الإصلاح (بعض مقومات الإصلاح في المجتمع الإسلامي)

هوية الکتاب

تأليف اية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف)

الطبعة الأولى/ 1423ه_ / 2002م

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب 5951 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

الطلیعة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً

صدق الله العلي العظيم

سورة الكهف، الآية: 88

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

تدور جميع الأديان السماوية حول محور الدعوة إلى الله تعالى وتوحيده ومبدأ الإصلاح، فهي ترتكز على قاعدة واحدة متينة وثابتة وهي (لا إله إلا الله) لا تبديل فيها ولا تغيير، وهذه القاعدة تعتبر عماد الحياة الإنسانية التي لا تقوم ولا ترتكز على غيرها، وهي ضمان وحدة الوجهة والهدف والمصير، كما تعتبر الكفيل بتحرر البشر من العبودية للهوى والعبودية لأمثالهم من العبيد والاستعلاء على الشهوات غير الشرعية كلها. فقول (لا إله إلا الله) تعني نبذ ورفض جميع الحاكميات ما خلا حاكمية الله الخالق لهذا الإنسان والعارف بما يصلح شأنه في الحياة الدنيا والآخرة.

ونحن عندما نقرأ قصص الأنبياء والرسل (صلوات الله عليهم أجمعين) مع قومهم من خلال الآيات القرآنية الكريمة كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى وعيسى عليهم السلام نراهم يعرضون حقيقة واحدة لا تتبدل وهي الدعوة إلى توحيد الله تعالى وعبادته والإصلاح عن طريق رفض الباطل بجميع أشكاله، قال تعالى: *لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم*(1)، وقال سبحانه: *وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون*(2) وقال جل جلاله: *وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم*(3).

فترى القوم يجادلون رسلهم في مسألة إفراد الله بالألوهية ويستنكرون أن تكون له وحدة الربوبية،

كما يجادلونهم في كيفية إرسال الله بشراً من الناس بالرسالة، كما يجادل بعضهم في أن يتعرض الدين لشؤون الحياة الدنيا وينظم المعاملات المالية والتجارية، وكما يجادل البعض في زماننا هذا في نفس القضية بعينها بعد عشرات القرون.

إن مسألة الابتعاد عن المنهج الرباني الذي ارتضاه الله تعالى لعباده له تبعاته وآثاره في الحياة الدنيا أولاً، ثم الحياة الآخرة ثانياً، وتأخذ هذه التبعات والآثار أشكالاً وألواناً متعددة توجب سقوط الإنسان إلا إذا رجع إلى خالقه عزوجل، فاللازم إيقاظ الضمير لدى الناس ليستجيبوا لنداء الفطرة.

قال تعالى: *ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون* فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون* فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين*(4).

والإصلاح الذي دعت إليه كافة الرسالات السماوية وعرض القرآن الحكيم نماذج منه، له مجالات عديدة ومتنوعة، بل يشمل كافة مجالات الحياة، كإصلاح المفاسد الاجتماعية والأخلاقية، ونبذ العنف والدعوة إلى السلام، وإصلاح الفرد نفسه وعائلته والآخرين، وعدم الإضرار بالبيئة، إلى غير ذلك. قال تعالى: *وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين*(5).

علماً بأن هناك مسألة مهمة يتوقف عليها قضية إصلاح شؤون الناس وإفسادهم، ألا وهي مسألة القيادة ومن بيده زمام الأمور، لأن الناس كما في الحديث والمثل السائر (على دين ملوكهم)(6).

فكلما كان هؤلاء القادة ممن يؤمن بالله والرسول صلي

الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام وكانوا يخافون يوم الحساب، فإن نظام الحياة بأسره سيسير على طريق الخير والرشد والصلاح، فلا مكان فيه للفساد ولا مجال للإفساد حتى أن الخبثاء والأشرار يمكنهم الرجوع إلى حصن الدين وإصلاح سيرتهم وسريرتهم وبذلك تنمو الحسنات وتمحق السيئات ويكثر فعل الخير وينحسر فعل الشر في المجتمع، وبذلك يسعد الجميع بحياة هانئة سعيدة يكون فيها الميزان والأساس تقوى الله وطاعته.

وأما إذا كان زمام الأمور بيد أناس لا يؤمنون بالله ولا يخافون يوم الحساب، أناس انغمسوا في الشهوات واتبعوا الشيطان، فإن نظام الحياة لا محالة سائر على البغي والعدوان والفحشاء والمنكر، فيدب الفساد والإفساد في كافة أنحاء المجتمع، وتعم الفوضى وتنتشر الأفكار الهدامة والنظريات الباطلة، وتكثر المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، وبذلك تعشعش السيئات وتمحق الحسنات ويزداد فعل الشر ويقل فعل الخير، وبذلك تنكد حياة الجميع ويعيشون في حالة من الضنك الروحي، قال تعالى: *ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون*(7).

لذلك فقد أولى الإسلام هذه القضية أهمية كبرى ونص على أن الذي يلي أمر الأمة بعد رسول الله صلي الله عليه و اله يلزم أن يكون قد نصبه الرسول صلي الله عليه و اله بأمر من الله تعالى، وهذا ما فعله النبي الأعظم صلي الله عليه و اله حيث قام بتنصيب أمير المؤمنين علي عليه السلام إماماً للأمة من بعده، ونص على إمامة الأئمة المعصومين عليهم السلام من بعده بالاسم واحداً بعد واحد(8)، كي تأمن الأمة جانب الانحراف والزيغ وتبقى سائرة على الخط الذي أراده الله تعالى لها.

إن ما جرت على الأمة الإسلامية من مصائب وويلات بعد وفاة

الرسول الكريم صلي الله عليه و اله كان نتيجة للمخطط الذي أعد في الخفاء لإقصاء وإبعاد أئمة أهل البيت عليهم السلام من ممارسة دورهم الشرعي في قيادة الأمة والسير بها نحو ساحل البر والأمان، من قبل أناس ظلت الرواسب الجاهلية في نفوسهم وآثروا الحياة الدنيا، غير مدركين لما ستؤول إليه الأوضاع فيما بعد وما تخلفه من ويلات ومصائب والتي أدت إلى أن تكون قيادة الأمة الإسلامية بيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس كيزيد بن معاوية وما قام به من قتل ريحانة رسول الله صلي الله عليه و اله وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام.

فلقد أدرك الإمام الحسين عليه السلام خطورة اعتلاء يزيد بن معاوية على سدة الحكم وما سيؤول إليه مصير الإسلام والأمة الإسلامية في حال استمراره بالحكم وتوجيه الأمة حسب آرائه وأهوائه وشهواته، لذلك قال عليه السلام: «إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام والسلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد»(9).

فقام عليه السلام بتلك النهضة المباركة وبما ورثه من جميع الأنبياء والمرسلين (صلوات الله عليهم أجمعين) من الوقوف ضد الظلم والطغيان ومحاربة الظالمين وعدم الركون إلى الباطل، وإن استلزم الأمر التضحية بنفسه وأهله وولده وجميع ما يملك من أجل حماية الدين وشريعة سيد المرسلين صلي الله عليه و اله إذ لولاه لأصبح الدين أثراً بعين عين وكما قال الشاعر:

لولا الحسين لغام الأفق واندلعت

شرارة وطغى للغي طوفان

والناس عادت إليهم جاهليتهم

وقدست بعد أصنام وأوثان

والحاكم الفرد باسم الله يملكها

زعماً وسلطانه لله سلطان

سياسية الجبر والأرجاء قائمة

على التناقض والأهواء ألوان

والدين عاد غريباً بعد جدته

والحق عاث به بغي ونكران(10)

إن الإسلام حين يدعو الناس بالانقياد لله ولرسوله صلي الله عليه و اله ولأهل البيت عليهم السلام إنما

يدعوهم في الحقيقة لإنقاذ إنسانيتهم وتحرير رقابهم من الخنوع والخضوع للعبيد والمحافظة على المجتمع من هوى الطواغيت وشرهم وخبثهم كي يعيشوا حياة عزيزة كريمة لا مكان فيها للأشرار.

وعندما يتتبع الإنسان كتابات الإمام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) يلمس هذا الأمر بوضوح، حيث يرى التأكيد الشديد على إصلاح القادة والقيادة وجعل الأمر في شورى المرجعية التي هي الامتداد الطبيعي لولاية أهل البيت عليهم السلام كي يصان المجتمع من الانحراف وخطر الاستبداد والتفرد بالحكم سواء من قبل حزب واحد أو فرد واحد، وجعل الرقباء والأمناء من الشعب أنفسهم بصورة تعدد الأحزاب الحرة التي مهمتها بناء الوطن ومحاسبة القادة والحكام في حال ارتكابهم للأخطاء والحيف بالحكم، وأن لا حصانة لأي واحد منهم أمام القانون، فالكل متساوون أمام القانون وفي جو تشيع فيه روح الأخوة الإسلامية والتي تنظر إلى الكل بمنظار واحد وهو أن لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى وبذلك يستعيد المسلمون عزتهم ومجدهم الذي كرمهم الله تعالى بالإسلام.

إن مؤسسة المجتبى تأمل من طبع ونشر كتاب (الإصلاح) للإمام الراحل (قدس سره) أن يجد فيه المسلمون دواء دائهم ويعملوا بما أمر الله به من الوحدة فيما بينهم وينبذوا التفرقة ويزيلوا الحدود المصطنعة بين بلدانهم لجعلها بلداً واحداً، وأمة واحدة، ويكونوا أخوة متحابين في الله ليكونوا بذلك خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وما ذلك على الله بعزيز والحمد لله أولاً وآخراً.

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5951 / 13

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

هذا الكتاب (الإصلاح) بيان لبعض مقومات الإصلاح في المجتمع الإسلامي ذات الملياري نسمة.

نسأل

الله تعالى أن يوفقنا لذلك وهو الموفق المستعان.

قم المقدسة

25/ ذي العقدة / 1419ه_

محمد الشيرازي

1 بين الجهل والعلم

1: بين الجهل والعلم

هل يُكره الشيء الحسن؟

كلا.

فإن الطعام الطيب، واللباس الجميل، وألف شيء حسن لا يُكره، بل يرغب فيه الإنسان.

وهل يُحب الدين؟

كثير من الناس لا يحبونه!.

وربما تركوه كلاً أو بعضاً!.

فهل ينتج ذلك أن الدين ليس شيئاً حسناً، حيث رغبوا عنه ولم يرغبوا فيه؟

كلا.

فما وجه ذلك؟

الجواب: إن الرغبة في الشيء ليست خاصة بحسنه الذاتي فيُحبّ، وبالسيئ كذلك أي لقبحه الذاتي فيكره، بل يتدخل في الأمر شيء آخر نفسي، فالحسن الذي يعرفه الإنسان يحبه، فإذا لم يعرف حسنه لم يحبه بل ربما كرهه لذلك، وهكذا بالنسبة إلى السيئ الذي لا يعرف الإنسان سوءه فإنه لا يكرهه.

فالأمور أربعة:

الحسن والسيئ، وكل واحد منهما إما يُعرف حُسنه وسوءه، أو لا يعرف فهذه أربعة، وعدم العلم أعم من السلب بأن لا يُعرف مما يسمى بالجهل البسيط، والإيجاب المخالف للواقع بأن يعرف الإنسان ضد الواقع مما يسمى بالجهل المركب على تفصيل مذكور في محله.

وربما اعتبرنا معرفة ضد واقعه أمراً خامساً بأن يعرف الحسن سيئاً أو السيئ حسناً.

وهذا هو السر فيمن لا يرغب في الدين.

فإن الجاهل بكون الشيء الفلاني دواء دائه، يكرهه ويتجنبه، مع أنه حسن ومفيد.

والجاهل بكون الشيء الفلاني يضره، إذا اشتهاه رغب فيه وأقدم عليه مع أنه سيئ ومضرّ.

والدين من هذا القبيل، فإنه حسن جميل، لكن ربما أعرض البعض عنه لأنه لا يُعرف حسنه وأنه نافع في الدنيا والآخرة.

والعمل على خلاف الدين قد يقدم عليه الإنسان مع أنه ضار، لعدم معرفته بأنه يضر بآخرته ودنياه من قبلها.

إن القاعدة التي ذكرناها من الكبريات الكلية، والدين إيجاباً وسلباً من المصاديق والصغريات الجزئية.

والذي يجهل الحقيقة سواء بالجهل المطلق أي البسيط، أو المركب بتصور

الخلاف، فإنه لا يعمل الواقع النافع، ولا يتجنب الحقيقة الضارة، كالمريض الجاهل بفائدة الدواء أو المتصور بكونه ضاراً فلا يستعمله.

قال تعالى: *أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ*(11).

وقال سبحانه: *فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ*(12).

وقال تعالى: *إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ*(13).

وقال تعالى: *وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأولى*(14).

وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «إلى الله أشكو من معشر يعيشون جُهّالاً ويموتون ضُلالاً»(15).

وقال عليه السلام: «العلم ينجيك، والجهل يرديك»(16).

وقال عليه السلام: «الجهل معدن الشر»(17).

وقال عليه السلام: «الجهل أدوأ الداء»(18).

من أهم أسباب التخلف

ألف: الجهل

روى السكوني عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع، وترتهنها المنى، وتستعلقها الخدائع»(19). ومن هنا فإن من مقومات الإصلاح رفع الجهل ونشر الثقافة والوعي.

فإن الجاهل بالمعنيين البسيط والمركب، يحتاج إلى أمرين:

الأول: الرشد الفكري ومعرفة الضار والنافع.

الثاني: يلزم على أخذ النافع المانع من النقيض وترك الضار كذلك مما يعبر عنه بالواجبات والمحرمات.

وإلا فكثيراً ما يعصي الإنسان حتى بعد المعرفة، إتباعاً للشيطان والشهوات والنفس الأمارة، كما هو المشاهد على طول التاريخ.

قال تعالى: *الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*(20).

وكان من ذلك قصة بلعم بن باعوراء(21) والبطائني(22).

ومن هنا فإن الحكومات تضع قوانين تجبر الناس عليها بحجة رعاية مصالحهم ومصالح بني نوعهم، كقوانين المرور وما أشبه، فالشخص مكلف بالإجراء حتى وإن لم يعرف وجه الصلاح فيها أو تصور عدم صلاحها، كما ترى ذلك في الحكومات الحقّة والباطلة.

ب: عدم الوعي

المسلمون اليوم ملياران لكن يفقدون _ على الأغلب _ الرشد الفكري اللازم في مختلف مجالات الحياة، وحتى في مسائلهم الشرعية، فكثير منهم لا وعي له بالحلال والحرام، والطاهر والنجس، والصحيح والباطل، ولذا لا يميزون بينها ويأخذون بكلها، فاختلط عندهم الحابل بالنابل(23).

وإلى هذا المعنى قد يشير ما ورد عنهم عليهم السلام: «من أن الله أخذ قسماً من الحق وقسماً من الباطل فمزجهما»(24) والأخذ تكويني لاتشريعي والله العالم، وذلك بجعل الدنيا دار أسباب ومسببات للامتحان، قال تعالى: *أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون*(25).

وقال سبحانه: *أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ*(26).

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع،

وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجال رجالاً على غير دين الله، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى»(27).

وعلى كل حال، فالمسلمون بحاجة إلى أمرين مفقودين عندهما:

أولاً: الوعي.

وثانياً: نوع من الإلزام فيما هو بصالحهم إذا كان بحيث يمنع من النقيض، وكذا في الترك الملزم، فلا يحق لهم العمل على خلاف مصلحتهم إذا كان من الاقتضائيات، والمسألة فيما يرتبط بالأوضاع العامة بحاجة إلى رأي شورى الفقهاء المراجع.

فاللازم الاهتمام بالأمرين، ولو بالقدر الممكن عرفاً.

كما أن غير المسلمين كذلك، فإنه يلزم إصلاحهم وإرشادهم إلى ما ينفعهم، فالأول وهو الوعي لكي يسلموا بقناعة تامة، والثاني وهو الإلزام لترك ما يعملونه خلافاً لمصلحة أنفسهم، أو فعل ما يتركونه كذلك، هذا كله مع مراعاة قانون الإلزام ومصاديقه المختلفة.

لذا يمكن التغيير والإصلاح بواسطة جماعة جادة مخلصة تعمل ليل نهار وعلى طول الخط، ف_ *إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم*(28).

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قرأت في كتاب علي عليه السلام: أن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال لأن العلم كان قبل الجهل»(29).

وقال عيسى عليه السلام: «صغر الجهال لجهلهم ولا تطردهم ولكن قربهم وعلمهم»(30).

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «العلم مميت الجهل»(31).

وقال عليه السلام: «ضادوا الجهل بالعلم»(32).

قصة بلعم بن باعوراء

اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعوراء وهو من ولد لوط عليه السلام، فقالوا له: إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا، فادع الله

عليهم، وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم.

فقال لهم: كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة!.

فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم، فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية فقبلتها وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل.

فقالت له في ذلك، فامتنع، فلم تزل به حتى قال: أستخير ربي، فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام، فأخبرها بذلك.

فقالت: راجع ربك.

فعاود الاستخارة، فلم يرد إليه جواب.

فقالت: لو أراد ربك لنهاك، ولم تزل تخدعه حتى أجابهم.

فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم، فما سار عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار، فنزل عنه فضربه حتى قام، فركبه فسار به قليلا فربض، فعل ذلك ثلاث مرات، فلما اشتد ضربه في الثالثة، أنطقه الله فقال له: ويحك يا بلعم أين تذهب، أما ترى الملائكة تردني، فلم يرجع، فأطلق الله الحمار حينئذ فسار عليه حتى أشرف على بني إسرائيل، فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم، وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب الدعاء عليهم.

فقالوا له في ذلك، فقال: هذا شيء غلبنا الله عليه، واندلع لسانه فوقع على صدره.

فقال لهم: الآن قد ذهبت مني الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة، وأمرهم أن يزينوا النساء ويعطوهن السلع للبيع ويرسلوهن إلى العسكر ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريدها، وقال: إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم.

ففعلوا ذلك ودخل النساء عسكر بني إسرائيل فأخذ زمري بن شلوم وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها موسى عليه السلام فقال له: أظنك تقول إن هذا حرام، فو الله لا نطيعك، ثم أدخلها خيمته فوقع عليها، فأنزل الله عليهم الطاعون.

وقد هلك في تلك الساعة عشرون ألفا، وقيل

سبعون ألفا، فأنزل الله في بلعم: *واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين*(33)»(34).

وفي الحديث عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: «أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجاب له، فمال إلى فرعون، فلما مر فرعون في طلب موسى عليه السلام وأصحابه قال فرعون لبلعم: أدع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا، فركب حمارته ليمر في طلب موسى عليه السلام وأصحابه فامتنعت عليه حمارته، فأقبل يضربها، فأنطقها الله عزوجل فقالت: ويلك على ما تضربني؟ أتريد أن أجيء معك لتدعو على موسى نبي الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتى قتلها وانسلخ الاسم الأعظم من لسانه وهو قوله:

*فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعاه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث*(35) وهو مثل ضربه الله»(36).

قصة علي بن أبي حمزة البطائني

كان علي بن أبي حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، وعثمان بن عيسى الرواسي، كلهم كانوا وكلاء لأبي الحسن موسى عليه السلام وكان عندهم أموال جزيلة، فلما مضى أبو الحسن موسى عليه السلام وقفوا طمعا في الأموال ودفعوا إمامة الرضا عليه السلام وجحدوه(37)

عن يونس بن عبد الرحمن قال: (مات أبو الحسن عليه السلام وليس من قوامه أحد إلا وعنده المال الكثير، فكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم لموته، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار.

قال: فلما رأيتُ ذلك وتبين الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام ما علمت تكلمت ودعوت الناس إليه، فبعثا إليّ وقالا: ما يدعوك إلى هذا، إن كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشرة آلاف دينار

وقالا لي: كف.

فأبيت وقلت لهم: إنا روينا عن الصادقين عليهما السلام أنهم قالوا: «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان»، وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله على كل حال، فناصباني وأضمرا لي العداوة)(38).

2 تحييد الغرب

من مقومات الإصلاح: تحييد الغرب.

لقد كان التنازع بين المسلمين وأعدائهم _ الغرب وغيره _ قائماً منذ بزوغ فجر الإسلام، والأديان كلها كانت كذلك، حيث نازع الكفار الأنبياء والمؤمنين:

فحاربوا النبي نوح عليه السلام، قال عزوجل: *قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكوننّ من المرجومين*(39).

وقال تعالى: *قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ*(40).

وقال سبحانه: *كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ*(41).

وقال تعالى: *كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ*(42).

وقال سبحانه: *قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً*(43).

ونازعوا النبي إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: *أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أنَا أُحْيِي وَ أمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*(44).

وقال سبحانه: *يا إِبْراهِيمُ أعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ*(45).

وقال تعالى: *قالَ أراغِبٌ أنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا*(46).

وقال سبحانه: *قَدْ كانَتْ لَكُمْ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ*(47).

وحاربوا النبي

موسى عليه السلام، قال تعالى: *وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأنْتُمْ تَنْظُرُونَ*(48).

وقال سبحانه: *وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَألْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ*(49).

وقال تعالى: *وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ*(50).

وقال سبحانه: *ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلاَئِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ*(51).

وقال تعالى: *ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلاَئِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ*(52).

وقال سبحانه: *قالَ مُوسى أتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءكُمْ أسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ*(53).

وقال تعالى: *وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أنْتُمْ وَ مَنْ فِي الأرضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ*(54).

ونازعوا النبي عيسى عليه السلام، قال سبحانه:

*فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بأنَّا مُسْلِمُونَ*(55).

وقال تعالى: *ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ*(56).

وقال سبحانه: *يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ*(57).

وقال تعالى: *وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً

بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ*(58).

وأخذوا بمحاربة سائر الأنبياء عليهم السلام، كما قال عزوجل: *وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ*(59).

وقال سبحانه: *يا أهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالإِْنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أفَلا تَعْقِلُونَ*(60).

وقال تعالى: *يَسْألُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءتهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً*(61).

وقال سبحانه: *أفَكُلَّما جاءكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ*(62).

وقال تعالى: *لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَْنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ*(63).

وقال سبحانه: *فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَْنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً*(64).

فإن الكفار لا يريدون العمل بالدين أولاً، رعاية لشهواتهم، وثانياً لا يريدون سيادة الصالحين عليهم رعاية لمصالحهم الظالمة.

وبما أن الغرب والدول السائرة في فلكه كاليابان قد سيطروا على البلاد الإسلامية حيث امتلكوا التكنولوجيا الحديثة بينما كانت الحكومتين القاجارية(65) والعثمانية(66) في حالة سبات عميق، فأخذ الأعداء بإعداد أنفسهم في مختلف الميادين، فلما قامت الحرب بين المسلمين وغيرهم انهزم المسلمون انهزاماً سريعاً ووسيعاً.

وكان من أهم أسرار الانهزام عدم اتصافهم بقوة الإيمان كما كانوا عليه في صدر الإسلام، فإن سلوك العثمانيين والقاجاريين يدل على كثرة فسادهم وإفسادهم(67)، وعدم امتلاكهم التكنولوجيا الحديثة والأنظمة المتطورة، مضافاً إلى الشتات والتمزق الداخلي، فكان الانهزام قطعياً.

وهذا الانهزام باق إلى الآن ومن أهم أسباب استمرارية الانهزام هو حكام المسلمين

الذين أخذوا يدورن في فلك الغرب، وقد تعلم الغرب كيف يتخذ حكومات بلاد الإسلام عملاء وآلة لتنفيذ مخططاته، ففسدوا وأفسدوا البلاد والعباد، ومنعوا المسلمين من الإصلاح لينشئوا نشأة أجهزة وتنظيم، وتطور وازدهار.

ومن أهم مقومات الإصلاح هو تحييد موقف الغرب من عداء المسلمين، فإن الإسلام لا يشكل خطراً على الغرب، بل الإسلام هو الذي ينقذ الغرب من مفاسده ويمهّد له طريق التقدم الأكثر والأشمل.

إن الإسلام دين السلم والسلام، لا العنف والإرهاب، وقد تقدم الإسلام بالأخلاق وقوة المنطق، وإنه الدين الوحيد المنسجم تماماً مع الفطرة الإنسانية والملبي لجميع ما يحتاجه الإنسان في حياته المادية والمعنوية.

فإذا ما فهم الغرب بأن الإسلام لا يشكل خطراً عليه، سيقلل من عدائه له، وقد ذكرنا في بعض الكتب لزوم تحييد الغرب بتوعيتهم وتفعيل المسلمين هناك وهم ثمانون مليون مسلم في الحال الحاضر(68)، للتحرك على هذا الصعيد تحركاً بالمستوى المطلوب، عند ذلك يمكن الحيلولة بين حكام الغرب وما يشاؤونه من تدمير بلاد المسلمين، وعندئذ لا يعمل حكام المسلمين العملاء ضد شعوبهم ولا يمنعوهم من التقدم، كما هو كذلك الآن.

3 التنظيم والمنظمة العالمية الإسلامية

من مقومات الإصلاح في البلاد الإسلامية، التنظيم وتأسيس منظمة إسلامية عالمية تكون من مهامها التنسيق بين الحركات الإسلامية وكوادر الأمة وما أشبه وتعمل للإصلاح في مختلف الميادين.

فإن الفرد بمفرده، أو الحركة الإسلامية الواحدة غير المرتبطة بسائر الحركات، لا يمكنها عادة الوصول إلى الهدف وهو الإصلاح في البلاد الإسلامية، فاللازم ربط هذه القدرات بعضها ببعض لتكتسب قوة تقابل قوة الفساد والإفساد في العالم.

إن النظم والتنظيم سنة من أهم سنن الحياة، وقد قام الكون على هذه السنة، والقرآن الكريم أكد على النظم والتنظيم عبر ذكر مفردة الوزن والقسط والاستقامة وما أشبه.

قال تعالى: *وأنبتنا فيها من كل

شيء موزون*(69).

وقال سبحانه: *وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير*(70).

وقال جل وجلاله: *وأقيموا الوزن بالقسط*(71).

وقال تعالى: *لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط*(72).

فإن النظم من المسائل الضرورية والحياتية لكي يقوم الإنسان بالإصلاح وينعم الناس بالهدوء والسعادة في الدنيا والآخرة.

ولكي يتم الأمر بشكل جيد وواسع يلزم تأسيس المنظمة الإسلامية العالمية فإنها تسهل وتيسر أمر الإصلاح.

ولهذه المنظمة مقومات وأسس تقوم عليها منها:

1: الإيمان بالله عزوجل والإخلاص في العمل.

2: نشر فكرة التنظيم والعمل المنظم، وذلك عبر التوعية وبث الوعي في صفوف الأمة، فإنه مظهر من مظاهر القوة في المجتمع الإسلامي.

3: توحيد وجمع كلمة الحركات الإسلامية المتواجدة على الساحة تحت راية واحدة مع الحفاظ على استقلاليتها.

4: إشاعة روح الشورى والاستشارة والحوار الهادف والاستماع إلى الرأي الآخر وعدم الاستبداد بالرأي.

5: بناء وإعداد الأفراد بناءً فكرياً سليماً وصحيحاً على أساس القرآن والسنة الشريفة وسيرة أهل البيت عليهم السلام.

6: إشاعة روح الالتزام بأوامر القيادة الشرعية وتنفيذها إلا ما كان مخالفاً للشرع الحنيف _ على فرض وقوعه _ إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»(73).

7: إشاعة روح التنافس الحر والنقد البناء والمحاسبة الشرعية بين الأفراد، إذ لا حصانة ولا عصمة لأي فرد مهما كان مقامه إلا المعصومين عليهم السلام.

إلى غيرها من المقومات والأسس(74).

وقد قام الأعداء ببناء مؤسسات ومنظمات عالمية منتشرة في مختلف دول العالم لنشر أهدافهم وأفكارهم وبذلك سيطروا على العالم.

فللصهاينة لهم منظماتهم ومؤسساتهم الخاصة بهم.

وكذلك للنصارى..

وللشيوعيين..

ولغيرهم(75).

4 بيئة التخلف

من مقومات الإصلاح، القضاء على بيئة التخلف.

فكما أن لكل مخلوق من المخلوقات بيئته الخاصة به سواء كان إنساناً أم حيواناً أم نباتاً، من ماء وهواء وشمس وأرض، وما أشبه ذلك.

فللتخلف أيضاً بيئة خاصة به، فبيئة التخلف هي الجهل والنزاع، والكسل والضجر، وشيوع الزنا والانحرافات

الجنسية، والمرض والكآبة، وعدم الأمن والبطالة، واشتغال كل بلذائذه ومصالحه بأقصى ما يمكنه وعدم الاعتناء بحقوق الآخرين، عدم تحمل المسؤولية وخدمة الآخرين، والعمل لكسب المنافع من أي طريق كان ومطاردة ما يتصوره من المضار كذلك، كلها من أسباب تكوّن بيئة التخلف.

وقد حصل كل ذلك للمسلمين بعد تركهم العمل بكتاب الله واتباع عترة رسول الله صلي الله عليه و اله على ما قاله صلي الله عليه و اله في الحديث المتفق عليه بين الفريقين: «إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي»(76).

ولذا أخذوا يُقتلون في كل بلادهم.

ويُشرّدون من أماكنهم.

وصاروا نهباً لمختلف الدول الاستعمارية، كفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وايطاليا، والبرتغال، وروسيا وغيرها وغيرها.

وسقطت بلادهم وقسمت إلى دول صغيرة فقرب زماننا سقطت حكومة القاجار في إيران، وحكومة العثمانيين في تركيا بعد أن كانت إيران دولة كبيرة جداً قبل (فتح علي شاه)(77) وكانت للعثمانيين إمبراطورية كبيرة تحكم عشرات الدول مما هو مذكور في التاريخ.

والغريب أن المسلمين لم يتمكنوا من استعادة عزتهم واستقلالهم.

فإنهم أخذوا العمل بالقوميات ووضع الامتيازات على أساس العرق واللغة، وأخذوا يعملون بقوانين غير المسلمين مفتخرين بذلك، فأخذت بلاد الإسلام بالشيوعية والقومية بزعم نجاة فلسطين كما في مصر، وتركوا الأمة الواحدة الإسلامية بما أوجب توسعة مشكلة فلسطين وغصب الأراضي الإسلامية أضعاف ما كان سابقاً

والعلاج فقط وفقط في الأخذ بكتاب الله والتمسك بعترة رسول الله صلي الله عليه و اله.

فيلزم:

أولا: الرجوع فكراً وعملاً إلى القرآن الحكيم، ولو شيئاً فشيئاً بقدر ما يتمكن منه المجتمع الإسلامي ثم يتسع ويتسع.

ثانياً: الرجوع إلى الأخذ بهدي عترة رسول الله صلي الله عليه و اله الذين جعلهم الرسول صلي الله عليه و اله عِدلاً للقرآن وأمر بالتمسك بهم حتى لا تضل الأمة من بعده.

كما

يلزم العمل للوعي العام في مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها على ما سبق إجمالاً.

5 مواكبة العصر

من مقومات الإصلاح مواكبة العصر، فإن الدين الإسلامي هو الدين الصالح لكل زمان ومكان، وفيه من الأسس والقواعد ما يجعله قابلاً للتطبيق في مختلف الظروف، وهو الذي يضمن سعادة البشر وتطوره وازدهاره.

ولكن يلزم بيان هذه الميزات بشكل يفهمه الناس في العصر الحاضر، ليعرفوا تفوق الإسلام على سائر الأنظمة المعاصرة.

فإن بين الإسلام والغرب في العمل عموم من وجه، فالغرب والإسلام يشتركان في المنع عن جملة من الجنايات _ وإن اختلفت الطريقة والخصوصيات _ مثل تحريمهما القتل والسرقة والاختلاس، ووضع العقوبة لهؤلاء المجرمين في الجملة، كما يشتركان ولو في نسبة، في التأكيد على النظافة والنظام وبعض الأخلاقيات وحفظ الجوار والإتقان في العمل، ونحوها، هذا كله في الجملة.

وهناك فوارق يمتاز بها الإسلام دون الغرب، فالإسلام منع الزنا والخمر والربا لا الغرب.

والإسلام أجاز الاستفادة من الأرض والمباحات كصيد السمك والوحش والطير وما أشبه، ومزاولة جميع الأعمال المباحة كفتح المحال التجارية وبناء الدار والإقامة والسفر وتأسيس الأحزاب ومشاريع الإعلام وتأليف الكتب وبيان الرأي وكثير من الأشياء الأخر، من دون حاجة إلى الإجازة أو دفع ضريبة أو ما أشبه، والغرب قد منع كل ذلك إلا بإجازة وضريبة.

فقانون «الأرض لله»(78) وقانون «من سبق إلى ما لم يسبق»(79) خاص بالإسلام، دون الغرب.

وهناك خطان متوازيان بينهما في بعض الأمور.

وبالنسبة إلى المشتركات هناك فوارق في التطبيق والخصوصيات فللإسلام خط وللغرب خط آخر في كيفية عقوبة المجرم عندهما(80)، وللقضاء والزواج والطلاق وغيرها خصوصيات وشرائط لكل منهما.

والإسلام بالإضافة إلى أنه دين الشرع الذي جعله الباري عزوجل، هو دين العقل أيضاً، ولذا قال الأصوليون: (كلما حكم به العقل حكم به الشرع)، وجعل

الفقهاء أدلة الأحكام الشرعية أربعة: (الكتاب والسنة والإجماع والعقل).

وقد ذكرنا في شرح الرسائل(81) جملة من المواضيع الذي يؤخذ فيها بالدقة من دليل العقل.

ومن هذه الجهة كتب جماعة من العلماء (علل الشرائع) في كتاب مستقبل كالشيخ الصدوق رحمة الله عليه(82)،أو في ضمن كتبهم كالعلامة المجلسي رحمة الله عليه في موسوعة البحار(83).

إلا أن تغيير زماننا وتطوره في الطب والعلوم الأخرى، وكثرة الوسائل والتقدم الصناعي وغزو الفضاء وما أشبه يوجب طبع كتب مناسبة لهذا الزمان، في مختلف المجالات من الاجتماع والاقتصاد والسياسة والتربية وغيرها.

وهذا يقع على عاتق الحوزات العلمية والجامعات عبر التنسيق بينهما وبذلك نكون قد أدينا بعض الواجب تجاه إصلاح المجتمع.

6 ابتلاء المسلمين بالعملاء

كان في دار أحد قط يؤذي أهل الدار أذىً شديداً، فطردوه إلى الصحراء.

ومن الصدفة أن الحاكم خرج للصيد فرأى القط مريضاً مطروحاً في زاوية، فسأل عن حاله فأخبروه بالأمر.

فكتب سنداً أمر فيه بلزوم احترام هذا القط وأنه لا يحق لأحد أن يؤذيه أو يخرجه عن داره، وأرجع القط إلى داره.

فلما رأى صاحب الدار القط والسند معلق في رقبته، أخذ أهله وخرج عن الدار عازماً لسكنى دار أخرى، فقال أهله: لماذا تركنا الدار؟

قال: كنا في هذه الدار غير آمنين عن أذية القط ولم يكن له سند، فكيف نتمكن من البقاء فيها وقد جاءنا من الحاكم بالسند؟.

وهذا مثل المسلمين في يومنا هذا حيث ابتلوا بحكام عملاء، لايرون إلا مصالح أنفسهم وأسيادهم، ويمنعون من الإصلاح.

ففي زمان الحكومتين القاجارية والعثمانية لم يتمكن المسلمون من تطوير بلادهم، وكان ذلك بسبب عدم تهيؤ فرص التقدم وما أشبه، فكيف بهذا اليوم وفي بلادنا من يمنع عن أي تقدم بدافع من الغرب، حيث إن كثيراً من الحكام عملاء جاء بهم الغرب إلى بلاد الإسلام

وجعل من مهمتهم الحيلولة دون الإصلاح والمنع من عمل المسلمين ما يوجب تقدمهم، وذلك شرط لبقائهم في سدة الحكم وإلا جاؤوا بشخص آخر مكانه.

قال غلادستون الزعيم البريطاني(84): إذا أردتم أن ترسخوا أقدامكم في بلاد الإسلام فامنعوا المسلمين من شيئين:

الأول: العمل بالقرآن.

والثاني: انطلاقهم في الحج.

على عكس ما قرّره الإسلام من الحرية في جميع المجالات ومنها موضوع الحج.

وإني قبل نصف قرن في العراق رأيت نماذج من حضارة الإسلام وقوانينه وحرياته وموضوع الحج وانطلاق المسلمين فيه كما قرره الله سبحانه، وفي هذا النصف الثاني من قرن العشرين رأيت الحكام قد طبقوا وصية غلادستون حرفياً، فلا قرآن معمول به، ولا حج حر.

وهذا الموضوع من موانع الإصلاح ومعوقاته في المجتمع.

7 الإصلاح في زمن الغيبة

يلزم السعي لإصلاح المجتمع بالقدر الممكن وذلك من باب وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنبيه الغافل وإرشاد الجاهل.

ولا يكون التكليف ساقطاً في هذا الزمان بحجة أنه سيظهر الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وسيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلما وجوراً.

فإنه لا شك في ظهوره، وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما»(85).

وكل المسلمين ينتظرون رجوع الإسلام كما أنزله الله تعالى، وظهوره على الدين كله كما قال تعالى: *هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* (86).

وذلك بظهور الإمام المهدي *، لكن الكلام في أنه هل يجوز للإنسان عقلاً وشرعاً أن يترك ما ندب الله إليه من مختلف شؤون الحياة إلى ذلك اليوم أم يلزم العمل بالتكليف الذي أمرنا الله به عزوجل؟.

لا شك في لزوم السعي لإصلاح

المجتمع والعمل في سبيل نشر الخير والفضيلة في المجتمع، وهداية الناس إلى التعاليم الإسلامية التي وردت في القرآن الكريم، والسنة المطهرة المروية عن رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.

8 إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع

من أهم ما يلزم في إصلاح المجتمع، هو إصلاح الفرد، لأن المجتمع يتشكل من فرد وفرد وفرد، وكل من الفرد الفرد والمجتمع يؤثر في الآخر سلباً وإيجاباً.

ومثل المجتمع مثل الفرد، في الصلاح والفساد، والصحة والسقم، والتقدم والتأخر.

ثم إن الفرد قد يقدّم مصلحة المجتمع على مصالحه الشخصية، وقد يجعل مصالحه الشخصية كمصالح المجتمع وبنفس المستوى، وقد يجعل مصالحه الشخصية فوق مصالح المجتمع.

ويعرف المجتمع حسب تركيبه من الأقسام المذكورة، فقد يكون مركباً من القسم الأول، أو من القسم الثاني، أو من القسم الثالث.

فالمركب من القسم الأول يكون مجتمعاً متقدماً.

ومن القسم الثاني يكون مجتمعاً بدون تقدم.

والقسم الثالث يكون مجتمعاً منحطاً متخلفاً.

والمركب من جميع الأقسام أو من قسمين، يكون تطوره وتأخره بحسب النسبة المركبة منها.

وبما أن المجتمعات البشرية الأخرى في تقدم وتطور دائم، فإن المجتمع الذي لا يكون متقدماً بنفس المستوى أو بفاصل كبير، فإنه يعتبر متأخراً ومتخلفاً فإنه إذا توقف عن التقدم صار مجتمعاً متخلفاً.

وفي الحديث الشريف عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة»(87).

وعنه عليه السلام قال: «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه الذي هو فيه خيرا من أمسه الذي ارتحل عنه فهو مغبوط»(88).

وعلى الإنسان أن يلاحظ أسباب تقدم المجتمعات المختلفة وتأخرها للتعرف

عليها والعمل بها أو تركها، كما أن الأمر كذلك في أمة موسى عليه السلام، وأمة عيسى عليه السلام، عند ظهورهما، وكذلك في المسلمين عند بدء الإسلام، ثم تأخر الجميع وتقدم الغرب عليهم.

وأغرب الثلاثة هم المسلمون، فإن التوراة والإنجيل قد حرّفا، كما قال سبحانه: *يحرّفون الكلم عن مواضعه*(89) وقال تعالى: *ونسوا حظاً مما ذكروا به*(90)، ولكن المسلمين يمتلكون أعظم كتاب سماوي وهو القرآن من دون زيادة ولا نقصان مصوناً عن التلاعب والتحريف، وفيه كل ما يوجب تقدم الحياة وتطورها، حيث قال تعالى: *إذا دعاكم لما يحييكم*(91)، ومع ذلك كله تركوا العمل بأحكامه وتأخروا، فصاروا كما قال سبحانه: *نسوا الله فأنساهم أنفسهم*(92).

9 من الأخطاء الاجتماعية

9 من الأخطاء الاجتماعية

من أكبر الأخطاء التي مُني بها العالم تحويل (بيت المال) إلى (التقاعد)، وتحويل احترام العائلة للكبار، رجالاً كانوا أم نساءً، إلى نبذهم ورميهم في ما يسمى ب (دور العجزة)، وينبغي الرجوع إلى قانون الإسلام في بيت المال وتوقير الكبار وهو نوع من الإصلاح.

أما التقاعد فإنه يلاحظ سابق الخدمة من غير ملاحظة حاجة الشخص، وفقره وغناه، ولا ملاحظة الكفاية وعدم الكفاية فيهم، فربما خدم ما يستحق عشرة دنانير في قانون التقاعد بينما هي أكثر من احتياجه، أو يحتاج إلى عشرين ديناراً، فالعشرة أقل مما يحتاج إليه وهذا خلاف العدل والإنصاف.

كما أن غيره ممن لم يشمله قانون التقاعد قد يحتاج، فلا كفيل له. بينما (بيت المال) يلاحظ الحاجة، فمع وجودها يُمنح المال بقدرها، سواء خدم أم لا، وهذا احترام الإنسان بما هو إنسان، والذي خدم فترة وتقاعد وكان غنياً غير محتاج لا يُعطى من بيت المال حين تقاعده، حيث لا وجه في أخذه من الأموال وهي لعامة الناس، ولا وجه في إعطائه لمن لا يحتاج، أما قانون

التقاعد فهو ترك للمحتاج وإعطاء لغير المحتاج، في الجملة.

وأمير المؤمنين علي عليه السلام لم يدع فقيراً اشتهى الرمان، فكيف بما فوقه.

أما (دور العجزة) فهي أيضاً نوع إهانة للكبار في نبذهم وطردهم عن كيان الأسرة، فالإنسان الذي تقدم به السن وكان والداً أو والدة يحتاج إلى محبة أولاده وأحفاده وأقربائه وأن يكون محفوفاً بهم، فإذا رمي في دار العجزة، ربما قاموا بأداء بعض حاجاته الجسدية _ فرضاً _ ولكن ماذا عن حاجاته الروحية وما أكثرها، حيث لا علاج ولا سد لها.

هذا وقد أكد الإسلام على احترام الكبار خاصة الوالدين.

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: «إن رسول الله صلي الله عليه و اله خطبنا ذات يوم فقال أيها الناس... وقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم»(93).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «وقروا كباركم يوقركم صغاركم»(94).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم»(95).

وعن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «من إجلال الله عزوجل إجلال المؤمن ذي الشيبة، ومن أكرم مؤمنا فبكرامة الله بدأ، ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل الله إليه من يستخف به قبل موته»(96).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من عرف فضل شيخ كبير فوقره لسنه آمنه الله من فزع يوم القيامة»(97).

وقال صلي الله عليه و اله: «من تعظيم الله إجلال ذي الشيبة المؤمن»(98).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله»(99).

وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله»(100).

وعن أبي جعفر عليه السلام

قال: «ثلاث لم يجعل الله لأحد فيهن رخصة، أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين»(101).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «جاء رجل وسأل النبي صلي الله عليه و اله عن بر الوالدين، فقال: ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أباك، ابرر أباك، ابرر أباك، وبدأ بالأم قبل الأب»(102).

وعن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن من الكبائر عقوق الوالدين»(103).

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله في كلام له: «إياكم وعقوق الوالدين، فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق»(104).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قراءة القرآن في المصحف تخفف العذاب عن الوالدين ولو كانا كافرين»(105).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «النظر إلى الوالدين عبادة»(106).

زيارة المستشفيات وما أشبه

ومن الاستطراد أن نقول: من المفيد جداً أن يزور الإنسان بين فترة وأخرى دار العجزة، والمستشفيات، ودار المجانين، ودار المتخلفين عقلياً أو جسدياً، وحتى السجون والمقابر، لا ليتعظ فقط، والاتعاظ مهم جداً، بل للعلاج بقدر الإمكان.

وكذلك يلزم تشكيل هيئة لنجاة المومسات في دور البغاء إن كانت، كما في كثير من بلدان العالم.

فإنهم بشر ولهم نفس الحاجات البدينة والروحية، فلماذا ندعهم يعانون من هذه المفاسد مع إمكان العلاج ولو بقدر.

وقد زوّج الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حين دخوله إلى الكوفة، بعض الفاجرات، كما في الروايات.

وقال عليه السلام: «وسويت بين المناكح»(107) بأن زوج الشريف والوضيع كما فعله رسول الله صلي الله عليه و اله (108).

وينقل عن بعض الدول الأوروبية في حل هذه المشكلة قيامها بتحويل المومسات _ ممن لا قريب نافع لهن _ إلى بيوت

المحسنين لرعايتهن.

وقد كنت سابقاً أقوم بزيارة بعض المستشفيات في العراق وفي الكويت، فإنها بالإضافة إلى ثواب عيادة المريض، وزيارة من قصدت زيارته، رأيت فيها موعظة كثيرة، وقد كنت اسأل عن أحوال المرضى وما يحتاجون إليه وكنت أسعى في قضاء حوائجهم بما أتمكن عليه.

في مستشفى الكوفة

وأتذكر إني زرت مستشفى الكوفة لعيادة بعض مرضانا حيث كان يرقد هناك، فرأيت شاباً جميلاً يتراوح عمره بين العشرين والثلاثين، وبعد السؤال منه عن صحته قال: إنه منذ ثلاثة عشر سنة وهو راقد في المستشفى، لأنه مصاب بمرض قلبي يحتاج إلى المراقبة من قبل الطبيب ليل نهار، مما لا يتيسر له ذلك في داره فهو مضطر للبقاء في المستشفى طيلة حياته، وكان من أبناء أحد رؤساء العشائر.

رصاص الرحمة!

ومرة زرت مستشفى في الكويت، فرأيت فيه شاباً في العشرينات وقد تغير لون وجهه إلى الرمادي من شدة المرض، فلما زرته عرفني وقبّل يديّ وطلب مني بإلحاح أن أطلب من رئيس المستشفى أن يقتله بإطلاق رصاص عليه، قال: إني منذ ثلاثة عشر يوماً دخلت المستشفى لأن النوم لا يأخذني، وقبل ذلك ابتليت مرة بمثل هذا المرض فذهبت إلى لندن وألمانيا، فلم يجدوا لي علاجاً، وإني الآن أحس بأني أموت بشدة في كل دقيقة، أليس القتل بالرصاص راحة لي؟.

لكني علّمته بعض الأدعية والآيات القرآنية وصبّرته، وامتنعت من أن أقول لمدير المستشفى ما طلب، ولا أعلم ماذا صار بعد ذلك.

10 التعاون على البر والتقوى

قال سبحانه: *وتعاونوا على البر والتقوى*(109)، وهذا من أهم مقومات الإصلاح في المجتمع.

إن الغني إذا اهتم بالفقير، والفقير إذا عاون الغني بدوره، وهكذا السليم والمريض، والعالم والجاهل، وغيرهم من الطوائف الاجتماعية المتضادة الصفة، فسوف ترفع مشاكل المجتمع بنسبة كبيرة، وما أكثرها خصوصاً في الحضارة الحاضرة التي جعلت المادة هي المحور، لا الإله سبحانه، ويتبعه عدم كون الإنسان محوراً أيضاً، لأن الإنسان مربوط بالإله، فكلما نسي الإنسان الإله نسي الإنسان نفسه وبني نوعه، قال سبحانه: *نسوا الله فأنساهم أنفسهم*(110).

إن المجتمعات المتقدمة المتحضرة تبنى على التعاون وعلى البر والتقوى بين أفراد المجتمع.

علماً بأن الأمرين _ التقدم والتحضر _ متلازمان عادة، فإذا رأينا مجتمعاً متقدماً في مجال الصناعة والتكنولوجيا من دون المعنويات، فلا يعد من المجتمعات المتحضرة وإن وسم بذلك، حيث إن لكل من الروح والجسد مكانة في المجتمع المتحضر فإذا روعي حق كل واحد منهما بالمقدار المطلوب كان المجتمع متحضراً.

يذكر بأنه كانت مقاطعة في الهند فقيرة إلى أبعد حد، ففكّر جملة من عقلاء الهند في إنقاذهم، فإن المجتمع الفقير

يضر بالمجتمع الغني أيضاً، فتوصلوا أخيراً إلى أن يزرعوا في أراضيهم الملايين من أشجار التوت حيث إنها توصل جذورها إلى الماء، فلا يضرها عدم وجود المياه وقلتها، ثم بعد نموها أعطوهم ديدان القز وعلّموهم كيفية استخراج القز، وأخيراً أصبحت من المقاطعات الغنية في الهند وهي إلى الآن كذلك.

فالمعادن والثروات كما تكوّن بالملح والنفط والذهب، كذلك يمكن تكوينها بعمل الإنسان اصطناعياً.

وقد رأيت الكويت، بينما كانت قرية متخلفة قبل النفط، استغل أهلها النفط في التعليم والتعلّم، فهي الآن من أرقى البلاد الإسلامية في العديد من المجالات.

بالإضافة إلى تقديمها المعونات للكثير من العوائل الفقيرة في العالم..

بينما ترى نفس النفط في بعض البلاد الأخرى ولكنه لم يزدها تقدماً، والشعب يموت جوعاً وفقراً.

11 ترك المعصية والتزام الطاعة

11 ترك المعصية والتزام الطاعة

من مقومات الإصلاح الخروج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله كما في الحديث الشريف، قال عليه السلام: «إذا أردت عزاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عزوجل»(111).

وقد قام البهلوي الأول(112) في إيران، وياسين في العراق(113)، وأمان الله خان في أفغانستان(114)، وأتاتورك في تركيا(115) بطمس معالم الإسلام في هذه البلاد، ونشر المعصية الإلهية بدل الطاعة، فتأخرت هذه البلدان إلى الآن تأخراً غريباً.

وقد نالوا جزاء أعمالهم في الدنيا قبل الآخرة، حيث قُتلوا بأمر من المستعمرين في قصص مشهورة.

أمان الله خان

في أعقاب الحرب العالمية الأولى أعادت بريطانيا النظر في خططها وسياساتها وفقاً للمعطيات التي أفرزتها الحرب، فجاءت بوجوه جديدة تتلاءم مع الظروف، ففي هذا الإطار تم اغتيال (حبيب الله) في ظروف غامضة (1919) ليعتلي العرش ابنه الشاب (أمان الله) تمهيداً لتنفيذ المهمة المنتظرة وهي تغريب المجتمع الأفغاني، وكان أمان الله رجلاً مغروراً بهره زيف المدنية الغربية فحاول نقلها إلى البلاد وتطبيقها على المسلمين. وقد أفصح هو شخصياً عن هذه المهمة في أعقاب زيارة له لأوروبا وتركيا 1926 قائلاً: (إن في آسيا بلاداً اسمها تركيا قد نهضت، وأنا أريد أن اجعل أفغانستان مثل تركيا)، فأمر زوجته بخلع الحجاب والتظاهر بالسفور وطلب من الرجال نبذ اللباس الشعبي وارتداء الزي الأجنبي كما أصدر أمراً بمنع تعدد الزوجات، فحدثت مقاومة شعبية تحولت إلى ثورة أجبرت أمان الله على الفرار 1929.

البهلوي الأول والثاني

وهكذا كان البهلوي الثاني(116).

وكانت عاقبة إطاعة البهلوي الأول لأسياده الغربيين، أنهم أخذوه وأبعدوه بكل ذل إلى جزيرة موريس فتمرض ومات هناك، وأخيراً دفن في مصر، والله يعلم ماذا كان عقابه ويكون لحسن خدمته للغربيين بهدم معالم الإسلام وتغيير طريقته وجعل إيران لقمة سائغة بأيديهم.

يكتب أحد الكتّاب عن البهلوي الأول: كان الشاه لأول مرة يرى هكذا خائفا وعاجزا يذهب إلى دار فروغي(117)، ففي هذا اللقاء يقول رضا خان _ متوسلا بفروغي _: أطلب منك طريق النجاة.

وأجابه فروغي: لم يكن لك طريق النجاة ولكن إذا أردت أن لا تغرق أكثر من هذا عليك أن تعمل بهذه الشروط:

أولا: أن توقف إطلاق النار فورا كي لا يدخل الروس في طهران، وإذا أردت المقاومة فالروس يحتلون طهران ويأخذوك أسيرا.

ثانيا: ليس أمامك طريق سوى أن تغادر إيران.

فأجابه (رضا خان): أطيع أوامرك ولا أطلب منك إلا

أن تضمن لي بقاء عائلة البهلوي على الحكم وذلك عن طريق ولي العهد (محمد رضا).

فأجاب فروغي: سوف أسعى في ذلك، ولكن لست مطمئنا.

وأمره الإنجليز بواسطة (فروغي) أن يوقع على استقالته، وإلا أخذوه أسيرا فوقع (رضا خان) نص الاستقالة الذي نظمها فروغي فخرج من طهران متوجها إلى إصفهان، وعند توديعه في (قصر مرمر) قال لرجاله وقادة جيشه والضباط: إني كبرت وضعفت فاللازم إعطاء مسؤولية الدولة إلى فرد شاب وهو ولي العهد وأملي منكم أن تؤازروه وتساعدوه.

فأنهى الدكتاتور _ من خوفه كي لا يقع أسيرا بيد الروس أو الحلفاء _ مراسيم التوديع بأقصر ما يمكن مما أثار تعجب الحاضرين واستغرابهم، وكما يبدو لم تكن مدتها أكثر من خمس دقائق.

وقد كتبت بنت (رضا خان) واسمها (اشرف) حول هذا الموضوع:

استقالة أبي كان خلاف انتظاره بحيث فقد جميع قواه على أثره وضعف عن المقاومة وصار في دهشة شديدة حتى أنه لم يتمكن من أن يفكر في عواقب هذا الأمر، وقد كنت أتصور أن والدي رجل شجاع وقوي، لكن تبين لي بعد ذلك أنه رجل جبان ولكن كان يتظاهر بالقوة ولذا فقد معنوياته، بالأخص لما رأى أن هذا الجيش الذي ضحى من أجله وكان تمام اعتماده عليه كيف انهار بسرعة غير منتظرة وببساطة أمام الروس والحلفاء.

وقيل: إنه ما نام (رضا خان) من خوفه طوال 21 ليلة نوما مريحا، ولذا أبلغ رضا خان أوامره إلى جميع الوحدات بعدم المقاومة أمام الحلفاء والروس وأوقف إطلاق النار، وقد انحنى ظهره ولم يتمكن من المشي بغير العصا فإذا وقف كان يتكأ إلى شجرة أو نحو ذلك، وقد فقد إرادته وكان يضطرب في كلامه ويؤيد كل من يتكلم أمامه بما يشاء.

وكانت هذه عاقبة الدكتاتور أن هزم

من طهران إلى إصفهان ثم إلى قم فكرمان ومنها إلى بندر عباس، ثم نقل منها على ظهر باخرة إنجليزية إلى جزيرة موريس أحد جزر أفريقيا الجنوبية حيث تمرض فيها ومات وحيدا ذليلا بعيدا عن وطنه، والظاهر أنهم قتلوه.

تيمور تاش(118)

كان (تيمور تاش) هو الوزير الأول لرضا خان البهلوي الأول، والرجل الثاني بعده في البلاد، وكان له دور كبير في القضاء على انتفاضة الغابة (نهضت جنكل) والرابط الجاسوسي للروس والإنجليز.

كما كان:

متهتكاً يحب معاشرة النساء بحد الإفراط.

يعتدي على زوجات الناس وبناتهم وأخواتهم.

معتادا على شرب المسكرات، فكان يشرب الخمر إلى حد الإفراط.

مقامرا قهارا.

عجولا في أموره.

ينكر وجود الله سبحانه وتعالى.

مستبدا ومتكبرا.

وكان هذا الوزير يدير إيران أبشع إدارة، وتحت حماية الدولة البريطانية يفعل ما يشاء من الفساد والإفساد، ولكن عندما قام يتجسس لصالح السوفيت عوقب معاقبة ما كان يتصورها أحد، وقد حوكم أخيرا بتهمة الجاسوسية لصالح السوفيت، فلم يبد من نفسه في المحكمة أية شهامة وبكى عدة مرات. ولقي بعد ذلك بعض جزاء إنكاره لله وفساده في الأرض، وقتل في السجن بشكل فجيع حيث سموه بأمر البهلوي عن طريق حقنه بإبرة ثم خنقوه بعد أن لاقى تعذيبات جسدية وروحية بأمر البهلوي.

نعم إن هؤلاء العملاء أخروا البلاد الإسلامية إلى يومنا هذا.

فمثلاً بينما كانت تركيا إمبراطورية ومن البلاد الكبيرة والرفيعة والمتقدمة، مساحة ونفوساً وغنى، صارت بلدة صغيرة فقيرة، تحتاج إلى عون الغرب في كل صغيرة وكبيرة، وليست لديها أية صناعة أو تقدم في ميادين التكنولوجيا.

وهي الآن ومنذ سنوات تريد أن تدخل في سوق أوروبا الحرة لترفّه عن نفسها شيئاً ما، لكن السوق لا تقبلها حيث لا ترعى حقوق الإنسان، لا حقوقه الشرعية الإسلامية ولا حقوقه الغربية، وأساس كل ذلك التخلف الثقافي، هو البعد

عن طاعة الله وتفشي معصية الله عزوجل.

ذل المعصية وعز الطاعة

ورد في التاريخ أن زليخا بعد فقرها وزوال ملكها جلست يوماً في طريق يوسف عليه السلام الذي عمل بقوله سبحانه: *وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً*(119).

وقوله تعالى: *وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً*(120).

فتوجهت إلى يوسف عليه السلام قائلة: (الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعتهم لربهم ملوكاً، والحمد لله الذي جعل بمعصيته الملوك عبيداً)(121).

هذا هو سر الصلاح والتقدم.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «استأذنت زليخا على يوسف، فقيل لها: يا زليخا إنا نكره أن نقدم بك عليه، لما كان منك إليه، قالت: إني لا أخاف ممن يخاف الله، فلما دخلت قال لها: يا زليخا ما لي أراك قد تغير لونك؟ قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا»(122).

وروي أن امرأة العزيز وقفت على الطريق فمرت بها المواكب حتى مر يوسف عليه السلام فقال: (الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته والحمد لله الذي جعل الملوك عبيدا بمعصيته)(123).

وفي الأمالي للشيخ الصدوق *: أن يوسف عليه السلام مر في موكبه على امرأة العزيز وهي جالسة على مزبلة، فقالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا، أصابتنا فاقة فتصدق علينا.

فقال يوسف عليه السلام: «غموط النعم سقم دوامها فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة، فإن محل الاستجابة قدس القلوب وطهارة الأعمال».

فقالت: ما اشتملت بعد على هيئة التأثم وإني لأستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف ولما تهريق العين عبرتها ويؤدي الجسد ندامته.

فقال لها يوسف: «فجدي فالسبيل هدف الإمكان قبل مزاحمة

العدة ونفاد المدة».

فقالت: هو عقيدتي وسيبلغك إن بقيت بعدي.

فأمر لها بقنطار من ذهب.

فقالت: القوت بتة(124) ما كنت لأرجع إلى الخفض وأنا مأسورة في السخط.

فقال بعض ولد يوسف ليوسف: يا أبة من هذه التي قد تفتت لها كبدي ورق لها قلبي؟

قال: «هذه دابة الترح في حبال الانتقام».

فتزوجها يوسف عليه السلام فوجدها بكرا فقال: «أنى وقد كان لك بعل»؟

فقالت: كان محصورا بفقد الحركة وصرد المجاري(125).

ولا يخفى أن يوسف عليه السلام لم يكن عبداً، بل كريم بن كريم بن كريم بن كريم، إذ هو يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام، وهو من أسرة هي من أشرف العوائل ديناً ودنيا، وإنما ظلمه إخوته حيث باعوه عبداً وشروه بثمن بخس، عشرين درهماً، كما في التفاسير(126).

وكيف كان فالبلاد الإسلامية تأخرت وتأخرت، لمعصيتهم لله عزوجل، بينما كانت متقدمة لطاعتهم لله سبحانه، ولا يرجعون إلى التقدم والصلاح إلا بالأخذ بالإسلام.

من آثار المعصية

قال تعالى: *وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى*(127).

وقال سبحانه: *ومَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ*(128).

وقال تعالى: *وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ*(129).

وقال سبحانه: *ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَْنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ*(130).

وقال تعالى: *وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ*(131).

وقال سبحانه: *لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ*(132).

وقال تعالى: *وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ*(133).

وقال سبحانه: *فَإِنْ

عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ*(134).

وقال عزوجل: *مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً*(135).

وقال تعالى: *فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ*(136).

عليكم بالقرآن

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أيها الناس إنكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدوا الجهاز لبعد المجاز.

قال: فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟

قال: دار بلاغ وانقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان و تحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لاتحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب و يتخلص من نشب، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص»(137).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله في حديث: «إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن»(138).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن الله عزوجل ليهم بعذاب أهل الأرض جميعا حتى لا يتحاشى منهم أحدا إذا عملوا بالمعاصي واجترحوا السيئات، فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القرآن رحمهم فأخر ذلك عنهم»(139).

وعن ابن عباس: (أن بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا بالمعاصي

ووافق خيارهم شرارهم ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر فسلط الله عليهم القبط فاستضعفوهم وساموهم سوء العذاب وذبحوا أبناءهم)(140).

وقال أبو الحسن عليه السلام: «لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم»(141).

وفي نهج البلاغة: «لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم»(142).

12 محاربة الفساد

من مقومات الإصلاح هو محاربة الفساد بكافة أشكاله، والحد من انتشاره، لأن نشر الفساد بين الأمة يعتبر من أهم موانع الإصلاح.

إن البريطانيين لما جاءوا إلى العراق قبل قرن، فتحوا في المدن المقدسة مواخير للبغاء، تحت لواء وحماية الحكومة العثمانية، وجعلوا فيها نساء سافرات غير مسلمات، وهكذا عملوا في الهند، وفي كل دولة أرادوا السيطرة عليها، فأخذوا بنشر الفساد فيها.

وذلك لأن الفساد يساعدهم على الاستعمار.

واليوم فاليهود من وراء ذلك، فهم كالأمس يوسعون دائرة الفساد، وقبل أيام كان في ألمانيا مؤتمر الفنون الجميلة واجتمع هناك _ كما ورد في التقرير _ عشرات الرؤساء للتشاور فيما بينهم، وكان منهم يهودي يملك ستة وخمسين مركزاً للدعارة وأنواع الفساد الجنسي ذكوراً وإناثاً.

إن (غاندي) (143) لما أراد إصلاح الهند وإنقاذها،كان يخالف البغاء والفساد أشد المخالفة، حتى أنه صام سبعة أيام لبغاء إحدى نساء جماعته في المؤتمر(144)، أما اليوم ففي الهند أماكن البغاء موجودة علناً.

وحيث كنا في العراق كان في بعض مدنها كالعاصمة وغيرها أماكن للبغاء كبيرة.

كما كان الأمر في إيران كذلك، حيث كان الشاه يقود ذلك بنفسه.

وهذا كله من سبل سيطرة المستعمرين على البلاد.

والآن في مختلف بلاد الغرب يعرف البغاء باسم الحرية ونحوها، لكن الواقع أن هذا الأمر هو:

1: هدم للعوائل وتفكيك وحدة بنائها (145).

2: إفساد الشباب من البنين والبنات(146).

3: كثرة الطلاق(147)، والعنوسة بين النساء.

4: القضاء

على جمال المرأة بكثرة استعمال المكياج(148).

5: كثرة الأمراض الجنسية كالإيدز والأمراض الزهرية ونحوها (149).

ولذا فاللازم حظر البغاء من قبل الدول والحكومات، وأن يكتفي الإنسان بالزواج الشرعي وفي الإطار الإنساني الجميل الذي قرره الله عزوجل.

وذلك ممكن، فإن فطرة الإنسان وعقله تخالف الفساد، وكما أن عقلاء العالم سعوا في إيجاد التعددية ونفي الديكتاتورية عن بلادهم حتى أقلعوها بنسبة أو أخرى، فاللازم أن يحولوا دون إباحة الفوضى الجنسية ونشر المفاسد الأخلاقية، ويمنعوا من المعاشرة الجنسية غير الشرعية بين الجنسين أو الجنس الواحد مع مماثله.

13 الوثائق الشخصية

من مقومات الإصلاح نبذ ما يهدم الأمة الواحدة الإسلامية كإصدار الجنسية (الهوية) والجواز وما أشبه.

عند ما كنا في النجف الأشرف(150) كان الزوار يأتون لزيارة العتبات المقدسة بكل حرية، ثم تغير الحال وكثرت القيود يوماً فيوماً.

فقد كانوا يأتون إلى الزيارة سابقاً من دون جنسية أو جواز أو تصريح أو دفع ضريبة، ثم منعوا، فكانوا يأتون مع الجواز وبدفع ضريبة بسيطة، وكان ذلك عندنا حراماً، قد استحدثه البهلوي، وفي أول الأمر كانت السيارة الكبيرة ذات أربعين نفراً تأتي عن طريق (خسروي) أو (كرمنشاه) فيسألهم شرطي الحدود عن عددهم وأسمائهم، وكانوا يدفعون للسيارة بأجمعها خمسة قرانات(151)، فيصدر المسؤول تصريحاً بالأسماء تمنحهم العبور.

وكثير من الناس كان يأتي للزيارة من دون رعاية هذا القانون الاستعماري وعن طريق التهريب حسب مصطلحهم، ثم أخذ الأمر يشتد يوماً بعد يوم، حتى وصل هذا اليوم إلى أن من أراد الزيارة احتاج إلى أشياء كثيرة من الجواز وخصوصياته وكان عليه أن يدفع لصدام ومن أشبه ما يقارب من خمسمائة ألف تومان(152).

وقد رأيت ابتداء سن قانون الجنسية والجواز حيث أحدث ذلك البريطانيون في الهند وفي سائر البلاد الإسلامية، وقد استفتوا عالم الوقت الشيخ المازندراني رحمة

الله عليه(153) عن جوازها، فحرّمها، كما هو مذكور في رسالته العملية.

وهناك العديد من البلاد التي لا تأخذ شعوبها الجنسية وما أشبه إلا إذا أرادوا الخروج والسفر حيث يضطرون لاستصدار الجنسية والجواز، واللازم إلغاء ذلك أيضاً، وسيأتي يوم قريب بإذن الله تعالى تسقط كل هذه الهويات والجوازات وما أشبه من كل بلاد الإسلام وترجع الحرية إلى المسلمين.

14 رفض القيود الغربية

من اللازم في الإصلاح رفع القيود التي أوجدها الغرب وعملاءه في بلاد الإسلام بألف نوع ونوع، حتى احتاج كل عمل، وكل تصرف، وكل سفر، وكل إقامة، وكل عمارة، وكل دراسة، وكل تجارة، وكل شيء وشيء، إلى إجازة وضريبة.

فهذه كلها قيود استعمارية، يجب إزالتها، ليرجع المسلمون إلى ما كانوا عليه منذ صدر الإسلام وإلى قبل ستين سنة من الحرية والانطلاق.

إن القيود التي أوجدوها كانت للأهداف التالية:

1: لتقوية الاستعمار.

2: لملأ كيس عملائه.

3: لإتلاف الوقت.

4: لإتلاف المال.

5: لإتلاف الكفاءات وكف المسلمين عن التقدم

وقد بقى المسلمون بسبب ذلك في ذيل القافلة، وأصيبوا بتأخر لا سابق له.

هذا وقد بشر رسول الإسلام صلي الله عليه و اله من حوله إن آمنوا أن يصبحوا ملوكاً في دنياهم ويتمتعوا بجنات عرضها السماوات والأرض في آخرتهم.

فقد قام رسول الله صلي الله عليه و اله على الحجر وقال: «يا معشر قريش، يا معشر العرب، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وآمركم بخلع الأنداد والأصنام، فأجيبوني تملكون بها العرب وتدين لكم العجم وتكونون ملوكا في الجنة»(154).

وبالفعل كان كذلك، فلم يمض ربع قرن من الهجرة النبوية المباركة إلا أن صار المسلمون سادة العالم وملوك الأرض، وبالنسبة إلى الآخرة فالله يعلم ماذا حصلوا من النعيم الأخروي والجنان التي لا زوال فيها ولا اضمحلال.

أما بعد أن ابتعدوا عن

الإسلام، كما في الحال الحاضر، فالمسلم لا قيمة له حتى بقدر العبد، وله أضيق حياة حيث صارت ضنكاً كما أوعد الله سبحانه، ولابد أن يرجعوا إلى يوم القيامة الذي قال عنه تعالى: *فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ*(155) وهل بعد ذلك الجنة فضلاً أو النار استحقاقاً؟.

إن أول ما يجب على المسلم الرجوع إلى الإسلام بما بيّنه الرسول صلي الله عليه و اله في الكتاب وأوضحته العترة الطاهرة عليهم السلام كما قال صلي الله عليه و اله: «إني مخلف فيكم الثقلين»(156) وهما سببا عدم الضلال الذي وقع المسلمون فيه من يوم اعرضوا عن الثقلين.

15 إحياء الضمير

من مقومات الإصلاح، إحياء الضمير الإنساني في النفوس.

قال أحد الخطباء ممن كان يخطب بعد صلاة والدي *(157) في صحن الإمام الحسين عليه السلام: إنه حين ذهب من العراق إلى إيران لزيارة الإمام الرضا عليه السلام فلما أراد الرجوع، جاء إلى طهران لإصدار تأشيرة خروجه إلى العراق، قال: فعطلتني الاستخبارات عدة أيام بأعذار واهية، فأخذت بتوسيط بعض الشخصيات والوجهاء إليهم ليسمحوا لي بالرجوع.

وقد ذكر قصة طويلة حول كيفية عدم منحه تأشيرة الخروج بألف عذر وعذر، حتى أني فكرت في وقته أن أجمع ما ذكره في عدة جلسات، في كتاب أظنه كان يستوعب ما لا يقل عن مائتي صفحة.

قال:وأخيراً أحالوني إلى(نصيري)(158) رئيس السافاك الرهيب، فدخلت دائرته وكانت مؤلفة من عدة طبقات ولها غرف متعددة، يدخلونني في غرفة ويخرجونني من غرفة أخرى، ومن طابق إلى طابق، وكانت في كل غرفة طاولة وشخص جالس خلفه بوجه عبوس وبهياكل مخيفة حيث حليقي اللحية وفتلة الشارب وما أشبه، وقد علمت أن إدخالي في هذه الغرف للإرهاب، إلى أن وصلت بعد أكثر من ساعة وأنا منهك إلى غرفة

نصيري، فقام لي مبتسماً حتى أطمئن إليه كما هي عادة السافاك في ذلك، فاحترمني وقدّم لي شاياً.

ثم أخذ يتحدث لي عن الشاه ومشاريعه الكثيرة في إيران، وأنه من الواجب عليكم ذكر محامده فوق المنبر، ثم قدم بكلتا يديه جوازي وقام ليودّعني.

قال فقلت له: أسألك بوجدانك وضميرك، هل أنت معتقد بما تقول تماماً وهل تفكر في خلوتك بهذا التفكير حول الشاه، أم أن ضميرك يرى شيئاً غير ذلك؟

قال: فترقرقت عيناه بالدمع ولم يقل شيئاً.

نعم *كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ*(159).

16 ولكن عذاب الله شديد

(160) من مقومات الإصلاح تخويف الناس من عذاب الله عزوجل.

نقل أحد الأصدقاء، قال: قبل خمسين سنة تقريباً ذهبت لزيارة مشهد الإمام الرضا عليه السلام واستقليت سيارة كبيرة، وكان معي فيها شخص كثير التهجد لا ينام الليل أبداً، وقد استغرق الطريق ثلاثة أيام.

ولما وردنا مشهد استأجرت أنا وهو غرفة في فندق، فكان إذا جنّ عليه الليل _ وكانت ليالي الشتاء الطويلة _ يغتسل ويغير ملابسه ثم يشرع بالتهجد والتضرع والصلاة والدعاء وقراءة القرآن إلى الصباح، فإذا طلع الصبح صلى وعند شروق الشمس ينام إلى الظهر.

قال: وكنت متعجباً من حسن حاله وكثرة عبادته، فقلت له ذات مرة: إن الله جعل الليل للنوم والنهار للعمل، فلماذا أنت لاتنام إلا في النهار؟

فلم يجبني.

فكررت عليه السؤال، فأجاب قائلاً: إني كنت ضابطاً من ضباط بهلوي رضا شاه، وذات مرة أمرني أن اقتل 17 إنساناً، وكنت لم أعلم بجرمهم، فأطعت الأمر وقتلتهم، وفي نفس الليلة عند ما أردت النوم جاؤوني وهم ملطخون بالدماء فأحاطوا بي وأخذوا يعاتبونني ويسألوني لماذا قتلتنا؟ ما

كان ذنبنا؟

فخفت خوفاً شديداً، وفزعت من النوم وأخذ بدني يرتجف وقلبي يضطرب، ومن تلك الليلة كلما نمت في الليل أرى نفس الرؤيا، أما إذا نمت من شروق الشمس فلا أرى شيئاً، فندمت كثيراً وقمت أسهر الليل بالعبادة، وأنام في النهار.

هذا في الدنيا، أما مصيره في الآخرة فالله عالم بذلك، قال تعالى: *من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً*(161).

عن حمران قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام قول الله عزوجل: *من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا*(162) وإنما قتل واحدا، فقال: «يوضع في موضع من جهنم إليه منتهى شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا كان إنما يدخل ذلك المكان ولو كان قتل واحدا كان إنما يدخل ذلك المكان» قلت: فإن قتل آخر؟ قال: «يضاعف عليه»(163).

وأوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام: «قل لبني إسرائيل إياكم وقتل النفس الحرام بغير حق، فإن من قتل نفسا قتلته في النار مائة ألف قتلة»(164).

وقال صلي الله عليه و اله: «لو اجتمعت ربيعة ومضر على قتل مسلم قيدوا به»(165).

وقال صلي الله عليه و اله: «لو أن أهل السماوات السبع وأهل الأرضين السبع اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله جميعاً في النار»(166).

وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «إن العبد يحشر يوم القيامة وما أدمى دماً، فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك تعلم أنك قبضتني وما سفكت دماً، قال: بلى سمعت من فلان بن فلان كذا وكذا فرويتها عنه فنقلت حتى صار إلى فلان

الجبار فقتله فهذا سهمك من دمه»(167).

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «خمسة لا تطفأ نيرانهم ولا تموت أبدانهم، رجل أشرك بالله عزوجل، ورجل عق والديه، ورجل سعى بأخيه إلى السلطان فقتله، ورجل قتل نفساً بغير نفس، ورجل أذنب ذنباً فحمل ذنبه على الله عزوجل»(168).

وقال عليه السلام: «من أعان على مؤمن فقد برئ من الإسلام»(169).

17 فضح الظالم

من مقومات الإصلاح فضح ما يتخذه الظلمة والطغاة من أساليب قمعية ضد الشعوب.

كان للبهلوي الأول جلادون لسفك الدماء وهتك أعراض النساء وأذى الناس وتعذيبهم في السجون، وكان منهم (أحمدي) الطبيب، فإذا أراد قتل أحد بدون جلبه، أمره بأن يزرقه إبرة مسمومة، وهكذا قتل ما لا يعلم عدده إلا الله.

وهذا الطبيب الخائن هو الذي قتل الشيخ خزعل(170) بعد أن جلبه الشاه إلى طهران، كما قتل تيمورتاش(171)، وابن الآخوند الخراساني رحمة الله عليه، كما قتل غيرهم.

قال لي أحد الأصدقاء: إنه شاهد (أحمدي) في كربلاء المقدسة، وذلك بعد أن سفّر الإنجليز البهلوي إلى (موريس)(172) وأبعد (أحمدي) عن الخدمة، فجاء إلى حرم الإمام الحسين عليه السلام قرب الضريح وهو يبكي بحرقة ويطلب من الله بحق الإمام عليه السلام الغفران!.

نعم إنه قد أفنى دنياه بالخسران، حيث إن الباطل لا يدوم، وأما عذاب الآخرة فالله وحده يعلم به، وربما قيل له: *آلآْنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ*(173)، كما قال الملَك لفرعون عند غرقه.

فهل يعفى عما ارتكبه من جرم ضد هؤلاء الأبرياء بسبب هذه المجزرة؟

وهل يعفى عن جريمته بهدم الإسلام الذي فعله البهلوي بأعوانه وكان هو منهم؟

وفي الدعائم عن رسول الله صلي الله عليه و اله: أنه أتي بقتيل وجد بين دور الأنصار، فقال: «هل يعرف»، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: «لو أن الأمة

اجتمعت على قتل مؤمن لكبها الله في نار جهنم»(174).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة وهو آيس من رحمة الله»(175)، مع أن رحمته وسعت كل شيء.

فعلى من يريد الإجرام وحتى الخفيف عرفاً، فكيف بالثقيل شرعاً، أن يفكر ألف مرة قبل أن يرتكب الجرم، فإن من ورائه عقبةً كئوداً، وربٍ عادل يحاسب الناس حتى على مثقال ذرة.

قال سبحانه: *فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ*(176).

وقال تعالى: *إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ*(177).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن أمامكم عقبة كئوداً ومنازل مهولة لابد من الممر بها والوقوف عليها، فإما برحمة الله نجوتم وإما بهلكة ليس بعدها انجبار»(178).

قال رسول الله صلي الله عليه و اله في قوله تعالى:*فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ*(179): «إن فوق الصراط عقبة كئودا طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيات، وألف عام صعوداً، أنا أول من يقطع تلك العقبة وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب» وقال بعد كلام: «لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد وأهل بيته»(180).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا معشر المسلمين شمروا فإن الأمر جد، وتأهبوا فإن الرحيل قريب، وتزودوا فإن السفر بعيد، وخففوا أثقالكم فإن وراءكم عقبة كئودا ولا يقطعها إلا المخفون، أيها الناس إن بين يدي الساعة أمورا شدادا وأهوالا عظاما وزمانا صعبا يتملك فيه الظلمة ويتصدر فيه الفسقة ويضام فيه الآمرون بالمعروف ويضطهد فيه الناهون عن المنكر فأعدوا لذلك الإيمان وعضوا عليه بالنواجذ وألجئوا إلى العمل الصالح وأكرهوا عليه النفوس تفضوا إلى النعيم الدائم»(181).

ذكروا: أنه بعد ما أقصى الإنجليز البهلوي عن الحكم

ونصبوا ولده محم_د رضا شاه في رمضان 1360ه، ونفوه إلى جزيرة موريس وصادروا حقائبه الألفين المملوءة بالمجوهرات والأشياء الثمينة، أصيب البهلوي هناك بلوثة في عقله، فكان يقف كل يوم أمام مرآة ف_ي غرفته ويعدد ألقابه، ويقول بالفارسية: (أعلى حضرت، قدر قدرت، شاهنشاه، رضا شاه بهل_وي)(182) ث_م يعفط عفطة طويلة ويستغ_رق ف_ي ضح_ك هستري، وكان يقضي أكثر أوقاته بهذه الكيفية، ثم قتله الإنجليز في المنفى في رجب 1363ه.

وقد نقل ثقة الإسلام الرش_تي (رحمه الله) ذات مرة قوله: لسفير بريطانيا بطريق الجد الممزوج بالمزاح: لماذا أنتم البريطانيون إلى هذا القدر من الخسة وخبث النفس، إن البهلوي خدمكم أكبر قدر من الخدمة ثم كان مصيره عل_ى يدك_م ه_ذا المص_ير الأسود؟

فضحك السفير وقال: جوابك هذا، وطرح عقب سيجارة كان يدخنها وأردف: إن مثل هذا الإنسان عندنا مثل هذه السيجارة تحتفظ به مادام تنتفع منه، فإذا انتهت فائدته لفظناه ولا يهمنا مصيره بعد ذلك.

18 الأخلاق والمعنويات

18 الأخلاق والمعنويات

من أهم مقومات الإصلاح: التأكيد على الأخلاق والمعنويات وحث الناس على التقوى والخوف من الله عزوجل والتحذير من شدة عذاب القبر.

روي أن جماعة ذهبوا إلى الحج فمات أحدهم قرب مكة المكرمة، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه وحفروا له قبراً بمقدار نصف قامة، وإذا به يمتلأ حيات بقدر نصف القامة، فتعجبوا أشد التعجب، لأن الأرض ليست أرض حيات، ثم من أين جاءت هذه الحيات فجأة؟ ولم يكن في القبر ثقب، فحفروا قبراً آخر بفاصلة أذرع، فلما وصل إلى نصابه امتلأت بالحيات ثانية، فازداد تعجبهم، واضطروا إلى أن يحفروا قبراً ثالثاً في مكان بعيد عن القبرين وإذا بالقبر الثالث يمتلأ بالحيات أيضاً.

فتركوا الجنازة وتركوا عنده من يحفظه من الهوام ونحوها، وجاءوا إلى مكة المكرمة وسألوا عن ابن عباس تلميذ

الإمام عليه السلام حيث كان ذلك الوقت هناك، فسألوه عن الأمر، وأبدوا استغرابهم.

فسألهم ابن عباس عن عمله؟

قالوا: تاجر.

قال: فهل كان يأكل الحرام؟

قالوا: نعم، إنه كان يرابي ولا يلاحظ الحلال والحرام.

قال: اذهبوا فادفنوه في إحدى تلك القبور، فإن ما رأيتموه أمر برزخي، فتحت له أعينكم للتنبيه على عاقبة المرابي، فلو حفرتم له آنذاك ألف قبر كانت كلها كذلك، فرجعوا فلم يروا الحيات ودفنوه في إحدى تلك القبور.

قال تعالى: *سيطوقون ما بخلوا به*(183)، مما فسرت في الأخبار الموجودة في الوسائل(184) والمستدرك(185) وجامع أحاديث الشيعة(186) بمنع حقوق الله وحقوق الناس.

عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: *سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة*(187)، فقال: «يا محمد ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله عزوجل ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب _ ثم قال _: هو قول الله عزوجل:*سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة* يعني ما بخلوا به من الزكاة»(188).

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه، فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل، ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قول الله عزوجل: *سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة* وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر يطؤه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها، وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع

زكاته إلا طوقه الله تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة»(189).

وروى أيوب بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه وذلك قول الله عزوجل: *سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة* »(190).

فليعلم الإنسان المذنب، خصوصاً من يرتكب الذنوب الكبيرة، أن العقاب في انتظاره، وليس بينه وبين أن يرى ذلك إلا الموت، هذا وقد يجازى الشخص في دنياه أيضا، فإنه «كما تدين تدان»(191).

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لما أقام العالم الجدار أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: أني مجازي الأبناء بسعي الآباء، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، لا تزنوا فتزني نساؤكم، ومن وطئ فراش امرئ مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان»(192).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «مكتوب في التوراة: ابن آدم كن كيف شئت كما تدين تدان، من رضي من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مئونته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور»(193).

عذاب القبر

قال أبو جعفر عليه السلام: قال النبي صلي الله عليه و اله: «إني كنت أنظر إلى الإبل والغنم وأنا أرعاها، وليس من نبي إلا وقد رعى الغنم، وكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة ما حولها شيء يهيجها حتى تذعر فتطير، فأقول: ما هذا وأعجب، حتى حدثني جبرئيل عليه السلام: أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلا الثقلين، فقلت: ذلك لضربة الكافر فنعوذ بالله من عذاب القبر»(194).

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله في وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام قال: «يا علي احذر الغيبة والنميمة فإن الغيبة تفطر

والنميمة توجب عذاب القبر»(195).

وعن النبي صلي الله عليه و اله أنه مر على البقيع فوقف على قبر ثم قال: «الآن أقعدوه وسألوه، والذي بعثني بالحق نبيا لقد ضربوه بمرزبة من نار لقد تطاير قلبه نارا»، ثم وقف على قبر آخر فقال مثل مقالته على القبر الأول، ثم قال: «لولا أني أخشى على قلوبكم لسألت الله أن يسمعكم من عذاب القبر مثل الذي أسمع» فقالوا: يا رسول الله ما كان فعل هذين الرجلين؟ فقال: «كان أحدهما يمشي بالنميمة وكان الآخر لا يستبرئ عن البول»(196).

وعن زيد الشحام قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن عذاب القبر؟ قال: «إن أبا جعفر عليه السلام حدثنا أن رجلا أتى سلمان الفارسي فقال: حدثني، فسكت عنه، ثم عاد فسكت، فأدبر الرجل وهو يقول ويتلو هذه الآية: *إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب*(197)، فقال له: أقبل إنا لو وجدنا أمينا لحدثناه ولكن أعد لمنكر ونكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله صلي الله عليه و اله فإن شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرقة معهما تصير منه رمادا، فقلت: ثم مه؟ قال: تعود ثم تعذب، قلت: وما منكر و نكير؟ قال: هما قعيدا القبر، قلت: أملكان يعذبان الناس في قبورهم، فقال: نعم»(198).

وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن المصلوب يصيبه عذاب القبر؟ فقال: «إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عزوجل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر»(199).

19 تجزئة البلاد الإسلامية

من مقومات الإصلاح رفع الحدود المصطنعة بين البلدان الإسلامية، فإنها بدعة محرمة جاء بها الاستعمار وطبقها عملاؤه في المنطقة.

فإن المستعمرين أول ما دخلوا العراق قبل ثمانين سنة، وبعد أن توفي

المرحوم الخال الميرزا الشيرازي(200) جعلوا حدوداً بين مدن العراق، فمن أراد أن يسافر من مدينة إلى مدينة وجب عليه أن يأخذ تصريحاً من الإدارة البريطانية وذلك بتزكيته بأنه لا يتدخل في السياسة، ولم يكن قد حارب ضد المستعمر، وكان ذلك بإشراف وتنفيذ من الحاكم البريطاني ودائرتهم.

أما في إيران فلما دخلوها إبان حكم (البهلوي الأول) فنفّذ الشاه أوامرهم بتجزئة البلاد، فكان لا يحق لأحد أن يرحل من بلد إلى بلد إلا بإجازة.

كما أن البريطانيين لما وردوا الخليج من الكويت إلى السعودية وغيرهما، جعلوها ثمانية عشر إمارة بعضها مستقل عن بعض.

وقبل ذلك فعلوا بالهند والصين نفس الشيء.

وهذا على عكس قانون الإسلام تماماً، حيث روى المؤرخون أن الجزيرة العربية كانت مجزأة ومنقسمة بسبب القبائل والأقوام المختلفة التي تسكنها، فكانت هذه البقعة لهذه العشيرة، وتلك لعشيرة ثانية، وهكذا، وكان لا يحق لأحد منهما أن يدخل أراضي غيره إلا بإجازة أو ما أشبه.

كما كانت نفس هذه الحالة بين بلاد أخرى، فمثلاً بين الكويت آنذاك وهي كانت مساكن عشائر، والبحرين حيث كانت مدينة عامرة، وكان لها حدودها الخاصة، وهكذا.

لكن رسول الله صلي الله عليه و اله أسقط تلك الحدود بين العشائر والبلدان، وكذلك كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وحتى الذين جاؤوا من بعد رسول الله صلي الله عليه و اله ممن فتحوا البلاد جعلوها قطعة واحدة ضمن بلد إسلامي كبير، فكان يحق لساكن الاتحاد السوفياتي سابقاً أن يسافر إلى أقصى بلاد المغرب والأندلس، ويعتبر هو في بلده وله كل الحقوق والواجبات.

والمترقب أن ترجع بلاد الإسلام إلى سنة رسول الله صلي الله عليه و اله وأن تسقط كل الحدود المصطنعة، وما ذلك على الله بعزيز.

20 لا للقوميات

من مقومات الإصلاح نبذ القوميات الباطلة

والرجوع إلى الأمة الواحدة الإسلامية.

وهذه القوميات هي من أهم أسباب مشكلة فلسطين، فإنها إسلامية وليست بعربية فحسب.

والاستعمار هو من وراء إحياء هذه القوميات.

فمثلاً: هناك اختلاف كبير بين الإيرانيين والأفغانيين في أن جمال الدين(201) من أي البلدين كان؟.

وقد رأيت كتابين، أحدهما لإثبات أنه أفغاني، والآخر لإثبات أنه إيراني.

أليس هذا النزاع مثل النزاع في أن فلان من بغداد أو من البصرة، إذا فرض _ والعياذ بالله _ جعلهما دولتين.

لقد نقل الوالد رحمة الله عليه (202):

أن في زمان مواجهة الهند للمستعمرين وذلك بقيادة حزب (المؤتمر) الهندي(203)، حرك المستعمر جبهتين حتى يثيرا نزاعا بين الصفوف، وكان من تلك المصاديق إثارة موضوع أن الشهادة الثالثة، هل هي من الأذان أم لا؟ وإذا بثمانية عشر كتاباً قد ظهر إلى الوجود، وكانت كل جهة تبعث بكتبها إلى النجف الأشرف لتقريظ العلماء لها.

قال رحمة الله عليه: وذات مرة قال السيد كاظم(204) (صاحب العروة) بانزعاج عنهما: إني لا أعلم من أين يمولون هاتين الجبهتين حتى يكتبوا هذه الكتب بعضهم ضد بعض؟.

وقد رأيت إثارة هذا الموضوع مرة أخرى بين جبهتين في العراق فكتبتا خمسة وثلاثين كتاباً، كل يكتب ضد الآخر، وكان ذلك مقدمة لإشغال الناس بهذا النزاع، لكي يتفرغ المستعمر لإبرام معاهدة بغداد الشهيرة، ولما انتهى إبرام المعاهدة انتهى النزاع!.

فالمهم هو أن يلاحظ الإنسان الحق، ويعتقد بالرأي الصحيح في جميع المسائل، ولكن عليه أن يدع الجدال إلا بالتي هي أحسن، كما أعرض النبي إبراهيم عليه السلام عن الذي حاجه في ربه جدلاً في الاستدلال الأول، فلم يبحث معه في ذلك لما رأى أنه مستعد للجدال بالباطل، بل غيّر البحث وجاء بدليل آخر.

قال تعالى: *أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ

إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*(205).

خاتمة: الإصلاح في منظار القرآن والسنة النبوية الشريفة

القرآن الكريم يحث على الإصلاح

الأمر بالإصلاح

قال الله تعالى: *وقالَ مُوسى لأَِخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأَصْلِحْ ولا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ*(206).

الإصلاح بين الناس

قال سبحانه: *لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ومَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً*(207).

إصلاح ذات البين

قال تعالى: *يَسْألُونَكَ عَنِ الأَْنْفالِ قُلِ الأَْنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فَاتقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*(208).

الإصلاح العائلي

قال تعالى: *وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ*(209).

وقال سبحانه: *وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ*(210).

قال تعالى: *يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ*(211).

وقال سبحانه: *قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ*(212).

وقال جل جلاله: *وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً*(213).

المرأة والعمل الصالح

قال تعالى: *وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً*(214).

خير الناس

قال سبحانه: *وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وعَمِلَ صالِحاً وقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ*(215).

إصلاح الأرض

قال تعالى: *وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وادْعُوهُ خَوْفاً وطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*(216).

وقال سبحانه: *ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءهُمْ ولا

تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*(217).

الإصلاح والحياة الطيبة

قال تعالى: *مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ*(218).

اعملوا صالحاً

قال سبحانه: *يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ*(219).

وقال تعالى: *قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ولايُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً*(220).

وقال سبحانه: *أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وقَدِّرْ فِي السَّرْدِ واعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ*(221).

من شروط الإصلاح

قال تعالى: *وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ولا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ*(222).

المنتفع بالعمل الصالح

قال سبحانه: *مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ومَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلأَِنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ*(223).

وقال تعالى: *مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ومَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ*(224).

الإصلاح شرط التوبة

قال سبحانه: *فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ*(225).

وقال تعالى: *مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ*(226).

وقال سبحانه: *وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً*(227).

وقال تعالى: *إلا الَّذِينَ تابُوا وأَصْلَحُوا وبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*(228).

وقال سبحانه: *إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُور رحِيمٌ*(229).

وقال تعالى: *إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وأَصْلَحُوا واعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً*(230).

وقال سبحانه: *ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ*(231).

وقال سبحانه: *إِلاَّ مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ولا يُظْلَمُونَ شَيْئاً*(232).

وقال تعالى: *وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ

وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى*(233).

وقال عزوجل: *إِلاَّ مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تابَ وعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً*(234).

وقال سبحانه: *فَأَمَّا مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ*(235).

الحسرة على العمل الصالح

قال تعالى: *حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ومِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ*(236).

وقال سبحانه: *وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَ ولَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وجاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ*(237).

بشارة إلى المصلحين

قال تعالى: *وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ*(238).

وقال سبحانه: *يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ*(239).

وقال تعالى: *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصَّابِئُونَ والنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآْخِرِ وعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ*(240).

أجر المصلحين

قال سبحانه: *فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لايُحِبُّ الظَّالِمِينَ*(241).

وقال تعالى: *وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً*(242).

وقال سبحانه: *وَما أَمْوالُكُمْ ولا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ*(243).

العمل الصالح

قال تعالى: *ما كانَ لأَِهْلِ الْمَدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَْعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولايَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ ولا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ

إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ*(244).

الصلاح ودخول الجنة

قال سبحانه: *جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ومَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وأَزْواجِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ والْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ*(245).

وقال تعالى: *مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها ومَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ*(246).

وقال سبحانه: *رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ومَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ويَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقا*(247).

العباد الصالحون

قال تعالى: *وأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ*(248).

السنة النبوية الشريفة تحث على الإصلاح

إصلاح ذات البين

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام»(249).

وقال صلي الله عليه و اله: «إصلاح ذات البين شعبة من شعب النبوة»(250).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لأن أصلح بين اثنين أحب إليّ من أن أتصدق بدينارين»(251).

وقال صلي الله عليه و اله: «ألا أنبئكم بصدقة يسيرة يحبها الله» فقالوا: ما هي؟ قال: «إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا»(252).

وعن الصادق عليه السلام قال: «الكذب مذموم إلا في أمرين دفع شر الظلمة وإصلاح ذات البين»(253).

الإصلاح بين الناس

عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا»(254).

وعن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «الكلام ثلاثة صدق وكذب وإصلاح بين الناس» قال: قيل له: جعلت فداك ما الإصلاح بين الناس؟ قال: «تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه»(255).

وقال عليه السلام: «ما

عمل رجل عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس يقول خيرا أو يتمنى خيرا»(256).

إصلاح الجمهور

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من كمال السعادة السعي في إصلاح الجمهور»(257).

النبي صلي الله عليه و اله والإصلاح

عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: قول الله عزوجل: *ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها*(258)، قال: فقال: «يا ميسر إن الأرض كانت فاسدة، فأصلحها الله عزوجل بنبيه صلي الله عليه و اله فقال: *ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها*»(259).

أهل البيت عليهم السلام وإصلاح الأمة

عن أبي الحسن عليه السلام عن آبائه عليهم السلام في حديث: «إصلاح الأمة بنا»(260).

وفي تفسير القمي: *وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*(261) قال: «أصلحها برسول الله وبأمير المؤمنين فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه السلام»(262).

من شروط الإصلاح

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «عجبت لمن يتصدى لإصلاح الناس ونفسه أشد شيء فسادا فلا يصلحها، ويتعاطى إصلاح غيره»(263).

إصلاح النفس

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أعجز الناس من عجز عن إصلاح نفسه»(264).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا تترك الاجتهاد في إصلاح نفسك فإنه لا يعينك عليها إلا الجد»(265).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من أجهد نفسه في إصلاحها سعد»(266).

الإصلاح الأخلاقي

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «همة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب»(267).

وقال الإمام الحسين عليه السلام: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، وهلاك آخرتها بالشح والأمل»(268).

الإصلاح السياسي

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «في العدل إصلاح البرية، في العدل الاقتداء بسنة الله، في العدل الإحسان»(269).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «في العدل صلاح البرية»(270).

الإصلاح الاقتصادي

عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إصلاح المال من الإيمان»(271).

وعن الحارث

الأعور قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام للحسن ابنه: «يا بني ما المروءة» قال: «العفاف وإصلاح المال»(272).

وعن علي بن الحسين عليه السلام: «واعلم يا بني أن صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين: إصلاح شأن المعاش، مل ء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل، لأن الإنسان لا يتغافل عن شيء قد عرفه ففطن فيه»(273).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان الحسن بن علي عليه السلام في نفر من أصحابه عند معاوية، فقال له: يا أبا محمد خبرني عن المروة؟ فقال: «حفظ الرجل دينه، وقيامه في إصلاح ضيعته(274)، وحسن منازعته، وإفشاء السلام، ولين الكلام، والكف، والتحبب إلى الناس»(275).

الإصلاح العائلي

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من مشى في إصلاح بين امرأة وزوجها أعطاه الله أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا، وكان له بكل خطوة يخطوها وكلمة في ذلك عبادة سنة قيام ليلها وصيام نهارها»(276).

إصلاح المعاد

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الكيس تقوى الله سبحانه وتجنب المحارم وإصلاح المعاد»(277).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أخوك في الله من هداك إلى رشاد ونهاك عن فساد وأعانك إصلاح معاد»(278).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «عليك بالجد والاجتهاد في إصلاح المعاد»(279).

***

وكان هذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتاب، والله الموفق للصواب.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

الهوامش

(1) سورة الأعراف: 59.

(2) سورة الأعراف: 65.

(3) سورة الأعراف: 73.

(4) سورة الأنعام: 42-45.

(5) سورة الأعراف: 85.

(6) راجع (فرائد اللآل في مجمع الأمثال) للطرابلسي: ج2 ص317.

(7) سورة الأنعام: 125.

(8) راجع الاحتجاج للطبرسي: ج1ص67 ذكر تعيين الأئمة الطاهرة بعد النبي *.

(9) بحار الأنوار: ج44 ص326 ب37 ح2.

(10) للدكتور محمد حسين علي

الصغير.

(11) سورة المائدة: 50.

(12) سورة الأنعام: 35.

(13) سورة هود: 46.

(14) سورة الأحزاب: 33.

(15) نهج البلاغة، الخطب: 17 ومن كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل.

(16) غرر الحكم ودرر الكلم: ص75 ق1 ب1 ف16 ح1180.

(17) غرر الحكم ودرر الكلم: ص73 ق1 ب1 ف16 ح1093.

(18) غرر الحكم ودرر الكلم: ص73 ق1 ب1 ف16 ح1095.

(19) الكافي: ج1 ص23 كتاب العقل والجهل ح16.

(20) سورة البقرة: 146.

(21) قد كان بقرية من قرى البلقاء من بلاد الشام رجل يقال له بلعم بن باعور وكان مستجاب الدعوة، فحمله قومه على الدعاء على يوشع، فلم يتأت له ذلك، وعجز عنه، فأشار إلى بعض ملوك العماليق أن يبرز الحسان من النساء نحو عساكر يوشع، ففعلوا ذلك فزنوا بهن، فوقع فيهم الطاعون فهلك منهم تسعون ألفا، وقيل أكثر من ذلك، وسيأتي تفصيل القصة بعد قليل. بحار الأنوار: ج13 ص375 ب12 ضمن ح19.

(22) ستأتي القصة بعد قليل.

(23) مثل عربي، الحابل صاحب الحبالة، والنابل صاحب النبل، وذلك أن يجتمع القناص فيختلط أصحاب النبال بأصحاب الحبائل فلا يصاد شيء، وإنما يصاد في الانفراد، يُضرب مثلاً في اختلاط الأمر على القوم حتى لا يعرفوا وجهه.

(24) راجع رجال الكشي: ص277 في أبي محمد هشام بن الحكم ح494 وفيه: «إن الله أخذ ضغثاً من الحق وضغثاً من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما للناس...» والمغث: العرك في المصارعة والخصومات.

(25) سورة العنكبوت: 2.

(26) سورة الجاثية: 21.

(27) نهج البلاغة، الخطب: 50 ومن كلام له عليه السلام وفيه بيان لما يخرب العالم به من الفتن وبيان هذه الفتن.

(28) سورة الرعد: 11.

(29) منية المريد: ص185 ب1 ن2 ق1 السادس: بذل العلم عند وجود المستحق وعدم البخل به.

(30) تحف العقول: ص502

مواعظ المسيح في الإنجيل وغيره ومن حكمه.

(31) غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 محاربة الجهل بالعلم ح106.

(32) غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 محاربة الجهل بالعلم ح110.

(33) سورة الأعراف: 175.

(34) انظر بحار الأنوار: ج13 ص373-374 ب12 ضمن ح19.

(35) سورة الأعراف: 175-176.

(36) تفسير القمي: ج1 ص248 سورة الأعراف، ميثاق النبيين في الذر.

(37) راجع الغيبة للطوسي: ص352 ف6.

(38) علل الشرائع: ج1 ص235-236 ب171 ح1.

(39) سورة الشعراء: 116.

(40) سورة هود: 32.

(41) سورة الشعراء: 105-106.

(42) سورة القمر: 9.

(43) سورة نوح: 21.

(44) سورة البقرة: 258.

(45) سورة هود: 76.

(46) سورة مريم: 46.

(47) سورة الممتحنة: 4.

(48) سورة البقرة: 55.

(49) سورة البقرة: 61.

(50) سورة البقرة: 67.

(51) سورة الأعراف: 103.

(52) سورة يونس: 75.

(53) سورة يونس: 77.

(54) سورة إبراهيم: 8.

(55) سورة آل عمران: 52.

(56) سورة مريم: 34.

(57) سورة الصف: 14.

(58) سورة الصف: 6.

(59) سورة الحج: 42.

(60) سورة آل عمران: 65.

(61) سورة النساء: 153.

(62) سورة البقرة: 87.

(63) سورة آل عمران: 181.

(64) سورة النساء: 155.

(65) الحكومة القاجارية: سلالة حكمت إيران خلال الأعوام (1795 - 1925م) أسسها آغا محمد خان وتوالى عليها فتح علي شاه (1797 - 1834م)، محمد شاه (1834 - 1838م)، ناصر الدين شاه (1848 - 1896م)، مظفر الدين شاه (1896 - 1907م) وكان آخرهم أحمد شاه (1909 - 1925م)، خلفه رضا بهلوي.

(66) الحكومة العثمانية: سلالة السلاطين الأتراك، أسسها عثمان الأول عام (1281م)، نشأت في الأناضول على أنقاض الدولة السلجوقية ومدت سلطتها إلى البلقان والدول العربية وأفريقيا، احتل محمد الفاتح القسطنطينية عام (1453م) وجعلها عاصمته وقضى على البيزنطيين، انتقلت خلافة المسلمين إلى سليم الأول الذي أنهى حكم المماليك وسيطر على سوريا وفلسطين ومصر عام (1516م)، خلفه ابنه سليمان القانوني فوطد أركان الدولة

وبسط نفوذه على البلاد العربية والإسلامية حتى أفريقيا وبلغت الامبراطورية في عهده أوج عزها وقد غدا لها أسطول بحري هام وجيش قوي من الإنكشارية، بدأت الدولة بالانحطاط في أواخر القرن السابع عشر، وأخذ نفوذها يتقلص في البلقان بعد أن قويت شوكة الروس في القرن الثامن عشر، ثم ظهرت الحركات الاستقلالية في القرن التاسع عشر فقوي محمد علي في مصر وتحررت اليونان عام (1830م)، وتبعتها رومانيا والصرب بعد حرب القرم، تحالف العثمانيون والألمان في الحرب العالمية الأولى فأدى انهزام ألمانيا إلى تفكك الإمبراطورية العثمانية وإعلان الجمهورية بزعامة مصطفى كمال أتاتورك عام (1923م).

(67) للتفصيل راجع كتاب (موجز عن الدولة العثمانية) و(تلخيص تاريخ الإمبراطورية العثمانية) للإمام الشيرازي (قدس سره).

(68) إحصاءات عن المسلمين في أوروبا وأمريكا:

* المسلمون في ألمانيا أكثر من ثلاثة ملايين.

* المسلمون في أمريكا أكثر من 12 مليون، وقد كان عدد المساجد في بلاد أمريكا سنة 1950 ثلاثة مساجد فقط لكنه وصل العدد إلى أكثر من 1500 مسجد في عام 1997، وكان المسلمون لا يزيدون على ربع مليون بينما يزيد عددهم اليوم على 12 مليون مما يجعل الإسلام الدين الثاني عددا في أمريكا بعد المسيحية. كما بلغ عدد الضباط والجنود المسلمين في الجيش الأمريكي أكثر من 4 آلاف. وهناك 250 مدرسة للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.

* المسلمون في كندا أكثر من مليون. وبين هؤلاء عدد كبير من الأطباء والمهندسين والمحامين، علماً بأن عدد اليهود هناك 390 ألفاً.

* المسلمون في فرنسا أكثر من 5 ملايين. وهم بهذا الكم يمثلون الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية، فالبروتستانت أقل من مليون شخص (900 ألف في الأغلب) واليهود لا يتجاوز عددهم نصف مليون. ويشير الباحثون إلى أن للمسلمين حوالي 1200 مكان

للعبادة في فرنسا، أغلبها غرف متواضعة في بعض الشقق أو في مرآب السيارات. أما ما يمكن أن يوصف بأنها مساجد صممت معمارياً فهي ثمانية فقط، وإذا قارنهم بغيرهم من هذه الزاوية فسنجد أن الكاثوليك (45 مليوناً تقريباً) لهم أكثر من 40 ألف كاتدرائية وكنيسة، أما البروتستانت الذين يقل عددهم عن مليون فلهم 957 معبداً، واليهود على قلة عددهم (نصف مليون) لهم 82 كنيسة ومركزاً دينياً.

* المسلمون في السويد أكثر من ربع مليون مسلم، والدين الإسلامي هو ثاني الأديان بعد المسيحية.

هذا وقد توقع المستشار الألماني الأسبق (هيلموت شميث) أن يصبح الإسلام الديانة الأكثر انتشارا بين سكان الكرة الأرضية في فترة لن تتجاوز خمسين عاما، أي إلى عام 2050م.

(69) سورة الحجر: 19.

(70) سورة الإسراء: 35.

(71) سورة الرحمن: 9.

(72) سورة الحديد: 25.

(73) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص381 ومن ألفاظ رسول الله * الموجزة التي لم يسبق إليها ح5832.

(74) للمزيد راجع كتاب (السبيل إلى إنهاض المسلمين) لسماحة الإمام الشيرازي *.

(75) فمثلاً ذكروا أن المنظمات التي ترسل المبشرين بلغت 2200 منظمة عام 1970م، وفي عام 2001م بلغ العدد 4100 منظمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 6000 منظمة عام 2025م.

(76) وسائل الشيعة: ج27 ص188 ب13 ضمن ح33565.

(77) فتح علي شاه (1771_1834م): شاه إيران 1896م خلفاً لعمه آغا محمد مؤسس سلالة القاجار، قضى معظم حكمه في الحروب، توفي في التاسع عشر من شهر جمادى الثانية سنة 1250ه_ في مدينة أصفهان وحمل إلى قم ودفن في الرابع من شهر رجب، جلس بعده على أريكة السلطنة حفيده محمد شاه قاجار.

(78) الكافي: ج5 ص279 باب إحياء أرض الموات ح2.

(79) مستدرك الوسائل: ج17 ص111 ب1 ح4، وفيه: «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم

فهو أحق به».

(80) أي المجرم في نظر الإسلام، والمجرم في نظر الغرب، حيث الاختلاف بينهما في المفهوم والمصداق.

(81) الوصائل إلى الرسائل، يقع في 15 مجلداً، ط مؤسسة عاشوراء قم، بالتعاون مع مؤسسة الوعي الإسلامي بيروت، 1421ه_ 2000م.

(82) الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق * (305 - 381ه) ولد سنة 305 ه_ في مدينة قم في أسرة علمية من أهل التقوى. يذكر الشيخ الطوسي في شأن ولادته: إن علي بن بابويه كان قد تزوج من ابنة عمه. ولكنه لم يخلف منها. وقد طلب في رسالة للشيخ أبي القاسم الحسين بن روح أن يسأل الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه) أن يدعو له ليرزقه الله أولاداً صالحين فقهاء فدعا له الإمام بذلك.

يعد الشيخ الصدوق من أكبر الشخصيات العلمية في العالم الإسلامي، ومن أبرز الوجوه اللامعة في العلم والفضل. ولقد أسدى للإسلام والتشيع خدمات جليلة يقل نظيرها، حيث كان يعيش في عصر قريب من الأئمة * فجمع الكثير من روايات أهل البيت* وألفها في كتب قيمة. أدرك الشيخ الصدوق 20 سنة من حياة والده، وقد اكتسب في هذه المدة العلم و الحكمة من والده و سائر علماء قم. من مؤلفاته: من لا يحضره الفقيه، مدينة العلم، كمال الدين وتمام النعمة، التوحيد، الخصال، معاني الأخبار، عيون أخبار الرضا عليه السلام، الأمالي، المقنع في الفقه، الهداية بالخير.

(83) بحار الأنوار، من أكبر الموسوعات في الأحاديث الشريفة المروية عن أهل البيت *، تقع في 110 مجلداً، تحوي مختلف البحوث الإسلامية من التفسير والتاريخ والفقه والكلام وغير ذلك، حيث ضمّ بين دفّتيه روايات كتب الحديث في تنظيم منسّق وتبويب جميل. وقد اعتمد

العلامة المجلسي* في تفسير وشرح الأحاديث على مصادر متنوعة في اللغة والفقه والتفسير والكلام والتاريخ والأخلاق وغيرها. كما اختار النسخ المعتبرة من هذه المصادر لكتابة موضوعات هذا الكتاب حيث توافرت له إمكانات ضخمة في ذلك. وقد ذكر في الفصل الأول من مقدمته أسماء 375 مصدراً من مصادر الكتاب.وفي الجملة فإن كتاب (بحار الأنوار) يعتبر مكتبة جامعة ضمّت الكتب المعتبرة في نظم و تنسيق خاصّين. كما ينقسم إلى كتب متعددة يختص كل كتاب منها بموضوع معين. وكل كتاب ينقسم أيضاً إلى أبواب عامة، ويضمّ كل باب عام أبواباً جزئية. وقد ضمت بعض الأبواب الجزئية عدة فصول. وقد أوجد العلامة بعض الأبواب والكتب لأول مرة مثل: (كتاب السماء و العالم). بدأ العلامة بكتابة البحار منذ سنة 1070 ه_ واستمر حتى سنة 1103 ه_. وتم تنظيمه في 25 مجلداً كبيراً. ولما صار المجلد الخامس عشر ضخما قسّم إلى مجلدين فأصبح عدد المجلدات 26 مجلداً. ثم قامت (دار الكتب الإسلامية) بطبع هذه المجلدات الست والعشرين في 110 مجلدات.

(84) وليم إيوارت غلادستون (1809 - 1898م): سياسي انجليزي، ولد في ليفربول، زعيم حزب الأحرار ورئيس الوزراء للفترات (1868-1874) و(1880-1885) و(عام 1886) و(1892 - 1894) اعتبره بعض المؤرخين أعظم سياسي بريطاني في القرن التاسع عشر، جعل الاقتراع سرياً عام 1872.

(85) وقد وردت الأخبار الصحيحة بالأسانيد القوية: «أن رسول الله * أوصى بأمر الله تعالى إلى علي بن أبي طالب عليه السلام و أوصى علي بن أبي طالب إلى الحسن و أوصى الحسن إلى الحسين و أوصى الحسين إلى علي بن الحسين وأوصى علي بن الحسين إلى محمد بن علي الباقر و أوصى محمد بن علي الباقر إلى جعفر بن محمد الصادق وأوصى

جعفر بن محمد الصادق إلى موسى بن جعفر و أوصى موسى بن جعفر إلى ابنه علي بن موسى الرضا و أوصى علي بن موسى الرضا إلى ابنه محمد بن علي وأوصى محمد بن علي إلى ابنه علي بن محمد و أوصى علي بن محمد إلى ابنه الحسن بن علي و أوصى الحسن بن علي إلى ابنه حجة الله القائم بالحق الذي لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا و ظلما» من لا يحضره الفقيه: ج4 ص177 كتاب الوصية ضمن ح5402.

(86) سورة التوبة: 33.

(87) وسائل الشيعة: ج16 ص94 ب95 ح21073.

(88) مستدرك الوسائل: ج12 ص148 ب94 ح13748.

(89) سورة النساء: 46.

(90) سورة المائدة: 13.

(91) سورة الأنفال: 24.

(92) سورة الحشر: 19.

(93) الأمالي للصدوق: ص94 المجلس 20 ح4.

(94) غرر الحكم ودرر الكلم: ص482 ق6 ب6 ف9 متفرقات اجتماعي ح11132.

(95) الكافي: ج2 ص165 باب إجلال الكبير ح1.

(96) وسائل الشيعة: ج12 ص98 ب67 ح15743.

(97) بحار الأنوار: ج72 ص137 ب52 ح3.

(98) ثواب الأعمال: ص189 ثواب من عرف فضل شيخ كبير فوقره.

(99) الكافي: ج1 ص428 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ح79.

(100) المحاسن: ج1 ص292 ب47 ح445.

(101) وسائل الشيعة: ج21 ص490 ب93 ح27669.

(102) الكافي: ج2 ص162 باب البر بالوالدين ح17.

(103) وسائل الشيعة: ج15 ص322 ب46 ح20634.

(104) مستدرك الوسائل: ج15 ص195-196 ب75 ح17992.

(105) الكافي: ج2 ص613 باب قراءة القرآن في المصحف ح4.

(106) بحار الأنوار: ج1 ص204 ب4 ح24.

(107) الكافي: ج8 ص61 خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام ح21.

(108) تهذيب الأحكام: ج7 ص395 ب33 ح6.

(109) سورة المائدة: 2.

(110) سورة الحشر: 19.

(111) مستدرك الوسائل: ج11 ص258 ب18 ح7.

(112) رضا خان (1878 - 1944م):

شاه إيران (1925 - 1941) ضابط من ضباط الجيش الإيراني. أطاح بأسرة قاجار الحاكمة وأعلن نفسه عام (1925م) شاهاً على إيران. اضطر إلى التنازل عن العرش لابنه محمد رضا بهلوي.

(113) ياسين حلمي (باشا) بن السيد سلمان الهاشمي (1299-1355ه/ 1882-1937م): رئيس الوزراء في عهد الملكيين، ولد ببغداد وتعلم بها ثم في الآستانة وبرلين وتخرج ضابطاً (أركان حرب) عام (1905م) وخاض الحرب البلقانية، دخل جمعية (العهد) ونقل إلى الموصل ثم إلى دمشق فاتصل في هذه المدينة بالشريف الملك فيصل بن الحسين عام (1916م)، دخل هو والشريف فيصل في جمعية (العربية الفتاة) ونقل إلى رومانيا وأعيد إلى سوريا فكانت ثورة الحجاز قد امتدت إلى أطراف الشام وتولى ياسين قيادة فيلق للترك وكان مقره في الشونه (شرقي الأردن) ولم يلبث أن ارتد بغير قتال نزولاً عند أمر القيادة العامة، عندما تألفت الدولة العراقية في آب عام (1921م) واستقرت أذن له الإنجليز بدخول العراق فدخلها عام (1922م) فتولى بعض الوزارات فيها وألف حزب الشعب وانتخب عضواً في المجلس التأسيسي عن بغداد وتقلد رئاسة الوزارة مرتين وضع في أولاهما قانون الانتخاب وأسس أول مجلس للأمة وفي الثانية نفذ قانون التجنيد الإجباري وزود الجيش بثلاثة أسراب من الطائرات وأنشأ معملاً لصنع العتاد، عاش يحرك سياسة العراق كيفما يشاء إلى أن قامت ثورة بكر صدقي في عهد وزارته الثانية سنة (1936م) فرحل إلى بيروت ومات فيها ودفن في دمشق.

(114) أمان الله خان (1892-1960م) أمير ثم ملك على أفغانستان (1919-1929م)، حاول القيام بعدة أعمال مخالفة للشرع، أثارت عليه غضب الجماهير فأكرهته على التخلي عن العرش (1929م).

(115) مصطفى كمال أتاتورك (1881_ 1938م) ولد في سالونيك، قائد تركي ومؤسس الجمهورية وأول رئيس لها (1923م)، غيّر كتابة

التركية من الحرف العربي إلى اللاتيني، قاد حركة المقاومة العسكرية والسياسية ضد معاهدة سيفر المعقودة في (10 آب 1920م). ألغى الخلافة العثمانية وأصبح رئيساً لجمهورية تركيا. أسس حزب تركيا الفتاة. أدخل الحروف اللاتينية في اللغة التركية بدل الحروف العربية، لقبته الجمعية الوطنية أتاتورك أي (أبو الأتراك).

(116) محمد رضا بهلوي (1919م _): شاه إيران المخلوع وابن رضا شاه، خلف والده عندما استقال عام (1941م) تحت ضغط أحداث الحرب العالمية الثانية، تزوج من فوزية أخت الملك فاروق، ومن ثريا وطلقهما، ثم من فرح ديبا التي أنجبت له وريثاً للعرش. عارض عملياً خطوة تأميم النفط التي أقدم عليها رئيس وزراء إيران السابق محمد مصدق في مطلع الخمسينات، أخذ يعزز الأجهزة الأمنية بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية وبالغ في شراء الأسلحة الأميركية وبكميات وفيرة جداً. أطاحت حكمه في مطلع عام (1979م) ثورة شعبية عارمة أجبرته على اللجوء إلى الخارج بعد أن انهارت دعائم حكمه الإمبراطوري.

(117) محمد علي فروغي (1878-1942م) الملقب ب (ذكاء الملك الثاني): محمد علي بن محمد حسين ذكاء الملك الأول بن محمد بن مهدي أرباب بن الحاج محمد رضا بن الحاج ميرزا كاظم بن ميرزا كوجك بن أبي تراب بن ميرزا محسن بن ميرزا جواد بن الحاج ملا مؤمن الأصفهاني. ولد في طهران، كان من رجال السياسة والأدب والعلم، اشتغل بالتعليم أولاً، ثم انتخب عضواً في المجلس الوطني (البرلمان) ثم سفيراً لإيران، ثم قاضياً في مجلس القضاء، ثم رئيساً للمجلس الوطني (البرلمان) لعدة فترات، كما شغل منصب رئيس الوزراء لعدة فترات أيضاً، وبعد هجوم الحلفاء على إيران قام بعقد معاهدة مع الحلفاء تنص على بقاء إيران في مساندتها لهم على أن يحافظوا على أرضها واستقلالها، توفي بالسكتة القلبية.

له مؤلفات في التاريخ والأدب والفيزياء والكيمياء والفلسفة، ومن آثاره: (سير حكمت در أوربا) في ثلاثة مجلدات، و(آيين سخنوري) في مجلدين، و(حكمت سقراط) ترجمة، و(رسايل أفلاطون)، و(فن سماع طبيعي)، و(ترجمة از ابن سينا) وغيرها.

(118) تيمور تاش: عبد الحسين خان البجنوردي الخراساني، وزير البلاط ومن المقربين لرضا خان وقد غضب عليه في آخر عمره فقام بمحاكمته وحبسه. مات في طهران عام (1933م)، اتسم بالفضاضة والطغيان وشدة حنقه على الإسلام، كان من شدة طغيانه يقول: فيَّ خصلتين سيئتين، الأولى كوني هاشمياً من ذرية الرسول * والأخرى أني انحدر من عائلة مسلمة، ويقول أيضاً: لدي ألف دليل ودليل على عدم وجود الله!، ولكن عندما غضب عليه البهلوي مرة وألقاه في السجن كتب حينذاك رسالة إلى البهلوي وأقسم عليه بالله أن يعفو عنه ويطلق سراحه، فكتب البهلوي في جوابه: كيف تقسم بالله وكنت تقول لدي ألف دليل ودليل على عدم وجوده! كان اسمه عبد الحسين ولكنه يقول: إنه لا يعترف بالإمام الحسين عليه السلام حتى يكون عبداً له، وعندما أحدثوا بدعة إصدار الجواز لزيارة العتبات المقدسة بأمر الاستعمار، ومنعوا الناس من الزيارة إلا بعد حصولهم على التأشيرة كان يجب أن يمضي تيمور تاش نفسه على التأشيرات فكان يعرقل الأمور. دخل مرة على والدته فرآها تقرأ القرآن فسحب القرآن من بين يديها ورماه بعيداً ثم سكب عليه النفط وأحرقه ثم حذر والدته من قراءة القرآن مرة أخرى.

(119) سورة الطلاق: 2-3.

(120) سورة الطلاق: 4.

(121) بحار الأنوار: ج12 ص296 ب9 ح80.

(122) عدة الداعي: ص164 ب4 ق2 التاسع تقديم الصلاة على النبي وآله *.

(123) كنز الفوائد: ج1 ص314.

(124) بتة: البت القطع المستأصل، يقال: بتت الحبل فأنبت أي قطعته (كتاب العين: ج8 ص109 مادة

بتت).

(125) الأمالي للصدوق: ص4-5 المجلس 1 ح7.

(126) انظر تفسير (تقريب القرآن إلى الأذهان) للإمام الشيرازي: ج12 ص123 وفيه: *وشروه* أي باع الأخوة يوسف للسيارة *بثمن بخس* أي ثمن ناقص مبخوس فيه عشرين درهماً _ كما في جملة من الأحاديث _ *دراهم معدودة* أي قليلة، وجيء بهذا الوصف لدلالته على القلة، فإن القلة تعد، أما الكثرة فلا تعد بسهولة *وكانوا* أي كانت الإخوة *فيه* أي في الثمن، أو في يوسف *من الزاهدين* يقال: زهد فيه بمعنى لم يرغب، فإن الإخوة ما باعوه لقصد الربح حتى يرغبوا في الثمن، وإنما باعوه للتخلص.

(127) سورة طه: 124.

(128) سورة آل عمران: 19.

(129) سورة آل عمران: 85.

(130) سورة آل عمران: 112.

(131) سورة النساء: 14.

(132) سورة المائدة: 78.

(133) سورة هود: 59.

(134) سورة الشعراء: 216.

(135) سورة الأحزاب: 36.

(136) سورة النور: 63.

(137) الكافي: ج2 ص598-599 كتاب فضل القرآن ج2.

(138) وسائل الشيعة: ج6 ص171 ب3 ح7657.

(139) مستدرك الوسائل: ج3 ص360 ب3 ح3780.

(140) بحار الأنوار: ج13 ص53 ب2 ضمن ح21.

(141) الكافي: ج5 ص56 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح3.

(142) نهج البلاغة، الرسائل: 47 ومن وصية له عليه السلام للحسن الحسين * لما ضربه ابن ملجم (لعنه الله).

(143) موهنداس كرامشاند غاندي (1869_1948م): فيلسوف ومجاهد هندي، ولد في بور بندر. اشتهر بلقب «المهاتما» أي النفس السامية، دعا إلى تحرير الهند من الإنجليز بالطرق السلمية والمقاومة السلبية بعيداً عن العنف. أدت جهوده إلى استقلال الهند عام 1947م. اغتاله براهماتي متعصب في 30 كانون الثاني (1948م). يعد من أبرز دعاة السلام.

(144) حزب المؤتمر الهندي تأسس عام (1885م) كحزب معارض للوجود البريطاني في البلاد، ثم قاد الهند نحو الاستقلال. واستطاع الاستئثار بالسلطة فيها بشكل شبه متواصل منذ (1948م) وحتى مطلع

الثمانينات من القرن الماضي. تشكل الحزب في البداية كجمعية وطنية عامة فعقد مؤتمره التأسيسي في بومباي عام (1885م) وذلك بهدف تعريف الأعضاء بعضهم على بعض ورسم سياسة الحزب المقبلة. استلم غاندي قيادة الحزب بعد موت (كرفال ميها وبيلاك) وتعرض خلالها للاعتقال مرات عدة وذلك حتى استقلت الهند عام (1947م) فاغتيل من قبل أحد الهنود.

(145) وهذه بعض مشاكل العوائل حسب ما ورد في الإحصاءات:

* 50 مليون عملية إجهاض تجري سنويا في العالم بينها 20 مليون في ظروف غير صحية.

* يعتقد البعض بأن خروج المرأة للعمل حرم الشباب من الحصول على الوظيفة وكان من أسباب انتشار البطالة في العديد من الدول الإسلامية والأجنبية على حد سواء، ففي الكويت فقط وصل العاملات من الإناث الكويتيات في القطاع الحكومي فقط إلى أكثر من 52 ألف موظفة مقابل 58 ألف موظف من الذكور، ومئات العاطلين عن العمل من الرجال تبعاً لإحصائية عام 1998م. هذا بالإضافة إلى ما اضطرت آلاف العائلات إلى الاستعانة بالخادمات وما ترتب عليها من السلبيات في تربية الأولاد، وعلى صعيد المرأة نفسها فسلبيات خروجها تتمثل بتحملها لضغوط نفسية في العمل وفي البيت مما يجعلها عصبية المزاج ومقصرة في المكانين العمل والمنزل، وهذا من أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مخيف، وعلى صعيد المرأة العاملة غير المتزوجة ارتفعت نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج لدى المرأة. كما أصبحت الأمهات لا تحسن أداء أهم أعمال المرأة الضرورية كالطبخ والكي وبعض أعمال الخياطة البسيطة التي تتقنها أمهاتنا.

* يقول استطلاع للرأي في بريطانيا أن 70% من النسوة العاملات يفضلن عدم الخروج إلى العمل.

* في لبنان تبلغ نسبة إسهام المرأة في قوة العمل 20 % كما أن 86 %

من النساء العاملات يشتغلن أجيرات في حين نجد 42 % من النساء العاملات يشتغلن في قطاع الخدمات الاجتماعية و15 % في قطاع الصناعة و15 % في قطاع التجارة أما نسبة النساء اللاتي يشتغلن إطارات عليا ومديرات فهي 8.4 %. وقد أجريت الدراسة على 520 عاملة في قطاع الألبسة وقد بينت أن المرأة العاملة تساهم بصفة أساسية في دخل العائلة حيث تتكفل أكثر من نصف النساء مما يفوق 50 % من مصاريف الأسرة كما ترتبط سلطة المرأة داخل البيت بمدى مساهمتها في ميزانية الأسرة.

* في دولة الإمارات تبلغ نسبة إسهام المرأة في قوة العمل 11.4 % في حين نجد 88% من النساء العاملات يشتغلن في قطاع الخدمات و94% من المواطنات العاملات يشتغلن في القطاع الحكومي. أما النساء العاملات في مواقع أخذ القرار فيمثلن 2 % وقد أجريت الدراسة الميدانية على 627 موظفة في القطاع الحكومي و420 طالبة في التعليم العالي مرشحات للتخرج تم اختيارهن قصد التعرف على توجهات طالبات الجامعة نحو العمل. وتتعرض النساء العاملات إلى بعض المشاكل المتعلقة خاصة بالتوفيق بين الحياة الأسرية والمهنية وإعطاء الأولوية في الارتقاء المهني للرجال ومحدودية تولى النساء لمراكز القرار كما أبرزت الدراسة أن حوالي 90 % من النساء لا يجدن مساعدة من أزواجهن في قضاء شؤون البيت ومقابل ذلك فإن 50 % منهن يستعن بمعينات وتتجلى قيمة العمل بالنسبة للمرأة الإماراتية خاصة من خلال الارتقاء الاجتماعي والثقافي والمساهمة في ميزانية العائلة واكتساب نفوذ وموقع قرار داخل البيت.

* أبرزت دراسة أجريت على النساء العاملات في السودان أن 420 عاملة في القطاع غير المهيكل من بينهن 232 عاملة في الوسط الحضري و188 عاملة في الوسط الريفي، يتعرضن إلى عدة صعوبات تتمثل

خاصة في ظروف العمل والمخاطر المنجرة عن مصادرة البضائع من قبل السلطات والمردودية المتواضعة كما تعاني العاملات بالمنازل من التوقيت غير المتقن للعمل والأجر الضعيف وغياب الحماية الاجتماعية.

* وجه صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونسيف) نداءً عاجلاً لرفع المعاناة عن ما يزيد على 48مليوناً من النساء والأطفال الذين يعتبرون من ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والفقر والأشكال الأخرى للعنف والاستغلال على مستوى العالم.

(146) أعرب (رئيس منظمة الشفافية الدولية) وهي منظمة ألمانية ومقرها في (برلين) تقوم بنشر أخبار تقييمّية لجوانب في الحياة والمشاكل في بعض المجتمعات عن قلقه وقال: إن الفساد يتفاقم في البلدان النامية والصناعية على حد سواء، وفي ذاك إشارة اعتراف بما يعانيه الغرب، من ظاهرة الفساد المتفشية في بلدانه تحت واجهة الحريات الشخصية مصونة في الغرب!.

* قال تقرير للشرطة اليابانية: إن الجرائم الجنسية المرتكبة بمساعدة مواقع التواعد عبر الإنترنت قد تزايدت وأن ضحايا الكثير منها كانوا من الأطفال.

* تم في مصر إلقاء القبض على 55 شاباً من أبناء رجال الأعمال الأثرياء الجدد في مصر بتهمة تشكيل شبكة تهدف إلى إشاعة الفساد والانحلال في أوساط الشباب وطلاب الجامعات والمدارس، وتحرض على ازدراء الأديان، والانغماس في الممارسات الشاذة وعبادة الشيطان، وكشفت التحقيقات أن هذه الشبكة تابعة لمنظمة أوروبية.

* ذكرت إحصائية رسمية أن عدد المصرين الذين لم يتزوجوا، رغم أنهم بلغوا سن 35 عاماً، يبلغ تسعة ملايين بينهم أكثر من ثلاثة ملايين من الإناث والباقي من الذكور.

* أعلن رئيس مركز شرطة النجدة 110 في طهران: بأنه تم إلقاء القبض على شبكة كبيرة لاستيراد وتوزيع الأفلام الخلاعية والمستهجنة في طهران وتدمير ما بحوزتهم من أشرطة فيديو وأقراص مدمجة والبالغ عددها 17600.

(147) ذكرت إحصائية رصدتها محاكم القاهرة للأحوال

الشخصية حول حالات الطلاق للزيجات الحديثة أن عدد قضايا الطلاق المقامة وصلت إلى 8182 حالة من بينها 4717 قضية خلع 80 % من الزيجات الحديثة. كما نقلت (مجلة المصور) عن قاضى محكمة الأحوال الشخصية قوله: إن هناك حالات خلع حدثت بعد شهر واحد من الزواج.

* حذر مدير منظمة السلامة الاجتماعية الإيرانية: من أن (الإدمان على المخدرات هو السبب وراء شيوع ظواهر خطرة مثل رواج المنكرات والفواحش وتسيب الأطفال في الشوارع، وارتفاع معدلات الطلاق والانتحار في المجتمع) معرباً عن اعتقاده بأن (من المتعذر القضاء على هذه الظاهرة ما لم تتم تعبئة وطنية شاملة لمكافحتها ووضع خطط وبرامج عملية لمعالجتها).

* عرفت حالات الطلاق في المغرب ارتفاعاً في السنوات الأخيرة، وتعود آخر إحصائية عن عدد حالات الطلاق إلى العام 1999، حيث بلغت 35.294 حالة. وفي إحصائيات نشرتها الصحف المغربية أن نسبة الطلاق الخلعي عرف ارتفاعاً قياسياً بلغ 60% من مجموع حالات الطلاق.

(148) يقول أحد الخبراء في أبحاث الجلد: إن البعض يعتقد بأن عوامل التبييض مثل (الزئبق) و (الهيدروكينون) تساعد على تبييض البشرة، إلا أن الحقيقة هي أن عوامل التبييض تؤثر بشكل سلبي على البشرة بتدميرها (خلايا الميلانين الطبيعية) في الجلد، وبدون (الميلانين) يفقد الجلد أحد أدرعه الرئيسية للوقاية من الأشعة فوق البنفسجية، مضافاً إلى أن هذه المواد تسبب اضطرابات في الجلد. فإن نسبة لا بأس بها من مستحضرات التجميل الموجودة في الأسواق تحتوي على مواد كيماوية تسبب الضرر للجسم بشكل أو بآخر، وخصوصاً الصبغات وكريمات تبييض البشرة.

علماً أن القوانين الأوروبية تسمح باستخدام ما نسبته 2% من مادة (الهيدروكينون) في مواد التجميل. إلا أن الفحوصات التي أجريت على أصناف مختلفة مما يسمى (كريمات تبييض البشرة) في جنوب أفريقيا أظهرت

بأن هذه المواد تحتوي على ضعفي هذه النسبة تقريباً.

كما حذر أخصائيو الجلد من الكريمات المخصصة للتجاعيد، بأنها قد تسرع في شيخوخة وهرم الجلد، وأوضح هؤلاء: أن هذه المنتجات تحتوي على (أحماض ألفاهيدروكسي) المعروفة أيضاً ب (أحماض الفاكهة) والتي يدعي مسوقوها أنها طريقة طبيعية لتجديد الجلد، لأنها تعمل على تقشير الطبقة الخارجية من الجلد لإظهار الجلد الجديد تحتها. ولكن أخصائي العلوم الجلدية يعتبرون أن هذه الكيماويات قد تسبب تلفاً طويل الأمد للجلد بدلاً من تجديده، وثبت أنها تزيد عدد الخلايا التالفة، وتشجع الإصابة بالاحمرار والبثور والحروق.

(149) يعتبر مرض الإيدز مشكلة عالمية تهدد كل أمة. ويقدر أن أكثر من ستة وثلاثين مليون شخص في العالم يحملون فيروس هذا المرض وأن أكثر من 18 مليون شخص ماتوا منه. حيث يفتك هذا المرض بالإنسان عبر تحطيم مناعته ضد الأمراض الأخرى. ولايتوفر علاج معروف له حتى يومنا هذا. علماً أن الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) في تزايد مستمر نظراً للممارسات الجنسية الخاطئة. فهناك احتمال لإصابة واحد من كل عشرين شخصاً في سن المراهقة بالأمراض الجنسية في العالم. وثلثي المرضى بالأمراض الجنسية هم دون الخامسة والعشرين من العمر.

* تقول حكومة جامو وكشمير: إن 25 ألفاً من سكان جامو وكشمير البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة يحملون فيروس مرض الإيدز. وزاد العدد بنسبة 50 % مقارنة بما كان عليه قبل أربعة أعوام إلا أنه مازال يمثل قدراً ضئيلاً من 8ر3 مليون نسمة يعانون من مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) أو أصيبوا بالفيروس في الهند.

* تأتي الهند من حيث عدد المصابين بفيروس مرض الإيدز التي يبلغ عدد سكانها مليار نسمة في المرتبة الثانية بعد جنوب أفريقيا التي يعاني

7.4 مليون نسمة من سكانها من مرض الإيدز.

* أظهرت الإحصاءات أن مجموع العدد المسجل للمصابين بفيروس الإيدز في الصين حتى نهاية 2001 بلغ 30.736 شخصاً بينما يقدر الخبراء بأن يتجاوز هذا العدد الفعلي 600 ألف شخص.

* كشف منتدى فحص ما قبل الزواج الذي عقد مؤخراً في السعودية أن نسبة المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) في السعودية يبلغ 100 شخص يتعرضون لهذا المرض سنوياً، وتشير آخر الإحصائيات الصادرة إلى أن إجمالي المصابين بمرض الإيدز الذين تم اكتشافهم في السعودية يصل إلى ألف شخص ويصل عدد الإناث المصابات بالمرض 366 مصابة. ولا تتوفر أرقام حول أعداد المصابين فعلياً الذين لم يتم اكتشافهم بعد. وقد أعلن عن إلقاء القبض على 29 امرأة أفريقية يحملن فيروس الإيدز ويمارسن الدعارة والبغاء في البلد. وأن عدد حالات الإيدز في السعودية بلغت 373 حالة حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية حتى نهاية عام 1998.

إلى غيرها من الإحصاءات المذكورة في بابها.

(150) الإمام الشيرازي * ولد في النجف الأشرف عام 1347 ثم هاجر بعد ذلك إلى كربلاء المقدسة.

(151) أي ما يعادل نصف تومان إيراني.

(152) ما يعادل ستمائة دولار أمريكي.

(153) قد يكون المراد به: الشيخ زين العابدين بن مسلم البار فروشي المازندراني، من أعلام القرن الثالث عشر، درس في قرية (بار فروش) من توابع مازندران. هاجر إلى العتبات المقدسة مع أستاذه سعيد العلماء في عام 1250. قرأ في كربلاء على السيد إبراهيم الطباطبائي صاحب (الضوابط)، الفقه والأصول، وفي النجف الأشرف على الشيخ محمد حسن صاحب (الجواهر)، الفقه. له (زاد عقبى) وهي رسالة عملية جمعها أمين العلماء السيد محمد تقي بن السيد أفراز علي الموسوي الهندي الحائري، و (زاد المتقين) وهي رسالة عملية فارسية من الطهارة

إلى آخر الحج، و (زينة العباد) وهي رسالة فارسية عملية في الطهارة والصلاة طبعت مع حواشي الآخوند الخراساني، و(زينة العباد الكبرى) أيضاً في الطهارة والصلاة والصيام مع حواشي ولده الشيخ حسين. كما أكمل كتاب الوقف لأستاذه السيد إبراهيم بن محمد باقر الموسوي القزويني الحائري في كتاب (دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام). توفي في السادس عشر من شهر ذي القعدة الحرام عام 1309ودفن بمقبرته المعروفة في صحن الإمام الحسين عليه السلام قرب باب قاضي الحاجات وقد أرخ وفاته الشيخ علي الخراساني الحائري بقوله: (تزين الخلد بزين العباد).

(154) تفسير القمي: ج1 ص379 سورة الحجر، حماء أبي طالب عن النبي *.

(155) سورة المعارج: 4.

(156) وسائل الشيعة: ج27 ص188 ب13 ح33565.

(157) هو السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قدس سره) ولد في كربلاء المقدسة (1304ه_) كان عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ جيد الخط، وكان صاحب كرامات، وهو (قدس سره) من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي * (قائد ثورة العشرين في العراق)، توفي في 28 شعبان عام (1380ه_) ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

(158) رئيس جهاز الأمن السابق (السافاك) في إيران، ألقي القبض عليه في الأيام الأولى للثورة بعد رحيل الشاه، وقد تم إعدامه رمياً بالرصاص.

(159) سورة الدخان: 25-29.

(160) سورة الحج: 2.

(161) سورة المائدة: 32.

(162) سورة المائدة: 32.

(163) معاني الأخبار: ص379 باب نوادر المعاني ح2.

(164) أعلام الدين: ص410 باب ما جاء من عقاب الأعمال.

(165) غوالي اللآلي: ج2 ص158 تتمة ب1 المسلك الرابع ح438.

(166) مستدرك الوسائل: ج18 ص212 ب2 ح22531.

(167) وسائل الشيعة: ج12 ص305 ب163 ح16367.

(168) مستدرك الوسائل: ج18 ص213 ب2 ح22533.

(169) مستدرك الوسائل: ج18 ص214 ب2 ضمن ح22538.

(170) الشيخ خزعل خان (1861-1936م): شيخ عربي من شيوخ الأهواز في

إقليم خوزستان جنوب غرب إيران حاول إنشاء دولة عربية مستقلة في إقليم عربستان الغني بحقول البترول. ولد في المحمرة (خرم شهر). بدأ حياته السياسية بعد اغتيال أخيه في حزيران عام (1897م) فآل إليه بذلك حكم المحمرة وعربستان عام (1898م) ودانت له جميع القبائل العربية في الإقليم الذي كانت معاهدة أرضروم الأولى عام (1821م) قد قسمته إلى منطقتي نفوذ (عثمانية وإيرانية) ثم قامت الدولة العثمانية بالتخلي عن منطقتها لإيران بموجب معاهدة أرضروم الثانية عام (1847م) وكان ولاء مشيخة عربستان في عهد خزعل خان ولاء اسمياً للحكومة المركزية في طهران وكانت تتمتع بالاستقلال في شؤونها الداخلية. وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) وجه خزعل جهوده ضد تركيا وامتنع عند دفع الضرائب للحكومة الإيرانية. ولم يستطع رضا خان تحقيق انتصار عسكري في الصدامات المسلحة التي وقعت بينه وبين خزعل في (17 تشرين الثاني 1924م) ودامت أكثر من شهر فاتجه إلى المناورة. وفي (19/4/1925م) تمكن الجنود الإيرانيون من خداع الشيخ خزعل وأسره ونقله إلى طهران حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية إلى أن قتلوه فيها في (25/ أيار/ 1936م) وزالت بنفي خزعل خان إلى إيران مشيخة عربستان وأطلق عليها اسم خوزستان.

(171) مرت ترجمته.

(172) جزيرة موريس (موريشيوس): اكتشفت هذه الجزيرة في عام (1507م) على يد البرتغالي بدرو دي ماسكرونها وتقع في المحيط الهندي على بعد 800 كيلومتر إلى الشرق من جمهورية مالاغاسي (جزيرة مدغشقر) وتؤلف هي وجزيرة رودريغ وغيرها من الجزر دولة مستقلة في نطاق الكومنولث البريطاني. لغتها الرسمية الإنجليزية. ديانتها: الهندوسية 50% والكاثوليكية 30% والإسلام 20% وتبلغ مساحتها 1865 كيلو متراً مربعاً ويقطنها 980 ألف نسمة وعاصمتها بورت لويس. يرتكز اقتصاد الجزيرة بشكل شبه كامل على زراعة قصب السكر وهذه

الزراعة تشكل 98% من الصادرات بالإضافة إلى التبغ والشاي. من الناحية الإدارية تدار الجزيرة كمستعمرة بريطانية من قبل حاكم ومجلس تنفيذي تعاونه هيئة تشريعية مؤلفة من أربعين عضواً منتخبين وأثني عشر عضواً يسميهم الحاكم.

(173) سورة يونس: 91.

(174) دعائم الإسلام: ج2 ص402 كتاب الديات ف1 ح1407.

(175) مستدرك الوسائل: ج18 ص211 ب2 ح22528.

(176) سورة الزلزلة: 7-8.

(177) سورة الفجر: 14.

(178) بحار الأنوار: ج7 ص129 ب6 ضمن ح11.

(179) سورة البلد: 11.

(180) المناقب: ج2 ص155 فصل في أنه جواز الصراط وقسيم الجنة والنار.

(181) أعلام الدين: ص343 الثالث والثلاثون.

(182) ومعناها: يا صاحب الجلالة، يا صاحب القدرة، ملك الملوك، رضا شاه البهلوي.

(183) سورة آل عمران: 180.

(184) وسائل الشيعة: ج9 ص20 ب3.

(185) مستدرك الوسائل: ج7 ص19 ب3.

(186) جامع أحاديث الشيعة: ج9 ص25 ب1.

(187) سورة آل عمران: 180.

(188) الكافي: ج3 ص502 باب منع الزكاة ح1.

(189) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص9-10 باب ما جاء في مانع الزكاة ح1583.

(190) وسائل الشيعة: ج9 ص23 ب3 ح11424.

(191) غرر الحكم ودرر الكلم: ص341 ق4 ب2 ف3 ح7811.

(192) غوالي اللآلي: ج3 ص547 ق2 باب الحدود ح10.

(193) بحار الأنوار: ج70 ص175 ب129 ح16.

(194) الكافي: ج3 ص233 باب أن الميت يمثل له ماله وولده وعمله قبل موته ح1.

(195) وسائل الشيعة: ج10 ص35 ب2 ح12765.

(196) مستدرك الوسائل: ج1 ص270 ب18 ح566.

(197) سورة البقرة: 159.

(198) تفسير العياشي: ج1 ص71 من سورة البقرة ح138.

(199) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص192 باب النوادر ح584.

(200) هو الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي بن أبي الحسن الميرزا محمد علي الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية، ولد في شيراز عام 1256ه_ ونشأ في الحائر الشريف، قرأ الأوليات ومقدمات العلوم، وحضر على أفاضلها حتى برع وكمل، ثم هاجر إلى

سامراء في أوائل المهاجرين، فحضر على المجدد الشيرازي حتى صار من أجلاء تلاميذه وأركان بحثه، وبعد أن توفى أستاذه الجليل تأهل للخلافة بالاستحقاق والأولوية والانتخاب، فقام بالوظائف من الإفتاء والتدريس وتربية العلماء. ولم تشغله مرجعيته العظمى وأشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم، وحسبك من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره تلك الفتوى الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس. فهو * فدى استقلال العراق بنفسه وأولاده وكان قد أفتى من قبل بحرمة انتخاب غير المسلم. وكان العراقيون طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته في كربلاء مرات عدة. توفي * في الثالث عشر من ذي الحجة عام (1338ه_) ودفن في الصحن الحسيني الشريف ومقبرته فيه مشهورة.

(201) جمال الدين الأفغاني (1254-1315ه/1839-1897م): مفكر إسلامي ومصلح ديني وسياسي واجتماعي وصاحب دعوة تحرر الأمم الإسلامية من الاستعمار والنفوذ الأجنبي والقيام بالجامعة الإسلامية على أسس دستورية. ولد في سعد آباد بأفغانستان لأسرة لها الإمارة على قسم من البلاد ونزعت منها، انتقل في صباه إلى كابول حيث تعلم فيها، ثم سافر إلى الهند فالحجاز ثم عاد لبلاده فصار الوزير الأول للأمير، ثم أطيح بالحكم فرحل للهند في عام (1869م) ثم ألجأه الحكم البريطاني إلى الرحيل فجاء مصر في عام (1870م) ثم رحل ليعود إلى الهند في عام (1879م) وشخص إلى فرنسا في عام (1883م) حيث أصدر مع محمد عبده مجلة (العروة الوثقى) لإيقاظ المسلمين ومهاجمة الاستعمار والدعوة للجهاد من أجل الحرية. انتقل إلى لندن ثم فارس ثم روسيا ثم عاد إلى فارس فما لبث أن ألقي به مريضاً عند حدودها لتخوف الشاه منه وخوضه معركة

ضد الاحتكارات الإنجليزية، فذهب إلى أوروبا ثم الآستانة في عام (1892م) حيث أقام محوطاً بالرقابة الشديدة حتى مرض وتوفي عام (1897م) فضبطت أوراقه ودفن بغير رعاية ولا احتفال، ثم نقلت رفاته إلى أفغانستان عام (1944م).

(202) مرت ترجمته.

(203) مر الكلام عنه.

(204) آية الله العظمى السيد محمد كاظم بن السيد عبد العظيم الطباطبائي اليزدي ولد في يزد سنة (1247ه_) تتلمذ على الشيخ مهدي بن الشيخ علي نجل كاشف الغطاء، وعلى الشيخ راضي النجفي وحضر على المجدد السيد محمد حسن الشيرازي، توفي في النجف الأشرف عام (1337ه_) ودفن في الصحن الغروي الشريف.

(205) سورة البقرة: 258.

(206) سورة الأعراف: 142.

(207) سورة النساء: 114.

(208) سورة الأنفال: 1.

(209) سورة النساء: 19.

(210) سورة البقرة: 228.

(211) سورة التحريم: 6.

(212) سورة الأنعام: 151.

(213) سورة الإسراء: 31.

(214) سورة الأحزاب: 31.

(215) سورة فصلت: 33.

(216) سورة الأعراف: 56.

(217) سورة الأعراف: 85.

(218) سورة النحل: 97.

(219) سورة المؤمنون: 51.

(220) سورة الكهف: 110.

(221) سورة سبأ: 11.

(222) سورة القصص: 80.

(223) سورة الروم: 44.

(224) سورة فصلت: 46.

(225) سورة المائدة: 39.

(226) سورة الأنعام: 54.

(227) سورة النساء: 16.

(228) سورة البقرة: 160.

(229) سورة آل عمران: 89، وسورة النور: 5.

(230) سورة النساء: 146.

(231) سورة النحل: 119.

(232) سورة مريم: 60.

(233) سورة طه: 82.

(234) سورة الفرقان:70-71.

(235) سورة القصص: 67.

(236) سورة المؤمنون: 99-100.

(237) سورة فاطر: 37.

(238) سورة الأنعام: 48.

(239) سورة الأعراف: 35.

(240) سورة المائدة: 69.

(241) سورة الشورى: 40.

(242) سورة الكهف: 88.

(243) سورة سبأ: 37.

(244) سورة التوبة: 120.

(245) سورة الرعد: 23.

(246) سورة غافر: 40.

(247) سورة الطلاق: 11.

(248) سورة النمل: 19.

(249) غوالي اللآلي: ج2 ص115 تتمة ب1 المسلك الرابع ح315.

(250) غوالي اللآلي: ج1 ص266 ف10 ح63.

(251) وسائل الشيعة: ج18 ص440-441 ب1 ح24005.

(252) مستدرك الوسائل: ج7 ص263 ب49 ح8199.

(253) جامع الأخبار: ص148 ف111

في الصدق والكذب.

(254) الكافي: ج2 ص209 باب الإصلاح بين الناس ح1.

(255) بحار الأنوار: ج69 ص251 ب114 ح19.

(256) وسائل الشيعة: ج18ص441 ب1 ح24007.

(257) غرر الحكم ودرر الكلم: ص482 ق6 ب6 متفرقات اجتماعي ح11128.

(258) سورة الأعراف: 56 و 85.

(259) الكافي: ج8 ص58 رسالة منه عليه السلام إليه أيضاً ح20.

(260) مشكاة الأنوار: ص64 ب2 ف2 في ذكر علامات الشيعة.

(261) سورة الأعراف: 56.

(262) تفسير القمي: ج1 ص236 سورة الأعراف، أسئلة مولى عمر من الباقر عليه السلام.

(263) غرر الحكم ودرر الكلم: ص240 ق3 ب2 ف1 تهذيب النفس ح4853.

(264) مستدرك الوسائل: ج11 ص324 ب39 ضمن ح13159.

(265) غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 إصلاح النفس ح4774.

(266) غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 إصلاح النفس ح4770.

(267) بحار الأنوار: ج1 ص161 ب4 ح52.

(268) وسائل الشيعة: ج2 ص437-438 ب24 ح2579، والوسائل: ج16 ص15-16 ب62 ح20841.

(269) مستدرك الوسائل: ج11 ص318 ب37 ح13146.

(270) غرر الحكم ودرر الكلم: ص446 ق6 ب4 ف5 بعض فوائد العدل ح10229.

(271) الكافي: ج5 ص87 باب إصلاح المال وتقدير المعيشة ح3.

(272) معاني الأخبار: ص257-258 باب معنى المروءة ح4.

(273) كفاية الأثر: ص240 باب ما جاء عن علي بن الحسين عليه السلام ما يوافق هذه الأخبار.

(274) ضيعة الرجل: حرفته وصناعته ومعاشه وكسبه. لسان العرب: ج8 ص30 مادة ضيع.

(275) بحار الأنوار: ج73 ص312 ب459، والبحار: ج100 ص6 ب1 ح22.

(276) وسائل الشيعة: ج16 ص344 ب22 ح21717.

(277) غرر الحكم ودرر الكلم: ص322 ق3 ب4 ف11 ح7465.

(278) غرر الحكم ودرر الكلم: ص423 ق6 ب2 ف5 ح9697.

(279) غرر الحكم ودرر الكلم: ص443 ق6 ب4 ف2 مدح السعي والجد والتحريض إليها ح10115.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.