مج، المكتبة العلميّة - طهران .
34 - تفسير فرات الكوفيّ: لأبي القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفيّ رحمه الله
ص: 670
(من أعلام الغيبة الصغرى)، تحقيق: محمّد الكاظم، الطبعة الأُولى، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ - طهران - 1410 ه.
35 - تفسير القمّيّ: لأبي الحسين عليّ بن إبراهيم القمّيّ، (من أعلام قرني الثالث والرابع)، تصحيح وتعليق: السيّد طيّب الموسويّ الجزائريّ، 2 ج، 2 مج، الطبعة الثالثة، مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر - قمّ المقدسّة - 1404 ه .
36 - التفسير الكبير: للإمام الفخر الرازيّ، (ت 606 ه )، 22 ج، 12 مج، دار إحياء التراث العربيّ - بيروت -.
37 - التفضيل: للشيخ أبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ (ت 449 ه )، مؤسّسة أهل البيت، بنياد بعثت - طهران -.
38 - تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلانيّ، شهاب الدين، أبي الفضل، أحمد بن عليّ بن محمّد (ت 852 ه ) 12 ج، 12 مج، الطبعة الأُولى: بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظاميّة الكائنة في الهند، بمحروسة حيدرآباد الدكن، 1325ه. والطبعة الحديثة مع تقريظ: الشيخ خليل الميس مدير أزهر لبنان، 14 ج، 14 مج + الفهارس، الطبعة الأُولى: دار الفكر - بيروت - 1404ه.
39 - تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (المعروف بمجموعة ورّام): لأبي الحسين ورّام ابن أبي فراس المالكيّ الأشتريّ رحمه الله (ت 605 ه )، 2 ج، 1 مج، الطبعة الثانية، دار الكتب الإسلاميّة - طهران .
40 - تنقيح المقال في علم الرجال: للشيخ عبد اللّه المامقانيّ رحمه الله (ت1351 ه )، 3 ج، 3 مج، المطبعة المرتضويّة - النجف الأشرف - 1352 ه .
41 - التوحيد: للشيخ الصدوق، أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه
ص: 671
القمّيّ (ت 381 ه )، تصحيح وتعليق: السيّد هاشم الحسينيّ الطهرانيّ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ - قمّ المشرّفة .
42 - تهذيب الأحكام: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمه الله (ت 460 ه )، حقّقه وعلّق عليه السيّد حسن الخرسان، 10 ج، 10 مج، الطبعة الثالثة، دار الأضواء - بيروت - 1406 ه.
43 - الثاقب في المناقب: لعماد الدين أبي جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ رحمه الله (ابن حمزة)، (من أعلام القرن السادس)، تحقيق: نبيل رضا علوان، الطبعة الثانية، مؤسّسة أنصاريان - قمّ المقدّسة - 1412 ه .
44 - جامع الأخبار: للشيخ تاج الدين محمّد بن الشعيريّ (من أعلام القرن السادس)، المكتبة الحيدريّة - النجف الأشرف - نشر و تصوير: منشورات الرضيّ - قمّ المقدّسة - الطبعة الثانية، 1363 ه ش.
45 - الجمل والنصرة لسيّد العترة في حرب البصرة: لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد ابن النعمان العكبريّ البغداديّ (الشيخ المفيد) رحمه الله (ت 413 ه )، تحقيق: السيّد عليّ مير شريفيّ، الطبعة الأُولى، مكتب الإعلام الإسلاميّ - قمّ المقدّسة - 1413 ه، نشر و تصوير: المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد.
46 - الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة: للشيخ محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسين الحرّ العامليّ رحمه الله (ت 1104 ه )، الطبعة الأُولى، نشر يس، 1402 ه.
47 - حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهار علیهم السلام : للسيّد هاشم بن سليمان البحرانيّ رحمه الله (ت 1107 ه )، تحقيق ونشر: مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، 2 ج، 5 مج - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1415ه .
ص: 672
48 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الإصبهانيّ رحمه الله (ت 430 ه )، 10 ج، 10 مج، الطبعة الخامسة، دار الكتاب العربيّ - بيروت - 1407 ه.
49 - الخرائج والجرائح: لقطب الدين الراونديّ رحمه الله (ت 573 ه )، 3 ج، 3 مج، تحقيق و نشر: مؤسّسة الإمام المهديّ علیه السلام - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1409 ه .
50 - خصائص الأئمّة علیهم السلام : للشريف الرضيّ أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسويّ البغداديّ رحمه الله (ت 406 ه )، تحقيق: الدكتور محمّد هادي الأمينيّ، مجمع البحوث الإسلاميّة - مشهد المقدّس - 1406 ه .
51 - الخصال: للشيخ الصدوق، أبي جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه الله (ت 381 ه )، 2 ج، 1 مج، تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفّاريّ، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة - قمّ المقدّسة - 1403 ه .
52 - الدرّ المنثور: للشيخ جلال الدين عبد الرحمان السيوطيّ، (ت 911 ه )، 6 ج، 3 مج، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ.
53 - دعائم الإسلام، وذكر الحلال والحرام: للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميميّ المغربيّ رحمه الله (ت 363 ه )، تحقيق: آصف بن عليّ أصغر فيضيّ، 2 ج، 2 مج، دار المعارف - القاهرة - 1383 ه.
54 - الدعوات: «سلوة الحزين»: لأبي الحسين سعيد بن هبة اللّه (قطب الدين الراونديّ) رحمه الله (ت 573 ه )، تحقيق و نشر: مدرسة الإمام المهديّ علیه السلام - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1407 ه .
ص: 673
55 - دلائل الإمامة: لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبريّ رحمه الله (من أعلام القرن الخامس)، تحقيق ونشر: مؤسّسة البعثة - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى 1413 ه .
56 - دلائل النبوّة: لأبي نعيم الإصفهانيّ (ت 430 ه )، تحقيق: الدكتور محمّد روّاس قلعه جي + عبد البرّ عبّاس، 2 ج، 1 مج، الطبعة الثالثة 1412 ه دار النفائس - بيروت -.
57 - رجال النجاشي: للشيخ أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس
النجاشي الأسديّ الكوفيّ رحمه الله (ت 450 ه )، تحقيق: السيّد موسى الشبيريّ الزنجانيّ ،مؤسّسة النشر الإسلاميّ لجماعة المدرّسين بقمّ المشرّفة.
58 - روضة الواعظين: للفتّال النيسابوريّ رحمه الله (ت 508 ه )، تصحيح: الشيخ حسين الأعلميّ، الطبعة الأُولى 1406 ه، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - .
59 - سعد السعود: لرضيّ الدين أبي القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس رحمه الله (ت 664 ه )، منشورات الرضيّ - قمّ المقدّسة - 1363 هش.
60 - سنن الدارميّ: لأبي محمّد عبد اللّه بن عبد الرحمان بن الفضل بن بحران الدارميّ (ت 255 ه )، 2 ج، 2 مج، دار إحياء السنّة النبويّة.
61 - السيرة النبوّية: لابن هشام، أبي محمّد عبد الملك بن هشام المعافريّ (ت 213 ه )، 4 ج، 2 مج، دارالجيل - بيروت -.
62 - شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار علیهم السلام : للقاضي أبي حنيفة النعمان ابن محمّد التميميّ المغربيّ (ت 363 ه )، 3 ج، 3 مج، مؤسّسة النشر الإسلاميّ،
ص: 674
التابعة لجماعة المدرّسين - قمّ المشرّفة -.
63 - شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: للحافظ عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكانيّ (من أعلام القرن الخامس)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر المحموديّ، 3 ج، 3 مج، الطبعة الأُولى، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ - ايران - 1411 ه.
64 - صحيفة الإمام الرضا علیه السلام : تحقيق ونشر: مؤسّسة الإمام المهديّ (عجّ) - قمّ المقدّسة - 1408 ه.
65 - الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم: للشيخ زين الدين أبي محمّد عليّ بن يونس العامليّ رحمه الله (ت 877 ه )، تحقيق و تصحيح: محمّد الباقر المحموديّ، 3 ج، 3 مج، المكتبة المرتضويّة - طهران - الطبعة الأُولى، 1384 ه .
66 - الصواعق المحرقة: لأحمد بن حجر الهيتميّ المكّيّ (ت 974 ه ) مكتبة القاهرة، طبع الثاني 1385 ه.
67 - الضعفاء الصغير: للإمام الحافظ محمّد بن إسماعيل البخاريّ (ت 256 ه )، دار المعرفة - بيروت -.
68 - الضعفاء الكبير: لأبي جعفر محمّد بن عمرو بن موسى بن حمّاد العقيليّ المكّيّ (ت 322 ه )، 4 ج، 4 مج، الطبعة الأُولى 1404 ه ، دار الكتب العلميّة - بيروت -.
69 - الضعفاء والمتروكين: لأبي عبد الرحمان أحمد بن شعيب النسائيّ (ت 303 ه )، مؤسّسة الكتب الثقافيّة - بيروت -.
70 - الطبقات الكبرى: لابن سعد محمّد بن سعد كاتب الواقديّ (ت 230 ه )، 9 ج، 9 مج، طبعة: دار بيروت للطباعة و النشر، 1405ه.
ص: 675
71 - العدد القويّة لدفع المخاوف اليوميّة: لعليّ بن يوسف الحلّيّ رحمه الله، تحقيق: السيّد مهديّ الرجائيّ، نشر: مكتبة آية اللّه المرعشيّ العامّة، مطبعة سيّد الشهداء - الطبعة الأُولى - 1408 ه.
72 - عُدّة الداعي ونجاح الساعي: لأحمد بن فهد الحلّيّ رحمه الله (ت 841 ه )، تصحيح: أحمد الموحّديّ القمّيّ، الطبعة الأُولى، دار الكتاب الإسلاميّ، 1407 ه.
73 - علل الشرائع: للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمّيّ رحمه الله (ت 381 ه )، 2 ج، 1 مج، تقديم: السيّد محمّد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الحيدريّة - النجف الأشرف - 1385 ه، نشر وتصوير: مكتبة الداوريّ، قمّ المقدسّة.
74 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: لجمال الدين أحمد بن عليّ الحسينيّ، المعروف بإبن عنبة رحمه الله (ت 828 ه )، مؤسّسة أنصاريان - قمّ المقدّسة - 1417 ه.
75 - عمدة عيون صحاح الأخبار: للحافظ ابن البطريق، شمس الدين يحيى بن الحسن بن الحسين الأسديّ الربعيّ الحلّيّ رحمه الله (ت 600 ه )، 2 ج، 1 مج، تحقيق الشيخ مالك المحموديّ والشيخ ابراهيم البهادريّ، مطبعة أفست - تهران -.
76 - عوالي اللئالي العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة : لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الإحسائيّ، المعروف بابن أبي جمهور رحمه الله(كان حيّا سنة 912 ه )، 4 ج، 4 مج، تحقيق: الحاجّ آقا مجتبى العراقيّ، الطبعة الأُولى، مطبعة سيّد الشهداء - قمّ المقدّسة - 1403 ه.
77 - عيون أخبار الرضا علیه السلام : للشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه الله(ت 381 ه )، تصحيح: السيّد مهديّ الحسينيّ
ص: 676
اللاجورديّ، 2 ج، 1 مج، انتشارات جهان - طهران - 1378 ه .
78 - عيون المعجزات: للشيخ حسين بن عبد الوهّاب رحمه الله (من أعلام القرن الخامس)، الطبعة الثالثة، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - 1403 ه.
79 - الغيبة: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ رحمه الله (ت 460 ه )، تحقيق: الشيخ عباد اللّه الطهرانيّ + الشيخ عليّ أحمد ناصح، الطبعة الأُولى، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة - قمّ المقدّسة - 1411 ه.
80 - الغيبة: للشيخ محمّد بن إبراهيم النعمانيّ رحمه الله (من أعلام القرن الرابع)، تحقيق: عليّ أكبر الغفّاريّ، مكتبة الصدوق - طهران .
81 - الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة علیهم السلام : للشيخ عليّ بن محمّد بن أحمد بن المالكيّ الشهير بابن صبّاغ (ت 885 ه )، مكتبة دار الكتب التجاريّة، النجف الأشرف.
82 - فضائل الشيعة: للشيخ الصدوق، أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ رحمه الله (ت 381 ه )، انتشارات أعلميّ - طهران -.
83 - الفهرست للنديم: لأبي الفرج محمّد بن أبي يعقوب إسحاق بن محمّد بن
إسحاق الورّاق، المعروف بالنديم (ت 380 ه ).
84 - قرب الإسناد: للشيخ أبي العبّاس عبد اللّه بن جعفر الحميريّ رحمه الله (من أعلام القرن الثالث الهجريّ)، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1413 ه .
85 - قصص الأنبياء علیهم السلام : لقطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ رحمه الله (ت 573 ه )، تحقيق: غلام رضا عرفانيان اليزديّ، الطبعة الأُولى 1409 ه، مؤسّسة المفيد
ص: 677
للطباعة والنشر - بيروت -.
86 - قصص الأنبياء علیهم السلام : للسيّد نعمة اللّه الجزائريّ، المطبعة: شريعت، انتشارات الشريف الرضّي - قمّ -.
87 - الكافي: لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله (ت 329 ه )، 8 ج، 8 مج، تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفّاريّ، دار الأضواء - بيروت - 1405 ه.
88 - كامل الزيارات: للشيخ أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّيّ رحمه الله (ت 368 ه )، تحقيق: الشيخ جواد القيّوميّ، الطبعة الأُولى، مؤسّسة نشر الفقاهة - قمّ المقدّسة - 1417 ه
89 - كتاب سليم بن قيس: للشيخ أبي صادق سليم بن قيس الهلاليّ العامريّ الكوفيّ رحمه الله (ت 76 ه )، 3 ج، 3 مج، تحقيق: الشيخ محمّد باقر الأنصاريّ، الطبعة الثانية، نشر الهادي - قمّ المقدّسة - 1416 ه .
90 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة علیهم السلام : لأبي الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربليّ رحمه الله (ت 693 ه )، 2 ج، 2 مج، تحقيق: السيّد هاشم الرسوليّ، مكتبة بني هاشميّ، تبريز - ايران - 1381 ه .
91 - كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين علیه السلام : لجمال الدين الحسن بن يوسف الحلّيّ رحمه الله (ت 726 ه )، تحقيق: عليّ آل كوثر، الطبعة الأُولى، مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة - قمّ المقدسّة - 1413 ه .
92 - كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الإثنى عشر علیهم السلام : لأبي القاسم عليّ بن محمّد ابن عليّ الخزّاز القمّيّ رحمه الله(من أعلام القرن الرابع)، تحقيق: السيّد عبد اللطيف
ص: 678
الحسينيّ، انتشارات بيدار - قمّ المقدّسة - 1401 ه .
93 - كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب علیه السلام : لأبي عبد اللّه محمّد بن يوسف بن محمّد القرشيّ الكنجيّ الشافعيّ (ت 658 ه )، تحقيق وتصحيح: محمّد هادي الأمينيّ، الطبعة الثالثة، دار إحياء تراث أهل البيت علیهم السلام - طهران - 1404 ه.
94 - كنز العمّال: للعلاّمة علاء الدين المتّقي بن حسام الدين الهنديّ (ت 975 ه )، 18 ج، 18 مج، مؤسّسة الرسالة - بيروت -.
95 - كنز الفوائد: لأبي الفتح محمّد بن عليّ الكراجكيّ رحمه الله (ت 449 ه )، مكتبة المصطفويّ - قمّ المقدّسة -.
96 - لسان العرب: لأبي الفضل جمال الدين محمّد بن مكرم بن منظور الأفريقيّ المصريّ، 18 ج، 18 مج، نشر أدب الحوزة - قمّ المقدسّة - 1405 ه.
97 - لسان الميزان: لابن حجر العسقلانيّ، شهاب الدين أبي الفضل، أحمد بن عليّ بن محمّد (ت 852 ه )، 9 ج، 9 مج، الطبعة الأُولى، دار إحياء التراث العربيّ + مؤسّسة التاريخ العربيّ - بيروت - 1416 ه.
98 - مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده علیهم السلام : لأبي الحسن القمّيّ المعروف «بابن شاذان» رحمه الله (من أعلام القرن الرابع)، تحقيق: نبيل رضا علوان، الطبعة الأُولى، الدار الإسلاميّة - بيروت - 1409 ه.
99 - المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين: للحافظ محمّد بن حبّان بن أحمد أبي حاتم التميميّ (ت 354 ه )، 3 ج، 3 مج، تحقيق: محمود إبراهيم زائد.
ص: 679
100 - مجمع البحرين: للشيخ فخر الدين الطريحيّ رحمه الله (ت 1085 ه )، 6 ج، 6 مج، تحقيق: السيّد أحمد الحسينيّ، المكتبة المرتضويّة - طهران .
101 - مجمع البيان في تفسير القرآن: للشيخ أبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ رحمه الله(ت 548 ه )، 10 ج، 5 مج، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشيّ - قمّ المقدّسة - 1403 ه .
102 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للحافظ نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ، (ت 807 ه )، 10 ج، 10 مج، دارالكتاب العربيّ - بيروت -.
103 - المحاسن: للشيخ أبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ رحمه الله (ت 280 ه )، 2 ج، 1 مج، تصحيح وتعليق: السيّد جلال الدين الحسينيّ، الطبعة الثانية، دار الكتاب الإسلاميّة - قمّ المقدّسة -.
104 - مختصر بصائر الدرجات: للشيخ حسن بن سليمان الحلّيّ رحمه الله (من علماء القرن التاسع)، الطبعة الأُولى ، المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف - 1370 ه، نشر و تصوير: انتشارات الرسول المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم - قمّ المقدّسة -.
105 - مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر علیهم السلام ودلائل الحجج على البشر: للسيّد هاشم البحرانيّ رحمه الله (ت 1107 ه )، تحقيق: الشيخ عزّة اللّه المولائيّ، 8 ج، 8 مج، الطبعة الأُولى، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة - قمّ المقدّسة - 1413 ه .
106 - مروج الذهب و معادن الجوهر: لأبي الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعوديّ رحمه الله (ت 346 ه )، تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد، 4 ج، 4 مج، دار المعرفة - بيروت -.
107 - مستدركات علم رجال الحديث: للشيخ عليّ النمازيّ الشاهروديّ، 8 ج،
ص: 680
8 مج، الطبعة الأُولى، مطبعة حيدريّ - طهران - 1412 ه .
108 - المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوريّ (ت 405 ه )، 4 ج، 4 مج، دار الكتب العلميّة - بيروت -.
109 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل: لميرزا حسين النوريّ الطبرسيّ رحمه الله (ت 1320 ه )، 18 ج، 18 مج، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1407 ه .
110 - المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب علیه السلام : لمحمّد بن جرير بن رستم الطبريّ الإماميّ (من أعلام القرن الرابع)، تحقيق: الشيخ أحمد المحموديّ، الناشر: مؤسّسة الثقافة الإسلاميّة لكوشانبور - الطبعة الأولى، المطبعة: سلمان الفارسيّ - قمّ.
111 - مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين علیه السلام : للحافظ رجب البرسيّ رحمه الله، الطبعة الثانية، المكتبة الحيدريّة - قمّ المقدّسة - 1416 ه .
112 - مشكاة الأنوار في غرر الأخبار: لثقة الإسلام أبي الفضل عليّ الطبرسيّ رحمه الله (ت أوائل القرن السابع ه)، منشورات المكتبة الحيدريّة في النجف، الطبعة الثانية 1385 ه.
113 - المصباح المنير: لأحمد بن محمّد بن عليّ المقري الفيّوميّ (770 ه )، 2 ج، 1 مج، منشورات دار الهجرة - قمّ -.
114 - معاني الأخبار: للشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه الله(ت 381 ه )، تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفّاريّ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ - قمّ المقدّسة - 1361 ه ش.
ص: 681
115 - معجم البلدان: لشهاب الدين أبي عبد اللّه ياقوت بن عبد اللّه الحَمَويّ الروميّ البغداديّ (ت 626 ه ) 5 ج، 5 مج، دار صادر - بيروت - 1376 ه.
116 - معجم رجال الحديث و تفصيل طبقات الرواة: لآية اللّه السيّد أبو القاسم الموسويّ الخوئي رحمه الله (ت 1413 ه )، 23،ج، 23،مج، الطبعة الرابعة، مركز نشر آثار الشيعة - قمّ المقدّسة - 1410 ه.
117 - المعجم الوسيط: للدكتور إبراهيم أنيس - الدكتور عبد الحليم منتصر- عطيّة الصوالحي - محمّد خلف اللّه أحمد، 2 ج، 1 مج، الطبعة الثالثة 1408 ه ، الناشر: مكتب نشر الثقافة الإسلاميّة.
118 - مقتل الحسين علیه السلام : للموفّق بن أحمد المكّيّ أخطب خوارزم (ت 568 ه )، تحقيق: الشيخ محمّد السماويّ، الناشر: أنوار الهدى - قمّ المقدّسة -.
119 - المناقب: للموفّق بن أحمد بن محمّد المكّي الخوارزميّ (ت 568 ه )، تحقيق: الشيخ مالك المحموديّ، الطبعة الثالثة، مؤسّسة النشر الإسلاميّ - قمّ المقدّسة - 1417 ه .
120 - مناقب آل أبي طالب: لأبي جعفر رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب السرويّ المازندرانيّ رحمه الله (ت 588 ه )، 4 ج، 4 مج، المطبعة العلميّة - قمّ المقدسّة -.
121 - مناقب أهل البيت علیهم السلام : للمولى حيدر عليّ بن محمّد الشروانيّ رحمه الله (من أعلام القرن الثاني عشر)، تحقيق: الشيخ محمّد الحسّون، مطبعة المنشورات الإسلاميّة، 1414.
122 - المنتخب في جمع المراثي والخطب: لفخر الدين الطريحيّ النجفيّ رحمه الله (ت 1085 ه )، انتشارات مكتبة أروميّة - قمّ المقدّسة -.
123 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: لأبي الفرج عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد
ص: 682
بن الجوزيّ (ت 597 ه )، دراسة وتحقيق: محمّد عبد القادر عطا - مصطفى عبد القادر عطا، 18 ج، 16 مج، الطبعة الثانية 1415 ه ، دار الكتب العلميّة - بيروت -.
124 - المنجد في اللغة والأعلام: لويس معلوف، الطبعة الخامسة والثلاثون، دار المشرق - بيروت - 1996 م.
125 - من لا يحضره الفقيه: للشيخ الصدوق أبي جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ رحمه الله (ت 381 ه )، 4 ج، 4 مج، تحقيق و تعليق: السيّد حسن الخرسان، الطبعة السادسة، دار الأضواء - بيروت - 1405 ه.
126 - موسوعة الإمام الجواد علیه السلام : للجنة العلميّة، 2 ج، 2 مج، الطبعة الأُولى، مؤسّسة وليّ العصر (عجّ)، للدراسات الإسلاميّة - قمّ المشرّفة - 1419 ه.
127 - ميزان الاعتدال: للذهبيّ شمس الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان (ت 748ه )، 4 ج، 4 مج، تحقيق: عليّ محمّد البجاويّ، طبعة: دار الفكر - بيروت - 1382ه.
128 - نوادر المعجزات في مناقب الأئمّة الهداة علیهم السلام : لمحمّد بن جرير بن رستم الطبريّ رحمه الله (من أعلام القرن الخامس)، تحقيق و نشر: مدرسة الإمام المهديّ علیه السلام - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1410 ه.
129 - نور الأبصار: في مناقب آل بيت النبيّ المختار علیهم السلام : للشيخ مؤمن الشبلنجيّ (من علماء القرن الثالث عشر الهجريّ)، منشورات الشريف الرضيّ - قمّ المقدّسة.
130 - نور الثقلين: للشيخ عبد عليّ بن جمعة العروسيّ الحويزيّ رحمه الله (ت 1112 ه )، 5 ج، 5 مج، تصحيح و تعليق: السيّد هاشم الرسوليّ المحلاّتيّ، الطبعة الثانية،
ص: 683
المطبعة العلميّة - قمّ المقدّسة - 1383 ه .
131 - نهج البلاغة: مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمّد الرضيّ بن الحسن الموسويّ رحمه الله، من كلام أمير المؤمنين أبي الحسن عليّ بن أبي طالب علیه السلام (ت 406 ه )، تحقيق: الدكتور صبحي الصالح، الطبعة الأُولى 1387 ه - بيروت.
132 - نهج الحقّ وكشف الصدق: للحسن بن يوسف المطهّر الحلّيّ رحمه الله (ت 726 ه )، علّق عليه الشيخ عين اللّه الحسنيّ الأرمويّ، الطبعة الرابعة، مؤسّسة الطباعة والنشر، دار الهجرة - قمّ المقدّسة - 1414 ه .
133 - وسائل الشيعة: للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ رحمه الله (ت 1104 ه )، 30 ج، 30 مج، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قمّ المقدّسة - الطبعة الأُولى، 1409 ه .
134 - وقعة صفّين: لنصر بن مزاحم المنقريّ (ت 212 ه )، تحقيق: عبد السلام محمّد هارون، منشورات مكتبة آية اللّه العظمى المرعشيّ النجفيّ - قمّ -.
135 - الهداية الكبرى: لأبي عبد اللّه الحسين بن حمدان الخصيبيّ رحمه الله (ت 334 ه )، الطبعة الرابعة، مؤسّسة البلاغ - بيروت - 1411 ه.
136 - اليقين باختصاص مولانا عليّ علیه السلام بإمرة المؤمنين: للسيّد رضيّ الدين عليّ ابن الطاووس الحلّيّ رحمه الله (ت 664 ه )، تحقيق: الأنصاريّ، الطبعة الأُولى، مؤسّسة دار الكتاب - قمّ المقدّسة - 1413 ه .
137 - ينابيع المودّة لذوي القربى: لسليمان بن إبراهيم القندوزيّ الحنفيّ (ت 1294ه )، 3 ج، 3 مج، تحقيق: سيّد عليّ جمال أشرف الحسينيّ، الطبعة الأُولى، دار الأسوة للطباعة والنشر - قمّ المقدّسة - 1416 ه .
ص: 684
إعطاء اللّه تعالى نبيّه صلی الله علیه و آله وسلم خمسا، وعليّا علیه السلام خمسا... 11
تفضيل النبيّ عليّا علیهماالسلام بأمر اللّه تعالى... 16
محبّة أهل البيت علیهم السلام وذمّ الدنيا... 19
فضائل أهل البيت علیهم السلام وذمّ مخالفيهم... 21
فضل الشيعة و حالهم في القيامة... 28
خِطبة آمنة ومهرها... 30
زواج عبد اللّه بآمنة عليهاالسلام وحملها بسيّد المرسلين صلی الله علیه و آله وسلم ... 34
سجود الأشياء للّه تعالى لتعظيم النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 38
البشارة لمن آمن بالنّبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ، والويل لمن كفر به... 39
البشارة بمجيء الحقّ وزهوق الباطل لمولد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 40
احتفال الملائكة والكواكب، واستبشارهم بولادة النبي صلی الله علیه و آله وسلم ... 43
هبوط الحوريّات لخدمة آمنة حين ولادة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 44
تاريخ ولادة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وحدوث بعض المعجزات حين ولادته صلی الله علیه و آله وسلم ... 46
فزع إبليس وأولاده بعد ولادة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 48
ص: 685
تغسيل جبرئيل وميكائيل علیهماالسلام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بماء الجنّة... 49
الأعلام التي نصبت على الجبال بعد ولادة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 51
بعض ما حدث من المعجزات والحوادث بعد ولادته صلی الله علیه و آله وسلم ... 52
ما جرى عليه صلی الله علیه و آله وسلم في بيت اللّه يوم الثاني من ولادته... 58
اشتراء المهد للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في اليوم الثالث من ولادته... 61
ما صدر عنه صلی الله علیه و آله وسلم في اليوم الرابع من ولادته... 62
وفاة جدّه صلی الله علیه و آله وسلم وهب بعد شهرين، وأُمّه بعد أربعة أشهر من ولادته، ومجيء حليمة لإرضاعه... 64
إنّ محمّدا صلی الله علیه و آله وسلم كان مطهّرا طيّبا... 74
تزيين الملائكة إيّاه صلی الله علیه و آله وسلم بثياب الجنّة، و إرجاعه إلى جدّه... 75
إعجاز النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في الذئب والمواشي... 77
ذهاب رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى الصحراء ثمّ إلى الروضة وراء الجبل، وبعض معجزاته... 80
فقد النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وتفحّص جدّه وقريش عنه... 91
تهنئة عبد المطّلب وجماعة من قريش لسيف بن ذي يزن ملك اليمن... 96
إهداء سيف بن ذي يزن الهدايا لعبد المطّلب وفرسا للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 106
وفاة عبد المطّلب ووصيّته إلى أولاده وأبي طالب بإكرام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 109
وجع عين النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ومعجزته في شفاء حبيب الراهب... 118
علّة وقوع مفتاح الكعبة عند بني شيبة... 123
خبر عرفطة الجنّي... 141
ص: 686
ثلاث معجزات للإمام عليّ علیه السلام ... 147
سلام الطفل على الإمام بإمرة المؤمنين، ونجاته بإعجازه علیه السلام ... 151
حكم الإمام عليّ علیه السلام في صبيّ تنازعت فيه امرأتان... 153
حكمه علیه السلام في جمل تنازع فيه رجل وامرأة... 154
نزول النجم في دار الإمام عليّ علیه السلام ... 157
شفاعة الأئمّة علیهم السلام للمذنبين... 160
تكلّم الإمام عليّ علیه السلام مع الموتى... 161
معجزته علیه السلام في إحياء ميّت آخر... 163
ردّ الشمس للإمام عليّ علیه السلام ببابل... 165
رجوع الشمس للإمام عليّ في حياة النبيّ علیهماالسلام ... 169
مكالمة الإمام عليّ علیه السلام مع الشمس... 172
تسبيح الجام في يد أمير المؤمنين علیه السلام ... 176
معجزة أمير المؤمنين علیه السلام في مكالمة الثعبان... 177
مكالمة الإمام عليّ علیه السلام مع جمجمة في فضائل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 180مكالمته علیه السلام مع جمجمتين و دوابّ النهر... 183
إعجاز عليّ علیه السلام في كشف صخرة عليها أسماء الأنبياء علیهم السلام ... 186
إعجازه علیه السلام في عدم إحراق النار مواليه... 189
إسلام مالك بن نويرة واستشهاده... 192
مناظرة معاذ بن جبل مع معاوية في الإمام على علیه السلام ... 196
مفاخرة عليّ وفاطمة علیهماالسلام عند النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 203
ص: 687
أسامي الخمسة النجباء علیهم السلام على باب الجنّة... 211
مفاخرة الامام عليّ مع ولده الحسين علیهماالسلام ... 213
تكلّم سلمان رضى الله عنه مع الموتى قبل وفاته، وحضور أمير المؤمنين علیه السلام عنده لتجهيزه ودفنه... 218
إهداء اللّه تعالى أُتْرُجّة للإمام عليّ علیه السلام ... 232
تبرّك الملائكة بماء وجه عليّ علیه السلام ... 234
من أقرّ بولاية الإمام عليّ علیه السلام غفر اللّه ذنوبه... 235
اتّباع آثار الإمام عليّ علیه السلام يوجب دخول الجنّة... 236
مباهاة اللّه تعالى بعليّ علیه السلام على الملائكة... 239
المراد من قوله تعالى: (إمَامٍ مُبِينٍ) هو الإمام عليّ علیه السلام ... 241
اختيار اللّه تعالى عليّا لفاطمة علیهماالسلام ... 243
اختصاص آية التطهير بالخمسة الطيّبة علیهم السلام ... 245
نظارة النبيّ والأئمّة علیهم السلام إلى أعمال الأُمّة... 247
مناقب أخرى لأمير المؤمنين علیه السلام ... 249
تهنئة جبرئيل عليّا علیهماالسلام بإمرة المؤمنين... 254
ضربة عليّ علیه السلام اللات والعزّى، وكسر الأصنام... 256
خشوع عليّ علیه السلام للّه تعالى وإعراضه عن الدنيا وما فيها... 259
جزاء من خالف عليّ بن أبي طالب علیه السلام ... 262
إنّ عليّا علیه السلام كان أعرف بطرق السماوات من طرق الأرض، وكان خير الأوصياء... 263
ص: 688
صفات المرسلين علیهم السلام المجتمعة في الإمام عليّ علیه السلام ... 265
علم عليّ علیه السلام بالغائب وتزوّجه بالحنفيّة... 268
انفتاح آلاف باب من العلم لعليّ علیه السلام ممّا علّمه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 275
وفاة فاطمة بنت أسد وتلقينها بولاية ابنها الإمام عليّ علیه السلام ... 277
إخبار عليّ علیه السلام باستشهاد ميثم التمّار... 280
قوله تعالى: (فِي بُيُوت) هي بيوت الأنبياء وبيت الزهراء علیهم السلام ... 282
إنّ عليّا علیه السلام سمّي أمير المؤمنين قبل خلق آدم علیه السلام ... 283
إخبار الإمام عليّ علیه السلام بكيفيّة استشهاده... 284
إخبار عليّ علیه السلام بالمغيبات... 286
قضاء عليّ علیه السلام في المرأة التي أنكرت ولدها... 289
إعجاز عليّ علیه السلام في ماء الفرات بعد الطغيان... 294
سلام النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على أويس القرنيّ... 296
حديث المقدسيّ ومعجزة الإمام عليّ علیه السلام في نجاته... 297
بعض فضائل أخرى لمولانا الإمام عليّ علیه السلام ... 305
فضل حبّ الإمام عليّ علیه السلام ... 307
إخراج الإمام عليّ علیه السلام كنزا لعمّار... 308
مثل الإمام عليّ علیه السلام مثل سورة التوحيد... 310
حبّ عليّ علیه السلام عنوان صحيفة المؤمن... 318
تسمية جبرئيل عليّا علیهماالسلام بأمير المؤمنين... 319
تسمية النبيّ عليّا علیهماالسلام بإمام المتّقين... 321
ص: 689
جزاء من شتم عليّا علیه السلام ... 324
كفّ النبيّ وكفّ الإمام عليّ علیهماالسلام سواء... 325
القنبرة تلعن أعداء عليّ علیه السلام ... 327
فضائل الخمسة النجباء علیهم السلام ... 329
مكتوب على لواء اللّه: آل محمّد علیهم السلام خير البريّة... 342
تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ )... 343
إنّ عليّا علیه السلام خليفة رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وخازن سرّه... 345
نزول جبرئيل لاستجابة دعاء عليّ علیهماالسلام ... 347
ولاية عليّ علیه السلام فرض من اللّه... 349
كسوة إبراهيم ورسول اللّه وعليّ علیهم السلام يوم القيمة... 352
بعض فضائل الأئمّة علیهم السلام وشيعتهم... 354
الخمسة النجباء علیهم السلام خلقوا قبل الخلق بألفي عام... 360
سبع سنن في الإمام عليّ علیه السلام من سنن الأنبياء علیهم السلام ... 363
إخراج عليّ علیه السلام سبع نوق من الجبل... 366
جواب الإمام عليّ علیه السلام عن مسائل اليهوديّ... 369
ولاية الإمام عليّ علیه السلام على كلّ من يسكن الأرض... 373
النجاة في التمسّك بالخمسة النجباء علیهم السلام ... 375
غضب النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم على من أهان أهل بيته علیهم السلام ... 376
جواب الإمام عليّ علیه السلام عن سؤال الخليفة... 380
فضل الإمام عليّ علیه السلام على سبعة من الأنبياء علیهم السلام ... 382
ص: 690
آيات من القرآن في فضائل محمّد وأهل بيته علیهم السلام ... 386
معجزة الإمام عليّ علیه السلام في إحياء جلنديّ بعد ثلاثة آلاف عام... 394
افتراق الأُمّة على ثلاث وسبعين فرقة... 396
إخبار الإمام عليّ علیه السلام بما علّمه النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم في بني أُميّة، وبنيالعبّاس... 400
إظهار الإمام عليّ علیه السلام المغيبات، وما علّمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم ... 403
فضل الإمام عليّ علیه السلام على جميع العالم... 409
إنّ عليّا علیه السلام الصدّيق الأكبر، والفاروق بين الحقّ والباطل... 411
اعتراف النخل الصيحانيّ بنبوّة محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ووصاية الإمام عليّ علیه السلام ... 414
فضل عليّ علیه السلام على الأُمّة كفضل ليلة القدر... 416
الأئمّة علیهم السلام هم الحبل الممدود... 417
رفع المطر عن الأُمّة ببغضهم لعليّ علیه السلام ... 418
خمس خصال للإمام عليّ علیه السلام ، واحدة منها خير من الدنيا وما فيها... 419
تصدّق الإمام عليّ علیه السلام بخاتمه ونزول الآية في شأنه... 423
جواب الإمام عليّ علیه السلام عن مسائل الأسقف... 427
إنّ اللّه تعالى رفع ذكر النبيّ مع عليّ علیهماالسلام ... 431
خبر آخر في ردّ الشمس لعليّ علیه السلام ... 432
دخول شيعة عليّ علیه السلام الجنّة بغير حساب... 434
خمس خصال للإمام عليّ علیه السلام ... 435
النصّ على إمامة عليّ علیه السلام ونزول النجم في بيته... 437
من عرف حقّ الإمام عليّ علیه السلام طاب ومن أنكر حقّه كفر وخاب... 439
ص: 691
كلام أمير المؤمنين علیه السلام مع الثعبان في جامع الكوفة... 441
معراج النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ورؤية ما كانت مكتوبة على أبواب الجنّة والنار... 443
ذرّيّة النبيّ من صلب عليّ وفاطمة علیهم السلام ... 447
وزن أعمال الأُمّة في ميزان النبيّ وأهل بيته علیهم السلام ... 449
مشاركة الشيطان في نطفة أعداء عليّ علیه السلام ... 450
علم الإمام عليّ علیه السلام بما في الأرحام، ونزول المطر بدعائه... 452
أنوار النبيّ وأهل بيته علیهم السلام بجانب العرش... 458
اعتراف إبليس بولاية الإمام عليّ علیه السلام ... 461
إعجاز الإمام عليّ علیه السلام في شفاء غلام مفلوج... 463
الإمام عليّ علیه السلام خير البشر... 469
كلام الإمام عليّ علیه السلام مع الدرّاج على الصفا... 471
تفسير الشمس والزهرة والفرقدان بالخمسة النجباء علیهم السلام ... 473
حديث تكلّم الإمام عليّ علیه السلام مع الشمس... 475
بناء الإسلام على أشياء منها الولاية... 478
خبر البساط ومكالمة أصحاب الكهف مع الإمام عليّ علیه السلام ... 479
الأئمّة علیهم السلام مصابيح الدجى وأعلام الهدى... 485
حكم الإمام عليّ علیه السلام في الثور الذي قتل حماراً... 487
ارتزاق النبيّ ووصيّه علیهماالسلام برمّانة من السماء... 489
كتابة نصرة اللّه النبيّ بعليّ علیهماالسلام على قائمة العرش... 490
إعطاء اللّه تعالى النبيّ ووصيّه علیهماالسلام خمس فضائل... 491
ص: 692
سلوك طريقة عليّ علیه السلام يوجب مرضاة اللّه تعالى... 494
فضل أهل البيت علیهم السلام عند اللّه تعالى وعند رسوله صلی الله علیه و آله وسلم ... 495
تكلّم الإمام عليّ علیه السلام مع الأسد، وبعض معجزاته الأخرى... 497
إعجاز عليّ علیه السلام في اتّصال اليد المقطوعة... 502
حديث إحياء بقرة ميتة... 506
شجاعة الإمام عليّ علیه السلام في الحروب، ودفاعه عن النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 508
أسماء الإمام عليّ علیه السلام في القرآن... 510
أسماء الإمام عليّ علیه السلام في المذاهب، والقبائل... 516
هداية الأُمّة بالنبيّ وعترته علیهم السلام ... 521
قبول توبة آدم بمحمّد وأهل بيته علیهم السلام ... 522
الكلمات المكتوبة على أوراق الجنّة... 523
مباهاة اللّه تعالى على الملائكة بالأئمّة علیهم السلام ... 524
حبّ عليّ وأولاده المعصومين علیهم السلام جواز دخول الجنّة... 525
عظمة عليّ في كلام جبرئيل علیهماالسلام ... 527
اسم محمّد وعليّ وأولاده علیهم السلام مكتوب في التوراة... 528
علىّ علیه السلام هو الصدّيق الأكبر وسيّد الأوصياء... 530
ذكر الهام، من ذرّيّة إبليس أسماء عليّ علیه السلام وأوصافه من الكتب السماويّة... 531
إنّ عليّ بن أبي طالب علیه السلام قبلة العارفين وسيّد الوصيّين... 538
نصّ النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم وصاية عليّ علیه السلام وخلافته... 539
فضل ذكر الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام ... 541
ص: 693
زهور وجه عليّ علیه السلام وهلاك من تمسّك بغيره... 542
لو كان أهل الأرض محبّي عليّ علیه السلام لما خلق اللّه النار... 543
أثر حبّ عليّ علیه السلام وعقاب من لم يلتزم بولايته... 544
أثر إنكار ولاية عليّ علیه السلام عند اللّه تعالى... 546
بعثة الأنبياء على نبوّة محمّد و إمامة عليّ علیهم السلام ... 547
منزلة عليّ علیه السلام عند اللّه تعالى وعند النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم ... 549
حكم الإمام عليّ علیه السلام في عبد مقيّد اجتاز على جماعة... 551
إنّ عليّا علیه السلام قسيم الجنّة والنار... 553
علم موسى وخضر بالنسبة إلى علوم محمّد وعليّ علیهم السلام كقطرة من البحر... 557
عداوة السبع لمبغضي الإمام عليّ علیه السلام ... 559
خصال مختصّة بالإمام عليّ علیه السلام ... 561
فضائل شتّى لعليّ أمير المؤمنين علیه السلام ... 563
وصف ابن عبّاس الإمام عليّ بن أبي طالب علیه السلام عند معاوية... 567
فضيلة الحجّ وزيارة الحسين علیه السلام ... 568
فضل الشيعة و تفويض حساب الخلق إلى محمّد وعليّ علیهماالسلام ... 570
ص: 694
فهرس الفهارس
فهرس الآيات القرآنيّة... 575
فهرس الأدعية والأذكار... 585
فهرس الأحاديث... 587
فهرس الآثار... 598
فهرس المعصومين ( النبيّ وعترته علیهم السلام )... 602
فهرس الأنبياء والأوصياء علیهم السلام ... 611
فهرس الملائكة علیهم السلام ... 614
فهرس أعلام الرجال... 616
فهرس أعلام النساء... 624
فهرس الملوك والخلفاء... 626
فهرس الفرق والمذاهب والقبائل... 628
فهرس الأمكنة والبلدان... 635
فهرس الوقائع والأيّام... 644
فهرس الكتب السماويّة... 647
فهرس الأشعار... 648
ص: 695
فهرس الأوائل... 651
فهرس الحيوانات... 653
فهرس الأطعمة والأشربة... 656
فهرس الألبسة والزينة والألوان... 658
فهرس النجوم والكواكب... 664
فهرس الأصنام والأوثان... 665
فهرس مصادر التحقيق... 666
فهرس الموضوعات والعناوين... 685
فهرس الفهارس... 695
ص:696