الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة

هوية الكتاب

المؤلف: السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني

الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي

المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي

الطبعة: 2

الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات

تاريخ النشر : 1418 ه.ق

ISBN (ردمك):964-424-427-3

 المكتبة الإسلامية

تصنيف الكونجرس: BP267/55/الف 2الف 7

تصنيف ديوي: 297/772

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 78-2999

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

فهرس الإجمالي

الصورة

ص: 5

الصورة

ص: 6

حياة المؤلف :

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هو السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد (1) بن إسحاق (2) بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود (3) بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

ولد رضوان اللّه عليه في الحلّة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرّم سنة 589 ه ونشأ بها - يحدّث نفسه عن تاريخ نشأته ودراسته في كشف المحجّة - ثمّ هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحوا من 15 سنة في زمن العباسيّين ، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفّى سنة 640 ه إلى الحلّة ، فبقي هناك مدّة من الزمن ثم انتقل إلى المشهد الغروي ، فبقي فيها ثلاث سنين.

ثم انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين ، ثم انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث سنين ، وكان عازما على مجاورة سامّراء أيضا ثلاث سنين ، وكان سامراء يومئذ كصومعة في بريّة ، ثم عاد إلى بغداد سنة 652 ه باقتضاء المصالح في دولة المغول ، وبقي فيها إلى حين احتلال المغول

ص: 7


1- يكنى أبا عبد اللّه ولقب بالطاوس ، لانه كان مليح الصورة وقدماه غير مناسبة لحسن صورته ، وهو أول من ولي النقابة بسورا.
2- قال النوري في المستدرك 3 : 466 عن مجموعة الشهيد الأول : «كان إسحاق يصلي في اليوم والليلة خمسمائة ركعة عن والده».
3- في عمدة الطالب : 178 : كان داود رضيع الامام الصادق عليه السلام حبسه المنصور وأراد قتله ففرّج اللّه تعالى عنه بالدعاء الذي علّمه الصادق لامّه ويعرف بدعاء أم داود في النصف من رجب مذكور العمل به في الإقبال وغيره.

بغداد فشارك في أهوالها وشملته آلامها.

يقول في ذلك في كشف المحجّة : «تمّ احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين 18 محرم سنة 656 ه ، وبتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيويّة ، فسلّمنا اللّه جلّ جلاله من تلك الأهوال» (1).

كلّف السيّد في زمن المستنصر بقبول منصب الإفتاء تارة ونقابة الطالبيّين تارة أخرى ، حتى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها ، غير انه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة 661 وجلس على مرتبة خضراء ، وفي ذلك يقول الشاعر علي بن حمزة مهنّئا :

فهذا عليّ نجل موسى بن جعفر

شبيه عليّ نجل موسى بن جعفر

فذاك بدست للإمامة أخضر

وهذا بدست للنقابة أخضر

لأنّ المأمون العبّاسي لما عهد إلى الرضا عليه السلام ألبسه لباس الخضرة وأجلسه على وسادتين عظيمتين في الخضرة وأمر الناس بلبس الخضرة. (2) واستمرّت ولاية النقابة إلى حين وفاته وكانت مدّتها ثلاث سنين وأحد عشر شهرا. (3) كانت بين السيد وبين مؤيد الدين القمّي وزير الناصر ثم ابنه الظاهر ثم المستنصر مواصلة وصداقة متأكّدة ، كما كانت صلة أكيدة بينه وبين الوزير ابن العلقمي وابنه صاحب المخزن.

ولمّا فتح هولاكو بغداد في سنة 656 ه أمر أن يستفتي العلماء أيّما أفضل : السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ فجمع العلماء بالمستنصرية لذلك ، فلمّا وقفوا على المسألة أحجموا عن الجواب ، وكان رضي الدين علي بن الطاوس حاضر المجلس وكان مقدّما محترما ، فلمّا رأى احجامهم تناول الورقة وكتب بخطّه : الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر ، فوضع العلماء خطوطهم معتمدين عليه. (4)

ص: 8


1- كشف المحجّة : 115 ، فرج المهموم : 147 ، الإقبال : 586.
2- الكنى والألقاب 1 : 328.
3- البحار 107 : 45.
4- الآداب السلطانية : 11.

أسرته ، اخوته ، خلفه الصالح :

الف - أبوه : هو السيد الشريف أبو إبراهيم موسى بن جعفر (1) بن محمد بن أحمد بن محمد بن الطاوس ، كان من الرواة المحدثين ، كتب رواياته في أوراق ولم يرتّبها ، فجمعها ولده رضي الدين في أربع مجلدات وسماه : «فرحة الناظر وبهجة الخاطر ممّا رواه والدي موسى بن جعفر».

روى عنه ولده السيد علي ، وروى عن جماعة منهم : علي بن محمد المدائني والحسين بن رطبة ، توفّي في المأة السابعة ، ودفن في الغريّ. (2)

ب - امّه : كانت أمّه بنت الشيخ ورام بن أبي فراس (3) ، فهو جدّه لأمّه - كما صرّح به في تصانيفه - ، وكانت أمّ والده سعد الدين بنت ابنة الشيخ الطوسي ، ولذا يعبّر في تصانيفه كثيرا عن الشيخ الطوسي بالجدّ أو جدّ والدي ، وعن الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ الطوسي بالخال أو خال والدي.

ج - اخوته :

1 - السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس ، فقيه أهل البيت وشيخ الفقهاء وملاذهم ، صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود الثمانين التي منها : كتاب البشرى في الفقه في ستّ مجلّدات ، شواهد القرآن ، بناء المقالة العلوية.

هو من مشايخ العلامة الحلّي وابن داود صاحب الرجال ، قال عنه ابن داود في كتابه الرجال : «ربّاني وعلّمني وأحسن إلىّ» (4) ، توفّي بعد أخيه السيد رضي الدين بتسع سنين ، أي في سنة 673 ه.

2 - السيد شرف الدين محمد بن موسى بن طاوس ، استشهد عند احتلال التتر بغداد سنة 656 ه.

3 - السيد عز الدين الحسن بن موسى بن طاوس ، توفّي سنة 654 ه. (5)

ص: 9


1- هو صهر الشيخ الطوسي على بنته.
2- البحار 107 : 39.
3- ما ذكره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين وتبعه في ذلك السيد الخونساري في الروضات من ان أمّ السيد ابن طاوس هي بنت الشيخ الطوسي. فباطل من وجوه - راجع خاتمة المستدرك 3 : 471.
4- رجال ابن داود : 46.
5- عمدة الطالب : 19.

د - زوجته : هي زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي ، تزوّجها بعد هجرته إلى مشهد الكاظم عليه السلام.

ه - أولاده :

1 - صفي الدين محمد بن علي بن طاوس ، الملقب بالمصطفى ، ولد يوم الثلثاء المصادف 9 محرّم سنة 643 ه في مدينة الحلّة ، وقد كتب والده كشف المحجّة وصيّة إليه ، ولي النقابة بعد أبيه ، توفّي سنة 680 ه دارجا.

2 - رضي الدين علي بن علي بن طاوس ، ولد يوم الجمعة 8 محرم سنة 647 ه ، نسب إليه كتاب «زوائد الفوائد» الذي هو في بيان اعمال السنة والآداب المستحسنة ، ولي النقابة بعد أخيه وبقيت النقابة بعده في ولده. (1) 3 - شرف الاشراف : قال والدها عنها في سعد السعود : ابنتي الحافظة لكتاب اللّه المجيد شرف الاشراف ، حفظته وعمرها اثنا عشرة سنة.

4 - فاطمة : قال والدها عنها فيها أيضا : فيما نذكره من مصحف معظم تامّ أربعة أجزاء ، وقفته على ابنتي الحافظة للقرآن الكريم فاطمة ، حفظته وعمرها دون تسع سنين.

الثناء عليه :

قد اثنى عليه كل من تأخر عنه واطراه بالعلم والفضل والتّقي والنسك والكرامة :

قال عنه الشيخ النوري في خاتمة المستدرك : «السيد الأجل الأكمل الأسعد الأورع الأزهد ، صاحب الكرامات الباهرة رضي الدين أبو القاسم وأبو الحسن علي بن سعد الدين موسى بن جعفر طاوس آل طاوس ، الّذي ما اتفقت كلمة الأصحاب على اختلاف مشاربهم

ص: 10


1- النقابة : هي تولية شئون العلويّين ، تدبير أمورهم والدّفع عمّا ينالهم من العدوان ، فتولاها من هذا البيت السيد أبو عبد اللّه محمد الملقب بالطاوس ، كان نقيبا بسورى - وهو من اعمال بابل بالقرب من الحلّة - كما تولاّها اخوه أحمد في هذا البلد وتولاّها ابن أخيه مجد الدين محمد بن عز الدين الحسن بن أبي إبراهيم موسى بن جعفر ، فإنه خرج إلى السلطان هلاكو وصنّف له كتاب البشارة وسلّم الحلة والنيل - في قرب حلّه - حفره الحجاج الثقفي وهو يمتد من الفرات الكبير والمشهدين من القتل والنهب وردّه إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتيّة ، وتولاّها ابن أخيه وهو غياث الدين عبد الكريم ابن جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن أبي إبراهيم موسى بن جعفر ، كما تولاّها ولده أبو القاسم علي بن غياث الدين السيد عبد الكريم ، وتولاّها ولده أحمد وحفيده عبد اللّه ، وتولاها في نصيبين من أهل هذا البيت أبو يعلى محمد بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى ، وكان أديبا شجاعا كريما فاضلا - عمدة الطالب : 180 - 178.

وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممن تقدّمه أو تأخّر عنه غيره - ثم تبرّك بذكر بعض كراماته.» (1)

وقال أيضا : «وكان رحمه اللّه من عظماء المعظّمين لشعائر اللّه تعالى ، لا يذكر في أحد من تصانيفه الاسم المبارك الاّ ويعقّبه بقوله : جلّ جلاله.» (2) اثنى عليه الحر العاملي في أمل الأمل بقوله : «حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع أشهر من ان يذكر ، وكان أيضا شاعرا أديبا منشئا بليغا.» (3) قال التستري في المقابس : «السيد السند المعظم المعتمد العالم العابد الزاهد الطيب الطاهر ، مالك أزمّة المناقب والمفاخر ، صاحب الدعوات والمقامات ، والمكاشفات والكرامات ، مظهر الفيض السنيّ واللطف الخفيّ والجليّ.» (4) قال الماحوزي في البلغة : «صاحب الكرامات والمقامات ، ليس في أصحابنا أعبد منه وأورع.» (5) قال المحدّث القمي عنه : «. رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسني الحسيني ، السيد الأجل الأورع الأزهد قدوة العارفين. وكان رحمه اللّه مجمع الكمالات السّامية حتى الشعر والأدب والإنشاء ، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء» (6).

وقال أيضا : «السيد رضي الدين أبو القاسم الأجل الأورع الأزهد الأسعد ، قدوة العارفين ومصباح المتهجّدين ، صاحب الكرامات الباهرة والمناقب الفاخرة ، طاوس آل طاوس السيد بن طاوس قدس اللّه سرّه ورفع في الملإ الأعلى ذكره.» (7)

مشايخه والمجيزين له :

1 - الشيخ أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني ، صاحب كتاب رشح الولاء في شرح

ص: 11


1- خاتمة المستدرك 3 : 367.
2- خاتمة المستدرك 3 : 469.
3- أمل الأمل 2 : 205.
4- المقابس : 16.
5- منتهى المقال : 357.
6- الكنى والألقاب 1 : 328.
7- فوائد الرضوية : 330.

دعاء صنمي قريش ، أجازه في صفر سنة 635 ه.

2 - بدر بن يعقوب المقري الأعجمي ، المتوفّى سنة 640 ه.

3 - تاج الدين الحسن بن علي الدربي.

4 - الشيخ الحسين بن أحمد السوراوي ، قال في الفلاح : اجازني في جمادى الآخرة سنة 609 ه.

5 - كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن عبد اللّه الحسيني ، قرأ عليه السيد في يوم السبت السادس عشر من جمادى الثانية سنة 620 ه.

6 - سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلي ، قرأ عليه التبصرة وبعض المنهاج.

7 - أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الحنّاط - كما في بعض الكتب ، نسبته إلى بيع الحنطة - أو الخيّاط - كما في بعض ، نسبته إلى عمل الخياطة - أو الحافظ - كما في بعض آخر ، صرح السيّد في كتبه بأنّه اجازه سنه 609 ه.

8 - شمس الدين فخّار بن معد الموسوي.

9 - نجيب الدين محمد السوراوي - كما في بعض الإجازات ، لكن في الرياض : الشيخ يحيى بن محمد بن يحيى السوراوي.

10 - أبو حامد محيي الدين محمد بن عبد اللّه بن زهرة الحسيني الحلبي.

11 - أبو عبد اللّه محبّ الدين محمد بن محمود المعروف بابن النّجار البغدادي ، المتوفّى سنة 643 ، صاحب كتاب «ذيل تاريخ بغداد».

12 - صفي الدين محمد بن معد الموسوي.

13 - الشيخ نجيب الدين محمد بن نما.

14 - الشريف موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن الطاوس - والده.

تلاميذه والرواة عنه :

1 - إبراهيم بن محمد بن أحمد بن صالح القسّيني ، أجاز له في سنة وفاته جمادى الآخرة سنة 664 ه.

2 - السيد أحمد بن محمد العلوي.

3 - جعفر بن محمد بن أحمد بن صالح القسّيني ، أجاز له في سنة وفاته.

ص: 12

4 - الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحلي.

5 - جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ، العلامة.

6 - السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس.

7 - السيد علي بن علي بن طاوس ابن المؤلف ، صاحب كتاب زوائد الفوائد.

8 - علي بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني ، أجاز له في سنة وفاته.

9 - الشيخ محمد بن أحمد بن صالح القسّيني.

10 - الشيخ محمد بن بشير.

11 - السيد محمد بن علي بن طاوس ، ابن المؤلف.

12 - السيد نجم الدين محمد بن الموسوي.

13 - الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي.

14 - سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر - والد العلامة.

آثاره الثمينة وتصانيفه القيّمة :

1 - الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة.

2 - الإجازات لكشف طرق المفازات فيما يخصّني من الإجازات.

3 - أسرار الصلاة.

4 - الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار.

5 - الاصطفاء في تاريخ الملوك والخلفاء.

6 - اغاثة الداعي واعانة السّاعي.

7 - الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة - وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.

8 - الأمان من إخطار الاسفار والأزمان.

9 - الأنوار الباهرة.

10 - البهجة لثمرة المهجة.

11 - التحصيل من التذييل.

12 - التحصين في أسرار ما زاد على كتاب اليقين.

13 - التراجم فيما نذكره عن الحاكم.

14 - التعريف للمولد الشريف.

ص: 13

15 - التمام لمهام شهر الصيام.

16 - التوفيق للوفاء بعد التفريق في دار الفناء.

17 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.

18 - الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار.

19 - ربيع الألباب في معاني مهمّات ومرادات.

20 - روح الأسرار وروح الأسمار ، ألّفه بالتماس محمد بن عبد اللّه بن علي بن زهرة.

21 - ريّ الظمآن من مرويّ محمد بن عبد اللّه بن سليمان.

22 - زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.

23 - السعادات بالعبادات.

24 - سعد السعود.

25 - شفاء العقول من داء الفضول.

26 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.

27 - الطرف من الإنباء والمناقب في شرف سيد الأنبياء وعترته الاطائب.

28 - غياث سلطان الورى لسكان الثرى.

29 - فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب.

30 - فتح الجواب الباهر في شرح وجوب خلق الكافر.

31 - فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم.

32 - فرحة الناظر وبهجة الخواطر.

33 - فلاح السائل ونجاح المسائل.

34 - القبس الواضح من كتاب الجليس الصالح.

35 - كشف المحجّة لثمرة المهجة.

36 - لباب المسرّة من كتاب مزار ابن أبي قرّة.

37 - اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف (جعله في ضمن كتاب الإقبال).

38 - المجتنى من الدعاء المجتبى.

39 - محاسبة النفس.

40 - مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.

ص: 14

41 - مصباح الزائر وجناح المسافر.

42 - مضمار السبق في ميدان الصدق ، وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.

43 - الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر.

44 - الملهوف على قتلي الطفوف.

45 - المنتقى في العوذ والرقي.

46 - مهج الدعوات ومنهج العنايات.

47 - المواسعة والمضايقة.

48 - اليقين باختصاص مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام بإمرة المؤمنين.

وفاته ومدفنه الشريف :

توفّي رضوان اللّه عليه في بغداد بكرة يوم الاثنين خامس شهر ذي القعدة من سنة 664 ه.

امّا مدفنه الشريف فقد اختلف فيه الأقوال :

قال الشيخ يوسف البحراني : «قبره غير معروف الآن.» (1) ذكر المحدث النوري : «انّ في الحلّة في خارج المدينة قبّة عالية في بستان نسب إليه ويزار قبره ويتبرّك به ، ولا يخفى بعده لو كان الوفاة ببغداد - واللّه العالم.» (2) قال السيد الكاظمي في خاتمة كتابه : تحية أهل القبور بما هو مأثور : «والذي يعرف بالحلّة بقبر السيد علي بن طاوس في البستان هو قبر ابنه السيد علي بن السيد علي المذكور ، فإنه يشترك معه في الاسم واللقب.» (3) يدفع هذه الشكوك ما ذكره السيد في فلاح السائل من اختياره لقبره في جوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام تحت قدمي والديه.

قال قدس سرّه : «وقد كنت مضيت بنفسي وأشرت إلى من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار جدّي ومولاي علي بن أبي طالب عليه السلام متضيّفا ومستجيرا ووافدا وسائلا وآملا ، متوسّلا بكلّ ما يتوسّل به أحد من الخلائق إليه وجعلته تحت قدمي والديّ رضوان اللّه عليهما ، لانّه وجدت اللّه جلّ جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما ويوصيني بالإحسان إليهما ، فأردت ان يكون رأسي مهما

ص: 15


1- لؤلؤة البحرين : 241.
2- خاتمة مستدرك الوسائل 3 : 472.
3- هامش لؤلؤة البحرين : 241.

بقيت في القبور تحت قدميهما.» (1)

مضافا إلى ما ذكره ابن الفوطي في كتابه الحوادث الجامعة ، قال : «وفيها - أي في سنة 664 ه - توفي السيد النقيب الطاهر رضي الدين علي بن طاوس وحمل إلى مشهد جدّه علي بن أبي طالب عليه السلام ، قيل : كان عمره نحو ثلاث وسبعين سنة.» (2) ما ذكره هو الصحيح ومقدّم على أقوال الآخرين لمعاصرته لتلك الفترة ، ولهذا أفضل من ارّخ حوادث القرن السابع الهجري.

وبالجملة : هو الحسني نسبا ، والمدني أصلا ، والحلّي مولدا ومنشأ ، والبغدادي مقاما ، والغروي جوارا ومدفنا.

كلام حول المؤلف وتأليفاته :

اهتمّ السيد بالتصنيف بالجانب الدعائي اهتماما زائدا على التصنيف في سائر الجوانب ، حتى كأنّه الصفة الغالبة لمصنّفاته ، وأشار إلى سبب هذا الأمر في إجازته وقال :

«واعلم انّه انّما اقتصرت على تأليف كتاب غياث سلطان الورى لسكّان الثرى من كتب الفقه في قضاء الصلوات عن الأموات ، وما صنّفت غير ذلك من الفقه وتقرير المسائل والجوابات لأنّي كنت قد رأيت مصلحتي ومعاذي في دنياي وآخرتي في التّفرّغ عن الفتوى في الأحكام الشرعية لأجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء أصحابنا في التكاليف الفعلية ، وسمعت كلام اللّه جلّ جلاله يقول عن أعزّ موجود عليه من الخلائق محمد صلى اللّه عليه وآله : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) (3).

فلو صنّفت كتابا في الفقه يعمل بعدي عليه كان ذلك نقضا لتورعي عن الفتوى ودخولا تحت حظر الآية المشار إليه لأنه جلّ جلاله إذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الأعلم لو تقوّل عليه ، فكيف يكون حالي إذا تقوّلت عليه جلّ جلاله وأفتيت أو صنّفت خطأ أو غلطا يوم حضوري بين يديه.» (4)

ص: 16


1- فلاح السائل : 73.
2- الحوادث الجامعة : 356.
3- الحاقة : 44 - 47.
4- الإجازات المطبوع في بحار الأنوار 107 : 42.

وكان من فضل اللّه جلّ جلاله عليه ان قد هيّأ له من الكتب وغيرها من أسباب التصنيف ما لم يهيّئه لأحد في عصره وما بعده ، حيث إنه جرى ملكه على الف وخمسمائة مجلد من الكتب عند تأليفه لكتاب الإقبال (1) به في سنة 650 ه. صرّح نفسه في كتاب كشف المحجة الّذي ألّفه لولده محمد سنة 649 ، ان خصوص كتاب الدعاء الموجودة عنده أكثر من ستين مجلّدا وقال : «وهيّأ اللّه جلّ جلاله عندي مجلدات في الدعوات أكثر من ستّين مجلّدا فاللّه اللّه في حفظها والحفظ من أدعيتها فإنها من الذخائر التي تتنافس عليها العارفون في حياطتها وما اعرف عند أحد مثل كثرتها وفائدتها.» (2)

وذكر في أواخر مهج الدعوات الّذي ألّفه قبل وفاته بسنتين (3) وفي كتاب اليقين الّذي يعدّ من أواخر تصانيفه ، انّ في خزانة كتبه أكثر من سبعين مجلدا من كتب الدعاء.

جعل السيد تصانيفه الدعائيّة تتمّات لكتاب مصباح المتهجّد لشيخ الطائفة محمد بن حسن الطوسي قدس سرّه ، وألّف عدّة مجلدات في أدعية الأيام والأسبوع والشهور والسنة ، ذكر في مقدمة كتاب فلاح السائل الذي يعدّ أول كتابه في هذا المضمار في علّة تصنيف هذه الكتب وتعداده :

«فانني لمّا رأيت بما وهبني اللّه جل جلاله من عين العناية الإلهية في مرآة جود تلك المراحم والمكارم الربانيّة كيف انشأني وربّاني وحملني في سفن النجاة على ظهور الآباء وأودعني في البطون وسلّمني مما جرى على من هلك من القرون وهداني إلى معرفته - الى ان قال : - وعرفت ان لسان المالك المعبود يقول لكل مملوك مسعود : أي عبدي قد قيدت السابقين من الموقنين والمراقبين والمتقين وأصحاب اليمين يأملون فلا يقدرون على زيادة الدرجات الآن وأنت مطلق في الميدان فما يمنعك من سبقهم بغاية الإمكان أو لحاقهم في مقامات الرضوان ، فعزمت أن أجعل ما اختاره اللّه جل جلاله مما رويته أو وقفت عليه وما يأذن جلّ جلاله لي في إظهاره من إسراره وما هداني إليه ، كتابا مؤلّفا اسميه كتاب تتمات مصباح المتهجد ومهمات في صلاح المتعبد ، وها انا مرتب ذلك باللّه جلّ جلاله في عدة مجلدات يحتسب ما أرجوه من المهمات والتتمات :

المجلد الأول والثاني : أسميه كتاب فلاح السائل في عمل يوم وليلة وهو مجلدان (4).

ص: 17


1- ذكره الشهيد في مجموعته التي نقلها الجبعي عن خطه.
2- كشف المحجة : 131.
3- مهج الدعوات : 347.
4- الجزء الثاني من هذا الكتاب مفقود.

والمجلد الثالث : اسميه كتاب زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.

والمجلد الرابع : اسميه كتاب جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.

والمجلد الخامس : اسميه كتاب الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثله كلّ شهر على التكرار.

والمجلد السادس : اسميه كتاب المضمار للسبّاق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق.

والمجلد السابع : اسميه كتاب السالك المحتاج إلى معرفة مناسك الحجّاج.

والمجلد الثامن والتاسع : اسمّيهما كتاب الإقبال بالأعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.

والمجلد العاشر : اسميه كتاب السعادات بالعبادات التي ليس لها وقت معلوم في الروايات بل وقتها بحسب الحادثات المقتضية والأدوات المتعلقة بها.» الّف السيد بعد هذه الكتب كتاب مهج الدعوات ومنهج العنايات ، قال في مقدّمة الكتاب :

«فانّني كنت علقت في أوقات رياض العقول ونقلت من خزائن بياض المنقول من الإحراز والقنوتات والحجب والدعوات المعظمة عن النبي والأئمة النّجب ومهمات من الضراعات المتفرقة في الكتب ما هو كالمهج لاجسادها والمنهج لمرتادها».

ثم ألّف كتاب المجتنى من الدعاء المجتبى في ذكر دعوات لطيفة ومهمات شريفة (1).

ما أورده السيد قدس اللّه جلّ جلاله سرّه في عشرة مجلدات كتابه وغيرها من كتب الأدعية من الأدعية والأعمال كلّها منقول من تلك الكتب الكثيرة التي لم يهيّأ لأحد قبله ولا بعده ، وليس فيها من منشئات السيد إلاّ في عدّة مواضع صرّح فيها بأنه لم يجد في كتب الأدعية دعاء خاصّا به فأنشأ دعاء من نفسه - كما يظهر من بعض فصول كتاب المضمار والدروع الواقية - وأكثر تلك الكتب كانت عنده معتمدة صحيحة مرويّة ، والبعض الذي وجده ولم يكن له طريق معتبر إليه اكتفى فيه بعموم الحديث فيمن بلغه ثواب على عمل - كما أشار إليه في أول كتاب فلاح السائل.

ما يمتاز كتب السيد عن غيره هو في الحقيقة لصفاء ذاته ونورانيته وخلوص عمله ، وأكثر كتبه مشحون بالمواعظ والنظريات الأخلاقية وذكر كيفية معاملة العبد مع مولاه.

ص: 18


1- من منن اللّه عليّ ان وفّقني لتصحيح أغلب هذه الكتب كجمال الأسبوع والدروع الواقية ومهج الدعوات والمجتنى والمضمار والإقبال وسائر كتب السيد كسعد السعود وفرج المهموم ومحاسبة النفس ، وله الحمد كما هو أهله.

اما تأثير الدعوة الأخلاقية لا يأتي من مجرد شحن الكتاب بالنظريات الأخلاقية المجرّدة بل لروحية المؤلف أعظم الأثر في اجتذاب القلوب إلى الخير والصواب ، ومن هنا اشترطوا في الواعظ ان يكون متّعظا.

ومن العجيب ان قلب الرجل الاخلاقي يبرز ظاهرا على قلمه في مؤلفاته فتلمسه في ثنايا كلماته وبالعكس ذلك الرجل الذي لا قلب له فإنك لا تقرء منه الاّ كلاما جافّا لا روح فيه مهما بلغت قيمته في حساب النظريات الأخلاقية وغيرها.

وفي نظري ان قيمة كتب السيد في الروح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه أكثر بكثير من قيمته العلميّة ، وانّي لا تحدّى قارئ هذه الكتب إذا كان مستعدّا للخير ان يخرج منه غير متأثّر بدعوته.

وهذا هو السرّ في اشتهار كتبه والإقبال عليه ، على انّه لا يزيد عن ناحية علميّة على بعض الكتب المتداولة التي لا نجد فيها هذا الذوق والروحانية ، وكتبه يكشف لنا عن نفسيّة المؤلف وما كان عليه من خلق عال وايمان صادق.

حتّى ان السيد ميّز بين كتبه وكتاب مصباح الزائر الذي ألّفه في بداية ما شرع في التأليف ، بأنه خالية من الأسرار الربانيات وسلك فيه سبيل العادات (1).

ذكر السيد نفسه في جواب من قال : ان في أيدي الناس المصباح وغيره من المصنّفات ما ليس عندهم نشاطا للرغبة إليه فأي حاجة كانت إلى زيادة عليه :

«ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرّد زيادات وعبادات ، ولا كان المقصود جمع صلوات ودعوات ، وانّما ضمنّاه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا اللّه جل جلاله بتصنيفه إليه ، من كيفية معاملات اللّه جلّ جلاله بالإخلاص في عبادته ومن عيوب الأعمال الّتي تفسد العمل وتخرجه من طاعة اللّه جلّ جلاله إلى معصية - الى ان قال : - مع ان الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا أجرة أكثر من استحقاقنا على فعله ، وأعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ آمالنا إلى مثله ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين من فضله ، فقد استوفينا أضعاف أجرة ما صنّفناه ووضعنا ، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل عامل بمقتضاه ورغب فيما رغّبناه فهو مكسب على ما وهبناه.» (2)

وبالجملة للسيد قدس اللّه جلّ جلاله إسراره لتأليفه اجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك

ص: 19


1- كشف المحجة : 139.
2- ذكره في آخر كتاب إقبال الأعمال.

الكتب حقّ عظيم على جميع الشيعة ، وكلّ من ألّف بعده كتابا في الدعاء فهو عيال عليه ، مغترف من حياضه ، متناول من موائده.

كلام حول كتاب المضمار والإقبال :

هذا الكتاب الّذي بين يدي القارئ يشتمل على تأليفين ثمينين من تأليفات السيد ، وهما كتاب المضمار السباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق ، (1) وكتاب الإقبال بالأعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.

ذكر السيد في كتاب المضمار اعمال شهر رمضان وأدعيتها وكيفية معاملة العبد مع مولاه في هذا الشهر وذكر في كتاب الإقبال اعمال سائر الشهور ، وهو في مجلدين : أشار في المجلد الأول من كتاب الإقبال فوائد شهر شوال وشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة ، وذكر في المجلد الثاني منه إعمال بقية الشهور.

صرّح السيد في مواضع من كتاب الإقبال ان تأليف كتاب المضمار قبل كتاب الإقبال ، وأشار في خاتمة كتاب الإقبال أنه فرغ من تأليفه يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة خمسة وخمسون وستمائة في الحائر الحسيني على مشرفها آلاف التحية والثناء.

يظهر من بعض فصول الكتاب انه الحق بهذين الكتابين فصولا بعد تأليفهما ، كما الحق فصلا في سنة ستين وستمائة بعد ان وجد تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إليه في معرفة أول شهر رمضان ، والحق فصلا في الثالث عشر من ربيع الأول سنة 662 حين تفطن فيه لانطباق حديث الملاحم على نفسه ، والحق في آخر شهر المحرم فصلا في سنة 656 ، وذكر في ذلك الفصل انقراض دولة بني العباس في تلك السنة وجعل السلطان إياه نقيب العلويين والعلماء فيها.

ذكر السيد في خلال كتاب الإقبال كتاب اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف ، وشرح فيه ما جرى في يوم عاشوراء من وصف الإقبال والقتال.

حيث إن هذين الكتابين طبع مرّات في مجلد واحد واشتهر كلاهما باسم كتاب الإقبال ، جعلناهما تحت عنوان الإقبال ، وحيث إن أوّل شهور السنة في العبادات شهر رمضان ، جعلنا المضمار مقدّما على الإقبال.

ص: 20


1- عبّر السيد عن كتابه هذا ، بالمضمار من تحرير النيات للصيام.

كيفية التحقيق والتعليق :

1 - اعتمدت في تصحيح الكتاب على نسخ الموجودة منه ، إليك بعضها :

ألف - النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة برقم 3319 ، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 957.

ب - النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة برقم 3318 ، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 1074.

ج - النسخة المطبوعة الّتي قوبلت بعدّة نسخ سنة 1320.

جدير بالذكر : يوجد نسخ أخرى من هذا الكتاب في مكتبة الامام الرضا عليه السلام ومكتبة آية اللّه العظمى المرعشي العامة ، التي راجعنا إليها عند الحاجة ، ويوجد في هامش بعضها خطوط بعض العلماء كوالد المجلسي رحمه اللّه يطول بذكرها الكلام ، والنسخة الأولى أقدم نسخ الموجودة من هذا الكتاب.

2 - يوجد في هذين الكتابين موارد يظهر بالتأمل والمراجعة بنسخ الخطية انها من إضافات النّساخ ، كأدعية الأيام في شهر رمضان من مجموعة مولانا زين العابدين عليه السلام ، ومن اختيار المصباح لسيد بن الباقي.

3 - سقط من كتاب المضمار خطبة المؤلف في أولها وسقط بعضها من المجلد الأول من كتاب الإقبال ، وأيضا سقط من كتاب المضمار حديث تعظيم شهر رمضان من رواية المفيد رحمه اللّه وبقي منه سطر واحد ، وحيث اننا وجدنا هذه الرواية ذكرناها في المتن وحفظا لكلام المؤلف جعلناها بين المعقوفتين.

4 - استخرجت النصوص الحديثيّة والأدعية الواردة في المتن من مصادرها الأصلية الموجودة ، واستقصيت كل ما نقله الشيخ في مصباحه والكفعمي في مصباحيه ، والعلامة المجلسي في بحار الأنوار والمحدث الحر العاملي في الوسائل والمحدث النوري في المستدرك ، مع ذكر مظانها في الهامش ، ولا نقصد به التوثيق المصدري وانّما تفيدنا في تقويم النص وضبط الاعلام وأمور أخرى.

5 - اعتمدت بقدر الإمكان على التلفيق بين الكتاب وما نقل في كتب الأدعية والمجاميع الحديثية ، لإثبات نصّ صحيح أقرب ما يكون لما تركه المؤلف ، لعدم العثور على نسخة اصلية قابل للاعتماد عليه ، ووجود السقط والتحريف في النسخ.

6 - بذلت جهد الإمكان في ضبط الاعلام الواردين في الكتاب خصوصا عند اختلاف

ص: 21

الكتب ، وشرحت بعض مفاهيم المشكلة والألفاظ عند الحاجة إليها.

7 - نظرا لأهميّة الفهرس في مساعدة القارئ في استخراج المطالب التي يحتاجها ، رتّبت مجموعة من الفهارس الفنية بمقدار ما يتحمله الكتاب من ذلك.

وفي الختام نشكر شكرا جزيلا لسماحة العلامة المحقق حجة الإسلام السيد عبد العزيز الطباطبائي ، الذي شملني عنايته الابويّة في تحقيق هذا الكتاب وسائر ما من اللّه جلّ جلاله عليّ بتحقيقها ، جزاه اللّه عنّي خير الجزاء ووفّقه لما يحبّ ويرضى.

يوم ولادة مولانا والد الحجة

أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام

8 ربيع الثاني سنة 1414 ه

جواد القيومي الأصفهاني

ص: 22

الباب الأول: فيما نذكره من فوائد شهر رمضان

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): في تعظيم شهر رمضان

[من الروايات (1) في تعظيم شهر رمضان ما رواه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في أماليه ، قال :

حدّثنا أبو الطيّب الحسين بن محمّد التمّار ، قال : حدّثنا جعفر بن أحمد الشّاهد ، قال : حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أبي مسلم ، قال : حدّثنا أحمد بن خليس الرّازي ، قال : حدّثنا القاسم بن الحكم العرنيّ ، قال : حدّثنا هشام بن الوليد ، عن حمّاد بن سليمان السّدوسي ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد السّيرافي ، قال : حدّثنا الضحّاك بن مزاحم ، عن عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطلب أنّه سمع النّبي صلى اللّه عليه وآله يقول :

ص: 23


1- لم يوجد في النسخ المخطوطة الموجودة من الإقبال خطبة المؤلف في أوّله - كما هي دأبه في تصانيفه - وكما لم يوجد في النسخ ما ذكرناه في العنوان من الباب الأول والفصل الأول ، وأيضا سقط من النسخ هذا الحديث ، والموجود منه آخر الحديث ، «الملائكة وتستبشر وتهني - إلخ» ، وبما ان هذا الحديث هو ما ذكره المؤلف ذكرناه في المتن ، وحفظا لكلام المؤلف جعلناه في المعقوفتين.

إنّ الجنّة لتنجّد (1) وتزيّن من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ، فإذا كان أوّل ليلة منه هبّت ريح من تحت العرش يقال لها : المثيرة ، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع (2) ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السّامعون أحسن منه ، وتبرزن (3) الحور العين حتّى يقفن بين شرف الجنّة ، فينادين : هل من خاطب إلى اللّه عزّ جلّ فيزوّجه؟ ثم يقلن : يا رضوان ما هذه اللّيلة؟ فيجيبهنّ بالتّلبية ، ثم يقول : يا خيرات حسان! هذه أوّل ليلة من شهر رمضان ، قد فتحت أبواب الجنان للصّائمين من امّة محمد صلى اللّه عليه وآله.

قال : ويقول له عزّ وجلّ : يا رضوان! افتح أبواب الجنان ، يا مالك! أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من امّة محمّد ، يا جبرئيل! أهبط إلى الأرض فصفّد مردة الشياطين ، وغلّقهم بالأغلال ، ثمّ اقذف بهم في لجج البحار حتّى لا يفسدوا على امّة حبيبي صيامهم.

قال : ويقول اللّه تبارك وتعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان ثلاث مرّات : هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ من يقرض الملي (4) غير المعدم والوفيّ غير الظّالم؟

قال : وانّ لله تعالى في آخر كلّ يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النّار ، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، أعتق في كلّ ساعة منهما ألف ألف عتيق من النّار ، وكلهم قد استوجبوا العذاب ، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان أعتق اللّه في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أوّل الشهر إلى آخره.

فإذا كانت ليلة القدر أمر اللّه عزّ وجلّ جبرئيل عليه السلام ، فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض ، ومعه لواء أخضر ، فيركز اللّواء على ظهر الكعبة ، وله ستّمائة جناح ، منها جناحان لا ينشرهما إلاّ في ليلة القدر ، فينشرهما تلك اللّيلة ، فيتجاوزان المشرق والمغرب ، ويبثّ جبرئيل الملائكة في هذه اللّيلة ، فيسلّمون على كلّ قائم وقاعد ، ومصلّ

ص: 24


1- نجد البيت : زيّنه ، تنجّد الشيء : ارتفع.
2- المصاريع جمع مصراع ، والمراد مصراع الباب.
3- كذا في النسخ ، والقياس : تبرز.
4- المليء : الغني والمقتدر ، يعني من يقرض الغني الوفي الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

وذاكر ، ويصافحونهم ويؤمّنون على دعائهم حتّى يطلع الفجر.

فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام : يا معشر الملائكة! الرّحيل الرّحيل ، فيقولون : يا جبرئيل! فما ذا صنع اللّه تعالى في حوائج المؤمنين من امّة محمد؟ فيقول : انّ اللّه تعالى نظر إليهم في هذه اللّيلة فعفا عنهم وغفر لهم إلاّ أربعة.

قال : فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : وهؤلاء الأربعة : مدمن الخمر ، والعاق لوالديه ، والقاطع الرحم ، والمشاحن (1).

فإذا كانت ليلة الفطر ، وهي تسمّى ليلة الجوائز ، أعطى اللّه العاملين أجرهم بغير حساب ، فإذا كانت غداة يوم الفطر بعث اللّه الملائكة في كلّ البلاد ، فيهبطون إلى الأرض ويقفون على أفواه السّكك ، فيقولون : يا امّة محمد اخرجوا إلى ربّ كريم ، يعطي الجزيل ويغفر العظيم ، فإذا برزوا إلى مصلاّهم قال اللّه عزّ وجلّ للملائكة : ملائكتي! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ قال : فتقول الملائكة : إلهنا وسيّدنا جزاؤه إن توفّي أجره.

قال : فيقول اللّه عزّ وجلّ : فانّي أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي ، ويقول : يا عبادي! سلوني فوعزّتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلاّ أعطيتكم ، وعزّتي لأسترنّ عليكم عوراتكم ما راقبتموني ، وعزّتي لآجرتكم (2) ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الخلود ، انصرفوا مغفورا لكم ، قد أرضيتموني ورضيت عنكم.

قال : فتفرح] (3) الملائكة وتستبشر ويهنّئ بعضها بعضا بما يعطي اللّه هذه الأمّة إذا أفطروا (4).

ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى بإسناده إلى الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن

ص: 25


1- المشاحن : المباغض الممتلئ عداوة.
2- أجاره اللّه من العذاب : أنقذه.
3- الموجود من الحديث في النسخ من هنا إلى آخر الحديث.
4- رواه المفيد في أماليه : 229 ، عنه المستدرك 7 : 429 ، أورده الصدوق بسند آخر في فضائل الأشهر الثلاثة : 125 مع اختلاف ، عنه البحار 96 : 339.

الحسين ، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال :

أيّها النّاس! انّه قد أقبل إليكم شهر اللّه بالبركة والرّحمة والمغفرة ، شهر هو عند اللّه أفضل الشهور ، وأيّامه أفضل الأيّام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات ، وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه ، وجعلتم فيه من أهل كرامة اللّه ، أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب ، فاسألوا اللّه ربّكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة ، ان يوفّقكم اللّه لصيامه وتلاوة كتابه ، فإنّ الشّقي من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم.

اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ، ووقّروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم ، وغضّوا عمّا لا يحلّ النّظر إليه أبصاركم ، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم ، وتحنّنوا على أيتام النّاس يتحنّن على أيتامكم ، وتوبوا إلى اللّه من ذنوبكم ، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ، فإنّها أفضل السّاعات ، ينظر اللّه عزّ وجلّ فيها بالرّحمة إلى عباده ، ويجيبهم إذا ناجوه ، ويلبّيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.

أيّها النّاس! انّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ، ففكّوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم ، فخفّفوا عنها (1) بطول سجودكم ، واعلموا انّ اللّه عزّ وجلّ ذكره اقسم بعزّته ان لا يعذّب المصلّين والساجدين ، وان لا يروعهم بالنّار ، ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) .

أيّها النّاس! من فطّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشّهر كان له بذلك عند اللّه عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل : يا رسول اللّه وليس كلّنا نقدر على ذلك؟ فقال عليه السلام : اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة ، اتّقوا النار ولو بشربة من ماء.

أيّها النّاس! من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزلّ فيه الاقدام ، ومن خفّف منكم في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه خفّف اللّه عليه حسابه ، ومن كفّ فيه شرّه كفّ اللّه عنه غضبه يوم يلقاه ، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه

ص: 26


1- فخففوها (خ ل).

اللّه يوم يلقاه ، ومن وصل فيه رحمه وصله اللّه برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع فيه رحمه قطع اللّه عنه رحمته يوم يلقاه ، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب اللّه له براءة من النّار ، ومن أدّى فيه فرضا كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، ومن أكثر فيه من الصّلاة عليّ ثقّل اللّه ميزانه يوم تخفّ الموازين ، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

أيّها الناس! انّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة فاسألوا ربّكم ان لا يغلقها عليكم ، وأبواب النّيران مغلقة فاسألوا ربّكم ان لا يفتحها عليكم ، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم الاّ يسلّطها عليكم.

قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : فقمت وقلت : يا رسول اللّه! ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال : يا أبا الحسن! أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه عزّ وجلّ ، ثم بكى ، فقلت : يا رسول اللّه! ما يبكيك؟ فقال : يا علي! لما يستحلّ منك في هذا الشهر ، كأنّي بك وأنت تصلّي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فيضربك ضربة على قرنك (1) تخضب منها (2) لحيتك.

قال أمير المؤمنين عليه السلام : فقلت : يا رسول اللّه! وذلك في سلامة من ديني؟ فقال عليه السلام : في سلامة من دينك ، ثم قال :

يا علي! من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن سبّك فقد سبّني ، لأنّك منّي كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، انّ اللّه عزّ وجلّ خلقني وإيّاك ، واصطفاني وإيّاك ، واختاروني للنبوّة واختارك للإمامة ، فمن أنكر امامتك فقد أنكر نبوتي.

يا عليّ أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد موتي ، أمرك أمري ونهيك نهيي ، أقسم بالّذي بعثني بالنّبوة وجعلني خير البريّة أنّك حجّة اللّه على خلقه وأمينه على سرّه وخليفته في عباده (3).

ص: 27


1- القرن : الزيادة العظيمة التي تنبت في رءوس بعض الحيوانات ، وفي الإنسان موضعه من رأسه.
2- بها (خ ل).
3- بشارة المصطفى :. ، رواه الصدوق في أماليه : 84 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 77 ، عيون الأخبار 1 : 295 ، عنهم الوسائل 10 : 313، البحار 96 ، 358 ، أخرجه مختصرا في الكافي 4 : 67 ، التهذيب 3 : 57 و 152 ، الفقيه 2 : 58 ، أورد صدره مع اختلاف في دعائم الإسلام 1 : 269 ، عنه المستدرك 7 : 437 و 354.

ومن ذلك ما رواه الشيخ علي بن عبد الواحد بن علي بن جعفر النهدي في الكتاب المشتهر بالمأثور من العمل في الشهور من عمل شهر رمضان ، قال : حدّثني عبد اللّه بن محمد الثعالبي ومحمد بن موسى القزويني ، عن علي بن حاتم ، قال : حدّثني (1) حميد بن زياد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين النخاس (2) ، عن زكريا المؤمن ، عن عبد الملك بن عتبة (3) ، عن محمد بن مروان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام :

إذا كان أول ليلة من شهر رمضان غفر اللّه لمن شاء من الخلق ، فإذا كانت اللّيلة التي تليها ضاعفهم ، فإذا كانت اللّيلة الّتي تليها ضاعف كلّما أعتق ، حتّى آخر ليلة في شهر رمضان تضاعف مثل ما أعتق في كلّ ليلة (4).

ومن ذلك ما رواه أيضا علي بن عبد الواحد المشار إليه رضوان اللّه عليه ، عنهما ، عن علي بن حاتم ، قال : حدثنا محمد بن عبد اللّه ، قال : حدثنا علي بن محمد ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل ، الاّ ان يشهد عرفة.(5)

فصل (2): في تعظيم التلفّظ بشهر رمضان

رأيت ورويت من (6) كتاب الجعفريات ، وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم

ص: 28


1- حدثنا (خ ل).
2- في الأصل : أحمد بن الحسن ، ما أثبتناه هو الصحيح ، راجع معجم الرجال 2 : 100.
3- عنبسة (خ ل).
4- رواه مع اختلاف في الكافي 4 : 68 ، والصدوق في الفقيه 2 : 98 ، الأمالي : 56 ، ثواب الأعمال : 92 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 74 ، والشيخ في التهذيب 4 : 153 ، وفي أماليه 2 : 111 ، عنهم الوسائل 10 : 310.
5- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 99 ، والكليني في الكافي 4 : 66 ، والشيخ في التهذيب 4 : 192 ، عنهم الوسائل 10 : 305 ، أورده في دعائم الإسلام 1 : 269 ، عنه البحار 96 ، 342 ، المستدرك 7 ، 437 ، رواه في البحار 96 : 375 عن أمالي الشيخ.
6- في (خ ل).

الشأن ، إلى مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن مولانا جعفر بن محمد ، عن مولانا محمد بن علي ، عن مولانا علي بن الحسين ، عن مولانا الحسين ، عن مولانا علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين قال :

لا تقولوا رمضان ، فإنّكم لا تدرون ما رمضان ، فمن قاله فليتصدّق وليصم كفّارة لقوله ، ولكن قولوا كما (1) قال اللّه تعالى : شهر رمضان. (2)

وهذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل عن مولانا علي صلوات اللّه عليه ، وقد روينا في غير هذا [الكتاب] (3) انّ كلّما روي عن مولانا عليّ فهو عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

فصل (3): فيما نذكره من علل التشريف بتكليف الصيام

اعلم انّ أصل علّة التكليف انّه تشريف لعبادة من يستحقّ العبادة ، لأنّه جل جلاله أهل لها ، فهذه العلّة الأصليّة في التكاليف الإلهيّة.

وامّا تعيين وجه اختيار اللّه جلّ جلاله من العبد ان تكون خدمته له بجنس من الطاعات وعلى وجه متعيّن في بعض الأوقات ، فهذا طريقة عن العالم بالغائبات على لسان رسله عليهم السلام ، وعلى لسان ملائكته ومن شاء من خاصّته عليهم أفضل الصلوات.

فممّا (4) رويناه في علّة التشريف بالصّيام بطرق كثيرة في عدة أحاديث :

منها ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ، بإسناده إلى الشيخين المعتمدين علي بن حاتم القزويني في كتابه كتاب علل الشريعة ، وإلى الشيخ أبي جعفر

ص: 29


1- قولوا شهر رمضان كما قال اللّه تعالى : شهر رمضان (خ ل).
2- الجعفريات : 59 ، عنه المستدرك 7 ، 438 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 69 ، والصدوق في الفقيه 2 : 173 ، معاني الأخبار : 315 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 93 ، عنهم البحار 96 : 377 ، الوسائل 10 : 319 ، ذكره مع اختلاف في بصائر الدرجات : 331 ، عنه المستدرك 7 : 438 ، رواه الراوندي في نوادره : 47 ، عنه البحار 96 : 377.
3- هو الظاهر.
4- ومما (خ ل).

محمد بن بابويه ممّا ذكره في كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقالا جميعا بإسنادهما إلى هشام بن الحكم انه سئل أبا عبد اللّه عليه السلام عن علة الصيام فقال :

انما فرض اللّه الصيام ليستوي (1) به الغني والفقير ، وذلك انّ الغني لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير ، لأنّ الغنيّ كلّما أراد شيئا قدر عليه ، فأراد اللّه عزّ وجلّ ان يسوّي بين خلقه ، وان يذيق الغني مسّ الجوع والألم ، ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع.(2)

ومن ذلك بالإسناد المشار إليه من كتاب ابن بابويه أيضا ، فيما رواه عن مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهما قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله ان قال له : لأيّ شيء فرض اللّه عز وجلّ الصّوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما ، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله :

انّ آدم عليه السلام لمّا أكل من الشّجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ، ففرض اللّه على ذرّيته الجوع والعطش ، والذي يأكلونه بالليل تفضّل من اللّه عزّ وجلّ عليهم ، وكذلك كان على آدم ، ففرض اللّه ذلك على أمّتي ، ثم تلا هذه الآية ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ) (3).

قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلاّ أوجب اللّه عزّ وجلّ له سبع خصال : أوّلها : يذوب (4) الحرام في جسده ، والثانية : لا يبعد من رحمة اللّه تعالى ، والثالثة : يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم ، والرابعة : يهوّن اللّه عز وجل عليه سكرات الموت ، والخامسة : أمان من الجوع والعطش يوم القيامة ، والسادسة : يعطيه اللّه عزّ وجلّ براءة من النار ، والسابعة : يطعمه اللّه من طيّبات الجنّة ، قالت اليهود : صدقت يا محمد.(5)

ص: 30


1- ليسوّي (خ ل).
2- الفقيه 2 : 73 ، علل الشرائع : 378 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 102 ، عنهم الوسائل 10 : 7.
3- البقرة : 183.
4- لا يدوم (خ ل).
5- الفقيه 2 : 74 ، الخصال 2 : 530.

الباب الثاني: فيما نذكره من الرواية بأن أوّل السنة شهر رمضان واختلاف القول في الكمال والنقصان

فممّا رويناه في ذلك بعدة أسانيد إلى مولانا الصادق عليه السلام انّه قال : إذا سلم شهر رمضان سلمت السنة ، وقال : رأس السنّة شهر رمضان.(1)

وروينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : انّ الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات والأرض ، فغرّة الشهور (2) شهر اللّه عزّ وجل وهو شهر رمضان ، وقلب شهر رمضان ليلة القدر ، ونزّل القرآن في أوّل ليلة شهر رمضان ، فاستقبل (3) الشهر بالقرآن. (4) ورويناه أيضا عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه.(5)

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى علي بن فضال من كتاب الصيام بإسناده إلى ابن

ص: 31


1- رواه الشيخ في التهذيب 4 : 333 ، عنه الوسائل 10 : 311.
2- غرة الشهور أي أوّلها ، في النهاية : غرة كل شيء أوّله ، أو المراد بها أفضلها وأكملها ، وفي النهاية : كل شيء ترفع قيمته فهو غرة.
3- واستقبل (خ ل).
4- الكافي 4 : 67.
5- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 99 ، الأمالي : 60 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 87 ، عنهم الوسائل 10 : 353 و 306 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 192 ، عنه البحار 58 ، 376.

أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : شهر رمضان رأس السنة.(1)

وبهذا الاسناد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا سلم شهر رمضان سلمت السنة.

وذكر الطّبري في تاريخه انّ فرض صوم شهر رمضان نزل به القرآن في السنة الأولى من هجرة النبي صلى اللّه عليه وآله في شعبانها (2).

واعلم انّني وجدت الروايات مختلفات في انّه هل أوّل السّنة المحرّم أو شهر رمضان ، لكنّني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين وكثيرا من تصانيف علمائهم الماضين ، انّ أوّل السّنة شهر رمضان على التعيين ، ولعلّ شهر الصيام أوّل العام في عبادات الإسلام ، والمحرم أول السنة في غير ذلك من التواريخ ومهامّ الأنام.

لأن (3) اللّه جلّ جلاله عظّم شهر رمضان ، فقال جل جلاله ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) ، (4) فلسان حال هذا التّعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم.

ولانّه لم يجر لشهر من شهور السّنة ذكر باسمه في القرآن وتعظيم امره الاّ لهذا الشهر ، شهر الصيام ، وهذا الاختصاص بذكره كأنّه ينبّه - واللّه اعلم - على تقديم امره.

ولأنّه إذا كان أوّل السنة شهر الصيام ، وفيه ما قد اختصّ به من العبادات الّتي ليست في غيره من الشهور والأيّام ، فكأنّ (5) الإنسان قد استقبل أول السنة بذلك الاستعداد والاجتهاد ، فيرجى ان يكون باقي السنة جاريا على السّداد والمراد ، وظاهر دلائل المعقول وكثير من المنقول انّ ابتداءات الدخول في الأعمال ، هي أوقات التّأهب والاستظهار لأوساطها ولأواخرها على كلّ حال.

ص: 32


1- عنه البحار 58 : 376.
2- تاريخ الطبري 2 : 394.
3- زيادة : وربما كان له احتمال في الإمكان (خ ل).
4- البقرة : 185.
5- فكان (خ ل).

ولانّ فيه ليلة القدر الّتي يكتب فيها مقدار الآجال وإطلاق الآمال ، وذلك منبّه على انّ شهر الصيام هو أوّل السنة ، فكأنّه فتح لعباده في أوّل دخولها أن يطلبوا أطول (1) آجالهم وبلوغ آمالهم ، ليدركوا آخرها ويحمدوا مواردها ومصادرها.

وروى محمد بن يعقوب وابن بابويه في كتابيهما - واللفظ لابن يعقوب - عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها(2).

ولأنّ الاخبار بأنّ شهر رمضان أول السنة أبعد من التقيّة ، وأقرب إلى انّه مراد العترة النبويّة ، وحسبك شاهدا وتنبيها وآكدا ، ما تضمّنته الأدعية المنقولة في أول شهر رمضان بأنّه أول السنة على التعيين والبيان.

واعلم انّ اختلاف أصحابنا في شهر رمضان ، هل يمكن ان يكون تسعة وعشرين يوما على اليقين ، أو انّه ثلاثون لا ينقص أبد الآبدين ، فإنّهم كانوا قبل الآن مختلفين ، وامّا الآن فلم أجد ممّن شاهدته أو سمعت به في زماننا ، وان كنت ما رأيته أنّهم يذهبون إلى انّ شهر رمضان لا يصحّ عليه النقصان ، بل هو كسائر الشهور في سائر الأزمان.

ولكنّني اذكر بعض ما عرفته ممّا كان جماعة من علماء أصحابنا معتقدين له وعاملين عليه ، من انّ شهر رمضان لا ينقص ابدا عن الثلاثين يوما.

فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب لمح البرهان ، فقال عقيب الطعن على من ادّعى وحدث هذا القول وقلّة القائلين به ما هذا لفظه المفيد :

ممّا يدلّ على كذبه وعظم بهته انّ فقهاء عصرنا هذا ، وهو سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة ، ورواته وفضلاؤه ، وان كانوا أقلّ عددا منهم في كلّ عصر مجمعون عليه ويتديّنون به ويفتون بصحته وداعون إلى صوابه ، كسيّدنا وشيخنا الشريف الزكي أبي محمد الحسيني أدام اللّه عزّه ، وشيخنا الثقة الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه

ص: 33


1- طول (خ ل).
2- الفقيه 2 : 156 ، الكافي 4 : 160 ، الخصال 2 : 519 ، عنهم الوسائل 10 : 353 ، البحار 58 : 378.

أيده اللّه تعالى ، وشيخنا الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، وشيخنا أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن الحسين أيدهما اللّه ، وشيخنا أبي محمد هارون بن موسى أيده اللّه.

أقول انا : ومن أبلغ ما رأيته ورؤيته في كتاب الخصال للشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه اللّه ، وقد أورد أحاديث بأنّ شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما ، وقال ما هذا لفظه :

قال مصنف هذا الكتاب : مذهب خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر رمضان انّه لا ينقص عن ثلاثين يوما ابدا ، والاخبار في ذلك موافقة لكتاب ومخالفة للعامة ، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار الّتي وردت للتقيّة في انه ينقص ويصيبه ما يصيب الشهور من النقصان والتمام ، اتّقي كما تتّقي العامة ، ولم يكلّم الاّ بما يكلّم به العامّة ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه - هذا آخر لفظه. (1)

أقول : ولعلّ عذر المختلفين في ذلك وسبب ما اعتمد بعض أصحابنا قديما عليه بحسب ما ادّتهم الأخبار المنقولة إليه ، ورأيت في الكتب أيضا انّ الشيخ الصدوق المتفق على أمانته ، جعفر بن محمد بن قولويه تغمده اللّه برحمته ، مع من (2) كان يذهب إلى انّ شهر رمضان لا يجوز عليه النقصان ، فإنّه صنّف في ذلك كتابا وقد ذكرنا كلام المفيد عن ابن قولويه.

ووجدت للشيخ محمد بن أحمد بن داود القمي رضوان اللّه جلّ جلاله عليه كتابا قد نقض به كتاب جعفر بن قولويه ، واحتجّ بأنّ شهر رمضان له أسوة بالشهور كلّها.

ووجدت كتابا للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، سمّاه لمح البرهان ، الذي قدمنا ذكره قد انتصر فيه لأستاده وشيخه جعفر بن قولويه ، ويرد على محمد بن أحمد بن داود القمي ، وذكر فيه ان شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين وتأوّل اخبارا ذكرها تتضمّن انه يجوز ان يكون تسعا وعشرين.

ص: 34


1- الخصال 2 : 531.
2- مع ما كان (خ ل).

ووجدت تصنيفا للشيخ محمد بن علي الكراجكي يقتضي انّه قد كان في أول أمره قائلا بقول جعفر بن قولويه في العمل على انّ شهر الصيام لا يزال ثلاثين على التمام ، ثمّ رأيت له مصنّفا آخر سمّاه الكافي في الاستدلال ، قد نقض فيه على من قال بأنّه لا ينقص عن ثلاثين واعتذر عمّا كان يذهب إليه ، وذهب إلى انّه يجوز ان يكون تسعا وعشرين.

ووجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان ، وذكر انه قد صنف كتابا سماه مصابيح النور ، وانه قد ذهب فيه إلى قول محمد بن أحمد بن داود في ان شهر رمضان له أسوة بالشهور في الزيادة والنقصان. (1)

أقول : وهذا أمر يشهد به الوجدان والعيان ، وعمل أكثر من سلف وعمل من أدركناه من الاخوان ، وانّما أردنا ان لا يخلو كتابنا من الإشارة إلى قول بعض من ذهب إلى الاختلاف من أهل الفضل والورع والإنصاف ، وانّ الورع والدين حملهم على الرجوع إلى ما عادوا إليه ، من انّه يجوز ان يكون ثلاثين وان يكون تسعا وعشرين.

أقول : وان كان الأمر كما قاله العلماء المنجّمون ، من انّ الهلال يتعذّر معرفته على التّحقيق ، فربّما قوى ذلك دعوى من يدّعي انّ شهر رمضان لا ينقص ابدا ، ويقول انّه قد أهلّ قبل رؤية الناس له وان لم يروه.

أقول : وممّا وقفت عليه من قول المنجّمين في انّ رؤية الهلال لا يضبط بالتحقيق ما ذكره محمد بن إسحاق المعروف بالنديم في كتاب الفهرست في الجزء الرابع عند ترجمة يعقوب بن إسحاق القندي ، وقال في مدحه له : انه فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها ، ثم ذكر كتبه في فنون عظيمة من العلوم ، وقال في كتبه النجوميّات كتاب رسالته في انّ رؤية الهلال لا تنضبط بالحقيقة وانما القول فيها بالتقريب - هذا آخر لفظه.

أقول (2) وقد روينا من كتاب من لا يحضره الفقيه لأبي جعفر محمد بن بابويه رضوان

ص: 35


1- الرسالة العدديّة : 15 - 22 ، عنه المستدرك 7 : 407 - 410.
2- فصل (خ ل).

اللّه عليه ، انّ الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان وفي عيد الأضحى ، فقال ما هذا لفظه بإسناده عن رزين قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام :

لما ضرب الحسين بن علي عليهما السلام بالسيف وسقط ثم ابتدروا قطع رأسه ، نادى مناد من بطنان العرش : ألا أيّتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيّها لا وفّقكم اللّه لأضحى ولا فطر - وفي خبر آخر : لصوم ولا فطر - قال : ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : فلا جرم واللّه ما وفّقوا ولا يوفّقون حتى يثور ثائر (1) الحسين عليه السلام. (2)

فصل : ورأيت في المجلد الأول من دلائل الإمامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري عند ذكره للاسراء بالنبي صلى اللّه عليه وآله عنه ما هذا لفظه :

ولكن أخبركم بعلامات الساعة : يشيخ الزمان ويكثر الذهب وتشحّ الأنفس وتعقم الأرحام وتقطع الأهلّة عن كثير من الناس.

أقول : فهذا أيضا ممّا يقتضي انّ الهلال قد يستتر عقوبة من اللّه جلّ جلاله ، فيكون الظّاهر بمعرفة الهلال على اليقين بدلالة من ربّ العالمين ، قد تشرّف (3) بما يعجز عنه شكر الشاكرين ، والحمد لله الذي جعلنا بذلك عارفين.

ص: 36


1- الثائر : الطالب بالثأر ، وهو طلب الدم ، يقال : ثأرت القتيل فأنا ثائر أي قتلت قاتله ، والمراد به صاحب الأمر عليه السلام الذي ينتقم من قتلته.
2- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 175 ، علل الشرائع : 389 ، عنهما الوسائل 10 : 296 ، رواه في الكافي 4 : 170 عنه الوسائل : 10 : 295.
3- شرف عنه (خ ل).

الباب الثالث: فيما نذكره من الاستعداد لدخول شهر رمضان

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من فضل بذل الطعام لافطار الصوم والاستظهار للصيام بإصلاح الطعام

اعلم انّ فضل إطعام الطّعام معقول فضله بأنوار العقول المصدّقة للأنبياء والمرسلين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وذلك :

انّ القيام لأهل الصيام بالطعام كأنّه تملّك لطاعتهم وسلب (1) منهم لعبادتهم ، فانّ القوة الموجودة في الأجساد الّذين تؤثرهم بالزّاد ، تصير كأنّها قوّة العبد المطعم لهم الّتي في جسد مهجته.

فكما انّ قوّة جسده كلّما حصل بها كان معدودا من عبادته ، فكذا يكون كلّما صدر عن القوّة بتفطير الصائم تكون مكتوبة لمن يطعمه في ديوان طاعته ، فكأنّك قد اتّخذتهم مماليك يتعبون في خدمتك ، وأنت ساكن ، ويحملون ذخائرك إلى دار إقامتك ، وأنت قاطن ، ويخافون في مصلحتك ، وأنت آمن ، وحسبك ان تبتاع كلّ مملوك منهم بمقدار

ص: 37


1- في الأصل : تمليك ، سبب ، ما أثبتناه هو الظاهر.

طعامه وشرابه ، وهذا فضل عظيم يعجز القلم عن شرح أبوابه وثوابه.

أقول : وامّا من طريق المنقول :

فقد روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني ، وأبي جعفر محمد بن بابويه ، وجدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنهم ، بإسنادهم إلى الصادق عليه السلام انه قال : من فطّر صائما فله أجر مثله.(1)

وبالإسناد عن أبي الحسن عليه السلام انّه قال : تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.(2)

وبالإسناد المقدّم أيضا عن الصادق عليه السلام انّه قال لسدير : هل تدري أيّ ليال هذه؟ قال : نعم جعلت فداك هذه ليالي شهر رمضان ، فما ذاك؟ فقال له : أتقدر على ان تعتق في كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له : بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذلك ، فما يزال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة ، في كلّ ذلك يقول : لا أقدر عليه ، فقال له : أفما تقدر ان تفطر في كلّ ليلة رجلا مسلما؟ فقال له : بلى وعشرة ، فقال عليه السلام له : فذلك الذي أردت يا سدير ، إفطارك أخاك المسلم يعدل رقبة من ولد إسماعيل.(3)

وبالإسناد أيضا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من فطّر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند اللّه عزّ وجلّ عتق رقبة مؤمنة ، ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل له : يا رسول اللّه ليس كلّنا نقدر ان نفطر صائما؟ فقال : انّ اللّه تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثّواب منكم من لم يقدر الاّ على مذقة (4) من لبن يفطر بها صائما ، أو شربة من

ص: 38


1- الفقيه 2 : 134 ، الكافي 4 : 68 ، التهذيب 4 : 201 ، مصباح المتهجّد 2 : 626 ، أخرجه عن المصادر الوسائل 10 : 138.
2- الفقيه 2 : 134 ، الكافي 4 : 68 ، التهذيب 4 : 201 ، عنهم الوسائل 1 : 140 ، رواه في مصباح المتهجّد 2 : 626 ، المحاسن : 396 ، عنه البحار 96 : 317 ، ورواه في البحار 96 : 317 عن مكارم الأخلاق : 158.
3- الفقيه 2 : 134 ، الكافي 4 : 68 ، التهذيب 4 : 201 ، المقنعة : 54 ، عنهم الوسائل 10 : 139.
4- مذق اللبن : مزجه بالماء ، سقاه المذق أو المذقة : أي اللبن الممزوج بالماء.

ماء عذب ، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك.

(1) أقول : وفي هذا الشّهر بملك ملوك أهل الفضائل ، فقد رويت عن جماعة منهم ابن بابويه قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل. (2)

وامّا الاستظهار للصيام بإصلاح الطعام :

فاعلم انّني انّما ذكرت انّ ذلك من المهام ، لانّني وجدت الدّاخلين في صيام شهر رمضان ، باعتبار ما تقوّوا به من الطعام والشراب عدّة أصناف :

صنف منهم : كانت قوّته على الصوم من طعام حرام ، فدخوله في الصّيام كنحو من وجب عليه الحجّ وفرّط فيه ، فأخذ جملا حراما حجّ عليه.

وصنف منهم : كانت قوّته على الصّوم من طعام حرام وحلال مختلطا ، فانّ دخوله في الصّيام كمن وجب عليه الحجّ وفرّط فيه ، فأخذ جملا له بعضه بقدر الحلال من الطعام ولغيره بعضه بقدر الحرام وحجّ عليه.

وصنف منهم : كانت قوّته على الصيام بطعام حرام لا يعلم كونه حراما أو مختلطا من حلال وحرام ، لا يعلم ذلك ويعتقد حلالا ، فهو كنحو من وجب عليه الحجّ ففرّط فيه واستأجر جملا لا يعلم انّ الجمّال غصبه ، أو كان ثمنه من حلال أو حرام ، واشتراه بعين الذهب ، فإذا ظفر صاحب الجمل أو الشّريك بالجمل استعاده ومنعه من العمل أو شركه فيما حصّل من الأمل.

وصنف : كانت قوّته على الصّيام بطعام حلال ، لكنّه كان يأكله أكل الدّوابّ بمجرّد الشهوات ، فحاله كحال من دخل حضرة الملوك ، حين استدعوه للحضور لمجالستهم وضيافتهم وكرامتهم ، وما تأدّب في المجيء إليهم في دوابّه وثيابه وأسبابه ، وكان في طريقه غافلا عنهم ومهوّنا بآداب السلوك إليهم ، وقد كان قادرا ان يركب من الدّوابّ ويلبس

ص: 39


1- الفقيه 2 : 135 ، الكافي 4 : 68 ، التهذيب 3 : 57 و 4 : 201 ، مصباح المتهجّد 2 : 627 ، المحاسن : 396 ، عنهم الوسائل 10 : 138.
2- رواه الصدوق في أماليه : 57 ، ثواب الأعمال : 96 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 75 ، عنهم الوسائل 10 : 315.

من الثّياب ، ويستعمل من الأسباب ما يقرّبه إليهم فلم يفعل ، وأتلف ما اكله بالشّهوات ، وأتلف ساعات من عمره كانت من بضائع السعادات ، وخاصّة إذا كان السلطان مطّلعا عليه في طريقه ، وناظرا إلى سوء توفيقه ، فان عاتبوه فبعد لهم ، وان اكرموه فبفضلهم ، وحسبه انّه نزل عن ان يكون ملكا يقرّ (1) بعين ربّ الأرباب ، ورضي ان يكون كالدوابّ.

وصنف (2) : دخل في صيام شهر رمضان بقوّة طعام كان قد اكتسبه بالمعاملة لمولاه جلّ جلاله وعمل فيه برضاه ، وأكل منه بحسب ما يقوّيه على خدمة مالكه ، فهذا دخل دار ضيافتهم وكرامتهم من الباب الّذي أرادوه ، واقتضى عدلهم وفضلهم ان يكرموه.

وصنف (3) : دخل في الصّيام من طعام كان تارة يكون فيه معاملا لله جلّ جلاله ، وتارة معاملا للشّهوات ، فله معاملة المراقبة (4) فيما عامل مولاه به ، وعليه خطرات المعاتبة فيما ترك فيه معاملة مولاه بسوء أدبه.

واعلم انّ هذه الأصناف المذكورين على أصناف آخر :

صنف : لمّا كان دخوله بطعام حرام وكان فطوره على حرام أو مختلط من حلال وحرام ، فله حكم الإصرار.

وصنف : لمّا كان طعامه على ما لا يعلمه حراما أو مختلطا وفطوره (5) على مثل الّذي ذكرنا ، فله وسيلة العذر بأنّه ما تعمّد سخط مولاه.

وصنف : لمّا كان طعامه على مقتضى الشّهوات وكان فطوره كذلك ، فهو قريب من الدوابّ في تلك الحركات والسكنات.

والصنف : الّذي عامل اللّه جلّ جلاله في الطعام والفطور وجميع الأمور ، فهو الّذي ظفر برضا مولاه وتلقّاه بالسرور.

ص: 40


1- يعزّ ، يستقر (خ ل).
2- صنف منهم (خ ل).
3- صنف منهم (خ ل).
4- وسيلة المراقبة (خ ل).
5- فطره (خ ل).

وصنف : لمّا كان طعامه على طرق مختلفة : تارة معاملة لله جلّ جلاله ، وتارة للشّهوة وفطوره كذلك ، فحاله كما قلناه في طعامه في نقصه وتمامه.

وصنف : لمّا كان طعامه امّا حراما أو مختلطا أو للشهوة (1) ، لكنّه هذّب فطوره ، فكان في فطوره على حال معاملة لله جل جلاله ، فحاله حال المراقبين أو التائبين ، وهو قريب من المسعودين.

وصنف : لمّا كان طعامه معاملة لله وكان فطوره للشهوة ، فحاله كحال من كان مجالسا للملوك أو قريبا منهم ، ثم فارقهم وقنع ان يكون بهيمة من الأنعام أو مفارقا للأنام وبعيدا عنهم.

أقول : وإذا كان الأمر هكذا في خطر الطعام ، وكان قد تغلّب بنو أميّة وولاة كثيرون على فساد أموال أهل الإسلام ، ونقلها عن وجوهها الشرعية.

حتّى لقد روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام ، قال محمد بن الحسن : قال محمد بن هارون الجلاب : قلت له : روينا عن آبائك انّه يأتي على النّاس زمان لا يكون شيء أعزّ من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال؟ فقال لي : يا أبا محمّد انّ العزيز موجود ، ولكنّك في زمان ليس فيه شيء أعسر من درهم حلال أو أخ في اللّه عزّ وجل.

أقول : فقد روي لنا عن خواصّ العترة النبويّة انّ إخراج الخمس من الأموال المشتبهات ، سبب لتطهيرها من الشبهات ، وهذا الوجه ظاهر في التأويل ، لأنّ جميع الأموال ومن هي في يده مماليك لله جل جلاله ، فله سبحانه ان يجعل تطهيرها بإخراج هذا القدر القليل ، ويوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه ، لأجل الإيثار بالخمس لرسوله صلوات اللّه عليه وآله ولعترته ، ولأجل معونتهم على مقامهم الجليل.

أقول : وقد نصّ اللّه جلّ جلاله في القرآن الشريف على لسان رسوله صلوات اللّه عليه وآله ، انّ الدعاء طريق إلى القبول وبلوغ المأمول ، فينبغي ان يدعو بعد الاستظهار

ص: 41


1- للشبهة (خ ل).

بإخراج الخمس من كلّما يتقلّب فيه ، بما سوف نذكره عند وقت الإفطار من دعوات لزوال الشبهات.

فصل (2): فيما نذكره من الاستظهار لشهر الصّيام بتقديم التّوبة والاستغفار

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب عيون اخبار الرضا عليه السلام ، فقال بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : دخلت على أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام في آخر جمعة من شهر شعبان ، فقال لي :

يا أبا الصّلت انّ شعبان قد مضى أكثره ، وهذا آخر جمعة فيه ، فتدارك فيما بقي تقصيرك فيما مضى منه ، وعليك بالإقبال على ما يعنيك ، وأكثر من الدّعاء والاستغفار وتلاوة القرآن ، وتب إلى اللّه من ذنوبك ، ليقبل شهر رمضان إليك وأنت مخلص لله عزّ وجلّ ، ولا تدعنّ امانة في عنقك إلاّ أدّيتها ، وفي قلبك حقدا على مؤمن إلاّ نزعته ، ولا ذنبا أنت مرتكبه إلاّ أقلعت عنه ، واتّق اللّه وتوكّل عليه في سرّ أمرك وعلانيتك ، ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) . (1) وأكثر من ان تقول فيما بقي من هذا الشهر :

اللّهُمَّ انْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنا فيما مَضى مِنْ شَعْبانَ فَاغْفِرْ لَنا فيما بَقِيَ مِنْهُ.

فانّ اللّه تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار لحرمة شهر (2) رمضان.(3)

أقول : وقد قدّمنا في عمل اليوم واللّيلة من كتاب المهمات (4) ، كيفية الاستغفار المكفّر للسّيّئات وشروط الدعاء وصفات الصلوات المنقولات ، فانظر في تلك الجهات فإنّه من المهمات.

ص: 42


1- الطلاق : 3.
2- لحرمة هذا الشهر (خ ل).
3- عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 51 ، عنه البحار 97 : 73.
4- هذا كتاب المهمات (خ ل).

فصل (3): فيما نذكره من صوم ثلاثة أيام قبله لزيادة فضل الصيام

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه أيضا في كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال عند ذكر ثواب صوم شعبان ما هذا لفظه :

وقال الصادق عليه السلام : من صام ثلاثة أيّام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان ، كتب اللّه له صوم شهرين متتابعين.(1)

وفي روايات انّه يفرق بين شعبان وشهر رمضان بإفطار يوم أو يومين. (2) فلعلّ المراد بذلك انّ من صام شعبان جميعه (3) يراد منه الإفطار بينه وبين شهر رمضان يوما أو يومين لئلاّ يضعف بالمندوب عن الواجب ، ومن لم يصم شهر شعبان فيراد منه ان يصوم أيّاما من آخر شعبان يصلها بشهر رمضان ، ليكون الأيّام المندوبة مطهّرة للإنسان من العصيان ، وممهّدة لكمال الدخول في شهر رمضان.

فصل (4): فيما نذكره من الدعاء آخر ليلة من شعبان لدخول شهر رمضان

نرويه من عدّة طرق عن الصادق عليه السلام انّه كان يقول في آخر ليلة من شعبان وأوّل ليلة من شهر رمضان :

اللّهُمَّ انّ هذَا الشَّهْرَ الْمُبارَكَ ، الَّذِي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ ، وَجَعَلْتَهُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ قَدْ (4) حَضَرَ ، فَسَلِّمْنا فيهِ وَسَلِّمْنا مِنْهُ ، وَسَلِّمْهُ لَنا وتَسَلَّمْهُ مِنّا ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، يا مَنْ أَخَذَ الْقَلِيلَ وَشَكَرَهُ ، وسَتَرَ

ص: 43


1- الفقيه 2 : 93 ، ثواب الأعمال : 84 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 91 ، والشيخ في التهذيب 4 : 307 ، الاستبصار 2 : 137 ، والمفيد في المقنعة : 59 ، عنهم الوسائل 10 : 495.
2- راجع الوسائل 10 : 519.
3- جميعا (خ ل).
4- فقد (خ ل).

الْكَثِيرَ وَغَفَرَهُ ، اغْفِرْ ليَ الْكَثِيرَ مِنْ مَعْصِيَتِكَ وَاقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ مِنْ (1) طاعَتِكَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ أنْ تَجْعَلَ لِي الى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً ، وَمِنْ كُلِّ ما لا تُحِبُّ مانِعاً ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ عَفا عَنِّي وَعَمّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْني بِارْتِكابِ الْمَعاصي ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يا كَريمُ ، الهي وعَظْتَني فَلَمْ أَتَّعِظْ ، وَزَجَرْتَني عَنِ الْمَعاصي فَلَمْ انْزَجِرْ ، فَما عُذْري ، فَاعْفُ عَنّي يا كَريمُ عَفْوَكَ عَفْوَكَ.

اللّهُمَّ انّي اسْأَلُكَ ، الرّاحَةَ عِندَ الْمَوْتِ ، وَالْعَفْوَ عِنْدَ الْحِسابِ ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدك فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ، يا اهْلَ التَّقْوى وَيا اهْلَ الْمَغْفِرَةِ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ.

اللّهُمَّ انّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، ابْنُ أَمَتِكَ ، ضَعيفٌ فَقيرٌ إلى رَحْمَتِكَ ، وَانْتَ مُنْزِلُ الْغِنى وَالبَرَكَةِ عَلَى الْعِبادِ ، قاهِرٌ قادِرٌ مُقْتَدِرٌ ، احْصَيْتَ أَعْمالَهُمْ وَقَسَّمْتَ ارْزاقَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً الْسِنَتُهُمْ وَالْوانُهُمْ ، خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ، لا يَعْلَمُ (2) الْعِبادُ عِلْمَكَ ، وَلا يَقْدِرُ الْعِبادُ قَدْرَكَ ، وَكُلُّنا فَقيرٌ إلى رَحْمَتِكَ ، فَلا تَصْرِفْ وَجْهَكَ عَنِّي ، وَاجْعَلْني مِنْ صالِحِ خَلْقِكَ في الْعَمَلِ وَالأَمَلِ وَالْقَضاءِ وَالْقَدَرِ.

اللّهُمَّ أَبْقِني خَيْرَ الْبَقاءِ ، وَأَفْنِني خَيْرَ الْفَناءِ ، عَلى مُوالاةِ أَوْلِيائِكَ وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ ، وَالرَّغْبَةِ إلَيْكَ وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، وَالْخُشُوعِ وَالْوَقارِ ، وَالتَّسْلِيمَ لَكَ وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ صلواتك عليه وآله.

اللّهُمَّ مَا كانَ فِي قَلْبي مِنْ شَك أَوْ رَيْبَةٍ ، اوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ (3) ، أَوْ فَرَحٍ أَوْ

ص: 44


1- في (خ ل).
2- اللّهم لا يعلم (خ ل).
3- قنط : يئس.

مَرَحٍ (1) ، أَوْ بَذَخٍ (2) أَوْ بَطَرٍ (3) ، أَوْ فَخْرٍ اوْ خُيَلاءَ ، (4) اوْ رِياءٍ اوْ سُمْعَةٍ ، اوْ شِقاقٍ اوْ نِفاقٍ ، اوْ كِبْرٍ اوْ فُسُوقٍ ، اوْ عِصْيانٍ اوْ عَظَمَةٍ ، اوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ.

فَاسْأَلُكَ يا رَبِّ انْ تُبَدِّلَني مَكانَهُ ايماناً بِوَعْدِكَ ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ وَرِضا بِقَضائِكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيا وَرَغْبَةً فيما عِنْدَكَ ، وَأَثَرَهً وَطُمَأنِينَةً وَتَوْبَةً نَصُوحاً ، اسْأَلُكَ ذلِكَ يا رَبِّ بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَيا رَبَّ الْعالَمينَ.

الهي انْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصى ، فَكَأَنَّكَ لَمْ تَرَ ، وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطاعُ ، فَكَأنَّكَ لَمْ تُعْصَ ، وَانَا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ سُكّانُ ارْضِكَ ، فَكُنْ عَلَيْنا بِالْفَضْلِ جَواداً وَبِالْخَيْرِ عَوّاداً يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ (5) وَآلِهِ صَلاةً دائِمَةً لا تُحْصى وَلا تُعَدُّ ، وَلا يَقْدِرُ قَدْرَها غَيْرُكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمينَ.(6).

فصل (5): في ذكر زيارة الحسين عليه السلام في أوّل ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه وآخر ليلة منه

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي المفضل الشيباني ، قال : حدّثنا أبو محمد شعيب بن محمد بن مقاتل البلخي بنوقان طوس في مشهد الرضا عليه السلام ، قال : حدّثني أبي ، عن أبي بصير الفتح بن عبد الرحمن القمي ، عن علي بن محمد بن فيض بن مختار ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام انّه سئل عن زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام فقيل : هل في ذلك وقت هو أفضل من وقت؟

فقال : زوروه صلّى اللّه عليه في كلّ وقت وفي كلّ حين فانَّ زيارته عليه السلام

ص: 45


1- مرح الرجل : اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
2- بذخ - كفرح - تكبر وعلا.
3- بطر : طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها.
4- الخيلاء : العجب والكبر.
5- صل على محمد (خ ل).
6- رواه الشيخ في مصباحه : 850 ، والكفعمي في بلد الأمين : 192.

خير موضوع ، فمن أكثر منها فقد استكثر من الخير ومن قَلّل قُلّل له ، وتحرّوا (1) بزيارتكم الأوقات الشريفة ، فإنّ الأعمال الصالحة فيها مضاعفة ، وهي أوقات مهبط الملائكة لزيارته.

قال : فسئل عن زيارته في شهر رمضان؟ فقال :

من جاءه عليه السلام خاشعا محتسبا مستقيلا مستغفرا ، فشهد قبره في إحدى ثلاث ليال من شهر رمضان : أوّل ليلة من الشهر أو ليلة النّصف أو آخر ليلة منه ، تساقطت عنه ذنوبه وخطاياه الّتي اجترحها (2) ، كما يتساقط هشيم (3) الورق بالريح العاصف ، حتّى انّه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه ، وكان له مع ذلك من الأجر مثل أجر من حجّ في عامّه ذلك واعتمر ، ويناديه ملكان يسمع نداءهما كلّ ذي روح الاّ الثقلين من الجنّ والإنس ، يقول أحدهما : يا عبد اللّه طهّرت فاستأنف العمل ، ويقول الآخر : يا عبد اللّه أحسنت فأبشر بمغفرة من اللّه وفضل(4).

فصل (6): فيما نذكره من الاختلاف في ترتيب نافلة شهر رمضان

اعلم ، انّ الظاهر في العمل في ترتيب نافلة شهر رمضان هو ما قد تضمّنه مصباح جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان اللّه جلّ جلاله عليه ، انّه قال :

تصلّي في العشرين ليلة من الشّهر ، كلّ ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات بين العشاءين واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة ، وتصلّي ليلة تسع عشرة منه مأة ركعة ، وكذلك ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ، تسقط ما فيها من الزّيادات ، وهي عشرون ركعة في ليلة تسع عشرة ، وثلاثون في ليلة إحدى وعشرين ، وثلاثون في ليلة

ص: 46


1- تحرّى : طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن.
2- الاجتراح : الاكتساب.
3- الهشيم : نبت يابس متكسر.
4- عنه البحار 101 : 99.

ثلاث وعشرين ، الجميع ثمانون ركعة ، تفرّقها في أربع جمع ، في كلّ جمعة عشر ركعات ، اربع منها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وركعتان صلاة فاطمة عليها السلام ، واربع ركعات صلاة جعفر عليه السلام ، وتصلّي ليلة آخر جمعة من الشّهر عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي آخر ليلة سبت منه عشرين ركعة صلاة فاطمة عليه السلام ، فيكون ذلك تمام ألف ركعة ، وتصلي ليلة النصف زيادة على هذه الألف مأة ركعة، تقرء في كلّ ركعة الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، وهكذا تصلّي المأة (1).

وهذا الترتيب في نوافل شهر رمضان هو اختيار الشيخ المفيد في كتاب المقنعة (2).

وقال المفيد في الرسالة العزيّة ما معناه :

انّه يصلّي في العشرين ليلة الأوّلة ، كلّ ليلة عشرين ركعة ثماني بين العشاءين ، واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة ، ويصلّي في العشر الآخر كلّ ليلة ثلاثين ركعة ، ويضيف إلى هذا الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين كل ليلة مأة ركعة وذلك تمام الألف ركعة.

قال : وهو رواية محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان فيما أسنده عن علي بن مهزيار (3) ، عن مولانا الجواد عليه السلام ، يقتضي ترتيب الرسالة العزية (4).

أقول : وقال الشّيخ محمد بن أحمد الصفواني في كتاب التعريف ، وهي رسالة منه إلى ولده ، وقد زكّاه أصحابنا عند ذكر اسمه وأثنوا عليه في باب صلاة شهر رمضان :

واعلم يا بنيّ انّ صلاة شهر رمضان تسعمائة مأة ركعة ، وفي رواية أخرى ألف ركعة ، وروي تسعة آلاف مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وروي عشرة آلاف مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) في كل ركعة عشر مرات ، وروي انّه يجوز مرّة مرّة ، فمنها في العشر الأول والثاني في كلّ ليلة عشرين ركعة ، يكون أربعمائة ركعة ، في كلّ ركعة عشر مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فان

ص: 47


1- لم نجده في المصباح ، ذكره مع اختلاف في المبسوط 1 : 133.
2- المقنعة : 28.
3- مهران (خ ل).
4- عنه الوسائل 8 : 36.

لم يمكن فمرّة ، وفي العشر الأواخر ثلاثين ركعة في كلّ ليلة ، في كلّ ركعة عشر مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فان لم يمكن فمرّة إلاّ في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فانّ فيهما مأة في كلّ ركعة بعد فاتحة الكتاب عشر مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وقد روي انّ في ليلة تاسع وعشرين (1) أيضا مأة ركعة ، وهو قول من قال بالألف ركعة ، الاّ انّ المعول عليه في ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين - هذا لفظه (2).

ولعلّ ناسخ كتابه غلط ، فأراد أن يكتب : ليلة تسع عشرة ، فكتب تاسع وعشرين ، إلاّ أنّنا كذا وجدناه في نسختنا وهي عتيقة ، تاريخها ذو الحجة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

أقول : وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه فقال :

وممّن روى الزّيادة في التطوّع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان ، قال : سألته عليه السلام عن شهر رمضان كم يصلّي فيه؟ قال :

كما يصلّي في غيره ، الاّ انّ لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي ان يزيد في تطوّعه ، وان أحبّ وقوي على ذلك ان يزيد في أوّل الشهر إلى عشرين ليلة ، كلّ ليلة عشرين ركعة ، سوى ما كان يصلّي قبل ذلك ، يصلّي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثمان ركعات بعد العتمة ، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال ، فليصلّ ثلاثين ركعة في كل ليلة - ثم قال : - وفي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين يصلّي في كل واحدة منهما مأة ركعة.

ثم قال : إنّما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ، ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروي ومن رواه ، وليعلم من اعتقادي فيه انّي لا أرى بأسا باستعماله (3).

أقول : وروى عبيد اللّه الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه ما معناه : انّ النبي

ص: 48


1- في الوسائل : تسع عشرة.
2- عنه الوسائل 8 : 36.
3- الفقيه 2 : 138 ، رواه أيضا الشيخ في التهذيب 3 : 63 ، الاستبصار 1 : 462 ، عنهم الوسائل 8 : 31.

صلى اللّه عليه وآله لم يصلّ نافلة شهر رمضان (1).

ولعلّ روايتهما لها تأويل من التّقية ، أو غلط من الرّواة ، أو غير ذلك من البيان.

أقول : فمن الروايات في انّ النبي صلى اللّه عليه وآله صلّى نوافل شهر رمضان ، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضوان اللّه جلّ جلاله عليه قال : قال أبو علي بن همام ، قال : حدثنا علي بن سليمان الرازي ، قال : حدثني أبو القاسم بن أبي خليس المدائني ، قال : حدثني أبو علي محمد بن أحمد بن مطهر (2) ، قال : كتبت إلى سيدي أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام : انّ رجلا يقول : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يزد في صلاته في شهر رمضان على ما كان يصلّي في غيره.

فكتب في الجواب : كذب ، فضّ اللّه فاه ، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلّي في عشرين ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة في كلّ ليلة ، وفي ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ، وفي العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة.(3)

أقول : وروي هذا الحديث بغير هذه الألفاظ علي بن عبد الواحد النهدي ، عن علي بن حاتم ، قال : حدثنا أحمد بن علي ، قال : حدثنا محمد بن أبي الصّهبان ، عن محمد بن سليمان ، قال :

انّ عدة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث ، منهم : يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه ؛ وصباح الحذاء ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن ؛ وسماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال محمد : وسألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن هذا الحديث فأخبرني به ، وقال هؤلاء جميعا : وسألنا عن الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فقالوا جميعا :

ص: 49


1- عنه الوسائل 8 : 44.
2- في التهذيب والوسائل : أحمد بن محمد بن مطهر.
3- عنه الوسائل 8 : 34 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 67 ، الاستبصار 1 : 466.

انّه لمّا دخلت (1) عليه أول ليلة من شهر رمضان صلّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المغرب ، ثمّ صلّى اربع ركعات الّتي كان يصلّيها بعد المغرب في كلّ ليلة ، ثم صلى ثمان ركعات ، فلمّا صلّى العشاء الآخرة وصلّى الركعتين اللّتين كان يصلّيهما بعد العشاء الآخرة ، وهو جالس في كلّ ليلة ، ثم قام فصلّى اثنتي عشرة ركعة ثمّ دخل بيته ، فلما رأى ذلك الناس ونظروا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد زاد في صلاته حين دخل شهر رمضان سألوه عن ذلك ، فأخبرهم انّ هذه الصلاة صلّيتها لفضل شهر رمضان على الشهور.

فلمّا كان من اللّيل قام يصلّي فاصطفّ الناس خلفه ، فانصرف إليهم فقال : ايها الناس انّ هذه الصلاة نافلة ولن يجمع في النافلة (2) ، فليصلّ كل رجل منكم وحده وليقل ما علّمه اللّه من كتابه ، واعلموا انّه لا جماعة في نافلة ، فافترق النّاس فصلّى كل رجل منهم على حياله لنفسه.

فلمّا كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس وصلّى المغرب بغسل ، فلمّا صلّى المغرب وصلّى اربع ركعات الّتي كان يصلّيها فيما مضى في كلّ ليلة بعد المغرب دخل إلى بيته ، فلمّا أقام بلال لصلاة عشاء الآخرة خرج النبي صلى اللّه عليه وآله فصلّى بالناس ، فلمّا انفتل صلّى الركعتين وهو جالس ، كما كان يصلّي كل ليلة ، ثم قام فصلّى مأة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، فلمّا فرغ من ذلك صلّى صلاته التي كان يصلّي في كلّ ليلة في آخر الليل وأوتر ، فلمّا كان ليلة عشرين من شهر رمضان فعل كما كان يفعل قبل ذلك من الليالي في شهر رمضان ، ثمان ركعات بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة.

فلمّا كان ليلة إحدى وعشرين اغتسل حين غابت الشمس وفعل فيها مثل ما فعل في ليلة تسع عشرة ، فلمّا كان في ليلة اثنتين وعشرين زاد في صلاته فصلّى ثمان

ص: 50


1- دخل (خ ل).
2- في التهذيب : نجتمع للنافلة.

ركعات بعد المغرب واثنتين وعشرين ركعة بعد عشاء الآخرة ، فلمّا كان ليلة ثلاث وعشرين اغتسل أيضا كما اغتسل في ليلة تسع عشرة ، وكما اغتسل في ليلة إحدى وعشرين ثمّ فعل مثل ذلك.

قال : فسألته (1) عن صلاة الخمسين ما حالها في شهر رمضان؟ قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلّي هذه الصلاة ويصلّي صلاة الخمسين على ما كان فعل في غير شهر رمضان لا ينقص منها شيئا.(2)

أقول : هذا آخر لفظ هذه الروايات من أصل مصنّفه الذي كتب في حياته تغمده اللّه برحمته.

وحيث قد ذكرنا الرّواية بترتيب نافلة شهر رمضان على هذا الوصف ، فينبغي ان نذكر الرواية بالتّرتيب الآخر في نافلة شهر رمضان ، فإنّه أبلغ في الاستظهار والكشف.

وروى أيضا علي بن عبد الواحد النهدي في كتابه قال : حدّثنا عبد اللّه بن محمد ، قال :

أخبرنا علي بن حاتم ، عن محمد بن جعفر بن بطّة ، عن محمد بن الحسن - يعني الصفار - ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام :

قال : وأخبرنا عبد اللّه بن محمد ، قال : أخبرنا الحسين بن علي بن سفيان ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن المفضل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

تصلّي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة ، قال : قلت : ومن يقدر على هذا؟ قال : ليس حيث تذهب ، أليس تصلّي في تسع عشر منه ، في كلّ ليلة عشرين ركعة ، وفي ليلة تسع عشرة مأة ركعة ، وفي ليلة إحدى وعشرين مأة ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ، وتصلّي في ثمان ليال من العشر الأواخر ، في كلّ ليلة ثلاثين ركعة ، فهذه تسعمائة وعشرين ركعة.

ص: 51


1- في التهذيب : قالوا : فسألوه.
2- عنه الوسائل 8 : 32 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 64 ، الاستبصار 1 : 464.

قال : قلت : جعلني اللّه فداك فرّجت عنّي لقد كان ضاق بي الأمر ، فلمّا ان أتيت بالتّفسير فرّجت عنّي ، فكيف تمام الألف ركعة؟ قال :

تصلّي في كلّ يوم جمعة في شهر رمضان اربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام ، وتصلّي ركعتين لابنة محمد عليهما السلام ، وتصلّي بعد الركعتين اربع ركعات لجعفر الطيار عليه السلام ، وتصلّي في ليلة جمعة في العشر الأواخر في آخر جمعة لأمير المؤمنين عليه السلام عشرين ركعة ، وتصلّي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمّد عليهما وعلى ذريتهما السلام.

ثم قال : اسمع وعه وعلّم ثقاة إخوانك هذه الأربع والركعتين ، فإنّها أفضل الصلوات بعد الفرائض ، فمن صلاّها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين اللّه عزّ وجل من ذنب.

قال : ثمّ قال : يا مفضل بن عمر! تقرء في هذه الصلوات كلّها أعني صلاة شهر رمضان ، الزيادة منها بالحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، ان شئت مرّة وان شئت ثلاث مرّات ، وان شئت خمس مرات ، وان شئت سبعا ، وان شئت عشرا ، وامّا صلاة أمير المؤمنين عليه السلام فإنّه تقرء فيها بالحمد في كلّ ركعة وخمسين مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وتقرء في صلاة ابنة محمّد صلّى اللّه عليهما في أوّل ركعة الحمد و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) مأة مرة ، وفي الركعة الثانية الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مأة مرة.

فإذا سلّمت في الركعتين سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ، وهو اللّه أكبر - أربع وثلاثون مرة ، وسبحان اللّه - ثلاث وثلاثون مرة ، والحمد لله ثلاث وثلاثون مرة ، فواللّه لو كان شيء أفضل منه لعلّمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ايّاها.

وقال لي : تقرء في صلاة جعفر عليه السلام في الركعة الأولى الحمد و ( إِذا زُلْزِلَتِ ) ، وفي الثانية الحمد والْعادِياتِ ، وفي الثالثة الحمد و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ ) ، وفي الرابعة الحمد و «قُلْ هُوَ اللّهُ احَدٌ» ، ثم قال لي : يا مفضل ( ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) .(1)

ص: 52


1- عنه الوسائل 8 : 29 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 66 ، والمفيد في المقنعة : 28.

وقال علي بن عبد الواحد النهدي في كتابه : وأخبرنا عبد اللّه بن الحسين الفارسي رحمة اللّه ، قال : أخبرنا محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

أقول : وقد زكّى المفيد (1) في كتاب كمال شهر رمضان محمد بن سنان وبالغ في الثناء عليه وروى في ذلك حديثا يعتمد عليه.

قال السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة ، رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين ، أنموذج السلف الطاهر ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس - مصنّف هذا الكتاب - :

قد ذكرنا هاتين الرّوايتين بألفاظ الرواة ، احتياطا لمراقبة مالك الأسباب ، وسنذكر في عمل ليلة تسع عشر من شهر رمضان من هذا الكتاب ما يكون عندنا من تأويل في الجمع بينهما ، على ما نرجوه أقرب إلى الصواب ، وبين الرواة تفاوت في العدالة والجرح ، ولم نذكره نحن تنزيها عن الاغتياب وخوفا من يوم الحساب.

ولعلّ رواية الحلبي ورواية محمد بن الوليد في ترك نافلة شهر الصيام لعذر مقبول في شريعة الإسلام ، فإنّ ظاهر روايتهما المشار إليهما ، وظاهر مذهب ابن بابويه رضوان اللّه عليه ترك هذا الترتيب في نافلة (2) شهر رمضان ، والاقتصار على نافلة اليوم والليلة كغيره من الأزمان.

وقال الشيخ علي بن الحسن بن فضال في كتاب الصيام - وقد أثنى عليه بالثقة جدي أبو جعفر الطوسي وأبو العباس النجاشي (3) - ما هذا لفظه : حدثني هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ممّا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصنع في شهر رمضان ، كان يتنفّل في كلّ ليلة ، ويزيد على صلاته الّتي كان يصلّيها قبل ذلك منذ أوّل ليلة إلى تمام عشرين

ص: 53


1- في النسخ : الفئتين ، وما أثبتناه لعله هو الظاهر ، واللّه العالم.
2- صلاة (خ ل).
3- رجال النجاشي : 257 ، الرقم : 676 ، الفهرست ، 92.

ليلة ، في كلّ ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات منها بعد المغرب ، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة ، ويصلّي في العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة ، اثنتي عشرة ركعة منها بعد المغرب ، وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة ، وكان يجتهد في ليلة تسع عشرة اجتهادا شديدا ، وكان يصلّي في ليلة إحدى وعشرين مأة ركعة ، ويصلّي في ليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ويجتهد فيهما.(1)

أقول : ولو ذكرنا كلّما وقفنا عليه من اختلاف الترتيب بين الرّوايات كنّا قد خرجنا عمّا قصدناه.

ص: 54


1- عنه الوسائل 8 ، 30 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 62 ، الاستبصار 1 : 462.

الباب الرابع: فيما نذكره ممّا يختصّ بأوّل ليلة من شهر رمضان

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من فضل غسل أول ليلة منه

رواه ابن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : يستحبّ الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه.(1)

أقول : وقد ذكره جماعة من أصحابنا الماضين ، فلا نطيل بذكر أسماء المصنّفين.

ووقت اغتسال شهر رمضان قبل دخول العشاء ، ويكفي ذلك الغسل لليلته جميعها.

وروي انّ الغسل أوّل الليل ، وروي بين العشاءين(2) ، وروينا ذلك عن الأئمة الطاهرين.

أقول (3) ورأيت في كتاب اعتقد انّه تأليف أبي محمد جعفر بن أحمد القمي عن الصادق عليه السلام : من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار ويصبّ على

ص: 55


1- عنه الوسائل 3 : 325.
2- عنه الوسائل 3 : 325 ، راجع الفقيه 2 : 156 ، الكافي 4 : 153.
3- فصل (خ ل).

رأسه ثلاثين كفّا من الماء ، طهر إلى شهر رمضان من قابل.(1)

ومن (2) ذلك الكتاب المشار إليه عن الصّادق صلوات اللّه عليه : من أحبّ ان لا يكون به الحكّة ، فليغتسل أوّل ليلة من شهر رمضان ، فإنّه من اغتسل أوّل ليلة منه لا يصيبه حكّة إلى شهر رمضان من قابل.(3)

وسيأتي في أوّل يوم من شهر رمضان ما رويناه فيه من الغسل أيضا.

فصل (2): فيما نذكره من الروايات بمعرفة أول شهر رمضان

اعلم انّ الروايات الّتي وقفت عليها كثيرة في المصنّفات ، وإذا كان العمل على رؤية الهلال والشّهادات ، فأيّ فائدة في تكثير إيراد ما وقفنا عليه من علامات ذلك والأمارات.

لكن قد اقتضت الاستخارة انّنا لا نخلّي كتابنا هذا من شيء من الروايات :

فمن ذلك ما وجدته مرويّا عن جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده قال : أخبرنا أبو أحمد أيدّه اللّه تعالى ، قال : حدثنا أبو الهيثم محمد بن إبراهيم المعروف بابن أبي رمثة من أهل كفرتوثا بنصيبين ، قال : حدثني أبي ، قال : دخلت على الحسن العسكري صلوات اللّه عليه في أوّل يوم من شهر رمضان ، والنّاس بين متيقّن وشاك ، فلمّا بصر بي قال لي : يا أبا إبراهيم في أيّ الحزبين أنت في يومك؟ قلت : جعلت فداك يا سيّدي انّي في هذا قصدت ، قال : فإنّي أعطيك أصلا إذا ضبطته لم تشكّ بعد هذا ابدا ، قلت : يا مولاي منّ عليّ بذلك.

فقال : تعرف أيّ يوم يدخل المحرّم ، فإنّك إذا عرفته كفيت طلب هلال شهر رمضان ، قلت : وكيف يجزي معرفة هلال محرم عن طلب هلال شهر رمضان؟ قال :

ص: 56


1- عنه الوسائل 3 : 325.
2- أقول : ومن (خ ل).
3- عنه الوسائل 3 : 325.

ويحك انّه يدلّك عليه فتستغني عن ذلك ، قلت : بيّن لي يا سيدي كيف ذلك؟

قال : فانتظر أيّ يوم يدخل المحرم ، فان كان أوّله الأحد فخذ واحدا ، وان كان أوّله الاثنين فخذ اثنين ، وان كان الثلثاء فخذ ثلاثة ، وان كان الأربعاء فخذ أربعة ، وان كان الخميس فخذ خمسة ، وان كان الجمعة فخذ ستّة ، وان كان السبت فخذ سبعة ، ثم احفظ ما يكون وزد عليه عدد أئمتك ، وهي اثنا عشر ، ثم اطرح ممّا معك سبعة سبعة ، فما بقي ممّا لا يتمّ سبعة فانظركم هو ، فان كان سبعة فالصوم السبت ، وان كان الستة فالصوم الجمعة ، وان كان خمسة فالصوم الخميس ، وان كان أربعا فالصوم الأربعاء ، وان كان ثلاثة فالصوم الثلثاء ، وان كان اثنين فالصوم يوم الاثنين ، وان كان واحدا فالصوم يوم الأحد ، وعلى هذا فابن حسابك تصبه موافقا للحقّ ان شاء اللّه تعالى.

أقول : ربّما كان قول الراوي : فما بقي ممّا لا يتمّ سبعة ، من زيادة أحد الرواة أو من الناسخين ، لانّه قد ذكر فيه : فان كان سبعة فالصوم السبت ، ولأنّه إذا كان أوّل المحرّم مثلا يوم الاثنين وضمّ الاثنين إلى عدد الأئمة عليهم السلام ، وهو اثنا عشر ، صار العدد أربعة عشرة ، فإذا عدّ سبعة وسبعة ما يبقى عدد ينقص عن سبعة.

أقول : ولعلّ هذه الرواية تختصّ بوقت دون وقت ، وعلى حال دون حال ، ولإنسان دون انسان.

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي (1) ، وإلى علي بن حسن بن فضال من كتابه كتاب الصيام ، بإسنادهما إلى أبي بصير عن الصادق عليه السلام انّه قال : إذا عرفت هلال رجب فعدّ تسعة وخمسين يوما ثم صم يوم ستين.(2)

أقول : وهذا الحديث كان ظاهره يقتضي انّ رجبا وشعبان لا بدّ ان يكون أحدهما ناقصا عن ثلاثين يوما ، فان وجدت في وقت هذين الشهرين تامّين ، فلعلّ المراد بهذه الرواية تلك السنة المعيّنة أو سنة مثلها أو غير ذلك.

ص: 57


1- الكافي 4 : 77 ، التهذيب 4 : 180.
2- عنه المستدرك 7 : 416 ، رواه في الفقيه 2 : 78 ، المقنع : 59 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 94 ، عنهم الوسائل 10 : 285 و 10 : 299 ، رواه أيضا لصدوق في الهداية : 45 ، عنه المستدرك 7 : 416.

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي بإسناده إلى الصادق عليه السلام انّه قال : عدّ من هلال شهر رمضان في سنتك الماضية خمسة أيّام وصم اليوم الخامس.(1)

ورأيت في كتاب الحلال والحرام لإسحاق بن إبراهيم الثقفي الثقة من نسخة عتيقة عندنا الآن مليحة ، ما هذا لفظه : أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : حدثنا عاصم بن حميد ، قال : قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام :

عدّوا اليوم الّذي تصومون فيه وثلاثة أيّام بعده وصوموا يوم الخامس ، فإنّكم لن تخطئوا، قال أحمد بن عبد الرحمن : قد ذكرت ذلك للعباس بن موسى بن جعفر فقال : انا عليه ، ما انظر إلى كلام النّاس والرواية.

قال أحمد : وحدّثني غياث - قال : أظنّه ابن أعين - عن جعفر بن محمد مثله (2).

أقول : وقد ذكر الشيخ محمد بن الجنيد في الجزء الأوّل من مختصر كتاب تهذيب الشيعة لاحكام الشرعية فقال في كتاب الصوم ما هذا لفظه :

والحساب الّذي يصام به يوم الخامس من اليوم الّذي كان الصيام وقع في السنة الماضية يصحّ ان لم تكن السنة كبيسة (3) ، فإنّه يكون فيها من اليوم السّادس ، والكبيس يكون في كلّ ثلاثين سنة أحد عشر يوما مرّة في السنة الثالثة ومرّة في السنة الثانية.

أقول : وذكر الشيخ العالم سعيد بن هبة اللّه الراوندي رحمه اللّه عليه في كتاب شرح النهاية في كتاب الصيام في باب علامات شهر رمضان ما هذا لفظه :

وقد رويت روايات بأنّه إذا تحقّق الهلال العام الماضي عدّ خمسة أيام وصام اليوم الخامس ، أو تحقق هلال رجب عدّ تسعة وخمسين يوما وصام يوم الستين ، وذلك محمول

ص: 58


1- الكافي 4 : 81 ، رواه مع اختلاف الشيخ في التهذيب 4 : 179 ، الاستبصار 2 : 76 ، عنهما الوسائل 10 : 284 ، رواه في فقه الرضا عليه السلام : 25 ، عنه المستدرك 7 : 416.
2- عنه الوسائل 10 : 286.
3- الكبيسة يقال لليوم المجتمع من الكسور ، فإن أهل الحساب يعدّون الشهر الأول من السنة ثلاثين والثاني تسعة وعشرين وهكذا إلى آخر السنة ، ويجتمعون الكسور حتّى إذا صار يوما أو قريبا منه زادوا في آخر السنة يوما ، وذلك يكون في كلّ ثلاثين سنة أحد عشر يوما - الوافي.

على انّه يصوم ذلك بنيّة شعبان استظهارا ، فامّا بنيّة انّه من شهر رمضان فلا يجوز على حال ، وقال أبو جعفر الطوسي : يجوز عندي ان يعمل على هذه الرواية الّتي وردت بأنّه يعدّ من السنة الماضية خمسة أيام ويصوم يوم الخامس ، لانّ من المعلوم انّه لا يكون الشهور كلّها تامّة ، وامّا إذا رأى الهلال وقد تطوّق ، أو رأى ظلّ الرأس فيه ، أو غاب بعد الشفق ، فانّ جميع ذلك لا اعتبار به ويجب العمل بالرؤية ، لأنّ ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالع والعروض (1) - وهذا آخر ما حكاه الراوندي في معناه.

فصل : واعلم انّ اللّه جلّ جلاله تفضّل علينا بأسرار ربانيّة وأَنوار محمّدية ومبارّ علويّة ، منها تعريفنا بأوائل الشهور وان لم نشاهد هلالها ، وليس ذلك بطريق الأحكام النجوميّة ولا الاستخارات المرويّة ، وانّما ذلك كما قلنا بالأمور الوجدانية الضروريّة ، وانما نذكر من دلائل شهر رمضان أو علاماته أو أماراته ، لمن لم يتفضّل اللّه جلّ جلاله عليه بما تفضّل به علينا من هباته وكراماته ، وان لم يلزم العمل بها في ظاهر الشريعة النبوية.

وقد وجدنا تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إلينا يوم الرابع والعشرين من صفر سنة ستين وستّمائة بعد تصنيف هذا الكتاب ، ونحن ذاكروها حسب ما رأيناه قريبة من الصواب ، وهذا لفظها :

إذا أردت أن تعرف الوقفة وأول شهر رمضان من كلّ شهر في السنة ، فارتقب هلال محرم ، فإذا رأيته فعدّ منه أربعة أيّام خامسة الوقفة ، وسادسة أول شهر رمضان ، فإذا استتر عنك هلال محرم فارتقب هلال صفر ، وعدّ منه يومين ، وثالثه الوقفة ورابعه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال صفر فارتقب هلال شهر ربيع الأول ، فإذا رأيته فعدّ منه يوما واحدا ، وثانيه الوقفة وثالثه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال شهر ربيع الأول فارتقب هلال شهر ربيع الآخر ، فإذا رأيته فعدّ منه ستّة أيام ، وسابعه الوقفة وثامنه أول شهر رمضان.

فان استتر عنك هلال شهر ربيع الآخر فارتقب هلال جمادى الأولى ، فإذا رأيته فعدّ منه

ص: 59


1- المبسوط 1 : 268.

خمسة أيام ، وسادسة الوقفة وسابعه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال جمادى الأولى فارتقب هلال جمادى الآخر ، فإذا رأيته فعدّ منه ثلاثة أيام ، ورابعه الوقفة وخامسة أول شهر رمضان ، فإذا استتر عنك هلال جمادى الآخر فارتقب هلال رجب ، فعدّ منه يومين ، وثالثه الوقفة ورابعه أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال رجب ، فارتقب هلال شعبان ، اوله الوقفة وثانيه أول شهر رمضان.

فان استتر عنك هلال شعبان فارتقب هلال شهر رمضان ، فإذا رأيته فعدّ منه ستّة أيام ، وسابعه الوقفة وثامنه أول شهر رمضان ، فإذا استتر عنك هلال رمضان فارتقب هلال شوال فإذا رأيته فعدّ منه أربعة أيام ، وخامسة الوقفة وسادسة أول شهر رمضان ، فان استتر عنك هلال شوال فارتقب هلال ذي القعدة فإذا رأيته فعدّ منه ثلاثة أيام ، ورابعه الوقفة وخامسة أول شهر رمضان ، فإذا استتر عنك هلال ذي القعدة فارتقب هلال ذي الحجة وعدّ منه ثمانية أيام ، وتاسعه الوقفة وعاشره أول شهر رمضان - هذا آخر ما وجدناه فصنه الاّ عمن يستحق التعريف بمعناه.

ومن ذلك ما سمعناه مذاكرة ولم نقف على إسناده انّه روي عن أحدهم عليهم السلام انّه قال : يوم صومكم يوم نحركم.(1)

ومن ذلك ما رواه علي بن الحسن بن علي بن فضال بإسناده في كتاب الصيام إلى ابن الحرّ قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إذا غاب الهلال قبل الشّفق فهو لليلة ، وإذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين (2).

ورواه محمد بن يعقوب الكليني.(3)

وروى الخطيب في تاريخه في ترجمة بقيّة بن الوليد في الجزء التاسع والأربعين ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة (4) ، وإذا غاب

ص: 60


1- عنه المستدرك 7 : 416 ، رواه في الكافي 4 : 77.
2- عنه المستدرك 7 : 415.
3- رواه في الكافي 4 : 77 ، عنه الوسائل 10 : 282 ، أخرجه الشيخ في التهذيب 4 : 178 ، الاستبصار 2 : 75 ، والصدوق في الفقيه 2 : 78.
4- لليته (خ ل).

بعد الشفق فهو لليلتين.

أقول : ووجدت في كتاب الفردوس لشهردار بن شيرويه الديلمي في المجلد الأول في أواخر النصف الأول منه ، عن ابن عمر قال : قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين.

وفي رواية أخرى : إذا غاب القمر في الحمرة فهو لليلة (1) ، وإذ غاب في البياض فهو لليلتين.

قلت انا : هذا لفظ ما رأيناه.

أقول : ورأيت روايتين إحداهما عن عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ، وهو يتضمّن شرحا طويلا نحو كرّاسين ، فلا نطيل بذكره ، رواه عن الصادق عليه السلام في معرفة أول الشهور بالحساب.

أقول : واعلم انّ تعريف اللّه جلّ جلاله لعباده بشيء من مراده فإنّه لا ينحصر بمجرّد العقل جميع أسبابه ، ولا يدرك بعين الشرع تفصيل أبوابه ، لأنّ اللّه جلّ جلاله قادر لذاته ، فهو قادر على ان يعرّف عباده مهما شاء ومتى شاء بحسب إرادته ، واعرف على اليقين من يعرف أوائل الشهور وان لم يكن ناظرا إلى الهلال ، ولا حضر عنده أحد من المشاهدين ، ولا يعمل على شيء ممّا تقدم من الروايات ، ولا بقول منجّم ، ولا باستخارة ، ولا بقول أهل العدد ، ولا في المنام ، بل هو من فضل ربّ العالمين الّذي وهبة نور الألباب من غير سؤال ، وألهمه العلم بالبديهيّات من غير طلب لتلك الحال ، ولكن هو مكلف بذلك وحده على اليقين حيث علم به على التعيين (2).

أقول : والمعتبر في معرفة الهلال وأوّل شهر رمضان عند من لم يعرف ذلك بوجه من الوجوه على رؤيته أو قيام البيّنة بمشاهدته ، بحسب ما تضمّنه المعتمد عليه من تحقيق القول بين الأصحاب ، فإنّه لا يليق شرح ذلك في هذا الكتاب.

ص: 61


1- تاريخ بغداد 7 : 123.
2- المراد به نفسه كما مرّ قبيل هذا.

فصل (3): فيما نذكره من الروايات بمعرفة هلال شهر رمضان

اعلم انّنا قد أشرنا فيما قبل هذا الفصل إلى معرفة دخول الشهر مطلقا من غير رؤية هلال ، وهنا نذكر فيه بعض ما رويناه من مشاهدة الأهلّة ومن يشهد به على سبيل الإجمال.

أقول : فروينا من عدّة طرق نذكر منها لفظ الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رضوان اللّه عليه ، فروي بإسناده في كتاب الكافي عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انّه سئل عن الأهلّة فقال : هي اهلّة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر (1).

وبإسناده أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان علي عليه السلام يقول : لا أجيز في الهلال إلاّ شهادة رجلين عدلين.(2)

أقول : والاخبار كثيرة بنحو هذا المعنى ، فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها.

فصل (4): فيما نذكره من الدّعوات عند رؤية هلال شهر رمضان

اعلم انّ من آداب الوقوف لرؤية هلال شهر رمضان انّك تقصد بذلك العبادة لله تعالى وامتثال امره الشريف في بيان أوّل وقت هذه الخدمة العظيمة الشأن ، وان تستعين به جلّ جلاله في الهداية إلى مطالعة والدّلالة على فوائد ذلك ومنافعه.

فإذا نظرته فقل ما رواه محمد بن الحنفية ، عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا استهلّ هلال شهر رمضان

ص: 62


1- رواه الكليني في الكافي 4 : 76 ، عنه الوسائل 10 : 252 ، رواه المفيد في المقنعة : 48 ، وفي رسالة العددية ، 17 ، عنه المستدرك 7 : 408 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 156 ، الاستبصار 2 : 63 ، عنهما الوسائل 10 : 254 ، أورده العياشي في تفسيره 10 : 85 ، عنه المستدرك 7 : 403.
2- رواه الكليني في الكافي 4 : 76 ، والصدوق في الفقيه 2 : 124 ، عنهما الوسائل 28610 و 288 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 180.

استقبل القبلة بوجهه وقال :

اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا بِالأَمْنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، وَالْعافِيَةِ الْمُجَلَّلَةِ (1) وَدَفْعِ (2) الاسْقامِ ، وَالرِّزْقِ الْواسِعِ ، وَالْعَوْنِ عَلَى الصَّلاةِ وَالصيامِ وَالْقِيامِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ.

اللّهُمَّ سَلِّمْنا لِشَهْرِ رَمَضانَ ، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا وَسَلِّمْنا فيهِ ، حَتّى يَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُ رَمَضانَ ، وَقَدْ عَفَوْتَ عَنّا وَغَفَرْتَ لَنا وَرَحِمْتَنا.(3)

ثم قل ما روي عن مولانا موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : مرّ علي بن الحسين عليهما السلام في طريقه يوما فنظر إلى هلال شهر رمضان فوقف فقال :

ايُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِيعُ الدَّائِبُ (4) السَّريعُ ، الْمُتَرَدِّدُ في مَنازِلِ التَّقْدِيرِ ، الْمُتَصَرِّفُ في فَلَكِ التَّدْبِيرِ.

آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ ، وَاوْضَحَ بِكَ الْبُهَمَ ، (5) وَجَعَلَكَ آيَةً مِنْ آياتِ مُلْكِهِ ، وَعَلامَةً مِنْ عَلاماتِ سُلْطانِهِ ، فَحَدَّ بِكَ الزَّمانَ ، وَامْتَهَنَكَ (6) بِالْكَمالِ وَالنُّقْصانِ ، وَالطُّلُوعِ وَالأُفُولِ ، وَالإِنارَةِ وَالْكُسُوفِ (7) ، في كُلِّ ذلِكَ انْتَ لَهُ مُطِيعٌ وَالى إِرادَتِهِ سَرِيعٌ.

سُبْحانَهُ ما اعْجَبَ ما دَبَّرَ في امْرِكَ ، وَالْطَفَ ما صَنَعَ في شَأْنِكَ ، جَعَلَكَ مِفْتاحَ شَهْرٍ حادِثٍ لِامْرٍ حادِثٍ ، فَاسْأَلُ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكَ ، وَخالِقي

ص: 63


1- سحاب مجلّل : أي يجلّل الأرض بالمطر أي يعمّ ، ويمكن أن يكون على صيغة المفعول يعني العافية التي جلّلت علينا ، وجعلت كالمجلّ شاملة للناس.
2- في الأصل : دفاع ، ما أثبتناه من الفقيه والكافي.
3- عنه المستدرك 7 : 440 ، رواه مع اختلاف في الكافي 4 : 70 ، الفقيه 2 : 100 ، التهذيب 4 : 196 ، أمالي الصدوق : 48 ، ثواب الأعمال : 88 ، عنهم الوسائل 10 : 321 ، البحار 96 : 360.
4- الدائب : الدائم السير.
5- البهم : المجهولات.
6- امتهنك : أستعملك واستخدمك.
7- الكسوف : زوال الضوء.

وَخالِقَكَ ، وَمُقَدِّري وَمُقَدِّرَكَ ، وَمُصَوِّري وَمُصَوِّرَكَ ، انْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ يَجْعَلَكَ هِلالَ بَرَكَةٍ لا تَمْحَقُها (1) الأَيّامُ ، وَطَهارَةٍ لا تُدَنِّسُها (2) الآثامُ.

هِلالَ امْنٍ مِنَ الآفاتِ ، وَسَلامَةٍ مِنَ السَّيِّئاتِ ، هِلالَ سَعْدٍ لا نَحْسَ فيهِ ، وَيُمْنٍ لا نَكَدَ مَعَهُ ، ويُسْرٍ لا يُمازِجُهُ عُسْرٌ ، وَخَيْرٍ لا يَشُوبُهُ (3) شَرٌّ ، هِلالَ امْنٍ وَايمانٍ وَنِعْمَةٍ وَاحْسانٍ وَسَلامَةٍ وَاسْلامٍ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنا مِنْ ارْضى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ ، وَازْكى مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ ، واسْعَدِ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فيهِ ، وَوَفِّقْنا فيهِ (4) لِلطَّاعَةِ وَالتَّوْبَةِ ، وَاعْصِمْنا فيهِ مِنَ الآثامِ وَالْحَوْبَةِ. (5)

وَاوْزِعْنا (6) فيهِ شُكْرَ النِّعْمَةِ ، وَالْبِسْنا فيهِ جُنَنَ (7) الْعافِيَةِ ، وَاتْمِمْ عَلَيْنا بِاسْتِكْمالِ طاعَتِكَ فيهِ الْمِنَّةَ ، انَّكَ انْتَ الْمَنَّانُ الْحَميدُ ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ.

وَاجْعَلْ لَنا فيهِ عَوْناً مِنْكَ عَلى ما نَدَبْتَنا إِلَيْهِ مِنْ مُفْتَرَضِ طاعَتِكَ ، وَتَقَبَّلْها انَّكَ الاكْرَمُ مِنْ كُلِّ كَريمٍ ، وَالأَرْحَمُ مِنْ كُلِّ رَحيمٍ ، آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.(8)

ثم قل ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : إذا رأيت الهلال فقل :

ص: 64


1- تمحقها : تنقصها وتذهب بركتها.
2- دنس ثوبه أو خلقه : تلطّخ بمكروه أو قبيح.
3- يشوبه : يخالطه.
4- وفقنا اللّهم (خ ل).
5- الحوبة : الإثم والخطيئة.
6- أوزعنا : ألهمنا.
7- الجنن : الأستار.
8- رواه الشيخ في مصباحه : 541 ، الأمالي 2 : 109 ، عنه البحار 95 : 344 و 96 : 379 ، أخرجه الكفعمي في بلد الأمين : 478 ، وفي مصباحه : 561 ، والإربلي في كشف الغمة 2 : 93 ، وفي الصحيفة السجادية الجامعة ، الدعاء 43 ، ورواه عن المصادر البحار 58 : 178 ، المستدرك 7 : 441.

اللّهُمَّ قَدْ حَضَرَ شَهْرُ رَمَضانَ ، وَقَد افْتَرَضْتَ عَلَيْنا صِيامَهُ وَانْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ.

اللّهُمَّ أَعِنَّا عَلى صِيامِهِ وَتَقَبَّلْهُ مِنّا ، وَسَلِّمْنا فيهِ وَسَلِّمْنا مِنْهُ وَسَلِّمْهُ لَنا (1) ، في يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ.(2)

ثم قل ما رويناه بإسنادنا إلى أبي المفضل محمد بن عبد المطلب الشيباني رحمة اللّه عليه من كتاب أماليه من الجزء الثالث ، بإسناده إلى الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال :

كان علي عليه السلام إذا كان بالكوفة يخرج والناس معه يتراءى هلال شهر رمضان، فإذا رآه قال:

اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا بِالأَمْنِ وَالايمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالاسْلامِ ، وَصِحَّةٍ مِنَ السُّقْمِ ، وَفَراغٍ لِطاعَتِكَ مِنَ الشُّغْلِ ، وَاكْفِنا بِالْقَلِيلِ مِنَ النَّوْمِ.(3)

ثم قل ما روي عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : إذا رأيت الهلال فقل :

اللّهُمَّ قَدْ حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، وَقَدِ افْتَرَضْتَ عَلَيْنا صِيامَهُ وَقِيامَهُ ، فَأَعِنَّا عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ ، وَتَقَبَّلْهُ مِنَّا ، وَسَلِّمْنا فيهِ وَسَلِّمْهُ لَنا ، في يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.(4)

ثم قل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال : إذا رأيت الهلال فلا تبرح (5) وقل :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ خَيْرَ هذا الشَّهْرِ وَفَتْحَهُ ، وَنُورَهُ وَنَصْرَهُ ، وَبَرَكَتَهُ وَطَهُورَهُ ورِزْقَهُ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ خَيْرَ ما فيهِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما فيهِ

ص: 65


1- سلّمه لنا : هي ان لا يغم الهلال في أوّله أو آخره فيلتبس علينا الصوم والفطر.
2- عنه المستدرك 7 : 440 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 74 ، أورده العياشي في تفسيره 1 : 80 مع اختلاف ، عنه البحار 96 : 383.
3- عنه المستدرك 7 : 442 ، رواه مع اختلاف في الكافي 4 : 74.
4- عنه المستدرك 7 : 442.
5- برح المكان ومنه : زال عنه.

وَشَرِّ ما بَعْدَهُ.

اللّهُمَّ ادْخِلْهُ عَلَيْنا بِالأَمْنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، وَالْبَرَكَةِ وَالتَّقْوَى ، وَالتَّوْفِيقِ لِما تُحِبُّ وَتَرْضَى.(1)

ثم قل ما ذكره ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه مرويّا عن الصادق عليه السلام قال : إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه ، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى اللّه عزّ وجلّ وخاطب الهلال تقول :

رَبي وَرَبُّكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمينَ ، اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا بِالأَمْنِ وَالايمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، وَالْمُسارَعَةِ الى ما تُحِبُّ وَتَرْضى ، اللّهُمَّ بارِكْ لَنا في شَهْرِنا هذا وَارْزُقْنا خَيْرَهُ وعَوْنَهُ ، وَاصْرِفْ عَنّا ضُرَّهُ وَشَرَّهُ وبَلاءَهُ وَفِتْنَتَهُ.(2)

ثم قل ما وجدناه (3) في نسخة عتيقة من كتب أصول الشيعة : رَبِّي وَرَبُّكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأَهلهُ عَلَيْنا وَعَلى اهْلِ بُيُوتِنا وَاشْياعِنا ، بِأمْنٍ وَايمانٍ ، وَسَلامَةٍ وَاسْلامٍ ، وَبِرٍّ وَتَقْوى وَعافِيَةٍ مُجَلِّلَةٍ ، وَرِزْقٍ واسِعٍ حَسَنٍ ، وَفَراغٍ مِنَ الشُّغْلِ ، وَاكْفِنا بِالْقَلِيلِ مِنَ النَّوْمِ ، وَالْمُسارَعَةِ فِيما تُحِبُّ وَتَرْضى وَثَبِّتْنا عَلَيْهِ.

اللّهُمَّ بارِكْ لَنا في شَهْرِنا هذا ، وَارْزُقْنا بَرَكَتَهُ وَخَيْرَهُ وَعَوْنَهُ ، وغُنْمَهُ وَنُورَهُ وَيُمْنَهُ ، وَرَحْمَتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، وَاصْرِفْ عَنّا شَرَّهُ وَضُرَّهُ وَبَلاءَهُ وَفِتْنَتَهُ.

اللّهُمَّ ما قَسَمْتَ فيهِ مِنْ رِزْقٍ ، اوْ خَيْرٍ اوْ عافِيَةٍ ، اوْ فَضْلٍ اوْ مَغْفِرَةٍ اوْ رَحْمَةٍ ، فَاجْعَلْ نَصِيبَنَا فيهِ الاكْثَرَ ، وَحَظَّنا فيهِ الأَوْفَرَ.

ثم قل ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 66


1- الفقيه 2 : 100 ، التهذيب 4 : 197 ، الكافي 4 : 76 ، مصباح المتهجد : 541 ، مصباح الكفعمي : 561 ، أخرجه عن بعض المصادر الوسائل 10 : 323.
2- الفقيه 2 : 100 ، أقول : في الفقيه : «قال أبي رحمه اللّه في رسالته إلى : إذ رأيت.» ، وظاهره ان الدعاء من والد الصدوق ، نعم ذكره الصدوق في الهداية مرسلا عن الصادق (عليه السلام) ، عنه البحار 96 : 383.
3- عنه المستدرك 7 : 442.

إذا رأى الهلال قال :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي خَلَقَكَ وَقَدَّرَكَ ، وَجَعَلَكَ مَواقِيتَ لِلنّاسِ ، اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا هِلالاً مُبارَكاً.(1)

ثم قل ما وجدناه في كتاب عتيق بدعوات من طرق أصحابنا كأنّه من أصولهم رحمهم اللّه تعالى ، قال : إذا رأيت الهلال تقول :

اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللّهُ ، لا إِلهَ الاّ هُوَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي خَلَقَني وَخَلَقَكَ ، وَقَدَّرَكَ مَنازِلَ وَجَعَلَكَ آيَةً لِلْعالَمينَ ، يُباهي اللّهُ بِكَ الْمَلائِكَةَ.

اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا بِالأمْنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، وَالْغِبْطَةِ وَالسُّرُورِ ، وَالْبَهْجَةِ وَالْحُبُورِ ، (2) وَثَبِّتْنا عَلى طاعَتِكَ وَالْمُسارَعَةِ فيما يُرْضِيكَ.

اللّهُمَّ بارِكْ لَنا في شَهْرِنا هذا ، وَارْزُقْنا خَيْرَهُ وَبَرَكَتَهُ ، ويُمْنَهُ وَعَوْنَهُ وَقُوَّتَهُ ، وَاصْرِفْ عَنّا شَرَّهُ وَبَلاءَهُ وَفِتْنَتَهُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (3)

ثم قل ما وجدناه في نسخة عتيقة ، قيل انها بخطّ الرضي الموسوي :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا مُبْدِئَ الْبَدايا ، وَيا خالِقَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ ، وَيا إِلَهَ مَنْ بَقِيَ وَإِلهَ مَنْ مَضى ، وَيا مَنْ رَفَعَ السَّماءَ وَسَطَحَ الأَرْضَ ، إلهي وَاسْأَلُكَ بِأَنَّكَ تَبْعَثُ ارْواحَ اهْلِ البِلاءِ (4) بِقُدْرَتِكَ وَامْرِكَ وَسُلْطانِكَ عَلى عِبادِكَ وَإِمائِكَ الأَذِلاّءِ.

الهي وَاسْأَلُكَ بِأَنَّكَ تَبْعَثُ الْمَوْتى وَتُمِيتُ الأَحْياءَ ، وَانْتَ رَبُّ الشِّعْرى وَمَناةَ الثّالِثَةِ الاخْرى ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، عَدَدَ الْحِصى وَالثَّرَى (5) ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى اهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلاةً تَكُونُ لَكَ رِضى ،

ص: 67


1- عنه المستدرك 7 : 443.
2- حبرة : سرّه وأبهجه.
3- عنه المستدرك 7 : 443.
4- بلى الثوب بلى وبلاء : قدم.
5- الحصى : صغار الحجارة ، الثراء : التراب النديّ.

وَارْزُقْني في هذَا الشَّهْرِ التُّقى وَالنُّهى ، وَالصَّبْرَ عَلى البَلاءِ ، وَالْعَوْنَ عِنْدَ الْقَضاءِ.

وَاجْعَلْني إلهي مِنْ اهْلِ الْعافِيَةِ وَالْمُعافاةِ ، وَهَبْ لي يَقِينَ اهْلِ التُّقى ، وَاعْمالَ اهْلِ النُّهى (1) وَصَبْرَ اهْلِ الْبَلْوى ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ يا الهي ضَعْفي عِنْدَ الْبَلاءِ ، وَقِلَّةَ صَبْري في الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ ، لا تَبْعَثْني بِبَلاءٍ ، ارْحَمْ ضَعْفي وَاكْشِفْ كَرْبي وَفَرِّجْ هَمِّي وَغَمِّي.

وَارْحَمْني رَحْمَةً تُطْفِئُ بِها سَخَطَكَ عَنِّي ، وَاعْفُ عَنِّي وَجُدْ عَلَيَّ ، فَعَفْوُكَ وَجُودُكَ يَسَعُني ، وَاسْتَجِبْ لي في شَهْرِكَ الْمُبارَكِ ، الّذي عَظَّمْتَ حُرْمَتَهُ وَبَرَكَتَهُ.

وَاجْعَلْني إلهي مِمَّنْ آمَنَ وَاتَّقى في الدِّينِ وَالدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، مَعَ مَنْ اتَوالى وَأَتَوَلّى ، وَلا تُلْحِقْني بِمَنْ مَضى مِنْ اهْلِ الْجُحُودِ في هذِهِ الدُّنْيا.

وَاجْعَلْني إلهي مَعَ مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، في كُلِّ عافِيَةٍ وَبَلاءٍ ، وَكُلِّ شِدَّةٍ وَرَخاءٍ ، وَاحْشُرْني مَعَهُمْ لا مَعَ غَيْرِهِمْ في الدِّينِ وَالدُّنْيا ابَداً وَفي الآخِرَةِ غَداً ، يَوْمَ يَحْشُرُ النّاسُ ضُحى.

وَاجْعَلِ الْآخِرَةَ خَيْراً لي مِنَ الأُولى ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَنْزلَتِهمْ عَذابَ الْآخِرَةِ وَخِزْيَ الدُّنْيا ، وَفَقْرَها وَمَسْكَنَتَها وَما فيها ، يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا مَوْلاهُ يا وَلِيَّ نِعْمَتاهُ ، آمينَ آمينَ ، اخْتِمْ لي ذلِكَ عَلى ما أَقُولُ يا رَبّاهُ.

ثمّ صلّ على محمد وأهل بيته عليه وعليهم السلام وسل حوائجك تقضى ان شاء اللّه تعالى. (2)

ص: 68


1- النُهى : العقل ، سمّي به لأنّه ينهى عن القبيح وعن كلّ ما ينافي العقل.
2- عنه المستدرك 7 : 443.

فصل (5): فيما نذكره من كيفية الدخول على كرم اللّه جلّ جلاله في حضرة ضيافته ودار رحمته التي فتحها بدخول شهر رمضان

روينا بإسنادنا إلى المسمعي وإلى معاوية بن عمار انّهما سمعا أبا عبد اللّه عليه السلام يوصي ولده ويقول : إذا دخل شهر رمضان اجهدوا أنفسكم في هذا الشهر ، فانّ فيه تقسم الأرزاق وتكتب الآجال ، وفيه يكتب وفد اللّه الذي يفدون إليه (1) ، وفيه ليلة ، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.(2)

وروى علي بن عبد الواحد في كتاب عمل شهر رمضان بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : عليكم في شهر رمضان بالاستغفار والدعاء ، امّا الدعاء فيدفع (3) عنكم البلاء ، وامّا الاستغفار فيمحو ذنوبكم(4).

ورأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيسابور في ترجمة خلف بن أيوب العامري بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله : انّه كان إذا دخل شهر رمضان تغيّر لونه وكثرت صلاته ، وابتهل في الدعاء وأشفق منه.

واعلم انّ شهر الصيام مثل دار ضيافة فتحت للأنام ، فيها من سائر أصناف الإكرام والانعام ، ومن ذخائر خلع الأمان والرضوان ، وإطلاق كثير من الإسراء بالعصيان ، وتواقيع بممالك وولايات ربّانيّات حاضرات ومستقبلات ، ومراتب عاليات

ص: 69


1- أي يقدّر فيه حاج بيت اللّه ، وفد جمع وافد ، يقال : وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا ، فكان الحاج وفد اللّه وأضيافه نزلوا عليه رجاء برّه وإكرامه - مرآت العقول.
2- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 99 ، والكليني في الكافي 4 : 66 ، والشيخ في التهذيب 4 : 192 ، عنهم الوسائل 10 : 305.
3- فإنّ الدعاء ليدفع (خ ل).
4- رواه مع اختلاف في الفقيه 2 : 108 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 76 ، الأمالي : 59 عنهما الوسائل 10 : 304 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 88 ، عنه الوسائل 10 : 309 ، وفيهم : «فتمحى به ذنوبكم».

ومواهب غاليات ، وطيّ بساط الغضب والعتاب والعقاب ، والإقبال على صلح أهل الجفاء لربّ الأرباب.

فينبغي ان يكون نهوض المسلم العارف المصدّق بهذه المواهب إلى دخول دار الضيافة بها على فوائد تلك المطالب بالنّشاط والإقبال والسرور وانشراح الصدور ، وان كان قد عامل اللّه جل جلاله قبل الشّهر المشار إليه معاملة لا يرضاها ، وهو خجلان من دخول دار ضيافته والحضور بين يديه ، لأجل ما سلف من معاصيه.

ولدار هذه الضيافة أبواب كثيرة بلسان الحال :

منها باب الغفلة فلا تلمّ به (1) ولا تدخل منه ، لانّه باب لا يصلح إلاّ لأهل الإهمال ، وانّما يدخل من الباب الّذي دخل منه قوم إدريس وقوم يونس عليهما السلام ، ومن كان على مثل سوء أعمالهم وظفروا منه بآمالهم.

ويدخل من الباب الذي دخل منه أعظم المذنبين إبليس ، قال اللّه جلّ جلاله : ( فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) (2) ، فدخل عليه جل جلاله من باب تحريم الإياس والقنوط من رحمته وقال : اجْعلني من المنظرين ، فظفر منه جلّ جلاله بقضاء حاجته وإجابة مسألته.

ويدخل أهل العصيان من كلّ باب دخل منه عاص ، انصلحت بالدخول منه حاله وتلقّاه فيه سعوده وإقباله ، ويجلس على بساط الرحمة الّتي اجلس عليه سحرة فرعون لما حضروا المحاربة ربّ الأرباب ، فظفروا منه جلّ جلاله بما لم يكن في الحساب من سعادة دار الثواب.

ويكون على الجالس المخالف لصاحب الرسالة آثار الحياء والخجالة ، لأجل ما كان قد أسلف من سوء المعاملة لمالك الجلالة ، وليظهر عليه من حسن الظن والشكر للمالك الرحيم الشفيق كيف شرّفه بالاذن له في الدخول والجلوس مع أهل الإقبال والتوفيق ان شاء اللّه تعالى.

ص: 70


1- ألمّ به : إذا نزل به.
2- ص : 77 - 78.

فصل : واعلم انّني لما رأيت انّ شهر رمضان أوّل سنة السعادات بالعبادات ، وانّ فيه ليلة القدر الّتي فيها تدبير أمور السنة وإجابة الدعوات ، اقتضى ذلك اني أودّع السنة الماضية واستقبل السنة الآتية بصلاة الشكر ، كيف سلّمني من إخطار ذلك العام الماضي وشرّفني بخلع التراضي وأغناني عن التّقاضي ، وفرّغني لاستقبال هذا العام الحاضر ، ولم يمنعني من الظفر بالسعادة والعبادة فيه بمرض ولا عرض باطن ولا ظاهر.

فصل : ثمّ انّني احضر هذا الكتاب ، عمل شهر الصيام ، وأقبّله واجعله على رأسي وعيني ، وأضمّه إلى صدري وقلبي ، وأراه قد وصل اليّ من مالك امري ليفتح به عليّ أبواب خيري وبرّي ونصري ، وأتلقّاه بحمدي وشكري وشكر الرسول الذي كان سببا لصلاح امري ، كما اقتضى حكم الإسلام تعظيم المشاعر في البيت الحرام وتقبيلها بفم الاحترام والإكرام.

فصل : ثمّ انّني ابدأ بالفعل ، فاسأل اللّه جلّ جلاله العفو عمّا جرى من ظلمي له وحيفي عليه ، وكلّما هوّنت به من تطهير القلب وإصلاحه لنظر اللّه جلّ جلاله إليه ، والعفو عن كلّ جارحة أهملت شيئا من مهمّاتها وعباداتها والاجتهاد في التوبة النصوح من جناياتها والصدقة عن كلّ جارحة بما تهيّأ من الصدقات ، لقول اللّه جل جلاله ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (1) ، وأتصدّق عن أيّام السنة المستقبلة عن كلّ يوم وليلة برغيف ، لأجل ما رويناه من فضل الصدقة وفائدته.

فصل (6): فيما نذكره من شكر اللّه جلّ جلاله على تقييد الشياطين ومنعهم من الصائمين في شهر رمضان

اعلم انّ الرواية وردت بذلك متظاهرة ومعانيها متواترة متناصرة ، ونحن نذكر من طرقنا إليه ألفاظ الشيخ محمد بن يعقوب ، فانّ كتبه كلّها معتمد عليها.

ص: 71


1- هود : 114.

فروى بإسناده عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول : يا معشر النّاس (1) إذا طلع هلال شهر رمضان غلّت مردة (2) الشياطين ، وفتحت [أبواب السماء و] (3) أبواب الجنان وأبواب الرحمة ، وغلّقت أبواب النار ، واستجيب الدعاء ، وكان لله فيه عند كلّ فطر عتقاء يعتقهم اللّه من النار ، ومناد ينادي كلّ ليلة : هل من سائل ، هل من مستغفر ، اللّهم أعط كلّ منفق خلفا وأعط كلّ ممسك تلفا (4) ، حتّى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : اما والّذي نفسي بيده ما هي بجائزة الدنانير والدراهم (5).

ورأيت حديث خطبة النبي صلى اللّه عليه وآله رواية أحمد بن محمد بن عياش في كتاب الأغسال ، بنسخة تاريخ كتابتها ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، يقول بإسناده إلى مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام انّه قال :

لمّا كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها الناس قد كفاكم اللّه عدوّكم من الجنّ والانس ، ووعدكم الإجابة وقال ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (6) ، الا وقد وكل اللّه سبحانه وتعالى بكلّ شيطان مريد سبعة من الملائكة ، فليس بمحلول حتّى ينقضي شهر رمضان ، الا وأبواب السماء مفتّحة من أوّل ليلة منه إلى آخر ليلة منه ، الا والدعاء فيه مقبول.

حتّى إذا كان أول ليلة من العشر قام فحمد اللّه واثنى عليه وقال مثل ذلك ثم قام ،

ص: 72


1- في الأصل : المسلمين ، ما أثبتناه من الكافي.
2- مردة جمع مارد : العاتي ، أو جمع مريد : الذي لا ينقاد ولا يطيع.
3- من الكافي.
4- خلفا - بالتحريك - أي عوضا عظيما في الدنيا والآخرة ، تلفا أي تلف المال والنفس.
5- رواه في الكافي 4 : 67 ، الفقيه 2 : 97 ، التهذيب 4 : 193 ، أخرجه الصدوق في أماليه : 48 ، ثواب الأعمال : 89 ، عنهم الوسائل 10 : 310.
6- الفرقان : 60.

وشمّر (1) وشدّ المئزر وبرز من بيته واعتكف وأحيا الليل كلّه ، وكان يغتسل كل ليلة منه بين العشاءين ، فقلت : ما معنى شدّ المئزر (2)؟ فقال : كان يعتزل النّساء فيهنّ - وفي رواية أخرى : انّه ما كان يعتزلهنّ (3).

أقول : وقد سألني بعض أهل الدّين فقال : انّني ما يظهر لي زيادة انتفاع بمنع الشّياطين ، لأنّني أرى الحال الّتي كنت عليها من الغفلة قبل شهر رمضان ، كأنّها على حالها ما نقصت بمنع أعوان الشيطان. فقلت له :

يحتمل انّ الشياطين لو تركوا على حالهم في إطلاق العنان كانوا يحسدونكم على هذا شهر الصيام ، فيجتهدون في هلاككم مع اللّه جلّ جلاله أو في الدنيا بغاية الإمكان ، فيكون الانتفاع بمنعهم من زيادات الاذيّات والمضرّات ، ودفعهم عمّا يعجز الإنسان عليه من المحذورات.

ويحتمل ان يكون لكلّ شهر شياطين تختصّ به دون سائر الشهور ، فيكون منع الشياطين في شهر رمضان يراد به شياطين هذا الشهر المذكور ، وغيرهم من الشياطين على حالهم ، مطلقين فيما يريدونه بالإنسان من الأمور ، فلذلك ما يظهر للإنسان سلامتهنّ من وسوسة الصدور.

ويحتمل ان يكون منع الشياطين عن قوم مخصوصين ، بحسب ما يقتضيه مصلحتهم ورحمة رب العالمين ، والاّ فإنّ الكفار وغيرهم ربّما لا تغلّ عنهم الشياطين في شهر رمضان ولا في غيره من الأزمان.

ومن الجواب انّه يحتمل انّ العبد معه إبليس والشياطين ، فإذا غلّت الشياطين كفاه إبليس في غروره للمكلّفين.

ومن الجواب انّه يحتمل انّ العبد معه نفسه وطبعه وقرناء السوء ، وإذا غلّت

ص: 73


1- شمّر للأمر : اراده وتهيّأ له.
2- في النهاية : المئزر : الإزار ، وكنّي بشدّة عن اعتزال النساء.
3- عنه الوسائل 3 : 326 ، روى صدره الصدوق في الفقيه 2 : 98 ، ثواب الأعمال : 90 ، عنهما الوسائل 10 : 304 ، روى ذيله الصدوق في الفقيه 2 : 156 ، والكليني في الكافي 4 : 155 ، عنهما الوسائل 10 : 312.

الشياطين فكفاه هؤلاء في غرورهم وعداوتهم للمكلّف المسكين.

ومن الجواب انّ العبد له قبل شهر رمضان ذنوب قد سوّدت قلبه وعقله وصارت حجابا بينه وبين اللّه جلّ جلاله ، فلا يستبعد منه ان تكون ذنوبه السالفة كافية له في استمرار غفلته ، فلا يؤثر منع الشياطين عند الإنسان لعظيم مصيبته ، ويمكن غير ذلك من الجواب ، وفي هذا كفاية لذوي الألباب.

فصل (7): فيما نذكره من كيفية اتّخاذ خفير أو حام يحمي من المكروهات مدّة العام

اعلم انّني وجدت في الروايات عن أهل الأمانات انّ لكلّ يوم من أيام الأسبوع من يحمي من إخطاره ويضيف الإنسان فيه على موائد مبارّه :

فالسّبت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، والأحد لمولانا علي عليه السلام ، ويوم الاثنين للحسن والحسين عليهما السلام ، ويوم الثلثاء لمولانا علي بن الحسين ومولانا محمد بن علي الباقر ومولانا جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام ، ويوم الأربعاء لمولانا موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد عليهم السلام ، ويوم الخميس لمولانا الحسن العسكري عليه السلام ، ويوم الجمعة لمولانا المهدي عليهم أفضل الصلوات.

وإذا كان لكلّ يوم منهم خفير (1) وحام من المخافات ، فقد صاروا خفراء السنة جميعا على هذا التعريف ، فكن على ثقة من عناية المالك اللطيف بخفارة خواصّه الملازمين لبابه الشريف ، وقد قدّمنا تفصيل بعض هذه الروايات في عمل الأسبوع من كتاب المهمّات والتتمات. (2)

أقول : فإذا كان أوّل السنة لبعض الخواصّ الّذين أشرنا إليهم صلوات اللّه عليهم ، فاطلب من اللّه جلّ جلاله ان يكون بالتّوسل به وبالتّوجه إليه جلّ جلاله ، ان يكون

ص: 74


1- خفره : اجاره وحماه وأمّنه.
2- جمال الأسبوع : 25.

خفيرا لك ولمن يعنيك امره وما يعنيك أمره مدّة تلك السنة الهلاليّة.

فإنّ الإنسان لو أراد ان يسافر سفرا مدّة سنة على التحقيق ، احتاج ان يجتهد في تحصيل الحمأة والخفراء والأدلاّء ومن يقوم بسفره ، من الرفيق في الطريق ومن يخلفه في من يخلفه ، من صديق أو شفيق.

وأنت إذا أهملت السّنة فكأنّك قد استقبلت سفرا في الدنيا اثنا عشر شهرا ، لا تدري ما تلقى فيها خيرا أو شرّا ، فأيّ غنى لك عمّن يدخل بينك وبين اللّه تعالى في سلامتك طول سنتك ، ويكون درك ما يتجدّد عليك وضمانه على من تتعلّق عليه ويلقي امانه عليك.

فصل (8): فيما يقرء كل ليلة لدفع إخطار السنة

روى علي بن عبد الواحد النهدي من أصحابنا رحمه اللّه في كتاب عمل شهر رمضان بإسناده فيه عن يزيد بن هارون يقول : سمعت المسعودي يذكر قال : بلغني انّه من قرأ في كل ليلة من شهر رمضان ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) ، في التّطوع ، حفظ ذلك العام (1).

فصل (9): في صلاة أول ليلة من الشهر

ذكرناها في كتاب عمل السنة عن الصادق عليه السلام انّه قال : من صلّى أول ليلة من الشهر ركعتين بسورة الانعام وسأل اللّه ان يكفيه ، كفاه اللّه تعالى ما يخافه في ذلك الشهر ، ووقاه من المخاوف والأسقام. (2)

ص: 75


1- رواه الراوندي في نوادره ، عنه البحار 96 : 35.
2- عنه الوسائل 8 : 170 ، رواه في الدروع الواقية : 2.

فصل (10): فيما نذكره من الدعاء الزائد عقيب صلاة المغرب أوّل ليلة من شهر رمضان

نرويه بإسنادنا إلى أبي المفضّل محمد بن عبد اللّه الشيباني ، فيما رواه بإسناده إلى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني رحمه اللّه بالري ، قال :

صلّى أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام صلاة المغرب في ليلة رأى فيها هلال شهر رمضان ، فلمّا فرغ من الصلاة ونوى الصيام رفع يديه فقال :

اللّهُمَّ يا مَنْ يَمْلِكُ التَّدْبيرَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، يا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وَما تُخْفي الصُّدُورُ ، وَتُجِنُ (1) الضَّميرُ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِلَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسَلَ ، وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَلٍ يَتَّكِلُ.

اللّهُمَّ صَحِّحْ أَبْدانَنا مِنَ الْعِلَلِ ، وَأَعِنّا عَلى مَا افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنَ الْعَمَلِ ، حَتّى يَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُكَ هذا ، وَقَدْ ادَّيْنا مَفْرُوضَكَ فيهِ عَلَيْنا ، اللّهُمّ أَعِنّا عَلى صِيامِهِ ، وَوَفِّقْنا لِقِيامِهِ ، وَنَشِّطْنا فيهِ لِلصَّلاةِ ، وَلا تَحْجُبْنا مِنَ الْقَراءَةِ ، وَسَهِّلْ لَنا فيهِ إيتاءَ الزَّكاةِ.

اللّهُمَّ لا تُسَلِّطْ عَلَيْنا وَصَباً (2) وَلا تَعَباً ، وَلا سُقْماً وَلا عَطَباً (3) ، اللّهُمَّ ارْزُقْنا الإِفْطارَ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ، اللّهُمَّ سَهِّلْ لَنا فيهِ ما قَسَمْتَهُ مِنْ رِزْقِكَ ، وَيَسِّرْ ما قَدَّرْتَهُ مِنْ امْرِكَ ، وَاجْعَلْهُ حَلالاً طَيِّباً نَقِيّاً مِنَ الآثامِ ، خالِصاً مِنَ الآصارِ (4) وَالأَجْرامِ.

اللّهُمَّ لا تُطْعِمْنا الاّ طَيِّباً غَيْرَ خَبيثٍ وَلا حَرامٍ ، وَاجْعَلْ رِزْقَكَ لَنا حَلالاً

ص: 76


1- اجنّ عنه : استتر.
2- الوصب : المرض والوجع الدائم ونحول الجسم ، وقد يطلق على التعب والفتور في البدن.
3- عطب : هلك.
4- الإصر : الثقل ، الذنب.

لا يَشُوبُهُ دَنَسٌ وَلا أَسْقامٌ ، يا مَنْ عِلْمُهُ بِالسِّرِّ كَعِلْمِهِ بِالإِعْلانِ ، يا مُتَفَضِّلاً عَلى عِبادِهِ بِالإِحْسانِ.

يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ خَبيرٌ ، أَلْهِمْنا ذِكْرَكَ ، وَجَنِّبْنا عُسْرَكَ ، وَأَنِلْنا يُسْرَكَ ، وَاهْدِنا لِلرَّشادِ ، وَوَفِّقْنا لِلسَّدادِ ، وَاعْصِمْنا مِنَ الْبَلايا ، وَصُنّا مِنَ الأَوْزارِ وَالْخَطايا.

يا مَنْ لا يَغْفِرُ عَظِيمَ الذُّنُوبِ غَيْرُهُ ، وَلا يَكْشِفُ السُّوءَ إلاّ هُوَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَاكْرَمَ الأَكْرَمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ ، وَاجْعَلْ صِيامَنا مَقْبُولاً ، وَبِالْبِرِّ وَالتَّقْوى مَوْصُولاً ، وَكَذلِكَ فَاجْعَلْ سَعْيَنا مَشْكُوراً (1) ، وَقِيامَنا مَبْرُوراً ، وَقُرْآنَنا مَرْفُوعاً ، وَدُعائَنا مَسْمُوعاً.

وَاهْدِنا لِلْحُسْنى ، (2) وَجَنِّبْنا الْعُسْرى ، وَيَسِّرْنا لِلْيُسرى ، وَاعْلِ لَنَا الدَّرَجاتِ وَضاعِفْ لَنَا الْحَسَناتِ ، وَاقْبَلْ مِنَّا الصَّوْمَ وَالصَّلاةَ ، وَاسْمَعْ مِنَّا الدَّعَواتِ ، وَاغْفِرْ لَنَا الْخَطِيئاتِ ، وَتَجاوَزْ عَنَّا السَّيِّئاتِ.

وَاجْعَلْنا مِنَ الْعامِلينَ الْفائِزينَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضّالِّينَ ، حَتّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضانَ عَنّا ، وَقَدْ قَبِلْتَ فيهِ صِيامَنا وَقِيامَنا وَزَكَّيْتَ فيهِ أَعْمالَنا ، وَغَفَرْتَ فيهِ ذُنُوبَنا ، وَاجْزَلْتَ (3) فيهِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ نَصِيبَنا ، فَإِنَّكَ الإِلهُ الْمُجِيبُ وَالرَّبُّ الْقَرِيبُ ، وَانْتَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ.(4)

دعاء آخر في أول ليلة من شهر رمضان :

رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمار الساباطي قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فقل :

ص: 77


1- وجوبنا مغفورا (خ ل).
2- اهدنا الحسني (خ ل).
3- أجزل العطاء : أوسعه وأكثره.
4- عنه المستدرك 7 : 444.

اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ مُنَزِّلَ الْقُرْآنِ ، هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ ، وَانْزَلْتَ فيهِ آياتٍ بَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالْفُرْقانِ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنا صِيامَهُ وَأعِنَّا عَلى قِيامِهِ ، اللّهُمَّ سَلِّمْهُ لَنا وَسَلِّمْنا فيهِ وَسَلِّمْهُ مِنّا (1) ، في يُسْرٍ مِنْكَ وَمُعافاةٍ.

وَاجْعَلْ فيمَا تَقْضي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأَمْرِ الْمَحْتُومِ ، وَفيما تَفْرُقُ مِنَ الأَمْرِ الْحَكيمِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَكْتُبَني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُم ، وَاجْعَلْ فيما تَقْضي وَتُقَدِّرُ انْ تُطيلَ لي في عُمْري وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ (2).

ورواه أيضا علي بن عبد الواحد النهدي.

دعاء آخر في كل ليلة من شهر رمضان بعد المغرب :

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ادع للحجّ في ليالي شهر رمضان بعد المغرب :

اللّهُمَّ بِكَ [أَتَوَسَّلُ] (3) وَمِنْكَ اطْلُبُ حاجَتي ، اللّهُمَّ مَنْ طَلَبَ حاجَتَهُ إلى احَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقينَ ، فَانِّي لا اطْلُبُ حاجَتي إِلاّ مِنْكَ ، اسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ وَرِضْوانِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَجْعَلَ لي مِنْ عامي هذا الى بَيْتِكَ الْحَرامِ سَبِيلاً ، حَجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبِّلَةً زاكِيَةً خالِصَةً لَكَ ، تُقِرُّ بها عَيْني ، وَتَرْفَعُ بِها دَرَجَتي ، وَتَرْزُقُني انْ أَغُضَّ بَصَري ، وَانْ احْفَظَ فَرْجي ، وَانْ أَكُفَّ عَنْ جَمِيعِ مَحارِمِكَ ، حَتّى لا يَكُونَ شَيْءٌ آثَرَ عِنْدي مِنْ طاعَتِكَ وَخَشْيَتِكَ ، وَالْعَمَلِ بِما احْبَبْتَ ، وَالتَّرْكِ عَمّا كَرِهْتَ ، وَنَهَيْتَ عَنْهُ ، وَاجْعَلْ

ص: 78


1- سلّمه منا : أي اعصمنا من المعاصي فيه ، أو تقبّله منّا.
2- الكافي 4 : 71 ، عنه الوسائل 10 : 323.
3- من الكافي.

ذلِكَ في يُسْرٍ وَيَسارٍ (1) وَعافِيَةٍ ، وَاوْزِعْني (2) شُكْرَ ما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ.

وَأَسأَلُكَ انْ تَقْتُلَ بي أَعْداءَكَ وَاعْداءَ رَسُولِكَ ، وَاسْأَلُكَ انْ تُكْرِمَني بِهَوانِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَلا تُهِنِّي (3) بِكَرامَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الرَّسُولِ سَبيلاً.(4)

فصل (11): فيما نذكره من دعاء زائد عقيب كل فريضة من شهر رمضان

دعاء بعد كلّ فريضة ، بإسنادنا إلى التلعكبري عن أبي عبد اللّه عليه السلام وأبي إبراهيم عليه السلام قالا : تقول في شهر رمضان من أوله إلى آخره بعد كلّ فريضة :

اللّهُمَّ ارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامي هذا وَفي كُلِّ عامٍ ، ما ابْقَيْتَني ، في يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ وَسَعَةِ رِزْقٍ ، وَلا تُخْلِني مِنْ تِلْكَ الْمَواقِفِ الْكَرِيمَةِ وَالْمَشاهِدِ الشَّرِيفَةِ وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَفي جَميعِ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، فَكُنْ لي.

اللّهُمَّ إِنِّي أسْألُكَ فيما تَقْضي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأَمْرِ الْمَحْتُومِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَكْتُبَني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ ، وَاجْعَلْ فيما تَقْضي وَتُقَدِّرُ انْ تُطيلَ عُمْري في طاعَتِكَ وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ رِزْقي وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتي وَدَيْني ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

وتدعو عقيب كلّ فريضة في شهر رمضان ليلا كان أو نهاراً ، فتقول :

ص: 79


1- يسر منك (خ ل).
2- أوزعني : ألهمني ووفّقني.
3- في الوافي : لعل المراد بقوله : تكرمني ولا تهنّي ، أن يجعله محسودا ولا حاسدا.
4- عنه البحار 98 : 2 ، رواه مع اختلاف في الكافي 4 : 74 ، عنه الوسائل 10 : 324 ، رواه الكفعمي في مصباحه : 616 مع اختلاف ، عنه المستدرك 7 : 446 ، أورده في البحار 98 : 1 ، عن خطّ الشيخ الجباعي عن الكراجكي في كتاب روضة العابدين.

يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ يا غَفُورُ يا رَحيمُ (1) ، انْتَ الرَّبُّ الْعَظِيمُ ، الَّذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصِيرُ ، وَهَذا شَهْرٌ عَظَّمْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ عَلَى الشُّهُورِ ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذي فَرَضْتَ صِيامَهُ عَلَيَّ ، وَهُوَ شَهْرُ رَمَضانَ ، الَّذي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ ، هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ، وَجَعَلْتَ فيهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَجَعَلْتَها خَيْراً مِنْ الْفِ شَهْرٍ.

فَيا ذَا الْمَنِّ ولا يُمَنُّ عَلَيْكَ ، مُنَّ عَلَيَّ بِفَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، فيمَنْ تَمُنُّ عَلَيْهِ ، وَادْخِلْني الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فصل (12): فيما نذكره من ترتيب نافلة شهر رمضان بين العشاءين وأدعيتها في كلّ ليلة تكون نافلتها عشرين ركعة

اعلم انّنا نذكر من الأدعية بعض ما رويناه ، وتفرّد كلّ فصل وحده ولا نشركه بسواه ، بحيث يكون عملك بحسب توفيقك لسعادتك ، وان شرّفت بالعمل بالجميع ، فقد ظهر لك انّ اللّه جلّ جلاله قد ارتضاك لتشريفك بخدمتك له وطاعتك ، وان كان لك عذر صالح ومانع واضح ، فاعمل بالأدعية المختصرات.

أقول : فاحضر ما وجدته من الدّعوات بين ركعات نافلة شهر رمضان ، ولعلّها لمن يكون له عذر عن أكثر منها من الأدعية في بعض الأزمان ، أو تكون مضافة إلى غيرها من الدعاء ، لقوله في الحديث : وليكن ممّا تدعو به.

فذكر علي بن عبد الواحد بإسناده إلى رجاء بن يحيى بن سامان ، قال : خرج إلينا من دار سيّدنا أبي محمد الحسن بن علي صاحب العسكر سنة خمس وخمسين ومائتين ، فذكر الرسالة المقنعة بأسرها ، قال : وليكن ممّا تدعو به بين كلّ ركعتين من نوافل شهر رمضان :

ص: 80


1- يا شكور يا رحيم (خ ل).

اللّهُمَّ اجْعَلْ فيما تَقْضي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأَمْرِ الْمَحْتُومِ ، وَفيما تَفْرُقُ مِنَ الأَمْرِ الْحَكِيمِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، انْ تَجْعَلَني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، وَاسْأَلُكَ انْ تُطيلَ عُمْري في طاعَتِكَ ، وَتُوَسِّعَ لي في رِزْقي ، يا ارْحَمَ الرّاحِمينَ(1).

أقول : وها نحن نبدأ بين كلّ ركعتين بدعوات مختصرات ، ننقلها من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي ، أمدّه اللّه تعالى بالرّحمات والعنايات.

فمنها في تهذيب الأحكام وغيره عن الصادق عليه السلام : إذا صلّيت المغرب ونوافلها فصلّ الثماني ركعات الّتي بعد المغرب ، فإذا صلّيت ركعتين فسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام بعد كلّ ركعتين ، وقل :

اللّهُمَّ انْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وانْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الْباطِنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْءٌ ، وَانْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَادْخِلْني في كُلِّ خَيْرٍ ادْخَلْتَ فيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَاخْرِجْني مِنْ كُلِّ سُوءٍ اخْرَجْت مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (2).

فإن أحببت زيادة السعادات فادع بعد هاتين الركعتين بالدّعاء المطوّل من كتاب محمّد بن أبي قرّة في عمل شهر رمضان ، فقل :

اللّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ ، وَهذا شَهْرُ الصِّيامِ ، وَهذا شَهْرُ الْقِيامِ ، وَهذا شَهْرُ الإِنابَةِ ، وَهذا شَهْرُ التَّوْبَةِ ، وَهذا شَهْرُ الرَّحْمَةِ ، وَهذا شَهْرُ الْمَغْفِرَةِ ، وَهذا شَهْرُ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَهذا شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النّارِ ، وَهذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعِنِّي عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ ، وَسَلِّمْهُ لي

ص: 81


1- عنه البحار 97 : 359.
2- عنه البحار 97 ، 359 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 71 ، مصباح المتهجد 2 : 543.

وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي وَسَلِّمْني فيهِ ، وَاعِنِّي فيهِ بِأَفْضَلِ عَوْنِكَ ، وَوَفِّقْني فيهِ لِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ عَلَيْه وَآلِهِ السَّلامُ ، وَفَرِّغْني فيهِ لِعِبادَتِكَ وَدُعائِكَ وَتِلاوَةِ كِتابِكَ ، وَاعْظِمْ لي فيهِ الْبَرَكَةَ ، وَارْزُقْني فيهِ الْعافِيَةَ ، وَأَصِحَّ فيهِ بَدَني ، وَاوْسِعْ فيهِ رِزْقي ، وَاكْفِني فيهِ ما أَهَمَّني ، وَاسْتَجِبْ فيهِ دُعائي ، وَبَلِّغْني فيهِ رَجائي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاذْهِبْ عَنِّي فِيهِ النُّعاسَ وَالْكَسَلَ (1) ، وَالسَّأْمَةَ (2) وَالْفَتْرَةَ (3) ، وَالْقَسْوَةَ وَالْغفْلَةَ وَالْغِرَّةَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَجَنِّبْني فيهِ الْعِلَلَ وَالأَسْقامَ وَالأَوْجاعَ وَالأَشْغالَ ، وَالْهُمُومَ وَالأَحْزانَ ، وَالأَعْراضَ وَالأَمْراضَ ، وَالْخَطايا وَالذُّنُوبَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي فيهِ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ ، وَالْجَهْدَ وَالْبَلاءَ ، وَالتَّعَبَ وَالْعَناءَ ، إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعِذْني فيهِ مِنَ الشَّيْطانِ (4) ، وَهَمْزِهِ (5) وَلَمْزِهِ (6) ، وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ (7) وَبَغْيِهِ وَوَسْوَسَتِهِ وَمَكْرِهِ ، وَتَثْبِيطِهِ وَحِيلَتِهِ وَحَبائِلِهِ ، وَخُدَعِهِ وَأَمانِيهِ وَغُرُورِهِ ، وَخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ (8) ، وَشُرَكائِهِ ، وَأَعْوانِهِ وَأَحْزابِهِ ، وَأَشْياعِهِ وَأَتْباعِهِ ، وَأَوْلِيائِهِ وَجَمِيعِ مَكائِدِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْني فيهِ تَمامَ صِيامِهِ وَبُلُوغِ الأَمَلِ فيهِ وَفي قِيامِهِ ، وَاسْتِكْمالِ ما يُرْضِيكَ عَنِّي صَبْراً وَاحْتِساباً وَايماناً وَيَقِيناً ، ثُمَ

ص: 82


1- الكسل : التثاقل.
2- السأمة : الملال.
3- الفترة : الانكسار والضعف.
4- الشيطان الرجيم (خ ل).
5- الهمز : النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم.
6- اللمز : العيب والضرب والدفع ، وأصله الإشارة بالعين.
7- المراد بنفثه ونفخه ، ما يلقي من الباطل في النفس.
8- الرجل اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب الفارس.

تَقَبَّلْ ذلِكَ مِنِّي بالأَضْعافِ الْكَثِيرَةِ وَالأَجْرِ الْعَظِيمِ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْني فيهِ الصِّحَّةَ وَالْفَراغَ ، وَالْحَجَّ والْعُمْرَةَ ، وَالْجِدَّ وَالاجْتِهادَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالْقُرْبَةَ ، وَالْقُوَّةَ وَالنَّشاطَ ، وَالإِنابَةَ وَالرَّغْبَةَ ، وَالرَّهْبَةَ وَالرِّقَّةَ ، وَالْخُشُوعَ وَالتَّضَرُّعَ ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ وَالْوَجَلَ (1) مِنْكَ ، وَالرَّجاءَ لَكَ ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْكَ وَالثِّقَةَ بِكَ ، والْوَرَعَ عَنْ مَحارِمِكَ ، وَصَلاحَ الْقَوْلِ ، وَمَقْبُولَ السَّعْي ، وَمَرْفُوعَ الْعَمَلِ ، وَمُسْتَجابَ الدُّعاءِ.

وَلا تَحُلْ بَيْني وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ بِعَرَضٍ وَلا مَرَضٍ وَلا سُقْمٍ ، وَلا غَفْلَةٍ وَلا نِسْيانٍ ، بَلْ بِالتَّعَهُّدِ وَالتَّحَفُّظِ لَكَ وَفيكَ وَالرَّعايَةِ لِحَقِّكَ وَالْوَفاءِ بِعَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْسِمْ لي فيهِ افْضَلَ ما تَقْسِمُ لِعِبادِكَ الصّالِحِينَ ، وَاعْطِني فيهِ افْضَلَ ما تُعْطي أَوْلِياءَكَ الْمُقَرَّبِينَ (2) ، مِنَ الْهُدى وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، وَالْخَيْرِ وَالتَّحَنُّنِ ، وَالإِجابَةِ وَالْعَوْنِ ، وَالْغُنْمِ وَالْعُمْرِ وَالْعافِيَةِ وَالْمُعافاةِ الدّائِمَةِ ، وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ ، وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَخَيْرِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ دُعائي الَيْكَ فيهِ واصِلاً ، وَخَيْرُكَ الَيَّ فيهِ نازِلاً ، وَعَمَلي فيهِ مَقْبُولاً ، وَسَعْيي فيهِ مَشْكُوراً ، وَذَنْبي فيهِ مُغْفُوراً ، حَتّى يَكُونَ نَصِيبي فيهِ الأَكْثَرَ ، وَحَظِّي فيهِ الأَوْفَرَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَوَفِّقْني فيهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلى افْضَلِ حالٍ تُحِبُّ انْ يَكُونَ عَلَيْها احَدٌ مَنْ أَوْلِيائِكَ وَأَرْضاها لَكَ ، ثُمَّ اجْعَلْها لي خَيْراً مِنْ الْفِ شَهْرٍ ، وَارْزُقْني فيها افْضَلَ ما رَزَقْتَ أَحَداً مِمَّنْ بَلَّغْتَهُ إيّاها وَاكْرَمْتَهُ بِها ، وَاجْعَلْني فيها مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النَّارِ وَسُعَداءِ خَلْقِكَ ، الَّذينَ اغْنَيْتَهُمْ وَاوْسَعْتَ عَلَيْهِمْ في الرِّزْقِ ، وَصُنْتَهُمْ مِنْ بَيْنِ خَلْقِكَ وَلَمْ تَبْتَلِهِمْ ،

ص: 83


1- الوجل : الخوف.
2- المؤمنين (خ ل).

وَمِمَّنْ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ ، بِرَحْمَتِكَ وَمَغْفِرَتِكَ وَرَأْفَتِكَ وَتَحَنُّنِكَ وَإِجابَتِكَ وَرِضاكَ ، وَمَحَبَّتِكَ وَعَفْوِكَ ، وَطَوْلِكَ (1) وَقُدْرَتِكَ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ رَبَّ الْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ ، وَرَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ وَما انْزَلْتَ فيهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَعِزْرائِيلَ ، وَرَبَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْباطِ ، وَرَبَّ مُوسى وَعِيسى (2) ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلِّ عَلى - مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْهُمْ ائِمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، وَانْصُرْهُمْ وَانْتَصِرْ بِهِمْ ، وَاجْعَلْني مِنْ أَنْصارِ رَسُولِكَ وآلِ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ وَأَتْباعِهِمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

وَاسْأَلُكَ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ وَبِحَقِّكَ الْعَظِيمِ ، لَمّا نَظَرْتَ الَيَّ نَظْرَةً مِنْكَ رَحيمَةً تَرْضى بِها عَنِّي ، رِضى لا تَسْخَطُ عَلَيَّ بَعْدَهُ ابَداً ، وَاعْطِني جَمِيعَ سُؤْلي وَرَغْبَتي وَامْنِيَّتي وإِرادَتي ، وَاصْرِفْ عَنِّي جَميعَ ما اكْرَهُ وَاحْذَرُ وَأَخافُ عَلى نَفْسي وَما لا أَخافُ ، وَعَنْ اهْلي وَمالي وَذُرِّيَّتي.

الَهي الَيْكَ فَرَرْتُ مِنْ ذُنُوبي فآوني تائِباً ، فَتُبْ عَلَيَّ مُسْتَغْفِراً ، فَاغْفِرْ لي مُتَعَوِّذاً ، فَاعِذْني مُسْتَجِيراً ، فَاجِرْني مُسْتَسْلِماً ، فَلا تَخْذُلْني راهِباً فَآمِنِّي راغِباً فَشَفِّعْني سائِلاً ، فَاعْطِني مُصَدِّقاً ، فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ مُتَضَرِّعاً الَيْكَ فَلا تُخَيِّبْني ، يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ عَظُمَتْ ذُنُوبي وَجَلَّتْ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بي ما انْتَ اهْلُهُ وَلا تَفْعَلْ بي ما انَا اهْلُهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْزِلْ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَاهْلِ بَيْتي وَاهْلِ حُزانَتي (3) وَإِخْوانِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رِزْقِكَ وَرَحْمَتِكَ وَسَكِينَتِكَ ، وَمَحَبَّتِكَ وَتَحَنُّنِكَ ، وَرِزْقِكَ الْواسِعِ الْهَنِيء الْمَرِيء ، ما تَجْعَلُهُ صَلاحاً لِدُنْيانا وَآخِرَتِنا

ص: 84


1- طولك : فضلك وعطاءك.
2- وجميع النبيين (خ ل).
3- الحزانة : عيال الرجل الذين يتحزن ويهتم لأمرهم.

يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ وَما كانَتْ لي الَيْكَ مِنْ حاجَةٍ انَا في طَلَبِها ، وَالْتِماساً شَرَعْتُ فيها اوْ لَمْ اشْرَعْ ، سَأَلْتُكَها اوْ لَمْ اسْأَلْكَها ، نَطَقْتُ أَنا بِها اوْ لَمْ انْطِقْ ، وَانْتَ اعْلَمُ بِها مِنِّي ، فَاسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الاّ تَوَلَّيْتَ قَضاءَها السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، وَقَضاءَ جَمِيعِ حَوائِجي كُلِّها ، صَغِيرِها وَكَبِيرِها انَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَاسْأَلُكَ يا اللّهُ بِعِزَّتِكَ الَّتي انْتَ أَهْلُها ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتي انْتَ أَهْلُها انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَغْفِرَ لي ذُنُوبي كُلَّها ، قَدِيمَها وَحَدِيثَها ، وَمَنْ أَرادَني بِخَيْرٍ فَارِدْهُ بِخَيْرٍ ، وَمَنْ أَرادَني بِسُوءٍ فَارِدْهُ بِسُوئِهِ في نَحْرِهِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ ، وَاسْتَعِينُ بِكَ عَلَيْهِ.

اللّهُمَّ احْفَظْني مَنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفي ، وَعَنْ يَمِيني وَعَنْ شِمالي ، وَاجْعَلْني في حِفْظِكَ وَفي جِوارِكَ وَكَنَفِكَ ، عَزَّ جارُكَ سَيِّدي وَجَلَّ ثَناؤُكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ (1).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي بإسناده عن الصادق عليه السلام :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي عَلا فَقَهَرَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي مَلِكَ فَقَدَرَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي بَطَنَ فَخَبَرَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي يُحْيي الْمَوْتى وَيُمِيتُ الأَحْياءَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي تَواضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكَتِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي يَفْعَلُ ما يشاء وَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَادْخِلْني في كُلِّ خَيْرٍ ادْخَلْتَ فيهِ

ص: 85


1- عنه البحار 97 : 359 - 362.

مُحَمَّداً وآلَ مُحَمَّدٍ ، وَاخْرِجْني مِنْ كُلِّ سُوءٍ اخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.(1)

وان قويت على طلب زيادات العنايات ، فقل دعاء هاتين الركعتين ممّا ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

يا مَوْضِعَ شَكْوَى السَّائِلِينَ ، وَيا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرّاغِبِينَ ، وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا جارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَيا خَيْرَ مَنْ رُفِعَتْ إِلَيْهِ أَيْدي السّائِلِينَ ، وَمُدَّتْ إِلَيْهِ اعْناقَ الطّالِبينَ.

انْتَ مَوْلايَ وَانَا عَبْدُكَ وَأَحَقُّ مَنْ سَأَلَ الْعَبْدُ رَبُّهُ ، وَلَمْ يَسْأَلِ الْعِبادُ مِثْلَكَ كَرَماً وَجُوداً ، انْتَ غايَتي في رَغْبَتي ، وَكالِئِي في وَحْدَتي ، وَحافِظِي في غُرْبَتي ، وَثِقَتي في طَلِبَتي ، وناجِحي (2) في حاجَتي ، وَمُجِيبِي في دَعْوَتي ، وَمُصْرِخي في وَرْطَتي (3) ، وَمَلْجَئي عِنْدَ انْقِطاعِ حِيلَتي.

اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُعِزَّني وَتَغْفِرَ لي وَتَنْصُرَني ، وتَرْفَعَني وَلا تَضَعَني ، وَعَلى طاعَتِكَ فَقَوِّني ، وَبِالْقَوْلِ الثّابتِ فَثَبِّتْني ، وَقَرِّبْني الَيْكَ وَادْنِني ، وَاحْبِبْني (4) وَاسْتَصْفِني واسْتَخْلِصْني وَامْتِعْني وَاصْطَنِعْنِي وَزَكِّنِي ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُها غَيْرُكَ.

وَاجْعَلْ غِنايَ فيما رَزَقْتَني ، وَما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ فَلا تَذْهَبْ إِلَيْهِ نَفْسي ، وَكِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِكَ فَاتِني ، وَلا تَحْرِمْني ، وَلا تُذِلَّنى وَلا تَسْتَبْدِلْ بي غَيْرِي ، وَخَيْرَ السَّرائِرِ فَاجْعَلْ سَرِيرَتي ، وَخَيْرَ الْمَعادِ فَاجْعَلْ مَعادي ، وَنَظْرَةً مِنْ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ فَانِلْني ، وَمِنْ ثِيابِ الْجَنَّةِ فَالْبِسْنِي ، وَمِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَزَوِّجْنِي.

ص: 86


1- عنه البحار 97 : 362 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 71 ، المصباح 2 : 543.
2- نجح فلان بحاجة : فاز فظفر بها.
3- الورطة : الهلكة وكل أمر تعسّرت النجاة منه.
4- أحبني (خ ل).

وَتَوَلَّنيِ يا سَيِّدِي وَلا تُوَلِّنِي غَيْرَكَ ، وَاعْفُ عَنِّي كُلَّما سَلَفَ مِنِّي ، وَاعْصِمْنيِ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْري ، وَاسْتُرْ عَلَيَّ وَعَلَى والِدَيَّ وَقَرابَتِي وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، فَانَّ ذلِكَ كُلَّهُ بِيَدِكَ ، وَانْتَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ، فَلا تُخَيِّبْنِي يا سَيِّدِي وَلا تَرُدَّ يَدِي إِلى نَحْرِي حَتّى تَفْعَلَ ذلِكَ بِي وَتَسْتَجِيبَ لِي ما سَأَلْتُكَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

الهِي انْتَ رَبُّ شَهْرِ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، وَافْتَرَضْتَ فِيهِ عَلى عِبادِكَ الصِّيامَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، وَاغْفِرْ لي تِلْكَ الأُمُورَ الْعِظامِ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ ، يا رَحْمانُ يا عَلاَّمُ. (1)

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه مما رواه عن الصادق عليه السلام :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ ما دَعاكَ بِهِ عِبادُكَ ، الَّذينَ اصْطَفَيْتَهُمْ لِنَفْسِكَ ، الْمَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ ، الْمُحْتَجِبُونَ بِغَيْبِكَ ، الْمُسْتَسِرُّونَ بِدِينِكَ ، الْمُعْلِنُونَ بِهِ ، الْواصِفُونَ لِعَظَمَتِكَ ، الْمُنَزِّهُونَ (2) عَنْ مَعاصِيكَ ، الدّاعُونَ الى سَبِيلِكَ ، السّابِقُونَ فِي عِلْمِكَ ، الْفائِزُونَ بِكَرامَتِكَ.

ادْعُوكَ عَلى مَواضِعِ حُدُودِكَ ، وَكَمالِ طاعَتِكَ ، وَبِما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ امْرِكَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَفْعَلَ بِي ما انْتَ اهْلُهُ وَلا تَفْعَلْ بِي ما انَا اهْلُهُ. (3)

ثمّ تقول ما ذكره محمّد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِقُدْرَتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها

ص: 87


1- عنه البحار 97 : 362.
2- المتنزهون (خ ل) ، كذا أيضا في التهذيب.
3- عنه البحار 97 : 363 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 72 ، المصباح 2 : 544.

شَيْءٌ ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِلْمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ.

يا اقْدَمَ قَدِيمٍ فِي الْعِزِّ وَالْجَبَرُوتِ ، وَيا رَحِيمَ كُلِّ مُسْتَرْحِمٍ ، وَيا راحَةَ كُلِّ مَحْزُونٍ ، وَمُفَرِّجَ كُلِّ مَلْهُوفٍ ، اسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتي دَعاكَ بِها حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَمَنْ حَوْلَ عَرْشِكَ ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتي دَعاكَ بِها جَبْرَئِيلُ وَمِيكائِيلُ وَإِسْرافِيلُ انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَرْضَى عَنِّي رِضى لا تَسْخَطُ عَلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ، وَانْ تَمُدَّ لي في عُمْرِي وَانْ تُوَسِّعَ عَلَيَّ في رِزْقِي ، وَانْ تَصِحَّ لي جِسْمِي ، وَانْ تُبَلِّغَنِي أَمَلي ، وَتُقَوِّيني عَلى طاعَتِكَ وَعِبادَتِكَ ، وَتُلْهِمَني شُكْرَكَ.

فَقَدْ ضَعُفَ عَنْ نَعْمائِكَ شُكْرِي ، وَقَلَّ عَلى بَلْواكَ صَبْرِي ، وَضَعُفَ عَنْ أَداءِ حَقِّكَ عَمَلِي ، وَانَا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ سَيِّدِي ، الضَّعِيفُ عَنْ أَداءِ حَقِّكَ ، الْمُقَصِّرُ في عِبادَتِكَ ، الرّاكِبُ لِمَعْصِيَتِكَ ، فَانْ تُعَذِّبْني فَاهْلُ ذلِكَ انَا ، وَانْ تَعْفُ عَنِّي فَاهْلُ الْعَفْوِ انْتَ.

الهي الهِي ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَعَظُمَ عَلَيْها إِسْرافِي ، وَطالَ لِمَعاصِيكَ انْهِماكِي (1) ، وَتَكاثَفَتْ (2) ذُنُوبِي ، وَتَظاهَرَتْ سَيِّئاتِي ، وَطالَ بِكَ اغْتِرارِي ، وَدامَ لِشَهَواتِي اتِّباعِي.

الهِي الهِي غَرَّتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها فَاغْتَرَرْتُ ، وَدَعَتْنِي الَى الْغَيِّ بِشَهَواتِها فَاجَبْتُ ، وَصَرَفَتْنِي عَنْ رُشْدِي فَانْصَرَفْتُ إِلَى الْهَلْكِ بِقَلِيلِ حَلاوَتِها ، وَتَزَيَّنَتْ لِي لَارْكَنُ إِلَيْها فَرَكَنْتُ.

الهِي الهِي قَدِ اقْتَرَفْتُ (3) ذُنُوباً عِظاماً مُوبِقاتٍ (4) ، وَجَنَيْتُ عَلى نَفْسِي بِالذُّنُوبِ الْمُهْلِكاتِ ، وَتَتابَعَتْ مِنِّي السَّيِّئاتُ ، وَقَلَّتْ مِنِّي الْحَسَناتُ ، وَرَكِبْتُ

ص: 88


1- انهمك في الأمر : جدّ فيه ولجّ.
2- تكاثف : غلظ وكثر والتفّ.
3- اقترفت : اكتسبت.
4- الموبقة : المهلكة.

مِنَ الأُمُورِ عَظِيماً ، وَاخْطَأْتُ خَطَأَ جَسِيماً ، وَاسَأْتُ الى نَفْسِي حَدِيثاً وَقَدِيماً ، وَكُنْتُ فِي مَعاصِيكَ ساهِياً لاهِياً ، وَعَنْ طاعَتِكَ نَوَّاماً ناسِياً ، فَقَدْ طالَ عَنْ ذِكْرِكَ سَهْوِي ، وَقَدْ اسْرَعْتُ الى ما كَرِهْتَ بِجَمِيعِ جَوارِحِي.

الهِي قَدْ انْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَمْ اشْكُرْ ، وَبَصَّرْتَنِي فَلَمْ ابْصُرْ ، وَارَيْتَنِي الْعِبَرَ فَلَمْ اعْتَبِرْ ، وَاقَلْتَنِي الْعَثَراتِ فَلَمْ اقْصُرْ ، وَسَتَرْتَ مِنِّي الْعَوْراتِ فَلَمْ اسْتَتِرْ ، وَابْتَلَيْتَنِي فَلَمْ اصْبِرْ ، وَعَصَمْتَنِي فَلَمْ اعْتَصِمْ ، وَدَعَوْتَنِي إِلَى النَّجاةِ فَلَمْ اجِبْ ، وَحَذَّرْتَنِي الْمَهالِكَ فَلَمْ احْذَرْ.

الهِي الهِي خَلَقْتَنِي سَمِيعاً ، فَطالَ لِما كَرِهْتَ سِماعِي ، وَانْطَقْتَنِي فَكَثُرَ فِي مَعاصِيكَ مَنْطِقِي ، وَبَصَّرْتَنِي فَعَمى عَنِ الرُّشْدِ بَصَرِي ، وَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً ، فَكَثُرَ فِيما يُرْدِينِي (1) سَمْعِي وَبَصَرِي ، وَجَعَلْتَنِي قَبُوضاً بَسُوطاً ، فَدامَ فِيما نَهَيْتَنِي عَنْهُ قَبْضِي وَبَسْطِي ، وَجَعَلْتَنِي ساعِياً مُتَقَلِّباً ، فَطالَ فِيما يُرْدِينِي سَعْيِي وَتَقَلُّبِي ، وَغَلَبَتْ عَلَيَّ شَهَواتِي ، وَعَصَيْتُكَ بِجَمِيعِ جَوارِحيِ.

فَقَدِ اشْتَدَّتْ الَيْكَ فاقَتِي ، وَعَظُمَتْ الَيْكَ حاجَتِي ، وَاشْتَدَّ الَيْكَ فَقْرِي ، فَبِأَيِّ وَجْهٍ اشْكُو الَيْكَ امْرِي ، وَبِأَيِّ لِسانٍ اسْأَلُكَ حَوائِجِي ، وَبِأَيِّ يَدٍ ارْفَعُ الَيْكَ رَغْبَتِي ، وَبِأَيَّةِ نَفْسٍ انْزِلُ الَيْكَ فاقَتِي ، وَبِأَيِّ عَمَلٍ أَبُثُّ الَيْكَ حُزْنِي وَفَقْرِي ، أَبِوَجْهِيَ الَّذِي قَلَّ حَياؤُهُ مِنْكَ يا سَيِّدِي ، امْ بِقَلْبِيَ الَّذِي قَلَّ اكْتِراثُهُ (2) مِنْكَ يا مَوْلايَ ، امْ بِلِسانِي النَّاطِقِ كَثِيراً بِما كَرِهْتَ يا رَبِّ ، امْ بِبَدَنِيَ السّاكِنِ فيهِ حُبُّ مَعاصِيكَ يا الهِي ، امْ بِعَمَلِيَ الْمُخالِفِ لِمَحَبَّتِكَ يا خالِقِي ، امْ بِنَفْسِيَ التّارِكَةِ لِطاعَتِكَ يا رازِقِي.

فَانَا الْهالِكُ انْ لَمْ تَرْحَمْنِي ، وَانَا الْهالِكُ انْ كُنْتَ غَضِبْتَ عَلَيَّ ، وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ عَلَيَّ مِنْ ذُنُوبِي وَخَطِيئَتِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي ، فَبِمَنْ اسْتَغِيثُ فَيُغِيثُنِي انْ لَمْ تَغِثْنِي يا سَيِّدِي ، وَالى مَنْ اشْكُو فَيَرْحَمُنِي انْ كُنْتَ

ص: 89


1- الردى : الهالك ، أردى الرجل : أهلكه.
2- اكترث بالأمر : بالى به.

اعْرَضْتَ عَنِّي يا سَيِّدِي ، وَمَنْ ادْعُو فَيَشْفَعُ لِي انْ صَرَفْتَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي يا سَيِّدِي ، وَالى مَنْ أَتَضَرَّعُ فَيُجِيبُنِي انْ كُنْتَ سَخِطْتَ عَلَيَّ فَلَمْ تُجِبْنِي يا سَيِّدِي.

وَمَنْ اسْأَلُ فَيُعْطِينِي انْ لَمْ تُعْطِنِي وَمَنعْتَنِي يا سَيِّدِي ، وَبِمَنْ اسْتَجِيرُ فَيُجِيرُنِي انْ خَذَلْتَنِي يا سَيِّدِي وَلَمْ تُجِرْنِي ، وَبِمَنْ اعْتَصِمُ فَيَعْصِمُنِي يا سَيِّدِي انْ لَمْ تَعْصِمْنِي ، وَعَلى مَنْ أَتَوَكَّلُ فَيَحْفَظُنِي وَيَكْفِينِي انْ خَذَلْتَنِي يا سَيِّدِي ، وَبِمَنْ اسْتَشْفِعُ فَيَشْفَعُ لِي انْ كُنْتَ قَدْ لَفَظْتَنِي (1) يا سَيِّدِي ، وَالى مَنْ الْتَجِأُ وَإِلَى ايْنَ أَفِرُّ انْ كُنْتَ قَدْ غَضِبْتَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي.

الهِي الهِي لَيْسَ الاّ الَيْكَ فِرارِي ، وَلَيْسَ الاّ بِكَ مَنْجايَ (2) ، وَالَيْكَ مَلْجئئي ، وَلَيْسَ الاّ بِكَ اعْتِصامِي ، وَلَيْسَ الاّ عَلَيْكَ تَوَكُّلِي ، وَمِنْكَ رَجائِي ، وَلَيْسَ الاّ رَحْمَتُكَ وَعَفْوُكَ يَسْتَنْقِذانِي (3) ، وَلَيْسَ الاّ رَأْفَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ تنْجِينِي (4).

انْتَ يا سَيِّدِي أَمانِي مِمَّا أَخافُ وَمِمَّا لا أَخافُ بِرَحْمَتِكَ فَآمِنِّى ، وَانْتَ يا سَيِّدِي رَجائِي مِمّا احْذَرُ وَمِمّا لا احْذَرُ بِمَغْفِرَتِكَ فَنَجِّنِي ، وَانْتَ يا سَيِّدِي مُسْتَغاثِي مِمَّا تَوَرَّطْتُ فِيهِ مِنْ ذُنُوبِي فَاغِثْنِي.

وَانْتَ يا سَيِّدِي مُشْتَكايَ مِمّا تَضَرَّعْتُ الَيْكَ مِنْهُ فَارْحَمْنِي ، وَانْتَ يا سَيِّدِي مُسْتَجارِي مِنْ عَذابِكَ الأَلِيمِ فَبِعِزَّتِكَ فَاجِرْنِي ، وَانْتَ يا سَيِّدِي كَهْفِي وَناصِرِي وَرازِقِي فَلا تُضَيِّعْنِي ، وَانْتَ يا سَيِّدِي الْحافِظُ لِي وَالذَّابُّ عَنِّي وَالرَّحِيمُ بِي فَلا تَبْتَلِنِي.

سَيِّدِي فَمِنْكَ اطْلُبُ حاجَتِي فَاعْطِنيِ ، سَيِّدِي وَإِيَّاكَ اسْأَلُ رِزْقاً واسِعاً

ص: 90


1- ابغضتني ، مقتني (خ ل) ، لفظ الشيء : رمى به.
2- إليك منك فراري ، بك منك منجاي (خ ل).
3- يستنقذاني ، (خ ل). تنجياني (خ ل).
4- تنجياني (خ ل).

فَلا تَحْرِمْنِي ، سَيِّدِي وَبِكَ اسْتَهْدِي فَاهْدِنِي وَلا تُضِلَّنِي ، سَيِّدِي وَمِنْكَ اسْتَقِيلُ فَاقِلْنِي عَثْرَتِي ، سَيِّدِي وَإِيّاكَ اسْتَغْفِرُ فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي.

سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ غِناكَ لِي بِرَحْمَتِكَ فَاغْنِنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ رَحْمَتَكَ لِي بِمَنِّكَ فَارْحَمْنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ عَطاياكَ بِفَضْلِكَ فَاعْطِنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ إجارَتَكَ لِي بِفَضْلِكَ فَاجِرْنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ عَفْوَكَ عَنِّي بِحِلْمِكَ فَاعْفُ عَنِّي.

سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ تَجاوُزَكَ عَنِّي بِرَحْمَتِكَ فَتَجاوَزْ عَنِّي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ تَخْلِيصَكَ إِيّايَ مِنَ النّارِ فَخَلِّصْنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ إِدْخالَكَ إِيّايَ الْجَنَّةَ بِجُودِكَ فَادْخِلْنِي ، سَيِّدِي وَقَدْ رَجَوْتُ إِعْطاءَكَ امَلِي وَرَغْبَتِي وَطَلِبَتِي فِي امْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ فَلا تُخَيِّبْنِي.

الهِي انْ لَمْ اكُنْ اهْلُ ذلِكَ مِنْكَ فَإِنَّكَ اهْلُهُ ، وَأَنْت لا تُخَيِّبُ مَنْ دَعاكَ ، وَلا تُضَيِّعُ مَنْ وَثِقَ بِكَ ، وَلا تَخْذُلُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ ، فَلا تَجْعَلْنِي اخْيَبَ مَنْ سَالَكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَلا تَجْعَلْنِي اخْسَرَ مَنْ سَالَكَ فِي هذا الشَّهْرِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالإِجابَةِ وَالْقَبُولِ وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَعُيُوبِي وَإِساءَتِي وَظُلْمِي وَتَفْرِيطِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي ، وَاحْبِسْنِي عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ يَحْبِسُ عَنِّي الرِّزْقَ ، اوْ يَحْجُبُ دُعائِي عَنْكَ ، اوْ يَرُدُّ مَسْأَلَتِي دُونَكَ ، اوْ يُقَصِّرُنِي (1) عَنْ بُلُوغِ امَلِي ، اوْ تُعْرِضُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنِّي.

فَقَدِ اشْتَدَّتْ بِكَ ثِقَتِي يا سَيِّدِي ، وَاشْتَدَّ لَكَ دُعائِي ، وَانْطَلِقْ بِدُعائِكَ لِسانِي ، وَانْشَرِحْ لِمَسْأَلَتِكَ صَدْرِي ، لِما رَحِمْتَنِي وَوَعَدْتَنِي عَلَى لِسانِ نَبِيِّكَ الصَّادِقِ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ ، وَفِي كِتابِكَ ، فَلا تَحْرِمْنِي يا سَيِّدِي لِقِلَّةِ شُكْرِي

ص: 91


1- قصّر عن الأمر : أمسك عنه مع القدرة عليه.

وَلا تُضَيِّعْنِي (1) يا سَيِّدِي لِقِلَّةِ صَبْرِي ، وَاعْطِنِي يا سَيِّدِي لِفَقْرِي وَفاقَتِي ، وَارْحَمْنِي يا سَيِّدِي لِذُلِّي وَضَعْفِي ، وتَمِّمْ يا سَيِّدِي إِحْسانَكَ لِي وَنِعَمَكَ عَلَيَّ.

وَاعْطِني يا سَيِّدِي الكَثِيرَ مِنْ خَزائِنِكَ ، وَادْخِلْنِي يا سَيِّدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَاسْكِنِّي يا سَيِّدِي الارْضَ بِخَشْيَتِكَ ، وَادْفَعْ عَنِّي يا سَيِّدِي بِذِمَّتِكَ.

وَارْزُقْنِي يا سَيِّدِي وُدَّكَ وَمَحَبَّتُكَ وَمَوَدَّتَكَ ، وَالرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَالْمُعافاةِ عِنْدَ الْحِسابِ ، وَارْزُقْني الْغِنا وَالْعَفْوَ وَالْعافِيَةَ وَحُسْنَ الْخُلْقِ وَأَداءَ الأَمانَةِ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَصَلاتِي ، وَاسْتَجِبْ دُعائِي ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ عامِي هذا أبداً ما ابْقَيْتَنِي ، وَصَلِّ عَلى خَيْرِ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - واسأل حوائجك (2).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي ممّا رواه عن مولانا الصادق عليه السلام : يا ذَا الْمَنِّ لا يُمَنُّ عَلَيْكَ ، يا ذَا الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، ظَهْرَ اللاّجِينَ وَمَأْمَنَ الْخائِفِينَ وَجارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، انْ كانَ في أُمِّ الْكِتابِ عِنْدَكَ انِّي شَقِيٌّ اوْ مَحْرُومٌ اوْ مُقْتَرٌّ عَلَيَّ رِزْقِي ، فَامحُ مِنْ أُمِّ الْكِتابِ شِقائِي وَحِرْمانِي وَاقْتارَ رِزْقِي ، وَاكْتُبْنِي عِنْدَكَ سَعِيداً مُوَفَّقاً لِلْخَيْرِ مُوسَّعاً عَلَيَّ فِي رِزْقِكَ.

فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ : «يَمْحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» ، (3) وَقُلْتَ : «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» ، (4) وَانَا شَيْءٌ ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلِّ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وادع بما بدا لك. (5)

ثمّ تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

ص: 92


1- ولا تضعني (خ ل).
2- عنه البحار 97 : 365.
3- الرعد : 39.
4- الأعراف : 156.
5- عنه البحار 97 : 367 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 72 ، المصباح : 544.

الهِي الهِي اوْجَلَتْنِي (1) ذُنُوبِي وَارْتَهَنْتُ بِعَمَلِي وَابْتَلَيْتُ بِخَطِئَتِي ، فَيَا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي ما خِفْتُ عَلى نَفْسِي مِمَّا ارْتَكَبْتُ بِجَوارِحِي ، وَالْوَيْلُ وَالْعَوْلُ لِي ، امْ كَيْفَ آمَنْتُ عُقُوبَةَ رَبِّي فِيمَا اجْتَرَأْتُ بِهِ عَلى خالِقِي ، فَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي عَصَيْتُ رَبِّي بِجَمِيعِ جَوارِحِي.

وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي اسْرَفْتُ عَلى نَفْسِي وَاثْقَلْتُ ظَهْرِي بِجَرِيرَتِي ، وَيا وَيْلِي بَغَّضْتُ نَفْسِي الى خالِقِي بِعَظِيمِ ذُنُوبِي ، وَيا وَيْلِي صِرْتُ كَأَنِّي لا عَقْلَ لِي بَلْ لَيْسَ لِي عَقْلٌ يَنْفَعُنِي ، وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي ، أَما تَفَكَّرْتُ فِيمَا اكْتَسَبْتُ وَخِفْتُ مِمّا عَمِلَتْ يَدِي ، وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي عَمَيْتُ عَنِ النَّظَرِ فِي امْرِي وَعَنِ التَّفَكُّرِ فِي ظُلْمِي.

وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي انْ كانَ عِقابِي مَذْخوراً لِي إِلى آخِرَتِي ، وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي انْ اتِيَ بِي يَوْمَ الْقِيامَةِ مَغْلُولَةً يَدِي إِلى عُنُقِي ، وَيا وَيْلِي وَيا عَوْلِي انْ بَدَّدَتِ النَّارُ (2) جَسَدِي وَعَرَّكَتْ مَفاصِلِي ، وَيا وَيْلِي انْ فُعِلَ بِي مَا اسْتَوْجبُهُ بِذُنُوبِي ، وَيا وَيْلِي انْ لَمْ يَرْحَمْنِي سَيِّدِي وَيَعْفُ عَنِّي.

الهِي وَيا وَيْلِي لَوْ عَلِمَتِ الأَرْضُ بِذُنُوبِي لَساخَتْ بِي (3) ، وَيا وَيْلِي لَوْ عَلِمَتِ الْبِحارُ بِذُنُوبِي لَغَرَقَتْنِي ، وَيا وَيْلِي لَوْ عَلِمَتِ الْجِبَالُ بِذُنُوبِي لَدَهْدَهَتْنِي (4) ، وَيا وَيْلِي مِنْ فِعْلِيَ الْقَبِيحِ وَعَمَلِيَ الْخَبِيثِ وَفَضائِحِ جَرِيرَتِي ، وَيا وَيْلِي لَوْ ذُكِرَتْ لِلَارْضِ ذُنُوبِي لَابْتَلَعَتْنِي ، وَيا وَيْلِي لَيْتَ الَّذِي كانَ خِفْتُ نَزَلَ بِي وَلَمْ اسْخِطْ.

الهِي وَيا وَيْلِي انِّي لَمُفْتَضَحٌ يَوْمَ الْقِيامَةِ بِعَظِيمِ ذُنُوبِي ، وَيا وَيْلِي انْ اسْوَدَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِي الْمَوْقِفِ وَجْهِي ، وَيا وَيْلِي انْ قُصِفَ (5) عَلى رُءُوسِ

ص: 93


1- أوجله : أخافه.
2- بدّد الشيء : فرّقه.
3- ساخت في الطين : غاصت.
4- دهده البناء : انهدم.
5- قاصف : كاسر.

الْخَلائِقِ ظَهْرِي ، وَيا وَيْلِي انْ قُوِيسْتُ اوْ حُوسِبْتُ اوْ جُوزِيتُ بِعَمَلِي ، وَيا وَيْلِي وَالْعَوْلُ لِي انْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي.

يا مَوْلايَ قَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ لِما اخَّرْتَ مِنْ عِقابِي ، يا مَوْلايَ فَاعْفُ عَنِّي وَاغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ وَاصْلِحْنِي ، يا مَوْلايَ وَتَقَبَّلْ مِنِّي صَوْمِي وَصَلاتِي ، وَاسْتَجِبْ لِي دُعائِي.

يا مَوْلايَ وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَتَذَلُّليِ وَتَلْوِيذِي (1) وَبُؤْسِي وَمَسْكَنَتِي ، يا مَوْلايَ وَلا تُخَيِّبْنِي وَلا تَقْطَعْ رَجائِي ، وَلا تَضْرِبْ بِدُعائِي وَجْهِي وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا وَأَبَداً ما ابْقَيْتَنِي (2).

فإذا فرغت من الدّعاء سجدت وقلت في سجودك ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه : اللّهُمَّ اغْنِنِي بِالْعِلْمِ ، وَزَيِّنِّي بِالْحِلْمِ ، وَكَرِّمْنِي بِالتَّقْوَى ، وَجَمِّلْنِي بِالْعافِيَةِ ، يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ مِنَ النّارِ.

فإذا رفعت رأسك فقل :

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، اسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ (3) بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا رَحْمنُ ، يا اللّهُ يا رَبُّ ، يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا بَدِيعَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ.

اسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ تُحِبُّ انْ تُدْعى بِهِ ، وَبِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعاكَ بِها احَدٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَصْرِفَ قَلْبِي الى خَشْيَتِكَ وَرَهْبَتِكَ ، وَانْ تَجْعَلَنِي مِنَ الْمُخْلِصِينَ ، وَتَقَوِّيَ أَرْكانِي كُلَّها لِعِبادَتِكَ ، وَتَشْرَحَ صَدْرِي لِلْخَيْرِ وَالتُّقى ، وَتُطْلِقَ لِسانِي لِتِلاوَةِ كِتابِكَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

ص: 94


1- لاذ به : التجأ به.
2- عنه البحار 97 : 367.
3- بلا إله إلاّ أنت (خ ل).

وادع بما أحببت (1).

ثم صلّ العشاء الآخرة وما يتعقّبها.

فصل (13): فيما نذكره من ترتيب نافلة شهر رمضان بعد العشاء الآخرة وأدعيتها في كلّ ليلة تكون نافلتها عشرين ركعة أيضا

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ، ممّا رواه عن الصادق عليه السلام : اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِبَهائِكَ وَجَلالِكَ وَجَمالِكَ ، وَعَظَمَتِكَ وَنُورِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، وَبِأَسْمائِكَ وَعِزَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ وَمَشِيَّتِكَ وَنَفاذِ امْرِكَ ، وَمُنْتَهى رِضاكَ وَشَرَفِكَ وَكَرَمِكَ ، وَدَوامِ عِزِّكَ وَسُلْطانِكَ وَفَخْرِكَ وَعُلُوِّ شَأْنِكَ وَقَدِيمِ مَنِّكَ ، وَعَجِيبِ آياتِكَ وَفَضْلِكَ وَجُودِكَ ، وَعُمُومِ رِزْقِكَ وَعَطائِكَ ، وَخَيْرِكَ وَإِحْسانِكَ وَتَفَضُّلِكَ ، وَامْتِنانِكَ وَشَأْنِكَ وَجَبَرُوتِكَ.

وَاسْأَلُكَ بِجَمِيعِ مَسائِلِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتُنْجِينِي مِنَ النَّارِ ، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ، وَتَدْرَأَ (2) عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَتَمْنَعَ لِسانِي مِنَ الْكِذْبِ ، وَقَلْبِي مِنَ الْحَسَدِ ، وَعَيْنِي مِنَ الْخِيانَةِ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَتَرْزُقَنِي في عامِي هذا وَفي كُلِّ عامٍ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَتَغُضَّ بَصَرِي وَتُحَصِّنَ فَرْجِي ، وَتُوَسِّعَ رِزْقِي وَتَعْصِمَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (3)

ثمّ تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ

ص: 95


1- عنه البحار 97 : 368 ، رواه في التهذيب 3 : 72 - 73 ، المصباح 2 : 544.
2- درء : دفع.
3- عنه البحار 97 : 369 ، رواه في التهذيب 3 : 73 ، المصباح 2 : 545.

بِبَهائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُّ جَلالِكَ جَلِيلٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي أسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها وَكُلُّ عِزَّتِكَ عَزِيزَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها وَكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الّتِي اسْتَطالَتْ (1) عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ قدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ ، وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيٌّ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَحَبِّها الَيْكَ وَكُلُّ مَسائِلِكَ الَيْكَ حَبِيبَةٌ ، (2) اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُ

ص: 96


1- استطال : طال.
2- كلها إليك حبيبة (خ ل).

مُلْكِكَ فاخِرٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَعْجَبِها وَكُلُّ آياتِكَ عَجِيبَةٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ بِأَفْضَلِهِ وَكُلُّ فَضْلِكَ فاضِلٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ بِأَعَمِّهِ وَكُلُّ رِزْقِكَ عامٌّ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِرِزْقِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ عَطاياكَ بِأَهْنَئِها وَكُلُّ عَطائِكَ هَنِيءٌ (1) ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِعَطاياكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِكَ بِأَعْجَلِهِ وَكُلُّ خَيْرِكَ عاجِلٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ إحْسانِكَ بِأَحْسَنِهِ وَكُلُّ إِحْسانِكَ حَسَنٌ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِإِحْسانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِما انْتَ فيهِ مِنَ الشَّأْنِ وَالْجَبَرُوتِ ، اللّهُمَّ وَاسْأَلُكَ بِكُلِّ شَأْنٍ وَحْدَهُ وَبِكُلِّ جَبَرُوتٍ وَحْدَها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِما تُجِيبُني بِهِ حِينَ اسْأَلُكَ.

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَرْزُقَنِي حجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامي هذا وَفي كُلِّ عامٍ وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَتَخْتِمَ لِي بِخَيْرٍ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ (2) الْمُجْتَبى وَأَمِينِكَ الْمُصَفّى وَرَسُولِكَ الْمُصْطَفى ، وَنَجِيبِكَ دُونَ خَلْقِكَ ، وَنَجِيِّكَ مِنْ عِبادِكَ وَنَبِيِّكَ بِالصِّدْقِ ، وَحَبِيبِكَ الْمُفَضَّلِ عَلى رُسُلِك وَخِيَرَتِكَ مِنَ الْعالَمِينَ ، النَّذِيرِ الْبَشِيرِ السِّراجِ الْمُنِيرِ ، وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ الأَبْرارِ الْمُطَهَّرِينَ الأَخْيارِ ، وَعَلى مَلائِكَتِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَحَجَبْتَهُمْ عَنْ خَلْقِكَ.

وَعَلى أَنْبِيائِكَ الَّذِينَ يُنَبِّئُونَ عَنْكَ بِالصِّدْقِ ، وَعَلى رُسُلِكَ الَّذِينَ

ص: 97


1- كل عطاياك هنيئة (خ ل).
2- على عبدك (خ ل).

خَصَصْتَهُمْ بِوَحْيِكَ وَفَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ بِرِسالاتِكَ ، وَعَلى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ ادْخَلْتَهُمْ في رَحْمَتِكَ ، وَعَلى جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ وَمالِكٍ خازِنِ النَّارِ ، وَرِضْوانَ خازِنِ الْجَنَّةِ وَرُوحِ الْقُدُسِ وَالرُّوحِ الأَمينِ ، وَحَمَلةِ عَرْشِكَ الْمُقَرَّبِينَ.

وَعَلى مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ ، وَعَلَى الْمَلَكَيْنِ الْحافِظَيْنِ عَلَىَّ ، وَعَلَى الْكِرامِ الْكاتِبينَ بِالصَّلاةِ الّتي تُحِبُّ انْ يُصَلِّيَ بِها عَلَيْهِمْ اهْلَ وَالسَّمواتِ وَالأَرَضِينَ ، صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً مُبارَكَةً زاكِيَةً طاهِرَةً نامِيَةً ، كَرِيمَةً تامَّةً فاضِلَةً ، تُبَيِّنُ بِها فَضائِلَهُمْ عَلَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.

اللّهُمَّ وَاعْطِ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاهْلَ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ ، الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الْكَبِيرَةَ ، وَاجْزِهِ مَعَ كُلِّ زُلْفَةٍ زُلْفَةً ، وَمَعَ كُلِّ كَرامَةٍ كَرامَةً ، وَمَعَ كُلِّ وَسِيلَةٍ وَسِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ فَضِيلَةٍ فَضِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ شَرَفٍ شَرَفاً ، حَتّى لا تُعْطِيَ مَلَكاً مُقَرَّباً وَلا نَبِيّاً مُرْسَلاً الاّ دُونَ ما تُعْطِي مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ مِنْكَ مَجْلِساً ، وَافْسَحَهُمْ في الْجَنَّةِ مَنْزِلاً ، وَاقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً وَأَبْيَنَهُمْ فَضِيلَةً ، وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ شافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ وَأَوَّلَ قائِلٍ وَانْجَحَ سائِلٍ ، وَابْعَثْهُ الْمَقامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَسْمَعَ صَوْتِي ، وَتُجِيبَ دَعْوَتِي ، وَتُنْجِحَ (1) طَلِبَتِي ، وَتَقْضِي حاجَتِي ، وَتَقْبَلَ تَوْبَتِي ، وَتُنْجِزَ لِي ما وَعَدْتَنِي ، وَتُقِيلَنِي عَثْرَتِي ، وَتَغْفِرَ ذَنْبِي ، وَتَتَجاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَتَصْفَحَ عَنْ ظُلْمِي ، وَتَعْفُوَ عَنْ جُرْمِي ، وَتُقْبِلَ عَلَيَّ وَلا تُعْرِضْ عَنِّي ، وَتَرْحَمَنِي وَلا تُعَذِّبْنِي ، وَتُعافِينِي وَلا تَبْتَلِنِي ، وَتَرْزُقَنِي مِنْ اطْيَبِ الرِّزْقِ وَاوْسَعِهِ ،

ص: 98


1- نجح فلان بحاجته : فاز فظفر بها.

وَلا تَحْرِمْنِي ، وَتَقْضِي عَنِّي دَيْنِي وَتُقِرَّ عَيْنِي ، وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي ، وَلا تُحَمِّلْنِي ما لا طاقَةَ لي بِهِ.

يا سَيِّدِي وَتُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ادْخَلْتَ فيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَتُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ اخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَتَجْعَلَنِي وَاهْلَ بَيْتِي وَذُرِّيَّتِي وَإِخْوانِي مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ انِّي ادْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتَجِبْ لي كَما وَعَدْتَنِي انَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ (1).

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ يا ذا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَجْعَلَنِي مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَزُوّارِ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ وَتَخْتِمَ لِي بِخَيْرٍ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَجْمَعَ لِي فِي مَقْعَدِي هذا ما اؤَمِّلُهُ فِي هذا الشَّهْرِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيا ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالزِّيادَةِ مِنْ فَضْلِكَ مِمَّا لا يَخْطُرُ بِبالِي وَلا ارْجُوهُ ، مِمَّا تُصْلِحُ بِهِ امْرَ دِينِي وَدُنْيايَ ، وَتَجْعَلَ ذلِكَ كُلَّهُ في عافِيَةٍ ، وَتَصْرِفَ عَنِّي أَنْواعَ الْبَلاءِ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وتسأل حوائجك (2).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ممّا رواه عن الصادق عليه السلام :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ حُسْنَ الظَنِّ بِكَ وَالصِّدْقَ فِي التَّوكُّلِ عَلَيْكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ انْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلِيَّةٍ تَحْمِلُنِي ضَرُورَتُها عَلَى التَّعَرُّضِ (3) بِشَيْءٍ مِنْ مَعاصِيكَ ،

ص: 99


1- قريب الإجابة (خ ل).
2- عنه البحار 97 : 372.
3- التغوث ، التعود (خ ل).

وَأَعُوذُ بِكَ انْ تُدْخِلَنِي في حالٍ كُنْتُ [اوْ] (1) أَكُونُ فيها في عُسْرٍ اوْ يُسْرٍ ، أَظُنُّ أَنَّ مَعاصِيكَ انْجَحَ لِي مِنْ طاعَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ انْ أَقُولَ قَوْلاً حَقّاً مِنْ (2) طاعَتِكَ الْتَمِسُ بِهِ سِواكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ انْ تَجْعَلَنِي عِظَةً لِغَيْرِي.

وَأَعُوذُ بِكَ انْ يَكُونَ احَدٌ اسْعَدَ بِما أتَيْتَنِي بِهِ مِنِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ انْ اتَكَلَّفَ طَلَبَ ما لَمْ تَقْسِمْ لِي ، وَما قَسَمْتَ لِي مِنْ قِسْمٍ اوْ رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ ، فَآتِنِي بِهِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ حَلالاً طَيِّباً ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَحْزَحَ (3) بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، اوْ باعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، اوْ نَقَصَ بِهِ حَظِّي عِنْدَكَ ، اوْ صَرَفَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنِّي.

وَأَعُوذُ بِكَ انْ تَحُولَ خَطِيئَتِي اوْ ظُلْمِي اوْ جُرْمِي ، اوْ إِسْرافِي عَلى نَفْسِي وَاتِّباعُ هَوايَ وَاسْتِعْمالُ شَهْوَتِي ، دُونَ مَغْفِرَتِكَ وَرِضْوانِكَ وَثَوابِكَ وَنائِلِكَ وَبَرَكاتِكَ ، وَمَوْعُودِكَ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ عَلى نَفْسِكَ (4).

ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِلا إِلهَ إِلاّ انْتَ وَبِبَهاءِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِجَلالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِجَمالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِعَظَمَةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِنُورِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

وَاسْأَلُكَ بِرَحْمَةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِكَمالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِكَلِماتِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِأَسْماءِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِعِزَّةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِقُدْرَةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

ص: 100


1- من المصباح.
2- في (خ ل).
3- زحزحه عن مكانه : باعده أو أزاله عنه ، فتباعد وتنحّى.
4- عنه البحار 97 : 372 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 73 ، المصباح 2 : 546.

وَاسْأَلُكَ بِعُلُوِّ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِسُلْطانِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِآياتِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِمَشِيَّةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِعِلْمِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِشَرَفِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

وَاسْأَلُكَ بِمُلْكِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِفَضْلِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِكَرَمِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَاسْأَلُكَ بِرِفْعَةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، انْ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَمُدَّ لِي فِي عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، وَتَصِحَّ لِي جِسْمِي ، وَتَبْلُغَ بِي امَلِي.

اللّهُمَّ انْ كُنْتُ عِنْدَكَ مِنَ الأَشْقِياءِ ، فَامْحُنِي مِنَ الأَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداءِ ، فَإِنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وَتُثْبِتُ (1) وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتابِ - وتسأل حاجتك (2).

ثمّ تصلِّي ركعتين وتقول ما نقلناه من خطّ جدِّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فيما رواه عن الصادق عليه السلام : اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِعَزائِمِ مَغْفِرَتِكَ وَبِواجِبِ رَحْمَتِكَ ، السَّلامَةَ مِنْ كُلِّ اثْمٍ ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ ، اللّهُمَّ دَعاكَ الدَّاعُونَ وَدَعَوْتُكَ ، وَسَأَلَكَ السَّائِلُونَ وَسَأَلْتُكَ وَطَلبَكَ الطّالِبُونَ وَطَلبْتُ الَيْكَ ، اللّهُمَّ انْتَ الثِّقَةُ وَالرَّجاءُ ، وَالَيْكَ مُنْتَهى الرَّغْبَةِ وَالدُّعاءِ ، فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلِ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي ، وَالنُّورَ في بَصَرِي ، وَالنَّصيحَةَ في صَدْرِي ، وَذِكْرَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ عَلى لِسانِي ، وَرِزْقاً واسِعاً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَلا مَحْظُورٍ فَارْزُقْنِي ، وَبارِكْ لِي فِيما رَزَقْتَنِي ، وَاجْعَلْ

ص: 101


1- فإنك قلت تمحو اللّه ما تشاء وتثبت (خ ل).
2- عنه البحار 97 : 373.
3- ممنوع (خ ل).

غِنايَ فِي نَفْسِي وَرَغْبَتِي فِيما عِنْدَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَوارِثُهُ (2) ، إِلهُ الآلِهَةِ ، الرَّفيعُ جَلالُهُ ، يا اللّهُ ، الْمَعْبُودُ الْمَحْمُودُ في كُلِّ فِعالِهِ ، يا اللّهُ الرَّحْمنُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَالرَّءُوفُ بِهِ وَرَحِيمُهُ ، يا اللّهُ يا قَيُّومُ فَلا يَفُوتُهُ شَيْءٌ وَلا يَؤُدُهُ (3) ، يا اللّهُ الْواحِدُ الأَحَدُ ، انْتَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَآخِرُهُ.

يا اللّهُ الدَّائِمُ بِلا زَوالٍ وَلا يَفْنى مُلْكُهُ ، يا اللّهُ الصَّمَدُ في غَيْرِ شِبْهٍ وَلا شَيْءَ كَمِثْلِهِ ، يا اللّهُ الْبارِيءُ لِكُلِّ شَيْءٍ فَلا شَيْءَ يَكُونُ كُفْوُهُ ، يا اللّهُ الْكَبِيرُ الَّذي لا يَهْتَدِي الْقُلُوبُ لِكُنْهِ عَظَمَتِهِ ، يا اللّهُ الْمُبْدِئُ (4) الْبَدِيعُ الْمُنْشِئُ الْخالِقُ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلى غَيْرِ مِثالٍ امْتَثَلْتَهُ.

يا اللّهُ الزَّكِيُّ الطّاهِرُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ بِقُدْسِهِ ، يا اللّهُ الْكافِي الرَّازِقُ لِكُلِّ ما خَلَقَ مِنْ عَطايا فَضْلِهِ ، يا اللّهُ النقِيُّ مِنْ كُلِّ جَوْرٍ لَمْ يَرْضَهُ وَلَمْ يُخالِطْهُ فِعالُهُ ، يا اللّهُ الْمَنَّانُ ذُو الإِحْسانِ وَالْجُودِ وَقَدْ عَمَّ الْخَلائِقَ مَنُّهُ ، يا اللّهُ الْحَنَّانُ الَّذي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُهُ.

يا اللّهُ الَّذي خَضَعَ الْعِبادُ كُلُّهُمْ رَهْبَةً مِنْهُ ، يا اللّهُ الْخالِقُ لِمَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَكُلٌّ إِلَيْهِ مَعادُهُ ، يا اللّهُ الرَّحْمنُ بِكُلِّ مُسْتَصْرِخٍ وَمَكْرُوبٍ وَمُغِيثُةُ ، يا اللّهُ لا تَصِفُ (5) الأَلْسُنُ كُنْهَ جَلالِهِ وَعِزِّهِ ، يا اللّهُ الْمُبْدِئُ الأَشْياءَ. لَمْ يَسْتَعِنْ فِي إِنْشائِها بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ ، يا اللّهُ الْعَلاَّمُ الْغُيُوبُ الَّذي لا يَؤُدُهُ (6) شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ ، يا اللّهُ الْمُعِيدُ الْباعِثُ الْوارِثُ لِجَمِيعِ خَلائِقِهِ.

ص: 102


1- عنه البحار 97 : 374 ، رواه في التهذيب 3 : 74 ، المصباح 2 ، 546.
2- يا اللّه (خ ل).
3- لا يؤده : لا يثقل عليه.
4- البدئ (خ ل).
5- فلا تصف (خ ل).
6- لا يؤده : لا يثقل عليه ولا تشق عليه.

يا اللّهُ الْحَكِيمُ ذُو الْآلاءِ فَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يا اللّهُ الْفَعَّالُ لِما يُريدُ الْعَوَّادُ بِفَضْلِهِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ ، يا اللّهُ الْعَزِيزُ الْمَنِيعُ الْغالِبُ عَلى خَلْقِهِ فَلا شَيْءَ يَفُوتُهُ ، يا اللّهُ الْعَزِيزُ ذُو الْبَطْشِ الشَّدِيدِ الَّذي لا يُطاقُ انْتِقامُهُ ، يا اللّهُ الْقَرِيبُ في ارْتِفاعِهِ الْعالي في ذُنُوِّهِ الَّذي ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ.

يا اللّهُ نُورُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُداهُ الَّذي فَلَقَ (1) الظُّلُماتِ نُورُهُ ، يا اللّهُ القُدُّوسُ الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلا شَيْءٍ يُعادِلُهُ ، يا اللّهُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْعالِي الْمُتَدانِي دُونَ كُلِّ شَيْءٍ قُرْبُهُ ، يا اللّهُ الشَّامِخُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ عُلُوُّهُ وَارْتِفاعُهُ.

يا اللّهُ الْمُبْدِئُ الأَشْياءَ وَمُعِيدُها وَلا يَبْلُغُ الأَقاوِيلُ ثَنائَهُ ، (2) يا اللّهُ الْماجِدُ الْكَرِيمُ الْعَفُوُّ الَّذي وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عَدْلُهُ ، يا اللّهُ الْعَظِيمُ ذُو الْعِزَّةِ وَالْكِبْرِياءِ فَلا يَذِلُّ اسْتِكْبارُهُ.

يا اللّهُ ذُو السُّلْطانِ الْفاخِرِ الَّذي لا تُطِيقُ الأَلْسُنُ وَصْفَ آلائِهِ وَثَنائِهِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأَمْرِ الْمَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَجْعَلَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ انْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ فِي رِزْقِي ، وَانْ تُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي وَدَيْنِي.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، في عامِي هذا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ - وَتسأل حوائجك (3).

وتصلّي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فيما رواه عن الصادق عليه السلام :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَفَرِّغْنِي لِما خَلَقْتَنِي لَهُ ، وَلا تَشْغَلْنِي

ص: 103


1- فلق : شقّ.
2- شأنه (خ ل).
3- عنه البحار 97 : 374.

بِما قَدْ تَكَلَّفْتَ لِي بِهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ إِيماناً لا يَرْتَدَّ وَنَعِيماً لا يَنْفَدُ ، وَمُرافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي أَعْلى جَنَّةِ الْخُلْدِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ ، لا قَلِيلاً فَاشْقَى، وَلا كَثِيراً فَاطْغى.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ ما تَرْزُقُنِي بِهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا ، وَتُقَوِّينِي بِهِ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ ، فَإِنَّكَ انْتَ رَبِّي وَرَجائِي وَعِصْمَتِي ، لَيْسَ لِي مُعْتَصِمٌ الاّ انْتَ ، وَلا رَجاءَ غَيْرُكَ وَلا مَنْجا (1) مِنْكَ الاّ الَيْكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ. (2)

ثمّ تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ انِّي بِكَ وَمِنْكَ اطْلُبُ حاجَتِي ، وَمَنْ طَلَبَ حاجَتَهُ الى احَدٍ ، فَإِنِّي لا اطْلُبُ حاجَتِي إِلاّ مِنْكَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَاسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرِضْوانِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ (3) ، وَانْ تَجْعَلَ لِي فِي عامِي هذا الى بَيْتِكَ الْحَرامِ سَبِيلاً حَجَّةً مَبْرُورَةً مُتَقَبَّلَةً زاكِيَةً خالِصَةً لَكَ ، تُقِرُّ بِها عَيْنِي ، وَتَرْفَعُ بِها دَرَجَتِي ، وَتُكَفِّرُ بِها سَيِّئاتِي.

وَتَرْزُقُنِي انْ أَغُضَّ بَصَرِي وَانْ احْفَظَ فَرْجِي عَنْ جَمِيعِ مَحارِمِكَ وَمَعاصِيكَ ، حَتّى لا يَكُونَ شَيْءٌ آثَرَ عِنْدِي مِنْ طاعَتِكَ وَخَشْيَتِكَ ، وَالْعَمَلِ بِما احْبَبْتَ وَالتَّرْكِ لِما كَرِهْتَ وَنَهَيْتَ عَنْهُ ، وَاجْعَلْ ذلِكَ في يُسْرٍ وَيَسارٍ وَعافِيَةٍ في ديني وَجَسَدِي وَما لِي وَلَدِي وَاهْلِ بَيْتِي وَإِخْوانِي وَما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَخَوَّلْتَنِي (4).

وَاسْأَلُكَ انْ تَجْعَلَ وَفاتِي قَتْلاً في سَبِيلِكَ مَعَ أَوْلِيائِكَ تَحْتَ رايَةَ نَبِيِّكَ (5) ،

ص: 104


1- ولا ملجأ ولا منجا (خ ل).
2- عنه البحار 97 : 376 ، رواه في التهذيب 3 : 75 ، المصباح 2 : 547.
3- وآل محمد (خ ل).
4- خوّلتني : ملّكتني وأعطيتني.
5- أريد برأيه النبي صلى اللّه عليه وآله رأيته التي عند القائم عليه السلام ، أو عبر عن رأيه القائم برأيه النبي صلى اللّه عليه وآله ، لاتحادهما في المعنى واشتراكهما في كونها راية الحق.

وَاسْأَلُكَ انْ تَقْتُلَ بِي أَعْداءَكَ وَأَعْداءَ رَسُولِكَ ، وَاسْأَلُكَ انْ تُكْرِمَنِي بِهَوانِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَلا تُهِنِّي بِكَرامَةِ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ ، وَاجْعَلْ لي مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، حَسْبِي اللّهُ ما شاءَ اللّهُ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (1).

ثم تصلّي ركعتين وتقول ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فيما رواه عن الصادق عليه السلام :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ (2) ، وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ ، وَبِيَدِكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ ، وَالَيْكَ يَرْجِعُ الأَمْرُ كُلُّهُ عَلانِيَتُهُ وَسِرُّهُ ، وَانْتَ مُنْتَهى الشَّأْنِ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَرَضِّنِي بِقَضائِكَ ، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ ، حَتّى لا أُحِبُّ تَعْجِيلَ ما اخَّرْتَ وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ.

اللّهُمَّ وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ وَارْزُقْنِي بَرَكَتَكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طاعَتِكَ وَتَوفَّنِي عِنْدَ انْقِضاءِ اجَلِي عَلى سَبِيلِكَ ، وَلا تُوَلِّ امْرِي غَيْرَكَ وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ. (3)

ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ رَبِّ شَهْرِ رَمَضانَ الَّذي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ وَافْتَرَضْتَ عَلى عِبادِكَ فيهِ الصِّيامَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ ، وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الْعِظامَ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ يا رَحْمنُ يا عَلاّم.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ ، وَافْتَحْ مَسامِعَ قَلْبِي لِذِكْرِكَ ، وَاجْعَلْنِي اصَدِّقُ بِكِتابِكَ وَاؤْمِنُ بِوَعْدِكَ وَاوفِي بِعَهْدِكَ ، وَارْزُقْني مِنْ خَشْيَتِكَ ما اهْرَبُ بِهِ

ص: 105


1- عنه البحار 97 : 376.
2- ذلك المن كله (خ ل).
3- عنه البحار 97 : 376 ، رواه في التهذيب 3 : 75 ، والمصباح 2 : 547.

مِنْكَ الَيْكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ (1) وَارْحَمْنِي رَحْمَةً تَسَعُنِي ، وَعافِنِي عافِيَةً تُجَلِّلُنِي (2) ، وَارْزُقْنِي رِزْقاً يُغْنِينِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي فَرَجاً يَعُمُّنِي.

يا اجْوَدَ مَنْ سُئِلَ وَيا اكْرَمَ مَنْ دُعِيَ ، وَيا ارْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، وَيا ارْأَفَ مَنْ عَفا ، وَيا خَيْرَ مَنِ اعْتُمِدَ ، ادْعُوكَ لِهَمٍّ لا يُفَرِّجُهُ غَيْرُكَ ، وَلِكَرْبٍ لا يَكْشِفُهُ سِواكَ ، وَلِغَمٍّ لا ينَفِّسُهُ الاّ انْتَ ، وَلِرَحْمَةٍ لا تُنالُ الاّ مِنْكَ ، وَلِحاجَةٍ لا تُقْضى الاّ بِكَ.

اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ ما اذِنْتَ لِي فيهِ مِنْ مَسْأَلَتِكَ ، وَرَحِمْتَنِي بِهِ مِنْ ذِكْرِكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَفَرِّجْ عَنِّي السّاعَةَ السّاعَةَ ، وَتُخَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ ما أَخافُ عَلى نَفْسِي ، فَإِنَّكَ انْ لَمْ تُدْرِكْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُخَلِّصُنِي بِها ، لَمْ اجِدْ أَحَداً غَيْرَكَ يُخَلِّصُنِي ، وَمَنْ لِي سِواكَ.

انْتَ انْتَ انْتَ لي ، انْتَ يا مَوْلايَ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ وَانَا الْعَوَّادُ بِالْمَعْصِيَةِ ، وَانَا الَّذي لَمْ اراقِبْكَ قَبْلَ مَعْصِيَتِي وَلَمْ اؤْثِرْكَ عَلى شَهْوَتِي ، فَلا يَمْنَعُكَ مِنْ إِجابَتِي شَرُّ عَمَلِي وَقَبِيحُ فِعْلِي وَعَظِيمُ جُرْمِي (3) ، بَلْ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ وَتَجاوَزْ عَنِّي بِعَفْوِكَ ، وَاسْتَجِبْ لي دُعائِي ، وَعَرِّفْنِي الإِجابَةَ في جَمِيعِ ذلِكَ بِرَحْمَتِكَ.

وَاسْأَلُكَ سَيِّدِي التَّسْدِيدَ (4) في امْرِي وَالنُّجْحَ في طَلِبَتِي وَالصَّلاحَ لِنَفْسِي ، وَالْفَلاحَ لِدِينِي ، وَالسَّعَةَ فِي رِزْقِي وَأَرْزاقِ عِيالِي ، وَالإِفْضالَ عَلَيَّ ، وَالْقُنُوعَ بِما قَسَّمْتَ لِي.

اللّهُمَّ اقْسِمْ لِيَ الْكَثِيرَ مِنْ فَضْلِكَ وَاجْرِ الْخَيْرَ عَلى يَدَيَّ ، وَرَضِّنِي بِما قَضَيْتَ عَلَيَّ ، وَاقْضِ لِي بِالْحُسْنى وَقَوِّنِي عَلى صِيامِ شَهْرِي وَقِيامِهِ ، انَّكَ

ص: 106


1- آل محمد (خ ل).
2- سحاب مجلّل أي يجلل الأرض بالمطر ، أي يعم.
3- عظم جرمي (خ ل).
4- سدّده : أرشده إلى الصواب.

عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - واسأل حوائجك (1).

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فيما رواه عن الصادق عليه السلام (2) قال : وكان يسمّيه الدعاء الجامع :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَاشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ بِاللّهِ وَبِجَمِيعِ رُسُلِ اللّهِ وَبِجَمِيعِ ما انْزِلَتْ بِهِ جَمِيعُ رُسُلِ اللّهِ ، وَانَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ ، وَلِقاءَهُ حَقٌّ ، وَصَدَقَ اللّهُ وَبَلَّغَ الْمُرْسَلُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

وَسُبْحانَ اللّهِ كُلَّما سَبَّحَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُسَبَّحَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّما حَمِدَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُحْمَدَ ، وَلا إِلهَ إِلاّ اللّهُ كُلَّما هَلَّلَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُهَلَّلَ ، وَاللّهُ اكْبَرُ كُلَّما كَبَّرَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُكَبَّرَ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مَفاتِيحَ الْخَيْرِ وَخَواتِيمَهُ ، سَوابِغَهُ وَفَوائِدَهُ وَبَرَكاتَهُ ، مِمّا بَلَغَ عِلْمُهُ عِلْمِي وَما قَصُرَ عَنْ إِحْصائِهِ حِفْظِي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْهَجْ لِي أَسْبابَ مَعْرِفَتِهِ ، وَافْتَحْ لِي أَبْوابَهُ ، وَغَشِّنِي بَرَكاتِ رَحْمَتِكَ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِعِصْمَةٍ عَنِ الإِزالَةِ عَنْ دِينِكَ ، وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنَ الشَّكِّ ، وَلا تَشْغَلْ قَلْبِي بِدُنْيايَ وَعاجِلِ مَعاشِي عَنْ آجِلِ ثَوابِ آخِرَتِي ، وَاشْغَلْ قَلْبِي بِحِفْظِ ما لا تَقْبَلْ مِنِّي جَهْلُهُ ، وَذَلِّلْ لِكُلِّ خَيْرٍ لِسانِي ، وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنَ الرِّياءِ وَالسُّمْعَةِ ، وَلا تُجِرْهُ فِي مَفاصِلِي ، وَاجْعَلْ عَمَلِي خالِصاً لَكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ وَأَنْواعِ الْفَواحِشِ كُلِّها ، ظاهِرِها وَباطِنِها وَغَفَلاتِها ، وَجَمِيعِ ما يُرِيدُنِي بِهِ الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ وَما يُرِيدُنِي بِهِ السُّلْطانُ الْعَنِيدُ ، مِمّا احَطْتَ بِعلْمِهِ ، وَانْتَ الْقادِرُ عَلى صَرْفِهِ عَنِّي.

ص: 107


1- عنه البحار 97 : 378.
2- أقول : رواه الشيخ في التهذيب عن الباقر عليه السلام وكذا في سائر المصادر.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ طَوارِقِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَزَوابِعِهمْ (1) وَبَوائِقِهِمْ (2) وَمَكائِدِهِمْ وَمَشاهِدِ الْفَسَقَةِ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَانْ اسْتَزِلَّ عَنْ دِينِي ، فَتَفْسُدَ عَلَيَّ آخِرَتِي وَانْ يَكُونَ ذلِكَ مِنْهُمْ ضَرَراً عَلَيَّ فِي مَعاشِي ، اوْ تُعَرضَ بَلاءٍ يُصِيبُنِي مِنْهُمْ لا قُوَّةَ لِي بِهِ ، وَلا صَبْرَ لِي عَلَى احْتِمالِهِ.

فَلا تَبْتَلِنِي يا الهِي بِمُقاساتِهِ فَيَمْنَعُنِي ذلِكَ مِنْ ذِكْرِكَ ، وَيَشْغَلُنِي عَنْ عِبادَتِكَ ، انْتَ الْعاصِمُ الْمانِعُ وَالدَّافِعُ الْواقِي مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ ، اسْأَلُكَ اللّهُمَّ الرَّفاهِيَّةَ (3) فِي مَعِيشَتِي ما أَبْقَيْتَنِي ، مَعِيشَةً أَقْوى بِها عَلى طاعَتِكَ وَأَبْلُغُ بِها رِضْوانَكَ ، وَأَصِيرُ بِها بِمَنِّكَ الى دارِ الْحَيَوانِ غَداً.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي رِزْقاً حَلالاً يَكْفِينِي ، وَلا تَرْزُقْنِي رِزْقاً يَطْغِينِي ، وَلا تَبْتَلِيَنِي بِفَقْرٍ أَشْقَى بِهِ مُضَيِّقاً عَلَيَّ ، اعْطِنِي حَظّاً وافِراً فِي آخِرَتِي ، وَمَعاشاً واسِعاً هَنِيئاً مَرِيئاً فِي دُنْيايَ ، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا عَلَيَّ سِجْناً ، وَلا تَجْعَلْ فِراقَها عَلَيَّ حُزْناً ، اجِرْنِي مِنْ فِتْنَتِها سَلِيماً وَاجْعَلْ عَمَلِي فيها مَقْبُولاً وَسَعْيِي فِيها مَشْكُوراً.

اللّهُمَّ وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَارِدْهُ ، وَمَنْ كادَنِي فِيها فَكِدْهُ ، وَاصْرِفْ عَنِّي هَمَّ مَنْ ادْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بي ، فَإِنَّكَ خَيْرُ الْماكِرِينَ ، وَافْقَأْ عَنِّي عُيُونَ الْكَفَرَةِ الظَّلَمَةِ الطُّغاةِ الْحَسَدَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَانْزِلْ عَلَيَّ مِنْكَ سَكِينَةً ، وَالْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ ، وَاحْفَظْنِي بِسِتْرِكَ الْواقِي ، وَجَلِّلْنِي عافِيَتَكَ النَّافِعَةَ وَصَدِّقْ قَوْلِي وَفِعالِي وَبارِكْ لِي فِي اهْلِي وَوَلَدِي وَمالِي ، وَما قَدَّمْتُ وَما اخَّرْتُ ، وَما اغْفَلْتُ وَما تَعَمَّدْتُ وَما تَوانَيْتُ (4) ، وَما اعْلَنْتُ وَما اسْرَرْتُ ، فَاغْفِرْ لِي يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ كَما انْتَ اهْلُهُ ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ (5).

ص: 108


1- الزوابع : الدواهي.
2- البائقة ، جمع بوائق : الشّرّ.
3- اسْأَلُكَ الرفاهية (خ ل).
4- تواني في حاجته : فتر وقصّر ولم يهتمّ بها.
5- عنه البحار 97 : 378 ، رواه في التهذيب 3 : 76 - 77 ، المصباح 2 : 548.

ثمّ تقول ما ذكره محمّد بن أبي قرّة في كتابه عقيب هاتين الركعتين :

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ الْمُسْتَكِينِ ، وَأَبْتَغِي الَيْكَ ابْتِغاءَ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، وَأَتَضَرَّعُ الَيْكَ تَضَرُّعَ الْمَظْلُومِ الضَّرِيرِ ، وَابْتَهِلُ الَيْكَ ابْتِهالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ الضَّعِيفِ.

وَاسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ نَفْسُهُ وَذَلَّتْ لَكَ رَقَبَتُهُ ، وَرَغِمَ لَكَ انْفَهُ ، وَعَفَّرَ (1) لَكَ وَجْهَهُ ، وَسَقَطَتْ لَكَ ناصِيَتُهُ ، وَهَمَلَتْ (2) لَكَ دُمُوعُهُ ، وَاضْمَحَلَّتْ عَنْهُ حِيلَتُهُ ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ حُجَّتُهُ ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ ، وَاشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ ، وَعَظُمَتْ نِدامَتُهُ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمِ الْمُضْطَرَّ الَيْكَ الْمُحْتاجَ الى رَحْمَتِكَ بِحَقِّكَ الْعَظِيمِ.

يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَاعْطِنِي فِي مَجْلِسِي هذا فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ المُفَضَّلِ ، وَاعْطِنِي مِنْ خَزائِنِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي اهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي وَجَمِيعِ ما رَزَقْتَنِي ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا فِي اسْبَغِ النَّفَقَةِ ، وَاوْسَعِ السَّعَةِ ، وَاجْعَلْ ذلِكَ مَقْبُولاً مَبْرُوراً خالِصاً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، اكْفِنِي مَؤُونَةَ اهْلِي وَنَفْسِي وَعِيالِي وَتِجارَتِي (3) وَجَمِيعِ ما أَخافُ عُسْرَهُ وَمَؤُونَةَ خَلْقِكَ اجْمَعِينَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَشَرَّ الصَّواعِقِ وَالْبَرَدِ وَشَرَّ كُلِّ دابَّةٍ انْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، انَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ افْعَلْ بِي ذلِكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَهَبْ لِي حَقَّكَ ، وَتَغَمَّدْ ذُنُوبِي بِمَغْفِرَتِكَ ، وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ

ص: 109


1- عفّر : مرّغ وجهه في التراب.
2- هملت عينه : فاضت دموعاً.
3- عيالي وغرمائي وتجارتي (خ ل).

رَحْمَةً انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وسل حوائجك (1).

ثمّ اسجد وقل ما كنّا قدّمناه ، وانّما كرّرناه لعذر اقتضاه :

اللّهُمَّ اغْنِنِي بِالْعِلْمِ ، وَزَيِّنِّي بِالْحِلْمِ ، وَكَرِّمْنِي بِالتَّقْوى ، وَجَمِّلْنِي بِالْعافِيَةِ ، يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ مِنَ النَّارِ.

ثم ارفع رأسك وقل :

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، أَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، (2) اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، يا اللّهُ يا رَبُّ يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا بَدِيعَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ.

أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ تُحِبُّ انْ تُدْعى بِهِ وَبِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعاكَ بِها احَدٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَانْ تَصْرِفَ قَلْبِي الى خَشْيَتِكَ وَرَهْبَتِكَ (3) ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ الْمُخْلِصِينَ ، وَتُقَوِّيَ أَرْكانِي كُلَّها لِعِبادَتِكَ ، وَتَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي لِلْخَيْرِ وَالتُّقى ، وَتُطْلِقَ لِسانِي لِتِلاوَةِ كِتابِكَ ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا (4) - وتسأل حوائجك.

واعلم انّني تركت ذكر صلوات في ليالي شهر رمضان ما وثقت بطرقها ورواتها ، وصرفت عن إثباتها.

فصل (14): فيما نذكره من الأدعية عند دخول شهر رمضان

اعلم انَّ هذه الدّعوات لو ذكرناها عند دخول أوّل ساعة من أوّل ليلة منه ، كان ذلك الوقت قد ضاق عنه ، لأنَّ بدخول اللّيل تجب صلاة المغرب ويتّصل ما يتعقّبها من

ص: 110


1- عنه البحار 97 : 379.
2- بلا إله إلاّ أنت (خ ل).
3- رهبتك : مخافتك.
4- عنه البحار 97 : 379 ، رواه في المصباح : 550 ، التهذيب 3 : 73.

المهمّات والدّعوات والصلوات والمندوبات ، فلم أجد للدّعاء لدخول الشهر المشار إليه أقرب من هذا الموضع الّذي اعتمدت عليه.

فمن الأدعية عند دخول الشهر المذكور ما رويناه بعدّة طرق إلى مولانا زين العابدين عليه السلام من أدعية الصحيفة فقال : وكان من دعائه عليه السلام عند دخول شهر رمضان :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِحَمْدِهِ وَجَعَلَنا مِنْ اهْلِهِ ، لِنَكُونَ لِاحْسانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَلِيَجْزِيَنا عَلى ذلِكَ جَزاءَ الْمُحْسِنِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَبانا (1) بِدِينِهِ ، وَاخْتَصَّنا بِمِلَّتِهِ ، وَسَبَّلَنا (2) في سُبُلِ إِحْسانِهِ ، لِنَسْلُكَها بِمَنِّهِ الى رِضْوانِهِ ، حَمْداً يَتَقَبَّلُهُ (3) مِنَّا وَيَرْضى بِهِ عَنَّا.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ ، شَهْرَ الصِّيامِ ، شَهْرَ رَمَضانَ ، وَشَهْرَ الطَّهُورِ ، وَشَهْرَ الإِسْلامِ ، وَشَهْرَ التَّمْحِيصِ (4) ، وَشَهْرَ الْقِيامِ ، «الَّذي انْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ» ، (5) فَأَبانَ (6) فَضيلَتَهُ عَلى سائِرِ الشُّهُورِ بِما جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُماتِ الْمَوْفُورَةِ (7) وَالْفَضائِلِ الْمَشْهُورَةِ.

فَحَرَّمَ فيهِ ما أَحَلَّ في غَيْرِهِ ، إِعْظاماً لَهُ ، وَحَجَرَ (8) فيهِ الْمَطاعِمَ وَالْمَشارِبَ إِكْراماً لَهُ ، وَجَعَلَ لَهُ وَقْتاً بَيِّناً ، لا يَجُوزُ انْ يُقَدَّمَ قَبْلَهُ ، وَلا يَجُوزُ (9) انْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ ،

ص: 111


1- حبانا : خصّنا.
2- سبّلنا : أوضح لنا الطريق.
3- يقبله (خ ل).
4- التمحيص : الابتلاء والاختيار.
5- البقرة : 185.
6- أبان : أظهر.
7- الموفورة : الكثيرة.
8- حجر : حرّم.
9- ان يقدّم ولا يجوز (خ ل) ، وفي الصحيفة : لا يقبل.

ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً واحِدَةً مِنْ لَيالِيهِ عَلى لَيالِي الْفِ شَهْرٍ (1) ، وَسَمَّاها لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ امْرٍ» (2) ، سَلامٌ ، دائِمُ الْبَرَكَةِ الى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ، بِما احْكَمَ مِنْ قَضائِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) وَأَلْهِمْنا فَضْلَ مَعْرِفَتِهِ وَإِجْلالَ حُرْمَتِهِ ، وَالتَّحَفُّظَ مِمَّا خَطَرْتَ فيهِ (4) ، وَأَعِنَّا عَلى صِيامِهِ بِكَفِّ الْجَوارِحِ عَنْ مَعاصِيكَ ، وَاسْتِعْمالِها فيهِ بِما يُرْضِيكَ ، حَتّى لا نُصْغِيَ بِاسْماعِنا الى لَغْوٍ ، وَلا نُسْرِعَ (5) بِأَبْصارِنا الى لَهْوٍ ، وَلا نَبْسُطَ أَيْدِيَنا الى مَحْظُورٍ وَلا نَخْطُوَ بِأَقْدامِنا الى مَحْجُورٍ ، وَحَتَّى لا تَعِيَ (6) بُطُونُنا الاّ ما احْلَلْتَ ، وَحَتَّى لا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنا الاّ ما قُلْتَ ، وَلا نَتَكَلَّفَ الاّ ما يُدْنِي مِنْ ثَوابِكَ ، وَلا نَتَعاطى إِلاّ الَّذي يَقِي مِنْ عِقابِكَ ، ثُمَّ خَلِّصْ ذلِكَ كُلَّهُ مِنْ رِياءِ الْمُرائِينَ وَسُمْعَةِ الْمُسْمِعِينَ (7) ، حَتّى لا نُشْرِكَ فيهِ أَحَداً دُونَكَ وَلا نَبْتَغِي بِهِ مُراداً سِواكَ.

اللّهُمَّ وَقِفْنا (8) فيهِ عَلى مَواقِيتِ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ بِحُدُودِها الَّتي حَدَّدْتَ ، وَفُرُوضِهَا الَّتِي فَرَضْتَ وَأَوْقاتِها الَّتي وَقَّتَّ ، وَأَنْزِلْنا فيها مَنْزِلَةَ الْمُصِيبِينَ لِمَنازِلِنا ، الْحافِظِينَ لِارْكانِها ، الْمُؤَدِّينَ لَها في أَوْقاتِها ، عَلى ما سَنَّهُ (9) مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ فِي رُكُوعِها وَسُجُودِها وَجَمِيعِ فَواصِلِها (10) ،

ص: 112


1- لياليه على ألف شهر (خ ل).
2- القدر : 4 - 5.
3- وآله (خ ل).
4- حظرت : منعت.
5- لا تسرع ، لا تبسط (خ ل).
6- تعي : تحوّي.
7- المستمعين (خ ل).
8- وفّقنا (خ ل).
9- على سنة محمد (خ ل) ، سنّه : بيّنه وأجراه.
10- فواضلها (خ ل).

عَلى أَتَمِّ الطُّهُورِ وَاسْبَغِهِ (1) وَأَبْيَنِ الْخُشُوعِ وَأَبْلَغِهِ.

وَوَفِّقْنا فِيهِ لِأنْ نَصِلَ أَرْحامَنا بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ ، وَانْ نَتَعاهَدَ جِيرانَنا بِالإِفْضالِ وَالْعَطِيَّةِ ، وَانْ نُخَلِّصَ أَمْوالَنا مِنَ التَّبِعاتِ ، وَانْ نُطَهِّرَها بِإِخْراجِ الزَّكَواتِ ، وَانْ تَمِيلَ بِنا الى انْ نُراجِعَ مَنْ هَجَرَنَا (2) ، وَانْ نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنا ، وَانْ نُسالِمَ مَنْ عادانا ، خَلا مَنْ عُودِيَ فيكَ وَلَكَ ، فَإِنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لا نُوالِيهِ ، وَالْحِزْبُ الَّذِي نُصافِيهِ.

وَانْ نَتَقَرَّبَ الَيْكَ فيهِ مِنَ الأَعْمالِ الزَّاكِيَةِ بِما تُطَهِّرُنا مِنَ الذُّنُوبِ ، وَتَعْصِمُنا فِيما نَسْتَأْنِفُ مِنَ الْعُيُوبِ ، حَتّى لا يُورِدَ عَلَيْكَ احَدٌ مِنْ مَلائِكَتِكَ إِلاّ دُونَ ما نُورِدُ مِنْ أَنْواعِ الْقُرْبَةِ وَأَبْوابِ الطَّاعَةِ لَكَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا الشَّهْرِ وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فيهِ ، مِنْ ابْتِدائِهِ الى وَقْتِ فَنائِهِ ، مِنْ مَلَكٍ قَرَّبْتَهُ ، اوْ نَبِيٍّ ارْسَلْتَهُ ، اوْ عَبْدٍ صالِحٍ اخْتَصَصْتَهُ ، انْ تُجَنِّبَنا الإِلْحادَ في دينِكَ ، وَالتَّقْصِيرَ في تَمْجِيدِكَ ، وَالشَّكَّ في تَوْحِيدِكَ ، وَالْعمى عَنْ سَبِيلِكَ ، وَالْكَسَلَ عَنْ خِدْمَتِكَ ، وَالتَّوانِيَ فِي الْعَمَلِ لِمَحَبَّتِكَ ، وَالْمُسارَعَةَ الى سَخَطِكَ ، وَالانْخِداعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.

اللّهُمَّ أَهِّلْنا (3) فيهِ لِما وَعَدْتَ أَوْلِياءَكَ مِنْ كَرامَتِكَ ، وَاوْجِبْ لَنا ما تُوجِبُ لَاهْلِ الاسْتِقْصاءِ لِطاعَتِكَ ، وَاجْعَلْنا فِي نَظْمِ (4) مَنِ اسْتَحَقَّ الدَّرَجَةَ الْعُلْيا مِنْ جَنَّتِكَ ، (5) وَاسْتَوْجَبَ مُرافَقَةَ الرَّفِيعِ الأَعْلى مِنْ اهْلِ كَرامَتِكَ ، بِفَضْلِكَ وَجُودِكَ وَرَأْفَتِكَ.

اللّهُمَّ وَانَّ لَكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيالِي شَهْرِنا هذا رِقاباً يُعْتِقُها عَفْوُكَ وَيَهَبُها صَفْحُكَ ، فَاجْعَلْ رِقابَنا مِنْ تِلْكَ الرِّقابِ ، وَاجْعَلْنا لِشِهْرِنا مِنْ خَيْرِ اهْلٍ

ص: 113


1- أسبغه : أكمله.
2- هاجرتا (خ ل) ، نراجع من هجرنا : نصل من قطعنا.
3- أهّلنا : اجعلنا أهلاً.
4- نظم : جمع.
5- استحقّ الرفيع الأعلى برحمتك (خ ل).

وَأَصْحابٍ ، وَامْحَقْ ذُنُوبَنا مَعَ إِمْحاقِ (1) هِلالِهِ ، وَاسْلَخْ عَنّا التَّبِعاتِ (2) مَعَ انْسِلاخِ أَيَّامِهِ ، حَتّى يَنْقَضِيَ عَنّا وَقَدْ صَفَّيْتَنا مِنَ الْخَطِيئاتِ وَخَلَّصْتَنا مِنَ السَّيِّئاتِ.

اللّهُمَّ وَانْ مِلْنا فيهِ فَعَدلْنا ، وَانْ زُغْنا عَنْهُ فَقَوِّنا ، وَانِ اشْتَمَلَ عَلَيْنا عَدُوُّكَ الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ فَاسْتَنْقِذْنا مِنْهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاشْحَنْهُ (3) بِعِبادَتِنا ، وَزَيِّنْ اوْقاتهِ بِطاعَتِنا ، وَأَعِنَّا في نَهارِهِ عَلى صِيامِهِ وَفِي لَيْلِهِ عَلى قِيامِهِ بِالصَّلاةِ لَكَ وَالتَّضَرُّعِ الَيْكَ وَالْخُشُوعِ وَالذِّلَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، حَتَّى لا يَشْهَدَ نَهارُهُ عَلَيْنا بِغَفْلَةٍ ، وَلا لَيْلُهُ بِتَفْرِيطٍ (4).

اللّهُمَّ وَاجْعَلْنا فِي سائِرِ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَما يَتَأَلَّفُ مِنَ السِّنِينَ وَالأَعْوامِ كَذلِكَ ما عَمَّرْتَنا ، وَاجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ الْمُخْلِصِينَ : ( الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ) ، ( أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ ) (5) ، ( الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (6) ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ وَسَلِّمْ كَثِيراً (7).

أقول : واعلم انّ هذا الدّعاء الّذي ذكرناه ، والدعاء الّذي نذكره بعده وجدت بخطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ، وقد ذكرهما في دعاء أول يوم من شهر رمضان ، والّذي رويته في أصل روايتهما انَّ الأوّل منهما عند دخول الشهر والثاني منهما يدعا به مستقبل دخول السّنة ، ومن حيث أهلّ هلال شهر رمضان فقد دخل الشهر ، وهو أول السنة.

ص: 114


1- امتحاق ، محاق (خ ل) ، المحق : ذهاب الشيء حتى لا يرى له أثر.
2- تبعاتنا (خ ل).
3- اشحنه : أملاه.
4- تفريط : تقصير.
5- المؤمنون 60 ، 61.
6- المؤمنون : 11.
7- رواه الشيخ في مصباحه : 607 - 610 ، والكفعمي في بلد الأمين : 478 ، وفي مصباحه : 610 ، أورده مختصراً في ينابيع المودة : 504 ، وفي الصحيفة السجادية ، الدعاء : 44 مع اختلافات.

ورأيت في كتاب صغير عندنا أوّله مسألة للمفيد محمد بن محمد بن النعمان في عصمة الأنبياء عليهم السلام انّه سئل عن أول الشهر أهو اللّيل أم النهار ، فقال : اوّله الليل.

فرأيت إن ذكرهما في أوّل ليلة من الشهر أقرب إلى الصواب ، فلذلك ذكرتهما في هذا الباب.

أقول : ورويت هذا الدّعاء بعدّة طرق ، وانّما أذكرها هنا لفظ ابن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما هذا لفظه :

وروي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام فقال : ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة ، وذكر انّ من دعا به مخلصا محتسبا لم يصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه ، ووقاه اللّه شرّ ما يأتي به في تلك السنة :

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ (1) ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي تَواضَعَ لَها كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتي خَضَعَ لَها كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِلْمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ.

يا نُورُ يا قُدُّوسُ ، يا أَوَّلَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَيا باقِيَ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، يا اللّهُ يا رَحْمنُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ.

وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيلُ (2) الأَعْداءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ ، وَاغْفِرْ ليَ الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّماءِ (3).

وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَكْشِفُ الْغِطاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ

ص: 115


1- أي أطاع وذلّ له جميع الأشياء.
2- الادالة : الغلبة ، يقال : اللّهمّ ادلني على فلان وانصرني.
3- وهي الجور في الحكم ، كما ورد في قضية أبي حنيفة حيث قضى بغير الحق.

الفَناءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ (1) ، وَالْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ الَّتِي لا تُرامُ (2) ، وَعافِنِي مِنْ شَرِّ ما أَخافُ (3) بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ فِي مُسْتَقْبَلِ سَنَتِي هذِهِ.

اللّهُمَّ رَبَّ السَّمواتِ السَّبْعِ ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ السَّبْعِ الْمَثانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ إِسْرافِيلَ وَمِيكائِيلَ وَجَبْرَئِيلَ ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.

أَسْأَلُكَ بِكَ وَبِما تَسَمَّيْتَ بِهِ (4) ، يا عَظِيمُ انْتَ الَّذِي تَمُنُّ بِالْعَظِيمِ ، وَتَدْفَعُ كُلَّ مَحْذُورٍ ، وَتعْطِي كُلَّ جَزِيلٍ ، وَتُضاعِفُ مِنَ الْحَسَناتِ الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ (5) وَتَفْعَلُ ما تَشاءُ.

يا قَدِيرُ يا اللّهُ يا رَحْمنُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَالْبِسْنِي في مُسْتَقْبَلِ سَنَتِي هذِهِ سِتْرَكَ ، وَاضِئْ وَجْهِي بِنُورِكَ ، وَأَحِبَّنِي (6) بِمَحَبَّتِكَ ، وَبَلِّغْ بِي رِضْوانَكَ ، وَشَرِيفَ كَرائِمِكَ وَجَزِيلَ (7) عَطائِكَ ، مِنْ خَيْرِ ما عِنْدَكَ وَمِنْ خَيْرِ ما انْتَ مُعْطِيهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ سِوى مَنْ لا يَعْدِلُهُ عِنْدَكَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَالْبِسْنِي مَعَ ذلِكَ عافِيَتِكَ.

يا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى ، وَيا شاهِدَ كُلِّ نَجْوَى ، وَيا عالِمَ (8) كُلِّ خَفِيَّةٍ ، وَيا دافِعَ ما تَشاءُ مِنْ بَلِيَّةٍ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، تَوَفَّنِي عَلى مِلَّةِ إِبْراهِيمَ

ص: 116


1- «تهتك العصم» ، المراد اما رفع حفظ اللّه وعصمته عن الذنوب ، أو رفع ستره الذي ستره به عن الملائكة أو الثقلين - مرآت العقول.
2- «التي لا ترام» أي لا يقصد الاعادي الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر ، أو لا تقصد هي بالهتك والرفع ، وهي عصمته تعالى وحفظه وعونه - المرآت.
3- في الفقيه والكافي : أحاذر.
4- سمّيت به نفسك (خ ل).
5- أي تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الأعمال.
6- أحيني (خ ل).
7- جسيم (خ ل).
8- وشاهد ، وعالم (خ ل).

وَفِطْرَتِهِ وَعَلى دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسُنَّتِهِ ، وَعَلى خَيْرِ الْوَفاةِ ، فَتَوفَّنِي ، مُوالِياً لِأوْلِيائِكَ وَمُعادِياً لِأعْدائِكَ (1).

اللّهُمَّ وَامْنَعْنِي [فِي هذِهِ السَّنَةِ] (2) مِنْ كُلِّ عَمَلٍ اوْ فِعْلٍ اوْ قَوْلٍ يُباعِدُنِي مِنْكَ ، وَاجْلِبْنِي الى كُلِّ عَمَلٍ اوْ فِعْلٍ اوْ قَوْلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْكَ فِي هذِهِ السَّنَةِ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَامْنَعْنِي مِنْ كُلِّ عَمَلٍ اوْ فِعْلٍ اوْ قَوْلٍ يَكُونُ مِنِّي أَخافُ سُوءَ عاقِبَتِهِ وَأَخافُ مَقْتَكَ إِيَّايَ عَلَيْهِ ، حِذارَ (3) انْ تَصْرِفَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي ، فَاسْتَوْجِبُ بِهِ نَقْصاً مِنْ حَظٍّ لِي عِنْدَكَ ، يا رَءُوفُ يا رَحِيمُ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مُسْتَقْبَلِ هذِهِ السَّنَةِ ، فِي حِفْظِكَ وَجِوارِكَ وَكَنَفِكَ ، وَجَلِّلْنِي عافِيَتَكَ ، وَهَبْ لِي كَرامَتَكَ ، عَزَّ جارُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي تابِعاً لِصالِحِي مَنْ مَضى مِنْ أَوْلِيائِكَ ، وَالْحِقْنِي بِهِمْ ، وَاجْعَلْنِي مُسَلِّماً لِمَنْ قالَ بِالصِّدْقِ عَلَيْكَ مِنْهُمْ.

وَأَعُوذُ بِكَ يا الهِي انْ تُحِيطَ بِي خَطِيئَتِي وَظُلْمِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي ، وَاتِّباعِي لِهَوايَ وَاشْتِغالِي بِشَهَواتِي (4) ، فَيَحُولُ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَحْمَتِكَ وَرِضْوانِكَ ، فَأَكُونُ مَنْسِيّاً عِنْدَكَ (5) مَتَعَرِّضاً لِسَخَطِكَ وَنَقِمَتِكَ.

اللّهُمَّ وَفِّقْنِي لِكُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ تَرْضى بِهِ عَنِّي ، وَقَرِّبْنِي الَيْكَ زُلْفى ، اللّهُمَّ كَما كَفَيْتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ هَوْلَ عَدُوِّهِ ، وَفَرَّجْتَ هَمَّهُ ، وَكَشَفْتَ كَرْبَهُ ، وَصَدَقْتَهُ (6) وَعْدَكَ ، وَانْجَزْتَ لَهُ عَهْدَكَ.

اللّهُمَّ فَبِذلِكَ فَاكْفِنِي (7) هَوْلَ هذِهِ السَّنَةِ وَآفاتِها ، وَأَسْقامِها وَفِتَنَها (8).

ص: 117


1- ومعادياً لأعدائك (خ ل).
2- من الفقيه والكافي ، وفيهما : جنّبني.
3- فيهما : حذراً ، وفي القاموس ، الحذر : الاحتراز.
4- استعمال شهواتي (خ ل).
5- أي متروكاً من رحمتك أو كالمنسى مجازاً - مرآت العقول.
6- أي وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الأعداء.
7- أي بمثل ذلك الحفظ والكفاية ، أو بحقّه.
8- فتنتها (خ ل).

وَشُرُورَها وَأَحْزانَها ، وَضِيقَ الْمَعاشِ فيها ، وَبَلِّغْنِي بِرَحْمَتِكَ كَمالَ الْعافِيَةِ ، بِتَمامِ دَوامِ النِّعْمَةِ عِنْدِي الى مُنْتَهى اجَلِي.

أَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنْ أَساءَ وَظَلَمَ ، وَاسْتَكانَ (1) وَاعْتَرَفَ ، انْ تَغْفِرَ لِي ما مَضى مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي حَصَرَتْها حَفَظَتُكَ ، وَأَحْصاها كِرامُ مَلائِكَتِكَ عَلَيَّ ، وَانْ تَعْصِمَنِي اللّهُمَّ مِنَ الذُّنُوبِ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي الى مُنْتَهى اجَلِي.

يا اللّهُ يا رَحْمنُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، وَآتِنِي كُلَّما سَأَلْتُكَ وَرَغِبْتُ فيهِ الَيْكَ ، فَإِنَّكَ امَرْتَنِي بِالدُّعاءِ وَتَكَفَّلْتَ بِالإِجابَةِ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء آخر وجدناه في كتاب ذكر انّه بخطّ الرضي الموسوي رحمه اللّه ، فيه أدعية ، يقول فيه : ويقول عند دخول شهر رمضان :

اللّهُمَّ انَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فيهِ الْقُرْآنَ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ قَدْ حَضَرَ.

يا رَبِّ أَعُوذُ بِكَ فيهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَمِنْ مَكْرِهِ وَحِيَلِهِ ، وَخِداعِهِ وَحَبائِلِهِ ، وَجُنُودِهِ وَخَيْلِهِ ، وَرَجِلِهِ (3) وَوَساوِسِهِ ، وَمِنَ الضَّلالِ بَعْدَ الْهُدى ، وَمِنَ الْكُفْرِ بَعْدَ الإِيمانِ ، وَمِنَ النِّفاقِ وَالرِّياءِ وَالْجِناياتِ ، وَمِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

اللّهُمَّ وَارْزُقْنِي صِيامَهُ وَقِيامَهُ ، وَالْعَمَلَ فيهِ بِطاعَتِكَ ، وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَاولِي الأَمْرِ ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَما قَرُبَ مِنْكَ ، وَجَنِّبْنِي مَعاصِيكَ ، وَارْزُقْنِي فيهِ التَّوْبَةَ وَالإِنابَةَ وَالإِجابَةَ.

وَاعِذْنِي فيهِ مِنَ الْغَيْبَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَشَلِ ، وَاسْتَجِبْ لِي فيهِ الدُّعاءَ ، وَأَصِحَ

ص: 118


1- استكان لفلان : ذل وخضع.
2- عنه البحار 97 : 341 رواه الصدوق في الفقيه 2 : 102 ، والكليني في الكافي 4 : 72 ، والشيخ في مصباحه 604 ، وفي التهذيب 3 : 106 ، والكفعمي في مصباحه : 607 ، بلد الأمين : 217.
3- الرجل : اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب.

لِي فيهِ جِسْمِي وَعَقْلِي ، (1) وَفَرِّغْنِي فيهِ لِطاعَتِكَ وَما قَرُبَ مِنْكَ ، يا كَرِيمُ يا جَوادُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى اهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَكَذلِكَ فَافْعَلْ بِنا يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (2)

دعاء آخر ان دعوت به أوّل ليلة في شهر الصيام فقدّم لفظ : لَيْلَتِي هذِهِ على يَوْمِي هذا ، وان دعوت به أول يوم من الشهر فادع باللفظة الّتي يأتي فيه ، والّذي رجح في خاطري انّ الدعاء به في أول يوم منه.

رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقول عند حضور شهر رمضان : اللّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ الْمُبارَكِ الَّذِي انْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَجَعَلْتَهُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ قَدْ حَضَرَ ، فَسَلِّمْنا فِيهِ وَسَلِّمْهُ لَنا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا (3) فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ.

وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَنْ تَغْفِرَ لِي فِي شَهْرِي هذا ، وَتَرْحَمَنِي فِيهِ ، وَتُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَتُعْطِيَنِي فِيهِ خَيْرَ ما اعْطَيْتَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَخَيْرَ ما انْتَ مُعْطِيهِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ مُنْذُ اسْكَنْتَنِي ارْضَكَ الى يَوْمِي هذا ، وَاجْعَلْهُ عَلَيَّ أَتَمَّهُ نِعْمَةً ، وَاعَمَّهُ عافِيَةً ، وَاوْسَعَهُ رِزْقاً ، وَاجْزَلَهُ (4) وَأَهْناهُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَبِوَجْهِكَ الْكَرِيمُ وَمُلْكِكَ الْعَظِيمِ انْ تَغْرِبَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِي هذا ، اوْ يَنْقَضِيَ بَقِيَّةُ هذا الْيَوْمِ ، اوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ ، اوْ يَخْرُجَ هذا الشَّهْرُ وَلَكَ قِبَلِي مَعَهُ تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ اوْ خَطِيئَةٌ ، تُرِيدُ انْ تُقايِسَنِي (5)

ص: 119


1- عقدي (خ ل).
2- عنه البحار 97 : 343.
3- سلّمنا فيه أي بأن نكون صحيحاً حتى نصومه ونعبدك فيه ، سلّمه لنا أي من الاشتباه في الصوم والفطر حتى لا يشتبه علينا يوم منه بغيره لأجل الهلال ، تسلّمه منّا أي تقبّله منّا ما نأتي فيه من العبادات والقربات.
4- أجزله : أكثره.
5- تقايلني ، تقاصني (خ ل).

بِذلِكَ اوْ تُؤَاخِذَنِي بِهِ ، اوْ تَقِفَنِي (1) بِهِ مَوْقِفَ خِزْيٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اوْ تُعَذِّبَنِي بِهِ يَوْمَ أَلْقاكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي ادْعُوكَ لِهَمٍّ لا يُفَرِّجُهُ غَيْرُكَ ، وَلِرَحْمَةٍ لا تُنالُ الاّ بِكَ ، وَلِكَرْبٍ لا يَكْشِفُهُ الاّ انْتَ ، وَلِرَغْبَةٍ لا تُبْلَغُ الاّ بِكَ ، وَلِحاجَةٍ لا تُقْضى دُونَكَ.

اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ ما ارَدْتَنِي بِهِ مِنْ مَسْأَلَتِكَ ، وَرَحِمْتَنِي بِهِ مِنْ ذِكْرِكَ ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ سَيِّدِي الإِجابَةُ لِي فيما دَعَوْتُكَ ، وَالنَّجاةُ لِي فِيما قَدْ فَزِعْتُ الَيْكَ مِنْهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْتَحْ لِي مِنْ خَزائِنِ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً لا تُعَذِّبُنِي بَعْدَها أَبَداً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً ، لا تُفْقِرُنِي بَعْدَهُ الى احَدٍ سِواكَ أَبَداً ، تُزِيدُنِي بِذلِكَ لَكَ شُكْراً وَالَيْكَ فاقَةً وَفَقْراً ، وَبِكَ عَمَّنْ سِواكَ غِنًى وَتَعَفُّفاً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ تَكُونَ جَزاءَ إِحْسانِكَ الإِساءَةَ مِنِّي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ اصْلِحَ عَمَلِي فِيما بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ ، وَافْسِدَهُ فِيما بَيْنِي وَبَيْنَكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ تُحَوِّلَ (2) سَرِيرَتِي بَيْنِي وَبَيْنِكَ ، اوْ تَكُونَ مُخالَفَةً لِطاعَتِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الأَشْياءِ آثَرَ عِنْدِي مِنْ طاعَتِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ اعْمَلَ مِنْ طاعَتِكَ قَلِيلاً اوْ كَثِيراً ، أُريدُ بِهِ أَحَداً غَيْرَكَ ، اوْ اعْمَلَ عَمَلاً يُخالِطُهُ رِياءً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَوىً يُرْدِي مَنْ يَرْكِبُهُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ اجْعَلَ شَيْئاً مِنْ شُكْرِي فِيما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ لِغَيْرِكَ ، اطْلُبُ بِهِ رِضا خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ انْ أَتَعَدّى حَدّاً مِنْ حُدُودِك ، أَتَزَيَّنُ بِذلِكَ لِلنَّاسِ وَارْكَنُ بِهِ الَى الدُّنْيا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ

ص: 120


1- توقفني (خ ل).
2- تحول (خ ل).

بِطاعَتِكَ مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، جَلَّ ثَناءُ وَجْهِكَ ، لا احْصِي الثَّناءَ عَلَيْكَ وَلَوْ حَرَصْتُ ، وَانْتَ كَما اثْنَيْتَ (1) عَلى نَفْسِكَ ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ الَيْكَ مِنْ مَظالِمَ كَثِيرَةٍ لِعِبادِكَ عِنْدِي ، فَأَيُّما عَبْدٍ مِنْ عِبادِكَ ، اوْ امَةٍ مِنْ إِمائِكَ ، كانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُهُ إِيَّاها ، فِي مالِهِ اوْ بَدَنِهِ اوْ عِرْضِهِ ، لا اسْتَطِيعُ أَداءَ (2) ذلِكَ إِلَيْهِ ، وَلا أَتَحَلَّلُها (3) مِنْهُ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْضِهِ انْتَ عَنِّي بِما شِئْتَ ، وَكَيْفَ شِئْتَ ، وَهَبْها لِي.

وَما تَصْنَعُ يا سَيِّدِي بِعَذابِي وَقَدْ وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَما عَلَيْكَ يا رَبِّ انْ تُكْرِمَنِي بِرَحْمَتِكَ وَلا تُهِينَنِي بِعَذابِكَ ، وَلا يَنْقُصُكَ يا رَبِّ انْ تَفْعَلَ بِي ما سَأَلْتُكَ ، وَانْتَ واجِدٌ لِكُلِّ شَيْءٍ.

اللّهُمَّ انِّي اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ الَيْكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ تُبْتُ الَيْكَ ، مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فيهِ ، وَمِمَّا ضَيَّعْتُ مِنْ فَرائِضِكَ وَأَداءِ (4) حَقِّكَ ، مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ، وَالصِّيامِ وَالْجِهادِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَإِسْباغِ (5) الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ مِنَ الْجِنابَةِ ، وَقِيامِ اللَّيْلِ وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ ، وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، وَالاسْتِرْجاعِ فِي الْمَعْصِيَةِ ، وَالصُّدُودِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَصَّرْتُ فيهِ ، مِنْ فَرِيضَةٍ اوْ سُنَّةٍ.

فَانِّي اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ الَيْكَ مِنْهُ ، وَمِمَّا رَكِبْتُ مِنَ الْكَبائِرِ ، وَأتَيْتُ مِنَ الْمَعاصي ، وَعَمِلْتُ مِنَ الذُّنُوبِ وَاجْتَرَحْتُ (6) مِنَ السَّيِّئاتِ ، وَاصَبْتُ مِنَ الشَّهَواتِ ، وَباشَرْتُ مِنَ الْخَطايا ، مِمَّا عَمِلْتُهُ مِنْ ذلِكَ عَمْداً اوْ خَطَأَ ، سِرّاً اوْ عَلانِيَةً.

ص: 121


1- وكما أثنيت (خ ل).
2- أداء (خ ل).
3- أتحلّلها (خ ل).
4- أداء (خ ل).
5- اسبغه : أتمه ووسّعه.
6- اجترحتها : اكتسبتها.

فَإِنِّي أَتُوبُ الَيْكَ مِنْهُ وَمِنْ سَفْكِ الدَّم وَعُقُوقِ الْوالِدَيْنِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ، وَالْفِرارِ مِنَ الزَّحْفِ وَقَذْفِ الْمُحْصَناتِ وَاكْلِ أَمْوالِ الْيَتامى ظُلْماً ، وَشَهادَةِ الزُّورِ ، وَكِتْمانِ الشَّهادَةِ ، وَانْ اشْتَرِيَ بِعَهْدِكَ في نَفْسي ثَمَناً قَلِيلاً.

وَاكْلِ الرِّبا وَالْغُلُولِ ، وَالسُّحْتِ وَالسِّحْرِ ، وَالْكِتْمانِ وَالطِّيَرَةِ ، وَالشِّرْكِ وَالرِّياءِ وَالسِّرْقَةِ ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَنَقْصِ الْمِكْيالِ وَبَخْسِ الْمِيزانِ (1) ، وَالشِّقاقِ وَالنِّفاقِ ، وَنَقْضِ الْعَهْدِ وَالْفِرْيَةِ وَالْخِيانَةِ ، وَالْغَدْرِ وَإِخْفارِ الذِّمَّةِ (2) وَالْحَلْفِ ، وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتانِ ، وَالْهَمْزِ (3) وَاللَّمْزِ (4) وَالتَّنابُزِ بِالأَلْقابِ (5).

وَأَذَى الْجارِ وَدُخُولِ بَيْتٍ بِغَيْرِ إِذْنٍ ، وَالْفَخْرِ وَالْكِبْرِ وَالإِشْراكِ وَالإِصْرارِ وَالاسْتِكْبارِ ، وَالْمَشْيِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً (6) ، وَالْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ ، وَالاعْتِداءِ فِي الْغَضَبِ وَرُكُوبِ الْحَمِيَّةِ ، وَتَعَضُّدِ الظَّالِمِ ، وَعَوْنِ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ، وَقِلَّةِ الْعَدَدِ فِي الأَهْلِ وَالْمالِ وَالْوَلَدِ ، وَرُكُوبِ الظَّنِّ وَاتِّباعِ الْهَوى ، وَالْعَمَلِ بِالشَّهْوَةِ.

وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَفَسادٍ فِي الأَرْضِ ، وَجُحُودِ الْحَقِّ وَالأَدِلاءِ (7) الَى الْحُكَّامِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالْبُخْلِ وَقَوْلٍ فِيما لا اعْلَمُ ، وَاكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ، وَالْحَسَدِ وَالْبَغْيِ وَالدُّعاءِ الَى الْفاحِشَةِ.

وَالتَّمَنِّي بِما فَضَّلَ اللّهُ وَالإِعْجابِ بِالنَّفْسِ وَالْمَنِّ بِالْعَطِيَّةِ ، وَالارْتِكابِ إِلَى الظُّلْمِ ، وَجُحُودِ الْقُرْآنِ ، وَقَهْرِ الْيَتِيمِ ، وَانْتِهارِ السَّائِلِ (8) ، وَالْحَنْثِ فِي

ص: 122


1- نجس : نقص.
2- اخفر عهده : نقض عهده ، غدر به.
3- الهمز : النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم.
4- اللمز : العيب والضرب والدفع ، وأصله الإشارة بالعين.
5- تنابزوا بالألقاب : تعايروا ولقّب بعضهم بعضاً.
6- مرح الرجل : اشتدّ فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
7- الأدلاء إلى فلان : تخوصم إليه.
8- انتهر السائل : زجره.

الأَيْمانِ وَكُلِّ يَمِينٍ كاذِبَةٍ فأجِرَهٍ، وَظُلْمِ احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فِي أَمْوالِهِمْ وَأَشْعارِهِمْ وَأَعْراضِهِمْ وَأَبْشارِهِمْ (1).

وَما رَآهُ بَصَرِي وَسَمِعَهُ سَمْعِي ، وَنَطَقَ بِهِ لِسانِي ، وَبَسَطَتْ إِلَيْهِ يَدِي ، وَنَقَلَتْ إِلَيْهِ قَدَمِي وَباشَرَهُ جِلْدِي ، وَحَدَّثَتْ بِهِ نَفْسِي مِمّا هُوَ لَكَ مَعْصِيَةٌ ، وَكُلِّ يَمِينٍ زُورِ.

وَمِنْ كُلِّ فاحِشَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ، عَمِلْتُها فِي سَوادِ اللَّيْلِ وَبَياضِ النَّهارِ ، فِي مَلاءٍ اوْ خَلاءٍ ، مِمَّا عَلِمْتُهُ اوْ لَمْ اعْلَمْهُ ، ذَكَرْتُهُ اوْ لَمْ اذْكُرْهُ ، سَمِعْتُهُ اوْ لَمْ اسْمَعْهُ ، عَصَيْتُكَ فِيهِ رَبِّي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَفِيما سِواها مِنْ حِلٍّ اوْ حَرامٍ تَعَدَّيْتُ فيهِ اوْ قَصَّرْتُ عَنْهُ ، مُنْذُ يَوْمٍ خَلَقْتَنِي الى انْ (2) جَلَسْتُ مَجْلِسِي هذا ، فَإِنِّي أَتُوبُ الَيْكَ مِنْهُ ، وَانْتَ يا كَرِيمُ تَوَّابٌ رَحِيمٌ.

اللّهُمَّ يا ذَا الْمَنِّ وَالْفَضْلِ وَالْمَحامِدِ الَّتِي لا تُحْصى ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَلا تَرُدُّها لِكَثْرَةِ ذُنُوبِي وَما اسْرَفْتُ عَلى نَفْسِي ، حَتّى لا ارْجِعَ فِي ذَنْبٍ تُبْتُ الَيْكَ مِنْهُ ، فَاجْعَلْها يا عَزِيزُ تَوْبَةً نَصُوحاً صادِقَةً مَبْرُورَةً لَدَيْكَ مَقْبُولَةً مَرْفُوعَةً عِنْدَكَ ، فِي خَزائِنِكَ الَّتِي ذَخَرْتَها لَاوْلِيائِكَ حِينَ قَبِلْتَها مِنْهُمْ وَرَضَيْتَ بِها عَنْهُمْ.

اللّهُمَّ انَّ هذِهِ النَّفْسَ نَفْسُ عَبْدِكَ ، وَاسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تُحَصِّنَها مِنَ الذُّنُوبِ وَتَمْنَعَها مِنَ الْخَطايا وَتَحْرُزَها مِنَ السِّيِّئاتِ ، وَتَجْعَلَها فِي حِصْنٍ حَصِينٍ مَنِيعٍ لا يَصِل إِلَيْها ذَنْبٌ وَلا خَطِيئَةٌ ، وَلا يُفْسِدُها عَيْبٌ وَلا مَعْصِيَةٌ ، حَتَّى أَلْقاكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَانْتَ عَنِّي راضٍ وَانَا مَسْرُورٌ ، تَغْبِطُنِي مَلائِكَتُكَ وَأَنْبِياؤُكَ وَجَمِيعُ خَلْقِكَ ، وَقَدْ قَبِلْتَنِي وَجَعَلْتَنِي طائِعاً طاهِراً زاكِياً عِنْدَكَ مِنَ الصَّادِقِينَ (3).

ص: 123


1- الإبشار : ظاهر الجلد.
2- الى يوم (خ ل).
3- في الصادقين (خ ل).

اللّهُمَّ انِّي اعْتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْها ذُنُوباً لا تُظْهِرُها لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَيا غَفَّارَ الذُّنُوبِ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، سُبْحانَكَ اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءً وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي ، انَّكَ انْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ انْ كانَ مِنْ عَطائِكَ وَمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَفِي عِلْمِكَ وَقَضائِكَ ، انْ تَرْزُقَنِي التَّوْبَةَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاعْصِمْنِي بَقِيَّةَ عُمْرِي وَاحْسِنْ مَعُونَتِي في الْجِدِّ وَالاجْتِهادِ وَالْمُسارَعَةِ الى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى ، وَالنِّشاطِ وَالْفَرَحَ وَالصِّحَّةِ ، حَتّى ابْلُغَ فِي عِبادَتِكَ وَطاعَتِكَ الَّتِي يَحِقُّ لَكَ عَلَيَّ رِضاكَ.

وَانْ تَرْزُقَنِي بِرَحْمَتِكَ ما أُقِيمُ بِهِ حُدُودَ دِينِكَ ، وَحَتَّى اعْمَلَ فِي ذلِكَ بِسُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَافْعَلْ ذلِكَ بِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ فِي مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغارِبِها ، اللّهُمَّ انَّكَ تَشْكُرُ الْيَسِيرَ وَتَغْفِرُ الْكَثِيرَ ، وَانْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - تقولها ثلاثاً (1).

ثمّ تقول : اللّهُمَّ اقْسِمْ لِي كُلَّما تُطْفِئُ بِهِ عَنِّي نائِرَةَ (2) كُلِّ جاهِلٍ ، وَتَخْمِدُ (3) عَنِّي شُعْلَةَ كُلِّ قائِلٍ ، وَاعْطِنِي هُدىً مِنْ كُلِّ ضَلالَةٍ ، وَغِنًى مِنْ كُلِّ فَقْرٍ ، وَقُوَّةً مِنْ كُلِّ ضَعْفٍ ، وَعِزاً مِنْ كُلِّ ذُلٍّ ، وَرِفْعَةً مِنْ كُلِّ ضِعَةٍ ، وَامْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ ، وَعافِيَةً مِنْ كُلِّ بَلاءٍ.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي عَمَلاً يَفْتَحُ لِي بابَ كُلِّ يَقِينٍ ، وَيَقِيناً يَسُدُّ عَنِّي بابَ كُلِّ شُبْهَةٍ ، وَدُعاءٍ تَبْسُطُ لِي بِهِ (4) الإِجابَةَ ، وَخَوْفاً تُيَسِّرُ لِي بِهِ كُلَّ رَحْمَةٍ ، وَعِصْمَةً تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الذُّنُوبِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (5).

وتضرّع إلى ربّك وتقول :

ص: 124


1- عنه البحار 97 : 326 - 330.
2- النائرة : العداوة.
3- خمد النار : سكن لهبها ولم يطفأ جمرها.
4- تبسط به (خ ل).
5- عنه البحار 97 : 330.

يا مَنْ نَهانِي عَنِ الْمَعاصِي (1) فَعَصَيْتُهُ فَلَمْ يَهْتِكْ سِتْرِي عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ ، يا مَنْ الْبَسَنِي عافِيَتَهُ فَعَصَيْتُهُ فَلَمْ يَسْلُبْنِي عِنْدَ ذلِكَ عافِيَةُ ، يا مَنْ اكْرَمَنِي وَاسْبَغَ عَلَيَّ نِعَمَهُ فَعَصَيْتُهُ فَلَمْ يُزِلْ عَنِّي نِعْمَتَهُ ، يا مَنْ نَصَحَ لِي فَتَرَكْتُ نَصِيحَتَهُ فَلَمْ يَسْتَدْرِجْنِي عِنْدَ تَرْكِي نَصِيحَتَهُ.

يا مَنْ أَوْصانِي بِوَصايا كَثِيرَةٍ لا تُحْصى ، إِشْفاقاً (2) مِنْهُ عَلَيَّ وَرَحْمَةً مِنْهُ لِي فَتَرَكْتُ وَصِيَّتَهُ ، يا مَنْ كَتَمَ سَيِّئَاتِي وَاظْهَرَ مَحاسِنِي حَتّى كَأَنِّي لَمْ ازَلْ اعْمَلُ بِطاعَتِهِ ، يا مَنْ ارْضَيْتُ عِبادَهُ بِسَخَطِةِ فَلَمْ يَكِلْنِي الَيْهِمْ وَرَزَقَنِي مِنْ سَعَتِهِ ، يا مَنْ دَعانِي إِلى جَنَّتِهِ فَاخْتَرْتُ النَّارَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذلِكَ انْ فَتَحَ لِي بابَ تَوْبَتِهِ.

يا مَنْ أَقالَنِي عَظِيمَ الْعَثَراتِ وَأَمَرَنِي بِالدُّعاءِ وَضَمِنَ لِي إِجابَتَهُ ، يا مَنْ اعْصِيهِ فَيَسْتُرُ عَلَيَّ وَيَغْضِبُ لِي انْ عُيِّرْتُ بِمَعْصِيَتِهِ.

يا مَنْ نَهى خَلْقَهُ عَنْ انْتِهاكِ مَحارِمِي وَانَا مُقِيمٌ عَلَى انْتِهاكِ (3) مَحارِمِه ، يا مَنْ افْنَيْتُ ما أَعْطانِي فِي مَعْصِيَتِهِ فَلَمْ يَحْبِسْ عَنِّي عَطِيَّتَهُ ، يا مَنْ قَوَيْتُ عَلَى الْمَعاصيِ بِكِفايَتِهِ فَلَمْ يَخْذُلْنِي وَلَمْ يُخْرِجْنِي مِنْ كِفايَتِهِ.

يا مَنْ بارَزْتُهُ بِالْخَطايا فَلَمْ يُمَثِّلْ بِي عِنْدَ جُرْأَتِي عَلى مُبارَزَتِهِ ، يا مَنْ امْهَلَنِي حَتّى اسْتَغْنَيْتُ مِنْ لَذَّاتِي ثُمَّ وَعَدَنِي عَلى تَرْكِها مَغْفِرَتَهُ ، يا مَنْ ادْعُوهُ وَانَا عَلى مَعْصِيَتِهِ فَيُجِيبُنِي وَيَقْضِي حاجَتِي بِقُدْرَتِهِ ، يا مَنْ عَصَيْتُهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَقَدْ وَكَّلَ بِالاسْتِغْفارِ لِي مَلائِكَتَهُ.

يا مَنْ عَصَيْتُهُ فِي الشَّبابِ وَالْمَشِيبِ وَهُوَ يَتَأَنَّانِي (4) وَيَفْتَحُ لِي بابَ رَحْمَتِهِ ، يا مَنْ يَشْكُرُ الْيَسِيرَ فِي عَمَلِي وَيُنْسَى الْكَثِيرَ مِنْ كَرامَتِهِ ، يا مَنْ خَلَّصَنِي بِقُدْرَتِهِ وَنَجَّانِي بِلُطْفِهِ ، يا مَنِ اسْتَدْرَجَنِي حَتّى جانَبْتُ مَحَبَّتَهُ ، يا مَنْ فَرَضَ

ص: 125


1- المعصية (خ ل).
2- أشفقت : خفت.
3- انتهك الشيء : اذهب حرمته.
4- تأوّن الرجل : تمهّل.

الْكَثِيرَ لِي مِنْ إِجابَتِهِ عَلى طُولِ إِساءَتِي وَتَضْييعِي فَرِيضَتَهُ.

يا مَنْ يَغْفِرُ ظُلْمَنا وَحَوْبَنا (1) وَجُرْأَتَنا وَهُوَ لا يَجُورُ عَلَيْنا فِي قَضِيَّتِهِ ، يا مَنْ نَتَظالَمُ فَلا يُؤَاخِذُنا بِعِلْمِهِ وَيُمْهِلُ حَتّى يُحْضِرَ الْمَظْلُومُ بَيِّنَتَهُ ، يا مَنْ يُشْرِكُ بِهِ عَبْدُهُ وَهُوَ خَلْقُهُ فَلا يَتَعاظَمُهُ انْ يَغْفِرَ لَهُ جَرِيرَتَهُ ، يا مَنْ مَنَّ عَلَيَّ بِتَوْحِيدِهِ وَأَحْصى عَلَيَّ الذُّنُوبَ وَارْجُو انْ يَغْفِرَها لِي بِمَشِيَّتِهِ.

يا مَنْ اعْذَرَ وَانْذَرَ ثُمَّ عُدْتُ بَعْدَ الإِعْذارِ وَالإِنْذارِ فِي مَعْصِيَتِهِ ، يا مَنْ يَعْلَمُ انَّ حَسَناتِي لا يَكُونُ ثَمَناً لَاصْغَرِ نِعَمِهِ ، يا مَنْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي مَعْصِيَتِهِ فَلَمْ يُغْلِقْ عَنِّي بابَ تَوْبَتِهِ.

يا وَيْلِي ما أَقَلَّ حَيائِي ، وَيا سُبْحانَ هذَا الرَّبِّ ما اعْظَمَ هَيْبَتَهُ ، وَيا وَيْلِي ما اقْطَعَ لِسانِي عِنْدَ الإِعْذارِ ، وَما عُذْرِي وَقَدْ ظَهَرَتْ عَلَيَّ حُجَّتُهُ ، ها انَا ذا بائِحٌ (2) بِجُرْمِي ، مُقِرٌّ بِذَنْبِي لِرَبِّي لِيَرْحَمَنِي وَيَتَغَمَّدَنِي بِمَغْفِرَتِهِ ، يا مَنِ الأَرَضُونَ وَالسَّمواتُ جَمِيعاً فِي قَبْضَتِهِ ، يا مَنِ اسْتَحْقَقْتُ عُقُوبَتَهُ ها انَا ذا مُقِرٌّ بِذَنْبِي.

يا مَنْ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ بِرَحْمَتِهِ ، ها انَا ذا عَبْدُكَ الْحَسِيرُ (3) الْخاطِئُ اغْفِرْ لَهُ خَطِيئَتَهُ ، يا مَنْ يُجِيرُنِي فِي مَحْيايَ وَمَماتِي ، يا مَنْ هُوَ عُدَّتِي لِظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ ، يا مَنْ هُوَ ثِقَتِي وَرَجائِي وَعُدَّتِي لِعَذابِ الْقَبْرِ وَضَغْطَتِهِ (4) ، يا مَنْ هُوَ غِياثِي وَمَفْزَعِي وَعُدَّتِي لِلْحِسابِ وَدِقَّتِهِ ، يا مَنْ عَظُمَ عَفْوُهُ وَكَرُمَ صَفْحُهُ وَاشْتَدَّتْ نِقْمَتُهُ.

الهِي لا تَخْذُلْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ ، فَإِنَّكَ عُدَّتِي لِلْمِيزانِ وَخِفَّتِهِ ، ها انَا ذا بائِحٌ بِجُرْمِي مُقِرٌّ بِذَنْبِي مُعْتَرِفٌ بِخَطِيئَتِي ، الهِي وَخالِقِي وَمَوْلايَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاخْتِمْ لِي بِالشَّهادَةِ وَالرَّحْمَةِ.

ص: 126


1- الحوب : الإثم.
2- باح الشيء : ظهر واشتهر.
3- الحسير : المتلهّف.
4- ضغطة القبر : تضييقه على الميت.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ يَحِقُّ عَلَيْكَ فِيهِ إِجابَةُ الدُّعاءِ إِذا دُعِيتَ بِهِ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ كُلِّ ذِي حَقٍّ عَلَيْكَ وَبِحَقِّكَ عَلى جَمِيعِ مَنْ دُونَكَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبِيدِكَ النُّجَباءِ الْمَيامِينَ ، وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَخُذْ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ ، وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ، وَامْنَعْهُ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ انَّا نَرْغَبُ الَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِها الإِسْلامَ وَاهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالْقادَةِ الى سَبِيلِكَ ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انَّا نَشْكُو الَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنا عَنَّا ، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا وَقِلَّةَ عَدَدِنا ، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنا وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنَّا عَلى ذلِكَ يا رَبَّ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها ، وَعافِيَتِكَ فَأَلْبِسْناها ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي لَمْ اعْمَلِ الْحَسَنَةَ حَتَّى أَعْطَيْتَنِيها ، وَلَمْ اعْمَلِ السَّيِّئَةَ الاّ بَعْدَ انْ زَيَّنَها لِيَ الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعُدْ عَلَيَّ بِعَطائِكَ ، وَداوِ دائِي بِدَوائِكَ ، فَانَّ دائِي الذُّنُوبُ الْقَبِيحَةُ ، وَدَواءَكَ وَعْدُ عَفْوِكَ وَحَلاوَةُ رَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ لا تَهْتِكْ سِتْرِي ، وَلا تُبْدِ عَوْرَتِي ، وَآمِنْ رَوْعَتِي ، وَاقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَنَفِّسْ (1) كُرْبَتِي ، وَاقْضِ عَنِّي دَيْنِي وَأَمانَتِي ، وَاخْزِ عَدُوَّكَ وَعَدُو آلِ مُحَمَّدٍ وَعَدُوِّي وَعَدُو الْمُؤْمِنِينَ ، مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغارِبِها.

اللّهُمَّ حاجَتِي حاجَتِي حاجَتِي ، الَّتِي انْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرُّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَانْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما اعْطَيْتَنِي ، وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْضَ عَنِّي ، وَارْضَ عَنِّي ، وَارْضَ عَنِّي - حتّى ينقطع النَّفس.

ص: 127


1- نفس : أزال كربه.

اللّهُمَّ إِيَّاكَ تَعَمَّدْتُ بِحاجَتِي وَبِكَ انْزَلْتُ مَسْكَنَتِي ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ ، يا وَهَّابَ الْجَنَّةِ ، يا وَهَّابَ الْمَغْفِرَةِ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ ، ايْنَ اطْلُبُكَ يا مَوْجُوداً فِي كُلِّ مَكانٍ ، فِي الْفَيافِي (1) مَرَّةً ، وَفِي الْقِفارِ (2) أُخْرى ، لَعَلَّكَ تَسْمَعُ مِنِّي النِّداءَ ، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي وَقَلَّ حَيائِي ، مَعَ تَقَلْقُلِ (3) قَلْبِي وَبُعْدِ مَطْلَبِي وَكَثْرَةِ أَهْوالِي.

رَبِّ أَيَّ أَهْوالِي أَتَذَكَّرُ وَأَيَّها أَنْسى ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الاَّ الْمَوْتُ لَكَفى ، فَكَيْفَ وَما بَعْدَ الْمَوْتِ اعْظَمُ وَأَدْهى ، يا ثِقْلِي وَدَمارِي وَسُوءَ سَلَفِي وَقِلَّةَ نَظَرِي لِنَفْسِي ، حَتّى مَتى وَالى مَتى أَقُولُ : لَكَ الْعُتْبى ، مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى ، ثُمَّ لا تَجِدُ عِنْدِي صِدْقاً وَلا وَفاءً.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الَّذِي كُنْتَ لَهُ انِيساً فِي الظُّلُماتِ ، وَبِحَقِّ الَّذِينَ لَمْ يَرْضَوْا بِصِيامِ النَّهارِ وَبِمُكابَدَةِ (4) اللَّيْلِ ، حَتّى مَضَوْا عَلَى الأَسِنَّةِ قَدَماً ، فَخَضَبُوا اللِّحاءَ (5) بِالدِّماءِ ، وَرَمَّلُوا الْوُجُوهَ بِالثَّرى (6) ، الاّ عَفَوْتَ عَمَّنْ ظَلَمَ وَأَساءَ.

يا غَوْثاهُ يا اللّهُ يا رَبَّاهُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَوىً قَدْ غَلَبَنِي ، وَمِنْ عَدُوٍّ قَدِ اسْتَكْلَبَ (7) عَلَيَّ ، وَمِنْ دُنْيا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِي ، وَمِنْ نَفْسٍ امَّارَةٍ بِالسُّوءِ الاّ ما رَحِمَ رَبِّي ، فَانْ كُنْتَ سَيِّدِي قَدْ رَحِمْتَ مِثْلِي فَارْحَمْنِي ، وَانْ كُنْتَ سَيِّدِي قَدْ قَبِلْتَ مِثْلِي فَاقْبَلْنِي.

يا مَنْ قَبِلَ السَّحَرَةَ فَاقْبَلْنِي ، يا مَنْ يُغَذِّينِي بالنِّعَمِ صَباحاً وَمَساءً ، قَدْ تَرانِي فَرِيداً وَحِيداً شاخِصاً (8) بَصَرِي مُقَلِّداً عَمَلِي ، قَدْ تَبَرَّأَ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنِّي ، نَعَمْ

ص: 128


1- الفيفي جمعه الفيافي : المفازة لا ماء فيها.
2- القفر جمعه قفار : الخلأ من الأرض لا ماء فيه ولا ناس ولا كلاء.
3- تقلقل : تحرّك.
4- كابد الأمر : قاساه وتحمّل المشاق في فعله.
5- اللحية جمعه لحي : شعر الخدّين والذقن.
6- رمل الثوب بالدم : لطخه.
7- استكلب : وثب ، تشبيه له بالكلب.
8- الشاخص : الرافع بصره.

وَأَبِي وَأُمِّي وَمَنْ كانَ لَهُ كَدِّي وَسَعْيِي.

الهِي فَمَنْ يَقْبَلُنِي وَمَنْ يَسْمَعُ نِدائِي وَمَنْ يُؤْنِسُ وَحْشَتِي وَمَنْ يُنْطِقُ لِسانِي إِذا غُيِّبْتُ فِي الثَّرى وَحْدِي ثُمَّ سَأَلْتَنِي بِما انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، فَانْ قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ ، وَانْ قُلْتُ : لَمْ افْعَلْ ، قُلْتَ :

أَلَمْ اكُنْ أُشاهِدُكَ وَأَراكَ.

يا اللّهُ يا كَرِيمَ الْعَفْوِ مَنْ لِي غَيْرُكَ ، انْ سَأَلْتُ غَيْرَكَ لَمْ تُعْطِنِي ، وَانْ دَعَوْتُ غَيْرَكَ لَمْ يُجِبْنِي ، رِضاكَ يا رَبِّ قَبْلَ لِقائِكَ ، رِضاكَ يا رَبِّ قَبْلَ نُزُولِ النيرانِ ، رِضاكَ يا رَبِّ قَبْلَ انْ تُغَلَّ الأَيْدِي الَى الأَعْناقِ ، رِضاكَ يا رَبِّ قَبْلَ انْ أُنادِي فَلا أُجابُ النِّداءَ.

يا أَحَقَّ مَنْ تَجاوَزَ وَعَفى ، وَعِزَّتِكَ لا اقْطَعُ مِنْكَ الرَّجاءَ ، وَانْ عَظُمَ جُرْمِي وَقَلَّ حَيائِي ، فَقَدْ لَزِقَ (1) بِالْقَلْبِ داءٌ لَيْسَ لَهُ دَواءٌ ، يا مَنْ لَمْ يَلُذِ اللاَّئِذُونَ بِمِثْلِهِ ، يا مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُتَعَرِّضُونَ لِاكْرَمَ مِنْهُ.

يا مَنْ (2) لَمْ تُشَدُّ الرِّحالُ الى مِثْلِهِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاشْغَلْ قَلْبِي بِعَظِيمِ شَأْنِكَ وَارْسِلْ مَحَبَّتَكَ إِلَيْهِ حَتَّى أَلْقاكَ وَأَوْداجِي تَشْخَبُ (3) دَماً ، يا واحِدُ يا اجْوَدَ الْمُنْعِمِينَ الْمُتَكَبِّرُ الْمُتَعالُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْكُكْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

الهِي قَلَّ شُكْرِي سَيِّدِي فَلَمْ تَحْرِمْنِي ، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي سَيِّدِي فَلَمْ تَفْضَحْنِي ، وَرَأَيْتَنِي عَلَى الْمَعاصِي سَيِّدِي فَلَمْ تَمْنَعْنِي وَلَمْ تَهْتِكَ سِتْرِي وَامَرْتَنِي سَيِّدِي بِالطَّاعَةِ فَضَيَّعْتُ ما بِهِ امَرْتَنِي ، فَأَيُّ فَقِيرٍ افْقَرُ مِنِّي سَيِّدِي انْ لَمْ تُغْنِنِي ، فَأَيُّ شَقِيٍّ أَشْقَى مِنِّي انْ لَمْ تَرْحَمْنِي.

فَنِعْمَ الرَّبُّ انْتَ يا سَيِّدِي وَنِعْمَ الْمَوْلى ، وَبِئْسَ الْعَبْدُ انَا يا سَيِّدِي وَجَدْتَنِي

ص: 129


1- لزق الشيء : ألصقه.
2- ويا (خ ل).
3- شخب اللبن : سال.

أَيْ رَبَّاهُ ، ها انَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُعْتَرِفٌ بِذُنُوبِي ، مُقِرٌّ بِالإِساءَةِ وَالظُّلْمِ عَلى نَفْسِي ، مَنْ انَا يا رَبِّ فَتَقْصُدُ لِعَذابِي ، امْ يَدْخُلُ فِي مَسْأَلَتِكَ انْ انْتَ رَحِمْتَنِي.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الدُّنْيا ما اسُدُّ بِهِ لِسانِي ، وَأُحَصِّنُ بِهِ فَرْجِي ، وَأُؤَدِّيَ بِهِ عَنِّي أَمانَتِي ، وَأَصِلُ بِهِ رَحِمِي ، وَاتَّجِرُ بِهِ لاخِرَتِي ، وَيَكُونُ لِي عَوْناً عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ.

وَعِزَّتِكَ يا كَرِيمُ لَأُلِحَّنَّ عَلَيْكَ ، وَلَاطْلُبَنَّ الَيْكَ ، وَلَا لأتَضَرَّعَنَّ الَيْكَ ، وَلأبْسُطَنَّها الَيْكَ ، مَعَ مَا اقْتَرَفْنا (1) مِنَ الآثامِ ، يا سَيِّدِي فَبِمَنْ أَعُوذُ وَبِمَنْ الُوذُ ، كُلُّ مَنْ اتَيْتُهُ فِي حاجَةٍ وَسَأَلْتُهُ فائِدَةً ، فَالَيْكَ يُرْشِدُنِي وَعَلَيْكَ يَدُلُّنِي ، وَفِيما عِنْدَكَ يُرَغِّبُنِي.

فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْحُجَّةِ الْقائِمِ بِالْحَقِّ صَلَواتُكَ يا رَبِّ عَلَيْهِمْ اجْمَعِينَ ، وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَكَ ، فَانَّ لَهُمْ عِنْدَكَ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا.

وتسأل حوائجك للدنيا والآخرة فإنّها تقضى ان شاء اللّه تعالى (2).

ثم تقول :

اللّهُمَّ رَبَّنا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ الْعَظِيمِ ، فالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوى ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ انْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها.

انْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَاغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ.

ص: 130


1- اقترف : اكتسب.
2- عنه البحار 97 : 330 - 335.

يا خَيْرَ مَنْ عُبِدَ وَيا اشْكَرَ مَنْ حُمِدَ ، وَيا احْلَمَ مَنْ قَهَرَ ، وَيا اكْرَمَ مَنْ قَدَرَ ، وَيا اسْمَعَ مَنْ نُودِيَ ، وَيا اقْرَبَ مَنْ نُوجِيَ ، وَيا آمَنَ مَنِ اسْتُجِيرَ ، وَيا ارْأَفَ مَنِ استُغِيثَ ، وَيا اكْرَمَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا اجْوَدَ مَنْ أَعْطى ، وَيا ارْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ قِلَّةَ حِيلَتِي ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ طَوْلاً (1) مِنْكَ ، وَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ تَفَضُّلاً.

اللّهُمَّ انِّي اطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الأَشْياءِ الَيْكَ وَهُوَ التَّوْحِيدُ ، وَلَمْ اعْصِكَ فِي اكْرَهِ الأَشْياءِ الَيْكَ وَهُوَ الشِّرْكُ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاكْفِنِي امْرَ عَدُوِّي.

اللّهُمَّ انَّ لَكَ عَدُوّاً لا يَأْلُونِي خَبالاً (2) ، بَصِيراً بِعُيُوبِي حَرِيصاً عَلى غَوايَتِي ، يَرانِي هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا أَراهُمْ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعِذْ مِنْ شَرِّ شَياطِينِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَنْفُسَنا وَأَمْوالَنا وَأَهالِينا وَأَوْلادَنا ، وَما اغْلِقَتْ عَلَيْهِ أَبْوابُنا وَما أَحاطَتْ بِهِ عَوْراتُنا.

اللّهُمَّ وَحَرِّمْنِي عَلَيْهِ كَما حَرَّمْتَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، وَباعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَما باعَدْتَ بَيْنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ ، وَأَبْعَدَ مِنْ ذلِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَمِنْ رِجْسِهِ وَنَصْبِهِ ، وَهَمْزِهِ وَلَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، وَكَيْدِهِ وَمَكْرِهِ ، وَسِحْرِهِ وَنَزْغِهِ (3) وَفِتْنَتِهِ وَغَوائِلِهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَفِي الْمَحْيا وَالْمَماتِ.

يا مُسَمِّيَ نَفْسِهِ بِالاسْمِ الَّذِي قَضى انَّ حاجَةَ مَنْ يَدْعُوهُ بِهِ مَقْضِيَّةٌ ، أَسْأَلُكَ بِهِ إِذْ لا شَفِيعَ لِي عِنْدَكَ اوْثَقُ مِنْهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا.

ص: 131


1- الطول : الفضل والعطاء.
2- الخبال : الفساد.
3- نزغه : وسوسته.

وتسأل حاجتك فإنها تقضى ان شاء اللّه تعالى (1).

ثم تقول :

اللّهُمَّ انْ ادْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ فَانْتَ مَحْمُودٌ وَانْ عَذَّبْتَنِي فَانْتَ مَحْمُودٌ ، يا مَنْ هُوَ مَحْمُودٌ فِي كُلِّ خِصالِهِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ما تَشاءُ وَانْتَ (2) مَحْمُودٌ.

إِلهِي أَتُراكَ مُعَذِّبِي وَقَدْ عَفَّرْتُ (3) لَكَ فِي التُّرابِ خَدِّي ، أَتُراكَ مُعَذِّبي وَحُبُّكَ فِي قَلْبِي ، أَما انَّكَ انْ فَعَلْتَ ذلِكَ بِي جَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمٍ طالَ ما عادَيْتُهُمْ فِيكَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ يَحِقُّ عَلَيْكَ فِيهِ الإِجابَةُ لِلدُّعاءِ إِذا دُعِيتَ بِهِ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ كُلِّ ذِي حَقٍّ عَلَيْكَ وَبِحَقِّكَ عَلى جَمِيعِ مَنْ هُوَ دُونَكَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَمَنْ أَرادَنِي اوْ أَرادَ أَحَداً مِنْ إِخْوانِي بِسُوءٍ ، فَخُذْ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ ، وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ، وَامْنَعْنِي مِنْهُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ.

اللّهُمَّ ما غابَ عَنِّي مِنْ امْرِي اوْ حَضَرَنِي ، وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسانِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلتِي انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاصْلِحْهُ لِي وَسَهِّلْهُ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا انْ نَسِينا اوْ أَخْطَأْنا ، رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا اصْراً (4) كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا انْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

ما ذا عَلَيْكَ يا رَبِّ لَوْ ارْضَيْتَ عَنِّي كُلَّ مَنْ لَهُ قِبَلِي تَبِعَةٌ (5) ، وَادْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ

ص: 132


1- عنه البحار 97 : 335.
2- فأنت (خ ل).
3- عفّر : مرّغ وجهه في التراب.
4- الإصر : الإثم والثقل.
5- تبعة : ما يترتب على الفعل من الخير أو الشر ، الاّ انّ استعماله في الشر أكثر.

بِرَحْمَتِكَ ، وَغَفَرْتَ لِي ذُنُوبِي ، فَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِلْخاطِئِينَ وَانَا مِنْهُمْ ، فَاغْفِرْ لِي خَطائِي يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ انَّكَ تَحْلُمُ عَنِ الْمُذْنِبِينَ وَتَعْفُو عَنِ الْخاطِئِينَ ، وَانَا عَبْدُكَ الْخاطِئُ الْمُذْنِبُ الْحَسِيرُ الشَّقِيُّ ، الَّذِي قَدْ افْزَعَتْنِي ذُنُوبِي وَأوبَقَتْنِي خَطايايَ ، وَلَمْ اجِدْ لَها سادّاً وَلا غافِراً غَيْرَكَ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

الهِي اسْتَعْبَدَتْنِي الدُّنْيا وَاسْتَخْدَمَتْنِي ، فَصِرْتُ حَيْرانَ بَيْنَ أَطْباقِها ، فَيا مَنْ أَحْصى الْقَلِيلَ فَشَكَرَهُ ، وَتَجاوَزَ عَنِ الْكَثِيرِ فَغَفَرَهُ ، بَعْدَ انْ سَتَرَهُ ، ضاعِفْ لِي الْقَلِيلَ فِي طاعَتِكَ وَتَقَبَّلْهُ وَتَجاوَزْ عَنِ الْكَثِيرِ فِي مَعْصِيَتِكَ فَاغْفِرْهُ ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الْعَظِيمَ الاَّ الْعَظِيمُ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعِنِّي عَلى صَلاةِ اللَّيْلِ وَصِيامِ النَّهارِ ، وَارْزُقْنِي مِنَ الْوَرَعِ ما يَحْجُزُنِي عَنْ مَعاصِيكَ ، وَاجْعَلْ عِباداتِي لَكَ أَيَّامَ حَياتِي ، وَاسْتَعْمِلْنِي أَيَّامَ عُمْرِي بِعَمَلٍ تَرْضى بِهِ عَنِّي ، وَزَوِّدْنِي مِنَ الدُّنْيا التَّقْوى ، وَاجْعَلْ لِي فِي لِقائِكَ خَلَفاً (1) مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيا ، وَاجْعَلْ ما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي دَرَكاً (2) لِما مَضى مِنْ اجَلِي.

ايْقَنْتُ انَّكَ انْتَ ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ ، وَأَشَدُّ الْمُعاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ ، وَاعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ ، فَاسْمَعْ يا سَمِيعُ مِدْحَتِي ، وَاجِبْ يا رَحِيمُ دَعْوَتِي ، وَاقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتِي.

فَكَمْ يا الهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها ، وَغَمْرَةٍ قَدْ كَشَفْتَها ، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها ، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها ، وَحَلْقَةِ بَلاءٍ قَدْ فَكَكْتَها ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا انْ هَدانا اللّهُ.

اللّهُمَّ وَانِّي اشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، فَاشْهَدْ لِي بِأَنِّي اشْهَدُ انَّكَ انْتَ

ص: 133


1- خلفاً - بالتحريك - أي عوضاً عظيماً في الدنيا والآخرة.
2- دركاً : تبعاً.

اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ انْتَ رَبِّي ، وَانَّ مُحَمَّداً رَسُولُكَ نَبِيّي ، وَانَّ الدِّينَ الَّذِي شَرَعْتَ لَهُ دِينِي ، وَانَّ الْكِتابَ الَّذِي انْزَلْتَ عَلَيْهِ كِتابِي ، وَانَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِب إِمامِي ، وَانَّ الأَئِمَّةَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَئِمَّتِي.

اللّهُمَّ انّي اشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، فَاشْهَدْ لِي بِأَنَّكَ انْتَ اللّهُ الْمُنْعِمُ عَلَيَّ لا غَيْرُكَ ، لَكَ الْحَمْدُ بِنِعْمَتِكَ تَتِمُّ الصَّالِحاتُ.

لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ وَسُبْحانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، وَتَبارَكَ اللّهُ وَتَعالى ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَلا مَلْجَأَ وَلا مَنْجا مِنَ اللّهِ الاّ إِلَيْهِ ، عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَعَدَدَ كَلِماتِ رَبِّي الطَّيِّباتِ الْمُبارَكاتِ ، صَدَقَ اللّهُ وَبَلَّغَ الْمُرْسَلُونَ وَنَحْنُ عَلَى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ النُّورَ فِي بَصَرِي ، وَالنَّصِيحَةَ في صَدْرِي ، وَذِكْرَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ عَلى لِسانِي ، وَمِنْ طَيِّبِ رِزْقِكَ الْحَلالِ غَيْرَ مَمْنُونٍ وَلا مَحْظُورٍ فَارْزُقْنِي.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَعِيشَةِ مَعِيشَة أَقْوَى بِها عَلَى جَمِيعِ حاجاتِي ، وَأَتَوَسَّلُ بِها فِي الْحَياةِ الى آخِرَتِي ، مِنْ غَيْرِ انْ تُتْرِفَنِي (1) فِيها فَاشْقَى ، وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ ، وَافِضْ عَلَيَّ مِنْ سَيْبِ (2) فَضْلِكَ ، نِعْمَةً مِنْكَ سابِغَةً وَعَطاءً غَيْرَ مَمْنُونٍ ، وَلا تَشْغَلْنِي فِيها عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ بِإِكْثارٍ مِنْها فَتُلْهِينِي (3) عَجائِبُ بَهْجَتِهِ ، وَتُفْتِنُنِي زَهَراتُ زِينَتِهِ ، وَلا بِإِقْلالٍ مِنْها فَيَقْصُرُ بِعَمَلِي كُدُّهُ ، وَيَمْلأُ صَدْرِي هَمُّهُ ، بَلْ اعْطِنِي مِنْ ذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ ، وَبَلاغاً أَنالُ بِهِ رِضْوانَكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ أَهْلِها (4) وَشَرِّ ما فِيها ، وَلا تَجْعَلِ

ص: 134


1- تترفني : تنعمني.
2- السيب : الفضل.
3- تلهيني : تشغلني.
4- ومن شر أهلها (خ ل).

الدُّنْيا عَلَيَّ سِجْناً ، وَلا تَجْعَلْ فِراقَها لِي حُزْناً ، اجِرْنِي مِنْ فِتْنَتِها ، وَاجْعَلْ عَمَلِي فيها مَقْبُولاً ، وَسَعْيِي فِيها مَشْكُوراً ، حَتّى أَصِلَ بِذلِكَ الى دارِ الْحَيَوانِ وَمَساكِنِ الأَخْيارِ.

اللّهُمَّ وَانِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَزْلِها (1) وَزِلْزالِها وَسَطَواتِ سُلْطانِها وَمِنْ شَرِّ شَياطِينَها وَبَغْي مَنْ بَغَى عَلَيَّ فِيها ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاعْصِمْنِي بِالسَّكِينَةِ ، وَالْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ ، وَاجِنَّنِي فِي سِتْرِكَ الْواقِي وَاصْلِحْ لِي حالِي ، وَبارِكْ لِي فِي اهْلِي وَوَلَدِي وَمالِي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَطَهِّرْ قَلْبِي وَجَسَدِي ، وَزَكِّ عَمَلِي ، وَاقْبَلْ سَعْيِي ، وَاجْعَلْ ما عِنْدَكَ خَيْراً لي ، سَيِّدِي أَنَا مِنْ حُبِّكَ جائِعٌ لا اشْبَعُ ، انَا مِنْ حُبِّكَ ظَمْآنٌ لا أَرْوى ، وا شَوْقاهُ الى مَنْ يَرانِي وَلا أَراهُ.

يا حَبِيبَ مَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْهِ ، يا قُرَّةَ عَيْنِ مَنْ لاذَ بِهِ وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ ، قَدْ تَرى وَحْدَتِي مِنَ الآدَمِيِّينَ وَوَحْشَتِي ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي وَآنِسْ وَحْشَتِي وَارْحَمْ وَحْدَتِي وَغُرْبَتِي.

اللّهُمَّ انَّكَ عالِمٌ بِحَوائِجِي غَيْرُ مُعَلَّمٍ ، واسِعٌ لَها غَيْرُ مُتَكَلِّفٍ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي ما انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنِّي مِنْ امْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي.

اللّهُمَّ عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ، يا اهْلَ التَّقْوى وَاهْلَ الْمَغْفِرَةِ.

اللّهُمَّ انَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي ، وَسِتْرَكَ عَلى قَبِيحِ عَمَلِي ، وَحِلْمَكَ عَنْ كَبِيرِ جُرْمِي ، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطايَ وَعَمْدِي ، اطْمَعَنِي فِي انْ أَسْأَلَكَ ما لا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ ، الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَارَيْتَنِي مِنْ قُدْرَتِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ.

فَصِرْتُ ادْعُوكَ آمِناً وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً ، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً ، مُدِلًّا (2) عَلَيْكَ

ص: 135


1- أزلها : ضيقها.
2- تدلّل عليه : انبسط واجترء.

فِيما قَصَدْتُ فِيهِ الَيْكَ ، فَانْ ابْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ عَلَيْكَ بِجَهْلِي ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الأُمُورِ.

فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً اصْبَرَ عَلَى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ ، انَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّىَ عَنْكَ ، وَتَتَحَبَّبُ الَيَّ فَاتَبَغَّضُ الَيْكَ ، وَتَتَوَدَّدُ الَيَّ فَلا اقْبَلُ مِنْكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِي وَالإِحْسانِ الَيَّ وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ ، وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ ، انَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ ، ايْ جَوادُ أَيْ كَرِيمُ (1).

ثم تقول :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمُ ، بِسْمِ اللّهِ بِسْمِ اللّهِ ، بِسْمِ عالِمِ الْغَيْبِ ، بِسْمِ مَنْ لَيْسَ فِي وَحْدانِيَّتِهِ شَكٌّ وَلا رَيْبٌ ، بِسْمِ مَنْ لا فَوْتَ عَلَيْهِ وَلا رَغْبَةَ الاّ إِلَيْهِ ، بِسْمِ الْمَعْلُومِ غَيْرِ الْمَحْدُودِ وَالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمَوْصُوفِ ، بِسْمِ مَنْ أَماتَ وَأَحْيى ، بِسْمِ مَنْ لَهُ الآخِرَةُ وَالأُولى ، بِسْمِ الْعَزِيزِ الأَعَزِّ ، بِسْمِ الْجَلِيلِ الأَجَلِّ.

بِسْمِ الْمَحْمُودِ غَيْرِ الْمَحْمُودِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ عَلَى السَّراءِ وَالضَّراءِ ، بِسْمِ الْمَذْكُورِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ ، بِسْمِ الْمُهَيْمِنِ (2) الْجَبَّارِ ، بِسْمِ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ ، بِسْمِ الْعَزِيزِ مِنْ غَيْرِ تَعَزُّزٍ وَالْقَدِيرِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّرٍ ، بِسْمِ مَنْ لَمْ يَزَلْ وَلا يَزُولُ ، بِسْمِ اللّهِ الَّذِي لا إِلهَ الاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ(3).

ثم تقول :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاصْلِحْنِي قَبْلَ الْمَوْتِ ، وَارْحَمْنِي عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَاغْفِرْ لِي بَعْدَ الْمَوْتِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاحْطُطْ عَنَّا أَوْزارَنا بِالرَّحْمَةِ ، وَارْجِعْ بِمُسِيئَنا (4) الَى التَّوْبَةِ.

ص: 136


1- عنه البحار 97 : 336 - 339.
2- المهيمن : المؤمن ، المؤتمن ، أو الشاهد ، أو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم.
3- عنه البحار 97 : 339.
4- مسيئنا ، بِمشيتنا (خ ل).

اللّهُمَّ انَّ ذُنُوبِي قَدْ كَثُرَتْ وَجَلَّتْ عَنِ الصِّفَةِ ، وَإِنَّها صَغِيرَةٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاعْفُ عَنِّي ، اللّهُمَّ انْ كُنْتَ ابْتَلَيْتَنِي فَصَبِّرْنِي وَالْعافِيَةُ أَحَبُّ الَيَّ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَحَسِّنْ ظَنِّي بِكَ وَحَقِّقْهُ ، وَبَصِّرْ فِعْلِي ، وَاعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ امَلِي وَلا تُجازِنِي بِسُوءِ عَمَلِي فَتُهْلِكَنِي ، فَانَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاتِ مَنْ اذْنَبَ وَقَصَّرَ وَعانَدَ ، وَأَتاكَ عائِذاً بِفَضْلِكَ ، هارِباً مِنْكَ الَيْكَ ، مُتَنَجِّزاً ما (1) وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ احْسَنَ بِكَ ظَنّاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي وَالْجِلْدُ بارِكٌ (2) وَالنَّفْسُ دائِرٌ ، وَاللِّسانُ مُنْطَلِقٌ ، وَالصُّحُفُ مُنَشَّرَةٌ ، وَالْأَقْلامُ جارِيَةٌ ، وَالتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ ، وَالتَّضَرُّعُ مَرْجُوٌّ ، قَبْلَ انْ لا اقْدِرَ عَلَى اسْتِغْفارِكَ حِينَ يَفْنى الأَجَلُ وَيَنْقَطِعُ الْعَمَلُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتَوَلَّنا وَلا تُوَلِّنا غَيْرَكَ ، اسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفاراً لا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ وَلا يَنْظُرُ أَمَدَهُ الاّ الْمُسْتَغْفِرُ بِهِ ، وَلا يَدْرِي ما وَراءَهُ ، وَلا وَراءَ ما وَراءَهُ ، وَالْمُرادَ بِهِ احَدٌ سِواهُ.

اللّهُمَّ انِّي اسْتَغْفِرُكَ لِما وعَدْتُكَ مِنْ نَفْسِي ثُمَّ اخْلَفْتُكَ ، وَاسْتَغْفِرُكَ لِما تُبْتُ الَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فيهِ ، وَاسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ خَيْرٍ ارَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ ثُمَّ خالَطَنِي فِيهِ ما لَيْسَ لَكَ ، وَاسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ انْعَمْتَ بِها عَلَيَّ ثُمَّ قَويتُ بِها عَلى مَعْصِيَتِكَ (3).

دعاء آخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا دخل شهر رمضان يقول :

اللّهُمَّ انَّهُ قَدْ دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ ، اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فيهِ

ص: 137


1- مستجيراً بما ، مستنجزاً (خ ل).
2- الجلد بارد (خ ل) ، أقول : برك بروكاً : اجتهد ، الجلد بارد : أي وما عرضت عليه بعد السخونة وهي الحمى فإنّها بريد الموت عندهم.
3- عنه البحار 97 : 339.

الْقُرْآنَ وَجَعَلْتَهُ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانَ ، اللّهُمَّ فَبارِكْ لَنا فِي شَهْرِ رَمَضانَ ، وَأَعِنَّا عَلى صِيامِهِ وَصَلاتِهِ وَتَقَبَّلْهُ مِنّا (1).

فصل (15): فيما نذكره من دعاء الافتتاح وغيره من الدعوات الّتي تتكرر كلّ ليلة إلى آخر شهر الفلاح

فمن ذلك الدعاء الّذي ذكره محمد بن أبي قرّة بإسناده فقال : حدّثني أبو الغنائم محمّد بن محمّد بن محمّد بن عبد اللّه الحسني قال : أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكوني رضي اللّه عنه ، قال :

سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه اللّه ان يخرج إلىّ أدعية شهر رمضان التي كان عمّه أبو جعفر محمد بن عثمان بن السعيد العمري رضي اللّه عنه وأرضاه يدعو بها ، فاخرج اليّ دفتراً مجلداً بأحمر ، فنسخت منه أدعية كثيرة وكان من جملتها :

وتدعو بهذا الدّعاء في كلّ ليلة من شهر رمضان ، فانّ الدعاء في هذا الشهر تسمعه الملائكة وتستغفر لصاحبه ، وهو :

اللّهُمَّ انِّي افْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ وَانْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ ، وَايْقَنْتُ انَّكَ ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ ، وَأَشَدُّ الْمُعاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ ، وَاعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ.

اللّهُمَّ اذِنْتَ لِي فِي دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ ، فَاسْمَعْ يا سَمِيعُ مِدْحَتِي ، وَاجِبْ يا رَحِيمُ دَعْوَتِي ، وَاقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتِي ، فَكَمْ يا الهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها ، وَهُمُومٍ (2) قَدْ كَشَفْتَها ، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها ، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها ، وَحَلْقَةِ بَلاءٍ قَدْ فَكَكْتَها.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، الْحَمْدُ لِلَّهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى

ص: 138


1- عنه البحار 97 : 340.
2- غموم (خ ل).

جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا مُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ وَلا مُنازِعَ لَهُ فِي امْرِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلا شَبِيهَ (1) لَهُ فِي عَظَمَتِهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفاشِي فِي الْخَلْقِ امْرُهُ وَحَمْدُهُ ، الظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدُهُ ، الَّذِي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ (وَلا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ الاّ جُوداً وَكَرَماً) (2) انَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٌ ، وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ.

اللّهُمَّ انَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي وَسِتْرَكَ عَلى قَبِيحِ عَمَلِي (3) وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ (4) جُرْمِي عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطايِ وَعَمْدِي ، اطْمَعَنِي فِي انْ أَسْأَلَكَ ما لا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ وَارَيْتَنِي مِنْ قُدْرَتِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ.

فَصِرْتُ ادْعُوكَ آمِناً وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً ، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً ، مُدِلًّا عَلَيْكَ فِيما قَصدْتُ فِيهِ (5) الَيْكَ ، فَانْ أَبْطَأ عَنِّي (6) عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الأُمُورِ.

فَلَمْ أَرَ مَوْلىً (7) كَرِيماً اصْبَرَ عَلى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ ، انَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّى عَنْكَ وَتَتَحَبَّبُ الَيَّ فَأَتَبَغَّضُ الَيْكَ وَتَتَوَدَّدُ الَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ (8) ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِي وَالإِحْسانِ الَيَّ وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ ،

ص: 139


1- شبه (خ ل).
2- ليس في بعض النسخ.
3- عن قبيح عملي ، عليّ قبيح عملي (خ ل).
4- كبير (خ ل).
5- به (خ ل).
6- أبطأ عليّ (خ ل).
7- مؤمّلاً (خ ل).
8- ثم لم يمنعك (خ ل).

انَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ مالِكِ الْمُلْكِ مُجْرِي الْفُلْكِ مُسَخِّرِ الرِّياحِ فالِقِ الإِصْباحِ دَيّانِ الدِّينِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ (1) عَلَى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى طُولِ أَناتِهِ فِي غَضَبِهِ وَهُوَ الْقادِرُ عَلى ما يُرِيدُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ خالِقِ الْخَلْقِ باسِطِ الرِّزْقِ (2) ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَالْفَضْلِ وَالإِنْعامِ (3) ، الَّذِي بَعُدَ فَلا يُرى وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى تَبارَكَ وَتَعالى ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ وَلا شَبِيهٌ يُشاكِلُهُ وَلا ظَهِيرٌ (4) يُعاضِدُهُ ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الأَعِزَّاءَ وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنادِيهِ ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وَانَا اعْصِيهِ ، وَيُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا أُجازِيهِ ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَدْ أَعْطانِي ، وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَةٍ قَدْ كَفانِي ، وَبَهْجَةٍ مُونِقَةٍ قَدْ أَرانِي ، فَاثْنِي عَلَيْهِ حامِداً وَأذْكُرُهُ مُسَبِّحاً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ وَلا يُغْلَقُ بابُهُ ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُؤْمِنُ الْخائِفِينَ وَيُنَجِّي الصَّالِحِينَ وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قاصِمِ الْجَبَّارِينَ ، مُبِيرِ (5) الظَّالِمِينَ (6) ، مُدْرِكِ الْهارِبِينَ ، نَكالِ الظَّالِمِينَ ، صَرِيخِ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبِينَ ، مُعْتَمَدِ المُؤْمِنِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكَّانُها وَتَرْجُفُ (7) الأَرْضُ وَعُمَّارُها وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها (8).

ص: 140


1- في المواضع الثلاثة : والحمد لله (خ ل).
2- باسط الرزق فالق الإصباح (خ ل).
3- التفضّل والانعام (خ ل) ، الإحسان (خ ل).
4- شبه ، ظهر (خ ل).
5- المبير : المهلك.
6- ينجي الصادقين (خ ل) ، يضع المستكبرين (خ ل) ، مبير الظلمة (خ ل).
7- رجف : تحرّك.
8- زيادة : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدينا اللّه (خ ل).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ ، وَيَرْزُقُ وَلَمْ يُرْزَقْ ، وَيُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ، وَيُمِيتُ الأَحْياءَ وَيُحْيِي الْمَوْتى ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَأَمِينِكَ وَصَفيِّكَ وَحَبِيبِكَ (1) ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَحافِظِ سِرِّكَ ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ (2) ، افْضَلَ وَاحْسَنَ وَاجْمَلَ ، وَاكْمَلَ وَأَزْكَى وَأَنْمى ، وَاطْيَبَ وَاطْهَرَ وَأَسْنى ، وَاكْثَرَ (3) ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ (4) وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَاهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ (عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ وَآيَتِكَ الْكُبْرى وَالنَّبَإِ الْعَظِيمِ) (5) ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ وَإِمامَيِ الْهُدى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اهْلِ الْجَنَّةِ ، وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَالْخَلَفِ الْمَهْدِيِّ ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَأُمَنائِكَ فِي بِلادِكَ صَلاةً كَثِيرَةً دائِمَةً.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ امْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ وَحُفَّةُ (6) بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ

ص: 141


1- خليلك (خ ل).
2- رسالتك (خ ل).
3- أكبر (خ ل).
4- خلقك (خ ل).
5- ليس في بعض النسخ.
6- احففه (خ ل).

الى كِتابِكَ وَالْقائِمِ بِدِينِكَ ، (وَ) (1) اسْتَخْلِفْهُ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفْتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ ، مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ ، أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ امْناً يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً.

اللّهُمَّ اعِزَّهُ وَاعْزِزْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً (2) ، اللّهُمَّ اظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِي بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.

اللّهُمَّ انَّا نَرْغَبُ الَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ ، تُعِزُّ بِها الإِسْلامَ وَاهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالْقادَةِ الى سَبِيلِكَ ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، اللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ (3).

اللّهُمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا (4) ، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا (5) ، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا ، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا ، وَأَعِزَّ (6) بِهِ ذِلَّتَنا ، وَاغْنِ بِهِ عائِلَنا ، وَاقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرِمِنا ، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا ، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا ، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرِنا ، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا ، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا ، وَانْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا ، وَانْجِزْ بِهِ مَواعِيدَنَا ، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا ، وَأَعْطِنا بِهِ آمالَنا (7) ، وَاعْطِنَا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا.

يا خَيْرَ الْمَسْؤُولِينَ وَاوْسَعَ الْمُعْطِينَ ، اشْفِ بِهِ صُدُورَنا ، وَاذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا ، وَاهْدِنا بِهِ لِما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِاذْنِكَ ، انَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ إِلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ.

ص: 142


1- ليس في بعض النسخ.
2- وافتح له فتحاً يسيراً (مبيناً) واجعل له من لدنك سلطانك نصيراً (خ ل).
3- واهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك ، انّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (خ ل).
4- شعث الشيء : فرّقه.
5- الصدع : الشق في شيء صلب.
6- أعزز (خ ل).
7- أعطنا به سؤلنا وبلغنا به من الدنيا والآخرة آمالنا (خ ل).

اللّهُمَّ انَّا نَشْكُو الَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَغَيْبَةَ إِمامِنا (1) وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا (2) ، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنا وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) وَأَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ تُعَجِّلُهُ (4) ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها ، وَعافِيَةٍ تُلْبِسُناها ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (5)

دعاء آخر في كلّ ليلة منه :

اللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ فِي الصَّالِحِينَ فَادْخِلْنا ، وَفِي عِلِّيِّينَ فَارْفَعْنا ، وَبِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ مِنْ عَيْنٍ سَلْسَبِيلٍ فَاسْقِنا ، وَمِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِرَحْمَتِكَ فَزَوِّجْنا ، وَمِنَ الْوِلْدانِ الْمُخَلَّدِينَ ، كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤُ مَكْنُونٌ فَاخْدِمْنا ، وَمِنْ ثِمارِ الْجَنَّةِ وَلُحُومِ الطَّيْرِ فَاطْعِمْنا ، وَمِنْ ثِيابِ السُّنْدُسِ وَالْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ فَأَلْبِسْنا ، وَلَيْلَةَ الْقَدْرِ وَحَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَقَتْلاً فِي سَبِيلِكَ فَوَفِّقْ لَنا ، وَصالِحِ الدُّعاءِ وَالْمَسْأَلَةِ فَاسْتَجِبْ لَنا.

يا خالِقَنا اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ لَنا ، وَإِذا جَمَعْتَ الأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَارْحَمْنا ، وَبَراءَةً مِنَ النَّارِ فَاكْتُبْ لَنا ، وَفِي جَهَنَّمَ فَلا تَغُلَّنا ، وَفِي عَذابِكَ وَهَوانِكَ فَلا تَبْتَلِنا ، وَمِنَ الزَّقُّومِ وَالضَّرِيعِ فَلا تُطْعِمْنا ، وَمَعَ الشَّياطِينِ فَلا تَجْمَعْنا ، وَفِي النَّارِ عَلى وُجُوهِنَا فَلا تَكُبَّنا ، (6) وَمِنْ ثِيابِ النَّارِ وَسَرابِيلِ الْقَطِرانِ فَلا تُلْبِسْنا ، وَمِنْ كُلِّ سُوءٍ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ بِحَقِّ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ فَنَجِّنا.

دعاء آخر في كل ليلة من الشهر :

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه (7) قال : أخبرنا أبي ، عن سعد بن

ص: 143


1- ولينا (خ ل).
2- وقلة عددنا (خ ل).
3- آله (خ ل).
4- بفتح منك تعجله (خ ل).
5- رواه في المصباح 2 : 577 - 582.
6- كبّ الإناء ، قلبه على رأسه.
7- أبي جعفر محمد بن قولويه (خ ل).

عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن بعض آل محمد عليه وعليهم السلام انّه قال : من قال هذا الدعاء في كلّ ليلة من شهر رمضان غفرت له ذنوب أربعين سنة :

اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، وَافْتَرَضْتَ عَلى عِبادِكَ فِيهِ الصِّيامَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، وَاغْفِرْ لِي تِلْكَ الذُّنُوبَ الْعِظامَ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ يا رَحْمنُ يا عَلاَّمُ (1).

دعاء آخر في كل ليلة منه :

رويناه بإسنادنا إلى ابن بابويه يرفعه إلى الصادقعليه السلام في الدعاء في كلّ ليلة من شهر رمضان:

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ (2) فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ [وَفِيما تُفْرَقُ] (3) مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ ، فِي الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ (مِنَ الأَمْرِ الْمَحْتُومِ فِي الأَمْرِ الْحَكِيمِ (4) ، فِي الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَ) (5) انْ تُطِيلَ عُمْرِي [وَانْ تُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي وَانْ تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ] (6) (7).

دعاء آخر في كل ليلة منه :

ص: 144


1- رواه الصدوق في الهداية مرسلاً عن الصادق (عليه السلام) ، عنه البحار 96 : 311 ، وليس فيه : «يا علام».
2- ان تجعل (خ ل).
3- من الفقيه.
4- في ليلة القدر (خ ل).
5- ليس في الفقيه ، وفيه : ان تمدّ لي في عمري.
6- من الفقيه.
7- ذكره الصدوق في الفقيه 2 : 162 ، أقول : أورده الصدوق في سياق أدعية ليالي العشر الأواخر وفي أدعية ليلة الثالثة منه.

نرويه بإسنادنا إلى ابن أبي عمير بإسناده إلى الصادق عليه السلام قال : الدّعاء في شهر رمضان في كلّ ليلة منه ، تقول هذا الدعاء :

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ انْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ فِي الْأَمْرِ الْحَكِيمِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَانْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، انْ تُطِيلَ عُمْرِي فِي خَيْرٍ وَعافِيَةٍ ، وَتُوَسِّعَ فِي رِزْقِي ، وَتَجْعَلَنِي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي (1).

فصل (16): فيما نذكره من الدعوات المنقولات الّتي تختصّ بأوّل ليلة منه ، من جملة الفصول الثلاثين

وهي عدّة روايات :

منها: بإسناد ابن أبي قرّة إلى الصادق عليه السلام قال : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فقل :

اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ مُنْزِلَ الْقرْآنِ ، هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَجَعَلْتَ فِيهِ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنا صِيامَهُ وَأَعِنَّا عَلى قِيامِهِ ، اللّهُمَّ سَلِّمْهُ لَنا وَسَلِّمْنا مِنْهُ وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَمُعافاةٍ (2).

وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ ، وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فِي الْقَضاءِ الْمُبْرَمِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، انْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ انْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ الرِّزْقِ الْحَلالِ (3).

ص: 145


1- أورده الكليني في الكافي 4 : 161 مع اختلافات ، والشيخ في التهذيب 3 : 102 ، وفي مصباحه : 630.
2- عافية (خ ل) ، معافاتك (خ ل).
3- رواه الكليني في الكافي 4 : 71 مع اختلاف ، عنه الوسائل 10 : 322.

دعاء آخر في هذه الليلة :

رواه ابن أبي قرّة بإسناده إلى الصادق عليه السلام قال : إذا حضر شهر رمضان فقل :

اللّهُمَّ قَدْ حَضَرَ شَهْرُ رَمَضانَ ، وَقَدِ افْتَرَضْتَ عَلَيْنا صِيامَهُ ، وَانْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِنَّا عَلَى صِيامِهِ ، وَتَقَبَّلْهُ مِنَّا ، وَسَلِّمْنا مِنْهُ وَتَسلَّمْهُ مِنَّا ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ (1) ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

رواية أخرى : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يدعو أوّل ليلة من شهر رمضان بهذا الدعاء :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنا بِكَ أَيُّها الشَّهْرُ الْمُبارَكُ ، اللّهُمَّ فَقَوِّنا عَلى صِيامِنا وَقِيامِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرينَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ الْواحِدُ فَلا وَلَدَ لَكَ ، وَانْتَ الصَّمَدُ فَلا شِبْهَ لَكَ ، وَانْتَ الْعَزِيزُ فَلا يُعِزُّكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الْغَنِيُّ وَأَنا الْفَقِيرُ ، وَانْتَ الْمَوْلى وَأَنا الْعَبْدُ ، وَانْتَ الْغَفُورُ وَانَا الْمُذْنِبُ ، وَانْتَ الرَّحِيمُ وَأَنا الْمُخْطِئُ ، وَانْتَ الْخالِقُ وَأَنا الْمَخْلُوقُ ، وَانْتَ الْحَيُّ وَأَنا الْمَيِّتُ ، أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ انْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَتَجاوَزَ عَنِّي ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3).

رواية أخرى في الليلة الأولى منه ، وجدناها في كتب الدعوات :

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ الْمِسْكِينِ الْمُسْتَكِينِ ، وَأَبْتَغِي الَيْكَ ابْتِغاءَ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، وَأَتَضَرَّعُ الَيْكَ تَضَرُّعَ الضَّعِيفِ الضَّرِيرِ ، وَابْتَهِلُ الَيْكَ ابْتِهالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ.

وَأَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ نَفْسُهُ ، وَذَلَّتْ لَكَ رَقَبَتُهُ ، وَرَغَمَ لَكَ انْفَهُ

ص: 146


1- في يسر وعافية (خ ل).
2- رواه الكليني في الكافي 4 : 74 في أدعية كل يوم من شهر رمضان ، عنه الوسائل 10 : 325.
3- عنه المستدرك 7 : 446.

وَعَفَّرَ (1) لَكَ وَجْهَهُ ، وَسَقَطَتْ لَكَ ناصِيَتُهُ ، وَهَمَلَتْ (2) لَكَ دُمُوعُهُ ، وَاضْمَحَلَّتْ عَنْهُ حِيلَتُهُ ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ حُجَّتُهُ ، وَضَعُفَتْ عَنْهُ قُوَّتُهُ ، وَاشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَعَظُمَتْ نِدامَتُهُ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمِ الْمُضْطَرَّ الَيْكَ الْمُحْتاجَ الى رَحْمَتِكَ بِحَقِّكَ الْعَظِيمِ.

يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِكافَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَاعْطِنِي فِي مَجْلِسِي هذا فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الْمُفَضَّلِ ، وَاعْطِنِي مِنْ خَزائِنِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي اهْلِي وَمالِي وَجَمِيعِ ما رَزَقْتَنِي.

وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا فِي اوْسَعِ السَّعَةِ وَاسْبَغِ النَّفَقَةِ ، وَاجْعَلْ ذلِكَ مَبْرُوراً مَقْبُولاً خالِصاً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ.

ثُمَّ ارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي كُلِّ عامٍ ما ابْقَيْتَنِي وَادْرِرْ (3) عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ فِي سَعَةٍ مِنْ فَضْلِكَ وَزِيادَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ وَتَمامٍ مِنْ نِعْمَتِكَ وَكَمالٍ مِنْ مُعافاتِكَ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، اكْفِنِي مَؤُونَةَ نَفْسِي وَاهْلِي وَعِيالِي وَمَؤُونَةَ مَنْ يُؤْذِينِي وَتِجارَتِي (4) وَغُرَمائِي وَجَمِيعِ ما أُحاذِرُ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ خَلْقِكَ اجْمَعِينَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَشَرَّ الصَّواعِقِ وَالْبَرَدِ ، وَشَرَّ كُلِّ دابَّةٍ انْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، انَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَهَبْ لِي حَقَّكَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَهَبْ لِي حَقَّكَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

ص: 147


1- عفّر : مرّغ وجهه في التراب.
2- هملت عينه : فاضت دموعاً.
3- ادرر : أكثر وأوسع.
4- تجّاري (خ ل).

وَهَبْ لِي حَقَّكَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ لِي فِيما آتَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ - وتدعو وتسأل حوائجك. (1)

فصل (17): فيما نذكره ممّا يعمل كلّ ليلة من الشهر ، للظّفر بليلة القدر

اعلم انّني أقول :

انّ طلب معرفة ليلة القدر من مهمّات ذوي الألباب (2) ، حيث لم أجد في المعقولات والمنقولات ما يمنع من طلب معرفتها ، والظّفر بما فيها من السّعادات.

ولقد قلت لبعض من حدّثته من الأعيان : لأيّ سبب ما تطلبون من أوّل شهر رمضان في الدّعوات ان يعرّفكم اللّه جلّ جلاله بليلة القدر ، فان اللّه جلّ جلاله قد جعلكم أهلا لمعرفته جلّ جلاله ، ومعرفة رسوله صلوات اللّه عليه ، ومعرفة خاصّته ، وليست ليلة القدر أعظم ممّا قد أشرت إليه من المعارف ، فلم نجد له عذرا يعذر به من ترك طلب هذه السّعادة إلاّ اتّباع العادة ، في انّهم ما وجدوا من يهتمّ بهذا المطلب الجليل فقلّدوهم ومضوا على ذلك السبيل.

ثمّ قلت : وقد عرفتم انّه لو قال من يعلم صدقه في مقاله لفقير محتاج إلى إصلاح حاله : انَّ في ثلاثين ذراعا ذراعا ، فيه مطلب يغني كلّ فقير ويجبر كلّ كسير ، ولا يفني على كثرة الإنفاق ، فإنّه كان يجتهد من معرفة ذلك الذّراع ويستعين بأهل الوفاق ، ويطوف في معرفته ما يقدر على تطوافه في الآفاق ، فهذه ليلة القدر ، ليلة من جملة ثلاثين ، ليلة من شهر الصّيام ، فلأيّ حال لا يكون الاهتمام بتحصيلها من أعظم الاهتمام.

أقول : وقد ذكر الشّيخ أبو جعفر الطّوسي في تفسير «انَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» في كتاب التبيان ما هذا لفظه :

ص: 148


1- مرّ هذا الدعاء في أدعية نوافل شهر رمضان.
2- في النسخ : العبادات ، ما أثبتناه هو الظاهر.

وليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان بلا خلاف ، وهي ليلة الافراد بلا خلاف ، وقال أصحابنا : هي إحدى اللَّيلتين : أمّا ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ، وجوّز قوم ان يكون سائر ليالي الافراد : إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين. (1)

قلت : وإذا كان الأمر كما ذكره انّها في الأواخر وانّها في المفردات منها ، فقد صارت ليلة القدر في إحدى خمس ليال المذكورة ، فما ذا يمنع من الاهتمام بكلّ طريق مشكورة في تحصيل ليلة القدر باللّه جلّ جلاله في هذه الخمس ليال مذكورة ، وأي عذر في إهمال ذلك وهو من الضرورة.

أقول : ولو لا إذن اللّه جلّ جلاله في التّعريف بها والتّعرض لها ما كانت الأخبار واردة بالتّوصل في طلبها.

فمن ذلك ما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتاب أماليه فقال ما هذا لفظه : قال رجل لأبي جعفر عليه السلام : يا بن رسول اللّه كيف أعرف ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان كلّ ليلة مأة مرّة ، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين ، فإنّك ناظر إلى تصديق الّذي سئلت عنه (2).

وقال : عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انّه قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرء كلّ ليلة «انّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ألف مرّة ، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين ، فاشدد قلبك وافتح أذنيك لسماع العجائب ما ترى. (3)

أقول : وقد كنت أجد الرّوايات متظاهرات بتعظيم هذه الثّلاث ليال المفردات : ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فربّما اعتقدت انّ تعظيمها لمجرّد احتمال ان تكون واحدة منها ليلة القدر ، ثمّ وجدت في الاخبار انّ كلّ ليلة من هذه الثلاث ليال المذكورة فيها أسرار لله جلّ جلاله وفوائد لعباده مذخورة.

ص: 149


1- التبيان 10 : 385.
2- رواه الصدوق في الأمالي : 520 ، رواه الكليني في الكافي 1 : 196 ، عنه الوسائل 10 : 362.
3- رواه الصدوق في الأمالي : 520.

فمن ذلك ما رويته بإسنادي إلى الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني فيما رواه في كتاب الصّوم من كتاب الكافي فقال بإسناده عن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : التقدير في ليلة تسع عشرة ، والإبرام في ليلة إحدى وعشرين ، والإمضاء في ليلة ثلاث وعشرين. (1)

وروى ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في ذلك ما هذا لفظه : وقال الصادق عليه السلام : في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير ، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء ، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها ، ولله عزّ وجلّ ان يفعل ما يشاء في خلقه. (2)

وسوف يوجد في الاخبار انّ مولانا زين العابدين صلوات اللّه عليه كان يتصدّق كلّ يوم من شهر الصيام بدرهم ، رجاء ان يظفر بالصدقة في ليلة القدر.

كما رويناه ورأيناه في كتاب علي بن إسماعيل الميثمي في كتاب أصله عن علي بن الحسينعليهما السلام: كان إذا دخل شهر رمضان تصدّق في كلّ يوم بدرهم ، فيقول : لعلّي أصيب ليلة القدر. (3)

أقول : اعلم انّ مولانا زين العابدين عليه السلام كان اعرف أهل زمانه بليلة القدر ، وهو صاحب الأمر في ذلك العصر والمخصوص بالاطّلاع على ذلك السر.

ولعلّ المراد بصدقته كلّ يوم من الشّهر ليقتدي به من لم يعلم ليلة القدر في فعل الصدقات والقربات كلّ يوم من شهر رمضان ، ليظفر بليلة القدر ويصادفها بالصّدقة وفعل الإحسان.

أقول : ولعلّ مراد مولانا علي بن الحسين عليهما السلام إظهار أن يتصدّق كلّ يوم بدرهم ، ليستر عن الأعداء نفسه ، بأنّه ما يعرف ليلة القدر ، لئلاّ يطلبوا منه تعريفهم بها ، فقد كان في وقت تقيّة من ولاية بني أميّة.

ص: 150


1- رواه الكليني في الكافي 4 : 156 ، عنه الوسائل 10 : 354.
2- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 156 ، والكليني في الكافي 4 : 160 ، عنهما الوسائل 10 : 357.
3- عنه البحار 98 : 82.

أقول : ولعلّ مراده عليه السلام ان يخذل أعداءه أن يعلموا على ما ظهر من شيعته ، من انّ ليلة القدر في إحدى ثلاث ليال : تسع عشرة منه ، أو إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، عقوبة للأعداء لعداوتهم.

أقول : ولو أردنا ذكر جميع ما وقفنا عليه من الأحاديث بعلم النّبي صلى اللّه عليه وآله ، وعلم الأئمّة صلوات اللّه عليهم بليلة القدر كنّا قد أطلنا ، ولكنّا نذكر ثلاث أحاديث :

منها : ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الحجّة من كتاب الكافي فيما رواه بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام ، ذكرنا منه موضع المراد بلفظه عليه السلام : انّه ينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر النّاس بكذا وكذا. (1)

ومنها: بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا معشر الشّيعة خاصموا بسورة ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) تفلحوا ، فواللّه انّها لحجّة اللّه تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وانّها لسيّدة (2) دينكم وانّها لغاية علمنا ، يا معشر الشّيعة خاصموا ب ( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) ، فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - ثم ذكر تمام الحديث. (3)

ومنها: بإسناده من جملة حديث طويل جليل ، نذكر منه موضع الحاجة ، عن أبي جعفر عليه السلام ما هذا لفظه : إنّما يأتي بالأمر من اللّه في ليال القدر إلى النّبي صلى اللّه عليه وآله وإلى الأوصياء عليهم السلام : افعل كذا وكذا. (4)

أقول : واعلم انّ إلقاء هذه الإسرار في السنة إلى وليّ الأمر ما هو من الوحي ، لأنّ الوحي انقطع بوفاة النبي صلى اللّه عليه وآله ، وانما هو بوجه من وجوه التعريف يعرفه

ص: 151


1- رواه الكليني في الكافي 1 : 248.
2- لسدّة (خ ل).
3- الكافي 1 : 249.
4- الكافي 1 : 252.

من يلقى إليه صلوات اللّه عليه ، وقد قال جلّ جلاله ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ ) (1) ، وقال تعالى ( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) (2) ، وقال جلّ جلاله ( وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) (3) ، ولكلّ منها تأويل غير الوحي النبوي.

فصل (18): فيما نذكره من الرّواية بعلامات ليلة القدر

اعلم انّنا لمّا رأينا الرّوايات بذلك منقولة ، وانّ إمكان الظّفر بليلة القدر من الأمور المعقولة ، اقتضى ذلك ذكر طرف من الرّوايات ببعض علامات ليلة القدر ، والتّنبيه على وقت ما يرجى لها من السعادات.

فمن ذلك : ما ذكره محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الصّوم بإسناده إلى محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن علامة ليلة القدر ، فقال : علامتها ان تطيب ريحها ، وان كانت في برد دفئت (4) ، وان كانت في حرّ بردت وطابت (5).

وقد روى هذا الحديث أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه. (6)

ومن ذلك : ما رواه علي بن الحسن بن فضال في كتاب الصيام فقال بإسناده إلى عبد الأعلى قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : انّهم يقولون انّها لا ينبح (7) فيها كلب ، فبأيّ شيء تعرف؟ قال : ان كانت في حرّ كانت باردة طيبة ، وان كانت في شتاء كانت دفيئة لينة.

ومن ذلك أيضا ما رواه علي بن الحسن بن فضال في كتابه ، بإسناده إلى حمّاد بن

ص: 152


1- المائدة : 111.
2- القصص : 7.
3- النحل : 68.
4- دفئت : سخنت.
5- الكافي 4 : 157 ، عنه الوسائل 10 : 350 ، رواه في المستدرك 7 : 475 ، عن كتاب العلاء بن رزين : 155.
6- الفقيه 2 : 159.
7- نبح الكلب : صات.

عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ذكر ليلة القدر ، قال : في الشّتاء تكون دفيئة ، وفي الصّيف تكون ريحه طيبة.

ومن ذلك من الجزء الخامس من كتاب أسماء رجال أبي عبد اللّه عليه السلام عن إسماعيل بن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام قال : ليلة القدر ليلة بلجة (1) ، لا حارّة ولا باردة ، نجومها كالشّمس الضاحية.

أقول : ورأيت من غير طريق أهل البيت علامات أيضا وأمارات لليلة القدر :

فمن ذلك ما ذكره شهردار بن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس من نحو النّصف من المجلد الثاني ، عن ابن عباس فقال : ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارّة ولا باردة ، يصبح الشمس من يومها حمراء ضعيفة.

أقول : فهذا ما أردنا الاقتصار عليه من علامات ليلة القدر ، كما دلّت الرّواية عليه ، وهذه الإشارات إلى العلامات تدلّك على الاذن في تحصيل ليلة القدر وطلبها ، وتقوي عزم الرجاء في الظفر بها.

أقول : ورأيت في كراريس عتيقة وصلت إلينا ، قالبها أصغر من الثمن ، أوّلها صلاة ليلة الاثنين ، وفيها منسك ، وليس عليها اسم مصنّفها ، لأنّه قد سقط منها قوائم ، ما هذا لفظه :

صلاة يرى بها ليلة القدر: روي عن عبد اللّه بن عباس انّه قال : يا رسول اللّه طوبى لمن رأى ليلة القدر ، فقال له : يا بن عبّاس ألا أعلّمك صلاة إذا صلّيتها رأيت بها ليلة القدر ، كلّ ليلة عشرين مرّة وأفضل ، فقال : علّمني صلّى اللّه عليه ، فقال له :

تصلّي أربع ركعات في تسليمة واحدة ويكون بعد العشاء الأولى وتكون قبل الوتر ، فالرّكعة الأولى فاتحة الكتاب و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات ، وفي الثّانية فاتحة الكتاب ، و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات ، وفي الثالثة والرابعة مثل ذلك ، فإذا سلّمت تقول ثلاث عشر مرّة : اسْتَغْفِرُ اللّهَ.

ص: 153


1- بلج الصبح : أضاء وأشرق.

فوحقّ من بعثني بالحقّ نبيّا من صلّى هذه الصّلاة وسبّح في آخرها ثلاث عشر مرّة ، واستغفر اللّه ، فإنّه يرى ليلة القدر كلّما صلّى بهذه الصّلاة ويوم القيامة يشفع في سبعمائة الف من أمّتي ، وغفر اللّه له ولوالديه ان شاء اللّه تعالى.

فصل (19): فيما نذكره من أسباب العناية بمن يراد تعريفه بليلة القدر

اعلم انّ اللّه جلّ جلاله قادر ان يعرف بليلة القدر من يشاء كما يشاء وبما يشاء ، فلا تلزم هذه العلامة من التعريف ، واطلب زيادة الكشف من المالك الرحيم الرّءوف اللطيف ، فانّني عرفت وتحقّقت من بعض من أدركته انّه كان يعرف ليلة القدر كلّ سنة على اليقين.

وإذا جاز (1) من لا يتمكّن من التلفظ في الأدعية بطلبها في باقي الشّهر ، بل يصرف لسانه وقلبه عن الاختيار الّذي كان عليه قبل الظفر بها ، وهي رحمة أدركته من ربّ العالمين ، وليست بأعظم من رحمة اللّه جلّ جلاله بمعرفة ذاته المقدّسة وصفاته المنزّهة ومعرفة سيّد المرسلين وخواصّ عترته الطّاهرين.

وإيّاك ان تكذب بما لم تحط به علما من فضل اللّه جلّ جلاله العظيم ، فتكون كما قال اللّه جلّ جلاله ( وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ ) (2) ، فكلّ المعلومات لم تكن محيطا بها ثم علمت بعد الاستبعاد لها.

ولو قال لك قائل : انّه رأى ترابا يمشي على الأرض باختياره ، ويحيط بعلوم كثيرة في إسراره ، ويغلب من هو أقوى منه مثل السّبع والفيل ، والأمور الّتي يتمكن منها ابن آدم في اقتداره ، كنت قد استبعدت هذا القول من قائله ، وتطلّعت إلى تحقيقه ودلائله ، فإذا قال لك : هذا التّراب الّذي أشرت إليه هو أنت على اليقين ، فإنّك تعلم انّك من تراب وتعود إلى تراب ، وانّما صرت كما أنت بقدرة ربّ العالمين ، فذلك الّذي أقدرك مع

ص: 154


1- كذا.
2- الأحقاف : 11.

استبعاد قدرتك ، هو الّذي يقدر غيرك على ما لم تحط به علما بفطنتك.

يقول السيد الامام العامل الفقيه الكامل ، العلاّمة الفاضل ، رضي الدّين ركن الإسلام جمال العارفين ، أنموذج السلف الطاهر ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطّاووس العلوي الفاطمي - مصنّف هذا الكتاب - :

وسأذكر بعض ما وقفت عليه من اختلاف رواية المسلمين في ليلة القدر (1) ، ليعرف الطالب لها من اين يطلبها ، وليعلم المدرك لها قدر منّة اللّه جلّ جلاله في الظفر بها.

فمن الاختلاف فيها ما ذكره محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني (2) في الجزء الثالث من كتاب دستور المذكورين ومنشور المتعبّدين ، وروي فيه عن أنس ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله : التمسوا ليلة القدر في أوّل ليلة من شهر رمضان أو في تسع أو في أربع عشرة أو في إحدى وعشرين أو في آخر ليلة منه.

وفي رواية عن أبي ذرّ عن النبي صلى اللّه عليه وآله : انّها في العشر الأوّل منه.

وفي رواية عنه عليه السلام : انّها في ليلة سبع عشرة.

وفي رواية عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : انّها ليلة إحدى وعشرين ويومها ، وليلة اثنين وعشرين ويومها ، وليلة ثلاث وعشرين ويومها.

وفي رواية عن بلال ، عن النبي صلى اللّه عليه وآله : انّها ليلة أربع وعشرين.

وفي رواية المديني عن أبي سعيد الخدري ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : انّها في العشر الأواخر.

وفي رواية عن عبادة بن الصامت ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.

وفي رواية عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : التمسوها في سبع بقين أو خمس بقين أو ثلاث بقين.

وفي رواية عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : انّها ليلة سبع وعشرين.

ص: 155


1- في تقديم بعض الروايات على بعض منها وتأخيره منه هنا اختلاف في بعض النسخ ، لكن لم يسقط منه شيء.
2- المدني (خ ل).

وفي رواية عن عبادة بن الصامت ، عنه عليه السلام : انّها في خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، أو تسع وعشرين ، أو في آخر ليلة من شهر رمضان.

وفي رواية عن أبي بكر ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : التمسوها في العشر الأواخر لتاسعة تبقى ، أو سابعة تبقى ، أو خامسة تبقى ، أو ثالثة تبقى ، أو آخر ليلة.

وروي عن أبي حنيفة : أنّها في ليالي (1) جميع أيّام السنة.

وروي : انّها تنتقل في العشر.

وروي : انّها إذا كانت سنة في ليلة تكون في السنة الأخرى في ليلة أخرى.

أقول : فهذا ما أردنا ذكره من الاختلاف ، فإذا ظفرت بها فتلك سعادة عظيمة الأوصاف.

فصل (20): فيما نذكره من أدعية تتكرّر كل ليلة من وقت السّحر

اعلم انّنا روينا في عمل اليوم والليلة من كتاب المهمّات والتّتمات ، فيما اخترناه من الروايات ، بأنّ سحر كلّ ليلة ينادي مناد عن مالك قضاء الحاجات بما معناه : هل من سائل ، هل من طالب ، هل من مستغفر ، يا طالب الخير أقبل ، ويا طالب الشرّ اقصر.

وقد قدّمنا في فصل من هذا الكتاب انّ المنادي ينادي عن اللّه جلّ جلاله في شهر رمضان من أوّل اللَّيل إلى آخره.

وإيّاك ثمّ إياك ان تعرض عن مناد اللّه جلّ جلاله ، وهو يسألك أن تطلب منه ما تقدر عليه من ذخائره ، وأنت محتاج إلى دون ما دعاك إليه ، فاغتنم فتح الأبواب ونداء المنادي عن مالك الأسباب ، وان لم تسمع أذناك فقد سمع العقل والقلب ، وان كنت مسلما مصدّقا ، بمولاك ومالك دنياك وأخراك.

فمن الدعاء في سحر كلّ ليلة من شهر رمضان ، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد

ص: 156


1- في جميع ليالي (خ ل).

هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه تعالى عنه ، بإسناده إلى الحسن بن محبوب الزراد ، عن أبي حمزة الثمالي انّه قال :

كان عليّ بن الحسين سيّد العابدين صلوات اللّه عليه يصلّي عامّة ليله في شهر رمضان ، فإذا كان في السّحر دعا بهذا الدعاء :

إِلهِي لا تُؤَدِّبْنِي بِعُقُوبَتِكَ ، وَلا تَمْكُرْ بِي فِي حِيلَتِكَ ، مِنْ أَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ وَلا يُوجَدُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِكَ ، وَمِنْ أَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَلا تُسْتَطاعُ إِلاّ بِكَ ، لَا الَّذِي أَحْسَنَ اسْتَغْنى عَنْ عَوْنِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَلا الَّذِي أَساءَ وَاجْتَرَءَ عَلَيْكَ وَلَمْ يُرْضِكَ خَرَجَ عَنْ قُدْرَتِكَ ، يا رَبِّ يا رَبِ (1) - حتى يَنْقَطع النفس - بِكَ عَرَفْتُكَ وَأَنْتَ دَلَلْتَنِي عَلَيْكَ ، وَدَعَوْتَنِي إِلَيْكَ ، وَلَوْ لا أَنْتَ لَمْ أَدْرِ ما أَنْتَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَدْعُوهُ فَيُجِيبُنِي وَإِنْ كُنْتُ بَطِيئَاً حِينَ يَدْعُونِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ فَيُعْطِينِي وَإِنْ كُنْتُ بَخِيلاً حِينَ يَسْتَقْرِضُنِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أُنادِيهِ كُلَّما شِئْتُ لِحاجَتِي ، وَأَخْلُو بِهِ حَيْثُ شِئْتُ لِسِرِّي ، بِغَيْرِ شَفِيعٍ فَيَقْضِي لِي حاجَتِي.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ادْعُوهُ وَلا أَدْعُو (2) غَيْرَهُ وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لِي دُعائِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ارْجُوهُ وَلا أَرْجُو (3) غَيْرَهُ وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لأَخْلَفَ رَجائِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وكَلَنِي (4) إِلَيْهِ فَأَكْرَمَنِي وَلَمْ يَكِلْنِي إِلَى النّاس فَيُهينُونِي.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَحَبَّبَ إِلَيَّ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِّي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْلُمُ عَنِّي حَتّى كَأَنِّي لا ذَنْبَ لِي ، فَرَبِّي أَحْمَدُ شَيْءٍ عِنْدِي ، وَأَحَقُّ بِحَمْدِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ إِلَيْكَ مُشْرَعَةً ، (5) وَمَناهِلَ (6) الرَّجاءِ إِلَيْكَ

ص: 157


1- يا رب يا رب يا رب (خ ل).
2- الحمد لله الذي لا أدعو غيره (خ ل).
3- الحمد لله الذي لا أرجو غيره (خ ل).
4- وكلته أَمري إلى فلان : أَلجأ به إليه واعتمدت فيه عليه.
5- أشرع باباً إلى الطرق : فتحه.
6- المنهل : المشرب والموضع الذي فيه المشرب.

مُتْرَعَةً (1) ، وَالاسْتِعانَةَ بِفَضْلِكَ لِمَنْ أَمَّلَكَ مُباحَةً ، وَأَبْوابَ الدُّعاءِ إِلَيْكَ لِلصَّارِخِينَ مَفْتُوحَةً.

وَأَعْلَمُ أَنَّكَ لِلرَّاجِينَ بِمَوْضِعِ إِجابَةٍ ، وَلِلْمَلْهُوفِينَ (2) بِمَرْصَدِ إِغاثَةٍ ، وَأَنَّ فِي اللّهْفِ إِلى جُودِكَ وَالرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضاً مِنْ مَنْعِ الْباخِلِينَ ، وَمَنْدُوحَةً (3) عَمَّا فِي أَيْدِي الْمُسْتَأْثِرِينَ ، وَأَنَّ الرَّاحِلَ إِلَيْكَ قَرِيبُ الْمَسافَةِ ، وَأَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاَّ انْ تَحْجُبَهُمُ الْأَعْمالُ (4) السَّيِّئَةُ دُونَكَ.

وَقَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِطَلِبَتِي ، وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتِي ، وَجَعَلْتُ بِكَ اسْتِغاثَتِي ، وَبِدُعائِكَ تَوَسُّلِي ، مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقِ لِاسْتِماعِكَ مِنِّي ، وَلَا اسْتِيجاب لِعَفْوِكَ عَنِّي ، بَلْ لِثقَتِي بِكَرَمِكَ ، وَسُكُونِي (5) إِلى صِدْقِ وَعْدِكَ ، وَلَجائِي (6) إِلى الإِيمانِ بِتَوْحِيدِكَ ، وَيَقِينِي (7) بِمَعْرِفَتِكَ مِنِّي : أَنْ لا رَبَّ لِي غَيْرُكَ ، وَلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ (8) لا شَرِيكَ لَكَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ الْقائِلُ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَوَعْدُكَ صِدْقٌ ( وَسْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) - ( إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (9) ، وَلَيْسَ مِنْ صِفاتِكَ يا سَيِّدِي أَنْ تَأْمُرَ بِالسُّؤَالِ وَتَمْنَعَ الْعَطِيَّةَ ، وَأَنْتَ الْمَنَّانُ بِالْعَطايا (10) عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ ، وَالْعائِدُ (11) عَلَيْهِمْ بِتَحَنُّنِ رَأْفَتِكَ.

ص: 158


1- مترعة : مملوءة.
2- للراجي (خ ل) ، للملهوف (خ ل) ، أَقول : الملهوف : المظلوم المستغيث.
3- مندوحة : سعة.
4- الآمال (خ ل).
5- سكوني : اطميناني.
6- لجأي : التجائي.
7- ثقتي (خ ل).
8- لا إِله لي وحدك (خ ل).
9- النساء : 32.
10- بالعطيات (خ ل).
11- العائد : المكرم المفضل.

إِلهي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ صَغِيراً ، وَنَوَّهْتَ (1) بِاسْمِي كَبِيراً ، يا مَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيا بِإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ (2) وَنِعَمِهِ ، وَأَشارَ لِي فِي الآخِرَةِ إِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ ، مَعْرِفَتِي يا مَوْلايَ دَلِيلِي (3) عَلَيْكَ ، وَحُبِّي لَكَ شَفِيعِي إِلَيْكَ ، وَأَنَا واثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدِلالَتِكَ ، وَساكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلى شَفاعَتِكَ.

أَدْعُوكَ يا سَيِّدِي بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ ، رَبِّ أُناجِيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ (4) جُرْمُهُ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ راهِباً (5) راغِباً راجِياً خائِفاً ، إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبِي فَزِعْتُ ، وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ ، فَانْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمٍ ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ.

حُجَّتِي يا اللّهُ فِي جُرْأَتِي عَلى مَسْأَلَتِكَ مَعَ إِتْيانِي ما تَكْرَهُ جُودُكَ وَكَرَمُكَ ، وَعُدَّتِي فِي شِدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حَيائِي مِنْكَ رَأْفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ ، وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تُخَيِّبَ بَيْنَ ذَيْنِ وَذَيْنِ مُنْيَتِي (6) ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَحَقِّقْ رَجائِي ، وَاسْمَعْ نِدائِي ، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ ، وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ.

عَظُمَ يا سَيِّدِي أَمَلِي ، وَساءَ عَمَلِي ، فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلِي ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِسُوءِ (7) عَمَلِي ، فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ الْمُذْنِبِينَ ، وَحِلْمُكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافاتِ الْمُقَصِّرِينَ ، وَأَنَا يا سَيِّدِي عائِذٌ بِفَضْلِكَ ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً.

وَما أَنَا يا رَبِّ وَما خَطَرِي (8)؟ هَبْنِي بِفَضْلِكَ ، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ ، أَيْ رَبِ

ص: 159


1- نوّه به : شهره.
2- بفضله (خ ل).
3- دلّتني (خ ل).
4- أَوبقه : حبسه وأَهلكه.
5- راهباً : فزعاً.
6- أمنيتي (خ ل).
7- بأسوأ (خ ل).
8- خطري : قدري ومنزلتي.

جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي (1) بِكَرَمِ وَجْهِكَ ، فَلَوْ اطَّلَعَ الْيَوْمَ عَلَى ذَنْبِي غَيْرُكَ ما فَعَلْتُهُ ، وَلَوْ خِفْتُ تَعْجِيلَ الْعُقُوبَةِ لَاجْتَنَبْتُهُ ، لا لِأَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرِينَ إِلَيَّ ، وَأَخَفُّ الْمُطَّلِعِينَ عَلَيَ (2) ، بَلْ لِأَنَّكَ يا رَبِّ خَيْرُ السّاتِرِينَ ، وَأَحْلَمُ الأَحْلَمِينَ (3) ، وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ، سَتَّارُ الْعُيُوبِ ، غَفَّارُ الذُّنُوبِ ، عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ ، وَتُؤَخِّرُ الْعُقُوبَةَ بِحِلْمِكَ.

فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ ، وَعَلى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ ، وَيَحْمِلُنِي وَيُجَرِّئُنِي عَلى مَعْصِيَتِكَ حِلْمُكَ عَنِّي ، وَيَدْعُونِي إِلى قِلَّةِ الْحَياءِ سِتْرُكَ عَلَيَّ ، وَيُسْرِعُنِي إِلَى التَّوَثُّبِ (4) عَلى مَحارِمِكَ مَعْرِفَتِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، وَعَظِيمِ عَفْوِكَ.

يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا غافِرَ الذَّنْبِ ، يا قابِلَ التَّوْبِ ، يا عَظِيمَ الْمَنِّ ، يا قَدِيمَ الإِحْسانِ (5) أَيْنَ سِتْرُكَ الْجَمِيلُ أَيْنَ عَفْوُكَ الْجَلِيلُ (6) أَيْنَ فَرَجُكَ الْقَرِيبُ ، أَيْنَ غِياثُكَ السَّرِيعُ ، أَيْنَ رَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ ، أَيْنَ عَطاياكَ الْفاضِلَةُ ، أَيْنَ مَواهِبُكَ الْهَنِيئَةُ ، أَيْنَ كَرَمُكَ يا كَرِيمُ؟ بِهِ (7) وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَاسْتَنْقِذْنِي ، وَبِرَحْمَتِكَ (8) فَخَلِّصْنِي.

يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ (9) يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ (10)! لَسْنا نَتَّكِلُ فِي النَّجاةِ مِنْ عِقابِكَ عَلى أَعْمالِنا ، بَلْ بِفَضْلِكَ عَلَيْنا ، لِأَنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، تَبْتَدِئُ (11)

ص: 160


1- توبيخي : ملامتي.
2- أَهون الناظرين وأَخفّ المطّلعين (خ ل).
3- أَحكم الحاكمين (خ ل).
4- التوثب : النهوض والقفز.
5- يا موصوفاً بالإحسان (خ ل).
6- يا جليل (خ ل).
7- بك (خ ل).
8- به وبهم (خ ل).
9- أَجمل الصنيعة : حسّنها وكثرها.
10- يا متفضّل (خ ل).
11- تبدئ (خ ل).

بِالإِحْسانِ نِعَماً ، وَتَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ كَرَماً ، فَما نَدْرِي ما نَشْكُرُ؟ أَجَمِيلَ ما تَنْشُرُ ، أَمْ قَبِيحَ ما تَسْتُرُ ، أَمْ عَظِيمَ ما أَبْلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ ، أَمْ كَثِير ما مِنْهُ نَجَّيْتَ وَعافَيْتَ؟.

يا حَبِيبَ مَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْهِ ، وَيا قُرَّةَ عَيْنِ مَنْ لاذَ بِكَ وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ ، أَنْتَ الْمُحْسِنُ وَنَحْنُ الْمُسِيئُونَ ، فَتَجَاوَزْ يا رَبِّ عَنْ قَبِيحِ ما عِنْدَنا بِجَمِيلِ ما عِنْدَكَ ، وَأَيُّ جَهْلٍ يا رَبِّ لا يَسَعُهُ جُودُكَ؟ وَأَيُّ زَمان (1) أَطْوَل مِنْ أَناتِكَ ، وَما قَدْرُ أَعْمالِنا فِي جَنْبِ نِعَمِكَ؟ وَكَيْفَ نَسْتَكْثِرُ (2) أَعْمالاً يُقابَلُ بِها كَرَمُكَ ، بَلْ كَيْفَ يَضِيقُ عَلَى المُذْنِبينَ ما وَسِعَهُمْ (3) مِنْ رَحْمَتِكَ؟

يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، فَوَعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي لَوْ انْتَهَرْتَنِي (4) ما بَرِحْتُ (5) مِنْ بابِكَ ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ (6) ، لِما انْتَهى (7) إِلَيَّ يا سَيِّدِي مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، وَأَنْتَ الْفاعِلُ لِما تَشاءُ ، تُعَذِّبُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ ، وَتَرْحَمُ مَنْ تَشاءُ بِمَا تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ.

لا تُسْأَلُ (8) عَنْ فِعْلِكَ ، وَلا تُنازَعُ فِي مُلْكِكَ ، وَلا تُشارَكُ فِي أَمْرِكَ ، وَلا تُضادُّ فِي حُكْمِكَ ، وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ أَحَدٌ فِي تَدْبِيرِكَ ، لَكَ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (9).

يا رَبِّ هذا مَقامُ مَنْ لاذَ بِكَ ، وَاسْتَجارَ بِكَرَمِكَ ، وَأَلِفَ (10) إِحْسانَكَ وَنِعَمَكَ ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الَّذِي لا يَضِيقُ عَفْوُكَ ، وَلا يَنْقُصُ فَضْلُكَ ، وَلا تَقِلُ

ص: 161


1- فأي جهل ، أَو أَي زمان (خ ل).
2- تستكثر اعمال (خ ل).
3- وصفته (خ ل).
4- انتهرتني : زجرتني.
5- برح : أَزال.
6- تملقك : تودّدك.
7- انتهى : وصل.
8- ولا تسأل (خ ل).
9- تباركت يا رب العالمين ، أَنت أَحسن الخالقين وربّ العالمين (خ ل).
10- أَلف : أَنس.

رَحْمَتُكَ ، وَقَدْ تَوَثَّقْنا مِنْكَ بِالصَّفْحِ الْقَدِيمِ ، وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ.

أَفَتُراكَ يا رَبِّ تُخْلِفُ ظُنُونَنا؟ أَوْ تُخَيِّبُ آمالَنا؟ كَلاَّ يا كَرِيمُ! لَيْسَ (1) هذا ظَنُّنا بِكَ ، وَلا هذا طَمَعُنا فِيكَ ، يا رَبِّ إِنَّ لَنا فِيكَ أَمَلاً طَوِيلاً كَثِيراً ، إِنَّ لَنا فِيكَ (2) رَجاءً عَظِيماً ، عَصَيْناكَ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْنا ، وَدَعَوْناكَ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَسْتَجِيبَ لَنا ، فَحَقِّقْ رَجاءَنا يا مَوْلانا.

فَقَدْ عَلِمْنا ما نَسْتَوْجِبُ بِأَعْمالِنا وَلكِنْ عِلْمُكَ فِينا وَعِلْمُنا بِأَنَّكَ لا تَصْرِفُنا عَنْكَ حَثَّنا (3) عَلَى الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ ، وَإِنْ كُنَّا غَيْرَ مُسْتَوْجِبِينَ لِرَحْمَتِكَ ، فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيْنا وَعَلَى الْمُذْنِبِينَ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، فَامْنُنْ عَلَيْنا بِما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَجُدْ عَلَيْنا [بِفَضْلِ إِحْسانِكَ] (4) ، فَانَّا مُحْتاجُونَ إِلى نَيْلِكَ (5).

يا غَفَّارُ! بِنُورِكَ اهْتَدَيْنا ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْنا ، وَبِنِعْمَتِكَ أَصْبَحْنا وَأَمْسَيْنا ، ذُنُوبُنا بَيْنَ يَدَيْكَ ، نَسْتَغْفِرُكَ اللّهُمَّ مِنْها وَنَتُوبُ إِلَيْكَ ، تَتَحَبَّبُ إِلَيْنا بِالنِّعَمِ ، وَنُعارِضُكَ بِالذُّنُوبِ ، خَيْرُكَ إِلَيْنا نازِلٌ ، وَشَرُّنا إِلَيْكَ صاعِدٌ ، وَلَمْ يَزَلْ وَلا يَزالُ مَلِكٌ كَرِيمٌ يَأْتِيكَ عَنَّا بِعَمَلٍ قَبِيحٍ ، فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ ، أَنْ تَحُوطَنا بِنِعَمِكَ (6) وَتَتَفَضَّلْ عَلَيْنا بِآلائِكَ ، فَسُبْحانَكَ ما أَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَكَ وَأَكْرَمَكَ مُبْدِئاً وَمُعِيداً.

تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ ، وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، وَكَرُمَ (7) صَنائِعُكَ وَفِعالُكَ ، أَنْتَ إِلهِي أَوْسَعُ فَضْلاً وَأَعْظَمُ حِلْماً مِنْ أَنْ تُقايِسَنِي بِفِعْلِي (8) وَخَطِيئَتِي ، فَالْعَفْوُ الْعَفْوُ الْعَفْوُ ، سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي.

ص: 162


1- فليس (خ ل).
2- كبيرا (خ ل) ، بك (خ ل).
3- حثّنا : حرّضنا.
4- من البحار.
5- نيلك : عطائك.
6- بنعمتك (خ ل).
7- أكرم (خ ل).
8- بعملي (خ ل) ، أقول : تقايسني : تجازيني بمقدار فعلي.

اللّهُمَّ اشْغَلْنا بِذِكْرِكَ ، وَأَعِذْنا مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَجِرْنا مِنْ عَذابِكَ (1) ، وَارْزُقْنا مِنْ مَواهِبِكَ وَأَنْعِمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلِكَ ، وَارْزُقْنا حَجَّ بَيْتِكَ ، وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ ، صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ (2) وَرِضْوانُكَ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ إِنَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ ، وَارْزُقْنا عَمَلاً بِطاعَتِكَ (3) وَتَوفَّنا عَلَى مِلَّتِكَ وَسُنَّةِ رَسُولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ، وَاجْزِهِما بِالإِحْسانِ إِحْساناً وَبِالسَّيِّئاتِ غُفْراناً ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ (4) ، الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ ، تابِعْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ فِي الْخَيْراتِ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنا وَمَيِّتِنا ، وَشاهِدِنا وَغائِبِنا ، وَذَكَرِنا وَأُنْثانا ، صَغِيرِنا وَكَبِيرِنا ، حُرِّنا وَمَمْلُوكِنا ، كَذِبَ الْعادِلُونَ (5) بِاللّهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً ، وَخَسِرُوا ( خُسْراناً مُبِيناً ) .

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ ، وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُنِي ، وَاجْعَلْ عَلَيَّ مِنْكَ جُنَّةً واقِيَةً (6) باقِيَةً وَلا تَسْلُبْنِي صالِحَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ رِزْقاً واسِعاً حَلالاً طَيِّباً.

اللّهُمَّ احْرُسْنِي بِحِراسَتِكَ ، وَاحْفَظْنِي بِحِفْظِكَ ، وَاكْلأْنِي (7) بِكَلاءَتِكَ ، وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي عامِنا هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، وَزِيارَةَ (8) قَبْرِ نَبِيِّكَ

ص: 163


1- عقابك (خ ل).
2- زيادة : وبركاتك (خ ل).
3- وارزقنا طاعتك (خ ل).
4- زيادة : والمسلمين والمسلمات (خ ل).
5- العادلون : الجاعلون له عدلا أي مماثلا.
6- منك واقية (خ ل).
7- اكلأني : احرسني واحفظني.
8- عامي هذا (خ ل). ما أبقيتنا وارزقني زيارة (خ ل).

صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ (1) ، وَلا تُخْلِنِي يا رَبِّ مِنْ تِلْكَ الْمَشاهِدِ الشَّرِيفَةِ ، وَالْمَواقِفِ الْكَرِيمَةِ.

اللّهُمَّ تُبْ عَلَيَّ حَتّى لا أَعْصِيَكَ ، وَأَلْهِمْنِي الْخَيْرَ وَالْعَمَلَ بِهِ ، وَخَشْيَتَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ما أَبْقَيْتَنِي (2) يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

إِلهي (3) ما لِي كُلَّما قُلْتُ : قَدْ تَهَيَّأْتُ وَتَعَبَّأْتُ (4) وَقُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَناجَيْتُكَ ، أَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً إِذا أَنَا صَلَّيْتُ ، وَسَلَبْتَنِي مُناجاتِكَ إِذا أَنَا ناجَيْتُكَ ، ما لِي كُلَّما قُلْتُ : قَدْ صَلُحَتْ سَرِيرَتِي ، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوَّابِينَ مَجْلِسِي ، عَرَضَتْ لِي بَلِيَّةٌ أَزالَتْ قَدَمِي ، وَحالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ.

سَيِّدِي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَنِي ، وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَنِي ، اوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاقْصَيْتَنِي (5) ، اوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَنِي (6) أَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَنِي فِي مَقامِ الْكاذِبِينَ (7) فَرَفَضْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي غَيْرَ شاكِرٍ لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَنِي مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي فِي الْغافِلِينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي آلِفَ مَجالِسِ الْبَطَّالِينَ فَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ خَلَّيْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ أَنْ تَسْمَعَ دُعائِي فَباعَدْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمِي وَجَرِيرَتِي (8) كافَيْتَنِي ، أَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائِي مِنْكَ جازَيْتَنِي.

فَانْ عَفَوْتَ يا رَبِّ فَطالَ ما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبِينَ قِبَلِي ، لِأَنَّ كَرَمَكَ أَيْ رَبِّ يَجِلُّ عَنْ مُجازاتِ الْمُذْنِبِينَ ، وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافاتِ الْمُقَصِّرِينَ ، وَأَنَا عائِذٌ بِفَضْلِكَ ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ

ص: 164


1- نبيّنك والأئمة عليهم السلام (خ ل).
2- ابداً ما أبقيتني (خ ل).
3- اللّهم (خ ل) ، اللّهم انّي كلّما (خ ل).
4- تعبّأت : تجهّزت.
5- الكذابين (خ ل).
6- اقصيتني : أبعدتني.
7- قليتني : أبغضتني.
8- جريرتي : جنايتي وذنبي.

بِكَ ظَنّاً.

إِلهِي أَنْتَ أَوْسَعُ فَضْلاً وَأَعْظَمُ حِلْماً مِنْ أَنْ تُقايِسَنِي بِعَمَلِي ، أَوْ أَنْ تَسْتَزِلَّنِي (1) بِخَطِيئَتِي ، وَما أَنَا يا سَيِّدِي وَما خَطَرِي ، هَبْنِي بِفَضْلِكَ يا سَيِّدِي ، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَجَلِّلْنِي (2) بِسِتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ.

سَيِّدِي أَنَا الصَّغِيرُ الَّذِي رَبَّيْتَهُ ، وَأَنَا الْجاهِلُ الَّذِي عَلَّمْتَهُ ، وَأَنَا الضّالُّ الَّذِي هَدَيْتَهُ ، وَأَنَا الْوَضِيعُ (3) الَّذِي رَفَعْتَهُ ، وَأَنَا الْخائِفُ الَّذِي آمَنْتَهُ ، وَالْجائِعُ الَّذِي أَشْبَعْتَهُ ، وَالْعَطْشانُ الَّذِي أَرْوَيْتَهُ ، وَالْعارِي الَّذِي كَسَوْتَهُ ، وَالفَقِيرُ الَّذِي أَغْنَيْتَهُ.

وَالضَّعِيفُ الَّذِي قَوَّيْتَهُ ، وَالذَّلِيلُ الَّذِي أَعْزَزْتَهُ ، وَالسَّقِيمُ الَّذِي شَفَيْتَهُ ، وَالسَّائِلُ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ ، وَالْمُذْنِبُ الَّذِي سَتَرْتَهُ ، وَالْخاطِئُ الَّذِي أَقَلْتَهُ (4) ، وَالْقَلِيلُ الَّذِي كَثَّرْتَهُ ، وَالْمُسْتَضْعَفُ الَّذِي نَصَرْتَهُ ، وَالطَّرِيدُ الَّذِي آوَيْتَهُ ، فَلَكَ الْحَمْدُ.

وَأَنَا يا رَبِّ الَّذِي لَمْ أَسْتَحْيِكَ فِي الْخَلاءِ (5) ، وَلَمْ اراقِبْكَ فِي الْمَلاءِ ، وَأَنَا صاحِبُ الدَّواهِي الْعُظْمى ، أَنَا الَّذِي عَلى سَيِّدِهِ اجْتَرى ، أَنَا الّذِي عَصَيْتُ جَبَّارَ السَّماءِ ، أَنَا الَّذِي أَعْطَيْتُ عَلَى الْمَعاصِي جَلِيلَ (6) الرُّشى ، أَنَا الَّذِي حِينَ بُشِّرْتُ بِها خَرَجْتُ إِلَيْها أَسْعى ، أَنَا الَّذِي امْهَلْتَنِي فَما ارْعَوَيْتُ (7) ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ فَما اسْتَحْيَيْتُ ، وَعَمِلْتُ بِالْمَعاصِي فَتَعَدَّيْتُ ، وَأَسْقَطَتْنِي مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ.

ص: 165


1- تستزلّني : تجعلني زالا واقعا في العذاب.
2- جلّلني : غطّني.
3- الوضيع : الدنيّ.
4- أقلته : صفحت عنه.
5- الخلأ : المكان الذي ليس فيه أحد.
6- جليل المعاصي (خ ل).
7- ارعويت : ارتدعت.

فَبِحِلْمِكَ أَمْهَلْتَنِي ، وَبِسِتْرِكَ سَتَرْتَنِي ، حَتّى كَأَنَّكَ أَغْفَلْتَنِي ، وَمِنْ عُقُوباتِ الْمَعاصِي جَنَّبْتَنِي حَتّى كَأَنَّكَ اسْتَحْيَيْتَنِي.

إِلهِي لَمْ أَعْصِكَ حِينَ عَصَيْتُكَ وَأَنَا بِرُبوُبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، وَلا بِأَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، وَلا لِوَعِيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، وَلكِنْ خَطِيئَةٌ عَرَضَتْ وَسَوَّلَتْ (1) لِي نَفْسِي وَغَلَبَنِي هَوايَ ، وَأَعانَنِي عَلَيْها شِقْوَتِي ، وَغَرَّنِي سِتْرُكَ الْمُرْخَى عَلَيَّ ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَخالَفْتُكَ بِجُهْدِي.

فَالآنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي؟ وَمِنْ أَيْدِي الخُصَماءِ غَداً مَنْ يُخَلِّصُنِي؟ وَبِحَبْلِ (2) مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي؟ فَوا سَوْأَتا عَلى ما أَحْصى كِتابُكَ مِنْ عَمَلِي الَّذِي لَوْ لا ما أَرْجُو مِنْ كَرَمِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، وَنَهْيِكَ إِيَّايَ عَنِ الْقُنُوطِ (3) ، لَقَنَطْتُ عِنْدَ ما أَتَذَكَّرُها ، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ ، وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ.

اللّهُمَّ بِذِمَّةِ الإِسْلامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ ، وَبِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ ، وَبِحُبِّي لِلنَّبِيِّ الأُمِّيِّ الْقُرَشِيِّ الْهاشِمِيِّ الْعَرَبِيِّ التَّهامِيِّ الْمَكِّيِّ الْمَدَنِيِّ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَرْجُو الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ ، فَلا تُوحِشُ اسْتِيناسَ إِيمانِي ، وَلا تَجْعَلْ ثَوابِي ثَوابَ مَنْ عَبَدَ سِواكَ.

فَانَّ قَوْماً آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيُحْقِنُوا (4) بِهِ دِماءَهُمْ ، فَأَدْرَكُوا ما أَمَّلُوا ، وَإِنَّا آمَنَّا بِكَ بِأَلْسِنَتِنا وَقُلُوبِنا ، لِتَعْفُوَ عَنَّا ، فَأَدْرِكْنا ما أَمَّلْنا ، وَثَبِّتْ رَجاءَكَ ، فِي صُدُورِنا ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

فَوَعِزَّتِكَ لَوْ انْتَهَرْتَنِي ما بَرِحْتُ مِنْ بابِكَ ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ ، لِما الْهِمَ

ص: 166


1- سوّلت : زيّنت.
2- الحبل : الوصل.
3- القنوط : اليأس.
4- حقن دمه : صانه ولم يرقه.

قَلْبِي يا سَيِّدِي مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِكَرَمِكَ ، وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، إِلى مَنْ يَذْهَبُ الْعَبْدُ إِلاّ إِلى مَوْلاهُ وَإِلى مَنْ يَلْتَجِئُ الْمَخْلُوقُ إِلاّ إِلَى خالِقِهِ.

إِلهِي لَوْ قَرَنْتَنِي بِالأَصْفادِ (1) ، وَمَنَعْتَنِي سَيْبَكَ (2) مِنْ بَيْنِ الْأَشْهادِ ، وَدَلَلْتَ عَلى فَضائِحِي عُيُونَ الْعِبادِ ، وَأَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ وَحُلْتَ (3) بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَبْرارِ ، ما قَطَعْتُ رَجائِي مِنْكَ ، وَلا صَرَفْتُ وَجْهَ تَأمِيلِي لِلْعَفْوِ عَنْكَ ، وَلا خَرَجَ حُبُّكَ مِنْ قَلْبِي ، أَنَا لا أَنْسى أَيادِيكَ (4) عِنْدِي ، وَسِتْرَكَ عَلَيَّ فِي دارِ الدُّنْيا.

سَيِّدِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا عَنْ قَلْبِي ، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُصْطَفى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَخاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَانْقُلْنِي إِلَى دَرَجَةِ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ ، وَأَعِنِّي بِالْبكاءِ عَلى نَفْسِي ، فَقَدْ أَفْنَيْتُ بِالتَّسْوِيفِ (5) وَالآمالِ عُمْرِي ، وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الايِسِينَ مِنْ خَيْرِي.

فَمَنْ يَكُونُ أَسْوَءُ حالاً مِنِّي إِنْ أَنَا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالِي إِلى قَبْرٍ لَمْ امَهِّدْهُ (6) لِرَقْدَتِي (7) ، وَلَمْ أَفْرِشْهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لِضَجْعَتِي ، وَما لِي لا أَبْكِي وَلا أَدْرِي إِلى ما يَكُونُ مَصِيرِي ، وَأَرى نَفْسِي تُخادِعُنِي ، وَأَيَّامِي تُخاتِلُنِي (8) ، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأْسِي أَجْنِحَةُ الْمَوْتِ.

فَما لِي لا أَبْكِي ، أَبْكِي لِخُرُوجِ نَفْسِي ، [أَبْكِي لِحُلُولِ رَمْسِي] (9) (10) أَبْكِي

ص: 167


1- قرنتني بالأصفاد : شددتني بالقيود.
2- سيبك : عطاءك.
3- حلت : حجزت.
4- أياديك : نعمك.
5- التسويف : المطل والتأخير.
6- إلى قبري ولم أمهده (خ ل).
7- الرقد : النوم.
8- تخاتلني : تخادعني عن غفلة.
9- رمسي : قبري وما يحثى عليه من التراب.
10- من الصحيفة السجادية الجامعة.

لِظُلْمَةِ قَبْرِي ، أَبْكِي لِضِيقِ لَحْدِي ، أَبْكِي لِسُؤُالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ إِيَّايَ ، أَبْكِي لِخُرُوجِي مِنْ قَبْرِي عُرْياناً ذَلِيلاً حامِلاً ثِقْلِي عَلى ظَهْرِي ، أَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَمِينِي وَأُخْرى عَنْ شِمالِي ، إِذِ الْخَلائِقُ فِي شَأْنٍ غَيْرِ شَأْنِي ، ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ، وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُها قَتَرَةٌ ) (1) وَذِلَّةٌ.

سَيِّدِي عَلَيْكَ مُعَوَّلِي (2) وَمُعْتَمَدِي وَرَجائِي وَتَوَكُّلِي ، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقِي ، تُصِيبُ بِرَحْمَتِكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَهْدِي بِكَرامَتِكَ مَنْ تُحِبُّ.

اللّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما نَقَّيْتَ مِنَ الشِّرْكِ قَلْبِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى بَسْطِ لِسانِي ، أَفَبِلِسانِي هذا الْكالِ (3) أَشْكُرُكَ؟ أَمْ بِغايَةِ جُهْدِي فِي عَمَلِي ارْضِيكَ؟ وَما قَدْرُ لِسانِي يا رَبِّ فِي جَنْبِ شُكْرِكَ؟ وَما قَدْرُ عَمَلِي فِي جَنْبِ نِعمِكَ وَإِحْسانِكَ؟ إِلاَّ انَّ جُودَكَ بَسَطَ أَمَلِي ، وَشُكْرَكَ قَبِلَ عَمَلِي.

سَيِّدِي إِلَيْكَ رَغْبَتِي ، وَمِنْكَ رَهْبَتِي ، وَإِلَيْكَ تَأْمِيلِي ، فَقَدْ ساقَنِي إِلَيْكَ أَمَلِي ، وَعَلَيْكَ يا واحِدِي (4) عَكَفْتُ هِمَّتِي (5) ، وَفِيما عِنْدَكَ انْبَسَطَتْ رَغْبَتِي ، وَلَكَ خالِصُ رَجائِي وَخَوْفِي ، وَبِكَ أَنِسَتْ مَحَبَّتِي ، وَإِلَيْكَ أَلْقَيْتُ بِيَدِي ، وَبِحَبْلِ طاعَتِكَ مَدَدْتُ رَهْبَتِي (6).

يا مَوْلايَ بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبِي ، وَبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ أَلَمَ الْخَوْفِ عَنِّي.

فَيا مَوْلايَ وَيا مُؤَمَّلِي ، وَيا مُنْتَهى سُؤْلِي! صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَنْبِيَ الْمانِعِ لِي مِنْ لُزُومِ طاعَتِكَ ، فَإِنَّما أَسْأَلُكَ لِقَدِيمِ الرَّجاءِ

ص: 168


1- عبس : 37 - 41.
2- معوّلي : ثقتي.
3- الكال : العاجز.
4- واحدي : الذي ليس لي أحد غيره.
5- عكف عليه عكوفاً : أقبل عليه.
6- رغبتي (خ ل) ، وفي البحار : يدي.

فِيكَ (1) ، وَعَظِيمِ الطَّمَعِ مِنْكَ (2) ، الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ ، فَالأَمْرُ لَكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِبادُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ خاضِعٌ لَكَ ، تَبارَكْتَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ فَارْحَمْنِي إِذا انْقَطَعَتْ حُجَّتِي ، وَكَلَّ عَنْ جَوابِكَ لِسانِي ، وَطاشَ (3) عِنْدَ سُؤَالِكَ إِيَّايَ لُبِّي ، فَيا عَظِيماً يُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، أَنْتَ رَجائِي فَلا تُخَيِّبْنِي إِذَا اشْتَدَّتْ إِلَيْكَ فاقَتِي ، وَلا تَرُدَّنِي لِجَهْلِي ، وَلا تَمْنَعْنِي لِقِلَّةِ صَبْرِي ، أَعْطِنِي لِفَقْرِي ، وَارْحَمْنِي لِضَعْفِي.

سَيِّدِي عَلَيْكَ مُعْتَمَدِي وَمُعَوَّلِي وَرَجائِي وَتَوَكُّلِي ، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقِي ، وَبِفِنائِكَ أَحُطُّ رَحْلِي ، وَبِجُودِكَ أَقْصِدُ طَلِبَتِي ، وَبِكَرَمِكَ أَيْ رَبِّ أَسْتَفْتِحُ دُعائِي ، وَلَدَيْكَ أَرْجُو سَدَّ فاقَتِي ، وَبِعِنايَتِكَ (4) أَجْبُرُ عِيلَتِي (5) ، وَتَحْتَ ظِلِّ عَفْوِكَ قِيامِي ، وَإِلى جُودِكَ وَكَرَمِكَ أَرْفَعُ بَصَرِي ، وَإِلى مَعْرُوفِكَ أُدِيمُ نَظَرِي ، فَلا تُحْرِقْنِي بِالنَّارِ ، وَأَنْتَ مَوْضِعُ أَمَلِي ، وَلا تُسْكِنِّي الْهاوِيَةَ فَإِنَّكَ قُرَّةُ عَيْنِي.

يا سَيِّدِي لا تُكَذِّبْ ظَنِّي بِإِحْسانِكَ وَمَعْرُوفِكَ ، فَإِنَّكَ ثِقَتِي وَرَجائِي ، وَلا تَحْرِمْنِي ثَوابَكَ فَإِنَّكَ الْعارِفُ بِفَقْرِي.

إِلهِي إِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلِي ، وَلَمْ يُقَرِّبْنِي مِنْكَ عَمَلِي ، فَقَدْ جَعَلْتُ الاعْتِرافَ إِلَيْكَ بِذَنْبِي وَسائِلَ عِلَلِي (6).

إِلهِي إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِالْعَفْوِ؟ وَإِنْ عَذَّبْتَنِي فَمَنْ أَعْدَلَ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ؟ فَارْحَمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتِي ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ كُرْبَتِي ، وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتِي ، وَفِي اللَّحْدِ وَحْشَتِي ، وَإِذا نُشِرْتُ لِلْحِسابِ بَيْنَ يَدَيْكَ ذُلَّ مَوْقِفِي.

ص: 169


1- لك (خ ل).
2- فيك (خ ل).
3- طاش : خفّ وتاه.
4- في الصحيفة : بغناك.
5- عيلتي : فقري.
6- عللي : اعذاري.

وَاغْفِرْ لِي ما خَفِيَ عَلَى الآدَمِيِّينَ مِنْ عَمَلِي ، وَأَدِمْ لِي ما بِهِ سَتَرْتَنِي ، وَارْحَمْنِي صَرِيعاً عَلَى الْفِراشِ تُقَلِّبُنِي أَيْدِي أَحِبَّتِي ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ مَمْدُوداً عَلى الْمُغْتَسَلِ يُغَسِّلُنِي صالِحُ جِيرَتِي ، وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ مَحْمُولاً قَدْ تَناوَلَ الْأَقْرِباءُ أَطْرافَ جِنازَتِي ، وَجُدْ عَلَيَّ مَنْقُولاً قَدْ نَزَلْتُ بِكَ وَحِيداً فِي حُفْرَتِي ، وَارْحَمْ فِي ذلِكَ الْبَيْتِ الْجَدِيدِ غُرْبَتِي ، حَتّى لا أَسْتَأْنِسَ بِغَيْرِكَ يا سَيِّدِي فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلَى نَفْسِي هَلَكْتُ.

[سَيِّدِي] (1) فَبِمَنْ أَسْتَغِيثُ إِنْ لَمْ تُقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَإِلى مَنْ أَفْزَعُ إِنْ فَقَدْتُ عِنايَتَكَ فِي ضَجْعَتِي ، وَإِلى مَنْ أَلْتَجِئُ إِنْ لَمْ تُنَفِّسْ كُرْبَتِي.

سَيِّدِي مَنْ لِي وَمَنْ يَرْحَمُنِي إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي؟ وَفَضْلَ مَنْ أُؤمِّلُ إِنْ فَقَدْتُ غُفْرانَكَ ، أَوْ عَدِمْتُ فَضْلَكَ يَوْمَ فاقَتِي ، وَإِلى مَنِ الْفِرارُ مِنَ الذُّنُوبِ إِذَا انْقَضى أَجَلِي.

سَيِّدِي لا تُعَذِّبْنِي وَأَنَا أَرْجُوكَ ، إِلهِي حَقِّقْ رَجائِي وَآمِنْ خَوْفِي ، فَانَّ كَثْرَةَ ذُنُوبِي لا أَرْجُو لَها إِلاّ عَفْوَكَ.

سَيِّدِي أَنَا أَسْأَلُكَ ما لا أَسْتَحِقُّ ، وَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، فَاغْفِرْ لِي ، وَأَلْبِسْنِي مِنْ نَظَرِكَ ثَوْباً يُغَطِّي عَلَيَّ التَّبِعاتِ ، وَتَغْفِرُها لِي ، وَلا أُطالِبُ بِها إِنَّكَ ذُو مَنٍّ قَدِيمٍ وَصَفْحٍ عَظِيمٍ ، وَتَجاوُز كَرِيمٍ.

إِلهِي أَنْتَ الَّذِي تُفِيضُ سَيْبَكَ عَلى مَنْ لا يَسْأَلُكَ (2) وَعَلَى الْجاحِدِينَ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، فَكَيْفَ سَيِّدِي بِمَنْ سَأَلَكَ وَأَيْقَنَ أَنَّ الْخَلْقَ لَكَ ، وَالْأَمْرَ إِلَيْكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

سَيِّدِي عَبْدُكَ بِبابِكَ ، أَقامَتْهُ الْخَصاصَةُ (3) بَيْنَ يَدَيْكَ ، يَقْرَعُ بابَ إِحْسانِكَ بِدُعائِهِ ، وَيَسْتَعْطِفُ جَمِيلَ نَظَرِكَ بِمَكْنُونِ رَجائِهِ ، فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ

ص: 170


1- من المصباح والبحار والصحيفة.
2- فيها (خ ل).
3- الخصاص والخصاصة : الفقر.

عَنِّي ، وَاقْبَلْ مِنِّي ما أَقُولُ ، فَقَدْ دَعَوْتُكَ بِهذَا الدُّعاءِ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ لا تَرُدَّنِي ، مَعْرِفَةً مِنِّي بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ.

إِلهِي أَنْتَ الَّذِي لا يُحْفِيكَ (1) سائِلٌ ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ (2) ، أَنْتَ كَما تَقُولُ وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْراً جَمِيلاً ، وَفَرَجاً قَرِيباً ، وَقَوْلاً صادِقاً ، وَأَجْراً عَظِيماً ، وَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ.

يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَأَجْوَدَ (3) مَنْ أَعْطى (صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ) (4) وَأَعْطِنِي سُؤْلِي فِي نَفْسِي وَأَهْلِي وَوالِدَيَّ وَوَلَدِي وَأَهْلِ حُزانَتِي (5) وَإِخْوانِي فِيكَ ، وَأَرْغِدْ (6) عَيْشِي وَأَظْهِرْ مُرُوَّتِي ، وَأَصْلِحْ جَمِيعَ أَحْوالِي ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ أَطَلْتَ عُمْرَهُ ، وَحَسَّنْتَ عَمَلَهُ ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ ، وَرَضِيتَ عَنْهُ ، وَأَحْيَيْتَهُ حَياةً طَيِّبَةً فِي أَدْوَمِ السُّرُورِ وَأَسْبَغِ الْكَرامَةِ ، وَأَتَمِّ الْعَيْشِ ، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ وَخُصَّنِي مِنْكَ بِخاصَّةِ ذِكْرِكَ ، وَلا تَجْعَلْ شَيْئاً مِمَّا أَتَقَرَّبُ بِهِ الَيْكَ فِي آناءِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهارِ رِياءً وَلا سُمْعَةً وَلا أَشَراً وَلا بَطَراً ، وَاجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الْخاشِعِينَ.

اللّهُمَّ وَأَعْطِنِي السَّعَةَ فِي الرِّزْقِ ، وَالْأَمْنَ فِي الْوَطَنِ ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الْأَهْلِ وَالْمالِ وَالْوَلَدِ وَالْمُقامِ فِي نِعَمِكَ عِنْدِي ، وَالصِّحَّةَ فِي الْجِسْمِ ، وَالْقُوَّةَ

ص: 171


1- يحفيك : يمنعك.
2- النوال والنائل : الحظ.
3- يا أَجود (خ ل).
4- ليس في بعض النسخ.
5- حزانتك : عيالك الذي تتحزن لأمرهم.
6- ارغد : أوسع وطيّب.

فِي الْبَدَنِ ، وَالسَّلامَةَ فِي الدِّينِ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ (1) صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَبَداً مَا اسْتَعْمَرْتَنِي.

وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ عِنْدَكَ نَصِيباً فِي كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ وَأَنْتَ مُنْزِلُهُ (2) فِي شَهْرِ رَمَضانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَما أَنْتَ مُنْزِلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَعافِيَةٍ تَلْبِسُها ، وَبَلِيَّةٍ تَدْفَعُها وَحَسَناتٍ تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئَاتٍ تَتَجاوَزُ عَنْها. وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي عامِنا (3) هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، وَارْزُقْنِي رِزْقاً واسِعاً مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ (4).

وَاصْرِفْ عَنِّي يا سَيِّدِي الْأَسْواءَ ، وَاقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَالظُّلاماتِ حَتَّى لا أَتَأَذّى بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَخُذْ عَنِّي بِأَسْماعِ أَعْدائِي (5) ، وَأَبْصارِ حُسَّادِي ، وَالْباغِينَ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي عَلَيْهِمْ ، وَأَقِرَّ عَيْنِي ، وَحَقِّقْ ظَنِّي ، وَفَرِّجْ قَلْبِي ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ هَمِّي وَكَرْبِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَاجْعَلْ مَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ.

وَاكْفِنِي شَرَّ الشَّيْطانِ ، وَشَرَّ السُّلْطانِ ، وَسَيِّئاتِ عَمَلِي ، وَطَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّها ، وَأَجِرْنِي مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَزَوِّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِفَضْلِكَ ، وَأَلْحِقْنِي بِأَوْلِيائِكَ الصَّالِحِينَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْأَبْرارِ الطَّيِّبِينَ (6) الْأَخْيارِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى أَرْواحِهِمْ وَأَجْسادِهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

إِلهِي وَسَيِّدِي ، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَئِنْ طالَبْتَنِي بِذُنُوبِي لأُطالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ ،

ص: 172


1- محمد وأهل بيته (خ ل).
2- وتنزله (خ ل).
3- عامي (خ ل).
4- رزقا واسعا حلالا طيّبا (خ ل) ، فضلك الواسع الطيب (خ ل).
5- أَبصار أعدائي (خ ل) ، وفي المصباح : بأسماع وأَبصار أَعدائي.
6- الطيبين الطاهرين (خ ل).

وَلَئِنْ طالَبْتَنِي بِلُؤْمِي (1) لأُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ ، وَلَئِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ لُاخْبِرَنَّ أَهْلَ النَّارِ بِحُبِّي لَكَ (2).

إِلهِي وَسَيِّدِي إِنْ كُنْتَ لا تَغْفِرُ إِلاّ لِأَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ ، فَالى مَنْ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ؟ وَإِنْ كُنْتَ لا تُكْرِمُ إِلاّ أَهْلَ الْوَفاءِ بِكَ ، فَبِمَنْ يَسْتَغِيثُ الْمُسِيئُونَ.

إِلهِي إِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ فَفِي ذلِكَ سُرُورُ عَدُوِّكَ ، وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ فَفِي ذلِكَ سُرُورُ نَبِيِّكَ ، وَأَنَا وَاللّهِ أَعْلَمُ أَنَّ سُرُورَ نَبِيِّكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ سُرُورِ عَدُوِّكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَمْلأَ قَلْبِي حَبّاً لَكَ وَخَشْيَةً مِنْكَ ، وَتَصْدِيقاً لَكَ (3) ، وَإِيماناً بِكَ ، وَفَرَقاً (4) مِنْكَ ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ حَبِّبْ إِلَيَّ لِقاءَكَ ، وَأَحْبِبْ لِقائِي ، وَاجْعَلْ لِي فِي لِقائِكَ الرَّاحَةَ وَالْفَرَحَ وَالْكَرامَةَ.

اللّهُمَّ أَلْحِقْنِي بِصالِحِ مَنْ مَضى ، وَاجْعَلْنِي مِنْ صالِحِ مَنْ بَقِيَ وَخُذْ بِي سَبِيلَ الصَّالِحِينَ ، وَأَعِنِّي عَلى نَفْسِي بِما تُعِينُ بِهِ الصَّالِحِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ، وَلا تَرُدَّنِي فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً ، وَاخْتِمْ عَمَلِي بِأَحْسَنِهِ ، وَاجْعَلْ ثَوابِي مِنْهُ (5) الْجَنَّةَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً لا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقائِكَ ، احْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَتَوَفَّنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَابْعَثْنِي إِذا بَعَثْتَنِي عَلَيْهِ ، وَأَبْرِئْ قَلْبِي مِنَ الرِّياءِ وَالشَّكِّ وَالشَّكِّ وَالسُّمْعَةِ فِي دِينِكَ ، حَتّى يَكُونَ عَمَلِي خالِصاً لَكَ.

اللّهُمَّ أَعْطِنِي بَصِيرَةً فِي دِينِكَ وَفَهْماً فِي حُكْمِكَ ، وَفِقْهاً فِي عِلْمِكَ ،

ص: 173


1- بجرمي (خ ل).
2- إيّاك (خ ل).
3- بكتابك (خ ل).
4- الفرق : الفزع.
5- عليه (خ ل).

وَكِفْلَيْنِ (1) مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَوَرَعاً يَحْجُزُنِي عَنْ مَعاصِيكَ ، وَبَيِّضْ وَجْهِي بِنُورِكَ ، وَاجْعَلْ رَغْبَتي فِيما عِنْدَكَ ، وَتَوَفَّنِي فِي سَبِيلِكَ وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْفَشَلِ ، وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَالْغَفْلَةِ وَالْقَسْوَةِ ، وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ ، وَالْفَقْرِ وَالْفاقةِ ، وَكُلِّ بَلِيَّةٍ ، وَالْفَواحِشِ (2) ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لا تَقْنَعُ ، وَبَطْنٍ لا يَشْبَعُ ، وَقَلْبٍ (3) لا يَخْشَعُ ، وَدُعاءٍ لا يُسْمَعُ ، وَعَمَلٍ لا يَنْفَعُ (4) ، وَأَعُوذُ بِكَ يا رَبِّ عَلى نَفْسِي وَدِينِي وَمالِي وَعَلى جَمِيعِ ما رَزَقتَنِي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

اللّهُمَّ إِنَّهُ لَنْ يُجيرَنِي مِنْكَ أَحَدٌ ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً (5) ، فَلا تَجْعَلْ نَفْسِي فِي شَيءٍ مِنْ عَذابِكَ ، وَلا تَرُدَّنِي بِهَلَكَةٍ ، وَلا تَرُدَّنِي بِعَذابٍ أَلِيمٍ.

اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي ، وَأَعْلِ ذِكْرِي ، وَارْفَعْ دَرَجَتِي ، وَحُطَّ وِزْرِي ، وَلا تَذْكُرْنِي بِخَطِيئَتِي ، وَاجْعَلْ ثَوابَ مَجْلِسِي وَثَوابَ مَنْطِقِي وَثَوابَ دُعائِي رِضاكَ عَنِّي وَالْجَنَّةَ ، وَأَعْطِنِي يا رَبِّ جَمِيعَ ما سَأَلْتُكَ ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ ، إِنِّي إِلَيْكَ راغِبٌ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَ فِي كِتابِكَ الْعَفْوَ ، وَأَمَرْتَنا أَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنا ، وَقَدْ ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ، فَاعْفُ عَنَّا ، فَإِنَّكَ ، أَوْلى بِذلِكَ مِنَّا ، وَأَمَرْتَنا أَنْ لا نَرُدَّ سائِلاً عَنْ أَبْوابِنا ، وَقَدْ جِئْناكَ سائِلاً (6) فَلا تَرُدَّنا إِلاّ بِقَضاءِ حَوائِجَنا ، وَأَمَرْتَنا بِالإِحْسانِ إِلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُنا ، وَنَحْنُ أَرِقّاؤُكَ فَأَعْتِقْ رِقابَنا مِنَ النَّارِ.

ص: 174


1- كفلين : نصيبين.
2- كلها (خ ل).
3- من بطن ، من قلب (خ ل).
4- وصلاة لا ترفع (خ ل).
5- الملتحد : الملتجأ.
6- سؤالا (خ ل).

يا مَفْزَعِي عِنْدَ كُرْبَتِي ، وَيا غَوْثِي عِنْدَ شِدَّتِي ، إِلَيْكَ فَزِعْتُ وَبِكَ اسْتَغَثْتُ وَ [بِكَ] (1) لُذْتُ وَلا أَلُوذُ بِسِوَاكَ ، وَلا أَطْلُبُ الْفَرَجَ إِلاّ بِكَ وَمِنْكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَغِثْنِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي ، يا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسِيرَ وَيَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ ، اقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ وَاعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيْماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَيَقِيناً (2) حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَنِي إِلاّ ما كَتَبْتَ لِي ، وَرَضِّنِي مِنَ الْعَيْشِ بِما قَسَمْتَ لِي ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (3)

دعاء آخر في السحر :

رويناه بإسنادنا إِلى جدّي أَبي جعفر الطوسي ، بإسناده إِلى عليّ بن الحسن بن فضّال من كتاب الصّيام ، ورواه أَيضا ابن أَبي قرَّة في كتابه ، واللّفظ واحد ، فقالا معا :

عن أَيّوب بن يقطين أَنّه كتب إِلى أَبي الحسن الرِّضا عليه السلام يسأله أَن يصحّح له هذا الدُّعاء ، فكتب إِليه : نعم ، وهو دعاء أَبي جعفر عليه السلام بالأسحار في شهر رمضان ، قال أَبي : قال أَبو جعفر عليه السلام : لو يعلم النّاس من عظم هذه المسائل عند اللّه ، وسرعة إِجابته لصاحبها ، لاقتتلوا عليه ولو بالسّيوف ، واللّه يختصّ برحمته من يشاء.

وقال أَبو جعفر عليه السلام : لو حلفت لبررت أَنّ اسم اللّه الأعظم قد دخل فيها ، فإذا دعوتهم فاجتهدوا في الدُّعاء فإنّه من مكنون العلم ، واكتموه إِلاّ من أَهله ، وليس من أَهله المنافقون والمكذّبون والجاحدون ، وهو دعاء المباهلة ، تقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُ

ص: 175


1- من الصحيفة.
2- يقينا صادقا (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 82 - 93 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 582 - 598 ، أَورده الكفعمي في مصباحه : 588 ، بلد الأمين : 205 ، وفي الصحيفة السجادية ، الدعاء 116 : 214.

جَلالِكَ جَلِيلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ إِنَّ أَسْأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنَّكَ أَسْأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلَّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةً ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها وَكُلُّ عِزَّتِكَ عَزِيزَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها وَكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قدْرَتِكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي اسْتَطَلْتَ بِها عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، وَكُلُّ قُدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَحَبِّها إِلَيْكَ ، وَكُلُّ مَسائِلِكَ (1) إِلَيْكَ حَبِيبَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُّ مُلْكِكَ فاخِرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عُلُوِّكَ بِأَعْلاهُ

ص: 176


1- بأحبّها وكلها (خ ل).

وَكُلُّ عُلُوِّكَ عالٍ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بعُلُوِّكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَكْرَمِها وَكُلُّ آياتِكَ كَرِيمَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما أَنْتَ فِيهِ مِنَ الشَّأْنِ وَالْجَبَرُوتِ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ شَأْنٍ وَحْدَهُ وَجَبَرُوتٍ وَحْدَها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ ، بِما تُجِيبُنِي بِهِ حِينَ أَسْأَلُكَ ، فَأَجِبْنِي يا اللّهُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا.

وتذكر حاجتك ، فإنّك تعطاها إِنْ شاء اللّه تعالى (1).

دعاء آخر في السحر :

أَرويه بإسنادي إِلى جدّي أَبي جعفر الطوسي في المصباح : يا عُدَّتِي فِي (2) كُرْبَتِي ، وَيا صاحِبِي فِي شِدَّتِي ، وَيا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، وَيا غايَتِي فِي رَغْبَتِي ، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي وَالْمُؤْمِنُ رَوْعَتِي وَالْمُقِيلُ عَثْرَتِي ، فَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خُشُوعَ الإِيمانِ قَبْلَ خُشُوعِ الذُّلِّ فِي النَّارِ ، يا واحِدُ يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، وَيَبْتَدِئُ بِالْخَيْرِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ تَفَضُّلاً مِنْهُ وَكَرَماً ، بِكَرَمِكَ الدَّائِمِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَهَبْ لِي رَحْمَةً واسِعَةً جامِعَةً أَبْلُغُ بِها خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِما تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فِيهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ خَيْرٍ أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ فَخالَطَنِي فِيهِ ما لَيْسَ لَكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعْفُ عَنْ ظُلْمِي وَجُرْمِي بِحِلْمِكَ وَجُودِكَ يا كَرِيمُ.

يا مَنْ لا يُخَيَّبُ سائِلُهُ ، وَلا يَنْفَدُ نائِلُهُ ، يا مَنْ عَلا فَلا شَيْءَ فَوْقَهُ ، وَدَنا فَلا شَيْءَ دُونَهُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْنِي يا فالِقَ الْبَحْرِ لِمُوسى ،

ص: 177


1- عنه البحار 98 : 93 - 95.
2- عند (خ ل).

اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ.

اللّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ النِّفاقِ ، وَعَمَلِي مِنَ الرِّياءِ ، وَلِسانِي مِنَ الْكِذْبِ ، وَعَيْنِي مِنَ الْخِيانَةِ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.

يا رَبِّ هذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، هذا مَقامُ الْمُسْتَجِيرِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، هذا مَقامُ الْمُسْتَغِيثِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، هذا مَقامُ الْهارِبِ الَيْكَ مِنَ النَّارِ ، هذا مَقامُ مَنْ يَبُوءُ (1) بِخَطِيئَتِهِ وَيَعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ وَيَتُوبُ الى رَبِّهِ ، هذا مَقامُ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، هذا مَقامُ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ هذا مَقامُ الْمَحْزُونِ الْمَكْرُوبِ.

هذا مَقامُ الْمَحْزُونِ الْمَغْمُومِ الْمَهْمُومِ ، هذا مَقامُ الْغَرِيبِ الْغَرِيقِ ، هذا مَقامُ الْمُسْتَوْحِشِ الْفَرِقِ ، هذا مَقامُ مَنْ لا يَجِدُ لِذَنْبِهِ غافِراً غَيْرَكَ ، وَلا لِهَمِّهِ مُفَرِّجاً سِواكَ.

يا اللّهُ يا كَرِيمُ ، لا تُحْرِقُ وَجْهِي بِالنَّارِ بَعْدَ سُجُودِي لَكَ (2) وَتَعْفِيرِي بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ ، بَلْ لَكَ الْحَمْدُ وَالْمَنُّ وَالتَّفَضُّلُ (3) عَلَيَّ ، ارْحَمْ أَيْ رَبِّ أَيْ رَبِّ أَيْ رَبِّ - حتّى ينقطع النفس - ضَعْفِي ، وَقِلَّةَ حِيلَتِي ، وَرِقَّةَ جِلْدِي ، وَتَبَدُّدَ أَوْصالِي (4) ، وَتَناثُرَ لَحْمِي وَجِسْمِي وَجَسَدِي ، وَوَحْدَتِي وَوَحْشَتِي فِي قَبْرِي وَجَزَعِي مِنْ صَغِيرِ الْبَلاءِ.

أَسْأَلُكَ يا رَبِّ قُرَّةَ الْعَيْنِ وَالاغْتِباطَ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ ، بَيِّضْ وَجْهِي يا رَبِّ يَوْمَ تَسْوَدُّ فِيهِ الْوُجُوهُ ، وَآمِنِّي مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، أَسْأَلُكَ الْبُشْرى يَوْمَ تُقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ، وَالْبُشْرى عِنْدَ فِراقِ الدُّنْيا.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْجُوهُ عَوْناً لِي فِي حَياتِي ، وَأَعُدُّهُ ذُخْراً لِيَوْمِ فاقَتِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَدْعُوهُ وَلا أَدْعُو غَيْرَهُ ، وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَخَيَّبَ دُعائِي ،

ص: 178


1- يبوء لك (خ ل) ، أَقول : باء اللّه : رجع وانقطع.
2- بعد سجودي وتعفيري (خ ل).
3- الفضل (خ ل).
4- بدداً : متفرقين.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْجُوهُ وَلا أَرْجُو غَيْرَهُ ، وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لَأَخْلَفَ رَجائِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْمُحْسِنِ الْمُجْمِلِ الْمُفْضِلِ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَلِيِّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصاحِبِ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، وَقاضِي كُلِّ حاجَةٍ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْنِي الْيَقِينَ ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِكَ ، وَأَثْبِتْ رَجاءَكَ فِي قَلْبِي ، وَاقْطَعْ رَجائِي عَمَّنْ سِواكَ حَتّى لا أَرْجُو غَيْرَكَ وَلا أَثِقُ إِلاَّ بِكَ ، يا لَطِيفاً لِما يَشاءُ ، الْطُفْ لِي فِي جَمِيعِ أَحْوالِي بِما تُحِبُّ وَتَرْضى.

يا رَبِّ إِنِّي ضَعِيفٌ عَلى النَّارِ فَلا تُعَذِّبْنِي بِالنَّارِ ، يا رَبِّ ارْحَمْ دُعائِي وَتَضَرُّعِي وَخَوْفِي وَذُلِّي وَمَسْكَنَتِي وَتَعْوِيذِي وَتَلْوِيذِي ، يا رَبِّ إِنِّي ضَعِيفٌ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيا وَأَنْتَ واسِعٌ كَرِيمٌ.

وَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِقُوَّتِكَ عَلى ذلِكَ وَقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ ، وَغِناكَ عَنْهُ وَحاجَتِي إِلَيْهِ ، أَنْ تَرْزُقَنِي فِي عامِي هذا وَشَهْرِي هذا وَيَوْمِي هذا وَساعَتِي هذِهِ ، رِزْقاً تُغْنِينِي بِهِ عَنْ تَكَلُّفِ ما فِي أَيْدِي النَّاسِ ، مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ.

أَيْ رَبِّ مِنْكَ أَطْلُبُ وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ ، وَإِيَّاكَ أَرْجُو وَأَنْتَ أَهْلُ ذلِكَ لا أَرْجُو غَيْرَكَ ، وَلا أَثِقُ إِلاَّ بِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، أَيْ رَبِّ ظَلَمْتُ (1) نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاعْفُ عَنِّي (2).

يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ ، وَيا جامِعَ كُلِّ فَوْتٍ ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، يا مَنْ لا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ ، وَلا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ ، وَلا يَشْغَلُهُ

شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، أَعْطِ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَفْضَلَ ما سَأَلَكَ ، وَأَفْضَلَ ما سُئِلْتَ لَهُ ، وَأَفْضَلُ ما أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَهَبْ لِيَ الْعافِيَةَ حَتَّى تُهَنِّأَنِي الْمَعِيشَةَ ، وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ حَتَّى لا تَضُرُّنِيَ الذُّنُوبُ ، اللّهُمَّ رَضِّنِي بِما قَسَمْتَ لِي حَتَّى لا أَسْأَلَ أَحَداً شَيْئاً.

ص: 179


1- إِنّي ظلمت (خ ل).
2- عافني (خ ل).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْتَحْ لِي خَزائِنَ رَحْمَتِكَ ، وَارْحَمْنِي رَحْمَةً لا تُعَذِّبْنِي بَعْدَها أَبَداً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً لا تُفْقِرُنِي إِلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ سِواكَ ، تَزِيدُنِي بِذلِكَ شُكْراً ، وَإِلَيْكَ فاقَةً وَفَقْراً ، وَبِكَ عَمَّنْ سِواكَ غِنى وَتَعَفُّفاً.

يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ ، يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، يا مَلِيكُ ، يا مُقْتَدِرُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاكْفِنِي الْمُهِمَّ كُلَّهُ ، وَاقْضِ لِي بِالْحُسْنى ، وَبارِكْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي ، وَاقْضِ لِي جَميعَ حَوائِجِي.

اللّهُمَّ يَسِّرْ لِي ما أَخافُ تَعْسِيرَهُ ، فَانَّ تَيْسِيرَ ما أَخافُ تَعْسِيرَهُ (1) عَلَيْكَ يَسِيرٌ (2) ، وَسَهِّلْ لِي ما أَخافُ حُزُونَتَهُ ، وَنَفِّسْ عَنِّي ما أَخافُ ضِيقَهُ ، وَكُفَّ عَنِّي ما أَخافُ غَمَّهُ (3) ، وَاصْرِفْ عَنِّي ما أَخافُ بَلِيَّتَهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ امْلأْ قَلْبِي حُبّاً لَكَ وَخَشْيَةً مِنْكَ ، وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ ، وَإِيْماناً بِكَ ، وَفَرَقاً مِنْكَ ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ يا ذَا الْجَلالِ وَالْإكْرامِ.

اللّهُمَّ إِنَّ لَكَ حُقُوقاً فَتَصَدَّقْ بِها عَلَيَّ ، وَلِلنَّاسِ قِبَلِي تَبِعاتٌ فَتَحَمَّلْها عَنِّي ، وَقَدْ أَوْجَبْتَ لِكُلِّ ضَيْفٍ قِرىً وَأَنَا ضَيْفُكَ ، فَاجْعَلْ قِرايَ اللَّيْلَةَ الْجَنَّةَ ، يا وَهَّابَ الْجَنَّةِ ، يا وَهَّابَ الْمَغْفِرَةِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ (4).

دعاء آخر في السحر :

أَرويه بإسنادي إِلى جدّي أَبي جعفر الطوسي رحمه اللّه في المصباح قال : وتدعو أَيضا في السحر بدعاء إِدريس عليه السلام ، ورأَيت في اسناد هذا الدُّعاء أَنّه الّذي رفعه اللّه جلَّ جلاله به إِليه ، وأَنّه من أَفضل الدُّعاء ، وهو :

سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَوارِثَهُ ، يا إِلهَ الآلِهَةِ الرّفِيعَ

ص: 180


1- في الموضعين : تعسّره (خ ل).
2- سهل يسير (خ ل).
3- همّه (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 95 - 98 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 598 - 601.

جَلالُهُ ، يا اللّهُ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ فِعالِهِ ، يا رَحْمنَ كُلِّ شَيْءٍ وَراحِمَهُ ، يا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ في دَيْمُومَةِ مُلْكِهِ وَبَقائِهِ ، يا قَيُّومُ فَلا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِهِ (1) وَلا يَؤُدُهُ ، يا واحِدُ الْباقِي أَوَّل كُلِّ شَيْءٍ وَآخِرَهُ.

يا دائِمُ بِغَيْرِ فَناءٍ وَلا زَوالٍ لِمُلْكِهِ ، يا صَمَدُ فِي غَيْرِ شَبِيهٍ وَلا شَيْءَ كَمِثْلِهِ ، يا بارُّ فَلا شَيْءَ كُفْوُهُ وَلا مُدانِيَ لِوَصْفِهِ ، يا كَبِيرُ أَنْتَ الَّذِي لا تَهْتَدِي الْقُلُوبُ لِعَظمَتِهِ ، يا بارِئُ (2) الْمُنْشِئُ بِلا مِثالٍ خَلا مِنْ غَيْرِهِ ، يا زاكِي الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ بِقُدْسِهِ ، يا كافِي الْمُوسِعُ لِما خَلَقَ مِنْ عَطايا فَضْلِهِ.

يا نَقِيُّ مِنْ كُلِّ جَوْرٍ لَمْ يَرْضَهُ وَلَمْ يُخالِطْهُ فِعالُهُ ، يا حَنَّانُ انْتَ الَّذِي (3) وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُهُ ، يا مَنَّانُ ذَا الإِحْسانِ قَدْ عَمَّ الْخَلائِقَ مَنُّهُ ، يا دَيّانَ الْعِبادِ فَكُلٌّ يَقُومُ خاضِعاً لِرَهْبَتِهِ.

يا خالِقَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالْأَرَضِينَ فَكُلٌّ إِلَيْهِ مَعادُهُ ، يا رَحْمنُ وَراحِمَ كُلِّ صَرِيخٍ وَمَكْرُوبٍ وَغِياثَهُ وَمَعاذَهُ ، يا بارُّ فَلا تَصِفُ الْأَلْسُنُ كُنْهَ جَلالِ مُلْكِهِ وَعِزِّهِ ، يا مُبْدِئَ الْبَرايا لَمْ يَبْغِ (4) فِي إِنْشائِها أَعْواناً مِنْ خَلْقِهِ ، يا عَلاّمَ الْغُيُوبِ فَلا يؤُدُهُ مِنْ شَيْءٍ حِفْظُهُ.

يا مُعِيداً ما أَفْناهُ إِذا بَرَزَ الْخَلائِقُ لِدَعْوَتِهِ مِنْ مَخافَتِهِ ، يا حَلِيمُ ذَا الأَناةِ فَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يا مَحْمُودَ الْفِعالِ ذَا الْمَنِّ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ بِلُطْفِهِ ، يا عَزِيزُ الْمَنِيعُ الْغالِبُ عَلى أَمْرِهِ فَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ ، يا قاهِرُ ذَا الْبَطْشِ الشَّدِيدِ أَنْتَ الَّذِي لا يُطاقُ انْتِقامُهُ.

يا مُتَعالِي الْقَرِيبُ ، فِي عُلُوِّ ارْتِفاعِ دُنُوِّهِ ، يا جَبّارُ الْمُذَلِّلُ كُلَّ شَيْءٍ بِقَهْرٍ عَزِيزِ سُلْطانِهِ ، يا نُورَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ الَّذِي فَلَقَ الظُّلُماتِ نُورُهُ ، يا قُدُّوسُ الطّاهِرُ

ص: 181


1- فلا يفوت شيئاً علمه (خ ل).
2- لوصف عظمته (خ ل) ، يا بارئ النفوس (خ ل).
3- يا حنان الذي (خ ل).
4- من لم يبغ (خ ل).

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ ، يا قَرِيبُ الْمُجِيبُ الْمُتَدانِي دُونَ كُلِّ شَيْءٍ قُرْبُهُ ، يا عالِي الشَّامِخُ فِي السَّماءِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ عُلُوُّ ارْتِفاعِهِ ، يا بَدِيعَ الْبَدائِعِ وَمُعِيدَها بَعْدَ فَنائِها بِقُدْرَتِهِ.

يا جَلِيلُ الْمُتَكَبِّرُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، فَالْعَدْلُ أَمْرُهُ وَالصِّدْقُ وَعْدُهُ (1) ، يا مَجِيدُ فَلا يَبْلُغُ الْأَوْهامُ كُلَّ ثَنائِهِ وَمَجْدِهِ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ وَالْعَدْلِ (2) ، أَنْتَ الَّذِي مَلأَ كُلَّ شَيْءٍ عَدْلُهُ ، يا عَظِيمُ ذَا الثّناءِ الْفاخِرِ وَالْعِزِّ وَالْكِبْرِياءِ فَلا يَذِلُّ عِزُّهُ ، يا عَجِيبُ فَلا تَنْطِقُ الْأَلْسُنُ بِكُلِّ آلائِهِ وَثَنائِهِ.

أَسْأَلُكَ يا مُعْتَمَدِي عِنْدَ كُلِّ كُرْبَةٍ ، وَغِياثِي عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ ، بِهذِهِ الْأَسْماءِ أَماناً مِنْ عُقُوباتِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَصْرِفَ عَنِّي بِهِنَّ كُلَّ سُوءٍ وَمَخُوفٍ وَمَحْذُورٍ ، وَتَصْرِفَ عَنِّي أَبْصارَ الظَّلَمَةِ الْمُرِيدِينَ بِي السُّوءَ الَّذِي نَهَيْتَ عَنْهُ وَأَنْ تَصْرِفَ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَرِّ ما يُضْمِرُونَ الى خَيْرِ ما لا يَمْلِكُونَ ، وَلا يَمْلِكُهُ غَيْرُكَ يا كَرِيمُ.

اللّهُمَّ لا تَكِلْنِي الى نَفْسِي فَأَعْجَزُ عَنْها ، وَلا إِلَى النَّاسِ فَيَرْفَضُونِي (3) ، وَلا تُخَيِّبْنِي وَأَنَا أَرْجُوكَ وَلا تُعَذِّبْنِي وَأَنَا أَدْعُوكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَأَجِبْنِي كَما وَعَدْتَنِي ، اللّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمْرِي ما وَلِيَ أَجَلِي.

اللّهُمَّ لا تُغَيِّرْ جَسَدِي ، وَلا تُرْسِلْ حَظِّي ، وَلا تَسُؤْ صَدِيقِي ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ سُقْمٍ مُصْرِعٍ ، وَفَقْرٍ مُقْرِعٍ (4) ، وَمِنَ الذُّلِّ وَبِئْسَ الْخُلِّ ، اللّهُمَّ سَلِّ قَلْبِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ لا أَتَزَوَّدُهُ إِلَيْكَ ، وَلا أَنْتَفِعُ بِهِ يَوْمَ أَلْقاكَ ، مِنْ حَلالٍ أَوْ حَرامٍ ، ثُمَّ أَعْطِنِي قُوَّةً عَلَيْهِ وَعِزّاً وَقِناعَةً وَمَقْتاً لَهُ وَرِضاكَ فِيهِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى عَطاياكَ الْجَزِيلَةِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى مِنَنِكَ

ص: 182


1- وقوله (خ ل).
2- ذا العدل (خ ل).
3- رفضه : رماه وتركه.
4- مدقع (خ ل) ، قرع الباب : دقّة ونقر عليه.

الْمُتَواتِرَةِ الَّتِي بِها دافَعْتَ عَنِّي مَكارِهَ الأُمُورِ ، وَبِها آتَيْتَنِي مَواهِبَ السُّرُورِ ، مَعَ تَمادِيَّ فِي الغَفْلَةِ ، وَما بَقِيَ فِيَّ مِنَ الْقَسْوَةِ ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي أَنْ عَفَوْتَ عَنِّي ، وَسَتَرْتَ ذلِكَ عَلَيَّ وَسَوَّغْتَنِي ما فِي يَدِي مِنْ نِعَمِكَ ، وَتابَعْتَ عَلَيَّ مِنْ إِحْسانِكَ (1) ، وَصَفَحْتَ لِي عَنْ قَبِيحِ ما أَفْضَيْتُ بِهِ إِلَيْكَ ، وَانْتَهَكْتُهُ مِنْ مَعاصِيكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ يَحِقُّ عَلَيْكَ فِيهِ إِجابَةُ الدُّعاءِ إِذا دُعِيتَ بِهِ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ ذِي حَقٍّ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّكَ عَلى جَمِيعِ مَنْ هُوَ دُونَكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلى آلِهِ (2) ، وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَخُذْ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَامْنَعْهُ مِنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ.

يا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ رَبٌّ يُدْعى ، وَيا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ خالِقٌ يُخْشى ، وَيا مَنْ لَيْسَ دُونَهُ إِلهٌ يُتَّقى وَيا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَزِيرٌ يُؤْتى ، وَيا مَنْ لَيْسَ لَهُ حاجِبٌ يُرْشى ، وَيا مَنْ لَيْسَ لَهُ بَوَّابٌ يُنادى ، وَيا مَنْ لا يَزْدادُ عَلى كَثْرَةِ الْعَطاءِ إِلاّ كَرَماً وَجُوداً ، وَعَلَى تَتابُعِ الذُّنُوبِ إِلاّ مَغْفِرَةً وَعَفْواً ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ ، فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(4).

أَقول : قد مضى في هذا الدّعاء : «وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي فَأَعْجَزُ عَنها» ، وظاهر الحال أَنّهُ : «وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي فَتَعْجُزُ عَنِّي» ، ولكن هكذا وجدناه فيما رأيناه.

دعاء آخر في السحر :

نقل من أَصل عتيق من أصول أَصحابنا ، أَوَّل روايته عن الحسن بن محبوب ، وتاريخ

ص: 183


1- تابعت على إحسانك (خ ل).
2- وآل محمد (خ ل).
3- آله (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 98 - 100 ، مصباح المتهجد 2 : 601 - 604.

كتابته سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة :

يا مَفْزَعِي عِنْدَ كُرْبَتِي ، وَيا غَوْثِي عِنْدَ شِدَّتِي ، إِلَيْكَ فَزِعْتُ ، وَبِكَ اسْتَغَثْتُ وَبِكَ لُذْتُ ، لا أَلُوذُ بِسِواكَ ، وَلا أَطْلُبُ الْفَرَجَ إِلاّ مِنْكَ ، فَأَغِثْنِي وَفَرِّجْ عَنِّي. يا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسِيرَ ، وَيَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ ، اقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ ، وَاعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَيَقِيناً حَتّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَنِي إِلاَّ ما كَتَبْتَ لِي ، وَرَضِّنِي مِنَ الْعَيْشِ بِما قَسَمْتَ لِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

يا عُدَّتِي فِي كُرْبَتِي ، وَيا صاحِبِي فِي شِدَّتِي ، وَيا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، وَيا غايَتِي فِي رَغْبَتِي ، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي ، وَالآمِنُ رَوْعَتِي ، وَالْمُقِيلُ عَثْرَتِي ، فَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

وقال في الكتاب المذكور : التسبيح في السَّحر :

سُبْحانَ مَنْ يَعْلَمُ جَوارِحَ الْقُلُوبِ ، سُبْحانَ مَنْ يُحْصِي عَدَدَ الذُّنُوبِ ، سُبْحانَ مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ فِي السَّمواتِ وَالْأَرَضِينَ ، سُبْحانَ الرَّبِّ الْوَدُودِ ، سُبْحانَ الْفَرْدِ الْوِتْرِ ، سُبْحانَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَعْتَدِي عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ.

سُبْحانَ مَنْ لا يُؤَاخِذُ أَهْلَ الْأَرْضِ بِأَلْوانِ الْعَذابِ ، سُبْحانَ الْحَنَّانِ الْمَنَّانِ ، سُبْحانَ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ ، سُبْحانَ الْجَبَّارِ الْجَوادِ ، سُبْحانَ الْحَلِيمِ الْكَرِيمِ ، سُبْحانَ الْبَصِيرِ الْعَلِيمِ ، سُبْحانَ الْبَصِيرِ الْواسِعِ ، سُبْحانَ اللّهِ عَلى إِقْبالِ النَّهارِ ، سُبْحانَ اللّهِ عَلى إِدْبارِ النَّهارِ.

سُبْحانِ اللّهِ عَلى إِدْبارِ اللَّيْلِ وَإِقْبالِ النَّهارِ ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِياءُ ، مَعَ كُلِّ نَفْسٍ وَكُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ ، وَكُلِّ لَمْحَةٍ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ ، سُبْحانَكَ مِلْءَ ما أَحْصى كِتابُكَ ، سُبْحانَكَ زنَةَ عَرْشِكَ ، سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ (2).

ص: 184


1- عنه البحار 98 : 100.
2- عنه البحار 98 : 100.

فصل (21): فيما نذكره من فضل السحور في شهر رمضان

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إِلى محمّد بن يعقوب الكليني ، وإلى أَبي جعفر بن بابويه رحمهما اللّه ، بإسنادهما إلى جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تدع أمّتي السّحور ، ولو على حشفة تمرة. (1)

ومن ذلك بإسنادنا إلى أَبي جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، قال : وروي عن أَمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : ان اللّه تبارك وتعالى وملائكته يصلّون على المستغفرين والمتسحّرين بالأسحار ، فليتسحّر أَحدكم ولو بشربة من ماء ، وأَفضل السّحور السويق والتمر ، ومطلق لك الطعام والشراب إلى ان تستيقن طلوع الفجر. (2)

ومن ذلك ما رواه علي بن حسن بن فضال في كتاب الصيام بإسناده إلى عمرو بن جميع عن أَبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أَبيه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : تسحّروا ولو بجرع الماء ، الا صلوات اللّه على المتسحرين. (3)

فصل (22): فيما نذكره ممّا يقرء ويعمل من آداب السحور

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب بإسناده إلى أَبي يحيى الصنعاني عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : ما من مؤمن صام فقرء ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عند

ص: 185


1- عنه البحار 97 : 343 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 95 ، والشيخ في مصباح المتهجد 2 : 626 ، التهذيب 4 : 198 ، والصدوق في الفقيه 2 : 135 ، عنهم الوسائل 10 : 143.
2- عنه البحار : 97 : 393 ، رواه الصدوق في الفقيه 2 : 137 ، المقنع : 64 ، والشيخ في التهذيب 1 : 408 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، عنهم الوسائل 10 : 146.
3- عنه البحار 97 : 344 ، المستدرك 7 : 358 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 626 ، التهذيب 4 : 198 ، أَماليه 2 : 111 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، عنهم الوسائل 10 : 144 ، رواه في البحار 96 : 313 عن أَمالي الشيخ.

سحوره وعند إفطاره ، الاّ كان فيما بينهما كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه.

وامّا آداب السحور :

فمنها : أَن يكون لك حال مع اللّه جلّ جلاله ، تعرف بها انَّه يريد انَّك تتسحّر ، وبما ذا تتسحّر ، ومقدار ما تتسحّر به ، فذلك يكون من أعظم سعادتك ، حيث نقلك اللّه جلّ جلاله برحمته من معاملة شهوتك وطبيعتك إلى تدبيره جلّ جلاله في أرادتك.

ومنها : ان لا يكون لك معرفة بهذه الحال ولا تصدق بها حتى تطلبها من باب الكرم والإفضال ، فلا تتسحّر سحورا يثقلك عن تمام وظائف الأسحار ، وعن لطائف الطاعات في إقبال النهار.

فصل (23): فيما نذكره من قصد الصيام بالسحور

أَقول : فامّا قصد الصائم في السّحور ، فأن يكون مراده امتثال أمر اللّه جلّ جلاله بسحوره ، وشكر اللّه له على ما جعله أهلا له بتدبيره ، وان يتقوّى بذلك الطعام على مهامّ الصيام ، وان يعبد اللّه تعالى بهذه المرادات ، لانّه جلّ جلاله أهل للعبادات.

فصل (24): فيما نذكره من النّية أوّل ليلة من شهر رمضان لصوم الشهر كلّه ، أَو تعريف تجديد النّيّة كلّ ليلة

أَقول : انّي وجدت في بعض الاخبار انّ النيّة تكون أَوائل أوّل ليلة من شهر رمضان ، وإذا كان الصوم نهارا فانّ مقتضى الاستظهار ان تكون النيّة قبل ابتداء النّهار لتكون في وجه الصوم ، وقبل ان تدخل بين النيّة وبين الدخول في الصوم شواغل الغفلة وسوء معاملات الأسرار.

ويكون القصد بنيّة الصوم انّك تعبد اللّه جلّ جلاله بصومك واجبا لأنّه أهل للعبادة ، وتعتقد انّه من أعظم المنّة عليك ، حيث جعلك اللّه أهلا لهذه السعادة ، سواء

ص: 186

قصدت بالنيّة الواحدة صوم الشهر كلّه ، أَو جدّدت كلّ يوم نيّة لصوم ذلك اليوم ، ليكون أبلغ لك في الظّفر بفضله ، وان تهيّأ أن تكون نيّتك ان تصوم عن كلّ ما شغل عن اللّه ، فذلك الصوم الّذي تنافس المخلصون في مثله.

أَقول : واعلم انّ الداخلين في الصيام على عدّة أصناف وأقسام :

فصنف : دخلوا في الصّوم بمجرد ترك الأكل والشرب بالنّهار وما يقتضي الإفطار في ظاهر الاخبار ، وما صامت جارحة من جوارحهم عن سوء آدابهم وفضائحهم ، فهؤلاء يكون صومهم على قدر هذه الحال صوم أهل الإهمال.

وصنف : دخلوا في الصوم وحفظوا بعض جوارحهم عن سوء الآداب على مالك يوم الحساب ، فكانوا في ذلك النهار متردّدين بين الصوم بما حفظوه والإفطار بما ضيّعوه.

وصنف : دخلوا في الصّوم بزيادة النّوافل والدعوات الّتي يعملونها بمقتضى العادات ، وهي سقيمة لسقم النيّات ، فحال أعمالهم على قدر إهمالهم.

وصنف : دخلوا دار ضيافة اللّه جلّ جلاله في شهر الصيام ، والقلوب غافلة ، والهمم متكاسلة ، والجوارح متثاقلة ، فحالهم كحال من حمل هدايا إلى ملك ليعرضها عليه ، وهو كاره لحملها إليه ، وفيها عيوب تمنع من قبولها والإقبال عليه.

وصنف : دخلوا في الصوم وأصلحوا ما يتعلّق بالجوارح ، ولكن لم يحفظوا القلب من الخطرات الشاغلة عن العمل الصالح ، فهم كعامل دخل على سلطانه ، وقد أصلح رعيّته بلسانه ، وأهمل ما يتعلّق بإصلاح شأنه ، فهو مسئول عن تقديم إصلاح الرّعية على إصلاح ذاته ، وكيف أَخّر مقدّما وقدّم مؤخّرا ، وخاطر مع المطّلع على إرادته.

وصنف : دخلوا في الصّيام بطهارة العقول والقلوب على اقدام (1) المراقبة لعلاّم الغيوب ، حافظين ما استحفظهم إيّاه ، فحالهم حال عبد تشرّف برضا مولاه.

وصنف : ما قنعوا لله جلّ جلاله بحفظ العقول والقلوب والجوارح ، عن الذنوب والعيوب والقبائح ، حتّى شغلوها بما وفّقهم له من عمل راجح صالح ، فهؤلاء أصحاب

ص: 187


1- قدر (خ ل).

التّجارة المربحة ، والمطالب المنجحة.

أَقول : وقد يدخل في نيّات أهل الصّيام إخطار ، بعضها يفسد حال الصيام ، وبعضها ينقصه عن التمام ، وبعضها يدنيه من باب القبول ، وبعضها يكمّل له شرف المأمول ، وهم أصناف :

صنف منهم : الّذين يقصدون بالصّوم طلب الثّواب ، ولولاه ما صاموا ولا عاملوا به ربّ الأرباب ، وفهؤلاء معدودون من عبيد السّوء ، الّذين أعرضوا عمّا سبق لمولاهم ، من الانعام عليهم وعمّا حضر من إحسانه إليهم ، وكأنّهم إنّما يعبدون الثّواب المطلوب وليسوا في الحقيقة عابدين لعلاّم الغيوب ، وقد كان العقل قاضيا ان يبذلوا ما يقدرون عليه من الوسائل ، حتّى يصلحوا للخدمة لمالك النّعم الجلائل.

وصنف : قصدوا بالصّوم السّلامة من العقاب ، ولو لا التهديد والوعيد بالنّار وأهوال يوم الحساب ما صاموا ، فهؤلاء من لئام العبيد ، حيث لم ينقادوا بالكرامة ، ولا رأَوا مولاهم أهلا للخدمة ، فيسلكون معه سبيل الاستقامة ، ولو لم يعرفوا أهوال عذابه ما وقفوا على مقدّس بابه ، فكأنّهم في الحقيقة عابدون لذّاتهم ليخلصوها من خطر عقوباتهم.

وصنف : صاموا خوفا من الكفّارات وما يقتضيه الإفطار من الغرامات ، ولو لا ذلك ما رأَوا مولاهم أهلا للطّاعات ، ولا محلاّ للعبادات ، فهؤلاء متعرّضون لردّ صومهم عليهم ، ومفارقون في ذلك مراد اللّه ومراد المرسل إليهم.

وصنف : صاموا عادة لا عبادة ، وهم كالمسافرين في صومهم عمّا يراد الصّوم لأجله ، وخارجون عن مراد مولاهم ومقدّس ظلّه ، فحالهم كحال السّاهي واللاّهي ، والمعرض عن القبول والتّناهي.

وصنف : صاموا خوفا من أَهل الإسلام ، وجزعا من العار بترك الصّيام ، إِمّا للشك أَو الجحود ، أَو طلب الراحة في خدمة المعبود ، فهؤلاء أَموات المعنى أَحياء الصورة ، وكالصمّ الّذين لا يسمعون داعي صاحب النعم الكثيرة ، وكالعميان الّذين لا يرون انّ نفوسهم بيد مولاهم ذليلة مأسورة ، وقد قاربوا أَن يكونوا كالدّوابّ ، بل زادوا عليها ، لأنّها تعرف من يقوم بمصالحها وبما يحتاج إليه من الأسباب.

ص: 188

وصنف : صاموا لأجل أنّهم سمعوا انّ الصوم واجب في الشريعة المحمّدية صلى اللّه عليه وآله ، فكأنّ صومهم بمجرّد هذه النيّة من غير معرفة بسبب الإيجاب ، ولا ما عليهم لله جلّ جلاله من المنّة في تعريضهم بسعادة الدّنيا ويوم الحساب ، فلا يبعد ان يكونوا متعرّضين للعتاب.

وصنف : صاموا وقصدوا بصومهم ان يعبدوا اللّه كما قدّمناه ، لأنّه أهل للعبادة ، فحالهم حال أهل السّعادة.

وصنف : صاموا معتقدين انّ المنّة لله جلّ جلاله عليهم في صيامهم وثبوت أقدامهم ، عارفين بما في طاعته من إكرامهم وبلوغ مرامهم ، فهؤلاء أهل الظّفر بكمال العنايات وجلال السعادات.

أقول : واعلم انّ لأهل الصيام مع استمرار الساعات واختلاف الحركات والسكنات [درجات] (1) ، في أنّهم ذاكرون انّهم بين يدي اللّه جلّ جلاله ، وانّه مطّلع عليهم ، وما يلزمهم لذلك من إقبالهم عليه ، ومعرفة حقّ إحسانه إليهم.

فحالهم في الدرجات على قدر استمرار المراقبات ، فهم بين متّصل الإقبال مكاشف ذلك الجلال ، وبين متعثّر بأذيال الإهمال ، وناهض من تعثره (2) بإمساك يد الرّحمة له والإفضال ، ولا يعلم تفصيل مقدار مراقباتهم وتكميل حالاتهم ، الاّ المطّلع على اختلاف إرادتهم.

فارحم روحك أيّها العبد الضعيف الّذي قد أحاط به التّهديد والتخويف ، وعرض عليه التّعظيم والتبجيل والتشريف.

فصل (25): فيما نذكره من فضل الخلوة بالنّساء لمن قدر على ذلك

أوّل ليلة من شهر رمضان ، ونيّة ذلك

اعلم انّ الخلوة بالنّساء أوّل شهر الصيام من جملة العبادات ، فلا تخرجها بطاعة

ص: 189


1- هو الظاهر.
2- مغترّ بأذيال الإهمال ونافر من تعثيره (خ ل).

الطّبع عن العبادة إلى عبادة الشّهوات ، ولا تشغلك الخلوة بالنساء تلك اللّيلة عن مقام من مقامات السّعادات ، وان قصرت بك ضعف الإرادة ، فاستعن باللّه القادر على تقوية الضعيف وتأهيلك المقام التشريف.

فمن الرواية في ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه اللّه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما هذا لفظه : وقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : يستحبّ للرّجل أن يأتي أهله أوّل ليلة من شهر رمضان. (1)

أقول : ولعلّ مراد صاحب الآداب من هذه الحال وتخصيص الإلمام بالنّساء قبل الدّخول في الصيام ، ليكون خاطر الإنسان في ابتداء شهر رمضان موفّرا على الإخلاص ومقام الاختصاص ، وطاهرا من وساوس الشّيطان.

أو لعلّ ذلك لأجل انّه كان محرّما في صدر الإسلام ، فيراد من العبد إظهار تحليله ونسخ تحريمه.

أو لعلّ المراد إحياء سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالنّكاح في أوّل ليلة من شهر الصيام.

ويمكن ذكر وجوه غير هذه الأقسام ، لكن هذا الّذي ذكرناه ربّما كان أقرب إلى الأفهام.

فصل (26): فيما نذكره ممّا يختم به كلّ ليلة من شهر رمضان

اعلم انّ حديث كلّ ضيف مع صاحب ضيافته ، وكلّ مستخفر بخفير ، فحديثه مع المقصود بخفارته ، وإذا كان الإنسان في شهر رمضان قد اتّخذ خفيرا وحاميا كما تقدّم التّنبّه عليه.

فينبغي كلّ ليلة بعد فراغ عمله ان يقصد بقلبه خفيره ومضيفه ، ويعرض عمله

ص: 190


1- عنه البحار 97 : 348 ، رواه الصدوق في الفقيه 2 : 173 الخصال 2 : 612 ، رواه مع اختلاف الكليني في الكافي 4 : 180 ، عنهم الوسائل 10 : 350.

عليه ، ويتوجّه إلى اللّه جلّ جلاله بالحامي والخفير والمضيف ، وبكلّ من يعزّ عليه ، وبكلّ وسيلة إليه ، في ان يبلغ الحامي انّه متوجّه باللّه جلّ جلاله وبكلّ وسيلة إليه ، وفي ان يكون هو المتولّي لتكميل عمله من النّقصان والوسيط بينه وبين اللّه جلّ جلاله في تسليم العمل إليه ، من باب قبول أهل الإخلاص والأمان.

أقول : ومن وظائف كلّ ليلة إن يبدء العبد في كلّ دعاء مبرور ، ويختم في كلّ عمل مشكور ، بذكر من يعتقد أنّه نائب اللّه جلّ جلاله في عباده وبلاده ، وانّه القيّم بما يحتاج اليه هذا الصّائم ، من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده ، من سائر الأسباب الّتي هي متعلّقة بالنائب عن ربّ الأرباب ، وان يدعو له هذا الصائم بما يليق ان يدعى به لمثله ، ويعتقد أنّ المنّة لله جلّ جلاله ولنائبه ، كيف أهلاه لذلك ورفعاه به في منزلته ومحلّه.

فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات اللّه عليه ، ما ذكره جماعة من أصحابنا ، وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرّة في كتابه ، فقال بإسناده إلى علي بن الحسن بن عليّ بن فضال ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، بإسناده عن الصّالحين عليهم السلام قال : وكرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا وعلى كلّ حال ، والشّهر كلّه ، وكيف أمكنك ، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد اللّه تعالى والصّلاة على النبيّ وآله عليهم السلام :

اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ ، الْقائِمِ بِأَمْرِكَ ، الْحُجَّةِ ، مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ ، عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ ، وَلِيّاً وَحافِظاً وَقاعِداً ، وَناصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً ، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً ، وَتُمَتِّعَهُ فِيها طُولاً وَعَرْضاً ، وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْوارِثِينَ.

اللّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلى يَدِهِ ، وَالْفَتْحَ عَلى وَجْهِهِ ، وَلا تُوَجِّهِ الْأَمْرَ إِلى غَيْرِهِ ، اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ ، حَتَّى لا يَسْتَخْفى بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ ، تُعِزُّ بِها الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ ، وَالْقادَةِ إِلى سَبِيلِكَ ،

ص: 191

وَ ( آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) .

وَاجْمَعْ لَنا خَيْرَ الدَّارَيْنِ ، وَاقْضِ عَنَّا جَمِيعَ ما تُحِبُّ فِيهِما ، وَاجْعَلْ لَنا فِي ذلِكَ الْخِيَرَةَ بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عافِيَةٍ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ وَيَدِكَ الْمَلِيءِ ، فَانَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ ، وَعَطاؤُكَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ (1).

ص: 192


1- عنه البحار 97 : 349.

الباب الخامس: فيما نذكره من سياقة عمل الصائم في نهاره

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره في أوّل يوم من الشهر من الرواية بالغسل فيه

وهو ما رويناه بإسنادنا إلى سعد بن عبد اللّه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السّكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم انّه قال : من اغتسل أوّل يوم من السنة ، في ماء جار ، وصبّ على رأسه ثلاثين غرفة ، كان دواء لسنته ، وانّ أوّل كلّ سنة أوّل يوم من شهر رمضان. (1)

ورويت من كتاب جعفر بن سليمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : انّ من ضرب وجهه بكفّ ماء ورد أمن ذلك اليوم من المذلّة والفقر ، ومن وضع على رأسه من ماء ورد ، أمن تلك السّنة من البرسام ، فلا تدعوا ما نوصّيكم به. (2)

أقول : لعلّ خاطر بعض من يقف على هذه الرّواية يستبعد ما تضمّنته من العناية ، ويقول : كيف يقتضي ثلاثون غرفة من الماء استمرار العافية طول سنته وزوال إخطار الأدواء.

ص: 193


1- عنه الوسائل 3 : 326 ، البحار 97 : 350.
2- عنه الوسائل 3 : 326 ، البحار 76 : 144 ، 97 : 350 ، رواه السيد في أمان الأخطار : 36.

فاعلم انّ كلّ مسلم فإنّه يعتقد انّ اللّه جلّ جلاله يعطي على الحسنة الواحدة في دار البقاء ، من الخلود ودوام العافية وكمال النّعماء ، ما يحتمل أن يقدم لهذا العبد المغتسل في دار الفناء بعض ذلك العطاء ، وهو ما ذكره من العافية والشفاء.

فصل (2): فيما نذكره من صوم الإخلاص وحال أهل الاختصاص من طريق الاعتبار

اعلم انّ أصل الأعمال والّذي عليه مدار الأفعال ، ينبغي ان يكون هو محلّ التنزيه عن الشوائب والنقصان ، ولمّا كان صوم شهر رمضان مداره على معاملة العقول والقلوب لعلاّم الغيوب ، وجب أن يكون اهتمام خاصّته جلّ جلاله وخالصته بصيام العقل والقلب عن كلّما يشغل عن الربّ.

فان تعذّر استمرار هذه المراقبة في سائر الأوقات لكثرة الشواغل والغفلات ، فلا أقلّ ان يكون الإنسان طالبا من اللّه جلّ جلاله ان يقوّيه على هذه الحال ، ويبلّغه صفات أهل الكمال ، وان يكون خائفا من التّخلّف عن درجات أهل السّباق ، مع علمه بإمكان اللّحاق.

فإنّه قد عرف انّ جماعة كانوا مثله من الرعيّة للسّياسة العظيمة النبويّة ، وبلغوا غايات من المقامات العاليات ، وفيهم من كان غلاما ، ما يخدم أولياء اللّه جل جلاله في الأبواب ، وما كان جليسا ولا نديما لهم ، ولا ملازما في جميع الأسباب ، فما الذي يقتضي أن يرضي من جاء بعدهم بالدّون وبصفقة المغبون ، وأقلّ مراتب المراد منه ان يجري اللّه جلّ جلاله ورسوله صلوات اللّه عليه ، مجرى صدّيق يحبّ القرب منه ، ويستحيي منه ، وهو حاذر من الاعراض عنه.

فإذا قال العبد : ما اقدر على هذا التّوفيق ، وهو يقدر عليه مع التصديق ، فهو يعلم من نفسه انّه ما كفاه الرّضا بالنقصان والخسران ، حتّى صار يتلّقى اللّه جلّ جلاله ورسوله وآله عليهم السلام ، بالبهتان والكذب والعدوان.

ص: 194

فصل (3): فيما نذكره من صفات كمال الصوم من طريق الاخبار

رويت ذلك عن جماعة من الشيوخ المعتبرين إلى جماعة من العلماء الماضين ، وانا أذكر لفظ محمد بن يعقوب الكليني رضي اللّه عنه وعنهم أجمعين ، فقال بإسناده في كتاب الصوم من كتاب الكافي إلى محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك ، وعدّ أشياء غير هذا ، وقال : لا يكون يوم صومك كيوم فطرك. (1)

وبإسناد محمد بن يعقوب في كتابه إلى جرّاح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : انّ الصيام ليس من الطّعام والشراب وحده ، ثمّ قال : قالت مريم ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً ) (2) أي صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضّوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ، قال : وسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله امرأة تسبّ جارية لها وهي صائمة ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بطعام فقال : كلي ، فقالت : إنِّي صائمة ، فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ، انّ الصوم ليس من الطّعام والشراب.

قال : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصّيام ، ولا تجعل يوم صومك يوم فطرك. (3)

ورأيت في أصل من كتب أصحابنا قال : وسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : انّ الكذبة ليفطر الصيام ، والنّظرة بعد النظرة والظلم كلّه ، قليلة وكثيره. (4)

ص: 195


1- عنه البحار 97 : 351 ، أورده الكليني في الكافي 4 : 87 ، رواه الصدوق في الفقيه 2 : 109 ، والشيخ في التهذيب 4 : 194 ، والمفيد في المقنعة : 49 ، عنهم الوسائل 10 : 161. رواه في البحار 96 : 292 عن كتاب حسين بن سعيد.
2- مريم : 26.
3- عنه البحار 97 : 351 رواه الشيخ في مصباح المتهجّد 2 : 627 ، والكليني في الكافي 4 : 87 ، ذكر صدره الشيخ في أماليه ، عنه البحار 96 : 294 عن كتاب حسين بن سعيد.
4- عنه الوسائل 10 : 34 ، 10 : 165 ، البحار 97 : 351.

ومن كتاب علي بن عبد الواحد النهدي رحمه اللّه بإسناده إلى عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن عجلان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ليس الصّيام من الطّعام والشّراب أن لا يأكل الإنسان ولا يشرب فقط ، ولكن إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك ، واحفظ يدك وفرجك ، وأكثر السّكوت الاّ من خير ، وارفق بخادمك. (1)

ومن كتاب النهدي بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيسر ما افترض اللّه على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب. (2)

أقول : فانظر إلى قول النبي صلى اللّه عليه وآله : انّ أيسر واجبات الصّوم ترك المطعوم والمشروب ، وأنت تقول : أهمّه ترك ذلك ، ففارقت سبيل علاّم الغيوب.

أقول : والاخبار كثيرة في هذا الباب ، فينبغي لذوي الألباب حيث قد عرفوا انّ صوم الجوارح وصونها عن السّيّئات من جملة المهمّات ان يراعوا جوارحهم مراعاة الرّاعي الشفيق على رعيّته ، وان يحفظوها من كلّ ما يفطرها ، ويخرجها عن قبول عبادته ، والاّ فليعلم من كان عارفا بشروط كمال الصيام ويرضى لنفسه بالإهمال ، انّه مستخفّ بصومه ومخاطر بما يتعب فيه من الأعمال.

وليكن على خاطره ان بسقم الغفلة والذنوب يطوف حول أعماله ، ويحاول أن يحول بينه وبين مالك إقباله ، فيمسي في صيامه في كثير من الأوقات ، وقلبه قد أفطر بالخيانات والغفلات ، ولسانه قد أفطر بالكلام بالغيبة ، أو بمعونة ظالم أو بكذب أو تعمّد إثم ، وبما لا يليق بالمراقبات ، وعينه قد أفطرت بالنظر إلى ما لا يحلّ عليه ، أو بالغفلة عن مراعاة المنعم الّذي يتواصل إحسانه إليه.

وسمعه قد أفطر بسماع ما لا يجوز الإصغاء إليه ، ويده قد أفطرت باستعمالها فيما لم تخلق لأجله ، وقدمه قد أفطرت بالسعي بما لا يقرّبه إلى مولاه والدخول تحت ظلّه ، وهو

ص: 196


1- عنه الوسائل 10 : 165 ، البحار 97 : 352.
2- عنه الوسائل 10 : 365 ، 10 : 165 ، رواه المفيد في المقنعة : 50 ، عنه الوسائل 10 : 164.

مع هذا لا يرى إفطار جوارحه وتلف مصالحه واشتهاره عند اللّه جلّ جلاله وعند خاصّته بفضائحه.

فليحذر عبد من مولاه أن ينفذه في شغل ليقضيه ، ونفعه عائد إلى العبد في دنياه وآخرته ، فيخون في أكثر الشّغل الذي نفذ فيه وسيّده ينظر إليه ، وهو يعلم انّه مطّلع عليه وعلى سوء مساعيه.

فصل (4): فيما نذكره من صلاة للسّلامة في الشهر من حوادث الأزمان ، وصلاة أوّل يوم من شهر رمضان ، للحفظ في السنة كلّها من محذور الأزمان

اعلم أنّا قدّمنا في كتاب عمل السنة صلاة ركعتين في أوّل كلّ شهر ، يقرء في الأولى منهما الحمد مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاثين مرّة ، وفي الثانية الحمد مرة و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) ثلاثين مرة ، ويتصدّق معها بشيء من الصّدقات ، فتكون دافعة لما في الشّهر جميعه من المحذورات (1).

ونحن الآن ذاكرون لها مرّة أخرى ، لأنَّ أوّل السّنة أحقّ بالاستظهار في دفع المخوفات بالصّلوات والدعوات.

رويناها بإسنادنا إلى محمّد بن الحسن بن الوليد قال : أخبرنا محمّد بن الحسن الصفار ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن الوشاء قال : كان أبو جعفر عليه السلام ، إذا دخل شهر جديد يصلّي أوّل يوم منه ركعتين ، يقرء لكلّ يوم منه إلى آخره ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) في الركعة الأولى ، وفي الركعة الثّانية ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، ويتصدّق بما يتسهّل ، فيشتري به سلامة ذلك الشّهر كلّه. (2) ومن ذلك ركعتان أخريان تدفع عن العبد إخطار السّنة كلّها إلى مثل ذلك الأوان.

ص: 197


1- رواه السيد في الدروع الواقية : 5.
2- عنه البحار 97 : 353 رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 523 ، والراوندي في دعواته : 106 ، عنهما البحار 91 : 381 ، أورده السيد في الدروع الواقية : 5 عنه المستدرك 1 : 470 ، الوسائل 5 : 286.

رواها محمّد بن أبي قرّة في كتابه في عمل أول يوم من شهر رمضان عن العالم صلوات اللّه عليه انّه قال : من صلّى عند دخول شهر رمضان ركعتين تطوّعا ، قرأ في أولاهما أمّ الكتاب و ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) ، والأخرى ما أحبّ ، دفع اللّه تعالى عنه سوء سنته ، ولم يزل في حرز اللّه تعالى إلى مثلها من قابل (1).

فصل (5): فيما نذكره من الدعاء أوّل يوم من شهر رمضان خاصّة

فمن ذلك ما رويته عن والدي قدس اللّه روحه ونوّر ضريحه ، فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة ، بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن بطّة رحمه اللّه ، عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمد ، عن والده محمّد بن الحسن الطوسي جدّ والدي من قبل امّه ، عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان تغمّدهم اللّه جلّ جلاله جميعا بالرضوان.

وأخبرني أيضا والدي قدّس اللّه روحه ، عن شيخه الفقيه علي بن محمّد المدائني ، عن سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي ، عن علي بن عبد الصّمد النّيشابوري ، عن الدوريستي ، عن المفيد أيضا بجميع ما تضمّنه كتاب المقنعة.

قال : إذا طلع الفجر أوّل يوم من شهر رمضان فادع وقل :

اللّهُمَّ قَدْ حَضَرَ شَهْرُ رَمَضانَ ، وَقَدِ افْتَرَضْتَ عَلَيْنا صِيامَهُ ، وَأَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ، اللّهُمَّ أَعِنَّا عَلى صِيامِهِ وَتَقَبَّلْهُ عَنَّا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا وَسَلِّمْهُ لَنا ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

أقول : ووجدت أدعية ذكرت في أوّل يوم منه ، وهي لدخول الشهر ، في روايتها انّه أوّل السنة ، وقد ذكرتها في أدعية أوّل ليلة ، لأنّها وقت دخول الشهر وأوّل السنة ، وان

ص: 198


1- عنه الوسائل 8 : 41 ، البحار 97 ، 362.

شئت فادع بها أوّل ليلة منه وأوّل يوم منه ، استظهارا للافعال الحسنة.

فصل (6): فيما نذكره من الأدعية والتسبيح والصّلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله المتكرّرة كلّ يوم من شهر رمضان

اعلم انّنا نبدأ بذكر الدّعاء المشهور ، بعد ان ننبّه على بعض ما فيه من الأمور ، وقد كان ينبغي البدأة بمدح اللّه وتعظيمه بالتسبيح ، ثمّ بتعظيم النَّبيّ والأئمّة عليه وعليهم السلام ، لكن وجدنا الدّعاء في المصباح الكبير قبل التّسبيح والصّلاة عليهم ، فجوّزنا ان تكون الرّواية اقتضت ذلك التّرتيب ، فعملنا عليه ، فنقول :

انّ هذا الدعاء في كلّ يوم منّ الشّهر يأتي فيه : «إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها.»

والظّاهر فيمن عرفت اعتقاده فيها من الإماميّة أنّ اللّيلة الّتي تنزّل الملائكة والرّوح فيها ليلة القدر ، وانّها إحدى الثّلاث ليال : أمّا ليلة تسع عشرة منه أو ليلة إحدى وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين ، وما عرفت انّ أحدا من أصحابنا يعتقد جواز أن تكون ليلة القدر في كلّ ليلة من الشّهر ، وخاصّة اللّيالي المزدوجات ، مثل اللَّيلة الثَّانية والرّابعة والسّادسة وأمثالها.

ووجدت عمل المخالفين أيضا على انّ ليلة القدر في بعض اللَّيالي المفردات ، وقد قدّمنا قول الطّوسي انّها في مفردات العشر الآخر بلا خلاف.

أقول : فينبغي تأويل ظاهر الدّعاء : ان كان يمكن ، امَّا بأن يقال :

لعلّ المراد من إطلاق لفظ : إنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، إنزال الملائكة والرّوح فيها غير ليلة القدر بأمر يختصّ كلّ ليلة.

أو لعلّ المراد بنزول الملائكة والرّوح فيها في ظاهر إطلاق هذا اللفظ في كلّ ليلة ان يكون نزول الملائكة في كلّ ليلة إلى موضع خاصّ من معارج الملإ الأعلى.

أو لعلّ المراد إظهار من يروي هذا الدّعاء عنه عليه السلام انّه ما يعرف ليلة القدر

ص: 199

تقيّة ولمصالح دينيّة ، أو لغير ذلك من التأويلات المرضيّة.

وقد تقدّم ذكرنا انّهم عليهم السلام عارفون بليلة القدر وروايات وتأويلات كافية في هذا الأمر.

أقول : وان كان المراد بهذا إنزال الملائكة والروح فيها ليلة القدر خاصّة ، فينبغي لمن يعتقد انّ ليلة القدر إحدى الثلاث ليال الّتي ذكرناها ، الاّ يقول في كلّ يوم من الشّهر هذا اللفظ ، بل يقول ما معناه :

اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ انَّنِي أَبْقى إِلى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا مِنَ الدُّعاءِ الْمَذْكُورِ ، وَإِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ انَّنِي لا أَبْقى فَابْقِنِي إِلى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَارْزُقْنِي فِيها كَذا وَكَذا.

وان يطلق اللّفظ المذكور في الدّعاء يوم ثامن عشر ويوم عشرين منه ويوم اثنين وعشرين ، لتجويز ان يكون كلّ ليلة من هذه الثلاث الليالي المستقبلة ليلة القدر ، ليكون الدّعاء موافقا لعقيدته ومناسبا لإرادته.

أقول : وان كان الدّاعي بهذا الدّعاء ممّن يعتقد جواز أن يكون ليلة القدر كلّ ليلة مفردة من الشهر ، أو في المفردات من النّصف الآخر ، أو من العشر الآخر ، فينبغي أن يقتصر في هذه الألفاظ الّتي يقول فيها : وَإِنْ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها ، عَلى الأوقات الّتي يعتقد جواز ليلة القدر فيها ، لئلاّ يكون في دعائه مناقضا بين اعتقاده وبين لفظه بغير مراده.

أقول : وكذا قد تضمّن هذا الدّعاء وكثير من أدعية شهر رمضان طلب الحجّ ، فلا ينبغي أن يذكر الدّعاء بالحجّ إلاّ من يريده ، وامّا من لا يريد الحجّ أصلا ، ولو تمكّن منه ، فانّ طلبه لما لا يريده ولا يريد أن يوفّق له ، يكون دعاؤه غلطا منه ، وكالمستهزئ الّذي يحتاج إلى طلب العفو عنه ، بل يقول :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي ما تَرْزُقُ حُجَّاجَ بَيْتِكَ الْحَرامِ مِنَ الإِنْعامِ وَالإِكْرامِ.

أقول : ولقد سمعت من يدعو بهذا الدّعاء على إطلاقه في طلب ليلة القدر من أوّل يوم من الشهر إلى آخر يوم منه ويقول في آخر يوم ، وهو يوم الثلاثين : وَإِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها.

ص: 200

وما بقي بين يديه على اليقين ليلة واحدة من شهر رمضان ، بل هو مستقبل ليلة العيد ، وما يعتقد انّ ليلة العيد تنزّل الملائكة والرّوح فيها ، وانّما يتلو هذه الألفاظ بالغفلة عن المراد بها والقصد لها ، ولسان حال عقله كالمتعجّب منه ، ولا يؤمن أن يكون اللّه جلّ جلاله معرضا عنه ، لتهوينه باللّه جلَّ جلاله في خطابه بالمحال ، ومجالسته لله جلّ جلاله بالإهمال.

أقول : وربّما يطلب في هذا الشهر في الدّعوات ما كان الدّاعون قبله يطلبونه ، وهو لا يطلب حقيقة ما كانوا يطلبونه ويريدونه ، مثل قوله : «وَأَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ».

وقد كان من جملة الخير الّذي أدخلهم اللّه جلَّ جلاله فيه الامتحان بالقتل والحبوس والاصطلام وسبي الحرم وقتل الأولاد ، واحتمال أذى في كثير من أذى الأنام ، وأنت أيّها الدّاعي لا تريد أن تبتلى منه بشيء أصلا.

ومن جملة الخير الّذي أدخلهم فيه الإمامة ، وأنت تعلم أنّك لا ترى نفسك لطلب ذلك أهلا.

فليكن دعاؤك في هذه الأمور مشروطا بما يناسب حالك ، ولا تطلق بقلبك ولفظك ظاهر معاني اللّفظ المذكور ، مثل أن تطلب في الدعاء القتل في سبل المراضي الإلهيّة ، وأنت ما تريد نجاح هذا المطلوب بالكليّة.

فليكن مطلوبك منه ان يعطيك ما يعطى من قتل في ذلك السّبيل الشّريف من أهل القوّة والمعرفة بذلك التّشريف ، وإن لم يكن محاربا في اللّه ولا مجاهدا ، بل بفضل اللّه المالك اللطيف.

ومثل أن يطلب في الدّعاء أن يجعل رزقه قوت يوم بيوم ، ويعني ما يمسك رمقه أو يشبعه وعياله ، وهو لا يرضى بإجابته إلى هذا المقدار ، ولو أجابه اللّه جلّ جلاله ، كان قد استعاد منه كثيرا ممّا في يديه من زيادة اليسار.

فليكن قصدك في أمثال هذه الدّعوات موافقا لما يقتضيه حالك من صواب الإرادات ، واحذر أن تكون لاعبا ومستهزئا وغافلا في الدعوات.

ص: 201

أقول : وها نحن ذاكرون ما وعدنا به من الدّعاء كلّ يوم من شهر رمضان :

وهو ممّا رويناه بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي ، ومن كتاب علي بن عبد الواحد النهدي بإسنادهما إلى مولانا علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما ، انّه كان يدعو به ، وانّ مولانا محمّد بن علي الباقر عليهما السلام كان أيضا يدعو به كلّ يوم من شهر رمضان ، وفي بعض الرّوايات زيادة ونقصان ، وهذا لفظ بعضها :

اللّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالفُرْقانِ ، وَهذا شَهْرُ الصِّيامِ ، وَهذا شَهْرُ الْقِيامِ ، وَهذا شَهْرُ الإِنابَةِ ، وَهذا شَهْرُ التَّوْبَةِ ، وَهذا شَهْرُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَهذا شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ ، وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَهذا شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (1) ، وَسَلِّمْهُ لِي وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي وَسَلِّمْنِي فِيهِ ، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ بِأَفْضَلِ عَوْنِكَ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَأَوْلِيائِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَفَرِّغْنِي فِيهِ لِعِبادَتِكَ وَدُعائِكَ ، وَتِلاوَةِ كِتابِكَ ، وَأَعْظِمْ لِي فِيهِ الْبَرَكَةَ ، وَأَحْرِزْ لِي فِيهِ التَّوْبَةَ ، وَأَحْسِنْ لِي فِيهِ الْعاقِبَةَ (2) ، وَأَصِحَّ فِيهِ بَدَنِي ، وَأَوْسِعْ لِي فِيهِ رِزْقِي ، وَاكْفِنِي فِيهِ ما أَهَمَّنِي ، وَاسْتَجِبْ فِيهِ دُعائِي ، وَبَلِّغْنِي فِيهِ رَجائِي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَذْهِبْ عَنِّي فِيهِ النُّعاسَ وَالْكَسَلَ ، وَالسَّأمَةَ وَالْفَتْرَةَ (3) وَالْقَسْوَةَ ، وَالْغَفْلَةَ وَالْغِرَّةَ (4).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ الْعِلَلَ وَالْأَسْقامَ ، وَالْهُمُومَ وَالْأَحْزانَ ، وَالْأَعْراضَ وَالْأَمْراضَ ، وَالْخَطايا وَالذُّنُوبَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي فِيهِ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ ، وَالْجَهْدَ (5) وَالْبَلاءَ ، وَالتَّعَبَ وَالعَناءَ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

ص: 202


1- في الصحيفة زيادة : وأعنِّي على صيامه وقيامه.
2- العافية (خ ل).
3- الفترة : الضعف.
4- الغرّة : الغفلة.
5- الجهد والجهد : الطاقة والمشقّة.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعِذْنِي فِيهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَهَمْزِهِ (1) وَلَمْزِهِ (2) ، وَنَفْثِهِ (3) وَنَفْخِهِ ، وَوَسْواسِهِ وَتَثْبِيطِهِ (4) ، وَبَطْشِهِ وَكَيْدِهِ وَمَكْرِهِ ، وَحِيَلِهِ وَحَبائِلِهِ وَخُدَعِهِ ، وَأَمانِيِّهِ وَغُرُورِهِ وَفِتْنَتِهِ ، وَخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، وَأَعْوانِهِ وَشَرَكِهِ (5) ، وَأَتْباعِهِ وَإِخْوانِهِ ، وَأَحْزابِهِ وَأَشْياعِهِ وَأَوْلِيائِهِ وَشُرَكائِهِ ، وَجَمِيعِ مَكائِدِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْزُقْنِي تَمامَ صِيامِهِ وَبُلُوغَ الْأَمَلِ فِيهِ وَفِي قِيامِهِ ، وَاسْتِكْمالِ ما يُرْضِيكَ عَنِّي فِيهِ ، وَأَعْطِنِي صَبْراً وَإِيماناً وَيَقِيناً وَاحْتِساباً ، ثُمَّ تَقَبَّلْ ذلِكَ مِنِّي بِالأَضْعافِ الْكَثِيرَةِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ ، آمِينَ رَبَ (6) العالَمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْزُقْنا فِيهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَالاجْتِهادَ وَالْقُوَّةَ ، وَالنِّشاطَ وَالإِنابَةَ ، وَالتَّوْفِيقَ وَالتَّوْبَةَ ، وَالْقُرْبَةَ وَالْخَيْرَ الْمَقْبُولَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ ، وَالتَّضَرُّعَ وَالْخُشُوعَ وَالرِّقَّةَ ، وَالنِّيَّةَ الصَّادِقَةَ وَصِدْقَ اللِّسانِ ، وَالْوَجَلَ مِنْكَ ، وَالرَّجاءَ لَكَ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْكَ ، وَالثِّقَةَ بِكَ ، وَالْوَرَعَ عَنْ مَحارِمِكَ ، مَعَ صالِحِ الْقَوْلِ ، وَمَقْبُولِ السَّعْيِ ، وَمَرْفُوعِ الْعَمَلِ ، وَمُسْتَجابِ الدَّعْوَةِ.

وَلا تَحُلْ (7) بَيْنِي وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ بِعَرَضِ وَلا مَرَضٍ ، وَلا هَمٍّ وَلا سُقْمٍ وَلا غَفْلَةٍ وَلا نِسْيانٍ ، بَلْ بِالتَّعاهُدِ وَالتَّحَفُّظِ فِيكَ وَلَكَ ، وَالرِّعايَةِ لِحَقِّكَ ، وَالْوَفاءِ بِعَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقْسِمْ لِي فِيهِ أَفْضَلَ ما تَقْسِمُهُ لِعِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَأَعْطِنِي فِيهِ أَفْضَلَ ما تُعْطِي أَوْلِياءَكَ الْمُقَرَّبِينَ ، مِنَ

ص: 203


1- همزات الشياطين : خطراته التي تخطر بقلب الإنسان.
2- اللمز : الإشارة بالعين ونحوه.
3- نفثه : ما يلقيه في القلب.
4- تثبيطه : اعاقته.
5- الشرك - بالتحريك - حبالة الصياد.
6- يا رب (خ ل).
7- لا تحل : لا تمنع.

الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، وَالتَّحَنُّنِ (1) وَالإِجابَةِ ، وَالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ الدَّائِمَةِ ، وَالْعافِيَةِ وَالْمُعافاةِ ، وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ ، وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَخَيْرِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ دُعائِي فِيهِ إِلَيْكَ واصِلاً ، وَرَحْمَتَكَ وَخَيْرَكَ إِلَيَّ فِيهِ نازِلاً ، وَعَمَلِي فِيهِ مَقْبُولاً ، وَسَعْيِي فِيهِ مَشْكُوراً ، وَذَنْبِي فِيهِ مَغْفُوراً ، حَتّى يَكُونَ نَصِيبِي فِيهِ الْأَكْثَرَ (2) ، وَحَظِّي فِيهِ الْأَوْفَرَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ حالٍ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْها أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيائِكَ وَأَرْضاها لَكَ ، ثُمَّ اجْعَلْها لِي خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، وَارْزُقْنِي فِيها أَفْضَلَ ما رَزَقْتَ أَحَداً مِمَّنْ بَلَّغْتَهُ إِيَّاها وَأَكْرَمْتَهُ بِها ، وَاجْعَلْنِي فِيها مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ ، وَسُعَداءِ خَلْقِكَ بِمَعْرِفَتِكَ وَرِضْوانِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْزُقْنا فِي شَهْرِنا هذا الْجِدَّ وَالاجْتِهادَ ، وَالْقُوَّةَ وَالنِّشاطَ ، وَما تُحِبُّ وَتَرْضى.

اللّهُمَّ رَبِّ الْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ (3) ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَرَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ ، وَما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَرَبَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ، وَرَبَّ مُوسى وَعِيسى ، وَرَبَّ جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، وَبِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّكَ الْعَظِيمِ ، لَمَّا صَلَّيْتَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَنَظَرْتَ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً ، تَرْضى بِها عَنِّي ، رِضى لا تَسْخَطُ عَلَيَّ بَعْدَهُ أَبَداً ، وَأَعْطَيْتَنِي جَمِيعَ سُؤْلِي وَرَغْبَتِي ، وَامْنِيَّتِي وَإِرادَتِي وَصَرَفْتَ عَنِّي ما أَكْرَهُ وَأَحْذَرُ ، وَأَخافُ عَلى نَفْسِي وَما لا أَخافُ ، وَعَنْ أَهْلِي

ص: 204


1- التحنن : الترحم.
2- الأكبر (خ ل).
3- الليالي العشر (خ ل).

وَمالِي وَإِخْوانِي وَذُرِّيَّتِي.

اللّهُمَّ إِلَيْكَ فَرَرْنا مِنْ ذُنُوبِنا ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآوِنا تائِبِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتُبْ عَلَيْنا مُسْتَغْفِرِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لَنا مُتَعَوِّذِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِذْنا مُسْتَجِيرِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَجِرْنا مُسْتَسْلِمِينَ (1) ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَخْذُلْنا راهِبِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآمِنَّا راغِبِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَشَفِّعْنا سائِلِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعْطِنا ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي (2) وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَحَقُّ مَنْ سَأَلَ الْعَبْدُ رَبَّهُ ، وَلَمْ يَسْأَلِ الْعِبادُ مِثْلَكَ كَرَماً وَجُوداً.

يا مَوْضِعَ شَكْوَى السَّائِلِينَ ، وَيا مُنْتَهى حاجَةِ الرَّاغِبِينَ ، وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيا مَلْجَأَ الْهارِبِينَ ، وَيا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَيا رَبَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَيا كاشِفَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيا فارِجَ هَمِّ الْمَهْمُومِينَ ، وَيا كاشِفَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ.

يا اللّهُ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3) ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَعُيُوبِي وَإِسائَتِي ، وَظُلْمِي وَجُرْمِي ، وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُها غَيْرُكَ ، وَاعْفُ عَنِّي ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَاعْصِمْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَاسْتُرْ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَوَلَدِي وَقَرابَتِي (4) وَأَهْلِ حُزانَتِي (5) ، وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، فَانَّ ذلِكَ كُلَّهُ بِيَدِكَ ، وَأَنْتَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ.

ص: 205


1- مسلمين (خ ل).
2- انك أنت ربي (خ ل).
3- ويا اللّه المكنون من كلّ عين ، المرتدي بالكبرياء صل (خ ل).
4- قراباتي (خ ل).
5- الحزانة : عيال الرجل ، تتحزّن بأمرهم.

فَلا تُخَيِّبْنِي يا سَيِّدِي ، وَلا تَرُدَّ (1) دُعائِي ، وَلا تَرُدَّ يَدِي إِلى نَحْرِي ، حَتّى تَفْعَلَ ذلِكَ بِي وَتَسْتَجِيبَ لِي جَمِيعَ ما سَأَلْتُكَ وَتَزِيدَنِي مِنْ فَضْلِكَ ، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَنَحْنُ إِلَيْكَ راغِبُونَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءِ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةٌ ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي وَإِيماناً لا يَشُوبُهُ (2) شَكٌّ ، وَرضِي بِما قَسَمْتَ لِي.

وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) ، وَأَخِّرْنِي إِلى ذلِكَ ، وَارْزُقْنِي فِيها ذِكْرَكَ ، وَشُكْرَكَ وَطاعَتَكَ وَحُسْنَ عِبادَتِكَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ بِأَفْضِلِ صَلَواتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا رَبَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، اغْضِبِ الْيَوْمَ لِمُحَمَّدٍ وَلأَبْرارِ عِتْرَتِهِ وَاقْتُلْ أَعْداءَهُمْ بَدَداً (4) ، وَأَحْصِهِمْ عَدَداً ، وَلا تَدَعْ عَلى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً ، وَلا تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً.

يا حَسَنَ الصُّحْبَةِ ، يا خَلِيفَةَ النَّبِيِّينَ ، أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ الْبَدِيءُ الْبَدِيعُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَالدَّائِمُ غَيْرُ الْغافِلِ ، وَالْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ.

أَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ ، أَنْتَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ وَناصِرُ مُحَمَّدٍ وَمُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ ،

ص: 206


1- لا تغل (خ ل).
2- لا يشوبه : لا يخالطه.
3- آله (خ ل).
4- بددا : متفرّقين.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَنْصُرَ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ وَوَصِيَّ مُحَمَّدٍ ، وَالْقائِمَ بِالْقِسْطِ مِنْ أَوْصِياءِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، اعْطِفْ (1) عَلَيْهِمْ نَصْرَكَ.

يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ بِحَقِّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ (2) ، وَاجْعَلْ عاقِبَةَ أَمْرِي إِلى غُفْرانِكَ وَرَحْمَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَكَذلِكَ نَسَبْتَ نَفْسَكَ يا سَيِّدِي بِاللُّطْفِ (3) ، بَلى إِنَّكَ لَطِيفٌ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَالْطُفْ لِي إِنَّكَ لَطِيفٌ لِما تَشاءُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا ، وَتَطَوَّلْ عَلَيَّ بِقَضاءِ (4) حَوائِجِي لِلاخِرَةِ وَالدُّنْيا.

[ثمَّ قل : أَسْتَغْفِرُ اللّهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ] (5).

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً ، رَبِ (6) اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَنْتَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ سُوءاً وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ - تقولها ثلاثا.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْحَكِيمُ الْعَظِيمُ ، الْغافِرُ لِلذَّنْبِ الْعَظِيمِ ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ - تقولها ثلاثا.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ

ص: 207


1- عطف يعطف : مال وعليه أشفق.
2- في البحار : وجيها في الدنيا والآخرة.
3- باللطيف (خ ل).
4- بجميع (خ ل).
5- من البحار وبلد الأَمين.
6- اللّهم (خ ل).

الْحَكِيمِ الْمَحْتُومِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ ، وَأَنْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعْ رِزْقِي ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي وَدَيْنِي آمِينَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي أَمْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، وَاحْرُسْنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَرِسُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَرِسُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً كَثِيراً (1).

ومن العمل في كلّ يوم من شهر رمضان التسبيح :

رويناه بإسنادنا إلى أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال : أخبرنا أبو عبد اللّه يحيى بن زكريا ابن شيبان العلاّف في كتابه ، سنة خمس وستّين ومائتين ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ ابن أبي حمزة ، عن أبيه وحسين بن أبي العلاء الزّيدجي ، جميعا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : تسبّح في كلّ يوم من شهر رمضان - ونذكر فيه زيادة من رواية جدِّي أبي جعفر الطوسي - :

الأوّل : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ السَّمِيعِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَسْمَعَ مِنْهُ ، يَسْمَعُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَيَسْمَعُ ما فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَيَسْمَعُ الْأَنِينَ

ص: 208


1- عنه البحار 98 : 101 - 105 ، أورده الشيخ في التهذيب 3 : 111 ، وفي مصباحه 2 : 610 ، عنه الكفعمي في مصباحه : 618 ، بلد الأمين : 223 ، رواه مختصرا الكليني في الكافي 4 : 76 ، والصدوق في الفقيه 2 : 65 ، عنهما الوسائل 10 : 326 ، ذكره في الصحيفة السجادية الجامعة ، الدعاء 117.

وَالشَّكْوى ، وَيَسْمَعُ السِّرَّ وَأَخْفى ، وَيَسْمَعُ وَساوِسَ الصُّدُورِ (1) وَلا يُصِمُّ سَمْعَهُ صَوْتٌ.

الثاني : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الْبَصِيرِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَبْصَرَ مِنْهُ ، يَبْصُرُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَيَبْصُرُ ما فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكَ الْأَبْصارَ ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

وَلا تَغْشى بَصَرَهُ الظُّلْمَةُ ، وَلا يُسْتَتَرُ مِنْهُ بِسِتْرٍ ، وَلا يُوارِي مِنْهُ جِدارٌ ، وَلا يَغِيبُ عَنْهُ (2) بَرٌّ وَلا بَحْرٌ ، وَلا يُكِنُّ مِنْهُ جَبَلٌ ما فِي أَصْلِهِ وَلا قَلْبٌ ما فِيهِ ، وَلا جَنْبٌ ما فِي قَلْبِهِ ، وَلا يُسْتَتَرُ مِنْهُ صَغِيرٌ وَلا كَبِيرٌ ، وَلا يَسْتَخْفى مِنْهُ صَغِيرٌ لِصِغَرِهِ وَلا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ ، لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

الثالث : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرُ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَيُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، وَيُنَزِّلُ الْماءَ مِنَ السَّماءِ بِكَلِماتِهِ ، وَيُنْبتُ النَّباتَ بِقُدْرَتِهِ وَيَبْسُطُ الرِّزْقَ بِعِلْمِهِ (3) ، سُبْحانَ اللّهِ الَّذي لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي

ص: 209


1- ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (خ ل).
2- منه (خ ل).
3- ويسقط الورق بعلمه (خ ل).

الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

الرابع : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ (1) الْأَرْحامُ ، وَما تَزْدادُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ، عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ ، سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ ، لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي يُمِيتُ الْأَحْياءَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى ، وَيَعْلَمُ ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَتَقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما يَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمَّى.

الخامس : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ مالِكِ الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

السّادس : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى

ص: 210


1- الغيض : السقط الذي لم يتمّ خلقه.

وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبينٌ.

السابع : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي لا يُحْصِي مِدْحَتَهُ الْقائِلُونَ ، وَلا يَجْزِي بِآلائِهِ الشَّاكِرُونَ الْعابِدُونَ ، وَهُوَ كَما قالَ وَفَوْقَ ما نَقُولُ ، وَاللّهُ سُبْحانَهُ كَما أَثْنى عَلى نَفْسِهِ ، وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ ، وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمواتِ وَالْأَرْضُ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

الثامن : سُبْحانَ اللّهِ بارئِ النَّسَمَ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها ، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها عَمَّا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها عَمَّا يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها ، وَلا يَشْغَلُهُ عِلْمُ شَيْءٍ عَنْ عِلْمِ شَيْءٍ ، وَلا يَشْغَلُهُ خَلْقُ شَيْءٍ عَنْ خَلْقِ شَيْءٍ ، وَلا حِفْظُ شَيْءٍ عَنْ حِفْظِ شَيْءٍ ، وَلا يُساوِيه شَيْءٌ ، وَلا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1).

ص: 211


1- العليم (خ ل).

التاسع : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ فاطِرِ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً اولِي أَجْنِحَةً ، مَثْنًى وَثُلاثَ وَرُباعَ ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، ما يَفْتَحُ اللّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ، وَما يُمْسِكَ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

العاشر : سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي يَعْلَمُ ما فِي السَّمواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَما كانُوا ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، سُبْحانَ الَّذِي (1) بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحاتِ (2).

الصَّلاة على النبيّ صَلَّى اللّهُ عَليهِ وَآلِهِ في كلِّ يوم من شهر رمضان :

إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ، لَبَّيْكَ يا رَبِّ وَسَعَدَيْكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ كَما رَحِمْتَ إِبْراهِيمَ وَآلَ إِبْراهِيمَ ، إِنَّكَ

ص: 212


1- أنت الذي (خ ل) ، وفي البحار : الحمد لله الذي.
2- عنه البحار 98 : 105 - 108 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجّد 2 : 616 - 620.

حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللّهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما سَلَّمْتَ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ امْنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مَنَنْتَ عَلى مُوسى وَهرُونَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما شَرَّفْتَنا بِهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما هَدَيْتَنا بِهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالاخِرُونَ.

عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ السَّلامُ كُلَّما طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرَبَتْ ، عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ السَّلامُ كُلَّما طَرَفَتْ عَيْنٌ أَوْ بَرَقَتْ ، عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ السَّلامُ كُلَّما ذُكِرَ السَّلامُ ، عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ السَّلامُ كُلَّما سَبَّحَ اللّهُ مَلَكٌ أَوْ قَدَّسَهُ.

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ ، السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الآخِرِينَ ، السَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، (1) اللّهُمَّ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ ، وَرَبَّ الرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، وَرَبَّ الْحِلِّ وَالْحَرامِ ، أَبْلِغْ مُحَمَّداً نَبِيَّكَ وَآلَهُ (2) عَنَّا السَّلامَ.

اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً مِنَ الْبَهاءِ وَالنَّضْرَةِ ، وَالسُّرُورِ وَالْكَرامَةِ ، وَالْغِبْطَةِ وَالْوَسِيلَةِ وَالْمَنْزِلَةِ ، وَالْمَقامِ وَالشَّرَفِ ، وَالرِّفْعَةِ وَالشَّفاعَةِ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَفْضَلَ ما تُعْطِي أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَأَعْطِ مُحَمَّداً وَآلَهُ فَوْقَ (3) ما تُعْطِي الْخَلائِقَ مِنَ الْخَيْرِ أَضْعافاً (4) كَثِيرَةً لا يُحْصِيها غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (5) أَطْيَبَ وَأَطْهَرَ ، وَأَزْكَى وَأَنْمى ، وَأَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ (6) وَالآخِرِينَ ، وَعَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 213


1- السلام على محمد وآله ورحمة اللّه وبركاته (خ ل).
2- وأهل بيته عنّا أفضل التحيّة والسّلام (خ ل).
3- أفضل (خ ل).
4- أضعافا مضاعفة (خ ل).
5- آله (خ ل).
6- على الأولين (خ ل).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (1) ، وَوالِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى فاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ (2) ، وَالْعَنْ مَنْ آذى نَبِيَّكَ فِيها ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِمامَيِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُما ، وَعادِ مَنْ عاداهُما ، وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِما.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَضاعِفِ الْعَذابَ (3) عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (4) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (5).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (6) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُوسى بْنِ جَعْفَرٍ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ وَوالِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (7).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسى الرِّضا إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (8) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (9).

ص: 214


1- ووصيّ رسول ربّ العالمين (خ ل).
2- عليه وآله السلام (خ ل) ، ووال من والاها وعاد من عاداها وضاعف العذاب على من ظلمها (خ ل).
3- في مصباح المتهجد في جميع المواضع : ضاعف العذاب على من ظلمه.
4- وهو الوليد (خ ل).
5- وهو إبراهيم بن الوليد (خ ل).
6- وهو المنصور (خ ل).
7- وهو الرشيد (خ ل).
8- وهو المأمون (خ ل).
9- وهو المعتصم (خ ل).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (1) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَضاعِفِ الْعَذابَ عَلى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ (2).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ إِمامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَوالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَعَجِّلْ فَرَجَهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الطَّاهِرِ وَالْقاسِمِ ابْنَيْ نَبِيِّكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى رُقَيَّةَ ابْنَةِ نَبِيِّكَ ، وَالْعَنْ مَنْ آذى نَبِيَّكَ فِيها ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أُمِّ كُلْثُومِ ابْنَةِ نَبِيِّكَ (3) وَالْعَنْ مَنْ آذى نَبِيَّكَ فِيها ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى ذُرِيَّةِ نَبِيِّكَ (4).

اللّهُمَّ اخْلُفْ نَبِيَّكَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ ، اللّهُمَّ مَكِّنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عَدَدِهِمْ وَمَدَدِهِمْ (5) وَأَنْصارِهِمْ عَلَى الْحَقِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ.

اللّهُمَّ اطْلُب بِذَحْلِهِمْ (6) وَوِتْرِهِمْ (7) وَدِمائِهِمْ ، وَكُفَّ عَنَّا وَعَنْهُمْ وَعَنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ بَأْسَ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ وَكُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّكَ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً.

وتقول :

يا عُدَّتِي فِي كُرْبَتِي ، وَيا صاحِبِي فِي شِدَّتِي ، وَيا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، وَيا غايَتِي فِي رَغْبَتِي ، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي ، وَالْمُؤْمِنُ رَوْعَتِي ، وَالْمُقِيلُ عَثْرَتِي ، فَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 215


1- وهو المتوكل (خ ل).
2- وهو المعتمد أو المعتضد برواية ابن بابويه القمي (خ ل).
3- اللّهم صلّ على رقيّة وأم كلثوم بنتي نبيك والعن من آذى نبيّك فيهما (خ ل).
4- صل على الخيرة من ذرية نبيك (خ ل).
5- أشياعهم (خ ل).
6- الذحل : الثأر.
7- الوتر : الجناية.

وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ لِهَمٍّ لا يُفَرِّجُهُ غَيْرُكَ ، وَلِرَحْمَةٍ لا تُنالُ إِلاَّ بِكَ ، وَلِكَرْبٍ لا يَكْشِفُهُ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلِرَغْبَةٍ لا تُبْلَغُ إِلاَّ بِكَ ، وَلِحاجَةٍ لا يَقْضِيها إِلاَّ أَنْتَ (1).

اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ ما أَذِنْتَ لِي بِهِ مِنْ مَسْأَلَتِكَ ، وَرَحِمْتَنِي بِهِ مِنْ ذِكْرِكَ فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ سَيِّدِي الإِجابَةُ لِي فِيما دَعَوْتُكَ وَعَوائِدُ الإِفْضالِ فِيما رَجَوْتُكَ ، وَالنَّجاةُ مِمَّا فَزِعْتُ إِلَيْكَ فِيهِ ، فَانْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً أَنْ أَبْلُغَ رَحْمَتَكَ ، فَانَّ رَحْمَتَكَ أَهْلٌ أَنْ تَبْلُغَنِي وَتَسَعَنِي ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ للإِجابَةِ أَهْلاً فَأَنْتَ أَهْلُ الْفَضْلِ ، وَرَحْمَتُكَ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمَتُكَ.

يا إِلهِي يا كَرِيمُ ، أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَنْ تُفَرِّجَ هَمِّي ، وَتَكْشِفَ كَرْبِي وَغَمِّي، وَتَرْحَمَنِي بِرَحْمَتِكَ، وَتَرْزُقَنِي مِنْ فَضْلِكَ (2)، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ (3).

دعاء آخر في كلّ يوم منه :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ بِأَفْضَلِهِ وَكُلُّ فَضْلِكَ فاضِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ بِأَعَمِّهِ وَكُلُّ رِزْقِكَ عامٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرِزْقِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَطاياكَ بِأَهْنَئِها وَكُلُّ عَطاياكَ هَنِيئَةٌ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَطاياكَ كُلِّها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِكَ بِأَعْجَلِهِ وَكُلُّ خَيْرِكَ عاجِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ إِحْسانِكَ بِأَحْسَنِهِ وَكُلُّ إِحْسانِكَ حَسَنٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإِحْسانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما تُجِيبُنِي بِهِ حِينَ أَسْأَلُكَ فَأَجِبْنِي يا اللّهُ.

وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ الْمُرْتَضى ، وَرَسُولِكَ الْمُصْطَفى ، وَأَمِينِكَ

ص: 216


1- لا تقضي دونك (خ ل).
2- فضلك الواسع (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 108 - 111 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجّد 2 : 620 - 624.

وَنَجِيِّكَ دُونَ خَلْقِكَ ، وَنَجِيبِكَ مِنْ عِبادِكَ وَنَبِيِّكَ ، وَمَنْ جاءَ بِالصِّدْقِ مِنْ عِنْدِكَ ، وَحَبِيبِكَ الْمُفَضَّلِ عَلى رُسُلِكَ ، وَخِيَرَتِكَ مِنَ الْعالَمِينَ ، الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، السِّراجِ الْمُنِيرُ ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَبْرارِ الطَّاهِرِينَ.

وَعَلى مَلائِكَتِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَحَجَبْتَهُمْ عَنْ خَلْقِكَ ، وَعَلى أَنْبِيائِكَ الَّذِينَ يُنْبِئُونَ عَنْكَ بِالصِّدْقِ ، وَعَلى رُسُلِكَ الَّذِينَ اخْتَصَصْتَهُمْ لِوَحْيِكَ ، وَفَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ بِرِسالاتِكَ ، وَعَلى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ أَدْخَلْتَهُمْ فِي رَحْمَتِكَ الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ (1) الرَّاشِدِينَ ، وَأَوْلِيائِكَ الْمُطَهَّرِينَ.

وَعَلى جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ ، وَرِضْوانَ خازِنِ الْجَنانِ وَمالِكٍ خازِنِ النيرانِ (2) ، وَرُوحِ الْقُدُسِ وَالرُّوحِ الْأَمِينِ وَحَمَلَةِ عَرْشِكَ الْمُقَرَّبِينَ (3) ، وَعَلى الْمَلَكَيْنِ الْحافِظَيْنِ عَلَيَّ ، بِالصَّلاةِ الَّتِي تُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِها عَلَيْهِمْ أَهْلُ السَّمواتِ وَأَهْلُ الْأَرَضِينَ ، صَلاةً طَيِّبَةً كَثِيرَةً ، زاكِيَةً مُبارَكَةً ، نامِيَةً ظاهِرَةً باطِنَةً ، شَرِيفةً فاضِلَةً تُبَيِّنُ بِها فَضْلَهُمْ عَلى الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.

اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ ، (4) وَاجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَعَ كُلِّ زُلْفَةٍ (5) زُلْفَةً ، وَمَعَ كُلِّ وَسِيلَةٍ وَسِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ فَضِيلَةٍ فَضِيلَةً ، وَمَعَ كُلِّ شَرَفٍ شَرَفاً ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً وَآلَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ أَحَداً مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ مِنْكَ مَجْلِساً ، وَأَفْسَحَهُمْ فِي الْجَنَّةِ عِنْدَكَ مَنْزِلاً ، وَأَقْرَبَهُمْ إِلَيْكَ وَسِيلَةً ، وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ شافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ ، وَأَوَّلَ قائِلٍ وَأَنْجَحَ سائِلٍ ، وَابْعَثْهُ الْمَقامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 217


1- الهداة (خ ل).
2- النار (خ ل).
3- وعلى الملائكة المقربين (خ ل).
4- والدرجة الرفيعة (خ ل).
5- الزّلفة : القربى والمنزلة.

وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَسْمَعَ صَوْتِي وَتُجِيبَ دَعْوَتِي ، وَتَجاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَتَصْفَحَ عَنْ ظُلْمِي ، وَتُنْجِحَ طَلِبَتِي ، وَتَقْضِيَ حاجَتِي ، وَتُنْجِزَ لِي ما وَعَدْتَنِي ، وَتُقِيلَ عَثْرَتِي ، وَتَقْبَلَ مِنِّي ، وَتَغْفِرَ ذُنُوبِي ، وَتَعْفُوَ عَنْ جُرْمِي ، وَتُقْبِلَ عَلَيَّ ، وَلا تُعْرِضْ عَنِّي ، وَتَرْحَمَنِي وَلا تُعَذِّبْنِي ، وَتُعافِيَنِي وَلا تَبْتَلِيَنِي.

وَتَرْزُقَنِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ مِنْ أَطْيَبِ رِزْقِكَ وَأَوْسَعِهِ ، وَلا تَحْرِمْنِي جَنَّتَكَ (1) يا رَبِّ ، وَاقْضِ عَنِّي دَيْنِي ، وَضَعْ عَنِّي وِزْرِي ، وَلا تُحَمِّلْنِي ما لا طاقَةَ لِي بِهِ يا مَوْلايَ ، وَأَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَأَخْرِجْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي (2) - تقولها ثلاثا ، وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ ، مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٌ ، وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ ، وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِهِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، آمِينَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ(3).

ومن ذلك دعاء آخر :

وجدناه في أدعية كلّ يوم من شهر رمضان بإسناد وترغيب عظيم الشّأن ، يذكر فيه أنّه من أسرار الدّعوات ، ومضمون الإجابات ، وهو :

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثاً ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ.

ص: 218


1- خيرك (خ ل).
2- يا كريم (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 111 - 112 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجّد 2 : 624 - 626.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُّ جَلالِكَ جَلِيلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثاً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها ، وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأسْمائِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها وَكُلُّ عِزَّتِكَ عَزِيزَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها وَكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي (1) اسْتَطَلْتَ بِها عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ قُدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بأَحَبِّها إِلَيْكَ وَكُلُ

ص: 219


1- في البحار : من قدرتك بالقدرة الّتي.

مَسائِلِكَ إِلَيْكَ حَبِيبَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُّ مُلْكِكَ فاخِرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَلائِكَ بِأَعْلاهُ وَكُلُّ عَلائِكَ عالٍ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَلائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَعْجَبِها وَكُلُّ آياتِكَ عَجِيبَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ بِأَفْضَلِهِ وَكُلُّ فَضْلِكَ فاضِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ بِأَعَمِّهِ وَكُلُّ رِزْقِكَ عامٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرِزْقِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَطائِكَ بِأَهْنَئِهِ وَكُلُّ عَطائِكَ هَنِيءٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَطائِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِكَ بِأَعْجَلِهِ وَكُلُّ خَيْرِكَ عاجِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ إِحْسانِكَ بِأَحْسَنِهِ وَكُلُّ إِحْسانِكَ حَسَنٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإِحْسانِكَ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما تُجِيبُنِي بِهِ حَيْنَ أَدْعُوكَ ، فَأَجِبْنِي يا اللّهُ ، نَعَمْ دَعَوْتُكَ يا اللّهُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما أَنْتَ فِيهِ مِنَ الشُّئُونِ وَالْجَبَرُوتِ (1) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِشَأْنِكَ وَجَبَرُوتِكَ كُلِّها.

ص: 220


1- اللّهم إنّي أسألك بكل شأن وجبروت (خ ل).

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما تُجِيبُنِي بِهِ حِينَ أَسْأَلُكَ بِهِ ، فَأَجِبْنِي يا اللّهُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. واذكر ما تريد.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَابْعَثْنِي عَلَى الْإيمانِ بِكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ ، وَالْوِلايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ عَلَيْهِما السَّلامُ ، وَالايتِمامِ بِالأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِهِمْ ، فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِذلِكَ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ الْخَيْرِ رِضْوانَكَ وَالْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشرِّ سَخَطِكَ وَالنَّارِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاحْفَظْنِي مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَكُلِّ بَلِيَّةٍ ، وَمِنْ كُلِّ عُقُوبَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ بَلاءٍ ، وَمِنْ كُلِّ شَرٍّ ، وَمِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَمِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ ، نزلَتْ أَوْ تُنْزَلُ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي هذِهِ السَّاعَةِ ، وَفِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَفِي هذا الْيَوْمِ ، وَفِي هذا الشَّهْرِ ، وَفِي هذِهِ السَّنَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقْسِمْ لِي مِنْ كُلِّ سُرُورٍ ، وَمِنْ كُلِّ بَهْجَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ اسْتِقامَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ فَرَجٍ ، وَمِنْ كُلِّ عافِيَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ سَلامَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ كَرامَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ رِزْقٍ واسِعٍ حَلالٍ طَيِّبٍ ، وَمِنْ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ حَسَنَةٍ ، نزلَتْ أَوْ تُنْزَلُ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي هذِهِ السَّاعَةِ ، وَفِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَفِي هذا الْيَوْمِ ، وَفِي هذَا الشَّهْرِ ، وَفِي هذِهِ السَّنَةِ.

اللّهُمَّ إِنْ كانَتْ ذُنُوبِي قَدْ أَخْلَقَتْ (1) وَجْهِي عِنْدَكَ ، وَحالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، أَوْ غَيَّرَتْ حالِي عِنْدَكَ ، فَانِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُطْفَأْ ، وَبِوَجْهِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى ، وَبِوَجْهِ وَلِيِّكَ عَلِيِّ الْمُرْتَضى ، وَبِحَقِّ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ انْتَجَبْتَهُمْ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَلِوالِدَيَّ وَما وَلَدا ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَما تَوالَدُوا ، ذُنُوبَنا كُلَّها ، صَغِيرَها

ص: 221


1- أخلق الثوب : بلى.

وَكَبِيرَها ، وَأَنْ تَخْتِمَ لَنا بِالصَّالِحاتِ ، وَأَنْ تَقْضِيَ لَنَا الْحاجاتِ وَالْمُهِمَّاتِ ، وَصالِحَ الدُّعاءِ وَالْمَسْأَلَةِ ، فَاسْتَجِبْ لَنا ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، آمِينَ آمِينَ آمِينَ ، ما شاءَ اللّهُ كانَ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

ومدّ يديك ومل عنقك على منكبك الأيسر ، وابك أَو تباك ، وقل :

يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنْ حَقُّهُ عَلَيْكَ عَظِيمٌ ، بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ (1) ، أَسْأَلُكَ بِبَهاءِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِجَلالِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِجَمالِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَسْأَلُكَ بِنُورِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِكَمالِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِعِزَّةِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِعِظَمِ (2) لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَسْأَلُكَ بِقَوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِشَرَفِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِعَلاءِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَسْأَلُكَ بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ - حتّى ينقطع النَّفس ، أَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي - تقول ذلك وأَنت مادٌّ يديك ، مثن (3) عنقك على منكبك الأيسر ، يا اللّهُ يا رَبَّاهُ - حتّى ينقطع النّفس.

يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ يا مَلْجَئاهُ ، يا مُنْتَهى غايَةَ رَغْبَتاهُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، أَسْأَلُكَ فَلَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ دَعْوَةٍ مُسْتَجابَةٍ دَعاكَ بِها نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنْتَ قَلْبَهُ لِلْإِيمانِ ، وَاسْتَجَبْتَ دَعْوَتَهُ

ص: 222


1- في البحار زيادة : أسألك بلا إِله إلاّ أَنت.
2- بعظم (خ ل).
3- ثنى الشيء : عطفه.

مِنْهُ ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَاقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي.

يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى رَبِّكَ وَرَبِّي ، وَأُقَدِّمُكَ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، أَسْأَلُكَ بِكَ ، فَلَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ حَبِيبِكَ ، وَبِعِتْرَتِهِ الْهادِيَةِ ، وَاقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي.

وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِحَياتِكَ الَّتِي لا تَمُوتُ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي لا يُطْفَأُ ، وَبِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنْ حَقُّهُ عَلَيْكَ عَظِيمٌ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَعَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَزِنَةَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ الْمُصْطَفى ، وَرَسُولِكَ الْمُرْتَضى ، وَأَمِينِكَ الْمُصْطَفى وَنَجِيبِكَ دُونَ خَلْقِكَ ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ ، النَّذِيرِ الْبَشِيرِ السِّراجِ الْمُنِيرِ ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْمُطَهَّرِينَ الْأَخْيارِ الْأَبْرارِ ، وَعَلى مَلائِكَتِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ ، وَحَجَبْتَهُمْ عَنْ خَلْقِكَ ، وَعَلى أَنْبِيائِكَ الَّذِينَ يُنْبِئُونَ بِالصِّدْقِ عَنْكَ.

وَعَلى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ أَدْخَلْتَهُمْ فِي رَحْمَتِكَ ، الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ الرَّاشِدِينَ الْمُطَهَّرِينَ ، وَعَلى جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ (1) وَرِضْوانَ خازِنِ الْجَنَّةِ (2) ، وَمالِكٍ خازِنِ النَّارِ ، وَالرُّوحِ الْقُدُسِ ، وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ ، وَعَلى الْمَلَكَيْنِ الْحافِظَيْنِ عَلَيَّ ، بِالصَّلاةِ الَّتِي تُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ بِها عَلَيْهِمْ ، صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً مُبارَكَةً زاكِيَةً نامِيَةً ، طاهِرَةً شَرِيفَةً فاضِلَةً ، تُبينُ بِها فَضْلَهُمْ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْمَعَ صَوْتِي ، وَتُجِيبَ دَعْوَتِي ، وَتَغْفِرَ ذُنُوبِي ، وَتُنْجِحَ طَلِبَتِي ، وَتَقْضيَ حاجاتِي ، وَتَقْبَلَ قِصَّتِي ، وَتُنْجِزَ لِي ما وَعَدْتَنِي ،

ص: 223


1- عزرائيل (خ ل).
2- الجنان (خ ل).

وَتُقِيلَنِي عَثْرَتِي ، وَتَتَجاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَتَصْفَحَ عَنْ ظُلْمِي ، وَتَعْفُوَ عَنْ جُرْمِي ، وَتُقْبِلَ عَلَيَّ ، وَلا تُعْرِضَ عَنِّي ، وَتَرْحَمَنِي وَلا تُعَذِّبْنِي ، وَتُعافِينِي وَلا تَبْتَلِيَنِي ، وَتَرْزُقَنِي مِنْ أَطْيَبِ الرِّزْقِ وَأَوْسَعِهِ ، وَأَهْنَاءِهِ وَأَمْرَئِهِ ، وَأَسْبَغِهِ وَأَكْثَرِهِ.

وَلا تَحْرِمْنِي يا رَبِّ النَّظَرَ إِلى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ ، وَالْعِتْقَ مِنَ النَّارِ ، وَاقْضِ عَنِّي يا رَبِّ دَيْنِي وَأَمانَتِي ، وَضَعْ عَنِّي وِزْرِي ، وَلا تُحَمِّلْنِي ما لا طاقَةَ لِي بِهِ ، يا مَوْلايَ ، وَأَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَأَخْرِجْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي - ثلاثا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ ، مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٌ ، وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ ، وَهُوَ عنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ ، فَامْنُنْ بِهِ عَلَيَّ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ فِي الصَّالِحِينَ فَأَدْخِلْنا ، وَفِي عِلِّيِّينَ فَارْفَعْنا ، وَبِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ مِنْ عَيْنٍ سَلْسَبِيلٍ فَاسْقِنا ، وَمِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِرَحْمَتِكَ فَزَوِّجْنا ، وَمِنَ الْوِلْدانِ الْمُخَلَّدِينَ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤُ مَكْنُونٌ فَأَخْدِمنا ، وَمِنْ ثِمارِ الْجَنَّةِ وَلُحُومِ الطَّيْرِ فَأَطْعِمْنا ، وَمِنْ ثِيابِ السُّنْدُسِ وَالْحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ فَأَلْبِسْنا ، وَلَيْلَةَ الْقَدْرِ وَحَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، وَقَتْلاً فِي سَبِيلِكَ مَعَ وَلِيِّكَ فَوَفِّقْ لَنا ، وَصالِحِ الدُّعاءِ وَالْمَسْأَلَةِ فَاسْتَجِبْ لَنا.

يا خالِقَنا اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ لَنا ، وَإِذا جَمَعْتَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَارْحَمْنا ، وَبَراءَةً مِنَ النَّارِ وَأَماناً مِنَ الْعَذابِ فَاكْتُبْ لَنا ، وَفِي جَهَنَّمَ فَلا تَجْعَلْنا ، وَمَعَ الشَّياطِينِ فَلا تُقِرنا ، وَفِي هَوانِكَ وَعَذابِكَ فَلا تُقَلِّبْنا ، وَمِنَ الزَّقُّومِ وَالضَّرِيعِ فَلا تُطْعِمْنا ، وَفِي النَّارِ عَلى وجُوهِنا فَلا تَكْبُبْنا (1) ، وَمِنْ ثِيابِ

ص: 224


1- كبّ الرجل على وجهه ولوجهه : صرعه.

النَّارِ وَسَرابِيلِ الْقَطِرانِ فَلا تُلْبِسْنا ، وَمِنْ كُلِّ سُوءٍ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ بِحَقِّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ فَنَجِّنا.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يُسْأَلْ مِثْلُكَ ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يُرْغَبْ إِلى مِثْلِكَ ، يا رَبِّ أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ ، وَمُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِأَفْضَلِ أَسْمائِكَ كُلِّها وَأَنْجَحِها ، يا اللّهُ يا رَحْمنُ ، وَبِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَصُونِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الَّذِي تُحِبُّهُ وَتَهْواهُ ، وَتَرْضى عَمَّنْ دَعاكَ بِهِ ، وَتَسْتَجِيبَ لَهُ دُعاءَهُ ، وَحَقٌّ عَلَيْكَ يا رَبِّ أَنْ لا تَحْرِمَ سائِلَكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، دَعاكَ بِهِ عَبْدٌ هُوَ لَكَ ، فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ ، أَوْ عِنْدَ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ سُبُلِكَ.

فَادْعُوكَ يا رَبِّ دُعاءَ مَنْ قَدِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَعَظُمَ جُرْمُهُ ، وَضَعُفَ كَدْحُهُ (1) ، وَأَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَكَةِ نَفْسُهُ ، وَلَمْ يَثِقْ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ ، وَلَمْ يَجِدْ لِما هُوَ فِيهِ سادّاً وَلا لِذَنْبِهِ غافِراً وَلا لِعَثْرَتِهِ مُقِيلاً غَيْرَكَ ، هارِباً إِلَيْكَ ، مُتَعَوِّذاً بِكَ ، مُتَعَبِّداً لَكَ ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، وَلا مُسْتَحْسِرٍ (2) وَلا مُتَجَبِّرٍ ، وَلا مُتَعَظِّمٍ ، بَلْ بائِسٍ فَقِيرٍ ، خائِفٍ مُسْتَجِيرٍ.

أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا رَحْمنُ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ ، يا بَدِيعَ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإكْرامِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً ، مُبارَكَةً نامِيَةً ، زاكِيَةً شَرِيفَةً.

أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَنْ تَغْفِرْ لِي فِي شَهْرِي هذا ، وَتَرْحَمَنِي ، وَتُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَتُعْطِيَنِي فِيهِ خَيْرَ ما أَعْطَيْتَ بِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَخَيْرَ ما أَنْتَ مُعْطِيهِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ مُنْذُ أَسْكَنْتَنِي أَرْضَكَ ، إِلى يَوْمِي هذا ، بَلْ اجْعَلْهُ عَلَيَّ أَتَمَّهُ نِعْمَةً وَأَعَمَّهُ عافِيَةً ، وَأَوْسَعَهُ رِزْقاً ، وَأَجْزَلَهُ وَأَهْنَأَهُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَبِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَمُلْكِكَ الْعَظِيمِ ، أَنْ تَغْرِبَ

ص: 225


1- كدح في العمل : جهد نفسه فيه وكدّ حتى يؤثر فيها.
2- استحسر : تعب واعيا.

الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِي هذا ، أَوْ يَنْقَضِيَ بَقِيَّةَ هذا الْيَوْمِ ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ ، أَوْ يَخْرُجَ هذا الشَّهْرُ ، وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ ، أَوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُقايِسَنِي بِها ، أَوْ تُؤَاخِذَنِي بِها ، أَوْ تُوقِفَنِي بِها مَوْقِفَ خِزْيٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، أَوْ تُعَذِّبَنِي يَوْمَ أَلْقاكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ لِهَمٍّ لا يُفَرِّجُهُ غَيْرُكَ ، وَلِرَحْمَةٍ لا تُنالُ إِلاّ بِكَ ، وَلِكَرْبٍ لا يَكْشِفُهُ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلِرَغْبَةٍ لا تُبْلَغُ إِلاّ بِكَ ، وَلِحاجَةٍ لا تُقْضى دُونَكَ.

اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ ما أَرَدْتَنِي بِهِ مِنْ مَسْأَلَتِكَ ، وَرَحِمْتَنِي بِهِ مِنْ ذِكْرِكَ ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ الاسْتِجابَةُ لِي فِيما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَالنَّجاةُ لِي فِيما فَزِعْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ.

أَيا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، أَيْ كاشِفَ الضُّرِّ وَالْكَرْبِ الْعِظامِ (1) عَنْ أَيُّوبَ ، وَمُفَرِّجَ غَمِّ يَعْقُوبَ ، وَمُنَفِّسَ كَرْبِ يُوسُفَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ.

اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ ، وَرَجائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ مِنْهُ الْفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الصدِّيقُ ، وَيَشْمُتُ فِيهِ الْعَدُوُّ ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إِلَيْكَ ، رَغْبَةً مِنِّي فِيهِ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ ، فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَهُ ، فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللّهِ التَّامَّاتِ ، مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ.

اللّهُمَّ عافِنِي فِي يَوْمِي هذا حَتَّى أَمْسى ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ يَوْمِي هذا ، وَما نَزَلَ فِيهِ مِنْ عافِيَةٍ وَمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ وَرِضْوانٍ ، وَرِزْقٍ واسِعٍ حَلالٍ تَبْسُطُهُ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَعِيالِي وَأَهْلِ حُزانَتِي ، وَمَنْ أَحْبَبْتُ وَأَحَبَّنِي ، وَوَلَدْتُ وَوَلَدَنِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ ، وَالْحَسَدِ

ص: 226


1- الكرب العظيم (خ ل).

وَالْبَغْيِ ، وَالْحَمِيَّةِ وَالْغَضَبِ.

اللّهُمَّ رَبَّ السَّمواتِ السَّبْعِ ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ ، وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاكْفِنِي الْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِي بِما شِئْتَ ، وَكَيْفَ شِئْتَ.

ثمَّ اقرأ الحمد وآية الكرسي وقل :

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» (1) ، اللّهُمَّ إِنَّ نَبِيَّكَ وَرَسُولَكَ وَحَبِيبَكَ وَخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ ، لا يَرْضى بِأَنْ تُعَذِّبَ أَحَداً مِنْ أُمَّتِهِ ، دانَكَ بِمُوالاتِهِ وَمُوالاةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُذْنِباً خاطِئاً ، فِي نارِ جَهَنَّمَ ، فَأَجِرْنِي يا رَبِّ مِنْ جَهَنَّمَ وَعَذابِها ، وَهَبْنِي لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

يا جامِعاً بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلى تَأَلُّفٍ مِنَ الْقُلُوبِ وَشِدَّةِ الْمَحَبَّةِ ، وَنازِعَ الْغِلِّ مِنْ صُدُورِهِمْ ، وَجاعِلَهُمْ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ، يا جامِعاً بَيْنَ أَهْلِ طاعَتِهِ ، وَبَيْنَ مَنْ خَلَقَها لَهُ ، وَيا مُفَرِّجَ حُزْنِ كُلِّ مَحْزُونٍ ، وَيا مَنْهَلَ (2) كُلِّ غَرِيبٍ.

يا راحِمِي فِي غُرْبَتِي وَفِي كُلِّ أَحْوالِي بِحُسْنِ الْحِفْظِ وَالْكَلاءَةِ لِي ، يا مُفَرِّجَ ما بِي مِنَ الضِّيقِ وَالْخَوْفِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي وَقادَتِي وَسادَتِي ، وَهُداتِي وَمَوالِيِّ.

يا مُؤَلِّفاً بَيْنَ الْأَحِبَّةِ (3) صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَفْجَعَنِي بِانْقِطاعِ رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي ، وَلا بِانْقِطاعِ رُؤْيَتِي عَنْهُمْ ، فَبِكُلِّ مَسائِلِكَ يا رَبِّ أَدْعُوكَ إِلهِي ، فَاسْتَجِبْ دُعائِي إِيّاكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِانْقِطاعِ حُجَّتِي وَوُجُوبِ حُجَّتِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ يَوْمِ الْمَحْشَرِ ، وَمِنْ شَرِّ ما بَقِيَ مِنَ الدَّهْرِ ،

ص: 227


1- الضحى : 5.
2- المنهل : المورد.
3- الأحباء (خ ل).

وَمِنْ شَرِّ الْأَعْداءِ ، وَصَفِيرِ الْفَناءِ ، وَعُضالِ (1) الدَّاءِ ، وَخَيْبَةِ الرَّجاءِ ، وَزَوالِ النِّعْمَةِ ، وَفُجْأَةِ النِّقْمَةِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي قَلْباً يَخْشاكَ كَأَنَّهُ يَراكَ إِلى يَوْمِ يَلْقاكَ (2).

فصل (7): فيما نذكره من الأدعية لكلّ يوم غير متكرّرة

فمن ذلك دعاء أَوَّل يوم من شهر رمضان ، من جملة الثلاثين فصلا.

اللّهُمَّ يا رَبِّ أَصْبَحْتُ لا أَرْجُو غَيْرَكَ ، وَلا أَدْعُو سِواكَ ، وَلا أَرْغَبُ إِلاَّ إِلَيْكَ ، وَلا أَتَضَرَّعُ إِلاَّ عِنْدَكَ ، وَلا أَلُوذُ إِلاَّ بِفِنائِكَ ، إِذْ لَوْ دَعَوْتُ غَيْرَكَ لَمْ يُجِبْنِي ، وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَكَ لأَخْلَفَ رَجائِي ، وَأَنْتَ ثِقَتِي وَرَجائِي وَمَوْلايَ وَخالِقِي وَبارِئِي وَمُصَوِّرِي ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، تَحْكُمُ فِيَّ كَيْفَ تَشاءُ ، لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ما أَرْجُو ، وَلا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ ما أَحْذَرُ ، أَصْبَحْتُ مُرْتَهِناً بِعَمَلِي ، وَأَصْبَحَ الْأَمْرُ بِيَدِ غَيْرِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ اشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَاشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ وَأَنْبِياءَكَ وَرُسُلَكَ ، عَلى أَنِّي أَتَوَلَّى مَنْ تَوَلَّيْتَهُ ، وَأَتَبَرَّأُ مِمَّنْ تَبَرَّأْتَ مِنْهُ ، وَاومِنُ بِما أَنْزَلْتَ عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، فَافْتَحْ مَسامِعَ قَلْبِي لِذِكْرِكَ حَتَّى أَتَّبِعَ كِتابَكَ ، وَاصَدِّقَ رُسُلَكَ ، وَاومِنَ بِوَعْدِكَ ، وَاوفِيَ بِعَهْدِكَ ، فَانَّ أَمْرَ الْقَلْبِ بِيَدِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَالْيَأْسِ مِنْ رَأْفَتِكَ ، فَأَعِذْنِي مِنَ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ ، وَالرَّيْبِ وَالنِّفاقِ ، وَالرِّياءِ وَالسُّمْعَةِ ، وَاجْعَلْنِي فِي جِوارِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَاحْفَظْنِي مِنَ الشَّكِّ الَّذِي صاحِبُهُ يُسْتَهانُ.

اللّهُمَّ وَكُلَّما قَصُرَ عَنْهُ اسْتِغْفارِي مِنْ سُوءٍ لا يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ ، فَعافِنِي مِنْهُ وَاغْفِرْهُ لِي ، فَإِنَّكَ كاشِفُ الْغَمِّ ، مُفَرِّجُ الْهَمِّ ، رَحْمنُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ

ص: 228


1- داء عضال : مُعي غالب.
2- عنه البحار 98 : 112 - 120.

وَرَحِيمُهُما ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِالرَّحْمَةِ الَّتِي رَحِمْتَ بِها مَلائِكَتَكَ وَرُسُلَكَ وَأَوْلِياءَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.

اللّهُمَّ رَبَّ هذا الْيَوْمِ ، وَما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنْ بَلاءٍ أَوْ مُصِيبَةٍ أَوْ غَمٍّ أَوْ هَمٍّ ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي وَمَعارِفِي ، وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ عَلى كَلِمَةِ الإِخْلاصِ ، وَفِطْرَةِ الإِسْلامِ ، وَمِلَّةِ إِبْراهِيمَ ، وَدِينِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَأَحْيِنِي عَلى ذلِكَ ، وَتَوَفَّنِي عَلَيْهِ ، وَابْعَثْنِي يَوْمَ تُبْعَثُ الْخَلائِقُ فِيهِ ، وَاجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمِي هذا صَلاحاً ، وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً ، وَآخِرَهُ نَجاحاً بِرَحْمَتِكَ ، فَانِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ أَهْلِهِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ أَهْلِهِ ، وَمِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَرِجْلِهِ ، وَكُنْ لِي مِنْهُ حاجِزاً (1) ، عَزَّ جارُكَ ، وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، وَلا إِلهَ غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي مَواهِبَ الدُّعاءِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ يَوْمِي هذا وَفَتْحَهُ ، وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ ، وَهُداهُ وَرُشْدَهُ ، وَبُشْراهُ.

أَصْبَحْتُ بِاللّهِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مُمْتَنِعاً ، وَبِعِزَّةِ اللّهِ الَّتِي لا تُرامُ وَلا تُضامُ مُعْتَصِماً ، وَبِسُلْطانِ اللّهِ الَّذِي لا يُقْهَرُ وَلا يُغْلَبُ عائِذاً ، مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَذَرَءَ وَبَرَءَ ، وَمِنْ شَرِّ ما يَكِنُ (2) بِاللَّيْلِ وَيَخْرُجُ بِالنَّهارِ ، وَشَرِّ ما يَخْرُجُ بِاللَّيْلِ وَيَكِنُّ بِالنَّهارِ ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي سُلْطانٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ هُوَ (3) آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (4).

دعاء آخر في اليوم الأوّل منه.

ص: 229


1- حجزه : منعه.
2- كنّ الشيء : ستره.
3- في البحار : أَنت.
4- عنه البحار 98 : 2 - 4.

اللّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي صِيامَ الصَّائِمِينَ ، وَقِيامِي قِيامَ الْقائِمِينَ ، وَنَبِّهْنِي فِيهِ عَنْ نَوْمَةِ الْغافِلِينَ ، وَهَبْ لِي جُرْمِي ، يا إِلهَ الْعالَمِينَ (1).

وقد قدَّمنا في عمل الشهر روايتين ، كلّ واحدة بثلاثين فصلا لسائر الشّهور ، فادع بدعاء كلِّ يوم منها في يومه ، فإنّه باب سعادة فتح لك ، فاغتنمه قبل أَن تصير من أَهل القبور.

فصل (8): فيما نذكره من فضل الاعتكاف في شهر رمضان

اعلم أَنَّ الاعتكاف حقيقته عكوف العبد على طاعة اللّه جلَّ جلاله ومراقبته ، وتفصيل ذلك مذكور في الكتب المتعلّقة بتفصيل الأحكام وجملته.

وإِنّما نذكر هاهنا حديثا واحدا بفضل الاعتكاف مطلقا في شهر الصّيام ، لئلاّ يخلو كتابنا من الإشارة إِلى هذه العبادة ، وما فيها من سعادة وإِنعام.

روينا ذلك عن محمّد بن يعقوب من كتاب الكافي ، وعن عليِّ بن فضّال من كتاب الصّيام ، وعن أَبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : اعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في أَوّل ما فرض شهر رمضان في العشر الأوّل ، وفي السّنة الثّانية في العشر الأوسط ، وفي السّنة الثّالثة في العشر الأواخر ، فلم يزل يفعل ذلك حتّى مضى (2).

وسنذكر في العشر الأواخر منه فضل الاعتكاف فيه ، وما لا غنى لمن يحتاج إِليه عنه.

فصل (9): فيما نذكره من انّ القرآن أنزل في شهر رمضان والحثّ على تلاوته فيه

أَمَّا نزوله في شهر رمضان :

ص: 230


1- عنه البحار 98 : 4.
2- رواه الكليني في الكافي 4 : 175 ، والصدوق في الفقيه 2 : 123 ، عنهما البحار 98 : 4.

فيكفي في البرهان قول اللّه جلَّ جلاله ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (1).

وإنّما ورد في الحديث : أنّ نزوله كان في شهر الصّيام إلى السماء الدّنيا ، ثمَّ نزل منها إلى النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، كما شاء جلَّ جلاله في الأوقات والأزمان.

وأمّا الحثُّ على تلاوته فيه :

فذلك كثير في الأخبار ، ولكنّا نورد حديثا واحدا فيه ، تنبيها لأهل الاعتبار :

عن عليّ بن المغيرة ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : إنَّ أبي سأل جدَّك عليه السلام عن ختم القرآن في كلِّ ليلة ، فقال له : في شهر رمضان ، قال : افعل فيه ما استطعت ، فكان أبي ، يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان ، ثمَّ ختمته بعد أبي فربّما زدت وربّما نقصت ، وإِنّما يكون ذلك على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي ، فإذا كان يوم الفطر جعلت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ختمة ولفاطمة عليها السلام ختمة وللأئمة عليهم السلام ختمة ، حتّى انتهيت إليه (2) ، فصيّرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحال ، فأيّ شيء لي بذلك؟ قال : لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة ، قلت : اللّه أكبر فلي بذلك؟ قال : نعم - ثلاث مرّات. (3)

فصل (10): فيما نذكره ممّا يدعى به عند نشر المصحف لقراءة القرآن

روينا ذلك بإسنادنا إلى يونس بن عبد الرّحمن ، عن عليّ بن ميمون الصّائغ أبي الأكراد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه : كان من دعائه إذا أخذ مصحف القرآن والجامع قبل أن يقرأ القرآن وقبل أن ينشره ، يقول حين يأخذه بيمينه :

بِسْمِ اللّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هذا كِتابُكَ الْمُنْزَلُ مِنْ عِنْدِكَ ، عَلى رَسُولِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَكِتابُكَ النَّاطِقُ عَلى لِسانِ

ص: 231


1- البقرة : 185.
2- إليك (ظ).
3- عنه البحار 98 : 5.

رَسُولِكَ ، وَفِيهِ حُكْمُكَ وَشَرائِعُ دِينِكَ ، أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ ، وَجَعَلْتَهُ عَهْداً مِنْكَ إِلى خَلْقِكَ ، وَحَبْلاً مُتَّصِلاً فِيما بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبادِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي نُشِرْتُ عَهْدَكَ وَكِتابَكَ ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْ نَظَرِي فِيهِ عِبادَةً ، وَقَراءَتِي تَفَكُّراً ، وَفِكْرِي اعْتِباراً ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ أَتَّعِظُ بِبَيانِ مَواعِظِكَ فِيهِ ، وَأَجْتَنِبُ مَعاصِيكَ ، وَلا تَطْبَعْ عِنْدَ قَراءَتِي كِتابَكَ عَلى قَلْبِي وَلا عَلَى سَمْعِي ، وَلا تَجْعَلْ عَلى بَصَرِي غِشاوَةً ، وَلا تَجْعَلْ قَراءَتِي قَراءَةً لا تَدَبُّرَ فِيها ، بَلْ اجْعَلْنِي أَتَدَبَّرُ آياتِهِ وَأَحْكامَهُ ، آخِذاً بِشَرائِعِ دِينِكَ ، وَلا تَجْعَلْ نَظَرِي فِيهِ غَفْلَةً ، وَلا قَراءَتِي هَذْرَمَةً (1) ، إِنَّكَ أَنْتَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ. (2)

فصل (11): فيما نذكره ممّا ينبغي ان يقرأ في مدّة الشهر كلّه

اعلم أنّه من بلغ فضل اللّه عليه إلى أن يكون متصرّفاً في العبادات المندوبات ، بأمر يعرفه في سرّه ، فيعتمد عليه ، فإنّه يكون مقدار قراءته في شهر رمضان بقدر ذلك البيان ، وأمَّا من كان متصرفا في القراءة بحسب الأمر الظّاهر في الأخبار ، فإنَّه بحسب ما يتّفق له من التفرّغ والاعذار.

فإذا لم يكن له عائق عن استمرار القراءة في شهر الصّيام ، فليعمل ما روي عن وهب بن حفص ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الرَّجل في كم يقرء القرآن؟ قال : في ستّ فصاعدا ، قلت : في شهر رمضان؟ قال : في ثلاث فصاعدا. (3)

ورويت عن جعفر بن قولويه ، بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا تعجبني أن يقرأ القرآن في أقلّ من الشّهر. (4)

أقول : واعلم أنَّ المراد من قرائتك القرآن ، أن تستحضر في عقلك وقلبك أنَّ اللّه جلَ

ص: 232


1- الهذرمة : الإسراع في الكلام.
2- عنه البحار 98 : 6 ، 92 : 207.
3- - عنه البحار 98 : 9.
4- - عنه البحار 98 : 9.

جلاله يقرء عليك كلامه بلسانك ، فتستمع مقدّس كلامه ، وتعترف بقدر إنعامه ، وتستفهم المراد من آدابه ، ومواعظه وأحكامه.

فإن قلت : لا يقوم ضعف البشريّة والأجزاء التّرابيّة بقدر معرفة حرمة الجلالة الإلهيّة ، فليكن أدبك في الاستماع والانتفاع على مقدار (1) ، أنّه لو قرأ عليك بعض ملوك الدُّنيا كلاما قد نظمه ، وأراد منك أن تفهم معانيه وتعمل بها وتعظّمه ، فلا ترض لنفسك وأنت مقرٌّ بالإسلام أن يكون اللّه جلَّ جلاله ، دون مقام ملك في الدُّنيا ، يزول ملكه لبعض الأحلام.

وإن قلت : لا أقدر على بلوغ هذه المرتبة الشّريفة ، فلا أقلّ أن يكون استماعك وانتفاعك بالقراءة المقدّسة المنيفة ، كما لو جاءك كتاب من والدك ، أو ولدك القريب إليك ، أو من صدّيقك العزيز عليك ، فإنَّك إن أنزلت اللّه جلَّ جلاله وكلامه المعظّم دون هذه المراتب ، فقد عرضت نفسك الضعيفة لصفقة خاسر أو خائب.

فصل (12): فيما نذكره من دعاء إذا فرغ من تلاوة القرآن

رويته بالإسناد المتقدم عند ذكر نشر المصحف الكريم ، فيقول عند الفراغ من قراءة بعض القرآن العظيم :

اللّهُمَّ إِنِّي قَرَأْتُ ما (2) قَضَيْتَ لِي مِنْ كِتابِكَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنا وَلَكَ الشُّكْرُ وَالْمِنَّةُ ، عَلى ما قَدَّرْتَ وَوَفَّقْتَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يَحِلُّ حَلالَكَ ، وَيُحَرِّمُ حَرامَكَ ، وَيَجْتَنِبُ مَعاصِيكَ ، وَيُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشابِهِهِ ، وَناسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ ، وَاجْعَلْهُ لِي شِفاءً وَرَحْمَةً ، وَحِرْزاً وَذُخْراً.

ص: 233


1- قدر (خ ل).
2- بعض ما (خ ل).

اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي انْساً فِي قَبْرِي ، وَانْساً فِي حَشْرِي ، وَانْساً فِي نَشْرِي ، وَاجْعَلْ لِي بَرَكَةً بِكُلِّ آيَةٍ قَرَأْتُها ، وَارْفَعْ لِي بِكُلِّ حَرْفٍ دَرَسْتُهُ دَرَجَةً فِي أَعْلى عِلِّيِّينَ ، آمِينَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَصَفِيِّكَ وَنَجِيِّكَ وَدَلِيلِكَ ، وَالدَّاعِي إِلى سَبِيلِكَ ، وَعَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَلِيِّكَ وَخَلِيفَتِكَ مِنْ بَعْدِ رَسُولِكَ ، وَعَلى أَوْصِيائِهما الْمُسْتَحْفِظِينَ دِينَكَ ، الْمُسْتَوْدِعِينَ حَقَّكَ ، وَالْمُسْتَرْعِينَ خَلْقَكَ ، وَعَلَيْهِمُ أَجْمَعِينَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (1).

أقول : وليختم صوم نهاره بنحو ما قدَّمناه في خاتمة ليله وذكرنا من إسراره.

ص: 234


1- عنه البحار 98 : 7 ، 92 : 208.

الباب السادس: فيما نذكره من وظائف الليلة الثانية من شهر رمضان ويومها

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من كيفية خروج الصائم من صومه ودخوله في حكم الإفطار

اعلم أنَّ للصائم معاملة كلّف باستمرارها قبل صومه ، ومع صومه ، وبعد صومه ، فهي مطلوبة منه قبل الإفطار ، ومعه وبعده ، في اللَّيل والنَّهار ، وهي طهارة قلبه ممّا يكرهه مولاه ، واستعمال جوارحه فيما يقرّبه من رضاه ، فهذا أمر مراد من العبد مدَّة مقامه في دنياه.

وأمَّا المعاملة المختصّة بزيادة شهر رمضان ، فانَّ العبد إذا كان مع اللّه جلَّ جلاله ، يتصرَّف بأمره في الصّوم والإفطار ، في السّر والإعلان ، فصومه طاعة سعيدة ، وإفطاره بأمر اللّه جلَّ جلاله عبادة أيضا جديدة.

فيكون خروجه من الصّوم إلى حكم الإفطار ، خروج ممتثل أمر اللّه جلَّ جلاله ، وتابع لما يريده منه من الاختيار ، متشرِّفا ومتلذِّذا ، كيف ارتضاه سلطان الدُّنيا والآخرة أن يكون في بابه ، ومتعلّقا على خدمته ، ومنسوبا إلى دولته القاهرة ، وكيف وفّقه للقبول منه ، وسلّمه من خطر الاعراض عنه.

ص: 235

وإيّاه وأن يعتقد أنَّه بدخول وقت الإفطار قد تشمّر (1) من حضرة المطالبة بطهارة الأسرار ، وإصلاح الأعمال في اللَّيل والنَّهار ، وهو يعلم أنَّ اللّه جلَّ جلاله ما شمّره إِلاّ مزيد دوام إحسانه إليه ، وإقباله بالرَّحمة عليه.

وكيف يكون العبد مهونا بإقبال مالك حاضر محسن إليه ، ويهوّن من ذلك ما لم يهوّن ، ألم يسمع مولاه يقول ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) . (2)

فصل (2): فيما نذكره من الوقت الّذي يجوز فيه الإفطار

اعلم أنَّه إذا دخل صلاة المغرب على اليقين ، فقد جاز إفطار الصائمين ما لم يشغل الإفطار عمّا هو أهمّ منه من عبادات ربّ العالمين.

فان اجتمعت مراسم اللّه جلَّ جلاله على العبد عند دخول وقت العشاء ، فليبدء بالأهمِّ فالأهمّ ، متابعة لمالك الأشياء ، ولئلاّ يكون المملوك متصرّفاً في ملك مالكه بغير رضاه ، فكأنَّه يكون قد غصب الوقت ، وما يعمله فيه من يد صاحبه ، وتصرّف فيما لم يعطه إِيّاه ، فإيّاه أن يهوّن بهذا وأمثاله ثمَّ إِيَّاه.

فصل (3): فيما نذكره من الوقت الّذي يستحبّ فيه الإفطار

فصل (3) (3): فيما نذكره من الوقت الّذي يستحبّ فيه الإفطار

أقول : قد وردت الرّوايات متناصرة عن الأئمّة عليهم أفضل الصّلوات ، أنَّ إِفطار الإنسان في شهر رمضان بعد تأدية صلاته أفضل له وأقرب إِلى قبول عباداته.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إِلى عليِّ بن فضّال ، من كتاب الصيام ، عن أبي عبد اللّه

ص: 236


1- شمّر للأمر : اراده وتهيّأ له.
2- الذاريات : 56.
3- في البحار هذا الفصل مقدّم على الفصل السابق.

عليه السلام قال : يستحبُّ للصّائم إِن قوي على ذلك أن يصلّي قبل أن يفطر (1).

أقول : وأمَّا إِن حضره قوم لا يصبرون إِلى أن يفطر معهم بعد صلاته ، ويكونون ممّن يقدِّمون الإفطار ، فليفطر معهم رضا لله جلَّ جلاله وتعظيما لمراسمه وتماما لعبادته ، ومراد (2) ذلك لمالك حياته ومماته ، فليقدّم الإفطار معهم على هذه النّية محافظا به على تعظيم الجلالة الإلهية.

وإِن كان القوم الّذين حضروه يشغله إِفطاره معهم عن مالكه ، ويفرّق بينه وبين ما يريد من شريف مسالكه ، فيرضيهم بالإكرام في الطّعام ، ويعتذر إِليهم في المشاركة لهم في الإفطار ببعض الأعذار ، الّتي يكون فيها مراقبا للمطّلع على الأسرار.

وإِن كان الحاضرون ممّن يخافهم إِن لم يفطر معهم قبل الصّلاة ، وكانت التقيّة لهم (3) رضى لمالك الأحياء والأموات ، فليعمل ما يكون فيه رضاه ، ولا يغلط نفسه ، ولا يتأوَّل لأجل طاعة شيطانه وهواه.

فصل (4): فيما نذكره من آداب أو دعاء وقراءة يعملها ويقولها قبل الإفطار

فمن الآداب عند الطعام :

ما رويناه بإسنادنا إِلى أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، من كتاب الآداب الدّينيّة ، فيما رواه عن جدّنا الحسن السّبط الممتحن بمقاساة الدّولة الأموية ، صلوات اللّه على روحه العظيمة العلية ، فقال :

قال الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام : في المائدة اثنتا عشرة خصلة تجب على كلّ مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، وأربع منها سنّة وأربع منها تأديب.

فأمَّا الفرض : فالمعرفة ، والرِّضا ، والتسمية ، والشكر ، وأمَّا السنّة : فالوضوء قبل

ص: 237


1- عنه الوسائل 1 : 150 ، البحار 98 : 8 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 199.
2- كذا في النسخ ، ولعله : يراد.
3- كذا في النسخ ، ولعله : منهم.

الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر ، والأكل بثلاث أصابع ، ولعق الأصابع ، وأمَّا التأديب : فالأكل ممّا يليه ، وتصغير اللّقمة ، والمضغ الشديد ، وقلّة النظر في وجوه الناس. (1)

أقول : ومن آداب شرب الّذي يريد الشّراب وأكل الطّعام ، أن يستحضر المنّة لله جلَّ جلاله عليه ، كيف أكرمه أو إزاحة (2) عن استخدامه في كلِّ ما احتاج إِلى الطّعام والشّراب إِليه ، مذ يوم خلق ذلك إِلى حين يتقدَّم بين يديه.

فإنَّه جلَّ جلاله استخدم فيما يحتاج الإنسان إِليه الملائكة الموكّلين بتدبير الأفلاك والأرضين ، والأنبياء والأوصياء ، ونوّابهم الموكّلين بتدبير مصالح الادميّين والملوك والسّلاطين ، ونوّابهم وجنودهم الّذين يحفظون بيضة الإسلام ، حتّى يتهيّأ الوصول إِلى الطّعام ، واستخدام كلِّ من تعب في طعامه من أكّار (3) ونجّار وحدّادين ، وحطّابين ، وخبّازين ، وطبّاخين ، ومن يقصر عن حصرهم بيان الأقلام ولسان حال الأفهام.

وكيف يحسن من عبد يريحه سيّده من جميع هذا التعب والعناء ، ويحمل إِليه طعامه ، وهو مستريح من هذا الشّقاء ، فلا يرى له في ذلك منّة كبيرة ولا صغيرة ، أفما يكون كأنَّه ميّت القلب والعقل ، أعمى عن نظر هذه النّعم الكثيرة.

ومن الدّعاء عند أكل الطّعام : ما رويناه بإسنادنا إِلى الطّبرسي ، عمَّن رواه ، عن الأئمة عليهم أفضل الصّلاة والسّلام ، قال : يقول عند تناول الطّعام : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ، وَيُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ، وَيَسْتَغْنِي وَيُفْتَقَرُ إِلَيْهِ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما رَزَقْتَنِي مِنْ طَعامٍ وَإِدامٍ ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ (4) ، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ مِنِّي وَمَشَقَّةٍ.

بِسْمِ اللّهِ خَيْرِ الْأَسْماءِ ، بِسْمِ اللّهِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ ، بِسْمِ اللّهِ الَّذِي

ص: 238


1- عنه البحار 98 : 9.
2- إزاحة : أبعده.
3- أكر : حفرها وحرثها.
4- في يسر وعافية (خ ل).

لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، اللّهُمَّ أَسْعِدْنِي مِنْ (1) مَطْعَمِي هذا بِخَيْرِهِ ، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّهِ ، وَأَمْتِعْنِي بِنَفْعِهِ (2) ، وَسَلِّمْنِي مِنْ ضَرِّهِ. (3)

ومن الدعاء المختص بالإفطار في شهر الصيام :

ما رويناه بإسنادنا إِلى المفضّل بن عمر رحمه اللّه قال : قال الصّادق عليه السلام : إِنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا الحسن هذا شهر رمضان قد أقبل ، فاجعل دعاءك قبل فطورك ، فإنّ جبرئيل عليه السلام جاءني فقال : يا محمَّد من دعا بهذا الدّعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر ، استجاب اللّه تعالى دعاءه ، وقبل صومه وصلاته ، واستجاب له عشر دعوات ، وغفر له ذنبه ، وفرّج همّه ، ونفّس كربته ، وقضى حوائجه ، وأنجح طلبته ، ورفع عمله مع أعمال النَّبيّين والصّدّيقين ، وجاء يوم القيامة ووجهه أضوء من القمر ليلة البدر ، فقلت : ما هو يا جبرئيل؟ فقال : قل :

اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (4) ، وَرَبَّ الشَّفْعِ الْكَبِيرِ ، وَالنُّورِ الْعَزِيزِ ، وَرَبَّ التَّوْراةِ وَالْإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ ، وَالْفُرْقانِ الْعَظِيمِ.

أَنْتَ إِلهُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَإِلهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ لا إِلهَ فِيهِما غَيْرُكَ ، وَأَنْتَ جَبَّارُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَجَبَّارُ مَنْ فِي الْأَرْضِ لا جَبَّارَ فِيهِما غَيْرُكَ ، أَنْتَ مَلِكُ مَنْ فِي السَّمواتِ ، وَمَلِكُ مَنْ فِي الْأَرْضِ ، لا مَلِكَ فِيهِما غَيْرُكَ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْكَبِيرِ ، وَنُورِ وَجْهِكَ الْمُنِيرِ ، وَبِمُلْكِكَ الْقَدِيمِ.

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَ بِهِ

ص: 239


1- في (خ ل).
2- من نفعه (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 10.
4- سجر البحر : هاج وارتفعت أمواجه.

كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمواتُ وَالْأَرْضُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي صَلُحَ بِهِ الْأَوَّلُونَ ، وَبِهِ يَصْلُحُ الآخِرُونَ.

يا حَيّاً (1) قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ ، وَيا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ ، وَيا حَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي يُسْراً وَفَرَجاً قَرِيباً ، وَثَبِّتْنِي عَلى دِينِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَلى هُدى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَلى سُنَّةٍ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ.

وَاجْعَلْ عَمَلِي فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَقَبَّلِ ، وَهَبْ لِي كَما وَهَبْتَ لأَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ ، فَانِّي مُؤْمِنٌ بِكَ ، وَمُتَوَكِّلٌ عَلَيْكَ ، مُنِيبٌ إِلَيْكَ ، مَعَ مَصِيري إِلَيْكَ ، وَتَجْمَعُ لِي وَلِأَهْلِي وَلِوَلَدِي الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَتَصْرِفُ عَنِّي وَعَنْ وَلَدِي وَأَهْلِي الشَّرَّ كُلَّهُ.

أَنْتَ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، تُعْطِي الْخَيْرَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَصْرِفُهُ عَمَّنْ تَشاءُ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

ومن الدّعاء عند الإفطار :

ما وجدناه في كتب أصحابنا عن النبيِّ صلى اللّه عليه وآله أنَّه قال : ما من عبد يصوم فيقول عند إِفطاره:

يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ أَنْتَ إِلهِي لا إِلهَ لِي غَيْرُكَ ، اغْفِرْ لِي الذَّنْبَ الْعَظِيمَ ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إِلاَّ الْعَظِيمُ.

إِلاَّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه (3).

وأمَّا القراءة عند الإفطار :

فانَّنا رويناها ووجدناها مرويّة عن مولانا زين العابدين عليه السلام أنَّه قال : من

ص: 240


1- في الموضعين : حيّ (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 10 ، المستدرك 7 : 360.
3- عنه البحار 98 : 11 ، الوسائل 10 : 169.

قرء ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عند فطوره وعند سحوره ، كان فيما بينهما كالمتشحّط (1) بدمه في سبيل اللّه تعالى (2).

فصل (5): فيما نذكره ممّا يستحب ان يفطر عليه

اعلم أنّنا قد ذكرنا فيما تقدّم من هذا الكتاب كيفيّة الاستظهار في الطعام والشّراب ، ونزيد هاهنا بأن نقول :

ينبغي أن يكون الطّعام والشّراب الّذي يفطر عليه مع طهارته من الحرام والشّبهات ، قد تنزَّهت طرق تهيأته لمن يفطر عليه ، من أن يكون قد اشتغل به من هيّأه عن عبادة لله جلَّ جلاله ، وهي أهمّ منه ، فربّما يصير ذلك شبهة في الطعام والشّراب ، لكونه عمل في وقت كان اللّه جلَّ جلاله كارها للعمل فيه ، ومعرضا عنه.

وحسبك في سقم طعام أو شراب أن يكون صاحبه ربّ الأرباب ، كارها لتهيأته على تلك الوجوه والأسباب ، فما يؤمن المستعمل له أن يكون سقما في القلوب والأجسام والألباب.

أقول : وأمَّا تعيين ما يفطر عليه من طريق الأخبار ، فقد رويناه بعدّة أسانيد :

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الفقيه عليّ بن الحسن بن فضّال التيملي (3) الكوفي من كتاب الصّيام ، بإسناده إلى جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يفطر على الأسودين ، قلت : رحمك اللّه! وما الأسودين؟ قال : التمر والماء ، والرّطب والماء (4).

ورأيت في حديث من غير كتاب عليِّ بن الحسن بن فضّال عن النّبي صلّى اللّه عليه

ص: 241


1- عنه البحار 98 : 11 ، الوسائل 10 : 149.
2- شحّطه : ضرّجه بالدم.
3- في الأصل : التميمي ، ما أثبتناه هو الصحيح ، نسبة إلى تيم اللّه بن ثعلبة
4- عنه الوسائل 10 : 160 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 198 ، عنه البحار : 98 : 12 ، الوسائل 10 : 146.

وآله أنّه قال : من أفطر على تمر حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة (1).

ومن ذلك ما رويناه أيضا بإسنادنا إلى عليِّ بن الحسن بن فضّال من كتاب الصّيام ، بإسناده إلى غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، أنّ عليّا عليه السلام كان يستحبُّ أن يفطر على اللّبن (2).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه بإسناده إلى الصّادق عليه السلام أنّه قال : الإفطار على الماء يغسل ذنوب القلب (3).

أقول : ولعلّ هذه المقاصد من الأبرار في الإفطار ، كانت لحال يخصّهم أو لامتثال أمر يتعلّق بهم من التّطلّع على الأسرار ، وكلّما كان الّذي يفطر عليه الإنسان أبعد من الشّبهات ، وأقرب إلى المراقبات كان أفضل أن يفطر به ، ويجعله مطيّة ينهض بها في الطّاعات ، وكسوة لجسده يقف بها بين يدي سيّده.

فصل (6): فيما نذكره من دعاء أنشأناه ، نذكره عند تناول الطّعام ، نرجو به تطهيره من الشّبهات والحرام

نقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالرَّحْمَةِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَكَ ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي ذَكَرْتَنِي بِها وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي أَنْشَأْتَنِي وَرَبَّيْتَنِي صَغِيراً وَكَبِيراً ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي نَقَلْتَنِي بِها مِنْ ظُهُورِ الآباءِ إِلى بُطُونِ الأُمَّهاتِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلى آخِرِ الْغاياتِ ، وَأَقَمْتَ لِلاباءِ وَالأُمَّهاتِ بِالْأَقْواتِ وَالْكَسَواتِ وَالْمُهِمَّاتِ ، وَوَقَيْتَهُمْ مِمَّا جَرى عَلَى الأُمَمِ الْهالِكَةِ مِنَ النَّكَباتِ (4) وَالآفاتِ.

وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي دَلَلْتَنِي بِها عَلَيْكَ ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي شَرَّفْتَنِي بِها بِطاعَتِكَ

ص: 242


1- عنه البحار 98 : 12 ، الوسائل 10 : 168.
2- عنه الوسائل 10 : 161 ، رواه البرقي في المحاسن : 491 ، والشيخ في التهذيب 4 : 199 ، عنهما البحار 98 : 12 ، الوسائل 10 : 158.
3- رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 104 ، والشيخ في التهذيب 4 : 199 ، عنهما الوسائل 10 : 157 ، البحار 98 : 12.
4- النكبة : المصيبة.

وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْكَ ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي جَعَلْتَنِي بِها مِنْ ذُرِّيَّةِ أَعَزِّ الْأَنْبِياءِ عَلَيْكَ ، وَبِالرَّحْمَةِ الَّتِي حَلُمْتَ بِها عَنِّي عِنْدَ سُوءِ أَدَبِي بَيْنَ يَدَيْكَ.

وَبِالْمَراحِمِ وَالْمَكارِمِ الَّتِي أَنْتَ أَعْلَمُ بِتَفْصِيلِها وَقَبُولِها وَتَكْمِيلِها ، وَبِما أَنْتَ أَهْلُهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُطَهِّرَنا مِنَ الْعُيُوبِ وَالذُّنُوبِ ، بِالْعافِيَةِ مِنْها وَالْعَفْوِ عَنْها ، حَتَّى نَصْلُحَ لِلتَّشْرِيفِ بِمُجالَسَتِكَ ، وَالْجُلُوسِ عَلى مائِدَةِ ضِيافَتِكَ ، وَأَنْ تُطَهِّرَ طَعامَنا هذا وَشَرابَنا وَكُلَّ ما نَتَقَلَّبُ فِيهِ مِنْ فَوائِدِ رَحْمَتِكَ ، مِنَ الْأَدْناسِ وَالْأَرْجاسِ (1) وَحُقُوقِ النَّاسِ ، وَمِنَ الْحَراماتِ وَالشُّبَهاتِ.

وَأَنْ تُصانِعَ عَنْهُ أَصْحابَهُ مِنَ الْأَحْياءِ وَالْأَمْواتِ ، وَتَجْعَلَهُ طاهِراً مُطَهَّراً ، وَشِفاءً لأَدْيانِنا ، وَدَواءً لأَبْدانِنا ، وَطَهارَةً لِسَرائِرِنا وَظَواهِرِنا ، وَنُوراً لِعُقُولِنا ، وَنُوراً لأَرْواحِنا ، وَمُقَوِّياً لَنا عَلى خِدْمَتِكَ ، باعِثاً لَنا عَلى مُراقَبَتِكَ ، وَاجْعَلْنا بَعْدَ ذلِكَ مِمَّنْ أَغْنَيْتَهُ بِعِلْمِكَ عَنِ الْمَقالِ ، وَبِكَرَمِكَ عَنِ السُّؤَالِ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (2)

فصل (7): فيما نذكره من القصد بالإفطار

اعلم أَنَّ الإفطار عمل يقوم به ديوان العبادات ، ومطلب يظفر بالسّعادات ، فلا بدَّ له من قصد يليق بتلك المرادات ، ومن أَهمّ ما قصد الصّائم بإفطاره ، وختم به تلك العبادة مع العالم بأسراره ، امتثال أَمر اللّه جلَّ جلاله بحفظ حياته على باب طاعة مالك مبارِّه ومسارّه.

وإِذا لم يقصد بذلك حفظها على باب الطّاعة ، فكأنّه قد ضيّع الطّعام وأَتلفه ، وأَتلفها وعرضها للاضاعة ، وخسر في البضاعة ، وتصير الطاعات الصَّادرة عنه عن قوَّة سقيمة

ص: 243


1- الرجس : العمل القبيح.
2- عنه البحار 98 : 12.

النّيّات ، كإنسان يركب دابّة في الحجّ أَو الزّيارات بغير إِذن صاحبها أَو بمخالفة في مسالكها ومذاهبها ، أَو فيها شيء من الشّبهات.

وأَيُّ كلفة أَو مشقّة فيما ذكرناه من صلاح النيّة ، ومعاملة الجلالة الإلهية ، حتّى يهرب من تلك المراتب والمناصب ، وشرف المواهب ، إِلى معاملة الشهوة البهيميّة والطبع الخائب الذاهب ، لو لا رضاه لنفسه بذلّ المصائب والشماتة به بما حصل فيه من النوائب.

فصل (8): فيما نذكره ممّا يقوله الصائم عند الإفطار بمقتضى الاخبار

روى محمّد بن أَبي قرّة في كتاب عمل شهر رمضان تغمّده اللّه بالرّضوان بإسناده إِلى مولانا موسى بن جعفر عليه السلام ، عن أَبيه ، عن جدّه ، عن الحسن بن علي عليهم السلام : أَنَّ لكلِّ صائم عند فطوره دعوة مستجابة ، فإذا كان أَوّل لقمة فقل :

بِسْمِ اللّهِ يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ (1) اغْفِرْ لِي (2).

وفي رواية أخرى :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ اغْفِرْ لِي.

فإنّه من قالها عند إِفطاره غفر له. (3)

فصل (9): فيما نذكره عن النّبي صلى اللّه عليه وآله من فضل دعاء عند أَكل الطعام

رأَيت ذلك في حديثه عليه أَفضل السلام أَنَّه قال : من أَكل طعاما ثمَّ قال :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هذا مِنْ رِزْقِهِ ، مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَقُوَّةٍ.

ص: 244


1- اللّهم يا واسع المغفرة (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 14 ، الوسائل 10 : 149.
3- عنه البحار 98 : 14 ، الوسائل 10 : 149.

غفر له ما تقدم من ذنبه (1).

فصل (10): فيما نذكره من صفة حمد النبي صلى اللّه عليه وآله عند أَكل الطعام وهو قدوة لأهل الإسلام

رأَيت في الجزء الثّاني من تاريخ نيسابور في ترجمة حسن بن بشير بإسناده قال : كان رسول اللّه يحمد اللّه بين كلِّ لقمتين. (2)

أَقول أَنا : أَيّها المسلم المصدِّق بالقرآن ، الممتثل لأمر اللّه جلَّ جلاله ، إِيّاك أَن تخالف قوله تعالى في رسوله ( فَاتَّبِعُوهُ ) - ( وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ) (3) اسلك سبيل هذه الاداب ، فإنَّها مطايا وعطايا يفتح لها أَنوار سعادة الدنيا ويوم الحساب.

فصل (11): فيما نذكره من الدّعاء الذي يقتضي لفظه انَّه بعد الإفطار ، ممّا رويناه عن الأئمّة الأطهار

فمن ذلك ما رويناه بعدّة أسانيد إلى أَبي عبد اللّه جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم السلام أَنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان إِذا أَفطر قال :

اللّهُمَّ لَكَ صُمْنا ، وَعَلى رِزْقِكَ أَفْطَرْنا ، فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا ، ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ ، وَبَقِيَ الْأَجْرُ. (4)

وروى السّيد يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني في كتاب أَماليه بإسناده قال : كان النَّبيُّ صلى اللّه عليه وآله إِذا أَكل بعض اللّقمة قال :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ اطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ وَارْوَيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ مَكْفُورٍ

ص: 245


1- عنه البحار 98 : 14.
2- عنه البحار 98 : 14.
3- التوبة : 117 ، «اتّبعوه» وفي الأعراف : 157 ، «واتبعوا النور الذي أَنزل معه».
4- عنه البحار 98 : 14 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 95 ، والشيخ في التهذيب 4 : 200 ، وفي مصباحه : 625 والصدوق في الفقيه 2 : 106 ، والمفيد في المقنعة : 51 ، أَخرجه في الوسائل 10 : 147.

وَلا مُوَدِّعٍ وَلا مُسْتَغْنًى عَنْكَ. (1)

ومن ذلك ما روي عن أَبي جعفر عليه السلام ، قال : كان علي صلوات اللّه عليه إذا أفطر جثا على ركبتيه ، حتّى يوضع الخوان ويقول :

اللّهُمَّ لَكَ صُمْنا ، وَعَلى رِزْقِكَ أَفْطَرْنا ، فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. (2)

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إِلى هارون بن موسى التلّعكبري بإسناده إِلى أَبي بصير ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : كلّما صمت يوما من شهر رمضان فقل عند الإفطار :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعانَنا فَصُمْنا ، وَرَزَقَنا فَأَفْطَرْنا ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْهُ مِنَّا ، وَأَعِنَّا عَلَيْهِ وَسَلِّمْنا فِيهِ ، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَضى عَنِّي يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ. (3)

ومن ذلك ما يروى عن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : إِذا أَمسيت صائما فقل عند إِفطارك :

اللّهُمَّ لَكَ صُمْتُ ، وعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ.

يكتب لك أَجر من صام ذلك اليوم. (4)

ومن ذلك ما يدعى به عند الفراغ من أَكل كلّ طعام ، وهو ممّا رويناه بإسنادنا إِلى الطبرسي رحمه اللّه ، عمّن يرويه عن الأئمة عليهم السلام ، فقال : وتقول عند الفراغ من الطّعام :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي فَأَشْبَعَنِي ، وَسَقانِي فَأَرْوانِي ، وَصانَنِي وَحَمانِي ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَّفَنِي الْبَرَكَةَ وَالْيُمْنَ بِما أَصَبْتُهُ وَتَرَكْتُهُ مِنْهُ.

ص: 246


1- عنه البحار 98 : 15.
2- عنه مستدرك الوسائل 7 : 360 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 95 ، والشيخ في التهذيب 4 : 200 ، والصدوق في الفقيه 2 : 106 ، الهداية : 46 ، والمفيد في المقنعة : 51 ، أخرجه عن بعض المصادر البحار 98 : 15 ، الوسائل 10 : 148.
3- عنه البحار 98 : 15 ، المستدرك 7 : 360.
4- عنه البحار 98 : 15 ، المستدرك 7 : 360.

اللّهُمَّ اجْعَلْهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ، لا وَبِيّاً (1) وَلا دَوِيّاً ، وَأَبْقِنِي بَعْدَهُ سَوِيّاً ، قائِماً بِشُكْرِكَ ، مُحافِظاً عَلى طاعَتِكَ ، وَارْزُقْنِي رِزْقاً دارّاً ، وَأَعِشْنِي عَيْشاً قارّاً ، وَاجْعَلْنِي بارّاً ، وَاجْعَلْ ما يَتَلَقَّانِي فِي الْمَعادِ مُبْهِجاً سارّاً بِرَحْمَتِكَ (2).

فصل (12): فيما نذكره من زيادة ما نختار من دعوات اللَّيلة الثانية من شهر الصيام

وفيه عدّة روايات :

منها: من كتاب ابن أَبي قرّة من عمل شهر رمضان من اللَّيلة الثّانية منه :

اللّهُمَّ أَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، قَضَيْتَ عَلى نَفْسِكَ الرَّحْمَةَ ، وَدَلَلْتَنِي بِها ، وَأَنْتَ الصَّادِقُ الْبارُّ ، يَداكَ مَبْسُوطَتانِ ، تُنْفِقُ كَيْفَ تَشاءُ ، لا يُلْحِفُكَ سائِلٌ (3) ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ ، وَلا يَزِيدُكَ كَثْرَةُ السُّؤَالِ إِلاَّ عَطاءً وَجُوداً.

أَسْأَلُكَ قَلْباً وَجِلاً مِنْ مَخافَتِكَ ، ادْرِكُ بِهِ جَنَّةَ رِضْوانِكَ ، وَأَمْضِي بِهِ فِي سَبِيلِ مَنْ أَحْبَبْتَ وَأَرْضاكَ عَمَلُهُ ، وَأَرْضَيْتَهُ فِي ثَوابِكَ ، حَتّى تُبَلِّغَنِي بِذلِكَ ثِقَةَ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ ، وَأَمانَ الْخائِفِينَ مِنْكَ ، اللّهُمَّ وَما أَعْطَيْتَنِي مِنْ عَطاءٍ ، فَاجْعَلْهُ شُغْلاً فِيما تُحِبُّ ، وَما زَوَيْتَ (4) عَنِّي فَاجْعَلْهُ فِراغاً لِي فِيما تُحِبُّ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ قَصَمْتَ الْجَبابِرَةَ بِجَبَرُوتِكَ ، وَبَسَطْتَ كَفَّكَ عَلَى الْخَلائِقِ ، وَأَقْسَمْتَ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومٌ ، وَكَذلِكَ أَنْتَ ، تَنْقَطِعُ حِيَلُ الْمُبْطِلِينَ وَمَكْرُهُمْ دُونَكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (5) ، وَارْزُقْنِي مُوالاةَ مَنْ والَيْتَ ، وَمُعاداةَ مَنْ عادَيْتَ ، وَحُبّاً لِمَنْ أَحْبَبْتَ ، وَبُغْضاً لِمَنْ أَبْغَضْتَ ، حَتّى لا أُوالِي لَكَ عَدُوّاً ،

ص: 247


1- الوبى : ما كثر فيه الوبا.
2- عنه البحار 98 : 15 ، المستدرك 7 : 360.
3- الحف السائل : ألحّ.
4- زويت : صرفت.
5- آل محمد (خ ل).

وَلا أُعادِي لَكَ وَلِيّاً ، أَشْكُو إِلَيْكَ يا رَبِّ خَطِيئَةً أَغْشَتْ بَصَرِي ، وَأَظَلَّتْ عَلى قَلْبِي ، وَفِي طَرِيقِ الْخاطِئِينَ صَرَعْتَنِي.

فَهذِهِ يَدِي رَهِينَةً فِي وِثاقِكَ بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي ، وَهذِهِ رِجْلِي مُوَثَّقَةً فِي حِبالِكَ بِاكْتِسابِي ، فَلَوْ كانَ هَرْبِي إِلى جَبَلٍ يُلْجِئُنِي ، أَوْ مَفازَةٍ تُوارِينِي ، أَوْ بَحْرٍ يُنْجِينِي ، لَكُنْتُ الْعائِذُ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي ، أَسْتَعِيذُكَ عِياذَةَ مَهْمُومٍ كَئِيبٍ حَزِينٍ يَرْقُبُ نارَ السُّمُومِ.

اللّهُمَّ يا مُجَلِّي عَظائِمِ الأُمُورِ ، جَلِّ عَنِّي هِمَّةَ الْهُمُومِ ، وَأَجِرْنِي مِنْ نارٍ تَقْصِمُ عِظامِي ، وَتَحْرِقُ أَحْشائِي ، وَتُفَرِّقُ قُوايَ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي صَبْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي أَنْتَظِرُ أَمْرَهُمْ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَنْصارِهِمْ وَأَعْوانِهِمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ أَحْيِنِي مَحْياهُمْ ، وَأَمِتْنِي مِيتَتَهُمْ ، اللّهُمَّ أَعْطِنِي سُؤْلَهُمْ فِي وَلِيِّهِمْ وَعَدُوِّهِمْ ، اللّهُمَّ رَبَّ السَّبْعِ الْمَثانِي وَالْفُرْقانِ (1) الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَقْبَلَ صَوْمِي وَصَلاتِي - وتسأل حاجتك.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ يَحْبِسُ رِزْقِي ، أَوْ يَحْجُبُ مَسْأَلَتِي ، أَوْ يَبْطُلُ صَوْمِي ، أَوْ يَصُدُّ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنِّي ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي ما لا يَضُرُّكَ ، وَأَعْطِنِي ما لا يَنْقُصُكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، فَانِّي فَقِيرٌ (2) إِلى رَحْمَتِكَ (3).

دعاء آخر مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

يا إِلهَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، وَإِلهَ مَنْ بَقِيَ ، وَإِلهَ مَنْ مَضى ، رَبَّ السَّمواتِ السَّبْعِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، فالِقَ الإِصْباحِ ، وَجاعِلِ اللَّيْلِ سَكَناً وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْباناً ، لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ ، وَلَكَ الْمَنُّ وَلَكَ الطَّوْلُ ، وَأَنْتَ الْواحِدُ الصَّمَدُ.

ص: 248


1- القرآن (خ ل).
2- في البحار : مفتقر (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 16.

أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ سَيِّدِي وَجَمالِكَ مَوْلايَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَتَجاوَزَ عَنِّي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. (1)

فصل (13): فيما نذكره من الأدعية لكلّ يوم غير متكرّر

فمن ذلك دعاء اليوم الثاني من شهر رمضان :

اللّهُمَّ إِلَيْكَ غَدَوْتُ بِحاجَتِي ، وَبِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وَمَسْكَنَتِي ، فَانِّي لِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ أَرْجى مِنِّي لِعَمَلِي ، وَمَغْفِرَتُكَ أَوْسَعُ لِي مِنْ ذُنُوبِي كُلِّها.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَوَلِّ قَضاءَ كُلِّ حاجَةٍ لِي ، بِقُدْرَتِكَ عَلَيْها وَتَيْسِيرِها عَلَيْكَ وَفَقْرِي إِلَيْكَ ، فَانِّي لَمْ اصِبْ خَيْراً قَطُّ إِلاَّ مِنْكَ ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءً قَطُّ غَيْرُكَ (2) ، وَلا أَرْجُو لِأَمْرِ آخِرَتِي وَدُنْيايَ سِواكَ ، يَوْمَ يُفْرِدُنِي النَّاسُ فِي حُفْرَتِي وَأُفْضى إِلَيْكَ يا كَرِيمُ.

اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَتَعَبَّأَ ، وَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَطَلَبَ نائِلِهِ وَجائِزَتِهِ ، فَالَيْكَ يا رَبِّ تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَاسْتِعْدادِي ، رَجاءَ رِفْدِكَ وَطَلَبَ نائِلِكَ وَجائِزَتِكَ ، فَلا تُخَيِّبْ دُعائِي ، يا مَنْ لا يَخِيبُ عَلَيْهِ السَّائِلُ ، وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً بِعَمَلٍ صالِحٍ عَمِلْتُهُ ، وَلا لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ.

أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالإِساءَةِ عَلى نَفْسِي وَالظُّلْمِ لَها ، مُعْتَرِفاً بِأَنْ لا حُجَّةَ لِي وَلا عُذْرَ ، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ الَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخاطِئِينَ (3) ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلى عَظِيمِ الْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ (4) ، فَيا مَنْ رَحْمَتُهُ واسِعَةٌ وَعَفْوُهُ عَظِيمٌ ، يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ (5).

ص: 249


1- عنه البحار 98 : 17.
2- أحد غيرك (خ ل).
3- علوت به على الخاطئين (خ ل).
4- والمغفرة (خ ل).
5- يا عظيم يا عظيم يا عظيم (خ ل).

يا رَبِّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْ سَخَطِكَ إِلاَّ التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ ، فَهَبْ لِي يا إِلهِي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي تُحْيِي بِها مَيْتَ الْبِلادِ ، وَلا تُهْلِكْنِي غَماً حَتَّى تَسْتَجِيبَ لِي دُعائِي وَتُعَرِّفَنِي الإِجابَةَ ، وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعافِيَةِ إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَلا تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي.

إِلهِي إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي ، وَإِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي ، وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ ، وَلا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ ، وَإِنَّما يَعْجلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ ، وَإِنَّما يَحْتاجُ إِلى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعالَيْتَ عَنْ ذلِكَ عُلُواً كَبِيراً.

فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْصُرْنِي وَاهْدِني وَارْحَمْنِي ، وَآثِرْنِي وَارْزُقْنِي ، وَأَعِنِّي وَاغْفِرْ لِي ، وَتُبْ عَلَيَّ وَاعْصِمْنِي ، وَاسْتَجِبْ لِي فِي جَمِيعِ ما سَأَلْتُكَ ، وَأَرِدْهُ بِي ، وَقَدِّرْهُ لِي ، وَيَسِّرْهُ وَامْضِهِ وَبارِكْ لِي فِيه ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ ، وَأَسْعِدْنِي بِما تُعْطِينِي مِنْهُ.

وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ سَعَةً مِنْ نِعَمِكَ الدَّائِمَةِ ، وَأَوْصِلْ لِي ذلِكَ كُلَّهُ بِخَيْرِ الآخِرَةِ وَنَعِيمِها يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (1)

دعاء آخر في اليوم الثاني منه :

اللّهُمَّ قَرِّبْنِي فِيهِ (2) الى مَرْضاتِكَ ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ مِنْ سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِقَراءَةِ كِتابِكَ (3) ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

ص: 250


1- عنه البحار 98 : 17.
2- في هذا اليوم (خ ل).
3- آياتك (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 18.

الباب السابع: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللَّيلة الثالثة ويومها

اشارة

وفيها يستحبّ الغسل ، على مقتضى الرواية الّتي تضمّنت انّ في كلّ ليلة مفردة من جميع الشهر يستحبّ الغسل.

وفيه ما نختاره من عدّة روايات في الدعوات :

منها: من كتاب محمّد بن أبي قرّة في عمل شهر رمضان في اللَّيلة الثالثة منه : اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْتَحْ قَلْبِي لِذِكْرِكَ ، وَاجْعَلْنِي أَتَّبِعُ كِتابَكَ ، وَاومِنُ بِرَسُولِكَ ، وَاوفِي بِعَهْدِكَ ، وَأَلْبِسْنِي رَحْمَتَكَ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي هذا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ الْعَظِيمِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْمُسْتَحْفِظِينَ ، أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي (1) جَمِيعاً ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ. وترفع يديك وتستدعي الدُّموع. (2)

دعاء آخر مرويٌّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

يا إِلهَ إِبْراهِيمَ وَإِلهَ إِسْحاقَ وَإِلهَ يَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ ، رَبَّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لَكَ صُمْتُ وَعَلى رِزْقِكَ

ص: 251


1- الذنوب (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 18.

أَفْطَرْتُ ، وَإِلى كَنَفِكَ آوَيْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، وَأَنْتَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ ، قَوِّنِي عَلَى الصَّلاةِ وَالصِّيامِ ، وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (1).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الثالث من دعاء غير متكرّر

فمن ذلك دعاء اليوم الثالث من شهر رمضان :

يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ (2) حَدُّ الشَّدائِدِ ، وَيا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الْمَخْرَجُ إِلى رَوْحِ الْفَرَجِ (3) ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعابُ ، وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الْأَسْبابُ ، وَجَرى بِطاعَتِكَ الْقَضاءُ ، وَمَضَتْ عَلى إِرادَتِكَ الْأَشْياءُ ، فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ ، وَبِإِرادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ.

أَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ ، وَأَنْتَ الْمَفْزَعُ فِي الْمُلِمَّاتِ (4) ، لا يَنْدَفِعُ مِنْها إِلاَّ ما دَفَعْتَ ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْها إِلاَّ ما كَشَفْتَ ، وَقَدْ نَزَلَ بِي يا رَبِّ ما قَدْ تَكَأَدنِي (5) ثِقْلُهُ وَأَلَمَّ بِي ما قَدْ بَهَظَنِي (6) حَمْلُهُ ، وَبِقُدْرَتِكَ أَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ ، وَبِسُلْطانِكَ وَجَّهْتَهُ إِلَيَّ.

فَلا (7) مُزْدِرَ لِما أَوْرَدْتَ ، وَلا مُورِدَ لِما أَصْدَرْتَ ، وَلا صارِفَ لِما وَجَّهْتَ ، وَلا فاتِحَ لِما أَغْلَقْتَ ، وَلا مُغْلِقَ لِما فَتَحْتَ ، وَلا مُيَسِّرَ لِما عَسَّرْتَ ، وَلا مُعَسِّرَ لِما يَسَّرْتَ ، وَلا ناصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ ، وَلا خاذِلَ لِمَنْ نَصَرْتَ.

ص: 252


1- عنه البحار 98 : 19.
2- يفلّ (خ ل).
3- محلّ الفرج (خ ل).
4- للملمّات (خ ل).
5- تكأدني الأمر : شقّ عليّ (خ ل).
6- بهظه الأمر : غلبه وثقل عليه.
7- ولا (خ ل).

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْتَحْ لِي يا رَبِّ بابَ الْفَرَجِ بِطَوْلِكَ ، وَاكْسِرْ عَنِّي سُلْطانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ ، وَأَنِلْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيما شَكَوْتُ ، وَأَذِقْنِي حَلاوَةَ الصُّنْعِ فِيما سَأَلْتُ ، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ فَرَجاً هَنِيئاً (1).

وَاجْعَلْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وحِيَّا (2) ، وَلا تَشْغَلْنِي بِالاهْتِمامِ عَنْ تَعاهُدِ فُرُوضِكَ وَاسْتِعْمالِ سُنَّتِكَ ، فَقَدْ ضِقْتُ يا رَبِّ لِما نَزَلَ (3) بِي ذَرْعاً ، وَامْتَلأْتُ (4) بِما حَدَثَ عَلَيَّ هَمّاً ، وَأَنْتَ الْقادِرُ عَلى كَشْفِ ما مُنِيتُ (5) بِهِ ، وَدَفْعِ ما وَقَعْتُ فِيهِ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ذلِكَ وَإِنْ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ ، يا (6) ذا الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، وَالسُّلْطانِ الْعَظِيمِ (7) ، يا خَيْرَ مَنْ خَلَوْنا بِهِ وَحْدَنا ، وَيا خَيْرَ مَنْ أَشَرْنا إِلَيْهِ بِكَفِّنا.

نَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَنْ تُلْهِمَنا الْخَيْرَ وَتُعْطِيَناهُ ، وَأَنْ تَصْرِفَ عَنَّا الشَّرَّ وَتَكْفِيَناهُ ، وَأَنْ تَدْحَرَ عَنَّا الشَّيْطانَ وَتُبَعِّدَناهُ ، وَأَنْ تَرْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ وَتُحلَّناهُ ، وَأَنْ تَسْقِيَنا مِنْ حُوضِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَتُورِدَناهُ ، وَنَدْعُوكَ يا رَبَّنا تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ، وَرَغْبَةً وَرَهْبَةً ، وَخَوْفاً وَطَمَعاً ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ مَنْ عاذَ بِكَ مِنْكَ ، وَلَجَأَ إِلى عِزِّكَ ، وَاسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ (8) وَاعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ ، وَلَمْ يَثِقْ إِلاَّ بِكَ ، يا جَزِيلَ الْعَطايا ، وَيا فَكَّاكَ

ص: 253


1- قريبا (خ ل).
2- الوحي - بالمد والقصر - السرعة.
3- ضقت لما نزل (خ ل).
4- بحملها (خ ل).
5- منيت : بليت.
6- يا رب (خ ل).
7- القديم (خ ل).
8- الفيء : الظل ، استظل بالظل : مال إليه وقعد فيه.

الأُسارى ، أَنْتَ الْمَفْزَعُ فِي الْمُلِمَّاتِ (1) ، وَأَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ لِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَارْزُقْنِي رِزْقاً واسِعاً (2) بِما شِئْتَ ، إِذا شِئْتَ ، كَيْفَ شِئْتَ (3) ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

دعاء آخر في اليوم الثالث :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ الذِّهْنَ وَالتَّنْبِيهَ ، وَأَبْعِدْنِي فِيهِ عَنِ (5) السَّفاهَةِ وَالتَّمْوِيهِ ، وَاجْعَلْ لِي نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُ (6) فِيهِ ، بِجُودِكَ يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ (7) ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (8).

أَقول: وفي رواية أَنَّ الإنجيل انزل يوم ثالث شهر رمضان على عيسى عليه السلام ، فيكون له زيادة في الاحترام ، وعمل الطّاعات والخيرات ، وروي لستّ مضين منه ، وسنذكرها في ليلة ستّ إِن شاء اللّه تعالى.

ص: 254


1- الملمة : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
2- فرجا ومخرجا ورزقا واسعا (خ ل).
3- وكيف شئت (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 19.
5- باعدني فيه من (خ ل).
6- انزل (خ ل).
7- يا احكم الحاكمين (خ ل).
8- عنه البحار 98 : 20.

الباب الثامن: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة الرّابعة ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها : من كتاب محمّد بن أَبي قرَّة في عمل شهر رمضان في اللّيلة الرابعة :

الهِي ما عَمِلْتُ مِنْ حَسَنَةٍ فَلا حَمْدَ لِي فِيهِ ، وَما ارْتَكَبْتُ مِنْ سُوءٍ فَلا عُذْرَ لِي فِيهِ ، إِلهِي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَّكِلُ عَلى ما لا حَمْدَ لِي فِيهِ ، أَوْ أَرْتَكِبُ ما لا عُذْرَ لِي فِيهِ ، يا إِلهِي أَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فِيهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا وَعَدْتُكَ مِنْ نَفْسِي ثُمَّ أَخْلَفْتُكَ فِيهِ.

وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ ، فَخالَطَنِي ما لَيْسَ لَكَ رِضا ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِها عَلَيَّ فَقَوَّيْتُ بِها عَلى مَعاصِيكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ ، وَلِكُلِّ خَطِيئَةٍ ارْتَكَبْتُها ، وَلِكُلِّ سُوءٍ أَتَيْتُهُ.

يا إِلهِي وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَهَبَ لِي بِرَحْمَتِكَ كُلَّ ذَنْبٍ فِيما بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَأَنْ تَسْتَوْهِبَنِي مِنْ خَلْقِكَ ، وَتَسْتَنْقِذَنِي مِنْهُمْ ، وَلا تَجْعَلْ حَسَناتِي فِي مَوازِينِ مَنْ ظَلَمْتُهُ وَأَسَأْتُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّكَ عَلى ذلِكَ قادِرٌ يا عَزِيزُ ، وَكُلُّ ذَنْبٍ أَنَا عَلَيْهِ مُقِيمٌ فَانْقُلْنِي عَنْهُ إِلى طاعَتِكَ ، يا إِلهِي ، وَكُلُّ ذَنْبٍ أُريدُ أَنْ أَعْمَلَهُ فَاصْرِفْهُ عَنِّي ، وَرُدَّنِي إِلى طاعَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لَيْسَ فَوْقَها شَيْءٌ ، يا اللّهُ الرَّحْمنُ

ص: 255

الرَّحِيمُ الَّذِي لا يَعْلَمُ كُنْهَ ما هُوَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَتَعْصِمَنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَتُعْطِيَنِي جَمِيعَ سُؤْلِي فِي دِينِي (1) وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي وَمَثْوايَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء آخر في هذه اللَّيلة مرويّ عن النبيِّ صلى اللّه عليه وآله :

يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، وَيا جَبَّارَ الدُّنْيا وَيا مالِكَ الْمُلُوكِ ، وَيا رازِقَ الْعِبادِ ، هذا شَهْرُ التَّوْبَةِ ، وَهذا شَهْرُ الثَّوابِ ، وَهذا شَهْرُ الرَّجاءِ ، وَأَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي (3) فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَأَنْ تَسْتُرَنِي بِالسِّتْرِ الَّذِي لا يُهْتَكُ ، وَتُجَلِّلَنِي بِعافِيَتِكَ الَّتِي لا تُرامُ ، وَتُعْطِيَنِي سُؤْلِي ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَأَنْ لا تَدع لِي ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا هَماً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا كُرْبَةً إِلاَّ كَشَفْتَها ، وَلا حاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَها ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَجَلُّ الْأَعْظَمُ (4).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الرابع من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم الرابع من شهر رمضان :

يا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذاهِبُ ، وَمَلْجَئي حِينَ تَقِلُّ بِيَ الْحِيَلُ ، وَيا بارِئَ خَلْقِي رَحْمَةً بِي ، وَكُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً ، يا مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي ، وَلَوْ لا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ ، وَيا مُقِيلَ عَثْرَتِي ، وَلَوْ لا سِتْرُكَ عَوْرَتِي لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ.

ص: 256


1- من ديني (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 20.
3- أسألك أَن تصلي على محمد وآل محمد وان تجعلني (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 21.

وَيا مُرْسِلَ الرِّياحِ مِنْ مَعادِنِها ، وَيا ناشِرَ الْبَرَكاتِ مِنْ مَواضِعِها ، وَيا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخِ الرِّفْعَةِ ، فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزَّتِهِ يَتَعَزَّزُونَ ، وَيا مَنْ وَضَعَ نِيرَ (1) الْمَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِ الْمُلُوكِ ، فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خائِفُونَ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي هُوَ مِنْ نُورِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِنُورِكَ الَّذِي هُوَ مِنْ كَيْنُونَتِكَ (2) ، وَأَسْأَلُكَ بِكَيْنُونَتِكَ الَّتِي هِيَ مِنْ كِبْرِيائِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكِبْرِيائِكَ الَّتِي هِيَ مِنْ عَظَمَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ الَّتِي هِيَ مِنْ عِزَّتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي لا تُرامُ ، وَبِقُدْرَتِكَ الَّتِي خَلَقْتَ بِها خَلْقَكَ ، فَهُمْ لَكَ مُذْعِنُونَ.

وَبِاسْمِكَ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْمُبِينِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ تَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي ، وَتُغْنِيَنِي مِنَ الْفَقْرِ ، وَتُمَتِّعَنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي ، وَتَجْعَلَهُما الْوارِثَيْنِ مِنِّي ، وَأَنْ تَرْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ ، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ ، يا اللّهُ يا رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي وَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ قَوِّنِي فِيهِ (4) عَلى إِقامَةِ أَمْرِكَ ، وَأَذِقْنِي (5) فِيهِ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ ، وَأَوْزِعْنِي فِيهِ أَداءَ (6) شُكْرِكَ (7) ، يا خَيْرَ النَّاصِرِينَ (8).

ص: 257


1- قهر (خ) ، أَقول : نير : هي الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأداتها ، تسمى بالفارسية : يوغ.
2- كينونيّتك ، بكينونيتك (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 21.
4- وفقني في هذا اليوم (خ ل).
5- ارزقني (خ ل).
6- اوزعني لأداء (خ ل).
7- بكرمك ، واحفظني بحفظك وسترك ، يا أبصر الناظرين برحمتك يا أَرحم الراحمين (خ ل).
8- عنه البحار 98 : 22.

الباب التاسع: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الخامسة ويومها

اشارة

ويستحبّ فيها الغسل كما قدّمناه.

وفيها ما نختاره من عدة روايات :

منها: ما ذكره محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

دعاء اللَّيلة الخامسة :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ خَيْرِ الْأَسْماءِ ، الَّتِي تُنْزِلُ بِهَا الشِّفاءَ وَتَكْشِفُ بِهَا اللَّأْواءَ (1) ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَليَّ مِنْكَ عافِيَةً وَشِفاءً ، وَتَدْفَعَ عَنِّي بِاسْمِكَ كُلَّ سُقْمٍ وَبَلاءٍ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي ، وَتَجْعَلَنِي فِيمَنْ صامَ وَقامَ وَرَضِيتَ عَمَلَهُ ، وَتَجْعَلَنِي مِمَّنْ صامَتْ جَوارِحُهُ ، وَحَفِظَ لِسانَهُ وَفَرْجَهُ ، وَتَرْزُقَنِي عَمَلا تَرْضاهُ ، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالصَّمْتِ (2) وَالسَّكِينَةِ ، وَوَرَعاً يَحْجُزُنِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويٌّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه وَآله :

يا صانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ ، وَيا جابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ ، وَيا شاهِدَ كُلِّ نَجوَى ، وَيا رَبَّاهُ

ص: 258


1- الأدواء (خ ل).
2- في البحار : بالسمت.
3- عنه البحار 98 : 22.

وَيا سَيِّداهُ ، أَنْتَ النُّورُ فَوْقَ النُّورِ ، وَنُورُ كُلِّ نُورٍ ، فَيا نُورُ كُلِّ نُورٍ ، أَسْأَلُكَ (1) أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبَ اللَّيْلِ وَذُنُوبَ النَّهارِ ، وَذُنُوبَ السِّرِّ وَذُنُوبَ الْعَلانِيَةِ.

يا قادِرُ يا قَدِيرُ يا واحِدُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا وَدُودُ ، يا غَفُورُ يا رَحِيمُ ، يا غافِرَ الذَّنْبِ ، وَقابِلَ التَّوْبِ ، شَدِيدَ الْعِقابِ ، ذَا الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، تُحْيِي وَتُمِيتُ ، وَتُمِيتُ وَتُحْيِي ، وَأَنْتَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَاعْفُ عَنِّي ، إِنَّكَ أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (2).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الخامس من دعاء غير متكرّرة

دعاء اليوم الخامس من شهر رمضان :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْزَعْ ما فِي قَلْبِي مِنْ حَسَدٍ أَوْ غِلٍّ أَوْ غِشٍّ ، أَوْ فِسْقٍ أَوْ فَرَحٍ ، أَوْ مَرَحٍ (3) أَوْ بَطَرٍ (4) ، أَوْ أَشَرٍ (5) أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ شَكٍّ أَوْ رَيْبَةٍ ، أَوْ نِفاقٍ أَوْ شِقاقٍ ، أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ قَطِيعَةٍ أَوْ جَفاءٍ ، أَوْ ما تَكْرَهُهُ مِمَّا هُوَ فِي قَلْبِي.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّثَبُّتَ فِي أَمْرِي ، وَالْمُشاوَرَةَ مَعَ أَهْلِ النَّصِيحَةِ وَالْمَوَدَّةِ لِي ، بِالتَّواضُعِ فِي قَلْبِي ، وَالْتِماسِ الْبَرَكَةِ فِيما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي سَلامَةَ الصَّدْرِ ، وَالسَّكِينَةَ إِلى ما تُحِبُّ وَتَرْضى ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي شَرْحَ الصَّدْرِ وَانْفِتاحَهُ لِما (6) تُحِبُّ وَتَرْضى ، وَنُورَ الْقَلْبِ وَتَفَهُّمَهُ لِما

ص: 259


1- فيا نور النور ويا نور كل نور (خ ل) ، أَسألك بحق محمد وآل محمد أَن تصلّي على محمد وآل محمد وان (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 22.
3- مرح الرجل : اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
4- بطر الحق : تكبر عنه ولم يقبله.
5- أَشر : بطر ومرح.
6- الى ما (خ ل).

تُحِبُّ وَتَرْضى ، وَضِياءَ الْقَلْبِ وَذُكاءَ الْقَلْبِ وَتَوَقُّدَهُ فِيما تُحِبُّ وَتَرْضى ، وَحُسْنَ الْأَمْنِ وَإِيمانِهِ بِما تُحِبُّ وَتَرْضى.

يا مَنْ بِيَدِهِ صَلاحُ الْقَلْبِ ، أَصْلِحْهُ لِي ، يا مَنْ بِيَدِهِ سَلامَةُ الْقَلْبِ ، فاجْعَلْهُ سالِماً لِي ، وَارْزُقْنِي ما سَأَلْتُكَ ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِما لَمْ أَسْأَلْ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَسَعَتِكَ وَجُودِكَ وَكَثْرَةِ نائِلِكَ ما أَنْتَ أَهْلُهُ.

اللّهُمَّ أَعْفِنِي عَنْ طَلَبِ ما لَمْ تُقَدِّرْهُ لِي ، وَسَهِّلْ سَبِيلَ ما رَزَقْتَنِي مِنْهُ ، وَسُقْهُ إِلَيَّ فِي عافِيَةٍ وَيُسْرٍ ، وَرَحْمَةٍ وَلُطْفٍ ، وَلا تُعَسِّرْهُ لِي.

اللّهُمَّ لا تَنْزَعْ مِنِّي صالِحاً أَعْطَيْتَنِيهِ ، وَلا تُوقِعْنِي فِي شَرٍّ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ ، وَاكْفِنِي بِرِزْقِكَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمَتِّعْنا بِأَسْماعِنا وَأَبْصارِنا وَاجْعَلْهُما الْوارِثَيْنِ مِنَّا ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ (1).

دعاء آخر في اليوم الخامس منه :

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي (2) فِيهِ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ ، وَاجْعَلْنِي فِيهِ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ الْقانِتِينَ ، وَاجْعَلْنِي فِيهِ مِنْ أَوْلِيائِكَ الْمُتَّقِينَ (3) ، بِرَأْفَتِكَ يا (4) أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (5).

ص: 260


1- عنه البحار 98 : 23.
2- في هذا اليوم (خ ل).
3- المقربين (خ ل).
4- برحمتك يا ارحم الراحمين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 23.

الباب العاشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة السّادسة منه ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها: ما ذكره محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان : دعاء اللّيلة السّادسة : اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكى ، اللّهُمَّ أَنْتَ الْواحِدُ الْقَدِيمُ ، وَالآخِرُ الدَّائِمُ ، وَالرَّبُّ الْخالِقُ ، وَالدَّيَّانُ يَوْمَ الدِّينِ ، تَفْعَلُ ما تَشاءُ بِلا مُغالَبَةٍ ، وَتعْطِي مَنْ تَشاءُ بِلا مَنٍّ ، وَتَمْنَعُ (1) ما تَشاءُ بِلا ظُلْمٍ ، وَتَداولُ الْأَيَّامَ بَيْنَ النَّاسِ ، يَرْكَبُونَ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ.

أَسْأَلُكَ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا تُرامُ ، وَأَسْأَلُكَ يا اللّهُ وَأَسْأَلُكَ يا رَحْمنُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ وَفَرَجَنا بِفَرَجِهِمْ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي.

وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ ما أَرْجُو (2) ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما أَحْذَرُ ، إِنْ أَنْتَ خَذَلْتَ فَبَعْدَ الْحُجَّةِ ، وَإِنْ أَنْتَ عَصَمْتَ فِبِتَمامِ النِّعْمَةِ ، يا صاحِبَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَصاحِبَهُ وَمُؤَيِّدَهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَخَيْبَرٍ ، وَالْمَواطِنَ الَّتِي نَصَرْتَ فِيها نَبِيَّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ

ص: 261


1- تصنع (خ ل).
2- منك (خ ل).

السَّلامُ ، يا مُبِيرَ (1) الْجَبَّارِينَ ، وَيا عاصِمَ النَّبِيِّينَ.

أَسْأَلُكَ وَاقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّ يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، وَبِحَقِّ طه وَسائِرِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَحْصُرَنِي عَنِ الذُّنُوبِ وَالْخَطايا ، وَأَنْ تَزِيدَنِي فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، تَأْيِيداً تَرْبَطُ بِهِ عَلى جَأْشِي (2) ، وَتَسُدُّ بِهِ عَلى خُلَّتِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْرَءُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدائِي لا أَجِدُ لِي غَيْرَكَ ، ها أَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَاصْنَعْ بِي ما شِئْتَ ، لا يُصِيبُنِي إِلاَّ ما كَتَبْتَ لِي ، أَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (3).

دعاء آخر مرويّ عن النّبيّ صلى اللّه عليه وآله في هذه اللّيلة :

اللّهُمَّ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَأَنْتَ الْواحِدُ الكَرِيمُ ، وَأَنْتَ الإِلهُ الصَّمَدُ ، رَفَعْتَ السَّمواتِ بِقُدْرَتِكَ ، وَدَحَوْتَ الْأَرْضَ بِعِزَّتِكَ ، وَأَنْشَأْتَ السَّحابَ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَأَجْرَيْتَ الْبِحارَ بِسُلْطانِكَ.

يا مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْحِيتانُ فِي الْبُحُورِ ، وَالسِّباعُ فِي الْفَلَواتِ ، يا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ فِي السَّمواتِ السَّبْعِ وَالأَرَضِينَ السَّبْعِ.

يا مَنْ يُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَما فِيهِنَّ ، يا مَنْ لا يَمُوتُ وَلا يَبْقى إِلاَّ وَجْهُهُ الْجَلِيلُ الْجَبَّارُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَاعْفُ عَنِّي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (4).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم السادس من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم السادس من شهر رمضان :

ص: 262


1- اباره : أهلكه.
2- الجأش : القلب والصدر ، رابط الجأش : شجاع.
3- عنه البحار 98 : 24.
4- عنه البحار 98 : 24.

يا خَيْرَ مَنْ وَجَّهْتُ إِلَيْهِ وَجْهِي ، يا خَيْرَ مَنْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ وَحْدَتِي ، يا خَيْرَ مَنْ شَخَصْتُ إِلَيْهِ بِبَصَرِي ، وَيا خَيْرَ مَنْ ناجَيْتُهُ فِي سِرِّي ، يا خَيْرَ مَنْ بَسَطْتُ إِلَيْهِ يَدِي ، يا خَيْرَ مَنْ رَجَوْتُهُ فِي حاجَتِي.

يا خَيْرَ مَنْ فَكَّرْتُ فِيهِ بِقَلْبِي ، يا خَيْرَ مَنْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ بِكَفِّي ، اجْعَلْ أَفْضَلَ صَلَواتِكَ عَلى أَفْضَلِ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَاجْعَلْهُمْ وَإِيَّانا وَما تَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْنا فِي كَنَفِكَ وَحِرْزِكَ ، وَكِفايَتِكَ وَكَلاءَتِكَ ، وَسِتْرِكَ الْواقِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَخُوفٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

فَانَّا قَدِ اسْتَغْنَيْنا وَاعْتَصَمْنا وَتَعَزَّزْنا بِكَ ، وَأَنْتَ الْغالِبُ غَيْرُ الْمَغْلُوبِ (1) ، وَرَمَيْنا كُلَّ مَنْ أَرادَ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَأَشْياعَهُمْ وَأَحِبَّاءَهُمْ بِسُوءٍ أَوْ بِخَوْفٍ أَوْ بِأَذىً ، بِلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، وَبِلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَبِلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ رَبُّ السَّمواتِ السَّبْعِ وَما فِيهِنَّ ، وَرَبُّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (2).

دعاء آخر في اليوم السّادس منه :

اللّهُمَّ لا تَخْذُلْنِي فِيهِ (3) بِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ (4) ، وَلا تَضْرِبْنِي فِيهِ بِسِياطِ (5) نَقِمَتِكَ ، وَزَحْزِحْنِي فِيهِ مِنْ مُوجِباتِ (6) سَخَطِكَ ، بِمَنِّكَ يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ (7).

وروي أنّه يصلّي يوم السّادس من شهر رمضان ركعتين ، كلّ ركعة بالحمد مرّة وبسورة الإخلاص خمسا وعشرين مرّة ، لأجل ما ظهر من حقوق مولانا الرّضا عليه

ص: 263


1- غير مغلوب (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 24.
3- في هذا اليوم (خ ل).
4- معاصيك (خ ل).
5- ولا تضربني فيه من سياط (خ ل) ، نقمتك ومهاويك (خ ل).
6- وازجرني ، عن موجبات (خ ل).
7- عنه البحار 98 : 25.

السلام فيه.

وذكر المفيد في التواريخ الشرعيّة أنّ اليوم السّادس من شهر رمضان كانت مبايعة المأمون لمولانا الرّضا عليه السلام فيه.

ص: 264

الباب الحادي عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة السابعة ويومها

اشارة

وفيها غسل كما قدمناه.

وفيها ما نختاره من عدة روايات بالدعوات :

منها : ما ذكره محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، دعاء اللّيلة السّابعة : يا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَيا مُفَرِّجَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيا كاشِفَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْشِفْ كَرْبِي وَهَمِّي وَغَمِّي ، فَإِنَّهُ لا يَكْشِفُ ذلِكَ غَيْرُكَ.

وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَاقْضِ لِي حَوائِجِي ، وَابْعَثْنِي عَلى الإِيمانِ بِكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ وَرَسُولِكَ ، وَحُبِّ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ ، اولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ ، فَانِّي قَدْ رَضِيتُ بِهِمْ أئِمَّةً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ صَلاتِي وَصَوْمِي وَنُسُكِي ، فِي هذا الشَّهْرِ (1) الْمُفْتَرَضِ عَلَيْنا صِيامَهُ ، وَارْزُقْنِي فِيهِ مَغْفِرَتَكَ وَرَحْمَتَكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2)

ص: 265


1- في هذا الشهر رمضان (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 25.

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

يا مَنْ كانَ وَيَكُونُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، يا مَنْ لا يَمُوتُ وَلا يَبْقى إِلاَّ وَجْهُهُ الْجَبَّارُ ، يا مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، يا مَنْ إذا دُعِيَ أَجابَ ، يا مَنْ إِذَا اسْتُرْحِمَ رَحِمَ ، يا مَنْ لا يُدْرِكُ الْواصِفُونَ صِفَتَهُ مِنْ عَظَمَتِهِ.

يا مَنْ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، يا مَنْ يَرى وَلا يُرى ، وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، يا مَنْ لا يُعِزُّهُ شَيْءٌ ، وَلا يَفُوقُهُ (1) أَحَدٌ ، يا مَنْ بِيَدِهِ نَواصِي الْعِبادِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ ، وَحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَرْحَمَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ فِي الْعالَمِينَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (2).

فصل (1): فيما يختص باليوم السّابع من دعاء غير متكرر

دعاء اليوم السابع من شهر رمضان :

اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي حِينَ يَسُوءُ ظَنِّي بِأَعْمالِي ، وَأَنْتَ أَمَلِي عِنْدَ انْقِطاعِ الْحِيَلِ مِنِّي ، وَأَنْتَ رَجائِي عِنْدَ تَضايُقِ حُلُولِ الْبَلاءِ عَلَيَّ ، وَأَنْتَ عُدَّتِي فِي كُلِّ شَدِيدَة نَزَلَتْ بِي ، وَفِي كُلِّ مُصِيبَةٍ دَخَلَتْ عَلَيَّ.

وَفِي كُلِّ كُلْفَةٍ صارَتْ عَلَيَّ ، وَأَنْتَ مَوْضِعُ كُلِّ شَكْوى ، وَمُفَرِّجُ كُلِّ بَلْوى ، أَنْتَ لِكُلِّ عَظِيمَةٍ تُرْجى ، وَلِكُلِّ شَدِيدَةٍ تُدْعى ، إِلَيْكَ الْمُشْتَكى ، وَأَنْتَ الْمُرْتَجى لِلاخِرَةِ وَالأُولى.

اللّهُمَّ ما أَكْبَرَ هَمِّي إِنْ لَمْ تُفَرِّجْهُ ، وَأَطْوَلَ حُزْنِي إِنْ لَمْ تخَلِّصْنِي ، وَأَعْسَرَ

ص: 266


1- فوقه (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 26.

حَسَناتِي إِنْ لَمْ تُيَسِّرْها (1) ، وَأَخَفَّ مِيزانِي إِنْ لَمْ تُثَقِّلْهُ ، وَأَزَلَّ لِسانِي إِنْ لَمْ تُثَبِّتْهُ ، وَأَوْضَعَ جِدِّي إِنْ لَمْ تُقِلْ عَثْرَتِي.

أَنَا صاحِبُ الذَّنْبِ الْكَبِيرِ (2) ، وَالْجُرْمِ الْعَظِيمِ ، أَنَا الَّذِي بَلَغَتْ بِي سَوْءَتِي ، وَكُشِفَ قِناعِي ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِجابٌ تُوارِينِي مِنْكَ ، فَلَوْ عاقَبْتَنِي عَلى قَدْرِ جُرْمِي لَما فَرَّجْتَ عَنِّي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً.

اللّهُمَّ أَنَا الذَّلِيلُ الَّذِي أَعْزَزْتَ ، وَأَنَا الضَّعِيفُ الَّذِي قَوَّيْتَ ، وَأَنَا الْمُقِرُّ الَّذِي سَتَرْتَ ، فَما شَكَرْتُ نِعْمَتَكَ ، وَلا أَدَّيْتُ حَقَّكَ ، وَلا تَرَكْتُ مَعْصِيَتَكَ.

يا كاشِفَ كَرْبِ أَيُّوبَ ، وَسامِعَ صَوْتِ يُونُسَ الْمَكْرُوبِ ، وَفالِقَ الْبَحْرِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ ، وَمُنْجِيَ مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَيُسْراً ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

دعاء آخر في اليوم السّابع منه :

اللّهُمَّ أَعِنِّي فِيهِ (4) عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ ، وَاجْنُبْنِي (5) فِيهِ مِنْ هَفَواتِهِ (6) وَآثامِهِ ، وَارْزُقْنِي فِيهِ ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ بِدَوامِهِ (7) ، بِتَوْفِيقِكَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ (8).

ص: 267


1- أعز (خ ل) ، ان لم توفقني (خ ل).
2- الكثير (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 26.
4- في هذا اليوم (خ ل).
5- جنّبني (خ ل).
6- الهفوة ، جمع هفوات : السقطة والزلّة.
7- بدوام هدايتك وتوفيقك يا هادي المؤمنين برحمتك يا ارحم الراحمين (خ ل).
8- عنه البحار 98 : 27.

الباب الثاني عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة الثامنة ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها : ما ذكره محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، دعاء اللّيلة الثّامنة : اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَالْغِناءَ مِنَ الْعِيلَةِ ، وَالْأَمْنَ مِنَ الْخَوْفِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ ، يا اللّهُ يا نُورَ النُّورِ لَكَ التَّسْبِيحُ ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَكَ الْكِبْرِياءُ ، سَبْحانَكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُبْحانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي ، وَلا تُنَكِّسْ بِرَأْسِي بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ بَلَّغُوا وَنَصَحُوا لِي ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَابْعَثْنِي عَلى الإِيمانِ بِكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ وَرَسُولِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ شَهْرِنا هذا ، وَلَيْلَتِنا هذِهِ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ ، أَوْ أَنْتَ مُنْزِلُهُ (1) فِيها ، مَغْفِرَةً وَرِضْواناً ، وَرِزْقاً واسِعاً ، وَابْسُطْ عَلَيَّ وَعَلى عِيالِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ

ص: 268


1- وأنت منزل (خ ل).

قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كِتابٍ قَدْ سَبَقَ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النّبي صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ هذا شَهْرُكَ الَّذِي أَمَرْتَ فِيهِ عِبادَكَ بِالدُّعاءِ ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الإِجابَةَ ، وَقُلْتَ ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) (2).

فَأَدْعُوكَ يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّ (3) ، وَيا كاشِفَ السُّوءِ عَنِ الْمَكْرُوبِ (4) ، وَيا جاعِلَ اللَّيْلِ سَكَناً ، وَيا مَنْ لا يَمُوتُ ، اغْفِرْ لِمَنْ يَمُوتُ ، قَدَّرْتَ وَخَلَقْتَ وَسَوَّيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ ، أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ وَآوَيْتَ وَرَزَقْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَفِي النَّهارِ إِذا تَجَلّى ، وَفِي الآخِرَةِ وَالأُولى ، وَأَنْ تَكْفِيَنِي ما أَهَمَّنِي ، وَتَغْفِرَ لِي. إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الثامن من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم الثامن من شهر رمضان :

اللّهُمَّ إِنِّي لا أَجِدُ مِنْ أَعْمالِي عَمَلاً أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ ، أَفْضَلَ مِنْ وِلايَتِكَ وَوِلايَةِ رَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ الطَّيِّبِينَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَتَوَجَّهُ بِهِمْ إِلَيْكَ ، فَاجْعَلْنِي

ص: 269


1- عنه البحار 98 : 27.
2- البقرة : 186.
3- المضطرين (خ ل).
4- المكروبين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 27.

عِنْدَكَ يا إِلهِي بِكَ وَبِهِمْ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، فَانِّي قَدْ رَضِيتُ بِذلِكَ مِنْكَ تُحْفَةً وَكَرامَةَ ، فَإِنَّهُ لا تُحْفَةَ وَلا كَرامَةً أَفْضَلَ مِنْ رِضْوانِكَ وَالتَّنَعُّمِ فِي دارِكَ ، مَعَ أَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ.

اللّهُمَّ أَكْرِمْنِي بِوِلايَتِكَ ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ أَهْلِ وِلايَتِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي وَدائِعِكَ الَّتِي لا تَضِيعُ ، وَلا تَرُدَّنِي خائِباً بِحَقِّكَ ، وَحَقِّ مَنْ أَوْجَبْتَ حَقَّهُ عَلَيْكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتُعَجِّلَ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ وَفَرَجِي مَعَهُمْ ، وَفَرَجَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ رَحْمَةَ الْأَيْتامِ ، وَإِطْعامَ الطَّعامِ وَإِفْشاءَ السَّلامِ ، وَمُجانَبَةَ اللِّئامِ ، وَصُحْبَةَ الْكِرامِ (2) ، بِطَوْلِكَ (3) يا مَلْجَأَ الْآمِلِينَ (4).

ص: 270


1- - عنه البحار 98 : 28.
2- وجنبني فيه صحبة اللئام وارزقني فيه صحبة الكرام (خ ل).
3- بعزتك (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 28.

الباب الثالث عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة التّاسعة ويومها

اشارة

وفيها غسل كما قدّمناه.

وفيها ما نختاره من عدة روايات :

منها : ما ذكره محمد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

دعاء الليلة التاسعة :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ، آمَنْتُ بِكَ مُخْلِصاً لَكَ دِينِي ، أَمْسَيْتُ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ سُوءِ عَمَلِي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِيَ الَّتِي لا يَغْفِرُها إِلاَّ أَنْتَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ ، وَبَلِّغْنِي انْسِلاخَ هذا الشَّهْرِ.

يا خَيْرَ الْمَوْلى ، وَيا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى ، وَيا سامِعَ كُلِّ نَجْوى ، وَيا شاهِدَ كُلِّ مَلَاءٍ ، وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، وَيا كاشِفَ ما يَشاءُ مِنْ بَلِيَّةٍ ، خَلِيلَ إِبْراهِيمَ وَنَجِيَّ مُوسى ، وَمُصْطَفى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ.

أَدْعُوكَ دُعاءَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ ، وَقَلَّتْ حِيلَتُهُ ، دُعاءَ الْغَرِيبِ الْغَرِيقِ الْمُضْطَرِّ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، الَّذِي لا يَجِدُ لِكَشْفِ ما هُوَ فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَفَرِّجْ عَنِّي ، وَاكْشِفْ ما بِي مِنْ ضُرٍّ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَصَلاتِي فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى

ص: 271

مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويٌّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

يا سَيِّداهُ وَيا رَبَّاهُ ، وَيا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا ذَا الْعَرْشِ الَّذِي لا يَنامُ ، وَيا ذَا الْعِزِّ الَّذِي لا يُرامُ ، يا قاضِيَ الأُمُورِ ، يا شافِيَ الصُّدُورِ ، اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَاقْذِفْ رَجاءَكَ فِي قَلْبِي ، حَتّى لا أَرْجُو أَحَداً سِواكَ ، عَلَيْكَ سَيِّدِي تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ مَوْلايَ أَنَبْتُ ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

أَسْأَلُكَ يا إِلهَ إِلهَ الآلِهَةِ ، وَيا جَبَّارَ الْجَبابِرَةِ ، وَيا كَبِيرَ الْأَكابِرِ ، الَّذِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفاهُ ، وَكانَ حَسْبُهُ وَبالِغُ أَمْرِهِ ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ فَاكْفِنِي ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ فَارْحَمْنِي ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَاغْفِرْ لِي ، وَلا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنِّي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (2).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم التاسع من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم التاسع من شهر رمضان :

اللّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي ، وَاعْصِمْ عَمَلِي ، وَاهْدِ قَلْبِي ، وَاشْرَحْ صَدْرِي ، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَجَوِّدْ فَهْمِي ، وَخَفِّفْ وِزْرِي ، وَآمِنْ خَوْفِي ، وَثَبِّتْ حُجَّتِي ، وَارْبِطْ جَأشِي (3) ، وَبَيِّضْ وَجْهِي ، وَارْفَعْ جاهِي ، وَصَدِّقْ قَوْلِي ، وَبَلِّغْ حَدِيثِي ، وَعافِنِي فِي عُمْرِي.

وَبارِكْ لِي فِي مُنْقَلَبِي ، وَاعْصِمْنِي فِي جَمِيعِ أَحْوالِي ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، وَسَهِّلْ عَلَيَّ مَطالِبِي ، وَأَعْطِنِي مِنْ جَزِيلِ عَطائِكَ وَأَفْضَلِ ما أَعْطَيْتَ

ص: 272


1- عنه البحار 98 : 28.
2- عنه البحار 98 : 29.
3- الجأش : القلب والصدر ، رابط الجأش : شجاع.

أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَتَجاوَزْ عَنْ جَمِيعِ ما عِنْدِي بِحُسْنِ لُطْفِكَ الَّذِي عِنْدَكَ.

اللّهُمَّ لا تُشْمِتْ بِي عدُوِّي ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي ، وَلا تَفْضَحْنِي فِي نَفْسِي وَلا تَفْجَعْنِي فِي جارِي ، وَهَبْ لِي يا إِلهِي عَطِيَّةً كَرِيمَةً رَحِيمَةً مِنْ عَطائِكَ الَّذِي لا فَقْرَ بَعْدَهُ ، فَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَانْقَطَعَ عَنِ الْخَلْقِ رَجائِي ، فَقُدْرَتُكَ يا رَبِّ أَنْ تَرْحَمَنِي وَتُعافِينِي كَقُدْرَتِكَ عَلَيَّ أَنْ تُعَذِّبَنِي وَتَبْتَلِيَنِي.

فَاجْعَلْ يا مَوْلايَ فِيما قَضَيْتَ تَعْجِيلَ خَلاصِي مِنْ جَمِيعِ ما أَنَا فِيهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَالْمَحْذُورِ وَالْمَشَقَّةِ ، وَعافِنِي مِنْهُ كُلِّهِ ، إِلهِي (1) لا أَرْجُو لِدَفْعِ ذلِكَ عَنِّي أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، فَكُنْ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّي بِكَ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِذلِكَ ، وَعَلى كُلِّ داعٍ دَعاكَ بِهِ يا مَوْلايَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْتَ يا سَيِّدِي أَمَرْتَ بِالدُّعاءِ وَضَمِنْتَ لِمَنْ شِئْتَ الإِجابَةَ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ الَّذِي لا خُلْفَ لَهُ (2).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيهِ (3) نَصِيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ ، وَاهْدِنِي فِيهِ لِبَراهِينِكَ السَّاطِعَةِ (4) ، وَخُذْ بِناصِيَتِي إِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ بِمَحَبَّتِكَ ، (5) يا أَمَلَ الْمُشْتاقِينَ (6).

ص: 273


1- يا الهي (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 29.
3- أعطني (خ ل) ، في هذا اليوم (خ ل).
4- ببراهينك (خ ل) ، القاطعة (خ ل).
5- بهدايتك ، بمحبتك ، بمنك (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 30.

الباب الرابع عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة العاشرة ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها : ما ذكره محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، دعاء اللّيلة العاشرة : يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا أَوْسَعَ مَنْ أَعْطى ، وَيا خَيْرَ مُرْتَجى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَافْتَحْ لِي بابَ رِزْقٍ مِنْ عِنْدِكَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ.

اللّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضانَ وَما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْبَرَكاتِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي حُبَّ الصَّلاةِ وَالصِّيامِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَتُحَبِّبْ إِلَيَّ كُلَّ ما أَحْبَبْتَ ، وَتُبَغِّضَ إِلَيَّ كُلَّ ما أَبْغَضْتَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ تَكَفَّلْتَ بِرِزْقِي وَرِزْقِ كُلِّ دابَّةٍ ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ ، وَيا خَيْرَ مَسْئُولٍ ، وَيا خَيْرَ مُرْتَجى ، وَأَوْسَعَ مَنْ أَعْطَى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْنِي السَّعَةَ وَالدَّعَةَ وَالسَّعادَةَ فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

دعاء آخر في اللّيلة العاشرة مرويّ عن النّبي صلى اللّه عليه وآله :

ص: 274


1- عنه البحار 98 : 31.

اللّهُمَّ يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ ، يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا واحِدُ يا فَرْدُ ، يا غَفُورُ يا رَحِيمُ ، يا وَدُودُ يا حَلِيمُ ، مَضى مِنَ الشَّهْرِ الْمُبارَكِ الثُّلُثُ ، وَلَسْتُ أَدْرِي سَيِّدِي ما صَنَعْتَ فِي حاجَتِي ، هَلْ غَفَرْتَ لِي؟ إِنْ أَنْتَ غَفَرْتَ لِي فَطُوبى لِي ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لِي فَوا سَوْأَتاه.

فَمِنَ الآنِ سَيِّدِي فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَتُبْ عَلَيَّ وَلا تَخْذُلْنِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَاسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنِّي بِعَفْوِكَ ، وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ ، وَتَجاوَزْ عَنِّي بِقُدْرَتِكَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضى عَلَيْكَ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم العاشر من دعاء غير متكرّر

اللّهُمَّ يا مَنْ بَطْشُهُ شَدِيدٌ ، وَعَفْوُهُ قَدِيمٌ ، وَمُلْكُهُ مُسْتَقِيمٌ ، وَلُطْفُهُ شَدِيدٌ ، يا مَنْ سَتَرَ عَلَيَّ الْقَبِيحَ ، وَظَهَرَ بِالْجَمِيلِ ، وَلَمْ يُعَجِّلْ بِالْعُقُوبَةِ ، وَيا مَنْ أَذِنَ لِلْعِبادِ بِالتَّوْبَةِ ، يا مَنْ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ لِذِي (2) الْفَضِيحَةِ ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما فِي غَدٍ غَيْرُهُ ، يا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ ، يا مَأْوى كُلِّ هارِبٍ ، يا غاذِيَ ما فِي بُطُونِ الْأُمَّهاتِ.

يا سَيِّدِي ، أَنْتَ لِي فِي كُلِّ حاجَةٍ نَزَلَتْ بِي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي ، وَارْزُقْنِي مِنْ رِزْقِكَ الْواسِعِ رِزْقاً حَلالاً طَيِّباً ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ اسْتَغَثْتُ (3) ، فُكَّ أَسْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً، ما أَبْقَيْتَنِي ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(4).

دعاء آخر في اليوم العاشر :

ص: 275


1- عنه البحار 98 : 32.
2- لدى (خ ل).
3- استغيث (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 32.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي (1) مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْفائِزينَ لَدَيْكَ (2) ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُقَرِّبِينَ لَدَيْكَ ، بِإِحْسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبِينَ (3).

ص: 276


1- في هذا اليوم (خ ل).
2- الفارّين إليك (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 32.

الباب الخامس عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الحادية عشر منه ويومها

اشارة

وفيها غسل كما قدّمناه ، وما نختاره من عدّة روايات :

منها : ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم اللّه العتيقة ، وقد سقط منه أدعية ليال ، فنقلنا ما بقي منها ، وهو دعاء الليلة الحادية عشر : ؛ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْبارِيءُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ، الَّذِي خَلَقَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً بِمَشِيَّتِهِ ، وَأَرانِي فِي نَفْسِي وَفِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقاتِهِ وَصُنْعِهِ الدَّلائِلَ الْبَيِّنَةَ النَّيِّرَةَ عَلى قُدْرَتِهِ ، الَّذِي فَرَضَ الصِّيامَ عَلَيَّ تَعَبُّداً ، يُصْلِحُ بِهِ شَأْنِي ، وَيَغْسِلُ عَنِّي أَوْزارِي ، وَيُذَكِّرُنِي بِما لَهَوْتُ عَنْهُ مِنْ ذِكْرِهِ ، وَيُوجِبُ لِيَ الزُّلْفى (1) بِطاعَةِ أَمْرِهِ.

اللّهُمَّ سَيِّدِي أَنْتَ مَوْلايَ إِنْ كُنْتَ جُدْتَ عَلَيَّ بِصالِحٍ فِيما مَضى مِنْهُ ارْتَضَيْتَهُ فَزِدْنِي ، وَإِنْ كُنْتُ اقْتَرَفْتُ ما أَسْخَطَكَ فَأَقِلْنِي.

اللّهُمَّ مَلِّكْنِي مِنْ نَفْسِي فِي الْهُدى ما أَنْتَ لَهُ أَمْلَكُ ، وَقَدِّرْنِي مِنَ الْعُدُولِ بِها إِلى إِرادَتِكَ عَلى ما أَنْتَ عَلَيْهِ أَقْدَرُ ، وَكُنْ مُخْتاراً لِعَبْدِكَ ما يُسْعِدُهُ

ص: 277


1- الزلفى : القربة ، الدرجة ، المنزلة.

بِطاعَتِكَ، وَتَجَنُّبِهِ الشَّقْوَةَ بِمَعْصِيَتِكَ حَتّى يَفُوزَ فِي الْمَعْصُومِينَ وَيَنْجُو فِي الْمَقْبُولِينَ، وَيُرافِقي الْفائِزِينَ، الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (1).

دعاء آخر في اللّيلة الحادية عشر منه ، رويناه بإسنادنا إِلى محمّد بن أَبي قرَّة من كتابه عمل شهر رمضان :

يا مَنْ يَكْفِي كُلَّ مَئُونَةٍ بِلا مَئُونَةٍ ، يا جَوادُ يا ماجِدُ ، يا أَحَدُ يا واحِدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي ، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ ، وَعَلى ما بَقِيَ مِنْ شَهْرِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيْتُ لا أَمْلِكُ ما أَرْجُو ، وَلا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ ما أُحاذِرُ إِلاَّ بِكَ ، وَأَمْسَيْتُ مُرْتَهِناً بِعَمَلِي ، وَأَمْسَى الْأَمْرُ وَالْقَضاءُ بِيَدِكَ ، يا رَبِّ ، فَلا فَقِيرَ أَفْقَرَ مِنِّي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي يا رَبِّ ظُلْمِي وَجُرْمِي وَجَهْلِي وَجِدِّي وَهَزْلِي وَكُلَّ ذَنْبٍ ارْتَكَبْتُهُ ، وَبَلِّغْنِي ، وَارْزُقْنِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فِي هذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، فِي غَيْرِ مَشَقَّةٍ مِنِّي ، وَلا تُهْلِكْ رُوحِي وَجَسَدِي فِي طَلَبِ ما لَمْ تُقَدِّرْ لِي ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، مرويٌّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ ، وَأَرْجُو الْعَفْوَ ، وَهذِهِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ لَيالِي الثُّلْثَيْنِ ، أَدْعُوكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ نارِكَ الَّتِي لا تُطْفَأ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُقَوِّيَنِي عَلى قِيامِهِ (3) وَصِيامِهِ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

ص: 278


1- عنه البحار 98 : 30.
2- عنه البحار 98 : 31.
3- قيام هذا الشهر (خ ل).

اللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [وَبِها] (1) تَتِمُّ الصَّالِحاتُ ، وَعَلَيْها اتَّكَلْتُ ، وَأَنْتَ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي (2) وَتَجاوَزْ عَنِّي ، إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ (3).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الحادي عشر من شهر رمضان

اللّهُمَّ بِيَدِكَ مَقادِيرُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الْغِنى وَالْفَقْرِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الْخِذْلانِ وَالنَّصْرِ ، اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِي دِينِي وَدُنْيايَ ، وَبارِكْ لِي فِي آخِرَتِي وَأولايَ ، وَبارِكْ لِي فِي أَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي ، وَبارِكْ لِي فِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَيَدِي وَرِجْلِي وَجَمِيعِ جَسَدِي ، وَبارِكْ لِي فِي عَقْلِي وَذِهْنِي وَفَهْمِي وَعِلْمِي وَجَمِيعِ ما خَوَّلْتَنِي (4).

اللّهُمَّ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ، وَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ دارَ الْقَرارِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَبَوائِقِ الدَّهْرِ وَمُصِيباتِ اللَّيالِي وَالْأَيَّامِ.

اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ غَضِبْتَ عَلَيَّ وَأَنْتَ رَبِّي فَلا تُحِلَّهُ بِي يا رَبَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فَسَلِّمْنِي ، وَأَنْتَ رَبِّي فَلا تَكِلْنِي إِلى عَدُوِّي ، وَلا إِلى صَديقِي ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَما أُبالِي ، غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي وَأَهْنَأُ لِي.

إِلهِي أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمواتُ وَالْأَرَضُونَ ، وَكَشَفْتَ بِهِ

ص: 279


1- من البحار.
2- واعف عنّي (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 32.
4- خوّلتني : أَعطيتني.

الظُّلْمَةَ عَنْ عِبادِكَ مِنْ أَنْ يَحُلَّ بِي سَخَطُكَ ، لَكَ الْعُتْبى حَتَّى تَرْضى ، وَإِذا رَضِيتَ وَبَعْدَ الرِّضا ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ (1).

دعاء آخر في اليوم الحادي عشر :

اللّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيَّ فِيهِ الإِحْسانَ ، وَكَرِّهْ إِلَيَّ فِيهِ الْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ، وَحَرِّمْ عَلَيَّ فِيهِ السَّخَطَ وَالنيرانَ ، بِعَوْنِكَ يا غَوْثَ (2) الْمُسْتَضْعَفِينَ. (3)

ص: 280


1- عنه البحار 98 : 33.
2- بقوّتك (خ ل) ، يا غياث (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 33.

الباب السادس عشر: فيما نذكره من زيادات دعوات في اللّيلة الثانية عشر منه ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها : ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم اللّه العتيقة ، وقد سقط منه أدعية ليال ، فنقلنا ما بقي منها ، وهو دعاء اللَّيلة الثّانية عشر :

سُبْحانَكَ أَيُّها الْمَلِكُ الْقَدِيرُ الَّذِي بِيَدِهِ الأُمُورُ ، وَلا يُعْجِزُهُ ما يُرِيدُ ، وَلا يَنْقُصُهُ الْعَطاءُ وَالْمَزِيدُ ، اللّهُمَّ إِنْ كانَتْ صَحِيفَتِي مُسْوَدَّةً بِالذُّنُوبِ إِلَيْكَ ، فَانِّي أُعَوِّلُ فِي مَحْوِها فِي هذِهِ اللَّيالِي الْبِيضِ عَلَيْكَ ، وَأَرْجُو مِنَ الْغُفْرانِ وَالْعَفْوِ ما هُوَ بِيَدِكَ ، فَانْ جَدْتَ بِهِ عَلَيَّ لَمْ يَنْقُصْكَ وَفُزْتُ ، وَإِنْ حَرَمْتَنِيهِ لَمْ يَزِدْكَ وَعَطَبْتُ (1).

اللّهُمَّ فَوَفِّنِي بِما سَبَقَ لِي مِنَ الْحُسْنى شَهادَةَ الإِخْلاصِ بِكَ ، وَبِما جُدْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ ، وَما كُنْتَ لِأَعْرِفَهُ لَوْ لا تَفَضُّلُكَ ، [وَاعِذْنِي مِنْ سَخَطِكَ] (2) ، وَأَنِلْنِي بِهِ رِضاكَ وَعِصْمَتَكَ ، وَوَفِّقْنِي لِاسْتِينافِ ما يَزْكُو لَدَيْكَ مِنَ الْعَمَلِ ، وَجَنِّبْنِي الْهَفَواتِ وَالزَّلَلَ ، فَإِنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُ

ص: 281


1- عطب : هلك.
2- من البحار.

الْكِتابِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، وهو ما رويناه بإسنادنا إلى محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، فقال : دعاء اللّيلة الثانية عشرة منه :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ الَّتِي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فاجِرٌ ، فَإِنَّكَ لا تَبِيدُ وَلا تَنْفَدُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي ، وَمِنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ وَقِيامَهُ ، وَتَفُكَّ رِقابَنا مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ قَلْبِي بارّاً ، وَعَمَلِي سارّاً ، وَرِزْقِي دارّاً ، وَحَوْضَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ لِي قَراراً وَمُسْتَقَرّاً ، وَتُعَجِّلُ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي عافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء في هذه اللَّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَبْقى وَلا يَفْنى ، وَلَكَ الشُّكْرُ شُكْراً يَبْقى وَلا يَفْنى ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الْحَكِيمُ (3) الْعَلِيمُ.

أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَبِجَلالِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا تُقْهَرُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمَنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

وروي عن الصّادق عليه السلام أنَّ الإنجيل أنزل في اثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان.

قلت أنا : فلها زيادة في التعظيم ، وذكر المفيد في التواريخ الشرعيّة أنَّ الإنجيل انزل

ص: 282


1- عنه البحار 98 : 33.
2- عنه البحار 98 : 34.
3- الحليم (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 34.

في يوم ثاني عشر منه.

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الثاني عشر منه من دعاء غير متكرّر

اللّهُمَّ غارَتْ (1) نُجُومُ سَمائِكَ ، وَنامَتْ عُيُونُ أَنامِكَ ، وَهَدَأَتْ أَصْواتُ عِبادِكَ وَأَنْعامِكَ ، وَغَلَّقَتْ مُلُوكُ الْأَرْضِ عَلَيْها أَبْوابَها ، وَطافَتْ عَلَيْها حُرَّاسُها ، وَاحْتَجَبُوا عَمَّنْ يَسْأَلُهُمْ حاجَةً أَوْ يَنْتَجِعُ (2) مِنْهُمْ فائِدَةً.

وَأَنْتَ إِلهِي حَيٌّ قَيُّومٌ ، لا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، وَلا يَشْغَلُكَ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، أَبْوابُ سَماواتِكَ لِمَنْ دَعاكَ مُفَتَّحاتٌ ، وَخَزائِنُكَ غَيْرُ مُغَلَّقاتٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ وَأَسْتَحْفِظُكَ بِأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، وَالنُّورُ القُدُّوسُ ، نَفْسِي وَرُوحِي وَرِزْقِي ، وَمَحْيايَ وَمَماتِي ، وَأَنْفُسَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْفُسَ أَشْياعِ مُحَمَّدٍ ، وَجَمِيعَ ما تَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ حَيَّا وَمَيِّتاً ، وَشاهِداً وَغائِباً ، وَنائِماً وَيَقْظاناً ، وَقائِماً وَقاعِداً ، وَمُسْتَخِفّاً وَمُتَهاوِناً ، بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الْجَلِيلِ ، الرَّفِيعِ الْعَظِيمِ الْقائِمِ بِالْقِسْطِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

يا وَلِيَّ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَبَيْتِكَ الْمَعْمُورِ وَالسَّبْعِ الْمَثانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَبِكُلِّ مَنْ يَكْرُمُ عَلَيْكَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ يا سَيِّدِي ، مَعَ ما تَفَضَّلْتَ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْنا ، فَاجْعَلْنا فِي حِماكَ الَّذِي لا يُسْتَباحُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

دعاء آخر :

ص: 283


1- غارت الشمس : غربت.
2- انتجع فلانا : أَتاه طالبا معروفه.
3- عنه البحار 98 : 35.

اللّهُمَّ زَيِّنِّي فِيهِ بِالسِّتْرِ (1) وَالْعِفافِ ، وَالْبِسْنِي فِيهِ لِباسَ (2) الْقُنُوعِ وَالْكِفافِ ، وَحَلِّنِي فِيهِ بِحُلِيِّ الْفَضْل وَالإِنْصافِ (3) ، بِعِصْمَتِكَ يا عِصْمَةَ الْخائِفِينَ (4).

ص: 284


1- زين لي فيه الستر (خ ل).
2- ارزقني (خ ل) ، استرني فيه بلباس (خ ل) ، بلباس الصبر (خ ل).
3- ونجني فيه مما أَحذر وأَخاف ، وآمنّي فيه من كل ما أَخاف (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 35.

الباب السابع عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة عشر منه ويومها

اشارة

وفيها غسل كما قدّمناه ، وما نختاره من عدّة روايات :

منها : ما وجدناه في كتب أَصحابنا رحمه اللّه العتيقة ، وقد سقط منه أَدعية ليال ، فنقلنا ما بقي منها ، وهو دعاء اللّيلة الثالثة عشر : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجُودُ فَلا يَبْخُلُ ، وَيَحْلُمُ فَلا يَعْجَلُ ، الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ مِنْ تَوْحِيدِهِ بِأَعْظَمِ الْمِنَّةِ ، وَنَدَبَنِي (1) مِنْ صالِحِ الْعَمَلِ إِلى خَيْرِ الْمَهِنَةِ ، وَأَمَرَنِي بِالدُّعاءِ فَدَعَوْتُهُ فَوَجَدْتُهُ غِياثاً عِنْدَ شَدائِدِي ، وَأَدْرَكْتُهُ لَمْ يُبَعِّدْنِي بِالإِجابَةِ حِينَ بَعُدَ مَداهُ ، وَلا حَرَمَنِي الانْتِياشَ (2) لَمَّا عَمِلْتُ ما لا يَرْضاهُ ، أَقالَنِي عَثْرَتِي ، وَقَضى لِي حاجَتِي ، وَتَدارَكَ قِيامِي ، وَعَجَّلَ مَعُونَتِي ، فَزادَنِي خُبْرَةً بِقُدْرَتِهِ ، وَعِلْماً بِنُفُوذِ مَشِيَّتِهِ.

اللّهُمَّ إِنَّ كُلَّ ما جُدْتَ عَلَيَّ بِهِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ دُونَهُ ، وَإِنْ كَثُرَ ، وَغَيْرُ مُوازٍ لَهُ وَإِنْ كَبُرَ ، لِأَنَّ جَمِيعَهُ نِعَمُ دارِ الْفَناءِ الْمُرْتَجِعَةُ ، وَهُوَ النِّعْمَةُ لِدارِ الْبَقاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُنْقَطِعَةٍ ، فَيا مَنْ جادَ بِذلِكَ عَلَيَّ مُخْتَصّاً لِي بِرَحْمَتِهِ ، وَفِّقْنِي لِلْعَمَلِ بِما يَقْضِي حَقَّ يَدِكَ فِي هِبَتِهِ.

ص: 285


1- ندبه : دعاه.
2- انتاش انتياشا : تناوله.

اللّهُمَّ بَيِّضْ أَعْمالِي بِنُورِ الْهُدى وَلا تُسَوِّدْها بِتَخْلِيَتِي وَرُكُوبِ الْهَوى ، فَأَطْغى فِيمَنْ طَغى ، وَاقارِفُ (1) ما يُسْخِطُكَ بَعْدَ الرِّضا ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (2).

دعاء آخر في الليلة الثالثة عشر :

يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا رَبُّ ، يا اللّهُ يا مُهَيْمِنُ ، يا اللّهُ يا رَبُّ يا مُتَكَبِّرُ ، يا اللّهُ يا رَبُّ يا مُتَعالُ ، يا اللّهُ يا رَبُّ يا مُعِيدُ (3) يا اللّهُ يا رَبِّ يا ذَا الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا اللّهُ يا رَبِّ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا اللّهُ يا رَبِّ.

يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ ، وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ (4) ، وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ.

يا خَلِيلَ إِبْراهِيمَ ، وَنَجِيَّ مُوسى ، وَمُصْطَفى مُحَمَّدٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ فِي هذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وسل ما شئت وظنّ أَنَّ اللّه تعالى قد استجاب لك ، إن شاء اللّه تعالى (5).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويٌّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

يا جَبَّارَ السَّمواتِ وَجَبَّارَ الْأَرَضِينَ ، وَيا مَنْ لَهُ مَلَكُوتُ السَّمواتِ وَمَلَكُوتُ الْأَرَضِينَ ، وَغَفَّارَ الذُّنُوبِ وَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، الْغَفُورُ الْعَزِيزُ ، الْحَلِيمُ الرَّحِيمُ ، الصَّمَدُ الْفَرْدُ ، الَّذِي لا شَبِيهَ لَكَ وَلا وَلِيَّ لَكَ ، أَنْتَ الْعَلِيُّ الْأَعْلى ، وَالْقَدِيرُ الْقادِرُ ، وَأَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (6).

ص: 286


1- أقارف : قارب.
2- عنه البحار 98 : 35.
3- مفيد (خ ل).
4- الجريرة : الذنب والجناية.
5- عنه البحار 98 : 36.
6- عنه البحار 98 : 36.

أَقول : وقد قدّمنا في عمل رجب عملا جسيما في اللّيالي البيض منه ومن شعبان وشهر الصّيام ، فتؤخذ من ليالي البيض من رجب بتفصيلها ، فهي مذكورة هناك على التمام ، فإنّها من المهامّ لذوي الأفهام.

وهذه الرواية رويناها عن الصادق عليه السلام في اللّيالي البيض من رجب بإسنادها وفضلها ، ولكن ذلك الجزء منفرد ، فربما لا يتّفق حضوره عند العامل بهذا الكتاب ، فنذكرها هنا صفة هذه الصلوات فحسب ، فنقول :

إنّه يصلّي ليلة ثلاث عشرة من شهر رمضان ركعتين ، كلّ ركعة بالحمد مرّة وسورة يس و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) كلّ واحدة مرّة ، وفي ليلة أربع عشرة منه اربع ركعات بهذه الصفة ، وفي ليلة خمس عشرة منه ستّ ركعات بهذه الصفة. (1)

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الثّالث عشر من دعوات غير متكرّرة

اللّهُمَّ إِنِّي أَدِينُكَ بِطاعَتِكَ وَوِلايَتِكَ ، وَوِلايَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ ، وَوِلايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَبِيبِ نَبِيِّكَ ، وَوِلايَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ ، وَسَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ جَنَّتِكَ.

وَأَدِينُكَ يا رَبِّ بِوِلايَةِ عَليِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ صاحِبِ الزَّمانِ.

أَدِينُكَ يا رَبِّ بِطاعَتِهِمْ وَوِلايَتِهِمْ ، وَبِالتَّسْلِيمِ بِما فَضَّلْتَهُمْ راضِياً غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، عَلى ما (2) أَنْزَلْتَ فِي كِتابِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَلِيفَتِكَ وَلِسانِكَ ، وَالْقائِمِ بِقِسْطِكَ ، وَالْمُعَظِّمِ لِحُرْمَتِكَ ، وَالْمُعَبِّرِ عَنْكَ ، وَالنَّاطِقِ بِحُكْمِكَ ،

ص: 287


1- عنه البحار 98 : 36.
2- على معنى ما (خ ل).

وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ ، وَإُذُنِكَ السَّامِعَةِ ، وَشاهِدِ عِبادِكَ ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ ، وَالْمُجاهِدِ فِي سَبِيلِكَ ، وَالْمُجْتَهِدِ فِي طاعَتِكَ ، وَاجْعَلْهُ فِي وَدِيعَتِكَ الَّتِي لا تَضِيعُ ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ ، وَأَعِنْهُ وَأَعِنْ عَنْهُ ، وَاجْعَلْنِي وَوالِدَيَّ وَما وَلَدا وَوَلَدِي مِنَ الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ وَيَنْتَصِرُونَ بِهِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا (1) ، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا.

اللّهُمَّ أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ ، وَدَمْدِمْ (2) بِمَنْ نَصَبَ لَهُ ، وَاقْصِمْ رُءُوسَ الضَّلالَةِ ، حَتَّى لا تَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً (3).

دعاء آخر :

اللّهُمَّ طَهِّرْنِي فِيهِ (4) مِنَ الدَّنَسِ وَالْأَقْذارِ ، وَصَبِّرْنِي فِيهِ عَلى كائِناتِ الْأَقْدارِ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِلتُّقي (5) وَصُحْبَةِ الْأَبْرارِ (6) ، بِعِزَّتِكَ يا قُرَّةَ عَيْنِ (7) الْمَساكِينَ (8).

ص: 288


1- الصدع : الشق في شيء صلب.
2- دمدم : اللّه عليهم : أَهلكهم.
3- عنه البحار 98 : 37.
4- في هذا اليوم (خ ل).
5- على التقى (خ ل).
6- وارزقني فيه صحبة الأبرار (خ ل).
7- بقوتك (خ ل) ، بعونك (خ ل) ، يا قوة (خ ل).
8- عنه البحار 98 : 37.

الباب الثامن عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الرابعة عشر منه ويومها وفيها عدّة روايات

اشارة

منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم اللّه العتيقة ، وهو دعاء اللّيلة الرّابعة عشر : سُبْحانَ مَنْ يَجُودُ عَلَيَّ بِرَحْمَتِهِ فَيُوسِعُها بِمَشِيَّتِهِ ، ثُمَّ يُقَصِّرُها (1) إِلى نِعَمِهِ وَأَيادِيهِ ، وَلِيُبَيِّنَ فِيها لِلنَّاظِرِينَ أَثَرَ صَنِيعِهِ ، وَلِلْمُتَأمِّلِينَ دَقائِقَ حِكْمَتِهِ.

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ (2) وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، مُتَفَرِّداً بِخَلْقِهِ بِغَيْرِ مُعِينٍ ، وَجاعِلاً جَمِيعَ أَفْعالِهِ واحِداً بِلا ظَهِيرٍ ، عَرَفَتْهُ الْقُلُوبُ بِضَمائِرِها وَالْأَفْكارُ بِخَواطِرِها ، وَالنُّفُوسُ بِسَرائِرِها ، وَطَلبَتهُ التَّحْصِيلاتُ فَفاتَها ، وَاعْتَرَضَتْهُ الْمَعْقُولاتُ (3) فَأَطاعَها ، فَهُوَ الْقَرِيبُ السَّمِيعُ ، وَالْحاضِرُ الْمُرْتَفَعُ.

اللّهُمَّ هذِهِ أَضْوَءُ وَأَنْوَرُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِكَ ، وَأَزْيَنُها وَأَحْصاها بِضَوْءِ (4) بَدْرِكَ ، بَسَطَتْ فِيها لَوامِعُهُ وَارْتَعَجَتْ (5) فِي أَرْضِكَ شُعاعُهُ ، وَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعِينَ مَضَيا مِنَ الصِّيامِ وَأَوَّلُ سَبْعِينَ بَقيا مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ ، اللّهُمَّ فَوَسِّعْ لِي فِيها نُورَ عَفْوِكَ ،

ص: 289


1- كذا في النسخ.
2- لا إله الاّ هو (خ ل).
3- المفعولات (خ ل).
4- في الأصل : بضوء ، ما أَثبتناه هو الظاهر.
5- ارتعج الوادي : امتلأ.

وَابْسُطْهُ وَامْحَصْ (1) عَنِّي ظُلَمَ سَخَطِكَ وَاقْبِضْهُ.

اللّهُمَّ إِنَّ جُودَكَ وَنِعْمَتَكَ يُصْلِحانِ رَجائِي ، وَإِنَّ صِيانَتَكَ وَمُخاصَّتَكَ يَكْشِفانِ بالِي ، وَما أَنْتَ بِضُرِّي مُنْتَفِعٌ ، فَأَتَّهِمُكَ بِالتَّوَفُّرِ عَلى مَنْفَعَتِكَ ، وَلا بِما يَنْفَعُنِي مَضْرُورٌ فَأَسْتَحْيِيكَ مِنْ الْتِماسِ مَضَرَّتِكَ ، فَكَيْفَ يَبْخَلُ مَنْ لا حاجَةَ بِهِ إِلى عَفْوِ مَعْبُودٍ عَلى عَبْدِهِ ، مُضْطَرٍّ إِلى عَفْوِهِ ، أَمْ كَيْفَ يَسْمَحُ وَقَدْ جادَلَهُ بِهِدايَتِهِ أَنْ يُخَيِّلَهُ وَيَقْحَمُ (2) سُبُلَ ضَلالَتِهِ ، كَلاَّ إِنَّكَ الْأَكْرَمُ يا مَوْلايَ مِنْ ذاكَ وَأَرْأَفُ وَأَحْنى وَأَعْطَفُ.

اللّهُمَّ اطْوِ هذِهِ اللَّيْلَةَ بِعَمَلٍ لِي صالِحٍ تَرْضى مَطاوِيَهُ ، وَيُبَهِّجُنِي فِي آخِرَتِي بِمَناشِرِهِ ، وَأَمْضاها بِالْعَفْو عَنِّي فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً (3).

دعاء آخر في هذه الليلة برواية محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، رويناه بإسنادنا إليه :

يا اللّهُ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، يا عَلِيمُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، اللّهُمَّ إِنِّي لا أَسْأَلُكَ بِعَمَلِي شَيْئاً ، إِنِّي مِنْ عَمَلِي خائِفٌ ، إِنِّما أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ ما أَسْأَلُكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَهَبْ لِي مِنْ طاعَتِكَ ما يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ (4).

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ ، وَوَجْهِكَ الْكَرِيمِ (5) ، وَرُوحِكَ الْقُدُّوسِ ، وَكَلامِكَ الطَّيِّبِ ، وَمُلْكِكَ الدَّائِمِ الْعَظِيمِ ، وَسُلْطانِكَ الْمُنِيرُ ، وَقُرْآنِكَ الْحَكِيمِ ، وَعَطائِكَ الْجَلِيلِ الْجَزِيلِ ،

ص: 290


1- محض الشيء : خلّصه من كل عيب.
2- قحم في الأمر : رمى بنفسه فيه بلا رويّة ، وإليه : دنا.
3- عنه البحار 98 : 38.
4- يا ارحم الراحمين (خ ل).
5- وملك القديم (خ ل).

وَبِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ ، وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُعْتِقَنِي مِنَ النَّارِ فِي هذا الشَّهْرِ الْمُبارَكِ ، فَانِّي فَقِيرٌ مِسْكِينٌ إِلى رَحْمَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة :

يا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ ، وَيا آخِرَ الاخِرِينَ ، يا وَلِيَّ الْأَوْلِياءِ ، وَ (2) جَبَّارَ الْجَبابِرَةِ (3) ، أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً ، وَأَنْتَ أَمَرْتَنِي بِالطَّاعَةِ فَأَطَعْتُ سَيِّدِي جُهْدِي ، فَانْ كُنْتُ تَوانَيْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ أَوْ نَسِيتُ فَتَفَضَّلْ عَلَيَّ سَيِّدِي ، وَلا تَقْطَعْ رَجائِي ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ (4) ، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (5).

فصل (1): فيما نذكره مما يختص باليوم الرابع عشر من دعاء غير متكرّر

اللّهُمَّ لا تُؤَدِّبْنِي بِعُقُوبَتِكَ ، وَلا تَمْكُرْ بِي فِي حِيلَتِكَ ، مِنْ أَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ وَلا يُوجَدُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِكَ ، وَمِنْ أَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَلا تُسْتَطاعُ إِلاَّ بِكَ ، لا الَّذِي أَحْسَنَ اسْتَغْنى عَنْكَ ، وَلا الَّذِي أَساءَ خَرَجَ عَنْ قُدْرَتِكَ ، يا رَبِّ بِكَ عَرَفْتُكَ ، وَأَنْتَ دَلَلْتَنِي (6) ، وَلَوْ لا أَنْتَ ما دَرَيْتُ مَنْ أَنْتَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَدْعُوهُ فَيُجِيبُنِي ، وَإِنْ كُنْتُ بَطِيئاً حِينَ يَدْعُونِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ فَيُعْطِينِي ، وَإِنْ كُنْتُ بَخِيلاً حِينَ يَسْتَقْرِضُنِي.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَكَلَنِي إِلَيْهِ فَأَكْرَمَنِي ، وَلَمْ يَكِلْنِي إِلى النَّاسِ فَيُهِينُونِي ،

ص: 291


1- عنه البحار 98 : 40.
2- ويا (خ ل).
3- ويا إله الأولين والآخرين (خ ل).
4- بالرحمة (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 39.
6- دليلي (خ ل).

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَحَبَّبَ إِلَيَّ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِّي.

اللّهُمَّ لا أَجِدُ شافِعاً إِلَيْكَ إِلاَّ مَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ أَفْضَلَ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِ الْمُضْطَرُّونَ ، أَسْأَلُكَ مُقِرّاً بِأَنَّ لَكَ الطَّوْلَ وَالْقُوَّةَ ، وَالْحَوْلَ وَالْقُدْرَةَ ، أَنْ تَحُطَّ عَنِّي وِزْرِي الَّذِي قَدْ حَنى ظَهْرِي ، وَتَعْصِمَنِي مِنَ الْهَوى الْمُسَلَّطِ عَلى عَقْلِي ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ انْتَجَبْتَهُمْ لِطاعَتِكَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِالْعَثَراتِ ، وَقِنِي فِيهِ مِنَ الْخَطايا (2) وَالْهَفَواتِ ، وَلا تَجْعَلْنِي غَرَضاً (3) لِلْبَلايا وَالآفاتِ ، بِعِزِّكَ (4) يا عِزَّ الْمُسْلِمِينَ (5).

ص: 292


1- عنه البحار 98 : 40.
2- أَقلني فيه الخطايا (خ ل).
3- عرضا (خ ل) ، عرضة (خ ل).
4- لعزتك (خ ل) معزّ (خ) عز المرسلين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 40.

الباب التاسع عشر: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الخامسة عشر ويومها وفيها عدة روايات

اشارة

منها : الغسل كما قدّمناه.

ومنها : مأة ركعة ، في كلّ ركعة عشر مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) .

ومنها : زيارة الحسين عليه السلام فيها ، وصلاة عشر ركعات ، وما نختاره من عدّة روايات في الدعوات.

أمّا الغسل :

فرويناه عن الشيخ المفيد رحمه اللّه ، وفي رواية عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه (1) يستحبُّ ليلة النّصف من شهر رمضان (2).

وأمّا المائة ركعة :

فإنَّها مرويّة عن الصّادق عليه السلام ، عن أَبيه ، عن أَمير المؤمنين عليِّ بن أَبي طالب عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

من صلّى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات ، أَهبط اللّه إِليه عشرة أَملاك يدرءون عنه أَعداءه من الجنّ

ص: 293


1- انه قال (خ ل).
2- عنه الوسائل 3 : 326.

والانس ، وأَهبط اللّه عند موته ثلاثين ملكا يبشّرونه بالجنَّة ، وثلاثين ملكا يؤمّنونه من النّار (1).

ووجدنا هذه الرّواية في أَصل عتيق متّصل الاسناد.

وذكر ابن أَبي قرّة في رواية أخرى :

أَنَّ من صلّى هذه الصّلاة لم يمت حتّى يرى في منامه مائة من الملائكة ، ثلاثين يبشّرونه بالجنّة وثلاثين يؤمّنونه من النّار ، وثلاثين يعصمونه من أَن يخطئ ، وعشرة يكيدون من كاده (2).

وأَمّا زيارة الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شهر رمضان :

فقد قدّمنا في أَوائل كتابنا هذا رواية بذلك.

وروينا بإسنادنا رواية أخرى ، وصلاة عشر ركعات عن أَبي المفضّل الشيبانيّ بإسناده من كتاب عليّ بن عبد الواحد النهديّ في حديث ، يقول فيه عن الصّادق عليه السلام أَنَّه قيل له : فما ترى لمن حضر قبره - يعني الحسين عليه السلام - ليلة النصف من شهر رمضان؟ فقال :

بخّ بخّ ، من صلّى عند قبره ليلة النّصف من شهر رمضان عشر ركعات من بعد العشاء من غير صلاة اللّيل ، يقرء في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات ، واستجار باللّه من النار ، كتبه اللّه عتيقا من النّار ، ولم يمت حتّى يرى في منامه ملائكة يبشّرونه بالجنّة وملائكة يؤمّنونه من النار (3).

وأَمّا الدّعوات :

فمنها ما وجدناها في كتب أَصحابنا رحمهم اللّه العتيقة ، وقد سقط منها أَدعية ليال ، وهو دعاء اللّيلة الخامسة عشر :

سُبْحانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ ، سُبْحانَ مُقَلِّبِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَخالِقِ

ص: 294


1- عنه الوسائل 8 : 27 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 62 ، والمفيد في المقنعة : 28.
2- عنه الوسائل 8 : 27 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 62 ، والمفيد في المقنعة : 28.
3- عنه الوسائل 8 : 25 ، البحار 101 : 349.

الْأَزْمِنَةِ وَالْأَعْصارِ ، الْمُجْرِي عَلى مَشِيَّتِهِ الْأَقْدارُ ، الَّذِي لا بَقاءَ لِشَيْءٍ سِواهُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَعْتَوِرُهُ (1) الْفَناءُ غَيْرُهُ ، فَهُوَ الْحَيُّ الْباقِي الدَّائِمُ ، تَبارَكَ اللّهُ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ قَدِ انْتَصَفَ شَهْرُ الصِّيامِ بِما مَضى مِنْ أَيَّامِهِ ، وَانْجَذَبَ إِلى تَمامِهِ وَاخْتِتامِهِ ، وَما لِي عُدَّةٌ أَعْتَدُّ بِها ، وَلا أَعْمالٌ مِنَ الصَّالِحاتِ أُعَوِّلُ عَلَيْهَا ، سِوى إِيْمانِي بِكَ وَرَجائِي لَكَ ، فَأَمَّا رَجائِي فَيُكَدِّرُهُ عَلَيَّ صَفْوَةُ الْخَوْفِ مِنْكَ ، وَأَمَّا إِيْمانِي فَلا يَضِيعُ عِنْدَكَ وَهُوَ بِتَوْفِيقِكَ.

اللّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ حِينَ لَمْ تُفَكِّكْ يَدِي عِنْدَ التَّماسُكِ (2) بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، وَلَمْ تُشْقِنِي بِمُفارَقَتِها فِيمَنْ اعْتَوَرَهُ الشِّقاءُ.

اللّهُمَّ فَأَنْصِفْنِي مِنْ شَهَواتِي ، فَإِلَيْكَ مِنْهَا الشَّكْوى وَمِنْكَ عَلَيْها اؤَمِّلُ الْعَدْوى ، فَإِنَّكَ تَشاءُ وَتَقْدِرُ ، وَأَشاءُ وَلا أَقْدِرُ (3) ، وَلَسْتَ إِلهِي وَسَيِّدِي مَحْجُوجاً ، وَلكِنْ مَسْئُولاً تُرْجى ، وَمَخُوفاً يُتَّقى ، تُحْصِي وَنَنْسى ، وَبِيَدِكَ حُلْوٌ وَمُرٌّ الْقَضاءِ.

اللّهُمَّ فَأَذِقْنِي حَلاوَةَ عَفْوِكَ ، وَلا تُجَرِّعْنِي غُصَصَ سَخَطِكَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

دعاء آخر في هذه اللّيلة من رواية محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ ، وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ ، يا عَظِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، يا (5) صاحِبَ كُلِّ نَجْوى ، وَمُنْتَهى كُلِّ شَكْوى ، يا (6) مُقِيلَ الْعَثَراتِ ، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها.

ص: 295


1- اعتور القوم الشيء : تعاطوه وتدالوه.
2- لم تفكك يدي عند استمساكي (خ ل).
3- ولست أَقدر (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 41.
5- ويا (خ ل).
6- ويا (خ ل).

يا رَبَّاهُ يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ ، يا غايَةَ رَغْبَتاهُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تشَوِّهْ (1) خَلْقِي فِي النَّارِ - ثُمَّ تسأل حاجتك تقضى إِن شاء اللّه.

زيادة :

اللّهُمَّ يا مُفَرِّجَ كُلِّ هَمٍّ ، يا مُنَفِّسَ كُلِّ كَرْبٍ ، وَيا صاحِبَ كُلِّ وَحِيدٍ ، وَيا كاشِفَ ضُرِّ أَيُّوبَ ، وَيا سامِعَ صَوْتِ يُونُسَ الْمَكْرُوبِ ، وَفالِقَ الْبَحْرِ لِمُوسى وَبَنِي إِسْرائِيلَ ، وَمُنْجِيَ مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُيَسِّرَ لِي فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ ، الَّذِي تُعْتِقُ فِيهِ الرِّقابَ ، وَتَغْفِرُ فِيهِ الذُّنُوبَ ، ما أَخافُ عُسْرَهُ ، وَتُسَهِّلَ لِي ما أَخافُ حُزُونَتَهُ.

يا غِياثِي عِنْدَ كُرْبَتِي ، وَيا صاحِبِي عِنْدَ شِدَّتِي ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، يا رازِقَ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، يا مُغِيثَ الْمَقْهُورِ الضَّرِيرِ ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ (2). و (3) مُخَلِّصَ الْمَسْجُونِ الْمَكْرُوبِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَجْعَلَ لِي مِنْ جَمِيعِ أُمُورِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَيُسْراً عاجِلاً ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

دعاء آخر في هذه اللَّيلة :

الْحَنَّانُ أَنْتَ سَيِّدِي ، الْمَنَّانُ أَنْتَ مَوْلايَ ، الْكَرِيمُ أَنْتَ سَيِّدِي ، الْعَفُوُّ (5) أَنْتَ مَوْلايَ ، الْحَلِيمُ أَنْتَ سَيِّدِي ، الْوَهَّابُ أَنْتَ مَوْلايَ ، الْعَزِيزُ أَنْتَ سَيِّدِي ، الْقَرِيبُ أَنْتَ مَوْلايَ ، الْواحِدُ انْتَ سَيِّدِي ، الْقاهِرُ انْتَ مَوْلايَ ، الصَّمَدُ أَنْتَ سَيِّدِي ، الْعَزِيزُ أَنْتَ مَوْلاي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنِّي إِنَّكَ أَنْتَ الْأَجَلُّ الْأَعْظَمُ (6).

ص: 296


1- وان لا تشوّه (خ ل).
2- الكبل عن الأسير (خ ل).
3- ويا (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 40.
5- الغفور الرحيم (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 41.

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الخامس عشر من دعاء غير متكرر

دعاء اليوم الخامس عشر من شهر رمضان :

يا ذا الْمَنِّ وَالإِحْسانِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا ذَا الْجُودِ وَالإِفْضالِ ، يا ذا الطَّوْلِ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، ظَهْرُ اللاَّجِينَ وَأَمانُ لِلْخائِفِينَ ، إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي فِي أُمِّ الْكِتابِ شَقِيّاً فَاكْتُبْنِي عِنْدَكَ سَعِيداً مُوَفَّقاً لِلْخَيْرِ ، وَامْحُ اسْمَ الشَّقاءِ عَنِّي.

فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي الْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلْتَ عَلى نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ : «يَمْحُوا اللّهُ ما يشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» (1).

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي طَيِّباً ، وَاسْتَعْمِلْنِي صالِحاً ، اللّهُمَّ امْنُنْ عَلَيَّ بِالرِّزْقِ الْواسِعِ الْحَلالِ الطَّيِّبِ بِرَحْمَتِكَ ، تَكُونُ لَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ ، وَتَكُونُ لِي غِنًى عَنْ خَلْقِكَ ، خالِصاً لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَّةٌ مِنْ غَيْرِكَ ، وَاجْعَلْنا فِيهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ التَّلاقِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ السَّعَةَ فِي الدُّنْيا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ السَّرَفِ فِيها ، وَأَسْأَلُكَ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْحِرْصِ عَلَيْها ، وَأَسْأَلُكَ الْغِنى فِي الدُّنْيا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ فِيها ، اللّهُمَّ إِنْ بَسَطْتَ عَلَيَّ فِي الدُّنْيا فَزَهِّدْنِي فِيها ، وَإِنْ قَتَّرْتَ عَلَيَّ رِزْقِي فَلا تُرَغِّبْنِي فِيها (2).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ (3) طاعَةَ الْخاشِعِينَ (4) ، وَأَشْعِرْ فِيهِ قَلْبِي إِنابَةَ

ص: 297


1- الرعد : 39.
2- عنه البحار 98 : 41.
3- في هذا اليوم (خ ل).
4- العابدين ، الخاضعين (خ ل).

الْمُخْلِصِينَ (1) ، بِأَمْنِكَ (2) يا أَمانَ الْخائِفِينَ.

ص: 298


1- املأ فيه قلبي من خشوع الخاشعين واشرح فيه صدري بإنابة المخبتين (خ ل).
2- بأمانك (خ ل).

الباب العشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة السادسة عشر ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها: ما وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة ، فهو دعاء اللّيلة السادسة عشر : اللّهُمَّ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، تُعْبَدُ بِتَوْفِيقِكَ ، وَتُجْحَدُ بِخِذْلانِكَ ، أَرَيْتَ عِبَرَكَ وَظَهَرَتْ غِيَرُكَ ، وَبَقِيَتْ آثارُ الْماضِينَ عِظَةً لِلْباقِينَ ، وَالشَّهَواتُ غالِبَةٌ ، وَاللَّذَّاتُ مُجاذِبَةٌ ، نَعْتَرِضُ أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ بِسُوءِ الاخْتِيارِ ، وَالْعَمى عَنِ الاسْتِبْصارِ ، وَنَمِيلُ عَنِ الرَّشادِ ، وَنُنافِرُ طُرُقَ السَّدادِ.

فَلَوْ (1) عَجَّلْتَ لَانْتَقَمْتَ ، وَما ظَلَمْتَ ، لكِنَّكَ تُمْهِلُ عَوْداً عَلى يَدِكَ (2) بِالإِحْسانِ ، وَتُنْظِرُ تَغَمُّداً لِلرَّأْفَةِ وَالامْتِنانِ.

فَكَمْ مِمَّنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَمَكَّنْتَهُ أَنْ يَتُوبَ كُفْرَ الْحُوبِ ، وَأَرْشَدْتَهُ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ تَوَغَّلَ فِي الْمَضِيقِ ، فَكانَ ضالاً لَوْ لا هِدايَتُكَ ، وَطائِحاً حَتّى تَخَلَّصَتْهُ دَلائِلُكَ ، وَكَمْ مِمَّنْ وَسَّعْتَ لَهُ فَطَغى ، وَراخَيْتَ لَهُ فَاسْتَشْرى (3) ، فَأَخَذْتَهُ أَخْذَةَ الانْتِقامِ ، وَجَذَذْتَهُ جُذاذَ الصِّرامِ.

ص: 299


1- فان (خ ل).
2- بدئك - ظ.
3- استشرى : ارتجّ في الأمر.

اللّهُمَّ فَاجْعَلْنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ ، وَغَفَرْتَ زَلَلَهُ ، وَرَحِمْتَ غَفْلَتَهُ ، وَأَخَذْتَ إِلى طاعَتِكَ ناصِيَتَهُ ، وَجَعَلْتَ إِلى جَنَّتِكَ أَوْبَتَهُ ، وَإِلى جِوارِكَ رَجْعَتَهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، ذكره محمّد بن أَبي قرَّة في كتابه عمل شهر رمضان :

اللّهُمَّ أَنْتَ إِلهِي ، وَلِيَ إِلَيْكَ حاجَةٌ وَبِيَ إِلَيْكَ فاقَةٌ ، وَلا أَجِدُ إِلَيْكَ شافِعاً وَلا مُتَقَرِّباً أَوْجَهَ فِي نَفْسِي ، وَلا أَعْظَمَ رَجاءً عِنْدِي مِنْكَ ، وَقَدْ نَصَبْتُ يَدِي إِلَيْكَ فِي تَعْظِيمِ ذِكْرِكَ وَتَفْخِيمِ أَسْمائِكَ.

وَإِنِّي أُقَدِّمُ إِلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي بَعْدَ ذِكْرِي نَعْماكَ عَلَيَّ بِإقْرارِي لَكَ ، وَمَدْحِي إِيَّاكَ ، وَثَنائِي عَلَيْكَ ، وَتَقْدِيسِي مَجْدَكَ ، وَتَسْبِيحِي قُدْسَكَ.

الْحَمْدُ لَكَ بِما أَوْجَبْتَ عَلَيَّ مِنْ شُكْرِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ نَعْمائِكَ ، وَأَلْبَسْتَنِي مِنْ عافِيَتِكَ ، وَأَفْضَلْتَ عَلَيَّ مِنْ جَزِيلِ عَطِيَّتِكَ.

فَإِنَّكَ قُلْتَ سَيِّدِي ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) (2) ، وَقَوْلُكَ صِدْقٌ وَوَعْدُكَ حَقٌّ ، وَقُلْتَ سَيِّدِي ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها ) (3) ، وَقُلْتَ ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ) (4)، وَقُلْتَ ( ادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (5).

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ مَعَ حاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٌ ، وَغِناكَ عَنْهُ قَدِيمٌ ، وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي ، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي ، وَسِتْرَكَ عَلى قَبِيحِ عَمَلِي ، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي ، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي ، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلُكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ.

ص: 300


1- عنه البحار 98 : 43.
2- إبراهيم : 7.
3- إبراهيم : 34 ، النحل : 18.
4- الأعراف : 55.
5- الأعراف : 56.

فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً ، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً ، مُدِلًّا عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ ، فَانْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي ، لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الأُمُورِ.

فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ ، يا رَبِّ إِنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّى عَنْكَ ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ.

ثُمَّ لا يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ بِي وَالإِحْسانِ إِلَيَّ ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ ، وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ وَجُودِكَ ، إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ ، يا غَفُورُ يا غَفُورُ ، يا غَفُورُ يا غَفُورُ ، يا غَفُورُ يا غَفُورُ ، يا غَفُورُ يا غَفُورُ ، يا رَؤُفُ يا رَؤُفُ ، يا رَؤُفُ يا رَؤُفُ ، يا رَؤُفُ يا رَؤُفُ ، يا رَؤُفُ يا رَؤُفُ.

يا حَنَّانُ يا حَنَّانُ ، يا حَنَّانُ يا حَنَّانُ ، يا حَنَّانُ يا حَنَّانُ ، يا حَنَّانُ يا حَنَّانُ ، يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ ، يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ ، يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ ، يا عَلِيُّ يا عَلِيُّ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (2).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم السّادس عشر من دعاء غير متكرر

دعاء يوم السادس عشر من شهر رمضان :

ص: 301


1- عنه البحار 98 : 43.
2- عنه البحار 98 : 44.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَوْسِعْ عَلَيَّ رِزْقِي ، وَبارِكْ لِي فِيما رَزَقتَنِي وَلا تُحْوِجْنِي إِلى أَحَدٍ سِواكَ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنا مِنْ فَضْلِكَ ، وَبارِكْ لَنا فِي رِزْقِكَ ، وَأَغْنِنا عَنْ خَلْقِكَ ، وَلا تَحْرِمْنا رِفْدَكَ.

اللّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ السَّعَةَ مِنْ طَيِّبِ رِزْقِكَ ، وَالْعَوْنَ عَلى طاعَتِكَ ، وَالْقُوَّةَ عَلى عِبادَتِكَ ، اللّهُمَّ عافِنا مِنْ بَلائِكَ ، وَارْزُقْنا مِنْ فَضْلِكَ وَاكْفِنا شَرَّ خَلْقِكَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ وَفِّقْنِي لِعَمَلِ الْأَبْرارِ (2) ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ مُرافَقَةَ (3) الْأَشْرارِ ، وَآوِنِي بِرَحْمَتِكَ فِي دارِ الْقَرارِ (4) ، بِالهِيَّتِكَ (5) يا إِلهَ (6) الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (7).

ص: 302


1- عنه البحار 98 : 44.
2- اهدني في هذا اليوم بعمل الأبرار (خ ل).
3- موافقة (خ ل).
4- أدخلني فيه برحمتك إلى دار القرار (خ ل).
5- بألوهيتك (خ ل).
6- يا إِله العالمين (خ ل).
7- عنه البحار 98 : 44.

الباب الحادي والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في اللّيلة السابعة عشر ويومها وفيها عدّة روايات

اشارة

منها : الغسل المشار إِليه.

ومنها : أَنَّها اللّيلة الّتي التقي في صبيحتها الجمعان يوم بدر ، ونصر اللّه نبيّه صلى اللّه عليه وآله.

ومنها : ما نختاره من عدّة فصول في الدَّعوات بعدّة روايات.

رواية منها ما وجدناها في كتب أَصحابنا العتيقة ، وهي في اللّيلة السابعة عشر :

سُبْحانَ الْعَزِيزِ بِقُدْرَتِهِ ، الْمالِكِ بِغَلَبَتِهِ ، الَّذِي لا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ قَبْضَتِهِ ، وَلا أَمْرَ إِلاَّ بِيَدِهِ ، الَّذِي يَجُودُ مُبْتَدِئاً وَمَسْئُولاً وَيُنْعِمُ مُعِيداً ، هُوَ الْحَمِيدُ الْمَجِيدُ ، نَحْمدُهُ بِتَوْفِيقِهِ ، فَنِعَمُهُ بِذلِكَ جُدَدٌ لا تُحْصى ، وَنُمَجِّدُهُ بِآلائِهِ وَبِدِلالاتِهِ فَأَيادِيهِ لا تُكافأ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَمْلِكُ الْمالِكِينَ ، وَيُعِزُّ الْأَعِزَّاءَ ، وَيُذِلُّ الْأَذَلِّينَ.

اللّهُمَّ إِنَّ هذِهِ اللَّيْلَةِ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشَرَةَ عَشْرٌ وَهِيَ أَوَّلُ عُقُودِ الْأَعْدادِ ، وَسَبْعٌ وَهِيَ شَرِيفَةُ الآحادِ ، لاحِقَةٌ بِنَعْتِ سابِقِهِ (1) ، وَيْلٌ لِمَنْ أَمْضاهُنَّ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكَ يا مَوْلاهُ قَضاكَ ، وَلا بِقُرْبٍ إِلَيْكَ أَرْضاكَ ، وَأَنَا أَحَدُ أَهْلِ الْوَيْلِ ، صَدَّتْنِي عَنْكَ

ص: 303


1- تبعت سابقة (خ ل).

بِطْنَةُ الْمَآكِلِ وَالْمَشارِبِ ، وَغَرَّنِي بِكَ أَمْرُ الْمَسارِبِ وَسَعَةُ الْمَذاهِبِ ، وَاجْتَذَبَتْنِي إِلى لَذَّاتِها سِنَتِي ، وَرَكِبْتُ الْوَطيئَةَ اللَّذِيذَةَ مِنْ غَفْلَتِي.

فَاطْرُدْ عَنِّي الاغْتِرارَ ، وَأَنْقِذْنِي وَأَنِّفْ بِي عَلَى الاسْتِبْصارِ ، وَاحْفَظْنِي مِنْ يَدِ الْغَفْلَةِ وَسَلِّمْنِي إِلَى الْيَقظَةِ ، بِسَعادَةٍ مِنْكَ تُمْضِيها وَتَقْضِيها لِي ، وَتُبَيِّضُ وَجْهِي لَدَيْكَ ، وَتُزْلِفُنِي عِنْدَكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (1).

دعاء آخر في اللّيلة السّابعة عشر منه :

رويناه بإسنادنا إِلى العالم عليه السلام أَنَّه قال : انَّ هذه اللّيلة هي اللّيلة الّتي التقي فيها الجمعان يوم بدر ، وأَظهر اللّه تعالى آياته العظام في أَوليائه وأَعدائه ، الدعاء فيها :

يا صاحِبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَيا مُبِيرُ الْجَبَّارِينَ وَيا عاصِمَ النَّبِيِّينَ ، أَسْأَلُكَ بِيس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، وَبِطة وَسائِرِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَهَبَ لِي اللَّيْلَةَ تَأْيِيداً تَشُدُّ بِهِ عَضُدِي ، وَتَسُدُّ بِهِ خَلَّتِي يا كَرِيمُ ، أَنَا الْمُقِرُّ بِالذُّنُوبِ فَافْعَلْ بِي ما تَشاءُ ، لَنْ يُصِيبَنِي إِلاَّ ما كَتَبْتَ لِي ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَأَنْتَ حَسْبِي ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَعِيشَةِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي بُلْغَةً إِلَى انْقِضاءِ أَجَلِي ، أَتَقَوّى بِها عَلى جَمِيعِ حَوائِجِي ، وَأَتَوَصَّلُ بِها إِلَيْكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفْتِنَنِي بِإكْثارٍ فَأَطْغى أَوْ بِتَقْصِيرٍ عَلَيَّ فَأَشْقى ، وَلا تَشْغَلْنِي عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، وَأَعْطِنِي غِنًى عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ ما فِيها.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلِ الدُّنْيا لِي سِجْناً ، وَلا تَجْعَلْ فِراقَها لِي حُزْناً ، أَخْرِجْنِي عَنْ فِتَنِها إِذا كانَتِ الْوَفاةُ خَيْراً لِي مِنْ حَياتِي ، مَقْبُولاً عَمَلِي إِلى دارِ الْحَيَوانِ ، وَمَساكِنِ الْأَخْيارِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَزْلِها (2) وَزِلْزالِها وَسَطَواتِ سُلْطانِها وَبَغْيِ بُغاتِها.

ص: 304


1- عنه البحار 98 : 45.
2- أزل : وقع في ضيق وشدة.

اللّهُمَّ مَنْ أَرادَنِي فَأَرِدْهُ ، وَمَنْ كادَنِي فَكِدْهُ ، وَاكْفِنِي هَمَّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَصَدِّقْ قَوْلِي بِفِعْلِي ، وَأَصْلِحْ لِي حالِي ، وَبارِكْ لِي فِي أَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما مَضى مِنْ ذُنُوبِي ، وَاعْصِمْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي حَتَّى أَلْقاكَ وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ ، وَتسأل حاجتك.

ثمَّ تسجد عقيب الدّعاء وتقول في سجودك :

سَجَدَ وَجْهِي الْفانِي الْبالِي ، الْمَوْقُوفُ الْمُحاسَبُ ، الْمُذْنِبُ الْخاطِئُ ، لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الْباقِي ، الدَّائِمِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ ، سُبْحانَ رَبِّيَ الْأَعْلى وَبِحَمْدِهِ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

زيادة :

اللّهُمَّ رَبَّ هذِهِ اللَّيْلَةِ الْعَظِيمَةِ ، لَكَ الْحَمْدُ كَما عَصَمْتَنِي مِنْ مَهاوِي الْهَلَكَةِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِحِبالِ الظَّلَمَةِ ، وَالْجُحُودِ لِطاعَتِكَ ، وَالرَّدِّ عَلَيْكَ أَمْرَكَ ، وَالتَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِكَ ، وَالزُّهْدِ فِيما عِنْدَكَ ، وَالرَّغْبَةِ فِيما عِنْدَ غَيْرِكَ ، مَنّاً مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ وَرَحْمَةً رَحِمْتَنِي بِها ، مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ سالِفٍ مِنِّي ، وَلا اسْتِحْقاقٍ لِما صَنَعْتَ بِي وَاسْتَوْجَبْتَ مِنِّي.

الْحَمْدُ عَلَى الدَّلالَةِ عَلَى الْحَمْدِ ، وَاتِّباعِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّبَصُّرِ بِأَبْوابِ الْهُدى ، وَلَوْلاكَ مَا اهْتَدَيْتُ إِلى طاعَتِكَ ، وَلا عَرَفْتُ أَمْرَكَ ، وَلا سَلَكْتُ سَبِيلَكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ كَثِيراً ، وَلَكَ الْمَنُّ فاضِلاً ، وَبِنِعْمَتِكَ تَتِمُّ الصَّالِحاتُ (1).

دعاء آخر في اللّيلة السّابعة عشر مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، وَأَمَرْتَ (2) بِعِمارَةِ الْمَساجِدِ وَالدُّعاءِ وَالصِّيامِ وَالْقِيامِ ، وَضَمِنْتَ (3) لَنا فِيهِ الاسْتِجابَةَ ، فَقَدْ اجْتَهَدْنا وَأَنْتَ أَعَنْتَنا فَاغْفِرْ لَنا فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا ، وَاعْفُ عَنَّا ، فَإِنَّكَ رَبُّنا ،

ص: 305


1- عنه البحار 98 : 46.
2- أمرت فيه (خ ل).
3- حكمت (خ ل).

وَارْحَمْنا فَإِنَّكَ سَيِّدُنا ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَنْقَلِبُ إِلى مَغْفِرَتِكَ وَرِضْوانِكَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَجَلُّ الْأَعْظَمُ (1).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم السابع عشر من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم السابع عشر من شهر رمضان :

اللّهُمَّ لا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، وَلا تُحْوِجْنِي إِلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَثَبِّتْ (2) قَلْبِي عَلى طاعَتِكَ ، اللّهُمَّ اعْصِمْنِي بِحَبْلِكَ ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ ، وَنَجِّنِي مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَعْجِيلَ ما تَعْجِيلُهُ خَيْرٌ لِي ، وَتَأْخِيرَ ما تَأْخِيرُهُ خَيْرٌ لِي.

اللّهُمَّ ما رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ ، فَاجْعَلْهُ حَلالاً طَيِّباً فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، اللّهُمَّ سُدَّ فَقْرِي فِي الدُّنْيا ، وَاجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي ، وَاجْعَلْ رَغْبَتِي فِيما عِنْدَكَ.

اللّهُمَّ ثَبِّتْ رَجاءَكَ فِي قَلْبِي ، وَاقْطَعْ رَجائِي عَنْ خَلْقِكَ ، حَتّى لا أَرْجُو أَحَداً غَيْرَكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي ، وَفِي أَهْلِي فَاخْلُفْنِي ، وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي ، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي ، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي ، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ فَحَبِّبْنِي ، وَفِي صالِحِ الْأَعْمالِ فَقَوِّنِي ، وَبِسُوءِ عَمَلِي فَلا تُبْسِلْنِي (3) ، وَبِسَرِيرَتِي فَلا تَفْضَحْنِي ، وَبِقَدْرِ ذُنُوبِي فَلا تُخْزِنِي (4) ، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ أَشْكُو غُرْبَتِي ، وَبُعْدَ دارِي ، وَقِلَّةَ مَعْرِفَتِي ، وَهَوانِي عَلى النَّاسِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (5).

ص: 306


1- عنه البحار 98 : 47.
2- اثبت (خ ل).
3- فلا تسلمني (خ ل).
4- فلا تخذلني (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 47.

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اهْدِنِي فِيهِ (1) لِصالِحِ الْأَعْمالِ ، وَاقْضِ لِي فِيهِ الْحَوائِجَ وَالآمالَ ، يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلَى التَّفْسِيرِ وَالسُّؤَالِ ، يا عالِماً بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (2) (3).

ص: 307


1- في هذا اليوم (خ ل).
2- المضمرين ، الصامتين (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 47.

الباب الثاني والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثامنة عشر منه ويومها وفيها عدّة روايات

اشارة

منها: رواية من كتب أصحابنا العتيقة ، وهي في الليلة الثامنة عشر : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ ، وَلا مُنازِعَ لَهُ فِي قُدْرَتِهِ (1) ، أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ، وَخَلَقَهُ ، وَجَعَلَ لَهُ أَمَداً (2) ، فَكُلُّ ما يُرى وَما لا يُرى هالِكٌ إِلاَّ وَجْهُهُ ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ، وَسُبْحانَ اللّهِ الَّذِي قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ بِجَبَرُوتِهِ ، وَاسْتَوْلى عَلَيْهِ بِقُدْرَتِهِ ، وَمَلَكَهُ بِعِزَّتِهِ.

سُبْحانَ خالِقِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً ، الَّذِي كَفَلَنِي بِرَحْمَتِهِ ، وَغَذَّانِي بِنِعْمَتِهِ ، وَفَسَحَ لِي فِي عَطِيَّتِهِ ، وَمَنَّ عَلَيَّ بِهِدايَتِهِ ، بِما أَلْهَمَنِي مِنْ وَحْدانِيَّتِهِ ، وَالتَّصْدِيقِ بِأَنْبِيائِهِ ، وَحامِلِي رِسالَتِهِ ، وَبِكُتُبِهِ الْمُنْزَلَةِ عَلى بَرِيَّتِهِ الْمُوْجِبَةِ لِحُجَّتِهِ ، الَّذِي لَمْ يَخْذُلْنِي بِجُحُودٍ ، وَلَمْ يُسْلِمْنِي إِلى عَنُودٍ ، وَجَعَلَ مِنْ أَكارِمِ أَنْبِيائِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ أَرُومَتِي ، وَمِنْ أَفاضِلِهِمْ نَبْعَتِي ، وَلِخاتَمِهِمْ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَوْنَتِي.

اللّهُمَّ لا تُذَلِّلْ مِنِّي ما أَعْزَزْتَ ، وَلا تَضَعْنِي بَعْدَ أَنْ رَفَعْتَ ، وَلا تَخْذُلْنِي بَعْدَ

ص: 308


1- لا منازع في قدرته (خ ل).
2- حد (خ ل).

أَنْ نَصَرْتَ ، وَاطْوِ فِي مَطاوِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ذُنُوبِي مَغْفُورَةً ، وَأَدْعِيَتِي مَسْمُوعَةً ، وَقُرُباتِي مَقْبُولَةً ، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (1).

دعاء آخر في اللّيلة الثامنة عشر منه ، رويناها عن محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما حَمِدْتَ نَفْسَكَ ، وَأَفْضَلَ ما حَمِدَكَ الْحامِدُونَ مِنْ خَلْقِكَ ، حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ ، وَأَحَقَّ الْحَمْدِ عِنْدَكَ ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ ، وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ لَدَيْكَ ، وَأَقْرَبَ الْحَمْدِ مِنْكَ ، وَأَوْجَبَ الْحَمْدِ جَزاءً عَلَيْكَ ، حَمْداً لا يَبْلُغُهُ وَصْفُ واصِفٍ ، وَلا يُدْرِكُهُ نَعْتُ ناعِتٍ ، وَلا وَهْمُ مُتَوَهِّمٍ ، وَلا فِكْرُ مُتَفَكِّرٍ.

حَمْداً يَضْعُفُ عَنْهُ كُلُّ أَحَدٍ (2) مِمَّنْ فِي السَّمواتِ وَالْأَرَضِينَ ، وَيَقْصُرُ عَنْهُ وَعَنْ حُدُودِهِ وَمُنْتَهاهُ جَمِيعُ الْمَعْصُومِينَ ، الْمُؤَيَّدِينَ الَّذِينَ أَخَذْتَ مِيثاقَهُمْ فِي كِتابِكَ الَّذِي لا يُغَيَّرُ وَلا يُبَدَّلُ ، حَمْداً يَنْبَغِي لَكَ ، وَيَدُومُ مَعَكَ ، وَلا يَصْلُحُ إِلاَّ لَكَ.

حَمْداً يَعْلُو حَمْدَ كُلِّ حامِدٍ ، وَشُكْراً يُحِيطُ بِشُكْرِ كُلِّ شاكِرٍ ، حَمْداً يَبْقى مَعَ بَقائِكَ ، وَيَزِيدُ إِذا رَضِيتَ ، وَيُنْمى كُلَّ ما شِئْتَ ، حَمْداً خالِداً مَعَ خُلُودِكَ ، وَدائِماً مَعَ دَوامِكَ ، كَما فَضَّلْتَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَلِما وَهَبْتَ مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَصِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَقامِ مُحَمَّدٍ ، وَبِمَقامِ أَنْبِيائِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَتَصْرِفَ إِلَيَّ وَإِلى أَهْلِي وَوَلَدِي وَأَهْلِ بَيْتِي وَمَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، وَإِلى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ وَعافِيَتِكَ وَنِعَمِكَ وَرِزْقِكَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ ، ما تَجْعَلُهُ صَلاحاً

ص: 309


1- عنه البحار 98 : 47.
2- أيد (خ ل).

لِدِينِنا وَقِواماً لِآخِرَتِنا (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنا بِشَهْرِنا هذا ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنا فِيهِ الْقُرْآنَ ، وَعَرَّفَنا حَقَّهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْبَصِيرَةِ ، فَبِنُورِ وَجْهِكَ يا إِلهَنا وَإِلهَ آبائِنا الْأَوَّلِينَ ، ارْزُقْنا فِيهِ التَّوْبَةَ ، وَلا تَخْذُلْنا ، وَلا تُخْلِفْ ظَنَّنا (2) ، إِنَّكَ أَنْتَ الْجَلِيلُ الْجَبَّارُ (3).

وروي عن الصّادق عليه السلام : أَنَّ في ثمان عشر مضت من شهر رمضان انزل الزَّبور.

قلت أَنا : ينبغي أَن يكون لها زيادة من الاحترام والعمل المشكور.

فصل (1): فيما يختص باليوم الثامن عشر من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم الثامن عشر من شهر رمضان :

اللّهُمَّ إِنَّ الظَّلَمَةَ كَفَرُوا بِكِتابِكَ ، وَجَحَدُوا آياتِكَ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، وَبَدَّلُوا ما جاءَ بِهِ رَسُولُكَ ، وَشَرَعُوا غَيْرَ دِينِكَ ، وَسَعَوْا بِالْفَسادِ فِي أَرْضِكَ وَتَعاوَنُوا عَلى إِطْفاءِ نُورِكَ ، وَشاقُّوا وُلاةَ أَمْرِكَ ، وَوالَوْا أَعْداءَكَ وَعادَوْا أَوْلِياءَكَ ، وَظَلَمُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ.

اللّهُمَّ فَانْتَقِمْ مِنْهُمْ ، وَاصْبُبْ عَلَيْهِمْ عَذابَكَ ، وَاسْتَأْصِلْ شَأْفَتَهُمْ ، اللّهُمَّ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا دِينَكَ دَغَلاً ، وَمالَكَ دُوَلاً ، وَعِبادَكَ خَوَلاً ، فَاكْفُفْ بَأْسَهُمْ ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ ، وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَخالِفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَشَتِّتْ أَمْرَهُمْ ، وَاجْعَلْ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ، وَاسْفِكْ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ دِماءَهُمْ ، وَخُذْهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

ص: 310


1- عنه البحار 98 : 48.
2- ظننا بك وصلّ على محمد وآله واعف عنّا وارحمنا (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 48.

اللّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ ، أَنَّهُمْ لَمْ يُذْنِبُوا لَكَ ذَنْباً ، وَلَمْ يَرْتَكِبُوا لَكَ مَعْصِيَةً ، وَلَمْ يُضَيِّعُوا لَكَ طاعَةً ، وَأَنَّ مَوْلانا وَسَيِّدَنا صاحِبَ الزَّمانِ ، الْهادِي الْمَهْدِيِّ ، التَّقِيِّ النَّقِيِّ ، الزَّكِيِّ الرَّضِيِّ ، فَاسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى ، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى ، وَقَوِّنا عَلى مُتابَعَتِهِ وَأَداءِ حَقِّهِ ، وَاحْشُرْنا فِي أَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ نَبِّهْنِي (2) فِيهِ لِبَرَكاتِ أَسْحارِهِ ، وَنَوِّرْ فِيهِ قَلْبِي بِضِياءِ أَنْوارِهِ ، وَخُذْ بِكُلِّ أَعْضائِي (3) إِلى اتِّباعِ آثارِهِ ، بِنُورِكَ يا مُنَوِّرَ قُلُوبِ (4) الْعارِفِينَ (5).

ص: 311


1- عنه البحار 98 : 48.
2- هيّئني (خ ل).
3- عضو من (خ ل).
4- يا نور قلوب (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 49.

الباب الثالث والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات وصلوات في الليلة التاسعة عشر منه ويومها وفيها عدّة زيادات

اشارة

منها : الغسل المشار إليه مؤكّدا فيها.

ومنها : الصّلوات الزائدة وأَدعيتها.

ومنها : استغفار مائة مرّة.

ومنها : الرّواية بنشر المصحف ودعائه.

ومنها : ما نختاره من عدّة روايات بالدعوات.

ومنها : الدّعاء المختصّ بيومها.

ومنها : الرواية بأنّ فضل يوم ليلة القدر (1) مثل ليلته.

أَقول : واعلم أَنّ ليلة تسع عشرة أولى الثلاث اللّيالي الافراد ، وهذه اللّيالي محلّ الزّيادة في الاجتهاد ، ولعمري أَنّ الأخبار واردة وآكدة في ليلة إحدى وعشرين منه أَكثر من ليلة تسع عشرة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين منه أَكثر من ليلة تسع عشر ومن ليلة إحدى وعشرين.

وقد قدّمنا ما ذكره أَبو جعفر الطوسيّ في التبيان عند تفسير ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ،

ص: 312


1- يوم القدر (خ ل).

أَنّها في مفردات العشر الأواخر بلا خلاف ، وقال رحمه اللّه : قال أَصحابنا : هي إحدى اللّيلتين : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين (1).

وهو منقول عن الأئمة الطّاهرين ، العارفين بأسرار ربّ العالمين ، وأَسرار سيّد المرسلين ، صلوات اللّه جلَّ جلاله عليهم أَجمعين.

وقد قدّمنا دعاء العشرين ركعة في أَوّل ليلة منه.

أَقول : ونحن ذاكرون في هذه اللّيلة التسع عشرة دعاء الثمانين ركعة ، تمام المائة ركعة ، أَنقله من خطّ أَبي جعفر الطّوسي رضوان اللّه عليه ، لتعمل عليه ، وما كان لي إلى تقديم دعاء المائة ركعة قبل هذه اللّيلة سبب يحوج إليه ، فلذلك جعلناه في هذه اللّيلة.

وقد روي أَنّ هذه المائة ركعة تصلّى في كلّ ليلة من المفردات كلّ ركعة بالحمد مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات (2).

وإِن قويت على ذلك فاعمل عليه ، واغتنم أَيّها العبد الميّت الفاني ما يبلغ اجتهادك عليه ، فانّ سمّ الفناء يسري إلى الأعضاء مذ خرجت إلى دار الفناء ، وآخره هجوم الممات وانقطاع الأعمال الصّالحات ، وأَن تصير من جملة القبور الدّراسات المهجورات ، فبادر إلى السّعادات الدّائمات.

فصلّ ما تقدّم ذكره من العشرين ركعة وأَدعيتها ، وسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام بين كلّ ركعتين من جميع الرّكعات ، ثمّ قم فصلّ الثمانين ركعة الباقيات.

تُصلّي ركعتين وتقول :

يا حَسَنَ الْبَلاءِ عِندِي ، يا قَدِيمَ الْعَفْوِ عَنِّي ، يا مَنْ لا غِناءَ لِشَيْءٍ عَنْهُ ، يا مَنْ لا بُدَّ لِشَيْءٍ مِنْهُ ، يا مَنْ مَرَدُّ كُلِّ شَيْءٍ إِلَيْهِ ، يا مَنْ مَصِيرُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَيْهِ ، تَوَلَّنِي سَيِّدِي وَلا تُوَلِّ أَمْرِي شِرارَ خَلْقِكَ ، أَنْتَ خالِقِي وَرازِقِي يا مَوْلايَ ، فَلا تُضَيِّعْنِي (3).

ص: 313


1- التبيان 10 : 385.
2- عنه الوسائل 8 : 20.
3- عنه البحار 98 : 123.

ثمَّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، أَوْ أَنْتَ مُنْزِلُهُ ، مِنْ نُورٍ تَهْدِي بِهِ ، أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَمِنْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ ، وَمِنْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ ، وَمِنْ بَلاءٍ تَرْفَعُهُ ، وَمِنْ سُوءٍ تَدْفَعُهُ ، وَمِنْ فِتْنَةٍ تَصْرِفُها ، وَاكْتُبْ لِي ما كَتَبْتَ لِأَوْلِيائِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ اسْتَوْجَبُوا مِنْكَ الثَّوابَ ، وَآمَنُوا بِرِضاكَ عَنْهُمْ مِنْكَ الْعَذابَ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ ، وَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَبارِكْ لِي فِي كَسْبِي ، وَقَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَنِي ، وَلا تَفْتِنِّي بِما زَوَيْتَ عَنِّي (1).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِلَيْكَ نَصَبْتُ يَدِي ، وَفِيما عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي ، فَاقْبَلْ يا سَيِّدِي (2) تَوْبَتِي ، وَارْحَمْ ضَعْفِي ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَاجْعَلْ لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ نَصِيباً ، وَإِلى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكِبْرِ ، وَمَواقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَاعْصِمْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَأَوْرِدْ (3) عَلَيَّ أَسْبابَ طاعَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِها ، وَاصْرِفْ عَنِّي أَسْبابَ مَعْصِيَتِكَ ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَها ، وَاجْعَلْنِي وَأَهْلِي وَوَلَدِي (وَمالِي) (4) فِي وَدائِعِكَ الَّتِي لا تَضِيعُ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ النَّارِ.

وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ (5) ، وَشَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ ، وَشَرَّ كُلِّ ضَعِيفٍ أَوْ شَدِيدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَشَرَّ كُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّكَ عَلى

ص: 314


1- عنه البحار 98 : 123.
2- ومولاي (خ ل).
3- اردد (خ ل).
4- ليس في بعض النسخ.
5- شرّ فسقة العرب والعجم وشرّ فسقة الجنّ والانس (خ ل).

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

ثمَّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي الشَّأْنِ ، عَظِيمُ الْجَبَرُوتِ ، شَدِيدُ الْمِحالِ ، عَظِيمُ الْكِبْرِياءِ ، قادِرٌ قاهِرٌ ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ ، صادِقُ الْوَعْدِ ، وفِيُّ الْعَهْدِ ، قَرِيبٌ مُجِيبٌ ، سامِعُ الدُّعاءِ ، قابِلُ التَّوْبَةِ ، مُحْصٍ لِما خَلَقْتَ ، قادِرٌ عَلى ما أَرَدْتَ ، مُدْرِكٌ مَنْ طَلبْتَ ، رازِقٌ مَنْ خَلَقْتَ ، شَكُورٌ إِنْ شُكِرْتَ ، ذاكِرٌ إِنْ ذُكِرْتَ.

فَأَسْأَلُكَ يا إِلهِي مُحْتاجاً وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً ، وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ خائِفاً ، وَأَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً ، وَأَرْجُوكَ ناصِراً ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مُتَضَرِّعاً (2) ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ مُحْتَسِباً ، وَأَسْتَرْزِقُكَ مُتَوَسِّعاً.

وَأَسْأَلُكَ يا إِلهِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي ، وَتَتَقَبَّلْ عَمَلِي وَتُيَسِّرَ مُنْقَلَبِي ، وَتُفَرِّجَ قَلْبِي ، إِلهِي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَدِّقَ ظَنِّي ، وَتَعْفُوَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَتَعْصِمَنِي مِنَ الْمَعاصِي.

إِلهِي ضَعُفْتُ فَلا قُوَّةَ لِي ، وَعَجَزْتُ فَلا حَوْلَ لِي ، إِلهِي جِئْتُكَ مُسْرِفاً عَلى نَفْسِي ، مُقِرّاً بِسُوءِ عَمَلِي ، قَدْ ذَكَرْتُ غَفْلَتِي ، وَأَشْفَقْتُ مِمَّا كانَ مِنِّي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْضَ عَنِّي ، وَاقْضِ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعافِيَةَ مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ ، وَسُوءِ الْقَضاءِ ، وَدَرَكِ الشَّقاءِ ، وَمِنَ الضَّرَرِ فِي الْمَعِيشَةِ ، وَأَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلاءٍ لا طاقَةَ لِي بِهِ ، أَوْ تُسَلِّطَ عَلَيَّ طاغِياً ، أَوْ تَهْتِكَ لِي سِتْراً ، أَوْ تُبْدِئَ لِي عَوْرَةً ، أَوْ تُحاسِبَنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ مُقاصّاً ، أَحْوَجَ ما أَكُونُ إِلى عَفْوِكَ وَتَجاوُزِكَ عَنِّي.

ص: 315


1- عنه البحار 98 : 123.
2- ضعيفا (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 124.

فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ سُكّانِها وَعُمَّارِها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَفَعاتِ النَّارِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَالصِّيامَ وَالصَّدَقَةَ لِوَجْهِكَ (1).

ثمّ تسجد وتقول في سجودك :

يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَيا مَنْ لا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ ، وَيا مَنْ لا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ ، وَيا مَنْ لا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، أَعْطِ مُحَمَّداً أَفْضَلَ ما سَأَلَكَ ، وَأَفْضَلَ ما سُئِلْتَ لَهُ ، وَأَفْضَلَ ما أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاجْعَلِ الْعافِيَةَ شِعارِي وَدِثارِي ، وَنَجاةً لِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ يَوْمَ الْقِيامَةِ (2).

ثمَّ تصلّي ركعتين وتقول :

أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مِنْكَ بَدَأَ الْخَلْقُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ وَلا تَزالُ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْواحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ

ص: 316


1- عنه البحار 98 : 124.
2- عنه البحار 98 : 124.

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ، سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَكَ (1) الْأَسْماءُ الْحُسْنى. يُسَبِّحُ لَكَ ما فِي السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنْتَ اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَالْكِبْرِياءُ رِداؤُكَ.

ثمّ تصلّي عَلى محمّد وآل محمّد ، وتدعو بما أَحببت (2).

قال الشيخ بإسناده عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : ما من مؤمن يسأل اللّه بهنَّ ، ويقبل بهنَّ قلبه إلى اللّه عزّ وجلّ إلاّ قضى اللّه عزّ وجلّ له حاجته ، ولو كان شقيّا رجوت أَن يحوّل سعيدا (3).

ورأَيت في روايتين من غير أَدعية شهر رمضان هذا الدُّعاء ، وفيه : مالِكُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَليس فيه : خالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما روي عن أَبي جعفر عليه السلام :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ (4) ، وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِدِرْعِكَ الْحَصِينَةِ ، وَبِقُوَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُبِّي إِيَّاكَ وَبِحُبِّي رَسُولَكَ ، وَبِحُبِّي أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، يا خَيْراً لِي مِنْ أَبِي وَأُمِّي وَمِنَ النَّاسِ جَمِيعاً (5) ، اقْدِرْ لِي خَيْراً مِنْ قَدْرِي لِنَفْسِي ، وَخَيْراً لِي مِمَّا يَقْدِرُ لِي أَبِي وَأُمِّي ، أَنْتَ

ص: 317


1- له (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 125 ، رواه الشيخ في مصباحه : 554.
3- المصباح المتهجد : 554.
4- وما فيهنّ وما بينهنّ وما فوقهنّ وما تحتهنّ (خ ل).
5- أجمعين (خ ل).

جَوادٌ لا يَبْخَلُ ، وَحَلِيمٌ لا يَعْجَلُ (1) ، وَعَزِيزٌ لا يُسْتَذَلُّ.

اللّهُمَّ مَنْ كانَ النَّاسُ ثِقَتَهُ وَرَجاءَهُ فَأَنْتَ ثِقَتِي وَرَجائِي اقْدِرْ لِي خَيْرَها عاقِبَةً ، وَرَضِّنِي بِما قَضَيْتَ لِي ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَلْبِسْنِي عافِيَتَكَ الْحَصِينَةَ ، وَإِنْ (2) ابْتَلَيْتَنِي فَصَبِّرْنِي ، وَالْعافِيَةُ أَحَبُّ إِلَيَ (3).

أَقول : ووجدت في مجلّد عتيق لعلّ تاريخه أَكثر من مائتي سنة ، وفي أَوّل المجلّد أَدب الكتّاب للصوليّ ، وآخره كتاب الجواهر لإبراهيم بن إسحاق الصوليّ ، وفيه :

وكان عليُّ بن أَبي طالب يقول في دعائه: «اللّهُمَّ إِنْ ابْتَلَيْتَنِي فَصَبِّرْنِي، وَالْعافِيَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ»(4).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما روي عن جعفر بن محمّد ، عن أَبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أَمير المؤمنين عليه السلام :

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمْتَ سَبِيلاً مِنْ سُبُلِكَ ، فَجَعَلْتَ فِيهِ رِضاكَ ، وَنَدَبْتَ إِلَيْهِ أَوْلِياءَكَ ، وَجَعَلْتَهُ أَشْرَفَ سُبُلِكَ عِنْدَكَ ثَواباً ، وَأَكْرَمَها لَدَيْكَ مَآباً ، وَأَحَبَّها إِلَيْكَ مَسْلَكاً ، ثُمَّ اشْتَرَيْتَ فِيهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِكَ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْكَ حَقّاً (5).

فَاجْعَلْنِي مِمَّنِ اشْتَرَى فِيهِ مِنْكَ نَفْسَهُ ، ثُمَّ وَفي لَكَ بِبَيْعَتِهِ الَّذِي بايَعَكَ عَلَيْهِ ، غَيْرَ ناكِثٍ وَلا ناقِضٍ عَهْداً (6) ، وَلا مُبَدِّلٍ تَبْدِيلاً ، إِلاَّ اسْتِنْجازاً لِوَعْدِكَ ، وَاسْتِيجاباً لِمَحَبَّتِكَ ، وَتَقَرُّباً بِهِ إِلَيْكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاجْعَلْهُ خاتِمَةَ عَمَلِي ، وَارْزُقْنِي فِيهِ لَكَ وَبِكَ مِنَ الْوَفاءِ مَشْهَداً تُوجِبُ لِي بِهِ الرِّضا ، وَتَحُطُّ عَنِّي بِهِ الْخَطايا.

ص: 318


1- لا يجهل (خ ل).
2- اللّهم فان (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 125.
4- عنه البحار 98 : 126.
5- في البحار زيادة : في التوراة والإنجيل والفرقان.
6- عهدك (خ ل).

اجْعَلْنِي فِي الْأَحْياءِ الْمُرْزُوقِينَ بِأَيْدِي الْعُداةِ الْعُصاةِ ، تَحْتَ لِواءِ الْحَقِّ وَرايَةِ الْهُدى ، ماضِياً عَلى نُصْرَتِهِمْ قَدَماً ، غَيْرَ مُوَلٍّ دُبُراً ، وَلا مُحْدِثٍ شَكّاً ، أَعُوذُ (1) بِكَ عِنْدَ ذلِكَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلأَعْمالِ (2).

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أَبيه ، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ (3) الَّتِي لا تُنالُ مِنْكَ إِلاَّ بِالرِّضا ، وَالْخُرُوجِ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَالدُّخُولِ فِي ما (4) يُرْضِيكَ ، نَجاةً (5) مِنْ كُلِّ وَرْطَةٍ ، وَالْمَخْرَجَ مِنْ كُلِّ كُفْرٍ ، (6) ، وَالْعَفْوَ عَنْ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، يَأْتِي بِها مِنِّي عَمْدٌ ، أَوْ زَلَّ بِها مِنِّي خَطَأُ ، أَوْ خَطَرَتْ بِها مِنِّي خَطَراتٌ ، نَسِيتُ أَنْ أَسْأَلُكَ خَوْفاً أَنْ تُعِينَنِي بِهِ عَلى حُدُودِ رِضاكَ.

وَأَسْأَلُكَ الْأَخْذَ بِأَحْسَنِ ما أَعْلَمُ ، وَالتَّرْكَ لِشَرِّ ما أَعْلَمُ ، وَالْعِصْمَةَ [مِنْ] (7) أَنْ أَعْصى وَأَنَا أَعْلَمُ ، أَوْ اخْطِئَ مِنْ حَيْثُ لا أَعْلَمُ ، وَأَسْأَلُكَ السَّعَةَ فِي الرِّزْقِ ، وَالزُّهْدَ فِيما هُوَ وَبالٌ.

وَأَسْأَلُكَ الْمَخْرَجَ بِالْبَيانِ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ ، وَالْفَلَجَ بِالصَّوابِ فِي كُلِّ حُجَّةٍ ، وَالصِّدْقَ فِيما عَلَيَّ وَلِي ، وَذَلِّلْنِي بِإِعْطاءِ النِّصْفِ مِنْ نَفْسِي ، فِي جَمِيعِ الْمَواطِنِ (8) فِي الرِّضا وَالسَّخَطِ وَالتَّواضُعِ وَالْفَضْلِ (9) وَتَرْكَ قَلِيلِ الْبَغْي وَكَثِيرِهِ ، فِي الْقَوْلِ مِنِّي وَالْفِعْلَ.

ص: 319


1- وأعوذ (خ ل).
2- رحمتك (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 126 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 81 ، والكليني في الكافي 5 : 46.
4- في كلّ ما (خ ل).
5- ونجاة (خ ل).
6- في البحار : كبر (خ ل).
7- من البحار.
8- كلها (خ ل).
9- المواضع والقصد (خ ل).

وَ (أَسْأَلُكَ) (1) تَمامَ النِّعْمَةِ فِي جَمِيعِ الْأَشْياءِ ، وَالشُّكْرَ بِها حَتّى تَرْضى وَبَعْدَ الرِّضا ، وَالْخِيَرَةَ فِيما يَكُونُ فِيهِ الْخِيَرَةُ بِمَيْسُورِ جَمِيعِ الأُمُورِ لا بِمَعْسُورِها ، يا كَرِيمُ (2).

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن الحسين بن عليّ ، عن أمير المؤمنين عليهما السلام :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى أَطْيَبِ الْمُرْسَلِينَ ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، الْمُنْتَجَبِ الْفاتِقِ الرَّاتِقِ ، اللّهُمَّ فَخص مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْه وَآلِهِ بِالذِّكْرِ الْمَحْمُودِ ، وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ ، اللّهُمَّ أَعْطِ (3) مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْوَسِيلَةَ ، وَالرَّفْعَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَفِي الْمُصْطَفِينَ مَحَبَّتَهُ ، وَفِي الْعِلِّيِّينَ دَرَجَتَهُ ، وَفِي الْمُقَرَّبِينَ كَرامَتَهُ.

اللّهُمَّ أَعْطِ (4) مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ كُلِّ كَرامَةٍ أَفْضَلَ تِلْكَ الْكَرامَةِ ، وَمِنْ كُلِّ نَعِيمٍ أَوْسَعَ ذلِكَ النَّعِيمِ ، وَمِنْ كُلِّ عَطاءٍ أَجْزَلَ ذلِكَ الْعَطاءِ ، وَمِنْ كُلِّ يُسْرٍ أَيْسَرَ (5) ذلِكَ الْيُسْرِ ، وَمِنْ كُلِّ قِسْمٍ أَوْفَرَ ذلِكَ الْقِسَمِ ، حَتّى لا يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ أَقْرَبَ مِنْهُ مَجْلِساً ، وَلا أَرْفَعَ مِنْهُ عِنْدَكَ ذِكْراً وَمَنْزِلَةً ، وَلا أَعْظَمَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَلا أَقْرَبَ وَسِيلَةً مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، إِمامِ الْخَيْرِ وَقائِدِهِ وَالدَّاعِي إِلَيْهِ ، وَالْبَرَكَةِ عَلى جَمِيعِ الْعِبادِ ، وَالْبِلادِ وَرَحْمَةٍ للْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي بَرْدِ الْعَيْشِ ، وَبَرْدِ الرَّوْحِ ، وَقَرارِ النِّعْمَةِ ، وَشَهْوَةِ الْأَنْفُسِ ، وَمُنَى الشَّهَواتِ ، وَنَعِيمِ (6) اللَّذَّاتِ ،

ص: 320


1- ليس في بعض النسخ.
2- عنه البحار 98 : 126.
3- آت (خ ل).
4- اجعل (خ ل).
5- انضر (خ ل).
6- نعم اللذات (خ ل).

وَرَجاءِ الْفَضِيلَةِ ، وَشُهُودِ الطُّمَأْنِينَةِ ، وَسُؤْدَدِ الْكَرامَةِ ، وَقُرَّةِ الْعَيْنِ ، وَنَضْرَةِ النَّعِيمِ ، وَبَهْجَةٍ لا تُشْبِهُ بَهَجاتِ الدُّنْيا ، نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ الرِّسالَةَ ، وَأَدَّى النَّصِيحَةَ ، وَاجْتَهَدَ لِلأُمَّةِ ، وَأُوذِيَ فِي جَنْبِكَ ، وَجاهَدَ فِي سَبِيلِكَ ، وَعَبَدَكَ حَتَّى أَتاهُ الْيَقِينُ ، فَصَلِّ اللّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ (1) الطَّيِّبِينَ.

اللّهُمَّ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ ، وَرَبَّ الرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، وَرَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ، وَرَبَّ الْحِلِّ وَالْحَرامِ ، بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَنَّا السَّلامَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَعَلى أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ (وَرُسُلِكَ أَجْمَعِينَ) (2) ، وَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى الْحَفَظَةِ الْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، وَعَلى أَهْلِ طاعَتِكَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ السَّبْعِ وَأَهْلِ الْأَرَضِينَ (3) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَجْمَعِينَ (4).

فإذا فرغت من الدُّعاء سجدت وقلت :

اللّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ ، وَبِكَ اعْتَصَمْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي وَأَنْتَ رَجائِي ، اللّهُمَّ فَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَما لا يُهِمُّنِي ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، عَزَّ جارُكَ ، وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، وَلا إِلهَ غَيْرُكَ ، صَلِ (5) عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ.

ثمَّ ارفع رأسك وقل :

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَحْزَحَ (6) بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، أَوْ صَرَفَ بِهِ عَنِّي وَجْهَكَ الْكَرِيمَ (7) ، أَوْ نَقَصَ بِهِ مِنْ حَظِّي عِنْدَكَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ شَيْءٍ يُرْضِيكَ عَنِّي ،

ص: 321


1- على آله (خ ل).
2- ليس في بعض النسخ.
3- الأرضين السبع (خ ل).
4- رواه في المصباح : 558 ، التهذيب 3 : 83 ، عنهم البحار 98 : 126.
5- اللّهم صلّ (خ ل).
6- زحزحه : باعده.
7- أَو صرف عنّي وجهك الكريم (خ ل).

وَيُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ، وَارْفَعْ دَرَجَتِي عِنْدَكَ ، وَأَعْظِمْ حَظِّي ، وَأَحْسِنْ مَثْوايَ ، وَثَبِّتْنِي بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقامٍ مَحْمُودٍ ، تُحِبُّ أَنْ تُدْعا فِيهِ بِأَسْمائِكَ وَتُسْأَلَ فِيهِ مِنْ عَطائِكَ.

رَبِّ لا تَكْشِفْ عَنِّي سِتْرَكَ ، وَلا تُبْدِ عَوْرَتِي لِلْعالَمِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ - حَتّى تتمّ الدُّعاء (1).

ثمّ تُصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤادُ ، وَيَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ عَنْهُ (2) الْقَرِيبُ ، وَيَشْمُتُ بِهِ (3) الْعَدُوُّ ، وَتُعْيِينِي فِيهِ الأُمُورُ ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إِلَيْكَ ، راغِباً إِلَيْكَ فِيهِ عَمَّنْ سِواكَ ، فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَنِيهِ ، فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصاحِبُ كُلِّ حاجَةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، لَكَ الْحَمْدُ كَثِيراً وَلَكَ الْمَنُّ فاضِلاً.

روى هذا الدعاء ابن أَبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان من دعاء النبيّ صلى اللّه عليه وآله يوم الأحزاب : اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي - إِلى تمام الدعاء (4).

يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ ، وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يَهْتِكَ السِّتْرَ ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ ، يا عَظِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ.

يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى ، وَمُنْتَهى كُلِّ شَكْوى ، يا مُقِيلَ الْعَثَراتِ ، يا كَرِيمَ

ص: 322


1- تمامه هكذا : «وروحي مع الشهداء ، واحساني في عليين ، واساءتي مغفورة ، وأَن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ، وايمانا يذهب الشك عنّي ، وترضيني بما قسمت لي ، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار ، وارزقني فيها ذكرك وشكرك والرغبة إليك والتوبة والإنابة والتوفيق لما وفقت له محمداً وآل محمد صلواتك عليه وعليهم ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته.»
2- فيه (خ ل).
3- فيه (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 129.

الصَّفْحِ ، يا عَظِيمَ الْمَنِّ ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها ، يا رَبَّاهُ يا سَيِّداهُ ، يا أَمَلاهُ يا غايَةَ رَغْبَتاهُ.

أَسْأَلُكَ بِكَ يا اللّهُ أَنْ لا تُشَوِّهَ خَلْقِي بِالنَّارِ ، وَأَنْ تَقْضِيَ لِي حَوائِجَ آخِرَتِي وَدُنْيايَ ، وَتَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا - وَتصلّي على محمّد وآل محمّد وتدعو بما بدا لك (1).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ خَلَقْتَنِي فَأَمَرْتَنِي وَنَهَيْتَنِي ، وَرَغَّبْتَنِي فِي ثَوابِ ما بِهِ أَمَرْتَنِي ، وَرَهَّبْتَنِي عِقابَ ما عَنْهُ نَهَيْتَنِي ، وَجَعَلْتَ لِي عَدُوّاً يَكِيدُنِي ، وَسَلَّطْتَهُ مِنِّي عَلى ما لَمْ تُسَلِّطْنِي عَلَيْهِ مِنْهُ ، فَأَسْكَنْتَهُ صَدْرِي وَأَجْرَيْتَهُ مَجْرَى الدَّمِ مِنِّي ، لا يَغْفُلُ إِنْ غَفَلْتُ ، وَلا يُنْسِي إِنْ نَسِيتُ ، يُؤْمِنُنِي عَذابِكَ ، وَيُخَوِّفُنِي بِغَيْرِكَ.

إِنْ هَمَمْتُ بِفاحِشَةٍ شَجَّعَنِي ، وَإِنْ هَمَمْتُ بِصالِحٍ ثَبَّطَنِي ، يَنْصِبُ لِي بِالشَّهَواتِ وَيَعْرِضُ لِي بِها ، إِنْ (2) وَعَدَنِي كَذَبَنِي ، وَإِنْ مَنّانِي قَنَّطَنِي ، وَإِنِ اتَّبَعْتُ هَواهُ أَضَلَّنِي ، وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُ يَسْتَزِلُّنِي ، وَإِلاَّ تُفلتَنِي مِنْ حَبائِلِهِ يَصُدَّنِي ، وَإِلاَّ تَعْصِمَنِي مِنْهُ يُفْتِنِّي.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاقْهَرْ سُلْطانَهُ عَنِّي (3) بِسُلْطانِكَ عَلَيْهِ ، حَتّى تَحْبِسَهُ عَنِّي بِكَثْرَةِ الدُّعاءِ لَكَ مِنِّي ، فَأَفُوزَ فِي الْمَعْصُومِينَ مِنْهُ بِكَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ (4).

روي هذا الدعاء والذي قبله عن أَبي عبد اللّه عليه السلام. (5) ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

يا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطى ، وَيا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، يا واحِدُ يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ

ص: 323


1- عنه البحار 98 : 129.
2- وان (خ ل).
3- على (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 129.
5- التهذيب 3 : 85.

صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَيَحْكُمُ ما يُرِيدُ ، وَيَقْضِي ما أَحَبَّ ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ.

يا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، يا سَمِيعُ (1) يا بَصِيرُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ما أَكُفُّ بِهِ وَجْهِي ، وَأُؤَدِّيَ بِهِ أَمانَتِي (2) ، وَأَصِلُ بِهِ رَحِمِي ، وَيَكُونُ عَوْناً لِي عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

ثمَّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن الرّضا عليه السلام :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الآخِرِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الْمَلأِ الْأَعْلى ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الْكَبِيرَةَ.

اللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَلَمْ أَرَهُ ، فَلا تَحْرِمْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ رُؤْيَتَهُ ، وَارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ ، وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ ، وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَباً رَوِيّاً لا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ كَما آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَلَمْ أَرَهُ ، فَعَرِّفْنِي فِي الْجِنانِ وَجْهَهُ ، اللّهُمَّ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ عَنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً - ثمّ ادع بما بدا لك.

ثمّ اسجد وقل في سجودك :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، يا مَنْ لا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ ، وَلا تَتَشابَهُ (3) عَلَيْهِ الْأَصْواتُ ، وَلا تُغَلِّطُهُ الْحاجاتُ ، وَيا مَنْ لا يَنْسى شَيْئاً لِشَيْءٍ ، وَلا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، أَعْطِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلَ ما سَأَلُوا ، وَخَيْرَ ما سَأَلُوكَ ، وَخَيْرَ ما سُئِلْتَ لَهُمْ ، وَخَيْرَ ما سَأَلْتُكَ لَهُمْ ، وَخَيْرَ ما أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.

ص: 324


1- يا حكيم يا سميع (خ ل).
2- عني أمانتي (خ ل).
3- ويا من لا تتشابه (خ ل) ، يا من لا تغلطه (خ ل).

ثمّ ارفع رأسك وادع بما أَحببت.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه ، عن أَبيه ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ ، اللّهُمَّ لا هادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ ، وَلا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ ، اللّهُمَّ لا مانِعَ لِما أَعْطَيْتَ ، وَلا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ ، اللّهُمَّ لا قابِضَ لِما بَسَطْتَ ، وَلا باسِطَ لِمَا قَبَضْتَ ، اللّهُمَّ لا مُقَدِّمَ لِما أَخَّرْتَ وَلا مُؤَخِّرَ لِما قَدَّمْتَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ الْحَلِيمُ فَلا تَجْهَلُ ، اللّهُمَّ أَنْتَ الْجَوادُ فَلا تَبْخَلُ ، اللّهُمَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ فَلا تُسْتَذَلُّ ، اللّهُمَّ أَنْتَ الْمَنِيعُ (1) فَلا تُرامُ ، اللّهُمَّ أَنْتَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وادع بما شئت.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعافِيَةَ مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ ، وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ ، وَسُوءِ الْقَضاءِ ، وَدَرَكِ الشَّقاءِ ، وَمِنْ الضَّرَرِ فِي الْمَعِيشَةِ ، وَأَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلاءٍ لا طاقَةَ لِي بِهِ ، أَوْ تُسَلِّطَ عَلَيَّ طاغِياً ، أَوْ تَهْتِكَ لِي سِتْراً ، أَوْ تُبْدِيَ لِي عَوْرَةً ، أَوْ تُحاسِبَنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ مُناقِشاً ، أَحْوَجَ ما أَكُونُ إِلى عَفْوِكَ وَتَجاوُزِكَ عَنِّي فِيما سَلَفَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْكَرِيمِ ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

يا اللّهُ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ ، وَلا تُنْجِي مِنْ نَقِمَتِكَ إِلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْ عَذابِكَ إِلاَّ التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ ، فَهَبْ لِي يا إِلهِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً تُغْنِينِي بِها عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِواكَ ، بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِها تُحْيِي مَيْتَ الْبِلادِ ، وَبِها تَنْشُرُ مَيْتَ الْعِبادِ.

ص: 325


1- الحليم (خ ل).

وَلا تُهْلِكْنِي غَمّاً حَتّى تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، وَتُعَرِّفَنِي الاسْتِجابَةَ فِي دُعائِي ، وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعافِيَةِ إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي عدُوِّي ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ رَقَبَتِي.

اللّهُمَّ إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي ، وَإِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي ، وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنِي ، أَوْ يَتَعَرَّضُ لَكَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِي ، وَقَدْ عَلِمْتُ يا إِلهِي أَنْ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ ، وَلا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ ، إِنَّما (1) يَعْجلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ ، وَإِنَّما يَحْتاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعالَيْتَ يا إِلهِي عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.

فَلا تَجْعَلْنِي لِلْبَلاءِ غَرَضاً ، وَلا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً ، وَمَهِّلْنِي وَنَفِّسْنِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَلا تُتْبِعْنِي بِبَلاءٍ عَلى أَثَرِ بَلاءٍ ، فَقَدْ تَرى ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي ، أَسْتَجِيرُ بِكَ اللّهُمَّ فَأَجِرْنِي ، وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنَ النَّارِ فَأَعِذْنِي ، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ فَلا تَحْرِمْنِي.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول بعدهما ما روي عن أَبي الحسن موسى عليه السلام :

اللّهُمَّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلا أَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاكَ ، وَلا اشْرِكُ بِكَ شَيْئاً ، اللّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي (2) إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ ، وَأَعْلَنْتُ وَأَسْرَرْتُ ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَأَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَدُلَّنِي عَلَى الْعَدْلِ وَالْهُدى ، وَالصَّوابِ وَقِوامِ الدِّينِ ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْنِي هادِياً مَهْدِيّاً ، راضِياً مَرْضِيّاً ، غَيْرَ ضالٍّ وَلا مُضِلٍّ ، اللّهُمَّ رَبَّ السَّمواتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، اكْفِنِي الْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِي بِما شِئْتَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ - وَادع بما أَحببت.

ص: 326


1- وانما (خ ل).
2- فاغفر وارحم (خ ل).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي ، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي ، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي ، وَسِتْرَكَ عَلى قَبِيحِ عَمَلِي ، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي ، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطائِي وَعَمْدِي ، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلُكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ ، الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَأَرَيْتَنِي مِنْ قُدْرَتِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ.

فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً ، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً ، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً ، مُدِلًّا عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ ، فَانْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي ، لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الأُمُورِ ، فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلى عَبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ.

يا رَبِّ إِنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّى عَنْكَ ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ ، ثُمَ (1) لَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِي وَالإِحْسانِ إِلَيَّ ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ ، وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ ، إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ - وادع بما أَحببت.

فإذا فرغت من الدُّعاء فاسجد ، وقل في سجودك :

يا كائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَيا كائِناً بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَيا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْءٍ ، لا تَفْضَحْنِي فَإِنَّكَ بِي عالِمٌ ، وَلا تُعَذِّبْنِي فَإِنَّكَ عَلَيَّ قادِرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ مِنَ الْعَدِيلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَمِنْ سُوءِ الْمَرْجَعِ فِي الْقُبُورِ ، وَمِنَ النَّدامَةِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَمِيتَةً سَوِيَّةً وَمُنْقَلَباً كَرِيماً ، غَيْرَ مَخْزيٍ وَلا فاضِحٍ.

ثمّ ارفع رأسك من السّجود وادع بما شئت.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَحدهما عليهما السلام :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ ، بَدِيعُ السَّمواتِ

ص: 327


1- و (خ ل).

وَالْأَرْضِ ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، إِنِّي سائِلٌ فَقِيرٌ ، وَخائِفٌ مُسْتَجِيرٌ ، وَتائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي كُلَّها ، قَدِيمَها وَحَدِيثَها ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ ، اللّهُمَّ لا تُجْهِدْ بَلائِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، فَإِنَّهُ لا دافِعَ (1) وَلا مانِعَ إِلاَّ أَنْتَ.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَيَقِيناً حَتّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَنِي إِلاَّ ما كَتَبْتَ لِي ، وَالرِّضا بِما قَسَمْتَ لِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْساً طَيِّبَةً تُؤْمِنُ بِلِقائِكَ ، وَتَقْنَعُ بِعَطائِكَ ، وَتَرْضى بِقَضائِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً لا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقائِكَ ، تَوَلَّنِي ما أَبْقَيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَتُحْيِينِي ما أَحْيَيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَتَوَفَّنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَتَبْعَثُنِي إِذا بَعَثْتَنِي عَلَيْهِ ، وَتُبْرِئُ بِهِ صَدْرِي مِنَ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ فِي دِينِي.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ ، يا عالِمُ يا عَلِيمُ ، يا قادِرُ يا قاهِرُ ، يا خَبِيرُ يا لَطِيفُ ، يا اللّهُ يا رَبَّاهُ ، يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ ، يا رَجاياهُ (يا غايَةَ رَغْبَتاهُ) (2) ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

وَأَسْأَلُكَ نَفْحَةً مِنْ نَفَحاتِكَ كَرِيمَةً رَحِيمَةً ، تَلُمُّ بِها شَعْثِي ، وَتُصْلِحُ بِها شَأْنِي ، وَتَقْضِي بِها دَيْنِي ، وَتَنْعَشُنِي بِها وَعِيالِي وَتُغْنِينِي بِها عَمَّنْ سِواكَ.

يا مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَبِي وَأُمِّي وَمِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ ذلِكَ بِي السَّاعَةَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنَّ الاسْتِغْفارَ مَعَ الإِصْرارِ لُومٌ ، وَتَرْكِي الاسْتِغْفارَ مَعَ مَعْرِفَتِي بِكَرَمِكَ

ص: 328


1- في البحار : لا رافع.
2- ليس في بعض النسخ.

عَجْزٌ ، فَكَمْ تَتَحَبَّبُ إِلَيَّ بِالنِّعَمِ مَعَ غِناكَ عَنِّي ، وَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ بِالْمَعاصِي مَعَ فَقْرِي إِلَيْكَ.

يا مَنْ إِذا وَعَدَ وَفا ، وَإِذا تَوَعَّدَ عَفا ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ بِكَ ، فَانَّ مِنْ شَأْنِكَ الْعَفْوَ ، وَأَنْتَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ مَنْ عاذَ بِكَ مِنْكَ (1) ، وَلَجَأَ إِلى عِزِّكَ ، وَاسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ ، وَاعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ ، يا جَزِيلَ الْعَطايا ، يا فَكَّاكَ الأُسارى ، يا مَنْ سَمّى نَفْسَهُ مِنْ جُودِهِ الْوَهَّابُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ لِي يا مَوْلايَ مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَمَخَرَجاً ، وَرِزْقاً واسِعاً ، كَيْفَ تَشاءُ وَأَنَّى شِئْتَ وَبِما شِئْتَ وَحَيْثُ شِئْتَ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ ما شِئْتَ إِذا شِئْتَ كَيْفَ شِئْتَ.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْمَجْدِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْبَهاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْعَظَمَةِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْجَلالِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْعِزَّةِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْقُدْرَةِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ السَّرائِرِ ، السَّابِقِ الْفائِقِ ، الْحَسَنِ النَّضِيرِ ، رَبَّ الْمَلائِكَةِ الثَّمانِيَةِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

وَبِالْعَيْنِ الَّتِي لا تَنامُ ، وَبِالاسْمِ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ ، وَبِالاسْمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ ، الْمُحِيطِ بِمَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، وَبِالاسْمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمواتُ وَالْأَرْضُ ، وَبِالاسْمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الشَّمْسُ ، وَأَضاءَ بِهِ الْقَمَرُ ، وَسُجِّرَتْ بِهِ الْبِحارُ ، وَنُصِبَتْ بِهِ الْجِبَالُ.

وَبِالاسْمِ الَّذِي قامَ بِهِ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ ، وَبِأَسْمائِكَ الْمُكَرَّماتِ الْمُقَدَّساتِ الْمَكْنُوناتِ ، الْمَخْزُوناتِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَسْأَلُكَ بِذلِكَ

ص: 329


1- عاذ بذمتك (خ ل).

كُلِّهِ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ - وتدعو بما أحببت.

فإذا فرغت من الدُّعاء فاسجد ، وقل في سجودك :

سَجَدَ وَجْهِيَ اللَّئِيمُ لِوَجْهِ رَبِّي الْكَرِيمِ ، سَجَدَ وَجْهِيَ الْحَقِيرُ لِوَجْهِ رَبِّيَ الْعَزِيزِ (1) ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، بِكَرَمِكَ وَجُودِكَ اغْفِرْ لِي ظُلْمِي وَجُرْمِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي.

ثمّ ارفع رأسك وادع بما شئت.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أحدهما عليهما السلام :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِمَحامِدِكَ كُلِّها عَلى نَعْمائِكَ كُلِّها ، حَتّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ إِلى ما تُحِبُّ وَتَرْضى ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَكَ وَخَيْرَ ما أَرْجُو ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما أَحْذَرُ ، وَمِنْ شَرِّ ما لا أَحْذَرُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَوْسِعْ لِي (2) فِي رِزْقِي ، وَامْدُدْ لِي فِي عُمْرِي ، وَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ ما يَحُولُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعاصِيكَ ، وَمِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنا مُصِيباتُ الدُّنْيا ، وَمَتِّعْنا بِأَسْماعِنا وَأَبْصارِنا ، وَانْصُرْنا عَلى مَنْ عادانا ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا فِي دِينِنا ، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمِّنا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

إِلهِي ذُنُوبِي (3) تُخَوِّفُنِي مِنْكَ ، وَجُودُكَ يُبَشِّرُنِي عَنْكَ ، فَأَخْرِجْنِي بِالْخَوْفِ مِنَ الْخَطايا ، وَأَوْصِلْنِي بِجُودِكَ إِلَى الْعَطايا ، حَتّى أَكُونَ غَداً فِي الْقِيامَةِ

ص: 330


1- العزيز الكريم (خ ل).
2- على (خ ل).
3- ان ذنوبي (خ ل).

عَتِيقَ كَرَمِكَ ، كَما كُنْتُ فِي الدُّنيا رَبِيبَ نِعَمِكَ ، فَلَيْسَ ما تَبْذُلُهُ غَداً مِنَ النَّجاءِ بِأَعْظَمَ مِمَّا قَدْ مَنَحْتَهُ الْيَوْمَ مِنَ الرَّجاءِ ، وَمَتى خابَ فِي فِنائِكَ آمِلٌ ، أَمْ مَتى انْصَرَفَ بِالرَّدِّ عَنْكَ سائِلٌ.

إِلهِي ما دَعاكَ مَنْ لَمْ تُجِبْهُ ، لِأَنَّكَ قُلْتَ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1) ، وَأَنْتَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ يا إِلهِي وَاسْتَجِبْ دُعائِي.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ (2) ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى سَكَراتِ الْمَوْتِ (3) ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى غَمِّ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى ضِيقِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى وَحْشَةِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى أَهْوالِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ، اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِي طُولِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ، اللّهُمَّ زَوِّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينَ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ لا بُدَّ مِنْ أَمْرِكَ ، وَلا بُدَّ مِنْ قَدَرِكَ ، وَلا بُدَّ مِنْ قَضائِكَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ ، اللّهُمَّ فَما قَضَيْتَ عَلَيْنا مِنْ قَضاءٍ أَوْ قَدَّرْتَ عَلَيْنا مِنْ قَدَرٍ ، فَأَعْطِنا مَعَهُ صَبْراً يَقْهَرُهُ وَيَدْمَغُهُ ، (4) وَاجْعَلْهُ لَنا صاعِداً فِي رِضْوانِكَ ، يُنْمِي فِي حَسَناتِنا وَتَفْضِيلِنا وَسُؤْدَدِنا وَشَرَفِنا وَمَجْدِنا وَنَعْمائِنَا وَكَرامَتِنَا فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَلا تَنْقُصْ مِنْ حَسَناتِنا.

اللّهُمَّ وَما أَعْطَيْتَناهُ مِنْ عَطاءٍ ، اوْ فَضَّلْتَنا بِهِ مِنْ فَضِيلَةٍ ، اوْ أَكْرَمْتَنا (5) بِهِ مِنْ كَرامَةٍ ، فَاعْطِنا مَعَهُ شُكْراً يُقْهِرُهُ وَيَدْمَغُهُ ، وَاجْعَلْهُ لَنا صاعِداً فِي رِضْوانِكَ ، وَفِي حَسَناتِنا وَسُؤْدَدِنا وَشَرَفِنا ، وَنَعْمائِكَ وَكَرامَتِكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

ص: 331


1- البقرة : 168.
2- اللّهم اعنّي على الموت (خ ل).
3- اللّهم أعني على غمرات الموت (خ ل).
4- دمغ الحق الباطل : أبطله ومحقة.
5- كرّمتنا (خ ل).

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ (1) لَنا أَشَراً وَلا بَطَراً ، وَلا فِتْنَةً وَلا مَقْتاً ، وَلا عَذاباً وَلا خِزْياً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَثْرَةِ اللِّسانِ ، وَسُوءِ الْمَقامِ ، وَخِفَّةِ الْمِيزانِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلَقِّنا حَسَناتِنا فِي الْمَماتِ ، وَلا تُرِنا أَعْمالَنا عَلَيْنا حَسَراتٍ ، وَلا تُخْزِنا عِنْدَ لِقائِكَ (2) ، وَلا تَفْضَحْنا بِسَيِّئَاتِنا يَوْمَ نَلْقاكَ ، وَاجْعَلْ قُلُوبَنا تَذْكُرُكَ وَلا تَنْساكَ ، وَتَخْشاكَ كَأَنَّها تَراكَ حَتَّى تَلْقاكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَبَدِّلْ سَيِّئَاتِنا حَسَناتٍ ، وَاجْعَلْ حَسَناتِنا دَرَجاتٍ ، وَاجْعَلْ دَرَجاتِنا غُرفاتٍ ، وَاجْعَلْ غُرفاتِنا عالِياتٍ ، اللّهُمَّ وَأَوْسِع لِفَقِيرِنا مِنْ سَعَةِ ما قَضَيْتَ عَلى نَفْسِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمُنَّ عَلَيْنا بِالْهُدى ما أَبْقَيْتَنا ، وَالْكَرامَةِ ما أَحْيَيْتَنا وَالْمَغْفِرَةِ إِذا تَوَفَّيْتَنا ، وَالْحِفْظِ فِيما يَبْقى مِنْ عُمْرِنا ، وَالْبَرَكَةِ فِيما رَزَقْتَنا ، وَالْعَوْنِ عَلى ما حَمَّلْتَنا ، وَالثَّباتِ عَلى ما طَوَّقْتَنا ، وَلا تُؤَاخِذْنا بِظُلْمِنا ، وَلا تُقايِسْنا بِجَهْلِنا ، وَلا تَسْتَدْرِجْنا بِخَطايانا ، وَاجْعَلْ أَحْسَنَ ما نَقُولُ ثابِتاً فِي قُلُوبِنا ، وَاجْعَلْنا عُظَماءَ عِنْدَكَ ، وَفِي أَنْفُسِنا أَذِلَّةً (3) ، وَانْفَعْنا بِما عَلَّمْتَنا ، وَزِدْنا عِلْماً نافِعاً.

أَعُوذُ بِكَ (4) مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ عَيْنٍ لا تَدْمَعُ ، وَصَلاةٍ لا تُقْبَلُ ، أَجِرْنا (5) مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ ، يا وَلِيَّ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

فإذا فرغت من الدّعاء فاسجد ، وقل في سجودك ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

سَجَدَ وَجْهِي لَكَ تَعَبُّداً وَرِقّاً ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ حَقّاً حَقّاً ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِ

ص: 332


1- اللّهم ولا تجعله (خ ل).
2- قضائك (خ ل).
3- وإذلاء في أَنفسنا (خ ل).
4- وأعوذ بك (خ ل).
5- وأجرنا (خ ل).

شَيْءٍ ، وَالآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، ها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْعِظامَ غَيْرُكَ (1) ، فَاغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي عَلى نَفْسِي ، وَلا يَدْفَعُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُكَ.

ثمّ ارفع رأسك من السّجود ، فإذا استويت قائما فادع بما أَحببت.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام :

اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كُرْبَةٍ ، وَأَنْتَ رَجائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ عَنْهُ الْقَرِيبُ (2) ، وَيَشْمُتُ بِهِ الْعَدُوُّ ، وَتُعْيِينِي فِيهِ الأُمُورُ ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إِلَيْكَ ، راغِباً إِلَيْكَ فِيهِ عَمَّنْ سِواكَ ، فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَهُ (3) ، فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصاحِبُ كُلِّ حاجَةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، لَكَ الْحَمْدُ كَثِيراً ، وَلَكَ الْمَنُّ فاضِلاً.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام ، أَنّه كان يأمر بهذا الدُّعاء :

اللّهُمَّ إِنَّكَ تُنْزِلُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ما شِئْتَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْزِلْ عَلَيَّ وَعَلى إِخْوانِي وَأَهْلِي وَجِيرانِي بَرَكاتِكَ وَمَغْفِرَتَكَ ، وَالرِّزْقَ (4) الْواسِعَ ، وَاكْفِنَا الْمُؤَنَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْنا مِنْ حَيثُ نَحْتَسِبُ ، وَمِنْ حَيْثُ لا نَحْتَسِبُ ، وَاحْفَظْنا مِنْ حَيْثُ نَحْتَفِظُ وَمِنْ حَيْثُ لا نَحْتَفِظُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنا فِي جِوارِكَ وَحِرْزِكَ ، عَزَّ جارُكَ ، وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، وَلا إِلهَ غَيْرُكَ.

ص: 333


1- إلاّ أَنت (خ ل).
2- الصديق (خ ل).
3- كفيتنيه (خ ل).
4- رزقك (خ ل).

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما روي عن الرّضا عليه السلام أَنّه قال : هذا دعاء العافية :

يا اللّهُ يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ ، وَالْمَنَّانُ بِالْعافِيَةِ ، وَرازِقَ الْعافِيَةِ ، وَالْمُنْعِمُ بِالْعافِيَةِ وَالْمُتَفَضِّلُ بِالْعافِيَةِ عَلَيَّ وَعَلى جَمِيعِ خَلْقِكَ (1) ، رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَجِّلْ لَنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَارْزُقْنا الْعافِيَةَ وَدَوامَ الْعافِيَةِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِقُدْرَتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَها شَيْءٌ ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَبِوَجْهِكَ الْباقِي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ (2) ، يا نُورُ يا نُورُ ، يا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ ، وَيا آخِرَ الآخِرِينَ ، يا اللّهُ يا رَحْمنُ ، يا اللّهُ يا رَحِيمُ.

يا اللّهُ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُحْدِثُ النِّقَمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ الْقِسَمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَضاءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُدِيلُ الْأَعْداءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعاءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَناءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجاءَ.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُوِرثُ الشَّقاءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُظْلِمُ الْهَواءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطاءَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ

ص: 334


1- خلقه (خ ل).
2- يا منان (خ ل).

الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّماءِ.

ثمّ تصلّي ركعتين ، وتقول ما روي عنهم عليهم السلام والدّعاء المتقدم :

اللّهُمَّ إِنَّكَ حَفِظْتَ الْغلامَيْنِ لِصَلاحِ أَبَوَيْهِما ، وَدَعاكَ الْمُؤْمِنُونَ فَقالُوا : ( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (1) ، اللّهُمَّ إِنِّي انْشِدُكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَانْشِدُكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَانْشِدُكَ بِعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ ، وَانْشِدُكَ بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَانْشِدُكَ بِأَسْمائِكَ وَأَرْكانِكَ كُلَّها.

وَانْشِدُكَ بِاسْمِكَ (2) الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ ، الَّذِي (3) إِذا دُعِيتَ بِهِ لَمْ تَرُدَّ ما كانَ أَقْرَبَ مِنْ (4) طاعَتِكَ ، وَأَبْعَدَ مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَأَوْفى بِعَهْدِكَ ، وَأَقْضى لِحَقِّكَ.

فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُنَشِّطَنِي لَهُ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي لَكَ عَبْداً شاكِراً ، تَجِدُ مِنْ خَلْقِكَ مَنْ تُعَذِّبُهُ غَيْرِي ، وَلا أَجِدُ مَنْ يَغْفِرُ لِي إِلاَّ أَنْتَ ، أَنْتَ عَنْ عَذابِي غَنِيٌّ ، وَأَنَا إِلى رَحْمَتِكَ فَقِيرٌ.

أَنْتَ مَوْضِعُ كُلِّ شَكْوَى ، وَشاهِدُ كُلِّ نَجْوَى ، وَمُنْتَهى كُلِّ حاجَةٍ ، وَمُنْجِي مِنْ كُلِّ عَثْرَةٍ ، وَغَوْثُ كُلِّ مُسْتَغِيثٍ.

فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَعْصِمَنِي بِطاعَتِكَ عَنْ (5) مَعْصِيَتِكَ ، وَبِما أَحْبَبْتَ عَمَّا كَرِهْتَ ، وَبِالإِيمانِ عَنِ الْكُفْرِ ، وَبِالْهُدى عَنِ الضَّلالَةِ ، وَبِالْيَقِينِ عَنِ الرَّيْبَةِ ، وَبِالْأَمانَةِ عَنِ الْخِيانَةِ ، وَبِالصِّدْقِ عَنِ الْكِذْبِ ، وَبِالْحَقِّ عَنِ الْباطِلِ ، وَبِالتَّقْوى عَنِ الْإثْمِ ، وَبِالْمَعْرُوفِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَبِالذِّكْرِ عَنِ النِّسْيانِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعافِنِي ما أَحْيَيْتَنِي ، وَأَلْهِمْنِي الشُّكْرَ

ص: 335


1- يونس : 85.
2- بالاسم (خ ل).
3- العظيم الذي (خ ل).
4- الى (خ ل).
5- من (خ ل).

عَلى ما أَعْطَيْتَنِي ، وَكُنْ بِي رَحِيماً وَعَلَيَّ عَطُوفاً يا كَرِيمُ.

فإذا فرغت من الدعاء فاسجد ، وقل في سجودك :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعْفُ عَنْ ظُلْمِي وَجُرْمِي بِحِلْمِكَ وَجُودِكَ يا رَبِّ يا كَرِيمُ ، يا مَنْ لا يَخِيبُ سائِلُهُ ، وَلا يَنْفَدُ نائِلُهُ ، يا مَنْ عَلا فَلا شَيْءَ فَوْقَهُ ، وَيا مَنْ دَنا فَلا شَيْءَ دُونَهُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وادع بما أَحببت.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ ، وَيا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ ، وَيا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ ، يا حِرْزَ (1) مَنْ لا حِرْزَ لَهُ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ الْبَلاءِ ، يا عَظِيمَ الرَّجاءِ.

يا عَوْنَ الضُّعَفاءِ ، يا مُنْقِذَ الْغَرْقى ، يا مُنْجِيَ الْهَلْكَى ، يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ سَوادُ اللَّيْلِ ، وَنُورُ النَّهارِ وَضَوْءُ الْقَمَرِ ، وَضِياءُ الشَّمْسِ (2) ، وَخَرِيرُ (3) الْماءِ ، وَدَوِيُّ الرِّياحِ ، وَحَفِيفُ الشَّجَرِ.

يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى لا شَرِيكَ لَكَ ، يا رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَنَجِّنا مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ ، وَأَدْخِلْنا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَزَوِّجْنا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِجُودِكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - وادع بما أَحببت.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْحَمِيدَةِ الْكَرِيمَةِ ، الَّتِي إِذَا وُضِعَتْ عَلى الْأَشْياءِ ذَلَّتْ لَها ، وَإِذا طُلِبَتْ بِها الْحَسَناتُ ادْرِكَتْ ، وَإِذا أُريدَ بِها صَرْفُ السَّيِّئَاتِ صُرِفَتْ ، وَأَسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ الَّتِي لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ

ص: 336


1- ويا غياث ، ويا حرز (خ ل).
2- شعاع الشمس (خ ل).
3- خرير : صوت الماء والريح.

شَجَرَةٍ أَقْلامٍ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ ، إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا كَرِيمُ يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ (1) ، وَيا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ ، وَيا أَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَأَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ عَلى ما تَشاءُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ شَيْءٍ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ حَرْفٍ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابٍ مِنْ كُتُبِكَ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ دَعاكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَرُسُلِكَ وَأَنْبِيائِكَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وادع بما بدا لك.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

سُبْحانَ مَنْ أَكْرَمَ مُحَمَّداً صلى اللّه عليه وآله ، سُبْحانَ مَنْ انْتَجَبَ مُحَمَّداً ، سُبْحانَ مَنْ انْتَجَبَ عَلِيّاً ، سُبْحانَ مَنْ خَصَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ، سُبْحانَ مَنْ فَطَمَ بِفاطِمَةَ مَنْ أَحَبَّها مِنَ النَّارِ ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالْأَرْضَ بِاذْنِهِ.

سُبْحانَ مَنْ اسْتَعْبَدَ أَهْلُ السَّمواتِ وَالْأَرَضِينَ بِوِلايَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ الْجَنَّةَ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، سُبْحانَ مَنْ يُورِثُها مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَشِيعَتَهُمْ (2) ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ النَّارَ لِأَجْلِ (3) أَعْداءِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، سُبْحانَ مَنْ يُمَلِّكُها مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ (4) ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ كَما يَنْبَغِي لِلَّهِ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ كَما يَنْبَغِي لِلَّهِ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ كَما يَنْبَغِي لِلَّهِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ كَما يَنْبَغِي لِلَّهِ (5) ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ كَما

ص: 337


1- المبصرين (خ ل).
2- نورها بمحمد وآل محمّد وشيعتهم (خ ل).
3- من أَجل (خ ل).
4- وشيعتهم (خ ل).
5- الحمد لله ، اللّه أَكبر ، لا إِله إلاّ اللّه ، سبحان اللّه ، لا حول ولا قوة إلاّ باللّه (خ ل) ، مع حذف الواو في الجميع.

يَنْبَغِي لِلَّهِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعَلى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ حَتّى يَرْضَى اللّهُ.

اللّهُمَ (1) مِنْ أَيادِيكَ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصى ، وَمِنْ نِعَمِكَ وَهِيَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُغادَرُ ، أَنْ يَكُونَ عَدُوِّي عَدُوَّكَ ، وَلا صَبْرَ لِي عَلى أَناتِكَ ، فَعَجِّلْ هَلاكَهُمْ وَبَوارَهُمْ وَدَمارَهُمْ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، اللّهُمَّ فاطِرَ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنَ الرَّحِيمَ ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي دارِ الدُّنْيا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَأَنَّ الدِّينَ كَما شَرَعْتَ ، وَالإِسْلامَ كَما وَصَفْتَ ، وَالْكِتابَ كَما أَنْزَلْتَ ، وَالْقَوْلَ كَما حَدَّثْتَ ، وَأَنَّكَ أَنْتَ أَنْتَ أَنْتَ اللّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ ، جَزَى اللّهُ مُحَمَّداً خَيْرَ الْجَزاءِ ، وَحَيَّى اللّهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ بِالسَّلامِ.

ثمّ تصلّي ركعتين وتقول ما روي عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : إِذا فرغت من صلاتك فقل هذا الدّعاء :

اللّهُمَّ إِنِّي أَدِينُكَ بِطاعَتِكَ ، وَوِلايَتِكَ وَوِلايَةِ رَسُولِكَ ، وَوِلايَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلى آخِرِهِمْ - وَتسمّيهم ، ثمّ قل : آمِينَ.

أَدِينُكَ بِطاعَتِهِمْ وَوِلايَتِهِمْ ، وَالرِّضا بِما فَضَّلْتَهُمْ بِهِ غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، عَلى مَعْنى ما أَنْزَلْتَ فِي كِتابِكَ ، عَلى حُدُودِ ما أَتانا مِنْهُ (2) وَما لَمْ يَأْتِنا ، مُؤْمِنٌ مُقِرٌّ بِذلِكَ مُسَلِّمٌ ، راضٍ بِما رَضِيتَ بِهِ يا رَبِّ.

أُريدُ بِهِ وَجْهَكَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، مَرْهُوباً وَمَرْغُوباً إِلَيْكَ فِيهِ ، فَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَأَمِتْنِي إِذا أَمَتَّنِي عَلَيْهِ ، وَابْعَثْنِي إِذا بَعَثْتَنِي عَلَيْهِ (3) ، وَإِنْ

ص: 338


1- إنّي أَسألك - ظ.
2- فيه (خ ل).
3- على ذلك (خ ل).

كانَ مِنِّي تَقْصِيرٌ فِيما مَضى فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْهُ ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيما عِنْدَكَ.

وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْصِمَنِي مِنْ مَعاصِيكَ ، وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ما أَحْيَيْتَنِي ، وَلا أَقَلَّ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ ، إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمْتَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْصِمَنِي بِطاعَتِكَ حَتَّى تَوَفَّانِي عَلَيْها ، وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ ، وَأَنْ تَخْتِمَ لِي بِالسَّعادَةِ ، وَلا تُحَوِّلْنِي عَنْها أَبَداً ، وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ - ثمّ تدعو بما أَحببت.

فإذا فرغت من الدُّعاء فاسجد وقل في سجودك :

سَجَدَ وَجْهِيَ الْبالِي الْفانِي لِوَجْهِكَ الدَّائِمِ الْباقِي (1) ، سَجَدَ وَجْهِيَ الذَّلِيلُ لِوَجْهِكَ الْعَزِيزِ ، سَجَدَ وَجْهِيَ الْفَقِيرُ لِوَجْهِكَ الْعَظِيمِ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ.

رَبِّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا كانَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا يَكُونُ ، رَبِّ لا تُجْهِدْ بَلائِي ، رَبِّ لا تُسِئْ قَضائِي ، رَبِّ لا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، رَبِّ إِنَّهُ لا دافِعَ وَلا مانِعَ إِلاَّ أَنْتَ ، رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَطَواتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ نَقِماتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَمِيعِ غَضَبِكَ وَسَخَطِكَ ، سُبْحانَكَ (2) أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (3).

وروي هذا الدُّعاء في السجود عن أَبي عبد اللّه عليه السلام.

يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطّاووس :

يا أَيّها المقبل بإقبال اللّه جلّ جلاله عليه ، حيث استدعاه إِلى الحضور بين يديه ، وارتضاه أَن يخدمه ويختصّ به ، ويكون ممّن يعزّ عليه ، لو عرفت ما في مطاوي هذه العنايات من السّعادات ما كنت تستكثر لله جلّ جلاله شيئا من العبادات ، فتمّم رحمك

ص: 339


1- العظيم (خ ل).
2- لا إِله إلاّ أَنت (خ ل).
3- عنه بطوله البحار 98 : 123 - 140 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجّد 2 : 542 - 577.

اللّه جلّ جلاله وظائف هذه اللّيلة من غير تثاقل ولا تكاسل ولا إعجاب.

فأنت ذلك المخلوق من التراب ، الّذي شرّفك مولاك ربّ الأرباب ، وخلّصك من ذلك الأصل الذميم وأتحفك بهذا التّكريم والتعظيم ، وأخدمه واعرف له قدر المنّة عليك.

ولا يخطر بقلبك إلاّ أنّ هذه العبادة من أعظم إحسانه إليك ، وأنت تعبده ، لأنّه أهل واللّه للعبادة ، فإنّك مستعظم لنفسك ، كيف بلغ بك إلى هذه السّعادة.

واعلم أنّك إن عبدته لأجل طلب أجرة على عبادتك ، كنت في مخاطرتك ، كرجل كان عليه لبعض الغرماء الأقوياء الأغنياء ديون لا يقوم لها (1) حكم العدد والإحصاء ، فاجتاز هذا الذي عليه الدُّيون الكثيرة ، مع غريمه صاحب الحقوق الكثيرة ، على سوق فيه حلاوة ، فاقتضى إنعام الغريم أنّه اشترى لهذا الّذي عليه الدين العظيم ، طبقا من تلك الحلاوة العظيمة اللّذّات ، وكلّفه حملها إلى دار الغريم ليأكلها الّذي عليه الديون وحده على أبلغ الشهوات.

فلمّا أكلها الّذي عليه الدّيون الكثيرة وفرغ من أكلها ، قال للغريم : إِنَّ هذه الحلاوة قد حملتها معك ، فأعطني رغيفا أجرة حملها ، فقال له الغريم : إنّما حمّلتها على سبيل المنّة عليك ، ولتصل هذه الحلاوة إليك ، وما كنت محتاجا أنا إليها ، ولي ديون كثيرة عليك ما طلبتك بها.

فكيف اقتضى عقلك أن تطلب رغيفا أجرة حمل حلاوة ما كلّفتك وزن ثمن لها ، فهل يسترضي أحد من ذوي العقول السّليمة ما فعله الّذي عليه الدُّيون من طلب تلك الأجرة الذّميمة.

فكذا حال العبد مع اللّه جلّ جلاله ، فانّ القوّة الّتي عمل بها الطاعات من مولاه ، والعقل والنّقل الّذي عمل به العبادات من ربّه مالك دنياه وأخراه ، والعمل الّذي كلّفه إيّاه ، إنّما يحصل نفعه للعبد على اليقين ، واللّه جلّ جلاله مستغن عن عبادة العالمين ، ولله جلّ جلاله على عباده من النّعم بإنشائه وإبقائه وإرفاده وإسعاده

ص: 340


1- بها (خ ل).

ما لا يحصيها الإنسان ، ولو بالغ في اجتهاده.

فلا يقتضي العقل والنقل أَن يعبد لأجل طلب الثّواب ، بل يعبد اللّه جلّ جلاله لأنّه أَهل للعبادة ، وله المنّة عليك كيف رفعك عن مقام التراب والدّواب وجعلك أَهلا للخطاب والجواب ووعدك بدوام نعيم دار الثواب.

واعلم أَنّ من مكاسب إِحدى هذه اللّيالي المشار إِليها لمن عبد اللّه جلّ جلاله ، على ما ذكرناه من النيّة الّتي نبّهنا عليها ، ما رويناه بإسنادنا إِلى ابن فضّال بإسناده إِلى عبد اللّه بن سنان قال :

سألته عن النّصف من شعبان ، فقال : ما عندي فيه شيء ، ولكن إِذا كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قسّم فيه الأرزاق ، وكتب فيها الآجال ، وخرج فيها صكاك الحاجّ ، واطّلع اللّه عزّ وجلّ إِلى عباده ، فيغفر لمن يشاء إِلاّ شارب مسكر ، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين فيها يفرق كلّ أَمر حكيم ، ثمّ ينتهي ذلك ويقضى ، قال : قلت : إِلى من؟ قال : إِلى صاحبكم ولو لا ذلك لم يعلم (1).

وبإسنادنا إِلى عليّ بن فضّال فقال أَيضا بإسناده إِلى منصور بن حازم ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : اللّيلة الّتي يفرق فيها كلّ أَمر حكيم ، ينزل فيها ما يكون في السّنة إِلى مثلها من خير أَو شرّ أَو رزق أَو أَمر أَو موت أَو حياة ، ويكتب فيها وفد مكّة ، فمن كان في تلك السّنة مكتوبا لم يستطع أَن يحبس ، وإِن كان فقيرا مريضا ، ومن لم يكن فيها مكتوبا لم يستطع أَن يحجّ وإِن كان غنيّا صحيحا (2).

أَقول : فهل يحسن من مصدّق بالإسلام ، وبما نقل عن الرّسول وعترته عليه وعليهم أَفضل السّلام ، أَنّ ليلة واحدة من ثلاث ليال ، يكون فيها تدبير السّنة كلّها ، وإِطلاق العطايا ودفع البلايا ، وتدبير الأمور ، وهي أَشرف ليلة في السّنة عند القادر على نفع كلّ سرور ، ودفع كلّ محذور ، فلا يكون نشيطا لها ، ولا مهتمّا بها.

ص: 341


1- عنه البحار 98 : 142 ، المستدرك 7 : 470 ، رواه الصفار في بصائر الدرجات : 240.
2- عنه المستدرك 7 : 457 ، البحار 98 : 142.

فهل تجد العقل قاضيا أَنّ سلطانا يختار ليلة من سنة للإطلاق والعتاق ، والمواهب ونجاح المطالب ، ويأذن إِذنا عامّا في الطلب منه لكلّ حاضر وغائب ، فيتخلّف أَحد من ذلك المجلس العامّ وعن تلك اللّيلة المختصّة بذلك الأنعام الّتي ما يعود مثلها الاّ بعد عام ، مع أَنّ الّذين دعاهم إِلى سؤاله ، محتاجون مضطرّون إِلى ما بذله لهم ، من نواله وإِقباله وإِفضاله.

ما ذا تقول لو أَنّك بعد الفراغ من هذه المائة ركعة أَو مائة وعشرين ، سمعت أَن قد حضر ببابك رسول من بعض ملوك الادميّين ، قد عرض عليك مائة دينار أَو شيئا ممّا تحتاج إِليها من المسارّ ، ودفع الأخطار.

فكيف كان نشاطك وسرورك بالرسول وبالإقبال والقبول ، ويزول النوم والكسل بالكلّيّة الّذي كنت تجده في معاملة مولاك ، مالك الجلالة المعظّمة (1) الإلهيّة ، الّذي قد بذل لك السعادة الدنيويّة والأخروية ، لقد افتضح ابن آدم المسكين بتهوينه بمالك الأوّلين والآخرين.

فارحم يا أَيّها المسعود نفسك ، ولا يكن محمّد رسول سلطان العالمين ، وما وعد به عن مالك يوم الدين ، دون رسول عبد من العباد ، يجوز أَن يخلف في الميعاد وأَمره يزول إِلى الفناء والنّفاد ، ولا تشهد على نفسك أَنّك ما أَنت مصدّق بوعد (2) سلطان المعاد ، بتثاقلك عن حبّه وقربه ووعده (3) ، ونشاطك لعبد من عبيده.

ومن مهمّات ليلة تسع عشرة ما قدّمناه في أَوّل ليلة منه ، ممّا يتكرّر كلّ ليلة ، فلا تعرض عنه.

أَقول : وروي عن عليّ بن عبد الواحد النّهديّ في كتاب عمل شهر رمضان ، قال : أَخبرنا أَبو بكر أَحمد بن يعقوب الفارسيّ وإِسحاق بن الحسن البصريّ ، عن أَحمد ابن هوذة ، عن الأحمري ، عن عبد اللّه بن حمّاد ، عن عبد اللّه بن سنان ، قال : قال أَبو عبد اللّه عليه السلام :

ص: 342


1- العظيمة (خ ل).
2- بوعود (خ ل).
3- وو عوده (خ ل).

إِذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان أنزلت صكاك الحاجّ ، وكتبت الآجال والأرزاق ، وأَطلع اللّه على (1) خلقه ، فيغفر (2) لكلّ مؤمن ما خلا شارب مسكر ، أَو صارم رحم ماسّة مؤمنة (3).

أَقول : وقد مضى في كتابنا هذا وغيره ، أَنّ ليلة النّصف من شعبان يكتب الآجال ويقسّم الأرزاق ، ويكتب أَعمال السّنة.

ويحتمل أَن يكون في ليلة نصف شعبان تكون البشارة بأنّ في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان يكتب الآجال ويقسّم الأرزاق ، فتكون ليلة نصف شعبان ليلة البشارة بالوعد ، وليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وقت إِنجاز ذلك الوعد ، أَو يكون في تلك اللّيلة يكتب آجال قوم ويقسّم أَرزاق قوم وفي هذه ليلة تسع عشرة يكتب آجال الجميع وأَرزاقهم ، أَو غير ذلك مما لم نذكره.

فانّ الخبر ورد صحيحا صريحا بأنّ الآجال والأرزاق [تكتب] (4) في ليلة تسع عشرة وليلة إِحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين من شهر رمضان.

وسنذكرها هنا بعض أَحاديث ليلة تسع عشرة ، فنقول :

روى أَيضا عليّ بن عبد الواحد النهدي في كتاب عمل شهر رمضان ، قال : حدّثني عبد اللّه بن محمّد في آخرين ، قال : أَخبرنا عليّ بن حاتم في كتابه ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر - يعني ابن بطّة ، قال : حدّثنا محمّد بن أَحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن محمّد بن عيسى ، عن زكريّا المؤمن ، عن إِسحاق بن عمّار ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال :

سمعته يقول وناس يسألونه ، يقولون : إِنَّ الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان ، فقال : لا واللّه ما ذلك إِلاّ في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وإِحدى وعشرين ، وثلاث

ص: 343


1- الى (خ ل).
2- فغفر (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 143 ، المستدرك 7 : 471.
4- من البحار.

وعشرين ، فانّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان ، وفي ليلة إِحدى وعشرين يفرق كلّ أَمر حكيم ، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضي ما أَراد اللّه جلّ جلاله ذلك ، وهي ليلة القدر الّتي قال اللّه ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (1).

قلت : ما معنى قوله : «يَلْتَقي الْجَمْعانِ»؟ قال : يجمع اللّه فيها ما أَراد اللّه من تقديمه وتأخيره وإِرادته وقضائه ، قلت : وما معنى يمضيه في ليلة ثلاث وعشرين؟ قال : إِنّه يفرق في ليلة إِحدى وعشرين ، ويكون له فيه البداء ، وإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أَمضاه فيكون من المحتوم الّذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى (2).

أَقول : وروي أَنّه يستغفر ليلة تسع عشرة من شهر رمضان مائة مرّة ، ويلعن قاتل مولانا عليّ عليه السلام مائة مرّة، ورأَيت حديثا في الأصل الّذي في المجلّد الكتاب الّذي أَوّله الرّسالة العزيّة في فضلها(3).

أَقول : ووجدت في كتاب كنز اليواقيت تأليف أَبي الفضل بن محمّد الهرويّ إَخبارا في فضل ليلة القدر وصلاته ، فنحن نذكرها في هذه ليلة تسع عشرة ، لأنّها أَوّل اللّيالي المفردات ، فيصلّيها من يريد الاحتياط للعبادات ، في الثلاث اللّيالي المفضّلات.

ذكر الصلاة المروية :

في الكتاب المذكور عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله انه قال :

من صلّى ركعتين في ليلة القدر ، يقرأ (4) في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) سبع مرّات ، فإذا فرغ يستغفر سبعين مرّة ، لا يقوم (5) من مقامه حتّى يغفر اللّه له ولأبويه ، وبعث (6) اللّه ملائكة يكتبون له الحسنات إِلى سنة أخرى ، وبعث (7) اللّه ملائكة إِلى الجنان يغرسون له الأشجار ، ويبنون له القصور ، ويجرون له الأنهار ، ولا يخرج

ص: 344


1- القدر : 4.
2- عنه البحار 98 : 144 ، المستدرك 7 : 418.
3- عنه البحار 98 : 144.
4- فقرء (خ ل).
5- فما دام لا يقوم (خ ل).
6- يبعث (خ ل).
7- يبعث (خ ل).

من الدّنيا حتّى يرى ذلك كلّه (1).

ومن الكتاب المذكور عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أَنّه قال : من أَحيا ليلة القدر حوّل عنه العذاب إلى السنة القابلة (2).

ومن الكتاب المذكور عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أَنّه قال :

قال موسى : إِلهي أريد قربك ، قال : قربي لمن يستيقظ (3) ليلة القدر ، قال : إِلهي أريد رحمتك ، قال : رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر ، قال : إِلهي أريد الجواز على الصّراط ، قال : ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر.

قال : إِلهي أريد من أَشجار الجنّة وثمارها ، قال : ذلك لمن سبّح تسبيحة في ليلة القدر ، قال : إِلهي أريد النجاة من النار ، قال : ذلك لمن استغفر في ليلة القدر ، قال : إِلهي أريد رضاك ، قال : رضاي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر (4).

ومن الكتاب المذكور عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أَنّه قال : يفتح أَبواب السّموات (5) في ليلة القدر ، فما من عبد يصلّي فيها إِلاّ كتب اللّه تعالى له بكلّ سجدة شجرة في الجنّة ، لو يسير الرّاكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها ، وبكلّ ركعة بيتا في الجنّة من درّ وياقوت وزبرجد ولؤلؤ ، وبكلّ آية تاجا من تيجان الجنّة ، وبكلّ تسبيحة طائرا من النجب ، وبكلّ جلسة درجة من درجات الجنّة ، وبكلّ تشهّد غرفة من غرفات الجنّة ، وبكلّ تسليمة حلّة من حلل الجنّة.

فإذا انفجر عمود الصّبح أَعطاه اللّه من الكواعب المألفات (6) والجواري المهذّبات ، والغلمان المخلّدين ، والنجائب المطيرات ، والرّياحين المعطّرات ، والأنهار الجاريات ، والنّعيم الرّاضيات ، والتحف والهديّات ، والخلع والكرامات ، وما تشتهي الأنفس وتلذّ

ص: 345


1- عنه الوسائل 8 : 19 ، البحار 98 : 144 ، المستدرك 7 : 445.
2- عنه الوسائل 8 : 20 ، البحار 98 : 145 ، المستدرك 7 : 456.
3- استيقظ (خ ل).
4- عنه الوسائل 8 : 21 ، البحار 98 : 145 ، المستدرك 7 : 456.
5- السماء (خ ل).
6- المألف : الّذي يألفه الإنسان.

الأعين ، وأَنتم فيها خالدون (1).

ومن هذا الكتاب عن الباقر عليه السلام : من أَحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ، ومكائيل البحار (2).

ذكر نشر المصحف الشريف ودعائه :

رويناه بإسنادنا إِلى حريز بن عبد اللّه السّجستاني ، عن أَبي جعفر عليه السلام قال : تأخذ المصحف في ثلاث ليال من شهر رمضان ، فتنشره وتضعه بين يديك وتقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكِتابِكَ الْمُنْزَلِ ، وَما فِيهِ وَفِيهِ اسْمُكَ الْأَكْبَرُ (3) ، وَأَسْماؤُكَ الْحُسْنى وَما يُخافُ وَيُرْجى ، أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ (4) مِنَ النَّارِ ، وتدعو بما بدا لك من حاجة (5).

ذكر دعاء آخر للمصحف الشريف :

ذكرنا إِسناده وحديثه في كتاب إِغاثة الداعي ، ونذكرها هنا المراد منه ، وهو عن مولانا الصّادق صلوات اللّه عليه ، قال : خذ المصحف فدعه على رأسك وقل :

اللّهُمَّ بِحَقِّ هذا الْقُرْآنِ ، وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيهِ ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ ، بِكَ يا اللّهُ - عشر مرّات.

ثمّ تقول : بِمُحَمَّدٍ - عشر مرّات ، بِعَلِيٍّ - عشر مرّات ، بِفاطِمَةَ - عشر مرّات ، بِالْحَسَنِ - عشر مرّات ، بِالْحُسَيْنِ - عشر مرّات ، بِعَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنِ - عشر مرّات ، بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ - عشر مرّات ، بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - عشر مرّات ، بِمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ - عشر مرّات ، بِعَلِيِّ بْنِ مُوسى - عشر مرّات ، بِمُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ - عشر مرّات ،

ص: 346


1- عنه البحار 98 : 145 ، عنه صدره الوسائل 8 : 21 ، المستدرك 7 : 456.
2- عنه المستدرك 7 : 457 ، الوسائل 8 : 21 ، البحار 98 : 146 ، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 118 ، عنه الوسائل 10 : 358.
3- الأعظم (خ ل).
4- طلقائك (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 146.

بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ - عشر مرّات ، بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - عشر مرّات ، بِالْحُجَّةِ - عشر مرّات.

وتسأل حاجتك ، وذكر في حديثه إِجابة الدّاعي وقضاء حوائجه (1).

ذكر دعاء آخر للمصحف الشريف :

ذكرناه بإسنادنا إِليه في كتاب إِغاثة الداعي عن عليّ بن يقطين رحمه اللّه ، عن مولانا موسى بن جعفر صلوات اللّه عليهما يقول فيه : خذ المصحف في يدك وارفعه فوق رأسك وقل :

اللّهُمَّ بِحَقِّ هذا الْقُرْآنِ ، وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ إِلى خَلْقِكَ ، وَبِكُلِّ آيَةٍ هِيَ فِيهِ ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيهِ ، وَبِحَقِّهِ عَلَيْكَ وَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّهِ مِنْكَ.

يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ - عشر مرّات ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ - عشر مرّات ، وَبِحَقِّ كُلِّ إِمامٍ - وَتعدُّهم حتّى تنتهي إِلى إِمام زمانك عشر مرّات.

فإنّك لا تقوم من موضعك حتّى يقضى لك حاجتك ، وتيسّر لك أَمرك (2).

ذكر ما نختاره من الرّوايات بالدّعوات ليلة تسع عشرة من شهر رمضان :

دعاء وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة ، وهو : اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما وَهَبْتَ لِي مِنْ انْطِواءِ ما طَوَيْتَ مِنْ شَهْرِي ، وَأَنَّكَ لَمْ تُجِنْ فِيهِ أَجَلِي ، وَلَمْ تَقْطَعْ عُمْرِي ، وَلَمْ تُبلنِي بِمَرَضٍ يَضْطَرُّنِي إِلى تَرْكِ الصِّيامِ ، وَلا بِسَفَرٍ يَحِلُّ لِي فِيهِ الإِفْطارُ ، فَأَنَا أَصُومُهُ فِي كِفايَتِكَ وَوِقايَتِكَ ، أُطِيعُ أَمْرَكَ ، وَأَقْتاتُ رِزْقَكَ ، وَأَرْجُو وَاؤَمِّلُ تَجاوُزَكَ.

فَأَتْمِمِ اللّهُمَّ عَلَيَّ فِي ذلِكَ نِعْمَتَكَ ، وَأَجْزِلْ بِهِ مِنَّتَكَ ، وَاسْلَخْهُ عَنِّي بِكَمالِ الصِّيامِ وَتَمْحِيصِ الآثامِ ، وَبَلِّغْنِي آخِرَهُ بِخاتِمَةِ خَيْرٍ وَخَيْرَهُ ، يا أَجْوَدَ الْمَسْؤُولِينَ ، وَيا أَسْمَحَ الْواهِبِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ (3).

ص: 347


1- عنه البحار 98 : 146.
2- عنه البحار 98 : 146.
3- عنه البحار 98 : 147.

دعاء آخر في اللّيلة التّاسعة عشر منه ، رويناه بإسنادنا إِلى محمّد بن أَبي قرّة من كتابه عمل شهر رمضان :

يا ذَا الَّذِي كانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ (1) ، ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ، ثُمَّ يَبْقى وَيَفْنى كُلُّ شَيْءٍ ، يا (2) ذَا الَّذِي لَيْسَ فِي السَّمواتِ الْعُلى وَلا فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلى ، وَلا فَوْقَهُنَّ وَلا بَيْنَهُنَّ وَلا تَحْتَهُنَّ إِلهٌ يُعْبَدُ غَيْرُهُ ، لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا يَقْدِرُ عَلى إِحْصائِهِ إِلاَّ أَنْتَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، صَلاةً لا يَقْدِرُ عَلى إِحْصائِها إِلاَّ أَنْتَ (3).

دعاء آخر في ليلة تسع عشرة منه :

اللّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَفِي الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَ (4) فِي رِزْقِي ، وَتَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا (5).

وهذا الدّعاء ذكرنا نحوه في دعاء كلّ ليلة ، ولكن بينهما تفاوت.

دعاء آخر في ليلة تسع عشرة منه :

اللّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيْتُ لَكَ عَبْداً داخِراً لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً ، وَلا أَصْرِفُ عَنْها سُوءً ، أَشْهَدُ بِذلِكَ عَلى نَفْسِي ، وَأَعْتَرِفُ لَكَ بِضَعْفِ قُوَّتِي ، وَقِلَّةِ حِيلَتِي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَنِي ، وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَأَتْمِمْ عَلَيَّ ما آتَيْتَنِي ، فَانِّي عَبْدُكَ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ ، الضَّعِيفُ الْفَقِيرُ الْمُهِينُ.

ص: 348


1- يا خالق كل شيء (خ ل).
2- ويا (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 147.
4- عنه البحار 98 : 147.
5- لي (خ ل).

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي ناسِياً لِذِكْرِكَ فِيما أَوْلَيْتَنِي ، وَلا غافِلاً لإحْسانِكَ فِيما أَعْطَيْتَنِي ، وَلا آيِساً مِنْ إِجابَتِكَ ، وَإِنْ أَبْطَأْتَ عَنِّي ، فِي سَرَّاءَ كُنْتُ أَوْ ضَرَّاءَ ، أَوْ شِدَّةٍ أَوْ رَخاءٍ ، أَوْ عافِيَةٍ أَوْ بَلاءٍ ، أَوْ بُؤْسٍ أَوْ نَعْماءَ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويٌّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

سُبْحانَ مَنْ لا يَمُوتُ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَزُولُ مُلْكُهُ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ، سُبْحانَ مَنْ لا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلاَّ بِعِلْمِهِ (2) ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَبِقُدْرَتِهِ (3).

فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ، سُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ، سُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ، ما أَعْظَمَ شَأْنَهُ ، وَأَجَلَّ سُلْطانَهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْنا مِنْ عُتَقائِكَ ، وَسُعَداءِ خَلْقِكَ بِمَغْفِرَتِكَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (4).

فصل (1): فيما يختص باليوم التّاسع عشر من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَبِأَنَّكَ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ (5) كُفُواً أَحَدٌ.

وَبِأَنَّكَ جَوادٌ ماجِدٌ ، رَحْمنُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، تُعْطِي مَنْ تَشاءُ ، وَتَحْرِمْ مَنْ تَشاءُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَبْسُوطِ

ص: 349


1- عنه البحار 98 : 141.
2- يعلمها (خ ل).
3- يعلمه وقدّره (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 148.
5- له (خ ل).

رِزْقُهُمْ ، الْمَحْفُوظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَدْيانِهِمْ ، وَأَهالِيهِمْ وَأَوْلادِهِمْ.

وَأَنْ تَجْعَلَ ذلِكَ فِي عامِي هذا وَفِي كُلِّ عامٍ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي ، فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، وَصِحَّةٍ مِنْ جِسْمِي ، وَنِيَّةٍ خالِصَةٍ لَكَ ، وَسَعَةٍ فِي ذاتِ يَدِي ، وَقُوَّةٍ فِي بَدَنِي عَلى جَمِيعِ أُمُورِي.

اللّهُمَّ مَنْ طَلَبَ حاجَتَهُ إِلى أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَانِّي لا أَطْلُبُ حاجَتِي إِلاَّ مِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي أَنْ أَغُضَّ بَصَرِي ، وَأَنْ أَحْفَظَ فَرْجِي ، وَأَنْ أَكُفَّ عَنْ مَحارِمِكَ ، وَأَنْ أَعْمَلَ ما أَحْبَبْتَ ، وَأَنْ أَدَعَ ما سَخِطْتَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ وَفِّرْ فِيهِ حَظِّي مِنْ بَرَكاتِهِ (2) ، وَسَهِّلْ سَبِيلِي إِلى حِيازَةِ خَيْراتِهِ (3) ، وَلا تَحْرِمْنِي مِنْ قَبُولِ حَسَناتِهِ (4) ، يا هادِياً (5) إِلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (6).

أَقول : واعلم أَنَّ الرواية وردت من عدّة جهات عن الصادقين ، عن اللّه جلّ جلاله عليهم أَفضل الصلوات ، أَنَّ يوم ليلة القدر مثل ليلته ، فإيّاك أَن تهوّن بنهار تسع عشرة أَو إِحدى وعشرين أَو ثلاث وعشرين ، وتتّكل على ما عملته في ليلتها وتستكثره لمولاك ، وأَنت غافل عن عظيم نعمته ، وحقوق ربوبيّته.

وكن في هذه الأيّام الثلاثة المعظّمات على أَبلغ الغايات ، في العبادات والدعوات ، واغتنام الحياة قبل الممات.

أَقول : والمهمّ من هذه اللّيالي في ظاهر الروايات عن الطّاهرين ما قدّمناه من التصريح ، أَنّ ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين ، فلا تهمل يومها.

ص: 350


1- عنه البحار 98 : 149.
2- بركاتك (خ ل) ، ببركاته (خ ل).
3- اصابة (خ ل) ، خيراتك (خ ل).
4- وارزقني قبول حسناته ، ولا تحرمني القليل من حسناته ، حسناتك (خ ل).
5- يا هادي (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 149.

فمن الرواية (1) في ذلك بإسنادنا عن هشام بن الحكم رضوان اللّه عليه عن أَبي عبد اللّه الصّادق صلوات اللّه عليه انّه قال : يومها مثل ليلتها - يعني ليلة القدر (2).

وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام قال : هي في كلّ سنة ليلة ، وقال : يومها مثل ليلتها (3).

وفي حديث آخر عن أَبي عبد اللّه عليه السلام أَنّه سأله بعض أَصحابنا ، ولا أَعلمه إِلاّ سعيد السّمّان : كيف تكون ليلة القدر خيرا من أَلف شهر؟ قال : العمل فيها خير من العمل في أَلف شهر ، ليس فيه ليلة القدر ، وقال أَبو عبد اللّه عليه السلام : يومها مثل ليلتها - يعني ليلة القدر ، وهي تكون في كلّ سنة (4).

ص: 351


1- الروايات (خ ل).
2- رواه الشيخ في التهذيب 4 : 331 ، عنه الوسائل 10 : 359.
3- يعني ليلة القدر (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 149 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 157 ، والصدوق الفقيه 2 : 102 ، عنهما الوسائل 10 : 351.

الباب الرابع والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة العشرين منه ويومها ، وفيها ما نختاره من عدّة روايات بالدعوات

اشارة

منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة ، وهي في اللّيلة العشرين : اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلهَ لِي غَيْرُكَ اوَحِّدُهُ ، وَلا رَبَّ لِي سِواكَ أَعْبُدُهُ ، أَنْتَ الْواحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ (1) وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، وَكَيْفَ يَكُونُ كُفْوٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ [لِلْخالِقِ] (2) وَمِنَ الْمَرْزُوقِينَ لِلرَّازِقِ ، وَمَنْ لا يَسْتَطِيعُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً ، هُوَ مالِكُ ذلِكَ كُلِّهِ بِعَطِيَّتِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَيَبْتَلِي بِهِ وَيُعافِي مِنْهُ ، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.

إِلهِي وَسَيِّدِي ما أَغَبَ (3) شَهْرَ الصِّيامِ (4) إِلى جانِبِ الْفَناءِ وَأَنْتَ الْباقِي ، وَآذِن بِالانْقِضاءِ وَأَنْتَ الدَّائِمُ ، وَهُوَ الَّذِي عَظَّمْتَ حَقَّهُ فَعَظُمَ ، وَكَرَّمْتَهُ فَكَرُمَ ، وَإِنَّ لِي فِيهِ الزَّلاَّتِ كَثِيرَةً وَالْهَفَواتِ عَظِيمَةً ، إِنْ قاصَصْتَنِي بِها كانَ شَهْرَ شَقاوَتِي ، وَإِنْ سَمِحْتَ لِي بِها كانَ شَهْرَ سَعادَتِي.

ص: 352


1- الذي لم يلد (خ ل).
2- من البحار.
3- غبّت الأمور : صارت إلى أَواخرها.
4- شهر رمضان (خ ل).

اللّهُمَّ وَكَما أَسْعَدْتَنِي بِالإِقْرارِ بِرُبُوبِيَّتِكَ مُبْدِئاً (1) ، فَأَسْعِدْنِي بِرَحْمَتِكَ وَرَأْفَتِكَ وَتَمْحِيصِكَ وَسَماحَتِكَ مُعِيداً ، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً (2).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، ذكره محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان :

اللّهُمَ (3) كَلَّفْتَنِي مِنْ نَفْسِي ما أَنْتَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي ، وَقُدْرَتُكَ أَعْلى مِنْ قُدْرَتِي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي مِنْ نَفْسِي ما يُرْضِيكَ عَنِّي وَخُذْ لِنَفْسِكَ رِضاها مِنْ نَفْسِي.

إِلهِي لا طاقَةَ لِي بِالْجُهْدِ ، وَلا صَبْرَ لِي عَلَى الْبَلاءِ ، وَلا قُوَّةَ لِي عَلَى الْفَقْرِ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقَكَ (4) فِي هذا الشَّهْرِ الْمُبارَكِ ، وَلا تُلْجِئْنِي إِلى خَلْقِكَ ، بَلْ تَفَرَّدْ يا سَيِّدِي بِحاجَتِي ، وَتَوَلَّ كِفايَتِي ، وَانْظُرْ فِي أُمُورِي ، فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلى خَلْقِكَ تَجَهَّمُونِي ، وَإِنْ أَلْجَأْتَنِي إِلى أَهْلِي (5) حَرَمُونِي وَمَقتُونِي ، وَإِنْ أَعْطُوا أَعْطُوا قَلِيلاً نَكِداً ، وَمَنُّوا عَلَيَّ كَثِيراً ، وَذَمُّوا طَوِيلاً.

فَبِفَضْلِكَ يا سَيِّدِي فَأَغْنِنِي ، وَبِعَطِيَّتِكَ فَانْعَشْنِي ، وَبِسَعَتِكَ فَابْسُطْ يَدِي ، وَبِما عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (6).

دعاء آخر في هذه اللّيلة ، مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ مِمَّا مَضى مِنْ ذُنُوبِي فَأَنْسَيْتُها (7) ، وَهِيَ مُثْبَتَةٌ عَلَيَّ يُحْصِيها عَلَيَّ الْكِرامُ الْكاتِبُونَ ، يَعْلَمُونَ ما أَفْعَلُ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ مِنْ مُوبِقاتِ الذُّنُوبِ ،

ص: 353


1- مبتدئا (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 51.
3- الهي (خ ل).
4- رزقي (خ ل).
5- قرابتي (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 51 - 52.
7- وما نسيتها (خ ل).

وَأَسْتَغْفِرُهُ (1) مِنْ مُفْظِعاتِ الذُّنُوبِ ، وَأَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا فَرَضَ عَلَيَّ فَتَوانَيْتُ ، وَأَسْتَغْفِرُهُ مِنْ نِسْيانِ الشَّيْءِ الَّذِي باعَدَنِي مِنْ رَبِّي.

وَأَسْتَغْفِرُهُ مِنَ الزَّلاَّتِ وَالضَّلالاتِ ، وَمِمَّا كَسَبَتْ يَدايَ ، وَاومِنُ بِهِ ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَثِيراً (2) ، وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَسْتَغْفِرُهُ ، (فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَعْفُوَ عَنِّي ، وَتَغْفِرَ لِي ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَاسْتَجِبْ يا سَيِّدِي دُعائِي ، فَإِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (3) (4).

ثمّ تدعو بأدعية كلّ ليلة منه ، وقد قدّمنا منه طرفا في أَوّل ليلة ، فلا تكسل عنه.

فصل (1): فيما يختصّ باليوم العشرين من دعاء غير متكرّر

دعاء يوم العشرين من شهر رمضان :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ ، يا مَنْ اسْتَجابَ لِأَبْغَضِ خَلْقِهِ إِلَيْهِ إِذْ قالَ ( أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (5) ، فَانِّي لا أَكُونُ أَسْوَءَ حالاً مِنْهُ فِيما سَأَلْتُكَ ، فَاسْتَجِبْ لِي فِيما دَعَوْتُكَ ، وَأَعْطِنِي يا رَبِّ ما سَأَلْتُكَ ، إِنِّي أَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ ، وَتُقاتِلُ بِهِ عَدُوَّكَ ، فِي الصَّفِّ الَّذِي ذَكَرْتَ فِي كِتابِكَ ، فَقُلْتَ ( كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) (6) ، مَعَ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ فِي أَحَبِّ الْمَواطِنِ لَدَيْكَ.

ص: 354


1- استغفر اللّه (خ ل) في الموضعين.
2- كثيرا كثيرا (خ ل).
3- ليس في بعض النسخ.
4- عنه البحار 98 : 51.
5- الأعراف : 14.
6- الصف : 4.

اللّهُمَّ وَفِي صُدُورِ الْكافِرِينَ فَعَظِّمْنِي ، وَفِي أَعْيُنِ الْمُؤْمِنِينَ فَجَلِّلْنِي ، وَفِي نَفْسِي وَأَهْلِ بَيْتِي فَذَلِّلْنِي ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ مَنْ أَحْبَبْتَ ، وَبَغِّضْ إِلَيَّ مَنْ أَبْغَضْتَ ، وَوَفِّقْنِي لِأَحَبِّ الأُمُورِ إِلَيْكَ ، وَأَرْضاها لَدَيْكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي مِنْكَ إِلَيْكَ أَفِرُّ ، وَلَيْسَ ذلِكَ إِلاَّ مِنْ خَوْفِي عَدْلَكَ ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ بِكَ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ دُونَكَ ، وَلا أَقْدِرُ أَنْ أَسْتَتِرُ مِنْكَ فِي لَيْلٍ وَلا نَهارٍ ، وَأَنَا عارِفٌ بِرُبُوبِيَّتِكَ مُقِرٌّ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، أَحَطْتَ يا إِلهِي خُبْراً بِأَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ ، لا يَشْغَلُكَ شَيْءٌ عَنْ شَيءٍ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

دعاء آخر في اليوم المذكور :

اللّهُمَّ افْتَحْ لِي (2) فِيهِ أَبْوابَ الْجِنانِ ، وَأَغْلِقْ عَنِّي فِيهِ أَبْوابَ النيرانِ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ ، يا مُنْزِلَ السَّكِينَةِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ (3).

ص: 355


1- عنه البحار 98 : 51.
2- على (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 52.

الباب الخامس والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الحادي والعشرين منه وفي يومها

اشارة

فمن الزيادات في فضل ليلة إِحدى وعشرين على ليلة تسع عشرة :

اعلم أَنّ ليلة الحادية والعشرين من شهر الصّيام ، ورد فيها أَحاديث أَنّها أَرجح من ليلة تسع عشرة منه ، وأَقرب إِلى بلوغ المرام.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إِلى زرارة ، عن حمران قال : سألت أَبا عبد اللّه عليه السلام عن ليلة القدر ، قال : هي في إِحدى وعشرين وثلاث وعشرين (1).

ومن ذلك بإسنادنا أَيضا إِلى عبد الواحد بن المختار الأنصاريّ قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أَخبرني عن ليلة القدر ، قال : التمسها في ليلة إِحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فقلت : أَفردها لي ، فقال : وما عليك أَن تجتهد في ليلتين (2).

أَقول : وقد قدّمنا قول أَبي جعفر الطوسي في التبيان أَنّ ليلة القدر في مفردات العشر الأواخر من شهر رمضان ، وذكر أَنّه بلا خلاف.

ومنها : أَنّ الاعتكاف في هذه العشر الآخر من شهر رمضان عظيم الفضل والرجحان ، مقدّم على غيره من الأزمان.

وقد روينا بعدّة طرق عن الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني وأَبي جعفر محمّد بن بابويه

ص: 356


1- عنه البحار 98 : 146 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 156 ، وفيه : «أو ليلة ثلاث وعشرين».
2- عنه البحار 98 : 146 ، رواه الطبرسي في مجمع البيان 5 : 519 ، عنه الوسائل 10 : 360.

وجدّي أَبي جعفر الطّوسي قدّس اللّه أَرواحهم أَنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يعتكف هذا العشر الآخر (1) من شهر رمضان (2).

أَقول : واعلم أَنّ كمال الاعتكاف هو إِيقاف العقول والقلوب والجوارح على مجرّد العمل الصّالح ، وحبسها على باب اللّه جلّ جلاله ، ومقدّس إِرادته ، وتقييدها بقيود مراقباته ، وصيانتها عمّا يصون الصّائم كمال صونه عنه ، ويزيد على احتياط الصّائم في صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف ، والتلزّم بإقباله على اللّه وترك الاعراض عنه.

فمتى أَطلق المعتكف خاطرا لغير اللّه في طرق أَنوار عقله وقلبه ، أَو استعمل جارحة في غير الطاعة لربّه ، فإنّه يكون قد أَفسد من حقيقة كمال الاعتكاف ، بقدر ما غفل أَو هوّن به من كمال الأوصاف.

ومنها : ذكر المواضع الّتي يعتكف فيها :

روينا بإسنادنا إِلى محمّد بن يعقوب الكليني وأَبي جعفر ابن بابويه وجدّي أَبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنهم بإسنادهم إِلى عمر بن يزيد قال :

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : لا اعتكاف إِلاّ في مسجد جماعة قد صلّى فيها إِمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أَن تعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكّة (3).

ذكر أَنّ الاعتكاف لا يكون أَقلّ من ثلاثة أَيّام بالصّيام :

رويناه بالإسناد المقدّم ذكره عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا يكون الاعتكاف أَقلّ من ثلاثة أَيّام ، ومتى اعتكف صام ، وينبغي للمعتكف إِذا اعتكف أَن يشترط كما يشترط الّذي يحرم (4).

أَقول : ومن شرط المعتكف أَن لا يخرج من موضع اعتكافه إِلاَّ لضرورة تقتضي جواز

ص: 357


1- الأخير (خ ل).
2- رواه الكليني في الكافي 4 : 175 ، والصدوق في الفقيه 2 : 156 ، والشيخ في التهذيب 4 : 287.
3- رواه الشيخ في التهذيب 4 : 290 ، والكليني في الكافي 4 : 176.
4- رواه الشيخ في التهذيب 4 : 289 ، والكليني في الكافي 4 : 177.

انصرافه ، وإِذا خرج لضرورة فيكون أَيضا حافظا لجوارحه وأَطرافه حتّى يعود إِلى مسجد الاختصاص ، وما شرط على نفسه من الإخلاص ، ليظفر من اللّه جلّ جلاله بالشرط المضمون في قوله تعالى ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) (1).

ذكر ما نختار روايته من فضل المهاجرة إِلى الحسين صلوات اللّه عليه في العشر الأواخر من شهر رمضان :

روينا ذلك بإسنادنا إِلى أَبي المفضّل ، قال : أَخبرنا عليُّ ابن محمّد بن بندار القمّي إِجازة ، قال : حدّثني يحيى بن عمران الأشعريّ ، عن أَبيه ، عن أَحمد بن محمّد بن أَبي نصر ، قال :

سمعت الرّضا عليّ بن موسى عليهما السلام يقول : عمرة في شهر رمضان تعدل حجّة ، واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة ، واعتكاف ليلة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعند قبره يعدل حجّة وعمرة ، ومن زار الحسين عليه السلام يعتكف عنده العشر الغوابر (2) من شهر رمضان فكأنّما اعتكف عند قبر النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، ومن اعتكف عند قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان ذلك أَفضل له من حجّة وعمرة بعد حجّة الإسلام.

قال الرّضا عليه السلام : وليحرص من زار الحسين عليه السلام في شهر رمضان أَلاّ يفوته ليلة الجهنيّ عنده ، وهي ليلة ثلاث وعشرين ، فإنّها اللّيلة المرجوّة ، قال : وأَدنى الاعتكاف ساعة بين العشاءين ، فمن اعتكفها فقد أَدرك حظّه - أَو قال : نصيبه - من ليلة القدر (3).

ومنها : الغسل في كلّ ليلة من العشر الأواخر :

رويناه بإسنادنا إِلى محمّد بن أَبي عمير من كتاب عليّ بن عبد الواحد النّهدي ، عن بعض أَصحابه ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 358


1- البقرة : 40.
2- الأواخر (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 151.

يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كلّ ليلة (1).

ومنها : تعيين فضل الغسل في ليلة إِحدى وعشرين من شهر رمضان.

وقد رويناه بإسنادنا إِلى الحسين بن سعيد بإسناده إِلى أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : غسل ليلة إِحدى وعشرين من شهر رمضان سنّة (2).

ومنها : المائة ركعة ودعاؤها ، أَو المائة والثلاثون ركعة على إِحدى الرّوايتين وأَدعيتها ، وقد قدّمنا وصف المائة ركعة وأَدعيتها.

منها : عشرون ركعة أَوّل ليلة من الشهر.

ومنها : ثمانون ركعة في ليلة تسع عشرة منه تكملة الدعوات.

فليعمل هذه اللّيلة على تلك الصّفات ، ثمان بين العشاءين واثنان وتسعون ركعة بعد العشاء الآخرة.

ومنها : الدعوات المتكرّرة في كلّ ليلة من شهر رمضان ، قبل السحر وبعده.

وقد تقدّم وصف ذكرها وطيب نشرها في أَوّل ليلة من شهر رمضان ، فاعمل عليه ولا تتكاسل عنه ، فإنّما تعمل مع نفسك العزيزة عليك ، وإِن هوّنت فأنت النادم والحجّة ثابتة عليك بالتمكّن الّذي قدرت عليه ، وإِذا رأيت المجتهدين يوم التغابن ندمت على التفريط ، وخاصّة إِذا وجدت نفسك هناك دون من كنت في الدّنيا متقدّما عليه.

ومنها : الدّعاء المختصّ بليلة إِحدى وعشرين :

وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة وهو في ليلة إِحدى وعشرين :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ، مُدَبِّرُ الأُمُورِ ، وَمُصَرِّفُ الدُّهُورِ ، وَخالِقُ الْأَشْياءِ جَمِيعاً (3) بِحِكْمَتِهِ ، دالَّةً عَلى أَزَلِيَّتِهِ وَقَدَمِهِ ، جاعِلُ الْحُقُوقِ الْواجِبَةِ لِما يَشاءُ ، رَأْفَةً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، لِيَسْأَلَ بِها سائِلٌ وَيَأْمَلَ (4) إِجابَةَ دُعائِهِ بِها آمِلٌ.

ص: 359


1- عنه الوسائل 3 : 336.
2- عنه الوسائل 3 : 327.
3- جميعها (خ ل).
4- يسئلها سائل ويأمل (خ ل).

فَسُبْحانَ مَن خَلَقَ ، [وَ] (1) الْأَسْبابُ إِلَيْهِ كَثِيرَةٌ ، وَالْوَسائِلُ إِلَيْهِ مَوْجُودَةٌ ، وَسُبْحانَ اللّهِ الَّذِي لا يَعْتَوِرُهُ فاقَةٌ ، وَلا تَسْتَذِلُّهُ حاجَةٌ ، وَلا تُطِيفُ بِهِ ضَرُورَةٌ ، وَلا يَحْذَرُ إِبْطاءَ رِزْقِ رازِقٍ ، وَلا سَخَطَ (2) خالِقٍ ، فَإِنَّهُ الْقَدِيرُ عَلى رَحْمَةٍ مَنْ هُوَ بِهذِهِ الْخِلالِ مَقْهُورٌ ، وَفِي مَضائِقِها مَحْصُورٌ ، يَخافُ وَيَرْجُو مَنْ بِيَدِهِ الأُمُورُ ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، وَهُوَ عَلى ما يَشاءُ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ ، مُؤَدِّي الرِّسالَةِ ، وَمُوضِحِ الدَّلالَةِ ، أَوْصَلَ كِتابَكَ ، وَاسْتَحَقَّ ثَوابَكَ ، وَأَنْهَجَ سَبِيلَ حَلالِكَ وَحَرامِكَ ، وَكَشَفَ عَنْ شَعائِرِكَ وَأَعْلامِكَ.

فَانَّ هذِهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي وَسَمْتَها بِالْقَدْرِ ، وَأَنْزَلْتَ فِيها مُحْكَمَ الذِّكْرِ ، وَفَضَّلْتَها عَلى أَلْفِ شَهْرٍ ، وَهِيَ لَيْلَةُ مَواهِبِ الْمَقْبُولِينَ ، وَمَصائِبِ الْمَرْدُودِينَ فَيا خُسْرانَ مَنْ باءَ فِيها بِسَخَطَةِ ، وَيا وَيْحَ مَنْ حُظِيَ فِيها بِرَحْمَتِهِ.

اللّهُمَّ فَارْزُقْنِي قِيامَها وَالنَّظَرَ إِلى ما عَظَّمْتَ مِنْها مِنْ غَيْرِ حُضُورِ أَجَلٍ وَلا قُرْبِهِ ، وَلا انْقِطاعِ أَمَلٍ وَلا فَوْتِهِ ، وَوَفِّقْنِي فِيها لِعَمَلٍ تَرْفَعُهُ ، وَدُعاءٍ تَسْمَعُهُ ، وَتَضَرُّع تَرْحَمُهُ ، وَشَرٍّ تَصْرِفُهُ ، وَخَيْرٍ تَهَبُهُ ، وَغُفْرانٍ تُوجِبُهُ ، وَرِزْقٍ تُوَسِّعُهُ ، وَدَنَسٍ تُطَهِّرُهُ ، وَإِثْمٍ تَغْسِلُهُ ، وَدَيْنٍ تَقْضِيهِ ، وَحَقٍّ تَتَحَمَّلُهُ وَتُؤَدِّيهِ ، وَصِحَّةٍ تُتِمُّها ، وَعافِيَةٍ تُنْمِيها ، وَأَشْعاثٍ تَلُمُّها ، وَأَمْراضٍ تَكْشِفُها (3) ، وَصَنْعَةٍ تَكْنِفُها ، وَمَواهِبَ تَكْشِفُها ، وَمَصائِبَ تَصْرِفُها ، وَأَوْلادٍ وَأَهْلٍ تُصْلِحُهُمْ ، وَأَعْداءٍ تَغْلِبُهُمْ وَتَقْهَرُهُمْ ، وَتَكْفِي ما أَهَمَّ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَتَقْدِرُ عَلى قُدْرَتِهِمْ ، وَتَسْطُو بِسَطَواتِهِمْ ، وَتَصُولُ عَلى صَوْلاتِهِمْ ، وَتَغُلُّ أَيْدِيَهُمْ إِلى صُدُورِهِمْ ، وَتَخْرِسُ عَنْ مَكارِهِي أَلْسِنَتِهِمْ ، وَتَرُدُّ رُءُوسَهُمْ عَلى صُدُورِهِمْ. (4)

ص: 360


1- من البحار
2- سخطه (خ ل).
3- تشفيها - ظ.
4- عطب : هلك.

اللّهُمَّ سَيِّدِي وَمَوْلايَ اكْفِنِي الْبَغْيَ ، وَمُصارَعَةَ الْغَدْرِ وَمُعاطِبَهُ ، وَاكْفِنِي سَيِّدِي شَرَّ عِبادِكَ ، وَاكْفِ شَرَّ جَمِيعِ عِبادِكَ ، وَانْشُرْ عَلَيْهِمْ الْخَيْراتِ مِنِّي حَتَّى تُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الآخِرِينَ ، وَاذْكُرْ والِدَيَّ وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِرَحْمَتِكَ وَمَغْفِرَتِكَ ، ذِكْرى سَيِّدٍ قَرِيبٍ لِعَبِيدٍ وَإِماءٍ فارَقُوا الْأَحِبَّاءَ ، وَخَرَسُوا عَنِ النَّجْوى وَصَمُّوا عَنِ النِّداءِ ، وَحَلُّوا أَطْباقَ الثَّرى ، وَتَمَزَّقَهُمُ الْبِلى.

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَوْجَبْتَ لِوالِدَيَّ عَلَيَّ حَقّاً وَقَدْ أَدَّيْتُهُ بِالاسْتِغْفارِ لَهُما إِلَيْكَ ، إِذْ لا قُدْرَةَ لِي عَلى قَضائِهِ إِلاَّ مِنْ جَهَتِكَ ، وَفَرَضْتَ لَهُما فِي دُعائِي فَرْضاً قَدْ أَوْفَدْتُهُ عَلَيْكَ ، إِذْ حَلَّتْ بِيَ الْقُدْرَةُ عَلى واجِبِها ، وَأَنْتَ تَقْدِرُ ، وَكُنْتُ لا أَمْلِكُ وَأَنْتَ تَمْلِكُ.

اللّهُمَّ لا تَحْلُلْ بِي فِيما أَوْجَبْتَ ، وَلا تُسْلِمْنِي فِيما فَرَضْتَ ، وَأَشْرِكْنِي فِي كُلِّ صالِحِ دُعاءٍ أَجَبْتَهُ ، وَأَشْرِكْ فِي صالِحِ دُعائِي جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، إِلاَّ مَنْ عادى أَوْلِياءَكَ ، وَحارَبَ أَصْفِياءَكَ ، وَأَعْقَبَ بِسُوءِ الْخِلافَةِ أَنْبِياءَكَ ، وَماتَ عَلى ضَلالَتِهِ ، وَانْطَوى فِي غِوايَتِهِ ، فَانِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دُعاءٍ لَهُمْ.

أَنْتَ الْقائِمُ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ، غَفَّارٌ لِلصَّغائِرِ ، وَالْمُوبِقُ بِالْكَبائِرِ بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالمِينَ ، فَانْشُرْ عَلَيَّ رَأْفَتَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً (1).

ومنها : الدُّعاء المختصّ بليلة إِحدى وعشرين من الفصول الثلاثين ، وهو دعاء ليلة إحدى وعشرين مرويّ عن النبي صلى اللّه عليه وآله :

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنَّارَ حَقٌّ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

ص: 361


1- عنه البحار 98 : 152.

وَأَشْهَدُ أَنَّ الرَّبَّ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ ، وَلا وَلَدَ لَهُ وَلا والِدَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ الْفَعَّالُ لِما يُرِيدُ ، وَالْقادِرُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، وَالصَّانِعُ لِما يُرِيدُ ، وَالْقاهِرُ مَنْ يَشاءُ ، وَالرَّافِعُ مَنْ يَشاءُ ، مالِكُ الْمُلْكِ ، وَرازِقُ الْعِبادِ ، الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ.

أَشْهَدُ أَشْهَدُ ، أَشْهَدُ أَشْهَدُ ، أَشْهَدُ أَشْهَدُ ، أَشْهَدُ (أَنَّكَ سَيِّدِي كَذلِكَ ، وَفَوْقَ ذلِكَ ، لا يَبْلُغُ الْواصِفُونَ كُنْهَ عَظَمَتِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاهْدِنِي وَلا تُضِلَّنِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْهادِي الْمَهْدِيِّ) (1) (2).

ومنها : ذكر ما يختصّ بهذه اللّيلة من دعاء العشر الأواخر :

رويناه بعدّة طرق إِلى جماعة من أَصحابنا الماضين عمّن أَسندوه إِليه من الأئمة الطاهرين ، صلوات اللّه عليهم أَجمعين ، ووجدنا رواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه أَكمل الرّوايات ، فأوردناها بألفاظها احتياطا للعبادات ، وهي ممّا نرويه بإسنادنا إِلى أَبي محمّد هارون بن موسى رحمه اللّه بإسناده إِلى عمر بن يزيد ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال :

يقول أَوّل ليلة منه :

يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ وَمُوِلِجَ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ ، وَمُخْرِجَ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ، يا اللّهُ يا رَحْمنُ ، يا اللّهُ يا رَحِيمُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيْماناً يُذْهِبُ الشَّكَ

ص: 362


1- ليس في بعض النسخ.
2- عنه البحار 98 : 154.

عَنِّي ، وَرِضا بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما تُحِبُّهُ وَتَرْضى (1) ، وَلِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٍ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النّفس (2).

زيادة بغير الرّواية :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقْسِمْ لِي حِلْماً يَسُدُّ عَنِّي بابَ الْجَهْلِ ، وَهُدىً تَمُنُّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ضَلالَةٍ ، وَغِنىً تَسُدُّ بِهِ عَنِّي بابَ كُلِّ فَقْرٍ ، وَقُوَّةً تَرُدُّ بِها عَنِّي كُلَّ ضَعْفٍ ، وَعِزّاً تُكْرِمُنِي بِهِ عَنْ كُلِّ ذُلٍّ ، وَرِفْعَةً تَرْفَعُنِي بِها عَنْ كُلِّ ضَعَةٍ ، وَأَمْناً تَرُدُّ بِهِ عَنِّي كُلَّ خَوْفٍ وَعافِيَةٍ ، تَسْتُرُنِي بِها مِنْ كُلِّ بَلاءٍ ، وَعِلْماً تَفْتَحُ لِي بِهِ كُلَّ يَقِينٍ.

وَيَقِيناً تَذْهَبُ بِهِ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ ، وَدُعاءً تَبْسُطُ لِي بِهِ الإِجابَةَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ يا كَرِيمُ ، وَخَوْفاً تَيَسَّرَ لِي بِهِ كُلُّ رَحْمَةٍ ، وَعِصْمَةً تَحُولُ بِها بَيْنِي وَبَيْنَ الذُّنُوبِ حَتَّى افْلِحَ بِها بَيْنَ الْمَعْصُومِينَ عِنْدَكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

ومن الزّيادات ما يتكرّر كلّ ليلة من العشر الأواخر :

ص: 363


1- تحبّه وترضاه (خ ل).
2- رواه الشيخ في مصباحه 2 : 628 مع اختصار ، وأيضا الكليني في الكافي 4 : 161 ، والصدوق في الفقيه 2 : 161.
3- عنه البحار 98 : 155.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسى رضي اللّه عنه بإسناده إلى محمّد بن أبي عمير ، عن مرازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه كان يقول في كلّ ليلة من العشر الأواخر :

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) (1) ، فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَخَصَصْتَهُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَجَعَلْتَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

اللّهُمَّ وَهذِهِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضانَ قَدِ انْقَضَتْ ، وَلَيالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ ، وَقَدْ صِرْتُ يا إِلهِي مِنْهُ إِلى مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَأَحْصى لِعَدَدِهِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ.

فَأَسْأَلُكَ بِما سَأَلَكَ بِهِ مَلائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ ، وَأَنْبِياؤُكَ الْمُرْسَلُونَ ، وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَأَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ ، وَتَتَقَبَّلَ تَقَرُّبِي ، وَتَسْتَجِيبَ دُعائِي وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالأَمْنِ يَوْمَ الْخَوْفِ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ.

إِلهِي وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَبِجَلالِكَ الْعَظِيمِ ، أَنْ تَنْقَضِيَ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضانَ وَلَيالِيهِ ، وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُؤَاخِذُنِي بِهِ أَوْ خَطِيئَةٌ تُريدُ أَنْ تَقْتَصَّها مِنِّي ، لَمْ تَغْفِرْها لِي.

سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي ، أَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ إِذْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فِي هذا الشَّهْرِ فَازْدَدْ عَنِّي رِضا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيتَ عَنِّي فَمِنَ الآنِ فَارْضَ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا اللّهُ يا احَدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ.

وَأَكثر أَن تقول :

يا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْكَرْبِ الْعِظامِ عَنْ

ص: 364


1- البقرة : 185.

أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، أَيْ مُفَرِّجَ هَمِّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، أَيْ مُنَفِّسَ غَمِّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ (1) أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ (2).

وفي رواية أخرى عن ابن أَبي عمير ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان كلّ ليلة :

أَعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ ، وَبَقِيَ لَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقاكَ (3).

فصل : واعلم أَنّ هذه الرّواية بأدعية العشر الأواخر من شهر رمضان ، تتكرّر في كلّ ليلة منها ، مفرداتها ومزدوجاتها : «إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيها».

ومن المعلوم من مذهب الإماميّة ورواياتهم أَنّ ليلة القدر في اللّيالي المفردات دون المزدوجات ، فيحتاج ذكرها في هذه الأدعية في مزدوجات العشر جميعه إِلى تأويل ، فأقول :

إِنّه إِن كان يمكن أَن يكون المقصود بذكرها في جميع ليالي العشر ستر هذه اللّيلة عن أَعدائهم ، وإِبهامهم أَنّهم ما يعرفونها كما كنّا قد بيّناه.

أَو يكون المراد : إِن كنت قضيت في اللّيالي المزدوجات ، أَن يكون ليلة القدر في اللّيالي المفردات.

أَو يكون : إِن كنت قضيت نزول الملائكة إِلى موضع خاصّ من السّماء في اللّيالي المزدوجات ، ويتكمّل نزولهم إِلى الدُّنيا في اللّيالي المفردات ، أَو يكون له تأويل غير ما ذكرناه.

ص: 365


1- أهل (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 156.
3- عنه البحار 98 : 156 ، رواه الصدوق في الفقيه 2 : 161 ، والكليني في الكافي 4 : 160.

وَإِنَّ أَسرار خواصّ اللّه جلَّ جلاله ونوّابه ما يتطلّع كلّ أَحد على حقيقة معناه.

فصل : وذكر أَبو جعفر محمّد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه أَدعية العشر الأواخر من شهر رمضان من نوادر محمّد بن أَبي عمير عن الصّادق عليه السلام ، ولم يذكر فيها : «إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ» ، بل يقول : «أَنْ تَجْعَلَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ - وتمام الدّعاء.» (1)

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الحادي والعشرين من دعاء غير متكرّر

رواه محمد بن علي الطّرازي قال : عن عبد الباقي بن بزداد أَيّده اللّه ، قال : أَخبرني أَبو عبد اللّه محمّد بن وهبان بن محمّد البصريّ ، قال : حدّثنا أَبو علي محمّد بن الحسن بن جمهور ، قال : حدّثنا أَبي ، عن أَبيه محمّد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حمّاد بن عثمان قال :

دخلت على أَبي عبد اللّه عليه السلام ليلة إِحدى وعشرين من شهر رمضان ، فقال لي : يا حماد اغتسلت؟ قلت : نعم جعلت فداك ، فدعا بحصير ، ثمّ قال : إِلى لزقي (2) فصلّ.

فلم يزل يصلّي وأَنا أصلّي إِلى لزقه حتّى فرغنا من جميع صلاتنا ، ثمّ أَخذ يدعو وأَنا أُؤَمّن على دعائه إِلى أَن اعترض الفجر ، فأذّن وأَقام ودعا بعض غلمانه ، فقمنا خلفه فتقدّم وصلّى بنا الغداة ، فقرأَ بفاتحة الكتاب و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) في الأولى ، وفي الرّكعة الثانية بفاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) .

فلمّا فرغنا من التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على اللّه تعالى ، والصّلاة على رسوله صلى اللّه عليه وآله ، والدّعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأوّلين والآخرين ، خرّ ساجدا لا أَسمع منه إِلاّ النفس ساعة طويلة ، ثمّ سمعته يقول :

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقَ الْخَلْقِ بِلا حاجَةٍ فِيكَ إِلَيْهِمْ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُبْدِئَ الْخَلْقِ لا يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِكَ شَيْءٌ ،

ص: 366


1- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 161 - 164 ، والكليني في الكافي 4 : 160 - 164.
2- اللزق : اللصق ، هو لزقي أَو بلزقي أَي بجانبي.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُدَبِّرُ الأُمُورِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ دَيَّانَ الدِّينِ وَجَبَّارَ الْجَبابِرَةِ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُجْرِي الْماءِ فِي الصَّخْرَةِ الصَّمّاءِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُجْرِي الْماءِ فِي النَّباتِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُكَوِّنَ طَعْمِ الثِّمارِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُحْصِيَ عَدَدِ الْقَطْرِ وَما تَحْمِلُهُ السَّحابُ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُحْصِيَ عَدَدِ ما تَجْرِي بِهِ الرِّياحُ (1) فِي الْهَواءِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُحْصِيَ ما فِي الْبِحارِ مِنْ رَطْبٍ وَيابِسٍ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مُحْصِيَ ما يَدُبُّ فِي ظُلُماتِ الْبِحارِ وَفِي أَطْباقِ الثَّرى.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّاكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ نَبِيٍّ أَوْ صِدِّيقٍ أَوْ شَهِيدٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ ، وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ.

وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَبَرَكاتُكَ ، وَبِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ ، وَأَنَلْتَهُمْ بِهِ فَضْلَكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ وَسِراجِكَ السَّاطِعِ بَيْنَ عِبادِكَ ، فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ، وَنُوراً اسْتَضاءَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ ، فَبَشَّرَنا بِجَزِيلِ ثَوابِكَ ، وَأَنْذَرَنا الْأَلِيمَ مِنْ عَذابِكَ (2).

أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ جاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ وَصَدقَ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ ذائِقُوا الْعَذابَ الْأَلِيمَ.

أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي يا سَيِّدِي ، يا مَوْلايَ يا مَوْلايَ يا مَوْلايَ ، أَسْأَلُكَ فِي هذِهِ الْغَداةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ وَسائِلِيكَ نَصِيباً ، وَأَنْ تَمُنَ

ص: 367


1- تجري الرياح (خ ل).
2- في البحار : عقابك.
3- آله (خ ل).

عَلَيَّ بِفَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما سَأَلْتُكَ وَما لَمْ أَسْأَلُكَ مِنْ عَظِيمِ جَلالِكَ ، ما لَوْ عَلِمْتُهُ لَسَأَلْتُكَ بِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَنْ تَأْذَنَ لِفَرَجِ مَنْ بِفَرَجِهِ فَرَجُ أَوْلِيائِكَ وَأَصْفِيائِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَبِهِ تُبِيدُ الظَّالِمِينَ وَتُهْلِكُهُمْ ، عَجِّلْ ذلِكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ فِي جَمِيعِ ما سَأَلْتُكَ لِعاجِلِ الدُّنْيا وَآجِلِ الآخِرَةِ.

يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَأَقِلْنِي بِقَضاءِ حَوائِجِي ، يا خالِقِي وَيا رازِقِي ، وَيا باعِثِي ، وَيا مُحْيِي عِظامِي وَهِيَ رَمِيمٌ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتَجِبْ لِي دُعائِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فلمّا فرغ رفع رأسه ، قلت : جعلت فداك سمعتك وأَنت تدعو بفرج من بفرجه فرج أَصفياء اللّه وأَوليائه ، أَو لست أَنت هو؟ قال : لا ، ذاك قائم آل محمد عليهم السلام.

قلت : فهل لخروجه علامة؟ قال : نعم كسوف الشمس عند طلوعها ، ثلثي ساعة من النهار ، وخسوف القمر ثلاث وعشرين ، وفتنة يصل (1) أَهل مصر البلاء وقطع السبيل (2) ، اكتف بما بيّنت لك ، وتوقّع أَمر صاحبك ليلك ونهارك ، فانّ اللّه كلّ يوم هو في شأن لا يشغله شأن عن شأن ، ذلك اللّه ربّ العالمين (3) ، وبه تحصين أَوليائه وهم له خائفون (4).

ومن ذلك دعاء اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ اللّهِ السَّمِيعِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَسْمَعَ مِنْهُ ، يَسْمَعُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَيَسْمَعُ ما فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَيَسْمَعُ الْأَنِينَ وَالشَّكْوى وَيَسْمَعُ السِّرَّ وَأَخْفى ، وَيَسْمَعُ وَساوِسَ الصُّدُورِ ، وَيَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَلا يُصِمُّ سَمْعَهُ صَوْتٌ.

ص: 368


1- تظلّ (خ ل).
2- النيل (خ ل).
3- ذلك رب العالمين (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 157 - 158.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيهِ إِلى مَرْضاتِكَ (2) دَلِيلاً ، وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ فِيهِ عَلَيَّ سَبِيلاً (3) ، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ مَنْزِلاً لِي وَمَقِيلاً ، يا قاضِيَ حَوائِجَ الطَّالِبِينَ (4) (5)

ص: 369


1- عنه البحار 98 : 157 - 158.
2- لمرضاتك (خ ل).
3- عليّ فيه للسلطان سبيلا (خ ل).
4- السائلين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 159.

الباب السادس والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثانية والعشرين منه ويومها وفيها ما نختاره من عدّة روايات

اشارة

منها الغسل الّذي رويناه في كلّ ليلة من العشر الأواخر.

ومنها ما وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة ، وهو في اللّيلة الثانية والعشرين : سُبْحانَ مَنْ تَبْهَرُ قُدْرَتُهُ الْأَفْكارَ ، وَيَمْلأُ عَجائِبُهُ الْأَبْصارَ ، الَّذِي لا يَنْقُصُهُ الْعَطاءُ ، وَلا يَتَعَرَّضُ جُودُهُ الذَّكاءَ (1) ، الَّذِي أَنْطَقَ الْأَلْسُنَ بِصِفاتِهِ ، وَاقْتَدَرَ بِالْفِعْلِ عَلى مَفْعُولاتِهِ ، وَأَدْخَلَ فِي صَلاحِهَا الْفَسادَ ، وَعَلى مُجْتَمَعِها الشَّتاتِ ، وَعَلى مُنْتَظَمِهَا الانْفِصامَ ، لِيَدُلَّ الْمُبْصِرِينَ عَلى أَنَّها فانِيَةٌ مِنْ صَنْعَةِ باقٍ ، مَخْلُوقَةٌ مِنْ إِنْشاءِ خالِقٍ ، لا بَقاءَ وَلا دَوامَ إِلاَّ لَهُ ، الْواحِدُ الْغالِبُ الَّذِي لا يُغْلَبُ ، وَالْمالِكُ الَّذِي لا يُمْلَكُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِيكَ (2) لَيْلَةً طَوَيْتُ يَوْمَها عَلى صِيامٍ ، وَرُزِقْتُ فِيهِ الْيَقظَةَ مِنَ الْمَنامِ ، وَقَصَدْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ بِالْقِيامِ ، بِرَحْمَةٍ مِنْهُ تَخُصُّنِي ، وَنِعْمَةٍ أَلْبَسَتْنِي ، وَحُسْنى تَغَشَّنِي ، وَأَسْأَلُهُ إِتْمامَ ابْتِدائِهِ وَزِيادَةً لِي مِنْ اجْتِبائِهِ ، فَإِنَّهُ

ص: 370


1- الدكاء (خ ل).
2- بلغني (خ ل).

الْمَلِيكُ الْقَدِيرُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً (1).

ومنها ما ذكره محمّد بن أَبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان دعاء ليلة اثنى وعشرين : يا سالِخَ اللَّيْلِ مِنَ النَّهارِ ، فَاذا نَحْنُ مُظْلِمُونَ ، وَمُجْرِيَ الشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّها ذلِكَ بِتَقْدِيرِكَ يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ ، وَمُقَدِّرَ الْقَمَرِ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، وَوَلِيَّ كُلِّ نِعْمَةٍ.

يا اللّهُ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، يا قُدُّوسُ ، يا واحِدُ يا صَمَدُ يا فَرْدُ يا مُدَبِّرَ الأُمُورِ وَمُجْرِيَ الْبُحُورِ ، وَيا باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وَيا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ.

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالْآلاءُ وَالنَّعْماءُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ اسْمِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَ (2) عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي فِيها يا رَبِّ ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَليْهِمُ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا السَّاعَةَ السَّاعَةَ -

ص: 371


1- عنه البحار 98 : 52.
2- هنا وفي سائر أدعية إلى آخر الشهر : يذهب بالشك (خ ل) ، أَقول : أذهبه واذهب به : ازاله عن مكانه.

حتّى ينقطع النفس (1).

زيادة بغير الرّواية :

يا ظَهْرَ اللاَّجِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَكُنْ لِي حِصْناً وَحِرْزاً ، يا كَهْفَ الْمُسْتَجِيرِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَكُنْ لِي كَهْفاً وَعَضُداً وَناصِراً ، يا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَكُنْ لِي غِياثاً وَمُجِيراً.

يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَكُنْ لِي وَلِيّاً ، يا مُجْرِي غُصَصِ الْمُؤْمِنِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجِرْ غُصَّتِي وَنَفِّسْ هَمِّي ، وَأَسْعِدْنِي فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ سَعادَةً لا أَشْقَى بَعْدَها أَبَداً ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

أَنْتَ سَيِّدِي جَبَّارٌ غَفَّارٌ قادِرٌ قاهِرٌ ، سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، غَفُورٌ رَحِيمٌ ، غافِرُ الذَّنْبِ ، وَقابِلُ التَّوْبِ ، شَدِيدُ الْعِقابِ ، فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ، مُولِجُ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ ، وَمُولِجُ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ ، وَمُخْرِجُ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ، وَرازِقُ الْعِبادِ بِغَيْرِ حِسابٍ.

يا جَبَّارُ يا جَبَّارُ ، يا جَبَّارُ يا جَبَّارُ ، يا جَبَّارُ يا جَبَّارُ يا جَبَّارُ ، (صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ) ، (3) وَاعْفُ عَنِّي وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (4).

فصل (1): فيما يختصّ باليوم الثاني والعشرين من دعاء غير متكرر

دعاء اليوم الثاني والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ اللّهِ الْبَصِيرِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَبْصَرَ مِنْهُ ، يُبْصِرُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ

ص: 372


1- عنه البحار 98 : 53 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 629 مع اختصار ، أيضا الصدوق في الفقيه 2 : 161 ، والكليني في الكافي 4 : 161.
2- عنه البحار 98 : 53.
3- ليس في بعض النسخ.
4- عنه البحار 98 : 54.

ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَيُبْصِرُ ما فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

لا تُغْشى بَصَرَهُ الظُّلُماتُ ، وَلا يُسْتَتَرُ عَنْهُ بِسِتْرٍ ، وَلا يُوارِي مِنْهُ جِدارٌ ، وَلا يَغِيبُ عَنْهُ بَرٌّ وَلا بَحْرٌ ، وَلا يَكِنُّ مِنْهُ جَبَلٌ ما فِي أَصْلِهِ ، وَلا قَلْبٌ ما فِيهِ ، وَلا يَسْتَتِرُ مِنْهُ صَغِيرٌ وَلا كَبِيرٌ ، وَلا يَسْتَخْفى مِنْهُ صَغِيرٌ لِصِغَرِهِ ، وَلا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ ، لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، ذلِكَ اللّهُ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ (افْتَحْ لِي فِيهِ (2) أَبْوابَ فَضْلِكَ وَ) (3) أَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ مِنْ بَرَكاتِكَ (4) ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ ، وَأَسْكِنِّي فِيهِ بُحْبُوحَةَ (5) جَنَّاتِكَ (6) ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ (7).

ص: 373


1- عنه البحار 98 : 54.
2- في هذا اليوم (خ ل).
3- ليس في بعض النسخ.
4- بركاتك (خ ل).
5- بحبوحة الدار : وسطها.
6- اسكني ببركته بحبوحة جنانك (خ ل).
7- عنه البحار 98 : 54.

الباب السابع والعشرون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة والعشرين منه ويومها وفيها عدّة روايات

اشارة

اعلم أنّ هذه اللّيلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان ، وردت أخبار صريحة بأنّها ليلة القدر على الكشف والبيان.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى سفيان بن السمط ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أفرد لي ليلة القدر ، قال : ليلة ثلاث وعشرين (1).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى زرارة ، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن ليلة القدر ، فقال : أخبرك واللّه ثم لا أعمي عليك ، هي أوّل ليلة من السبع الآخر (2).

أقول : لعلّه قد أخبر عن شهر كان تسعا وعشرين يوما ، لأنّني ما عرفت أنّ ليلة أربع وعشرين وهي غير مفردة ، ممّا يحتمل أن تكون ليلة القدر.

ووجدت بعد هذه التأويل في الجزء الثالث من جامع محمّد بن الحسن القميّ لما روي منه هذا الحديث فقال ما هذا لفظه : عن زرارة قال : كان ذلك الشهر تسعة

ص: 374


1- عنه البحار 98 : 159.
2- عنه البحار 98 : 159 ، المستدرك 7 : 472.

وعشرين يوما. (1) ومن ذلك

بإسنادنا إلى ضمرة الأنصاري ، عن أبيه أنّه سمع النبيّ صلى اللّه عليه وآله يقول : ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرون. (2)

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا أيضا إلى حمّاد بن عيسى ، عن محمّد بن يوسف ، عن أبيه قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

إِنَّ الجهني أتى إِلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال له : يا رسول اللّه إِنَّ لي إِبلا وغنما وغلمة ، فأحبّ أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة وذلك في شهر رمضان ، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسارّه (3) في إذنه.

قال : فكان الجهنيّ إِذا كانت ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأَهله وولده وغلمته ، فكان تلك اللّيلة ليلة ثلاث وعشرين بالمدينة ، فإذا أَصبح خرج بأهله وغنمه وإِبله إِلى مكانه (4).

واسم الجهنيّ عبد الرحمن بن أَنيس الأنصاري.

وروي أَبو نعيم في كتاب الصّيام والقيام بإسناده ، أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله كان يرشّ (5) على أَهله الماء ليلة ثلاث وعشرين ، يعني من شهر رمضان (6).

ومن الزيادات في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان :

فمنها الغسل ، روينا ذلك بعدّة طرق :

منها بإسنادنا إِلى أَبي محمّد هارون بن موسى رحمه اللّه بإسناده إِلى بريد بن معاوية ، عن أَبي عبد اللّه قال : رأَيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرّة في أَوّل

ص: 375


1- عنه البحار 98 : 159.
2- عنه البحار 98 : 160 ، المستدرك 7 : 473.
3- سارّة : كلّمه بسرّ ، كلّمه في إذنه.
4- عنه البحار 83 : 128 ، 98 : 159 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 330.
5- رش الماء : نفضه وفرّقه.
6- عنه البحار 98 : 160 ، المستدرك 7 : 473.

اللّيل ، ومرّة في آخره (1).

ومنها : المأة ركعة وأدعيتها على إِحدى الروايتين ، أَو المائة وثلاثون على الرواية الأخرى بأدعيتها.

وقد تقدّم وصف هذه المائة : عشرون منها في أَوّل ليلة من شهر رمضان بدعواتها ، وثمانون ركعة في ليلة تسع عشر بضراعاتها ، فتؤخذ من هناك على ما قدّمناه من صفاتها.

ومنها : نشر المصحف الشريف ودعاؤه ، وقد ذكرناه في ليلة تسع عشرة.

ومنها : الدعوات المتكرّرة في كلّ ليلة في أَوّل اللّيل وآخره ، وقد تقدّم وصفها في أَوّل ليلة منه.

ومنها : دعاء وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة ، وهو في ليلة ثلاث وعشرين : اللّهُمَّ إِنْ كانَ الشَّكُّ فِي أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِيها أَوْ فِيما تَقَدَّمَها واقِعٌ ، فَإِنَّهُ فِيكَ وَفِي وَحْدانِيَّتِكَ وَتَزْكِيَتِكَ الْأَعْمالَ زائِلٌ ، وَفِي أَيِّ اللَّيالِي تَقَرَّبَ مِنْكَ الْعَبْدُ لَمْ تُبْعِدْهُ وَقَبِلْتَهُ ، وَأَخْلَصَ فِي سُؤَالِكَ لَمْ تَرُدَّهُ وَأَجَبْتَهُ ، وَعَمَلِ الصَّالِحاتِ شَكَرْتَهُ ، وَرَفَعَ إِلَيْكَ ما يُرْضِيكَ ذَخَرْتَهُ.

اللّهُمَّ فَامِدَّنِي فِيها بِالْعَوْنِ عَلى ما يُزْلِفُ لَدَيْكَ ، وَخُذْ بِناصِيَتِي إِلى ما فِيهِ الْقُرْبى إِلَيْكَ ، وَأَسْبِغْ مِنَ الْعَمَلِ فِي الدَّارَيْنِ سَعْيِي ، وَرَقِّ لِي مِنْ جُودِكَ بِخَيْراتِها عَطِيَّتِي ، وَابْتُرْ عَيْلَتِي مِنْ ذُنُوبِي بِالتَّوْبَةِ ، وَمِنْ خَطايايَ بِسَعَةِ الرَّحْمَةِ.

وَاغْفِرْ لِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَلِوالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ غُفْرانَ مُتَنَزِّهٍ عَنْ عُقُوبَةِ الضُّعَفاءِ ، رَحِيمٍ بِذَوي الْفاقَةِ وَالْفُقَراءِ ، جادٍ عَلى عَبِيدِهِ ، شَفِيقٍ بِخُضُوعِهِمْ وَذِلَّتِهِمْ ، رَفِيقٍ لا تَنْقُصُهُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ ، وَلا يُفْقِرُهُ ما يُغْنِيهِمْ مِنْ صَنِيعِهِ [الَيْهِمْ] (2).

اللّهُمَّ اقْضِ دَيْنِي وَدَيْنَ كُلِّ مَدْيُونٍ ، وَفَرِّجْ عَنِّي وَعَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ ،

ص: 376


1- عنه الوسائل 3 : 311 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 331.
2- من البحار.

وَأَصْلِحْنِي وَأَهْلِي وَوَلَدِي ، وَأَصْلِحْ كُلَّ فاسِدٍ ، وَانْفَعْ مِنِّي ، وَاجْعَلْ فِي الْحَلالِ الطَّيِّبِ الْهَنِيءِ الْكَثِيرِ السَّائِغِ مِنْ رِزْقِكَ عَيْشِي ، وَمِنْهُ لِباسِي ، وَفِيهِ مُنْقَلَبِي ، وَاقْبِضْ عَنِ الْمَحارِمِ يَدِي مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَلا شَلٍّ ، وَلِسانِي مِنْ غَيْرِ خَرَسٍ ، وَاذُنِي مِنْ غَيْرِ صَمَمٍ ، وَعَيْنِي مِنْ غَيْرِ عَمى ، وَرِجْلِي مِنْ غَيْرِ زَمانَةٍ ، وَفَرْجِي مِنْ غَيْرِ إِحْبالٍ ، وَبَطْنِي مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ ، وَسائِرَ أَعْضائِي مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ.

وَأَوْرِدْنِي عَلَيْكَ يَوْمَ وُقُوفِي بَيْنَ يَدَيْكَ خالِصاً مِنَ الذُّنُوبِ ، نَقِيّاً مِنَ الْعُيُوبِ ، لا أَسْتَحْيِي مِنْكَ بِكُفْرانِ نِعْمَةٍ ، وَلا إِقْرارٍ بِشَرِيكٍ لَكَ فِي الْقُدْرَةِ ، وَلا بِإرْهاجٍ (1) فِي فِتْنَةٍ ، وَلا تَوَرُّطٍ فِي دِماءٍ مُحَرَّمَةٍ ، وَلا بَيْعَةٍ أُطَوِّقُها عُنُقِي لِأَحَدٍ مِمَّنْ فَضَّلْتَهُ بِفَضِيلَةٍ ، وَلا وُقُوفٍ تَحْتَ رايَةِ غَدْرَةٍ ، وَلا اسْوِدادِ الْوَجْهِ بِالْأيْمانِ الْفاجِرَةِ ، وَالْعُهُودِ الْخائِنَةِ ، وَأَنِلْنِي مِنْ تَوْفِيقِكَ وَهُداكَ ما نَسْلُك بِهِ سُبُلَ طاعَتِكَ وَرِضاكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

ومنها : دعوات مختصّة بهذه اللّيلة من جملة الفصول الثلاثين ، وهو مرويٌّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وهو دعاء ليلة ثلاث وعشرين :

سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الرُّوحِ وَالْعَرْشِ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْبِحارِ وَالْجِبَالِ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ يُسَبِّحُ لَهُ الْحِيتانُ وَالْهَوامُّ وَالسِّباعُ فِي الآكامِ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ سَبَّحَتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ.

سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ عَلا فَقَهَرَ ، وَخَلَقَ فَقَدَرَ ، سُبُّوحٌ سُبُّوحٌ ، سُبُّوحٌ سُبُّوحٌ ، سُبُّوحٌ سُبُّوحٌ ، سُبُّوحٌ ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، قُدُّوسٌ ، [أَنَّ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، فَإِنَّكَ أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ]. (3) (4)

ص: 377


1- ارهج : أَثار الغبار.
2- عنه البحار 98 : 160.
3- من البحار.
4- عنه البحار 98 : 161.

ومنها : أَدعية مختصّة بها من أَدعية العشر الأواخر ، فمن ذلك :

يا رَبِّ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، وَرَبَّ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَالْجِبَالِ وَالْبِحارِ ، وَالظُّلَمِ وَالْأَنْوارِ ، وَالْأَرْضِ وَالسَّماءِ ، يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا بَدِيءُ يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِساءَتِي مَغْفُورَةٌ ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِمَا قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالْإنابَةَ الَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس. (1)

ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :

ص: 378


1- رواه الشيخ في مصباحه 2 : 629 مع اختصار ، أيضا الصدوق في الفقيه 2 : 162 ، والكليني في الكافي 4 : 161.

اللّهُمَّ امْدُدْ لِي فِي عُمْرِي ، وَأَوْسِعْ لِي فِي رِزْقِي ، وَأَصِحَّ جِسْمِي (1) ، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي ، وَإِنْ كُنْتُ مِنَ الْأَشْقِياءِ فَامْحُنِي مِنَ الْأَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداءِ ، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ ، عَلى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) . (2) (3)

ومن الدّعاء في هذه اللّيلة :

اللّهُمَّ إِيَّاكَ تَعَمَّدْتُ (4) اللَّيْلَةَ بِحاجَتِي ، وَبِكَ أَنْزَلْتُ فَقْرِي وَمَسْأَلَتِي ، تَسَعُنِي اللَّيْلَةَ رَحْمَتُكَ وَعَفْوُكَ ، فَأَنَا لِرَحْمَتِكَ مِنِّي لِعَمَلِي ، وَرَحْمَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي ، وَاقْضِ لِي كُلَّ حاجَةٍ هِيَ لِي ، بِقُدْرَتِكَ عَلى ذلِكَ ، وَتَيْسِيرِهِ عَلَيْكَ.

فَانِّي لَمْ اصِبْ خَيْراً إِلاَّ مِنْكَ ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنِّي أَحَدٌ سُوءاً قَطُّ غَيْرُكَ ، وَلَيْسَ لِي رَجاءٌ لِدِينِي وَدُنْيايَ ، وَلا لِآخِرَتِي ، وَلا لِيَوْمِ فَقْرِي ، يَوْمَ أُدْلى فِي حُفْرَتِي ، وَيُفْرِدُنِي النَّاسُ بِعَمَلِي غَيْرَكَ ، يا رَبَّ الْعالَمِينَ (5).

ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ ( عِبادِكَ نَصِيباً ) مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، أَوْ أَنْتَ مُنْزِلُهُ ، مِنْ نُورٍ تَهْدِي بِهِ ، أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، أَوْ رِزْقٍ تَقْسِمُهُ ، أَوْ بَلاءٍ تَدْفَعُهُ ، أَوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ ، وَاكْتُبْ لِي ما كَتَبْتَ لِأَوْلِيائِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ اسْتَوْجَبُوا مِنْكَ الثَّوابَ ، وَأَمِنُوا بِرِضاكَ عَنْهُمْ مِنْكَ الْعِقابَ ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي ذلِكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (6).

ومن الدّعاء في هذه اللّيلة :

أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ الْمُسْتَكِينِ ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهالَ الْمُذْنِبِ الْبائِسِ

ص: 379


1- أصحّ لي جسمي (خ ل).
2- الرعد : 39.
3- عنه البحار 98 : 162.
4- إليك تعمدت (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 163.
6- عنه البحار 98 : 163.

الذَّلِيلِ ، مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ ناصِيَتُهُ ، وَاعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ ، فَفاضَتْ (1) لَكَ عَبْرَتُهُ ، وَهَمَلَتْ لَكَ دُمُوعُهُ ، وَضَلَّتْ حِيلَتُهُ ، وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ ، أَنْ تُعْطِيَنِي فِي لَيْلَتِي هذِهِ مَغْفِرَةَ ما مَضى مِنْ ذُنُوبِي ، وَاعْصِمْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا ، وَاجْعَلْها حَجَّةً مَبْرُورَةً خالِصَةً لِوَجْهِكَ ، وَارْزُقْنِيهِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي ، وَلا تُخْلِنِي زِيارَتِكَ وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

إِلهِي وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَكْفِيَنِي مَؤُونَةَ خَلْقِكَ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَالْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَمِنْ كُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ وَمِمَّا تَفْرُقُ مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، فِي الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، فِي عامِي هذا ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهمْ ، وَأَنْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي ، وَارْزُقْنِي وَلَداً بارّاً ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطُ (2).

وَمن دعاء ليلة ثلاث وعشرين :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ الْمِسْكِينِ الْمُسْتَكِينِ ، وَأَبْتَغِي إِلَيْكَ ابْتِغاءَ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ تَضَرُّعَ الضَّعِيفِ الضَّرِيرِ ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ.

وَأَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ مَنْ خَضَعَتْ لَكَ نَفْسُهُ ، وَرَغِمَ لَكَ أَنْفُهُ ، وَعَفَّرَ لَكَ وَجْهَهُ ، وَخَضَعَتْ لَكَ ناصِيَتُهُ ، وَاعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ ، وَفاضَتْ لَكَ عَبْرَتُهُ ، وَانْهَمَلَتْ لَكَ دُمُوعُهُ ، وَضَلَّتْ عَنْهُ حِيلَتُهُ ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ حُجَّتُهُ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيْهِمْ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَأَنْ تُصَلِّيَ عَلى نَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ ، وَأَنْ تُعْطِيَنِي أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ السَّائِلِينَ مِنْ عِبادِكَ

ص: 380


1- وفاضت (خ ل) ، فاضت عينه : سال دمعها بكثرة.
2- عنه البحار 98 : 163.

الْماضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَفْضَلَ ما تُعْطِي الْباقِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَفْضَلَ ما تُعْطِي مَنْ تَخْلُقُهُ مِنْ أَوْلِيائِكَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ، مِمَّنْ جَعَلْتَ لَهُ خَيْرَ الدُّنْيا وَخَيْرَ الآخِرَةِ ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ.

وَأَعْطِنِي فِي مَجْلِسِي هذا مَغْفِرَةَ ما مَضى مِنْ ذُنُوبِي ، وَاعْصِمْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَارْزُقْنِي الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي عامِي هذا ، مُتَقَبِّلاً مَبْرُوراً خالِصاً لِوَجْهِكَ يا كَرِيمُ ، وَارْزُقْنِيهِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ نَفْسِي ، وَاكْفِنِي مَؤُنَةَ عِيالِي ، وَاكْفِنِي مَؤُنَةَ خَلْقِكَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَاكْفِنِي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَاكْفِنِي شَرَّ كُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (1).

ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين - وقد تقدّم نحوه في ليلة تسع عشرة عن مولانا الكاظم عليه السلام - وهذا رويناه بإسنادنا إِلى عمر بن يزيد عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : يقول :

اللّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ ، وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، فِي عامِي هذا ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي. (2)

أَقول : وهذا الدّعاء ذكره محمّد بن أَبي قرّة في دعاء ليلة ثلاث وعشرين ، وأَورد حديثا عن عمر بن يزيد ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام أَنّ هذا الدّعاء من أَدعية ليلة القدر.

ومن زيادات ليلة ثلاث وعشرين القراءة فيها لسورة العنكبوت ، وسورة الرّوم.

نروي ذلك بعدّة طرق عن الصادق عليه السلام أَنّه قال : من قرأَ سورة العنكبوت

ص: 381


1- عنه البحار 98 : 164.
2- عنه البحار 98 : 164.

والرّوم في ليلة ثلاث وعشرين فهو واللّه يا أبا محمّد من أَهل الجنّة لا أَستثني فيه أَبدا ، ولا أَخاف أَن يكتب اللّه تعالى عليّ في يميني إِثما ، وإِنَّ لهاتين السورتين من اللّه تعالى مكانا. (1)

ومن القراءة فيها سورة ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) أَلف مرّة ، وقد تقدّمت رواية لذلك في اللّيلة الأولى عموما في الشهر كلّه.

وروينا تخصيص قراءتها في هذه اللّيلة بعدّة طرق إِلى مولانا أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : لو قرأَ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) أَلف مرّة ، لأصبح وهو شديد اليقين بالاعتراف بما يختصّ فينا ، وما ذاك إِلاّ لشيء عاينه في نومه. (2)

دعاء الحسن بن علي عليهما السلام (3) في ليلة القدر :

يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ ، وَيا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ ، يا باطِناً لَيْسَ يَخْفى ، يا (4) ظاهِراً لَيْسَ يُرى ، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ مَوْصُوفٌ ، وَلا حَدٌّ مَحْدُودٌ ، يا غائِباً غَيْرَ مَفْقُودٍ ، وَيا شاهِداً غَيْرَ مَشْهُودٍ ، يُطْلَبُ فَيُصابُ ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَما بَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْنٍ ، لا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلا بِحَيْثٍ.

أَنْتَ نُورُ النُّورِ ، وَرَبُّ الْأَرْبابِ ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الأُمُورِ ، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرُهُ ، - ثمّ تدعوه بما تريد. (5)

ومن زيادات عمل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان زيارة الحسين صلوات اللّه عليه :

ص: 382


1- رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 630 ، التهذيب 3 : 100 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 136 أخرجه عن المصادر البحار 98 : 165 ، الوسائل 10 : 361.
2- رواه في مصباح المتهجد 2 : 630 ، عنه البحار 98 : 165 ، أخرجه الشيخ في التهذيب 3 : 100 ، والمفيد في المقنعة : 50 ، عنهما الوسائل 10 : 362.
3- في البحار : علي بن الحسين عليهما السلام.
4- ويا باطنا ، ويا ظاهرا (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 165.

رويناها من كتاب عمل شهر رمضان لعليّ بن عبد الواحد النهديّ بإسناده إِلى أَبي المفضّل ، قال : وكتبته من أَصل كتابه ، قال : حدّثنا الحسن بن خليل بن فرحان بأحمدآباد ، قال : حدّثنا عبد اللّه بن نهيك ، قال : حدّثني العباس بن عامر ، عن إِسحاق بن زريق ، عن زيد بن أَبي أُسامة ، عن أَبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام في هذه الآية ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (1) ، قال :

هي ليلة القدر ، يقضي فيه أَمر السّنة من حجّ وعمرة أَو رزق أَو أَجل أَو أَمر أَو سفر أَو نكاح أَو ولد ، إِلى سائر ما يلاقي ابن آدم ممّا يكتب له أَو عليه في بقيّة ذلك الحول من تلك اللّيلة إِلى مثلها من عام قابل ، وهي في العشر الأواخر من شهر رمضان ، فمن أَدركها - أَو قال : شهدها - عند قبر الحسين عليه السلام يصلّي عنده ركعتين أَو ما تيسّر له ، وسأل اللّه تعالى الجنّة ، واستعاذ به من النّار ، آتاه اللّه تعالى ما سأل ، وأَعاذه ممّا استعاذ منه ، وكذلك إِن سأل اللّه تعالى أَن يؤتيه من خير ما فرّق وقضى في تلك اللّيلة ، وأَن يقيه من شرّ ما كتب فيها ، أَو دعا اللّه وسأله تبارك وتعالى في أَمر لا إِثم فيه رجوت أَن يؤتى سؤله ، ويوقى محاذيره ويشفّع في عشرة من أَهل بيته ، كلّهم قد استوجبوا العذاب ، واللّه إِلى سائله وعبده بالخير أَسرع (2).

وروينا بإسنادنا أَيضا إِلى أَبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه الشيباني ، قال : حدّثنا عليّ بن نصر السبندنجي (3) ، قال : حدّثنا عبيد اللّه (4) بن موسى ، عن عبد العظيم الحسني ، عن أَبي جعفر الثّاني في حديث قال : من زار الحسين عليه السلام ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، وهي اللّيلة الّتي يرجى أَن تكون ليلة القدر وفيها يفرق كلّ أَمر حكيم ، صافحه روح أَربعة وعشرين أَلف ملك ونبيّ ، كلّهم يستأذن اللّه في زيارة الحسين عليه السلام في تلك اللّيلة (5).

ص: 383


1- الدخان : 4.
2- عنه البحار 101 : 99 ، 98 : 166.
3- في البحار : البرسجي.
4- عبد اللّه (خ ل) ، ما أَثبتناه هو الصحيح ، وهو الروياني ، راجع معجم الرجال 10 : 46.
5- عنه البحار 101 : 100 ، 98 : 166.

قال : وأخبرنا أحمد بن عليّ بن شاذان وإسحاق بن الحسن ، قالا : أخبرنا محمّد ابن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن مندل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

إذا كان ليلة القدر يفرّق اللّه عزّ وجلّ كلّ أمر حكيم ، نادى مناد من السماء السابعة من بطنان العرش : أنّ اللّه عزّ وجلّ قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام (1).

فصل : ولا يمتنع الإنسان في هذه اللّيلة من دعوات بظهر الغيب لأهل الحقّ ، وقد قدّمنا في عمل اليوم واللّيلة فضائل الدعاء للإخوان ، ورأينا في القرآن عن إبراهيم عليه السلام ( وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ ) (2) ، وروينا دعاء النبيّ عليه السلام لأعدائه «اللّهمَّ اغفر لقومي إنهم لا يعلمون».

أقول : وكنت في ليلة جليلة من شهر رمضان بعد تصنيف هذا الكتاب بزمان ، وانا أدعو في السحر لمن يجب أو يحسن تقديم الدعاء له ، ولي ولمن يليق بالتوفيق أن أدعو له ، فورد على خاطري أنّ الجاحدين لله جلّ جلاله ولنعمه والمستخفّين بحرمته ، والمبدّلين لحكمه في عباده وخليقته ، ينبغي أن يبدأ بالدعاء لهم بالهداية من ضلالتهم ، فانّ جنايتهم على الربوبيّة ، والحكمة الإلهيّة ، والجلالة النبويّة أشدّ من جناية العارفين باللّه وبالرّسول صلوات اللّه عليه وآله.

فيقتضي تعظيم اللّه وتعظيم جلاله وتعظيم رسوله صلى اللّه عليه وآله وحقوق هدايته بمقاله وفعاله ، أن يقدّم الدّعاء بهداية من هو أعظم ضررا وأشدّ خطرا ، حيث لم يقدر (3) أن يزال ذلك بالجهاد ، ومنعهم من الإِلحاد والفساد.

أقول : فدعوت لكلّ ضالّ عن اللّه بالهداية إليه ، ولكلّ ضالّ عن الرّسول بالرجوع إليه ، ولكلّ ضالّ عن الحقّ بالاعتراف به والاعتماد عليه.

ثمّ دعوت لأهل التوفيق والتحقيق بالثبوت على توفيقهم ، والزّيادة في

ص: 384


1- عنه البحار 101 : 100 ، 98 : 166.
2- الشعراء : 86.
3- تعذر (خ ل).

تحقيقهم ، ودعوت لنفسي ومن يعنيني أمره بحسب ما رجوته من الترتيب الّذي يكون أقرب إلى من أتضرّع إليه ، وإلى مراد رسوله صلى اللّه عليه وآله ، وقد قدّمت مهمّات الحاجات بحسب ما رجوت أن يكون أقرب إلى الإجابات.

فصل : أفلا ترى ما تضمّنه مقدّس القرآن من شفاعة إبراهيم عليه السلام في أهل الكفران ، فقال اللّه جلّ جلاله ( يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) (1) ، فمدحه جلّ جلاله على حلمه وشفاعته ومجادلته في قوم لوط ، الّذين قد بلغ كفرهم إلى تعجيل نقمته.

فصل : أما رأيت ما تضمّنته أخبار صاحب الرسالة ، وهو قدوة أهل الجلالة ، كيف كان كلّما آذاه قومه الكفار ، وبالغوا فيما يفعلون ،

قال صلوات اللّه عليه وآله : «اللّهمَّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون».

فصل : أما رأيت الحديث عن عيسى عليه السلام : كن كالشمس تطلع على البرّ والفاجر ، وقول نبيّنا صلوات اللّه عليه وآله : اصنع الخير إلى أهله وإلى غير أهله ، فان لم يكن أهله فكن أنت أهله

، وقد تضمّن ترجيح مقام المحسنين إلى المسيئين ، قوله جلّ جلاله ( لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (2) ، وَيكفي أَنَّ محمّداً صلى اللّه عليه وآله بعث رحمة للعالمين.

فصل : وممّا نذكره من فضل إِحياء ليلة القدر :

ما ذكره الشيخ الفاضل جعفر ابن محمّد بن أَحمد بن العباس بن محمّد الدوريستي رحمه اللّه في كتاب الحسني ، قال : حدّثني أَبي ، عن محمّد بن علي ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا محمّد بن أَبي عبد اللّه الكوفي ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن العباس بن الجريش الرازي ، عن أَبي جعفر محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام ، عن آبائه ، عن الباقر محمّد بن عليّ عليهم السلام قال :

من أَحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ، ومثاقيل

ص: 385


1- هود : 75.
2- الممتحنة : 8.

الجبال ومكائيل البحار (1).

ومن الكتاب الحسني المذكور ، حدّثني أَبي ، عن محمّد بن علي السّكوني ، قال : حدّثنا أَحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السّكوني ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهري قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أَبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن أَبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : من أَحياء ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وصلّى فيها مائة ركعة وسّع اللّه عليه معيشته في الدنيا وكفاه أَمر من يعاديه ، وأَعاذه من الغرق والهدم والسرق ومن شرّ السّباع ، ودفع عنه هول منكر ونكير ، وخرج من قبره نور يتلألأ لأهل الجمع ، ويعطى كتابه بيمينه ، ويكتب له براءة من النار ، وجواز على الصراط ، وأَمان من العذاب ويدخل الجنّة بغير حساب ، ويجعل فيها من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا (2).

ومن الزيادات ليلة ثلاث وعشرين قراءة سورة الدخان فيها ، وفي كلّ ليلة ، وقد قدّمنا الرّواية بذلك في أَوّل ليلة ، وأَن تحيي بالعبادة كما قدّمناه.

وممّا رويناه في تعظيم فضلها وإِحيائها أَيضا ما رواه ابن أَبي عمير ، عن جميل وهشام وحفص قالوا : مرض أَبو عبد اللّه عليه السلام مرضا شديداً ، فلمّا كان ليلة ثلاث وعشرين أَمر مواليه فحملوه إِلى المسجد ، فكان فيه ليلته (3).

فصل (1): فيما يختص باليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان

من دعاء اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان :

ص: 386


1- عنه البحار 98 : 168 ، الوسائل 8 : 21 ، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 118 ، عنه الوسائل 10 : 358.
2- عنه البحار 98 : 165 ، الوسائل 8 : 19 ، رواه الفتال في روضة الواعظين : 349 ، أَخرجه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 138 ، عنه الوسائل 10 : 359 ، البحار 98 : 168.
3- عنه البحار 98 : 169.

سُبْحانَ الَّذِي يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ، وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَيُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، وَيُنَزِّلُ الْماءَ مِنَ السَّماءِ بِكَلِماتِهِ ، وَيُنْبِتُ النَّباتَ بِقُدْرَتِهِ ، وَيَسْقُطُ الْوَرَقُ بِعِلْمِهِ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ - ثلاثا.

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اغْسِلْنِي فِيهِ (1) مِنَ الذُّنُوبِ ، وَطَهِّرْنِي فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ ، وَامْتَحِنْ فِيهِ قَلْبِي بِتَقْوَى الْقُلُوبِ ، يا مُقِيلَ عَثَراتِ الْمُذْنِبِينَ (2).

ص: 387


1- في هذا اليوم (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 169.

الباب الثامن والعشرون: فيما نذكره مما يختص بالليلة الرابعة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك تعيين فضل الغسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان :

رويناه بإسنادنا إِلى الحسين بن سعيد من كتاب علي بن عبد الواحد النهديّ ، عن حمّاد ابن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الرحمن بن أَبي عبد اللّه قال : قال لي أَبو عبد اللّه عليه السلام : اغتسل في ليلة أَربع وعشرين من شهر رمضان ، ما عليك أَن تعمل في اللّيلتين جميعا (1).

أَقول : وقد قدّمنا في عمل ليلة إِحدى وعشرين رواية بغسل كلّ ليلة من العشر الأواخر أَيضا.

ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة وأَدعيتها ، ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأَدعيتها : عشرون منها في أَوّل ليلة من الشّهر ، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.

ومن ذلك دعاء وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة ، وهو في اللّيلة الرابعة والعشرين :

الْحَمْدُ لِلَّهِ شَفْعاً وَوَتْراً فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ مِنْ هذِهِ اللَّيالِي الْمُبارَكاتِ ،

ص: 388


1- عنه البحار 98 : 55.

وَعَلى ما مَنَحَنِي وَأَعْطانِي فِيهِنَّ مِنَ الْخَيْراتِ ، وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيَّ وَوَهَبهُ لِي مِنَ الْباقِياتِ الصَّالِحاتِ ، الَّذِي صَوَّمَنِي لِيَأْجُرَنِي وَفَطَّرَنِي عَلى ما رَزَقَنِي ، فَكُلٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَبِمِنَنِهِ ، وَبِحُسْنِ اخْتِيارِهِ وَنَظَرِهِ لِعَبِيدِةِ.

سُبْحانَهُ سَيِّداً أَخَذَ بِيَدِي مِنَ الْوَرَطاتِ ، وَمَحَّصَ عَنِّي الْخَطِيئاتِ ، وَكَفانِي الْمُهِمَّاتِ ، وَأَغْنانِي عَنِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَلَمْ يَجْعَلْ رِزْقِي إِلَى الْمَرْزُوقِينَ ، وَشَهَرَ ذِكْرِي فِي الْعالَمِينَ ، وَجَعَلَ اسْمِي فِي الْمَذْكُورِينَ ، وَلَمْ يُشْقِنِي بِعُجْبٍ يَحُطُّنِي عَنْ دَرَجاتٍ رَفِيعَةٍ ، فَيَهْوِي بِي إِلى ظُلَمِ غَضَبِهِ وَنَقِمَتِهِ ، وَلا أَبْلانِي بِاسْتِحْلالٍ يَنْزِعُ عَنِّي مَلابِسَ رَحْمَتِهِ ، وَيُعَوِّضُنِي لَبُوسَ الذُّلِّ مِنْ سَخَطِهِ.

إِيَّاهُ أَشْكُرُ وَلَهُ أَعْبُدُ ، وَمِنْهُ أَرْجُو التَّمامَ وَالْمَزِيدَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً. (1)

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدعاء برواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه ، وهو هذا :

يا فالِقَ الْإصْباحِ ، يا جاعِلَ اللَّيْلِ سَكَناً وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْباناً ، يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، وَالْقُوَّةِ وَالْحَوْلِ ، وَالْفَضْلِ وَالإِنْعامِ ، وَالْجَلالِ وَالإِكْرامِ. يا اللّهُ يا رَحْمنَ ، يا اللّهُ يا فَرْدُ ، يا اللّهُ يا وِتْرُ ، يا اللّهُ يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا حَيُّ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ،

ص: 389


1- عنه البحار 98 : 55.

وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٍ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ ، سَلامُكَ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس. (1)

زيادة بغير الرواية :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي سُؤَالَ مِسْكِينٍ فَقِيرٍ إِلَيْكَ ، خائِفٍ مُسْتَجِيرٍ ، أَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنْ خِزْيِ الدُّنْيا وَمِنْ عَذابِ الآخِرَةِ ، وَتُضاعِفَ لِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ عَمَلِي ، وَتَرْحَمَ مَسْكَنَتِي ، وَتَجاوَزَ عَمَّا أَحْصَيْتَهُ عَلَيَّ ، وَخَفِيَ عَنْ خَلْقِكَ وَسَتَرْتَهُ عَلَيَّ مَنّاً مِنْكَ ، وَتُسَلِّمَنِي مِنْ شَيْنِهِ وَفَضِيحَتِهِ وَعارِهِ فِي عاجِلِ الدُّنْيا ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ذلِكَ ، وَعَلى كُلِّ حالٍ.

وَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتُتِمَّ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ بِسِتْرِ ذلِكَ فِي الآخِرَةِ ، وَتُسَلِّمَنِي مِنْ فَضِيحَتِهِ وَعارِهِ بِمَنِّكَ وَإِحْسانِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويٌّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

اللّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتَ بِالدُّعاءِ وَضَمِنْتَ الإِجابَةَ ، فَدَعَوْناكَ ، وَنَحْنُ عِبادُكَ وَبَنُو إِمائِكَ ، نَواصِينا بِيَدِكَ ، وَأَنْتَ رَبُّنا وَنَحْنُ عِبادُكَ ، وَلَمْ يَسْأَلِ الْعِبادُ

ص: 390


1- رواه الشيخ في مصباحه مع اختصار 2 : 632 ، أَورده الكليني في الكافي 4 : 162 ، والصدوق الفقيه 2 : 162.
2- عنه البحار 98 : 56 - 55.

مِثْلَكَ ، وَنَرْغَبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يَرْغَبِ الْخَلائِقُ إِلى مِثْلِكَ ، يا مَوْضِعَ شَكْوَى السَّائِلِينَ ، وَمُنْتَهى حاجَةِ الرَّاغِبِينَ وَيا ذَا الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ ، وَيا ذَا السُّلْطانِ وَالْعِزِّ.

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا بارُّ يا رَحِيمُ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا ذَا النِّعَمِ الْجِسامِ ، وَالطَّوْلِ الَّذِي لا يُرامُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. (1)

فصل (1): فيما يختص باليوم الرابع والعشرين

من دعاء اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان :

سَبْحانَ الَّذِي يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ، عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ ، سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهِرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ ، يُمِيتُ الْأَحْياءَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى (2) ، وَيَعْلَمُ ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ، وَيَقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما يَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمّى.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. ثلاثا.(3)

دعاء آخر في اليوم الرّابع والعشرين :

ص: 391


1- عنه البحار 98 : 57.
2- الأموات (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 57.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيهِ (1) ما يُرْضِيكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ فِيهِ مِمَّا يُؤْذِيكَ (2) ، وَالتَّوْفِيقَ بِأَنْ اطِيعَكَ وَلا أَعْصِيَكَ ، يا عالِماً بِأَحْوالِ السَّائِلِينَ.(3)

ص: 392


1- في هذا اليوم (خ ل).
2- مما لا يرضيك (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 58.

الباب التاسع والعشرون: فيما نذكره مما يختص بالليلة الخامسة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك الغسل المشار إليه في كل ليلة من العشر الأواخر ، وقد قدّمنا رواية بذلك في عمل ليلة إحدى وعشرين.

ومن ذلك تعيين فضل الغسل ليلة خمس وعشرين منه :

رواها عليّ بن عبد الواحد بإسناده إِلى عيسى بن راشد ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الغسل في شهر رمضان ، فقال : كان أَبي يغتسل في ليلة تسع عشرة وإِحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين (1).

ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأَدعيتها : ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة ، وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأَدعيتها ، عشرون منها في أَوّل ليلة من الشّهر وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشر.

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدّعاء برواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه ، وهو دعاء ليلة خمس وعشرين :

يا جاعِلَ اللَّيْلِ لِباساً ، وَالنَّهارِ مَعاشاً ، وَالْأَرْضِ مِهاداً ، وَالْجِبَالِ أَوْتاداً ، يا اللّهُ يا قاهِرُ ، يا اللّهُ يا جَبَّارُ ، يا اللّهُ يا سَمِيعُ ، يا اللّهُ يا قَرِيبُ ، يا اللّهُ يا مُجِيبُ ،

ص: 393


1- عنه الوسائل 3 : 327 ، البحار 98 : 58.

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس (1).

زيادة بغير الرواية :

أَسْأَلُكَ أَنْ تُكَمِّلَ لِيَ الثَّوابَ بِأَفْضَلِ ما أَرْجُو مِنْ رَحْمَتِكَ وَتَصْرِفَ عَنِّي كُلَّ سُوءٍ ، فَانِّي لا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ ما أُحاذِرُ إِلاَّ بِكَ ، فَقَدْ أَمْسَيْتُ مُرْتَهِناً بِعَمَلِي ، وَأَمْسَى الْأَمْرُ وَالْقَضاءُ فِي يَدَيْكَ ، فَلا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ظُلْمِي وَجُرْمِي وَجَهْلِي وَجِدِّي وَهَزْلِي ، وَكُلَّ ذَنْبٍ ارْتَكَبْتُهُ وَبَلِّغْنِي رِزْقِي بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ مِنِّي ، وَلا تُهْلِكْ رُوحِي وَجَسَدِي فِي طَلَبِ ما لَمْ تُقَدِّرْ

ص: 394


1- عنه البحار 98 : 58 ، رواه الشيخ في المصباح مع اختصار 2 : 632 ، والكليني في الكافي 4 : 163 ، والصدوق في الفقيه 2 : 163.

لِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

تَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ، خالِقُ الْخَلْقِ ، وَمُنْشِئ السَّحابِ (2) ، وَآمِرُ الرَّعْدِ أَنْ يُسَبِّحَ لَهُ ، تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوكُمْ أَيُّكُمْ احْسَنُ عَمَلاً ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً.

تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً ، تَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (3) - (4).

فصل (1): فيما يختص باليوم الخامس والعشرين

من دعاء اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ الَّذِي يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَما كانُوا ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ،

ص: 395


1- عنه البحار 98 : 59 - 58.
2- السحاب الثقال (خ ل).
3- زيادة : يا الهي وإِله العالمين وآله السموات والسبع وما فيهن وما بينهن ، صلّ على محمد وآله وامنن عليّ بالجنة ونجّني من النار انك أَنت المنان (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 59.

سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي فِيهِ (2) مَشْكُوراً ، وَذَنْبِي فِيهِ (3) مَغْفُوراً ، وَعَمَلِي فِيهِ مَقْبُولاً ، وَعَيْبِي فِيهِ (4) مَسْتُوراً ، يا سامِعَ أَصْواتِ الْمُبْتَهِلِينَ (5) - (6).

ص: 396


1- عنه البحار 98 : 59.
2- في هذا اليوم (خ ل).
3- بعفوك فيه (خ ل).
4- بجودك فيه (خ ل).
5- وأغنني فيه بجودك ، يا أَسمع السامعين يا مجيب دعوة المبتهلين (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 59.

الباب الثلاثون: فيما نذكره ممّا يختص بالليلة السادسة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك الغسل الّذي قدّمناه في كلّ ليلة من هذا الشهر.

ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها ، ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة ، وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها ، عشرون منها في أوّل ليلة من الشّهر ، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدّعاء برواية محمّد بن أبي قرّة رحمه اللّه ، دعاء ليلة ستّ وعشرين :

يا جاعِلَ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ آيَتَيْنِ ، يا مَنْ مَحا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ، لِيَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْهُ وَرِضْواناً ، يا مُفَصِّلَ كُلِّ شَيْءٍ تَفْصِيلاً ، يا اللّهُ يا واحِدُ ، يا اللّهُ ، يا وَهَّابُ ، يا اللّهُ يا جَوادُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي

ص: 397

عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النّفس(1).

زيادة :

اللّهُمَّ إِنَّكَ عَيَّرْتَ أَقْواماً عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَقُلْتَ : ( ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً ) (2) ، فَيا مَنْ لا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْهُمْ وَلا تَحْوِيلاً غَيْرُهُ (3) ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْشِفْ ما بِي مِنْ مَرَضٍ وَحَوِّلْهُ عَنِّي ، وَانْقُلْنِي فِي هذا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ مِنْ ذُلِّ الْمَعاصِي إِلى عِزِّ طاعَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ، رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ) .

( رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ، رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ، وَاعْفُ عَنَّا ، وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا ، أَنْتَ مَوْلانا ، فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) . (5) (6)

ص: 398


1- عنه البحار 98 : 60 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 631 ، والكليني في الكافي 4 : 163 ، والصدوق الفقيه 2 : 163.
2- الإسراء : 56.
3- عنا ولا تحويله (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 60.
5- زيادة : صل على محمد وآل محمد واستجب دعاءنا واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا وما ولد ، انك أنت الغفور الرحيم (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 60.

فصل (1): فيما يختص باليوم السادس والعشرين

من دعاء اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ اللّهِ مالِكِ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ ، مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - ثلاثا(1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي (2) مُحِبّاً لِأَوْلِيائِكَ ، وَمُعادِياً لِأَعْدائِكَ ، مُسْتَنّاً (3) بِسُنَّةِ خاتَمِ أَنْبِيائِكَ ، يا عاصِمَ قُلُوبِ النَّبِيِّينَ. (4).

ص: 399


1- عنه البحار 98 : 61.
2- في هذا اليوم (خ ل).
3- متمسّكاً (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 61.

الباب الحادي والثلاثون: فيما نذكره مما يختص بالليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك الغسل المشار إِليه في كلّ ليلة من العشر الأواخر ، وقد قدّمنا رواية بذلك في ليلة إِحدى وعشرين.

ومن ذلك تعيين الرواية بفضل الغسل ليلة سبع وعشرين منه ، وليلة تسع وعشرين.

رويناه بإسنادنا إِلى حنان بن سدير من كتاب النهديّ ، عن ابن أَبي يعفور ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الغسل في شهر رمضان ، فقال : اغتسل ليلة تسع عشرة ، وإِحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين (1).

ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة وأَدعيتها : ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة ، وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأَدعيتها ، عشرون منها في أَوّل ليلة من الشهر ، وعشر ركعات من جملة صلاة ليلة تسع عشرة :

ومن ذلك دعاء وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة وهو دعاء ليلة سبع وعشرين منه :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ بَدايِعَهُ بِقُدْرَتِهِ ، وَمَلَكَ الأُمُورَ بِعِزَّتِهِ ، وَعَدَلَ فَلا يَجُورُ ، وَأَنْصَفَ فَلا يَحِيفُ ، وَكَيْفَ يَجُورُ وَيَحِيفُ عَلى مَنْ سَمَّاهُ بِالضَّعْفِ ، وَقَرَعَهُ

ص: 400


1- عنه الوسائل 3 : 327.

بِالْفَقْرِ ، وَنَبَّهَهُ عَلَى الْغِناءِ الْأَكْبَرِ مِنْ رِضْوانِهِ ، وَدَعاهُ إِلَى الْحَظِّ الْأَوْفَرِ مِنْ غُفْرانِهِ ، وَأَشْرَعَ لَهُ إِلى ذلِكَ السَّبِيلِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَلِجَها بِصالِحِ الْعَمَلِ.

لَمْ يُتَّهمْ بِالشَّقْوَةِ مَنْ أَمَرَ بِالرَّحْمَةِ وَ [أَوْعَدَ] (1) بِالْجَوْرِ عَلَى الْعَبِيدِ بَلْ أَوْجَبَ الْعِقابَ عَلى فاسِقِهِمْ ، وَالثَّوابَ لِمَنْ نَهاهُمْ ، مَنْ هُوَ أَشْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمِّ الْفُرُوخِ عَلى فَرْخِها ، تَعالى اللّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.

سُبْحانَ مَنْ صَوَّمَنِي مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ (2) وَمِنْ فَرِقِهِ بِما يُوَرِّطُنِي فِي أَلِيمِ الْعَذابِ ، فَيُخَلِّصُنِي مِنَ الْعِقابِ ، بِصِيامٍ أَوْجَبَ لِيَ الثَّوابَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى أَنْ هَدانِي وَعافانِي وَكَفانِي كَما يَسْتَحِقُّ الْجَوادُ الْكَرِيمُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ ، صَلِ (3) عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (4).

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدعاء برواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه ، وهو دعاء ليلة سبع وعشرين :

يا مادَّ الظِّلِّ وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ ساكِناً ، ثُمَّ جَعَلْتَ الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ، ثُمَّ قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ قَبْضاً يَسِيراً ، يا ذَا الْحَوْلِ وَالطَّوْلِ وَالْكِبْرِياءِ وَالآلاءِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ.

يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا مَلِكُ يا قُدُّوسُ ، يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ ، يا مُهَيْمِنُ يا عَزِيزُ ، يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالْآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ،

ص: 401


1- من البحار.
2- كذا في النسخ والبحار.
3- وصلّى اللّه (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 62.

وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس (1).

زيادة :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأُقسمُ عَلَيْكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّاكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الَّذِي حَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُجِيبَ مَنْ دَعاكَ بِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتُسْعِدَنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، سَعادَةً لا أَشْقَى بَعْدَها أَبَداً ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (2) (3)

وممّا رويناه (4) بإسنادنا إِلى أَبي محمّد هارون بن موسى رضي اللّه عنه بإسناده إِلى زيد بن عليّ قال : سمعت أَبي عليّ بن الحسين عليه السلام ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان ، يقول من أَوّل اللّيل إِلى آخره :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّجافِي عَنْ دارِ الْغُرُورِ ، وَالإِنابَةَ إِلى دارِ الْخُلُودِ ،

ص: 402


1- رواه الشيخ في مصباحه 2 : 632 مع اختصار ، والكليني في الكافي 4 : 163 ، والصدوق في الفقيه 2 : 163.
2- زيادة: صلّ على محمد وآله واستر عليّ ذنوبي وعيوبي واغفر لي بحق محمد وآل محمد ، انك الرءوف الرحيم (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 63.
4- دعاء آخر رويناه (خ ل).

وَالاسْتِعْدادَ لِلْمَوْتِ قَبْلَ حُلُولِ الْفَوْتِ. (1)

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

( رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ) ، ( رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ، رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) .

( رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً ، رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ، رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) .

( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) ، ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ، رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) . (2)

فصل (1): فيما يختصّ باليوم السابع والعشرين

من دعاء اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَة إِلاَّ يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ - ثلاثا.(3)

ص: 403


1- عنه البحار 98 : 63.
2- عنه البحار 98 : 63.
3- عنه البحار 98 : 64.

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ فَضْلَ (1) لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَصَيِّرْ أُمُورِي (2) فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ إِلَى الْيُسْرِ ، وَاقْبَلْ مَعاذِيرِي وَحُطَّ عَنِّي الْوِزْرَ (3) ، يا رَءُوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحِينَ (4) (5)

ص: 404


1- فضائل (خ ل).
2- صيّر لي ، يسر لي كل أموري (خ ل).
3- الذنب (خ ل).
4- يا رحيماً بعباده المؤمنين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 65.

الباب الثاني والثلاثون: فيما نذكره مما يختصّ بالليلة الثامنة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك الغسل المذكور في كلّ ليلة من العشر الأواخر.

ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأَدعيتها : ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة ، وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأَدعيتها ، عشرون منها في أَوّل ليلة من الشهر ، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدّعاء برواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه ، وهو دعاء ليلة ثمان وعشرين :

يا خازِنَ اللَّيْلِ فِي الْهَواءِ ، وَخازِنَ النُّورِ فِي السَّماءِ ، وَيا مانِعَ السَّماءِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإذِنِهِ وَحابِسَهُما أَنْ تَزُولا ، يا حَلِيمُ ، يا عَلِيمُ ، يا دائِمُ ، يا اللّهُ يا قَرِيبُ يا باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةَ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يَذْهَبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ،

ص: 405

وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ ، وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ وَالتَّوْبَةَ ، وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس (1).

زيادة :

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهَبَ لِي قَلْباً خاشِعاً ، وَلِساناً صادِقاً ، وَجَسَداً صابِراً ، وَتَجْعَلَ ثَوابَ ذلِكَ الجَنَّةَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (2)

دعاء آخر في هذه اللّيلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله.

آمَنَّا بِاللّهِ وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ، آمَنَّا بِمَنْ لا يَمُوتُ ، آمَنَّا بِمَنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالْأَرَضِينَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ وَالدَّوابَّ ، وَخَلَقَ الْجِنَّ وَالإِنْسَ.

آمَنّا بِما انْزِلَ إِلَيْنا وَانْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ، آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى ، آمَنَّا بِرَبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، آمَنَّا بِمَنْ أَنْشَأَ السَّحابَ ، وَخَلَقَ الْعَذابَ وَالْعِقابَ ، آمَنّا آمَنّا ، آمَنّا آمَنّا ، آمَنّا آمَنّا بِاللّهِ (3) (4)

ص: 406


1- عنه البحار 98 : 64 ، رواه الشيخ مختصرا في المصباح 2 : 633 ، والصدوق في الفقيه 2 : 163 ، والكليني في الكافي 4 : 163.
2- عنه البحار 98 : 65.
3- ربّنا اغفر لنا ذنوبنا بحق محمد وآل محمد وتجاوز عنّي ، انّك أَنت الغفور الرحيم (خ ل).
4- عنه البحار 98 : 65.

فصل (1): فيما يختص باليوم الثامن والعشرين

من دعاء اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ الَّذِي لا يُحْصى مِدْحَتَهُ الْقائِلُونَ ، وَلا يَجْزِي بآلائِهِ الشّاكِرُونَ الْعابِدُونَ ، وَهُوَ كَما قالَ وَفَوْقَ ما نَقُولُ ، وَاللّهُ كَما أَثْنى عَلى نَفْسِهِ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ ، وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ - ثلاثا.(1)

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ وَفِّرْ حَظِّي فِيهِ (2) مِنَ النَّوافِلِ ، وَأَكْرِمْنِي فِيهِ بإحْضارِ الْأَحْلامِ فِي الْمَسائِلِ ، وَقَرِّبْ وَسِيلَتِي إِلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْوَسائِلِ ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحِّينَ (3).

ص: 407


1- عنه البحار 98 : 65.
2- عنه البحار 98 : 65.
3- في هذا اليوم (خ ل).

الباب الثالث والثلاثون : فيما نذكره مما يختص بالليلة التاسعة والعشرين من شهر رمضان

اشارة

فمن ذلك الغسل المشار إليه في كلّ ليلة من العشر الأواخر ، وقد قدّمنا رواية بذلك ، وذكرنا رواية أخرى في عمل ليلة سبع وعشرين يقتضي الأمر بتعيين الغسل ليلة تسع وعشرين منه.

ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها : ثمان منها بين العشاءين ، واثنان وعشرون بعد العشاء الآخرة ، وقد تقدّم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها : عشرون منها في أوّل ليلة من الشهر ، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدّعاء برواية محمّد بن أبي قرّة رحمه اللّه ، وهو دعاء ليلة تسع وعشرين :

يا مُكَوِّرَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهارِ وَمُكَوِّرَ النَّهارِ عَلَى اللَّيْلِ ، يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا رَبَّ الْأَرْبابِ ، وَسَيِّدَ السَّاداتِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي

ص: 408

عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ وَالإِنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بطَلَب ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النفس (1).

دعاء آخر في هذه الليلة مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

تَوَكَّلْتُ عَلَى السَّيِّدِ الَّذِي لا يَغْلِبُهُ أَحَدٌ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْجَبَّارِ الَّذِي لا يَقْهَرُهُ أَحَدٌ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرانِي حِينَ أَقُومُ وَتَقَلُّبِي فِي السَّاجِدِينَ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، تَوَكَّلْتُ عَلى مَنْ بِيَدِهِ نَواصِي الْعِبادِ.

تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَلِيمِ الَّذِي لا يَعْجَلُ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْعَدْلِ الّذِي لا يَجُورُ ، (تَوَكَّلْتُ عَلَى الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (2) ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْقادِرِ الْقاهِرِ الْعَلِيِّ الصمَدِ (3) ، تَوَكَّلْتُ تَوَكَّلْتُ ، تَوَكَّلْتُ تَوَكَّلْتُ ، تَوَكَّلْتُ تَوَكَّلْتُ تَوَكَّلْتُ (4) (5).

ص: 409


1- عنه البحار 98 : 66 ، رواه الشيخ مختصرا في مصباحه 2 : 634 ، والكليني في الكافي 4 : 163 ، والصدوق في الفقيه 2 : 164.
2- ليس في بعض النسخ.
3- العلي الأعلى الأحد الصمد (خ ل).
4- زيادة : سيدي أَسألك أَن تصلّي على محمد وآله وان ترحمني وتتفضّل عليّ ولا تخزني يوم القيامة ، انك شديد العقاب غفور رحيم (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 67.

فصل (1): فيما يختص باليوم التاسع والعشرين من دعاء غير متكرّر

دعاء اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان :

سُبْحانَ الَّذِي يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها ، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها عَمَّا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها عَمَّا يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها.

وَلا يَشْغَلُهُ عِلْمُ شَيْءٍ عَنْ عِلْمِ شَيْءٍ ، وَلا يَشْغَلُهُ خَلْقُ شَيْءٍ عَنْ خَلْقِ شَيْءٍ ، وَلا حِفْظُ شَيْءٍ عَنْ حِفْظِ شَيْءٍ ، وَلا يُساوِيهِ شَيْءٌ ، وَلا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ - ثلاثا (1).

دعاء آخر في هذا اليوم :

اللّهُمَّ غَشِّنِي فِيهِ مِنَ الرَّحْمَةِ (2) ، وَارْزُقْنِي فِيهِ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ ، وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنْ غَياهِبِ التُّهَمَةِ ، يا رَحِيماً (3) بِعِبادِهِ الْمُذْنِبِينَ (4) (5).

ص: 410


1- عنه البحار 98 : 67.
2- بالرحمة (خ ل).
3- يا رءوفا (خ ل).
4- برحمتك يا أَرحم الراحمين (خ ل).
5- عنه البحار 98 : 68.

الباب الرابع والثلاثون: فيما نذكره من زيادات ودعوات في آخر ليلة منه

فمن ذلك الغسل المشار إِليه بالحديث الّذي رويناه عن النبيّ صلوات اللّه عليه أَنّه كان يغتسل في كلّ ليلة من العشر الأواخر. (1)

ومن ذلك زيارة الحسين صلوات اللّه عليه في آخر ليلة من شهر رمضان ، وقد قدّمنا الرواية بذلك في عمل أَوّل ليلة منه.

ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة ، وقد تقدّمت الإشارة إِليها.

ومن ذلك الأدعية الّتي يختصّ بهذه اللّيلة وقراءة شيء معيّن واستغفار :

فمن الأدعية في هذه اللّيلة دعاء وجدناه في كتب أَصحابنا العتيقة، وهو دعاء ليلة الثلاثين :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَمَّلَ صِيامِي أَيَّامَ شَهْرِهِ الشَّرِيفِ مِنْ غَيْرِ إِفْطارٍ ، وَأَقْبَلَ بِوَجْهِي فِيهِ إِلَى طاعَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِدْبار ، وَاسْتَنْهَضَني إِلَيْهِ لِلِاعْتِرافِ بِذُنُوبِي مِنْ غَيْرِ إِصْرارٍ ، وَأَوْجَبَ لِي بإِنْعامِهِ الإِقالَةَ مِنَ الْعِثارِ ، وَوَفَّقَنِي لِلْقِيامِ فِي لَيالِيهِ إِلَيْهِ داعِياً وَلَهُ مُنادِياً ، أَسْتَوْهِبُ وَأَسْتَمِيحُ الْعُيُوبَ ، وَأَتَقَرَّبُ بِأَسْمائِهِ وَأَسْتَشْفِعُ بِآلائِهِ ، وَأَتَذَلَّلُ بِكِبْرِيائِهِ.

ص: 411


1- عنه الوسائل 3 : 327 ، البحار 98 : 68.

وَهُوَ تَبارَكَ اسْمُهُ فِي كُلِّ ذلِكَ يَصْرِفُنِي بِقُوَّةِ الرَّجاءِ وَالتَّأْمِيلِ ، عَنِ الشَّكِّ فِي رَحْمَتِهِ ، لِتَضَرُّعِي إِلَى التَّحْصِيلِ ، ثِقَةً بِجُودِهِ وَرَأْفَتِهِ ، وَسَعْياً لِاشْفاقِهِ وَعَطْفِهِ.

اللّهُمَّ هذا شَهْرُكَ وَقَدْ كَمُلَ وَمَضى ، وَهذا الصِّيامُ قَدْ تَمَّ وَانْقَضى ، قَدِمَ وَكَرِهَ قُدُومُهُ تَمَكُّنُ ما فِي النُّفُوسِ ، مِنْ لَذَّاتِها وَنُفُورُها مِنْ مُفارَقَةِ عاداتِها ، فَما وَرَدَ حَتّى ذَلَّلَها بِطاعَتِهِ ، وَأَشْخَصَها إِلى طَلَبِ رَحْمَتِهِ.

فَكانَ نَهارُ صِيامِنا يُذْكَرُ لَدَيْكَ ، وَلَيْلَةُ قِيامِنا يُوقَدُ عَلَيْكَ ، وَارْهَبَ (1) الْقُلُوبَ ، وَعادَلَ الذُّنُوبَ ، وَأَخْضَعَ الْخُدُودَ ، وَرَفَعَ إِلَيْكَ الرَّاحاتِ ، وَاسْتَدَرَّ الْعَبَراتِ ، بِالنَّحِيبِ وَالزَّفَراتِ ، أَسَفاً عَلَى الزَّلاَّتِ ، وَاعْتِرافاً بِالْهَفَواتِ (2) ، وَاسْتِقالَةً لِلْعَثَراتِ.

فَرَحِمْتَ وَعَطَفْتَ ، وَسَتَرْتَ وَغَفَرْتَ ، وَأَقَلْتَ وَأَنْعَمْتَ ، فَعادَ حَبِيباً مَأْلُوفاً قُرْبُهُ ، وَقادِماً يَكْرَهُ فَراقُهُ.

فَعَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ شَهْرٍ وَدَّعْتُهُ بِخَيْرٍ أَوْدَعْتُهُ ، وَبُعْدٍ مِنْكَ قَرَّبَهُ ، وَغُنْمٍ مِنْ فَضْلِكَ اسْتَجْلَبَهُ ، وَفَضائحَ تَقَدَّمَتْ عِنْدَكَ هَدَرَها ، وَقَبائحَ مَحاها وَنَثَرَها ، وَخَيْراتٍ نَشَرَها ، وَمَنافِعَ نَثَرَها ، وَمِنَنٍ مِنْكَ وَفَّرَها ، وَعَطايا كَثَّرَها ، وَداعَ مُفارِقٍ خَلَّفَ خَيْراتِهِ ، وَأَسْعَدَ بَرَكاتِهِ ، وَجادَ بِعَطاياهُ.

اللّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مِنِّي حَمْدَ مَنْ لا يُخادِعُ نَفْسَهُ تَقَدُّمِ جَزَعِها مِنْهُ ، وَلا يَجْحَدُ نِعْمَتَكَ فِي الَّذِي أَفَدْتَهُ وَمَحَوْتَهُ عَنْهُ ، سائِلٍ لَكَ أَنْ تُعْرِضَ عَمّا اعْتَمَدْتُهُ فِيهِ ، وَلَمْ يَعْتَمِدُهُ مِنْ زَلَلِهِ ، إِعْراضَ الْمُتَجافِي الْعَظِيمِ ، وَأَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِتَيْسِيرِ ما تَقَرَّبْتُ بِهِ إِقْبالَ الرَّاضِي الْكَرِيمِ ، أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ بِنَظْرَةِ الْبَرِّ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ.

اللّهُمَّ عَقِّبْ عَلَيَّ بِغُفْرانِكَ فِي عُقْباهُ ، وَآمِنِّي مِنْ عَذابِكَ ما أَخْشاهُ ، وَقِنِي

ص: 412


1- رهب : خاف.
2- الهفوة جمع الهفوات : السقطة والزلة.

مِنْ صُنُوفِهِ ما أَتَوَقّاهُ ، وَاخْتِمْ لِي فِي خاتِمَتِهِ بِخَيْرٍ تُجْزِلُ مِنْهُ عَطِيَّتِي ، وَتَشْفَعُ فِيهِ مَسْأَلَتِي ، وَتَسُدُّ بِهِ فاقَتِي ، وَتَنْفِي بِهِ شَقْوَتِي ، وَتُقَرِّبُ بِهِ سَعادَتِي ، وَتَمْلأُ يَدِي مِنْ خَيْراتِ الدَّارَيْنِ ، بِأَفْضَلِ ما مَلأْتَ بِهِ يَدَ سائِلٍ ، وَرَجَعْتَ بِهِ أَمَلَ آمِلٍ.

وَتَمْنَحَنِي فِي والِدَيَّ وَفِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الْغُفْرانَ وَالرِّضْوانَ ، وَتَذْكُرُهُمْ مِنْكَ بِإِحْسانٍ تُنِيلُ أَرْواحَهُمْ مَسَرَّةَ رِضْوانِكَ ، وَتُوصِلُ إِلَيْها لَذَّةَ غُفْرانِكَ ، وَتَرْعاها فِي رِياضِ جِنانِكَ ، بَيْنَ ظِلالِ أَشْجارِها ، وَجَداوِلِ أَنْهارِها ، وَهَنِيء ثِمارِها ، وَكَثِيرِ خَيْراتِها ، وَاسْتِواءِ أَقْواتِها ، وَصُنُوفِ لَذَّاتِها ، وَسائغِ بَرَكاتِها.

وَأَحْيِنا لِوُرُودِ هذَا الشَّهْرِ عائِداً فِي قابِلِ عامِنا بِهَدْمِ أَوْزارِنا وَآثامِنا إِلَى الْقُرُباتِ مِنْكَ سَبِيلاً ، وَعَلَيْها دَلِيلاً ، وَإِلَيْها رَسِيلاً ، يا أَقْدَرَ الْقادِرِينَ ، وَيا أَجْوَدَ الْمَسْؤُولِينَ.

اللّهُمَّ انِّي كُلَّ ما لَفَظْتُ بِهِ إِلَيْكَ جَلَّ ثَناؤُكَ ، مِنْ تَمْجِيدٍ ، وَتَحْمِيد وَوَصْفٍ لِقُدْرَتِكَ وَإِقْرارٍ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَإِرْضائِكَ مِنْ نَصيبي إِلَيْكَ ، وَمِنْ إِقْبالِي بِالثَّناءِ عَلَيْكَ ، فَهُوَ بِتَوْفِيقِكَ.

فَلَكَ الْحَمْدُ يا قاضِيَ ما يُرْضِيكَ ، وَإِنْ كانَ مِنْ أَيْسَرِ نِعَمِكَ لا نُكافِيكَ ، ثُمَّ بِهِدايَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَفارَتِهِ وَإِرْشادِهِ وَدَلالَتِهِ ، فَقَدْ أَوْجَبْتَ لَهُ بِذلِكَ مِنَ الْحَقِّ عِنْدَكَ وَعَلَيْنا ما شَرَّفْتَهُ بِهِ ، وَأَوْعَزْتَ (1) بِهِ إِلَيْنا.

اللّهُمَّ فَكَما جَعَلْتَهُ لِهِدايَتِنا عَلَماً ، وَإِلَيْكَ لَنا طَرِيقاً وَسُلَّماً ، وَمِنْ سَخَطِكَ مَلْجَأً وَمُعْتَصَماً ، وَفِينا شَفِيعاً مُقَدَّماً ، وَمُشَفَّعاً مُكَرَّماً ، وَكانَ لا مُكافأةَ لَهُ إِلاَّ مِنْكَ ، وَلَا اتِّكالَ مِنْ مُجازاتِهِ إِلاَّ عَلَيْكَ ، وَكُنّا عَنْ حَقِّهِ بِأَنْفُسِنا وَأَمْوالِنا مُقَصِّرِينَ ، وَكانَ فِيها مِنَ الزَّاهِدِينَ ، وَعَنْها مِنَ الرَّاغِبِينَ ، وَلَسْنا إِلَى تَأَتِّيهِ

ص: 413


1- أَوعز إِليه : تقدم وَأَشار إليه.

بِواصِلِينَ ، وَلا عَلَيْها بِقادِرِينَ ، فَاجْزِهِ عَنّا بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَأَطْيَبِ تَحِيَّاتِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً تُمِدُّهُ مِنْكَ بِشَرائفِ حَبَواتِكَ ، وَكَرائمِ عَطِيَّاتِكَ ، وَمَوْفُورِ خَيْراتِكَ ، وَمَيْسُورِ هِباتِكَ ، صَلاةً تَكْثُرُ وَتَكْشِفُ حَتّى لا تَنْقَطِعَ ، وَلا تَضْعُفَ ، صَلاةً تَتَدارَكُ وَتَتَّصِلُ حَتّى لا تَخْتَلَّ وَلا تَنْفَصِلَ ، صَلاةً تَتَوالى وَتَتَّسِقُ حَتّى لا تَتَشَعَّبَ وَلا تَفْتَرِقَ ، صَلاةً تَدُومُ وَتَتَواتَرُ ، وَتَتَضاعَفُ وَتَتَكاثَرُ ، وَتَزِنُ الْجِبَالَ ، وَتَعادُّ الرِّمالَ.

صَلاةً تُجارِي النيِّراتِ فِي أَفْلاكِها ، وَالْقُدْرَةِ الَّتِي قامَتْ بِأَسْماكِها ، صَلاةً تَنافِي الرِّياحَ وَالنُّجُومَ وَالشُّمُوسَ وَالْغُيُومَ ، وَوَرَقَ الشَّجَرِ وَأَلْفاظَ الْبَشَرِ وَتَسْبِيحَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْماضِينَ وَالْباقِينَ ، وَمَنْ يُخْلَقُ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ، ثُمَّ اسْتَوْدَعُها تَعارفُ الْعالَمِينَ (1) ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ فَناءٌ ، وَلا حَدُّ وَلا انْتِهاءٌ.

اللّهُمَّ فَأَوْصِلْ ذلِكَ إِلَيْهِ وَإِلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَإِلى آبائِهِ وَآباءِ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ، وَإِلى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَإِلى جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ ، وَحَمَلَةِ عَرْشِكَ وَالْمَلائِكَةِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَحَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (2).

ومن ذلك ما يختصّ بهذه اللّيلة من الدّعاء برواية محمّد بن أَبي قرّة رحمه اللّه ، وهو دعاء ليلة الثلاثين :

الْحَمْدُ لِلَّهِ لا شَرِيكَ لَهُ - ثلاثا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ ، وَكَما هُوَ أَهْلُهُ ، يا قُدُّوسُ يا نُورُ الْقُدُسِ يا سُبُّوحُ ، يا مُنْتَهى التَّسْبِيحِ ، يا رَحْمانُ يا فاعِلَ الرَّحْمَةِ.

يا اللّهُ يا عَلِيمُ ، يا اللّهُ يا عَظِيمُ ، يا اللّهُ يا كَبِيرُ ، يا اللّهُ يا لَطِيفُ ، يا اللّهُ يا جَلِيلُ ، يا اللّهُ يا سَمِيعُ ، يا اللّهُ يا بَصِيرُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ وَالنَّعْماءُ.

ص: 414


1- العاملين (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 68 - 70.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنْ كُنْتَ قَضَيْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ تَنَزُّلَ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ اسْمِي فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي ، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النَّارِ.

وَارْزُقْنِي يا رَبِّ فِيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ ، وَالرَّغْبَةَ وَالْإنابَةَ إِلَيْكَ ، وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما تُحِبُّهُ وَتَرْضاهُ ، وَلِما وَفَّقْتَ لَهُ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَفْتِنِّي بِطَلَبِ ما زَوَيْتَ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَأَغْنِنِي يا رَبِّ بِرِزْقٍ مِنْكَ واسِعٍ بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ.

وَارْزُقْنِي الْعِفَّةَ فِي بَطْنِي وَفَرْجِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَوَفِّقْ لِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلى أَفْضَلِ ما رَآها أَحَدٌ ، وَوَفِّقْنِي لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ - حتّى ينقطع النّفس (1).

وَأَكثر أَن تقول وأَنت قائم وقاعد وراكع وساجد :

يا مُدَبِّرَ الأُمُورِ ، يا باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، يا مُجْرِيَ الْبُحُورِ ، يا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ - حتّى ينقطع النفس.

زيادة بغير الرواية :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوفَرِ عِبادِكَ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ أَوْ أَنْتَ مُنْزِلُهُ ، مِنْ نُورٍ تَهْدِي بِهِ ، أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، أَوْ رِزْقٍ تَقْسِمُهُ ، أَوْ بَلاءٍ تَدْفَعُهُ (2) ، أَوْ مَرَضٍ تَكْشِفُهُ ، وَاكْتُبْ لِي فِيها

ص: 415


1- رواه الشيخ في المصباح مع اختصار 2 : 634 ، والكليني في الكافي 4 : 164 ، والصدوق في الفقيه 2 : 164.
2- ترفعه (خ ل).

ما كَتَبْتَ لِأَوْلِيائِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ اسْتَوْجَبُوا مِنْكَ الثَّوابَ ، وَأَمِنُوا بِرِضاكَ عَنْهُمْ الْعَذابَ.

يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي ذلِكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَارْزُقْنِي بَعْدَ انْقِضاءِ شَهْرِ رَمَضانَ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالإِنابَةَ ، وَالتَّمَسُّكَ بِوِلايَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمُنَّ عَلَيَّ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي بِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ لِلرَّغْبَةِ ، وَالثَّباتِ عَلى دِينِكَ ، وَالتَّوْفِيقِ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ وَقَوْلِكَ الْحَقِ ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) ، وَهذا شَهْرُ رَمَضانُ وَقَدْ تَصَرَّمَتْ لَيالِيهِ وَأَيَّامُهُ.

فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، إِنْ كانَ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنْبٌ واحِدٌ لَمْ تَغْفِرْهُ لِي ، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تُحاسِبَنِي عَلَيْهِ ، أَوْ تُعاقِبَنِي عَلَيْهِ ، أَوْ تُقايِسَنِي بِهِ ، انْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللَّيْلَةِ ، أَوْ يَتَصَرَّمَ هذَا الشَّهْرُ إِلاَّ وَقَدْ غَفَرْتَهُ لِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَيْ مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ ، أَيْ كاشِفَ الْكَرْبِ عَنْ مُحَمَّدٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاسْتَجِبْ دُعائِي ، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي ، وَاجْعَلْ جَمِيعَ هَوايَ لِي سَخَطاً إِلاَّ ما رَضِيتَهُ ، وَاجْعَلْ جَمِيعَ طاعَتِكَ لِي رِضا ، وَإِنْ خالَفَ ما هَوَيْتُ عَلى ما أَحْبَبْتَ أَوْ كَرِهْتَ.

حَتّى أَكُونَ لَكَ فِي جَمِيعِ ما أَمَرْتَنِي مُتابِعاً مُطِيعاً سامِعاً ، وَعَنْ كُلِّ ما نَهَيْتَنِي عَنْهُ مُنْتَهِياً ، وَفِي كُلِّ ما قَضَيْتَ عَلَيَّ وَلِي راضِياً ، وَعَلى كُلِّ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ شاكِراً ، وَفِي كُلِّ حالاتِي لَكَ ذاكِراً ، مِنْ حالِ عافِيَةٍ أَوْ بَلاءٍ ، أَوْ شِدَّةٍ أَوْ رَخاءٍ ، أَوْ سَخَطٍ أَوْ رِضى.

إِلهِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْظُرْ إِلَيَّ فِي جَمِيعِ أُمُورِي نَظْرَةً رَحِيمَةً شَرِيفَةً كَرِيمَةً ، تُقَوِّينِي بِها عَلى ما أَمَرْتَنِي بِهِ ، وَتُسَدِّدُنِي لَها وَلِجَمِيعِ ما كَلَّفْتَنِي فِعْلَهُ ، وَتَزِيدُنِي لَها بَصَراً وَيَقِيناً فِي جَمِيعِ ما عَرَّفْتَنِي مِنْ آلائِكَ

ص: 416

عِنْدِي وَإِنْعامِكَ عَلَيَّ ، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ ، وَتَفْضِيلِكَ إِيَّايَ.

إِلهِي حاجَتِيَ الْعُظْمى الَّتِي إِنْ قَضَيْتَها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.

يا سَيِّدِي ارْحَمْنِي مِنَ السَّلاسِلِ وَالْأَغْلالِ وَالسَّعِيرِ ، ارْحَمْنِي مِنَ الطَّعامِ الزَّقُّومِ ، وَشُرْبِ الْحَمِيمِ ، ارْحَمْنِي مِنْ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً ، إِنَّها سائَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً ، لا تُعَذِّبْنِي وَأَنَا أَسْتَغْفِرُكَ ، وَلا تَحْرِمْنِي وَأَنَا أَسْأَلُكَ ، أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَما فِيها ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَما جَمَعْتَ.

اللّهُمَّ فَزَوِّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يأتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٍ ، فَصَلِ (1) عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَابْدَأ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، فِي كُلِّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ (2).

ومن ذلك دعاء ليلة الثلاثين مرويّ عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله :

رَبَّنا فاتَنا الشَّهْرُ الْمُبارَكُ ، الَّذِي أَمَرْتَنا فِيهِ بِالصِّيامِ وَالْقِيامِ ، وَلا تَجْعَلْهُ (3) آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ما تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِنا وَما تَأَخَّرَ ، رَبَّنا وَلا تَخْذُلْنا وَلا تَحْرِمْنا الْمَغْفِرَةَ ، وَاعْفُ عَنّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَتُبْ عَلَيْنا وَارْزُقْنا ، وَارْضَ مِنَّا (4) وَاجْعَلْنا مِنْ أَوْلِيائِكَ الْمُتَّقِينَ (5) بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (6).

ومن ذلك ما قدّمناه من الدعوات أَوّل ليلة منه ممّا يتكرّر في كلّ ليلة :

ذكر صلاة ليلة ثلاثين :

ومن ذلك ما رواه جعفر بن محمّد الدوريستي من كتاب الحسني بإسناده إلى النبي

ص: 417


1- اللّهم فصل (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 71 - 72.
3- اللّهم فلا تجعله (خ ل).
4- ارزق منا (خ ل).
5- واجعلنا من أَوليائك المهتدين ومن أَوليائك المتقين ، بحق محمد وآل محمد وتقبل منّا هذا الشهر ولا تجعله آخر العهد به ، وارزقنا حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كلّ عام ، انك أنت المعطي الرازق الحنان المنان (خ ل).
6- عنه البحار 98 : 72.

صلى اللّه عليه وآله أنّه قال :

من صلّى آخر ليلة من شهر رمضان عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة واحدة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات ، ويقول في ركوعه وسجوده عشر مرّات : «سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ» ، وَيتشهّد في كلّ ركعتين ثمّ يسلّم.

فإذا فرغ من آخر عشر ركعات ، قال بعد فراغه من التسليم : «أَسْتَغْفِرُ اللّهَ» أَلف مرّة ، فإذا فرغ من الاستغفار سجد ويقول في سجوده :

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ، يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا إِلهَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ، وَتَقَبَّلْ مِنَّا صَلاتَنا وَصِيامَنا وَقِيامَنا.

قال النبيّ صلى اللّه عليه وآله : والّذي بعثني بالحقّ نبيّا ، إِنَّ جبرئيل أَخبرني عن إِسرافيل ، عن ربّه تبارك وتعالى أَنّه لا يرفع رأسه من السجود حتّى يغفر اللّه له ويتقبّل منه شهر رمضان ، ويتجاوز عن ذنوبه ، وإِن كان قد أَذنب سبعين ذنبا كلّ ذنب أَعظم من ذنوب العباد ، ويتقبّل من جميع أَهل الكورة الّتي هو فيها.

فقال النبيّ صلى اللّه عليه وآله لجبرئيل عليه السلام : يا جبرئيل يتقبّل اللّه منه خاصّة شهر رمضان ومن أَهل بلاده عامّة؟ فقال : نعم والّذي بعثك ، إِنّه من كرامته عليه وعظم منزلته لديه ، يتقبّل اللّه منه ومنهم صلاتهم وصيامهم وقيامهم ، ويغفر لهم ذنوبهم ، ويستجيب لهم دعاءهم.

والّذي بعثني بالحقّ إِنّه من صلّى هذه الصلاة واستغفر هذا الاستغفار يتقبّل اللّه منه صلاته وصيامه وقيامه ، ويغفر له ويستجيب له دعاءه لديه.

لأنّ اللّه تبارك وتعالى يقول في كتابه ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً ) (1) وَيقول : ( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) ، (2) وقال : ( وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ

ص: 418


1- نوح : 10.
2- هود : 90.

فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ ) (1).

ويقول عزّ وجلّ ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) (2) ويقول عزّ وجلّ ( وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً ) (3).

ثمّ قال النبيّ صلى اللّه عليه وآله : هذه هديّة لي خاصّة ولأمّتي من الرجال والنساء ، لم يعطها اللّه عزّ وجلّ أَحدا ممّن كان قبلي من الأنبياء وغيرهم. (4)

أَقول : وروي أَنّه يقرأ آخر ليلة من شهر رمضان سورة الأنعام ، والكهف ، ويس ، ويقول مائة مرّة : أَسْتَغْفِرُ اللّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

ومن ذلك ما يتعلّق بوداع شهر رمضان ، فنقول :

إِن سأل سائل فقال : ما معنى الوداع لشهر رمضان وليس هو من الحيوان ، الّذي يخاطب أَو يعقل ما يقال له باللّسان.

فاعلم أَنّ عادة ذوي العقول قبل الرسول ومع الرسول وبعد الرسول ، يخاطبون الدّيار والأوطان ، والشباب وأَوقات الصفا والأمان والإحسان ببيان المقال ، وهو محادثة لها بلسان الحال.

فلمّا جاء أَدب الإسلام أَمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أَحكام العقول والأفهام ، ونطق به مقدّس القرآن المجيد ، فقال جلّ جلاله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) (5).

فأخبر أَنَّ جَهنّم ردّ الجواب بالمقال ، وهو إِشارة إِلى لسان الحال ، وذكر كثيرا في القرآن الشريف المجيد وفي كلام النبيّ والأئمة صلوات اللّه عليه وعليهم السلام وكلام أَهل التعريف ، فلا يحتاج ذوو الألباب إِلى الإطالة في الجواب.

فلمّا كان شهر رمضان قد صاحبه ذوو العناية به من أَهل الإسلام والايمان ، أَفضل

ص: 419


1- آل عمران : 135.
2- هود : 3.
3- النصر : 4.
4- عنه البحار 98 : 73 - 74.
5- ق : 30.

لهم من صحبة الديار والمنازل ، وأَنفع من الأهل وأَرفع من الأعيان والأمثال ، اقتضت دواعي لسان الحال أَن يودّع عند الفراق والانفصال.

ذكر ما نورده من طبقات أَهل الوداع لشهر الصيام فنقول :

اعلم أَنّ الوداع لشهر رمضان يحتاج إِلى زيادة بيان ، والناس فيه على طبقات :

طبقة منهم : كانوا في شهر رمضان على مراد اللّه جلّ جلاله وآدابه فيه في السرّ والإعلان ، فهؤلاء يودّعون شهر الصيام وداع من صاحبه بالصّفاء والوفاء وحفظ الذمام ، كما تضمّنه وداع مولانا زين العابدين عليه أَفضل السلام.

وطبقة منهم : صاحبوا شهر رمضان تارة يكونون معه على مراد اللّه جلّ جلاله في بعض الأزمان ، وتارة يفارقون شروطه بالغفلة أَو بالعصيان ، فهؤلاء إِن اتّفق خروج شهر رمضان وهم مفارقون له في الآداب والاصطحاب ، فالمفارقون لا يودّعون ولا هم مجتمعون ، وإِنّما الوداع لمن كان مرافقا وموافقا في مقتضى العقول والألباب ، وإِن اتّفق خروج شهر رمضان وهم في حال حسن صحبته.

فلهم أَن يودّعوه على قدر ما عاملوه في حفظ حرمته ، وأَن يستغفروا ويندموا على ما فرّطوا فيه من إِضاعة شروط الصحبة والوفاء ، ويبالغوا عند الوداع في التلهّف والتأسّف كيف عاملوه بوقت من الأوقات بالجفاء.

وطبقة : ما كانوا في شهر رمضان مصاحبين له بالقلوب ، بل كان فيهم من هو كاره لشهر الصيام ، لأنّه كان يقطعهم عن عادتهم في التهوين ، ومراقبة علاّم الغيوب ، فهؤلاء ما كانوا مع شهر رمضان حتّى يودّعوه عند الانفصال ، ولا أَحسنوا المجاورة له لمّا نزل بالقرب من دارهم ، وتكرّهوا به واستقبلوه بسوء اختيارهم ، فلا معنى لوداعهم له عند انفصاله ، ولا يلتفت إِلى ما يتضمّنه لفظ وداعهم وسوء مقالهم.

أَقول : فلا تكن أَيّها الإنسان ممّن نزل به ضيف غنيّ عنه ، وما نزل به ضيف منذ سنة أَشرف منه وقد حضره للانعام عليه ، وحمل إليه معه تحف السعادات ، وشرف العنايات ، وما لا يبلغه وصف المقال من الآمال والإقبال ، فأساء مجاورة هذا الضيف الكريم ، وجفاه وهوّن به ، وعامل معه معاملة المضيف اللّئيم ، فانصرف الضيف الكريم ذامّا

ص: 420

لضيافته ، وبقي الّذي نزل به في فضيحة تقصيره وسوء مجاورته ، أَو في عار تأسّفه وندامته.

فكن إِمّا محسنا في الضيافة والمعرفة بحقوق ما وصل به هذا الضيف من السعادة والرحمة ، والرأَفة والأمن من المخافة ، أَو كن لا له ولا عليه ، فلا تصاحبه بالكراهة وسوء الأدب عليه ، وإِنّما تهلك بأعمالك السخيفة نفسك الضعيفة ، وتشهّرها بالفضائح والنقصان ، في ديوان الملوك والأعيان ، الّذين ظفروا بالأمان والرضوان.

أَقول : واعلم أَنّ وقت الوداع لشهر الصيام رويناه عن أَحد الأئمّة عليهم أَفضل السلام من كتاب فيه مسائل جماعة من أَعيان الأصحاب ، وقد وقّع عليه السلام بعد كلّ مسألة بالجواب ، وهذا لفظ ما وجدناه : «من وداع شهر رمضان ، متى يكون ، فقد اختلف أَصحابنا فبعضهم قال : هو في آخر ليلة منه ، وبعضهم قال : هو في آخر يوم منه إِذا رأَى هلال شوال؟ الجواب : العمل في شهر رمضان في لياليه ، والوداع يقع في آخر ليلة منه ، فان خاف أَن ينقص الشهر جعله في ليلتين.» (1)

قلت : هذا اللّفظ ما رأَيناه ورويناه ، فاجتهد في وقت الوداع على إِصلاح السّريرة ، فالإنسان على نفسه بصيرة ، وتخيّر لوقت وداع الفضل الّذي كان في شهر رمضان أَصلح أَوقاتك في حسن صحبته ، وجميل ضيافته ومعاملته ، من آخر ليلة منه ، كما رويناه ، فان فاتك الوداع في آخر ليلة ، ففي أَواخر نهار المفارقة له والانفصال عنه.

فمتى وجدت في تلك اللّيلة أَو ذلك اليوم نفسك على حال صالحه في صحبة شهر رمضان فودّعه في ذلك الأوان ، وداع أَهل الصفاء والوفاء ، الّذين يعرفون حقّ الضيف العظيم الإحسان ، واقض من حقّ التأسّف على مفارقته وبعده ، بقدر ما فاتك من شرف ضيافته ، وفوائد رفده ، وأَطلق من ذخائر دموع الوداع ما جرت به عوائد الأحبّة إِذا تفرّقوا بعد الاجتماع.

ص: 421


1- عنه البحار 98 : 172 ، رواه الطبرسي في الاحتجاج : 483 عن صاحب الزمان عليه السلام ، عنه الوسائل 10 : 364 ، أَورده الشيخ في الغيبة : 231.

وقل ما رواه الشيخ جعفر بن محمّد بن أَحمد بن العباس بن محمّد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إِلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في آخر جمعة من شهر رمضان ، فلمّا بصر بي قال لي : يا جابر هذا آخر جمعة من شهر رمضان فودّعه وقل :

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيامِنا إِيّاهُ ، فَانْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَرْحُوماً ، وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُوماً.

فإنّه من قال ذلك ظفر بإحدى الحسنيين : إِمّا ببلوغ شهر رمضان من قابل ، وإِمّا بغفران اللّه ورحمته (1).

وداع آخر لشهر رمضان ، وقد رويناه عن مولانا عليّ بن الحسين عليه السلام صاحب الأنفاس المقدّسة الشريفة ، فيما تضمّنه إِسناد أَدعية الصحيفة ، فقال :

وكان من دعائه عليه السلام في وداع شهر رمضان :

اللّهُمَّ يا مَنْ لا يَرْغَبُ فِي الْجَزاءِ ، وَيا مَنْ لا يَنْدَمُ عَلَى الْعَطاءِ ، وَيا مَنْ لا يُكافِئ عَبْدَهُ عَلَى السوآءِ ، هِبَتُكَ ، هِبَتُكَ (2) ابْتِداءٌ ، وَعَفْوُكَ (3) تَفَضُّلٌ ، وَعُقُوبَتُكَ عَدْلٌ ، وَقَضاؤُكَ خِيَرَةٌ (4).

إِنْ أَعْطَيْتَ لَمْ تَشُبْ عَطائَكَ بِمَنٍّ ، وَإِنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ بِتَعَدٍّ (5) ، تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وَأَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ ، وَتُكافِئُ مَنْ حَمِدَكَ وَأَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ ، وَتَسْتُرُ عَلى مَنْ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَهُ ، وَتَجُودُ عَلى مَنْ لَوْ أَرَدْتَ مَنَعْتَهُ ، وَكِلاهُما أَهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ وَالْمَنْعِ.

غَيْرَ أَنَّكَ بَنَيْتَ أَفْعالَكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، وَأَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى التَّجاوُزِ ،

ص: 422


1- عنه البحار 98 : 172 ، الوسائل 10 : 365 رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 139 ، عنه المستدرك 7 : 480.
2- منتك (خ ل).
3- عطيتك (خ ل).
4- خير (خ ل).
5- تعدّيا (خ ل).

وَتَلَقَّيْتَ مَنْ عَصاكَ بِالْحِلْمِ ، وَأَمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ نَفْسَهُ بِالظُّلْمِ ، تَسْتَنْظِرُهُمْ (1) بِأَناتِكَ إِلَى الإِنابَةِ ، وَتَتْرُكُ مُعاجَلَتُهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ ، لِكَيْلا يَهْلِكَ عَلَيْكَ هالِكُهُمْ ، وَلا يَشْقى بِنِعْمَتِكَ (2) شَقِيُّهُمْ إِلاَّ عَنْ طُولِ الإِعْذارِ إِلَيْهِ ، وَبَعْدَ تَرادُفِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، كَرَماً مِنْ فِعْلِكَ (3) يا كَرِيمُ وَعائِدَةً (4) مِنْ عَطْفِكَ يا حَلِيمُ.

أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبادِكَ باباً إِلَى عَفْوِكَ ، وَسَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ ، وَجَعَلْتَ عَلى ذلِكَ الْبابِ دَلِيلاً مِنْ وَحْيِكَ (5) لِئَلاَّ يَضِلُّوا عَنْهُ ، فَقُلْتَ ( تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) (6) ، فَما عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذلِكَ الْبابِ يا سَيِّدِي بَعْدَ فَتْحِهِ ، وَإِقامَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ (7).

وَأَنْتَ الَّذِي زِدْتَ فِي السَّوْمِ عَلى نَفْسِكَ لِعِبادِكَ ، تُرِيدُ رِبْحَهُمْ فِي مُتاجَرَتِكَ (8) ، وَفَوْزَهُمْ بِزِيادَتِكَ.

فَقُلْتَ ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها ) (9).

ثُمَّ قُلْتَ ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ) (10) (11) وَما أَنْزَلْتَ مِنْ نَظائِرِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ.

وَأَنْتَ الَّذِي دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ الَّذِي مِنْ غَيْبِكَ ، وَتَرْغِيبِكَ الَّذِي فِيهِ مِنْ حَظِّهِمْ عَلى ما لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ ، لَمْ تُدْركْهُ أَبْصارُهُمْ ، وَلَمْ تَعِهِ أَسْماعُهُمْ ، وَلَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهامُهُمْ.

ص: 423


1- تستطردهم (خ ل).
2- لئلا يشقى بنقمتك (خ ل).
3- عفوك (خ ل).
4- العائدة : المعروف والصلة والعطف.
5- رحمتك (خ ل).
6- التحريم : 8.
7- أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب واقامة الدليل (خ ل).
8- متاجرتهم لك (خ ل).
9- الانعام : 160.
10- مأة حبة واللّه يضاعف لمن يشاء، وقلت : من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة (خ ل).
11- البقرة : 261.

فَقُلْتَ تَبارَكَ اسْمُكَ وَتَعالَيْتَ ( فَاذْكُرُونِي ) (1) ( أَذْكُرْكُمْ ) (2) ، وَ ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) (3) ، وَقُلْتَ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (4)» ، (5) وَقُلْتَ ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) (6).

فَذَكَرُوكَ (7) وَشَكَرُوكَ وَدَعَوْكَ وَتَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً لِمَزِيدِكَ ، وَفِيها كانَتْ نجاتُهُمْ مِنْ غَضَبِكَ ، وَفَوْزِهِمْ بِرِضاكَ ، وَلَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلى مِثْلِ الَّذِي دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبادَكَ مِنْكَ ، كانَ مَحْمُوداً ، فَلَكَ الْحَمْدُ ما وَجَدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ ، وَما بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ تُحْمَدُ بِهِ ، وَمَعْنىً يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ.

يا مَنْ تَحَمَّدَ إِلى عِبادِهِ بِالإِحْسانِ وَالْفَضْلِ ، وَعامَلَهُمْ (8) بِالْمَنِّ وَالطَّوْلِ (9) ، ما أَفْشا (10) فِينا نِعْمَتَكَ وَأَسْبَغَ عَلَيْنا مِنَّتَكَ ، وَأَخَصَّنا بِبِرِّكَ ، هَدَيْتَنا لِدِينِكَ الَّذِي اصْطَفَيْتَ وَمِلَّتِكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ ، وَسَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ ، وَبَصَّرْتَنا ما يُوجِبُ الزُّلْفَةَ (11) لَدَيْكَ ، وَالْوُصُولَ إِلى كَرامَتِكَ.

اللّهُمَّ وَأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفايا تِلْكَ الْوَظائِفِ ، وَخَصائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضانَ ، الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سائِرِ الشُّهُورِ ، وَتَخَيَّرْتَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ وَالدُّهُورِ ، وَآثَرْتَهُ (12) عَلى جَمِيعِ الْأَوْقاتِ بِما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَفَرَضْتَ فِيهِ مِنَ الصِّيامِ ،

ص: 424


1- اذكروني أَذكركم واشكروا لي ولا تكفرون (خ ل).
2- البقرة : 152.
3- إبراهيم : 7.
4- ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ، فسميت دعائك عبادة وتركه استكباراً وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين فذكروك (خ ل).
5- غافر : 60.
6- البقرة : 245 ، الحديد : 11.
7- فذكروك بمنّك وشكروك بفضلك ودعوك بأمرك (خ ل).
8- غمرهم (خ ل).
9- الطول : الفضل.
10- أَفشى : أَظهر.
11- الزلفة : القربة.
12- آثرته : فضّلته.

وَأَجْلَلْتَ (1) فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، ثُمَّ آثَرْتَنا (2) بِهِ عَلى سائِرِ الأُمَمِ ، وَاصْطَفَيْتَنا بِفَضْلِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ (3).

فَصُمْنا بِأَمْرِكَ نَهارَهُ ، وَقُمْنا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ ، مُتَعَرِّضِينَ (4) بِصِيامِهِ وَقِيامِهِ ، لِما عَرَّضْتَنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَسَبَّبْتَنا (5) إِلَيْهِ مِنْ مَثُوبَتِكَ ، وَأَنْتَ الْمَلِيءُ بِما رَغِبَ فِيهِ إِلَيْكَ ، الْجَوادُ بِما سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ ، الْقَرِيبُ إِلى مَنْ حاوَلَ قُرْبَكَ.

وَقَدْ أَقامَ فِينا هذا الشَّهْرُ مَقامَ حَمْدٍ وَصَحِبَنا صُحْبَةَ سُرُورٍ (6) ، وَأَرْبَحَنا أَفْضَلَ أَرْباحِ الْعالَمِينَ ، ثُمَّ قَدْ فارَقَنا عِنْدَ تَمامِ وَقْتِهِ ، وَانْقِطاعِ مُدَّتِهِ ، وَوَفاءِ عَدَدِهِ.

فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِداعَ مَنْ عَزَّ فِراقُهُ عَلَيْنا وَغَمَّنا (7) ، وَأَوْحَشَ (8) انْصِرافُهُ عَنَّا ، وَلَزِمَنا لَهُ الذِّمامُ (9) الْمَحْفُوظُ ، وَالْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ ، وَالْحَقُّ الْمَقْضِيُّ ، فَنَحْنُ قائِلُونَ :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا شَهْرَ اللّهِ الْأَكْبَرِ ، وَيا عِيدَ أَوْلِيائِهِ الْأَعْظَمِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقاتِ ، وَيا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ وَالسَّاعاتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الآمالُ ، وَيُسِّرَتْ (10) فِيهِ الْأَعْمالُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، وَأَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً (11).

السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ (12) آنَسَ مُقْبِلاً فَسُرَّ ، وَأَوْحَشَ مُدْبِراً فَمَضَ (13) ،

ص: 425


1- أَجللت : عظمت.
2- آثرته : فضلته.
3- الأديان (خ ل).
4- متعرّضين : متصدين وطالبين.
5- تسبّبنا ، ندبتنا ، نسبتنا ، نسبتنا (خ ل).
6- صحبة السرور ، صحبة مبرورة (خ ل).
7- فهّمنا (خ ل).
8- أَوحشنا (خ ل).
9- الذمام : العهد.
10- نشرت (خ ل).
11- فراقه مفقودا (خ ل) ، ومرجو أَلم فراقه (خ ل).
12- أَليف : أَنيس.
13- منقضيا فأمر ، فامض (خ ل) ، أَقول : مضّ : ألم وحزن.

السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ ، وَقَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ ناصِرٍ أَعانَ عَلَى الشَّيْطانِ ، وَصاحَبٍ سَهَّلَ سَبِيلَ الإِحْسانِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ ما أَكْثَرَ عُتَقاءَ اللّهِ فِيكَ ، وَما أَسْعَدَ مَنْ رَعى حُرْمَتَكَ (1) بِكَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ما كانَ أَمْحاكَ لِلذُّنُوبِ وَأَسْتَرَكَ لِأَنْواعِ الْعُيُوبِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ما كانَ أَطْوَلَكَ عَلى الْمُجْرِمِينَ ، وَأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ لا تُنافِسُهُ الْأَيَّامُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ ، السَّلامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصاحَبَةِ ، وَلا ذَمِيمِ الْمُلابَسَةِ (2) ، السَّلامُ عَلَيْكَ كَما وَفَدْتَ (3) عَلَيْنا بِالْبَرَكاتِ ، وَغَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً (4) ، وَلا مَتْرُوكٍ صِيامُهُ سَأَماً.

السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَمَحْزُونٍ عَلَيْهِ عِنْدَ (5) فَوْتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ كَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَّا ، وَكَمْ مِنْ خَيْرٍ أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنا ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي جَعَلَها اللّهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (6).

السَّلامُ عَلَيْكَ ما كانَ أَحْرَصَنا بِالأَمْسِ عَلَيْكَ وَأَشَدَّ شَوْقَنا غَداً الَيْكَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى فَضْلِكَ الَّذِي حُرِمْناهُ ، وَعَلَى ما كانَ (7) مِنْ بَرَكاتِكَ سُلِبْناهُ.

اللّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنا بِهِ ، وَوَفَّقْتَنا بِمَنِّكَ لَهُ ، حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِياءُ وَقْتَهُ ، وَحُرِمُوا لِشِقائِهِمْ فَضْلَهُ (8) ، وَأَنْتَ وَلِيُّ ما آثَرْتَنا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَهَدَيْتَنا لَهُ مِنْ سُنَّتِهِ ، وَقَدْ تَوَلَّيْنا بِتَوْفِيقِكَ صِيامَهُ وَقِيامَهُ عَلى تَقْصِيرٍ ، وَأَدَّيْنا مِنْ حَقِّكَ فِيهِ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ.

ص: 426


1- حرمته (خ ل).
2- الملابسة : المخالطة.
3- وردت (خ ل).
4- برما : ضجرا.
5- قبل (خ ل).
6- هي خير من أَلف شهر (خ ل).
7- ماض (خ ل).
8- خيره (خ ل).

اللّهُمَّ فَلَكَ إِقْرارُنا بِالإِساءَةِ وَاعْتِرافُنا (1) بِالإِضاعَةِ (2) ، وَلَكَ مِنْ قُلُوبِنا عَقْدُ (3) النَّدَمِ (4) ، وَمِنْ أَلْسِنَتِنا صِدْقُ (5) الاعْتِذارِ ، فَأَجِرْنا عَلى ما أَصَبْنا (6) بِهِ مِنْ التَّفْرِيطِ ، أَجْراً نَسْتَدْرِكُ بِهِ الْفَضْلَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ ، وَنَعْتاضُ (7) بِهِ مِنْ إِحْرازِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ عَلَيْهِ ، وَأَوْجِبْ لَنا عُذْرَكَ عَلى ما قَصَّرْنا فِيهِ مِنْ حَقِّكَ ، وَابْلُغْ بِأَعْمارِنا ما بَيْنَ أَيْدِينا مِنْ (8) شَهْرِ رَمَضانَ الْمُقْبِلِ.

فَاذا بَلَّغْتَناهُ فَأَعِنّا عَلى تَناوُلِ ما أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْعِبادَةِ ، وَأَدِّنا إِلَى الْقِيامِ بِما نَسْتَحِقُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَأَجِرْ لَنا مِنْ صالِحِ الْعَمَلِ ما يَكُونُ دَرَكاً (9) لِحَقِّكَ فِي الشَّهْرَيْنِ ، وَفِي شُهُورِ (10) الدَّهْرِ.

اللّهُمَّ وَما أَلْمَمْنا (11) بِهِ فِي شَهْرِنا هذا مِنْ لَمَمٍ (12) اوْ إِثْمٍ ، اوْ واقَعْنا (13) فِيهِ مِنْ ذَنْبٍ ، وَاكْتَسَبْنا فِيهِ مِنْ خَطِيئَةٍ ، عَنْ تَعَمُّدٍ (14) مِنَّا لَهُ ، أَوْ عَلى نِسْيانٍ ، ظَلَمْنا (15) فِيهِ أَنْفُسَنا ، أَوْ انْتَهَكْنا بِهِ حُرْمَةً (16) مِنْ غَيْرِنا ، فَاسْتُرْنا (17) بِسِتْرِكَ ،

ص: 427


1- فلك الحمد إقرارا بالإساءة واعترافا (خ ل).
2- الإضاعة : الإهمال.
3- عقد : عهد.
4- عقد الندم (خ ل).
5- تصرف (خ ل).
6- أَصابنا (خ ل).
7- نعتاض : نأخذ العوض.
8- الى (خ ل).
9- دركا : لحوق ووصولا.
10- من شهور (خ ل).
11- أَلممنا : باشرنا وأَحطنا.
12- لمم : صغار الذنوب.
13- وأَوقعنا (خ ل).
14- على تعمد (خ ل).
15- نسيان من ظلمنا (خ ل).
16- أَو انتها كنا (خ ل) فيه (خ ل).
17- فصل على محمد وآله واسترنا ، فاستره (خ ل).

وَاعْفُ عَنّا بِعَفْوِكَ ، وَلا تَنْصِبْنا فِيهِ لِأَعْيُنِ الشّامِتِينَ ، وَلا تَبْسُطُ عَلَيْنا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاعِنِينَ (1) ، وَاسْتَعْمِلْنا بِما يَكُونُ حِطَّةً وَكَفَّارَةً لِما أَنْكَرْتَ مِنّا فِيهِ ، بِرَأْفَتِكَ الَّتِي لا تَنْفَدُ (2) ، وَفَضْلِكَ الَّذِي لا يَنْقُصُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْبُرْ مُصِيبَتَنا بِشَهْرِنا ، وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِ عِيدِنا وَفِطْرِنا ، وَاجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنا ، أَجْلِبَهُ لِلْعَفْوِ ، وَأَمْحاهُ لِلذَّنْبِ (3) ، وَاغْفِرْ لَنا ما خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنا وَما عَلَنَ.

اللّهُمَّ (صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ) (4) وَاسْلَخْنا (5) بِانْسِلاخِ هذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطايانا ، وَأَخْرِجْنا بِخُرُوجِهِ عَنْ (6) سَيِّئَاتِنا ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ (7) ، وَأَوْفَرِهِمْ حَظّاً مِنْهُ.

اللّهُمَّ وَمَنْ رَعا حَقَ (8) هذا الشَّهْرِ حَقَّ رِعايَتِها ، وَحَفِظَ حُدُودَهُ ، حَقَّ حِفْظِها (9) ، وَاتَّقى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقاتِها ، أَوْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضاكَ لَهُ (10) ، وَعَطَفَتْ بِرَحْمَتِكَ عَلَيْهِ ، فَهَبْ لَنا مِثْلَهُ مِنْ وجْدِكَ وَإِحْسانِكَ ، وَأَعْطِنا أضْعافَهُ مِنْ فَضْلِكَ ، فَانَّ فَضْلَكَ لا يَغِيضُ (11) ، وَإِنَّ خَزائِنَكَ لا تَنْقُصُ (12) ، وَإِنَّ مَعادِنَ إِحْسانِكَ لا تَفْنى ، وَإِنَّ عَطاءَكَ لِلْعَطاءُ الْمُهَنَّى.

ص: 428


1- علينا السنة الطاغين (خ ل).
2- تنفد : تفنى وتنقطع.
3- لعفو ، لذنب (خ ل).
4- ليس في بعض النسخ.
5- أَسلخنا : جردنا.
6- من (خ ل).
7- وأجزلهم قسما فيه (خ ل).
8- حرمة (خ ل).
9- وقام بحدوده حق قيامها (خ ل).
10- عنه (خ ل).
11- لا يغيض : لا ينقص ولا يقلّ.
12- لا تنفد (خ ل).

اللّهُمَّ وَاكْتُبْ (1) لَنا مِثْلَ أُجُورِ مَنْ صامَهُ بِنِيَّةٍ ، أَوْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.

اللّهُمَّ إِنّا نَتُوبُ إِلَيْكَ فِي يَوْمِ فِطْرِنا الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، عِيداً وَسُرُوراً ، وَلِأَهْلِ مِلَّتِكَ (2) مَجْمَعاً وَمُحْتَشَداً ، مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْناهُ ، أَوْ سُوءٍ أَسْلَفْناهُ ، أَوْ خَطَرَةٍ (3) شَرٍّ اضْمَرْناهُ ، أَوْ عَقِيدَةِ سُوءٍ اعْتَقَدْناها ، تَوْبَةَ مَنْ لا يَنْطَوِي عَلى رُجُوعٍ إِلى ذَنْبٍ ، وَلا عود بَعْدَها فِي خَطِيئَةٍ (4) ، تَوْبَةً نَصُوحاً خَلَصَتْ مِنَ الشَّكِّ وَالارْتِيابِ ، فَتَقَبَّلْها مِنّا ، وَارْضَ بِها عَنّا وَثَبِّتْنا عَلَيْها.

اللّهُمَّ ارْزُقْنا خَوْفَ غَمِ (5) الْوَعِيدَ وَشَوْقَ ثَوابِ الْمَوْعُودِ ، حَتّى نَجِدَ لَذَّةَ ما نَدْعُوكَ بِهِ ، وَكَآبَةَ ما نَسْتَجِيرُكَ (6) مِنْهُ ، وَاجْعَلْنا عِنْدَكَ مِنَ التَّوَّابِينَ ، الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ ، وَقَبِلْتَ مِنْهُمْ مُراجَعَةَ طاعَتِكَ ، يا أَعْدَلَ الْعادِلِينَ.

اللّهُمَّ تَجاوَزْ عَنْ آبائِنا وَأُمَّهاتِنا ، وَأَهْلِ دِينِنا جَمِيعاً ، مَنْ سَلَفَ مِنْهُمْ وَمَنْ غَبَرَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنا وَآلِهِ ، كَما صَلَّيْتَ عَلى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَما صَلَّيْتَ عَلى أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ (7) ، وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَسَلِّمْ عَلى آلِهِ كَما سَلَّمْتَ عَلى آلِ يس ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، صَلاةً تَبْلُغُنا بَرَكَتُها ، وَيَنالُنا نَفْعُها ، وَتَغْمُرُنا بِأَسْرِها ، وَيُسْتَجابُ بِها دُعاؤُنا ، إِنَّكَ أَكْرَمُ مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ (8) ، وَأَعْطى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِ

ص: 429


1- اللّهم صلّ على محمد وآله واكتب (خ ل).
2- وللمؤمنين (خ ل).
3- خاطر (خ ل).
4- ولا يعود بعدها في خطيئته (خ ل).
5- عقاب (خ ل).
6- نستجير بك (خ ل).
7- المطهرين (خ ل).
8- واكفي من توكل عليه (خ ل).

شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

وداع آخر لشهر رمضان رويناه بعدّة طرق إِلى محمّد بن يعقوب ، بإسناده إِلى أَبي بصير ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام في وداع شهر رمضان ، نقلناه من خطّ جدّي أَبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه :

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ ، عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُكَ حَقٌ ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (2).

وَهَذا شَهْرُ رَمَضانَ قَدْ تَصَرَّمَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِماتِكَ التّامَّةِ ، إِنْ كانَ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرْهُ لِي ، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي عَلَيْهِ ، أَوْ تُقايِسَنِي بِهِ أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللَّيْلَةِ ، أَوْ يَنْصَرِمَ هذَا الشَّهْرُ إِلاَّ وَقَدْ غَفَرْتَهُ لِي ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِمَحامِدِكَ كُلِّها ، أَوَّلِها وَآخِرِها ، ما قُلْتَ لِنَفْسِكَ مِنْها ، وَما قالَهُ لَكَ الْخَلائِقُ ، الْحامِدُونَ الْمُجْتَهِدُونَ الْمَعْدُودُونَ ، الْمُؤْثِرُونَ فِي ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ ، الَّذِينَ أَعَنْتَهُمْ عَلى أَداءِ حَقِّكَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ ، مِنَ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرِّبِينَ وَالنَّبيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَأَصْنافِ النّاطِقِينَ الْمُسَبِّحِينَ لَكَ مِنْ جَمِيعِ الْعالَمِينَ ، عَلى أَنَّكَ بَلَّغْتَنا شَهْرَ رَمَضانَ ، وَعَلَيْنا مِنْ نِعَمِكَ ، وَعِنْدَنا مِنْ قِسَمِكَ وَإِحْسانِكَ وَتَظاهُرِ امْتِنانِكَ.

فَبِذلِكَ لَكَ مُنْتَهى الْحَمْدِ ، الْخالِدِ الدّائِمِ الرّاكِدِ الْمُخَلَّدِ السَّرْمَدِ ، الَّذِي لا يَنْفَدُ طُولَ الْأَبَدِ ، جَلَّ ثَناؤُكَ ، أَعَنْتَنا عَلَيْهِ حَتّى قَضَيْتَ عَنّا صِيامَهُ ، وَقِيامَهُ مِنْ صَلاةٍ ، وَما كانَ مِنّا فِيهِ مِنْ بِرٍّ أَوْ نُسُكٍ أَوْ ذِكْرٍ.

اللّهُمَّ فَتَقَبَّلْهُ مِنّا بِأَحْسَنِ قَبُولِكَ ، وَتَجاوُزِكَ وَعَفْوِكَ ، وَصَفْحِكَ وَغُفْرانِكَ ،

ص: 430


1- عنه البحار 98 : 172 - 176 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 642 - 647 ، عنه الكفعمي في مصباحه : 640 ، بلد الأمين : 480 ، أَورده ابن المشهدي في المزار الكبير : 259 ، الدعاء : 289 وفي الصحيفة السجادية الجامعة : 292 ، الدعاء : 142.
2- البقرة : 185.

وَحَقِيقَةِ رِضْوانِكَ ، حَتّى تُظْفِرَنا فِيهِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَطْلُوبٍ ، وَجَزِيلِ عَطاءٍ مَوْهُوبٍ ، تُؤْمِنّا فِيهِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مَرْهُوبٍ وَذَنْبٍ مَكْسُوبٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ ما سَأَلَكَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ ، وَجَزِيلِ ثَنائِكَ ، وَخاصَّةِ دُعائِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ شَهْرَنا هذا أَعْظَمَ شَهْرِ رَمَضانَ مَرَّ عَلَيْنا مُنْذُ أَنْزَلْتَنا إِلَى الدُّنْيا بَرَكَةً فِي عِصْمَةِ دِينِي ، وَخَلاصِ نَفْسِي ، وَقَضاءِ حاجَتِي ، وَتَشْفِيعِي فِي مَسائِلِي ، وَتَمامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي ، وَلِباسِ الْعافِيَةِ لِي.

وَأَنْ تَجْعَلَنِي بِرَحْمَتِكَ مِمَّنْ حُزْتَ (1) لَهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، وَجَعَلْتَها لَهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فِي أَعْظَمِ الْأَجْرِ ، وَكَرائِمِ الذُّخْرِ ، وَطُولِ الْعُمْرِ ، وَحُسْنِ الشُّكْرِ ، وَدَوامِ الْيُسْرِ.

اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ وَطَوْلِكَ ، وَعَفْوِكَ وَنَعْمائِكَ وَجَلالِكَ ، وَقَدِيمِ إِحْسانِكَ وَامْتِنانِكَ ، أَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّا لِشَهْرِ رَمَضانَ ، حَتّى تُبَلِّغَناهُ مِنْ قابِلٍ عَلى أَحْسَنِ حالٍ ، وَتُعَرِّفَنِي هِلالَهُ مَعَ النَّاظِرِينَ إِلَيْهِ ، وَالْمُتَعَرِّفِينَ لَهُ ، فِي أَعْفى عافِيَتِكَ وَأَتَمِّ نِعْمَتِكَ (2) ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ.

اللّهُمَّ يا رَبِّيَ الَّذِي لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرُهُ ، لا يَكُونُ هذَا الْوَداعُ مِنِّي وَداعَ فَناءٍ ، وَلا آخِرِ الْعَهْدِ مِنَ اللِّقاءِ ، حَتّى تُرِيَنِيهِ (3) مِنْ قابِلٍ فِي أَسْبَغِ النِّعَمِ ، وَأَفْضَلِ الرَّجاءِ ، وَأَنَالَكَ عَلى أَحْسَنِ الْوَفاءِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ اسْمَعْ دُعائِي ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَتَذَلُّلِي لَكَ ، وَاسْتِكانَتِي وَتَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، فَأَنَا لَكَ سِلْمٌ ، لا أَرْجُو نَجاحاً ، وَبلا مُعافاةً وَلا تَشْرِيفاً وَلا تَبْلِيغاً ، إِلاَّ بِكَ وَمِنْكَ.

فَامْنُنْ عَلَيَّ جَلَّ ثَناؤُكَ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ بِتَبْلِيغِي شَهْرَ رَمَضانَ ، وَأَنَا

ص: 431


1- الحوز : الجمع وضم الشيء.
2- أَنعم نعمتك (خ ل).
3- ترينه (خ ل).

مُعافى مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَمَحْذُورٍ ، وَمِنْ جَمِيعِ الْبَوائِقِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعانَنا عَلى صِيامِ هذَا الشَّهْرِ وَقِيامِهِ ، حَتّى بَلَغَنا آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ (1).

قال الشيخ أَبو جعفر الطوسيّ رحمه اللّه في الأصل الّذي نقلنا منه ، هذا الوداع بخطّه ما هذا لفظه :

إِلى هاهنا رواية الكلينيّ ، وروى إِبراهيم بن إِسحاق الأحمريّ عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ ، عن أَبي بصير ، وعن جماعة من أَصحابه ، عن سعدان بن مسلم ، عن أَبي بصير ، عن أَبي عبد اللّه عليه السلام مثل ذلك ، وزاد فيه :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَحَبِّ ما دُعِيتَ بِهِ ، وَأَرْضى ما رَضِيتَ بِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلْ وَداعِي وَداعَ شَهْرِ رَمَضانَ ، وِداعَ خُرُوجِي مِنَ الدُّنْيا ، وَلا وَداعَ آخِرِ عِبادَتِكَ فِيهِ ، وَلا آخِرَ صَوْمِي لَكَ ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ فِيهِ ، ثُمَّ الْعَوْدَ فِيهِ بِرَحْمَتِكَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَاجْعَلْها لِي خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، يا رَبَّ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، رَبَّ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَالْجِبَالِ وَالْبِحارِ ، وَالظُّلَمِ وَالْأَنْوارِ ، وَالْأَرْضِ وَالسَّماءِ.

يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا حَنَّانُ يا مَنّانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ (2) ، يا قَيُّومُ يا بَدِيعُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَالْأَمْثالُ الْعُلْيا ، وَالْكِبْرِياءُ وَالآلاءُ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً.

وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً لا يَشُوبُهُ شَكٌّ ، وَرِضا بِما قَسَمْتَ لِي ، وَأَنْ تُؤْتِيَنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَأَنْ تَقِيَنِي

ص: 432


1- عنه البحار 98 : 176 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 579 ، عنه المستدرك 7 : 477.
2- يا رحمن يا رحيم (خ ل).

عَذابَ النَّارِ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ ، وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ وَلا يُغَيَّرُ ، أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذَنْبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَاجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يَسْأَلِ الْعِبادُ مِثْلَكَ جُوداً وَكَرَماً ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يُرْغَبْ إِلى مِثْلِكَ ، أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ ، وَمُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، أَسْأَلُكَ بِأَعْظَمِ الْمَسائِلِ كُلِّها وَأَفْضَلِها وَأَنْجَحِها ، الَّتِي يَنْبَغِي لِلْعِبادِ أَنْ يَسْأَلُوكَ بِها.

يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، وَبِأَسْمائِكَ ، ما عَلِمْتُ مِنْها وَما لَمْ أَعْلَمْ ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى ، وَأَمْثالِكَ الْعُلْيا ، وَبِنِعْمَتِكَ الَّتِي لا تُحْصى ، وَبِأَكْرَمِ أَسْمائِكَ عَلَيْكَ ، وَأَحَبِّها إِلَيْكَ ، وَأَشْرَفِها عِنْدَكَ مَنْزِلَةً ، وَأَقْرَبِها مِنْكَ وَسِيلَةً ، وَأَجْزَلِها مِنْكَ ثَواباً ، وَأَسْرَعِها لَدَيْكَ إِجابَةً.

وَبِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْمَخْزُونِ ، الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، الْأَكْبَرِ الْأَجَلِّ الَّذِي تُحِبُّهُ وَتَهْواهُ ، وَتَرْضى عَمَّنْ دَعاكَ بِهِ ، وَتَسْتَجِيبَ لَهُ دُعاءَهُ ، وَحَقٌّ عَلَيْكَ أَلاَّ تَخِيبَ سائِلَكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، فِي التَّوْراةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ دَعاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ ، وَمَلائِكَةُ سَماواتِكَ ، وَجَمِيعُ الْأَصْنافِ مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ نَبِيٍّ أَوْ صِدِّيقٍ أَوْ شَهِيدٍ ، وَبِحَقِّ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ ، الْمُقَرَّبِينَ مِنْكَ ، الْمُتَعَوِّذِينَ بِكَ ، وَبِحَقِّ مُجاوِرِي بَيْتِكَ الْحَرامِ ، حُجّاجاً وَمُعْتَمِرِينَ ، وَمُقَدَّسِينَ ، وَالْمُجاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ عَبْدٍ مُتَعَبِّدٍ لَكَ ، فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ.

أَدْعُوكَ دُعاءَ مَنْ قَدْ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَعَظُمَ جُرْمُهُ ، وَضَعُفَ

ص: 433

كَدْحُهُ ، دُعاءَ مَنْ لا يَجِدُ لِنَفْسِهِ سادّاً ، وَلا لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً (1) ، وَلا لِذَنْبِهِ غافِراً غَيْرَكَ ، هارِباً إِلَيْكَ ، مُتَعَوِّذاً بِكَ ، مُتَعَبِّداً لَكَ ، غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ (2) وَلا مُسْتَنْكِفٍ ، خائِفاً بائِساً فَقِيراً ، مُسْتَجِيراً بِكَ.

أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ ، وَجَبَرُوتِكَ وَسُلْطانِكَ ، وَبِمُلْكِكَ وَبِبَهائِكَ ، وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، وَبِآلائِكَ وَحُسْنِكَ وَجَمالِكَ ، وَبِقُوَّتِكَ عَلى ما أَرَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ.

أَدْعُوكَ يا رَبِّ خَوْفاً وَطَمَعاً ، وَرَهْبَةً وَرَغْبَةً ، وَتَخَشُّعاً وَتَمَلُّقاً ، وَتَضَرُّعاً ، وَإِلْحافاً وَإِلْحاحاً ، خاضِعاً لَكَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ.

يا قُدُّوسُ يا قُدُّوسُ يا قُدُّوسُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، أَعُوذُ بِكَ يا اللّهُ ، الْواحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الْوِتْرُ الْكَبِيرُ (3) الْمُتَعالُ.

وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي تَمْلأُ أَرْكانَ عَرْشِكَ كُلَّها ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي شَهْرَ رَمَضانَ ، وَصِيامَهُ وَقِيامَهُ ، وَفَرْضَهُ وَنَوافِلَهُ.

وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ وَعَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي إِيّاهُ وَداعَ خُرُوجِي مِنَ الدُّنْيا.

اللّهُمَّ أَوْجِبْ لِي مِنْ رَحْمَتِكَ وَمَغْفِرَتِكَ ، وَرِضْوانِكَ وَخَشْيَتِكَ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ أَحَداً مِمَّنْ عَبَدَكَ فِيهِ.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي اخْسَرَ مَنْ سَأَلَكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ أَعْتَقْتَهُ فِي هذَا الشَّهْرِ مِنَ النَّارِ ، وَغَفَرْتَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما تَأَخَّرَ ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ أَفْضَلَ ما رَجاكَ وَأَمَّلَهُ مِنْكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 434


1- معولاً (خ ل).
2- متكبر (خ ل).
3- المتكبر (خ ل).

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي الْعَوْدَ فِي صِيامِهِ ، وَعِبادَتِكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ كَتَبْتَهُ فِي هذا الشَّهْرِ مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَغْفُورِ لَهُمْ ذَنْبُهُمْ ، الْمُتَقَبَّلِ عَمَلُهُمْ ، آمِينَ آمِينَ آمِينَ ، رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ لا تَدَعْ لِي فِيهِ ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيئَةً إِلاَّ مَحَوْتَها ، وَلا عَثْرَةً إِلاَّ أَقَلْتَها ، وَلا دَيْناً إِلاَّ قَضَيْتَهُ ، وَلا عَيْلَةً إِلاَّ أَغْنَيْتَها ، وَلا هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا فاقَةً إِلاّ سَدَدْتَها ، وَلا عُرْياً إِلاَّ كَسَوْتَهُ ، وَلا مَرَضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ ، وَلا داءً إِلاَّ أَذْهَبْتَهُ ، وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِلاَّ قَضَيْتَها عَلى أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجائِي فِيكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، وَلا تُذِلَّنا بَعْدَ إِذْ أَعْزَزْتَنا ، وَلا تَضَعْنا بَعْدَ إِذْ رَفَعْتَنا ، وَلا تُهِنّا بَعْدَ إِذْ أَكْرَمْتَنا ، وَلا تُفْقِرْنا بَعْدَ إِذْ أَغْنَيْتَنا ، وَلا تَمْنَعْنا بَعْدَ إِذْ أَعْطَيْتَنا ، وَلا تَحْرِمْنا بَعْدَ إِذْ رَزَقْتَنا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئاً مِنْ نِعَمِكَ عَلَيْنا ، وَإِحْسانِكَ إِلَيْنا لِشَيْءٍ كانَ مِنْ ذُنُوبِنا ، وَلا لِما هُوَ كائِنٌ مِنّا ، فَانَّ فِي كَرَمِكَ وَعَفْوِكَ وَفَضْلِكَ سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنا ، فَاغْفِرْ لَنا وَتَجاوَزْ عَنّا ، وَلا تُعاقِبْنا عَلَيْها ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ أَكْرِمْنِي فِي مَجْلِسِي هذا كَرامَةً لا تُهِينُنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَعِزَّنِي عِزّاً لا تُذِلُّنِي بَعْدَهُ أَبَداً ، وَعافِنِي عافِيَةً لا تَبْتَلِيَنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَارْفَعْنِي رِفْعَةً لا تَضَعُنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ، وَشَرَّ كُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اللّهُمَّ ما كانَ (1) فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رَيْبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَطَرٍ أَوْ بَذَخٍ أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ رِياءٍ أَوْ سُمْعَةٍ ، أَوْ شِقاقٍ أَوْ نِفاقٍ ، أَوْ كُفْرٍ أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ مَعْصِيَةٍ أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ عَلَيْهِ وَلِيّاً لَكَ.

ص: 435


1- وما كان (خ ل).

فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَمْحُوَهُ مِنْ قَلْبِي ، وَتُبَدِّلَنِي مَكانَهُ إِيماناً بِكَ ، وَرِضا بِقَضائِكَ ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ وَوَجِلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً فِي الدُّنْيا ، وَرَغْبَةً فِيما عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ ، وَطُمَأْنِينَةً إِلَيْكَ ، وَتَوْبَةً نَصُوحاً إِلَيْكَ.

اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ بَلَّغْتَناهُ وَإِلاَّ فَأَخِّرْ آجالَنا إِلى قابِلٍ حَتّى تُبَلِّغَناهُ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (1).

وداع آخر لشهر رمضان رويناه بإسنادنا إِلى أَبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبري رضي اللّه عنه بإسناده إِلى أَبي عبد اللّه عليه السلام قال : من ودّع شهر رمضان في آخر ليلة منه وقال :

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيامِي لِشَهْرِ رَمَضانَ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللَّيْلَةِ إِلاَّ وَقَدْ غَفَرْتَ لِي.

غفر اللّه تعالى له قبل أَن يصبح ، ورزقه الإنابة إِليه (2).

وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدّعوات :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يُدْرِكُ الْعُلَماءُ عِلْمَهُ ، وَلا يَسْتَخِفُّ الْجُهّالُ حِلْمَهُ ، وَلا يُحْسِنُ الْخَلائِقُ وَصْفَهُ ، وَلا يَخْفى عَلَيْهِ ما فِي الصُّدُورِ ، خَلَقَ خَلْقَهُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ وَلا مِثالٍ ، بِلا تَعَبٍ وَلا نَصَبٍ وَلا تَعْلِيمٍ ، وَرَفَعَ السَّماواتِ الْمَوْطُوداتِ بِلا أَصْحابٍ وَلا أَعْوانٍ ، وَبَسَطَ الْأَرْضَ عَلَى الْهَواءِ بِغَيْرِ أَرْكانٍ.

عَلِمَ بِلا تَعْلِيمٍ (3) ، وَخَلَقَ بِلا مِثالٍ ، عِلْمُهُ بِخَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَوِّنَهُمْ ، كَعِلْمِهِ بِهِمْ بَعْدَ تَكْوِينِهِ لَهُمْ ، لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ لِتَشْدِيدِ سُلْطانٍ ، وَلا لِخَوْفٍ مِنْ زَوالٍ وَلا نُقْصانٍ ، وَلا اسْتَعانَ بِخَلْقِهِ عَلى ضِدٍّ مُكابِرٍ ، وَلا نِدٍّ مُشاوِرٍ ، ما لِسُلْطانِهِ حَدٌّ ،

ص: 436


1- رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 636 - 642 ، عنه البحار 98 : 176 - 181.
2- عنه البحار 98 : 181.
3- بغير تعليم (خ ل).

وَلا لِمُلْكِهِ نَفادٌ ، تَقَدَّسَ بِنُورِ قُدْسِهِ ، دَنا فَعَلا ، وَعَلا فَدَنا.

فَلَهُ الْحَمْدُ حَمْداً يَنْتَهِي مِنْ سَمائِهِ إِلى ما لا نِهايَةَ لَهُ فِي اعْتِلائِهِ ، حَسُنَ فِعالُهُ ، وَعَظُمَ جَلالُهُ ، وَأَوْضَحَ بُرْهانُهُ.

فَلَهُ الْحَمْدُ زِنَةَ الْجِبَالِ ثِقْلاً ، وَعَدَدَ الْماءِ وَالثَّرى ، وَعَدَدَ ما يُرى وَعَدَدَ ما لا يُرى.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كانَ إِذا لَمْ تَكُنْ أَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ ، وَلا سَماءٌ مَبْنِيَّةٌ ، وَلا جِبالٌ مَرْسِيَّةٌ ، وَلا شَمْسٌ تَجْرِي ، وَلا قَمَرٌ يَسْرِي ، وَلا لَيْلٌ يَدْجِي ، وَلا نَهارٌ يضحى ، اكْتَفى بِحَمْدِهِ عَنْ حَمْدِ غَيْرِهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِالْحَمْدِ وَدَعا بِهِ ، فَهُوَ وَلِيُّ الْحَمْدِ وَمُنْشِئُهُ ، وَخالِقُهُ وَواهِبُهُ ، مَلِكَ فَقَهَرَ ، وَحَكَمَ فَعَدَلَ ، وَأَضاءَ فَاسْتَنارَ ، هُوَ كَهْفُ الْحَمْدِ وَقَرارُهُ ، وَمِنْهُ مُبْتَداهُ وَإِلَيْهِ مُنْتَهاهُ ، اسْتَخْلَصَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ ، وَرَضِيَ بِهِ مِمَّنْ حَمِدَهُ.

فَهُوَ الْواحِدُ بِلا نِسْبَةٍ ، الدَّائِمُ بِلا مُدَّةٍ ، الْمُتَفَرِّدُ بِالْقُوَّةِ ، الْمُتَوَحِّدُ بِالْقُدْرَةِ ، لَمْ يَزَلْ مُلْكُهُ عَظِيماً وَمَنُّهُ قَدِيماً ، وَقَوْلُهُ رَحِيماً ، وَأَسْماؤُهُ ظاهِرَةٌ ، رَضِيَ مِنْ عِبادِهِ بَعْدَ الصُّنْعِ أَنْ قالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ جَمِيعِ ما خَلَقَ وَزِنَتَهُ ، وَأَضْعافَ ذلِكَ أَضْعافاً لا تُحْصى ، عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ ، وَعَلى ما هَدانا وَآتانا وَقَوَّانا ، بمَنِّهِ عَلى صِيام شَهْرنا هذا ، وَمَنَّ عَلَيْنا بِقِيامِ بَعْضِ لَيْلِهِ ، وَآتانا ما لَمْ نَسْتَأْهِلْهُ وَلَمْ نَسْتَوْجِبْهُ بِأَعْمالِنا ، فَلَكَ الْحَمْدُ.

اللّهُمَّ رَبَّنا فَأَنْتَ مَنَنْتَ عَلَيْنا فِي شَهْرِنا هذا بِتَرْكِ لَذّاتِنا ، وَاجْتِنابِ شَهَواتِنا ، وَذلِكَ مِنْ مَنِّكَ عَلَيْنا لا مِنْ مَنِّنا (1) عَلَيْكَ ، رَبَّنا فَلَيْسَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْنا نُحُولُ أَجْسامِنا وَنَصْبُ أَبْدانِنا ، وَلكِنْ أَعْظَمُ الْأَمْرَيْنِ.

وَأَجَلُّ الْمَصائِبِ عِنْدَنا ، أَنْ (2) خَرَجْنا مِنْ شَهْرِنا هذا مُحْتَقِبِينَ الْخَيْبَةِ (3) ،

ص: 437


1- منّا (خ ل).
2- ما ان (خ ل).
3- احتقب الإثم : جمعه كأنّه احتمله من خلفه.

مَحْرُومِينَ ، قَدْ خابَ طَمَعُنا وَكَذِبَ ظَنُّنا.

فَيا مَنْ لَهُ صُمْنا ، وَوَعْدَهُ صَدَّقْنا ، وَأَمْرَهُ اتَّبَعْنا ، وَإِلَيْهِ رَغِبْنا ، لا تَجْعَلِ الْحِرْمانَ حَظَّنا ، وَلا الْخَيْبَةَ جَزاءَنا ، فَإِنَّكَ إِنْ حَرَمْتَنا ، فَأَهْلُ ذلِكَ نَحْنُ ، لِسُوءِ صَنِيعِنا ، وَكَثْرَةِ خَطايانا ، وَإِنْ تَعْفُ عَنّا رَبَّنا وَتَقْضِ حَوائِجَنا ، فَأَنْتَ أَهْلُ ذلِكَ مَوْلانا.

فَطالَما بِالْعَفْوِ عِنْدَ الذُّنُوبِ اسْتَقْبَلْتَنا ، وَبِالرَّحْمَةِ لَدَى اسْتِيجابِ عُقُوبَتِكَ أَدْرَكْتَنا ، وَبِالتَّجاوُزِ وَالسِّتْرِ عِنْدَ ارْتِكابِ مَعاصِيكَ كافَيْتَنا ، وَبِالضَّعْفِ وَالْوَهْنِ ، وَكَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَالْعَوْدِ فِيها عَرَّفْتَنا وَبِالتَّجاوُزِ ، وَالْعَفْوِ عَرَفْناكَ.

رَبَّنا فَمُنَّ عَلَيْنا بِعَفْوِكَ يا كَرِيمُ ، فَقَدْ عَظُمَتْ (1) مُصِيبَتُنا وَكَثُرَ أَسَفُنا عَلى مُفارَقَةِ شَهْرٍ كَبُرَ فِيهِ أَمَلُنا ، قَدْ خَفِيَ عَلَيْنا ، عَلى أَيِّ الْحالاتِ فارَقَنا؟ وَبِأَيِّ الزّادِ مِنْهُ خَرَجْنا؟ أَبِاحْتِقابِ (2) الْخَيْبَةِ لِسُوءِ صَنِيعِنا ، أَمْ بِجَزِيلِ عَطائِكَ بِمَنِّكَ مَوْلانا وَسَيِّدَنا ، فَعَلى شَهْرِ صَوْمِنا الْعَظِيمِ فِيهِ رَجاؤُنا السَّلامُ.

فَلَوْ عَقَلْنا مُصِيبَتَنا لِمُفارَقَةِ شَهْرِ أَيَّامِ صَوْمِنا عَلى ضَعْفِ اجْتِهادِنا فِيهِ ، لَاشْتَدَّ لِذلِكَ حُزْنُنا ، وَعَظُمَ عَلى ما فاتَنا فِيهِ مِنَ الاجْتِهادِ تَلَهُّفُنا.

اللّهُمَّ فَاجْعَلْ عِوَضَنا مِنْ شَهْرِ صَوْمِنا مَغْفِرَتَكَ وَرَحْمَتَكَ ، رَبَّنا وَإِنْ كُنْتَ رَحِمْتَنا فِي شَهْرِنا هذا فَذلِكَ ظَنُّنا وَأَمَلُنا ، وَتِلْكَ حاجَتُنا ، فَازْدَدْ عَنّا رِضا ، وَإِنْ كُنّا حُرِمْنا ذلِكَ بِذُنُوبِنا.

فَمِنَ الآنِ رَبَّنا لا تُفَرِّقْ جَماعَتَنا حَتّى تَشْهَدَ لَنا بِعِتْقِنا وَتُعْطِيَنا فَوْقَ أَمَلِنا ، وَتَزِيدَنا فَوْقَ طَلِبَتِنا ، وَتَجْعَلْ شَهْرَنا هذا أَماناً لَنا مِنْ عَذابِكَ ، وَعِصْمَةً لَنا ما أَبْقَيْتَنا.

وَإِنْ أَنْتَ بَلَّغْتَنا شَهْرَ رَمَضانَ أَيْضاً فَبَلِّغْنا غَيْرَ عائِدِينَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَكْرَهُ ، وَلا مُخالِفِينَ لِشَيْءٍ مِمّا تُحِبُّ ، ثُمَّ بارِكْ لَنا فِيهِ ، وَاجْعَلْنا أَسْعَدَ أَهْلِهِ بِهِ.

ص: 438


1- عظم (خ ل).
2- احتقب فلان الإثم : جمعه.

وَإِنْ أَتَتْ آجالُنا دُونَ ذلِكَ ، فَاجْعَلِ الْجَنَّةَ مُنْقَلَبَنا وَمَصِيرَنا ، وَاجْعَلْ شَهْرَنا هذا أَماناً لَنا مِنْ أَهْوالِ ما يَرِدُ عَلَيْنا (1) ، وَاجْعَلْ خُرُوجَنا إِلى مُصَلاّنا وَمُجْتَمَعِنا خُرُوجاً مِنْ جَمِيعِ ذُنُوبِنا ، وَوُلُوجاً فِي سابِغاتِ رَحْمَتِكَ ، وَاجْعَلْنا أَوْجَهَ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ ، وَأَقْرَبَ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ ، وَأَنْجَحَ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَدَعاكَ فَأَجَبْتَهُ.

وَأَقْلِبْنا مِنْ مُصَلاّنا ، وَقَدْ غَفَرْتَ لَنا ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِنا ، وَعَصَمْتَنا فِي بَقِيَّةِ أَعْمارِنا ، وَأَسْعَفْتَنا بِحَوائِجِنا ، وَأَعْطَيْتَنا جَمِيعَ خَيْرِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيا ، ثُمَّ لا تُعِدْنا فِي ذَنْبٍ وَلا مَعْصِيَةٍ أَبَداً ، وَلا تُطْعِمْنا رِزْقاً تَكْرَهُهُ أَبَداً ، وَاجْعَلْ لَنا فِي الْحَلالِ مَفْسَحاً وَمُتَّسَعاً.

اللّهُمَّ وَنَبِيَّكَ الْمُجِيبَ الْمُكَرَّمَ الرَّاسِخَ لَهُ فِي قُلُوبِ أُمَّتِهِ خالِصِي الْمَحَبَّةِ لِصَفْوِ نَصِيحَتِهِ لَهُمْ ، وَشِدَّةِ شَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَلِتَبْلِيغِهِ رِسالاتِكَ ، وَصَبْرِهِ فِي ذاتِكَ وَتَحَنُّنِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبادِكَ.

فَاجْزِهِ اللّهُمَّ عَنَّا أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ عَدَدَ كَلِماتِكَ التّامّاتِ ، أَنْتَ وَمَلائِكَتُكَ ، وَارْفَعْهُ إِلى أَعْلَى الدَّرَجِ ، وَأَشْرَفِ الْغُرَفِ ، حَيْثُ يَغْبِطُهُ الْأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ ، وَنَضِّرْ (2) وُجُوهَنا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ فِي جِنانِكَ ، وَأَقِرَّ أَعْيُنَنا ، وَأَنِلْنا مِنْ حَوْضِهِ رَيّاً لا ظَمَأَ بَعْدَهُ وَلا شَقاءَ ، وَبَلِّغْ رُوحَهُ مِنْكَ تَحِيَّةً وَسَلاماً مِنّا ، مُسْتَشْهِداً لَهُ (3) بِالْبَلاغِ وَالنَّصِيحَةِ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَبَلِّغْ أَرْواحَهُمْ مِنَّا السَّلامَ ، وَشَهادَتَنا لَهُمْ بِالنَّصِيحَةِ وَالْبَلاغِ ، وَصَلِّ عَلى مَلائِكَتِكَ أَجْمَعِينَ ، وَاجْزِ نَبِيَّنا عَنّا أَفْضَلَ الْجَزاءِ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِمَنْ وَلَدَنا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، الأَحْياءِ مِنْهُمْ

ص: 439


1- ترد عليه (خ ل).
2- النضرة : الحسن والرونق.
3- فنشهد له (خ ل).

وَالْأَمْواتِ ، وَأَدْخِلْ عَلى أَسْلافِنا مِنْ أَهْلِ الإِيمانِ الرَّوْحَ وَالرَّحْمَةَ (1) ، وَالضِّياءَ وَالْمَغْفِرَةَ.

اللّهُمَّ انْصُرْ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاسْتَنْقِذْ أُساراهُمْ ، وَاجْعَلْ جائِزَتَكَ لَهُمْ جَنَّاتَ النَّعِيمِ.

اللّهُمَّ اطْوِ لِحُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَعُمّاره الْبُعْدَ ، وَسَهِّلْ لَهُمُ الْحُزْنَ ، وَارْجِعْهُمْ غانِمِينَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ ، مَغْفُوراً لَهُمْ كُلَّ ذَنْبٍ ، وَمَنْ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ الْحَجَّ مِنْ امَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَيَسِّرْ لَهُ ذلِكَ ، وَاقْضِ عَنْهُ فَرِيضَتَكَ ، وَتَقَبَّلْها مِنْهُ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ وَفَرِّجْ عَنْ مَكْرُوبِي امَّةِ أَحْمَدَ ، وَمَنْ كانَ مِنْهُمْ فِي غَمٍّ أَوْ هَمٍّ ، أَوْ ضَنْكٍ أَوْ مَرَضٍ ، فَفَرِّجْ عَنْهُ ، وَأَعْظِمْ أَجْرَهُ.

اللّهُمَّ وَكَما سَأَلْتُكَ فَافْعَلْ ذلِكَ بِنا ، وَبِجمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَأَشْرِكْنا فِي صالِحِ دُعائِهِمْ ، وَأَشْرِكْهُمْ فِي صالِحِ دُعائِنا.

اللّهُمَّ اجْعَلْ (2) بَعْضَنا عَلى بَعْضٍ بَرَكَةً ، اللّهُمَّ وَما سَأَلْناكَ أَوْ لَمْ نَسْأَلْكَ ، مِنْ جَمِيعِ الْخَيْرِ كُلِّهِ فَأَعْطِناهُ ، وَما نَعُوذُ بِكَ مِنْهُ ، أَوْ لَمْ نَعُذْ مِنْ جَمِيعِ الشَّرِّ كُلِّهِ ، فَأَعِذْنا مِنْهُ بِرَحْمَتِكَ ، وَ ( آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) .

اللّهُمَّ وَاجْمَعْ لَنا خَيْرَ الآخِرَةِ وَالدُّنْيا وَأَعِذْنا مِنْ شَرِّهِما ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).

وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في نسخة عتيقة بخطّ الرّضي الموسويّ :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَحَبِّ ما دُعِيتَ بِهِ ، وَأَرْضى ما رَضِيتَ بِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ

ص: 440


1- الراحة (خ ل).
2- واجعل (خ ل).
3- عنه البحار 98 : 184 - 181.

وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ (1) عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَلا تَجْعَلْ آخِرَ وَداعِ شَهْرِي هَذا ، وَداعَ خُرُوجِي مِنَ الدُّنْيا ، وَلا وَداعَ آخِرَ عِبادَتِكَ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَاجْعَلْها لِي خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَعَ تَضاعُفِ الْأَجْرِ وَالإِجابَةِ ، وَالْعَفْوِ عَنِ الذَّنْبِ بِرِضى الرَّبِ (2).

دعاء آخر وجد في عقيب هذا الوداع :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا مُبْدِئَ الْبَدايا وَيا مُصَوِّرَ الْبَرايا ، وَيا خالِقَ السَّماءِ ، وَيا إِلهَ مَنْ بَقِيَ وَمَنْ مَضى ، وَيا مَنْ رَفَعَ السَّماءَ وَسَطَحَ الْأَرْضَ ، وَبِأَنَّكَ تَبْعَثُ أَرْواحَ أَهْلِ الْبَلايا (3) بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ عَلى عِبادِكَ وَإِمائِكَ الْأَذِلاَّءِ ، وَبِأَنَّكَ تَبْعَثُ الْمَوْتَى ، وَتُمِيتُ الْأَحْياءَ وَتُحْيِي الْمَوْتى ، وَأَنْتَ رَبُّ الشِّعْرى ، وَمَناةِ الثَّالِثَةِ الأُخْرى.

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ (4) ، عَدَدَ الْحَصى وَالثَّرى ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، صَلاةً تَكُونُ لَكَ رِضا.

وَارْزُقْنِي بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْزِلَتِهِمْ فِي هذا الشَّهْرِ الْمُبارَكِ النُّهى وَالتُّقى ، وَالصَّبْرَ عَلَى (5) الْبَلاءِ ، وَالْعَوْنَ عَلَى الْقَضاءِ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْعافِيَةِ وَالْمُعافاةِ ، وَهَبْ لِي يَقِينَ أَهْلِ التُّقى ، وَأَعْمالَ أَهْلِ النُّهى.

فَإِنَّكَ تَعْلَمُ يا إِلهِي ضَعْفِي عِنْدَ الْبَلاءِ ، فَاسْتَجِبْ لِي فِي شَهْرِكَ الَّذِي عَظَّمْتَ بَرَكَتَهُ الدُّعاءَ.

وَاجْعَلْنِي إِلهِي فِي الدِّينِ وَالدُّنْيا ، وَالاخِرَةِ مَعَ مَنْ أَتَوَلَّى وَأَتَوالى ، وَلا تُلْحِقْنِي بِمَنْ مَضى مِنْ أَهْلِ الْجُحُودِ فِي هذِهِ الدُّنْيا ، وَاجْعَلْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ فِي كُلِّ عافِيَةٍ وَبَلاءٍ ، وَكُلِّ شِدَّةٍ وَرَخاءٍ ،

ص: 441


1- أَهل بيته (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 184.
3- البلاء (خ ل).
4- أَهل بيته (خ ل).
5- عند (خ ل).

وَاحْشُرْنِي مَعَهُمْ يَوْمَ يُحْشَرُ النَّاسُ ضُحى ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْزِلَتِهِمْ عَذابَ الآخِرَةِ وَخِزْيِ الدُّنْيا ، وَفَقْرِها وَفاقَتِها ، وَالْبَلاءِ يا مَوْلانا (1) ، يا وَلِيَّ نعْمتاهُ ، آمِينَ آمِينَ يا رَبّاهُ.

ثمّ صلّ على محمّد وعلى أَهل بيته عليه وعليهم السلام ، وسل حوائجك تقضى إِن شاء اللّه تعالى (2).

وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدعوات :

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى نِعَمِهِ الْمُتَظاهِرَةِ ، وَأَيادِيهِ الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ ، عَلى ما أَوْلانا وَخَصَّنا بِكَرامَتِهِ إِيّانا وَفَضْلِهِ ، وَعَلى ما أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنا ، وَتَصَرُّمِ شَهْرِنا الْمُبارَكُ مَقْضِيّاً عَنّا ما افْتَرَضَ عَلَيْنا مِنْ صِيامِهِ وَقِيامِهِ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ الطَّيِّبِينَ ، الَّذِينَ اذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، وَأَنْ تَتَقَبَّلَ مِنَّا ، وَأَنْ تَرْزُقْنا ما تُؤْتِينا فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ ، وَتُعْطِينا ما أَمَّلْنا وَرَجَوْنا فِيهِ مِنَ الثَّوابِ ، وَأَنْ تُزَكِّيَ أَعْمالَنا ، وَتَتَقَبَّلَ إِحْسانَنا ، فَإِنَّكَ وَلِيُّ النِّعْمَةِ كُلِّها ، وَإِلَيْكَ الرَّغْبَةُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ (3).

فصل : واعلم أَنّك تدعي في بعض هذه الوداعات أَنّ شهر رمضان أَحزنك فراقه وفقده ، وأَوجعك ما فاتك من فضله ورفده ، فيراد منك تصديق هذه الدّعوى بأن يكون على وجهك أَثر الحزن والبلوى ، ولا تختم آخر يوم منه بالكذب في المقال ، والخلل في الفعال (4).

ومن وظائف الشيعة الإماميّة بل من وظائف الأمّة المحمديّة أَن يستوحشوا في هذه الأوقات ، ويتأسّفوا عند أَمثال هذه المقامات على ما فاتهم من أَيّام المهدي الّذي بشّرهم

ص: 442


1- يا مولاه (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 185 - 184.
3- عنه البحار 98 : 185.
4- الأفعال (خ ل).

ووعدهم به جدّه محمّد عليهما أَفضل الصلوات على قدومه ، ما لو كان حاضرا ظفروا به من السّعادات ، ليراهم اللّه جلّ جلاله على قدم الصفا والوفاء لملوكهم الّذين كانوا سبب سعادتهم في الدنيا ويوم الوعيد وليقولوا ما معناه :

اردّد طرفي في الدّيار فلا أَرى

وجوه أَحبّائي الّذين أريد

فالمصيبة بفقده على أَهل الأديان ، أَعظم من المصيبة بفقد شهر رمضان ، فلو كانوا قد فقدوا والدا شفيقا أَو أَخا معاضدا شقيقا ، أو ولدا بارّا رفيقا ، أما كانوا يستوحشون لفقده ، ويتوجّعون لبعده ، وأَين الانتفاع بهؤلاء من الانتفاع بالمهديّ خليفة خاتم الأنبياء ، وإِمام عيسى بن مريم في الصّلاة والولاء ، ومزيل أَنواع البلاء ومصلح أمور جميع من تحت السّماء.

ذكر ما يحسن أَن يكون أَواخر ملاطفته لمالك نعمته ، واستدعاء رحمته :

وهو ما رويناه بإسنادنا إِلى الشيخ أَبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبري رضي اللّه عنه بإسناده إِلى محمّد بن عجلان قال : سمعت أَبا عبد اللّه عليه السلام يقول : كان عليّ بن الحسين عليه السلام إِذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أَمة ، وكان إِذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده أَذنب فلان ، أَذنبت فلانة ، يوم كذا وكذا ، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب (1).

حتّى إِذا كان آخر ليلة من شهر رمضان ، دعاهم وجمعهم حوله ، ثمّ أَظهر الكتاب ثمّ قال : يا فلان فعلت كذا وكذا ولم اؤدّبك أَتذكر ذلك؟ فيقول : بلى يا بن رسول اللّه ، حتّى يأتي على آخرهم ويقرّرهم جميعا.

ثمّ يقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أَصواتكم وقولوا : يا عليّ بن الحسين إِنَّ ربّك قد أَحصى عليك كلّ ما عملت ، كما أَحصيت علينا كلّ ما عملنا ، ولديه كتاب ينطق عليك بالحقّ ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أَتيت إِلاّ أَحصاها ، وتجد كلّ ما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلّ ما عملنا لديك حاضرا ، فاعف واصفح كما ترجو من المليك

ص: 443


1- الآداب (خ ل).

العفو وكما تحبّ أَن يعفو المليك عنك ، فاعف عنا تجده عفوّا ، وبك رحيما ، ولك غفورا ، ولا يظلم ربّك أَحدا ، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحقّ ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أَتيناها إِلاّ أَحصاها.

فاذكر يا عليّ بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربّك الحكم العدل الّذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل ، ويأتي بها يوم القيامة ، ( وَكَفى بِاللّهِ حَسِيباً ) وشهيدا ، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح ، فإنه يقول ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ ) (1).

قال : وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقّنهم ، وهم ينادون معه ، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ، ويقول :

ربّ إِنّك أَمرتنا أَن نعفو عمّن ظلمنا فقد ظلمنا أَنفسنا ، فنحن قد عفونا عمّن ظلمنا ، كما أَمرت ، فاعف عنّا فإنّك أَولى بذلك منّا ومن المأمورين ، وأَمرتنا أَن لا نردّ سائلا عن أَبوابنا ، وقد أَتيناك سؤالا (2) ومساكين ، وقد أَنحنا بفنائك وببابك ، نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك ، فامنن بذلك علينا ، ولا تخيّبنا فإنّك أَولى بذلك منّا ومن المأمورين ، إِلهي كرمت فأكرمني ، إِذ كنت من سؤالك ، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم.

ثمّ يقبل عليهم ويقول : قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي وممّا كان منّي إِليكم من سوء ملكة ، فانّي ملك سوء ، لئيم ظالم ، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضّل ، فيقولون : قد عفونا عنك يا سيّدنا وما أَسأت.

فيقول لهم : قولوا : اللّهمّ اعف عن عليّ بن الحسين كما عفى عنّا ، وأعتقه من النار كما أَعتق رقابنا من الرقّ ، فيقولون ذلك ، فيقول : اللّهمّ آمين يا ربّ العالمين ، اذهبوا فقد عفوت عنكم ، وأَعتقت رقابكم رجاء للعفو عنّي وعتق رقبتي فيعتقهم.

فإذا كان يوم الفطر أَجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عمّا في أَيدي الناس ، وما من سنة إِلاّ وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إِلى أَقلّ أو أَكثر.

ص: 444


1- النور : 22.
2- سائلا (خ ل).

وكان يقول : إِنَّ لله تعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الإفطار سبعين أَلف أَلف عتيق من النار ، كلاّ قد استوجب (1) النار ، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أَعتق فيها مثل ما أَعتق في جميعه ، وإِنّي لأحبّ أَن يراني اللّه ، وقد أَعتقت رقابا في ملكي في دار الدّنيا ، رجاء أَن يعتق رقبتي من النار.

وما استخدم خادما فوق حول ، كان إِذا ملك عبدا في أَوّل السنة أَو في وسط السنة ، إِذا كان ليلة الفطر أَعتق واستبدل سواهم في الحول الثاني ، ثمّ أَعتق كذلك كان يفعل حتّى لحق باللّه تعالى ، ولقد كان يشتري السودان وما به إِليهم من حاجة يأتي بهم إلى عرفات ، فيسدّ بهم تلك الفرج والخلال ، فإذا أَفاض أَمر بعتق رقابهم وجوائز لهم من المال (2).

أَقول : ومن وظائف هذه اللّيلة أَن يختم عملها على الوجه الّذي قدّمناه في أَوّل ليلة منه ، فإيّاك أَن تهوّن به أَو تعرض عنه.

ص: 445


1- استوجبوا (خ ل).
2- عنه البحار 46 : 105 ، 98 : 186 - 187 ، عنه مختصرا الوسائل 10 : 317.

الباب الخامس والثلاثون: فيما نذكره من عمل آخر يوم من شهر رمضان وفيه عدّة دعوات وزيادات

منها : الدعوات المتكررة كل يوم من شهر الصيام ، وقد قدمنا ذكرها في أول يوم من الشهر.

ومنها : ما يختصّ بيوم الثلاثين من الفصول الثلاثين :

فمن ذلك ما وجدناه في نسخة عتيقة من كتب الدعوات ، ما يقال آخر يوم من شهر رمضان :

اللّهُمَّ انَّكَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، تَفَضَّلْتَ عَلَيْنا فَهَدَيْتَنا ، وَمَنَنْتَ عَلَيْنا فَعَرَّفْتَنا ، وَاحْسَنْتَ إِلَيْنا فَاعَنْتَنا عَلى أَداءِ مَا افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنْ صِيامِ شَهْرِكَ شَهْرِ رَمَضانَ.

فَلَكَ الْحَمْدُ بِمَحامِدِكَ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نَعْمائِكَ كُلِّها ، حَتّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ الى ما تُحِبُّ وَتَرْضى (1).

وَهذا آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ فَاذا انْقَضى فَاخْتِمْهُ لَنا بِالسَّعادَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، وَالرِّزْقِ الْواسِعِ الْكَثِيرِ الطَّيِّبِ ، الَّذِي لا حِسابَ فِيهِ وَلا عَذابَ عَلَيْهِ ،

ص: 446


1- ترضاه (خ ل).

وَالْبَرَكَةِ وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُ ، وَأَهلهُ عَلَيْنا ، بِأَفْضَلِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ (1) وَالسُّرُورِ عَلَيَّ ، وَعَلى أَهْلِي وَوالِدِي وَذُرِّيَّتِي يا كَرِيمُ.

اللّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي انْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ وَقَدْ تَصَرَّمَ ، فَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ هذا الْيَوْمِ ، أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَلَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ ، تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي عَلَيْها (2) يَوْمَ أَلْقاكَ.

أَيْ مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِداوُدَ ، أَيْ كاشِفَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ عَنْ أَيُّوبَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَهَبْ لِي فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَكُلَّ تَبِعَةٍ وَذَنْبٍ لَكَ قِبَلِي ، وَاخْتِمْ لِي بِالرِّضا وَالْجَنَّةَ.

يا اللّهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الْمُبارَكِينَ الْأَخْيارِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

ومن ذلك ما وجدناه في كتب الدعوات : دعاء اليوم الثلاثين من شهر رمضان :

سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ، اولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ، إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، ما يَفْتَحِ اللّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ، وَما يُمْسِكُ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

سُبْحانَ اللّهِ بارِئِ النَّسَمِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمُصَوِّرِ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها ، سُبْحانَ اللّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، سُبْحانَ اللّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ اللّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، سُبْحانَ اللّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

ص: 447


1- الكرامة (خ ل).
2- بها (خ ل).

دعاء آخر في يوم آخر منه :

اللّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي فِيهِ (1) بِالشُّكْرِ وَالْقَبُولِ ، عَلى ما تَرْضاهُ وَيَرْضاهُ الرَّسُولُ ، مُحْكَمَةً فُرُوعُهُ بِالأُصُولِ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ (2) وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيارِ الْأَبْرارِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ.

ومنها : اعتبار جريدة أعمالك من أول الشهر إلى آخر يوم منه وقبل انفصاله.

فيجلس بين يدي مالك يوم الحساب على التراب أَو بحسب ما يتهيّأ جلوسه عليه بلزوم الآداب ، ويحاسب نفسه محاسبة المملوك الضعيف الحقير مع مالكه المطّلع على الكبير والصّغير.

فينظر ما كان عليه من حيث دخل دار ضيافة اللّه جل جلاله والحضور بين يديه ، ويعتبر معارفه باللّه جلّ جلاله وبرسوله صلوات اللّه عليه وآله ، وبخاصّته ، وبما عرفه من الأمور الّتي هي من مهامّ تكليفه في دنياه وتشريفه في آخرته.

وهل ازداد معرفة بها وحبّا لها وإقبالا عليها ونشاطا وميلا إليها ، أَم حاله في التقصير على ما دخل عليه في أوّل الشهر من سوء التدبير ، وكذلك حال رضاه بتدبير اللّه جل جلاله هل هو قام في جميع أموره ، أَو تارة يرضى وتارة يكره ما يختاره اللّه جل جلاله من تدبيره.

وكيف توكّله على اللّه جل جلاله ، هل هو على غاية ما يراد منه من السكون إلى مولاه ، أَو يحتاج إلى الثقة باللّه جلّ جلاله إلى غير اللّه جلّ جلاله من علائق دنياه.

وكيف تفويضه إلى مالك أَمره ، وكيف استحضاره بمراقبة (3) اطّلاع اللّه جلّ جلاله على سرّه ، وكيف أنسه باللّه في خلواته وجلواته ، وكيف وثوقه بوعود اللّه جلّ جلاله وتصديقه لانجاز عداته ، وكيف إيثاره لله جل جلاله على من سواه.

وكيف حبّه له وطلب قربه منه واهتمامه بتحصيل رضاه ، وكيف شوقه إلى

ص: 448


1- في هذا اليوم (خ ل).
2- بحق سيدنا محمد (خ ل).
3- المراقبة (خ ل).

الخلاص من دار الابتلاء والانتقال إلى منازل الأمان من الجفاء.

وهل هو مستثقل من التكليف ، أَو يعتقد انّ ذلك من أَفضل التشريف ، وكيف كراهته لما كره اللّه جلّ جلاله من الغيبة والكذب ، والنميمة والحسد ، وحبّ الرئاسة ، وكلّما يشغله عن مالك دنياه ومعاده.

وغير ذلك من الأسقام للأديان الّتي تعرض لإنسان دون انسان ، وفي زمان دون زمان ، بكلّ (1) مرض كان قد زال حمد اللّه جل جلاله على زواله ، وقام بما يتهيّأ له من قضاء حق إنعام اللّه جلّ جلاله وإِفضاله.

وليكن سروره بزوال أَمراض الأديان أهمّ عنده من زوال أَمراض الأبدان ، وأَكمل من المسارّ بالظفر بالغنى بالدرهم والدينار ، ليكون عليه شعار التصديق بمقدار التفاوت بين الانتفاع بالدنيا الفانية والآخرة الباقية.

أَقول : فان رأَى شيئا من أَمراضه وسوء أَغراضه قد تخلّف وما نفع فيه علاج الشهر بعبادته ، فليعتقد انّ الذّنب له وانّما أَتاه البلاء من جهته ، فيبكي بين يدي مالك رقبته ويستعين برحمته على إزالته.

ومنها : دعاء ختم القرآن :

فلا أقلّ ان يكون قد ختم ختمة واحدة في طول شهر رمضان ، كما تقدم ذكره في بعض الاخبار ، لمن يريد ان يقرء بتفكّر وتدبّر واعتبار.

وسيأتي في هذا الفصل كلمات تختصّ بالنبيّ والأئمة عليه وعليهم السلام ، فإذا أَراد غيرهم تلاوتها فيبدّلهما بما يناسب حاله من الكلام ، وهي قوله عليه السلام : «وَوَرثْتَنا عِلْمَهُ مُفَسَّراً - الى قوله : - فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ الْخَطِيبِ بِهِ».

وروى بإسناد متّصل (2) إلى أبي المفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني ، بإسناده إلى مولانا علي بن الحسين عليهما السلام قال : وكان من دعائه عليه السلام عند ختم القرآن :

ص: 449


1- فبكلّ - ظ.
2- بإسناد صحيح متصل (خ ل).

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَعَنْتَنِي عَلى خَتْمِ كِتابِكَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَهُ نُوراً ، وَجَعَلْتَهُ مُهَيْمِناً (1) عَلى كُلِّ كِتابِ أَنْزَلْتَهُ ، وَفَضَّلْتَهُ عَلى كُلِّ حَدِيثٍ قَصَصْتَهُ ، وَفُرْقاناً فَرَقْتَ بِهِ بَيْنَ حَلالِكَ وَحَرامِكَ ، وَقُرْاناً أَعْرَبْتَ (2) بِهِ عَنْ شَرائِعِ أَحْكامِكَ ، وَكِتاباً فَصَّلْتَهُ لِعِبادِكَ تَفْصِيلاً ، وَوَحْياً أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَهُ تَنْزِيلاً.

وَجَعَلْتَهُ نُوراً تَهْتَدِي بِهِ مِنْ ظُلَمِ الضَّلالَةِ وَالْجَهالَةِ بِاتِّباعِهِ ، وَشِفاءً لِمَنْ أَنْعَمْتَ بِفَهْمِ التَّصْدِيقِ إِلَى اسْتِماعِهِ ، وَمِيزانَ قِسْطٍ لا يَحِيفُ عَنِ الْحَقِ (3) لِسانُهُ ، وَنُورَ هُدىً لا يُطْفَأُ عَنِ (4) الشّاهِدِينَ بُرْهانُهُ ، وَعَلَمَ نَجاةٍ لا يَضِلُّ مَنْ أَمَّ سُنَّتَهُ ، وَلا تَنالُ أَيْدِي الْهَلَكاتِ مَنْ تَعَلَّقَ بِعُرْوَةِ عِصْمَتِهِ.

اللّهُمَّ فَاذْ قَدْ أَفَدْتَنا (5) الْمَعُونَةَ عَلى تِلاوَتِهِ ، وَسَهَّلْتَ حَواشِي (6) أَلْسِنَتِنا بِحُسْنِ عِبارَتِهِ ، فَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَرْعاهُ حَقَّ رِعايَتِهِ ، وَيُدِينُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ (7) لِمُحْكَمِ آياتِهِ ، وَيَفْزَعُ الَى الإِقْرارِ بِمُتَشابِهِهِ وَمُوضِحاتِ بَيِّناتِهِ (8).

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مُجْمَلاً ، وَأَلْهَمْتَهُ عِلْمَ عَجائِبِهِ مُكَمَّلاً ، وَوَرَّثْتَنا عِلْمَهُ مُفَسَّراً (9) ، وَفَضَّلْتَنا عَلى مَنْ جَهِلَ عِلْمَهُ ، وَقَوَّيْتَنا عَلَيْهِ لِتَرْفَعَنا فَوْقَ مَنْ لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ.

اللّهُمَّ فَكَما جَعَلْتَ (10) قُلُوبَنا لَهُ حَمَلَةً وَعَرَّفْتَنا بِرَأْفَتِكَ (11) شَرَفَهُ وَفَضْلَهُ ،

ص: 450


1- المهيمن : إما مأخوذ من الأمن وأَصله ما أمن قلبت الهمزة الثانية ياء والأولى هاء ، أَو بمعنى الأمير والمؤتمن.
2- عربت (خ ل).
3- لا يحيف على الخلق (خ ل).
4- على (خ ل).
5- وإذ قد أمددتنا (خ ل).
6- جواسي (خ ل).
7- باعتقاد التسليم (خ ل).
8- محكم (خ ل).
9- مفصلا (خ ل).
10- فاذ قد جعلت (خ ل).
11- برحمتك (خ ل).

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ الْخَطِيبِ بِهِ ، وَعَلى آلِهِ الْخُزَّانِ لَهُ ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى لا يُعارِضَنا (1) الشَّكُّ فِي تَصْدِيقِهِ ، وَلا يَخْتَلِجَنا الزَّيْغُ عَنْ قَصْدِ طَرِيقِهِ.

اللّهُمَ (2) وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَعْتَصِمُ بِحَبْلِهِ ، وَيَأْوِي مِنَ الْمُتَشابِهاتِ إِلى حِرْزِ مَعْقِلِهِ (3) ، وَيَسْكُنُ فِي ظِلِّ جَناحِهِ ، وَيَهْتَدِي بِضَوْءِ صَباحِهِ (4) ، وَيَقْتَدِي بِتَبَلُّجِ أَسْفارِهِ ، وَيَسْتَصْبِحُ بِمِصْباحِهِ ، وَلا يَلْتَمِسُ الْهُدى مِنْ غَيْرِهِ.

اللّهُمَّ وَكَما نَصَبْتَ بِهِ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلَماً لِلدَّلالَةِ عَلَيْكَ ، وَأَنْهَجْتَ بِآلِةِ سَبِيلَ الوُصُولِ (5) إِلَيْكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلِ

الْقُرْآنَ وَسِيلَةً لَنا إِلى أَشْرَفِ مَنازِلِ الْكَرامَةِ ، وَسُلَّماً نَعْرُجُ فِيهِ إِلى مَحَلِّ السَّلامَةِ ، وَسَبَباً نُجْزى بِهِ النَّجاةَ فِي عَرْصةِ الْقِيامَةِ ، وَذَرِيعَةً نَقْدَمُ بِها عَلى نَعِيمِ دارِ الْمُقامَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاحْطُطْ بِالْقُرْآنِ عَنّا ثِقْلَ الْأَوْزارِ ، وَهَبْ لَنا حُسْنَ شَمائِلِ (6) الْأَبْرارِ ، وَاقْفُ بِنا آثارَ الَّذِينَ قامُوا لَكَ بِهِ ، آناءَ اللَّيْلِ وَأَطْرافَ النَّهارِ ، حَتَّى تُطَهِّرَنا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ بِتَطْهِيرِهِ ، وَتَقْفُو بِنا آثارَ الَّذِينَ اسْتَضاؤُا بِنُورِهِ ، وَلَمْ يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ عَنِ الْعَمَلِ فَيَقْطَعُهُمْ بِخُدَعِ غُرُورِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (7) وَاجْعَلِ الْقُرْآنَ لَنا فِي ظُلَمِ اللَّيالِي مُونِساً ، وَمِنْ نَزَعاتِ الشَّياطِينِ (8) وَخَطَراتِ الْوَساوِسِ حارِساً ، وَلِاقْدامِنا عَنْ نَقْلِها الَى الْمَعاصِي حابِساً ، وَلِألْسِنَتِنا عَنِ الْخَوْضِ فِي الْباطِلِ مِنْ غَيْرِ مآفَةٍ مُخْرِساً ،

ص: 451


1- لا يعترضنا (خ ل).
2- اللّهم صلّ على محمّد وآله واجعلنا (خ ل).
3- معقل - كمنزل - الملجأ.
4- مصباحه (خ ل).
5- سبل الرضا (خ ل).
6- الشمال : الطبع ، الجمع : الشمائل.
7- آل محمد (خ ل).
8- الشيطان (خ ل).

وَلِجَوارِحِنا عَنْ اقْتِرافِ الآثامِ زاجِراً ، وَلِما طَوَتِ الْغَفْلَةُ عَنّا مِنْ تَصَفُّحِ الاعْتِبارِ ناشِداً ، حَتّى تُوصِلَ الى قُلُوبِنا فَهْمَ عَجائِبِهِ وَزَواجِرَ أَمْثالِهِ ، الَّتِي ضَعُفَتْ الْجِبَالُ الرَّواسِي (1) عَلى صَلابَتِها عَنْ احْتِمالِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَادِمْ بِالْقُرْآنِ صَلاحَ ظاهِرِنا ، وَاحْجُبْ بِهِ خَطَراتِ الْوَساوِسِ عَنْ صِحَّةِ ضَمائِرِنا ، وَاغْسِلْ بِهِ زَيْغَ (2) قُلُوبِنا وَعَلائِقَ أَوْزارِنا ، وَاجْمَعْ بِهِ مُنْتَشَرَ أُمُورِنا وَارْوِ بِهِ فِي مَوقِفِ الْأَرْضِ عَلَيْكَ ظَمَأَ هَواجِرِنا ، وَاكْسُنا بِهِ حُلَلَ الأَمانِ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ فِي يَوْمِ نُشُورِنا.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْبُرْ بِالْقُرْآنِ خَلَّتَنا مِنْ عدْمِ الإِمْلاقِ ، وَسُقْ إِلَيْنا بِهِ رَغَدَ الْعَيْشِ وَخِضْبَ سَعَةِ الْأَرْزاقِ ، وَجَنِّبْنا بِهِ مِنَ الضَّرائِبِ (3) الْمَذْمُومَةِ وَمَدانِي (4) الأَخْلاقِ ، وَاعْصِمْنا بِهِ مِنْ هُوَّةِ الْكُفْرِ وَدَواعِي النِّفاقِ ، حَتَّى يَكُونَ لَنا فِي الْقِيامَةِ الى رِضْوانِكَ وَجَنانِكَ (5) قائِداً ، وَلَنا فِي الدُّنْيا عَنْ سَخَطِكَ وَتَعَدِّي حُدُودِكَ ذائِداً (6) ، وَلَنا (7) عِنْدَكَ بِتَحْلِيلِ حَلالِهِ وَتَحْرِيمِ حَرامِهِ شاهِداً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَهَوِّنْ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلى أَنْفُسِنا كُرَبَ السِّياقِ (8) ، وَجَهْدَ الأَنِينِ ، وَتَرادُفَ الْحَشارِجِ إِذا بَلَغَتِ النُّفُوسُ (9) التَّراقِي وَقِيلَ مَنْ راقٍ ، وَتَجَلّى مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِها مِنْ حُجُبِ الْغُيُوبِ.

وَرَماها عَنْ قَوْسِ الْمَنايا بِسَهْمِ (10) وَحْشَةِ الْفِراقِ ، (وَدافَ لَها مِنْ ضُعافِ

ص: 452


1- رس الشيء : إذا ثبت.
2- درن ، رين (خ ل).
3- الضريبة : الطبيعة.
4- مرام (خ ل).
5- جنانك (خ ل).
6- ذائدا : طاردا.
7- لما (خ ل).
8- ساق المريض سوقا وسياقا : شرع في نزع الروح.
9- النفس (خ ل).
10- بأسهم (خ ل).

الْمَوْتِ كَأْساً مَسْمُومَةَ الْمِذاقِ) (1) ، وَدَنا مِنّا الَى الاخِرَةِ رَحِيلٌ وَانْطِلاقٌ ، وَصارَتِ الْأَعْمالُ قَلائِدَ فِي الْأَعْناقِ ، وَكانَتِ الْقُبُورُ هِيَ الْمَأْوى الى مِيعادِ (2) يَوْمِ التَّلاقِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَبارِكْ لَنا فِي حُلُولِ دارِ الْبِلى وَطُولِ الْمُقامَةِ بَيْنَ أَطْباقِ الثَّرى ، وَاجْعَلِ الْقُبُورَ بَعْدَ فِراقِ الدُّنْيا خَيْرَ مَنازِلِنا ، وَافْسَحْ لَنا بِرَحْمَتِكَ فِي ضِيقِ مَلاحِدِنا ، وَلا تَفْضَحْنا فِي حاضِرِي الْقِيامَةِ بِمُوبِقاتِ آثامِنا.

وَارْحَمْ بِالْقُرْآنِ فِي مَوْقِفِ الْعَرْضِ عَلَيْكَ ذُلَّ مَقامِنا ، وَثَبِّتْ بِهِ عِنْدَ اضْطِرابِ جِسْرِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْمَجازِ عَلَيْها زَلَلَ أَقْدامِنا ، وَنَجِّنا بِهِ مِنْ كُلِّ كَرْبِ يَوْمِ الْقِيامَةِ وَشَدائدِ أَهْوالِ يَوْمِ الطَّامَّةِ ، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا (3) يَوْمَ تَسْوَدُّ وُجُوهُ الظَّلَمَةِ فِي يَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ ، وَاجْعَلْ لَنا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ وُدّاً ، وَلا تَجْعَلْ الْحَياةَ عَلَيْنا نَكِداً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَما بَلَّغَ رِسالاتِكَ (4) ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ ، وَنَصَحَ لِعِبادِكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ بِنَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَقْرَبَ النَبِيِّينَ مِنْكَ مَجْلِساً ، وَأَمْكَنَهُمْ مِنْكَ شَفاعَةً ، وَأَجَلَّهُمْ عِنْدَكَ قَدْراً ، وَأَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ جاهاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَشَرِّفْ بُنْيانَهُ ، وَعَظمْ بُرْهانَهُ ، وَثَقِّلْ مِيزانَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفاعَتَهُ ، وَقَرِّبْ وَسَيلَتَهُ ، وَبَيِّضْ وَجْهَهُ ، وَأَتِمَّ نُورَهُ وَارْفَعْ دَرَجَتَه ، وَأَحْيِنا عَلى سُنَّتِهِ ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِهِ ، وَخُذْ بِنا مِنْهاجَهُ.

وَاسْلُكْ بِنا سَبِيلَهُ ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ طاعَتِهِ ، وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ ، وَأَوْرِدْنا

ص: 453


1- ليس في بعض النسخ.
2- ميقات (خ ل).
3- بيّض وجوهنا (خ ل).
4- رسالتك (خ ل).

حَوْضَهُ ، وَاسْقِنا بِكَأْسِهِ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُبَلِّغُهُ بِها أَفْضَلَ ما يَأْمُلُ مِنْ خَيْرِكَ وَفَضْلِكَ وَكَرامَتِكَ ، إِنَّكَ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ. وَفَضْلٍ كَرِيمٍ.

اللّهُمَّ اجْزِهِ بِما بَلَّغَ مِنْ رِسالاتِكَ ، وَأَدَّى مِنْ آياتِكَ ، وَنَصَحَ لِعِبادِكَ ، وَجاهَدَ فِي سَبِيلِكَ ، أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ أَحَداً مِنْ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِياءِكَ الْمُرْسَلِينَ الْمُصْطَفِينَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (1).

ومنها : كيف يختم آخر أَعماله وكيف يتحرّز من دعاء النبيّ صلى اللّه عليه وآله حيث قال : من انسلخ من شهر رمضان ولم يغفر له فلا غفر اللّه له ، فإنّها من أَصعب الدّعوات وأَخطر الهلكات.

فليعمل على ما حرّرناه في الجزء الأول من كتاب المهمّات والتّتمات ، عند آخر كلّ نهار من تدبير المحاسبات ، وان لم يحضره كتابنا المشار إليه وطلب ان نذكر هاهنا ممّا لا بدّ له ممّا يعتمد عليه:

فمن ذلك : ان يتوب إلى اللّه جل جلاله على قدر الخطر الّذي بين يديه ، فان توفّقت نفسه عن الصّدق في التوبة والندم على ما فات وترك ما هو آت ، وعرف منها ركوب مطايا الإصرار ، ولا يقدم ان يلقى اللّه جلّ جلاله بالبهت ، وهو مطّلع على الأسرار ، فيطلب من ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين عفوه الّذي عامل به المسيئين وبسط به آمال المسرفين ، فقد يعفو المولى عن عبده وهو غير راض عنه.

وليكن طلبه للعفو على قدر ما وقع منه ، فانّ طلب العفو عن الذنب الكبير ما يكون مثل طلب العفو عن الذنب الصغير ، ولا يكون طلب العفو من مالك الدنيا والآخرة ، مثل طلب العفو من عبد من عبيده تؤل حاله إلى القبور الداثرة.

أَقول : فإن صدق في طلب العفو على قدر سوء حاله ، وعلى قدر عظمة اللّه جل جلاله ، فانّ اللّه جلّ جلاله أهل أَن يرحمه ويصدّقه في آماله.

ص: 454


1- رواه الشيخ في مصباحه : 519 ، والكفعمي في مصباحه : 462 ، بلد الأمين 475 ، والقندوزي في ينابيع المودة :

أَقول : وان جنحت نفس العبد عن طلب العفو على قدر الذنب ومقدار ما يليق بالربّ ، فليفد نفسه إلى مجلس القود منه (1) ، إذا لم يطمع في العفو عنه ، ويكون عليه آثار صدق الحضور بين يدي من يستفيد من مهجته ونفسه ، خاضعة خائفة من الاستقصاء عليه في مؤاخذته.

أَقول : فإنّ تعذّر عليه حصول الصدق في هذه الحال ، وأبت نفسه المعوّدة للإهمال ، الاّ ان يكون حديثها لله جلّ جلاله وبين يديه بمجرّد اللفظ والمقال ، والقلب خال عن الإقبال ، فليشرع في دعاء أهل البلاء والابتلاء.

فقد بلغ إجابة الدعاء إلى إبليس المصرّ على الذّنوب ، حيث قال عنه علاّم الغيوب في سؤاله : اجعلني من المنظرين ، فقال له في حال الغضب عليه ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (2).

وَيجتهد على عبرات تطفئ نيران الغضب ، وعلى دعوات معروفة بلزوم الأدب ، وتسليم العمل الّذي عمله في شهره ، الى من كان قد جعله خفيرا وحاميا ومالكا لأمره ، فلعلّ اللّه جلّ جلاله لعنايته بخاصّته يقبل العمل من يد نائبه الحافظ لشريعته ، ويتمّم ما فيه من النّقصان وتربح ما اشتملت عليه بضاعته من الخسران ان شاء اللّه تعالى.

ومنها : الاستعداد لدخول شوال وإطلاق الشياطين الّذين كانوا في الاعتقال (3) :

واعلم انّ كلّ عارف باخبار صاحب النبوّة وإسرارها ، ومهتد بآثارها وأَنوارها ، يكون عنده تصديق باعتقال الشياطين في أوّل شهر رمضان ، وإطلاقهم عند انفصال الشهر ، وتمكّنهم من الإنسان.

فليكن على وجه العبد الصائم وظاهر أحواله اثر التّصديق بقول النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، ويتوصّل في السلامة عن الأعداء المطلقين على قدر ضررهم واجتهادهم في إفساد الدنيا والدين ، على صفة ما لو كان جيش الأعداء قد هجم عليه ، فاعتقلهم سلطان

ص: 455


1- عنه (خ ل).
2- الأعراف : 15 - 16 ، الحجر : 37 - 38 ، ص : 80 - 81.
3- الأغلال (خ ل).

أَقوى منهم ، ومنعهم من الإساءة إليه ، ثم عاد السلطان القوى أطلقهم ومكّنهم منه ، وهم يقصدون هذا العبد ولا يرجعون عنه ، فليرجع إلى باب ذلك السلطان القاهر.

فالذلّ له في منعهم عن هلاكه في الوقت الحاضر أَيسر وأَكمل وأَحمد عاقبة من الاشتغال بالذلّ لهم أَو بمحاربتهم ، وهم أَقوى منه ، فيشغلونه عن صلاح أعماله ، وما لا بدّ له منه ، فان اللّه جلّ جلاله قادر أَن يقويه ، وان كان ضعيفا ، كما أخرجه من العدم إلى الوجود ولم يزل به برّا لطيفا.

ص: 456

الباب السادس والثلاثون: فيما نذكره مما يختصّ بليلة عيد الفطر وهي عدة مقامات

فمنها : الغسل المندوب المشتمل على غسل الأجساد بالماء ، وغسل القلوب من الذنوب ، وروي انّه يغتسل قبل الغروب من ليلته إذا علم انّها ليلة العيد، وروي انه يغتسل أواخر ليلة العيد (1).

ومنها : ان يعرف قدر المنة لله جل جلاله ، كيف عرّفك ما عرفت من فضله ، وأدخلك في شهر الصيام (2) تحت ظلّه ، ووصل حبلك بحبله ، ووفّقك للإقبال عليه ، وكما تشرّفت به من الأدب بين يديه ، وتكون مشغولا بالشكر والحمد لله والثناء عليه عن طلب شيء من الحوائج إليه ، فإنّه يوشك إذا رآك اللّه جلّ جلاله قد قدّمت الاشتغال بتقديس مجده وتعظيم حمده عن طلب رفده ، اقتضى كمال ذلك الكرم والجود ان يزيدك عمّن لم يكن مثلك في الوفود.

ومنها : ان تفهم معنى العيد الموجود ، وانّه من مقامات السّعود وإنجاز الوعود ، وإقبال اللّه تعالى على العبيد وإحضارهم بين يدي مقدّس سرادق ظلّه المجيد ، وإطلاق خلع الحبّ على القلب ونشر ألوية القرب من الربّ ، وإشراق شموس الإقبال على وجوه

ص: 457


1- عنه الوسائل 3 : 328 ، البحار 91 : 115.
2- شهر رمضان (خ ل).

الآمال ، وتباشر الأعمال والابتهال بالقبول وإجابة السؤال ، وتقديم الممالك والاتّكاء على الأرائك وتسليم مفاتيح دار الرضا والرضوان ، وسطر كتب الأمن والأمان ، وتهيئة ما يحتاج هذا العبد المسعود إليه في المنزل الّذي يقدم عليه.

ومنها : الإقبال على صلاة الغروب بفرحة القلوب بتقريب علاّم الغيوب ، وتقديم قدم الإنابة إلى محلّ الإجابة ، والدعاء عقيب نافلة المغرب ، المردف بالتوبة والاستغفار ، المطلق من وثاق الإصرار.

وهو ممّا رواه جماعة من أصحابنا بعدة طرق : فمنهم من ذكره عقيب نوافلها ، ومنهم من ذكر انّه يقال وقائله غير ساجد ، ومنهم من روى انّه يقول في سجوده.

ونحن نذكر الرواية التي تتضمن ذكره بعد نوافل المغرب :

وهو مرويّ بإسناد متصل إلى الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : انّ الناس يقولون : انّ المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر؟ فقال : يا حسن انّ القارّ يجار (1) إنّما يعطى أجره عند فراغه ، وذلك ليلة العيد (2) ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي ان نفعل فيها؟ قال :

إذا غربت الشمس فاغتسل ، فإذا صلّيت المغرب والأربع التي بعدها فارفع يديك وقل :

يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ (3) يا ذَا الْجُودِ ، يا مُصْطَفي مُحَمَّدٍ وَناصِرَهُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ ، وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

ثمّ تخرّ ساجدا وتقول مائة مرّة : أَتُوبُ الى اللّهِ ، وأنت ساجد.

ثم تسأل حاجتك فإنّها تقضى ان شاء اللّه تعالى (4).

ومنها : التكبير بعد هذا الدعاء والتمجيد وبعد صلاة عشاء الآخرة وبعد صلاة الفجر وصلاة العيد ، تعظيما لجلالة مولاك ، واعترافا بحقّ ما أولاك :

ص: 458


1- معرب كارگر.
2- في الأصل : من ذلك ، وما أثبتناه مطابق لسائر المصادر.
3- يا ذا الطول (خ ل).
4- عنه البحار 91 : 115 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 167 ، والصدوق في الفقيه 2 : 109 ، علل الشرائع 2 : 75 ، والشيخ في مصباح المتهجد 2 : 648 ، التهذيب 1 : 32.

رويناه بإسناد إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه بإسناده إلى معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : انّ في الفطر تكبيرا ، قلت : متى؟ قال : في المغرب ليلة الفطر والعشاء وصلاة الفجر وصلاة العيد ، ثمّ ينقطع ، وهو قول اللّه تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ ) (1) ، والتكبير ان يقول :

اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (2) عَلى ما هَدَينا ، وَلَهُ الشُّكْرُ عَلى ما لَوْلانا. (3)

وان قدم هذا التكبير عقيب صلاة المغرب وقيل نوافلها كان أقرب إلى التوفيق (4).

ومنها : ركعتان بين العشاءين :

رواهما الحارث الأعور انّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كان يصلّي ليلة الفطر بعد المغرب ونافلتها ركعتين ، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب ومأة مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وَفي الثانية فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة ، ثمّ يقنت ويركع ويسجد ويسلّم.

ثمّ يخرّ لله ساجدا ، ويقول في سجوده : أَتُوبُ الَى اللّهِ ، مأة مرة.

ثم يقول : والّذي نفسي بيده لا يفعلها أحد فيسأل اللّه تعالى شيئا إلاّ أعطاه اللّه تعالى ، ولو أتاه من الذنوب مثل رمل عالج (5).

ومنها : صلوات فضائلها باهرة بعد العشاء الآخرة :

فمن ذلك ما رويناه عن محمد بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال ممّا روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : من صلّى ليلة العيد ستّ ركعات ، يقرء في كلّ ركعة خمس مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) إلاّ شفّع في أهل بيته كلّهم ، وان كانوا قد وجبت لهم النار - الخبر (6).

ص: 459


1- البقرة : 185.
2- لا إِله إِلاَّ اللّه واللّه أكبر ، اللّه أكبر ولله الحمد (خ ل).
3- أبلانا (خ ل).
4- عنه البحار 91 : 116 ، روى التكبير الشيخ في مصباحه : 649.
5- عنه الوسائل 8 : 84 ، البحار 91 : 119 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 71 ، والمفيد في المقنعة : 28.
6- ثواب الأعمال : 101 ، أقول : نقل المصنف الحديث بالمضمون.

ومن ذلك ما ذكره صاحب كتاب الكافي غير الكليني ، ورويناه عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال في حديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى ليلة عيد الفطر عشر ركعات بالحمد مرّة والإخلاص عشر مرات ، ويقول مكان تسبيح الركوع والسجود :

سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ.

ويسلّم بين كل ركعتين ويستغفر اللّه ألف مرّة بعد الفراغ ، ويقول في سجدة الشكر :

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا إِلهَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَصَلاتِي.

لم يرفع رأسه من السجود حتّى يغفر له ويتقبّل منه صومه ويتجاوز عن ذنوبه. (1)

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه بإسناده عن الحارث الأعور ان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كان يصلّي ليلة الفطر ركعتين ، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ألف مرّة ، وفي الثانية فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرّة واحدة ، ثم ركع ويسجد.

فإذا سلّم خرّ ساجدا ويقول في سجوده : أَتُوبُ الَى اللّهِ - مأة مرة ، ثمّ يقول :

يا ذَا الْمَنِّ وَالْجُودِ ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، يا مُصْطَفى مُحَمَّدٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا.

فإذا رفع رأسه أقبل علينا بوجهه ثمّ يقول : والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل اللّه تعالى شيئا إلاّ أعطاه ، ولو أتاه من الذنوب بعدد رمل عالج غفر (2) اللّه تعالى له (3).

ومن ذلك ما رواه محمّد بن أبي قرّة في كتابه عمل شهر رمضان ، بإسناده إلى

ص: 460


1- رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 100 ، عنه الوسائل 8 : 87.
2- غفرها (خ ل).
3- عنه الوسائل 8 : 84 ، البحار 91 : 120 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 167.

الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : من صلّى ليلة الفطر ركعتين ، يقرء في الأولى الحمد مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ألف مرّة ، وفي الثانية الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة واحدة ، لم يسأل اللّه تعالى شيئا إلاّ أعطاه.

الدعاء في دبرها :

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمانُ يا اللّهُ ، (يا رَحِيمُ يا اللّهُ) (1) ، يا مَلِكُ يا اللّهُ ، يا قُدُّوسُ يا اللّهُ ، يا سَلامُ يا اللّهُ ، يا مُؤْمِنُ يا اللّهُ ، يا مُهَيْمِنُ يا اللّهُ ، يا عَزِيزُ يا اللّهُ ، يا جَبّارُ يا اللّهُ (2) ، يا مُتَكَبِّرُ يا اللّهُ ، يا خالِقُ يا اللّهُ ، يا بارِئُ يا اللّهُ.

يا مُصَوِّرُ يا اللّهُ ، يا عالِمُ يا اللّهُ ، يا عَظِيمُ يا اللّهُ ، يا كَرِيمُ يا اللّهُ ، يا حَلِيمُ يا اللّهُ ، يا حَكِيمُ يا اللّهُ ، يا سَمِيعُ يا اللّهُ ، يا بَصِيرُ يا اللّهُ ، يا قَرِيبُ يا اللّهُ ، يا مُجِيبُ يا اللّهُ ، يا جَوادُ يا اللّهُ ، يا واحِدُ يا اللّهُ ، يا وَلِيُ (3) يا اللّهُ (4).

يا وَفِيُّ يا اللّهُ ، يا مَوْلى يا اللّهُ ، يا قاضِي يا اللّهُ ، يا سَرِيعُ يا اللّهُ ، يا شَدِيدُ يا اللّهُ ، يا رَؤُفُ يا اللّهُ ، يا رَقِيبُ يا اللّهُ ، يا مُجِيبُ يا اللّهُ ، يا جَوادُ يا اللّهُ ، يا ماجِدُ يا اللّهُ ، يا عَلِيُّ يا اللّهُ ، يا حَفِيظُ يا اللّهُ.

يا مُحِيطُ يا اللّهُ ، يا سَيِّدَ السَّاداتُ يا اللّهُ ، يا أَوَّلُ يا اللّهُ ، يا آخِرُ يا اللّهُ ، يا ظاهِرُ يا اللّهُ ، يا باطِنُ يا اللّهُ ، يا فاطِرُ يا اللّهُ ، يا قاهِرُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، (يا رَبَّاهُ يا اللّهُ) (5).

يا وَدُودُ يا اللّهُ ، يا نُورُ يا اللّهُ ، يا دافِعُ يا اللّهُ (6) ، يا مانِعُ يا اللّهُ ، [يا رافِعُ يا اللّهُ] (7) ، يا فاتِحُ يا اللّهُ ، يا نَفّاعُ يا اللّهُ ، يا جَلِيلُ يا اللّهُ ، يا جَمِيلُ يا اللّهُ ، يا شَهِيدُ يا اللّهُ ،

ص: 461


1- ليس في بعض النسخ.
2- زيادة : يا حنان يا اللّه (خ ل).
3- ملئ (خ ل).
4- زيادة : يا مكرم يا اللّه (خ ل).
5- ليس في بعض النسخ.
6- زيادة : يا نافع يا اللّه (خ ل).
7- من البحار.

يا شاهِدُ يا اللّهُ ، يا مُغِيثُ يا اللّهُ ، يا حَبِيبُ يا اللّهُ ، يا فاطِرُ يا اللّهُ ، يا مُطَهِّرُ يا اللّهُ.

يا مالِكُ يا اللّهُ ، يا مُقْتَدِرُ يا اللّهُ ، يا قابِضُ يا اللّهُ ، يا باسِطُ يا اللّهُ ، يا مُحْيِي يا اللّهُ ، يا مُمِيتُ يا اللّهُ ، يا مُجِيبُ يا اللّهُ ، يا باعِثُ يا اللّهُ ، يا مُعْطِي يا اللّهُ ، يا مُفْضِلُ يا اللّهُ ، يا مُنْعِمُ يا اللّهُ ، يا حَقُّ يا اللّهُ ، يا مُبِينُ يا اللّهُ.

يا طَبِيبُ (1) يا اللّهُ ، يا مُحْسِنُ يا اللّهُ ، يا مُجْمِلُ يا اللّهُ ، يا مُبْدِئُ يا اللّهُ ، يا مُعِيدُ يا اللّهُ ، يا بارِئُ يا اللّهُ ، يا بَدِيعُ يا اللّهُ ، يا هادِي يا اللّهُ ، يا كافِي يا اللّهُ ، يا شافِي يا اللّهُ ، يا عَلِيُّ يا اللّهُ (2) ، يا حَنَّانُ يا اللّهُ.

يا مَنَّانُ يا اللّهُ ، يا ذَا الطَّوْلِ يا اللّهُ ، يا مُتَعالِي يا اللّهُ ، يا عَدْلُ يا اللّهُ ، يا ذَا الْمَعارِجِ يا اللّهُ ، يا صادِقُ يا اللّهُ ، يا دَيَّانُ يا اللّهُ ، يا باقِيُ يا اللّهُ ، يا ذَا الْجَلالِ يا اللّهُ ، يا ذَا الإِكْرامِ يا اللّهُ.

يا مَعْبُودُ يا اللّهُ ، يا مَحْمُودُ يا اللّهُ ، يا صانِعُ يا اللّهُ ، يا مُعِينُ يا اللّهُ ، يا مُكَوِّنُ يا اللّهُ ، يا فَعَّالُ يا اللّهُ يا لَطِيفُ يا اللّهُ ، يا جَلِيلُ يا اللّهُ ، يا غَفُورُ يا اللّهُ ، يا شَكُورُ يا اللّهُ ، يا نُورُ يا اللّهُ ، يا حَنَّانُ يا اللّهُ ، يا قَدِيرُ يا اللّهُ.

يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ يا اللّهُ ، يا رَبَّاهُ (3) يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَمُنَ (4) بِرِضاكَ ، وَتَعْفُو عَنِّي بِحِلْمِكَ ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، فَانِّي عَبْدُكَ لَيْسَ لِي أَحَدٌ سِواكَ ، وَلا أَجِدُ أَحَداً (5) أَسْأَلُهُ غَيْرَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ثم تسجد وتقول :

ص: 462


1- طيب (خ ل).
2- علي يا اللّه ، يا عالي يا اللّه (خ ل).
3- زيادة : يا اللّه يا رباه (خ ل).
4- ان تمن (خ ل).
5- ولا أحد (خ ل).

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَبِّ يا اللّهُ ، يا رَبِّ يا اللّهُ ، يا رَبِّ يا اللّهُ ، يا مُنْزِلَ الْبَرَكاتِ ، بِكَ تُنْزَلُ كُلُّ حاجَةٍ.

أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ فِي مَخْزُونِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَالْأَسْماءِ الْمَشْهُوراتِ عِنْدَكَ ، الْمَكْتُوبَةِ عَلى سُرادِقِ عَرْشِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْبَلَ مِنِّي شَهْرَ رَمَضانَ ، وَتَكْتُبَنِي فِي (1) الْوافِدِينَ إِلى بَيْتِكَ الْحَرامِ(2)، وَتَصْفَحَ لِي عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظامِ ، وَتَسْتَخْرِجَ يا رَبِّ كُنُوزَكَ يا رَحْمانُ (3).

ومنها : ما روي انّ من صلّى ليلة الفطر أربع عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة الحمد وآية الكرسي ، وثلاث مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، أعطاه اللّه بكلّ ركعة عبادة أربعين سنة ، وعبادة كلّ من صام وصلّى في هذا الشهر - وذكر فضلا عظيما (4).

ومنها : في إحياء ليلة الفطر (5) :

ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن بابويه ، بإسناده فيما روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : من أحيا ليلة العيد (6) لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (7).

ومنها : في إحياء ليلة العيد (8) :

كما رويناه برواية أخرى بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه ، بإسناده إلى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يحيي ليلة عيد الفطر بصلاة (9) حتّى يصبح ويبيت

ص: 463


1- من (خ ل).
2- بيت الحرام (خ ل).
3- عنه البحار 91 : 120 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 648 - 650.
4- عنه الوسائل 8 : 87 ، البحار 91 : 122.
5- ليلة القدر (خ ل).
6- في الأصل : القدر.
7- رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 101.
8- ليلة عيد الفطر (خ ل).
9- في الوسائل : بالصلاة.

ليلة الفطر في المسجد ويقول : يا بنيّ ما هي بدون ليلة - يعني ليلة القدر (1)

ومنها : زيارة الحسين صلوات اللّه عليه في ليلة عيد الفطر.

وقد ذكرنا في الجزء الثاني من كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر بعض فضلها وما اخترناه من الرواية ألفاظ الزيارة المختصّة بها.

فان لم يكن كتابنا عنده موجودا في مثل (2) هذا الميقات ، فليزر الحسين عليه أفضل الصلوات بغير تلك الزيارة من الزيارات المرويات.

فان لم يجد زيارة من المنقولات فليزره عليه السلام بما يفتح اللّه (3) جلّ جلاله عليه من التسليم عليه والتعظيم له والثناء عليه والاعتراف له عليه السلام بإمامته والبراءة من أهل عداوته ، والتوسل إلى اللّه جلّ جلاله بشريف مقاماته في قضاء ما يعرض له من حاجاته (4).

ومنها : ان يكون خاتمة ليلة العيد على نحو ما ذكرناه من خاتمة كلّ ليلة وكلّ يوم من شهر رمضان ، فلا يهوّن في الاستظهار بغاية الإمكان.

ومن زيادات ليلة عيد الفطر ما يتعلّق بالفطرة وهي عدّة أمور :

منها : معرفة من تجب الفطرة عليه ، وهو كلّ حرّ بالغ عاقل يملك عند هلال شوال نصابا من الأصناف الّتي تجب فيها زكاة الأموال.

ومنها : معرفة وقت وجوبها ، وهي تجب على من ذكرناه بهلال شهر العيد ، وآخر وقتها (5) أداء إلى ان يمضي وقت صلاة العيد ثم تكون قضاء.

ومنها : معرفة مقدار ما يجب وعن من يجب إخراجها ، وهو انّه يجب ان يخرج عن نفسه وعن عائلته وضيفه ، الّذي دخل شهر شوال وهو في ضيافتة ، ويخرج عن كل نفس صاعا تسعة أرطال أو قيمة ذلك ، مستظهرا في القيمة للاحتياط في الأعمال.

ص: 464


1- عنه البحار 91 : 119 و 83 : 115 ، الوسائل 8 : 87.
2- أمثال (خ ل).
3- فيزوره بما يفتحه اللّه (خ ل).
4- ما يعرض من حاجاته (خ ل).
5- آخر وقت إخراجها (خ ل).

ومنها : معرفة المستحقّ لها ، وهو الفقير الحرّ من أهل الإيمان ، الّذي يستحق زكاة الأموال ، أو من يجري مجراه من يتيم ، أو في سبيل اللّه جلّ جلاله المأذون فيه لأهل الإقبال.

ومنها : معرفة بعض ما ورد في فضل الفطرة ، وانّها فكاك لمن تخرج عنه من خطر موت حاضر ، وأمان له إلى حين وقت الأجل الآخر.

كما رويناه عن محمد بن بابويه رضي اللّه عنه من كتاب من لا يحضره الفقيه بإسناده إلى إسحاق بن عمار ، عن معتب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : اذهب فأعط عن عيالنا فطرة وعن الرقيق واجمعهم (1) ، ولا تدع منهم أحدا ، فإنّك إن تركت منهم إنسانا تخوّفت عليه الفوت ، قال : قلت : وما الفوت؟ قال : الموت (2).

ورأيت في كتاب عبد اللّه بن حماد الأنصاري في النصف الثاني منه في ثلثه الأول ما هذا لفظه:

عن أبي الحسن الأحمس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أدّ الفطرة عن كلّ حر ومملوك ، فان لم تفعل خفت عليك (3) الفوت ، قلت : وما الفوت؟ قال : الموت ، قلت :

أصلّي الصلاة أو بعدها؟ قال : ان أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة ، وان أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة ولا يجزيك ، قلت : فأصلّي الفجر وأعزلها فتمكث يوما أو بعض يوم آخر ثمّ أتصدّق بها؟ قال : لا بأس هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة ، قال : وقال : هي واجبة على كلّ مسلم محتاج أو موسر يقدر على فطرة (4).

ومنها : المعرفة بأنّ إخراج الفطرة تمام لما نقص من الزكاة.

كما رويناه عن أبي جعفر بن بابويه من كتابه بإسناده أيضا إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال : من أدّى زكاة الفطرة أتمّ اللّه له بها ما نقص من زكاة ماله (5).

ص: 465


1- اجمع (خ ل).
2- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 118 ، علل الشرائع : 389 ، والكليني في الكافي 4 : 174 ، عنهم الوسائل 9 : 328.
3- عليه (خ ل).
4- عنه الوسائل 9 : 332.
5- رواه الصدوق الفقيه 2 : 119 ، عنه الوسائل 9 : 318.

ومنها : معرفة انّ الصوم مردود ان لم يخرج الفطرة على الوجه المحدود :

كما رويناه عن ابن بابويه أيضا بإسناده قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : انّ من تمام الصوم إعطاء الزكاة - يعني الفطرة - كما انّ الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله تمام الصلاة ، لأنّه من صام ولم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّدا ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله ، لأنّ اللّه عزّ وجلّ قد بدء بها قبل الصوم ، وقال ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) (1).

أقول : واعلم انّ بخل الإنسان بزكاة الفطرة اليسيرة ، ومنع اللّه جلّ جلاله من ماله ان يتصرّف فيه بالحوالة لفقير بمقدار الزكاة الحقيرة ، فضيحة على العبد المدعي للإسلام ، وخروج عن حكم العقول والأحلام.

لأنّ حكم الألباب يقتضي انّ صاحب المال ، وهو ربّ الأرباب ، أحقّ بالتصرّف في ماله من عباده ، يعطي من يشاء من عباده ويمنع من يشاء ويحكم فيه بحسب مراده.

وكيف يستحسن العبد ان يقوم بين يدي الرب في صلاة أو في شيء من العبادات ، وهو قد منعه من هذا المقدار اليسير من الزّكوات وقابل مراسمه الشريفة بالردّ والاستخفاف وإهمال التقدمات ، ما يفعل هذا الاّ من قلبه مدنف سقيم ، وعقله ذميم ، وعساه يكون ممّن اتّخذ دينه هزوا ولعبا ، وكانت دعواه للإسلام كذبا.

ص: 466


1- رواه الصدوق في الفقيه 2 : 119 ، والمفيد في المقنعة : 43 ، والآية في الأعلى : 14 - 15.

الباب السابع والثلاثون: فيما نذكره من وظائف يوم عيد الفطر

اشارة

وفيه عدّة فصول :

فصل (1): فيما نذكره من الآداب في استقبال ذلك النهار

اعلم انّ نهار يوم العيد فتح باب سعيد وتجديد فضل جديد لم يجر مثله منذ سنة ماضية ويمضي ، فلا يعود مثله إلى نحو سنة آتية.

وما يخفى على ذوي الألباب انّ فتح الأبواب الّتي تكون في الأوقات المتباعدات بزيادات السعادات لها حقّ التعظيم والاحترام ، وحقّ الاعتراف لصاحب الانعام ولزوم الآداب في سائر الأسباب مع مالك يوم الحساب.

كما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمّد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال : ونظر الحسن بن علي عليهما السلام إلى النّاس يوم الفطر يضحكون ويلعبون ، فقال لأصحابه - والتفت إليهم - :

انّ اللّه عزّ وجلّ خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه ، يستبقون فيه بطاعته ورضوانه ، فسبق فيه قوم ففازوا ، وتخلّف آخرون فخابوا ، فالعجب كلّ العجب من الضّاحك اللاعب في اليوم الّذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المقصّرون ، وايم اللّه لو كشف

ص: 467

الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته (1).

ورواه أيضا أبو عبد اللّه محمد بن عمران بن موسى المرزباني في الجزء السابع من كتاب الأزمنة فقال : حدّثني عبد اللّه بن جعفر أبو العباس عن محمّد بن يزيد النحوي قال : خرج الحسن بن علي عليهما السلام في يوم فطر والناس يضحكون فقال :

انّ اللّه عزّ جل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه إلى طاعته ، فسبق قوم ففازوا وتخلّف آخرون فخابوا ، والعجب من الضّاحك في هذا اليوم الّذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون ، واللّه لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته عن ترجيل شعر (2) وتصقيل (3) ثوب (4).

فصل (2)

فيما نذكره من صلاة الفجر يوم العيد وما يختصّ تعقيبها في اليوم المذكور

أقول : انّ التكبير الذي ذكرناه بعد العشاء والمغرب ليلة عيد الفطر ، ينبغي أن يكون عقيب صلاة الفجر.

ويدعو أيضا فيقوّل ما رواه محمد بن أبي قرة في كتابه بإسناده إلى أبي عمرو محمد بن محمد بن نصر السكوني رضي اللّه عنه.

قال : سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه اللّه ان يخرج اليّ دعاء شهر رمضان الّذي كان عمّه الشيخ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي اللّه عنه وأرضاه يدعو به ، فاخرج اليّ دفترا مجلدا بأحمر فيه أدعية شهر رمضان ، من جملتها الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر :

اللّهُمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ إِلَيكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَمامِي ، وَعَلِيٍّ مِنْ

ص: 468


1- رواه الصدوق في الفقيه 1 : 324 ، والكليني في الكافي 4 : 181 ، عنهما الوسائل 7 : 480.
2- شعره ، ثوبه (خ ل).
3- صقلت السيف والمرأة : جلوته.
4- عنه البحار 91 : 119.

خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي ، وَأَئِمَّتِي عَنْ يَسارِي ، أَسْتَتِرُ بِهِمْ مِنْ عَذابِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ زُلْفى ، لا أَجِدُ أَحَداً أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ ، فَهُمْ أَئِمَّتِي ، فَآمِنْ بِهِمْ خَوْفِي مِنْ عِقابِكَ وَسَخَطِكَ ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.

أَصْبَحْتُ بِاللّهِ مُؤْمِناً (1) مُخْلِصاً عَلى دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسُنَّتِهِ ، وَعَلى دِينِ عَلِيٍّ وَسُنَّتِهِ ، وَعَلى دِينِ الْأَوْصِياءِ وَسُنَّتِهِمْ.

آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ ، وَأَرْغَبُ الَى اللّهِ تَعالى فِيما رَغِبَ فِيهِ (2) مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْأَوْصِياءُ (3) ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، وَلا عِزَّةَ وَلا مَنْعَةَ وَلا سُلْطانَ إِلاَّ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ (4) ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ ( ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ ) .

اللّهُمَّ إِنِّي ارِيدُكَ فَأَرِدْنِي ، وَأَطْلُبُ ما عِنْدَكَ فَيَسِّرْهُ لِي ، وَاقْضِ لِي حَوائِجِي ، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُ ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) (5).

فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَخَصَصْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ بِتَصْيِيرِكَ فِيهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، فَقُلْتَ ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (6).

اللّهُمَّ وَهذِهِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضانَ قَدِ انْقَضَتْ ، وَلَيالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ ، وَقَدْ صِرْتُ مِنْهُ يا إِلهِي الى ما انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَأَحْصى لِعَدَدِهِ مِنْ عَدَدِي.

فَأَسْأَلُكَ يا الهِي بِما سَأَلَكَ بِهِ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ

ص: 469


1- موقنا (خ ل).
2- رغب إليه (خ ل).
3- زيادة : وأعوذ باللّه من شر ما استعاذوا منه (خ ل).
4- زيادة : المتكبر (خ ل).
5- البقرة : 185.
6- القدر : 6 - 3.

وَأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ (1) وَأَنْ تَتَقَبَّلَ (2) مِنِّي ما (3) تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ ، وَتَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِتَضْعِيفِ عَمَلِي ، وَقَبُولِ تَقَرُّبِي وَقُرُباتِي ، وَاسْتِجابَةِ دُعائِي ، وَهَبْ لِي مِنْكَ عِتْقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ ، وَالْأَمْنِ يَوْمَ الْخَوْفِ ، مِنْ كُلِّ فَزَعٍ وَمِنْ كُلِّ هَوْلٍ ، أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ.

أَعُوذُ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَبِحُرْمَةِ نَبِيِّكَ ، وَحُرْمَةِ الصَّالِحِينَ أَنْ يَنْصَرِمَ هذَا الْيَوْمُ ، وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُؤَاخِذَنِي بِها ، أَوْ ذَنْبٌ تُرِيدُ أَنْ تُقايِسَنِي بِهِ ، وَتَشْقِينِي وَتَفْضَحَنِي بِهِ ، أَوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُقايِسَنِي بِها وَتَقْتَصَّها مِنِّي لَمْ تَغْفِرْها لِي.

وَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الْفَعَّالِ لِما تُرِيدُ ، الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيءِ كُنْ فَيَكُونُ ، لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فِي هذَا الشَّهْرِ أَنْ تَزِيدَنِي (4) فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي رِضى ، وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنِّي فِي هذا الشَّهْرِ فَمِنَ الْآنَ فَارْضَ عَنِّي ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، وَاجْعَلْنِي فِي هذِهِ السَّاعَةِ ، وَفِي هذا الْمَجْلِسِ مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النَّارِ ، وَطُلَقائِكَ مِنْ جَهَنَّمَ ، وَسُعَداءِ خَلْقِكَ ، بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، أَنْ تَجْعَلَ شَهْرِي هذا ، خَيْرَ شَهْرِ رَمَضانَ عَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَصُمْتُهُ لَكَ ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ ، مُنْذُ أَسْكَنْتَنِي فِيهِ ، أَعْظَمَهُ أَجْراً ، وَأَتَمَّهُ نِعْمَةً ، وَأَعَمَّهُ عافِيَةً ، وَأَوْسَعَهُ رِزْقاً ، وَأَفْضَلَهُ عِتْقاً مِنَ النَّارِ ، وَأَوْجَبَهُ رَحْمَةً ، وَأَعْظَمَهُ مَغْفِرَةً ، وَأَكْمَلَهُ رِضْواناً ، وَأَقْرَبَهُ إِلى ما تُحِبُّ وَتَرْضى.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ ، وَارْزُقْنِي الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ ،

ص: 470


1- على محمد وعلى آل محمد وعلى أهل بيت محمد (خ ل).
2- تقبل (خ ل).
3- كلما (خ ل).
4- تزيد (خ ل).

حَتّى تَرْضى وَبَعْدَ الرِّضا ، وَحَتّى تُخْرِجَنِي مِنَ الدُّنْيا سالِماً ، وَأَنْتَ عَنِّى راضٍ وَانَا لَكَ مَرْضِيٌّ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ (1) أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي هذا الْعامِ وَفِي كُلِّ عامٍ ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُتَقَبَّلِ عَنْهُمْ مَناسِكُهُمْ ، الْمُعافِينَ فِي (2) أَسْفارِهِمْ ، الْمُقْبِلِينَ عَلى نُسُكِهِمْ ، الْمَحْفُوظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ وَذَرارِيهِمْ وَكُلِّ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ.

اللّهُمَّ اقْلِبْنِي مِنْ مَجْلِسِي هذا ، فِي شَهْرِي هذا ، فِي يَوْمِي هذا ، فِي ساعَتِي هذِهِ ، مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لِي ، مَغْفُوراً ذَنْبِي ، مُعافاً مِنَ النَّارِ ، وَمُعْتَقاً مِنْها ، عِتْقاً لا رِقَّ بَعْدَهُ أَبَداً وَلا رَهْبَةَ ، يا رَبَّ الْأَرْبابِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ فِيما شِئْتَ وَأَرَدْتَ ، وَقَضَيْتَ وَقَدَّرْتَ ، وَحَتَمْتَ وَأَنْفَذْتَ ، أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي ، وَأَنْ تُنْسِأَنِي فِي أَجَلِي ، وَأَنْ تُقَوِّيَ ضَعْفِي ، وَأَنْ تُغْنِيَ فَقْرِي ، وَأَنْ تُجبرَ فاقَتِي ، وَأَنْ تَرْحَمَ مَسْكَنَتِي ، وَأَنْ تُعِزَّ ذُلِّي ، وَأَنْ تَرْفَعَ ضَعَتِي ، وَأَنْ تُغْنِيَ عائِلَتِي ، وَأَنْ تُؤْنِسَ وَحْشَتِي ، وَأَنْ تَكْثُرَ قِلَّتِي ، وَأَنْ تُذِرَّ رِزْقِي ، فِي عافِيَةٍ وَيُسْرٍ وَخَفْضٍ ، وَأَنْ تَكْفِيَنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي.

وَلا تَكِلْنِي الى نَفْسِي فَاعْجِزَ عَنْها ، وَلا الَى النَّاسِ فَيَرْفَضُونِي ، وَأَنْ تُعافِيَنِي فِي دِينِي وَبَدَنِي ، وَجَسَدِي وَرُوحِي ، وَوَلَدِي وَأَهْلِي ، وَأَهْلِ مَوَدَّتِي ، وَإِخْوانِي وَجِيرانِي ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ ، وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالْأَمْنِ وَالإِيمانِ ما أَبْقَيْتَنِي.

فَإِنَّكَ وَلِيِّي وَمَوْلايَ ، وَثِقَتِي وَرَجائِي ، وَمعْدِنُ مَسْأَلَتِي ، وَمَوضِعُ شَكْوايَ ، وَمُنْتَهى رَغْبَتِي ، فَلا تُخَيِّبْنِي فِي رَجائِي يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، وَلا تُبْطِلْ طَمَعِي وَرَجائِي.

ص: 471


1- زيادة : ان تجعلني ممن تثيب وتسمي وتقضي له وتزيد وتحب له وترضى.
2- المعانين (خ ل) ، على (خ ل).

فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَقَدَّمْتُهُمْ إِلَيْكَ أَمامِي وَأَمامَ حاجَتِي وَطَلِبَتِي ، وَتَضَرُّعِي وَمَسْأَلَتِي ، فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ ، فَإِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ ، فَاخْتِمْ لِي بِهِمُ السَّعادَةَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

زيادة فيه :

مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهِمْ ، فَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ وَالْأَمْنِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِيمانِ ، وَالْمَغْفِرَةِ وَالرِّضْوانِ ، وَالسَّعادَةِ وَالْحِفْظِ.

يا اللّهُ أَنْتَ لِكُلِّ حاجَةٍ لَنا ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعافِنا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ لا طاقَةَ لَنا بِهِ ، وَاكْفِنا كُلَّ أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا (1) وَالآخِرَةِ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتَرَحَّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَافْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ ، وَسَلَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ ، عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ ، انَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (2).

فصل :

أقول : وان أراد المتشرّف باستقبال يوم العيد ، أن يخاطب كرم المالك للتأييد والمزيد ، فيقول:

اللّهُمَّ إِنَّ الْمُلُوكَ وَالأُمَراءَ قَدْ وَهَبُوا خِلَعاً لِمَمالِيكِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَجُنُودِهِمْ ، وَلَوْ كانَ الْمَمالِيكُ مِنَ الْأَغْنِياءِ ، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ رَأسُهُ مَكْشُوفٌ مِنْ عَمائِمِ الْمُراقَبَةِ الَّتِي تَلِيقُ بِكُمْ ، وَمِنْ مَيازِرِ الإِخْلاصِ الَّتِي تَجِبُ لَكُمْ ، وَمِنَ سَتْرِ الإِقْبالِ عَلَيْكُمْ ، وَمِنَ الْخِلَعِ الَّتِي تَصْلَحُ لِلْحُضُورِ بَيْنَ يَدَيْكُمْ ، وَثِيابُ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ خَلِقَةٌ بِيَدِ الْغَفَلاتِ ، وَدَنِسَةٌ مِنْ وَسَخِ الشَّهَواتِ ، وَلِباسُ سَتْرِ عُيُوبِهِ

ص: 472


1- أمور الدنيا (خ ل).
2- عنه البحار 91 : 2 - 4 ، رواه الكفعمي في بلد الأمين : 269 ، عنه البحار 98 : 203 ، ورواه الشيخ في مصباحه : 655-658.

مُمَزَّقٌ بِيَدِ إِيثارِهِ عَلَيْكُمْ ، وَمِغْفَرُ غُفْرانِ ذُنُوبِهِ مُكَسَّرٌ بِيَدِ تَهْوِينِهِ بِالاسْتِغْفارِ الَّذِي يُقَرِّبُهُ الَيْكُمْ ، وَعَوْراتُهُ مَكْشُوفَةٌ وَعَثَراتُهُ مَخُوفَةٌ.

فَهُوَ مُتَهَتِّكٌ (1) فِي هذا الْعِيدِ السَّعِيدِ بِسُوءِ مَلْبُوسِهِ ، وَخَجْلانٌ خِزْيانٌ مِنْ ثِيابِ نُحُوسة ، فَما أَنْتُمْ صانِعُونَ بِمَمْلُوكٍ يَقُولُ بِلِسانِ حالِهِ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، وَأَنْتُمْ عَلَّمْتُمُ الْمُلُوكَ (2) مَكارِمَ الْأَخْلاقِ ، وَعَنْكُمْ وَمِنْكُمْ عُرِفَ ابْتِداءُ الْخِلَعِ ، وَإِطْلاقُ الْأَعْناقِ وَالْأَرْزاقِ.

وَقَدْ كانَ الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ لَمَّا ابْتَدَأْتُمْ بإِنْشائِهِ عَرَفْتُمْ ما يَقَعُ مِنْهُ مِنْ سُوءِ إِبائِهِ (3) ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكُمْ ، حَتّى خَلَعْتُمْ عَلَيْهِ خِلَعَ الْبَقاءِ ، وَخِلَعَ سَلامَةِ الْأَعْضاءِ ، وَخِلَعَ الشِّفاءِ مِنَ الْأَدْواءِ ، وَكَسَوْتُمُوهُ لَحْماً وَجِلْداً ، وَبالَغْتُمْ مَعَهُ إِنْعاماً وَرِفْداً.

فَيَبْقى الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ عُرْياناً بِحَضْرَتِكُمْ (4) ، فَمَنْ ذا يَسْتُرُهُ وَيَكْسُوهُ إِذا رَآهُ ، وَقَدْ ضاقَتْ عَنْهُ سِعَةُ رَحْمَتِكُمْ ، وَمَنْ يَأْوِيهِ إِذا نُودِيَ عَلَيْهِ : أَيْ طَرِيدُ نِقْمَتِكُمْ ، فَيا مَنْ خَلَعَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ عَرَفَ ما يَنْتَهِي حالُهُ إِلَيْهِ ، وَرَبَّاهُ وَغَذَّاهُ وَآواهُ ، فَقَدْ أَحاطَ عِلْماً بِجُرْأَتِهِ عَلَيْهِ ، وَما كانَ قَدْ تَشَرَّفَ بِمَعْرِفَةِ مَوْلاهُ ، وَلا ارْتَضاهُ أَنْ يَخْدِمَهُ فِي دُنْياهُ.

ارْحَمْ اسْتِغاثَتَهُ بِكَ ، وَاسْتِكانَتَهُ لَكَ ، وَاسْتِجارَتَهُ بِظِلِّكَ ، وَوَسِيلَتَهُ بِفَضْلِكَ الى عَدْلِكَ ، وَاكْسِرْ مِنْ خِلَعِ الْعَفْوِ وَالْغُفْرانِ ، وَالْأَمانِ وَالرِّضْوانِ ، ما يَكُونُ ذِكْرُها وَشُكْرُها وَنَشْرُها ، مَنْسُوباً إِلى مُجَرَّدِ رَحْمَتِكَ وَجُودِكَ.

فَقَدِ انْكَسَرَ قَلْبُهُ ، وَخَجِلَ وَاسْتَحْيا مِنْ وُقُوفِهِ عُرْياناً فِي يَوْمِ عِيدِكَ ، مَعَ كَثْرَةِ مَنْ خَلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَبِيدِكَ وَوُفُودِكَ ، وَمالَهُ بابٌ غَيْرُ بابِكَ ، وَهُوَ عاجِزٌ

ص: 473


1- مهتك (خ ل).
2- المملوك (خ ل).
3- إيابه (خ ل).
4- فبحضرتكم (خ ل).

عَنْ عِتابِكَ ، فَكَيْفَ يَقْوى عَلى حِرْمانِكَ وَعِقابِكَ.

فصل (3)

فيما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد أنّه امامه ، وصاحب ذلك المقام المجيد

فأقول : اعلم انّه إذا كان يوم عيد الفطر ، فان كان صاحب الحكم والأمر متصرّفا في ملكه ورعاياه على الوجه الّذي أعطاه مولاه ، فليكن مهنّئا له صلوات اللّه عليه بشرف إقبال اللّه جلّ جلاله عليه وتمام تمكينه من إحسانه إليه ، ثمّ كن مهنّيا لنفسك ولمن يعزّ عليك وللدّنيا وأهلها ، ولكلّ مسعود بإمامته بوجوده عليه السلام ، وسعوده وهدايته وفوائد دولته.

وان كان من يعتقد وجوب طاعته ممنوعا من التّصرف في مقتضى رئاسته ، فليكن عليك أثر المساواة في الغضب مع اللّه جلّ جلاله مولاك ومولاه ، والغضب لأجله ، والتأسّف على ما فات من فضله.

فقد رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره ، بإسناده إلى حنّان بن سدير ، عن عبد اللّه بن دينار ، عن أبي جعفر عليه السلام انّه قال : يا عبد اللّه ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر ، الاّ وهو يتجدّد لآل محمّد فيه حزن ، قال : قلت : ولم؟ قال : لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم (1).

وأقول : لو انّك استحضرت كيف كانت تكون أعلام الإسلام بالعدل منشورة ، وأحكام الأنام بالفضل مشهورة ، والأموال في اللّه جلّ جلاله إلى سائر عباده مبذولة ، والآمال ضاحكة مستبشرة مقبولة ، والأمن شامل للقريب والبعيد ، والنصر كامل للضعيف والذّليل والوحيد ، والدنيا قد أشرقت بشموس سعودها ، وانبسطت يد الإقبال في اغوارها ونجودها ، وظهر من حكم اللّه جلّ جلاله الباهر وسلطانه القاهر ، ما يبهج العقول والقلوب سرورا ، ويملأ الآفاق ظهورها ونورا.

ص: 474


1- رواه الشيخ في التهذيب 3 : 289 ، والكليني في الكافي 4 : 169 ، والصدوق في الفقيه 1 : 324 و 2 : 114 ، علل الشرائع 2 : 289 ، عنهم الوسائل 7 : 476.

لكنت واللّه يا أخي قد تنغّصت في عيدك الّذي أنت مسرور بإقباله ، وعرفت ما فاتك من كرم اللّه جل جلاله وإفضاله ، وكان البكاء والتلهّف والتّأسّف أغلب عليك وأليق بك ، وأبلغ في الوفاء لمن يعزّ عليك.

وقد رفعت لك الآن ، ولم أشرح ما كان يمكن فيه إطلاق اللسان ، وهذا الّذي ذكرناه على سبيل التّنبيه والإشارة ، لأنّ استيفاء شرح ما نريده ، يضيق عنه مبسوط العبارة.

واعلم انّ الصّفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التفريق والبعاد ، أحسن من الصفاء والوفاء مع الحضور واجتماع الأجساد ، فليكن الصّفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك وربك القادر على تفريج كربك.

فصل (4)

فيما نذكره من ابتداء الأعمال في يوم العيد (1) لطلب السعادة بالقبول والإقبال

اعلم انّه ينبغي ابتداء هذا اليوم بعد ما ذكرناه بالغسل ، لما رويناه بإسنادنا إلى الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : الغسل يوم الفطر سنة (2).

ذكر ما يقال عند الغسل :

رواه محمّد بن أبي قرّة بإسناده إلى أبي عيينة ، (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : صلاة العيد يوم الفطر ان يغتسل من نهر ، فان لم يكن نهر ، ولِ (4) أنت بنفسك استيفاء الماء بتخشّع ، وليكن غسلك تحت الظّلال أو تحت حائط وتستتر بجهدك ، فإذا هممت بذلك فقل :

اللّهُمَّ إِيماناً بِكَ ، وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

ص: 475


1- يوم عيد الفطر (خ ل).
2- عنه الوسائل 3 : 329 ، البحار 91 : 5.
3- أبي عنبسة (خ ل).
4- أمر من ولي يلي.

ثمّ سمّ واغتسل ، فإذا فرغت من الغسل فقل :

اللّهُمَّ اجْعَلْهُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِي ، وَطَهِّرْ دِينِي ، اللّهُمَّ اذْهَبْ عَنِّي الدَّنَسَ (1).

ثمّ ادع عند التّهيؤ للخروج إلى صلاة العيد، فقل ما رويناه بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري قدّس اللّه روحه ، بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

ادع في الجمعة والعيدين إذا تهيّأت للخروج ، فقل :

اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ فِي هذَا الْيَوْمِ ، أَوْ تَعَبَّأَ (2) ، أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ ، لِوفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ ، رَجاءَ رِفْدِهِ وَجائِزَتِهِ وَنَوافِلِهِ ، فَالَيْكَ يا سَيِّدِي كانَتْ وِفادَتِي وَتَهْيِأَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي ، رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَعَلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ ، وَصَلِّ يا رَبِّ عَلى أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ - وتسمّيهم إلى آخرهم حتى تنتهي إلى صاحبك (3) عليهم السلام ، وقل :

اللّهُمَّ افْتَحْ لَهُ (4) فَتْحاً يَسِيراً ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً ، اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ رَسُولِكَ ، حَتّى لا يَسْتَخْفى بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.

اللّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ ، تُعِزُّ بِها الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالْقادَةِ الى سَبِيلِكَ ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ ما أَنْكَرْنا مِنْ حَقٍّ فَعَرِّفْناهُ ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ.

وتدعو اللّه له وعلى عدوّه وتسأل حاجتك ، ويكون آخر كلامك :

ص: 476


1- عنه الوسائل 3 : 329 ، البحار 91 : 5.
2- عبّأت المتاع : هيّأته.
3- صاحب الزمان (خ ل).
4- لنا (خ ل).

اللّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنا ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ تَذَكَّرَ (1) فَيُذَكَّرُ (2).

ثمّ قل ما رويناه بإسنادنا إلى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ادع في العيدين والجمعة إذا تهيّأت للخروج بهذا الدعاء ، وقل :

اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ فِي هذا الْيَوْمِ ، أَوْ تَعَبَّأَ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ ، رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعَطاياهُ ، فَانَّ إِلَيْكَ يا سَيِّدِي تَهْيِأَتِي وَتَعْبِئَتِي ، وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي ، رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ ، وَنَوافِلِكَ وَفَواضِلِكَ وَعَطاياكَ (3).

وَقَدْ غَدَوْتُ الى عِيدٍ مِنْ أَعْيادِ امَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ ، وَلَمْ أَفِدْ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ أَمَّلْتُهُ ، وَلكِنْ أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي وَإِساءَتِي الى نَفْسِي ، فَيا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ ، اغْفِرْ لِيَ الْعَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْعِظامَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

فصل (5): فيما نذكره من الأمر بالإفطار قبل الخروج إلى صلاة العيد

رويناه بإسنادنا إلى محمّد بن يعقوب الكليني ، بإسناده إلى حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أطعم يوم الفطر قبل ان تخرج إلى المصلّى. (5)

وبإسناده إلى الصادق عليه السلام قال : لتطعم يوم الفطر قبل ان تصلّي ، ولا تطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام (6).

ص: 477


1- يذكر فيه فيذكر (خ ل).
2- عنه البحار 91 : 6.
3- فضائلك وعطائك (خ ل).
4- عنه البحار 89 : 329 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2 : 658.
5- رواه الكليني في الكافي 4 : 168 ، والشيخ في التهذيب 3 : 138.
6- رواه الكليني في الكافي 4 : 168 ، والصدوق في الفقيه 2 : 113 ، والشيخ في التهذيب 3 : 138 ، عنهم الوسائل 7 : 444.

وروينا بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري رحمه اللّه ، بإسناده إلى حريز بن عبد اللّه ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لا يخرج يوم الفطر حتّى يطعم ويؤدّي الإفطار ، وكان لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتّى يأكل من أضحيّته ، قال أبو جعفر : وكذلك (1) نحن (2).

فصل (6): فيما نذكره ممّا يكون الإفطار عليه وكيفيّة النيّة

روى ابن أبي قرّة بإسناده عن الرجل عليه السلام قال : كل تمرات يوم الفطر ، فان حضرك قوم من المؤمنين ، فأطعمهم مثل ذلك (3).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : انّي أفطرت يوم الفطر على طين وتمر ، قال لي : جمعت بركة وسنة (4).

يعني بذلك التربة المقدسة على صاحبها السلام.

أقول : وليكن نيّته في إفطاره يوم العيد امتثال أمر اللّه جلّ جلاله المجيد ، فيكون في عبادة وسعادة في إطعامه كما كان في صيامه.

فصل (7): فيما نذكره من وقت خروجه إلى صلاة العيد

رويناه بإسنادنا إلى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان رسول اللّه صَلَّى اللّهُ عَليه وآله يخرج بعد طلوع الشمس (5).

ص: 478


1- في الفقيه : كذلك نفعل نحن.
2- عنه البحار 90 : 372 ، رواه الصدوق في الفقيه 1 : 321.
3- عنه الوسائل 7 : 445 ، البحار 91 : 124.
4- رواه الكليني في الكافي 4 : 170 ، والصدوق في الفقيه 2 : 113 ، عنهما الوسائل 7 : 445.
5- عنه الوسائل 7 : 452 ، البحار 90 : 371.

وممّا رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه ، بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا تخرج من بيتك الاّ بعد طلوع الشمس (1).

فصل (8): فيما نذكره من النّية في توجّهه إلى صلاة العيد

أيّها الأخ المقبل بإقبال مولاه عليه ، لتعلم كيف تحضر بين يديه ، ارحم ضعف روحك وأقبل مشورة نصيحك ، وأفكّر في تعظيم من هو مقبل عليك ، وطهّر قلبك من الشواغل الّتي تحول بينك وبين إحسانه إليك ، ووفّ المجلس ما تقدر عليه من حقّه العظيم ، وامض على ما تريد من الصراط المستقيم.

ولتكن نيّتك وقصدك طلب رضاه والدخول في حماه ، واعتقاد المنّة لله جل جلاله فيما هداك إليه ، وأهّلك ان تعمله لديه ، وقم به إليه قيام التمام بالإقبال عليه.

واعلم انّ المتوجهين إلى اللّه جلّ جلاله ، في اليوم الّذي سمّاه جلّ جلاله عيدا لعبيدة وإنجازا لوعده (2) ، بالخروج إليه والوفادة عليه ، فانّ الناس المتوجّهين فيه على أصناف :

فصنف : خرجوا وقد شغلتهم هيبة اللّه جلّ جلاله وعظمته وذهول العقول عن مقابلة حرمته (3) وإجابة دعوته ، حتّى صاروا كما يصير من لم يحضر ابدا عند خليفة ، فاستدعاه للحضور بين يدي عظمته الشريفة ، فإنّه يكون متردّدا بين الحياء والخجالة ، للقاء تلك الجلالة ، وبين خوف سوء الآداب ، وبين أمواج العجز عن الجرأة بالخطاب والتماس الجواب وبين الفكر ، فيما إذا عساه يكون قد اطّلع الخليفة عليه من أهواله وسوء أعماله ، فتشغله هذه الشواغل عن بسط كفّ سؤاله وإطلاق لسان حاله.

ص: 479


1- عنه الوسائل 7 : 452 ، البحار 90 : 371.
2- لوعوده (خ ل).
3- رحمته (خ ل).

وصنف : توجّهوا إلى اللّه جلّ جلاله ، وهم ذاكرون ما تولاّه اللّه جلّ جلاله بهم من بناء السّماوات والأرضين وما بينهما ، وفيهما من منافع الدّنيا والدين ، وتسييرهم من لدن آدم عليه أفضل التحيّات في طرقات مخافات الولادات ، والنّجاة من آفات ألوف سنين الى حين هذه الغايات ، وقيامه لهم خلفا بعد سلف ، بما احتاجوا إليه من الأقوات وجميع الحاجات ، فاخجلهم ما مضى من انعامه وما حضر من إكرامه طلب شيء آخر من شريف مقامه.

وصنف : رأوا انّ بضائع فما مكّنهم فيه من الاختيار قد عاملوه فيها بالخسران ، وودائع ما سلّم إليهم من الاقتدار على عمارة دار القرار قد خانوا فيها في السرّ والإعلان ، فكساهم ذلّ الخيانة في الأمانة عار الخجل والوجل ، حتّى ما بقي عندهم فراغ لرجاء ولا أمل.

وصنف : خرجوا يوم العيد على مراكب دالّة أعمالهم (1) والتبسّط في سؤالهم ، لا بسين ثوب الغفلة عن خالق مراكب إمكانهم وفاطر قالب أعمالهم مدّة حياتهم وزمانهم ، وعن المنّة عليهم في الإنشاء والبقاء ، وما اشتمل عليه وجودهم من النعماء والآلاء ، فهؤلاء كالعميان المحتاجين إلى قائد ، وكالمرضى الّذين يحتاجون إلى طبيب يقبلون منه.

وصنف : خرجوا يطلبون أجرة ما عملوه في شهر رمضان ، وقد بسطوا على أنفسهم لسان حال المحاسبة لهم على ما عمل معهم مولاهم من الإحسان.

وقال لسان حال عدله : إذا كان كلّ منكم يطلب أجرة فعله ، فاذكروا أفعالنا لأجلكم قبل وجودكم ومدة حياتكم من لدن أبيكم آدم ، وعملنا مع آبائكم وأمّهاتكم وجدودكم ، وفكّروا في أجرة كلّ من استخدمناه في مصلحتكم ، من الملائكة والأنبياء والمرسلين والملوك والسلاطين وغيرهم ، من جميع عبيدنا من الماضين والحاضرين ، فانظروا مقدار الفاضل عن أجرة أعمالنا ، فادّوه إلينا ، ثم تعرّضوا لسؤالنا ، حيث عدلتم عن باب الاعتراف لنا بالفضل ، ووقفتم على باب طلب الأجرة بالعدل.

ص: 480


1- بأعمالهم - ظ.

وصنف : فكّروا في ما عمل مولاهم من قبل انشائهم بطول بقائهم ، ومن أوّل آبائهم إلى حين فنائهم ، وما يحتاجون ان يعمل معهم في دار بقائهم ، فاستحقروا ما كانوا فيه من أعمالهم ، ولم يبق لها محلّ في حضرة ابتهالهم ، وما بقي لهم لسان حال ولا بيان مقال يذكرونها في حضرة آمالهم وسؤالهم ، بل مدّوا الكفّ لسان الحال قبل الوجود إلى كعبة الكرم والجود.

وصنف : خرجوا إلى اللّه جلّ جلاله وقد لبسوا خلع المعرفة بقدر المنّة عليهم ، وبإقباله جلّ جلاله عليهم وحضورهم للإحسان إليهم ، وليس لهم فاطر ولا ناظر يتردّد منذ نشروا إلى حيث حضروا ، في غير طرق الاعتراف بالمنن للمالك الأرحم ، والاشتغال بحمد جلاله الأعظم.

ويتمنّى لسان حالهم ان لو كان لهم قدرة أن يكونوا موجودين في الأزل وما لا يزال مع وجوده ، وكلّ منهم باذل غاية مجهوده في خدمة معبوده وشكر جوده ، لرأي ذلك قاصرا عن مقصوده ، ولو لا خوف المخالفة لما يراه ، لتمنّى كلّ منهم أن لا يفارق باب الخدمة دنياه وآخرته.

فما أسعد موقف هؤلاء العبيد في يوم العيد ، فاقتد أيّها الأخ بأهل هذا الحظّ السّعيد ، وسر في آثارهم واهتد بأنوارهم.

فصل (9): فيما نذكره مما رويناه من انّ يوم العيد يوم أخذ الجوائز

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب وغيره بإسناده إلى عمرو بن شمر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد : أيّها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم ، ثم قال : يا جابر جوائز اللّه ليست كجوائز هؤلاء الملوك ، ثم قال : هو يوم الجوائز (1).

ص: 481


1- رواه الكليني في الكافي 4 : 168 ، والصدوق في الفقيه 1 : 323 ، عنهما الوسائل 7 : 480.

أقول : وكنت أجد جماعة من أصحابنا يأخذون التّربة الشريفة من ضريح مولانا الحسين عليه السلام والصلاة والرضوان ، ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.

فقلت لمن قلت له منهم : هل وجدتم أثرا أو خبرا بأخذ هذه التربة في هذه الليلة؟ فقالوا : لا ، لكن نرجو أن يكون ليلة القدر ، فقلت : فما أراكم تتركون بعد هذه الليلة الدّعاء في كل يوم بالظّفر بليلة القدر من تمام العشر الأخير ، ولأنّها لو كانت ليلة القدر على التّقدير من أين عرفتم انّ ليلة القدر المنيفة محلّ لأخذ التربة الشريفة.

ثم قلت : كان مقتضى المعقول وظواهر المنقول يقتضي ان يكون أخذ التّربة للشفاء والدواء ودفع أنواع البلاء في وقت إطلاق الجوائز للأنام ، وهو يوم جوائز شهر الصيام ، فيسأل العبد يوم العيد ان يكون من جملة جوائزه التي ينعم اللّه جلّ جلاله بها عليه الاذن في أخذ تربة الحسين عليه السلام ، فيأتي أخذها في وقت إطلاق العطايا والمواهب الجزيلة ، مناسبا لإطلاق التربة المقدسة الجليلة.

أقول : وما هذا الحديث وما رويناه من أمثاله ، منافيا لما ذكرنا من كيفيّة التوجه إلى اللّه جلّ جلاله والظّفر بإفضاله وإقباله ، لأنّ اللّه جلّ جلاله انّما يعطى الجوائز مع الأدب بين يديه والإخلاص في الإقبال عليه ، وقد كشفنا لك في الوجوه الّتي أشرنا إليها ما حضرنا وأذن لنا في التنبيه عليها ، فاختر لنفسك ما أنت محتاج إليه على قدر جود المالك الّذي تقف بين يديه ، وعلى قدر اليوم الذي أطلق الجوائز لكل محتاج إليه ، وعلى قدر فقرك في الدنيا ويوم القدوم عليه.

وليكن من جملة مطالبك ومآربك ان تقول :

يا كَرِيمُ يا جَوادُ يا عَوّادُ ، انَّ عادَةَ الْمَلِكِ الْجَوادِ ، إِذا أَسْقَطَ ما لَهُ عَلى وُفُودِهِ وَجُنُودِهِ ، أَبْقَى ما لَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ عَوائِدِ مَراحِمِهِ وَمَكارِمِ وَجُودِهِ ، فَحَيْثُ قَدْ أَسْقَطْتَ عَنّا وَظائِفَ الْعِباداتِ فِي شَهْرِ رَمَضانَ ، فَأَبْقِ عَلَيْنا دَوامَ ما كانَ فِيهِ مِنَ الْعِناياتِ وَالسَّعاداتِ ، وَالْأَمانِ وَالرِّضْوانِ وَكَمالِ الإِحْسانِ.

ص: 482

فصل (10): فيما نذكره من إخراج الفطرة قبل صلاة العيد ، وان أفضلها التمر

اعلم انّ بدأة اللّه جلّ جلاله في مقدّس القرآن المجيد بذكر الزكاة قبل صلاة العيد ، تنبيه لأهل النّجاة على البدأة بها قبل الصّلاة ، ووصف من يفعل ذلك بالفلاح ، حثّ عظيم لأهل الصلاح على الاهتمام بإخراجها قبل الغدوّ إلى صلاة العيد والرواح.

روينا بإسنادنا إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ينبغي أن يؤدّي الفطرة قبل أن يخرج الناس إلى الجبّانة ، فإن (1) أدّاها بعد ما يرجع ، فإنّما هي صدقة وليست فطرة (2).

وامّا ما نذكره في فضل إخراج الفطرة تمرا :

فقد رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني ، بإسناده إلى هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : التمر في الفطرة أفضل من غيره ، لأنّه أسرع منفعة ، وذلك انّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه ، وقال : ونزلت الزكاة وليس للنّاس أموال ، وانّما كانت الفطرة (3).

فصل (11): فيما نذكره من الخروج إلى صلاة العيد في طريق والرجوع في غيرها

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه ، بإسناده إلى علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال : قلت له : يا سيّدِي انّا نروي عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، انّه كان إذا أخذ (4) في طريق لم يرجع فيه وأخذ في غيره؟ فقال : هكذا كان نبيّ اللّه صلى اللّه عليه وآله يفعل ، وهكذا أفعل أنا وهكذا

ص: 483


1- فإذا (خ ل).
2- عنه الوسائل 9 : 355.
3- رواه الكليني في الكافي 4 : 171 ، والصدوق في الفقيه 2 : 117 ، علل الشرائع : 390 ، والشيخ في التهذيب 4 : 85 عنهم الوسائل 9 : 352.
4- رجع (خ ل).

كان أبي عليه السلام يفعل ، وهكذا فافعل ، فإنّه أرزق لك ، وكان نبي اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : هذا أرزق للعباد. (1)

فصل (12): فيما نذكره من الدعاء في الطريق

قال : استفتح خروجك بهذا الدعاء إلى ان تدخل مع الإمام في الصلاة ، فإن فاتك منه شيء فاقضه بعد الصلاة :

اللّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، اللّهُ أَكْبَرُ كَما هَدينا ، اللّهُ أَكْبَرُ إِلهُنا وَمَوْلانا ، اللّهُ أَكْبَرُ عَلى ما أَوْلانا وَحُسْنِ ما أَبْلانا ، اللّهُ أَكْبَرُ وَلِيُّنا الَّذِي اجْتَبانا ، اللّهُ أَكْبَرُ رَبُّنا الَّذِي بَرَأَنا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي أَنْشَأَنا.

اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي بِقُدْرَتِهِ هَدينا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي خَلَقَنا فَسَوّينا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي بِدِينِهِ حَبانا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي مِنْ فِتْنَتِهِ عافانا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي بِالإِسْلامِ اصْطَفانا ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي فَضَّلَنا بِالإِسْلامِ عَلى مَنْ سِوانا ، اللّهُ أَكْبَرُ وَاكْبَرُ سُلْطاناً ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلا بُرْهاناً ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ سُبْحاناً.

اللّهُ أَكْبَرُ وَأَقْدَمُ إِحْساناً ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَعَزُّ غُفْراناً ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَسْنى شَأْناً ، اللّهُ أَكْبَرُ ناصِرُ مَنِ اسْتَنْصَرَ ، اللّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اسْتَغْفَرَ ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي خَلَقَ وَصَوَّرَ.

اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي أَماتَ وَأَقْبَرَ ، اللّهُ أَكْبَرُ الَّذِي إِذا شاءَ أَنْشَرَ ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلا وَأَكْبَرُ ، اللّهُ أَكْبَرُ وَأَقْدَسُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَطْهَرُ ، اللّهُ أَكْبَرُ رَبُّ الْخَلْقِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، اللّهُ أَكْبَرُ كُلَّما سَبَّحَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَبَّرَ ، اللّهُ أَكْبَرُ كَما يُحِبُّ رَبُّنا أَنْ يُكَبَّرَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَنَبِيِّكَ وَصَفِيِّكَ ، وَنَجِيبِكَ (2)

ص: 484


1- عنه البحار 190 : 373 ، الوسائل 7 : 479 ، رواه الكليني في الكافي 8 : 147 و 5 : 314.
2- نجيّك (خ ل).

وَأَمِينِكَ ، وَحَبِيبِكَ ، وَصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَخَلِيلِكَ وَخاصَّتِكَ ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ الَّذِي هَدَيْتَنا بِهِ مِنَ الْجَهالَةِ ، وَبَصَّرْتَنا بِهِ مِنَ الْعَمى ، وَأَقَمْتَنا بِهِ عَلَى الْمَحَجَّةِ (1) الْعُظْمَى وَسَبِيلِ التَّقْوَى ، وَكَما أَرْشَدْتَنا وَأَخْرَجْتَنا بِهِ مِنَ الْغَمَراتِ الى جَمِيعِ الْخَيْراتِ ، وَأَنْقَذْتَنا بِهِ مِنْ شَفا جُرُفِ الْهَلَكاتِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ ، وَأَشْرَفَ وَأَكْبَرَ ، وَأَطْهَرَ وَاطْيَبَ ، وَأَتَمَّ وَأَعَمَّ ، وَأَزْكَى وَأَنْمى ، وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ ، وَأَعْلِ مَكانَهُ ، وَكَرِّمْ فِي الْقِيامَةِ مَقامَهُ ، وَعَظِّمْ عَلى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حالَهُ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، أَقْرَبَ الْخَلْقِ مِنْكَ مَنْزِلَةً ، وَأَعْلاهُمْ مِنْكَ مَكاناً ، وَأَفْسَحَهُمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَةً وَمَجْلِساً ، وَأَعْظَمَهُمْ عِنْدَكَ شَرَفاً ، وَأَرْفَعَهُمْ مَنْزِلاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ (2) الْهُدى الْمُهْتَدِينَ ، (3) وَالْحُجَجِ عَلى خَلْقِكَ (4) ، وَالْأَدِلاَّءِ عَلى سَبِيلِكَ ، وَالْبابِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتى ، وَالتَّراجِمَةِ لِوَحْيِكَ ، كَما سَنُّوا سُنَّتَكَ ، النَّاطِقِينَ بِحِكْمَتِكَ ، وَالشُّهَداءِ عَلى خَلْقِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ الْمُنْتَظِرِ أَمْرَكَ ، الْمُنْتَظَرِ لِفَرَجِ أَوْلِيائِكَ.

اللّهُمَّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الْأَرْضَ ، وَأَيِّدْهُ بِنَصْرِكَ ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ ، وَقَوِّ

ص: 485


1- المحجة : الطريق.
2- اللّهم صلّ على الأئمة الهدى (ظ).
3- المهديّين والحجة (خ ل).
4- دمدم : أهلك.

ناصِرَهُمْ ، وَاخْذُلْ خاذِلَهُمْ ، وَدَمْدِمْ عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُمْ ، وَدَمِّرْ عَلى مَنْ غَشَّهُمْ ، وَاقْصِمْ بِهِمْ رُءُوسَ الضَّلالَةِ ، وَشارِعَةَ الْبِدَعِ ، وَمُمِيتَةَ السُّنَّةِ (1) ، وَالْمُتَعَزِّزِينَ بِالْباطِلِ ، وَأَعِزَّ بِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَذِلَّ بِهِمُ الْكاذِبِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ وَالْمُخالِفِينَ ، فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَالنَّبِيِّينَ ، الَّذِينَ بَلَّغُوا عَنْكَ الْهُدى ، وَاعْتَقَدُوا لَكَ الْمَواثِيقَ بِالطَّاعَةِ ، وَدَعَوُا الْعِبادَ إِلَيْكَ بِالنَّصِيحَةِ ، وَصَبَرُوا عَلى ما لَقُوا مِنَ الْأَذَى فِي جَنْبِكَ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمْ ، وَعَلى ذَرارِيهِمْ وَأَهْلِ بُيُوتاتِهِمْ وَأَهْلِ مَوَدَّاتِهِمْ (2) ، وَأَزْواجِهِمُ الطَّاهِراتِ ، وَجَمِيعِ أَشْياعِهِمْ ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ ، وَفِي هذَا الْيَوْمِ ، وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ. (3) اللّهُمَّ اخْصُص أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ ، الْمُبارَكِينَ السَّامِعِينَ الْمُطِيعِينَ ، الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَنَوامِي بَرَكاتِكَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (4).

فصل (13): فيما نذكره من البروز في صلاة العيد تحت السماء

رواه محمد بن أبي قرّة في كتابه ، بإسناده إلى سليمان بن حفص ، عن الرجل عليه السلام قال : الصلاة يوم الفطر بحيث لا يكون على المصلّي سقف الاّ السماء (5).

ص: 486


1- السنن (خ ل).
2- وعلى ذريتهم وأهل موداتهم (خ ل).
3- عنه البحار 91 : 16 - 18 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 652 ، والكفعمي في بلد الأمين : 239.
4- عنه البحار 90 : 371.
5- كتبنا (خ ل).

أقول : وقد ذكرنا في عدّة مواضع من كتابنا انّ السماء كأنّها كعبة الدعاء بالساكنين فيها من الملائكة وأرواح الأنبياء ، وهي محل العلاء ، وهي باب إطلاق الأرزاق والآمال ونزول الوحي وتدبير ما يكون ، قال اللّه جلّ جلاله ( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) (1) ، فالبروز والوقوف على باب اللّه بهذه الصفات ، هو أقرب إلى إجابة الدعوات وقضاء الحاجات.

فصل (14): فيما نذكره ممّا يصلّي عليه في صلاة العيد

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن بن الوليد بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يخرج حتّى ينظر إلى آفاق السماء ، وقال : لا تصلّين يومئذ على بساط ولا بارية ، يعني في العيدين (2).

أقول : واعلم انّني كنت يوما من أيّام الأعياد ، قد قمت من السّجادة لأجلس على التّراب ، وأصلّي صلاة العيد على المأمور به من الآداب ، فأردت أن أجعل ذلك على سبيل العبادة لله جلّ جلاله لأنّه أهل للعبادة ، فورد على خاطري ما معناه :

اذكر كيف نقلناك من هذا التّراب الّذي تجلس عليه إلى ما قد بلغنا بك إليه من التكرّم والتعظيم ، وتسخيرنا لك ما سخّرناه ، من الأفلاك والدنيا والآخرة والملك العظيم (3) ، واشتغل بالشكر لنا واعتقاد المنّة العظيمة ، من تطلّع خاطرك إلى الوسيلة إلينا بهذه الخدمة اليسيرة السقيمة.

فانّنا إذا (4) رأيناك تقدّم حقّنا على ما يقع منك من الخدم ، كأنّي أثبت لك في رسوخ القدم ، وسبوغ النعم ، ودفع النقم ، وأدب العبوديّة ، وبلوغ الامنية.

ص: 487


1- الذاريات : 22.
2- عنه البحار 90 : 371.
3- القديم ، القويم (خ ل).
4- فإذا (خ ل).

وقل بالرّحمة والجود وجميع الوسائل الّتي نقلتني بها من ذلك المقام النازل ، الى هذا الفضل الشامل الكامل :

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْقُلْنِي عَمّا تَكْرَهُ وُقُوفَهُ مِنِّي الى ما يُرْضِيكَ عَنِّي.

فصل (15): فيما نذكره من صلاتها جماعة وفرادى

رواه محمد بن أبي قرّة ، بإسناده إلى مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنّه سئل عن صلاة الأضحى والفطر قال : صلّهما (1) ركعتين في جماعة وغير جماعة (2).

أقول : واعلم انّ الإنسان على نفسه بصيرة ، فإن وجد بما أراه اللّه جلّ جلاله من البصائر المنيرة ، انّ صلاة العيد في الجماعة أبلغ في الإخلاص والطاعة ، فليبارز إلى ما فيها من رضى الربّ الرحيم الكريم والفضل العظيم ، ومن عرف انّ صلاة العيد على الانفراد والاختصاص أبلغ في صفات كمال المراد والإخلاص ، فليعمد إلى ما هو أقرب الى مراد مولاه ، الّذي حديثه معه في دنياه وأخراه.

هذا حال من كانت صلاة العيد مندوبة له كما رويناه.

فصل (16): فيما نذكره من دعاء مروي عن مولانا زين العابدين صلوات اللّه عليه وسلامه قبل صلاة العيد

رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي اللّه عنه ، بإسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال :

كنت بالمدينة وقد ولاّها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية ، وكان شهر

ص: 488


1- صلوتهما (خ ل).
2- عنه الوسائل 7 : 425 ، البحار 90 : 371.

رمضان ، فلمّا كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالنّاس في الخروج إلى البقيع لصلاة العيد ، فغدوت من منزلي أريد إلى سيّدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا (1).

فما مررت بسكّة من سكك المدينة إلاّ رأيت (2) أهلها خارجين إلى البقيع ، فيقولون : إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول : إلى مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، حتّى أتيت المسجد ، فدخلته ، فما وجدت فيه الاّ سيّدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلّي صلاة الفجر وحده ، فوقفت وصلّيت بصلاته ، فلمّا ان فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر.

ثمّ انّه جلس يدعو وجعلت اؤَمّن على دعائه ، فما أتي آخر دعائه حتّى بزغت (3) الشمس ، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

ثم انّه رفع يديه حتّى صارتا بإزاء وجهه وقال :

إِلهِي وَسَيِّدِي أَنْتَ فَطَرْتَنِي وَابْتَدَأْتَ خَلْقِي ، لا لِحاجَةٍ مِنْكَ إِلَيَّ بَلْ تَفَضُّلاً مِنْكَ عَلَيَّ ، وَقَدَّرْتَ لِي أَجَلاً وَرِزْقاً لا أَتَعَدّاهُما ، وَلا يَنْقصُنِي أَحَدٌ مِنْهُما (4) شَيْئاً ، وَكَنَفْتَنِي مِنْكَ بِأَنْواعِ النِّعَمِ وَالْكِفايَةِ طِفْلاً وَناشِئاً ، مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ ، فَعَلِمْتَهُ مِنِّي فَجازَيْتَنِي عَلَيْهِ ، بَلْ كانَ ذلِكَ مِنْكَ تَطَوُّلاً عَلَيَّ وَامْتِناناً.

فَلَمّا بَلَّغْتَ بِي أَجَلَ الْكِتابِ (5) مِنْ عِلْمِكَ بِي وَوَفَّقْتَنِي لِمَعْرِفَةِ وَحْدانِيَّتِكَ وَالإِقْرارِ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، فَوَحَّدْتُكَ مُخْلِصاً لَمْ أَدْعُ لَكَ شَرِيكاً فِي مُلْكِكَ ، وَلا مُعِيناً عَلى قُدْرَتِكَ ، وَلَمْ أَنْسِبْ إِلَيْكَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

فَلَمَّا بَلَّغْتَ بِي تَناهِيَ الرَّحْمَةِ مِنْكَ عَلَيَّ ، مَنَنْتَ بِمَنْ هَدَيْتَنِي بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَاسْتَنْقَذْتَنِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ ، وَاسْتَخْلَصْتَنِي بِهِ مِنَ الْحَيْرَةِ ، وَفَكَكْتَنِي بِهِ مِنَ الْجَهالَةِ ، وَهُوَ حَبِيبُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، أَزْلَفُ (6)

ص: 489


1- الغلس : ظلمة آخر الليل.
2- لقيت (خ ل).
3- بزغ الشمس : طلعت.
4- لا ينقضي منهما (خ ل).
5- كناية عن بلوغ الحلم.
6- أزلف : أقرب.

خَلْقِكَ عِنْدَكَ ، وَأَكْرَمُهُمْ مَنْزِلَةً لَدَيْكَ ، فَشَهِدْتُ مَعَهُ بِالْوَحْدانِيَّةِ ، وَأَقْرَرْتُ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالرِّسالَةِ ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ عَلى الطَّاعَةِ.

فَأَطَعْتُهُ كَما أَمَرْتَ ، وَصَدَّقْتُهُ فِيما حَتَمْتَ (1) ، وَخَصَصْتَهُ بِالْكِتابِ الْمُنْزَلِ عَلَيْهِ وَالسَّبْعِ الْمَثانِي الْمُوحاتِ إِلَيْهِ ، وَأَسْمَيْتَهُ الْقُرْآنَ ، وَأَكْنَيْتَهُ الْفُرْقانَ الْعَظِيمَ.

فَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (2) وَقُلْتَ جَلَّ قَوْلُكَ لَهُ ، حِينَ اخْتَصَصْتَهُ بِما سَمَّيْتَهُ بِهِ مِنَ الْأَسْماءِ ( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) ، (3) وَقُلْتَ عَزَّ قَوْلُكَ ( يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) (4) ، وَقُلْتَ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ : ( ص. وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) (5) ، وَقُلْتَ عَظُمَتْ آلاؤُكَ ( ق. وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) (6).

فَخَصَصْتَهُ أَنْ جَعَلْتَهُ قَسَمَكَ حِينَ أَسْمَيْتَهُ ، وَقَرَنْتَ الْقُرْآنَ مَعَهُ ، فَما فِي كِتابِكَ مِنْ شاهِدِ قَسَمٍ ، وَالْقُرْآنُ مُرْدَفٌ بِهِ ، الاّ وَهُوَ اسْمُهُ ، وَذلِكَ شَرَفٌ شَرَّفْتَهُ بِهِ وَفَضْلٌ بَعَثْتَهُ إِلَيْهِ ، تَعْجُزُ الْأَلْسُنُ وَالْأَفْهامُ عَنْ وَصْفِ مُرادِكَ بِهِ ، وَتَكِلُّ عَنْ عِلْمِ ثَنائِكَ عَلَيْهِ.

فَقُلْتَ عَزَّ جَلالُكَ فِي تَأْكِيدِ الْكِتابِ وَقَبُولِ ما جاءَ فِيهِ ( هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ) (7) ، وَقُلْتَ عَزَزْتَ وَجَلَلْتَ (8) ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) (9) ، وَقُلْتَ تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فِي عامَّةِ ابْتِدائِهِ ( الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ ) (10) ، وَ ( الر. كِتابٌ

ص: 490


1- حتمت : أوجبت.
2- الحجر : 87.
3- طه : 2 - 1.
4- يس : 2 - 1.
5- ص : 2 - 1.
6- ق : 2 - 1.
7- الجاثية : 29.
8- عزّيت وجليت (خ ل).
9- الانعام : 38.
10- يونس : 1.

أُحْكِمَتْ آياتُهُ ) (1) ، وَ ( الر. كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ ) (2) ، وَ ( الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ) (3) ، وَ ( الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ) (4) ، وَفِي أَمْثالِها (5) مِنْ سُوَرِ الطَّواسِينِ (6) وَالْحَوامِيمِ.

فِي كُلِّ ذلِكَ ثَنَّيْتَ بِالْكِتابِ مَعَ الْقَسَمِ الَّذِي هُوَ اسْمُ مَنِ اخْتَصَصْتَهُ لِوَحْيِكَ ، وَاسْتَوْدَعْتَهُ سِرَّ غَيْبِكَ ، فَأَوْضَحَ لَنا مِنْهُ شُرُوطَ فَرائِضِكَ ، وَأَبانَ لَنا عَنْ واضِحِ سُنَّتِكَ ، وَأَفْصَحَ لَنا عَنِ الْحَلالِ وَالْحَرامِ ، وَأَنارَ لَنا مُدْلَهِمّاتِ الظَّلامِ ، وَجَنَّبَنا رُكُوبَ الآثامِ ، وَأَلْزَمَنا الطَّاعَةَ ، وَوَعَدَنا مِنْ بَعْدِها الشَّفاعَةَ.

فَكُنْتُ مِمَّنْ أَطاعَ أَمْرَهُ ، وَأَجابَ دَعْوَتَهُ ، وَاسْتَمْسَكَ بِحَبْلِهِ ، فَأَقَمْتُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُ الزَّكاةَ ، وَالْتَزَمْتُ الصِّيامَ الَّذِي جَعَلْتَهُ حَقّاً فَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (7).

ثُمَّ إِنَّكَ أَبَنْتَهُ فَقُلْتَ عَزَزْتَ وَجَلَلْتَ (8) مِنْ قائِلٍ ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (9) ، وَقُلْتَ ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (10).

وَرَغَّبْتَ فِي الْحَجِّ بَعْدَ إِذْ فَرَضْتَهُ الى بَيْتِكَ الَّذِي حَرَّمْتَهُ ، فَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (11) ، وَقُلْتَ عَزَزْتَ وَجَلَلْتَ (12) ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ

ص: 491


1- هود : 1.
2- إبراهيم : 1.
3- يوسف : 1.
4- البقرة : 1 - 2.
5- الر تلك آيات الكتاب المبين ، والر كتاب أنزلناه إليك ، والر كتاب أحكمت آياته ، والر تلك آيات الكتاب المبين ، والر كتاب فصلت آياته ، والم ذلك الكتاب لا ريب فيه ، وفي أمثالها (خ ل).
6- السور والطواسين (خ ل).
7- البقرة : 183.
8- غزيت وجليت (خ ل).
9- - البقرة : 185.
10- - البقرة : 185.
11- آل عمران : 97.
12- عزيت وجلّيت (خ ل).

وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ) (1).

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُونَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، وَمِنَ الرِّجالِ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ، وَلْيُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَديهُمْ.

وَأَعِنِّي اللّهُمَّ عَلى جِهادِ عَدُوِّكَ فِي سَبِيلِكَ مَعَ وَلِيِّكَ ، كَما قُلْتَ جَلَّ قَوْلُكَ ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) (2) ، وَقُلْتَ (3) جَلَّتْ أَسْماؤُكَ ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ) (4).

اللّهُمَّ فَأَرِنِي ذلِكَ السَّبِيلَ ، حَتّى أُقاتِلَ فِيهِ بِنَفْسِي وَمالِي طَلَبَ رِضاكَ ، فَأَكُونَ مِنَ الْفائِزِينَ.

إِلهِي أَيْنَ (5) الْمَفَرُّ عَنْكَ ، فَلا يَسَعُنِي بَعْدَ ذلِكَ إِلاَّ حِلْمُكَ ، فَكُنْ بِي رَءُوفاً رَحِيماً ، وَأَقْبِلْنِي وَتَقَبَّلْ مِنِّي ، وَأَعْظِمْ لِي فِيهِ بَرَكَةَ الْمَغْفِرَةِ وَمَثُوبَةَ الْأَجْرِ ، وَأَرِنِي (6) صِحَّةَ التَّصْدِيقِ بِمَا سَأَلْتُ ، وَإِنْ أَنْتَ عَمَّرْتَنِي إِلى عامٍ مِثْلِهِ ، وَيَوْمٍ مِثْلِهِ ، وَلَمْ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي ، فَأَعِنِّي بِالتَّوْفِيقِ عَلى بُلُوغِ رِضاكَ.

وَأَشْرِكْنِي يا إِلهِي فِي هذا الْيَوْمِ ، فِي جَمِيعِ دُعاءِ مَنْ أَجَبْتَهُ ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَأَشْرِكْهُمْ فِي دُعائِي إِذا أَجَبْتَنِي فِي مَقامِي هذا بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَانِّي راغِبٌ إِلَيْكَ لِي وَلَهُمْ ، وَعائِذٌ بِكَ لِي وَلَهُمْ ، فَاسْتَجِبْ لِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (7).

ص: 492


1- الحج : 28 - 27.
2- التوبة : 111.
3- قد قلت (خ ل).
4- محمد صلى اللّه عليه وآله : 31.
5- اللّهم (خ) انّي (خ ل).
6- مثوبة الآخرة وارزقني (خ ل).
7- عنه البحار 91 : 7 - 9 ، مستدرك الوسائل 6 : 151 و 455 مختصرا ، أورده الكفعمي في البلد الأمين : 238 ، وفي مصباحه : 649 ، و 651 (الهامش) ، أخرجه في الصحيفة السجادية الجامعة : 310 ، الدعاء : 144.

فصل (17): فيما نذكره من كيفيّة الحضور بين يدي اللّه جلّ جلاله وقت صلاة العيد

والدعاء عند ذلك المقام السعيد

اعلم انّنا قدّمنا في كتاب عمل اليوم والليلة ، من كيفيّة الحضور بين يدي اللّه جلّ جلاله للصّلوات ، ما فيه فوائد لأهل العنايات بهذه العبادات ، ونقول هاهنا زيادات ، وهو :

انّ للحضور في خدمة مولى المماليك والعبيد لصلاة العيد ، زيادة استعداد لأهل الإخلاص والاجتهاد ، وذلك انّه يوم ترجيح مقام جانب العفو والغفران ، والأمان والإحسان والرضوان ، على جانب المؤاخذة على الذنوب والعيوب والعصيان ، وهو يوم الإذن في بسط أكفّ السّؤال ، ومدّها إلى محل القبول والإقبال ، ووقت الإطلاق لركائب الآمال في الورود على كعبة الكرم والإفضال ، وزمان طيّ بساط الغضب والعقاب وغلق باب التعفيف والعتاب.

وليكن العبد الحاضر لصلاة هذا اليوم المبشر لا عتاق أهل الاسترقاق بالعتاق ، والمهنّئ لأهل الحبوس بالإطلاق ، والمقوّي أصحاب العجز في ميدان الإمكان ، حتّى يشرّفهم باللّحاق لأهل السباق ، باذلا للمجهود في شكر مالك الجود ، على تأهيله لذلك المقام المسعود.

وليكن على وجه قلبه ولسانه وجنانه أنوار الثقة بما بذله مولاه ، من غفرانه وامانه ورضوانه ، فانّ الملك إذا وثق عبيده من جوده ، ورآهم غير قائمين بما يطيقون من شكره وتحميده ، واثقين بإنجاز وعوده ، كانوا مخاطرين في الوقوف بين يديه ، أو مستهزئين بتهوينهم باطّلاعه على سوء ظنّهم بما دعائهم إليه ، بل إذا أمنك الموثوق بأمانه ، فكن من الآمنين ، ولو كان لك عنده ذنوب العالمين ، وإذا دعاك إلى حسن الظنّ بجوده والثّقة بإنجاز وعوده ، فكن من أعظم الواثقين.

فلو لم يكن لك في ذلك من الشّرف والوسيلة إلى الإقبال وبلوغ الآمال ، الاّ تجميل

ص: 493

ذكر مولاك ، وتزكيته وتصديقه في الفعال والمقال ، فيوشك ان تثمر شجرة حسن ظنّك واعتقادك في مآلك من أدلّ ثمار اسعادك وانجادك (1) في دنياك ومعادك.

أقول : فإذا قمت مستقبل القبلة ، فقل ما رويناه بإسنادنا إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : فإذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة وكبّر وقل :

اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ ، أَتَيْتُكَ وافِداً إِلَيْكَ ، تائِباً مِنْ ذُنُوبِي إِلَيْكَ زائِراً ، وَحَقُّ الزَّائِرِ عَلَى الْمَزُورِ التُّحْفَةُ ، فَاجْعَلْ تُحْفَتِي مِنْكَ وَتُحْفَتُكَ لِي رِضاكَ وَالْجَنَّةَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ عَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ ، ثُمَّ أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، أَيْ رَبِّ ، وَجَعَلْتَ فِيهِ لَيْلَةً خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِصِيامِهِ وَقِيامِهِ فِيما مَنَنْتَ عَلَيَّ ، فَتَمِّمْ عَلَيَّ مَنَّكَ وَرَحْمَتَكَ.

أَيْ رَبِّ ، إِنَّ لَكَ فِيهِ عُتَقاءَ ، فَانْ كُنْتُ مِمَّنْ أَعْتَقْتَنِي فِيهِ ، فَتَمِّمْ عَلَيَّ ، وَلا تَرُدَّنِي فِي ذَنْبٍ ما أَبْقَيْتَنِي ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَلْتَ يا رَبِّ لِضَعْفِ عَمَلٍ ، أَوْ لِعِظَمِ ذَنْبٍ ، فَبِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ (2) ، وَكِتابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِي شَهْرِ رَمَضانَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَما أَنْزَلْتَ فِيها ، وَحُرْمَةِ مَنْ عَظَّمْتَ فِيها ، وَبِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ وَصَلَواتُكَ ، وَبِكَ يا اللّهُ.

أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ ، وَبِمَنْ بَعْدَهُ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، أَتَوَجَّهُ بِكُمْ إِلى اللّهِ ، يا اللّهُ أَعْتِقْنِي فِيمَنْ أَعْتَقْتَ. السَّاعَةَ ، بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ (3).

أقول : واعلم انّنا وقفنا على عدّة روايات في صفات صلاة العيد :

منها ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي قرّة ، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر بن بابويه ، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه (4) ، وها نحن ذاكرون رواية

ص: 494


1- أنجده : أعانه.
2- رحماتك (خ ل).
3- عنه البحار 91 : 20.
4- رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 649 ، التهذيب 1 : 292 ، والمفيد في المقنعة : 33 ، عنهم البحار 90 : 380.

واحدة لصلاة العيد (1).

فصل (18): فيما نذكره من صفة صلاة العيد

المهمّ منها إخلاص النية وكمال الأدب مع العظمة الإلهية ، فتقصد بقلبك ما معناه : أصلّي صلاة العيد مندوبا لوجه ندبها ، أعبد اللّه بذلك لأنّه أهل للعبادة ، ثمّ تكبّر تكبيرة الإحرام ، وتقرء الحمد و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ، وَترفع يديك بالتكبير ، معظّما لمولاك الأعظم الكبير ، وتبسطهما بالذل والابتهال ، كما جرت عادة المضطرّ في السؤال ، وتقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ ، وَأَهْلُ الْجُودِ وَالْجَبَرُوتِ ، وَأَهْلُ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ ، وَأَهْلُ التَّقْوى وَالْمَغْفِرَةِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا الْيَوْمِ ، الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيداً ، وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَشَرَفاً (2) وَمَزِيداً ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ بِهِ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعاذَ (3) مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ (4).

ثمّ تكبّر الثانية تكبير أهل الضراعة ، بحسب ما تجده من الاستطاعة ، وتدعوا بالفصل المذكور ، ثم تكبّر الثالثة تكبير أهل الاستكانة بخشوع أهل الخيانة ، وتدعو بالفصل المشار اليه ، ثم تكبّر الرابعة تكبير أهل الرهبة عند شدّة الكربة ، وتدعو بالفصل الموصوف ، ثم

ص: 495


1- فنقول (خ ل).
2- وكرامة (خ ل).
3- من شر ما استعاذ (خ ل).
4- المخلصون (خ ل).

تكبّر الخامسة تكبير الراغب عند فتح أبواب المطالب ، وتدعو بالدعاء المتكرر ، ثم تكبّر السادسة تكبير أهل التبتّل والخضوع بإرسال الدموع ، وقل من الدعاء ما قدمناه.

ثمّ كبّر تكبيرة الركوع ، واركع بأبلغ الخشوع ، وارفع رأسك ، ثمّ اسجد السجدتين ، وقم فاقرء الحمد و ( الشَّمْسِ وَضُحاها ) ، وَكبّر تكبيرة عَلى ما شرحناه وادع بما ذكرناه ، ثمّ كبّر ثانية كما وصفناه وادع بما كنّا رويناه ، ثمّ كبّر ثالثة كما حرّرناه ، وادع بما قدّمناه ، ثم كبّر رابعة على ما أوضحناه وادع بما أسلفناه ، ثمّ كبّر خامسة واركع واسجد سجدتين ثمّ تشهّد وسلّم.

ثمّ سبّح تسبيح فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليها ، وكبّر التكبير الّذي ذكرناه عقيب صلاة المغرب من ليلة العيد ، واحضر عقلك وقلبك للتحميد والتمجيد والدعاء بعد صلاة العيد ، فقل :

اللّهُمَّ إِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ ، وَأَنْ تُحْسِنَ مَعُونَتِي عَلَيْهِ ، وَأَنْ تُبَلِّغَنِي اسْتِتْمامَهُ وَفِطْرَهُ ، وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ فِي ذلِكَ بِعِبادَتِكَ ، وَحُسْنِ مَعُونَتِكَ ، وَتَسْهِيلِ أَسْبابِ تَوْفِيقِكَ وَأَحْسَنْتَ (1) مَعُونَتِي عَلَيْهِ ، وَفَعَلْتَ ذلِكَ بِي ، وَعَرَّفْتَنِي حُسْنَ صَنِيعِكَ ، وَكَرِيمَ إِجابَتِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما رَزَقْتَنِي مِنْ ذلِكَ ، وَعَلى ما أَعْطَيْتَنِي مِنْهُ.

اللّهُمَّ وَهَذا يَوْمٌ عَظَّمْتَ قَدْرَهُ ، وَكَرَّمْتَ حالَهُ ، وَشَرَّفْتَ حُرْمَتَهُ ، وَجَعَلْتَهُ عِيداً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرْتَ عِبادَكَ أَنْ يَبْرُزُوا لَكَ فِيهِ ، لِتُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَثَوابَ ما قَدَّمَتْ ، وَلِتُفَضِّلَ عَلى أَهْلِ النَّقْصِ فِي الْعِبادَةِ ، وَالتَّقْصِيرِ فِي الاجْتِهادِ فِي أَداءِ الْفَرِيضَةِ مِمَّا لا يَمْلِكُهُ غَيْرُكَ ، وَلا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سِواكَ.

اللّهُمَّ وَقَدْ وافاكَ فِي هذا الْيَوْمِ فِي هذا الْمَقامِ ، مَنْ عَمِلَ لَكَ عَمَلاً ، قَلَّ ذلِكَ الْعَمَلُ أَوْ كَثُرَ ، كُلُّهُمْ يَطْلُبُ أَجْرَ ما عَمِلَ ، وَيَسْأَلُ الزِّيادَةَ مِنْ فَضْلِكَ فِي ثَوابِ صَوْمِهِ لَكَ وَعِبادَتِهِ إِيَّاكَ ، عَلى حَسَبِ ما قُلْتَ : ( يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ

ص: 496


1- فأجبتني وأحسنت (خ ل).

وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) (1).

اللّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ الْعارِفُ بِما أَلْزَمْتَنِي ، وَالْمُقِرُّ بِما أَمَرْتَنِي ، الْمُعْتَرِفُ بِنَقْصِ عَمَلِي وَالتَّقْصِيرُ فِي اجْتِهادِي ، وَالْمُخِلُّ بِفَرْضِكَ عَلَيَّ ، وَالتَّارِكُ لِما ضَمِنْتُ لَكَ عَلى نَفْسِي.

اللّهُمَّ وَقَدْ صُمْتُ ، فَشُبْتُ (2) صَوْمِي لَكَ فِي أَحْوالِ الْخَطاءِ وَالْعَمْدِ ، وَالنِّسْيانِ وَالذِّكْرِ ، وَالْحِفْظِ ، بِأَشْياءَ نَطَقَ بِها لِسانِي ، أَوْ رَأَتْها عَيْنِي وَهَوَتْها نَفْسِي ، أَوْ مالَ إِلَيْها هَوايَ وَأَحَبَّها قَلْبِي ، أَوْ اشْتَهَتْها رُوحِي ، أَوْ بَسَطْتُ إِلَيْها يَدِي ، أَوْ سَعَيْتُ إِلَيْها بِرِجْلِي ، مِنْ حَلالِكَ الْمُباحِ بِأَمْرِكَ ، إِلى حَرامِكَ الْمَحْظُورِ بِنَهْيِكَ.

اللّهُمَّ وَكُلُّ ما كانَ مِنِّي مُحْصىً عَلَيَّ غَيْرَ مُخِلٍّ بِقَلِيلٍ وَلا كَثِيرٍ ، وَلا صَغِيرٍ وَلا كَبِيرٍ ، اللّهُمَّ وَقَدْ بَرَزْتُ إِلَيْكَ وَخَلَوْتُ بِكَ ، لِأَعْتَرِفُ لَكَ بِنَقْصِ عَمَلِي ، وَتَقْصِيرِي فِيما يُلْزِمُنِي ، وَأَسْأَلُكَ الْعَوْدَ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْعائِدَةِ الْحَسَنَةِ عَلَيَّ ، بِأَحْسَنِ رَجائِي وَأَفْضَلِ أَمَلِي وَأَكْمَلِ طَمَعِي فِي رِضْوانِكَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ نَقْصٍ ، وَكُلَّ تَقْصِيرٍ ، وَكُلَّ إِساءَةٍ ، وَكُلَّ تَفْرِيطٍ ، وَكُلَّ جَهْلٍ ، وَكُلَّ عَمْدٍ ، وَكُلَّ خَطاءٍ دَخَلَ عَلَيَّ ، فِي شَهْرِي هذا ، وَفِي صَوْمِي لَهُ ، وَفِي فَرْضِكَ عَلَيَّ ، وَهَبهُ لِي ، وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيَّ ، وَتَجاوَزْ لِي عَنْهُ.

يا غايَةَ كُلِّ رَغْبَةٍ ، وَيا مُنْتَهى كُلِّ مَسْأَلَةٍ ، وَاقْلِبْنِي مِنْ وَجْهِي هذا ، وَقَدْ عَظَّمْتَ فِيهِ جائِزَتِي ، وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتِي وَكَرَّمْتَ فِيهِ حِبائِي وَتَفَضَّلْتَ عَلَيَّ ، بِأَفْضَلِ مِنْ رَغْبَتِي وَأَعْظَمِ مِنْ مَسْأَلَتِي يا إِلهِي.

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، الْعَمْدَ مِنْها وَالْخَطَأَ ، فِي هذا الْيَوْمِ ،

ص: 497


1- الرحمن : 29.
2- شاب : خلط.

وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ.

يا رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَوَلِيَّهُ ، افْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَتُبْ بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ عَلَيَّ ، تَوْبَةً نَصُوحاً لا أَشْقى بَعْدَها أَبَداً.

يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لَكَ الْأَمْثالُ الْعُلْيا وَالْأَسْماءُ الْحُسْنى ، أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّكِّ بَعْدَ الْيَقِينِ ، وَمِنَ الْكُفْرِ بَعْدَ الإِيمانِ.

يا إِلهِي اغْفِرْ لِي ، يا إِلهِي تَفَضَّلْ عَلَيَّ ، يا إِلهِي تُبْ عَلَيَّ ، يا إِلهِي ارْحَمْنِي ، يا إِلهِي ارْحَمْ فَقْرِي ، يا إِلهِي ارْحَمْ ذُلِّي ، يا إِلهِي ارْحَمْ مَسْكَنَتِي ، يا إِلهِي ارْحَمْ عَبْرَتِي ، يا إِلهِي لا تُخَيِّبْنِي وَأَنَا أَدْعُوكَ ، وَلا تُعَذِّبْنِي وَأَنَا أَسْتَغْفِرُكَ (1).

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ. ( وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (2) ، أَسْتَغْفِرُكَ يا رَبِّ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ أَسْتَغْفِرُ اللّهَ مِنْ جَمِيعِ ذُنُوبِي كُلِّها ، ما تَعَمَّدْتُ مِنْها وَما أَخْطَأْتُ ، وَما حَفِظْتُ وَما نَسِيتُ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (3) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيِّينَ ، بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَبارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ ، وَأَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ ، وَأَخْرِجْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ ، فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، عِتْقاً بَتِلاً (4) لا رِقَّ بَعْدَهُ أَبَداً ، وَلا حِرْقَ بِالنَّارِ ، وَلا ذُلَّ ، وَلا وَحْشَةَ ، وَلا رُعْبَ وَلا رَوْعَةَ (5) ،

ص: 498


1- أرجوك (خ ل).
2- الأنفال : 33.
3- البقرة : 186.
4- بتل : قطع وأبان.
5- ولا لوعة (خ ل).

وَلا فَزَعَةَ وَلا رَهْبَةَ بِالنَّارِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ بِأَفْضَلِ حُظُوظِ أَهْلِها ، وَأَشْرَفِ كَراماتِهِمْ ، وَأَجْزَلِ عَطائِكَ (1) لَهُمْ ، وَأَفْضَلِ جَوائِزِكَ إِيَّاهُمْ ، وَخَيْرِ حِبائِكَ لَهُمْ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَقْلِبْنِي مِنْ مَجْلِسِي هذا ، وَمِنْ مَخْرَجِي هذا ، وَلا تَبْقِ لِي فِيما (2) بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيئَةً إِلاَّ مَحَوْتَها ، وَلا عَثْرَةً إِلاَّ أَقَلْتَها ، وَلا فاضِحَةً إِلاَّ صَفَحَتْ عَنْها ، وَلا جَرِيرَةً إِلاَّ خَلَّصْتَ مِنْها ، وَلا سَيِّئَةً إِلاَّ وَهَبْتَها لِي ، وَلا كُرْبَةً إِلاَّ وَقَدْ خَلَّصْتَنِي مِنْها ، وَلا دَيْناً إِلاَّ قَضَيْتَهُ ، وَلا عائِلَةً إِلاَّ أَغْنَيْتَها ، وَلا فاقَةً إِلاَّ سَدَدْتَها ، وَلا عَرْياً (3) إِلاَّ كَسَوْتَهُ.

وَلا مَرِيضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ ، وَلا سَقِيماً إِلاَّ داوَيْتَهُ ، وَلا هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتُهُ ، وَلا غَمّاً إِلاَّ أَذْهَبْتَهُ ، وَلا خَوْفاً إِلاَّ آمَنْتَهُ ، وَلا عُسْراً إِلاَّ يَسَّرْتَهُ ، وَلا ضَعْفاً إِلاَّ قَوَّيْتَهُ ، وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِلاَّ قَضَيْتَها ، عَلى أَفْضَلِ الْأَمَلِ وَأَحْسَنِ الرَّجاءِ وَأَكْمَلِ الطَّمَعِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالدُّعاءِ ، وَدَلَلْتَنِي عَلَيْهِ ، فَسَأَلْتُكَ ، وَوَعَدْتَنِي الإِجابَةَ ، فَتَنَجَّزْتُ بِوَعْدِكَ ، وَأَنْتَ الصَّادِقُ الْقَوْلِ الْوَفِيُّ الْعَهْدِ ، اللّهُمَّ وَقَدْ قُلْتَ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (4) ، وَقُلْتَ ( وَسْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) (5) (6) ، وَقُلْتَ ( وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ ) (7).

اللّهُمَّ وَأَنَا أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي مُتَنَجِّزاً لِوَعْدِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي كُلَّ ما وَعَدْتَنِي ، وَكُلَّ امْنِيَّتِي ، وَكُلَّ سُؤْلِي ، وَكُلَّ هَمِّي ، وَكُلَّ نَهْمَتِي ، وَكُلَّ هَوايَ ، وَكُلَّ مَحَبَّتِي ، وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ سائِحاً (8) فِي جَلالِكَ ،

ص: 499


1- عطاياك (خ ل).
2- زيادة : فيما بيني وبينك ولا فيما.
3- عريانا (خ ل).
4- غافر : 60.
5- زيادة : انه كان بكم رحيما (خ ل).
6- النساء : 32.
7- أحقاف : 16.
8- ساح الماء : جرى على وجه الأرض.

ثابِتاً فِي طاعَتِكَ ، مُتَرَدِّداً فِي مَرْضاتِكَ ، مُتَصَرِّفاً فِيما دَعَوْتَ إِلَيْهِ ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ مِنْهُ ، قَلِيلاً وَلا كَثِيراً ، فِي شَيْءٍ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَلا فِي مُخالَفَةٍ لِأَمْرِكَ (1) ، إِلهُ الْحَقِّ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ وَكَما وَفَّقْتَنِي لِدُعائِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَوَفِّقْ لِي إِجابَتَكَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ ، أَوْ تَعَبَّأَ ، أَوْ أَعَدَّ ، أَوِ اسْتَعَدَّ ، لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ ، رَجاءَ رِفْدِهِ وَجَوائِزِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَضائِلِهِ وَعَطاياهُ ، فَالَيْكَ يا سَيِّدِي كانَتْ تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي ، وَإِعْدادِي ، وَاسْتِعْدادِي ، رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَفَواضِلِكَ ، وَنَوافِلِكَ وَعَطاياكَ.

وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى عِيدٍ مِنْ أَعْيادِ امَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ (2) ، وَلَمْ آتِكَ الْيَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ.

وَلكِنِّي أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي ، وَإِساءَتِي إِلى نَفْسِي ، وَلا حُجَّةَ لِي وَلا عُذْرَ لِي ، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ (3) عَفْوِكَ الَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخاطِئِينَ ، وَأَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ لَهُمْ عَظِيمَ جُرْمِهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلى عَظِيمِ جُرْمِهِمْ (4) ، أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ فَيا مَنْ رَحْمَتُهُ واسِعَةٌ ، وَفَضْلُهُ (5) عَظِيمٌ.

يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَعافِيَتِكَ ، وَتَعَطَّفْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، وَأَوْسِعْ (6) عَلَيَّ رِزْقَكَ.

ص: 500


1- مخالفة أمرك (خ ل).
2- نبيك محمد وآله عليه وعليهم السلام ولم آتك (خ ل).
3- أعظم (خ ل).
4- الجرم (خ ل).
5- عفوه (خ ل).
6- توسع (خ ل).

يا رَبِّ! إِنَّهُ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ ، وَلا يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلاَّ عَفْوُكَ ، وَلا يُجِيرُ مِنْ عِقابِكَ إِلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِينِي مِنْكَ إِلاَّ التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَهَبْ لِي يا إِلهِي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِها تُحْيِي أَمْواتَ الْعِبادِ ، وَبِها تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلادِ.

وَلا تُهْلِكْنِي يا إِلهِي غَمّاً حَتّى تَسْتَجِيبَ لِي ، وَتُعَرِّفَنِي الإِجابَةَ فِي دُعائِي ، وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعافِيَةِ إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَلا تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي.

يا رَبِّ! إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي ، وَإِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْحَمُنِي إِنْ عَذَّبْتَنِي ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يُعَذِّبُنِي إِنْ رَحِمْتَنِي ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يُكْرِمُنِي إِنْ أَهَنْتَنِي ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يُهِينُنِي إِنْ أَكْرَمْتَنِي ، وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ ، أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ.

وَقَدْ عَلِمْتُ يا إِلهِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ جَوْرٌ وَلا ظُلْمٌ ، وَلا فِي عُقُوبَتِكَ عَجَلَةٌ ، وَإِنَّما يَعْجلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ. وَإِنَّما يَحْتاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعالَيْتَ عَنْ ذلِكَ سَيِّدِي عُلُوّاً كَبِيراً.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَجْعَلْنِي لِلْبَلاءِ غَرَضاً ، وَلا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً ، وَمَهِّلْنِي وَنَفِّسْنِي ، وَأَقِلْنِي (1) عَثْرَتِي ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي ، وَلا تُتْبِعْنِي بِبَلاءٍ عَلى أَثَرِ بَلاءٍ ، فَقَدْ تَرى ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ.

أَعُوذُ بِكَ اللّهُمَّ الْيَوْمَ مِنْ غَضَبِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِذْنِي ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَجِرْنِي ، وَأَسْتَرْحِمُكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَارْحَمْنِي ، وَأَسْتَهْدِيكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاهْدِنِي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْصُرْنِي ، وَأَسْتَكْفِيكَ

ص: 501


1- أقل (خ ل).

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاكْفِنِي.

وَأَسْتَرْزِقُكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنِي (1) ، وَأَسْتَعْصِمُكَ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعْصِمْنِي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي ، فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ إِنْ شِئْتَ ذلِكَ.

يا رَبِّ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتَجِبْ لِي جَمِيعَ ما سَأَلْتُكَ ، وَطَلبْتُهُ مِنْكَ ، وَرَغِبْتُ فِيهِ إِلَيْكَ ، وَأَرِدْهُ وَقَدِّرْهُ ، وَاقْضِهِ وَأَمْضِهِ. وَخِرْ لِي فِيما تَقْضِي مِنْهُ ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ ، وَأَسْعِدْنِي بِما تُعْطِينِي مِنْهُ ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَسَعَةِ ما عِنْدَكَ ، فَإِنَّكَ واسِعٌ كَرِيمٌ ، وَصِلْ ذلِكَ كُلِّهِ بِخَيْرِ الآخِرَةِ وَنَعِيمِها ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إِلهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً ، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ، اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِمْ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.

اللّهُمَّ إِنّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ ، فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ ، تُعِزُّ بِهَا الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ ، وَالْقادَةِ إِلى سَبِيلِكَ ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

اللّهُمَّ ما أَنْكَرْنا مِنَ الْحَقِّ فَعَرِّفْناهُ ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ ، اللّهُمَّ وَاسْتَجِبْ لَنا ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَتَذَكَّرُ فَتَنْفَعُهُ الذِّكْرى.

اللّهُمَّ وَقَدْ غَدَوْتَ إِلى عِيدٍ مِنْ أَعْيادِ امَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَلَمْ أَثِقْ بِغَيْرِكَ ، وَلَمْ آتِكَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ ، اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي عِيدِنا هذا كَما هَدَيْتَنا لَهُ وَرَزَقْتَنا ، وَأَعِنَّا عَلَيْهِ.

ص: 502


1- وَأغنني (خ ل).

اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا ما أَدَّيْتَ عَنّا فِيهِ مِنْ حَقٍّ ، وَما قَضَيْتَ عَنّا فِيهِ مِنْ فَرِيضَةٍ ، وَمَا اتَّبَعْنا فِيهِ مِنْ سُنَّةٍ ، وَما تَنَفَّلْنا فِيهِ مِنَ نافِلَةٍ ، وَما أَذِنْتَ لَنا فِيهِ مِنْ تَطَوُّع ، وَما تَقَرَّبْنا إِلَيْكَ مِنْ نُسُكٍ ، وَما اسْتَعْمَلْنا فِيهِ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَما رَزَقْتَنا فِيهِ مِنَ الْعافِيَةِ وَالْعِبادَةِ ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا ذلِكَ كُلَّهُ زاكِياً وافِياً ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، وَلا تُذِلَّنا بَعْدَ إِذْ أَعْزَزْتَنا ، وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ إِذْ وَفَّقْتَنا ، وَلا تُهِنّا بَعْدَ إِذْ أَكْرَمْتَنا ، وَلا تُفْقِرْنا بَعْدَ أَغْنَيْتَنا ، وَلا تَمْنَعْنا بَعْدَ إِذْ أَعْطَيْتَنا ، وَلا تَحْرِمْنا بَعْدَ إِذْ رَزَقْتَنا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئاً مِنْ نِعَمِكَ عَلَيْنا ، وَلا إِحْسانِكَ إِلَيْنا لِشَيْءٍ كانَ مِنَّا ، وَلا لِما هُوَ كائِنٌ.

فَانَّ فِي كَرَمِكَ وَعَفْوِكَ وَفَضْلِكَ سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنا بِرَحْمَتِكَ ، فَأَعْتِقْ رِقابَنا مِنَ النَّارِ ، بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فِي هذَا الشَّهْرِ أَنْ تَزْدادَ عَنِّي رِضا لا سَخَطَ بَعْدَهُ أَبَداً عَلَيَّ ، وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ذلِكَ ، فَمِنَ الآنَ. فَارْضَ عَنِّي رِضا لا سَخَطَ بَعْدَهُ عَلَيَّ أَبَداً ، وَارْحَمْنِي رَحْمَةً لا تُعَذِّبْنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَسْعِدْنِي سَعادَةً لا أَشْقى بَعْدَها أَبَداً ، وَأَغْنِنِي غِنًى لا فَقْرَ بَعْدَهُ أَبَداً ، وَاجْعَلْ أَفْضَلَ جائِزَتِكَ لِيَ الْيَوْمَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.

وَأَعْطِنِي مِنَ الْجَنَّةِ ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَإِنْ كُنْتَ بَلَّغْتَنا لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، وَإِلاَّ فَأَخِّرْ آجالَنا إِلى قابِلٍ حَتّى تُبَلِّغَناهُ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا بِشَهْرِ رَمَضانَ ، وَأَعْطِ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ما سَأَلْتُكَ لِنَفْسِي ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، ما شاءَ اللّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، حَسْبُنا (1) اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

اللّهُمَّ إِنَّكَ تَرى وَلا تُرى ، وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ،

ص: 503


1- نفوسنا (خ ل).

تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي أَعْلا عِلِّيِّينَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الظِّلِّ وَالْحَرُورِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الْغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الْأَزْمانِ وَالْأَحْوالِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي قعْرِ أَرْضِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ حالٍ.

إِلهِي صَلَّيْنا خَمْسَنا ، وَحَصَّنَّا فُرُوجَنا ، وَصُمْنا شَهْرَنا ، وَأَطَعْناكَ رَبَّنا ، وَأَدَّيْنا زَكاةَ رُءُوسِنا (1) طَيِّبَةً بِها نُفُوسنا ، وَخَرَجْنا إِلَيْكَ لِأَخْذِ جَوائِزِنا.

فَصَلِّ عَلى (2) مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تُخَيِّبْنا ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِالتَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، وَلا تَرُدَّنا عَلى عَقَبِنا ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا ، وَارْزُقْنا صِيامَهُ وَقِيامَهُ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنا.

وَامْنُنْ عَلَيْنا بِالْجَنَّةِ ، وَنَجِّنا مِنَ النَّارِ ، وَزَوِّجْنا مِنَ الْحُورِ الْعِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ ، مُحَمَّدٍ النَّبِي وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (3).

دعاء آخر بعد صلاة العيد ، ويدعى به في الأعياد الأربعة :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤُكَ فِي أَوْلِيائِكَ ، الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، الَّذِي لا زَوالَ لَهُ وَلا اضْمِحْلالَ ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيا الدَّنِيَّةِ ، وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها (4) ، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ.

ص: 504


1- فصلّ على (خ ل).
2- عنه البحار 98 : 205 - 210 ، 91 : 20 - 27.
3- عنه البحار 98 : 205 - 210 ، 91 : 20 - 27.
4- الزبرج : الزينة.

فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّرْتَ (1) لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ ، وَكَرَّمْتَهُمْ (2) بِوَحْيِكَ ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ (3) إِلَيْكَ وَالْوَسِيلَةَ إِلى رِضْوانِكَ.

فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ ، إِلى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها ، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ (4) مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً ، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الآخرِينَ ، فَأَجَبْتَهُ ، وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً (5) وَوَزِيراً.

وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ ، وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَكُلٌ (6) شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً ، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً (7) ، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ (8) ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ ، مِنْ مُدَّةٍ إِلى مُدَّةٍ ، إِقامَةً لِدِينِكَ ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، وَلِئَلاّ يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى أَهْلِهِ ، وَلا يَقُولَ (9) أَحَدٌ لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً ، وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً ، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.

إِلى أَنْ إِنْتَهَيْتَ بِالأَمْرِ إِلى حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَكانَ (10) كَما انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ ، وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ ، وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ ، قَدَّمْتَهُ عَلى أنْبِيائِكَ ، وَبَعَثْتَهُ إِلى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ ، وَأَوْطَأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ ، وَعَرَجْتَ بِرُوحِهِ (11)

ص: 505


1- قدمت (خ ل).
2- أكرمتهم (خ ل).
3- الذريعة : الوسيلة.
4- مع من آمن (خ ل).
5- الردء : الناصر ، العون.
6- كلًّا (خ ل).
7- منهاجه (خ ل).
8- وصيا (خ ل).
9- لئلا يقول (خ ل).
10- وكان (خ ل).
11- في المزار القديم ومزار شيخ ابن المشهدي وبعض نسخ مصباح الزائر : به.

إِلى سَمائِكَ ، وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ الَى انْقِضاءِ خَلْقِكَ.

ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ (1) مُبَوَّءَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ، لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ ، مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

وَقُلْتَ ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (2) ، وَجَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ ، فَقُلْتَ ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (3) ، وَقُلْتَ ( ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) (4) ، وَقُلْتَ ( ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً ) (5) ، فَكانُوا (6) هُمُ السَّبِيلُ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلى رِضْوانِكَ.

فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ ، أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما (7) هادِياً ، إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، فَقالَ وَالْمَلأُ أَمامَهُ : مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ ، وَعادِ مَنْ عاداهُ ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.

وَقالَ : مَنْ كُنْتُ أَنَا نَبِيهُ (8) فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ ، وَقالَ : أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى ، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى ، فَقالَ : أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى إِلاَّ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي.

ص: 506


1- بوّأه : هيّأ له وأنزله فيه.
2- الأحزاب : 33.
3- الشورى : 23.
4- سبأ : 47.
5- الفرقان : 57.
6- وكانوا (خ ل).
7- صلوات اللّه عليهما وعلى آلهما (خ ل).
8- من كنت نبيّه (خ ل).

وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ ، وَسَدَّ الْأَبْوابَ إِلاَّ بابَهُ ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ ، فَقالَ : أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها ، فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ (1) فَلْيَأْتِها مِنْ بابَها.

ثُمَّ قالَ لَهُ : أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوارِثِي ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي ، وَدَمُكَ مِنْ دَمِي ، وَسِلْمُكَ سِلْمِي ، وَحَرْبُكَ حَرْبِي ، وَالإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ ، كَما خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي ، وَأَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي ، وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي ، وَتُنْجِزُ عِداتِي ، وَشِيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ ، مُبْيَضَّةً وجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي ، وَلَوْلا أَنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي.

وَكانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ ، وَنُوراً مِنَ الْعَمى ، وَحَبْلَ اللّهِ الْمَتِينِ ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقِيمِ ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ ، وَلا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ ، وَلا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبهِ ، يَحْذُو حَذْوَ (2) الرَّسُولِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ (3) ، وَيُقاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ ، وَلا تَأْخُذُهُ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ.

قَدْ وَتَرَ (4) فِيهِ صَنادِيدَ (5) الْعَرَبِ ، وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ ، وَناوَشَ (6) ذُؤْبانَهُمْ ، وَأَوْدَعَ (7) قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ.

فَأَضَبَّتْ (8) عَلى عَداوَتِهِ ، وَأكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ (9) حَتّى قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ.

ص: 507


1- الحكمة (خ ل).
2- حذا حذوا : قطعها على مثال.
3- صلّى اللّه عليهما وآلهما (خ ل).
4- الوتر : الانتقام أو الظلم فيه.
5- الصنديد : السيد الشجاع.
6- ناهش (خ ل) أقول : ناوشوهم في القتال : نازلوهم.
7- فأودع (خ ل).
8- الضبّ : الحقد الخفي.
9- نابذه الحرب : جاهره بها.

وَلَمَّا قَضى نَحْبَهُ (1) ، وَقَتَلَهُ أَشْقَى الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللّهِ (2) صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ ، وَالأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ ، مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَإِقْصاءِ وَلَدِهِ ، إِلاَّ الْقَلِيلُ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ.

فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ ، وَاقْصِيَ مَنْ اقْصِيَ ، وَجَرَى الْقَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ ، إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ، وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً ، وَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

فَعَلى الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما ، فَلْيَبْكِ الْباكُونَ ، وَإِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ ، وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتذْرفِ (3) الدُّمُوعُ ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ ، وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ ، وَيَعِجَ (4) الْعاجُّونَ.

أَيْنَ الْحَسَنُ ، أَيْنَ الْحُسَيْنُ ، أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ ، صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ ، أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ ، أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ ، أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ ، أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ ، أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ ، أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ.

أَيْنَ بَقِيَّةُ اللّهِ الَّتِي لا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ (5) ، أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ ، أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لإقامَةِ الْأَمْتِ (6) وَالْعِوَجِ ، أَيْنَ الْمُرْتَجى لِازالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ ، أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ ، أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ (7) لإِعادَةِ الْمِلَّةِ

ص: 508


1- النحب : الحاجة.
2- أمر الرسول (خ ل).
3- فلتدرّ (خ ل). أقول : ذرفت العين : دمعها.
4- عجّ : صاح ورفع صوته.
5- الهادية (خ ل).
6- الأمت : الضعف ، المكان المرتفع.
7- المتّخذ (خ ل).

وَالشَّرِيعَةِ ، أَيْنَ الْمُؤَمِّلُ لِاحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ ، أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ.

أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ ، أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ ، أَيْنَ مُبِيدُ (1) أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانَ وَالطُّغْيانِ ، أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ ، أَيْنَ طامِسُ (2) آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْوالِ ، أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالافْتِراءِ ، أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ ، أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلِيلِ وَالإِلْحادِ.

أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ ، أَيْنَ جامِعُ الْكَلمَةِ (3) عَلَى التَّقْوى ، أَيْنَ بابُ اللّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتى ، أَيْنَ وَجْهُ اللّهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِياءُ ، أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ ، أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدى ، أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا.

أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ (4) الْأَنْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَنْبِياءِ ، أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاء ، أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلى مَنْ اعْتَدى عَلَيْهِ وَافْتَرى ، أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجابُ إِذا دَعى ، أَيْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ (5) ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوى ، أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفى وَابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضى ، وَابْنُ خَدِيجَةَ الْغَرَّاءِ وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرى (6).

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي لَكَ الْوِقاءُ وَالْحِما ، يَا بْنَ السَّادَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، يَا بْنَ النُّجَباءِ الْأَكْرَمِينَ ، يَا بْنَ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ (7) ، يَا بْنَ الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبِينَ ، يَا بْنَ الْغَطارِفَةِ (8) الْأَنْجَبِينَ ، يَا بْنَ الْخَضارِمَةِ (9) الْمُنْتَجَبِينَ ، يَا بْنَ الْقَماقِمَةِ (10) الْأَكْرَمِينَ ،

ص: 509


1- أباده : أهلكه.
2- طمس : درس وانمحى.
3- الكلم (خ ل).
4- الذحل : الثأر.
5- الخلائف (خ ل).
6- الزهراء (خ ل).
7- المهتدين (خ ل).
8- الغطريف : السخي ، السيد.
9- الخضرم : كثير العطاء.
10- القمقام : السيد الكثير العطاء.

يَا بْنَ الْأَطائِبِ الْمُعَظَّمِينَ الْمُطَهَّرِينَ ، يَا بْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ ، يَا بْنَ السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ ، يَا بْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ ، يَا بْنَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ.

يَا بْنَ السُّبُلِ الْواضِحَةِ ، يَا بْنَ الْأَعْلامِ اللاَّئِحَةِ ، يَا بْنَ الْعُلُومِ الْكامِلَةِ ، يَا بْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ ، يَا بْنَ الْمَعالِمِ الْمَأْثُورَةِ ، يَا بْنَ الْمُعْجِزاتِ الْمَوْجُودَةِ ، يَا بْنَ الدَّلائِلِ الْمَشْهُودَةِ ، يَا بْنَ الصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ ، يَا بْنَ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ، يَا بْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَى اللّهِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ.

يَا بْنَ الآياتِ وَالْبَيِّناتِ ، يَا بْنَ الدَّلائِلِ الظَّاهِراتِ ، يَا بْنَ الْبَراهِينَ الْواضِحاتِ الْباهِراتِ ، يَا بْنَ الْحُجَجِ الْبالِغاتِ ، يَا بْنَ النِّعَمِ السَّابِغاتِ ، يَا بْنَ طه وَالْمُحْكَماتِ ، يَا بْنَ يس وَالذَّارِياتِ ، يَا بْنَ الطُّورِ وَالْعادِياتِ ، يَا بْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ، دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلى.

لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى ، بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ (1) أَوْ ثَرى (2) ، أَبِرَضْوى أَمْ غَيْرِها أَمْ ذِي طُوى ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرى الْخَلْقَ وَلا تَرى ، وَلا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً (3) وَلا نَجْوَى ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونَيِ الْبَلْوَى ، وَلا يَنالُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلا شَكْوى.

بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ (4) عَنَّا ، بِنَفْسِي أَنْتَ امْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّى (5) ، مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا (6) ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لا يُسامى (7) ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ (8) مَجْدٍ لا يُجازى (9) ، بِنَفْسِي أَنْتَ

ص: 510


1- قلا الشيء : حمله.
2- الثرى : التراب الندى.
3- الحسيس : الصوت الخفي ، الحركة.
4- ينزح (خ ل) ، أقول : نزح : بعد.
5- تمنى (خ ل).
6- تحنّي عليه : تحنن وتعطف.
7- سامى : فاخر ، يقال : لا يسامي : لا يفاخر.
8- أثل : تأصل في الشرف ، أثل المجد : بناه.
9- يحازي ، يحاذي (خ ل).

مِنْ تِلادِ (1) نِعَمٍ لا تُضاهى (2) ، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ (3) شَرَفٍ لا يُساوى.

الى مَتى أُحارُ فِيكَ يا مَوْلايَ ، وَالى مَتى ، وَأَيَّ خِطابٍ أَصِفُ فِيكَ ، وَأَيَّ نَجْوى ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجابَ دُونَكَ وَأُناغى (4) ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرى (5) ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ ما جَرى.

هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ وَالْبُكاءَ ، هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَاساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا ، هَلْ قُذِيتْ (6) عَيْنٌ فَساعَدْتَها عَيْنِي عَلَى الْقَذى ، هَلْ إِلَيْكَ يَا بْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقى ، هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِغَدِهِ فَنَحْظى ، مَتى نَرِدُ مَناهِلَكَ الروِيَّةَ فَنَروى (7) ، مَتى نَنْتَقِعُ (8) مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى (9) ، مَتى نُغادِيكَ وَنُراوِحُكَ (10) فَتَقِرُّ عُيُونُنا (11) ، مَتى تَرانا وَنَريكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى.

أَتَرانا نَحُفُّ بِكَ ، وَأَنْتَ تَؤُمُّ الْمَلأَ ، وَقَدْ مَلأْتَ الْأَرْضَ عَدْلاً ، وَأَذَقْتَ أَعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً ، وَأَبَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَةَ الْحَقِّ ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، وَاجْتَثَثْتَ (12) أُصُولَ الظَّالِمِينَ ، وَنَحْنُ نَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ كَشّافُ الْكُرَبِ وَالْبَلْوَى ، وَإِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فِعِنْدَكَ الْعَدْوى ، وَأَنْتَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالأُولى ، فَأَغِثْ يا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلى ، وَأَرِهِ

ص: 511


1- تلد بالمكان : أقام.
2- ضاهى : شاكل وشابه.
3- نصّفه : عمّه.
4- نغى إليه : تكلّم بكلام يفهمه.
5- الورى : الخلق.
6- قذى عينه : قذفت بالغمض والرمض.
7- فنروي (خ ل) ، أقول : روى من الماء : شرب وشبع.
8- ننقع (خ ل) ، أقول : نقع بالشراب : اشتفى منه.
9- الصدى : العطش الشديد.
10- الرواح : العشي أو من الزوال إلى الليل.
11- فنقرّ منها عينا (خ ل).
12- جثّ : قلعه من أصله.

سَيِّدَهُ يا شَدِيدَ الْقُوى ، وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسَى وَالْجَوَى وَبَرِّدْ غَلِيلَهُ (1) يا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (2) ، وَمَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعى وَالْمُنْتَهى.

اللّهُمَّ وَنَحْنُ عَبِيدُكَ التَّائِقُونَ (3) إِلى وَلِيِّكَ ، الْمُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ ، خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً ، وَأَقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً ، وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَّا إِماماً ، فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَزِدْنا بِذلِكَ يا رَبِّ إكْراماً ، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً ، وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ إَمامَنا ، حَتّى تُورِدَنا جَنانَكَ (4) وَمُرافَقَةَ الشُّهَداءِ مِنْ خُلَصائِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ وَوَلِيِّ أَمْرِكَ ، وَصَلِّ عَلى جَدِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ السَّيِّدِ الْأَكْبَرِ ، وَصَلِّ عَلى عَلِيٍّ أَبِيهِ السَّيِّدِ الْقَسْوَرِ (5) ، وَحامِلِ اللِّواءِ فِي الْمَحْشَرِ ، وَساقِي أَوْلِياءَهُ مِنْ نَهْرِ الْكَوْثَرِ ، وَالْأَمِيرِ عَلى سائِرِ الْبَشَرِ ، الَّذِي مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ ظَفَرَ ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَقَدْ خَطَرَ وَكَفَرَ.

صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلى أَخِيهِ وَعَلى نَجْلِهِما الْمَيامِينَ الْغُرَرِ ، ما طَلَعَتْ شَمْسٌ وَما أَضاءَ قَمَرٌ ، وَعَلى جَدَّتِهِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى ، وَعَلى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ الْبَرَرَةِ ، وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ ، وَأَتَمَّ وَأَدْوَمَ ، وَأَكْبَرَ وَأَوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها ، وَلا نِهايَةَ لِمَدَدِها ، وَلا نَفادَ لِأَمَدِها.

اللّهُمَّ وَأَقِمْ (6) بِهِ الْحَقَّ ، وَأَدْحِضْ (7) بِهِ الْباطِلَ ، وَأَدِلْ بِهِ أَوْلِيائَكَ ، وَأَذْلِلْ بِهِ أَعْداءَكَ ، وَصِلِ اللّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدِّي إِلى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ

ص: 512


1- الغليل : العطشان.
2- يا من هو على العرش استوى (خ ل).
3- تاق إليه : اشتاق.
4- جنّاتك (خ ل).
5- الأصغر (خ ل) ، أقول : القسور : العزيز ، الغلام القوي الشجاع.
6- أعز (خ ل).
7- أدحض : أبطل.

يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ ، وَيَمْكُثُ (1) فِي ظِلِّهِمْ ، وَأَعِنَّا عَلى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ ، وَالاجْتِهادِ فِي طاعَتِهِ ، وَالاجْتِنابِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ ، وَدُعاءَهُ وَخَيْرَهُ ، ما نَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ ، وَاجْعَلْ صَلاتَنا (2) بِهِ مَقْبُولَةً ، وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً ، وَدُعائَنا بِهِ مُسْتَجاباً ، وَاجْعَلْ أَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةً ، وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً ، وَحَوائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً ، وَأَقْبِلْ إِلَيْنا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إِلَيْكَ ، وَانْظُرْ إِلَيْنا نَظْرَةً رَحِيمَةً ، نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ.

ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنَّا بِجُودِكَ ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأْسِهِ وَبِيَدِهِ ، رَيّاً رَوِيّاً هَنِيئاً سائِغاً لا ظَمَأ (3) بَعْدَهُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. (4)

فإذا فرغت من الدعاء ، فتأهّب للسجود بين يدي مولاك ، وقل ما رويناه بإسنادنا الى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدّك الأيمن على الأرض وقل :

سَيِّدِي سَيِّدِي ، كَمْ مِنْ عَتِيقٍ لَكَ ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ أَعْتَقْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي ، وَكَمْ مِنْ ذَنْبٍ قَدْ غَفَرْتَ ، فَاجْعَلْ ذَنْبِي فِيمَنْ غَفَرْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي ، وَكَمْ مِنْ حاجَةٍ قَدْ قَضَيْتَ ، فَاجْعَلْ حاجَتِي فِيما قَضَيْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي ، وَكَمْ مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ كَشَفْتَ ، فَاجْعَلْ كُرْبَتِي فِيما كَشَفْتَ.

سَيِّدِي سَيِّدِي ، وَكَمْ مِنْ مُسْتَغِيثٍ قَدْ أَغَثْتَ ، فَاجْعَلْنِي فِيمَنْ أَغَثْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي كَمْ مِنْ دَعْوَةٍ قَدْ أَجَبْتَ ، فَاجْعَلْ دَعْوَتِي فِيما (5) أَجَبْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي ، ارْحَمْ سُجُودِي فِي السَّاجِدِينَ ، وَارْحَمْ عَبْرَتِي فِي الْمُسْتَعْبِرِينَ ،

ص: 513


1- يمكن (خ ل).
2- صلواتنا (خ ل).
3- أظمأ (خ ل).
4- رواه السيد في مصباح الزائر بإسناده عن صاحب الزمان عليه السلام ، أورده ابن المشهدي في مزاره ، أخرجه المحدث النوري في تحية الزائر عن المزار القديم.
5- فيمن (خ ل).

وَارْحَمْ تَضَرُّعِي فِيمَنْ تَضَرَّعَ مِنَ الْمُتَضَرِّعِينَ.

سَيِّدِي سَيِّدِي ، كَمْ مِنْ فَقِيرٍ قَدْ أَغْنَيْتَ ، فَاجْعَلْ فَقْرِي فِيما أَغْنَيْتَ ، سَيِّدِي سَيِّدِي ، ارْحَمْ دَعْوَتِي فِي الدَّاعِينَ ، سَيِّدِي وَإِلهِي أَسَأْتُ وَظَلَمْتُ وَعَمِلْتُ سُوءً ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي ، وَبِئْسَ ما عَمِلْتُ ، فَاغْفِرْ لِي يا مَوْلايَ ، أَيْ كَرِيمُ أَيْ عَزِيزُ أَيْ جَمِيلُ. (1) فإذا فرغت وانصرفت رفعت يديك ، ثمّ حمدت ربك ، ثم تقول ما تقدّم عليه ، وسلّمت على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وحمدت اللّه تبارك وتعالى والحمد لله ربّ العالمين.

اعلم انّ يوم إطلاق الخلع من الملوك على الاتباع والأولياء ، هو يوم اشتغال من رحموه وأكرموه بالحمد ، والشكر والثناء ، وحماية جنابهم الشريف ، وبابهم المقدّس المنيف ، عن كلّ ما يكدّر صفو إقبالهم ، أو يغيّر إحسانهم إليه.

فكن رحمك اللّه ذلك اليوم على أتمّ مراقبة لهذا اليوم ، المحسن إليك المطّلع عليك ، فكذا عادة العبد الكريم الأوصاف ، يكون استرقاقه بالإنعام والإحسان ، أحسن سريرة وأكمل سيرة ، من يوم تستعبد فيه العبيد واللّئام بالاستحقاق والهوان.

فلا تكون باللّه مملوكا لئيما ، وقد مكّنك ان تكون ملكا كريما ، فلا أقلّ من حفظ إقباله عليك ومراعاة إحسانه إليك مقدار ذلك النّهار ، واختمه تتمة الأبرار الأخيار ، ببسط أكفّ السّؤال وإطلاق لسان الابتهال ، في أن يلهمك ان تكون معه ، كما يريد فيك ويرضى به عنك مدّة مقامك في دار الزوال.

فليس ذلك بعزيز ولا غريب ، ممّن انهضك من ذلّ التراب ونطف الأصلاب ، حتّى عرض عليك ان تقوم له مقام جليس وحبيب ، وأهّلك لارتقاء مدارج العبادات ، والأكرميّة عنده جلّ جلاله ، بالتّقوى الذي هو أسّ العبادات وأساسها ، كما يقول عزّ من قائل ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ ) (2).

ص: 514


1- عنه البحار 91 : 29.
2- الحجرات : 13.

فشمّر في ذلك الأمر الجليل ، وانتهز الفرصة واغتنمها ، واللّه هو الملهم للصواب ، وإليه المرجع والمآب.

ص: 515

ص: 516

الفهارس العامة

الصورة

ص: 517

ص: 518

الصورة

ص: 519

الصورة

ص: 520

الصورة

ص: 521

الصورة

ص: 522

الصورة

ص: 523

الصورة

ص: 524

الصورة

ص: 525

الصورة

ص: 526

الصورة

ص: 527

الصورة

ص: 528

الصورة

ص: 529

الصورة

ص: 530

الصورة

ص: 531

الصورة

ص: 532

الصورة

ص: 533

الصورة

ص: 534

الصورة

ص: 535

الصورة

ص: 536

الصورة

ص: 537

الصورة

ص: 538

الصورة

ص: 539

الصورة

ص: 540

الصورة

ص: 541

الصورة

ص: 542

الصورة

ص: 543

الصورة

ص: 544

المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني

الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي

المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي

الطبعة: 2

الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات

تاريخ النشر : 1418 ه.ق

ISBN (ردمك): 964-424-300-5

المكتبة الإسلامية

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

فهرس الإجمالي

الصورة

ص: 6

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين

للتنوّر بأنوارها (1) والاستضاءة بأضواء عنايات اللّه جلّ جلاله وإسرارها ، ونشكر اللّه تبارك وتعالى بأن أحلّنا محلّ ألطافه وعناياته الجليلة ، وجعلنا قابلا للتحلّي بالصفات الجميلة.

وشرّفنا للتهيّأ لمناسك أوّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً هُدىً لِلْعالَمِينَ ، وأرانا بفضله وكرمه ما فيه من الآيات البيّنات الّتي من جملتها مقام إبراهيم ، وجعل لنا الأمن والأمان من أذى الظّالمين وموجبات سخط ربّ العالمين ، بدخولها لمناسك وعبادات قد فصّلها بلسان الشرع ، كما قال عزّ من قائل ( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (2) ، وأوجب هذه العبادات والمناسك على كلّ من استطاع إليه سبيلا ، ووجد من الزّاد والراحلة على تيسّره دليلا ، وأشار إلى ذلك بقوله : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (3).

ونصلّي على نبيّنا الرّءوف علينا بالهداية إلى هذه الخيرات والحثّ على تلك المبرّات ، وعلى آله الأئمة الهداة والسالكين مسالك الألطاف والعنايات صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين.

الباب الأول : فيما نذكره من فوائد شهر شوال ، وفيه عدّة فصول :

فصل : فيما نذكره ممّا روي في تسمية شوّال.

ص: 7


1- كذا في النسخ الموجودة ، وقد سقط منها عبارات من خطبة المؤلف.
2- آل عمران : 97.
3- آل عمران : 97.

فصل : فيما نذكره من انّ صوم السّتة أيّام من شوّال تكون متفرّقة فيه.

فصل : فيما نذكره من صيام شوّال.

فصل : فيما نذكره من كيفية الدّخول في شهر شوال ، وما أنشأناه عند رؤية هلاله من الابتهال ، وما نذكره من الإشارة إلى المنسك بإجمال المقال.

الباب الثاني : فيما نذكره من فوائد شهر ذي القعدة ، وفيه عدة فصول :

فصل : فيما نذكره من الرّواية بأنّ شهر ذي القعدة محلّ لإجابة الدّعاء عند الشدّة.

فصل : فيما نذكره من ابتداء فوائد ذي القعدة.

فصل : فيما نذكره في كيفية الدخول في هذا الشهر.

فصل : فيما نذكره مما يعمل في يوم الأحد من الشهر المذكور وما فيه من الفضل المذخور.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من الشهر الحرام.

فصل : فيما نذكره من فضل ليلة النصف من ذي القعدة والعمل فيها.

فصل : فيما يتعلق بدحو الأرض وإنشاء أصل البلاد وابتداء مساكن العباد.

فصل : فيما نذكره مما يعمل يوم خمس وعشرين من ذي القعدة.

فصل : فيما نذكره من زيادة رواية في فضل يوم دحو الأرض.

فصل : فيما ذكره من التنبيه على فضل اللّه جل جلاله بدحو الأرض وبسطها لعباده ، والإشارة إلى بعض معاني إرفاده بذلك وإسعاده.

فصل : فيما نذكره من فضل زائد لليلة يوم دحو الأرض ويومها.

فصل : فيما نذكره من الدعاء من يوم خمس وعشرين من ذي القعدة.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون المكلف عليه في اليوم المشار إليه.

فصل : فيما نذكره مما يختم به ذلك اليوم.

الباب الثالث : فيما يختص بفوائد من شهر ذي الحجّة وموائد للسّالكين صوب المحجة ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من الاهتمام بمشاهدة هلاله.

ص: 8

فصل : فيما نذكره في كيفيّة الدّخول في شهر ذي الحجّة.

فصل : فيما نذكره من فضل العشر الأوّل من ذي الحجة على سبيل الإجمال.

فصل : فيما نذكره من زيادة فضل لعشر ذي الحجّة على بعض التفصيل.

فصل : فيما نذكره من فضل صلاة تصلّي كلّ ليلة من عشر ذي الحجّة.

فصل : فيما نذكره من فضل أوّل يوم من ذي الحجّة.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم التّسعة أيّام من عشر ذي الحجّة.

فصل : في صلاة ركعتين قبل الزّوال في أوّل يوم من ذي الحجّة.

فصل : فيمن يريد ان يكفي شرّ ظالم فيعمل أوّل يوم من ذي الحجّة.

فصل : فيما نذكره من فضل اليوم الثّامن من ذي الحجّة ، وهو يوم التروية.

فصل : فيما نذكره من فضل ليلة عرفة.

فصل : فيما نذكره من دعاء في ليلة عرفة.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام في ليلة عرفة.

فصل : فيما نذكره من فضل يوم عرفة على سبيل الجملة.

فصل : فيما نذكره من الاهتمام بالدّلالة على الامام يوم عرفة عند اجتماع الأنام ، لأجل حضور الفرق المختلفة من أهل الإسلام.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم يوم عرفة والخلاف في ذلك.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة.

فصل : فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصّة بالحسين عليه السلام يوم عرفة.

فصل : فيما نذكره من صلاة ركعتين قبل الخروج للدعاء المعتاد ، وهل الاجتماع للدعاء يوم عرفة أفضل أو الانفراد.

فصل : فيما نذكره من الاستعداد لدعاء يوم عرفة أين كان من البلاد.

فصل : فيما نذكره من صلاة تختصّ بيوم عرفة بعد صلاة الظهرين.

فصل : فيما نذكره من أدعية يوم عرفة.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يختم به يوم عرفة.

ص: 9

الباب الرابع : فيما نذكره ممّا يتعلّق بليلة عيد الأضحى ويوم عيدها ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من فضل إحياء ليلة عيد الأضحى.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام عيد الأضحى.

فصل : فيما نذكره من الإشارة إلى فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم الأضحى وبما ذا يزار.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي أن يكون أهل السعادة والإقبال عليه يوم الأضحى من الأحوال.

فصل : فيما نذكره من الرواية بغسل يوم الأضحى.

فصل : فيما نذكره ممّا يعتمد الإنسان في يوم الأضحى عليه بعد الغسل المشار إليه.

فصل : فيما نذكره من صفة صلاة العيد يوم الأضحى.

فصل : فيما نذكره من فضل الأضحيّة وتأكيدها في السنّة المحمديّة.

فصل : فيما نذكره من رواية عن كم تجزئ الأضحيّة وما يقال عند الذبح.

فصل : فيما نذكره من تعيين أيام وقت الأضاحي.

فصل : فيما نذكره من قسمة لحم الأضحيّة.

فصل : فيما نذكره مما يختم به يوم عيد الأضحى.

الباب الخامس : فيما نذكره مما يختصّ بعيد الغدير في ليلته ويومه من صلاة ودعاء ، وشرف ذلك اليوم وفضل صومه ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من عمل ليلة الغدير.

فصل : فيما نذكره من مختصر الوصف ممّا رواه علماء المخالفين عن يوم الغدير من الكشف.

فصل : في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير من التعظيم والتبجيل.

فصل : فيما نذكره من فضل اللّه جلّ جلاله بعيد الغدير على سائر الأعياد وما فيه من المنّة على العباد.

فصل : فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول.

ص: 10

فصل : فيما نذكره من فضل يوم الغدير من كتاب النشر والطيّ.

فصل : فيما نذكره أيضا من فضل يوم الغدير برواية جماعة من ذوي الفضل الكثير ، وهي قطرة من بحر غزير.

فصل : فيما نذكره من جواب من سأل عما في الغدير من الفضل وقصر فهمه عمّا ذكرناه في ذلك من الفضل.

فصل : فيما نذكره من تعظيم يوم الغدير في السّماوات برواية الثقات وفضل زيارته عليه السلام في ذلك الميقات.

فصل : فيما نذكره من جواب الجاهلين بقبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من المخالفين.

فصل : فيما نذكره من الإشارة إلى من زاره من الأئمّة من ذريّته عليه وعليهم أفضل السلام وغيرهم من عترته من ملوك الإسلام.

فصل : فيما نذكره ممّا رأيتها أنا عند ضريحه الشريف غير ما رويناه وسمعناه به من آياته التي تحتاج إلى مجلدات وتصانيف.

فصل : فيما نذكره من تعيين زيارة لمولانا علي صلوات اللّه عليه في يوم الغدير المشار اليه.

فصل : فيما نذكره من عوذة تعوّذ بها النبي صلى اللّه عليه وآله في يوم الغدير.

فصل : فيما نذكره من عمل العيد الغدير السعيد مما رويناه بصحيح الاسناد.

فصل : فيما نذكره من زيارة لأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، يزار بها بعد الصلاة والدعاء يوم الغدير السعيد من قريب أو بعيد.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون عليه حال أولياء هذا العيد السعيد في اليوم المعظم المشار إليه.

فصل : فيما نذكره من فضل تفطير الصائمين فيه.

فصل : فيما نذكره مما يختم به يوم عيد الغدير.

الباب السادس : فيما يتعلّق بمباهلة سيّد أهل الوجود لذوي الجحود ، الّذي لا يساوي ولا يجازي ،

ص: 11

وظهور حجّته على النصارى والحبارى ، وانّ في يوم مثله تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم ، ونذكر ما يعمل من المراسم ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من إنفاذ النبيّ صلى اللّه عليه وآله لرسله إلى نصارى نجران ودعائهم إلى الإسلام والايمان ومناظرتهم فيما بينهم وظهور تصديقه فيما دعا إليه.

فصل : فيما نذكره من زيارة أهل المباهلة والسعادة.

فصل : فيما نذكره من فضل يوم المباهلة من طريق المعقول.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون أهل المعرفة بحقوق المباهلة من الاعتراف بنعم اللّه جلّ جلاله الشاملة.

فصل : فيما نذكره من عمل يوم بأهل اللّه فيه بأهل السّعادات وندب إلى صوم أو صلوات أو دعوات.

فصل : فيما نذكره في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة أيضا لأهل المواسم من المراسم وصدقة مولانا علي عليه السلام بالخاتم.

فصل : فيما نذكره من الإشارة إلى بعض من روى ان آية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ، نزلت في مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه من طريق المخالفين عليه.

فصل : فيما نذكره من عمل زائد في هذا اليوم العظيم الشأن.

فصل : فيما نذكره من زيادة تنبيه على تعظيم هذا اليوم وما فيه من المسار وما يختم به آخر ذلك النهار.

الباب السابع : فيما نذكره مما يتعلّق بليلة خمس وعشرين من ذي الحجّة ويومها ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من الرواية بصدقة مولانا علي عليه السلام ومولاتنا فاطمة صلوات اللّه عليها في هذه الليلة على المسكين واليتيم والأسير.

فصل : فيما نذكره ممّا يعمل يوم خامس وعشرين من ذي الحجّة.

الباب الثامن : فيما نذكره مما يتعلّق باليوم التاسع والعشرين من ذي الحجّة وما يستحب فيه

ص: 12

لأهل الظفر بصواب المحجّة.

الباب التاسع : فيما نذكره من عمل آخر يوم من ذي الحجّة.

وها نحن نفصّل ما أجملناه وننجز ما وعدناه ، فنقول :

ص: 13

الباب الأول: فيما نذكره من فوائد شهر شوال

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره ممّا روي في تسمية شوال

ذكر مصنّف كتاب دستور المذكّرين ومنشور المتعبدين بإسناده المتّصل فقال : قيل للنبيّ صلى اللّه عليه وآله : يا رسول اللّه ما شهر رمضان - أو ما رمضان؟ قال : ارمض اللّه تعالى فيه ذنوب المؤمنين وغفرها لهم ، قيل : يا رسول اللّه فشوّال؟ قال : شالت فيه ذنوبهم فلم يبق فيه ذنب الاّ غفره.

قال مصنّف هذا الكتاب : ارمض اى أحرق ، وشالت أي ارتفعت وذهبت عنهم ، قال : والمعنى فيه انّهم إذا عرفوا حق رمضان صار كفّارة لهم واذهب عنهم ذنوبهم وطهّرهم منها ، وانّما يتمّ ذلك بانقضاء رمضان وانقضاء رمضان بدخول شوال.

قلت : وقال مصنف الصحاح في اللغة ما هذا لفظه : وشوّال أوّل أشهر الحجّ والجمع شوّالات وشواويل ، وشوّال أي خفيف من العمل والخدمة.

فصل (2): فيما نذكره من انّ صوم السّتة أيّام من شوال تكون متفرّقة فيه

قد ذكرنا في كتاب الزّوائد والفوائد في عمل شهر الصيام روايات بصوم هذه الستّة

ص: 14

الأيّام ولم نذكر الرّواية بصومها متفرّقة ، وأحببنا أن نذكرها في فوائد شوال الرواية بذلك ، فنقول :

روى صاحب دستور المذكرين عن الطبراني ، وهو ثقة عند المحدثين ، بإسناده عن إسحاق بن إبراهيم الدّيري قال : سألت عبد الرزاق عمّن يصوم الثاني من الفطر ، فكره ذلك وأباه إباء شديدا ، وقال عبد الرزاق : وسألت معمّرا عن صيام الستّ الّتي بعد يوم الفطر وقالوا له : تصام بعد الفطر بيوم ، فقال : معاذ اللّه انّما هي أيّام عيد وأكل وشرب ، ولكن تصام ثلاثة أيّام قبل أيام الغرّاء وبعدها ، وأيام الغرّاء ثالث عشرة ورابع عشرة وخامس عشرة.

فصل (3): فيما نذكره من صيام شوّال

بإسناد مصنّف دستور المذكرين إلى من سمّاه ، قال عفّان بن يزيد انّه سمعه من خلق في رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من صام شهر رمضان وشوّالا والأربعاء والخميس دخل الجنّة.

وفي حديث آخر منه بإسناده إلى مسلم بن عبيد القرشي انّ أباه رضي اللّه عنه أخبره انّه سأل النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا نبي اللّه أصوم الدّهر؟ فسكت ، ثمّ سأله الثانية ، فسكت ، ثمّ سأله الثالثة ، فقال : يا نبي اللّه أصوم الدهر كله؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : من السائل عن الصوم؟ فقال : أنا يا رسول اللّه ، فقال : اما لأهلك حقّ ، صم رمضان والّذي يليه وكلّ أربعاء وخميس ، فإذا أنت قد صمت الدهر.

فصل (4): فيما نذكره من كيفية الدخول في شوّال وما أنشأناه عند رؤية هلاله من الابتهال ، وما نذكره من الإشارة إلى المنسك بإجمال المقال

أقول : انّ الدخول في شهر شوال ، فهو كما قدّمناه من الدخول في شهر رجب ، فان

ص: 15

ظفرت به ففيه بلاغ في المقال ، وان لم تظفر بما أشرنا إليه ، فليكن دخولك في شهر شوّال دخول المصدّقين ، فإنّه شهر حرام له حقّ التعظيم بالمقال والفعال.

كمن دخل في دروب مكّة إلى مسجدها الأعظم ، فلا بدّ ان يكون لدخوله كيفيّة على قدر تصديقه صاحب المسجد المعظّم ، فاجتهد أن يكون قلبك وعقلك مصاحبا له بالتّعظيم وجوارحك محافظة على سلوك السبيل المستقيم ، فمن عادة الملوك المؤدّب الكامل أن يكون موافقا لمالكه في سائر مسالكه.

فصل : وامّا ما يقال عند رؤية هلال شوّال :

فقد قدّمنا في كتاب عمل الشهر دعاء أنشأناه يصلح لجميع الشهور (1) ، فان لم يجده فليقل عند رؤية الهلال المذكور :

اللّهُمَّ انَّكَ قَدْ مَنَنْتَ عَلَيْنا بِضِياءِ الْبَصائِرِ وَالأَبْصارِ ، حَتَّى عَرَّفْتَنا (2) ما بَلَّغْتَنا إِلَيْهِ مِنَ الأَسْرارِ وَالاعْتِبارِ ، وَشاهَدْنا هِلالَ شَوَّالَ ، وَهُوَ مِنْ شُهُورِ التَّعْظِيمِ وَالإِجْلالِ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَوَفِّقْنا لِمُصاحَبَتِهِ بِما يُقَرِّبُنا الَيْكَ ، وَشَرِّفْنا فِيهِ بِتَمامِ إِقْبالِنا عَلَيْكَ ، وَاجْعَلَهُ لَنا مِنْ اهْلِ السُّعُودِ وَالإِقْبالِ فِي جَمِيعِ الأَحْوالِ وَالأَعْمالِ وَالأَقْوالِ ، كَما (3) اخْلَعْتَ عَلَيْنا خِلَعَ التَّوْفِيقِ لِلظَّفَرِ بِنَصْرِهِ وَبِرِّهِ وَخَيْرِهِ.

وَاجْعَلْ ساعاتِهِ وارِدَةً عَلَيْنا بِزِياداتِ الإِحْسانِ إِلَيْنا ، حَتّى نُدْرِكَ بِتَأْيِيدِكَ وَعِنايَتِكَ افْضَلَ ما ادْرَكَهُ أَحَدٌ فِيهِ مِنْ مَزِيدِكَ وَعَفْوِكَ وَعافِيَتِكَ بِرَحْمَتِكَ.

وَابْدَأْ بِكُلِّ ما تُرِيدُ الْبَدْأَةَ بِهِ فِي الدَّعَواتِ ، وَأَشْرِكْ مَعَنا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنا مِنَ الْأَهْلِ وَذَوِي الْمَوَدّاتِ وَالْحُقُوقِ الْمَحْفُوظاتِ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فصل : وامّا المنسك للحج وتصنيفه على سبيل التحرير والاستظهار ، فقد كنّا شرعنا فيه وأخّرنا إتمامه لبعض الاعذار.

ص: 16


1- الدروع الواقية : 26.
2- الدروع الواقية : 26.
3- الدروع الواقية : 26.

الباب الثاني: فيما نذكره من فوائد شهر ذي القعدة وفيه عدة فصول :

فصل (1): فيما نذكره من الرّواية بأنّ شهر ذي القعدة محلّ لإجابة الدّعاء عند الشدّة

فصل (1): فيما نذكره من الرّواية بأنّ شهر ذي القعدة محلّ لإجابة الدّعاء عند الشدّة

رأيت كتاب بالمدرسة المستنصريّة تأليف أبي جعفر محمد بن حبيب ، تاريخ كتابته ما هذا لفظه : وكتب عمر بن ثابت في شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ، انّ عياض بن خويلد الهذلي قال :

كان بنو ضيعا رهطا حرمة ، وكنت جارا لهم ، فكانوا يظلمونني ويؤذونني ، فأمهلتهم حتّى دخل الشهر الحرام ، وهو ذو القعدة ، وكان النّاس لا يدعو بعضهم على بعض الاّ فيه ، فقمت قائما فبهلتهم ، (1) فقلت : يا ربّ أدعوك دعاء جاهدا أقتل بني الضّيعاء الاّ واحدا ، ثم اضرب الرّجل فدعه قاعدا أعمى إذا قيد - يعني القائد - فاصطلموا (2) وبقي هذا ، ففعل به ما ترى ، وكان المدعو عليه زمنا.

قلت أنا : ورأيت هذه الحكاية برواية دستور المذكّرين انّها كانت في شهر رجب.

فصل : ورأيت في كتاب محمّد بن الحبيب المذكور ، عند ذكر من استجيبت دعوته في

ص: 17


1- البهل: اللعن.
2- اصطلم : استأصل.

الجاهليّة ، ما رواه عن أبي عبد اللّه بن الأعرابي :

انّ عبد اللّه بن حلاوة السعدي نزل يبني العنبر بن عمر بن تميم ، وله مال من إبل وغنم ، فأكلوه واستطالوا عليه بعددهم ، فأمهلهم حتّى دخل الشّهر الحرام ، ثم رفع يديه فقال :

يا ربّ انّ كان بنو عنبر آل السلب ، منهم مقصورة ، قد أصبحوا كأنّهم قارورة (1) ، من غنم ونعم كثيرة ، ومن شابّ حسن صورة ، ثمّ عدوا الحلقة مقصورة ، ليس لها من إثمها صادورة ، ففجروا بي فجرة مذكورة ، فأصبب عليهم سنة قاسورة (2) ، تختلق (3) المال اختلاق النّورة ، فيقال - واللّه اعلم - انّ أموالهم اجتيحت (4) فلم يبق عليهم منها شيء.

فصل (2): فيما نذكره من ابتداء فوائد ذي القعدة

أقول : فمن ابتداء فوائده الاهتمام بمشاهدة هلاله ، لأجل ما يأتي ذكره فيه من مواقيت ، لإطلاق مكارم اللّه جل جلاله وإقباله ، وما يدعى به عند مشاهدة الهلال الموصوف.

ولم أجد إلى الآن تعيين دعاء لذلك المقام المعروف ، فيقول ان شاء ما نذكره على سبيل الإنشاء ، ما يطلقه على قلمنا مالك الأشياء :

اللّهُمَّ إِنَّ هذا شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ ، مِنَ الْأَشْهُرِ الَّتِي امَرْتَ بِتَعْظِيمِها ، وَجَعَلْتَ فِيها مِنْ أَسْرارِ الْعِباداتِ ما شَهِدَ بِتَكْرِيمِها ، وَقَدْ شَرَّفْتَنا بِانْ جَعَلْتَ لَنا طَرِيقاً الى مُشاهَدَةِ هِلالِهِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّ إِقْبالِهِ ، وَلَمْ تَحْجُبْهُ عَنَّا بِالْغُيُومِ وَحَوادِثِ السَّماءِ ، وَلا حَجَبْتَنا عَنْهُ بِما يَمْنَعُ أَبْصارَنا مِنَ الضِّياءِ.

ص: 18


1- قرّت عينه : بردت سرورا.
2- قسره على الأمر : قهره وأكرهه عليه.
3- خلق الثوب : بلى.
4- احتجبت ( خ ل ) ، أقول : الجوح : الإهلاك والاستئصال كالاجاحة والاجتياح - القاموس.

فَاسْأَلُكَ انْ تُتِمَّ مَا ابْتَدَأْتَ مِنَ النِّعَمِ الْباطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ ، بِانْ تَجْعَلَنا مِنَ الظَّافِرِينَ فِيهِ بِسَعادَةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَكُنْ بِرَحْمَتِكَ الْمُسَيِّرَ لَنا فِي تَقَلُّباتِهِ وَلَحَظاتِهِ بِكَمالِ حَظِّنا مِنْ خَيْراتِهِ وَبَرَكاتِهِ.

وَاحْفَظْنا مِنْ آفاتِهِ وَمَخافَتِهِ ، حَتّى نَكُونَ مِنْ اسْعَدِ مَنْ نَظَرَ الى هِلالِهِ وَبَلَّغْتَهُ مِنْهُ غايَةَ آمالِهِ ، وَابْدَأْ بِكُلِّ مَنْ يُرْضِيكَ الْبَدْأَةَ بِذِكْرِهِ فِي الْمُناجاةِ مِنْ اهْلِ النَّجاةِ ، وَاشْرِكْ مَعَنا اهْلَ الْمُصافاةِ وَالْمُوالاةِ ، وَأَرِنا آياتِ الإِجاباتِ وَالْقَبُولِ فِي جَمِيعِ الْمَأْمُولِ وَالْمَسْؤُولِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فصل (3): فيما نذكره في كيفية الدّخول في هذا الشهر

فأمّا كيفيّة الدّخول في شهر ذي القعدة المعظم في الإسلام ، فعلى نحو ما أشرنا إليه من دخول كلّ شهر حرام ، ونزيد في هذا الشهر على التعيين انّه الشّهر الذي دحاه (1) اللّه فيه الأرض وهيّأها للعالمين - على ما سيأتي شرحه على التفصيل - فكأنّه مطيّة قد اهتديت إليك لتوصلك إلى المسكن الجليل والموطن الجميل ، وما يتّصل به من العطاء الجزيل.

فاشكر واهب تلك المطيّة واعرف حقّه وحقّها وما تظفر به من الامنيّة ، فإنّك ترى العقول السّليمة دالّة على تعظيم المطايا إذا وصلت إلى شرف العطايا ، كما قيل :

وإذا المطيّ بنا بلغن محمدا *** فلها علينا حرمة وذمام

بلّغتنا من خير من وطي الحصا *** وظهورهنّ على الرّجال حرام

وليكن حفظك لحرمة هذا الشّهر بالقلب والعقل وحفظ الجوارح ، لتدرك ما فيه من الفضل الرّاجح ، ان شاء اللّه تعالى.

أقول : وقد ذكرنا انّه شهر موصوف بإجابة الدعوات ، فاغتنم أوقاته وصم فيه صيام الحاجات ، وابدأ بالحوائج المهمات على الترتيب الذي يكون أهم عند من تعرض

ص: 19


1- دحى الأرض : بسطها.

الحوائج عليه ، فيوشك ان يظفر بما تقصد إليه ، ان شاء اللّه تعالى.

فصل (4): فيما نذكره ممّا يعمل في يوم الأحد من الشّهر المذكور وما فيه من الفضل المذخور

وجدنا ذلك بخطّ الشيخ علي بن يحيى الخيّاط رحمه اللّه وغيره في كتب أصحابنا الإماميّة ، وقد روينا عنه كلّما رواه ، وخطّه عندنا بذلك في إجازة تاريخها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستّمائة ، فقال ما هذا لفظه : روى أحمد بن عبد اللّه ، عن منصور بن عبد الحميد ، عن أبي أمامة ، عن انس بن مالك قال : خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال : يا أيّها النّاس من كان منكم يريد التّوبة؟ قلنا : كلّنا نريد التوبة يا رسول اللّه ، فقال عليه السلام : اغتسلوا وتوضّئوا وصلّوا اربع ركعات واقرءوا في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات والمعوّذتين مرة ، ثمّ استغفروا سبعين مرّة ، ثمّ اختموا بلا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم ، ثم قولوا :

يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ ، اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الاَّ انْتَ.

ثم قال عليه السلام : ما من عبد من أمّتي فعل هذا الاّ نودي من السّماء : يا عبد اللّه استأنف العمل فإنّك مقبول التّوبة مغفور الذنب ، وينادي ملك من تحت العرض : أيّها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريتك ، وينادي مناد آخر : أيّها العبد ترضى خصماؤك يوم القيامة ، وينادي ملك آخر : أيّها العبد تموت على الايمان ولا يسلب منك الدّين ويفسح في قبرك وينوّر فيه ، وينادي مناد آخر : أيّها العبد يرضى أبواك وان كانا ساخطين ، وغفر لأبويك ذلك ولذرّيتك وأنت في سعة من الرّزق في الدنيا والآخرة ، وينادي جبرئيل عليه السلام : انا الّذي آتيك مع ملك الموت ان يرفق بك ولا يخدشك اثر الموت ، انّما تخرج الروح من جسدك سلا.

قلنا : يا رسول اللّه لو انّ عبدا يقول في غير الشهر؟ فقال عليه السلام : مثل

ص: 20

ما وصفت ، وانّما علّمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيام أسري بي (1).

فصل (5): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيّام من الشّهر الحرام

روينا ذلك بإسنادنا إلى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضوان اللّه عليه من كتابه حدائق الرياض وزهرة المرتاض ونور المسترشد ، وعندنا الآن به نسخة عتيقة لعلّها كتبت في زمانه ، فقال ما هذا لفظه :

وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صام من شهر حرام ثلاثة أيّام : الخميس والجمعة والسّبت ، كتب اللّه له عبادة سنة :

ورأيت في كتاب دستور المذكورين عن النبي صلى اللّه عليه وآله : من صام هذه الثلاثة أيّام كتب اللّه تبارك وتعالى له عبادة تسعمائة سنة ، صيام نهارها وقيام ليلها.

أقول : فإن قلت : فلأيّ حال جعلت هذا الحديث في شهر ذي القعدة من دون أشهر الحرم؟ قلت : لأنّه أوّل ما اشتمل عليه كتابنا هذا منها ، فأردنا أن يغتنم الإنسان أوّل وقت الإمكان قبل حوائل الأزمان ، لأنّ الاستظهار والاحتياط للمبادرة إلى العبادات والطاعات قبل الفوات من دلائل العنايات.

على انّ إيرادنا هذا الحديث في هذا الشّهر لا يمنع ان يعمل عليه في باقي أشهر الحرم ، فانّ عموم هذا اللفظ المشار إليه يشتمل على كلّ شهر من أشهر الحرم ، فإذا عمله في كلّ شهر منها كان أفضل وأكمل فيما يعتمد عليه.

ولا تقل : كيف عدل عن صوم يوم الأربعاء في أوّلها إلى صوم يوم السبت في آخرها ، فإنّ أسرار العبادات لا يعلمها جميعها الاّ المطلع على الغائبات ، وإليه جل جلاله الاختيار فيما تعبّد به من العبادات.

ولعلّ ان احتمل ان يكون المراد بذلك ، انّه لمّا كان الصوم المذكور لهذه الأيام

ص: 21


1- عنه المستدرك 6 : 396.

الثّلاثة في هذه الأشهر المباركات ، فأراد اللّه تعالى ان يكون افتتاح صوم هذه الأيّام مباركا ، وهو الخميس ، وختمها بيوم مبارك ، وهو السبت ، لقول النبي صلى اللّه عليه وآله : بورك لأمّتي في سبتها وخميسها ، تعظيما لهذا الصوم حيث وقع في الأشهر الحرم المعظّمة المباركة المكرّمة.

أو لعلّه يحتمل ان يكون يوم الأحد من هذا الشهر معظّما كما قدّمناه ، وهو يوم ابتداء خلق الدنيا ، فيراد ان يكون مع يوم الفراغ من خلقها وتمامها ، وهو يوم السبت ، معظّما ، وشكرا لله في ابتدائها وفراغها.

فصل (6): فيما نذكره من فضل ليلة النّصف من ذي القعدة والعمل فيها

اعلم رحمك اللّه انّ كل وقت اختاره اللّه جل جلاله لدعوة عبادة إلى حبّه وقربه وإسعاده وإنجاده وإرفاده ، فانّ ذلك من أوقات إقبال العبد وأعياده ، حيث ارتضاه اللّه جل جلاله للوفود بشريف بابه ، وشرّفه بما لم يكن في حسابه.

ونحن ذاكرون في هذا الفصل ما لم نذكره ممّا يتكرّر في السّنة مرّة واحدة ، كما يفتحه اللّه جلّ جلاله علينا من الفائدة ، ووجدناه ممّا تخيّرناه في ذلك وأردناه ما رأيناه في كتاب أدب الوزراء تأليف أحمد بن جعفر بن شاذان في باب شهور العرب :

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّ في ذي القعدة ليلة مباركة ، وهي ليلة خمس عشرة ، ينظر اللّه إلى عباده المؤمنين فيها بالرحمة ، أجر العامل فيها بطاعة اللّه أجر مائة سائح لم يعص اللّه طرفة عين ، فإذا كان نصف اللّيل فخذ في العمل بطاعة اللّه والصّلاة وطلب الحوائج ، فقد روي انّه لا يبقى أحد سأل اللّه فيها حاجة الاّ أعطاه.

أقول : فاغتنم نداء اللّه جلّ جلاله لك إلى مجلس سعادتك وتشريفك بمجالستك ومشافهتك ومحلّ قضاء حاجتك ، وأفكّر لو كانت هذه المناداة من سلطان زمانك كيف تكون نشيطا إلى الحضور بين يديه بغاية إمكانك ، ولا يكن اللّه جلّ جلاله عندك دون هذه الحال ، والّذي قد عرضه اللّه جلّ جلاله عليك هو للدّنيا ولدار الدوام

ص: 22

والإقبال ، والّذي يدعوك إليه سلطان بلدك مكدّر بالمنّة والذلة ، ويئول إلى الفناء والزوال.

فصل (7): فيما يتعلّق بدحو الأرض وإنشاء أصل البلاد وابتداء مساكن العباد

اعلم انّ هذه الرحمة من سلطان الدنيا والمعاد يعجز عن شرح فضلها بالقلم والمداد ، وها نحن نذكر ما نختاره (1) من الرواية بذلك ، ثم نذكر ما يحضرنا في فضل ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وشرف محلّها.

فصل (8): فيما نذكره ممّا يعمل يوم خمس وعشرين من ذي القعدة

روينا ذلك بإسنادنا إلى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه بإسناده في كتاب الكافي إلى محمد بن عبد اللّه الصّيقل قال :

خرج علينا أبو الحسن - يعني الرضا - عليه السلام بمرو في يوم خمس وعشرين من ذي القعدة ، فقال : صوموا فإني أصبحت صائما ، قلنا : جعلت فداك أيّ يوم هو؟ قال : يوم نشرت فيه الرحمة ودحيت فيه الأرض ونصبت فيه الكعبة وهبط فيه آدم عليه السلام (2).

فصل (9): فيما نذكره من رواية أخرى بتعيين وقت نزول الكعبة من السّماء

روينا ذلك بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه اللّه بإسناده من

ص: 23


1- يوجد هنا في بعض النسخ هذه الزيادة : ورأيت في بعض تصانيف أصحابنا العجم رضوان اللّه عليهم انه يستحبّ ان يزار مولانا الرضا عليه السلام يوم ثالث وعشرين من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة أو بما يكون كالزيارة.
2- رواه الكليني في الكافي 4 : 149 ، والشيخ في التهذيب 4 : 304 ، عنهما الوسائل 10 : 450.

كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقد ضمن في خطبة كتابه صحّة ما يرويه فيه وانّه رواه من الأصول المنقولة عن الأئمة صلوات اللّه عليهم ، فقال ما هذا لفظه :

وروي ان في تسع وعشرين من ذي القعدة أنزل اللّه عز وجل الكعبة ، وهي أوّل رحمة نزلت ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة (1).

فصل (10): فيما نذكره من زيادة رواية في فضل يوم دحو الأرض

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، ومن كتاب ثواب الأعمال فقال :

روى الحسن بن الوشاء قال : كنت مع أبي وانا غلام ، فتعشّينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ، فقال له : ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيه إبراهيم عليه السلام ، وولد فيها عيسى بن مريم ، وفيها دحيت الأرض من تحت الكعبة ، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهرا (2).

وفي روايته من كتاب ثواب الأعمال الّذي نسخته عندنا الآن : انّ فيه يقوم القائم عليه السلام (3).

فصل (11): فيما نذكره من التنبيه على فضل اللّه جل جلاله بدحو الأرض وبسطها لعباده ، والإشارة إلى بعض معاني إرفاده بذلك وإسعاده

اعلم انّ كلّ حيوان فإنّه مضطرّ إلى مسكن يسكن فيه ويتحصّن به ممّا يؤذيه ، فمن أعظم المنن الجسام إنشاء الأرض للأنام ، ومن أسرار ما في ذلك من الأنام ، انّ اللّه جلّ

ص: 24


1- الفقيه 2 : 90 ، عنه الوسائل 10 : 452 ، أورده الصدوق في المقنع : 65 ، عنه المستدرك 7 : 520.
2- الفقيه 2 : 89 ، ثواب الأعمال : 104 ، عنهما الوسائل 10 : 449.
3- لا يوجد هذه الزيادة في ثواب الأعمال المطبوع.

جلاله لم يجعل بناء الأرض وتدبير إنشائها إلى ملائكته ولا غيرهم من خاصّته ، وتولاّها بيد قدرته ورحمته ، وملأها من كنوز حلمه وعفوه ورأفته.

فاذكر أيّها الإنسان المتشرّف بنور الألباب ، المعترف بالإقرار بربّ الأرباب ، انّه لو كنت في دار الفناء فقيرا يتعذّر عليك تحصيل مسكن للبقاء ، يتحصّن فيه من حرّ الصّيف وبرد الشّتاء وما معك ثمن ولا أجرة العمارة للبناء.

فرحمك سلطان ذلك الزّمان ، وبني لك مسكنا بيده وملأه ممّا يحتاج إليه من الإحسان ، وما أتعب لك فيه قلبا ولا جسدا ولا قدما ولا يدا ولا أهلا ولا ولدا ، بل عمّره ، وأنت ما عرفت ذلك السّلطان ولا خدمته ، ثمّ دعاك لتسكن فيما عمّره بيده لك ، فسكنته ووجدته قد ملأه من ذخائر العناية بك.

فكيف كان يكون محبّتك لذلك السّلطان العظيم ، ومراقبتك لحقّه الجسيم ، واعترافك بإحسانه العميم ، فليكن اللّه جلّ جلاله عندك على أقلّ المراتب ، مثل ذلك السّلطان المملوك لربّك جلّ جلاله ، الّذي هو أصل المواهب.

أقول : وليكن كلّ يوم يأتي فيه وقت إنشاء المسكن الجديد كيوم العيد ، معترفا لمولاك المجيد بحقّه الشّامل للعبيد ، وكن مشغولا رحمك اللّه ذلك اليوم وغيره بالشكر له جل جلاله والتحميد والتمجيد.

وإيّاك وان يمرّ عليك مثل هذا اليوم وأنت متهاون بقدره ومتغافل عن مولاك وعظيم شأنه ومتثاقل عن واجب شكره ، فسقط من عين عنايته وتهون ، وتدخل تحت ذلّ ذمّه جل جلاله لك في قوله : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ ) (1).

وتذكر رحمك اللّه انّك لو احتجت إلى فراش في دارك وبساط تجلس عليه لمسارّك ، ففرش لك ذلك الفراش وذلك البساط بيدك ، كيف تكون في المراقبة والمحبّة والخدمة له بنفسك ومالك ولسانك وأهلك وولدك ، فلا يكن اللّه جلّ جلاله عندك دون هذه الحال ، وقد بسط لك الأرض فراشا وجعل لك فيها معاشا.

ص: 25


1- يوسف : 105.

وتذكر رحمك اللّه جلّ جلاله منّته عليك وإحسانه إليك ، كيف انزل الكعبة الشّريفة ، وجعلها بابا إليه ، ومحلاّ لفتح أبواب عفوه ورحمته عند الجرأة عليه ، واسترضاك ، وأنت ملطّخ بأنجاس الذّنوب وأدناس العيوب ان تزوره إليها ، وان تكون قبلة لك إذا أردت التوجّه إليه توجّهت إليها.

وارحم ضعف قلبك وكبدك ، ورقّة نفسك وجسدك ، فلا تعرّضها لخطر ان يكون مولاك ومالك دنياك وأخراك مقبلا عليك يدعوك إليه ، وأنت معرض عنه متمرّد عليه.

ويحك من أين يأتيك وجودك إذا ضيّعته ، ومن أين يأتيك بقاؤك إذا أهملته ومن أين يأتيك حياتك إذا أعرضت عنه ، ومن أين يأتيك عافيتك إذا هربت منه ، ومن يحميك من بأسه الشّديد ، ومن يدفع عنك غضبه إذا غضب من قريب أو بعيد ، ومن ترجوه لنوائبك ومصائبك وأسقامك وبلوغ مرامك إذا خرجت من حماه وهجرته وآثرت عليه ما لا بقاء له لولاه.

عد ويحك إلى الطواف حول كعبة كرمه ، وطف بالذلّ على أبواب حلمه ورحمته وسالف نعمه ، وأجر على الخدود دموع الخشوع ، وجد بماء الجفون قبل نفاد ماء الدّموع ، وابك على قدرك لحبّه وقربه ، واندب على ما فرّطت فيه ندب العارف بعظيم ذنبه ، العاجز عن تفريج كربه ، فإنّك تجده جلّ جلاله بك رحيما ، وعنك حليما ، وعليك عطوفا ، وباحتمال سفهك رءوفا.

فلمن تدخر الذلّ أحقّ به منه ، ولمن تصون الدّمع إذا حبسته عنه ، واذكرني باللّه عند تلك السّاعة فيما تناجيه جلّ جلاله من الدّعاء والضراعة.

فصل (12): فيما نذكره من فضل زائد لليلة يوم دحو الأرض ويومها

وهو نقلناه من خطّ علي بن يحيى الخيّاط ، وقد ذكرنا انّه من جملة من رويناه عنه بإسناد ذكره عن عبد الرحمن السلمي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه

ص: 26

عليه يقول :

انّ أوّل رحمة نزلت من السّماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة ، فمن صام ذلك اليوم وقام تلك اللّيلة فله عبادة مائة سنة ، صام نهارها وقام ليلها ، وأيّما جماعة اجتمعت ذلك اليوم في ذكر ربّهم عزّ وجلّ لم يتفرّقوا حتّى يعطوا سؤلهم ، وينزّل في ذلك اليوم ألف ألف رحمة يضع منها تسعة وتسعين في حلق الذّاكرين ، والصائمين في ذلك اليوم ، والقائمين في تلك الليلة (1).

قال : وفي حديث آخر عن عبد اللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - في خلال حديث - : وانزل اللّه الرحمة لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، فمن صام ذلك اليوم كان له كصوم سبعين سنة (2).

قال : وفي رواية : في خمس وعشرين ليلة من ذي القعدة أنزلت الرحمة من السماء ، وانزل تعظيم الكعبة على آدم عليه السلام ، فمن صام ذلك اليوم استغفر له كل شيء بين السماء والأرض (3).

فصل (13): فيما نذكره من الدعاء في يوم خمس وعشرين من ذي القعدة

رويناه بطرق متعدّدة ، منها عن جدّي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي فيما ذكره في المصباح الكبير ، فقال قدس اللّه جل جلاله روحه ونوّر ضريحه ما هذا لفظه :

ذو القعدة ، يوم الخامس والعشرين منه دحيت الأرض من تحت الكعبة ، ويستحب صوم هذا اليوم ، وروي انّ صومه يعدل صوم ستّين شهرا ، ويستحبّ ان يدعى في هذا اليوم بهذا الدّعاء :

ص: 27


1- عنه صدره الوسائل 10 : 451.
2- عنه الوسائل 10 : 451.
3- عنه الوسائل 10 : 451.

اللّهُمَّ داحِيَ الْكَعْبَةِ وَفالِقَ الْحَبَّةِ وَصارِفَ اللَّزِبَةِ (1) وَكاشِفَ الْكُرْبَةِ ، اسْأَلُكَ فِي هذا الْيَوْمِ ، مِنْ أَيّامِكَ الَّتِي اعْظَمْتَ حَقَّها ، وَقَدَّمْتَ سَبْقَها ، وَجَعَلْتَها عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَدِيعَةً ، وَالَيْكَ ذَرِيعَةً ، وَبِرَحْمَتِكَ الْوَسِيعَةِ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ ، الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثاقِ ، الْقَرِيبِ يَوْمَ التَّلاقِ ، فاتِقِ كُلِّ رَتْقٍ ، وَداعٍ الى كُلِّ حَقٍّ ، وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ الأَطْهارِ الْهُداةِ الْمَنارِ ، دَعائِمِ الْجَبَّارِ ، وَوُلاةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

وَأَعْطِنا فِي يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ الْمَخْزُونِ ، غَيْرِ مَقْطُوعٍ وَلا مَمْنُونٍ ، تَجْمَعْ لَنا التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاوْبَةِ ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَاكْرَمَ مَرْجُوٍّ ، يا كَفِيُّ يا وَفِيُّ ، يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيٌّ ، الْطُفْ لِي بِلُطْفِكَ ، وَاسْعِدْنِي بِعَفْوِكَ ، وَايِّدْنِي بِنَصْرِكَ ، وَلا تُنْسِنِي كَرِيمَ ذِكْرِكَ ، بِوُلاةِ امْرِكَ وَحَفَظَةِ سِرِّكَ ، وَاحْفَظْنِي مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ الى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، وَاشْهِدْنِي أَوْلِيائَكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي وَحُلُولِ رَمْسِي (2) وَانْقِطاعِ عَمَلِي وَانْقِضاءِ اجَلِي.

اللّهُمَّ وَاذْكُرْنِي عَلى طُولِ الْبِلى إِذا حَلَلْتُ بَيْنَ أَطْباقِ الثَّرى ، وَنَسِيَنِي النَّاسُونَ مِنَ الْوَرى ، وَاحْلِلْنِي دارَ الْمُقامَةِ ، وَبَوِّئْنِي مَنْزِلَ الْكَرامَةِ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ مُرافِقِي أَوْلِيائِكَ وَاهْلِ اجْتِبائِكَ وَأَصْفِيائِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي لِقائِكَ ، وَارْزُقْنِي حُسْنَ الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الأَجَلِّ ، بَرِيئاً مِنَ الزَّلَلِ وَسُوءِ الْخَطَلِ.

اللّهُمَّ وَاوْرِدْنِي حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَاهْلِ بَيْتِهِ ، وَاسْقِنِي مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً هَنِيئاً لا اظْمَأُ بَعْدَهُ وَلا أُحَلَّأُ وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ أُذادُ (3) ، وَاجْعَلْهُ لِي خَيْرَ زادٍ وَأَوْفى مِيعادٍ يَوْمَ يَقُومُ الأَشْهادُ.

اللّهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِحُقُوقِ أَوْلِيائِكَ الْمُسْتَأْثِرِينَ.

اللّهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ ، وَاهْلِكْ أَشْياعَهُمْ وَعامِلَهُمْ ، وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ ،

ص: 28


1- اللزبة : الشدة ، القحط.
2- الرمس : القبر.
3- ذاده : منعه.

وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ ، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ ، وَالْعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمَشارِكَهُمْ.

اللّهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ أَوْلِيائِكَ ، وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ ، وَاظْهِرْ بِالْحَقِّ قائِمَهُمْ ، وَاجْعَلْهُ لِدِينِكَ مُنْتَصِراً ، وَبِأَمْرِكَ فِي أَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً ، اللّهُمَّ احْفُفْهُ (1) بِمَلائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما الْقَيْتَ إِلَيْهِ مِنَ الامْرِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُنْتَقِماً لَكَ حَتّى تَرْضَى ، وَيَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّاً ، وَيُمَحِّصَ الْحَقَّ مَحْصاً ، وَيَرْفَضَ الْباطِلَ رَفْضاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَمِيعِ آبائِهِ ، وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاسْرَتِهِ ، وَابْعَثْنا فِي كَرَّتِهِ حَتّى نَكُونَ فِي زَمانِهِ مِنْ أَعْوانِهِ ، اللّهُمَّ ادْرِكْ بِنا قِيامَهُ ، وَاشْهِدْنا أَيَّامَهُ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ السَّلامُ ، وَارْدُدْ إِلَيْنا سَلامَهُ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (2).

هذا آخر الدعاء وادع أنت بما يجريه اللّه على خاطرك قبل انقضاء دار الفناء.

فصل (14): فيما نذكره ممّا ينبغي ان يكون المكلّف عليه في اليوم المشار إليه

اعلم ان من مهمّات أهل السّعادات عند تجديد النعم الباهرات ، ان يكونوا مشغولين بالشّكر لواهب تلك العنايات ، وخاصّة ان كان العبد ما هو في حالاته موافقا لمولاه في إرادته وكراهاته ، بل يكره سيّده شيئا فيخالفه في كراهته ويحبّ سيده شيئا فيخالفه في محبّته ، ويعامل أصدقائه ومعارفه بالصّفاء والوفاء أكثر ممّا يعامل بذلك مالك الأشياء ، ومن بيده تدبير دار الفناء ودار البقاء وإليه ورود ركائب الآمال والرجاء.

فليكن متعجّبا كيف علم اللّه جلّ جلاله انّ هذا العبد يكون إذا خلقه على هذه الصفات من المخالفات له والمعارضات ، ومع ذلك فبنا له المساكن ، وخلق له فيها ما يحتاج إليه إلى الممات ولم يؤاخذه ولم يعاجله بالجنايات ، وعامله معاملة أهل الطاعات.

ص: 29


1- حفّة : احدقوا واستداروا به.
2- مصباح المتهجّد : 669.

ويحسن ان يكون على الإنسان ان كان مطيعا لربّه أثر ما وهبه من المسكن وأعطاه فيه من الإحسان ، كما لو اشترى دارا يحتاج إليه ، أو وهبه سلطان مساكن كان مضطرّا إليها ، أو كما لو بني هو دارا بالتّعب والعناء ومقاساة الذرجارية (1) والبنّاء ، أو يكون مسرورا على أقلّ الصّفات ، كما لو حصل له دار عارية أو بإجارة هو محتاج إليها في تلك الأوقات.

فاما ان خلّى قلبه بالكليّة من معرفة هذه النعم الإلهيّة ، فكأنّه كالميّت الّذي لا يحسن بما فيه ، أو كالأعمى الّذي لا ينظر إلى المواهب الّتي فضله ممّن يراعيه ، أو كالأصمّ الّذي لا يسمع من يناديه ، وليبك على فقدان فوائد قلبه وعقله ويتوب.

فصل (15): فيما نذكره ممّا يختم به ذلك اليوم

اعلم انّ كلّ يوم سعيد وفصل جديد ينبغي ان يكون خاتمته على العبيد ، كما لو بسط ملك لعباده بساط ضيافة يليق بإرفاده وقدم إليهم موائد إسعاده ، ثمّ جلسوا على فراش إكرامه ، فأكلوا ما احتاجوا إليه من طعامه ، وقاموا عن البساط ليطوي إلى سنة أخرى.

فلا يليق بعبد يعرف قدر تلك النّعمة الكبرى الاّ ان يراه سلطانه لانعامه شاكرا ولإكرامه ذاكرا ، ولفضائل مقامه ناشرا ، على أفضل العبوديّة للجلالة الإلهيّة ، ويجعل آخر ذلك النهار كلّ الملاطفة للمطّلع على الأسرار ، أن يقبل منه ما عمله ، ويبلغه من مراحمه ومكارم أمله ، ويطيع في طاعته أجله.

فإنه يوشك إذا اجتهد العبد في لزوم الأدب لكلّ يوم سعيد ان يؤهّله اللّه تعالى للمزيد : ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ. ) (2)

ص: 30


1- الذرجارية ( خ ل ) ، والمراد به العمالة.
2- إبراهيم : 7.

الباب الثالث: فيما يختصّ بفوائد من شهر ذي الحجّة وموائد للسالكين صوب المحجّة

اشارة

وفيه فصول

فصل (1): فيما نذكره من الاهتمام بمشاهدة هلاله ، وما ننشئه من دعاء ذلك وابتهاله

فصل (1): فيما نذكره من الاهتمام بمشاهدة هلاله ، وما ننشئه من دعاء ذلك وابتهاله

لانّ فيه الفضل الذي يختصّ بالعشر الأوّل منه ، وما يختصّ بالحجّ الّذي لا ينبغي الغفول عنه ، وما يختصّ بيوم الغدير ، وما يختصّ بيوم المباهلة العظيم الكبير ، وما سوف نشرحه في أوقاته ، فتنظّر هلاله من لوازم العارف ومهمّاته ، ولم أجد له دعاء يختصّ بالنظر إليه ، فأنشأنا لذلك ما دلّنا اللّه عزّ وجلّ جلاله عليه ، فنقول :

اللّهُمَّ انَّ هذا هِلالٌ عَظَّمْتَ شَهْرَهُ ، وَشَرَّفْتَ قَدْرَهُ ، وَاعْلَنْتَ ذِكْرَهُ ، وَاعْلَيْتَ امْرَهُ ، وَمَدَحْتَ عَشْرَهُ ، وَجَعَلْتَ فِيهِ تَأْدِيَةَ الْمَناسِكِ ، وَسَعادَةَ الْعابِدِ وَالنّاسِكِ.

وَكَمَّلْتَ فِيهِ كَشْفَ الْوِلايَةِ الْمُهِمَّةِ عَلَى الأُمَّةِ وَزَوالَ الْغُمَّةِ ، بِما جَرى فِي الْغَدِيرِ ثامِنَ عَشْرِهِ ، وَإِظْهارِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ لِسِرِّهِ حَتّى صارَ لِلدِّينِ كَمالاً وَتَماماً ، وَلِلِاسْلامِ عَقْداً وَعَهْداً وَنِظاماً ، فَقُلْتَ جَلَّ جَلالُكَ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (1).

ص: 31


1- المائدة: 3.

وَخَصَصْتَ هذَا الشَّهْرَ بِيَوْمِ الْمُباهِلَةِ ، الَّذِي اظْهَرْتَ حُجَّةَ الإِيمانِ عَلَى الْكُفْرِ إِظْهاراً مُبِيناً ، وَوَهَبْتَ لِلَّذِينَ باهَلْتَ بِهِمْ مَقاماً مَكِيناً.

وَاوْدَعْتَ فِي هذا الشَّهْرِ مِنَ الأَسْرارِ وَالْمَبارِّ ما يَأْتِي ذِكْرُ بَعْضِهِ بِصَحِيحِ الأَخْبارِ وَصَرِيحِ الاعْتِبارِ ، وَجَعَلْتَهُ تَسْلِيَةً عَمّا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ شَهْرِ الامْتِحانِ ، فَبَدَأْتَ بالإِحْسانِ وَالامْتِنانِ قَبْلَ التَّشْرِيفِ بِالرِّضا بِالْبَلْوى الزَّائِدَةِ فِي جِهادِ اهْلِ الْعُدْوانِ.

اللّهُمَّ فَكَما عَرَّفْتَنا بِشَرَفِ هذِهِ الْعَوائِدِ وَدَعَوْتَنا الَى الضِّيافَةِ الى مُقَدَّسِ تِلْكَ الْمَوائِدِ ، فَطَهِّرْنا تَطْهِيراً نَصْلَحُ بِهِ لِمُوافَقَةِ اهْلِ الطَّهارَةِ وَمُرافَقَةِ فَضْلِ الْبِشارَةِ.

وَهَبْ لَنا فِيهِ ما يَعْجُزُ مِنْهُ مَنْطِقُ اهْلِ الْعِبارَةِ ، وَلِيَكُونَ فَوائِدُ رَحْمَتِكَ وَمَوائِدُ ضِيافَتِكَ صافِيَةً مِنَ الأَكْدارِ ، وَمَصُونَةً عَنْ خَطَرِ الْآصارِ (1) ، وَمُناسِبَةً لِابْتِدائِكَ بِالنَّوالِ (2) قَبْلَ السُّؤَالِ.

وَابْدَأْ فِي ذلِكَ بِمَنْ يَسْتَفْتِحُ بِالْبِدايَةِ أَبْوابَ الْفَلاحِ وَالنَّجاحِ ، وَاشْرِكْ مَعَنا مَنْ يُعِيننا امْرُهُ ، وَاجْمَعْ قُلُوبَنا عَلَى الصَّلاحِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فصل (2): فيما نذكره في كيفية الدّخول في شهر ذي الحجّة

قد ذكرنا ونذكر من جلالة هذا الشّهر وإقباله وقبوله ما ينبّه على تعظيم دخوله ، وقد قدّمنا في شهر رجب وشوّال وذي القعدة ما هو كالذّخيرة والعدّة ، ونزيد هاهنا بأن نقول :

انّك تدخل في هذا الشهر إلى موائد قوم أطهار وفوائد ديوان مطّلع على الأسرار ، فتطهّر من دنس المعاتبات ونجس المعاقبات ، وتفقّد جوارحك من الأقذار قبل التهجّم

ص: 32


1- الآصار جمع الإصر ، بمعنى الذنب والعقوبة ، وكلاهما يناسب المقام.
2- النّوال : العطاء.

على مساجد الأبرار ، واغسل ما عساك تجده من وسخ في قلبك وحجاب دينك المفرّق بينك وبين ربّك.

فإذا تطهّرت الجوارح من القبائح وخلعت ثياب الفضائح فالبس ثوبا من العمل الصالح مناسبا لثياب من تدخل إليهم وتحضر بين يديهم ، وقدّم قدم السّكينة والوقار ومدّ يد المسألة والاعتبار ، وقف موقف الذلّة والانكسار ، واجلس مجلس السّلامة من الاعتذار ، وكن وقفا مؤبّدا على مرادهم ، وقد ظفرت بما لم يبلغه أملك من إسعادهم وإنجادهم وارفادهم.

واذكرني في ذلك المقام الشريف ، الاّ انّما ضيف الكرام يضيف ، عرّض بذكري عندهم عسا هم ان سمعوك سائلوك عنّي.

فصل (3): فيما نذكره من فضل العشر الأوّل من ذي الحجّة على سبيل الإجمال

اعلم انّ تعيين اللّه جلّ جلاله على أوقات معيّنات تذكر فيها جلّ جلاله ، دون ما لا يجري مجراها من الأوقات ، يقتضي ذلك تعظيمها ومصاحبتها بذكره الشّريف بالعقول والقلوب ، وان لا يخلّيها العبد من أذكار نفسه بأنّها حاضرة بين يدي علاّم الغيوب.

وان يلزمها المراقبة التّامّة في حركاته وسكناته ، ويطهّرها من دنس غفلاته ، حيث قد اختارها اللّه جلّ جلاله لذكره ، وجعلها محلاّ لخزانة سرّه ، وأهلا لتشريفها بتعظيم قدره ، ومنزلا لإطلاق برّه ، ومنهلا (1) للتلذّذ بكأسات شكره.

وهذا عشر ذي الحجّة من جملة تلك الأوقات ، قال اللّه جلّ جلاله : ( وَاذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (2).

فرويت بإسنادي إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فيما ذكره في المصباح الكبير وغيره

ص: 33


1- المنهل : المورد ، المشرب ، موضع الشرب.
2- الحج : 28 ، وفيه : « ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات ».

من الروايات عن الصادق صلوات اللّه عليه : « انّ الأيّام المعلومات عشر ذي الحجة. » (1).

أقول : وينبغي ان يكون مع أذكار عقلك وقلبك ونفسك باطّلاع اللّه جلّ جلاله عليك في هذا شهر ذي الحجّة ، الّذي أنعم اللّه جلّ جلاله به عليك ، وجعله رسولا يهدي ما فيه من الفضائل إليك ، على صفات من يتلقّى نعمته جل جلاله بالتعظيم والثناء الجسيم ، ويتلقّى رسوله بالتكريم ، والإقبال على شكر ما أهداه إليك من الفضل العظيم.

وأشغل جميع جوارحك بما يختصّ كلّ منها من العبادات ، حتى تكون ذاكرا لله جل جلاله في ذلك العشر فعلا وقولا في جميع التصرّفات.

فاحسب انّ هذا العشر قد جعله سلطان زمانك وواهب إحسانك وقتا للدّخول إليه والثّناء عليه بين يديه ، أفما كنت تجتهد في تحصيل الألفاظ الفائقة والمعاني الرّائقة الجامعة لأوصاف شكره ونشر برّه ، وتجمع خواطرك كلّها في حضرته على الإخلاص في مراقبته ، ولا تقدر ان تغفل في تلك الحال عنه ، وهو يراك وأنت قريب منه.

فان اللّه جل جلاله أحق بهذا الإقبال عليه والأدب بين يديه وأرجح مطلبا ومكسبا بالتقرّب إليه ، فأين تأخذ عنه يمينا وشمالا ، وتذهب منه تهوينا وضلالا ، لا تغفل فإنّك في قبضته وأنت ميّت وابن أموات ، صنائع نعمته وبقايا رحمته.

فصل (4): فيما نذكره من زيادة فضل لعشر ذي الحجة على بعض التفصيل

وجدنا ذلك في كتاب عمل ذي الحجّة تأليف أبي علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس البزاز من نسخة عتيقة بخطّه ، تاريخها سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، وهو من مصنّفي أصحابنا رحمهم اللّه ، بإسناده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 34


1- المصباح المتهجد : 671.

وآله انّه قال :

ما من أيّام العمل الصالح فيها أحبّ إلى اللّه عزّ وجل من أيّام العشر - يعني عشر ذي الحجّة - ، قالوا : يا رسول اللّه! ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال صلى اللّه عليه وآله : ولا الجهاد في سبيل اللّه الاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.

ومن ذلك بإسناد ابن أشناس البزّاز رحمه اللّه عن النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ما من أيّام أزكى عند اللّه تعالى ولا أعظم أجرا من خير في عشر الأضحى ، قيل : ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال صلى اللّه عليه وآله : ولا الجهاد في سبيل اللّه الاّ رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء.

وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتّى ما يكاد يقدر عليه.

فصل (5): فيما نذكره من فضل صلاة تصلّي كلّ ليلة من عشر ذي الحجّة

ذكرها ابن أشناس في كتابه ، فقال : قال أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن المغيرة الثلاج : سمعت طاهر بن العباس يقول : سمعت محمد بن الفضل الكوفي يقول : سمعت الحسن بن علي الجعفري يحدّث عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام ، قال : قال لي أبي محمد بن علي عليهما السلام :

يا بنيّ لا تتركنّ ان تصلّي كلّ ليلة بين المغرب والعشاء الآخرة من ليالي عشر ذي الحجّة ركعتين ، تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة واحدة ، وهذه الآية :

( وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (1).

ص: 35


1- الأعراف : 142.

فإذا فعلت ذلك شاركت الحاجّ في ثوابهم وان لم تحجّ (1).

فصل: فيما نذكره من فضل أول يوم من ذي الحجّة

فصل (2): فيما نذكره من فضل أول يوم من ذي الحجّة

رويت بعدّة أسانيد إلى الأئمة عليهم السلام انّ أوّل يوم من عشر ذي الحجّة مولد إبراهيم الخليل عليه السلام (3) ، وهو الذي اختاره جدّي أبو جعفر الطوسي في مصباحه (4) ، مع انّني رويت ان مولده عليه السلام كان في غير ذلك الوقت (5).

ورويت بعدّة أسانيد أيضا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، وإلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، بإسنادهما إلى مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام انّه قال : من صام أوّل يوم من ذي الحجّة كتب اللّه له صوم ثمانين شهرا (6).

وزاد جدي أبو جعفر الطوسي في روايته كما حكيناه عنه وقال : وهو اليوم الذي ولد فيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، وفيه اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا (7).

وقال رحمه اللّه : في أوّل يوم منه بعث النبي صلى اللّه عليه وآله سورة براءة حين أنزلت عليه مع أبي بكر ثمّ نزل على النبي عليه انّه لا يؤدّيها عنك إلاّ أنت أو رجل منك ، فأنفذ النبي عليه السلام عليّا عليه السلام حتّى لحق أبا بكر ، فأخذها منه وردّه بالرّوحاء (8) يوم الثالث منه ، ثم أدّاها عنه إلى الناس يوم عرفة ويوم النّحر ، قرأها عليهم في الموسم (9).

ص: 36


1- عنه الوسائل 8 : 183.
2- مصباح المتهجد : 671.
3- الفقيه 2 : 87.
4- مصباح المتهجد : 671.
5- الفقيه 2 : 89 ، وقد مرّ في الرواية الرضوي إن مولده ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة.
6- الفقيه 2 : 87.
7- مصباح المتهجد: 671.
8- الروحاء : من الفرع على نحو أربعين ميلا من المدينة ، وهو الموضع الذي نزل به تبع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة ، فأقام بها وأراح ، فسمّاها الروحاء.
9- المصباح : 671 ، عنه البحار 35 : 286.

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلاّمة الفاضل ، رضي الدين ركن الإسلام ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس قدّس اللّه روحه ونوّر ضريحه :

وحيث قد ذكرنا آيات براءة ، فينبغي ان نذكر بعض ما رويناه من شرح الحال :

فمن ذلك ما رواه حسن بن أشناس رحمه اللّه ، قال : حدثنا ابن أبي الثلج الكاتب ، قال : حدثنا جعفر بن محمد العلوي ، قال : حدثنا علي بن عبدل الصوفي ، قال : حدثنا طريف مولى محمد بن إسماعيل بن موسى وعبيد اللّه (1) بن يسار ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الهمداني ، وعن جابر ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفيّة ، عن علي عليه السلام : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لمّا فتح مكّة أحبّ ان يعذر إليهم وان يدعوهم الى اللّه عزّ وجل أخيرا كما دعاهم أوّلا ، فكتب إليهم كتابا يحذّرهم بأسه وينذرهم عذاب ربّه ، ويعدهم الصفح ويمنّيهم مغفرة ربّهم ، ونسخ لهم أوّل سورة براءة ليقرأ عليهم ، ثم عرض على جميع أصحابه المضيّ إليهم ، فكلّهم يري فيه التثاقل ، فلمّا رأى ذلك منهم ندب (2) إليهم رجلا ليتوجّه به.

فهبط إليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد انّه لا يؤدّي عنك الاّ رجل منك ، فانبأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ووجّهني بكتابه ورسالته إلى أهل مكة ، فأتيت مكّة - وأهلها من قد عرفت ليس منهم أحد الاّ ان لو قدر ان يضع على كل جبل مني اربا (3) لفعل ، ولو ان يبذل في ذلك نفسه وأهله وولده وماله.

فابلغتهم رسالة النبي صلى اللّه عليه وآله وقرأت كتابه عليهم ، وكلّهم يلقاني بالتهديد والوعيد ، ويبدي البغضاء ويظهر لي الشحناء (4) من رجالهم ونسائهم ، فلم يتسنى (5) ذلك

ص: 37


1- في البحار : عبيد.
2- ندب فلانا للأمر أو إلى الأمر : دعاه ورشّحه للقيام به وحثه عليه.
3- الارب : العضو.
4- الشحناء : العداوة امتلأت منها النفس.
5- مأخوذ من التواني كما في قوله تعالى مخاطبا لموسى وهارون عليهما السلام : « ولا تنيا في ذكري ».

حتى نفذت لما وجّهني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (1).

وأقول : وروى الطبري في تاريخه في حوادث سنة ستّ من هجرة النبي صلى اللّه عليه وآله : لمّا أراد النبيّ صلى اللّه عليه وآله القصد لمكّة ومنعه أهلها ، انّ عمر بن الخطاب كان قد أمره النبي صلى اللّه عليه وآله ان يمضي إلى مكّة فلم يفعل واعتذر! فقال الطبري ما هذا لفظه : ثم دعا عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى مكّة فيبلّغ عنه أشراف قريش ما حاله ، فقال : يا رسول اللّه انّي أخاف قريشا على نفسي! (2).

أقول : فانظر حال مولانا علي عليه السلام من حال من تقدّم عليه ، كيف كان يفدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بنفسه في كلّ ما يشير به إليه ، وكيف كان غيره يؤثر عليه نفسه.

ومن ذلك شرح ابسط مما ذكرناه ، رواه حسن بن أشناس رحمه اللّه في كتابه أيضا فقال : وحدّثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا ، قال : حدثنا مالك بن إبراهيم النخعي ، قال : حدثنا حسين بن زيد ، قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال : لمّا سرّح (3) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أبا بكر بأوّل سورة براءة إلى أهل مكّة ، أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد انّ اللّه يأمرك ان لا تبعث هذا وان تبعث علي بن أبي طالب ، وانّه لا يؤدّيها عنك غيره ، فأمر النبي صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فلحقه وأخذ منه ، وقال : ارجع إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، فقال أبو بكر : هل حدث في شيء؟ فقال علي عليه السلام : سيخبرك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

فرجع أبو بكر إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، فقال : يا رسول اللّه ما كنت ترى أنّي مؤدّ عنك هذه الرسالة؟ فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : أبى اللّه ان يؤدّيها إلاّ

ص: 38


1- رواه الصدوق مع اختلاف في الخصال 2 : 369 ، عنه البحار 35 : 286.
2- تاريخ الطبري 2 : 278.
3- سرّحه : أرسله.

علي بن أبي طالب ، فأكثر أبو بكر عليه من الكلام ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : كيف تؤدّيها وأنت صاحبي في الغار (1).

قال : فانطلق علي عليه السلام حتى قدم مكّة ثمّ وافى عرفات ، ثمّ رجع إلى جمع ، ثم إلى منى ، ثم ذبح وحلق ، وصعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب ، فاذّن ثلاث مرّات : الا تسمعون يا أيّها الناس انّي رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إليكم ، ثم قال :

( بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ ، وَأَذانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ - الى قوله - إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).

تسع آيات من أوّلها ، ثمّ لمع (2) بسيفه فاسمع الناس وكرّرها ، فقال الناس : من هذا الّذي ينادي في الناس؟ فقالوا : علي بن أبي طالب ، وقال من عرفه من الناس : هذا ابن عمّ محمد ، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمّد.

فأقام أيّام التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرء على النّاس غدوة وعشيّة ، فناداه الناس من المشركين : أبلغ ابن عمّك ان ليس له عندنا الاّ ضربا بالسيف وطعنا بالرّماح.

ثم انصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ويقصد في السير ، وأبطأ الوحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في أمر علي عليه السلام وما كان منه ، فاغتمّ النبي صلى اللّه عليه وآله لذلك غمّا شديدا رئي ذلك في وجهه ، وكفّ عن النساء من الهمّ والغمّ.

فقال بعضهم لبعض : لعلّ قد نعيت إليه نفسه (3) أو عرض له مرض ، فقالوا لأبي ذر :

ص: 39


1- هذا تعيير لأبي بكر وتشنيع له ، وإيهام بأنّك كنت معي في الغار خائفا فزعا مع استظهارك بي وعدم علم أحد من الناس إلى مكانك ، فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملإ من الناس يوم الحج الأكبر - كما يأتي في كلام المؤلف.
2- لمع بسيفه : أشار.
3- أي أخبر بوفاته.

قد نعلم منزلتك من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد ترى ما به ، فنحن نحبّ أن يعلم لنا أمره ، فسأل أبو ذرّ رحمه اللّه النبي صلى اللّه عليه وآله عن ذلك.

فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما نعيت إلى نفسي وانّي لميّت ، وما وجدت في أمّتي الاّ خيرا ، وما بي من مرض ولكن من شدّة وجدي لعلي بن أبي طالب وإبطاء الوحي عنّي في امره ، وان اللّه عزّ وجل قد أعطاني في عليّ تسع خصال : ثلاثة لدنياي واثنتان لآخرتي ، واثنتان انا منهما آمن واثنتان أنا منهما خائف.

وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا صلّى الغداة استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر اللّه عزّ وجلّ ، ويتقدّم علي بن أبي طالب عليه السلام خلف النبي صلى اللّه عليه وآله ويستقبل النّاس بوجهه ، فيستأذنون في حوائجهم ، وبذلك أمرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

فلمّا توجّه علي عليه السلام إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مكان عليّ لأحد ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا صلّى وسلّم استقبل القبلة بوجهه ، فاذن للناس ، فقام أبو ذر فقال : يا رسول اللّه لي حاجة ، قال : انطلق في حاجتك.

فخرج أبو ذر من المدينة يستقبل علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلمّا كان ببعض الطريق إذا هو براكب مقبل على ناقته ، فإذا هو علي عليه السلام ، فاستقبله والتزمه وقبّله ، وقال : بأبي أنت وأمّي اقصد في مسيرك حتى أكون أنا الذي أبشّر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فانّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من أمرك في غمّ شديد وهمّ ، فقال له علي عليه السلام : نعم.

فانطلق أبو ذر مسرعا حتى أتى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : البشرى ، قال : وما بشراك يا أبا ذر؟ ، قال : قدم علي بن أبي طالب ، فقال له : لك بذلك الجنّة ، ثم ركب النبي عليه السلام وركب معه الناس ، فلمّا رآه أناخ ناقته (1) ، ونزل رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 40


1- أناخ الجمل : ابركه.

عليه وآله فتلقّاه والتزمه وعانقه ، ووضع خدّه على منكب علي ، وبكى النبي عليه السلام فرحا بقدومه ، وبكى علي عليه السلام معه.

ثم قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما صنعت بأبي أنت وأمّي ، فإنّ الوحي أبطئ عليّ في أمرك ، فأخبره بما صنع ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : كان اللّه عزّ وجلّ اعلم بك منّي حين أمرني بإرسالك (1).

ومن كتاب ابن أشناس البزاز من طريق رجال أهل الخلاف في حديث آخر انّه : لمّا وصل مولانا علي عليه السلام إلى المشركين بآيات براءة لقيه خراش بن عبد اللّه أخو عمرو بن عبد اللّه - وهو الذي قتله علي عليه السلام مبارزة يوم الخندق - وشعبة بن عبد اللّه اخوه ، فقال لعلي عليه السلام : ما تيسّرنا يا علي أربعة أشهر ، بل برئنا منك ومن ابن عمّك إن شئت الاّ من الطعن والضرب ، وقال شعبة : ليس بيننا وبين ابن عمك الاّ السيف والرمح ، وان شئت بدأ بك ، فقال علي عليه السلام : أجل أجل ان شئت فهلمّوا (2).

وفي حديث آخر من الكتاب قال : وكان علي عليه السلام ينادي في المشركين بأربع : لا يدخل مكّة مشرك بعد مأمنه ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنّة الاّ نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عهد فعهدته إلى مدّته (3).

وقال في حديث آخر : وكانت العرب في الجاهليّة تطوف بالبيت عراة ويقولون : لا يكون علينا ثوب حرام ، ولا ثوب خالطه اثم ، ولا نطوف الاّ كما ولدتنا أمّهاتنا (4).

وقال بعض نقلة هذا الحديث : انّ قول النبي صلوات اللّه وسلامه عليه في الحديث الثاني لأبي بكر : أنت صاحبي في الغار ، لمّا اعتذر عن إنفاذه إلى الكفار ، معناه ، انّك كنت معي في الغار ، فجزعت ذلك الجزع حتّى انّي سكنتك وقلت لك : لا تحزن ،

ص: 41


1- عنه البحار 35 : 287.
2- عنه البحار 35 : 290.
3- عنه البحار 35 : 290.
4- - عنه البحار 35 : 290.

وما كان قد دنا شرّ لقاء المشركين ، وما كان لك أسوة بنفسي (1) ، فكيف تقوى على لقاء الكفار بسورة براءة ، وما أنا معك وأنت وحدك؟

ولم يكن النبي صلى اللّه عليه وآله ممّن يخاف على أبي بكر من الكفّار أكثر من خوفه على علي عليه السلام ، لأنّ أبا بكر ما كان جرى منه أكثر من الهرب منهم ، ولم يعرف له قتيل فيهم ولا جريح ، وانّما كان علي عليه السلام هو الذي يحتمل (2) في المبيت على الفراش حتّى سلم النبي منهم ، وهو الذي قتل منهم في كل حرب ، فكان الخوف على علي عليه السلام من القتل أقرب إلى العقل.

أقول : وقد مضى في الحديث الأوّل انّ مولانا علي عليه السلام بعثه النبي صلى اللّه عليه وآله لردّ أبي بكر وتأدية آيات براءة بعد فتح مكّة ، فينبغي ان نذكر كيف أحوج الحال إلى هذا الإرسال بعد فتح مكّة فنقول :

انّنا وجدنا في كتب من التواريخ وغيرها انّ النبي صلى اللّه عليه وآله فتح مكّة سنة ثمان من الهجرة واستعمل على أهلها عتاب بن أسيد بن العيص بن أميّة بن عبد شمس ، ثمّ اجتمعت هوازن وقدّموا لحربه عليه السلام ، فخرج من مكّة إلى هوازن فغنم أموالهم.

ثم مضى إلى الطائف ، ثمّ رجع من الطائف إلى الجعرانة (3) ، فقسّم بها غنائمهم ، ثم دخل مكّة ليلا معتمرا ، فطاف بالبيت وسعى بين الصّفا والمروة وقضى عمرته وعاد إلى الجعرانة ، ومنها توجّه إلى المدينة ولم يحجّ عليه السلام تلك السنة.

فلمّا حجّ الناس سنة ثمان ولم يحجّ النبي صلوات اللّه عليه وآله فيها ، حجّ المسلمون وعليهم عتّاب بن أسيد ، لانّه أمير مكّة ، وحجّ المشركون من أهل مكة وغيرها ممّن أراد الحجّ من الّذين كان لهم عهدته مع النبي صلى اللّه عليه وآله ومن انضمّ إليهم من

ص: 42


1- الاسوة : القدوة ، أي لم تقتد بنفسي وقد أمر اللّه تعالى بذلك حيث قال « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ » الأحزاب : 21.
2- كذا في النسخ ، ولعل : احتمل ، أي أطاقه وصبر عليه.
3- الجعرانة : موضع قريب من مكة وهو في الحل وميقات الإحرام.

الكفّار ومتقدمهم أبو سيّارة العدواني على أتان أعور رسنها (1) ليف.

فلمّا دخلت سنة تسع من الهجرة وقرب وقت الحجّ فيها أمر اللّه جل جلاله رسوله صلوات اللّه وسلامه عليه وآله ان ينابذ (2) المشركين ، ويظهر إعزاز الإسلام والمسلمين ، فبعث عليّا عليه السلام لردّ أبي بكر كما رويناه.

والمسلمون من أهل مكة بين حاسد لمولانا علي عليه السلام وبين مطالب له بقتل من قتلهم من أهلهم ، والمشركون في موسم الحج أعداء له عليه السلام ، فتوجّه وحده لكلّهم ، فاعزّ اللّه جل جلاله ورسوله أمر الإسلام على يد مولانا علي عليه السلام ، وأذلّ رقاب الكفّار والطغاة.

فلمّا دخلت سنة عشر وقرب وقت الحجّ خرج النبي صلى اللّه عليه وآله لحجّة الوداع وإبلاغ ما امره اللّه جل جلاله بإبلاغه ، فأقام النّاس بسنن الحج والإسلام ، ونصّ فيها على مولانا علي صلوات اللّه عليه في عوده من الحج بغدير خم وخلافته بعده على سائر الأنام ، وتوجّه إلى المدينة ، ثم دعاه اللّه جلّ جلاله إلى دار السلام في ذلك العام.

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلاّمة رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين ، أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس :

اعلم انّ اللّه جلّ جلاله قد كان عالما قبل ان يتوجّه أبو بكر بسورة براءة انّه لا يصلح لتأديتها ، وانّه ينزل على نبيّه صلوات اللّه عليه جبرئيل ، ويأمره بإعادته أبي بكر ، وانّ أبا بكر يعزل عن ذلك المقام.

فظهر من هذا لذوي الأفهام ان قد كان مراد اللّه جلّ جلاله إظهار انّ أبا بكر لا يصلح لهذا الأمر الجزئي من أمور الرّئاسة ، فكيف يصلح للأمر الكلّي ، وانّه لا ينفعه اختيار صاحب [ الأمر ] (3) لحمل الآيات معه ، فكيف ينفعه اختيار بعض أهل السقيفة

ص: 43


1- الرسن : الحبل المعروف.
2- نابذ منابذة : خالفه وفارقه عن عداوة.
3- هو الظاهر.

له ، وانّ اللّه لم يستصلحه لآيات من كتابه ، فكيف يستصلح لجمع الشّتات.

وانّ اللّه أظهر عزله على اليقين ، فكيف يجوز الاختيار لولايته على الظّن من بعض المسلمين ، وانّه لم يصلح للابلاغ عن اللّه تعالى ورسوله عليه السلام لفريق من النّاس ، فكيف يصلح لجميعهم ، وانّه لم يصلح لبلد واحد ، فكيف يصلح لسائر البلاد.

وفي هذا الحديث المعلوم كشف لأهل العلوم انّ علي بن أبي طالب عليه السلام يسدّ مسدّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيما لا يمكن القيام فيه بغير نفسه الشريفة ، وفيه تنبيه ونصّ صريح على ولاية علي عليه السلام من اللّه ، وفيه تنبيه على ما اشتملت عليه تلك الولاية من إعزاز دين اللّه وإظهار ناموس الإسلام ، ورفع التقيّة والذل عمّا كان مستورا من تلك الشرائع والأحكام.

ومن عمل اليوم الأول من ذي الحجّة ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي قال :

ويستحب ان يصلّي فيه صلاة فاطمة عليها السلام ، وروي انّها اربع ركعات مثل صلاة أمير المؤمنين علي عليه السلام ، كل ركعة بالحمد مرة وخمسين مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) وسبّح عقيبها تسبيح الزهراء عليها السلام وتقول :

سُبْحانَ اللّهِ ذِي الْعِزِّ الشّامِخِ الْمُنِيفِ ، سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْباذِخِ الْعَظِيمِ ، سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفاخِرِ الْقَدِيمِ ، سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّمْلَةِ فِي الصَّفا ، سُبْحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَواءِ ، سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكَذا لا هكَذا غَيْرُهُ (1).

أقول : وقد تقدم ذكر هذه الصلاة والدعاء في عمل يوم الجمعة ، وانّما ذكرناه هاهنا لعذر اقتضى تكرار معناه.

ومن عمل أول يوم من ذي الحجّة إلى عشيّة عرفة دعاء رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضوان اللّه عليه ، وإلى أبي المفضّل محمد بن عبد اللّه الشيباني

ص: 44


1- مصباح المتهجد : 671.

رحمه اللّه ، قالا : أخبرنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي ، قال : حدثنا خالي أحمد بن مابنداد ، قال : حدثني أحمد بن هلال ، قال : حدثني محمد بن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن بكر بن عبيد اللّه شريك أبي حمزة الثمالي ، قال :

كان أبو عبد اللّه - يعني جعفر بن محمد الصّادق عليه السلام وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين - يدعو بهذا الدعاء في أول يوم من عشر ذي الحجّة إلى عشيّة عرفة في دبر صلاة الصبح وقبل المغرب يقول :

اللّهُمَّ هذِهِ الأَيّامُ الَّتِي فَضَّلْتَها عَلى غَيْرِها مِنَ الأَيّامِ وَشَرَّفْتَها ، وَقَدْ بَلَّغْتَنِيها بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ ، فَانْزِلْ عَلَيْنا مِنْ بَرَكاتِكَ ، وَاسْبِغْ عَلَيْنا فِيها مِنْ نَعْمائِكَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِيها ، وَانْ تَهْدِيَنا فِيها سَبِيلَ الْهُدى ، وَتَرْزُقَنا فِيهَا التَّقْوى وَالْعِفافَ وَالْغِنى ، وَالْعَمَلَ فِيها بِما تُحِبُّ وَتَرْضى.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى ، وَيا سامِعَ كُلِّ نَجْوى ، وَيا شاهِدَ كُلِّ مَلَاءٍ ، وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَكْشِفَ عَنّا فِيهَا الْبَلاءَ ، وَتَسْتَجِيبَ لَنا فِيهَا الدُّعاءَ ، وَتُقَوِّيَنا فِيها ، وَتُعِينَنا (1) وَتُوَفِّقَنا فِيها رَبَّنا لِما تُحِبُّ وَتَرْضَى ، وَعَلى ما افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنْ طاعَتِكَ ، وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَاهْلِ وِلايَتِكَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَهَبَ لَنا فِيهَا الرِّضا انَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ، وَلا تَحْرِمْنا خَيْرَ ما نَزَلَ فِيها مِنَ السَّماءِ ، وَطَهِّرْنا مِنَ الذُّنُوبِ ، يا عَلاّمَ الْغُيُوبِ ، وَاوْجِبْ لَنا فِيها دارَ الْخُلُودِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَتْرُكْ لَنا فِيها ذَنْباً الاّ غَفَرْتَهُ وَلا هَمّاً الاّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا دَيْناً الاّ قَضَيْتَهُ ، وَلا غائِباً الاّ ادْنَيْتَهُ ، وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ الاّ سَهَّلْتَها وَيَسَّرْتَها ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ص: 45


1- تغنينا ( خ ل ).

اللّهُمَّ يا عالِمَ الْخَفِيّاتِ ، يا راحِمَ الْعَبَراتِ (1) ، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ ، يا رَبَّ الأَرَضِينَ وَالسَّماواتِ ، يا مَنْ لا تَتَشابَهَ عَلَيْهِ الأَصْواتُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنا فِيها مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النّارِ ، وَالْفائِزِينَ بِجَنَّتِكَ ، النّاجِينَ بِرَحْمَتِكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (2).

ومن عمل أوّل يوم من ذي الحجّة إلى آخر العشر ، ما رويناه بإسنادنا إلى المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس اللّه جل جلاله روحه ، قال : أخبرنا الشريف أبو عبد اللّه محمد بن الحسن العلوي الهمداني ، قال : أخبرنا الحسين بن علي الصائحي ، عن أبي الحسن الفازي ، قال : حدّثنا سهل بن إبراهيم بن هشام بن عبيد اللّه ، قال : حدّثنا جدّي هشام بن عبيد اللّه بن عمير ، قال : حدثنا محمد بن الفضل ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن عبد بن عمير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : انّ اللّه تعالى أهدى إلى عيسى بن مريم عليه السلام خمس دعوات جاء بها جبرئيل عليه السلام في أيّام العشر ، فقال : يا عيسى ادع بهذه الخمس الدعوات فإنه ليست عبادة أحبّ إلى اللّه من عبادته في أيام العشر - يعني عشر ذي الحجّة :

أوّلهن : اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

والثانية : اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

والثالثة : اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، أَحَداً صَمَداً لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ.

والرابعة : اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ص: 46


1- زيادة : يا مقبل العثرات ( خ ل ).
2- رواه الشيخ في مصباحه : 672.

والخامسة : حَسْبِيَ اللّهُ وَكَفى سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ دَعا ، لَيْسَ وَراءَ اللّهِ مُنْتَهى ، اشْهَدُ لِلَّهِ بِما دَعى ، وَانَّهُ برِئٌ مِمَّنْ تَبَرَّئَ ، وَانَّ لِلَّهِ الاخِرَةَ وَالأُولى.

قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح اللّه ما ثواب من قال هؤلاء الكلمات؟ قال : امّا من قال الأولى مائة مرة ، لا يكون لأهل الأرض عمل أفضل من عمله ذلك اليوم ، وكان أكثر العباد حسنات يوم القيامة.

ومن قال الثانية مائة مرة فكأنّما قرء التوراة والإنجيل اثنتي عشرة مرّة وأعطى ثوابها ، قال عيسى عليه السلام : يا جبرئيل وما ثوابها؟ قال : لا يطيق أن يحمل حرفا واحدا من التّوراة والإنجيل من في السماوات السّبع من الملائكة حتى ابعث انا وإسرافيل لأنّه أول عبد قال : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.

ومن قال الثالثة مائة مرة كتب اللّه له عشرة آلاف حسنة ومحي عنه بها عشرة آلاف سيئة ، ورفع له بها عشرة آلاف درجة ، ونزل سبعون الف ملك من السماء ، رافعي أيديهم يصلّون على من قالها ، فقال عيسى عليه السلام : يا جبرئيل هل تصلّي الملائكة الاّ على الأنبياء وقال : انّه من آمن بما جاءت به الرسل والأنبياء ولم يبدل أعطى ثواب الأنبياء.

ومن قال الرابعة مائة مرّة تلقّاها ملك حتى يصعد بين يدي الجبّار عزّ وجلّ فينظر اللّه عزّ وجلّ إلى قائلها ، ومن نظر اللّه تعالى إليه فلا يشقى.

قال عيسى عليه السلام : يا جبرئيل ما ثواب الخامسة؟ فقال : هي دعوتي ولم يؤذن لي ان افسّرها لك.

ومن عمل أول يوم من ذي الحجة إلى آخر العشر ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه بإسناده من كتاب ابن أشناس وغيره ، فيما روي عن مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه انّه قال :

من قال كلّ يوم من أيام العشر هذا التهليل :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ اللَّيالِي وَالدُّهُورِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ أَمْواجِ الْبُحُورِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَرَحْمَتُهُ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ الشَّوْكِ وَالشَّجَرِ ، لا إِلهَ

ص: 47

إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ الشَّعْرِ وَالْوَبَرِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ.

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ لَمْحِ الْعُيُونِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ فِي اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (1) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عَدَدَ الرِّياحِ وَالْبَرارِي وَالصُّخُورِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ مِنَ الْيَوْمِ الى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ.

أعطاه اللّه عزّ وجلّ بكل تهليلة درجة في الجنّة من الدر والياقوت ، ما بين كلّ درجتين مسيرة مأة عام للراكب المسرع ، في كلّ درجة مدينة فيها قصر من جوهر واحد لا فضل فيها ، في كل مدينة من تلك المدائن من تفاصيل العطاء ما لا يهتدى له وصف البلغاء ، فإذا خرج من قبره أضاءت له كلّ شعرة منه نورا وابتدره سبعون الف ملك يحفّونه إلى باب الجنّة - ثم ذكر الحديث بطوله ، وهو عطاء عظيم جسيم حذفنا شرحه كراهية الإطالة.

وفي روايتنا هذا التهليل بإسنادنا إلى ابن بابويه بإسناده إلى مولانا علي عليه السلام ، انّه كان يهلّل اللّه تعالى في كلّ يوم من عشر ذي الحجّة بهذا التهليل عشر مرات ، ثم ذكر فضل ذلك كما ذكرناه وزيادة (2).

فصل (7): فيما نذكره من فضل صوم التسعة أيام من عشر ذي الحجّة

اعلم ان الاخبار بصوم ثمانية أيّام من عشر ذي الحجّة أوّلها أوّل يوم منه متّفق على فضل صيامها ، والروايات بذلك متظافرة (3) ، وانّما وردت أخبار مختلفة في فضل صوم يوم عرفة أو إفطاره ، وسوف نذكر ما اختاره منها عند ذكر يوم عرفة.

أقول : فممّا رويناه بإسنادنا في فضل صوم هذه التسعة أيّام من عشر ذي الحجّة إلى مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات اللّه عليه : انّ من صامها كتب اللّه عزّ وجلّ له

ص: 48


1- عسعس الليل : أظلم.
2- ثواب الأعمال : 98 مع اختلاف في ذكر الثواب.
3- راجع المستدرك 7 : 520.

صوم الدهر (1).

فصل (8): في صلاة ركعتين قبل الزوال في أوّل يوم من ذي الحجة

رأيتها في كتب أصحابنا القميّين قال : ويصلّي قبل الزّوال بنصف الساعة ركعتان في هذا اليوم ، في كلّ ركعة الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) وآية الكرسي و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) عشرا عشرا.

فصل (9): فيمن يريد ان يكفي شرّ ظالم فيعمل أول يوم من ذي الحجّة

وهو ممّا رؤيته في بعض الكتب المذكورة انّ من خاف ظالما فقال في هذا اليوم : حَسْبِي حَسْبِي حَسْبِي مِنْ سُؤالِي عِلْمُكَ بِحالِي ، كفاه اللّه شرّه.

فصل (10): فيما نذكره من فضل اليوم الثامن من ذي الحجّة ، وهو يوم التروية

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه بإسناده إلى مولانا الصادق صلوات اللّه عليه انّه قال : صوم يوم التروية كفّارة ستّين سنة (2).

فصل (11): فيما نذكره من فضل ليلة عرفة

رأينا ذلك في كتاب أحمد بن جعفر بن شاذان يرويه عن النبي صلوات اللّه عليه انّه قال : انّ ليلة عرفة يستجاب فيها ما دعا من خير ، وللعامل فيها بطاعة اللّه تعالى أجر

ص: 49


1- ثواب الأعمال : 99 ، الفقيه 2 : 87.
2- ثواب الأعمال : 99 ، الفقيه 2 : 87 ، عنه الوسائل 10 : 467.

سبعين ومائة سنة ، وهي ليلة المناجاة وفيها يتوب اللّه على من تاب - والحديث مختصر.

فصل (12): فيما نذكره من دعاء في ليلة عرفة

وجدناه في كتب الدعوات يقول ما هذا لفظه : روي عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : من دعا به في ليلة عرفة أو ليالي الجمع غفر اللّه له ، والدعاء :

اللّهُمَّ يا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى ، وَمَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى ، وَعالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ حاجَةٍ ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ عَلَى الْعِبادِ ، يا كَرِيمَ ، الْعَفْوِ يا حَسَنَ التَّجاوُزِ يا جَوادُ ، يا مَنْ لا يُوارِي مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ ، وَلا بَحْرٌ عَجّاجٌ ، (1) وَلا سَماءٌ ذاتُ أَبْراجٍ ، وَلا ظُلَمٌ ذاتُ ارْنِتاجٍ (2) ، يا مَنِ الظُّلْمَةُ عِنْدَهُ ضِياءٌ.

أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ ، فَجَعَلْتَهُ دَكّاً (3) ، وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ بِلا عَمْدٍ ، وَسَطَحْتَ بِهِ الارْضَ عَلَى وَجْهِ ماءٍ جَمَدَ.

وَبِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْمَكْتُوبِ الطَّاهِرِ ، الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ اجَبْتَ ، وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ ، وَبِاسْمِكَ الْقُدُّوسِ الْبُرْهانِ ، الَّذِي هُوَ نُورٌ عَلى كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ مِنْ نُورٍ يُضِيءُ مِنْهُ كُلُّ نُورٍ ، إِذا بَلَغَ الارْضُ انْشَقَّتْ ، وَإِذا بَلَغَ السَّماواتُ فُتِحَتْ ، وَإِذا بَلَغَ الْعَرْشُ اهْتَزَّ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَرْتَعِدُ مِنْهُ فَرائِصُ مَلائِكَتِكَ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلى جَمِيعِ الْأَنْبِياءِ وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ.

ص: 50


1- عجّ الريح : اشتدّت فأثارت الغبار.
2- ارتجّ الكلام : التبس.
3- دكّ الحائط : هدمه حتى سواه بالأرض.

وَبِالاسْمِ الَّذِي مَشى بِهِ الْخِضْرُ عَلى قُلَلِ (1) الْماءِ كَما مَشى بِهِ عَلى جُدَدِ الارْضِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فَلَقْتَ بِهِ الْبَحْرَ لِمُوسى ، وَاغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ ، وَانْجَيْتَ بِهِ مُوسى بْنَ عِمْرانَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الايْمَنِ ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَالْقَيْتَ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنْكَ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ أَحْيى عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ الْمَوْتى ، وَتَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ، وَأَبْرَئَ الاكْمَهَ وَالابْرَصَ بِاذْنِكَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَجَبْرَئِيلُ وَمِيكائِيلُ وَإِسْرافِيلُ وَحَبِيبُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَمَلائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ وَأَنْبِياؤُكَ الْمُرْسَلُونَ وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ ذُو النُّونِ ، اذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ انْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ، فَنادى فِي الظُّلُماتِ انْ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ، سُبْحانَكَ انِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ ، وَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.

وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي دَعاكَ بِهِ داوُودُ ، وَخَرَّ لَكَ ساجِداً فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعَتْكَ بِهِ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، اذْ قالَتْ ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ، (2) فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعاءَها.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ إِذْ حَلَّ بِهِ الْبَلاءُ ، فَعافَيْتَهُ وَأتَيْتَهُ اهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ، رَحْمَةً مِنْكَ وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يَعْقُوبُ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ يُوسُفَ وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ سُلَيْمانُ فَوَهَبْتَ لَهُ مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَخَّرْتَ بِهِ الْبُراقَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، اذْ قالَ تَعالى : ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) (3) ، وَقَوْلُهُ :

ص: 51


1- القلة : أعلى الرأس والجبل وكل شيء.
2- التحريم : 11.
3- الإسراء : 1.

( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) (1).

وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَنَزَّلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ آدَمُ فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ وَاسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ ، وَبِحَقِّ فَصْلِكَ يَوْمَ الْقَضاءِ ، وَبِحَقِّ الْمَوازِينِ إِذا نُصِبَتْ ، وَالصُّحُفِ إِذا نُشِرَتْ ، وَبِحَقِّ الْقَلَمِ وَما جَرى وَاللَّوْحِ وَما أَحْصى ، وَبِحَقِّ الاسْمِ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ الْعَرْشِ قَبْلَ خَلْقِكَ الْخَلْقَ وَالدُّنْيا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِأَلْفَيْ عامٍ.

وَاشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَانَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ فِي خَزائِنِكَ الَّذِي اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ احَدٌ مِنْ خَلْقِكَ ، لا مَلِكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلُ ، وَلا عَبْدٌ مُصْطَفى.

وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي شَقَقْتَ بِهِ الْبِحارَ ، وَقامَتْ بِهِ الْجِبَالُ ، وَاخْتَلَفَ بِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، وَبِحَقِّ السَّبْعِ الْمَثانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَبِحَقِّ الْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، وَبِحَقِّ طه وَيس وَكَهيعص وَحمعسق ، وَبِحَقِّ تَوْراةِ مُوسى وَانْجِيلِ عِيسى وَزَبُورِ داوُودَ وَفُرْقانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى جَمِيعِ الرُّسُلِ ، وَباهِيّا شَراهِيّاً.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ تِلْكَ الْمُناجاةِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُوسى بْنِ عِمْرانَ فَوْقَ جَبَلِ طُورِ سَيْناءَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي عَلَّمْتَهُ مَلَكَ الْمَوْتِ لِقَبْضِ الأَرْواحِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي كُتِبَ عَلى وَرَقِ الزَّيْتُونِ فَخَضَعَتِ النيرانُ لِتِلْكَ الْوَرَقَةِ ، فَقُلْتَ : ( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً ) (2).

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ الْمَجْدِ وَالْكَرامَةِ ، يا مَنْ

ص: 52


1- الزخرف : 13.
2- الأنبياء : 69.

لا يُحْفِيهِ (1) سائِلٌ وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ ، يا مَنْ بِهِ يُسْتَغاثُ وَإِلَيْهِ يُلْجَأُ ، أَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهىَ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ وَبِاسْمِكَ الاعْظَمِ وَجَدِّكَ الأَعْلى وَكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ الْعُلى.

اللّهُمَّ رَبَّ الرِّياحِ وَما ذَرَتْ ، وَالسَّماءِ وَما اظَلَّتْ وَالارْضِ وَما اقَلَّتْ ، وَالشَّياطِينِ وَما اضَلَّتْ وَالْبِحارِ وَما جَرَتْ ، وَبِحَقِّ كُلِّ حَقٍّ هُوَ عَلَيْكَ حَقٌّ ، وَبِحَقِّ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالرَّوْحانِيِّينَ وَالْكَروبِيِّينَ وَالْمُسَبِّحِينَ لَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ لا يَفْتُرُونَ (2) ، وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ وَلِيٍّ يُنادِيكَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ ، وَتَسْتَجِيبُ لَهُ دُعاءَهُ يا مُجِيبُ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الأَسْماءِ ، وَبِهذِهِ الدَّعَواتِ ، انْ تَغْفِرَ لَنا ما قَدَّمْنا وَما أَخَّرْنا ، وَما أَسْرَرْنا وَما اعْلَنَّا ، وَما أَبْدينا وَما أَخْفَيْنا ، وَما انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنَّا ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.

يا حافِظَ كُلِّ غَرِيبٍ ، يا مُونِسَ كُلِّ وَحِيدٍ ، يا قُوَّةَ كُلِّ ضَعِيفٍ ، يا ناصِرَ كُلِّ مَظْلُومٍ ، يا رازِقَ كُلِّ مَحْرُومٍ ، يا مُونِسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ ، يا صاحِبَ كُلِّ مُسافِرٍ ، يا عِمادَ كُلِّ حاضِرٍ ، يا غافِرَ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ، يا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، يا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، يا كاشِفَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ.

يا فارِجَ هَمِّ الْمَهْمُومِينَ ، يا بدِيعَ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ ، يا مُنْتَهى غايَةِ الطَّالِبِينَ ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، يا دَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ ، يا اجْوَدَ الاجْوَدِينَ ، يا اكْرَمَ الاكْرَمِينَ ، يا اسْمَعَ السَّامِعِينَ ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ، يا اقْدَرَ الْقادِرِينَ.

اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ السَّقَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعاءَ.

ص: 53


1- أحفاه : ألحّ عليه ، حفى عنه : أكثر السؤال عن حاله.
2- فتر عن العمل : قصّر فيه.

وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ قَطْرَ السَّماءِ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَناءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَجْلِبُ الشِّقاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَظْلِمُ الْهَواءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ يا اللّهُ.

وَاحْمِلْ عَنِّي كُلَّ تَبِعَةٍ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ امْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَيُسْراً ، وَانْزِلْ يَقِينَكَ فِي صَدْرِي وَرَجاءَكَ فِي قَلْبِي ، حَتّى لا ارْجُوَ غَيْرَكَ.

اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَعافِنِي فِي مَقامِي ، وَاصْحِبْنِي فِي لَيْلِي وَنَهارِي ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَخَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي ، وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي ، وَيَسِّرْ لِيَ السَّبِيلَ وَاحْسِنْ لِيَ التَّيْسِيرَ ، وَلا تَخْذُلْنِي فِي الْعَسِير.

وَاهْدِنِي يا خَيْرَ دَلِيلٍ ، وَلا تَكِلْنِي الى نَفْسِي فِي الأُمُورِ وَلَقِّنِي كُلَّ سُرُرٍ ، وَاقْلِبْنِي الى اهْلِي بِالْفَلاحِ وَالنَّجاحِ مَحْبُوراً (1) فِي الْعاجِلِ وَالْآجِلِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ طَيِّباتِ رِزْقِكَ ، وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طاعَتِكَ ، وَاجِرْنِي مِنْ عَذابِكَ وَنارِكَ ، وَاقْلِبْنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي الى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ ، وَمِنْ حُلُولِ نِقْمَتِكَ ، وَمِنْ نُزُولِ بَلائِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ وَدَرَكِ الشِّقاءِ وَمِنْ سُوءِ الْقَضاءِ ، وَشَماتَةِ الأَعْداءِ ، وَمِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ ، وَمِنْ شَرِّ ما فِي الْكِتابِ الْمُنْزَلِ.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِنَ الأَشْرارِ ، وَلا مِنْ أَصْحابِ النَّارِ ، وَلا تَحْرِمْنِي صُحْبَةَ الأَخْيارِ ، وَاحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً ، وَتَوَفَّنِي وَفاةً طَيِّبَةً تُلْحِقُنِي بِالأبْرارِ ، وَارْزُقْنِي

ص: 54


1- حبر : سرّ ، الحبرة : السرور.

مُرافَقَةَ الأَنْبِياءِ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى الإِسْلامِ وَالسُّنَّةِ ، يا رَبِّ كَما هَدَيْتَهُمْ لِدِينِكَ وَعَلَّمْتَهُمْ كِتابَكَ فَاهْدِنا وَعَلِّمْنا ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ عِنْدِي خاصَّةً ، كَما خَلَقْتَنِي فَاحْسَنْتَ خَلْقِي ، وَعَلَّمْتَنِي فَاحْسَنْتَ تَعْلِيمِي ، وَهَدَيْتَنِي فَاحْسَنْتَ هِدايَتِي ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى إِنْعامِكَ عَلَيَّ قَدِيماً وَحَدِيثاً.

فَكَمْ مِنْ كَرْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ فَرَّجْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ غَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ نَفَّسْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ هَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ كَشَفْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ بَلاءٍ يا سَيِّدِي قَدْ صَرَفْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ عَيْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ سَتَرْتَهُ.

فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ حالٍ ، فِي كُلِّ مَثْوى وَزَمانٍ ، وَمُنْقَلَبٍ وَمُقامٍ ، وَعَلى هذِهِ الْحالِ وَكُلِّ حالٍ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ افْضَلِ عِبادِكَ نَصِيباً فِي هذا الْيَوْمِ (1) ، مِنْ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ ، اوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ ، اوْ سُوءٍ تَصْرِفُهُ ، اوْ بَلاءٍ تَدْفَعُهُ ، اوْ خَيْرٍ تَسُوقُهُ ، اوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، اوْ عافِيَةٍ تُلْبِسُها ، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَبِيَدِكَ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالارْضِ.

وَانْتَ الْواحِدُ الْكَرِيمُ ، الْمُعْطِي الَّذِي لا يَرُدُّ سائِلَهُ ، وَلا يُخَيِّبُ آمِلَهُ ، وَلا يَنْقُصُ نائِلَهُ ، وَلا يَنْفَدُ ما عِنْدَهُ ، بَلْ يَزْدادُ كَثْرَةً وَطِيباً وَعَطاءً وَجُوداً ، وَارْزُقْنِي مِنْ خَزائِنِكَ الَّتِي لا تَفْنى وَمِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ ، إِنَّ عَطاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُوراً ، وَانْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ومن عمل ليلة عرفة ما ذكره حسن بن أشناس رحمه اللّه في كتابه فقال : حدّثنا أبو الفتح البراج إملاء ، قال : حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن إسماعيل القاضي ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدّثنا مسلم الأزدي ، قال : حدّثنا عروة بن قيس

ص: 55


1- في هذه الليلة - ظ.

اليحمدي (1) ، قال : حدثني أمّ الفيض مولاة عبد الملك بن مروان ، قالت :

سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول : ما من عبد ولا أمة دعا ليلة عرفة بهذا الدعاء ، وهي عشر كلم ، ألف مرّة ، لم يسأل اللّه عزّ وجلّ شيئا إلاّ أعطاه ، الاّ قطيعة رحم أو اثم :

سُبْحانَ مَنْ فِي السَّماءِ عَرْشُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الارْضِ سَطْوَتُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي فِي النَّارِ سُلْطانُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ رَحْمَتُهُ.

سُبْحانَ الَّذِي فِي الْقُبُورِ قَضاؤُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الْهَواءِ امْرُهُ ، سُبْحانَ الَّذِي رَفَعَ السَّماءِ ، سُبْحانَ الَّذِي وَضَعَ الارْضَ ، سُبْحانَ مَنْ لا مَنْجَا مِنْهُ الاَّ إِلَيْهِ.

قالت أمّ الفيض : قلت لابن مسعود : عن النبي عليه السلام؟ قال : نعم.

فصل (13): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام ليلة عرفة

روينا ذلك عن مولانا الباقر صلوات اللّه عليه انّه قال : من زار الحسين - أو قال :

من زار ليلة عرفة - ارض كربلاء وأقام بها حتى يعيد ثم ينصرف ، وقاه اللّه شر سنته.

وروى ذلك جدّي أبو جعفر الطوسي في المصباح عن ابن ميثم ، عن الباقر صلوات اللّه عليه (2).

فصل (14): فيما نذكره من فضل يوم عرفة على سبيل الجملة

اعلم ان يوم عرفة من أفضل أيّام أعياد العباد ، وان لم يظهر اسمه بأنّه يوم عيد ، فقد

ص: 56


1- النجدي ( خ ل ).
2- المصباح : 716 ، عنه البحار 101 : 91 ، أورده ابن قولويه في كامل الزيارات : 269 بإسناده عن ابن ميثم التمار ، عنه البحار 101 : 90.

ظهر انّه يوم سعيد ، دعا اللّه جلّ جلاله عباده فيه إلى تحميده وتمجيده ، ووعدهم بإطلاق عامّ لجودة وإنجاز وعوده ، ووعد فيه بغفران الذّنوب وستر العيوب وتفريج الكروب ، وإذن للمقبل عليه والمعرض عنه في الطلب منه.

وقدّمنا انّ كلّ وقت اختاره اللّه جلّ جلاله لمناجاته وإطلاق مواهبه وصلاته ، فينبغي ان يعرف جليل قدره ، ويقام لله جلّ جلاله بما يقدر العبد عليه من حمده وشكره ، وهذا اليوم كالمتعيّن للحاجّ إلى اللّه جلّ جلاله بقصد بيته الحرام.

وانّما روينا عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، انّ الحضور عند الحسين عليه السلام للزّيارة والدعاء في اليوم المذكور يقوم مقام الدعاء بعرفة مع تعذّر ذلك الحضور (1) ، وعرفنا رواية وعملا بفضل اللّه جلّ جلاله بإطلاق عباده في طلب إرفاده اين كانوا من بلاده.

فصل (15): فيما نذكره من الاهتمام بالدلالة على الإمام يوم عرفة عند اجتماع الأنام ، لأجل حضور الفرق المختلفة من أهل الإسلام

اعلم انّ الإشارات إلى الأئمّة أوقات يوم عرفة من المهمات ، لما رويناه عن الثقات من كتاب الحجّ لمحمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، قال :

رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يوم عرفة بالموقف وهو ينادي بأعلى صوته : يا أيّها الناس انّ رسول اللّه كان الامام ، ثم كان علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم هه ، فنادى ثلاث مرّات بين يديه ، وعن يمينه وعن يساره ، وعن خلفه اثني عشر صوتا.

قال عمرو : فلمّا أتيت منى سألت أصحاب العربيّة عن تفسير « هه » ، فقالوا : لغة

ص: 57


1- روى ابن قولويه في الكامل : 170 ، والصدوق في ثواب الأعمال 81 ، وفي معاني الأخبار : 391 ، الفقيه 1 : 183 ، والشيخ في مصباحه : 497 ، التهذيب 6 : 50 ، عن الصادق عليه السلام روايات بهذا المضمون.

بني فلان فاسألوني (1) ، قال : سألت غيرهم أيضا من أصحاب العربيّة فقالوا : مثل ذلك (2).

أقول : ولعلّ السبب في الاهتمام بإظهار الإمام يوم عرفة ، لأنه يوم معظم عند كافّة المسلمين ، فلا يستبعد انّ في الحاضرين من هو من الفرق المختلفين ، وان يكون غير معاند في الاعتقادات ، بل لشبهة من الشبهات.

فمن أهمّ مهمات أهل الايمان في يوم عرفة الإشارة كما قلناه إلى معرفة إمام الزّمان مع الأمان ، اقتداء بمولانا الصادق عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين أفضل الصلوات ، فقد عرفت ما كان عليه من التقيّة مع ملوك تلك الأوقات ، ومع ذلك فرأى الإشارة إلى الأئمة من المهمات.

أقول : وقد ورد الحديث في تفسير قوله جلّ جلاله : ( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) (3) ، ان معناه : من هدى نفسا ضالّة إلى هداها فقد أحياها (4).

وورد الحديث المنقول عن الرسول صلوات اللّه عليه وآله انّه قال : لأن يهدي اللّه على يديك رجلا إلى الإسلام خير لك مما طلعت عليه الشمس (5).

أقول : فإن كنت تعلم انّ الإنسان إذا كان ضالا عن الهدى فهو كالميّت بل أدبر ، لأنّه مع موته حاصل إلى الردى ، فهدايته إلى النّجاة أهمّ من الحياة ، ليكن تذكيره على الوجه اللطيف كما دلّ عليه مالك القلوب والألسنة ، في قوله جلّ جلاله : ( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) (6).

ورأيت في بعض الروايات انّ أول ما ظهر دعاء الناس يوم عرفة في عرفات في خلافة مولانا على صلوات اللّه عليه بما عرّفهم به عن النبي صلوات اللّه عليه.

ص: 58


1- في النسخ وفي الكافي أيضا : فسألوني ، ما أثبتناه من البحار ، وهو الصحيح ، فيكون كناية عن إمامته.
2- الكافي 4 : 466 ، عنه البحار 47 : 58.
3- المائدة : 32.
4- راجع تفسير البرهان 1 : 463 ، الكافي 2 : 210.
5- منية المريد : 24.
6- النحل : 25.

فصل (16): فيما نذكره من فضل صوم يوم عرفة ، والخلاف في ذلك

رويت بإسنادي إلى أبي جعفر بن بابويه فيما رواه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقد ذكر في خطبة الكتاب كلّما تضمّنه فإنّه نقله من الأصول الصحيحة المعتمد عليها عن الأئمّة عليهم السلام ، فقال : وفي تسع من ذي الحجّة أنزلت توبة داود عليه السلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة تسعين سنة (1).

أقول : والاخبار في فضل صومه متظاهرة ، وانّما نذكر بعض ما روي في خلاف ذلك وما يحضرنا من تأويلات حاضرة.

فروينا بعدّة أسانيد إلى مولانا الصادق صلوات اللّه عليه قال : أوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى علي عليه السلام وحده ، وأوصى علي عليه السلام إلى الحسن والحسين جميعا ، وكان الحسن إمامه ، فدخل رجل يوم عرفة على الحسن وهو يتغدّى والحسين عليه السلام صائم ، ثم جاء بعد ما قبض الحسن عليه السلام فدخل على الحسين عليه السلام يوم عرفة وهو يتغدّى وعلي بن الحسين عليه السلام صائم.

فقال له الرجل : انّي دخلت على الحسن يتغدّى وأنت صائم ، ثم دخلت عليك وأنت مفطر؟ فقال : انّ الحسن عليه السلام كان إماما فأفطر لئلا يتّخذ صومه سنّة ويتأسّى به الناس ، فلمّا ان قبض كنت أنا الإمام فأردت ان لا يتّخذ صومي سنّة فيتأسّى النّاس بي (2).

أقول : ولعلّ سبب كراهيّة صوم يوم عرفة إذا كان الّذي يصومه يضعفه عن استيفاء الدعاء ، أو يكون هلاله مشكوكا فيه ، فتخاف ان يكون يوم عرفة عيد الأضحى.

وقد روينا ذلك بعدّة طرق إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ،

ص: 59


1- الفقيه 2 : 87 ، عنه الوسائل 10 : 466.
2- الفقيه 2 : 88 ، علل الشرائع : 386 ، عنهما الوسائل 10 : 467.

وإلى ابن فضال من كتاب الصيام عن حنّان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

سألته عن صوم عرفة فقلت : جعلت فداك انّهم يزعمون انّه يعدل صيام سنة؟ قال : كان أبي عليه السلام لا يصومه ، قلت : ولم ذاك جعلت فداك؟ قال : انّ يوم عرفة يوم دعاء ومسألة فأتخوّف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصومه أتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى وليس بيوم صوم (1).

أقول : فإن كان هلال الشهر من ذي الحجّة محقّقا ، والّذي يريد صوم عرفة لا يضعفه الصوم عن شيء من عمل ذلك اليوم ، فالظّاهر انّ الصوم له أفضل.

روينا ذلك عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : صوم يوم عرفة يعدل صوم السنة ، وقال : لم يصمه الحسن وصامه الحسين عليهما السلام (2).

أقول : ومن أبلغ ما رويت في ترك صومه بإسنادي إلى محمد بن يعقوب الكليني ، بإسناده إلى محمد بن بشير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان (3).

ومن ذلك بإسنادي إلى محمد بن يعقوب الكليني أيضا بإسناده في كتاب الكافي إلى زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام قالا : لا تصومنّ يوم عاشوراء ولا عرفة ، بمكّة ولا بالمدينة ، ولا في وطنك ، ولا في مصر من الأمصار (4).

أقول : لعلّ قد كانا عليهما السلام يعرفان من زرارة انّ الصوم في يوم عرفة يضعّفه عن الدعاء والمسألة في ذلك اليوم المذكور ، وعمّا هو أهمّ من وظائف ذلك اليوم المشكور.

ص: 60


1- الفقيه 2 : 88 ، علل الشرائع : 385 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 299 ، الاستبصار 2 : 133 ، والمفيد في المقنعة : 60 ، عنهم الوسائل 10 : 465.
2- رواه الشيخ في التهذيب 4 : 298 ، الاستبصار 2 : 133 ، عنهما الوسائل 10 : 465.
3- الكافي 4 : 146 ، عنه الوسائل 10 : 464.
4- الكافي 4 : 146 ، رواه الشيخ في التهذيب 4 : 301 ، الاستبصار 20 : 134 ، عنهما الوسائل 10 : 461.

فصل (17): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه بإسناده في كتاب ثواب الأعمال إلى أبي عبد اللّه عليه السلام في ثواب من زار الحسين عليه السلام فقال : من أتاه في يوم عرفة عارفا بحقّه ، كتب له ألف حجّة ، وألف عمرة مقبولة ، وألف غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل (1).

وفي رواية أخرى : ومن أتاه في يوم عرفة عارفا بحقّه كتب اللّه له ألف حجّة ، وألف عمرة متقبلات ، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، قال : قلت : وكيف لي بمثل الموقف؟ قال : فنظر اليّ شبه المغضب ، ثم قال : يا فلان انّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة ، واغتسل بالفرات ، ثم توجه إليه كتب اللّه له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها ، ولا أعلمه إلاّ قال : وعمرة (2).

ومن ذلك ما رواه بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السلام : انّ اللّه تبارك وتعالى يتجلّى لزوار قبر الحسين عليه السلام قبل أهل عرفات ، ويقضي حوائجهم ، ويغفر ذنوبهم ، ويشفّعهم في مسائلهم ، ثم يأتي أهل عرفة فيفعل بهم ذلك (3).

ومن ذلك من غير كتاب ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام قال : إذا كان يوم عرفة نظر اللّه تعالى إلى زوار قبر الحسين بن علي عليه السلام فقال : ارجعوا مغفورا لكم ما مضى ، ولا يكتب على أحد ذنب سبعين يوما من يوم ينصرف (4).

ومن ذلك عن الصادق عليه السلام أيضا انّه قال : من زار الحسين بن علي عليهما السلام يوم عرفة كتب اللّه عزّ وجلّ له ألف ألف حجة مع القائم ، وألف ألف عمرة

ص: 61


1- رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 115 ، الأمالي : 143 ، أورده الشيخ في أماليه 1 : 204 ، عنهم البحار 101 : 85.
2- ثواب الأعمال : 115 مع اختلاف ، الفقيه 2 : 58 ، أورده في كامل الزيارات : 169 ، عنه البحار 101 : 85.
3- ثواب الأعمال : 116 ، رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 715 ، وابن قولويه في الكامل : 170 ، عنهم البحار 101 : 86.
4- رواه الشيخ في مصباح المتهجد : 716 ، وابن قولويه في الكامل : 171 ، عنهما البحار 101 : 81 ، 10 : 361.

مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وعتق ألف ألف نسمة ، وحملان ألف ألف فرس في سبيل اللّه ، وسمّاه اللّه عبدي الصديق آمن بوعدي (1).

والأحاديث في فضل زيارة الحسين عليه السلام في عرفة متواترة عند أهل المعرفة.

فصل (18): فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصّة بالحسين عليه السلام يوم عرفة

اعلم انّه سيأتي في بعض ما نذكره من الدعوات في يوم عرفة زيارة النبي والأئمة عليهم أفضل الصلوات ، وانّما نذكر في هذا الفصل زيارة تختصّ بهذا اليوم غير داخلة في دعواته.

ذكر هذه الزيارة :

إذا كنت بمشهد الحسين عليه السلام في يوم عرفة ، فاغتسل غسل الزيارة والبس أطهر ثيابك وطهّر عقلك وقلبك ممّا يقتضي الابعاد بعقابك وعتابك ، لتكون طاهرا من الأدناس ، فيصحّ لك ان تقف بباب طاهر من الأرجاس ، واقصد مقدس حضرته وقف على باب حرمه وكبّر اللّه تعالى وقل :

اللّهُ اكْبَرُ كَبِيراً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ اللّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا انْ هَدينا اللّهُ ، لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ.

السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللّهِ السَّلامُ عَلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ.

السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسى ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلى

ص: 62


1- رواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 172 ، عنه البحار 101 : 88 ، مستدرك الوسائل 2 : 210 ، والشيخ في مصباح المتهجد : 715 ، التهذيب 6 : 49 ، الوسائل 10 : 359 ، وفي مصباح الكفعمي : 501 ، روضة الواعظين : 323 ، المزار للمفيد : 54.

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْمُنْتَظَرِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، الْمُوالِي لِوَلِيِّكَ ، الْمُعادِي لِعَدُوِّكَ ، اسْتَجارَ بِمَشْهَدِكَ ، وَتَقَرَّبَ الَى اللّهِ بِقَصْدِكَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِوِلايَتِكَ ، وَخَصَّنِي بِزِيارَتِكَ ، وَسَهَّلَ لِي قَصْدَكَ.

ثم تدخل وتقف ما يلي الرّأس وتقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِيسى رُوحِ اللّهِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ خَدِيجَةَ الْكُبْرى.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللّهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورِ ، اشْهَدُ انَّكَ قَدْ اقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاطَعْتَ اللّهَ حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ.

فَلَعَنَ اللّهُ امَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً ظَلَمَتْكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ ، اشْهِدُ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَنْبِيائَهُ وَرُسُلَهُ انِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ ، وَبإِيابِكُمْ مُوقِنٌ ، بِشَرَائِعِ دِينِي وَخَواتِيمِ عَمَلِي ، فَصَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى أَرْواحِكُمْ وَعَلى أَجْسادِكُمْ ، وَعَلى شاهِدِكُمْ وَعَلى غائِبِكُمْ ، وَعَلى ظاهِرِكُمْ وَعَلى باطِنِكُمْ (1).

ص: 63


1- غائبكم وظاهركم وباطنكم ( خ ل ).

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، وَابْنَ إِمامِ الْمُتَّقِينَ ، وَابْنِ قائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ الى جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، وَكَيْفَ لا تَكُونُ كَذلِكَ ، وَانْتَ بابُ الْهُدى وَإِمامُ التُّقى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى ، وَالْحُجَّةُ عَلى اهْلِ الدُّنْيا ، وَخامِسُ أَصْحابِ الْكِسَاءِ.

غَذَّتْكَ يَدُ الرَّحْمَةِ وَرُضِعْتَ مِنْ ثَدْيِ الإِيمانِ ، وَرُبِّيتَ فِي حِجْرِ الإِسْلامِ ، وَالنَّفْسُ غَيْرُ راضِيَةٍ بِفِراقِكَ ، وَلا شاكَّةٍ فِي حَياتِكَ ، صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ وَأَبْنائِكَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَرِيعَ الْعَبْرَةِ السَّاكِبَةِ (1) ، وَقَرِينَ الْمُصِيبَةِ الرَّاتِبَةِ ، لَعَنَ اللّهُ امَّةً اسْتَحَلَّتْ مِنْكَ الْمَحارِمَ ، فَقُتِلْتَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ مَقْهُوراً ، وَاصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَ مَوْتُوراً (2) ، وَاصْبَحَ دِينُ اللّهِ لِفَقْدِكَ مَهْجُوراً.

السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَأُمِّكَ وَأَخِيكَ ، وَعَلى الأَئِمَّةِ مِنْ بَنِيكَ ، وَعَلى الْمُسْتَشْهَدِينَ مَعَكَ ، وَعَلى الْمَلائِكَةِ الْحافِّينَ بِقَبْرِكَ ، وَالشَّاهِدِينَ لِزُوَّارِكَ ، الْمُؤَمِّنِينَ عَلى دُعاءِ شِيعَتِكَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي يا أَبا عَبْدِ اللّهِ ، لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ ، وَجَلَّتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنا ، وَعَلى جَمِيعِ اهْلِ السَّماواتِ وَالارْضِ ، فَلَعَنَ اللّهُ امَّةً اسْرَجَتْ وَالْجَمَتْ وَتَهَيَّأَتْ لِقِتالِكَ.

يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ قَصَدْتُ حَرَمَكَ ، وَاتَيْتُ مَشْهَدَكَ ، اسْأَلُ اللّهَ بِالشَّأْنِ الَّذِي لَكَ عِنْدَهُ ، وَبِالْمَحَلِّ الَّذِي لَكَ لَدَيْهِ انْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، بِمَنِّهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ.

ثم قبّل الضريح وصلّ عند الرأس ركعتين تقرأ فيهما ما أحببت ، فإذا فرغت فقل :

ص: 64


1- سكب الماء : صبّه ، العبرة : الدمعة.
2- الموتور : من قتل له قتيل فلم يدرك بدمه.

اللّهُمَّ لَكَ صَلَّيْتُ وَرَكَعْتُ (1) وَسَجَدْتُ ، لَكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، لأَنَّ الصَّلاةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لا يَكُونَ الاَّ لَكَ ، لأَنَّكَ انْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَبْلِغْهُمْ عَنِّي افْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ ، وَارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَ ، اللّهُمَّ وَهاتانِ الرَّكْعَتانِ هدِيَّةٌ مِنِّي الى مَوْلايَ وَسَيِّدِي وَإِمامِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِما السَّلامُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ ذلِكَ مِنِّي ، وَاجِرْنِي عَلى ذلِكَ افْضَلَ امَلِي وَرَجائِي فِيكَ وَفِي وَلِيِّكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم صر إلى رجلي الحسين عليه السلام وزر علي بن الحسين عليهما السلام ورأسه عند رجلي أبي عبد اللّه عليه السلام ، فتقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ نَبِيِّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الشَّهِيدُ ابْنُ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْمَظْلُومُ ، لَعَنَ اللّهُ امَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً ظَلَمَتْكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللّهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ ، لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَجَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَعَنَ اللّهُ امَّةً قَتَلَتْكَ ، وَأَبْرَءُ الَى اللّهِ وَالَيْكَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

ثمّ توجّه إلى الشهداء فزرهم ، وقل :

السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَوْلِياءَ اللّهِ وَاحِبَّاءَهُ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَصْفِياءَ اللّهِ وَاودّاءَهُ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ دِينِ اللّهِ وَأَنْصارَ نَبِيِّهِ وَأَنْصارَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْصارَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ ابِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْوَلِيِّ النَّاصِحِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ ابِي عَبْدِ اللّهِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ الْمَظْلُومِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ اجْمَعِينَ.

ص: 65


1- لك ركعت ( خ ل ) ، وفي مصباح الزائر : اللّهمّ انّي صليت وركعت.

بِأَبِي انْتُمْ وَأُمِّي طِبْتُمْ وَطابَتِ الارْضُ الَّتِي فِيها دُفِنْتُمْ ، وَفُزْتُمْ وَاللّهِ فَوْزاً عَظِيماً ، يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ فِي الْجِنانِ مَعَ الشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثم عد إلى رأس الحسين عليه السلام واستكثر من الدعاء لنفسك وأهلك وإخوانك المؤمنين ، وإذا أردت وداعه فودّعه والشهداء ببعض ما قدّمناه من وداعاتهم.

ثم امض إلى مشهد العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام ، فإذا أتيت فقف على قبره ، وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا الْفَضْلِ الْعَبّاسِ بْنِ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ أَوَّلِ الْقَوْمِ اسْلاماً ، وَاقْدَمِهِمْ إِيماناً ، وَاقْوَمِهِمْ بِدِينِ اللّهِ ، وَاحْوَطِهِمْ عَلَى الإِسْلامِ ، اشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَخِيكَ.

فَنِعْمَ الأَخُ الصّابِرُ الْمُجاهِدُ الْمُحامِي النّاصِرُ ، وَالأَخُ الدّافِعُ عَنْ أَخِيهِ ، الْمُجِيبُ إِلى طاعَةِ رَبِّهِ ، الرّاغِبُ فِيما زَهِدَ فِيهِ غَيْرُهُ ، مِنَ الثَّوابِ الْجَزِيلِ وَالثَّناءِ الْجَمِيلِ ، فَالْحَقَكَ اللّهُ بِدَرَجَةِ آبائِكَ فِي دارِ النَّعِيمِ ، انَّهُ حَمِيدٌ مُجِيدٌ.

ثم انكبّ (1) على القبر وقل :

اللّهُمَّ لَكَ تَعَرَّضْتُ وَلِزِيارَةِ أَوْلِيائِكَ قَصَدْتُ ، رَغْبَةً فِي ثَوابِكَ وَرَجاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَجَزِيلَ إِحْسانِكَ.

فَاسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ داراً ، وَعَيْشِي بِهِمْ قارّاً ، وَزِيارَتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً ، وَذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً ، وَاقْلِبْنِي بِهِمْ مُفْلِحاً مُنْجِحاً ، مُسْتَجاباً دُعائِي ، بِأَفْضَلِ ما يَنْقَلِبُ بِهِ احَدٌ مِنْ زُوّارِهِ وَالْقاصِدِينَ إِلَيْهِ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم قبّل الضريح ، وصلّ عنده صلاة الزيارة وما بدا لك ، فإذا أردت وداعه رضوان

ص: 66


1- انكب على أمر : لزمه.

اللّه عليه فودّعه ببعض ما قدّمناه من وداعاته (1).

فصل (19): فيما نذكره من صلاة ركعتين قبل الخروج للدّعاء المعتاد وهل الاجتماع للدعاء يوم عرفة أفضل أو الانفراد

فنقول : وقد وجدنا في كتاب أبي علي حسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس البزّاز رحمه اللّه ركعتين يحتمل أن يكون صلاتهما قبل صلاة الظهرين ، فاقتضى الاستظهار للعبادات أن نذكرهما وفيهما فضل في العنايات.

فقال في كتابه ما هذا لفظه : أمّا الصلاة في يوم عرفة من كتب أصحابنا رحمهم اللّه تعالى ، فانّني وجدتها اثنتي عشرة ركعة ، تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وآية الكرسي و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فإذا سلّمت تقرأ ما تيسّر من القرآن وتخرّ ساجدا وترفع يديك وتقول :

سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَفازَ بِهِ ، سُبْحانَ مَنْ تَعَطَّفَ بِالْحِلْمِ وَتَكَرَّمَ بِهِ ، سُبْحانَ مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ وَعَلِمَ بِهِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي انْ يُسَبَّحَ سِواهُ ، سُبْحانَ ذِي الْعِزِّ وَالْقُدْرَةِ ، سُبْحانَ الْعَظِيمِ الاعْظَمِ.

اسْأَلُكَ يا رَبِّ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ ، وَأَسْأَلُكَ بِالْمُسْتَجابِ مِنْ دُعاءِكَ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتدعو بما أحببت.

وروي عن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام انّه قال : من صلّى يوم عرفة قبل أن يخرج إلى الدعاء في ذلك ويكون بارزا تحت السّماء ركعتين واعترف لله عزّ وجلّ بذنوبه وأقرّ له بخطاياه نال ما نال الواقفون بعرفة من الفوز ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر (2).

ص: 67


1- رواه في مصباح الزائر : 182 - 185 ، مزار الشهيد : 52 - 55 ، عنهما البحار 101 : 360 - 363.
2- عنه الوسائل 8 : 183.

أقول : وامّا هل الاجتماع يوم عرفة أفضل أو الانفراد :

فاعلم انّ الأحاديث وردت انّ اجتماع أربعين في الدّعوات وقضاء الحاجات ، يقتضي تعجيل الإجابات وتفريج الكربات ، ووردت أحاديث انّ الدعاء في السّر أفضل الدعاء وأبلغ في الظفر بالإجابة.

وإذا كانت الاخبار على هذه السبيل فينبغي ان يكون على نفسه بصيرة في كلّ كثير وقليل ، فان عرف من نفسه انّ اجتماعه بالنّاس لا يشغله عن مولاه وانّه يكون أقرب له إلى رضاه ، فالاجتماع لمثل هذه القويّ من العبّاد أفضل من الانفراد ، وان كان يعلم من نفسه انّ الاجتماع بالعباد يشغله عن سلطان المعاد ، فهذا ينبغي له ان يعمل على الانفراد.

وجملة الأمور انّ المراد من العبد المبالغة في إخلاص الأعمال ، فكيف قدر على الظفر بهذه الحال ، فليبادر إليها ويعتمد عليها.

فصل (20): فيما نذكره من الاستعداد لدعاء يوم عرفة اين كان من البلاد

أقول : قد قدّمنا في الجزء الأول من كتاب المهمّات والتّتمات شروطا للدعوات المقبولات ، وعيوبا في الدعاء تمنع من الإجابات ، فان قدرت على نظر ما هناك من التفصيل ، فاعمل عليه ، فإنّه واضح البرهان والدليل.

وان تعذّر عليك حضور ذلك الكتاب وقت هذه الدعوات ، ولم تكن ممّن يعرف شروط الإجابة ولا عيوب العبادة ، فاعلم انّه ينبغي ان تلقى اللّه جلّ جلاله وقت الحضور لمناجاته ، وأنت طاهر من كلّ ما يقتضي استحقاقك لعقوباته أو معاتباته ، كما انّ العقل يشهد انّك إذا أردت دخول حضرة ملك من ملوك الزّمان ، أو لقاء النبي صلوات اللّه عليه وآله ، أو أحد أئمّتك العظمى الشّأن ، فإنّك تستعدّ للدخول عليهم بكلّ ما يقرّبك إليهم.

ومهما عرفت أنّهم يؤثرون ان يكون عليك من الكسوات ، أو تكون عليه من

ص: 68

الصّفات ، أو يرتضونه من ألفاظ التسليم عليهم ، أو القيام أو الجلوس بين يديهم.

فإنّك تجتهد في العمل على مرادهم بغاية اجتهادك ، مع علمك بأنّهم لا يطّلعون على ضميرك وفؤادك ، فكيف يجوز الاّ تكون مع سلطان دنياك ومعادك على هذه الصفات ، وهو مطّلع على الخفيات ، وحاجتك إليه أعظم من حاجتك إلى كلّ من تحضر بين يديه.

فإذا تطهّرت وغسّلت عقلك بماء سحائب الإقبال على مولاك ، وغسلت قلبك بدموع الخشوع والخضوع لمالك دنياك وأخراك ، فاغتسل الغسل المأمور به في عرفة ، فإنّه من المهمات ، ولتكن نيّتك في ذلك الغسل الموصوف ، ولكلّ غسل تحتاج إليه في ذلك اليوم المعروف.

فتغتسل غسل التوبة ، عسى ان يكن قد بقي عليك شيء من عيوب القلوب وأدواء الذنوب ، وغسل يوم عرفة وغسل الحاجة وغسل قبول الدعوات ، فانّنا وجدناه في الروايات ، وغسل الاستخارات ، عسى تحتاج إلى شيء من المشاورات ، وكلّ غسل يمكن في ذلك النهار.

واقتد بأهل الاحتياط والاستظهار ، وليكن غسلك قبل الظهرين بقليل لعلّك تصلّي وتدعو وأنت على ذلك الحال الجميل ، ثمّ تصلّي الظهرين بنوافلهما على التمام في المراقبات والدعوات.

فصل (21): فيما نذكره من صلاة تختصّ بيوم عرفة بعد صلاة الظهرين

روينا هذه الصلاة عن والدي السعيد بإسناده إلى الشيخ المفيد محمّد بن محمد بن النعمان تغمّدهما اللّه جلّ جلاله بالرضوان فيما اشتمل عليه كتابه كتاب الاشراف ، فقال فيه ما هذا لفظه : وصلاة يوم عرفة فيما سوى عرفات من الأماكن والأصقاع ركعتان بعد صلاة العصر وقبل الدعاء.

أقول : فينبغي ان تبالغ فيهما في الإخلاص وعوائد أهل الاختصاص ، لتكون هاتان

ص: 69

الركعتان فاتحة للأبواب بين يديك ، ومقدّمة إلى مولاك الذي أنت مضطرّ إلى إقباله عليك.

فصل (22): فيما نذكره من أدعية يوم عرفة

اعلم انّني وجدت في الروايات اختلافا فيما نذكره قبل الشروع في الدعوات.

فقال جدّي أبو جعفر الطوسي : فإذا وقفت للدعاء فعليك بالسكينة والوقار وأحمد اللّه تعالى وهلّله ومجّده ، وأثن عليه ، وكبّره مائة تكبيرة ، وأحمده مائة مرّة ، وسبّحه مائة واقرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة (1).

وقال محمد بن علي الطرازي في كتابه بإسناده عن الصادق عليه السلام مثل هذا العدد في التكبير والتحميد والتسبيح ، وزاد عليه : وهلّله مائة مرة كما قدّمناه ، ثمّ قال في عدد قراءة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة كما قدّمناه ، ثمّ قال : وان أحببت أن تزيد على ذلك فزد واقرأ سورة القدر مائة مرة.

ووجدت في رواية أخرى عن مولانا الصادق عليه السلام ما هذا لفظه : تكبر اللّه تعالى مائة مرة وتهلّله مائة مرة وتسبّحه مائة مرة وتقدّسه مائة مرة وتقرء آية الكرسي مائة مرة وتصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله مائة مرة.

أقول : فليكن الاستظهار لاخراك أرجح عندك من الاحتياط لدنياك.

فلو انّ سلطانا جعل لرعيّته يوما يحضرون بين يديه ويعرضون حوائجهم عليه ، وكانت الرعيّة مفتقرة في كلّ شيء إليه واختلف عليهم خواصّ السلطان فيما عيّنه الملك من لفظ الكلام الّذي يعرض عليه وقت الحضور بين يديه ، لطلب ما يحتاجون إليه من الإحسان ، اما كانوا يستظهرون لكلّ طريق في الاحتياط والاستظهار بذكر الألفاظ في جميعها الّتي ذكرها لهم الخواصّ عن الشفيق.

ص: 70


1- مصباح المتهجد : 687.

وأقول : يا أيّها الرجل المتشرّف بنور المعقول والمنقول وهداية الرسول ، أنت تعلم انّك لو تعلّمت تلك الألفاظ جميعها على التفصيل ، ثم دخلت بين يدي ذلك السلطان الجليل وتلوتها بلسانك ، وكنت معرض عنه أو مشغول بغيره عن الالتفات إليه وأدب القرب منه ، فإنّك تشهد على نفسك بالجهل بقدر السلطان ، وانّك قد عرّضت نفسك للحرمان أو الهوان.

فإذا لا يجوز ان تدخل حضرة السلطان الاّ وانّك مقبل عليه بالقلب واللّسان وجميع الجنان والأركان ، فكذا ينبغي ان يكون حالك مع اللّه جلّ جلاله المطّلع على الأسرار ، فتكون عند تلاوة هذه الأذكار حاضرا بعقلك ولبّك ، ومعظّما للألفاظ والمعاني بلسانك وقلبك ومجتهدا ان يصدّق فعالك مقالك.

فإذا تلوت : اللّه أكبر ، فيكون على سرائرك وظواهرك ، آثار انّه لا شيء أعظم من اللّه جلّ جلاله الّذي تتلفّظ بتكبيرة ، فلا تشغل قلبك في تلك الحال بشيء غيره من قليل أمرك وكثيره.

وإذا تلوت تحميده وقلت : الحمد لله ، فقد شهدت انّ الحمد ملكه وانّه أحقّ به من سواه ، فلا يكن في خاطرك محمود عندك ممّن أحسن إليك في دنياك أرجح مقالا ولا أصلح إخلاصا وإقبالا.

وإذا تلوت تسبيحه وتنزيهه فليكن خاطرك منزها له عن أن تؤثّر عليه سواه ، وان يشغلك عنه في تلك الحال غيره ممّن ترجوه أو تراه.

وإذا تلوت تهليلة وقرأت آية الكرسي و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فليكن عليك تصديق الاعتراف له ، بأنه إلهك الّذي لا يشغلك عنه هواك ولا دنياك ، وانّك مملوكه ، وعبده المفتقر إليه ، المشغول به اشتغالا يشهد بتحقيقه سرّك ونجواك.

وإذا قرأت سورة القدر فليكن قلبك معظّما للفظه الشريف ، الّذي جعلك نائبا لتلاوته بين يديه ، وكأنّك تقرء لفظه المقدّس عليه معترفا بحقّها بأبلغ ما يصل جهدك إليه.

وإذا صلّيت على النّبي صلوات اللّه عليه وآله ، فاذكر انّهم غير محتاجين إلى دعاءك لهم بالصلاة عليهم ، بعد ما تعرفه من انّ اللّه تعالى جلّ جلاله صلّى هو وملائكته عليهم ،

ص: 71

لكن قد ورد في الحديث انّ أبواب الإجابات تفتح لطلب الصلوات عليهم في الدعوات ، وإذا فتحها اللّه جلّ جلاله لقبول الصلاة عليهم في مناجاتك كان أرحم وأكرم أن يغلقها عمّا تدعوه عقيب ذلك من حاجاتك ومهماتك.

أقول : فإذا عملت في تلاوة هذه الأمور على ما ذكرناه ، رجوت لنفسك ان تكون عبدا عرف حقّ مولاه وقبل منه فيما يدعوه ، ودعاه وظفر برضاه ، وكان مسعودا في دنياه وأخراه ، وها نحن ذاكرون ما نختاره من الدعوات المختصّة بهذا اليوم المتّفق على تعظيمه بين الفرق المختلفات.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه ، فيما ذكره في كتاب تهذيب الأحكام ، بإسنادنا إلى مولانا الصّادق صلوات اللّه عليه ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعليّ عليه السلام : ألا أعلّمك دعاء يوم عرفة ، وهو دعاء من كان قبلي من الأنبياء؟ قال : تقول :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي تَقُولُ وَخَيْراً مِمَّا نَقُولُ ، وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ ، اللّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي ، وَلَكَ بَراءَتِي وَبِكَ حَوْلِي وَمِنْكَ قُوَّتِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ وَسْواسِ الصَّدْرِ ، وَمِنْ شَتاتِ الْأَمْرِ ، وَمِنْ عَذابِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الرِّياحِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما تَجِيءُ بِهِ الرِّياحِ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً ، وَفِي سَمْعِي وَبَصَرِي نُوراً ، وَفِي لَحْمِي وَعِظامِي نُوراً ، وَفِي عُرُوقِي وَمَقْعَدِي وَمُقامِي وَمَدْخَلِي وَمَخْرَجِي نُوراً ، وَأَعْظِمْ لِي نُوراً ، يا رَبِّ يَوْمَ أَلْقاكَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

ص: 72


1- عنه البحار 98 : 215 ، رواه الشيخ في التهذيب 5 : 183 ، مصباح المتهجد : 687 ، والصدوق في الفقيه 2 : 542.

أقول : وقد كنّا ذكرنا في كتاب عمل اليوم واللّيلة في صفات المخلصين في الدّعوات عدّة روايات ، وسوف نذكر في هذا الموضع ما يليق منها.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمّد بن الحسن بن الوليد ، بإسناده إلى القاسم بن حسين النيسابوري قال : رأيت أبا جعفر عليه السلام عند ما وقف بالموقف مدّ يديه جميعا ، فما زالتا ممدودتين إلى أن أفاض ، فما رأيت أحدا أقدر على ذلك منه (1).

ومن ذلك ما رويته بإسنادي إلى محمّد بن الحسن الصّفّار ، بإسناده إلى عليّ بن داود قال : رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام في الموقف آخذا بلحيته ومجامع ثوبه وهو يقول بإصبعه اليمنى منكّس الرأس : هذه رمّتي بما جنيت (2).

ومن ذلك ما رويته بإسنادي عن محمّد بن الحسن بن الوليد أيضا ، بإسناده إلى حمّاد بن عبد اللّه قال : كنت قريبا من أبي الحسن موسى عليه السلام بالموقف ، فلمّا همّت الشمس للغروب أخذ بيده اليسرى بمجامع ثوبه ثمّ قال :

اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِامُورٍ قَدْ سَلَفَتْ مِنِّي ، وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ بِرمَّتِي ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَأَهْلُ الْعَفْوِ أَنْتَ يا اهْلَ الْعَفْوِ ، يا أَحَقَّ مَنْ عَفى اغْفِرْ لِي وَلِأصْحابِي ، وَحرّك دابّته فمرّ (3).

ومن ذلك ممّا لم نذكره في عمل اليوم واللّيلة ، عن مولانا عليّ بن موسى الرِّضا صلوات اللّه عليه في يوم عرفة :

اللّهُمَّ كَما سَتَرْتَ عَلَيَّ ما لَمْ أَعْلَمْ ، فَاغْفِرْ لِي مَا تَعْلَمُ ، وَكَما وَسَعَنِي عِلْمُكَ فَلْيَسَعْنِي عَفْوُكَ ، وَكَما بَدَأْتَنِي بِالإِحْسانِ فَأَتِمَّ نِعْمَتَكَ بِالْغُفْرانِ ، وَكَما أَكْرَمْتَنِي بِمَعْرِفَتِكَ فَاشْفَعْها بِمَغْفِرَتِكَ.

وَكَما عَرَّفْتَنِي وَحْدانِيَّتَكَ فَأَكْرِمْنِي بِطاعَتِكَ ، وَكَما عَصَمْتَنِي ما لَمْ أَكُنْ أَعْتَصِمُ مِنْهُ إِلاَّ بِعِصْمَتِكَ ، فَاغْفِرْ لِي ما لَوْ شِئْتَ عَصَمْتَنِي مِنْهُ ، يا جَوادُ يا كَرِيمُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ (4).

ص: 73


1- عنه البحار 98 : 215.
2- عنه البحار 98 : 215.
3- - عنه البحار 98 : 216.
4- - عنه البحار 98 : 216.

أقول : فانظر رحمك اللّه إلى القوم الّذين تقتدي بآثارهم ، وتهتدي بأنوارهم ، فكن عند دعواتك وفي محلّ مناجاتك على صفاتهم في ضراعاتهم.

ومن الدّعوات المشرّفة في يوم عرفة دعاء مولانا الحسين بن علي صلوات اللّه عليه : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ ، فَطَرَ أَجْناسَ الْبَدائِعِ ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لا يَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ (1) ، وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ.

أَتى بِالْكِتابِ الْجامِعِ ، وَبِشَرْعِ الإِسْلامِ النُّورِ السَّاطِعِ ، وَهُوَ لِلْخَلِيقَةِ صانِعٌ ، وَهُوَ الْمُسْتَعانُ عَلَى الْفَجائِعِ ، جازِي كُلِّ صانِعٍ وَرائِشُ كُلِّ قانِعٍ ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ ، وَمُنَزِّلُ الْمَنافِعِ ، وَالْكِتابِ الْجامِعِ ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ.

وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ ، وَراحِمُ عَبْرَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، وَدافِعُ (2) ضَرْعَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، فَلا إِلهَ غَيْرُهُ ، وَلا شَيْءَ يَعْدِلُهُ ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ ، وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي ، وَأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي ، ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلابَ ، أَمْناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ (3) وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ ، فَلَمْ أَزَلْ ظاعِناً (4) مِنْ صُلْبٍ إِلى رَحِمٍ فِي تَقادُمِ (5) الْأَيَّامِ الْماضِيَةِ ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ.

لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي ، وَلُطْفِكَ لِي (6) ، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَيَّامِ

ص: 74


1- الطلائع جمع طليعة ، وهو من يبعث للاطلاع من العدو ، وقد يجيء بمعنى الجماعة فيكون الطلائع بمعنى الجماعات.
2- رافع ( خ ل ).
3- ريب المنون : حوادث الدهر.
4- ظعن : سار ورحل.
5- تقادم بمعنى قدم ، أي مضى على وجوده زمن طويل.
6- بي ( خ ل ).

الْكَفَرَةِ ، الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي رَأْفَةً مِنْكَ وَتَحَنُّناً (1) عَلَيَّ لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى ، الَّذِي فِيهِ يَسَّرْتَنِي ، وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعْمَتِكَ.

فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ، بَيْنَ لَحْمٍ وَجِلْدٍ وَدَمٍ ، لَمْ تُشْهِدْنِي بِخَلْقِي ، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي.

ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً ، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً ، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغَذاءِ لَبَناً مَرِيّاً ، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ (2) ، وَكَفَّلْتَنِي الأُمَّهاتِ الرَّحائِمَ ، وَكَلَأْتَنِي (3) مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ ، فَتَعالَيْتَ يا رَحِيمُ يا رَحْمانُ.

حَتّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ (4) ناطِقاً بِالْكَلامِ ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الْأَنْعامِ ، فَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عامٍ ، حَتَّى إِذا كَمُلَتْ فِطْرَتِي ، وَاعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي ، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتِكَ وَرَوَّعْتَنِي (5) بِعَجائِبِ فِطْرَتِكَ ، وَأَنْطَقْتَنِي لِما ذَرَأْتَ (6) فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ ، وَنَبَّهْتَنِي لِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَواجِبِ طاعَتِكَ وَعِبادَتِكَ ، وَفَهَّمْتَنِي ما جائَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ.

ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثَّرى (7) لَمْ تَرْضَ لِي يا إِلهِي بِنِعْمَةٍ دُونَ أُخْرى ، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ الْمَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ (8) بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيَّ ،

ص: 75


1- تحنّن : ترحّم.
2- الحاضنة : التي تقوم على الصغير في تربيته.
3- كلأه اللّه فلانا : حرسه وحفظه.
4- استهلّ الصبيّ : رفع صوته بالبكاء عند الولادة.
5- روعتني : ألقيت في روعي وقلبي عجائب خلقتك.
6- ذرء : خلق.
7- حرّ كل دار وارض : وسطها.
8- الرياش : اللباس الفاخر.

وَإِحْسانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ حَتّى إذا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ.

لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي عَلى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ، وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ ، فَانْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي ، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي ، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي ، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي ، كُلُّ ذلِكَ إِكْمالاً لَانْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْساناً الَيَّ.

فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِئ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ ، فَأَيَّ أَنْعُمِكَ (1) يا إِلهِي احْصِي عَدَداً أَوْ ذِكْراً ، أَمْ أَيَّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً ، وَهِيَ يا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيهَا الْعادُّونَ ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِها الْحافِظُونَ.

ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي ، اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ.

وَأَنَا اشْهِدُكَ (2) يا إِلهِي بِحَقِيقَةِ إِيمانِي وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِي وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي ، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي ، وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ بَصَرِي ، وَأَسارِيرِ (3) صَفْحَةِ جَبِينِي ، وَخَرْقِ (4) مَسارِبِ (5) نَفْسِي ، وَخَذارِيفِ (6) مارِنِ عِرْنِينِي (7) ، وَمَسارِبِ صَماخِ (8) سَمْعِي ، وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ ، وَحَرَكاتِ لَفْظِ

ص: 76


1- فأي نعمك ( خ ل ).
2- اشهد ( خ ل ).
3- الأسارير : محاسن الوجه والخدّين والوجنتان.
4- الخرق : النقض.
5- سرب الماء : مسيله ومجراه.
6- الخذاريف : القطعات.
7- العرنين : الأنف كله أو ما صلب منه ، المارن : طرف الأنف أو ما لان من طرفه.
8- الصماخ : الاذن الباطن الماضي إلى الرأس.

لِسانِي ، وَمَغْرِزِ حَنَكِ (1) فَمِي وَفَكِّي ، وَمَنابِتِ أَضْراسِي ، وَبُلُوغِ حَبائِلِ بارِعٍ (2) عُنُقِي ، وَمَساغِ (3) مَطْعَمِي (4) وَمَشْرَبِي ، وَحَمالَةِ (5) أُمِّ رَأْسِي ، وَجُمَلِ حَمائِلِ حَبْلِ وَتِيْنِي ، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ (6) صَدْرِي ، وَنِياطُ (7) حِجابِ قَلْبِي ، وَأَفْلاذُ حَواشِي كَبِدِي ، وَما حَوَتْهُ شَراسِيفُ (8) أَضْلاعِي ، وَحِقاقُ (9) مَفاصِلِي ، وَأَطْرافُ أَنامِلِي ، وَقَبْضُ عَوامِلِي ، وَدَمِي وَشَعْرِي ، وَبَشَرِي وَعَصَبِي ، وَقَصَبِي وَعِظامِي ، وَمُخِّي وَعُرُوقِي ، وَجَمِيعُ جَوارِحِي ، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيَّامُ رِضاعِي ، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي ، وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكَتِي ، وَحَرَكاتُ رُكُوعِي وَسُجُودِي ، أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصارِ وَالْأَحْقابِ (10) - لَوْ عُمِّرْتُها - أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ ، مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ ، إِلاّ بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ شُكْراً آنِفاً جَدِيداً ، وَثَناءً طارِفاً (11) عَتِيداً (12).

أَجَلْ ، وَلَوْ حَرَصْتُ وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ ، سالِفَةً وَآنِفَةً ، لَما حَصَرْناهُ عَدَداً ، وَلا أَحْصَيْناهُ أَبَداً ، هَيْهاتَ أَنَّى ذلِكَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ عَنْ نَفْسِكَ فِي كِتابِكَ النّاطِقِ ، وَالنَّبَإِ الصَّادِقِ : « وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها » (13).

ص: 77


1- الحنك : أعلى باطن الفم ، الأسفل من طرف مقدم اللحيين.
2- برع الجبل : علاه.
3- ساغ الشراب : هنأ وسهل مدخله في الخلق.
4- ما كلى ( خ ل ).
5- الحمالة : علاقة السيف.
6- التامور : الوعاء والنفس وحيوتها والقلب وصوته ودمه.
7- النياط : عرق علق به القلب من الوتين فإذا انقطع مات صاحبه.
8- الشرسوف : طرف الضلع المشرف على البطن.
9- الحقاق : جمع حقة ، رأس الورك فيها عظم الفخذ ورأس العضد الذي فيه الوابلة.
10- الحقب : ثمانون سنة أو أكثر ، الدهر.
11- الطرف : الحديث من المال.
12- العتيد : الشيء الحاضر المهيا.
13- إبراهيم : 34 ، النحل : 18.

صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَنَبَاؤُكَ ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ، ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ مِنْ دِينِكَ ، غَيْرَ أَنِّي (1) أَشْهَدُ بِجِدِّي وَجَهْدِي ، وَمَبالِغِ طاقَتِي وَوُسْعِي ، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فَيُضادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ ، وَلا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ (2) فِيما صَنَعَ.

سُبْحانَهُ سُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ، لَوْ كانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا ، فَسُبْحانَ اللّهِ الْواحِدِ الْحَقِّ الْأَحَدِ الصَّمَدِ ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَعْدِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلِصِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْواكَ ، وَلا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ ، حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ ، وَلا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي ، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي ، وَالإِخْلاصَ فِي عَمَلِي ، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي ، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي ، وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي ، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوارِثَيْنِ مِنِّي ، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي فِيهِ (3) مَآرِبِي (4) وَثارِي وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي.

اللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي ، وَاخْسَأْ (5) شَيْطانِي ، وَفُكَّ رِهانِي وَاجْعَلْ لِي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الاخِرَةِ وَالأُولى ،

ص: 78


1- غير انّي يا إلهي ( خ ل ).
2- الإرفاد : الإعطاء والإعانة والاسترفاد والاستعانة.
3- في الأصل : وارزقني ، ما أثبتناه من البلد الأمين.
4- المأرب : الحاجة.
5- خسأت الكلب خساء : طردته.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي حَيّاً سَوِيّاً ، رَحْمَةً بِي وَكُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً.

رَبِّ بِما بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي ، رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي ، يا رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ بِي وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي ، رَبِّ بِما كَلَأْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي ، رَبِّ بِما آوَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ آتَيْتَنِي وَأَعْطَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي ، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنَيْتَنِي (1) ، رَبِّ بِما أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي.

رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنِي مِنْ ذِكْرِكَ الصَّافِي ، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكافِي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ (2) الدَّهْرِ ، وَصُرُوفِ الْأَيَّامِ وَاللَّيالِي ، وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاخِرَةِ وَاكْفِنِي شَرَّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ.

اللّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِنِي ، وَما أَحْذَرُ فَقِنِي ، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي ، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي ، وَفِي أَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي فَاخْلُفْنِي ، وَفِيمَا رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي ، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي ، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالانْسِ فَسَلِّمْنِي ، وَبِذُنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي ، وَبِسَرِيرَتِي فَلا تُخْزِنِي ، وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي ، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي.

إِلى مَنْ تَكِلْنِي ، إِلَى الْقَرِيبِ يَقْطَعُنِي ، أَمْ إِلَى الْبَعِيدِ يَتَجَهَّمُنِي (3) ، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي ، وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي ، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دارِي وَهَوانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي.

اللّهُمَّ فَلا تُحْلِلْ بِي غَضَبَكَ ، فَانْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالِي سِواكَ ، غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي ، فَأَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ

ص: 79


1- قنى المال : جمعه ، اقناه اللّه : أغناه وأعطاه ما يقتني.
2- البوائق : الدواهي.
3- يتجهمني : يطردني.

وَالسَّماواتُ ، وَانْكَشَفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، أَنْ لا تُمِيتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ ، لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ (1) ذلِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ، الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمَنَهً ، يا مَنْ عَفى عَنِ الْعَظِيمِ مِنَ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ ، يا مَنْ أَسْبَغَ النِّعْمَةَ بِفَضْلِهِ ، يا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ (2) بِكَرَمِهِ.

يا عُدَّتِي فِي كُرْبَتِي ، يا مُونِسِي فِي حُفْرَتِي ، يا وَلِيَّ نِعْمَتِي ، يا إِلهِي وَإِلهَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ الْعَظِيمِ (3) ، وَمُنْزِلَ كهيعص وَطه ، وَيس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ.

أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذاهِبُ فِي سَعَتِها ، وَتَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِرَحْبِها (4) ، وَلَوْ لا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْداءِ ، وَلَوْ لا نَصْرُكَ لِي لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلوبِينَ.

يا مَنْ خَصَّ نَفْسَه بِالسُّمُوِّ وَالرَّفْعَةِ ، وَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّةِ يَتَعَزَّزُونَ (5) ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ (6) عَلى أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ ، تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَغَيْبَ ما تَأْتِي بِهِ الْأَزْمانُ وَالدُّهُورُ.

يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلاّ هُوَ (7) ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما يَعْلَمُهُ إِلاَّ هُوَ ، يا مَنْ كَبَسَ (8) الْأَرْضَ عَلَى الْماءِ وَسَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ ، يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْماءِ ، يا ذَا

ص: 80


1- من قبل ( خ ل ).
2- الجزيل : الكثير.
3- في الأصل : القرآن العظيم ، ما أثبتناه من البلد الأمين.
4- بما رحبت ( خ ل ) ، رحب المكان : اتّسع.
5- يعتزون ( خ ل ).
6- نير المذلة : علائمهما.
7- يا من لا يعلم ما هو الاّ هو ( خ ل ).
8- كبس البئر : طمها بالتراب.

الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً.

يا مُقَيِّضَ (1) الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ ، وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً ، يا رادَّ يُوسُفَ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناه مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (2).

يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلاءِ عَنْ أَيُّوبَ ، يا مُمْسِكَ يَدِ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً ، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ.

يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، يا مَنْ لا يُعَجِّلُ (3) عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ (4) ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ ، يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ ، وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.

يَا اللّهُ يا بَدِيءُ لا بَدْءَ لَكَ ، يا دائِماً لا نَفادَ (5) لَكَ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا مُحْيِي الْمَوْتَى ، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي ، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي ، وَرَآنِي عَلَى الْمَعاصِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي (6).

يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي ، يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي ، يا مَنْ أَيادِيهِ (7) عِنْدِي لا تُحْصى ، يا مَنْ نِعَمُهُ عِنْدِي لا تُجازى ، يا مَنْ عارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالإِحْسانِ ، وَعارَضْتُهُ بِالإِساءَةِ وَالْعِصْيانِ ، يا مَنْ هَدانِي بِالإِيْمانِ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ.

ص: 81


1- مقيّض : مقدّر.
2- الكظيم بمعنى المكظوم وهو المملوّ كربا.
3- لم يعجل ( خ ل ).
4- جحد : أنكر.
5- النفاد : الانقطاع.
6- فلم يخزني ( خ ل ) ، وفي البلد الأمين : فلم يشهرني.
7- أياديه : نعمائه.

يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي ، وَعُرْياناً فَكَسانِي ، وَجائِعاً فَأَطْعَمَنِي ، وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي ، وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي ، وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي ، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي ، وَغائِباً فَرَدَّنِي ، وَمُقِلًّا فَأَعْنانِي ، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي ، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي ، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي.

فَلَكَ الْحَمْدُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي ، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي ، وَأَجابَ دَعْوَتِي ، وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَذُنُوبِي ، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي ، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي ، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ (1) لا أُحْصِيها يا مَوْلايَ.

أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ.

أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ. أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ ، تَبارَكْتَ رَبِّي (2) وَتَعالَيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ دائِماً ، وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً (3).

ثُمَّ أَنَا يا إِلهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي ، أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ ، أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ.

ص: 82


1- المنحة : العطية.
2- ربنا ( خ ل ).
3- واجبا ( خ ل ) ، أقول : واصبا : دائما.

إِلهِي (1) أَعْتَرِفُ بِنِعْمَتِكَ عِنْدِي ، وَأَبُوؤُهُ (2) بِذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي ، يا مَنْ لا تضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ صالِحاً بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ.

إِلهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ ، فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ (3) يا مَوْلايَ ، أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي ، أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي ، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ ، فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ.

يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآباءِ وَالأُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي ، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي ، وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي ، وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّى ، إِذاً ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي.

فَها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي ، خاضِعاً ذَلِيلاً حَقِيراً (4) ، لا ذُو بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ ، وَلا حُجَّةٍ لِي فَأَحْتَجَّ بِها ، وَلا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ (5) وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً.

وَما عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ فَيَنْفَعُنِي (6) ، وَكَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ [ عَمِلْتُ وَ ] (7) عَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِي عَنْ عَظائِمِ الأُمُورِ.

وَأَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لا يَجُورُ ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي ، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي ، فَانْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي يا مَوْلايَ (8) بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي

ص: 83


1- أنا يا الهي ( خ ل ).
2- أبوء به : اعترف به.
3- أستقيلك ( خ ل ).
4- حصيرا حقيرا ( خ ل ).
5- اجترح الشيء : اكتسبه.
6- ينفعني ( خ ل ).
7- من البلد الأمين.
8- يا إلهي ( خ ل ).

فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ سُبْحانَكَ انِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ الرَّاغِبِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ الْمُسَبِّحِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الْأَوَّلِينَ.

اللّهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً ، وَإِخْلاصِي لَكَ مُوَحِّداً ، وَإِقْرارِي بِآلائِكَ مُعَدِّداً ، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لا أُحْصِيها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها ، وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها ، إِلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَغَمَّدُنِي بِهِ مَعَها ، مُذْ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ ، مِنَ الإِغْناءِ بَعْدَ الْفَقْرِ وَكَشْفِ الضُّرِّ ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ ، وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ وَالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ.

وَلَوْ رَفَدَنِي (1) عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمِكَ عَلَيَّ جَمِيعُ الْعالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، لَما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ كَرِيمٍ رَحِيمٍ ، لا تُحْصى آلاؤُكَ ، وَلا يَبْلُغُ ثَناؤُكَ ، وَلا تُكافِئ نَعْماؤُكَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ إِذا دَعاكَ ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ ، وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.

يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعْطِنِي

ص: 84


1- رفده : أعانه.

فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ ، وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُوَلِّيها ، وَآلاءٍ تُجَدِّدُها ، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها ، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها ، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها ، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئَةٍ تَغْفِرُها ، إِنَّكَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى ، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ ، يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ ، وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي ، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي ، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي ، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي ، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ ، وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ وَاجْعَلْنا لَكَ شاكِرِينَ ، وَلِآلائِكَ ذاكِرِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ يا مَنْ مَلِكَ فَقَدَرَ ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ ، يا غايَةَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجِينَ ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ، وَوَسِعَ الْمُسْتَقْبِلِينَ (1) رَأْفَةً وَحِلْماً.

اللّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ ، وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، السِّراجِ الْمُنِيرِ ، الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلُ ذلِكَ يَا عَظِيمُ ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنَّا ، فَالَيْكَ عَجَّتِ (2) الْأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ ، وَاجْعَلْ لَنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً فِي كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَعافِيَةٍ تُجَلِّلُها ، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُها ، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ اقْلِبْنا فِي هذا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورينَ غانِمِينَ ،

ص: 85


1- في البلد الأمين والبحار : المستقيلين.
2- عجّت : ارتفعت.

وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطِينَ ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَلا تَرُدَّنا خائِبِينَ ، وَلا مِنْ (1) بابِكَ مَطْرُودِينَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطاياكَ قانِطِينَ ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ وَيا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.

اللّهُمَّ إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ (2) ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ ، فَأَعِنَّا عَلى مَنْسَكِنا وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا ، وَاعْفُ اللّهُمَّ عَنَّا وَعافِنا ، فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا ، وَهِيَ بِذِلَّةِ الاعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ ، اللّهُمَّ فَأَعْطِنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ ، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ ، مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ ، اقْضِ لَنا الْخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.

اللّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ وَدَوامَ الْيُسْرِ ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكِينَ ، وَلا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ ، وَتابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ ، وَتَنَصَّلَ (3) إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَغَفَرْتَها لَهُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اللّهُمَّ وَفِّقْنا وَسَدِّدْنا وَاعْصِمْنا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا.

يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ ، وَلا لَحْظِ الْعُيُونِ ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمِراتُ الْقُلُوبِ ، الا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ.

سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ ، وَعُلُوُّ الْجِدِّ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَالْفَضْلِ وَالإِنْعامِ وَالْأَيادِي الْجِسامِ وَأَنْتَ

ص: 86


1- عن ( خ ل ).
2- مؤمنين ( خ ل ).
3- تنصّل : تبرّأ.

الْجَوادُ الْكَرِيمُ ، الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ ، وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي ، وَآمِنْ خُوفِي ، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ لا تمكرْ بِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْذُلْنِي ، وَادْرَءْ (1) عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالانْسِ ، يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِ (2).

ومن الدعوات في يوم عرفة دعاء مولانا زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ، وهو من أدعية الصحيفة :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ مَأْلُوهٍ (3) ، وَخالِقَ كُلِّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ ، وَوارِثَ كُلِّ شَيْءٍ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَلا يَعْزُبُ (4) عَنْهُ عِلْمُ شَيْءٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ.

أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ ، الْفَرْدُ ، الدَّائِمُ الْمُتَفَرِّدُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ ، الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ.

ص: 87


1- ادرء : أسقط.
2- المألوه : المعبود من دونه تعالى.
3- لا يعزب : لا يغيب.
4- عنه البحار 98 : 216 - 227 ، أخرجه الكفعمي في البلد الأمين : 251 - 258 ، أقول : يوجد هنا في بعض النسخ المخطوطة زيادة ، ولا يوجد في النسخة المعتبرة من الكتاب.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْكَرِيمُ الاكْرَمُ ، الدَّائِمُ الادْوَمُ (1) ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ احَدٍ ، وَالْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الدَّانِي (2) فِي عُلُوِّهِ ، وَالْعالِي فِي دُنُوِّهِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَنْشَأْتَ الأَشْياءَ مِنْ غَيْرِ سِنْخٍ (3) وَصَوَّرْتَ ما صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثالٍ ، وَابْتَدَأْتَ الْمُبْتَدَعاتِ بِلَا احْتِذاءٍ (4).

وَأَنْتَ اللّهُ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً ، وَيَسَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَيْسِيراً ، وَدَبَّرْتَ ما دَبَّرْتَ تَدْبِيراً ، أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلى خَلْقِكَ شَرِيكٌ وَلَمْ يُوازِرْكَ (5) فِي امْرِكَ وَزِيرٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ مُشابِهٌ (6) وَلا نَظِيرٌ.

أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكانَ حَتْماً ما أَرَدْتَ ، وَقَضَيْتَ فَكانَ عَدْلاً ما قَضَيْتَ ، وَحَكَمْتَ فَكانَ نِصْفاً (7) ما حَكَمْتَ ، أَنْتَ الَّذِي لا يُحْوِيكَ (8) مَكانٌ ، وَلا يَقُومُ (9) لِسُلْطانِكَ سُلْطانٌ ، وَلَمْ يُعْيِكَ (10) بُرْهانٌ وَلا بَيانٌ ، أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ، وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَحَداً ، وَقَدَّرْتَ كُلِّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.

أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الأَوْهامُ عَنْ كَيْفِيَّتِهِ وَلَمْ تُدْرِكِ الأَبْصارُ مَوْضِعَ انِّيَّتِهِ (11) ، أَنْتَ الَّذِي لا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، وَلا تُمَثَّلُ فَتَكُونَ مَوْجُوداً (12) مَشْهُوداً ، وَلَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً.

ص: 88


1- وأنت اللّه لا إله إلاّ أنت العلي المتعال الشديد المحال ( خ ل ).
2- الداني : القريب.
3- السنخ : الأصل.
4- بلا احتذاء : بلا اقتداء.
5- يؤازرك : يعاونك.
6- مشاهد ( خ ل ).
7- نصفا : عدلا.
8- يحويك : يضمّك ويجمعك.
9- لم يقم ( خ ل ).
10- يعيك : يعجزك.
11- كيفيتك ، أينيتك ( خ ل ).
12- ممثلا ( خ ل ).

أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ لَكَ [ فَيُعانِدُكَ ] (1) وَلا عِدْلَ (2) لَكَ فَيُكاثِرُكَ ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضُكَ ، أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ وَاخْتَرَعَ ، وَاسْتَحْدَثَ ، وَابْتَدَعَ ، وَاحْسَنَ صُنْعَ ما صَنَعَ.

سُبْحانَكَ مِنْ لَطِيفٍ ما أَلْطَفَكَ ، وَرَءُوفٍ ما ارْافَكَ ، وَعَلِيمٍ (3) ما اعْرَفَكَ ، وَسُبْحانَكَ مِنْ مَنِيعٍ (4) ما امْنَعَكَ ، وَجَوادٍ ما اوْسَعَكَ ، وَرَفِيعٍ ما ارْفَعَكَ (5) ، سُبْحانَكَ بَسَطَتْ بِالْخَيْراتِ يَدُكَ ، وَعَرَفْتُ الْهِدايَةَ مِنْ عِنْدِكَ ، فَمَنْ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ اوْ دُنْيا وَجَدَكَ.

سُبْحانَكَ خَضَعَ لَكَ وَمَنْ جَرى فِي عِلْمِكَ (6) ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ ما دُونَ عَرْشِكَ ، وَانْقادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ ، سُبْحانَكَ لا تُحَسُ (7) وَلا تُمَسُّ ، وَلا تُكادُ وَلا تُماطُ (8) ، وَلا تُغالَبُ وَلا تُنازَعُ ، وَلا تُجارى (9) وَلا تُمارى ، (10) وَلا تُخادَعُ وَلا تُماكَرُ ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ.

سُبْحانَكَ قَوْلُكَ حُكْمٌ ، وَقَضاؤُكَ حَتْمٌ ، وَإِرادَتُكَ عَزْمٌ ، فَسُبْحانَكَ لا رادَّ لِمَشِيَّتِكَ ، يا (11) فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، بانِيَ الْمَسْمُوكاتِ (12) ، بارِئَ النَّسَماتِ (13).

ص: 89


1- من الصحيفة السجادية.
2- عديل ( خ ل ) ، أقول : العدل : المثل والنظير.
3- حكيم ( خ ل ).
4- مليك ( خ ل ).
5- ذي البهاء والمجد والكبرياء والجمال ( خ ل ).
6- حوى علمك ( خ ل ).
7- لا تحس : لا تفحص إخبارك.
8- لا تحاط ( خ ل ) ، أقول : لا تماط : لا تدفع ولا تبعد.
9- لا تجاري : لا تطاول ولا تغالب.
10- لا تماري : لا تجادل.
11- سبحانك باهر الآيات ( خ ل ).
12- سمك الشيء : رفعه ، المسموكات : السماوات.
13- بارئ النسمات : خالق النفوس.

لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوامِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً بِنِعْمَتِكَ (1) ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلى رِضاكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حامِدٍ ، وَحَمْداً يَقْصُرُ عَنْهُ (2) شُكْرُ كُلِّ شاكِرٍ ، حَمْداً لا يَنْبَغِي إِلاَّ لَكَ وَلا يُتَقَرَّبُ إِلاَّ إِلَيْكَ.

حَمْداً يُسْتَدامُ بِهِ الْأَوَّلُ وَيُسْتَدْعى بِهِ دَوامُ الْآخِرِ ، حَمْداً يَتَضاعَفُ عَلى كُرُورِ الْأَيّامِ ، وَيَتَزايَدُ أَضْعافاً مُتَرادِفَةً (3) ، حَمْداً يَعْجُزُ عَنْ إِحْصائِهِ الْحَفَظَةُ ، وَيَزِيدُ عَلى ما احْصَتْهُ فِي كِتابِكَ الْكَتَبَةُ ، حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ وَيُعادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ.

حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوابُهُ ، وَيَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزاءٍ جَزاؤُهُ ، حَمْداً ظاهِرُهُ وِفْقٌ لِباطِنِهِ ، وَباطِنُهُ وِفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ فِيهِ ، حَمْداً لَمْ يَحْمِدْكَ خَلْقٌ مِثْلُهُ ، وَلا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِواكَ فَضْلَهُ ، حَمْداً يَعْجُزُ (4) مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ ، وَيَزِيدُ عَلى مَنِ ادَّعى فِي تَرْفِيَتِهِ (5).

حَمْداً يَجْمَعُ ما خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ ، وَيَنْتَظِمُ ما أَنْتَ خالِقُهُ مِنْ بَعْدُ ، حَمْداً لا حَمْدَ اقْرَبُ الى قَوْلِكَ مِنْهُ ، وَلا حَمْدَ مِمَّنْ يَحْمِدُكَ بِهِ ، حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ ، تَصِلُهُ بَمَزِيدٍ (6) بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلاً مِنْكَ ، حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَيُقابِلُ عِزَّ جَلالِكَ.

رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِ (7) الْمُصْطَفى ، الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ ، افْضَلَ صَلَواتِكَ ، وَبارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكاتِكَ ، وَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ اسْبَغَ (8) رَحَماتِكَ.

ص: 90


1- يوازي بنعمتك ( خ ل ).
2- حمدا ينقضي عنه ( خ ل ).
3- مترادفة : متتابعة.
4- يعان ( خ ل ).
5- في الصحيفة : يؤيد من أغرق نزعا في توفيته.
6- يصادف مزيدا ( خ ل ).
7- المنتجب : المنتخب.
8- امتع ( خ ل ).

رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً زاكِيَةً (1) لا تَكُونُ صَلاةً أَزْكَى مِنْها ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلاةً راضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةً أَرْضى مِنْها ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُرْضِيهِ وَتَزِيدُ عَلى رِضاكَ لَهُ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجاوِزُ رِضْوانَكَ وَيَتَّصِلُ اتِّصالُها بِبَقاءِكَ (2) وَلا يُنْفَدُ كَما لا يَنْفَدُ كَلِماتُكَ.

وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تَنْتَظِمُ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَاهْلِ طاعَتِكَ ، وَتَجْتَمِعُ عَلى صَلَواتِ عِبادِكَ مِنْ جِنِّكَ وَانْسِكَ وَاهْلِ طاعَتِكَ ، وَتَشْتَمِلُ عَلى صَلاةِ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سالِفَةٍ وَمُسْتَأْنِفَةٍ (3).

صَلِّ اللّهُمَّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ صَلاةً مَرْضِيَّةً لَكَ وَلِمَنْ دُونَكَ ، وَتُنْشِئُ مَعَ ذلِكَ صَلَواتٍ تُضاعِفُ مَعَها تِلْكَ الصَّلَواتُ عِنْدَها ، وَتَزِيدُها عَلى كُرُورِ الأَيّامِ ، زِيادَةً فِي تَضاعِيف لا يَعُدُّها (4) غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَطايِبِ اهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لَامْرِكَ ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ ، وَحَفَظَةَ دِينِكَ ، وَخُلَفاءِكَ فِي ارْضِكَ ، وَحُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرادَتِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ الَيْكَ وَالْمَسْلَكَ الى جَنَّتِكَ.

رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً تُجْزِلُ (5) لَهُمْ بِها مِنْ نِحَلِكَ (6) وَكَرامَتِكَ وَنِعَمِكَ ، وَتُكْمِلُ (7) لَهُمْ بِهَا الْأَسْنى (8) مِنْ عَطاياكَ وَنَوافِلِكَ ، (9) وَتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ

ص: 91


1- زاكية : تامة مباركة.
2- بدوامك ( خ ل ).
3- مستأنفة : مبتدئة.
4- لا يحصيها ( خ ل ).
5- تجزل : تكثر.
6- تحفك ، نحلتك ( خ ل ) ، أقول : نحلك : عطياتك.
7- تكمل لهم بها الأشياء ( خ ل ).
8- أسنى : أعلى وارفع.
9- نوافلك : هباتك وغنائمك.

الْحَظَّ مِنْ عَوائِدِكَ وَفَوائِدِكَ.

رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً زِنَةَ عَرْشِكَ وَما دُونَهُ ، وَمِلءَ سَماواتِكَ وَما فَوْقَهُنَ (1) ، وَعَدَدَ أَرَضِيكَ وَما تَحْتَهُنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، صَلاةً تُقَرِّبِهُمْ مِنْكَ زُلْفى ، وَتَكُونُ لَهُمْ (2) رِضى وَمُتَّصِلَةً بِنَظائِرِهِنَّ ابَداً.

اللّهُمَّ انَّكَ ايَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوانٍ بِإِمامٍ اقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ ، وَمَناراً فِي بِلادِكَ ، بَعْدَ انْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ الى رِضْوانِكَ ، وَافْتَرَضْتَ طاعَتَهُ ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ ، وَامَرْتَ بِامْتِثالِ امْرِهِ (3) وَالانْتِهاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ ، وَانْ لا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ ، وَلا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاّئِذِينَ ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَعُرْوَةُ الْمُسْتَمْسِكِينَ (4) ، وَبَهاءُ (5) الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ فَاوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ ، وَأَوْزِعْنا مِثْلَهُ فِيهِ ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً ، وَاعِنْهُ بِرُكْنِكَ الأَعَزِّ ، وَاشْدُدْ ازْرَهُ ، وَقَوِّ عَضُدَهُ ، وَراعِهِ بِعَيْنِكَ ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الاغْلَبِ.

وَاقِمْ بِهِ كِتابَكَ وَحُدُودَكَ وَشَرائِعَكَ ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ (6) ، وَاحْيِ بِهِ ما أَماتَهُ الظَّالِمُونَ ، مِنْ مَعالِمِ دِينِكَ ، وَاجْلُ (7) بِهِ صَداءَ الْجَوْرِ عَنْ طَريقِكَ ، وَابِنْ بِهِ الضَّراءَ عَنْ سَبِيلِكَ ، وَازِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ (8) عَنْ صِراطِكَ ، وَامْحَقْ (9) بِهِ بُغاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً ، وَالِنْ جانِبَهُ لأوْلِياءِكَ ، وَابْسُطْ يَدَهُ

ص: 92


1- ما دونهن ( خ ل ).
2- لك ولهم ( خ ل ).
3- أوامره ( خ ل ).
4- المتمسّكين ( خ ل ).
5- زين ( خ ل ).
6- ورسوله صلواتك اللّهم عليه ( خ ل ).
7- أجل : اكشف.
8- الناكبين : العادلين عن القصد.
9- أمحق : امح وأهلك.

عَلى أَعْداءِكَ ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ ، وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ ، وَاجْعَلْنا لَهُ سامِعِينَ طائِعِينَ (1) ، وَفِي رِضاهُ ساعِينَ ، وَالى نُصْرَتِهِ وَالْمُدافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ (2) ، وَالَيْكَ وَالى رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اللّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذلِكَ مُتَقَرِّبِينَ.

اللّهُمَّ صَلِ (3) عَلَيْهِمْ وَعَلى أَوْلِيائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقامِهِمْ ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ ، الْمُقْتَفِينَ آثارَهُمْ ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمامَتِهِمْ ، الْمُسَلِّمِينَ لَامْرِهِمْ ، الْمُجْتَهِدِينَ فِي طاعَتِهِمْ ، الْمُنْتَظِرِينَ ايَّامَهُمْ الْمادِّينَ الَيْهِمْ اعْيُنَهُمْ ، وَاحْفَظْهُمْ بِالصَّلَواتِ الْمُبارَكاتِ الزَّاكِياتِ (4).

وَصَلِ (5) عَلَيْهِمْ وَعَلى أَرْواحِهِمْ ، وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى امْرَهُمْ ، وَاصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ (6) ، وَتُبْ عَلَيْهِمْ انَّكَ انْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغافِرِينَ ، وَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِي دارِ السَّلامِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ وَهذا يَوْمُ عَرَفَةَ ، يَوْمٌ كَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ (7) وَعَظَّمْتَهُ ، وَنَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ ، وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ ، وَاجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ ، وَتَفَضَّلْتَ فِيهِ عَلى عِبادِكَ.

اللّهُمَّ وَأَنا عَبْدُكَ الَّذِي انْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ (8) قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وَبَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ ، وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ ، وَادْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ ، وَارْشَدْتَهُ لِمُوالاةِ أَوْلِياءِكَ ، وَمُعاداةِ أَعْداءِكَ ، ثُمَّ امَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ ، وَزَجَرْتَهُ (9) فَلَمْ يَنْزَجِرْ ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، فَخالَفَ امْرَكَ الى نَهْيِكَ ، لا مُعانِدَةً لَكَ ، وَلا اسْتِكْباراً عَلَيْكَ.

ص: 93


1- مطيعين ( خ ل ).
2- مكتفين ( خ ل ) ، أقول : مكنفين : معينين ومحيطين.
3- وصل ( خ ل ).
4- الناميات الغاديات الرائحات ( خ ل ).
5- وصل وسلم ( خ ل ).
6- الشأن : الأمر والحال.
7- شرفته وكرمته ( خ ل ).
8- أنعمت عليه ( خ ل ).
9- زجرته : منعته.

بَلْ دَعاهُ هَواهُ الى ما نَهَيْتَهُ وَالى ما حَذَّرْتَهُ ، وَأَعانَهُ عَلى ذلِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ ، فَاقْدَمَ عَلَيْهِ خائِفاً لِوَعِيدِكَ (1) ، راجِياً لِعَفْوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ ، وَكانَ أَحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ (2) انْ لا يَفْعَلَ.

فَها انَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ صاغِراً (3) ، خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً ، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ ، وَجَلِيلٍ مِنَ الْخَطايا اجْتَرَمْتُهُ (4) ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ ، مُوقِناً انَّهُ لا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ ، وَلا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مانِعٌ.

فَعُدْ عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلى مَنِ اقْتَرَفَ (5) مِنْ تَغَمُّدِكَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلى مَنْ أَلْقى بِيَدِهِ الَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ انْ تَمُنَّ بِهِ عَلى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرانِكَ ، وَاجْعَلْ لِي فِي هذا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوانِكَ ، وَلا تَرُدَّنِي صِفْراً (6) مِمَّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُعْتَذِرُونَ الَيْكَ (7).

فَانِّي وَانْ لَمْ اقَدِّمْ ما قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحاتِ ، فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ وَنَفْيَ الأَضْدادِ وَالأَنْدادِ وَالأَشْباهِ عَنْكَ ، وَأَتَيْتُكَ مِنَ الأَبْوابِ الَّتِي امَرْتَ انْ يُؤْتى مِنْها ، وَتَقَرَّبْتُ الَيْكَ بِما لا يُتَقَرَّبُ بِهِ احَدٌ مِنْكَ الاَّ بِالتَّقَرُّبِ بِهِ.

ثُمَّ اتَّبَعْتُ ذلِكَ بِالإِنابَةِ الَيْكَ وَالتَّذَلُّلِ وَالاسْتِكانَةِ (8) لَكَ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ وَالثِّقَةِ بِما عِنْدَكَ ، وَشَفَعْتُهُ مِنْ رَجاءِكَ الَّذِي لا يَخِيبُ (9) عَلَيْكَ بِهِ راجِيكَ ، وَسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الذَّلِيلِ الْحَقِيرِ (10) الْبائِسِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ.

ص: 94


1- عارفا لوعيدك ( خ ل ).
2- مننت عليه ( خ ل ).
3- ذليلا ( خ ل ).
4- اجترمته : عملته.
5- تعود على من أسرف ( خ ل ).
6- صفرا : خاليا.
7- المتعبدون لك من عبادك ( خ ل ).
8- استكان : خضع وذل.
9- قلّ ما يخيب ( خ ل ).
10- الحقير الذليل ( خ ل ).

وَمَعَ ذلِكَ خِيفَةً وَتَضَرُّعاً ، وَتَعَوُّذاً ، لا مُتَعالِياً بِدالَّةِ (1) الْمُطِيعِينَ ، وَلا مُسْتَطِيلاً (2) بِشَفاعَةِ الشَّافِعِينَ ، وَانَا بَعْدَ ذلِكَ أَقَلُّ الاقَلِّينَ وَأَذَلُّ الاذَلِّينَ وَمِثْلُ الذَّرَّةِ اوْ دُونَها ، فَيَا مَنْ لا يُعاجِلُ (3) الْمُسِيئِينَ ، وَلا يُعافِصُ الْمُقْتَرِفِينَ (4) ، وَيا مَنْ يَمُنُّ بِإِقالَةِ (5) الْعاثِرِينَ ، وَيَتَفَضَّلُ إِنْظارَ الْخاطِئِينَ (6).

انَا الْمُسِيءُ الْمُعْتَرِفُ الْخاطِئُ (7) ، أَنَا الَّذِي اقْدَمُ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً ، أَنَا الَّذِي عَصاكَ مُتَعَمِّداً ، أَنَا الَّذِي اسْتَخْفى مِنْ خَلْقِكَ وَبارَزَكَ (8) ، أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ وَلَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ (9) ، انَا الْجانِي عَلى نَفْسِهِ ، انَا الْمُرْتَهِنُ بِبائِقَتِهِ (10) ، انَا الْقَلِيلُ الْحَباءُ ، انَا الطَّوِيلُ الْعَناءُ.

فَبِحَقِ (11) مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ وَمَنِ اصْطَفَيْتَ لِنَفْسِكَ ، وَبِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَمَنِ اجْتَبَيْتَ مِنْ عِبادِكَ ، وَبِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ (12) طاعَتَهُ بِطاعَتِكَ ، وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ (13) ، وَبِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِكَ ، وَمَنْ نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِكَ.

تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هذا بِما تَغَمَّدْتَ بِهِ مَنْ حارَ الَيْكَ مُتَنَصِّلاً ، وَعاذَ بِاسْتِغْفارِكَ تائِباً ، وَتَوَلَّنِي بِهِ اهْلُ طاعَتِكَ ، وَالزُّلْفى لَدَيْكَ ، وَالْمَكانَةِ مِنْكَ ،

ص: 95


1- بدالّة : بوثوق واتكال.
2- مستطيلا : مترفعا.
3- لم يعاجل ( خ ل ).
4- لم يغافص ( خ ل ) المترفين ( خ ل ).
5- الإقالة : المسامحة.
6- بإنظار : بإمهال.
7- العاثر ( خ ل ).
8- استحيي من عبادك وبارزك بالمعصية ( خ ل ).
9- بأسك : عذابك.
10- نفسي ، ببلية ( خ ل ).
11- بحق ( خ ل ).
12- وصلت : قرنت.
13- - معصيتك ( خ ل ).

وَتَوَحَّدْنِي (1) بِما تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفا بِعَهْدِكَ ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذاتِكَ ، وَأَجْهَدَها فِي مَرْضاتِكَ.

وَلا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ وَتَعَدِّي طَوْرِي (2) فِي حُدُودِكَ وَمُجاوَزَةِ أَحْكامِكَ ، وَلا تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلائِكَ (3) لِي اسْتِدْراجَ مَنْ يَمْنَعُنِي (4) خَيْرَ ما عِنْدَهُ ، وَنَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغافِلِينَ ، وَسَنَةِ الْمُسْرِفِينَ ، وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ.

وَخُذْ بِقَلْبِي الى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الطَّائِعِينَ (5) ، وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدِينَ ، وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهاوِنِينَ ، وَاعِذْنِي مِمَّا يُباعِدُنِي عَنْكَ ، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ ، وَيَصُدُّنِي عَمَّا أُحاوِلُ لَدَيْكَ.

وَسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْراتِ الَيْكَ ، وَالْمُسابَقَةِ إِلَيْها مِنْ حَيْثُ امَرْتَ ، وَالْمُسارَعَةِ (6) فِيها عَلى ما ارَدْتَ ، وَلا تَمْحَقْنِي فِيمَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِما اوْعَدْتَ ، وَلا تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ ، وَلا تُتَبِّرْنِي فِيمَنْ تُتَبِّرُ (7) مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سَبِيلِكَ (8).

وَنَجِّنِي مِنْ غَمَراتِ الْفِتْنَةِ ، وَخَلِّصْنِي مِنْ هَفَواتِ (9) الْبَلْوَى ، وَاجِرْنِي مِنْ اخْذِ الإِمْلاءِ ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّنِي ، وَهَوىً يُوبِقُنِي (10) ، وَمَنْقَصَةً تَرْهَقُنِي (11) ، وَلا تُعْرِضْ عَنِّي إِعْراضَ مَنْ لا تَرْضى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ ، وَلا تُؤْيِسْنِي مِنَ الأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَمْتَحِنِّي بِما لا طاقَةَ لِي

ص: 96


1- توحدني : خصّني.
2- تعدّي طوره : تجاوز حده.
3- املاءك : إمهالك.
4- منعني ( خ ل ).
5- القانتين ( خ ل ).
6- المشاحة ( خ ل ) ، المشاحّة : المنافسة.
7- تبرني فيمن تبير ( خ ل ) ، أقول : تتبرني : تدمّرني.
8- سبلك ( خ ل ).
9- لهوات ( خ ل ).
10- يوبقني : يهلكني.
11- ترهقني : تغشاني.

بِهِ فَتَبْهَظُنِي (1) بِما تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ.

وَلا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسالَ مَنْ لا خِيَرَةَ فِيهِ ، وَلا حاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ ، وَلا إِنابَةَ لَهُ ، وَلا تَرْمِ بِي رَبِّي مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رَعايَتِكَ ، وَمَنِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ ، بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقَطَةِ الْمُتَرَدِّينَ وَوَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ (2) وَزَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ وَوَرَطَةِ الْهالِكِينَ.

وَعافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقاتُ عَبِيدِكَ وَإِماءِكَ ، وَبَلِّغْنِي مَبالِغَ مَنْ عَنَيْتَ بِهِ وَانْعَمْتَ عَلَيْهِ ، فَاعَشْتَهُ حَمِيداً وَتَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً ، وَطَوِّقْنِي طَوْقَ الإِقْلاعِ عَمَّا يَحْبِطُ الْحَسَناتِ وَيُذْهِبُ بِالْبَرَكاتِ.

وَاشْعِرْ قَلْبِي الازْدِجارَ (3) عَنْ قَبائِحِ السَّيِّئاتِ وَفَواضِحِ الْحُوباتِ (4) ، وَلا تَشْغَلْنِي بِما لا ادْرِكُهُ الاَّ بِكَ عَمَّا لا يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ ، وَانْزَعْ مِنْ قَلْبِي حُبَّ دُنْيا دَنِيَّةٍ يَقْطَعُنِي (5) عَمَّا عِنْدَكَ ، وَيَصُدُّنِي عَنْ ابْتِغاءِ الْوَسِيلَةِ الَيْكَ وَيُذْهِلُنِي عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْكَ وَالتَّفَرُّدِ (6) بِمُناجاتِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَهَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ ، وَتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحارِمِكَ ، وَتَفُكُّنِي عَنْ اسْرِ الْعَظائِمِ ، وَهَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيانِ ، وَاذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ (7) الْخَطايا ، وَسَرْبِلْنِي بِسِرْبالِ (8) عافِيَتِكَ ، وَرَدِّنِي رِداءَ مُعافاتِكَ ، وَجَلِّلْنِي سَوابِغَ نَعْمائِكَ ، وَظاهِرْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ (9) وَطَوْلِكَ ، وَايِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وَتَسْدِيدِكَ (10).

ص: 97


1- تبهظني : تثقلني.
2- المتعسّفين : السالكين على غير هداية.
3- الانزجار ( خ ل ).
4- فضائح ( خ ل ) ، أقول : الحوبات : الآثام والخطيئات.
5- تنهى ( خ ل ).
6- وزيّن لي التفرد ( خ ل ).
7- رين ( خ ل ).
8- السربال : القميص.
9- ظاهر لديّ فضلك ( خ ل ).
10- سددني بتسديدك ( خ ل ) ، أقول : تسديدك : تقويمك.

وَاعِنِّي عَلى صالِحِ النِّيَّةِ وَمَرْضِيِّ الْقَوْلِ وَمُسْتَحْسِنِ الْعَمَلِ ، وَلا تَكِلْنِي الى حَوْلِي وَقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقاءِكَ ، وَلا تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِياءِكَ ، وَلا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ ، وَلا تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ ، بَلْ الْزِمْنِيهِ فِي أَحْوالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلاتِ الْجاهِلِينَ (1).

وَاوْزِعْنِي انْ اثْنِي عَلَيْكَ بِما اوْلَيْتَنِيهِ (2) ، وَاعْتَرِفُ بِما اسْدَيْتَهُ الَيَ (3) ، وَاجْعَلْ رَغْبَتِي الَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، وَحَمْدِي لَكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدِينَ ، وَلا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فاقَتِي الَيْكَ ، وَلا تَهْتِكْنِي بِما اسْرَرْتُهُ (4) لَدَيْكَ ، وَلا تُخَيِّبْنِي بِما جَنَيْتُ (5) لَكَ.

فَانِّي مُسْلِمٌ (6) ، اعْلَمُ انَّ الْحُجَّةَ لَكَ وَانْتَ أَوْلى بِالْفَضْلِ وَاعْوَدُ بِالإِحْسانِ ، وَاهْلُ التَّقْوى وَاهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، وَانَّكَ بِانْ تَعْفُو أَوْلى مِنْكَ بِانْ تُعاقِبَ ، وَانَّكَ بِانْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ الى انْ تَشْهَرَ.

فَاحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِكُلِّ ما أُرِيدُ وَتَبْلُغُ بِما (7) أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لا آتِي ما تَكْرَهُ ، وَلا ارْتَكِبُ ما نَهَيْتَ عَنْهُ ، وَامِتْنِي مَيْتَةَ مَنْ يَسْعى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَاعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ ، وَضَعْنِي (8) إِذا خَلَوْتُ بِكَ ، وَارْفَعْنِي بَيْنَ عِبادِكَ ، وَاغْنِنِي عَمَّنْ هُوَ غَنِيٌّ عَنِّي ، وَزِدْنِي الَيْكَ فاقَةً وَفَقْراً.

وَاعِذْنِي مِنْ شَماتَةِ الأَعْداءِ وَمِنْ حُلُولِ الْبَلاءِ ، وَمِنَ الذُّلِّ وَالْعِناءِ ، وَتَغَمَّدْنِي فِيمَا اطْلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِما يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَوْلا حِلْمُهُ ،

ص: 98


1- الخاطئين ( خ ل ).
2- أوليتنيه : أعطيتنيه.
3- أبوء بما أسديت ، لالائك ( خ ل ).
4- لا تهلكني بما أسديته ( خ ل ).
5- لا يجبهني بما جبهت ، جنيت ( خ ل ).
6- فانّي لك مسلم ( خ ل ).
7- تنتظم بما ، تبلغ ما ( خ ل ).
8- ضعني : اجعلني متواضعا.

وَالاخْذِ عَلَى الْجَرِيرَةِ (1) لَوْ لا أَناتُهُ ، وَإِذا ارَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً اوْ سُوءاً وَانَا فِيهِمْ ، فَنَجِّنِي مِنْهُمْ عَنْ إِرادَتِكَ ، وَإِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْياكَ ، فَلا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ.

وَاشْفَعْ (2) لِي أَوائِلَ مِنَنِكَ بِأَواخِرِها وَقَدِيمَ فَوائِدِكَ بِحَوادِثِها ، وَلا تُمْدِدْ لِي (3) مَدّاً يَقْسُوا مَعَهُ قَلْبِي وَلا تُقْرِعْنِي قارِعَةً (4) يَذْهَبُ بِها (5) بَهائِي ، وَلا تَسُمْنِي (6) خَسِيسَةً يَصْفر بِها (7) قَدْرِي ، وَلا تَرْعُنِي رَوْعَةً ابْلَسُ (8) بِها ، وَلا تَخِفْنِي خِيفَةً اوْجَسُ (9) بِها.

اجْعَلْ هَيْبَتِي (10) فِي وَعِيدِكَ ، وَحَذَرِي مِنْ إِعْذارِكَ وَإِنْذارِكَ ، وَرَهْبَتِي عِنْدَ تِلاوَةِ كِتابِكَ (11) ، وَاعِنِّي بِانْقِطاعِي فِيهِ لِعِبادَتِكَ ، وَتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ ، وَتَجْرِيدِي عِنْدَ شُكْرِي لَكَ ، وَإِنْزالِ حَوائِجِي بِبابِكَ (12) ، وَمُنازَلَتِي إِيَّاكَ (13) فِي فَكاكِ رَقَبَتِي مِنْ نارِكَ ، وَإِجارَتِي مِمَّا فِيهِ أَهْلُها مِنْ عَذابِكَ.

وَلا تَذَرْنِي فِي طُغْيانِي عامِهاً (14) ، وَلا فِي غَمْرَتِي ساهِياً حَتّى حِينَ ، وَلا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ، وَلا نَكالاً لِمَنِ اعْتَبَرَ وَلا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ ، وَلا تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ تَمْكُرُ بِهِ ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي ، وَلا تُغَيِّرْ لِي اسْماً ، وَلا تُبَدِّلْ لِي

ص: 99


1- الجريرة : الجناية والذنب.
2- أخراك ( خ ل ) ، فاشفع ( خ ل ).
3- لا تمدد لي : لا تمهلني.
4- القارعة : الداهية.
5- لها ( خ ل ).
6- لا تسمني : لا تلزمني.
7- لها ( خ ل ).
8- أبلس : آيس.
9- أوجس : أحسّ.
10- دونها ، بل اجعل ( خ ل ).
11- آياتك ( خ ل ).
12- تجرّدي بسكوني إليك ، وانزالي في الآمال بك ( خ ل ).
13- منازلتي إياك : مراجعتي إياك وسؤالي مرة بعد مرة.
14- عامها : مترددا ومتحيرا.

جِسْماً ، وَلا تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ (1) ، وَلا تَجْعَلْنِي مُتَحَيِّراً إِلاَّ الَيْكَ ، وَلا مُتَّبِعاً إِلا لِمَرْضاتِكَ ، وَلا مُرْتَهِناً (2) الاَّ بِالانْتِقامِ لَكَ.

وَاوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَرَوْحِكَ وَرَيْحانِكَ (3) وَجَنَّةَ نَعِيمِكَ ، وَاذِقْنِي طَعْمَ الْفَراغِ لِما تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ ، وَالاجْتِهادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وَعِنْدَكَ ، وَاتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفاتِكَ.

وَاجْعَلْ تِجارَتِي رابِحَةً ، وَكَرَّتِي غَيْرَ خاسِرَةٍ ، وَاخِفْنِي مَكانَكَ (4) ، وَشَوِّقْنِي الى لِقاءِكَ ، وَتُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً لا تَبْقى (5) مَعَها ذُنُوباً ، صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ، وَلا تَذَرْ (6) مَعَها (7) عَلانِيَةً وَلا سَرِيرَةً ، وَانْزَعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَاعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخاشِعِينَ ، وَكُنْ لِي كَما تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ ، وَالْبِسْنِي حِلْيَةَ (8) الْمُتَّقِينَ.

وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْغابِرِينَ ، وَذِكْراً باقِياً (9) فِي الْآخِرِينَ ، وَتَمِّمْ لِي سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَظاهِرْ نَعْماكَ وَكَراماتِها (10) لَدَيَ (11) ، وَسُقْ كَرائِمَ (12) مَواهِبِكَ الَيَّ ، وَجاوِرْ بِيَ الاطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِياءِكَ فِي الْجِنانِ الَّتِي زَيَّنْتَها (13) لَاصْفِياءِكَ وَانْحَلْنِي شَرائِفَ نِحلِكَ (14) فِي الْمَقاماتِ الْمُعِدَّةِ لَاحِبّائِكَ.

ص: 100


1- ولا سخريا لك ( خ ل ).
2- تبعا الا مرضاتك ولا ممتهنا ( خ ل ).
3- روحك وريحانك : رحمتك ورزقك الطيب.
4- مقامك ( خ ل ).
5- لا تبق ( خ ل ).
6- لا تذر : لا تترك.
7- بها ( خ ل ).
8- زينة ( خ ل ).
9- ناميا ( خ ل ).
10- كراماتك ( خ ل ).
11- إملاء من فوائدك يدي ( خ ل ).
12- الكرائم : النفائس.
13- رتبتها ( خ ل ).
14- نحلك : عطاياك.

وَاجْعَلْ لِي مَقِيلاً آوى إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً وَمَثابَةً أَتَبَوَّؤُها وَأَقَرُّ عَيْناً ، وَلا تُناقِشْنِي (1) بِعَظِيماتِ الْجَرائِرِ ، وَلا تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرِ ، وَازِلْ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ ، وَاجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً الى (2) كُلِّ رَحْمَةٍ ، وَاجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَواهِبِ مِنْ نَوالِكَ وَوَفِّرْ عَلَيَّ حُظُوظَ الإِحْسانِ مِنْ إِفْضالِكَ.

وَاجْعَلْ قَلْبِي واثِقاً بِما عِنْدَكَ وَهَمِّي مُسْتَفْرِغاً لِما هُوَ لَكَ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ خاصَّتَكَ (3) ، وَاشْرِبْ (4) قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقُولِ (5) طاعَتَكَ ، وَاجْمَعْ لِيَ الْغِنى وَالْعِفافَ وَالدَّعَةَ (6) وَالْمُعافاةَ وَالصِّحَّةَ وَالسَّعَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ وَالْعافِيَةَ.

وَلا تُحْبِطْ حَسَناتِي بِما يَشُوبُها مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَلا خَلَواتِي بِما يَعْرضُ لِي مَعَها مِنْ نَزَعاتِ فِتْنَتِكَ ، وَصُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ الى احَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ ، وَذُبَّنِي (7) عَنْ الْتِماسِ ما عِنْدَ الْفاسِقِينَ ، وَلا تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً (8) وَلا لَهُمْ عَلى مَحْوِ كِتابِكَ يَداً (9) وَلا نَصِيراً ، وَحُطْنِي (10) مِنْ حَيْثُ اعْلَمُ وَمِنْ حَيثُ لا اعْلَمُ ، حِياطَةً تَقِينِي بِها.

وَافْتَحْ لِي أَبْوابَ تَوْبَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرَأْفَتِكَ وَرِزْقِكَ الْواسِعِ انِّي الَيْكَ مِنَ الرَّاغِبِينَ ، وَاتْمِمْ لِي (11) إِنْعامَكَ انَّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ. وَاجْعَلْ باقِي عُمْرِي فِي

ص: 101


1- فأقرّ عينا ولا تقايسني ( خ ل ).
2- من ( خ ل ).
3- تستعمل به خالصتك ( خ ل ).
4- اشرب : أمزج.
5- العقول ( خ ل ).
6- الدعة : الراحة وخفض العيش.
7- ذبني : امنعني وادفعني.
8- ظهيرا : منيعا.
9- مؤيدا ( خ ل ).
10- حطني : احفظني.
11- على ( خ ل ).

الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ ، يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى (1) مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ الأَبْرارِ الأَخْيارِ ، وَالسَّلامُ (2) عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (3).

ومن أدعية يوم عرفة دعاء علي بن الحسين عليه السلام للموقف ، وهو :

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَأَنْتَ اللّهُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ الدَّائِبُ فِي غَيْرِ وَصَبٍ (4) وَلا نَصَبٍ (5) ، وَلا يَشْغَلُكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذابِكَ ، وَلا عَذابُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ.

خَفَيْتَ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ ، وَظَهَرْتَ فَلا شَيْءَ فَوْقَكَ ، وَتَقَدَّسْتَ فِي عُلُوِّكَ ، وَتَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِياءِ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّماءِ ، وَقَوَّيْتَ (6) فِي سُلْطانِكَ ، وَدَنَوْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي ارْتِفاعِكَ ، وَخَلَقْتَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِكَ ، وَقَدَّرْتَ الأُمُورَ بِعِلْمِكَ ، وَقَسَّمْتَ الْأَرْزاقَ بِعَدْلِكَ.

وَنَفَذَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ ، وَحارَتِ الْأَبْصارُ دُونَكَ ، وَقَصُرَ دُونَكَ طَرْفُ كُلِّ طارِفٍ ، وَكَلَّتِ (7) الْأَلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ ، وَغَشِيَ بَصَرُ كُلِّ ناظِرٍ نُورَكَ ، وَمَلأْتَ بِعَظِمَتِكَ أَرْكانُ عَرْشِكَ.

وَابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثالٍ نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ سَبَقَكَ إِلى صَنْعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَمْ تُشارَكْ فِي خَلْقِكَ ، وَلَمْ تَسْتَعِنْ بِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكَ ، وَلَطُفْتَ فِي عَظَمَتِكَ ، وَانْقادَ لِعَظَمَتِكَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَذَلَّ لِعِزَّتِكَ كُلُّ شَيْءٍ.

ص: 102


1- صل على ( خ ل ).
2- صلّ على ، والسلام عليه وعليهم أبد الأبدين ( خ ل ).
3- الدعاء : 47 من الصحيفة السجادية ، رواه عنه البلد الأمين : 483 ، مصباح الكفعمي : 671 ، ينابيع المودة : 505 مختصرا ، اتحاف السادة المتقين 4 : 480 ، عنه إحقاق الحق 12 : 46 ، أورده في الصحيفة السجادية الجامعة : 316 ، الدعاء : 147.
4- وصب : وجع ومرض.
5- نصب : تعب واعيا.
6- قويت : غلبت.
7- كلت : أعيت وعجزت.

اثْنِي عَلَيْكَ يا سَيِّدِي وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ فِي مِدْحَتِكَ ثَنائِي مَعَ قِلَّةِ عِلْمِي وَقِصَرِ رَأْيِي ، وَأَنْتَ يا رَبِّ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَأَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ ، وَأَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْخاطِئُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ لا تَمُوتُ ، وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ.

يا مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ وَدَبَّرَ الأُمُورَ ، فَلَمْ يُقايِس شَيْئاً بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلى خَلْقِهِ بِغَيْرِهِ.

ثُمَّ أَمْضَى الأُمُورَ عَلى قَضائِهِ وَأَجَّلَها إِلى أَجَلٍ مُسَمّى ، قَضى فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَدَلَ فِيها بِفَضْلِهِ ، وَفَصَلَ فِيها بِحُكْمِهِ ، وَحَكَمَ فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَلِمَها بِحِفْظِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ مُنْتَهاها إِلى مَشِيَّتِهِ ، وَمُسْتَقَرَّها إِلى مَحَبَّتِهِ ، وَمَواقِيتَها إِلى قَضائِهِ.

لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلا رادَّ لِقَضائِهِ ، وَلا مُسْتَزاحَ عَنْ أَمْرِهِ ، وَلا مَحِيصَ (1) لِقَدَرِهِ ، وَلا خُلْفَ لِوَعْدِهِ ، وَلا مُتَخَلِّفَ عَنْ دَعْوَتِهِ ، وَلا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ طَلبَهُ ، وَلا يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرادَهُ ، وَلا يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَعَلَهُ ، وَلا يَكْبُرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ صَنَعَهُ ، وَلا يَزِيدُ فِي سُلْطانِهِ طاعَةُ مُطِيعٍ ، وَلا يَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ عاصٍ ، وَلا يَتَبَدَّلُ الْقولُ لَدَيْهِ ، وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً.

الَّذِي مَلَكَ الْمُلُوكُ بِقُدْرَتِهِ ، وَاسْتَعْبَدَ الْأَرْبابُ بِعِزِّةِ (2) ، وَسادَ الْعُظَماءُ بِجُودِهِ ، وَعَلَا السَّادَةُ بِمَجْدِهِ ، وَانْهَدَّتِ (3) الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِهِ ، وَعَلا أَهْلُ السُّلْطانِ بِسُلْطانِهِ وَرُبُوبيَّتِهِ ، وَأَبادَ (4) الْجَبابِرَةُ بِقَهْرِهِ ، وَأَذَلَّ الْعُظَماءُ بِعِزِّةِ ، وَأَسَّسَ الأُمُورَ بِقُدْرَتِهِ ، وَنَبَا الْمَعالِيَ بِسُؤْدَدِهِ (5) ، وَتَمَجَّدَ بِفَخْرِهِ ، وَفَخَرَ بِعِزِّةِ ، وَعَزَّ بِجَبَرُوتِهِ ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ بِرَحْمَتِهِ.

إِيَّاكَ أَدْعُو ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ ، وَمِنْكَ أَطْلُبُ ، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ ، يا غايَةَ

ص: 103


1- لا محيص : لا مفرّ.
2- بعزته ( خ ل ).
3- انهدت : انحطت وانكسرت.
4- اباد : أهلك.
5- السؤدد : الرفعة والشرف.

الْمُسْتَضْعَفِينَ ، يا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَمُعْتَمَدَ الْمُضْطَهِدِينَ ، وَمُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ، وَمُثِيبَ الصَّابِرِينَ ، وَعِصْمَةَ الصَّالِحِينَ ، وَحِرْزَ الْعارِفِينَ ، وَأَمانَ الْخائِفِينَ ، وَظَهْرَ اللاَّجِينَ ، وَجارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَطالِبَ الْغادِرِينَ ، وَمُدْرِكَ الْهارِبِينَ ، وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَخَيْرَ النَّاصِرِينَ ، وَخَيْرَ الْفاصِلِينَ ، وَخَيْرَ الْغافِرِينَ ، وَأَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَأَسْرَعَ الْحاسِبِينَ.

لا يُمْتَنَعُ مِنْ بَطْشِهِ ، وَلا يُنْتَصَرُ مِنْ عِقابِهِ ، وَلا يُحْتالُ لِكَيْدِهِ (1) ، وَلا يُدْرَكُ عِلْمُهُ ، وَلا يُدْرَءُ (2) مُلْكُهُ ، وَلا يُقْهَرُ عِزُّهُ ، وَلا يُذَلُّ اسْتِكْبارُهُ ، وَلا يُبْلَغُ جَبَرُوتُهُ ، وَلا تَصْغُرُ عَظَمَتُهُ ، وَلا يَضْمَحِلُّ فَخْرُهُ ، وَلا يَتَضَعْضَعُ رُكْنُهُ ، وَلا تُرامُ قُوَّتُهُ ، الْمُحْصِي لِبَرِيَّتِهِ ، الْحافِظِ أَعْمالَ خَلْقِهِ.

لا ضِدَّ لَهُ وَلا نِدَّ (3) لَهُ ، وَلا وَلَدَ لَهُ وَلا صاحِبَةَ لَهُ ، وَلا سَمِيَّ لَهُ وَلا كُفْوَ لَهُ ، وَلا قَرِيبَ لَهُ وَلا شَبِيهَ لَهُ وَلا نَظِيرَ لَهُ وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ، وَلا يَبْلُغُ شَيْءٌ مَبْلَغَهُ ، وَلا يَقْدِرُ شَيْءٌ قُدْرَتَهُ ، وَلا يُدْرِكُ شَيْءٌ أَثَرَهُ ، وَلا يَنْزِلُ شَيْءٌ مَنْزِلَتَهُ ، وَلا يُدْرِكُ شَيْءٌ أَحْرَزَهُ ، وَلا يَحُولُ دُونَهُ شَيْءٌ.

بَنَى السَّماواتِ فَأَتْقَنَهُنَّ وَما فِيهِنَّ بِعَظَمَتِهِ ، وَدَبَّرَ أَمْرَهُ تَدْبِيراً فِيهِنَّ بِحِكْمَتِهِ ، وَكانَ كَما هُوَ أَهْلُهُ لا بِأَوَّلِيَّةٍ قَبْلَهُ ، وَكانَ كَما يَنْبَغِي لَهُ ، يَرى وَلا يُرى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلانِيَةَ.

وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ، وَلَيْسَ لِنَقِمَتِهِ واقِيَةٌ ، يَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى وَلا تُحَصِّنُ مِنْهُ الْقُصُورُ ، وَلا تُجِنُ (4) مِنْهُ السُّتُورُ ، وَلا تَكِنُ (5) مِنْهُ الْجُدُورُ ، وَلا تُوارِي مِنْهُ الْبُحُورُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

ص: 104


1- كيده : مكره.
2- يدرأ : يدفع.
3- الندّ : النظير.
4- تجنّ : تستر.
5- تكنّ : تخفى.

يَعْلَمُ هَماهِمَ (1) الْأَنْفُسِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَوَساوِسَها وَنِيَّاتِ الْقُلُوبِ ، وَنُطْقَ الْأَلْسُنِ وَرَجْعَ الشِّفاهِ ، وَبَطْشَ الْأَيْدِي ، وَنَقْلَ الْأَقْدامِ ، وَخائِنَةَ الْأَعْيُنِ ، وَالسِّرَّ وَأَخْفى وَالنَّجْوى (2) وَما تَحْتَ الثَّرى ، وَلا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، وَلا يُفَرِّطُ فِي شَيْءٍ ، وَلا يَنْسى شَيْئاً لِشَيْءٍ.

أَسْأَلُكَ يا مَنْ عَظُمَ صَفْحُهُ ، وَحَسُنَ صُنْعُهُ ، وَكَرُمَ عَفْوُهُ ، وَكَثُرَتْ نِعْمَتُهُ ، وَلا يُحْصى إِحْسانُهُ وَجَمِيلُ بَلائِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي الَّتِي أَفْضَيْتُ بِها إِلَيْكَ ، وَقُمْتُ بِها بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَأَنْزَلْتُها بِكَ ، وَشَكَوْتُها إِلَيْكَ ، مَعَ ما كانَ مِنْ تَفْرِيطِي فِيما أَمَرْتَنِي بِهِ ، وَتَقْصِيرِي فِيما نَهَيْتَنِي عَنْهُ.

يا نُورِي فِي كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيا انْسِي فِي كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَيا ثِقَتِي فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ ، وَيا رَجائِي فِي كُلِّ كُرْبَةٍ ، وَيا وَلِيِّي فِي كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَيا دَلِيلِي فِي الظُّلامِ ، أَنْتَ دَلِيلِي إِذَا انْقَطَعَتْ دِلالَةُ الْأَدِلاّءِ ، فَانَّ دِلالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، لا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ وَلا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ.

أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأَسْبَغْتَ (3) ، وَرَزَقْتَنِي فَوَفَّرْتَ ، وَوَعَدْتَنِي فَأَحْسَنْتَ ، وَأَعْطَيْتَنِي فَأَجْزَلْتَ (4) ، بِلَا اسْتِحْقاقٍ لِذلِكَ بِعَمَلٍ مِنِّي وَلكِنْ ابْتِداءً مِنْكَ بِكَرَمِكَ وَجُودِكَ ، فَأَنْفَقْتُ نِعْمَتَكَ فِي مَعاصِيكَ ، وَتَقَوَّيْتُ بِرِزْقِكَ عَلى سَخَطِكَ ، وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِيما لا تُحِبُّ ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ، وَرُكُوبِي ما نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَدُخُولِي فِيما حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ عُدْتُ فِي مَعاصِيكَ.

فَأَنْتَ الْعائِدُ بِالْفَضْلِ ، وَأَنَا الْعائِدُ فِي الْمَعاصِي ، وَأَنْتَ يا سَيِّدِي خَيْرُ الْمَوالِي لِعَبِيدِةِ ، وَأَنَا شَرُّ الْعَبِيدِ ، أَدْعُوكَ فَتُجِيبُنِي ، وَأَسْأَلُكَ فَتُعْطِينِي ،

ص: 105


1- الهماهم : الخفايا.
2- النجوى : اسرار الحديث.
3- أسبغت : وسعت.
4- أجزلت : أكثرت.

وَأَسْكَتُّ عَنْكَ فَتَبْتَدِئُنِي ، وَأَسْتَزِيدُكَ فَتَزِيدُنِي ، فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنَا لَكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ.

أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ أُسِيءُ وَتَغْفِرُ ، وَلَمْ أَتَعَرَّضُ لِلْبَلاءِ وَتُعافِينِي ، وَلَمْ ازَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْهَلَكَةِ وَتُنْجِينِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَضِيعُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فِي تَقَلُّبِي (1) فَتَحْفِظُنِي ، فَرَفَعْتَ خَسِيسَتِي ، وَأَقَلْتَ عَثْرَتِي (2) وَسَتَرْتَ عَوْرَتِي ، وَلَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي ، وَلَمْ تُنَكِّسْ بِرَأْسِي عِنْدَ إِخْوانِي ، بَلْ سَتَرْتَ عَلَيَّ الْقَبائِحَ الْعِظامَ ، وَالْفَضائِحَ الْكِبارَ ، وَأَظْهَرْتَ حَسَناتِيَ الْقَلِيلَةَ الصِّغارَ ، مَنّاً مِنْكَ عَلَيَّ ، وَتَفَضُّلاً وَإِحْساناً ، وَإنْعاماً وَاصْطِناعاً.

ثُمَّ أَمَرْتَنِي فَلم أَئْتَمِرْ (3) ، وَزَجَرْتَنِي فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، وَلَمْ أَشْكُرْ نِعْمَتَكَ ، وَلَمْ أَقْبَلْ نَصِيحَتَكَ. وَلَمْ أُؤَدِّ حَقَّكَ ، وَلَمْ أَتْرُكْ مَعاصِيكَ ، بَلْ عَصَيْتُكَ بِعَيْنِي وَلَوْ شِئْتَ أَعْمَيْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِسَمْعِي وَلَوْ شِئْتَ أَصْمَمْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِيَدِي ، وَلَوْ شِئْتَ لَكَنَعْتَنِي (4) فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِرِجْلِي وَلَوْ شِئْتَ جَذَمْتَنِي (5) فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِفَرْجِي وَلَوْ شِئْتَ لَعَقَمْتَنِي فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِجَمِيعِ جَوارِحِي وَلَمْ يَكُ هذا جَزاؤُكَ مِنِّي ، فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ.

فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ الْمُقِرُّ بِذَنْبِي ، الْخاشِعُ بِذُلِّي ، الْمُسْتَكِينُ لَكَ بِجُرْمِي ، مُقِرٌّ لَكَ بِجِنايَتِي ، مُتَضَرِّعٌ إِلَيْكَ ، راجٍ لَكَ فِي مَوْقِفِي هذا ، تائِبٌ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِي وَمِنْ اقْتِرافِي (6) ، وَمُسْتَغْفِرٌ لَكَ مِنْ ظُلْمِي لِنَفْسِي ، راغِبٌ إِلَيْكَ فِي فَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَمُبْتَهِلٌ إِلَيْكَ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْمَعاصِي.

ص: 106


1- تقلّبي : انتقالي وتحولي.
2- عثرتي : غفرت خطيئتي.
3- أئتمر : امتثل.
4- كنعتني : قطعت أو شللت يدي.
5- جذمتني : قطعت رجلي.
6- الاقتراف : الاكتساب.

طالِبٌ إِلَيْكَ أَنْ تُنْجِحَ لِي حَوائِجِي ، وَتُعْطِينِي فَوْقَ رَغْبَتِي ، وَأَنْ تَسْمَعَ نِدائِي ، وَتَسْتَجِيبَ دُعائِي ، وَتَرْحَمَ تَضَرُّعِي وَشَكْوايَ ، وَكَذلِكَ الْعَبْدُ الْخاطِئُ يَخْضَعُ لِسَيِّدِهِ ، وَيَخْشَعُ لِمَوْلاهُ بِالذُّلِّ.

يا أَكْرَمَ مَنْ أَقَرَّ لَهُ كُلٌّ بِالذُّنُوبِ ، وَأَكْرَمَ مَنْ خُضِعَ لَهُ وَخُشِعَ ، ما أَنْتَ صانِعٌ بِمُقِرٍّ لَكَ بِذَنْبِهِ ، خاضِعٍ لَكَ بِذُلِّهِ ، فَانْ كانَتْ ذُنُوبِي قَدْ حالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ ، وَتَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ ، وَتُنْزِلَ عَلَيَّ شَيْئاً مِنْ بَرَكاتِكَ ، وَتَرْفَعَ لِي إِلَيْكَ صَوْتاً أَوْ تَغْفِرَ لِي ذَنْباً ، أَوْ تَتَجاوَزَ عَنْ خَطِيئَةٍ (1).

فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ مُسْتَجِيراً بِكَرَمِ وَجْهِكَ ، وَعِزِّ جَلالِكَ ، وَمُتَوَجِّهاً إِلَيْكَ ، وَمُتَوَسِّلاً إِلَيْكَ ، وَمُتَقَرِّباً إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَأَكْرَمِهِمْ لَدَيْكَ ، وَأَوْلاهُمْ بِكَ ، وَأَطْوَعِهِمْ لَكَ ، وَأَعْظَمِهِمْ مِنْكَ مَنْزِلَةً ، وَعِنْدَكَ مَكاناً ، وَبِعِتْرَتِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ ، الَّذِينَ افْتَرَضْتَ طاعَتَهُمْ ، وَأَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ وُلاةَ الْأَمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ.

يا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ ، وَيا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيلٍ ، قَدْ بَلَغَ مَجْهُودِي ، فَهَب لِي نَفْسِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ بِرَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ لا قُوَّةَ لِي عَلى سَخَطِكَ ، وَلا صَبْرَ لِي عَلى عَذابِكَ ، وَلا غِناً بِي عَنْ رَحْمَتِكَ ، تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُ غَيْرِي ، وَلا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرُكَ ، وَلا قُوَّةَ لِي عَلَى الْبَلاءِ وَلا طاقَةَ لِي عَلَى الْجُهْدِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبِآلِةِ الطَّاهِرِينَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْأَئِمَّةِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِسِرِّكَ ، وَأَطْلَعْتَهُمْ عَلى وَحْيِكَ (2) ، وَاخْتَرْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ وَخَلَّصْتَهُمْ ، وَاصْطَفَيْتَهُمْ وَصَفَّيْتَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ هُداةً مَهْدِيِّينَ ، وَائْتَمَنْتَهُمْ عَلى وَحْيِكَ ، وَعَصَمْتَهُمْ عَنْ مَعاصِيكَ ، وَرَضَيْتَهُمْ لِخَلْقِكَ ، وَخَصَصْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَاجْتَبَيْتَهُمْ وَحَبَوْتَهُمْ وَجَعَلْتَهُمْ حُجَجاً عَلى خَلْقِكَ ،

ص: 107


1- خطيئته ( خ ل ).
2- في المصباح : خفيك.

وَأَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ وَلَمْ تُرَخِّصْ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَتِهِمْ ، وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ عَلى مَنْ بَرَأْتَ (1) ، وَأَتَوَسَّلُ بِهِمْ إِلَيْكَ فِي مَوْقِفِي الْيَوْمَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ خِيارِ وِفْدِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ صُراخِي وَاعْتِرافِي بِذَنْبِي وَتَضَرُّعِي وَارْحَمْ طَرْحِي رَحْلِي بِفِنائِكَ ، وَارْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ ، يا أَكْرَمَ مَنْ سُئِلَ ، يا عَظِيماً يُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الْعَظِيمَ إِلاَّ الْعَظِيمُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، يا رَبَّ الْمُؤْمِنِينَ ، لا تَقْطَعْ رَجائِي ، يا مَنّانُ مُنَّ عَلَيَّ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ لا يَخِيبُ سائِلَهُ لا تَرُدَّنِي ، يا عَفُوُّ اعْفُ عَنِّي ، يا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ ، وَاقْبَلْ تَوْبَتِي يا مَوْلايَ ، حاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَبِهِمُ الْيَوْمَ فَاسْتَنْقِذْنِي ، يا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ ، يا مَنْ يُجْزِي عَلَى الْعَفْوِ ، يا مَنْ يَعْفُو ، يا مَنْ رَضِيَ بِالْعَفْوِ ، يا مَنْ يُثِيبُ عَلَى الْعَفْوِ ، الْعَفْوَ الْعَفْوَ - يقولها عشرين مرة - أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ الْعَفْوَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ.

هذا مَكانُ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، هذا مَكانُ الْمُضْطَرِّ إِلى رَحْمَتِكَ ، هذا مَكانُ الْمُسْتَجِيرِ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، هذا مَكانُ الْعائِذِ بِكَ مِنْكَ ، أَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَمِنْ فُجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، يا أَمَلِي يا رَجائِي يا خَيْرَ مُسْتَغاثٍ ، يا أَجْوَدَ الْمُعْطِينَ ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ.

يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، وَرَجائِي وَثِقَتِي وَمُعْتَمَدِي ، وَيا ذُخْرِي وَظَهْرِي وَعُدَّتِي ، وَغايَةَ أَمَلِي وَرَغْبَتِي ، يا غِياثِي يا وارِثِي ، ما أَنْتَ صانِعٌ بِي فِي هذا الْيَوْمِ الَّذِي فَزعْتُ فِيهِ إِلَيْكَ ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الْأَصْواتُ.

ص: 108


1- برأت : خلقت.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْلِبَنِي (1) فِيهِ مُفْلِحاً مُنْجِحاً بِأَفْضَلِ ما انْقَلَبَ بِهِ مِنْ رَضِيتَ عَنْهُ ، وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ وَقَبِلْتَهُ ، وَأَجْزَلْتَ حَباهُ (2) وَغَفَرْتَ ذُنُوبَهُ وَأَكْرَمْتَهُ وَلَمْ تَسْتَبْدِلْ بِهِ سِواهُ ، وَشَرَّفْتَ مَقامَهُ وَباهَيْتَ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ ، وَقَلَبْتَهُ بِكُلِّ حَوائِجِهِ ، وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَماتِ حَياةً طَيِّبَةً ، وَخَتَمْتَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَأَلْحَقْتَهُ بِمَنْ تَوَلاّهُ.

اللّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ وافِدٍ جائِزَةٌ وَلِكُلِّ زائِرٍ كَرامَةٌ ، وَلِكُلِّ سائِلٍ لَكَ عَطِيَّةٌ ، وَلِكُلِّ راجٍ لَكَ ثَواباً ، وَلِكُلِّ مُلْتَمِسٍ ما عِنْدَكَ جَزاءٌ ، وَلِكُلِّ راغِبٍ إِلَيْكَ هِبَةٌ ، وَلِكُلِّ مَنْ فَزَعَ إِلَيْكَ رَحْمَةً ، وَلِكُلِّ مَنْ رَغِبَ الَيْكَ (3) زُلْفى ، وَلِكُلِّ مُتَضَرِّعٍ إِلَيْكَ إِجابَةٌ ، وَلِكُلِّ مُسْتَكِينٍ إِلَيْكَ رَأْفَةٌ ، وَلِكُلِّ نازِلٍ بِكَ حِفْظاً ، وَلِكُلِّ مُتَوَسِّلٍ الَيْكَ عَفْواً.

وَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي هذا الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجاءً لِما عِنْدَكَ ، فَلا تَجْعَلْنِي الْيَوْمَ أَخْيَبَ وَفْدِكَ ، وَأَكْرِمْنِي بِالْجَنَّةِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَجَمِّلْنِي بِالْعافِيَةِ ، وَأَجِرْنِي مِنَ النَّارِ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ، وَادْرَءْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَشَرَّ شَياطِينِ الانْسِ وَالْجِنِّ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَرُدَّنِي خائِباً ، وَسَلِّمْنِي ما بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِكَ حَتّى تُبَلِّغَنِي الدَّرَجَةَ الَّتِي فِيها مُرافَقَةَ أَوْلِيائِكَ ، وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِمْ مَشْرَباً رَوِيّاً لا أَظْمَأُ بَعْدَهُ وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ ، وَتَوَفَّنِي فِي حِزْبِهِمْ ، وَعَرِّفْنِي وُجُوهَهُمْ فِي رِضْوانِكَ وَالْجَنَّةَ ، فَانِّي رَضِيتُ بِهِمْ هُداةً.

يا كافِيَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلا يَكْفِي مِنْهُ شَيْءٌ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَحْذَرُ ، وَشَرَّ ما لا أَحْذَرُ ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى أَحَدٍ سِواكَ ، وَبارِكْ لِي

ص: 109


1- ان تقلبني : أن ترجعني.
2- أجزلت حباءه : كثرت عطاءه.
3- في البحار : فيك.

فِيما رَزَقْتَنِي ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَلا إِلى رَأْيِي فَيُعْجِزُنِي ، وَلا إِلَى الدُّنْيا فَتَلْفِظُنِي (1) ، وَلا إِلى قَرِيبٍ وَلا بَعِيدٍ ، بَلْ تَفَرَّدْ بِالصُّنْعِ لِي يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلاَّ مِنْكَ ، فِي هذا الْيَوْمِ تَطَوَّلْ عَلَيَّ فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، اللّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الْأَمْكنَةِ الشَّرِيفَةِ ، وَرَبَّ كُلِّ حَرَمٍ وَمَشْعَرٍ (2) عَظَّمْتَ قَدْرَهُ ، وَشَرَّفْتَهُ وَبِالْبَيْتِ الْحَرامِ ، وَبِالْحِلِّ وَالْحَرامِ ، وَالرُّكْنِ وَالْمَقامِ.

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْجِحْ [ لِي ] (3) كُلَّ حاجَةٍ مِمَّا فِيهِ صَلاحُ دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ وَلَدَنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ، وَاجْزِهِما عَنِّي خَيْرَ الْجَزاءِ ، وَعَرِّفْهُما بِدُعائِي لَهُما ما تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُما ، فَإِنَّهُما قَدْ سَبَقانِي إِلَى الْغايَةِ ، وَخَلَقْتَنِي بَعْدَهُما ، فَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي وَفِيهِما وَفِي جَمِيعِ أَسْلافِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هذا الْيَوْمِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَفَرِّجْ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، وَانْصُرْهُمْ وَانْتَصِرْ بِهِمْ ، وَأَنْجِزْ لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ ، وَبَلِّغْنِي فَتْحَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْفِنِي كُلَّ هَوْلٍ دُونَهُ ، ثُمَّ اقْسِمِ اللّهُمَّ لِي فِيهِمْ نَصِيباً خالِصاً ، يا مُقَدِّرَ الآجالِ ، يا مُقَسِّمَ الْأَرْزاقِ ، افْسَحْ لِي فِي عُمْرِي ، وَابْسُطْ لِي فِي رِزْقِي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَصْلِحْ لَنَا إِمامَنا وَاسْتَصْلِحْهُ ، وَأَصْلِحْ عَلى يَدَيْهِ ، وَآمِنْ خَوْفَهُ وَخَوْفَنا عَلَيْهِ ، وَاجْعَلْهُ اللّهُمَّ الَّذِي تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ.

اللّهُمَّ امْلَأِ الْأَرْضَ بِهِ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً ، وَامْنُنْ بِهِ عَلى فُقَراءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَرامِلِهِمْ وَمَساكِينَهُمْ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ خِيارِ مَوالِيهِ

ص: 110


1- تلفظني : ترميني.
2- المشعر : كل موضع مقدّس ، ومنه المزدلفة.
3- من البحار والصحيفة.

وَشِيعَتِهِ ، أَشَدِّهِمْ لَهُ حُبّاً وَأَطْوَعِهِمْ لَهُ طَوْعاً ، وَأَنْفَذِهِمْ لِأَمْرِهِ ، وَأَسْرَعِهِمْ إِلى مَرْضاتِهِ ، وَأَقْبَلِهِمْ لِقَوْلِهِ ، وَأَقْوَمِهِمْ بِأَمْرِهِ ، وَارْزُقْنِي الشَّهادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتّى أَلْقاكَ وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي خَلَّفْتُ الْأَهْلَ وَالْوَلَدَ وَما خَوَّلْتَنِي (1) وَخَرَجْتُ إِلَيْكَ وَوَكَّلْتُ ما خَلَّفْتُ إِلَيْكَ فَأَحْسِنْ عَلَيَّ فِيهِمُ الْخَلَفَ ، فَإِنَّكَ وَلِيٌّ ذلِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2).

ومن هذا الموضع زيادة ليس من هذا الفصل وهو مضاف إليه :

اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، وَأَجَلِي بِعِلْمِكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِما يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَأَنْ تُسَلِّمَ لِي مَناسِكِي الَّتِي أَرَيْتَها إِبْراهِيمَ خَلِيلَكَ ، وَدَلَلْتَ عَلَيْها نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِما ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ ، وَأَطَلْتَ عُمْرَهُ ، وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَماتِ حَياةً طَيِّبَةً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى نَعْمائِهِ الَّتِي لا تُحْصى بِعَدَدٍ ، وَلا تُكافَؤُ بِعَمَلٍ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَفَضَّلَنِي عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي وَلَمْ أَكُ أَمْلِكُ شَيْئاً ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى رَحْمَتِهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ

ص: 111


1- خوّلتني : ملكتني.
2- عنه البحار 98 : 228 ، رواه إلى هنا المفيد في مزاره : 134 ، مصباح المتهجد : 689 ، عنه البلد الأمين : 245 ، مصباح الكفعمي : 663 ، الصحيفة السجادية الجامعة : 337 ، الدعاء : 149.

لِرِسالاتِكَ (1) ، وَاجْعَلْهُ اللّهُمَّ أَوَّلَ شافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ وَأَوَّلَ قائِلٍ وَأَنْجَحَ سائِلٍ ، إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ ، وَلَيْسَ فَوْقَكَ أَمِيرٌ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ.

أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ ما سَأَلَكَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ وَجَمِيلِ ثَنائِكَ وَخاصَّةِ آلائِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ عَشِيَّتِي هذِهِ أَعْظَمَ عَشِيَّةٍ مَرَّتْ عَلَيَّ مُنْذُ أَنْزَلْتَنِي إِلى الدُّنْيا بَرَكَةً فِي عِصْمَةِ دِينِي وَخَلاصِ نَفْسِي وَقَضاءِ حاجَتِي ، وَتَشْفِيعِي فِي مَسائِلِي وَإتْمامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي وَلِباسِ الْعافِيَةِ لِي ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ بِرَحْمَتِكَ ، إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلْ هذِهِ الْعَشِيَّة آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي ، حَتّى تُبَلِّغَنِيها مِنْ قابِلٍ مَعَ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، وَالزُّوَّارِ لِقَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ فِي أَعْفى عافِيَتِكَ ، وَأَعَمِّ نِعْمَتِكَ ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ ، وَأَوْسَعِ رِزْقِكَ ، وَأَفْضَلِ الرَّجاءِ ، وَأَنَا لَكَ عَلى أَحْسَنِ الْوَفاءِ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْمَعْ دُعائِي ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَتَذَلُّلِي وَاسْتِكانَتِي وَتَوَكُّلِي فَانِّي لَكَ سِلْمٌ لا أَرْجُو نَجاحاً وَلا مُعافاةً وَلا تَشْرِيفاً إِلاَّ بِكَ وَمِنْكَ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِتَبْلِيغِي هذِهِ الْعَشِيَّةَ مِنْ قابِلٍ وَأَنَا مُعافىً مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَمَحْذُورٍ ، مِنْ جَمِيعِ الْبَوائِق (2) وَأَعِنِّي عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَأَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مِنْ خَلْقِكَ (3).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَسَلِّمْنِي فِي دِينِي وَامْدُدْ لِي فِي

ص: 112


1- لرسالتك ( خ ل ).
2- البائقة : الداهية.
3- نحلقك ( خ ل ).

عُمْرِي وَأَصِحَّ جِسْمِي ، يا مَنْ رَحِمَنِي وَأَعْطانِي سُؤْلِي فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَمِّمْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ فِيما بَقِيَ مِنْ أَجَلِي حَتّى تَتَوفّانِي وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ ، وَلا تُخْرِجْنِي مِنْ مِلَّةِ الإِسْلامِ ، فَانِّي اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِكَ فَلا تَكِلْنِي إِلى غَيْرِكَ ، وَعَلِّمْنِي ما يَنْفَعُنِي ، وَامْلأْ قَلْبِي عِلْماً وَخَوْفاً مِنْ سَطَواتِكَ وَنَقِماتِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ الْمُشْفِقِ مِنْ عَذابِكَ ، الْخائِفِ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، أَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ وَأَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ وَتُؤَدِّيَ عَنِّي فَرِيضَتَكَ ، وَتُغْنِينِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواكَ ، وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

ومن أدعية يوم عرفة دعاء لمولانا زين العابدين صلوات اللّه عليه ، وهو دعاء اشتمل على المعاني الرَّبانيّة وأدب العبودية مع الجلالة الإلهيّة :

اللّهُمَّ إِنَّ مَلائِكَتَكَ مُشْفِقُونَ (2) مِنْ خَشْيَتِكَ ، سامِعُونَ مُطِيعُونَ لَكَ وَهُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ ، لا يَفْتَرُونَ (3) اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يُسَبِّحُونَ ، وَأَنَا أَحَقُّ بِالْخَوْفِ الدَّائِمِ لِاساءَتِي عَلى نَفْسِي ، وَتَفْرِيطِها إِلَى اقْتِرابِ أَجَلِي ، فَكَمْ لِي يا رَبِّ مِنْ ذَنْبٍ أَنَا فِيهِ مَغْرُورٌ مُتَحَيِّرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَكْثَرْتُ عَلى نَفْسِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالإِساءَةِ وَأَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ الْمُعافاةِ ، سَتَرْتَ عَلَيَّ وَلَمْ تَفْضَحْنِي بِما أَحْسَنْتَ لِيَ النَّظَرَ وَأَقَلْتَنِي الْعَثْرَةَ ، وَأَخافُ أَنْ أَكُونَ فِيها مُسْتَدْرجاً ، فَقَدْ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَسْتَحْيِي مِنْ كَثْرَةِ مَعاصِيَّ ، ثُمَّ لَمْ تَهْتِكْ لِي سِرّاً ، وَلَمْ تُبْدِ لِي عَوْرَةً ، وَلَمْ تَقْطَعْ عَنِّي الرِّزْقَ ، وَلَمْ تُسَلِّطْ عَلَيَّ جَبَّاراً ، وَلَمْ تَكْشِفْ عَنِّي غِطاءً مُجازاةً لِذُنُوبِي ، تَرَكْتَنِي كَأَنِّي

ص: 113


1- عنه البحار 98 : 234.
2- مشفقون : خائفون.
3- لا يفترون : لا يسكنون.

لا ذَنْبَ لِي ، كَفَفْتَ (1) عَنْ خَطِيئَتِي وَزَكَّيْتَنِي بِما لَيْسَ فِيَّ ، أَنَا الْمُقِرُّ عَلى نَفْسِي بِما جَنَتْ عَلَيَّ يَدايَ ، وَمَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلايَ ، وَباشَرَ جَسَدِي وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنايَ وَسَمِعَتْهُ أُذُنايَ ، وَعَمِلَتْهُ جَوارِحِي ، وَنَطَقَ بِهِ لِسانِي ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبِي.

فَأَنَا الْمُسْتَوْجِبُ يا إِلهِي زَوالَ نِعْمَتِكَ ، وَمُفاجاةَ نِقْمَتِكَ وَتَحْلِيلَ عُقُوبَتِكَ ، لِمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَضَيَّعْتَ مِنْ حُقُوقِكَ ، أَنَا صاحِبُ الذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ (2) الَّتِي لا تُحْصى عَدَدُها ، وَصاحِبُ الْجُرْمِ الْعَظِيمِ ، أَنَا الَّذِي أَحْلَلْتُ الْعُقُوبَةَ بِنَفْسِي وَأَوْبَقْتُها (3) بِالْمَعاصِي جُهْدِي وَطاقَتِي وَعَرَّضْتُها لِلْمَهالِكَ بِكُلِّ قُوَّتِي.

إِلهِي (4) أَنَا الَّذِي لَمْ أَشْكُرْ نِعَمَكَ عِنْدَ مَعاصِيِّ إِيَّاكَ وَلَمْ أَدَعْها عِنْدَ حُلُولِ الْبَلِيَّةِ وَلَمْ أَقِفْ عِنْدَ الْهَوى وَلَمْ اراقِبْكَ ، يا إِلهِي أَنَا الَّذِي لَمْ أَعْقِلْ عِنْدَ الذُّنُوبِ نَهْيَكَ ، وَلَمْ اراقِبْ عِنْدَ اللَّذَّاتِ زَجْرَكَ (5) ، وَلَمْ أَقْبَلْ عِنْدَ الشَّهْوَةِ نَصِيحَتَكَ ، وَرَكِبْتُ الْجَهْلَ بَعْدَ الْحِلْمِ ، وَغَدَوْتُ (6) إِلَى الظُّلْمِ بَعْدَ الْعِلْمِ.

اللّهُمَّ فَكَما حَلُمْتَ عَنِّي فِيمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَعَرَفْتَ تَضْييعِي حَقَّكَ ، وَضَعْفِي عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، وَرُكُوبِي مَعْصِيَتَكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي لَسْتُ ذا عُذْرٍ فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا حِيلَةٍ فَأَنْتَصِرُ.

اللّهُمَّ قَدْ أَسَأْتُ وَظَلَمْتُ ، وَبِئْسَ ما صَنَعْتُ ، عَمِلْتُ سُوءً لَمْ تَضُرُّكَ ذُنُوبِي ، فَأَسْتَغْفِرُكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُهُ غَيْرِي وَلا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي سِواكَ ، اللّهُمَّ فَلَوْ

ص: 114


1- كففت : انصرفت.
2- الكثيرة ( خ ل ).
3- أوبقتها : أهلكتها.
4- اللّهم ( خ ل ).
5- زجرك : منعك.
6- غدوت : ذهبت وانطلقت.

كانَ لِي مَهْرَبٌ لَهَرَبْتُ ، وَلَوْ كانَ لِي مَصْعَدٌ فِي السَّماءِ أَوْ مَسْلَكٌ فِي الْأَرْضِ لَسَلَكْتُ ، وَلكِنَّهُ لا مَهْرَبَ لِي وَلا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا وَلا مَأْوى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ.

اللّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَهْلُ ذلِكَ أَنَا وَإِنْ تَرْحَمْنِي فَأَهْلُ ذلِكَ أَنْتَ ، بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَوَحْدانِيَّتِكَ وَجَلالِكَ وَكِبْرِيائِكَ وَعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ ، فَقَدِيماً ما مَنَنْتَ عَلى أَوْلِيائِكَ وَمُسْتَحِقِّي عُقُوبَتِكَ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ ، سَيِّدِي عافِيَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ عافِيَتَكَ ، وَعَفْوَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ عَفْوَكَ ، وَرَحْمَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ رَحْمَتَكَ ، وَمَغْفِرَةَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ مَغْفِرَتَكَ ، وَرِزْقَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ رِزْقَكَ ، وَفَضْلَ مَنْ أَرْجُو إِذا لَمْ أَرْجُ فَضْلَكَ.

سَيِّدِي أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ وَأَقْلَلْتَ لَكَ مِنَ الشُّكْرِ ، فَكَمْ لَكَ عِنْدِي مِنْ نِعْمَةٍ لَا يُحْصِيها أَحَدٌ غَيْرُكَ ، مَا أَحْسَنَ بَلاءَكَ (1) عِنْدِي ، وَأَحْسَنَ فِعالَكَ ، نادَيْتُكَ مُسْتَغِيثاً مُسْتَصْرِخاً فَأَغَثْتَنِي ، وَسَأَلْتُكَ عائِلاً (2) فَأَغْنَيْتَنِي ، وَنَأَيْتُ (3) فَكُنْتَ قَرِيباً مُجِيباً ، وَاسْتَعَنْتُ بِكَ مُضْطَرّاً فَأَعَنْتَنِي وَوَسَّعْتَ عَلَيَّ ، وَهَتَفْتُ إِلَيْكَ فِي مَرَضِي فَكَشَفْتَهُ عَنِّي ، وَانْتَصَرْتُ بِكَ فِي رَفْعِ الْبَلاءِ.

فَوَجَدْتُكَ يا مَوْلايَ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ، وَكَيْفَ لا أَشْكُرُكَ ، يا إِلهِي أَطْلَقْتَ لِسانِي بِذِكْرِكَ رَحْمَةً لِي مِنْكَ ، وَأَضَأْتَ لِي بَصَرِي بِلُطْفِكَ حُجَّةً مِنْكَ عَلَيَّ ، وَسَمِعَتْ أُذُنايَ بِقُدْرَتِكَ نَظَراً مِنْكَ ، وَدَلَلْتَ عَقْلِي عَلى تَوْبِيخِ (4) نَفْسِي.

إِلَيْكَ أَشْكُو ذُنُوبِي فَإِنَّها لا مَجْرى لِبَثِّها (5) إِلاَّ إِلَيْكَ ، فَفَرِّجْ عَنِّي ما ضاقَ بِهِ صَدْرِي ، وَخَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ ما أَخافُ عَلى نَفْسِي ، مِنْ أَمْرِ دِينِي وَدُنْيايَ

ص: 115


1- بلاءك : إحسانك وإنعامك.
2- عائلا : فقيرا.
3- نأيت : بعدت.
4- التوبيخ : اللوم.
5- لبثّها : لإذاعتها ونشرها.

وَأَهْلِي وَمالِي ، فَقَدِ اسْتَصْعَبَ عَلَيَّ شَأْنِي ، وَشَتَّتَ عَلَيَّ أَمْرِي وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلى هَلَكَتِي نَفْسِي ، وَإِذا تَدارَكَتْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُنْقِذُنِي بِها ، فَمَنْ لِي بَعْدَكَ يا مَوْلايَ.

أَنْتَ الْكَرِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَأَنَا اللَّئِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَعاصِي ، فَاحْلُمْ يا حَلِيمُ عَنْ جَهْلِي وَأَقِلْنِي يا مُقِيلَ عَثْرَتِي ، وَتَقَبَّلْ يا رَحِيمُ تَوْبَتِي ، سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، لا بُدَّ مِنْ لِقائِكَ عَلى كُلِّ حالٍ.

وَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ ، وَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْمُذْنِبُ عَمَّنْ يَمْلِكُ عُقُوبَتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، سَيِّدِي لَمْ أَزْدَدْ إِلَيْكَ إِلاَّ فَقْراً ، وَلَمْ تَزْدَدْ عَنِّي إِلاَّ غِنًى ، وَلَمْ تَزْدَدْ ذُنُوبِي إِلاَّ كَثْرَةً ، وَلَمْ يَزْدَدْ عَفْوُكَ إِلاّ سَعَةً.

سَيِّدِي ، ارْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَانْتِصابِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَطَلَبِي ما لَدَيْكَ ، تَوْبَةً فِيما بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، سَيِّدِي مُتَعَوِّذاً بِكَ مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ بائِساً فَقِيراً تائِباً ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، وَلا مُسْتَسْخِطٍ (1) ، بَلْ مُسْتَسْلِمٍ لِأَمْرِكَ راضٍ بِقَضائِكَ ، لا آيِسٌ مِنْ رَوْحِكَ (2) ، وَلا آمِنٌ مِنْ مَكْرِكَ وَلا قانِطٌ مِنْ رَحْمَتِكَ ، سَيِّدِي بَلْ مُشْفِقٌ (3) مِنْ عَذابِكَ ، راجٍ لِرَحْمَتِكَ ، لِعِلْمِي بِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، فَإِنَّهُ لَنْ يُجِيرَنِي (4) مِنْكَ أَحَدٌ وَلا أَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً (5).

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تُحْسِنَ فِي رامِقَةِ (6) الْعُيُونِ عَلانِيَتِي ، وَتَفْتَحَ فِيما أَخْلُو لَكَ سَرِيرَتِي ، مُحافِظاً عَلى رِئاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي ، مُضَيِّعاً ما أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي فَابْدِئُ لَكَ بِأَحْسَنِ أَمْرِي ، وَأَخْلُو لَكَ بِشَرِّ فِعْلِي تَقَرُّباً إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِحَسَناتِي ، وَفِراراً مِنْهُمْ إِلَيْكَ بِسَيِّئَاتِي ، حَتّى كَأَنَّ الثَّوابَ لَيْسَ

ص: 116


1- مستسخط : كاره.
2- روحك : رحمتك.
3- مشفق : خائف حذر.
4- يجيرني : ينقذني.
5- ملتحدا : ملجأ.
6- وامقة ( خ ل ) ، أقول : رمقه بعينه : أطال النظر إليه.

مِنْكَ ، وَكَأَنَّ الْعِقابَ لَيْسَ إِلَيْكَ ، قَسْوَةً مِنْ مَخافَتِكَ مِنْ قَلْبِي وَزَلَلاً عَنْ قُدْرَتِكَ مِنْ جَهْلِي فَيَحِلُّ بِي غَضَبَكَ وَيَنالُنِي مَقْتُكَ فَأَعِذْنِي مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ ، وَقِنِي بِوِقايَتِكَ الَّتِي وَقَيْتَ بِها عِبادَكَ الصَّالِحِينَ.

اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي ما كانَ صالِحاً ، وَأَصْلِحْ مِنِّي ما كانَ فاسِداً ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُنِي وَلا باغِياً وَلا حاسِداً.

اللّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلِّ غَمٍّ ، وَثَبِّتْنِي فِي كُلِّ مُقامٍ ، وَاهْدِنِي فِي كُلِّ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْحَقِّ ، وَحُطَّ عَنِّي كُلَّ خَطِيئَةٍ ، وَأَنْقِذْنِي مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ وَبَلِيَّةٍ ، وَعافِنِي أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي وَاغْفِرْ لِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي ، وَلَقِّنِي رَوْحاً وَرَيْحاناً وَجَنَّةَ نَعِيمٍ ، أَبَدَ الابِدِينَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ (1).

ومن أدعية يوم عرفة ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبري ، بإسناده إلى إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام قال : سمعته يدعو في يوم عرفة في الموقف بهذا الدُّعاء ، فنسخته :

تقول إذا زالت الشمس من يوم عرفة وأنت بها ، تصلّي الظهر والعصر ، ثمَّ ائت الموقف ، وكبّر اللّه مائة مرّة ، وأحمده مائة مرّة ، وسبّحه مائة مرّة ، وهلّله مائة مرّة واقرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة ، وإن أحببت أن تزيد على ذلك فزد ، واقرأ سورة القدر مائة مرة ، ثم قل :

لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ ، وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ إِيَّاكَ أَعْبُدُ وَإِيَّاكَ أَسْتَعِينُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ اثْنِي عَلَيْكَ وَما عَسى أَنْ أَبْلُغَ مِنْ مَدْحِكَ مَعَ قِلَّةِ عِلْمِي ، وَقِصَرِ رَأْيِي ، وَأَنْتَ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَأَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا

ص: 117


1- عنه البحار 98 : 236 - 239 ، رواه في الصحيفة السجادية الجامعة : 333 ، الدعاء : 148.

الْمَمْلُوكُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ (1) ، وَأَنْتَ الْعَزِيزُ وَأَنَا الذَّلِيلُ ، وَأَنْتَ الْقَوِيُّ وَأَنَا الضَّعِيفُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ ، وَأَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْخاطِئُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا تَمُوتُ ، وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ.

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ مالِكُ يَوْمِ الدِّينِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيءُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْكَ يَعُودُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ وَلا تَزالُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْواحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْقُدوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْماءُ الْحُسْنى ، سُبْحانَ اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ يُسَبِّحُ لَكَ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْكَبِيرُ ، وَالْكِبْرِياءُ رِداؤُكَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ (2) سابِغُ النَّعْماءِ ، حَسَنُ الْبَلاءِ ، جَزِيلُ الْعَطاءِ ، مُسْقِطُ الْقَضاءِ ، باسِطُ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، نَفَّاعٌ بِالْخَيْراتِ ، كاشِفُ الْكُرُباتِ ، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ، مُنْزِلُ الآياتِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ ، عَظِيمِ الْبَرَكاتِ ، مُخْرِجٌ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ ، مُبَدِّلُ السَّيِّئاتِ حَسَناتٍ ، وَجاعِلُ الْحَسَناتِ دَرَجاتٍ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ دَنَوْتَ فِي عُلُوِّكَ وَعَلَوْتَ فِي دُنُوِّكَ ، فَدَنَوْتَ فَلَيْسَ دُونَكَ

ص: 118


1- في البحار : أنا المربوب.
2- في البحار : انّك.

شَيْءٌ ، وَارْتَفَعْتَ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، تَرى وَلا تُرى ، وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ، لَكَ ما فِي السَّماواتِ الْعُلْى ، وَلَكَ الْكِبْرِياءُ فِي الاخِرَةِ وَالأُولى.

اللّهُمَّ إِنَّكَ غافِرُ الذُّنُوبِ ، شَدِيدُ الْعِقابِ ، ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ وَبَلَغَتْ حُجَّتُكَ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ ، وَأَنْتَ لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ ، أَنْتَ الَّذِي لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ.

أَنْتَ الَّذِي أَثْبَتَّ كُلَّ شَيْءٍ بِحُكْمِكَ ، وَأَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِكَ ، وَأَبْرَمْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِحُكْمِكَ ، وَلا يَفُوتُكَ شَيْءٌ بِعِلْمِكَ ، وَلا يَمْتَنِعُ عَنْكَ شَيْءٌ.

أَنْتَ الَّذِي لا يُعْجِزُكَ هارِبُكَ ، وَلا يَرْتَفِعُ صَرِيعُكَ ، وَلا يُحْيى قَتِيلُكَ ، أَنْتَ عَلَوْتَ فَقَهَرْتَ ، وَمَلَكْتَ فَقَدَرْتَ ، وَبَطَنْتَ فَخَبَرْتَ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرْتَ ، عَلِمْتَ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَتَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَضَعُ وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ بِمِقْدارِ.

أَنْتَ الَّذِي لا تَنْسى مَنْ ذَكَرَكَ ، وَلا يَضِيعُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ ، أَنْتَ الَّذِي لا يَشْغَلُكَ ما فِي جَوِّ أَرْضِكَ عَمَّا فِي جَوِّ سَماواتِكَ ، وَلا يَشْغَلُكَ ما فِي جَوِّ سَماواتِكَ عَمَّا فِي جَوِّ أَرْضِكَ ، أَنْتَ الَّذِي تَعَزَّرْتَ فِي مُلْكِكَ ، وَلَمْ يُشْرِكْكَ أَحَدٌ فِي جَبَرُوتِكَ ، أَنْتَ الَّذِي عَلا كُلَّ شَيْءٍ مُلْكُكَ ، وَمَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ أَمْرُكَ.

أَنْتَ الَّذِي مَلَكْتَ الْمُلُوكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَاسْتَعْبَدْتَ الْأَرْبابَ بِعِزَّتِكَ ، وَأَنْتَ الَّذِي قَهَرْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِعِزَّتِكَ ، وَعَلَوْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِفَضْلِكَ ، أَنْتَ الَّذِي لا يُسْتَطاعُ كُنْهُ وَصْفِكَ ، وَلا مُنْتَهى لِما عِنْدَكَ ، أَنْتَ الَّذِي لا يَصِفُ الْواصِفُونَ عَظَمَتَكَ ، وَلا يَسْتَطِيعُ الْمُزايِلُونَ (1) تَحْوِيلَكَ ، أَنْتَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ ، وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

ص: 119


1- زائلة : فارقه.

أَنْتَ الَّذِي لا يُحْفِيكَ سائِلٌ ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ ، وَلا يَبْلُغُ مَدْحَكَ مادِحٌ وَلا قائِلٌ ، أَنْتَ الْكائِنُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَالْكائِنُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.

أَنْتَ الْواحِدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ (1) كُفُواً أَحَدٌ ، وَلَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، السَّماواتُ وَمَنْ فِيهِنَّ لَكَ ، وَالْأَرَضُونَ وَمَنْ فِيهِنَّ لَكَ ، وَما بَيْنَهُنَّ وَما تَحْتَ الثَّرى ، أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ وَأَحَطْتَ بِهِ عِلْماً ، وَأَنْتَ تَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما تَشاءُ ، وَأَنْتَ (2) لا تُسْأَلُ عَمَّا تَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ، وَأَنْتَ الْفَعَّالُ لِما تُرِيدُ ، وَأَنْتَ الْقَرِيبُ وَأَنْتَ الْبَعِيدُ ، وَأَنْتَ السَّمِيعُ وَأَنْتَ الْبَصِيرُ.

وَأَنْتَ الْماجِدُ وَأَنْتَ الْواحِدُ (3) ، وَأَنْتَ الْعَلِيمُ وَأَنْتَ الْكَرِيمُ ، وَأَنْتَ الْبارُّ وَأَنْتَ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ الْقادِرُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ ، لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى كُلُّها ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الَّذِي لا يَبْخَلُ ، وَأَنْتَ الْعَزِيزُ الَّذِي لا تَذِلُّ ، وَأَنْتَ مُمْتَنِعٌ لا تُرامُ ، يُسَبِّحُ لَكَ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنْتَ بِالْخَيْرِ أَجْوَدُ مِنْكَ بِالشَّرِّ.

أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِي الْأَوَّلِينَ ، أَنْتَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ ، أَنْتَ (4) نَجَّيْتَ نُوحاً مِنَ الْغَرَقِ ، وَأَنْتَ (5) غَفَرْتَ لِداوُدَ ذَنْبَهُ ، وَأَنْتَ (6) نَفَّسْتَ (7) عَنْ ذِي النونِ كَرْبَهُ ، وَأَنْتَ (8) كَشَفْتَ عَنْ أَيُّوبَ ضُرَّهُ ، وَأَنْتَ (9) رَدَدْتَ مُوسى عَلى امِّه.

وَأَنْتَ صَرَفْتَ قُلُوبَ السَّحَرَةِ إِلَيْكَ ، حَتّى قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَةِ الصَّالِحِينَ ، لا يُذْكَرُ مِنْكَ إِلاَّ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ ، وَما لا يُذْكَرُ أَكْثَرُ ، لَكَ الالاءُ وَالنَّعْماءُ (10).

ص: 120


1- لم تلد ولم تولد ولم يكن لك ( خ ل ).
2- أنت الذي ( خ ل ).
3- الواجد ( خ ل ).
4- وأنت ( خ ل ).
5- أنت الذي ( خ ل ).
6- أنت الذي ( خ ل ).
7- نفّس : أزال كربه.
8- أنت الذي ( خ ل ).
9- أنت الذي ( خ ل ).
10- النعم ( خ ل ).

وَأَنْتَ الْمُحْسِنُ الْمُجْمِلُ ، لا تُبْلَغُ مِدْحَتُكَ ، وَلا الثَّناءُ عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ ، تَبارَكَتْ أَسْماؤُكَ ، وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، ما أَعْظَمَ شَأْنُكَ ، وَأَجَلَّ مَكانُكَ ، وَما أَقْرَبَكَ مِنْ عِبادِكَ ، وَأَلْطَفَكَ بِخَلْقِكَ ، وَأَمْنَعَكَ بِقُوَّتِكَ.

أَنْتَ أَعَزُّ وَأَجَلُّ وَأَسْمَعُ وَأَبْصَرُ ، وَأَعْلى وَأَكْبَرُ ، وَأَظْهَرُ وَأَشْكَرُ ، وَأَقْدَرُ وَأَعْلَمُ ، وَأَجْبَرُ وَأَكْبَرُ ، وَأَعْظَمُ وَأَقْرَبُ ، وَأَمْلَكُ وَأَوْسَعُ ، وَأَمْنَعُ وَأَعْطى ، وَأَحْكَمُ وَأَفْضَلُ ، وَأَحْمَدُ ، مِنْ تُدْرِكَ الْعَيانُ عَظَمَتَكَ ، أَوْ تَصِفُ الْواصِفُونَ صِفَتَكَ ، أَوْ يَبْلُغُوا غايَتَكَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَجَلُّ مَنْ ذُكِرَ وَأَشْكَرُ مَنْ عُبِدَ ، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلِكَ ، وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِلَ ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى ، تَحْلُمُ بَعْدَ ما تَعْلَمُ ، وَتَعْفُو وَتَغْفِرُ بَعْدَ ما تَقْدِرُ ، لَمْ تُطَعْ قَطُّ إِلاَّ بِاذْنِكَ ، وَلَمْ تُعْصَ قَطُّ إِلاَّ بِقُدْرَتِكَ ، تُطاعُ رَبَّنا فَتَشْكُرُ ، وَتُعْصى رَبَّنا فَتَغْفِرُ.

اللّهُمَّ أَنْتَ أَقْرَبُ حَفِيظٍ وَأَدْنى شَهِيدٍ ، حُلْتَ بَيْنَ الْقُلُوبِ ، وَأَخَذْتَ بِالنَّواصِي وَأَحْصَيْتَ الْأَعْمالَ ، وَعَلِمْتَ الْأَخْبارَ ، وَبِيَدِكَ الْمَقادِيرُ ، وَالْقُلُوبُ إِلَيْكَ مُقْتَصِدَةٌ (1) ، والسِّرُّ عِنْدَكَ عَلانِيَةٌ ، وَالْمُهْتَدِي مَنْ هَدَيْتَ ، وَالْحَلالُ ما حَلَّلْتَ ، وَالْحَرامُ ما حَرَّمْتَ ، وَالدِّينُ ما شَرَعْتَ ، وَالْأَمْرُ ما قَضَيْتَ ، تَقْضِي وَلا يُقْضى عَلَيْكَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ.

اللّهُمَّ بِيَدِكَ مَقادِيرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ النَّصْرِ وَالْخِذْلانِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الْمَوْتِ وَالْحَياةِ ، وَبِيَدِكَ مَقادِيرُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ

ص: 121


1- مقصده ( خ ل ).

مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ وَضَوْءِ النَّهارِ ، عَمْداً أَوْ خَطَأَ ، سِرّاً أَوْ عَلانِيَةً ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أُثْنِي عَلَيْكَ بِأَحْسَنِ ما أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَأَشْكُرُكَ بِما مَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ شُكْرِكَ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِمَحامِدِكَ كُلِّها عَلى نَعْمائِكَ كُلِّها ، وَعَلى جَمِيعِ خَلْقِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ إِلى ما تُحِبُّ رَبَّنا وَتَرْضى.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما خَلَقْتَ ، وَعَدَدَ ما ذَرَأْتَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما بَرَأْتَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما أَحْصَيْتَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

ثمّ تقول عشرا : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وتقول عشرا : أَسْتَغْفِرُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

ثمّ تقول :

يا اللّهُ يا اللّهُ - عشرا ، يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ - عشرا ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ - عشرا ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عشرا ، يا ذا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ - عشرا ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ - عشرا ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ - عشرا ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ - عشرا ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - عشرا.

ثمّ تقول :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَلِيُّ الْحَمْدِ ، وَمُنْتَهىَ الْحَمْدِ ، وفِيُّ الْحَمْدِ ، عَزِيزُ الْجُنْدِ ، قَدِيمُ الْمَجْدِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ حِينَ لا شَمْسٌ تضِيءُ ، وَلا قَمَرٌ يُسْرِي ، وَلا بَحْرٌ يَجْرِي ، وَلا رِياحٌ تَذْرِي (1) ، وَلا سَماءٌ مَبْنِيَّةٌ ، وَلا أَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ (2) ، وَلا لَيْلٌ تُجِنُّ ، وَلا نَهارٌ يَكِنُّ ، وَلا عَيْنٌ تَنْبَعُ ، وَلا صَوْتٌ يَسْمَعُ ،

ص: 122


1- ذر الشيء : طار في الهواء.
2- دحى الأرض : بسطها.

وَلا جَبَلٌ مَرْسِيٌ (1) ، وَلا سَحابٌ مُنْشَأ ، وَلا إِنْسٌ مَبْرُوٌّ ، وَلا جِنٌّ مَذْرُوٌّ ، وَلا مَلِكٌ كَرِيمٌ ، وَلا شَيْطانٌ رَجِيمٌ ، وَلا ظِلٌّ مَمْدُودٌ ، وَلا شَيْءٌ مَعْدُودٌ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَحْمَدَ إِلى مَنِ اسْتَحْمَدَهُ مِنْ أَهْلِ مَحامِدِهِ ، لِيَحْمِدُوهُ عَلى ما بَذَلَ مِنْ نَوافِلِهِ الَّتِي فاقَ مَدْحَ الْمادِحِينَ مَآثِرُ مَحامِدِهِ ، وَعَدا وَصْفَ الْواصِفِينَ هَيْبَةُ جَلالِهِ ، هُوَ أَهْلٌ لِكُلِّ حَمْدٍ وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، الْواحِدِ الَّذِي لا بَدْأَ لَهُ ، الْمَلِكِ (2) الَّذِي لا زَوالَ لَهُ ، الرَّفِيعِ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ ناظِرٌ ، ذِي الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ.

الْمَحْمُودِ لِبَذْلِ نَوائِلِهِ ، الْمَعْبُودِ بِهَيْبَةِ جَلالِهِ ، الْمَذْكُورِ بِحُسْنِ آلائِهِ ، الْمَنَّانِ بِسَعَةِ فَواضِلِهِ ، الْمَرْغُوبِ إِلَيْهِ فِي تَمامِ الْمَواهِبِ مِنْ خَزائِنِهِ ، الْعَظِيمِ الشَّأْنِ الْكَرِيمِ فِي سُلْطانِهِ ، الْعَلِيِّ فِي مَكانِهِ ، الْمُحْسِنِ فِي امْتِنانِهِ ، الْجَوادِ فِي فَواضِلِهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ بارِئِ خَلْقِ الْمَخْلُوقِينَ بِعِلْمِهِ ، وَمُصَوِّرِ أَجْسادِ الْعِبادِ بِقُدْرَتِهِ ، وَمُخالِفِ صُوَرِ مَنْ خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ ، وَنافِخِ الْأَرْواحِ فِي خَلْقِهِ بِعِلْمِهِ ، وَمُعَلِّمِ مَنْ خَلَقَ مِنْ عِبادِهِ اسْمَهُ ، وَمُدَبِّرِ خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بِعَظَمَتِهِ.

الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقُ كُرْسِيِّهِ ، وَعَلا بِعَظَمَتِهِ فَوْقَ الْأَعْلَيْنَ ، وَقَهَرَ الْمُلُوكَ بِجَبَرُوتِهِ ، الْجَبَّارُ الْأَعْلى الْمَعْبُودُ فِي سُلْطانِهِ ، الْمُتَسَلِّطُ بِقُوَّتِهِ ، الْمُتَعالِي فِي دُنُوِّهِ ، الْمُتَدانِي كُلَّ شَيْءٍ فِي ارْتِفاعِهِ ، الَّذِي نَفَذَ بَصَرُهُ فِي خَلْقِهِ ، وَحارَتِ الْأَبْصارُ بِشُعاعِ نُورِهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَلِيمِ الرَّشِيدِ ، الْقَوِيِّ الشَّدِيدِ ، الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ ، الْفَعَّالِ لِما يُرِيدُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْزِلِ الآياتِ ، وَكاشِفِ الْكُرُباتِ ، وَمُؤْتِي السَّماواتِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي كُلِّ مَكانٍ ، وَفِي كُلِّ زَمانٍ ، وَفِي كُلِّ أَوانٍ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَنْسى مَنْ ذَكَرَهُ ، وَلا يَخِيبُ مَنْ دَعاهُ ، وَلا يَذِلُّ مَنْ

ص: 123


1- رسى الجبل : ثبت ورسخ.
2- له الملك ( خ ل ).

والاهُ ، الَّذِي يَجْزِي بِالإِحْسانِ إِحْساناً ، وَبِالصَّبْرِ نَجاةً ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً اولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ.

وَسُبْحانَ اللّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَأَطْرافَ النَّهارِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَسُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَما يُحِبُّ رَبُّنا وَكَما يَرْضى كَثِيراً طَيِّباً ، وَسُبْحانَ اللّهِ كُلَّما سَبَّحَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ أَنْ يُسَبَّحَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّما حَمِدَ اللّهَ شَيْءٌ ، وَكَما يُحِبُّ اللّهُ أَنْ يُحْمَدَ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ كُلَّما هَلَّلَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ أَنْ يُهَلَّلَ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ كُلَّما كَبَّرَ اللّهَ شَيْءٌ ، وَكَما يُحِبُّ اللّهُ أَنْ يُكَبَّرَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ثمَّ تقول ، وهو الدّعاء المخزون :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا رَحْمانُ - سبع مرات ، بِأَسْمائِكَ الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ الْمَكْنُونَةِ ، يا اللّهُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْكِبْرِيائِيَّةِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْعَزِيزَةِ الْمَنِيعَةِ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ التَّامَّةِ الْكامِلَةِ الْمَعْهُودَةِ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي هِيَ رِضاكَ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا تَرُدُّها دُونَكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِما عاهَدْتَ أَوْفِي الْعَهْدِ أَنْ لا تُخَيِّبَ سائِلَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِجُمْلَةِ مَسائِلِكَ الَّتِي لا يَفِي بِحَمْلِها شَيْءٌ غَيْرُكَ - سبع مرّات.

وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَهُ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، وَكُلِّ مَسْأَلَةٍ حَتّى يَنْتَهِي إِلَى اسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ الْعَلِيِّ الْأَعْلى ، الَّذِي

ص: 124

اسْتَوَيْتَ بِهِ عَلى عَرْشِكَ ، وَاسْتَقْلَلْتَ بِهِ عَلى كُرْسِيِّكَ ، وَهُوَ اسْمُكَ الْكامِلُ الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلى جَمِيعِ أَسْمائِكَ يا رَحْمانُ - سبع مرّات.

وَأَسْأَلُكَ بِما لا أَعْلَمُهُ ما لَوْ عَلِمْتُهُ لَسَأَلْتُكَ بِهِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ وَحَبِيبِكَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَخاصَّتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَمُحِبِّكَ وَنَجِيِّكَ (1) وَحَبِيبِكَ وَصَفِيِّكَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، وَتَرَحَّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ، كَأَفْضَلِ وَأَجْمَلِ ، وَأَزْكى وَأَطْهَرِ ، وَأَعْظَمِ وَأَكْثَرِ وَأَتَمِّ ، ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَوَّلِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي الاخِرِينَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلى ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ فِي الْمُرْسَلِينَ.

اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ، وَالْفَضِيلَةَ وَالشَّرَفَ ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ.

اللّهُمَّ أَكْرِمْ مَقامَهُ ، وَشَرِّفْ بُنْيانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ ، وَبَيِّضْ وَجْهَهُ ، وَأَعْلِ كَعْبَهُ (2) ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُ (3) ، وَأَظْهِرْ دَعْوَتَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفاعَتَهُ كَما بَلَّغَ رِسالاتِكَ ، وَتَلا آياتِكَ ، وَأَمَرَ بِطاعَتِكَ وَائْتَمَرَ بِها ، وَنَهى عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَانْتَهى عَنْها ، فِي سِرٍّ وَعَلانِيَةٍ ، وَجاهَدَ حَقَّ الْجِهادِ فِيكَ ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِهِ.

اللّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ وَالاخِرُونَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.

ص: 125


1- نجيبك ( خ ل ).
2- رجل عالي الكعب : شريف.
3- أفلج اللّه حجته : أظهره.

اللّهُمَّ اسْتَعْمِلْنا لِسُنَّتِهِ ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِهِ ، وَابْعَثْنا فِي شِيعَتِهِ ، وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَتَّبِعُهُ ، وَلا تَحْجُبْنا عَنْ رُؤْيَتِهِ ، وَلا تَحْرِمْنا مُرافَقَتَهُ حَتّى تُسْكِنَّا غُرَفَةُ وَتُخَلِّدْنا فِي جِوارِهِ ، رَبِّ إِنِّي أَحْبَبْتُهُ فَأَحِبَّنِي لِذلِكَ ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، اللّهُمَّ افْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً وَانْصُرْهُمْ نَصْراً عَزِيزاً ، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ، اللّهُمَّ مَكِّنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَاجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً وَاجْعَلْهُمُ الْوارِثِينَ.

اللّهُمَّ أَرِهِمْ فِي عَدُوِّهِمْ ما يَأْمُلُونَ وَأَرِ عَدُوَّهُمْ مِنْهُمْ ما يَحْذَرُونَ ، اللّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَهُمْ فِي خَيْرٍ وَعافِيَةٍ ، اللّهُمَّ عَجِّلِ الرَّوْحَ وَالْفَرَجَ لالِ مُحَمَّدٍ ، اللّهُمَّ اجْمَعْ عَلَى الْهُدى أَمْرَهُمْ ، وَاجْعَلْ قُلُوبَهُمْ فِي قُلُوبِ خِيارِهِمْ ، وَأَصْلِحْ ذاتَ بَيْنَهُمْ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَلِوالِدَيَّ وَما وَلَدا ، وَأَعْتِقْهُما مِنَ النَّارِ وَارْحَمْهُما وَارْضِهِما عَنِّي ، وَاغْفِرْ لِكُلِّ والِدٍ لِي دَخَلَ فِي الإِسْلامِ ، وَلِأَهْلِي وَوَلَدِي وَجَمِيعِ قَراباتِي ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي وَجَمِيعَ وَرَثَةِ أَبِي وَإِخْوانِي فِيكَ مِنْ أَهْلِ وِلايَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ ، فَإِنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلى ذلِكَ غَيْرُكَ يا رَحْمانُ.

اللّهُمَّ أَوْزِعْنِي (1) أَنْ أَشْكُرَكَ وَأَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ ، وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاجْزِ والِدَيَّ خَيْرَ ما جَزَيْتَ والِداً عَنْ وَلَدِهِ ، وَاجْعَلْ ثَوابَهُما عَنِّي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، وَاغْفِرْ لَنا وَلِاخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ ، وَلا تَجْعَلْ فِي

ص: 126


1- أوزعني : ألهمني.

قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ، وَاغْفِرْ لَنا ولِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ.

اللّهُمَّ أَصْلِحْ ذاتَ بَيْنِهِمْ ، وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوى أَمْرَهُمْ ، وَاجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ عَلى طاعَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ ، اللّهُمَّ وَالْمُمْ شَعَثَهُمْ (1) ، وَاحْقِنْ دِماءَهُمْ ، وَوَلِّ أَمْرَهُمْ خِيارَهُمْ أَهْلَ الرَّأْفَةِ وَالْمَعْدِلَةِ عَلَيْهِمْ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَالْجُودِ وَالْقُوَّةِ وَالسُّلْطانِ ، وَالْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ ، وَالْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ ، وَالْقُدْرَةِ وَالْمِدْحَةِ ، وَالرَّهْبَةِ وَالرَّغْبَةِ ، وَالْجُودِ وَالْعُلُوِّ ، وَالْحُجَّةِ وَالْهُدى ، وَالطَّاعَةِ وَالْعِبادَةِ ، وَالْأَمْرِ وَالْخَلْقِ ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

أَسْأَلُكَ سُؤَالَ الضَّارِعِينَ الْمُتَضَرِّعِينَ ، الْمَساكِينَ الْمُسْتَكِينِينَ ، الرَّاغِبِينَ الرَّاهِبِينَ ، الَّذِينَ لا يَحْذَرُونَ سِواكَ ، يا مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَيُجِيبُ الدَّاعِي وَيُعْطِي السَّائِلَ.

أَسْأَلُكَ يا رَبِّ سُؤالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً ، وَلا لِذَنْبِهِ غافِراً ، وَلا لِفَقْرِهِ ساداً غَيْرُكَ ، أَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

أَسْأَلُكَ يا رَبِّ ، مَسْأَلَةَ كُلِّ سائِلٍ وَرَغْبَةَ كُلِّ راغِبٍ بِيَدِكَ ، وَأَنْتَ إِذا دُعِيتَ أَجَبْتَ وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّ صَفْوَتِكَ مِنْ عِبادِكَ ، وَمُنْتَهى الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهىَ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، أَنْ لا تَسْتَدْرِجَنِي بِخَطِيئَتِي ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي.

وَاذْكُرْنِي يا رَبِّ بِرِضاكَ ، وَلا تُنْسِنِي حِينَ تَنْشُرُ رَحْمَتَكَ ، وَأَقْبِلْ عَلَيَ

ص: 127


1- الشعث : انتشار الأمر وخلله.

بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِكَرامَتِكَ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ ، وَاسْتَجِبْ دُعائِي وَارْحَمْ تَضَرُّعِي ، فَانِّي بائِسٌ فَقِيرٌ ، خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ مِنْ عَذابِكَ ، لا أَثِقُ بِعَمَلِي ، وَلكِنِّي أَثِقُ بِرَحْمَتِكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ كُنْ بِي حَفِيّاً وَلا تَجْعَلْنِي بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيّاً ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَافِيَتِكَ وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، فَانَّنِي لا أَسْتَغِيثُ بِغَيْرِكَ ، وَأَسْتَجِيرُكَ فَأَجِرْنِي مِنْ كُلِّ هَوْلٍ وَمَشَقَّةٍ وَخَوْفٍ ، وَآمِنْ خَوْفِي وَشَجِّعْ جُبْنِي ، وَقَوِّ ضَعْفِي ، وَسُدُّ فاقَتِي ، وَأَصْلِحْ لِي جَمِيعَ أُمُورِي ، يا رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ ، وَمِنْ شدَّةِ الْمَوْقِفِ يَوْمَ الدِّينِ ، فَإِنَّكَ تُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ لا تُعْرِضْ عَنِّي حِينَ أَدْعُوكَ ، وَلا تصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ حِينَ أَسْأَلُكَ ، فَلا رَبَّ لِي سِواكَ وَأَعْطِنِي مَسْأَلَتِي وَآمِنْ خَوْفِي يَوْمَ أَلْقاكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ فَأَعِذْنِي ، فَانِّي ضَعِيفٌ خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ بائِسٌ فَقِيرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، اللّهُمَّ اكْشِفْ ضُرَّ مَا اسْتَعَذْتُكَ مِنْهُ ، وَأَلْبِسْنِي رَحْمَتَكَ ، وَجَلِّلْنِي ، عافِيَتَكَ وَآمِنِّي بِرَحْمَتِكَ ، فَإِنَّكَ تُجِيرُ وَلا تُجارُ عَلَيْكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ خَلْوَتِهِ وَمِنْ ظُلْمَتِهِ ، وَضِيقِهِ وَعَذابِهِ ، وَمِنْ هَوْلِ ما أَتَخَوَّفُ بَعْدَهُ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ (1) صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأَنْ تَسْتَجِيبَ لِي دُعائِي ، وَتُعْطِيَنِي سُؤْلِي وَاكْفِنِي مِنْ دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَارْحَمْ فاقَتِي ، وَاغْفِرْ ذُنُوبِي ما تَقَدَّمَ مِنْها وَما تَأَخَّرَ ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي صِلَةَ قَرابَتِي وَحَجّاً مَقْبُولاً وَعَمَلاً صالِحاً مَبْرُوراً تَرْضاهُ مِمَّنْ عَمِلَ بِهِ ، وَأَصْلِحْ لِي أَهْلِي وَوَلَدِي ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي عَقَباً صالِحاً تُلْحِقُنِي مِنْ دُعائِهِمْ رِضْواناً وَمَغْفِرَةً وَزِيادَةً فِي كَرامَتِكَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ

ص: 128


1- آل محمد ( خ ل ).

قَدِيرٌ ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ وَكُلَّما كانَ فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رَيْبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ أَوْ مَرَحٍ (1) ، أَوْ بَطَرٍ أَوْ فَخْرٍ ، أَوْ خُيَلاءٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ خِيفَةٍ ، أَوْ رِياءٍ أَوْ سُمْعَةٍ ، أَوْ شِقاقٍ أَوْ نِفاقٍ ، أَوْ كُفْرٍ أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ عَظَمَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا لا تُحِبُّ عَلَيْهِ أَوْلِياءَكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ أَنْ تَمْحُوَ ذلِكَ مِنْ قَلْبِي وَأَنْ تُبَدِّلَنِي مَكانَهُ إِيماناً وَعَدْلاً ، وَرِضا بِقَضائِكَ ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ وَوَجِلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً فِي الدُّنْيا وَرَغْبَةً فِيما عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ وَطُمَأْنِينَةً إِلَيْكَ وَتَوْبَةً إِلَيْكَ نَصُوحاً ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، فَأَعِنِّي عَلى أَهْوالِ الدُّنْيا وَبَوائِقِ (2) الدَّهْرِ [ وَنَكَباتِ الزَّمانِ ] (3) وَكُرُباتِ الاخِرَةِ ، وَمُصِيباتِ اللَّيالِي وَالْأَيَّامِ وَمِنْ شَرِّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ ، اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ ، وَرَضِّنِي بِقَضائِكَ ، اللّهُمَّ افْتَحْ مَسامِعَ قَلْبِي لِذِكْرِكَ ، وَارْزُقْنِي شُكْراً وَتَوْفِيقاً وَعِبادَةً وَخَشْيَةً يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ اطَّلِعْ إِلَيَّ الْيَوْمَ اطِّلاعَةً تُدْخِلُنِي بِها الْجَنَّةَ ، اللّهُمَّ اسْتَجِبْ دُعائِي وَاقْبَلْهُ مِنِّي ، وَاجْعَلْهُ دُعاءً جامِعاً يُوافِقُ بَعْضُهُ بَعْضاً ، فَانَّ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَكَ بِمِقْدارِ ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْهُ مِنْ شَأْنِكَ فَإِنَّكَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ.

اللّهُمَّ وَاكْتُبْهُ فِي عِلِّيِّينَ فِي كِتابِ لا يُمْحى وَلا يُبَدَّلُ بِأَنْ تَقُولَ : قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما تَأَخَّرَ ، وَاسْتَجَبْتُ لَهُ دَعْوَتَهُ وَوَفَّقْتُهُ ، وَاصْطَفَيْتُهُ لِنَفْسِي ، وَكَرَّمْتُهُ وَفَضَّلْتُهُ ، وَعَصَمْتُهُ وَهَدَيْتُهُ ، وَزَكَّيْتُهُ وَأَصْلَحْتُهُ ، وَاسْتَخْلَصْتُهُ وَغَفَرْتُ لَهُ ، وَعَفَوْتُ عَنْهُ ، آمِينَ يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ،

ص: 129


1- مرح الرجل : اشتدّ فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
2- البائقة : الداهية.
3- من البحار.

فِي خَلاصِي وَخَلاصِ والِدَيَّ وَما وَلَدا وَأَهْلِي وَوَلَدِي وَجَمِيعِ ذُرِّيَّةِ أَبِي وَإِخْوانِي فِيكَ وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَكُلِّ والِدٍ لِي دَخَلَ فِي الإِسْلامِ ، مِنْ أَهْوالِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَمِنْ هُمُومِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَأَهْوالِها.

وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي عِزَّها ، وَتَصْرِفَ عَنِّي شَرَّها ، وَتُثَبِّتَنِي بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً وَحَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَصْرِفَ عَنِّي شَرَّ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَشَدِيدٍ ، وَمِنْ شَرِّ السَّأمَّةِ وَالْهامَّةِ (1) وَاللاّمَّةِ (2) وَالْخاصَّةِ وَالْعامَّةِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالانْسِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خَيْرٍ مَخْلُوقٍ دَعا إِلى خَيْرِ مَعْبُودٍ ، اللّهُمَّ رَبَّنا وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ وَما كانَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ عَمَلٍ صالِحٍ أَسْأَلُكَ بِهِ ، وَأَكُونُ فِي رِضْوانِكَ وَعافِيَتِكَ ، وَما صَلُحَ مِنْ ذلِكَ مِنَ الْبَرِّ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِهِ ، إِنِّي إِلَيْكَ راغِبٌ وَبِكَ مُسْتَجِيرٌ.

اللّهُمَّ مَا اسْتَعْفَيْتُكَ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَسْتَعْفِكَ مِنْهُ وَتُوجِبُ عَلَيَّ بِهِ النَّارَ وَسَخَطَكَ فَاعْفُنِي مِنْهُ ، وَما عُذْتُ مِنَ الْمَخازِي يَوْمَ الْقِيامَةِ وَسُوءِ الْمُطَّلَعِ إِلى ما فِي الْقُبُورِ فَأَعِذْنِي مِنْهُ ، اللّهُمَّ وَما أَنْدَمُ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِي لَهُ وَأُجازِي عَلَيْهِ يَوْمَ الْمَعادِ أَوْ تَرانِي فِي الدُّنْيا عَلَى الْحالِ الَّتِي تُورِثُ سَخَطَكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُعَظِّمَ عافِيَتِي مِنْ جَمِيعِ ذلِكَ يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

وَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ مَعَ ذلِكَ الْعافِيَةَ مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ ، وَسُوءِ الْقَضاءِ وَشَماتَةِ

ص: 130


1- الهامة : كل ذات سم يقتل ، جمع هوام ، امّا ما يسمّ ولا يقتل فهو السأمة كالعقرب والزنبور.
2- اللامة : مرض شبه الجنون.

الْأَعْداءِ ، وَأَنْ تَحْمِلَنِي بِما لا طاقَةَ لِي بِهِ وَأَنْ لا تُسَلِّطَ عَلَيَّ ظالِمِي بِما لا طاقَةَ لِي بِهِ ، وَتُناقِشَنِي فِي الْحِسابِ يَوْمَ الْحِسابِ مُناقَشَةً بِمَساوِيَّ أَحْوَجَ ما أَكُونُ إِلى عَفْوِكَ وَتَجاوُزِكَ ، أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُعَظِّمَ عافِيَتِي فِي جَمِيعِ ذلِكَ ، يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ ، أَيْ مَنْ عَفا عَنِ السَّيِّئاتِ وَلَمْ يُجازِ بِها ، ارْحَمْ عَبْدَكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، نَفْسِي نَفْسِي ارْحَمْ عَبْدَكَ يا سَيِّداهُ ، عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ، يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا مُنْتَهى رَغْبَتاهُ ، يا مُجْرِي الدَّمِ فِي عُرُوقِي ، عَبْدَكَ عَبْدَكَ يا سَيِّداهُ ، [ عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ] ، (1) يا مالِكَ عَبْدِهِ ، يا سَيِّداهُ ، يا مالِكاهُ ، يا هُوَ يا رَبّاهُ ، لا حِيلَةَ لِي وَلا غِنى بِي عَنْ نَفْسِي ، وَلا أَسْتَطِيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً ، وَلا رَجاءً لِي وَلا أَجِدُ أَحَداً أُصانِعُهُ (2) ، تَقَطَّعَتْ أَسْبابُ الْخَدائِعِ وَاضْمَحَلَّ عَنِّي كُلُّ باطِلٍ ، أَفْرَدَنِيَ الدَّهْرُ إِلَيْكَ فَقُمْتُ هذا الْمَقامَ ، إِلهِي بِعِلْمِكَ.

فَكَيْفَ أَنْتَ صانِعٌ بِي ، لَيْتَ شِعْرِي وَلا أَشْعُرُ ، كَيْفَ تَقُولُ لِدُعائِي؟

أَتَقُولُ : نَعَمْ ، أَوْ تَقُولُ : لا ، فَانْ قُلْتَ : لا ، فَيا وَيْلَتاهُ يا وَيْلَتاهُ يا وَيْلَتاهُ ، يا عَوْلَتاهُ يا عَوْلَتاهُ يا عَوْلَتاهُ ، يا شَقْوَتاهُ يا شَقْوَتاهُ يا شَقْوَتاهُ ، يا ذُلاَّهُ يا ذُلاَّهُ يا ذُلاَّهُ.

إِلَى مَنْ ، وَعِنْدَ مَنْ أَوْ كَيْفَ ، أَوْ بِماذا ، أَوْ إِلى أَيِّ شَيْءٍ ، وَمَنْ أَرْجُو ، أَوْ مَنْ يَعُودُ عَلَيَّ إِنْ رَفَضْتَنِي ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، وَإِنْ قُلْتَ : نَعَمْ ، كَما الظَّنُّ بِكَ ، فَطُوبى لِي أَنَا السَّعِيدُ ، فَطُوبى لِي أَنَا الْمَرْحُومُ.

أَيا مُتَرَحِّمُ ، أَيا مُتَعَطِّفُ ، أَيا مُحْيِي ، أَيا مُتَمَلِّكُ ، أَيا مُتَسَلِّطُ! لا عَمَلَ لِي أَرْجُو بِهِ نَجاحَ حاجَتِي ، وَلا أَحَدٌ أَنْفَعُ لِي مِنْكَ ، يا مَنْ عَرَّفَنِي نَفْسَهُ ، يا مَنْ أَمَرَنِي بِطاعَتِهِ ، يا مَدْعُوُّ يا مَسْئُولُ أَيا (3) مَطْلُوبٌ إِلَيْهِ.

رَفَضْتُ وَصِيَّتَكَ ، وَلَوْ أَطَعْتُكَ لَكَفَيْتَنِي ما قُمْتُ إِلَيْكَ فِيهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ

ص: 131


1- من البحار.
2- صانعه : داهنه ، رشاه.
3- يا ( خ ل ).

أَقُومَ ، وَأَنَا مَعَ مَعْصِيَتِي لَكَ راجٍ ، فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ ما رَجَوْتُهُ ، وَارْدُدْ يَدِي مِلءَ مِنْ خَيْرِكَ بِحَقِّكَ يا سَيِّدِي يا وَلِيِّي أَنَا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ ، شَرُّ عَبْدٍ ، وَأَنْتَ خَيْرُ رَبٍّ ، يا مَخْشِيَّ الانْتِقامِ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا مُحِيطُ بِمَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، أَصْلِحْنِي لِدُنْيايَ ، وَأَصْلِحْنِي لاخِرَتِي ، وَأَصْلِحْنِي لِأَهْلِي ، وَأَصْلِحْنِي لِوَلَدِي وَأَصْلِحْ لِي ما خَوَّلْتَنِي (1) يا إِلهِي ، وَأَصْلِحْنِي مِنْ خَطايايَ.

يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بإجابَتِكَ ، وَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ ما حُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْباطِلِ ، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تقول :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

الم اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ.

شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ ، اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً.

ص: 132


1- خوّلته : ملكته.

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ، اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ.

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ، وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ (1) حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ، قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ ، أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ ، اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى.

إِنَّنِي أَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ، إِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ، وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ.

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ (2) عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.

فَتَعالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ

ص: 133


1- عنت : وقع في أمر شاق.
2- نقدر : نضيق.

الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ، إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ.

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ، تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلِّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ.

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ.

هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ - تقوله سبعا.

ثمّ تقول :

آمَنّا بِاللّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما انْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ ، وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما اوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما اوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.

رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (1) ،

ص: 134


1- شطط : أفرط ، تباعد عن الحق.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ ، لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَصَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

ثم تقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللّهِ مِنْ خَلْقِهِ ، وَأَمِينِهِ عَلى وَحْيِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ ، أَنْتَ حُجَّةُ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ ، وَبابُ عِلْمِهِ وَوَصِيُّ نَبِيِّهِ وَالْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ فِي أُمَّتِهِ ، لَعَنَ اللّهُ أُمَّةً غَصَبَتْكَ حَقَّكَ ، وَقَعَدَتْ مَقْعَدَكَ ، أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُمْ ، وَمِنْ شِيعَتِهِمْ إِلَيْكَ.

السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ الْبَتُولُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَيْنَ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْكِ وَعَلَيْهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، لَعَنَ اللّهُ امَّةً غَصَبَتْكِ حَقَّكِ وَمَنَعَتْكِ ما جَعَلَهُ اللّهُ لَكِ حَلالاً ، أَنَا بَرِيءٌ إِلَيْكِ مِنْهُمْ وَمِنْ شِيعَتِهِمْ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا مُحَمَّدِ الْحَسَنَ الزَّكِيَّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ ، لَعَنَ اللّهُ امَّةً قَتَلَتْكَ وَبايَعَتْ فِي أَمْرِكَ وَشايَعَتْ انَا بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَمِنْ شِيعَتِهِمْ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكَ وَعَلى أَبِيكَ وَجَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ ، لَعَنَ اللّهُ امَّةً اسْتَحَلَّتْ دَمَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً قَتَلَتْكَ وَاسْتَباحَتْ حَرِيمَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ أَشْياعَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ ، وَلَعَنَ اللّهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتالِكُمْ ، أَنَا بَرِيءٌ إِلَى اللّهِ وَإِلَيْكَ مِنْهُمْ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ، السَّلامُ

ص: 135

عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسى.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أَبَا الْقاسِمِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ صاحِبَ الزَّمانِ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلى عِتْرَتِكَ الطّاهِرَةِ الطَّيِّبَةِ.

يا مَوالِيَّ كُونُوا شُفَعائِي فِي حَطِّ وزْرِي وَخَطايايَ ، آمَنْتُ بِاللّهِ وَبِما انْزِلَ إِلَيْكُمْ وَأَتَوالى آخِرَكُمْ بِما أَتَوالى بِهِ أَوَّلَكُمْ ، وَبَرِئْتُ مِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَاللاّتِ وَالْعُزّى.

يا مَوالِيَّ ، أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ ، وَوَلِيٌّ لِمَنْ والاكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلَعَنَ اللّهُ ظالِميكُمْ وَغاصِبِيكُمْ وَلَعَنَ اللّهُ أَشْياعَهُمْ وَأَتْباعَهُمْ وَأَهْلَ مَذْهَبِهِمْ ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللّهِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ.

اللّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً وَاشْهِدُ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلِيّاً وَالثَّمانِيَةَ مِنْ حَمَلَةِ عَرْشِكَ وَالْأَرْبَعَةِ الْأَمْلاكِ خَزَنَةَ عِلْمِكَ ، أَنِّي بَرِيءٌ (1) مِنْ أَعْدائِهِمْ وَأَنَّ فَرْضَ صَلَواتِي لِوَجْهِكَ ، وَنَوافِلِي وَزَكَواتِي وَما طابَ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ عِنْدَكَ ، فَعَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ.

اللّهُمَّ أَقْرِرْ (2) عَيْنِي بِصَلاتِهِ وَصَلاةِ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَاجْعَلْ ما هَدَيْتَنِي إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالْمَعْرِفَةِ بِهِمْ مُسْتَقَرّاً لا مُسْتَوْدَعاً ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ وَعَرِّفْنِي نَفْسَكَ وَعَرِّفْنِي رُسُلَكَ ، وَعَرِّفْنِي مَلائِكَتَكَ ، وَعَرِّفْنِي وُلاةَ أَمْرِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي لا آخذُ إِلاّ ما أَعْطَيْتَ ، وَلا واقٍ إِلاّ ما وَقَيْتَ ، اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي مَنازِلَ أَوْلِيائِكَ وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَأْفَةً وَرُشْداً ، اللّهُمَّ وَعَلِّمْنِي ناطِقَ التَّنْزِيلِ وَخَلِّصْنِي مِنَ الْمَهالِكِ.

اللّهُمَّ وَخَلِّصْنِي مِنَ الشَّيْطانِ وَحِزْبِهِ ، وَمِنَ السُّلْطانِ وَجُنْدِهِ ، وَمِنَ الْجِبْتِ

ص: 136


1- انّي أبرئ ( خ ل ).
2- أقرّ ( خ ل ).

وَأَنْصارِهِ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودِ ، وَبِعَلِيٍّ الْمَقْصُودِ ، وَبِحَقِّ شبرٍ وَشبيرٍ ، وَبِحَقِّ أَسْمائِكَ الْحُسْنى صَلِّ عَلى أَفْضَلِ الصَّفْوَةِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنْتَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ.

يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ ، يا سَيِّداهُ يا سَيِّداهُ يا سَيِّداهُ ، يا مَوْلاهُ يا مَوْلاهُ يا مَوْلاهُ ، يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ ، وَيا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ ، وَيا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ مَوْقِفاً مَحْمُوداً وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا ، وَأَشْرِكْنا فِي صالِحِ دُعاءِ مَنْ دَعاكَ بِمِنى وَعَرَفاتٍ وَمُزْدَلَفَةِ وَعِنْدَ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَالْمَقامِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَيْثُ رَفَعْتَ أَقْدارَنا عَنْ شَدِّ الزَّنانِيرِ (1) فِي الْأَوْساطِ وَالْخَواتِيمِ فِي الْأَعْناقِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَيْثُ لَمْ تَجْعَلْنا زَنادِقَةً مُضِلِّينَ ، وَلا مُدَّعِيَةً شاكِّينَ مُرْتابِينَ وَلا مُعارِضِينَ ، وَلا عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مُنْحَرِفِينَ ، وَلا بَيْنَ عِبادِهِ مَشْهُورِينَ.

اللّهُمَّ كَما بَلَّغْتَنا هذَا الْيَوْمَ الْمُبارَكَ مِنْ شَهْرِنا وَسَنَتِنا هذِهِ الْمُبارَكَةِ ، فَبَلِّغْنا آخِرَها فِي عافِيَةٍ وَبَلِّغْنا أَعْواماً كَثِيرَةً بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ ، يا سَيِّداهُ يا سَيِّداهُ يا سَيِّداهُ ، يا مَوْلاهُ يا مَوْلاهُ يا مَوْلاهُ.

اللّهُمَّ وَما قَسَمْتَ لِي فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي هذَا الشَّهْرِ وَفِي هذِهِ السَّنَةِ ، مِنْ خَيْرٍ أَوْ بَرَكَةٍ أَوْ عافِيَةٍ ، أَوْ مَغْفِرَةٍ أَوْ رَأْفَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ ، أَوْ عِتْقٍ مِنَ النّارِ أَوْ رِزْقٍ واسِعٍ حَلالٍ طَيِّبٍ ، أَوْ تَوْبَةٍ نَصُوحٍ ، فَاجْعَلْ لَنا فِي ذلِكَ أَوْفَرَ النَّصِيبِ وَأَجْزَلِ الْحَظِّ.

اللّهُمَّ ما أَنْزَلْتَ فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي هذَا الشَّهْرِ وَفِي هذِهِ

ص: 137


1- الزّنارج الزنانير ، الزنارة : ما يشدّ على الوسط.

السَّنَةِ ، مِنْ حَرَقٍ أَوْ شَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ هَدَمٍ أَوْ رَدْمٍ (1) ، أَوْ خَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ ، أَوْ رَجْفٍ (2) أَوْ مَسْخٍ أَوْ صَيْحَةٍ ، أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ فِتْنَةٍ ، أَوْ صاعِقَةٍ أَوْ بَرَدٍ ، أَوْ جُنُونٍ أَوْ جُذامٍ ، أَوْ بَرَصٍ أَوْ أَكْلِ سَبُعٍ أَوْ مَيْتَةَ سُوءٍ ، وَجَمِيعِ أَنْواعِ الْبَلاءِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، فَاصْرِفْهُ عَنّا كَيْفَ شِئْتَ ، وَأَنّى شِئْتَ ، وَعَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ دارٍ وَمَنْزِلٍ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِها.

عَزَّ جارُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَةُ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَأَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، عَلَيْها أَحْيى ، وَعَلَيْها أَمُوتُ ، وَعَلَيْها ابْعَثُ حَيّاً إِنْ شاءَ اللّهُ.

رَضِيتُ بِاللّهِ رَبّاً ، وَبِالإِسْلامِ دِيناً ، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيّاً ، وَبِعَلِيٍّ وَلِيّاً ، وَبِالْقُرْآنِ كِتاباً ، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً ، وَبإِبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَباً ، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيّاً ، وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ لِلْحَقِّ واضِحاً ، وَلِلْجَنَّةِ وَالنّارِ قاسِماً ، وَبِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ شِيعَتِهِ إِخْواناً.

لا أُشْرِكُ بِاللّهِ شَيْئاً وَلا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً وَلا أَدَّعِي مَعَهُ إِلهاً ، لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، إِلهاً واحِداً فَرْداً صَمَداً ، لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْعَظِيمِ مِنْ آلائِكَ ، وَالْقَدِيمِ مِنْ نَعْمائِكَ ، وَالْمَخْزُونِ مِنْ أَسْمائِكَ ، وَما وارَتِ الْحُجُبُ مِنْ بَهائِكَ ، وَمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ

ص: 138


1- الردم : ما يسقط من الحائط المتهدّم.
2- رجف : تحرك ، الرجفة : الزلزلة.

مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَرْحَمَ هذِهِ النَّفْسَ الْجَزُوعَةَ ، وَهذَا الْبَدَنَ الْهَلُوعَ (1) الَّذِي لا يُطِيقُ حَرَّ شَمْسِكَ ، فَكَيْفَ يُطِيقُ حَرَّ نارِكَ ، إِنْ تُعاقِبْنِي لا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ شَيْءٌ ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي لا يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِكَ شَيْءٌ.

أَنْتَ يا رَبِّ أَرْحَمُ ، وَبِعِبادِكَ أَعْلَمُ ، وَبِسُلْطانِكَ أَرْأَفُ ، وَبِمُلْكِكَ أَقْدَمُ ، وَبِعَفْوِكَ أَكْرَمُ ، وَعَلى عِبادِكَ أَنْعَمُ ، لا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ طاعَةُ الْمُطِيعِينَ ، وَلا يَنْقُصُ مِنْهُ مَعْصِيَةُ الْعاصِينَ (2) ، وَاعْفُ عَنِّي يا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَلُوذُ بِعِزَّتِكَ ، وَأَسْتَظِلُّ بِفِنائِكَ ، وَأَسْتَجِيرُ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْتَغِيثُ بِرَحْمَتِكَ ، وَأَعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ ، وَلا أَثِقُ إِلاّ بِكَ ، وَلا أَلْجَأ إِلاّ إِلَيْكَ ، يا عَظِيمَ الرَّجاءِ ، يا كاشِفَ الْبَلاءِ ، وَيا أَحَقَّ مَنْ تَجاوَزَ وَعَفى.

اللّهُمَّ إِنَّ ظُلْمِي مُسْتَجِيرٌ بِعَفْوِكَ ، وَخَوْفِي مُسْتَجِيرٌ بِأَمانِكَ ، وَفَقْرِي مُسْتَجِيرٌ بِغِناكَ ، وَوَجْهِيَ الْبالِي الْفانِي مُسْتَجِيرٌ بِوَجْهِكَ الدّائِمِ الْباقِي ، الَّذِي لا يَفْنى وَلا يَزُولُ ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ ، لا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا فِي دِينِنا.

وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمِّنا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا ، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِنا ، وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفِنا ، وَبِغِناكَ عَلى فَقْرِنا ، وَأَعِذْنا مِنَ الْأَذى وَالْعِدى وَالضُّرِّ وَسُوءِ الْقَضاءِ وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْمالِ وَالدِّينِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ ، وَعِنْدَ مُعايَنَةِ الْمَوْتِ.

اللّهُمَّ يا رَبِّ نَشْكُوا غَيْبَةَ نَبِيِّنا عَنّا ، وَقِلَّةَ ناصِرِنا ، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا ، وَشِدَّةَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنا ، وَتَظاهُرَ الْخَلْقِ عَلَيْنا ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَفَرِّجْ ذلِكَ بِفَرَجٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ ، وَضُرٍّ تَكْشِفُهُ وَحَقٍّ تُظْهِرُهُ.

اللّهُمَّ وَابْعَثْ بِقائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله لِلنَّصْرِ لِدِينِكَ ، وَإِظْهار حُجَّتِكَ ، وَالْقِيامِ بِأَمْرِكَ ، وَتَطْهِيرِ أَرْضِكَ مِنْ أَرْجاسِها بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.

ص: 139


1- الهلوع : من يفزع.
2- المذنبين ( خ ل ).

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُوالِي لَكَ عَدُوّاً أَوْ أُعادِي لَكَ وَلِيّاً ، أَوْ أَسْخَطَ لَكَ رِضا ، أَوْ أَرْضى لَكَ سَخَطاً ، أَوْ أَقُولَ لِحَقٍّ : هذا باطِلٌ ، أَوْ أَقُولَ لِباطِلٍ : هذا حَقٌّ ، أَوْ أَقُولَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا : هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنا بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ (1).

ومن الدعوات في يوم عرفة ، المرويات عن الصّادق عليه أفضل الصلاة فقال : تكبّر اللّه مائة مرة ، وتهلّله مائة مرّة ، وتسبّحه مائة مرّة ، وتقدّسه مائة مرّة ، وتقرء آية الكرسي مائة مرّة ، وتصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه وآله مائة مرّة ، ثمّ تبدأ بالدّعاء ، فتقول :

إِلهِي وَسَيِّدِي ، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ ما أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي لَكَ مُخالَفَةَ أَمْرِكَ ، بَلْ عَصَيْتُ إِذْ عَصَيْتُكَ وَما أَنَا بِنَكالِكَ (2) جاهِلٌ ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ، وَغَلَبَتْ عَلَيَّ شِقْوَتِي ، وَأَعانَنِي عَلَيْهِ عَدُوُّكَ وَعَدُوِّي ، وَغَرَّنِي سِتْرُكَ الْمُسْبَلُ (3) عَلَيَّ ، فَعَصَيْتُكَ بِجَهْلِي ، وَخالَفْتُكَ بِجُهْدِي.

فَالآنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يُنْقِذُنِي ، وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي ، أَنَا الْغَرِيقُ الْمُبْتَلى ، فَمَنْ سَمِعَ بِمِثْلِي أَوْ رَأى مِثْلَ جَهْلِي ، لا رَبَّ لِي غَيْرُكَ يُنْجِينِي ، وَلا عَشِيرَةَ تَكْفِينِي ، وَلا مالَ يُفْدِينِي.

فَوَعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي لأَطْلُبَنَّ إِلَيْكَ ، وَعِزَّتِكَ يا مَوْلايَ لأَتَضَرَّعَنَّ إِلَيْكَ ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لُالِحَّنَّ عَلَيْكَ ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لَأَبْتَهِلَنَّ إِلَيْكَ ، وَعِزَّتِكَ يا رَجائِي لَأَمُدَّنَّ يَدِي مَعَ جُرْمِها إِلَيْكَ.

إِلهِي فَمَنْ لِي ، مَوْلايَ فَبِمَنْ أَلُوذُ؟ سَيِّدِي فَبِمَنْ أَعُوذُ؟ أَمَلِي فَمَنْ أَرْجُو؟ أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلاّ مِنْكَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، يا أَحَدَ مَنْ لا أَحَدَ

ص: 140


1- عنه البحار 98 : 238 - 255 ، عنه بعضه البحار 101 : 375.
2- النكال : العقوبة.
3- اسبل الستر : أرخاه.

لَهُ ، يا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِذَنْبٍ ، يا أَعَزَّ مَنْ خُضِعَ لَهُ بِذُلٍّ.

يا أَرْحَمَ مَنِ اعْتُرِفَ لَهُ بِجُرْمٍ ، لِكَرَمِكَ أَقْرَرْتُ بِذُنُوبِي ، وَلِعِزَّتِكَ خَضَعْتُ بِذِلَّتِي ، فَما صانِعٌ مَوْلايَ وَلِرَحْمَتِكَ أَنْتَ اعْتَرَفْتُ بِجُرْمِي ، فَمَا أَنْتَ فاعِلٌ سَيِّدِي لِمُقِرٍّ لَكَ بِذَنْبِهِ ، خاضِعٍ لَكَ بِذِلَّةٍ ، مُعْتَرِفٍ لَكَ بِجُرْمِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاسْمَعِ اللّهُمَّ دُعائِي إِذا دَعَوْتُكَ ، وَنِدائِي إِذا نادَيْتُكَ ، وَأَقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ ، فَانِّي أُقِرُّ لَكَ بِذُنُوبِي ، وَأَعْتَرِفُ وَأَشْكُو إِلَيْكَ مَسْكَنَتِي وَفاقَتِي وَقَساوَةَ قَلْبِي وَضُرِّي وَحاجَتِي ، يا خَيْرَ مَنْ آنَسْتُ بِهِ وَحْدَتِي وَناجَيْتُهُ بِسِرِّي.

يا أَكْرَمَ مَنْ بَسَطْتَ إِلَيْهِ يَدِي ، وَيا أَرْحَمَ مَنْ مَدَدْتَ إِلَيْهِ عُنُقِي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي الَّتِي نَظَرَتْ إِلَيْها عَيْنايَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِيَ الَّتِي نَطَقَ بِها لِسانِي ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِيَ الَّتِي اكْتَسَبَتْها يَدِي ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي الَّتِي باشَرَها جِلْدِي ، وَاغْفِرِ اللّهُمَّ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُ بِها عَلى بَدَنِي.

وَاغْفِرِ اللّهُمَّ ذُنُوبِي الَّتِي قَدَّمَتْها يَدايَ ، وَاغْفِرْ اللّهُمَّ ذُنُوبِي الَّتِي أَحْصاها كِتابُكَ ، وَاغْفِرِ اللّهُمَّ ذُنُوبِيَ الَّتِي سَتَرْتُها مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَلَمْ أَسْتُرْها مِنْكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي أَوَّلَها وَآخِرَها ، صَغِيرَها وَكَبِيرَها ، دَقِيقَها وَجَلِيلَها ، ما أَعْرِفُ (1) مِنْها وَما لا أَعْرِفُ ، مَوْلايَ عَظُمَتْ ذُنُوبِي وَجَلَّتْ ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ.

فَاعْفُ عَنِّي فَقَدْ قَيَّدَتْنِي ، وَاشْتَهَرَتْ عُيُوبِي ، وَغَرَقَتْنِي خَطايايَ ، وَأَسْلَمَتْنِي نَفْسِي إِلَيْكَ ، بَعْدَ ما لَمْ أَجِدْ مَلْجَأً ، وَلا مَنْجا مِنْكَ إِلاّ إِلَيْكَ ، مَوْلايَ اسْتَوْجَبْتُ أَنْ أَكُونَ لِعُقُوبَتِكَ غَرَضاً ، وَلِنَقِمَتِكَ مُسْتَحِقّاً.

ص: 141


1- عرفت ( خ ل ).

إِلهِي قَدْ غُيِّرَ عَقْلِي فِيما وَجِلَتْ مِنْ مُباشِرَةِ عِصْيانِكَ ، وَبَقِيَتْ حَيْراناً مُتَعَلِّقاً بِعَمُودِ عَفْوِكَ (1) ، فَأَقِلْنِي يا مَوْلايَ وَإِلهِي بِالاعْتِرافِ ، فَها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ عَبْدٌ ذَلِيلٌ خاضِعٌ صاغِرٌ داخِرٌ راغِمٌ ، إِنْ تَرْحَمْنِي فَقَدِيماً شَمَلَنِي عَفْوُكَ ، وَأَلْبَسَتْنِي عافِيَتُكَ ، وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي لِذلِكَ أَهْلٌ وَهُوَ مِنْكَ يا رَبِ (2) عَدْلٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْمَخْزُونِ مِنْ أَسْمائِكَ ، وَما وارَتِ الْحُجُبُ مِنْ بَهائِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتَرْحَمَ هذِهِ النَّفْسَ الْجَزُوعَةَ ، وَهذا الْبَدَنَ الْهَلُوعَ (3) ، وَالْجِلْدَ الرَّقِيقَ ، وَالْعَظْمَ الدَّقِيقَ ، مَوْلايَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ - مائة مرّة.

اللّهُمَّ قَدْ غَرَقَتْنِي الذُّنُوبُ وَغَمَرَتْنِي النِّعَمُ ، وَقَلَّ شُكْرِي وَضَعُفَ عَمَلِي ، وَلَيْسَ لِي ما أَرْجُوهُ إِلاّ رَحْمَتُكَ ، فَاعْفُ عَنِّي فَإِنِّي امْرَؤُ حَقِيرٌ وَخَطَرِي يَسِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي ، فَإِنَّ عَفْوَكَ أَرْجى لِي مِنْ عَمَلِي ، وَإِنْ تَرْحَمْنِي فَانَّ رَحْمَتَكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي ، وَأَنْتَ الَّذِي لا تُخَيِّبُ السّائِلَ ، وَلا يَنْقُصُكَ النّائِلُ ، يا خَيْرَ مَسْئُولٍ وَأَكْرَمَ مَأْمُولٍ.

هذا مَقامُ الْمُسْتَجِيرِ بِكَ مِنَ النّارِ - مائة مرّة ، هذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ - مائة مرّة.

هذا مَقامُ الذَّلِيلِ ، هذا مَقامُ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، هذا مَقامُ الْمُسْتَجِيرِ ، هذا مَقامُ مَنْ لا أَمَلَ لَهُ سِواكَ ، هذا مَقامُ مَنْ لا يُفَرِّجُ كَرْبَهُ سِواكَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ ، لَوْ لا أَنْ هَدانا اللّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما رَزَقْتَنِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما مَنَحْتَنِي (4) ، وَلَكَ

ص: 142


1- في البحار : غفرانك.
2- وهو يا رب منك ( خ ل ).
3- الهلوع : من يفزع.
4- منحه : أعطاه.

الْحَمْدُ عَلى ما أَلْهَمْتَنِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما وَفَّقْتَنِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما شَفَيْتَنِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما عافَيْتَنِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما هَدَيْتَنِي.

وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرّاءِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ، حَمْداً كَثِيراً دائِماً سَرْمَداً أَبَداً لا يَنْقَطِعُ وَلا يَفْنى أَبَداً ، حَمْداً تَرْضى بِحَمْدِكَ عَنّا ، حَمْداً يَصْعَدُ أَوَّلُهُ وَلا يَفْنَى آخِرُهُ يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ قَوِيَ عَلَيْهِ بَدَنِي بِعافِيَتِكَ ، أَوْ نالَتْهُ قُدْرَتِي بِفَضْلِ نِعْمَتِكَ ، أَوْ بَسَطْتُ إِلَيْهِ يَدِي بِسابِغِ رِزْقِكَ ، أَوْ اتَّكَلْتُ عِنْدَ خَوْفِي مِنْهُ عَلى أَناتِكَ أَوْ وَثِقْتُ فِيهِ بِحَوْلِكَ ، أَوْ عَوَّلْتُ فِيهِ عَلى كَرِيمِ عَفْوِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ خُنْتُ فِيهِ أَمانَتِي ، أَوْ نَحَّسْتُ بِفِعْلِهِ نَفْسِي ، أَوْ احْتَطَبْتُ بِهِ عَلى بَدَنِي ، أَوْ قَدَّمْتُ فِيهِ لَذَّتِي ، أَوْ آثَرْتُ فِيهِ شَهَواتِي ، أَوْ سَعَيْتُ فِيهِ لِغَيْرِي ، أَوْ اسْتَغْوَيْتُ فِيهِ مَنْ تَبِعَنِي ، أَوْ غَلَبْتُ عَلَيْهِ بِفَضْلِ حِيلَتِي ، أَوِ احْتَلْتُ عَلَيْكَ فِيهِ مَوْلايَ فَلَمْ تَغْلِبْنِي عَلى فِعْلِي ، إِذْ كُنْتَ كارِهاً لِمَعْصِيَتِي ، لكِنْ سَبَقَ عِلْمُكَ فِي فِعْلِي ، فَحَلُمْتَ عَنِّي ، لَمْ تُدْخِلْنِي يا رَبِّ فِيهِ جَبْراً ، وَلَمْ تُحَمِّلْنِي عَلَيْهِ قَهْراً ، وَلَمْ تَظْلِمْنِي فِيهِ شَيْئاً.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ غَمَرَتْهُ مَساغِبُ الْإساءَةِ ، فَأَيْقَنَ مِنْ إِلهِهِ بِالْمُجازاةِ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ تَهَوَّرَ تَهَوُّراً فِي الْغَياهِبِ ، وَتَداحَضَ (1) لِلشَّقْوَةِ فِي أَوْداءِ الْمَذاهِبِ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ أَوْرَطَهُ الإِفْراطُ فِي مَآثِمِهِ وَأَوْثَقَهُ الارْتِباكُ (2) فِي لُجَجِ جَرائِمِهِ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ أَناف (3) عَلَى الْمَهالِكِ بِمَا اجْتَرَمَ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ أَوْحَدَتْهُ الْمَنِيَّةُ فِي حُفْرَتِهِ ، فَأَوْحَشَ بِمَا اقْتَرَفَ

ص: 143


1- دحض رجله: زلفت.
2- ربكه : خلطه.
3- اناف على الشيء : أشرف.

مِنْ ذَنْبٍ اسْتَكْفَفَ ، فَاسْتَرْحَمَ هُنالِكَ رَبَّهُ وَاسْتَعْطَفَ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ لَمْ يَتَزَوَّدْ لِبُعْدِ سَفَرِهِ زاداً ، وَلَمْ يُعَدِّ لِمَظاعِنِ تِرْحالِهِ (1) إِعْداداً ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ شَسَعَتْ (2) شُقَّتُهُ وَقَلَّتْ عُدَّتُهُ فَغَشِيَتْهُ هُنالِكَ كُرْبَتُهُ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ خالَطَ كَسْبُهُ التَّدالُسَ ، وَقَرَنَ بِأَعْمالِهِ التَّباخُسَ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ لا يَعْلَمُ عَلى أَيِّ مَنْزِلَتِهِ هاجِمٌ ، أَفِي النّارِ يُصْلى (3) أَمْ فِي الْجَنَّةِ ناعِمٌ يَحْيى ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ غَرَقَ فِي لُجَجِ الْمَآثِمِ ، وَتَقَلَّبَ فِي أَظالِيلِ مَقْتِ الْمَحارِمِ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ عَنَدَ عَنْ لَوائِحِ حَقِّ الْمَنْهَجِ ، وَسَلَكَ سَوادِفَ سُبُلِ الْمُرْتَتَجِ (4) ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ لَمْ يُهْمِلْ شُكْرِي وَلَمْ يَضْرِبْ عَنْهُ صَفْحاً ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ لَمْ يَنْجهُ الْمَفَرُّ مِنْ مُعاناةِ ضَنْكِ الْمُنْقَلَبِ ، وَلَمْ يُجِرْهُ الْمَهْرَبُ مِنْ أَهاوِيلِ عَبْءِ (5) الْمَكْسَبِ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ تَمَرَّدَ فِي طُغْيانِهِ عَدُوّاً ، وَبارَزَهُ بِالْخَطِيئَةِ عُتُوّاً ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ أَحْصى عَلَيْهِ كُرُورَ لَوافِظِ أَلْسِنَتِهِ ، وَزِنَةَ مَخانِقِ (6) الْجَنَّةِ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ اسْتِغْفارَ مَنْ لا يَرْجُو سِواهُ ، أَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ مِمّا أَحْصاهُ الْعُقُولُ ، وَالْقَلْبُ الْجَهُولُ ، وَاقْتَرَفَتْهُ الْجَوارِحُ الْخاطِئَةُ ، وَاكْتَسَبَتْهُ الْيَدُ الْباغِيَةُ.

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ بِمِقْدارٍ وَمِقْياسٍ وَمِكْيالٍ ، وَمَبْلَغٍ ما أَحْصى وَعَدَدِ ما خَلَقَ وَما فَلَقَ ، وَذَرَءَ وَبَرَءَ ، وَأَنْشَأَ وَصَوَّرَ وَدَوَّنَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ أَضْعافَ ذلِكَ كُلِّهِ وَأَضْعافاً مُضاعَفَةً وَأَمْثالاً مُمَثَّلَةً ، حَتّى أَبْلُغَ رِضَى اللّهِ وَأَفُوزَ بِعَفْوِهِ.

ص: 144


1- رحل رحلا وترحالا عن المكان : تركه.
2- شسعت : بعدت.
3- صلى بالنار : قاسى حرّها أو احترق بها.
4- سبل المرتتج : الطرق الضيّقة.
5- العبئ : الحمل والثقل من أي شيء كان.
6- المخنقة جمع مخانق : ما يخنق به ، القلادة.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانِي لِدِينِهِ الَّذِي لا يُقْبَلُ عَمَلٌ إِلاّ بِهِ ، وَلا يَغْفِرُ ذَنْباً إِلاّ لِأَهْلِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي مُسْلِماً لَهُ وَلِرَسُولِهِ صلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فِيما أَمَرَ بِهِ وَنَهى عَنْهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي أَعْبُدُ شَيْئاً غَيْرَهُ ، وَلَمْ يُكْرِمْ بِهَوانِي أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما صَرَفَ عَنِّي مِنْ أَنْواعِ الْبَلاءِ فِي نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي وَأَهْلِ حُزانَتِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عَلى كُلِّ حالٍ.

وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْمَلِكُ الرَّحْمنُ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْمُفَضِّلُ الْمَنّانُ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْأَوَّلُ وَالآخِرُ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ذُو الطَّوْلِ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الظّاهِرُ الْباطِنُ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ مِدادَ كَلِماتِهِ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ مِلْءَ عَرْشِهِ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ عَدَدَ ما أَحْصى كِتابُهُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ الْحَلِيمِ الْكَرِيمِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ الَّذِي لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلاّ لَهُ.

وَسُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ ، الَّذِينَ أَذْهَبَ اللّهُ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ ، وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالْمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَدَّى الْأَمانَةَ ، وَمَنَحَ النَّصِيحَةَ ، وَحَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ ، وَكابَدَ (1) الْعُسْرَةِ.

اللّهُمَّ أَعْطِهِ بِكُلِّ مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ ، وَمَنزِلَةٍ مِنْ مَنازِلِهِ ، وَحالٍ مِنْ أَحْوالِهِ ، خَصائِصَ مِنْ عَطائِكَ ، وَفَضائِلَ مِنْ حَبائِكَ (2) ، تَسُرُّ بِها نَفْسَهُ ، وَتُكْرِمُ بِها وَجْهَهُ ، وَتَرْفَعُ بِها مَقامَهُ ، وَتُعْلِي بِها شَرَفَهُ عَلَى الْقُوّامِ بِقِسْطِكَ ، وَالذّابِّينَ عَنْ حَرِيمِكَ (3).

ص: 145


1- كابده : قاسى.
2- الحبوة : العطية.
3- حرمك ( خ ل ).

اللّهُمَّ وَأَوْرِدْ عَلَيْهِ وَعَلى ذُرِّيَّتِهِ ، وَأَزْواجِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَصْحابِهِ وَأُمَّتِهِ ما تَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ ، وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ وَمِمَّنْ تَسْقِيهِ بِكَأْسِهِ ، وَتُورِدُهُ حَوْضَهُ ، وَتَحْشُرُنا فِي زُمْرَتِهِ وَتَحْتَ لِوائِهِ ، وَتُدْخِلُنا فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخاءٍ ، وَفِي كُلِّ عافِيَةٍ وَبَلاءٍ ، وَفِي كُلِّ أَمْنٍ وَخَوْفٍ ، وَفِي كُلِّ مَثْوىً وَمُنْقَلَبٍ ، اللّهُمَّ أَحْيِنِي مَحْياهُمْ ، وَأَمِتْنِي مَماتَهُمْ ، وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي الْمَواطِنِ كُلِّها ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنُهُمْ أَبَداً ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ أَفْنِنِي خَيْرَ الْفَناءِ إِذا أَفْنَيْتَنِي عَلى مُوالاتِكَ وَمُوالاةِ أَوْلِيائِكَ ، وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ ، وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ إِلَيْكَ وَالْوَفاءِ بِعَهْدِكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ ، وَالاتِّباعِ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَتُدْخِلُنِي مَعَهُمْ فِي كُلِّ خَيْرٍ وَتُنْجِينِي بِهِمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاغْفِرْ ذَنْبِي وَوَسِّعْ خُلْقِي وَطَيِّبْ كَسْبِي وَقَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَنِي ، وَلا تُذْهِبْ نَفْسِي إِلى شَيْءٍ صَرَفْتَهُ عَنِّي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النِّسْيانِ وَالْكَسَلِ وَالتَّوانِي فِي طاعَتِكَ ، وَمِنْ عِقابِكَ الْأَدْنى وَعَذابِكَ الْأَكْبَرِ.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ دُنْيا تَمْنَعُ خَيْرَ الاخِرَةِ ، وَمِنْ حَياةٍ تَمْنَعُ خَيْرَ الْمَماتِ ، وَمِنْ أَمَلٍ يَمْنَعُ خَيْرَ الْعَمَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ دُعاءٍ لا يُرْفَعُ ، وَمِنْ صَلاةٍ لا تُقْبَلُ.

اللّهُمَّ افْتَحْ مَسامِعَ قَلْبِي لِذِكْرِكَ ، حَتّى أَتَّبِعَ كِتابَكَ وَاصَدِّقَ رَسُولَكَ ، وَآمَنَ بِوَعْدِكَ ، وَاوفِي بِعَهْدِكَ ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَسْأَلُكَ الصَّبْرَ عَلى طاعَتِكَ ، وَالصَّبْرَ لِحُكْمِكَ.

وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ حَقائِقَ الإِيمانِ ، وَالصِّدْقَ فِي الْمَواطِنِ كُلِّها ، وَالْعَفْوَ وَالْمُعافاةَ ، وَالْيَقِينَ وَالْكَرامَةَ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَالشُّكْرَ وَالنَّظَرَ إِلى وَجْهِكَ

ص: 146

الْكَرِيمِ ، فَانَّ بِنِعْمَتِكَ تَتِمُّ الصّالِحاتِ.

اللّهُمَّ أَنْتَ تُنْزِلُ الْغِنا وَالْبَرَكَةَ مِنَ الرَّفِيعِ الْأَعْلى عَلَى الْعِبادِ قاهِراً مُقْتَدِراً ، أَحْصَيْتَ أَعْمالَهُمْ ، وَقَسَمْتَ أَرْزاقَهُمْ ، وَسَمَّيْتَ آجالَهُمْ وَكَتَبْتَ آثارَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُمْ وَأَلْوانُهُمْ ، خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ، لا يَعْلَمُ الْعِبادُ عِلْمَكَ ، وَكُلُّنا فُقَراء إِلَيْكَ.

فَلا تَصْرِفِ اللّهُمَّ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَلا تَمْنَعْنِي فَضْلَكَ ، وَلا تحْرِمْنِي طَوْلَكَ وَعَفْوَكَ ، وَاجْعَلْنِي أُوالِي أَوْلِياءَكَ وَأُعادِي أَعْداءَكَ ، وَارْزُقْنِي الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ وَالْخُشُوعَ وَالْوَفاءَ وَالتَّسْلِيمَ ، وَالتَّصْدِيقَ بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعَ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَغَمَّنِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي ، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ ، وَأَلْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ ، وَاقْضِ عَنِّي دَيْنِي وَوَفِّقْنِي لِمَا يُرْضِيكَ عَنِّي.

وَاحْرُسْنِي وَذُرِّيَّتِي وَأَهْلِي وَقَراباتِي وَجَمِيعَ إِخْوانِي فِيكَ وَأَهْلَ حُزانَتِي (1) مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَشَياطِينِ الانْسِ وَالْجِنِّ ، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَتَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ ما سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ ، وَجَمِيلِ ثَنائِكَ ، وَخاصَّةِ دُعائِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ عَشِيَّتِي هذِهِ أَعْظَمَ عَشِيَّةٍ مَرَّتْ عَلَيَّ مُنْذُ أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيا بَرَكَةً ، فِي عِصْمَةٍ مِنْ دِينِي ، وَخَلاصِ نَفْسِي وَقَضاءِ حاجَتِي ، وَتَشْفِيعِي فِي مَسْأَلَتِي ، وَإِتْمامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي ، وَلِباسِ الْعافِيَةِ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ.

اللّهُمَّ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَكْتُبْنِي فِي حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ أَوْ أَحْرَمْتَنِي الْحُضُورَ

ص: 147


1- حزانة الرجل : عياله الذين يتحزن ويهتمّ لأمرهم.

مَعَهُمْ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ ، فَلا تَحْرِمْنِي شِرْكَتَهُمْ فِي دُعائِهِمْ ، وَانْظُرْ إِلَيَّ بِنَظْرَتِكَ الرَّحِيمَةِ لَهُمْ ، وَأَعْطِنِي مِنْ خَيْرِ ما تُعْطِي أَوْلِياءَكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَجْعَلْ هذِهِ الْعَشِيَّةَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي ، حَتّى تُبَلِّغَنِيها مِنْ قابِلٍ مَعَ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَزُوّارِ قَبْرِ نَبِيِّكَ عَليه السلام ، فِي أَعْفى عافِيَتِكَ ، وَأَعَمِّ نِعْمَتِكَ ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ ، وَأَسْبَغِ رِزْقِكَ ، وَأَفْضَلِ رَجائِكَ ، وَأَتَمِّ رَأْفَتِكَ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاسْمَعْ دُعائِي وَارْحَمْ تَضَرُّعِي ، وَتَذَلُّلِي وَاسْتِكانَتِي وَتَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، فَأَنَا مُسَلِّمٌ لِأَمْرِكَ لا أَرْجُو نَجاحاً وَلا مُعافاةً وَلا تَشْرِيفاً إِلاّ بِكَ وَمِنْكَ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِتَبْلِيغِي هذِهِ الْعَشِيَّةَ مِنْ قابِلٍ ، وَأَنَا مُعافىً مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَمَحْذُورٍ ، وَمِنْ جَمِيعِ الْبَوائِقِ (1) وَمَحْذُوراتِ الطَّوارِقِ (2).

اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مِنْ خُلْقِكَ لِخَلْقِكَ ، وَالْقِيامِ فِيهِمْ بِدِينِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلِّمْ لِي دِينِي ، وَزِدْ فِي أَجَلِي ، وَأَصِحَّ لِي جِسْمِي ، وَأَقِرَّ بِشُكْرِ نِعْمَتِكَ عَيْنِي ، وَآمِنْ رَوْعَتِي وَأَعْطِنِي سُؤْلِي ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتَمِّمْ آلاءَكَ عَلَيَّ فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَتَوَفَّنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَثَبِّتْنِي عَلى مِلَّةِ (3) الإِسْلامِ فَانِّي بِحَبْلِكَ اعْتَصَمْتُ فَلا تَكِلْنِي فِي جَمِيعِ الأُمُورِ إِلاّ إِلَيْكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَامْلَأْ قَلْبِي رَهْبَةً مِنْكَ وَرَغْبَةً إِلَيْكَ وَخَشْيَةً مِنْكَ وَغِنًى بِكَ ، وَعَلِّمْنِي ما يَنْفَعُنِي وَاسْتَعْمِلْنِي بِما عَلَّمْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ ، الْمُشْفِقِ مِنْ عَذابِكَ ، الْخائِفِ

ص: 148


1- البائقة : الداهية.
2- الطارقة ج طوارق : الداهية.
3- في البحار : دين.

مِنْ عُقُوبَتِكَ ، أَنْ تُغْنِيَنِي بِعَفْوِكَ وَتُجِيرَنِي بِعِزَّتِكَ ، وَتَحَنَّنَ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي فَرائِضَكَ وَتَسْتَجِيبَ لِي فِيمَا سَأَلْتُكَ ، وَتُغْنِيَنِي عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ وَتُدْنِيَنِي مِمَّنْ كادَنِي ، وَتَقِيَنِي مِنَ النّارِ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَتَغْفِرَ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1).

دعاء آخر في يوم عرفة مروي عن الصادق عليه السلام : اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ.

وَأَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مالِكُ يَوْمِ الدِّينِ ، بَدْءُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْكَ يَعُودُ ، لَمْ تَزَلْ وَلا تَزالُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبِّرُ ، الْكِبْرِياءُ رِداؤُكَ ، سابِغُ النَّعْماءِ ، جَزِيلُ الْعَطاءِ ، باسِطُ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، نَفّاحُ (2) الْخَيْراتِ ، كاشِفُ الْكُرُباتِ ، مُنَزِّلُ الآياتِ ، مُبَدِّلُ السَّيِّئاتِ ، جاعِلُ الْحَسَناتِ دَرَجاتٍ.

دَنَوْتَ فِي عُلُوِّكَ وَعَلَوْتَ فِي دُنُوِّكَ ، دَنَوْتَ فَلا شَيْءَ دُونَكَ ، وَارْتَفَعْتَ فَلا شَيْءَ فَوْقِكَ ، تَرى وَلا تُرى ، وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ، لَكَ ما فِي السَّماواتِ الْعُلى ، وَلَكَ الْكِبْرِياءُ فِي الاخِرَةِ وَالأُولى ، غافِرُ الذَّنْبِ ، وَقابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقابِ (3).

لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ إِلَيْكَ الْمَأْوى ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبَلَغَتْ حُجَّتُكَ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ ، وَلا يَخِيبُ سائِلُكَ ، أَحَطْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِكَ ، وَأَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ، وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَداً ، وَقَدَّرْتَ

ص: 149


1- عنه البحار 98 : 255 - 262.
2- نفح بالشيء : أعطاه.
3- ذي الطول ( خ ل ).

كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.

بَلَوْتَ فَقَهَرْتَ ، وَنَظَرْتَ فَخَبَرْتَ ، وَبَطَنْتَ وَعَلِمْتَ فَسَتَرْتَ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرْتَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَلا تَنْسى مَنْ ذَكَرَكَ وَلا تُخَيِّبُ مَنْ سَأَلَكَ ، وَلا تُضَيِّعُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ.

أَنْتَ الَّذِي لا يَشْغَلُكَ ما فِي جَوِّ سَماواتِكَ عَمّا فِي جَوِّ أَرْضِكَ (1) ، تَعَزَّزْتَ فِي مُلْكِكَ وَتَقَوَّيْتَ فِي سُلْطانِكَ ، وَغَلَبَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَضاؤُكَ ، وَمَلِكَ كُلَّ شَيْءٍ أَمْرُكَ ، وَقَهَرَتْ قُدْرَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، لا يُسْتَطاعُ وَصْفُكَ ، وَلا يُحاطُ بِعِلْمِكَ ، وَلا مُنْتَهى لِما عِنْدَكَ ، وَلا تَصِفُ الْعُقُولُ صِفَةَ ذاتِكَ.

عَجَزَتِ الْأَوْهامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ ، وَلا تُدْرِكُ الْأَبْصارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ ، وَلا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، وَلا تُمَثَّلُ فَتَكُونَ مَوْجُوداً ، وَلا تَلِدُ فَتَكُونَ مَوْلُوداً ، أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعانِدُكَ ، وَلا عَدِيلَ لَكَ فَيُكاثِرُكَ ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضُكَ ، أَنْتَ ابْتَدَأْتَ وَاخْتَرَعْتَ وَاسْتَحْدَثْتَ فَما أَحْسَنَ ما صَنَعْتَ.

سُبْحانَكَ ما أَجَلَّ ثَناؤُكَ وَأَسْنى فِي الْأَماكِنِ مَكانُكَ (2) ، وَأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقانُكَ ، سُبْحانَكَ مِنْ لَطِيفٍ ما أَلْطَفَكَ ، وَحَكِيمٍ ما أَعْرَفَكَ ، وَمَلِيكٍ ما أَسْمَحَكَ (3) ، بَسَطَتْ بِالْخَيْراتِ يَدُكَ ، وَعُرِفَتِ الْهِدايَةُ مِنْ عِنْدِكَ ، خَضَعَ (4) لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَانْقادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، سَبِيلُكَ جُدَدٌ (5) ، وَأَمْرُكَ رُشْدٌ.

وَأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ ، وَأَنْتَ الْماجِدُ الْجَوادُ ، الْواحِدُ الْأَحَدُ ، الْعَلِيمُ الْكَرِيمُ الْقَدِيمُ ، الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ، تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الَّذِي

ص: 150


1- في أرضك ( خ ل ).
2- أسنى الأماكن مكانك ( خ ل ).
3- سمح : جاد.
4- وخضع ( خ ل ).
5- الجدد : المستوي من الأرض.

صَدَعَ بِأَمْرِكَ ، وَبالَغَ فِي إِظْهارِ دِينِكَ ، وَأَكَّدَ مِيثاقَكَ ، وَنَصَحَ لِعِبادِكَ ، وَبَذَلَ جُهْدَهُ فِي مَرْضاتِكَ ، اللّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيانَهُ وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وُلاةِ الْأَمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ تَراجِمَةِ وَحْيِكَ ، وَخُزَّانِ عِلْمِكَ ، وَأُمَنائِكَ فِي بِلادِكَ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ ، وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ عَلى بَرِيَّتِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ صَلاةً دائِمَةً باقِيَةً.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى السُّيَّاحِ وَالْعُبَّادِ ، وَأَهْلِ الْجِدِّ وَالاجْتِهادِ ، وَاجْعَلْنِي فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ ، وَسَمِعْتَ دُعاءَهُ فَأَجَبْتَهُ ، وَآمَنَ بِكَ فَهَدَيْتَهُ ، وَسَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَرَغِبَ إِلَيْكَ فَأَرْضَيْتَهُ ، وَهَبْ لِي فِي يَوْمِي هذا صَلاحاً لِقَلْبِي وَدِينِي وَدُنْيايَ وَمَغْفِرَةً لِذُنُوبِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَسْأَلُكَ الرَّحْمَةِ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَثِقَتِي ، يا رَجائِي يا مُعْتَمَدِي (1) ، وَمَلْجئِي وَذُخْرِي ، وَظَهْرِي وَعُدَّتِي ، وَأَمَلِي وَغايَتِي ، وَأَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَعُيُوبِي ، وَإِساءَتِي وَظُلْمِي وَجُرْمِي وَإسْرافِي عَلى نَفْسِي ، فَهذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، هذا مَقامُ الْهارِبِ إِلَيْكَ مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ وَهذا يَوْمُ عَرَفَةَ ، كَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ ، وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ ، وَتَفَضَّلْتَ فِيهِ عَلى عِبادِكَ.

اللّهُمَّ وَهذهِ الْعَشِيَّةُ مِنْ عَشايا رَحْمَتِكَ وَإِحْدى أَيَّامِ زُلْفَتِكَ ، وَلَيْلَةُ عِيدٍ مِنْ أَعْيادِكَ ، فِيها يُفْضِي إِلَيْكَ (2) لَهُمْ مِنَ الْحَوائِجِ مَنْ قَصَدَكَ مُؤَمِّلاً راجِياً فَضْلَكَ ، طالِباً مَعْرُوفَكَ الَّذِي تَمُنُّ بِهِ عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ خَلْقِكَ.

وَأَنْتَ فِيها بِكُلِّ لِسانٍ تُدْعى ، وَلِكُلِّ خَيْرٍ تُبْتَغى وَتُرْجى ، وَلَكَ فِيها جَوائِزُ وَمَواهِبُ وَعَطايا ، تَمُنُّ بِها عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ عِبادِكَ ، وَتَشْملُ بِها أَهْلَ الْعِنايَةِ مِنْكَ ، وَقَدْ قَصَدْناكَ مُؤَمِّلِينَ راجِينَ ، وَأَتَيْناكَ طالِبِينَ ، نَرْجُو ما لا خُلْفَ لَهُ مِنْ

ص: 151


1- ويا معتمدي ( خ ل ).
2- أفضي إليه بسرّه : أعلمه به.

وَعْدِكَ ، وَلا مَتْرَكَ لَهُ مِنْ عَظِيمِ أَجْرِكَ ، قَدْ أَبْرَزَتْ ذَوُو الآمالِ إِلَيْكَ وُجُوهَهَا الْمَصُونَةَ ، وَمَدُّوا إِلَيْكَ أَكُفَّهُمْ طَلَباً لِمَا عِنْدَكَ لِيُدْرِكُوا بِذلِكَ رِضْوانَكَ.

يا غَفَّارُ يا مُسْتَراشُ (1) مِنْ نَيْلِهِ ، وَمُسْتَعاشُ مِنْ فَضْلِهِ ، يا مَلِكُ فِي عَظَمَتِهِ ، يا جَبَّارُ فِي قُوَّتِهِ ، يا لَطِيفُ فِي قُدْرَتِهِ ، يا مُتَكَفِّلُ يا رازِقَ النِّعابِ (2) فِي عُشِّهِ (3) ، يا أَكْرَمَ مَسْئُولٍ ، وَيا خَيْرَ مَأْمُولٍ ، وَيا أَجْوَدَ مَنْ نَزَلَتْ بِفِنائِهِ الرَّكائِبُ (4) ، وَطُلِبَ عِنْدَهُ نَيْلُ الرَّغائِبِ (5) ، وَأَناخَتِ (6) بِهِ الْوُفُودُ.

يا ذَا الْجُودِ ، يا أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ مَقْصُودٍ ، أَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَمَرْتَنِي فَلَمْ أَئْتَمِر ، وَنَهَيْتَنِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ. وَزَجَرْتَنِي فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَخالَفْتُ أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ ، لا مُعانِدَةً لَكَ وَلَا اسْتِكْباراً عَلَيْكَ ، بَلْ دَعانِي هَوايَ وَاسْتَزَلَّنِي عَدُوُّكَ وَعَدُوِّي ، فَأَقْدَمْتُ عَلى ما فَعَلْتُ عارِفاً بِوَعِيدِكَ ، راجِياً لِعَفْوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ وَصَفْحِكَ.

فَيا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ ، ها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ صاغِراً ذَلِيلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً ، مُعْتَرِفاً عَظِيمَ ذُنُوبِي وَخَطايايَ ، فَما أَعْظَمَ ذُنُوبِي الَّتِي تَحَمَّلْتُها وَأَوْزارِيَ الَّتِي اجْتَرَمْتُها ، مُسْتَجِيراً فِيها بِصَفْحِكَ ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ ، مُوقِناً أَنَّهُ لا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ وَلا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مانِعٌ.

فَعُدْ عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلى مَنِ اقْتَرَبَ مِنْ تَغَمُّدِكَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلى مَنْ أَلْقى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عِبادِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلى مَنْ أَمَّلَكَ لِغُفْرانِكَ لَهُ.

يا كَرِيمُ ، ارْحَمْ صَوْتَ حَزِينٍ يُخْفِي ما سَتَرْتَ عَنْ خَلْقِكَ مِنْ مَساوِيهِ ، يَسْأَلُكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ رَحْمَةً تُنْجِيهِ مِنْ كَرْبِ مَوْقِفِ الْمَسْأَلَةِ وَمَكْرُوهِ يَوْمِ

ص: 152


1- راشه ريشه إذا أحسّوا إليه وكل من أوليته خيرا فقد رشته.
2- النعاب : فرخ الغراب لكثرة نعبه ، والنعب : الصوت.
3- يا رزاق النعاب في عشته ( خ ل ).
4- الركوبة جمع ركائب : ما يركب من الإبل أو المركوبة عموماً.
5- الرغيبة جمع رغائب : الأمر المرغوب فيه.
6- أناخ الجمل : بركة.

هوْلِ الْمُعايَنَةِ حِينَ تَفَردهُ عَمَلُهُ ، وَيَشْغَلُهُ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ.

فَارْحَمْ عَبْدَكَ الضَّعِيفَ عَمَلاً الْجَسِيمَ أَمَلاً ، خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبابُ الْوُصُلاتِ إِلاَّ ما وَصَلَهُ رَحْمَتُكَ (1) ، وَتَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الآمالِ إِلاّ ما أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ ، قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طاعَتِكَ ، وَكَبُرَ عِنْدِي (2) ما أَبُوءُ بِهِ (3) مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَلَنْ يَضِيقَ عَفْوُكَ عَنْ عَبْدِكَ وَإِنْ أَساءَ ، فَاعْفُ عَنِّي فَقَدْ أَشَرَفَ عَلى خَفايا الْأَعْمالِ عِلْمُكَ ، وَانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ عِنْدَ خُبْرِكَ ، وَلا يَنْطَوِي عَلَيْكَ دَقائِقُ الأُمُورِ ، وَلا يَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّباتُ (4) السَّرائِرِ.

وَقَدِ اسْتَحْوَذَ (5) عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغِوايَتِي ، فَأَنْظَرْتَهُ ، وَاسْتَمْهَلَكَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ لِاضْلالِي فَأَمْهَلْتَهُ ، وَأَوْقَعَنِي بِصَغائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ ، وَكَبائِرِ أَعْمالٍ مُرْدِيَةٍ ، حَتّى إِذا قارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ ، وَاسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ فِعْلِي سَخَطَكَ (6) ، تَوَلّى عَنِّي بِالْبَراءَةِ مِنِّي وَادْبَرَ مُوَلِّياً عَنِّي ، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً ، وَأَخْرَجَنِي إِلَى فِناءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً.

لا شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ ، وَلا خَفِيرٌ يَقِينِي (7) مِنْكَ ، وَلا حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ ، وَلا مَلاذٌ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ ، فَهذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، وَمَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ ، وَلا يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلَكَ ، وَلا يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوَكَ ، وَلا أَكُنْ أَخْيَبَ وَفْدِكَ مِنْ عِبادِكَ التَّائِبِينَ ، وَلا أَقْنَطَ وُفُودِكَ الامِلِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَطالَ ما أَغْفَلْتُ مِنْ وَظائِفِ فُرُوضِكَ وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقاماتِ حُدُودِكَ ، فَهذا مَقامُ مَنِ اسْتَحْيا لِنَفْسِهِ مِنْكَ ،

ص: 153


1- الا وصلة رحمتك ( خ ل ).
2- عليّ ( خ ل ).
3- أبوء به : أقرّ.
4- خيّبات ( خ ل ).
5- استحوذ : غلب.
6- لسوء سعيي سخطتك ( خ ل ).
7- يؤمنني ( خ ل ).

وَسَخَطَ عَلَيْها وَرَضِيَ عَنْكَ ، وَتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خاشِعَةٍ ، وَرَقَبَةٍ خاضِعَةٍ ، وَظَهْرٍ مُثْقِلٍ مِنَ الذُّنُوبِ ، واقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، فَأَنْتَ أَوْلى مَنْ وُثِقَ بِهِ مَنْ رَجاهُ ، وَآمَنَ مَنْ خَشِيَهُ وَاتَّقاهُ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَعْطِنِي ما رَجَوْتُ وَآمِنِّي مِمَّا حَذَرْتُ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعائِدَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ ، اللّهُمَّ وَإِذْ سَتَرْتَنِي بِفَضْلِكَ ، وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ ، فِي دارِ الْحَياةِ وَالْفَناءِ بِحَضْرَةِ الْأَكْفاءِ ، فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحاتِ دارِ الْبَقاءِ عِنْدَ مَواقِفِ الْأَشْهادِ ، مِنَ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَالرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ ، وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ.

فَحَقِّقْ رَجائِي فَأَنْتَ أَصْدَقُ الْقائِلِينَ : « يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ » (1).

اللّهُمَّ إِنِّي سائِلُكَ الْقاصِدُ ، وَمِسْكِينُكَ الْمُسْتَجِيرُ الْوافِدُ ، وَضَعِيفُكَ الْفَقِيرُ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ وَأَجَلِي بِعِلْمِكَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِما يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَأَنْ تُبارِكَ لِي فِي يَوْمِي هذا الَّذِي فَزِعَتْ فِيهِ إِلَيْكَ الْأَصْواتُ ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْكَ عِبادُكَ بِالْقُرُباتِ.

أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ ما سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ ، وَجَمِيلِ ثَنائِكَ ، وَخاصَّةِ دُعائِكَ بِآلائِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ تَجْعَلَ يَوْمِي هذا أَعْظَمَ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيَّ مُنْذُ أَنْزَلْتَنِي إِلَى الدُّنْيا بَرَكَةً فِي عِصْمَةِ دِينِي ، وَخاصَّةٍ نَفَسِي ، وَقَضاءِ حاجَتِي ، وَتَشْفِيعِي فِي مَسائِلِي ، وَإِتْمامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، افْتَحْ عَلَيَّ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ ، وَرَضِّنِي بِعادِلِ قِسَمِكَ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِخالِصِ طاعَتِكَ.

يا أَمَلِي وَيا رَجائِي ، حاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، فَكاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ.

ص: 154


1- الزمر : 53.

إِلهِي لا تَقْطَعْ رَجائِي ، وَلا تُخَيِّبْ دُعائِي ، يا مَنَّانُ مُنَّ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ ، يا عَفُوُّ اعْفُ عَنِّي ، يا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ ، وَتَجاوَزْ عَنِّي ، وَاصْفَحْ عَنْ ذُنُوبِي ، يا مَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ الْعَفْوَ ، يا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ ، يا مَنْ يَجْزِي عَلَى الْعَفْوِ ، يا مَنِ اسْتَحْسَنَ الْعَفْوَ ، أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ - يقولها عشرين مرّة.

أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلاَّ مِنْكَ ، وَخابَتِ الآمالُ إِلاَّ فِيكَ ، فَلا تَقْطَعْ رَجائِي يا مَوْلايَ ، إِنَّ لَكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ أَضْيافاً فَاجْعَلْنِي مِنْ أَضْيافِكَ ، فَقَدْ نَزَلْتُ بِفِنائِكَ راجِياً مَعْرُوفَكَ ، يا ذَا الْمَعْرُوفِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَنْقَضِي أَبَداً ، يا ذَا النَّعْماءِ الَّتِي لا تُحْصى عَدَداً.

اللّهُمَّ إِنَّ لَكَ حُقُوقاً فَتَصَدَّقْ بِها عَلَيَّ ، وَلِلنَّاسِ قِبَلِي تَبِعاتٌ فَتَحَمَّلْها عَنِّي ، وَقَدْ أَوْجَبْتَ يا رَبِّ لِكُلِّ ضَيْفٍ قِرىً ، وَأَنَا ضَيْفُكَ ، فَاجْعَلْ قِرايَ اللَّيْلَةَ الْجَنَّةَ.

يا وَهَّابَ الْجَنَّةِ ، يا وَهَّابَ الْمَغْفِرَةِ ، أَقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً لِي ، مَرْحُوماً صَوْتِي ، مَغْفُوراً ذَنْبِي ، بِأَفْضَلِ ما يَنْقَلِبُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ وَزُوَّارِكَ ، وَبارِكْ لِي فِيما أَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنْ مالٍ - إلى هاهنا ما وجد في الأصل (1).

دعاء آخر في يوم عرفة وجدناه في كتب الدعوات :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِحَمْدِهِ ، وَجَعَلَنا مِنْ أَهْلِهِ ، لِنَكُونَ لِاحْسانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَلِيَجْزِيَنا عَلى ذلِكَ جَزاءَ الْمُحْسِنِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اجْتَبانا (2) بِدِينِهِ ، وَخَصَّنا (3) بِمِلَّتِهِ وَسَبِيلِهِ ، وَأَرْشَدَنا إِلى سُنَنِ إِحْسانِهِ لِنَسْلُكَها بِمَنِّهِ وَرِضْوانِهِ ، حَمْداً يَقْبَلُهُ (4) مِنَّا وَيَرْضى بِهِ عَنَّا.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ يَوْمَ عَرَفَةَ ، يَوْمٌ عَظِيمٌ قَدْرُهُ ، جَلِيلٌ

ص: 155


1- عنه البحار 98 : 262 - 266.
2- حبانا ( خ ل ).
3- اختصنا ( خ ل ).
4- يتقبّله ( خ ل ).

أَمْرُهُ ، مَيْمُونٌ ذِكْرُهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَّفَنا فَضْلَهُ ، وَجَعَلَنا مِنَ التَّابِعِينَ لِرُسُلِهِ ، الطَّائِعِينَ فِيهِ لَامْرِهِ.

اللّهُمَّ فَقِنا فِيهِ مِنَ الْمَخاوفِ وَالشَّدائِدِ ، وَكُنْ بِرَحْمَتِكَ وَإِحْسانِكَ عَلَيْنا عائِداً ، وَاغْفِرْ لَنا زِيارَةَ هذِهِ الْمَشاهِدِ ، وَاجْعَلْ حَظَّنا مِنْ زِيارَتِها أَعْظَمَ حَظٍّ وارِدٍ ، وَاعْفُ عَنَّا وَأَنْتَ الصَّمَدُ الْواحِدُ ، وَلا تُشْمِتْ بِنا عَدُوّاً وَلا حاسِداً ، وَاجْعَلْنِي لالائِكَ شاكِراً وَحامِداً.

يا مَنْ بَدَأَنِي بِنِعْمَتِهِ ، وَأَفْضَلَ عَلَيَّ سَنِيَّ قِسَمِهِ (1) ، يا مَنْ يَعْلَمُ سَرِيرَتِي وَيَسْتُرُ عَلانِيَتِي ، أَعْطِنِي ثَوابَ الْمُطِيعِينَ ، وَعُلُوَّ مَنازِلِ الْمُخْبِتِينَ ، وَاكْتُبْنِي فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ قَبِلْتَ عَمَلَهُمْ ، وَخَتَمْتَهُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي ظاهِرٌ قَدْرُهُ ، جَلِيلٌ أَمْرُهُ ، مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ ذِكْرُهُ ، مَحْفُوظٌ فِي قُلُوبِ الْعارِفِينَ ، مَنْ عَرَفَ فَضْلَها مِنْ بَيْنِ اللَّيالِي وَالْأَيَّامِ فازَ ، وَلِكُلِّ فَضْلٍ حازَ ، وَمَنْ دَعاكَ فازَ بِجَزِيلِ الثَّوابِ وَحُسْنِ الإِيابِ.

اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي هذا وَخاتِمَتِهِ ، وَاخْتِمْ لَنا بِخَيْرٍ عِنْدَ مساءَلَتِهِ ، وَاجْعَلْهُ لَنا شاهِداً بِعَمَلِ طاعَتِكَ ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ عِنايَتِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ مَظالِمَ كَثِيرَةِ ، وَبَوائِقَ (2) جَزِيلَةٍ ، وَعَظائِمِ ذُنُوبٍ جَمَّةٍ قَدْ أَثْقَلَتْ ظَهْرِي ، وَمَنَعَنِي مِنَ الرُّقادِ (3) ذِكْرُها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَنَصَّلُ (4) إِلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الذُّنُوبِ وَالْخطايا وَأَتُوبُ ، فَلا تَجْعَلْ دُعائِي يا رَبِّ عَنْكَ مَحْجُوباً ، فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَأْمُولٍ ، وَأَعَزُّ مَطْلُوبٍ ، إِلهِي أَمُدُّ إِلَيْكَ كَفّاً طالَ ما عَصَتْ ، وَأَبْكِي بِعَيْنٍ طالَ ما عَلَى الْمَعاصِي عَكَفَتْ.

وَأَدْعُوكَ بِلِسانٍ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ الْكِرامُ الْحَفَظَةُ كَتَبَتْ ، وَأَرْجُوكَ بِنَفْسٍ

ص: 156


1- قسمته ( خ ل ).
2- البائقة : الشر.
3- الرقاد : النوم.
4- تنصّل إليه من الجناية : خرج وتبرّأ.

عَفْوَكَ وَصَفْحَكَ أَمَّلَتْ ، وَعَلى بِرِّكَ وَإِحْسانِكَ يا كَرِيمُ عَوَّلَتْ ، وَلِبابِ فَضْلِكَ وَمَعْرُوفِكَ طَرَقَتْ ، وَلِرَحْمَتِكَ (1) تَعَرَّضَتْ.

إِلهِي ذَلَّتْ لِعَظَمَتِكَ الْأَرْبابُ ، وَتاهَتْ (2) عِنْدَ تَأَمُّلِ عَزِيزِ سُلْطانِكَ أُولُوا الْأَلْبابِ ، وَقَصَدَكَ السَّائِلُونَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّكَ جَوادٌ وَهَّابٌ ، فَقَصَدْتُكَ يا إِلهِي لِمَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ تُجِيبُ الدَّاعِينَ ، وَتَسْمَعُ سُؤَالَ السَّائِلِينَ ، وَتَقْبَلُ بِبِرِّكَ لِمَعْرُوفِكَ عَلَى التَّائِبِينَ ، فَقَبَضْتُ إِلَيْكَ كَفّاً هِيَ مِنْ عقابِكَ خائِفَةٌ ، وَبِما جَنَتْ مِنَ الْخَطايا عارِفَةٌ.

وَشَخَصَتْ إِلَيْكَ بِعَيْنٍ هِيَ مِنْ هَيْبَتِكَ ذارِفَةٌ (3) ، وَدَعَوْتُكَ بِلِسانٍ نَغماتُهُ لِشُكْرِكَ واصِفَةٌ ، وَأَذْلَلْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ نَفْساً لَمْ تَزَلْ عَلَى الْمَعاصِي عاكِفَةٌ (4) ، فَيا مَنْ يَعْلَمُ سَرِيرَتِي ، ارْحَمْ ضَعْفِي وَمَسْكَنَتِي ، وَتَغَمَّدْنِي بِعَفْوِكَ وَسِتْرِكَ فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى سِواكَ فَأَنْتَ رَجائِي وَأَمَلِي.

يا عُدَّتِي عِنْدَ الشَّدائِدِ ، يا مَنْ لا يُضْجِرُهُ سائِلٌ سَأَلَ ، وَلا يَثْقُلُ عَلَيْهِ مُلِحُّ بِالدُّعاءِ مُبْتَهِلٌ ، بابُكَ لِلطَّارِقِينَ مَفْتُوحٌ ، وَبِرُّكَ لِلْمُنِيبِينَ مَمْنُوحٌ (5) ، فَأَنْتَ مَشْكُورٌ مَمْدُوحٌ ، اللّهُمَّ وَهذِهِ لَيْلَةٌ مَنْ عَرَفَ ظاهِرَها فازَ ، وَمَنْ عَرَفَ باطِنَها فَكُلَ (6) فَضِيلَةٍ حازَ.

اللّهُمَّ وَفِّقْنا فِيها لِلْأَعْمالِ الصَّالِحَةِ ، وَالتِّجارَةِ الرَّابِحَةِ ، وَالسُّلُوكِ لِلْمَحَجَّةِ الْواضِحَةِ ، وَاجْعَلْها لَنا شاهِدَةً ، وَقِنا فِيها مِنَ الشَّدائِدِ ، وَاجْعَلِ الْخَيْرَ عَلَيْنا فِيها وارِداً ، وَلا تُشْمِتْ بِنا عَدُوّاً وَلا حاسِداً ، فَأَنْتَ الْأَحَدُ الْواحِدُ.

إِلهِي ها أَنَا ذا عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ، باسِطٌ إِلَيْكَ كَفّاً هِيَ حَذِرَةٌ مِمَّا جَنَتْ ،

ص: 157


1- لمعروفك ( خ ل ).
2- تاهت : ضلّت.
3- ذرف العين دمعها : اسالته.
4- عكف على الأمر : لزمه مواظبا.
5- منحه : أعطاه.
6- فبكل ( خ ل ).

وَجِلَةٌ مِمَّا اقْتَرَفَتْ (1) ، اللّهُمَّ فَاسْتُرْ سُوءَ عَمَلِي يَوْمَ كَشْفِ السَّرائِرِ ، وَارْحَمْنِي مِمَّا فِيهِ أُحاذِرُ ، وَكُنْ بِي رَءُوفاً وَلِذَنْبِي غافِراً ، فَأَنْتَ السَّيِّدُ الْقاهِرُ ، فَانْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِالْعَفْوِ ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَمَنْ أَعْدَلُ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ.

اللّهُمَّ وَهذِهِ لَيْلَةٌ باطِنُها سُرُورُ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ حَبَوْتَهُمْ بِعُلُوِّ الْمَنازِلِ وَالدَّرَجاتِ ، وَضاعَفْتَ لَهُمُ الْحَسَناتِ ، وَغَفَرْتَ لَهُمُ السَّيِّئاتِ ، وَخَتَمْتَ لَهُمْ بِالْخَيْراتِ.

وَقَدْ أَمْسَيْتُ يا رَبِّ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ راجِياً لِفَضْلِكَ ، مُؤَمِّلاً بِرَّكَ ، مُنْتَظِراً مَوادَّ إِحْسانِكَ وَلُطْفِكَ ، مُتَوَكِّلاً عَلَيْكَ ، مُتَوَسِّلاً بِكَ ، طالِباً لِما عِنْدَكَ مِنَ الْخَيْرِ الْمَذْخُورِ لَدَيْكَ ، مُعْتَصِماً بِكَ مِنْ شَرِّ ما أَخافُ وَأَحْذَرُ ، وَمِنْ شَرِّ ما اعْلِنُ وَأُسِرُّ.

فَبِكَ أَمْتَنِعُ وَأَنْتَصِرُ ، وَإِلَيْكَ أَلْجَأُ وَبِكَ اسْتَتِرُ ، وَبِطاعَةِ نَبِيِّكَ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أَفْتَخِرُ ، وَإِلى زِيارَةِ وَلِيِّكَ وَأَخِي نَبِيِّكَ أَبْتَدِرُ ، اللّهُمَّ فَبِهِ وَبِأَخِيهِ وَذُرِّيَّتِهِ أَتَوَسَّلُ ، وَأَسْأَلُ وَأَطْلُبُ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَالْمَقَرَّ مَعَهُمْ فِي دارِ الْقَرارِ ، فَانَّ لَكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ رِقاباً تَعْتِقُها مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ وَهذِهِ لَيْلَةُ عِيدٍ وَلَكَ فِيهَا أَضْيَافٌ ، فَاجْعَلْنِي مِنْ أَضْيافِكَ ، وَهَبْ لِي ما بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَاجْعَلْ قِرايَ مِنْكَ الْجَنَّةَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا خَيْرَ مَنْزُولٍ بِهِ ، يا خَيْرَ مَنْ نزلَتْ بِفِنائِهِ الرَّكائِبُ ، وَأَناخَتْ (2) بِهِ الْوُفُودُ ، يا ذَا السُّلْطانِ الْمُمْتَنِعَ بِغَيْرِ أَعْوانٍ وَلا جُنُودٍ.

أَنْتَ اللّهُ (3) لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَقَرَّ لَكَ كُلُّ مَعْبُودٍ ، أَحْمَدُكَ وَاثْنِي عَلَيْكَ بِما حَمِدَكَ كُلُّ مَحْمُودٍ ، يا اللّهُ أَسْأَلُكَ يا مَنْ بِرَحْمَتِهِ يَسْتَغِيثُ الْمُذْنِبُونَ ، وَيا مَنْ

ص: 158


1- اقترف : اكتسب.
2- أناخ الجمل : ابركه.
3- وأنت اللّه ( خ ل ).

إِلى ذِكْرِ إِحْسانِهِ يَفْزَعُ الْمُضْطَرُّونَ ، وَيا مَنْ لِخِيفَتِهِ يَنْتَحِبُ (1) الْخاطِئُونَ ، وَيَا أُنْسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ غَرِيبٍ ، وَيا فَرَجَ كُلِّ مَكْرُوبٍ كَئِيبٍ ، وَيا عَوْنَ (2) كُلِّ ضَعِيفٍ فَرِيدٍ ، وَيا عَضُدَ كُلِّ مُحْتاجٍ طَرِيدٍ.

أَنْتَ اللّهُ الَّذِي وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، وَأَنْتَ اللّهُ الَّذِي جَعَلْتَ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ فِي نِعَمِكَ سَهْماً ، وَأَنْتَ اللّهُ الَّذِي عَفْوُهُ أَعْلا مِنْ عِقابِهِ ، وَأَنْتَ اللّهُ الَّذِي عَطاؤُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَنْعِهِ ، وَأَنْتَ اللّهُ الَّذِي تَسْعى رَحْمَتُهُ أَمامَ غَضَبِهِ.

وَأَنَا يا إِلهِي عَبْدُكَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالدُّعاءِ ، وَتَكَفَّلْتَ لَهُ الإِجابَةَ ، فَها أَنَا ذا يا إِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، أَنَا الَّذِي أَثْقَلَتِ الْخَطايا ظَهْرَهُ ، أَنَا الَّذِي بِجَهْلِهِ عَصاكَ ، وَجاهَرَكَ بِذَنْبِهِ وَمَا اسْتَحْياكَ ، وَلَمْ يَكُنْ هذا جَزاؤُكَ مِنِّي ، فَعَفْوَكَ ، فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ الْمُقِرُّ بِذَنْبِهِ ، الْخاضِعُ لَكَ بِذُلِّهِ ، الْمُسْتَكِينُ لَكَ بِجُرْمِهِ.

إِلهِي فَما أَنْتَ صانِعٌ بِمُقِرٍّ لَكَ بِجِنايَتِهِ ، مُتَوَكِّلٍ عَلَيْكَ فِي رِعايَتِهِ ، إِلهِي لا تُخَيِّبْ مَنْ لا يَجِدُ (3) مَطْمَعاً غَيْرَكَ ، وَلا أَحَداً دُونَكَ ، يا أَكْرَمَ مَنْ أَقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ ، وَيا أَعْظَمَ مَنْ خُضِعَ وَخُشِعَ لَهُ ، أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ ، يا مَنْ رَضِيَ بِالْعَفْوِ ، يا مَنِ اسْتَحْسَنَ الْعَفْوَ! يا مَنْ يَجْزِي عَلَى الْعَفْوِ! الْعَفْوَ الْعَفْوَ ، يا أَهْلَ الْعَفْوِ! الْعَفْوَ الْعَفْوَ.

لا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنِّي ، وَلا تَجْبَهْنِي (4) بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي ، وَأَكْرِمْ فِي مَجْلِسِي مُنْقَلَبِي ، فَانِّي أَسْأَلُكَ وَأُنادِيكَ ، فَنِعْمَ الْمُجِيبُ وَنِعْمَ الْمَدْعُوُّ وَنِعْمَ الْمَرْجُوُّ.

يا مَنْ لا يُبْرِمُهُ (5) سائِلٌ سَأَلَ ، وَلا مُلِحٌّ عَلَيْهِ بِالدُّعاءِ مُبْتَهِلٌ ، يا أَهْلَ الْوَفاءِ وَالْعَطاءِ ، يا كَرِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا مَنْ لا يُوارِي مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ ، وَلا بَحْرٌ

ص: 159


1- انتحب : بكى شديدا.
2- غوث ( خ ل ).
3- لم يجد ( خ ل ).
4- جبهة بالمكروه : استقبله.
5- برم : سئم وضجر.

عَجّاجٌ ، وَلا سَماءٌ ذاتُ أَبْراجٍ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ، والرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، وَالْمَشاعِرِ الْعِظامِ ، وَاللَّيالِي وَالْأَيَّامِ ، وَالضِّياءِ وَالظَّلامِ ، وَالْمَلائِكَةِ الْكِرامِ ، وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَمْرِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَبِاسْمِكَ الْعَلِيِّ الْأَعْظَمِ (1) ، وَبِكُلِّ ما سَأَلَكَ بِهِ داعٍ شاكِرٌ وَمُسَبِّحٌ ذاكِرٌ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي ، وَتَرْضى عَنِّي وَتَصْفَحَ ، وَتَتَجاوَزَ عَنْ ذَنْبِي وَتَسْمَحَ ، وَأَنْ تَجْعَلَ مَآبِي خَيْرَ مَآبٍ ، وَأَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ كُلِّ عَدُوِّ ظاهِرٍ ، وَمُسْتَخْفٍ وَبارِزٍ ، وَكَيْدَ كُلِّ مَكِيدٍ.

يا حَلِيمُ يا وَدُودُ ، اكْفِنِي شَرَّ أَعْدائِي وَحاسِدِي ، وَتَوَلَّنِي بِوِلايَتِكَ وَاكْفِنِي بِكِفايَتِكَ ، وَاهْدِ قَلْبِي بِهُداكَ ، وَحُطَّ عَنِّي وِزْرِي ، وَشُدَّ أَزْرِي ، وَارْزُقْنِي التَّوْبَةَ بِحَطِّ السَّيِّئاتِ وَتَضاعُفِ الْحَسَناتِ ، وَكَشْفِ الْبَلِيَّاتِ ، وَرِبْحِ التجاراتِ ، وَدَفْعِ مَعَرَّةِ (2) السَّعاياتِ.

إِنَّكَ مُجِيبُ الدَّعواتِ ، وَمُنْزِلُ الْبَرَكاتِ ، كُنْ لِدُعائِي مُجِيباً ، وَمِنْ نِدائِي قَرِيباً ، وَلِي حافِظاً وَرَقِيباً ، وَأَجِرْنِي مِمَّا أُحاذِرُ وَأَخْشى مِنْ [ شَرِّ ] (3) كُلِّ ذِي شَرٍّ مِنْ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ ، إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (4).

دعاء آخر في يوم عرفة ، ذكر رواية ان فيه اسم اللّه الأعظم :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي (5) نَجَّيْتَ بِهِ مُوسى حِينَ قُلْتَ بآهِيَّاً شَراهِيّاً فِي الدَّهْرِ الْباقِي وَالدَّهْرِ الْخالِي ، وَأَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبِ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ ، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى الْمُتَعَزِّزاتِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لَنا ، وَتَفْعَلَ بِنا ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، فَإِنَّكَ

ص: 160


1- في البحار : العظيم.
2- المعرة : المساءة والإثم.
3- من البحار.
4- عنه البحار 98 : 266 - 270.
5- في البحار : باسمك العظيم الذي.

أَهْلُ الْعَفْوِ.

يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ ، وَما أَبْدَيْتُ وَما أَخْفَيْتُ ، وَما خَفِيَ عَلَى الْخَلائِقِ وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّجاوُزِ وَالإِحْسانِ ، أَسْأَلُكَ يا جَوادُ يا كَرِيمُ ، أَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً دائِماً مَعَ دَوامِكَ ، وَخالِداً مَعَ خُلُودِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا أَمَدَ لَهُ دُونَ مَشِيَّتِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ زِنَةَ عَرْشِكَ وَرِضى نَفْسِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا أَجْرَ لِقائِلِهِ دُونَ رِضاكَ.

وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ قُوَّةِ كُلِّ ضَعِيفٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ عِزِّ كُلِّ ذَلِيلٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ غِنى كُلِّ فَقِيرٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، عَوْنِ كُلِّ مَظْلُومٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ مُونِسِ كُلِّ وَحِيدٍ.

وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، فَكاكِ كُلِّ أَسِيرٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ مَلْجَأِ كُلِّ مَهْمُومٍ (1) ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ دافِعِ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ كاشِفِ كُلِّ كُرْبَةٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ صاحِبِ كُلِّ سَرِيرَةٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ مَوْضِعِ كُلِّ رَزِيَّةٍ.

وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْفَعَّالِ لِما يُرِيدُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ رازِقِ الْعِبادِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ عَدَدَ ما خَلَقَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ غايَةَ كُلِّ طالِبٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ سَرْمَداً أَبَداً لا يَنْقَطِعُ أَبَداً ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ هذا الدُّعاءِ ، وَبِحُرْمَةِ هذا الْيَوْمِ الْمُبارَكِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ ، وَما أَسْرَرْتُ

ص: 161


1- في بعض النسخ « ملجأ كلّ مهموم » مقدم على « مونس كلّ وحيد ».

وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَما أَبْدَيْتُ وَما أَخْفَيْتُ ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.

وَأَنْ تُقَدِّرَ لِي خَيْراً مِنْ تَقْدِيرِي لِنَفْسِي ، وَتَكْفِيَنِي ما يُهِمُّنِي وَتُغْنِينِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ ، وَتَرْزُقَنِي حُسْنَ التَّوْفِيقِ ، وَتَصَدَّقَ عَلَيَّ بِالرِّضا وَالْعَفْوِ عَمَّا مَضى ، وَالتَّوْفِيقِ لِما تُحِبُّ وَتَرْضى ، وَتُيَسِّرَ لِي مِنْ أَمْرِي ما أَخافُ عُسْرَهُ ، وَتُفَرِّجَ عَنِّي الْهَمَّ وَالْغَمَّ وَالْكَرْبَ ، وَما ضاقَ بِهِ صَدْرِي وَعِيلَ بِهِ صَبْرِي ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ ، وَتَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

دعاء آخر في عشية عرفة ، وجدناه في نسخة تاريخ كتابتها سنة سبعين ومائتين ، فقال ما هذا لفظه : بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَمِنْ نَزْغِهِ (2) وَشَرِّهِ وَكَيْدِهِ وَخَيْلِهِ وَحِيَلِهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الْقَوْلَ فِي مَقامِي هذا بِما يَبْلُغُهُ مَجْهُودِي مِنْ تَحْمِيدِكَ وَتَهْلِيلِكَ وَتَكْبِيرِكَ ، وَالصَّلاةِ عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَالاسْتِغْفارِ لِأَوْلِيائِكَ ، وَلأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذلِكَ ، فَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ ، مُتَوَجِّهاً جَمِيعاً إِلَيْكَ فِي حَوائِجِي ، صَغِيرِها وَكَبِيرِها ، عاجِلِها وَآجِلِها.

فَكُنِ اللّهُمَّ الْهادِي فِي ذلِكَ كُلِّهِ لِلصَّوابِ وَالْمُعِينَ عَلَيْهِ بِالتَّوْفِيقِ وَالرَّشادِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِذلِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، أَنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَأَوَّلُهُ ، وَبَعْدَ (3) كُلِّ شَيْءٍ وَمُنْتَهاهُ ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَخالِقُهُ ، وَمُدَبِّرُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُحْصِيهِ ، وَمالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَوارِثُهُ.

ص: 162


1- عنه البحار 98 : 270.
2- نزغ الشيطان : وساوسه وما يحمل به الإنسان على المعاصي.
3- وآخره وبديع كلّ شيء ( خ ل ).

أَنْتَ الَّذِي لَمْ تَسْتَعِنْ بِشَيْءٍ ، وَلَمْ تُشاوِرْ أَحَداً فِي شَيْءٍ ، وَلَمْ يُعْوِزْكَ (1) شَيْءٌ ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْكَ شَيْءٌ ، أَنْتَ الَّذِي أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ ، وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِكَ ، وَاعْتَرَفَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِكَ ، وَحارَتِ الْأَبْصارُ دُونَكَ ، وَكَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ ، وَضَلَّتِ الْأَحْلامُ فِيكَ.

أَنْتَ الَّذِي تَعالَيْتَ بِقُدْرَتِكَ ، وَعَلَوْتَ بِسُلْطانِكَ ، وَقَهَرْتَ بِعِزَّتِكَ ، فَأَدْرَكْتَ الْأَبْصارَ ، وَأَحْصَيْتَ الْأَعْمارَ ، وَأَخَذْتَ بِالنَّواصِي وَحُلْتَ دُونَ الْقُلُوبِ.

اللّهُ أَكْبَرُ ، اللّهُ أَكْبَرُ أَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ ، وَمُنْتَهى الْجَبَرُوتِ وَالْقُوَّةِ ، وَوَلِيُّ الْغَيْثِ وَالْقُدْرَةِ ، مَلِكُ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ ، عَظِيمُ الْمَلَكُوتِ ، شَدِيدُ الْجَبَرُوتِ ، عَزِيزُ الْقُدْرَةِ ، لَطِيفٌ لِما يَشاءُ ، اللّهُ أَكْبَرُ ، اللّهُ أَكْبَرُ.

مُدَبِّرُ الأُمُورِ ، مُبْدِئُ الْخَفِيَّاتِ ، مُعْلِنُ السَّرائِرِ ، مُحْيِي الْمَوْتى وَالْعِظامِ وَهِيَ رَمِيمٌ ، اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ ، أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَآخِرُهُ ، وَبَدِيعُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُعِيدُهُ ، وَخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمَوْلاهُ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا رَبِّ خَشَعَتْ لَكَ الْأَصْواتُ ، وَضَلَّتْ فِيكَ الْأَحْلامُ وَالْأَبْصارُ ، وَأَفْضَتْ إِلَيْكَ الْقُلُوبُ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ كُلُّ شَيْءٍ خاشِعٌ لَكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ قائِمٌ بِكَ وَكُلُّ شَيْءٍ مُشْفِقٌ مِنْكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ ضارِعٌ إِلَيْكَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لا يَقْضِي فِي الأُمُورِ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلا يُدَبِّرُ مَقادِيرَها غَيْرُكَ ، وَلا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنْها دُونَكَ ، وَلا يَصِيرُ شَيْءٌ مِنْها إِلاَّ إِلَيْكَ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْخَلْقُ كُلُّهُ فِي قَبْضَتِكَ ، وَالنَّواصِي كُلُّها بِيَدِكَ ، وَالْمَلائِكَةُ مُشْفِقُونَ مِنْ خَشْيَتِكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَشْرَكَ بِكَ عَبْدٌ داخِرٌ (2) لَكَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، عَلَوْتَ فَقَهَرْتَ وَمَلَكْتَ فَقَدَرْتَ ، وَنَظَرْتَ فَخَبَرْتَ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرْتَ ، عَلِمْتَ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ.

ص: 163


1- عاز الشيء فلانا : احتاج فلان إليه فلم يجده.
2- دخر : ذلّ وصغر.

سُبْحانَكَ رَبَّنا تَسْبيحاً دائِماً لا يَقْصُرُ دُونَ أَفْضَلِ رِضاكَ ، وَلا يُجاوِزُهُ شَيْءٌ ، سُبْحانَكَ عَدَدَ ما قَهَرَهُ مُلْكُكَ ، وَأَحاطَتْ بِهِ قُدْرَتُكَ ، وَأَحْصاهُ كِتابُكَ ، سُبْحانَكَ ما أَعْظَمَ شَأْنَكَ ، وَأَعَزَّ سُلْطانَكَ ، وَأَشَدَّ جَبَرُوتَكَ ، سُبْحانَكَ لَكَ التَّسْبِيحُ وَالْعَظَمَةُ ، وَلَكَ الْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ ، وَلَكَ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ ، وَلَكَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ كَلامَهُ ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ ما فِي نَفْسِهِ ، وَمَنْ عاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَمَنْ ماتَ فَالَيْهِ مَرَدُّهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُجِيرُ وَلا يُجارَ عَلَيْهِ ، وَيَمْتَنِعُ وَلا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ، وَيَحْكُمُ بِحُكْمِهِ ، وَيَقْضِي فَلا رادَّ لِقَضائِهِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ حِفْظُهُ ، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ جَبَرُوتُهُ ، وَأَخافُ كُلَّ شَيْءٍ سُلْطانُهُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَلِكَ فَقَدَرَ ، وَبَطَنَ فَخَبَرَ ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتى وَيُمِيتُ الْأَحْياءَ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما تَأْخُذُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما تُعْطِي ، وَعَلى ما تُبْلِي وَعَلى ما تَبْتَلِي ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما بَقِيَ وَعَلى ما تُبْدِي ، وَعَلى ما تُخْفِي ، وَعَلى ما لا يُرى وَعَلى ما يُرى ، وَعَلى ما قَدْ كانَ ، وَعَلى ما قَدْ يَكُونُ ، وَعَلى ما هُوَ كائِنٌ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ ، وَعَلى عَفْوِكَ بَعْدَ مَنِّكَ وَقُدْرَتِكَ ، وَعَلى آلائِكَ بَعْدَ حُجَّتِكَ ، وَعَلى صَفْحِكَ بَعْدَ انْتِقامِكَ (1).

وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما تَقْضِي فِيما خَلَقْتَ ، وَعَلى بَعْدِ ما فَنى خَلْقُكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ قَبْلَ أَنْ تخْلُقَ شَيْئاً مِنْ خَلْقِكَ ، وَعَلى بَدْءِ ما خَلَقْتَ إِلَى انْقِضاءِ خَلْقِكَ وَبَعْدَ ذلِكَ ، حَمْداً أَرْضىَ الْحَمْدِ لَكَ ، وَأَحَقَّ الْحَمْدِ بِكَ ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وَتَرْضاهُ لِنَفْسِكَ ، حَمْداً لا يَحْجُبُ عَنْكَ ، وَلا يَنْتَهِي دُونَكَ ، وَلا يَقْصُرُ دُونَ أَفْضَلِ رِضاكَ.

ص: 164


1- افتقارك ( خ ل ) ، أقول : على ما أثبتناه المعنى واضح ، أي صفحك بعد قدرتك على الانتقام ، وعلى ما في نسخة البدل أيضا ، لأن الافتقار قد يكون بمعنى العلم بالأمور الخفية ، - كما في النهاية - أي صفحك بعد علمك بالمعاصي المستورة.

تَبارَكَتْ أَسْماؤُكَ يا رَبِّ وَتَعالى ذِكْرُكَ ، وَقَهَرَ سُلْطانُكَ ، وَتَمَّتْ كَلِماتُكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، أَمْرُكَ قَضاءٌ ، وَكَلامُكَ نُورٌ ، وَرِضاكَ رَحْمَةٌ ، وَسَخَطُكَ عَذابٌ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، تَقْضِي بِعِلْمٍ وَتَعْفُو بِحِلْمٍ ، وَتَأْخُذُ بِقُدْرَةٍ وَتَفْعَلُ ما تَشاءُ.

تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ، شَدِيدُ الْعِقابِ وَالنَّقِمَةِ ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ ، سَرِيعُ الْحِسابِ عَلى كُلِّ خَفِيَّةٍ ، الْحاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ ، الشَّاهِدُ لِكُلِّ نَجْوَى ، اللَّطِيفُ لِما يَشاءُ.

ثمّ تكبّر اللّه مائة مرّة ، وتحمده مائة مرّة ، وتسبّحه مائة مرّة ، وتقرء ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة ، وتقول : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ مائة مرّة ، وتقول :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَتقول : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - مائة مرّة ، وتقرء عشرة آيات من أوّل البقرة :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ. يُخادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ. فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ.

اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ

ص: 165

وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ، رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً (1) كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ. هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً (2) وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

ص: 166


1- الإصر : الإثم والثقل.
2- الحثيث : السريع كانّ نفسه تحثه.

بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

وتحمد اللّه على كلّ نعمة أنعم بها عليك ، من أهل أو مال أو ولد ، وقليل أو كثير ، وتذكر المنعم عليك في جميع ما أبلاك وأولاك شيئا شيئا ما أمكنك ذكره ، وقل :

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى نِعَمِهِ الَّتِي لا تُحْصى وَلا تُكافأ بِعَمَلٍ إِلاَّ بِحَمْدِ اللّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَفَضَّلَنِي عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ فِي حُسْنِ الْخُلْقِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَّمَنِي وَلَمْ أَعْلَمْ شَيْئاً وَفَضَّلَنِي عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ فِي حُسْنِ الرِّزْقِ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى رَحْمَتِهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُنْطِقْنِي مِنْ بُكْمٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْنِي مِنْ عَمى غَيْرُهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُسْمِعْنِي مِنْ صَمَمٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَهْدِنِي مِنْ ضَلالَةٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنِّي مِنْ خَوْفٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنْ رَوْعِي غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُقِلْنِي مِنْ عَثْرَةٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُكْرِمْنِي مِنْ هَوانٍ غَيْرُهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَسْتُرْ مِنِّي عَوْرَةً غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَرْفَعْنِي مِنْ ضَعَةٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَسُدَّ مِنِّي فاقَةً غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَشْبَعْنِي مِنْ جُوعٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُسْقِنِي مِنْ ظَمَإٍ غَيْرُهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَكْسُنِي مِنْ عُرى غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُفَهِّمْنِي

ص: 167

مِنْ عَيٍّ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُعَلِّمْنِي مِنْ جَهْلٍ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُقَوِّنِي مِنْ ضَعْفٍ غَيْرُهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَكْفِنِي الْمُهِمَّ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَصْرِفْ عَنِّي السُّوءَ غَيْرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنِي فِي كُلِّ مِصْرٍ قَدِمْتُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عافانِي فِي كُلِّ طَرِيقٍ سَلَكْتُهُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي آوانِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَفْرَشَنِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَهَّدَ لِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْدَمَنِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي زَوَّجَنِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَمَلَنِي فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي مِنَ الطَّيِّباتِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنِي عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الدُّنْيا ما بَقِيتَ الدُّنْيا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الاخِرَةِ إِذَا انْقَضَتِ الدُّنْيا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الدُّنْيا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِمَّنْ يَحْمِدُهُ وَيَشْكُرُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي يَهُودِيّاً وَلا نَصْرانِيّاً وَلا مَجُوسِيّاً ، وَلا شاكّاً وَلا ضالًّا وَلا مُرْتاباً ، وَلا مُتَّبِعَ ضَلالَةٍ ، وَلا مُتَّبِعَ شَيْءٍ مِنَ السُّبُلِ الْمُشَبَّهَةِ الَّتِي أَحْدَثَها النَّاسُ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَيْهِ السَّلامُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِمَحامِدِهِ كُلِّها عَلى نَعْمائِهِ كُلِّها ، حَتّى يَنْتَهِي الْحَمْدُ الى ما يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضى ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَنْسَ مَنْ ذَكَرَهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَخِيبُ مَنْ دَعاهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَذِلُّ مَنْ والاهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالإِحْسانِ إِحْساناً وَبِالصَّبْرِ نَجاةً.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفاهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ يَكِلْهُ إِلى غَيْرِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ يَقِينُنا حِينَ يَنْقَطِعُ الْحَبْلُ عَنَّا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ رَجاؤُنا حِينَ يَسُوءُ ظَنُّنا بِأَعْمالِنا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَكْشِفُ غَمَّنا وَيُنَفِّسُ كَرْبَنا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُفَرِّجُ هَمَّنا.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَوْزِعْنِي شُكْرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ

ص: 168

بِهَا عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ فَقَدْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ نِعماً لا أُحْصِيها ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى جَمِيعِ ما أَحْصَيْتَ مِنْها وَعَلى كُلِّ حالٍ ، حَمْداً تَرْضاهُ وَيَصْعَدُ إِلَيْكَ ، وَلا يَحْجُبُ عَنْكَ وَلا يَقْصُرُ دُونَ رِضاكَ ، حَمْداً تُوجِبُ لِي بِهِ الْكَرامَةَ عِنْدَكَ ، وَالْمَزِيدَ مِنْ عِنْدِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وتحمد اللّه وتسبّحه وتهلّله وتكبّره بكلّ ما في القرآن من ذلك.

التحميد :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ. الظُّلُماتِ وَالنُّورَ. فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ. وَلَوْ لا أَنْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا. وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً. فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى. وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ. قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ. وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

ص: 169

وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ.

التسبيح :

سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا. وقالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ. سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.

سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ، تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ. قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ.

سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ. سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً. سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً.

سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يَصِفُونَ. ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ.

سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ. وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ. هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ.

ص: 170

سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ. فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يَصِفُونَ. سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. سُبْحانَهُ هُوَ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ.

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ. أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ. قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً. قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ. سُبْحانَ رَبِّيَ الْأَعْلى.

التهليل :

وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. الم اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ.

لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ. لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ.

ص: 171

لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ.

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً.

ثمّ قل :

سُبْحانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْمَلِكِ ، سُبْحانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ، سُبْحانَ مَنْ عَلا فِي الْهَواءِ ، سُبْحانَ اللّهِ وَتَعالى ، سُبْحانَ اللّهِ الْقائِمِ الدَّائِمِ ، سُبْحانَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، سُبْحانَ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ الْمُتَكَبِّرِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ ما أَحْمَدَكَ وَأَمْجَدَكَ ، وَأَجْوَدَكَ [ وَأَكْرَمَكَ ] (1) ، وَأَرْأَفَكَ وَأَرْحَمَكَ ، وَأَعْلاكَ وَأَقْرَبَكَ ، وَأَقْدَرَكَ وَأَقْهَرَكَ ، وَأَوْسَعَكَ وَأَفْضَلَكَ ، وَأَثْبَتَكَ وَأَثْوَبَكَ ، وَأَحْضَرَكَ وَأَخْبَرَكَ ، وَأَلْطَفَكَ وَأَعْلَمَكَ ، وَأَشْكَرَكَ وَأَحْلَمَكَ ، وَأَجَلَّ ثَناءَكَ ، وَأَتَمَّ مُلْكَكَ ، وَأَمْضى أَمْرَكَ ، وَما أَقْدَمَ عِزَّكَ ، وَأَعَزَّ قَهْرَكَ ، وَأَمْتَنَ كَيْدَكَ ، وَأَغْلَبَ مَكْرَكَ ، وَأَقْرَبَ فَتْحَكَ ، وَأَدْوَمَ نَصْرَكَ ، وَأَقْدَمَ شَأْنَكَ ، وَأَحْوَطَ مُلْكَكَ ، وَأَظْهَرَ عَدْلَكَ ، وَأَعْدَلَ حُكْمَكَ ، وَأَوْفى عَهْدَكَ ، وَأَنْجَزَ وَعْدَكَ ، وَأَكْرَمَ ثَوابَكَ ، وَأَشَدَّ عِقابَكَ ، وَأَحْسَنَ عَفْوَكَ ، وَأَجْزَلَ عَطاءَكَ ، وَأَشَدَّ أَرْكانَكَ ، وَأَعْظَمَ سُلْطانَكَ.

لِأَنَّكَ اللّهُ الْعَظِيمُ فِي عَظَمَتِكَ ، جَلِيلٌ فِي بَهائِكَ ، بَهِيٌّ فِي جَلالِكَ ، جَبَّارٌ فِي كِبْرِيائِكَ ، كَبِيرٌ فِي جَبَرُوتِكَ ، مَلِكٌ فِي قُدْرَتِكَ ، قادِرٌ فِي مُلْكِكَ ، عَزِيزٌ فِي قَهْرِكَ ، قاهِرٌ فِي عِزِّكَ ، مُنِيرٌ فِي ضِيائِكَ ، عَدْلٌ فِي قَضائِكَ ، صادِقٌ فِي دُعائِكَ ، كَرِيمٌ فِي عَفْوِكَ ، قَرِيبٌ فِي ارْتِفاعِكَ ، عالٍ فِي دُنُوِّكَ.

اللّهُمَّ نَدَبْتَ الْمُؤْمِنِينَ إِلى أَمْرٍ بَدَأْتَ فِيهِ بِنَفْسِكَ وَمَلائِكَتِكَ ، فَقُلْتَ : « إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

ص: 172


1- من البحار.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ ، وَنَجِيِّكَ وَنَجِيبِكَ ، وَصَفْوَتِكَ وَصَفِيِّكَ ، وَوَلِيِّكَ وَحَبِيبِكَ ، وَخَلِيلِكَ وَخاصَّتِكَ وَخالِصَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ.

الَّذِي انْتَجَبْتَهُ لِرِسالَتِكَ (1) وَاسْتَخْلَصْتَهُ لِدِينِكَ ، وَاسْتَرْعَيْتَهُ عِبادَكَ ، وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ ، وَجَعَلْتَهُ عَلَمَ الْهُدى ، وَبابَ النُّهى ، وَالْحُجَّةَ الْكُبْرى ، وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقى فِيما بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِكَ ، وَالشَّاهِدَ لَهُمْ وَالْمُهَيْمِنَ عَلَيْهِمْ.

كَما بَلَّغَ رِسالَتَكَ (2) ، وَنَصَحَ لِعِبادِكَ ، وَجاهَدَ فِي سَبِيلِكَ ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ ، وَأَحَلَّ حَلالَكَ ، وَحَرَّمَ حَرامَكَ ، وَبَيَّنَ فَرائِضَكَ ، وَاحْتَجَّ عَلى خَلْقِكَ بِأَمْرِكَ ، أَفْضَلَ وَأَشْرَفَ ، وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ ، وَأَنْفَعَ وَأَزْكَى ، وَأَنْمى وَأَطْهَرَ ، وَأَطْيَبَ وَأَرْضى ، وَأَكْمَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَصْفِيائِكَ ، وَأَهْلِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ ، وَالْكَرامَةِ عَلَيْكَ.

اللّهُمَّ وَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَغُفْرانَكَ وَبَرَكاتَكَ ، وَرِضْوانَكَ وَرَحْمَتَكَ ، وَمَنَّكَ وَإِفْضالَكَ ، وَتَحِيَّتَكَ وَسَلامَكَ ، وَتَشْرِيفَكَ وَإِعْظامَكَ ، وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ ، وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، مِنَ الشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقِينَ ، وَالْأَوْصِياءِ ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ، وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالْأَرضِينَ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَهُما ، وَما بَيْنَ الْخافِقَيْنِ ، وَما فِي الْهَواءِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَالنُّجُومِ وَالْجِبَالِ ، وَالشَّجَرِ وَالدَّوابِّ ، وَما يُسَبِّحُ لَكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَالظُّلْمَةِ وَالضِّياءِ ، بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، فِي ساعاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ.

عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، النَّبِيِّ الأُمِّيِّ ، الْمَهْدِيِّ الْهادِي ، السِّراجِ الْمُنِيرِ ، الشَّاهِدِ الْأَمِينِ ، الدَّاعِيَ إِلَيْكَ بِاذْنِكَ ، سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَخاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَإِمامِ الْمُتَّقِينَ ، وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَلِيِّ الْمُرْسَلِينَ ، وَقائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجِّلِينَ ، كَما هَدَيْتَنا بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَأَنَرْتَ لَنا بِهِ مِنَ الظُّلْمَةِ ، وَاسْتَنْقَذْتَنا بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ.

ص: 173


1- لرسالاتك ( خ ل ).
2- رسالاتك ( خ ل ).

فَاجْزِهِ عَنّا أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ وَرَسُولاً عَمَّنْ أَرْسَلْتَهُ إِلَيْهِ ، وَاجْعَلْنا ندِينُ بِدِينِهِ ، وَنَهْتَدِي بِهُداهُ ، وَنُوالِي وَلِيَّهُ ، وَنُعادِي عَدُوَّهُ ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِهِ ، وَاجْعَلْنا فِي شَفاعَتِهِ ، وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ ، غَيْرَ خَزايا وَلا نادِمِينَ ، وَلا ناكِثِينَ وَلا مُبَدِّلِينَ ، آمِينَ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ ، وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، الَّذِينَ أَلْهَمْتَهُمْ عِلْمَكَ ، وَاسْتَحْفَظْتَهُمْ كِتابَكَ ، فَانَّهُمْ مَعْدِنُ كَلِماتِكَ ، وَخُزَّانُ عِلْمِكَ ، وَدَعائِمُ دِينِكَ ، وَالْقُوَّامُ بِأَمْرِكَ ، صَلاةً كَثِيرةً ، طَيِّبَةً مُبارَكَةً ، تامَّةً زاكِيَةً نامِيَةً ، وَأَبْلِغْ أَرْواحَهُمْ وَأَجْسادَهُمْ مِنِّي فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَعَلى إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ ، وَعَلى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَاولِي الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَالْأَوْلِياءِ الْمُنْتَجَبِينَ ، وَالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ.

وَاخْصُصْ خَواصَّ أَهْلِ صَفْوَتِكَ ، الَّذِينَ اجْتَبَيْتَ لِرِسالاتِكَ ، وَحَمَّلَتِ الْأَمانَةَ فِيما بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ ، بِتَفاضُلِ دَرَجاتِ أَهْلِ صَفْوَتِكَ ، وَزِدْهُمْ إِلى كُلِّ كَرامَةٍ كَرامَةً ، وَإِلى كُلِّ فَضِيلَةٍ فَضِيلَةً ، وَإِلى كُلِّ خاصَّةٍ خاصَّةً ، وَعَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ ، وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ ، وَصِلْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فِي اتِّصالِ مُوالاتِكَ.

اللّهُمَّ سَلِّمْ عَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَاخْصُصْ مُحَمَّداً مِنْ ذلِكَ بِأَشْرَفِهِ ، وَسَلِّمْ عَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ ، وَاخْصُصْ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ مِنْ ذلِكَ بِأَفْضَلِهِ ، وَسَلِّمْ عَلى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَاخْصُصْ أَوْلِياءَكَ مِنْ ذلِكَ بِأَدْوَمِهِ ، وَبارِكْ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً ، وَعَلى أَهْلِي وَوَلَدِي وَوالِدَيَّ وَما وَلَدا ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

ص: 174

اللّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصى ، وَحَوائِجِي أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُسَمّى ، اللّهُمَّ وَلِي إِلى عَفْوِكَ وَمَعْرُوفِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَرِضْوانِكَ وَعافِيَتِكَ ، وَعِصْمَتِكَ وَحُسْنِ إِجابَتِكَ أَعْظَمُ الْفاقَةِ ، وَأَشَدُّ الْحاجَةِ.

اللّهُمَّ لا أَجِدُ فِي ذلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكَ شافِعاً وَلا مُتَقَرِّباً أَوْجَهَ فِي نَفْسِي رَجاءً فِيما قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِهِ ، مِنْ تَحْمِيدِكَ وَتَسْبِيحِكَ وَتَهْلِيلِكَ ، وَتَكْبِيرِكَ وَتَمْجِيدِكَ ، وَتَعْظِيمِ ذِكْرِكَ ، وَتَفْخِيمِ شَأْنِكَ ، وَالصَّلاةِ عَلى مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْكَ ، بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَبِأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيِّينَ ، صَلَواتُكَ وَبَرَكاتُكَ وَرَحْمَتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.

يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنِّي أَتَقَرَّبُ بِكَ إِلَى اللّهِ رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَيَقْضِي لِي بِكَ حَوائِجِي ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي ، فَنِعْمَ الْمَسْؤُولُ رَبِّي ، وَنِعْمَ الشَّفِيعُ أَنْتَ يا مُحَمَّدُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً.

اللّهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَبَرَكاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَاجْعَلْنِي بِهِ وَبِهِمْ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَاجْعَلْ صَلاتِي بِهِمْ مَقْبُولَةً ، وَدُعائِي بِهِمْ مُسْتَجاباً ، وَذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً ، وَرِزْقِي بِهِمْ مَبْسُوطاً ، وَانْظُرْ إِلَيَّ فِي مَقامِي هذا نَظْرَةً رَحِيمَةً ، أَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ ، وَلا تَصْرِفْهُ عَنِّي أَبَداً ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، يا واحِدُ يا ماجِدُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا دائِمُ ، يا قائِمُ يا عالِمُ ، يا مَلِكُ يا قُدُّوسُ يا سَلامُ ، يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ ، يا عَزِيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ ، يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ ، يا حَكِيمُ يا عَلِيمُ ، يا خَبِيرُ يا كَبِيرُ ، يا مُتَعالِي يا وَلِيُّ.

يا أَوَّلُ يا آخِرُ ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا حَقُّ يا مُبِينُ ، يا سَمِيعُ يا بَصِيرُ ، يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ ، يا قادِرُ يا قاهِرُ ، يا مَلِيكُ يا مُقْتَدِرُ ، يا غَنِيُّ يا كَرِيمُ ، يا عَفُوُّ يا غَفُورُ ، يا غَفَّارُ يا غافِرُ ، يا قابِلُ يا تَوَّابُ ، يا وَهَّابُ يا واسِعُ ، يا رَفِيعُ يا رازِقُ ،

ص: 175

يا مُنِيرُ يا شَهِيدُ يا حَفِيظُ ، يا فالِقُ يا فاطِرُ ، يا بَدِيعُ يا نُورُ يا شاكِرُ ، يا وَلِيُّ يا مَوْلى ، يا نَصِيرُ.

يا اللّهُ ، يا مُسْتَعانُ يا خَلاَّقُ ، يا لَطِيفُ يا شَكُورُ ، يا قُدُّوسُ يا سَرِيعُ ، يا شَدِيدُ يا مُحِيطُ ، يا رَبُّ يا قَوِيُّ ، يا رَءُوفُ يا وَدُودُ ، يا فَعَّالُ لِما يُرِيدُ.

اللّهُمَّ يا عَلاَّمُ يا رَقِيبُ ، يا مُغِيثُ يا حَبِيبُ ، يا وَكِيلُ يا هادِي ، يا مُبْدِئُ يا مُعِيدُ ، يا مَنْ فِي السَّماءِ ، يا ذَا الْعَرْشِ ، يا ذَا الْفَضْلِ ، يا ذَا الطَّوْلِ يا ذَا الْمَعارِجِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا ذَا التَّقْوى ، يا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ ، يا جاعِلُ يا ناشِرُ يا باعِثُ ، يا كافِي يا حَفِيُ (1) يا مُولِجُ يا مُخْرِجُ ، يا مُعْطِي يا قابِضُ ، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ.

أَسْأَلُكَ يا اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ (2) الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

وتقول :

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ. اللّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَيا اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلَّها ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ

ص: 176


1- حفي فلانا : أعطاه.
2- هيمن فلان على كذا : صار رقيبا عليه وحافظا ، المهيمن : بمعنى المؤمن أو المؤتمن أو الشاهد أو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم.

نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَلِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ اوْ انْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ. وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ لَمْ تُعَلِّمْهُ إِيَّاهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ وَنُورِكَ وَجَمِيعِ ما أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ ، وَجَمِيعِ ما أَحَطْتَ بِهِ عَلى خَلْقِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِجَمْعِكَ وَأَرْكانِكَ كُلِّها ، وَبِحَقِ (1) رَسُولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَبِحَقِّ أَوْلِيائِكَ وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، وَبِاسْمِكَ الْأَكْبَرِ الاكْبَرِ الاكْبَرِ ، وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ كانَ حَقّاً عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّهُ ، وَأَنْ تُعْطِيَهُ ما سَأَلَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي وَجَمِيعَ عِلْمِكَ فِيَّ.

وَلا تَدَعْ لِي فِي مَقامِي هذا ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا وِزْراً إِلاَّ حَطَّطْتَهُ ، وَلا خَطِيئَةً إِلاَّ كَفَّرْتَها ، وَلا سَيِّئَةً إِلاَّ مَحَوْتَها ، وَلا حَسَنَةً إِلاَّ أَثْبَتَّها ، وَلا شُحّاً إِلاَّ سَتَرْتَهُ ، وَلا عَيْباً إِلاَّ أَصْلَحْتَهُ ، وَلا شَيْناً إِلاَّ زَيَّنْتَهُ ، وَلا سُقْماً إِلاَّ شَفَيْتَهُ ، وَلا فَقْراً إِلاَّ أَغْنَيْتَهُ ، وَلا فاقَةً إِلاَّ سَدَدْتَها ، وَلا دَيْناً إِلاَّ قَضَيْتَهُ ، وَلا أَمانَةً إِلاَّ أَدَّيْتَها ، وَلا هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا غَماً إِلاَّ كَشَفْتَهُ ، وَلا كُرْبَةً إِلاَّ نَفَّسْتَها ، وَلا بَلِيَّةً إِلاَّ صَرَفْتَها ، وَلا عَدُوّاً إِلاَّ أَبَدْتَهُ ، وَلا مَؤُونَةً إِلاَّ كَفَيْتَها ، وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ إِلاَّ قَضَيْتَها ، عَلى أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجائِي فِيكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِذلِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، وَأَجَلِي بِعِلْمِكَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُوَفِّقَنِي لِما يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ، وَادْرَءْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَمْكُرْ بِي وَلا تَخْدَعْنِي ، وَلا تَسْتَدْرِجْنِي.

ص: 177


1- أسألك بحق ( خ ل ).

اللّهُمَّ هذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ ، الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ الْمُشْفِقِ ، مَقامُ مَنْ يَبُوءُ (1) بِخَطِيئَتِهِ ، وَيَعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ ، وَيَتُوبُ إِلى رَبِّهِ ، عَصَيْتُكَ إِلهِي بِلِسانِي ، وَلَوْ تَشاءُ وَعِزَّتِكَ لأَخْرَسْتَنِي ، وَعَصَيْتُكَ بِبَصَرِي وَلَوْ تَشاءُ وَعِزَّتِكَ لَأَكْمَهْتَنِي (2) ، وَعَصَيْتُكَ بِسَمْعِي وَلَوْ تَشاءُ وَعِزَّتِكَ لأَصْمَمْتَنِي ، وَعَصَيْتُكَ بِرِجْلِي وَلَوْ تَشاءُ وَعِزَّتِكَ لَجَذَمْتَنِي (3) ، وَعَصَيْتُكَ إِلهِي بِجَمِيعِ جَوارِحِي الَّتِي أَنْعَمْتَ بِها عَلَيَّ وَلَمْ يَكُنْ ذلِكَ جَزاؤُكَ مِنِّي فِي حُسْنِ صَنِيعِكَ إِلَيَّ وَجَمِيلِ بَلائِكَ عِنْدِي.

اللّهُمَّ ما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ عَمْداً أَوْ خَطَأَ ، سِرّاً أَوْ عَلانِيَةً ، مِمَّا خانَهُ سَمْعِي ، أَوْ عايَنَهُ بَصَرِي ، أَوْ نَطَقَ بِهِ لِسانِي ، أَوْ نَقَلَتْ إِلَيْهِ قَدَمِي ، أَوْ بَطَشْتُهُ بِيَدِي ، أَوْ باشَرْتُهُ بِجِلْدِي ، أَوْ جَعَلْتُهُ فِي بَطْنِي ، أَوْ كَسَوْتُهُ ظَهْرِي ، أَوْ هَوَيْتُهُ بِنَفْسِي ، أَوْ شَرَّبْتُهُ قَلْبِي ، فِيما هُوَ لَكَ مَعْصِيَةٌ وَعَلى مَنْ فَعَلَهُ وِزْرٌ ، وَمِنْ كُلِّ فاحِشَةٍ (4) أَوْ ذَنْبٍ أَوْ خَطِيئَةٍ عَمِلْتُها فِي سَوادِ لَيْلٍ أَوْ بَياضِ نَهارٍ ، فِي خَلاءٍ أَوْ مَلاءٍ ، عَلِمْتُهُ أَوْ لَمْ أَعْلَمْهُ ، ذَكَرْتُهُ أَوْ نَسِيتُهُ ، عَصَيْتُكَ فِيهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فِي حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ ، أَوْ قَصَدْتُ فِيهِ مُذْ يَوْمِ خَلَقْتَنِي إِلى أَنْ وَقَفْتُ مَوْقِفِي هذا ، فَانَّنِي أَسْتَغْفِرُكَ لَهُ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْهُ.

وَأَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا اللّهُ يا رَبِّ يا رَبِّ - تقول ذلك عشر مرّات ، بِحَقِّكَ عَلى نَفْسِكَ ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَيْكَ ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ ، وَبِالْكَلِماتِ الَّتِي تَلَقَّاكَ بِها آدَمُ ، فَتُبْتَ عَلَيْهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ فِي مَقامِي هذا وَأَنْ تُعْطِيَنِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ تَوْبَةً لا تَسْخَطُ عَلَيَّ بَعْدَها أَبَداً.

ص: 178


1- باء بالحق أو بالذنب : أقرّ.
2- كمه : عمي أو صار أعشى.
3- جذم : قطعه بسرعة فانقطع ، أجذم يده : قطعها.
4- الفاحش : القبيح.

وَأَنْ تَغْفِرَ لِي مَغْفِرَةً لا تُعَذِّبْنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَنْ تُعافِيَنِي فِيهِ مُعافاةً لا تَبْتَلِيَنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي فِيهِ يَقِيناً لا أَشُكُّ بَعْدَهُ أَبَداً ، وَأَنْ تُكْرِمَنِي فِيهِ كَرامَةً لا تُهِينُنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَنْ تُعِزَّنِي فِيهِ عِزاً لا ذُلَّ بَعْدَهُ أَبَداً.

وَأَنْ تَرْفَعَنِي فِيهِ رَفْعَةً لا تَضَعُنِي بَعْدَها أَبَداً ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي فِيهِ رِزْقاً واسِعاً حَلالاً طَيِّباً كَثِيراً نافِعاً لِلاخِرَةِ وَالدُّنْيا ، مِنْ حَيْثُ أَرْجُو وَمِنْ حَيْثُ لا أَرْجُو ، وَمِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، لا تُعَذِّبْنِي عَلَيْهِ ، وَلا تُفْقِرْنِي بَعْدَهُ أَبَداً.

وَأَنْ تَهَبَ فِيهِ صَلاحاً لِقَلْبِي ، وَصَلاحاً لِبَدَنِي (1) ، وَصَلاحاً لِأَهْلِي ، وَصَلاحاً لِوَلَدِي ، وَصَلاحاً لِما خَوَّلْتَنِي (2) وَرَزَقْتَنِي ، وَأَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، وَمَغْفِرَةً لِذُنُوبِي وَعافِيَةً مِنْ كُلِّ بَلاءٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تقول سبعين مرّة : أَسْتَغْفِرُ اللّهَ ، وسبعين مرّة : أَتُوبُ إِلَى اللّهِ ، وسبعين مرّة أَسْأَلُ اللّهَ الْجَنَّةَ ، وسبعين مرّة : أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ النَّارِ.

ثمّ تقول وأنت رافع رأسك إلى السّماء :

اللّهُمَّ حاجَتِي إِلَيْكَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي شَيْءٌ ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي شَيْءٌ ، فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ، وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَاكْفِنِي مَؤُونَةَ الشَّيْطانِ وَمَؤُونَةَ السُّلْطانِ وَمَؤُونَةَ النَّاسِ ، وَمَؤُونَةَ عِيالِي ، فَإِنَّكَ وَلِيُّ ذلِكَ مِنِّي وَمِنْهُمْ فِي يُسْرٍ وَعافِيَةٍ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَنْهُ وَأَطَلْتَ عُمْرَهُ ، وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَياةً طَيِّبَةً ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما أَقُولُ وَفَوْقَ ما أَقُولُ ، وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ ، اللّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَدِينِي ، وَمَحْيايَ وَمَماتِي ،

ص: 179


1- في البحار : لديني.
2- خوّلتني : ملّكتني.

وَبِكَ قِوامِي وَبِكَ حَوْلِي وَقُوَّتِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ وَسْواسِ (1) الصَّدْرِ ، وَمِنْ شَتاتِ الْأَمْرِ وَمِنْ عَذابِ النَّارِ ، وَمِنْ عَذابِ الْقَبْرِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ الرِّياحِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما تَجْرِيهِ الرِّياحُ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَخَيْرَ النَّهارِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُوراً ، وَفِي بَصَرِي نُوراً وَفِي لَحْمِي وَدَمِي وَعِظامِي ، وَعُرُوقِي وَمَفاصِلِي ، وَمَقْعَدِي وَمَقامِي ، وَمَدْخَلِي وَمَخْرَجِي نُوراً ، وَأَعْظِمْ لِي نُوراً يا رَبِّ يَوْمَ أَلْقاكَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَتَعَبَّأَ وَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَطَلَبَ نائِلِهِ وَجائِزَتِهِ ، فَالَيْكَ أَيْ سَيِّدِي كانَ الْيَوْمَ تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي (2) وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي ، رَجاءَ عَفْوِكَ وَرِفْدِكَ (3) وَطَلَبِ فَضْلِكَ وَجائِزَتِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تُخَيِّبْنِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي مِنْ رَجائِي.

يا مَنْ لا يُحْفِيهِ (4) سائِلٌ ، وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الْيَوْمِ ثِقَةً مِنِّي بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمْتُهُ ، وَلا شَفاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ إِلاَّ شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، صَلَواتُكَ وَبَرَكاتُكَ وَرَحْمَتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.

أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِأَنْ لا حُجَّةَ لِي وَلا عُذْرَ لِي ، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ الَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخَطَّائِينَ (5) ، فَأَنْتَ الَّذِي عَفَوْتَ لِلْخَطّائِينَ عَلى عَظِيمِ جُرْمِهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلى عَظِيمِ الْجُرْمِ ، أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ.

ص: 180


1- وساوس ( خ ل ).
2- عبّأ المتاع : هيأه.
3- رجاء رفدك ( خ ل ).
4- خفي فلانا : أعطاه ، احفى إليه في الوصية : بالغ فيها.
5- الخاطئين ( خ ل ).

فَيا مَنْ رَحْمَتُهُ واسِعَةٌ ، وَفَضْلُهُ عَظِيمٌ ، يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ ، يا كَرِيمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعُدْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَعافِيَتِكَ ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ وَتَوَسَّعْ عَلَيَّ بِرِزْقِكَ ، لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ ، وَلا يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلاّ عَفْوُكَ ، وَلا يُجِيرُ مِنْ عِقابِكَ إِلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْكَ إِلاَّ التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَهَبْ لِي يا إِلهِي مِنْكَ فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي تُحْيِي بِها أَمْواتَ الْعِبادِ ، وَبِها تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلادِ ، وَلا تُهْلِكْنِي يا إِلهِي غَمّاً حَتّى تَسْتَجِيبَ لِي وَتُعَرِّفَنِي الإِجابَةَ فِي دُعائِي ، وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعافِيَةِ إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي (1).

يا إِلهِي إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي ، وَإِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي ، وَإِنْ أَكْرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يُهِينُنِي ، وَإِنْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يُكْرِمُنِي ، أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي يَرْحَمُنِي إِنْ عَذَّبْتَنِي ، أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي يُعَذِّبُنِي إِنْ رَحِمْتَنِي ، وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ.

وَقَدْ عَلِمْتُ يا إِلهِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ وَلا جَوْرٌ ، وَلا فِي عُقُوبَتِكَ (2) عَجَلَةٌ ، إِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ ، وَإِنَّما يَحْتاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعالَيْتَ يا إِلهِي (3) عُلُوّاً كَبِيراً.

إِلهِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلْنِي لِلْبَلاءِ غَرَضاً وَلا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً ، وَأَمْهِلْنِي وَنَفِّسْنِي (4) وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي ، وَلا تُتْبِعْنِي بِبَلاءٍ فِي أَثَرِ بَلاءٍ ، فَقَدْ تَرى ضَعْفِي ، وَقِلَّةَ حِيلَتِي ، وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ.

ص: 181


1- ولا تسلّطه عليّ ( خ ل ).
2- نقمتك ( خ ل ).
3- تعاليت الهي ( خ ل ).
4- نفّسني : أزال كربي وغمّي.

أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِذْنِي ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ فَأَجِرْنِي ، وَاؤْمِنُ بِكَ فَآمِنِّي ، وَأَسْتَهْدِيكَ فَاهْدِنِي ، وَأَسْتَرْحِمُكَ فَارحَمْنِي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ فَانْصُرْنِي ، وَأَسْتَكْفِيكَ فَاكْفِنِي ، وَأَسْتَرْزِقُكَ فَارْزُقْنِي ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلى الصَّبْرِ فَأَعِنِّي ، وَأَسْتَعْصِمُكَ فِيما بِقِيَ مِنْ عُمْرِي فَاعْصِمْنِي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ مِنِّي (1) إِنْ شِئْتَ ذلِكَ يا رَبِّ.

فإذا قاربت غروب الشّمس فقل :

بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، سُبْحانَ اللّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَأَطْرافَ النَّهارِ ، سُبْحانَ اللّهِ بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ (2) ، سُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ.

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ ، سُبْحانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْجَبَرُوتِ ، سُبْحانَ الْمَلِكِ الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، سُبْحانَ الْقائِمِ الدَّائِمِ الْقَدِيمِ ، سُبْحانَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، سُبْحانَ رَبِّيَ الْأَعْلى ، سُبْحانَهُ وَتَعالى ، سُبْحانَ اللّهِ ، سُبُّوحاً قُدُّوساً رَبَّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيْتُ مِنْكَ فِي نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَتْمِمْ عَلَيَّ يا رَبِّ نِعْمَتَكَ وَفَضْلَكَ وَعافِيَتَكَ ، وَارْزُقْنِي شُكْرَكَ.

اللّهُمَّ بِنُورِكَ اهْتَدَيْتُ ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ ، وَبِنِعْمَتِكَ أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ ، أُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَأُشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ ،

ص: 182


1- كرهت ( خ ل ).
2- الأصيل جمع آصال : الوقت بين العصر والمغرب أو العشي.

وَأَنْبِياءَكَ ، وَرُسُلَكَ ، وَأَهْلَ سَماواتِكَ وَأَهْلَ أَرْضِكَ ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْتُبْ لِي هذِهِ الشَّهادَةَ عِنْدَكَ حَتّى تُلَقِّنِيها يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَقَدْ رَضِيتَ عَنِّي إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً تَضَعُ لَكَ السَّماءُ أَكْنافَها ، وَيُسَبِّحُ لَكَ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَصْعَدُ ، وَلا يَنْفَدُ (1) ، حَمْداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ ، حَمْداً سَرْمَداً دائِماً لَا انْقِطاعَ لَهُ وَلا نَفادَ ، حَمْداً يَصْعَدُ أَوَّلُهُ ، وَلا يَنْفَدُ آخِرُهُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَيَّ وَفِيَّ وَمَعِي ، وَقَبْلِي وَبَعْدِي ، وَأَمامِي وَلَدَيَّ ، وَإِذا مِتُّ وَفَنَيْتُ وَبَقِيتَ أَنْتَ يا مَوْلايَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ بِجَمِيعِ مَحامِدِكَ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نَعْمائِكَ كُلِّها ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي كُلِّ عِرْقٍ ساكِنٍ ، وَكُلِّ أَكْلَةٍ وَشَرْبَةٍ ، وَنَفْسٍ وَبَطْشٍ (2) ، وَعَلى كُلِّ مَوْضِعِ شَعْرَةٍ وَعَلى كُلِّ حالٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ ، وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ ، وَبِيَدِكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ، عَلانِيَتُهُ وَسِرُّهُ ، وَأَنْتَ مُنْتَهى الشَّأْنِ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى عِلْمِكَ بَعْدَ عَفْوِكَ وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى عَفْوِكَ ، بَعْدَ قُدْرَتِكَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ باعِثَ الْحَمْدِ ، وَوارِثَ الْحَمْدِ ، وَبَدِيعَ الْحَمْدِ ، وَفِيَّ الْعَهْدِ ، صادِقَ الْوَعْدِ ، عَزِيزَ الْجُنْدِ ، قَدِيمَ الْمَجْدِ ، رَفِيعَ الدَّرَجاتِ ، مُجِيبَ الدَّعَواتِ ، مُنْزِلَ الآياتِ ، مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ ، مُخْرِجاً مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمُبَدِّلَ السَّيِّئَاتِ حَسَناتٍ ، وَجاعِلَ الْحَسَناتِ دَرَجاتٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ غافِرَ الذَّنْبِ ، وَقابِلَ التَّوْبِ ، شَدِيدَ الْعِقابِ ، ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي النَّهارِ إِذا تَجَلّى ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الاخِرَةِ وَالأُولى ، وَلَكَ الْحَمْدُ

ص: 183


1- في البحار : يصعد أوّله ولا ينفد آخره.
2- البطش : الأخذ بسرعة.

عَدَدَ كُلِّ مَلَكٍ فِي السَّماءِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ كُلِّ قَطْرَةٍ فِي الْبحارِ.

وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ الْقَطرِ وَالشَّجَرِ ، وَالْحِصى وَالنَّوى وَالثَّرى ، وَجَمِيعِ الانْسِ وَالْبَهائِمِ (1) وَالطَّيْرِ ، وَالسِّباعِ وَالْهَوامِّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما فِي جَوْفِ الْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما أَحْصى كِتابُكَ وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ ، حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً أَبَداً.

ثمّ قل :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - عشر مرّات.

ثم قل :

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ - عشر مرّات ، يا اللّهُ يا اللّهُ - عشراً ، يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ - عشراً ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ - عشرا ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ - عشرا ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ - عشرا ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ - عشرا ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ - عشرا ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ - عشرا ، آمِينَ آمِينَ - عشرا.

ثمّ قل :

أَسْأَلُكَ يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ، يا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى وَبِالأُفُقِ الْمُبِينِ ، يا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا ، وتسأل كلّ حاجة لك.

ثمّ قل :

أَمْسَيْنا وَالْجُودُ وَالْجَمالُ ، وَالنُّورُ وَالْبَهاءُ ، وَالْعِزَّةُ وَالْقُدْرَةُ ، وَالسُّلْطانُ وَالدُّنْيا وَالاخِرَةُ ، وَما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ.

ص: 184


1- البهيمة : كل ذات أربع قوائم من دوابّ البر والماء ما عدا السباع والطيور.

وتقول ثلاث مرّات :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ صَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْهُ أَحَبَّ مَنْ أُحِبُّ ، وَآثَرَ مَنْ اوثِرَ عِنْدِي ، ثُمَّ ثَبِّتْنِي عَلى دِينِ مُحَمَّدٍ وَإِبْراهِيمَ عَلَيْهِما السَّلامُ وَأَتْباعِهِما (1) ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - تقولها أحد عشر مرّة.

وتقول عشر مرّات : أَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ هَمَزاتِ (2) الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ يَحْضُرُونَ (3).

ثمّ قل :

الْحَمْدُ لِلَّهِ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى لا يَكُونَ شَيْءٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَحْدَهُ ، عَدَدَ جَمِيعِ الْأَشْياءِ وَأَضْعافِها مُنْتَهى عِلْمِ اللّهِ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ كَذلِكَ ، وَاللّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحانَ اللّهِ كَذلِكَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ الْمِيزانِ وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ الْعَرْشِ.

سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ وَمِثْلَهُ ، وَمِدادَ كَلِماتِهِ وَمِثْلَهُ ، وَعَدَدَ خَلْقِهِ وَمِثْلَهُ وَمِلْءَ سَماواتِهِ وَمِثْلَهُ ، وَمِلْءَ أَرْضِهِ وَمِثْلَهُ ، وَعَدَدَ جَمِيعِ ذلِكَ كُلِّهِ سُبْحانَ اللّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى أَرْواحِهِمْ وَأَجْسادِهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

ص: 185


1- والانقطاع إليهما ( خ ل ).
2- همزات الشيطان : خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان.
3- أعوذ بك ربّ ان يحضرون ( خ ل ).

ثمّ ارفع يديك وقل :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً مَعَ خُلُودِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا أَمَدَ لَهُ دُونَ مَشِيَّتِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا مُنْتَهى لَهُ دُونَ عِلْمِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا حَدَّ لِقائِلِهِ إِلاّ رِضاكَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكى وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ ، أَشْهَدُ أَنَّهُ ما أَمْسَتْ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فِي دِينِي وَدُنْيايَ فَإِنَّها مِنَ اللّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَيَّ بِها وَالشُّكْرُ كَثِيراً.

أَمْسَيْتُ لِلَّهِ عَبْداً مَمْلُوكاً ، أَمْسَيْتُ لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسُوقَ إِلى نَفْسِي خَيْرَ ما أَرْجُو وَلا أَصْرِفُ مِنْها شَرَّ ما أَحْذَرُ ، أَمْسَيْتُ مُرْتَهِناً بِعَمَلِي ، أَمْسَيْتُ لا فَقِيرَ هُوَ أَفْقَرُ مِنِّي إِلَى اللّهِ ، وَاللّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، بِاللّهِ نُصْبِحُ وَبِاللّهِ نُمْسِي ، وَبِاللّهِ نَحْيا وَبِاللّهِ نَمُوتُ ، وَإِلَى اللّهِ النُّشُورُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ لَيْلَتِي هذِهِ وَخَيْرَ ما فِيها ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّها وَشَرِّ ما فِيها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكْتُبَ عَلَيَّ فِيها خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْفِنِي خَطِيئَتَها وَإِثْمَها وَأَعْطِنِي يُمْنَها وَنُورَها وَبَرَكَتَها.

اللّهُمَّ نَفْسِي خَلَقْتَها ، وَبِيَدِكَ حَياتُها وَمَوْتُها ، اللّهُمَّ فَانْ أَمْسَكْتَها فَالى رِضْوانِكَ وَالْجَنَّةَ ، وَإِنْ أَرْسَلْتَها فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لَها وَارْحَمْها ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَقَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَنِي ، وَبارِكْ لِي فِيما آتَيْتَنِي ، وَاحْفَظْنِي فِي غَيْبَتِي وَحَضْرَتِي وَكُلِّ أَحْوالِي.

ثمّ قل عشر مرّات :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَابْعَثْنِي عَلَى الإِيمانِ بِكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ ، وَالْوِلايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَالْبَراءَةِ مِنْ عَدُوِّهِ ، وَالانْتِقامِ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، فَانِّي قَدْ رَضِيتُ بِذلِكَ يا رَبِّ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ فِي الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ فِي

ص: 186

الْمَلَإِ الْأَعْلى ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ فِي الْمُرْسَلِينَ.

اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَالدَّرَجَةَ الْكَبِيرَةَ الرَّفِيعَةَ فِي الْجَنَّةِ ، اللّهُمَّ انِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ وَلَمْ أَرَهُ فَلا تَحْرِمْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ رُؤْيَتَهُ ، ارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ ، وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ ، وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً (1) هَنِيئاً لا اظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ انِّي آمَنْتُ (2) بِمُحَمَّدٍ وَلَمْ أَرَهُ فَعَرِّفْنِي فِي الْجِنانِ وَجْهَهُ ، اللّهُمَّ بَلِّغْ (3) رُوحَ مُحَمَّدٍ مِنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ أَلْهَمْتَهُمْ عِلْمَكَ وَاسْتَحْفَظْتَهُمْ كِتابَكَ ، وَاسْتَرْعَيْتَهُمْ عِبادَكَ ، فَانَّهُمْ مَعْدِنُ كَلِماتِكَ ، وَخُزّانُ عِلْمِكَ ، وَدَعائِمُ دِينِكَ ، وَالْقُوّامُ بِأَمْرِكَ صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً مُبارَكَةً نامِيَةً ، وَأَبْلِغْ أَرْواحَهُمْ الطَّيِّبَةَ وَأَجْسادَهُمُ الطَّاهِرَةَ مِنِّي فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَكُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (4).

دعاء آخر في عشيّة عرفة :

يا رَبِّ إِنَّ ذُنُوبِي لا تَضُرُّكَ ، وَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِي لا تَنْقُصُكَ ، فَأَعْطِنِي ما لا يَنْقُصُكَ ، وَاغْفِر لِي ما لا يَضُرُّكَ (5).

دعاء آخر في عشيّة عرفة :

اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدِي ، فَانْ أَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنِي بِتَعَبِي

ص: 187


1- ساغ الشراب : هنأ وسهّل مدخله في الحلق.
2- اللّهم آمنت ( خ ل ).
3- أبلغ ( خ ل ).
4- عنه البحار 98 : 270 - 291.
5- عنه البحار 98 : 291.

وَنَصَبِي (1) ، فَلا تَحْرِمْنِي أَجْرَ الْمُصابِ عَلى مُصِيبَتِهِ (2).

أقول : وقد روينا في دعاء جدّتنا أمّ جدنا داود بن الحسن ابن مولانا الحسن السبط ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، المذكور في عمل يوم النصف من رجب ، قالت أمّ داود : فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أيدعي بهذا الدُّعاء في غير رجب؟ قال : نعم في يوم عرفة.

أقول : ويستحبّ أيضا أن يدعى في هذا اليوم بالدّعاء الّذي قدّمناه في تعقيب الظهر يوم الجمعة ، في الجزء الرابع ، عن مولانا زين العابدين عليه السلام الّذي أوّله : يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمُهُ الْعِبادُ (3).

فصل (23): فيما نذكره مما ينبغي ان يختم به يوم عرفة

اعلم انّ كلّ يوم جعله اللّه جلّ جلاله من مواسم السعادات ومراسم العبادات ، ينبغي أن يكون العبد فيه موافقا لمولاه ساعات ذلك اليوم ، وقفا على طاعة اللّه جلّ جلاله ورضاه ، ويختمه بالاجتهاد في التضرعات بان منّه بما صدر عنه ، ويتمّ نقصان أعماله بما اللّه جل جلاله أهله من مكارمه وإفضاله.

ويسلّم ذلك العمل بلسان الحال إلى من كان العبد ضيفا له في ذلك اليوم المشار اليه من إمام وقته صلوات اللّه عليه ، ليكون عرضه على يديه ، ويكون هو الشفيع فيما لم يبلغ أمل العبد إليه ، فإنّ كلّ ضيف بحكم مضيفه ، وكل متشرّف بسلطان فحديث إعماله إلى مشرّفه.

ص: 188


1- النصب : العناء.
2- عنه البحار 98 : 291.
3- جمال الأسبوع : 262.

الباب الرابع: فيما نذكره ممّا يتعلق بليلة الأضحى ويوم عيدها

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من فضل إحياء ليلة عيد الأضحى

فصل (1):فيما نذكره من فضل إحياء ليلة عيد الأضحى

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فيما رواه عن الصادق عليه السلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي عليه السلام قال : كان يعجبه ان يفرغ نفسه أربع ليال في السنة ، وهي أوّل ليلة من رجب ، وليلة النّصف من شعبان ، وليلة الفطر ، وليلة الأضحى (1).

واعلم انّ إحياء اللّيالي بالعبادات هو أن تكون حركاتك وسكناتك ، وإراداتك وكراهاتك جميعا معاملات لله جلّ جلاله ، وتقصد بها التقرّب إليه والإقبال عليه والأدب بين يديه فيما يكرهه أو يرضاه ، كما يكون العبد بين يدي مولاه إذا كان المولى يراه.

فان كانت فيها عبادات متعيّنات فاعمل عليها ، وان لم يكن فيها عبادة متعيّنة ، أو كانت فيها عبادات مرويّات ، ولكن يبقى من اللّيل ما ليس له وظائف متعيّنات ، فليكن احياء ما يتخلّف من اللّيلة الّتي يراد إحياؤها بالعبادات بالاستغفار ، وإصلاح

ص: 189


1- مصباح المتهجد : 648 ، رواه في دعائم الإسلام 1 : 184 ، قرب الاسناد : 177 ، عنه البحار 91 : 122 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 46.

ما بينك وبين اللّه جلّ جلاله ، من طهارة الأسرار وزوال ظلمة الإصرار ، وما يحتاج مثلك إليه من الأذكار وسعادة الدنيا ودار القرار.

وان غلبك النوم فليكن نومك على نيّة التقرب إلى العظمة الإلهية ، لتستعين به على النشاط والإقبال على زيادة العبادات للأبواب الربانيّة ، فإذا عملت على هذا النظام تكون قد ظفرت بإحياء تلك اللّيلة على التمام ان شاء اللّه جل جلاله.

فصل (2): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام عيد الأضحى

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد اللّه وأحمد بن عبدون ، جميعا ، عن الشيخ محمد بن أحمد بن داود القمي ، شيخ القميّين وفقيههم وعالمهم ، قال : حدثنا محمّد بن محمد النحوي ، قال : حدّثنا أبو القاسم علي بن محمد ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبي سنان ، عن أبان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

من زار الحسين عليه السلام ليلة من ثلاث غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، قال : قلت : وأيّ اللّيالي؟ فذكر ليلة الأضحى (1).

فصل (3): فيما نذكره من الإشارة إلى فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم الأضحى ، وبما ذا يزار

اعلم انّ عمل الشيعة على زيارته عليه السلام في هذا الميقات ، يغني عن ذكر الروايات ، وقد كنّا قدّمنا عند ذكر ليلة عرفة حديث مولانا الباقر عليه السلام بما معناه : ان الإقامة عند الحسين عليه السلام حتى يعيد للاضحى يحفظ المقيم عنده من شرّ سنته (2).

ص: 190


1- عنه البحار 91 : 126 ، رواه في مصباح المتهجد : 716 ، عنه البحار 101 : 91.
2- مصباح المتهجد : 715.

وامّا لفظ ما نذكره في هذا اليوم من زيارته ، فقد كنّا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر زيارتين يختصّ بهذا الميقات ، وليس هذا الكتاب ممّا نقصد به ذكر الزيارات ، فان وجدت تلك الزيارتين ، والاّ فزر الحسين عليه السلام ليلة الأضحى ويوم الأضحى بما ذكرناه في هذا الكتاب من الزيارة ليوم عرفة ، فإنّها كافية عند أهل المعرفة.

فصل (4): فيما نذكره ممّا ينبغي أن يكون أهل السعادات والإقبال عليه يوم الأضحى من الأحوال

اعلم أنّنا قد ذكرنا في عيد شهر رمضان ما فتحه علينا مالك القلب واللسان ، من الآداب عند استقبال ذلك العيد وآداب ذلك النهار ، ما تستغني به الآن عن التكرار ، لكن يمكن أنك لا تقدر على نظر ما قدّمناه ، أو لا تعرف معناه ، فنذكر ما يفتح اللّه جلّ جلاله عليه ويحسن به إلينا ، فنقول :

اذكر أيّها الإنسان أنّ اللّه جلّ جلاله سبقك بالإحسان قبل أن تعرفه ، وقبل أن تتقرّب إليه بشيء من الطّاعات ، فهيّأ لك كلّما كنت محتاجا إليه من المهمّات ، حتّى بعث لك رسولا من أعزّ الخلائق عليه ، يزيل ملوك الكفّار ويقطع دابر الأشرار ، الّذين يحولون بينك وبين فوائد إسراره ، ويشغلونك عن الاهتداء بأنواره فأطفأ نار الكافرين ، وأذلّ رقاب ملوك اليهود والنصارى والملحدين.

ولم يكلّفك أن تكون في تلك الأوقات من المجاهدين ، ولا تكلّفت خطرا ، ولا تحمّلت ضررا في استقامة هذا الدين ، وجاءتك العبادات في عافية ونعمة صافية ، ممّا كان فيه سيّد المرسلين ، وخواصّ عترته الطاهرين ، صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين ، وممّا جاهد عليه ووصل إليه السلف من المسلمين.

فلا تنس المنّة عليك في سلامتك من تلك الأهوال وما ظفرت به من الآمال والإقبال ، وجرّ (1) بلسان الحال بنظرك ، واذكر بخاطرك القتلى ، الّذين سفكت دماؤهم

ص: 191


1- جبّر ( خ ل ).

في مصلحتك وهدايتك من أهل الكفر ومن أهل الإسلام ، حتّى ظفرت أنت بسعادتك ، وكم خرّب من بلاد عامرة ، وأهلك من أمم غابرة.

ثمّ اذكر إبراز اللّه جلّ جلاله إسراره بيوم العيد ، وأظهر لك أنواره بذلك الوقت السعيد ، من مخزون ما كان مستورا عن الأمم الماضية ، والقرون الخالية ، وجعلك أهلا أن تزور عظمته وحضرته فيه ، وتحدّثه بغير واسطة وتناجيه.

فهل كان هذا في حسنات نطفتك أو علقتك أو مضغتك؟ أو لمّا كنت جنينا ضعيفا؟ أو لمّا صرت رضيعا لطيفا؟ أو لمّا كنت ناشئا (1) صغيرا؟ أو هل وجدت لك في ذلك تدبيرا؟.

فكن رحمك اللّه عبدا مطيعا ومملوكا سميعا لذلك المالك السّالك بك في تلك المسالك ، الواقي لك من المهالك ، فواللّه إنّه ليقبح بك مع سلامة عقلك ، وما وهب لك من فضله ، الّذي صرت تعتقده من فضلك أن تعمى أو تتعامى عن هذا الإحسان الخارق للألباب ، أو أن تشغل عنه ، أو تؤثر عليه شيئا من الأسباب؟

أقول : فاستقبل هداية اللّه جلّ جلاله إليك يوم عيده ، بتعظيمه وتمجيده ، والقيام بحقّ وعوده ، والخوف من وعيده ، وفرحك وسرورك بما في ذلك من المسارّ والمبارّ على قدر الواهب جلّ جلاله ، وعلى قدر ما كنت عليه من ذلّ التراب ، وعقبات النشأة الأولى وما كان فيها من الأخطار ، وتردّدك في الأصلاب والأرحام ألوفا كثيرة من الأعوام ، يسار بك في تلك المضايق على مركب السّلامة من العوائق ، حتّى وصلت إلى هذه المسافة ، وأنت مشمول بالرحمة والرأفة ، موصول بموائد الضّيافة ، آمنا من المخافة.

فالعجب كلّ العجب لك إن جهلت قدر المنّة عليك فيما تولاّه اللّه جلّ جلاله من الإحسان إليك ، فاشتغل بما يريد ، وقد كفاك كلّ هول شديد ، وهو جلّ جلاله كافيك ما قد بقي بذلك اللّطف والعطف الّذي أجراه على المماليك والعبيد.

ص: 192


1- الناشئ : الغلام أو الجارية إذا جاوزا حدّ الصغر وشبّا.

فصل (5): فيما نذكره من الرواية بغسل يوم الأضحى

بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان اللّه جلّ جلاله عليه فيما ذكره من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال ما هذا لفظه :

وروى ابن المغيرة ، عن القاسم بن الوليد قال : سألته عن غسل الأضحى؟ قال :

واجب إلاّ بمنى (1).

ثمّ قال رحمه اللّه : وروي أنّ غسل الأضحى سنّة (2).

أقول : إنّه إذا ورد لفظ الأمر بالوجوب لشيء يكون ظاهر العمل عليه أنّه مندوب ، فعسى يكون المراد بلفظ الواجب التأكيد للعمل عليه ، وإظهار تعظيمه على غيره من غسل مندوب من لم يبلغ تعظيمه إليه.

فصل (6): فيما نذكره ممّا يعتمد الإنسان في يوم الأضحى عليه بعد الغسل المشار إليه

وجدنا ذلك في بعض مصنّفات أصحابنا المهتمّين بالعبادات بنسخة عتيقة ، ذكر مصنّفها أنها مختصر من كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه :

العمل في يوم النحر ، تبكّر يوم النحر فتغتسل وتلبس أنظف ثوب لك ، وتقول عند ذلك :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، اللّهُمَّ إِنّا نَسْتَفْتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ ، وَنَسْتَدْعِي الثَّوابَ بِمَنِّكَ ، فَاسْمَعْ يا سَمِيعُ مِدْحَتِي ، فَكَمْ يا إِلهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ كَشَفْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَكَمْ يا إِلهِي مِنْ دَعْوَةٍ قَدْ أَجَبْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَكَمْ يا إِلهِي مِنْ رَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَكَمْ يا إِلهِي مِنْ عَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ ،

ص: 193


1- الفقيه 1 : 321 ، عنه الوسائل 3 : 330.
2- الفقيه 1 : 321 ، عنه الوسائل 3 : 330.

وَكَمْ يا إِلهِي مِنْ مِحْنَةٍ قَدْ أَزَلْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَكَمْ يا إِلهِي مِنْ حَلْقَةٍ (1) ضَيِّقَةٍ قَدْ فَكَكْتَها فَلَكَ الْحَمْدُ.

سُبْحانَكَ لَمْ تَزَلْ عالِماً كامِلاً ، أَوَّلاً آخِراً ، ظاهِراً باطِناً ، مَلِكاً عَظِيماً ، أَزَلِيّاً قَدِيماً ، عَزِيزاً حَكِيماً ، رَءُوفاً رَحِيماً ، جَواداً كَرِيماً ، سَمِيعاً بَصِيراً ، لَطِيفاً خَبِيراً ، عَلِيّاً كَبِيراً ، عَلِيماً قَدِيراً ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ وَأَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ إِنِّي اشْهِدُ بِحَقِيقَةِ إِيمانِي (2) ، وَعَقْدِ عَزائِمِي (3) وَإيقانِي ، وَحَقائِقَ ظُنُونِي وَمَجارِي سُيُولِ مَدامِعِي (4) ، وَمَساغِ (5) مَطْعَمِي ، وَلَذَّةِ مَشْرَبِي ، وَمَشامِّي (6) وَلَفْظِي ، وَقِيامِي وَقُعُودِي ، وَمَنامِي ، وَرُكُوعِي وَسُجُودِي ، وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي (7) ، وَلَحْمِي وَدَمِي ، وَمُخِّي وَعِظامِي ، وَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ شَراسِيفُ (8) أَضْلاعِي وَما أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ (9) شَفَتايَ ، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنْ قَدَمَيَّ ، أَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، إِلهاً واحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً ، لَمْ تَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ.

وَكَيْفَ لا اشْهَدُ لَكَ بِذلِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَأَنْتَ خَلَقْتَنِي بَشَراً سَوِيّاً (10) ، وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَكُنْتَ يا مَوْلايَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً وَرَبَّيْتَنِي طِفْلاً صَغِيراً ، وَهَدَيْتَنِي لِلِاسْلامِ كَبِيراً ، وَلَوْ لا رَحْمَتُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِينَ ، نَعَمْ فَلا إِلهَ

ص: 194


1- الحلقة : الضيقة : استعيرت للضيق الشديد اللازم.
2- بحقيقة إيماني : أي بما حقّ وثبت بها إيماني من العقائد الحقة.
3- عقد عزائمي : ما عقدت عليه قلبي.
4- المدامع : المآفي ، وهي أطراف العين.
5- ساغ الشراب : سهل مدخله في الحلق.
6- المشام : آلة الشم أو مكانه.
7- القصب : العظام المجوفة.
8- الشرسوف : غضروف معلق بكل ضلع أو مقط الضلع.
9- أطبقت الشيء على الشيء : غطّيته به.
10- بشرا سويّا : مستوي الأعضاء حسن الخلق.

إِلاَّ اللّهُ كَلِمَةُ حَقٍّ مَنْ قالَها سَعِدَ وَعَزَّ ، وَمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْها شَقِيَ وَذَلَّ ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ كَلِمَةٌ خَفِيفَةٌ عَلَى اللِّسانِ ، ثَقِيلَةٌ فِي الْمِيزانِ ، بِها رِضَى الرَّحْمنِ ، وَسَخَطُ الشَّيْطانِ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَضْعافَ ما حَمِدَهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَكَما يُحِبُّ رَبُّنا ، اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، وَيَرْضَى أَنْ يُسَبِّحَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ وَعِظَمِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمِدادِ كَلِماتِهِ ، وَكَما هُوَ أَهْلُهُ.

وَسُبْحانَ اللّهِ أَضْعافَ ما سَبَّحَهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَكَما يُحِبُّ رَبُّنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، وَيَرْضى أَنْ يُسَبِّحَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ وَعِظَمِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمِدادِ كَلِماتِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ.

وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِلهاً واحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، أضْعافَ ما هَلَّلَهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ وَكَما يُحِبُّ رَبُّنا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَيَرْضى أَنْ يُهَلَّلْ ، وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ وَعِظَمِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمِدادِ كَلِماتِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ.

وَاللّهُ أَكْبَرُ أَضْعافَ ما كَبَّرُهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَكَما يُحِبُّ رَبُّنا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَيَرْضى أَنْ يُكَبَّرَ ، وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ وَعِظَمِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمِدادِ كَلِماتِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ.

وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ غَفَّارُ الذُّنُوبِ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ أَضْعافَ مَا اسْتَغْفَرَهُ جَمِيعُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَكَما يُحِبُّ رَبُّنَا اللّهُ لا إِلهَ هُوَ وَيَرْضى أَنْ يَسْتَغْفِرَ ، وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ وَعِظَمِ رَبُوبِيَّتِهِ وَمِدادِ كَلِماتِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ.

اللّهُمَّ يا اللّهُ يا رَبِّ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، يا مَلِكُ يا قُدُّوسُ ، يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ ، يا مُهَيْمِنُ يا عَزِيزُ ، يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا كَبِيرُ يا خالِقُ ، يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ ، يا حَكِيمُ يا خَبِيرُ ، يا سَمِيعُ يا بَصِيرُ ، يا عالِمُ يا عَلِيمُ ، يا جَوادُ يا كَرِيمُ ، يا حَلِيمُ يا قَدِيمُ ، يا غَنِيُّ.

ص: 195

يا عَظِيمُ يا مُتَعالِي ، يا عالِي يا مُحِيطُ ، يا رَءُوفُ (1) يا غَفُورُ (2) يا وَدُودُ (3) ، يا شَكُورُ يا جَلِيلُ ، يا جَمِيلُ ، يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ ، يا مُبْدِئُ يا مُعِيدُ ، يا فَعَّالاً لِما يُرِيدُ يا باعِثُ يا وارِثُ (4) يا قَدِيرُ يا مُقْتَدِرُ ، يا صَمَدُ يا قاهِرُ يا تَوَّابُ يا بارُّ ، يا قَوِيُّ يا بَدِيعُ ، يا وَكِيلُ يا كَفِيلُ.

يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا أَوَّلُ يا رازِقُ يا مُنِيرُ ، يا وَلِيُّ يا هادِي ، يا ناصِرُ يا واسِعُ ، يا مُحْيِي يا مُمِيتُ ، يا قابِضُ يا باسِطُ ، يا قائِمُ يا شَهِيدُ يا رَقِيبُ يا حَبِيبُ يا مالِكُ يا نُورُ ، يا رَفِيعُ يا مَوْلى ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا أَوَّلُ يا آخِرُ ، يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ ، يا لَطِيفُ يا حَفِيُ (5) ، يا خالِقُ يا مَلِيكُ ، يا فَتّاحُ يا عَلاّمُ ، يا شاكِرُ يا أَحَدُ ، يا غَفَّارُ.

يا ذَا الطَّوْلِ يا ذَا الْحَوْلِ ، يا مُعِينُ يا ذَا الْعَرْشِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا مُسْتَعانُ يا غالِبُ يا مُغِيثُ يا مَحْمُودُ يا مَعْبُودُ ، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا فَرْدُ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ ، يا قَدِيمَ الإِحْسانِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ وَبِحَقِّ أَسْمائِكَ كُلِّها ، ما عَلِمْتُ مِنْها وَما لَمْ أَعْلَمْ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيارِ الطَّاهِرِينَ الْأَبْرارِ ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ غَمٍّ وَهَمٍّ وَكَرْبٍ وَضُرٍّ وَضِيقٍ أَنَا فِيهِ ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي أَبَداً ما أَحْيَيْتَنِي ، وَتُبَلِّغَنِي أَمَلِي سَرِيعاً عاجِلاً.

وَتَكْبِتَ أَعْدائِي (6) وَحُسَّادِي ، وَذَوِي التَّعَزُّزِ عَلَيَّ ، وَالظُّلْمِ لِي وَالتَّعَدِّي عَلَيَّ ، وَتَنْصُرَنِي عَلَيْهِمْ ، بِرَحْمَتِكَ وَتَكْفِيَنِي أَمْرَهُمْ بِعِزَّتِكَ ، وَتَجْعَلَنِي الظّاهِرَ عَلَيْهِمْ بِقُدْرَتِكَ وَغالِبِ مَشِيَّتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى

ص: 196


1- الرءوف : الرحيم بعباده العطوف عليهم بألطافه ، والرأفة أدق من الرحمة.
2- الغفر : التغطية ، والغفور بمعنى الساتر للذنوب والعيوب.
3- الودود : فعول بمعنى الفاعل أي يحبّ عباده الصالحين ، أو بمعنى المفعول أي محبوب في قلوبهم.
4- الوارث : هو الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم.
5- الحفيّ : المبالغ في الإكرام والبر وإظهار السرور.
6- كبت اللّه العدو : أهلكه وأذلّه.

اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ (1) خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَحَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (2).

وتقول إذا خرجت من منزلك تريد المصلّى :

بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا انْ هَدينا اللّهُ ، لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبَّنا بِالْحَقِّ.

اللّهُمَّ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ يا كهيعص ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ ، يا مُدَبِّرَ الأُمُورِ ، يا اللّهُ يا أَوَّلَ الأَوَّلِينَ ، وَيا آخِرَ الاخِرِينَ ، وَيا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، يا جَوادُ يا كَرِيمُ ، يا سَمِيعُ يا عَلِيمُ.

اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُزِيلُ النِّعَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَأْخُذُ بِالْكَظَمِ (3) ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُحِلُّ السَّقَمَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ (4) ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ ، وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ الشِّقاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعاءَ ، [ وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجاءَ ] (5).

وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطاءَ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُمْسِكَ غَيْثَ السَّماءِ ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُكَدِّرُ الصَّفاءَ (6) ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي أَتَيْتُها تَعَمُّداً اوْ خَطَأَ ، انَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِ رَبِّنا وَعِزِّ جَلالِهِ.

اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يا ذَا الْجَلالِ

ص: 197


1- صلّى اللّه وملائكته وأنبياؤه ورسله والصالحون من عباده على محمد ( خ ل ).
2- عنه البحار 98 : 295 ، 91 : 47.
3- يقال : أخذ بكظمه أي كربه وغمّه.
4- الهتك : خرق الستر ، والعصم جمع العصمة ، وهي ما يعتصم به.
5- من البحار.
6- الصفا - بالقصر - جمع الصفاة ، وهي الصخرة الملساء.

وَالإِكْرامِ ، انِّي اعْهَدُ الَيْكَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَاشْهِدُكَ انِّي اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ وَانْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَاشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَاشْهَدُ انَّ وَعْدَكَ حَقٌّ ، وَانَّ لِقاءَكَ حَقٌّ ، وَانَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَانَّكَ تَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

وَاشْهَدُ (1) انَّكَ انْ تَكِلْنِي الى نَفْسِي تَكِلْنِي الى ضَيْعَةٍ وَعَوْرَةٍ (2) وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ، وَانِّي لا أَثِقُ الاَّ بِرَحْمَتِكَ ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْداً تُؤَدِّيهِ إِلَيَّ يَوْمَ أَلْقاكَ انَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي كُلَّها صَغِيرَها وَكَبِيرَها ، انَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الاَّ انْتَ ، وَتُبْ عَلَيَّ انَّكَ انْتَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ.

وتقول وأنت في الطريق :

بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ (3) ، اللّهُ اكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ (4) وَانّا الى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ.

بِسْمِ اللّهِ مَخْرَجِي ، وَبِاذْنِهِ خَرَجْتُ ، وَمَرْضاتَهُ اتَّبَعْتُ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْهِ فَوَّضْتُ امْرِي وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الإِلهِ الاكْبَرِ ، تَوَكُّلَ مُفَوِّضٍ إِلَيْهِ.

اللّهُمَّ يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ ، يا احَدُ يا صَمَدُ ، يا فَرْدُ يا رَحِيمُ يا وِتْرُ (5) ، يا سَمِيعُ يا عَلِيمُ ، يا عالِمُ يا كَبِيرُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا جَلِيلُ يا جَمِيلُ ، يا حَلِيمُ

ص: 198


1- عوزة ( خ ل ) ، أقول : العورة : كلّ ما يستحي منه وكل حال يتخوف منه ، عوز الرجل : افتقر.
2- أشهدك ( خ ل ).
3- زيادة : لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر ( خ ل ).
4- مقرنين : مطيقين.
5- الوتر : الفرد.

يا كَرِيمُ ، يا قَوِيُّ يا وَفِيُّ ، يا عَزِيزُ يا مُكَوِّنُ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ (1) ، يا عَزِيزُ يا جَبّارُ.

يا قَدِيمُ يا مُتَعالي ، يا مُعِينُ يا تَوَّابُ يا وَهّابُ يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ يا مَعْبُودُ ، يا مَوْجُودُ يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ ، يا مَكْنُونُ يا مَخْزُونُ ، يا أَوَّلُ يا آخِرُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا شامِخُ ، يا واسِعُ يا سَلامُ يا رَفِيعُ يا مُرْتَفِعُ يا نُورُ.

يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا ذَا الْعِزَّةِ وَالسُّلْطانِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ انَا فِيهِ ، وَتَقْضِيَ جَمِيعَ حَوائِجِي وَتُبَلِّغَنِي غايَةَ أَمَلِي ، وَتَكْبِتَ (2) أَعْدائِي وَحُسّادِي ، وَتَكْفِيَنِي امْرَ كُلِّ مُؤْذٍ لِي سَرِيعاً عاجِلاً ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

فإذا دخلت إلى المصلّى وجلست في الموضع الّذي تصلّي فيه ، تقول :

اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُ اكْبَرُ (3) وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، يا واسِعُ لا يَضِيقُ ، وَيا حَسَناً عائِدَتُهُ ، يا مُلْبِساً فَضْلَ رَحْمَتِهِ ، يا مُهاباً لِشِدَّةِ سُلْطانِهِ ، يا راحِماً بِكُلِّ مَكانٍ ، ضَرِيرٌ (4) أَصابَهُ الضُّرُّ ، فَخَرَجَ الَيْكَ مُسْتَغِيثاً بِكَ هائِباً (5) لَكَ ، يَقُولُ : رَبِّ عَمِلْتُ سُوءً وَظَلَمْتُ نَفْسِي ، فَلِمَغْفِرَتِكَ خَرَجْتُ الَيْكَ.

اسْتَجِيرُ بِكَ فِي خُرُوجِي مِمّا أَخافُ وَاحْذَرُ ، وَبِعِزِّ جَلالِكَ اسْتَجِيرُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَحْذُورٍ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَسَمَّيْتَ بِهِ ، وَجَعَلْتَهُ مَعَ قُوَّتِكَ ، وَمَعَ قُدْرَتِكَ ، وَمَعَ سُلْطانِكَ ، وَصَيَّرْتَهُ فِي قَبْضَتِكَ ، وَنَوَّرْتَهُ بِكَلِماتِكَ ، وَالْبَسْتَهُ وَقارَها مِنْكَ.

ص: 199


1- المهيمن : الرقيب ، الشاهد.
2- كبت اللّه عدوه : أهلكه وذلّله.
3- لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر ( خ ل ).
4- الضرير : من أصابه الضر وسوء الحال.
5- هابه : خافه واتقاه وحذره.

يا اللّهُ ، اطْلُبُهُ الَيْكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَمْحُوَ (1) عَنِّي كُلَّ كَبِيرَةٍ أَتَيْتُها ، وَكُلَّ خَطِيئَةٍ ارْتَكَبْتُها ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ اكْتَسَبْتُها ، وَكُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ ، وَمَخُوفٍ وَمَحْذُورٍ ارْهَبُ ، وَكُلَّ ضِيقٍ انَا فِيهِ.

فَانِّي بِكَ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فِيهِ تَفْسِيرُ الأُمُورِ كُلِّها ، هذا اعْتِرافِي فَلا تَخْذُلْنِي ، وَهَبْ لِي عافِيَةً شامِلَةَ كافِيَةً ، وَنَجِّنِي مِنْ كُلِّ امْرٍ عَظِيمٍ وَمَكْرُوهٍ جَسِيمٍ ، هَلَكْتُ فَتَلافَنِي (2) بِحَقِّ حُقُوقِكَ كُلِّها ، يا كَرِيمُ يا رَبِّ بِحُبِّي (3) مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَبْدِكَ ، شَدِيدٌ حَياؤُهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِرَحْمَتِكَ ، لِاصْرارِهِ عَلى ما نَهَيْتَهُ عَنْهُ مِنَ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ ، يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ.

ما اتَيْتُ بِهِ لا يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ ، قَدْ شَمِتَ بِي فِيهِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ ، وَاسْلَمَنِي فِيهِ الْعَدُوُّ وَالْحَبِيبُ ، وَالْقَيْتُ بِيَدِي الَيْكَ ، طَمَعاً لأَمْرٍ واحِدٍ وَطَمَعِي ذلِكَ فِي رَحْمَتِكَ ، فَارْحَمْنِي يا ذَا الرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ ، وَتَلافَنِي بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ الذُّنُوبِ.

انِّي أَسْأَلُكَ بِعِزِّ ذلِكَ الاسْمِ الَّذِي مَلَأَ كُلَّ شَيْءٍ دُونَكَ انْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَرْحَمَنِي بِاسْتِجارَتِي بِكَ الَيْكَ ، بِاسْمِكَ هذا يا رَحِيمُ ، اتَيْتُ هذا الْمُصَلّى تائِباً مِمَّا اقْتَرَفْتُ (4) ، فَاغْفِرْ لِي تَبِعَتَهُ ، وَعافِنِي مِنْ أَتْباعِهِ بَعْدَ مَقامِي ، يا كَرِيمُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ يا مَحَلَّ كُنُوزِ اهْلِ الْغِنى ، وَيا مُغْنِي اهْلِ الْفاقَةِ بِسَعَةِ تِلْكَ الْكُنُوزِ بِالْعِيادَةِ عَلَيْهِمْ وَالنَّظَرِ لَهُمْ ، يا اللّهُ لا يُسَمّى غَيْرُكَ إِلهاً ، إِنَّما الالِهَةُ كُلُّها مَعْبُودَةُ بِالْفِرْيَةِ (5) عَلَيْكَ وَالْكِذْبِ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ يا سادَّ الْفُقَراءِ يا كاشِفَ الضُّرِّ ، يا جابِرَ الْكَسِيرِ ، يا عالِمَ السَّرائِرِ وَالضَّمائِرِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ هَرَبِي الَيْكَ مِنْ فَقْرِي.

ص: 200


1- تمحق ( خ ل ).
2- في الموضعين : فتلافني ، أقول : تلافيته : تداركته.
3- بحق ( خ ل ).
4- الاقتراف : الاكتساب.
5- الفرية : الكذب واختلاقه.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْحالِّ فِي غِناكَ ، الَّذِي لا يَفْتَقِرُ ذاكِرُهُ ابَداً ، انْ تُعِيذَنِي مِنْ لُزُومِ فَقْرٍ أَنْسى بِهِ الدِّينَ ، اوْ بِسُوءِ غِنىً افْتَتِنُ بِهِ عَنِ الطّاعَةِ ، بِحَقِّ نُورِ أَسْمائِكَ كُلِّها ، اطْلُبُ الَيْكَ مِنْ رِزْقِكَ ما تُوَسِّعُ بِهِ عَلَيَّ ، وَتَكُفُّنِي بِهِ عَنْ مَعاصِيكَ وَتَعْصِمُنِي بِهِ فِي دِينِي ، لا أَجِدُ لِي غَيْرُكَ.

مَقادِيرُ الأَرْزاقِ عِنْدَكَ ، فَانْفَعْنِي مِنْ قُدْرَتِكَ بِي فِيها بِما يَنْزِعُ ما نَزَلَ بِي مِنَ الْفَقْرِ ، يا غَنِيُّ يا قَوِيُّ يا مَتِينُ ، يا مُمْتَنِناً عَلى اهْلِ الصَّبْرِ بِالدَّعَةِ (1) الَّتِي أَدْخَلْتَها عَلَيْهِمْ بِطاعَتِكَ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ ، وَقَدْ فَدَحَتْنِي (2) الْمِحَنُ وَافْنَتْنِي وَاعْيَتْنِي (3) الْمَسالِكُ لِلرُّوحِ مِنْها ، وَاضْطَرَّنِي الَيْكَ الطَّمَعُ فِيها مَعَ حُسْنِ الرَّجاءِ لَكَ فِيها.

فَهَرِبْتُ بِنَفْسِي الَيْكَ ، وَانْقَطَعتُ الَيْكَ بِضُرِّي ، وَرَجَوْتُكَ لِدُعائِي ، انْتَ مالِكِي فَاغْنِنِي ، وَاجْبُرْ مُصِيبَتِي بِجَلاءِ كَرْبِها ، وَإِدْخالِكَ الصَّبْرَ عَلَيَّ فِيها ، فَإِنَّكَ انْ حُلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ ما انَا فِيهِ هَلَكْتُ وَلا صَبْرَ لِي ، يا ذَا الاسْمِ الْجامِعِ الَّذِي فِيهِ عِظَمُ الشُّئُونِ كُلِّها ، بِحَقِّكَ يا سَيِّدِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْنِنِي بِأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي يا كَرِيمُ (4).

فصل (7): فيما نذكره من صفة صلاة العيد يوم الأضحى

اعلم انّنا قدّمنا في صفة صلاة عيد الفطر رواية تتضمّن دعاء واحدا للتّكبيرات ، وقد وجدنا عدّة روايات فيها لكلّ تكبيرة من صلاة العيد دعاء جديد ، فاخترنا لله جلّ جلاله ان نذكر هاهنا رواية منها ليكون لكلّ عيد صلاة منفردة ، استظهارا للظّفر

ص: 201


1- الدعة : الخفض.
2- فدحه الأمر أو الدين : أثقله وبهظه.
3- اعفتني ( خ ل ) ، أقول : أعيتني المسالك : أي حيّرتني وملّتني الطرق التي سلكتها للروح من المحن فلم يتسيّر لي ذلك.
4- عنه البحار 91 : 50 - 53.

بالفضل عنها ، فنقول :

أخبرنا جماعة قد ذكرنا أسمائهم في الجزء الأول من المهمّات ، بطرقهم المرضيّات الى مشايخ المعظمين محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد اللّه وجعفر بن قولويه وأبي جعفر الطوسي وغيرهم ، بإسنادهم جميعا إلى سعد بن عبد اللّه من كتاب فضل الدعاء ، المتّفق على ثقته وفضله وعدالته ، بإسناده فيه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : صلاة العيدين : تكبّر فيها اثنتي عشرة تكبيرة ، سبع تكبيرات في الأولى ، وخمس تكبيرات في الثانية ، تكبّر باستفتاح الصلاة ، ثم تقرء الحمد وسورة « سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلى » ، ثم تكبير فتقول :

اللّهُ اكْبَرُ ، اهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ ، وَالْجَلالِ وَالْقُدْرَةِ ، وَالسُّلْطانِ وَالْعِزَّةِ ، وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، اللّهُ اكْبَرُ ، أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَآخِرُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبَدِيعُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُنْتَهاهُ ، وَعالِمُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُنْتَهاهُ.

اللّهُ اكْبَرُ مُدَبِّرُ الأُمُورِ ، باعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، قابِلُ الأَعْمالِ ، مُبْدِئُ الْخَفِيَّاتِ ، مُعْلِنُ السَّرائِرِ ، وَمَصِيرُ كُلِّ شَيْءٍ وَمَرَدُّهُ إِلَيْهِ ، اللّهُ اكْبَرُ ، عَظِيمُ الْمَلَكُوتِ ، شَدِيدُ الْجَبَرُوتِ ، حَيٌّ لا يَمُوتُ ، اللّهُ اكْبَرُ ، دائِمٌ لا يَزُولُ ، فَاذا قَضَى امْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

ثمّ تكبر وتركع وتسجد سجدتين ، فذلك سبع تكبيرات : أوّلها استفتاح الصّلاة وآخرها تكبيرة الركوع ، وتقول في ركوعك :

خَشَعَ قَلْبِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي ، وَشَعْرِي وَبَشَرِي ، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ (1) مِنِّي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، سُبْحانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ - ثلاث مرات.

فإن أحببت أن تزيد فزد ما شئت ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع ، وتعتدل وتقيم صلبك وتقول :

الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالْحَوْلُ وَالْعَظَمَةُ ، وَالْقُوَّةُ وَالْعِزَّةُ ، وَالسُّلْطانُ وَالْمُلْكُ ،

ص: 202


1- أقلّت الأرض : حملته من جوارحي واعضائي.

وَالْجَبَرُوتُ وَالْكِبْرِياءُ ، وَما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ.

ثم تسجد وتقول في سجودك :

سَجَدَ وَجْهِيَ الْبالِي ، الْفانِي الْخاطِئُ الْمُذْنِبُ ، لِوَجْهِكَ الْباقِي الدَّائِمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَحْسِرٍ (1) وَلا مُسْتَعْظِمٍ وَلا مُتَجَبِّرٍ ، بَلْ بائِسٌ فَقِيرٌ خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ عَبْدٌ ذَلِيلٌ مُهِينٌ (2) حَقِيرٌ ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ الَيْكَ.

ثم تسبّح وترفع رأسك وتقول :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالأَئِمَّةِ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَلا تَقْطَعْ بِي (3) عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ وَفِيهِمْ وَفِي زُمْرَتِهِمْ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ ، آمِينَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

ثمّ تسجد الثانية وتقول مثل الّذي قلت في الأولى ، فإذا نهضت في الثانية ، تقول :

بَرِئْتُ الَى اللّهِ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ.

ثم تقرأ فاتحة الكتاب وسورة « وَالشَّمْسِ وَضُحيها » ، ثمّ تكبر وتقول :

اللّهُ اكْبَرُ خَشَعَتْ (4) لَكَ يا رَبِّ الأَصْواتُ ، وَعَنَتْ لَكَ الْوُجُوهُ ، وَحارَتْ مِنْ دُونِكَ الأَبْصارُ ، اللّهُ اكْبَرُ كَلَّتِ الالْسُنُ عَنْ صِفَةِ عَظَمَتِكَ ، وَالنَّواصِي كُلُّها بِيَدِكَ ، وَمَقادِيرُ الأُمُورِ كُلُّها الَيْكَ ، لا يَقْضِي فِيها غَيْرُكَ ، وَلا يَتِمُّ مِنْها شَيْءٌ دُونَكَ (5).

( اللّهُ اكْبَرُ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ (6) ، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ عِزُّكَ ، وَنَفَذَ فِي

ص: 203


1- حسر : أعيا وتعب.
2- المهين : الحقير والضعيف.
3- في القاموس : قطع بزيد فهو مقطوع به ، عجز عن سفره بأي سبب كان ، أوصل بينه وبين ما يؤمله.
4- الخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن.
5- أي لا تصير تماما الاّ بمشيّتك.
6- في الفقيه : حفظك.

كُلِّ شَيْءٍ امْرُكَ ، وَقائِمُ كُلِّ شَيْءٍ بِكَ ) (1) ، اللّهُ اكْبَرُ ، تَواضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِكَ ، وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِكَ ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِكَ ، وَخَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكِكَ ، اللّهُ اكْبَرُ.

ثم تكبّر وتقول وأنت راكع مثل ما قلت في ركوعك الأوّل ، وكذلك في السجود ما قلت في الرّكعة الأولى ، ثمّ تتشهّد بما تتشهّد به في سائر الصّلوات ، فإذا فرغت دعوت بما أجبت للدّين والدنيا (2).

أقول : ومن غير هذه الرواية : فإذا فرغت من صلاة عيد الأضحى فادع بهذا الدعاء :

اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُ اكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ إِلهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ لا نَعْبُدُ إِلاَّ إِيّاهُ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (3).

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ رَبُّنا وَرَبُّ آبائِنا الْأَوَّلِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ ، انْجَزَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ [ وَأَعَزَّ جُنْدَهُ (4) ، وَهَزَمَ الأَحْزابَ وَحْدَهُ ، فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

سُبْحانَ اللّهِ كُلَّما سَبَّحَ اللّهُ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُسَبَّحَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ ، وَاللّهُ اكْبَرُ كُلَّما كَبَّرَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُكَبِّرَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّما حَمِدَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُحْمَدَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ.

وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ كُلَّما هَلَّلَ اللّهَ شَيْءٌ وَكَما يُحِبُّ اللّهُ انْ يُهَلَّلَ وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ ، وَسُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَعَدَدَ كُلِّ نِعْمَةٍ انْعَمَهَا اللّهُ عَلَيَّ ، وَعَلى احَدٍ مِنْ خَلْقِهِ ، مِمَّنْ كانَ اوْ يَكُونُ

ص: 204


1- ليس في بعض النسخ.
2- عنه البحار 91 : 60 - 62 ، رواه في الفقيه 1 : 512 ، 523.
3- الكافرون ( خ ل ).
4- من البحار.

الى يَوْمِ الْقِيامَةِ.

أُعِيذُ نَفْسِي وَدِينِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَجَسَدِي وَجَمِيعَ جَوارِحِي ، وَما أَقَلَّتِ الارْضُ مِنِّي ، وَاهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي وَجَمِيعَ جَوارِحِي ، وَمَنْ تَشْمُلُهُ عِنايَتِي (1) ، وَجَمِيعَ ما رَزَقْتَنِي يا رَبِّ وَكُلَّ مَنْ يَعْنِينِي امْرُهُ ، بِاللّهِ الَّذِي لا إِلهَ الاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الارْضِ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدُهُ الاّ بِاذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ ايْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ، وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ، الاّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالارْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً. قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً. إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ. إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً (2) وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (3) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ. فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ. سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا (4) لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (5). فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

ص: 205


1- عنايتي : اعتنائي واهتمامي بأمره.
2- دحره : منعه.
3- الواصب : الدائم.
4- فانفذوا : فاخرجوا.
5- بسلطان : بقوة وقهر.

يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ (1) مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ (2) فَلا تَنْتَصِرانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ. وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ. هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ. اللّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

اللّهُمَّ انَّكَ تَرى وَلا تُرى ، وَانْتَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى ، وَانَّ الَيْكَ (3) الرُّجْعى (4) وَالْمُنْتَهى ، وَلَكَ الاخِرَةُ وَالأُولى ، اللّهُمَّ انّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ انْ نَذِلَ (5) اوْ نَخْزى (6) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِهِ ، بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَما وَلَدا وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ وَالاهْلِ وَالْقَراباتِ.

اسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ الاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، لِجَمِيعِ ظُلْمِي وَجُرْمِي

ص: 206


1- الشواظ : لهب لادخان فيه.
2- النحاس : الدخان أو الصفر المذاب يصبّ على رءوسهم.
3- وإليك ( خ ل ).
4- الرجعي : الرجوع ، أي إليك رجوع الخلائق للجزاء والحساب.
5- نعوذ بك ان نذل ( خ ل ).
6- الخزي : الذل والهوان.

وَذُنُوبِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً ، وَفِي سَمْعِي نُوراً ، وَفِي بَصَرِي نُوراً ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُوراً ، وَمِنْ خَلْفِي نُوراً ، وَمِنْ فَوْقِي نُوراً ، وَمِنْ تَحْتِي نُوراً وَاعْظِمْ لِيَ النُّورَ ، وَاجْعَلْ لِي نُوراً امْشِي بِهِ فِي النّاسِ وَلا تَحْرِمْنِي نُورَكَ (1) يَوْمَ أَلْقاكَ.

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ. لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً. سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ.

رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ. رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا. رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ. رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

سُبْحانَ رَبِّ الصَّباحِ الصّالِحِ ، فالِقِ الإِصْباحِ (2) ، وَجاعِلِ اللَّيْلِ سَكَناً وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْباناً (3) ، اللّهُمَّ اجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمِي هذا صَلاحاً وَاوْسَطَهُ فَلاحاً وَآخِرَهُ نَجاحاً ، اللّهُمَّ مَنْ اصْبَحَ وَحاجَتُهُ الى مَخْلُوقٍ وَطَلِبَتُهُ (4) إِلَيْهِ ، فَإِنَّ حاجَتِي وَطَلِبَتِي الَيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ.

اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

ص: 207


1- من نورك ( خ ل ).
2- فالق الإصباح : شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار ، أو شاق ظلمة الإصباح وهو الغبش الذي يليه.
3- حسبانا : على أدوار مختلفة تحسب بها الأوقات.
4- الطلبة : ما طلبته من شيء.

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ. اللّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ. وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ. وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي إِذا دُعِيتَ بِها عَلى مَغالِقِ أَبْوابِ السَّماءِ (1) لِلْفَتْحِ انْفَتَحَتْ ، وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي إِذا دُعِيتَ بِها عَلى مَضائِقِ الأَرضِينَ لِلْفَرْجِ انْفَرَجَتْ ، وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي إِذا دُعِيتَ بِها عَلَى الْبَأْساءِ وَالضَّراءِ لِلْكَشْفِ انْكَشَفَتْ (2) ، وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي إِذا دُعِيتَ بِها عَلى أَبْوابِ الْعُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ.

وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي إِذا دُعِيتَ بِها عَلَى الأَمْواتِ لِلنُّشُورِ انْتَشَرَتْ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تُعَرِّفَنِي بَرَكَةَ هذا الْيَوْمِ وَيُمْنَهُ ، وَتَرْزُقَنِي خَيْرَهُ وَتَصْرِفَ عَنِّي شَرَّهُ ، وَتَكْتُبَنِي فِيهِ مِنْ خِيارِ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ ،

ص: 208


1- في البحار : السماوات.
2- تكشّفت ( خ ل ).

الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ ، وَانْ تُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، وَتَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي ، وَتَكْشِفَ [ عَنِّي ] (1) ضُرِّي ، وَتُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي ، وَتُبَلِّغَنِي أَمَلِي وَتُعْطِيَنِي سُؤْلِي وَمَسْأَلَتِي ، وَتَزِيدَنِي فَوْقَ رَغْبَتِي ، وَتُوصِلَنِي الَى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، وَتُخَيِّرَ لِي وَتَخْتارَ لِي ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ اسْمِي فِي هذا الْيَوْمِ فِي السُّعَداءِ وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَإِساءَتِي مَغْفُورَةً ، وَهَبْ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإِيماناً يُذْهِبُ بِالشَّكِّ عَنِّي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النّارِ (2).

وتدعو أيضا في يوم عيد الأضحى فتقول :

اللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، اللّهُمَّ رَبَّنا لَكَ الْحَمْدُ كَما يَنْبَغِي لِعِزِّ سُلْطانِكَ وَجَلالِ وَجْهِكَ ، لا إِلهَ إِلاّ انْتَ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ إِلهاً واحِداً لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ (3) مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَجَدِّكَ (4) الأَعْلى ، وَبِكَلِماتِكَ التّامّاتِ الَّتِي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فاجِرٌ.

ص: 209


1- من البحار.
2- عنه البحار 91 : 63 - 67.
3- بمعاقد العز من عرشك : أي بالخصال التي استحقّ بها العرش العزّ وبمواضع انعقادها منه.
4- الجدّ ، هنا بمعنى العظمة والغناء.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الَّذِي لا إِلهَ الاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ ، الْفَعّالُ لِما يُرِيدُ ، الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لا يَمُوتُ ، قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ.

تَبارَكْتَ (1) وَتَعالَيْتَ خالِقُ ما يُرى وَما لا يُرى ، فَإِنَّكَ بَدِيعٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَسَمِيعٌ لَمْ يَكُنْ دُونَكَ شَيْءٌ ، وَرَفِيعٌ لَمْ يَكُنْ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ ، وَبِاسْمِكَ التّامِّ النُّورِ ، وَبِاسْمِكَ الطُّهْرِ الطّاهِرِ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي إِذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ ، وَإِذا دُعِيتَ بِهِ اجَبْتَ ، وَإِذا سُمِّيتَ بِهِ رَضِيتَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَرْحَمَنِي وَتَرْحَمَ والِدَيَّ وَما وَلَدا ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ (2) ، وَالذَّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ ، وَانْ تُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي وَضِيقَ صَدْرِي ، وَتَقْضِيَ عَنِّي دُيُونِي ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي ، وَتُوصِلَنِي الى بُغْيَتِي (3) ، وَتُسَهِّلَ لِي مِحْنَتِي (4) ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، انَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللّهُمَّ اشْرَحْ (5) صَدْرِي لِلِاسْلامِ ، وَزَيِّنِّي بِالإِيمانِ ، وَالْبِسْنِي التَّقْوى ، وَقِنِي عَذابَ النَّارِ ، اللّهُمَّ رَبَّ النُّجُومِ السّائِرَةِ ، وَرَبَّ الْبِحارِ الْجارِيَةِ ، وَرَبَّ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، مالِكَ (6) الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

رَحْمانَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، تُعْطِي مِنْهُما ما تَشاءُ وَتَمْنَعُ مِنْهُما ما تَشاءُ ، اقْضِ عَنِّي دَيْنِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَبَلاءٍ ، انَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ،

ص: 210


1- تباركت : تكاثر خيرك ، من البركة ، وهي كثرة الخير.
2- القنوت : الطاعة ، والدعاء المخصوص في الصلاة.
3- البغية : الحاجة.
4- محبتي ( خ ل ).
5- الشرح : الفتح والكشف.
6- ومالك ( خ ل ).

فَعّالٌ لِما يَشاءُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ الأَشْياءِ الَيَّ ، وَاجْعَلْ اخْوَفَ الأَشْياءِ عِنْدِي خَوْفَكَ ، وَارْزُقْنِي الشَّوْقَ الى لِقائِكَ وَاقْرِرْ عَيْنِي بِعِبادَتِكَ.

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، إِلهاً واحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً ، لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ اخْتِمُ بِها عَمَلِي ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ اسْكُنُ بِها قَبْرِي ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ أَلْقى بِها رَبِّي.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً عَلى حَمْدٍ ، وَلِكُلِّ أَسْمائِكَ حَمْدٌ ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَكَ حَمْدٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَكَ عَبْدٌ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً عَلى حَمْدٍ ، حَمْداً دائِماً ابَداً خالِداً لِخُلُودِكَ وَزِنَةَ عَرْشِكَ ، وَكَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَعِزِّ جَلالِكَ وَعِظَمِ رُبُوبِيَّتِكَ ، وَكَما انْتَ اهْلُهُ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى الْبَأْساءِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى الضَّرَّاءِ ، حَمْداً يُوافِي نِعَمَكَ وَيُكافِئ (1) مَزِيدَكَ.

اللّهُمَّ انْتَ نُورُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَضِياءُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَمَلِكُ السَّماواتِ وَالارْضِ وَقَيُّومُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، انْتَ ذُو الْعِزِّ وَالْفَضْلِ ، وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِياءِ ، وَالْقُدْرَةِ عَلى خَلْقِكَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ يا اللّهُ ، أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ يا قَدِيمُ يا قَدِيرُ يا دائِمُ ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ ، يا احَدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا نُورَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدى كُلِّ شَيْءٍ (2) ، وَمالِكَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ شَيْءٍ ، وَمُمِيتَ كُلِّ شَيْءٍ وَمُحْيِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَخالِقَ كُلِّ شَيْءٍ ، انْتَ الْخالِقُ الْبارِيءُ ، لَكَ الْبَقاءُ وَيَفْنى كُلُّ شَيْءٍ.

ص: 211


1- يكافئ : يجازي ويماثل.
2- وصاحب كلّ شيء ( خ ل ).

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها مَعَ اسْمِكَ الْعَظِيمِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ اسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَنُورِكَ الْقَدِيمِ ، وَعَفْوِكَ الْعَظِيمِ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ يا كَرِيمُ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِلا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ النُّورَ الَّذِي أَضاءَ كُلَّ شَيْءٍ.

وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الظُّلْمَةَ الَّتِي اطْبَقَتْ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ خَلَقْتَ الْخَلْقَ وَبِهِ تُمِيتُ الْخَلْقَ ، بِهِ بِهِ بِهِ ، اسْأَلُكَ يا جَمِيلُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الْعَرْشَ الْعَظِيمَ ، فَإِنَّكَ خَلَقْتَهُ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ ، وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي طَوَّقْتَ بِهِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ حِينَ حَمَّلْتَهُمْ ، وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ احَطْتَ الارْضَ فَإِنَّهُ اسْمُكَ ، يا اللّهُ يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي خَلَقْتَ بِهِ الْمَلائِكَةَ الْخارِجِينَ مِنَ الأَقْطارِ ، فَإِنَّكَ خَلَقْتَهُمْ بِاسْمِكَ الْعَزِيزِ ، يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ يا باعِثُ يا وارِثُ.

اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (1) ، وَانْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ وَضُرٍّ وَضِيقٍ انَا فِيهِ ، وَانْ تَسْتَنْفِذَنِي مِنْ وَرْطَتِي (2) ، وَتُخَلِّصَنِي مِنْ مِحْنَتِي ، وَانْ تُبَلِّغَنِي امَلِي سَرِيعاً عاجِلاً ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ يا اللّهُ يا قَدِيمَ الإِحْسانِ ، يا دائِمَ الْمَعْرُوفِ ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ ، وَلا يُغَلِّطُهُ وَلا يَضْجُرُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحِّينَ ، وَلا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ ، وَلا يَتَعاظَمُهُ الْحَوائِجُ ، يا مُطْلِقَ الإِطْلاقِ ، يا مُدِرَّ الأَرْزاقِ ، يا فَتّاحَ الأَغْلاقِ ، يا مُنْقِذَ مَنْ فِي الْوِثاقِ (3) ، يا واحِدُ يا رازِقُ (4) صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي وَاكْشِفْ ضُرِّي ، فَإِنَّهُ لا يَكْشِفُهُ احَدٌ سِواكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 212


1- الورطة : الهلكة وكل أمر تعسر النجاة منه.
2- وآل محمد ( خ ل ).
3- الوثاق : ما يشدّ به.
4- رزاق ( خ ل ).

اللّهُمَّ قَدْ (1) اكْدَى (2) الطَّلَبُ وَاعْيَتِ الْحِيَلُ الاّ عِنْدَكَ ، وَسُدَّتِ الْمَذاهِبُ وَضاقَتِ الطُّرُقُ الاّ الَيْكَ (3) ، وَاخْتَلَف الظَّنُّ الاّ بِكَ ، وَتَصَرَّمَتِ (4) الأَشْياءُ وَكَذِبَتِ الْعِداةُ الاّ عِدَتُكَ.

اللّهُمَّ وَانِّي أَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ الَيْكَ مُشْرَعَةً (5) ، وَمَناهِلَ (6) الرَّجاءِ الَيْكَ مُتْرَعَةً (7) ، وَالاسْتِعانَةَ بِفَضْلِكَ لِمَنِ ائْتَمَّ بِكَ مُباحَةً ، وَأَبْوابَ الدُّعاءِ لِمَنْ دَعاكَ مُفَتَّحَةً ، وَاعْلَمُ انَّكَ لِداعِيكَ بِمَوْضِعِ إِجابَةٍ ، وَلِلصّارِخِ الَيْكَ بِمَرْصَدِ (8) إِغاثَةٍ ، وَانَّ الْقاصِدَ الَيْكَ قَرِيبُ الْمَسافَةِ ، وَمُناجاةُ الرَّاحِلِ الَيْكَ غَيْرُ مَحْجُوبَةٍ عَنْ إِسْماعِكَ ، وَانَّ اللّهْفَ (9) الى جُودِكَ وَالرِّضا بِعِدَتِكَ وَالاسْتِغاثَةَ بِفَضْلِكَ عِوَضٌ عَنْ مَنْعِ الْباخِلِينَ ، وَخَلَفٌ مِنْ خَتَلِ (10) الْوارِثِينَ.

اللّهُمَّ وَانِّي أَقْصدُكَ بِطَلِبَتِي وَأَتَوَجَّهُ الَيْكَ بِمَسْأَلَتِي وَاحْضِرُكَ رَغْبَتِي ، وَاجْعَلُ بِكَ اسْتِغاثَتِي ، وَبِدُعائِكَ تَحَرُّمِي (11) ، مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقٍ مِنِّي لِاسْتِماعِكَ وَلَا اسْتِيجابٍ لِاجابَتِكَ ، عَنْ بَسْطِ يَدٍ الى طاعَتِكَ ، اوْ قَبْضِ يَدٍ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَلَا اتِّعاظٍ مِنِّي لِزَجْرِكَ ، وَلا إِحْجامِ (12) عَنْ نَهْيِكَ الاّ لَجَأً الى تَوْحِيدِكَ وَمَعْرِفَتِكَ ، بِمَعْرِفَتِي (13) انْ لا رَبَّ لِي غَيْرُكَ ، وَلا قُوَّةَ وَلَا اسْتِعانَةَ الاّ بِكَ.

ص: 213


1- وقد ( خ ل ).
2- كدي الرجل : عجز ولم ينفع.
3- زيادة : وخابت الثقة ( خ ل ).
4- تصرمت الأشياء : تقطعت.
5- الشارع : الطريق الأعظم ، والشريعة : مورد الإبل على الماء الجاري.
6- المنهل : المورد ، موضع الشرب في الطريق.
7- ترع الحوض : امتلأ.
8- المرصد : موضع التّرصّد والترقب.
9- اللاهف : المظلوم المضطر.
10- ختله : خدعه.
11- تحرّمي : استجارتي وامتناعي من البلايا.
12- احجام منّي ( خ ل ) ، أقول : أحجم عن الشيء : كفّ ، نكص هيبة.
13- بمعرفة منّي ( خ ل ).

إِذْ تَقُولُ يا الهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ لِمُسْرِفِي عِبادِكَ ( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (1) ، وَتَقُولُ لَهُمْ إِفْهاماً وَمَوْعِظَةً وَتِكْراراً ( وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ ) (2) ، فَارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَاكْشِفْ ضُرِّي وَنَحِيبِي الَيْكَ ، انَّكَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

اللّهُمَّ يا رَبِّ تَكْذِيباً لِمَنْ اشْرَكَ بِكَ ، وَرَدّاً عَلى مَنْ جَعَلَ الْحَمْدُ لِغَيْرِكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ عُلُوّاً كَبِيراً ، بَلْ انْتَ اللّهُ لَكَ الْحَمْدُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، انْتَ اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، انْتَ اللّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ ، انْتَ اللّهُ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، انْتَ اللّهُ مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ.

انْتَ اللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَالَيْكَ يَعُودُ ، انْتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ، انْتَ اللّهُ الْخالِقُ عالِمُ السِّرِّ وَأَخْفى ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ الْواحِدُ الأَحَدُ ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً احَدٌ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ حَيٌّ لا تَمُوتُ ، وَخالِقٌ لا تُغْلَبُ ، وَبَصِيرٌ لا تَرْتابُ ، وَسَمِيعٌ لا تَشُكُّ ، وَصادِقٌ لا تَكْذِبُ ، وَقاهِرٌ لا تُقْهَرُ ، وَبَدِيءُ لا تَتَغَيَّرُ ، وَقَرِيبٌ لا تَبْعُدُ وَقادِرٌ لا تُضادُّ ، وَغافِرٌ لا تَظْلِمُ ، وَصَمَدٌ لا تُطْعَمُ ، وَقَيُّومٌ لا تَنامُ ، وَمُجِيبٌ لا تَسْأَمُ ، وَجَبَّارٌ لا تُكَلَّمُ ، وَعَظِيمٌ لا تُرامُ.

وَعالِمٌ لا تُعَلَّمُ ، وَقَوِيٌّ لا تَضْعُفُ ، وَوَفِيٌّ لا تُخْلِفُ ، وَعَدْلٌ لا تَحِيفُ ، وَغَنِيٌّ لا تَفْتَقِرُ ، وَكَبِيرٌ لا تُغادَرُ ، (3) وَحَكِيمٌ لا تَجُورُ ، وَمُمْتَنِعٌ لا تُمانَعُ (4) ، وَمَعْرُوفٌ لا تُنْكَرُ ، وَوَكِيلٌ لا تَخْفى ، وَغالِبٌ لا تُغْلَبُ ، وَبَرٌّ لا تُسْتَأْمَرُ (5) ، وَفَرْدٌ لا تُشاوِرُ ،

ص: 214


1- الزمر : 53.
2- آل عمران : 135.
3- المغادرة : الترك ، أي لا تترك شيئا إلاّ أحصيته وجازيت عليه.
4- لا تمانع : لا يمتنع منك أحد.
5- لا تستأمر : لا تستشير أحدا في البر والإحسان.

وَوَهّابٌ لا تُمِلُ (1) ، وَواسِعٌ لا تُذْهَلُ (2). وَجَوادٌ لا تَبْخَلُ ، وَعَزِيزٌ لا تُغْلَبُ ، وَحافِظٌ لا تَغْفُلُ ، وَقائِمٌ لا تَنامُ ، وَمُحْتَجِبٌ لا تَزُولُ ، وَدائِمٌ لا تَفْنى ، وَباقٍ لا تَبْلى ، وَواحِدٌ لا شَبِيهَ لَكَ ، وَمُقْتَدِرٌ لا تُنازَعُ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ الْحَنّانُ الْمَنّانُ ، بَدِيعُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تُبَلِّغَنِي غايَةَ أَمَلِي وَابْعَدَ امْنِيَّتِي ، وَأَقْصى ارْجِئَتِي وَتَكْشِفَ ضُرِّي ، فَإِنَّهُ لا تَكْشِفُهُ احَدٌ سِواكَ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ يا نُورَ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ ، وَيا عِمادَ (3) السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ وَيا قَيُّومَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، وَيا جَمالَ (4) السَّماواتِ وَالأَرضِينَ ، وَيا زَيْنَ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ ، وَيا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، وَيا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا صَرِيخَ (5) الْمُسْتَصْرِخِينَ ، يا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الْعابِدِينَ ، يا مُنَفِّسَ (6) عَنِ الْمَكْرُوبِينَ.

يا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَغْمُومِينَ ، يا كاشِفَ الضُّرِّ ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا إِلهَ الْعالَمِينَ ، مَنْزُولٌ بِكَ كُلُّ حاجَةٍ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا نُورَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ النُّورِ الْمُشْرِقِ ، الْحَيِّ الْباقِي الدّائِمِ ، وَبِوَجْهِكَ الْقُدُّوسِ الَّذِي اشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأَرَضُونَ ، وَانْفَلَقَتْ (7) بِهِ

ص: 215


1- لا تملّ : لا تسأم من الهبة والعطاء ولو من كثرة السؤال.
2- لا تذهل : أي لا تفعل.
3- العماد : ما يعتمد عليه.
4- الجمال : الحسن.
5- الصريخ : المغيث.
6- نفّس اللّه عنه كربته : فرّجها.
7- انفلقت : انشقّت.

الظُّلُماتُ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ وَضُرٍّ وَضِيقٍ انَا فِيهِ ، وَانْ تَرْحَمَنِي وَتَرْحَمَ والِدَيَّ وَما وَلَدا ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا مَنْ لا تَراهُ الْعُيُونُ ، وَلا تُخالِطُهُ الظُّنُونُ ، وَلا تَصِفُهُ الْواصِفُونَ ، وَلا تَعْتَرِيهِ الْحَوادِثُ وَلا تَغْشاهُ الدَّوائِرُ (1) ، تَعْلَمُ مَثاقِيلَ الْجِبَالِ وَمَكائِيلَ الْبِحارِ ، وَعَدَدَ قَطْرِ الأَمْطارِ وَوَرَقِ الأَشْجارِ ، وَما اظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَاشْرَقَ عَلَيْهِ النَّهارُ ، وَلا يُوارِي مِنْكَ سَماءٌ سَماءً ، وَلا ارْضٌ ارْضاً ، وَلا جَبَلٌ ما فِي وعْرِهِ (2) وَلا بَحْرٌ ما فِي قَعْرِهِ ، انْ تَجْعَلَ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهُ ، وَخَيْرَ عَمَلِي خَواتِمَهُ ، وَخَيْرَ ايّامِي يَوْمَ أَلْقاكَ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ فُلَ (3) عَنِّي حَدَّ مَنْ نَصَبَ لِي حَدَّهُ ، وَاطْفِ عَنِّي نارَ مَنْ شَبَ (4) لِي نارَهُ ، وَاكْفِنِي هَمَّ مَنْ ادْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَاعْصِمْنِي بِالسَّكِينَةِ (5) وَالْوَقارِ (6) ، وَادْخِلْنِي فِي دِرْعِكَ الْحَصِينَةِ ، وَادْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي سِتْرِك الْواقِي ، يا مَنْ لا يَكْفِي مِنْهُ شَيْءٌ اكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ امْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

يا حَقِيقُ يا شَفِيقُ ، يا رُكْنِيَ الْوَثِيقَ ، اخْرِجْنِي مِنْ حِلَقِ الْمَضِيقِ ، الى فَرَجٍ مِنْكَ قَرِيبٌ ، وَلا تُحَمِّلْنِي يا عَزِيزُ بِحَقِّ عِزِّكَ ما لا أُطِيقُ ، انْتَ اللّهُ سَيِّدِي وَمَوْلايَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْحَقِيقُ ، يا مُشْرِقَ الْبُرْهانِ ، يا قَوِيَّ الأَرْكانِ ، يا مَنْ وَجْهُهُ فِي هذَا الْمَكانِ ، احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ ، وَاكْفِنِي بِكِفايَتِكَ الَّتِي

ص: 216


1- الدوائر جمع الدائرة : وهي الدولة بالغلبة والنصرة.
2- وغده ( خ ل ) ، أقول : الوعر : المكان الصلب ، المكان المخيف الوحش.
3- فلّ السيف : ثلمة ، الفلّة : الثلمة في حدّ السيف.
4- شبّب ( خ ل ) ، أقول : شبّ النار : أوقدها.
5- السكينة : اطمينان القلب بذكر اللّه.
6- الوقار : كون الجوارح مشغولة بطاعة اللّه.

لا تُرامُ (1) ، اللّهُمَّ لا امْلِكُ وَانْتَ الرَّجاءُ ، فَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (2) ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، وَرَبَّ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ (3) ، وَرَبَّ الْقُرْآنِ (4) الْعَظِيمِ.

انْتَ اللّهُ إِلهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، لا إِلهَ فِيهِما غَيْرُكَ وَلا مَعْبُودَ سِواكَ ، وَانْتَ جَبّارُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَجَبَّارُ مَنْ فِي الارْضِ لا جَبّارَ فِيهِما غَيْرُكَ ، وَانْتَ مَلِكُ مَنْ فِي السَّماواتِ (5) وَمَلِكُ مَنْ فِي الارْضِ ، لا مَلِكَ فِيهِما غَيْرُكَ.

اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَمُلْكِكَ الْقَدِيمِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي صَلُحَ بِهِ الأَوَّلُونَ ، وَبِهِ صَلُحَ الاخِرُونَ ، يا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَصْلُحَ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَانْ تَجْعَلَ عَمَلِي فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَقَبَّلِ ، وَهَبْ لِي ما وَهَبْتَ لَاوْلِيائِكَ وَاهْلِ طاعَتِكَ ، فَانِّي مُؤْمِنٌ بِكَ ، مُتَوَكِّلٌ عَلَيْكَ ، مُنِيبٌ الَيْكَ مَصِيرِي الَيْكَ.

انْتَ الْحَنّانُ الْمَنّانُ تُعْطِي الْخَيْرِ مَنْ تَشاءُ وَتَصْرِفُهُ عَمَّنْ تَشاءُ ، فَتَوَفَّنِي عَلى دِينِ مُحَمَّدٍ وَسُنَّتِهِ ، وَهَبْ لِي ما وَهَبْتَ لِعِبادِكَ الصّالِحِينَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتَ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ، رَحْمانُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما ، تُعْطِي مِنْهُما ما تَشاءُ وَتَمْنَعُ مِنْهُما ما تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ص: 217


1- لا ترام : أي لا تقصد بسوء وممانعة.
2- المسجور : المملوّ أو المتّقد نارا في القيامة.
3- والزبور ( خ ل ).
4- الفرقان ( خ ل ).
5- السماء ( خ ل ).

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ ضَجِيعاً (1) ، وَمِنَ الشَّرِّ وَلُوعاً (2) اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النّارِ فَإِنَّها بِئْسَ الْمَصِيرُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الْقَرِينِ ، وَاصْبَحْتُ وَرَبِّي مَحْمُودٌ ، اصْبَحْتُ لا ادْعُو مَعَ اللّهِ إِلهاً ، وَلا اتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً ، وَلا اشْرِكَ بِهِ شَيْئاً.

اللّهُمَّ يا نُورَ السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَيا جَمالَ السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَيا جَمالَ السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَيا حامِلَ السَّماواتِ وَالارْضِ وَيا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَيا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا مُنْتَهى رَغْبَةِ الْعابِدِينَ ، يا مُفَرِّجاً عَنِ الْمَغْمُومِينَ ، وَيا مُرَوِّحُ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ وَيا كاشِفَ السُّوءِ وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيا إِلهَ الْعالَمِينَ ، مَنْزُولٌ بِكَ كُلُّ حاجَةٍ ، انْزَلْتُ بِكَ الْيَوْمَ حاجَتِي.

اللّهُمَّ انِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ وَفِي قَبْضَتِكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، عَدْلٌ فِيَّ حُكْمُكَ ، ماضٍ فِيَّ قَضاؤُكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى خَلْقِكَ وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ اوْ انْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ اوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ (3) بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَانْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي (4) وَنُورَ بَصَرِي وَجَلاءَ حُزْنِي وَذَهابَ هَمِّي وَغَمِّي ، وَانْ تَقْضِيَ لِي كُلَّ حاجَةٍ مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَإِسْرافِي فِي امْرِي وَقِنِي عَذابَ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ يَسِّرْنِي لِلْيُسْرى وَجَنِّبْنِي الْعُسْرى.

اللّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ وَطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ ، اللّهُمَّ اعِذْنِي مِنْ عَذابِ الْقَبْرِ ، اللّهُمَّ امَرْتَنِي انْ ادْعُوكَ ، فَانِّي ادْعُوكَ انْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَقِينِي

ص: 218


1- الضجيع المضطجع على جنبه.
2- ولعت بالشيء : أولع به ولعا.
3- استأثرت به : تفرّدت واستبددت به ولم تعلمه أحدا من خلقك.
4- في النهاية : في الحديث : اللّهم اجعل القرآن ربيع قلبي ، جعله ربيعا له لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه.

عَذابَ (1) النّارِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيا وَالْمَماتِ وَعَذابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجّالِ (2).

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، اوْ انْزَلْتَهُ فِي كُتُبِكَ ، اوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَاسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي اشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ امْرُ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

وَأَسْأَلُكَ يا اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، بِأَنَّكَ انْتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ الْواحِدُ الأَحَدُ ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ تَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً احَدٌ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ الْمَنّانُ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الاعْظَمِ الَّذِي لا شَيْءَ اعْظَمُ مِنْهُ وَلا أَجَلُّ مِنْهُ وَلا اكْبَرُ مِنْهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، وَانْ تُعْطِيَ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ ، وَانْ تُجْزِيَ مُحَمَّداً عَنْ أُمَّتِهِ احْسَنَ ما تَجْزِيَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ ، وَانْ تَجْعَلَنا فِي زُمْرَتِهِ ، وَانْ تَسْقِيَنا بِكَأْسِهِ ، إِنَّكَ وَلِيُّ ذلِكَ وَالْقادِرُ عَلَيْهِ.

اللّهُمَّ عافِنِي أَبَداً ما ابْقَيْتَنِي وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النّارِ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمٍ النَّبِيِّينَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً ، وَحَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (3).

وإذا نهضت من مصلاّك لتنصرف فقل :

اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 219


1- من عذاب ( خ ل ).
2- فتنة المسيح الدجال ، سمّي الدجال مسيحا لأنّ إحدى عينيه ممسوحة ، أو المراد به المسيح الكذاب الذي يخرج قبيل ظهور المسيح الصادق عليه السلام.
3- عنه البحار 91 : 69 - 76.

وإذا انصرفت إلى منزلك ودخلته تقول :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، اللّهُ اكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُ اكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الرَّفِيعَةِ الْجَلِيلَةِ الْكَرِيمَةِ ، الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ ، يا حَمِيدُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا جَلِيلُ يا عَظِيمُ ، يا كَرِيمُ يا قادِرُ ، يا وارِثُ يا عَزِيزُ ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ ، يا اللّهُ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ.

اسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ وَمُنْتَهاها الَّتِي مَحَلُّها فِي نَفْسِكَ مِمَّا لَمْ تُسَمَّ بِهِ أَحَداً غَيْرَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِما لا يَراهُ وَلا يَعْلَمُهُ مِنْ أَسْمائِكَ غَيْرُكَ ، يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ ما نَسَبْتَ إِلَيْهِ نَفْسَكَ مِمّا تُحِبُّهُ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِجُمْلَةِ مَسائِلِكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ أَوْجَبْتَها حَتّى انْتَهى بِها الى اسْمِكَ الْعَظِيمِ الاعْظَمِ يا اللّهُ ، وَاسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها يا اللّهُ ، وَاسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ اوْجَبْتَهُ حَتّى انْتَهى الَى اسْمِكَ الْعَظِيمِ الاعْظَمِ ، الْكَبِيرِ الاكْبَرِ ، الْعَلِيِّ الأَعْلى ، يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْكامِلِ الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلى جَمِيعِ مَنْ يُسَمّى بِهِ احَدٌ غَيْرُكَ ، الَّذِي هُوَ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا صَمَدُ يا رَحْمانُ ، أَدْعُوكَ وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ ما انْتَ فِيهِ مِمّا لا اعْلَمُهُ ، فَأَسْأَلُكَ بِهِ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الأَسْماءِ ، وَبِحَقِّ تَفْسِيرِها فَإِنَّهُ لا يَعْلَمُ تَفْسِيرَها غَيْرُكَ ، يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما لا اعْلَمُ بِهِ وَبِما لَوْ عَلِمْتُهُ لَسَأَلْتُكَ بِهِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ يا اللّهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَانْ تَغْفِرَ لَنا وَتَرْحَمَنا وَتُوجِبَ لَنا رِضْوانَكَ وَالْجَنَّةَ وَتَرْزُقَنا مِنْ فَضْلِكَ الْكَثِيرِ الْواسِعِ ، وَتَجْعَلَ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لا هادِيَ لِمَنْ اضْلَلْتَ ، وَلا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ ، وَلا مانِعَ لِما اعْطَيْتَ ، وَلا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ ، وَلا مُؤَخِّرَ لِما قَدَّمْتَ ، وَلا مُقَدِّمَ لِما اخَّرْتَ ،

ص: 220

وَلا قابِضَ لِما بَسَطْتَ ، وَلا باسِطَ لِما قَبَضْتَ. (1)

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ الْغِنى يَوْمَ الْعِيلَةِ ، وَالامْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ ، وَأَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لا يَزُولُ وَلا يَحُولُ (2).

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِما سَأَلَكَ بِهِ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ، وَاسْتَجِيرُ بِكَ مِمَّا اسْتَجارَ بِكَ مِنْهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انْتَ رَبِّي فَيَسِّرْ لِي امْرِي ، وَوَفِّقْنِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ ، وَادْفَعْ عَنِّي السُّوءَ كُلَّهُ ، وَاكْفِنا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي بِهِ قِوامُ الدِّينِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي قامَتْ بِهِ السَّماواتُ وَالأَرَضُونَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تُحْيِي بِهِ الْمَوْتى ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ اجَبْتَ وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ ، وَبِالتَّوْراةِ وَالانْجِيلِ (3) وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، رَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، انْ تُعْتِقَنِي مِنَ النّارِ عِتْقاً ثابِتاً لا أَعُودُ لِاثْمٍ بَعْدَهُ أَبَداً.

اللّهُمَّ اذْكُرْنِي بِرَحْمَتِكَ وَلا تُدْرِكْنِي (4) بِخَطِيئَتِي ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ انِّي الَيْكَ راغِبٌ ، وَاجْعَلْ دُعائِي وَعَمَلِي خالِصاً [ لَكَ ] (5) ، وَاجْعَلْ ثَوابَ مَنْطِقِي وَمَجْلِسِي رِضاكَ عَنِّي ، وَاجْعَلْ ثَوابِي مِنْ ذلِكَ الْجَنَّةَ بِقُدْرَتِكَ ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ انِّي الَيْكَ راغِبٌ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ وَما اخَّرْتُ (6) ، وَما اعْلَنْتُ وَما اسْرَرْتُ ، وَما انْتَ اعْلَمُ بِهِ مِنِّي انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ وَما كانَ مِنْ خَيْرٍ فَارْزُقْنِي الْمُداوَمَةَ عَلَيْهِ وَالزِّيادَةَ مِنْهُ ، حَتّى تُبَلِّغَنِي بِذلِكَ جَسِيمَ الْخَيْرِ عِنْدَكَ ، وَتَجْعَلَهُ لِكُلِّ خَيْرٍ

ص: 221


1- في البحار زيادة : اللّهم ابسط علينا بركاتك وفضلك ورحمتك ورزقك.
2- لا يحول : لا يتغيّر.
3- في البحار زيادة : والزبور.
4- في البحار : لا تذكرني.
5- من البحار.
6- ما قدّمت ، أي ما فعلته في حياتي ، وما أخّرت أي ما أوصيت به بعد وفاتي.

تَبَعاً (1) وَنَجاةً مِنْ كُلِّ تَبِعَةٍ.

اللّهُمَّ ارْزُقْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلاةَ وَالْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَصِلَةَ الرَّحِمِ ، وَعَظِّمْ وَوَسِّعْ رِزْقِي وَرِزْقَ عِيالِي ، انْتَ اللّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَانْتَ اللّهُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ اعْطِنِي اشْرَفَ الْعَطِيَّةِ ، وَاجِرْنِي مِنْ جَهْدِ (2) الْبَلاءِ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، وَاعِذْنِي مِنْ عَذابِكَ الْواقِعِ ، وَارْزُقْنِي مِنْ رِزْقِكَ الْواسِعِ ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ انِّي ادْعُوكَ دُعاءَ عَبْدٍ اشْتَدَّتْ (3) فاقَتُهُ ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ ، دُعاءَ مَنْ لَيْسَ لَهُ رَبٌّ غَيْرُكَ ، وَلا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، وَلا مَفْزَعَ الاّ الَيْكَ ، وَلا مُسْتَغاثَ الاّ بِكَ ، وَلا ثِقَةَ لَهُ غَيْرُكَ ، وَلا حَوْلَ لَهُ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ.

ادْعُوكَ [ يا خَيْرَ مَنْ دُعِيَ وَ ] (4) يا خَيْرَ مَنْ أَجابَ ، وَيا خَيْرَ مَنْ تَضَرَّعَ إِلَيْهِ ، [ وَيا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَيا خَيْرَ مَنْ أَعْطى وَيا خَيْرَ مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ ] (5).

ادْعُوكَ يا خَيْرَ مَنْ رُفِعَتْ إِلَيْهِ الايْدِي ، وَادْعُوكَ يا ذَا الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ (6) ، وَادْعُوكَ يا ذَا الْعِزَّةِ وَالْجَلالِ ، وَادْعُوكَ يا ذَا الْبَهْجَةِ وَالْجَمالِ ، وَادْعُوكَ يا ذَا الْمُلْكِ (7) وَالسُّلْطانِ ، وَادْعُوكَ يا رَبِّ الأَرْبابِ. وَادْعُوكَ يا سَيِّدَ السّاداتِ ، وَادْعُوكَ بِلا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

وَادْعُوكَ يا احْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَيا دَيَّانَ الدِّينِ (8) ، وَيا قائِماً بِالْقِسْطِ (9) ،

ص: 222


1- التبع بالتحريك التابع.
2- الجهد : المشقّة.
3- في البحار : قد اشتدت.
4- - من البحار.
5- - من البحار.
6- المغفرة ( خ ل ).
7- ذا العزة ( خ ل ).
8- ديان الدين : معطي الجزاء أو الحاكم يوم الجزاء.
9- القسط : العدل.

يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَيا اسْمَعَ السّامِعِينَ وَيا أَبْصَرَ النّاظِرِينَ يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حَمَلَةِ عَرْشِكَ وَبِحَقِّ الْمَلائِكَةِ ، وَبِحَقِّ الرّاكِعِينَ وَالسّاجِدِينَ لَكَ ، وَبِحَقِّ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصّالِحِينَ ، وَبِحَقِّ السّائِلِينَ وَالْمَحْرُومِينَ (1) وَبِحَقِّكَ الْعَظِيمِ (2) ، وَبِحَقِّكَ عَلى خَلْقِكَ اجْمَعِينَ.

وَبِأَنَّكَ انْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تُعْتِقَنِي مِنَ النّارِ ، وَتَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي يا رَحْمانُ ، وَتُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي وَضِيقَ صَدْرِي ، وَتَكْشِفَ ضُرِّي وَتُيَسِّرَ لِي امْرِي ، وَتُبَلِّغَنِي غايَةَ امَلِي سَرِيعاً عاجِلاً ، انَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللّهُمَّ انَّنِي اذْكُرُ ذُنُوبِي وَاعْتَرِفُ بِخَطايايَ وَسُوءِ عَمَلِي وَإِسْرافِي عَلى نَفْسِي وَظُلْمِي قَبْلَ اللِّقاءِ ، وَقَبْلَ انْ يُؤْخَذَ بِكَظْمِي (3) ، وَاعْتَرَفْتُ انِّي مَأْخُوذٌ بِذُنُوبِي وَبِخَطايايَ ، وَمُجازىً بِكَسْبِي وَمُحاسَبٌ بِعَمَلِي ، فَاسْتَعْفَتْ (4) مِنْهُنَّ نَفْسِي ، وَوَجِلَتْ مِنْهُنَّ قَلْبِي ، وَوَهنَ مِنْهُنَّ عَظْمِي ، وَسَهَرَتْ مِنْهُنَّ عَيْنِي ، وَبَكَتْ حَتّى بَلَّ الدُّمُوعُ خَدِّي وَضاقَتْ عَلَيَّ الارْضُ بِما رَحُبَتْ.

رَبِّ فَأَوْسِعْ عَلى ذُنُوبِي بِرَحْمَتِكَ ، وَعَلى خَطايايَ بِمَغْفِرَتِكَ ، وَعَلى سُوءِ عَمَلِي بِعَفْوِكَ ، وَعَلى إِساءَتِي بِحِلْمِكَ ، وَعَلى إِسْرافِي عَلى نَفْسِي وَظُلْمِي بِها بِتَجاوُزِكَ ، اللّهُمَّ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ.

وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَحابِّكَ مِنَ الأَعْمالِ الصّالِحَةِ الَّتِي تُحِبُّ وَتَرْضى ، وَتَقَبَّلْها فِيما يُرْفَعُ الَيْكَ مِنَ الأَعْمالِ الصّالِحَةَ الَّتِي تُرْضِيكَ

ص: 223


1- بحق السائلين والمحرومين : أي الفقراء الذين يسألون والذين لا يسألون فيحسبهم الناس أغنياء فيحرمون.
2- بحقك العظيم عليّ ( خ ل ).
3- أخذ بكظمه : كربه وغمّه.
4- اعفني عن الخروج معك : دعني منه.

عَنِّي حَتّى تَجْعَلَنِي رَفِيقاً لِابْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَإلِهِ وَجَمِيعِ (1) النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَالأَئِمَّةِ الصّادِقِينَ ، رَبِّ قَدْ امِنَتْ نَفْسِي مِنْ عَذابِكَ ، وَرَضِيَتْ مِنْ ثَوابِكَ ، وَاطْمَأَنَّتْ الى دارِكَ دارِ السَّلامِ الَّتِي لا يَمَسُّنِي فِيها نَصَبٌ وَلا لُغُوبٌ (2).

اللّهُمَّ لا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ ، وَلا تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ وَلا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَلا تُزِلْ عَنِّي خَيْرَكَ ، وَلا تَكْشِفْ عَنِّي سِتْرَكَ ، وَلا تُلْهِنِي عَنْ ذِكْرِكَ ، وَلا تَجْعَلْ عِبادَتِي لِغَيْرِكَ ، وَلا تَحْرِمْنِي ثَوابَكَ وَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَساجِدِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُكَ ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغافِلِينَ عَنْ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ (3).

وَلا تَحْرِمْنِي الْعَمَلَ بِطاعَتِكَ ، وَاجْعَلْنِي وَجِلاً مِنْ عَذابِكَ ، خائِفاً مِنْ عِقابِكَ ، وَاجْعَلْ عَيْنِي باكِيَةً لِخَشْيَتِكَ ، وَاجْعَلْنِي أُحِبُّكَ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكَ ، وَاجْعَلْنِي اسْجُدُ فِي مَواطِنِ صِدْقٍ تُرْضِيكَ عَنِّي ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ سَيِّئاتِ عَمَلِي ، وَمِنَ النَّدَمِ وَالسَّدَمِ (4) ، وَمِنَ الْحَرَقِ وَالْغَرَقِ ، وَمِنَ الأَشَرِ وَالْبَطَرِ ، وَمِنْ غَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَمِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ ، وَمِنْ وَعَثْاءِ السَّفَرِ (5) ، وَكَآبَةِ الْمَرَضِ ، وَمِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ (6) ، وَمِنَ الإِصْرارِ عَلَى الْفَواحِشِ ، ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ (7) ، وَمِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ ، وَمِنْ عَمَلٍ لا تُحِبُّ وَلا تَرْضى ، وَأَسْأَلُكَ الْهُدى وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّلالَةِ وَالرَّدى (8).

اللّهُمَّ انِّي كُنْتُ عَمِياً (9) فَبَصَّرْتَنِي ، وَضَعِيفاً فَقَوَّيْتَنِي ، وَجاهِلاً فَعَلَّمْتَنِي ،

ص: 224


1- وعلى جميع النبيّين ( خ ل ).
2- النصب ، العناء ، لغب : تعب واعيا أشد الإعياء.
3- اسمك ( خ ل ).
4- السّدم : الهم أو مع ندم أو غيظ مع حزن.
5- وعث الطريق : تعسر سلوكه.
6- سوء المنقلب : أي الانقلاب إلى الآخرة أو إلى الوطن.
7- ما ظهر منها وما بطن : أي أفعال الجوارح والقلوب.
8- الردى : الهلاك.
9- رجل عمي القلب : جاهل - الصحاح.

وَعائِلاً فَآوَيْتَنِي ، وَيَتِيماً فَكَفَّلْتَنِي ، وَفَقِيراً فَاغْنَيْتَنِي ، وَوَحِيداً فَكَثَّرْتَنِي ، ثُمَّ عَلَّمْتَنِي الْقُرْآنَ وَهَدَيْتَنِي لِلصَّلاةِ وَالصِّيامِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى نَعْمائِكَ عِنْدِي ، فَاسْأَلُكَ يا رَبِّ انْ تُدارِكَنِي سَعَةُ رَحْمَتِكَ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَكَ ، وَحِلْمُكَ وَعَفْوُكَ وَمَغْفِرَتُكَ يا خَيْرَ الْغافِرِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَطَهِّرْ قَلْبِي ، وَاشْرَحْ صَدْرِي وَاعِنِّي عَلى ما عَلَّمْتَنِي ، وَفَرِّجْ هَمِّي ، وَاصْرِفْ عَنِّي كُلَ (1) مَكْرُوهٍ ، وَاصْرِفِ الأَسْواءَ وَالْمَكارِهَ عَنِّي ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي حَسَناتِي ، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الذَّي كانُوا يُوعَدُونَ.

وَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ انْ تُحَبِّبَ الَيَّ ما احْبَبْتَ وَتُبَغِّضَ الَيَّ ما كَرِهْتَ ، وَتُحَبِّبَ الَيَّ رِضْوانَكَ ، وَتُبَغِّضَ الَيَّ مُخالَفَتَكَ وَعِصْيانَكَ ، وَتَسْتَعْمِلْنِي فِي الْباقِياتِ الصّالِحاتِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً (2).

اللّهُمَّ الْهِمْنِي شُكْرَكَ ، وَعَلِّمْنِي حُكْمَكَ ، وَفَقِّهْنِي فِي دِينِكَ ، وَوَفِّقْنِي لِعِبادَتِكَ ، وَهَبْ لِي حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ ، وَارْزُقْنِي اجْتِنابَ سَخَطِكَ ، وَالتَّسْلِيمَ لِقَضائِكَ ، وَالْمَعْرِفَةَ بِحَقِّكَ ، وَالْعَمَلَ بِطاعَتِكَ ، وَتَفْوِيضَ أُمُورِي كُلِّها الَيْكَ ، وَالاعْتِصامَ بِكَ ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْكَ ، وَالثِّقَةَ وَالاسْتِعانَةَ بِكَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ ، ما شاءَ اللّهُ كانَ وَما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

اللّهُمَّ انِّي اشْهِدُكَ وَاشْهِدُ الْمَلائِكَةَ وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ ، بِأَنَّكَ انْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَانَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ ، سُبْحانَ اللّهِ الْعَلِيِّ الأَعْلى ، سُبْحانَ اللّهِ وَتَعالى.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ ، وَاعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالرَّفْعَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، اللّهُمَّ انْفَعْنا بِما عَلَّمْتَنا انَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ، اللّهُمَّ الَيْكَ رُفِعَتِ الايْدِي ،

ص: 225


1- واصرفني عن كل ( خ ل ).
2- خير مردّا : عاقبة ومنفعة.

وَأَفْضَتِ الْقُلُوبُ (1) ، وَخَضَعَتِ الرِّقابُ ، وَعَنَتِ (2) الْوُجُوهُ ، وَخَشَعَتِ الأَصْواتُ ، وَدَعَتِ الالْسُنُ.

اللّهُمَّ فَانْتَ الْحَلِيمُ فَلا تَجْهَلُ ، [ وَانْتَ الْجَوادُ فَلا تَبْخَلُ ] (3) ، وَانْتَ الْعَدْلُ فَلا تَظْلِمُ ، وَانْتَ الْحَكِيمُ فَلا تَجُورُ ، وَانْتَ الْمَنِيعُ فَلا تُرامُ ، وَانْتَ الرَّفِيعُ فَلا تُرى ، وَانْتَ الْعَزِيزُ فَلا تُسْتَذَلُ (4) ، وَانْتَ الْغَنِيُّ فَلا تَفْتَقِرُ ، وَانْتَ الدَّائِمُ غَيْرُ الْغافِلِ ، احَطْتَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ، وَاحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً.

وَانْتَ الْبَدِيعُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالدَّائِمُ بَعْدُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَانْتَ خالِقُ ما يُرى وَما لا يُرى ، عَلِمْتَ كُلَّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ ، وَانْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الْباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، وَانْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ.

يا مَنْ هُوَ اقْرَبُ الَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (5) ، يا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى (6) ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ، يا اسْمَعَ السّامِعِينَ ، وَيا أَبْصَرَ النّاظِرِينَ وَيا اسْرَعَ الْحاسِبِينَ وَيا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، بِلا إِلهَ إِلاّ انْتَ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، آمِينَ.

اصْبَحْتُ راضِياً بِفِطْرَةِ الإِسْلامِ (7) ، وَكَلِمَةِ الإِخْلاصِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَمِلَّةِ أَبِينا إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما انَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، رَضِيتُ بِاللّهِ رَبّاً ، وَبِالإِسْلامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيّاً.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي لا إِلهَ الاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، الَّذِي لا تَأْخُذُهُ

ص: 226


1- أفضت القلوب : وصلت أو أبدت أسرارها لديك.
2- عنت : خضعت وذلّت.
3- من البحار.
4- فلا تذل ( خ ل ).
5- قال الجوهري : حبل الوريد عرق تزعم العرب انّه من الوريد ، وهما وريدان مكتنفا ضفتي العنق مما يلي مقدمه غليظان.
6- بالمنظر الأعلى : أي في المرقب الأعلى يرقب عباده.
7- فطرة الإسلام : أي الإسلام الذي فطرتني عليه.

سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، الَّذِي مَلأَ السَّماواتِ وَالارْضَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ وَخَشَعَتْ لَهُ الأَصْواتُ ، وَخَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ ، وَذَلَّتْ لَهُ الْخَلائِقُ ، وَوَجِلَتْ مِنْ خَشْيَتِهِ الْقُلُوبُ ، انْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَدْفَعْ عَنِّي كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ ، وَانْ تَصْلَحَ لِي امْرِي كُلَّهُ ، وَلا تَكِلْنِي الى نَفْسِي فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِي ، وَلا الى احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، وَلا أَقَلَّ مِنْ ذلِكَ وَلا اكْثَرَ.

وَلا تَنْزَعْ مِنِّي صالِحاً اعْطَيْتَنِيهِ ، وَلا تُعِدْنِي فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً وَلا حاسِداً ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْمُفْسِدِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ اهْلِ طاعَتِكَ وَأَوْلِيائِكَ حَتّى تَتَوَفّانِي الى جَنَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ يا ذَا النَّعْماءِ السّابِغَةِ ، وَيا ذَا الْحُجَجِ الْبالِغَةِ ، وَيا ذَا الرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ ، وَيا ذَا الْمَغْفِرَةِ النَّافِعَةِ ، وَيا ذَا الْكَلِمَةِ الْباقِيَةِ ، وَيا ذَا الْحَمْدِ الْفاضِلِ ، وَيا ذَا الْعَطاءِ الْجَزِيلِ ، وَيا ذَا الْفَضْلِ الْجَمِيلِ ، وَيا ذَا الإِحْسانِ الْجَلِيلِ ، يا مَنْ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وَلا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ وَالإِيمانَ ، وَالسَّلامَةَ وَالإِسْلامَ ، وَالْيَقِينَ وَالشُّكْرَ ، وَالصَّبْرَ وَالصِّدْقَ ، وَالْعافِيَةَ وَالْمُعافاةَ ، وَالْوَرَعَ عَنْ مَحارِمِكَ ، وَالثِّقَةَ بِطَوْلِكَ بِرَحْمَتِكَ ، يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ الْخَيْرَ وَالْعِفَّةَ وَحُسْنَ الْخُلْقِ وَالرِّضا بِالْقَضاءِ وَالْقَدَرِ ، سُبْحانَكَ فِي السَّماءِ عَرْشُكَ ، وَسُبْحانَكَ فِي الارْضِ سُلْطانُكَ ، وَسُبْحانَكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَبِيلُكَ ، وَسُبْحانَكَ فِي الْجَنَّةِ رَحْمَتُكَ ، وَسُبْحانَكَ فِي النّارِ غَضَبُكَ ، وَسُبْحانَكَ فِي الْجَحِيمِ سَخَطُكَ.

لا إِلهَ إِلاّ انْتَ سُبْحانَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، لَكَ مُلْكُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، سُبْحانَكَ انْتَ الرَّبُّ وَالَيْكَ الْمَعادُ ، سُبْحانَكَ يا ذَا الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ سُبْحانَكَ يا ذَا الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ ، سُبْحانَ الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، سُبْحانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ، سُبْحانَ رَبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ.

ص: 227

سُبْحانَ رَبِّيَ الأَعْلى ، سُبْحانَهُ وَتَعالى ، سُبْحانَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ ، سُبْحانَ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، سُبْحانَ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ، سُبْحانَ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ تَبارَكَ اسْمُكَ وَتَعالى جَدُّكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ.

اللّهُمَّ لَكَ اسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَلَكَ خَضَعْتُ ، وَالَيْكَ خَشَعْتُ ، فَاغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَما اخَّرْتُ ، وَما اسْرَرْتُ وَما اعْلَنْتُ ، انَّكَ انْتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَانْتَ نُورُ السَّماواتِ وَالارْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، انْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَلِقاؤُكَ حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسّاعَةُ حَقٌّ.

اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَالأَرضِينَ السَّبْعِ ، وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ وَرَبَّ السَّبْعِ الْمَثانِي (1) وَرَبَّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ (2) ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اسْأَلُكَ (3) بِأَسْمائِكَ الَّتِي بِها تَقُومُ السَّماءُ ، وَبِها تَقُومُ الارْضُ ، وَبِها تُرْزَقُ الْبَهائِمُ ، وَبِها تُفْرَقُ الْمُجْتَمَعُ ، وَتُجْمَعُ الْمُتَفَرِّقُ ، وَبِها احْصَيْتَ عَدَدَ الرِّمالِ ، وَوَرَقَ الأَشْجارِ ، وَكَيْلَ الْبِحارِ ، وَقَطْرَ الأَمْطارِ ، وَما اظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَاشْرَقَ [ عَلَيْهِ ] (4) النَّهارُ ، اسْأَلُكَ بِذلِكَ كُلِّهِ انْ تَرْحَمَنِي مِنَ النّارِ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انْتَ الْعَظِيمُ تَمُنُّ بِالْعَظِيمِ ، وَتُعْطِي الْجَزِيلَ وَتَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ ، وَتُضاعِفُ الْقَلِيلَ وَتَفْعَلُ ما تُرِيدُ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تَمْلَأَ قَلْبِي مِنْ خَشْيَتِكَ وَتَلْبِسَ وَجْهِي مِنْ نُورِكَ ، وَانْ تَغْمُرَنِي فِي رَحْمَتِكَ ، وَانْ تُلْقِيَ عَلَيَّ مَحَبَّتَكَ ، وَانْ تَبْلُغَ بِي جَسِيمَ الْخَيْرِ عِنْدَكَ.

وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الاعْظَمِ ، وَاسْأَلُكَ بِكُلِّ حَرْفٍ انْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ،

ص: 228


1- السبع المثاني ، أي السورة الفاتحة لأنها سبع آيات.
2- في الجار زيادة : وعزرائيل.
3- في البحار : اللّهم إنّي أسألك.
4- من البحار.

وَبِكُلِّ حَرْفٍ أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ عِيسى وَبِكُلِّ حَرْفٍ سَبَّحَكَ بِهِ مَلِكٌ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، اوْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيائِكَ ، اوْ رَسُولٌ مِنْ رُسُلِكَ ، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، انْ تُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي وَضِيقَ صَدْرِي وَما تَخَيَّرْتَ بِهِ فِي امْرِي.

يا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى ، وَيا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى ، وَيا مُنْتَهى كُلِّ حاجَةٍ ، وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، وَيا كاشِفَ كُلِّ بَلِيَّةٍ ، وَيا خَلِيلَ إِبْراهِيمَ وَيا نَجِيَ (1) مُوسى وَيا مُصْطَفى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، ادْعُوكَ دُعاءَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ وَقَلَّتْ حِيلَتُهُ ، وَادْعُوكَ دُعاءَ مَنْ لا يَجِدُ لِكَشْفِ ما هُوَ فِيهِ غَيْرُكَ انْ تَغْفِرَ لِي.

يا اسْمَعَ السّامِعِينَ وَيا ابْصَرَ النّاظِرِينَ وَيا اسْرَعَ الْحاسِبِينَ وَيا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ وَيا اقْرَبَ الْمُحِبِّينَ ، وَيا رَءُوفُ يا رَحِيمُ ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَاعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ ، يا مَنْ تَلَطَّفَ بِي فِي صَغِيرِ حَوائِجِي وَكَبِيرِها ، انْ وَكَلْتَنِي فِيها الى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ عَجَزْتُ عَنْها ، فَادْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، يا اللّهُ ، وَلا تُناقِشْنِي فِي الْحِسابِ.

اللّهُمَّ ما كانَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ عِنْدِي مِنْ مَظْلَمَةٍ ، فِي عِرْضٍ اوْ مالٍ اوْ غَيْرِهِ ، فَاغْفِرْ لِي ذلِكَ فِيما بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَارْضَ عِبادَكَ عَنِّي بِما شِئْتَ مِنْ فَضْلِكَ وَخَزائِنِكَ.

اللّهُمَّ افْتَحْ لِي بابَ الْخَيْرِ وَيَسِّرْ لِي امْرَهُ ، اللّهُمَّ افْتَحْ لِي بابَ الامْرِ الَّذِي فِيهِ الْفَرَجُ وَالْعافِيَةُ ، اللّهُمَّ افْتَحْ لِي بابَهُ وَيَسِّرْ لِي سَبِيلَهُ وَسَهِّلْ لِي مَخْرَجَهُ.

اللّهُمَّ أَيُّما احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَانِّي ادْرَءُ (2) بِكَ فِي نَحْرِهِ (3) ،

ص: 229


1- النجيّ : المناجي ، والمخاطب للإنسان والمحدّث له.
2- درء يدرء : دفع.
3- انما خصّ النحور لأنه أسرع وأقوى في الدفع والتمكن من المدفوع - قاله في النهاية.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ ، وَسَطْوَتِهِ وَغَضَبِهِ وَبادِرَتِهِ (1) ، فَخُذْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمالِهِ ، وَمِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَمِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ ، وَامْنَعْهُ مِنْ انْ يُوصَلَ الَيَّ ابَداً سُوءً.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي حِصْنِكَ وَجِوارِكَ وَكَنَفِكَ (2) ، عَزَّ جارُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ ، وَلا إِلهَ غَيْرُكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ زَحْزَحَ (3) بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، اوْ باعَدَ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ، اوْ صَرَفَ بِهِ عَنِّي وَجْهَكَ الْكَرِيمَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ انْ تَحُولَ خَطِيئَتِي وَجُرْمِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ.

اللّهُمَّ وَفِّقْنِي لِكُلِّ شَيْءٍ يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَيُقَرِّبُنِي الَيْكَ ، فَارْفَعْ دَرَجَتِي وَعَظِّمْ شَأْنِي وَاحْسِنْ مَثْوايَ وَثَبِّتْنِي بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الاخِرَةِ ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقامٍ مَحْمُودٍ تُحِبُّ انْ تُدْعا فِيهِ بِأَسْمائِكَ اوْ تُسْأَلَ فِيهِ مِنْ عَطاياكَ ، رَبِّ لا تَكْشِفْ عَنِّي سِتْرَكَ ، وَلا تُبْدِ عَوْرَتِي (4) لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلِ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي ، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي ، وَالصِّحَّةَ فِي بَدَنِي ، وَالنَّصِيحَةَ (5) فِي صَدْرِي ، وَذِكْرَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ عَلى لِسانِي ، وَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَارْزُقْنِي مِنْ بَرَكاتِكَ (6) ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ ، وَاجْعَلْ رَغْبَتِي الَيْكَ فِيما (7) عِنْدَكَ وَتَوَفَّنِي عَلى سُنَّتِكَ (8) ، وَلا تَكِلْنِي الى غَيْرِكَ ، وَلا تُزِغْ قَلْبِي (9) بَعْدَ اذْ هَدَيْتَنِي.

يا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، فَرِّجْ هَمِّي وَغَمِّي

ص: 230


1- البادرة : الحدّة ، بدرت منه بوادر غضب أي خطاء وسقطات عند ما احتدّ.
2- الكنف : الجانب.
3- زحزحته عن كذا : باعدته.
4- تبد عورتي : عيوبي.
5- النصيحة : خلوص المحبة لله ولحججه ولسائر المؤمنين.
6- البركات : الزيادات من المنافع والإفاضات الدنيوية والأخروية فيما عندك من الألطاف.
7- وفيما ( خ ل ).
8- سننك ( خ ل ).
9- ولا تزغ قلبي : أي لا تمله إلى الباطل.

وَحُزْنِي ، كَما كَشَفْتَ عَنْ رَسُولِكَ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ ، فَاكْفِنِي كُلَّ هَوْلٍ وَفِتْنَةٍ وَسُقْمٍ حَتّى تُبَلِّغَنِي رَحْمَتَكَ.

اللّهُمَّ هذا مَكانُ الْبائِسِ (1) الْفَقِيرِ ، وَالْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ ، وَالْهالِكِ الْفَرْقِ (2) ، وَالْمُشْفِقِ الْوَجِلِ ، وَمَنْ يَقِرُّ بِخَطِيئَتِهِ وَيَعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ وَيَتُوبُ الى رَبِّهِ ، اللّهُمَّ فَقَدْ تَرى مَكانِي وَتَسْمَعُ كَلامِي وَتَعْلَمُ سِرِّي وَاعْلانِي وَلا يَخْفى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ امْرِي.

اسْأَلُكَ بِأَنَّكَ وَلِيُّ التَّقْدِيرِ وَمُمْضِي الْمَقادِيرِ ، سُؤَالَ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ (3) ، وَاسْتَكانَ (4) وَاعْتَرَفَ ، وَاسْأَلُكَ انْ تَغْفِرَ لِي ما مَضى فِي عِلْمِكَ وَشَهِدَتْهُ حَفَظَتُكَ وَاحْصَتْهُ مَلائِكَتُكَ ، وَاسْأَلُكَ انْ تَتَجاوَزَ عَنِّي وَتَرْحَمَنِي بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَتُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ.

اللّهُمَّ يا نُورَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، وَيا زَيْنَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، وَيا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَيا مُغِيثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَيا مُنْتَهى رَغْبَةِ الْعابِدِينَ ، وَيا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَغْمُومِينَ.

وَيا كاشِفَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ وَيا خَيْرَ الْغافِرِينَ وَيا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَيا إِلهَ الْعالَمِينَ ، اسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالارْضِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، اسْأَلُكَ انْ تُعْتِقَنِي مِنَ النّارِ.

اللّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوابَ الْخَيْراتِ وَوَفِّقْنا لِما يَكْسِبُنا الْحَسَناتِ ، وَجَنِّبْنا السَّيِّئاتِ وَادْفَعْ عَنَّا الْمَكْرُوهاتِ ، وَقِنا الْمَخُوفاتِ ، انَّكَ مُنْتَهىَ الرَّغَباتِ ،

ص: 231


1- البائس : هو الذي اشتدت حاجته.
2- الفرق : الخائف.
3- اقترف : اكتسب الذنوب.
4- استكان : خضع.

وَمُجِيبَ الدَّعَواتِ وَقاضِي الْحاجاتِ ، وَكاشِفَ الْكُرُباتِ ، وَفارِجَ الْهَمِّ وَكاشِفَ الْغَمِّ ، وَرَحْمانَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَرَحِيمَهُما.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي (1) ، وَارْحَمْنِي فِي حَياتِي وَمَماتِي ، رَحْمَةً تُغْنِينِي بِها عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِواكَ.

اللّهُمَّ انْتَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاّ انْتَ وَانَا عَبْدُكَ ، آمَنْتُ بِكَ مُخْلِصاً لَكَ دِينِي ، اصْبَحَ وَأَمْسى عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، اسْأَلُكَ التَّوْبَةَ مِنْ سَيِّئاتِ عَمَلِي ، وَاسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِيَ الَّتِي لا يَغْفِرُها الاّ انْتَ.

اللّهُمَّ انْتَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى ، تَرى وَلا تُرى ، أَعُوذُ بِكَ انْ أَضِلَّ فَأَشْقى ، اوْ أَذِلَّ فَأَخْزى ، وَأَعُوذُ بِكَ انْ آتِيَ ما لا تَرْضى ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهىَ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ وَبِاسْمِكَ الاعْظَمِ ، وَجَدِّكَ الأَعْلى ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ.

اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءَ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجَ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي ، وَتَقْضِيَ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي ، صَغِيرَها وَكَبِيرَها ، ما اسْرَرْتُ مِنْها وَما اعْلَنْتُ ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحْيايَ ، وَتُيَسِّرَ لِي أُمُورِي ، وَتَكْشِفَ ضُرِّي وَتَكْبِتَ (2) أَعْدائِي ، وَتَكْفِيَنِي (3) شَرَّ حُسَّادِي ، وَشَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَتُؤْتِيَنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَتَقِيَنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ ، يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ.

ص: 232


1- اغفر ذنوبي ( خ ل ).
2- الكبت : الصرف والإذلال.
3- تكفني ( خ ل ).

وَيا اسْمَعَ السّامِعِينَ ، وَيا مالِكَ يَوْمِ الدِّينِ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ (1) ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ لِي وَلا حِيلَةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَما شاءَ اللّهُ كانَ ، وَحَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (2).

ومن الدعوات بعد عيد الأضحى دعاء الندبة ، قدّمناه في عيد الفطر.

ومن الدعوات بعد دعائين ذكرناهما في تعقيب ظهر الجمعة أحدهما أوّله : يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمُهُ الْعِبادُ ، والآخر : اللّهُمَّ انَّ هذا يَوْمٌ مُبارَكٌ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطارِ ارْضِكَ (3).

فصل (8): فيما نذكره من فضل الأضحيّة وتأكيدها في السنّة المحمديّة

روينا ذلك بإسنادها إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : الأضحيّة واجبة على من وجد ، من صغير أو كبير ، وهي سنّة (4).

روينا ذلك بإسنادنا إلى العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل سأله عن الأضحى فقال : هو واجب على كل مسلم الاّ من لم يجد ، فقال له السائل : فما ترى في العيال؟ قال : ان شئت فعلت وان شئت لم تفعل ، فأمّا أنت فلا تدعه (5).

وروينا عن محمد بن بابويه فيما ذكره عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها ، انّها جاءت إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، فقالت : يا رسول اللّه تحضر الأضحى وليس عندي ثمن الأضحيّة فاستقرض وأضحى؟ قال : فاستقرض فإنّه دين مقضيّ (6).

ص: 233


1- الطيبين الطاهرين ( خ ل ).
2- عنه البحار 91 : 76 - 86.
3- راجع جمال الأسبوع : 262.
4- الفقيه 2 : 488.
5- الفقيه 2 : 488.
6- الفقيه 2 : 489.

فصل (9): فيما نذكره من رواية عن كم تجزئ الأضحيّة وما يقال عند الذبح

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال : وضحّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بكبشين ذبح واحدا بيده ، وقال : اللّهُمَّ هذا عَنِّي وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ اهْلِ بَيْتِي ، وذبح الآخر فقال : اللّهُمَّ هذا عَنِّي وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي (1).

قال محمد بن بابويه : وكان أمير المؤمنين عليه السلام يضحّي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كلّ سنة بكبش ، فيذبحه ويقول :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ.

ثم يقول عليه السلام : هذا عَنْ نَبِيِّكَ ، ثمّ يذبحه ويذبح كبشا آخر عن نفسه (2).

أقول : وروينا بإسنادنا زيادة في الدّعاء عند الذبح عن محمد بن يعقوب ، بإسناده إلى صفوان ومحمد بن أبي عمير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة فانحره أو اذبحه وقل :

وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالارْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما انَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ امِرْتُ وَانَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ بِسْمِ اللّهِ وَاللّهُ اكْبَرُ ، اللّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي.

ثم أمرّ السكين ولا تنخعها حتّى تموت (3).

ص: 234


1- الفقيه 2 : 489.
2- الفقيه 2 : 489.
3- الكافي 4 : 498.

فصل (10): فيما نذكره من تعيين أيّام وقت الأضاحي

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي من تهذيب الأحكام ، بإسناده الى علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال :

سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال : أربعة أيّام ، وسألته عن الأضحى في غير منى؟ فقال : ثلاثة أيّام ، قلت : فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين ، أله ان يضحّي في اليوم الثالث؟ قال : نعم (1).

أقول : وقد روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب وابن بابويه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن النحر؟ فقال : امّا بمنى فثلاثة أيّام ، وامّا في البلدان فيوم واحد (2).

أقول : لعلّ هذا يراد به انّ الأفضل في البلدان ان يكون النحر في يوم الأضحى الواحد ، على أعجل الإمكان ، فلا يؤخّر فيؤدّي إلى التّهاون وحوائل الأزمان.

فصل (11): فيما نذكره من قسمة لحم الأضحيّة

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب بإسناده إلى أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لحوم الأضاحيّ؟ فقال : كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهم السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم ، وثلث على السّؤال ، وثلث يمسكانه لأهل البيت (3).

أقول : ولتكن النيّة فيما يخرجه أو يمسكه عن الأضحيّة ، امتثال أمر اللّه جلّ جلاله

ص: 235


1- التهذيب 5 : 203.
2- الكافي 4 : 486 ، الفقيه 2 : 486.
3- الكافي 4 : 499.

واتّباع السنّة المحمدية والعبادة بذلك لله جلّ جلاله ، لأنّه أهل للعبادة.

أقول : وقد تقدّم في عيد الفطر مهمّات يحتاج إليها في عيد الأضحى وزيادات ، فلينظر من ذلك المكان ، لئلاّ يتكرّر ذكرها الآن.

فصل (12): فيما نذكره ممّا يختم به يوم عيد الأضحى

قد ذكرنا في عدّة مواقيت معظّمات ما يختم زمان تلك الأوقات ، فيعمل على ما ذكرنا ، ونذكر هاهنا ما معناه :

انّ كلّ وقت اختصّ اللّه جلّ جلاله بخدمته به ، وجعله محلاّ لبسط فراش رحمته وإطلاق المواهب لأهل مسألته ، للابتداء لمن لم يسأله من خليقته ، فكلّ من اخرج من ذلك الوقت شيئا في غير العبادة وطلب السّعادة ، فكأنّه قد سرق الوقت من مولاه وهتك الحرمة ، وخرج عن رضاه ونازعه في إرادته وتعرّض بما لا طاقة له به من نقمته ، فأيّ إنسان أو أي جنان يكون عارفا بما لك رقاب العبيد ، ويقدم على المجاهرة والمكابرة في مقدّس حضرته بما لا يريد.

ومتى فعل عبد نحو هذا التبدّر والتشريد (1) في يوم عيد ، فقد صار عيده من أيّام المصيبات ، وكان جديرا ان يجلس في العزاء ، على ما أقدم عليه من كسر حرمة مالك الأحياء والأموات وكسر حرمة رسوله ونوّابه عليهم السلام الّذين جاءوا بشرائع الإسلام ، ولأجل ما فاته من المواهب والانعام.

ثم لينظر فيمن كان حاميه وخفيره (2) ومضيفه في اليوم المشار إليه ، كما كنّا ذكرناه في كتاب جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ، من انّ لكلّ يوم خفيرا ومضيفا ، إمّا النبي أو بعض الأئمّة صلوات اللّه عليهم ، فليرجع فيما جرى عليه إليهم ويسألهم استدراك أمره وجبر كسره ، كما يرجع كلّ ضيف فيه إلى مضيفه ، وكلّ متشرف بخفير إلى خفيره ومشرّفه.

ص: 236


1- شرّده : طرده ونفره.
2- الخفير : الحامي والكفيل.

الباب الخامس: فيما نذكره ممّا يختصّ بعيد الغدير في ليلته ويومه من صلاة ودعاء ، وشرف ذلك اليوم وفضل صومه

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من عمل ليلة الغدير

وجدنا فيها صلاة مذكورة في كتب العبادات ، والصلاة خير موضوع وخير مسموع ، عام في سائر الصلوات.

ذكر صفة هذه الصلاة في ليلة الغدير :

وهي اثنتي عشرة ركعة ، لا يسلّم إلاّ في أخراهنّ ويجلس بين كلّ ركعتين ، ويقرء في كلّ ركعة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، وآية الكرسي مرّة ، فإذا أتيت الثانية عشر فاقرء فيها الحمد سبع مرات و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) سبع مرات ، واقنت وقل :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وتركع وتسجد وتقول في سجودك عشر مرات :

سُبْحانَ مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمُهُ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ الاّ لَهُ ، سُبْحانَ ذِي الْمَنِّ وَالنِّعَمِ ، سُبْحانَ ذِي الْفَضْلِ وَالطَّوْلِ ، سُبْحانَ ذِي

ص: 237

الْعِزَّةِ (1) وَالْكَرَمِ.

اسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهىَ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِالاسْمِ الاعْظَمِ وَكَلِماتِكَ التّامَّةِ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ وَاهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَانْ تَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا ، انَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

دعاء ليلة الغدير :

وجدناه في كتب الدعوات فقال ما هذا لفظه : وجد في كتاب الشريف الجليل أبي الحسين (2) زيد بن جعفر المحمّدي بالكوفة ، اخرج إلى الشّيخ أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، جزءا عتيقا بخطّ الشيخ أبي غالب أحمد بن محمد الزراري فيه أدعية بغير أسانيد ، من جملتها هذا الدّعاء منسوبا إلى ليلة الغدير ، وهو :

اللّهُمَّ انَّكَ دَعَوْتَنا الى سَبِيلِ طاعَتِكَ وَطاعَةِ نَبِيِّكَ وَوَصِيهِ وَعِتْرَتِهِ ، دُعاءً لَهُ نُورٌ وَضِياءٌ ، وَبَهْجَةٌ وَاسْتِنارٌ ، فَدَعانا نَبِيُّكَ لِوَصِيِّهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ ، فَوَفَّقْتَنا لِلإِصابَةِ وَسَدَّدْتَنا لِلإِجابَةِ لِدُعائِهِ ، فَانَلْنا الَيْكَ بِالإِنابَةِ ، وَأَسْلَمْنا لِنَبِيِّكَ قُلُوبَنا ، وَلِوَصِيِّهِ نُفُوسنا ، وَلِما دَعَوْتَنا إِلَيْهِ عُقُولَنا.

فَتَمَّ لَنا نُورَكَ يا هادِيَ الْمُضِلِّينَ ، اخْرِجِ الْبُغْضَ وَالْمُنْكَرَ وَالْغُلُوَّ لِامِينِكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ ، مِنْ قُلُوبِنا وَنُفُوسنا وَأَلْسِنَتِنا ، وَهُمُومِنا ، وَزِدْنا مِنْ مُوالاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمَوَدَّتِهِ لَهُ وَالأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ زِياداتٌ لَا انْقِطاعَ لَها ، وَمُدَّةٌ لا تَناهِيَ لَها ، وَاجْعَلْنا نُعادِي لِوَلِيِّكَ مَنْ ناصَبَهُ ، وَنُوالِي مَنْ أَحَبَّهُ وَنَأْمُلُ بِذلِكَ طاعَتَكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ عَذابَكَ وَسَخَطَكَ عَلى مَنْ ناصَبَ وَلِيَّكَ وَجَحَدَ إِمامَتَهُ وَانْكَرَ وِلايَتَهُ وَقَدَّمْتَهُ أَيّامَ فِتْنَتِكَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَزَمانٍ وَأَوانٍ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ وَالأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ حُجَجكَ ، فَاثْبتْ

ص: 238


1- العز ( خ ل ).
2- أبي الحسن ( خ ل ).

قَلْبِي عَلى دِينِكَ ، وَمُوالاةِ أَوْلِيائِكَ وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ ، مَعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، تَجْمَعُها لِي وَلِاهْلِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

فصل (2): فيما نذكره من مختصر الوصف ممّا رواه علماء المخالفين عن يوم الغدير من الكشف

اعلم انّ نصّ النبي صلوات اللّه عليه وآله على مولانا علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه يوم الغدير بالأمة لا يحتاج إلى كشف وبيان لأهل العلم والأمانة والدّراية ، وانّما نذكر تنبيها على بعض من رواه ليقصد من شاء ويقف على معناه.

فمن ذلك ما صنّفه أبو سعد مسعود بن ناصر السجستاني المخالف لأهل البيت في عقيدته ، المتّفق عند أهل المعرفة به على صحّة ما يرويه لأهل البيت وأمانته ، صنّف كتابا سمّاه كتاب الدّراية في حديث الولاية ، وهو سبعة عشر جزء ، روى فيه حديث نصّ النّبيّ عليه أفضل السّلام بتلك المناقب والمراتب على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام عن مائة وعشرين نفسا من الصحابة.

ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنّفه وسمّاه كتاب الردّ على الحرقوصيّة (1) ، روي فيه حديث يوم الغدير وما نصّ النّبي على علي عليه السلام بالولاية والمقام الكبير ، وروي ذلك من خمس وسبعين طريقا.

ومن ذلك ما رواه أبو القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه الحسكاني في كتاب سمّاه كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة.

ومن ذلك الّذي لم يكن مثله في زمانه أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ ، الّذي زكّاه وشهد بعلمه الخطيب مصنّف تاريخ بغداد (2) ، فإنّه صنّف كتابا سمّاه حديث الولاية ، وجدت هذا الكتاب بنسخة قد كتبت في زمان أبي العباس بن عقدة مصنّفه ، تاريخها سنة ثلاثين وثلاثمائة صحيح النقل ، عليه خطّ الطوسي وجماعة من شيوخ

ص: 239


1- هم اتباع حرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية.
2- تاريخ بغداد :

الإسلام ، لا يخفى صحّة ما تضمّنه على أهل الأفهام ، وقد روي فيه نصّ النبيّ صلوات اللّه عليه على مولانا علي عليه السلام بالولاية من مائة وخمس طرق.

وان عدّدت أسماء المصنّفين من المسلمين في هذا الباب ، طال ذلك على من يقف على هذا الكتاب ، وجميع هذه التصانيف عندنا الآن الاّ كتاب الطبري (1).

فصل (3): في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير من التعظيم والتبجيل

اعلم أنّ ما نذكر في هذا الفصل ما رواه أيضا مخالفوا الشّيعة المعتمد عليهم في النقل.

فمن ذلك ما رواه عنهم مصنّف كتاب الخالص ، المسمّى بالنشر والطيّ ، وجعله حجّة ظاهرة باتّفاق العدوّ والوليّ ، وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندران رستم بن علي لمّا حضره بالرّي ، فقال فيما رواه عن رجالهم :

فصل : وعن أحمد بن محمد بن علي المهلّب ، أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن القاسم الشعراني ، عن أبيه ، حدّثنا سلمة بن الفضل الأنصاري ، عن أبي

ص: 240


1- جدير بنا أن نذكر هنا بعض مصادر أهل السّنة التي يذكر فيها حديث ولاية الكبرى : رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 : 26 ، الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 303 الطحاوي في مشكل الآثار 2 : 307 ، ابن كثير في البداية والنهاية 5 : 211 ، ابن حجر في لسان الميزان 2 : 379 ، وفي مطالب العالية 4 : 65 ، ابن حسنويه في درر بحر المناقب : 92 ، ابن حجر في الإصابة 2 : 414 ، الأمر تسري في أرجح المطالب : 581 ، المتقي الهندي في كنز العمال 12 : 258 و 15 : 115 ، السيوطي في الحبائك في اخبار الملائك : 131 ، الخوارزمي في المناقب : 115 ، العاصمي في زين الفتى 1 : 46 ، العسقلاني في الكاف الشاف : 96 ، الحاكم في المستدرك 3 : 371 ، ابن حبان في مسنده 2 : 179 ، البزاز في مسنده 1 : 100 ، أحمد بن حنبل في الفضائل : 290 ، الهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 17 ، السيوطي في تاريخ الخلفاء : 169 ، الكنجي في كفاية الطالب : 56 ، النسائي في الخصائص : 100 ، البدخشي في مفتاح النجاح : 58 ، الدولابي في الكنى والأسماء 2 : 88 ، الرازي في نهاية العقول : 199 ، الحمويني في فرائد السمطين 1 : 59 ، الحضرمي في وسيلة - المآل على ما في الغدير - 1 : 176 ، ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : 93 ، الكتاني في نظم المتناثر : 124 ، الترمذي في المناقب المرتضوية : 125 ، العيني الحيدرآبادي في المناقب : 37 ، الحسكاني في شواهد التنزيل 1 : 173 القلندر هندي في رياض الأزهر : 100 ، النبهاني في فتح الكبير 2 : 242 ، الخطيب في تاريخ بغداد 12 : 343 ، مجد الدين الطبري في رياض النضرة 2 : 203 ، الشوكاني في تفسيره 2 : 57 ، السيوطي في جامع الصغير : 141 ، السمهودي في ينابيع المودة : 38 ، القرماني في اخبار الدول : 102 ، ابن صباغ المالكي في فصول المهمة : 23.

مريم ، عن قيس بن حنّان ، عن عطيّة السّعدي ، قال : سألت حذيفة بن اليمان عن إقامة النبي صلى اللّه عليه وآله عليّا يوم الغدير كيف كان؟ فقال : انّ اللّه تعالى انزل على نبيّه صلى اللّه عليه وآله.

أقول : لعلّه يعني بالمدينة.

( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) (1) ، فقالوا : يا رسول اللّه ما هذه الولاية الّتي أنتم بها أحقّ بأنفسنا؟ فقال عليه السلام : السّمع والطاعة فيما أحببتم وكرهتم ، فقلنا : سمعنا وأطعنا ، فأنزل اللّه تعالى ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) (2).

فخرجنا إلى مكّة مع النبيّ صلى اللّه عليه وآله في حجّة الوداع ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمّد انّ ربّك يقرئك السلام ويقول : انصب عليّا عليه السلام علما للنّاس ، فبكى النبي صلى اللّه عليه وآله حتّى اخضلّت لحيته (3) ، وقال : يا جبرئيل انّ قومي حديثو عهد بالجاهليّة ضربتهم على الدين طوعا وكرها حتّى انقادوا لي فكيف إذا حملت على رقابهم غيري ، قال : فصعد جبرئيل.

ثم قال صاحب كتاب النشر والطي : عن حذيفة : وقد كان النبي صلى اللّه عليه وآله بعث عليّا عليه السلام إلى اليمن فوافى مكّة ونحن مع الرّسول ، ثم توجّه علي عليه السلام يوما نحو الكعبة يصلّي ، فلمّا ركع أتاه سائل فتصدّق عليه بحلقة خاتمه ، فانزل اللّه تعالى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (4).

فكبّر رسول اللّه وقرأه علينا ثم قال : قوموا نطلب هذه الصّفة الّتي وصف اللّه بها ،

ص: 241


1- الأحزاب : 6.
2- المائدة : 7.
3- خضل واخضل : ابتل.
4- المائدة : 55.

فلمّا دخل رسول اللّه المسجد استقبله سائل ، فقال : من أين جئت؟ فقال : من عند هذا المصلّي تصدّق عليّ بهذه الحلقة وهو راكع.

فكبّر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ومضى نحو عليّ فقال : يا عليّ ما أحدثت اليوم من خير؟ فأخبره بما كان منه إلى السائل ، فكبّر ثالثة.

فنظر المنافقون بعضهم إلى بعض وقالوا : انّ أفئدتنا لا تقوى على ذلك أبدا مع الطّاعة له ، فنسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ان يبدّله لنا ، فاتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فأخبروه بذلك ، فانزل اللّه تعالى قرآنا وهو « قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي - الآية » (1) ، فقال جبرئيل : يا رسول اللّه أتمّه ، فقال حبيبي جبرئيل : قد سمعت ما تؤامروا به ، فانصرف عن رسول اللّه الأمين جبرئيل.

ثم قال صاحب كتاب النشر والطيّ من غير حديث حذيفة : فكان من قول رسول اللّه في حجة الوداع بمنى : يا أيها النّاس انّي قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وانّه قد نبّأني اللطيف الخبير انّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كاصبعي هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، الأهل بلّغت أيّها النّاس؟ قالوا : نعم ، قال : اشهد.

ثم قال صاحب كتاب النشر والطي : فلمّا كان في آخر يوم من أيّام التّشريق انزل اللّه عليه « إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ الى آخرها » (2) ، فقال عليه السلام : نعيت اليّ نفسي ، فجاء إلى المسجد الخيف فدخله ونادى : الصّلاة جامعة ، فاجتمع النّاس فحمد اللّه واثنى عليه - وذكر خطبته عليه السلام.

ثمّ قال فيها : ايها الناس انّي تارك فيكم الثقلين ، الثقل الأكبر كتاب اللّه عزّ وجلّ ، طرف بيد اللّه عزّ وجلّ وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير انّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كاصبعي هاتين - وجمع بين سبّابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبّابتيه والوسطى - فتفضل هذه

ص: 242


1- يونس : 15.
2- الفتح : 1.

على هذه.

قال مصنف كتاب النشر والطي : فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمّد ان يجعل الإمامة في أهل بيته ، فخرج منهم أربعة ودخلوا إلى مكّة ، ودخلوا الكعبة وكتبوا فيما بينهم : ان أمات اللّه محمّدا أو قتل لا يردّ هذا الأمر في أهل بيته ، فانزل اللّه تعالى : « أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ » (1).

أقول : فانظر هذا التدريج من النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، والتلطّف من اللّه جلّ جلاله في نصّه على مولانا عليّ صلوات اللّه عليه ، فأوّل امره بالمدينة قال سبحانه : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) (2) ، فنصّ على انّ الأقرب إلى النّبي صلوات اللّه عليه أولى به من المؤمنين والمهاجرين ، فعزل جلّ جلاله عن هذه الولاية المؤمنين والمهاجرين ، وخصّ بها أولى الأرحام من سيّد المرسلين.

ثم انظر كيف نزل جبرئيل بعد خروجه عليه السلام إلى مكّة بالتعيين على عليّ عليه السلام ، فلمّا راجع النبيّ صلوات اللّه عليه وأشفق على قومه من حسدهم لعلي عليه السلام ، كيف عاد اللّه جلّ جلاله وأنزل ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ) (3) ، وكشف عن علي عليه السلام بذلك الوصف ، ثمّ انظر كيف مال النبي صلى اللّه عليه وآله إلى التوطئة بذكر أهل بيته بمنى ، ثم عاد ذكرهم في مسجد الخيف.

ثم ذكر صاحب كتاب النشر والطي توجّههم إلى المدينة ومراجعة رسول اللّه مرّة بعد مرّة لله جلّ جلاله ، وما تكرّر من اللّه تعالى إلى رسول اللّه في ولاية عليّ عليه السلام ، قال حذيفة : واذّن النبي صلى اللّه عليه وآله بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا.

ثم قال صاحب كتاب النّشر والطيّ : فنزل جبرئيل على النبي عليهما السلام بضجنان (4) في حجّة الوداع بإعلان علي عليه السلام.

ص: 243


1- الزخرف : 79 - 80.
2- الأنفال : 15.
3- المائدة : 55.
4- الضجن : واد فى بلاد هذيل بتهامة ، أسفله لكنانة ، على ليلة من مكة.

ثم قال صاحب الكتاب : فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى نزل الجحفة ، فلمّا نزل القوم وأخذوا منازلهم ، فأتاه جبرئيل عليه السلام فأمره أن يقوم بعليّ عليه السلام وقال : يا ربّ انّ قومي حديثو عهد بالجاهليّة فمتى افعل هذا يقولوا : فعل بابن عمّه.

أقول : وزاد في الجحفة ، أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتاب الدراية ، فقال بإسناده من عدّة طرق إلى عبد اللّه بن عباس قال :

لمّا خرج النبي صلى اللّه عليه وآله في حجّة الوداع ، فنزل جحفة أتاه جبرئيل عليه السلام فأمره أن يقوم بعلي عليه السلام قال : ألستم تزعمون انّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره ، وأعن من عانة ، قال ابن عباس : وجبت واللّه في أعناق الناس.

أقول : وسار النبي صلى اللّه عليه وآله من جحفة.

قال مسعود السجستاني في كتاب الدراية بإسناده إلى عبد اللّه بن عباس أيضا قال :

أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ان يبلّغ ولاية علي عليه السلام ، فأنزل اللّه تعالى : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. ) (1).

يقول رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس أمدّه اللّه بعناياته وأيّده بكراماته :

اعلم انّ موسى نبيّ اللّه راجع اللّه تعالى في إبلاغ رسالته وقال في مراجعته ( إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ) (2) ، وانّما كان قتل نفسا واحدة ، وامّا علي بن أبي طالب ، فإنّه كان قد قتل من قريش وغيرهم من القبائل قتلي كلّ واحد منهم.

يحتمل مراجعة النبي صلى اللّه عليه وآله لله جلّ جلاله في تأخير ولاية مولانا علي عليه السلام وترك إظهار عظيم فضله وشرف محله ، وكان النبي شفيقا على أمّته كما

ص: 244


1- المائدة : 67.
2- القصص : 33.

وصفه اللّه جلّ جلاله ، فاشفق عليهم من الامتحان بإظهار ولاية علي عليه السلام في أوان.

ويحتمل ان يكون اللّه جلّ جلاله إذن للنبي عليه السلام في مراجعته لتظهر لأمّته انّه ما آثره لمولانا علي عليه السلام ، وانّما اللّه جلّ جلاله آثره كما قال ( ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (1).

قال صاحب كتاب النشر والطي في تمام حديثه ما هذا لفظه : فهبط جبرئيل فقال : اقرء « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - الآية » ، وقد بلغنا غدير خم في وقت لو طرح اللّحم فيه على الأرض لانشوى (2) ، وانتهى إلينا رسول اللّه فنادى : الصلاة جامعة ، ولقد كان أمر عليّ عليه السلام أعظم عند اللّه ممّا يقدّر ، فدعا المقداد وسلمان وأبا ذر وعمار ، فأمرهم أن يعمدوا إلى أصل شجرتين فيقمّوا (3) ما تحتهما فكسحوه (4) ، وأمرهم أن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كقامة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وأمر بثوب فطرح عليه ، ثم صعد النبي صلى اللّه عليه وآله المنبر ينظر يمنة ويسرة ينتظر اجتماع الناس إليه.

فلما اجتمعوا فقال : الحمد لله الذي علا في توحّده ودنا في تفرّده - الى ان قال : - أقرّ له على نفسي بالعبوديّة واشهد له بالربوبيّة وأؤدّي ما أوحى اليّ ، حذار ان لم افعل ان تحلّ بي قارعة (5) ، أوحى اليّ « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - الآية ».

معاشر النّاس ما قصّرت في تبليغ ما أنزله اللّه تبارك وتعالى ، وانا أبيّن لكم سبب هذه الآية ، انّ جبرئيل هبط اليّ مرارا أمرني عن السلام ان أقول في المشهد واعلم الأبيض والأسود ، انّ علي بن أبي طالب أخي وخليفتي والامام بعدي.

أيّها النّاس علمي بالمنافقين - الّذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه

ص: 245


1- النجم : 3 - 4.
2- شوى اللحم : عرّضه للنار فنضح.
3- قمّ البيت : كنسه.
4- كسحت البيت : كنسته.
5- القارعة : الداهية ، النكبة المهلكة.

هيّنا وهو عند اللّه عظيم ، وكثرة أذاهم لي مرّة سمّوني إذنا لكثرة ملازمته إيّاي واقبالي عليه ، حتّى انزل اللّه ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) (1) - محيط (2) ، ولو شئت ان اسمّي القائلين بأسمائهم لسمّيت.

واعلموا انّ اللّه قد نصبه لكم وليّا وإماما ، مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التّابعين وعلى البادي والحاضر ، وعلى العجمي والعربي ، وعلى الحرّ والمملوك ، وعلى الكبير والصغير ، وعلى الأبيض والأسود ، وعلى كلّ موحد ، فهو ماض حكمه ، جائز قوله ، نافذ أمره ، ملعون من خالفه ومرحوم من صدّقه.

معاشر النّاس تدبّروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ولا تتّبعوا فواللّه لا يوضح تفسيره إلاّ الّذي أنا آخذ بيده ورافعها بيدي ، ومعلّمكم ان من كنت مولاه فهو مولاه ، وهو عليّ.

معاشر النّاس انّ عليّا والطيّبين من ولدي من صلبه هم الثّقل الأصغر والقرآن الثقل الأكبر ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ولا يحلّ امرة المؤمنين لأحد بعدي غيره.

ثم ضرب بيده على عضده ، فرفعه على درجة دون مقامه متيامنا عن وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فرفعه بيده وقال :

أيّها النّاس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : اللّه ورسوله ، فقال : ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، انّما أكمل اللّه لكم دينكم بولايته وإمامته ، وما نزلت آية خاطب اللّه بها المؤمنين الاّ بدأ به ، ولا شهد اللّه بالجنّة في هل أتى إلاّ له ، ولا أنزلها في غيره ، ذريّة كلّ نبيّ من صلبه وذرّيتي من صلب علي ، لا يبغض عليّا إلاّ شقيّ ولا يوالي عليّا إلاّ تقي ، وفي عليّ نزلت ( وَالْعَصْرِ ) ، وتفسيرها : وربّ عصر القيامة ، ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) أعداء آل محمد ، ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) بولايتهم » ، ( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) بمواساة إخوانهم ، ( وَتَواصَوْا

ص: 246


1- التوبة : 61.
2- خبر لقوله : علمي.

بِالصَّبْرِ ) في غيبة غائبهم.

معاشر النّاس آمنوا باللّه ورسوله والنّور الّذي أنزل ، أنزل اللّه النور في ، ثمّ في عليّ ، ثم النّسل منه إلى المهدي ، الّذي يأخذ بحق اللّه ، معاشر النّاس انّي رسول اللّه قد خلت من قبلي الرسل ، الا انّ عليّا الموصوف بالصّبر والشّكر ثمّ من بعده من ولده من صلبه.

معاشر النّاس قد ضلّ من قبلكم أكثر الأوّلين ، انا صراط اللّه المستقيم الّذي أمركم أن تسلكوا الهدى إليه ، ثم عليّ من بعدي ، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحقّ ، انّي قد بيّنت لكم وفهّمتكم ، هذا عليّ يفهّمكم بعدي ، الا وانّي عند انقطاع خطبتي أدعوكم إلى مصافحتي على بيعته والإقرار له بولايته ، الاّ انّي بايعت لله وعلى بائع لي ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن اللّه ، ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (1).

معاشر النّاس أنتم أكثر من ان تصافحوني بكفّ واحدة قد أمرني اللّه ان آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقّدتم الإمرة لعلي بن أبي طالب ، ومن جاء من بعده من الأئمّة منّي منه ، على ما أعلمتكم انّ ذرّيّتي من صلبه فليبلّغ الحاضر الغائب ، فقولوا : سامعين مطيعين راضين لما بلّغت عن ربّك ، نبايعك على ذلك بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا ، على ذلك نحيا ونموت ونبعث ، لا نغيّر ولا نبدّل ولا نشكّ ولا نرتاب ، أعطينا بذلك اللّه وإيّاك ، وعليّا والحسن والحسين والأئمّة الّذين ذكرت ، كلّ عهد وميثاق من قلوبنا وألسنتنا ، ونحن لا نبتغي بذلك بدلا ونحن نؤدّي ذلك إلى كلّ من رأينا.

فبادر النّاس بنعم نعم ، سمعنا وأطعنا أمر اللّه وأمر رسوله آمنّا به بقلوبنا وتداكّوا (2) على رسول اللّه وعلي عليهما السلام بأيديهم ، الى ان صلّيت الظّهر والعصر في وقت واحد ، وباقي ذلك اليوم إلى ان صلّيت العشاء آن في وقت واحد ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول كلّما أتى فوج : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلَى الْعالَمِينَ. » (3)

ص: 247


1- الفتح : 10.
2- تداك عليه القوم : ازدحموا.
3- عنه بطوله البحار 37 : 126 - 133.

فصل : وامّا ما رواه مسعود بن ناصر السجستاني في صفة نصّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله على مولانا علي عليه السلام بالولاية ، فإنّه مجلّد أكثر من عشرين كراسا.

وامّا الّذي ذكره محمّد بن جرير صاحب التاريخ في ذلك فإنّه مجلّد ، وكذلك ما ذكره أبو العبّاس بن عقده وغيره من العلماء وأهل الروايات فإنّها عدة مجلدات.

فصل : وامّا ما جرى من إظهار بعض من حضر في يوم الغدير لكراهة نصّ النبي صلوات اللّه عليه علي مولانا علي صلوات اللّه عليه.

فقد ذكر الثعلبي في تفسيره : انّ النّاس تنحّوا عن النبيّ عليه السلام ، فأمر عليّا فجمعهم ، فلمّا اجتمعوا قام وهو متوسّد على يد علي بن أبي طالب ، فحمد اللّه وأثنى عليه.

ثمّ قال : أيّها الناس انّه قد كرهت تخلّفكم عنّي حتّى خيل إلىّ انّه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني ، ثمّ قال : لكن عليّ بن أبي طالب أنزله اللّه منّي بمنزلتي منه ، فرضي اللّه عنه كما أنا راض عنه ، فإنّه لا يختار على قربي ومحبّتي شيئا ، ثمّ رفع يديه فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال : فابتدر النّاس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يبكون ويتضرّعون ويقولون :

يا رسول اللّه ما تنحّينا عنك إلاّ كراهية ان نثقل عليك ، فنعوذ باللّه من سخط رسوله ، فرضي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنهم عند ذلك (1).

فصل : وقال مصنّف كتاب النشر والطي : قال أبو سعيد الخدري : فلم ننصرف حتّى نزلت هذه الآية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (2) ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الحمد لله على كمال الدين وتمام النقمة ورضى الرّبّ برسالتي وولاية علي بن أبي طالب ، ونزلت « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ - الآية » (3).

قال صاحب الكتاب : فقال الصادق عليه السلام : يئس الكفرة وطمع الظلمة.

ص: 248


1- عنه البحار 37 : 134 ، رواه في الطرائف : 145 ، ذكره ابن المغازلي في مناقبه : 25 ، عنه العمدة : 53.
2- المائدة : 3.
3- المائدة : 3.

قلت انا : وقال مسلم في صحيحة بإسناده إلى طارق بن شهاب قال : قالت اليهود لعمر : لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الآية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) ، نعلم اليوم الّذي أنزلت فيه لاتّخذنا ذلك اليوم عيدا (1).

وروي نزول هذه يوم الغدير جماعة من المخالفين ذكرناهم في الطرائف (2).

وقال مصنف كتاب النشر والطي ما هذا لفظه : فصل : وروي انّ اللّه تعالى عرض عليّا على الأعداء يوم الابتهال فرجعوا عن العداوة وعرضه على الأولياء يوم الغدير فصاروا أعداء ، فشتّان ما بينهما.

وروى أبو سعيد السّمان بإسناده انّ إبليس أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في صورة شيخ حسن السّمت ، فقال : يا محمد ما أقلّ من يبايعك على ما تقول في ابن عمّك عليّ؟ فأنزل اللّه ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (3) ، فاجتمع جماعة من المنافقين الّذين نكثوا عهده فقالوا : قد قال محمد بالأمس في مسجد الخيف ما قال ، وقال هاهنا ما قال ، فان رجع إلى المدينة يأخذ البيعة له والرّأي أن نقتل محمدا قبل ان يدخل المدينة.

فلمّا كان في تلك اللّيلة قعد له عليه السلام أربعة عشر رجلا في العقبة ليقتلوه - وهي عقبة بين الجحفة والإيواء - فقعد سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقته ، فلمّا أمسى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلّى وارتحل وتقدّم أصحابه وكان صلى اللّه عليه وآله على ناقة ناجية ، فلمّا صعد العقبة ناداه جبرئيل : يا محمد انّ فلانا وفلانا - وسمّاهم كلّهم وذكر صاحب الكتاب أسماء القوم المشار إليهم - ثمّ قال : قال جبرئيل : يا محمد هؤلاء قد قعدوا لك في العقبة ليغتالوك (4).

فنظر رسول اللّه إلى من خلفه ، فقال : من هذا خلفي؟ فقال حذيفة بن اليمان : انا حذيفة يا رسول اللّه ، قال : سمعت ، سمعناه؟ قال : نعم ، قال : اكتم ، ثم دنا منهم فناداهم

ص: 249


1- صحيح مسلم 4 : 2313 ، عنه الطرائف : 147.
2- الطرائف : 140 - 153.
3- سبأ : 20.
4- ليقتلوك ( خ ل ).

بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فلمّا سمعوا نداء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مرّوا ودخلوا في غمار الناس وتركوا رواحلهم وقد كانوا عقلوها داخل العقبة ، ولحق النّاس برسول اللّه وانتهى رسول اللّه إلى رواحلهم فعرفها.

فلمّا نزل قال : ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة : ان أمات اللّه محمدا أو قتل لا نردّ هذا الأمر إلى أهل بيته ، ثمّ همّوا بما همّوا به ، فجاءوا إلى رسول اللّه يحلفون انّهم لن يهمّوا بشيء من ذلك ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى « يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا الآية. » (1) (2)

فصل : وذكر الزمخشري في كتاب الكشاف ، وهو ممّن لا يتّهم عند أهل الخلاف ، فقال في تفسير قوله تعالى ( لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ) (3) ما هذا لفظه :

وعن ابن جريح : وقفوا لرسول اللّه ليلة الثنيّة على العقبة ، وهم اثنا عشر رجلا ، ليفتكوا به من قبل غزاة تبوك ( وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ) ودبّروا لك الحيل والمكايد ودوّروا الآراء في إبطال أمرك ، وقرئ : وقلبوا - بالتخفيف - حتى جاء الحق وظهر أمر اللّه (4).

ثم قال الزمخشري أيضا في الكتاب في تفسير قوله جلّ جلاله ( وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ) (5) ما هذا لفظه :

وهو الفتك برسول اللّه وذلك عند مرجعه من تبوك توافق خمسة عشر منهم على ان يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذا تسنّم العقبة بالليل فأخذ عمار بن ياسر رضي اللّه عنه بخطام راحلته يقودها ، وحذيفة خلفه يسوقها ، فبينا هو كذلك إذ سمع حذيفة توقّع أخفاف الإبل بقعقعة السلام ، فالتفت قوم متلثّمون فقال : إليكم أعداء اللّه ، فهربوا (6).

فصل : وبلغ أمر الحسد لمولانا علي عليه السلام على ذلك المقام والأنعام إلى بعضهم

ص: 250


1- التوبة : 74.
2- عنه البحار 37 : 134.
3- التوبة : 48.
4- الكشاف 2 : 277.
5- التوبة : 74.
6- الكشاف 2 : 291.

الهلاك والاصطلام (1).

فروى الحاكم عبيد اللّه بن عبد اللّه الحسكاني في كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة ، وهو من أعيان رجال الجمهور ، فقال : قرأت على أبي بكر محمد بن محمد الصيدلاني فأقرّ به ، حدثكم أبو محمد عبد اللّه بن أحمد بن جعفر الشيباني ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسين الأسدي ، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان بن سعيد ، حدثنا منصور بن ربعي ، عن حذيفة بن اليمان قال :

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، قام النعمان بن المنذر الفهريّ فقال : هذا شيء قلته من عندك أو شيء أمرك به ربّك؟ قال : لا بل أمرني به ربّي ، فقال : اللّهم أنزل علينا حجارة من السماء ، فما بلغ رحله حتّى جاءه حجر فأدماه (2) فخرّ ميتا ، فأنزل اللّه تعالى ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (3).

أقول : وروى هذا الحديث الثعلبي في تفسيره للقرآن بأفضل وأكمل من هذه الرواية (4).

وكذلك رواه صاحب كتاب النشر والطي قال : لما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد عليّ فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فشاع ذلك في كلّ بلد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على ناقة له ، حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها ، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه ، فقال : يا محمد أمرتنا عن اللّه ان نشهد ان لا إله إلاّ اللّه وانك رسول اللّه ، فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلّي خمسا ، فقبلناه ، وأمرتنا بالحج ، فقبلناه ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع (5) ابن عمّك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أهذا شيء من عندك أم من اللّه؟ فقال : واللّه الذي لا إله الاّ هو انّ هذا من اللّه ، فولّى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللّهم ان كان ما يقوله محمد حقّا فأمطر علينا

ص: 251


1- اصطلمه : استأصله.
2- أدمى الرجل : أسال دمه.
3- المعارج : 1.
4- عنه الغدير 1 : 240 وفي الطرائف : 153. ذكره الحسكاني في شواهد التنزيل 2 : 286.
5- الضبع : وسط العضد ، الإبط.

حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتّى رماه اللّه بحجر فسقط على هامّته (1) ، وخرج من دبره فقتله (2).

أقول : فإذا كان الحال كما ذكرناه من الحاسدين الكارهين لما انزل اللّه ولما أمر به رسوله صلوات اللّه عليه وآله من ولاية علي بن أبي طالب على الإسلام والمسلمين ، وكان ذلك في حياة النبي صلوات اللّه عليه وآله وهو يرجى ويخاف والوحي ينزل عليه ، فكيف يستبعد ممن كان بهذه الصفات في الحسد والعداوات ان يعزلوا الولاية عن مولانا علي عليه السلام بعد وفاة النّبي صلوات اللّه عليه أو يكتموا كثيرا من النصوص عليه :

باعوه بالأمل الضّعيف سفاهة *** وقت الحياة فكيف بعد وفاته

خذلوه في وقت يخاف ويرتجى *** أيراد منهم ان يفوا لمماته

فصل (4): فيما نذكره من فضل اللّه جلّ جلاله بعيد الغدير على سائر الأعياد ، وما فيه من المنّة على العباد

اعلم انّ كلّ عيد جديد أطلق اللّه جلّ جلاله فيه شيئا من الجود لعبد سعيد ، فإنّما يكون إطلاقه جلّ جلاله لذلك الإحسان لمن ظفر بمعرفة اللّه جلّ جلاله ومعرفة رسوله صلوات اللّه عليه وامام الزمان ، وكان صحيح الأيمان ، فإنّ النقل عن صاحب الشّريعة النبويّة ورد متظاهرا انّه من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليّة.

وهذا عيد يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجّة ، فيه كشف اللّه ورسوله عن واضح المحجّة ، ونصّ بها على من اختاره للإمامة والحجّة ، وكل عبد علاقة عليه كالعبد الذي يخدم بين يديه ويتقرّب إليه.

واعلم انّ المنّة بكشفه والمحنة بلطفه ، تكاد ان تزيد على الامتحان بصاحب النّبوة العظيم الشّأن ، لأنّ الرسول المبعوث صلوات اللّه وسلامه عليه ، بعث في أوّل أمره بمكّة إلى قوم يعبدون أحجارا واخشابا لا تدفع ولا تنفع ولا تسمع خطابا ولا تردّ جوابا.

قد شهدت عقول أهل الوجود بجهل من اتّخذها آلهة من دون اللّه المعبود ، ولم يكن

ص: 252


1- الهامة : الرأس.
2- عنه البحار 37 : 136.

بين أهل مكّة وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عداوة قبل رسالته ، ولا بينهم وبينه قتل ولا دماء قد سفكها ، تمنع طبعا وعقلا من قبول نبوّته.

وامّا مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل السلام ، الّذي نصّ اللّه جلّ جلاله عليه على لسان رسوله عليه أعظم الصلاة والسلام في يوم الغدير ، فإنّ أهل الإسلام كانوا قد اتّسعت عليهم شبهات العقول والأحلام وتأويل ما يقدرون فيه على التأويل ، وكان مولانا علي عليه السلام قد عادى كثيرا في اللّه جلّ جلاله وفي طاعة الرسول الجليل ، فسفك دماء عظيمة من أسلافهم وعظمائهم وأمثالهم ، وسار مع رسول اللّه عليه السلام سيرة واحدة في معاداة من عاداه من أوّل امره إلى آخره ، من غير مراعاة لحفظ قلوب من كان عاداه من رجالهم ، وظهرت له من العنايات والكرامات ما اقتضت حسد أهل المقامات.

فحصل لإمامته من المعاداة والحسد له على الحياة ونفور الطبائع ، بأنّه ما يسير الاّ سيرة واحدة من غير مداهاة زيادة على ما كان عند بعثة النبي عليه أفضل الصلوات ، بلغ الأمر إلى ما قدمناه قبل هذا الفصل من العداوات.

فصل : ولقد حكى أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل ، وهو من المخالفين المعاندين ، كلاما جليلا في سبب عداوة الناس لمولانا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال في مدح أبو الهيثم بن التيهان انّه أوّل من ضرب على يد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ابتداء أمر نبوّته ، ثم قال بإسناده إلى أبو الهيثم بن التيهان انّه قام خطيبا بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال :

انّ حسد قريش إيّاك على وجهين : امّا خيارهم فتمنّوا ان يكونوا مثلك منافسة (1) في الملإ وارتفاع الدرجة ، وامّا شرارهم فحسدوا حسدا أثقل القلوب وأحبط الأعمال ، وذلك أنّهم رأوا عليك نعمة قدّمها إليك الحظّ وأخّرهم عنها الحرمان ، فلم يرضوا ان يلحقوا حتّى طلبوا ان يسبقوك ، فبعدت واللّه عليهم الغاية وأسقط المضمار.

فلمّا تقدّمتهم بالسّبق وعجزوا عن اللحاق بلغوا منك ما رأيت ، وكنت واللّه أحقّ

ص: 253


1- نافس فلانا في أمر : فأخره وباراه فيه.

قريش بشكر قريش ، نصرت نبيّهم حيّا وقضيت عنه الحقوق ميّتا ، واللّه ما بغيهم الاّ على أنفسهم ولا نكثوا الاّ بيعة اللّه ، يد اللّه فوق أيديهم فيها ، ونحن معاشر الأنصار أيدينا وألسنتنا معك ، فأيدينا على من شهد وألسنتنا على من غاب.

أقول : فهذا أبو الهيثم بن التيهان من أشرف الأنصار ، وقد حضر أوّل أمر النبوّة وما جرت الحال عليه ، وقوله حجة على قريش وغيرهم فيما أشار رحمه اللّه.

فليكن تعظيم عيد أهل الشرائع على قدر ما فيه من المنافع ، وعلى قدر ما سلّم اللّه جلّ جلاله الظّافر بما فيه من الحوائل والقواطع ، فانّ كل نعمة لله على عباده ، على قدر ما سلّمهم فيها من إخطار غضبه وإبعاده ، وعلى قدر مفارقتهم لأهل عناده وموافقتهم لمراده.

فصل (5): فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول

فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ العالم حسين بن أحمد السوراوي والشيخ الأوحد الملقّب عماد الدين أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما المقدم ذكره عن الشيخ السعيد المجيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس اللّه روحه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدثنا سعيد بن هارون أبو عمرو المروزي - وقد زاد على الثّمانين سنة - قال : حدثنا الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي بطوس سنة تسع وخمسين ومائتين ، وقد بلغ التّسعين ، انّه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهم السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار ، وقد قدم إلى منازلهم الطّعام والبرّ والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال ، وقد غيّر أحوالهم وأحوال حاشيته وجدّدت له الآلة غير الآلة الّتي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه ، فكان من قوله عليه السلام :

حدثني الهادي أبي ، قال : حدثني جدّي الصادق ، قال : حدثني الباقر ، قال : حدثني سيد العابدين ، قال : حدثني أبي الحسين ، قال :

ص: 254

اتّفق في بعض سنّي أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير ، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم ، فحمد اللّه حمدا لم يسمع بمثله ، وأثنى عليه بما لا يتوجّه إلى غيره ، فكان ما حفظ من ذلك :

الحمد لله الّذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه ، وطريقا من طرق الاعتراف بلا هويّته وصمدانيّته وفردانيّته ، وسببا إلى المزيد من رحمته ، ومحجّة للطّالب من فضله ، وكمن في إبطان حقيقة الاعتراف له بأنّه المنعم على كلّ حمد باللفظ وان عظم.

واشهد ان لا إله إلاّ اللّه ، وحده لا شريك له ، شهادة نزعت عن إخلاص الطّوي ونطق اللّسان بها عبارة عن صدق خفيّ ، أنّه الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى ، ليس كمثله شيء ، إذ كان الشيء من مشيّته وكان لا يشبهه مكونه.

واشهد انّ محمّدا عبده ورسوله ، استخلصه في القدم على سائر الأمم ، على علم منه ، بأنّه انفرد عن التّشاكل والتّماثل من أبناء الجنس ، وانتجبه آمرا وناهيا عنه ، اقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه ، إذ كان لا تدركه الأبصار ولا تحويه خواطر الأفكار ، ولا تمثّله غوامض الظّنون في الإسرار.

لا إله الاّ هو الملك الجبّار ، قرن الاعتراف بنبوّته بالاعتراف بلا هويّته ، واختصّه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريّته ، فهو أهل ذلك بخاصّته وخلّته ، إذ لا يختصّ من يشوبه التّغيير ، ولا يخالل من يلحقه التّظنين ، وأمر بالصّلاة عليه ، مزيدا في تكرمته ، وطريقا للدّاعي إلى إجابته ، فصلّى اللّه عليه وكرّم وشرّف وعظّم ، مزيدا لا تلحقه التّفنية ولا ينقطع على التّأبيد.

وانّ اللّه تعالى اختصّ لنفسه بعد نبيّه صلى اللّه عليه وآله بريّته خاصّة ، علاهم بتعليته ، وسمّى بهم إلى رتبته بهم إلى رتبته ، وجعلهم الدّعاة بالحقّ إليه ، والأداء بالإرشاد عليه ، لقرن قرن ، وزمن زمن ، انشأهم في القدم قبل كلّ مذرّ ومبرّ ، وأَنوارا أنطقها بتحميده وألهمها على شكره وتمجيده.

وجعلها الحجج على كلّ معترف له بملكوت الربوبيّة ، وسلطان العبوديّة ، واستنطق

ص: 255

بها الخرسات بأنواع اللّغات ، بخوعا (1) له بأنّه فاطر الأرضين والسّماوات ، واستشهدهم خلقه وولاّهم ما شاء من أمره.

جعلهم تراجم مشيّته وألسن إرادته ، عبيدا ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ، يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ، وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى ، وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) ، يحكمون بأحكامه ويستنّون بسنّته ، ويعتمدون حدوده ، ويؤدّون فرضه.

ولم يدع الخلق في بهم صمّا ولا في عمى بكما ، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم ، وتفرقّت في هياكلهم ، حقّقها في نفوسهم واستعدّ لها حواسّهم ، فقرّر بها على إسماع ونواظر وأفكار وخواطر ، ألزمهم بها حجّته وأراهم بها محجّته وأنطقهم عمّا شهدته بألسن ذريّة بما قام فيها من قدرته وحكمته ، وبيّن عندهم بها ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2) ، بصير شاهد خبير.

وانّ اللّه تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ، لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه ، ليكمل لكم عندكم ، جميل صنعه ، ويقفكم على طريق رشده ، ويقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويسلك بكم منهاج قصده ، ويوفّر عليكم هنيء رفده.

فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه (3) لتطهير ما كان قبله ، وغسل ما أوقعته مكاسب السّوء من مثله إلى مثله ، وذكري للمؤمنين وتبيان خشية المتّقين ، ووهب لأهل طاعته في الأيّام قبله وجعله لا يتمّ الاّ بالايتمار لما أمر به ، والانتهاء عمّا نهى عنه ، والبخوع بطاعته فيما حثّ عليه وندب إليه ، ولا يقبل توحيده الاّ بالاعتراف لنبيّه صلى اللّه عليه وآله بنبوّته ، ولا يقبل دينا الاّ بولاية من أمر بولايته ، ولا ينتظم أسباب طاعته إلاّ بالتمسّك بعصمة وعصم أهل ولايته.

فانزل على نبيّه صلى اللّه عليه وآله في يوم الدّوح ما بيّن فيه عن إرادته في خلصائه

ص: 256


1- بخع : أقرّ به وأذعن.
2- الأنفال : 42.
3- ندب للأمر أو إلى الأمر : دعاه ورشّحه للقيام به.

وذوي اجتبائه ، وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزّيغ والنفاق ، وضمن له عصمته منهم وكشف عن خبايا أهل الرّيب وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه.

فعقله المؤمن والمنافق فأذعن مذعن وثبت على الحقّ ثابت ، وازدادت جهالة المنافق ، وحميّة المارق (1) ، ووقع العضّ على النواجذ (2) والعمر على السّواعد ، ونطق ناطق ، ونعق ناعق ، ونشق ناشق ، واستمرّ على ما رقته مارق ، ووقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان ، ومن طائفة باللّسان وصدق الايمان.

وأكمل اللّه دينه ، وأقرّ عين نبيّه والمؤمنين والمتابعين ، وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم ، وتمّت كلمة اللّه الحسني على الصّابرين ، ودمّر (3) اللّه ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون (4) ، وبقيت حثالة (5) من الضلال ، لا يألون النّاس خبالا (6).

فيقصدهم اللّه في ديارهم ، ويمحو آثارهم ، ويبيد معالمهم ، ويعقّبهم عن قرب الحسرات ، ويلحقهم عن بسط أكفّهم ، ومدّ أعناقهم ، ومكّنهم من دين اللّه حتّى بدّلوه ومن حكمه حتّى غيّروه ، وسيأتي نصر اللّه على عدوّه لحينه ، واللّه لطيف خبير وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ.

فتأمّلوا رحمكم اللّه ما ندبكم اللّه إليه ، وحثّكم عليه ، واقصدوا شرعه ، واسلكوا نهجه ، ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله.

هذا يوم عظيم الشّأن فيه وقع الفرج ، ورفعت الدرج ، ووضحت الحجج ، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح ، ويوم كمال الدّين ، ويوم العهد المعهود ، ويوم

ص: 257


1- المارق : من مرق من الدين ، أي خرج من الدين بضلالة أو بدعة.
2- عض الشيء : لزمه واستمسك به ، الناجذ : واحد النواجذ أي الأضراس ، يقال : عضّ على ناجذه : بلغ أشدّه لانّ النواجذ تنبت بعد البلوغ وكمال العقل.
3- الدمار : الهلاك.
4- عرش البيت : بناه.
5- حثالة : ما يسقط من قشر الشعير ، حثالة الناس : رذالتهم.
6- الخبال : الفساد.

الشاهد والمشهود ، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود ، ويوم البيان عن حقائق الايمان ، ويوم دحر (1) الشيطان ، ويوم البرهان.

هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون ، هذا يوم الملإ الأعلى الّذي أنتم عنه معرضون ، هذا يوم الإرشاد ، ويوم محنة العباد ويوم الدليل على الرّواد ، هذا يوم إبداء خفايا الصدور ، ومضمرات الاموم ، هذا يوم النّصوص على أهل المخصوص.

هذا يوم شيث ، هذا يوم إدريس ، هذا يوم يوشع ، هذا يوم شمعون ، هذا يوم الأمن المأمون ، هذا يوم إظهار المصون من المكنون ، هذا يوم إبداء السرائر.

فلم يزل عليه السلام يقول : هذا يوم هذا يوم ، فراقبوا اللّه واتقوه ، واسمعوا له وأطيعوه ، واحذروا المكر ولا تخادعوه ، وفتّشوا ضمائركم ، ولا تواربوه ، وتقربوا إلى اللّه بتوحيده ، وطاعة من أمركم أن تطيعوه ، ولا تمسكوا بعصم الكوافر.

ولا يجنح (2) بكم الغيّ فتضلّوا عن سبيل الرشاد ، باتباع أولئك الّذين ضلّوا وأضلّوا ، قال اللّه تعالى عزّ من قائل في طائفة ذكرهم بالذّمّ في كتابه ( إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) (3) ، وقال اللّه تعالى : ( وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ ، قالُوا لَوْ هَدانَا اللّهُ لَهَدَيْناكُمْ ) (4) ، أفتدرون استكبار ما هو ، ترك الطّاعة لمن أمر اللّه بطاعته والتّرفع عمّن ندبوا إلى متابعته ، والقرآن ينطق من هذا عن كثير ، ان تدبّره متدبّر زجره ووعظه.

واعلموا أيّها المؤمنون انّ اللّه عزّ وجلّ قال : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) (5) ، أتدرون ما سبيل اللّه ومن سبيله ومن صراط اللّه ومن طريقه.

ص: 258


1- دحر : طرد.
2- جنح : مال.
3- الأحزاب : 67.
4- إبراهيم : 21.
5- الصف : 4.

انا صراط اللّه الّذي من لا يسلكه بطاعة اللّه فيه هوى به (1) إلى النار ، انّا سبيله الّذي نصبني للاتّباع بعد نبيّه صلى اللّه عليه وآله ، أنا قسيم النّار ، أنا حجة اللّه على الفجّار ، أنا نور الأنوار.

فانتبهوا من رقدة الغفلة ، وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل ، وسابقوا إلى مغفرة من ربّكم قبل ان يضرب بالسّور بباطن الرّحمة وظاهر العذاب ، فتنادون فلا يسمع نداؤكم ، وتضجّون فلا يحفل (2) بضجيجكم ، وقبل ان تستغيثوا فلا تغاثوا ، سارعوا إلى الطّاعات قبل فوات الأوقات ، فكان قد جاء هادم اللّذات فلا مناص نجات ولا محيص تخليص.

عودوا رحمكم اللّه بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم ، والبرّ بإخوانكم ، والشكر لله عزّ وجلّ على ما منحكم ، وأجمعوا يجمع اللّه شملكم ، وتبارّوا يصل اللّه ألفتكم ، وتهانّوا نعمة اللّه كما هنّاكم بالصّواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده إلاّ في مثله ، والبرّ فيه يثمر المال ويزيد في العمر ، والتّعاطف فيه يقتضي رحمة اللّه وعطفه ، وهبوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من جودكم ، وبما تناله القدرة من استطاعتكم ، وأظهروا البشرى فيما بينكم والسرور في ملاقاتكم.

واحمدوا اللّه على ما منحكم وعودوا بالمزيد على أهل التّأميل لكم ، وساووا بكم ضعفاء كم ومن ملككم وما تناله القدرة من استطاعتكم وعلى حسب إمكانكم ، فالدّرهم فيه بمأتي ألف درهم والمزيد من اللّه عزّ وجلّ.

وصوم هذا اليوم ممّا ندب اللّه إليه ، وجعل العظيم كفالة عنه ، حتّى لو تعبّد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضّيها (3) صائما نهارها قائما ليلها ، إذا خلص المخلص في صومه لقصرت أيّام الدنيا عن كفايته ، ومن أضف فيه أخاه مبتدئا وبرّه راغبا ، فله كأجر من صام هذا اليوم وقام ليله ، ومن فطّر مؤمنا في ليلته فكأنّما فطّر

ص: 259


1- هوى الشيء : ألقاه من فوق.
2- حفل : بالى واهتمّ.
3- تقضّى الشيء : انصرم وفنى.

فئاما (1) فئاما ، يعدّها بيده عشرة.

فنهض ناهض فقال : يا أمير المؤمنين وما الفئام؟ قال : مأتي ألف نبي وصديق وشهيد ، فكيف بمن يكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات ، فانا ضمينه على اللّه تعالى الأمان من الكفر والفقر.

وان مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله ، من غير ارتكاب كبيرة ، فأجره على اللّه ، ومن استدان لإخوانه وأعانهم ، فأنا الضامن على اللّه ان أبقاه وان قبضه حمله عنه ، وإذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم وتهانّوا بالنعمة في هذا اليوم ، وليبلّغ الحاضر الغائب والشاهد البائن ، وليعد الغنى على الفقير والقوي على الضعيف ، أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك.

ثم أخذ صلوات اللّه عليه في خطبته الجمعة ، وجعل صلاته جمعة صلاة عيد ، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام ، بما أعدّ له من طعامه ، وانصرف غنيّهم وفقيرهم برفده إلى عياله (2).

فصل (6): فيما نذكره من فضل يوم الغدير من كتاب النشر والطيّ

رواه عن الرضا عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيام إلى اللّه كما تزفّ العروس إلى خدرها ، قيل : ما هذه الأيام؟ قال :

يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ويوم الغدير ، وانّ يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب ، وهو اليوم الذي نجّا فيه إبراهيم الخليل من النار ، فصامه شكرا لله ، وهو اليوم الّذي أكمل اللّه به الدّين في إقامة النبي عليه السلام عليّا أمير المؤمنين علما وأبان فضيلته ووصايته ، فصام ذلك اليوم ، وانّه اليوم الكمال ويوم مرغمة الشيطان ، ويوم تقبّل أعمال الشيعة ومحبّي آل محمد ، وهو اليوم الّذي يعمد اللّه

ص: 260


1- الفئام : الجماعة من الناس.
2- رواه الشيخ في مصباحه : 752 ، عنه الوسائل 10 : 444.

فيه إلى ما عمله المخالفون فيجعله هباء منثورا.

وهو اليوم الذي يأمر جبرئيل عليه السلام ان ينصب كرسيّ كرامة اللّه بإزاء بيت المعمور ويصعده جبرئيل عليه السلام وتجتمع إليه الملائكة من جميع السماوات ويثنون على محمّد ويستغفرون لشيعته أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام ومحبّيهم من ولد آدم عليه السلام ، وهو اليوم الذي يأمر اللّه فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبّي أهل البيت وشيعتهم ثلاثة أيّام من يوم الغدير ، ولا يكتبون عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لمحمد وعلي والأئمة.

وهو اليوم الذي جعله اللّه لمحمد وآله وذوي رحمه ، وهو اليوم الذي يزيد اللّه في حال من عبد فيه ووسع على عياله ونفسه وإخوانه ويعتقه اللّه من النار ، وهو اليوم الذي يجعل اللّه فيه سعى الشيعة مشكورا وذنبهم مغفورا وعملهم مقبولا.

وهو يوم تنفيس الكرب ويوم تحطيط الوزر ويوم الحباء والعطيّة ويوم نشر العلم ويوم البشارة والعيد الأكبر ، ويوم يستجاب فيه الدعاء ، ويوم الموقف العظيم ، ويوم لبس الثّياب ونزع السّواد ، ويوم الشرط المشروط ويوم نفي الهموم ويوم الصفح عن مذنبي شيعة أمير المؤمنين.

وهو يوم السبقة ، ويوم إكثار الصلاة على محمد وآل محمد ، ويوم الرضا ، ويوم عيد أهل بيت محمد ، ويوم قبول الأعمال ، ويوم طلب الزيادة ويوم استراحة المؤمنين ويوم المتاجرة ، ويوم التودّد ، ويوم الوصول إلى رحمة اللّه ، ويوم التزكية ، ويوم ترك الكبائر والذنوب ويوم العبادة ويوم تفطير الصائمين ، فمن فطّر فيه صائما مؤمنا كان كمن أطعم فئاما وفئاما - الى ان عدّ عشرا ، ثم قال : أوتدري ما الفئام؟ قال : لا ، قال : مائة ألف.

وهو يوم التهنئة ، يهنّي بعضكم بعضا ، فإذا لقي المؤمن أخاه يقول : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ الْمُتَمَسِّكِينَ بِوِلايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ عليهم السلام ، وهو يوم التبسّم في وجوه الناس من أهل الإيمان ، فمن تبسّم في وجه أخيه يوم الغدير نظر اللّه إليه يوم القيامة بالرّحمة وقضى له ألف حاجة ، وبني له قطرا في الجنّة من درّة بيضاء ، ونضّر وجهه (1).

ص: 261


1- نضّر الوجه : نعم وحسن وكان جميلا.

وهو يوم الزينة ، فمن تزيّن ليوم الغدير غفر اللّه له كلّ خطيئة عملها ، صغيرة أو كبيرة ، وبعث اللّه إليه ملائكة يكتبون له الحسنات ويرجعون له الدرجات إلى قابل مثل ذلك اليوم ، فان مات مات شهيدا وان عاش عاش سعيدا ، ومن أطعم مؤمنا كان كمن اطعم جميع الأنبياء والصديقين ، ومن زار فيه مؤمنا أدخل اللّه قبره سبعين نورا ووسّع في قبره ويزور قبره كلّ يوم سبعون ألف ملك ويبشّرونه بالجنّة.

وفي يوم الغدير عرض اللّه الولاية على أهل السماوات السبع فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّن بها العرش ، ثم سبق إليها أهل السماء الرابعة فزيّنها بالبيت المعمور ، ثم سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب ، ثم عرضها على الأرضين فسبقت مكة فزيّنها بالكعبة ، ثم سبقت إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمد صلى اللّه عليه وآله ، ثمّ سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين عليه السلام ، وعرضها على الجبال فأوّل جبل أقرّ بذلك ثلاثة جبال : جبل العقيق وجبل الفيروزج وجبل الياقوت ، فصارت هذه الجبال جبالهنّ وأفضل الجواهر ، ثم سبقت إليها جبال أخر ، فصارت معادن الذهب والفضة ، وما لم يقرّ بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئا.

وعرضت في ذلك اليوم على المياه فما قبل منها صار عذبا وما أنكر صار ملحا أجاجا ، وعرضها في ذلك اليوم على النّبات فما قبله صار حلوا طيبا ، وما لم يقبل صار مرّا ، ثمّ عرضها في ذلك اليوم على الطّير فما قبلها صار فصيحا مصوتا وما أنكرها صار أخرس مثل ألكن ، ومثل المؤمنين في قبولهم ولاء أمير المؤمنين في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لآدم ، ومثل من أبي ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير مثل إبليس ، وفي هذا اليوم أنزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (1) ، وما بعث اللّه نبيّا الاّ وكان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده وعرف حرمته إذ نصب لأمّته وصيّا وخليفة من بعده في ذلك اليوم.

ص: 262


1- المائدة : 68.

فصل (7): فيما نذكره أيضا من فضل يوم الغدير ، برواية جماعة من ذوي الفضل الكثير ، وهي قطرة من بحر غزير

فمن هؤلاء ما رواه محمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال : نعم أعظمها حرمة ، قلت : وأي عيد هو جعلت فداك؟ قال : اليوم الذي نصب فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قلت : وأي يوم هو؟ قال : ما تصنع باليوم ، انّ السنة تدور ولكنّه يوم ثماني عشر من ذي الحجّة.

فقلت : وما ينبغي لنا ان نفعل في ذلك اليوم؟ قال : تذكرون اللّه فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد صلّى اللّه عليهم ، وأوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين ان يتّخذ ذلك اليوم عيدا ، وكذلك كانت الأنبياء تفعل ، كانوا يوصون أوصيائهم بذلك فيتّخذونه عيدا (1).

ومن أولئك ما رواه علي بن الحسن بن فضّال في كتاب الصيام ، بإسناده إلى الحسن بن راشد قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل للمسلمين عيد سوى الفطر والأضحى؟ فقال : نعم أعظمهما وأشرفهما ، قال : قلت : أيّ يوم هو؟ قال : يوم نصب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين للنّاس فدعاهم إلى ولايته ، قال : قلت : في أيّ يوم ذلك؟ قال : يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة.

قال : قلت : فما ينبغي فيه وما يستحب فيه؟ قال : الصّيام والتقرب إلى اللّه عزّ وجلّ فيه باعمال الخير ، قال : قلت : فما لمن صامه؟ قال : يحسب له بصيام ستّين شهرا (2).

ص: 263


1- رواه الكليني في الكافي 4 : 149 ، عنه الوسائل 10 : 440 ، أورده الشيخ في مصباحه 2 : 679.
2- رواه مع اختلاف الكليني في الكافي 4 : 148 ، والصدوق في الفقيه 2 : 90 ، ثواب الأعمال : 99 ، والشيخ في التهذيب 4 : 305 ، مصباح المتهجد : 680 ، عنهم الوسائل 10 : 441 ، رواه في العدد القوية : 168 ، عنه البحار 98 : 322.

ومن أولئك ما رواه الشيوخ المعظمون أبو جعفر محمد بن بابويه والمفيد محمد بن محمد بن النعمان وأبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، بإسنادهم جميعا عن الصادق عليه السلام انّ العمل في يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجّة يعدل العمل في ثمانين شهرا (1).

وفي حديث آخر بإسنادهم آخر جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : صوم يوم غدير خم كفّارة ستين سنة (2).

ومن أولئك مصنّف كتاب النشر والطي قال بإسناده إلى الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي ، حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي ، حدثنا محمد بن ظهير ، حدثنا عبد اللّه بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، قال النبي صلى اللّه عليه وآله : يوم غدير خم أفضل أعياد أمّتي هو اليوم الذي أمرني اللّه فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب فيه علما لأمّتي يهتدون به بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل اللّه فيه الدين وأتمّ على أمّتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا ، ثم قال :

معاشر الناس انّ عليّا منّي وأنا من عليّ خلق من طينتي وهو بعدي يبيّن لهم ما اختلفوا فيه من سنّتي ، وهو أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب المؤمنين وخير الوصيين وزوج سيّدة نساء العالمين وأبو الأئمة المهديّين.

ومن أولئك ما رواه محمد بن علي بن محمد الطرازي في كتابه ، بإسناده المتّصل إلى المفضّل بن عمر قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلى اللّه عزّ وجلّ كما تزفّ العروس إلى خدرها : يوم الفطر ويوم الأضحى ويوم الجمعة ويوم غدير خم ، ويوم غدير خم بين الفطر والأضحى يوم الجمعة كالقمر بين الكواكب ، وانّ اللّه ليوكّل بغدير خم ملائكته المقرّبين ، وسيّدهم يومئذ جبرئيل عليه السلام ، وأنبياء اللّه المرسلين ، وسيدهم يومئذ

ص: 264


1- ثواب الأعمال : 100.
2- ثواب الأعمال : 100 ، التهذيب 4 : 305 ، الفقيه 2 : 90 الخصال : 264 ، عنهم الوسائل 10 : 442 ، رواه الشيخ في مصباحه : 736.

محمد صلى اللّه عليه وآله ، وأوصياء اللّه المنتجبين ، وسيّدهم يومئذ أمير المؤمنين ، وأولياء اللّه ، وساداتهم يومئذ سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار ، حتّى يورده الجنان كما يورد الراعي بغنمه الماء والكلاء.

قال المفضّل : سيّدي تأمرني بصيامه؟ قال لي : أي واللّه أي واللّه أي واللّه انّه اليوم الذي تاب اللّه فيه على آدم عليه السلام فصام شكرا لله ، على ذلك اليوم ، وانه اليوم الذي نجى اللّه تعالى فيه إبراهيم عليه السلام من النار فصام شكرا لله تعالى على ذلك اليوم ، وانه اليوم الذي أقام موسى هارون عليهما السلام علما فصام شكرا لله تعالى ذلك اليوم ، وانه اليوم الذي أظهر عيسى عليه السلام وصيّه شمعون الصفا فصام شكرا لله عزّ وجلّ على ذلك اليوم.

وانّه اليوم الّذي أقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليّا للناس علما وأبان فيه فضله ووصيّه ، فصام شكرا لله تبارك وتعالى ذلك اليوم ، وانه ليوم صيام وقيام وإطعام وصلة الاخوان وفيه مرضاة الرحمن ومرغمة الشيطان (1).

فصل (8): فيما نذكره من جواب من سأل عمّا في يوم الغدير من الفضل ، وقصر فهمه عمّا ذكرناه في ذلك من الفضل

اعلم ان من التنبيه على ان فضل يوم الغدير ما عرف مثله بعده ولا قبله لأحد من الأوصياء والأعيان فيما مضى من الأزمان وجوه :

منها : انّ اللّه جلّ جلاله جعل نفس علي عليه السلام نفس النبي صلى اللّه عليه وآله في آية المباهلة ، فقال تعالى : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (2).

وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف انّ الأبناء الحسن والحسين ، والنساء فاطمة ،

ص: 265


1- عنه الوسائل 10 : 445 ، رواه في العدد القوية : 168 ، عنه البحار 98 : 323.
2- آل عمران : 61.

وأنفسنا علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم (1) ، فمنها جرى من التعظيم لنفس رسول اللّه ، فمولانا علي عليه السلام داخل فيما يمكن دخوله فيه من ذلك المقام ، ولو اقتصرنا على هذا الوجه الكبير لكفى في تعظيم يوم الغدير.

ومنها : انّنا روينا في الطرائف أيضا عن المخالف ، انّ نور عليّ من نور النّبيّ صلى اللّه عليه وآله في أصل خلقتهما ، وان ذلك ينبّه على تعظيم منزلتهما (2).

ومنها : انّ مولانا عليّا صلوات اللّه عليه في أمّته.

ومنها : انّ كلّما عصمت حرمة المنصوص عليه بالخلافة كان ذلك تعظيما لمن كان عنه ، ومولانا علي عليه السلام نائب عن اللّه ورسوله في كلّ رحمة ورأفة وأمانا من مخافة.

ومنها : انّ اللّه جلّ جلاله قال : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (3) ، فيكون علي عليه السلام بمقتضى هذا الوصف الذي لا يجحد ولا ينكر ، الرئيس من اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وآله على هذه الأمّة ، التي هي خير الأمم أعظم من كلّ رئيس في شرف القدم وعلوّ الهمم وكمال القسم.

ومنها : انّ الامتحان بنصّ اللّه جلّ جلاله ورسوله صلوات اللّه عليه على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ، وجدناه أعظم من كلّ امتحان عرفناه للأوصياء لأجل ما اتّفق لمولانا على صلوات اللّه عليه من كثرة الحاسدين وأعداء الدين ، الّذين عاداهم وجاهدهم في اللّه رب العالمين وفي نصرة سيّد المرسلين ، وقد شهدت عدالة الألباب انّ المنازل في الفضل تزيد بزيادة الامتحان الوارد من جانب مالك الأسباب.

ومنها : انّ مولانا عليّا عليه السلام وقى النبيّ صلى اللّه عليه وآله وحفظ الإسلام والمسلمين في عدّة مقامات ، عجز عنها كثير من قوّة العالمين ، فجازاه جلّ جلاله ورسوله

ص: 266


1- الطرائف : 129 ، رواه الطبري في تفسيره 22 : 7 ، الحسكاني في شواهد التنزيل 2 : 16 و 17 ، مسلم في صحيحة 4 : 1871 ، النسائي في الخصائص : 4 ، القندوزي في ينابيع المودة : 107 - 109 ، الخوارزمي في المناقب : 22 - 25.
2- الطرائف : 15 ، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل : 205 - على ما في إحقاق الحق 5 : 243 - ، كتاب الفردوس في باب الخاء - على ما في الاحقاق 4 : 92 - المناقب لابن المغازلي : 79 ، العمدة : 44.
3- آل عمران : 110.

صلوات اللّه عليه شرف ذلك الفضل المبين بهذا المقام المكين مثل انّه بات على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بمكة ، وقد عجز عنها كلّ من قرب منه وكانوا بين هارب أو عاجز عنه فكلّما جرى بالمهاجرة من الشهادة في الدنيا والآخرة ، فمولانا حيث فداه بمهجته أصل الفوائد بنبوّته (1).

ومنها : أداؤه سورة براءة ونبذ عهود المشركين ، لمّا نزل إلى خاتم النبيّين انّه لا يؤدّيها إلاّ أنت أو رجل منك ، فكان القائم مقام النبوة مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام (2).

ومنها : مقامات مولانا علي عليه السلام في بدر وخيبر وحنين وفي أحد ، وفي كلّ موقف كان يمكن أن يخذل الوالد للولد (3).

ومنها : قتل مولانا علي صلوات اللّه عليه لعمرو بن عبد ودّ ، العظيم الشأن ، وقد روينا في الطرائف عن المخالف ان النبي صلى اللّه عليه وآله قال : لضربة علي لعمرو بن عبد ودّ أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة (4) ، وكذلك قال النبي صلوات اللّه عليه لمّا برز مولانا علي إليه : برز الإسلام كلّه إلى الكفر كلّه ، فما ظنّك برجل يرى النّبي صلوات اللّه عليه انّه هو الإسلام كله ، وكيف يدرك بالبيان والتبيان فضله ، ولله در القائل :

يفنى الكلام ولا يحيط بوصفه *** أيحيط ما يفنى بما لا ينفد

ومنها : انّ اللّه جلّ جلاله جعل النّص منه جلّ جلاله ومن رسوله صلوات اللّه عليه بالخلافة لعلي صلوات اللّه عليه يقوم مقام جميع فضل الرسالة ، وهذا مقام لا يبلغ وصفي حقيقته ، فقال جلّ جلاله : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (5) ، وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف وفي هذا الكتاب انّ المراد

ص: 267


1- راجع الطرائف : 36 ، مسند أحمد بن حنبل 1 : 331 ، عنه البحار 36 : 41 والعمدة : 123 ، إحقاق الحق 6 : 476 عن الثعلبي.
2- راجع الطرائف : 38 ، عن مسند أحمد بن حنبل 3 : 283 ، إحقاق الحق عن الفاضل لأحمد بن حنبل 3 : 428 ، ذخائر العقبى : 69 ، تفسير ابن كثير 2 : 322 صحيح بخاري 5 : 202 ، إحقاق الحق 3 : 430 عن تفسير الثعلبي.
3- راجع الطرائف : 55 - 59 ، صحيح بخاري 5 : 76 - 77 ، صحيح مسلم 4 : 187 ، مسند أحمد 5 : 333 ، صحيح ترمذي 13 : 171.
4- الطرائف : 60 ، عن مناقب الخوارزمي : 58 ، وفيه لمبارزة علي.
5- المائدة : 67.

بهذه الآية ولاية علي صلوات اللّه عليه يوم الغدير من غير ارتياب (1).

ومنها : ان عناية اللّه جلّ جلاله بمولانا علي عليه السلام بلغت بتكرار الآيات والمعجزات والكرامات إلى ان ادّعى فيه خلق عظيم باقون إلى هذه الأوقات ما ادّعى بعض النّصارى في عيسى صلوات اللّه عليه ، وانّه ربّ العالمين الّذي يجب ان توجّه العبادات إليه.

ومنها : انّ مولانا عليا عليه السلام عذّب الّذين ادّعوا فيه الإلهيّة كما امره صاحب النّبوة الربانيّة ، ولم يزدهم تعذيبه لهم الاّ ملزما بأنّه ربّ العالمين وما عرفنا انّ معبودا عذّب من يعبده بمثل ذلك العذاب ، وهو مقيم على عبادته بالجدّ والاجتهاد ، فكان ذلك تنبيها على انّ ظهور فضله خرق العقول والبصائر حتّى بلغ إلى هذا الأمر الباهر.

وما يقدر على شرح فضائل مولانا علي عليه السلام على التفصيل ، وقد ذكرنا في الطرائف وجوها دالّة على مقامه الجليل ، وقد نطق القرآن الشريف بنعم اللّه تعالى على عباده مطلقا على التجميل ، فقال تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها ) (2) ، فهذا يكون من تلك النّعم التي لا تحصى لأنّه عليه السلام رئيس القوم الّذين ظفروا بها وحصّلوها.

فصل (9): فيما نذكره من تعظيم يوم الغدير في السّماوات برواية الثقات وفضل زيارته عليه السلام في ذلك الميقات

روينا بإسنادنا الّذي ذكرناه قبل هذا الفصل إلى الشيخ الموثوق بروايته محمد بن أحمد بن داود ، في كتاب كامل الزّيارات ، قال : أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن عمار الكوفي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن محمد بن عبد اللّه بن زرارة ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال :

ص: 268


1- راجع الطرائف : 145 - 153.
2- إبراهيم : 34.

كنّا عند الرضا عليه السلام والمجلس غاصّ بأهله (1) فتذاكروا يوم الغدير ، فأنكره بعض النّاس ، فقال الرضا عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهما السلام قال :

انّ يوم الغدير في السّماء أشهر منه في الأرض ، انّ لله عزّ وجلّ في الفردوس الأعلى قصرا ، لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، فيه مائة ألف قبّة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر ، ترابه المسك والعنبر فيه أربعة أنهار : نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل ، حواليه أشجار جميع الفواكه ، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت تصوّت بألوان الأصوات.

فإذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبّحون اللّه ويقدّسونه ويهلّلونه ، فتطاير تلك الطّيور فتقع في ذلك الماء وتتمرّغ (2) على ذلك المسك والعنبر ، فإذا اجتمعت الملائكة طارت تلك الطيور فتنفض (3) ذلك ، وانّهم في ذلك اليوم ليتهادّون نثار فاطمة عليها السلام فإذا كان آخر اليوم نودوا : انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطأ والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمّد وعلي عليهما السلام.

ثم التفت فقال لي : يا ابن أبي نصر اين ما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام ، فان اللّه تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق من شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ولدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة.

ثم قال : يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وانّكم لمّمن امتحن اللّه قلبه للإيمان ، مستذلّون مقهورون ممتحنون يصبّ البلاء عليهم صبّا ، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم ، واللّه لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات ، ولو لا انّي أكره التطويل لذكرت فضل هذا اليوم وما أعطاه اللّه لمن عرفه

ص: 269


1- عضّ المكان بهم : امتلأ وضاق عليهم.
2- تمرّغ في التراب : تقلب.
3- الفض : النفر المتفرقون.

ما لا يحصى بعدد.

قال علي بن الحسن بن فضال : قال لي محمد بن عبد اللّه : لقد تردّدت إلى أحمد بن محمد أنا وأبوك والحسن بن جهم أكثر من خمسين مرّة سمعناه منه (1).

فصل (10): فيما نذكره من جواب الجاهلين بقبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من المخالفين

اعلم انّ كلّ ميّت كان قبره مشهورا أو مستورا ، فإنّ أهل بيته والمخصوصون بمصيبته والموصوفون بشيعته وخاصّته ، يكونون اعرف بموضع دفنه وقبره ، وهذا اعتبار صحيح لا يجحده الاّ مكابر وضعيف في عقله أو حقير في قدره.

وقد علم أعيان أهل الإسلام انّ عترة مولانا علي عليه السلام وشيعته الّذين لا يحصرهم عدد ولا يحويهم بلدة ، مطبقون متّفقون على انّ هذا الضّريح الشّريف الّذي يزوره أهل الحقائق من المغارب والمشارق ، هو قبر مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

فمن العجب انّ كلّ انسان وقف على قبر دارس (2) وقال : هذا قبر أبي أو جدّي حكم الحاضرون بتصديقه ولم ينازعوه في تحقيقه ، ويكون قبر مولانا علي عليه السلام لا يقبل فيه قول أولاده الّذين لا يحصيهم الاّ اللّه جلّ جلاله.

ومن العجب ان يكون أصحاب كلّ ملة وعقيدة يرجع في معرفة قبور رؤسائهم إليهم ، ولا يرجع في قبر أمير المؤمنين عليه السلام إلى أصحابه وشيعته وخاصّته ، وانّما بعض المخالفين ذكر انّهم لا يعرفون انّ هذا موضع قبره الآن ، وربّما روى بعضهم انّ قبره في غير هذا المكان.

واعلم انّ قبر مولانا علي عليه السلام إنّما ستره ذريّته وشيعته عن المخالفين عليه ، ولقد صدق المخالف إذا لم يعرفه فإنّ ستره انّما كان منه ومن أمثاله فكيف يطلع على حاله.

ص: 270


1- عنه البحار 100 : 359 ، رواه الشيخ في مصباحه مختصرا : 737.
2- درس الرسم : عفا وانمحى.

فصل (11): فيما نذكره من الإشارة إلى من زاره من الأئمة من ذريّته عليه وعليهم أفضل السلام ، وغيرهم من عترته من ملوك الإسلام

فأقول : قد روينا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر زيارة مولانا علي بن الحسين عليه السلام لمولانا علي صلوات اللّه عليه أيام التقيّة من بني أميّة ، وروينا من كتاب المسرّة من كتاب ابن أبي قرّة زيارة زين العابدين وولده محمد بن علي الباقر عليهما السلام لهذا قبر مولانا علي عليه السلام ، وذكر في كتاب مصباح الزائر زيارات الصادق عليه السلام له في هذا القبر الشريف ، وزيارة مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام.

فهؤلاء أربعة من أئمة الإسلام ومن أعيان ذريّته عليه وعليهم أفضل السلام قد نصّوا على انّ هذا موضع ضريحه وزاروه فيه وشهدوا بتصحيحه ومثلهم لا تردّ شهادتهم في شيء من أحكام المسلمين ، فكيف تردّ في معرفة قبر جدّهم أمير المؤمنين سلام اللّه جلّ جلاله عليهم.

وامّا الخلفاء من بني العباس والملوك من النّاس ، فأوّل من زاره الرشيد وجماعة من بني هاشم ، ثم المقتفي ، ثم الناصر مرارا وأطلق عنده صدقات ومبارّا ، ثم المستنصر وجعله شيخه في الفتوة ، ثم المعتصم.

وامّا العلماء والعقلاء والملوك والوزراء ، فلا يحصى عددهم بما نذكره من قلم أو لسان ، وقبورهم شاهدة بذلك ومدافنهم إلى الآن.

فصل (12): فيما نذكره من آيات رأيتها أنا عند ضريحه الشريف غير ما رويناه وسمعنا به ، من آياته التي تحتاج إلى مجلدات وتصانيف

اعلم ان كلّ نذر يحمل إليه مذ ظهر مقدّس قبره بعد هلاك بني أميّة وإلى الآن ، فانّ تصديق اللّه جلّ جلاله لأهل النذر ، كالآية والمعجزة والبرهان على انّ قبره

ص: 271

الشريف بذلك المكان ، وهذه النذور لا يحصيها أحد من أهل الدهور ، واما انّا فاشهد باللّه وفي اللّه جلّ جلاله انّني كنت يوما قد ذكرت تاريخه في كتاب البشارات بين يدي ضريحه المقدس ، وأقسمت عليه في شيء وسألت جوابه باقي النهار وانفصلت ، فما استقررت بمشهده في الدّار حتّى عرفت في الحال من رآه في المنام بجواب ما فهمته به من الكلام.

أقول : واعرف انّني كنت يوما وراء ظهر ضريحه الشريف ، وأخي الرضي محمد بن محمد بن الآوي حاضر معي ، وأنا أقسم على أمير المؤمنين عليه السلام في إذلال بعض من كان يتجرّأ على اللّه وعلى رسوله وعلي مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام وعلينا بالأقوال والأعمال.

فقلت للقاضي الآوي محمد بن محمد بن محمد : يا أخي قد وقع في خاطري ان قد حصل ما سألته ، وانّ اليوم الثالث من هذا اليوم يصل قاصد من عند القوم المذكورين بالذلّ والسؤال لنا على أضعف سؤال السائلين ، فلمّا كان اليوم الثالث من يوم قلت له وصل قاصد من عندهم على فرس عاجل بمثل ما ذكرناه من الذلّ الهائل.

أقول : واعرف انّني دخلت حضرته الشريفة كم مرّة في أمور هائلة لي وتارة لأولادي وتارة لأهل ودادي ، فبعضها زالت وانا بحضرته ، وبعضها زالت باقي نهار مخاطبته ، وبعضها زالت بعد أيّام في جواب زيارته ، ولو ذكرتها احتاجت إلى مجلّد كبير ، وقد صنّف أبو عبد اللّه محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الحسني مصنّفا في ذلك متضمّنا للاسانيد والروايات ، لو أردنا تصنيف مثله وأمثاله كان ذلك أسهل المرادات ، ولكنّا وجدنا من الآيات الباهرات ما يغني عن الروايات.

فصل (13): فيما نذكره من تعيين زيارة لمولانا علي صلوات اللّه عليه في يوم الغدير المشار إليه

أعلم انّنا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر عدّة روايات مطوّلات يضيق عن مثلها مثل هذا الميقات ، لأنّ يوم الغدير يختصّ بيومه زيارات في كتاب المسرة

ص: 272

من كتاب مزار ابن أبي قرّة ، وهي زيارات يوم الغدير.

رويناها عن جماعة إليه رحمه اللّه عليه قال : أخبرنا محمد بن عبد اللّه ، قال : أخبرنا أبي ، قال : أخبرنا الحسن بن يوسف بن عميرة ، عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال :

كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام قد اتّخذ منزله من بعد مقتل أبيه الحسين بن علي عليهما السلام بيتا من شعر وأقام بالبادية ، فلبث بها عدّة سنين كراهية لمخالطته النّاس وملابستهم وكان يسير من البادية بمقامه بها إلى العراق زائرا لأبيه وجدّه عليهما السلام ، ولا يشعر بذلك من فعله.

قال محمد بن علي : فخرج سلام اللّه عليه متوجّها إلى العراق لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وأنا معه ، وليس معنا ذو روح الاّ الناقتين ، فلمّا انتهى إلى النجف من بلاد الكوفة ، وصار إلى مكانه منه ، فبكا حتّى اخضلّت لحيته بدموعه ، ثم قال :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ اللّهِ فِي ارْضِهِ وَحُجَّتَهُ ، اشْهَدُ لَقَدْ جاهَدْتَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ ، وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، حَتَّى دَعاكَ اللّهُ الى جِوارِهِ ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيارِهِ لَكَ كَرِيمَ ثَوابِهِ ، وَالْزَمَ أَعْداءَكَ الْحُجَّةَ مَعَ مالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ ، راضِيَةً بِقَضائِكَ ، مُولَعَةً (1) بِذِكْرِكَ وَدُعائِكَ ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ (2) أَوْلِيائِكَ ، مَحْبُوبَةً فِي ارْضِكَ وَسَمائِكَ ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ (3) بَلائِكَ ، شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمائِكَ ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ (4) ، مُشْتاقَةً الى فَرْحَةِ لِقائِكَ ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزائِكَ ، مُسْتَنَّةً

ص: 273


1- المولعة : المتعلّقة.
2- الصفوة : الخالصة.
3- عند نزول ( خ ل ).
4- لسابغ آلائك ( خ ل ).

بِسُنَنِ أَوْلِيائِكَ ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنائِكَ.

ثم وضع خده على القبر وقال :

اللّهُمَّ انَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ (1) الَيْكَ وَإلِهَهٌ (2) ، وَسُبُلَ الرّاغِبِينَ (3) الَيْكَ شارِعَةٌ ، وَاعْلامَ الْقاصِدِينَ الَيْكَ واضِحَةٌ ، وَافْئِدَةَ الْوافِدِينَ الَيْكَ فازِعَةٌ (4) ، وَأَصْواتَ الدّاعِينَ الَيْكَ صاعِدَةٌ ، وَأَبْوابَ الإِجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ ، وَتَوْبَةَ مَنْ أَنابَ الَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكا مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ.

وَالاسْتِغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ ، وَالإِعانَةَ لِمَنْ اسْتَعانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ ، وَعِداتِكَ (5) لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ (6) ، وَزَلاّتِ مَنِ اسْتَقالَكَ (7) مُقالَةٌ ، وَأَعْمالَ الْعامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ ، وَأَرْزاقَ الْخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ ، وَعَوائِدَ الْمَزِيدِ مُتَواتِرَةٌ (8) ، وَمَوائِدَ الْمُسْتَطْعَمِينَ مُعَدَّةٌ ، وَمَناهِلَ الظَّماءِ مُتْرَعَةٌ (9).

اللّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائِي ، وَاقْبَلْ ثَنائِي ، وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيائِي وَأَحِبّائِي ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ آبائِي ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمائِي وَمُنْتَهى مُنايَ وَغايَةُ رَجائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ.

قال جابر : قال لي الباقر عليه السلام : ما قال هذا الكلام ولا دعا به أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، أو عند قبر أحد من الأئمة عليهم السلام الاّ رفع دعاؤه في درج (10) من نور وطبع عليه بخاتم محمد صلى اللّه عليه وآله ، وكان محفوظا

ص: 274


1- المخبتين : الخاشعين.
2- وإلهه : متحيرة من شدة الوجد.
3- الراغبين : المبتهلين.
4- فارغة ( خ ل ).
5- عداتك : وعودك.
6- متنجزة ( خ ل ).
7- استقالك : طلب صفحك.
8- متواترة : متتابعة.
9- ترع الحوض : امتلأ.
10- الدرج - بالفتح - الذي يكتب فيه.

كذلك حتّى يسلّم إلى قائم آل محمد عليهم السلام ، فيلقي صاحبه بالبشرى والتحيّة والكرامة ان شاء اللّه.

قال جابر : حدّثت به أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام وقال لي : زد فيه إذا ودّعت أحدا منهم فقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الإِمامُ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، اسْتَوْدِعُكَ اللّهَ وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللّهِ ، آمَنّا بِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَبِما دَعَوْتُمْ إِلَيْهِ (1) ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِي وَلِيِّكَ ، اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي ثَوابَ مَزارِهِ الَّذِي اوْجَبْتَ لَهُ وَيَسِّرْ لَنَا الْعَوْدَ إِلَيْهِ انْ شاءَ اللّهُ (2).

أقول : وقد زاره مولانا الصادق بنحو هذه الألفاظ من الزيارة تركنا ذكرها خوف الإطالة.

أقول : وروى جدّي أبو جعفر الطوسي هذه الزيارة ليوم الغدير عن جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام انّ مولانا علي بن الحسين صلوات اللّه عليه زاره بها فيه ، وفي ألفاظها خلاف ، ولم يذكر فيها وداعا (3).

فصل (14): فيما نذكره من عوذة تعوّذ بها النبي صلى اللّه عليه وآله في يوم الغدير

فتعوّذ بها أنت أيضا قبل شروعك في عمل اليوم المذكور ليكون حرزا لك من المحذور ، وهي :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللّهِ خَيْرِ الْأَسْماءِ ، بِسْمِ اللّهِ رَبِّ الاخِرَةِ وَالأُولى ، وَرَبِّ الارْضِ وَالسَّماءِ ، الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ كَيْدُ الأَعْداءِ ، وَبِها

ص: 275


1- ودعوتم إليه ( خ ل ).
2- رواه في كامل الزيارات : 39 ، عنه البحار 100 : 264 ، المزار الكبير : 112 ، مصباح الزائر : 583 ، مزار الشهيد : 95 ، البلد الأمين : 295 ، ومصباح الكفعمي : 480 ، فرحة الغري : 40 ، عنه الوسائل 10 : 306 ، البحار 100 : 264 و 102 : 176 ، وفي الصحيفة السجادية الجامعة : 595 ، الدعاء : 255.
3- مصباح المتهجد : 681.

تُدْفَعُ كُلُّ الأَسْواءِ ، وَبِالْقِسَمِ بِها يَكْفِي مَنِ اسْتَكْفى.

اللّهُمَّ انْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَخالِقُهُ ، وَبارِئُ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَرازِقُهُ ، وَمُحْصِي كُلِّ شَيْءٍ وَعالِمُهُ ، وَكافِي كُلِّ جَبَّارٍ وَقاصِمُهُ ، وَمُعِينُ كُلِّ مُتَوَكِّلٍ عَلَيْهِ وَعاصِمُةُ ، وَبِرُّ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَراحِمُهُ ، لَيْسَ لَكَ ضِدٌّ فَيُعانِدُكَ ، وَلا نِدٌّ فَيُقاوِمُكَ ، وَلا شَبِيهٌ فَيُعادِلُكَ ، تَعالَيْتَ عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.

اللّهُمَّ بِكَ اعْتَصَمْتُ وَاسْتَقَمْتُ وَالَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَعَلَيْكَ اعْتَمَدْتُ ، يا خَيْرَ عاصِمٍ وَاكْرَمَ راحِمٍ وَاحْكَمَ حاكِمٍ وَاعْلَمَ عالِمٍ ، مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ عَصَمْتَهُ ، وَمَنِ اسْتَرْحَمَكَ رَحِمْتَهُ ، وَمَنِ اسْتَكْفاكَ كَفَيْتَهُ ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ امِنْتَهُ (1) وَهَدَيْتَهُ ، سَمْعاً لِقَوْلِكَ يا رَبِّ وَطاعَةً لِامْرِكَ.

اللّهُمَّ أَقُولُ وَبِتَوْفِيقِكَ أَقُولُ ، وَعَلى كِفايَتِكَ أُعَوِّلُ ، وَبِقُدْرَتِكَ أَطُولُ ، وَبِكَ أسْتَكْفِي وَأَصُولُ ، فَاكْفِنِي اللّهُمَّ وَانْقِذْنِي وَتَوَلَّنِي وَاعْصِمْنِي وَعافِنِي ، وَامْنَعْ مِنِّي وَخُذْ لِي وَكُنْ لِي بِعَيْنِكَ وَلا تَكُنْ عَلَيَّ ، اللّهُمَّ انْتَ رَبِّي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَالَيْكَ انَبْتُ وَالَيْكَ الْمَصِيرُ وَانْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

فصل (15): فيما نذكره من عمل العيد الغدير السعيد ، مما رويناه بصحيح الاسناد

فمن ذلك بالأسانيد المتصلة ممّا ذكره ورواه محمّد بن علي الطّرازي في كتابه ، عن محمّد بن سنان ، عن داود بن كثير الرّقي ، عن عمارة بن جوين أبي هارون العبدي ، ورويناه بإسنادنا أيضا إلى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان ، فيما رواه عن عمارة بن جوين أبي هارون العبدي أيضا قال :

دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة ، فوجدته صائما فقال : إنّ هذا اليوم يوم عظّم اللّه حرمته على المؤمنين ، إذ أكمل اللّه لهم فيه

ص: 276


1- توكل امنته ( خ ل ).

الدّين وتمّم عليهم النعمة ، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من الميثاق والعهد في الخلق الأوّل ، إذ أنساهم اللّه ذلك الموقف ، ووفّقهم للقبول منه ، ولم يجعلهم من أهل الإنكار الّذين جحدوا.

فقلت له : جعلت فداك فما صواب صوم هذا اليوم؟ فقال : إنّه يوم عيد وفرح وسرور وصوم شكرا لله عزّ وجلّ ، فانّ صومه يعدل ستّين شهرا من الأشهر الحرم ، ومن صلّى فيه ركعتين أيّ وقت شاء ، وأفضل ذلك قرب الزّوال ، وهي السّاعة الّتي أقيم فيها أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خم علما للنّاس ، وذلك أنّهم كانوا قربوا من المنزل في ذلك الوقت.

فمن صلّى ركعتين ، ثمّ سجد وشكر اللّه عزّ وجلّ مائة مرّة ، ودعا بهذا الدّعاء بعد رفع رأسه من السّجود ، الدّعاء :

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّكَ واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ ، كَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ بِأَنْ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ إجابَتِكَ وَأَهْلِ دِينِكَ وَأَهْلِ دَعْوَتِكَ ، وَوَفقْتَنِي لِذلِكَ فِي مُبْتَدَإِ (1) خَلْقِي تَفَضُّلاً مِنْكَ وَكَرَماً وَجُوداً ، ثُمَّ أَرْدَفْتَ الْفَضْلَ فَضْلاً ، وَالْجُودَ جُوداً ، وَالْكَرَمَ كَرَماً ، رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً إِلى أَنْ جَدَّدْتَ ذلِكَ الْعَهْدَ لِي تَجْدِيداً بَعْدَ تَجْدِيدِكَ خَلْقِي ، وَكُنْتُ نَسياً مَنْسِيّاً ناسِياً ساهِياً غافِلاً.

فَأَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ بِأَنْ ذَكَّرْتَنِي ذلِكَ وَمَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ وَهَدَيْتَنِي لَهُ فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ ، أَنْ تُتِمَّ لِي ذلِكَ وَلا تَسْلُبَنِيهِ حَتّى تَتَوَفّانِي عَلى ذلِكَ ، وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ ، فَإِنَّكَ أَحَقُّ الْمُنْعِمِينَ أَنْ تُتِمَّ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ.

اللّهُمَّ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأَجَبْنا داعِيكَ بِمَنِّكَ فَلَكَ الْحَمْدُ ، غُفْرانَكَ رَبَّنا

ص: 277


1- مبدء ( خ ل ).

وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَدَّقْنا وَأَجَبْنا داعِيَ اللّهِ وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ فِي مُوالاةِ مَوْلانا وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ عَبْدِ اللّهِ وَأَخِي رَسُولِهِ ، وَالصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ ، وَالْحُجَّةِ عَلى بَرِيَّتِهِ ، الْمُؤَيِّدِ بِهِ نَبِيَّهُ وَدِينَهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ ، عَلَماً لِدِينِ اللّهِ ، وَخازِناً لِعِلْمِهِ ، وَعَيْبَةَ غَيْبِ اللّهِ ، وَمَوْضِعَ سِرِّ اللّهِ ، وَأَمِينِ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ ، وَشاهِدِهِ فِي بَرِيَّتِهِ.

اللّهُمَ إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ ، فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

فَانَّا يا رَبَّنا بِمَنِّكَ وَلُطْفِكَ أَجَبْنا داعِيكَ ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ وَصَدَّقْناهُ وَصَدَّقْنا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ ، فَوَلِّنا ما تَوَلَّيْنا ، وَاحْشُرْنا مَعَ أَئِمَّتِنا فَانّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مُوقِنُونَ وَلَهُمْ مُسَلِّمُونَ.

آمَنّا بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ ، وَشاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ ، وَحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ ، وَرَضِينا بِهِمْ أَئِمَّةً وَقادَةً وَسادَةً ، وَحَسْبُنا بِهِمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ اللّهِ دُونَ خَلْقِهِ لا نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً ، وَلا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيجَةً (1) ، وَبَرِئْنا إِلَى اللّهِ مِنْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْباً مِنَ الْجِنِّ وَالانْسِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَالْأَوْثانِ الْأَرْبَعَةِ وَأَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَكُلِّ مَنْ والاهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالانْسِ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلى آخِرِهِ.

اللّهُمَّ إنّا نُشْهِدُكَ أَنّا ندِينُ بِما دانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَآلُ مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَقَوْلُنا ما قالُوا ، وَدِينُنا ما دانُوا بِهِ ، ما قالُوا بِهِ قُلْنا ، وَما دانُوا بِهِ دِنا ، وَما أَنْكَرُوا أَنْكَرْنا ، وَمَنْ والَوْا والَيْنا ، وَمَنْ عادَوْا عادَيْنا ، وَمَنْ لَعَنُوا لَعَنّا ، وَمَنْ تَبَرَّءُوا مِنْهُ تَبَرَّأْنا مِنْهُ ، وَمَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنا عَلَيْهِ ، آمَنّا وَسَلَّمْنا وَرَضِينا

ص: 278


1- الوليجة : الدخيلة وخاصّتك من الرجال أو من تتخذه معقدا عليه.

وَاتَّبَعْنا مَوالِينا صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ.

اللّهُمَّ فَتَمِّمْ لَنا ذلِكَ وَلا تَسْلُبْناهُ ، وَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ثابِتاً عِنْدَنا ، وَلا تَجْعَلْهُ مُسْتَعاراً ، وَأَحْيِنا ما أَحْيَيْتَنا عَلَيْهِ وَأَمِتْنا إِذا أَمَتَّنا عَلَيْهِ ، آلُ مُحَمَّدٍ أَئِمَّتُنا ، فَبِهِمْ نَأْتَمُّ وَإِيّاهُمْ نُوالِي ، وَعَدُوَّهُمْ عَدُو اللّهِ نُعادِي ، فَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرِّبِينَ ، فَانّا بِذلِكَ راضُونَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تسجد وتحمد اللّه مائة مرّة وتشكر اللّه عزّ وجلّ مائة مرّة وأنت ساجد ، فإنّه من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على ذلك ، وكانت درجته مع درجة الصّادقين الّذين صدقوا اللّه ورسوله في موالاة مولاهم ذلك اليوم ، وكان كمن استشهد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمير المؤمنين صلّى اللّه عليه ومع الحسن والحسين صلّى اللّه عليهما ، وكمن يكون تحت راية القائم صلّى اللّه عليه وفي فسطاطه من النّجباء والنّقباء (1).

ومن الدّعوات في يوم عيد الغدير ما ذكره محمّد بن عليّ الطّرازيّ في كتابه رويناه بإسنادنا إلى عبد اللّه بن جعفر الحميري قال : حدّثنا هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن اللّيثيّ ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته.

أتعرفون يوما شيّد اللّه به الإسلام ، وأظهر به منار الدّين ، وجعله عيدا لنا ولموالينا وشيعتنا؟ فقالوا : اللّه ورسوله وابن رسوله أعلم ، أيوم الفطر هو يا سيّدنا؟ قال : لا ، قالوا : أفيوم الأضحى هو؟

قال : لا ، وهذان يومان جليلان شريفان ويوم منار الدّين أشرف منهما ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، وإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خم أمر اللّه عزّ وجلّ جبرئيل عليه السلام أن يهبط على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وقت قيام الظهر من ذلك اليوم ، وأمره أن يقوم بولاية أمير المؤمنين عليه

ص: 279


1- عنه البحار 98 : 298 ، عنه صدره الوسائل 8 : 90 ، 10 : 444 ، وفي مصباح المتهجد : 737.

السلام وأن ينصبه علما للنّاس بعده ، وأن يستخلفه في أمّته.

فهبط إليه وقال له : حبيبي محمّد إنّ اللّه يقرئك السّلام ، ويقول لك : قم في هذا اليوم بولاية عليّ صلى اللّه عليه وآله ليكون علما لأمّتك بعدك ، يرجعون إليه ، ويكون لهم كأنت ، فقال النبيّ صلى اللّه عليه وآله : حبيبي جبرئيل إنّي أخاف تغيّر أصحابي لما قد وتروه وأن يبدوا ما يضمرون فيه.

فعرج ، وما لبث أن هبط بأمر اللّه فقال له : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (1).

فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذعرا (2) مرعوبا خائفا من شدّة الرّمضاء (3) وقدماه تشويان ، وأمر بأن ينظف الموضع ويقمّ (4) ما تحت الدّوح (5) من الشوك وغيره ، ففعل ذلك ، ثمّ نادى بالصّلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون وفيمن اجتمع أبو بكر وعمرو عثمان وسائر المهاجرين والأنصار.

ثمّ قام خطيبا وذكر بعده الولاية ، فألزمها للنّاس جميعا فأعلمهم أمر اللّه بذلك فقال قوم ما قالوا وتناجوا بما أسرّوا.

فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره ، وأن يلبس المؤمن أنظف ثيابه وأفخرها ويتطيّب إمكانه وانبساط يده ثم يقول :

اللّهُمَّ إِنَّ هذا الْيَوْمَ شَرَّفْتَنا فِيهِ بِوِلايَةِ وَلِيِّكَ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَجَعَلْتَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرْتَنا بِمُوالاتِهِ وَطاعَتِهِ وَأَنْ نَتَمَسَّكَ بِما يُقَرِّبُنا إِلَيْكَ ، وَيُزْلِفُنا لَدَيْكَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ.

اللّهُمَّ قَدْ قَبِلْنا أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ ، وَسَمِعْنا وَأَطَعْنا لِنَبِيِّكَ ، وَسَلَّمْنا وَرَضِينا ، فَنَحْنُ مَوالِيَّ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ ، وَأَوْلِياؤُهُ كَما أَمَرْتَ ، نُوالِيهِ وَنُعادِي مَنْ

ص: 280


1- المائدة : 67.
2- ذعره : أفزعه.
3- الرمضاء : شدة الحر ، الأرض الحامية من شدة حرّ الشمس.
4- قمّ البيت : كسحة.
5- الدوحة ج دوح : الشجرة العظيمة المتسعة.

يُعادِيهِ ، وَنُبَرِّءُ مِمَّنْ تَبَرَّءَ مِنْهُ ، وَنُبْغِضُ مَنْ أَبْغَضَهُ ، وَنُحِبُّ مَنْ أَحَبَّهُ ، وَعَلِيٌّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ مَوْلانا كَما قُلْتَ ، وَإِمامُنا بَعْدَ نَبِيِّنا صلَّى اللّهُ عليه وآله كَما أَمَرْتَ.

فإذا كان وقت الزّوال أخذت مجلسك بهدوء (1) وسكون ووقار وهيبة وإخبات (2) وتقول :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ كَما فَضَّلَنا فِي دِينِهِ عَلى مَنْ جَحَدَ وَعَنَدَ (3) ، وَفِي نَعِيمِ الدُّنْيا عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ عَمَدَ (4) ، وَهَدانا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَشَرَّفَنا بِوَصِيَّةِ وَخَلِيفَتِهِ فِي حَياتِهِ وَبَعْدَ مَماتِهِ ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ.

اللّهُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيُّنا كَما أَمَرْتَ ، وَعَلِيّاً صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ مَوْلانا كَما أَقَمْتَ ، وَنَحْنُ مَوالِيهِ وَأَوْلِياؤُهُ.

ثمّ تقوم وتصلّي شكرا لله تعالى ركعتين ، تقرء في الأولى الحمد ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) كما أنزلتا لا كما نقصتا ، ثمّ تقنت وتركع وتتمّ الصّلاة وتسلّم وتخرّ ساجدا ، وتقول في سجودك :

اللّهُمَّ إِنّا إِلَيْكَ نُوَجِّهُ وُجُوهَنا فِي يَوْمِ عِيدِنَا الَّذِي شَرَّفْتَنا فِيهِ بِوِلايَةِ مَوْلانا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ ، عَلَيْكَ نَتَوَكَّلُ وَبِكَ نَسْتَعِينُ فِي أُمُورِنا ، اللّهُمَّ لَكَ سَجَدَتْ وُجُوهُنا ، وَأَشْعارُنا وَأَبْشارُنا ، وَجُلُودُنا وَعُرُوقُنا ، وَأَعْظُمُنا وَأَعْصابُنا ، وَلُحُومُنا وَدِماؤُنا.

اللّهُمَّ إِيّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نَخْضَعُ وَلَكَ نَسْجُدُ ، عَلى مِلَّةِ إبْراهِيمَ وَدِينِ مُحَمَّدٍ وَوِلايَةِ عَلِيٍّ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، حُنَفاءَ مُسْلِمِينَ وَما نَحْنُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلا مِنَ الْجاحِدِينَ.

ص: 281


1- هدء هدوء : سكن.
2- اخبت إلى اللّه : اطمأن إليه تعالى وتخشّع امامه.
3- عند الرجل : خالف الحق وهو عارف به.
4- عمد الشيء : أسقطه ، عمد فلان : وجع.

اللّهُمَّ الْعَنِ الْجاحِدِينَ الْمُعانِدِينَ الْمُخالِفِينَ لِأَمْرِكَ وَأَمْرِ رَسُولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الْمُبْغِضِينَ لَهُمْ لَعْن لَعْناً كَثِيراً ، لا يَنْقَطِعُ أَوَّلُهُ وَلا يَنْفَدُ آخِرُهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَثَبِّتْنا عَلى مُوالاتِكَ وَمُوالاةِ رَسُولِكَ وَآلِ رَسُولِكَ وَمُوالاةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ ، اللّهُمَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبَنا يا سَيِّدَنا وَمَوْلانا.

ثمّ كل واشرب وأظهر السّرور وأطعم إخوانك ، وأكثر برّهم واقض حوائج إخوانك ، إعظاما ليومك ، وخلافا على من أظهر فيه الاغتمام والحزن ضاعف اللّه حزنه وغمّه (1).

ومن الدعوات في يوم الغدير ما نقلناه من كتاب محمّد بن عليّ الطّرازي أيضا بإسناده إلى أبي الحسن عبد القاهر بوّاب مولانا أبي إبراهيم موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام قال :

حدّثنا أبو الحسن عليّ بن حسّان الواسطي بواسط في سنة ثلاثمائة قال : حدّثني عليّ بن الحسن العبدي قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد الصّادق عليه الصّلاة والسلام وعلى آبائه وأبنائه يقول :

صوم يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدّنيا ، لو عاش إنسان عمر الدّنيا ، ثمّ لو صام ما عمرت الدّنيا لكان له ثواب ذلك وصيامه يعدل عند اللّه عزّ وجلّ مائة حجّة ومائة عمرة ، وهو عيد اللّه الأكبر ، وما بعث اللّه عزّ وجلّ نبيّا إلاّ وتعيّد في هذا اليوم ، وعرف حرمته ، واسمه في السّماء يوم العهد المعهود ، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود.

ومن صلّى فيه ركعتين من قبل أن تزول الشّمس بنصف ساعة شكرا لله عزّ وجلّ ، ويقرء في كلّ ركعة سورة الحمد عشرا و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشرا ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )

ص: 282


1- عنه البحار 98 : 300.

عشرا ، وآية الكرسي عشرا ، عدلت عند اللّه عزّ وجلّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة.

وما سأل اللّه عزّ وجلّ حاجة من حوائج الدّنيا والآخرة كائنة ما كانت إلاّ أتى اللّه عزّ وجلّ على قضائها في يسر وعافية ، ومن فطّر مؤمنا كان له ثواب من أطعم فئاما وفئاما ، ولم يزل يعدّ حتّى عقد عشرة.

ثمّ قال : أتدري ما الفئام؟ قلت : لا ، قال : مائة ألف ، وكان له ثواب من أطعم بعددهم من النّبيين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين في حرم اللّه عزّ وجلّ وسقاهم في يوم ذي مسغبة (1) ، والدّرهم فيه بمائة ألف درهم ، ثمّ قال : لعلّك ترى أنّ اللّه عزّ وجلّ خلق يوما أعظم حرمة منه؟ لا واللّه ، لا واللّه ، لا واللّه ، ثمّ قال : وليكن من قولك إذا لقيت أخاك المؤمن :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنا بِهذا الْيَوْمِ ، وَجَعَلَنا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفِينَ بِعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنا ، وَمِيثاقِهِ الَّذِي واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ أَمْرِهِ ، وَالْقُوَّامِ بِقِسْطِهِ ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ.

ثمّ قال : وليكن من دعائك في دبر الركعتين أن تقول :

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

اللّهُمَّ إِنِّي اشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَاشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ وَسُكّانَ سَماواتِكَ وَأَرْضِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ ، الْمَعْبُودُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ إِلى قَرارِ أَرْضِكَ مَعْبُودٌ يُعْبَدُ سِواكَ إِلاّ باطِلٌ مُضْمَحِلٌّ غَيْرُ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَعْبُودُ لا مَعْبُودَ سِواكَ ، تَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلِيُّهُمْ

ص: 283


1- سغب : جاع.

وَمَوْلاهُمْ وَمَوْلايَ ، رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا النِّداءَ ، وَصَدَّقْنَا الْمُنادِي ، رَسُولَكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، إِذْ نادى نِداءً عَنْكَ بِالَّذِي أَمَرْتَهُ أَنْ يُبَلِّغَ عَنْكَ ما أَنْزَلْتَ إِلَيْهِ مِنْ مُوالاةِ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَذَّرْتَهُ وَأَنْذَرْتَهُ إِنْ لَمْ يُبَلِّغْ أَنْ تَسْخَطَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ إِذا بَلَّغَ رِسالاتِكَ (1) عَصَمْتَهُ مِنَ النَّاسِ.

فَنادى مُبَلِّغاً وَحْيَكَ وَرِسالاتِكَ : أَلا مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ ، وَمَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ ، وَمَنْ كُنْتُ نَبِيهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ.

رَبَّنا قَدْ أَجَبْنا داعِيكَ النَّذِيرَ الْمُنْذِرَ مُحَمَّداً عَبْدَكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وَجَعَلْتَهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ، رَبَّنا آمَنّا وَاتَّبَعْنا مَوْلانا وَوَلِيُّنا وَهادِينا وَداعِينا وَداعِي الْأَنامِ وَصِراطَكَ السَّوِيَّ الْمُسْتَقِيمَ ، مَحَجَّتَكَ الْبَيْضاءَ ، وَسَبِيلَكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ عَلى بَصِيرَةٍ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ بِوِلايَتِهِ وَبِأَمْرِ رَبِّهِمْ بِاتِّخاذِ الْوَلايِجِ مِنْ دُونِهِ.

فَأَشْهَدُ يا إِلهِي أَنَّ الإِمامَ الْهادِي الْمُرْشِدَ الرَّشِيدَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صلوات اللّه عليه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِي ذَكَرْتَهُ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ : ( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (2).

اللّهُمَّ فَانَّا نَشْهَدُ بِأَنَّهُ عَبْدُكَ الْهادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، وَالصِّراطُ الْمُسْتَقِيمُ وَإِمامُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجِّلِينَ ، وَحُجَّتَكَ الْبالِغَةُ ، وَلِسانُكَ الْمُعَبِّرُ عَنْكَ فِي خَلْقِكَ ، وَالْقائِمُ بِالْقِسْطِ بَعْدَ نَبِيِّكَ ، وَدَيّانُ دِينِكَ ، وَخازِنُ عِلْمِكَ ، وَعَيْبَةُ وَحْيِكَ ، وَعَبْدُكَ وَأَمِينُكَ ، الْمَأْمُونُ الْمَأْخُوذُ مِيثاقُهُ مَعَ مِيثاقِكَ وَمِيثاقِ رُسُلِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ بِالشَّهادَةِ وَالإِخْلاصِ بِالْوَحْدانِيَّةِ.

بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَعَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَجَعَلْتَ الْإِقْرارَ بِوِلايَتِهِ تَمامَ تَوْحِيدِكَ وَالإِخْلاصَ لَكَ بوَحْدانِيَّتِكَ وَإِكْمالَ دِينِكَ وَتَمامَ نِعْمَتِكَ عَلى جَمِيعِ خَلْقِكَ ، فَقُلْتَ وَقَوْلُكَ

ص: 284


1- رسالتك ( خ ل ).
2- الزخرف : 4.

الْحَقُ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (1).

فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنا مِنَ الإِخْلاصِ لَكَ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَجُدْتَ عَلَيْنا بِمُوالاةِ وَلِيِّكَ الْهادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، وَرَضِيتَ لَنَا الإِسْلامَ دِيناً بِمَوْلانا وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ بِالَّذِي جَدَّدْتَ لَنا عَهْدَكَ وَمِيثاقَكَ ، وَذَكَّرْتَنا ذلِكَ.

وَجَعَلْتَنا مِنْ أَهْلِ الإِخْلاصِ وَالتَّصْدِيقِ لِعَهْدِكَ وَمِيثاقِكَ ، وَمِنْ أَهْلِ الْوَفاءِ بِذلِكَ ، وَلَمْ تَجْعَلْنا مِنَ النَّاكِثِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ (2) ، وَلَمْ تَجْعَلْنا مِنَ الْمُغَيِّرِينَ وَالْمُبَدِّلِينَ وَالْمُحَرِّفِينَ وَالْمُبَتِّكِينَ (3) آذانَ الْأَنْعامِ ، وَالْمُغَيِّرِينَ خَلْقَ اللّهِ ، وَمِنَ الَّذِينَ اسْتَحْوَذَ (4) عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ ، وَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَالصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ.

وَأكثر من قولك :

اللّهُمَّ الْعَنِ الْجاحِدِينَ وَالنّاكِثِينَ وَالْمُغَيِّرِينَ وَالْمُبَدِّلِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ ، الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ.

ثمّ قل :

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى نِعْمَتِكَ عَلَيْنا بِالَّذِي هَدَيْتَنا إِلى مُوالاةِ وُلاةِ أَمْرِكَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، وَالْأَئِمَّةِ الْهادِينَ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ أَرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ ، وَأَعْلامَ الْهُدى وَمَنارَ التَّقْوى ، وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقى ، وَكَمالَ دِينِكَ ، وَتَمامَ نِعْمَتِكَ ، وَمَنْ بِهِمْ وَبِمُوالاتِهِمْ رَضِيتَ لَنا الإِسْلامَ دِيناً ، رَبَّنا فَلَكَ الْحَمْدُ.

آمَنّا بِكَ وَصَدَّقْنا بِنَبِيِّكَ الرَّسُولِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، وَاتَّبَعْنَا الْهادِي مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، وَوالَيْنا وَلِيَّهُمْ وَعادَيْنا عَدُوَّهُمْ ، وَبَرِئْنا مِنَ الْجاحِدِينَ

ص: 285


1- المائدة : 3.
2- والجاحدين بيوم الدين ( خ ل ).
3- بتّكه : قطعه.
4- استحوذ عليه : غلبه واستولى عليه.

وَالنّاكِثِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ.

اللّهُمَّ فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ يا صادِقَ الْوَعْدِ ، يا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ ، أَنْ أَتْمَمْتَ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ بِمُوالاةِ أَوْلِيائِكَ ، الْمَسْؤولِ عَنْهُمْ عِبادَكَ ، فَإِنَّكَ قُلْتَ : ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (1) ، وَقُلْتَ : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (2).

وَمَنَنْتَ بِشَهادَةِ الإِخْلاصِ لَكَ بِوِلايَةِ أَوْلِيائِكَ الْهُداةِ مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، السِّراجِ الْمُنِيرِ ، وَأَكْمَلْتَ لَنَا الدِّينَ بِمُوالاتِهِمْ وَالْبَراءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ (3) ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنا النِّعَمَ بِالَّذِي جَدَّدْتَ لَنا عَهْدَكَ ، وَذَكَّرْتَنا مِيثاقَكَ الْمَأْخُوذَ مِنّا فِي مُبْتَدَإِ (4) خَلْقِكَ إِيّانا.

وَجَعَلْتَنا مِنْ أَهْلِ الإِجابَةِ ، وَذَكَّرْتَنا الْعَهْدَ وَالْمِيثاقَ ، وَلَمْ تُنْسِنا ذِكْرَكَ ، فَإِنَّكَ قُلْتَ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) (5).

شَهِدْنا بِمَنِّكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّنا وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ نَبِيِّنا ، وَأَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيُّنا وَمَوْلانا ، وَشَهِدْنا بِالْوِلايَةِ لِوَلِيِّنا وَمَوْلانا مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكَ مِنْ صُلْبِ وَلِيِّنا وَمَوْلانا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ.

وَجَعَلْتَهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْكَ عَلِيّاً حَكِيماً ، وَجَعَلْتَهُ آيَةً لِنَبِيِّكَ وَآيَةً مِنْ آياتِكَ الْكُبْرى ، وَالنَّبإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ، وَالنَّبَإ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ، وَعَنْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مَسْئُولُونَ ، وَتَمامَ نِعْمَتِكَ الَّتِي عَنْها يُسْأَلُ عِبادُكَ إِذْ هُمْ مَوْقُوفُونَ ، وَعَنِ النَّعِيمِ مَسْئُولُونَ.

ص: 286


1- التكاثر : 7.
2- الصافات : 24.
3- في البحار : أعدائهم.
4- ابتداء ( خ ل ).
5- الأعراف : 172.

اللّهُمَّ وَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ ما أَنْعَمْتَ عَلَيْنا بِالْهِدايَةِ إِلى مَعْرِفَتِهِمْ ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُبارِكَ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي ذَكَّرْتَنا فِيهِ عَهْدَكَ وَمِيثاقَكَ ، وَأَكْمَلْتَ لَنا دِينَنا وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ ، وَجَعَلْتَنا بِنِعْمَتِكَ مِنْ أَهْلِ الإِجابَةِ وَالإِخْلاصِ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَمِنْ أَهْلِ الإِيمانِ وَالتَّصْدِيقِ بِوِلايَةِ أَوْلِيائِكَ وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكَ وَأَعْداءِ أَوْلِيائِكَ الْجاحِدِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ.

فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ تَمامَ ما أَنْعَمْتَ عَلَيْنا وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْمُعانِدِينَ ، وَلا تُلْحِقْنا بِالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ لَنا قَدَمَ صِدْقٍ مَعَ الْمُتَّقِينَ.

وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَاجْعَلْ لَنا مِنَ الْمُتَّقِينَ إِماماً إِلى يَوْمِ الدِّينِ ، يَوْمَ يُدْعى كُلُّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ، وَاجْعَلْنا فِي ظِلِّ الْقَوْمِ الْمُتَّقِينَ الْهُداةِ بَعْدَ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ وَالْبَشِيرِ ، الْأَئِمَّةِ الدُّعاةِ إِلَى الْهُدى ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الدُّعاةِ إِلَى النَّارِ ، وَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَأَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ.

رَبَّنا فَاحْشُرْنا فِي زُمْرَةِ الْهادِي الْمَهْدِيِّ وَأَحْيِنا ما أَحْيَيْتَنا عَلَى الْوَفاءِ بِعَهْدِكَ وَمِيثاقِكَ الْمَأْخُوذِ مِنّا عَلى مُوالاةِ أَوْلِيائِكَ ، وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَالنّاكِثِينَ بِمِيثاقِكَ ، وَتَوَفَّنا عَلى ذلِكَ ، وَاجْعَلْ لَنا مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، اثْبِتْ لَنا قَدَمَ صِدْقٍ فِي الْهِجْرَةِ الَيْهِمْ.

وَاجْعَلْ مَحْيانا خَيْرَ الْمَحْيا وَمَماتَنا خَيْرَ الْمَماتِ وَمُنْقَلَبَنا خَيْرَ الْمُنْقَلَبِ ، عَلى مُوالاةِ أَوْلِيائِكَ وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكَ ، حَتّى تَتَوَفّانا وَأَنْتَ عَنّا راضٍ ، قَدْ أَوْجَبْتَ لَنَا الْخُلُودَ فِي جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ وَالْمَثْوى فِي جِوارِكَ وَالإِنابَةَ إِلى دارِ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِكَ ، لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ (1) وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (2).

رَبَّنا إِنَّكَ أَمَرْتَنا بِطاعَةِ وُلاةِ أَمْرِكَ ، وَأَمَرْتَنا أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ ،

ص: 287


1- نصب : تعب واعيا.
2- لغب : تعب واعيا أشد الإعياء.

فَقُلْتَ : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) ، وَقُلْتَ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (2).

رَبَّنا سَمِعْنا وَأَطَعْنا رَبَّنا ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ، مُسْلِمِينَ مُسَلِّمِينَ مُصَدِّقِينَ لِأَوْلِيائِكَ ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ، رَبَّنا آمَنّا بِكَ وَصَدَّقْنا نَبِيَّكَ ، وَوالَيْنا وَلِيَّكَ وَالْأَوْلِياءَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، وَوَلِيَّكَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ ، وَالإِمامَ الْهادِي مِنْ بَعْدِ الرَّسُولِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ وَالسِّراجِ الْمُنِيرِ.

رَبَّنا فَكَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ جَعَلْتَنا مِنْ أَهْلِ الْوَفاءِ بِعَهْدِكَ بِمَنِّكَ عَلَيْنا وَلُطْفِكَ لَنا ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنا ذُنُوبَنا وَتُكَفِّرَ عَنّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ.

رَبَّنا آمَنّا بِكَ ، وَوَفَيْنا بِعَهْدِكَ ، وَصَدَّقْنا رُسُلَكَ ، وَاتَّبَعْنا وُلاةَ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رُسُلِكَ ، وَوالَيْنا أَوْلِيائَكَ ، وَعادَيْنا أَعْداءَكَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ ، وَاحْشُرْنا مَعَ الْأَئِمَّةِ الْهُداةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ الرَّسُولِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ.

آمَنّا يا رَبِّ بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ ، وَشاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ ، وَبِحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ ، وَرَضِينا بِهِمْ أَئِمَّةً وَسادَةً وَقادَةً لا نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً وَلا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلائِجَ أَبَداً.

رَبَّنا فَأَحْيِنا ما أَحْيَيْتَنا عَلى مُوالاتِهِمْ ، وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِهِمْ ، وَالتَّسْلِيمِ لَهُمْ وَالرَّدِّ إِلَيْهِمْ ، وَتَوَفَّنا إِذا تَوَفَّيْتَنا عَلَى الْوَفاءِ لَكَ وَلَهُمْ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثاقِ ، وَالْمُوالاةِ لَهُمْ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ لَهُمْ ، غَيْرَ جاحِدِينَ وَلا ناكِثِينَ وَلا مُكَذِّبِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ ، وَبِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ جَمِيعاً ، أَنْ تُبارِكَ لَنا فِي يَوْمِنا هذَا الَّذِي أَكْرَمْتَنا فِيهِ بِالْوَفاءِ

ص: 288


1- النساء : 59.
2- التوبة : 119.

لِعَهْدِكَ ، الَّذِي عَهِدْتَ إِلَيْنا وَالْمِيثاقِ الَّذِي واثَقْتَنا بِهِ مِنْ مُوالاةِ أَوْلِيائِكَ وَالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكَ.

وَتَمُنَّ عَلَيْنا بِنِعْمَتِكَ ، وَتَجْعَلَهُ عِنْدَنا مُسْتَقَرّاً ثابِتاً وَلا تَسْلُبْناهُ أَبَداً ، وَلا تَجْعَلْهُ عِنْدَنا مُسْتَوْدَعاً فَإِنَّكَ قُلْتَ : ( فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) (1) ، فَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ثابِتاً.

وَارْزُقْنا نَصْرَ دِينِكَ مَعَ وَلِيٍّ هادٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ قائِماً رَشِيداً هادِياً مَهْدِيّاً مِنَ الضَّلالَةِ إِلَى الْهُدى ، وَاجْعَلْنا تَحْتَ رايَتِهِ وَفِي زُمْرَتِهِ شُهَداءَ صادِقِينَ ، مَقْتُولِينَ فِي سَبِيلِكَ وَعَلى نُصْرَةِ دِينِكَ.

ثمّ سلّ بعد ذلك حوائجك للآخرة والدّنيا ، فإنّها واللّه واللّه واللّه مقضيّة في هذا اليوم ، ولا تقعد عن الخير ، وسارع إلى ذلك إن شاء اللّه تعالى (2).

ومن الدعوات في يوم الغدير ما وجدناه في نسخة عتيقة من كتب العبادات :

اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَرَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (3) ، وَرَبَّ الشَّفْعِ الْكَبِيرِ ، وَرَبَّ الْوِتْرِ الرَّفِيعِ ، سُبْحانَكَ مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، إِلهُ مَنْ فِي السَّماواتِ السَّبْعِ ، وَإِلهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ لا إِلهَ فِيهِما غَيْرُكَ ، جَبّارُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، لا جَبّارَ فِيهِما غَيْرُكَ ، مَلِكُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (4) لا مَلِكَ فِيهِما غَيْرُكَ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَبِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَبِمُلْكِكَ الْقَدِيمِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرَضُونَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَصْلَحَتْ بِهِ أُمُورُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ.

يا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ إِلاَّ أَنْتَ ،

ص: 289


1- الانعام : 98.
2- عنه البحار 98 : 302 - 307 ، روى مثله مع اختلاف في التهذيب 3 : 143 ، اخرج منه قطعات في الوسائل 5 : 224 و 8 : 89 البحار 35 : 318 ، إثبات الهداة 3 : 303 ، غاية المرام : 101 ، اللوامع : 374 ، جامع الأحاديث 7 : 398 ، مصباح المتهجّد 2 : 691.
3- سجر البحر : فاض.
4- ملك من في السماوات وملك من في الأرض ( خ ل ).

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا فَرْدُ يا وِتْرُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ، وَاجْعَلْ لَنا مِنْ أُمُورِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَاسْتَقْبِلْنا عَلى هُدى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ عَمَلَنا فِي الْمَرْفُوعِ الْمُتَقَبَّلِ.

وَهَبْ لَنا ما وَهَبْتَ لِأَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ مِنْ خَلْقِكَ ، فَانّا بِكَ مُؤْمِنُونَ ، وَعَلَيْكَ مُتَوَكِّلُونَ ، وَمَصِيرُنا إِلَيْكَ ، وَاجْمَعْ لَنا الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، وَاصْرِفْ عَنَّا الشَّرَّ كُلَّهُ بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ.

يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ، تُعْطِي الْخَيْرَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَصْرِفُ الشَّرَّ عَمَّنْ تَشاءُ ، أَعْطِنا جَمِيعَ ما سَأَلْناكَ مِنَ الْخَيْرِ ، وَامْنُنْ بِهِ عَلَيْنا بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إِنّا إِلَيْكَ راغِبُونَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

اللّهُمَّ اشْرَحْ بِالْقُرْآنِ صَدْرِي ، وَأَنْطِقْ بِالْقُرْآنِ لِسانِي ، وَنَوِّرْ بِالْقُرْآنِ بَصَرِي وَاسْتَعْمِلْ بِالْقُرْآنِ بَدَنِي ، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ.

اللّهُمَّ يا داحِيَ الْمَدْحُوّاتِ (1) ، وَيا بانِيَ الْمَبْنِيَّاتِ وَيا مُرْسِيَ الْمَرْسِيَّاتِ (2) ، وَيا جَبّارَ الْقُلُوبِ عَلى فِطْرَتِها ، شَقِيِّها وَسَعِيدِها ، وَيا باسِطَ الرَّحْمَةِ لِلْمُتَّقِينَ ، اجْعَلْ شَرائِفَ صَلَواتِكَ وَنَوامِيَ بَرَكاتِكَ وَرَأْفَتِكَ ، وَتَحِيَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ ، عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، الْفاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ ، وَالْخاتِمِ لِما سَبَقَ ، وَفاتِحِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ ، وَدافِعِ جَيْشاتِ الْأَباطِيلِ.

كَما حَمَّلْتَهُ فَاضْطَلَعَ (3) بِأَمْرِكَ مُسْتَبْصِراً فِي رِضْوانِكَ ، غَيْرَ ناكِلٍ (4) عَنْ قَدَمٍ ، وَلا مُنْثَنٍ عَنْ كَرَمٍ ، حافِظاً لِعَهْدِكَ ، قاضِياً لِنَفاذِ أَمْرِكَ ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ ،

ص: 290


1- المدحيات ( خ ل ) ، أقول : دحى الأرض : بسطها.
2- رسى : ثبت ورسخ.
3- اضطلع : قوى ، اضطلع بحمله : نهض به وقوى عليه.
4- نكل عن كذا : نكص وجبن.

وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ ، وَبَعِيثُكَ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ فَافْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً عِنْدَكَ ، وَأَعْطِهِ مِنْ بَعْدِ رِضاهُ الرِّضا ، مِنْ نُورِ ثَوابِكَ الْمَحْلُولِ وَعَطاءِ جَزائِكَ الْمَعْلُولِ ، اللّهُمَّ أَتْمِمْ لَهُ وَعْدَهُ بِانْبِعاثِكَ إِيّاهُ مَقْبُولَ الشَّفاعَةِ عِنْدَكَ مَرْضِيَّ الْمَقالَةِ ، ذا مَنْطِقٍ عَدْلٍ ، وَخُطْبَةٍ فَصْلٍ ، وَحُجَّةٍ وَبُرْهانٍ عَظِيمٍ. اللّهُمَّ اجْعَلْنا سامِعِينَ مُطِيعِينَ وَأَوْلِياءَ مُخْلِصِينَ ، وَرُفَقاءَ مُصاحِبِينَ.

اللّهُمَّ أَبْلِغْهُ مِنّا السَّلامَ ، وَارْدُدْ عَلَيْنا مِنْهُ السَّلامَ ، اللّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضاكَ ضَعْفِي وَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِناصِيَتِي ، وَاجْعَلِ الإِسْلامَ مُنْتَهى رِضاكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي ، وَإِنِّي ذَلِيلٌ فَأَعِزَّنِي ، وَإِنِّي فَقِيرٌ فَارْزُقْنِي.

ثمّ تقول مائة مرّة :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ.

ثمّ تقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَبِأَنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي كُلَّها ، صَغِيرَها وَكَبِيرَها ، مَغْفِرَةً تامَّةً يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تقول أربع مرّات :

اللّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَاومِنُ بِكَ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

ثمّ تقول :

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ فِي دِينِي وَأَمانَتِي وَنَفْسِي وَوَلَدِي وَمالِي وَجَمِيعِ أَهْلِ عِنايَتِي فِي حِماكَ الَّذِي لا يُسْتَباحُ ، وَفِي عِزِّكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَفِي سُلْطانِكَ الَّذِي لا يُسْتَضامُ ، وَفِي مُلْكِكَ الَّذِي لا يَبْلى ، وَفِي نِعَمِكَ الَّتِي لا تُحْصى ،

ص: 291

وَفِي ذِمَّتِكَ الَّتِي لا تُخْفَرُ ، وَفِي رَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَجارُ اللّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ.

وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ ، رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي كُلَّها بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ افْتَحْ لَنا بِطاعَتِكَ ، وَاخْتِمْ لَنا بِرِضْوانِكَ ، وَأَعِذْنا مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، السَّلامُ عَلَى الْحافِظِينَ الْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ يَوْمِي هذا ، وَخَيْرَ ما فِيهِ ، وَخَيْرَ ما أَمَرْتَ بِهِ وَخَيْرَ ما قَبْلَهُ ، وَخَيْرَ ما بَعْدَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ يَوْمِي هذا وَشَرِّ ما فِيهِ وَشَرِّ ما قَبْلَهُ وَشَرِّ ما بَعْدَهُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَهُداهُ ، اللّهُمَّ افْتَحْ لِي بِخَيْرٍ وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ ، وَاخْتِمْهُ عَلَيَّ بِخَيْرٍ ، اللّهُمَّ افْتَحْهُ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ ، وَاخْتِمْهُ عَلَيَّ بِرِضْوانِكَ ، اللّهُمَّ مَنْ كادَنِي فِي يَوْمِي هذا بِسُوءٍ فَاكْفِنِيهِ ، وَقِنِي شَرَّهُ ، وَارْدُدْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ.

اللّهُمَّ ما أَنْزَلْتَ فِي يَوْمِي هذا مِنْ خَيْرٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَوْ شِفاءٍ ، أَوْ فَرَجٍ أوْ عافِيَةٍ أَوْ رِزْقٍ ، فَاجْعَلْ لِي فِيهِ نَصِيباً وافِراً حَسَناً ، وَما أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنْ مَحْذُورٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ بَلِيَّةٍ أَوْ شِقاءٍ فَاصْرِفْهُ عَنِّي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلْ بَدْوَ يَوْمِي هذا فَلاحاً وَأَوْسَطَهُ صَلاحاً وَآخِرَهُ نَجاحاً ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ ، وَأَوْسَطُهُ جَزَعٌ ، وَآخِرُهُ وَجَعٌ ، اللّهُمَّ بِرَأْفَتِكَ أَرْجُو رَحْمَتِكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ أَرْجُو رِضْوانَكَ ، وَبِرِضْوانِكَ أَرْجُو الْجَنَّةَ فَلا تُؤَاخِذْنِي بِذَنْبِي ، وَلا تُعاقِبْنِي بِسُوءِ عَمَلِي.

ص: 292

اللّهُمَّ اجْعَلْ حَياتِي ما احْيَيْتَنِي زِيادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ وَفاتِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي راحَةً مِنْ كُلِّ شَرٍّ ، وَنَجاةً لِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ ، وَأَرْجُوكَ وَلا أَرْجُو غَيْرَكَ وَأَذْكُرُكَ وَلا أَنْساكَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ سَلَفَ مِنِّي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَكَفِّرْهُ عَنِّي وَأَبْدِلْنِي بِهِ حَسَناتٍ وَتَقَبَّلْ مِنِّي كُلَّ خَيْرٍ عَمِلْتُهُ لَكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ مُنْذُ خَلَقْتَنِي ، وَارْفَعْهُ لِي عِنْدَكَ فِي الرَّفِيعِ الْأَعْلى ، وَأَعْطِنِي عَلَيْهِ الثَّوابَ الْكَثِيرَ بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ جَوادٌ لا يَبْخَلُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْكَ فَاكْفِنِي ، وَأَصْبَحْتُ فَقِيراً إِلَيْكَ فَأَغْنِنِي ، وَأَصْبَحْتُ لا أَعْرِفُ رَبّاً غَيْرَكَ فَاغْفِرْ لِي ، وَأَصْبَحْتُ مُقِرّاً لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ مُعْتَرِفاً لَكَ بِالْعُبُودِيَّةِ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، إِلهاً واحِداً أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، فَبَلَّغَ رِسالاتِهِ وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ ، وَجاهَدَ فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَعَبَدَهُ حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنّارَ حَقٌّ وَالْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنِّي أُومِنُ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبِمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ.

اللّهُمَّ فَاكْتُبْ لِي هذِهِ الشَّهادَةَ عِنْدَكَ ، وَلَقِّنِيها عِنْدَ حاجَتِي إِلَيْها وَأَحْيِنِي عَلَيْها وَابْعَثْنِي عَلَيْها وَاحْشُرْنِي عَلَيْها وَاجْزِنِي جَزاءَ مَنْ لَقِيَكَ بِها مُخْلِصاً ، غَيْرَ شاكٍ فِيها وَلا مُرْتَدٍّ عَنْها وَلا مُبَدِّلَ لَها آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ الْأَخْيارِ وَسَلَّمَ كَثِيراً ، سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ وَاسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، غَفّارُ الذُّنُوبِ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، الْأَوَّلِ

ص: 293

فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ ، وَالآخِرِ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ ، وَالظّاهِرِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ ، وَالْباطِنِ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا تَبْدِيلَ لِقَوْلِهِ ، وَلا مُعادِلَ لِحُكْمِهِ ، وَلا رادَّ لِقَضائِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْخالِقِ لَهُ ، وَالآخِرِ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْوارِثِ لَهُ.

وَالظَّاهِرِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَالْوَكِيلِ عَلَيْهِ ، وَالْباطِنِ دُونَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُحِيطِ بِهِ ، الَّذِي عَلا فَقَهَرَ ، وَمَلِكَ فَقَدَرَ ، وَبَطَنَ فَخَبَرَ ، دَيّانِ الدِّينِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَفِي النَّهارِ إِذا تَجَلّى ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الاخِرَةِ وَالأُولى ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما حَمِدْتَ نَفْسَكَ وَكَما أَنْتَ أَهْلُهُ وَكَما حَمِدَكَ الْحامِدُونَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما أَحْصى كِتابُكَ وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ زِنَةَ عَرْشِكَ وَمِدادَ كَلِماتِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَعِزِّ جَلالِكَ ، وَعِظَمِ سُلْطانِكَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خالِداً بِخُلُودِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً دائِماً بِدَوامِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا أَمَدَ لَهُ دُونَ بُلُوغِ مَشِيَّتِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً لا يَتَناهى دُونَ مُنْتَهى عِلْمِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَبْلُغُ رِضاكَ وَيُوجِبُ مَزِيدَكَ ، وَيُؤْمِنُ مِنْ غَيْرِكَ ، فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ.

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَيُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ الدَّائِمِ الْقائِمِ ، سُبْحانَ الْمَلِكِ الْحَقِّ ، سُبْحانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلى ،

ص: 294

سُبْحانَهُ وَتَعالى ، سُبْحانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحانَ اللّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، سُبْحانَ مَنْ تَواضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ ، سُبْحانَ مَنْ ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِهِ ، سُبْحانَ مَنْ خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكَتِهِ ، سُبْحانَ مَنِ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ ، سُبْحانَ مَنِ انْقادَتْ لَهُ الأُمُورُ بِأَزِمَّتِها ، سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ.

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ السَّمِيعُ الْعَظِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ إِلهاً واحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْباقِي بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْقادِرُ عَلَيْهِ وَالْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ.

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَدْعُوكَ وَأَنْتَ قُلْتَ : ( قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ) (1) ، إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِدُعائِكَ وَوَعَدْتَ إِجابَتَكَ وَلا خُلْفَ لِوَعْدِكَ ، فَانِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، كَما سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ ذَكَرْتَهُ فِي كِتابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، يا بَدِيءُ لا بَدْءَ لَكَ ، يا دائِمُ لا نَفادَ لَكَ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ (2) يا مُحْيِي يا مُمِيتُ ، يا قائِماً عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ.

ص: 295


1- الإسراء : 110.
2- يا حي يا قديم يا قيوم ( خ ل ).

يا أَحَدُ يا وِتْرُ يا فَرْدُ يا صَمَدُ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، يا مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا رَبَّ الْأَرضِينَ وَما أَقَلَّتْ ، وَالسَّماواتِ وَما أَظَلَّتْ ، وَالرِّياحِ وَما ذَرَتْ ، يا خالِقَ كُلِّ شَيْءٍ ، يا زَيْنَ السَّماواتِ وَالْأَرضِينَ يا عِمادَ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ يا قَيُّومَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَيا مَعاذَ الْعائِذِينَ وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيا مُنَفِّساً عَنِ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيا مُفَرِّجاً عَنِ الْمَغْمُومِينَ ، وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ الدَّاعِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَيا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَيا آخِرَ الاخِرِينَ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَجَلِّ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ ، الظَّاهِرِ الْباطِنِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْمُقَدَّسِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الْفَرْدِ ، الَّذِي مَلأَ الْأَرْكانَ كُلَّها ، الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ ، وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ وَأَكْرَمِ ، وَأَعْلى وَأَكْمَلِ ، وَأَعَزِّ وَأَعْظَمِ ، وَأَشْرَفِ وَأَزْكى ، وَأَنْمى وَأَطْيَبِ ، ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ الْمُصْطَفِينَ وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ.

اللّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ ، وَثَقِّلْ مِيزانَهُ ، وَابْعَثْهُ الْمَقامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفاعَتَهُ ، وَاجْزِهِ عَنّا أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَعَلى آلِ إِبْراهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَعِبادِكَ الصّالِحِينَ وَصَلِّ عَلَيْنا مَعَهُمْ إِنَّكَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَما وَلَدا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، حَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ ، شاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ ، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَهُمْ وَمَثْواهُمْ ،

ص: 296

اللّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِاخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ، رَبَّنا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.

اللّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا أَئِمَّتَنا وَقُضاتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا وَجَماعَتَنا وَدِينَنَا الَّذِي ارْتَضَيْتَ لَنا ، اللّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ.

اللّهُمَّ إِنِّي مِنْ عِبادِكَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَسْرَفُوا عَلَيْها وَاسْتَوْجَبُوا الْعَذابَ بِالْحُجَجِ اللاّزِمَةِ ، وَالذُّنُوبِ الْمُوبِقَةِ (1) ، وَالْخَطايا الْمُحِيطَةِ بِهِمْ ، وَقَدْ قُلْتَ : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا ) (2) ( مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (3) ، لا خُلْفَ لِوَعْدِكَ ، وَلا مُبَدِّلَ لِقَوْلِكَ.

اللّهُمَّ لا تَقْنُطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تُؤْيِسْنِي مِنْ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبادِكَ الَّذِينَ تَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ ، وَتُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَخُذْ بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقَلْبِي وَجَوارِحِي كُلِّها إِلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَإلِهِ ، وَإِلى أَحَبِّ الْأَعْمالِ إِلَيْكَ.

وَارْزُقْنِي تَوْبَةً نَصُوحاً أَسْتَوْجِبُ بِها مَحَبَّتَكَ ، وَأَسْتَحِقُّ مَعَها جَنَّتَكَ ، وَتُوقِينِي مِنْ عَذابِكَ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيائِكَ وَأَنْصارِكَ الَّذِينَ تُعِزُّ بِهِمْ دِينَكَ ، وَتَنْتَقِمُ بِهِمْ مِنْ عَدُوِّكَ ، وَتَخْتِمُ لَهُمْ بِالسَّعادَةِ وَالشَّهادَةِ ، تُحْيِيهِمْ حَياةً طَيِّبَةً ، وَتَقْلِبُهُمْ مُنْقَلَباً كَرِيماً وَتُؤْتِيهِمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَتَقِيهمْ عَذابَ النَّارِ.

اللّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ ، وَرَحْمَتَكَ وَعَفْوَكَ وَفَضْلَكَ أَعْظَمُ مِنْها وَأَكْثَرُ وَأَوْسَعُ ، فَانْشُرْ عَلَيَّ مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَعِظَمِ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ ما تُنْجِينِي بِهِ مِنَ النّارِ وَتُدْخِلُنِي بِهِ الْجَنَّةَ.

ص: 297


1- الموبق : المهلك.
2- قنط : يئس.
3- الزمر : 53.

اللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ اسْتَغَثْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَاسْتَجَرْتُ فَأَغِثْنِي ، وَأَجِرْنِي مِنْ ذُنُوبِي ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ وَعَفْوِكَ عَمّا ظَلَمْتُ بِهِ نَفْسِي خاصَّةً ، يا إِلهِي ، وَخَلِّصْنِي مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ قِبَلِي ، وَاسْتَوْهِبْنِي مِنْهُ وَاغْفِرْ لِي وَعَوِّضْهُ مِنْ فَضْلِكَ وَطَوْلِكَ وَجَزِيلِ ثَوابِكَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ بِذلِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ ما مَضى مِنْ حُسْنِ عَمَلِي مَقْبُولاً وَما فَرَطَ مِنِّي مِنْ سَيِّئَةٍ مَغْفُوراً ، وَما أَسْتَأْنِفُ مِنْ عُمْرِي أَوَّلَهُ صَلاحاً وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً وَآخِرَهُ نَجاحاً ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ وَسُوءِ الْقَضاءِ وَشَرِّ الْعَمَلِ وَدَرَكِ الشَّقاءِ وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمالِ وَالْوَلَدِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبِ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ ، وَعَمَلٍ لا يَنْفَعُ وَدُعاءٍ لا يُسْمَعُ ، اللّهُمَّ سَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مِنِّي ، وَعافِنِي وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تُؤاخِذْنِي بِذُنُوبِي ، وَلا تُقايِسْنِي بِعَمَلِي ، وَلا تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ وَعافِنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ.

اللّهُمَّ أَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَآمِنْ رَوْعَتِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدى وَالتُّقى وَالْعِفافَ وَالْكِفافَ وَالْغِنى ، وَالْعَمَلَ بِما تُحِبُّ وَتَرْضى ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ اشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ أَوْ لا أَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما أَعْلَمُ وَلِما لا أَعْلَمُ.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلِ الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمِّي وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي حَدٍّ ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُنِي ، وَلا تُسَلِّطْنِي عَلى أَحَدٍ بِظُلْمٍ فَتُهْلِكُنِي ، اللّهُمَّ اجْعَلْ حَياتِي زِيادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ وَفاتِي راحَةً لِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

اللّهُمَّ إِنَّ ذُلِّي أَصْبَحَ وَأَمْسى مُسْتَجِيراً بِعِزَّتِكَ وَفَقْرِي مُسْتَجِيراً بِغِناكَ ، وَذُنُوبِي مُسْتَجِيرَةً بِرَحْمَتِكَ ، وَوَجْهِيَ الْبالِي الْفانِي مُسْتَجِيرَةً بِوَجْهِكَ الْباقِي الدَّائِمِ الْكَرِيمِ ، فَكُنْ لِي جاراً مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ ما أَعْطَيْتَنِي مِنْ عَطاءٍ أَوْ قَضَيْتَ عَلَيَّ مِنْ قَضاءٍ ، فَاجْعَلِ الْخِيَرَةَ لِي فِي بَدْئِهِ وَعاقِبَتِهِ ، وَارْزُقْنِي الْعافِيَةَ وَالسَّلامَةَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 298

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكى وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَرَسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَإِمامِ الْمُتَّقِينَ ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا رَبِّ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ ، وَالصِّدْقِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تُدْخِلَنِي النَّارَ ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِ (1) أَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلِيَّةٍ تَحْمِلُنِي ضَرُورَتُها عَلَى التَّعَرُّضِ بِشَيْءٍ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي حالٍ كُنْتُ اوْ أَكُونُ فِيها فِي يُسْرٍ أَوْ عُسْرٍ أَظُنُّ أَنَّ مَعاصِيَكَ أَنْجَحُ لِي مِنْ طاعَتِكَ.

وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ قَوْلاً مِنْ طاعَتِكَ أَلْتَمِسُ بِهِ رِضا سِواكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَسْعَدَ بِما آتَيْتَنِي مِنِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَكَلَّفَ طَلَبَ ما لَيْسَ لِي وَما لَمْ تَقْسِمْهُ لِي ، وَما قَسَمْتَ لِي مِنْ قِسْمٍ أَوْ رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ فَأْتِنِي بِهِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ حَلالاً طَيِّباً.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَحْزَحَ (2) بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، أَوْ باعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَوْ تَصْرِفَ بِهِ حَظِّي أَوْ صَرَفَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَحُولَ خَطِيئَتِي أَوْ ظُلْمِي أَوْ جُرْمِي أَوْ إسْرافِي عَلى نَفْسِي أَوْ اتِّباعِي هَوايَ أَوْ اسْتِعْمالِي شَهْوَتِي دُونَ مَغْفِرَتِكَ وَثَوابِكَ وَرِضْوانِكَ وَنائِلِكَ ، وَبَرَكاتِكَ وَمَوْعِدِكَ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّرَرِ فِي الْمَعِيشَةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَبْتَلِيَنِي بِبَلاءٍ لا طاقَةَ لِي بِهِ ، أَوْ تُسَلِّطَ عَلَيَّ طاغِياً أَوْ تَهْتِكَ لِي سِتْراً ، أَوْ تُبْدِيَ لِي عَوْرَةً ، أَوْ تُحاسِبَنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ مُناقَشَةً أَحْوَجَ ما أَكُونُ إِلى تَجاوُزِكَ وَعَفْوِكَ عَنِّي.

وَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِماتِكَ التّامَّاتِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَتُعْطِيَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ ما سَأَلَكَ وَأَفْضَلَ ما سُئِلْتَ لَهُ وَأَفْضَلَ

ص: 299


1- يا رب ( خ ل ).
2- زحزحه عن مكانه : باعده ، الزحزح : البعد.

ما أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النّارِ.

يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَيا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ ، وَيا إِلهَ الْعالَمِينَ ، وَيا سَيِّدَ السَّاداتِ ، وَيا جَبَّارَ الْجَبابِرَةِ ، وَيا أَفْضَلَ مَنْ سُئِلَ وَ (1) أَكْرَمَ مَنْ أَعْطى وَأَحَقَّ مَنْ تَجاوَزَ وَعَفى وَرَحِمَ وَتَفَضَّلَ بإحْسانِهِ الْقَدِيمِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحانَهُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَفْلَحَ سائِلُكَ ، وَتَعالى جَدُّكَ (2) ، وَامْتَنَعَ عائِذُكَ ، أَعِذْنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ ، حَسْبِيَ اللّهُ وَكَفى ، سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ دَعا ، لَيْسَ وَراءَ اللّهِ مُنْتَهى.

اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ مَنْ كادَنِي وَبَغى عَلَيَّ ، مِنَ الْجِنِّ وَالانْسِ ، ناصِيَتِي وَناصِيَتُهُ بِيَدِكَ ، فَادْفَعْ فِي نَحْرِهِ وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّهِ ، بِعِزَّتِكَ الَّتِي لا تُرامُ وَبِقُدْرَتِكَ الَّتِي لا يَمْتَنِعُ مِنْها بَرٌّ وَلا فاجِرٌ ، وَبِكَلِماتِكَ الْحُسْنى.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى هَوْلِ الدُّنْيا وَبَوائِقِ (3) الاخِرَةِ ، وَمُصِيباتِ اللَّيالِي وَالْأَيَّامِ ، اللّهُمَّ اصْحِبْنِي فِي سَفَرِي وَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي (4) وَبارِكْ لِي فِيما رَزَقْتَنِي ، وَلَكَ فَذَلِّلْنِي وَعَلى خُلْقٍ حَسَنٍ صالِحٍ فَقَوِّمْنِي ، وَإِلَيْكَ فَحَبِّبْنِي وَإِلَى النَّاسِ فَلا تَكِلْنِي ، رَبَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

وَأَنْتَ رَبِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، وَكَشَفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، أَنْ يَنْزِلَ بِي سَخَطَكَ ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبَكَ وَمِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ وَمِنْ جَمِيعِ سَخَطِكَ ، لَكَ

ص: 300


1- ويا ( خ ل ).
2- الجدّ : الحظ ، الحظوة ، يقال : تعس جده : خسر أو هلك.
3- البائقة : الشر ، الداهية.
4- ومالي ( خ ل ).

الْعُتْبى عِنْدِي فِيما اسْتَطَعْتُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ لَسْتَ بِرَبٍّ اسْتَحْدَثْناكَ ، وَلا كانَ مَعَكَ إِلهٌ أَعانَكَ [ تَعالَى اللّهُ عَ ] (1) مّا ما يَقُولُ الْقائِلُونَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ إِذا نَزَلَ بِي ، وَاجْعَلْ لِي فِيهِ راحَةً وَفَرَجاً ، اللّهُمَّ فَكَما (2) حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلْقِي ، اللّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضاكَ ضَعْفِي ، وَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِناصِيَتِي ، وَاجْعَلِ الإِسْلامَ مُنْتَهى رِضايَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَاشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، أَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ عَرْشِكَ إِلى قَرارِ أَرْضِكَ السَّابِعَةِ باطِلٌ ما خَلا وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، الدّائِم الَّذِي لا يَزُولُ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْشِفْ ما بِي مِنْ ضُرٍّ ، وَحَوِّلْهُ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ، وَانَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَانَّ مَيْسُورَ الْعَسِيرِ عَلَيْكَ يَسِيرٌ.

اللّهُمَّ يَسِّرْ مِنْ أَمْرِي ما عُسِرَ ، وَسَهِّلْ ما صَعُبَ ، وَلَيِّنْ ما غَلُظَ ، وَفَرِّجْ ما لا يُفَرِّجُهُ أَحَدٌ غَيْرُكَ ، بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الدّائِمِ التَّامِّ ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَبِحَقِّ الرُّوحانِيِّينَ الَّذِينَ لا يَفْتُرُونَ إِلاَّ بِتَعْظِيمِ عِزِّ جَلالِكَ ، وَبِالثَّناءِ عَلَيْكَ ، وَلا يَبْلُغُونَ ما أَنْتَ مُسْتَحِقُّهُ مِنْ عَظِيمِ عِزِّكَ وَعُلُوِّ شَأْنِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ، وَبِالاسْمِ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فَلَقْتَ (3) بِهِ الْبَحْرَ لِمُوسى بْنِ عِمْرانَ فَصارَ كُلُّ فرقٍ كَالطَّوْدِ (4) الْعَظِيمِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي ذَلَّ لَهُ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ.

ص: 301


1- هو الظاهر.
2- كما ( خ ل ).
3- فلق الشّيء : شقّه.
4- الطود : الجبل العظيم.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهارِ فَأَضاءَ وَعَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ التَّوَّابِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَتَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ، وَتَغْفِرَ لِوالِدَيَّ كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ، وَعَلِّمانِي كِتابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ ، وَتُدْخِلَ عَلَيْهِما رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً ، وَبَدِّلْ سَيِّئاتِهِما حَسَناتٍ وَتَقَبَّلْ مِنْهُمَا ما أَحْسَنا ، وَتَجاوَزْ عَنْهُما ما أَساءا ، فَإِنَّكَ أَوْلى بِالْجُودِ ، وَاجْعَلْهُما مِنَ الَّذِينَ رَضِيتَ عَنْهُمْ ، وَأَسْكَنْتَهُمْ جَنَّاتِكَ النَّعِيمِ بِرَحْمَتِكَ لا بِأَعْمالِهِمْ ، تَفَضُّلاً مِنْكَ عَلَيْهِمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَعِزَّتِكَ وَسُلْطانِكَ.

يا مَنْ لَهُ الْحَمْدُ وَلا يَنْبَغِي الْحَمْدُ إِلاّ لَهُ ، يا كَرِيمَ الإِحْسانِ ، يا مَنْ يَبْقى وَيَفْنى كُلُّ شَيْءٍ ، يا مَنْ يَرى وَلا يُرى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، وَمَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ رَءُوفٌ وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قابِلٌ شَهِيدٌ ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِالاسْمِ الَّذِي وَضَعْتَ بِهِ الْجِبَالَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْتَقَرَّتْ ، وَبِالاسْمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى السَّماواتِ فَاسْتَقَلَّتْ ، أَنْ تُنْجِيَنِي مِنَ النَّارِ ، وَتُجِيزَنِي الصِّراطَ بِقُدْرَتِكَ ، وَوالِدَيَّ وَحامَّتِي (1) وَقَرابَتِي (2) وَجِيرانِي وَمَنْ أَحَبَّنِي ، وَكُلَّ ذِي رَحِمٍ فِي الإِسْلامِ دَخَلَ إِلَيَّ ، بِنُورِكَ الَّذِي لا يُطْفَأُ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا تُرامُ ، وَاكْفِنِي ما لا يَكْفِنِيهِ أَحَدٌ سِواكَ ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَاسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ الْجَمِيلِ ، وَعافِنِي بِقُدْرَتِكَ مِنْ عَذابِكَ وَعِقابِكَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ عالِمٌ غَيْرُ مُتَعَلِّمٍ ، وَأَنْتَ عالِمٌ بِحالِي وَأَمْرِي ، فَاجْعَلْ لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ نَصِيباً وَإِلى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْ لِي سَهْماً فِي دُعاءِ مَنْ دَعاكَ رَجاءَ الثَّوابِ مِنْكَ فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَتَقَبَّلْ دُعاءَهُمْ وَأَعِنْهُمْ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا يُقْدَرُ عَلَيْكَ ، وَلا يَدْفَعُ الْبَلاءَ غَيْرُكَ.

ص: 302


1- الحامة : خاصة الرجل من أهله وولده الذين يهتم لهم.
2- قراباتي ( خ ل ).

يا مَعْرُوفاً بِالإِحْسانِ وَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ أَنْتَ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ ، وَأَنْتَ مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَأَنْتَ تَخْتارُ لِعِبادِكَ ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنِ اخْتَرْتَهُ لِطاعَتِكَ ، وَأَمِنْتَهُ مِنْ عَذابِكَ يَوْمَ يَخْسُرُ الْمُبْطِلُونَ ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ.

وَاخْتَرْنِي وَاخْتَرْ وُلْدِي فَقَدْ خَلَقْتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ ، وَرَزَقْتَ فَأَفْضَلْتَ ، فَتَمِّمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَهْلِ عِنايَتِي ، وَأَوْسِعْ عَلَيْنا فِي رِزْقِكَ ، وَلا تُشْمِتْ (1) بِنا عَدُوّاً وَلا حاسِداً ، وَلا باغِياً وَلا طاغِياً ، وَاحْرُسْنا بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ.

اللّهُمَّ هذَا الدُّعاءُ وَعَلَيْكَ الإِجابَةُ ، وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ وَعَلَيْكَ التَّكِلانُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ، وَحَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (2).

ومن الدّعوات في يوم الغدير من رواية أخرى :

اللّهُمَّ بِنُورِكَ اهْتَدَيْتُ ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ ، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (3) ، وَقُلْتَ : ( ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) (4) ، وَقُلْتَ : ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) (5).

اللّهُمَّ فَانِّي أَسْأَلُكَ وَاشْهِدُكَ وَاشْهِدُ مَلائِكَتَكَ أَنَّكَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ نَبِيِّي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَأَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَوْلايَ وَوَلِيِّي عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي فِي هذا الْيَوْمِ ، وَفِي هذَا الْوَقْتِ ، ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَتُصْلِحَنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي.

ص: 303


1- شمت بفلان : فرح ببليته.
2- عنه البحار 98 : 308 - 318.
3- النساء : 64.
4- الفرقان : 77.
5- البقرة : 186.

اللّهُمَّ إِيماناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِكَ ، حَتّى أَكُونَ عَلَى النَّهْجِ الَّذِي تَرْضاهُ ، وَالطَّرِيقِ الَّذِي تُحِبُّهُ ، فَإِنَّكَ عُدَّتِي عِنْدَ شِدَّتِي وَوَلِيُّ نِعْمَتِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْحَةً مِنْ نَفَحاتِكَ كَرِيمَةً تَلُمُّ بِها شَعْثِي (1) ، وَتُصْلِحُ بِها شَأْنِي ، وَتُوَسِّعُ بِهَا رِزْقِي ، وَتَقْضِيَ بِهَا دَيْنِي ، وَتُعِينُنِي بِها عَلى جَمِيعِ أُمُورِي ، فَإِنَّكَ عِنْدَ شِدَّتِي ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُصْلِحَ لِي أَحْوالَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يَسْأَلِ السَّائِلُونَ أَكْرَمَ مِنْكَ ، وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يَطْلُبِ الطّالِبُونَ إِلى أَحَدٍ أَجْوَدَ مِنْكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُبَلِّغَنِي فِي هذا الْيَوْمِ امْنِيَّةَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، اللّهُمَّ فارِجَ الْغَمِّ وَمُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، اللّهُمَّ فارِجَ الْغَمِّ إِنِّي مَغْمُومٌ فَفَرِّجْ عَنِّي ، اللّهُمَّ إِنِّي مَهْمُومٌ فَاكْشِفْ هَمِّي.

اللّهُمَّ إِنِّي مُضْطَرٌّ فَسَهِّلْ لِي ، اللّهُمَّ إِنِّي مَدْيُونٌ فَاقْضِ دَيْنِي ، اللّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ ضَعْفِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ رِزْقاً واسِعاً حَلالاً طَيِّباً ، أَسْتَعِينُ بِهِ وَأَعِيشُ بِهِ بَيْنَ خَلْقِكَ ، رِزْقاً مِنْ عِنْدِكَ لا أَبْذُلُ فِيهِ وَجْهِي لِأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ ، أَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَما وَلَدا وَأَهْلِ قَرابَتِي وَإِخْوانِي مَنْ عَرَفْتُ وَمَنْ لَمْ أَعْرِفْ ، اللّهُمَّ اجْزِهِمْ بِأَحْسَنِ أَعْمالِهِمْ وَأَوْصِلْ إِلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ وَالسُّرُورَ ، وَاحْشُرْهُمْ مَعَ رَسُولِكَ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلِيائِهِمْ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ (2).

ومن الدّعوات في يوم الغدير ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ المفيد رضوان اللّه عليه :

ص: 304


1- الشعث : انتشار الأمر وخلله ، يقال : لمّ اللّه شعثهم : جمع أمرهم.
2- عنه البحار 98 : 319.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ ، وَالشَّأْنِ وَالْقَدْرِ الَّذِي خَصَّصْتَهُما بِهِ دُونَ خَلْقِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَأَنْ تَبْدَأَ بِهِما فِي كُلِّ خَيْرٍ عاجِلٍ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَئِمَّةِ الْقادَةِ ، وَالدُّعاةِ السّادَةِ ، وَالنُّجُومِ الزّاهِرَةِ ، وَالْأَعْلامِ الْباهِرَةِ ، وَساسَةِ الْعِبادِ ، وَأَرْكانِ الْبِلادِ ، وَالنَّاقَةِ الْمُرْسَلَةِ ، وَالسَّفِينَةِ النّاجِيَةِ الْجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ (1).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، خُزّانِ عِلْمِكَ وَأَرْكانِ تَوْحِيدِكَ ، وَدَعائِمِ دِينِكَ ، وَمَعادِنِ كَرامَتِكَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، الأَتْقِياءِ النُّجَباءِ الْأَبْرارِ ، وَالْبابِ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ أَتاهُ نَجى وَمَنْ أَباهُ هَوى.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، أَهْلِ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَسْأَلَتِهِمْ ، وَذَوِي الْقُرْبى الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَّدَتِهِمْ ، وَفَرَضْتَ حَقَّهُمْ ، وَجَعَلْتَ الْجَنَّةَ مَعادَ مَنِ اقْتَفى (2) آثارَهُمْ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما أَمَرُوا بِطاعَتِكَ ، وَنَهَوْا عَنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَدَلُّوا عِبادَكَ عَلى وَحْدانِيَّتِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَنَجِيبِكَ (3) وَصَفْوَتِكَ وَأَمِينِكَ وَرَسُولِكَ إِلى خَلْقِكَ ، وَبِحَقِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَعْسُوبِ الدِّينِ ، وَقائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجِّلِينَ ، الْوَصِيِّ الْوَفِيِّ ، وَالصِّدِيقِ الْأَكْبَرِ ، وَالْفارُوقِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ وَالشّاهِدِ لَكَ ، وَالدّالِّ عَلَيْكَ ، وَالصّادِعِ بِأَمْرِكَ ، وَالْمُجاهِدِ فِي سَبِيلِكَ ، لَمْ تَأْخُذْهُ فِيكَ لَوْمَةُ لائِمٍ.

أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي فِي هذَا الْيَوْمِ الَّذِي عَقَدْتَ فِيهِ لِوَلِيِّكَ الْعَهْدَ فِي أَعْناقِ خَلْقِكَ وَأَكْمَلْتَ لَهُمُ الدِّينَ مِنَ الْعارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ وَالْمُقِرِّينَ بِفَضْلِهِ ، مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النّارِ ، وَلا تُشْمِتْ بِي

ص: 305


1- اللجّة : معظم الماء ، غمر الماء : علاه وغطّاه.
2- اقتصّ ( خ ل ) ، أقول : اقتفى الشّيء : اختاره ، اقتص أثره : اتبعه.
3- نجيك ( خ ل ).

حاسِدِي النِّعَمِ.

اللّهُمَّ فَكَما جَعَلْتَهُ عِيدَكَ الْأَكْبَرَ وَسَمَّيْتَهُ فِي السَّماءِ يَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ ، وَفِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْمِيثاقِ الْمَأْخُوذِ ، وَالْجَمْعِ الْمَسْؤُولِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَقْرِرْ بِهِ عُيُونَنا ، وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَنا ، وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا (1) ، وَاجْعَلْنا لِأَنْعُمِكَ مِنَ الشّاكِرِينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَّفَنا فَضْلَ هذا الْيَوْمِ ، وَبَصَّرَنا حُرْمَتَهُ ، وَكَرَّمَنا بِهِ ، وَشَرَّفَنا بِمَعْرِفَتِهِ ، وَهَدانا بِنُورِهِ ، يا رَسُولَ اللّهِ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكُما وَعَلى عِتْرَتِكُما وَعَلى مُحِبِّيكُما مِنِّي أَفْضَلُ السَّلامِ ، ما بَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، وَبِكُما أَتَوَجَّهُ إِلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُما فِي نَجاحِ طَلِبَتِي وَقَضاءِ حَوائِجِي وَتَيْسِيرِ أُمُورِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَلْعَنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّ هذَا الْيَوْمِ وَأَنْكَرَ حُرْمَتَهُ ، فَصَدَّ عَنْ سَبِيلِكَ لِاطْفاءِ نُورِكَ ، فَأَبَى اللّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.

اللّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ ، وَاكْشِفْ عَنْهُمْ وَبِهِمْ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْكُرُباتِ ، اللّهُمَّ امْلاءِ الْأَرْضَ بِهِمْ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً ، وَأَنْجِزْ لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (2).

فصل (16): فيما نذكره من زيارة لأمير المؤمنين عليه السلام ، يزار بها بعد الصلاة والدعاء يوم الغدير السعيد ، من قريب أو بعيد

روى عدّة من شيوخنا عن أبي عبد اللّه محمد بن أحمد الصفواني من كتابه بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، فادن من

ص: 306


1- وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب ( خ ل ).
2- عنه البحار 98 : 320.

قبره بعد الصّلاة والدعاء ، وان كنت في بعد فأوم إليه بعد الصلاة ، وهذا الدعاء :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَأَخِي نَبِيِّكَ ، وَوَزِيرِهِ وَحَبِيبِهِ ، وَخَلِيلِهِ وَمَوْضِعِ سِرِّهِ ، وَخِيرَتِهِ مِنْ اسْرَتِهِ ، وَوَصِيِّهِ وَصَفْوَتِهِ ، وَخالِصَتِهِ وَامِينِهِ وَوَلِيِّهِ وَاشْرَفِ عِتْرَتِهِ ، الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ ، وَابِي ذُرِّيَّتِهِ وَبابَ حِكْمَتِهِ ، وَالنّاطِقِ بِحُجَّتِهِ ، وَالدّاعِي إِلى شَرِيعَتِهِ وَالْماضِي عَلى سُنَّتِهِ (1) ، وَخَلِيفَتِهِ عَلى أُمَّتِهِ ، سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَأَصْفِيائِكَ وَأَوْصِياءِ أَنْبِياءِكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي اشْهَدُ انَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ نَبِيِّكَ ما حَمَّلَ ، وَرَعى ما اسْتُحْفِظَ ، وَحَفِظَ ما اسْتُودِعَ ، وَحَلَّلَ حَرامَكَ ، وَحَرَّمَ حَرامَكَ ، وَأَقامَ أَحْكامَكَ ، وَدَعى إِلى سَبِيلِكَ ، وَوالى أَوْلِياءَكَ ، وَعادى أَعْداءَكَ ، وَجاهَدَ النَّاكِثِينَ (2) عَنْ سَبِيلِكَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ عَنْ امْرِكَ ، صابِراً مُحْتَسِباً غَيْرَ مُدْبِرٍ ، لا تَأْخُذُهُ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، حَتَّى بَلَغَ فِي ذلِكَ الرِّضا سَلَّمَ الَيْكَ الْقَضاءَ ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً ، وَنَصَحَ لَكَ مُجْتَهِداً ، حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ.

فَقَبَضْتَهُ الَيْكَ شَهِيداً سَعِيداً ، وَلِيّاً تَقِيّاً رَضِيّاً زَكِيّاً ، هادِيّاً مَهْدِيّاً ، اللّهُمَّ صَل عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَأَصْفِيائِكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ (3).

فصل (17): فيما نذكره ممّا ينبغي أن يكون عليه حال أولياء هذا العيد السّعيد في اليوم المعظّم المشار إليه

أعلم إنّنا قد ذكرنا في عيد الفطر وعيد الأضحى وغيرهما فيما مضى ، ما يكون

ص: 307


1- سننه ( خ ل ).
2- نكث العهد : نقضه ونبذه.
3- عنه البحار 100 : 273.

الإنسان عليه مع اللّه جلّ جلاله في تحصيل كمال العفو والرضا ، وإذا عرفت كما قدّمناه فضل عيد الغدير على كلّ وقت ذكرناه.

فينبغي ان تكون في هذا العيد على قدر فضله على كلّ يوم سعيد ، فتكون عند المجالسة لشرف تلك الأوقات ، كما لو جالست مماليك سلطان معظمين في الحرمات والمقامات ، وتكون في عيد الغدير كما لو جالست سلطان أولئك المماليك المعظمين ، وصاحبت مولاهم الّذي هم علاقة عليه في أمور الدنيا والدين.

فاجتهد في احترام ساعاته والتزام حقّ حرماته وصحبته لشكر اللّه جلّ جلاله على تشريفك بمعرفته وتأهليك لكرامته ، وتجميلك بتجديد نعمته.

وقد قدّمنا في اخبار فضله آدابا وأسبابا يعملها المسعودون في ذلك اليوم ، فاعمل عليها ، فإنّها من تدبير العارفين.

فصل (18): فيما نذكره من فضل تفطير الصائمين فيه

أقول : قد قدّمنا فيما مضى من الفصول فضلا عظيما لمن فطّر صائما ليوم الغدير ، وأوضحنا ذلك بالمنقول ، فنذكر هاهنا زيادة من طريق المعقول ، فنقول :

إذا كان لكلّ صائم في ذلك العيد ما ذكرناه من الحظّ السعيد ، فإذا قمت بإفطارهم ومسارّهم وحفظ القوّة الّتي بذلوها لله جلّ جلاله في نهارهم ، فكأنّك قد ملّكتها عليهم ، أو صرت شريكا لهم في كلّ ما وصل من اللّه جلّ جلاله إليهم بالمقدار اليسير الّذي تخرجه في فطور الصائم.

وقد شهد العقل انّ من قدر على الظفر بالغنائم وبالمماليك وبالسعادات وبالعنايات بقوت يوم واحد لبعض أهل الضرورات ، فإنّه يغتنم ذلك بأبلغ الإمكان ولا يسامح نفسه بالتّهوين لهذا المطلب العظيم الشأن ، وكفاك انّك تعظّم بذلك ما عظّم مولاك ومالك دنياك وأخراك ، ويا طوباك ان يبلغ خير خلق اللّه جلّ جلاله محمّدا صلوات اللّه عليه ومولاك أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ومن يكون حديثك بعدهما إليه انّك عظمت يوما

ص: 308

عزيزا عليهم ، وأكرمت كريما لديهم ورفعت رايات معالمهم المذكورة ، وقطعت شبهات من سعى في تعظيم آيات مواسمهم المشهورة ، فتكون كمن كان صدقت محبته وتعطّرت فضائله وظهرت دلائله :

وتهتزّ للمعروف في طلب العلى (1) *** لتذكر يوما عند ليلى شمائله

فصل (19): فيما نذكره ممّا يختم به يوم عيد الغدير

اعلم انا قد عرّفناك بعض ما عرفناه من شرف هذا اليوم وتعظيمه عند اللّه جلّ جلاله وعند من اتّبع رضاه ، فكن عند أواخر نهاره ذاكرا لمعرفة قدره ، متأسّفا على إبعاده ، تأسّف المغرم (2) بفراق أهل وداده ، متلهّفا ان يؤهّلك اللّه جلّ جلاله ليوم إظهار إسراره ، وان يجعلك من أعوان المولى المذخور لرفع منارة ، ويشرفك بان يكتب اسمك في ديوان أنصاره ، ويضمّ مثل ما عملت في اليوم المذكور السعيد بلسان الحال ، كما يفعل المؤدّب من العبيد.

وتعرّضه على من كنت ضيفا له من نوّاب اللّه جلّ جلاله وخاصّته ، الّذين هم الوسائل بينك وبين رحمته وحفظ نعمته ، وتسأل ان يتمّموا ما فيه من نقصان ، ويربحوا ما تخاف على علمك من خسران ، وان يسلّموه من يد لسان حالهم إلى الملكين الحافظين الكاتبين بجميع أعمالك في ذلك النهار ، أو يعرضوه على مزيد كمالهم على وجه اللّه جلّ جلاله ، عرضا يليق بالثابت المكمّل في صفات الأبرار على مولى الممالك المطّلع على الأسرار.

فتكون قد أدّيت الأمانة في يومك وفي عملك ، واجتهدت في حفظ حرمته ومحلّه ، وسلّمت كلّ تفويض وتسليم إلى أهله.

ص: 309


1- اهتز : تحرك.
2- اغرم بالشيء : أولع به فهو مغرم.

الباب السادس: فيما يتعلّق بمباهلة سيّد أهل الوجود لذوي الجحود ، الّذي لا يساوي ولا يجازي ، وظهور حجّته على النّصارى والحبارى وانّ في يوم مثله تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم ، ونذكر ما يعمل من المراسم

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من إنفاذ النبي صلى اللّه عليه وآله لرسله إلى نصارى نجران ودعائهم إلى الإسلام والايمان ، ومناظرتهم فيما بينهم ، وظهور تصديقه فيما دعا إليه

روينا ذلك بالأسانيد الصحيحة والروايات الصّريحة إلى أبي المفضّل محمد بن المطلب الشيباني رحمه اللّه من كتاب المباهلة ، ومن أصل كتاب الحسن بن إسماعيل بن أشناس من كتاب عمل ذي الحجّة ، فيما رويناه بالطرق الواضحة عن ذوي الهمم الصالحة ، لا حاجة إلى ذكر أسمائهم ، لأنّ المقصود ذكر كلامهم ، قالوا :

لمّا فتح النبي صلى اللّه عليه وآله مكّة ، وانقادت له العرب ، وأرسل رسله ودعاته الى الأمم ، وكاتب الملكين ، كسرى وقيصر ، يدعوهما إلى الإسلام ، والاّ أقرّا بالجزية والصّغار ، والاّ أذنا بالحرب العوان (1) ، أكبر شأنه نصارى نجران وخلطاؤهم من بني

ص: 310


1- الحرب العوان : الحرب التي قوتل فيها مرة بعد الأخرى ، وهي أشدّ الحروب.

عبد المدان وجميع بني الحارث بن كعب ، ومن ضوى إليهم (1) ، ونزل بهم من دهماء الناس (2) على اختلافهم هناك في دين النصرانيّة من الأروسيّة والسالوسيّة وأصحاب دين الملك والمارونية والعبّاد والنسطوريّة ، واملأت قلوبهم على تفاوت منازلهم رهبة منه ورعبا ، فإنّهم كذلك من شأنهم.

إذا وردت عليهم رسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بكتابه ، وهم عتبة بن غزوان وعبد اللّه بن أبي أميّة والهدير بن عبد اللّه أخو تيم بن مرّة وصهيب بن سنان أخو النّمر بن قاسط ، يدعوهم إلى الإسلام ، فإن أجابوا فاخوان ، وان أبوا واستكبروا فإلى الخطّة (3) المخزية (4) إلى أداء الجزية عن يد ، فان رغبوا عمّا دعاهم إليه من أحد المنزلتين (5) وعندوا فقد آذنهم على سواء ، وكان في كتابه صلى اللّه عليه وآله :

( قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (6).

قالوا : وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لا يقاتل قوما حتّى يدعوهم ، فازداد القوم لورود رسل نبي اللّه صلى اللّه عليه وآله وكتابه نفورا وامتزاجا ، ففزعوا لذلك إلى بيعتهم العظمى وأمروا ، ففرش أرضها وألبس جدرها بالحرير والديباج ، ورفعوا الصّليب الأعظم ، وكان من ذهب مرصّع ، أنفذه إليهم قيصر الأكبر ، وحضر ذلك بني الحارث بن كعب ، وكانوا ليوث الحرب فرسان النّاس ، قد عرفت العرب ذلك لهم في قديم أيامهم في الجاهليّة.

فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في أمورهم ، وأسرعت إليهم القبائل من مذحج ، وعك وحمير وانمار ، ومن دنا منهم نسبا ودارا من قبائل سبا ، وكلّهم قد ورم انفه غضبا

ص: 311


1- ضويت إليه : إذا أديت إليه.
2- دهماء الناس : جماعتهم.
3- الخطة : الأمر والقصّة.
4- المخوفة ( خ ل ).
5- المنزلين ( خ ل ).
6- آل عمران : 67.

لقومهم ، ونكص (1) من تكلّم منهم بالإسلام ارتدادا.

فخاضوا وأفاضوا في ذكر المسير بنفسهم وجمعهم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والنزول به بيثرب لمناجزته (2) ، فلمّا رأى أبو حامد حصين بن علقمة - أسقفهم الأوّل وصاحب مدارسهم وعلامهم ، وكان رجلا من بني بكر بن وائل - ما أزمع (3) القوم عليه من إطلاق الحرب ، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه ، وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة.

ثم قام فيهم خطيبا معتمدا على عصى وكانت فيه بقيّة وله رأي ورويّة وكان موحّدا يؤمن بالمسيح وبالنبي عليهما السلام ويكتم ذلك من كفرة قومه وأصحابه.

فقال : مهلا بني عبد المدان مهلا ، استديموا العافية والسعادة ، فإنّهما مطويّان في الهوادة (4) ، دبّوا (5) إلى قوم في هذا الأمر دبيب الزّور ، وإيّاكم والسّورة العجلي ، فانّ البديهة بها لا ينجب (6) ، انّكم واللّه على فعل ما لم تفعلوا اقدر منكم على ردّ ما فعلتم ، الاّ انّ النجاة مقرونة بالأناة ، ألا ربّ احجام (7) أفضل من اقدام ، وكائن من قول أبلغ من وصوله.

ثم أمسك ، فأقبل عليه كرز بن سبرة الحارثي ، وكان يومئذ زعيم بني الحارث بن كعب ، وفي بيت شرفهم ، والمعصب فيهم وأمير حروبهم ، فقال : لقد انتفخ (8) سحرك واستطير قلبك أبا حارثة ، فظلّت كالمسبوع النزاعة الهلوع (9) ، تضرب لنا الأمثال وتخوّفنا النزال (10) ، لقد علمت وحقّ المنّان بفضيلة الحفاظ بالنّوء باللعب ، وهو عظيم ، وتلقّح (11) الحرب وهي عقيم تثقف أورد الملك الجبار ولنحن أركان الرّايس وذي المنار الّذين

ص: 312


1- نكص عن الأمر : أحجم عنه.
2- ناجزه : بارزة وقاتله.
3- أزمعت على أمر : أثبت عليه.
4- الهوادة : الصلح.
5- دبّ : مشى كالحية أو على اليدين والرجلين كالطفل.
6- نجب : حمد في نظره أو قوله أو فعله.
7- حجم عن الشيء : منع.
8- انتفخ : علا.
9- الهلوع : من يفزع من الشر.
10- النزال : الحرب.
11- لقح الحرب : هاجت بعد سكون.

شددنا ملكهما وأمّرنا مليكهما ، فأيّ أيّامنا ينكر أم لأيّهما ويك تلمز (1) ، فما أتى على آخر كلامه حتى انتظم نصل نبلة كانت في يده بكفّه غيظا وغضبا وهو لا يشعر.

فلمّا أمسك كرز بن سبرة أقبل عليه العاقب ، واسمه عبد المسيح بن شرحبيل ، وهو يومئذ عميد القوم وأمير رأيهم وصاحب مشورتهم ، الّذي لا يصدرون جميعا الاّ عن قوله ، فقال له : أفلح وجهك وانس ربعك (2) وعزّ جارك وامتنع ذمارك (3) ، ذكرت وحقّ مغبرّة الجباه (4) حسبا صميما ، وعيصا (5) كريما وعزّا قديما ، ولكن أبا سبرة لكلّ مقام مقال ، ولكل عصر رجال ، والمرء بيومه أشبه منه بأمسه ، وهي الأيّام تهلك جيلا ، وتديل قبيلا ، والعافية أفضل جلباب ، وللآفات أسباب ، فمن أوكد أسبابها لتعرّض لأبوابها ، ثمّ صمت العاقب مطرقا.

فأقبل عليه السّيّد واسمه اهتم بن النعمان ، وهو يومئذ اسقف نجران ، وكان نظير العاقب في علوّ المنزلة ، وهو رجل من عاملة وعداده في لخم (6) ، فقال له سعد : جدّك وسما جدّك أبا وائلة ، انّ لكلّ لامعة ضياء ، وعلى كلّ صواب نورا ، ولكن لا يدركه وحقّ واهب العقل إلاّ من كان بصيرا ، انّك أفضيت وهذان فيما تصرّف بكما الكلم إلى سبيلي حزن وسهل ، ولكلّ على تفاوتكم حظّ من الرأي الربيق (7) والأمر الوثيق إذا أصيب به مواضعه ، ثمّ انّ أخا قريش قد نجدكم لخطب عظيم وأمر جسيم ، فما عندكم فيه قولوا وانجزوا (8) ، أبخوع (9) وإقرار أم نزوع (10).

ص: 313


1- اللمز : العيب.
2- الربع : الدار ، المنزلة ، جماعة الناس.
3- الذمار : ما يلزمك حفظه.
4- أي الجباه المغبرة.
5- أي نسبا.
6- أي من قبيلة لخم.
7- الرأي الربيق : الذي عليه العزم كأنه كناية عن الشديد.
8- نجز الحاجة : قضاها.
9- البخوع : الطاعة والخضوع.
10- أي انتهاء عنه.

قال عتبة والهدير والنفر من أهل نجران ، فعاد كرز بن سبرة لكلامه وكان كمّيا (1) أبيا ، فقال : أنحن نفارق دينا رسخت عليه عروقنا ومضى عليه آباؤنا وعرف ملوك النّاس ثمّ العرب ذلك منّا ، أنتهالك (2) إلى ذلك أم نقرّ بالجزية وهي الخزية حقّا ، لا واللّه حتى نجرّد البواتر (3) من أغمادها ، وتذهل الحلائل (4) عن أولادها ، أو تشرق (5) نحن محمّد بدمائنا ، ثم يديل (6) اللّه عزّ وجلّ بنصره من يشاء.

قال له السيد : اربع (7) على نفسك وعلينا أبا سبرة ، فان سلّ السيف يسلّ السيف ، وانّ محمّدا قد بخعت (8) له العرب ، وأعطته طاعتها وملك رجالها واعنتها ، وجرت أحكامه في أهل الوبر (9) منهم والمدر (10) ، ورمقه (11) الملكان العظيمان كسرى وقيصر ، فلا أراكم والرّوح لو نهد (12) لكم ، الاّ وقد تصدّع عنكم من خفّ معكم من هذه القبائل ، فصرتم جفاء كأمس الذاهب أو كلحم على وضم (13).

وكان فيهم رجل يقال له : جهير بن سراقة البارقي من زنادقة نصارى العرب ، وكان له منزلة من ملوك النصرانيّة ، وكان مثواه بنجران ، فقال له أبا سعاد (14) : قل في أمرنا وانجدنا برأيك ، فهذا مجلس له ما بعده.

فقال : فإنّي أرى لكم أن تقاربوا محمّدا وتطيعوه في بعض ملتمسه عندكم ،

ص: 314


1- كمّ : إذا قتل الشجعان.
2- تهالك في الأمر أو العدو : جدّ فيه مستعجلا.
3- البواتر : السيوف.
4- الحليل ج حلائل : الزوج لأنه يحل مع امرأته وتحل معه.
5- تشرق : تظهر.
6- يديل : ينصر.
7- اربع : ارفق.
8- بخعت : أطاعت.
9- الوبر ، هو للإبل كالصوف للغنم ، أهل الوبر : أهل البدو.
10- المدر : الطين ، أهل المدر : أهل المدن والقرى لأنّ بنيانها غالبا من المدر.
11- رمقه : نظر إليه.
12- نهد : نهض.
13- الوضم : كل شيء يجعل عليه اللحم من خشب.
14- سعد ( خ ل ).

ولينطلق وفودكم إلى ملوك أهل ملّتكم إلى الملك الأكبر بالرّوم قيصر ، وإلى ملوك هذه الجلدة السوداء الخمسة ، يعني ملوك السودان ، ملك النوبة وملك الحبشة وملك علوه وملك الرعا (1) وملك الراحات ومريس والقبط ، وكلّ هؤلاء كانوا نصارى.

قال : وكذلك من ضوى (2) إلى الشام وحلّ بها من ملوك غسّان ولخم وجذام وقضاعة ، وغيرهم ، من ذوي يمنكم فهم لكم عشيرة وموالي وأعوان وفي الدّين اخوان ، يعني أنّهم نصارى ، وكذلك نصارى الحيرة من العبّاد وغيرهم ، فقد صبّت إلى دينهم قبائل تغلب بنت وائل وغيرهم من ربيعة بن نزار ، لتسير وفودكم.

ثم لتخرق إليهم البلاد إغذاذا (3) ، فيستصرخونهم لدينكم فيستنجدكم (4) الرّوم وتسير إليكم الاساودة (5) مسير أصحاب الفيل ، وتقبل إليكم نصارى العرب من ربيعة اليمن.

فإذا وصلت الأمداد واردة ، سرتم أنتم في قبائلكم وسائر من ظاهركم وبذل نصره وموازرته لكم ، حتّى تضاهئون (6) من انجدكم (7) وأصرخكم ، من الأجناس ، والقبائل الواردة عليكم ، فامّوا (8) محمّدا حتّى تنجوا به جميعا ، فسيعتق إليكم وافدا لكم من صبا (9) إليه ، مغلوبا مقهورا ، وينعتق به من كان منهم في مدرته (10) مكثورا (11) ، فيوشك ان تصطلموا (12) حوزته وتطفئوا جمرته.

ويكون لكم بذلك الوجه والمكان في الناس ، فلا تتمالك العرب حينئذ حتّى

ص: 315


1- ملك حبشة ، ملك عليه ، ملك الرعانة ( خ ل ).
2- ضوى إليه : انضمّ ولجأ.
3- إغذاذا : سريعا.
4- استنجد : استعان وقوى بعد الضعف.
5- الاساودة : جماعة سودان.
6- ضاهاه : شاكله.
7- نجده : أعانه.
8- امّه : قصده.
9- صبا : مال.
10- مدرته : بلده.
11- مكثورا : المغلوب بالكثرة.
12- الاصطلاء : الاستئصال.

تتهافت دخولا في دينكم ، ثم لتعظمنّ بيعتكم هذه ، ولتشرفنّ ، حتّى تصير كالكعبة المحجوجة (1) بتهامة ، هذا الرأي فانتهزوه (2) ، فلا رأي لكم بعده.

فأعجب القوم كلام جهير بن سراقة ، ووقع منهم كلّ موقع ، فكاد أن يتفرّقوا على العمل به ، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بني قيس بن ثعلبة ، يدعى حارثة بن أثال على دين المسيح عليه السلام ، فقام حارثة على قدميه وأقبل على جهير ، وقال متمثّلا :

متى ما تقد بالباطل الحق بابه *** وان قلت بالحقّ الرّواسي ينقد

إذا ما أتيت الأمر من غير بابه *** ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتد

ثمّ استقبل السيد والعاقب والقسّيسين والرّهبان وكافّة نصارى نجران بوجهه لم تخلط معهم غيرهم ، فقال (3) : سمعا سمعا يا أبناء الحكمة وبقايا حملة الحجّة ، انّ السعيد واللّه من نفعته الموعظة ولم يعش (4) عن التذكرة ، ألا وانّي أنذركم وأذكّركم قول مسيح اللّه عزّ وجلّ - ثم شرح وصيّته ونصّه على وصيّه شمعون بن يوحنّا وما يحدث على أمّته من الافتراق.

ثم ذكر عيسى عليه السلام وقال : انّ اللّه جلّ جلاله أوحى إليه : فخذ يا بن أمتي كتابي بقوّة ثم فسّره لأهل سوريا بلسانهم ، وأخبرهم انّي انا اللّه لا إله إلاّ أنا ، الحيّ القيوم البديع الدائم الّذي لا أحول ولا أزول ، انّي بعثت رسلي ونزلت كتبي رحمة ونورا عصمة لخلقي ، ثمّ انّي باعث بذلك نجيب رسالتي ، أحمد صفوتي من برّيتي البار قليطا عبدي أرسله في خلوّ من الزمان ، ابعثه بمولده فاران من مقام أبيه إبراهيم عليه السلام ، انزل عليه توراة حديثة ، افتح بها أعينا عميا ، وإذنا صمّا ، وقلوبا غلفا (5) ، طوبى لمن شهد أيّامه وسمع كلامه ، فآمن به واتّبع النّور الّذي جاء به ، فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النّبي

ص: 316


1- حجّ : قصد.
2- انتهزوه : اغتنموه.
3- يعني حارثة.
4- عشوت إلى النار : إذا استدللت إليها بسير ضعيف ، وإذا صدرت عنه إلى غيره قلت : عشوت عنه.
5- الأغلف ج غلف : الذي لا يعي شيئا.

فصلّ عليه فانّي وملائكتي نصلّي عليه.

قال : فما أتى حارثة بن أثال على قوله هذا حتّى أظلم بالسيّد والعاقب مكانهما ، وكرها ما قام به في الناس معربا ومخبرا عن المسيح عليه السلام بما أخبر وقدم من ذكر النّبي محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، لأنّهما كانا قد أصابا بمواضعهما من دينهما شرفا بنجران ووجها عند ملوك النصرانيّة جميعا ، وكذلك عند سوقتهم وعربهم في البلاد ، فأشفقا ان يكون ذلك سببا لانصراف قومهما عن طاعتهما لدينهما وفسخا لمنزلتهما في الناس.

فأقبل العاقب على حارثة فقال : أمسك عليك يا حار ، فانّ رادّ هذا الكلام عليك أكثر من قابله ، وربّ قول يكون بليّة على قائله ، وللقلوب نفرات عند الإصداع (1) بمظنون الحكمة ، فاتّق نفورها ، فلكلّ نبأ أهل ، ولكلّ خطب محلّ ، وانّما الدرك (2) ما أخذ لك بمواضي النجاة ، وألبسك جنّة السّلامة ، فلا تعدلنّ بهما حظّا ، فانّي لم آلك لا أبا لك نصحا ثمّ ارمّ (3).

فأوجب السيّد ان يشرك العاقب في كلامه ، فأقبل على حارثة فقال : انّي لم أزل أتعرّف لك فضلا تميل إليك الألباب ، فإيّاك أن تقعد مطيّة اللّجاج ، وان توجف إلى السراب (4) ، فمن عذر بذلك فلست فيه أيّها المرء بمعذور ، وقد أغفلك أبو واثلة ، وهو وليّ أمرنا وسيّد حضرنا عتابا فأوله (5) اعتبارا (6).

ثمّ تعلم ان ناجم (7) قريش يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يكون رزؤه (8) قليلا ، ثم ينقطع ويخلو ، انّ بعد ذلك قرن يبعث في آخره النبيّ المبعوث بالحكمة والبيان والسّيف والسلطان ، يملك ملكا مؤجّلا ، تطبق فيه أمّته المشارق والمغارب ، ومن ذرّيته الأمير

ص: 317


1- الصدع : الشق ، صدع بالأمر : تظلّم به جهارا.
2- الدرك : اللحاق والوصول.
3- ارمّ القوم : سكتوا.
4- الآل والسراب ( خ ل ) ، الآل الذي تراه أول النهار وآخره يرفع الشخوص وليس بالسراب.
5- اوله : أعطه.
6- اعتابا ( خ ل ).
7- ناجم قريش أي الرجل الظاهر منهم ، من نجم الشيء إذا أظهر.
8- الرزء : المصيبة.

الظاهر يظهر على جميع الملكات والأديان ، ويبلغ ملكه ما طلع عليه اللّيل والنّهار ، وذلك يا حار أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل ، فتمسّك من دينك بما تعلم وتمنع لله أبوك من أنس متصرّم بالزمان أو لعارض من الحدثان ، فإنّما نحن ليومنا ولغد أهله.

فأجابه حارثة بن أثال فقال : ايها (1) عليك أبا قرّة ، فإنّه لا حظّ في يومه لمن لا درك له في غده ، واتّق اللّه تجد اللّه جلّ وتعالى بحيث لا مفزع إلاّ إليه ، وعرضت مشيّدا بذكر أبي واثلة ، فهو العزيز المطاع الرّحب الباع ، وإليكما معا ملقى (2) الرّحال ، فلو أضربت التّذكرة عن أحد لتبزيز (3) فضل لكنتماه ، لكنّها أبكارا لكلام (4) تهدي لأربابها ، ونصيحة كنتما أحقّ من أصغى بها ، إنكما مليكا ثمرات قلوبنا ، ووليّا طاعتنا في ديننا.

فالكيّس الكيّس يا أيها المعظّمان عليكما به ، أريا مقاما بدهكما نواحيه واهجر سنة التسويف (5) فيما أنتما بعرضه ، آثر اللّه فيما كان يؤثركما بالمزيد من فضله ، ولا تخلدا فيما اظلّكما إلى الونية (6) ، فإنّه من أطال (7) عنان الأمر أهلكته الغرّة ، ومن اقتعد مطيّة الحذر كان بسبيل أمن من المتألّف ، ومن استنصح عقله كانت العبرة له لا به ، ومن نصح لله عزّ وجلّ أنسه اللّه جلّ وتعالى بعزّ الحياة وسعادة المنقلب.

ثم أقبل على العاقب معاتبا فقال : وزعمت أبا واثلة إنّ رادّ ما قلت أكثر من قائله ، وأنت لعمرو اللّه حريّ الاّ يؤثر هذا عنك ، فقد علمت وعلمنا امّة الإنجيل معا بسيرة ما قام به المسيح عليه السلام في حواريه ، ومن آمن له من قومه ، وهذه منك فهّة (8) لا يدحضها (9) الاّ التوبة والإقرار بما سبق به الإنكار.

ص: 318


1- ايها - بالكسر منونا وغير منون - يقال تسكينا لمن استزاد في كلامه يراد بذلك كفّه عن الكلام.
2- يلقى ( خ ل ).
3- بزز الرجل : فاق على أصحابه.
4- أبكار الكلم ، أبكارا لكلمة ( خ ل ).
5- ارمقاما يدهكما نواحيه واهجر التسويف ( خ ل ).
6- ونيت في الأمر : خففت.
7- أطاع ( خ ل ).
8- فهة : السقط.
9- الدحض : غسل الثوب والجسد.

فلمّا أتى على هذا الكلام صرف إلى السيّد وجهه فقال : لا سيف الاّ ذو نبوة ولا عليم الاّ ذو هفوة ، فمن نزع عن وهلة وأقلع فهو السعيد الرشيد ، وانّما الآفة في الإصرار ، وأعرضت (1) بذكر نبيّين يخلقان زعمت (2) بعد ابن البتول ، فأين يذهب بك عمّا خلّد في الصحف من ذكري ذلك ، ألم تعلم ما أنبأ به المسيح عليه السلام في بني إسرائيل ، وقوله لهم : كيف بكم إذا ذهب بي إلى أبي وأبيكم وخلّف بعد أعصار يخلو من بعدي وبعدكم صادق وكاذب؟ قالوا : ومن هما يا مسيح اللّه؟ ، قال : نبيّ من ذريّة إسماعيل عليهما السلام صادق ومتنبّئ من بني إسرائيل كاذب ، فالصّادق منبعث منهما برحمة وملحمة ، يكون له الملك والسلطان ما دامت الدّنيا ، وامّا الكاذب ، فله نبذ يذكر به المسيح الدجال ، يملك فواقا (3) ثم يقتله اللّه بيدي إذا رجع بي.

قال حارثة : واحذّركم يا قوم ان يكون من قبلكم من اليهود أسوة لكم ، انّهم انذروا بمسيحين : مسيح رحمة وهدى ومسيح ضلالة ، وجعل لهم على كلّ واحد منهما آية وأمارة ، فجحدوا مسيح الهدى وكذبوا به وآمنوا بمسيح الضّلالة الدّجال وأقبلوا على انتظاره ، واضربوا في الفتنة وركبوا نتّجها (4) ، ومن قبل نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم وقتلوا أنبياءه والقوّامين بالقسط من عباده ، فحجب اللّه عزّ وجلّ عنهم البصيرة بعد التّبصرة بما كسبت أيديهم ، ونزع ملكتهم منهم ببغيهم ، وألزمهم الذّلة والصغار ، وجعل منقلبهم إلى النار.

قال العاقب : فما أشعرك يا حار ان يكون هذا النّبي المذكور في الكتب هو قاطن (5) يثرب ، ولعلّه ابن عمّك صاحب اليمامة ، فإنّه يذكر من النبوّة ما يذكر منها أخو قريش ، وكلاهما من ذريّة إسماعيل ولجميعهما اتباع وأصحاب ، يشهدون بنبوّته ويقرّون له برسالته ، فهل تجد بينهما في ذلك من فاصلة فتذكرها؟

ص: 319


1- عرضته ( خ ل ).
2- زعمته ( خ ل ).
3- الفواق : ما بين الحلبتين من الوقت ، الزمن اليسير.
4- نتّج بمعنى نتج ، ويقال إذا تكسب من عمله.
5- قطن بمكان : أقام فيه.

قال حارثة : أجل واللّه أجدها ، واللّه أكبر وأبعد ممّا بين السحاب والتّراب ، وهي الأسباب الّتي بها وبمثلها تثبت حجّة اللّه في قلوب المعتبرين من عباده لرسله وأنبيائه ، وامّا صاحب اليمامة فيكفيك فيه ما أخبركم به سفرائكم وغيركم والمنتجعة (1) منكم أرضه ومن قدم من أهل اليمامة عليكم ، ألم يخبركم جميعا عن روّاد (2) مسيلمة وسمّاعية ، ومن أوفده (3) صاحبهم (4) إلى أحمد بيثرب ، فعادوا إليه جميعا بما تعرّفوا هناك في بني قيلة (5) وتبيّنوا به ، قالوا : قدم علينا أحمد يثرب وبئارنا ثماد (6) ومياهنا ملحة ، وكنّا من قبله لا نستطيب ولا نستعذب ، فبصق في بعضها ومجّ (7) في بعض ، فعادت عذابا محلوليّة وجاش (8) منها ما كان ماؤها ثمادا فحار (9) بحرا.

قالوا : وتفل محمّد في عيون رجال ذوي رمد وعلى كلوم (10) رجال ذوي جراح ، فبرأت لوقته عيونهم فما اشتكوها واندملت جراحاتهم فما ألموها في كثير ممّا أدوا ، ونبّئوا عن محمد صلى اللّه عليه وآله من دلالة وآية ، وأرادوا صاحبهم مسيلمة على بعض ذلك ، فأنعم لهم كارها وأقبل بهم إلى بعض بئارهم فمجّ فيها وكانت الركي معذوبة ، فصارت ملحا لا يستطاع شرابه ، وبصق في بئر كان ماؤها وشلا (11) فعادت فلم تبضّ بقطرة من ماء ، وتفل في عين رجل كان بها رمد فعميت ، وعلى جراح - أو قالوا : جراح آخر - فاكتسى جلده برصا.

فقالوا لمسيلمة فيما أبصروا في ذلك منه واستبرءوه ، فقال : ويحكم بئس الأمّة أنتم

ص: 320


1- النجعة : طلب الكلام في موضعه ، يقال : انتجعت فلانا إذا أتيته تطلب معروفا.
2- الروّاد : الجواسيس.
3- أوفده : أرسله.
4- أي مسيلمة.
5- أي الأنصار.
6- الثماد : الماء لا مادة له.
7- مجّ من فمه : رمى به.
8- جاش الوادي : كثر ماؤه.
9- حار المكان بالماء : امتلأ.
10- الكلوم : الجراحات.
11- وشلا : قليل الماء.

لنبيّكم والعشيرة لابن عمّكم ، انكم كلّفتموني يا هؤلاء من قبل ان يوحى اليّ في شيء ممّا سألتم ، والآن فقد أذن لي في أجسادكم واشعاركم دون بئاركم ومياهكم ، هذا لمن كان منكم بي مؤمنا ، وامّا من كان مرتابا فإنّه لا يزيده تفلتي عليه الاّ بلاء ، فمن شاء الآن منكم فليأت لا تفل في عينه وعلى جلده ، قالوا : ما فينا وأبيك أحد يشاء ذلك ، انّا نخاف ان يشمت بك أهل يثرب واضربوا عنه حمية لنسبه فيهم وتذمّما لمكانة منهم.

فضحك السيد والعاقب حتّى فحصا الأرض بأرجلهما ، وقالا : ما النور والظّلام ، والحق والباطل بأشدّ تباينا وتفاوتا ممّا بين هذين الرجلين صدقا وكذبا.

قالوا : وكان العاقب أحبّ مع ما تبيّن من ذلك ان يشيّد ما فرط من تفريط مسيلمة ويؤهّل منزلته ، ليجعله لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كفّا ، استظهارا بذلك في بقاء عزّته وما طار له من السموّ في أهل ملّته ، فقال : ولإن فخر أخو بني حنيفة (1) في زعمه انّ اللّه عزّ وجلّ أرسله وقال من ذلك ما ليس له بحق فلقد برّ (2) في ان نقل قومه من عبادة الأوثان إلى الإيمان بالرحمان.

قال حارثة : أنشدك باللّه الذي دحاها (3) وأشرق باسمه قمراها ، هل تجد فيما انزل اللّه عزّ وجلّ في الكتب السالفة ، يقول اللّه عزّ وجلّ : انا اللّه لا إله إِلاّ أنا ، ديّان يوم الدين أنزلت كتبي وأرسلت رسلي لاستنقذ بهم عبادي من حبائل الشيطان وجعلتهم في بريّتي وأرضي كالنّجوم الدّراري في سمائي ، يهدون بوحيي وامري ، من أطاعهم أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ، وانّي لعنت وملائكتي في سمائي وارضي واللاّعنون من خلقي من جحد ربوبيّتي أو عدل بي شيئا من بريّتي ، أو كذّب بأحد من أنبيائي ورسلي - أو قال : أوحي اليّ ولم يوح إليه شيء - أو غمص (4) سلطاني أو تقمّصه (5) متبريا ، أو أكمه عبادي وأضلّهم عنّي ، الا وانّما يعبدني من عرف ما أريد من عبادتي وطاعتي من خلقي ، فمن

ص: 321


1- يعني المسيلمة.
2- برّ : أحسن.
3- اى دحى الأرض.
4- غمص : احتقر ونقص.
5- أي لبسه قميصا يعني ادعاه بالباطل.

لم يقصد اليّ من السبيل التي نهجتها برسلي لم يزدد في عبادته منّي الاّ بعدا.

قال العاقب : رويدك (1) فاشهد لقد نبّأت حقا ، قال حارثة : فما دون الحقّ من مقنع وما بعده لامرئ مفزع ، ولذلك قلت الذي قلت ، فاعترضه السيد وكان ذا محال (2) وجدال شديد ، فقال : ما أحرى (3) وما أرى أخا قريش (4) مرسلا الاّ إلى قومه بني إسماعيل دينه ، وهو مع ذلك يزعم ان اللّه عزّ وجلّ أرسله إلى النّاس جميعا.

قال حارثة : أفتعلم أنت يا أبا قرّة انّ محمّدا مرسل من ربّه إلى قومه خاصّة؟ قال : أجل ، قال : أتشهد له بذلك؟ قال : ويحك وهل يستطاع دفع الشواهد ، نعم اشهد غير مرتاب بذلك ، وبذلك شهدت له الصحف الدّارسة والإنباء الخالية.

فأطرق حارثة ضاحكا ينكت الأرض بسبّابته ، قال السيد : ما يضحكك يا بن أثال؟ قال : عجبت فضحكت ، قال : أوعجب ما تسمع؟ قال : نعم العجب أجمع ، أليس بالإله بعجيب من رجل أوتي أثره من علم وحكمة ، يزعم ان اللّه عزّ وجلّ اصطفى لنبوّته واختصّ برسالته وأيّد بروحه وحكمته رجلا خرّاصا يكذب عليه ويقول : أوحى اليّ ولم يوح إليه ، فيخلّط كالكاهن كذبا بصدق وباطلا بحقّ.

فارتدع السيد وعلم انّه قد وهل (5) فأمسك محجوجا ، قالوا : وكان حارثة بنجران حثيثا (6) ، فأقبل عليه العاقب وقد قطعه ما فرط إلى السيّد من قوله ، فقال له : عليك (7) أخا بني قيس بن ثعلبة ، واحبس عليك ذلق لسانك وما لم تزل تستحمّ (8) لنا من مثابة سفهك ، فربّ كلمة « يرفع صاحبها بها رأسا ، قد ألقته في قعر مظلمة ، وربّ كلمة لامت (9)

ص: 322


1- رويدك : أمهل.
2- المحال الكيد والمكر.
3- الأحرى : الأولى والأجدر.
4- أي محمد صلى اللّه عليه وآله.
5- وهل : فزع.
6- حثيثا : غريبا - كذا في هامش الأصل.
7- أي أمسك.
8- حمّ البئر والبيت : كبسها.
9- لامت : أصلحت.

ورأبت قلوبا نغلة (1) ، فدع عنك ما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وان كان عندك ما يبيّن اعتذاره.

ثم اعلم انّ لكلّ شيء صورة ، وصورة الإنسان العقل ، وصورة العقل الأدب ، والأدب أدبان : طباعي ومرتاضي ، فأفضلهما أدب اللّه جلّ جلاله ، ومن أدب اللّه سبحانه وحكمته أن يرى لسلطانه حقّ ليس لشيء من خلقه ، لأنّه الحبل بين اللّه وبين عباده ، والسلطان اثنان : سلطان ملكة وقهر ، وسلطان حكمة وشرع ، فاعلاهما فوقا سلطان الحكمة قد ترى يا هذا انّ اللّه عزّ وجلّ قد صنع لنا حتّى جعلنا حكاما وقواما على ملوك ملّتنا من بعدهم من حشوتهم (2) وأطرافهم ، فاعرف لذي الحق حقّه ، أيّها المرء وخلاّك ذم (3).

ثم قال : وذكرت أخا قريش وما جاء به من الآيات والنّذر ، فأطلت وأعرضت ولقد برزت ، فنحن بمحمّد عالمون وبه جدّا موقنون ، شهدت لقد انتظمت له الآيات والبيّنات ، سالفها وآنفها ، الاّ انّه هي أشفاها (4) وأشرفها ، وانّما مثلها فيما جاء به كمثل الرأس للجسد ، فما حال جسد لا رأس له ، فأمهل رويدا ، نتجسّس الاخبار ونعتبر الآثار ولنستشف ما ألفينا ممّا افضى إلينا ، فإنّ انسنا الآية الجامعة الخاتمة لديه ، فنحن إليه أسرع وله أطوع ، والاّ فاعلم ما نذكر به النبوّة والسفارة عن الرّب الّذي لا تفاوت في أمره ولا تغاير في حكمه.

قال له حارثة : قد ناديت فأسمعت ، وفزعت فصدعت ، وسمعت وأطعت ، فما هذه الآية الّتي أوحش بعد الانسة فقدها ، وأعقب الشك بعد البيّنة عدمها ، وقال له العاقب : قد أثلجك أبو قرّة بها فذهبت عنها في غير مذهب وجاورتها فاطلت في غير ما طائل وحاورتنا (5) ، قال حارثة : الى ذلك فجلّها الآن لي فداك أبي وأمي.

ص: 323


1- نغلة : فاسدة.
2- حشوتهم : رذالهم.
3- أي أعذرت وسقط عنك الغم.
4- اثفاها ، اسفاها ( خ ل ).
5- حاورتنا فاطلت في غير ما طائل وجوازنا ( خ ل ).

قال العاقب : أفلح من سلّم للحقّ وصدع به ولم يرغب عنه وقد أحاط به علما ، فقد علمنا وعلمت من أبناء الكتب المستودعة علم القرون وما كان وما يكون ، فإنّها استهلّت بلسان كلّ أمة منهم معربة مبشّرة ومنذرة بأحمد النّبي ، العاقب الّذي تطبق أمّته المشارق والمغارب يملك وشيعته من بعده ملكا مؤجّلا يستأثر (1) مقتبلهم (2) ملكا على الاحمّ (3) منهم بذلك النّبي وتباعة وسيما ، ويوسع من بعدهم أمّتهم عدوانا وهضما ، فيملكون بذلك سبتا (4) طويلا حتّى لا يبقى بجزيرة العرب بيت الاّ وهو راغب إليهم أو راهب لهم.

ثم بدال بعد لأي منهم ويشعث (5) سلطانهم حدّا حدّا وبيتا فبيتا ، حتّى تجيء أمثال النعف (6) من الأقوام فيهم ، ثم يملك أمرهم عليهم عبداؤهم وقنّهم ، يملكون جيلا فجيلا ، يسيرون في الناس بالقعسريّة (7) خبطا (8) خبطا ، ويكون سلطانهم سلطانا عضوضا ضروسا ، فتنقص الأرض حينئذ من أطرافها ويشتدّ البلاء وتشتمل الآفات حتّى يكون الموت أعزّ من الحياة الحمراء (9) ، أو أحبّ حينئذ إلى أحدهم من الحياة (10) ، وما ذلك الاّ لما يدهنون به من الضّر والضرّاء والفتنة العشواء وقوّام الدين يومئذ وزعماؤهم يومئذ أناس ليسوا من أهله ، فمجّ (11) الدين بهم وتعفو آياته ويدبّر تولّيا وامحاقا ، فلا يبقى منه الاّ اسمه حتّى ينعاه ناعيه والمؤمن يومئذ غريب والدّيانون قليل ما هم ، حتّى يستأنس الناس من روح اللّه وفرجه إلاّ أقلّهم ، وتظن أقوام ان لن ينصر اللّه رسله ويحقّ وعده.

ص: 324


1- الاستيثار : الاستبداد.
2- اقتبل امره : استأنفه ، اقتبل الخطبة : ارتجلها.
3- أي أقربهم.
4- سبتا : دهرا.
5- يشعث : يتفرق.
6- النعف : الدود الذي في أنوف الإبل والغنم.
7- بالقهرية ( خ ل ) ، أقول : القعسريّة : الصلابة.
8- الخبط : الجماعة.
9- الحمراء : الشديدة.
10- من الحبوة إلى المعافاة السليم ، حبوة التسليم ( خ ل ).
11- فمج ( خ ل ).

فإذا بهم الشصائب (1) والنقم وأخذ من جميعهم بالكظم تلافي اللّه دينه وراش (2) عباده من بعد ما قنطوا برجل من ذريّة نبيّهم أحمد ونجله ، يأتي اللّه عزّ وجلّ به من حيث لا يشعرون ، تصلّي عليه السماوات وسكّانها وتفرح به الأرض وما عليها من سوام (3) وطائر وأنام ، وتخرج له أمّكم - يعني الأرض - بركتها وزينتها وتلقى إليه كنوزها وأفلاذ كبدها ، حتّى تعود كهيئتها على عهد آدم عليه السلام ، وترفع عنهم المسكنة والعاهات في عهده والنقمات الّتي كانت تضرب بها الأمم من قبل ، وتلقى في البلاد الآمنة وتنزع حمة كلّ ذات حمة ، ومخلب كلّ ذي مخلب ، وناب كلّ ذي ناب ، حتّى ان الجويرية اللكاع لتلعب بالأفعوان (4) ، فلا يضرها شيئا ، وحتّى يكون الأسد في الباقر (5) كأنّه راعيها ، والذئب في البهم (6) كأنّه ربّها.

ويظهر اللّه عبده على الدين كله فيملك مقاليد الأقاليم إلى بيضاء الصّين (7) ، حتّى لا يكون على عهده في الأرض أجمعها الاّ دين اللّه الحق الذي ارتضاه لعباده وبعث به آدم بديع فطرته وأحمد خاتم رسالته ومن بينهما من أنبيائه ورسله.

فلمّا أتى العاقب على اقتصاصه هذا أقبل عليه حارثة مجيبا فقال : اشهد باللّه البديع يا أيّها النّبيه الخطير والعليم الأثير لقد ابتسم الحقّ بقلبك وأشرق الجنان بعدل منطقك وتنزّلت كتب اللّه التي جعلها نورا في بلاده وشاهدة على عباده بما اقتصصت من سطورها حقّا ، فلم يخالف طرس (8) منها طرسا ولا رسم من آياتها رسما فما بعد هذا.

قال العاقب : فإنّك زعمت زعمة أخا قريش (9) فكنت بما تأثر من هذا حقّ غالط ،

ص: 325


1- الشصائب : الشدائد.
2- أي أصلح.
3- السوام : الوحوش.
4- الأفعوان : ذكور الأفاعي.
5- الباقر : جماعة البقر.
6- البهم : أولاد الضأن.
7- بيضاء الصين : كورة بالمغرب.
8- الطرس : الصحيفة.
9- زعمت أخا قريش ( خ ل ).

قال : وبم ، ألم تعترف له بنبوّته ورسالته الشواهد؟ قال العاقب : بلى لعمرو اللّه ولكنهما نبيان رسولان يعتقبان بين مسيح اللّه عزّ وجلّ وبين الساعة ، اشتقّ اسم أحدهما من صاحبه محمد وأحمد ، بشّر بأولهما موسى عليه السلام وثانيهما عيسى عليه السلام ، فأخو قريش هذا مرسل إلى قومه ويقفوه من بعده ، ذو الملك الشديد والأكل الطويل ، يبعثه اللّه عزّ وجلّ خاتما للدين وحجّة على الخلائق أجمعين ، ثم تأتي من بعده فترة تتزايل فيها القواعد من مراسيها فيعيدها اللّه عزّ وجلّ ويظهره على الدّين كلّه ، فيملك هو والملوك الصالحون من عقبه جميع ما طلع عليه اللّيل والنهار من أرض وجبل وبرّ وبحر ، يرثون أرض اللّه عزّ وجلّ ملكا كما ورثهما أو ملكهما الأبوان آدم ونوح عليهما السلام ، يلقون وهم الملوك الأكابر في مثل هيئة المساكين بذاذة واستكانة.

فأولئك الأكرمون الأماثل لا يصلح عباد اللّه وبلاده الاّ بهم ، وعليهم ينزل عيسى بن البكر عليه السلام على آخرهم ، بعد مكث طويل وملك شديد ، لا خير في العيش بعدهم ، وتردفهم رجرجة (1) طغام (2) في مثل أحلام العصافير وعليهم يقوم الساعة ، وانّما تقوم على شرار الناس وأخابثهم ، فذلك الوعد الذي صلى (3) به اللّه عزّ وجلّ على أحمد كما صلى به خليله إبراهيم عليه السلام في كثير ممّا لأحمد صلّى اللّه عليه من البراهين والتأييد الذي خبّرت به كتب اللّه الأولى.

قال حارثة : فمن الأثر المستقرّ عندك أبا واثلة في هذين الاسمين انّهما لشخصين لنبيّين مرسلين في عصرين مختلفين ، قال العاقب : أجل ، قال : فهل يتخالجك في ذلك ريب أو يعرض لك فيه ظن؟ قال العاقب : كلاّ والمعبود انّ هذا لأجلي من بوح (4) ، وأشار له إلى جرم الشمس المستدير ، فأكبّ حارثة مطرقا وجعل ينكث في الأرض عجبا ، ثم قال : إنّما الآفة أيّها الزعيم المطاع ان يكون المال عند من يخزنه لا من ينفقه

ص: 326


1- الرجرجة : من لا عقل له ، الجماعة الكثيرة في الحرب.
2- الطغام : رذال الناس.
3- أي جعله صلة.
4- بالياء والباء المضمومة كلاهما اسم للشمس.

والسلاح عند من يتزيّن به لا من يقاتل به والرّأي عند من يملكه (1) لا من ينصره.

قال العاقب : لقد أسمعت يا حويرث فاقذعت (2) وطفقت فأقدمت فمه؟ قال (3) أقسم بالذي قامت به السماوات والأرضون باذنه وغلبت الجبابرة بأمره انّهما اسمان مشتقّان لنفس واحدة ، واحد لنبيّ وواحد رسول ، واحد أنذر به موسى بن عمران وبشّر به عيسى بن مريم ومن قبلهما أشار به صحف إبراهيم عليه السلام ، فتضاحك السيد ، يرى قومه ومن حضرهم ان ضحكه هزؤ من حارثة وتعجّب وانتشط العاقب من ذلك ، فأقبل على حارثة مؤنّبا (4) ، فقال : لا يغررك باطل أبي قرّة فإنّه وان ضحك لك فإنّما يضحك منك.

قال حارثة : لئن فعلها لأنّها لإحدى الدهارس (5) أو سوء أفلم تتعرّفا راجع اللّه بكما من موروث الحكمة لا ينبغي للحكيم ان يكون عبّاسا في غير أدب ولا ضحّاكا في غير عجب أو لم يبلغكما عن سيّد كما المسيح عليه السلام ، قال : فضحك العالم في غير حينه غفلة من قلبه أو سكره ألهته عمّا في غده.

قال السيّد : يا حارثة انّه لا يعيش واللّه أحد بعقله حتّى يعيش بظنّه (6) ، وإذا أنا لم أعلم إلاّ ما رويت فلا علمت أو لم يبلغك أنت عن سيّدنا المسيح علينا سلامه انّ اللّه عبادا ضحكوا جهرا من سعة رحمة ربّهم وبكوا سرّا من خيفة ربّهم؟ قال : إذا كان هذا فنعم ، قال : فما هنا فليكن مراجم ظنونك بعباد ربّك ، وعد بنا إلى ما نحن بسبيله ، فقد طال التنازع والخصام بيننا يا حارثة ، قالوا : وكان هذا مجلسا ثالثا في يوم ثالث من اجتماعهم للنظر في أمرهم.

ص: 327


1- يهلكه ( خ ل ).
2- أقذعه : رماه بالفحش وسوء القول.
3- يعني حارثة.
4- أنّبه : عنّفه ولامه.
5- دهرس : الداهية والخفة والنشاط.
6- أي التعيش بالظنون الفاسدة أكثر من التعيش بالعقل ، وهذا كناية ان هكذا الكلام صادر من الظن الفاسد ، ومراده ان ضحكه لم يكن عبثا.

فقال السيد : يا حارثة ألم ينبّؤك أبو واثلة بأفصح لفظ اخترق (1) إذنا ودعا ذلك بمثله مخبرا ، فالقاك مع غرمائك (2) بموارده حجرا وهاجما أنا ذا آكد عليك التذكرة بذلك من معدن ثالث ، فأنشدك اللّه وما أنزل إلى كلمته من كلماته ، هل تجد في الزّاجرة المنقولة من لسان أهل سوريا إلى لسان العرب يعني صحيفة شمعون بن حمون الصّفا الّتي توارثها عنه أهل النجران؟

قال السيد : ألم يقل بعد نبذ طويل من كلام فإذا طبقت وقطعت الأرحام وعفت (3) الاعلام بعث اللّه عبده الفارقليطا بالرحمة والمعدلة ، قالوا : وما الفارقليطا يا مسيح اللّه (4)؟

قال : أحمد النبي الخاتم الوارث ذلك الذي يصلّى عليه حيّا ويصلّى عليه بعد ما يقبضه إليه بابنه الطاهر الخاير ، ينشره اللّه في آخر الزمان بعد ما انقضت (5) عرى الدّين وخبت مصابيح الناموس ، وأفلت (6) نجومه فلا يلبث ذلك العبد الصالح الاّ امما حتّى يعود الدين به كما بدء ، ويقرّ اللّه عزّ وجلّ سلطانه في عبده ثم في الصالحين من عقبه وينشر منه حتّى يبلغ ملكه منقطع التراب.

قال حارثة : كلما قد انشدتما حقّ لا وحشة مع الحق ولا أنس في غيره ، فمه؟ قال السيد : فانّ من الحق ان لا حظّ في هذه الاّ كرومة للابتر ، قال حارثة : انّه لكذلك أليس بمحمد؟ قال السيد : انّك ما عملت الاّ لدّا (7) ألم يخبرنا سفرنا وأصحابنا فيما تجسّسنا من خبره انّ ولديه الذكرين القرشيّة والقبطيّة بادا (8) وغودر (9) محمد كقرن الأعضب (10) موفٍ

ص: 328


1- أحرق ( خ ل ).
2- عرفائك ( خ ل ).
3- علقت ( خ ل ).
4- يا روح اللّه ( خ ل ).
5- انغمضت ، انفصمت ( خ ل ).
6- فأفلت ( خ ل ).
7- لدا : خصومته شديدة.
8- بادا : هلكا.
9- غودر : ترك.
10- أي غنم مكسور القرن.

على ضريحه (1) ، فلو كان له بقيّة لكان لك بذلك مقالا إذا ولّت انباؤه الّذي تذكر.

قال حارثة : العبر لعمرو اللّه كثيرة والاعتبار بها قليل ، والدليل موف على سنن السبيل ان لم يعش عنه ناظر وكما انّ أبصار الرمدة لا تستطيع النظر في قرص الشمس لسقمها (2) ، فكذلك البصائر القصيرة لا تتعلق بنور الحكمة لعجزها ، ألا ومن كان كذلك فلستماه - وأشار إلى السيد والعاقب - إنكما ويمين اللّه لمحجوجان بما أتاكما اللّه عزّ وجلّ من ميراث الحكمة وأستودعكما من بقايا الحجة ، ثم بما أوجب لكما من الشرف والمنزلة في الناس ، فقد جعل اللّه عزّ وجلّ من أتاه سلطانا ملوكا للناس وأربابا وجعلكما حكما وقوّاما على ملوك ملّتنا وذادة (3) لهم يفزعون إليكما في دينهم ولا تفزعان إليهم وتأمرانهم فيأتمرون لكما وحقّ لكل ملك أو موطّإ الأكناف ان يتواضع لله عزّ وجلّ إذ رفعه ، وان ينصح لله عزّ وجلّ في عباده ولا يدهن في امره وذكرتما محمدا بما حكمت له بالشهادات الصادقة وبيّنة فيه الاسفار المستحفظة ، ورأيتماه مع ذلك مرسلا إلى قومه لا إلى الناس جميعا وان ليس بالخاتم الحاشر (4) ولا الوارث العاقب لأنكما زعمتماه أبتر أليس كذلك؟ قالا : نعم.

قال : أرأيتكما لو كان له بقية وعقب هل كنتما ممتريان لما تجدان وبما تكذّبان (5) من الوراثة والظهور على النواميس انّه النبي الخاتم والمرسل إلى كافة البشر؟ قالا : لا ، قال : أفليس هذا القيل لهذه الحال مع طول اللّوائم والخصائم عندكما مستقرّا؟ قالا : أجل ، قال : اللّه أكبر ، قالا : كبّرت كبيرا فما دعاك إلى ذلك؟ قال حارثة : الحق أبلج والباطل لجلج ، ولنقل ماء البحر ولشقّ الصّخر أهون من اماتة ما أحياه اللّه عزّ وجلّ واحياء ما أماته الآن ، فاعلما انّ محمدا غير أبتر وانّه الخاتم الوارث والعاقب الحاشر حقّا ، فلا نبي بعده وعلى أمته تقوم الساعة ، ويرث اللّه الأرض ومن عليها وانّ من ذريّته الأمير الصالح

ص: 329


1- موف على ضريحه : مشرف على الموت.
2- بسقمها ( خ ل ).
3- زادة ( خ ل ) ، ذاده : منعه.
4- الحاشر من أسماء النبي صلى اللّه عليه وآله لانّه يحشر الناس ممن على دينه خلفه.
5- تمتريان لما تجدان وبما تذكران ( خ ل ).

الّذي بيّنتما ونبّأتما انّه يملك مشارق الأرض ومغاربها ويظهره اللّه عزّ وجلّ بالحنيفية الابراهيميّة على النواميس كلّها؟ قالا : اولى لك يا حارثة لقد أغفلناك (1) وتأبى الاّ مراوغة كالثعالبة فما تسأم المنازعة ولا تملّ من المراجعة ، ولقد زعمت مع ذلك عظيما فما برهانك به؟ قال : اما وجدّكما لانبّئكما ببرهان يجير من الشبهة ويشفي به جوى (2) الصدور.

ثم أقبل على أبي حارثة حصين بن علقمة شيخهم وأسقفهم الأول ، فقال : ان رأيت أيّها الأب الأثير ان تؤنس قلوبنا وتثلج صدورنا بإحضار الجامعة والزاجرة ، قالوا : وكان هذا المجلس الرّابع من اليوم الرابع وذلك لمّا خلقت (3) الأرض وركدت الشمس وفي زمن قيظ (4) شديد ، فأقبلا على حارثة ، فقالا : ارج هذا إلى غد فقد بلغت القلوب منّا الصدور فتفرّقوا على إحضار الزاجرة والجامعة من غد للنظر فيهما والعمل بما يتراءان منهما.

فلمّا كان من الغد صار أهل نجران إلى بيعتهم لاعتبار ما أجمع صاحباهم مع حارثة على اقتباسه وتبيّنه من الجامعة ، ولمّا رأى السيد والعاقب اجتماع النّاس لذلك قطع بهما (5) لعلمهما (6) بصواب قول حارثة واعترضاه ليصدّانه عن تصفّح الصّحف على أعين النّاس وكانا من شياطين الإنس.

فقال السيد : انّك قد أكثرت وأمللت قضّ الحديث لنا مع قصّه (7) ودعنا من تبيانه ، فقال حارثة : وهل هذا الاّ منك وصاحبك ، فمن الآن فقولا ما شئتما ، فقال العاقب :

ما من مقال الاّ قلنا وسنعود فنخبر بعض ذلك تخبيرا غير كاتمين لله عزّ وجلّ من حجة ولا جاحدين له آية ولا مفترين مع ذلك على اللّه عزّ وجلّ لعبد انّه مرسل منه وليس

ص: 330


1- اغفلني فلان : أعياني أمره.
2- الجوي : الضيّق الصدر.
3- تخليق الشمس : ارتفاعها.
4- قاظ اليوم : اشتد حرّها.
5- قطع بفلان : عجز عن سفره من نفقة الذهاب أو فات راحلته.
6- بعلمهما ( خ ل ).
7- فض عنا : تترك الكلام ، قض عنّا : من قض الجناح انقطع الحديث والكلام.

برسوله ، فنحن نعترف يا هذا بمحمد صلى اللّه عليه وآله انّه رسول من اللّه عزّ وجلّ إلى قومه من بني إسماعيل عليهم السلام في غير ان تجب له بذلك على غيرهم من عرب الناس ولا أعاجمهم تباعة ولا طاعة بخروج له عن ملّة ولا دخول معه في ملّة إلاّ الإقرار له بالنبوة والرسالة إلى أعيان قومه ودينه.

قال حارثة : وبم شهدتما له بالنبوة والأمر؟ قالا : حيث جاءتنا فيه البيّنة من تباشير الأناجيل والكتب الخالية ، فقال : منذ وجب هذا لمحمد صلى اللّه عليه وآله عليكما في طويل الكلام وقصيره وبدية وعوده ، فمن أين زعمتما انّه ليس بالوارث الحاشر ولا المرسل إلى كافة البشر؟ قالا : لقد علمت وعلمنا فما نمتري بأنّ حجّة اللّه عزّ وجلّ لم ينته (1) أمرها وانّها كلمة اللّه (2) جارية في الأعقاب ما اعتقب الليل والنهار وما بقي من الناس شخصان وقد ظننّا من قبل انّ محمدا صلى اللّه عليه وآله ربّها وانّه القائد بزمامها ، فلمّا أعقمه اللّه عزّ وجلّ بمهلك الذّكورة من ولده علمنا انّه ليس به لأنّ محمّدا أبتر وحجّة اللّه عزّ وجلّ الباقية ونبيّه الخاتم بشهادة كتب اللّه عزّ وجلّ المنزلة ليس بأبتر ، فإذا هو نبيّ يأتي ويخلد بعد محمد صلى اللّه عليه وآله اشتقّ اسمه من اسم محمد وهو أحمد الذي نبّأ المسيح عليه السلام باسمه وبنبوّته ورسالاته الخاتمة ويملك ابنه القاهرة الجامعة للناس جميعا على ناموس اللّه عزّ وجلّ الأعظم ليس بمظهرة دينه ولكنّه من ذرّيّته وعقبه يملك قرى الأرض وما بينهما من لوب (3) وسهل وصخر وبحر ملكا مورّثا موطّأ (4) وهذا نبأ أحاطت سفرة الأناجيل (5) به علما وقد أوسعناك بهذا القيل سمعا وعدنا لك به انفة بعد سالفة فما أر بك (6) إلى تكراره.

ص: 331


1- لن ينتهي ( خ ل ).
2- كلمة لله ( خ ل ).
3- لوب - جمع لابة ، هو الحرة من الأرض ذات أجمر سود.
4- موطإ : مهيا.
5- سفرة الأناجيل : كتب الأناجيل.
6- أر بك : حاجتك.

قال حارثة : قد اعلم انا وايّاكما في رجع من القول منذ (1) ثلاث وما ذاك الاّ ليذكر ناس ويرجع فارط (2) وتظهر لنا الكلم (3) وذكرتما نبيّين يبعثان يعتقبان بين مسيح اللّه عزّ وجلّ والساعة قلتما وكلاهما من بني إسماعيل ، أوّلهم محمّد بيثرب وثانيهما أحمد العاقب ، وامّا محمّد صلى اللّه عليه وآله أخو قريش هذا القاطن بيثرب فآياته حقّ مؤمن أجل وهو والمعبود أحمد الذي نبّأت به كتب اللّه عزّ وجلّ ودلّت عليه آياته وهو حجّة اللّه عزّ وجلّ ورسوله صلى اللّه عليه وآله الخاتم الوارث حقّا ولا نبوّة ولا رسول اللّه عزّ وجلّ ولا حجّة بين ابن البتول والساعة غيره ، بلى ومن كان منه من ابنته البتولة البهلولة (4) الصدّيقة فأنتما (5) ببلاغ اللّه لكنّكما من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وآله في أمر مستقرّ ، ولو لا انقطاع نسله لما ارتبتما فيما زعمتما به انه السابق العاقب؟ قالا : أجل انّ ذلك لمن أكبر أماراته عندنا.

قال : فأنتما واللّه فيما تزعمان من نبيّ ثان من بعده في أمر ملتبس والجامعة يحكم في ذلك بيننا ، فتنادي الناس من كل ناحية وقالوا : الجامعة يا أبا حارثة الجامعة ، وذلك لما مسّهم في طول تحاور الثلاثة من السأمة والملل ، وظنّ القوم مع ذلك ان الفلج (6) لصاحبيهما لما كانا يدّعيان في تلك المجالس من ذلك ، فأقبل أبو حارثة إلى علج (7) واقف منه فقال : امض يا غلام فات بهما ، فجاء بالجامعة يحملها على رأسه وهو لا يكاد يتماسك بها لثقلها.

قال : فحدّثني رجل صدق من النجرانية ممّن كان يلزم السيد والعاقب ويخفّ لهما في بعض أمورهما ويطّلع على كثير من شأنهما ، قال : لمّا حضرت الجامعة بلغ ذلك من

ص: 332


1- منك ( خ ل ).
2- فارط : مقصّر.
3- يطمئن لنا الكلم ، تطهّر لنا الكلام ( خ ل ).
4- البهلولة ( خ ل ) ، أقول : البهلول : السيد الجامع لكل خير.
5- فأنتما ( خ ل ).
6- أفلج اللّه حجته : أظهرها.
7- العلج : رجل ضخيم من كفّار عجم ، قيل من مطلق الكفار.

السيد والعاقب كلّ مبلغ لعلمهما بما يهجمان عليه في تصفّحهما من دلائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصفته وذكر أهل بيته وأزواجه وذرّيّته وما يحدث في أمّته وأصحابه من بوائق الأمور من بعده إلى فناء الدنيا وانقطاعها.

فأقبل أحدهما على صاحبه فقال : هذا يوم ما بورك لنا في طلوع شمسه ، لقد شهدته أجسامنا وغابت عنه آراؤنا بحضور طغاتنا وسفلتنا ولقلّ ما شهد سفهاء قوم مجمعة الاّ كانت لهم الغلبة ، قال الآخر : فهم شر غالب لمن غلب انّ أحدهم ليفيق بأدنى كلمة ويفسد في بعض ساعة ما لا يستطيع الاسى الحليم له رتقا ولا الخولّي (1) النّفيس إصلاحا له في حول محرّم له ذلك ، لانّ السفيه هادم والحليم بان وشتّان بين البناء والهدم.

قال : فانتهز حارثة الفرصة فأرسل في خيفة (2) وسر إلى النفر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاستحضرهم استظهارا بمشهدهم ، فحضروا فلم يستطع الرجلان فضّ ذلك المجلس ولا ارجاؤه ، وذلك لما بيّنا من تطلع عامتهما من نصارى نجران إلى معرفة ما تضمّنت الجامعة من صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وانبعاث له مع حضور رسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لذلك وتأليب (3) حارثة عليهما فيه وصفو (4) أبي حارثة شيخهم اليه.

قال : قال لي ذلك الرجل النجراني ، فكان الرأي عندهما ان ينقادا لما يدهمهما من هذا الخطب ولا يظهران شماسا (5) منه ولا نفورا ، حذار ان يطرقا الظنة فيه إليهما وان يكونا أيضا أوّل معتبر للجامعة ومستحثّ لهما لئلاّ يقتات (6) في شيء من ذك المقام والمنزلة عليهما ثم يستبين انّ الصواب في الحال ويستنجد انه ليأخذان بموجبه فتقدّما لما تقدّم في أنفسهما من ذلك إلى الجامعة وهي بين يدي أبي حارثة وحاذاهما حارثة بن أثال

ص: 333


1- الخولي : الراعي الحسن القيام على المال.
2- خفيّة ( خ ل ).
3- التأليب : التحريض.
4- الصفو : الميل.
5- شماسا : منعا.
6- يقتات : من ألفتّ وهو التكسّر والتفرق والانهدام.

وتطاولت إليهما فيه الأعناق ، وحفّت رسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بهم ، فأمر أبو حارثة بالجامعة ففتح طرفها واستخرج منها صحيفة آدم الكبرى المستودعة علم ملكوت اللّه عزّ وجلّ جلاله وما ذرء وما برء في أرضه وسمائه وما وصلهما جلّ جلاله من ذكر عالميه ، وهي الصحيفة التي ورثها شيث من أبيه آدم عليه السلام عمّا دعا من الذكر المحفوظ.

فقرء القوم السيد والعاقب وحارثة في الصحيفة تطلّبا لما تنازعوا فيه من نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصفته ومن حضرهم يومئذ من الناس إليهم مضجّون (1) مرتقبون لما يستدرك من ذكري ذلك ، فألفوا في المسباح (2) الثاني من فواصلهما : بسم اللّه الرحمن الرحيم انّا اللّه لا إله إلاّ أنا الحي القيوم ، معقّب الدهور وفاصل الأمور ، سبقت بمشيّتي الأسباب وذلّلت بقدرتي الصعاب ، فانا العزيز الحكيم الرحمن الرحيم ، ارحم ترحم ، سبقت رحمتي غضبي وعفوي عقوبتي ، خلقت عبادي لعبادتي وألزمتهم حجّتي ، الا انّي باعث فيهم رسلي ومنزل عليهم كتبي ، أبرم ذلك من لدن أوّل مذكور من بشر إلى أحمد نبيي وخاتم رسلي ، ذاك الذي اجعل عليه صلواتي واسلك في قلبه بركاتي وبه أكمل أنبيائي ونذري.

قال آدم عليه السلام : الهي من هؤلاء الرسل ومن أحمد هذا الذي رفعت وشرّفت؟ قال : كلّ من ذريتك وأحمد عاقبهم ، قال : ربّ بما أنت باعثهم ومرسلهم؟ قال : بتوحيدي ، ثم اقفى ذلك بثلاثمائة وثلاثين شريعة ، انظمها وأكملها لأحمد جميعا فأذنت لمن جاءني بشريعة منها مع الأيمان بي وبرسلي ان ادخله الجنّة ، ثم ذكر ما جملته : انّ اللّه تعالى عرض على آدم عليه السلام معرفة الأنبياء عليهم السلام وذرّيّتهم ونظرهم آدم.

ثم قال ما هذا لفظه : ثم نظر آدم عليه السلام إلى نور قد لمع فسدّ الجو المنخرق ، فأخذ بالمطالع من المشارق ثم سرى كذلك حتّى طبق المغارب ثم سمى حتّى بلغ ملكوت السماء ، فنظر فإذا هو نور محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وإذا الأكناف به قد

ص: 334


1- مصيحون ( خ ل ).
2- المصباح ( خ ل ).

تضوّعت طيبا (1) وإذا أَنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه وشماله ومن خلفه وامامه أشبه شيء به ارجا (2) ونورا ويتلوها أَنوار من بعدها تستمدّ منها ، وإذا هي شبيه بها في ضيائها وعظمها ونشرها ، ثم دنت منها فتكلّلت (3) عليها وحفّت بها ونظر ، فإذا أَنوار من بعد ذلك في مثل عدد الكواكب ودون منازل الأوائل جدّا جدا ، وبعض هذه أضوأ من بعض وهي في ذلك متفاوتون جدا ، ثم طلع عليه سواد كالليل وكالسيل ينسلون من كل وجهة وارب ، فاقبلوا كذلك حتّى ملئوا القاع (4) والاكم (5) فإذا هم أقبح شيء صورا وهيئة وأنتنه ريحا.

فبهر (6) آدم عليه السلام ما رأى من ذلك وقال : يا عالم الغيوب وغافر الذنوب ويا ذا القدرة القاهرة والمشية الغالبة من هذا الخلق السعيد الذي كرمت ورفعت على العالمين ومن هذه الأنوار المنيفة المكتنفة له؟

فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : يا آدم هذا وهؤلاء وسيلتك ووسيلة من أسعدت من خلقي ، هؤلاء السّابقون المقربون والشافعون المشفّعون ، وهذا أحمد سيّدهم وسيّد بريّتي ، اخترته بعلمي واشتققت اسمه من اسمي ، فانا المحمود وهو محمد ، وهذا صنوه (7) ووصيّه ، آزرته به وجعلت بركاتي وتطهيري في عقبه ، وهذه سيّدة إمائي والبقيّة في علمي من أحمد نبيّي ، وهذان السبطان والخلفان لهم ، وهذه الأعيان المضارع نورها أَنوارهم بقيّة منهم ، الاّ ان كلا اصطفيت وطهّرت وعلى كلّ باركت وترحّمت ، فكلاّ بعلمي جعلت قدوة عبادي ونور بلادي.

ونظر فإذا شبح في آخرهم يزهر في ذلك الصفيح (8) كما يزهر كوكب الصبح لأهل

ص: 335


1- ضوع المسك : انتشرت رائحته.
2- ارجا : طيبا.
3- تكللت : أحاطت.
4- القاع : المستوي من الأرض.
5- الاكم : التلال.
6- بهره : قهره.
7- صنوه : اخوه.
8- الصفيح : السماء ووجه كل شيء عريض.

الدنيا ، فقال اللّه تبارك وتعالى : وبعبدي هذا السعيد افكّ عن عبادي الأغلال واضع عنهم الآصار (1) واملأ أرضى به حنانا ورأفة وعدلا كما ملئت من قبله قسوة وقشعريّة وجورا.

قال آدم عليه السلام : ربّ انّ الكريم من كرمت وانّ الشّريف من شرّفت ، وحقّ يا الهي لمن رفعت وأعليت ان يكون كذلك ، فيا ذا النعم التي لا تنقطع والإحسان الّذي لا يجازي ولا ينفد ، بم بلغ عبادك هؤلاء العالون هذه المنزلة من شرف عطائك وعظيم فضلك وحبائك ، وكذلك من كرّمت من عبادك المرسلين؟

قال اللّه تبارك وتعالى : انّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الرحمن الرحيم العزيز الحكيم عالم الغيوب ومضمرات القلوب ، اعلم ما لم يكن ممّا يكون كيف يكون ، وما لا يكون كيف لو كان يكون ، وانّي اطّلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي فلم أر فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من أنبيائي ورسلي ، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي وألزمتهم عبء حجّتي واصطفيتهم على البرايا برسالتي وولي ، ثم ألقيت بمكانتهم تلك في منازلهم حوامّهم (2) وأوصيائهم من بعدي ودائع حجّتي والسادة في بريّتي ، لأجبر بهم كسر عبادي وأقيم بهم أودهم ذلك ، إنّي بهم وبقلوبهم لطيف خبير ، ثم اطلعت على قلوب المصطفين من رسلي ، فلم أجد فيهم أطوع ولا أنصح لخلقي من محمد خيرتي وخالصتي ، فاخترته على علم ورفعت ذكره إلى ذكري ، ثم وجدت قلوب حامّته (3) اللاّتي من بعده على صبغة قلبه فألحقتهم به وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأوكار حكمتي ونوري ، وآليت (4) بي إلاّ أعذّب بناري من لقيني معتصما بتوحيدي وجعل مودّتهم ابدا.

ثم أمرهم أبو حارثة أن يصيروا إلى صحيفة شيث الكبرى الّتي انتهى ميراثها إلى إدريس النبي عليه السلام ، قال : وكان كتابتها بالقلم السرياني القديم ، وهو الذي كتب

ص: 336


1- الآصار : الذنوب.
2- حوامّهم : اقربائهم.
3- حامّته : أقرباؤه.
4- آليت : حلفت.

به من بعد نوح عليه السلام من ملوك الهياطلة (1) وهم النمادرة ، قال : فاقتصّ القوم الصحيفة وأفضوا منها إلى هذا الرسم.

قال : اجتمع إلى إدريس عليه السلام قومه وصحابته ، وهو يومئذ في بيت عبادته من ارض كوفان ، فخبّرهم فيما اقتصّ عليهم ، قال : إنّ بني أبيكم آدم عليه السلام الصلبيّة وبني بنيه وذرّيّته اختصموا فيما بينهم وقالوا : أي الخلق عندكم أكرم على اللّه عزّ وجلّ وارفع لديه مكانة وأقرب منه منزلة؟ فقال بعضهم : أبوكم آدم عليه السلام خلقه اللّه عزّ وجلّ بيده واسجد له ملائكته وجعله الخليفة في أرضه وسخّر له جميع خلقه ، وقال آخرون : بل الملائكة الذين لم يعصوا اللّه عزّ وجلّ ، وقال بعضهم : لا بل رؤساء الملائكة الثلاثة : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام ، وقال بعضهم : لا بل أمين اللّه جبرئيل عليه السلام.

فانطلقوا إلى آدم عليه السلام فذكروا الّذي قالوا واختلفوا فيه ، فقال : يا بنيّ أنا أخبركم بأكرم الخلائق جميعا على اللّه عزّ وجلّ ، انّه واللّه لمّا ان نفخ في الروح حتى استويت جالسا فبرق لي العرش العظيم ، فنظرت فيه فإذا فيه : لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه ، فلان صفوة اللّه فلان أمين اللّه فلان خيرة اللّه عزّ وجلّ ، فذكر عدّة أسماء مقرونة بمحمد صلى اللّه عليه وآله.

قال آدم : ثمّ لم أر في السماء موضع أديم - أو قال : صفيح - منها ، الاّ وفيه مكتوب : لا إله إلاّ اللّه ، وما من موضع مكتوب فيه : لا إله إلاّ اللّه الاّ وفيه مكتوب خلقا لا خطّا : محمد رسول اللّه ، وما من موضع في مكتوب : محمد رسول اللّه ، الاّ ومكتوب : فلان خيرة اللّه فلان صفوة اللّه فلان أمين اللّه عزّ وجلّ ، فذكر عدة أسماء تنتظم حساب المعدود ، قال آدم عليه السلام : فمحمّد صلى اللّه عليه وآله يا بني ومن خطّ من تلك الأسماء معه أكرم الخلائق على اللّه تعالى جميعا.

ثم ذكر ان أبا حارثة سأل السيد والعاقب ان يقفا على صلوات إبراهيم عليه السلام

ص: 337


1- الهيطل - كحيدر - جنس من الترك والهند كانت لهم شوكة.

الذي جاء بها الاملاك من عند اللّه عزّ وجلّ فقنعوا بما وقفوا عليه في الجامعة ، قال أبو حارثة : لا بل شارفوها (1) بأجمعها واسبروها (2) ، فإنه أصرم (3) للمعذور وارفع لحكّة (4) الصدور ، وأجدر الاّ ترتابوا في الأمر من بعد ، فلم يجد من المصير إلى قوله من بدّ ، فعمد القوم إلى تابوت إبراهيم عليه السلام قال : وكان اللّه عزّ وجلّ بفضله على من يشاء من خلقه ، قد اصطفى إبراهيم عليه بخلّته وشرفه بصلواته وبركاته وجعله قبلة وإماما لمن يأتي من بعده وجعل النبوة والإمامة والكتاب في ذريّته يتلقّاها آخر عن أول وورّثه تابوت آدم عليه السلام المتضمّن للحكمة والعلم الذي فضّله اللّه عزّ وجلّ به على الملائكة طرّا.

فنظر إبراهيم عليه السلام في ذلك التابوت فأبصر فيه بيوتا بعدد ذوي العزم من الأنبياء المرسلين وأوصيائهم من بعدهم ونظرهم ، فإذا بيت محمد صلى اللّه عليه وآله آخر الأنبياء عن يمينه علي بن أبي طالب آخذ بحجزته ، فإذا شكل عظيم يتلألأ نورا فيه :

هذا صنوه ووصيّه المؤيّد بالنّصر ، فقال إبراهيم عليه السلام : إلهي وسيّدي من هذا الخلق الشريف؟

فأوحى اللّه عزّ وجلّ : هذا عبدي وصفوتي الفاتح الخاتم وهذا وصيّه الوارث ، قال : ربّ ما الفاتح الخاتم؟ قال : هذا محمد خيرتي وبكر فطرتي (5) وحجّتي الكبرى في بريّتي ، نبّئته واجتبيته إذا آدم بين الطين والجسد ، ثم إنّي باعثه عند انقطاع الزمان لتكملة ديني وخاتم به رسالاتي ونذري ، وهذا عليّ اخوه وصدّيقه الأكبر ، آخيت بينهما واخترتهما وصلّيت وباركت عليهما وطهّرتهما وأخلصتهما والأبرار منهما وذرّيتهما قبل ان أخلق سمائي وارضي وما فيهما من خلقي ، وذلك لعلمي بهم وبقلوبهم انّي بعبادي عليهم خبير.

قال : ونظر إبراهيم عليه السلام فإذا اثنى عشر تكاد تلألأ إشكالهم لحسنهما (6) نورا ،

ص: 338


1- شارفه وعليه : اطلع من فوقه.
2- السبر : امتحان غور الشيء.
3- أصرم : اقطع.
4- لحسكة ( خ ل ) ، أقول : حكة الصدر : خلجان الشبهة فيها ، الحسكة : نبات تعلق ثمرته بالصوف ، والحقد والعداوة.
5- بكر فطرتي : أول خلقي.
6- بحسنها ( خ ل ).

فسأل ربه عزّ وجلّ وتعالى فقال : ربّ نبّئني بأسماء هذه الصور المقرونة بصورة محمد ووصيّه وذلك لمّا رأى من رفيع درجاتهم والتحاقهم بشكلي محمد ووصيّه عليهم السلام ، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : هذه أمتي والبقيّة من بنيّي فاطمة الصّديقة الزهراء وجعلتها مع خليلها عصبة لذريّة نبيّي ، هؤلاء وهذان الحسنان وهذا فلان وهذا فلان وهذا كلمتي التي انشر به رحمتي في بلادي وبه انتاش ديني وعبادي ذلك بعد إياس منهم وقنوط منهم من غياثي ، فإذا ذكرت محمّدا نبيّي لصلواتك فصل عليهم معه يا إبراهيم (1).

قال : فعندها صلّى عليهم إبراهيم عليه السلام فقال : ربّ صلّ على محمد وآل محمد كما اجتبيتهم وأخلصتهم إخلاصا ، فأوحى اللّه عزّ وجلّ لتهنّك كرامتي وفضلي عليك فإنّي صائر بسلالة محمّد صلى اللّه عليه وآله ومن اصطفيت معه منهم إلى قناة (2) صلبك ومخرجهم منك ثم من بكرك (3) إسماعيل عليه السلام ، فأبشر يا إبراهيم فانّي واصل صلواتك بصلواتهم ومتبع ذلك بركاتي وترحّمي عليك وعليهم وجاعل حناني (4) وحجّتي إلى الأمد المعدود واليوم الموعود الذي إرث فيه سمائي وارضي وابعث له خلقي لفصل قضائي وإفاضة رحمتي وعدلي.

قال : فلما سمع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما افضى إليه القوم من تلاوة ما تضمّنت الجامعة والصحف الدارسة من نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصفة أهل بيته المذكورين معه بما هم به منه وبما شاهدوا من مكانتهم عنده ازداد القوم بذلك يقينا وايمانا واستطيروا (5) له فرحا.

قال : ثم صار القوم إلى ما نزل على موسى صلى اللّه عليه وآله فالفوا في السفر الثاني من التوراة انّي باعث في الأميّين من ولد إسماعيل رسولا انزل عليه كتابي وابعثه

ص: 339


1- معهم ( خ ل ).
2- قناة : الظهر التي تنتظم الفقار.
3- البكر : أول كلّ شيء وأول ولد الأبوين.
4- الحنان : الرحمة والبركة.
5- استطير : طيّر.

بالشريعة القيّمة إلى جميع خلقي ، أوتيته حكمتي وايّدته بملائكتي وجنودي يكون ذريّته من ابنة له مباركة باركتها ثم من شبلين لهما كإسماعيل وإسحاق ، أصلين لشعبتين عظيمتين أكثّرهم جدّا جدّا ، يكون منهم اثنى عشر فيما أكمل بمحمد صلى اللّه عليه وآله وبما أرسله به من بلاغ وحكمة ديني واختم به أنبيائي ورسلي فعلى محمد صلى اللّه عليه وآله وأمّته تقوم الساعة.

فقال حارثة : الآن أسفر الصبح لذي عينين ووضح الحق لمن رضي به دينا ، فهل في أنفسكما من مرض تستشفيان به فلم يرجعا إليه قولا ، فقال أبو حارثة : اعتبروا الامارة الخاتمة من قول سيدكم المسيح عليه السلام فصار إلى الكتب والأناجيل الّتي جاء بها عيسى عليه السلام ، فالفوا في المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح عليه السلام : يا عيسى يا بن الطاهرة البتول اسمع قولي وجدّ في أمري ، إنّي خلقتك من غير فحل وجعلتك آية للعالمين ، فإيّاي فأعبد وعليّ فتوكّل ، وخذ الكتاب بقوة ثم فسّره لأهل سوريا وأخبرهم انّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الحي القيوم الذي لا أحول ولا أزول ، فآمنوا بي وبرسولي النبي الأمّي الذي يكون في آخر الزمان نبي الرحمة والملحمة الأول والآخر ، قال : أول النبيّين خلقا وآخرهم مبعثا ، ذلك العاقب الحاشر فبشّر به بني إسرائيل.

قال عيسى عليه السلام : يا مالك الدهور وعلاّم الغيوب من هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي ولم تره عيني ، قال : ذلك خالصتي ورسولي المجاهد بيده في سبيلي يوافق قوله فعله وسريرته علانيته انزل عليه توراة (1) حديثة ، افتح بها أعينا عميا وآذانا صمّا وقلوبا غلفا ، فيها ينابيع العلم وفهم الحكمة وربيع القلوب وطوباه طوبى أمته.

قال : ربّ ما اسمه وعلامته وما أكل أمته - يقول : ملك أمته (2) - وهل له من بقيّة - يعني ذرية؟ قال : سأنبئك بما سألت ، اسمه أحمد صلى اللّه عليه وآله منتخب من ذريّة إبراهيم ومصطفى من سلالة إسماعيل عليه السلام ، ذو الوجه الأقمر والجبين الأزهر راكب الجمل ، تنام عيناه ولا ينام قلبه ، يبعثه اللّه في أمّة أميّة ما بقي الليل والنهار مولده

ص: 340


1- نورا ( خ ل ).
2- أي المراد من أكل أمته ملك أمته.

في بلد أبيه إسماعيل - يعني مكة - كثير الأزواج قليل الأولاد نسله من مباركة صدّيقة ، يكون له منها ابنة ، لها فرخان سيدان يستشهدان ، اجعل نسل أحمد منهما ، فطوباهما ولمن أحبّهما وشهد أيامهما فنصرهما.

قال عيسى عليه السلام : الهي وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنّة ساقها وأغصانها من ذهب وورقها حلل وحملها كثدي الأبكار ، احلى من العسل وألين من الزبد وماؤها من تسنيم لو انّ غرابا طار وهو فرخ لأدركه الهرم من قبل ان يقطعها ، وليس منزل من منازل أهل الجنّة الاّ وظلاله (1) فنن (2) من تلك الشجرة ، قال : فلمّا أتى القوم على دراسة ما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى المسيح عليه السلام من نعت محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصفته وملك أمته وذكر ذريته وأهل بيته ، أمسك الرجلان مخصومين وانقطع التحاور بينهم في ذلك.

قال : فلمّا فلج حارثة على السيد والعاقب بالجامعة وما تبيّنوه بينوه في الصحف القديمة ولم يتمّ لهما ما قدّروا من تحريفها ولم يمكنهما ان يلتبسا (3) على الناس في تأويلهما امسكا عن المنازعة من هذا الوجه وعلما انّهما قد أخطأ سبيل الصواب فصار إلى معبدهم (4) آسفين (5) لينظرا ويرتئيا (6) ، وفزع إليهما نصارى نجران ، فسألوهما عن رأيهما وما يعملان في دينهما ، فقالا : ما معناه تمسّكوا بدينكم حتى يكشف دين محمد وسنسير إلى بني قريش إلى يثرب وننظر إلى ما جاء به وإلى ما يدعوا إليه.

قال : فلمّا تجهّز السيد والعاقب للمسير إلى رسول اللّه بالمدينة انتدب (7) معهما أربعة عشر راكبا من نصارى نجران هم من أكابرهم فضلا وعلما في أنفسهم وسبعون رجلاً

ص: 341


1- فظلاله ( خ ل ).
2- الفنن : الأغصان.
3- ان يلبسا ( خ ل ).
4- بيعتهم ( خ ل ).
5- الأسف : أشد الحزن.
6- ارتأى : افتعال من الرأي.
7- ندبه الأمر فانتدب له : دعاه فأجابه.

من أشراف بني الحارث بن كعب وسادتهم ، قال : وكان قيس بن الحصين ذو الغصّة ويزيد بن عبد المدان ببلاد حضر موت فقدما نجران على بقيّة مسير قومهم فشخصا معهم ، فاغترز (1) القوم في ظهور مطاياهم وجنبوا خيلهم وأقبلوا لوجوههم حتّى وردوا المدينة ، قال : ولمّا استرات (2) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خبر أصحابه أنفذ إليهم خالد بن الوليد في خيل سرجها معه لمشارفة أمرهم ، فالفوهم وهم عامدون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

قال : ولما دنوا من المدينة أحبّ السيد والعاقب ان يباهيا المسلمين وأهل المدينة بأصحابهما وبمن حفّ من بني الحارث معهما فاعترضاهم ، فقالا : لو كففتم صدور ركابكم ومسستم الأرض فألقيتم عنكم تفثكم (3) وثياب سفركم ، وشننتم (4) عليكم من باقي مياهكم كان ذلك أمثل ، فانحدر القوم عن الركاب فأماطوا (5) من شعثهم وألقوا عنهم ثياب بذلتهم (6) ولبسوا ثياب صونهم من الأتحميات (7) والحرير ، وذرّوا (8) المسك في لممهم (9) ومفارقهم ، ثم ركبوا الخيل واعترضوا بالرماح على مناسج (10) خيلهم وأقبلوا يسيرون رزدقا (11) واحدا وكانوا من أجمل العرب صورا وأتمّهم أجساما وخلقا.

فلمّا تشرّفهم الناس أقبلوا نحوهم فقالوا : ما رأينا وفدا أجمل من هؤلاء ، فأقبل القوم حتّى دخلوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في مسجده وحانت (12) وقت صلاتهم ، فقاموا

ص: 342


1- اغترز القوم : ركب القوم.
2- الاستراءة : الاستبطاء.
3- التفث : الشعث والكثافات.
4- شن الماء : صبه وفرقه.
5- أماط : أبعد.
6- البذلة : ما لا يصان من الثياب.
7- الاتحمية : نوع من البرد.
8- ذر الملح والطيب : نثرة وفرقه.
9- اللم جمع اللمة ، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن.
10- منسج الفرس : أسفل من حاركه.
11- الرزدق : الصف من الناس.
12- حانت : قربت.

يصلّون إلى المشرق ، فأراد الناس ان ينهوهم عن ذلك فكفّهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ثم امهلهم وأمهلوه ثلاثا فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا إلى هديه ويعتبروا ما يشاهدون منه ممّا يجدون من صفته.

فلمّا كان بعد ثالثة دعاهم صلى اللّه عليه وآله إلى الإسلام فقالوا : يا أبا القاسم ما أخبرتنا كتب اللّه عزّ وجلّ بشيء من صفة النبي المبعوث بعد الروح عيسى عليه السلام الاّ وقد تعرّفناه فيك الاّ خلّة هي أعظم الخلال آية ومنزلة وأجلاها امارة ودلالة.

قال صلى اللّه عليه وآله : وما هي؟ قالوا : انّا نجد في الإنجيل من صفة النبي الغابر (1) من بعد المسيح انّه يصدّق به ويؤمن به وأنت تسبّه وتكذّب به وتزعم انّه عبد ، قال : فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبي صلى اللّه عليه وآله إلاّ في عيسى عليه السلام.

فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : لا ، بل أصدّقه واصدّق به وأومن به وأشهد أنّه النبي المرسل من ربّه عزّ وجلّ وأقول : انه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، قالوا : وهل يستطيع العبد ان يفعل ما كان يفعل وهل جاءت الأنبياء بما جاء به من القدرة القاهرة ألم يكن يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص وينبئهم بما يكنون (2) في صدورهم وما يدّخرون في بيوتهم ، فهل يستطيع هذا الاّ اللّه عزّ وجلّ أو ابن اللّه ، وقالوا في الغلوّ فيه وأكثروا ، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا؟

فقال صلى اللّه عليه وآله : قد كان عيسى أخي كما قلتم يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويخبر قومه بما في نفوسهم وبما يدّخرون في بيوتهم ، وكلّ ذلك باذن اللّه عزّ وجلّ وهو اللّه عزّ وجلّ عبد وذلك عليه غير عار وهو منه غير مستنكف ، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وأمشاجا (3) يأكل الطعام ويظمئ وينصبّ باربه (4) وربّه

ص: 343


1- الغابر : الماضي والباقي.
2- كننت الشيء : سترته ، وأكننته في نفس : أسررته.
3- الأمشاج : الأخلاط.
4- ينصب باربه : يتعقب بسبب حاجته ، ويمكن ان يكون كناية عن الذهاب إلى الخلاء.

الأحد الحق الذي ليس كمثله شيء وليس له ندّ ، قالوا : فأرنا مثله من جاء من غير فحل ولا أب؟

قال : هذا آدم عليه السلام أعجب منه خلقا ، جاء من غير أب ولا أمّ وليس شيء من الخلق بأهون على اللّه عزّ وجلّ في قدرته من شيء ولا أصعب ، ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (1) ، وتلا عليهم : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (2) ، قالا : فما نزداد منك في أمر صاحبنا الاّ تباينا وهذا الأمر الذي لا نقرّ لك فهلمّ فلنلاعنك أيّنا أولى بالحق فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين ، فإنّها مثلة وآية معجّلة.

فأنزل اللّه عزّ وجلّ آية المباهلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (3) ، فتلا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما نزّل عليه في ذلك من القرآن ، فقال صلى اللّه عليه وآله : ان اللّه قد أمرني أصير إلى ملتمسكم وأمرني بمباهلتكم ان أقمتم وأصررتم على قولكم ، قالا : وذلك آية ما بيننا وبينك إذا كان غدا باهلناك.

ثم قاما وأصحابهما من النصارى معهما فلمّا أبعدا وقد كانوا انزلوا بالحرّة (4) أقبل بعضهم على بعض فقالوا : قد جاءكم هذا بالفصل من امره وأمركم فانظروا أوّلا بمن يباهلكم أبكافّة اتباعه ، أم بأهل الكتاب من أصحابه ، أو بذوي التخشّع والتّمسك (5) والصفوة دينا وهم القليل منهم عددا ، فان جاءكم بالكثرة وذوي الشدة منهم ، فإنما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك ، فالفلج (6) إذا لكم دونه ، وان أتاكم بنفر قليل من

ص: 344


1- يس : 82.
2- آل عمران : 59.
3- آل عمران : 61.
4- الحرّة : موضع وقعة حنين وموضع بتبوك وبين المدينة والعقيق وقبلي المدينة.
5- الإمساك : عند الرهبان التقتير في العيش والامتناع عن بعض المآكل تنسّكا وتعبدا.
6- أفلج اللّه حجته : أظهرها.

ذوي تخشع ، فهؤلاء سجيّة الأنبياء وصفوتهم وموضع بهلتهم ، فإياكم والاقدام إذا على مباهلتهم ، فهذه لكم امارة ، وانظروا حينئذ ما تصنعون ما بينكم وبينه ، فقد أعذر من أنذر.

فأمر صلى اللّه عليه وآله بشجرتين فقصدتا وكسح (1) ما بينهما ، وأمهل حتى إذا كان من الغد أمر بكساء اسود رقيق فنشر على الشجرتين ، فلمّا أبصر السيد والعاقب ذلك خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبد المنعم وسارة ومريم وخرج معهما نصارى نجران وركب فرسان بني الحارث بن الكعب في أحسن هيئة ، وأقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم وألويتهم وأحسن شارتهم (2) وهيئتهم ، لينظروا ما يكون من الأمر.

ولبث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في حجرته حتّى متع (3) النهار ، ثم خرج آخذا بيد علي والحسن والحسين امامه وفاطمة عليهم السلام من خلفهم ، فأقبل بهم حتّى أتى الشجرتين فوقف من بينهما من تحت الكساء على مثل الهيئة الّتي خرج بها من حجرته ، فأرسل إليهما يدعوهما إلى ما دعاه إليه من المباهلة.

فأقبلا إليه فقالا : بمن تباهلنا يا أبا القاسم؟ قال : بخير أهل الأرض وأكرمهم على اللّه عزّ وجلّ ، بهؤلاء ، وأشار لهما إلى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم ، قالا : فما نراك جئت لمباهلتنا بالكبر ولا من الكثر ولا أهل الشّارّة ممّن نرى آمن بك واتبعك ، وما نرى هاهنا معك الاّ هذا الشّاب والمرأة والصبيّين ، أفبهؤلاء تباهلنا؟ قال صلى اللّه عليه وآله : نعم ، أو لم أخبركم بذلك آنفا ، نعم بهؤلاء أمرت والذي بعثني بالحق ان أباهلكم.

فاصفارّت حينئذ ألوانهما وكرّا وعادا إلى أصحابهما وموقفهما ، فلمّا رأى أصحابهما ما بهما وما دخلهما ، قالوا : ما خطبكما؟ فتماسكا ، وقالا ما كان ثمة من خطب ، فنخبركم

ص: 345


1- كسح : كنس.
2- الشارة : اللباس والهيئة.
3- متع النهار : ارتفع.

وأقبل عليهم شابّ كان من خيارهم قد أوتي فيهم علما ، فقال : ويحكم لا تفعلوا واذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفته فواللّه انكم لتعلمون حق العلم انه الصادق وانّما عهدكم بإخوانكم حديث قد مسخوا قردة وخنازير ، فعلموا انّه قد نصح لهم فأمسكوا.

قال : وكان للمنذرين علقمة أخي أسقفهم أبي حارثة حظّ من العلم فيهم يعرفونه له وكان نازحا (1) عن نجران في وقت تنازعهم ، فقدم وقد اجتمع القوم على الرحلة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فشخص معهم ، فلمّا رأى المنذر انتشار أمر القوم يومئذ وتردّدهم في رأيهم أخذ بيد السيد والعاقب على أصحابه فقال : اخلوني وهذين ، فاعتزل بهما.

ثم أقبل عليهما فقال : ان الرائد (2) لا يكذّب أهله وأنا لكما جدّ شفيق ، فان نظرتما لأنفسكما نجوتما وان تركتما ذلك هلكتما وأهلكتما ، قالا : أنت الناصح حبيبا (3) المأمون عيبا فهات ، قال : أتعلمان انّه ما بأهل يوم نبيّا قط الاّ كان مهلكهم كلمح البصر ، وقد علمتما وكلّ ذي ارب (4) من ورثة الكتب معكما انّ محمّدا أبا القاسم هذا هو الرسول الذي بشّرت به الأنبياء عليهم السلام وأفصحت ببيعتهم وأهل بيتهم الأمناء ، وأخرى أنذركما بها فلا تعشوا عنها ، قالا : وما هي يا أبا المثنى؟

قال : انظرا إلى النجم قد استطلع إلى الأرض وإلى خشوع الشجر وتساقط الطير بازائكما (5) لوجوههما قد نشرت على الأرض أجنحتها وفات ما في حواصلها وما عليها لله عزّ وجلّ من تبعة ، ليس ذلك الاّ ما قد أظل من العذاب وانظر إلى اقشعرار الجبال وإلى الدخان المنتشر وقزع (6) السحاب ، هذا ونحن في حمّارة (7) القيظ وإبان الهجير (8) ، وانظروا

ص: 346


1- نازحا : بعيدا.
2- الرائد : الجاسوس.
3- رجل ناصح الحبيب : أمين.
4- ارب : عقل وصار بصيرا.
5- بآرائكما ( خ ل ).
6- القزع : قطع من السحاب رقيقة.
7- حمّارة القيظ : شدته.
8- الهجير والهاجرة : نصف النهار عند اشتداد الحر.

إلى محمّد صلى اللّه عليه وآله رافعا يده والأربعة من أهل معه انّما ينتظر ما تجيبان به ، ثم اعلموا انّه ان نطق فوه بكلمة من بهلة لم نتدارك هلاكا ولم نرجع إلى أهل ولا مال.

فنظرا فابصرا أمرا عظيما فأيقنا انّه الحق من اللّه تعالى ، فزلت إقدامهما وكادت ان تطيش عقولهما واستشعرا انّ العذاب واقع بهما ، فلمّا أبصر المنذر بن علقمة ما قد لقيا من الخيفة والرهبة قال لهما : إنكما ان أسلمتما له سلمتما في عاجلة وآجله وان آثرتما دينكما وغضارة (1) ملّتكما وشححتما (2) بمنزلتكم من الشرف في قومكما ، فلست أحجر (3) عليكما الضّنين (4) بما نلتما من ذلك ، ولكنّكما بدهتما (5) محمدا صلى اللّه عليه وآله بتطلّب المباهلة وجعلتماها حجازا وآية بينكما وبينه وشخصتما من نجران ، وذلك من تاليكما (6) ، فأسرع محمد صلى اللّه عليه وآله إلى ما بغيتما منه والأنبياء إذا أظهرت بأمر لم نرجع الاّ بقضائه وفعله ، فاذ نكّلتما (7) عن ذلك وأذهلتكما مخافة ما تريان فالحظّ في النكول لكما ، فالوحا (8) يا اخوتي الوحا صالحا محمدا صلى اللّه عليه وآله وارضياه ولا ترجيا (9) ذلك ، فإنكما وانا معكما بمنزلة قوم يونس لمّا غشيهم العذاب.

قالا : فكن أنت يا أبا المثنى أنت الذي تلقى محمدا صلى اللّه عليه وآله بكفالة ما يبتغيه (10) لدينا والتمس لنا إليه ابن عمّه هذا ليكون هو الذي يبرم الأمر بيننا وبينه ، فإنه ذو الوجه والزعيم عنده ولا تبطئنّ به ما ترجع إلينا به.

وانطلق المنذر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : السلام عليك يا رسول اللّه

ص: 347


1- الغضارة : طيب العيش.
2- الشح : البخل مع حرص.
3- أحجر : امنع.
4- الضنّ : البخل.
5- بدهه بأمر : استقبله به.
6- التالي : التقصير والحلف.
7- نكّله عن الشيء : صرفه.
8- الوحي : السرعة ، الوحا الوحا : البدار البدار.
9- ترجيا : تؤخّرا.
10- ابتغى الشيء : طلبه.

اشهد ان لا إله إلاّ اللّه الذي ابتعثك وانك وعيسى عبدان لله عزّ وجلّ مرسلان ، فأسلم وبلّغه ما جاء له ، فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليّا عليه السلام مصالحة القوم ، فقال علي عليه السلام : بأبي أنت على ما أصالحهم؟ فقال له : رأيك يا أبا الحسن فيما تبرم معهم معه رأيي ، فصار إليهم فصالحاه على ألف حلّة وألف دينار خرجا في كل عام يؤدّيان شطر ذلك في المحرم وشطرا في رجب.

فصار علي عليه السلام بهما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذليلين صاغرين وأخبره بما صالحهما عليه واقرّا له بالخرج والصغار ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : قد قبلت ذلك منكم أما إنّكم لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم (1) اللّه عليكم الوادي نارا تأجّج (2) ثم لساقها اللّه عزّ وجلّ إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين ، فحرّقهم تأجّجا.

فلمّا رجع النبي صلى اللّه عليه وآله بأهل بيته وصار إلى مسجده هبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد ان اللّه عزّ وجلّ يقرؤك السلام ويقول : ان عبدي موسى عليه السلام بأهل عدوه قارون بأخيه هارون وبنيه ، فخسفت بقارون وأهله وماله وبمن آزره من قومه ، وبعزتي أقسم وبجلالي ، يا أحمد لو باهلت بك وبمن تحت الكساء من أهلك أهل الأرض والخلائق جميعا لتقطّعت السماء كسفا (3) والجبال زبرا ولساخت (4) الأرض فلم تستقرّ ابدا ، الاّ ان أشاء ذلك.

فسجد النبي صلى اللّه عليه وآله ووضع على الأرض وجهه ثمّ رفع يديه حتّى تبيّن للنّاس عفرة إبطيه (5) فقال : شكرا للمنعم شكرا للمنعم - قالها ثلاثا ، فسئل النبي صلى اللّه عليه وآله عن سجدته وممّا رأى من تباشير السرور في وجهه ، فقال : شكرا لله عزّ وجلّ لما أبلاني من الكرامة في أهل بيتي ، ثم حدثهم بما جاء به جبرئيل عليه السلام.

ص: 348


1- ضرم النار : اشتغل.
2- تأجّج النار : اشتد حرّها.
3- الكسف : القطع ، وكذا الزبر.
4- ساخت قوائمه في الأرض : دخلت وغابت.
5- العفرة : البياض ليس بالشديد.

فصل (2): فيما نذكره من زيادة في فضل أهل المباهلة والسعادة

اعلم انّ شهادة أهل الخلاف لأهل المباهلة بشرف الأوصاف ، مع ما يعاملونهم به من الانحراف أبلغ من شهادة شيعتهم وأظهر في أنوار حجّتهم.

فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحة ان الذين بأهل بهم النبي صلى اللّه عليه وآله علي وفاطمة والحسن والحسين (1).

ورواه أيضا الثعلبي ومقاتل والكلبي والحافظ ابن مردويه وعبد اللّه بن عباس وجابر بن عبد اللّه الأنصاري والحسن البصري والشعبي والسّدي وغيرهم ممّن لا يحضرني ذكر أسمائهم (2).

ورواه أيضا الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير القرآن عند تفسير قوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (3).

فقال الزمخشري ما هذا لفظه : انّه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتّى نرجع وننظر ، فلمّا تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : واللّه لقد عرفتم يا معشر النّصارى انّ محمّدا نبيّ مرسل ، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، واللّه ما بأهل قوم نبيّا قطّ فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكنّ ، فان أبيتم إلاّ ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرّجل وانصرفوا.

فاتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد غدا محتضنا للحسين ، آخذا بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعليّ خلفهما ، وهو يقول : إذ أنا دعوت فامّنوا ، فقال اسقف

ص: 349


1- صحيح مسلم 4 : 1871.
2- ذخائر العقبى : 25 ، الجامع للترمذي : 4 : 82 ، المستدرك للحاكم 3 : 150 ، المسند لأحمد بن حنبل 1 : 185 ، العمدة : 95 عن تفسير الثعلبي ، التفسير لفخر الرازي 8 : 85 ، المناقب لابن المغازلي : 263 ، درّ المنثور 4 : 38.
3- آل عمران : 61.

نجران : يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوها لو شاء اللّه ان يزيل جبلا عن مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولم يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم رأينا انّنا لا نباهلك وان نقرّك على دينك ونثبت على ديننا.

قال : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم ، فأبوا ، قال : فانّي أناجزكم (1) ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا ، على ان نؤدّي إليك في كلّ عام ألفي حلّة ، ألف في صفر وألف في رجب ، وثلاثين درعا عادية من حديد.

فصالحهم على ذلك وقال : والذي نفسي بيده انّ الهلاك قد تدلّى على نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولأستأصل اللّه نجران وأهله حتّى الطير على رءوس الشجر ، ولمّا حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا.

وعن عائشة : انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم خرج وعليه مرط مرحل (2) من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ، ثمّ فاطمة ، ثمّ علي ، ثمّ قال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (3).

فان قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة الاّ ليتبيّن الكاذب منه ومن خصمه ، ومن ذلك أمر يختصّ به وبمن يكاذبه ، فما معنى الأبناء والنساء؟

قلت : كان ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجرء على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده ، وأحبّ الناس إليه لذلك ، ولم ينتصر على تعرّض نفسه له وعلى ثقته بكذب خصمه حتّى يهلكه مع أحبّته وأعزّته ، هلاك الاستئصال ، ان تمّت المباهلة ، وخصّ الأبناء والنساء ، لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربّما بدأهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتّى يقتل ، ومن ثمّ كانوا يسوقون مع أنفسهم الضغائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمّون الذّادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق ،

ص: 350


1- ناجزه : بارزة وقاتله.
2- المرط : كساء من صوف أو خز ، المرحل - بالحاء المهملة - ما ينقش عليه صورة رحل الإبل.
3- الأحزاب : 33.

وقدّمهم في الذّكر على أنفسهم ، لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنّهم مقدمون على الأنفس مقدّمون بها ، وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام ، وفيه برهان واضح على صحّة نبوّة النبي صلى اللّه عليه وآله لأنّه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك - هذا آخر كلام الزمخشري. » (1).

فصل (3): فيما نذكره من فضل يوم المباهلة من طريق المعقول

اعلم انّ يوم مباهلة النّبي صلوات اللّه عليه وآله لنصارى نجران كان يوما عظيم الشأن اشتمل على عدّة آيات وكرامات :

فمن آياته : انّه كان أوّل مقام فتح اللّه جلّ جلاله فيه باب المباهلة الفاصلة ، في هذه الملّة الفاضلة ، عند جحود حججه وبيّناته.

ومن آياته : انّه أوّل يوم ظهرت لله جلّ جلاله ولرسوله صلوات اللّه عليه وآله العزّة ، بإلزام أهل الكتاب من النصارى الذلّة والجزية ، ودخولهم عند حكم نبوته ومراداته.

ومن آياته : انه كان أوّل يوم أحاطت فيه سرادقات القوة الإلهيّة والقدرة النّبوية ، بمن كان يحتجّ عليه بالمعقول.

ومن آياته : انّه أوّل يوم أشرقت شموسه بنور التصديق لمحمّد صلوات عليه وآله من جانب اللّه جلّ جلاله ، بالتفريق بين أعدائه وأهل ثقاته.

ومن آياته : انّه يوم أظهر فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله تخصيص أهل بيته بعلوّ مقاماتهم.

ومن آياته : انّه يوم كشف اللّه جلّ جلاله لعباده ، انّ الحسن والحسين عليهما أفضل السلام ، مع ما كانا عليه من صغر السنّ ، أحقّ بالمباهلة من صحابة رسول اللّه صلوات اللّه عليه والمجاهدين في رسالاته.

ص: 351


1- الكشاف 1 : 368 - 370 ، عنه الطرائف : 43.

ومن آياته : انّه يوم أظهر اللّه جلّ جلاله فيه انّ ابنته المعظّمة ، فاطمة صلوات اللّه عليها ، أرجح في مقام المباهلة ، من اتباعه وذوي الصلاح من رجاله وأهل عناياته.

ومن آياته : انّه يوم أظهر اللّه جلّ جلاله فيه انّ مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام نفس رسول اللّه صلوات اللّه عليهما ، وانه من معدن ذاته وصفاته ، وانّ مراده من مراداته ، وان افترقت الصورة فالمعنى واحد في الفضل من سائر جهاته.

ومن آياته : انّه يوم وسم كلّ من تأخر عن مقام المباهلة بوسم ، يقتضي أنّه دون من قدم عليه في الاحتجاج لله عزّ وجلّ ونشر علاماته.

ومن آياته : انّه يوم لم يجر مثله قبل الإسلام ، فيما عرفنا من صحيح النقل ورواياته.

ومن آياته : انّه يوم أخرس السنة الدّعوى وعرس في مجلس منطق الفتوى ، بأنّ أهل المباهلة أكرم على اللّه جلّ جلاله من كلّ من لم يصلح لما صلحوا له من المتقرّبين بطاعاته وعباداته.

ومن آياته : انّ يوم المباهلة يوم بيان برهان الصّادقين ، الّذين أمر اللّه جلّ جلاله بأتباعهم في مقدّس قرآنه وآياته.

ومن آياته : انّ يوم المباهلة يوم شهد اللّه جلّ جلاله لكلّ واحد من أهل المباهلة بعصمته مدة حياته.

ومن آياته : انّ يوم المباهلة أبلغ في تصديق صاحب النبوة والرسالة من التحدّي بالقرآن ، وأظهر في الدّلالة الذين تحدّاهم صلوات اللّه عليه بالقرآن قالوا : ( لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا ) (1) ، وان كان قولهم في مقام البهتان ويوم المباهلة ، فما أقدموا على دعوى الجحود للعجز عن مباهلته لظهور حجته وعلاماته.

ومن آياته : انّ يوم المباهلة أطفأ اللّه به نار الحرب وصان وجوه المسلمين من الجهاد ومن الكرب ، وخلّصهم من هيجان المخاطرة بالنفوس والرءوس ، وعتقها من رقّ الغزو والبؤس ، لشرف أهل المباهلة الموصوفين فيها بصفاته.

ص: 352


1- الأنفال : 31.

ومن آياته : انّ البيان واللّسان والجنان اعترفوا بالعجز عن شرح كمال كراماته.

فصل (4): فيما نذكره مما ينبغي ان يكون أهل المعرفة بحقوق المباهلة من الاعتراف بنعم اللّه جلّ جلاله الشاملة

اعلم انّ يوم المباهلة أعظم ممّا أشرنا إليه ، وانّما ذكرنا من فضله بحسب ما دلّنا اللّه جلّ جلاله عليه.

وكن أنت مفكّرا في انّ اللّه جلّ جلاله اختار لنا في الأزل ، من غير وسيلة منّا ولا فضيلة صدرت عنّا ، أنوارا تباهل بها جاحدين كفارا ، وشموسا تكشف بنورها دعوى اليهود والنصارى ، وتمحو آثار استمرار شرعهم وشموسهم ، ويخسف ببدورها دعوى الجاهليّة بعبادة أصنامهم وتخليطهم (1) بها من نحو سهم ، وتخلع به خلع التشريف بالتكليف للتّراب ، ويحيى بهدايتها موات الألباب ، وتعمّ لأجلها دوام نعيم دار الثواب ، ويأتي بها إلى نار ، قد علا لهبها وسعيرها ، وحروب قد اشتدّ كلبها (2) وزفيرها ، فخفف بها عنّا وعن سائر البشر هول ذلك الخطر والضرر ، وإطفاء شررها بمباهلة ساعة بأهل الطاعة ، وقرب جموعها وهدم ربوعها ، بثبوت اقدام أرباب المباهلة ، ورايات إخلاصهم ، وحمى حوزة الإسلام والمسلمين بتلك المباهلة الصّادرة عن أمر ربّ العالمين.

فلهذا اليوم المباهلة من حقّ التشريف وتعظيم أهل المقام الشريف ، وتخفيف المالك اللطيف ، يقتضي ان يكون هذا اليوم من أعظم أيّام البشارات وأكرم أيّام السعادات ، معمور المجالس والمحافل بالثناء على اللّه جلّ جلاله ، وذكر ما فيه من الفضائل ، معروفا به جلّ جلاله حقوق ملوك أهل المباهلة وما دفع اللّه جلّ جلاله بهم من الأمور الهائلة ، وما نفع بمباهلتهم في العاجلة والآجلة ، وان يتوجّه بهم فيه إلى كشّاف الكربات وواهب ألطاف الكرامات ، فيما يكون العبد محتاجا إليه ، وعلى قدر تعظيم اليوم المذكور وعزّة أهله عليه.

ص: 353


1- تخليطهم ( خ ل ).
2- كلب الزمان : اشتد.

فصل (5): فيما نذكره من عمل يوم بأهل اللّه فيه بأهل السعادات وندب إلى صوم أو صلوات أو دعوات

روينا ذلك إلى أبي الفرج محمد بن علي بن أبي قرّة ، بإسناده إلى علي بن محمد القمي رفعه في خبر المباهلة ، وهي يوم اربع وعشرين من ذي الحجّة ، وقد قيل : يوم إحدى وعشرين ، وقيل : يوم سبعة وعشرين ، وأصحّ الروايات يوم أربعة وعشرين ، والزيارة فيه قال :

إذا أردت ذلك فابدء بصوم ذلك اليوم شكرا لله تعالى ، واغتسل والبس أنظف ثيابك ، وتطيّب بما قدرت عليه ، وعليك السكينة والوقار ، والّذي يعمله من يزور أن يمضي إلى مشهد وليّ من أولياء اللّه ، أو موضع خال ، أو جبل عال ، أو واد خضر ، وعليه الاّ يقيم في منزله ، ويخرج بعد ان يغتسل ، ويلبس أحسن ثيابه.

فإذا وصل إلى المقام الّذي يريد فيه أداء الحق وطلب الحاجة والمسألة بهم صلّى ساعة يدخل ركعتين بقراءة وتسبيح ، فإذا جلس في التشهد وسلّم استغفر اللّه سبعين مرة ، ثمّ يقوم قائما ويرفع يديه ويرم طرفه (1) نحو الهواء ، ويقول :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَّفَنِي ما كُنْتُ بِهِ جاهِلاً ، وَلَوْ لا تَعْرِيفُكَ إِيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِينَ ، اذْ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (2) ، فَبَيَّنْتَ لِيَ الْقَرابَةَ ، وَقُلْتَ : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (3) ، فَبَيَّنْتَ لِيَ الْبَيْتَ بَعْدَ الْقَرابَةِ.

ص: 354


1- الطرف : العين.
2- الشورى : 23.
3- الأحزاب : 33.

ثُمَّ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ بِتَفَضُّلِكَ عَلى خَلْقِكَ وَارَدْتَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالْبَيْتِ وَالْقَرابَةِ ، فَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُ : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1).

فَلَكَ الشُّكْرُ يا رَبِّ وَلَكَ الْمَنُّ حَيْثُ هَدَيْتَنِي وَارْشَدْتَنِي ، حَتّى لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ الْأَهْلُ وَالْبَيْتُ وَالْقَرابَةُ ، حَتّى عَرَّفْتَنِي نِسائَهُمْ وَأَوْلادَهُمْ وَرِجالَهُمْ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ الَيْكَ بِذلِكَ الْمَقامِ الَّذِي لا يَكُونُ اعْظَمُ فَضْلاً مِنْهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا اكْثَرُ رَحْمَةً بِمَعْرِفَتِكَ ايَّاهُمْ (2) ، فَلَوْ لا هذا الْمَقامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي أَنْقَذْتَنا ، وَدَلَلْتَنا الَى اتِّباعِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ اهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَعِتْرَتِهِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَنُّ وَالشُّكْرُ عَلى نَعْمائِكَ وَأَيادِيكَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الَّذِينَ افْتَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ ، وَثَبَّتَّنا بِالْقَوْلِ الَّذِي عَرَّفُونا ، وَاجْزِ مُحَمَّداً وَآلَهُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مِنّا افْضَلَ الْجَزاءِ ، وَأَدْخِلْنا فِي شَفاعَتِهِمْ دارَ كَرامَتِكَ ، يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ هؤُلاءِ اهْلُ الْكِسَاءِ وَالْعَباءِ يَوْمَ الْمُباهِلَةِ ، وَمَنْ دَخَلَ مِنَ الانْسِ وَالْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، اجْعَلْهُمْ شُفَعاءَنا ، اسْأَلُكَ بِحَقِّ ذلِكَ الْمَقامِ انْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ ، انَّكَ انْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ انِّي اشْهِدُكَ انَّ أَرْواحَهُمْ وَطِينَتَهُمْ واحِدَةٌ ، وَهُمُ الشَّجَرَةُ الَّتِي طابَ أَصْلُها وَأَغْصانُها وَأَوْراقُها.

اللّهُمَّ فَارْحَمْنا بِحَقِّهِمْ ، فَإِنَّكَ اقَمْتَهُمْ حُجَجاً عَلى خَلْقِكَ ، وَدَلائِلَ عَلى ما يُسْتَدَلُّ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَباباً الَى الْمُعْجِزاتِ بِعِلْمِكَ الَّذِي يَعْجُزُ عَنْهُ الْخَلْقُ غَيْرُهُمْ ، وَانْتَ الْمُتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ اقَمْتَهُمْ مِنْ بَيْنِ خَلْقِكَ وَنَقَلْتَهُمْ مِنْ عِبادِكَ.

فَجَعَلْتَهُمْ مُطَهَّرِينَ أُصُولاً وَفُرُوعاً وَمَنْبَتاً ، ثُمَّ اكْرَمْتَهُمْ بِنُورِكَ ، حَتّى

ص: 355


1- آل عمران : 61.
2- إخراجهم عن الشبهات ( خ ل ).

فَضَّلْتَهُمْ مِنْ بَيْنِ اهْلِ زَمانِهِمْ وَالاقْرَبِينَ الَيْهِمْ ، فَخَصَصْتَهُمْ بِوَحْيِكَ ، وَانْزَلْتَ عَلَيْهِمْ كِتابَكَ ، وَأَمَرْتَنا بِالتَّمَسُّكِ بِهِما.

اللّهُمَّ فَانّا قَدْ تَمَسَّكْنا بِكِتابِكَ وَبِعِتْرَةِ نَبِيِّكَ ، الَّذِينَ اقَمْتَهُمْ لَنا دَلِيلاً وَعَلَماً ، وَأَمَرْتَنا بِاتِّباعِهِمْ ، اللّهُمَّ انّا قَدْ تَمَسَّكْنا فَارْزُقْنا شَفاعَتَهُمْ حِينَ يَقُولُ الْخاطِئُونَ : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (1).

اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِنَ الصَّادِقِينَ بِهِمْ ، وَالْمُنْتَظِرِينَ لِشَفاعَتِهِمْ ، وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

ثم تصلي عند كلّ دعاء ركعتين وتقيم إلى انتصاف النهار ، أو زوال الشمس ، وقد قبل إلى اصفرار الشمس ، وكل ذلك حسن.

وهذا ما جاء من الروايات في انصراف القوم عن مقامهم في يوم المباهلة.

ومن الدعاء في يوم المباهلة دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي الفرج محمد بن علي بن أبي قرّة ، بإسناده إلى محمد بن سليمان الديلمي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أبو جعفر عليه السلام :

لو قلت انّ في هذا الدعاء الاسم الأكبر لصدقت ، ولو علم الناس ما فيه من الإجابة لاضطربوا على تعليمه بالأيدي ، وانا لاقدّمه بين يدي حوائجي فينجح ، وهو دعاء المباهلة من قول اللّه تعالى : « فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ - ثم الى آخر الآية » (2) ، وانّ جبرئيل عليه السلام نزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فأخبره بهذا الدعاء ، قال : تخرج أنت ووصيّك وسبطاك وابنتك وبأهل القوم وادعوا به.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام : فإذا دعوتم فاجتهدوا في الدعاء ، فانّ ما عند اللّه خير وأبقى ، من كنوز العلم ، فاشفعوا به واكتموه من غير أهله السفهاء والمنافقين ، الدعاء :

ص: 356


1- الشعراء : 100 - 101.
2- آل عمران : 61.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيُّ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُّ جَلالِكَ جَلِيلٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ انِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها ، وَكُلُّ عِزَّتِكَ عَزِيزَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها ، وَكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي اسْتَطَلْتَ بِها عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، وَكُلُّ قُدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيٌّ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بأَحَبِّها الَيْكَ وَكُلُ

ص: 357

مَسائِلِكَ (1) الَيْكَ حَبِيبَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُّ مُلْكِكَ فاخِرٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَلائِكَ بِأَعْلاهُ وَكُلُّ عَلائِكَ عالٍ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَلائِكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَعْجَبِها وَكُلُّ آياتِكَ عَجِيبَةٌ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ ، وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ ، اللّهُمَّ إِنِّي ادْعُوكَ كَما امَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِما انْتَ فِيهِ مِنَ الشُّئُونِ وَالْجَبَرُوتِ ، اللّهُمَّ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ شَأْنٍ وَكُلِّ جَبَرُوتٍ لَكَ.

اللّهُمَّ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِما تُجِيبُنِي بِهِ حِينَ اسْأَلُكَ يا اللّهُ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ ، اسْأَلُكَ بِبَهاءِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِجَلالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِجَمالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

اسْأَلُكَ بِعَظَمَةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِكَمالِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِقَوْلِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِشَرَفِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ.

أَسْأَلُكَ بِعَلاءِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِكَلِماتِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ بِعِزَّةِ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، اسْأَلُكَ

ص: 358


1- كلها ( خ ل ).

بِلا إِلهَ إِلاّ انْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ انْتَ ، يا اللّهُ يا رَبّاهُ - حتّى ينقطع النفس.

وتقول :

أَسْأَلُكَ سَيِّدِي فَلَيْسَ مِثْلُكَ شَيْءٌ ، وَاسْأَلُكَ بِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعاكَ بِها نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، اوْ مَلِكٌ مُقَرَّبٌ اوْ مُؤْمِنٌ امْتَحَنْتَ قَلْبَهُ لِلإيمانِ اسْتَجَبْتَ دَعْوَتَهُ مِنْهُ ، وَأَتَوَجَّهُ الَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَأَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي بِمُحَمَّدٍ.

يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللّهِ ، بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي أَتَوَجَّهُ إِلى رَبِّكَ وَرَبِّي وَأُقَدِّمُكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجَتِي ، يا رَبّاهُ يا اللّهُ يا رَبَّاهُ ، اسْأَلُكَ بِكَ فَلَيْسَ كَمِثْلِكَ شَيْءٌ ، وَأَتَوَجَّهُ الَيْكَ بِمُحَمَّدٍ خَلِيلِكَ وَنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَبِعِتْرَتِهِ وَاقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجِي.

وَأَسْأَلُكَ بِحَياتِكَ الَّتِي لا تَمُوتُ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي لا يُطْفَأُ ، وَبِالْعَيْنِ الَّتِي لا تَنامُ ، اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، ثم تسأل حاجتك ، تقضى إن شاء اللّه (1).

ومن الدعاء في يوم المباهلة ما وجدناه في كتب الدّعوات فقال ما هذا لفظه :

دعاء المباهلة والإنابة والتضرّع والمسألة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام :

اللّهُ لا إِلهَ الاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ الاَّ بِاذْنِهِ ، يَعْلَمُ ما بَيْنَ ايْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ الاّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

شَهِدَ اللّهُ انَّهُ لا إِلهَ الاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ ، وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ، لا إِلهَ الاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَيُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، تُولِجُ

ص: 359


1- رواه الشيخ في مصباحه : 759 مع اختلافات.

اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجَ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ ، وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ الاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالارْضِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

هُوَ اللّهُ الَّذِي لا يُعْرَفُ لَهُ سَمِيٌّ وَهُوَ اللّهُ الرَّجاءُ وَالْمُرْتَجى ، وَاللَّجاءُ وَالْمُلْتَجى ، وَإِلَيْهِ الْمُشْتَكى وَمِنْهُ الْفَرَجُ وَالرَّخاءُ وَهُوَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ يا اللّهُ ، بِحَقِّ الاسْمِ الرَّفِيعِ عِنْدَكَ الْعالِي الْمَنِيعِ ، الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ ، وَاخْتَصَصْتَهُ لِذِكْرِكَ ، وَمَنَعْتَهُ جَمِيعَ خَلْقِكَ ، وَافْرَدْتَهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ دُونَكَ ، وَجَعَلْتَهُ دَلِيلاً عَلَيْكَ ، وَسَبَباً الَيْكَ ، وَهُوَ اعْظَمُ الْأَسْماءِ ، وَأَجَلُّ الأَقْسامِ ، وَافْخَرُ الأَشْياءِ ، وَاكْبَرُ الْغَنائِمِ ، وَاوْفَقُ الدَّعائِمِ ، لا تُخَيِّبُ راجِيهِ ، وَلا تَرُدُّ داعِيهِ ، وَلا يَضْعُفُ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَلَجَأَ إِلَيْهِ.

وَاسْأَلُكَ يا اللّهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي تَفَرَّدْتَ بِها انْ تَقِيَنِي مِنَ النّارِ بِقُدْرَتِكَ ، وَتُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، يا نُورُ انْتَ نُورُ السَّماواتِ وَالارْضِ ، قَدِ اسْتَضاءَ بِنُورِكَ اهْلُ سَماواتِكَ وَارْضِكَ.

فَاسْأَلُكَ انْ تَجْعَلَ لِي نُوراً فِي سَمْعِي وَبَصَرِي ، اسْتَضِيءُ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، يا عَظِيمُ انْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، بِعَظَمَتِكَ اسْتَعَنْتُ فَارْفَعْنِي وَالْحِقْنِي دَرَجَةَ الصّالِحِينَ.

يا كَرِيمُ بِكَرَمِكَ تَعَرَّضْتُ ، وَبِهِ تَمَسَّكْتُ ، وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَاعْتَمَدْتُ فَأَكْرِمْنِي بِكَرامَتِكَ ، وَانْزِلْ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ وَبَرَكاتِكَ ، وَقَرِّبْنِي مِنْ جِوارِكَ ، وَالْبِسْنِي مِنْ مَهابَتِكَ وَبَهاءِكَ ، وَانِلْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ وَجَزِيلِ عَطائِكَ ، يا كَبِيرُ لا تُصَعِّرْ خَدِّي ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُنِي ، وَارْفَعْ ذِكْرِي ، وَشَرِّفْ مَقامِي ،

ص: 360

وَاعْلِ فِي عِلِّيِّينَ دَرَجَتِي.

يا مُتَعالِ (1) اسْأَلُكَ بِعُلُوِّكَ انْ تَرْفَعَنِي وَلا تَضَعَنِي ، وَلا تُذِلَّنِي بِمَنْ هُوَ ارْفَعُ مِنِّي ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ هُوَ دُونِي ، وَاسْكِنْ خَوْفَكَ قَلْبِي ، يا حَيُّ ، اسْأَلُكَ بِحَياتِكَ الَّتِي لا تَمُوتُ انْ تُهَوِّنَ عَلَيَّ الْمَوْتَ وَانْ تُحْيِيَنِي حَياةً طَيِّبَةً وَتَوَفَّنِي مَعَ الأَبْرارِ.

يا قَيُّومُ انْتَ الْقائِمُ عَلى كُلِّ نَفْسٍ (2) ، وَالْمُقِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُطِيعُكَ ، وَيَقُومُ بِأَمْرِكَ وَحَقِّكَ ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِكَ ، يا رَحْمانُ ارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ وَجُودِكَ ، وَنَجِّنِي مِنْ عِقابِكَ ، وَاجِرْنِي مِنْ عَذابِكَ.

يا رَحِيمُ تَعَطَّفْ عَلَيَّ ضُرِّي بِرَحْمَتِكَ وَجُدْ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَرَأْفَتِكَ ، وَخَلِّصْنِي مِنْ عَظِيمِ جُرْمِي بِرَحْمَتِكَ ، فَإِنَّكَ الشَّفِيقُ الرَّفِيقُ ، وَمَنْ لَجَأَ الَيْكَ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَالرُّكْنِ الْوَثِيقِ.

يا مالِكُ مِنْ مُلْكِكَ اطْلُبُ ، وَمِنْ خَزائِنِكَ الَّتِي لا تَنْفَدُ اسْأَلُ ، فَأَعْطِنِي مُلْكَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ فَإِنَّهُ لا يُعْجِزُكَ وَلا يُنْقُصُكَ شَيْءٌ وَلا يُؤْثَرُ فِيما عِنْدَكَ.

يا قُدُّوسُ انْتَ الطّاهِرُ الْمُقَدَّسُ ، فَطَهِّرْ قَلْبِي ، وَفَرِّغْنِي لِذِكْرِكَ ، وَعَلِّمْنِي ما يَنْفَعُنِي ، وَزِدْنِي عِلْماً الى ما عَلَّمْتَنِي ، يا جَبّارُ بِقُوَّتِكَ اعِنِّي عَلَى الْجَبّارِينَ وَاجْبُرْنِي يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِيرِ ، وَكُلُّ جَبّارٍ خاضِعٌ لَكَ.

يا مُتَكَبِّرُ اكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبُغاةِ (3) ، وَلا تَبْتَلِينِي بِالْمَعاصِي فَاهُونُ عِنْدَكَ وَعِنْدَ خَلْقِكَ ، يا حَلِيمُ عُدْ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ ، وَاسْتُرْنِي بِعَفْوِكَ ، وَاجْعَلْنِي مُؤَدِّياً لِحَقِّكَ ، وَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ.

يا عَلِيمُ انْتَ الْعالِمُ بِحالِي وَسِرِّي وَجَهْرِي وَخَطايَ وَعَمْدِي ، فَاصْفَحْ لِي

ص: 361


1- متعالي ( خ ل ).
2- بما كسبت ( خ ل ).
3- من خلقك بكبريائك يا عزيز أعزني بطاعتك ولا تذلني ( خ ل ).

عَمّا خَفِيَ عَنْ خَلْقِكَ مِنْ امْرِي ، يا حَكِيمُ اسْأَلُكَ بِما احْكَمْتَ بِهِ الأَشْياءَ فَاتْقَنْتَها انْ تَحْكُمَ لِي بِالإِجابَةِ فِيما اسْأَلُكَ وَارْغَبُ فِيهِ الَيْكَ.

يا سَلامُ سَلِّمْنِي مِنْ مَظالِمِ الْعِبادِ وَمِنْ عَذابِ الْقَبْرِ وَأَهْوالِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ، يا مُؤْمِنُ آمِنِّي مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَارْحَمْ ضُرِّي وَذُلَّ مَقامِي وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ امْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، يا مُهَيْمِنُ خُذْ بِناصِيَتِي الى رِضاكَ وَاجْعَلْنِي عامِلاً بِطاعَتِكَ مَعْصُوماً عَنْ طاعَةِ مَنْ سِواكَ ، يا بارِئَ الأَشْياءِ عَلى خَيْرِ مِثالٍ ، أَسْأَلُكَ انْ تَجْعَلَنِي مِنَ الصّادِقِينَ الْمَبْرُورِينَ عِنْدَكَ.

يا مُصَوِّرُ صَوَّرْتَنِي فَاحْسَنْتَ صُورَتِي وَخَلَقْتَنِي فَاكْمَلْتَ خَلْقِي ، فَتَمِّمْ احْسَنَ ما انْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَلا تُشَوِّهْ خَلْقِي يَوْمَ الْقِيامَةِ ، يا قَدِيرُ بِقُدْرَتِكَ قَدَّرْتَ وَقَدَّرْتَنِي عَلَى الأَشْياءِ فَاسْأَلُكَ انْ تُحْسِنَ عَلى أُمُورِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ مَعُونَتِي ، وَتُنْجِيَنِي مِنْ سُوءِ أَقْدارِكَ.

يا غَنِيُّ اغْنِنِي بِغِنائِكَ ، وَاوْسِعْ عَلَيَّ عَطاءَكَ (1) ، وَاشْفِنِي بِشِفائِكَ ، وَلا تُبَعِّدْنِي مِنْ سَلامَتِكَ ، يا حَمِيدُ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ ، وَبِيَدِكَ الامْرُ كُلُّهُ وَمِنْكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ ، اللّهُمَّ الْهِمْنِي الشُّكْرَ عَلى ما اعْطَيْتَنِي ، يا مَجِيدُ انْتَ الْمَجِيدُ وَحْدَكَ لا يَفُوتُكَ شَيْءٌ وَلا يَؤُودُكَ شَيْءٌ ، فَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُقَدِّسُكَ وَيُمَجِّدُكَ وَيُثْنِي عَلَيْكَ.

يا احَدُ انْتَ اللّهُ الْفَرْدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً احَدٌ ، فَكُنْ لِيَ اللّهُمَّ جاراً وَمُونِساً وَحِصْناً مَنِيعاً ، يا وِتْرُ انْتَ وِتْرُ كُلِّ شَيْءٍ وَلا يَعْدِلُكَ شَيْءٌ فَاجْعَلْ عاقِبَةَ امْرِي الى خَيْرٍ وَاجْعَلْ خَيْرَ ايّامِي يَوْمَ أَلْقاكَ.

يا صَمَدُ يا مَنْ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ وَلا يَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، احْفَظْنِي فِي تَقَلُّبِي (2) وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي ، يا سَمِيعُ اسْمَعْ صَوْتِي ، وَارْحَمْ صَرْخَتِي.

ص: 362


1- في عطائك ( خ ل ).
2- تخيّلى ( خ ل ).

يا سَمِيعُ يا مُجِيبُ يا بَصِيرُ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ ، وَنَفَذَ فِيهِ عِلْمُكَ وَكُلُّهُ بِعَيْنِكَ ، فَانْظُرْ الَيَّ بِرَحْمَتِكَ وَلا تُعْرِضْ عَنِّي بِوَجْهِكَ ، يا رَءُوفُ انْتَ ارْأَفُ بِي مِنْ ابِي وَأُمِّي وَلَوْ لا رَأْفَتُكَ لَما عَطَفا عَلَيَّ ، فَتَمِّمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ وَلا تُنَغِّصْنِي ما اعْطَيْتَنِي.

يا لَطِيفُ الْطُفْ بِي بِلُطْفِكَ الْخَفِيِّ ، مِنْ حَيْثُ اعْلَمُ وَمِنْ حَيْثُ لا اعْلَمُ ، انَّكَ انْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ ، يا حَفِيظُ احْفظْنِي فِي نَفْسِي وَاهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي ، وَما حَضَرْتُهُ وَوَعَيْتُهُ ، وَغِبْتُ عَنْهُ مِنْ امْرِي بِما حَفِظْتَ بِهِ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ وَما بَيْنَهُما ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

يا غَفُورُ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَاسْتُرْ عُيُوبِي ، وَلا تَفْضَحْنِي بِسَرائِرِي انَّكَ ارْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَيا وَدُودُ اجْعَلْ لِي مِنْكَ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَاجْعَلْ لِي ذلِكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ ، يا ذَا الْعَرْشِ الْمَجِيدِ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسَبِّحِينَ الْمُمَجِّدِينَ لَكَ فِي آناءِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهارِ وَبِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَاعِنِّي عَلى ذلِكَ.

يا مُبْدِئُ أَنْتَ بَدَأْتَ الأَشْياءَ كَما تُرِيدُ وَانْتَ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْفَعَّالُ لِما تُرِيدُ ، فَاجْعَلْ لِيَ الْخِيَرَةَ فِي الْبَدْءِ وَالْعاقِبَةِ فِي الأُمُورِ ، يا مُعِيدُ انْتَ تُعِيدُ الأَشْياءَ كَما بَدَأْتَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، اسْأَلُكَ إِعادَةَ الصِّحَّةِ وَالْمالِ وَجَلِيلِ الأَحْوالِ الَيَّ وَالتَّفَضُّلَ بِذلِكَ.

يا رَقِيبُ احْرُسْنِي بِرَقَبَتِكَ وَاعِنِّي بِحِفْظِكَ وَاكْنُفْنِي بِفَضْلِكَ وَلا تَكِلْنِي الى غَيْرِكَ ، يا شَكُورُ انْتَ الْمَشْكُورُ عَلى ما رَعِيتَ وَغَذَّيْتَ وَوَهَبْتَ وَاعْطَيْتَ وَاغْنَيْتَ ، فَاجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الشّاكِرِينَ وَلِآلائِكَ مِنَ الْحامِدِينَ.

يا باعِثُ ابْعَثْنِي شَهِيداً صِدِّيقاً رَضِيّاً عَزِيزاً حَمِيداً مُغْتَبِطاً مَسْرُوراً مَشْكُوراً مَحْبُوراً ، يا وارِثُ تَرِثُ الارْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَالسَّماواتِ وَسُكّانَها وَجَمِيعَ ما خَلَقْتَ ، فَوَرِّثْنِي حِلْماً وَعِلْماً انَّكَ خَيْرُ الْوارِثِينَ.

يا مُحْيِي احْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً بِجُودِكَ ، وَالْهِمْنِي شُكْرَكَ ابَداً ما ابْقَيْتَنِي ،

ص: 363

وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النَّارِ ، يا مُحْسِنُ عُدْ عَلَيَّ اللّهُمَّ بِإِحْسانِكَ وَضاعِفْ عِنْدِي نِعْمَتَكَ وَجَمِيلَ بَلائِكَ.

يا مُمِيتُ هَوِّنْ عَلَيَّ سَكَراتِ الْمَوْتِ وَغُصَصَهُ ، وَبارِكْ لِي فِيهِ عِنْدَ نُزُولِهِ ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ النّادِمِينَ عِنْدَ مُفارَقَةِ الدُّنْيا ، يا مُجْمِلُ لا تُبْغِضْنِي بِما اعْطَيْتَنِي وَلا تَمْنَعْنِي ما رَزَقْتَنِي وَلا تَحْرِمْنِي ما وَعَدْتَنِي وَجَمِّلْنِي بِطاعَتِكَ.

يا مُنْعِمُ تَمِّمْ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ وَآنِسْنِي بِها وَاجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ لَكَ عَلَيْها ، يا مُفْضِلُ بِفَضْلِكَ أَعِيشُ وَلَكَ ارْجُو وَعَلَيْكَ اعْتَمِدُ فَاوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ وَارْزُقْنِي مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ.

انْتَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ ، وَانْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فَاجْعَلْنِي أَوَّلَ التّائِبِينَ وَمِمَّنْ يَرْوى مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، يا آخِرُ انْتَ الآخِرُ وَكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ الاّ وَجْهَكَ تَعالَيْتَ عُلُوّاً كَبِيراً.

يا ظاهِرُ انْتَ الظّاهِرُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مَكْنُونٍ وَالْعالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ مَكْتُومٍ ، فَاسْأَلُكَ انْ تُظْهِرَ مِنْ أُمُورِي أَحَبَّها الَيْكَ ، يا باطِنُ انْتَ تُبْطِنُ فِي الأَشْياءِ مِثْلَ ما تُظْهِرُهُ فِيها وَانْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ ، فَاسْأَلُكَ اللّهُمَّ انْ تُصْلِحَ ظاهِرِي وَباطِنِي بِقُدْرَتِكَ.

يا قاهِرُ انْتَ الَّذِي قَهَرْتَ الأَشْياءَ بِقُدْرَتِكَ ، فَكُلُّ جَبّارٍ دُونَكَ وَنَواصِي الْخَلْقِ كُلُّهُمْ بِيَدِكَ ، وَكُلُّهُمْ واقِفٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَخاضِعٌ لَكَ ، يا وَهّابُ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَعِلْماً وَمالاً وَوَلَداً طَيِّباً انَّكَ انْتَ الْوَهّابُ.

يا فَتّاحُ افْتَحْ لِي أَبْوابَ رَحْمَتِكَ ، وَادْخِلْنِي فِيها ، وَاعِذْنِي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، وَافْتَحْ لِي مِنْ فَضْلِكَ ، يا رَزّاقُ ارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ ، وَزِدْنِي مِنْ عَطائِكَ ، وَسَعَةِ ما عِنْدَكَ ، وَاغْنِنِي عَنْ خَلْقِكَ ، يا خَلاّقُ انْتَ خَلَقْتَ الأَشْياءَ بِغَيْرِ نَصَبٍ وَلا لُغُوبٍ (1) ، خَلَقْتَنِي خَلْقاً سَوِيّاً حَسَناً جَمِيلاً ، وَفَضَّلْتَنِي عَلى كَثِيرٍ

ص: 364


1- نصب : تعب واعيا ، لغب : تعب واعيا أشد الإعياء.

مِمَّنْ خَلَقْتَ تَفْضِيلاً.

يا قاضِي انْتَ تَقْضِي فِي خَلْقِكَ بِما تُرِيدُ ، فَاقْضِ لِي بِالْحُسْنى وَجَنِّبْنِي الرَّدى وَاخْتِمْ لِي بِالْحُسْنى فِي الاخِرَةِ وَالأُولى ، يا حَنّانُ تَحَنَّنْ عَلَيَّ بِرَأْفَتِكَ ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِرِزْقِكَ ، وَرَحْمَتِكَ ، وَاقْبِضْ عَنِّي يَدَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَشَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَاخْرِجْنِي بِعِزَّتِكَ مِنْ حِلَقِ الْمَضِيقِ الى فَرَجِكَ الْقَرِيبِ.

يا مَنّانُ امْنُنْ عَلَيَّ بِالْعافِيَةِ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَلا تَسْلُبْنِيها ابَداً ما ابْقَيْتَنِي يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اغْفِرْ لِي بِجَلالِكَ وَكَرَمِكَ مَغْفِرَةً تُحِلُّ بِها عَنِّي قُيُودَ ذُنُوبِي وَتَغْفِرَ لِي سَيِّئاتِي انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

يا جَوادُ انْتَ الْجَوادُ الْكَرِيمُ الَّذِي لا تَبْخَلُ ، وَالْمُعْطِي الَّذِي لا تَنْكَلُ (1) ، فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَاجْعَلْنِي شاكِراً لِانْعامِكَ ، يا قَوِيُّ خَلَقْتَ السَّماواتِ وَما فِي الارْضِ وَما بَيْنَهُما وَما فِيهِما وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ بِغَيْرِ نَصَبٍ وَلا لُغُوبٍ ، فَقَوِّنِي عَلى امْرِي بِقُوَّتِكَ.

يا شَدِيدُ اشْدُدْ ازْرِي وَاعِنِّي عَلى امْرِي وَكُنْ لِي مِنْ كُلِّ خاصَةٍ قاضِياً ، يا غالِبُ غَلَبْتَ كُلَّ غَلاّبٍ بِقُدْرَتِكَ فَاغْلِبْ بالِي وَهَوايَ حَتّى تَرُدَّهُما الى طاعَتِكَ وَاغْلِبْ بِعِزَّتِكَ مَنْ بَغى عَلَيَّ وَرامَ حَرْبِي.

يا دَيّانُ انْتَ تَحْشُرُ الْخَلْقَ وَعَلَيْكَ الْعَرْضُ وَكُلٌّ يُدِينُ لَكَ وَيَقِرُّ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ فَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ بِعِزَّتِكَ ، يا ذَكُورُ اذْكُرْنِي فِي الْأَوَّلِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَعِنْدَ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ.

يا خَفِيُّ انْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى وَهُوَ ظاهِرٌ عِنْدَكَ فَاغْفِرْ لِي ما خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِنْ امْرِي ، وَلا تَهْتِكْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى رُءُوسِ الأَشْهادِ ، يا جَلِيلُ جَلَلْتَ عَنِ الأَشْياءِ ، فَكُلُّها صَغِيرَةٌ عِنْدَكَ فَاعْطِنِي مِنْ جَلائِلِ نِعْمَتِكَ ، وَلا تَحْرِمْنِي مِنْ فَضْلِكَ.

ص: 365


1- نكله عن الشيء : صرفه ، نكل عن كذا : نكص وجبن.

يا مُنْقِذُ انْقِذْنِي مِنَ الْهَلاكِ وَاكْشِفْ عَنِّي غَمّاءَ الضَّلالاتِ ، وَخَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ ، وَفَرِّجْ عَنِّي كُلَّ مُلِمَّةٍ ، يا رَفِيعُ ارْتَفَعْتَ عَنْ انْ يَبْلُغَكَ وَصْفٌ اوْ يُدْرِكَكَ نَعْتٌ اوْ يُقاسَ بِكَ قِياسٌ فَارْفَعْنِي فِي عِلِّيِّينَ.

يا قابِضُ كُلُّ شَيْءٍ فِي قَبْضَتِكَ مُحِيطٌ بِهِ قُدْرَتُكَ ، فَاجْعَلْنِي فِي ضَمانِكَ وَحِفْظِكَ وَلا تَقْبِضْ يَدَيَّ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ افْعَلُهُ ، يا باسِطُ ابْسُطْ يَدَيَّ بِالْخَيْراتِ ، وَاعْطِنِي بِقُدْرَتِكَ أَعْلى الدَّرَجاتِ.

يا واسِعُ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، فَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، يا شَفِيقُ انْتَ اشْفَقُ عَلَى خَلْقِكَ مِنْ آبائِهِمْ وَأُمَّهاتِهِمْ وَارْأَفُ بِهِمْ ، فَاجْعَلْنِي شَفِيقاً رَفِيقاً وَكُنْ بِي شَفِيقاً رَفِيقاً بِرَحْمَتِكَ.

يا رَفِيقُ ارْفَقْ بِي إِذا اخْطَأْتُ وَتَجاوَزْ عَنِّى إِذا اسَأْتُ وَأْمُرْ مَلَكَ الْمَوْتِ وَأَعْوانَهُ عَلَيْهِمْ السَّلامُ انْ يَرْفَقُوا بِرُوحِي إِذا أَخْرَجُوها عَنْ جَسَدِي وَلا تُعَذِّبْنِي بِالنَّارِ.

يا مُنْشِئُ انْشَأْتَ كُلَّ شَيْءٍ كَما ارَدْتَ وَخَلَقْتَ ما احْبَبْتَ ، فَبِتِلْكَ الْقُدْرَةِ أَنْشأنِي سَعِيداً مَسْعُوداً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَانْشَأْتَ ذُرِّيَّتِي وَما ذَرَعْتَ وَبَذَرْتَ فِي ارْضِكَ ، وَانْشَأْ مَعاشِي وَرِزْقِي وَبارِكْ لِي فِيهِما بِرَحْمَتِكَ.

يا بَدِيعُ انْتَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالارْضِ وَمُبْدِعُهُما وَلَيْسَ لَكَ شِبْهٌ (1) وَلا يَلْحَقُكَ وَصْفٌ ، وَلا يُحِيطُ بِكَ فَهْمٌ ، يا مَنِيعُ لا تَمْنَعْنِي ما اطْلُبُ مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَامْنَعْ عَنِّي كُلَّ مَحْذُورٍ وَمَخُوفٍ ، يا تَوَّابُ اقْبَلْ تَوْبَتِي وَارْحَمْ عَبْرَتِي وَاصْفَحْ عَنْ خَطِيئَتِي وَلا تَحْرِمْنِي ثَوابَ عَمَلِي.

يا قَرِيبُ قَرِّبْنِي مِنْ جِوارِكَ وَاجْعَلْنِي فِي حِفْظِكَ وَكَنَفِكَ ، وَلا تُبَعِّدْنِي عَنْكَ بِرَحْمَتِكَ ، يا مُجِيبُ اجِبْ دُعائِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَلا تَحْرِمْنِي الثَّوابَ كَما وَعَدْتَنِي.

ص: 366


1- شبيه ( خ ل ).

يا مُنْعِمُ بَدَأْتَ بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها وَقَبْلَ السُّؤالِ بِها فَكَذلِكَ إِتْمامَها بِالْكَمالِ وَالزِّيادَةِ مِنْ فَضْلِكَ يا ذَا الإِفْضالِ (1) ، يا مُفْضِلُ لَوْ لا فَضْلُكَ هَلَكْنا فَلا تُقَصِّرْ عَنّا فَضْلَكَ ، يا مَنّانُ فَامْنُنْ عَلَيْنا بِالدَّوامِ يا ذَا الإِحْسانِ.

يا مَعْرُوفُ انْتَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي لا يَجْهَلُ ، وَمَعْرُوفُكَ ظاهِرٌ لا يُنْكَلُ ، فَلا تَسْلُبْنا ما أَوْدَعْتَناهُ مِنْ مَعْرُوفِكَ بِرَحْمَتِكَ ، يا خَبِيرُ خَبَّرْتَ الأَشْياءَ قَبْلَ كَوْنِها وَخَلَقْتَها عَلى عِلْمٍ مِنْكَ بِها ، فَانْتَ أَوَّلُها وَآخِرُها ، فَزِدْنِي خَيْراً بِها الْهَمْتَنِيهِ مِنْ شُكْرِكَ وَبَصِيرَةٍ.

يا مُعْطِي اعْطِنِي مِنْ جَلِيلِ عَطاءِكَ ، وَبارِكْ لِي فِي قَضائِكَ ، وَاسْكِنِّي بِرَحْمَتِكَ فِي جِوارِكَ ، يا مُعِينُ اعِنِّي عَلى أُمُورِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ بِقُوَّتِكَ ، وَلا تَكِلْنِي فِي شَيْءٍ الى غَيْرِكَ ، يا سَتّارُ اسْتُرْ عُيُوبِي وَاغْفِرْ ذُنُوبِي وَاحْفَظْنِي فِي مَشْهَدِي وَمَغِيبِي.

يا شَهِيدُ اشْهِدُكَ اللّهُمَّ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ وَمَلائِكَتِكَ ، انَّهُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، فَاكْتُبْ هذِهِ الشَّهادَةَ عِنْدَكَ وَنَجِّنِي بِها مِنْ عَذابِكَ ، يا فاطِرُ انْتَ فاطِرُ السَّماواتِ وَالارْضِ وَما بَيْنَهُما وَما فِيهِما فَكُنْ لِي فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَتَوَفَّنِي مُسْلِماً ، وَالْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

يا مُرْشِدُ ارْشِدْنِي الَى الْخَيْرِ بِعِزَّتِكَ وَجَنِّبْنِي السَّيِّئاتِ بِعِصْمَتِكَ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ ، يا سَيِّدَ السَّاداتِ وَمَوْلَى الْمَوالِي ، الَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ شَيْءٍ فَانْظُرْ الَيَّ بِعَيْنِ عَفْوِكَ.

يا سَيِّدُ انْتَ سَيِّدِي وَعِمادِي وَمُعْتَمَدِي ، وَذُخْرِي وَذَخِيرَتِي وَكَهْفِي فَلا تَخْذُلْنِي ، يا مُحِيطُ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُكَ ، فَاجْعَلْنِي فِي ضَمانِكَ ، وَحُطْنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِقُدْرَتِكَ.

يا مُجِيرُ اجِرْنِي مِنْ عِقابِكَ وَآمِنِّي مِنْ عَذابِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي خائِفٌ وَانِّي

ص: 367


1- يا ذا الفضل ( خ ل ).

مُسْتَجِيرٌ بِكَ فَاجِرْنِي مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ ، يا اهْلَ التَّقْوى وَاهْلَ الْمَغْفِرَةِ.

يا عَدْلُ انْتَ اعْدَلُ الْحاكِمِينَ وَارْحَمُ الرّاحِمِينَ ، فَالْطُفْ لَنا بِرَحْمَتِكَ ، وَآتِنا شَيْئاً بِقُدْرَتِكَ ، وَوَفِّقْنا لِطاعَتِكَ ، وَلا تَبْتَلِنا بِما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ، وَخَلِّصْنا مِنْ مَظالِمِ الْعِبادِ ، وَأَجِرْنا مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمِينَ وَغَشْمِ (1) الْغاشِمِينَ بِقُدْرَتِكَ ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ اسْمَعْ دُعائِي ، وَاقْبَلْ ثَنائِي ، وَعَجِّلْ إِجابَتِي ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النّارِ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الطّاهِرِينَ.

فصل (6): فيما نذكره في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة أيضا لأهل المواسم من المراسم وصدقة مولانا علي عليه السلام بالخاتم

اعلم انّ في مثل هذا يوم المباهلة ، أطلق اللّه جلّ جلاله مواهب ومراتب فاضلة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، فينبغي ان يعرف منها ما يبلغ جهد الناظر إليه.

منها : انّه يوم تصدّق فيه مولانا علي عليه السلام على السّائل بخاتمه وهو راكع ، حتّى انزل جلّ جلاله على رسوله محمد صلوات اللّه عليه وسلامه :

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ، أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ، يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ. ) (2)

فكانت هذه الآيات بما اشتملت عليه من الصفات ، نصّا من اللّه جلّ جلاله صريحا على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام بالولاية من ربّ العالمين وعن سيد المرسلين

ص: 368


1- الغشم : الظلم.
2- المائدة : 54 - 57.

وانه أمير المؤمنين.

فمن الصفات فيها قوله جلّ جلاله : ( مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ).

وقد شهد من روى هذه الآيات من المخالف والمؤالف ان النبي صلى اللّه عليه وآله قال لمولانا علي عليه السلام لما انهزم المسلمون في خيبر : « لأعطين الرّاية غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ، كرّارا غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح اللّه عليه » (1) ،

وقال النبي عليه السلام في حديث الطائر : « اللّهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر » (2).

فكان مولانا علي سلام اللّه عليه هو المشهود له بهذه المحبّة الباهرة والصّفة الظاهرة.

ومن الصفات قوله جلّ جلاله : ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ).

ولم يجتمع هاتان الصفتان المتضادّتان في أحد من القرابة والصّحابة إلاّ في مولانا علي صلوات اللّه عليه ، فإنّه عليه السلام كان في حال التفرّغ من الحروب على الصفات المكمّلة من الذلّ لعلاّم الغيوب وحسن صحابة المؤمنين والرحمة للضعفاء والمساكين ، وكان في حال الحرب على ما هو معلوم من الشّدة على الكافرين ، والاقدام على كلّ هول في ملاقاة الابطال والظالمين ، حتّى انّ من يراه في حال احتمال أهوال الجهاد يكاد ان يقول : هذا الذي رأيناه من قبل من أذلّ العبّاد والزهّاد.

ومن الصفات قوله جلّ جلاله : ( يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ).

وما عرفنا أبدا انّ أحدا من القرابة والصحابة الّذي نازعوه في إمامته ورئاسته ، الاّ وكان له في الأمور العظائم موقف اقدام وموقف احجام الاّ مولانا علي صلوات اللّه عليه ، فإنّه كان على صفة واحدة في الاقدام عند العظائم ، لا يخاف لومة لائم منذ بعث النبي صلوات اللّه عليه إلى العباد وإلى حين انتقل مولانا علي عليه السلام إلى سلطان المعاد.

ومن الصفات وصف اللّه جلّ جلاله : ( أُولئِكَ الَّذِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ

ص: 369


1- راجع الطرائف : 55 - 59.
2- راجع الطرائف : 71 - 72.

لائِمٍ ) بالآية التي بعدها بغير فصل بلفظ خاص كشف فيه مراده جلّ جلاله لأهل البصائر والمعالم ، فقال : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

فبدء بولاية اللّه جلّ جلاله التي هي شاملة على جميع الخلائق ، ثم بولاية رسوله صلوات اللّه عليه على ذلك الوصف السابق ، ثم بولاية الذي تصدق بخاتمه وهو راكع ، على الوصف الواضح اللاحق ، فكيف يحسن المكابرة بعد هذا الكشف لأهل الحقائق بمحكم القرآن الناطق.

ومن الصفات قوله جلّ جلاله : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

وهذا إطلاق لهؤلاء الموصوفين بالغلبة العامّة والحجّة التّامة ، وهي صفة من يكون معصوما في المسالك والمذاهب ، ولم يدّع عصمة واجبة لأحد نازع مولانا علي عليه السلام في شيء من المراتب والمناصب ، فكانت هذه الآيات دالّة على انّ مولانا عليا صلوات اللّه عليه المراد بها فيما تضمّنته من الولايات.

فصل (7): فيما نذكره من الإشارة إلى بعض من روى انّ هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) نزلت في مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من طرق أهل الخلاف

فصل (7): فيما نذكره من الإشارة إلى بعض من روى انّ هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (1) نزلت في مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من طرق أهل الخلاف

اعلم انّنا ذكرنا في كتاب الطرائف بعض من روى هذا من طرق المخالف ، وانا أذكر في هذا المكان من يحضرني أسماؤهم منهم لئلا يطول الكلام بذكر اخبارهم على التفصيل والبيان :

فممّن روى ذلك من أهل الخلاف مصنّف كتاب الجمع بين الصحاح الستة ، من الجزء الثالث من اجزاء الثلاثة ، ورواه الثعلبي في كتابه في تفسير القرآن عن السّدي

ص: 370


1- المائدة : 55.

وعتبة بن أبي حكيم ، ورواه أيضا عن عباية بن الربعي وعن ابن عباس وعن أبي ذر ، ورواه أيضا الشافعي ابن المغازلي من خمس طرق ، ورواه أيضا علي بن عابس وعبد اللّه بن عطاء ، ورواه الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير القرآن ، واجمع أهل البيت الذين وصفهم النبي صلوات اللّه عليه وآله انّهم لا يفارقون كتابه حتّى يردوا عليه الحوض انّ هذه الآية نزلت في مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وأطبق على ذلك الشيعة الّذين تثبت الحجّة بما أطبقوا عليه (1).

فصل (8): فيما نذكره من عمل زائد في هذا اليوم العظيم الشأن

روينا ذلك عن جماعة من الأعيان والإخوان ، أحدهم جدّي أبو جعفر الطوسي فيما يذكره في المصباح في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة ، فقال ما هذا لفظه :

في هذا اليوم تصدّق أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه بخاتمه وهو راكع للصلاة فيه ، روي عن الصادق عليه السلام انّه قال : من صلّى في هذا اليوم ركعتين قبل الزوال بنصف ساعة ، شكرا لله على ما منّ به عليه وخصّه به ، يقرأ في كلّ ركعة أم الكتاب مرّة واحدة ، وعشر مرّات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وعشر مرات آية الكرسي إلى قوله تعالى : ( هُمْ فِيها خالِدُونَ ) ، وَعشر مرات ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، عدلت عند اللّه مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة ولم يسأل ، اللّه عزّ وجلّ حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الاّ قضاها له ، كائنة ما كانت إن شاء اللّه ، وهذه الصلاة بعينها رويناها في يوم الغدير » (2).

أقول : فإذا عملت ما أشرنا إليه فاعلم ، انّ من العمل الزائد الذي يعتمد عليه ، ان تجعل هذا اليوم محلاّ لبذل الصدقات على أهل الضرورات ، اقتداء بمن يعتدي به صلوات اللّه عليه ، ومبادرة واغتناما لهذا الموسم الذي كانت الصدقة فيه مفتاحا لما

ص: 371


1- رواه الزمخشري في الكشاف 1 : 624 ، الثعلبي في تفسيره عنه إحقاق الحق 2 : 402 و 4 : 59 والبحار 35 : 195 ، وفي ذخائر العقبى : 102 ، ينابيع المودة : 218 ، المناقب لابن المغازلي : 321 ، الطرائف : 47.
2- مصباح المتهجد : 758.

لم تبلغ الآمال إليه ، فعسى يأتيك من فضل اللّه جلّ جلاله عند صدقاتك ما لم يبلغ أملك إليه من سعاداتك.

فانّ لأوقات القبول أسرارا لله جلّ جلاله ما تعرف الاّ بالمنقول ، وقد نصّ القرآن العظيم والرسول الكريم انّ هذا اليوم فيه كان بذل العطاء الجزيل بالتصدق بالقليل ، ولتكن نيتك مجرّدة العبادة لله جلّ جلاله هذه الحال ، لأنّه جلّ جلاله أهل أن يعبد بما يريده من صواب الأعمال.

فصل (9): فيما نذكره من زيادة تنبيه على تعظيم كلّ وقت عند العارفين بقدر ما تفضّل اللّه جلّ جلاله على أوليائه المعظمين وعلى المسلمين

وإذا كان اللّه جلّ جلاله قد جعله محلاّ للنصّ على من يقوم مقام صاحب الرسالة ، فقد بالغ جلّ جلاله في تعظيمه بما دلّ عليه من الجلالة ، فليكن العارف بهذا المقدار مشغولا بحمد اللّه جلّ جلاله ، على ما وهب من المسارّ ودفع من الاخطار ، وعلى قدر ما أضاء بهذا اليوم من ظلمات الجهالات ، بما أنار فيه من الدّلالات ، وعلى قدر ما أوضح فيه من السبيل إلى النّعيم المقيم الجليل.

أقول : وامّا ما يختم به آخر هذا اليوم الراجح من العمل الصالح :

فاعلم انّنا قد قدّمنا في عدّة مقامات معظّمات ما يختم به ساعات تلك الأوقات ، فان ظفرت بشيء ممّا قدّمناه فاعمل في ذلك بما يقربك إلى اللّه جلّ جلاله والظفر برضاه ، ونذكر هاهنا ان تكون خاتمة نهار يوم الابتهال ويوم نصّ اللّه جلّ جلاله على مولانا علي عليه السلام بصريح مقال بعد ما ذكرناه من الأعمال.

من ان تنظر إلى جميع ما عملت فيه ، من طاعة اللّه جلّ جلاله ومراضيه ، بعين الاعتراف لله جلّ جلاله ولأهل تلك المقامات الكاملة بالمنّة العظيمة الفاضلة ، فانّ أعمالك ، وان كثرت في المقدار ، فإنّها لا تقوم بحقّ اللّه جلّ جلاله وحقوق القوم الأطهار ، بل هي من مكاسبهم ومعدودة من مناقبهم ، إذ كانوا الفاتحين لأبوابها والهادين

ص: 372

إلى صوابها.

وان تجمع بلسان الحال أطراف عباداتك وتضمّها بين يدي الذين جعلهم اللّه جلّ جلاله من أسباب حياتك وأبواب نجاتك ، وتتوجّه إليهم باللّه جلّ جلاله ، وبكل من يعزّ عليهم ، وتتوجّه إلى اللّه جلّ جلاله بهم في ان يأذن لهم في تسليم أعمالك إليهم ليصلحوا منها ما كان قاصرا ويربحوا فيها ما كان خاسرا ، ويعوّضوها بيد قبولهم ، ويدخلوها في سعة قبول اللّه جلّ جلاله لأعمالهم وبلوغ آمالهم.

ص: 373

الباب السابع: فيما نذكره مما يتعلق بليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ويومها

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من الرواية بصدقة مولانا علي ومولاتنا فاطمة صلوات اللّه عليهما في هذه الليلة على المسكين واليتيم والأسير

روينا ذلك بعدة طرق ، منها ما ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي في كتاب المصباح ، فقال : « وفي ليلة خمس وعشرين سنة - يعني من ذي الحجّة - تصدّق أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام ، وفي اليوم الخامس والعشرين منه نزلت فيهما وفي الحسن والحسين عليهما السلام سورة هل أتى » (1).

لما مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ومعه أبو بكر وعمر وعادهما عامّة العرب ، فقال : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك وكلّ نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء ، فقال علي عليه السلام : ان براء ولداي : ممّا بهما صمت ثلاثة أيّام شكرا لله عزّ وجلّ ، وقالت فاطمة وجاريتهم فضّة مثل ذلك ، فالبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ، فانطلق علي عليه السلام إلى شمعون بن

ص: 374


1- مصباح المتهجد : 767.

حاريا الخيبري فاقترض منه ثلاثة أصوع من شعير.

أقول : ورويت ببعض أسانيدي ، انّ صدقة مولانا على ومولاتنا فاطمة صلوات اللّه عليهما على المسكين واليتيم والأسير كانت في ثلاث ليال ، فيمكن ان يكون أول الثلاثة ليلة خمس وعشرين من ذي الحجّة.

فمن الرواية في ذلك قال : فانطلق علي عليه السلام إلى جار له من اليهود يعالج الصوف ، يقال له : شمعون بن حاريا ، فقال له : هل لك ان تعطيني جزّة من الصوف تعزلها بنت محمد صلى اللّه عليه وآله بثلاثة أصوع من شعير؟ فقال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف وبالشعير ، فأخبر عليه السلام فاطمة عليها السلام بذلك ، فقبلت وأطاعت.

قالوا : فقامت فاطمة عليها السلام فطحنته واختبزت منه خمسة اقراص ، لكلّ واحد منهم قرص وصلّى عليّ مع النبي صلوات اللّه عليهما المغرب وأتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه ، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين اطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنّة ، فسمعه علي عليه السلام فأمر بإعطائه فأعطوه.

فمكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا إلاّ الماء القراح ، فلمّا كان اليوم الثاني قامت فاطمة عليها السلام إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى عليّ مع النبي عليهما السلام ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، فأتاهم يتيم فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والديّ يوم العقبة ، اطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنّة. فسمعه علي عليه السلام فأمر بإعطائه فأعطوه.

ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلاّ الماء القراح ، فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة عليها السلام إلى الصاع الثالث فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي صلى اللّه عليه وآله ثم أتى المنزل ثم وضع الطعام بين يديه وأتاهم أسير فوقف بالباب فقال :

السلام عليكم أهل بيت محمد ، تأسرونا ولا تطعمونا ، فسمعه علي عليه السلام فأمر بإعطائه فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلاّ الماء القراح.

فلمّا كان اليوم الرابع وقد وفوا نذرهم ، أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى

ص: 375

الحسين ، وأقبل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، فلمّا بصر به النبي صلى اللّه عليه وآله قال : يا أبا الحسن ما أشدّ ما أراه بكم ، فانطلق بنا إلى منزل فاطمة.

فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلمّا رآها النبيّ صلى اللّه عليه وآله قال : وا غوثاه يا اللّه أهل بيت محمد يموتون جوعا ، فهبط جبرئيل عليه السلام على محمد صلى اللّه عليه وآله فقال : يا محمد خذ ما هنّاك اللّه في أهل بيتك ، فقال : ما آخذ يا جبرئيل ، فاقرأه عليه :

« هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ - الى قوله : إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً - الى آخر السورة. » (1) أقول : وزاد محمد بن الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة : انّهم عليهم السلام نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام.

أقول : وروي حديث نزول المائدة عليهم أيضا موفّق ، أي أحمد المكي الخوارزمي (2).

أقول : وذكر حديث نزول المائدة الزمخشري في كتاب الكشاف ولكنّه لم يذكر نزولها في الوقت الّذي ذكرناه ، فقال ما هذا لفظه :

وعن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه جاع في زمن قحط ، فأهدت له فاطمة عليها السلام رغيفين وبضعة لحم ، اثرته بها ، فرجع بها إليها فقال : هلمّي يا بنيّة وكشفت عن الطبق ، فإذا هو مملوّ خبزا ولحما ، فبهتت وعلمت انها نزلت من عند اللّه ، فقال لها صلوات اللّه عليه : أنّى لك هذا؟ قال : هو من عند اللّه انّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال عليه السلام : الحمد لله الذي جعلك شبيه سيّدة نساء بني إسرائيل ، ثم جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته حتّى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها (3).

ص: 376


1- نقله بتفصيله في الطرائف : 107 إلى 109 عن الثعلبي عن ابن عباس.
2- المناقب للخوارزمي : 188.
3- الكشاف 1 : 358.

أقول : وروي حديث نزول هذه الآيات من هل أتى في مدح مولانا علي وفاطمة والحسن والحسين ، علي بن أحمد الواحدي النيشابوري المخالف لأهل البيت في كتاب أسباب النزول (1).

فصل (2): فيما نذكره من العبادات لربّ العالمين في هذه ليلة خمس وعشرين

اعلم انّ أوقات العبادات والمراد منها لله جلّ جلاله في تلك الأوقات مرجعه إلى العالم بمصالح العباد ، وما يكون أنفع لهم في الدنيا والمعاد ، لما عرفنا انّ صدقة مولانا علي ومولاتنا فاطمة صلوات اللّه عليهما في هذه الليلة بالمقدار اليسير بلغ بهم إلى المقام الكبير والثناء عليهم بلفظ الكتاب المجيد وما وهب لهم من المزيد ، وكانوا قدوة لمن اقتدى بآثارهم واهتدى بأنوارهم.

اقتضى ذلك بلسان الحال ان يكون في هذه الليلة من جملة ثواب الأعمال التصدّق على الفقراء والإسراء والأيتام والمساكين والإيثار على النفس والأقربين ، موافقة لأهل الإيثار ، ومتابعة للاطهار ، وتعرّضا لنفحات مالك المراحم والمكارم والمبار ، ودخول فيما فتحه اللّه جلّ جلاله في تلك الليلة من الأنوار والأسرار.

فصل (3): فيما نذكره ممّا يعمل يوم خامس وعشرين من ذي الحجّة

اعلم انّ هذا يوم عظيم الشأن اثنى اللّه جلّ جلاله على خاصّته ببيان لفظ مقدس القرآن ، فهو يوم يحسن ان يقرب فيه إلى اللّه جلّ جلاله بصلوات الشكر ، على ما وهب لأهل الذكر وولاة الأمر ، ويبالغ العبد فيه بحق الاعتراف والانعام والاسعاف.

روينا بإسنادنا إلى شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان ضاعف اللّه جلّ جلاله

ص: 377


1- راجع أسباب النزول للواحدي : 331 ، المناقب لابن المغازلي : 272 ، شواهد التنزيل 2 : 303 ، كفاية الطالب : 201 ، ينابيع المودة : 93 ، البحار 35 : 248.

له تحف الرضوان ، فيما ذكره في كتاب حدائق الرياض وزهرة المرتاض عند ذكر شهر ذي الحجّة فقال ما هذا لفظه :

وفي يوم الخامس والعشرين منه نزلت في أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام سورة هل أتى ، ويستحب صيامه على ما أظهره اللّه تعالى ذكره من فضل صفوته وعترة رسوله وحجّته على خلقه.

أقول : وامّا صحبة هذا اليوم بحفظ حرمته والعمل في خاتمته ، فقد قدّمنا في الأيام المعظمات ما يغني عن تكراره لمن عرفه.

أقول : وفي السادس والعشرين من ذي الحجّة قتل عدوّ لأهل بيت النبوة عليهم السلام ، وفي اليوم السابع والعشرين منه كان قتل مروان وزوال دولة بني أميّة بالكليّة ، فهذا يقتضي أن يكونا يومي سرور وصوم وصلاة شكر وصدقات عند ذوي البصائر والأبصار والعنايات ، وهو مذكور وصفه في غير هذه الرويات.

ص: 378

الباب الثامن: فيما نذكره مما يتعلّق باليوم التاسع والعشرين من ذي الحجّة وما يستحبّ فيه لأهل الظفر بصواب المحجة

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه جلّ جلاله عليه من كتاب حدائق الرياض المشار إليه عند ذكر اليوم التاسع والعشرين من ذي الحجّة فقال ما هذا لفظه : ويستحب صيامه شكرا لله تعالى لتفريجه عن أوليائه بموت عدوه وعدو رسوله.

أقول : وإذا كان هذا اليوم كما أشار إليه المفيد رحمه اللّه ، فينبغي ان يكون السرور فيه والعمل لله جلّ جلاله بمراضيه ، والشكر له سبحانه والثناء على برّه ، على قدر نعمة هلاك عدوّه الذي أشار إلى ذكره ، فان كان عدوا عظيما ، فليكن ما يفعله العبد في مقابلته عظيما جليلا ، ويكون الشكر لله جلّ جلاله جسيما جميلا.

أقول : وما أصحبه هذا اليوم بما يليق به من الاعتراف لله جلّ جلاله بمنّته وكمال الأوصاف عند خاتمته ، فهو ان يكون عداوتك لمن عاد اللّه جلّ جلاله لأجله ولمن عادى رسوله صلوات اللّه عليه ، على قدر ما وضع من محلّه ، ولمن عادى أولياء اللّه على قدر اسائته إليهم ، وما ادخل العدو من الضرر عليهم ، ولا تكون عداوتك لدنيا فانية ولا لأغراض واهية ، وإذا كان آخر نهار اليوم المذكور فاختمه بالآداب الّتي قدمناها في أيام السّرور.

ص: 379

الباب التاسع: فيما نذكره من عمل آخر يوم ذي الحجّة

يصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب ، وعشر دفعات سورة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) وعشر دفعات آية الكرسي ، ثم تدعوا وتقول :

اللّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ ، نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ ، وَنَسيتُهُ وَلَمْ تَنْسَهُ ، وَدَعَوْتَنِي الَى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرائِي عَلَيْكَ ، اللّهُمَّ فَانِّي اسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ فَاغْفِرْ لِي ، وَما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي الَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي ، وَلا تَقْطَعْ رَجائِي مِنْكَ يا كَرِيمُ.

قال : فإذا قلت هذا قال الشيطان : يا ويله ما تعبت فيه هذه السّنة هدمه اجمع بهذه الكلامات وشهدت له السنة الماضية انه قد ختمها بخير (1).

أقول : ووجدت في بعض الكتب لفظ آخر بعد الصلاة في هذا اليوم وهو ان يقول :

اللّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ صالِحٍ وَوَعَدْتَنِي انْ تُعْطِيَنِي عَلَيْهِ الثَّوابَ ، فَتَقَبَّلْهُ مِنِّي بِفَضْلِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَقْطَعْ رَجائِي ، وَلا تُخَيِّبْ دُعائِي ، اللّهُمَّ وَما عَمِلتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِمّا نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَتَجَرَّأْتُ عَلَيْهِ ، فَانِّي اسْتَغْفِرُكَ لِذلِكَ كُلِّهِ فَاغْفِرْ لِي يا غَفُورُ.

ص: 380


1- عنه المستدرك 6 : 397.

وهذه الرواية دلّت على انّ أوّل السنة المحرم ، وسوف نذكر ما نرويه في هذه الأسباب في أول الجزء الثاني من هذا الكتاب ونجمع بين الروايتين على وجه الثواب ان شاء اللّه تعالى.

يقول السيد الامام العالم الفقيه العلامة الفاضل البارع الزاهد العابد ، أوحد دهره وفريد عصره ، رضي الدين ركن الإسلام والمسلمين جمال العارفين أفضل السادات عند الطائفة ، ذو الحسبين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاوس الحسني قدس اللّه روحه ونور ضريحه :

وحيث رأينا ان قد وصل آخر عمل شهر ذي الحجّة إلى هذا المقدار من التّصنيف ، ومتى جعلنا كتاب الإقبال جزءا واحدا اضجر بنقل التأليف ، جعلنا آخر هذا الجزء شهر ذي الحجّة شهر المسرّات والمبرّات والبشارات.

ويكون أوّل الجزء الآخر شهر محرم شهر تشريف أهل السّعادة بتأهيلهم للشهادة والإظهار للأبرار ، ان بذل النفوس والرءوس عن حمى المالك الجبّار من صفات الأخيار الذين جادوا بالنفوس لواهبها وبالرءوس في اليقين وإيثار ربّ العالمين بما وهبك وسلّمه إليك قبل ان يخرج عن يديك وتحالب عليه ويفوتك الشرف الذي وصل إليه الباذلون لما أعطاهم المسعودون في دنياهم وأخراهم.

وهذا آخر ما أجراه اللّه جلّ جلاله على خاطري أن أذكره في الجزء الأوّل من كتاب الإقبال ، ولم يكن له عندي مسوّدة ، بل كنت أملي ما يكون صادرا عن مالك سرائري في رقاع أو بلساني ، وينقله الناسخ في الحال ، وما يكون منقولا من الروايات والكتب المصنفات ، تارة امليه من الكتاب الّذي هو فيه ، وتارة يكتبه الناسخ من الأصل بألفاظه ومعانيه ، والحمد لله جلّ جلاله كما يريد منّا وكما ترضى به عنّا.

ص: 381

ص: 382

فهرس الموضوعات

مقدمة المؤلف... 7

الباب الأول : فيما نذكره من فوائد شهر شوال ، وفيه عدة فصول :

فصل 1 : فيما نذكره مما روي في تسمية شوال... 14

فصل 2 : فيما نذكره من ان صوم الستة أيام من شوال تكون متفرقة فيه... 14

فصل 3 : فيما نذكره من صيام شوال... 15

فصل 4 : فيما نذكره من كيفية الدخول في شوال وما أنشأناه عند رؤية هلاله من الابتهال ، وما نذكره من الإشارة إلى المنسك بإجمال المقال... 15

الباب الثاني : فيما نذكره من فوائد شهر ذي القعدة ، وفيه عدة فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من الرواية بان شهر ذي القعدة محل لإجابة الدعاء عند الشدة... 17

فصل 2 : فيما نذكره من ابتداء فوائد ذي القعدة... 18

فصل 3 : فيما نذكره في كيفية الدخول في هذا الشهر... 19

فصل 4 : فيما نذكره مما يعمل في يوم الاحد من الشهر المذكور ، وما فيه من الفضل المذخور 20

فصل 5 : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من الشهر الحرام... 21

فصل 6 : فيما نذكره من فضل ليلة النصف من ذي القعدة والعمل فيها... 22

فصل 7 : فيما يتعلق بدحوالأرض وإنشاء أصل البلاد وابتداء مساكن العباد... 23

فصل 8 : فيما نذكره مما يعمل يوم خمس وعشرين من ذي القعدة... 23

فصل 9 : فيما نذكره من رواية أخرى بتعيين وقت نزول الكعبة من السماء... 23

فصل 10 : فيما نذكره من زيادة رواية في فضل يوم دحوالأرض... 24

فصل 11 : فيما نذكره من التنبيه على فضل اللّه جل جلاله بدحوالأرض وبسطها لعباده ، والإشارة إلى بعض معاني ارفاده بذلك واسعاده... 24

ص: 383

فصل 12 : فيما نذكره من فضل زائد لليلة يوم دحوالأرض ويومها... 26

فصل 13 : فيما نذكره من الدعاء في يوم خمس وعشرين من ذي القعدة... 27

فصل 14 : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون المكلف عليه في اليوم المشار إليه... 29

فصل 15 : فيما نذكره مما يختم به ذلك اليوم... 30

الباب الثالث : فيما يختص بفوائد من شهر ذي الحجة وموائد للسالكين صوب المحجة ، وفيه فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من الاهتمام بمشاهدة هلاله وما ننشئه من دعاء ذلك وابتهاله... 31

فصل 2 : فيما نذكره في كيفية الدخول في شهر ذي القعدة... 32

فصل 3 : فيما نذكره من فضل العشر الأول من ذي الحجة على سبيل الاجمال... 33

فصل 4 : فيما نذكره من زيادة فضل لعشر ذي الحجة على بعض التفصيل... 34

فصل 5 : فيما نذكره من فضل صلاة تصلى كل ليلة من عشر ذي الحجة... 35

فصل 6 : فيما نذكره من فضل أول يوم من ذي الحجة... 36

ذكر رواية في شرح ما جرى في ذلك اليوم... 37

ذكر رواية أخرى في شرح ما جرى في ذلك اليوم ، وكلام للمؤلف فيه... 41

ذكر اعمال لهذا اليوم... 44

فصل 7 : فيما نذكره من فضل صوم التسعة أيام من عشر ذي الحجة... 48

فصل 8 : في صلاة ركعتين قبل الزوال في أول يوم من ذي الحجة... 49

فصل 9 : فيمن يريد ان يكفي شر ظالم فيعمل أول يوم من ذي الحجة... 49

فصل 10 : فيما نذكره من فضل اليوم الثامن من ذي الحجة ، وهو يوم التروية... 49

فصل 11 : فيما نذكره من فضل ليلة عرفة... 49

فصل 12 : فيما نذكره من دعاء في ليلة عرفة... 50

ذكر عمل أخرى في هذه الليلة... 55

فصل 13 : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام ليلة عرفة... 56

فصل 14 : فيما نذكره من فضل يوم عرفة على سبيل الجملة... 56

فصل 15 : فيما نذكره من الاهتمام بالدلالة على الامام يوم عرفة عند اجتماع الأنام ، لأجل حضور الفرق المختلفة من أهل الاسلام... 57

فصل 16 : فيما نذكره من فضل صوم يوم عرفة والخلاف في ذلك... 59

فصل 17 : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة... 61

فصل 18 : فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصة بالحسين عليه السلام يوم عرفة... 62

فصل 19 : فيما نذكره من صلاة ركعتين قبل الخروج المعتاد ، وهل الاجتماع

ص: 384

للدعاء يوم عرفة أفضل أو الانفراد... 67

فصل 20 : فيما نذكره من الاستعداد لدعاء يوم عرفة أين كان من البلاد... 68

فصل 21 : فيما نذكره من صلاة تختص بيوم عرفة بعد صلاة الظهرين... 69

فصل 22 : فيما نذكره من أدعية يوم عرفة... 70

كلام للمؤلف في الترغيب في العمل في هذا اليوم... 70

ذكر بعض الدعوات... 72

ذكر دعاء مولانا الحسين عليه السلام... 74

ذكر دعاء علي بن الحسين عليهما السلام للموقف... 87

ذكر دعاء اخر لعلي بن الحسين عليهما السلام... 102

ذكر دعاء اخر لعلي بن الحسين عليهما السلام... 113

ذكر دعاء الصادق عليه السلام في يوم عرفة... 117

ذكر دعاء اخر للصادق عليه السلام في يوم عرفة... 140

ذكر دعاء اخر للصادق عليه السلام... 149

دعاء آخر من يوم عرفة... 155

دعاء آخر في يوم عرفة... 160

دعاء آخر في عشية عرفة... 162

أدعية أخرى في عشية عرفة... 187

فصل 23 : فيما نذكره مما ينبغي ان يختم به يوم عرفة... 188

الباب الرابع : فيما نذكره مما يتعلق بليلة الأضحى ويوم عيدها ، وفيه فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من فضل احياء ليلة عيد الأضحى... 189

فصل 2 : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام عيد الأضحى... 190

فصل 3 : فيما نذكره من الإشارة إلى فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم الأضحى ، وبماذا يزار... 190

فصل 4 : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون أهل السعادات والاقبال عليه يوم الأضحى من الأحوال... 191

فصل 5 : فيما نذكره من الرواية بغسل يوم الأضحى... 193

فصل 6 : فيما نذكره مما يعتمد الانسان في يوم الأضحى عليه بعد الغسل المشار إليه... 193

فصل 7 : فيما نذكره من صفة صلاة العيد يوم الأضحى... 201

ذكر دعاء اخر في هذا اليوم... 209

ذكر دعاء بعد صلاة العيد... 220

ص: 385

فصل 8 : فيما نذكره من فضل الأضحية وتأكيدها في السنة المحمدية... 223

فصل 9 : فيما نذكره من رواية عن كم تجزى الأضحية وما يقال عند الذبح... 234

فصل 10 : فيما نذكره من تعيين أيام وقت الأضاحي... 235

فصل 11 : فيما نذكره من قسمة لحم الأضحية... 235

فصل 12 : فيما نذكره مما يختم به يوم عيد الأضحى... 236

الباب الخامس : فيما نذكره مما يختص بعيد الغدير في ليلته ويومه ، من صلاة ودعاء ، وشرف ذلك اليوم وفضل صومه ، وفيه فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من عمل ليلة الغدير... 237

فصل 2 : فيما نذكره من مختصر الوصف مما رواه علماء المخالفين عن يوم الغدير من الكشف... 239

فصل 3 : في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير من التعظيم والتبجيل... 240

فصل 4 : فيما نذكره من فضل اللّه جل جلاله بعيد الغدير على سائر الأعياد ، وما فيه من المنة على العباد... 252

فصل 5 : فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول... 254

فصل 6 : فيما نذكره من فضل يوم الغدير من كتاب النشر والطي... 260

فصل 7 : فيما نذكره أيضا من فضل يوم الغدير ، برواية جماعة من ذوي الفضل الكثير ، وهي قطرة من بحر غزير... 263

فصل 8 : فيما نذكره من جواب من سأل عما في يوم الغدير من الفضل وقصر فهمه عما ذكرناه من ذلك من الفضل... 265

فصل 9 : فيما نذكره من تعظيم يوم الغدير في السماوات برواية الثقات ، وفضل زيارته عليه السلام في ذلك الميقات... 268

فصل 10 : فيما نذكره من جواب الجاهلين بقبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من المخالفين... 270

فصل 11 : فيما نذكره من الإشارة إلى من زاره من الأئمة من ذريته عليه وعليهم أفضل السلام ، وغيرهم من عترته من ملوك الاسلام... 271

فصل 12 : فيما نذكره من آيات رأيتها أنا عند ضريحه الشريف غير ما رويناه وسمعنا به ، من آياته التي تحتاج إلى مجلدات وتصانيف... 271

فصل 13 : فيما نذكره من تعيين زيارة لمولانا علي صلوات اللّه عليه في يوم الغدير المشار إليه... 272

فصل 14 : فيما نذكره من عودة تعوذ بها النبي صلى اللّه عليه وآله في يوم الغدير... 275

ص: 386

فصل 15 : فيما نذكره من عمل العيد الغدير السعيد ، مما رويناه بصحيح الاسناد... 276

ذكر دعاء آخر في يوم عيد الغدير... 279

ذكر دعاء آخر في يوم الغدير... 282

ذكر دعاء آخر في يوم الغدير... 289

ذكر دعاء آخر في يوم الغدير... 303

ذكر دعاء آخر في يوم الغدير... 304

فصل 16 : فيما نذكره من زيارة لأمير المؤمنين عليه السلام ، يزار بها بعد الصلاة والدعاء يوم الغدير السعيد ، من قريب أو بعيد... 306

فصل 17 : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون عليه حال أولياء هذا العيد السعيد في اليوم المعظم المشار إليه... 307

فصل 18 : فيما نذكره من فضل تفطير الصائمين فيه... 308

فصل 19 : فيما نذكره مما يختم به يوم عيد الغدير... 309

الباب السادس : فيما يتعلق بمباهلة سيد أهل الوجود لذوي الجحود الذي لا يساوي ولا يجازي ، وظهور حجته على النصارى والحبارى ، وان في يوم مثله تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم ، ونذكر ما يعمل من المراسم ، وفيه فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من انفاذ النبي صلى اللّه عليه وآله لرسله إلى نصارى نجران ودعائهم إلى الاسلام والايمان ومناظرتهم فيما بينهم ، وظهور تصديقه فيما دعا إليه... 310

فصل 2 : فيما نذكره من زيادة في فضل أهل المباهلة والسعادة... 349

فصل 3 : فيما نذكره من فضل يوم المباهلة من طريق المعقول... 351

فصل 4 : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون أهل المعرفة بحقوق المباهلة ، من الاعتراف بنعم اللّه جل جلاله الشاملة... 353

فصل 5 : فيما نذكره من عمل يوم باهل اللّه فيه باهل السعادات وندب إلى صوم أو صلوات أو دعوات... 354

دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في يوم المباهلة... 356

دعاء المباهلة والإنابة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام... 359

فصل 6 : فيما نذكره في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة أيضا لأهل المواسم من المراسم ، وصدقة مولانا علي عليه السلام بالخاتم... 368

فصل 7 : فيما نذكره من الإشارة إلى بعض من روي ان هذه الآية : انما وليكم اللّه ، نزلت في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من طرق أهل الخلاف... 370

ص: 387

فصل 8 : فيما نذكره من عمل زائد في هذا اليوم العظيم الشأن... 371

فصل 9 : فيما نذكره من زيادة تنبيه على تعظيم كل وقت عند العارفين بقدر ما تفضل اللّه جل جلاله على أوليائه المعظمين وعلى المسلمين... 372

الباب السابع : فيما نذكره مما يتعلق بليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ويومها ، وفيه فصول :

فصل 1 : فيما نذكره من الرواية بصدقة مولانا علي ومولاتنا فاطمة صلوات اللّه عليهما في هذه الليلة على المسكين واليتيم والأسير... 374

فصل 2 : فيما نذكره من العبادات لرب العالمين في هذه ليلة خمس وعشرين... 377

فصل 3 : فيما نذكره مما يعمل يوم خامس وعشرين من ذي الحجة... 377

الباب الثامن : فيما نذكره مما يتعلق باليوم التاسع والعشرين من ذي الحجة وما يستحب فيه لأهل الظفر بصواب المحجة... 379

الباب التاسع : فيما نذكره من عمل آخر يوم ذي الحجة... 380

ص: 388

المجلد 3

هوية الكتاب

المؤلف: السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني

الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي

المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي

الطبعة: 2

الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات

تاريخ النشر : 1419 ه-.ق

ISBN (ردمك): 964-424-428-1

المكتبة الإسلامية

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

فهرس الإجمالي

الصورة

ص: 6

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أحمد لله جلّ جلاله بما وهب لي من القدرة على حمده ، وأثني عليه بلسان الاعتراف على توفيقي لتقديس مجده ، وأطوف بلسان حال العقل حول حمى كعبة مراحمه ومكارمه ورفده (1) ، واستعطفه ببيان مقاليد النّقل رجاء لتمام رحمته وحلمه عن عبده ، وأسمع من دواعي النّصيحة والإشفاق ووسائل أهل السباق حثّا عظيما على التّلزم بإطناب سرادقات منشئ الأحياء ومفني الأموات (2) ومالك الأوقات ، حتّى لقد كدت أجدني المضطرّ إلى الوقوف بمقدّس جنابه والمحمول على مطايا لطفه وعطفه إلى العكوف على شريف بابه.

وأشهد ان لا إله إلاّ اللّه ، شهادة تلقّيها العقل من مولى رحيم كامل القدرة ، وعرف ورودها من جناب رسول كريم ، قائل : كلّ مولود يولد على الفطرة ، فجاءت إلينا بخلع الأمان ، ومعها لواء الولاية على دوام العناية بدار الرّضوان ، ووجدت قلب مملوكه إليها وامقا ولا يسمح أن يراه واهبها مفارقا.

فمدّ يد السّؤال إلى مالك الرفد والسعد والإقبال ، في ان يعينه على عمارة منزل يصلح لجلالها وتهيئة فراش من رحمته يليق بجمالها ، فرجعت يد إنجاز الوعود مملوة من نفقات عمارة منزل السّعود ، وعليها فراش نعمة يصلح لاستيطان توحيد مالك الكرم والجود.

ص: 7


1- 1. رفده : عطائه.
2- 2. وواهب الأموات ( خ ل ).

فعمّر بها من شرّف بها منزل الاستيطان وبسط لها ما يختصّ بها من فراش التّعظيم بما وهبه لمولاه من الإمكان ، فأقامت باذن واهبها قاطنة ، واستنصرت بقدرة حافظها أقطار أماكنها ساكنة.

فتعطّرت بارجها (1) شعار تلك المساكن واستبشرت بمهجتها الألباب المجاورة للتّراب الساكن مسافة أقطارها ، ونزل منزلته إلى علوّ منزلتها ومنازلها وطول مسافة جهله إلى غاية ضيافة موائد مبارّها ومسارّها.

وأشهد أن جدّي محمّدا أقدم قدما على تناول طرف جلالها ، وأعظم همما في تكامل شرف تحف كمالها ، وأتمّ شيما في لبس خلع جلبابها ، وأبسط يدا وقلما ، وأصدق لهجة وفهما في فتح مستغلق أبوابها.

وأشهد انّ النّوّاب عنه في حفظ نظامها ، والتجلّي بجواهر تمامها ودوامها ، والجلوس على فراش علوّ مقامها ، لا يقوى عليه الاّ عقول تجلّت لإكمالها وقبولها ، وقلوب تخلّت عمّا يمنع من الظفر بحصولها وأصولها ، ولا يقدم على الاقدام بالحق عليها إلاّ أقدام لم تزل طاهرة من المشي إلى عبادة صنم أو حجر افتضح عابدها بعبادتها ، ولا تنالها من الأيدي بالصدق الاّ جوارح لم تزل سرائرها ذاكرة لمعرفة فاطرها وواهب سعادتها.

وانّى يبلغ إلى ذروة قلل الجبال بالرئاسة عليها من كان عبد الأحجار قد أشهد على نفسه بالعبوديّة لها والذلّ بين يديها ، وانّى يحتوي على شجرة التقوى وثمرة النّجوى من كان على وجهه وسم الملكة للاخشاب الّتي عبدها من دون رب الأرباب ، وكيف ترحم أهل القبور والأموات بعبادة الأخشاب والصخور أصحاب هذا النّور الذي لا يسعه الاّ صدور الصدور ، ولا يجمعه الاّ أماكن مساكن الشموس والبدور.

وبعد ، فانّني لمّا رأيت كتاب الإقبال بالأعمال الحسنة فيما نذكره ممّا يعمل مرّة واحدة في السنة ، قد فتح اللّه فيه أبواب الفوائد وأنجح مسعى المطالب بزوائد عن الفوائد ، حتى ضاق ان يكون فوائده في مجلّد واحد فجعلت عمل شهر ذي القعدة وذي

ص: 8


1- 1. الأرج : الريح المعطر.

الحجّة في مجلد أوّل وعمل شهر محرم وما بعده إلى أواخر شعبان في مجلّد ثان مفصّل.

فأورقت أغصان إقباله وتحقّقت ثمرات كماله ، وسار لسان حال إرشاده داعيا إلى اللّه جلّ جلاله في بلاده لعباده وواليا على كلّ كتاب صنّف لم يبلغ شرف هدايته وإرفاده ، وصار بمحجّة واضحة لمن اهتدى في العمل بأنواره ، وحجّة راجحة على من غفل عن اتباع آثاره.

وهو يشتمل على ما نذكره من الأبواب والفصول ، وها نحن ذاكرون أسمائها جملة قبل شرح ما فيها من المعقول والمنقول ، ليعرف الناظر في أوّله ما اشتمل الكتاب عليه فيطلب من شرحه ما يحتاج إليه ان شاء اللّه تعالى.

الباب الأول : فيما نذكره ممّا يتعلّق بشهر المحرم وما فيه من حال معظّم ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من شرف محلّه والتنبيه على ما جرى فيه على النبي صلّى اللّه عليه وأهل بيته عليهم السلام.

فصل : فيما نذكره من عمل أول ليلة من المحرم.

فصل : فيما تعمله في أول يوم من المحرم.

فصل : فيما نذكره في فضل صوم المحرم جميعه.

فصل : فيما نذكره من زيادة فضل صوم الثالث من المحرم.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم التاسع من المحرم.

فصل : فيما نذكره من عمل ليلة عاشوراء.

فصل : فيما نذكره من فضل المبيت عند الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء ، وفضل زيارته فيها.

فصل : فيما نذكره من صوم يوم عاشوراء وفضله والدعاء فيه.

فصل : فيما نذكره من وصف أحوال يوم عاشوراء.

فصل : فيما نذكره من عمل يوم عاشوراء.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء.

فصل : فيما نذكره من ألفاظ الزيارة المنصوص عليها يوم عاشوراء.

ص: 9

فصل : فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء.

فصل : فيما نذكره من فضل قراءة « قل هو اللّه أحد » في يوم عاشوراء.

فصل : فيما نذكره ممّا ينبغي ان يكون الإنسان عليه يوم عاشوراء ، من الأسباب التي تقرّبه إلى اللّه جلّ جلاله وإلى رسوله صلى اللّه عليه وآله.

فصل : فيما نذكره ممّا يختم به يوم عاشوراء وما يليق ان تكون بعده بحسب ما أنت عليه من الوفاء.

الباب الثاني : فيما نذكره من مهام ليلة إحدى وعشرين من المحرم ويومها.

الباب الثالث : فيما يتعلق بشهر صفر ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره مما يعمل عند استهلاله.

فصل : فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شهر صفر.

فصل : فيما نذكره من الجواب عما ظهر في انّ ردّ رأس الحسين صلوات اللّه عليه كان يوم العشرين من صفر.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات اللّه عليه يوم العشرين من صفر ، وألفاظ الزيارة بما نرويه من الخبر.

الباب الرابع : فيما نذكره مما يختصّ بشهر ربيع الأول وما فيه من عمل مفصّل ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من التنبيه على فضل هذا الشهر وما فيه.

فصل : فيما نذكره ممّا يدعى به في غرّة شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من حال اليوم التاسع من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من صوم اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من صلاة اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره مما يختصّ باليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من انّه ينبغي صوم اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول.

ص: 10

فصل : فيما نذكره من تعظيم ليلة سبع عشر من شهر ربيع الأول.

فصل : فيما نذكره من ولادة سيدنا وجدّنا الأعظم محمّد صلوات اللّه عليه وآله رسول المالك الأرحم ، وما يفتح اللّه جلّ جلاله فيها علينا من حال معظم.

فصل : فيما نذكره من تعيين وقت ولادة النبي صلوات اللّه عليه ، وفضل صوم اليوم المعظّم المشار إليه.

فصل : فيما نذكره من زيارة سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في هذا اليوم من بعيد المكان ، وزيارة مولانا علي صلوات اللّه عليه عند ضريحه مع الإمكان.

فصل : فيما نذكره من عمل زائد على الزيارة في اليوم السابع عشر من ربيع الأول ، أشرف أيام البشارة.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون المسلمون عليه يوم ولادة النبي صلى اللّه عليه وآله.

فصل : فيما نذكره مما يختم به يوم عيد مولد سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ممّا يدلنا اللّه جلّ جلاله بالنقل والعقل عليه.

الباب الخامس : فيما نذكره مما يتعلّق بشهر ربيع الآخر ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من دعاء في غرة شهر ربيع الآخر.

فصل : فيما نذكره من صوم يوم العاشر من ربيع الآخر.

فصل : فيما نذكره من فضل هذا الصيام واحترام اليوم العاشر من ربيع الآخر ، لأجل تعظيم المولود وفيه فضله الباهر.

الباب السادس : فيما نذكره مما يتعلّق بشهر جمادى الأولى ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من دعاء عند غرّة هذا الشهر.

فصل : فيما نذكره من صوم يوم النصف من جمادى الأولى وفضله.

فصل : فيما نذكره من تعظيم يوم النصف من جمادى الأولى المذكور وما يليق به من الأمور.

الباب السابع : فيما نذكره مما يتعلّق بجمادى الآخرة ، وفيه فصول :

ص: 11

فصل : فيما نذكره مما يدعا به عند غرة هذا الشهر.

فصل : فيما نذكره من صلاة يصلّي في جمادى الآخرة.

فصل : فيما نذكره من وقت انتقال أمّنا المعظمة فاطمة بنت رسول السلام صلوات اللّه عليهما وتجديد السلام عليها.

فصل : فيما نذكره من صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة ، وبعض فضائله الباطنة والظاهرة.

فصل : فيما نذكره من تعظيم هذا اليوم العشرين منه المعظم عند الأعيان وما يليق به من الإحسان.

الباب الثامن : فيما نذكره مما يختصّ بشهر رجب وبركاته ومما نختاره من عباداته وخيراته ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محلّه وتحف فضله.

فصل : فيما نذكره من فضل أول ليلة من رجب بالمعقول من الأدب.

فصل : فيما نذكره من عمل أول ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب.

فصل : فيما نذكره من فضل الغسل في أول رجب وأوسطه وآخره.

فصل : فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى اللّه في كل ليلة من رجب.

فصل : فيما نذكره من الدعاء في أول ليلة من رجب بعد عشاء الآخرة.

فصل : فيما نذكره من صلاة أوّل ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها.

فصل : فيما نذكره من صلاة أخرى في أول ليلة من رجب وثوابها.

فصل : فيما نذكره من زيارة مختصّة بشهر رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل أول جمعة من شهر رجب.

فصل : فيما نذكره مما يعمل بعد الثماني ركعات من نافلة الليل.

فصل : فيما نذكره مما يعمل بعد ركعة الوتر من نافلة الليل.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات في أوّل ليلة من

ص: 12

شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويّات.

فصل : فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أول يوم من رجب ويوم وسطه ويوم آخره.

فصل : فيما نذكره من صوم أول يوم من رجب وثلاثة أيام لم يعيّن وقتها.

فضل : فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب أيضا وصوم اليوم الأول وسبعة منه وثمانية وعشرة ، وخمسة عشر.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أيام معينة منه أيضا والشهر كله.

فصل : فيما نذكره في صوم يوم من رجب مطلقا.

فصل : فيما نذكره من كيفية النية فيما يصام من شهر رجب.

فصل : فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام ، وقد جعل اللّه جلّ جلاله له عوضا في شريعة الإسلام.

فضل : فيما نذكره أيضا من عمل أول يوم من رجب من صلوات.

فصل : فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كل يوم منه.

فصل : فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في رجب.

فصل : فيما نذكره من قراءة « قل هو اللّه أحد » عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو ألف مرّة أو مائة مرّة.

فصل : فيما نذكره مما كان يعمله مولانا علي بن الحسين صلوات اللّه عليه ويذكره في سجوده في أيام رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات اللّه عليه في أول يوم من رجب والإشارة إلى موضع ألفاظها من الكتب.

فصل : فيما نذكره من عمل ليلة الثانية من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من رجب وصلاة في اليوم الثالث.

ص: 13

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر والليالي البيض من رجب وشعبان وشهر رمضان.

فصل : فيما نذكره من صوم ثلاثة عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من رجب ، غير ما ذكرناه.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل ليلة النصف من رجب ، غير ما قدمناه.

ص: 14

فصل : فيما نذكره أيضا من فضل ليلة النصف من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل الأيام البيض من رجب ولياليها.

فصل : فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة النصف من رجب.

فصل : فيما نذكره من صلاة في ليلة النصف أيضا برواية أخرى.

فصل : فيما نذكره مما ينبغي في إحياء هذه الليلة والعناية بها والخاتمة لها.

فصل : فيما نذكره من أسرار استقبال يوم النصف من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم النصف من رجب.

فصل : فيما نذكره من صلاة عشر ركعات في نصف رجب.

فصل : فيما نذكره من صلاة أربع ركعات يوم النصف من رجب ودعائها.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمس عشر يوما من رجب ، غير ما أسلفناه.

فصل : فيما نذكره دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالإجابة ، وما فيه من صفات الإنابة.

فصل : فيما نذكره مما اشتمل عليه دعاء أمّ داود شرّفها اللّه بالعنايات من الآيات الظاهرات.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شهر رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من رجب.

ص: 15

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أحد وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل اليوم الثاني والعشرين من رجب وتأكيد صيامه.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من الرواية ان يوم مبعث النبي صلوات اللّه عليه وآله كان يوم الخامس والعشرين من رجب والتأويل لذلك على وجه الأدب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اليوم الخامس والعشرين من رجب ، غير ما بيّنّاه.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من رجب ، غير ما أوضحناه.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اليوم السادس والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستّة وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة سبع وعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره أيضا من صلاة أخرى ليلة سبع وعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمعقول.

فصل : فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمنقول.

فصل : فيما نذكره من تأويل من روى انّ صوم يوم مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله يعدل ثوابه ستين شهرا.

ص: 16

فصل : فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب.

فصل : فيما ينبغي ان يكون المسلمون عليه في مبعث النبي صلوات اللّه عليه وآله إليهم ومعرفة مقدار المنة عليهم.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من رجب.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوما من رجب.

فصل : فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب.

فصل : فيما نذكره مما يختم به شهر رجب.

الباب التاسع : فيما نذكره من فضل شهر شعبان وفوائده وكمال موائده وموارده ، وفيه فصول :

فصل : فيما نذكره من فضله بالمعقول.

فصل : فيما نذكره من تعظيم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لشهر شعبان عند رؤية هلاله.

فصل : فيما نذكره من عمل أول ليلة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من أحاديث في صوم شهر شعبان كله.

فصل : فيما نذكره من فضل شهر شعبان بالمنقول وفضل صوم أول يوم منه بالرواية عن الرسول صلى اللّه عليه وآله.

فصل : فيما نذكره من صوم يوم من شعبان من غير تعيين لأوّله وذكر فضله.

فصل : فيما نذكره من صوم يوم أو يومين أو ثلاثة أيام منه.

فصل : فيما نذكره من فضل الصدقة والاستغفار في شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل التهليل ولفظ الاستغفار في شهر شعبان.

ص: 17

فصل : فيما نذكره من الدعاء في شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل كل خميس في شعبان والصلاة فيه.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم يومين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شعبان وولادة الحسين صلوات اللّه عليه فيه.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من شعبان.

ص: 18

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من اربع ركعات في ليلة النصف من شعبان بين العشاءين.

فصل : فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من تسبيح وتحميد وتكبير وصلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من صلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان واربع ركعات ومائة ركعة.

فصل : فيما نذكره من رواية سجدات ودعوات عن الصادق عليه السلام ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من رواية أخرى بسجدات ودعوات عن النبي صلى اللّه عليه وآله ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من ولادة مولانا المهدي صلوات اللّه عليه في ليلة النصف من شعبان ، وما يفتح اللّه علينا من تعظيمها بالقلب والقلم واللسان.

فصل : فيما نذكره من الدعاء والقسم على اللّه جلّ جلاله بهذا المولود العظيم المكان ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات اللّه عليه ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان.

ص: 19

فصل : فيما نذكره من صلاة ليلة النصف من شعبان عند الحسين صلوات اللّه عليه.

فصل : فيما نذكره من بيان صفات صلاة الليل في ليلة النصف من شعبان.

فصل : فيما نذكره من تمام إحياء ليلة النصف من شعبان وما يختم به من التوصل في سلامتها من النقصان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم إحدى وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الاثنين والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من شعبان.

ص: 20

فصل : فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ستّة وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة السابعة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم سبعة وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من تأكيد صيام ثلاثة أيام من آخر شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من شعبان.

فصل : فيما نذكره من فضل صوم يوم الثلاثين من شعبان.

فصل : فيما نذكره مما يختم به شهر شعبان.

واعلم انّ هذه الشّهور الّتي يأتي ذكر عبادتها وشرح خيراتها ، هي كالمراحل والمنازل من حيث خرج الإنسان من بطن أمّه إلى ان يصل إلى انقضاء أمر الدنيا الزائل ، وفي كلّ منزل منها مذ ارتضاه مولاه لتشريفه بتكليفه ذخائر وكنوز وجواهر ، بقدر ما تضمّنه النقل والشرع الظاهر والمسافة بعيدة إلى دار السعادة.

فمهما ظفر به المسافر من الذخائر ، فإنّه ما يستغني عن الزيادة ، فإنّ بين يدي المتشرّف بالتكليف مقام طويل تحت التراب لا يقدر فيه على خدمة السلطان الحساب ، وينقطع عنه شرف الوصلة بينه وبين مولاه أيّام كان يخدمه ويزداد من ذخائر رضاه.

ويفقد ذلك الانس الّذي كان يجده من حضرة القدس ولذّة الخطاب والجواب وحلاوة مجالسة العبد مع مالكه ربّ الأرباب ، ويعدم ما كان يرتاح له ويحنّ إليه من التشوّق الذي يجده المحبّ لمحبوبه إذا سافر للقدوم عليه ، ويخلع عنه خلع العزّة التي كان يقوى بها بمجاورة حياته وعقله وعناياته ، ويؤخذ منه بالغناء تاج الدّولة الّتي كان واليا

ص: 21

عليها بطاعة مولاه ومراقباته ، ويسلب كرامة الغنى وكثيرا من المنى بذهاب الاختيار الّذي كان وهبه مالك رقّه ، ويجد نفسه أسيرا بعد عتقه ويطوي صحائف عمل سعاداته الباقية ، ويعزل عن ديوان المعاملة للأبواب الإلهية العالية ، فاذكّر نفسي وغيري بفقدان هذه السّاعات ، واوصي باغتنام أوقات العنايات قبل حلول الحادثات ونوازل الملمّات (1).

وهذا شرح أبواب الشهور وما فيها من الخير المذخور ، ونبدأ بالإشارة إلى بعض تأويل ما ورد من الاختلاف في الاخبار هل أوّل السنة شهر رمضان أو شهر المحرم ، فنقول :

قد ذكرنا في الجزء السادس من الّذي سمّيناه كتاب المضمار السباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق ما معناه :

انّه يمكن ان يكون أوّل السنة في العبادات والطاعات شهر رمضان ، وان يكون أوّل السنة لتواريخ أهل الإسلام وتجدّدات العام شهر المحرم ، وقدّمنا هناك بعض الاخبار المختصّة بأنّ أوّل السّنة شهر رمضان (2) ، وسيأتي في حديث عن الرضا عليه السلام في عمل أوّل يوم من محرّم يقتضي دعائه انّ أول السنة المحرم.

ورويت بعدة أسانيد قد ذكرتها في كتاب الإجازات إلى الطبري من تاريخه في سنة ستّة عشر من الهجرة ما هذا لفظه :

قال فيها كتب التاريخ في شهر ربيع الأول ، وقال : حدثني ابن أبي سيرة ، عن عثمان بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن ابن المسيب قال : أوّل من كتب التّاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته ، فكتب لستة عشر من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب عليه السلام ، حدثني عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا الدراوردي ، عن عثمان بن عبيد اللّه بن أبي رافع قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : جمع عمر بن الخطاب الناس فسألهم أيّ يوم نكتب؟ فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : من يوم هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وترك ارض الشرك ، فقبله

ص: 22


1- 1. الملمات جمع الملمة ، وهي حادثة الدهر.
2- 2. شهر الصيام ( خ ل ).

عمر. » (1)

أقول : هذا معاضد للتأويل الّذي ذكرناه ، ولا يسقط شيء من الأخبار المختلفة في أوّل السنة ، ويكون لكلّ وجه يختص بمعناه.

ص: 23


1- 1. تاريخ الطبري 4 : 28 مع اختلاف.

ص: 24

الباب الأول: فيما نذكره ممّا يتعلّق بشهر المحرم وما فيه من حال معظم

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من شرف محلّه والتنبيه على ما جرى فيه على النبي صلى اللّه عليه وآله

اعلم انّ هذا شهر المحرّم كان في الجاهلية من جملة الزمان المعظّم يحرّمون فيه الابتداء بالحروب والقتال ، ويحترمونه ان يقع فيه ما يقع فيما دونه من سوء الأعمال والأقوال ، وجاء الإسلام شاهدا لهذا الشّهر بالتعظيم ، ودلّ فيه على العبادات الدّالة على ما يليق به من التّكريم.

فجرى فيه من انتهاك محارم اللّه جلّ جلاله والرسول الذي هداهم اللّه جلّ جلاله به إليه ودلّهم عليه ، من سفك دماء ذريّته العزيزين عليه ، ما لم يجر مثله في شيء من الأزمان ، وبالغ آل حرب وبنو أميّة في الاستقصاء على آل محمد صلوات اللّه عليه وآله وذهاب حرمة الإسلام والايمان.

وما وجدت في تاريخ سالف ولا حديث كفر متضاعف انّ قوما كانوا عاكفين على صورة حجر أو خشب يعبدونها بجهدهم ويطلبون من الحجر والخشب ما لا يقدر عليه من رفدهم ويخضعون لذلك الحجر والخشب ، وقد افتضحوا عند الألباب وصاروا من أعجب العجاب ، فحضر من دلّهم على أنّ الحجر والخشب لا ينفع من عبده ، ولا يدفع عمّن

ص: 25

قصده ولا يدري لمن حمده أو جحده ، فلم يقبلوا من النّاصح الشفيق ، واجتهدوا في عداوته ومحاربته بكلّ طريق.

فاحتمل الناصح جهل المشفق عليه وتلافى (1) عداوته بالإحسان إليه ، حتّى أدّى الأمر إلى قهر هذا الضال الهالك ، وجذبه بغير اختياره إلى صواب المسالك.

فلمّا وقفه الناصح على صحيح المحجّة ، وعرّفه ما كان يجهله من الحجّة ، وأغناه بعد الفقر وجبره بعد الكسر ، وأعزّه بعد الذلّة ، وكثّره بعد القلة ، وأوطأه رقاب ملوك البلاد ، وأراه أبواب الظفر بسعادة الدنيا والمعاد ، قام ذاك الضّال عن الصواب الذي كان مفتضحا بعبادة الأحجار والأخشاب ومشابها للدّواب ، إلى ذريّة مولاه ، الّذي هداه وأحياه وأعتقه من رقّ الجهالة وأطلقه من أسر الضّلالة وبلغ به من السعادة ما لم يكن في حسابه.

فنازع هذا الناصح الشفيق ، الرفيق في ولده وفي ملكه ورئاسته وأسبابه ، وجذب عليهم سيفا كان للناصح في يديه ، وأطلق لسانه في ذرية ولاة المحسن إليه ، وسعى في التّقدم وأخذ ملكهم من أيديهم ، وسفك دمائهم ، وسبى ذريّتهم ونسائهم.

اما ترون هذا قبيحا في العقول السليمة وفضيعا في الآراء المستقيمة ، ويحكمون على فاعله بأنّه قد عاد على نحو ضلالة السالف ، وأوقع نفسه في المتألف وإلى الغدر والخيانة وسقوط المروّة والأمانة.

أفما كذا جرى لصاحب النبوة والوصية وولده مع من نازعهم في حقوق نبوته ورئاسته وهدايته ، فكيف صار الرعايا ملوكا لولد من حكّمهم في ملكه وساعين في استبعاد ولده أو هلكة أو إراقة دمه وسفكه.

تاللّه إنّ الألباب من هذا لنافرة غاية النفور ، وشاهدة انّ فاعله غير معذور.

أفترضون أن يصنع عبيدكم وغلمانكم وأتباعكم مع ذريتكم أو أقرب قرابتكم ، ما صنع عبيد محمّد وغلمانه واتباعه مع ذريته.

ص: 26


1- 1. تلقّى ( خ ل ).

كيف اشتبه هذا الحال عليكم مع ظهور حجّته ، لقد بلينا معشر فروع النبوّة والرسالة بمنازعة أهل الضلالة والجهالة ، وعقولهم شاهدة لنا بقيام الحجّة عليهم وقلوبهم ، عارفة بأنّنا أصحاب الإحسان إليهم ، وكان يكفيهم ان يتذكّروا ما ذكرناه ، من انّهم كانوا عاكفين عبادة الأحجار والأخشاب ومفارقين لاولى الأبصار والألباب ، والمشابهين للانعام والدواب ، وأموات المعنى احياء الصورة ، ومصائبهم عظيمة كبيرة.

فأحيينا بنبوّتنا وهدايتنا منهم أرواحا ميتة بالغفلات ، وجمعنا بينهم وبين عقول تائهة في مسافات الجهالات ، وانطقنا منهم ألسنا خرسة بقيود الهدر ، وانتجينا منهم خواطر كانت عقيمة بالحصا ومساوية للتراب والمدر ، واخرجناهم من مطامير الضلالة ، وهديناهم إلى مالك الجلالة ، وسقناهم بعصا الاعذار والإنذار ، وسقيناهم بكأس المبارّ والمسارّ ، حتّى خلّصناهم من عار الاغترار وإخطار عذاب النار ، وأذعنت لنا ألبابهم انّنا ملوكها ، وانّ بنا استقام سبيلها وسلوكها.

فصاروا بعد هذا الرّق الذي حكم لنا عليهم بالعبوديّة ، منازعين لنا في شرف العنايات الإلهيّة والمقامات النبويّة ، ان كان القوم قد جحدوا وعاندوا فليردّوا علينا ما دعوناهم إليه ودللناهم عليه ، فليرجعوا إلى أصنامهم وقصور أحلامهم وفتور إفهامهم ، فان الأحجار والأخشاب موجودة ، وهي أربابهم الّتي كانت نواصيهم بها معقودة.

وتاللّه لو كانوا قد أجابوا داعي نبوّتنا في ابتدائه بغير قهر ولا هوان ، لكان لهم بعض الفضل في فوائد الإسلام والايمان ، ولكنّهم أضاعوا كلّ حقّ كان يمكن ان يملكوه أو سبق كان يتهيّأ لهم ان يدركوه ، بأنّهم ما اجابونا إلى نجاتهم من ضلالهم وخلاصهم من وبالهم الاّ بالقهر الّذي أعراهم من الفضيلة بالكليّة ، وجعلها بأجمعها حقّا للدعوة المحمّديّة والصفوة العلويّة.

فصل (2): فيما نذكره من عمل أوّل ليلة المحرّم

اعلم ان المواساة لأئمّة الزمان وأصحاب الإحسان في السرور والأحزان ، من

ص: 27

مهمّات أهل الصفاء وذوي الوفاء والمخلصين في الولاء ، وفي هذا العشر كان أكثر اجتماع الأعداء على قتل ذريّة سيد الأنبياء صلوات اللّه عليه وآله ، والتهجّم بذلك على كسر حرمة اللّه جلّ جلاله مالك الدنيا والآخرة ، وكسر حرمة رسوله عليه السلام صاحب النعم الباطنة والظاهرة ، وكسر حرمة الإسلام والمسلمين ولبس أثواب الحزن على فساد أمور الدنيا والدين.

فينبغي من أوّل ليلة من هذا الشهر ان يظهر على الوجوه والحركات والسكنات شعار آداب أهل المصائب المعظمات في كلّما يتقلب الإنسان فيه ، وان يقصد الإنسان بذلك إظهار موالاة أولياء اللّه ومعاداة أعاديه وتفصيل ذلك موجود في العقول ومشروح في المنقول.

أقول : فمن الأحاديث عن ائمّة المعقول الذي يصدّق فيها المنقول للمعقول ما رويناه بعدّة طرق إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه من أماليه بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليه السلام : ان المحرم شهر كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال ، فاستحلّت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حرمة في أمرنا.

انّ يوم الحسين أقرح جفوننا واسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا ، بأرض كرب وبلاء (1) ، وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فان البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

ثم قال : كان أبي صلوات اللّه عليه إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة (2) تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام (3).

ص: 28


1- 1. يا ارض كرب وبلاء أورثتنا ( خ ل ).
2- 2. الكآبة : الحزن.
3- 3. أمالي الصدوق : 111.

ومن المنقول من أمالي محمد بن علي بن بابويه رضوان اللّه جلّ جلاله عليه ما رويناه أيضا بإسناده إلى الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يا بن شبيب أصائم أنت؟ فقلت لا ، فقال : ان هذا اليوم هو الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربّه عزّ وجلّ ، فقال ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (1) ، فاستجاب اللّه له وأمر ملائكته فنادت : زكريا ، ( وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ : ( أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً ) ، فمن صام هذا اليوم ثم دعا اللّه عزّ وجلّ استجاب له كما استجاب لزكريا عليه السلام.

ثم قال : يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهليّة فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيّها صلوات اللّه عليه وآله ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا (2) ثقله ، فلا غفر اللّه ذلك لهم ابدا.

يا بن شبيب ان كنت باكياً فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فإنه (3) ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض مشبهون ، ولقد بكت السماوات والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لينصروه ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث (4) غبر إلى ان يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره وشعارهم : يا آل ثارات الحسين (5).

يا بن شبيب لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام انّه لما قتل جدّي الحسين عليه السلام أمطرت السّماء دما وترابا أحمر ، يا بن شبيب ان بكيت على الحسين عليه السلام حتى يصير دموعك على خدّيك غفر اللّه لك كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ، يا بن شبيب ان سرّك ان تلقى اللّه عزّ وجلّ ولا ذنب

ص: 29


1- 1. آل عمران : 38.
2- 2. النهب : الغارة.
3- 3. فابك للحسين فإنه ( خ ل ).
4- 4. الشعث - ككتف - المغبر الرأس ، الشعث - بالفتح - انتشار الأمر وخلله.
5- 5. أصله يا آل ثارات ، حذفت الهمزة من الآل للتخفيف ، فصار يا لثارات.

عليك فزر الحسين عليه السلام.

يا بن شبيب ان سرّك ان تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبي وآله صلوات اللّه عليهم ، فالعن قتلة الحسين عليه السلام ، يا بن شبيب ان سرّك ان يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ، يا بن شبيب ان سرّك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا عليك بولايتنا ، فلو انّ رجلا تولّى حجرا لحشره اللّه معه يوم القيامة. (1)

أقول : ورأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيشابور للحاكم في ترجمة الحسين بن بشير بن القاسم ، قال الحاكم : ان الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلى اللّه عليه وآله فيه اثر ، وهي بدعة ابتدعها قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

وامّا عمل هذه الليلة ، وهي أول ليلة من المحرم من دعوات أو صلوات أو عبادات ، فانّا ذاكرون من ذلك ما يهدينا إليه اللّه جلّ جلاله ، فاتح أبواب العنايات والسعادات.

فمن ذلك ما ذكره صاحب كتاب المختصر من المنتخب ، فقال : الدعاء إذا رأيت الهلال كبّر اللّه تعالى ، فقل :

اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ اكْبَرُ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللّهُ ، اللّهُ لا إِلهَ الاّ هُوَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَخَلَقَكَ وَقَدَّرَ مَنازِلَكَ (2) وَجَعَلَكَ آيَةً لِلْعالَمِينَ ، يُباهِي اللّهُ بِكَ الْمَلائِكَةَ.

اللّهُمَّ أَهلهُ عَلَيْنا بِالأَمْنِ وَالإِيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، وَالْغِبْطَةِ وَالسُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ ، وَثَبِّتْنا عَلى طاعَتِكَ وَالْمُسارَعَةِ فِيما يُرْضِيكَ ، اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي شَهْرِنا هذا ، وَارْزُقْنا خَيْرَهُ وَبَرَكَتَهُ ، وَيُمْنَهُ وَعَوْنَهُ وَفَوْزَهُ ، وَاصْرِفْ عَنّا شَرَّهُ وَبَلاءَهُ وَفِتْنَتَهُ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

الدُّعاء عند استهلال المحرّم وأوّل يوم منه ، تقول :

ص: 30


1- 1. أمالي الصدوق : 112 ، عيون اخبار الرضا عليه السلام 1 : 299 ، عنهما البحار 44 : 286 ، ورواه ابن قولويه في كأم الزيارات : 105.
2- 2. قدرك في منازلك ( خ ل ).

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَسْأَلُكَ بِكَ وَبِكَلِماتِكَ وَأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَوْلِيائِكَ وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَجَمِيعِ عِبادِكَ الصّالِحِينَ ، ألاّ تُخَلِّيَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، يا اللّهُ يا رَحْمانَ الْمُؤْمِنِينَ.

يا واحِدُ يا حَيُّ ، يا أَوَّلُ يا آخِرُ يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا مَلِكُ يا غَنِيُّ يا مُحِيطُ ، يا سَمِيعُ يا عَلِيمُ يا عَلِيُّ يا شَهِيدُ ، يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ ، يا عَزِيزُ يا قَهّارُ ، يا خالِقُ يا مُحْسِنُ ، يا مُنْعِمُ يا مَعْبُودُ ، يا قَدِيمُ يا دائِمُ.

يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا سَمِيعُ يا عَلِيمُ ، يا لَطِيفُ يا خَبِيرُ ، يا جَوادُ يا ماجِدُ ، يا قادِرُ يا مُقْتَدِرُ ، يا قاهِرُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ يا قابِضُ يا باسِطُ ، يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ يا عَفُوُّ يا رَؤُوفُ يا غَفُورُ.

ها أَنَا ذا صَغِيرٌ فِي قُدْرَتِكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ، راغِبٌ إِلَيْكَ مَعَ كَثْرَةِ نِسْيانِي وَذُنُوبِي ، وَلَوْ لا سَعَةُ رَحْمَتِكَ وَلُطْفِكَ وَرَأْفَتِكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِينَ.

يا مَنْ هُوَ عالِمٌ بِفَقْرِي إِلى جَمِيلِ نَظَرِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ ، أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها ما عَلِمْتُ مِنْها وَما لَمْ أَعْلَمْ ، وَبِحَقِّكَ عَلى خَلْقِكَ ، وَبِقِدَمِكَ وَأَزَلِكَ وَإِبادِكَ وَخُلْدِكَ وَسَرْمَدِكَ ، وَكِبْرِيائِكَ وَجَبَرُوتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَشَأْنِكَ وَمَشِيَّتِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَرْحَمَنِي وَتَقَدَّسَنِي بِلَمَحاتِ حِنانِكَ وَمَغْفِرَتِكَ وَرِضْوانِكَ ، وَتَعْصِمَنِي مِنْ كُلِّ ما نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَتُوَفِّقَنِي لِما يُرْضِيكَ عَنِّي ، وَتَجْبُرَنِي عَلى ما أَمَرْتَنِي بِهِ وَأَحْبَبْتَهُ مِنِّي.

اللّهُمَّ امْلَأْ قَلْبِي وَقارَ جَلالِكَ ، وَجَلالَ عَظَمَتِكَ وَكِبْرِيائِكَ ، وَأَعِنِّي عَلى جَمِيعِ أَعْدائِكَ وَأَعْدائِي يا خَيْرَ الْمالِكِينَ ، وَأَوْسَعَ الرَّازِقِينَ ، وَيا مُكَوِّرَ الدُّهُورِ ، وَيا مُبَدِّلَ الْأَزْمانِ ، وَيا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ ، وَمُولِجَ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ ، يا مُدَبِّرَ الدُّوَلِ وَالأُمُورِ وَالْأَيّامِ.

أَنْتَ الْقَدِيمُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ ، وَالْمالِكُ الَّذِي لا يَزُولُ ، سُبْحانَكَ وَلَكَ الْحَمْدُ بِحَمْدِكَ وَحَوْلِكَ عَلى كُلِّ حَمْدٍ وَحَوْلٍ ، دائِماً مَعَ دَوامِكَ وَساطِعاً بِكِبْرِيائِكَ ،

ص: 31

أَنْتَ إِلهِي وَلِيُّ الْحامِدِينَ ، وَمَوْلَى الشّاكِرِينَ.

يا مَنْ مَزِيدُهُ بِغَيْرِ حِسابٍ ، وَيا مَنْ نِعَمُهُ لا تُجازى وَشُكْرُهُ لا يُسْتَقْصى (1) ، وَمُلْكُهُ لا يَبِيدُ ، وَأَيّامُهُ لا يُحْصى ، صِلْ أَيّامِي بِأَيّامِكَ مَغْفُوراً لِي مُحَرَّماً لَحْمِي وَدَمِي ، وَما وَهَبْتَ لِي مِنَ الْخَلْقِ وَالْحَياةِ وَالْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ عَلَى النّارِ ، يا جارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، لِنَفْسِي وَدِينِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَجَسَدِي ، وَجَمِيعِ جَوارِحِي وَوالِدَيَّ وَأَهْلِي وَمالِي وَأَوْلادِي ، وَجَمِيعِ مَنْ يَعْنِينِي (2) أَمْرُهُ وَسائِرِ ما مَلَكَتْ يَمِينِي عَلى جَمِيعِ مَنْ أَخافُهُ وَأَحْذَرُهُ ، بَرّاً وَبَحْراً مِنْ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ.

اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ وَأَعَزُّ وَأَجَلُّ وَأَمْنَعُ مِمّا أَخافُ وَأَحْذَرُ ، عَزَّ جارُ اللّهِ ، وَجَلَّ ثَناءُ اللّهِ ، وَلا إِلهَ إِلاّ اللّهُ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي جِوارِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَفِي حِماكَ الَّذِي لا يُسْتَباحُ وَلا يُذَلُّ ، وَفِي ذِمَّتِكَ الَّتِي لا تُخْفَرُ (3) ، وَفِي مَنْعَتِكَ الَّتِي لا تُسْتَذَلُّ وَلا تُسْتَضامُ ، وَجارُ اللّهِ آمِنٌ مَحْفُوظٌ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

اللّهُمَّ يا كافِيَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلا يَكْفِي مِنْهُ شَيْءٌ ، يا مَنْ لَيْسَ مِثْلُ كِفايَتِهِ شَيْءٌ ، اكْفِنِي كُلَّ شَيْءٍ حَتّى لا يَضُرَّنِي مَعَكَ شَيْءٌ ، وَاصْرِفْ عَنِّي الْهَمَّ وَالْحُزْنَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (4) الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، يا اللّهُ يا كَرِيمُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَدْرَءُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدائِي وَكُلِّ مَنْ يُرِيدُنِي بِسُوءٍ (5) ، وَأَعُوذُ

ص: 32


1- 1. في البحار : لا يقضى.
2- 2. يعنيني : يهمني.
3- 3. الخفر : الإجارة والحفظ ، والمعنى : ذمتك حافظ كل شيء فلا تحفظ ذمتك شيء.
4- 4. بك ( خ ل ).
5- 5. يريد بي سوء ( خ ل ).

بِكَ مِنْ شَرِّهِمْ ، وَأَسْتَعِينُكَ عَلَيْهِمْ ، فَاكْفِنِيهِمْ بِما شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ وَمِنْ حَيْثُ شِئْتَ وَأَنّى شِئْتَ ، فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا ، أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُما الْغالِبُونَ.

إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ، لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى ، إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً ، اخْسَؤا فِيها وَلا تُكَلِّمُونَ.

أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ بِعِزَّةِ اللّهِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مُمْتَنِعاً ، وَبِكَلِماتِ اللّهِ التّامّاتِ كُلِّها مُحْتَرِزاً ، وَبِأَسْماءِ اللّهِ الْحَسَنَةِ مُتَعَوِّذاً ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ مُوسى وَهارُونَ ، وَرَبِّ عِيسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى ، مِنْ شَرِّ الْمَرَدَةِ مِنَ الْجِنِّ وَالانْسِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ.

أَخَذْتُ سَمْعَ كُلِّ طاغٍ وَباغٍ وَعَدُوٍّ وَحاسِدٍ مِنَ الْجنِّ وَالانْسِ ، عَنِّي وَعَنْ أَوْلادِي وَأَهْلِي وَمالِي وَجَمِيعِ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، وَأَخَذْتُ سَمْعَ كُلِّ مُطالِبٍ وَبَصَرَهُ ، وَقُوَّتَهُ ، وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ، وَلِسانَهُ وَشَعْرَهُ وَبَشَرَهُ وَجَمِيعَ جَوارِحِهِ بِسَمْعِ اللّهِ ، وَأَخَذْتُ أَبْصارَهُمْ عَنِّي بِبَصَرِ اللّهِ.

وَكَسَرْتُ قُوَّتَهُمْ عَنِّي بِقُوَّةِ اللّهِ وَبِكَيْدِ اللّهِ الْمَتِينِ ، فَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيَّ سُلْطانٌ وَلا سَبِيلٌ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ حِجابٌ مَسْتُورٌ ، بِسِتْرِ اللّهِ وَسِتْرِ النُّبُوَّةِ الَّذِي احْتَجَبُوا بِهِ مِنْ سَطَواتِ الْفَراعِنَةِ ، فَسَتَرَهُمُ اللّهُ بِهِ.

جَبْرَئِيلُ عَنْ أَيْمانِكُمْ ، وَمِيكائِيلُ عَنْ شَمائِلِكُمْ ، وَمُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه وآله بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ، وَاللّهُ جَلَّ وَعَزَّ عالٍ عَلَيْكُمْ ، وَمُحِيطٌ بِكُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيكُمْ وَمِنْ وَرائِكُمْ ، وَآخِذٌ بِنَواصِيكُمْ وَبِسَمْعِكُمْ وَأَبْصارِكُمْ وَقُلُوبِكُمْ ، وَأَلْسِنَتِكُمْ وَقُواكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ، يَحُولُ بَيْنَنا وَبَيْنَ شُرُورِكُمْ.

وَجَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ، وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ، شاهَتِ الْوُجُوهُ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ، طه حم لا يُبْصِرُونَ.

ص: 33

اللّهُمَّ يا مَنْ سِتْرُهُ لا يُرامُ ، وَيا مَنْ عَيْنُهُ لا تَنامُ ، اسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَاحْفَظْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ مِنَ الآفاتِ كُلِّها ، حَسْبِيَ اللّهُ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، حَسْبِيَ اللّهُ الَّذِي يَكْفِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلا يَكْفِي مِنْهُ شَيْءٌ.

حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ ، حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبِينَ ، حَسْبِيَ مَنْ لا يَمُنُّ مِمَّنْ يَمُنُّ ، حَسْبِيَ اللّهُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ ، حَسْبِيَ اللّهُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ.

حَسْبِيَ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، حَسْبِيَ اللّهُ وَكَفَى ، سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ دَعا ، لَيْسَ وَراءَ اللّهِ مُنْتَهى ، وَلا مِنَ اللّهِ مَهْرَبٌ وَلا مَنْجا ، حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي جِوارِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَفِي حِماكَ الَّذِي لا يُسْتَباحُ ، وَفِي ذِمَّتِكَ الَّتِي لا تُخْفَرُ ، وَاحْفَظْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لا يُرامُ ، وَأَدْخِلْنِي فِي عِزَّكَ الَّذِي لا يُضامُ ، وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ يا رَحْمانُ.

اللّهُمَّ يا اللّهُ لا تُهْلِكْنِي وَأَنْتَ رَجائِي ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَما شاءَ اللّهُ كانَ ، أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللّهِ وَجَلالِ وَجْهِهِ ، وَما وَعاهُ اللَّوْحُ مِنْ عِلْمِ اللّهِ ، وَما سَتَرَتِ الْحُجُبُ مِنْ نُورِ بَهاءِ اللّهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ مُعِيلٌ فَقِيرٌ طالِبٌ حَوائِجَ قَضاؤُهُ بِيَدِكَ ، فَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِاسْمِكَ الْواحِدِ الْأَحَدِ الْفَرْدِ الصَّمَدِ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ ، الَّذِي مَلَأَ الْأَرْكانَ كُلَّها حِفْظاً وَعِلْماً ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ أَوَّلَ يَوْمِي هذا وَأَوَّلَ شَهْرِي هذا وَأَوَّلَ سَنَتِي هذِهِ صَلاحاً ، وَأَوْسَطَ يَوْمِي هذا وَأَوْسَطَ شَهْرِي هذا وَأَوْسَطَ سَنَتِي هذِهِ فَلاحاً ، وَآخِرَ يَوْمِي هذا وَآخِرَ شَهْرِي هذا وَآخِرَ سَنَتِي هذِهِ نَجاحاً ، وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ عَرِّفْنِي بَرَكَةَ هذَا الشَّهْرِ ، وَهذِهِ السَّنَةِ وَيُمْنَهُما وَبَرَكَتَهُما ، وَارْزُقْنِي

ص: 34

خَيْرَهُما وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُما ، وَارْزُقْنِي فِيهِما الصِّحَّةَ وَالسَّلامَةَ وَالْعافِيَةَ ، وَالاسْتِقامَةَ وَالسَّعَةَ وَالدَّعَةَ وَالْأَمْنَ ، وَالْكِفايَةَ وَالْحَراسَةَ وَالْكَلاءَةَ ، وَوَفِّقْنِي فِيهِما لِما يُرْضِيكَ عَنِّي.

وَبَلِّغْنِي فِيهِما امْنِيَّتِي ، وَسَهِّلْ لِي فِيهِما مَحَبَّتِي ، وَيَسِّرْ لِي فِيهِما مُرادِي ، وَأَوْصِلْنِي فِيهِما إِلى بُغْيَتِي (1) ، وَفَرِّجْ فِيهما غَمِّي ، وَاكْشِفْ فِيهِما ضُرِّي ، وَاقْضِ لِي فِيهِما دَيْنِي ، وَانْصُرْنِي فِيهِما عَلى أَعْدائِي وَحُسَّادِي ، وَاكْفِنِي فِيهِما أَمْرَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

اللّهُمَّ يا رَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ مِنَ الْمَهالِكِ فَأَنْقِذْنِي ، وَعَنِ الذُّنُوبِ فَاصْرِفْنِي ، وَعَمّا لا يَصْلَحُ وَلا يُغْنِي فَجَنِّبْنِي.

اللّهُمَّ لا تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ ، وَلا هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا عَيْباً إِلاَّ سَتَرْتَهُ ، وَلا رِزْقاً إِلاَّ بَسَطْتَهُ ، وَلا عُسْراً إِلاَّ يَسَّرْتَهُ ، وَلا سُوءاً إِلاَّ صَرَفْتَهُ ، وَلا خَوْفاً إِلاَّ أَمَنْتَهُ ، وَلا رُعْباً إِلاَّ سَكَّنْتَهُ ، وَلا سُقْماً إِلاَّ شَفَيْتَهُ ، وَلا حاجَةً إِلاَّ أَتَيْتَ عَلى قَضائِها فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسَأْتُ فَأَحْسَنْتَ ، وَأَخْطَأْتُ فَتَفَضَّلْتَ ، لِلثِّقَةِ مِنِّي بِعَفْوِكَ وَالرَّجاءِ مِنِّي لِرَحْمَتِكَ ، اللّهُمَّ بِحَقِّ هذَا الدُّعاءِ وَبِحَقِيقَةِ هذا الرَّجاءِ لَمّا كَشَفْتَ عَنِّي الْبَلاءَ وَجَعَلْتَ لِي مِنْهُ مَخْرَجاً وَمَنْجا بِقُدْرَتِكَ وَفَضْلِكَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ الْعالِمُ بِذُنُوبِنا فَاغْفِرْها ، وَبأُمُورِنا فَسَهِّلْها ، وَبِدُيُونِنا فَأَدِّها ، وَبِحَوائِجِنا فَاقْضِها بِقُدْرَتِكَ وَفَضْلِكَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ، بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَما شاءَ اللّهُ كانَ (2).

ص: 35


1- 1. البغية : الحاجة.
2- 2. العلي العظيم ما شاء اللّه كان ( خ ل ).

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، عَلى نَفْسِي وَدِينِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَجَمِيعِ جَوارِحِي ، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَلى والِدَيَّ مِنَ النَّارِ ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَلى أهْلِي وَمالِي وَأَوْلادِي ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَلى جَمِيعِ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ أَعْطانِي رَبِّي.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ افْتَتَحْتُ شَهْرِي هذا وَسَنَتِي هذِهِ وَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ وَلا حَوْلَ لِي وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَما شاءَ اللّهُ كانَ ، اللّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً ، وَسُبْحانَ اللّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

( فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) ، ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ. )

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هذَا الْيَوْمِ وَمِنْ شَرِّ هذَا الشَّهْرِ وَمِنْ شَرِّ هذِهِ السَّنَةِ وَمِنْ شَرِّ ما بَعْدَها ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أَعْدائِي أَنْ يَفْرُطُوا عَلَيَّ وَأَنْ يَطْغَوْا ، وَأُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي ، وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي.

( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ، اللّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) لِنَفْسِي بِي ، وَمُحِيطٌ بِي وَبِمالِي وَوالِدَيَّ وَأَوْلادِي وَأَهْلِي وَجَمِيعِ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، وَكُلِّ شَيْءٍ هُوَ لِي ، وَكُلِّ شَيْءٍ مَعِي ، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَاعْتَصَمْتُ بِعُرْوَةِ اللّهِ الْوُثْقى الَّتِي لَا انْفِصامَ لَها وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

اللّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ قَدْرِكَ فِي هذِهِ السَّنَةِ وَما بَعْدَها حُسْنَ عافِيَتِي وَسَعَةَ رِزْقِي ، وَاكْفِنِي اللّهُمَّ الْمُهِمَّ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَاعْصِمْنِي أَنْ أُخْطِئَ ، وَارْزُقْنِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ السَّبُعِ

ص: 36

وَالسّارِقِ وَالْحَيّاتِ وَالْعَقارِبِ وَالْجِنِّ وَالانْسِ وَالْوَحْشِ وَالطَّيْرِ وَالْهَوامٍ (1) ، قُلِ اللّهُ.

وَجَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ، وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ كُلِّها وَآياتِكَ الْمُحْكَماتِ مِنْ غَضَبِكَ ، وَمِنْ شَرِّ عِقابِكَ وَمِنْ شِرارِ عِبادِكَ وَمِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَما شاءَ اللّهُ كانَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَتَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ ، وَبِيَدِكَ مَفاتِيحُ الْخَيْرِ وَأَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ.

اللّهُمَّ إِنْ كانَ ما أُرِيدُهُ وَيُرادُ بِي خَيْراً لِي فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَعاقِبَةِ أَمْرِي ، فَيَسِّرْهُ لِي وَبارِكْ لِي فِيهِ وَاصْرِفْ عَنِّي الْأَذى فِيهِ ، وَإِنْ كانَ غَيْرُ ذلِكَ خَيْراً فَاصْرِفْنِي عَنْهُ إِلى ما هُوَ أَصْلَحُ لِي بَدَناً وَعافِيَةً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَاقْصِدْنِي إِلَى الْخَيْرِ حَيْثُما كُنْتُ ، وَوَجِّهْنِي إِلَى الْخَيْرِ حَيْثُما تَوَجَّهْتُ بِرَحْمَتِكَ.

وَأَعْزِزْنِي اللّهُمَّ بِما اسْتَعْزَزْتَ بِهِ مِنْ دُعائِي هذا ، وَأُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْ نِسْيانِي وَعَجَلَتِي بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَما شاءَ اللّهُ كانَ.

اللّهُمَّ ما حَلَفْتُ مِنْ حَلْفٍ أَوْ قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ ، أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ ، فَمَشِيَّتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذلِكَ كُلِّهِ ، ما شِئْتَ مِنْهُ كانَ وَما لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

اللّهُمَّ ما حَلَفْتُ فِي يَوْمِي هذا أَوْ فِي شَهْرِي هذا أَوْ فِي سَنَتِي هذِهِ مِنْ حَلْفٍ ، أَوْ قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ فَلا تُؤاخِذْنِي بِهِ ، وَاجْعَلْنِي مِنْهُ فِي سَعَةٍ وَفِي اسْتِثْناءٍ ، وَلا تُؤاخِذْنِي بِسُوءِ عَمَلِي وَلا تَبْلُغْ بِي مَجْهُوداً.

ص: 37


1- 1. الهامة : كل ذات سم يقتل ، فامّا ما يسم ولا يقتل فهو السأمة.

اللّهُمَّ وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فِي يَوْمِي هذا أَوْ فِي شَهْرِي هذا أَوْ فِي سَنَتِي هذِهِ فَأَرِدْهُ بِهِ وَمَنْ كادَنِي فَكِدْهُ ، وَافْلُلْ (1) عَنِّي حَدَّ (2) مَنْ نَصَبَ لِي حَدَّهُ ، وَأَطْفِ عَنِّي نارَ مَنْ أَضْرَمَ لِي وقُودها.

اللّهُمَّ وَاكْفِنِي مَكْرَ الْمَكَرَةِ ، وَافْقَأْ عَنِّي أَعْيُنَ السَّحَرَةِ ، وَاعْصِمْنِي مِنْ ذلِكَ بِالسَّكِينَةِ ، وَأَلْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ ، وَأَلْزِمْنِي كَلِمَةَ التَّقْوى الَّتِي أَلْزَمْتَها الْمُتَّقِينَ.

اللّهُمَّ وَاجْعَلْ دُعائِي خالِصاً لَكَ ، وَاجْعَلْنِي أَبْتَغِي بِهِ ما عِنْدَكَ وَلا تَجْعَلْنِي أَبْتَغِي بِهِ أَحَداً سِواكَ ، اللّهُمَّ يا رَبِّ جَنِّبْنِي الْعِلَلَ وَالْهُمُومَ وَالْغُمُومَ ، وَالْأَحْزانَ وَالْأَمْراضَ وَالْأَسْقامَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ وَالْجُهْدَ ، وَالْبَلاءَ وَالتَّعَبَ وَالْعِناءَ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللّهُمَّ أَلِنْ لِي أَعْدائِي وَمُعامِلِيَّ وَمُطالِبِيَّ وَما غَلُظَ عَلَيَّ مِنْ أُمُورِي كُلِّها ، كَما أَلَنْتَ الْحَدِيدَ لِداوُدَ عليه السلام ، اللّهُمَّ وَذَلِّلْهُمْ لِي كَما ذَلَّلْتَ الْأَنْعامَ لِوَلَدِ آدَمَ عليه السلام ، اللّهُمَّ وَسَخِّرْهُمْ لِي كَما سَخَّرْتَ الطَّيْرَ لِسُلَيْمانَ عليه السلام.

اللّهُمَّ وَأَلْقِ عَلَيَّ مَحَبَّةً مِنْكَ كَما أَلْقَيْتَها عَلى مُوسى بْنِ عِمْرانَ عليه السلام ، وَزِدْ فِي جاهِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَقُوَّتِي ، وَارْدُدْ نَعْمَتَكَ عَلَيَّ ، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي وَمُنايَ وَحَسِّنْ لِي خَلْقِي ، وَاجْعَلْنِي مَهُوباً مَرْهُوباً مَخُوفاً ، وَأَلْقِ لِي فِي قُلُوبِ أَعْدائِي وَمُعامِلِيَّ وَمُطالِبَيَّ ، الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْمَهابَةَ ، وَسَخِّرْهُمْ لِي بِقُدْرَتِكَ.

اللّهُمَّ يا كافِيَ مُوسى عليه السلام فِرْعَوْنَ ، وَيا كافِيَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله الْأَحْزابَ ، وَيا كافِيَ إِبْراهِيمَ عليه السلام نارَ النَّمْرُودِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ

ص: 38


1- 1. الفلّة : الثلمة في سيف.
2- 2. الحدّ : الحاجز بين الشيئين ومنتهى الشيء ومن كل شيء حدّته.

وَآلِ مُحَمَّدٍ (1) وَاكْفِنِي كُلَّ ما أَخافُ وَأَحْذَرُ بِرَحْمَتِكَ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ.

اللّهُمَّ يا دَلِيلَ الْمُتَحَيِّرِينَ ، وَيا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ ، وَيا مُرَوِّحُ عَنِ الْمَغْمُومِينَ ، وَيا مُؤَدِّي عَنِ الْمَديُونِينَ ، وَيا إِلهَ الْعالَمِينَ ، فَرِّجْ كُرْبِي وَهَمِّي وَغَمِّي ، وَأَدِّ عَنِّي وَعَنْ كُلِّ مَدْيُونٍ ، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي وَمُنايَ ، وَافْتَحْ لِي مِنْكَ بِخَيْرٍ وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ.

اللّهُمَّ يا رَجائِي وَعُدَّتِي لا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي ، وَأَصْلِحْ شَأْنِي كُلَّهُ ، وَافْتَحْ لِي أَبْوابَ الرِّزْقِ مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، وَمِنْ حَيْثُ أَعْلَمُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَعْلَمُ ، وَمَنْ حَيْثُ أَرْجُو وَمِنْ حَيْثُ لا أَرْجُو ، وَارْزُقْنِي السَّلامَةَ وَالْعافِيَةَ وَالْبَرَكَةَ فِي جَمِيعِ ما رَزَقْتَنِي ، وَخِرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي خِيَرَةً فِي عافِيَةٍ ، وَكُنْ لِي وَلِيّاً وَحافِظاً وَناصِراً وَلَقِّنِي حُجَّتِي.

اللّهُمَّ وَأَيُّما عَبْدٍ مِنْ عِبادِكَ أَوْ أَمَةٍ مِنْ إمائِكَ كانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُهُ بِها ، فِي مالِهِ أَوْ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ أَوْ قُوَّتِهِ ، وَلا أَسْتَطِيعُ رَدَّها عَلَيْهِ وَلا تَحِلَّتَها مِنْهُ ، فَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَنْ تَرْضِيَهُ عَنِّي بِما شِئْتَ ، ثُمَّ تَهِبَ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، يا وَهّابَ الْعَطايا وَالْخَيْرَ ، اللّهُمَّ وَلا تُخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيا وَلا خَيْرَ فِي رَقَبَتِي تَبِعَةٌ (2) وَلا ذَنْبٌ إِلاَّ وَقَدْ غَفَرْتَ ذلِكَ لِي بِكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّباتَ فِي الْأَمْرِ ، وَالْعَزِيمَةِ عَلَى الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ يا رَبِّ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبادَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ قَلْباً سَلِيماً ، وَلِساناً صادِقاً وَيَقِيناً نافِعاً ، وَرِزْقاً دارّاً هَنِيئاً ، وَرَحْمَةً أَنالُ بِها شَرَفَ كَرامَتِكَ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعافِيَةَ عافِيَةً تَتْبَعُها عافِيَةٌ ، شافِيَةٌ كافِيَةٌ ، عافِيَةَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

ص: 39


1- 1. وآل محمد ( خ ل ).
2- 2. التبعة : ما يتبع المال من نوائب الحقوق.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ أَنْ تَكُونَ لِي سَنَداً وَمُسْتَنَداً ، وَعِماداً وَمُعْتَمَداً ، وَذُخْراً وَمُدَّخَراً ، وَلا تُخَيِّبْ أَمَلِي وَلا تَقْطَعْ رَجائِي ، وَلا تُجْهِدْ بَلائِي ، وَلا تُسِئْ قَضائِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، اللّهُمَّ ارْضَ عَنِّي بِرِضاكَ ، وَعافِنِي مِنْ جَمِيعِ بَلْواكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللّهُ ، يا أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ كَبِيرٍ ، يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ ، يا خالِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ ، يا مُغْنِي الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، يا مُغِيثَ الْمُمْتَهَنِ (1) الضَّرِيرِ ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ (2) الْأَسِيرِ ، يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِيرِ ، يا قاصِمَ كُلِّ جَبّارٍ مُتَكَبِّرٍ ، يا مُحْيِيَ الْعِظامِ وَهِيَ رَمِيمٌ ، يا مَنْ لا نِدَّ لَهُ وَلا شَبِيهٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ (3) ، وَأَسْأَلُكَ يا إِلهِي بِكُلِّ ما دَعَوْتُكَ بِهِ مِنْ هذا الدُّعاءِ ، وَبِجَمِيعِ أَسْمائِكَ كُلِّها ، وَبِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِجَدِّكَ الْأَعْلى ، وَبِكَ فَلا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْكَ ، أَنْ تَغْفِرَ لَنا وَتَرْحَمَنا فَإِنّا إِلى رَحْمَتِكَ فُقَراءُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ ، وَاجْمَعْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْراتِ (4) ، وَاكْفِنِي اللّهُمَّ يا رَبِّ ما لا يَكْفِينِيهِ أَحَدٌ سِواكَ ، وَاقْضِ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي.

وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَسَهِّلْ لِي مَحابِّي كُلِّها ، فِي يُسْرِ مِنْكَ وَعافِيَةٍ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ( العَلِيِّ الْعَظِيمِ ) (5) ، ما شاءَ اللّهُ كانَ وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِي وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً ، ما شاءَ اللّهُ كانَ ،

ص: 40


1- 1. الممتهن : المحتقر المبتلى بالضرر.
2- 2. الكبل : القيد الضخم.
3- 3. وآل محمد ( خ ل ).
4- 4. في الخيرات ( خ ل ).
5- 5. ليس في بعض النسخ.

ما شاءَ اللّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ ، ما شاءَ اللّهُ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ ، ما شاءَ اللّهُ ، فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ ، ما شاءَ اللّهُ حَسْبِيَ اللّهُ وَكَفى (1).

ومن ذلك ما ذكره أحمد بن جعفر بن شاذان ، ورواه عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أنّه قال : إنَّ في المحرّم ليلة شريفة ، وهي أوّل ليلة منه ، من صلّى فيها مائة ركعة ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ويسلّم في آخر كلّ تشهد ، وصام صبيحة اليوم ، وهو أوّل يوم من المحرّم ، كان ممّن يدوم عليه الخير سنته ، ولا يزال محفوظا من الفتنة إلى القابل ، وإن مات قبل ذلك صار إلى الجنّة إن شاء اللّه تعالى (2).

صلاة أخرى أوّل ليلة من المحرّم من طرقهم عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أنّه قال : تصلّي أوّل ليلة من المحرّم ركعتين تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة الأنعام ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس (3).

صلاة أخرى أوّل ليلة من المحرّم رواها عبد القادر بن أبي القاسم الأشتري في كتابه بإسناده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنّه قال : إنّ في المحرّم ليلة ، وهي أوّل ليلة منه ، من صلّى فيها ركعتين يقرأ فيها سورة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) إحدى عشر مرّة وصام صبيحتها ، وهو أوّل يوم من السَّنة ، فهو كمن يدوم على الخير سنته ، ولا يزال محفوظا من السنة إلى قابل ، فان مات قبل ذلك صار إلى الجنّة (4).

فصل (3): فيما نذكره من عمل أوّل يوم من المحرم

فمن ذلك صلاة أوّل كل شهر ودعاؤه وصدقاته ، وقد قدّمنا ذلك في الجزء الخامس

ص: 41


1- 1. عنه البحار 98 : 324 - 333.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 180 ، البحار 98 : 333.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 181 ، البحار 98 : 333.
4- 4. عنه الوسائل 8 : 181.

عند كلّ شهر ، فتعمل على ما تقدّمت صفاته.

واعلم انّ أوّل يوم من المحرم من أيام الصيام ، وموسم من مواسم إجابة الدعاء لأهل الإسلام ، روينا ذلك بعدّة طرق :

منها : ما رويناه قبل هذا الفصل عن ابن شبيب عن مولانا الرضا عليه السلام.

ومنها : ما روي عن طرقهم : انّ من صام يوما من المحرّم محتسباً جعل اللّه تعالى بينه وبين جهنم جنّة كما بين السماء والأرض.

ومنها عن النبي صلى اللّه عليه وآله : من صام يوما من المحرّم فله بكل يوم ثلاثين يوما.

ومنها : ما ذكره أبو جعفر محمد بن بابويه رحمه اللّه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وقد ضمن ثبوت ما فيه ، فقال ما هذا لفظه : وفي أوّل يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربّه عزّ وجل ، فمن صام ذلك اليوم استجاب اللّه عزّ وجلّ منه كما استجاب لزكريا عليه السلام (1).

وروينا عن شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان تغمّده اللّه جلّ جلاله بالرضوان ، فقال في كتاب حدائق الرياض عند ذكر المحرم ما هذا لفظه : وفي أوّل يوم منه استجاب اللّه تعالى ذكره دعوة زكريا عليه السلام ، فيستحب صيامه لمن أحبّ ان يجيب اللّه دعوته.

وينبغي ان يدعو بما ذكرناه من الدعاء في عمل أول ليلة منه عند استهلال المحرم.

أقول : فينبغي المبادرة إلى فتح أبواب إجابة الدعوات ، واغتنام الوقت المعيّن لقضاء الحاجات ، وقد روي فيه صلوات ودعوات معينات (2).

فمن ذلك ما روينا بإسنادنا إلى محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني ، بإسناده إلى محمد بن فضيل الصيرفي قال : حدَّثنا عليُّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن آبائه عليهم السلام قال :

ص: 42


1- 1. عنه الفقيه 2 : 91.
2- 2. صلاة ( خ ل ) ، متعينات ( خ ل ).

كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلّي أوّل يوم من المحرّم ركعتين ، فإذا فرغ رفع يديه ودعا بهذا الدُّعاء ثلاث مرّات :

اللّهُمَّ أَنْتَ الإِلهُ الْقَدِيمُ وَهذِهِ سَنَةٌ جَدِيدَةٌ ، فَأَسْأَلُكَ فِيهَا الْعِصْمَةَ مِنَ الشَّيْطانِ وَالْقُوَّةَ عَلى هذِهِ النَّفْسِ الْأَمّارَةِ بِالسُّوءِ ، وَالاشْتِغالَ بِما يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ، يا كَرِيمُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ ، يا ذَخِيرَةَ مَنْ لا ذَخِيرَةَ لَهُ ، يا حِرْزَ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ ، يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ ، يا كَنْزَ مَنْ لا كَنْزَ لَهُ ، يا حَسَنَ الْبَلاءِ ، يا عَظِيمَ الرَّجاءِ ، يا عِزَّ الضُّعَفاءِ ، يا مُنْقِذَ الْغَرْقى ، يا مُنْجِيَ الْهَلْكى ، يا مُنْعِمُ يا مُجْمِلُ ، يا مُفْضِلُ يا مُحْسِنُ.

أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ سَوادُ اللَّيْلِ وَنُورُ النَّهارِ وَضَوْءُ الْقَمَرِ وَشُعاعُ الشَّمْسِ ، وَدَوِيُّ الْماءِ (1) ، وَحَفِيفُ الشَّجَرِ (2) ، يا اللّهُ لا شَرِيكَ لَكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ ، وَاغْفِرْ لَنا ما لا يَعْلَمُونَ ، وَلا تُؤاخِذْنا بِما يَقُولُونَ ، حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ، وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (3).

فان قيل : قد قدَّمت في كتاب المضمار أنَّ أوَّل السّنة شهر رمضان ، وقد ذكرت في هذا الدُّعاء أنَّ أوَّل السنة المحرَّم؟

فأقول : قد قدَّمنا أنّه يحتمل أن يكون شهر رمضان أوّل سنة فيما يختصُّ بالعبادات ترجيح الأوقات ، والمحرم أوَّل سنة فيما يختصُّ بالمعاملات والتواريخ وتدبير الناس في الحادثات الاختياريات.

وقد كنّا ذكرنا في أواخر خطبة هذا الجزء بعض الروايات بهذا المعنى من الرواة.

ص: 43


1- 1. الدوي : صوت ليس بالعالي كصوت النحل.
2- 2. حفّ الطائر والشجر إذا صوتت.
3- 3. عنه البحار 98 : 334.

فصل (4): فيما نذكره من فضل صوم المحرّم جميعه

روينا ذلك بعدّة طرق ، منها عن شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه فيما ذكره في كتاب حدائق الرياض ، وقد روي عن الصادق عليه السلام انّه قال : لمن امكنه صوم المحرم فإنّه يُعصم صائمة من كل سيئة (1).

وذكر يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني في أماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انّ أفضل الصلاة بعد صلاة الفريضة الصلاة في جوف الليل ، وانّ أفضل الصوم من بعد شهر رمضان صوم شهر اللّه الذي يدعونه المحرم (2).

وروى المرزباني هذا الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله من طرق جماعة في المجلد السابع من كتاب الأزمنة.

ورواه محمد بن أبي بكر المديني الحافظ عن النبي صلى اللّه عليه وآله أيضاً في كتاب دستور المذكرين (3).

فصل (5): فيما نذكره من زيادة فضل صوم الثالث من المحرم

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه ، الذي انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه ، فيما ذكره في كتاب الحدائق المشار إليه فقال عند ذكر المحرم ما هذا لفظه : اليوم الثالث يوم مبارك فيه كان خلاص يوسف عليه السلام من الجبّ ، فمن صامه يسّر اللّه له الصعب وفرّج عنه الكرب (4).

وروى صاحب كتاب دستور المذكرين عن النبي صلى اللّه عليه وآله : انّ من صام

ص: 44


1- 1. عنه البحار 98 : 335.
2- 2. عنه البحار 98 : 335.
3- 3. عنه البحار 98 : 335.
4- 4. عنه البحار 98 : 335.

اليوم الثالث من المحرم استجيبت دعوته (1).

فصل (6): فيما نذكره من فضل صوم التاسع من المحرم

رأيناه في كتاب دستور المذكرين بإسناده عن ابن عباس فقال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ، فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائما ، قال : قلت : كذلك كان يصوم محمد صلى اللّه عليه وآله؟ قال : نعم (2).

فصل (7): فيما نذكره من عمل ليلة عاشوراء وفضل إحيائها

اعلم أنّ هذه اللّيلة أحياها مولانا الحسين صلوات اللّه عليه وأصحابه بالصلوات والدعوات ، وقد أحاط بهم زنادقة الإسلام ، ليستبيحوا منهم النّفوس المعظّمات ، وينتهكوا منهم الحرمات ، ويسبوا نساءهم المصونات.

فينبغي لمن أدرك هذه اللّيلة ، أن يكون مواسيا لبقايا أهل آية المباهلة وآية التطهير ، فيما كانوا عليه في ذلك المقام الكبير ، وعلى قدم الغضب مع اللّه جلّ جلاله ورسوله صلوات اللّه عليه ، والموافقة لهما فيما جرت الحال عليه ، ويتقرّب إلى اللّه جلّ جلاله بالإخلاص من موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه.

وأما فضل إحيائها : فقد رأينا في كتاب دستور المذكّرين بإسناده عن النبيِّ صلى اللّه عليه وآله قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما (3) عبد اللّه عبادة جميع الملائكة ، وأجر العامل فيها كأجر (4) سبعين سنة (5).

ص: 45


1- 1. عنه البحار 98 : 335.
2- 2. عنه البحار 98 : 335.
3- 3. فكما ( خ ل ).
4- 4. يعدل ( خ ل ).
5- 5. عنه البحار 98 : 336.

وأمّا تعيين الأعمال من صلاة أو ابتهال :

فمن ذلك الرواية عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، وجدناها عن محمّد بن أبي بكر المديني الحافظ من كتاب دستور المذكرين بإسناده المتّصل عن وهب بن منبّه ، عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

من صلّى ليلة عاشوراء أربع ركعات من آخر اللّيل ، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي - عشر مرّات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) - عشر مرّات ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) - عشر مرّات ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) - عشر مرّات ، فإذا سلّم قرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة.

بنى اللّه تعالى له في الجنّة مائة ألف ألف مدينة من نور ، في كلّ مدينة ألف ألف قصر ، في كلّ قصر ألف ألف بيت ، في كلّ بيت ألف ألف سرير ، في كلّ سرير ألف ألف فراش ، في كلّ فراش زوجة من الحور العين ، في كلّ بيت ألف ألف مائدة ، في كلّ مائدة ألف ألف قصعة ، في كلّ قصة مائة ألف ألف لون ومن الخدم ، على كلّ مائدة ألف ألف وصيف ، ومائة ألف ألف وصيفة ، على عاتق كلّ وصيف ووصيفة منديل ، قال وهب بن منبّه : صمّت أذناي إن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس (1).

ومن ذلك ما رويناه أيضا في كتاب دستور المذكّرين بإسناده المتّصل عن أبي أمامة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صلّى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، ويسلّم بين كلّ ركعتين ، فإذا فرغ من جميع صلاته قال : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - سبعين مرّة.

قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صلّى هذه الصلاة من الرجال والنساء ملأ اللّه قبره إذا مات مسكا وعنبراً ، ويدخل إلى قبره في كلّ يوم نور إلى أن ينفخ في الصور ، وتوضع له مائدة منها نعيم يتناعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن

ص: 46


1- 1. عنه الوسائل 8 : 181 ، البحار 98 : 337.

ينفخ في الصور ، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم الاّ من صلّى هذه الصلاة ، وليس أحد يخرج من قبره إلاّ أبيض الشعر إلاّ من صلّى هذه الصّلاة.

والّذي بعثني بالحقِّ إنّه من صلّى هذه الصلاة ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ ينظر إليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته إلى أن ينفخ في الصور ، فإذا نفخ في الصّور يخرج من قبره كهيئته إلى الجنان كما يزفُّ العروس إلى زوجها - ثمّ ذكر تمام الحديث في تعظيم يوم عاشوراء وعمل الخير فيه ، وقد قصدنا ما يتعلق بليلة عاشوراء (1).

وقد ذكرنا فيما تقدّم من اعتمادنا في مثل هذه الأحاديث على ما رويناه عن الصادق عليه السلام أنّه : من بلغه شيء من الخير فعمل كان له ذلك ، وإن لم يكن الأمر كما بلغه.

ومن ذلك ما رأيناه في بعض كتب العبادات عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله أنّه قال : من صلّى مائة ركعة ليلة عاشوراء يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، ويسلّم بين كلِّ ركعتين ، فإذا فرغ من جميع صلاته قال : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ سبعين مرة - وذكر من الثواب والإقبال ما يبلغه كثير من الامال والأعمال ، ويطول به شرح المقال (2).

ومن الصّلوات يوم عاشوراء في رواية أخرى عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنّه قال : يصلي ليلة عاشوراء أربع ركعات في كلّ ركعة الحمد مرّة ، وَ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمسون مرّة ، فإذا سلّمت من الرّابعة فأكثر ذكر اللّه تعالى ، والصّلاة على رسوله ، واللعن لأعدائهم ما استطعت (3).

ص: 47


1- 1. عنه صدره الوسائل 8 : 181 ، البحار 98 : 337.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 181 ، البحار 98 : 338.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 182 ، البحار 98 : 338.

ومن الصلوات والدَّعوات ليلة عاشوراء ما ذكره صاحب المختصر من المنتخب فقال ما هذا لفظه : الدُّعاء في ليلة عاشوراء أن يصلّي عشر ركعات ، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة واحدة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة.

وقد روي أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، فإذا فرغت منهنّ وسلّمت تقول : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، مائة مرّة ، وقد روي سبعين مرّة وأَسْتَغْفِرُ اللّهَ مائة مرّة ، وقد روي سبعين مرّة ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ مائة مرّة ، وقد روي سبعين مرَّة.

وتقول دعاء فيه فضل عظيم ، وهو ثابت في كتاب الرّياض : اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْوَضِيئَةِ الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ الْكَبِيرَةِ الْكَثِيرَةِ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْعَزِيزَةِ الْمَنِيعَةِ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْكامِلَةِ التّامَّةِ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْمَشْهُورَةِ الْمَشْهُودَةِ لَدَيْكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَتَسَمّى بِها غَيْرُكَ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا تُرامُ وَلا تَزُولُ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما تَعْلَمُ أَنَّهُ لَكَ رِضا مِنْ أَسْمائِكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي سَجَدَ لَها كُلُّ شَيْءٍ دُونَكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي لا يَعْدِلُها عِلْمٌ وَلا قُدْسٌ وَلا شَرَفٌ وَلا وِقارٌ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِما عاهَدْتَ أَوْفَي الْعَهْدِ أَنْ تُجِيبَ سائِلَكَ بِها يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي أَنْتَ لَها أَهْلٌ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَقُولُ لِسائِلِها وَذاكِرِها : سَلْ ما شِئْتَ فَقَدْ وَجَبْتُ لَكَ الإِجابَةَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ

ص: 48

يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ ، يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِجُمْلَةِ ما خَلَقْتَ مِنَ الْمَسائِلِ الَّتِي لا يَقْوى بِحَمْلِها شَيْءٌ دُونَكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَعْلاها عُلُوّاً ، وَأَرْفَعِها رَفْعَةً ، وَأَسْناها ذِكْراً ، وَأَسْطَعِها نُوراً ، وَأَسْرَعِها نَجاحاً ، وَأَقْرَبِها إِجابَةً ، وَأَتَمِّها تَماماً ، وَأَكْمَلِها كَمالاً ، وَكُلُّ مَسائِلِكَ عَظِيمَةٌ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِما لا يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَلَ بِهِ غَيْرُكَ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْقُدْسِ وَالْجَلالِ ، وَالْكِبْرِياءِ وَالشَّرَفِ وَالنُّورِ ، وَالرَّحْمَةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَالإِشْرافِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالْجُودِ ، وَالْعَظَمَةِ وَالْمَدْحِ وَالْعِزِّ ، وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالرَّواجِ ، وَالْمَسائِلِ الَّتِي بِها تُعْطِي مَنْ تُرِيدُ وَبِها تُبْدِئُ وَتُعِيدُ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الْعالِيَةِ الْبَيِّنَةِ الْمَحْجُوبَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ دُونَكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْمَخْصُوصَةِ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْجَلِيلَةِ الْكَرِيمَةِ الْحَسَنَةِ يا جَلِيلُ يا جَمِيلُ يا اللّهُ ، يا عَظِيمُ يا عَزِيزُ ، يا كَرِيمُ يا فَرْدُ يا وِتْرُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ.

أَسْأَلُكَ بِمُنْتَهى أَسْمائِكَ الَّتِي مَحَلُّها فِي نَفْسِكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما سَمَّيْتَهُ بِهِ نَفْسَكَ مِمَّا لَمْ يُسَمِّكَ بِهِ أَحَدٌ غَيْرُكَ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِما لا يُرى مِنْ أَسْمائِكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِما لا يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِما نَسَبْتَ إِلَيْهِ نَفْسَكَ مِمَّا تُحِبُّهُ يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِجُمْلَةِ مَسائِلِكَ الْكِبْرِياءِ ، وَبِكُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجَدْتُها حَتّى يَنْتَهِيَ إِلَى الاسْمِ الْأَعْظَمِ يا اللّهُ.

وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها يا اللّهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ وَجَدْتُهُ حَتّى يَنْتَهِي إِلَى الاسْمِ الاعْظَمِ الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ الْعَلِيِّ الْأَعْلى ، وَهُوَ اسْمُكَ الْكامِلُ الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلى جَمِيعِ ما تُسَمّى بِهِ نَفْسَكَ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا اللّهُ يا اللّهُ ، يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، أَدْعُوكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْماءِ وَتَفْسِيرِها ، فَإِنَّهُ لا يَعْلَمُ تَفْسِيرَها أَحَدٌ غَيْرُكَ يا اللّهُ.

ص: 49

وَأَسْأَلُكَ بِما لا أَعْلَمُ وَلَوْ عَلِمْتُهُ سَأَلْتُكَ بِهِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي ، وَتَقْضِيَ لِي جَمِيعَ حَوائِجِي ، وَتُبَلِّغِنِي آمالِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحابِّي ، وَتُيَسِّرَ لِي مُرادِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، وَتَرْزُقَنِي رِزْقاً واسِعاً ، وَتُفَرِّجَ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

فصل (8): فيما نذكره من فضل المبيت عند الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء وفضل زيارته فيها

روينا ذلك بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن جابر الجعفي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من بات عند قبر الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء ، لقي اللّه يوم القيامة ملطّخاً بدمه ، وكأنّما قتل معه في عرصة كربلاء (2).

وقال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعيّة : وروي انّ من زاره عليه السلام وبات عنده في ليلة عاشوراء حتى يصبح ، حشره اللّه تعالى ملطّخاً بدم الحسين عليه السلام في جملة الشهداء معه عليه السلام (3).

فصل (9): فيما نذكره من صوم يوم عاشوراء وفضله والدعاء فيه

اعلم انّ الروايات وردت متظافرات في تحريم صوم يوم عاشوراء على وجه الشماتات ، وذلك معلوم من أهل الديانات ، فانّ الشماتة يكسر حرمة اللّه جلّ جلاله

ص: 50


1- 1. عنه البحار 98 : 338 - 340.
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 771 ، عنه البحار 98 : 340 ، 101 : 103 ، كامل الزيارات : 173 ، مستدرك الوسائل 2 : 211 ، المزار الكبير : 143 ، المزار للمفيد : 59 ، الوسائل 10 : 372 ، مصباح الكفعمي : 482 ، مسار الشيعة : 25.
3- 3. عنه البحار 98 : 340 ، 101 : 103.

وردّ مراسمه وهتك حرمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهدم معالمه ، وعكس أحكام الإسلام وإبطال مواسمه ، ما يشمت بها ويفرح لها ، الاّ من يكون عقله وقلبه ونفسه ودينه قد ماتت بالعمى والضلالة ، وشهدت عليه بالكفر والجهالة ، ووردت أخبار كثيرة بالحثّ على صيامه.

منها : ما رويناه بإسنادنا عن عليِّ بن فضال ، بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : استوت السّفينة يوم عاشوراء على الجودي ، فأمر نوح من معه من الجنّ والإنس أن يصوموا ذلك اليوم.

وقال أبو جعفر عليه السلام : أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الّذي تاب اللّه عزّ وجلّ فيه على آدم عليه السلام وحوّاء ، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى فرعون ، وهذا اليوم الّذي فلق اللّه فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه ، وهذا اليوم الّذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام ، وهذا اليوم الّذي تاب اللّه فيه على قوم يونس ، وهذا اليوم الّذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السلام ، وهذا اليوم الّذي يقوم فيه القائم عليه السلام (1).

ومنها بإسنادنا إلى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أبيه أنَّ علياً عليه السلام قال : صوموا من عاشوراء التاسع والعاشر فإنه يكفّر ذنوب سنة (2).

أقول : ورأيت من طريقهم في المجلّد الثّالث من تاريخ النيشابوري للحاكم في ترجمة نصر بن عبد اللّه النيشابوري بإسناده إلى سعيد بن المسيّب عن سعد أنّ النبيّ صلى اللّه عليه وآله لم يصم عاشوراء.

وأمّا الدّعاء فيه : فقد ذكر صاحب كتاب المختصر من المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : تصبح يوم عاشوراء صائما وتقول :

ص: 51


1- 1. عنه البحار 98 : 340.
2- 2. عنه البحار 98 : 340.

سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، سُبْحانَ اللّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَأَطْرافَ النَّهارِ ، سُبْحانَ اللّهِ بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، ( فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) ، ( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ. )

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَزِنَةَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَضْعافَ ذلِكَ أَضْعافاً مُضاعَفَةً أَبَداً سَرْمَداً كَما يَنْبَغِي لِعَظَمَتِهِ.

سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ ، سُبْحانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ ، سُبْحانَ الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتَ ، سُبْحانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ، سُبْحانَ الْقائِمِ الدَّائِمِ ، سُبْحانَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، سُبْحانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلى ، سُبْحانَهُ وَتَعالى ، سُبْحانَ اللّهِ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ فِي مِنَّةٍ وَنِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ فَأَتْمِمْ عَلَيَّ نَعْمَتَكَ يا اللّهُ ، وَمَنَّكَ وَعافِيَتَكَ وَارْزُقْنِي شُكْرَكَ ، اللّهُمَّ بِنُورِ وَجْهِكَ اهْتَدَيْتُ ، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْتُ ، وَبِنِعْمَتِكَ أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ.

أُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَأُشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ وَسَمائِكَ وَأَرْضِكَ ، وَجَنَّتَكَ وَنارَكَ ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَنَّ ما دُونَ عَرْشِكَ إِلى قَرارِ أَرْضِكَ مِنْ مَعْبُودٍ دُونَكَ باطِلٌ مُضْمَحِلٌّ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّكَ باعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، اللّهُمَّ فَاكْتُبْ شَهادَتِي هذِهِ عِنْدَكَ حَتّى أَلْقاكَ بِها ، وَقَدْ رَضِيتَ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 52

اللّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً تَضَعَ لَكَ السَّماءُ كَنَفَيْها ، وَتُسَبِّحُ لَكَ الْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها ، حَمْداً يَصْعَدُ وَلا يَنْفَدُ ، حَمْداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ ، حَمْداً سَرْمَداً لا انْقِطاعَ لَهُ وَلا نَفادَ ، حَمْداً يَصْعَدُ أَوَّلُهُ وَلا يَفْنى آخِرُهُ.

وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَيَّ وَفَوْقِي وَمَعِي وَأَمامِي وَقِبَلِي وَلَدَيَّ ، وَإِذا مِتُّ وَفَنَيْتُ وَبَقيتَ يا مَوْلايَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ بِجَمِيعِ مَحامِدِكَ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نَعْمائِكَ كُلِّها ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي كُلِّ عِرْقٍ ساكِنٍ وَفِي كُلِّ أَكْلَةٍ وَشَرْبَةٍ وَلِباسٍ وَقُوَّةٍ وَبَطْشٍ وَعَلى مَوْضِعِ كُلِّ شَعْرَةٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ ، وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ ، وَبِيَدِكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ، عَلانِيَتُهُ وَسِرُّهُ ، وَأَنْتَ مُنْتَهىَ الشَّأْنِ كُلِّهِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ يا باعِثَ الْحَمْدِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ يا وارِثَ الْحَمْدِ ، وَبَدِيعَ الْحَمْدِ ، وَمُنْتَهَى الْحَمْدِ ، وَمُبْدِئ الْحَمْدِ ، وَوَفِيَّ الْعَهْدِ ، صادِقَ الْوَعْدِ ، عَزِيزَ الْجُنْدِ ، وَقَدِيمَ الْمَجْدِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ رَفِيعَ الدَّرَجاتِ ، مُجِيبَ الدَّعَواتِ ، مُنْزِلَ الآياتِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ ، مُخْرِجَ مَنْ فِي الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ، مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ حَسَناتٍ ، وَجاعِلَ الْحَسَناتِ دَرَجاتٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ غافِرَ الذَّنْبِ وَقابِلَ التَّوْبِ شَدِيدَ الْعِقابِ ذَا الطَّوْلِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَفِي النَّهارِ إِذا تَجَلّى ، وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الاخِرَةِ وَالأُولى.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّماءِ وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ كُلِّ مَلَكٍ فِي السَّماءِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ كُلِّ قَطْرَةٍ فِي الْبَحْرِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ أَوْراقِ الْأَشْجارِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ الْجِنِّ وَالانْسِ ، وَعَدَدَ الثَّرى وَالْبَهائِمِ وَالسِّباعِ وَالطَّيْرِ.

وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما فِي جَوْفِ الْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما عَلى وَجْهِ

ص: 53

الْأَرْضِ. وَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما أَحْصى كِتابُكَ وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَزِنَةَ عَرْشِكَ ، حَمْداً كَثِيراً مُبارَكاً فِيهِ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما تَقُولُ ، وَعَدَدَ ما تَعْلَمُ ، وَعَدَدَ ما يَعْمَلُ خَلْقُكَ كُلُّهُمْ ، الأَوَّلُونَ وَالاخِرُونَ ، وَزِنَةَ ذلِكَ كُلِّهِ وَعَدَدَ ما سَمَّيْنا كُلِّهِ إِذا مِتْنا وَفَنَيْنا ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

تقول :

أَسْتَغْفِرُ اللّهَ - عَشر مرّات ، يا اللّهُ يا اللّهُ - عشر مرّات ، يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ - عشر مرّات ، يا رَحِيمُ يا رَحِيمُ - عشر مرّات ، حَنّانُ يا مَنّانُ - عشر مرّات ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ - عشر مرّات.

وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - عشر مرّات ، آمِينَ آمِينَ - عشر مرّات ، بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، عشر مرات ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عشر مرّات.

ثمَّ تقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ ، وَرَجائِي فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ (1) ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الْقَرِيبُ وَيَشْمُتُ فِيهِ الْعَدُوُّ.

أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إِلَيْكَ ، رَغْبَةً فِيهِ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ ، فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَنِيهِ (2) ، فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَصاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ ، فَلَكَ الْحَمْدُ كَثِيراً وَلَكَ الْمَنُّ فاضِلاً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَسَهِّلْ لِي مِحْنَتِي ، وَيَسِّرْ لِي إِرادَتِي ، وَبَلِّغْنِي امْنِيَّتِي ، وَأَوْصِلْنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، وَاقْضِ عَنِّي

ص: 54


1- 1. شدة ( خ ل ).
2- 2. كفيته ( خ ل ).

دَيْنِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

فصل (10): فيما نذكره من وصف أهوال يوم عاشوراء

يا له من يوم كسفت فيه شموس الإسلام والمسلمين ، وخسفت به بدور الطاهرين ، ورجفت فيه اقدام أهل اليقين ، وطأطأ الإسلام رأسه ذلًّا وجزعا بلسان الحال من تلك الأهوال ، وناح لسان حال الشرائع والأحكام ، وكاد ان يموت ضوء النّهار ويحيى أموات الظلام ، وبهتت العقول السليمة وعادت (2) لعزلها عن ولايتها ، وشقّت جيوب القلوب المستقيمة لغلبتها على امارتها ، وتبرّأت الباب المحاربين لذريّة سيد المرسلين من أَصحابها ، وشكت إلى اللّه جلّ جلاله على مصابها.

وعقدت ألوية العار على كلّ عاذر وخاذل ، ووسمت جباه الشامتين باستحقاق كلّ هول هائل وخطب شامل ، وأشرف الملائكة والأنبياء والمرسلين ومحمد صلوات اللّه وسلامه عليه وعترته المظلومون ، من مناظر التّعجب يطلعون ويسترجعون ممّا قد بلغت الحال إليه ، وعجزت القوّة البشرية عن احتمال ما أقدم الأعداء عليه.

وقال لسان حال الرسول الداعي لكل سامع وواع ، السّاعين إلى سفك دمه الشريف بسوء المساعي : إذا لم تجازونا على الإحسان ، ولم تعترفوا لنا بحقّ العتق من الهوان ومن عذاب النيران ، ولم تذكروا لنا بسط أيديكم على ملوك الأزمان ، وما فتحنا عليكم من أبواب الرضوان والجنان ، فارجعوا معنا إلى حكم المروّة والحباء وعوائد الكرم في الجاهلية الجهلاء أوّلاً ، فلا تكونوا لنا ولا علينا ، فما الّذي حملكم على العداوة لنا والاقدام على القتل لنا والتشفّي بالإساءة إلينا.

فناداه لسان حال الشفقة على قلبه المصدود : القوم أموات ولست بمسمع من في القبور.

ص: 55


1- 1. عنه البحار 98 : 341 - 343.
2- 2. عاودت ( خ ل ).

وكشف له عن التشريف لأهله بذلك التّكليف ومن عذاب الأعداء بدوام الشقاء ، وعن أسرار انّ أهلك أعزّ علينا منهم عليك ، والّذي قد جرى بمحضرنا ونحن اقدر على الانتقام ، وسوف يحضر الجميع بين يديك وتحكم في كل مسيء إلى ذرّيتك وإليك ، وانّ ولايتك على الأشرار كولايتك على الأبرار ، وأنت المنتقم لنا ، ولك بمهما شئت من الاقتدار والبوار ، ولا نرضى إذا غضبت ولا نقبل على أحد إذا عرضت ، وما كان هذا التمكين للأشرار عن هوان الأبرار ، ولكن الموت وارد على أهل الوجود لإكرام أهل السعود والانتقام من ذوي الجحود.

فأكرمنا نفوس خاصتك وذريتك ان يبذلوها في غير إعزاز ديننا العزيز علينا ، وان يهدوها الاّ إلينا ، وأردنا ان يعرضوها في ديوان المحامات عن حمى ملكنا الباهر وسلطاننا القاهر.

فحاز ذرّيّتك وخاصّتك لنا بما يفرّط عليهم ، وكان ذلك تشريفا لهم وإقبالاً منّا عليهم ، ولو لم يجودوا لنا بالنّفوس وبذل الرءوس لأفناها الموت الحاكم بالزّوال ، وفاتها ما ظفرت به من الإقبال ونهايات الآمال ، وانّ عندنا أعظم مما عندك مما أقدم عليه الفجار ، « فَلا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ » (1).

فصل (11): فيما نذكره من عمل يوم عاشوراء

فمن مهمّات يوم عاشوراء عند الأولياء ، المشاركة للملائكة والأنبياء والأوصياء في العزاء ، لأجل ما ذهب من الحرمات الإلهيّة ودرس من المقامات النبويّة ، وما دخل ويدخل على الإسلام بذلك العدوان من الذل والهوان ، وظهور دولة إبليس وجنوده على دولة اللّه جلّ جلاله وخواصّ عبيده.

فيجلس الإنسان في العزاء لقراءة ما جرى على ذريّة سيد الأنبياء صلوات اللّه جلّ

ص: 56


1- 1. إبراهيم : 42.

جلاله عليه وعليهم ، وذكر المصائب التي تجدّدت بسفك دمائهم والإساءة إليهم ، ويقرء كتابنا الذي سمّيناه بكتاب اللّهوف على قتلي الطفوف.

وان لم يجده قرأ ما نذكره هاهنا ، فانّنا حيث ذكرنا يوم عاشوراء ووظائفه من الأعمال والأقوال ، فيحسن ان نذكر ما جرى فيه من وصف الإقبال والقتال ، ونسمّيه : « كتاب اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف » ، فنقول :

بسم اللّه الرحمن الرحيم

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس :

اللّهم انّنا نقرأ هذا المقتل عليك ، ونرفع هذه المظلمة إليك ، فلا تمنعنا فيها من قصاص عدلك ، وما وعدت المظلومين من ذخائر فضلك ، ثمّ تنادي إلى العقول والقلوب والنفوس والأرواح ، والنّوادب من أهل النوادب من أهل المصائب في الغدو والرّواح :

هلمّوا واسمعوا ما جرى على ابن خير الورى ، وارفعوا أصواتكم بالندب على ملوك أئمة القرى واسبلوا العيون بالدموع عن الكرى (1) ، واذكروا ان اللّه جلّ جلاله رأى عباده على ضلال قد فضحهم بين الأنام ، وحال بينهم وبين العقول والأحلام بعبادة (2) الأحجار والأصنام ، وقد صاروا مستحقين بذلك الاستئصال والاصطلام (3).

فينبغي لسان الحال شفقة محمدٍ رسوله صلوات اللّه عليه في الشفاعة إلى حلمه جلّ جلاله وعفوه ورحمته ، ان لا يستأصلهم بما يستحقّونه من نقمته ، وان يبعثه رسولا إليهم ليخلّصهم مما قد أشرف عليه من الهلاك والاستئصال وسترهم من فضائح الضلال.

فقبل اللّه جلّ جلاله لسان حال شفاعته واستعطافه ، وبعثه إليهم رسولا بألطافه ، فلم يزل يرفق بهم ويشفق عليهم حتّى غسل سواد أوصافهم بسحائب كمال أوصافه ، وأقامهم عن العكوف على تلك الفضائح والقبائح بتكرار النصائح وإظهار المصالح ،

ص: 57


1- 1. الكرى : الكثير من الشيء.
2- 2. وعبادة ( خ ل ).
3- 3. اصطلام : الإهلاك الكلي والإذهاب من الأصل.

فعاشوا من موت الجهل وظفروا بفوائد العقل والنقل.

ثمّ دعاه اللّه جلّ جلاله إلى لقائه وخلّف فيهم نور اهتدائه من يقوم لهم مقامه بعد انتقاله إلى دار بقائه ، ويحفظ عليهم شريعته وأحكامه ، فخذلوا القائم مقامه ، حتى انتقل اليه مقتولا مظلوما ، واختلفوا على من قام مقامه ثانياً ، حتّى مضى إلى ربّه مقتولاً مسموما.

ثم بقي فيهم الثالث فعرّفهم انه سيّد شباب أهل الجنّة ، وشرّفهم بما لله جلّ جلاله ولرسوله عليه السلام عليهم في ذلك من المنّة ، وكان جواب اللّه جلّ جلاله منهم على ذلك الانعام وجزاء محمد صلوات اللّه عليه على الشفاعة فيهم والقيام بهم والاهتمام ، انّهم كاتبوه وأخرجوه من أوطانه وأخافوه بعد امانه ، واتّخذوا الدعاة إلى أصنامهم ، والّذين كانوا من أسباب استحقاق اصطلامهم ، ائمّة لضلالهم وقادة إلى دار هلاكهم ووبالهم.

وشرعوا إلى عداوة الداعي لهم إلى السلامة والهادي إلى دار الكرامة ودوام الإقامة ، وأقبلوا مع عدوّ اللّه وعدوّهم يريدون قتل ابن بنت رسولهم ونبيّهم ، وهم يعلمون انّه قطعة من لحم جسده وبضعة من فؤاده وكبده.

فادّكرهم صلوات اللّه عليه بالحقوق السّالفة والحاضرة ، وما لله جلّ جلاله بجدّة وأبيه وبه ، من النعم الباطنة والظاهرة ، فعادوا إلى العمى الّذي كانوا عليه ولم يلتفتوا إليه ، فسألهم أن يتركوه حيّاً للدنيا كسائر الأحياء والاّ يكونوا له ولا عليه في نصرة الأعداء ، فأبوا الاّ ان يبيحوا ما حماه اللّه جلّ جلاله من محارمه ، ويسعوا في سفك دمه. فغضب اللّه جلّ جلاله عليهم ، فدعاه إلى شرف السعادة بالشهادة ، وان يتركهم وما اختاروه من ضلال الإرادة.

فأسرعوا وسعوا إلى حمى اللّه جلّ جلاله ليهتكوه ، وإلى دم رسوله الجاري في أعضاء ولده ليسفكوه ، وأقدموا على نائب اللّه جلّ جلاله فيهم لمّا دعاهم لما يحييهم ، يريدون قتله عمداً ويأتون ما يكاد السَّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّاً.

وأدركت السعادة قوما ليحولوا بينهم وبين ما أقدموا عليه ، وغضبوا لله جلّ جلاله لما

ص: 58

عرفوا انه قد غضب لأجل ما انتهت الحال إليه ، فدعاهم القوم إلى ترك القتال والعدول عن الضلال ، وحذّروهم من عذاب الدّنيا والآخرة ، وذكّروهم ما لله جلّ جلاله عليهم بمحمّد رسوله صلوات اللّه عليه من الحقوق الباهرة.

فبدءوا بقتل القوم الذين غضبوا لله واتّفقوا على هدم أركان الملّة ، فلم يبق ملك ولا رسول ولا عبد له عند اللّه مقام وقبول الاّ وغضبوا مع اللّه جلّ جلاله لتلك الحال ، واستعظموا ما بلغ إليه الأمر من الأهوال ، ووقفوا على طريق الشهادة والقبول ، يتلقّون روح نائب اللّه جلّ جلاله وابن الرّسول ، وحضرت روح محمّد وروح علي وفاطمة البتول وروح ابنها الحسن المسموم المقتول ، يشاهد ما يجري على مهجة فؤادهم وقطعة أكبادهم ، يندبون بلسان حالهم ويستغيثون لقتالهم.

وكلّما رفع رأس من رءوس أهل الشهادة كشف بلسان الحال لتلك الرءوس رءوس أهل السعادة مواساة في البلاء في مجلس العزاء ، وكلّما مزّقت ثياب أهل الجهاد مزّقت ثياب الإباء والأجداد ، وكلّما رمّل (1) وجه من تلك الوجوه العزيزة بالرمال رمّلت لذلك وجوه أهل الإقبال ، وكلّما هتكت حرمة اللّه والرسول بكى لسان حال الإسلام وذوي العقول.

حتّى فزع أهل الضلال من قتل الأحبّة والملوك ، الّذين فرّجوا عنهم وعن سلفهم كلّ كربة ، وقصدوا لقتل ذريّة محمّد صلوات اللّه عليه وأولاده ، فخرجوا إليهم صلوات اللّه عليهم ، مشتاقين إلى لقاء اللّه جلّ جلاله وما دعاهم إليه من جهاده واتّباع مراده ، فحاموا عن دينه الّذي شرع أهل الضلال في زواله ، وبذلوا نفوسهم في حفظ ناموسه وإقباله ، واستبدلوا دوام السعادة والبقاء بقتال أهل الشقاء.

حتّى قتل المجاهدون من الأكابر والأصاغر ، وارتجّت فيها السماوات والأرضون لذلك الضلال الحاضر ، فبقي مولانا الحسين صلوات اللّه عليه والحرم والأطفال الّذين بين يديه ، فلم ينظروا الاّ لتلك الوحدة والكسرة ونفوس من بقي من العترة ، وأقبلوا

ص: 59


1- 1. رمّل الثوب بالدم : لطّخه.

يهجمون على الحرم والأطفال بالقتال والاستئصال ، وهو صلوات اللّه عليه مع ما جرت الحال عليه يدعوهم إلى اللّه جلّ جلاله ، ويحذّرهم من القدوم عليه ، ويذكّرهم بلقاء جدّه لهم يوم القيامة صلوات اللّه عليه ، وعقولهم قد هربت بلسان الحال منهم ، وقلوبهم قد ماتت بسيف الضّلال الذي يصدر عنهم.

فلم يرحموا حرمة لوحدتها ولا أسره لضعف قوّتها ، ولم يقفوا موقف مروّةٍ ولا حياء ولا اخوّة ولا وفاء ، وقصدوا نحو الحسين عليه السلام يقتلونه وحيداً فريداً من الأنصار قتل أهل العداواة ، ولا يستحيون من وحدته وانفراده وضعف جلده (1) عن الّذي يريده من جهاده ، فرموه بسهامهم وسعوا إلى سفك دمه بأقدامهم.

وكاد لسان حال سيد الأنبياء وفاطمة الزهراء وابنها الحسن المسموم بيد الأعداء ، ان يعجزوا عن احتمال ذلك البلاء والابتلاء ، وشقّقت الجيوب وبكت العيون ، وقال لسان تلك الأهوال : ان هذا لهو البلاء المبين ، واشتغلت عقول الأبرار وقلوب الأطهار في الجلوس على بساط العزاء واجتماع أرواح الأنبياء والأولياء واقامة سنن المصائب والمأتم وما يليق بتلك النوائب والعظائم.

فلم يزل أهل الضّلال على قدم التهوين باللّه وبرسول اللّه وبوليّ اللّه ونائب اللّه وابن نبيّ اللّه وحجة اللّه ، حتى أثخنوه (2) ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح ورمياً بالسهام وجهداً بإقدام بعد اقدام ، حتّى سمحت جواهر وجوده بمفارقة روحه ولقاء مالك سعوده.

فرماه الطّغاة عن فرسه إلى التراب على خدّه العزيز العزيز عند ربّ الأرباب العزيز العزيز ، عند جدّه محمّد مالك ملوك ذوي الألباب العزيز العزيز ، على أبيه الّذي أقامهم على منابر الإسلام ووطّأ لهم مواطئ الاقدام العزيز العزيز ، على أمّه فاطمة سيّدة نساء العالمين العزيز العزيز ، على أخيه الحسن سيد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين العزيز العزيز ، على الأنبياء والمرسلين وعباد اللّه الصالحين ، فوضع بلسان الحال كلّ عبد من أهل الإقبال خدودهم على تراب المواساة ، وندبوا وبكوا واستغاثوا لقتل أهل النّجاة

ص: 60


1- 1. الجلد : القوة.
2- 2. ثخن في العدو : بالغ وغلظ في قتلهم.

واتباع روح الحياة.

وابتدر (1) القوم إلى رأس طال ما قبّله محمد صلوات اللّه عليه وعظّمه ، يريدون ان يسفكوا بسيف ضلالهم دمه ، فذلّت رقاب الكتب المنزلة لهتك حرمتها وأعولت شرائع الدين بسفك دماء أئمّتها ، واشتدّ غضب اللّه جلّ جلاله وملائكته وأنبيائه وخاصّته عليهم ، وقدّم لهم من إنزال العذاب عليهم انّه سلبهما الألطاف وتركهم صمّاً وعمياً وبكما ، ونادى : يا أهل الأسماع ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي ) (2) ( لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ) (3).

فتقدّموا وأقدموا على التفريق بين رأس عظيم وجسد كريم يعزّ على اللّه وعلى رسوله وعلى خاصّته ان يقدم أحد من الخلائق على كسر حرمته وذهاب مهجته ، فمدّوا إليه يداً آباؤه الطاهرون بسطوها بعد الانقباض ، وأزالوا عنها يد ملوك الدنيا حتّى بلغوا لها نهايات الأغراض ، وجعلوا على نحره الشريف سيفا كان لجدّه وأبيه وله ، وفي أيديهم عارية مضمونة ، فسفكوا به دماء مصونة.

فكاد الإسلام ان يموت بمماته ، وكلّ ذي روح يختار الفناء لزوال حياته ، فتلقى روحه محمّد جدّه وأبوه وأمّه واخوه صلوات اللّه عليهم ، وقد ارحقها تعب الجهاد ، وأتعبها مقاساة أهل الفساد والعناد.

ففرش اللّه جلّ جلاله له فراش العنايات ، وبسط لها جدّه محمد صلوات اللّه عليه وآله بساط الكرامات ، واجتمعت أرواح الملإ الأعلى ، فمن بين معزّ لسيّد الأنبياء وباك لهذا الابتلاء ، وبين راحم للحرم الضعيفات ، ومتأسف على هتك الحرمات ودروس (4) الآيات والدّلالات ، وشرع الأعداء في نهب بنات الرسول وحرم البتول ، ينزعون عنهنّ ملاحفهنّ وارديتهنّ ومقانعهنّ واستارهن.

ص: 61


1- 1. ابتدر القوم أمراً : بادر بعضهم بعضا إليه أيهم يسبق إليه.
2- 2. الإملاء : الإمهال.
3- 3. آل عمران : 178.
4- 4. درس الشيء : ذهب أثره.

فعجز لسان الوجدان عن احتمال ذلك العدوان والطغيان ، وقامت قيامة العدل وسالت تعجيل يوم الفصل ، ونُكّست (1) اعلام الإسلام ، وأظلمت أَنوار الشرائع والأحكام ، وغضب لسان حال المصحف الكريم ، واعرض عن الإقبال على أهل الفعال الذميم.

حتّى فزعوا من نهب السبايا وجعلوهم في إسراء الرزايا وقالوا : لا بدّ من ان يداس (2) ظهر النبوة والرسالة ، ويهان مقام الكرامة والجلالة ، بأن توطئ حوافر الخيل لذلك الظهر المعظّم ، وبلغوا من الإلحاد ما لم يعرف قبله فيما تقدم ، فوطئوا ظهراً كان لهم ظهراً ونصراً عند الملك الأرحم والمالك الأعظم ، وَتركوا تلك الأجساد عارية والأعضاء على التّراب بادية ، وكم لتلك الأجساد والأعضاء من يد عليهم بخاتم الأنبياء وبما اسبقوا عليهم من النعماء.

وحملوا رءوساً طالما رفعت رءوس كلّ مسلم بعد وضعها ، ووصلت الأسباب بينهم وبين اللّه بعد قطعها ، وجعلوها على رماح يبكي لسان حالها من حملهم عليها ، ويتطأطأ لهم رءوس تلك الرمال ، وتقبل الأرض بين يديها ، وتعتذر بلسان حالها أنّها مقهورة على هذا الاعتداء بيد الأعداء ، وتقول : طالما حملتموني بيد التكريم وسلكتم بي الصراط المستقيم ، فانّ اليوم أحملكم لئلاّ تكونوا على التراب ، وارفعكم عن انّ تنالكم يد بقايا الأحزاب ، فطافت الملائكة بذاك الرأس الكريم حتّى صار في موكب عظيم من التّعظيم ، وساروا بالحرم والنساء والصبيان على مطايا الكسر والذلّ والهوان.

فهل من باك يندب (3) على الإسلام والايمان ، وهل من مواس لملوك الأزمان ، وهل من شاكّ لكفران الإحسان ، وهل من معين على النياحة (4) والعويل ، وهل من جواد بالدّمع على القتيل ، وكيف يغني شقّ الجيوب عن شقّ القلوب لسفك دماء الأحبّة

ص: 62


1- 1. نكسّه : قلّبه على رأسه.
2- 2. دس الشيء تحت التراب وفيه : ادخله فيه وأخفاه.
3- 3. يبكي ( خ ل ).
4- 4. النياحة : البكاء الشديد مع الأنين.

بأرض الغربة وسلب مصونات الأبدان وتركها عارية بغير أكفان ، ومن ذا يتخلّف عن المساواة للملوك الهداة ، ومن يؤثّر ان يكون محمّد في مجلس العزاء مع الأنبياء والأولياء ، على مصابه بثمرة فؤاده بمخالفة مراده ، وبتلف ما جاء به من الشريعة ، وبما تجدد من الأمور الفظيعة ، ولا يشاركه في عزائه والبكاء على ذريّته وأبنائه.

وأيّ عين تبخل بدموعها المخزونة ، وأيّ قلوب لا تبكي ولا تحزن لهتك الوجوه المصونة ، وأي يد لا ترتفع نادية وشاكية ، وأي السنة لا تنطق بالواعية.

عباد اللّه تفكّروا (1) لو كان هذا قد جرى على أولادكم وأطفالكم ورجالكم وبناتكم وحرماتكم ، فانظروا ما كنتم صانعين وعاملين ، فلا يكن من يعزّ عليكم أعزّ ممّن يعزّ على سيد المرسلين ، ان كنتم تريدون ان تكونوا من أهل الوفاء لخاتم الأنبياء وان تسكنوا معه في دار البقاء ، فانّ كلّ من فارقه في مصائبه واحزانه ، كيف يرجوا ان يلقاه بإحسانه أو يسكن معه في دار رضوانه وامانه ، هيهات هيهات ان يشارك أيام الرخاء ، الاّ من واسى أيّام البلاء ، فلا يهن عندكم ما لم يهن على اللّه جلّ جلاله وخاصّته.

وكونوا رحمكم اللّه على أعظم موافقة اللّه عزّ وجلّ في غضبه لهتك حرمته ، وعلى أتمّ صفة من مشاركة رسوله صلوات اللّه عليه وآله فيما جرى عليه لسفك دماء ذريّته ، واطلبوا في اللّيل والنهار وفي الأسحار الأخذ بهذا الثأر ، والظفر بما وعد الصابرين والمجاهدين من المسارّ والمبارّ.

وأقول : أحسن اللّه عزاء محمّد صلوات اللّه عليه وعزاء كلّ من شاركه فيما جرت الحال عليه ، وأحسن عزاكم أيها الحاضرون ، وانّا لله وانّا إليه راجعون.

فصل (12): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء

اعلم انّه إذا كان المقصود بزيارة الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء بعد قتله

ص: 63


1- 1. افكروا ( خ ل ).

وانتقاله إلى الشرف الذي لا يبلغ وضعي إليه ، فينبغي ان يكون هذه الزّيارة بعد العصر من اليوم المذكور ، فانّ قتله صلوات اللّه عليه وآله كان بعد الظهر بحكم المنقول المشهور.

وقد كنّا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر زيارتين له صلوات اللّه عليه في يوم عاشوراء ، وروينا فيها فضلاً جليلا وثواباً جزيلاً ، وسنذكر هنا زيارتين ، فيهما زيادات وفي إحداهما فضل عظيم في الرّوايات ، ونقدّم امامها حديثين في فضل زيارته في يوم عاشوراء.

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي من كتابه كتاب الزيارات والفضائل بإسناده إلى محمد بن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : من زار قبر الحسين عليه السلام يوم عاشوراء عارفا بحقّه كان كمن زار اللّه عزّ وجلّ في عرشه (1).

وبإسنادنا أيضا إلى محمد بن داود بإسناده إلى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وجبت له الجنّة (2).

ومن ذلك ما رواه عبد اللّه بن حماد الأنصاري في أصله في فضل زيارة الحسين صلوات اللّه عليه وآله ، ولم يذكر عاشوراء فقال ما لفظه : عن الحسين بن أبي حمزة قال :

خرجت في آخر زمن بني أميّة وأنا أريد قبر الحسين عليه السلام ، فانتهيت إلى الغاضريّة ، حتّى إذا نام النّاس اغتسلت ، ثم أقبلت أريد القبر ، حتّى إذا كنت على باب الحائر خرج اليّ رجل جميل الوجه طيب الريح شديد بياض الثياب ، فقال : انصرف فإنّك لا تصل ، فانصرفت إلى شاطئ الفرات ، فآنست به حتّى إذا كان نصف الليل اغتسلت ، ثمّ أقبلت أريد القبر.

فلمّا انتهيت إلى باب الحائر خرج إلى الرجل بعينه فقال : يا هذا انصرف فإنّك

ص: 64


1- 1. عنه البحار 101 : 105 ، رواه في التهذيب 6 : 51 ، كامل الزيارات : 174 ، مصباح المتهجد 2 : 771 ، المزار للمفيد : 59 ، المزار الكبير : 143 ، مسار الشيعة : 25.
2- 2. عنه البحار 101 : 105 ، رواه في كامل الزيارات : 173 ، التهذيب 6 : 51 ، مصباح المتهجد 2 : 772 ، عنه مستدرك الوسائل 2 : 211 ، الوسائل 10 : 372 ، أخرجه في مصباح الكفعمي : 482.

لا تصل ، فانصرفت ، فلمّا كان آخر اللّيل اغتسلت ، ثم أقبلت أريد القبر ، فلمّا انتهيت الى باب الحائر خرج إليّ ذلك الرجل فقال : يا هذا انك لا تصل ، فقلت : فلم لا أصل الى ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسيّد شباب أهل الجنّة ، وقد جئت أمْشي من الكوفة ، وهي ليلة الجمعة ، وأخاف ان أصبح هاهنا وتقتلني مصلحة بني أميّة (1) ، فقال : انصرف فإنّك لا تصل ، فقلت : ولم لا أصل ، فقال : انّ موسى بن عمران استأذن ربّه في زيارة قبر الحسين عليه السلام فأذن له فأتاه ، وهو في سبعين ألف فانصرف ، فإذا عرجوا الى السماء فتعال.

فانصرفت وجئت إلى شاطئ الفرات ، حتّى إذا طلع الفجر اغتسلت وجئت فدخلت فلم أر عنده أحداً ، فصلّيت عنده الفجر وخرجت إلى الكوفة (2).

فصل (13): فيما نذكره من ألفاظ الزيارة المنصوص عليها يوم عاشوراء

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا الحسن بن علي الكوفي ، عن الحسن بن محمد الحضرمي ، عن عبد اللّه بن سنان قال :

دخلت على مولاي أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السلام يوم عاشوراء وهو متغيّر اللّون ودموعه تنحدر (3) على خدّيه كالّلؤلؤ ، فقلت له : يا سيّدي ممّا بكاؤك ، لا أبكى اللّه عينيك ، فقال لي : اما علمت انّ في مثل هذا اليوم أصيب الحسين عليه السلام؟ فقلت : بلى يا سيدي وانّما أتيتك مقتبس منك فيه علما ومستفيد منك لتفيدني فيه ، قال : سل عمّا بدا لك وعمّا شئت.

فقلت : ما تقول يا سيّدي في صومه؟ قال : صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوماً كاملاً ، ولكن أفطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء ، فانّ في

ص: 65


1- 1. أي جماعة يصلحون حال بني أمية.
2- 2. عنه البحار 101 : 57.
3- 3. الحدورة : سيلان العين بالدمع.

ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء (1) عن آل الرسول عليه وعليهم السلام ، وانكشفت الملحمة (2) عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا يعزّ (3) على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مصرعهم.

قال : ثم بكا بكاء شديدا حتى اخضلّت لحيته بالدّموع وقال : أتدري أيّ يوم كان ذلك اليوم؟ قلت : أنت اعلم به منّي يا مولاي ، قال :

انّ اللّه عزّ وجلّ خلق النّور يوم الجمعة في أوّل يوم من شهر رمضان ، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء ، وجعل لكلّ منهما شرعة ومنهاجا ، يا عبد اللّه بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم ان تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلّ أزرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك ، ثم تخرج إلى أرض مغفّرة حيث لا يراك أحداً وفي دارك حين يرتفع النّهار.

وتصلّي أربع ركعات تسلّم بين كلّ ركعتين ، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، وفي الثانية سورة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب ، وفي الرابعة الحمد والمنافقين.

ثمّ تسلّم وتحوّل وجهك نحو قبر أبي عبد اللّه عليه السلام وتمثّل بين يديك مصرعه ، وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك ، ثم تلعن قاتله ألف مرّة يكتب لك بكلّ لعنة ألف حسنة ، ويمحى عنك ألف سيئة ، ويرفع لك ألف درجة في الجنّة ، ثم تسعى من الموضع الذي صلّيت فيه سبع مرّات ، وأنت تقول في كلّ مرّة من سعيك : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ رِضا بِقَضاءِ اللّهِ وَتَسْلِيماً لِأَمْرِهِ - سبع مرات ، وأنت في كلّ ذلك عليك الكآبة (4) والحزن ثاكلاً (5) حزينا متأسّفا.

فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صلّيت فيه وقلت سبعين مرة :

ص: 66


1- 1. الهيجاء : الحرب.
2- 2. الملحمة : الموقعة العظيمة.
3- 3. يعزّ : يثقل.
4- 4. كأب وكآبة : كان في غم وسوء حال وانكسار من حزن.
5- 5. ثكل ابنه : فقده.

اللّهُمَّ عَذِّبِ الَّذِينَ حارَبُوا رُسُلَكَ وَشاقُّوكَ ، وَعَبَدُوا غَيْرَكَ وَاسْتَحَلُّوا مَحارِمَكَ ، وَالْعَنِ الْقادَةَ وَالأتْباعَ ، وَمَنْ كانَ مِنْهُمْ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ لَعْناً كَثِيراً.

ثم تقول :

اللّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَاسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمُنافِقِينَ وَالْكُفّارَ وَالْجاحِدِينَ ، وَامْنُنْ عَلَيْهِمْ ، وَافْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً ، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ سُلْطاناً نَصِيراً.

ثم اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك :

اللّهُمَّ إِنَّ الأُمَّةَ خالَفَتِ الْأَئِمَّةَ وَكَفَرُوا بِالْكَلِمَةِ ، وَأَقامُوا عَلَى الضَّلالَةِ وَالْكُفْرِ وَالرَّدى وَالْجَهالَةِ وَالْعمى ، وَهَجَرُوا الْكِتابَ الَّذِي أَمَرْتَ بِمَعْرِفَتِهِ ، وَالْوَصِيَّ الَّذِي أَمَرْتَ بِطاعَتِهِ ، فَأَماتُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنِ الْقِسْطِ ، وَأَضَلُّوا الأُمَّةَ عَنِ الْحَقِّ وَخالَفُوا السُّنَّةَ ، وَبَدَّلُوا الْكِتابَ وَمَلَكُوا الأَحْزابَ ، وَكَفَرُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِالْباطِلِ ، وَضَيَّعُوا الْحَقَّ وَأَضَلُّوا خَلْقَكَ ، وَقَتَلُوا أَوْلادَ نَبِيِّكَ صلى اللّه عليه وآله وَخِيَرَةَ عِبادِكَ وَأصْفِياءَكَ ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ ، وَخَزَنَةَ سِرِّكَ ، وَمَنْ جَعَلْتَهُمْ الْحُكّامَ فِي سَماواتِكَ وَأَرْضِكَ.

اللّهُمَّ فَزَلْزِلْ أَقْدامَهُمْ ، وَأَخْرِبْ دِيارَهُمْ ، وَاكْفُفْ سِلاحَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ ، وَأَلْقِ الاخْتِلافَ فِيما بَيْنَهُمْ ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الصّارِمِ (1) وَحَجَرِكَ الدَّامِغِ (2) ، وَطَمِّهِمْ (3) بِالْبَلاءِ طَمّاً ، وَارْمِهِمْ بِالْبَلاءِ رَمْياً ، وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً شَدِيداً نُكْراً ، وَارْمِهِمْ بِالْغَلاءِ ، وَخُذْهُمْ بِالسِّنِينَ الَّذِي أَخَذْتَ بِها أَعْداءَكَ ، وَأَهْلِكْهُمْ بِما أَهْلَكْتَهُمْ بِهِ ، اللّهُمَّ وَخُذْهُمْ أَخْذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَها أَلِيمٌ شَدِيدٌ.

ص: 67


1- 1. الصارم : السيف القاطع.
2- 2. دمغه : شجّه.
3- 3. طمّهم : ادفنهم.

اللّهُمَّ إِنَّ سُبُلَكَ ضائِعَةٌ ، وَأَحْكامَكَ مُعَطَّلَةٌ ، وَأَهْلَ نَبِيِّكَ فِي الارْضِ هائِمَةٌ (1) كَالْوَحْشِ السّائِمَةِ ، اللّهُمَّ أَعْلِ الْحَقَّ وَاسْتَنْقِذِ الْخَلْقَ ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِالنَّجاةِ وَاهْدِنا لِلإيمانِ ، وَعَجِّلْ فَرَجَنا بِالْقائِمِ عليه السلام ، وَاجْعَلْهُ لَنا رِدْءاً ، وَاجْعَلْنا لَهُ رِفْداً.

اللّهُمَّ وَأَهْلِكْ مَنْ جَعَلَ قَتْلَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ عِيداً ، وَاسْتَهَلَ (2) فَرَحاً وَسُرُوراً ، وَخُذْ آخِرَهُمْ بِما أَخَذْتَ بِهِ أَوَّلَهُمْ ، اللّهُمَّ اضْعِفِ الْبَلاءَ وَالْعَذابَ وَالتَّنْكِيلَ عَلَى الظَّالِمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَعَلى ظالِمِي آلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صلى اللّه عليه وآله ، وَزِدْهُمْ نَكالاً وَلَعْنَةً ، وَاهْلِكْ شِيعَتَهُمْ وَقادَتَهُمْ وَجَماعَتَهُمْ ، اللّهُمَّ ارْحَمِ الْعِتْرَةِ الضّائِعَةِ الْمَقْتُولَةِ الذَّلِيلَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبارَكَةِ.

اللّهُمَّ اعْلِ كَلِمَتَهُمْ ، وَافْلِجْ حُجَّتَهُمْ (3) ، وَثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ وَقُلُوبَ شِيعَتِهِمْ عَلى مُوالاتِهِمْ ، وَانْصُرْهُمْ وَأَعِنْهُمْ وَصَبِّرْهُمْ عَلَى الأَذى فِي جَنْبِكَ ، وَاجْعَلْ لَهُمْ أَيّاماً مَشْهُوداً وَأَيّاماً مَعْلُومَةً ، كَما ضَمِنْتَ لِأَوْلِياءِكَ فِي كِتابِكَ الْمُنْزَلِ ، فَإِنَّكَ قُلْتَ ( وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) (4).

اللّهُمَّ اعِلْ كَلِمَتَهُمْ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، فَانِّي عَبْدُكَ الْخائِفُ مِنْكَ وَالرَّاجِعُ إِلَيْكَ ، وَالسَّائِلُ لَدَيْكَ وَالْمُتَوَكِّلُ عَلَيْكَ ، وَاللاّجِئُ بِفِناءِكَ ، فَتَقَبَّلْ دُعائِي وَتَسْمَعْ نَجْوايَ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَهَدَيْتَهُ ، وَقَبِلْتَ نُسُكَهُ وَانْتَجَبْتَهُ ،

ص: 68


1- 1. هائمة : متحيرة.
2- 2. استهل وجهه : ظهر فيه السرور.
3- 3. أفلج حجته : أظهر.
4- 4. النور : 55.

بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ.

أَسْأَلُكَ يا اللّهُ بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَلاَّ تُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتذكرهم واحدا واحداً بأسمائهم إلى القائم عليه السلام - وَأَدْخِلْنِي فِيما أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ وَأَخْرِجْنِي مِمّا أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ.

ثمّ عفّر (1) خدّيك على الأرض وقل :

يا مَنْ يَحْكُمُ بِما يَشاءُ وَيَعْمَلُ ما يُرِيدُ ، أَنْتَ حَكَمْتَ فِي أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ما حَكَمْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَفَرَجَنا بِهِمْ ، فَإِنَّكَ ضَمِنْتَ إِعْزازَهُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ ، وَتَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ ، وَإِظْهارَهُمْ بَعْدَ الْخُمُولِ (2) ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَسْأَلُكَ يا إِلهِي وَسَيِّدِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ أَنْ تُبَلِّغَنِي أَمَلِي وَتَشْكُرَ قَلِيلَ عَمَلِي ، وَأَنْ تَزِيدَ فِي أَيَّامِي ، وَتُبَلِّغَنِي ذلِكَ الْمَشْهَدَ ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ دُعِيَ فَأَجابَ إِلى طاعَتِهِمْ وَمُوالاتِهِمْ ، وَأَرِنِي ذلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وارفع رأسك إلى السماء فانّ ذلك أفضل من حجة وعمرة ، واعلم انّ اللّه عزّ وجلّ يعطي من صلى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال : منها انّ اللّه تعالى يوقيه من ميتة السوء ، ولا يعاون عليه عدوا إلى ان يموت ، ويوقيه من المكاره والفقر ويؤمنه اللّه من الجنون والجذام ، ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع أعقاب ، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلاً ، قال : قلت :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ حَقِّكُمْ وَأَداءِ مَا افْتَرَضَ لَكُمْ بِرَحْمَتِهِ وَمَنِّهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (3).

ص: 69


1- 1. عفّره في التراب : مرّغه ودسّه فيه.
2- 2. خمل ذكره وصوته : خفي.
3- 3. عنه البحار 101 : 309 - 313 ، أورده في مصباح الزائر : 138 مصباح المتهجد 2 : 782 ، المزار الكبير : 158 و ...

ذكر الزيارة في يوم عاشوراء من كتاب المختصر من المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : ثمّ تتأهّب للزّيارة ، فتبدء فتغتسل وتلبس ثوبين طاهرين وتمشي حافيا إلى فوق سطحك أو فضاء من الأرض ، ثمّ تستقبل القبلة فتقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صِفْوَةِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ أَمِينِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِيسى رُوحِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللّهِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ النَّبِيِّينَ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، وَأَفْضَلِ السَّابِقِينَ ، وَسِبْطِ خاتَمِ الْمُرْسَلِينَ ، وَكَيْفَ لا تَكُونَ كَذلِكَ سَيِّدِي ، وَأَنْتَ إِمامُ الْهُدى وَحَلِيفُ (1) التُّقى وَخامِسُ أَصْحابِ الْكِسَاءِ ، رُبِّيتَ فِي حِجْرِ الإِسْلامِ وَرُضِعْتَ مِنْ ثَدْيِ الإِيمانِ ، فَطِبْتَ حَيّاً وَمَيِّتاً.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الْحَسَنِ الزَّكِيِّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْوَصِيُّ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِساحَتِكَ ، وَجاهَدْتَ فِي اللّهِ مَعَكَ ، وَشَرَتْ نَفْسَها ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ فِيكَ ، السَّلامُ عَلَى الْمَلائِكَةِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ.

اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلى اللّه عليه وآله وسلم تَسْلِيماً ، عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ أَباكَ عَلِيَّ بْن أَبِي طالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صلى اللّه عليه وآله وَسَيِّدَ الْوَصِيِّينَ وَقائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، إِمامٌ افْتَرَضَ اللّهُ طاعَتَهُ عَلى خَلْقِهِ ، وَكَذلِكَ أَخُوكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ صلى اللّه عليه وآله ، وَكَذلِكَ أَنْتَ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِكَ.

أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ ، وَأَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ

ص: 70


1- 1. الحليف : كل شيء لزم شيئا فلم يفارقه.

الْمُنْكَرِ ، وَجاهَدْتُمْ فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، حَتّى أَتاكُمُ الْيَقِينُ مِنْ وَعْدِهِ ، فَاشْهِدُ اللّهَ وَاشْهِدُكُمْ انِّي بِاللّهِ مُؤْمِنٌ وَبِمُحَمَّدٍ مُصَدِّقٌ وَبِحَقِّكُمْ عارِفٌ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ما أَمَرَكُمْ بِهِ وَعَبَدْتُمُوهُ حَتّى أَتاكُمُ الْيَقِينُ.

بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ يا أَبا عَبْدِ اللّهِ ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ قَتَلَكَ ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ أَمَرَ بقَتْلِكَ ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ شايَعَ عَلى ذلِكَ ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ سَفَكُوا دَمَكَ وَانْتَهَكُوا حُرْمَتَكَ وَقَعَدُوا عَنْ نُصْرَتِكَ ، مِمَّنْ دَعاكَ فَأَجَبْتُهُ ، مَلْعُونُونَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلى اللّه عليه وآله وسلم.

يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ إِنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ ، فَقَدْ أَجابَكَ رَأْيِي وَهَوايَ ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ ، وَأَنَّ مَنْ خالَفَكَ عَلى ذلِكَ باطِلٌ ، فَيا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ، فَأَسْأَلُكَ يا سَيِّدِي أَنْ تَسْأَلَ اللّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي ذُنُوبِي ، وَأَنْ يُلْحِقَنِي بِكُمْ وَبِشِيعَتِكُمْ ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَكُمْ فِي الشَّفاعَةِ وَأَنْ يُشَفِّعَكُمْ فِي ذُنُوبِي ، فَإِنَّهُ قالَ جَلَّ ذِكْرُهُ ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) (1).

صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ وَأَوْلادِكَ وَالْمَلائِكَةِ الْمُقِيمِينَ فِي حَرَمِكَ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَعَلى الشُّهَداءِ الَّذِينَ اسْتَشْهَدُوا مَعَكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى وَلَدِكَ عَلِيِّ الاصْغَرِ الَّذِي فُجِعْتَ (2) بِهِ.

ثم تقول :

اللّهُمَّ إِنِّي بِكَ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ ، وَقَدْ تَحَرَّمْتُ بِمُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ ، وَتَوَجَّهْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ ، وَاسْتَشْفَعْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ ، وَتَوَسَّلْتُ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لِتَقْضِيَ عَنِّي مُفْتَرَضِي (3) وَدَيْنِي ، وَتُفَرِّجَ غَمِّي وَتَجْعَلَ فَرَجِي مَوْصُولاً بِفَرَجِهِمْ.

ص: 71


1- 1. البقرة : 255.
2- 2. فجعه : أوجعه والفجع ان يوجع الإنسان بشيء يكرم عليه فيعذبه.
3- 3. أي ما وجب على من الحقوق.

ثمّ امدد يديك حتى تُرى بياض إبطيك وقل :

يا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لا تَهْتِكْ سِتْرِي ، وَلا تُبْدِ عَوْرَتِي ، وَآمِنْ رَوْعَتِي وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، اللّهُمَّ أَقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً قَدْ رَضِيتَ عَمَلِي وَاسْتَجَبْتَ دَعْوَتِي ، يا اللّهُ الْكَرِيمُ.

ثم تقول : السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ.

ثم تبدأ وتقول :

السَّلامُ عَلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، السَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ الزَّكِيِّ ، السَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الصِّدِّيقِ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، السَّلامُ عَلَى الرِّضا عَلِيِّ بْنِ مُوسى ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، السَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَى الإِمامِ الْقائِمِ بِحَقِّ اللّهِ وَحُجَّةِ اللّهِ فِي أَرْضِهِ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الرَّاشِدِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

ثم تصلي ست ركعات مثنى مثنى ، تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة ، وتقول بعد فراغك من ذلك :

اللّهُمَّ يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحْمانُ يا عَلِيُّ يا عَظِيمُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا فَرْدُ يا وِتْرُ ، يا سَمِيعُ يا عَلِيمُ يا عالِمُ ، يا كَبِيرُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا جَلِيلُ يا جَمِيلُ ، يا حَلِيمُ يا قَوِيُّ ، يا عَزِيزُ يا مُتَعَزِّزُ ، يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ ، يا جَبّارُ يا عَلِيُّ يا مُعِينُ ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ يا تَوَّابُ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ يا مَعْبُودُ ، يا مَوْجُودُ ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ ، يا أَوَّلُ يا آخِرُ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، وَيا ذَا الْعِزَّةِ وَالسُّلْطانِ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ يا اللّهُ ، وَبِحَقِّ أَسْمائِكَ كُلِّها ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ وَضُرٍّ وَضِيقٍ أَنَا فِيهِ ، وَتَقْضِيَ عَنِّي دَيْنِي وَتُبَلِّغَنِي امْنِيَّتِي وَتُسَهِّلَ لِي مَحَبَّتِي ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي وَتُوصِلَنِي الى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً ، وَتُعْطِيَنِي سُؤْلِي وَمَسْأَلَتِي ، وَتَزِيدَنِي فَوْقَ

ص: 72

رَغْبَتِي وَتَجْمَعَ خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ (1).

فصل (14): فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء

رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه اللّه عليه قال : حدثنا الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن عياش ، قال : حدثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي رحمه اللّه عليه ، قال : خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني حين وفاة أبي رحمه اللّه ، وكنت حديث السنّ ، وكتبت استأذن في زيارة مولاي أبي عبد اللّه عليه السلام وزيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم ، فخرج اليّ منه :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، إذا أردت زيارة الشهداء رضوان اللّه عليهم فقف عند رجلي الحسين عليه السلام ، وهو قبر علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما ، فاستقبل القبلة بوجهك فانّ هناك حومة الشهداء عليهم السلام وأوم وأشر إلى علي بن الحسين عليه السلام وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ (2) خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلالَةِ إِبْراهِيمَ الْخَلِيلِ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلى أَبِيكَ ، إِذَ قالَ فِيكَ : قَتَلَ اللّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ ، يا بُنَيَّ ما أَجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمنِ وَعَلى انْتِهاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ ، عَلَى الدُّنْيا بَعْدَكَ الْعَفا (3) ، كَأَنِّي بِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ ماثِلاً وَلِلْكافِرِينَ قائِلاً :

أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍ *** نَحْنُ وَبَيْتُ اللّهِ أَوْلى بِالنَّبِيِ

أَطْعَنُكُمْ بِالرُّمْحِ حَتّى يَنْثَنِي *** أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ أَحْمِي عَنْ أَبِي

ضَرْبَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَرَبِيِ *** وَ اللّهِ لا يَحْكُمُ فِينا ابْنُ الدَّعِيِ

حَتّى قَضَيْتَ نَحْبَكَ ، وَلَقِيتَ رَبَّكَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْلى بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ،

ص: 73


1- 1. عنه البحار 101 : 313 - 316.
2- 2. النسل : الولد.
3- 3. العفا : اي درس لم يبق منها اثر.

وَأَنَّكَ ابْنُ رَسُولِهِ ، وَحُجَّتِهِ وَدِينِهِ وَابْنُ حُجَّتِهِ وَأَمِينِهِ.

حَكَمَ اللّهُ (1) عَلى قاتِلَكَ مُرَّةِ بْنِ مُنْقَذِ بْنِ النُّعْمانِ الْعَبْدِي - لَعَنَهُ اللّهُ وَأَخْزاهُ - وَمَنْ شَرَكَهُ فِي قَتْلِكَ ، وَكانُوا عَلَيْكَ ظَهِيراً ، أَصْلاهُمُ (2) اللّهُ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ، وَجَعَلَنَا اللّهُ مِنْ مُلاقِيكَ (3) وَمُرافِقِيكَ ، وَمُرافِقِي جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَعَمِّكَ وَأَخِيكَ ، وَأُمِّكَ الْمَظْلُومَةِ ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللّهِ مِنْ أَعْدائِكَ اولِي الْجُحُودِ (4) ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، الطِّفْلِ الرَّضِيعِ ، الْمَرْمِيِّ الصَّرِيعِ ، الْمُتَشَحِّطِ (5) دَماً ، الْمُصَعَّدِ دَمُهُ فِي السَّماءِ ، الْمَذْبُوحِ بِالسَّهْمِ فِي حِجْرِ أَبِيهِ ، لَعَنَ اللّهُ رامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كاهِلِ الْأَسَدِي وَذَوِيهِ.

السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، مُبْلَى الْبَلاءِ ، وَالْمُنادِي بِالْوِلاءِ فِي عَرْصَةِ كَرْبَلاءِ ، الْمَضْرُوبِ مُقْبِلاً وَمُدْبِراً ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ هانِيَ بْنَ ثُبَيْت الْحَضْرَمِيِّ.

السَّلامُ عَلى أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، الْمُواسِي أَخاهُ بِنَفْسِهِ ، الآخِذُ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ ، الْفادِي لَهُ ، الْواقِي السّاعِي إِلَيْهِ بِمائِهِ ، الْمَقْطُوعَةِ يَداهُ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلِيهِ (6) يَزِيدَ بْنَ الرُّقادِ الْحَيْتِي (7) وَحَكِيمَ بْنَ الطُّفَيْلِ الطَّائِي.

السَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، الصّابِرِ بِنَفْسِهِ مُحْتَسِباً ، وَالنّائِي عَنِ الْأَوْطانِ مُغْتَرِباً ، الْمُسْتَسْلِمِ لِلْقِتالِ ، الْمُسْتَقْدِمِ لِلنَّزالِ ، الْمَكْثُورِ (8) بِالرِّجالِ ،

ص: 74


1- 1. حكم اللّه لك ( خ ل ).
2- 2. اصلاه النار : ادخله إياها واثواه فيها.
3- 3. موافقيك ( خ ل ).
4- 4. وابرء إلى اللّه من قاتليك واسأل اللّه مرافقتك في دار الخلود ( خ ل ).
5- 5. تشحّط بالدم : تضرّج به ، اضطرب فيه.
6- 6. قاتله ( خ ل ).
7- 7. في البحار : الجهني.
8- 8. المكثور : الذي تكاثر عليه الناس فقهروه.

لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ هانِيَ بْنَ ثُبَيْت الْحَضْرَمِي.

السَّلامُ عَلى عُثْمانَ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، سُمِّيَ عُثْمانَ بْنَ مَظْعُونٍ ، لَعَنَ اللّهُ رامِيَهُ بِالسَّهْمِ خَوْلِيَ بْنَ يَزِيد الْأَصْبَحِيِّ الإيادِيَ (1) الدَّارِمِيَّ.

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَتِيلِ الْأَيادِيِ (2) الدَّارِمِيِّ لَعَنَهُ اللّهُ وَضاعَفَ عَلَيْهِ الْعَذابَ الْأَلِيمَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الصَّابِرِينَ.

السَّلامُ عَلى أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الزَّكِيِّ الْوَلِيِّ ، الْمَرْمِيِّ بِالسَّهْمِ الرَّدِيِّ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَقَبَةِ الْغَنَوِيَّ.

السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الزَّكِيِّ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ وَرامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كاهِلٍ الْأَسَدِيَّ.

السَّلامُ عَلَى الْقاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ ، الْمَضْرُوبِ عَلى هامَتِهِ ، الْمَسْلُوبِ لأمَتُهُ (3) ، حِينَ نادَى الْحُسَيْنَ عَمَّهُ ، فَجَلى عَلَيْهِ عَمُّهُ كَالصَّقْرِ ، وَهُوَ يَفْحَصُ (4) بِرِجْلَيْهِ التُّرابَ ، وَالْحُسَيْنُ يَقُولُ : بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ جَدُّكَ وَأَبُوكَ.

ثُمَّ قالَ : عَزَّ وَاللّهِ عَلى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوهُ فَلا يُجِيبُكَ ، أَوْ أَنْ يُجِيبَكَ وَأَنْتَ قَتِيلُ جَدِيلٌ فَلا يَنْفَعُكَ ، هذا وَاللّهِ يَوْمٌ كَثُرَ واتِرُهُ (5) وَقَلَّ ناصِرُهُ ، جَعَلَنِيَ اللّهُ مَعَكُما يَوْمَ جَمْعِكُما ، وَبَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُما ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُرْوَة بْنِ نُفَيْل الْأَزْدِيَّ ، وَأَصْلاهُ جَحِيماً وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً أَلِيماً.

السَّلامُ عَلى عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرِ الطَّيَّارِ فِي الْجِنانِ ، حَلِيفِ الإِيمانِ ، وَمُنازِلِ الْأَقْرانِ ، النَّاصِحِ لِلرَّحْمانِ ، التَّالِي لِلْمَثانِي وَالْقُرْآنِ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ

ص: 75


1- 1. الاباني ( خ ل ).
2- 2. الاباني ( خ ل ).
3- 3. اللأم : الدرع.
4- 4. فحص التراب : قلبه وكشفه.
5- 5. وتر فلاناً : أصابه بظلم أو مكروه.

عَبْدَ اللّهِ بْنِ قُطْبَة (1) الْبِهْبَهانِيَّ.

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، الشّاهِدِ مَكانَ أَبِيهِ ، وَالتَّالِي لِأَخِيهِ ، وَواقِيةِ بِبَدَنِهِ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ عَامِرِ بْنَ نَهْشَل التَّمِيمِيَّ.

السَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلِ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ وَرامِيَهُ بِشْرَ بْنَ خُوطٍ الْهَمْدانِيَّ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَقِيلٍ ، لَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ وَرامِيَهُ عُمَيْرَ بْنَ خالِدِ بْنِ أسَدِ الْجُهَنِيَ (2).

السَّلامُ عَلَى الْقَتِيلِ بْنِ الْقَتِيلِ : عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ عامِرَ بْنِ صَعْصَعَة. وَقِيلَ : اسَدَ (3) بْنَ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ وَرامِيَهُ عَمْرُو (4) بْنَ صُبَيْحِ الصَّيْداوِيِّ ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ عَقِيلٍ ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ لَقِيطَ بْنَ ناشِرِ الْجُهَنِيِّ.

السَّلامُ عَلى سُلَيْمانَ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَعَنَ اللّهُ قاتِلَهُ سُلَيْمانَ بْنِ عُوفِ الْحَضْرَمِيَّ. السَّلامُ عَلى قارِبٍ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلى مُنْجِحٍ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.

السَّلامُ عَلى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةِ الْأَسَدِيِّ ، الْقائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الانْصِرافِ : أَنَحْنُ نُخَلِّي عَنْكَ ، وَبِمَ نَعْتَذِرُ عِنْدَ اللّهِ مِنْ أَداءِ حَقِّكَ ، لا وَاللّهِ حَتّى أَكْسِرَ فِي صُدُورِهِمْ رُمْحِي هذا ، وَأَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي ما ثَبَتَ قائِمةُ فِي يَدِي ، وَلا أُفارِقُكَ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلاحٌ أُقاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجارَةِ ، وَلَمْ أُفارقْكَ حَتّى أَمُوتَ مَعَكَ ، وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ شَرى نَفْسَهُ ، وَأَوَّلَ شَهِيدٍ شَهِدَ اللّهُ (5) وَقَضى نَحْبَهُ ، بِرَبِ (6) الْكَعْبَةِ ، شَكَرَ اللّهُ اسْتِقْدامَكَ وَمُواساتَكَ

ص: 76


1- 1. قطية ( خ ل ).
2- 2. عمر ( خ ل ) ، في البحار : عثمان بن خالد بن أشيم.
3- 3. أسيد ( خ ل ).
4- 4. عمر ( خ ل ).
5- 5. من شهد اللّه ( خ ل ).
6- 6. في البحار : ورب.

إِمامَكَ ، إِذا مَشى إِلَيْكَ وَأَنْتَ صَرِيعٌ ، فَقالَ : يَرْحَمُكَ اللّهُ يا مُسْلِمَ بْنَ عَوْسَجَةِ ، وَقَرَأَ ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (1) ، لَعَنَ اللّهُ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي قَتْلِكَ : عَبْدَ اللّهِ الضَّبابِيَّ ، وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ خَشْكارَةِ (2) الْبَجَلِيّ (3).

السَّلامُ عَلى سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْحَنَفِيِّ ، الْقائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الانْصِرافِ : لا وَاللّهِ لا نُخَلّيكَ حَتّى يَعْلَمَ اللّهُ أَنّا قَدْ حَفِظْنا غَيْبَةَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وآله فِيكَ ، وَاللّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيا ثُمَّ احْرَقُ ثُمَّ أُذْرى ، وَيُفْعَلُ بِي ذلِكَ سَبْعِينَ مَرَّةً ما فارَقْتُكَ ، حَتّى أَلْقى حِمامِي (4) دُونَكَ ، وَكَيْفَ لا افْعَلُ ذلِكَ وَإِنَّما هِيَ مَوْتَةٌ اوْ قَتْلَةٌ واحِدَةٌ ، ثُمَّ هِيَ بَعْدَها الْكَرامَةُ الَّتِي لَا انْقِضاءَ لَها ابَداً ، فَقَدْ لَقِيتَ حِمامَكَ ، وَواسَيْتَ إِمامَكَ ، وَلَقِيتَ مِنَ اللّهِ الْكَرامَةَ فِي دارِ الْمَقامَةِ ، حَشَرَنَا اللّهُ مَعَكُمْ فِي الْمُسْتَشْهَدِينَ ، وَرَزَقَنا مُرافَقَتَكُمْ فِي أَعْلى عِلِّيِّينَ.

السَّلامُ عَلى بِشْرِ (5) بْنِ عُمَرَ الْحَضْرَمِيِّ ، شَكَرَ اللّهُ لَكَ قَوْلَكَ (6) لِلْحُسَيْنِ وَقَدْ اذِنَ لَكَ فِي الانْصِرافِ : اكَلَتْنِي إِذَنْ السِّباعُ حَيّاً إِنْ فارَقْتُكَ وَاسْأَلُ عَنْكَ الرُّكْبانَ ، وَاخْذُلُكَ مَعَ قِلَّةِ الأَعْوانِ ، لا يَكُونُ هذا ابَداً.

السَّلامُ عَلى يَزِيد بْنِ حُصَيْنِ الْهَمْدانِيِّ الْمَشْرِقِيِ (7) الْقارِي ، الْمُجَدِّلِ بِالْمَشْرَفِيِّ ، السَّلامُ عَلى عُمَرَ بْنِ أَبِي كَعْبِ الأَنْصارِيِّ ، السَّلامُ عَلى نَعِيمِ بْنِ الْعِجْلانِ الأَنْصارِيِّ.

السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ الْبَجَلِيِّ ، الْقائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي

ص: 77


1- 1. الأحزاب : 23.
2- 2. خسكارة ( خ ل ).
3- 3. في بعض النسخ : ومسلم بن عبد الضباني ، وفي البحار : ومسلم بن عبد اللّه الضباني.
4- 4. الحمام : كل ما قدر وقضى.
5- 5. سعد ( خ ل ).
6- 6. سعيك ( خ ل ).
7- 7. المشرفي ( خ ل ).

الانْصِرافِ : لا وَاللّهِ لا يَكُونُ ذلِكَ ابَداً ، أَتْرُكُ ابْنَ رَسُولِ اللّهِ أَسِيراً فِي يَدِ الأَعْداءِ وَانْجُو! لا أَرانِيَ اللّهُ ذلِكَ الْيَوْمَ.

السَّلامُ عَلى عَمْرُو بْنَ (1) قُرْظَةِ الأَنْصارِيِّ ، السَّلامُ عَلى حَبِيبِ بْنِ مَظاهِرِ الأَسَدِيِّ ، السَّلامُ عَلَى الْحُرِّ بْنِ يَزِيد الرِّياحِيِّ.

السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَيْرِ الْكَلْبِيِّ. السَّلامُ عَلى نافِعِ بْنِ هِلالِ بْنِ نافِعِ الْبَجَلِيِّ الْمُرادِيِّ.

السَّلامُ عَلى انَسَ بْنِ كاهِلِ الأَسَدِيِّ ، السَّلامُ عَلى قَيْسِ بْنِ مُسْهِرِ الصَّيْداوِيِّ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمنِ ابْنَيْ عُرْوَة بْنِ حَرّاقِ الْغَفّارِيَّيْنِ.

السَّلامُ عَلى جُونِ (2) بْنِ حَرِيٍّ مَوْلى ابِي ذَرِّ الْغفارِيِّ ، السَّلامُ عَلى شَبِيبِ ابْنِ عَبْدِ اللّهِ النَّهْشَلِي ، السَّلامُ عَلَى الْحَجّاجِ بْنِ يَزِيد السَّعْدِي ، السَّلامُ عَلى قاسِطٍ وَكَرْشِ (3) ابْنَيْ ظُهَيْر (4) التَّغْلِبِيَّيْنِ.

السَّلامُ عَلى كَنانَةِ بْنِ عَتِيقٍ ، السَّلامُ عَلى ضَرْغامَةِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى حَوِيِ (5) بْنِ مالِكِ الضَّبُعِيِّ ، السَّلامُ عَلى عُمَرَ بْنِ ضُبَيْعَة الضَّبُعِيِّ.

السَّلامُ عَلى زَيْدِ بْنِ ثُبَيْت الْقَيْسِيِّ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ وَعُبَيْدِ اللّهِ ابْنَيْ يَزِيد بْنِ ثُبَيْت (6) الْقَيْسِيِّ.

السَّلامُ عَلى عامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ ، السَّلامُ عَلى قَعْنَبِ بْنِ عَمْرٍو التَّمْرِيِّ ، السَّلامُ عَلى سالِمٍ مَوْلى عامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ. السَّلامُ عَلى سَيْفِ بْنِ مالِكٍ.

السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ بِشْرِ الْخَثْعَمِيِّ ، السَّلامُ عَلى زَيْدِ بْنِ (7) مَعْقِلِ الْجُعْفِيِّ ،

ص: 78


1- 1. عمير ( خ ل ).
2- 2. عون ( خ ل ).
3- 3. كردوس ( خ ل ).
4- 4. زهير ( خ ل ).
5- 5. جوين ( خ ل ).
6- 6. ثبيط ( خ ل ).
7- 7. بدر ( خ ل ).

السَّلامُ عَلَى الْحَجّاجِ بْنِ مَسْرُوقِ الْجُعْفِيِّ ، السَّلامُ عَلى مَسْعُودِ بْنِ الْحَجّاجِ وَابْنِهِ.

السَّلامُ عَلى مَجْمَعِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعائِذِي ، السَّلامُ عَلى عَمّارِ بْنِ حَسّانِ بْنِ شُرَيْحِ الطّائِي ، السَّلامُ عَلى حَيّانِ (1) بْنِ الْحارِثِ السَّلْمانِيِّ الْأَزْدِيِّ ، السَّلامُ عَلى جُنْدَبِ بْنِ حِجْرِ الْخَوْلانِيِّ.

السَّلامُ عَلى عُمَرَ بْنِ خالِدِ الصَّيْداوِي ، السَّلامُ عَلى سَعِيدٍ مَوْلاهُ ، السَّلامُ عَلى يَزِيد بْنِ زِيادِ بْنِ الْمُهاجِرِ (2) الْكنْدِيِّ ، السَّلامُ عَلى زاهِرٍ (3) مَوْلى عَمْرِو بْنِ الْحمِقْ الْخُزاعِيِّ ، السَّلامُ عَلى جَبَلَةِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبانِيِّ ، السَّلامُ عَلى سالِمٍ مَوْلى ابْنِ الْمَدَنِيَّةِ الْكَلْبِي.

السَّلامُ عَلى اسْلَمِ بْنِ كَثِيرِ الْأَزدِيِّ الْأَعْرَجِ ، السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ سُلَيْمِ الأَزدِيِّ ، السَّلامُ عَلى قاسِمِ بْنِ حَبِيبِ الأَزدِيِّ ، السَّلامُ عَلى عُمَرَ بْنِ جُنْدَبِ (4) الْحَضْرَمِيِّ.

السَّلامُ عَلى ابِي ثمامَةِ (5) عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الصَّائِدِي ، السَّلامُ عَلى حَنْظَلَةَ بْنِ اسْعَدِ الشَّبامِي (6) ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْكَدِرِ الارْحَبِي ، السَّلامُ عَلى عَمّارِ (7) بْنِ ابِي سَلامَةِ الْهَمْدانِيِّ.

السَّلامُ عَلى عابِسِ بْنِ شَبِيبِ الشَّاكِرِيِّ ، السَّلامُ عَلى شَوْذَبِ مَوْلى شاكِرٍ ، السَّلامُ عَلى شَبِيبِ بْنِ الْحارِثِ بْنِ سَرِيعٍ ، السَّلامُ عَلى مالِكَ بْنِ عَبْدِ بْنِ سَرِيعٍ.

ص: 79


1- 1. في البحار : حباب.
2- 2. المظاهر ( خ ل ).
3- 3. زاهر ( خ ل ).
4- 4. عمر بن الأحدوث ( خ ل ).
5- 5. تمامة ( خ ل ).
6- 6. الشيباني ( خ ل ) ، سعد ( خ ل ).
7- 7. أبي عمار ( خ ل ).

السَّلامُ عَلَى الْجَرِيحِ الْمَأْسُورِ سَوّارِ بْنِ ابِي حِمْيَرِ (1) الْفَهْمِيِّ الْهَمْدانِيِّ ، السَّلامُ عَلَى الْمُرَثَّثِ (2) مَعَهُ عَمْرُو بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْجَنْدَعِيِّ.

السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا خَيْرَ أَنْصارٍ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ، بَوَّأَكُمُ اللّهُ مُبَوَّءَ الْأَبْرارِ ، اشْهَدُ لَقَدْ كَشَفَ اللّهُ لَكُمُ الْغِطاءَ ، وَمَهَّدَ لَكُمُ الْوِطاءَ ، وَاجْزَلَ لَكُمُ الْعَطاءَ ، وَكُنْتُمْ عَنِ الْحَقِّ غَيْرَ بِطاءٍ ، وَانْتُمْ لَنا فُرَطاءُ ، وَنَحْنُ لَكُمْ خُلَطاءُ فِي دارِ الْبَقاءِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ (3).

فصل (15): فيما نذكره من فضل قراءة « قل هو اللّه أحد » في يوم عاشوراء

روي عن الصادق عليه السلام انّه قال : من قرأ يوم عاشوراء ألف مرة سورة الإخلاص ، نظر الرحمن إليه ، ومن نظر الرحمن إليه لم يعذّبه أبداً (4).

أقول : لعلّ معنى نظر الرّحمن إليه ، أراد به نظر الرحمة للعبد والرضا عنه والشفقة عليه.

فصل (16): فيما نذكره ممّا ينبغي ان يكون الإنسان عليه يوم عاشوراء من الأسباب التي تقرّبه إلى اللّه جلّ جلاله وإلى رسوله صلوات اللّه عليه وآله

اعلم انّا قد قدّمنا من آداب يوم عاشوراء والعبادات فيه ، ما فيه كفاية لمن اطّلع على معانيه وعمل فيها بما يقرّبه إلى اللّه جلّ جلاله ومراضيه ، ولكنّا نذكر في هذا الفصل ما يفتحه اللّه جلّ جلاله من زيادة استظهار لتحصيل السعادة ، فنقول :

ص: 80


1- 1. سوّار بن أبي خير ( خ ل ).
2- 2. المرتّب ( خ ل ) ، أقول : المرثث بصيغة المفعول الذي حمل من المعركة رثيثاً ، أي جريحاً وبه رمق.
3- 3. عنه البحار 45 : 64 - 74 ، 101 : 269 - 274 ، أورده في مصباح الزائر : 148 - 151 ، المزار الكبير : 162 - 164.
4- 4. عنه البحار 98 : 343.

انّ أقلّ مراتب يوم عاشوراء ان تجعل قتل مولانا (1) الحسين صلوات اللّه عليه ، وقتل من قتل معه من الأهل والأبناء مجرى والداك أو ولدك ، أو بعض من يعزّ عليك ، فكن في يوم عاشوراء كما كنت تكون عند فقدان أخصّ أهلك به وأقربهم إليك ، فأنت تعلم ان موت أحد من أعزّتك ما فيه ظلم لك ولا لهم ولا كسر حرمة الإسلام ولا كفر الأعداء لحرمتك.

وامّا الحسين عليه السلام فإنّ الّذي جرى عليه وعلى جماعته ومن يعزّ عليه ، جرى فيه ما قد شرحنا بعضه من هتك حرمات الإسلام وذلّ مقامات أهل العقول والافهام ، ودروس معالم الدين وشماتة أعداء المسلمين.

فاجتهد ان يراك اللّه جلّ جلاله انّ كلّما يعزّ عليه يعزّ عليك ، وان يراك رسوله عليه السلام انّ كلّما هو إساءة إليه فهو إساءة إليك ، فكذا يكون من يريد شرف الوفاء لله جلّ جلاله ولرسول اللّه صلوات اللّه عليه ولخاصّته ، وكذا يكون من يريد ان يكون اللّه جلّ جلاله ورسوله وأوليائه عليه وعليهم السلام معه عند نكبته أو حاجته أو ضرورته ، فإنّه إذا كان معهم في الغضب والرضا واللذة والسرور كانوا معه عند مثل تلك الأمور.

أقول : وامّا ان كنت صاحب معرفة باللّه جلّ جلاله وخواص عباده وتتّقي اللّه جلّ جلاله في اتباع مراده ، فإنّك لا تقنع ان يكون حالك يوم عاشوراء مثل حالك عند فقد الإباء والأبناء ، بل على قدر منزلة الحسين صلوات اللّه عليه وآله وذرّيته وعترته عند اللّه جلّ جلاله وعند جدّهم صلوات اللّه عليه في المواساة عند تلف ما يقوم مقام مهجته ، وعلى قدر المصيبة في الإسلام وذهاب حرمته.

أقول : وروينا بإسنادنا إلى مولانا علي بن موسى الرضا عليه السلام انّه قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى اللّه له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل اللّه يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرّت بنا في الجنة عينه ، ومن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر لمنزله فيه شيئا

ص: 81


1- 1. مولاك ( خ ل ).

لم يبارك له فيما ادّخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد اللّه بن زياد وعمر بن سعد لعنهم اللّه في أسفل درك من النّار! (1)

فهذا ما أردنا ذكره من أحوال المواساة في أهوال قتل ائمّة النجاة ، ولم نستوف كلّما توجّه من حقوقهم المعظّمة في الحياة وبعد الوفاة.

أقول : وإذا عزمت على ما لا بدّ منه من الطعام والشراب بعد انقضاء وقت المصاب فقل ما معناه :

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (2) ، فَالْحُسَيْنُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَعَلى أصْحابِهِ عِنْدَكَ الانَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ، فَنَحْنُ فِي هذَا الطَّعامِ وَالشَّرابِ بِهِمْ مُقْتَدُونَ.

أقول : وسأذكر تعزية لمولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، كتبها إلى بني عمّه رضوان اللّه عليهم لمّا حبسوا ، ليكون مضمونها تعزية عن الحسين عليه السلام وعترته وأصحابه رضوان اللّه عليهم.

رويناها بإسنادنا الذي ذكرنا من عدّة طرق إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد اللّه ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إسحاق بن عمار.

ورويناها أيضا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى الأهوازي ، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدّثنا محمد بن الحسن القطراني ، قال : حدثنا حسين بن أيوب الخثعمي ، قال : حدثنا صالح بن أبي الأسود ، عن عطيّة بن نجيح بن المطهر الرازي وإسحاق بن عمار الصيرفي ، قالا معا :

انّ أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السلام كتب إلى عبد اللّه بن الحسن رضي اللّه عنه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه :

ص: 82


1- 1. عنه البحار 98 : 343 ، رواه في عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 299 ، أمالي الصدوق : 112.
2- 2. آل عمران : 169.

بسم اللّه الرّحمن الرحيم إلى الخلف الصالح والذرية الطيّبة من ولد أخيه وابن عمّه ، امّا بعد فلان كنت تفرّدت أنت وأهل بيتك ممّن حمل معك بما أصابكم ما انفردت بالحزن والغبطة والكآبة وأليم وجع القلب دوني ، فلقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحرّ المصيبة مثل ما نالك ، ولكن رجعت إلى ما أمر اللّه جلّ جلاله به المتّقين من الصبر وحسن العزاء حين يقول لنبيّه صلى اللّه عليه وآله ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ) (1).

وحين يقول ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ. ) (2) وحين يقول لنبيّه صلى اللّه عليه وآله حين مثل بحمزة ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) (3) ، وصبر صلى اللّه عليه وآله ولم يتعاقب.

وحين يقول ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى. ) (4).

وحين يقول ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. ) (5).

وحين يقول ( إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. ) (6).

وحين يقول لقمان لابنه ( وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (7).

وحين يقول عن موسى ( قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. ) (8)

ص: 83


1- 1. الطور : 48.
2- 2. القلم : 48.
3- 3. النحل : 126.
4- 4. طه : 132.
5- 5. البقرة : 156.
6- 6. الزمر : 10.
7- 7. لقمان : 17.
8- 8. الأعراف : 128.

وحين يقول : «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ.» (1)

وحين يقول : «ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ.» (2)

وحين يقول : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.» (3)

وحين يقول : «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ، فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ.» (4)

وحين يقول : «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ» (5).

وحين يقول : «وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.» (6) ، وأمثال ذلك من القرآن كثير.

واعلم أي عمّ وابن عمّ ، انّ اللّه جلّ جلاله لم يبال بضرّ الدنيا لوليّه ساعة قطّ ، ولا شيء أحبّ إليه من الضرّ والجهد والاذاء مع الصبر ، وانّه تبارك وتعالى لم يبال بنعيم الدنيا لعدوّه ساعة قطّ ، ولو لا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم (7) ويمنعونهم ، وأعداؤه آمنون مطمئنّون عالون ظاهرون.

ولو لا ذلك ما قتل زكريا ، واحتجب يحيى ظلماً وعدواناً في بغيّ من البغايا.

ولو لا ذلك ما قتل جدّك علي بن أبي طالب صلى اللّه عليه وآله لمّا قام بأمر اللّه جلّ وعزّ ظلماً وعمّك الحسين بن فاطمة صلّى اللّه عليهما اضطهاداً (8) وعدواناً.

ولو لا ذلك ما قال اللّه عزّ وجلّ في كتابه : «وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ.» (9)

ص: 84


1- 1. العصر : 3.
2- 2. البلد : 17.
3- 3. البقرة : 155.
4- 4. آل عمران : 146.
5- 5. الأحزاب : 35.
6- 6. يونس : 109.
7- 7. يحيفونهم ( خ ل ) ، من الحيف أي الجور والظلم ، وفي البحار : يخوّفونهم.
8- 8. اضطهده : قهره وجار عليه.
9- 9. الأحزاب : 33.

ولو لا ذلك لما قال في كتابه : «يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ» (1).

ولو لا ذلك لمّا جاء في الحديث : لو لا ان يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة من حديد لا يصدع رأسه ابداً.

ولو لا ذلك لما جاء في الحديث : انّ الدنيا لا تساوي عند اللّه جناح بعوضة.

ولو لا ذلك ما سقى كافراً منها شربة من ماء.

ولو لا ذلك لما جاء في الحديث : لو انّ مؤمناً على قلّة جبل لا نبعث اللّه له كافراً أو منافقاً يؤذيه.

ولو لا ذلك لما جاء في الحديث انّه : إذا أحبّ اللّه قوماً أو أحبّ عبداً صبّ عليه البلاء صباً ، فلا يخرج من غمّ الاّ وقع في غمّ.

ولو لا ذلك لما جاء في الحديث : ما من جرعتين أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ ان يجرعهما عبده المؤمن في الدّنيا ، من جرعة غيظ كظم عليها ، وجرعة حزن عند مصيبة صبر عليها بحسن عزاءٍ واحتساب.

ولو لا ذلك لما كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يدعون على من ظلمهم بطول العمر وصحّة البدن وكثرة المال والولد.

ولو لا ذلك بلغنا انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان إذا خصّ رجلاً بالترحم عليه والاستغفار استشهد.

فعليكم يا عمّ وابن عمّ وبني عمومتي واخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى اللّه جلّ وعزّ والرّضا والصبر على قضائه والتّمسك بطاعته والنزول عند أمره.

أفرغ اللّه علينا وعليكم الصّبر ، وختم لنا ولكم بالأجر والسعادة ، وأنقذكم وإيّانا من كلّ هلكة ، بحوله وقوته انّه سميع قريب ، وصلّى اللّه على صفوته من خلقه محمّد النبي وأهل بيته (2).

ص: 85


1- 1. المؤمنون : 56.
2- 2. عنه البحار 47 : 298 - 301.

أقول : وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح بخطّ محمد بن علي بن مهجناب البزّاز ، تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وقد اشتملت هذه التعزية على وصف عبد اللّه بن الحسن بالعبد الصالح والدعاء عند جانبها له وابن عمّه بالسعادة ودلائل الصفا الراجح ، وهذا يدلّ على انّ هذه الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين وبحبّه عارفين.

أقول : وقد يوجد في الكتب انّهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين ، وذلك محتمل للتقيّة لئلاّ ينسب إظهارهم لإنكار المنكر إلى الأئمة الطاهرين.

وممّا يدلّك على انّهم كانوا عارفين بالحقّ وبه شاهدين ، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من كتاب الرجال ممّا خرج منه وعليه سماع الحسين بن علي بن الحسن وهو نسخة عتيقة بلفظه ، قال : أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن سعيد الكندي قال : هذا كتاب غالب بن عثمان الهمداني وقرأت فيه ، أخبرني خلاّد بن عمير الكندي مولى آل حجر بن عدي قال :

دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : هل لكم علم بآل الحسن الّذين خرج بهم ممّا قبلنا ، وكان قد اتّصل بنا عنهم خبر فلم تحبّ ان نبدأه به؟ فقلنا : نرجو ان يعافيهم اللّه ، فقال : واين هم من العافية؟ ثمّ بكا حتّى علا صوته وبكينا ، ثم قال : حدّثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام قالت : سمعت أبي صلوات اللّه عليه يقول : يقتل منك أو يصاب منك نفر بشطّ الفرات ما سبقهم الأوّلون ولا يدركهم الآخرون ، وانّه لم يبق من ولدها غيرهم (1).

أقول : وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه وعليهم السلام ، وانّهم مضوا إلى اللّه جلّ جلاله بشرف المقام والظّفر بالسعادة والكرام.

وهذه ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن يحيى بن عبد اللّه الّذي سلم من الّذين تخلّفوا في الحبس من بني حسن فقال : حدثنا عبد اللّه بن فاطمة ، عن أبيها ، عن جدّتها فاطمة

ص: 86


1- 1. عنه البحار 47 : 302.

بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قالت : قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

يدفن من ولدي سبعة بشطّ الفرات لم يسبقهم الأوّلون ولم يدركهم الآخرون ، فقلت : نحن ثمانية ، فقال : هكذا سمعت ، فلمّا فتحوا الباب وجدوهم موتى واصابوني وبي رمق وسقوني ماء وأخرجوني فعشت (1).

ومن الاخبار الشاهدة بمعرفتهم بالحقّ ما رواه أحمد بن إبراهيم الحسيني من كتاب المصابيح بإسناده انّ جماعة سألوا عبد اللّه بن الحسن ، وهو في المحمل الّذي حمل فيه إلى سجن الكوفة ، فقلنا : يا بن رسول اللّه محمد ابنك المهدي ، فقال : يخرج محمد من هاهنا - وأشار إلى المدينة - فيكون كلحس الثور (2) انفه حتى يُقتل ، ولكنّ إذا سمعتم بالمأثور وقد خرج بخراسان وهو صاحبكم (3).

أقول : لعلّها بالموتور ، وهذا صريح انّه عارف بما ذكرناه.

وممّا يزيدك بياناً ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي عن جماعة ، عن هارون بن موسى التلعكبري ، عن ابن همام ، عن جميل ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن أحمد بن رياح ، عن أبي الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي ، نقلناه من أصله قال : كان أبو عبد اللّه عليه السلام في الحجّ في السنة الّتي قدم فيها أبو عبد اللّه عليه السلام تحت الميزاب وهو يدعو ، وعن يمينه عبد اللّه بن الحسن ، وعن يساره حسن بن حسن ، وخلفه جعفر بن حسن قال : فجاءه عبّاد بن كثير البصري ، قال : فقال له : يا أبا عبد اللّه ، قال : فسألت عنه حتّى قالها ثلاثاً ، قال : ثمّ قال له : يا جعفر ، قال : فقال له : قل ما تشاء يا أبا كثير ، قال : انّي وجدت في كتاب لي علم هذه البيّنة رجل ينقضها حجراً حجراً.

قال : فقال له : كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأنّي واللّه صفر القدمين خمش

ص: 87


1- 1. مقاتل الطالبيين : 193 ، عنه البحار 47 : 302.
2- 2. في الأصل : كلحش ، ما أثبتناه من البحار ، أقول : كلحس الثور - بالسين المهملة - كناية عن قتله الناس وتزكية الأرض من أوساخ الفسدة كما يلحس الثور أوساخ أنفه.
3- 3. عنه البحار 47 : 302.

الساقين ضخم البطن رقيق العنق ضخم الرّأس على هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع النّاس من الطواف حتّى يتذعّروا (1) منه ، قال : ثمّ يبعث اللّه له رجلا منّي - وأشار بيده إلى صدره - فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد ، قال : فقال له عند ذلك عبد اللّه بن الحسن : صدق واللّه أبو عبد اللّه عليه السلام ، حتّى صدّقوه كلهم جميعاً (2).

أقول : فهل تراهم الاّ عارفين بالمهدي وبالحقّ اليقين ، ولله متقين.

فصل : وممّا يزيدك بياناً ما رواه انّ بني الحسن عليه السلام ما كانوا يعتقدون فيمن خرج منهم انّه المهدي صلوات اللّه عليه وآله وان تسمّوا بذلك انّ أوّلهم خروجا وأوّلهم تسمّياً بالمهدي محمد بن عبد اللّه بن الحسن عليه السلام ، وقد ذكر يحيى بن الحسن الحسيني في كتاب الأمالي بإسناده عن طاهر بن عبيد ، عن إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن عليه السلام انّه سئل عن أخيه محمد : أهو المهدي الذي يذكر؟ فقال :

انّ المهدي عُدّة من اللّه تعالى لنبيّه صلوات اللّه عليه وعده ان يجعل من أهله مهديّاً لم يسمّ (3) بعينه ولم يوقّت زمانه ، وقد قام أخي لله بفريضة عليه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن أراد اللّه تعالى ان يجعله المهدي الّذي يذكر فهو فضل اللّه يمنّ به على من يشاء من عباده ، والاّ فلم يترك أخي فريضة اللّه عليه لانتظار ميعاد لم يؤمر بانتظاره - وهذا آخر لفظ حديثه (4).

وروي في حديث قبله بكراريس من الأمالي عن أبي خالد الواسطي انّ محمد بن عبد اللّه بن الحسن قال : يا أبا خالد انّي خارج وانا واللّه مقتول - ثمّ ذكر عذره في خروجه مع علمه انّه مقتول - وكلّ ذلك يكشف عن تمسّكهم باللّه والرسول صلى اللّه عليه وآله.

ص: 88


1- 1. تذعّر : تخوف.
2- 2. عنه البحار 47 : 303 ، 51 : 149.
3- 3. لم يسمه ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 47 : 303.

وروي حديث علم محمد بن عبد اللّه بن الحسن انه يقتل أحمد بن إبراهيم في كتاب المصابيح في الفصل المتقدم.

فصل (17): فيما نذكره مما يختم به يوم عاشوراء وما يليق ان يكون بعده بحسب ما أنت عليه من الوفاء

اعلم انّ أواخر النّهار يوم عاشوراء كان اجتماع حرم الحسين عليه السلام وبناته وأطفاله في أسر الأعداء ، ومشغولين بالحزن والهموم والبكاء ، وانقضى عنهم آخر ذلك النّهار ، وهم فيما لا يحيط به قلمي من الذلّ والانكسار ، وباتوا تلك الليلة فاقدين لحمائهم ورجالهم وغرباء في إقامتهم وترحالهم (1) ، والأعداء يبالغون في البراءة منهم والاعراض عنهم وإذلالهم ، ليتقرّبوا بذلك إلى المارق (2) عمر بن سعد ، مؤتم أطفال محمد ومقرّح (3) الأكباد ، وإلى الزنديق عبيد اللّه بن زياد ، وإلى الكافر يزيد بن معاوية رأس الإلحاد والعناد.

حتّى لقد رأيت في كتاب المصابيح بإسناده إلى جعفر بن محمد عليه السلام قال : قال لي أبي محمد بن علي : سألت أبي علي بن الحسين عن حمل يزيد له فقال :

حملني على بعير يطلع بغير وطاء ، ورأس الحسين عليه السلام على علم ، ونسوتنا خلفي على بغال أكفّ (4) ، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح ، ان دمعت من أحدنا عين قرع (5) رأسه بالرمح ، حتّى إذا دخلنا دمشق صاح صائح : يا أهل الشام هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون (6).

ص: 89


1- 1. رحل رحيلاً ترحالاً : ترك.
2- 2. مارق : من خرج من الدين.
3- 3. قرّحه : جرحه.
4- 4. الافك ج فُكّ : الذي زاغ له عظم عن مركزه ومعضلة.
5- 5. قرع : ضرب.
6- 6. اللعون ( خ ل ).

أقول : فهل جرى لأبيك وأمّك من يعزّ عليك مثل هذا البلاء والابتلاء الّذي لا يجوز ، ويهون عليك ، ولا أحد من المسلمين ولا على من يعرف منازل أولاد الملوك والسّلاطين.

أقول : فإذا كان أواخر نهار يوم عاشوراء فقم قائماً (1) وسلّم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى مولانا أمير المؤمنين وعلى مولانا الحسن بن علي وعلى سيدتنا فاطمة الزهراء وعترتهم الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وعزّهم على هذه المصائب بقلب محزون وعين باكية ولسان ذليل بالنوائب ، ثمّ اعتذر إلى اللّه جلّ جلاله وإليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك وان يعفو عمّا لم تعمله ممّا كنت تعمله مع من يعزّ عليك ، فإنّه من المستبعد ان تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النّازل.

واجعل كلّما يكون من الحركات والسكنات في الجزع عليه خدمة لله جلّ جلاله ومتقرّباً بذلك إليه ، واسأل من اللّه جلّ جلاله ومنهم ما يريدون أن يسأله منهم ، وما أنت محتاج إليه وان لم تعرفه ولم تبلغ أملك إليه ، فإنّهم أحقّ ان يعطوك على قدر إمكانهم ، ويعاملوك بما يقصر عنه سؤالك من إحسانهم.

أقول : ولعلّ قائلاً يقول : هلاّ كان الحزن الّذي يعملونه من أول عشر المحرّم قبل وقوع القتل ، يعملونه بعد يوم عاشوراء لأجل تجدّد القتل.

فأقول : انّ أوّل العشر كان الحزن خوفاً ممّا جرت الحال عليه ، فلمّا قتل صلوات اللّه عليه وآله دخل تحت قول اللّه تعالى :

( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (2) ، فلمّا صاروا فرحين بسعادة الشهادة وجب المشاركة لهم في السرور بعد القتل لتظفرهم بالسعادة.

فإن قيل : فعلام تجدّدون قراءة المقتل والحزن كل عام؟

ص: 90


1- 1. تائماً ( خ ل ).
2- 2. آل عمران : 169 - 170.

فأقول : لانّ قرائته هو عرض قصّة القتل على عدل اللّه جلّ جلاله ليأخذ بثأره كما وعد من العدل ، وامّا تجدّد الحزن كلّ عشر والشهداء صاروا مسرورين ، فلانّه مواساة لهم في أيّام العشر حيث كانوا فيها ممتحنين ، ففي كلّ سنة ينبغي لأهل الوفاء أن يكونوا وقت الحزن محزونين ووقت السرور مسرورين.

فصل (18): فيما نذكره ممّا يعمل عند تناول الطعام يوم عاشوراء

اعلم انّنا ذكرنا ان يوم عاشوراء يكون على عوائد أهل المصائب في العزاء ، ويمسك الإنسان عن الطعام والشراب إلى آخر نهار يوم المصاب ، ثمّ يتناول تربة شريفة ويقول من الدعوات ما قدّمناه عند تنال المأكولات في غير هذا الجزء من المصنّفات.

ونزيد على ما ذكرناه ان نقول :

اللّهُمَّ إِنَّنا أَمْسَكْنا عَنِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ حَيْثُ كانَ اهْلُ النُّبُوَّةِ فِي الْحُرُوبِ وَالْكُرُوبِ ، وَامّا حَيْثُ حَضَرَ وَقْتُ انْتِقالِهِمْ بِالشَّهادَةِ إِلى دارِ الْبَقاءِ وَظَفَرُوا بِمَراتِبِ الشُّهَداءِ وَالسُّعَداءِ ، وَدَخَلُوا تَحْتَ بِشاراتِ الآياتِ بِقَوْلِكَ جَلَّ جَلالُكَ :

( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (1).

فَنَحْنُ لَهُمْ مُوافِقُونَ ، فَنَتَناوَلُ الطَّعامَ الانَ حَيْثُ انَّهُمْ يُرْزَقُونَ فِي دِيارِ الرِّضْوانِ ، مُواساةً لَهُمْ فِي الإِمْساكِ وَالإِطْلاقِ ، فَاجْعَلْ ذلِكَ سَبَباً لِعِتْقِ الأَعْناقِ وَاللِّحاقِ لَهُمْ فِي دَرَجاتِ الصَّالِحِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 91


1- 1. آل عمران : 169.

الباب الثاني: فيما نذكره من مهام ليلة إحدى وعشرين من محرم ويومها ويوم ثامن وعشرين منه

اشارة

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه في كتاب حدائق الرياض الّذي أشرنا إليه ، فقال عند ذكر شهر محرم ما هذا لفظه :

وليلة إحدى وعشرين منه وكانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة كانت زفاف فاطمة ابنة (1) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعليها إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام ، يستحب صومه شكراً لله تعالى بما وقف من جمع حجّته وصفيّته (2) - (3).

أقول : وقد روي أصحابنا في كيفية زفافها المقدس اخبارا عظيمة الشّأن ، وانّما نذكره برواية واحدة من طريق الخطيب مصنّف تاريخ بغداد المتظاهر بعداوة أهل بيت النبوّة في المجلّد الثامن من عشرين مجلداً في ترجمة أحمد بن رميح بإسناده إلى ابن عباس قال :

لمّا زفت فاطمة إلى علي عليه السلام ، كان النّبيّ صلى اللّه عليه وآله قدّامها وجبرئيل عند يمينها ، وميكائيل عن (4) يسارها ، وسبعون الف ملك خلفها ، يسبّحون اللّه

ص: 92


1- 1. بنت ( خ ل ).
2- 2. صفوته ( خ ل ).
3- 3. عنه البحار 98 : 345 ، 43 : 92.
4- 4. على ( خ ل ).

ويقدّسونه حتى طلع الفجر (1).

أقول : فينبغي ان تكون تلك الليلة عندك من ليالي الإقبال وتتقرّب فيها إلى اللّه جلّ جلاله لصالح الأعمال ، فإنّها كانت (2) ابتداء غرس شجرة الحكمة الإلهيّة والرّحمة النبوية ، بإنشاء ائمّة البلاد والعباد والحجج لسلطان المعاد والحفظة للشرائع والأحكام والملوك للإسلام والهادين إلى شرف دار المقام ، وتوسّل بما في تلك اللّيلة السّعيدة من الأسرار المجيدة في كلّ حاجة لك قريبة أو بعيدة.

يقول علي بن موسى بن طاوس - مصنّف هذا الكتاب ، كتاب الإقبال - :

وكنت لمّا رأيت هذه الإشارة من الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان تغمّده اللّه بالرحمة والرضوان ، بأنّ فاطمة عليها السلام كان وقت دخولها على مولانا وإمامنا أمير المؤمنين علي عليه السلام ليلة إحدى وعشرين من محرّم ، أكاد ان أتوقّف في العمل عليها ، وأجد خلافا في روايات وقفت عليها ، فلمّا حضرت ليلة إحدى وعشرين من محرّم سنة خمس وخمسين وستمائة ، وانّا إذ ذلك ببغداد في داري بالمقيّدية ، عرّفت ذرّيّتي وعيالي وجماعتي بما ذكره الشيخ المفيد قدّس اللّه روحه ليقوموا في العمل وذكره مشروحة.

وجلست انظر في تذييل محمد بن النجار لاختار منه ما عزمت عليه من اخباره وفوائد إسراره ، فوقع نظري اتّفاقاً على حديث طريف يتضمّن زفاف فاطمة عليها السلام لمولانا علي عليه السلام كرامة لله جلّ جلاله وكرامة لأهل بيت النبوة ، فقلت : عسى أن يكون هذا الاتفاق مؤيداً للشّيخ المفيد فيما اعتمد هو عليه ، ويكون هذه الليلة ليلة الزفاف المقدس الّذي أشار إليه ، فإنّ هذا الحديث ما اذكر انّني وقفت من قبيل هذه اللّيلة عليه وخاصّته من هذا الطّريق ، وها انا ذا اذكر الحديث ، وباللّه العصمة والتوفيق.

فأقول : قد رأيت في هذه اللّيلة زفاف فاطمة والدتنا المعظّمة صلّى اللّه عليها الحديث المشار إليه من طرق الأربعة المذاهب فأحببت ذكره هاهنا.

ص: 93


1- 1. عنه البحار 43 : 92.
2- 2. كانت فيها ( خ ل ).

أخبرني به الشيخ محمد بن النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصريّة ببغداد ، فيما أجاز لي من كتاب تذييله على تاريخ أحمد بن ثابت صاحب تاريخ بغداد المعروف بالخطيب من المجلد العاشر من التذييل من النّسخة الّتي وقفها الخليفة المستعصم جزاه اللّه عنّا خير الجزاء برباط والدته ، في ترجمة أحمد بن محمد الدلال ، وهو أبو الطيب الشاهد من أهل سامراء.

حدث عن أحمد بن محمد الأطروش وأبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي ، روى عنه أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد بن يوسف البزاز وأبو محمّد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السّامريّان ، أخبرنا أبو علي ضياء بن أحمد بن أبي علي وأبو حامد عبد اللّه بن مسلم بن ثابت ويوسف بن الميّال بن كامل ، قالوا : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي (1) البزاز ، أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد البرسي ، قال : حدّثني حلبي القاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف السامري ، حدّثنا أبو الطيّب أحمد بن محمّد الشّاهد المعروف بالدلال ، أخبرنا محمّد بن أحمد المعروف بالأطروش ، أخبرنا أبو عمرو سليمان بن أبي معشر الجرابي ، أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، عن أسماء بنت واثلة بن الأسقع ، قال : سمعت أسماء بنت عميس الخثعميّة تقول :

سمعت سيّدتي فاطمة عليها السلام تقول :

ليلة دخلت بي علي بن أبي طالب عليه السلام أفزعني في فراشي ، قلت : وأفزعت (2) يا سيّدة النساء؟ قالت : سمعت الأرض تحدّثه ويحدّثها ، فأصبحت وانا فزعة ، فأخبرت والدي صلى اللّه عليه وآله ، فسجد سجدة طويلة ثم رفع رأسه ، فقال : يا فاطمة أبشري بطيب النسل ، فان اللّه فضّل بعلك على سائر خلقه ، وأمر الأرض تحدّثه بأخبارها وما يجري على وجهها من شرقها إلى غربها (3)- هذا لفظ ما رويناه وما رأيناه.

أقول : وامّا صوم يومها كما قال شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه ، فهو الثّقة الأمين

ص: 94


1- 1. محمد بن محمد بن عبد الباقي ( خ ل ).
2- 2. بم أفزعت ( ظ ).
3- 3. عنه البحار 43 : 118 ، مدينة المعاجز : 16 و111.

الّذي يعمل بقوله في ذلك ويعتمد عليه ، فصم شاكراً وكن لفضل اللّه عزّ وجلّ ناشراً ولأيّامه المعظمة ذاكراً ، فإنّه جلّ جلاله أراد الاذّكار بأيّامه من المخلصين لله ، فقال : ( وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ ) (1).

فصل (1): فيما نذكره عن يوم ثامن وعشرين من محرم

اعلم انّ في مثل هذا يوم ثامن وعشرين محرّم ، وكان يوم الاثنين سنة ستّ وخمسين وستّمائة فتح ملك الأرض زيدت رحمته ومعدلته ببغداد ، وكنت مقيماً بها في داري بالمقيّدية ، وظهر في ذلك تصديق الاخبار النبوية ومعجزات باهرة للنبوّة المحمّديّة ، وبتنا في ليلة هائلة من المخاوف الدنيويّة.

فسلّمنا اللّه جلّ جلاله من تلك الأهوال ولم نزل في حمى السلامة الإلهية وتصديق ما عرفناه من الوعود النبويّة ، الى ان استدعاني ملك الأرض إلى دركاته المعظّمة ، جزاه اللّه بالمجازاة المكرّمة في صفر وولاّني على العلويّين والعلماء والزّهاد ، وصحبت معي نحو الف نفس ، ومعنا من جانبه من حمانا ، الى ان وصلت الحلّة ظافرين بالآمال.

وقد قررت مع نفسي انّني أصلّي في كلّ يوم من مثل اليوم المذكور ركعتي الشكر للسّلامة من ذلك المحذور ولتصديق جدّنا محمد صلوات اللّه وسلامه عليه وآله فيما كان أخبر به من متجدّدات الدهور ، وأدعو لملك الأرض بالدعاء المبرور ، وفي ذلك اليوم زالت دولة بني العباس كما وصف مولانا علي عليها السلام زوالها في الاخبار التي شاعت بين الناس.

وينبغي ان يختم شهر محرّم بما قدّمناه من خاتمة أمثاله ، ونسأل اللّه تعالى ان لا يخرجنا من حماه عند انفصاله ، وهذا الفصل زيادة في هذا الجزء بعد تصنيفه في التاريخ الّذي ذكرناه.

ص: 95


1- 1. إبراهيم : 5.

الباب الثالث: فيما يتعلّق بشهر صفر

اشارة

وفيه عدّة فصول :

فصل (1): فيما نذكره ممّا يعمل عند استهلاله

وذكر ذلك صاحب كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : الدعاء في صفر ، تقول عند استهلاله :

اللّهُمَّ انْتَ اللّهُ الْعَلِيمُ الْخالِقُ الرّازِقُ ، وَانْتَ اللّهُ الْقَدِيرُ الْمُقْتَدِرُ الْقادِرُ ، اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُعَرِّفَنا بَرَكَةَ هذَا الشَّهْرِ وَيُمْنَهُ وَتَرْزُقَنا خَيْرَهُ وَتَصْرِفَ عَنّا شَرَّهُ وَتَجْعَلَنا فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي اكْثَرَ الْعالَمِينَ قَدْراً ، وَأَبْسَطَهُمْ عِلْماً ، وَاعَزَّهُمْ عِنْدَكَ مَقاماً ، وَاكْرَمَهُمْ لَدَيْكَ جاهاً ، كَما خَلَقْتَ آدَمَ عليه السلام مِنْ تُرابٍ ، وَنَفَخْتَ فِيهِ مِنْ رُوحِكَ ، وَأَسْجَدْتَ لَهُ مَلائِكَتَكَ ، وَعَلَّمْتَهُ الأَسْماءَ كُلَّها ، وَجَعَلْتَهُ خَلِيفَةً فِي ارْضِكَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْكَ ، وَكَرَّمْتَ ذُرِّيَّتَهُ وَفَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ.

ص: 96

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَمِنْكَ النَّعْماءُ ، وَلَكَ الشُّكْرُ دائِماً ، يا لَطِيفاً بِعِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، يا سَمِيعَ الدُّعاءِ ارْحَمْ وَاسْتَجِبْ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلا اعْلَمُ ، وَتَقْدِرُ وَلا اقْدِرُ وَانْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، فَاجْعَلْ قَلْبِي وَعَزْمِي وَهِمَّتِي وِفْقَ مَشِيَّتِكَ (1) وَأَسِيرَ امْرِكَ.

اللّهُمَّ انِّي لا اقْدِرُ انْ اسْأَلَكَ إلاّ بِاذْنِكَ ، وَلا اقْدِرُ الاّ انْ اسْأَلَكَ بَعْدَ اذْنِكَ ، خَوْفاً مِنْ إِعْراضِكَ وَغَضَبِكَ ، فَكُنْ حَسْبِي ، يا مَنْ هُوَ الْحَسْبُ وَالْوَكِيلُ وَالنَّصِيرُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِياءِكَ الْمُرْسَلِينَ (2) وَعِبادِكَ الصّالِحِينَ ، يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ ، يا جالِيَ الأَحْزانِ (3) ، يا مُوَسِّعَ الضِّيقِ ، يا مَنْ هُوَ أَوْلى بِخَلْقِهِ مِنْ انْفُسِهِمْ ، وَيا فاطِرَ تِلْكَ الانْفُسِ انْفُساً ، وَمُلْهِمَها فُجُورَها وَالتَّقْوى ، نَزَلَ بِي يا فارِجَ الْهَمِّ همٌّ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً وَصَدْراً ، حَتّى خَشِيتُ انْ يَكُونَ عَرَضَتْ فِتْنَةٌ.

يا اللّهُ فَبِذِكْرِكَ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ (4) وَقَلِّبْ قَلْبِي مِنْ (5) الْهُمُومِ الَى الرَّوْحِ وَالدَّعَةَ ، وَلا تَشْغَلْنِي عَنْ ذِكْرِكَ بِتَرْكِكَ ما بِي مِنَ الْهُمُومِ انِّي الَيْكَ مُتَضَرِّعٌ.

اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي لا يُوصَفُ الاّ بِالْمَعْنى بِكِتْمانِكَ فِي غُيُوبِكَ ذِي النُّورِ وَانْ تُجَلِّيَ بِحَقِّهِ أَحْزانِي ، وَتَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي بِكُشُوطِ الْهَمِ (6) يا كَرِيمُ (7).

فصل (2): فيما نذكره من عمل يوم الثالث من صفر

وجدناه في كتب أصحابنا قال ما هذا لفظه :

ص: 97


1- 1. ونيتي وقف ( خ ل ).
2- 2. أنبياءك والمرسلين ( خ ل ).
3- 3. جالي من الانجلاء بمعنى الكشف ، أي كاشف الأحزان.
4- 4. وآل محمد ( خ ل ).
5- 5. عن ( خ ل ).
6- 6. بكشوط الهم : بكشف الهم.
7- 7. عنه البحار 98 : 346.

صفر في الثالث منه يستحبّ ان يصلّي ركعتان ، في الأولى الحمد مرّة و ( إِنَّا فَتَحْنا ) ، وفي الثانية الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة ، فإذا سلّم صلّى على النبيّ وآله مائة مرة ، ولعن آل أبي سفيان مائة مرة ، واستغفر مائة مرة ، وسأل حاجته (1).

فصل (3): فيما نذكره في يوم عاشر صفر مما يخصّني ويخصّ ذريّتي وانّه من أيام سعادتي

اعلم انّ يوم عاشر صفر سنة ستّ وخمسين وستمائة كان يوم حضوري بين يدي ملك الأرض زيدت رحمته ومعدلته ، وشملتني فيه عنايته وظفرت فيه بالأمان والإحسان ، وحُقنت فيه دماؤنا ، وحفظت فيه حرمنا وأطفالنا ونساؤنا ، وسلّم على أيدينا خلق كثير من الأصدقاء والأسرة والاخوان ، ودخلوا بطريقنا في الأمان كما أشرنا إليه في أواخر محرم ، فهو يوم من أعظم الأعياد.

فيلزمني الشكر فيه والدعاء على مقتضى رضا سلطان المعاد مدّة حياتي بين العباد ، ويلزم من يأتي بعدي من الذريّة والأولاد ، فإنّه يوم كان سبب بقائهم وبقاء من يأتي من أبنائهم وسعادة دار فنائهم ودار بقائهم ، فلا يهملوا فضل هذا اليوم وما يجب فيه ، وفّقنا اللّه تعالى وإيّاهم لمراضيه ، وهذا الفصل استدركناه بعد تصنيف الكتاب في التاريخ الذي قدّمناه.

فصل (4): فيما نذكره من الجواب عمّا ظهر في ان ردّ رأس مولانا الحسين عليه السلام كان يوم العشرين من صفر

اعلم انّ إعادة رأس مقدّس مولانا الحسين صلوات اللّه عليه إلى جسده الشريف

ص: 98


1- 1. عنه البحار 98 : 347.

يشهد به لسان القرآن العظيم المنيف ، حيث قال اللّه جلّ جلاله ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (1) ، فهل بقي شك حيث أخبر اللّه انّه من حيث استشهد حيّ عند ربّه مرزوق مصون ، فلا ينبغي ان يشكّ في هذا العارفون.

وامّا كيفية إحيائه بعد شهادته وكيفية جمع رأسه الشريف إلى جسده بعد مفارقته :

فهذا سؤال يكون فيه سوء أدب من العبد على اللّه جلّ جلاله ان يعرّفه كيفيّة تدبير مقدوراته ، وهو جهل من العبد واقدام ما لم يكلّف العلم به ولا السؤال عن صفاته.

وامّا تعيين الإعادة يوم الأربعين من قتله ، والوقت الّذي قتل فيه الحسين صلوات اللّه وسلامه عليه ، ونقله اللّه جلّ جلاله إلى شرف فضله كان الإسلام مقلوباً والحقّ مغلوباً ، وما تكون الإعادة بأمور دنيويّة.

والظّاهر انّها بقدرة الإلهيّة (2) ، لكن وجدت نحو عشر روايات مختلفات في حديث الرأس الشريف كلّها منقولات.

ولم اذكر إلى الآن انّني وقفت ولا رويت تسمية أحد ممّن كان من الشّام حتّى اعادوه إلى جسده الشريف بالحائر عليه أفضل السلام ، ولا كيفيّة لحمله من الشام إلى الحائر على صاحبه أكمل التحيّة والإكرام ، ولا كيفيّة لدخول حرمه المعظّم ولا من حفر ضريحه المقدّس المكرّم حتّى عاد إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد أو في الضريح مضموماً إليه.

فليقتصر الإنسان على ما يجب عليه من تصديق القرآن ، من انّ الجسد المقدس تكمل عقيب الشّهادة وانّه حيّ يرزق في دار السعادة ، ففي بيان الكتاب العزيز ما يغني عن زيادة دليل وبرهان.

ص: 99


1- 1. آل عمران : 169.
2- 2. الإله ( خ ل ).

فصل (5)

فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر وألفاظ الزيارة بما نرويه من الخبر

روينا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فيما رواه بإسناده إلى مولانا الحسن بن علي العسكري صلوات اللّه عليه انه قال : علامات المؤمن خمس : صلاة (1) إحدى وخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم باليمين (2) ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم (3).

أقول : فإن قيل : كيف يكون يوم العشرين من صفر يوم الأربعين ، إذا كان قتل الحسين صلوات اللّه عليه يوم عاشر من محرّم ، فيكون يوم العاشر من جملة الأربعين ، فيصير أحداً وأربعين؟ فيقال : لعلّه قد كان شهر محرّم الّذي قتل فيه صلوات اللّه عليه ناقصا وكان يوم عشرين من صفر تمام أربعين يوما ، فإنّه حيث ضُبط يوم الأربعين بالعشرين من صفر ، فامّا ان يكون الشهر كما قلنا ناقصا أو يكون تاما ويكون يوم قتله صلوات اللّه عليه غير محسوب من عدد الأربعين ، لأنّ قتله كان في أواخر نهاره فلم يحصل ذلك اليوم كلّه في العدد ، وهذا تأويل كاف للعارفين ، وهم اعرف بأسرار ربّ العالمين في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين.

فصل : ووجدت في المصباح انّ حرم الحسين 7 وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين 7 يوم العشرين من صفر (4) ، وفي غير المصباح انّهم وصلوا كربلاء أيضاً في عودهم من الشّام يوم العشرين من صفر ، وكلاهما مستبعد لانّ

ص: 100


1- 1. صلوات ( خ ل ).
2- 2. في اليمين ( خ ل ).
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 787 ، عنه البحار 98 : 348 ، الوسائل 3 : 42 ، رواه في مصباح الزائر : 347 ، المزار الكبير : 143 ، المزار للمفيد : 61 ، روضة الواعظين : 234 كامل الزيارات : 173 ، مصباح الكفعمي : 489. أخرجه عن بعض المصادر البحار 101 : 3. 82 : 292 ، 85 : 75.
4- مصباح المتهجد 2 : 787.

عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه كتب إلى يزيد يعرّفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتّى عاد الجواب إليه ، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوما أو أكثر منها ، ولانّه لما حملهم الى الشام روي أنّهم أقاموا فيها شهرا في موضع لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، وصورة الحال يقتضي انّهم تأخّروا أكثر من أربعين يوماً من يوم قتل عليه السلام إلى ان وصلوا العراق أو المدينة.

وامّا جوازهم في عودهم على كربلاء فيمكن ذلك ، ولكنّه ما يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر ، لأنّهم اجتمعوا على ما روى جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، فإن كان جابر وصل زائراً من الحجاز فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه أكثر من أربعين يوما ، وعلى ان يكون جابر وصل من غير الحجاز من الكوفة أو غيرها.

وامّا زيارته عليه السلام في هذا اليوم :

فانّنا روينا بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال : حدّثنا محمد بن علي بن معمر ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن مسعدة والحسن بن علي بن فضال ، عن سعدان بن مسلم ، عن صفوان بن مهران قال : قال لي مولاي الصادق عليه السلام في زيارة الأربعين : تزور عند ارتفاع النهار فتقول :

السَّلامُ عَلى وَلِيِّ اللّهِ وَحَبِيبِهِ ، السَّلامُ عَلى خَلِيلِ اللّهِ وَنَجِيبِهِ (1) ، السَّلامُ عَلى صَفِيِّ اللّهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ ، السَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلى أَسِيرِ الْكُرُباتِ وَقَتِيلِ الْعَبَراتِ (2).

اللّهُمَّ انِّي اشْهَدُ انَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ ، وَصَفِيُّكَ وَابْنُ صَفِيِّكَ ، الْفائِزُ بِكَرامَتِكَ ، اكْرَمْتَهُ بِالشَّهادَةِ وَحَبَوْتَهُ (3) بِالسَّعادَةِ ، وَاجْتَبَيْتَهُ بِطِيبِ الْوِلادَةِ ، وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ ، وَقائِداً مِنَ الْقادَةِ ، وَذائِداً مِنَ الذَّادَةِ ، (4) وَاعْطَيْتَهُ

ص: 101


1- 1. في المصباح : نجيّة.
2- 2. العبرة : الدمعة قبل ان يفيض.
3- 3. الحبوة : قربه ومنعه - ضد.
4- 4. الذود : السوق والطرد أي يدفع عن الإسلام والمسلمين ما يوجب الفساد.

مَوارِيثَ الأَنْبِياءِ ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلى خَلْقِكَ مِنَ الأَوْصِياءِ.

فَاعْذَرَ (1) فِي الدُّعاءِ ، وَمَنَحَ (2) النُّصْحَ ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ (3) عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ ، وَقَدْ تَوازَرَ عَلَيْهِ (4) مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا وَباعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ الأَدْنى ، وَشَرى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الاوْكَسِ (5) ، وَتَغَطْرَسَ (6) وَتَرَدّى (7) فِي هَواهُ.

وَاسْخَطَكَ وَاسْخَطَ نَبِيَّكَ ، وَأَطاعَ مِنْ عِبادِكَ اهْلَ الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ وَحَمَلَةَ الأَوْزارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النّارَ ، فَجاهَدَهُمْ فِيكَ صابِراً مُحْتَسِباً (8) ، حَتّى سُفِكَ فِي طاعَتِكَ دَمُهُ وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ ، اللّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَثِيراً وَبِيلاً (9) ، وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً أَلِيماً.

أَنَا يا مَوْلايَ عَبْدُ اللّهِ وَزائِرُكَ جِئْتُكَ مُشْتاقاً ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً الَى اللّهِ ، يا سَيِّدِي ، اسْتَشْفِعُ الَى اللّهِ بِجَدِّكَ سَيِّدِ النَّبِيِّينَ ، وَبِأَبِيكَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، وَبِأُمِّكَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَيِّدِ الأَوْصِياءِ.

اشْهَدُ انَّكَ أَمِينُ اللّهِ وَابْنُ امِينِهِ ، عِشْتَ سَعِيداً وَمَضَيْتَ حَمِيداً ، وَمُتَّ فَقِيداً مَظْلُوماً شَهِيداً ، وَاشْهَدُ انَّ اللّهَ مُنْجِزٌ لَكَ ما وَعَدَكَ ، وَمُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ ، وَمُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ ، وَاشْهَدُ انَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللّهِ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِهِ ، حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ ، فَلَعَنَ اللّهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ ظَلَمَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ أُمَّةً

ص: 102


1- 1. أعذر : أبدى عذرا.
2- 2. منحه : أعطاه.
3- 3. النقذ : التخليص.
4- 4. وأزر على الأمر : عاونه وقوّاه.
5- 5. الأوكس : الأنقص.
6- 6. تغطرس : أعجب بنفسه.
7- 7. تردّى : سقط.
8- 8. احتسب عليه : أنكر.
9- 9. الوبيل : الشديد.

سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

اللّهُمَّ إِنِّي اشْهِدُكَ انِّي وَلِيٌّ لِمَنْ والاهُ ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُ ، بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، اشْهَدُ انَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الأَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرْحامَ الْمُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمّاتُ (1) مِنْ ثِيابِها ، وَاشْهَدُ انَّكَ مِنْ دَعائِمِ الدِّينِ وَأَرْكانِ الْمُسْلِمِينَ (2) وَمَعْقِلِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَاشْهَدُ انَّكَ الإِمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ ، وَاشْهَدُ أَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوى وَاعْلامُ الْهُدى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى ، وَالْحُجَّةُ عَلى اهْلِ الدُّنْيا ، وَاشْهَدُ انِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ ، وَبإِيابِكُمْ مُوقِنٌ ، بِشَرائِعِ دِينِي وَخَواتِيمِ (3) عَمَلِي ، وَقَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ ، وَامْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ ، حَتّى يَأْذَنَ اللّهُ لَكُمْ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ ، آمِينَ رَبَّ الْعالمِينَ ، ثمّ تصلّي ركعتين وتدعو بما أحببت ، وتنصرف ان شاء اللّه (4).

أقول : ووجدت لهذه الزيارة وداعاً يختصّ بها ، وهو ان تقف قدّام الضريح وتقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ عَلِيِّ الْمُرْتَضى وَصِيِّ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الْحَسَنِ الزَّكِيِّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّهِ فِي ارْضِهِ وَشاهِدَهُ عَلى خَلْقِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا عَبْدِ اللّهِ الشَّهِيدِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ وَابْنَ مَوْلايَ.

اشْهَدُ انَّكَ قَدْ اقَمْتَ الصَّلاةَ وَأتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ

ص: 103


1- 1. ادلهمّ الليل : اشتد سوادها.
2- 2. المؤمنين ( خ ل ).
3- 3. بخواتيم ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 101 : 231 ، رواه في التهذيب 6 : 113 ، مصباح الزائر : 152 ، مزار الشهيد : 57 ، المزار الكبير : 171 ، مصباح المتهجد 2 : 788.

عَنِ الْمُنْكَرِ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ ، وَاشْهَدُ انَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، اتَيْتُكَ يا مَوْلايَ زائِراً وافِداً راغِباً ، مُقِرّاً لَكَ بِالذُّنُوبِ ، هارِباً الَيْكَ مِنَ الْخَطايا لِتَشْفَعَ لِي عِنْدَ رَبِّكَ.

يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ حَيّاً وَمَيِّتاً ، فَانَّ لَكَ عِنْدَ اللّهِ مَقاماً مَعْلُوماً وَشَفاعَةً مَقْبُولَةً ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ ظَلَمَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ حَرَمَكَ وَغَصَبَ حَقَّكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ خَذَلَكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ دَعَوْتَهُ فَلَمْ يُجِبْكَ وَلَمْ يُعِنْكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ مَنَعَكَ مِنْ حَرَمِ اللّهِ وَحَرَمِ رَسُولِهِ وَحَرَمَ أَبِيكَ وَأَخِيكَ ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ مَنَعَكَ مِنْ شُرْبِ ماءِ الْفُراتِ لَعْناً كَثِيراً يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضاً.

( اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ، ) اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِهِ ، وَارْزُقْنِيهِ ابَداً ما بَقِيتُ وَحَييتُ يا رَبِّ ، وَانْ مِتُّ فَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ ، يا ارْحَمَ الرّاحِمِينَ (1).

وامّا زيارة العباس بن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وزيارة الشهداء مع مولانا الحسين ، فتزورهم في هذا اليوم بما قدمناه من زيارتهم في يوم عاشوراء ، وان شاء بغيرها من زياراتهم المنقولة عن الأصفياء.

ص: 104


1- 1. عنه البحار 101 : 332 ، رواه في مصباح الزائر : 153.

الباب الرابع: فيما نذكره ممّا يختصّ بشهر ربيع الأول ، وما فيه من عمل مفصّل

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من التّنبيه على فضل هذا الشهر وما فيه

اعلم انّ هذا شهر ربيع الأوّل ، جرى فيه من الفضل المكمّل ما لم يجر في غيره من شهور العالم ، فانّ فيه كانت ولادة سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وسيأتي ما يفتحه اللّه تعالى من فضل مقدّس ولادته في الفصل المختصّ بها على ما نقدر عليه من حقيقته ، وفيه كانت مهاجرة النّبيّ صلى اللّه عليه وآله من مكّة إلى المدينة ، وسلامته من كيد الأعداء الكارهين لإرساله ، ممّا أرادوه من ذهاب نفسه الشريف ومنعه من آماله.

وقد روينا عن شيخنا المفيد رضوان اللّه تعالى عليه من كتاب حدائق الرياض عند ذكر شهر ربيع الأول ما هذا لفظه :

أوّل يوم منه هاجر (1) النبي صلى اللّه عليه وآله من مكة إلى المدينة سنة ثلاثة عشرة من مبعثه ، وكان ذلك يوم الخميس ، يستحبّ صيامه لما أظهر اللّه فيه من أمر نبيه والنجاة من عدوه (2).

ص: 105


1- 1. مهاجر ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 98 : 350.

أقول : فهو يوم صومه منقول وفضله مقبول ، فصمه على قدر الفوائد بالشكر على سلامة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وما فتح بالمهاجرة من سعادة الدنيا والمعاد ، ويحسن ان تصلّي صلاة الشكر الّتي نذكرها في كتاب السعادات بالعبادات الّتي ليس لها أوقات معيّنات وتدعوا بدعائها ، فإنه يوم عظيم السعادة ، فما احقّه بالشكر والصدقات والمبرّات.

وقال جدّي أبو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه في المصباح : « ان هجرته كانت ليلة الخميس أول شهر ربيع الأول » (1).

والظاهر انّه توجّهه من مكة إلى الغار كان ليلا ولم يكن بالنّهار ، لانّ الخائف الذي يريد ستر حاله ما يكون سفره نهارا من بين أعدائه المتطلعين على أعماله ، ولانّ مبيت مولانا على صلوات اللّه عليه على فراشه يفديه بمهجته شاهده انّ التوجه كان ليلا بغير شك في صفته ، وقال المفيد في التواريخ الشرعية : ان الهجرة كانت ليلة الخميس أول ربيع الأول.

ولعل ناسخ كتاب الحدائق غلط في ذكره اليوم عوض الليلة ، أو قد حذف الليلة كما قال اللّه تعالى ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) (2) ، أراد أهل القرية (3).

ذكر ما فتحه اللّه علينا من أسرار هذه المهاجرة وما فيها من العجائب الباهرة :

منها : تعريف اللّه جلّ جلاله لعباده لو أراد قهر أعداء رسوله محمّد صلى اللّه عليه وآله ما كان يحتاج إلى مهاجرته ليلا على تلك المساترة ، وكان قادراً ان ينصره وهو بمكّة من غير مخاطرة بآيات وعنايات باهرة ، كما انّه كان قادراً ان ينصر عيسى بن مريم علي اليهود بالآيات والعساكر والجنود ، فلم تقتض الحكمة الإلهية الاّ رفعه إلى السماوات العلية ، ولم يكن له مصلحة في مقامه في الدنيا بالكليّة ، فليكن العبد راضياً بما يراه مولاه له من التّدبير في القليل والكثير ، ولا يكن اللّه جلّ جلاله دون وكيل الإنسان في أموره الّذي يرضى بتدبيره ، ولا دون جاريته أو زوجته في داره الّتي يثق إليها في تدبير إيثاره.

ص: 106


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 791.
2- 2. يوسف : 82.
3- 3. عنه البحار 98 : 350.

ومنها : التنبيه على انّ الّذي صحبه إلى الغار - على ما تضمّن (1) وصف صحبته في الاخبار - يصلح في تلك الحادثات الاّ للهرب ولأوقات الذل والخوف من الاخطار الّتي يصلح لها مثل النّساء الضّعيفات ، والغلمان الّذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من

المخافاة ، وما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر الأعداء ، ولا ان يكون معه بسلاح ولا قوة لمنع شيء من البلاد.

ومنها : انّ الطبري في تاريخه وأحمد بن حنبل رويا في كتابيهما انّ هذا الرّجل المشار اليه ما كان عارفا بتوجّه النّبي صلوات اللّه عليه ، وانّه جاء إلى مولانا علي عليه السلام فسأله عنه ، فأخبره أنه توجّه فتبعه بعد توجّهه حتّى تظفر به ، وتأذّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالخوف منه ، لمّا توجه لما تبعه وعثر بحجر ففلق قدمه.

فقال الطبري في تاريخه ما هذا لفظه :

« فخرج أبو بكر مسرعا ولحق نبي اللّه صلى اللّه عليه وآله في الطريق ، فسمع النبي جرس أبي بكر في ظلمة الليل ، فحسبه من المشركين ، فأسرع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يمشي ، فانقطع (2) قبال نعله ، ففلق إبهامه حجر وكثر دمها ، فأسرع المشي فخاف أبو بكر ان يشقّ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فرفع صوته وتكلم ، فعرفه رسول اللّه ، فقام حين أتاه ، فانطلقا ورجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله تشرّ (3) دماً حتّى انتهى إلى الغار مع الصبح ، فدخلاه وأصبح الرهط الّذين كانوا يرصدون رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فدخلوا الدّار ، فقام علي عليه السلام عن فراشه ، فلمّا دنوا منه عرفوه ، فقالوا له : اين صاحبك؟ قال : لا أدري ، أو رقيبا كنت عليه أمرتموه بالخروج ، فخرج ، فانتهروه (4) وضربوه وأخرجوه إلى المسجد ، فحبسوه ساعة ثم تركوه ونجى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله. » (5)

أقول : وما كان حيث لقيه يتهيّأ أن يتركه النبي صلى اللّه عليه وآله ويبعد منه خوفا

ص: 107


1- 1. تضمنه ( خ ل ).
2- 2. فقطع ( خ ل ).
3- 3. شرّ الماء : تقاطر متتابعاً.
4- 4. انتهر السائل : زجره.
5- 5. تاريخ الطبري 1 : 568.

أن يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه ، وهو رجل جبان ، فيؤخذ النبي صلى اللّه عليه وآله ويذهب الإسلام بكماله ، لأنّ أبا بكر أراد بكر أراد الهرب من مكّة ومفارقة النبي عليه السلام قبل هجرته ، على ما ذكره الطبري في حديث الهجرة ، فقال ما هذا لفظه :

« وكان أبو بكر كثيراً ما يستأذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في الهجرة ويقول له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تعجل. » (1)

أقول : فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفّار ، فكيف يؤمن منه الهرب بعد الطلب ، وكان أخذه معه حيث أدركه من الضّرورات الّتي اقتضاها الاستظهار في حفظ النبي صلوات اللّه عليه وسلامه ، من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك الساعة ، وقد جرت العادة ان الهرب مقام تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان الضعيف ، ولا روى فيما علمت انّ أبا بكر كان معه سلاح يدفع به عن النّبي صلوات اللّه عليه ولا حمل معه شيئاً يحتاج إليه.

وما ادري كيف اعتقد المخالفون انّ لهذا الرجل فضيلة في الموافقة في الهرب ، وقد استأذنه مراراً ان يهرب ، ويترك النبي عليه السلام في يد الأعداء الذين يتهدّدونه بالعطب ان اعتقاد فضيلة لأبي بكر في هذا الذلّ من أعجب العجب.

ومنها : التكسّر على النبي صلى اللّه عليه وآله بجزع صاحبه في الغار ، وقد كان يكفي النبي صلى اللّه عليه وآله تعلّق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار ، فزاده جزع صاحبه شغلاً في خاطره المقدس ، ولو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه واشتغال سرائره.

ومنها : انّه لو كان حزنه شفقة على النبي صلى اللّه عليه وآله ، أو على ذهاب الإسلام ، كان قد نهى عنه ، وفيه كشف انّ حزنه كان مخالفا لما يراد منه.

ومنها : انّ النّبي صلوات اللّه عليه ما بقي يأمن ان لم يكن أوحى إليه انّه لا خوف عليه ان يبلغ صاحبه من الجزع الذي ظهر عليه ، الى ان يخرج من الغار ويخبر به الطالبين له

ص: 108


1- 1. تاريخ الطبري 1 : 565.

من الأشرار ، فصار معه كالمشغول صلوات اللّه عليه بحفظ نفسه من ذلّ صاحبه وضعفه ، زيادة على ما كان مشغولاً صلوات اللّه عليه وآله بحفظ نفسه.

ومن أسرار هذه المهاجرة أنّ مولانا علي عليه السلام بات على فراش المخاطرة ، وجاد بمهجته لمالك الدنيا والآخرة ، ولرسوله صلوات اللّه عليه فاتح أبواب النعم الباطنة والظاهرة ، ولو لا ذلك المبيت واعتقاد الأعداء أنّ النائم على الفراش هو سيد الأنبياء ، والاّ ما كانوا صبروا عن طلبه إلى النهار حتى وصل إلى الغار ، وكانت سلامة صاحب الرّسالة من قبل أهل الضلالة ، صادرة عن تدبير اللّه جلّ جلاله بمبيت مولانا علي عليه السلام في مكانه ، وآية باهرة لمولانا علي عليه السلام شاهدة بتعظيم شأنه وأَسَفاً لأجل وصيّه عليه أفضل السلام في الثبوت في ذلك المقام.

وانزل اللّه جلّ جلاله في مقدس قرآنه ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (1) ، فأخبر أن سريرة مولانا علي عليه السلام كانت بيعاً لنفسه الشريفة وطلباً لمرضاة اللّه جلّ جلاله دون كل مراد.

وقد ذكرنا في الطرائف من روى هذا الحديث من المخالف ومباهاة اللّه جلّ جلاله تلك الليلة بجبرئيل وميكائيل في بيع مولانا علي عليه السلام بمهجته ، وانه سمح بما لم يسمح به خواصّ ملائكته (2).

ومنها : انّ اللّه جلّ جلاله زاد مولانا علياً عليه السلام من القوّة الإلهية والقدرة الربانية إلى انّه ما قنع له ان يفدي النبي صلوات اللّه عليه بنفسه الشريفة النبي صلوات اللّه عليه بنفسه الشريفة حتّى أمره ان يكون مقيماً بعده في مكّة مهاجراً للأعداء ، وانّه قد هربه منهم وستره بالمبيت على الفراش وغطّاه عنهم ، وهذا ما لا يحتمله قوّة البشر الاّ بآيات باهرة من واهب النفع ودافع الضرر.

ومنها : ان اللّه جلّ جلاله لم يقنع لمولانا علي عليه السلام بهذه الغاية الجليلة ، حتّى

ص: 109


1- 1. البقرة : 207.
2- 2. الطرائف : 26 ، مسند أحمد بن حنبل 1 : 331 ، العمدة : 123 ، إحقاق الحق ( عن الثعلبي ) 6 : 479 ، البحار 36 : 41.

زاده من المناقب الجميلة وجعله أهلاً أن يقيم ثلاثة أيام بمكة لحفظ عيال سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وان يسير بهم ظاهراً على رغم الأعداء ، وهو وحيد من رجاله ومن يساعده ، على ما بلغ من المخاطرة إليه.

ومنها : انّ هذا الاستسلام من مولانا علي صلوات اللّه عليه للقتل وفدية النبي صلوات اللّه عليه ، أظهر مقاماً وأعظم تماماً من استسلام جدّه الذبيح إسماعيل لإبراهيم الخليل عليه وعليهم السلام ، لأنّ ذلك استسلام لوالد شفيق يجوز معه ان يرحمه اللّه جلّ جلاله ويقيه من ذبح ولده ، كما جرى الحال عليه من التوفيق ، ومولانا علي عليه السلام استسلم للأعداء ، الّذين لا يرحمون ولا يرجون لمسامحة في البلاء.

ومنها : انّ إسماعيل عليه السلام كان يجوّز انّ اللّه جلّ جلاله يكرّم أباه بأنّه لا يجد للذّبح ألماً ، فإن اللّه تعالى قادر ان يجعله سهلاً ، رحمة لأبيه وتكرماً ، ومولانا علي عليه السلام استسلم للّذين طبعهم القتل في الحال على الاستقصاء وترك الإبقاء والتعذيب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.

ومنها : انّ ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل عليه السلام ما كان فيه شماتة ومغالبة ومقاهرة من أهل العداواة ، وانّما هو شيء من الطاعات المقتضية للسعادات والعنايات ، ومولانا علي عليه السلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء والفتك (1) به ، بأبلغ غايات الاشتقاء والاعتداء ، والتمثيل بمهجته الشريفة والتعذيب له بكلّ إرادة من الكفّار سخيفة.

ومنها : انّ العادة قاضية وحاكمة انّ زعيم العسكر إذا اختفى أو اندفع عن مقام الاخطار وانكسر علم القوة والاقتدار ، فإنّه لا يكلّف رعيّته المتعلّقون عليه ان يقفوا موقفاً قد فارقه زعيمهم وكان معذوراً في ترك الصبر عليه ، ومولانا علي عليه السلام كلّف الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمه الّذي يعوّل عليه صلوات اللّه وسلامه عليه ، وانكسر فيها علم القوّة الذي تنظر عيون الجيش إليه ، فوقف مولانا على صلوات

ص: 110


1- 1. فتك به : بطش به أو قتله على غفلة.

اللّه عليه وزعيمه غير حاضر ، فهو موقف قاهر ، وهذا فضل من اللّه جلّ جلاله لمولانا علي عليه السلام باهر وبمعجزات تخرق عقول ذوي الألباب وتكشف لك انه القائم مقامه في الأسباب.

ومنها : انّه فدية مولانا علي عليه السلام لسيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كانت من أسباب التمكين من مهاجرته ، ومن كل ما جرى من السعادات والعنايات بنبوّته ، فيكون مولانا علي عليه السلام قد صار من أسباب التمكين من كلّ ما جرت حال الرسالة عليه ومشاركا له في كل خير فعله النبي صلى اللّه عليه وآله وبلغ حاله إليه.

وقد اقتصرت في ذكر أسرار المهاجرة الشريفة النبوية على هذه المقامات الدّينيّة ، ولو أردت باللّه جلّ جلاله أوردت مجلّدا منفرداً في هذه الحال ، ولكن هذا كاف شاف للمنصفين وأهل الإقبال.

فصل (2): فيما نذكره ممّا يدعي به في غرّة شهر ربيع الأول

وجدنا ذلك في كتاب المختصر من المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : الدعاء في غرّة ربيع الأول ، نقول :

اللّهُمَّ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ، يا ذَا الطَّوْلِ وَالْقُوَّةِ ، وَالْحَوْلِ وَالْعِزَّةِ ، سُبْحانَكَ ما أَعْظَمَ وَحْدانِيَّتَكَ ، وَأَقْدَمَ صَمَدِيَّتَكَ ، وَأَوْحَدَ إِلهِيَّتَكَ ، وَأَبْيَنَ رُبُوبِيَّتَكَ ، وَأَظْهَرَ جَلالَكَ ، وَأَشْرَفَ بَهاءَ آلائِكَ ، وَأَبْهى كَمالَ صَنائِعِكَ (1) ، وَأَعْظَمَكَ فِي كِبْرِيائِكَ ، وَأَقْدَمَكَ فِي سُلْطانِكَ ، وَأَنْوَرَكَ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ ، وَأَقْدَمَ مُلْكَكَ ، وَأَدْوَمَ عِزَّكَ ، وَأَكْرَمَ عَفْوَكَ ، وَأَوْسَعَ حِلْمَكَ ، وَأَغْمَضَ عِلْمَكَ ، وَأَنْفَذَ قُدْرَتَكَ ، وَأَحْوَطَ قُرْبَكَ.

أَسْأَلُكَ بِنُورِكَ الْقَدِيمِ ، وَأَسْمائِكَ الَّتِي كَوَّنْتَ بِها كُلَّ شَيْءٍ ، أَنْ تُصَلِّيَ

ص: 111


1- 1. أكرم بها صنائعك ( خ ل ).

عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (1) ، كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَرَحِمْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ (2) إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَأَنْ تَأْخُذَ بِناصِيَتِي إِلى مُوافَقَتِكَ ، وَتَنْظُرَ إِلَيَّ بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَتَرْزُقَنِي الْحَجَّ إِلى بَيْتِكَ الْحَرامِ ، وَانْ تَجْمَعَ بَيْنَ رُوحِي وَأَرْواحِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَتُوصِلَ الْمِنَّةَ بِالْمِنَّةِ ، وَالْمَزِيدَ بِالْمَزِيدِ ، وَالْخَيْرَ بِالْبَرَكاتِ ، وَالإِحْسانَ بِالإِحْسانِ ، كَما تَفَرَّدْتَ بِخَلْقِ ما صَنَعْتَ ، وَعَلى مَا ابْتَدَعْتَ وَحَكَمْتَ وَرَحِمْتَ.

فَأَنْتَ الَّذِي لا تُنازَعُ فِي الْمَقْدُورِ ، وَأَنْتَ مالِكُ الْعِزِّ وَالنُّورِ ، وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، وَأَنْتَ الْقائِمُ الدَّائِمُ الْمُهَيْمِنُ الْقَدِيرُ.

إِلهِي لَمْ أَزَلْ سائِلاً مِسْكِيناً فَقِيراً إِلَيْكَ ، فَاجْعَلْ جَمِيعَ أُمُورِي (3) ، مَوْصُولاً (4) بِثِقَةِ الاعْتِمادِ عَلَيْكَ ، وَحُسْنِ الرُّجُوعِ إِلَيْكَ ، وَالرِّضا بِقَدَرِكَ ، وَالْيَقِينِ بِكَ ، وَالتَّفْوِيضِ إِلَيْكَ.

سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، سُبْحانَهُ ، بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ، سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ ، سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ ، سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

سُبْحانَ اللّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ ، ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ، ( فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) ، ( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ. )

( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ

ص: 112


1- 1. على آل محمد ( خ ل ).
2- 2. على آل إبراهيم ( خ ل ).
3- 3. أمري ( خ ل ).
4- 4. في البحار : موصولة.

مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ، سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، ) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.

سُبْحانَ رَبَّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً ، سُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ، سُبْحانَهُ هُوَ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ ، سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنّا ظالِمِينَ ، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَرِّفْنا بَرَكَةَ هذَا الشَّهْرِ وَيُمْنَهُ ، وَارْزُقْنا خَيْرَهُ وَاصْرِفْ عَنّا شَرَّهُ ، وَاجْعَلْنا فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

فصل (3): فيما نذكره من حال اليوم التاسع من ربيع الأول

اعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن (2) ، ووجدنا جماعة من العجم والإخوان يعظّمون السرور فيه ، ويذكرون أنّه يوم هلاك بعض من كان يهوّن باللّه جلّ جلاله ورسوله صلوات اللّه عليه ويعاديه ، ولم أجد فيما تصفّحت من الكتب إلى الآن موافقة أعتمد عليها للرواية الّتي رويناها عن ابن بابويه تغمده اللّه بالرضوان (3) ، فإن أراد أحد تعظيمه مطلقاً لسرّ يكون في مطاويه غير الوجه الّذي ظهر فيه احتياطاً للرواية ، فكذا عادة ذوي الرّعاية.

أقول : وإنّما قد ذكرت في كتاب التعريف للمولد الشريف عن الشيخ الثقة محمّد بن جرير بن رستم الطّبري الإمامي في كتاب دلائل الإمامة أنّ وفاة مولانا الحسن العسكريّ صلوات اللّه عليه كانت لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل.

ص: 113


1- 1. عنه البحار 98 : 348.
2- 2. عظيم الشأن ( خ ل ).
3- 3. رواه ابن طاوس في زوائد الفوائد ، عنه البحار 98 : 351.

وكذلك ذكر محمّد بن يعقوب الكلينيّ في كتاب الحجّة ، وكذلك قال محمّد بن هارون التلعكبري ، وكذلك ذكر حسين بن حمدان بن الخطيب ، وكذلك ذكر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد ، وكذلك قال المفيد أيضا في كتاب مولد النبيّ والأوصياء ، وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسيّ في كتاب تهذيب الأحكام ، وكذلك قال حسين بن خزيمة ، وكذلك قال نصر بن عليّ الجهضميّ في كتاب المواليد ، وكذلك الخشّاب في كتاب المواليد أيضا ، وكذلك قال ابن شهرآشوب في المناقب (1).

فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكري عليه السلام كما ذكر هؤلاء (2) لثمان خلون من ربيع الأوَّل ، فيكون ابتداء ولاية المهدي عليه السلام على الأمّة يوم تاسع ربيع الأوّل ، فلعلّ تعظيم هذا اليوم وهو يوم تاسع ربيع الأوّل لهذا الوقت المفضّل والعناية لمولى المعظّم المكمّل.

أقول : وإن كان يمكن أن يكون تأويل ما رواه أبو جعفر ابن بابويه ، في أنّ قتل من ذكر كان يوم تاسع ربيع الأوّل ، لعلّ معناه أنّ السبب الّذي اقتضى عزم القاتل على قتل من قتل كان ذلك السبب يوم تاسع ربيع الأوّل ، فيكون اليوم الّذي فيه سبب القتل أصل القتل.

ويمكن أن يسمّى مجازا بالقتل ، ويمكن أن تأوّل بتأويل آخر ، وهو أن يكون توجّه القاتل من بلده إلى البلد الّذي وقع القتل فيه يوم تاسع ربيع الأوّل ، أو يوم وصول القاتل إلى المدينة الّتي وقع فيها القتل كان يوم تاسع ربيع الأوّل.

وأمّا تأويل من تأوّل أنّ الخبر بالقتل وصل إلى بلد أبي جعفر ابن بابويه يوم تاسع ربيع الأوّل ، فلأنّه لا يصحّ ، لأنّ الحديث الّذي رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام ضمن أنّ القتل كان في يوم تاسع ربيع الأوّل فكيف يصحّ تأويل أنّه يوم بلغ الخبر إليهم.

ص: 114


1- 1. في المواليد ( خ ل ).
2- 2. راجع الكافي 1 : 503 ، الإرشاد للمفيد : 345 ، دلائل الإمامة : 223 ، كفاية الأثر : 326 ، البحار 50 : 325 ، مناقب آل أبي طالب 4 : 421 ، تهذيب الأحكام 6 : 92.

فصل (4): فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من شهر ربيع الأوّل

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه جلّ جلاله عليه من كتاب حدائق الرّياض الذي أشرنا إليه ، فقال عند ذكر ربيع الأول ما هذا لفظه :

اليوم العاشر منه تزوج النبي صلى اللّه عليه وآله خديجة بنت خويلد أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها ، ولها أربعون سنة وله خمس وعشرون سنة ، ويستحب صيامه شكرا لله تعالى على توفيقه بين رسوله والصالحة الرضيّة المرضيّة (1). (2)

فصل (6): فيما نذكره من صوم اليوم الثاني عشر من ربيع الأول

روينا ذلك (3) بإسنادنا إلى شيخنا المفيد قدس اللّه جلّ جلاله سرّه فيما ذكره في كتاب حدائق الرياض ، فقال عند ذكر ربيع الأول ما هذا لفظه :

اليوم الثاني عشر منه كان قدوم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المدينة مع زوال الشمس ، وفي مثله سنة اثنتين وثمانين من الهجرة كان انقضاء دولة بني مروان ، فيستحب صومه شكراً لله تعالى على ما أهلك من أعداء رسوله وبغاة عبادة (4).

أقول : لأنّ فيه بويع السفّاح أوّل خلفاء الدولة الهاشميّة ، أمّا قتل مروان وزوال دولة بني أميّة بالكليّة فإنّه كان في يوم سابع وعشرين من ذي الحجّة ، كما تقدم ذكره في عمل ذي الحجّة.

أقول : وقد روينا في كتاب التعريف للمولد الشريف عدّة مقالات ان اليوم الثاني

ص: 115


1- 1. النقية ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 98 : 357.
3- 3. ذلك أيضاً ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 98 : 357.

عشر من ربيع الأول كانت ولادة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فصومه مهمّ احتياطاً للعبادة بما يبلغ الجهد إليه.

فصل (6): فيما نذكره من صلاة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأوّل

وجدناها في كتب أصحابنا من العجم ، فقال عن ربيع الأوّل ما هذا لفظه :

في الثاني عشر منه يستحب ان تصلّي فيه ركعتين ، في الأولى الحمد مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاثا ، وفي الثانية الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاثا (1).

فصل (7): فيما نذكره مما يختصّ باليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول

من فضل شملني فيه قبل أن أتوسل (2) ليعلم ذرّيتي وذوو مودّتي انّني كنت قد صمت يوم ثاني عشر ربيع الأول كما ذكرناه من فضله وشرف محله وعزمت على إفطار يوم ثالث عشر ، وذلك في سنة اثنتين وستّين وستمائة ، وقد أمرت بتهيئة الغذاء ، فوجدت حديثاً في كتاب الملاحم للبطائني عن الصادق عليه السلام يتضمّن وجود الرّجل من أهل بيت النبوة بعد زوال ملك بني العباس ، يحتمل ان يكون (3) الإشارة إلينا والانعام علينا.

وهذا ما ذكره بلفظه من نسخة عتيقة بخزانة مشهد الكاظم عليه السلام ، وهذا ما رويناه ورأينا عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال :

اللّه أجل وأكرم وأعظم من ان يترك الأرض بلا امام عادل ، قال : قلت له : جعلت فداك فأخبرني بما أستريح إليه ، قال : يا أبا محمد ليس يرى امّة محمّد صلّى اللّه عليه

ص: 116


1- 1. عنه البحار 98 : 357.
2- 2. أتوصل ( خ ل ).
3- 3. يكون إليه ( خ ل ).

وآله فرجاً ابداً ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم ، فإذا انقرض ملكهم أتاح اللّه لامّة محمد رجلاً (1) منّا أهل البيت ، يشير بالتقى ويعمل بالهدي ولا يأخذ في حكمه الرّشى ، واللّه انّي لا عرفه باسمه واسم أبيه ، ثمّ يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشّامتين ، القائم العادل الحافظ لما استودع يملأها قسطاً وعدلا كما ملأها الفجار جوراً وظلما - ثم ذكر تمام الحديث.

أقول : ومن حيث انقرض ملك بني العباس لم أجد ولا أسمع برجل من أهل البيت يشير بالتّقي ويعمل بالهدي ولا يأخذ في حكمه الرشا ، كما قد تفضّل اللّه به علينا باطناً وظاهراً ، وغلب ظنّي أو عرفت انّ ذلك إشارة إلينا وإنعام ، فقلت ما معناه :

يا اللّه ان كان هذا الرجل المشار إليه أنا فلا تمنعني من صوم هذا يوم ثالث عشر ربيع الأول ، على عادتك ورحمتك في المنع ممّا تريد منعي منه وإطلاقي فيما تريد تمكيني منه ، فوجدت إذنا وأمراً بصوم هذا اليوم وقد تضاحى نهاره ، فصمته.

وقلت في معناه : يا اللّه ان كنت انا المشار إليه فلا تمنعني من صلاة الشكر وأدعيتها ، فقمت فلم امنع بل وجدت لشيء مأمور فصلّيتها ودعوت بأدعيتها ، وقد رجوت ان يكون اللّه تعالى برحمته قد شرّفني بذكري في الكتب السالفة على لسان الصادق عليه السلام.

فانّنا قبل الولاية على العلويين كنّا في تلك الصفات مجتهدين ، وبعد الولاية على العلويين زدنا في الاجتهاد في هذه الصفات والسّيرة فيهم بالتقوى والمشورة بها والعمل معهم بالهدي ، وترك الرّشى قديماً وحديثاً ، لا يخفى ذلك على من عرفنا ، ولم يتمكّن أحد في هذه الدولة القاهرة من العترة الطاهرة ، كما تمكّنا نحن من صدقاتها المتواترة واستجلاب الأدعية الباهرة والفرامين المتضمّنة لعدلها ورحمتها المتظاهرة.

وقد وعدت انّ كلّ سنة أكون متمكّنا على عادتي من عبادتي اعمل فيه ما يهديني اللّه إليه من الشكر وسعادة دنياي وآخرتي ، وكذلك ينبغي ان تعمله ذريّتي ، فإنّهم

ص: 117


1- 1. برجل ( خ ل ).

مشاركون فيما تضمّنته كرامتي.

ووجدت بشارتين فيما ذكرته في كتاب البشارات في الملاحم ، تصديق انّ المراد نحن بهذه المراحم والمكارم.

فصل (8): فيما نذكره من انّه ينبغي صوم اليوم الرابع عشر من ربيع الأول

أقول : كان شيخنا المفيد رضي اللّه عنه قد جعل هلاك بعض أعداء اللّه جلّ جلاله في يوم من الأيّام يقتضي استحباب الصيام شكراً لله جلّ جلاله على ذلك الانعام والانتقام ، وقد ذكر رحمه اللّه في اليوم الرابع عشر ما هذا لفظه :

الرابع عشر منه سنة أربع وستّين كان هلاك الملحد الملعون يزيد بن معاوية لعنه اللّه ولعن من طرق له ما أتاه إلى عترة رسوله ومهّد له ورضيه ومالاه (1) عليه.

أقول : فهذا اليوم الرابع عشر حقيق بالصيام شكراً على هلاك امام الظلم والغدر (2) ، ويوم الصدقات والمبالغة في الحمد والشكر.

فصل (9): فيما رويناه من تعظيم ليلة سبع عشرة من ربيع الأول

ووجدت في كتاب شفاء الصدور في الجزء الخامس والأربعين منه في تفسير القرآن عند تفسير بني إسرائيل تأليف أبي بكر محمد بن الحسن بن زياد المعروف بالنقّاش ، في حديث الإسراء بالنبي صلى اللّه عليه وآله ما هذا لفظه : « يقال : اسرى به في ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة. » أقول : فإن صحّ ما قد ذكره من الإسراء في الليلة المذكورة ، فينبغي تعظيمها ومراعاتها وحقوقها المذكورة بالأعمال المشكورة.

ص: 118


1- 1. كذا في النسخ ، ولعل الأصل : ما لامه عليه.
2- 2. العدوان ( خ ل ).

فصل (10): فيما نذكره من ولادة سيّدنا وجدّنا الأعظم محمد صلوات اللّه عليه وآله رسول المالك الأرحم وما يفتح اللّه جلّ جلاله فيها علينا من حال معظم

اعلم انّ الحمل لسيدنا ومولانا رسول ربّ العالمين وولادته المقدسّة العظيمة الشّأن عند الملائكة والأنبياء والمرسلين صلوات اللّه عليهم أجمعين ما يقوى قلبي ولا عقلي ولا لساني ولا قلمي ولا محلّي ، ان اقدر على شرح فضل اللّه جلّ جلاله باختيارها وإظهار أَنوارها ، لانّ سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اشتملت ولادته الشريفة ورسالته المعظّمة المنيفة على فضل من اللّه جلّ جلاله لا يبلغ وصفي إليه.

فمن ذلك : انّه كان صلى اللّه عليه وآله قد جاء بعد مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي :

منهم من تضمّن القرآن الشريف انّه اصطفاه واسجد له ملائكته وجعله رسولاً ، ومنهم : من اتخذه اللّه جلّ جلاله خليلاً ، ومنهم : من سخّر اللّه جلّ جلاله له الجبال ، « يُسَبِّحْنَ مَعَهُ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْراقِ » (1) ، وبلغ به غايات من التمكين ، ومنهم : من أتاه من الملك ما لم يؤت أحداً من العالمين ، ومنهم : من كلّمه اللّه جلّ جلاله تكليماً ووهبه مقاماً جليلاً عظيماً ، ومنهم : من جعله اللّه جلّ جلاله روحا من أمره ، ومكّنه من احياء الأموات ، وبالغ في علوّ قدره ، وغيرها.

وهؤلاء من الأنبياء والأوصياء انقضت أيّامهم وأحكامهم وشرائعهم وصنائعهم ، ولم يتّفق لأحد منهم ان يفتح من أبواب العلوم الدينيّة والدنيويّة ، وان ينجح من أسباب الآداب الإلهيّة والبشريّة ما بلغ إليه سيّدنا محمد صلوات اللّه عليه ، وانّه بلغ بأمنيّته (2) وبلغت أمّته به صلوات اللّه عليه إلى حال يعجز الإمكان والزّمان عن شرح ما جرت علومه وعلومهم منه عليه السلام ، وقد ملئوا أقطار المشارق والمغارب بالمعارف وذكر

ص: 119


1- 1. ص : 18.
2- 2. بأمته ( خ ل ).

المواهب والمناقب.

ومنها : انّ زمان تمكينه من هذه العلوم المبسوطة في البلاد والعباد كانت مدّة يسيرة لا تقوم في العادة بهذا المراد الاّ بآيات باهرة أو معجزات قاهرة (1) من سلطان الدنيا والآخرة (2) ، لانّ مقامه صلى اللّه عليه وآله بمكّة رسولا مدّة ثلاثة عشرة سنة كان ممنوعا من التمكين ، ومدّة مقامه بالمدينة ، وهي عشر سنين ، كان مشغولاً بالحروب للكافرين ومقاساة الضّالين والمنافقين والجاهلين ، ولو انّه صلوات اللّه عليه كان في هذه الثلاثة وعشرين سنة متفرّعاً لما بلغ حال علومه وهدايته إليه ، كان ذلك الزّمان قليلا في الإمكان بالنسبة إلى ما جرى من الفضل وبسط لسان العقل والنقل ، وكان ذلك من آيات اللّه جلّ جلاله العظيمة الشأن وآياته صلوات اللّه عليه الّتي تعجز عنها عبارة القلم واللسان.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه أحيى العقول والألباب ، وقد ماتت وصارت كالتراب ، وصار أصحابها كالدواب.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه نصر العقل بعد إحيائه ، وقد كان انكسر عسكره واستولت عليه يد أعدائه.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه زكّى الأنبياء صلوات اللّه عليهم على التفصيل في وقته القليل بما لم يبلغوا إلى تزكيتهم لله جلّ جلاله ولهم عليهم السلام في زمانهم الطويل.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه كشف من حال شرف مواضعهم وتحت شرائعهم وأسرارهم وأنوارهم ما لم يبلغ إليه المدّعون لنقل اخبارهم وآثارهم.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه شرّف بأنّه خاتمهم وناطقهم (3) وآخرهم في العيان وأوّلهم وأسبقهم في علوّ المكان.

ومنها : انّه صلوات اللّه عليه شرّف باثني عشر من مقدّس ظهره قائمون بأمره وسرّه

ص: 120


1- 1. باهرات ، قاهرات ( خ ل ).
2- 2. المعاد ( خ ل ).
3- 3. ناظمهم ( خ ل ).

على منهج واحد كامل ، لابسين لخلع العصمة ومتوّجين بتاج الكرامة والفضائل ، منهم المهدي الّذي ينادي باسمه من السّماء وبلغ إلى ما لم يبلغ إليه أحد من الأنبياء.

ولئن جحد بعض هذا أهل الخلاف لقلّة مخالطتهم ومعرفتهم بما كانوا عليه عليهم السلام من الأوصاف ، فهيهات ان ينفعهم جحوداً انّ علمهم عليهم السلام من غير استاد معلوم ، وسبقهم إلى العلوم وفضلهم في المعقول والمنقول والمرسوم.

وقد قلنا انّنا ما نقدر على شرح فضل (1) مقدّس تلك الولادة وما فيها من السعادة ، واقتصرنا على ما ذكرناه ولئلاّ يبلغ الكتاب إلى حدّ يضجر من وقف على معناه.

فصل (11): فيما نذكره من تعيين وقت ولادة النبي صلى اللّه عليه وآله وفضل صوم اليوم المعظم المشار إليه

أعلم انّنا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف ما عرفناه من اختلاف أعيان الإماميّة في وقت هذه الولادة المعظمة النبويّة ، وقلنا :

انّ الّذين أدركناهم من العلماء كان عملهم على انّ ولادته المقدّسة صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى الحافظين لأمره أشرقت أَنوارها يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل عند طلوع فجره ، وانّ صومه يعدل عند اللّه جلّ جلاله صيام سنة ، هكذا وجدت في بعض الروايات انّ صومه يعدل هذا المقدار من الأوقات.

فإن كان هذا الحديث ناشئاً عن نقل عنه صلوات اللّه عليه ، فربّما يكون له تأويل يعتمد عليه ، والاّ فالعقل والنقل يقتضيان ان يكون فضل صوم هذا اليوم المعظم المشار اليه على قدر تعظيم اللّه جلّ جلاله لهذا اليوم المقدس ، وفوائد المولود فيه صلوات اللّه وسلامه عليه ، الاّ ان يكون معنى قولهم عليهم السلام : يعدل عند اللّه جلّ جلاله صيام سنة ، فيكون تلك السّنة لها من الوصف والفضل ما لم يبلغ سائر السنين إليه ، فهذا تأويل

ص: 121


1- 1. فضائل ( خ ل ).

محتمل ما يمنع العقل من الاعتماد عليه.

وسوف نذكر من كلام شيوخنا في وظائف اليوم السابع عشر ما ذكره شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه ، فقال في كتاب حدائق الرياض وزهرة المرتاض ونور المسترشد ما هذا لفظه :

السابع عشر منه مولد سيدنا رسول اللّه صلوات اللّه عليه عند طلوع الفجر من يوم الجمعة عام الفيل ، وهو يوم شريف عظيم البركة ولم تزل الشيعة على قديم الأوقات تعظّمه وتعرف حقّه وترعى حرمته وتتطوع بصيامه ، وقد روي عن أئمّة الهدى من آل محمد عليهم السلام انّهم قالوا من صام يوم السابع عشر من ربيع الأول ، وهو يوم مولد سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كتب اللّه له صيام سنة ، ويستحب فيه الصدقة والإلمام بمشاهد الأئمة عليهم السلام والتطوع بالخيرات وإدخال السرور على أهل الإيمان (1).

وقال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية نحو هذه الألفاظ والمعاني المرضيّة.

أقول : انّ الذي ذكره شيخنا المفيد على سبيل الجملة دون التفصيل والذي أقوله انّه ينبغي ان يكون تعظيم هذا اليوم الجميل على قدر تعظيم الرسول الجليل المقدّم على كل موجود من الخلائق المكمّل في السوابق والطرائق ، فمهما عملت فيه من الخيرات وعرفت فيه من المبرّات والمسرّات ، فالأمر أعظم منه ، وهيهات ان تعرف قدر هذا اليوم وانّ الظاهر العجز منه (2).

فصل (12): فيما نذكره من زيارة سيدنا رسول اللّه صلوات اللّه عليه في هذا اليوم من بعيد المكان ، وزيارة مولانا علي عليه السلام عند ضريحه الشريف مع الإمكان

فنقول : امّا زيارة سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فهذا شرحها :

روي عنه صلوات اللّه عليه انّه قال : من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر اليّ

ص: 122


1- 1. عنه البحار 98 : 358.
2- 2. عنه ( خ ل ).

في حياتي ، فان لم تستطيعوا فابعثوا اليَّ بالسلام [ فإنه يبلغني ] (1).

وفي حديث عن الصادق عليه السلام وذكر زيارة النبي صلوات اللّه عليه وآله فقال : انّه يسمعك من قريب ويبلغه عنك من بعيد ، فإذا أردت ذلك فمثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه وتكون على غسل ثم قم قائماً وقل وأنت متخيّل بقلبك مواجهته صلى اللّه عليه وآله ، ثم قل :

اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَاشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَانَّهُ سَيِّدُ الأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَانَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَّيِّبِينَ (2).

ثم قل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيبَ (3) اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قائِماً بِالْقِسْطِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاتِحَ الْخَيْرِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَلِّغاً عَنِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا السِّراجُ الْمُنِيرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَشِّرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُنْذِرُ (4) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللّهِ الَّذِي يُسْتَضاءُ بِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى اهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْهادِينَ الْمَهْدِيِّينَ.

السَّلامُ عَلى جَدِّكَ (5) عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلى أَبِيكَ عَبْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلى

ص: 123


1- 1. رواه في كامل الزيارات : 14 ، والزيادة منه ، عنه البحار 100 : 144.
2- 2. الطاهرين الطيبين ( خ ل ).
3- 3. النجيب : الكريم الحسب.
4- 4. السلام عليك يا نذير ( خ ل ).
5- 5. السلام عليك وعلى جدك ( خ ل ).

أُمِّكَ (1) آمِنَةَ بِنْتِ وَهبٍ ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ حَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهَداءِ ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ (2) عَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ السَّلامُ عَلى عَمِّكَ وَكَفِيلِكَ أَبِي طالِبٍ ، [ السَّلامُ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرِ الطَّيّارِ فِي جِنانِ الْخُلْدِ ] (3).

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا احْمَدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّهِ عَلَى الأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَالسّابِقَ فِي (4) طاعَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، وَالْمُهَيْمِنَ (5) عَلى رُسُلِهِ وَالْخاتِمَ لأَنْبِيائِهِ (6) ، وَالشّاهِدَ عَلى خَلْقِهِ وَالشَّفِيعَ إِلَيْهِ ، وَالْمَكِينَ لَدَيْهِ ، وَالْمُطاعَ فِي مَلَكُوتِهِ ، الْأَحْمَدَ مِنَ الْأَوْصافِ ، الْمُحَمَّدَ لِسائِرِ الأَشْرافِ الْكَرِيمَ (7) عِنْدَ الرَّبِّ ، وَالْمُكَلِّمَ مِنْ وَراءِ الْحُجُبِ ، الْفائِزَ بِالسِّباقِ ، وَالْفائِتَ عَنِ اللِّحاقِ.

تَسْلِيمَ عارِفٍ بحَقِّكَ ، مُعْتَرِفٍ بِالتَّقْصِيرِ فِي قِيامِهِ بِواجِبِكَ ، غَيْرَ مُنْكِرٍ (8) مَا انْتَهى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِكَ ، مُوقِنٍ بِالْمَزِيداتِ مِنْ رَبِّكَ ، مُؤْمِنٍ بِالْكِتابِ الْمُنْزَلِ عَلَيْكَ ، مُحَلِّلٍ حَلالَكَ مُحَرِّمٍ حَرامَكَ.

اشْهَدُ يا رَسُولَ اللّهِ مَعَ كُلِّ شاهِدٍ وَأَتَحَمَّلُها عَنْ كُلِّ جاحِدٍ ، انَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ ، وَنَصَحْتَ لأُمَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ ، وَصَدَعْتَ بِأَمْرِهِ وَاحْتَمَلْتَ الأَذى فِي جَنْبِهِ ، وَدَعَوْتَ الى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ ، وَأَدَّيْتَ الْحَقَّ الَّذِي كانَ عَلَيْكَ وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنِينَ (9) وَغَلُظْتَ عَلَى الْكافِرِينَ ، وَعَبَدْتَ اللّهَ مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ.

ص: 124


1- 1. في البحار : وعلى أبيك عبد اللّه وعلى أمّك.
2- 2. السلام عليك وعلى عمّك ( خ ل ).
3- 3. من البحار.
4- 4. في البحار : الى.
5- 5. المهيمن : الشاهد.
6- 6. الخاتم الأنبياء ( خ ل ).
7- 7. الكليم ( خ ل ).
8- 8. غير متكبر ( خ ل ).
9- 9. على المؤمنين ( خ ل ).

فَبَلَغَ اللّهُ بِكَ اشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ ، وَأَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَارْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلِينَ ، حَيْثُ لا يَلْحَقُكَ لاحِقٌ ، وَلا يَفُوقُكَ فائِقٌ ، وَلا يَسْبِقُكَ سابِقٌ ، وَلا يَطْمَعُ فِي إِدْراكِكَ طامِعٌ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الْهَلَكَةِ ، وَهَدانا بِكَ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَنَوَّرَنا بِكَ م

.ِنَ الظُّلْمَةِ (1) ، فَجَزاكَ اللّهُ يا رَسُولَ اللّهِ مِنْ مَبْعُوث افْضَلَ ما جازى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ وَرَسُولاً عَمَّنْ ارْسَلَ إِلَيْهِ.

بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي يا رَسُولَ اللّهِ ، زُرْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ ، مُسْتَبْصِراً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ وَخالَفَ اهْلَ بَيْتِكَ ، عارِفاً بِالْهُدى الَّذِي انْتَ عَلَيْهِ.

بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَاهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي أَنَا أُصَلّي عَلَيْكَ كَما صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَصَلّى عَلَيْكَ مَلائِكَتُهُ وَأَنْبِياؤُهُ وَرُسُلُهُ ، صَلاةً مُتَتابِعَةً وافِرَةً مُتَواصِلَةً ، لَا انْقِطاعَ لَها وَلا أَمَدَ وَلا أَجَلَ ، صَلَّى (2) اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلى اهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ كَما انْتُمْ اهْلُهُ.

ثم ابسط كفّيك وقل :

اللّهُمَّ اجْعَلْ جَوامِعَ صَلَواتِكَ وَنَوامِيَ بَرَكاتِكَ ، وَفَواضِلَ خَيْراتِكَ وَشَرائِفَ تَحِيَّاتِكَ وَتَسْلِيماتِكَ وَكَراماتِكَ وَرَحَماتِكَ ، وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَأَئِمَّتِكَ الْمُنْتَجَبِينَ وَعِبادِكَ الصّالِحِينَ ، وَاهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَشاهِدِكَ وَنَبِيِّكَ وَنَذِيرِكَ وَأَمِينِكَ (3) وَنَجِيبِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخَلِيلِكَ ، وَصَفِيِّكَ وَصَفْوَتِكَ ، وَخاصَّتِكَ وَخالِصَتِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَخازِنِ الْمَغْفِرَةِ وَقائِدِ الْخَيْرِ

ص: 125


1- 1. الظلمات ( خ ل ).
2- 2. وصلى اللّه ( خ ل ).
3- 3. زيادة : مكينك ( خ ل ).

وَالْبَرَكَةِ ، وَمُنْقِذِ الْعِبادِ مِنَ الْهَلَكَةِ بِاذْنِكَ ، وَداعِيهِمْ الى دِينِكَ الْقَيِّمِ بِأَمْرِكَ.

أَوَّلِ النَّبِيِّينَ مِيثاقاً وَآخِرِهِمْ مَبْعَثاً ، الَّذِي غَمَسْتَهُ فِي بَحْرِ الْفَضِيلَةِ لِلْمَنْزِلَةِ (1) الْجَلِيلَةِ ، وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ ، وَالْمَرْتَبَةِ الْخَطِيرَةِ ، وَاوْدَعْتَهُ الأَصْلابَ الطّاهِرَةَ ، وَنَقَلْتَهُ مِنْها الَى الأَرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ ، لُطْفاً مِنْكَ لَهُ وَتَحَنُّناً مِنْكَ عَلَيْهِ.

اذْ وَكَلْتَ لِصَوْنِهِ وَحَراسَتِهِ وَحِفْظِهِ وَحِياطَتِهِ مِنْ قُدْرَتِكَ ، عَيْناً عاصِمَةً حَجَبْتَ بِها عَنْهُ مُدَانِسَ الْعَهْرِ (2) ، وَمَعايِبَ السِّفاحِ ، حَتّى رَفَعْتَ بِهِ نَواظِرَ الْعِبادِ (3) ، وَاحْيَيْتَ بِهِ مَيْتَ الْبِلادِ ، بِانْ كَشَفْتَ عَنْ نُورِ وِلادَتِهِ ظُلَمَ الأَسْتارِ ، وَالْبَسْتَ حَرَمَكَ فِيهِ حُلَلَ الأَنْوارِ.

اللّهُمَّ فَكَما خَصَصْتَهُ بِشَرَفِ هذِهِ الْمَرْتَبَةِ الْكَرِيمَةِ وَذُخْرِ هذِهِ الْمَنْقَبَةِ الْعَظِيمَةِ ، صَلِّ عَلَيْهِ كَما وَفي بِعَهْدِكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ ، وَقاتَلَ اهْلَ الْجُحُودِ عَلى تَوْحِيدِكَ ، وَقَطْعَ رَحِمَ الْكُفْرِ فِي إِعْزازِ دِينِكَ ، وَلَبِسَ ثَوْبَ الْبَلْوَى فِي مُجاهَدَةِ أَعْدائِكَ.

وَاوْجِبْ لَهُ بِكُلِّ أَذىً مَسَّهُ اوْ كَيْدٍ أَحَسَّ بِهِ ، مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي حاوَلَتْ قَتْلَهُ ، فَضِيلَةً تَفُوقُ الْفَضائِلَ وَيَمْلِكُ الْجَزِيلَ بِها مِنْ نَوالِكَ ، فَلَقَدْ (4) أَسَرَّ الْحَسْرَةَ وَاخْفَى الزَّفْرَةَ وَتَجَرَّعَ الغُصَّةَ ، وَلَمْ يَتَخَطَّ ما مَثَّلَ لَهُ وَحْيُكَ (5).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ ، صَلاةً تَرْضاها لَهُمْ وَبَلِّغْهُمْ مِنَّا تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً ، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوالاتِهِمْ فَضْلاً وَإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْراناً ، انَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

ثمّ صلّ صلاة الزيارة ، وهي أربع ركعات تقرأ فيها ما شئت ، فإذا فرغت فسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام وقل :

ص: 126


1- 1. في البحار : والمنزلة.
2- 2. العهر والسفاح : الزنا.
3- 3. نواظر العباد : احداقهم وأبصارهم.
4- 4. وقد ( خ ل ).
5- 5. في البحار : مثل من وحيك.

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (1) ، وَلَمْ احْضُرْ زَمانَ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ.

اللّهُمَّ وَقَدْ زُرْتُهُ راغِباً ، تائِباً مِنْ سَيِّئ عَمَلِي ، وَمُسْتَغْفِراً لَكَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَمُقِرّاً لَكَ بِها ، وَأَنْتَ اعْلَمُ بِها مِنِّي ، وَمُتَوَجِّهاً الَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ عِنْدَكَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ.

يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي يا نَبِيَّ اللّهِ ، يا سَيِّدَ خَلْقِ اللّهِ ، انِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ الَى اللّهِ رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي ، وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي ، وَيَقْضِيَ لِي حَوائِجِي ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي ، فَنِعْمَ الْمَسْئُولُ رَبِّي وَنِعْمَ الشَّفِيعُ انْتَ. يا مُحَمَّدُ ، عَلَيْكَ وَعَلى اهْلِ بَيْتِكَ السَّلامُ.

اللّهُمَّ وَاوْجِبْ لِي مِنْكَ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ الْواسِعَ الطَّيِّبَ النَّافِعَ ، كَما اوْجَبْتَ لِمَنْ أَتى نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ حَيٌّ ، فَأَقَرَّ لَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُكَ عليه السلام فَغَفَرْتَ لَهُ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ وَقَدْ امَّلْتُكَ وَرَجَوْتُكَ وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَرَغِبْتُ الَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ ، وَقَدْ امَّلْتُ جَزِيلَ ثَوابِكَ ، وَإِنِّي لَمُقِرٌّ (2) غَيْرُ مُنْكِرٍ وَتائِبٌ الَيْكَ مِمّا اقْتَرَفْتُ (3) ، وَعائِذٌ بِكَ فِي هذَا الْمَقامِ مِمّا قَدَّمْتُ مِنَ الأَعْمالِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ الَيَّ فِيها وَنَهَيْتَنِي عَنْها وَاوْعَدْتَ عَلَيْها الْعِقابَ.

وَأَعُوذُ بِكَرَمِ وَجْهِكَ انْ تُقِيمَنِي مَقامَ الْخِزْيِ وَالذُّلِّ يَوْمَ تُهْتَكُ فِيهِ الأَسْتارُ وَتَبْدُو فِيهِ الأَسْرارُ وَالْفَضائِحُ ، وَتَرْعَدُ فِيهِ الْفَرائِصُ (4) ، يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ ، يَوْمَ

ص: 127


1- 1. النساء : 64.
2- 2. مقر ( خ ل ).
3- 3. اقترف : اكتسب.
4- 4. الفريص : أوداج العنق ، الفريصة واحدته ، اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد.

الافِكَةِ (1) ، يَوْمَ الازِفَةِ ، يَوْمَ التَّغابُنِ ، يَوْمَ الْفَصْلِ ، يَوْمَ الْجَزاءِ ، يَوْماً كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، يَوْمَ النَّفْخَةِ.

يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ ، تَتْبَعُها الرّادِفَةُ ، يَوْمَ النَّشْرِ ، يَوْمَ الْعَرْضِ ، ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) ، يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَامِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ، يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ وَأَكْنافُ السَّماءِ ، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها ، يَوْمَ يُرَدُّونَ الَى اللّهِ فَيُنَبِّؤُهُمْ بِما عَمِلُوا.

يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ، الاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ انَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، يَوْمَ يُرَدُّونَ الى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، يَوْمَ يُرَدُّونَ الَى اللّهِ مَوْليهُمُ الْحَقُّ ، يَوْمَ يُخْرَجُونَ مِنَ الأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ الى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ، وَكَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ ، مُهْطِعِينَ (2) الَى الدّاعِ الَى اللّهِ ، يَوْمَ الْواقِعَةِ ، يَوْمَ تَرُجُّ الْأَرْضُ رَجّاً ، يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ، وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ، وَلا يُسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ، يَوْمَ الشّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ ، يَوْمَ تَكُونُ الْمَلائِكَةُ صَفّاً صَفّاً.

اللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ بِمَوْقِفِي فِي هذَا الْيَوْمِ ، وَلا تُخْزِنِي فِي ذلِكَ الْمَوْقِفِ (3) بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي ، وَاجْعَلْ يا رَبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَعَ أَوْلِيائِكَ مُنْطَلِقِي ، وَفِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ عليهم السلام مَحْشَرِي ، وَاجْعَلْ حَوْضَهُ موْرِدِي ، وَفِي الغُرِّ الْكِرامِ مَصْدَرِي ، وَاعْطِنِي كِتابِي بِيَمِينِي حَتّى افُوزَ بِحَسَناتِي ، وَتُبَيِّضَ بِهِ وَجْهِي ، وَتُيَسِّرَ بِي حِسابِي ، وَتُرَجِّحَ بِهِ مِيزانِي ، وَامْضِيَ مَعَ الْفائِزِينَ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحِينَ الى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ ، يا إِلهَ الْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ انْ تَفْضَحَنِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلائِقِ بِجَرِيرَتِي ، اوْ أَنْ الْقَى الْخِزْيَ وَالنَّدامَةَ بِخَطِيئَتِي ، اوْ انْ تُظْهِرَ (4) سَيِّئاتِي عَلى

ص: 128


1- 1. الافكة - كفرحة - السنة المجدبة.
2- 2. هطع : أسرع مقبلا خائفاً.
3- 3. في البحار : ارحم موقفي في ذلك اليوم ولا تخزني في ذلك اليوم.
4- 4. تظهر فيه ( خ ل ).

حَسَناتِي ، اوْ انْ تُنَوِّهَ بَيْنَ الْخَلائِقِ بِاسْمِي ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ ، الْعَفْوَ الْعَفْوَ ، السِّتْرَ السِّتْرَ.

اللّهُمَّ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ انْ يَكُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فِي مَواقِفِ الأَشْرارِ مَوْقِفِي ، اوْ فِي مَقامِ الأَشْقِياءِ مُقامِي ، وَإِذا مَيَّزْتَ بَيْنَ خَلْقِكَ فَسُقْتَ كُلًّا بِأَعْمالِهِمْ زُمَراً الى مَنازِلِهِمْ ، فَسُقْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصّالِحِينَ ، وَفِي زُمْرَةِ أَوْلِيائِكَ الْمُتَّقِينَ الى جِنانِكَ (1) يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

ثم ودّعه عليه السلام وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْبَشِيرُ النَّذِيرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا السِّراجُ الْمُنِيرُ السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا السَّفِيرُ بَيْنَ اللّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ ، اشْهَدُ يا رَسُولَ اللّهِ انَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الأصلابِ الشّامِخَةِ وَالأَرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ ، لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمّاتِ (2) ثِيابِها.

وَاشْهَدُ يا رَسُولَ اللّهِ انِّي مُؤْمِنٌ بِكَ وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ اهْلِ بَيْتِكَ ، مُوقِنٌ بِجَمِيعِ ما أتَيْتَ بِهِ راضٍ مُؤْمِنٌ ، وَاشْهَدُ أَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ اهْلِ بَيْتِكَ اعْلامُ الْهُدى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى وَالْحُجَّةُ عَلى اهْلِ الدُّنْيا.

اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ نَبِيِّكَ عليه السلام ، وَانْ تَوَفَّيْتَنِي فَانِّي اشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ما اشْهَدُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي ، انَّكَ انْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ انْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَانَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَانَّ الأَئِمَّةَ مِنْ اهْلِ بَيْتِهِ أَوْلِياؤُكَ وَأَنْصارُكَ وَحُجَجُكَ عَلى خَلْقِكَ وَخُلَفاؤُكَ فِي عِبادِكَ ، وَاعْلامُكَ فِي بِلادِكَ وَخُزّانُ عِلْمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحْيِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي ساعَتِي هذِهِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً مِنِّي وَسَلاماً ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّهِ

ص: 129


1- 1. جنّاتك ( خ ل ).
2- 2. ليلة مدلهمة : مظلمة.

وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، لا جَعَلَهُ (1) اللّهُ آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (2).

واما زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عند ضريحه الشريف :

فزر مولانا وسيدنا رسول اللّه ومولانا أمير المؤمنين علياً صلوات اللّه عليهما بالزيارة التي زارهما بها مولانا الصادق جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه وآله ، حيث حضر عند ضريح مولانا علي عليه السلام في يوم سابع عشر ربيع الأول ، مولد سيّدنا ومولانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فإنّها فاضلة فيما أشار إليه.

رواها محمد بن مسلم الثقفي قال : إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فاغتسل غسل الزيارة ، والبس أنظف ثيابك ، وشمّ شيئاً من الطيب ، امش وعليك السكينة والوقار ، وإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبّر اللّه ثلاثين مرة وقل :

السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللّهِ ، [ السَّلامُ عَلى ] (3) خِيَرَةِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ الْمُنِيرِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، [ السَّلامُ عَلَى الطُّهْرِ الطّاهِرِ ، السَّلامُ عَلَى الْعَلَمِ الزّاهِرِ ، السَّلامُ عَلَى الْمَنْصُورِ الْمُؤَيِّدِ ، السَّلامُ عَلى ابِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ] (4) ، السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ اللّهِ الْمُرْسَلِينَ وَعِبادِ اللّهِ الصَّالِحِينَ ، السَّلامُ عَلَى الْمَلائِكَةِ الْحافِظِينَ الْحافِّينَ (5) بِهذَا الْحَرَمِ وَبِهَذَا الضَّرِيحِ (6) اللاّئِذِينَ بِهِ.

ثمّ ادن من القبر وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِيَّ الأَوْصياءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِمادَ الأتْقِياءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الأَوْلِياءِ (7) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَيْرَ الشُّهَداءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا آيَةَ اللّهِ

ص: 130


1- 1. ولا جعله اللّه ، لا تجعله اللّه ( خ ل ).
2- 2. روي زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله من البعيد ، المصنف في مصباح الزائر 34 - 36 ، الشهيد في مزاره : 2 - 6 ، عنهما البحار 100 : 183 - 186.
3- 3. من البحار.
4- 4. من البحار.
5- 5. في البحار : ملائكة اللّه الحافين.
6- 6. لهذا الحرم وهذه الضريح ( خ ل ).
7- 7. عماد الأولياء ( خ ل ).

الْعُظْمى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خامِسَ اهْلِ الْعَباءِ (1) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ (2) الأتْقِياءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِصْمَةَ الأَوْلِياءِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا زَيْنَ الْمُوَحِّدِينَ النُّجَباءِ ، [ السَّلامُ عَلَيْكَ يا خالِصَ الإخِلاّءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا والِدَ الأَئِمَّةِ الأُمَناءِ ] (3) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الْحَوْضِ وَ[ حامِلَ ] (4) اللِّواءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَلَظى (5) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ شَرُفَتْ بِهِ مَكَّةُ وَمِنى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَحْرَ الْعُلُومِ وَكَهْفَ الْفُقَراءِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ وُلِدَ فِي الْكَعْبَةِ وَزُوِّجَ فِي السَّماءِ بِسَيِّدَةِ النِّساءِ ، وَكانَ شُهُودُهُ الْمَلائِكَةَ (6) الْأَصْفِياءَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مِصْباحَ الضِّياءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ خَصَّهُ النَّبِيُّ بِجَزِيلِ الْحِباءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ باتَ عَلى فِراشِ خَيْرِ الأَنْبِياءِ وَوَقاهُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ مُبارَزَةِ الأَعْداءِ (7).

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ فَسامى (8) شَمْعُونَ الصَّفا ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ انْجَى اللّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَخِيهِ حَيْثُ الْتَطَمَ الْماءُ حَوْلَها وَطَمى (9).

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ تابَ اللّهُ بِهِ وَبِأَخِيهِ عَلى آدَمَ إِذْ غَوى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فُلْكَ النَّجاةِ الَّذِي مَنْ رَكِبَهُ نَجى وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُخاطِبَ الثُّعْبانِ وَذِئْبِ الْفَلا (10).

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ

ص: 131


1- 1. المحجلين : هم الذين على أعضاء وضوئهم أثره تشبيهاً لهم بالفرس الذي كان ناصيته ويداه ورجليه بيضاء.
2- 2. من البحار.
3- 3. من البحار.
4- 4. النار اللظى ( خ ل ).
5- 5. السفرة ( خ ل ).
6- 6. في البحار : خاتم الأنبياء ووقاه بنفسه عند مبارزة الأعداء.
7- 7. المساماة : المطاولة والمفاخرة ، من السموّ بمعنى العلو والرفقة.
8- 8. طمى الماء إذا ارتفع بأمواجه.
9- 9. في البحار : تأخر.
10- 10. الفلا : المفازة التي لا ماء فيها.

اللّهِ عَلى ( مَنْ كَفَرَ وَأَنَابَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ ) (1) ذَوِي الأَلْبابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الْحِكْمَةِ وَفَصْلَ الْخِطابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مِيزانَ يَوْمِ (2) الْحِسابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاصِلَ الْحُكْمِ (3) النّاطِقِ بِالصَّوابِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الْمُتَصَدِّقُ بِالْخاتَمِ فِي الْمِحْرابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بِهِ فِي يَوْمِ الأَحْزابِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ اخْلَصَ لِلَّهِ الْوَحْدانِيَّةَ وَأَنَابَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قالِعَ بابَ خَيْبَرَ الصَّيْخُودَ مِنَ الصَّلاَّبِ (4) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ دَعاهُ خَيْرُ الأَنامِ الَى الْمَبِيتِ (5) عَلى فِراشِهِ فَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلْمَنِيَّةِ وَأَجابَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ لَهُ طُوبى وَحُسْنُ مَآبٍ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الدِّينِ وَيا سَيِّدَ السَّاداتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الْمُعْجِزاتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ نَزَلَتْ فِي فَضْلِهِ سُورَةُ بَراءَهٍ وَالْعادِياتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي السَّماءِ عَلَى السُّرادِقاتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُظْهِرَ الْعَجائِبِ وَالآياتِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِيرَ الْغَزَواتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُخْبِراً بِما (6) غَبَرَ وَما هُوَ آتٍ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُخاطِبَ ذِئْبِ الْفَلَواتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتِمَ الْحِصى وَمُبَيِّنَ الْمُشْكِلاتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ عَجِبَتْ مِنْ حَمَلاتِهِ فِي الْوَغا (7) مَلائِكَةُ السَّماواتِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ ناجَى الرَّسُولَ فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْواهُ

ص: 132


1- 1. ليس في بعض النسخ.
2- 2. الحكمة ( خ ل ).
3- 3. في البحار : يا قاتل خيبر وقالع الباب ، أقول : الصيخود : الشديد.
4- 4. في البحار : للمبيت.
5- 5. عصمة الدين ( خ ل ).
6- 6. يا من هو مخبر ( خ ل ).
7- 7. الوغى : الحرب.

الصَّدَقاتِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا والِدَ الْأَئِمَّةِ الْبَرَرَةِ السّاداتِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا تالِىَ الْمَبْعُوثِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ خَيْرِ مَوْرُوثٍ (1) وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ الْمُتَّقِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَلْجَأَ (2) الْمَكْرُوبِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عِصْمَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُظْهِرَ الْبَراهِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا طه وَيس ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبْلَ اللّهِ الْمَتِينِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ تَصَدَّقَ بِخاتَمِهِ فِي صَلاتِهِ عَلَى الْمِسْكِينِ (3) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قالِعَ الصَّخْرَةِ عَنْ فَمِ الْقَلِيبِ (4) وَمُظْهِرَ الْماءِ الْمَعِينِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللّهِ النّاظِرَةِ فِي الْعالَمِينَ وَيَدَهُ الْباسِطَةُ وَلِسانَهُ الْمُعَبِّرَ عَنْهُ فِي بَرِيَّتِهِ اجْمَعِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ ، وَمُسْتَوْدَعَ عِلْمِ الأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ ، وَصاحِبَ لِواءِ الْحَمْدِ وَساقِي أَوْلِيائِهِ مِنْ حَوْضِ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا يَعْسُوبَ الدِّينِ وَقائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجِّلِينَ وَوالِدَ الأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَى اسْمِ اللّهِ الرَّضِيِّ وَوَجْهِهِ الْمُضِيءِ وَجَنْبِهِ الْقَوِيِّ وَصِراطِهِ السَّوِيِّ.

السَّلامُ عَلَى الإِمامِ التَقِيِّ الْمُخْلِصِ الصَّفِيِّ ، السَّلامُ عَلَى الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ ، السَّلامُ عَلَى الإِمامِ ابِي الْحَسَنِ عَلِيِّ ، السَّلامُ عَلى أَئِمَّةِ الْهُدى وَمَصابِيحِ الدُّجى ، وَاعْلامِ التُّقى وَمَنارِ الْهُدى وَذَوِي النُّهى ، وَكَهْفِ الْوَرى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، وَالْحُجَّةِ عَلى اهْلِ الدُّنْيا وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

السَّلامُ عَلى نُورِ الأَنْوارِ وَحُجَجِ الْجَبَّارِ ، وَوَالِدِ الأَئِمَّةِ الأَطْهارِ ، وَقَسِيمِ

ص: 133


1- 1. يا وارث خير موروث ( خ ل ).
2- 2. في البحار : غياث.
3- 3. للمسكين ( خ ل ).
4- 4. عن القليب ( خ ل ) ، أقول : القليب : البئر.

الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، الْمُخْبِرِ عَنِ الآثارِ ، الْمُدَمِّرِ عَلَى الْكُفَّارِ ، مُسْتَنْقِذِ (1) الشِّيعَةِ الْمُخْلِصِينَ مِنْ عَظِيمِ الْأَوْزارِ ، السَّلامُ عَلَى الْمَخْصُوصِ بِالطَّاهِرَةِ التَّقِيَّةِ (2) ابْنَةِ الْمُخْتارِ ، الْمَوْلُودِ فِي الْبَيْتِ ذِي الأَسْتارِ ، الْمُرَوِّجِ فِي السَّماءِ بِالْبَرَّةِ الطّاهِرَةِ الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ ابْنَةِ خَيْرِ الأَطْهارِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

السَّلامُ عَلَى النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ، وَعَلَيْهِ يُعْرَضُونَ وَعَنْهُ يُسْأَلُونَ ، السَّلامُ عَلى نُورِ اللّهِ الانْوَرِ وَضِيائِهِ الازْهَرِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللّهِ وَحُجَّتَهُ وَخاصَّةَ اللّهِ وَخالِصَتَهُ.

اشْهَدُ يا وَلِيَّ اللّهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ لَقَدْ (3) جاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَاتَّبَعْتَ مِنْهاجَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وآله ، وَحَلَّلْتَ حَلالَ اللّهِ وَحَرَّمْتَ حَرامَ اللّهِ ، وَشَرَعْتَ أَحْكامَهُ ، وَاقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَامَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللّهِ صابِراً ناصِحاً مُجْتَهِداً مُحْتَسِباً عِنْدَ اللّهِ عَظِيمَ الاجْرِ ، حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ ، لَعَنَ اللّهُ مَنْ دَفَعَكَ عَنْ مَقامِكَ ، وَأَزالَكَ عَنْ مَراتِبِكَ (4) ، وَلَعَنَ اللّهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ ، انَا الَى اللّهِ مِنْ أَعْدائِكَ بَراءٌ.

ثم انكبّ على القبر فقبّله وقل :

اشْهَدُ انَّكَ تَسْمَعُ كَلامِي وَتَشْهَدُ مَقامِي ، وَاشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ اللّهِ بِالْبَلاغِ وَالأَداءِ ، يا مَوْلايَ يا حُجَّةَ اللّهِ يا أَمِينَ اللّهِ انَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُنُوباً قَدْ اثْقَلَتْ ظَهْرِي وَمَنَعَتْنِي مِنَ الرُّقادِ وَذِكْرُها يُقَلْقِلُ أَحْشائِي ، وَقَدْ هَرَبْتُ مِنْها الَى اللّهِ وَالَيْكَ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ ، وَاسْتَرْعاكَ امْرَ خَلْقِهِ ، وَقَرَنَ طاعَتَكَ بِطاعَتِهِ ، وَمُوالاتِكَ بِمُوالاتِهِ ، كُنْ لِي [ الَى اللّهِ ] (5) شَفِيعاً ، وَمِنَ النّارِ

ص: 134


1- 1. ومستنقذ ( خ ل ).
2- 2. التقية السيدة ( خ ل ).
3- 3. في البحار : أشهد انك يا ولي اللّه وحجته لقد.
4- 4. مرامك ( خ ل ) ، وفي البحار : فلعن اللّه من دفعك عن حقك وأزالك عن مقامك.
5- 5. من البحار.

مُجِيراً ، وَعَلى الدَّهْرِ ظَهِيراً (1).

ثم انكبّ على القبر فقبّله وقل :

يا وَلِيَّ اللّهِ ، يا حُجَّةَ اللّهِ ، يا بابَ اللّهِ (2) انَا زائِرُكَ وَاللاّئِذُ بِقَبْرِكَ ، النّازِلُ بِفِنائِكَ ، وَالْمُنِيخُ رَحْلَهُ فِي جَوارِكَ ، اسْأَلُكَ انْ تَشْفَعَ لِي الَى اللّهِ فِي قَضاءِ حاجَتِي وَنُجْحِ طَلِبَتِي لِلدُّنْيا وَالاخِرَةِ (3) ، فَانَّ لَكَ عِنْدَ اللّهِ الْجاهُ الْعَظِيمُ وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ ، فَاجْعَلْنِي يا مَوْلايَ مِنْ هَمِّكَ وَادْخِلْنِي فِي حِزْبِكَ.

وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى ضَجِيعَيْكَ آدَمَ وَنُوحٍ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى وَلَدَيْكَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلَى الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ ، وَتمجّد وابتهل إلى اللّه جلت عظمته وألحّ في الدعاء بما أحببت ان شاء اللّه تعالى (4).

ذكر الوداع لمولانا أمير المؤمنين صلى اللّه عليه :

أقول : انّني لم أجد لهذه الزيارة وداعاً يختصّ بها فاعتمد عليه ، فيودّع بوداع بعض زياراته العامة صلوات اللّه عليه ، وهو :

السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، اسْتَوْدِعُكَ اللّهَ وَاقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامُ ، آمَنّا بِاللّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِما جاءَ بِهِ وَدَعا إِلَيْهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِي إِيّاهُ ، اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنا ثَوابَ مَزارِهِ وَارْزُقْنا الْعَوْدَ ، وَانْ تَوَفَّيْتَنِي قَبْلَ ذلِكَ فَانِّي اشْهَدُ فِي مَماتِي بِما شَهِدْتُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي ، اشْهَدُ انَّهُمْ اعْلامُ الْهُدى وَنُجُومُ الْعُلى وَالْقَدَرُ الْبالِغُ ما بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ ، اشْهَدُ انَّ مَنْ رَدَّ ذلِكَ هُوَ فِي دَرَكِ الْجَحِيمِ.

اللّهُمَّ انِّي اسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتسمى الأئمة واحداً واحدا - وَانْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ وِفادَتِهِ وَالانْقِضاءِ مِنْ زِيارَتِهِ ، وَانْ جَعَلْتَهُ

ص: 135


1- 1. في البحار : وعلى العدوّ نصيراً.
2- 2. باب حطة اللّه ( خ ل ).
3- 3. في البحار : يسألك أن تشفع له إلى اللّه في قضاء حاجتي ونجح طلبته في الدنيا والآخرة.
4- 4. رواه الشهيد في مزاره : 27 - 30 ، وفي مزار الكبير : 62 مع اختلافات ، عنهما البحار 100 : 373 - 377.

فَاجْعَلْنِي مَعَ هؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الْهُداةِ ، اللّهُمَّ ذَلِّلْ قَلْبِي بِالطَّاعَةِ وَالْمُناصَحَةِ وَالْمُوالاةِ وَحُسْنِ الْمُوازَرَةِ وَالْمَوَدَّةِ وَالتَّسْلِيمِ ، حَتّى يَسْتَكْمِلَ بِذلِكَ طاعَتَكَ وَيَبْلُغَ بِها مَرْضاتِكَ وَيَسْتَوْجِبَ بِها ثَوابَكَ بِرَحْمَتِكَ.

اللّهُمَّ انِّي اشْهِدُكَ بِالْوِلايَةِ لِمَنْ والَيْتَ وَوالَتْ رُسُلُكَ وَأَنْبِياءُكَ وَمَلائِكَتُكَ ، وَاشْهِدُكَ بِالْبَرائَةِ مِمَّنْ بَرِئْتَ انْتَ مِنْهُ وَبَرِئَتْ مِنْهُ رُسُلُكَ وَأَنْبِياءُكَ وَمَلائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ وَالسَّفَرَةُ الأَبْرارُ.

اللّهُمَّ وَفِّقْنِي لِكُلِّ مَقامٍ مَحْمُودٍ وَاقْلِبْنِي مِنْ هذَا الْحَرَمِ بِخَيْرٍ مَوْجُودٍ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا تاجَ الأَوْصِياءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَأْسَ الصِّدِّيقِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الأَحْكامِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الرُّكْنِ وَالْمَقامِ (1).

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِهِ الْمُبارَكِينَ ، وَزُوّارِهِ الْمُخْلِصِينَ وَشِيعَتِهِ الصَّادِقِينَ وَمَوالِيهِ النّاصِحِينَ وَأَنْصارِهِ الْمُكَرَّمِينَ وَأَصْحابِهِ الْمُؤَيِّدِينَ ، وَاجْعَلْنِي اكْرَمَ وافِدٍ وَافْضَلَ وارِدٍ وَانْبَلَ قاصِدٍ فِي هذَا الْحَرَمِ الْكَرِيمِ وَالْمَقامِ الْعَظِيمِ وَالْمَورِدِ النَّبِيلِ وَالْمَنْهَلِ الْجَلِيلِ ، الَّذِي اوْجَبْتَ فِيهِ غُفْرانَكَ وَرَحْمَتَكَ.

وَاشْهِدُ اللّهَ وَمَنْ حَضَرَ مِنْ مَلائِكَتِهِ فِي هذَا الْحَرَمِ الّذِي هُمْ بِهِ مُحْدِقُونَ حافُّونَ انَّ مَنْ سَكَنَ رَمْسَهُ وَحَلَّ ضَرِيحَهُ طُهْرٌ مُقَدَّسٌ صِدِّيقٌ مُنْتَجَبٌ وَوَصِيٌّ مُرْتَضى ، واهاً لَكَ مِنْ تُرْبَةٍ ضَمَّتْ نُوراً (2) مِنَ الْخَيْرِ وَشَهاباً مِنَ النُّورِ ، وَيَنْبُوعَ الْحِكْمَةِ وَعَيْناً مِنَ الرَّحْمَةِ وَإِبْلاغَ الْحُجَّةِ.

انَا أَبْرَءُ الَى اللّهِ مِنْ قاتِلِيكَ وَظالِمِيكَ وَالنّاصِبِينَ لَكَ وَالْمُعِينِينَ عَلَيْكَ وَالْمُحارِبِينَ لَكَ ، وَأُوَدِّعُكَ يا مَوْلايَ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وِداعَ الْمَحْزُونِ لِفِراقِكَ الْمُكْتَئِبِ بِالزَّوالِ عَنْ حَرَمِكَ الْمُتَفَجِّعِ عَلَيْكَ ، لا جَعَلَهُ اللّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ وَلا مِنْ زِيارَتِنا لَكَ ، انَّهُ (3) سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

ص: 136


1- 1. يا ركن المقام ( خ ل ).
2- 2. ضمنت ( خ ل ).
3- 3. انك ( خ ل ).

فصل (13): فيما نذكره من عمل زائد على الزيارة في يوم السابع عشر من ربيع الأول أشرف أيام البشارة

وجدنا ذلك في كتب الأعمال الصالحات ، وذخائر المهمات والدعوات الراجحات ، وهو أنّه يصلّي عند ارتفاع نهار يوم السابع عشر من ربيع الأوَّل ركعتين ، يقرأ في كلِّ ركعة منهما الفاتحة مرَّة و« انّا أَنْزَلْناهُ » عشر مرّات ، والإخلاص عشر مرّات ، ثمّ تجلس في مصلاّك وتقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ حَيٌّ لا تَمُوتُ ، وَخالِقٌ لا تُغْلَبُ (1) ، وَبَدِيءٌ لا تَنْفَدُ ، وَقَرِيبٌ لا تَبْعَدُ ، وَقادِرٌ لا تُضادُّ ، وَغافِرٌ لا تَظْلِمُ ، وَصَمَدٌ لا تُطْعَمُ ، وَقَيُّومٌ لا تَنامُ ، وَعالِمُ لا تُعَلَّمُ ، وَقَوِيٌّ لا تَضْعُفُ ، وَعَظِيمٌ لا تُوصَفُ ، وَوَفِيٌّ لا تَخْلِفُ ، وَغَنِيٌّ لا تَفْتَقِرُ.

وَحَكِيمٌ لا تَجُورُ ، وَمَنِيعٌ لا تُقْهَرُ ، وَمَعْرُوفٌ لا تُنْكَرُ ، وَوَكِيلٌ لا تَخْفى ، وَغالِبٌ لا تُغْلَبُ ، وَفَرْدٌ لا تَسْتَشِيرُ ، وَوَهّابٌ لا تَمَلُّ ، وَسَرِيعٌ لا تَذْهَلُ ، وَجَوادٌ لا تَبْخَلُ وَعَزِيزٌ لا تُذِلُّ ، وَحافِظٌ لا تَغْفَلُ ، وَقائِمٌ لا تَزُولُ ، وَمُحْتَجِبٌ لا تُرى ، وَدائِمٌ لا تَفْنى ، وَباقٍ لا تَبْلى ، وَواحِدٌ لا تَشْتَبِهُ ، وَمُقْتَدِرٌ لا تُنازَعُ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ ، أَنْ تُحْيِيَنِي ما عَلِمْتَ الْحَياةَ خَيْراً لِي ، وَأَنْ تَتَوَفّانِي إِذا كانَتِ الْوَفاةُ خَيْراً لِي ، وَأَسْأَلُكَ الْخَشْيَةَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضا ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لا تَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضا بَعْدَ الْقَضاءِ.

وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ آمِينَ رَبَ (2) الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَنِّكَ الْكَرِيمِ وَفَضْلِكَ الْعَظِيمِ أَنْ

ص: 137


1- 1. خالق لا تخلق وفائق لا تغلب ( خ ل ).
2- 2. يا رب ( خ ل ).

تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي يا لَطِيفُ ، الْطُفْ لِي فِي كُلِّ ما تُحِبُّ وَتَرْضى.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْراتِ ، وَتَرْكَ الْمُنْكَراتِ ، وَحُبَّ الْمَساكِينَ ، وَمُخالِطَةَ الصّالِحِينَ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، وَإِذا أرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً فَتَقِينِي غَيْرَ مَفْتُونٍ ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إلى حُبِّكَ.

اللّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله حَبِيبِكَ ، وَبِحَقِّ إبْراهِيمَ خَلِيلِكَ وَصَفِيِّكَ ، وَبِحَقِّ مُوسى كَلِيمِكَ ، وَبِحَقِّ عِيسى رُوحِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِصُحُفِ إِبْراهِيمَ وَتَوْراةِ مُوسى وَانْجِيلِ عِيسى وَزَبُورِ داوُدَ وَفُرْقانِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ وَحْيٍ أَوْحَيْتَهُ ، وَبِحَقِّ كُلِّ قَضاءٍ قَضَيْتَهُ ، وَبِكُلِّ سائِلٍ أَعْطَيْتَهُ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي اسْتَقَرَّ (1) بِها عَرْشُكَ.

فَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي وَضَعْتَها عَلَى النَّارِ فَاسْتَنارَتْ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي وَضَعْتَها عَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي وَضَعْتَها عَلَى النَّهارِ فَأَضاءَ ، وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِي وَضَعْتَها عَلَى الْأَرْضِ فَاسْتَقَرَّتْ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي مَلَأَ أَرْكانَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطُّهْرِ الطّاهِرِ الْمُبارَكِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ ، وَمَبْلَغِ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِأَسْمائِكَ الْعِظامِ ، وَجَدِّكَ الْأَعْلى ، وَكَلِماتِكَ التّامّاتِ ، أَنْ تَرْزُقَنا حِفْظَ الْقُرْآنِ ، وَالْعَمَلَ بِهِ وَالطَّاعَةَ لَكَ ، وَالْعَمَلَ الصّالِحَ ، وَأَنْ تَثْبُتَ ذلِكَ فِي أَسْماعِنا وَأَبْصارِنا ، وَأَنْ تَخْلُطَ ذلِكَ بِلَحْمِي وَدَمِي وَمُخِّي وَشَحْمِي وَعِظامِي ، وَأَنْ تَسْتَعْمِلَ بِذلِكَ بَدَنِي وَقُوَّتِي ، فَإِنَّهُ لا يَقْوى عَلى ذلِكَ إلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ.

يا اللّهُ الْواحِدُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ (2) ، يا اللّهُ الْخالِقُ الْبارِيءُ الْمُصَوِّرُ ، يا اللّهُ الْباعِثُ

ص: 138


1- 1. استقلّ ( خ ل ).
2- 2. المقدس ( خ ل ).

الْوارِثُ ، يا اللّهُ الْفَتَّاحُ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ يا اللّهُ الْمَلِكُ الْقادِرُ الْمُقْتَدِرُ ، اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي انَّكَ أَنْتَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1) ، فَأَسْأَلُكَ يا اللّهُ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ آدَمُ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ فَأَوْجَبْتَ لَهُ الْجَنَّةَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ شيثُ بْنُ آدَمَ فَجَعَلْتَهُ وَصِيَّ أَبِيهِ بَعْدَهُ ، أَنْ تَسْتَجِيبَ دُعاءَنا وَأَنْ تَرْزُقَنا إنْفاذَ كُلِّ وَصِيَّةٍ لِأَحَدٍ عِنْدَنا ، وَأَنْ تُقَدِّمَ وَصِيَّتَنا إَمامَنا ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ إِدْرِيسُ فَرَفَعْتَهُ مَكاناً عَلِيّاً ، أَنْ تَرْفَعَنا إِلى أَحَبِّ الْبِقاعِ إِلَيْكَ ، وَتَمُنَّ عَلَيْنا بِمَرْضاتِكَ ، وَتُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ نُوحٌ فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَرْقِ ، وَأَهْلَكْتَ الْقَوْمَ الظّالِمِينَ ، انْ تُنَجِّينا مِمّا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْبَلاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ هُودٌ فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الرِّيحِ الْعَقِيمِ أَنْ تُنَجِّينا مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَعَذابِهِما.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ صالِحٌ فَنَجَّيْتُهُ مِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ أَنْ تُنَجَّينا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَعَذابِهِما ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ لُوطٌ فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْمُؤْتَفِكَةِ وَالْمَطَرِ السُّوءِ أَنْ تُنَجِّيَنا مِنْ مَخازِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ شُعَيْبٌ فَنَجَّيْتَهُ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الظُّلَّةِ أَنْ تُنَجِّيَنا مِنَ الْعَذابِ إِلى رُوحِكَ وَرَحْمَتِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ إِبْراهِيمُ فَجَعَلْتَ النّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً أَنْ تُخَلِّصَنا كَما (2) خَلَّصْتَهُ ، وَأَنْ تَجْعَلَ ما نَحْنُ فِيهِ بَرْداً وَسَلاماً كَما جَعَلْتَها عَلَيْهِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ إِسماعِيلُ عِنْدَ الْعَطَشِ ، وَأَخْرَجْتَ مِنْ زَمْزَمَ الْماءَ الرَّوِيَّ أَنْ تَجْعَلَ مَخْرَجَنا إلى خَيْرٍ ، وَأَنْ تَرْزُقَنَا الْمالَ الْواسِعَ بِرَحْمَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يَعْقُوبُ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَوَلَدَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ أَنْ تُخَلِّصَنا وَتَجْمَعَ بَيْنَنا وَبَيْنَ أَوْلادِنا وَأَهالِينا.

ص: 139


1- 1. الغافر : 60.
2- 2. مما ( خ ل ).

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يُوسُفُ فَأَخْرَجْتَهُ مِنَ السِّجْنِ أَنْ تُخْرِجَنا مِنَ السِّجْنِ وَتُمَلِّكَنا نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ بِها عَلَيْنا ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ الْأَسْباطُ فَتُبْتَ عَلَيْهِمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ أَنْبِياءَ أَنْ تَتُوبَ عَلَيْنا ، وَتَرْزُقَنا طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ وَالْخَلاصَ مِمّا نَحْنُ فِيهِ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ إِذْ حَلَّ بِهِ الْبَلاءُ فَقالَ : « رَبِ ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (1) ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَكَشَفْتَ عَنْهُ ضُرَّهُ ، (2) وَرَدَدْتَ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْكَ وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَقُولُ كَما قالَ : « رَبِ ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ، فَاسْتَجِبْ لَنا وَارْحَمْنا وَخَلِّصْنا وَرُدَّ عَلَيْنا أَهْلَنا وَما لَنا وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةَ مِنْكَ وَاجْعَلْنا مِنَ الْعابِدِينَ لَكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ مُوسى وَهارُونَ فَقُلْتَ عَزَزْتَ مِنْ قائِلٍ : ( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ) (3) ، أَنْ تَسْتَجِيبَ دُعاءَنَا وَتُنْجِيَنا كَما نَجَّيْتَهُما ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ داوُدُ فَغَفَرْتَ ذَنْبَهُ وَتُبْتَ عَلَيْهِ أَنْ تَغْفِرَ ذَنْبِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحِيمُ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ سُلَيْمانُ فَرَدَتْ عَلَيْهِ مُلْكَهُ وَأَمْكَنْتَهُ مِنْ عَدُوِّهِ وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِنَّ وَالانْسَ وَالطَّيْرَ ، أَنْ تُخَلِّصَنا مِنْ عَدُوِّنا ، وَتَرُدَّ عَلَيْنا نِعْمَتَكَ ، وَتَسْتَخْرِجَ لَنا مِنْ أَيْدِيهِمْ حَقَّنا ، وَتُخَلِّصَنا مِنْهُمْ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ عَلى عَرْشِ مَلَكَةِ سَبا أَنْ تَحْمِلَ إِلَيْهِ ، فَاذْ هُوَ مُسْتَقِرٌّ عِنْدَهُ ، أَنْ تَحْمِلَنا مِنْ عامِنا هذا إلى بَيْتِكَ الْحَرامِ حُجّاجاً وَزُوّاراً لِقَبْرِ نَبِيِّكَ صلى اللّه عليه وآله.

ص: 140


1- 1. الأنبياء : 83.
2- 2. ما به من ضر ( خ ل ).
3- 3. يونس : 89.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يُونُسُ بْنُ مَتّى فِي الظُّلُماتِ ( أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (1) ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَنَجَّيْتَهُ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ وَمِنَ الْغَمِّ ، وَقُلْتَ عَزَّزْتَ مِنْ قائِلٍ ( وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) ، فَنَشْهَدُ أَنّا مُؤْمِنُونَ ، وَنَقُولُ كَما قالَ ( لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، فَاسْتَجِبْ لِي وَنَجِّنِي مِنْ غَمِّ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ كَما ضَمِنْتَ أَنْ تُنْجِيَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ زَكَرِيّا وَقالَ ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) (2) ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَوَهَبْتَ لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْتَ لَهُ زَوْجَهُ ، وَجَعَلْتَهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَكَ رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَكَ خاشِعِينَ ، فَإِنِّي أَقُولُ كَما قالَ ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) ، فَاسْتَجِبْ لِي وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي ، وَجَمِيعَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَخَلِّصْنِي مِمّا أَنَا فِيهِ وَهَبْ لِي كَرامَةَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَأَوْلاداً صالِحِينَ يَرِثُونِي ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَدْعُوكَ رَغَبَاً وَرَهَباً وَمِنَ الْخاشِعِينَ الْمُطِيعِينَ (3).

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يَحْيى فَجَعَلْتَهُ يَرِدُ الْقِيامَةَ وَلَمْ يَعْمَلْ مَعْصِيَةً وَلَمْ يَهمَّ بِها ، أَنْ تَعْصِمَنِي مِنِ اقْتِرافِ الْمَعاصِي ، حَتّى نَلْقاكَ طاهِرِينَ لَيْسَ لَكَ قِبَلَنا مَعْصِيَةً ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعَتْكَ بِهِ مَرْيَمُ فَنَطَقَ وَلَدَها بِحُجَّتِها أَنْ تُوَفِّقَنا وَتُخَلِّصَنا بِحُجَّتِنا عِنْدَكَ وَعَلى كُلِّ مُسْلِمٍ (4) حَتّى تُظْهِرَ حُجّتَنا عَلى ظالِمِينا.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ عِيسى بْنُ مَرْيَمَ فَأَحْيا بِهِ الْمَوْتى وَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ ، أَنْ تُخَلِّصَنا وَتُبَرِّئَنا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَآفَةٍ وَأَلَمٍ ، وَتُحْيِيَنا حَياةً

ص: 141


1- 1. الأنبياء : 87.
2- 2. الأنبياء : 89.
3- 3. المطيعين لك ( خ ل ).
4- 4. ومسلمة ( خ ل ).

طَيِّبَةً فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَأَنْ تَرْزُقَنا الْعافِيَةَ فِي أَبْدانِنا ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ الْحَوارِيُّونَ فَأَعَنْتَهُمْ حَتّى بَلَّغُوا عَنْ عِيسى ما أَمَرَهُمْ بِهِ ، وَصَرَفْتَ عَنْهُمْ كَيْدَ الْجَبَّارِينَ ، وَتَوَلَّيْتَهُمْ ، أَنْ تُخَلِّصَنا وَتَجْعَلَنا مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ جِرْجِيسُ فَرَفَعْتَ عَنْهُ أَلَمَ الْعَذابِ ، أَنْ تَرْفَعَ عَنّا أَلَمَ الْعَذابِ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَأَنْ لا تَبْتَلِيَنا ، وَإِنِ ابْتَلَيْتَنا فَصَبِّرْنَا وَالْعافِيَةُ أَحَبُّ إِلَيْنا.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ الْخِضْرُ حَتّى أَبْقَيْتَهُ ، أَنْ تُفَرِّجَ عَنَّا ، وَتَنْصُرَنا عَلى مَنْ ظَلَمَنا ، وَتَرُدَّنا إِلى مَأْمَنِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ حَبِيبُكَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه وآله فَجَعَلْتَهُ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَيَّدْتَهُ بِعَلِيٍّ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِما وَعَلى ذُرِّيَّتِهِما الطّاهِرِينَ ، وَأَنْ تُقِيلَنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ عَثْرَتِي ، وَتَغْفِرْ لِي ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَخَطايايَ ، وَلا تَصْرِفَنِي مِنْ مَقامِي هذا إِلاّ بِسَعْيٍ مَشْكُورٍ ، وَذَنْبٍ مَغْفُورٍ ، وَعَمَلٍ مَقْبُولٍ ، وَرَحْمَةٍ وَمَغْفِرَةٍ ، وَنَعِيمٍ مَوْصُولٍ بِنَعِيمِ الاخِرَةِ ، بِرَحْمَتِكَ يا حَنّانُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (1).

فصل (14): فيما نذكره ممّا ينبغي ان يكون المسلمون عليه يوم ولادة النبي صلوات اللّه عليه وآله

اعلم انّني وجدت ان تعظيم كلّ زمان ينبغي ان يكون على قدر ما جعل فيه من الفوائد والإحسان ، والمسلمون مطبقون ومتّفقون انّ محمداً صلى اللّه عليه وآله أعظم مولود ، بل أعظم موجود من البشر في الدنيا ، وارفع وأنفع من كلّ من انتفع من الخلائق

ص: 142


1- 1. عنه البحار 98 : 359 - 363.

بفعاله ومقالة ، فينبغي ان يكون تعظيم يوم ولادته على قدر شرف نبوّته ومنفعته وفائدته.

وقد وجدت النّصارى وجماعة من المسلمين يعظّمون مولد عيسى عليه السلام تعظيماً لا يعظمون فيه أحداً من العالمين ، وتعجّبت كيف قنع من يعظّم ذلك المولد من أهل الإسلام ، كيف يقنعون ان يكون مولد نبيّهم الّذي هو أعظم من كلّ نبيّ دون مولد واحد من الأنبياء ، انّ هذا خلاف صواب الآراء ، ولعلّه لو حصل لواحد من العباد مولود بعد ان كان فاقداً للأولاد لوجد من السرور وتعظيم المولد المذكور أضعاف مولد سيّد النبيّين وأعظم الخلائق عند ربّ العالمين ، وهذا خلاف صفات العارفين (1) وبعيد من قواعد المسعودين وأهل اليقين.

فاللّه اللّه أيّها العارف بالصواب المحافظ على الآداب المراقب لمالك يوم الحساب ، ان يكون هذا يوم مولد خاتم الأنبياء (2) عندك دون مولد أحد ابدأ في دار الفناء ، وكن ذلك اليوم عارفاً ومعترفاً بفضل اللّه جلّ جلاله عليك وعلى سائر عباده وبلاده بالنّعمة العظيمة بإنشاء هذا المولود المقدّس وتعظيم ميلاده ، وتقرّب إلى اللّه جلّ جلاله بالصدقات المبرورة وصلوات الشكر المذكورة والتّهاني فيما بين أهل الإسلام وإظهار فضل هذا اليوم على الأيام ، حتّى تعرّفه قلوب الأطفال والنساء ويصير طبيعة لهم نافعة ورافعة في دار الابتلاء ودار دوام البقاء.

ولا تقتد بأهل الكسالة أو المتهونين (3) بأمر الجلالة ، أو الجاهلين لحقوق صاحب الرسالة ، فإنّ الواصف لأمر ولا يقوم بتعظيم قدره ، والمادح بشكر ولا يعلم بما مدحه من شكره ، ممّن يكذّب فعاله مقاله ويشهد عليه ( بالخسران والخذلان ) (4) أعماله.

فإن اللّه جلّ جلاله وصف المعترفين بلسان مقالهم المخالفين لما يقولونه ببيان أفعالهم انّهم كاذبون مفترون ومنافقون ، فقال جل جلاله : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ

ص: 143


1- 1. كمال صفات العارفين ( خ ل ).
2- 2. النبيين ( خ ل ).
3- 3. ولا تقيد ( خ ل ) ، المهونين ( خ ل ).
4- 4. ليس في بعض النسخ.

لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (1). فهل ترى نفعهم إقرارهم للنبي صلوات اللّه عليه وآله برسالته لمّا كانت قلوبهم وأعمالهم مكذّبة لمقالهم في حقيقته.

وما اعتقد انّني أحسن أن اشرح لك كيف تكون في ذلك اليوم عليه ، وهذا الّذي قد كتبته ونبّهت عليه هو المقدار الذي هداني اللّه جلّ جلاله الآن إليه.

فصل (15): فيما نذكره ممّا يختم به يوم عيد مولد النبي سيدنا محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ممّا يدلنا اللّه جلّ جلاله بالعقل والنقل عليه

اعلم انّا قد ذكرنا عند أيّام وأوقات معظّمات ، كيف يكون الإنسان عليه عند خاتمتها من الصفات ، فان ظفرت بشيء منها فلا تعرض عنها ، وزد عليها بقدر تعظيم هذه الولادة المقدّسة المعظّمة المقدّمة عليها.

فإذا كان أواخر نهار عيد ولادته ، فكن بين يدي اللّه جلّ جلاله على بساط مراقبته معترفا له جلّ جلاله بالتقصير في معرفة حقّ نعمته ، وفي القيام بطاعته سائلاً وآملاً ان يوفّقك لما هو أفضل وأكمل ممّا أنت عليه ممّا يقربك إليه ، وتوجّه إليه جلّ جلاله وتضرّع بين يديه بهذا المولود العزيز عليه في كلّ ما تحتاج إليه ، وتوجّه إلى هذا المولود العظيم المقام والكمال بلسان الحال باللّه جلّ جلاله ذي الجلال والإفضال فيما يبلغه توفيقك وعناية اللّه جلّ جلاله بك وفيما لا يبلغه حالك ممّا يعلم اللّه جلّ جلاله أنّه مصلحة لك.

واجمع أطراف عملك بلسان الحال في ذلك اليوم العظيم ، وسلّم إلى مقدّس حضرة الرّسول الرءوف الرحيم وضعه بين يديه ، وتوجّه إليه بكل ما تقدر عليه ان يتمّ بكماله نقصان أعمالك وخسران أحوالك وتعرضها بيد جلالتها وبقدرة نبوّته ورأفته وشفاعته على كرم اللّه جلّ جلاله ورحمته وعلى أَنوار عظمته سبحانه وجلالته.

ص: 144


1- 1. المنافقون : 2 - 1.

الباب الخامس: فيما نذكره ممّا يتعلّق بشهر ربيع الآخر

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من دعاء في غرّة شهر ربيع الآخر

وجدناه في كتاب المختصر من المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : الدعاء في غرّة شهر ربيع الآخر ، تقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ إِلهُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ، أَسْأَلُكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، وَالْغايَةِ وَالْمُنْتَهى ، وَبِما خالَفْتَ بِهِ بَيْنَ الْأَنْوارِ وَالظُّلُماتِ ، وَالْجَنَّةِ وَالنّارِ ، وَالدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، وَبِأَعْظَمِ أَسْمائِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، وَأَتَمِّ أَسْمائِكَ فِي التَّوْراةِ نَبْلاً (1).

وَأَزْهَرِ (2) أَسْمائِكَ فِي الزَّبُورِ عِزّاً ، وَأَجَلِّ أَسْمائِكَ فِي الانْجِيلِ قَدْراً ، وَأَرْفَعِ أَسْمائِكَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْراً ، وَأَعْظَمِ أَسْمائِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُنْزِلَةِ وَأَفْضَلِها ، وَأَسَرِّ أَسْمائِكَ فِي نَفْسِكَ ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ وَبِالْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَما حَمَلَ ، وَبِالْكُرْسِيِّ الْكَرِيمِ

ص: 145


1- 1. النبل والنبالة : الفضل.
2- 2. زهرة الدنيا : غضارتها ، رجل أزهر أبيض مشرق الوجه والمرية : زهرا.

وَما وَسِعَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَتُبِيحَ لِي مِنْ عِنْدِكَ فَرَجَكَ الْقَرِيبَ الْعَظِيمَ الْأَعْظَمَ ، اللّهُمَّ أَتْمِمْ عَلَيَّ إحْسانَكَ الْقَدِيمَ الْأَقْدَمَ ، وَتابِعْ إِلَيَّ مَعْرُوفَكَ الدّائِمَ الْأَدْوَمَ ، وَانْعِشْنِي بِعِزِّ جَلالِكَ الْكَرِيمِ الْأَكْرَمِ.

ثمَّ تقرء :

( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ * اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ * الم اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

( اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ * ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) .

( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ ، فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .

( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ )

( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ، اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى ، إِنَّنِي أَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (1) * إِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ

ص: 146


1- 1. ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى ) ( خ ل ).

وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً * وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ )

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ، فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَتَعالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) .

( وَهُوَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَلا تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) .

( ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ * غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ ، لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ * ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) .

( هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) .

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَفْواً لَيْسَ بَعْدَهُ عُقُوبَةٌ ، وَرِضى لَيْسَ بَعْدَهُ سَخَطٌ ، وَعافِيَةً لَيْسَ بَعْدَها بَلاءٌ ، وَسَعادَةً لَيْسَ بَعْدَها شِقاءٌ ، وَهُدىً لا يَكُونُ بَعْدَهُ سَخَطٌ ، وَعافِيَةً لَيْسَ بَعْدَها بَلاءٌ ، وَسَعادَةً لَيْسَ بَعْدَها شِقاءٌ ، وَهُدىً لا يَكُونُ بَعْدَهُ

ص: 147

ضَلالَةٌ ، وَإِيْماناً لا يُداخِلُهُ (1) كُفْرٌ ، وَقَلْباً لا يُداخِلُهُ فِتْنَةٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ السَّعَةَ فِي الْقَبْرِ وَالْحُجَّةَ الْبالِغَةَ وَالْقَوْلَ الثّابِتَ (2) ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيَّ الْأَمانَ وَالْفَرَجَ (3) وَالسُّرُورَ وَنَضْرَةَ النَّعِيمِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَرِّفْنِي بَرَكَةَ هَذا الشَّهْرِ وَيُمْنَهُ ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ ، وَاجْعَلْنِي فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ أَنْتَ وَهَّابُ الْخَيْرِ فَهَبْ لِي شَوْقاً إِلى لِقائِكَ ، وَإِشْفاقاً مِنْ عَذابِكَ وَحَياءً مِنْكَ وَتَوْقِيراً وَإِجْلالاً حَتّى يَوْجَلَ مِنْ ذلِكَ قَلْبِي ، وَيَقْشَعِرَّ مِنْهُ جِلْدِي وَيَتَجافى لَهُ جَنْبِي وَتَدْمَعَ مِنْهُ عَيْنِي ، وَلا أَخْلُو مِنْ ذِكْرِكَ فِي لَيْلِي وَنَهارِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي اثْنِي عَلَيْكَ وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مَدْحِي وَثَنائِي مَعَ قِلَّةِ عَمَلِي وَقِصَرِ رَأْيِي ، وَأَنْتَ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَأَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَأَنْتَ الْعَزِيزُ وَأَنَا الذَّلِيلُ ، وَأَنْتَ الْقَوِيُّ وَأَنَا الضَّعِيفُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ.

فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَأَعْطِنِي سُؤْلِي فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَتَجاوَزْ عَنِّي وَعَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَصَفِيِّكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ ، وَكَرِّمْ مَقامَهُ ، وَأَجْزِلْ ثَوابَهُ ، وَأَفْلِجْ (4) حُجَّتَهُ ، وَأَظْهِرْ عُذْرَهُ ، وَعَظِّمْ نُورَهُ ، وَأَدِمْ كَرامَتَهُ ، وَأَلْحِقْ بِهِ أُمَّتَهُ وَذُرِّيَّتَهُ ، وَأقِرَّ بِذلِكَ عَيْنَهُ.

ص: 148


1- 1. لم يداخله ( خ ل ).
2- 2. في الحياة الدنيا وفي الاخرة ( خ ل ).
3- 3. الفرج ( خ ل ).
4- 4. أفلج حجّته : قوّمها وأظهرها.

اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً أَكْرَمَ النَّبِيِّينَ تَبَعاً ، وَأَعْظَمَهُمْ مَنْزِلَةً ، وَأَشْرَفَهُمْ كَرامَةً ، وَأَعْلاهُمْ دَرَجَةً ، وَأَفْسَحَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلاً ، اللّهُمَّ بَلِّغْ مُحَمَّداً الدَّرَجَةَ وَالْوَسِيلَةَ (1) ، وَشَرِّفْ بُنْيانَهُ ، وَعَظِّمْ نُورَهُ وَبُرْهانَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفاعَتَهُ فِي أُمَّتِهِ ، وَتَقَبَّلْ صَلاةَ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما بَلَّغَ رِسالاتِكَ وَتَلا آياتِكَ ، وَنَصَحَ لِعِبادِكَ ، وَجاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وَعَبَدَكَ حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ ، اللّهُمَّ زِدْ مُحَمَّداً مَعَ كُلِّ شَرَفٍ شَرَفاً ، وَمَعَ كُلِّ فَضْلٍ فَضْلاً ، وَمَعَ كُلِّ كَرامَةٍ كَرامَةً ، وَمَعَ كُلِّ سَعادَةٍ سَعادَةً ، حَتّى تَجْعَلَ مُحَمَّداً فِي الشَّرَفِ الْأَعْلى مِنَ (2) الدَّرَجاتِ الْعُلى.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَسَهِّلْ لِي مَحَبَّتِي (3) ، وَبَلِّغْنِي امْنِيَّتِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي ، وَاقْضِ عَنِّي دَيْنِي ، وَفَرِّجْ عَنِّي غَمِّي وَكَرْبِي ، وَيَسِّرْ لِي إِرادَتِي ، وَأَوْصِلْنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجِلاً يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (4).

فصل (2): فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من ربيع الآخر

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه في كتاب حدائق الرياض الّذي أشرنا إليه ، فقال عند ذكر ربيع الآخر ما هذا لفظه :

اليوم العاشر منه سنة اثنين وثلاثين ومائتين من الهجرة كان مولد سيدنا أبي محمّد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا صلوات اللّه عليه ، وهو يوم شريف عظيم البركة يستحب صيامه (5).

ص: 149


1- 1. درجة الوسيلة ( خ ل ).
2- 2. مع ( خ ل ).
3- 3. محنتي ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 98 : 364 - 367.
5- 5. عنه البحار 98 : 367.

فصل (3): فيما نذكره من فضل هذا الصيام الحاضر واحترام اليوم العاشر من ربيع الآخر لأجل تعظيم المولود فيه وفضله الباهر

أقول : ان كلّ يوم ولد فيه امام من أئمّة الإسلام فهو يوم عظيم الانعام ، ينبغي ان يتلقّى بما يستحقّه من الشكر لله جلّ جلاله ، والثناء على مقدّس مجده والزيادة في مهمّات حمده ، وان يعترف لله جلّ جلاله بما فتح اللّه فيه من الأبواب إلى سعادة الدنيا ويوم الحساب ، ويعترف للإمام صلوات اللّه عليه بحقه الذي أوجبه اللّه جلّ جلاله برئاسته وسياسته وشفقته وعظمته ، ويختمه بما يليق به من خاتمته.

وقد قدّمنا في عدّة مواضع من هذا الكتاب تفصيلاً لهذه الأسباب.

ص: 150

الباب السادس: فيما نذكره مما يتعلّق بشهر جمادى الأولى

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من دعاء عند غرّة هذا الشهر

وجدناه في كتاب المختصر من كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : الدعاء في غرّة جمادى الأولى ، تقول :

اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ وَأَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ، وَأَنْتَ (1) السَّلامُ الْمُؤْمِنُ ، وَأَنْتَ الْمُهَيْمِنُ ، وَأَنْتَ الْعَزِيزُ ، وَأَنْتَ الْجَبَّارُ ، وَأَنْتَ الْمُتَكَبِّرُ ، وَأَنْتَ الْخالِقُ ، وَأَنْتَ الْبارِيءُ ، وَأَنْتَ الْمُصَوِّرُ ، وَأَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَنْتَ الْأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ لَكَ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.

أَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ ، وَبِحَقِّ أَسْمائِكَ كُلِّها أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَآتِنا اللّهُمَّ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً ، وَاخْتِمْ لَنا بِالسَّعادَةِ وَالشَّهادَةِ فِي سَبِيلِكَ ، وَعَرِّفْنا بَرَكَةَ شَهْرِنا هذا وَيُمْنَهُ ، وَارْزُقْنا خَيْرَهُ ، وَاصْرِفْ عَنّا شَرَّهُ ، وَاجْعَلْنا فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ ، وَقِنا بِرَحْمَتِكَ

ص: 151


1- 1. أنت اللّه ( خ ل ).

عَذابَ النّارِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ثمَّ تقرء :

( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ) (1)

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ما يَفْتَحِ اللّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ (2) آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. )

ص: 152


1- 1. ( وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ ) ( خ ل ).
2- 2. الحمد لله الذي سيريكم ( خ ل ).

( وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) .

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَتَدارَكْنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَقَوِّ ضَعْفِي لِلَّذِي خَلَقْتَنِي لَهُ ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ الإِيمانَ ، وَزَيِّنْهُ فِي قَلْبِي ، وَقَدْ دَعَوْتُكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ لَكَ عَبْداً لا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ (1) ما أَكْرَهُ وَلا أَمْلِكُ ما أَرْجُو ، وَأَصْبَحْتُ مُرْتَهِناً بِعَمَلِي فَلا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي الَيْكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَنِي عَمَلَ مَنِ اسْتَيْقَنَ حُضُورَ أَجَلِهِ لا بَلْ عَمَلَ مَنْ قَدْ ماتَ فَرَاى عَمَلَهُ وَنَظَرَ إِلى ثَوابِ عَمَلِهِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ هذا مَكانُ الْعائِذِ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِكَ ، وَهذا مَكانُ الْعائِذِ بِمُعافاتِكَ مِنْ غَضَبِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ دَعاكَ فَأَجَبْتَهُ ، وَسَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَآمَنَ بِكَ فَهَدَيْتَهُ ، وَتَوَكَّلَ عَلَيْكَ فَكَفَيْتَهُ ، وَتَقَرَّبَ إِلَيْكَ فَأَدْنَيْتَهُ ، وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ فَأَغْنَيْتَهُ ، وَاسْتَغْفَرَكَ فَغَفَرْتَ لَهُ وَرَضِيتَ عَنْهُ وَأَرْضَيْتَهُ (2) وَهَدَيْتَهُ إِلى مَرْضاتِكَ ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِطاعَتِكَ ، وَلِذلِكَ فَرَّعْتَهُ أَبَداً ما أَحْيَيْتَهُ.

فَتُبْ عَلَيَّ يا رَبِّ وَأَعْطِنِي سُؤْلِي وَلا تَحْرِمْنِي شَيْئاً مِمَّا سَأَلْتُكَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، الَّذِي لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ هُوَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعِنِّي عَلَى الدُّنْيا وَارْزُقْنِي خَيْرَها وَكَرِّهْ إِلَيَّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الرَّاشِدِينَ.

ص: 153


1- 1. رفع ( خ ل ).
2- 2. فأرضيته ( خ ل ).

اللّهُمَّ قَوِّنِي لِعِبادَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طاعَتِكَ وَبَلِّغْنِي الَّذِي أَرْجُو مِنْ رَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّيَّ يَوْمَ الظِّماءِ وَالنَّجاةَ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَالْفَوْزَ يَوْمَ الْحِسابِ ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ.

وَأَسْأَلُكَ النَّظَرَ إِلى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَالْخُلُودَ فِي جَنَّتِكَ فِي دارِ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِكَ وَالسُّجُودَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ، وَالظِّلَّ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّكَ ، وَمُرافَقَةَ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَوْلِيائِكَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما قَدَّمْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَما أَخَّرْتُ وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ ، وَما أَسْرَفْتُ عَلى نَفْسِي وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَارْزُقْنِي التُّقى وَالْهُدى وَالْعِفافَ وَالْغِنى ، وَوَفِّقْنِي لِلْعَمَلِ بِما تُحِبُّ وَتَرْضَى.

اللّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيايَ الَّتِي فِيها مَعاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي إِلَيْها مُنْقَلَبِي ، وَاجْعَلِ الْحَياةَ زِيادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ راحَةً لِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا رَبَّ الْأَرْبابِ وَيا سَيِّدَ السَّاداتِ ، وَيا مالِكَ الْمُلُوكِ ، أَنْ تَرْحَمَنِي وَتَسْتَجِيبَ لِي وَتُصْلِحَنِي فَإِنَّهُ لا يُصْلِحُ مَنْ صَلُحَ مِنْ عِبادِكَ إِلاّ أَنْتَ ، فَإِنَّكَ أَنْتَ رَبِّي وَثِقَتِي وَرَجائِي وَمَوْلايَ وَمَلْجَئِي ، وَلا راحِمَ لِي غَيْرُكَ ، وَلا مُغِيثَ لِي سِواكَ ، وَلا مالِكَ سِواكَ وَلا مُجِيبَ إِلاّ أَنْتَ ، أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ الْخاطِئُ الَّذِي وَسِعَتْهُ رَحْمَتُكَ ، وَأَنْتَ الْعالِمُ بِحالِي وَحاجَتِي وَكَثْرَةِ ذُنُوبِي ، وَالْمُطَّلِعُ عَلى أُمُورِي (1) كُلِّها ، فَأَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تَغْفِرَ لِي ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَما تَأَخَّرَ.

اللّهُمَّ لا تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلاّ غَفَرْتَهُ ، وَلا هَمّاً إِلاّ فَرَّجْتَهُ ، وَلا حاجَةً هِيَ لَكَ رضى إِلاّ قَضَيْتَها ، وَلا عَيْباً إِلاّ أَصْلَحْتَهُ ، اللّهُمَّ وَآتِنِي (2) فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي

ص: 154


1- 1. عيوبي وأموري ( خ ل ).
2- 2. آتنا ( خ ل ) ، قنا ( خ ل ).

الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي عَذابَ النّارِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي عَلى أَهْوالِ الدُّنْيا وَبَوائِقِ (1) الدُّهُورِ (2) ، وَمُصِيباتِ اللَّيالِي وَالْأَيّامِ.

اللّهُمَّ وَاحْرُسْنِي مِنْ شَرِّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيماناً ثابِتاً ، وَعَمَلاً مُتَقَبِّلاً (3) ، وَدُعاءً مُسْتَجاباً وَيَقِيناً صادِقاً ، وَقَوْلاً طَيِّباً ، وَقَلْباً شاكِراً ، وَبَدَناً صابِراً ، وَلِساناً ذاكِراً ، اللّهُمَّ أَنْزِعْ حُبَّ الدُّنْيا وَمَعاصِيها وَذِكْرَها وَشَهْوَتَها مِنْ قَلْبِي.

اللّهُمَّ إِنَّكَ بِكَرَمِكَ تَشْكُرُ الْيَسِيرَ مِنْ عَمَلِي فَاغْفِرْ (4) لِيَ الْكَثِيرَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَكُنْ لِي وَلِيّاً وَنَصِيراً وَمُعِيناً (5) وَحافِظاً ، اللّهُمَّ هَبْ لِي قَلْباً أَشَدَّ رَهْبَةً لَكَ مِنْ قَلْبِي ، وَلِساناً أَدْوَمَ لَكَ ذِكْراً مِنْ لِسانِي ، وَجِسْماً أَقْوى عَلى طاعَتِكَ وَعِبادَتِكَ مِنْ جِسْمِي.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، وَمِنْ فُجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، وَمِنْ تَحْوِيلِ (6) عافِيَتِكَ ، وَمِنْ هَوْلِ غَضَبِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقاءِ ، وَمِنْ شَماتَةِ الْأَعْداءِ وَسُوءِ الْقَضاءِ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْكَرِيمِ ، وَعَرْشِكَ الْعَظِيمِ ، وَمُلْكِكَ الْقَدِيمِ ، يا وَهّابَ الْعَطايا ، وَيا مُطْلِقَ الأُسارى ، وَيا فَكّاكَ الرِّقابِ ، وَيا كاشِفَ الْعَذابِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُخْرِجَنِي مِنَ الدُّنْيا سالِماً غانِماً ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ آمِناً ، وَأَنْ تَجْعَلَ أَوَّلَ شَهْرِي هذا صَلاحاً وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً وَآخِرَهُ نَجاحاً ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (7).

ص: 155


1- 1. البوائق : الدواهي.
2- 2. ونكبات الزمان وكربات الآخرة ( خ ل ).
3- 3. في البحار : مقبولاً.
4- 4. فاعف ( خ ل ).
5- 5. منيعاً ( خ ل ).
6- 6. تحوّل ( خ ل ).
7- 7. عنه البحار 98 : 367 - 371.

فصل (2): فيما نذكره من صوم يوم النصف من جمادى الأولى وفضله

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه من كتابه الذي أشرنا إليه ، فقال عند ذكر جمادى الأولى ما هذا لفظه :

« النصف منه سنة ستّ وثلاثين من الهجرة كان مولد سيّدنا أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام ، وهو يوم شريف يستحب فيه الصيام والتطوع بالخيرات. » (1)

فصل (3): فيما نذكره من تعظيم يوم النصف من جمادى الأولى المذكور وما يليق به من الأمور

قد قدّمنا أن أوقات ولادة الأطهار هو يوم إطلاق المبارّ والمسارّ ، وفتح الباب من أبواب السعادات والعنايات ، وترتيب ثابت على العبيد يدلّهم على ما يحتاجون إليه منه من مقام حميد.

فينبغي أن يكون مصاحبة ذلك الوقت العظيم بقدر ما يستحقّه من التكريم ، وان يكون خاتمته على ما ذكرناه من خاتمة الأوقات المعظمات بالمراقبة لله جلّ جلاله وما يريد جلّ جلاله من الطاعات.

ص: 156


1- 1. عنه البحار 98 : 371.

الباب السابع: فيما نذكره مما يتعلق بجمادى الآخرة

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره ممّا يدعى به عند غرّة هذا الشهر

وجدنا ذلك في الكتاب المختصر من كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه : الدعاء في غرّة جمادى الآخرة ، تقول :

اللّهُمَّ يا اللّهُ أَنْتَ (1) الدّائِمُ الْقائِمُ ، يا اللّهُ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، يا اللّهُ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْأَعْلى ، يا اللّهُ أَنْتَ الْمُتَعالِي فِي عُلُوِّكَ ، إِلهُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ، وَخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَصانِعُ كُلِّ شَيْءٍ ، الْقاضِي الْأَكْبَرُ الْقَدِيرُ الْمُقْتَدِرُ ، تَبارَكَتْ أَسْماؤُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ (2).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَرِّفْنا بَرَكَةَ شَهْرِنا هذا وَارْزُقْنا يُمْنَهُ وَنُورَهُ وَنَصْرَهُ وَخَيْرَهُ وَبِرَّهُ ، وَسَهِّلْ لِي فِيهِ ما أُحِبُّهُ وَيَسِّرْ لِي فِيهِ ما أُرِيدُهُ ، وَأَوْصِلْنِي إِلى بُغْيَتِي فِيهِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ص: 157


1- 1. أنت القديم يا اللّه ( خ ل ).
2- 2. ولا إله غيرك ( خ ل ).

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلِينَ ، وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصّامِتِينَ ، وَيا مَنْ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ عِنْدَهُ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ (1) ، وَكُلِّ صامِتٍ عِلْمٌ مِنْهُ (2) باطِنٌ مُحِيطٌ ، مَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ ، وَأَيادِيكَ النّاطِقَةُ ، وَنِعَمُكَ السَّابِغَةُ ، وَأَيادِيكَ الْفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ.

إِلهِي خَلَقْتَنِي وَلَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَأَنَا عائِذُكَ وَعائِذٌ إِلَيْكَ ، وَقَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَأَنَا مُقِرٌّ لَكَ بِالْعُبُودِيَّةِ ، مُعْتَرِفٌ لَكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، مُسْتَغْفِرٌ مِنْ ذُنُوبِي ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ.

يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ ، وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ (3) ، وَلَمْ يَهْتِكَ السِّتْرَ ، يا عَظِيمَ الْعَفْوِ ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَشِيَّةِ ، وَالْقُدْرَةِ وَالظُّلُماتِ وَالنُّورِ ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى وَمُنْتَهى كُلِّ شَكْوى ، وَوَلِيَّ كُلِّ حَسَنَةٍ وَنِعْمَةٍ.

يا كَرِيمَ الصَّفْحِ ، يا عَظِيمَ الْمَنِّ ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ (4) قَبْلَ اسْتِحْقاقِها ، يا رَبّاهُ يا غِياثاهُ ، يا سَيِّداهُ يا مَوْلاياهُ ، يا غايَةَ رَغْبَتاهُ ، أَسْأَلُكَ بِكَ يا اللّهُ أَلاّ تُشَوِّهَ خَلْقِي بِالنّارِ ، فَانِّي ضَعِيفٌ مِسْكِينٌ مُهِينٌ (5) ، وَآتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النّارِ.

يا جامِعَ النّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ ، اجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

وَتقرأ اثنتي عشرة مرَّة : ( قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ،

ص: 158


1- 1. العتيد : الحاضر المهيا.
2- 2. به ( خ ل ).
3- 3. الجريرة : الذنب والجناية.
4- 4. مبتدئ النعم ( خ ل ).
5- 5. مهين : حقير.

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. )

اللّهُمَّ هَبْ لِي (1) بِكَرامَتِكَ ، وَأَتِمَّ عَلَيَّ نِعْمَتِكَ ، وَأَلْبِسْنِي عَفْوَكَ وَعافِيَتَكَ وَأَمْنَكَ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، اللّهُمَّ لا تُسَلِّمْنِي بِجَرِيرَتِي ، وَلا تُخْزِنِي بِخَطِيئَتِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، وَفِي قَبْضَتِكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ.

أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ سَمّاكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ مَلائِكَتِكَ وَرُسُلُكَ وَبِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَرْفُوعِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ عَلَيْكَ ، أَنْ تَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعاكَ بِهِ ، وَبِكُلِّ حَرْفٍ أَنْزَلْتَهُ عَلى نَبِيِّكَ مُوسى ، وَبِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعاكَ بِها أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ ، وَبِكُلِّ حَرْفٍ أَنْزَلْتَهُ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ ، أَنْ تَسْتَجِيبَ لِي ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي فِي عِياذِكَ وَحِفْظِكَ وَكَنَفِكَ وَسِتْرِكَ وَحِصْنِكَ وَفِي فَضْلِكَ (2).

إِنَّكَ (3) أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ ، فَاغْفِر لِي وَارْحَمْنِي وَأَعْطِنِي سُؤْلِي فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ، الْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَاجْعَلْ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ أَكْرَمَ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ، وَأَفْضَلَهُمْ لَدَيْكَ ، وَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَكَ ، وَأَشْرَفَهُمْ مَكاناً ، وَأَفْسَحَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلاً ، وَآتِنِي (4) فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ النّارِ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ (5).

ص: 159


1- 1. هبني ( خ ل ).
2- 2. الواسع العميم ( خ ل ).
3- 3. أنت الرحمن الرحيم ( خ ل ).
4- 4. آتنا ، قنا ( خ ل ).
5- 5. عنه البحار 98 : 372 - 374.

فصل (2): فيما نذكره من صلاة تصلّى في جمادى الآخرة

ورأيت في كتاب روضة العابدين ومأنس الراغبين لإبراهيم بن عمر بن فرج الواسطي حديثاً في جمادى الآخرة ، ولم يذكر أيّ وقت منه ، فنذكرها في أوّله اغتناماً للعبادة واستظهاراً للسعادة ، وهي ان تصلّي أربع ركعات ، تقرء الحمد في الأولى مرة وآية الكرسي مرّة وسورة ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) خمسا وعشرين مرة ، وفي الثانية الحمد مرة وسورة ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمساً وعشرين مرة ، وفي الثالثة الحمد مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرّة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) خمساً وعشرين مرة ، وفي الرابعة الحمد مرة و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) خمساً وعشرين مرة.

فإذا سلّمت فقل : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ اكْبَرُ سبعين مرة ، وصل على النبي سبعين مرة ، ثم قل ثلاث مرات : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.

ثم تسجد وتقول في سجودك ثلاث مرات : يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم يسأل اللّه تعالى حاجته ، من فعل ذلك فإنّه تصان نفسه وماله وأهله وولده ودينه ودنياه إلى مثلها من السنّة القابلة ، وان مات في تلك السنة مات على الشهادة. (1)

فصل (3): فيما نذكره من وقت انتقال أمّنا المعظّمة فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتجديد السّلام عليها

روينا عن جماعة من أصحابنا ، ذكرناهم في كتاب التعريف للمولد الشريف ، أنّ

ص: 160


1- 1. عنه البحار 98 : 374.

وفاة فاطمة (1) صلوات اللّه عليها كانت يوم ثالث جمادى الآخرة (2) ، فينبغي ان يكون أهل الوفاء محزونين في ذلك اليوم ، على ما جرى عليها من المظالم الباطنة والظاهرة ، حتّى انها دفنت ليلاً ، مظهرةً للغضب على من ظلمها وأذاها وأذى أباها ، صلوات اللّه عليه وعلى روحها الطاهرة.

وتزار بما قدمناه في كتاب جمال الأسبوع (3) عند حجرة النبي عليه السلام لمن حضر هناك والاّ قرأ من أيّ مكان كان.

وقد ذكر جامع كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمة عليهم السلام فيها ما سئل عنه مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام ، فقال فيه ما هذا لفظه : أبو الحسن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتبت إليه : ان رأيت ان تخبرني عن بيت أمك فاطمة عليها السلام ، أهي في طيّبه أو كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب : هي مع جدّي صلوات اللّه عليه وآله (4).

قلت انا : وهذا النّص كاف في أنّها عليه السلام مع النبي صلى اللّه عليه وآله ، فيقول :

السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الْحُجَجِ عَلَى النّاسِ أَجْمَعِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَمْنُوعَةُ حَقُّها.

ثم قل : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ الْمُكْرَمِينَ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ وَاهْلِ الأَرضِينَ (5).

فقد روي انّ من زارها بهذه الزيارة واستغفر اللّه ، غفر اللّه له وأدخله الجنّة ، وسيأتي زيارة لها عليها السلام نذكرها عقيب مولدها ان شاء اللّه.

ص: 161


1- 1. فاطمة الزهراء ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 100 : 98 ، 98 : 375.
3- 3. جمال الأسبوع : 27.
4- 4. عنه البحار 100 : 198.
5- 5. عنه وعن مصباح الأنوار ، البحار 100 : 199.

فصل (4): فيما نذكره من فضل ليلة تسع عشر من جمادى الآخرة وانها ليلة ابتداء الحمل برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ذكر محمد بن بابويه رضوان اللّه عليه في الجزء الرابع من كتاب النبوة في أواخره حديث : انّ الحمل بسيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى (1).

وإذا كان الأمر كذلك ، فينبغي تعظيم هذه الليلة الباهرة وإحياؤها بالعبادات الباطنة والظاهرة ، حيث كان فيها ابتداء الحمل بالمولود المعظم في الدنيا والآخرة ، الفاتح للسعادات المتناصرة والآيات المتواترة المحيي ما درس من علوم الأنبياء الأنبياء الدّاثرة (2) صلوات اللّه عليه وعليهم.

فصل (5): فيما نذكره من صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة ، وبعض فضائله الباطنة والظاهرة

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان اللّه عليه من كتابه المشار إليه ، فقال عند ذكر جمادى الآخرة ما هذا لفظه :

يوم العشرين منه كان مولد السيدة الزهراء عليها السلام سنة اثنتين من المبعث ، وهو يوم شريف يتجدّد فيه سرور المؤمنين ، ويستحب صيامه والتطوع فيه بالخيرات والصدقة على أهل الإيمان (3).

ص: 162


1- 1. عنه البحار 98 : 375.
2- 2. دثر الرسم : بلى وانحمى.
3- 3. عنه البحار 98 : 375 ، 43 : 8.

فصل (6): فيما نذكره من تعظيم هذا اليوم العشرين منه ، المعظم عند الأعيان وما يليق به من الإحسان وزيارة سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها أفضل السلام المولود فيه

اعلم انّ يوم ولادة سيدتنا الزهراء البتول ابنة أفضل الرسول صلوات اللّه عليه وآله ، وهو يوم عظيم الشأن من أعظم أيام أهل الإسلام والايمان لأمور :

منها : انّ نسب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله انقطع الاّ منها.

ومنها : انّ أئمّة المسلمين والدّعاء إلى ربّ العالمين من ذرّيتها وصادر عن مقدّس ولادتها.

ومنها : انّها أفضل من كلّ امرأة كانت أو تكون في الوجوه ، وهذا فضل عظيم السعود.

ومنها : انّها المزوّجة في السماء ، والمختصّة بالطهارة والمباهلة ، وهي المختارة من سائر النّساء.

ومنها : انها المشرفة بنزول المائدة عليها من السماء وهذا مقام عظيم من مقامات الأنبياء.

فلو لا طلب التخفيف لذكرنا غير ذلك من مناقبها ومحلّها المنيف ، وقد صنّف جماعة من أهل الوفاق والخلاف مجلّدات في مناقب والدتنا المعظّمة فاطمة ، شرّفها اللّه جلّ جلاله بعلوّ الدرجات.

وحيث قد كان ذكرنا يوم ولادتها الشريفة وصومه وبعض فضلها ، فلنذكر زيارة لها ، ذكرها محمد بن علي الطرازي يومئ الزائر بها إلى شرف محلّها.

والظاهر انّ ضريحها المقدس في بيتها المكمّل بالآيات والمعجزات ، لأنّها أوصت أن تدفن ليلا ولا يصلّي عليها من كانت هاجرة لهم إلى حين الممات ، وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة البخاري ومسلم فيما شهدا انّه من صحيح الروايات ، ولو كان قد أخرجت جنازتها الطاهرة إلى بقيع الغرقد أو بين الروضة والمنبر في المسجد ، ما كان

ص: 163

يخفى آثار الحفر والعمارة عمّن كان قد أراد كشف ذلك بأدنى إشارة ، فاستمرار ستر حال ضريحها الكريم يدلّ على انّها ما أخرجت من بيتها أو حجرة والدها الرءوف الرحيم ، ويقتضي أن يكون دفنها في البيت الموصوف بالتعظيم كما قدّمناه.

أقول : وقد فضح اللّه جلّ جلاله بدفنها ليلاً على وجه المساترة عيوب من أحوجها إلى ذلك الغضب الموافق لغضب جبار الجبابرة ، وغضب أبيها صلوات اللّه عليه صاحب المقامات الباهرة ، إذا كان سخطها سخطه ورضاها رضاه ، وقد نقل العلماء انّ أباها عليه السلام قال : فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها.

أقول : ولقد انقطعت اعذار المتعذّرين وحيلة المحتالين بدفنها ليلا ودعواهم انّ أهل بيت النبي صلوات اللّه عليه وعلى عترته الطاهرين كانوا موافقين لمن تقدّم عليهم من المتقدمين.

ذكر الزيارة المشار إليه لمولاتنا فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليها ، تقول :

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِيِّ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَلِيلِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِينِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ افْضَلِ أَنْبِياءِ اللّهِ.

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالاخَرِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللّهِ وَخَيْرِ خَلْقِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْن سَيِّدَيْ شَبابِ اهْل الْجَنَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ.

السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصَّادِقَةُ الرَّشِيدَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحَوْراءُ الانْسِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمَعْصُومَةُ الْمَظْلُومَةُ.

ص: 164

السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الطَّاهِرَةُ الْمُطَهَّرَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ (1) الْمَغْضُوبَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْغَرَّاءُ (2) الزَّهْراءُ (3) ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللّهِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ. صَلَّى اللّهُ عَلَيْكِ يا مَوْلاتِي وَابْنَةَ مَوْلايَ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكَ.

اشْهَدُ انَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ ، وَانَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ اللّهِ ، وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وآله ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ اللّهِ ، وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولِ اللّهِ ، وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ اللّهِ ، لِأَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ (4) ، كَما قالَ عَلَيْهِ افْضَلُ الصَّلاةِ وَاكْمَلُ السَّلامِ.

اشْهِدُ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ انِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ وَساخِطٌ عَلى مَنْ سَخَطْتِ عَلَيْهِ ، وَلِيٌّ لِمَنْ والاكِ ، عَدُوٌّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ ، انَا يا مَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ ، وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَبِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ ، اشْهَدُ انَّ الدِّينَ دِينُهُمْ ، وَالْحُكْمَ حُكْمُهُمْ ، وَانَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَوْا الى سَبِيلِ اللّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، لا تَأْخُذُهُمْ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، وَصَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ (5) وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الأَئِمَّةِ الطّاهِرِينَ (6).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ ، وَصَلِّ عَلَى الْبَتُولِ الطّاهِرَةِ ، الصِّدِّيقَةِ الْمَعْصُومَةِ ، التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ ، الرَّضِيَّةِ [ الْمَرْضِيَّةِ ] (7) ، الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ ، الْمَظْلُومَةِ

ص: 165


1- 1. المظلومة ( خ ل ).
2- 2. الغراء : البيضاء المنورة والميمونة المباركة مأخوذة من غرة الفرس ، أو الشريفة الكريمة.
3- 3. الزهراء : البيضاء المنيرة.
4- 4. في بدنه وبين جنبيه ( خ ل ).
5- 5. وابنيك ( خ ل ).
6- 6. ذريتك والأئمة الطاهرين من ذراريك ( خ ل ).
7- 7. من البحار.

الْمَقْهُورَةِ ، الْمَغْصُوبَةِ حَقُّها ، الْمَمْنُوعَةِ إِرْثُها ، الْمَكْسُورِ ضِلْعُها ، الْمَظْلُومِ بَعْلُها ، الْمَقْتُولِ وَلَدُها ، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ ، وَبِضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ (1) ، وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ (2) ، وَالنُّخْبَةِ (3) مِنْكَ لَهُ ، وَالتُّحْفَةِ خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهُ الْمُصْطَفى وَقَرِينَهُ الْمُرْتَضى ، وَسَيِّدَةِ النِّساءِ وَمُبَشِّرَةِ الأَوْلِياءِ (4) ، حَلِيفَةِ الْوَرَعِ وَالزُّهْدِ (5) ، وَتُفَّاحَةِ الْفِرْدَوْسِ وَالْخُلْدِ ، الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الْجَنَّةِ ، وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأَئِمَّةِ ، وَارْخَيْتَ (6) دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْها صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ ، وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها فَضْلاً وَإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْراناً ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ (7) الْكَرِيمِ.

ثمّ تصلّي صلاة الزيارة وان استطعت أن تصلّي صلاتها صلّى اللّه عليها ، فافعل ، وهي ركعتان تقرء في كلّ ركعة الحمد مرّة وستين مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) .

فان لم تستطع فصلّ ركعتين بالحمد وسورة الإخلاص والحمد و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، فإذا سلّمتَ قلت (8) :

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَبِأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيْهِمْ ، الَّذِي لا يَعْلَمُ كُنْهَهُ سِواكَ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنْ حَقُّهُ عِنْدَكَ عَظِيمٌ ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى الَّتِي امَرْتَنِي انْ ادْعُوكَ بِها.

وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الاعْظَمِ الَّذِي امَرْتَ بِهِ إِبْراهِيمَ انْ يَدْعُوَ بِهِ الطَّيْرَ

ص: 166


1- 1. الصميم : العظم الذي به قوام العضو ، رجل صميم : محض.
2- 2. الفلذة : القطعة من الكبد.
3- 3. النخبة : المختار.
4- 4. مبشرة الأولياء - على بناء اسم المفعول - أي التي بشر اللّه الأولياء بها ، ويحتمل بناء على اسم الفاعل لأنها تبشّر أوليائها واحبائها في الدنيا والآخرة بالنجاة من النار - البحار.
5- 5. الحليف : الصديق ، يحلف لصاحبه ان لا يغدر به كناية عن ملازمتها لهما وعدم مفارقتها عنهما.
6- 6. إرخاء الستر إسداله ، كناية عن نزول الوحي في بيتها وكونها مطلعة على أسرار النبوة - البحار.
7- 7. دو العفو ( خ ل ).
8- 8. قل ( خ ل ).

فَأَجابَتْهُ ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي قُلْتَ لِلنّارِ ( كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) (1) ، فَكانَتْ بَرْداً ، وَبِأَحَبِّ الأَسْماءِ الَيْكَ وَأَشْرَفِها وَأَعْظَمِها لَدَيْكَ ، وَأَسْرَعِها إِجابَةً وَأَنْجَحَها طَلِبَةً ، وَبِما انْتَ اهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ وَمُسْتَوْجِبُهُ ، وَأَتَوَسَّلُ الَيْكَ وَارْغَبُ الَيْكَ وَأَتَضَرَّعُ الَيْكَ وَأُلِحُّ عَلَيْكَ.

وَاسْأَلُكَ بِكُتُبِكَ الَّتِي أَنْزَلْتَها عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، مِنَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، فَانَّ فِيهَا اسْمُكَ الاعْظَمُ ، وَبِما فِيها مِنْ أَسْمائِكَ الْعُظْمى ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُفَرِّجَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (2) وَشِيعَتِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَعَنِّي ، وَتَفْتَحَ أَبْوابَ السَّماءِ لِدُعائِي وَتَرْفَعَهُ فِي عِلِّيِّينَ ، وَتَأْذَنَ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي هذِهِ السّاعَةِ بِفَرَجِي وَإِعْطاءِ امَلِي وَسُؤْلِي فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

يا مَنْ لا يَعْلَمُ احَدٌ كَيْفَ هُوَ وَقُدْرَتُهُ الاّ هُوَ ، يا مَنْ سَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ (3) ، وَكَبَسَ الارْضَ عَلَى الْماءِ (4) ، وَاخْتارَ لِنَفْسِهِ احْسَنَ الأَسْماءِ ، يا مَنْ سَمّى نَفْسَهُ بِالاسْمِ الَّذِي يُقْضى بِهِ حاجَةُ مَنْ يَدْعُوهُ.

اسْأَلُكَ بِحَقِّ ذلِكَ الاسْمِ فَلا شَفِيعَ أَقْوى لِي مِنْهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقْضِيَ لِي حَوائِجِي وَتَسْمَعَ بِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَالْحُجَّةِ الْمُنْتَظِرِ لِاذْنِكَ ، صَلَواتُكَ وَسَلامُكَ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكاتُكَ عَلَيْهِمْ ، صَوْتِي ، لِيَشْفَعُوا لِي الَيْكَ وَتُشَفِّعَهُمْ فِيَّ ، وَلا تَرُدَّنِي خائِباً ، بِحَقِّ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ - وتسأل حوائجك تقضى ان شاء اللّه (5) تعالى (6).

ص: 167


1- 1. الأنبياء : 69.
2- 2. عن محمد وآل محمد ( خ ل ).
3- 3. سد الهواء بالسماء كناية عن إحاطة السماء بها.
4- 4. كبس البئر والنهر : طمها بالتراب.
5- 5. تقضى باذن اللّه تعالى ( خ ل ).
6- 6. عنه البحار 100 : 199 - 201.

أقول : فيا سعادة من ظفر بموافقة أهل بيت المباهلة والتطهير والثّقل المعظم المنير المصاحب للقرآن المنيف وسفينة النجاة في التكليف ، واحتمل في رضى المالك اللطيف كلّ تهديد وتخويف وسار معهم إلى محل مقامهم الشريف.

فينبغي ان يصاحب هذا اليوم بقدر ما يستحقّه من جلالته وحرمته والاعتراف لله جلّ جلاله بمنّته ولرسوله صلوات اللّه عليه وآله بمحلّ ولادته ولما صدر عنها ، من انّ المهدي الذي بشّر به النّبي صلى اللّه عليهما منها.

فليجتهد الإنسان في القيام لله جلّ جلاله بشكره ولرسوله عليه السلام بعظيم قدره ، ويواصل أهل الإيمان بما يقدر عليه من برّه ويختمه بخاتمه كلّ يوم أشرنا فيما سلف إلى تعظيم أمره ويستقبل كلّما يبلغ اجتهاده من الطّاعات والخيرات إليه ، فإنّ حقّ اللّه جلّ جلاله وحقّ رسوله صلوات اللّه عليه وآله وخاصّته لا يقضى ، وان اجتهد الإنسان بغاية إرادته ، لانّ المنة لهم سابقة ولا حقة وباطنة وظاهرة وماضية وحاضرة.

اما تعرف انّك لو وهبت غلامك أنعاما عليه ، أو أعطيت عبدك شيئا من الدنيا وسلّمته إليه ثمّ منّ عليك بشيء منه أنكرت ذلك عليه ، وكذلك لو هديت ضالًّا ، فمنّ عليك بشيء من هداياتك كنت قد عددته ظالماً وجاحداً حقوق مقاماتك ، ولا يخفى عليك ان كنت من المسلمين انّ كلّما أنت فيه بطريق سيّد المرسلين وعترته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

ص: 168

الباب الثامن: فيما نذكره ممّا يختصّ بشهر رجب وبركاته وما نختاره من عباداته وخيراته

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محله وتحف فضله

اعلم انّنا كنا ذكرنا في أَوائل هذا الجزء وبعد إثبات أبواب هذا الكتاب انّ الشهور كالمراحل إلى الموت وما بعده من المنازل ، وانّ كلّ منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره وأيّامه ، فينبغي أن يكون محلّه على قدر ما يتفضّل اللّه جلّ جلاله فيه من إكرامه وانعامه.

ومذ فارقت أيّها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الّذي كان فيه مولد سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وما ذكرناه فيه من الفضل المكمّل ، لم تجد من المنازل المتشرّفة بزيادة المكتسب أفضل من هذا شهر رجب ، لاشتماله على وقت إرسال اللّه جلّ جلاله رسوله محمّداً صلوات اللّه عليه إلى عبادة وإغاثة (1) أهل بلاده بهدايته وإرشاده ،

ص: 169


1- 1. اعانة ( خ ل ).

ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.

فكن مقبلا على مواسم (1) هذا الشهر بعقلك وقلبك ، ومعترفا بالمراحل والمكارم المودعة فيك من ربّك ، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه وممّا يسرّك ان تلقاه ، واجتهد ان لا تبقى في المنزل الّذي تعلم انّك راحل عنه ما تندم على تركه أوّلاً بذلك منه ، فكلّما أنت تاركه منهوب مسلوب وأنت مطلوب مغلوب ، وسائر عن قليل وراء مطايا أعمالك ، ونازل حيث حملت ما قدّمت من قماشك ورحالك ، فاحذّر نفسي وإياك ان يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقماً (2) وعافيته سقماً.

فهل تجد انّك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرّزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك ، وتستدرك ما فرّطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك ، هيهات هيهات لقد كنت تسمع وأنت في الدنيا بلسان الحال تلهّف النادمين وتأسّف المفرطين وصارت الحجّة عليك لربّ العالمين ، فاستظهر رحمك اللّه استظهار أهل الإمكان في الظفر بالأمان والرضوان.

وسوف نذكر من طريق الاخبار طرفا من العبادات والأسرار في اللّيل والنّهار المقتضية لنعيم دار القرار ، فلا تكن عن الخير نوّاماً ولا لنفسك يوم القيامة لوّاماً ، وإذا لم نذكر إسناداً لكلّها فسوف نذكر أحاديث مسندة عن الثقات انّه من بلغه اعمال صالحة وعمل بها فإنّه يظفر بفضلها ، وقد قدّمناها في أول المهمّات ، وانّما اعددناها هاهنا في المراقبات.

فمن ذلك انّنا روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان اللّه عليه من كتاب ثواب الأعمال فيما رواه بإسناده إلى صفوان عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام انّه قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له أجر ذلك ، وان كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يقله (3).

ص: 170


1- 1. العلقم : الحنظل وكل شيء مرّ.
2- 2. مراسم ( خ ل ).
3- 3. ثواب الأعمال : 16.

أقول : ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه من كتاب الكافي ، في باب من بلغه ثواب من اللّه تعالى على عمل فصنعه فقال ما هذا لفظه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وان لم يكن كما بلغه (1).

ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم رحمه اللّه عن الصادق عليه السلام.

ومن ذلك بإسنادنا أيضا إلى محمد بن يعقوب فقال : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن عمران الزعفراني ، عن محمد بن مروان قال :

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من بلغه ثواب من اللّه عزّ وجلّ على عمل ، فعمل ذلك العمل ، التماس ذلك الثواب أوتيه ، وان لم يكن الحديث كما بلغه (2).

أقول : وهذا فضل من اللّه جلّ جلاله وكرم ما كان في الحساب ، انك تعمل عملا لم ينزله في الكتاب ولم يأمر اللّه جلّ جلاله رسوله ان يبلّغه إليك فتسلم ان يكون خطر ذلك العمل عليك ، وتصير من سعادتك (3) في دنياك وآخرتك.

فاعلم انّ هذا له مدخل في صفات الإسعاد والإرفاد ، فكيف لا يكون في صفات رحمته وجوده لذاته ومن لا نهاية لهباته ومن لا ينقصه الإحسان ولا يزيده الحرمان ، ومن كلّما وصل إلى أهل مملكته ، فهو زائد في مملكته وتعظيم دولته ، ولقد رويت ورأيت اخباراً لابن الفرات الوزير وغيره انّهم زوّر عليهم جماعة رقاعاً بالعطايا ، فعلموا انّها زوّر عليهم وأطلقوا ما وقع في التزوير ، وهي من الأحاديث المشهورة عند الأعيان فلا أطيل بذكرها في هذا المكان.

وقد جاءت شريعتنا المعظّمة بنحو هذه المساعي المكرمة ، وذاك انّ حكم الشريعة المحمّديّة انّه لو التقى صفّ المسلمين في الحرب بصفّ الكافرين فتكلّم واحد من أهل

ص: 171


1- 1. الكافي 2 : 71 ، عنه الوسائل 1 : 82.
2- 2. الكافي 2 : 71 عنه الوسائل 1 : 82.
3- 3. سعاداتك ( خ ل ).

الإسلام كلمة اعتقدها كافر انّه قد أمّنه بذلك الكلام ، لكان ذلك الكافر أماناً من القتل ودرعاً له من دروع الإسلام والفضل ، وقد تناصر ورود الروايات : « ادرءوا الحدود بالشبهات » (1) ، فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر ومعترفاً بحق محمد صلوات اللّه عليه سيّد البشر.

فصل (2): فيما نذكره من فضل أوّل ليلة من شهر رجب بالمعقول من الأدب

فنقول : قد عرفت انّ الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتّفقا على انّ هذه أوّل ليلة من شهر رجب ، من الليالي الأربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيّات ، ومن فضل هذه الليلة انّ الإنسان لمّا خرج شهر محرّم عنه ، وكأنّه قد فارق الأمان الذي جعله اللّه جلّ جلاله بالأشهر الحرم ، وأخذ ذلك الأمان منه ، فإذا دخلت أوّل ليلة من شهر رجب المقبل عليه ، فقد أنعم اللّه جلّ جلاله عليه بالأمان الّذي ذهب منه ، وأدخله في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه.

وما يخفى عن ذوي الألباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرّقاب ومفارقة ما جعلوه أماناً عند خوف العتاب أو العقاب ، وبين الدخول في التشريف بالمقام في معاينة الثواب ، فليكن الإنسان معترفاً لله جلّ جلاله في أوّل ليلة من شهر رجب بهذا الفضل الذي غير محتسب ومتمسّكاً بقوّة هذا السبب.

واعلم انّه إذا كانت أشهر الحرم قد اقتضت في الجاهليّة والإسلام ترك الحروب والسكون عن الفعل الحرام ، فكيف يحتمل هذه الشّهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه في شيء من الأمور ، وكيف يعظّم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم أضعاف ذلك بين العبد وبين مالك امره كلّه ، فالحذر الحذر من التهوين باللّه في هذه الأوقات المحرّمة ، وان يهتك العبد شيئاً من شهورها المعظّمة.

ص: 172


1- 1. المقنع : 147 ، عنه مستدرك الوسائل 18 : 27.

فصل (3): فيما نذكره من عمل أوّل ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب

فمن ذلك الدعاء عند هلال رجب ، وجدناه في كتب الدعوات ، ومرويّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنّه كان يقول :

اللّهُمَّ أَهِّلْهُ عَلَيْنا بِالْأَمْنِ وَالإِيمانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَ (1).

وروي أنّه عليه السلام كان إذا رأى هلال رجب قال :

اللّهُمَّ بارِكْ لَنا فِي رَجَبٍ وَشَعْبانَ ، وَبَلِّغْنا شَهْرَ رَمَضانَ ، وَأَعِنَّا عَلَى الصِّيامِ وَالْقِيامِ ، وَحِفْظِ اللِّسانِ ، وَغَضِّ الْبَصَرِ ، وَلا تَجْعَلْ حَظِّنا مِنْهُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ.

قال : ويستحبّ أن يقرء عند رؤية الهلال سورة الفاتحة (2) سبع مرّات ، فإنّه من قرأها عند رؤية الهلال عافاه اللّه من رمد العين في ذلك الشّهر.

وروي أنّه عليه السلام كان إذا رأى الهلال كبّر ثلاثاً وهلّل ثلاثاً ثمَّ قال :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ شَهْرَ كَذا ، وَجاءَ بِشَهْرِ كَذا.

فصل (4): فيما نذكره من فضل الغسل في أول رجب وأوسطه وآخره

وجدناه في كتب العبادات عن النبي عليه أفضل الصلوات انّه قال : من أدرك شهر رجب ، فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه (3).

ص: 173


1- 1. عنه البحار 98 : 376.
2- 2. فاتحة الكتاب ( خ ل ).
3- 3. عنه البحار 98 : 377 ، وعن نوادر الراوندي 97 : 46.

فصل (5): فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى اللّه في كلّ ليلة من رجب

نقلناه من كتب العبادات عن النبيّ صلوات اللّه عليه أنّه قال : إنَّ اللّه تعالى نصب في السّماء السَّابعة ملكاً يقال له : الداعي ، فإذا دخل شهر رجب ينادي (1) ذلك الملك كلَّ ليلة منه إلى الصّباح : طوبى للذاكرين ، طوبى للطّائعين ، ويقول اللّه تعالى :

أنا جليس من جالسني ، ومطيع من أطاعني ، وغافر من استغفرني ، الشّهر شهري ، والعبد عبدي ، والرّحمة رحمتي ، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته ، ومن سألني أعطيته ، ومن استهداني هديته ، وجعلت هذا الشّهر حبلاً بيني وبين عبادي ، فمن اعتصم به وصل إليّ (2).

فصل (6): فيما نذكره من الدعاء في أول ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة

روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمّد بن عيسى - وقد زكاه النّجاشي وأثنى عليه (3) - بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال : تدعو في أوّل ليلة من رجب بعد عشاء الاخرة (4) بهذا الدعاء :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِيكٌ ، وَأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرٌ (5) ، وَأَنَّكَ ما تَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللّهِ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكَ

ص: 174


1- 1. نادى ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 98 : 377.
3- 3. رجال النجاشي : 81 ، الرقم : 198.
4- 4. صلاة العشاء الآخرة ( خ ل ).
5- 5. قدير ( خ ل ).

لِيُنْجِحَ بِكَ طَلِبَتِي ، اللّهُمَّ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ، وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْجِحْ طَلِبَتِي ، ثمَّ تسأل حاجتك (1). (2)

فصل (7): فيما نذكره من صلاة أول ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها

نقلناه من كتاب المختصر من كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه :

تصلّي أوّل ليلة من رجب عشر ركعات مثنى مثنى ، تقرء في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرَّة واحدة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرَّة ، وتقول سبعين مرَّة :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِما تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ، ثُمَّ عُدْتُ فِيهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما أَعْطَيْتُكَ مِنْ نَفْسِي ثُمَّ لَمْ أَفِ لَكَ بِهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ وَخالَطَهُ ما لَيْسَ لَكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِلذُّنُوبِ الَّتِي قَوَّيْتُ عَلَيْهَا بِنِعْمَتِكَ وَسِتْرِكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِلذُّنُوبِ الَّتِي بارَزْتُكَ بِها دُونَ خَلْقِكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُ وَلِكُلِّ سُوءٍ عَمِلْتُ.

وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، غافِرُ الذَّنْبِ وَقابِلُ التَّوْبِ ، اسْتِغْفارَ مَنْ لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَلا ضَرّاً ، وَلا مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً إِلاّ ما شاءَ اللّهُ.

وتقول بعد ذلك :

سُبْحانَكَ بِما تَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ ، وَسُبْحانَكَ بِما تَبْلُغُهُ أَحْكامُكَ وَلا أَبْلُغُهُ ، وَسُبْحانَكَ بِما أَنْتَ مُسْتَحِقُّهُ وَلا يَبْلُغُهُ الْحَيَوانُ (3) مِنْ خَلْقِكَ ، وَسُبْحانَكَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي يُوجِبُ عَفْوَكَ وَرِضاكَ ، وَسُبْحانَكَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي لَمْ تُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَسُبْحانَكَ بِعِلْمِكَ فِي خَلْقِكَ كُلِّهِمْ ، وَلَوْ عَلَّمْتَنِي أَكْثَرَ

ص: 175


1- 1. عنه البحار 98 : 377 ، مصباح المتهجد 2 : 798.
2- 2. حوائجك ( خ ل ).
3- 3. الحيران ( خ ل ).

مِنْ هذا لَقُلْتُهُ.

اللّهُمَّ لا خَرابَ عَلى ما عَمَّرْتَ ، وَلا فَقْرَ عَلى ما أَغْنَيْتَ ، وَلا خَوْفَ عَلى مَنْ أَمِنْتَ (1) ، وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ عالِمٌ بِحاجَتِي ، فَاقْضِها يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ يا رافِعَ السَّماءِ فِي الْهَواءِ ، وَكابِسَ الْأَرْضِ عَلَى الْماءِ ، وَمُنْبِتَ الْخُضْرَةِ بِما لا يُرى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي (2) ، وَجَلاءَ حُزْنِي ، وَذِهابَ هَمِّي وَغَمِّي.

اللّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اللّهُمَّ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لَكَ وَضَلَّتِ الْأَحْلامُ فِيكَ ، وَضاقَتِ الْأَشْياءُ دُونَكَ ، وَمَلأَ كُلَّ شَيْءٍ نُورُكَ ، وَوَجِلَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْكَ ، وَهَرَبَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَيْكَ ، وَتَوَكَّلَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ.

أَنْتَ الرَّفِيعُ فِي جَلالِكَ ، وَأَنْتَ الْبَهِيُّ فِي جَمالِكَ ، وَأَنْتَ الْعَظِيمُ فِي قُدْرَتِكَ ، وَأَنْتَ الَّذِي لا يَؤُدُكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، يا غافِرَ زَلَّتِي ، وَيا قاضِيَ حاجَتِي ، وَيا مُفَرِّجَ كُرْبَتِي ، وَيا وَلِيَّ نِعْمَتِي ، أَعْطِنِي مَسْأَلَتِي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمالِي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنَ الذُّنُوب الَّتِي لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ ، فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا (3) مَنْ هُوَ فِي عُلُوِّهِ دانٍ ، وَفِي دُنُوِّه

ص: 176


1- 1. ما آمنت ( خ ل ).
2- 2. أي مائلاً إليه ومتروح به كما انّ الربيع مروح للقلب والإنسان مائل إليه.
3- 3. اللّهم يا ( خ ل ).

عالٍ ، وَفِي إِشْراقِهِ مُنِيرٌ ، وَفِي سُلْطانِهِ عَزِيزٌ ، ائْتِنِي بِرِزْقٍ مِنْ عِنْدِكَ ، لا تَجْعَلْ (1) لِأَحَدٍ عَلَيَّ فِيهِ مِنَّةً ، وَلا لَكَ فِي الآخِرَةِ عَلَيَّ تَبِعَةٌ إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْحَرَقِ وَالشَّرَقِ وَالْهَدْمِ (2) وَالرَّدْمِ (3) ، وَأَنْ اقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِراً أَوْ أَمُوتَ لَدِيغاً ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِكٌ ، وَأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرٌ ، وَما تَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي وَتَكْشِفَ ضُرِّي ، وَتَبْلُغَنِي امْنِيَّتِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحَبَّتِي (4) ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجلاً ، وَتَجْمَعَ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (5).

وتقول بعد ذلك وفي كلِّ ليلة من ليالي رجب : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ أَلف مرَّة (6).

فصل (8): فيما نذكره من صلاة أخرى في أول ليلة من رجب وثوابها

وجدنا ذلك في كتب العبادات مروياً عن النبيّ عليه أفضل الصلوات ، قال عليه السلام :

ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى في أوَّل ليلة من رجب ثلاثين ركعة ، يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، ثلاث مرّات إلاّ غفر اللّه له كلَّ ذنب صغير وكبير ، وكتبه اللّه من المصلّين إلى السنة المقبلة ، وبريء من النفاق. (7)

ص: 177


1- 1. ولا تجعل ( خ ل ).
2- 2. الهدم : نقض البناء.
3- 3. الردم : ما يسقط من الجدار.
4- 4. محنتي ( خ ل ).
5- 5. عنه البحار 98 : 377.
6- 6. عنه البحار 98 : 377.
7- 7. عنه وسائل الشيعة 8 : 98 ، رواه في البحار 98 : 379 مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر ، عنه الوسائل 8 : 92.

فصل : في صلاة أخرى في أوَّل ليلة من رجب :

ورأيت في كتاب روضة العابدين المقدم ذكره صلاة في أوَّل ليلة من رجب ، ذكر لها فضلاً نذكر شرحها ، قال : عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله : من صلّى المغرب أوَّل ليلة من رجب ثمَّ يصلّي بعدها عشرين ركعة ، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرَّة ، ويسلّم بعد كلِّ ركعتين ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أتدرون ما ثوابه (1)؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فانَّ الرُّوح الأمين علّمني ذلك ، وحسر (2) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن ذراعيه وقال : حفظ واللّه في نفسه وأهله وماله وولده ، وأجير من عذاب القبر ، وجاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب (3).

فصل : في صلاة أخرى في أول ليلة من رجب :

رأيناها في كتاب روضة العابدين المذكور عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله يقول : من صلّى ركعتين في أوَّل ليلة من رجب بعد العشاء يقرأ في أوَّل ركعة فاتحة الكتاب ، و ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب و ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين. ثمّ يتشهّد ويسلّم ، ثمَّ يهلّل اللّه تعالى ثلاثين مرّة ، ويصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه وآله ثلاثين مرّة ، فإنّه يغفر له ما سلف من ذنوبه ، ويخرجه من الخطايا كيوم ولدته أمّه (4).

فصل : فيما نذكره من صلاة ركعتين لكل ليلة من رجب :

رواها عبد الرحمن بن محمّد بن عليّ الحلوانيّ في كتاب التحفة ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صلّى في رجب ستّين ركعة في كلِّ ليلة منه ركعتين ، يقرأ في كلِّ ركعة منهما

ص: 178


1- 1. ثوابها ( خ ل ).
2- 2. حسر : كشف.
3- 3. عنه وسائل الشيعة 8 : 94 ، البحار 98 : 379.
4- 4. عنه وسائل الشيعة 8 : 94 ، البحار 98 : 379.

فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرّات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرّة.

فإذا سلّم منهما رفع يديه وقال :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَآلِهِ.

ويمسح بيديه وجهه ، فانّ اللّه سبحانه يستجيب الدّعاء ويعطي ثواب ستّين حجّة وستّين عمرة (1).

أقول : وجدت في بعض كتب عمل رجب صلاة في أوّل ليلة من الشهر ، فرأيت أنّ ذكرها في أوّل ليلة أليق بها لأنّها ليلة تحيي بالعبادات فيحتاج إلى زيادة الطّاعات ، ولأنّ الإنسان ما يدري إذا أخّر هذه الصلاة عن أوّل ليلة هل يتمكّن منها في غيرها أم لا ، وهذه الصلاة تروي عن سلمان رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

من صلّى ليلة من ليالي رجب عشر ركعات ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، غفر اللّه تبارك وتعالى له كلّ ذنب عمل وسلف له من ذنوبه ، وكتب اللّه تبارك وتعالى له بكلّ ركعة عبادة ستّين سنة ، وأعطاه اللّه تعالى بكلّ سورة قصراً من لؤلؤة في الجنّة ، وكتب اللّه تعالى له من الأجر كمن صام وصلّى وحجّ واعتمر وجاهد في تلك السّنة وكتب اللّه تعالى له إلى السّنة القابلة في كلّ يوم حجّة وعمرة ، ولا يخرج من صلاته حتّى يغفر اللّه له.

فإذا فرغ من صلاته ناداه ملك من تحت العرش : استأنف العمل يا وليّ اللّه فقد أعتقك اللّه تعالى من النار ، وكتبه اللّه تعالى من المصلّين تلك السنة كلّها ، وإن مات فيما بين ذلك مات شهيداً ، واستجاب اللّه تعالى دعاءه ، وقضى حوائجه ، وأعطاه كتابه

ص: 179


1- 1. عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 380.

بيمينه ، وبيّض وجهه ، وجعل اللّه بينه وبين النّار سبع خنادق (1).

ذكر صلاة أخرى في ليلة من رجب :

عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من قرأ في ليلة من شهر رجب ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة في ركعتين ، فكأنّها صام مائة سنة في سبيل اللّه ، وأعطاه اللّه مائة قصر في جوار نبي من الأنبياء عليهم السلام (2).

واعلم انّ الّذي تجده في كتابنا هذا من فضل صلوات في ليالي رجب وليالي شعبان وفضل صوم كل يوم من هذين الشهرين وتعظيم الثواب والإحسان بكلّه مشروط بالإخلاص ، ومن جملة إخلاص أهل الاختصاص الاّ يكون قصدك بهذا العمل مجرد هذا الثواب بل تعبّد به ربّ الأرباب ، لأنّه أهل لعبادة ذوي الألباب ، وهذه عقبة صعبة تبعد السلامة منها.

ومنها : ان لا تعجبك نفسك بعمل ولا تتّكل على عملك ، فإنّك إذا فكرت فيما عمل اللّه جلّ جلاله معك قبل ان يخلقك من عمارة الدّنيا لمصلحتك ، وقد خلق آدم عليه السلام إلى زمان عبادتك ، وما تحتاج ان يعمله جلّ جلاله معك في دوام آخرتك ، رأيت عملك لا محلّ له بالنسبة إلى عمله جلّ جلاله معك.

وإذا وجدت في كتابنا انّ من عمل كذا فله مثل عمل الأنبياء والأوصياء والشهداء والملائكة عليهم السلام ، فلعلّ ذلك انّه يكون مثل عمل أحدهم (3) ، إذا عمل هذا الّذي يعمله دون سائر أعمالهم ، أو يكون له تأويل آخر على قدر ضعف حالك وقوّة حالهم.

فلا تطمع نفسك بما لا يليق بالإنصاف ولا تبلغ بها ما لا يصحّ لها من الأوصاف ، ولا تستكثر اللّه جلّ جلاله شيئاً من العبادات ، فحقّه أعظم من ان يؤدّيه أحد ، ولو بلغ غايات ويقع الطاعات لك دونه جلّ جلاله في الحياة بعد الممات.

ص: 180


1- 1. عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 381.
2- 2. عنه وسائل الشيعة 8 : 95 ، البحار 98 : 381.
3- 3. أحدها ( خ ل ).

ذكر ما نورده من إجابة الدعاء في رجب :

نذكر الحديث مختصراً ، وهو انّ رجلا مرّ برجل أعمى مقعد ، فقال : اما كان هذا يسأل اللّه تعالى العافية ، فقيل له : اما تعرف هذا؟ هذا الذي بهّله بريق (1) - وكان اسم - بريق عياضاً - فقال : ادع لي عياضاً ، فدعاه ، فقال : حدّثني حديث بني الضّيعاء ، قال :

انّه حديث جاهليّة وانّه لا أردت لك به في الإسلام ، فقال : ذاك أحرى أن تحدّثنا ، قال : انّ بني الضّيعاء كانوا عشرة وكانت أختهم تحتي ، فأرادوا أن ينزعوها منّي ، فنشدتهم اللّه تعالى والقرابة والرحم ، فأبوا الاّ ان ينزعوها منّي ، فأمهلتهم حتّى دخل رجب مضر (2) شهر اللّه الحرام (3) ، فقلت : اللّهم أدعوك دعاءها جاهداً على بني الضيعاء ، فاترك واحداً كسيراً الرّجل ودعه قاعداً أعمى ذا قيد ، يعني القائد.

أقول : ورأيت في رواية أخرى عوض : اللّهم ، يا رب.

قال : فهلكوا جميعاً ليس هذا (4) ، فقال : باللّه ما رأيت كاليوم حديثاً أعجب ، فقال رجل من القوم : أفلا أحدّثك بأعجب من هذا؟ قال : حدّث حتّى تسمع القوم.

قال : انّي كنت من حيّ من احياء العرب فماتوا كلّهم ، فأصبت مواريثهم ، فانتجعت (5) حيّاً من احياء العرب يقال لهم : بنو مؤمّل ، كنت بهم زمانا طويلا ، ثمّ انّهم أرادوا أخذ مالي ، فناشدتهم اللّه تعالى ، فأبوا الاّ ان ينتزعوا مالي ، وقد كان رجل منهم يقال له : رباح ، فقال يا بني مؤمل جاركم وخفيركم (6) لا ينبغي لكم أخذ ماله ، قال : فأخذوا مالي ، فأمهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر اللّه الحرام ، فقلت :

ص: 181


1- 1. بهله : لعنه.
2- 2. في خطبة النبي صلى اللّه عليه وآله في حجة الوداع : «. ان عدة الشهور عند اللّه اثنى عشر شهراً ، منها أربعة حرم : ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان » وذلك للاحتراز من رجب ربيعة لأنها كانت تحرم رمضان وتسميه رجباً ، فبين عليه السلام انه رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، لا رجب ربيعة الذي يقع بعد شعبان.
3- 3. في جميع المواضع : المحرم ( خ ل ).
4- 4. ليس هذا يعنى غير هذا.
5- 5. انتجع الكلا : طلبه في موضعه ، انتجع فلاناً ، طلب معروفه وجواره.
6- 6. خفره : اجاره ومنعه وحماه وآمنه ، الخفير : يطلق على المجير والمجار ، المراد هنا المجار.

اللّهم أزلها عن بني المؤمل

وارم على اقفائهم بمكتل (1)

بصخرة أو عرض جيش جحفل (2)

الاّ رباحاً انّه لم يفعل

أقول : ورأيت في رواية أخرى عوض : اللّهم ، يا ربّ اشقاني بنو المؤمل فارم - ثم ذكر تمامها.

قال : فبينما هم يسيرون في أصل جبل أو في سطح جبل إذ تداعى عليهم الجبل ، فهلكوا جميعاً الاّ رباحاً ، فإنه نجّاه اللّه تعالى ، فقال : واللّه ما رأيت كاليوم حديثاً أعجب ، فقال رجل من القوم : أفلا أحدّثك بأعجب من ذلك؟ فقال : حدّث حتّى يسمع القوم.

فقال : انّ أبي وعمّي ورثا أباهما ، فأسرع عمّي في الّذي له وبين مالي ، فأراد بنوه ان ينزعوا مالي ، فناشدتهم اللّه تعالى والقرابة والرّحم ، فأبوا الاّ ان ينزعوا مالي ، فأمهلتهم حتّى دخل رجب مضر شهر اللّه الحرام فقلت :

اللّهم ربّ كلّ آمن وخائف

وسامعاً نداء كل هاتف

انّ الخناعيّ أما يقاصف (3)

لم يعطني الحق ولم يناصف

فأجمع له الأحبّة الألاطف (4)

بين القرانِ السّوء والتراصف (5)

ص: 182


1- 1. مكتل - كمنبر - الشديدة من شدائد الدهر.
2- 2. جيش جحفل : كثيف مجتمع.
3- 3. الخناعي : نسبة إلى خناعة - كثمامة - ابن سعد بن هذيل بن مدركه بن الياس بن مضر ، القصف : الكسر ، أي يا رب لا تقصف ولا تكسر الخناعي والحال انه لم يناصف ولم يعطني النصف.
4- 4. الأحبّة : الإخلاء.
5- 5. القرآن - بالكسر - التتابع اثنين اثنين ، التراصف : التتابع والانضمام كلا.

قال : فبينما بنوه وهم عشرة في بئر ، إذ انهارت عليهم البئر وكانت قبورهم ، فقال : باللّه ما رأيت كاليوم حديثاً أعجب ، فقال القوم : أهل الجاهليّة كان اللّه يصنع بهم ما ترى فأهل الإسلام أحرى بذلك ، فقال : انّ أهل الجاهليّة كان اللّه يصنع بهم ما تسمعون ليحجز بعضهم عن بعض ، وانّ اللّه جعل الساعة موعد أهل الإسلام والسّاعة أدهى وأمرّ.

قال راوي هذا الحديث : هذه قصّة عجيبة مشهورة تروى من وجوه ، وقال : معنى بهله أي لعنه ، من قول اللّه ( ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1).

أقول : وروي غير هذه الرّوايات ، وانّما اقتصرنا على ما ذكرناه ليكون أنموذجاً في بيان إجابة الدعوات (2).

فصل (9): فيما نذكره من زيارة مختصّة بشهر رجب

اعلم انّ هذه الزّيارة التي يأتي ذكر صفتها ليست متعيّنة لأوّل ليلة من الشهر ، ولكنّها متعيّنة للشهر كلّه ، فنذكرها في أوّل ليلة منه لأنّه أول وقتها ، فلا يؤخّرها عنه.

رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه فيما ذكره عن ابن عياش ، قال : حدثني خير (3) بن عبد اللّه ، عن مولانا - يعني أبي القاسم الحسين بن روح رضي اللّه عنه - قال : زُر أيّ المشاهد كنت بحضرتها (4) في رجب تقول :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ فِي رَجَبٍ ، وَاوْجَبَ عَلَيْنا مِنْ حَقِّهِمْ ما قَدْ وَجَبَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ (5) وَعَلى أَوْصِيائِهِ

ص: 183


1- 1. آل عمران : 61.
2- 2. عنه البحار 97 : 41.
3- 3. جبير ( خ ل ).
4- 4. تحضرها ( خ ل ).
5- 5. انتجبه : اختاره.

الْحُجُبِ ، اللّهُمَّ فَكَما اشْهَدْتَنا مَشْهَدَهُمْ (1) فَانْجِزْ لَنا مَوْعِدَهُمْ وَأَوْرِدْنا مَوْرِدَهُمْ ، غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِرْدٍ فِي دارِ المُقامَةِ وَالْخُلْدِ.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ ، انِّي قَصَدْتُكُمْ (2) وَاعْتَمَدْتُكُمْ بِمَسْأَلَتِي وَحاجَتِي ، وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ ، وَالْمُقَرُّ مَعَكُمْ فِي دارِ الْقَرارِ مَعَ شِيعَتِكُمُ الأَبْرارِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ.

انَا سائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيما الَيْكُمْ التَّفْوِيضُ وَعَلَيْكُمْ التَّعْوِيضُ ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهِيضُ (3) وَيَشْفِي الْمَرِيضُ ، وَما تَزْدادُ الأَرْحامُ وَما تَغِيضُ ، انِّي لِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ (4) وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ وَعَلَى اللّهِ بِكُمْ مُقْسِمٌ ، فِي رَجْعِي (5) بِحَوائِجِي وَقَضائِها وَامْضائِها وَانْجاحِها (6) وَإِبْراحِها (7) ، وَبِشُؤُنِي لَدَيْكُمْ وَصَلاحِها.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلامَ مُوَدِّعٍ وَلَكُمْ حَوائِجَهُ مُودِعٌ ، يَسْأَلُ اللّهَ إِلَيْكُمُ الْمَرْجَعَ وَسَعْيُهُ الَيْكُمْ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ ، وَانْ يَرْجعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجَعٍ الى جِنابٍ مُمْرِعٍ (8) وَخَفْضِ (9) عَيْشٍ مُوَسَّعٍ ، وَدَعَةٍ (10) وَمَهَلٍ (11) الى حِينِ الأَجَلِّ ، وَخَيْرِ مَصِيرٍ وَمَحَلٍّ فِي النَّعِيمِ الأَزَلِ وَالْعَيْشِ الْمُقْتَبَلِ (12) ، وَدَوامِ الأُكُلِ وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَلِ (13) ، وعَلٍ وَنَهَلٍ (14) لا سَامٍ مِنْهُ وَلا مَلَلٍ.

ص: 184


1- 1. مشاهدهم ( خ ل ).
2- 2. قد قصدتكم ( خ ل ).
3- 3. المهيض : العظم المكسور.
4- 4. بسركم موقن ( خ ل ).
5- 5. رجعتي ( خ ل ).
6- 6. قضائها وإنجاحها وإبراحها ( خ ل ).
7- 7. إبراحها : إظهارها.
8- 8. امرع الوادي : إذا صار ذا كلاء.
9- 9. الخفض : الراحة.
10- 10. الدعة : السعة في العيش.
11- 11. المهل : السكينة.
12- 12. المقتبل : المستأنف.
13- 13. ماء سلسل : سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه.
14- 14. عل : شرب الثاني ، نهل : شرب الأول.

وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ عَلَيْكُمْ ، حَتَّى الْعَوْدِ الى حَضْرَتِكُمْ ، وَالْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ وَالْحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ ، وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ ، وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (1).

فصل (10): فيما نذكره من عمل أوّل جمعة من شهر رجب

اعلم انّ مقتضى الاحتياط للعبادة وطلب الظفر بالسّعادة ، اقتضى ان نذكر عمل هذه اللّيلة الجمعة في أوّل ليلة من هذا الشهر الشريف ، لجواز ان يكون أوّل ليلة منه الجمعة ، فيكون قد احتطنا للتّكليف ، وان لم يكن أوّله الجمعة ، فيكون قد اذكرناك في أوّل الشهر بها إلى حين حضور أوّل ليلة جمعة منه لتعمل بها.

وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، ونقلته أنا من بعض كتب أصحابنا رحمهم اللّه ، فقال في جملة الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله في ذكر فضل شهر رجب ما هذا لفظه :

ولكن لا تغفلوا عن أوّل ليلة جمعة منه ، فإنّها ليلة تسمّيها الملائكة ليلة الرغائب ، وذلك انّه إذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض الاّ يجتمعون في الكعبة وحواليها ، ويطّلع اللّه عليهم اطلاعة فيقول لهم : يا ملائكتي سلوني ما شئتم ، فيقولون : ربنا حاجتنا إليك ان تغفر لصوّام رجب ، فيقول اللّه تبارك وتعالى : قد فعلت ذلك.

ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما من أحد صام يوم الخميس أوّل خميس من رجب ثم يصلّى بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة ، يفصل بين كلّ ركعتين بتسليمة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ثلاث مرات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) اثنتي عشرة مرة ، فإذا فرغ من صلاته صلّى عليّ سبعين مرة ، يقول : اللّهُمَّ صَلِ

ص: 185


1- 1. رواه في مصباح المتهجد : 2 : 821.

عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلى آلِهِ (1).

ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة : سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، ثم يرفع رأسه ويقول : رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الاعْظَمُ.

ثمّ يسجد سجدة أخرى فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى ، ثم يسأل اللّه حاجته في سجوده ، فإنه تقضى ان شاء اللّه تعالى.

ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : والذي نفسي بيده لا يصلّي عبد أو أمة هذه الصلاة إلاّ غفر اللّه له جميع ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرّمل ووزن الجبال وعدد ورق (2) الأشجار ، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممّن قد استوجب النار ، فإذا كان أول ليلة نزوله إلى قبره بعث اللّه إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق ، فيقول : يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة ، فيقول : من أنت فما رأيت أحسن وجهاً منك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول : يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة الّتي صلّيتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا ، جئت الليلة لأقضي حقّك وآنس وحدتك وارفع عنك وحشتك ، فإذا نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة على رأسك وانّك لن تعدم الخير من مولاك ابداً (3).

فصل (11): فيما نذكره مما يعمل بعد الثماني ركعات من نافلة الليل

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه في عمل أوّل ليلة من رجب فيما رواه عن عليّ بن حديد قال : كان أبو الحسن الأوّل عليه السلام يقول وهو

ص: 186


1- 1. اللّهم صلّ على محمد النبي ( الهاشمي خ ل ) وآله.
2- 2. أوراق ( خ ل ).
3- 3. عنه البحار 98 : 397 ، الوسائل 8 : 100 ، نقله العلامة في إجازته لبني زهرة مفصلاً راجع أجازته المطبوع في البحار 107 : 125 ، عنه البحار 98 : 395 ، الوسائل 8 : 98.

ساجد بعد فراغه من صلاة اللّيل :

لَكَ الْمَحْمَدَةُ إِنْ أَطَعْتُكَ ، وَلَكَ الْحُجَّةُ إِنْ عَصَيْتُكَ ، لا صُنْعَ لِي وَلا لِغَيْرِي فِي إِحْسانٍ إِلاّ بِكَ ، يا كائِنَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَيا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَدِيلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَمِنْ شَرِّ الْمَرْجَعِ فِي الْقُبُورِ وَمِنَ النِّدامَةِ يَوْمَ الازِفَةِ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ عَيْشِي عَيْشَةً نَقِيَّةً ، وَمَيْتَتِي مَيْتَةً سَوِيَّةً وَمُنْقَلِبي مُنْقَلَباً كَرِيماً ، غَيْرَ مَخْزيٍ وَلا فاضِحٍ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (1) الْأَئِمَّةِ يَنابِيعِ الْحِكْمَةِ ، وَاولِي النِّعْمَةِ ، وَمَعادِنِ الْعِصْمَةِ ، وَاعْصِمْنِي بِهِمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَلا تَأْخُذْنِي عَلى غِرَّةٍ وَلا غَفْلَةٍ ، وَلا تَجْعَلْ عَواقِبَ أَعْمالِي حَسْرَةً ، وَارْضَ عَنِّي ، فَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِلظّالِمِينَ وَأَنَا مِنَ الظّالِمِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي ما لا يَضُرُّكَ وَأَعْطِنِي ما لا يَنْقُصُكَ ، فَإِنَّكَ الْوَسِيعُ (2) رَحْمَتُهُ الْبَدِيعُ حِكْمَتُهُ ، وَأَعْطِنِي السَّعَةَ وَالدَّعَةَ ، وَالْأَمْنَ وَالصِّحَّةَ وَالْبُخُوعَ ، وَالشُّكْرَ وَالْمُعافاةَ ، وَالتَّقْوى وَالصَّبْرَ ، وَالصِّدْقَ عَلَيْكَ وَعَلى أَوْلِيائِكَ ، وَالْيُسْرَ وَالشُّكْرَ ، وَاعْمُمْ بِذلِكَ يا رَبِّ أَهْلِي وَوَلَدِي وَإِخْوانِي فِيكَ ، وَمَنْ احْبَبْتُ وَأَحَبَّنِي ، وَوَلَدْتُ وَوَلَدَنِي ، مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ (3).

فصل (12): فيما نذكره مما يعمل بعد ركعة الوتر من نافلة الليل من رجب

رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي رحمه اللّه عليه في عمل أوّل ليلة من

ص: 187


1- 1. آل محمد ( خ ل ).
2- 2. فإنك أنت الوسيع ( خ ل ).
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 799 ، عنه البحار 98 : 381.

رجب أيضاً ، فيما رواه عن ابن أشيم قال : صلِ (1) الوتر ثلاث ركعات ، فإذا سلّمت قلت وأنت جالس :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا تَنْفَدُ خَزائِنُهُ ، وَلا يَخافُ آمِنُهُ ، رَبِّ ارْتَكَبْتُ الْمَعاصِي ، فَذلِكَ ثِقَةٌ بِكَرَمِكَ ، أَنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِكَ ، وَتَعْفُو عَنْ سَيِّئاتِهِمْ وَتَغْفِرُ الزَّلَلَ ، فَإِنَّكَ مُجِيبٌ لِداعِيكَ وَمِنْهُ قَرِيبٌ ، فَأَنَا تائِبٌ إِلَيْكَ مِنَ الْخَطايا ، وَراغِبٌ إِلَيْكَ فِي تَوْفِيرِ حَظِّي مِنَ الْعَطايا.

يا خالِقَ الْبَرايا ، يا مُنْقِذِي مِنْ كُلِّ شَدِيدٍ ، يا مُجِيرِي مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ ، وَفِّرْ عَلَيَّ السُّرُورَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ عَواقِبِ الأُمُورِ ، فَإِنَّكَ اللّهُ ، عَلى نَعْمائِكَ وَجَزِيلِ عَطائِكَ مَشْكُورٌ وَلِكُلِّ خَيْرٍ مَذْخُورٌ (2).

قال جدّي أبو جعفر الطّوسيّ رحمه اللّه : وروى ابن عيّاش عن محمّد بن أحمد الهاشمي المنصوري ، عن أبيه ، عن أبي موسى عن سيّدنا أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام أنّه كان يدعو في هذه السّاعة به ، فادع بهذا فإنّه خرج عن العسكري عليه السلام في قول ابن عياش : يا نُورَ النُّورِ ، يا مُدَبِّرَ الأُمُورِ ، يا مُجْرِيَ الْبُحُورِ ، يا باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، يا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذاهِبُ ، وَكَنْزِي حِينَ تُعْجِزُنِي الْمَكاسِبُ ، وَمُونِسِي حِينَ تَجْفُونِي الْأَباعِدُ ، وَتَمَلُّنِي الأَقارِبُ ، وَمُنَزِّهِي بِمُجالَسَةِ أَوْلِيائِهِ وَمُرافَقَةِ أَحِبّائِهِ فِي رِياضِهِ ، وَساقِي بِمُؤانَسَتِهِ مِنْ نَمِيرِ (3) حِياضِهِ ، وَرافِعِي بِمُحاوَرَتِهِ مِنْ وَرْطَةِ الذُّنُوبِ إِلى رَبْوَةِ (4) التَّقْرِيبِ ، وَمُبَدِّلِي بِوِلايَتِهِ عِزَّةَ الْعَطايا مِنْ ذِلَّةِ الْخَطايا.

أَسْأَلُكَ يا مَوْلايَ بِالْفَجْرِ وَاللَّيالِي الْعَشْرِ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ،

ص: 188


1- 1. تصل ( خ ل ).
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 800 ، عنه البحار 98 : 382.
3- 3. النمير : الزاكي من الماء.
4- 4. الربوة : المكان المرتفع.

وَبِما جَرى بِهِ قَلَمُ الْأَقْلامِ بِغَيْرِ كَفٍّ وَلا إِبْهامٍ ، وَبِأَسْمائِكَ الْعِظامِ ، وَبِحُجُجِكَ عَلى جَمِيعِ الْأَنامِ عَلَيْهِمْ مِنْكَ أَفْضَلُ السَّلامِ ، وَبِما اسْتَحْفَظْتَهُمْ مِنْ أَسْمائِكَ الْكِرامِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ وَتَرْحَمَنا فِي شَهْرِنا هذا وَما بَعْدَهُ مِنَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ ، وَانْ تُبَلِّغَنا شَهْرَ الصِّيامِ فِي عامِنا هذا وَفِي كُلِّ عامٍ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَالْمِنَنِ الْجِسامِ ، وَعَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مِنّا افْضَلُ السَّلامِ (1).

فصل (13): فيما نذكره مما ينبغي ان يكون العارف عليه من المراقبات ، في أوّل ليلة من شهر رجب إذا تفرّغ من العبادات المرويات المكرمات

اعلم انّ هذه اللّيلة موسم جليل المقام جزيل الانعام ، أراد اللّه جلّ جلاله من عباده ان يطيعوه في مراده ، بإحيائها بعباداته وطلب إسعاده وانجاده وإرفاده وهباته ، فاذكر لو انّ ملك زمانك أحضرك وأطلق عنان إمكانك في ان تكون ليلة من عدّة شهور حاضرا فيها بين يديه ، لتطلب منه ما تحتاج إليه ، وتكون أنت فقيراً في كلّ أمورك إليه ، كيف كنت تكون مع ذلك السلطان ، فاجعل حالك مع اللّه جلّ جلاله في هذه اللّيلة على نحو ذلك الاجتهاد ، بغاية الإمكان.

ولا تكن حرمة اللّه جلّ جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من خدمته وعرض عليك من نعمته ، دون عبد من عباده ، وارحم نفسك ان يراك فيها مهوّناً باتّباع مراده ، فكأنّك قد أخرجت نفسك من حمى أمان هذا الشهر العظيم الشأن وعرّضت نفسك للهوان أو الخذلان.

وقد نبّهنا فيما ذكرناه في أمثال هذه اللّيلة الّتي تحيي بالعبادة على ما يستغنى به عن الزيادة ، فان لم تظفر بمعناه فاعلم :

انّ المراد من إحيائها الّذي ذكرنا ، ان تكون حركاتك وسكناتك وإراداتك

ص: 189


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 800 ، عنه البحار 98 : 382.

وكراهاتك في هذه اللّيلة السعيدة ، على نيّة أنّها عبادات اللّه جلّ جلاله خالصة لأبوابه المقدّسة المجيدة ، كما انّك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود ، فان نفسك مراغبة لرضاه ، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب ، ولا يكلّفك اللّه ما لا تقدر عليه ، بل ما يصحّ منك لسلطان هو مملوكه ومن أفقر الفقراء إليه ، وان غلبك نوم فيكون نوم المتأدّبين بين يدي ربّ العالمين ، الّذين يقصدون بالرّقاد القوّة على طاعته وزيادة الاجتهاد.

وتسلّم أعمالك فيها بلسان الحال والمقال إلى من يكون حديث تلك اللّيلة إليه ، من الحمأة والخفراء في الأيّام والأعمال ، ليتمّ ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من اللّه جلّ جلاله شفيعاً لك وبين يديك.

فصل (14): فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فقال ما هذا لفظه : قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الاّ أنّ رجب شهر اللّه الأصم (1) وهو شهر عظيم ، وانّما سمّي الأصم لأنّه لا يقاربه (2) شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند اللّه وكان أهل الجاهليّة يعظّمونه في جاهليّتها ، فلمّا جاء الإسلام لم يزده الاّ تعظيماً وفضلاً ، الاّ انّ رجب شهر اللّه وشعبان شهري ورمضان شهر أمّتي.

الاّ فمن صام من رجب يوماً ايماناً واحتسابا استوجب رضوان اللّه الأكبر ، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب اللّه ، وأغلق عنه باباً من أبواب النّار ، ولو أعطى ملأ الأرض ذهباً ما كان بأفضل من صومه ، ولا يستكمل أجره بشيء من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه لله ، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشيء من عاجل الدنيا

ص: 190


1- 1. الأصب ( خ ل ).
2- 2. لا يقربه ( خ ل ).

أعطاه اللّه ، والاّ ادّخر له من الخير أفضل ما دعا به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه (1).

ومن ذلك ما رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الباقر عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صام أوّل يوم من رجب وجبت له الجنّة (2).

فصل (15): فيما نذكره من فضل صوم أوّل يوم من رجب ويوم من وسطه ويوم من آخره

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه قدس اللّه روحه من أماليه ، ومن عيون اخبار الرضا عليه السلام بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال : من صام أوّل يوم من رجب رغبة في ثواب اللّه عزّ وجلّ وجبت له الجنّة ، ومن صام يوماً من وسطه شفّع في مثل ربيعة ومضر ، ومن صام يوماً في آخره جعله اللّه عزّ وجلّ من ملوك الجنّة ، وشفّعه في أبيه وأمّه ، وابنه وابنته ، وأخيه وأخته ، وعمّه وعمّته ، وخاله وخالته ، ومعارفه وجيرانه ، وان كانوا مستوجبي النار (3).

فصل (16): فيما نذكره من صوم أوّل يوم من رجب وثلاثة أيام لم يعين وقتها

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، فقال ما هذا لفظه : قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : رجب شهر عظيم ، يضاعف اللّه فيه الحسنات ، ويمحو فيه السيئات ، من صام يوماً من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنّة (4).

ص: 191


1- 1. رواه في ثواب الأعمال : 78 ، أمالي الصدوق : 319 ، فضائل الأشهر الثلاثة : ، عنهم البحار 97 : 26 ، وعن أمالي الشيخ 97 : 31.
2- 2. عنه البحار 97 : 33.
3- 3. عيون اخبار الرضا عليه السلام 1 : 291 ، أمالي الصدوق : 7 ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهم البحار 97 : 32.
4- 4. ثواب الأعمال : 78 ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهما البحار 97 : 37 ، الفقيه 2 : 92.

فصل (17): فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب أيضا وصوم اليوم الأول منه وسبعة منه وثمانية وعشرة وخمسة عشر

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى علي بن الحسن بن فضال من كتاب الصوم له من تهذيب الأحكام ، فقال في التهذيب ما هذا لفظه : قال :

حدثنا كثير بيّاع النوى ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : سمع نوح عليه السلام صوت السفينة على الجودي فخاف عليه ، فأخرج رأسه من جانب السفينة ، فرفع يده وأشار بإصبعه وهو يقول : رهمان أتقن ، وتأويلهما : يا ربّ أحسن ، وان نوحا عليه السلام لمّا ركب السفينة ركبها في أوّل يوم من رجب ، فأمر من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم ، وقال : من صامه منكم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام سبعة أيام منه غلّقت عنه أبواب النيران السبعة ، وان صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنّة الثمانية ، ومن صام عشرة أيام أعطي مسألته ، ومن صام خمسة عشر يوما قيل له : استأنف العمل فقد غفر لك ، ومن زاد زاده اللّه (1).

فصل (18): فيما نذكره من فضل صوم أيّام متعيّنة منه أيضا والشهر كلّه

روينا ذلك في عدّة أحاديث من عدّة طرق ، منها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى الصادق عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صام ثلاثة أيام من رجب كتب اللّه له بكلّ يوم صيام سنة ، ومن صام سبعة أيّام من رجب غلّقت عنه سبعة أبواب النار ، ومن صام ثمانية أيّام فتحت له أبواب الجنّة الثمانية ، ومن صام خمسة عشر يوما حاسبه اللّه حسابا يسيرا ، ومن صام رجب كلّه

ص: 192


1- 1. التهذيب 4 : 306 ، مصباح المتهجد : 797 ، الخصال 2 : 92 ، و93 ، فضائل الأشهر الثلاثة : ثواب الأعمال : 78 ، عنهم البحار 97 : 35 و55.

كتب اللّه له رضوانه ، ومن كتب له رضوانه لم يعذّبه (1).

فصل (19): فيما نذكره من صوم يوم من رجب مطلقاً

روينا ذلك بإسنادنا عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال وإلى جدّي أبي جعفر الطوسي من كتاب تهذيب الأحكام بإسنادهما إلى أبي الحسن موسى عليه السلام انه قال : رجب نهر في الجنّة أشدّ بياضاً من اللّبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه اللّه من ذلك النهر (2).

فصل (20): فيما نذكره من كيفيّة النيّة فيما يصام من رجب وغيره من الأوقات المرضيّة

اعلم انّا كنّا ذكرنا في كتاب المضمار من تحرير النيّات للصيام ما فيه كفاية لذوي الأفهام ، ونقول هاهنا : ان من شروط الصيام والمهامّ ان تكون ذاكراً قبل دخولك في الصيام ، انّ المنّة لله جلّ جلاله عليك في استخدامك في الشرائع والأحكام وتأهيلك لما لم تكن له أهلاً من الانعام والإكرام وسعادة الدنيا ودار المقام.

فأنت تعرف من نفسك انّه لو استحضرك بعض الملوك المعظّمين ، وشغلك بمهماته وكلامه يوما طول النّهار بين الحاضرين ، سهّل عليك ترك الطعام والشراب في ذلك اليوم لأجله ، واعتقدت انّ المنّة له عليك حيث أدخلك تحت ظلّه وشملك بفضله ، مع علمك انّ الملك ما خلقك ولا ربّاك ، ولا خلق لك دنياك ولا أخراك ، فلا يحلّ في العقل والنقل ان يكون اللّه جلّ جلاله دون أحد من عباده ، وقد قام لك بما لم يقدر عليه غيره

ص: 193


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 797 ، عنه البحار 97 : 54.
2- 2. التهذيب 4 : 306 ، ثواب الأعمال : 78 ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهما البحار 97 : 37.

من إسعاده وإرفاده.

ومتى نقصت اللّه جلّ جلاله في صومك عمّا نجده في خدمة الملك ، من نشاطك وسرورك واهتمامك واعتقاد المنّة له في إكرامك ، والذّنب لك ان ضاع منك صوم نهارك ، وتكون أنت قد هوّنت باللّه جلّ جلاله وعملت ما يقتضي هجرانه لك وغضبه عليك واستعادة ما وهبك من مسارك ومبارك وطول اعمارك.

أقول : وان اشتبه عليك صوم إخلاص النيّات بصوم الرّياء والشبهات فاعتبر ذلك بعدّة إشارات :

منها : ان تعرض على نفسك حضور الإفطار في ذلك النهار بمحضر الصائمين من الأخيار ، فإن وجدت نفسك تستحيي (1) من مشاهدتهم لإفطارك بين الصُيّام ، فاعلم انّ في صومك شبهة تريد بها التقرّب إلى قلوب الأنام.

ومنها : ان تعتبر نفسك أيّما أسرّ لها وأحبّ إليها ، ان يطلع اللّه جلّ جلاله وحده عليها ، أو تريد ان يعلم بها ويطّلع عليها مع اللّه تعالى سواه ، ممّن يمدحها أو ينفعها اطّلاعه في دنياه ، فان وجدت نفسك تريد مع اطّلاع اللّه عزّ وجلّ على صيامك معرفة أحد غير اللّه تعالى بصومك ليزيد في إكرامك ، أو وجدت اطّلاع أحد على صومك احلى في قلبك من اطّلاع ربك ، فاعلم أنّ صومك سقيم وانّك عبد لئيم.

ومنها : انّك تعتبر نفسك في صومها هل تجدها مع كثرة الصائمين هي أنشط في الصوم لرب العالمين ، ومع قلة الصائمين أو عدمهم هي أضعف وأكسل عن الصوم لمالك يوم الدين ، فان وجدتها تنشط للصّوم عند صومهم وتتكاسل عند إفطارهم ، فاعلم أنّك تصوم طلبا لموافقتهم وتبعا لارادتهم ، وصومك سقيم بقدر اشتغالك بأتباعهم عن اتّباع مالك ناصيتك وناصيتهم.

ومنها : ان تعتبر هل صومك لأجل مجرد الثّواب أو لأجل مراد ربّ الأرباب ، فإن وجدت نفسك لو لا الثّواب الّذي ورد في الاخبار ، وانّه يدفع إخطار النار ، ما كنت

ص: 194


1- 1. مستحيياً ( خ ل ).

صمت ، ولا تكلّفت الامتناع بالصوم من الطعام والشراب والمسارّ ، فأنت قد عزلت اللّه جلّ جلاله عن انّه يستحق الصوم لامتثال أمره ، وعن انّه جلّ جلاله أهل عبادة لعظيم قدره ، ولو لا الرشوة والبرطيل (1) ما عبدته ولا راعيت حقّ إحسانه السّالف الجزيل ، ولا حرمة مقامه الأعظم الجليل.

ومنها : ان تعتبر صومك إذا كان لك سعة وثروة في طعام الفطور نشطت لسعته وطيبته ، وإذا كان طعام فطورك يكفيك ولكنّه ما هم بلحم ولا ألوان مختلفة في لذّته ، فتكون غير نشيط في الصوم لعبادة اللّه جلّ جلاله به وطاعته ، فأنت انّما نشطت لأجل الطعام ، فذلك النّشاط الزّائد لغير اللّه مالك الانعام شبهة في تمام الصيام.

ومنها : ان تراعي عقلك وقلبك وجوارحك في زمان الصيام ، فتكون مستمرّ النيّة الخالصة الموصوفة بالتّمام ، ومثال العوارض المانعة من استمرار النيّات كثيرة في العبادات :

ومنها : ان تصوم بعض النهار بإخلاص النيّة ثم يعرض لك طعام طيّب ، أو زوجة قد تجمّلت لك وأنت تحبّها ، أو سفر فيه نفع ، أو ما جرى هذه الأمور الدنيويّة ، يصير إتمام صيام ذلك النهار عندك مستثقلاً ما تصدق متى تخلص منه وتوعد عنه ، وأنت تعلم انك لو خدمك غلامك ، وهو مستثقل لخدمتك ومستثقل من طاعتك ، كان أقرب إلى طردك له وهجرانك وتغيّر إحسانك.

ومنها : انّه إذا عرض لك من فضل الإفطار ما يكون أرجح من صيام المندوب فلا تستحيي من متابعة مراد علاّم الغيوب ، وأفطر بمقتضى مراده ولا تلتفت إلى من يأخذ ذلك عليك من عباده.

ومثال هذا ان تكون صائماً مندوباً فيدعوك أخ لك في اللّه جلّ جلاله إلى طعام قد دعاك إليه ، فأجب داعي اللّه جلّ جلاله وامتثل أمر رسوله (2) صلوات اللّه عليه وآله في ترجيح الإفطار على الصيام.

ص: 195


1- 1. البرطيل : الرشوة.
2- 2. رسول اللّه ( خ ل ).

ومثال آخر ان تكون صائماً مندوبا فترى صومك في بعض النهار قد اضعفك عن بعض الفروض الواجبة أو ما هو أهم من صوم المندوب ، فابدء بالأهمّ إلى ترك الصيام ، وعظّم ما عظّم اللّه جلّ جلاله وصغّر من شريعة الإسلام ، ولا تقل : انّ الّذين رأوني صائماً ما يعلمون عذري في الإفطار ، يكون صومك في ذلك النهار لأجلهم رياء وكالعبادة لهم من الذنوب الكبار.

ومنها : انّه متى عرض لك صارف عن استمرار النيّة من الأمور الدنيويّة التي ليست عذرا صحيحا عند المراضي الإلهيّة ، فبادر إلى استدراك هذا الخطر بالتوبة والندم وإصلاح استمرار نيّة الإخلاص في الصيام والاستغاثة باللّه جلّ جلاله على القوّة والتّوفيق للتّمام ، فإنّك متى أهملت تعجيل استدراك الإصلاح (1) ، صارت تلك الأوقات المهملة سقماً في تلك العبادة المرضيّة.

أقول : وإذا عرض لك ما يحول بينك وبين استمرار نيّتك ، فتذكر انّ كلّما ينقلك عن طاعتك فإنّه كالعدو لك ولمولاك ، فكيف تؤثر عدوك وعدوّه عليه ، وسيّدك يراك ، وإذا آثرت غيره عليه فمن يقوم لك بما تحتاج إليه في دنياك وأخراك.

أقول : ويكون نيّة صومك انك تعبد اللّه جلّ جلاله به ، لأنّه عزّ وجلّ أهل للعبادة ، فهذا صوم أهل السعادة.

فصل (21): فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام وقد جعل اللّه جلّ جلاله له عوضاً في شريعة الإسلام

اعلم انّنا كنا قد ذكرنا ونذكر فضلا عظيماً لصوم شهر رجب ، وليس كلّ أحد يقدر على الصوم لكثرة اعذار الإنسان ، وفي أصحاب الأعذار من يتمنّى عوضاً عن الصّوم ليغتنم أوقات الإمكان ، فينبغي ان نذكر ما يقوم مقام الصيام عند عدم التمكّن

ص: 196


1- 1. الصلاح ( خ ل ).

منه ، فانّ اللّه جلّ جلاله بالغ في تركيب الحجّة وطلب إقبال عباده عليه وصيانتهم عن الاعراض عنه.

وقد روينا في الاخبار عوضاً عن الصوم المندوب يحتمل ان يكون لأهل اليسار وعوضاً آخر يحتمل ان يكون عوضاً لأهل الاعتبار.

أقول : فامّا العوض الذي يحتمل ان يكون لأهل اليسار.

فقد رأينا وروينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وغيره عن الصادقين عليهم السلام : انّ الصدقة على مسكين بمدّ من الطعام يقوم مقام يوم من مندوبات الصّيام (1).

وروي عوض عن يوم الصّوم درهم ، ولعلّ التفاوت بحسب سعة اليسار ودرجات الاقتدار.

وسيأتي رواية في أواخر رجب انّه يتصدّق عن كل يوم منه برغيف عوضاً عن الصوم الشريف (2) ، ولعله لأهل الإقتار تخفيفاً للتكليف.

أقول : وامّا ما يحتمل ان يكون عوضاً عن الصوم في رجب لأهل الإعسار.

فانّنا رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه انّه قال : وروى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الاّ انّ رجب شهر اللّه الأصم - وذكر فضل صيامه وما لصيام أيّامه من الثواب - ثم قال في آخره : قيل : يا رسول اللّه ، فمن لم يقدر على هذه الصفّة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال : يسبّح اللّه تعالى في كلّ يوم من رجب إلى تمام ثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة :

سُبْحانَ الإِلهِ الْجَلِيلِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ الاَّ لَهُ ، سُبْحانَ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ ، سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّةَ وَهُوَ لَهُ اهْلٌ (3).

أقول : فلا ينبغي للمؤمن الموسر أن يترك الاستظهار بإطعام مسكين عن كلّ يوم من

ص: 197


1- 1. الكافي 4 : 144.
2- 2. أمالي الصدوق : 323 ، عنه البحار 97 : 31.
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 817 ، رواه في البحار 97 : 31 ، عن أمالي الشيخ ، رواه الصدوق في أماليه : 323.

أيّام الصّيام المندوبات ، ويقتصر على هذه التسبيحات ، بل يتصدّق ويسبّح احتياطاً للعبادات.

فصل (22): فيما نذكره أيضا من عمل أول يوم من رجب من صلوات

فمن ذلك صلاة أوّل كل شهر ودعاؤها والصدقة بعدها ، وقد ذكرنا ذلك عند عمل كلّ شهر من الجزء الخامس من المهمات ما يكون أرجح.

ومن ذلك ما رواه سلمان الفارسي رضوان اللّه عليه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يا سلمان الاّ أعلّمك شيئا من غرائب الكنز؟ قلت : بلى يا رسول اللّه ، قال : إذا كان أوّل يوم من رجب تصلّي عشر ركعات ، تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات ، غفر اللّه لك ذنوبك كلّها من اليوم الذي جرى عليك القلم إلى هذه الليلة ووقاك اللّه فتنة القبر وعذاب يوم القيامة وصرف عنك الجذام والبرص وذات الجنب (1).

ومن الصّلاة في أوّل يوم من شهر رجب ما رويناه بإسنادنا إلى جماعة ، منهم جدي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه بإسناده فيما ذكره في المصباح فقال : وروى سلمان الفارسي رضي اللّه عنه قال : دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في آخر يوم من جمادى الآخرة في وقت لم ادخل عليه فيه قبله ، قال : يا سلمان أنت منّا أهل البيت أفلا أحدّثك؟ قلت : بلى فداك أبي وأمّي يا رسول اللّه ، قال : يا سلمان ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى في هذا الشهر ثلاثين ركعة وهو شهر رجب ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، الاّ محا اللّه تعالى عنه كلّ ذنب عمله

ص: 198


1- 1. عنه الوسائل 8 : 96.

في صغره وكبره وأعطاه اللّه سبحانه من الأجر كمن صام ذلك الشهر كلّه ، وكتب عند اللّه من المصلّين إلى السنة المقبلة ، ورفع له في كلّ يوم عمل شهيد من شهداء بدر ، وكتب له بصوم كلّ يوم يصومه منه عبادة سنة ورفع له ألف درجة ، فإن صام الشهر كله أنجاه اللّه عزّ وجلّ من النار وأوجب له الجنّة ، يا سلمان أخبرني بذلك جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمّد هذه علامة بينكم وبين المنافقين ، لانّ المنافقين لا يصلّون ذلك.

قال سلمان : فقلت : يا رسول اللّه أخبرني كيف أصلّي هذه الثلاثين ركعة ومتى أصلّيها؟ قال : يا سلمان تصلّي في أوّله عشر ركعات تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، فإذا سلّمت رفعت يديك وقلت :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللّهُمَّ لا مانِعَ لِما اعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجِدِّ مِنْكَ الْجِدُّ ، ثم امسح بهما وجهك (1).

ومن الصّلوات في أوّل يوم من شهر رجب ما رأيناه في يد بعض أصحابنا من كتب العبادات مرويّاً عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله ، قال : تصلّي أول يوم من رجب اربع ركعات بتسليمة ، الأوّلة بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، وفي الثانية بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، وفي الثالثة الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات و ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) مرة ، وفي الرابعة الحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمسة وعشرين مرة وآية الكرسي ثلاث مرات (2).

ذكر صلاة في يوم من رجب ، وجدتها بإسناد متّصل إلى عبد اللّه بن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

ص: 199


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 818 ، عنه الوسائل 8 : 98.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 96.

من صام يوماً من رجب وصلّى فيه اربع ركعات ، يقرء في أوّل ركعة مائة مرة آية الكرسي ، ويقرء في الثانية ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مأتي مرة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنّة أو يرى له (1).

ذكر قراءة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) في يوم الجمعة من رجب :

رأيت في حديث بإسناد انّ من قرء في يوم الجمعة من رجب ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة كان له نوراً يوم. القيامة يسعى به إلى الجنّة.

وان كان أول يوم من رجب الجمعة ففيه صلاة زائدة.

ذكر صلاة يوم الجمعة من رجب ، وجدناه بإسناد متّصل إلى عبد اللّه بن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

من صلّى يوم الجمعة في شهر رجب ما بين الظهر والعصر اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة الحمد مرة وآية الكرسي سبع مرّات و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمس مرات ، ثم قال : اسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَاسْأَلُهُ التَّوْبَةَ - عشر مرات ، كتب اللّه تبارك وتعالى له من يوم يصلّيها إلى يوم يموت كلّ يوم ألف حسنة وأعطاه اللّه تعالى بكل آية قرأها مدينة في الجنة من ياقوتة حمراء ، وبكل حرف قصراً في الجنّة من درّة بيضاء ، وزوّجه اللّه تعالى من الحور العين ورضي عنه رضا لا سخط بعده وكتب من العابدين ، وختم اللّه تعالى له بالسعادة والمغفرة ، وكتب اللّه له بكلّ ركعة صلاّها خمسين ألف صلاة وتوّجه بألف تاج ، ويسكن الجنّة مع الصديقين ولا يخرج من الدّنيا حتى يرى مقعده من الجنّة (2).

فصل (23): فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كلّ يوم منه

نقلناه من كتاب المختصر من المنتخب ، فقال : وتقول في أول يوم من رجب :

ص: 200


1- 1. عنه الوسائل 8 : 96.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 96.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ ، أَنْتَ اللّهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ ، أَنْتَ اللّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْمَوْلَى السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، يا مَنِ الْعِزُّ وَالْجَلالُ ، وَالْكِبْرِياءُ وَالْعَظَمَةُ ، وَالْقُوَّةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ ، وَالنُّورُ وَالرُّوحُ ، وَالْمَشِيَّةُ وَالْحَنانُ وَالرَّحْمَةُ وَالْمُلْكُ لِرُبُوبِيَّتِهِ ، نُورُكَ أَشْرَقَ لَهُ كُلُّ نُورٍ ، وَخَمَدَ لَهُ كُلُّ نارٍ ، وَانْحَصَرَ لَهُ كُلُّ الظُّلُماتِ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ قِدَمِكَ وَأَزَلِكَ وَنُورِكَ ، وَبِالاسْمِ الْأَعْظَمِ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ كِبْرِيائِكَ وَجَبَرُوتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَعِزِّكَ ، وَبِجُودِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ رَأْفَتِكَ ، وَبِرَأْفَتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ جُودِكَ ، وَبِجُودِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ غَيْبِكَ ، وَبِغَيْبِكَ وَإِحاطَتِكَ وَقِيامِكَ وَدَوامِكَ وَقِدَمِكَ.

وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ الْحُسْنى لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ الْواحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الْحَيُّ ، الْأَوَّلُ الآخِرُ الظّاهِرُ الْباطِنُ ، وَلَكَ كُلُّ اسْمٍ عَظِيمٍ ، وَكُلُّ نُورٍ وَغَيْبٍ ، وَعِلْمٍ وَمَعْلُومٍ ، وَمُلْكٍ وَشَأْنٍ ، وَبِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ عُلُوا كَبِيراً.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ ، طَيِّبٍ مُبارَكٍ مُقَدَّسٍ ، أَنْزَلْتَهُ فِي كُتُبِكَ وَأَجْرَيْتَهُ فِي الذِّكْرِ عِنْدَكَ ، وَتَسَمَّيْتَ بِهِ لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ بِخَيْرٍ تُعْطِيهِ فَأَعْطَيْتَهُ ، أَوْ شَرٍّ تَصْرفُهُ فَصَرَفْتَهُ ، يَنْبَغِي أَنْ أَسْأَلُكَ بِهِ.

فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تَنْصُرَنِي عَلى أَعْدائِي وَتَغْلِبَ ذِكْرِي عَلى نِسْيانِي ، اللّهُمَّ اجْعَلْ لِعَقْلِي عَلى هَوايَ سُلْطاناً مُبِيناً ، وَاقْرِنْ اخْتِيارِي بِالتَّوْفِيقِ ، وَاجْعَلْ صاحِبِي التَّقْوى ، وَأَوْزِعْنِي شُكْرَكَ عَلى مَواهِبِكَ.

وَاهْدِنِي اللّهُمَّ بِهُداكَ إِلى سَبِيلِكَ الْمُقِيمِ وَصِراطِكَ الْمُسْتَقِيمِ ، وَلا تُمَلِّكْ زِمامِيَ الشَّهَواتِ فَتَحْمِلُنِي عَلَى طَرِيقِ الْمَخْذُولِينَ ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُنْكَراتِ ، وَاجْعَلْ لِي عِلْماً نافِعاً ، وَأَغْرِسْ فِي قَلْبِي حُبَّ الْمَعْرُوفِ

ص: 201

وَلا تَأْخُذْنِي بَغْتَةً ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

وَعَرِّفْنِي بَرَكَةَ هذَا الشَّهْرِ وَيُمْنَهُ ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ ، وَقِنِي الْمَحْذُورَ فِيهِ ، وَأَعِنِّي عَلى ما أُحِبُّهُ مِنَ الْقِيامِ بِحَقِّهِ ، وَمَعْرِفَةِ فَضْلِهِ ، وَاجْعَلْنِي فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُتَعالِ الْجَلِيلِ الْعَظِيمِ ، وَبِاسْمِكَ الْواحِدِ الصَّمَدِ ، وَبِاسْمِكَ الْعَزِيزِ الْأَعْلى ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها ، يا مَنْ خَشَعَتْ لَهُ الْأَصْواتُ وَخَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ وَذَلَّتْ لَهُ الْأَعْناقُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَدانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَقامَتْ بِهِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ لا تُدْرِكُكَ الْأَبْصارُ وَأَنْتَ تُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَأَنْتَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

يا رَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْكَروبِيِّينَ وَالْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُسَبِّحِينَ بِحَمْدِكَ ، وَرَبَّ آدَمَ وَشيثَ وَإِدْرِيسَ ، وَنُوحٍ وَهُودٍ وَصالِحٍ ، وَإِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَلُوطٍ ، وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَالْأَسْباطَ وَأَيُّوبَ وَمُوسى وَهارُونَ وَشُعَيْبٍ ، وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَرْمِيا ، وَعُزَيْرٍ وَحِزْقِيلَ ، وَشَعْيا وَإِلْياسَ ، وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَذِي الْكِفْلِ ، وَزَكَرِيّا وَيَحْيى ، وَعِيسى وَجِرْجِيسَ ، وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَعَلى مَلائِكَةِ اللّهِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْكِرامِ الْكاتِبِينَ وَجَمِيعِ الأَمْلاكِ الْمُسَبِّحِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (1).

أَنْتَ رَبُّنَا الْأَوَّلُ الآخِرُ ، الظّاهِرُ الْباطِنُ ، الَّذِي خَلَقْتَ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ ثُمَّ اسْتَوَيْتَ عَلَى الْعَرْشِ الْمَجِيدِ ، بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى تُبْدِئُ وَتُعِيدُ ، وَتُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْفُلْكُ وَالدُّهُورُ وَالْخَلْقُ مُسَخَّرُونَ بِأَمْرِكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَنّانُ الْمَنّانُ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، ذُو الْجَلالِ

ص: 202


1- 1. كثيرا كثيرا ( خ ل ).

وَالإِكْرامِ ، لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً.

تَعْلَمُ مَثاقِيلَ الْجِبَالِ (1) وَمَكائِيلَ الْبِحارِ وَعَدَدَ الرِّمالِ ، وَقَطْرَ الْأَمْطارِ ، وَوَرَقَ الْأَشْجارِ ، وَنُجُومَ السَّماءِ وَما أَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَشْرَقَ (2) عَلَيْهِ النَّهارُ ، لا يُوارِي مِنْكَ سَماءٌ سَماءً وَلا أَرْضٌ أَرْضاً ، وَلا بَحْرٌ مُتَطابِقٌ ، وَلا ما بَيْنَ سَدِّ الرُّتُوقِ ، وَلا ما فِي الْقَرارِ مِنَ الْهَباءِ الْمَبْثُوثِ.

أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ النُّورِ الْمُنِيرِ ، الْحَقِّ الْمُبِينِ ، الَّذِي هُوَ نُورٌ مِنْ نُورٍ وَنُورٌ عَلى نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ مَعَ كُلِّ نُورٍ ، وَلَهُ كُلُّ نُورٍ ، مِنْكَ يا رَبَّ النُّورُ ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ النُّورُ.

وَبِنُورِكَ الَّذِي تُضِيءُ بِهِ كُلُّ ظُلْمَةٍ ، وَتَبْطُلُ بِهِ كَيْدُ كُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَتُذِلُّ بِهِ كُلَّ جَبّارٍ عَنِيدٍ ، وَلا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِكَ وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ ، وَتَسْتَقِلُّ الْمَلائِكَةُ حِينَ يَتَكَلَّمَ بِهِ ، وَتَرْعَدُ مِنْ خَشْيَتِهِ حَمَلَةُ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ إِلى تُخُومِ الْأَرضِينَ السَّبْعِ (3) ، الَّذِي انْفَلَقَتْ بِهِ الْبِحارُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْأَنْهارُ ، وَتَفَجَّرَتْ بِهِ الْعُيُونُ ، وَسارَتْ بِهِ النُّجُومُ ، وَارْكِمَ (4) بِهِ السَّحابُ وَاجْرِيَ (5) ، وَاعْتَدَلَ بِهِ الضَّبابُ (6) ، وَهالَتْ بِهِ الرِّمالُ ، وَرَسَتْ بِهِ الْجِبَالُ وَاسْتَقَرَّتْ بِهِ الْأَرضُونَ ، وَنَزَلَ بِهِ الْقَطْرُ وَخَرَجَ بِهِ الْحَبُّ ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِ جِبِلاّتُ الْخَلْقِ ، وَخَفَقَتْ بِهِ الرِّياحُ ، وَانْتَشَرَتْ وَتَنَفَّسَتْ (7) بِهِ الْأَرْواحُ.

يا اللّهُ أَنْتَ الْمُتَسَمَّى بِالالهِيَّةِ ، بِاسْمِكَ الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ

ص: 203


1- 1. مثاقيل المياه ووزن الجبال ( خ ل ).
2- 2. قد أشرق ( خ ل ).
3- 3. في البحار : السابعة.
4- 4. ركم الشيء : جمعه وجعل بعضه فوق بعض.
5- 5. جرى ( خ ل ).
6- 6. الضباب : الذي كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.
7- 7. نسف البناء : قلعه من أصله.

الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ ، يا ذَا الطَّوْلِ وَالآلاءِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا قَرِيبُ ، أَنْتَ الْغالِبُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ كُلِّها ما عَلِمْتُ مِنْها وَما لَمْ أَعْلَمْ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (1) وَانْ تَكْفِيَنِي امْرَ أَعْدائِي وَتُبَلِّغَنِي مُنايَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ (2) إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالرَّفْعَةَ وَالْفَضِيلَةَ عَلى خَلْقِكَ ، وَاجْعَلْ فِي الْمُصْطَفَيْنَ تَحِيَّاتِهِ ، وَفِي الْعِلِّيِّينَ دَرَجَتَهُ ، وَفِي الْمُقَرَّبِينَ مَنْزِلَتَهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنا وَقُلُوبِهِمْ عَلَى الْخَيْراتِ ، اللّهُمَّ اجْزِ مُحَمَّداً صلى اللّه عليه وآله أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً (3) عَنْ أُمَّتِهِ ، كَما تَلا آياتِكَ وَبَلَّغَ ما أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ وَعَبَدَكَ حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ.

ثمَّ تقرء ( تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ * فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ * تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً * تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً * تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )

( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ * تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ

ص: 204


1- 1. في المواضع : على آل محمد ( خ ل ).
2- 2. على آل إبراهيم ( خ ل ).
3- 3. جريت به نبيا ( خ ل ).

عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً ) .

وَتقول : أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللّهِ التَّامَّاتِ كُلِّها (1) الَّتِي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فاجِرٌ ، مِنْ شَرِّ ابْلِيسَ وَجُنُودِهِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطانٍ وَسُلْطانٍ ، وَساحِرٍ وَكاهِنٍ ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَدِينِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَجَسَدِي وَجَمِيعَ جَوارِحِي وَأَهْلِي وَمالِي وَأَوْلادِي وَجَمِيعَ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، وَخَواتِيمَ عَمَلِي وَسائِرَ ما مَلَّكْتَنِي وَخَوَّلْتَنِي وَرَزَقْتَنِي (2) وَأَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، يا خَيْرَ مُسْتَوْدَعٍ وَيا خَيْرَ حافِظٍ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اللّهُ اللّهُ اللّهُ اللّهُ اللّهُ ، الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي يا رَبَّ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَمُجْرِي الْبِحارِ وَرازِقَ مَنْ فِيهِنَّ ، وَفاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَأَطْباقِها (3) وَمُسَخَّرَ السَّحابَ وَمُجْرِي الْفُلْكَ.

وَجاعِلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ، وَخالِقَ آدَمَ عليه السلام ، وَمُنْشِيءَ الْأَنْبِياءِ عليه السلام مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، وَمُعَلِّمَ إِدْرِيسَ عَدَدَ النُّجُومِ وَالْحِسابِ وَالسِّنِينِ وَالشُّهُورِ وَأَوْقاتِ الْأَزْمانِ ، وَمُكَلِّمَ مُوسى ، وَجاعِلَ عَصاهُ ثُعْباناً ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ فِي الْأَلْواحِ عَلى مُوسى عليه السلام.

وَمُجْرِي الْفُلْكَ لِنُوحٍ ، وَفادى إِسْماعِيلَ مِنَ الذَّبْحِ ، وَالْمُبْتَلِيَ يَعْقُوبَ بِفَقْدِ يُوسُفَ ، وَرادَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْبُكاءِ ، فَتَفَرَّجَ قَلْبُهُ مِنَ

ص: 205


1- 1. بكلمات اللّه كلها ( خ ل ).
2- 2. ما خولتني وما رزقتني ( خ ل ).
3- 3. اطباقهنّ ( خ ل ).

الْحُزْنِ وَالشَّجى ، وَرازِقَ زَكَرِيّا يَحْيى عَلَى الْكِبَرِ بَعْدَ الإِياسِ (1) وَمُخْرِجَ النَّاقَةِ لِصالِحٍ ، وَمُرْسِلَ الصَّيْحَةِ عَلى مَكِيدِي هُودٍ ، وَكاشِفَ الْبَلاءِ عَنْ أَيُّوبَ ، وَمُنْجِيَ لُوطٍ مِنَ الْقَوْمِ الْفاحِشِينَ.

وَواهِبَ الْحِكْمَةِ لِلُقْمانَ ، وَمُلْقِي رُوحِ الْقُدُسَ بِكَلِماتِهِ عَلى مَرْيَمَ عليها السلام ، وَخَلْقِكَ مِنْها عَبْدَكَ عِيسى عليه السلام ، وَالْمُنْتَقِمَ مِنْ قَتَلَةِ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا عليهما السلام ، وَأَسْأَلُكَ بِرَفْعِكَ عِيسى إِلى سَمائِكَ وَبِإِبْقائِكَ لَهُ إِلى أَنْ تَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ أَعْدائِكَ (2).

وَيا مُرْسِلَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله خاتَمِ أَنْبِيائِكَ إِلى أَشَرِّ عِبادِكَ بِشَرائِعِكَ الْحَسَنَةِ ، وَدِينِكَ الْقَيِّمِ ، وَمِلَّةِ إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ عليه السلام وَإِظْهارِ دِينِهِ (3) الْقَيِّمِ ، وَإِعْلائِكَ كَلِمَتَهُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا مَنْ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا عَزِيزُ يا قادِرُ يا قاهِرُ ، يا ذَا الْقُوَّةِ وَالسُّلْطانِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِياءِ.

يا عَلِيُّ يا قَدِيرُ يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا حَلِيمُ يا مُعِيدُ ، يا مُتَدانِي يا بَعِيدُ ، يا رَؤُوفُ يا رَحِيمُ يا كَرِيمُ يا غَفُورُ ، يا ذَا الصَّفْحِ يا مُغِيثُ يا مُطْعِمُ ، يا شافِي يا كافِي ، يا كاسِي يا مُعافِي ، يا شافِي الضُّرِّ ، يا عَلِيمُ يا حَكِيمُ يا وَدُودُ.

يا غَفُورُ يا رَحِيمُ يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، يا ذَا الْمَعارِجِ يا ذَا الْقُدْسِ ، يا خالِقُ يا عَلِيمُ يا مُفَرِّجُ يا أَوّابُ يا ذَا الطَّوْلِ يا خَبِيرُ ، يا مَنْ خَلَقَ وَلَمْ يُخْلَقْ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، يا مَنْ بانَ مِنَ الْأَشْياءِ وَبانَتِ الْأَشْياءُ مِنْهُ بِقَهْرِهِ لَها وَخُضُوعِها لَهُ ، يا مَنْ خَلَقَ الْبِحارَ وَأَجْرَى الْأَنْهارَ وَأَنْبَتَ الْأَشْجارَ ، وَأَخْرَجَ مِنْها النّارَ ، وَمِنْ يابِسِ الْأَرضِينَ النَّباتَ وَالْأَعْنابَ وَسائِرَ الثِّمارِ.

يا فالِقَ الْبَحْرِ لِعَبْدِهِ مُوسى عليه السلام وَمُكَلِّمَهُ ، وَمُغْرِقَ فِرْعَوْنَ وَحِزْبَهُ

ص: 206


1- 1. في البحار : الياس.
2- 2. أعدائه ( خ ل ).
3- 3. إظهارك دينه ( خ ل ).

وَمُهْلِكَ نمْرُودَ وَأَشْياعَهُ ، وَمُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِخَلِيفَتِهِ داوُدَ عليه السلام ، وَمُسَخِّرَ الْجِبَالِ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَمُسَخِّرَ الطَّيْرِ وَالْهَوامِّ وَالرِّياحِ وَالْجِنِّ وَالانْسِ لِعَبْدِكَ سُلَيْمانَ عليه السلام.

وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُكَ وَفَرِحَتْ بِهِ مَلائِكَتُكَ ، فَلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ النَّسِمَةِ وَبارِئُ النَّوى وَفالِقُ الْحَبَّةِ ، وَبِاسْمِكَ الْعَزِيزِ الْجَلِيلِ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي يَنْفُخُ بِهِ عَبْدُكَ وَمَلَكُكَ إِسْرافِيلُ عليه السلام فِي الصُّورِ ، فَيَقُومُ أَهْلُ الْقُبُورِ سِراعاً إِلَى الْمَحْشَرِ يَنْسِلُونَ (1) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ مِنْ غَيْرِ عِمادٍ وَجَعَلْتَ بِهِ لِلأَرَضِينَ أَوْتاداً ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَطَحْتَ بِهِ الْأَرضِينَ فَوْقَ الْماءِ الْمَحْبُوسِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي حَبَسْتَ بِهِ ذلِكَ الْماءَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي حَمَلْتَ بِهِ الْأَرَضِينَ مَنْ اخْتَرْتَهُ لِحَمْلِها ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا اسْتَعانَ بِهِ عَلى حَمْلِها.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَجْرِي بِهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَلَخْتَ بِهِ النَّهارَ مِنَ اللَّيْلِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَنْزَلْتَ أَرْزاقَ الْعِبادِ وَجَمِيعِ خَلْقِكَ وَأَرْضِكَ وَبِحارِكَ وَسُكّانِ الْبِحارِ وَالْهَوامِّ وَالْجِنِّ وَالْإنْسِ وَكُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، وَبِأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَبِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَ بِهِ لِجَعْفَرَ عليه السلام جِناحاً يَطِيرُ بِهِ مَعَ الْمَلائِكَةِ (2) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يُونُسُ عليه السلام فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَأَخْرَجْتَهُ مِنْهُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَنْبَتَّ بِهِ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَكَشَفْتَ عَنْهُ ما كانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ بَطْنِ الْحُوتِ.

أَسْأَلُكَ (3) أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ (4) ، وَأَنْ

ص: 207


1- 1. نسل في مشيه : أسرع.
2- 2. الملائكة المقربين ( خ ل ).
3- 3. وأسألك ( خ ل ).
4- 4. الطيبين الطاهرين ( خ ل ).

تُفَرِّجَ عَنِّي وَتَكْشِفَ ضُرِّي وَتَسْتَنْقِذَنِي مِنْ وَرْطَتِي ، وَتُخَلِّصَنِي مِنْ مِحْنَتِي ، وَتَقْضِيَ عَنِّي دُيُونِي ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي ، وَتَكْبِتَ (1) أَعْدائِي (2) ، وَلا تُشْمِتْ بِي حُسّادِي ، وَلا تَبْتَلِيَنِي بِما لا طاقَةَ لِي بِهِ ، وَأَنْ تُبَلِّغَنِي امْنِيَّتِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحَبَّتِي (3) ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي ، وَتَجْمَعَ لِي خَيْرَ الدّارَيْنِ ، وَتَحْرُسَنِي وَكُلَّ مَنْ يَعْنِيني أَمْرُهُ ، بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَالْأَسْماءِ الْعِظامِ.

اللّهُمَّ يا رَبِّ أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ وَمِنْ أَوْلِياءِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، الَّذِينَ بارَكْتَ عَلَيْهِمْ وَرَحِمْتَهُمْ وَصَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَلِمَجْدِكَ وَطَوْلِكَ.

أَسْأَلُكَ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ ، يا رَبّاهُ ، يا رَبَّاهُ. يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ صلى اللّه عليه وآله ، وَبِحَقِّكَ عَلى نَفْسِكَ إِلاَّ خَصَمْتَ أَعْدائِي وَحُسَّادِي وَخَذَلْتَهُمْ وَانْتَقَمْتَ لِي مِنْهُمْ ، وَأَظْهَرْتَنِي عَلَيْهِمْ وَكَفَيْتَنِي أَمْرَهُمْ ، وَنَصَرْتَنِي عَلَيْهِمْ ، وَحَرَسْتَنِي مِنْهُمْ ، وَوَسَّعْتَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي وَبَلَّغْتَنِي غايَةَ أَمَلِي إِنَّكَ سَمِيعٌ (4) مُجِيبٌ (5).

ومن الدعوات في غرّة رجب ما رويناه بإسنادنا من عدة طرق ، منها إلى أبي العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن غالب الأنصاري ، قال : حدثنا علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدثنا أحمد بن أبي بشر ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال :

سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يدعو في الحجر في غرّة رجب في سنة ابن الزبير ، فأنصت إليه ، وكان يقول :

ص: 208


1- 1. كبته : صرعه وأخزاه.
2- 2. عدوى ( خ ل ).
3- 3. محنتي ( خ ل ).
4- 4. قريب ( خ ل ).
5- 5. عنه البحار 98 : 388.

يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ ، لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ (1) ، اللّهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الْفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلدُّنْيا وَالاخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

قال : وأسرّ البواقي فلم أفهمه (2).

أقول : واعلم ان هذا الدعاء قد ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي في أدعية كلّ يوم من رجب ، وهو عارف بطرق الروايات ، فيكون قد روي بطريق غير هذه انّه يدعى به كلّ يوم من أيّام رجب ، فادع به كل يوم منه (3).

من الدعوات في كلّ يوم من رجب ، ما رويناها عن جماعة ونذكرها بإسناد محمّد بن علي الطرازيّ من كتابه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عياش رضي اللّه عنه ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبّي ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين الصائغ ، عن محمد بن الحسين الزّاهريّ ، من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق وزاهر الشهيد بالطفّ ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي معشر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنّه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كلّ يوم من أيامه :

خابَ الْوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ ، وَخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إِلاَّ لَكَ ، وَضاعَ الْمُلِمُّون (4) إِلاَّ بِكَ ، وَأَجْدَبَ (5) الْمُنْتَجِعُونَ (6) إِلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ ، وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطَّالِبِينَ ، وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلسّائِلِينَ ، وَنَيْلُكَ مُتاحٌ (7) لِلامِلِينَ ،

ص: 209


1- 1. عتيد : مهيا وحاضر.
2- 2. رواه في مصباح المتهجد : 801 ، البلد الأمين : 178 ، مصباح الكفعمي : 527 ، الصحيفة السجادية الجامعة : 200 ، الرقم : 111.
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 738.
4- 4. الملمة : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
5- 5. الجدب : القحط وهو خلاف الخصب وهو النمو والبركة.
6- 6. النجع والانتجاع : طلب الكلاء ومساقط النبت.
7- 7. اتاحه : هيّأه وقدّره.

وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ ، وَحِلْمُكَ مُتَعَرِّضٌ لِمَنْ ناواكَ ، عادَتُكَ الإِحْسانُ إِلَى الْمُسِيئِينَ ، وَسَبِيلُكَ الْإبْقاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ.

اللّهُمَّ فَاهْدِنِي هُدَى الْمُهْتَدِينَ ، وَارْزُقْنِي اجْتِهادَ الْمُجْتَهِدينَ ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغافِلِينَ الْمُبْعَدِينَ ، وَاغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ (1).

ومن الدعوات كلّ يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضاً في كتابه ، فقال أبو الفرج محمّد بن موسى القزويني الكاتب رحمه اللّه ، قال : أخبرني أبو عيسى محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان ، عن أبيه ، عن جدّه محمّد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان قال :

كنت عند مولاي أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل علينا المعلّى بن خنيس في رجب فتذاكروا الدّعاء فيه ، فقال المعلّى : يا سيّدي علّمني دعاء يجمع كلّ ما أودعته الشيعة في كتبها فقال : قل يا معلّى :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ ، وَعَمَلَ الْخائِفِينَ مِنْكَ ، وَيَقِينَ الْعابِدِينَ لَكَ ، اللّهُمَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَأَنَا عَبْدُكَ الْبائِسُ الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، وَأَنَا الْعَبْدُ الذَّلِيلُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (2) ، وَامْنُنْ بِغِناكَ عَلى فَقْرِي ، وَبِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي ، وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفِي يا قَويُّ يا عَزِيزُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيِّينَ ، وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ قال : يا معلّى واللّه لقد جمع لك هذا الدّعاء ما كان من لدن إبراهيم الخليل إلى محمّد صلى اللّه عليه وآله (3).

ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ما ذكره الطّرازي أيضاً فقال : دعاء علّمه أبو عبد اللّه عليه السلام محمّد السّجاد ، وهو محمّد بن ذكوان يعرف بالسّجاد ، قالوا : سجد

ص: 210


1- 1. عنه البحار 98 : 389.
2- 2. الأوصياء ( خ ل ).
3- 3. عنه البحار 98 : 390 ، رواه في مصباح المتهجد 2 : 801.

وبكى في سجوده حتّى عمي ، روى أبو الحسن عليّ بن محمّد البرسي رضي اللّه عنه ، قال : أخبرنا الحسين بن أحمد بن شيبان ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلويّ العباسي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عمران البرقي ، عن محمّد بن عليّ الهمداني ، قال : أخبرني محمّد بن سنان ، عن محمّد السجاد في حديث طويل ، قال :

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاء ينفعني اللّه به ، قال : فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ، وقل في كلّ يوم من رجب صباحاً ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك :

يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ ، وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ (1) كُلِّ شَرٍّ ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ (2) خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الاخِرَةِ ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الاخِرَةِ (3) ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ.

قال : ثمّ مدّ أبو عبد اللّه عليه السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدّعاء وهو يلوذ بسبّابته اليمنى ، ثمّ قال بعد ذلك :

يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلَى النّارِ (4).

وفي حديث آخر : ثمّ وضع يده على لحيته ولم يرفعها إِلاّ وقد امتلأ ظهر كفّه دموعاً (5).

ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ، وهو ممّا ذكره في المصباح بغير إسناد ، ووجدته في أواخر كتاب معالم الدّين مرويّاً عن مولانا الإمام الحجّة المهدي صلوات اللّه وسلامه

ص: 211


1- 1. من ( خ ل ).
2- 2. جميع الخيرات ( خ ل ).
3- 3. جميع شر الآخرة ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 98 : 391.
5- 5. عنه البحار 98 : 391.

عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وفي هذه الرّواية زيادة واختلاف في كلمات ، فقال ما هذا لفظه :

ذكر محمّد بن أبي الرواد الرّواسي أنّه خرج مع محمّد بن جعفر الدّهّان إلى مسجد السّهلة في يوم من أيّام رجب فقال : قال : مل (1) بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد مبارك ، وقد صلّى به أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وآله ووطئه الحجج بأقدامهم ، فملنا إليه ، فبينا نحن نصلّي إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظّلال ، ثمّ دخل وصلّى ركعتين أطال فيهما ، ثمّ مدّ يديه فقال : وذكر الدّعاء الّذي يأتي ذكره ، ثمّ قام إلى راحلته وركبها.

فقال لي أبو جعفر الدّهان : ألا نقوم إليه فنسأله من هو؟ فقمنا إليه فقلنا له : ناشدناك اللّه من أنت؟ فقال : ناشدتكما اللّه من ترياني؟ قال ابن جعفر الدّهان : نظنّك الخضر ، فقال : وأنت أيضاً؟ فقلت : أظنّك إيّاه ، فقال : واللّه إنّي لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته ، انصرفا فانا إمام زمانكما ، وهذا لفظ دعائه عليه السلام :

اللّهُمَّ يا ذَا الْمِنَنِ السَّابِغَةِ ، وَالآلاءِ الْوازِعَةِ ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ ، وَالْقُدْرَةِ الْجامِعَةِ ، وَالنِّعَمِ الْجَسِيمَةِ وَالْمَواهِبِ الْعَظِيمَةِ ، وَالأَيادِي الْجَمِيلَةِ ، وَالْعَطايا الْجَزِيلَةِ ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ ، وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ ، وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ ، يا (2) مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ ، وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ ، وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ ، وَعَلا فَارْتَفَعَ ، وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ ، وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ ، وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ ، وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ ، وَأَعْطى فَأَجْزَلَ ، وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ.

يا مَنْ سَما فِي الْعِزِّ فَفاتَ خَواطِرَ الْأَبْصارِ ، وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ (3) الْأَفْكارِ ، يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْكِ (4) فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ ، وَتَفَرَّدَ

ص: 212


1- 1. مر ( خ ل ).
2- 2. ويا ( خ ل ).
3- 3. الهاجس ج هواجس : ما وقع في خلدك.
4- 4. في الملك ( خ ل ).

بِالْكِبْرِياءِ وَالآلاءِ ، فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.

يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرِياءِ هَيْبَتِهِ دَقائِقُ لَطائِفِ الْأَوْهامِ ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ إِدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الْأَنامِ ، يا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ ، وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ ، وَوَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ.

أَسْأَلُكَ بِهذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي إِلاَّ لَكَ ، وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبِما ضَمِنْتَ الإِجابَةَ فِيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ ، يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيا أَبْصَرَ الْمُبْصِرِينَ ، وَيا أَنْظَرَ النَّاظِرِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ ، وَيا أَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيارِ ، وَأَنْ تَقْسِمَ لِي فِي شَهْرِنا هذَا خَيْرَ ما قَسَمْتَ ، وَأَنْ تَحْتِمَ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ ، وَتَختِمَ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفُوراً ، وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً.

وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسائِلَهِ الْبَرْزَخِ ، وَادْرَءْ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً ، وَأَرِ عَيْني (1) مُبَشِّراً وَبَشِيراً ، وَاجْعَلْ لِي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً (2) وَمُلْكاً كَبِيراً ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثمّ تقول من غير تلك الرواية :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَقْدِ عِزِّكَ عَلى أَرْكانِ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهى رَحْمَتِكَ مِنْ كِتابِكَ ، وَاسْمِكَ الْأَعْظَمِ ، وَذِكْرِكَ الْأَعْلى الْأَعْلى ، وَكَلِماتِكَ (3) التّامّاتِ كُلِّها أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَسْأَلُكَ ما كانَ أَوْفى بِعَهْدِكَ. وَأَقْضى لِحَقِّكَ وَأَرْضى لِنَفْسِكَ ، وَخَيْراً لِي فِي الْمَعادِ عِنْدَكَ ، وَالْمَعادِ إِلَيْكَ ، أَنْ تُعْطِيَنِي جَمِيعَ ما أُحِبُّ ، وَتَصْرِفَ عَنِّي جَمِيعَ ما أَكْرَهُ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،

ص: 213


1- 1. ارعنى ( خ ل ).
2- 2. قرت عينه : بردت سروراً.
3- 3. ذكرك الأعلى وكلماتك ( خ ل ).

بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وجدنا هذا الدّعاء وهذه الزّيادات فيه مرويّاً عن مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليه (1).

ومن الدّعوات في كلّ يوم من رجب ما رويناه أيضاً عن جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه فقال : أخبرني جماعة عن ابن عيّاش قال : ممّا خرج على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد رضي اللّه عنه من النّاحية المقدّسة ما حدّثني به خير بن عبد اللّه قال : كتبته من التوقيع الخارج إليه :

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ادع في كلّ يوم من أيّام رجب :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ ما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أَمْرِكَ ، الْمَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ ، الْمُسْتَسِرُّونَ (2) بِأَمْرِكَ ، الْواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ ، الْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ.

أَسْأَلُكَ (3) بِما نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ ، وَأَرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ ، وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ ، الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَها فِي كُلِّ مَكانٍ ، يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها إِلاَّ أَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ ، فَتْقُها (4) ورَتْقُها (5) بِيَدِكَ ، بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها إِلَيْكَ ، أَعْضادٌ وَأَشْهادٌ ، وَمُناةٌ وَأَزْوادٌ ، وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ ، فَبِهِمْ مَلأْتَ سَماءَكَ وَأَرْضَكَ حَتّى ظَهَرَ [ أَنْ ] (6) لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

فَبِذلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَواقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَزِيدَنِي إِيماناً وَتَثْبِيتاً ، يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ ، وَيا ظاهِراً (7) فِي بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ ، يا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ (8) ، يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ

ص: 214


1- 1. عنه البحار 98 : 392 ، رواه عنه في البحار 100 : 448 بدون ذكر الدعاء ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 820.
2- 2. المستبشرون ( خ ل ).
3- 3. وأسألك ( خ ل ).
4- 4. فتق الشيء : شقّه.
5- 5. رتق الشيء : سدّه وأغلقه.
6- 6. عن البحار.
7- 7. في البحار : يا ظاهراً.
8- 8. الديجور : الظلمة.

كُنْهٍ ، وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ ، حادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ ، وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ ، وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ ، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ ، وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ ، أَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْجُودِ.

يا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ ، وَلا يُأَيَّنُ بِأَيْنٍ ، يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ ، يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ ، وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ ، صَلِّ عَلى عِبادِكَ الْمُنْتَجَبِينَ ، وَبَشَرِكَ الْمُحْتَجِبِينَ وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَبُهَمِ (1) الصّافِّينَ الْحافِّينَ ، وَبارِكْ لَنا فِي شَهْرِنا هذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّمِ وَما بَعْدَهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَأَسْبِغْ عَلَيْنا فِيهِ النِّعَمَ ، وَأَجْزِلْ لَنا فِيهِ الْقِسَمَ ، وَأَبْرِرْ لَنا فِيهِ الْقَسَمَ.

بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ (2) الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهارِ فَأَضاءَ وَعَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ ، وَاغْفِرْ لَنا ما تَعْلَمُ مِنَّا وَما لا نَعْلَمُ ، وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ وَاكْفِنا كَوافِي قَدَرِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ ، وَلا تَكِلْنا إِلى غَيْرِكَ ، وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْرِكَ ، وَبارِكْ لَنا فِيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ أَعْمارِنا ، وَأَصْلِحْ لَنا خَبِيئَةَ أَسْرارِنا ، وَأَعْطِنا مِنْكَ الْأَمانَ ، وَاسْتَعْمِلْنا بِحُسْنِ الإِيمانِ ، وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ ، وَما بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ وَالْأَعْوامِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ (3).

ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ، ما رويناه أيضاً عن جدّي أبي جعفر الطوسي قدّس اللّه روحه ، فقال : قال ابن عيّاش : وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم رضي اللّه عنه في مقامه عندهم هذا الدّعاء في أيّام رجب : اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْمَوْلُودَيْنِ فِي رَجَبٍ ، مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيِّ الثَّانِي وَابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِما إِلَيْكَ خَيْرَ الْقُرَبِ ، يا مَنْ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ طُلِبَ ، وَفِيما لَدَيْهِ رُغِبَ ، أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مُعْتَرِفٍ (4) مُذْنِبٍ قَدْ أَوْبَقَتْهُ (5)

ص: 215


1- 1. بِهِم ( خ ل ) ، البهم جمع البهيمة ، يقال : هذا فرس بهم أي الذي لا يختلط لونه بشيء بغير لونه.
2- 2. الأعظم الأعظم ( خ ل ).
3- 3. عنه البحار 98 : 393 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 803.
4- 4. مقترف ( خ ل ).
5- 5. أوبقته : أهلكته.

ذُنُوبُهُ ، وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ ، وَطالَ عَلَى الْخَطايا دُؤُوبُهُ ، وَمِنَ الرَّزايا خُطُوبُهُ ، يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ ، وَحُسْنَ الْأَوْبَةِ ، وَالنُّزُوعَ (1) مِنَ الْحَوْبَةِ ، وَمِنَ النَّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ ، وَالْعَفْوَ عَمّا فِي رِبْقَتِهِ ، فَأَنْتَ يا مَوْلايَ (2) أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ.

اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّرِيفَةِ ، وَوَسائِلِكَ الْمُنِيفَةِ ، أَنْ تَتَغَمَّدَنِي فِي هذَا الشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ واسِعَةٍ ، وَنِعْمَةٍ وازِعَةٍ ، وَنَفْسٍ بِما رَزَقْتَها قانِعَةٍ إِلى نُزُولِ الْحافِرَةِ ، وَمَحَلِّ الاخِرَةِ ، وَما هِيَ إِلَيْها (3) صائِرَةُ (4).

وأقول : وقد قدّمنا في دعاء أول يوم من رجب ما دعا به مولانا علي بن الحسين عليه السلام في غرّة رجب في الحجر ، الذي أوّله : « يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ » ، كما رويناه انه في أول يوم من الشهر ، وقد ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي في أدعية كل يوم من شهر رجب ، فيدعى به كل يوم منه احتياطاً للفضل المكتسب.

فصل (24): فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في شهر رجب

وجدنا ذلك مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال :

من قال في رجب : اسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، مائة مرة ، وختمها بالصّدقة ، ختم اللّه له بالرّحمة والمغفرة ، ومن قالها أربعمائة مرة كتب اللّه له أجر مائة شهيد ، فإذا لقي اللّه يوم القيامة يقول له : قد أقررت بملكي فتمنّ عليّ ما شئت حتى أعطيك فإنّه لا مقتدر غيري.

وعنه عليه السلام : من قال فيه : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ ألف مرة ، كتب اللّه له مائة ألف حسنة ، وبني اللّه له مائة مدينة في الجنّة.

ص: 216


1- 1. النزوع : الانقطاع.
2- 2. فأنت مولاي ( خ ل ).
3- 3. اليه ( خ ل ).
4- 4. عنه البحار 98 : 394 ، رواه الشيخ في مصباحه 2 : 805.

أقول : وفي رواية : من استغفر اللّه تعالى في رجب وسأله التوبة سبعين مرّة بالغداة وسبعين مرّة بالعشي ، يقول : اسْتَغْفِرُ اللّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ ، فان مات في رجب مات مرضيّاً عنه ولا تمسّه النار ببركة رجب.

فصل (25): فيما نذكره من فضل قراءة « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ » عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو ألف مرة ، أو مائة مرّة

وجدنا ذلك مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : قال رسول اللّه (1) صلى اللّه عليه وآله :

من قرء في عمره عشرة آلاف مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) بنيّة صادقة في شهر رجب ، جاء يوم القيامة خارجاً من ذنوبه كيوم ولدته أمّه ، فيستقبله سبعون ملكاً يبشّرونه بالجنّة.

وفي حديث آخر عن النبي صلى اللّه عليه وآله :

من قرء ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ألف مرة ، جاء يوم القيامة بعمل ألف نبي وألف ملك ، ولم يكن أحد أقرب إلى اللّه الاّ من زاد عليه ، وانها لتضاعف في شهر رجب.

وفي حديث آخر عن النبي صلى اللّه عليه وآله :

من قرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة ، بورك له وعلى ولده وأهله وجيرانه ، ومن قرأها في رجب بني اللّه تعالى له اثنى عشر قصراً في الجنّة ، مكلّلة بالدّرّ والياقوت ، وكتب اللّه له ألف ألف حسنة.

ثم يقول : اذهبوا بعبدي فأروه ما أعددت له فيأتيه عشرة آلاف قهرمان ، وهم الذين وكلوا بمساكنه في الجنّة ، فيفتحون له ألف ألف قصر من در ، وألف ألف قصر من ياقوت أحمر ، كلّها مكلّلة بالدّرّ والياقوت والحليّ والحلل ، ما يعجز عنه الواصفون ولا يحيط

ص: 217


1- 1. قال النبي ( خ ل ).

بها الاّ اللّه تعالى ، فإذا رآها دهش (1) وقال : هذا لمن من الأنبياء؟ فيقال : هذا لك بقراءة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) .

فصل (26): فيما نذكره ممّا كان مولانا علي بن الحسين عليهما السلام يعمله ويذكره في سجوده في أيام رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فقال ما هذا لفظه :

واعتمر علي بن الحسين عليهما السلام في رجب ، وكان يصلّي عند الكعبة عامّة ليله ونهاره ، ويسجد عامّة ليله ونهاره ، وكان يسمع منه في سجوده : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ، لا يزيد على هذا مدّة مقامه (2).

فصل (27): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام في أول يوم من رجب والإشارة إلى موضع ألفاظها من الكتب

اعلم انّ من أهم المهمات في أول يوم من رجب زيارة الحسين عليه السلام ، امّا بقصد مشهده الشريف في هذا الميقات ، أو بالإيماء إليه بالزيارة من سائر الجهات ، وانّما أخّرنا ذكرها إلى أواخر فصول هذا اليوم السعيد لأنّ أعذار الناس في التّأخّر عن الزيارة من القريب أو البعيد أضعاف المتمكّنين من القصد إليه عليه السلام ، فبدأنا في الفصول المذكورة بما هو أعمّ ، اغتناماً للمبادرة إلى الأعمال المشكورة (3).

أقول : فممّا نذكره في فضل زيارة الحسين عليه أفضل السلام في أوّل رجب ،

ص: 218


1- 1. دهش : تحيّر.
2- 2. رواه الشيخ في مصباحه 2 : 801.
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 801 ، مصباح الزائر : 354 ، التهذيب 6 : 48 ، مسار الشيعة : 70 ، كامل الزيارات : 172 ، عنه الوسائل 10 : 346 ، البحار 101 : 89 مصباح الكفعمي : 491 ، المزار للمفيد : 48.

ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه فقال :

روى بشير الدهان عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : من زار الحسين بن علي عليهما السلام أوّل يوم من رجب غفر اللّه له البتّة (1).

وامّا تعيين ألفاظ الزيارة في أول يوم من رجب ، فقد ذكرناها في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر ، وسوف نذكرها في ليلة نصف شعبان ، فإنّها أحقّ بها من هذا المكان.

وقد ذكرنا في عمل أوّل ليلة من رجب زيارة مختصّة بهذا الشهر كلّه ، فاجتهد فيما تقدّم على الظفر بفضله.

فصل (28): فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من رجب

وجدناه في كتب العبادات في الروايات عن النبي صلى اللّه عليه وآله : من صلّى في اللّيلة الثانية من رجب عشر ركعات بفاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرة ، غفر اللّه له كلّ ذنب صغير وكبير ، وكتبه من المصلّين إلى السنة المقبلة وبرئ من النفاق كما قدّمناه في اللّيلة الأولة (2).

فصل (29): فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب

روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه ، فيما رواه عن النبي صلى اللّه عليه وآله فقال :

من صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والأرض ماله عند اللّه من الكرامة ، وكتب له من الأجر مثل أجور عشرة من الصّادقين في عمرهم ، بالغة

ص: 219


1- 1. عنه الوسائل 8 : 92 ، رواه في مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
2- 2. ثواب الأعمال : 77 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 25 ، أمالي الصدوق. 430.

أعمارهم ما بلغت ، ويشفّع يوم القيامة في مثل ما يشفّعون فيه ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنّة ويكون من رفقائهم (1).

فصل (30): فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب

وجدناه في كتب العبادة مرويّاً عن سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ذخائر السعادة ، قال : من صلّى في الليلة الثالثة من رجب عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) خمس مرات ، بنى اللّه له قصراً في الجنّة ، عرضه وطوله أوسع من الدنيا سبع مرّات ، ونادى مناد من السماء : بشروا وليّ اللّه بالكرامة العظمى ومرافقة النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين (2).

فصل (31): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من رجب وصلاة في اليوم الثالث

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صام من رجب ثلاثة أيام جعل اللّه بينه وبين النار خندقاً وحجاباً ، طوله مسيرة سبعين عاماً ، ويقول اللّه عزّ وجلّ له عند إفطاره : لقد وجب حقك عليّ ووجبت لك محبّتي وولايتي ، أشهدكم ملائكتي أنّي قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر (3).

وامّا الصلاة في اليوم الثالث من رجب :

فاننا وجدناها في بعض كتب العبادات المتضمّنة لما يبقى من السعادات عن النبي

ص: 220


1- 1. ثواب الأعمال : 79 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 25 ، أمالي الصدوق : 430 ، عنهم البحار 97 : 27.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 92 ، رواه في مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
3- 3. ثواب الأعمال : 78 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 25 ، أمالي الصدوق : 430 ، عنهم البحار 97 : 27.

صلى اللّه عليه وآله انه قال :

من صلّى في اليوم الثالث من رجب اربع ركعات ، يقرء بعد الفاتحة :

( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ، وَما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ، وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ. أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ ) (1).

أعطاه اللّه من الأجر ما لا يصفه الواصفون (2).

وروي ان اليوم الثالث من رجب كان مولد مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام.

فصل (32): فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من رجب

وجدناه في كتب العبادات مرويّاً عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى في اللّيلة الرابعة من رجب مائة ركعة بالحمد مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) مرّة ، وفي الثانية الحمد مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) مرة ، وهكذا كل الركعات ينزل من كل سماء ملك يكتبون ثوابها له إلى يوم القيامة وجاء ووجهه مثل القمر ليلة البدر ، ويعطيه كتابه بيمينه ويحاسبه حساباً يسيراً (3).

ص: 221


1- 1. البقرة : 163 - 165.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 97.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

فصل (33): فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلّها ، من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال ، وأجير من عذاب القبر ، ويكتب له مثل أجور أولى الألباب التوابين الأوّابين وأعطى كتابه بيمينه في أَوائل العابدين (1).

فصل (34): فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من رجب

وجدنا ذلك في كتب الأسباب إلى رضاء مالك يوم الحساب مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

من صلّى في الليلة الخامسة من رجب ستّ ركعات بالحمد مرّة وخمساً وعشرين مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) أعطاه اللّه ثواب أربعين نبيّاً وأربعين صدّيقاً وأربعين شهيداً ، ويمرّ على الصّراط كالبرق اللاّمع على فرس من النور (2).

فصل (35): فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيّام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقاً على اللّه تعالى ان يرضيه يوم القيامة

ص: 222


1- 1. ثواب الأعمال : 79 ، أمالي الصدوق : 430 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 26 ، عنهم البحار 97 : 27.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

ويبعثه يوم القيامة ووجهه كالقمر في ليلة البدر وكتب له عدد رمل عالج حسنات وادخل الجنّة بغير حساب ويقال : تمنّ على ربّك ما شئت (1).

فصل (36): فيما نذكره من عمل اللّيلة السادسة من رجب

وجدنا ذلك فيما وقفنا عليه عن النبي صلوات اللّه عليه قال :

ومن صلّى في اللّيلة السادسة من رجب ركعتين بالحمد مرة وآية الكرسي سبع مرّات ، ينادي مناد من السماء : يا عبد اللّه أنت وليّ اللّه حقّاً حقّاً ، ولك بكلّ حرف قرأت في هذه الصلاة شفاعة من المسلمين ، ولك سبعون ألف حسنة ، لكلّ حسنة عند اللّه أفضل من الجبال التي في الدنيا (2).

فصل (37): فيما نذكره من فضل صوم ستّة أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب ستّة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ أشدّ بياضا من نور الشمس وأعطى سوى ذلك نوراً يستضيء به أهل الجمع يوم القيامة ، وبعثه اللّه من الآمنين يوم القيامة حتّى يمرّ على الصراط بغير حساب ، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم (3).

ص: 223


1- 1. ثواب الأعمال : 79 ، أمالي الصدوق : 430 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 26 ، عنهم البحار 97 : 27.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 525.
3- 3. ثواب الأعمال : 79 ، أمالي الصدوق : 430 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 27 ، عنهم البحار 97 : 27.

فصل (38): فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من رجب

وجدنا ذلك فيما نظرناه ممّا يقرّب العبد إلى مولاه عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

من صلّى في الليلة السابعة من رجب اربع ركعات ، بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ويصلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله عند الفراغ عشر مرات ، ويقول الباقيات الصالحات : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ولا إلهَ إِلاَّ اللّهُ واللّهُ اكْبَرُ ، عشر مرات ، اظلّه اللّه في ظل عرشه (1) ويعطيه ثواب من صام شهر رمضان ، واستغفرت له الملائكة حتّى يفرغ من هذه الصلاة ، ويستهل عليه النزع وضغطة القبر ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنّة وآمنه اللّه من الفزع الأكبر (2).

فصل (39): فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه رضوان اللّه عليه في أماليه وثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صام من رجب سبعة أيّام ، فإنّ لجهنّم سبعة أبواب ، يغلق اللّه عنه لصوم كل يوم باباً من أبوابها وحرّم اللّه جسده على النار (3).

فصل (40): فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من رجب

وجدنا ذلك في كتب الصلوات في الأوقات الصالحات ، مرويّاً عن النبي صلّى اللّه

ص: 224


1- 1. تحت العرش ( خ ل ).
2- 2. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
3- 3. ثواب الأعمال : 79 ، أمالي الصدوق : 430 ، عنهما البحار 97 : 27.

عليه وآله قال :

ومن صلّى في الليلة الثامنة من رجب عشرين ركعة بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) والفلق والناس ثلاث مرات ، أعطاه اللّه ثواب الشاكرين والصابرين ورفع اسمه في الصديقين ، وله بكلّ حرف أجر كلّ صديق وشهيد وكأنّما ختم القرآن في شهر رمضان ، فإذا خرج من قبره تلقّاه سبعون ملكاً يبشّرونه بالجنّة ويشيّعونه إليها (1).

فصل (41): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في كتاب ثواب الأعمال وأماليه قال :

ومن صام من رجب ثمانية أيام فإن في الجنّة ثمانية أبواب ، يفتح اللّه له بصوم كل يوم باباً من أبوابها ، فيقال له : ادخل من أيّ الأبواب شئت (2).

فصل (42): فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من رجب

وجدنا ذلك فيما يوجد أمثاله فيه ممّا يقرب إلى إقبال اللّه جلّ جلاله ومراضيه مرويّاً عن النبيّ صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صلّى في الليلة التاسعة ركعتين بالحمد مرة و ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) خمس مرات ، لا يقوم من مقامه حتى يغفر اللّه له ويعطيه ثواب مائة حجة ومائة عمرة وينزّل عليه ألف ألف رحمة ويؤمنه من النار ، وان مات إلى ثمانين يوماً مات شهيداً (3).

ص: 225


1- 1. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
2- 2. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 430 ، عنهما البحار 97 : 28.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

فصل (43): فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان اللّه عليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فقال : ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي : لا إله إلا اللّه ، ولا يعرف وجهه دون الجنّة ، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ لأهل الجمع ، حتّى يقول : هذا نبي مصطفى ، وانّ أدنى ما يعطى أن يدخل الجنّة بغير حساب (1).

فصل (44): فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من رجب

وجدنا ذلك في كتب أمثاله مما يدعو إلى الظفر برضا اللّه جلّ جلاله وإقباله ، مرويّاً عن النّبيّ صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى في الليلة العاشرة من رجب بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة ، بالحمد مرة وثلاث مرات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، يرفع اللّه له قصراً على عامود من ياقوتة حمراء ، قالوا :

يا رسول اللّه وما ذلك العمود؟ قال : مثل ما بين المشرق والمغرب ، وفي ذلك العمود سبعمائة غرفة أوسع من الدنيا ، والغرف كلّها من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ، وفي ذلك القصر بيوت بعدد نجوم السماء ، وفيه ما لا يقدر بشراً ان يصفه (2).

فصل (45): فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه

ص: 226


1- 1. ثواب الأعمال : 8 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 192 ، مصباح الكفعمي : 524.

بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب عشرة أيام جعل اللّه له جناحين أخضرين منظومين بالدر والياقوت ، يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف إلى الجنان ، ويبدّل اللّه سيئاته حسنات وكتب من المقرّبين القوّامين لله بالقسط ، وكأنه (1) عبد اللّه الف عام قائماً صابراً محتسباً (2).

أقول : ووجدت في رواية بإسناد مذكور ان أشهر الحرم لله عزّ وجلّ في كلّ عام ، عاشر من كلّ شهر منها (3) أمر ، فاليوم العاشر من ذي الحجّة يوم النحر ، واليوم العاشر من المحرم عاشوراء ، واليوم العاشر من رجب يمحو اللّه ما يشاء ويثبت ، ما قال في ذي القعدة.

قلت انا رأيت في كتاب جامع الدعوات لنصر بن يعقوب الدينوري عن النبي صلى اللّه عليه وآله : انّ ليلة عاشر ذي القعدة ينظر اللّه تعالى إلى عبده بالرحمة.

وروي ان يوم العاشر من رجب كان مولد مولانا الجواد عليه السلام.

فصل (46): فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من رجب

وجدنا ذلك في ديوان المراحم الواسعة والمكارم المتتابعة مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الحادية عشر من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد مرة واثنتي عشرة مرة آية الكرسي ، أعطاه اللّه ثواب من قرء التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وكل كتاب أنزله اللّه تعالى على أنبيائه ، ونادى مناد من العرش : استأنف العمل فقد غفر اللّه (4) لك (5).

ص: 227


1- 1. كأنما ( خ ل ).
2- 2. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.
3- 3. في كل عاشر من كل شهر منها ( خ ل ).
4- 4. غفر لك ( خ ل ).
5- 5. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524.

فصل (47): فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب أحد عشر يوماً لم يواف اللّه يوم القيامة عبداً أفضل منه الاّ من صام مثله أو زاد عليه (1).

فصل (48): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثانية عشر من رجب

وجدنا ذلك في ذخائر التّوسّل بالأعمال إلى مالك الآمال والإقبال ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى في الليلة الثانية عشر من رجب ركعتين ، بالحمد مرة و ( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ، رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) ، عشر مرات ، أعطاه اللّه ثواب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وثواب عتق سبعين رقبة من بني إسماعيل ويعطيه اللّه سبعين رحمة (2).

فصل (49): فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه بإسناده في أماليه وكتاب ثواب

ص: 228


1- 1. ثواب الأعمال : 8 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب اثني عشر يوماً كسي يوم القيامة حلّتين خضراوتين من سندس وإستبرق ويحبر (1) بهما ، لو دلّيت حلّة منهما إلى الدنيا لأضاء ما بين مشرقها ومغربها ولصارت الدنيا أطيب من ريح المسك (2).

فصل (50): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثالثة عشر والليالي البيض من رجب وشعبان وشهر رمضان

وجدنا ذلك في كتب نقل الآثار الدعاة إلى دار القرار ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلى في الليلة الثالثة عشر من رجب عشر ركعات في الأولى بالحمد مرة (3) والعاديات مرة ، وفي الثانية بالحمد مرّة و ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) مرة والباقي كذلك ، غفر اللّه له ذنوبه وان كان عاقّاً لوالديه رضي اللّه سبحانه عنه ، وان منكراً ونكيراً لا يقربانه ولا يروعانه ، ويمرّ على الصراط كالبرق الخاطف ، ويعطي كتابه بيمينه ويثقّل ميزانه وأعطى في جنّة الفردوس ألف مدينة (4).

وامّا ما نذكره في اللّيالي البيض : فهو إسناده من كتاب محمد بن علي الطرازي فقال ما هذا لفظه : أخبرهم أبو الحسين أحمد بن أحمد بن سعيد الكاتب رضي اللّه عنه قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن علي القياني ، قال : سمعت جدي ، يقول : سمعت أحمد بن أبي العيفاء ، يقول :

ص: 229


1- 1. حبرة حبرا : زينه وحبر الأمر فلاناً سرّه ، واحبره : أكرمه ونعمه وسرّه.
2- 2. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.
3- 3. عشر ركعات بالحمد مرة ( خ ل ).
4- 4. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه : أعطيت هذه الأمّة ثلاث أشهر لم يعطها أحد من الأمم ، رجب وشعبان وشهر رمضان ، وثلاث ليال لم يعط أحد مثلها : ليلة ثلاث عشرة وليلة أربع عشرة وليلة خمس عشرة من كل شهر ، وأعطيت هذه الأمة ثلاث سور لم يعطها أحد من الأمم : يس و« تَبارَكَ الْمُلْكُ » و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فمن جمع بين هذه الثلاث فقد جمع أفضل ما أعطيت هذه الأمّة.

فقيل : وكيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال : يصلّي كل ليلة من ليالي البيض من هذه الثلاثة الأشهر ، في الليلة الثالثة (1) عشر ركعتين ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور (2) ، وفي الليلة الرابعة عشر اربع ركعات ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب ، وهذه الثلاث سور ، وفي الليلة الخامسة عشر ستّ ركعات ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور ، فيجوز فضل هذه الأشهر الثلاثة ويغفر له كلّ ذنب سوى الشرك (3).

فصل (51): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوماً وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوتة خضراء في ظل العرش ، قوائمهما من الدر أوسع من الدنيا سبعمائة مرّة ، عليها صحائف الدّرّ أوسع من الدنيا سبعمائة مرة ، عليها صحائف الدر والياقوت ، في كلّ صحفة (4) سبعون ألف لون من الطعام لا يشبه اللّون اللّون ولا الريح الريح ، فيأكل منها والنّاس في شدّة

ص: 230


1- 1. في الأصل : الثانية عشر.
2- 2. مرة هذه الثلاث السور ( خ ل ).
3- 3. عنه الوسائل 8 : 25.
4- 4. صحيفة ( خ ل ).

شديدة وكرب عظيم (1).

وروي ان يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثني عشر سنة.

فصل (52): فيما نذكره من عمل اللّيلة الرابعة عشر من رجب ، غير ما ذكرناه

وجدنا ذلك في أوراق صحائف الدلالة على السّباق مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الرابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة ، وآخر الكهف ( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) ، والذي نفسي بيده لو كانت ذنوبه أكثر من نجوم السماء لم يخرج من صلاته الاّ وهو طاهر مطهّر ، وكأنّما قرء كل كتاب أنزله اللّه تعالى (2).

فصل (53): فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلوات اللّه عليه وآله ، قال : ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه اللّه من الثواب ما لا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت (3).

ص: 231


1- 1. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
3- 3. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 28.

فصل (54): فيما نذكره من عمل ليلة النصف من رجب ، غير ما قدمناه

وجدنا ذلك في الروايات الشاهدات للسعادات بالعبادات بإسناد محمد بن علي الطرازي ، فقال ما هذا لفظه :

أبو محمد عبد اللّه بن الحسين بن يعقوب الفارسي رضي اللّه عنه ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن علي بن معمر ، قال : حدثنا حمدان بن المعافى ، قال : حدثنا عبد اللّه بن نجران (1) ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد اللّه قال :

قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام : تصلّي ليلة النصف من رجب اثنتي عشر ركعة ، تسلّم بين كلّ ركعتين ، تقرء في كلّ ركعة أمّ الكتاب اربع مرات وسورة الإخلاص أربعاً وسورة الفلق اربع مرات ، وسورة الناس اربع مرات وآية الكرسي أربع مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) اربع مرات ، ثم تشهد وتسلّم وتقول بعد الفراغ بعقب التسليم اربع مرات : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَلا اتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً ، ثم ادع بما أحببت (2).

فصل (55): فيما نذكره ليلة النصف من رجب

وجدنا ذلك مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله بما هذا لفظه ومقاله : روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : إذا كان ليلة النّصف من رجب أمر اللّه تعالى خزّان ديوان الخلائق وكتبة أعمالهم ، فيقول لهم : انظروا في ديوان عبادي وكلّ سيئة وجدتموها فامحوها وبدّلوها حسنات.

ص: 232


1- 1. عبد اللّه بن الرحمن ( خ ل ).
2- 2. رواه الشيخ في مصباحه 2 : 806 ، عنه الوسائل 8 : 97.

فصل (56): فيما نذكره من فضل أيام البيض من رجب ولياليها

وجدناه في المنقول عن الرسول صلى اللّه عليه وآله انه قال : من صام ثلاثة أيام من رجب وقام لياليها في أوسطه ثلاث عشرة واربع عشرة وخمس عشرة ، والذي بعثني بالحق انه لا يخرج من الدنيا إلاّ بالتوبة (1) النّصوح ، ويغفر له بكلّ يوم صامه سبعون كبيرة ، ويقضى له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر ، وسبعون حاجة إذا دخل قبره ، وسبعون حاجة إذا خرج من قبره ، وسبعون حاجة إذا نصب الميزان ، وسبعون حاجة عند الصراط ، وكأنّما عتق بكل يوم يصومه سبعين من ولد إسماعيل ، وكأنّما ختم القرآن سبعين ألف مرة ، وكأنّما رابط في سبيل اللّه سبعين سنة ، وكأنّما بني سبعين قنطرة في سبيل اللّه ، وشفّع في سبعين من أهل بيته ممّن وجبت له النار ، وبني له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة ، في كل مدينة سبعون ألف قصر ، في كل قصر ألف حوراء ، ولكل حوراء سبعون ألف خادم.

وروينا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن الصادق عليه السلام قال : من صام أيام البيض من رجب كتب اللّه له بكلّ يوم صيام سنة وقيامها ، ووقف يوم القيامة موقف الآمنين (2).

فصل (57): فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة النصف من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام قال : تصلّي ليلة النصف من رجب اثنتي عشرة ركعة ، تقرء في كلّ ركعة الحمد وسورة ،

ص: 233


1- 1. على التوبة ( خ ل ).
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 810.

فإذا فرغت من الصلاة قرأت بعد ذلك الحمد والمعوذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي أربع مرات ، وتقول بعد ذلك : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ - اربع مرات ، ثم تقول : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، ما شاءَ اللّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (1).

فصل (58): فيما نذكره من صلاة في ليلة النصف أيضاً برواية أخرى

رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله بما معناه :

انّ من صلّى فيها ثلاثين ركعة بالحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات لم يخرج من صلاته حتّى يعطى ثواب سبعين شهيداً ويجيء يوم القيامة ونوره يضيء لأهل الجمع ، كما بين مكة والمدينة ، وأعطاه اللّه براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (2).

صلاة ليلة النصف من رجب :

أقول : ووجدت في رواية بإسناد متصل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله :

من صلّى ليلة خمس عشر من رجب ثلاثين ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، أعتقه اللّه من النار وكتب له بكلّ ركعة عبادة أربعين شهيداً وأعطاه اللّه بكلّ آية اثنى عشر نوراً وبني له بكلّ مرّة يقرأ ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) اثنى عشر مدينة من مسك وعنبر ، وكتب اللّه له ثواب من صام وصلّى في ذلك الشهر من ذكر وأنثى ، فان مات ما بينه وبين السنة المقبلة مات شهيدا ووقي فتنة القبر.

فصل (59): فيما نذكره ممّا ينبغي في إحياء هذه الليلة والعناية بها والخاتمة لها

اعلم انّه إذا كانت هذه ليلة النّصف على ما أشرنا إليه ، ودلّنا اللّه جلّ جلاله عليه

ص: 234


1- 1. مصباح المتهجد : 742 ، عنه الوسائل 8 : 97.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 92 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

من عظيم فضلها وشرف محلّها ، فينبغي ان يكون المصدّق لله والرسول الموافق للإقبال والقبول على قدم المراقبة طول ليلة والاعتراف لله جلّ جلاله بالمنّة العظيمة في استصلاحه لخدمته وعبادته ، ويصحبها حضور القلب (1) بين يدي الربّ مشغول الخاطر والسرائر والظواهر بمجالسة مولاه ، مالك الأوائل والأواخر ، واجداً انس المحاضرة ولذّة المحاورة وشرف المجاورة.

وإذا قرب طلوع فجرها وطئ بساط برّها فيقبل على اللّه جلّ جلاله بالإخلاص ويسلّم عمله إلى من كان ضيفاً من أهل الاختصاص ، ويتوجّه بهم باللّه العظيم وبمقامه (2) الكريم في ان يتمّموا نقص أعماله ويعظّموا مقام إقباله ويظفروه بتمام آماله.

فصل (60): فيما نذكره من أسرار استقبال يوم النصف من رجب

اعلم انّ هذا اليوم فيه من الأسرار وإطلاق المبارّ وغنى أهل الأعمار وجبر أهل الانكسار ما قد تضمّنه صريح الاخبار ، فابسط عند استقباله كفّ التعرّض لمواهبه ونواله ، وأقبل بوجهه قلبك على عظمة ربك ، وانظر بعين بصيرتك إلى من رفع قدرك وأحضرك لسعادتك وأطلقك من عقال الذنوب وقيود العيوب ، وإذن لك في كلّ مطلوب وان تسأله جمع شملك بكلّ أمر محبوب واخلع لباس الكسالة ، وأفكر انّك بحضرة مالك الجلالة ، وعلى مائدة ضيافة صاحب الرسالة ، ولعلك لا تبلغ إلى سنة أخرى ويوم مثله ، فإيّاك أن تفرط فيما جعلك اللّه أهلاً أن تطلبه من فضله.

أقول : ورأيت في حديث بإسناد متّصل إلى ابن عباس قال :

قال آدم عليه السلام : يا رب أخبرني بأحبّ الأيام إليك وأحب الأوقات؟ فأوحى اللّه تبارك وتعالى إليه : يا آدم أحبّ الأوقات إلىّ يوم النصف من رجب ، يا آدم تقرب اليّ يوم النصف من رجب بقربان وضيافة وصيام ودعاء واستغفار وقول : لا إله إلاّ اللّه ،

ص: 235


1- 1. حضور العقل والقلب ( خ ل ).
2- 2. يتوجه إليهم ( خ ) ، يتوجه إليه بهم بمقامه ( خ ل ).

يا آدم انّي قضيت فيما قضيت وسطرت فيما سطرت انّي باعث من ولدك نبيّاً لا فظّ ولا غليظ ولا سخّاب (1) في الأسواق ، حليم رحيم كريم (2) عظيم البركة ، أخصّه وأمّته بيوم النصف من رجب ، لا يسألوني فيه شيئاً إلاّ أعطيتهم ، ولا يستغفروني الاّ غفرت لهم ، ولا يسترزقوني الاّ رزقتهم ، ولا يستقيلوني الاّ اقلتهم ، ولا يسترحموني الاّ رحمتهم.

يا آدم من أصبح يوم النصف من رجب صائماً ذاكراً خاشعاً حافظاً لفرجه متصدّقاً من ماله لم يكن له جزاء عندي إلاّ الجنّة ، يا آدم قل لولدك ان يحفظوا أنفسهم في رجب فإنّ الخطيئة فيه عظيمة.

فصل (61): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم النصف من رجب

اعلم انّنا قد أردنا تقديمها في أول وظائف هذا اليوم السعيد لأنّنا رأينا موسمها مهملاً عند كثير من العبيد ، فأردنا الدلالة والتنبيه عليها والحثّ على المبادرة إليها.

فروينا بإسنادنا إلى الشيخ المعظّم محمد بن أحمد بن داود القمي بإسناده إلى الحسن بن محبوب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام : في أيّ شهر نزور الحسين عليه السلام؟ قال : في النصف من رجب والنصف من شعبان (3).

وروينا بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي أيضاً بإسناده في كتابه المسمّى بكتاب الزيارات والفضائل إلى أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام أيّ الأوقات أفضل أن نزور فيه الحسين عليه السلام؟ قال :

ص: 236


1- 1. سخّاب : صيّاح.
2- 2. عليم ( خ ل ).
3- 3. رواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 182 ، عنه البحار 101 : 96 ، والشيخ في التهذيب 6 : 48 وفي مصباح المتهجد 2 : 807 ، المزار للمفيد : 49.

النصف من رجب والنصف من شعبان (1).

أقول : وحسبك تنبيهاً على تعظيم زيارة النصف من رجب انّها تضاف إلى زيارة النصف من شعبان ، وسيأتي في ثواب زيارة النصف من شعبان ما يدلّك على انّ زيارة النصف من رجب على غاية من علوّ الشأن.

أقول : وامّا ما يزار به الحسين صلوات اللّه عليه في هذا النصف من رجب المشار إليه ، فانّني لم أقف على لفظ متعيّن له إلى الآن ، فيزار بالزيارة المختصّة بشهر رجب التي قدّمناها في عمل أوّل ليلة منه ، ففيها بلاغ لهذا الميقات والأوان ، وان شاء فيزوره بالزيارات المرويّة لكلّ زمان أو لكلّ امام حيث كان.

فصل (62): فيما نذكره من صلاة عشر ركعات في نصف رجب

من رواية سلمان رضوان اللّه عليه عن النبي صلوات اللّه عليه وآله ، وهي :

وصلّ في وسط الشهر عشر ركعات تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، فإذا سلّمت فارفع يديك إلى السماء وقل : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، إِلهاً واحِداً أَحَداً صَمَداً فَرْداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً. ثم امسح بهما وجهك (2).

فصل (63): فيما نذكره من صلاة أربع ركعات يوم النصف من رجب ودعائها

مرويّة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال : دخل عدي بن ثابت الأنصاري على

ص: 237


1- 1. رواه في كامل الزيارات : 182 ، عنه البحار 101 : 907 ، و10 : 364 ، والتهذيب 2 : 16 ، مصباح المتهجد 2 : 807 ، الوسائل 10 : 364 ، 1.
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 814 ، عنه الوسائل 8 : 98.

أمير المؤمنين عليه السلام في يوم النصف من رجب وهو يصلّي ، فلمّا اسمع حسّه أومئ بيده إلى خلفه ان وقف ، قال عدي : فوقفت فصلّى اربع ركعات لم أر أحداً صلاّها قبله ولا بعده ، فلمّا سلّم بسط يده وقال :

اللّهُمَّ يا مُذِلَّ كُلِّ جَبّارٍ وَيا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذاهِبُ وَأَنْتَ بارِئُ خَلْقِي رَحْمَةً بِي ، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً ، وَلَوْ لا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِينَ ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي ، وَلَوْ لا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ (1).

يا مُرْسِلَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَعادِنِها وَمُنْشِئ الْبَرَكَةِ مِنْ مَواضِعِها ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالشُّمُوخِ وَالرَّفْعَةِ (2) ، فَاوْلِياءُهُ بِعِزَّةِ يَتَعَزَّزُونَ ، يا (3) مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ (4) عَلى أَعْناقِهِمْ ، فَهُمْ مِن سَطَواتِهِ خائِفُونَ.

أَسْأَلُكَ بِكَيْنُونِيَّتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ كِبْرِيائِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكِبْرِيائِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ عِزَّتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي اسْتَوَيْتَ بِها عَلى عَرْشِكَ ، فَخَلَفْتَ بِها جَمِيعَ خَلْقِكَ ، فَهُمْ لَكَ مُذْعِنُونَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ.

قال : ثم تكلم بشيء خفي عنّي ثم التفت اليّ فقال : يا عدي أسمعت؟ قلت : نعم ، قال : احفظت؟ قلت : نعم ، قال : ويحك احفظه وأعربه فوالذي فلق الحبّة ونصب الكعبة وبرء النسمة ما هو عند أحد من أهل الأرض ولا دعا به مكروب الاّ نفس اللّه كربته.

ذكر صلاة أخرى في النصف من رجب :

وجدتها في عمل رجب بإسناد متّصل إلى النبي عليه السلام :

ص: 238


1- 1. المقبوحين ( خ ل ).
2- 2. شمخ الجبل : علا وطال ، والرجل بأنفه : تكبر.
3- 3. ويا ( خ ل ).
4- 4. النير : الخشبة على عنق الثور بأداتها.

ان من صلّى في النصف من رجب يوم خمسة عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) مرة و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) مرة ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه ، وحشر من قبره مع الشهداء ويدخل الجنّة مع النبيين ولا يعذب في القبر ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته وقام من قبره ووجهه يتلألأ (1).

فصل (64): فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من رجب ، غير ما أسلفناه

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب أماليه وثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب خمسة عشر يوماً وقف يوم القيامة موقف الآمنين ولا يمرّ به ملك ولا نبي ولا رسول الاّ قالوا : طوبى لك أنت آمن مقرّب مشرف مغبوط محبور ساكن الجنّة (2). (3)

فصل (65): فيما نذكره من دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالإجابة وما فيه من صفات الإنابة

اعلم أنّ هذا الدّعاء الّذي نذكره في هذا الفصل دعاء عظيم الفضل ، معروف بدعاء أمّ داود ، وهي جدّتنا الصالحة المعروفة بأم خالد البربرية ، أمّ جدّنا داود بن الحسن بن الحسن ابن مولانا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان خليفة ذلك الوقت قد خافه على خلافته ، ثمّ ظهر له براءة ساحته فأطلقه من دون آل أبي

ص: 239


1- 1. عنه الوسائل 8 : 97.
2- 2. في المصادر : ساكن للجنان.
3- 3. ثواب الأعمال : 80 ، أمالي الصدوق : 430 ، عنهما البحار 97 : 28.

طالب الّذين قبض (1) عليهم ، وسيأتي شرح حال قبضها ولدها جدّنا داود ، وحديث الدعاء الّذي استجابه اللّه جلّ جلاله منها رضي اللّه عنها ، وجمع شملها به ، بعد بعد العهود.

فأما حديث أنّها أمّ داود جدّنا ، وأنّ اسمها أم خالد البربريّة كمل اللّه لها مراضيه الإلهيّة ، فإنّه معلوم عند العلماء ومتواتر بين الفضلاء.

منهم أبو نصر سهل بن عبد اللّه البخاري النسّابة فقال في كتاب سرّ أنساب العلويّين ما هذا لفظه : وأبو سليمان داود بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أمّه أمّ ولد تدعا أمّ خالد البربرية.

أقول : وكتب الأنساب وغيرها من الطرق العلية قد تضمّنت وصف ذلك على الوجوه المرضيّة.

وأما حديث أنّ جدّتنا هذه أمّ داود ، وهي صاحبة دعاء يوم النصف من رجب ، فهو أيضا من الأمور المعلومات عند العارفين بالأنساب والروايات ، ولكنّا نذكر منه كلمات عن أفضل علماء الأنساب في زمانه عليّ بن محمّد العمري تغمّده اللّه بغفرانه فقال في الكتاب المبسوط في الأنساب ما هذا لفظه :

وولد داود بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أمّه أمّ ولد ، وكانت امرأة صالحة ، وإليها ينسب دعاء أمّ داود.

قال شيخ الشرف في كتاب تشجير تهذيب الأنساب أيضاً ، ونقلته من خطّه عند ذكر جدّنا داود ما هذا لفظه : لامّ ولد ، إليها ينسب دعاء أمّ داود.

وقال ابن ميمون النسابة الواسطيّ في مشجّره إلى ذكر جدّتنا أمّ داود : أنّها تكنى أمّ خالد ، إليها يعزى دعاء أم داود.

وأما رواية هذا دعاء يوم النصف من رجب :

فانّنا رويناه عن خلق كثير قد تضمّن ذكر أسمائهم كتاب الإجازات فيما يخصّني من الإجازات بطرقهم المؤتلفة والمختلفة.

ص: 240


1- 1. حبس ( خ ل ).

وهو دعاء جليل مشهور بين أهل الرّوايات ، وقد صار موسماً عظيماً في يوم النصف من رجب معروفاً بالإجابات وتفريج الكربات ، ووجدت في بعض طرق من يرويه زيادات ، وسوف أذكر أكمل روايته احتياطاً للظفر بفائدته.

فمن الرواة من يرفعه إلى مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات اللّه عليه ، ومنهم من يرويه عن أم داود جدّتنا رضوان اللّه عليها وعليه.

فمن الروايات في ذلك أنّ المنصور لمّا حبس عبد اللّه بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب وقتل ولديه محمّداً وإبراهيم ، أخذ داود بن الحسن بن الحسن - وهو ابن داية أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصّادق صلوات اللّه عليه ، لأنّ أمّ داود أرضعت الصّادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود - وحمله مكبلاً بالحديد.

قالت أمّ داود : فغاب عنّي حينا بالعراق ولم أسمع له خبرا ، ولم أزل أدعو وأتضرّع إلى اللّه جلّ اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة والجدّ والاجتهاد أن يدعو اللّه تعالى لي وأنا في ذلك كلّه لا أرى في دعائي الإجابة.

فدخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه يوماً أعوده من (1) علّة وجدها ، فسألته عن حاله ودعوت له فقال لي : يا أمّ داود! ما فعل داود ، وكنت قد أرضعته بلبنه؟ فقلت : يا سيّدي؟ وأين داود وقد فارقني منذ مدّة طويلة وهو محبوس بالعراق ، فقال : وأين أنت عن دعاء الاستفتاح ، وهو الدّعاء الّذي تفتح له أبواب السماء ، ويلقى صاحبه الإجابة من ساعته ، وليس لصاحبه عند اللّه تعالى جزاء إلاَّ الجنّة ، فقلت له : كيف ذلك يا ابن الصادقين؟

فقال لي : يا أمّ داود قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب ، وهو شهر مسموع فيه الدّعاء ، شهر اللّه الأصمّ ، فصومي الثلاثة الأيّام البيض ، وهو يوم الثالث عشر والرابع عشر ، والخامس عشر ، واغتسلي في يوم (2) الخامس عشر وقت الزوال وصلّى الزوال ثماني

ص: 241


1- 1. في ( خ ل ).
2- 2. اليوم ( خ ل ).

ركعات وفي إحدى الروايات : تحسّني (1) قنوتهنّ وركوعهنّ وسجودهن.

ثمّ صلّى الظهر وتركعين بعد الظهر ، وتقولين بعد الركعتين : يا قاضِيَ حَوائِجِ السَّائِلِينَ (2) مائة مرّة ، ثمّ تصلّين بعد ذلك ثماني ركعات - وفي رواية أخرى : تقرءين في كلّ ركعة ، يعني من نوافل العصر بعد الفاتحة ثلاث مرّات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) وسورة الكوثر مرّة - ثمّ صلّى العصر.

ولتكن صلاتك في ثوب نظيف واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يكلّمك ، وفي رواية : وإذا فرغت من العصر فالبسي اطهر ثيابك ، واجلسي في بيت نظيف على حصير نظيف ، واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يشغلك.

ثمّ استقبلي القبلة واقرئي الحمد مائة مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة وآية الكرسي عشر مرّات ، ثم اقرئي سورة الأنعام وبني إسرائيل وسورة الكهف ولقمان ويس والصّافات ، وحم السجدة وحم عسق وحم الدخان ، والفتح والواقعة وسورة الملك ون والقلم ، وإذا السّماء انشقّت وما بعدها إلى آخر القرآن ، وإن لم تحسني ذلك ولم تحسني قرائته من المصحف كرّرت ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ألف مرّة.

قال شيخنا المفيد : إذا لم تحسن قراءة السور المخصوصة في يوم النصف من رجب أو لم تطق قراءة ذلك فلتقرء الحمد مائة مرّة وآية الكرسي عشر مرّات ثمّ تقرء الإخلاص ألف مرّة.

وأقول : ورأيت في بعض الروايات ، ويحتمل أن يكون ذلك لأهل الضرورات أو من يكون على حال سفر أو في شيء من المهمات ، فيجزيه قراءة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة.

ثمّ قال الصّادق عليه السلام في إحدى الروايات : فإذا فرغت من ذلك وأنت مستقبل القبلة فقولي :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، صَدَقَ اللّهُ [ الْعَلِيُ ] (3) الْعَظِيمُ ، الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ

ص: 242


1- 1. تحسنين ( خ ل ).
2- 2. الطالبيين ( خ ل ).
3- 3. من البحار.

هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، الْحَلِيمُ (1) الْكَرِيمُ ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، الْبَصِيرُ الْخَبِيرُ ، شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، انَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الإِسْلامُ وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ الْكِرامُ ، وَأَنَا عَلى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْمَجْدُ ، وَلَكَ الْعِزُّ (2) ، وَلَكَ الْقَهْرُ ، وَلَكَ النِّعْمَةُ ، وَلَكَ الْعَظَمَةُ ، وَلَكَ الرَّحْمَةُ ، وَلَكَ الْمَهابَةُ ، وَلَكَ السُّلْطانُ ، وَلَكَ الْبَهاءُ ، وَلَكَ الامْتِنانُ ، وَلَكَ التَّسْبِيحُ ، وَلَكَ التَّقْدِيسُ ، وَلَكَ التَّهْلِيلُ ، وَلَكَ التَّكْبِيرُ ، وَلَكَ ما يُرى ، وَلَكَ ما لا يُرى ، وَلَكَ ما فَوْقَ السَّماواتِ الْعُلْى ، وَلَكَ ما تَحْتَ الثَّرى ، وَلَكَ الْأَرَضُونَ السُّفْلى ، وَلَكَ الاخِرَةُ وَالأُولى ، وَلَكَ ما تَرْضى بِهِ مِنَ الثَّناءِ وَالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ وَالنَّعْماءِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى جَبْرئِيلَ أَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ وَالْقَوِيِّ عَلى أَمْرِكَ ، وَالْمُطاعِ فِي سَماواتِكَ ، وَمَحالِّ كَراماتِكَ (3) ، النَّاصِرِ لِأَوْلِيائِكَ (4) الْمُدَمِّرِ لِأَعْدائِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مِيكائِيلَ مَلَكِ رَحْمَتِكَ وَالْمَخْلُوقِ لِرَأْفَتِكَ وَالْمُسْتَغْفِرِ الْمُعِينِ لِأَهْلِ طاعَتِكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى إِسْرافِيلَ حامِلِ (5) عَرْشِكَ ، وَصاحِبِ الصُّورِ ، الْمُنْتَظِرِ لِأَمْرِكَ وَالْوَجِلِ الْمُشْفِقِ مِنْ خِيفَتِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عِزْرائِيلَ مَلَكِ الرَّحْمَةِ (6) ، الْمُوَكَّلِ عَلى عَبِيدِكَ وَإِمائِكَ ، الْمُطِيعِ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ ، قابِضِ أَرْواحِ جَمِيعِ خَلْقِكَ (7) بِأَمْرِكَ.

ص: 243


1- 1. الحكيم ( خ ل ).
2- 2. لك الفخر ( خ ل ).
3- 3. المحتمل لكلماتك ( خ ل ).
4- 4. الناصر لانبيائك ( خ ل ).
5- 5. أحد حملة ( خ ل ).
6- 6. في البحار : ملك الموت.
7- 7. قابض أرواح عبادك ( خ ل ).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حَمَلَةِ الْعَرْشِ (1) الطَّاهِرِينَ ، وَعَلَى السَّفَرَةِ الْكِرامِ الْبَرَرَةِ الطَّيِّبِينَ ، وَعَلى مَلائِكَتِكَ الْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، وَعَلى مَلائِكَةِ الْجِنانِ وَخَزَنَةِ النيرانِ ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ وَالْأَعْوانِ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَبِينا آدَمَ بَدِيعِ فِطْرَتِكَ الَّذِي كَرَّمْتَهُ بِسُجُودِ مَلائِكَتِكَ وَأَبَحْتَهُ جَنَّتِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أُمِّنا حَوَّاءَ الْمُطَهَّرَةِ مِنَ الرِّجْسِ الْمُصَفَّاةِ مِنَ الدَّنَسِ (2) ، الْمُفَضَّلَةِ مِنَ الانْسِ ، الْمُتَرَدَّدَةِ بَيْنَ مَحالِّ الْقُدُسِ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى هابِيلَ وَشيثَ وَإِدْرِيسَ ، وَنُوحٍ وَهُودٍ وَصالِحٍ ، وَإِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ، وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَالْأَسْباطَ ، وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ ، وَأَيُّوبَ وَمُوسى وَهارُونَ ، وَيُوشَعَ وَمِيشا وَالْخِضْرَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ ، وَيُونُسَ وَإِلْياسَ ، وَالْيَسَعَ وَذِي الْكِفْلِ ، وَطالُوتَ وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ ، وَزَكَرِيّا وَشَعْيا وَيَحْيى ، وَتُورَخَ وَمَتّى وَإِرْمِيا وَحَيْقُوقَ ، وَدانِيالَ وَعُزَيْرٍ وَعِيسى وَشَمْعُونَ وَجِرْجِيسَ ، وَالْحَوارِيِّينَ وَالْأَتْباعِ وَخالِدٍ وَحَنْظَلَةٍ وَ( لُقْمانَ ) (3).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ (4) وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَوْصِياءِ وَالسُّعَداءِ وَالشُّهَداءِ وَأَئِمَّةِ الْهُدى ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَبْدالِ وَالْأَوْتادِ وَالسُّيَّاحِ وَالْعُبَّادِ وَالْمُخْلِصِينَ وَالزُّهّادِ ، وَأَهْلِ الْجِدِّ وَالاجْتِهادِ ، وَاخْصُصْ مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَأَجْزَلِ كَرامَاتِكَ ، وَبَلِّغْ رُوحَهُ وَجَسَدَهُ مِنِّي تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَزِدْهُ فَضْلاً وَشَرَفاً وَإِكْراماً (5) ، حَتّى تُبَلِّغَهُ أَعْلى دَرَجاتِ أَهْلِ الشَّرَفِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَفاضِلِ الْمُقَرَّبِينَ.

ص: 244


1- 1. حملة عرشك ( خ ل ).
2- 2. اللبس ( خ ل ).
3- 3. ليس في بعض النسخ.
4- 4. ترحمت ( خ ل ).
5- 5. كرما ( خ ل ).

اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مَنْ سَمَّيْتُ وَمَنْ لَمْ اسَمِّ ، مِنْ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ ، وَأَوْصِلْ صَلَواتِي إِلَيْهِمْ وَإِلى أَرْواحِهِمْ (1) ، وَاجْعَلْهُمْ إِخْوانِي فِيكَ وَأَعْوانِي عَلى دُعائِكَ (2) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَيْكَ ، وَبِكَرَمِكَ إِلى كَرَمِكَ ، وَبِجُودِكَ إلى جُودِكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ إلى رَحْمَتِكَ ، وَبِأَهْلِ طاعَتِكَ إِلَيْكَ.

وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَ (3) بِكُلِّ مَا سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، مِنْ مَسْأَلَةٍ شَرِيفَةٍ مَسْمُوعَةٍ غَيْرِ مَرْدُودَةٍ ، وَبِما دَعَوْكَ بِهِ مِنْ دَعْوَةٍ مُجابَةٍ غَيْرِ مُخَيَّبَةٍ.

يا اللّهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ ، يا حَلِيمُ يا كَرِيمُ يا عَظِيمُ ، يا جَلِيلُ يا مُنِيلُ ، يا جَمِيلُ يا كَفِيلُ يا وَكِيلُ يا مُقِيلُ ، يا مُجِيرُ يا خَبِيرُ ، يا مُنِيرُ يا مُبِيرُ ، يا مَنِيعُ يا مُدِيلُ يا مُجِيلُ ، يا كَبِيرُ يا قَدِيرُ ، يا بَصِيرُ يا شَكُورُ ، يا بَرُّ يا طُهْرُ ، يا طاهِرُ يا قاهِرٌ ، يا ظاهِرٌ يا باطِنٌ.

يا ساتِرُ يا مُحِيطُ ، يا مُقْتَدِرُ يا حَفِيظُ ، يا مُجِيرُ يا قَرِيبُ ، يا وَدُودُ يا حَمِيدُ يا مَجِيدُ ، يا مُبْدِئُ يا مُعِيدُ يا شَهِيدُ ، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، يا قابِضُ يا باسِطُ ، يا هادِي يا مُرْسِلُ ، يا مُرْشِدُ يا مُسَدِّدُ ، يا مُعْطِي يا مانِعُ ، يا دافِعُ يا رافِعُ.

يا باقِي يا واقِي يا خَلاّقُ يا وَهّابُ يا تَوّابُ ، يا فَتّاحُ يا نَفَّاحُ يا مُرْتاحُ يا مَنْ بِيَدِهِ كُلُّ مِفْتاحٍ ، يا نَفّاعُ يا رَؤُوفُ يا عَطُوفُ ، يا كافِي يا شافِي ، يا مُعافِي يا مُكافِئ ، يا وَفِيُّ يا مُهَيْمِنُ ، يا عَزِيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ ، يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ.

يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا نُورُ يا مُدَبِّرُ ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ يا قُدُّوسُ ، يا ناصِرُ يا مُونِسُ ، يا باعِثُ يا وارِثُ يا عالِمُ يا حاكِمُ ، يا بادِئُ (4) يا مُتَعالِي ، يا مُصَوِّرُ يا مُسَلِّمُ يا مُتَحَبِّبُ ، يا قائِمُ يا دائِمُ يا عَلِيمُ يا حَكِيمُ يا جَوادُ يا بارِئُ ، يا بارُّ يا سارُّ ، يا عَدْلُ

ص: 245


1- 1. أجسادهم ( خ ل ).
2- 2. طاعتك ( خ ل ).
3- 3. بكرامتك ( خ ل ).
4- 4. يا بارئ ( خ ل ).

يا فاضِلُ يا دَيّانُ ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ.

يا سَمِيعُ يا بَدِيعُ يا خَفِيرُ يا مُغَيِّرُ يا مُفْتِي (1) يا ناشِرُ يا غافِرُ يا قَدِيمُ (2) ، يا مُسَهِّلُ يا مُيَسِّرُ ، يا مُمِيتُ يا مُحْيِي ، يا رافِعُ (3) يا رازِقُ يا مُقْتَدِرُ ، يا مُسَبِّبُ يا مُغِيثُ ، يا مُغْنِي يا مُقْنِي ، يا خالِقُ يا راصِدُ يا واحِدُ يا حاضِرُ يا جابِرُ يا حافِظُ (4) ، يا شَدِيدُ يا غِياثُ يا عائِذُ يا قابِضُ.

وفي بعض الرّوايات : يا مُنِيبُ يا مُبِينُ يا طاهِرُ (5) يا مُجِيبُ يا مُتَفَضِّلُ يا مُسْتَجِيبُ ، يا عادِلُ يا بَصِيرُ ، يا مُؤَمَّلُ يا مُسَدِّدُ (6) ، يا أَوّابُ يا وافِي ، يا راشِدُ يا مَلِكُ يا رَبُّ ، يا مُعِزُّ يا مُذِلُّ ، يا ماجِدُ يا رازِقُ ، يا وَلِيُّ يا فاضِلُ يا سُبْحانُ.

يا مَنْ عَلى فَاسْتَعْلى ، فَكانَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، يا مَنْ قَرُبَ فَدَنا ، وَبَعُدَ فَنَأى ، وَعَلِمَ السِّرَّ وَأَخْفى ، يا مَنْ إِلَيْهِ التَّدْبِيرُ وَلَهُ الْمَقادِيرُ ، يا مَنِ الْعَسِيرُ عَلَيْهِ سَهْلٌ يَسِيرٌ ، يا مَنْ هُوَ عَلى ما يَشاءُ قَدِيرٌ.

يا مُرْسِلَ الرِّياحِ ، يا فالِقَ الإِصْباحِ ، يا باعِثَ الْأَرْواحِ ، يا ذَا الْجُودِ وَالسِّماحِ يا رادَّ ما قَدْ فاتَ ، يا ناشِرَ الْأَمْواتِ ، يا جامِعَ الشَّتاتِ ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ (7) وَفاعِلَ ما يَشاءُ كَيْفَ يَشاءُ (8) وَيا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، يا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ ، يا حَيُّ يا مُحْيِيَ الْمَوْتى ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.

يا إِلهِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَرَحِمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ

ص: 246


1- 1. يا مغني ( خ ل ).
2- 2. يا كريم ( خ ل ).
3- 3. يا نافع ( خ ل ).
4- 4. يا حفيظ ( خ ل ).
5- 5. يا ظاهر ( خ ل ).
6- 6. يا رازق من يشاء بغير حساب.
7- 7. كيف ما يشاء ( خ ل ).
8- 8. وترحمت ( خ ل ).

إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَارْحَمْ ذُلِّي وَفاقَتِي وَفَقْرِي ، وَانْفِرادِي وَوَحْدَتِي ، وَخُضُوعِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَاعْتِمادِي عَلَيْكَ وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ.

أَدْعُوكَ دُعاءَ الْخاضِعِ ، الذَّلِيلِ الْخاشِعِ ، الْخائِفِ الْمُشْفِقِ ، الْبائِسِ الْمَهِينِ الْحَقِيرِ ، الْجائِعِ الْفَقِيرِ ، الْعائِذِ الْمُسْتَجِيرِ ، الْمُقِرِّ بِذَنْبِهِ ، الْمُسْتَغْفِرِ مِنْهُ ، الْمُسْتَكِينِ لِرَبِّهِ ، دُعاءَ مَنْ أَسْلَمَتْهُ ثِقَتُهُ ، وَرَفَضَتْهُ أَحِبَّتُهُ ، وَعَظُمَتْ فُجْعَتُهُ ، دُعاءَ حَرِقٍ حَزِينٍ ضَعِيفٍ مَهِينٍ ، بائِسٍ مِسْكِينٍ (1) ، بِكَ مُسْتَجِيرٍ.

اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِيكٌ وَأَنَّكَ ما تَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ (2) ، وَأَنَّكَ عَلى ما تَشاءُ قَدِيرٌ ، وَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ هذَا الشَّهْرِ الْحَرامِ ، وَالْبَيْتِ الْحَرامِ وَالْبَلَدِ الْحَرامِ وَالرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، وَالْمَشاعِرِ الْعِظامِ ، وَبِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ.

يا مَنْ وَهَبَ لادَمَ شيثَ ، وَلِابْراهِيمَ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ، وَيا مَنْ رَدَّ يُوسُفَ عَلى يَعْقُوبَ ، وَيا مَنْ كَشَفَ بَعْدَ الْبَلاءِ ضُرَّ أَيُّوبَ ، وَيا رادَّ مُوسى عَلى امِّهِ ، وَزائِدَ الْخِضْرِ فِي عِلْمِهِ ، وَيا مَنْ وَهَبَ لِداوُدَ سُلَيْمانَ ، وَلِزَكَرِيّا يَحْيى ، وَلِمَرْيَمَ عِيسى ، يا حافِظَ بِنْتِ شُعَيْبٍ ، وَيا كافِلَ وَلَدِ أُمِّ مُوسى عَنْ والِدَتِهِ.

أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي كُلَّها ، وَتُجِيرَنِي مِنْ عَذابِكَ ، وَتُوجِبَ لِي رِضْوانَكَ وَأَمانَكَ وَإِحْسانَكَ وَغُفْرانَكَ وَجِنانَكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَفُكَّ عَنِّي كُلِّ حَلْقَةِ ضِيقٍ (3) بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ يُؤْذِينِي ، وَتَفْتَحَ لِي كُلَّ بابٍ ، وَتُلَيِّنَ لِي كُلَّ صَعْبٍ ، وَتُسَهِّلَ لِي كُلِّ عَسِيرٍ ، وَتَخْرُسَ عَنِّي كُلَّ ناطِقٍ بِشَرٍّ (4) ، وَتَكُفَّ عَنِّي كُلِّ باغٍ وَتَكْبِتَ عَنِّي (5) كُلَّ عَدُوٍّ لِي وَحاسِدٍ ، وَتَمْنَعَ عَنِّي كُلَّ ظالِمٍ ، وَتَكْفِيَنِي كُلَّ عائِقٍ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ وَلَدِي (6)

ص: 247


1- 1. مستكين ( خ ل ).
2- 2. يكن ( خ ل ).
3- 3. حلقة وضيق ( خ ل ).
4- 4. بسوء ( خ ل ).
5- 5. لي ( خ ل ).
6- 6. وحاجتي وإخواني من المؤمنين والمؤمنات ووالدي ( خ ل ).

وَيُحاوِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ طاعَتِكَ ، وَيُثَبِّطَنِي عَنْ عِبادَتِكَ.

يا مَنْ أَلْجَمَ الْجِنَّ الْمُتَمَرِّدِينَ ، وَقَهَرَ عُتاةَ الشَّياطِينَ ، وَأَذَلَّ رِقابَ الْمُتَجَبِّرِينَ ، وَرَدَّ كَيْدَ الْمُتَسَلِّطِينَ عَنِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ عَلى ما تَشاءُ وَتَسْهِيلِكَ لِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ أَنْ تَجْعَلَ (1) قَضاءَ حاجَتِي فِيما تَشاءُ.

ثمّ اسجدي على الأرض وعفّري خديك وقولي : « اللّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ ، فَارْحَمْ ذُلِّي وَفاقَتِي وَاجْتِهادِي وَتَضَرُّعِي وَمَسْكَنَتِي وَفَقْرِي إِلَيْكَ يا رَبِّ ».

واجتهدي أن تسحّ (2) عيناك ولو بقدر رأس الذّبابة دموعاً ، فانّ ذلك علامة الإجابة (3).

أقول : هذه سجدة إحدى الرّوايات ، وإذا كان موضع الإجابة ، وهو في محلّ السّجود ، فينبغي أن يستظهر في بلوغ المقصود ، بذكر ما رأيناه أو رويناه من اختلاف القول في سجدة هذه الدّعوات.

رواية أخرى في سجدة دعاء أمّ داود ، ما هذا لفظها : ثمّ اسجدي على الأرض وعفّري خدّيك وقولي : « اللّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ ، فَارْحَمْ ذُلِّي وَكَبْوَتِي لِحَرِّ وَجْهِي (4) ، وَفَقْرِي (5) وَفاقَتِي » ، واجتهدي في الدّعاء أن تسحّ عيناك ولو قدر رأس الإبرة فإنّ ذلك علامة الإجابة إن شاء اللّه.

رواية أخرى في سجدة هذا الدّعاء ما هذا لفظه : ثمّ اسجدي على الأرض وعفّري خدّيك وقولي :

« اللّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ فَارْحَمْ ذُلِّي وَخُضُوعِي بَيْنَ يَدَيْكَ ،

ص: 248


1- 1. تعجل ( خ ل ).
2- 2. سح الماء : سال.
3- 3. من علامات الإجابة ( خ ل ).
4- 4. حر الوجه : ما أقبل عليك وبدا لك.
5- 5. تفرّدي وفقري ( خ ل ).

وَفَقْرِي وَفاقَتِي إِلَيْكَ ، وَارْحَمْ انْفِرادِي وَخُشُوعِي وَاجْتِهادِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَتَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، اللّهُمَّ بِكَ أَسْتَفْتِحُ وَبِكَ أَسْتَنْجِعُ وَبِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ (1) أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ.

اللّهُمَّ سَهِّلْ لِي كُلَّ حُزُونَةٍ (2) ، وَذَلِّلْ لِي كُلَّ صُعُوبَةٍ ، وَأَعْطِنِي مِنَ الْخَيْرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَرْجُو وَعافِنِي مِنَ الشَّرِّ ، وَاصْرِفْ عَنِّي السُّوءَ.

ثمّ قولي مائة مرّة : يا قاضِيَ حَوائِجِ الطَّالِبِينَ ، اقْضِ حاجَتِي بِلُطْفِكَ يا خَفِي الْأَلْطافِ ».

قال جعفر الصّادق عليه السلام : واجتهدي أن تسحّ عيناك ولو مقدار رأس الإبرة (3) دموعاً ، فإنّه علامة إجابة هذا الدّعاء بحرقة القلب وانسكاب العبرة ، واحتفظي بما علّمتك.

رواية أخرى في سجدة هذا الدّعاء ما هذا لفظها : ثمّ اسجدي على الأرض وعفّري خديك ثمّ قولي في سجودك :

« اللّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَلَكَ صَلَّيْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَارْحَمْ ذُلِّي وَفاقَتِي وَخُضُوعِي وَانْفِرادِي وَمَسْكَنَتِي وَفَقْرِي وَكَبْوَتِي لِوَجْهِكَ وَإِلَيْكَ يا رَبِّ يا رَبِّ ».

واجتهدي أن تسحّ عيناك ولو بقدر رأس ذباب دموعاً ، فإنّ آية الإجابة لهذا الدّعاء حرقة القلب وانسكاب العبرة ، واحفظي ما علّمتك واحذري أن تعلّميه من يدعو به الباطل ، فانّ فيه اسم اللّه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطي ، فلو أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقاً والبحار من دونهما كان ذلك عند اللّه دون حاجتك لسهّل اللّه تعالى الوصول إلى ذلك ، ولو أنَّ الجنّ والإنس أعداؤك لكفاك اللّه مئونتهم وذلّل (4) رقابهم.

ص: 249


1- 1. وآله ( خ ل ).
2- 2. حزونتي ( خ ل ).
3- 3. ذبابة ( خ ل ).
4- 4. ذلل اللّه ( خ ل ).

أقول : فإذا علمت ما ذكرنا من هذا الاحتياطات للعبادات والاستظهار في الرّوايات والسّجدات ، ولم يسمح عقلك بالخضوع ولا قلبك بالخشوع ، ولا عينك بالدّموع ، فاشتغل بالبكاء على قساوة قلبك ، وغفلتك عن ربّك وما أحاط بك من ذنبك ، عن الطمع في قضاء حاجتك الّتي ذكرتها في دعواتك ، وبادر رحمك اللّه إلى معالجة دائك وتحصيل شفائك ، فأنت مدنف المرض على شفاء وتب من كلّ ذنب ، واطلب العفو ممّن عوّدك أنّك إذا طلبت العفو منه عفى.

أقول : ونحن نذكر تمام رواية جدنا أمّ داود رضوان اللّه عليهما ليعلم كيفيّة تفصيل إحسان اللّه جلّ جلاله إليهما ، فلا تقنع لنفسك أن تكون معاملتك لله جلّ جلاله وإخلاصك له واختصاصك به والتوصّل في الظّفر برحمته وإجابته دون امرأة ، والنّساء رعايا للعقلاء ، والرّجال قوّامون على النساء ، وقبيح بالرئيس أن يكون دون واحد من رعيّته.

فقالت أمّ جدّنا داود رضوان اللّه عليه : فكتبت هذا الدّعاء وانصرفت ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به - تعني الصّادق عليه السلام - ثمّ رقدت تلك اللّيلة ، فلما كان في آخر اللّيل رأيت محمّداً صلى اللّه عليه وآله وكلّ من صلّيت عليهم من الملائكة والنّبيّين ، ومحمّد صلى اللّه عليه وآله وعليهم يقول (1) : يا أمّ داود أبشري وكلّ من ترين من إخوانك - وفي رواية أخرى : من أعوانك وإخوانك وكلّهم يشفعون لك ، ويبشّرونك بنجح حاجتك وأبشري فإنّ اللّه تعالى حفظك ويحفظ ولدك ويردّه عليك.

قالت : فانتبهت فما لبثت إلاّ قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجدّ المسرع العجل ، حتّى قدم عليّ داود ، فسألته عن حاله فقال : إِنّي كنت محبوسا في أضيق حبس وأثقل حديد - وفي رواية : وأثقل قيد - إلى يوم النّصف من رجب.

فلمّا كان اللّيل رأيت في منامي كأنّ الأرض قد قبضت لي ، فرأيتك على حصير صلاتك ، وحولك رجال رءوسهم في السّماء ، وأرجلهم في الأرض يسبّحون اللّه تعالى

ص: 250


1- 1. يقولون ( خ ل ).

حولك ، فقال لي قائل منهم حسن الوجه ، نظيف الثوب ، طيّب الرائحة خلت جدّي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أبشر يا بن العجوزة الصّالحة ، فقد استجاب اللّه لأمّك فيك دعاءها.

فانتبهت ورسل المنصور على الباب ، فأدخلت عليه في جوف اللّيل فأمر بفكّ الحديد عنّي والإحسان إليّ وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، وحملت على نجيب وسوّقت بأشدّ السير وأسرعه ، حتّى دخلت المدينة ، قالت أمّ داود : فمضيت به إلى أبي عبد اللّه (1) عليه السلام ، فقال عليه السلام : إِنَّ المنصور رأى أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام في المنام يقول له : أطلق ولدي وإلاّ ألقيتك في النّار ، ورأى كأنّ تحت قدميه النّار ، فاستيقظ وقد سقط في يديه فأطلقك يا داود.

قالت أمّ داود : فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يا سيّدي أيدعى بهذا الدّعاء في غير رجب؟ قال : نعم ، يوم عرفة ، وإن وافق ذلك يوم الجمعة لم يفرغ صاحبه منه حتّى يغفر اللّه له ، وفي كلِّ شهر إذا أراد ذلك صام الأيّام البيض ودعا به في آخرها كما وصفت.

وفي روايتين : قال : نعم في يوم عرفة ، وفي كلّ يوم دعا ، فانّ اللّه يجيب إن شاء اللّه تعالى (2).

فصل (66): فيما نذكره ممّا اشتمل عليه دعاء أمّ داود شرّفها اللّه بالعنايات من الآيات الظاهرات

اعلم انّ هذه الحكاية المشهورة والضّراعة المبرورة قد اشتملت على عدّة آيات ومعجزات وكرامات وعنايات :

فمن الآيات : ما ظهر من سرعة الإجابة على بساط الإنابة ، فهو في حكم الآية الباهرة لقدرة اللّه جلّ جلاله القاهرة والمعجزة لمحمد صلى اللّه عليه وآله وتصديق رسالته

ص: 251


1- 1. الصادق ( خ ل ).
2- 2. عنه بطوله البحار 98 : 397 - 406 عنه بعضه البحار 47 307 - 308 ، نقله في البحار 97 : 42 - 47 عن فضائل الأشهر الثلاثة : 27 ، نقل دعاء أم داود مصباح الشيخ 2 : 807.

الطاهرة.

ومن المعجزات : أن سرعة إجابتها على مراها من حاجتها (1) فيه تصديق للقرآن الشريف بإجابة الداعي إذا دعاه وتصديق رسول اللّه (2) صلوات اللّه عليه وآله الّذي أتى به القرآن ودعاه (3) ورعاه.

ومن المعجزات : تعريف الصادق عن اللّه جلّ جلاله بأسرار الدعاء المشار إليه قبل إظهار إسراره وتصديق اللّه جلّ جلاله بما تفضّل به سبحانه من مبارّه ومسارّه.

ومن العنايات بجدّنا داود وأمّه جدّتنا رضوان اللّه جلّ جلاله عليهما وظهور توفيقهما والعناية بنا بطريقهما ، تعريف جدنا داود وهو بالعراق جواب دعاء والدته بالمدينة الشريفة في سرعة تلك الأوقات اللطيفة.

ومن العنايات بها : انّ هذا السرّ الإلهي المودع في هذا الاستفتاح كان مصونا عند أهل الفلاح ، حتّى وجد مولانا الصادق عليه السلام وأودّعه أمّنا أمّ داود رضوان اللّه عليها وعليه ، ووجدها أهلاً لا يذاع هذا السرّ لصدرها وبرهاناً على رفع قدرها وآية في صلاح أمرها وجبر كسرها.

ومن العنايات بها : انّ اللّه جلّ جلاله جعل جدّتنا أمّ داود أهلاً أن يظهر آياته على يديها وينسب معجزات رسوله (4) صلى اللّه عليه وآله إليها.

ومن العنايات بها : ان أمّ موسى عليه السلام خصّها اللّه جلّ جلاله بالوحي إليها ووقفها من سلامة ولدها والشفقة عليه وعليها ، وقال جلّ جلاله ( إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها ) (5) ، وما كانت لما ألقته في البحر قد علمت انّه حصل ولدها في يد الأعداء بل في وديعة ربها ، وأمّ داود لم تكن ممّن يحصل لها الانس بالوحي إليها ولا الثّقة

ص: 252


1- 1. حاجاتها ( خ ل ).
2- 2. رسوله ( خ ل ).
3- 3. وعاء ( خ ل ).
4- 4. رسول اللّه ( خ ل ).
5- 5. القصص : 10.

بسلامة ولدها وإعادته عليها ، وربط اللّه جلّ جلاله على قلبها عند ظفر الأعداء بولدها وهو واحدها وقطعة كبدها.

أقول : وأمّ موسى عليه السلام أفضل من أمّ داود في غير هذه العنايات وأبلغ في السعادات لتخصيص اللّه جلّ جلاله بالوحي إليها ولقبولها وإلقاء ولدها إلى هول البحر بيديها ، ولأجل ولادتها لموسى عليه السلام العظيم الشّأن وصيانتها لاسرار اللّه تعالى في السّرّ والإعلان.

ومن العنايات بها : انّها لم يتشبّث (1) في تخليص ولدها العزيز عليها بأهل الدنيا المعظمين ، ولا بالذّلّ للملوك والسلاطين ، وقنعت باللّه ربّ العالمين.

ومن العنايات بولدها وبها : قول مولانا علي عليه السلام عن جدّنا داود في المنام انّه ولده.

ومن العنايات به وبها : انّه قد كان مع جدّنا داود جماعة في الحبس من قومه صالحين فاختصّه بهذه (2) الشّفاعة من دونهم أجمعين.

ومن العنايات بها : قول النبي صلى اللّه عليه وآله لولدها : يا بن العجوزة الصالحة ، وهذه شهادة منه صلوات اللّه عليه لها بالصلاح وسعادة صريحة واضحة راجحة ، وما قال عليه السلام بعد وفاته فهو كما قال في حياته ومن العنايات بها : ما رآها في المنام عقيب الدعاء بغير إهمال من صورة الملائكة والأنبياء والأولياء ومن بشّرها منهم بإجابة الدعاء والابتهال على وجه ما عرفت انّه جرى لغيرها مثله عند مثل تلك الحال.

ومن العنايات بها : انّ ابتداء ظهور هذه السنة الحسنة بطريقها يقتضي انّ كلّ من عمل بها وسلك سبيل توفيقها ثواب عمله في ميزانها ورافعاً عن (3) علوّ شأنها.

ومن العنايات بها : انّ كلّ حاجة انقضت بهذه الدعوات مع استمرار الأوقات ،

ص: 253


1- 1. يتسبّب ( خ ل ).
2- 2. فاختص ( خ ل ).
3- 3. من ( خ ل ).

فإنّها من جملة الآيات لله جلّ جلاله والمعجزات لرسوله صلوات اللّه عليه والكرامات للصادقين عليهم أفضل الصلوات ، فنور هذه المنيعة باق مع بقاء العاملين بها والموفقين لها.

ومن العنايات بها : انّه قد ظهر أدعية وسنن مأثورة على يد أمم كثيرة وذوي همم صغيرة وكبيرة ، ومع ذلك فلم يستمرّ الاهتمام بالعمل بها والقبول لها كما استمرّ العمل بهذا الدعاء على اختلاف الأوقات إلى هذه الغايات.

ومن العنايات بها : ان الملوك الّذين أطفئوا أَنواراً كثيرة من الأسرار والأخيار (1) ، لم يمكنهم اللّه جلّ جلاله من إطفاء أسرار هذا الدعاء ووفّق له من ينقله ويعمل به ولا يخاف كثرة الأعداء.

وروي ان يوم خامس عشر من رجب ، خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من الشعب ، وانّ يوم خامس عشر من رجب عقد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لمولانا علي عليه السلام على مولاتنا فاطمة الزهراء عليه وعليهم السلام عقد النكاح باذن اللّه جلّ جلاله.

وفي هذا اليوم حوّلت القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة والنّاس في صلاة العصر إلى البيت الحرام.

فصل (67): فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من رجب

وجدناه في مواطن كثيرة التوفيق والترغيب في طاعة المالك الشفيق ، مرويّاً عن النّبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السادسة عشر من شهر رجب ثلاثين ركعة بالحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيداً ويجيء يوم القيامة ونوره يضيء لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة ، وأعطاه اللّه براءة من النار

ص: 254


1- 1. سبل الأخيار ( خ ل ).

وبراءة عن النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (1).

فصل (68): فيما نذكره من فضل صوم ستّة عشر يوماً من شهر رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب ستّة عشر يوما كان في أَوائل من يركب على دوابّ من نور تطير بهم في عرضة الجنان إلى دار الرحمن (2).

فصل (69): فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من رجب

وجدناه في طرق المراحم وموافق المكارم ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيداً ويجيء يوم القيامة ونوره يضيء لأهل الجمع كما بين مكّة والمدينة ، وأعطاه اللّه براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (3).

فصل (70): فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي اللّه عنه في أماليه وثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ص: 255


1- 1. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
2- 2. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 29.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

ومن صام من رجب سبعة عشر يوما وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتى يمرّ على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان تشيّعه الملائكة بالترحيب والتسليم (1).

فصل (71): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثامنة عشر من رجب

وجدناه على طبق الضيافة وموائد الرحمة والرّأفة ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الثامنة عشر من رجب ركعتين بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والفلق والناس عشراً عشراً ، فإذا فرغ من صلاته قال اللّه لملائكته : لو كانت ذنوب هذا أكثر من ذنوب العشّارين لغفرتها له بهذه الصلاة ، وجعل اللّه بينه وبين النار ستّة خنادق ، بين كلّ خندق مثل ما بين السماء والأرض (2).

فصل (72): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب ثمانية عشر يوماً ، زاحم إبراهيم الخليل عليه السلام في قبّته في قبّة (3) الخلد على سرر الدرّ والياقوت (4).

ص: 256


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 431 ، عنهما البحار 97 : 29.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
3- 3. جنة ( خ ل ).
4- 4. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.

فصل (73): فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من رجب

وجدنا ذلك في مذخور أوراق السرور ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله انه قال : ومن صلّى في الليلة التاسعة عشر من رجب اربع ركعات بالحمد مرة وآية الكرسي خمس عشرة مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمس عشرة مرة ، أعطاه اللّه من الثواب مثل ما أعطى موسى عليه السلام وكان له بكل حرف ثواب شهيد ، ويبعث اللّه سبحانه إليه مع الملائكة ثلاث بشارات : الأولى لا يفضحه في الموقف ، الثّانية لا يحاسبه ، والثّالثة ادخل الجنّة بغير حساب ، وإذا وقف بين يدي اللّه تعالى يسلّم اللّه تعالى عليه ويقول له :

يا عبدي لا تخف ولا تحزن فانّي عنك راض والجنّة لك مباحة (1).

فصل (74): فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي اللّه عنه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب تسعة عشر يوماً بني اللّه عزّ وجلّ له قصراً من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم عليهما السلام في جنّة عدن يسلّم عليهما ويسلّمان عليه ، تكرمة لها وإيجاباً لحقّه ، وكتب له بكلّ يوم يصوم منه كصيام ألف عام (2).

فصل (75): فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من رجب

وجدناه في صدف جواهر اليوم الآخر ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ص: 257


1- 1. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
2- 2. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.

ومن صلّى ليلة العشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وخمس مرات ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، يعطيه اللّه ثواب إبراهيم وموسى ويحيى وعيسى عليهم السلام ، ومن صلّى هذه الصلاة لا يصيبه شيء من الجنّ والإنس وينظر اللّه إليه بعين رحمته (1).

فصل (76): فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنّما عبد اللّه عشرين ألف عام (2).

فصل (77): فيما نذكره من عمل اللّيلة الحادية والعشرين من رجب

وجدناه في شجر ثمر الإقبال بالأعمال مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الحادية والعشرين من رجب ستّ ركعات بالحمد مرة وسورة الكوثر عشر مرات و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، يأمر اللّه الملائكة الكرام الكاتبين الاّ يكتبوا عليه سيئة إلى سنة ، ويكتبون له الحسنات إلى ان يحول عليه الحول ، والذي نفسي بيده والذي بعثني بالحقّ نبيّا انّ من يحبّني ويحبّ اللّه فصلّى بهذه الصلاة ، وان كان يعجز عن القيام فيصلّي قاعدا فانّ اللّه يباهي به ملائكته ويقول : انّي قد غفرت له (3).

فصل (78): فيما نذكره من فضل صوم أحد وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب

ص: 258


1- 1. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
2- 2. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ومن صام من رجب أحد وعشرين يوما شفّعه اللّه يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر ، كلّهم من أهل الخطايا والذنوب (1).

فصل (79): فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من رجب

وجدناه في كتب فتح الأبواب إلى دار الثواب مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى الليلة الثانية والعشرين من رجب ثماني ركعات بالحمد مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) سبع مرات ، فإذا فرغ من الصلاة صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله عشر مرات واستغفر اللّه عزّ وجلّ عشر مرات ، فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتّى يرى مكانه من الجنّة ، ويكون موته على الإسلام ويكون له أجر سبعين نبيّا (2).

فصل (80): فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادى مناد من السماء : أبشر يا وليّ اللّه من اللّه بالكرامة العظيمة ومرافقة الّذين أنعم اللّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (3).

ص: 259


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.
3- 3. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.

فصل (81)

فيما نذكره من فضل اليوم الثاني والعشرين من رجب وتأكيد صيامه

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب حدائق الرياض ، فقال عند ذكر رجب ما هذا لفظه :

اليوم الثاني والعشرون منه سنة ستّين من الهجرة أهلك اللّه أحد فراعنة هذه الأمّة معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة ، فيستحبّ صيامه شكرا لله على هلاكه.

فصل (82)

فيما نذكره من عمل اللّيلة الثالثة والعشرين من رجب

وجدناه في مناهل الجود الدّالة على مالك الوجود ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ومن صلّى في الليلة الثالثة والعشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وسورة والضّحى خمس مرّات ، أعطاه اللّه بكل حرف وبكل كافر وكافرة درجة في الجنّة وأعطاه اللّه ثواب سبعين حجّة وثواب من شيّع ألف جنازة وثواب من عاد ألف مريض وثواب من قضى ألف حاجة لمسلم (1).

فصل (83)

فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء : طوبى لك يا عبد اللّه

ص: 260


1- 1. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

نصبت قليلا ونعّمت طويلا ، طوبى لك إذا كشف الغطاء عنك وأفضيت إلى جسيم ثواب ربّك الكريم وجاورت الجليل في دار السلام (1).

فصل (84): فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من رجب

وجدناه في شرائع المسارّ وبضائع دار القرار ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الرابعة والعشرين من رجب أربعين ركعة بالحمد مرة و ( آمَنَ الرَّسُولُ ) مرة وسورة الإخلاص مرة كتب اللّه تعالى له ألف حسنة ومحي عنه ألف سيّئة ورفع ألف درجة وينزل من السماء ألف ملك رافعي أيديهم يصلّون عليه ويرزقه اللّه تعالى السلامة في الدنيا والآخرة وكأنّما أدرك ليلة القدر (2).

فصل (85): فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما ، فإذا نزل به ملك الموت عليه السلام يرى له في صورة شابّ أمرد ، عليه حلّة من ديباج أخضر على فرس من خيل الجنان وبيده حرير أخضر ممسّك بالمسك الأذفر ، وبيده قدح من ذهب مملوّ من شراب الجنان فسقاه إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت ، ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة ، فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل السماوات السبع فيظلّ في قبره ريّان ، ويبعث ريّان حتّى

ص: 261


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

يرد حوض النبي صلى اللّه عليه وآله (1).

وروي ان يوم الرابع والعشرين من رجب كان فتح خبير على يد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.

فصل (86): فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من رجب

وجدناه في سفر المسير إلى دار الرضا وخلع العفو عمّا مضى ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الخامسة والعشرين من رجب عشرين ركعة بين المغرب والعشاء الآخرة بالحمد مرة و ( آمَنَ الرَّسُولُ ) مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة ، حفظه اللّه في نفسه وأهله ودينه وماله ودنياه وآخرته ولا يقوم من مقامه حتّى يغفر له (2).

فصل (87): فيما نذكره من الرواية انّ يوم مبعث النّبيّ صلى اللّه عليه وآله كان يوم الخامس والعشرين من رجب والتأويل لذلك على وجه الأدب

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه أسعده اللّه جلّ جلاله بأمانة ، فيما ذكره في كتاب المقنع من نسخة نقلت في زمانه فقال ما هذا لفظه :

وفي خمسة وعشرين من رجب بعث اللّه محمداً صلى اللّه عليه وآله ، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة مائتي سنة.

أقول : و

ذكر مصنّف كتاب دستور المذكورين عن مولانا علي عليه السلام انه قال : من صام يوم خمس وعشرين من رجب كان كفّارة مائتي سنة ، وفيه بعث محمد صلّى

ص: 262


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 29.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

اللّه عليه وآله.

وروي أيضاً أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد ، وعندنا به نسخة عليها خطّ الفقيه قريش بن اليسع مهنّا العلوي في باب صوم رجب ما هذا لفظه : وقال محمد بن أحمد بن يحيى في جامعه : وجدت في كتاب - ولم أروه - انّ في خمسة وعشرين من رجب بعث اللّه محمداً صلى اللّه عليه وآله ، فمن صام ذلك اليوم كان له كفّارة مائتي سنة.

واعلم انّي وجدت من أدركته من العلماء عاملين انّ يوم مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله يوم سابع وعشرين من رجب غير مختلفين في تحقيق هذا اليوم وإقباله ، وانّما هذا الشيخ محمد بن بابويه رضي اللّه عنه قوله معتمد عليه.

فلعلّ تأويل الجمع بين الروايات ان يكون بشارة اللّه جلّ جلاله للنبي صلى اللّه عليه وآله انّه يبعث رسولاً في يوم سابع عشرين ، كانت البشارة بذلك يوم الخامس والعشرين من رجب ، فيكون يوم الخامس والعشرين أوّل وقت البشارة بالبعثة له من رب العالمين.

وممّا ينبّه على هذا التأويل تفضيل ثواب يوم الخامس والعشرين على اليوم السابع والعشرين ، وقد قدمنا رواية ابن بابويه ، وذكر جدّي أبو جعفر الطوسي قدس اللّه سرّه :

ان من صام يوم الخامس والعشرين من رجب كان كفّارة مائتي سنة (1).

فصل (88): فيما نذكره من فضل صوم اليوم الخامس والعشرين من رجب ، غير ما بيّناه

رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الشيخ الثقة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي رضوان اللّه عليه عن مولانا الرضا عليه السلام قال : من صام خمساً وعشرين يوماً من رجب جعل اللّه صومه ذلك اليوم كفّارة سبعين سنة.

ص: 263


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 820.

أقول : فلا بدّ ان يكون تعظيم صوم هذا اليوم الخامس والعشرين ، دالاّ على انّه معظّم عند ربّ العالمين وسيّد المرسلين.

فصل (89): فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من رجب ، غير ما أوضحناه

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمة اللّه عليه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فيما رواه عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنّه إذا خرج من قبره تلقّاه سبعون ألف ملك ، بيد كلّ ملك منهم لواء من درّ وياقوت ومعهم طرائف الحلي والحلل ، فيقولون :

يا ولي اللّه النجاة إلى ربّك ، فهو من أول الناس دخولا في جنّات عدن مع المقرّبين الذين رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ذلك هو الفوز العظيم (1).

فصل (90): فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من رجب

وجدناه في طرق التشريف بالتكليف مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السادسة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد وأربعين مرة - وفي رواية أربع مرات - ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، صافحته الملائكة ، ومن صافحته الملائكة أمن من الوقوف على الصراط والحساب والميزان ، ويبعث اللّه إليه سبعين ملكا يستغفرون له ويكتبون ثوابه ويهلّلون لصاحبه ، وكلّما تحرك عن مكانه يقولون : اللّهم اغفر لهذا العبد ، حتى يصبح (2).

ص: 264


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 30.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

فصل (91): فيما نذكره من فضل صوم اليوم السادس والعشرين من رجب

روى ذلك الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال : ومن صام يوم السادس والعشرين من رجب جعل اللّه صومه ذلك اليوم كفارة ثمانين سنة.

فصل (92): فيما نذكره من فضل صوم ستّة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمه اللّه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب ستّة وعشرين يوما بني اللّه عزّ وجلّ له في ظلّ عرشه مائة قصر من درّ وياقوت ، على رأس كلّ قصر خيمة حمراء من حرير الجنان ، يسكنها ناعماً والناس في الحساب (1).

فصل (93): فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب

اعلم ان من أفضل الأعمال فيها زيارة مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام فيزار فيها زيارة رجب أو بغيرها ممّا أشرنا إليه ومن عمل هذه اللّيلة ممّا رويناه عن الثقات في عدة روايات :

منها : ما رواه محمد بن علي الطرازي فقال في كتابه ما هذا لفظه : عدّة من أصحابنا

ص: 265


1- 1. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 30.

قالوا : حدثنا القاضي عبد الباقي بن قانع بن مروان ، قال ، حدثني مروان ، قال : حدثني محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا محمد بن عفير العنبيّ ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

وحدثنا أبو المفضّل محمد بن عبد اللّه رحمه اللّه إملاءً ببغداد ، قال : حدثنا جعفر بن علي بن سهل بن فروخ أبو الفضل الدقاق ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زكريا الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عن محمد بن عفير الضّبيّ ، عمن حدثه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

وأخبرنا محمد بن وهبان ، قال : حدّثنا محمد بن عفير الضبي ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قال : انّ في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين منه ، نبّئ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في صبيحتها ، وانّ للعامل فيها أصلحك اللّه من شيعتنا مثل أجر عمل ستّين سنة ، قيل : وما العمل فيها؟ قال : إذا صلّيت العشاء الآخرة وأخذت مضجعك ثم استيقظت أيّ ساعة من ساعات الليل كانت قبل زواله أو بعده ، صلّيت اثني عشر ركعة باثنتي عشر سورة من خفاف المفصّل من بعد يس إلى الحمد.

فإذا فرغت بعد كلّ شفع جلست بعد التسليم وقرأت الحمد سبعاً ، والمعوذتين سبعاً ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) سبعاً ، و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) سبعاً ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) سبعا ، وآية الكرسي سبعا ، وقلت بعد ذلك من الدعاء :

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ) صاحِبَةً وَلا ( وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) ، اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ عَلى أَرْكانِ عَرْشِكَ وَمُنْتَهى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ ، وَبِاسْمِكَ الاعْظَمِ الاعْظَمِ الاعْظَمِ ، وَبِذِكْرِكَ الأَعْلى الأَعْلى الأَعْلى ، وَبِكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ الَّتِي تَمَّتْ صِدْقاً وَعَدْلاً انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَفْعَلَ بِي ما انْتَ اهْلُهُ.

وادع بما شئت (1) فإنك لا تدعو بشيء إلاّ أجبت ، ما لم تدع بمأثم أو قطيعة رحم أو

ص: 266


1- 1. أحببت ( خ ل ).

هلاك قوم مؤمنين وتصبح صائما وانه يستحبّ لك صومه فإنه يعادل صوم سنة (1).

فصل (94): فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة سبع وعشرين من رجب

رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه السلام انّه قال : صلّ ليلة سبع وعشرين من رجب أيّ وقت شئت من الليل اثنتي عشر ركعة ، وتقرء في كلّ ركعة الحمد والمعوذتين و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) أربع مرات ، فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك اربع مرات : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحانَ اللّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، ثم ادع بما شئت (2). (3)

فصل (95): فيما نذكره أيضا من صلاة أخرى ليلة سبع وعشرين من رجب

وجدناها في مواطن الاجتهاد في الظفر بسعادة المعاد ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى في الليلة السابعة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ ) عشر مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النّبيّ صلى اللّه عليه وآله مائة مرة ، واستغفر اللّه تعالى مائة مرة ، كتب اللّه سبحانه وتعالى له ثواب عبادة الملائكة (4).

أقول : وقد تقدّمت روايتنا في ليلة النصف من رجب عن حريز بن عبد اللّه عن

ص: 267


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 820 ، عنه الوسائل 8 : 111.
2- 2. أحببت ( خ ل ).
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 821 ، عنه الوسائل 8 : 111.
4- 4. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

الصادق عليه السلام باثنتي عشرة ركعة على الوصف الّذي ذكرناه.

ذكر محمد بن علي الطرازي انّها تصلّى ليلة سبع وعشرين من رجب أيضا ، وقال :

فإذا فرغت قرأت وأنت جالس الحمد اربع مرات ، وسورة الفلق أربعا والإخلاص أربعا ، ثم قل : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً اربع مرات ، ثم ادع بما تريده.

فصل (96): فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمعقول

اعلم انّ الرحمة التي نشرت على العباد وبشّرت بسعادة الدنيا والمعاد بالاذن لسيد المرسلين صلى اللّه عليه وآله وعلى ذريته الطاهرين ، في انّ يظهر رسالته عن رب العالمين إلى الخلائق أجمعين ، كانت السعادة بإشراق شموسها وتعظيمها وتقديمها على قدر ما أحيى اللّه جلّ جلاله بنبوّته من موات الألباب وأظهر بقدس رسالته من الآداب وفتح بهدايته من الأبواب إلى الصواب.

وذلك مقام يعجز عن بيانه منطق اللسان والقلم والكتاب ، ولا تحصيه الخواطر ولا تطّلع على معانيه البصائر ، ولا تعرف له عددا ، ( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً. ) (1) وأنت إذا أنصفت علمت انّ الأمم كانت تائهة في الضّلال وقد أحاط بهم استحقاق الاستئصال ، وقد كانت اليهود في قيود ضلالها لمخالفة موسى عليه السلام ، والنصارى هالكة بسوء مقالها في عيسى عليه السلام ، والعرب ومن تابعها سالكة سبيل الدواب والانعام وفاقدة لفوائد الأحلام بعبادة الأصنام ، وبحر الغضب من اللّه جلّ جلاله قد أشرف على أرواح أهل العدوان ، وأمواج العطب قد أحاطت بنفوس ذوي الطّغيان ، ونيران العذاب قد تعلّقت بالرقاب وسعت إلى الفتك بالأجساد ، ورسل الانتقام قد أشمتت بأهل الإلحاد والعناد وقلوب الأعداء والحسّاد وأهل الضلال ذوو

ص: 268


1- 1. الكهف : 109.

عيون غير ناظرة وعقول غير حاضرة وقلوب غير باصرة وجوارح غير ناضرة ، وقد خذل بعض بعضاً بلسان الحال من شدّة تلك الأهوال.

فبعث محمّداً صلى اللّه عليه وآله من مجلس الغضب والمقت والعذاب وانكاله إلى الأمم المتعرّضة بتعجيل العقاب واستيصاله ، وهو واحد في العيان منفرد عن الاخوان والأعوان ، يريد مقاتلة جميع من في الوجود من أهل الجحود ، برأي قد احتوى على مسالك الآراء واستوى على ممالك الأقوياء ، وجنان قد خضع له إمكان الابطال ، وبيان قد خشع له لسان أهل المقال والفعال ، ونور قد رجعت جيوش الظلمات به مكسورة ورءوس الجهالات بلهبه مقهورة ، وقدم قد مشى على الرءوس والنفوس وهم (1) قد حكمت بإزالة الضرر والنحوس.

فسرى نسيم ارج (2) ذلك التمكين والتلقين ، وروّج حياة ذلك السبق للأولين والآخرين ، في اليوم السابع والعشرين من رجب بالعجب وشرف المنقلب ، فاستنشقه (3) عقول كانت هامدة أو بائدة ، واستيقظت به قلوب كانت راقدة ، وجرى شراب العافية بكأس آرائه العالية في أماكن أسقام الأنام فطردها وأحاط بجيوش النّحوس فشرّدها ، وتهدّد نفوس العقول المتهجّمة على العقول فأبعدها ، حتّى الّفها بعد الافتراق في الآفاق وعطفها على الوفاق والاتّفاق وأجلسها على بساط الوداد والاتّحاد وحماها عن مهاوي الهلكة والفساد.

فما ظنّك بمن هذا بعض أوصافه ، ومن ذا يقدر على شرح ما شرّفه اللّه جلّ جلاله به من ألطافه ، وبأيّ بيان أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه واسعافه ، ولقد دعونا العقل إلى الكشف فذهل ، فدعونا القلب إلى الوصف فوجل ، فدعونا اللسان إلى البيان فاستقال ، فدعونا القلم إلى الإمكان فذلّ وتزلزل وزال ، فدعونا الجوارح جارحة بعد جارحة فشردت عنّا هاربة ونازحة.

ص: 269


1- 1. همم ( خ ل ).
2- 2. أرج تأرّج : فاحت منه رائحة طيبة ، فهو ارج.
3- 3. واستنشقه ( خ ل ).

فاستسلمنا لما يدلّ عليه لسان الحال من كمال ذلك الإقبال واستعنّا بصاحب القوّة المعظمة لذاته ان يعرّفنا قدر ذلك اليوم السّعيد وجسيم هباته وصلاته ، وان يعلّمنا كيفيّة الشكر على ما عجزنا عن وصفه ، ويلهمنا كشف ما أقررنا بالقصور عن كشفه ، ويقبل بنا على ما يريد من القبول وتعظيم المرسل والرسول.

فصل (97): فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمنقول

روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه بإسناده في أماليه إلى الصادق عليه السلام قال : ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب اللّه له أجر صيام سبعين سنة (1).

وروى ذلك أيضا جعفر بن محمد الدوريستي بإسناده في كتاب الحسني إلى علي بن النعمان ، عن عبد اللّه بن طلحة ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : صيام يوم سبعة وعشرين من رجب يعدل عند اللّه صيام سبعين سنة.

وممّا رويناه في تعظيم صوم هذا اليوم بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه اللّه فيما ذكره في التواريخ الشرعيّة من نسخة قد كتبت في حياته عند ذكر رجب فقال ما هذا لفظه :

وفي اليوم السابع والعشرين منه كان مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله ، ومن صامه كتب اللّه له صيام ستّين سنة.

أقول : وينبّه على تعظيم هذا اليوم ما رويناه في ليلة أنّها خير للنّاس مما طلعت عليه الشمس ، فإذا كانت اللّيلة الّتي جاورته بلغت إلى هذا التعظيم فكيف يكون اليوم الذي هو سبب في تعظيمها عند أهل الصراط المستقيم.

وروينا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه فيما رواه عن الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : غير هذه الأعياد شيء؟ قال : نعم أشرفها وأكملها ، اليوم الذي بعث فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قال : قلت : فأيّ يوم هو؟

ص: 270


1- 1. أمالي الصدوق : 349 ، عنه البحار 97 : 34.

قال : ان الأيام تدور وهو يوم السّبت لسبع وعشرين من رجب ، قال : قلت : فما نفعل فيه؟ قال : تصوم وتكثر الصلاة على محمد وآله عليهم السلام (1).

وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه عن النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوماً أوسع اللّه عليه القبر مسيرة أربعمائة عام ، وملأ جميع ذلك مسكاً وعنبراً (2).

فصل (98): فيما نذكره من تأويل من روى ان صوم يوم مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله بعدل ثوابه ستّين شهراً

اعلم انّ تعظيم يوم مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله أعظم من ان يحيط به الإنسان بمقالة ثواب الصائمين لهذا اليوم العظيم ، فامّا من ذكر انّ صومه بستّين شهراً فيحتمل ان يكون معناه ان صومه يعدل ثواب ما يعمل الإنسان في الستّين شهراً من جميع طاعاته ، وذلك عظيم لا يعلم تفصيله الاّ اللّه العالم لذاته ولم يقل في الحديث انّه يعدل صوم ستين شهرا.

ويحتمل أيضا إذا حملناه ان يعدل ثواب صوم ستّين شهراً ، ان يكون مقدار ثواب الصائمين لهذا اليوم العظيم قدراً على ما يبلغه كلّ صائم له من الطريق التي يعرف بها فضله ، فان المطيعين لربّ العالمين ولسيد المرسلين يتضاعف أعمالهم بحسب تفاضلهم في اليقين وإخلاص المتّقين والمراقبين ، فيكون الثواب الضعيف في التّعريف ستّين شهراً لقصوره عن معرفة قدر هذا الثواب الشريف.

وينبّه على ذلك ما ذكره جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده قال :

قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : لا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد صلى اللّه عليه وآله وثوابه مثل ستّين شهرا

ص: 271


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 820 ، الكافي 4 : 148 ، الفقيه 2 : 90.
2- 2. ثواب الأعمال : 81 ، أمالي الصدوق : 432 ، عنهما البحار 97 : 30.

لكم (1).

أقول : وفي قوله عليه السلام : مثل ستّين شهراً لكم ، إشارة واحتمال لما ذكرناه من تأويل هذا المقال.

وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد ، وهو كتاب حسن ، ما هذا لفظه :

وفي سبعة وعشرين نزلت النبوة على النبي صلى اللّه عليه وآله وثوابه كفارة ستّين شهراً ، هذا لفظه : نزلت النبوّة.

فصل (99): فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب

اعلم انّ الغسل في هذا اليوم الشريف من شريف التكليف.

ومن عمل هذا اليوم زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد روينا في أوّل ليلة من رجب زيارة عامّة في الشهر كلّه ، فيزار مولانا علي عليه السلام بها أو بغيرها ممّا ذكرناه في كتاب مصباح الزائر ، فقد ذكرنا فيه زيارة تختصّ بهذا اليوم وعظيم فضله.

وامّا الصلوات فيه : فذكر شيخنا المفيد في الرسالة العزيّة صلاة يوم المبعث وقال : انها تصلّي صدر النهار ، وقال الشيخ سلمان بن الحسن في كتاب البداية عند ذكر صلاة يوم المبعث انّها تصلّى قبل الزوال.

فأحببت أن يكون عند العامل بذلك معرفة بهذه الحال ، وسيأتي في رواية ابن يعقوب الكليني انّه يصلّيها أيّ وقت شاء ، يعني من يوم المبعث.

ونحن نذكر منها عدة روايات وان اتّفقت في عدد الركعات فإنّها تختلف في بعض المرادات.

فمن ذلك ما رواه محمد بن علي الطرازي رحمه اللّه في كتابه فقال : صلاة يوم سبعة وعشرين من رجب ، وهو اليوم الذي بعث فيه سيّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، أبو

ص: 272


1- 1. ثواب الأعمال : 68 ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهما البحار 97 : 37.

العباس أحمد بن علي بن نوح رضي اللّه عنهقال : حدثني أبو أحمد المحسن بن عبد الحكم السنجري ، وكتبته من أصل كتابه ، قال في نسخته : نسخت من كتاب أبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، وذكر انه خرج من جهة أبي القاسم الحسين بن روح قدس اللّه روحه ، ان الصلاة يوم سبعة وعشرين من رجب اثنتا عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السّور ويسلّم ويجلس ويقول بين كل ركعتين :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، يا عُدَّتِي فِي مُدَّتِي وَيا صاحِبِي فِي شِدَّتِي ، يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، يا غِياثِي فِي رَغْبَتِي ، يا مُجِيبِي فِي حاجَتِي ، يا حافِظِي فِي غَيْبَتِي ، يا كالِئِي فِي وَحْدَتِي ، يا انْسِي فِي وَحْشَتِي.

أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي ، فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَانْتَ الْمُقِيلُ عَثْرَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَانْتَ الْمُنَفِّسُ صَرْعَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتُرْ عَوْرَتِي ، وَاقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمِي وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ ، وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) والمعوذتين و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) وآية الكرسي سبعا سبعاً ، ثم تقول : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، سبع مرات ، ثم ادع بما أحببت.

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رضي اللّه عنه بإسناده في كتاب الصلاة إلى الصادق عليه السلام فقال ما هذا لفظه : قال : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : يوم سبعة وعشرين من رجب نبّئ فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، من صلّى فيه أيّ وقت شاء اثني عشر ركعة ، يقرء في كلّ ركعة بأمّ الكتاب ويس ، فإذا فرغ جلس مكانه ثم قرأ أمّ القرآن اربع مرات ، فإذا فرغ وهو في مكانه قال : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحانَ اللّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - اربع مرات ، ثم يقول : اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، اربع مرات ، ثم تدعو ، فإنك لا تدعو

ص: 273

بشيء الاّ استجيب لك في كلّ حاجة ، الاّ ان تدعو في جائحة (1) قوم أو قطيعة رحم (2).

أقول : وينبغي ان تزور سيّدنا رسول اللّه ومولانا علي بن أبي طالب عليهما السلام في يوم المبعث بالزيارتين اللّتين ذكرناهما لهما عليهما السلام في عمل اليوم السابع عشر من ربيع الأول من هذا الجزء.

أقول : ومن الصلاة في اليوم السابع والعشرين من رجب الموافقة لبعض الروايات في شيء من المرادات والمفارقة لها في بعض الصفات ، ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه بإسناده إلى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثاني عليه السلام لمّا كان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام جميع حشمه وأمرنا أن نصلّي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة بالحمد وسورة ، فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والمعوّذتين أربعا وقلت : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - أربعاً ، اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً - أربعاً ، لا اشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً - أربعاً (3).

ومن ذلك ما رويناه أيضا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه بإسناده إلى أبي القاسم بن روح رحمة اللّه عليه قال : تصلّي في هذا اليوم اثنتي عشرة ركعة تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السور وتتشهّد وتسلّم وتجلس وتقول بين كل ركعتين : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، يا عُدَّتِي فِي مُدَّتِي ، وَيا صاحِبِي فِي شِدَّتِي ،

ص: 274


1- 1. الجائحة : المصيبة المستأصلة التي تستأصل المال أو الناس.
2- 2. الكافي 3 : 469 ، عنه الوسائل 8 : 111 ، رواه المفيد في مسار الشيعة : 72.
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 816.

وَيا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، وَيا غِياثِي فِي رَغْبَتِي ، يا نَجاتِي فِي حاجَتِي ، يا حافِظِي فِي غَيْبَتِي ، يا كالِئِي فِي وَحْدَتِي ، يا انْسِي فِي وَحْشَتِي.

أَنْتَ السَّائِرُ عَوْرَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنْتَ الْمُقِيلُ عَثْرَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنْتَ الْمُنْعِشُ صَرْعَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَآمِنْ رَوْعَتِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمِي ، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي ، فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والإخلاص والمعوّذتين و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) وآية الكرسي سبع مرات ثم تقول : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحانَ اللّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - سبع مرات ، ثم تقول سبع مرات : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وتدعو بما أحببت (1).

أقول : وهذه الرّواية مناسبة لما سلف وانّما بعض التعقيب مؤتلف ومختلف : ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه اللّه من كتاب المقنعة فقال : باب صلاة يوم المبعث ، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب ، بعث اللّه عزّ وجلّ فيه نبيّه محمدا صلى اللّه عليه وآله فعظّمه وشرّفه وقسّم فيه جزيل الثواب وآمن فيه من عظيم العقاب ، فورد عن آل الرسول صلى اللّه عليه وآله وعليهم انّه من صلّى فيه اثنتي عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وسورة يس ، فإذا فرغ منها جلس في مكانه ، ثم قرأ أمّ الكتاب اربع مرّات وسورة الإخلاص والمعوّذتين ، كلّ واحدة منهنّ اربع مرّات ، ثم قال : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، وَسُبْحانَ اللّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - اربع مرات ، ثم قال : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ ، اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً - اربع مرات ، ثم يدعو ، فلا يدعو بشيء الاّ استجيب له الاّ ان يدعو في جائحة (2) قوم أو قطيعة رحم (3).

ص: 275


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 817 ، عنه المستدرك الوسائل 6 : 292.
2- 2. الجائحة : الآفة.
3- 3. المقنعة : 37.

وذكر شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية مثل هذه الصّلاة على السّواء ، الاّ انّه قال في آخرها : فإذا فرغ من هذه الصلاة قرء في عقيبها فاتحة الكتاب ثلاث مرات والمعوّذات الثلاث اربع مرات ، وقال : سُبْحانَ اللّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ - اربع مرات ، وقال : اللّهُ اللّهُ رَبِّي لا اشْرِكُ بِهِ شَيْئاً - اربع مرّات ، ثم دعا ، استجيب له في كلّ ما يدعو به الاّ ان يدعو بجائحة قوم أو قطيعة رحم ، وهو يوم شريف عظيم البركة ، ويستحبّ فيه الصدقة والتطوّع بالخيرات وإدخال السرور على أهل الإيمان ، ويستحبّ ان يدعو في هذا اليوم ، وهو يوم مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله بهذا الدعاء.

ورواه محمد بن علي الطرازي بإسناده إلى أبي علي بن إسماعيل بن يسار قال : لمّا حمل موسى عليه السلام إلى بغداد ، وكان ذلك في رجب سنة تسع وسبعين ومائة دعا بهذا الدّعاء ، وهو من مذخور أدعية رجب ، وكان ذلك يوم السابع والعشرين منه يوم المبعث صلّى اللّه على المبعوث فيه وآله وسلم ، وهو هذا : يا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ وَالتَّجاوُزِ ، وَضَمِنَ نَفْسَهُ الْعَفْوَ وَالتَّجاوُزَ ، يا مَنْ عَفى وَتَجاوَزَ ، اعْفُ عَنِّي وَتَجاوَزْ يا كَرِيمُ ، اللّهُمَّ وَقَدْ أَكْدَى (1) الطَّلَبُ وَاعْيَتِ الْحِيلَةُ وَالْمَذْهَبُ وَدَرَسَتِ الآمالُ وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلاَّ مِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ.

اللّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ الَيْكَ مُشْرَعَةٌ (2) ، وَمَناهِلَ (3) الرَّجاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةٌ (4) ، وَأَبْوابَ الدُّعاءِ لِمَنْ دَعاكَ مُفَتَّحَةٌ ، وَالاسْتِعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ بِكَ مُباحَةٌ.

وَاعْلَمُ انَّكَ لِداعِيكَ بِمَوْضِعِ إِجابَةٍ وَلِلصّارِخِ الَيْكَ بِمَرْصَدِ إِغاثَةٍ ، وَانَّ فِي

ص: 276


1- 1. اكدى : بخل أو قلّ خيره.
2- 2. مشرعة : مفتوحة.
3- 3. مناهل : مشارب.
4- 4. مترعة : مملوة.

اللّهْفِ الى جُودِكَ وَالضَّمانِ بِعِدَتِكَ عِوَضاً مِنْ مَنْعِ الْباخِلِينَ ، وَمَنْدُوحَةً (1) عَمّا فِي ايْدِي الْمُسْتَأْثِرِينَ ، وَأَنَّكَ لا تَحْجُبُ (2) عَنْ خَلْقِكَ إِلاَّ انْ تَحْجُبَهُمُ الْأَعْمالُ (3) دُونَكَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ انَّ افْضَلَ زادِ الرَّاحِلِ الَيْكَ عَزْمُ إِرادَةٍ يَخْتارُكَ بِها ، وَقَدْ ناجاكَ بِعَزْمِ الإِرادَةِ قَلْبِي.

وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ دَعْوَةٍ دَعاكَ بِها راجٍ بَلَّغْتَهُ أَمَلَهُ ، أَوْ صارِخٌ الَيْكَ اغَثْتَ صَرْخَتَهُ (4) ، اوْ مَلْهُوفٌ مَكْرُوبٌ فَرَّجْتَ كَرْبَهُ ، اوْ مُذْنِبٌ خاطِئُ غَفَرْتَ لَهُ ، اوْ مُعافٍ اتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ عَلَيْهِ ، اوْ فَقِيرٌ اهْدَيْتَ غِناكَ إِلَيْهِ ، وَلِتِلْكَ الدَّعْوَةِ عَلَيْكَ حَقٌّ وَعِنْدَكَ مَنْزِلَةٌ ، الاَّ صَلَّيْتَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَقَضَيْتَ حَوائِجِي حَوائِجَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

وَهذا رَجَبُ الْمُرَجَّبُ الْمُكَرَّمُ الَّذِي أَكْرَمْتَنا بِهِ ، أَوَّلُ اشْهُرِ الْحُرُمِ ، أَكْرَمْتَنا بِهِ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ ، يا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ ، فَنَسْأَلُكَ بِهِ وَبِاسْمِكَ الاعْظَمِ الاعْظَمِ الاعْظَمِ الْأَجَلِّ الاكْرَمِ الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّكَ فَلا يَخْرُجُ مِنْكَ الى غَيْرِكَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَتَجْعَلَنا مِنَ الْعامِلِينَ فِيهِ بِطاعَتِكَ وَالامِلِينَ فِيهِ بِشَفاعَتِكَ.

اللّهُمَّ وَاهْدِنا الى سَواءِ السَّبِيلِ وَاجْعَلْ مَقِيلَنا عِنْدَكَ خَيْرَ مَقِيلٍ فِي ظِلٍّ ظَلِيلٍ ، فَإِنَّكَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَالسَّلامُ عَلى عِبادِهِ الْمُصْطَفَيْنَ وَصَلاتُهُ عَلَيْهِمْ اجْمَعِينَ ، اللّهُمَّ وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي فَضَّلْتَهُ وَبِكَرامَتِكَ جَلَّلْتَهُ وَبِالْمَنْزِلِ الْعَظِيمِ الأَعْلَى انْزَلْتَهُ ، صَلِّ عَلى مَنْ فِيهِ الى عِبادِكَ ارْسَلْتَهُ وَبِالْمَحَلِّ الْكَرِيمِ احْلَلْتَهُ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً دائِمَةً تَكُونُ لَكَ شُكْراً وَلَنا ذُخْراً ، وَاجْعَلْ لَنا مِنْ

ص: 277


1- 1. مندوحة : سعة.
2- 2. تحتجب ( خ ل ).
3- 3. الآمال ( خ ل ).
4- 4. صريخته ( خ ل ).

أَمْرِنا يُسْراً ، وَاخْتِمْ لَنا بِالسَّعادَةِ الى مُنْتَهى آجالِنا ، وَقَدْ قَبِلْتَ الْيَسِيرَ مِنْ أَعْمالِنا وَبَلِّغْنا (1) بِرَحْمَتِكَ افْضَلَ آمالِنا انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

ومن الدعوات التي نذكرها في اليوم السابع والعشرين من رجب : اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِالنَّجْلِ (2) الاعْظَمِ فِي هذَا الْيَوْمِ مِنَ الشَّهْرِ الْمُعَظَّمِ وَالْمُرْسَلِ الْمُكَرَّمِ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَغْفِرَ لَنا ما انْتَ بِهِ مِنّا اعْلَمُ ، يا مَنْ يَعْلَمُ وَلا يَعْلَمُ ، اللّهُمَّ وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي بِشَرَفِ الرِّسالَةِ فَضَّلْتَهُ وَبِكَرامَتِكَ اجْلَلْتَهُ (3) ، وَبِالْمَحَلِّ الشَّرِيفِ احْلَلْتَهُ.

اللّهُمَّ فَانَّا نَسْأَلُكَ بِالْمَبْعَثِ الشَّرِيفِ وَالسَّيِّدِ اللَّطِيفِ وَالْعُنْصُرِ الْعَفِيفِ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (4) ، وَانْ تَجْعَلَ أَعْمالَنا فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي سائِرِ الْأَيَّامِ مَقْبُولَةً وَذُنُوبَنا مَغْفُورَةً ، وَقُلُوبَنا بِحُسْنِ الْقَبُولِ مَسْرُورَةً ، وَأَرْزاقَنا بِالْيُسْرِ مَدْرُورَةً (5).

اللّهُمَّ انَّكَ تَرى وَلا تُرى وَانْتَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى وَأَنَّ الَيْكَ الرُّجْعى وَالْمُنْتَهى ، وَلَكَ الْمَماتُ وَالْمَحْيا ، وَانَّ لَكَ الاخِرَةُ وَالأُولى ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ انْ نَذِلَّ وَنَخْزى وَانْ نَأْتِيَ ما عَنْهُ تَنْهى.

اللّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ وَنَسْتَعِيذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، فَأَعِذْنا (6) مِنْها بِقُدْرَتِكَ ، وَنَسْأَلُكَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، فَارْزُقْنا بِعِزَّتِكَ ، وَاجْعَلْ اوْسَعَ أَرْزاقِنا عِنْدَ كِبَرِ سِنِّنا ، وَاحْسَنَ أَعْمالِنا عِنْدَ اقْتِرابِ آجالِنا ، وَاطِلْ فِي طاعَتِكَ وَما يُقَرِّبُ الَيْكَ وَيُحْظِي عِنْدَكَ ، وَيُزْلِفُ لَدَيْكَ أَعْمارَنا ، وَاحْسِنْ فِي جَمِيعِ أَحْوالِنا

ص: 278


1- 1. بلغتنا ( خ ل ).
2- 2. النجل : الولد والوالد ، ضد ، وفي مصباح الكفعمي : بالتجلى الأعظم.
3- 3. أحللته ( خ ل ).
4- 4. آل محمد ( خ ل ).
5- 5. مدرورة : دائرة وجارية.
6- 6. في الأصل : الخير نستعيذك ، فأنقذنا ، ما أثبتناه من المصباح الكفعمي.

وَأُمُورِنا مَعْرِفَتَنا ، وَلا تَكِلْنا الى احَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَتَفَضَّلْ عَلَيْنا بِجَمِيعِ حَوائِجِنا لِلدُّنْيا وَالاخِرَةِ وَابْدَأْ بِآبائِنا وَأُمَّهاتِنا وَجَمِيعِ إِخْوانِنا الْمُؤْمِنِينَ فِي جَمِيعِ ما سَأَلْناكَ لَانْفُسِنا يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ انّا نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَمُلْكِكَ الْقَدِيمِ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَغْفِرَ لَنا الذَّنْبَ الْعَظِيمَ ، انَّهُ لا يَغْفِرُ الْعَظِيمَ (1) الاَّ الْعَظِيمُ.

اللّهُمَّ وَهذا رَجَبُ الْمُكَرَّمُ الَّذِي أَكْرَمْتَنا بِهِ أَوَّلُ اشْهُرِ الْحُرُمِ ، أَكْرَمْتَنا بِهِ مِنْ بَيْنِ الأُممِ فَلَكَ الْحَمْدُ يا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ ، اللّهُمَّ فَانَّا نَسْأَلُكَ بِهِ وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الأَجَلِّ الاكْرَمِ الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي مُلْكِكَ فَلا يَخْرُجُ مِنْكَ الى غَيْرِكَ ، فَأَسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَانْ تَجْعَلَنا فِيهِ مِنَ الْعامِلِينَ بِطاعَتِكَ وَالامِنِينَ فِيهِ بِرِعايَتِكَ.

اللّهُمَّ اهْدِنا الى سِواءِ السَّبِيلِ وَاجْعَلْ مَقِيلَنا عِنْدَكَ خَيْرَ مَقِيلٍ فِي ظلٍّ ظَلِيلٍ وَمُلْكٍ جَزِيلٍ ، فَإِنَّكَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، اللّهُمَّ اقْلِبْنا مُفْلِحِينَ مُنْجِحِينَ غَيْرَ مَغْضُوبٍ عَلَيْنا وَلا ضالِّينَ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثم اسجد وقل : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانِي لِمَعْرِفَتِهِ ، وَخَصَّنِي بِوِلايَتِهِ ، وَوَفَّقَنِي لِطاعَتِهِ ، شُكْراً شُكْراً - مائة مرة.

واسأل حاجتك وادع بما تشاء.

فصل (100): فيما ينبغي ان يكون المسلمون عليه في مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله إليهم ومعرفة مقدار المنة عليهم

اعلم انّنا قد أشرنا فيما قدّمنا إشارة لطيفة انّنا لا نقدر على وصف المنّة علينا بهذه

ص: 279


1- 1. الذنب العظيم ( خ ل ).

الرّسالة الشريفة ، ولكنّا مكلّفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها والاعتراف بإحسانها وبرّها ، فنضرب لذلك بعض الأمثال ، ففيه تنبيه على تعظيم هذه الحال ، فنقول :

لو كان المسلمون قد أصيب كلّ منهم بنحو خطر الكفر الّذي كانوا عليه ، فمنهم فريق قد ألقى في النار وهي توقد عليه ، وفريق قد افتضح بالعار ونودي عليه ، وفريق في مطمورة (1) غضب اللّه جلّ جلاله وانتقامه ، وفريق في حبس مقت اللّه جلّ جلاله واصطلامه ، وفريق قد استحقّ عليه أخذ كلّما في يديه.

وفريق قد حكمت عليه الذنوب الّتي اشتملت عليه بالتفريق بينه وبين أولاده العزيزين عليه أو أحبّته القريبين لديه ، وفريق قد سقم عقله وقد ادنفه جهله ، وفريق قد مرض قلبه وأحاط به ذنبه.

وفريق قد ماتت أعضاؤه بإضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو أطاعت ، وفريق قد صارت أعضاؤه أعداء له بما إضاعته وبما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت ، وفريق قد أظلمت عليه ظلم الجهالة حتّى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة ، وفريق أعمى ولا يدري مقدار عماه ، وفريق أخرس ولا يدري انه أخرس وقد صار لسانه مقيّدا بسخط مولاه ، وفريق أصمّ وهو لا يدري انّه أصمّ وهو لا يسمع دعاء من دعاء إلى اللّه جلّ جلاله وناداه.

والبلاد قد أحاط بالعباد وضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد ، فبعث اللّه جلّ جلاله رسولا إلى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات والآفات والعاهات وليخلّصهم من اخطارها ويطفي عنهم لهب نارها ويغسل عن وجوههم دنس عارها ويبلغ بهم من غايات السعادات ، ما كانوا قاصرين عنها وبعيدين منها فيما مضى من الأوقات.

فينبغي ان يكون الاعتراف للمرسل والرسول صلوات اللّه عليه بقدر هذا الانعام الذي لا يبلغ وصفي إليه وان يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه

ص: 280


1- 1. المطمورة : الحفيرة التي تحت الأرض ، الحبس.

وناشرين وباعثين إلى بين يديه من الهدايا التي كان هو أصلها وفرعها إلى كلّ من وصلت إليه بحسب ما يقدرون عليه.

فقوم يظهرون نبوّته ودولته ممّا يشينها من المآثم والقبائح ، وقوم يعظّمون رسالته بزيادة العمل الصالح ، وقوم ينزّهون سمعه الشريف ان يبلغه عنهم ما يبعّده منهم ، وقوم يكرمون نظره المقدس ان يطّلع على ما يكره صدوره عنهم ، وقوم يصلّون المندوبات ويهدونها إليه ، وقوم يبالغون في الصلاة والثناء عليه.

وقوم يذكرون اللّه جلّ جلاله بما يوقعهم له من الأذكار ويهدونها إلى باب رسولهم صلوات اللّه عليه الساكن بها في دار القرار ، وقوم يتعبّدون بحسب ما يقدرون ويهدون ذلك ويرون انهم مقصّرون.

ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما خلّصهم به من كلّ أمر فظيع وبحسب ما اصطنع معهم من جليل الصّنيع ، ويختمونه بالتأسّف على فواته والتلهّف ، كيف لم يكن مستمرّا لهم في سعاداته وطاعاته ويسألون العفو عن التقصير ، ولو عملوا مهما عملوا ما قاموا وما عرفوا مقدار هذا اليوم العظيم الكبير.

فصل (101): فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من رجب

وجدناه في مفاوز السلامة وكرامة يوم القيامة ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الثامنة والعشرين من رجب اثنتي عشر ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) عشر مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله مائة مرة واستغفر اللّه تعالى مائة مرة كتب اللّه سبحانه له ثواب عبادة الملائكة (1).

ص: 281


1- 1. عنه الوسائل 8 : 93 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

فصل (102): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلوات اللّه عليه ، قال : ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل اللّه عزّ وجلّ بينه وبين النار سبع خنادق ، كلّ خندق ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام (1).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال : ومن صام يوم الثامن والعشرين من رجب كان صومه لذلك اليوم كفّارة تسعين سنة.

فصل (103): فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب

وجدناه في تحف الشرف لمن علم وعمل ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة التاسعة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ ) عشر مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مائة مرة واستغفر اللّه تعالى مائة مرة ، كتب اللّه سبحانه له ثواب عبادة الملائكة ، وقد تقدم هذا الثواب (2).

فصل (104): فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب أماليه وكتاب ثواب

ص: 282


1- 1. ثواب الأعمال : 82 ، أمالي الصدوق : 433 ، عنهما البحار 97 : 30.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 94 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال :

ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوماً غفر اللّه له ولو كان عشّاراً ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرّة ، بعد ما أرادت به وجه اللّه والخلاص من جهنم ، يغفر لها (1). (2)

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتابه بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال : ومن صام يوم التّاسع والعشرين عن رجب كان صومه ذلك اليوم كفارة مائة سنة.

فصل (105): فيما نذكره من عمل ليلة الثلاثين من رجب

وجدناه في خزائن خلع الأمان وتيجان الرضوان ، مرويّاً عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى ليلة الثلاثين من رجب عشر ركعات بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، أعطاه اللّه في جنة الفردوس سبع مدن ويخرج من قبره ووجهه كالبدر ، ويمرّ على الصراط كالبرق الخاطف وينجو من النار ، والحمد لله (3).

فصل (106): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء : يا عبد اللّه امّا ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي ، فأعطاه اللّه في الجنان كلها ، في كلّ جنّة أربعين ألف مدينة من ذهب ، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر ، في كلّ قصر أربعون

ص: 283


1- 1. في المصادر : لغفر اللّه لها.
2- 2. ثواب الأعمال : 82 ، أمالي الصدوق : 433 ، عنهما البحار 97 : 30.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 94 ، مصباح الكفعمي : 524 عن مصباح الزائر.

ألف ألف بيت ، في كل بيت أربعون ألف ألف مائة من ذهب ، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة ، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب ، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدّة ، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب ، طول كل سرير الف ذراع في عرض الف ذراع ، على كل سرير جارية من الحور العين ، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور ، تحمل كلّ ذؤابة منها ألف ألف وصيفة تغلفها بالمسك والعنبر ، الى ان يوافيها صائم رجب ، هذا لمن صام رجب كلّه.

قيل : يا نبي اللّه فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو علّة كانت به أو امرأة غير طاهرة تصنع ما ذا لتنال ما وصفت؟ قال : تتصدّق عن كلّ يوم برغيف على المساكين ، والذي نفسي بيده انّه إذا صدّق بهذه الصدقة كل يوم ينال ما وصفت وأكثر ، لأنّه لو اجتمع جميع الخلائق كلّهم من أهل السماوات والأرض على ان يقدّروا قدر ثوابه ، ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.

قيل : يا رسول اللّه فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال : يسبح اللّه في كلّ يوم من شهر رجب إلى تمام ثلاثين يوما هذا التسبيح مائة مرة : سُبْحانَ الْإِلهِ الْجَلِيلِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ الاّ لَهُ ، سُبْحانَ الأَعَزِّ الاكْرَمِ ، سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَهُوَ لَهُ اهْلٌ (1).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الرضا عليه السلام قال : ومن صام يوم الثلاثين من رجب غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

فصل (107)

فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب

رويناها عن جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان اللّه عليه ، وقد تقدم إسنادها فيما أشرنا إليه ، وهي :

ص: 284


1- 1. ثواب الأعمال : 83 ، أمالي الصدوق : 433 ، عنهما البحار 97 : 31.

وصلّ في آخر الشهر عشر ركعات ، تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، فإذا سلّمت فارفع يديك إلى السماء وقل :

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ثم امسح بها وجهك وسل حاجتك فإنه يستجاب لك دعاؤك ويجعل اللّه بينك وبين جهنم سبعة خنادق ، كل خندق كما بين السماء والأرض ، ويكتب لك بكلّ ركعة ألف ألف ركعة ، ويكتب لك براءة من النار وجواز على الصراط.

قال سلمان رضي اللّه عنه : فلمّا فرغ النبي صلى اللّه عليه وآله من الحديث خرّرت ساجداً أبكي شكراً لله تعالى لما سمعت من هذا الحديث (1).

وزاد في هذا الحديث مصنف كتاب دستور المذكرين فقال : ومن صام ذلك اليوم - ولم يذكر انّ دخول سلمان على النبي عليه السلام كان آخر يوم من جمادى الآخر ، فلذلك وغيره جعلنا ابتداء هذه الصلاة أول يوم من رجب.

فصل (108): فيما نذكره ممّا يختم به شهر رجب

اعلم انّنا كنّا قد ذكرنا في أوّل ليلة من رجب وأوّل يوم منه طرفا من حرمة هذا الشهر والحمى الّذي جعله اللّه جلّ جلاله ، ممّا لا يسهل على العارف به الخروج عنه ، وأنت ان كنت مسلماً تجد فرقاً بين الدخول في حرم الملوك وحماهم لرعاياهم ، وبين الخروج عن الحمى والحرم الذي شرفهم به وحفظهم بسببه ووقاهم.

وقد عرفت ان مذ تخرج عن هذا شهر رجب الذي هو آخر أشهر الحرم والعظيم

ص: 285


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 819.

الشّأن ، فتكون قد خرجت من حرم الحمى والأمان ، فكن خائفا ان تخرج منه إخراج من اعرض صاحب الحمى عنه أو إخراج المنفي المطرود أو المهجور المصدود ، واطلب من رحمة مالك الوجود وصاحب الجود ان يجعل لك من ذخائر مراحمه ومكارمه حمى وحرما تسكن بعد شهر رجب في خفارة معالمه ومواسمه ومراسمه إلى ان تظفر بشهر موصوف بصفات مثله ، فتأوي إلى حمى ظلّه وفضله.

واجمع ما عملت بلسان الحال وأعرضه على يد من تكون ضيفه من أهل الإقبال وتوجّه إليه باللّه جلّ جلاله العظيم لديه وبكلّ عزيز عليه ، ان يتمّ نقصان أعمالك وإمساكك ، وتعرضها بيد توسّله وتوصّله في دوام إقبالك وإجابة سؤالك.

ص: 286

الباب التاسع: فيما نذكره من فضل شهر شعبان وفوائده وكمال موائده وموارده

اشارة

وفيه فصول :

فصل (1): فيما نذكره من فضله بالمعقول والمنقول

واعلم ان شهر شعبان شهر عظيم الشأن ، فيه ليلة أغاث اللّه جلّ جلاله بمولودها ما كاد أن يطفيه أهل العدوان من أَنوار الإسلام والايمان ، وسيأتي شرح موقعها في موضعها.

وهو كما كنّا ذكرناه منزل من المنازل ومرحلة من المراحل ، يسعد أهل التوفيق (1) بالظفر بفوائده والجلوس على موائده والورود على موارده ، وكفاه شرفاً ما نذكره من انّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اختاره لنفسه الشريفة بصريح مقاله ، ودعا لمن أعانه على صيامه بمقدّس ابتهاله ، فقال عليه السلام : شعبان شهري رحم اللّه من أعانني على شهري (2).

فمن شاء ان يدخل تحت ظلّ هذه الدعوة المقبولة والرحمة الموصولة فيساعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على شهره ويكون ممّن شرفه لسان محمد صلى اللّه عليه وآله المعظّم بذكره.

ص: 287


1- 1. أهل التصديق ( خ ل ).
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 825.

فإذا دخلت في أول ليلة منه فأنت قد فصلت بين شهر رجب وفارقت ذلك الحمى وخرجت عنه ، وتريد ان تلقى شهر رمضان وأنت مستعدّ له بطهارة الجوارح في السر والإعلان ، وكن كما يليق بهذه الحال من الاستعداد بصلاح الأعمال وصواب المقال وصيانة نفسك عن أهوال الأعمال.

فصل (2): فيما نذكره من تعظيم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لشهر شعبان عند رؤية هلاله

روينا ذلك بإسنادنا إلى صفوان بن مهران الجمال قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : حثّ من في ناحيتك على صوم شعبان ، فقلت : جعلت فداك ترى فيها شيئاً؟ فقال : نعم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة : يا أهل يثرب انّي رسول اللّه إليكم ، الاّ انّ شعبان شهري فرحم اللّه من أعانني على شهري.

ثم قال : انّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : ما فاتني صوم شعبان منذ (1) سمعت منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ينادي في شعبان ، فلن يفوتني أيّام حياتي صوم شعبان ان شاء اللّه ، ثم كان عليه السلام يقول : صوم شهرين متتابعين توبة من اللّه (2).

أقول : وقد قدمنا في الجزء الخامس في عمل كل شهر ما يختصّ بأوّل ليلة منه ، وذكرنا في كتاب عمل كل شهر ما يدعا به عند رؤية هلال جميع الشهور فيعتمد على تلك الأمور (3) ، فان لم يحضره فيقول ان شاء اللّه :

اللّهُمَّ إِنَّ هذا هِلالُ شَعْبانَ (4) وَقَدْ وَرَدَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِما فِيهِ مِنَ الإِحْسانِ ، فَاجْعَلْهُ اللّهُمَّ هِلالَ بَرَكاتٍ وَسَعاداتٍ كامِلَةِ الأَمانِ وَالْغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ

ص: 288


1- 1. مذ ( خ ل ).
2- 2. مصباح المتهجد : 825 ، عنه البحار 97 : 79.
3- 3. شهر شعبان ( خ ل ).
4- 4. الدروع الواقية : 29.

وَماحِيَةِ الأَخْطارِ فِي الأَحْيانِ وَالأَزْمانِ ، وَحامِيَةً مِنْ أَذَى اهْلِ الْعِصْيانِ وَالْبُهْتانِ ، وَشَرِّفْنا بِامْتِثالِ مَراسِمِهِ ( وَإِحْياءِ مَواسِمِهِ ) (1) ، وَالْحِقْنا بِشُمُولِ مَراحِمِهِ وَمَكارِمِهِ ، وَطَهِّرْنا فِيهِ تَطْهِيراً تَصْلَحُ بِهِ لِلدُّخُولِ عَلى شَهْرِ رَمَضانَ ، مُظَفَّرِينَ بِافْضَلِ ما ظَفَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ اهْلِ الإِسْلامِ وَالإِيمانِ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ونذكر في أدعية شهر رمضان من الجزء السادس دعاء عند رؤية هلال كل شهر ، فيدعى عند رؤية هلال شعبان بذلك.

فصل (3): فيما نذكره من صلاة في أوّل ليلة من شعبان

وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح ، مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى أول ليلة من شعبان مائة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مرة ، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة ، والذي بعثني بالحق نبيّا انّه إذا صلّى هذه الصلاة وصام العبد ، دفع اللّه تعالى عنه شر أهل السماء وشر أهل الأرض وشر الشياطين والسلاطين ، ويغفر له سبعين ألف كبيرة ويرفع عنه عذاب القبر ولا يروعه منكر ولا نكير ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر ، ويمرّ على الصراط كالبرق ويعطي كتابه بيمينه (2).

صلاة أخرى في أوّل ليلة من شعبان :

وجدناه في معادن ذخائر اليوم الآخر ، مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله انه قال :

من صلّى أول ليلة من شعبان اثنتي عشر ركعة ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمس عشرة مرة ، أعطاه اللّه تعالى ثواب اثني عشر ألف شهيد وكتب له عبادة اثنتي عشرة سنة وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه وأعطاه اللّه بكل آية في

ص: 289


1- 1. ليس في بعض النسخ.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 100 ، مصباح الكفعمي : 539.

القرآن قصراً في الجنّة (1).

صلاة أخرى في أول ليلة من شعبان :

وجدناها في مناهل الجود وإكرام أهل الوفود ، مروياً عن النبي صلى اللّه عليه وآله انه قال : من صلّى أوّل ليلة من شعبان ركعتين ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وثلاثين مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فإذا سلّم قال : اللّهُمَّ هذا عَهْدِي عِنْدَكَ الى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، حفظ من إبليس وجنوده وأعطاه اللّه ثواب الصديقين (2).

صلاة أخرى في أوّل ليلة من شعبان واللّيلة الثانية والثالثة مع صيام نهارها :

وجدناها في صحف الدلالة على كرم مالك الجلالة عن النبي صلى اللّه عليه وآله انّه قال : من صام ثلاثة أيام من أول شعبان ويقوم لياليها وصلّى ركعتين ، في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) إحدى عشرة مرة رفع اللّه تعالى عنه شرّ أهل السماوات وشرّ أهل الأرضين وشرّ إبليس وجنوده وشرّ كلّ سلطان جائر ، والذي بعثني بالحق نبيّا انّه يغفر اللّه له سبعين ألف ذنب من الكبائر فيما بينه وبين اللّه عزَّ وجلَّ ويدفع اللّه عنه عذاب القبر ونزعه وشدائده (3).

فصل (4): فيما نذكره من أحاديث في صوم شهر شعبان كله

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب ثواب الأعمال فقال : سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيّ الصّيام أفضل؟ قال : شعبان تعظيما لشهر رمضان (4).

ص: 290


1- 1. عنه الوسائل 8 : 103.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 104.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 104.
4- 4. ثواب الأعمال : 86.

وفي حديث آخر من كتاب ثواب الأعمال عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها : انّ النبي صلى اللّه عليه وآله لم يكن يصوم من السّنة شهرا تامّا الاّ شعبان يصل به شهر رمضان (1).

ومن ذلك ما رويناه عن عدّة طرق بها من كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : من صام شعبان كان له طهرا من كلّ زلّة ووصمة وبادرة ، قال أبو حمزة : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : ما الوصمة؟ قال : اليمين في المعصية والنذر في المعصية ، قلت : فما البادرة؟ قال : اليمين عند الغضب والتوبة ، بها الندم عليها (2).

ومن ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من الكتاب فيما رواه عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما وينهى الناس ان يصلوهما ، وكان يقول : هما شهر اللّه وهما كفّارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب (3).

أقول : هما شهر اللّه ، وفي الأحاديث : شعبان شهره عليه السلام ، لانّه كلّما كان له فهو لله جلّ جلاله ، وقوله صلوات اللّه عليه : وينهى الناس ان يصلوهما ، لعل المراد بذلك التخفيف عن الناس من موالاة شهرين متتابعين ، فيراد منهم ان يفصلوا بينهما بذلك التخفيف عن الناس من موالاة شهرين متتابعين ، فيراد منهم ان يفصلوا بينهما بيوم أو يومين.

وينبّه على ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان أبي يفصل بين شعبان وشهر رمضان بيوم (4).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : صوم شعبان حسن ولكن افصل بينهما بيوم ، وفي حديث آخر : بيوم أو اثنين.

أقول : فإن كنت تريد كمال السعادات بصوم شعبان كله والظفر بما فيه من

ص: 291


1- 1. ثواب الأعمال : 86.
2- 2. ثواب الأعمال : 83 ، معاني الأخبار : 169 ، عنهما البحار 97 : 74 ، مصباح المتهجد 2 : 825.
3- 3. ثواب الأعمال : 85 ، مصباح المتهجد 2 : 828.
4- 4. ثواب الأعمال : 84 ، عنه البحار 97 : 76.

العنايات ، فأنت المستظهر لنفسه قبل الممات ، وان كان لك مانع ممّا أشرنا إليه فنحن ذاكرون فضائل أيام من شعبان فانظر ما تقدر على صومه منها ، فاعتمد عليها.

فصل (5): فيما نذكره من فضل شهر شعبان بالمنقول ، وفضل صوم أوّل يوم منه بالرواية عن الرسول صلى اللّه عليه وآله

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان اللّه عليه من كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله بصريح المقال ، فقال :

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان ، فقال : شهر شريف وهو شهري وحملة العرش تعظّمه وتعرف حقه ، وهو شهر زاد فيه أرزاق العباد لشهر رمضان وتزيّن فيه الجنان ، وانّما سمّي شعبان لأنّه يتشعّب فيه أرزاق المؤمنين ، وهو شهر العمل فيه يضاعف الحسنة بسبعين ، والسّيّئة محطوطة والذنب مغفور والحسنة مقبولة ، والجبّار جلّ جلاله يباهي به لعباده وينظر إلى صوّامه وقوّامه ، فيباهي بهم حملة العرش.

فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : بأبي أنت وأمّي يا رسول اللّه صف لنا شيئا من فضائله لنزداد رغبة في صيامه وقيامه ولنجتهد للجليل عزّ وجلّ فيه ، فقال صلى اللّه عليه وآله : من صام أوّل يوم من شعبان كتب اللّه له عزّ وجلّ سبعين حسنة الحسنة تعدل عبادة سنة (1).

فصل (6): فيما نذكره من فضل صوم يوم من شعبان من غير تعيين لأوّله ، وذكر فضله

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه من كتاب أماليه بإسناده إلى عبد اللّه بن الفضل

ص: 292


1- 1. ثواب الأعمال : 86.

الهاشمي ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال :

صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة ، وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلاّ أصلح اللّه له أمر معيشته وكفاه شرّ عدوه ، وانّ أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان ان تجب له الجنّة (1).

فصل (7): فيما نذكره من صوم يوم أو يومين أو ثلاثة أيام منه

روينا بعدّة أسانيد إلى الصادق عليه السلام قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : شعبان شهري ورمضان شهر اللّه عزّ وجلّ ، فمن صام يوما من شهري كنت شفيعه يوم القيامة ، ومن صام يومين من شهري غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه ، ومن صام ثلاثة أيام من شهري قيل له : استأنف العمل (2).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فيما رواه عن الحسن بن محبوب عن عبد اللّه بن حزم الأزدي قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : من صام أوّل يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتة ، ومن صام يومين نظر اللّه إليه في كل يوم وليه في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنّة ، ومن صام ثلاثة أيام زار اللّه في عرشه في جنّته كل يوم (3).

أقول : لعلّ المراد بزيارة اللّه في عرشه ، ان يكون لقوم من أهل الجنّة مكان من العرش ، من وصل إليه يسمّى زائر اللّه ، كما جعل اللّه الكعبة الشريفة بيته الحرام ، من حجّها فقد حجّ اللّه.

ص: 293


1- 1. أمالي الصدوق : 11 ، عنه البحار 97 : 68.
2- 2. أمالي الصدوق : 13 ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهما البحار 97 : 68.
3- 3. ثواب الأعمال : 84 ، مصباح المتهجد 2 : 830.

وذكر الشيخ ابن بابويه رحمه اللّه في كتاب من لا يحضره الفقيه ان معنى هذا الحديث زيارة أنبياء اللّه وحججه في الجنان وانّ من زارهم فقد زار اللّه (1).

وقد وردت أحاديث كثيرة : أن زيارة المؤمن وعيادته وإطعامه وكسوته ، منسوبة إلى أنّها زيارة اللّه وموصوفة بأنّها عملت مع اللّه.

فصل (8): فيما نذكره من فضل الصدقة

روينا ذلك بإسنادنا إلى سعد بن عبد اللّه بإسناده إلى داود بن كثير الرقي قال : سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن صوم رجب فقال : أين أنتم عن صوم شعبان ، فقلت له : يا بن رسول اللّه ما ثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال :

الجنّة واللّه ، فقلت : يا بن رسول اللّه ما أفضل ما يفعل فيه؟ قال : الصدقة والاستغفار ، ومن تصدّق بصدقة في شعبان ربّاها اللّه تعالى كما يربّي أحدكم فصيله حتّى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد.

قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في أماليه فيما رويناه بإسناده إلى الحسن بن علي بن فضّال قال : سمعت علي بن موسى الرضا صلوات اللّه عليه وآله يقول : من استغفر اللّه تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرّة غفر اللّه له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النّجوم (2).

فصل (9): فيما نذكره من فضل التهليل ولفظ الاستغفار في شهر شعبان

وجدنا ذلك في كتب العبادات عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن قال في شعبان ألف مرة : لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَلا نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، كتب اللّه له عبادة ألف سنة ، ومحي عنه ذنب ألف سنة

ص: 294


1- 1. الفقيه 2 : 93.
2- 2. أمالي الصدوق : 24.

ويخرج من قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر وكتب عند اللّه صديقا.

ذكر لفظ الاستغفار كل يوم من شعبان :

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء بإسناده فيه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : من قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرة : اسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

وفي رواية جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه : اسْتَغْفِرُ اللّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

وفي رواية الصفار : يكتب في الأفق المبين ، قال : قلت : ما الأفق المبين؟ قال : قاع بين يدي العرش فيها أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.

وفي رواية جدي الطوسي زيادة : كتبه اللّه في الأفق المبين ، ثم اتّفقا في اللفظ ، وزاد الطوسي : عدد نجوم السماء (1).

فصل (10): فيما نذكره من الدعاء في شعبان ، مرويّ عن ابن خالويه

أقول أنا : واسم ابن خالويه الحسين بن محمد ، وكنيته أبو عبد اللّه ، وذكر النجاشي انّه كان عارفا بمذهبنا مع علمه بعلوم العربيّة واللّغة والشعر وسكن بحلب (2) ، وذكر محمد بن النجار في التذييل : وقد ذكرناه في الجزء الثالث من التحصيل ، فقال عن الحسين بن خالويه : كان إماماً أوحد افراد الدهر في كل قسم من أقسام العلم والأدب وكان إليه الرّحلة من الأوقات وسكن بحلب وكان آل حمدان يكرمونه ومات بها.

قال : انها مناجاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من ولده عليهم السلام ، كانوا يدعون بها في شهر شعبان :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْمَعْ دُعائِي إِذا دَعَوْتُكَ ، وَاسْمَعْ

ص: 295


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 829.
2- 2. رجال النجاشي : 67 ، الرقم : 161.

نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ ، وَاقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ ، فَقَدْ هَرَبْتُ الَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُسْتَكِيناً (1) لَكَ ، مُتَضَرِّعاً الَيْكَ ، راجِياً لِما تَرانِي (2) ، وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي ، وَلا يَخْفى عَلَيْكَ امْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ ، وَما أُرِيدُ انْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي ، وَأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي ، وَارْجُوهُ لِعافِيَتِي.

وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي ، فِيما يَكُونُ مِنِّي الى آخِرِ عُمْرِي ، مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي ، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي ، وَنَفْعِي وَضَرِّي.

الهِي انْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْزُقُنِي ، وَانْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُنِي ، الهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ.

الهِي انْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ (3) لِرَحْمَتِكَ ، فَانْتَ اهْلٌ انْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، الهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، فَفَعَلْتَ (4) ما انْتَ اهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.

الهِي انْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ ، وَانْ كانَ قَدْ دَنى اجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي (5) مِنْكَ عَمَلِي ، فَقَدْ جَعَلْتُ الإِقْرارَ بِالذَّنْبِ الَيْكَ وسِيلَتِي ، الهِي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها فَلَها الْوَيْلُ انْ لَمْ تَغْفِرْ لَها.

الهِي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتِي ، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي فِي مَماتِي ، الهِي كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي ، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي الاَّ الْجَمِيلَ فِي حَياتِي ، الهِي تَوَلَّ مِنْ امْرِي ما انْتَ اهْلُهُ وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ (6) جَهْلُهُ.

ص: 296


1- 1. مسكينا ( خ ل ).
2- 2. ثوابي ( خ ل ).
3- 3. مستأهل : مستوجب.
4- 4. فقلت ( خ ل ).
5- 5. لم يدن ( خ ل ).
6- 6. غمرة : غطّاه.

الهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَانَا احْوَجُ الى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأُخْرى ، الهِي قَدْ احْسَنْتَ الَيَّ إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى رُؤُوسِ الأَشْهادِ.

الهِي جُودُكَ بَسَطَ امَلِي وَعَفْوُكَ افْضَلُ مِنْ عَمَلِي ، الهِي فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ عِبادِكَ ، الهِي اعْتِذارِي الَيْكَ اعْتِذارُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ ، فَاقْبَلْ عُذْرِي ، يا اكْرَمَ (1) مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسِيئُونَ.

الهِي لا تَرُدَّ حاجَتِي وَلا تُخَيِّبْ طَمَعِي وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَامَلِي ، الهِي لَوْ ارَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي ، وَلَوْ ارَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تُعافِنِي ، الهِي ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ.

الهِي فَلَكَ الْحَمْدُ ابَداً ابَداً دائِماً سَرْمَداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى ، الهِي انْ اخَذْتَنِي بِجُرْمِي اخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ ، وَانْ اخَذْتَنِي بِذُنُوبِي اخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ ، وَانْ (2) ادْخَلْتَنِي النَّارَ اعْلَمْتُ أَهْلَها إَنِّي أُحِبُّكَ.

الهِي انْ كانَ صَغُرَ (3) فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ امَلِي ، الهِي كَيْفَ انْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْرُوماً ، وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ انْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً.

الهِي وَقَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي شَرَهِ (4) السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ ، الهِي فَلَمْ اسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي الى سَبِيلِ سَخَطِكَ ، الهِي وَانَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ (5) قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ الَيْكَ.

الهِي انَا عَبْدٌ اتَنَصَّلُ (6) الَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائِي

ص: 297


1- 1. يا كريم يا أكرم ( خ ل ).
2- 2. إذا ( خ ل ).
3- 3. كان قد صغر ( خ ل ).
4- 4. الشره : شدّة غلبة الحرص.
5- 5. ابن عبديك ( خ ل ).
6- 6. تنصّل من الجناية : خرج وبرء.

مِنْ نَظَرِكَ ، وَاطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ ، إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ ، الهِي لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَانْتَقِلُ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاّ فِي وَقْتٍ ايْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ وَكَما ارَدْتَ انْ أَكُونَ كُنْتُ ، فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ ، وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ.

الهِي انْظُرْ الَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَاجابَكَ ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَاطاعَكَ ، يا قَرِيباً لا يَبْعُدُ عَنِ الْمُغْتَرِّ بِهِ ، وَيا جَواداً لا يَبْخَلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ ، الهِي هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ ، وَلِساناً يَرْفَعُهُ (1) الَيْكَ صِدْقُهُ ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ.

الهِي انَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرِ مَجْهُولٍ ، وَمَنْ لاذَ بِكَ غَيْرَ مَخْذُولٍ ، وَمَنْ اقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ (2).

الهِي إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ ، وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ ، وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا الهِي (3) فَلا تُخَيِّبْ (4) ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأْفَتِكَ ، الهِي اقِمْنِي فِي اهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجَا الزِّيادَةَ مِنْ مَحَبَّتِكَ.

الهِي وَالْهِمْنِي وَلَهاً (5) بِذِكْرِكَ الى ذِكْرِكَ ، وَاجْعَلْ هَمِّي (6) فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ ، الهِي بِكَ عَلَيْكَ الاّ الْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ اهْلِ طاعَتِكَ وَالْمَثْوَى (7) الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتِكَ ، فَانِّي لا اقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً وَلا امْلِكُ لَها نَفْعاً.

الهِي انَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الْمُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ الْمَعِيبُ ، فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ وَحَجَبَهُ (8) سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ.

ص: 298


1- 1. يرفع ( خ ل ).
2- 2. مملول ( خ ل ).
3- 3. يا سيدي ( خ ل ).
4- 4. خيّبه : لم ينله مطلوبه.
5- 5. الوله : محركة الحزن أو ذهاب العقل حزنا.
6- 6. همتي ( خ ل ).
7- 7. ثوى بمكان : أقام فيه.
8- 8. حجبك ( خ ل ).

الهِي هَبْ لِي كَمالَ الانْقِطاعِ الَيْكَ ، وَانِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها الَيْكَ ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ ، فَتَصِلَ الى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ ، الهِي وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاجابَكَ وَلا حَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

الهِي لَمْ اسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الإِياسِ وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَمِيلِ كَرَمِكَ ، الهِي انْ كانَتِ الْخَطايا قَدْ اسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، الهِي انْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ ، فَقَدْ نَبَّهَنِي الْيَقِينُ الى كَرَمِ عَطْفِكَ.

الهِي انْ أَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ ، الهِي انْ دَعانِي إِلَى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ ، فَقَدْ دَعانِي إِلَى الْجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ ، الهِي فَلَكَ اسْأَلُ وَالَيْكَ ابْتَهِلُ (1) وَارْغَبُ ، انْ (2) تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ شُكْرِكَ وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ.

الهِي وَالْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الابْهَجِ ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً ، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً ، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

ومن الدعاء كل يوم من شعبان عند الزّوال ما رويناه بعدّة طرق إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، ورواه محمد بن علي الطرازي في كتابه ووجدناه بخطّه ، فقالا فيما رويا عن محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثني أحمد بن محمد السيّاري ، قال : حدثني العباس بن مجاهد ، عن أبيه قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كلّ زوال من أيّام شعبان وفي ليلة النصف منه ويصلّي على النبي صلى اللّه عليه وآله بهذه الصلوات :

ص: 299


1- 1. ابتهل : اتضرّع.
2- 2. أسألك ( خ ل ).

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ وَاهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الْفُلْكِ الْجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها ، الْمُتَقدمُ لَهُمْ مارِقٌ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ وَاللاَّزِمُ لَهُمْ لاحِقٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الْكَهْفِ الْحَصِينِ وَغِياثِ الْمُضْطَرِّينَ وَالْمَساكِينَ (1) وَمَلْجَأِ الْهارِبينَ وَمَنْجَا الْخائِفِينَ وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضا وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وآله أَداءً ( وَقَضاءً ) (2) بِحَوْلِ مِنْكَ وَقُوَّةٍ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرِينَ الأَخْيارِ ، الَّذِينَ اوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايَتَهُمْ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، اللّهُمَّ وَاعْمُرْ قَلْبِي بِطاعَتِكَ وَلا تُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَارْزُقْنِي مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ ، وَاحْيَيْتَنِي تَحْتَ ظِلِّكَ ، وَهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، شَعْبانُ الَّذِي حَفَفْتَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ ، الَّذِي كانَ رَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَدْأَبُ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ فِي لَيالِيهِ وَأَيَّامِهِ ، بُخُوعاً لَكَ فِي إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ الى مَحَلِّ حِمامِهِ.

اللّهُمَّ فَأَعِنَّا عَلَى الاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فِيهِ وَنَيْلِ الشَّفاعَةِ لَدَيْهِ ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِي شَفِيعاً مُشَفَّعاً وَطَرِيقاً الَيْكَ مَهْيَعاً ، وَاجْعَلْنِي لَهُ مُتَّبِعاً حَتّى أَلْقاهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَنِّي راضِياً وَعَنْ ذُنُوبِي غاضِياً (3) ، وَقَدْ اوْجَبْتَ لِي مِنْكَ الْكَرامَةَ وَالرِّضْوانَ وَانْزَلْتَنِي دارَ الْقَرارِ وَمَحَلَّ الأَخْيارِ (4).

ص: 300


1- 1. المضطر المستكين ( خ ل ).
2- 2. ليس في بعض النسخ.
3- 3. الإغضاء : احتمال المكروه وكظم الغيظ.
4- 4. مصباح المتهجد 2 : 828.

فصل (11): فيما نذكره من فضل كلّ خميس في شعبان والصلاة فيه

أقول : إنما قدمت هذا الفصل في عمل أول يوم من شعبان لجواز ان يكون أول الشهر الخميس ، فيجده الإنسان مذكورا فيه ، وان لم يكن أوّل الشهر الخميس فيكون المطّلع عليه في أَوائل أيامه ، ذاكرا له إذا وصل إليه ومحفوظا في جملة مهامّه ، استظهارا بذلك للعبادات وخوفا من الغفلات ومن شواغل الأوقات.

وجدنا هذه الرواية العظيمة الشأن في اعمال شعبان عن مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : تتزيّن السماوات في كلّ خميس من شعبان ، فتقول الملائكة : إلهنا اغفر لصائمه وأجب دعائهم ، فمن صلّى فيه ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرة ، فإذا سلّم صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله مائة مرة ، قضى اللّه له كلّ حاجة من أمر دينه ودنياه ، ومن صام فيه يوماً واحداً حرّم اللّه جسده على النار (1).

أقول : ووجدت في رواية عن النبي صلى اللّه عليه وآله : انّ من صام يوم الاثنين والخميس من شعبان جعل اللّه تعالى له نصيبا ، فمن صام يوم الاثنين والخميس من شعبان قضى لله له عشرين حاجة من حوائج الدنيا وعشرين حاجة من حوائج الآخرة.

فصل (12): فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الثانية من شعبان خميس ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة

ص: 301


1- 1. عنه الوسائل 8 : 104.

الكتاب مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين مرّة ، يأمر اللّه تعالى الكرام الكاتبين ان لا تكتبوا على عبدي سيئة إلى ان يحول عليه الحول ، ويجعل اللّه تعالى له نصيبا في عبادة أهل السماء والأرض ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يجتنب قيام تلك الليلة إلاّ شقيّ أو منافق أو فاجر - وذكر فضلا كثيرا (1).

فصل (13): فيما نذكره من فضل صوم يومين من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ومن صام يومين من شعبان حطّت عنه السيئة الموبقة (2).

فصل (14): فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الثالثة من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وخمسا وعشرين مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فتح اللّه له يوم القيامة ثمانية أبواب الجنّة وأغلق عنه سبعة أبواب النار وكساه اللّه ألف حلّة وألف تاج (3).

فصل (15): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما رواه في كتاب أماليه وكتاب ثواب

ص: 302


1- 1. عنه الوسائل 8 : 100 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 86 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 68.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 100 ، مصباح الكفعمي : 539.

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثلاثة أيام من شعبان رفع له سبعون درجة في الجنان من در وياقوت (1).

فصل (16): فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شعبان وولادة الحسين عليه السلام فيه

اعلم اننا كنّا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف ما رويناه من اختلاف من اختلف في وقت ولادة الحسين عليه أفضل الصلوات ، واجتهدنا في تسمية الكتب التي روينا ذلك فيها والروايات ، وانّما نتبع الآن ما وجدناه من تعيين الولادة بيوم الثالث من شعبان والعمل فيه بحسب الإمكان.

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فقال عند ذكر شعبان : اليوم الثالث منه فيه ولد الحسين بن علي عليهما السلام ، خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام انّ مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، فصم وادع فيه بهذا الدعاء :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا الْمَوْلُودِ فِي هذا الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَولادَتِهِ ، بَكَتْهُ مَلائِكَةُ السَّماءِ وَمَنْ فِيها وَالارْضُ وَمَنْ عَلَيْها ، وَلَمّا يَطَأُ لابَتَيْها (2).

قَتِيلِ الْعَبْرَةِ (3) وَسَيِّدِ الاسْرَةِ ، الْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ ، الْمُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ ، وَالشِّفاءَ فِي تُرْبَتِهِ ، وَالْفَوْزَ مَعَهُ فِي اوْبَتِهِ (4) ، وَالأَوْصِياءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ ، حَتّى يُدْرِكُوا الأَوْتارَ ، وَيَثْأَرُوا الثَّأرَ (5) وَيُرْضُوا

ص: 303


1- 1. ثواب الأعمال : 86 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 68.
2- 2. اللابة : الحرة ، وهي الأرض ذات الحجارة والضمير اما راجع إلى المدينة أو إلى الأرض ، والمراد قبل مشيه عليه السلام على الأرض.
3- 3. العبرة : الدمعة.
4- 4. أوبته : رجوعه.
5- 5. يثأروا الثأر : يطلبون الدم.

الْجَبَّارَ ، وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصارٍ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ مَعَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ.

اللّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ الَيْكَ أَتَوَسَّلُ ، وَاسْأَلُ سُؤَالَ مُعْتَرِفٍ مُقْتَرِفٍ مُسِيء الى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَامْسِهِ ، يَسْأَلُكَ الْعِصْمَةَ الى مَحَلِّ رَمْسِهِ ، اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الْكَرامَةِ وَمَحَلِّ الإِقامَةِ.

اللّهُمَّ وَكَما أَكْرَمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ ، فَاكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ ، وَارْزُقْنا مُرافَقَتِهِ وَسابِقَتِهِ ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لِأَمْرِهِ ، وَيَكْثُرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ ، وَعَلى جَمِيعِ أَوْصِيائِهِ وَاهْلِ اصْطِفائِهِ (1) ، الْمَعْدُودِينَ (2) مِنْكَ بِالْعَدَدِ الاثْنى عَشَرَ ، النُّجُومِ الزُّهَرِ وَالْحُجَجِ عَلى جَمِيعِ الْبَشَرِ.

اللّهُمَّ وَهَبْ لَنا فِي هذَا الْيَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ ، وَانْجِحْ لَنا فِيهِ كُلَّ طَلِبَةٍ ، كَما وَهَبْتَ الْحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ ، فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ اوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

ثم تدعوا بعد ذلك بدعاء الحسين عليه السلام وهو آخر دعاء دعا به الحسين عليه السلام يوم الكوثر (3) :

اللّهُمَّ انْتَ مُتَعالِي الْمَكانِ ، عَظِيمُ الْجَبَرُوتِ ، شَدِيدُ الْمُحالِ ، غَنِيٌّ عَنِ الْخَلائِقِ ، عَرِيضُ الْكِبْرِياءِ ، قادِرٌ عَلى ما يَشاءُ ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ ، صادِقُ الْوَعْدِ ، سابِغُ النِّعْمَةِ ، حَسَنُ الْبَلاءِ ، قَرِيبٌ إِذا دُعِيتَ ، مُحِيطٌ بِما خَلَقْتَ.

قابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تابَ الَيْكَ ، قادِرٌ عَلى ما أَرَدْتَ ، وَمُدْرِكٌ ما طَلَبْتَ ، وَشَكُورٌ إِذا شُكِرْتَ ، وَذاكِرٌ إِذا ذُكِرْتَ ، ادْعُوكَ مُحْتاجاً ، وَارْغَبُ الَيْكَ فَقِيراً ، وَافْزَعُ الَيْكَ خائِفاً ، وَأَبْكِي الَيْكَ مَكْرُوباً ، وَاسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كافِياً.

احْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا ، فَانَّهُمْ غَرُّونا وَخَذَلُونا وَغَدَرُوا بِنا وَقَتَلُونا ، وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ وَوُلْدِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسالَةِ وَائْتَمَنْتَهُ

ص: 304


1- 1. في المصباح : أصفيائه.
2- 2. الممدودين ( خ ل ).
3- 3. يوم كوثر - على بناء المجهول - أي صار مغلوباً بكثرة العدو.

عَلى وَحْيِكَ ، فَاجْعَلْ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

قال ابن عيّاش : سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري : ان أبا عبد اللّه عليه السلام يدعو به في هذا اليوم وقال : هو من أدعية يوم الثالث من شعبان ، وهو مولد الحسين عليه السلام (1).

فصل (17): فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الرابعة من شعبان أربعين ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وخمسا وعشرين مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، كتب اللّه له بكل ركعة ثواب ألف ألف سنة وبني له بكل سورة ألف ألف مدينة وأعطاه اللّه ثواب ألف ألف شهيد (2).

فصل (18): فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ومن صام أربعة أيام من شعبان وسّع اللّه عليه في الرزق (3).

فصل (19): فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلوات اللّه عليه وآله قال :

ص: 305


1- 1. مصباح المتهجد 2 : 826 ، عنه البحار 101 : 347.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 100 ، المصباح الكفعمي : 539.
3- 3. ثواب الأعمال : 86 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 69.

ومن صلّى في اللّيلة الخامسة من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وخمسمائة مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فإذا سلّم صلّى على النبي سبعين مرّة ، قضى اللّه له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ، وأعطاه اللّه بعدد نجوم السّماء مدينة في الجنّة (1).

فصل (20): فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ومن صام خمسة أيام من شعبان حبّب إلى العباد (2).

فصل (21): فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من شعبان

وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلوات اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السادسة من شعبان اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وخمسين مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، قبض اللّه روحه على السعادة ووسّع عليه في قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول : اشهد ان لا إله إلاّ اللّه وانّ محمّداً عبده ورسوله (3).

فصل (22): فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وفي كتاب ثواب

ص: 306


1- 1. عنه الوسائل 8 : 100 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 86 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 69.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ستّة أيام من شعبان صرف عنه سبعون لونا من البلاء (1).

فصل (23): فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة السابعة من شعبان ركعتين ، بفاتحة الكتاب مرة ومائة مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، في الركعة الثانية الحمد مرة وآية الكرسي مائة مرة ، قال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى هذه الصلاة إلاّ استجاب اللّه تعالى منه دعاءه وقضى حوائجه ، وكتب له كلّ يوم ثواب شهيد ولا يكون عليه خطيئة (2).

فصل (24): فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صام سبعة أيام من شعبان ، عصم من إبليس وجنوده دهره وعمره (3). (4)

فصل (25): فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال :

ص: 307


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 69.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. وهمزه وغمزه ( خ ل ).
4- 4. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 29 ، عنهما البحار 97 : 69.

ومن صلّى في الليلة الثامنة من شعبان ركعتين ، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب مرة وخمس مرات ( آمَنَ الرَّسُولُ ) - الى آخره » ، وخمس عشر مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) مرة ، وخمس عشر مرة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فلو كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر لا يخرجه اللّه من الدنيا الاّ طاهرا وكأنّما قرء التوراة والإنجيل والزبور والفرقان (1).

فصل (26): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيّام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثمانية أيام من شعبان لم يخرج من الدنيا حتّى يسقى من حياض القدس (2).

فصل (27): فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة التاسعة من شعبان اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وعشر مرات ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) ، حرم اللّه جسده على النار البتة ، وأعطاه اللّه بكل آية ثواب اثني عشر شهيدا من شهداء بدر وثواب العلماء (3).

فصل (28): فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب

ص: 308


1- 1. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام تسعة أيام من شعبان عطف عليه منكر ونكير عند ما يسألانه (1).

فصل (29): فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة العاشرة من شعبان اربع ركعات يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة « و ( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) ثلاث مرات ، فمن صلّى هذه الصلاة يقول اللّه لملائكته : اكتبوا له مائة ألف حسنة وارفعوا له مائة ألف درجة وافتحوا له مائة ألف باب ، ولا تغلقوا عنه أبد الأبد وغفر له ولأبويه ولجيرانه (2).

فصل (30): فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام عشرة أيام من شعبان ضرب على قبره أحد عشر منارة من نور (3).

فصل (31): فيما نذكره من عمل اللّيلة الحادية عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الحادية عشر من شعبان ثماني ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة

ص: 309


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.

الكتاب مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) عشر مرات ، والذي بعثني بالحق نبيّا لا يصليها إلاّ مؤمن مستكمل الإيمان ، وأعطاه اللّه بكل ركعة روضة من رياض الجنّة (1).

فصل (32): فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوماً من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب على قبره أحد عشر منارة من نور - وقد تقدم مثله (2).

فصل (33): فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الثانية عشر من شعبان اثنتي عشر ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) ، عشر مرات ، غفر اللّه تعالى له ذنوب أربعين سنة ورفع له أربعين درجة واستغفر له أربعون ألف ملك وله ثواب من أدرك ليلة القدر (3).

فصل (34): فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام من شعبان اثنى عشر يوما

ص: 310


1- 1. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.

زاره كل يوم في قبره تسعون ألف ملك إلى النفخ في الصور (1).

فصل (35): فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة الثالثة عشر من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) مرة ، فكأنّما أعتق مائتي رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام ، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه وأعطاه اللّه براءة من النار ، ويرافق محمد صلى اللّه عليه وآله وإبراهيم عليه السلام (2).

أقول : وقد كنّا ذكرنا في الليالي البيض من رجب عملا جليلا يعمل به في هذه اللّيالي البيض من شعبان وشهر رمضان ، فيؤخذ من ذلك المكان ويغتنم أوقات الإمكان.

فصل (36): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثلاثة عشر يوما من شعبان استغفرت له (3) ملائكة سبع سماوات (4).

ص: 311


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. استغفر اللّه له ( خ ل ).
4- 4. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.

فصل (37): فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : من صلّى في الليلة الرابعة عشر من شعبان اربع ركعات ، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة والعصر خمس مرات ، كتب اللّه له ثواب المصلين من لدن آدم إلى يوم القيامة ، وبعثه اللّه تعالى ووجهه أضوأ من الشمس والقمر ، وغفر له (1).

فصل (38): فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام أربعة عشر يوما من شعبان ألهمت الدواب والسباع حتى الحيتان في البحور ان يستغفروا له (2).

فصل (39): فيما نذكره من عمل الليلة النصف من شعبان

اعلم انّنا ذاكرون من اعمال هذه اللّيلة السعيدة ، بعض ما رويناه ورأيناه من العبادات الحميدة ، ونجعلها بين يديك ، فاختر لنفسك ما قد عرض لك اللّه جلّ جلاله من السعادة بذلك عليك ، فسيأتي وقت يطوي فيه بساط الحياة بيد الوفاة ، ويطوي فيه صحائف الأعمال ، فلا تقدر على الزيادة في الإقبال.

وان توقّفت نفسك عن العمل بجميع ما ذكرناه ، أو تكاسلت واشتغلت بما ضرّه أكثر من نفعه ، أو بما لا بقاء لنفعه من شواغل دار الزوال ، فحدّثها بما نذكره من المثال ،

ص: 312


1- 1. عنه الوسائل 8 : 101 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.

فتقول :

ما تقول لو انّ بعض ملوك دار الفناء أحضرك مع الجلساء ، وقدّم بين يديك خلعاً مختلفة السعود وأموالا مختلفة النقود ، وكتبا بأملاك وعقار وتواقيع بولايات صغار وكبار ، وأنت محتاج إلى شيء من هذه السعادات المبذولات.

فمهما كنت فاعلا من الاستقصاء في طلب غايات تلك الزيادات ، فليكن اهتمامك بما عرضه اللّه جلّ جلاله عليك ، وأحضره في هذه الليلة بين يديك من خلع دوام إقبالك وتمام آمالك ومساكنك الباقية التي تحتاج إليها ، والذخائر التي تعلم انّك قادم عليها على قدر اهتمامك بما بذله سلطان الدنيا لك وعرضه عليك ، وبقدر التفاوت بين فناء المواهب الدنيا الزائلة ودوام بقاء مطالب الآخرة الكاملة.

والاّ متى نشطت عند العاجل وكسلت عند الآجل ، فكأنّك لست مصدِّقا بالبدل الرّاجح والرسول الناصح ، وانّك مصدق بذلك المطلوب ، لكنك سقيم بعيوب القلوب والذنوب ، فأنت كالمقيّد المحجوب أو المطرود المغلوب ، فاشتغل رحمك اللّه بدواء أسقامك وثبوت اقدامك.

فصل (40): فيما نذكره من اربع ركعات في ليلة النصف من شعبان بين العشاءين

وجدنا ذلك مرويّا عن داعي اللّه جلّ جلاله إلى امتثال مقاله محمد صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الخامسة عشر من شعبان بين العشاءين أربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات - وفي رواية أخرى إحدى عشر مرّة - فإذا فرغ قال : يا رَبِّ اغْفِرْ لَنا - عشر مرّات ، يا رَبِّ ارْحَمْنا - عشر مرّات ، يا رَبِّ تُبْ عَلَيْنا - عشر مرّات ، ويقرء ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) إحدى وعشرين مرّة.

ثمّ يقول : سُبْحانَ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتى وَيُمِيتُ الْأَحْياءَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - عشر مرّات.

ص: 313

استجاب اللّه تعالى له وقضى حوائجه في الدّنيا والآخرة ، وأعطاه اللّه كتابه بيمينه ، وكان في حفظ اللّه تعالى إلى قابل (1).

فصل (41): فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي محمّد هارون بن موسى التّلعكبري رضي اللّه عنه قال : الصّلاة في ليلة النّصف من شعبان أربع ركعات تقرء في كلّ ركعة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة فإذا فرغت قلت :

اللّهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ ، وَمِنْ عَذابِكَ خائِفٌ ، وَبِكَ مُسْتَجِيرٌ ، رَبِّ لا تُبَدِّلْ اسْمِي وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي ، رَبِّ لا تُجْهِدْ بَلائِي ، رَبِّ لا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ ، وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، جَلَّ ثَناؤُكَ أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ ، وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ فِيكَ ، ثمّ ادع بما أحببت (2).

أقول : وروينا هذه الصّلاة بإسنادنا أيضا إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي فقال في إسنادها ما هذا لفظه : وروى أبو يحيى الصّنعاني عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، ورواه عنهما ثلاثون رجلا ممن يوثق به ، قالا : إذا كان ليلة النّصف من شعبان فصلّ أربع ركعات - وذكر تمام الحديث (3).

فصل (42): فيما نذكره من تسبيح وتحميد وتكبير ، وصلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي فيما رواه عن أبي يحيى ، عن

ص: 314


1- 1. عنه البحار 98 : 408 ، الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. عنه البحار 98 : 408 ، رواه في الكافي 3 : 469 ، التهذيب 3 : 185 ، مسار الشيعة : 75 ، عنهم الوسائل 8 : 106.
3- 3. مصباح المتهجد : 829 ، عنه البحار 98 : 409 ، الوسائل 8 : 107.

جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام قال :

سئل الباقر عليه السلام عن فضل ليلة النّصف من شعبان ، فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح اللّه العباد فضله ، ويغفر لهم بمنّه ، فاجتهدوا في القربة إلى اللّه تعالى فيها ، فإنّها ليلة آلى اللّه عزّ وجلّ على نفسه أن لا يردّ فيها سائلا ما لم يسأل اللّه معصية ، وانّها اللّيلة الّتي جعلها اللّه لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا صلى اللّه عليه وآله.

فاجتهدوا في الدّعاء والثّناء على اللّه تعالى ، فإنّه من سبّح اللّه تعالى فيها مائة مرّة وحمده مائة مرّة وكبّره مائة مرّة ( وهلّله مائة مرّة ) (1) ، غفر اللّه له ما سلف من معاصيه ، وقضى له حوائج الدّنيا والآخرة ، ما التمسه وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منه تفضّلا على عباده.

قال أبو يحيى : فقلت لسيّدنا الصّادق عليه السلام : وأيّ شيء أفضل الأدعية؟ فقال : إذا أنت صلّيت العشاء الآخرة فصلّ ركعتين تقرء في الأولى الحمد وسورة الجحد ، وهي ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، واقرأ في الركعة الثانية الحمد وسورة التوحيد ، وهي ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فإذا أنت سلّمت قلت : سُبْحانَ اللّهِ - ثلاثا وثلاثين مرّة ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - ثلاثا وثلاثين مرّة ، وَاللّهُ أَكْبَرُ - أَربعا وثلاثين مرّة ، ثمّ قل :

يا مَنْ إِلَيْهِ يَلْجَأُ (2) الْعِبادُ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَإِلَيْهِ يَفْزَعُ الْخَلْقُ فِي الْمُلِمَّاتِ ، يا عالِمَ الْجَهْرِ وَالْخَفِيَّاتِ ، يا مَنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ خَواطِرُ الْأَوْهامِ ، وَتَصَرُّفُ الْخَطَراتِ ، يا رَبَّ الْخَلائِقِ وَالْبَرِيَّاتِ ، يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الْأَرَضِينَ وَالسَّماواتِ.

أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَمُتُّ إلَيْكَ بِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَيا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ اجْعَلْنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ ، وَسَمِعْتَ دُعاءَهُ فَأَجَبْتَهُ ، وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ ، وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطِيئَتِهِ وَعَظِيمِ جَرِيرَتِهِ ، فَقَدِ

ص: 315


1- 1. لا يوجد في المصباح.
2- 2. ملجأ ( خ ل ).

اسْتَجَرْتَ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ فِي سَتْرِ عُيُوبِي.

اللّهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ ، وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ ، وَتَغَمَّدْنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ ، وَاجْعَلْنِي فِيها مِنْ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ ، وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ ، وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصَفْوَتَكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ سَعِدَ جَدُّهُ (1) ، وَتَوَفَّرَ مِنَ الْخَيْراتِ حَظُّهُ ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ ، وَفَازَ فَغَنِمَ ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَسْلَفْتُ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الازْدِيادِ فِي مَعْصِيَتِكَ ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُنِي مِنْكَ (2) وَيُزْلِقُنِي عِنْدَكَ.

سَيِّدِي إِلَيْكَ يَلْجَأُ الْهارِبُ ، وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ ، وَعَلى كَرَمِكَ يُعَوِّلُ الْمُسْتَقِيلُ التَّائِبُ ، أَدَّبْتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ، وَأَمَرْتَ بِالْعَفْوِ عِبادَكَ وَأَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ ، وَلا تُؤْيِسْنِي مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ ، وَلا تُخَيِّبْنِي مِنْ جَزِيلِ قِسَمِكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ لِأَهْلِ طاعَتِكَ ، وَاجْعَلْنِي فِي جُنَّةٍ مِنْ شِرارِ خَلْقِكَ (3) ، رَبِّ إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ الْكَرَمِ وَالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ ، جُدْ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ لا بِما أَسْتَحِقُّهُ ، فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ ، وَتَحَقَّقَ رَجائِي لَكَ ، وَعَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ.

اللّهُمَّ وَاخْصُصْنِي مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قِسَمِكَ ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَاغْفِرْ لِي الذَّنْبَ الَّذِي يَحْبِسُ عَنِّي الْخَلْقَ وَيَضِيقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ حَتّى أَقُومَ بِصالِحِ رِضاكَ ، وَأَنْعَمَ بِجَزِيلِ عَطائِكَ (4) ، وَأَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ.

فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ ، وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ ، وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ

ص: 316


1- 1. الجدة : الحظّ الحظوة.
2- 2. لديك ( خ ل ).
3- 3. بريتك ( خ ل ).
4- 4. عطاياك ( خ ل ).

وَبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ ، فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ وَأَنِلْ مَا الْتَمَسْتُ مِنْكَ ، أَسْأَلُكَ بِكَ لا بِشَيْءٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ.

ثمّ تسجد وتقول عشرين مرّة : يا رَبِّ يا اللّهُ - سبع مرّات ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - سبع مرّات ، ما شاءَ اللّهُ - عشر مرّات (1) لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - عشر مرّات ، ثمّ تصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه وآله وتسأل اللّه حاجتك ، فواللّه بها بعدد القطر لبلغك اللّه عزّ وجلّ إيّاها بكرمه وفضله (2).

رواية أخرى في هذه السجدة بعد هذا الدّعاء رواها محمّد بن علي الطرازي في كتابه فقال : ثمّ تسجد وتقول عشرين مرّة : يا رَبِّ يا رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (3) - سبع مرّات ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - سبع مرّات ، ما شاءَ اللّهُ - عشر مرّات ، لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - عشر مرّات ، ثمّ تصلّي على رسول اللّه (4) صلى اللّه عليه وآله وأهل بيته ما بدا لك ، ثمّ تصلّي بعد هذه الصّلاة وقبل صلاة اللّيل الأربع ركعات بألف مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) (5).

رواية أخرى في هذه السجدة بعد هذا الدّعاء من كتاب محمّد بن علي الطرازي : وروى محمّد بن عليّ الطّرازيّ في كتابه أنّ مولانا الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السلام صلّى هذه الصّلاة ليلة النّصف من شعبان ، ودعاء بدعاء يا مَنْ إِلَيْهِ يَلْجَأُ الْعِبادُ فِي الْمُهِمَّاتِ - الى آخره ، ثمّ سجد فقال في سجوده : يا رَبِّ - عشرين مرّة ، يا اللّهُ - سبع مرّات ، يا رَبَّ مُحَمَّدٍ - سبع مرات ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللّهِ - عشر مرّات (6).

ص: 317


1- 1. ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه سبع مرّات ( خ ل ).
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 831 ، عنه البحار 98 : 408 - 411 ، رواه الشيخ في أماليه 1 : 302 ، عنه البحار 97 : 85 ، الوسائل 8 : 106.
3- 3. بحق محمد وآل محمد ( خ ل ).
4- 4. على النبي ( خ ل ).
5- 5. عنه البحار 98 : 411.
6- 6. ما شاء اللّه سبع مرات ، لا قوة إلاّ باللّه عشر مرات ( خ ل ).

وممّا ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي بعد السجدة الّتي رويناها عنه ما هذا لفظه : وتقول :

إِلهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هذَا اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ ، وَقَصَدَكَ فِيهِ الْقاصِدُونَ ، وَأَمَّلَ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ ، وَلَكَ فِي هذَا اللَّيْلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزُ وَعَطايا وَمَواهِبُ ، تَمُنُّ بِها عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ عِبادِكَ ، وَتَمْنَعُها مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ الْعِنايَةَ مِنْكَ ، وَها أَنَا ذا عَبْدُكَ الْفَقِيرُ إِلَيْكَ ، الْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ.

فَانْ كُنْتَ يا مَوْلايَ تَفَضَّلْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ عَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَعُدْتَ عَلَيْهِ بِعائِدَةِ مِنْ عَطْفِكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْخَيِّرِينَ الْفاضِلِينَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَمَعْرُوفِكَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً انَّ اللّهَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللّهُمَّ انِّي أَدْعُوكَ كَما امَرْتَ فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَ انَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (1).

فصل (43): فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان

وجدناها في كتاب الطرازي فقال ما هذا لفظه : صلاة أخرى في ليلة النصف من شعبان :

أربع ركعات تقرء في كلّ ركعة الحمد وسورة الإخلاص خمسين مرّة ، وإن شئت قرأتها مائتين وخمسين مرّة ، فإذا سلّمت فقل :

اللّهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ وَمِنْ عَذابِكَ خائِفٌ وَبِكَ مُسْتَجِيرٌ ، رَبِّ لا تُبَدِّلْ اسْمِي ، رَبِّ لا تُغَيِّرْ جِسْمِي ، وَلا تُجْهِدْ بَلائِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ

ص: 318


1- 1. عنه البحار 98 : 411 ، رواه في مصباح المتهجد : 2 : 830 ، عنه البحار 97 : 88.

مِنْ عَذابِكَ.

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ، جَلَّ ثَناؤُكَ لا احْصِي مِدْحَتَكَ وَلا الثَّناءَ عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا (1).

وروينا هذه الأربع ركعات وهذا الدّعاء بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي (2) ، واقتصر في قراءة كلّ ركعة منها بالحمد مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) مائتين وخمسين مرّة ، ولم يذكر التخيير.

وذكر الطرازيّ بعد هذه الصلاة والدعاء ، فقال ما هذا لفظه : وممّا يدعى به في هذه الليلة :

اللّهُمَّ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، الْخالِقُ الْبارِئُ ، الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْبَدِيءُ الْبَدِيعُ ، لَكَ الْكَرَمُ وَلَكَ الْفَضْلُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْمَنُّ ، وَلَكَ الْجُودُ وَلَكَ الْكَرَمُ ، وَلَكَ الْأَمْرُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، يا واحِدُ يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي ، وَاقْضِ دَيْنِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ رِزْقِي (3) ، فَإِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ كُلَّ أَمْرٍ تُفَرِّقُ وَمَنْ تَشاءُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ ، فَارْزُقْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

فَإِنَّكَ قُلْتَ وَأَنْتَ خَيْرُ الْقائِلِينَ النَّاطِقِينَ ( وَسْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) (4) ، فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ ، وَإِيَّاكَ قَصَدْتُ ، وَابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ ، وَلَكَ رَجَوْتُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (5).

ص: 319


1- 1. عنه البحار 98 : 412.
2- 2. مصباح المتهجد 2 : 830 ، عنه الوسائل 8 : 108 ، رواه في البحار 97 : 87 عن أمالي الشيخ.
3- 3. وسع على وارزقني ( خ ل ).
4- 4. النساء : 32.
5- 5. عنه البحار 98 : 412.

فصل (44): فيما نذكره من فضل ليلة النصف من شعبان من أمر عظيم وصلاة مائة ركعة وذكر كريم

وجدنا ذلك في كتب العبادات وضمان فاتح أبواب الرحمات ، قال :

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : كنت نائما ليلة النصف من شعبان ، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمّد أتنام في هذه اللّيلة؟ فقلت : يا جبرئيل وما هذه اللّيلة؟ قال : هي ليلة النّصف من شعبان ، قم يا محمّد.

فأقامني ثمّ ذهب بي إلى البقيع ثمّ قال لي (1) : ارفع رأسك فإنّ هذه ليلة تفتح فيها أبواب السّماء ، فيفتح فيها أبواب الرحمة ، وباب الرّضوان ، وباب المغفرة ، وباب الفضل ، وباب التوبة ، وباب النعمة ، وباب الجود ، وباب الإحسان ، يعتق اللّه فيها بعدد شعور النّعم وأصوافها ، ويثبت اللّه فيها الاجال ، ويقسم فيها الأرزاق من السّنة إلى السّنة ، وينزل ما يحدث في السّنة كلّها.

يا محمّد من أحياها بتسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وصلاة وقراءة وتطوّع واستغفار كانت الجنّة له منزلا ومقيلاً ، وغفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.

يا محمّد من صلّى فيها مائة ركعة يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات ، فإذا فرغ من الصّلاة قرأ آية الكرسي عشر مرّات وفاتحة الكتاب عشرا وسبّح اللّه مائة مرّة ، غفر اللّه له مائة كبيرة موبقة موجبة للنّار ، وأعطى بكلّ سورة وتسبيحة قصرا في الجنّة ، وشفّعه اللّه في مائة من أهل بيته ، وشركه في ثواب الشّهداء وأعطاه ما يعطي صائمي هذا الشّهر وقائمي هذه اللّيلة ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا.

فأحيها يا محمّد ، وأمر أمّتك بإحيائها والتقرّب إلى اللّه تعالى بالعمل فيها فإنّها ليلة شريفة ، لقد (2) أتيتك يا محمّد وما في السّماء ملك إِلاّ وقد صف قدميه في هذه اللّيلة بين

ص: 320


1- 1. فقال لي ( خ ل ).
2- 2. وقد ( خ ل ).

يدي اللّه تعالى ، قال : فهم بين راكع وقائم وساجد وداع ومكبّر ومستغفر ومسبّح.

يا محمّد إنّ اللّه تعالى يطّلع في هذه الليلة فيغفر لكلّ مؤمن قائم يصلّي وقاعد يسبّح وراكع وساجد وذاكر ، وهي ليلة لا يدعو فيها داع إلاّ استجيب له ، ولا سائل إلاّ أعطي ، ولا مستغفر إلاّ غفر له ولا تائب إلاّ يتوب عليه ، من حرم خيرها يا محمّد فقد حرم.

وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يدعو فيها فيقول : اللّهُمَّ اقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ ما يَحُولُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ ، وَمِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ رِضْوانَكَ (1) ، وَمِنَ الْيَقِينِ ما يُهَوِّنُ عَلَيْنا بِهِ مُصِيباتِ الدُّنْيا ، اللّهُمَّ مَتِّعْنا بِأَسْماعِنا وَأَبْصارِنا وَقُوَّتِنا ما أَحْيَيْتَنا ، وَاجْعَلْهُ الْوارِثُ مِنَّا.

وَاجْعَلْ ثارَنا عَلى مَنْ ظَلَمَنا ، وَانْصُرْنا عَلى مَنْ عادانا ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا فِي دِينِنا ، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمِّنا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (2).

أقول : وقد مضى هذا الدّعاء في بعض مواضع العبادات وإنّما ذكرنا هاهنا لأنّه في هذه - ليلة نصف شعبان - من المهمّات.

أقول : وفي رواية أخرى في فضل هذه المائة ركعة ، كلّ ركعة بالحمد مرّة وعشر مرّات ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ما وجدناه ، قال راوي الحديث : ولقد حدّثني ثلاثون من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وآله أنّه : من صلّى هذه الصّلاة في هذه الليلة نظر اللّه إليه سبعين نظرة ، وقضى له بكلّ نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة ، ثمّ لو كان شقيّا وطلب السّعادة لأسعده اللّه ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (3) ، ولو كان والداه من أهل النّار ودعا لهما أخرجا من النّار بعد أن لا يشركا باللّه شيئا ، ومن صلّى هذه الصّلاة قضى اللّه له كلّ حاجة طلب وأعدّ له في الجنّة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت.

ص: 321


1- 1. من رضوانك ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 98 : 413 ، الوسائل 8 : 104.
3- 3. الرعد : 39.

والّذي بعثني بالحقّ نبيّا من صلّى هذه الصلاة يريد بها وجه اللّه تعالى جعل اللّه له نصيبا في أجر جميع من عبد اللّه تلك اللّيلة ، ويأمر الكرام الكاتبين أن يكتبوا له الحسنات ويمحو عنه السّيئات ، حتّى لا يبقى له سيّئة ، ولا يخرج من الدّنيا حتى يرى منزله من الجنّة ، ويبعث اللّه إليه (1) ملائكة يصافحونه ويسلّمون عليه ، ويحشر يوم القيامة مع الكرام البررة ، فان مات قبل الحول مات شهيدا ، ويشفّع في سبعين ألفا من الموحّدين ، فلا يضعف عن القيام تلك اللّيلة إلاّ شقيّ (2).

إن قيل : ما تأويل أنَّ ليلة نصف شعبان يقسّم الآجال والأرزاق ، وقد تظافرت (3) الرّوايات أنّ تقسيم الآجال والأرزاق ليلة القدر في شهر رمضان؟

فالجواب : لعلّ المراد أنّ قسمة الآجال والأرزاق التي يحتمل أن تمحي وتثبت ليلة نصف شعبان ، والآجال والأرزاق المحتومة ليلة القدر ، أو لعلّ قسمتها في علم اللّه جلّ جلاله ليلة نصف شعبان وقسمتها بين عباده ليلة القدر ، أو لعلّ قسمتها في اللّوح المحفوظ ليلة نصف شعبان وقسمتها بتفريقها بين عباده ليلة القدر.

أو لعلّ قسمتها في ليلة القدر وفي ليلة النصف من شعبان أن يكون معناه ان الوعد بهذه القسمة في ليلة القدر كان في ليلة نصف شعبان ، فيكون معناه أنّ قسمتها ليلة القدر كان ابتداء الوعد به أو تقديره ليلة نصف شعبان ، كما لو أنّ سلطانا وعد إنسانا أن يقسّم عليه الأموال (4) في ليلة القدر وكان وعده به ليلة نصف شعبان ، فيصحّ أن يقال عن الليلتين ، أنّ ذلك قسم فيهما.

وروي عن السيّد يحيى بن الحسين في كتاب الأمالي حديثا أسنده إلى مولانا عليّ عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صلّى ليلة النّصف من شعبان مائة ركعة بألف مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، لم يمت

ص: 322


1- 1. له ( خ ل ).
2- 2. عنه البحار 98 : 414.
3- 3. تظاهرت ( خ ل ).
4- 4. مالا ( خ ل ).

قلبه يوم يموت القلوب ، ولم يمت حتّى يرى مائة ملك يؤمّنونه من عذاب اللّه ، ثلاثون منهم يبشّرونه بالجنّة ، وثلاثون كانوا يعصمونه من الشّيطان ، وثلاثون يستغفرون له آناء اللّيل والنّهار ، وعشرة يكيدون من كاده (1).

فصل (45): فيما نذكره من قيام ليلة النصف من شعبان وصيام يومها

رويناه في الجزء الثاني من كتاب التحصيل في ترجمة أحمد بن المبارك بن منصور ، بإسناده إلى مولانا علي عليه السلام قال : قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ، فان اللّه ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء فيقول : الاّ مستغفر فاغفر له ، الاّ مسترزق فارزقه ، حتى يطلع الفجر (2).

فصل (46): فيما نذكره من صلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان واربع ركعات ومائة ركعة

رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي رحمه اللّه ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من تطهّر ليلة النّصف من شعبان فأحسن الطّهر ولبس ثوبين نظيفين ثمّ خرج إلى مصلاّه فصلّى العشاء الآخرة ، ثمّ صلّى بعدها ركعتين يقرء في أوّل ركعة الحمد وثلاث آيات من أوّل البقرة وآية الكرسيّ وثلاث آيات من آخرها ، ثمّ يقرء في الركعة الثانية الحمد و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) - سبع مرات ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) - سبع مرّات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) - سبع مرّات ، ثمّ يسلّم ويصلّي بعدها أربع ركعات ، يقرء في أوّل ركعة يس ، وفي الثّانية حم الدّخان ، وفي الثالثة الم السجدة ، وفي الرّابعة « تَبارَكَ الْمُلْكُ ».

ص: 323


1- 1. عنه البحار 98 : 415 ، الوسائل 8 : 105.
2- 2. عنه البحار 98 : 415.

ثمّ يصلّي بعدها مائة ركعة ، يقرء في كل ركعة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات والحمد لله مرة واحدة ، قضى اللّه تعالى له ثلاث حوائج ، اما في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة ، ثم إن سأل أن يراني من ليلته رآني (1).

فصل (47): فيما نذكره من رواية سجدات ودعوات عن الصادق عليه السلام ليلة النصف من شعبان

رويناها بإسنادها إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي فيما رواه عن حمّاد بن عيسى بن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لمّا كان ليلة النّصف من شعبان كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عند بعض نسائه.

وروى الزّمخشري في كتاب الفائق أنّ أمّ سلمة قال : تبعت النبيّ صلى اللّه عليه وآله فوجدته قد قصد البقيع ثمّ رجعت وعاد ، فوجد فيها أثر السّرعة في عودها ، ولم يذكر الدّعوات.

ثمّ قال الطّوسيّ في رواية الصّادق عليه السلام : فلمّا انتصف اللّيل قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن فراشها ، فلمّا انتبهت وجدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قد قام عن فراشها ، فدخلها ما يتداخل النّساء وظنّت أنّه قد قام إلى بعض نسائه ، فقامت (2) وتلفّقت بشملتها (3) ، وأيم اللّه ما كان قزّا ولا كتانا ولا قطنا ولكن كان سداه شعرا ولحمته أو بار الإبل ، فقامت تطلب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في حجر نسائه حجرة حجرة ، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ساجدا كثوب متلبّط (4) بوجه الأرض ، فدنت منه قريبا فسمعته في سجوده وهو يقول :

سَجَدَ لَكَ سَوادِي وَخِيالِي ، وَآمَنَ بِكَ فُؤَادِي ، هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيْتُهُ عَلى

ص: 324


1- 1. مصباح المتهجد : 2 : 838 ، عنه البحار 98 : 415 ، الوسائل 8 : 108.
2- 2. قامت ( خ ل ).
3- 3. تلفق الشملة : ضمّ شقّه منه إلى أخرى فخاطهما.
4- 4. تلبّط الرجل : اضطجع وتمرّغ.

نَفْسِي ، يا عَظِيمُ يُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، اغْفِرْ لِي الْعَظِيمَ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إِلاَّ الرَّبُّ الْعَظِيمُ.

ثمّ رفع رأسه ثمّ عاد ساجدا فسمعته يقول : أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضاءَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرضُونَ ، وَانْكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ مِنْ فُجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ ، وَمِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، اللّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْباً تَقِيّاً نَقِيّاً ، وَمِنَ الشِّرْكِ بَرِيئاً ، لا كافِراً وَلا شَقِيّاً.

ثمّ عفّر خدّيه في التراب فقال : عَفَّرْتُ وَجْهِي فِي التُّرابِ ، وَحَقٌّ لِي أَنْ أَسْجُدَ لَكَ.

فلمّا همّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالانصراف هرولت إلى فراشها ، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فراشها وإذا لها نفس عال ، فقال لها رسول اللّه : ما هذا النّفس العالي أما تعلمين أيّ ليلة هذه؟ هذه ليلة النصف من شعبان ، فيها تقسم الأرزاق ، وفيها تكتب الآجال ، وفيها يكتب وفد الحاجّ ، وإنّ اللّه ليغفر في هذه اللّيلة من خلقه أكثر من عدد شعر معزى كلب (1) وينزل اللّه تعالى ملائكته من السّماء إلى الأرض بمكّة (2).

فصل (48): فيما نذكره من رواية أخرى بسجدات ودعوات عن النبي صلى اللّه عليه وآله ليلة النصف من شعبان

رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه عليه رواها عن بعض نساء النبيّ صلى اللّه عليه وآله قالت : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ليلة الّتي كان

ص: 325


1- 1. يعنى معزى بني كلب وكانوا هم صاحب معزى.
2- 2. عنه البحار 98 : 415 - 417 ، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : 30 ، عنه البحار 97 : 88 ، أورده أيضا في مصباح المتهجد 2 : 841.

عندي فيها فانسلّ من لحافي ، فانتبهت فدخلني ما يدخل النّساء من الغيرة ، فظننت أنّه في بعض حجر نسائه ، فإذا أنا به كالثوب السّاقط على وجه الأرض ساجدا على أطراف أصابع قدميه ، وهو يقول :

أَصْبَحْتُ إِلَيْكَ فَقِيراً خائِفاً مُسْتَجِيراً ، فَلا تُبَدِّلْ اسْمِي ، وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي ، وَلا تُجْهِدْ بَلائِي ، وَاغْفِرْ لِي.

ثمّ رفع رأسه وسجد الثّانية فسمعته يقول : سَجَدَ لَكَ سَوادِي وَخِيالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤَادِي ، هذِهِ يَدايَ بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي ، يا عَظِيمُ تُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الْعَظِيمَ إِلاَّ الْعَظِيمُ.

ثمّ رفع رأسه وسجد الثّالثة فسمعته يقول : أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ.

ثمّ رفع رأسه وسجد الرّابعة فقال : اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، وَقَشَعَتْ بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ أَنْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبَكَ ، أَوْ يَنْزِلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَتَحْوِيلِ عافِيَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ، لَكَ الْعُتْبى فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ.

قالت : فلما رأيت ذلك منه تركته وانصرفت نحو المنزل ، فأخذني نفس عال ، ثمّ إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اتّبعني فقال : ما هذا النفس العالي؟ قالت : قلت : كنت عندك يا رسول اللّه ، فقال : أتدرين أيّ ليلة هذه؟ هذه ليلة النّصف من شعبان ، فيها تنسخ الأعمال وتقسم الأرزاق ، وتكتب الآجال ، ويغفر اللّه تعالى إلاّ المشرك أو مشاحن (1) أو قاطع رحم ، أو مدمن مسكر أو مصرّ على ذنب أو شاعر أو كاهن (2).

ص: 326


1- 1. شاحنه : باغضه ، شحن عليه : حقد عليه.
2- 2. عنه البحار 98 : 418 ، رواه في مصباح المتهجد 2 : 841.

فصل (49): فيما نذكره من ولادة مولانا المهدي عليه السلام في ليلة النصف من شعبان وما يفتح اللّه جلّ جلاله علينا من تعظيمها بالقلب والقلم واللسان

اعلم اننا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف تفصيل هذه الولادة الشريفة ، وروينا ما يتعلّق بها في فصول لطيفة ، فذكرنا فصلا في كشف شراء والدته عليها أفضل التحيات.

وفصلا في حديث الولادة والقابلة ومن ساعدها من نساء الجيران ، ومن هاهنا نساء من الدار ، بولدها العظيم الشّأن عليه أفضل الصلوات.

وفصلاً في حديث عرض مولانا الامام الحسن العسكري لولده المهدي صلوات اللّه عليهما بعد الولادة بثلاثة أيّام على من يثق به من خاصّته الصالحين لحفظ أسرار الإسلام.

وفصلا فيمن بشّر هاهنا صلوات اللّه عليه بولادة المهدي عليه السلام.

وفصلا بذكر العقيقة الجسيمة عن تلك الولادة العظيمة خبزا ولحما.

وفصلا فيمن أهدي إليه مولانا الحسن العسكري رأسا من جملة الغنم المتقرّب بذبحها ، لأجل عقيقة الولادة الّتي شهد المعقول والمنقول بمدحها.

وفصلا في حديث اقامة الحسن العسكري عليه السلام وكيلا في حياته يكون في خدمة مولانا المهدي عليه السلام بعد انتقال والده إلى اللّه جلّ جلاله ووفاته.

وأوضحنا تحقيق هذه الأحوال لم أعرف ان أحدا سبقنا إلى كشفها كما رتّبناه من صدق المقال.

فصل (50): فيما نذكره [ في بشارة النبي جده صلى اللّه عليه وآله بولادته وعظيم انتفاع الإسلام برئاسته ]

انّ مولانا المهدي عليه السلام ممّن أطبق أهل الصدق ممّن يعتمد على قوله ، بأن النّبيّ جده صلى اللّه عليه وآله بشر الأمة بولادته وعظيم انتفاع الإسلام برئاسته

ص: 327

ودولته ، وذكر شرح كمالها وما يبلغ إليه حال جلالها إلى ما لم يظفر نبي سابق ولا وصيّ لاحق ، ولا بلغ إليه ملك سليمان عليه السلام الذي حكم في ملكه على الانس والجن.

لانّ سليمان عليه السلام لما قال ( هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) (1). ما قيل له : قد أجبنا سؤالك في انّنا لا نعطي أحداً من بعدك أكثر منه في سبب من الأسباب ، إنّما قال اللّه جلّ جلاله ( فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ ) (2).

والمسلمون مجمعون على انّ محمّدا صلى اللّه عليه وآله سيد المرسلين وخاتم النّبيّين أعطى من الفضل العظيم والمكان الجسيم ، ما لم يعط أحد من الأنبياء في الأزمان ولا سليمان.

ومن البيان على تفصيل منطق اللسان والبيان انّ المهدي عليه السلام يأتي في أواخر الزمان وقد تهدّمت أركان أديان الأنبياء ودرست معالم مراسم الأوصياء وطمست آثار أَنوار الأولياء ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا وحكما كما ملئت جورا وجهلا وظلما.

فبعث اللّه جلّ جلاله رسوله محمدا صلى اللّه عليه وآله ليجدّد سائر مراسم الأنبياء والمرسلين ويحيي به معالم الصادقين من الأولين والآخرين ولم يبلغ أحداً منهم صلوات اللّه عليهم وعليه إلى أنّه قام أحد منهم بجميع أمرهم بعدد رءوسه ويبلغ به ما يبلغ هو عليه السلام إليه.

وقد ذكره أبو نعيم الحافظ وغيره من رجال المحافظ وغيره من رجال المخالفين ، وذكر ابن المنادي في كتاب الملاحم وهو عندهم ثقة أمين ، وذكره أبو العلى الهمداني وله المقام المكين ، وذكرت شيعته من آيات ظهوره وانتظام أموره عن سيد المرسلين صلى اللّه عليه وآله ما لم يبلغ إليه أحد من العالمين.

ص: 328


1- 1. ص : 35.
2- 2. ص : 36.

وذلك من جملة آيات خاتم النبيين وتصديق ما خصّه اللّه جلّ جلاله (1) ، انّه من فضله في قوله جلّ جلاله ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (2).

أقول : فينبغي ان يكون تعظيم هذه الليلة لأجل ولادته عند المسلمين والمعترفين بحقوق إمامته على قدر ما ذكره جدّه محمد صلى اللّه عليه وآله وبشّر به المسعودين من أمّته ، كما لو كان المسلمون قد أظلمت عليهم أيّام حياتهم ، وأشرفت عليهم جيوش أهل عداوتهم ، وأحاطت بهم نحوس خطيئاتهم.

فأنشأ اللّه تعالى مولودا يعتق رقابهم من رقّها ، ويمكّن كلّ يد مغلولة من حقّها ، ويعطي كل نفس ما تستحقه من سبقها ، ويبسط للخلائق في المشارق والمغارب بساطا متساوي الأطراف مكمّل الألطاف مجمل الأوصاف ، ويجلس الجميع عليه إجلاس الوالد الشفيق لأولاده العزيزين عليه أو إجلاس الملك الرحيم الكريم لمن تحت يديه ويريهم من مقدمات آيات المسرّات وبشارات المبرّات في دار السعادات الباقيات ما يشهد حاضرها لغائبها وتقود القلوب والأعناق إلى طاعة واهبها.

أقول : وليقم كل انسان لله جلّ جلاله في هذه الليلة بقدر شكر ما منّ اللّه عزّ وجلّ عليه بهذا السّلطان وانّه جعله من رعاياه والمذكورين في ديوان جنده والمسمّين بالأعوان على تمهيد الإسلام والايمان واستيصال الكفر والطغيان والعدوان ومدّ سرادقات السّعادات على سائر الجهات من حيث تطلع شموس السماوات وإلى حيث تغرب إلى أقصى الغايات والنهايات.

ويجعل من خدمته لله جلّ جلاله الذي لا يقوم الأجساد بمعانيها خدمة لرسوله صلى اللّه عليه وآله ، الذي كان سبب هذه الولادة والسعادة وشرف رئاستها وخدمة لابائه الطّاهرين الذين كانوا أصلا لها وأعوانا على اقامة حرمتها وخدمة له صلوات اللّه عليه وآله ، كما يجب على الرعيّة لمالك أزمّتها والقيّم لها باستقامتها وادراك سعادتها.

ولست أجد القوّة البشريّة قادرة على القيام بهذه الحقوق المعظّمة المرضيّة الاّ بقوّة من

ص: 329


1- 1. اليه ( خ ل ).
2- 2. التوبة : 33 ، الفتح : 28 ، الصف : 9.

القدرة الرّبانية ، فليقم كلّ عبد مسعود من العباد بما يبلغ إليه ما أنعم به عليه اللّه جلّ جلاله من القوة والاجتهاد.

فصل (51): فيما نذكره من الدعاء والقسم على اللّه جلّ جلاله بهذا المولود العظيم المكان ليلة النصف من الشعبان

وهو :

اللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا هذِهِ وَمَوْلُودِها ، وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِهَا ، الَّتِي قَرَنْتَ الى فَضْلِها فَضْلاً ، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ ، نُورُكَ الْمُتَأَلِّقُ وَضِياؤُكَ الْمُشْرِقُ ، وَالْعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْياءِ (1) الدَّيْجُورِ ، الْغائِبُ الْمَسْتُورُ ، جَلَّ مَوْلِدُهُ وَكَرُمَ مَحْتَدُهُ (2) ، وَالْمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ (3) ، وَاللّهُ ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إِذا آنَ مِيعادُهُ وَالْمَلائِكَةُ أَمْدادُهُ.

سَيْفُ اللّهِ الَّذِي لا يَنْبُو (4) ، وَنُورُهُ الَّذِي لا يَخْبُو (5) ، وَذُو الْحِلْمِ الَّذِي لا يَصْبُو (6) ، مَدارُ الدَّهْرِ وَنَوامِيسُ الْعَصْرِ وَوُلاةُ الامْرِ وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ما يَنْزِلُ (7) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَصْحابُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، تَراجِمَةُ وَحْيِهِ وَوُلاةُ امْرِهِ وَنَهْيِهِ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتَمِهِمْ وَقائِمِهِمْ ، الْمَسْتُورِ عَنْ عَوالِمِهِمْ (8) ، وَادْرِكْ بِنا أَيَّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيامَهُ ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَنْصارِهِ ، وَاقْرِنْ ثارَنا بِثأرِهِ ، وَاكْتُبْنا فِي

ص: 330


1- 1. طخياء : ليلة مظلمة.
2- 2. المحتد : الأصل.
3- 3. شهدائه ( خ ل ).
4- 4. بنو السيف عن الضريبة : كلّ وارتدّ عنها ولم يقطع.
5- 5. خبا النار : خمدت وسكنت وطفئت.
6- 6. الصبوة : جهلة الفتوة.
7- 7. المنزل عليهم الذكر وما ينزل ( خ ل ).
8- 8. عواملهم ( خ ل ).

أَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ ، وَأَحْيِنا فِي دَوْلَتِهِ ناعِمِينَ وَبِصُحْبَتِهِ غانِمِينَ ، وَبِحَقِّهِ قائِمِينَ ، وَمِنَ السُّوءِ سالِمِينَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلى اهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقِينَ وَعِتْرَتِهِ النَّاطِقِينَ ، وَالْعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ ، وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا احْكَمَ الْحاكِمِينَ (1).

ومن الدعوات في هذه الليلة ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنه قال : روي انّ كميل بن زياد النخعي رأى أمير المؤمنين عليه السلام ساجدا يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان.

أقول : ووجدت في رواية أخرى ما هذا لفظها : قال كميل بن زياد : كنت جالسا مع مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم :

ما معنى قول اللّه عزّ وجلّ ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (2)؟ قال عليه السلام : ليلة النصف من شعبان ، والذي نفس علي بيده انّه ما من عبد الاّ وجميع ما يجري عليه من خير وشر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك اللّيلة المقبلة ، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام الاّ أجيب له.

فلمّا انصرف طرقته ليلا ، فقال عليه السلام : ما جاء بك يا كميل؟ قلت : يا أمير المؤمنين دعاء الخضر ، فقال : اجلس يا كميل ، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كل ليلة جمعة أو في الشهر مرة أو في السنة مرة أو في عمرك مرة تكفّ وتنصر وترزق ولن تعدم المغفرة ، يا كميل أوجب لك طول الصحبة لنا ان نجود لك بما سألت ، ثم قال : اكتب :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْءٍ ، وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَيْءٍ ، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَها شَيْءٌ ،

ص: 331


1- 1. رواه الشيخ في مصباحه 2 : 842.
2- 2. الدخان : 4.

وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْءٍ.

وَبِسُلْطانِكَ الَّذِي عَلا كُلَّ شَيْءٍ ، وَبِوَجْهِكَ الْباقِي ، بَعْدَ [ فَناءِ ] (1) كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي غَلَبَتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، يا نُورُ يا قُدُّوسُ ، يا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَيا آخِرَ الاخِرِينَ.

اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرَ النِّعَمَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعاءَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ كُلَّ ذَنْبٍ اذْنَبْتُهُ وَكُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُها.

اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ الَيْكَ بِذِكْرِكَ وَاسْتَشْفِعُ بِكَ الى نَفْسِكَ وَاسْأَلُكَ بِجُودِكَ انْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ وَانْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ وَانْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ (2) خاشِعٍ انْ تُسامِحَنِي وَتَرْحَمَنِي وَتَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً وَفِي جَمِيعِ الأَحْوالِ (3) مُتَواضِعاً ، اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَانْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدائِدِ حاجَتَهُ ، وَعَظُمَ فِيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ.

اللّهُمَّ عَظُمَ سُلْطانُكَ وَعَلا مَكانُكَ وَخَفِيَ مَكْرُكَ وَظَهَرَ امْرُكَ ، وَغَلَبَ جُنْدُكَ (4) وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ ، وَلا يُمْكِنُ الْفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ ، اللّهُمَّ لا أَجِدُ لِذُنُوبِي غافِراً وَلا لِقَبائِحِي ساتِراً ، وَلا لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِي الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ ، لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي وَسَكَنْتُ الى قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي وَمَنِّكَ عَلَيَّ.

ص: 332


1- 1. من المصباح المتهجد.
2- 2. ذليل ( خ ل ).
3- 3. الأمور ( خ ل ).
4- 4. قهرك ( خ ل ).

اللّهُمَّ وَمَوْلايَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ وَكَمْ فادِحٍ (1) مِنَ الْبَلاءِ اقَلْتَهُ ، وَكَمْ مِنْ عِثارٍ وَقَيْتَهُ وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ وَكَمْ مِنْ ثَناءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ اهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ.

اللّهُمَّ عَظُمَ بَلائِي وَافْرَطَ بِي سُوءُ حالِي وَقَصُرَتْ بِي اعْمالِي ، وَقَعَدَتْ بِي اغْلالِي ، وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ آمالِي ، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها وَنَفْسِي بِخِيانَتِها (2) وَمِطالِي (3) يا سَيِّدِي.

فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الاَّ يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائِي سُوءُ عَمَلِي وَفِعالِي ، وَلا تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سَرِيرَتِي (4) ، وَلا تُعاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ فِي خَلَواتِي ، مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإِساءَتِي وَدَوامِ تَفْرِيطِي وَجَهالَتِي وَكَثْرَةِ شَهَواتِي وَغَفْلَتِي ، وَكُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي (5) فِي كُلِّ الْأَحْوالِ رَؤُوفاً وَعَلَيَّ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ عَطُوفاً.

الهِي وَرَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ ، أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي وَالنَّظَرَ فِي امْرِي ، الهِي وَمَوْلايَ اجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوى نَفْسِي وَلَمْ احْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي ، فَغَرَّنِي بِما أَهْوى وَاسْعَدَهُ عَلى ذلِكَ الْقَضاءُ ، فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ مِنْ نَقْضِ حُدُودِكَ (6) وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ.

فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ ، وَلا حُجَّةَ لِي فِيما جَرى عَلَيَّ فِيهِ قَضاؤُكَ وَالْزَمَنِي حُكْمُكَ (7) وَبَلاؤُكَ ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يا الهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَاسْرافِي عَلى نَفْسِي ، مُعْتَذِراً نادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِراً مُنِيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً ، لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كانَ مِنِّي ، وَلا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي امْرِي ، غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي

ص: 333


1- 1. فادح : نازل.
2- 2. بجنايتها ، بحمايتها ( خ ل ).
3- 3. مطله : سوّفه بوعد الوفاء مرة بعد أخرى.
4- 4. سرى ( خ ل ).
5- 5. بي ( خ ل ).
6- 6. في المصباح : بعض حدودك.
7- 7. الزمني فيه حكمك ( خ ل ).

وَإِدْخالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ.

الهِي فَاقْبَلْ عُذْرِي وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي وَفُكَّنِي ، مِنْ شَدِّ (1) وَثاقِي ، يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي وَرِقَّةَ جِلْدِي وَدِقَّةَ عَظْمِي ، يا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي ، هَبْنِي لِابْتِداءِ كَرَمِكَ وَسالِفِ بِرِّكَ بِي.

الهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي أَتُراكَ مُعَذَّبِي بِالنَّارِ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَلَهِجَ بِهِ لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافِي وَدُعائِي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ ، هَيْهاتَ انْتَ اكْرَمُ مِنْ انْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ ، اوْ تُبَعِّدَ مَنْ ادْنَيْتَهُ اوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ ، اوْ تُسَلِّمَ الَى الْبَلاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحْمَتَهُ.

وَلَيْتَ شِعْرِي يا سَيِّدِي وَالهِي وَمَوْلايَ أَتُسَلِّطُ النَّارَ عَلى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً ، وَعَلى الْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صادِقَةً وَبِشُكْرِكَ مادِحَةً ، وَعَلى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِالهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً ، وَعَلى ضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً ، وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ الى أَوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً ، وَأَشارَتْ (2) بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً ، ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ وَلا أُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ ، يا كَرِيمُ يا رَبِّ.

وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها وَما يَجْرِي فِيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى أَهْلِها عَلى انَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ ، يَسِيرٌ بَقاؤُهُ ، قَصِيرٌ مُدَّتُهُ ، فَكَيْفَ احْتِمالِي لِبَلاءِ الآخِرَةِ وَجَلِيلِ (3) وُقُوعِ الْمَكارِهِ فِيها ، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ ، وَيَدُومُ مُقامُهُ ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْ اهْلِهِ ، لِانَّهُ لا يَكُونُ الاّ عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقامِكَ وَسَخَطِكَ ، وَهذا ما لا تَقُومُ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، يا سَيِّدِي فَكَيْفَ لِي وَانَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الَّذِليلُ الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ.

ص: 334


1- 1. أسر ( خ ل ).
2- 2. أوطان توحيدك طائفة ، فأشارت ( خ ل ).
3- 3. حلول ( خ ل ).

يا الهِي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ لِأَيِّ الأُمُورِ الَيْكَ اشْكُو ، وَلِما مِنْها اضِجُّ وَأَبْكِي ، لِأَلِيمِ الْعَذابِ وَشِدَّتِهِ ، أَمْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَمُدَّتِهِ ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي فِي الْعُقُوباتِ (1) مَعَ أَعْدائِكَ ، وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ اهْلِ بَلائِكَ ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَأَوْلِيائِكَ ، فَهَبْنِي يا الهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ ، فَكَيْفَ اصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ، وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ ، فَكَيْفَ اصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ الى كَرامَتِكَ ، امْ كَيْفَ اسْكُنُ فِي النَّارِ وَرَجائِي عَفْوُكَ.

فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ اقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَنِي ناطِقاً لَاضِجَّنَّ الَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجِيجَ الامِلِينَ (2) ، وَلَاصَرُخَنَّ الَيْكَ صُراخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَلَابْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدِينَ ، وَلأنادِيَنَّكَ ايْنَ كُنْتَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ، يا غايَةَ آمالِ الْعارِفِينَ وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، يا حَبِيبَ قُلُوبِ الصَّادِقِينَ وَيا إِلهَ الْعالَمِينَ.

افَتُراكَ سُبْحانَكَ يا الهِي وَبِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فِيها صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ ، سُجِنَ (3) فِيها بِمُخالَفَتِهِ وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْباقِها بِجُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ ، وَهُوَ يَضِجُّ الَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ ، وَيُنادِيكَ بِلِسانِ اهْلِ تَوْحِيدِكَ وَيَتَوَسَّلُ الَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ.

يا مَوْلايَ فَكَيْفَ يَبْقى فِي الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ ، امْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ ، امْ كَيْفَ تُحْرِقُهُ لَهَبُها وَانْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَهُ ، امْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُها وَانْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ ، امْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ (4) بَيْنَ أَطْباقِها وَانْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ ، امْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها (5) وَهُوَ يُنادِيكَ يا رَبَّهْ ، امْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فِيها.

هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُّ بِكَ وَلا الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ

ص: 335


1- 1. للعقوبات ( خ ل ).
2- 2. الالمين ( خ ل ).
3- 3. يسجن ، يسجر ( خ ل ).
4- 4. يتغلغل ( خ ل ) ، أقول : قلقل : صوّت ، غلغل : أسرع في سيره.
5- 5. الزبانية : الملائكة التي دفع أهل النار إليها.

بِهِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسانِكَ ، فَبالْيَقِينِ اقْطَعُ لَوْ لا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جاحِدِيكَ ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلادِ مُعانِدِيكَ لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّها بَرْداً وَسَلاماً وَما كانَ (1) لأَحَدٍ فِيها مَقَرّاً وَلا مُقاماً ، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ اقْسَمْتَ انْ تَمْلَأَها مِنَ الْكافِرِينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ اجْمَعِينَ وَانْ تُخَلِّدَ فِيها الْمُعانِدِينَ ، وَانْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً وَتَطَوَّلْتَ بِالإِنْعامِ مُتَكَرِّماً ، أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ.

الهِي وَسَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَها وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها ، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها انْ تَهَبَ لِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ كُلَّ جُرْمٍ اجْرَمْتُهُ (2) ، وَكُلَّ ذَنْبٍ اذْنَبْتُهُ ، وَكُلَّ قَبِيحٍ اسْرَرْتُهُ وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ ، كَتَمْتُهُ اوْ اعْلَنْتُهُ ، اخْفَيْتُهُ اوْ اظْهَرْتُهُ ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ امَرْتَ بِإِثْباتِها الْكِرامَ الْكاتِبِينَ ، الَّذِينَ وكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنِّي ، وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوارِحِي.

وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرائِهِمْ وَالشَّاهِدَ لِما خَفِيَ عَنْهُمْ ، وَبِرَحْمَتِكَ اخْفَيْتَهُ وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ ، وَانْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُهُ ، اوْ إِحْسانٍ تُفْضِلُهُ ، اوْ بِرٍّ تَنْشُرُهُ اوْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ (3) ، اوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ اوْ خَطَأٍ تَسْتُرُهُ.

يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، يا الهِي وَسِيِّدِي وَمَوْلايَ وَمالِكَ رِقِّي ، يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتِي ، يا عَلِيماً بِضُرِّي (4) وَمَسْكَنَتِي ، يا خَبِيراً بِفَقْرِي وَفاقَتِي.

يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَاعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ انْ تَجْعَلَ أَوْقاتِي فِي اللَّيْلِ (5) وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً ، وَأَعْمالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً ، حَتّى يَكُونَ أَعْمالِي وَأَوْرادِي (6) كُلُّها وِرْداً واحِداً وَحالِي فِي

ص: 336


1- 1. كانت ( خ ل ).
2- 2. اجترمته ( خ ل ) ، أقول : أجرم واجترم : أذنب.
3- 3. أنزلته ، فضلته ، نشرته ، بسطته ( خ ل ).
4- 4. بفقري ( خ ل ).
5- 5. من الليل ( خ ل ).
6- 6. إرادتي ( خ ل ).

خِدْمَتِكَ سَرْمَداً.

يا سَيِّدِي يا مَنْ إِلَيْهِ مُعَوَّلِي ، يا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالِي ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، قَوِّ (1) عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحِي ، وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزِيمَةِ جَوانِحِي ، وَهَبْ لِيَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ وَالدَّوامَ فِي الاتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ ، حَتَّى اسْرَحَ (2) الَيْكَ فِي مَيادِينِ السَّابِقِينَ ، وَاسْرَعَ الَيْكَ فِي الْمُبادِرِينَ (3) ، وَاشْتاقَ الى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتاقِينَ ، وَادْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصِينَ ، وَأَخافَكَ مَخافَةَ الْمُوقِنِينَ (4) ، وَاجْتَمِعَ فِي جِوارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.

اللّهُمَّ وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوءٍ فَارِدْهُ وَمَنْ كادَنِي فَكِدْهُ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ احْسَنِ ( عِبادِكَ نَصِيباً ) عِنْدَكَ وَاقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ وَاخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ ، فَإِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ الاَّ بِفَضْلِكَ ، وَجُدْ لِي بِجُودِكَ وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ ، وَاحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ ، وَاجْعَلْ لِسانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً (5) ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجابَتِكَ ، وَاقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَاغْفِرْ زَلَّتِي ، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ ، وَامَرْتَهُمْ بِدُعائِكَ وَضَمِنْتَ لَهُمُ الإِجابَةَ.

فَالَيْكَ يا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي ، وَالَيْكَ يا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي ، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعائِي وَبَلِّغْنِي مُنايَ ، وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائِي وَاكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَالانْسِ مِنْ أَعْدائِي ، يا سَرِيعَ الرِّضا اغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ الاَّ الدُّعاءُ ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِما تَشاءُ ، يا مَنِ اسْمُهُ دَواءٌ وَذِكْرُهُ شَفاءٌ وَطاعَتُهُ غِناً ، ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجاءُ وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ.

يا سابِغَ النِّعَمِ ، يا دافِعَ النِّقَمِ ، يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي ما انْتَ اهْلُهُ ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى

ص: 337


1- 1. أقر ( خ ل ).
2- 2. سرح الرجل : أخرج في أموره.
3- 3. المبارزين ( خ ل ).
4- 4. المؤمنين ( خ ل ).
5- 5. تيّمه الحبّ : عبّده وذلّله.

مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ الْمَيامِينَ مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً (1).

أقول : وممّا يعمل ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء ما رويناه عن أبي القاسم رحمه اللّه من كتاب الزيارات عن سالم بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من باب ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء ، يقرء ألف مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ويستغفر اللّه ألف مرة وبحمد اللّه ألف مرة ، ثم يقول فيصلّي أربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة ألف مرة آية الكرسي ، وكل اللّه عزّ وجلّ به ملكين يحفظانه من كلّ سوء ومن كلّ شيطان وسلطان ، ويكتبان له حسناته ، ولا يكتب عليه سيئة ويستغفران له ما داما معه (2).

فصل (52): فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات اللّه عليه ليلة النصف من شعبان

اعلم انّ سبب تأخيرنا ذكر هذه الزيارة في هذا الموضع من فصول عمل ليلة النصف من شعبان ، وهذه الزيارة من أهمّ مهمات هذه الميقات ، لانّ الّذين يحتاجون في هذه اللّيلة إلى الصلوات والدعوات أكثر ممن يتهيّأ لهم زيارة الحسين صلوات اللّه عليه وآله من الجهات ، فقدّمنا ما هو أعمّ نفعا للعباد في سائر البلاد وذخر ما يختصّ بالزيارة وما يحصل بها في هذه الخزانة المصونة لمن وفق لها ، كما ذخر محمد صلوات اللّه عليه وآله وعلى عترته الطاهرين ، وهو سيد الأولين والآخرين في آخرهم وهو مقدّم عليهم أجمعين ، فنقول :

روينا بإسنادنا إلى محمد بن أحمد بن داود القمي ، المتفق على صلاحه وعلمه وعدالته ، تغمّده اللّه جلّ جلاله برحمته ، بإسناده إلى الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول :

ص: 338


1- 1. رواه في مصباح المتهجد 2 : 850 - 844.
2- 2. رواه في كامل الزيارات : 181 ، عنه البحار 101 : 342 ، 10 : 368.

من أحبّ ان يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، فليزر الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الملائكة وأرواح النبيين يستأذنون اللّه في زيارته فيأذن لهم ، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه ، منهم خمسة أولوا العزم من المرسلين : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين ، قلت : لم سمّوا أولوا العزم؟ قال : لأنّهم بعثوا إلى شرقها وغربها وجنّها وأنسها (1).

ومن ذلك ما رويناه عن محمد بن داود القمي بإسناده عن ابن أبي عمير ، الذي ما كان في زمانه مثله ، عن معاوية بن وهب ، العبد الصالح المعظم في زهده وفضله ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا كان أول يوم من شعبان نادى مناد من تحت العرش : يا وفد الحسين لا تخلو ليلة النصف من شعبان من زيارة الحسين عليه السلام ، فلو تعلمون ما فيها لطالت عليكم السنة حتّى يجيء النصف (2).

ومن ذلك بإسنادنا إلى محمد بن داود بإسنادنا إلى يونس بن يعقوب قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : يا يونس ليلة النصف من شعبان يغفر لكل من زار الحسين عليه السلام من المؤمنين ما قدّموا من ذنوبهم وقيل لهم : استأنفوا العمل ، قال : قلت : هذا كلّه لمن زار الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شعبان؟ قال : يا يونس لو خبّرت النّاس بما فيها لمن زار الحسين عليه السلام لقامت ذكور رجال على الخشب (3).

أقول : لعلّ معنى قوله عليه السلام : لقامت ذكور رجال على الخشب ، أي كانوا قد صلبوا على الأخشاب لعظيم ما كانوا ينقلونه ويروونه في فضل زيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان من عظيم فضل سلطان الحساب وعظيم نعيم دار الثواب الذي لا يقوم بتصديعه ضعف الألباب.

واعلم انّ الّذي استسلم له الحسين عليه السلام لمّا دعي إلى الشهادة وبذله من

ص: 339


1- 1. عنه البحار 11 : 58 ، 101 ، 93 ، رواه في التهذيب 6 : 48 ، كامل الزيارات : 179 ، وعنه الوسائل 10 : 367 ، أخرجه في مدينة المعاجز : 286 ، المزار الكبير : 167 ، مصباح الكفعمي : 498 ، المزار للمفيد : 50 ، أخرجه عن بعض المصادر البحار 11 : 58.
2- 2. عنه البحار 101 : 98.
3- 3. رواه في كامل الزيارات : 181 ، عنه البحار 101 : 95 ، 10 : 367.

نفسه العزيزة من الأمور الخارقة العادة ، مع كونه عارفا بها قبل التعرّض لها بما أخبر به جدّه وأبوه صلوات اللّه عليهم بتلك الأهوال على التفصيل لا يستكثر له مهما أعطاه اللّه جلّ جلاله ، وأعطى لأجله زائريه الساعين لله جلّ جلاله على ما يريده الحسين عليه السلام من التعظيم والتبجيل ، فالّذي يستكثر العباد عند اللّه جلّ جلاله قليل ، فإنّه جلّ جلاله القادر لذاته الرحيم لذاته الكريم ، لذاته الذي لا ينقصه مهما أعطى من هباته ، بل يزيد في ملكه زيادة عطاياه وصلاته.

ومن أهمّ المهمات إخلاص الزائرين في هذه وتطهير النّيّات ، وان يكون الزّيارة لمجرّد أمر اللّه جلّ جلاله ، فالعبادة له جلّ جلاله بها والطاعة له في الموافقة له في التعظيم لها ، ويكون إذا زار مع كثرة الزائرين ، فكأنّه زار وحده دون الخلائق أجمعين ، فلا يكون ناظرة وخاطره متعلّقا بغير رب العالمين ، وهذا أمر شهد به صريح العقول من العارفين ، وقال جلّ جلاله ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (1).

ومن المنقول ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي بإسناده إلى أبي عبد اللّه البرقي قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام : ما لمن زار الحسين بن علي عليه السلام في النصف من شعبان يريد به اللّه عزّ وجلّ وما عنده لا عند الناس ، قال : غفر اللّه له في تلك الليلة ذنوبه ولو انّها بعدد شعر معزى كلب (2) ، ثم قيل له : جعلت فداك يغفر اللّه عزّ وجلّ له الذنوب كلّها؟ قال : أتستكثر لزائر الحسين عليه السلام هذا ، كيف لا يغفرها وهو في حدّ من زار اللّه عزّ وجلّ في عرشه (3).

وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام : يغفر اللّه لزائر الحسين عليه السلام في نصف شعبان ما تقدّم من ذنبه وما تأخر (4).

ص: 340


1- 1. البينة : 5.
2- 2. المعزى : المعز ، وكلب قبيلة.
3- 3. عنه البحار 101 : 98.
4- 4. عنه البحار 101 : 98 رواه في كامل الزيارات : 181 عنه البحار 101 : 95.

فصل (53): فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في نصف شعبان

أقول : انّ هذه الزيارة ممّا يزار بها الحسين عليه السلام أوّل رجب أيضا ، وانّما أخّرنا ذكرها في هذه الليلة لأنّها أعظم ، فذكرناها في الأشرف من المكان ، وهي :

إذا أردت ذلك فاغتسل والبس أطهر ثيابك وقف على باب قبّته عليه السلام مستقبل القبلة وسلّم على سيّدنا رسول اللّه وعلى أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وعليه وعلى الأئمة من ذرّيته صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين ، ثم ادخل وقف عند ضريحه وكبر اللّه تعالى مائة مرة وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ خاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا عَبْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ فاطِمَةَ (1) سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللّهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللّهِ وَابْنَ صَفِيِّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللّهِ وَابْنِ حَبِيبِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَفِيرَ اللّهِ وَابْنَ سَفِيرِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خازِنَ الْكِتابِ الْمَسْطُورِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَالزَّبُورِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمِينَ الرَّحْمنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا شَرِيكَ الْقُرْآنِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ حِكْمَةِ رَبِّ الْعالَمِين ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْبَةَ (2) عِلْمِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْضِعَ سِرِّ اللّهِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللّهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى

ص: 341


1- 1. فاطمة الزهراء ( خ ل ).
2- 2. العيبة : ما تجعل فيه الثياب كالصندوق ، وعلى المثل يقال بموضع السرّ ، العيبة.

الأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَانَاخَتْ (1) بِرَحْلِكَ ، بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي يا أَبا عَبْدِ اللّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَجَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَمِيعِ اهْلِ الإِسْلامِ ، فَلَعَنَ اللّهُ امَّةً اسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَورِ عَلَيْكُمْ اهْلَ الْبَيْتِ ، وَلَعَنَ اللّهُ امَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللّهُ فِيها.

بِأَبِي انْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي يا أَبا عَبْدِ اللّهِ اشْهَدُ لَقَدْ اقْشَعَرَّتْ لِدِمائِكُمْ اظِلَّةُ الْعَرْشِ مَعَ اظِلَّةِ الْخَلائِقِ ، وَبَكَتْكُمُ السَّماءُ وَالارْضُ وَسُكّانُ الْجِنانِ وَالْبِرِّ وَالْبَحْرِ ، صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ عَدَدَ ما فِي عِلْمِ اللّهِ ، لَبَّيْكَ داعِيَ اللّهِ انْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ وَلِسانِي عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ ، فَقَدْ أَجابَكَ قَلْبِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي ، سُبْحانَ رَبِّنا انْ كانَ وَعْدُ رَبَّنا لَمَفْعُولاً.

اشْهَدُ انَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ ، مِنْ طُهْرٍ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ ، فَطُهِّرَتْ بِكَ الْبِلادُ وَطُهِّرَتْ ارْضٌ انْتَ فِيها وَطُهِّرَ حَرَمُكَ ، اشْهَدُ انَّكَ امَرْتَ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ وَدَعَوْتَ إِلَيْهِما ، وَانَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ صَدَقْتَ فِيما دَعَوْتَ إِلَيْهِ ، وَانَّكَ ثارُ اللّهِ فِي الارْضِ.

وَاشْهَدُ انَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللّهِ وَعَنْ جَدِّكَ رَسُولِ اللّهِ وَعَنْ أَبِيكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَنْ أَخِيكَ الْحَسَنِ ، وَنَصَحْتَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَعَبَدْتَ اللّهَ مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ الْيَقِينُ ، فَجَزاكَ اللّهُ خَيْرَ جَزاءِ السَّابِقِينَ وَصَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ الرَّشِيدِ ، قَتِيلِ الْعَبَراتِ وَأَسِيرِ الْكُرُباتِ صَلاةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً ، يَصْعَدُ أَوَّلُها وَلا يَنْفَدُ آخِرُها ، افْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى احَدٍ مِنْ اوْلادِ أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ يا إِلهَ الْعالَمِينَ.

ثمّ قبّل الضّريح وضع خدّك الأيمن عليه والأيسر ، ودر حول الضريح ، فقبّله من

ص: 342


1- 1. أناخ فلان بمكان : أقام به.

اربع جوانبه ، ثم امض وقف على ضريح علي بن الحسين عليه السلام مستقبل القبلة وقل :

السَّلامُ مِنَ اللّهِ ، وَالسَّلامُ مِنْ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ وَجَمِيعِ اهْلِ طاعَتِهِ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ ، عَلَى ابِي عَبْدِ اللّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلالَةِ (1) إِبْراهِيمَ الْخَلِيلِ.

صَلَّى اللّهُ عَلَيْكَ وَعَلى أَبِيكَ إِذْ قالَ فِيكَ : قَتَلَ اللّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ ، يا بُنَيَّ ما اجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمنِ وَعَلَى انْتِهاكَ حُرْمَةِ الرَّسُولِ ، عَلَى الدُّنْيا بَعْدَكَ الْعَفا (2).

اشْهَدُ انَّكَ ابْنُ حُجَّةِ اللّهِ وَابْنُ امِينِهِ ، حَكَمَ اللّهُ عَلى قاتِلِيكَ وَاصْلاهُمْ (3) جَهَنَّمَ وَسائَتْ مَصِيراً ، وَجَعَلَنَا اللّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ مُلاقِيكَ وَمُرافِقِيكَ وَمُرافِقِي جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَعَمِّكَ وَأَخِيكَ وَأُمِّكَ الْمَظْلُومَةِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ ، أَبْرَءُ الَى اللّهِ مِمَّنْ قَتَلَكَ وَقاتِلَكَ ، وَاسْأَلُ اللّهَ مُرافِقَتَكُمْ فِي دارِ الْخُلُودِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

السَّلامُ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى ابِي بَكْرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلى عُثْمانِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.

السَّلامُ عَلَى الْقاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ ، السَّلامُ عَلى ابِي بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَسَنِ.

السَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ ابِي طالِبٍ ، السَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ بْنِ ابِي سَعْدِ بْنِ عَقِيلٍ ، السَّلامُ : عَلى

ص: 343


1- 1. السليل : الولد ، السلالة : النسل.
2- 2. العفاء : الهلاك.
3- 3. اصلاه النار : ادخله إياها واثواه فيها.

عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ ابِي طالِبٍ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ بَيْتِ الْمُصْطَفى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ اهْلَ الشُّكْرِ وَالرِّضا.

السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَنْصارَ اللّهِ وَرِجالِهِ مِنْ اهْلِ الْحَقِّ وَالْبَلْوَى وَالْمُجاهِدِينَ عَلى بَصِيرَةٍ فِي سَبِيلِهِ ، اشْهَدُ انَّكُمْ كَما قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَ ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) (1) ، فَما ضَعُفْتُمْ وَمَا اسْتَكَنْتُمْ (2) حَتّى لَقِيتُمُ اللّهَ عَلى سَبِيلِ الْحَقِّ وَنَصْرِهِ وَكَلِمَةِ اللّهِ التَّامَّةِ.

صَلَّى اللّهُ عَلى أَرْواحِكُمْ وَأَبْدانِكُمْ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً وَفُزْتُمْ ، وَاللّهِ لَوَدَدْتُ انِّي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً ، أَبْشِرُوا بِمَواعِيدِ اللّهِ الَّتِي لا خُلْفَ لَها انَّهُ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.

اشْهَدُ انَّكُمُ النُّجَباءُ وَسادَةُ الشُّهَداءِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَاشْهَدُ انَّكُمْ جاهَدْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقُتِلْتُمْ عَلى مِنْهاجِ (3) رَسُولِ اللّهِ ، انْتُمُ السَّابِقُونَ وَالْمُجاهِدُونَ ، اشْهَدُ انَّكُمْ أَنْصارُ اللّهِ وَأَنْصارُ رَسُولِهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وَأَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثم التفت فسلّم على الشهداء فقل :

السَّلامُ عَلى سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْحَنَفِي ، السَّلامُ عَلى حُرِّ بْنِ يَزِيد الرِّياحِي ، السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ ، السَّلامُ عَلى حَبِيبِ بْنِ مظاهِرٍ ، السَّلامُ عَلى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةِ ، السَّلامُ عَلى عَقَبَةِ بْنِ سَمْعانَ ، السَّلامُ عَلى بُرَيْرِ بْنِ خُضَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَيْرِ.

السَّلامُ عَلى نافِعِ بْنِ هِلالٍ ، السَّلامُ عَلى مُنْذِرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْجُعْفِي (4) ،

ص: 344


1- 1. آل عمران : 146.
2- 2. لا استكنتم ( خ ل ).
3- 3. المنهاج : الطريق الواضح.
4- 4. الجعفري ( خ ل ).

السَّلامُ عَلى عَمْرُو بْنِ قُرْظَةِ الأَنْصارِي.

السَّلامُ عَلى ابِي ثمامَةِ الصَّائِدِي (1) ، السَّلامُ عَلى جُونٍ (2) مَوْلى ابِي ذَرٍّ الْغَفّارِي ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الازْدِي ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ وَعَبْدِ اللّهِ ابْنَيْ عُرْوَة ، السَّلامُ عَلى سَيْفِ بْنِ الْحارِثِ ، السَّلامُ عَلى مالِكِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْحائِرِي ، السَّلامُ عَلى حَنْظَلَةِ بْنِ اسْعَدِ الشَّبامِيِّ.

السَّلامُ عَلَى قاسِمِ بْنِ الْحارِثِ الْكاهِلِي ، السَّلامُ عَلى بِشْرِ بْنِ عُمَرَ الْحَضْرَمِيِّ ، السَّلامُ عَلى عَابِسِ بْنِ شَبِيبِ الشَّاكِرِي ، السَّلامُ عَلى حَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقِ الْجُعْفِي ، السَّلامُ عَلى عَمْرِو بْنِ خَلَفٍ وَسَعِيدٍ مَوْلاهُ ، السَّلامُ عَلى حَسَّانِ بْنِ الْحارِثِ.

السَّلامُ عَلى مَجْمَعِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعائِذِي ، السَّلامُ عَلى نَعِيمِ بْنِ عِجْلانِ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ يَزِيد ، السَّلامُ عَلى عُمَرَ بْنِ ابِي كَعْبٍ.

السَّلامُ عَلى سُلَيْمانَ بْنَ عُوفِ الْحَضْرَمِيِّ ، السَّلامُ عَلى قَيْسِ بْنِ مُسْهِرِ الصِّيْداوِيَّ ، السَّلامُ عَلى عُثْمانِ بْنِ فَرْوَة (3) الْغفارِيِّ ، السَّلامُ عَلى غَيْلانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، السَّلامُ عَلى قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْهَمَدانِي ، السَّلامُ عَلى عُمَيْرِ بْنِ كَنادِ ، السَّلامُ عَلى جَبَلَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلى مُسْلِمِ بْنِ كَنادٍ.

السَّلامُ عَلى سُلَيْمانَ بْنِ سُلَيْمانَ الأَزدِي ، السَّلامُ عَلى حَمَّادِ بْنِ حَمَّادِ الْمُرادِي ، السَّلامُ على عامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ وَمَوْلاهُ مُسْلِمٍ ، السَّلامُ عَلى بَدْرِ بْنِ رُقَيْطٍ وَابْنَيْهِ عَبْدِ اللّهِ وَعُبَيْدِ اللّهِ ، السَّلامُ عَلى رُمَيْثِ بْنِ عُمَرَ ، السَّلامُ عَلى سُفْيانِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ سَيّارٍ.

السَّلامُ عَلى قاسِطٍ وَكَرْشٍ ابْنَيْ زُهَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى كَنانَةِ بْنِ عَتِيقٍ ،

ص: 345


1- 1. الصيداوي ( خ ل ).
2- 2. عروة ( خ ل ).
3- 3. عروة ( خ ل ).

السَّلامُ عَلى عامِرِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى مَنِيعِ بْنِ زِيادٍ ، السَّلامُ عَلى نُعْمان بْنِ عَمْرٍو.

السَّلامُ عَلى جَلاَّسِ بْنِ عَمْرِو ، السَّلامُ عَلى عامِرِ بْنِ جُلَيْدَةِ (1) ، السَّلامُ عَلى زائِدَةِ بْنِ مُهاجِرٍ ، السَّلامُ عَلى حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ النَّهْشَلِي ، السَّلامُ عَلى حَجَّاجِ بْنِ يَزِيد ، السَّلامُ عَلى جُوَيْرِ بْنِ ، مالِكٍ.

السَّلامُ عَلى ضُبَيْعَة بْنِ عَمْرٍو ، السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ بَشِيرٍ ، السَّلامُ عَلى مَسْعُودِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، السَّلامُ عَلى عَمَّارِ بْنِ حَسَّانٍ ، السَّلامُ عَلى جُنْدَبِ بْنِ حُجَيْرٍ ، السَّلامُ عَلى سُلَيْمانَ بْنِ كَثِيرٍ ، السَّلامُ عَلى زُهَيْرِ بْنِ سُلَيْمانَ ، السَّلامُ عَلى قاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ.

السَّلامُ عَلى انَسِ بْنِ كاهِلِ الأَسَدِي (2) ، السَّلامُ عَلى ضَرْغامَةِ بْنِ مالِكٍ ، السَّلامُ عَلى زاهِرٍ مَوْلى عَمْرو بْنِ الْحمقِ ، السَّلامُ عَلى عَبْدِ اللّهِ بْنِ يَقْطُرِ رَضِيعِ الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى مُنْجِحٍ مَوْلى الْحُسَيْنِ ، السَّلامُ عَلى سُوَيْدٍ مَوْلى شاكِرٍ.

السَّلامُ عَلَيْكُمْ ايُّهَا الرَّبَّانِيُّونَ ، انْتُمْ خِيَرَةُ اللّهِ ، اخْتارَكُمُ اللّهُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، وَانْتُمْ خاصَّتُهُ اخْتَصَّكُمُ اللّهُ ، اشْهَدُ انَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلَى الدُّعاءِ الَى الْحَقِّ وَنَصَرْتُمْ وَوَفَيْتُمْ وَبَذَلْتُمْ مُهَجَكُمْ (3) مَعَ ابْنِ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وآله ، وَانْتُمْ سُعَداءُ سُعِدْتُمْ وَفُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ.

فَجَزاكُمُ اللّهُ مِنْ أَعْوانٍ وَإِخْوانٍ خَيْرَ ما جازى مَنْ صَبَرَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وآله ، هَنِيئاً لَكُمْ ما اعْطِيتُمْ وَهَنِيئاً لَكُمْ بِما حُيِّيتُمْ ، طافَتْ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ الرَّحْمَةُ وَبَلَغْتُمْ بِها شَرَفَ الاخِرَةِ.

فإذا أردت وداعه عليه السلام فقل ما رأيناه في بعض وداعاته :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ

ص: 346


1- 1. خليدة ( خ ل ).
2- 2. السلام على حرب بن يزيد الرياحي ( خ ل ).
3- 3. المهجة : الدم ، أو دم القلب ، الروح.

اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خالِصَةَ اللّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتِيلَ الظَّلماءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا غَرِيبَ الْغُرَباءِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ سَلامُ مُوَدِّعٍ لا سَأمٍ (1) وَلا قالٍ ، فَانْ امْضِ فَلا عَنْ مَلامَةٍ وَانْ اقِمْ فَلا عَنْ سُوءِ ظَن بِما وَعَدَ اللّهُ الصَّابِرينَ.

لا جَعَلَهُ اللّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكَ ، وَرَزَقَنِيَ اللّهُ الْعَوْدَ الى مَشْهَدِكَ وَالْمُقامَ بِفِنائِكَ وَالْقِيامَ فِي حَرَمِكَ ، وَإِيَّاهُ اسْأَلُ انْ يُسْعِدَنِي بِكُمْ وَيَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ (2).

فصل (54): فيما نذكره من صلاة ليلة النصف من شعبان عند الحسين عليه السلام

اعلم انّنا كنّا نؤثر أن نذكر هذه الصلاة قبل وداع زيارة نصف شعبان لئلاّ يقع الاشتغال عنها بالزيارة والوداع ومفارقة الإمكان ، ولكنّا رأينا تقدّم لفظ الزيارة ها هنا من المهمات وتأخير وداعها عنها خلاف العادات ، فذكرناها بالقرب ممّا يختصّ بالحسين صلوات اللّه عليه ليقطع نظر الراغب في عملها فيعتمد عليه ، وهي صلاة الحسين صلوات اللّه عليه.

وقد قدّمناها في عمل يوم الجمعة من عمل الأسبوع في الجزء الرابع في دعائها زيادة على ما أشرنا إليه (3) ، وهي منقولة من خطّ محمد بن علي الطرازي في كتابه فقال ما هذا لفظه :

ونقلت من خطّ الشيخ أبي الحسن محمد بن هارون أحسن اللّه توفيقه ما ذكر انّه حذف إسناده قال : ومن صلاة ليلة النصف من شعبان عند قبر سيدنا أبي عبد اللّه الحسين بن علي صلوات اللّه عليه اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب خمسين مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمسين مرة ويقرأهما في الركوع عشر مرات ، وإذا استويت من الركوع مثل ذلك وفي السجدتين وبينهما مثل ذلك ، كما تفعل في صلاة التسبيح ، وتدعو

ص: 347


1- 1. سئم الشيء ومنه : ملّه.
2- 2. عنه البحار 101 : 336 - 342 ، رواه في مصباح الزائر : 154 ، - 158.
3- 3. جمال الأسبوع : 165 ، عنه البحار 91 : 185.

بعدها وتقول :

انْتَ اللّهُ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لآدَمَ وَحَوّاء حِينَ قالا ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (1) ، وَناداكَ نُوحٌ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَنَجَّيْتَهُ وَآلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ، وَاطْفَأْتَ نارَ نمْرُودَ عَنْ خَلِيلِكَ إِبْراهِيمَ فَجَعَلْتَها عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً.

وَأَنْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِايُّوبَ حِينَ ناداكَ ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (2) ، فَكَشَفْتَ ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْتَهُ اهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ وَذِكْرى لُاولِي الألْبابِ ، وَانْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِذِي النُّونِ حِينَ ناداكَ فِي الظُّلُماتِ ( أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (3) ، فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَمِّ.

وَانْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِمُوسى وَهارُونَ دَعْوَتَهُما حِينَ قُلْتَ ( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ) (4) ، وَاغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَغَفَرْتَ لِداوُدَ ذَنْبَهُ ، وَنَبَّهْتَ قَلْبَهُ وَارْضَيْتَ خَصْمَهُ رَحْمَةً مِنْكَ وَذِكْرى.

وَانْتَ الَّذِي فَدَيْتَ الذَّبِيحَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ حِينَ أَسْلَما وَتَلَّهُ (5) ، لِلْجَبِينِ ، فَنادَيْتَهُ بِالْفَرَجِ وَالرَّوْحِ ، وَانْتَ الَّذِي ناداكَ زَكَرِيَّا نِداءً خَفِيّاً قالَ ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) (6) ، وَقُلْتَ ( وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ ) (7)

وَانْتَ الَّذِي اسْتَجَبْتَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لِتَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ ، رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي اهْوَنَ الرَّاغِبِينَ الَيْكَ ، وَاسْتَجِبْ لِي كَما اسْتَجَبْتَ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ ، وَطَهِّرْنِي وَتَقَبَّلْ صَلاتِي وَحَسَناتِي وَطَيِّبْ بَقِيَّةَ حَياتِي

ص: 348


1- 1. الأعراف : 23.
2- 2. الأنبياء : 83.
3- 3. الأنبياء : 87.
4- 4. يونس : 89.
5- 5. تلّه : صرعه أو ألقاه على عنقه وخدّه.
6- 6. مريم : 4.
7- 7. الأنبياء : 90.

وَطَيِّبْ وَفاتِي ، وَاخْلُفْنِي فِيمَنْ اخْلُفُ وَاحْفَظْهُمْ رَبِّ بِدُعائِي ، وَاجْعَلْ ذُرِّيَّتِي ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تَحُوطُها بِحِياطَتِكَ مِنْ كُلِّ ما حُطْتَ مِنْهُ ذُرِّيَّةَ أَوْلِيائِكَ وَاهْلِ طاعَتِكَ ، بِرَحْمَتِكَ (1) يا رَحِيمُ ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ ، وَمِنْ كُلِّ سائِلٍ قَرِيبٌ ، وَمِنْ كُلِّ داعٍ مِنْ خَلْقِهِ مُجِيبٌ.

انْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً احَدٌ ، تَمْلِكُ الْقُدْرَةَ الَّتِي عَلَوْتَ بِها فَوْقَ عَرْشِكَ ، وَرَفَعْتَ بِها سَماواتِكَ ، وَارْسَيْتَ بِها جِبالَكَ ، وَفَرَشْتَ بِها ارْضَكَ ، وَاجْرَيْتَ بِها الأَنْهارَ وَسَخَّرْتَ بِهَا السَّحابَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهارَ ، وَخَلَقْتَ بِهَا الْخَلائِقَ.

أَسْأَلُكَ بِعَظَمَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي اشْرَقْتَ بِهِ السَّماواتِ وَأَضاءَتْ بِهِ الظُّلُماتُ انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَكْفِيَنِي امْرَ مَنْ يُعادِينِي وَامْرَ مَعادِي وَمَعاشِي.

وَاصْلِحْ يا رَبِّ شَأْنِي وَلا تَكِلْنِي الى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَاصْلِحْ امْرَ وَلَدِي وَعِيالِي ، وَاغْنِنِي وَايَّاهُمْ مِنْ خَزائِنِكَ وَسَعَةِ رِزْقِكَ وَفَضْلِكَ ، وَارْزُقْنِي الْفِقْهَ فِي دِينِكَ ، وَانْفَعْنِي بِما نَفَعْتَ بِهِ مَنِ ارْتَضَيْتَ مِنْ عِبادِكَ ، وَاجْعَلْنِي لِلْمُتَّقِينَ إِماماً كَما جَعَلْتَ إِبْراهِيمَ ، فَانَّ بِتَوْفِيقِكَ يَفُوزُ الْمُتَّقُونَ وَيَتُوبُ التَّائِبُونَ وَيَعْبُدُكَ الْعابِدُونَ ، وَبِتَسْدِيدِكَ وَإِرْشادِكَ نَجَى الصَّالِحُونَ.

اللّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْواها وَانْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها ، وَانْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها ، اللّهُمَّ بَيِّنْ لَها رِشادَها وَتَقْواها وَنَزِّلْها مِنَ الْجِنانِ أَعْلاها ، وَطَيِّبْ وَفاتَها وَمَحْياها وَاكْرِمْ مُنْقَلَبَها وَمَثْواها وَمُسْتَقَرَّها وَمَأْواها ، انْتَ رَبُّها وَمَوْلاها.

اللّهُمَّ اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ بِرَحْمَتِكَ وَمَنْزِلَةِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ،

ص: 349


1- 1. يا ارحم الراحمين ( خ ل ).

وَالْحُجَّةِ الْقائِمِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ عِنْدَكَ ، وَبِمَنْزِلَتِهِمْ لَدَيْكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).

فصل (55): فيما نذكره من بيان صفات صلاة الليل في ليلة النصف من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان اللّه عليه فيما ذكره عند ذكر شهر شعبان في عمل ليلة النصف منه ، فقال : ما هذا لفظه : فإذا صلّيت صلاة اللّيل فصلّ ركعتين وداع بهذا الدعاء وقل :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ وَاهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ ، وَاعْطِنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ امْنِيَّتِي وَتَقَبَّلْ وَسِيلَتِي ، فَانِّي بِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَأَوْصِيائِهِما الَيْكَ أَتَوَسَّلُ وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ وَلَكَ اسْأَلُ ، يا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ يا مَلْجَأَ الْهارِبِينَ وَمُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ وَنَيْلِ الطَّالِبِينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً تَكُونُ لَكَ رِضا وَلِحَقِّهِمْ قَضاءً ، اللّهُمَّ اعْمُرْ قَلْبِي بِطاعَتِكَ وَلا تُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَارْزُقْنِي مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، فَإِنَّكَ واسِعُ الْفَضْلِ وازِعُ الْعَدْلِ ، لِكُلِّ خَيْرٍ اهْلٌ.

ثم صل ركعتين وقل :

اللّهُمَّ انْتَ الْمَدْعُوُّ وَانْتَ الْمَرْجُوُّ وَرازِقُ الْخَيْرِ وَكاشِفُ السُّوءِ ، الْغَفَّارُ ذُو الْعَفْوِ الرَّفِيعِ وَالدُّعاءِ السَّمِيعِ ، اسْأَلُكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ الإِجابَةَ وَحُسْنَ الإِنابَةِ وَالتَّوْبَةَ وَالاوْبَةَ (2) وَخَيْرَ ما قَسَمْتَ فِيها وَفَرَّقْتَ مِنْ كُلِّ امْرٍ حَكِيمٍ.

ص: 350


1- 1. عنه البحار 91 : 191 ، 101 : 343.
2- 2. الاوبة : الرجعة.

فَانْتَ بِحالِي زَعِيمٌ (1) عَلِيمٌ وَبِي رَحِيمٌ ، امْنُنْ عَلَيَّ بِما مَنَنْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ عِبادِكَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْوارِثِينَ وَفِي جَوارِكَ مِنَ اللاَّبِثِينَ (2) فِي دارِ الْقَرارِ وَمَحَلِّ الأَخْيارِ.

ثم صل ركعتين وقل :

سُبْحانَ الْواحِدِ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُهُ الْقَدِيمُ الَّذِي لا بَدْئَ لَهُ ، الدَّائِمِ الَّذِي لا نَفادَ (3) لَهُ ، الدَّائِبِ الَّذِي لا فَراغَ لَهُ ، الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى ، عالِمِ كُلِّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ ، السَّابِقِ فِي عِلْمِهِ ما لا يَهْجُسُ (4) الْمَرْءُ فِي وَهْمِهِ ، ( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. )

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مُعْتَرِفٍ بِبَلائِكَ الْقَدِيمِ وَنَعْمائِكَ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ خَيْرِ أَنْبِيائِكَ وَاهْلِ بَيْتِهِ أَصْفِيائِكَ وَأَحِبَّائِكَ ، وَانْ تُبارِكَ لِي فِي لِقائِكَ.

ثم صل ركعتين وقل :

يا كاشِفَ الْكَرْبِ وَمُذَلِّلَ كُلِّ صَعْبٍ وَمُبْتَدِئَ النِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها ، وَيا مَنْ مَفْزَعُ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَيْهِ ، امَرْتَ بِالدُّعاءِ وَضَمِنْتَ الإِجابَةَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْدَأْ بِهِمْ فِي كُلِّ خَيْرٍ وَافْرُجْ هَمِّي وَارْزُقْنِي بَرْدَ (5) عَفْوِكَ وَحَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَانْتِظارِ امْرِكَ.

انْظُرْ الَيَّ نَظْرَةً رَحِيمَةً مِنْ نَظَراتِكَ ، وَاحْيِنِي ما احْيَيْتَنِي مَوْفُوراً (6) مَسْتُوراً ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ لِي جَذَلاً (7) وَسُرُوراً ، وَاقْدِرْ لِي وَلا تُقَتّرْ فِي حَياتِي إِلى حِينَ

ص: 351


1- 1. الزعيم : الضمين والكفيل.
2- 2. اللابثين : المقيمين والماكثين.
3- 3. لانفاد : لافناء.
4- 4. يهجس : يخطر في باله.
5- 5. برد : لذة.
6- 6. موفورا : غنيا.
7- 7. جذلا : فرحا.

وَفاتِي حَتّى أَلْقاكَ مِنَ الْعَيْشِ سَئِماً وَالَى الآخِرَةِ قَرِماً (1) ، انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ثم صل ركعتين وقل بعدهما قبل قيامك إلى الوتر :

اللّهُمَّ رَبَّ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ، بِحَقِّ هذِهِ اللَّيْلَةِ الْمَقْسُومِ فِيها بَيْنَ عِبادِكَ ما تَقْسِمُ وَالْمَحْتُومِ ، فِيها ما تَحْتِمُ (2) ، اجْزِلْ فِيها قِسَمِي (3) وَلا تُبَدِّلْ اسْمِي وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلا عَنِ الرُّشْدِ عمًى ، وَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ وَالْقَبُولِ ، يا خَيْرَ مَرْغُوبٍ إِلَيْهِ وَمَسْئُولٍ.

ثم قم وأوتر فإذا فرغت من دعاء الوتر وأنت قائم فقل قبل الركوع :

اللّهُمَّ يا مَنْ شَأْنُهُ الْكِفايَةُ وَسُرادِقُهُ (4) الرِّعايَةُ ، يا مَنْ هُوَ الرَّجاءُ وَالأَمَلُ وَعَلَيْهِ فِي الشَّدائِدِ الْمُتَّكَلُ ، مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَانْتَ ارْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَضاقَتْ عَلَيَّ الْمَذاهِبُ وَانْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ، كَيْفَ أَخافُ وَانْتَ رَجائِي وَكَيْفَ أَضِيعُ وَانْتَ لِشِدَّتِي وَرَجائِي.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِما وارَتِ (5) الْحُجُبُ مِنْ جَلالِكَ وَجَمالِكَ وَبِما أَطافَ الْعَرْشُ مِنْ بَهاءِ كَمالِكَ ، وَبِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ الثَّابِتِ الأَرْكانِ وَبِما تُحِيطُ بِهِ قُدْرَتُكَ مِنْ مَلَكُوتِ السُّلْطانِ.

يا مَنْ لا رادَّ لِأَمْرِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ اضْرِبْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَعْدائِي سِتْراً مِنْ سِتْرِكَ وَكافِيَةً مِنْ امْرِكَ ، يا مَنْ لا تَخْرِقُ قُدْرَتَهُ عَواصِفُ الرِّياحِ وَلا تَقْطَعُهُ بَواتِرُ الصِّفاحِ (6) وَلا تَنْفَذُ فِيهِ عَوامِلُ الرِّماحِ (7).

ص: 352


1- 1. قرما : مشتاقا.
2- 2. تحتم : تقضى وتوجب.
3- 3. قسمي : نصيبي.
4- 4. سرادقه : إحاطته.
5- 5. وارت : أخفت وسترت.
6- 6. بواتر الصفاح : السيوف القاطعة العريضة.
7- 7. عوامل الرماح : ما يلي السنان.

يا شَدِيدَ الْبَطْشِ يا عالِيَ الْعَرْشِ ، اكْشِفْ ضُرِّي ، يا كاشِف ضُرِّ أَيُّوبَ ، وَاضْرِبْ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ يَرْمِينِي بِبَوائِقِهِ وَيسرِي (1) الَيَّ طَوارِقُهُ بِكافِيَةٍ مِنْ كَوافِيكَ وَواقِيَةٍ مِنْ دَواعِيكَ ، وَفَرِّجْ هَمِّي وَغَمِّي يا فارِجَ غَمِّ يَعْقُوبَ ، وَاغْلِبْ لِي مَنْ غَلَبَنِي ، يا غالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ.

وَرَدَّ اللّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرَاً ، وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ، ( فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ ) ، يا مَنْ نَجَّى نُوحاً مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، يا مَنْ نَجّى لُوطاً مِنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ، يا مَنْ نَجَّى هُوداً مِنَ الْقَوْمِ الْعادِينَ ، يا مَنْ نَجّى مُحَمَّداً مِنَ الْقَوْمِ الْمُسْتَهْزِئِينَ.

أَسْأَلُكَ بِحَقِّ شَهْرِنا هذا وَأَيَّامِهِ الَّذِي كانَ رَسُولُكَ صلى اللّه عليه وآله يَدْأَبُ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ مَدى سِنِيهِ وَأَعْوامِهِ ، انْ تَجْعَلَنِي فِيهِ مِنَ الْمَقْبُولِينَ أَعْمالَهُمْ ، الْبالِغِينَ فِيهِ آمالَهُمْ ، وَالْقاضِينَ فِي طاعَتِكَ آجالَهُمْ ، وَانْ تُدْرِكَ بِي صِيامَ الشَّهْرِ الْمُفْتَرِضِ ، شَهْرِ الصِّيامِ ، عَلَى التَّكْمِلَةِ وَالتَّمامِ وَاسْلِخْها بِانْسِلاخِي مِنَ الْآثامِ.

فَانِّي مُتَحَصِّنٌ بِكَ ذُو اعْتِصامٍ بِأَسْمائِكَ الْعِظامِ وَمُوالاةِ أَوْلِيائِكَ الْكِرامِ ، اهْلِ النَّقْضِ وَالإِبْرامِ ، إِمامٍ مِنْهُمْ بَعْدَ إِمامٍ ، مَصابِيحِ الظَّلامِ وَحُجَجِ اللّهِ عَلى جَمِيعِ الأَنامِ ، عَلَيْهِمْ مِنْكَ افْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ.

اللّهُمَّ انِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْبَيْتِ الْحَرامِ وَالرُّكْنِ وَالْمَقامِ وَالْمَشاعِرِ الْعِظامِ انْ تَهَبَ لِيَ اللَّيْلَةَ الْجَزِيلَ مِنْ عَطائِكَ وَالإِعادَةَ مِنْ بَلائِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ الأَوْصِياءِ الْهُداةِ الدُّعاةِ (2) ، وَانْ لا تَجْعَلَ حَظِّي مِنْ هذَا الدُّعاءِ تِلاوَتَهُ وَاجْعَلْ حَظِّي مِنْهُ إِجابَتُهُ انَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3).

أقول : ورأيت في كتاب عتيق بمشهد مولانا علي عليه السلام رواية نافلة اللّيل على

ص: 353


1- 1. يسر ( خ ل ).
2- 2. الزعاة ( خ ل ).
3- 3. مصباح المتهجد 2 : 833.

هذه الصفات والدعوات عن مولانا زين العابدين عليه السلام ، وفيها ان هذا الفصل يقوله من بعد الفراغ من ركعة الوتر ، وهو : اللّهُمَّ يا مَنْ شَأْنُهُ الْكِفايَةُ - الى آخره (1).

فصل (56): فيما نذكره من تمام إحياء ليلة النصف من شعبان وما يختم به من التوصّل في سلامتها من النّقصان

اعلم انّ من وفّق للعمل (2) كلّما ذكرناه على الوجه الذي يليق بمراقبة اللّه جلّ جلاله وذكر العقل والقلب بأنّ اللّه جلّ جلاله يراه ، فإنّه يستبعد ان يبقى معه شيء من هذه الليلة المذكورة خاليا عن الأعمال المبرورة ، وان كان له عذر عن بعض ما رويناه وشرحناه أو كان عمله له على عادة أهل الغفلة في صورة العمل والقلب مشغول بدنياه ، فربّما بقي معه وقت من هذه اللّيلة فإيّاه ، ثمّ إيّاه ان يضيعه بما يضرّه من الحركات والسّكنات أو بما لا ينفعه بعد الممات.

فقد قدّمنا في الروايات المتظاهرات انّ هذه اللّيلة من الأربع ليال الّتي تحيي بالعبادات ، ورأيت في حديث خاص عن النبي صلى اللّه عليه وآله انه قال : من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (3).

فان غلبك النوم بغير اختيارك حتّى شغلك عن بعض عبادتك ودعائك وإذكارك ، فليكن نومك لأجل طلب القوّة على العبادة كنوم أهل السّعادة ولا تنم كالدواب على العادة ، فتكون متلفا بنوم الغافلين ما ظفر به من إحيائها من العارفين.

وامّا ما يختم به هذه الليلة :

فقد قدّمنا عدّة خاتمات لأوقات معظّمات فاعمل على ما قدّمناه ، ففيه كفاية لمن عرف مقتضاه ، ونزيد هاهنا ان نقول الآن إذا كان أواخر هذه اللّيلة نصف شعبان ،

ص: 354


1- 1. راجع الصحيفة السجادية الجامعة : 205 ، الرقم : 114.
2- 2. للعمل كما في ( خ ل ).
3- 3. عنه الوسائل 8 : 105 ، رواه في ثواب الأعمال : 70 ، عنه البحار 97 : 86.

فاجعل تسليم أعمالك إلى من تعتقد انّه داخل بينك وبين اللّه جلّ جلاله في آمالك وتوسّل إليه وتوجّه إلى اللّه جلّ جلاله بإقبالك عليه ، في ان يسلّم عبادتك من النقصان ويحملها بالعفو والغفران ، ويفتح بها (1) أبواب القبول ويرفعها في معارج درجات المأمول ، ولا تحسّن ظنّك بنفسك وبطاعتك.

فكم من عمل قد عملته في دنياك بغاية اجتهادك وإرادتك ثمّ بانت لك فيه من العيوب ، وغلط العقول والقلوب ما تعجب من الغفلة عنه ، فكيف إذا كان الناظر في عملك اللّه جلّ جلاله الذي لا يخفى عليه شيء منه.

فصل (57): فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام خمسة عشر يوما من شعبان ناداه ربّ العزّة وعزّتي لا أحرقتك بالنّار (2).

فصل (58): فيما نذكره من عمل الليلة السّادسة عشر من شعبان

وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السّادسة عشر من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرّة وخمس عشرة مرّة ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) ، فإن اللّه تعالى قال لي : من صلّى هاتين الركعتين أعطيته مثل ما أعطيتك على نبوّتك وبني له في الجنّة ألف قصر (3).

ص: 355


1- 1. لها ( خ ل ).
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 69.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.

فصل (59): فيما نذكره من فضل صوم ستّة عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ستّة عشر يوما من شعبان أطفى اللّه عنه سبعين بحرا من النّيران (1).

فصل (60): فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السابعة عشر من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) إحدى وسبعين مرّة ، فإذا فرغ من صلاته استغفر اللّه سبعين مرة ، فإنّه لا يقوم من مقامه حتّى يغفر اللّه له ولا يكتب عليه خطيئة (2).

فصل (61): فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام سبعة عشر يوما من شعبان غلّقت عنه أبواب النّيران كلّها (3).

ص: 356


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.

فصل (62): فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الثامنة عشر من شعبان عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمس مرات ، قضى اللّه له كلّ حاجة يطلب في تلك اللّيلة وان كان قد خلقه شقيّا فجعله سعيدا وان مات في الحول مات شهيدا (1).

فصل (63): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثمانية عشر يوما من شعبان فتحت له أبواب الجنان كلّها (2).

فصل (64): فيما نذكره من عمل اللّيلة التاسعة عشر من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة التاسعة عشر من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ) خمس مرّات ، غفر اللّه له ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر ، ويتقبّل ما يصلّي بعد ذلك وان كان له والدان في النار أخرجهما (3).

ص: 357


1- 1. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال : 87 ، عنهما البحار 97 : 70.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.

فصل (65): فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا عن أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام تسعة عشر يوما من شعبان أعطي سبعون ألف قصر من الجنان من درّ وياقوت (1).

فصل (66): فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في الليلة العشرين من شعبان اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) خمس عشر مرّة ، فوالذي بعثني بالحق نبيّا انه لا يخرج من الدنيا حتى يرى في المنام ويرى مقعده من الجنّة ويحشر مع الكرام البررة (2).

فصل (67): فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب أماليه ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام عشرين يوما من شعبان زوّج تسعين ألف زوجة من الحور العين (3).

ص: 358


1- 1. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال : 87 ، عنهما البحار 97 : 70.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال : 89 ، عنهما البحار 97 : 70.

فصل (68): فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في الليلة الحادية والعشرين من شعبان ثماني ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين ، كتب اللّه له بعدد نجوم السماء من الحسنات ويرفع له بعدد ذلك من الدرجات ويمحو عنه من السيئات بعد ذلك (1).

فصل (69): فيما نذكره من فضل صوم إحدى وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام إحدى وعشرين يوما من شعبان رحبت به الملائكة ومسحته بأجنحتها (2).

فصل (70): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثانية والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة الثانية والعشرين من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرة ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) خمس عشرة مرة ، كتب اللّه تعالى اسمه في أسماء الصدّيقين وجاء يوم القيامة في زمرة المرسلين وهو في ستر اللّه تعالى (3).

ص: 359


1- 1. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.

فصل (71): فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام اثنين وعشرين يوما من شعبان كسى سبعين ألف حلّة من سندس وإستبرق (1).

فصل (72): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثالثة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة الثالثة والعشرين من شعبان ثلاثين ركعة فاتحة الكتاب مرّة و ( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ) مرّة ، ينزع اللّه تعالى الغلّ والغشّ من قلبه وهو ممّن شرح اللّه صدره للإسلام ويبعثه اللّه تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر - وذكر حديثا طويلا (2).

فصل (73): فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثلاثة وعشرين يوما من شعبان أتي بدابّة من نور عند خروجه من قبره فيركبها طيّارا إلى الجنّة (3).

ص: 360


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 102 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.

فصل (74): فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) عشر مرات ، أكرمه اللّه تعالى بالعتق من النار والنجاة من العذاب وعذاب القبر والحساب اليسير وزيارة آدم ونوح والنبيّين والشفاعة (1).

فصل (75): فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام أربعة وعشرين يوما من شعبان شفّع في سبعين ألفا من أهل التوحيد (2).

فصل (76): فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة الخامسة والعشرين من شعبان عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) مرّة ، أعطاه اللّه تعالى ثواب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وثواب سبعين نبيا (3).

ص: 361


1- 1. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.

فصل (77): فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام خمسة وعشرين يوما من شعبان يعطى براءة من النفاق (1).

فصل (78): فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة السادسة والعشرين من شعبان عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( آمَنَ الرَّسُولُ ) عشر مرات ، عافاه اللّه تعالى من آفات الدنيا والآخرة ويعطيه اللّه تعالى ستّة أَنوار يوم القيامة (2).

فصل (79): فيما نذكره من فضل صوم ستّة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صام ستّة وعشرين يوما من شعبان كتب اللّه عزّ وجلّ له جوازا على الصراط (3).

ص: 362


1- 1. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنها البحار 97 : 70.

فصل (80): فيما نذكره من عمل اللّيلة السابعة والعشرين من شعبان

وجدنا ذلك مرويّا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في الليلة السابعة والعشرين من شعبان ركعتين ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) عشر مرات ، كتب اللّه تعالى له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة وتوجّه بتاج من نور (1).

فصل (81): فيما نذكره من فضل صوم سبعة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صام سبعة وعشرين يوما من شعبان كتب اللّه له براءة من النار (2).

فصل (82): فيما نذكره من تأكيد صيام ثلاثة أيام من آخر شعبان

اعلم انّنا قدّمنا انّه يستحبّ لمن صام شهر شعبان ان يفصل بينه وبين شهر رمضان بيوم أو يومين ، وذكرناه هاهنا ما فتح علينا من تأويل ذلك ، ونحن نورد فضل هذه الأيّام الثلاثة من آخره ، ولعلّها يختصّ بمن لم يصم شهر شعبان كلّه.

رويناها بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه في ثواب صوم شعبان فقال ما هذا لفظه : وقال الصادق عليه السلام : من صام ثلاثة أيّام

ص: 363


1- 1. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. ثواب الأعمال : 87 ، أمالي الصدوق : 30 ، عنهما البحار 97 : 70.

من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب اللّه تعالى له صيام شهرين متتابعين (1).

فصل (83): فيما نذكره من عمل اللّيلة الثامنة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النّبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة الثامنة والعشرين من شعبان اربع ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) والمعوّذتين مرّة ، ويبعثه اللّه تعالى من القبر ووجهه كالقمر ليلة البدر ويدفع اللّه عنه أهوال يوم القيامة (2).

فصل (84): فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ومن صام ثمانية وعشرين يوما من شعبان تهلّل وجهه يوم القيامة (3).

فصل (85): فيما نذكره من عمل اللّيلة التاسعة والعشرين من شعبان

وجدناه مرويّا عن النّبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة التاسعة والعشرين من شعبان عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة ( أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ) عشر مرّات ، والمعوّذتين عشر مرات ، و ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، أعطاه اللّه تعالى ثواب المجتهدين وثقّل ميزانه ويخفّف عنه الحساب ويمرّ

ص: 364


1- 1. أمالي الصدوق : 397 ، عنه البحار 97 : 72.
2- 2. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.
3- 3. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال 87 ، عنهما البحار 97 : 70.

على الصراط كالبرق الخاطف (1).

فصل (86): فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من شعبان

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده عن النّبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : ومن صام تسعة وعشرين يوما من شعبان نال رضوان اللّه الأكبر (2).

فصل (87): فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من شعبان

وجدناه مرويا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : من صلّى ليلة الثلاثين من شعبان ركعتين ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) عشر مرّات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النبي صلى اللّه عليه وآله مائة مرة ، فوالّذي بعثني بالحق نبيّا ان اللّه يرفع له ألف ألف مدينة في جنة النعيم ولو اجتمع أهل السماوات والأرض على إحصاء ثوابه ما قدروا ، وقضى اللّه له ألف حاجة. (3)

فصل (88): فيما نذكره من فضل صوم يوم الثلاثين من شعبان

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النّبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ومن صام يوم الثلاثين من شعبان ناداه جبرئيل عليه السلام من قدّام العرش :

ص: 365


1- 1. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.
2- 2. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال : 87 ، عنها البحار 97 : 70.
3- 3. عنه الوسائل 8 : 103 ، مصباح الكفعمي : 539.

يا هذا استأنف العمل عملا جديدا فقد غفر لك ما مضى وما تقدّم من ذنوبك والجليل عزّ وجلّ يقول : لو كان ذنوبك عدد نجوم السماء وقطر الأمطار وورق الأشجار وعدد الرّمل والثرى وأيّام الدّنيا لغفرتها لك وما ذلك على اللّه بعزيز بعد صيامك شهر شعبان (1).

فصل (89): فيما نذكره ممّا يختم به شهر شعبان

اعلم اننا ذكرنا في الجزء الخامس عند عمل كلّ شهر ما لا غنى لمن يريد مراقبة اللّه جل جلاله عنه ، وروينا اخبارا ان عمل كل شهر يرفع إلى اللّه جل جلاله في آخر خميس منه ، فينبغي الاجتهاد في آخر خميس من شعبان في تطهير سرائرك الّتي هي عيار الأعمال في الزّيادة والنقصان والأعمال بالنيّات وتستدرك فارطها وتتمّ نقصانها بغاية الإمكان وتعرضها مع ما يصل الجهد إليه عرض الخائف من ردّها عليه.

فان لم يكن في أعمالنا الاّ ان نشاطنا لمطالبنا الدنيويّة واشتغالنا بشهواتها الطبيعيّة أرجح من مهمّات اللّه جلّ جلاله ومن مراداته وفرحنا بقضاء حاجتنا الفانية أكثر من سرورنا بخدمة اللّه عزّ اسمه وطاعاته ، وهذا سقم ظاهر لا ريب فيه وبعيد ان تخلو الأعمال من دواهيه.

ويكون تسليم عملك آخر يوم خميس من شعبان إلى الّذين تعرض عليهم الأعمال في ذلك اليوم ثواب الرحمن ويسلّمها إليهم ، تسليم ضيفهم وعبدهم وضيعة رفدهم ورعيتهم الهارب من نفسه وهواه ومن عدل مولاه إلى الدخول في ظلّهم والتمسك بأذيال مجدهم وفضلهم.

ومع عرض الأعمال آخر خميس من هذا الشهر كما ذكرناه ، فلا بدّ ان تعرضها في اجزاء الشهر عرضا آخر ، بالاستظهار الذي حرّرناه ، فلقد قدمنا في الجزء الأول من هذا

ص: 366


1- 1. أمالي الصدوق : 30 ، ثواب الأعمال : 87 ، عنهما البحار 97 : 70.

الكتاب ما يدلّ على ما يعرفه الإنسان من نفسه من سوء الآداب على مالك يوم الحساب.

فروينا انّه ينادي ملك من اللّه جل جلاله عند كلّ صلاة أيّها النّاس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفؤها بصلاتكم وأنت تعلم ما بين الظهرين وبين العشاءين من الوقت اليسير.

ومع هذا فهذا الحديث يقتضي انّه ما يسلم العبد فيما بين هذين الوقتين من حال يقتضي استحقاق النار وخطرها الكبير.

فاعرض من عمل هذا الشهر السعيد عند آخر يوم منه عرض اعمال لئام العبيد على مولاهم العظيم المجيد وعرض اعمال أهل الإباق والتشرّد والجفا على مالك ما عاملهم بغير الصفاء والوفاء وستر العيوب والتّجاوز عن المعاجلة عن الذنوب.

يقول سيدنا السيد الامام الأوحد البارع الورع الفاضل الكامل الفقيه العلاّمة ، أوحد دهره وفريد عصره علاّمة الوقت رضي الدين ركن الإسلام شرف السادة جمال العارفين أفضل المجتهدين ، سند الطائفة بن البتول وقرّة عين الرسول ، ذو الحسبين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس ، أسعده اللّه بالإقبال والقبول وبلوغ المأمول بمحمد وآله :

وهذا آخر ما اقتضاه حكم الامتثال لمراسم الموفّق لنا ومالك العناية بنا في ذكر الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة واحدة كلّ سنة في هذا المجلّد ، من الفضل المجدّد والثواب المخلّد.

وعسى ان يقول بعض أهل الكسالة والجاهلين بمعرفة مالك الجلالة وحقوق صاحب الرسالة والمحجوبين عن علم ما بين أيدي العباد من أحوال الخاتمة وأهوال المعاد انّ في أيديهم المصباح وغيره من المصنفات ما ليس عندهم نشاط للرغبة إليه ، فأي حاجة كانت إلى زيادة عليه.

فأقول : ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرّد زيادات وعبادات ، ولا كان المقصود جمع صلوات ودعوات ، وانّما ضمنّاه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا اللّه جلّ جلاله بتصنيفه إليه من كيفية معاملات اللّه جل جلاله بالإخلاص في

ص: 367

عبادته ، ومن عيوب الأعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة اللّه جل جلاله إلى معصيته ، ومن ترتيب الأبواب والفصول على وصف غريب في المأمول والمقبول ، ومن ذكر أسانيد لبعض ما يستغرب من الروايات ، ومن فضائل كانت مستورة للعبادات ، ومن تعظيم اللّه جلّ جلاله تعظيما يستصغر معه عمل كلّ عامل ، ومن تعظيم لرسوله صلوات اللّه عليه وآله يعرف به قدر حقّه الكامل ومن تعظيم لنوّابه صلوات اللّه عليهم بما لم نجد مثله مجتمعا في كتب الأواخر والأوائل ، وإذا وقفت على ما اشتمل عليه ، وجدت تحقيق ما أشرنا إليه.

فصل : مع انّني أقول : ان اللّه جل جلاله انزل كتبه الشريفة وبعث رسله صلوات اللّه عليهم بالعبادات والسعادات المنيفة ، وعلم ان أكثر عبادة لا يقبلون ولا يعلمون ولا ينتفع بذلك الاّ الأقلون ، ولم يمنعه أعراض الأكثرين ولا جهل الجاهلين ولا معاندة الجاحدين من إنزال الكتب وإرسال المرسلين.

ونحن على ذلك السبيل سائرون وبه مهتدون ومقتدون وإليه ناظرون وبين يديه حاضرون ، وله عاملون وإليه داعون وبه راضون وإلى القدوم عليه صائرون ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

فصل : واعلم انه لو كان علم إنسان أنّ قماشا قد كسد بين العباد في بلد من البلاد حتّى لا ينفق بينهم ولو بذل صاحبه فيه غاية الاجتهاد ويعلم انّه يأتي يوم ينفق ذلك القماش فيه ويبلغ اليسير منه أضعاف ثمنه لطالبيه ، فهل يمنعه من لم يعرف ما عرف ممّا يؤول حال القماش إليه وتأليفه وإحرازه والحرص عليه.

ونحن على يقين انّ لهذا الذي صنّفناه وقت نفاق وميدان سياق وعقبات ندامات على التفريط في تحصيل القماش الذي رغبنا في جمعه ودعونا العباد إلى نفعه.

فصل : مع انّ الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا أجره أكثر من استحقاقنا على فعله وأعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ امالنا إلى مثله ، ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين من فضله.

فقد استوفينا أصناف أجرة ما صنّفاه ووصفناه ، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل

ص: 368

عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.

ومثال ما ذكرناه ان يستأجر بعض الملوك بنّاء يبنى له دارا بحسب رضاه ، ويسلّم إليه أجرته أضعاف ما يستحقّه على ما بناه ، فانّ البنّاء لا يهمّ بسكنى الدار بعد فراغه منها ، وليس عليه التوصّل في ان يسكنها الناس أو يعرضوا عنها.

فصل : ونحن كان مرادنا من هذا العمل امتثال أمر مولانا جلّ جلاله في دعاء عبادة إلى مراده وتعظيم جلاله وحقوق إسعاده وإرفاده وتعظيم رسوله صلوات اللّه عليه وآله ونوّابه في بلاده وكان أقصى آمال هذه الأعمال ان يرضاها اللّه جل جلاله لخدمته ، وان يرانا أهلا لعبادته ، وان يشرّفنا بإثبات سمنا في الدّعاة إلى طاعته ، وان يذكرنا في حضرة رحمته ، ونرجو ان نكون قد ظفرنا بما هو جل جلاله أهله وشملنا حلمه وكرمه وفضله.

فصل : الثّماني مجلّدات لم يكن لها عندي مسوّدات ، على عادة من يريد التنصيف ويرغب في التأليف ، وانما كان عندنا ناسخ نملي ما يجريه اللّه جل جلاله على خاطرنا من المقال ، وما يفتحه على سرائرنا من أبواب الإقبال ، أو نكتبه في رقيعات وينقله الناسخ في الحال.

وأمّا ما كنّا نحتاج إلى روايته من الاخبار المنقولات أو نذكره من الدعوات. فتارة كنّا نمليه على الناسخ من الكتاب الذي روينا عنه أو أخذناه منه.

وتارة ندلّ النّاسخ على المواضع التي نريد خدمة اللّه جل جلاله فضل أطرافها وتكميل أوصافها فينقلها من أصولها كما عرفناه من تحصيلها ، فالمبيضّة الّتي كتبها الناسخ هي مسوّدة المصنّفات المذكورات.

فان وجد فيها خلل فلعلّ ذلك لأجل هذه القاعدة المخالفة لعادات المصنّفين.

فصل : ويقول الآن العبد المملوك لمالك رقّه والقادر على عتقه قد امتثلك مرسومك :

اللّهم فيما اعتمدت عليه مجتهدا بك في الإخلاص فيها هديتني إليه ، وانا أعرضه بوسيلة رحمتك على أيدي من ذكرته فيه من خاصّتك ومن لم أذكره من الوسائل إلى موافقة أرادتك.

ص: 369

وأسألك ان تقبل ما عملته بما وهبتني من قوّتك وصنّفته بهدايتك أفضل ما قبلته ممّن شرّفته بإقبالك عليه وأتحفته وعرّفته قدر المنّة عليه وألهمته ما تريد منه وترضى به عنه.

وقد بعثت بهذا العمل امام القدوم إليك وانا مشتاق إلى لقائك والمجيء إليك تخلّفت ستّين سنة في دار البقاء يشغلني عنك شيء من الأهوال.

وقد خفت من قولك جلّ جلالك ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ ) (1) ، فآمنّي مما أحب إلى الأمان منه ، يا من لا يخيب لديه السائلون.

وكان آخر هذا الإملاء الصادر عن المراحم والطواف الإلهيّة يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأول سنة خمس و[خمسون و] ستّمائة ، ونحن ضيوف معروف شرف الأبواب الحسينيّة وجيران تحف الأعتاب المقدّسة.

وقد بهرنا جلالة استصلاح اللّه جلّ جلاله لنا ثوابه وتأهيلنا لمشافهة بوّابه ، والحمد لله جل جلاله كما هو أهله.

ونسأله أن يختم لنا بما هو أهله برحمته وجوده وفضله وصلوته على سيدنا وجدنا محمد بن عبد اللّه سيد المرسلين وعلى سادتنا وملوكنا وآله وأهل بيته الطاهرين المعصومين المهديّين الخيّرين الفاضلين.

ص: 370


1- 1. الأعراف : 99.

الفهارس العامة ( ج 2 و 3 )

1 - فهرس الآيات الكريمة

2 - فهرس الادعية المنشاة

3 - فهرس اعلام الكتاب

4 - فهرس الكتب

5 - فهرس القبائل والطوائف

6 - فهرس البلدان والمواضع

7 - فهرس الموضوعات

ص: 371

الصورة

ص: 372

الصورة

ص: 373

الصورة

ص: 374

الصورة

ص: 375

الصورة

ص: 376

الصورة

ص: 377

الصورة

ص: 378

الصورة

ص: 379

الصورة

ص: 380

الصورة

ص: 381

الصورة

ص: 382

الصورة

ص: 383

الصورة

ص: 384

الصورة

ص: 385

الصورة

ص: 386

الصورة

ص: 387

الصورة

ص: 388

الصورة

ص: 389

الصورة

ص: 390

الصورة

ص: 391

الصورة

ص: 392

الصورة

ص: 393

الصورة

ص: 394

الصورة

ص: 395

الصورة

ص: 396

الصورة

ص: 397

الصورة

ص: 398

الصورة

ص: 399

الصورة

ص: 400

الصورة

ص: 401

الصورة

ص: 402

الصورة

ص: 403

الصورة

ص: 404

الصورة

ص: 405

الصورة

ص: 406

الصورة

ص: 407

الصورة

ص: 408

الصورة

ص: 409

الصورة

ص: 410

الصورة

ص: 411

الصورة

ص: 412

الصورة

ص: 413

الصورة

ص: 414

الصورة

ص: 415

الصورة

ص: 416

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.